Souriatna Issue 30

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2012/ 4 / 15 | )30‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬


‫نزوح جماعي داخلي من املدن املنكوبة يف �سوريا‬ ‫النازحون يواجهون م�شاكل �إن�سانية وتنقال متكررا واعتقاالت ب�سبب االنتماء اجلغرايف‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫إضافة إل��ى الن��زوح الجماعي إلى‬ ‫الدول المجاورة لس��وريا بس��بب أعمال‬ ‫القم��ع الت��ي ينتهجه��ا النظام‪ ،‬تش��هد‬ ‫الم��دن المنكوبة حاالت ن��زوح جماعية‬ ‫إلى أماكن أكثر اس��تقرارا داخل البالد‪،‬‬ ‫وتحول��ت العدي��د م��ن األحي��اء والمدن‬ ‫إلى مناطق ش��به مهجورة‪ ،‬وسط أزمة‬ ‫إنس��انية تواجهه��ا العائ�لات‪ ،‬الت��ي قد‬ ‫تضطر إلى النزوح أكثر من مرة بس��بب‬ ‫تعاقب القصف على عدة مناطق‪.‬‬ ‫وتش��ير تقديرات لمصادر إغاثية‪،‬‬ ‫إلى أن ما يقارب مليون ش��خص نزحوا‬ ‫م��ن حمص وحدها تجاه م��دن أخرى أو‬ ‫خارج سوريا‪ ،‬إضافة إلى عشرات اآلالف‬ ‫نزحوا من حماة وإدلب‪.‬‬ ‫وقال أح��د النش��طاء العاملين في‬ ‫المج��ال اإلغاثي‪ ،‬إن العديد من س��كان‬ ‫أحي��اء الخالدية وباب دري��ب وباب هود‬ ‫والحميدي��ة وبابا عم��رو والبياضة ودير‬ ‫بعلب��ة والقصي��ر ف��ي حم��ص‪ ،‬نزحوا‬ ‫لمناط��ق ف��ي ري��ف حم��ص والقلمون‬ ‫بريف دمشق‪.‬‬ ‫وأكد المص��در أن منطقة القلمون‬ ‫وحده��ا تس��تضيف ما يق��ارب ‪ 10‬آالف‬ ‫عائل��ة‪ ،‬بم��ا يع��ادل ‪ 100‬ألف نس��مة‪،‬‬ ‫تتراوح أعمارهم بين بضعة أش��هر إلى‬ ‫‪ 50‬سنة‪ ،‬مؤكداً أن أصغر مناطق دمشق‬ ‫تحت��وي على مئات العائالت النازحة من‬ ‫المدن التي تتعرض للقصف‪.‬‬ ‫وأوض��ح أن دير عطية يس��تضيف‬ ‫‪ 1100‬عائل��ة‪ ،‬كم��ا يس��تضيف النب��ك‬ ‫‪ 6000‬عائلة بس��بب الهدوء النسبي في‬ ‫تلك المناطق وتوفرها على بنية تحتية‬ ‫قادرة على اس��تيعاب أعداد كبيرة‪ ،‬كما‬ ‫تتواج��د في كل من يبرود وقارة حوالي‬

‫‪ 500‬عائلة‪ ،‬وم��ا يقارب ‪ 250‬عائلة في‬ ‫جيرود‪.‬‬ ‫وأض��اف‪ :‬المئ��ات م��ن العائالت قد‬ ‫نزحت إلى مناطق زيدل فيروزة وحسية‬ ‫والحميرة والقريتين وتدمر في الشمال‬ ‫الشرقي من حمص‪.‬‬ ‫وأجب��ر العدي��د من العائ�لات على‬ ‫الن��زوح بعد ته��دم األحياء الت��ي كانت‬ ‫تقطنها‪ ،‬الس��يما في حمص‪ ،‬التي لحق‬ ‫الدم��ار نص��ف أحيائها‪ ،‬فيم��ا تعرضت‬ ‫أحياء أخرى لهدم ش��به كام��ل‪ ،‬حيث ال‬ ‫يتجاوز عدد المقيمين حالياً في حي بابا‬ ‫عمرو أكثر من ‪ 1000‬شخص‪ ،‬من أصل‬ ‫‪ 10‬إلى ‪ 20‬ألفا كانوا يقيمون في الحي‬ ‫قبل اندالع الثورة‪.‬‬ ‫وبحس��ب مصادر أخ��رى‪ ،‬فإن ‪70%‬‬ ‫م��ن س��كان مدين��ة س��راقب بإدلب قد‬ ‫نزح��وا إل��ى م��دن أخ��رى بع��د تعرض‬ ‫المدينة للقصف الش��ديد وتهدم بعض‬ ‫منازلها‪.‬‬ ‫وأدت األوض��اع األمني��ة والحمالت‬ ‫العس��كرية المتك��ررة الت��ي رافقه��ا‬ ‫قص��ف الطائ��رات العمودية واألس��لحة‬ ‫الثقيلة في منطق��ة القلمون العليا إلى‬ ‫ن��زوح العديد م��ن العائ�لات التي لجأت‬ ‫إليها قبل ذلك م��ن حمص‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫عائ�لات تنحدر من تل��ك المنطقة‪ ،‬إلى‬ ‫القلمون السفلى ومدينة دمشق‪.‬‬ ‫وأكد بعض أهالي قدس��يا والهامة‬ ‫بريف دمشق‪ ،‬أن أكثر من ‪ 1000‬عائلة‬ ‫من حمص تتواجد حاليًا في مناطقهم‪،‬‬ ‫وقدم بعض األهالي المساعدة لها‪ ،‬في‬ ‫حي��ن امتنع آخ��رون‪ ،‬خش��ية تعرضهم‬ ‫لالنتقام من األمن‪.‬‬

‫ويتم غالبًا مالحقة النشطاء الذين‬ ‫يقدمون مس��اعدات للنازحين‪ ،‬الس��يما‬ ‫األطباء الذين يقدمون عالجات للجرحى‬ ‫دون الرجوع لألجهزة األمنية‪.‬‬ ‫وتحدث أحد النشطاء عن مالحقات‬ ‫أمنية يتعرض لها أطباء من مدينة يبرود‬ ‫لمس��اهمتهم بعالج بعض المصابين‪،‬‬ ‫كما ت��م تس��جيل اختف��اء طبيبين من‬ ‫المدينة قاما بعالج الجرحى‪.‬‬ ‫كم��ا أنه أصبح م��ن الرائج أن توق‬ ‫الس��لطات أثن��اء قيامه��ا بحم�لات في‬ ‫المناط��ق الت��ي يتواج��د فيه��ا نازحون‬ ‫باعتق��ال ع��دد م��ن الش��بان بس��بب‬ ‫انتمائه��م لمناطق معين��ة‪ ،‬حيث أصبح‬

‫االنتماء الجغرافي "تهمة" يعاقب عليها‬ ‫األهالي‪.‬‬ ‫ويواجه النازحون مشاكل إنسانية‬ ‫ج��راء تنقلهم المتك��رر أو توجههم إلى‬ ‫مناطق نائية‪ ،‬حيث جرى تس��جيل حالة‬ ‫وف��اة لطفلين جراء البرد القارس‪ ،‬حين‬ ‫نزحت عائلة إلى بلدة رنكوس المحاذية‬ ‫لصيدنايا‪.‬‬ ‫ويرف��ض العدي��د م��ن العائ�لات‬ ‫تس��جيل اس��تمارة ألخ��ذ معون��ات من‬ ‫اله�لال األحم��ر الس��وري أو المنظمات‬ ‫األخ��رى‪ ،‬خش��ية اضطالع ق��وات األمن‬ ‫على تلك القوائم ومعرفة أماكن تواجد‬ ‫النازحين‪.‬‬

‫�أع��داد ال�سوري�ين يف الأردن �إىل ازدياد ملاذا يبني النظام ال�سوري جدارا حول‬ ‫بابا عمرو؟!‬ ‫وفرن�سا تدر�س �إمكاني��ة تقدمي دعم لهم‬ ‫قالت السفارة الفرنسية في‬ ‫عمان الجمعة أن فرنسا تدرس‬ ‫إمكانية تقديم دعم للسوريين الذين‬ ‫لجأوا إلى األردن بينما يستمر تدفق‬ ‫السوريين إلى المملكة هربا من‬ ‫العنف في بلدهم‪.‬‬ ‫وقالت السفارة في بيان تلقت‬ ‫فرانس برس نسخة عنه أن ايريك‬ ‫شوفالييه‪ ،‬سفير فرنسا في سورية‬ ‫يزور األردن حاليا والتقى الجمعة‬ ‫في الرمثا (شمال المملكة) 'سوريين‬ ‫اضطروا لترك بلدهم‪ ،‬ليعبر لهم عن‬ ‫تكافل فرنسا معهم'‪.‬‬ ‫وأضاف البيان أن 'الزيارة هدفت‬ ‫لدراسة إمكانية تقديم الدعم للشعب‬ ‫السوري الموجود على األراضي‬ ‫األردنية بسبب األوضاع في سورية'‪.‬‬ ‫وأشار إلى لقاء شوفالييه‬ ‫مسؤولين أردنيين وممثلي مؤسسات‬ ‫تابعة لألمم المتحدة ومنظمات غير‬ ‫حكومية‪.‬‬ ‫من جانبها‪ ،‬قالت جمعية الكتاب‬ ‫والسنة األردنية التي تقدم خدمات‬ ‫إغاثة أن حوالي ‪ 2500‬سوري لجأوا‬ ‫إلى المملكة خالل األسبوع الماضي‬ ‫بطرق غير شرعية‪.‬‬

‫وقال الشيخ زايد حماد رئيس‬ ‫الجمعية لوكالة فرانس برس أن‬ ‫'حوالي ‪ 2500‬سوري دخلوا إلى األردن‬ ‫بطريقة غير رسمية عبر السياج‬ ‫الحدودي خالل األسبوع الماضي بينهم‬ ‫منشقون عن الجيش السوري'‪.‬‬ ‫وأضاف أن 'إحصائية أجرتها‬ ‫الجمعية مؤخرا أشارت إلى وجود‬ ‫‪ 4500‬عائلة مسجلة مع الجمعية أو ما‬ ‫مجموعه ‪ 25‬إلف الجئ سوري يتلقون‬ ‫مساعدات منها'‪.‬‬ ‫ويقول األردن أن حوالي ‪100‬‬ ‫إلف سوري دخلوا المملكة منذ اندالع‬ ‫األحداث في سورية منتصف آذار‬ ‫(مارس) من العام الماضي‪ ،‬ومعظم‬ ‫هؤالء يقيمون مع أقاربهم في مدينتي‬ ‫المفرق والرمثا شمال المملكة‪.‬‬ ‫ومنذ عام ونيف يقمع نظام‬ ‫الرئيس السوري بشار األسد بعنف‬ ‫انتفاضة شعبية غير مسبوقة ما‬ ‫أدى إلى سقوط أكثر من عشرة آالف‬ ‫قتيل حسب المرصد السوري لحقوق‬ ‫اإلنسان ودفع بعشرات آالف السوريين‬ ‫إلى النزوح خصوصا إلى البلدان‬ ‫المجاورة‪.‬‬

‫ق��ام النظام الس��وري ق��ام بإغالق‬ ‫منطقة اإلنش��اءات ووادي الذهب وصوال‬ ‫لبابا عم��رو ف��ي مدينة حم��ص بجدران‬ ‫أس��منتية يبلغ ارتفاعها ‪ 3‬أمت��ار تقريبا‪،‬‬ ‫لعزلها عن بقية المناطق وتهجير سكانها‬ ‫لتوطين أنصاره بها‪.‬‬ ‫فقد نق��ل موقع «زمان الوصل» من‬ ‫مصادره بمدينة حمص أن نظام األس��د‪،‬‬ ‫قام ببن��اء جدار عازل يفص��ل باب عمرو‬ ‫ف��ي حمص ع��ن محيطه��ا‪ ،‬وأكد س��كان‬ ‫المدين��ة أن النظ��ام يس��عى لقط��ع كل‬ ‫الطرق الت��ي تصل مابي��ن منطقة وادي‬ ‫الذهب وطريق دمش��ق واإلنش��اءات إلى‬ ‫منطقة بابا عم��رو‪ ،‬بهدف عزل المنطقة‬ ‫عن محيطها‪.‬‬ ‫وأوضح النشطاء أن النظام السوري‬ ‫ينوي ارت��كاب المزيد من المجازر لتهجير‬ ‫م��ا تبق��ى م��ن الس��كان وإع��ادة إعم��ار‬ ‫المنطق��ة مرة أخرى لتوطي��ن موالين له‬ ‫قريبين من بابا عم��رو‪ ،‬كما اعتبروا هذه‬ ‫الخط��وة ه��ي البداي��ة لمن��ع المراقبي��ن‬ ‫الدوليي��ن وهيئة الصلي��ب األحمر الدولي‬ ‫من دخ��ول المناط��ق وتس��جيل الجرائم‬ ‫التي ارتكبها النظام السوري‪.‬‬ ‫ووص��ف النش��طاء خط��وة النظ��ام‬ ‫الس��وري هذه بأنه��ا خطوة خطي��رة‪ ،‬لم‬ ‫تق��م بها أعتى الحكوم��ات الديكتاتورية‪،‬‬

‫داعين إلى عدم الس��كوت على هذا األمر‬ ‫في ظل ما تتعرض له حمص من قصف‬ ‫وتهجي��ر قس��ري وتدمي��ر ط��ال معظ��م‬ ‫مناطقها بال استثناء‪.‬‬ ‫ه��ذا وق��د اندلع��ت اش��تباكات بين‬ ‫الميليشيات النظامية السورية ومجموعات‬ ‫منشقة في منطقة حدودية مع تركيا في‬ ‫شمال غرب س��وريا صباح اليوم الجمعة‪،‬‬ ‫وتعتبر هذه االش��تباكات هي األولى منذ‬ ‫دخ��ول وقف إطالق النار حيز التنفيذ قبل‬ ‫أكثر من ‪ 24‬ساعة‪.‬‬ ‫وقال مدير المرصد السوري لحقوق‬ ‫اإلنسان رامي عبد الرحمن‪« :‬االشتباكات‬ ‫األول��ى المباش��رة بين الق��وات النظامية‬ ‫ومنش��قين منذ ب��دء وقف إط�لاق النار‪،‬‬ ‫وتس��تخدم فيه��ا األس��لحة الرشاش��ة‬ ‫الخفيفة والثقيلة»‪.‬‬ ‫وأضاف عبد الرحمن‪« :‬قوات عسكرية‬ ‫تضم دبابات وناق�لات جند مدرعة كانت‬ ‫انتش��رت في محي��ط قرية خرب��ة الجوز‬ ‫على الحدود السورية التركية‪ ،‬وسُمع بعد‬ ‫ذلك صوت إطالق رص��اص كثيف ترافق‬ ‫مع محاولة الميليش��يات النظامية اقتحام‬ ‫ّ‬ ‫المنشقة في المنطقة‬ ‫معقل للمجموعات‬ ‫رفع فيها علم الثورة‪ ،‬ما دفع المنش��قين‬ ‫إلى الرد‪ ،‬واندلعت االشتباكات»‪.‬‬


‫يف الثورة ال�سورية‪ :‬االنرتنت‬ ‫�أ�شد فتك ًا من الر�صا�ص‬ ‫تكتيكات النظام‬

‫غمو�ض اجلي�ش ال�سوري االلكرتوين‬

‫عل��ى الرغم من أن "الجيش الس��وري االلكتروني" هو احد أهم األس��لحة التي يس��تخدمها‬ ‫النظ��ام في حملت��ه االلكترونية‪ ،‬إال أن هذا الجي��ش االلكتروني يبقى غامضا‪ ،‬فقد تم تس��جيل‬ ‫نطاق موقعه من قبل الجمعية العلمية الس��ورية للمعلوماتية‪ ،‬والتي ترأس��ها بش��ار األس��د في‬ ‫التسعينات قبل أن يصبح رئيسا للبالد‪ ،‬هذا وقد أكد األسد دعمه المتواصل لهذا الجيش السوري‬ ‫االلكتروني قائال‪ ":‬اثبت الش��باب أنهم قوة ناش��طة وهناك الجيش االلكتروني الذي كان الجيش‬ ‫الحقيقي في الواقع االفتراضي"‪.‬‬ ‫والجيش السوري االلكتروني يركز على ما يلي‪ :‬الترويج لحكومة األسد وتخريب كل المواقع‬ ‫المناهضة لألس��د‪ ،‬فضال عن كتاب��ة تعليقات تؤيد النظام على كافة صفحات الفايس��بوك منها‪:‬‬ ‫االتح��اد األوروبي‪ ،‬الرئيس باراك أوباما‪ ،‬أوبرا وينفري‪ ،‬هيومن رايتس ووتش وصفحة الجزيرة‪،‬‬ ‫فضال عن ذلك فقد اس��تهدف الجيش الس��وري االلكتروني المواقع اإلسرائيلية والالفت أن الكثير‬ ‫منها ال تحتوي على مضمون سياسي‪.‬‬

‫فعالية احلملة االلكرتونية‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫يوضح الموقع انه من الصعب تحديد عدد االعتقاالت والتعذيب وغيرها من األفعال القمعية‬ ‫التي يرتكبها النظام بحق ش��عبه‪ ،‬إال انه ما يمكن تأكيده أن الجيش السوري االلكتروني وغيرها‬ ‫من القوات الموالية لألس��د معتادة على مواقع وس��ائل اإلعالم االجتماعية وتعمل بش��تى الطرق‬ ‫على اس��تهداف أعضاء المعارضة‪ ،‬فبحس��ب لجن��ة حماية الصحافيين‪ ،‬تم قت��ل ‪ 8‬صحافيين في‬ ‫س��وريا‪ ،‬دون أن نتح��دث ع��ن االعتق��االت والتهدي��د والتعذيب ال��ذي تعرض له قس��م كبير من‬ ‫الصحافيين‪.‬‬ ‫ويش��ير الموقع إلى أن الحملة االلكترونية ال تزال تش��كل جانبا مهما من العنف المستشري‬ ‫في سوريا‪ ،‬والعناصر الموالية للنظام ال تستهدف فقط المعارضة إنما تحد من وضوح حقيقة ما‬ ‫يحصل في سوريا على ارض الواقع وتقوض الجهود المبذولة لبناء توافق دولي في سوريا‪.‬‬ ‫ويضي��ف الموقع انه يتعين على الواليات المتح��دة أن تبذل المزيد من الجهد لمنع المنتجات‬ ‫األميركي��ة م��ن الوصول إلى النظام الس��وري‪ ،‬فم��ن المع��روف أن النظام يس��تخدم تكنولوجيا‬ ‫"بل��و ك��وت" ومقره��ا كاليفورنيا‪ ،‬لمنع الوص��ول إلى مواق��ع المعارضة‪ ،‬وبالتالي يش��دد الموقع‬ ‫عل��ى ضرورة اتخ��اذ قرارات بوضع ضوابط عل��ى بعض المواقع التي يمكن اس��تخدامها النتهاك‬ ‫حقوق اإلنس��ان‪ ،‬وفي هذا السياق سبق وان دعم كريس سميث مشروع قانون من شأنه تنظيم‬ ‫التصدير لهذه التكنولوجيا‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك يجب على واشنطن أن تحذو حذو االتحاد األوروبي‬ ‫والمملك��ة المتح��دة وفرض عقوبات على الس��وريين واإليرانيين الذين يش��اركون عن كثب في‬ ‫الحرب االلكترونية‪.‬‬

‫ّ‬ ‫تط��ل نوافذ الذكرى األولى الندالع االنتفاضة على مش��اهدٍ من األلم والدّم‬ ‫والموت تتجاوز‪ ،‬ببش��اعتها‪ ،‬مقدار ما كان متخيّ ًال عندما خرجت‪ ،‬في آذار الماضي‪،‬‬ ‫أولى المظاهرات في دمش��ق ودرعا‪ .‬ما يقارب عش��رة آالف ش��هيد‪ ،‬عش��رات‪ ،‬بل‬ ‫مئ��ات‪ ،‬اآلالف م��ن الجرحى والمعتقلي��ن والمهجّري��ن داخل وخارج ح��دود البالد‪،‬‬ ‫اقتصاد مهشّم على شفا اﻻنهيار وأزمة اجتماعيّة مركبة تنذر بعواقب وخيمة إن‬ ‫تُركت جذورها تنهل من مناخ العنف المنفلت‪ .‬لقد دفع الشعب السوري‪ ،‬كما نرى‪،‬‬ ‫ويدف��ع الغالي والرخيص‪ ،‬ويس��تحق‪ ،‬لذلك‪ ،‬بذل جهدٍ سياس��ي وفكري وأخالقي‬ ‫يالئ��م فداحة هذه التضحيات الجس��يمة‪ ،‬جه��ودٌ تصبّ في س��بيل صناعة األمل‬ ‫وتوفي��ر ّ‬ ‫كل األدوات الممكنة والالزمة لكي يكون هذا األمل واقعيًا قاب ًال للتحقيق‪.‬‬ ‫حت��ى هذه اللحظة ت��كاد تغيب هذه الجهود‪ ،‬السياس��يّة والفكرية‪ ،‬لصالح نزاعات‬ ‫وصراعات حزبيّة وش��خصانيّة من جهة‪ ،‬أو في سجاالت إيديولوجيّة ضيّقة فيها‬ ‫من اس��تراتيجيا التحالفات المحليّة واإلقليمية والدوليّ��ة أكثر مما فيها من العمل‬ ‫السياسي المنهجي الجاد‪.‬‬ ‫في ظل هذا الفراغ السياس��ي‪ ،‬وباالس��تفادة من من��اخ العنف المنافي ألدنى‬ ‫درج��ات المنط��ق واألخ�لاق‪ ،‬يس��هل لخي��ارات متطرّف��ة‪ ،‬ش��عبويّة الخطاب في‬ ‫ً‬ ‫مساحة كان يجب أﻻ تتركها المعارضة السياسيّة خاوية مهما‬ ‫األس��اس‪ ،‬أن تشغل‬ ‫كان الس��بب‪ .‬هكذا‪ ،‬يس��هل أن يرتفع صوت خطاب طائفي مقيت يرسّخ فرضيته‬ ‫في توصيف األزمة الس��وريّة على أنها صراع بين علويين وس��نّة‪ ،‬بدل أن تكون‬ ‫انتفاضة ش��عبيّة ضد سلطة مس��تبدّة فاش��يّة‪ ،‬ويتمفصل هذا الخطاب‪ ،‬لألسف‬ ‫الش��ديد‪ ،‬مع خيارات تبحث عن س��احة صراع بين محوري��ن إقليميين‪ ،‬دول الخليج‬ ‫م��ن جه��ة وإيران من جهة أخرى‪ّ ،‬‬ ‫يش��كل الخط��اب المذهبي والطائف��ي جزءاً من‬ ‫عقيدتهما السياس��يّة‪ .‬ه��ذا الخطاب‪ ،‬الذي ﻻ يعرف التعبير عن نفس��ه إﻻ بصوتٍ‬ ‫ع��ال وعقالنيّ��ة منخفض��ة‪ ،‬بجانب س��هولة بالغة ف��ي اللجوء للش��تم والتخوين‬ ‫ٍ‬ ‫والمزايدة‪ ،‬يس��توجب المقارعة والمقاومة كمفرز من مفرزات االستبداد السياسي‬ ‫أساس��ًا‪ ،‬ويخطئ م��ن يفصل بين الش��أنين أو يضع أولويّة مقاوم��ة أحدهما قبل‬ ‫إيقاف اآلخر عند حدّه‪ .‬كالهما‪ ،‬تفتيت المجتمع طائفياً باستخدام العنف واالستبداد‬ ‫السياس��ي الفاش��ي‪ ،‬وجهان لعملةٍ واحدة ﻻ تش��تري إﻻ عذابًا‪ ،‬كائنان سرطانيّان‬ ‫يتغذى أحدهما من اآلخر‪ ،‬وتجفيفهما مهمة وطنيّة‪.‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬تحمل العودة إلى األيام األولى لالنتفاضة الشعبية بعض العناصر‬ ‫التي يمكن اس��تخدامها في مقارعة اﻻستبداد وإفش��ال خطاب التكسير الشاقولي‬ ‫شعار «الشعب السوري‬ ‫لبنيان المجتمع السوري في آن معاً‪ ،‬ليس فقط بالعودة إلى ٍ‬ ‫واحد» الذي ﻻزم‪ ،‬ويالزم‪ ،‬مظاهرات االنتفاضة في كافة أرجاء الجغرافيا السوريّة‪،‬‬ ‫وإنما بالتمسّ��ك بتعريف االنتفاضة السورية كـ «انتفاضة فقراء»‪ ،‬بأوسع تعاريف‬ ‫اﻻنتفاضة وأوس��ع تعاريف الفقر‪ .‬نواجه‪ ،‬فعلياً‪ ،‬نظام��ًا قامت عقيدته في الحكم‪،‬‬ ‫عل��ى مدى ّ‬ ‫كل العقود الت��ي هيمن فيها على البالد وما وم��ن عليها‪ ،‬على اإلفقار‪:‬‬ ‫اإلفقار اقتصاديًا بضرب اﻻقتصاد الوطني وتحويله إلى ش��بكة عالقات س��لطوية‬ ‫فاس��دة تقتات‪ ،‬على هامش��ها‪ ،‬طبقات وسطى ودنيا تزداد فقراً كلما تجمّع المزيد‬ ‫من التكتّل االقتصادي للبلد بيد نخبة الفس��اد واﻻس��تبداد‪ ،‬نخبة متنوّعة طائفيًا‬ ‫ودينيًا ومناطقياً‬ ‫ألس��باب إيديولوجيّة تخصّه‪ ،‬أن‬ ‫بش��كل ﻻ ي��راه إﻻ من يرفض‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يراه‪ .‬اإلفقار سياسياً‪ ،‬بخنق الساحة العامة وقتل السياسة والفكر السياسي لصالح‬ ‫الهيمنة الشاملة على الدولة والمجتمع‪ .‬اإلفقار ثقافيًا وإعالميًا باختصار اثنين من‬ ‫أسس المجتمع والدولة المعاصرتين إلى أدوات‪ ،‬كوميديّة في مأساويتها‪ ،‬مسخّرة‬ ‫فقط وفقط لعبادة الفرد الحاكم وتقديسه‪ .‬اإلفقار وطنياً بتقزيم الكيان الوطني‬ ‫الش��امل وتحجيم الدول��ة إلى النظام والنظ��ام إلى الفرد كممث��ل لطبقة حاكمة‪،‬‬ ‫سياس��يًا واقتصادياً وأمني��ًا‪ ،‬هي أعلى من الدولة وأعلى م��ن المجتمع‪ ،‬ومحقّ لها‬ ‫أن تس��تخدمهما كما تريد‪ ،‬وبتهشيم الهويّة الوطنية لتكون‪ ،‬بد ًال من مظ ّلة يتسع‬ ‫م��ا تحتها لكل االختالفات األهليّة‪ ،‬الدينية والعرقيّة والمناطقيّة والقبليّة‪ ،‬عبارة‬ ‫عن اسم آخر للوﻻء األعمى للفرد ومن حوله من الطبقة المعصومة‪.‬‬ ‫إنها ثورة فقراء ضد نظام إفقاري‪ .‬والفقراء‪ ،‬كما الفقر‪ ،‬ليسوا دينًا وﻻ طائفة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫االستبداد ومفرزاته‪ .‬النظام اإلفقاري‪ ،‬ككل هلوسة شموليّة‬ ‫بل طبقة تعاني من‬ ‫عمياء تبحث عن التأبيد في الس��لطة المطلقة‪ ،‬ﻻ أخالق وﻻ عقالنيّة تمنعانه من‬ ‫الدف��اع عن اس��تمراره في الحكم‪ ،‬حت��ى لو مرّ هذا الدفاع ع��ن طريق اللعب على‬ ‫أوت��ار تمزيق المجتمع عموديًا وبناء ح��دودٍ من العنف والكراهية بين أجزائه‪ .‬هذه‬ ‫الحدود‪ ،‬إن قامت‪ ،‬قد تكون أسساً الستمراره وإعادة إنتاج نفسه‪.‬‬ ‫نحتاجُ‪ ،‬بعد عام من أول «الش��عب الس��وري ما بينذل» إلى إعادة تعريف ّ‬ ‫الذل‬ ‫ٍ‬ ‫المضخوخ استبداديًا‪ ،‬الفقر االقتصادي والسياسي والثقافي والوطني‪.‬‬ ‫بداللة الفقر‬ ‫لضرب من خطاب الصراع الطبقي يس��اعد ف��ي إقناع فقراء جميع الطوائف‬ ‫نحتاج‬ ‫ٍ‬ ‫واألديان بأنهم ليس��وا أعداء بعضهم البعض‪ ،‬بل أن عدوهم هو اﻻس��تبداد الذي‬ ‫جعل من فقرهم وقوداً لس��طوته ولسلطته‪ .‬هكذا‪ ،‬إن استطعنا بناء هذا الخطاب‬ ‫ونشره وترسيخه ووضع األس��س السياسيّة المنهجيّة للعمل به‪ ،‬لن يدافع فقيرٌ‬ ‫فقير آخر‪ ،‬بل أن الفقر‪ ،‬هذا‬ ‫عن‬ ‫نظام إفقاري ألنه يخاف على نفس��ه ووجوده من ٍ‬ ‫الفقر‪ٍ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫طراز جديد‪.‬‬ ‫ومن‬ ‫جامعة‪،‬‬ ‫وطنيّة‪،‬‬ ‫لوحدةٍ‬ ‫ا‬ ‫مؤسس‬ ‫ا‬ ‫خطاب‬ ‫سيكون‬ ‫ٍ‬ ‫الطريق صعب وطويل‪ ،‬وما زال هناك الكثير من األلم والدّم بانتظارنا‪ ،‬لكن‬ ‫األم��ل أكبر‪ ،‬التضحيات تس��تحق أم ًال نعمل ّ‬ ‫بكل جهودنا عل��ى تحقيقه‪ .‬الغد‪ ،‬كما‬ ‫سوريا‪ ،‬لنا جميعاً‪..‬‬ ‫موقع صباح سوريا ‪2012 / 3 / 25‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫يعتمد النظام السوري بشكل أساسي على إبطاء سرعة االنترنت ومنع الوصول إلى المواقع‬ ‫االلكترونية قبل أي مظاهرة كبرى وذلك من اجل أن يعيق قدرة المعارضة على تنظيم االحتجاج‪،‬‬ ‫وبذلك يصبح الثوار عاجزين عن تحميل الصور أو أشرطة الفيديو أو تقديم تغطية حية لألحداث‪،‬‬ ‫كما حصل في اآلونة األخيرة في بابا عمرو‪.‬‬ ‫وف��ي هذا الس��ياق ذك��رت التقارير ان��ه يوم ‪ 3‬حزي��ران‪ /‬يونيو ت��م إغالق ثلثي الش��بكات‬ ‫االلكتروني��ة في محاول��ة من النظام لمنع المعارض��ة من تنظيم أي احتج��اج على مقتل الطفل‬ ‫حمزة الخطيب‪.‬‬ ‫ويوض��ح الموقع أن االنترنت في س��وريا يعتم��د على موفر خدمة انترنت تملكه الس��لطات‬ ‫السورية وبالتالي من السهل التحكم بالشبكة االلكترونية‪.‬‬ ‫كما اس��تخدم النظام الس��وري تقنيات االنترنت إلضع��اف المعارضة‪ ،‬فخ�لال األيام األولى‬ ‫لالنتفاضة استخدم الثوار الهاشتاغ لنش��ر المعلومات حول المظاهرات وحملة الحكومة السورية‬ ‫التي تلت ذلك‪ ،‬وفي غضون بضعة أش��هر أصبحت في دائرة االس��تهداف من قبل القوات الموالية‬ ‫للنظام‪ ،‬التي لجأت إلى أسلوب التهديد والوعيد من خالل إرسال الرسائل التحذيرية‪.‬‬ ‫فضال عن ذلك اس��تخدم النظام الس��وري تقنية االنترنت المعروفة ب"الرجل في الوسط"‪،‬‬ ‫حي��ث يس��يطر مهاجم على ضحي��ة عن طريق اعتراض الرس��ائل ال��واردة والص��ادرة دون علم‬ ‫الضحية‪.‬‬

‫ياسين سويحة‬

‫أوجاع وطن ‪. .‬‬

‫طوال العام الماضي انشغلت وسائل اإلعالم بتغطية القمع الذي تعرض له الثوار في سوريا‬ ‫على يد نظام بشار األسد‪ ،‬فضال عن ما تسرب عبر شبكة االنترنت‪ ،‬وفي هذا السياق ذكر معهد‬ ‫واشنطن أن لسوريا تاريخ طويل مع سياسة القمع المفروضة على االنترنت‪ ،‬ويوضح الموقع انه‬ ‫منذ وان بدأت الثورة في البالد بمس��اعدة تكنولوجيا من إيران وحزب اهلل‪ ،‬ازدادت وتيرة العمليات‬ ‫في الجيش الموالي للنظام والذي يهتم بالش��ق االلكتروني‪ ،‬وفي ظل عدم نية إلنهاء األزمة في‬ ‫سوريا فمن المرجح أن نشهد عملية تصعيد على مستوى "المعارك االلكترونية"‪.‬‬

‫عام من ثورة الفقراء‬

‫‪3‬‬


‫عيد الف�صح املجيد‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫درب الآالم‪ ..‬بوابة لعودة الب�شرية �إىل قد�سيتها‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫يتزامن صدور عددن��ا اليوم مع قيامة‬ ‫السيد المسيح‪ ،‬القيامة التي أنزلت األلوهة‬ ‫إل��ى المحي��ط البش��ري وجعل��ت الضع��ف‬ ‫اإلنساني ودرب اآلالم بواب ًة لعودة البشرية‬ ‫إلى قدس��يتها ومحت الحدود غير المتناهية‬ ‫بين الخالق والمخلوق‪ ،‬وعن بولس الرسول‬ ‫ننقل‪ " :‬إذا لم يكن المس��يح قد قام فباطل ٌة‬ ‫ٌ‬ ‫وباطل أيض��ًا إيمانكم " وليعذرني‬ ‫كرازتنا‬ ‫القارئ لمساس��ي بقدسية الصلب والقيامة‬ ‫ومقاربته��ا مع ما يعيش��ه وطنن��ا منذ عام‬ ‫ٍ‬ ‫نفهمها‬ ‫وأكثر‪ ،‬ف��درب اآلالم والقيام��ة كما‬ ‫ليس��ت واقع ًة تاريخية مرت كما مر غيرها‪،‬‬ ‫ب��ل ه��ي منه��ج وطريقة حي��اة للبش��رية‬ ‫بأس��رها‪ ،‬والقيام��ة واق��عٌ متجدد نعيش��ه‬ ‫عل��ى المس��تويين الخ��اص والع��ام‪ ،‬وهي‬ ‫استمرارٌ للس��نة اإللهية بالفداء والخالص‬ ‫وأس��رار اإليم��ان‪ ،‬وعن انجي��ل يوحنا ننقل‬ ‫" هك��ذا أح��ب اهلل العال��م حت��ى ب��ذل ابنه‬ ‫الوحي��د لكي ال يهلك كل م��ن يؤمن به بل‬ ‫تك��ون له الحي��اة األبدي��ة "‪ ،‬اخت��رت اليوم‬ ‫موضوع الفصح كدعوةٍ للمؤمنين بالقيامة‬ ‫للتمث��ل بها‪ ،‬ودعوة غي��ر المؤمنين للتمثل‬ ‫ً‬ ‫كنهج فلس��في وأخالقي غير وجه‬ ‫بها أيضا ٍ‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫منذ انطالق الثورة الس��ورية المجيدة‬ ‫والشعب السوري يقدم الفداء غالي الثمن‪،‬‬ ‫ويس��تبدل تقدي��م الذبائ��ح غي��ر العاقل��ة‬ ‫بالذبيح��ة اإللهية‪ ،‬كل ي��وم نلمح بيالطس‬ ‫ويهوذا والجلجلة ودروب اآلالم التي يمشيها‬ ‫وطنن��ا‪ ،‬حت��ى تحضر أمامن��ا يومي��اً عبارة‬ ‫"كازانتزاكس" األخيرة في روايته المس��يح‬ ‫يصل��ب م��ن جدي��د "ال ج��دوى يا يس��وع "‬ ‫ليصي��ر األمل س��رابًا كأنما نقب��ض الريح‬ ‫لك��ن المالح��م التي س��طرها الس��وريون‬ ‫عبر عام ونيف كفيل�� ٌة بأن ال تتركنا نتردى‬ ‫ف��ي ٍ‬ ‫وهدة اليأس المطبق األس��ود‪ ،‬بل ثمة‬ ‫ٌ‬ ‫أمل‪ ،‬قد يكون عس��يراً بعي��د المنال ولكنه‬ ‫قائمٌ عل��ى أية حال‪ ،‬وعلى ق��وى الخير أن‬ ‫تتضافر ابتغاء هزيمة قوى الشر المتمكنة‪.‬‬ ‫فالصليب هو عبء الحياة الذي يثقل كاهل‬ ‫اإلنس��ان‪ ،‬يحمل��ه ويرتق��ي الجب��ل الوع��ر‬ ‫س��عيًا وراء الخ�لاص‪ ،‬إنه صخرة "س��يزيف‬ ‫"‪ ،‬والصل��ب انتص��ار ق��وى الش��ر‪ ،‬وقيام��ة‬ ‫المس��يح انتصارٌ لقوى الخي��ر‪ ،‬و ٌ‬ ‫أمل دائم‬ ‫ق��د يكون بعيداً ودونه أه��وال ولكنه قائم‪،‬‬ ‫وعلى الس��وريين أن يحملوا صليبهم على‬ ‫كتفه��م‪ ،‬ويتخذوا الطري��ق الوعر‪ ،‬الطريق‬ ‫الصاعد حي��ث يكون الخ�لاص‪ ،‬وال خالص‬ ‫بغير نضال‪ .‬نضال اإلنس��ان الحر المتمرد‪،‬‬ ‫الحر إزاء نفسه وإزاء الوجود‪ ،‬المتمرد على‬ ‫نفسه وعلى الوجود رغم العدم‪.‬‬ ‫تهنئ�� ٌة للس��وريين جميع��اً بالقيام��ة‬ ‫تهنئ�� ٌة مؤجل��ة نتبادلها يوم قيام��ة وطننا‬ ‫الغال��ي‪ ،‬أم��ا التهنئ��ة بقيام��ة المس��يح‬ ‫ُ‬ ‫فمؤجل��ة أيض��اً التزام��اً بما أعلن��ه مجلس‬ ‫أس��اقفة الكنائس المس��يحية في دمشق‪،‬‬ ‫ي��وم الثالثاء‪ ،‬ب��أن احتفاالت أعي��اد الفصح‬ ‫ستقتصر على الصلوات والطقوس الدينية‬ ‫فقط وذلك نظراً لما تمر به سورية وإكرامًا‬ ‫ألرواح الشهداء والضحايا األبرار‪.‬‬ ‫وق��ال المجلس‪ ،‬في بيان له‪ ،‬بحس��ب‬ ‫وكالة األنباء الرس��مية (سانا) إن "احتفاالت‬

‫أعي��اد الفص��ح س��تقتصر عل��ى الصل��وات‬ ‫والطقوس الدينية في الكنائس فقط وذلك‬ ‫نظ��را للظروف االس��تثنائية الت��ي تمر بها‬ ‫س��ورية وإكراما ألرواح الش��هداء والضحايا‬ ‫األب��رار الذين قض��وا في األح��داث األليمة‬ ‫وتعبي��را عن وحدة أبناء الش��عب الس��وري‬ ‫األب��ي وترس��يخا للحمة الوطني��ة"‪ .‬وتمنى‬ ‫المجلس في بيانه أن "يعم األمن والس�لام‬ ‫سورية الحبيبة وأن يعود هذا العيد المبارك‬ ‫عليها بأجمعها بالخير واليمن والبركات"‪.‬‬ ‫كل س��نة نقيم ذكرى لحادثة القيامة‬ ‫ونس��عى إل��ى معناه��ا‪ .‬الحادثة أن يس��وع‬ ‫الناصري قام م��ن بين األموات وتغلب على‬ ‫الموت بحسب منطوق النشيد الفصحي في‬ ‫كنيستنا "ووطئ الموت بالموت"‪ .‬أما الحادثة‬ ‫فقد اهتم لتبيانها الذين كتبوا العهد الجديد‬ ‫بسبب صعوبة تصديقها وبسبب اعتبارهم‬ ‫أنها أس��اس اإليمان المسيحي‪ .‬فإن لم تكن‬ ‫ال يكون اإليمان وتكون البش��ارة بالمس��يح‬ ‫كله��ا باطل��ة‪ .‬المس��ألة أن القيام��ة واقعة‬ ‫ولكن يج��ب إثباتها كواقعة‪ .‬ه��ذا من جهة‬ ‫وم��ن جهة ثانية هي صُل��ب اإليمان‪ .‬عندنا‬ ‫إذا وجه��ان له��ذه القضي��ة‪ .‬الوج��ه األول‬ ‫ش��هادة الش��هود لظهورات المسيح والوجه‬ ‫الثان��ي اليقين باإليمان‪ .‬أما ان األمر هو لب‬ ‫اإليمان المسيحي فيأخذ به بولس الرسول‬ ‫ألنه أول من كتب في المس��يحية بمعنى أن‬ ‫هذه القيامة التي ع ّلم عنها إنما أخذها من‬ ‫األوائل ولم يف��رّق بين الحادث��ة ومعناها‬ ‫ووضع الهوتاً يختزل بهذه الكلمات‪" :‬إن كان‬ ‫المسيح يُكرز به انه قام من األموات فكيف‬ ‫يقول ق��وم بينكم ليس قيام��ة أموات"‪ .‬ما‬ ‫يدع��م إذا االعتقاد بالقيامة قول الرس��ول‬ ‫"دُفن وق��ام في اليوم الثال��ث كما جاء في‬ ‫الكتب‪ ،‬وانه ظهر لبطرس ثم للرسل اإلثني‬ ‫عشر‪ ،‬ثم ظهر ألكثر من خمس مئة أخ معًا‬ ‫ال ي��زال معظمهم حياً وبعضه��م مات‪ ،‬ثم‬

‫ظهر ليعقوب‪ ،‬ثم لجميع الرس��ل حتى ظهر‬ ‫ل��ي آخ��راً أنا أيض��ًا كأني س��قط"‪ .‬إلى هذا‬ ‫اإليضاح‪ ،‬عندنا ش��هود عي��ان لموته وبقوا‬ ‫ش��هوداً عيان��ًا لظهوراته من بع��د القيامة‬ ‫بمعنى أنهم عرفوا أن هذا الذي تراءى لهم‬ ‫ه��و إياه ال��ذي عُ ّلق على الخش��بة وهؤالء‬ ‫ه��م مري��م المجدلي��ة‪ ،‬وحام�لات الطيب‪،‬‬ ‫وسمعان بطرس‪ ،‬وتلميذا عمواس‪ ،‬والرسل‬ ‫المجتمعون في غياب توما ثم في حضوره‪،‬‬ ‫وبعض الرسل على بحيرة طبرية‪ ،‬والرسل‬ ‫في الجليل‪ ،‬وإليهم أيض��اً عند صعوده إلى‬ ‫الس��ماء‪ .‬وهذه الظهورات هي إحدى عشرة‬ ‫نقرأ عن واحدة منها كل أحد في الكنيس��ة‬ ‫األرثوذكس��ية‪ .‬س��رد هذه الظه��ورات ّ‬ ‫يدل‬ ‫على الروح النقدية عند الرسل‪ .‬وظاهر لي‬ ‫في هذا الس��رد أن الرس��ل كانوا متحررين‬ ‫م��ن كل عقلي��ة ش��عبية مته��وّرة‪ .‬كان��وا‬ ‫بعيدي��ن عن كل تصديق متس��رع متهيّج‪.‬‬ ‫ان رفض توما في البداءة للقيامة ّ‬ ‫يدل على‬ ‫ان��ه كان عل��ى روح نقدية كبي��رة وأنه لم‬ ‫يؤخذ بكالم التالميذ‪ .‬في األس��بوع الالحق‬ ‫تراءى لهم ومعهم توما‪.‬‬ ‫غي��ر أن العيد ال ينحصر ف��ي أن يكون‬ ‫خ��روج الناصري من القبر وهو مغارة وليس‬ ‫حفرة ترابية‪ .‬العي��د تعبير عن كل الخالص‬ ‫ال��ذي أُوتيناه منذ تجس��د اب��ن اهلل وبخاصة‬ ‫ال��ذي نلناه من الصليب‪ .‬فقبل لحظة الصلب‬ ‫قال يسوع "قد أُ َ‬ ‫كمل" أي إني أَتممت ما ك ّلفني‬ ‫األب إي��اه وحقّقت كل كلمة من األنبياء‪ .‬ولنا‬ ‫نحن أن نفهم أن كل جليل وطاهر وحق من‬ ‫بعد يس��وع إنما نح��ن مدينون به ل��ه أي أن‬ ‫كمال الفكر والنتاج العقلي والفنّيّ وانتصار‬ ‫اإلنس��ان المظلوم كلها استمدّت إلهامها من‬ ‫حياة يس��وع وأقواله‪ .‬من ه��ذه الزاوية نرجو‬ ‫ف��ي هذا الي��وم قيامة من التعب الش��خصي‬ ‫والس��قوط ونطل��ب التطلعات إلى الس��ماء‪.‬‬ ‫م��ن ناحية العقيدة عندن��ا بالفصح وعد أننا‬

‫س��نقوم ف��ي الي��وم األخي��ر‪ .‬لق��د ظهر في‬ ‫المس��يح كمال اهلل‪ .‬قيام��ة المخ ّلص تُنبئنا‬ ‫بأن دعوة يسوع لنا أن "كونوا كاملين"‪ .‬العيد‬ ‫هو الخ�لاص من كل أنواع الموت في حياتنا‬ ‫الشخصية وحياة الذين حولنا ومن نخدمهم‪.‬‬ ‫هو حدث مس��تمر فينا إلى أن ينتهي الدهر‪.‬‬ ‫ولذل��ك يمتد عي��د القيامة من ي��وم الجمعة‬ ‫العظي��م إل��ى صب��اح العي��د‪ .‬ه��ذه الثالثية‬ ‫إذا دخل��ت إلين��ا بق��وة كل ي��وم فيه��ا نكون‬ ‫ق��د أقمنا العي��د ووعدنا بأن كل أي��ام حياتنا‬ ‫تك��ون فصحا أبدي��ا‪ .‬الفرح عندنا مؤسّ��س‬ ‫في انتصار يس��وع ولسنا نستقبل بهجة في‬ ‫ه��ذا اليوم وحزنًا في ذاك‪" .‬افرحوا أيضًا في‬ ‫كل حين وأيض��ًا أقول افرحوا"‪ .‬لذلك إذا قال‬ ‫بعض الناس إننا نتألم مع المسيح ال نريد أن‬ ‫وجع الجس��د أو النفس أفضل من الس�لامة‪.‬‬ ‫لن��ا أن نتقبّل اآلالم على أنها أحيانا وجه من‬ ‫وجوه السالمة الداخلية‪ .‬إذا كانت السماء في‬ ‫األخير هي انتصارنا عل��ى الخطيئة والموت‬ ‫فنحن فيها‪ ،‬وإذا انس��كبت الس��ماء علينا في‬ ‫حياتن��ا اليومية فنكون قوم��ًا فصحيين‪ ،‬ولنا‬ ‫أن نُنش��د عند ذاك‪" :‬المس��يح ق��ام من بين‬ ‫األم��وات ووط��ئ الم��وت بالم��وت"‪ .‬لذلك ال‬ ‫حقيق��ة في م��ا قيل ل��ي يومًا‪" :‬المس��يحية‬ ‫ديانة مأس��ويّة"‪ .‬قلت لهذا الذي ك ّلمني بهذا‬ ‫ال��كالم‪ :‬المأس��اة بمعناه اليونان��ي أن تكون‬ ‫س��جين غرفة مغلقة‪ .‬نحن على األقل ليس‬ ‫فوقنا س��قف‪ .‬ليس فوق رؤوسنا إال السقف‬ ‫الس��ماوي‪ .‬نحن خرجنا من كل السجون إلى‬ ‫"حري��ة أبناء اهلل"‪ .‬لذلك نحت أحد قديس��ينا‬ ‫مؤخراً تحي�� ًة كان يقولها لكل صديق التقاه‪:‬‬ ‫"يا فرحي‪ ،‬المس��يح قام"‪ .‬هذه كلمة أُس�� ّلم‬ ‫به��ا عل��ى كل من قرأن��ي بين الي��وم والغد‬ ‫حتى ي��زول الحزن ع��ن هذا الوجود‪ .‬س��وف‬ ‫نعرض في ملفن��ا اليوم للفصحين اليهودي‬ ‫اس��تعراض موج��ز لمعاني‬ ‫والمس��يحي مع‬ ‫ٍ‬ ‫التقاليد المسيحية في الفصح‪.‬‬


‫الف�صح اليهودي‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫عيد الف�صح امل�سيحي‬ ‫عي��د القيامة‪ ،‬وكذلك يٌعرف بباس��كا‬ ‫"‪" "Pascha‬باليوناني��ة ‪ :Πάσχα‬عي��د‬ ‫الفص��ح"‪ ،‬عي��د القيام��ة أو أح��د القيامة أو‬ ‫يوم القيامة‪ .‬يعتبر أهم األعياد الدينية في‬ ‫الليتورجي��ا "الطق��س الديني" المس��يحية‪،‬‬ ‫ويكون بين أواخر إذار وأواخر نيسان " أوائل‬ ‫نيس��ان إل��ى أوائل ماي��و عند المس��يحيين‬ ‫الشرقيين"‪.‬‬ ‫يتم االحتفال بقيامة المسيح من بين‬ ‫األموات وهذا ما يؤمن به أتباعه بعدما مات‬ ‫المسيح على الصليب في سنة ‪ 33-27‬بعد‬ ‫المي�لاد‪ .‬ف��ي الكنيس��ة الكاثوليكية يكون‬ ‫االحتف��ال بعيد القيام��ة لم��دة ثمانية أيام‬ ‫ويسمى باليوم الثامن بعد احتفال الكنيسة‬ ‫"‪ ."Octave of Easter‬يش��ير عي��د القيامة‬ ‫إلى فصل في التقويم الكنسي ويدوم لمدة‬ ‫خمسين يومًا حيث يبدأ من أحد القيامة إلى‬ ‫عيد حلول الروح القدس‪.‬‬ ‫ف��ي الكثي��ر م��ن لغ��ات المجتمع��ات‬ ‫المسيحية‪ ،‬غير اللغات اإلنكليزية واأللمانية‬ ‫والس�لافية‪ .‬أن اس��م هذا االحتفال الديني‬ ‫مش��تق من بيس��اك "‪ ،"pesach‬أي االس��م‬ ‫العبري لعي��د الفصح‪ ،‬الذي هو عيد اليهود‪،‬‬ ‫حي��ث يوج��د ربط بي��ن عيد الفص��ح وعيد‬ ‫القيامة‪ .‬هناك رابط بين عيد القيامة وعيد‬ ‫الفصح اليهودي‪ ،‬ليس فقط في بعض من‬ ‫معانيه الرمزية ولكن أيضًا في موقعه في‬ ‫التقوي��م‪ ،‬حيث أن العش��اء األخير الذي قام‬ ‫به الس��يد المس��يح مع تالمي��ذه قبل صلبه‬ ‫يمث��ل عش��اء الفص��ح حس��ب ما ذك��ر في‬ ‫األناجيل اإلزائية الثالثة ف��ي العهد الجديد‬ ‫من الكتاب المق��دس "متى‪ ،‬مرقس‪ ،‬لوقا"‪.‬‬ ‫ويختل��ف إنجيل يوحنا ف��ي أحداثه الزمنية‬ ‫حيث يك��ون وقت ذبح الحمالن لعيد الفصح‬

‫ت�أريخ عيد القيامة‪:‬‬ ‫يقع عيد القيامة دائمًا عند المسيحيين‬ ‫الغربيي��ن ف��ي األح��د م��ن ‪ 22‬آذار إلى ‪25‬‬ ‫نيس��ان‪ ،‬والي��وم ال��ذي بع��ده أي االثني��ن‬ ‫يعتب��ر يوم عطلة رس��مية ف��ي الكثير من‬ ‫البلدان‪ .‬حسب الكنيس��ة الشرقية يقع عيد‬ ‫القيام��ة بين ‪ 4‬نيس��ان و ‪ 8‬أيار بين س��نة‬ ‫‪ 1900‬إلى ‪ 2100‬حس��ب التقويم الجورجي‬ ‫"‪ ."Gregorian date‬يعتب��ر عي��د القيام��ة‬ ‫واألعياد المرتبطة به أعياد متغيرة التواريخ‬ ‫حس��ب التقوي��م الجورج��ي أو التقوي��م‬ ‫القيص��ري "‪ - "Julian‬الت��ي تتعق��ب حركة‬ ‫الش��مس والفص��ول‪ ،‬وبالتال��ي ت��م فصل‬ ‫االحتفال اليهودي بعيد الفصح عن احتفال‬ ‫المسيحيين بعيد القيامة‪.‬‬

‫م�شاهدات دينية عن عيد القيامة‬ ‫عند امل�سيحيني الغربيني‪:‬‬

‫عند امل�سيحيني ال�شرقيني‪:‬‬ ‫يٌعتبر عيد القيامة من أهم االحتفاالت‬ ‫الديني��ة عن��د الش��رقيين‪ .‬وأي احتفال في‬ ‫التقوي��م حتى االحتفال بعيد ميالد الس��يد‬ ‫المس��يح يٌعتبر عي��د ثانوي مقارن�� ًة بعيد‬ ‫قيامة السيد المسيح‪ .‬نرى ذلك في البلدان‬ ‫ال��ذي يش��كل األرثوذكس النس��بة الغالبة‬ ‫من س��كانها‪ .‬لكن ه��ذا ال يعني بأن األعياد‬ ‫واالحتف��االت األخرى هي غي��ر مهمة‪ ،‬على‬ ‫العك��س ب��ل إن األعي��اد تعتب��ر تمهيدي��ة‬ ‫لتصل إلى عيد القيامة‪ .‬إن عيد القيامة هو‬ ‫تحقيق رس��الة المس��يح على األرض‪ ،‬لهذا‬ ‫يتم ترنيم هذه الكلمات‪:‬‬ ‫"المس��يح قام من بين األموات ووطئ‬ ‫الم��وت بالم��وت ووه��ب الحي��اة للذين في‬ ‫القبور"‪.‬‬ ‫يق��وم األرثوذكس إضافة إلى الصوم‬ ‫وإعطاء الصدقات والصالة في زمن الصوم‬ ‫الكبي��ر بالتقلي��ل م��ن األش��ياء الترفيهي��ة‬ ‫والغي��ر مهم��ة‪ ،‬و يت��م االحتف��ال حوال��ي‬ ‫الس��اعة ‪ 11‬مس��اءاً م��ن ليلة س��بت النور‪.‬‬ ‫والي��وم التال��ي ال يوجد ليتورجي��ا "طقس‬ ‫ديني" ألنه تم االحتفال به لي ًال‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫" في ُك ِّل الليالي َ‬ ‫نَ��أ ُك ُل َلحْمًا ْ‬ ‫مَطبوخًا أَوْ‬ ‫ِ‬ ‫يٌ‪.‬‬ ‫مَشْ�� ِويًّا وَفِي الليلة هذه ُك ُّلهُ مَشْ�� ِو ّ‬ ‫"بالمعنى نأكل لحما مش��ويا فقط"‪ ،‬كذلك‬ ‫فع��ل اليه��ود ف��ي فت��رة البي��ت المق��دس‬ ‫عندم��ا ذبح��وا وأكل��وا الفص��ح‪ .‬ولكن بعد‬ ‫تدمي��ر الهيكل وجدوا أجوب��ة وأمثلة أخرى‪.‬‬ ‫ويضيف��ون اليوم بد ًال من أن يذكروا ذبيحة‬ ‫الفصح عادتين‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫ف��ي ُك ِّل الليال��ي َ‬ ‫نَ��أ ُك ُل أَنْوَاعً��ا‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مِن الخضار وَفِ��ي الليلة هذه‬ ‫مُخْتَلِف�� ًة ِ‬ ‫َ‬ ‫خَ��سٌ وَأعْش��ابٌ مُ��رَّةٌ‪" .‬بالمعنى‬ ‫ُك ُّل��هُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ف��ي ُك ِّل‬ ‫"‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫ة‬ ‫مر‬ ‫ا‬ ‫وأعش��اب‬ ‫ا‬ ‫خس��‬ ‫نأكل‬ ‫ِ‬ ‫الليالي َ‬ ‫نَأ ُك ُل وَنَشْرَبُ أَحْيَانًا جالِسينَ‬ ‫َ‬ ‫مُضْط ِجعينَ وَفِ��ي الليلة هذه‬ ‫وَأَحْيانً��ا‬ ‫َ‬ ‫عون‪.‬‬ ‫ُك ُّلنَا‬ ‫مُضْط ِج َ‬ ‫ً‬ ‫كم��ا هو الح��ال دائما‪ ،‬بع��د أن ينتهي‬ ‫تن��اول الطع��ام يغس��لون أيديه��م بالم��اء‬ ‫ويش��كرون ال��رب تعال��ى على ِرزق��ه‪ .‬في‬ ‫نهاية الطقوس يقرؤون بفرح ولهفة بعض‬ ‫المزامير والتس��ابيح ليعبروا عن ش��كرهم‬ ‫الكبي��ر للمول��ى تعال��ى عل��ى كل فضائله‬ ‫وعجائبه التي فعلها آلبائهم ولهم‪.‬‬

‫ه��و عند م��وت المس��يح‪ ،‬وم��ن الممكن أن‬ ‫يك��ون ه��ذا االخت�لاف ألس��باب الهوتي��ة‪.‬‬ ‫ولكن يعتبر بعض الدارسين أن لها ارتباط‬ ‫تأريخ��ي بذك��ر األحداث الت��ي كانت تجري‪.‬‬ ‫هذا م��ا يض��ع العش��اء األخير قب��ل حدوث‬ ‫عيد الفصح بقليل‪ ،‬أي في الرابع عش��ر من‬ ‫شهر نيسان حس��ب الموسوعة الكاثوليكية‬ ‫"إن عي��د القيام��ة عن��د المس��يحيين ه��و‬ ‫بمثابة عيد الفصح عن��د اليهود"‪ .‬في اللغة‬ ‫االنكليزي��ة وااللماني��ة ل��م تٌش��تق كلم��ة‬ ‫عي��د القيام��ة "‪ "Easter‬و"‪ "Ostern‬م��ن‬ ‫بيس��اك "‪ ،"pesach‬ولك��ن ه��ذه االس��ماء‬ ‫ت��دل على االس��م القديم لش��هر نيس��ان"‬ ‫‪" .Eostremonat، Ostaramanoth‬‬ ‫عيد القيامة في أيام الكنيسة األولى‪:‬‬ ‫يٌعتق��د أن أي عي��د خ�لال الس��نة‬ ‫المس��يحية قد تم وضعه من أيام الكنيسة‬ ‫األول��ى‪ .‬ع��دد م��ن المؤرخين "الكنس��يين"‬ ‫إضاف�� ًة إلى تقليد الرس��ول يوحنا المبش��ر‬ ‫ناقشوا ما يعرف ب "‪،"Quartodecimanism‬‬ ‫هذا المصطلح مٌش��تق من اللغة الالتينية‬ ‫ومعن��اه الرقم ‪ .14‬لذلك ناقش��وا احتمالية‬ ‫تثبيت تأريخ إقامة الفصح عند المسيحيين‬ ‫ف��ي الراب��ع عش��ر من نيس��ان‪ ،‬أي حس��ب‬ ‫التقوي��م العب��ري ف��ي العه��د القدي��م من‬ ‫الكت��اب المقدس‪ .‬في أي من األحوال تؤمن‬ ‫الكنيس��ة بأن العش��اء الرباني ال��ذي أقامه‬ ‫المس��يح م��ع التالميذ هو تقلي��د يٌعمل به‬ ‫من أيام الرسل‪ .‬حسب إنجيل يوحنا المبشر‬ ‫أن العش��اء األخير كان ي��وم الجمعة أي في‬ ‫اليوم الذي صٌلب فيه المسيح في أورشليم‪.‬‬ ‫وبعض من األس��اقفة األوائل رفضوا مبدأ‬ ‫االحتفال بعي��د القيامة في األحد األول بعد‬ ‫الراب��ع عش��ر من نيس��ان‪ .‬وبالتال��ي أصبح‬ ‫االحتفال بعيد القيامة في الرابع عش��ر من‬ ‫نيسان ‪ -‬الذي كان يٌقام في كنائس آسيا ‪-‬‬ ‫غير متداول بين الكنائس‪.‬‬

‫هن��اك ع��دة ط��رق لالحتف��ال بعي��د‬ ‫القيام��ة عن��د المس��يحيين الغربيين‪ ،‬من‬ ‫حي��ث االحتفال الكنس��ي "الليتورجي" في‬ ‫عيد القيامة‪ ،‬نرى ب��أن الرومان الكاثوليك‬ ‫واللوثريي��ن يحتفل��ون بقيام��ة المس��يح‬ ‫في ليلة س��بت الن��ور‪ .‬في اه��م احتفالية‬ ‫كنس��ية من الس��نة كلها تب��دأ في الظالم‬ ‫وحول لهب النار الفصحية المقدسة‪ ،‬حيث‬ ‫يتم إشعال ش��معة كبيرة تدل على قيامة‬ ‫المس��يح‪ ،‬وإنش��اد الترانيم‪ .‬بعد ذلك يتم‬ ‫قراءة أجزاء من العه��د القديم من الكتاب‬ ‫المقدس‪" :‬قراءة من قصة الخلق وتضحية‬ ‫اس��حق وعبور البحر األحمر والتنبؤ بقدوم‬ ‫المس��يح‪ .‬يلي��ه ترني��م الهليلوي��ا وقراءة‬ ‫إنجي��ل القيام��ة‪ ،‬تل��ي الموعظ��ة ق��راءة‬ ‫االنجي��ل‪ .‬قديم��ًا كان يٌع��د وق��ت عي��د‬ ‫القيامة من أهم األوقات التي يكون تلقي‬ ‫المعمودي��ة للناس الج��دد الذين ينضمون‬ ‫للكنيسة‪ ،‬وحتى يومنا هذا تقوم الكنيسة‬ ‫الرومانية الكاثوليكية بهذا الطقس‪ .‬سواء‬ ‫كان هناك أشخاص للعماد أم ال‪ ،‬لكن هذا‬ ‫التقلي��د هو لتجدي��د مواعي��د المعمودية‪.‬‬ ‫ويٌحتفل بسر التثبيت أيضًا في ليلة سبت‬ ‫الن��ور‪ .‬ينتهي احتفال س��بت النور بذبيحة‬ ‫القربان المقدس‪ .‬وممكن مالحظة بعض‬ ‫االختالف��ات بالطقس الدين��ي‪ :‬بعض من‬ ‫الكنائ��س تق��رأ م��ن العه��د القدي��م قبل‬ ‫أن توق��د الش��معة الفصحية ويت��م قراءة‬ ‫اإلنجي��ل بع��د الترانيم مباش��رةً‪ .‬و بعض‬ ‫الكنائس تفضل االحتفال بعيد القيامة في‬ ‫صباح األحد وليس في ليلة الس��بت‪" ،‬وهو‬ ‫الحاصل في الكنائس البروتستانتية‪ ،‬حيث‬ ‫إن النس��اء ذهبوا إلى قبر المسيح في فجر‬ ‫األحد وكان المس��يح قد ق��ام‪ ،‬ويٌقام هذا‬ ‫االحتفال عاد ًة في ساحة الكنيسة"‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫إن عيد خروج بني إس��رائيل من مصر‬ ‫القديمة يسمى عيد الفصح "العبري" وعيد‬ ‫الفطير في التوراة‪ .‬هذا العيد هو الحج في‬ ‫فص��ل الربيع‪ ،‬وكبقية أعي��اد الحج األخرى‪،‬‬ ‫فلق��د أصب��ح يتم ف��ي البيت وف��ي الكنس‬ ‫بعد تدمي��ر البيت المقدس‪ .‬الس��بب األهم‬ ‫واألساس��ي له��ذا العيد ه��و إنق��اذ المولى‬ ‫تعالى بني إسرائيل من العبودية المصرية‬ ‫القديم��ة كما يذكر س��فر التثنية ذلك "‪:١٦‬‬ ‫‪ ٤-١‬ترجمة كتاب الحياة"‪" :‬احْتَفِ ُلوا دَائِمًا‬ ‫ال��رَّ ِّب إَِل ِه ُك��مْ فِي شَ��هْ ِر أَ ِبيبَ‬ ‫ِب‬ ‫فِصْ��ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫يسَ��ان)‪َ ،‬ففِ��ي هَ َذا ّ‬ ‫الشَ��هْ ِر‬ ‫(أَيْ شَ��هْ ِر ن‬ ‫َ‬ ‫أَ‬ ‫بُ إَِل ُ‬ ‫ُ‬ ‫هُك��مْ مِ��نْ مِصْرَ‬ ‫خْرَجَك��مُ ال��رَّ ّ‬ ‫َليْ� ً‬ ‫لا ‪٢‬وَاذْبَحُ��وا لِل��رَّ ِّب إَِل ِه ُك��مْ َغنَمًا أَوْ‬ ‫َ‬ ‫مَوْضِ��ع ا َّل��ذِي يَخْتَ��ارُهُ‬ ‫بَق��راً فِ��ي ا ْل‬ ‫ِ‬ ‫لِيُحِ��ل اسْ��مَهُ فِي��هِ َال ْ‬ ‫َّ‬ ‫تَأ ُك ُل��وهُ‬ ‫بُ‬ ‫ال��رَّ ّ‬ ‫مُخْتَمِ��ر‪ْ ،‬‬ ‫طِير‬ ‫خُبْز‬ ‫بَل ُك ُلوهُ مَعَ َف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َمَعَ َ ٍ‬ ‫وَال سَ��بْعَةِ أَيَّام‪َ ،‬أل َّن هَ َذا هُوَ خُبْزُ‬ ‫ط‬ ‫مَشَقّةِ‪ ،‬إِ ْذ إِنَ ُّكمْ ٍعَ َ‬ ‫َ‬ ‫عَجَل َغادَرْتُمْ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ا ْل‬ ‫ٍ‬ ‫رُون يَوْمَ‬ ‫دِيَارَ مِصْرَ‪ ،‬وَ ِب َذلِ��كَ تَتَ َذ َّك َ‬ ‫خُرُوج ُك��مْ مِ��نْ دِيَ��ا ِر مِصْ��رَ ُك َّل أَيَّ ِام‬ ‫ِ‬ ‫تُبْقوا خَمِيراً فِي أَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫حَيَاتِكمْ ‪َ ٤‬ال ُ‬ ‫رْضِكمْ‬ ‫َط َ‬ ‫وَال سَبْعَةِ أَيَّام‪ ،‬وَ َال يَ ِبتْ شَيْ ٌء مِنْ‬ ‫ٍ‬ ‫ْبُوح فِي مَسَ��ا ِء‬ ‫حَمَل ا ْل‬ ‫حْم ِ‬ ‫فِصْح ا ْلمَذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َل ِ‬ ‫يَوْم َ‬ ‫األوَّ ِل إلى ا ْلغَدِ﴾‬ ‫ا ْل ِ‬ ‫يس��تمر عيد الفصح اليهودي أسبوعا‬ ‫كام�لا‪ ،‬لك��ن الوقوف ع��ن كل العمل خالل‬ ‫الفت��رة كلها لي��س إجباري��ا‪ .‬فالوقوف عن‬ ‫العم��ل لي��س مطلوب��ا إال في الي��وم األول‬ ‫وفي اليوم األخير من العيد‪ ،‬إن أبرز ظاهرة‬ ‫في عيد الفصح هي وجوب إخالء البيت من‬ ‫خمير‪َ .‬ال يُس��مح إال بأكل خبز الفطير‪.‬‬ ‫كل ٍ‬ ‫يُصن��ع الفطير م��ن دقيق القم��ح ويعجن‬ ‫بدون إضافة الخمي��رة تحت مراقبة صارمة‬ ‫وبس��رعة لضمان أ َّال يتم التخمير الطبيعي‬ ‫الذي يح��دث عندما يضاف الماء إلى الدقيق‬ ‫قبل خبزه‪ .‬تفسّر التوراة سبب أكل الفطير‬ ‫مَ‬ ‫(الخروج ‪ ٣٩ :١٢‬ترجمة كتاب الحياة)‪ُ ﴿ :‬ث ّ‬ ‫عَجينَ ا َّلذِي أَخْرَجُوهُ مَعَهُمْ‬ ‫خَبَ��زُوا ا ْل ِ‬ ‫مِنْ مِصْ��رَ خُبْزَ مَ َّلةِ‪َ ،‬ألنَّ��هُ َلمْ ُ‬ ‫يَكنْ‬ ‫مُخْتَمِ��راً‪ ،‬إ ْذ أَنَّهُمْ ُط�� ِردُوا مِنْ مِصْرَ‬ ‫يَق��دِرُوا أَ ْن َ‬ ‫وَ َل��مْ ْ‬ ‫يَتَأ ّخَرُوا َفمَ��ا أَعَدُّوا‬ ‫َأل ُ‬ ‫نْف ِس ِهمْ زَاداً﴾‬ ‫على كل فرد يهودي سواء كان غنيا أو‬ ‫فقيرا أن يش��عر بطعم الحرّية وكأنه خرج‬ ‫من عبودي��ة المصريي��ن القدام��ى «كتاب‬ ‫التثنية» باب مواسم شرائع "خميرة وفطير"‬ ‫‪ .٦ :٧‬وبالرغ��م من أنه يجب على اإلنس��ان‬ ‫أن يتب��رع بالمال للفقراء طوال العام ولكن‬ ‫قبل العيد الفصح "اليهودي" يجب أن تقدم‬ ‫المس��اعدات والحس��نات المادي��ة للفق��راء‬ ‫والمحتاجين ليعيّدوا وليش��عروا بلذة العيد‬ ‫وبأنهم تحرروا من العبودية‪.‬‬ ‫عندم��ا كان البي��ت المق��دس قائم��ًا "‬ ‫وبحس��ب الرواي��ة التوراتي��ة "‪ ،‬كان الحجاج‬ ‫من بني إس��رائيل يأكل��ون لحم الفصح مع‬ ‫الفطير واألعشاب مر ًة في مدينة أورشليم‬ ‫ألنه قي��ل في التوراة " َف ْ‬ ‫تَأ ُك ُل��وا [ا ْلفِصْحَ]‬ ‫مَعَ َفطِير وَأَ‬ ‫عْشَ��اب مُرَّةٍ" "س��فر العدد‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ١١ :٩‬ترجمة كتاب الحي��اة"‪ .‬وأيضًا أوصت‬ ‫الت��وراة أن يُش��وي ه��ذا الذب��ح بالنار في‬ ‫‪ ٩ :١٢‬ترجمة كتاب‬ ‫ه��ذه الليل��ة "الخ��روج ِ‬ ‫الحي��اة" " َال ْ‬ ‫تَأ ُك ُلوا مِنْهُ نيئًا أَوْ مَسْ�� ُلوقاً‪،‬‬ ‫بَل مَشْ�� ِويّاً ِبنَار‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫رَأسَ��هُ مَ��عَ أَ َكا ِرعِهِ‬ ‫ٍ‬ ‫وَجَوْفِهِ"‪.‬‬ ‫لق��د ورد ف��ي الت��وراة بع��د األم��ر‬ ‫باالحتف��ال بالفص��ح "ترجمة كت��اب الحياة‬ ‫َ‬ ‫يَسْ��أ ُلكَ ابْنُكَ‬ ‫الخروج ‪" "١٤ :١٣‬وَحِينَ‬ ‫َ‬ ‫��ام ا ْل ْ‬ ‫مُق ِب َل��ةِ‪ :‬مَا مَعْنَ��ى هَ َذا؟‬ ‫فِ��ي األيَّ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بُ‬ ‫َ‬ ‫الر‬ ‫خْرَجَنَا‬ ‫أ‬ ‫دِيرَةٍ‬ ‫ق‬ ‫يَدٍ‬ ‫ب‬ ‫ّهُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫يبُهُ‪:‬‬ ‫تُج‬ ‫ّ ّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِ��نْ دِيَ��ا ِر ا ْلعُبُودِيَّ��ةِ"‪ .‬وكذلك يقول‪:‬‬ ‫ف��ي ُك ِّل الليال��ي نَغْمِسُ مَ��رَّ ًة واحِدَ ًة‬ ‫" ِ‬ ‫في ُك ِّل الليالي‬ ‫‪.‬‬ ‫تَيْن‬ ‫َ‬ ‫مَر‬ ‫هذه‬ ‫الليلة‬ ‫وَفِي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫نَ��أ ُك ُل خميرًا أوْ َفطي��رًا وَفِي الليلة هذه‬ ‫ُك ُّل��هُ فطيرٌ‪" .‬بالمعنى ن��أكل فطيراً فقط‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫جمعــــة كــــل ال�ســـوريني‬ ‫خالد كنفاني‬ ‫"ها ق��د انتصرنا‪ ،‬وس��تتم تس��مية‬ ‫الجمع��ة القادم��ة بجمع��ة ث��ورة ل��كل‬ ‫السوريين"‬ ‫الكالم أعاله ألحد الثوار االفتراضيين‬ ‫ف��ي صفحته على الفيس بوك‪ ،‬ويبدو أن‬ ‫مس��ألة تس��مية الجم��ع باتت تأخ��ذ حيزاً‬ ‫مهمًا من وقت وتفكير هؤالء الناش��طين‬ ‫نظراً ألن اختالف اس��م الجمع��ة قد يغير‬ ‫في المواقف الدولية المتخاذلة شيئًا أو أن‬ ‫النظام س��يفاجئ بهذه التس��ميات ويعود‬ ‫إل��ى رش��ده ويت��رك الس��وريين بحالهم‬ ‫يتظاهرون بكل حرية وأمان!‬ ‫ال يخفي الكثير من الثوار أو الضحايا‬ ‫ف��ي داخ��ل س��وريا اس��تياءهم وأحيان��ًا‬ ‫غضبهم من الكم المتزايد من التنظيرات‬ ‫والمزايدات والمهاترات التي يتبادلها الثوار‬ ‫"المرتاح��ون" على حد تعبي��ر أحد أهالي‬ ‫حمص‪ .‬وبل��غ األمر بأح��د الفاعلين على‬ ‫األرض أن اقت��رح إلغاء تس��ميات الجمعة‬ ‫ه��ذه لفقدانها محتواه��ا ومعناها بعد أن‬ ‫بل��غ القت��ل والدمار ح��داً يف��وق التصور‬ ‫ويتجاوز بمراحل هذا الترف الفكري الذي‬ ‫يعيشه أولئك في الخارج‪.‬‬ ‫كان الكثي��رون من ناش��طي الخارج‬ ‫أنفس��هم يتص��دون ألي محاول��ة لنق��د‬ ‫الث��ورة ول��و بالتلميح‪ ،‬غير أنه��م فوجئوا‬ ‫بأن البس��اط س��حب من تحتهم لمصلحة‬ ‫م��ن هم عل��ى األرض وأن الفجوة بينهم‬ ‫وبي��ن م��ن يواج��ه الرص��اص والقت��ل‬ ‫تزي��د يومًا بع��د يوم‪ ،‬وهك��ذا أفاقوا وقد‬ ‫انتش��رت الثورة كالنار في الهشيم بينما‬ ‫ه��م ال يزالون في مهاتراتهم وحواراتهم‬ ‫االفتراضي��ة المترف��ة ال يقدم��ون وال‬ ‫يؤخ��رون‪ ،‬واألنك��ى ف��إن الكثيري��ن ال‬ ‫يخفون سعادتهم بتعليقات "المناصرين"‬ ‫و"المباركي��ن" وال"مش��جعين" ألقوالهم‬ ‫الصاروخي��ة والنضالي��ة‪ ،‬وكأنن��ا نعي��د‬ ‫إنتاج زم��ن تقديس الفرد ولكن بش��كل‬ ‫الكتروني هذه المرة‪.‬‬ ‫كل ث��ورة تعب��ر ع��ن مكنون��ات‬ ‫أصحابها‪ ،‬وهي تصبح مناس��بة ألن يعبر‬ ‫الناس بحرية عما افتقدوه سنين طويلة‪،‬‬ ‫ولهذا انفجرت فوضى الشعارات والكتابات‬ ‫الجداري��ة في تعبي��ر عن الت��وق للحرية‬ ‫والتنفي��س عما ف��ي الص��دور والقلوب‪،‬‬ ‫وه��ي فوض��ى خالقة وذات دالل��ة في آن‬ ‫مع��اً‪ ،‬ولهذا كان التنبي��ه منذ البدايات إلى‬ ‫أن كثيراً من الشعارات والتسميات الدينية‬ ‫ب��دأت تأخ��ذ طريقه��ا إلى أف��واه ولوحات‬ ‫المتظاهري��ن‪ ،‬ولكن��ه ل��م يك��ن تنبيه��ًا‬ ‫على س��بيل المن��ع أو اإللغ��اء ولكن على‬ ‫س��بيل لفت النظر إلى التوجهات الشعبية‬ ‫بمختل��ف أطيافه��ا‪ ،‬كم��ا أن الحدي��ث عن‬ ‫الوح��دة الوطنية و"انعدام" الطائفية كان‬ ‫يدور في أوساط النخب الثقافية والفكرية‬ ‫فق��ط‪ ،‬أما على المس��توى الش��عبي فقد‬ ‫كان الوض��ع مختلف��اً تمام��ًا‪ ،‬ونح��ن هنا‬ ‫ال ننك��ر وجود بع��ض األمثلة المش��رقة‬ ‫ألناس قام��وا ببطوالت أو إنق��اذ أو إغاثة‬ ‫آلخرين من طائف��ة أو مدينة أخرى فهذه‬ ‫األمثلة حقيقي��ة‪ ،‬ولكننا نتحدث بالمجمل‬ ‫هن��ا‪ ،‬وعل��ى الجمي��ع أن يفه��م أن ه��ذه‬ ‫الث��ورة تبغي إل��ى التحرر من االس��تبداد‬ ‫وف��رض الرأي‪ ،‬ولهذا قال أح��د المعلقين‬ ‫عل��ى كالم ناش��طة "فيس��بوكية" عندما‬ ‫انتقدت تس��مية الجمعة الماضية‪" :‬عليك‬ ‫أن تقترب��ي م��ن ص��وت الجماهي��ر ال أن‬ ‫تعمل��ي لتقريب الجماهي��ر إلى صوتك"‪،‬‬

‫وهو قول في مكانه ويدل على أن اختبار‬ ‫ال��رأي اآلخ��ر وفهم��ه اختبار صع��ب ولن‬ ‫ينجح فيه إال الشجعان‪.‬‬ ‫نس��وق كل ه��ذا ال��كالم للتعبي��ر‬ ‫ع��ن الغض��ب الش��ديد ال��ذي يعتمل في‬ ‫نف��وس الكثيري��ن من الس��وريين داخل‬ ‫"ج��دران" الوط��ن‪ ،‬فهم باتوا يحس��دون‬ ‫كل أولئ��ك "الناش��طين" الذي��ن خرج��وا‬ ‫من س��وريا سواء عبر األس�لاك الشائكة‬ ‫أو عب��ر الح��دود ألنهم ينعم��ون بتمويل‬ ‫وأم��ان وراحة رغم كل ادعاءاتهم بعكس‬ ‫ذلك بل وتباكي بعضهم على "التش��رد"‬ ‫وترك القرية والحارة‪ ،‬ونحن إذ نس��تثني‬ ‫هن��ا بعضاً م��ن المناضلي��ن والمعتقلين‬ ‫الس��ابقين الذين ذاق��وا م��رارة التعذيب‬ ‫واله��وان داخ��ل المعتق�لات حي��ن كان‬ ‫"اآلخ��رون" يعيش��ون حياته��م الطبيعية‬ ‫خارج أو داخل س��وريا‪ ،‬غير أننا ال ننكر أن‬ ‫الكثيري��ن اليوم من "وج��وه" هذه الثورة‬ ‫ليس��ت لهم أية عالقة ال من بعيد وال من‬ ‫قري��ب بالنض��ال أو الثورة أو الس��جون أو‬ ‫حتى مج��رد المعارضة‪ ،‬حت��ى أن عدداً ال‬ ‫بأس به منهم كان في مراكز مس��ؤولية‬ ‫عسكرية أو مدنية داخل النظام مثلما أن‬ ‫غيرهم استفاد من "بركات" النظام سواء‬ ‫في إنشاء المؤسس��ات أو إصدار الصحف‬ ‫والمج�لات‪ .‬يرفض الس��وريون اليوم من‬ ‫يلتحق بركب موجتهم ليصرخ فيهم" هيا‪،‬‬ ‫إل��ى األم��ام‪ ،‬تقدموا‪ ،‬أحس��نتم" وكأنهم‬ ‫مشجعون في مباراة لكرة القدم‪.‬‬ ‫يم��ارس الكثي��رون م��ن ث��وار‬ ‫"الديجيتال" اليوم أخطاء كبيرة بحق الثورة‬ ‫عندما يرفعونها إل��ى مرتبة التقديس أو‬ ‫عندما يرس��لون "بتوجيهاتهم" إلى الثوار‬ ‫وكأنهم يملكون م��ن قيادتهم أو أمرهم‬ ‫ش��يئًا‪ .‬وفي هذا السياق يبادر هؤالء مث ًال‬ ‫إل��ى إثب��ات أن أي فيديو "يس��يء" للثورة‬ ‫مفب��رك من قب��ل النظام‪ ،‬ونح��ن هنا ال‬ ‫نب��رئ النظام من ه��ذه الفعل��ة وغيرها‬

‫فهو أشرس من ذلك أساسًا‪ ،‬ولكننا علينا‬ ‫أن ن��رى أخطاءنا وننبه له��ا حتى ال ننجو‬ ‫من ف��رع أمني للنظام لنس��قط في فرع‬ ‫أمن��ي "ثوري"‪ ،‬ورغ��م أن الكثيرين يرون‬ ‫الي��وم أن هذه األمور تضع��ف الثورة وأن‬ ‫التصوي��ب والتصحي��ح يج��ب أن يحص��ل‬ ‫الحق��ًا‪ ،‬إال أننا ن��رى أن التغافل عن هذه‬ ‫األفع��ال س��يضر بالث��ورة لي��س عالمي��ًا‬ ‫وحسب بل وداخلياً أيضًا ألنه سيؤدي إلى‬ ‫المزيد من الخوف والتردد لدى الصامتين‬ ‫وسيش��عل ن��ار االنتق��ام والتش��في لدى‬ ‫الثائرين كما أنه يزيد من همجية النظام‬ ‫ال��ذي ال يحتاج حجة الرت��كاب المزيد من‬ ‫المجازر واالعتقاالت بحق المواطنين‪.‬‬ ‫عندم��ا انته��ت الث��ورة ف��ي مص��ر‬ ‫تنب��أ الجمي��ع بف��وز اإلس�لاميين بحك��م‬ ‫البلد‪ ،‬بينم��ا راهن كثي��رون على "وعي"‬ ‫المواطنين بوحدتهم الوطنية وانتمائهم‪،‬‬ ‫غي��ر أن صندوق االقتراع قال ش��يئاً آخر‪.‬‬ ‫ولم��ا ش��هد الجمي��ع بنزاه��ة االنتخابات‬ ‫المصري��ة‪ ،‬فق��د قبل��وا النتيج��ة برحابة‬ ‫صدر ول��م يخرج من يقول "هذه ليس��ت‬ ‫دول��ة إس�لامية"‪ ،‬فاإلخ��وان المس��لمون‬ ‫أنفس��هم لم يقولوا برف��ع المواطنة عن‬ ‫المس��يحيين أو غيرهم‪ ،‬وله��ذا على كل‬ ‫الث��وار االفتراضيي��ن أن يفهم��وا أن م��ا‬ ‫يفعلون��ه الي��وم من ضغط لتغيير اس��م‬ ‫جمع��ة أو ش��عار مظاه��رة ه��و مس��ألة‬ ‫مؤقتة ومس��تترة‪ ،‬ولكنهم ي��رون األمور‬ ‫من منظارهم البعيد عن أعماق المجتمع‬ ‫الحقيق��ي‪ ،‬أو م��ن منظار نخ��ب الفنادق‬ ‫والمؤتم��رات والمداخ�لات التلفزيوني��ة‪،‬‬ ‫وهو منظ��ار ال يعطي الرؤي��ة الصحيحة‬ ‫وال المعبرة عن نبض الشارع الحقيقي‪.‬‬ ‫ليس��ت هذه المقالة دفاعًا عن توجه‬ ‫ما كما أنها ليس��ت هجومًا على أحد‪ ،‬وقد‬ ‫س��ئمنا من ه��ذه التبريرات ف��ي كل مرة‬ ‫نذهب لنقد الثورة أو من "يركبها"‪ ،‬ولكن‬ ‫كل م��ا نبتغيه هو أن يبدأ الجميع بالفهم‬

‫أن احترام آراء اآلخرين مس��ألة مهمة كما‬ ‫أن احترام األغلبية هو عين الديمقراطية‪،‬‬ ‫أم��ا أن يعم��ل البعض بمنط��ق التخوين‬ ‫أو االته��ام مثلم��ا قام بعض الناش��طين‬ ‫باتهام "ش��بيحة" بالتصويت على أس��ماء‬ ‫الجم��ع لصالح تيارات أو ش��عارات معينة‪،‬‬ ‫فهم ومن حيث ال يدرون (أو ربما يدرون)‬ ‫يع��ودون بن��ا إلى نف��س منط��ق النظام‬ ‫ال��ذي نعارضه اليوم‪ ،‬وهو أن كل فكرة ال‬ ‫تعجبنا هي من صنع أعداء الثورة والوطن‬ ‫وإذا انتص��رت فكرتنا فهي الصواب وهي‬ ‫الطريق‪.‬‬ ‫علينا أن ننجح أمام أنفسنا في اختبار‬ ‫قبول اآلخر قبل مطالبة اآلخرين به‪ ،‬كما‬ ‫يج��ب التوقف عن العم��ل بمنطق "اذهب‬ ‫أن��ت وربك فقاتال إنا ههنا قاعدون"‪ ،‬فإما‬ ‫أن ينزل إلى الميدان من يرى في نفس��ه‬ ‫الش��جاعة‪ ،‬حت��ى ول��و كان ذل��ك بوقفة‬ ‫س��لمية تعبيرية في أحد الشوارع‪ ،‬وإنني‬ ‫أج��زم هنا أن الفتي��ات اللواتي عبرن عن‬ ‫غضبهن من القتل والمطالبة بوطن لكل‬ ‫الس��وريين هم أش��جع وأق��وى بألف مرة‬ ‫م��ن كل أولئك القابعين خلف شاش��اتهم‬ ‫وبجانب أطفالهم في المقاهي ويناصرون‬ ‫الثورة بألف "اليك" غير ناسين أن يعلمونا‬ ‫بأنه��م يدعموننا عبر "البالك بيري" قرب‬ ‫واشنطن أو باريس!‬ ‫اع��ذروا غضبن��ا أيه��ا الس��ادة فق��د‬ ‫طف��ح الكيل‪ ،‬وأخش��ى أن تنتق��ل قنوات‬ ‫المعارضة لتصبح قنوات "دنيا" و"س��وريا‬ ‫إخباري��ة" جديدة تمجد الرم��وز وال تقبل‬ ‫النق��د وال المعارض��ة‪ ،‬ولن��ا ف��ي الث��ورة‬ ‫الفرنس��ية عبر كثيرة عندم��ا قتل الثوار‬ ‫بعضه��م بعض��اً بته��م "مع��اداة الثورة"‬ ‫و"إضعاف نفسية األمة"‪.‬‬ ‫س��وريا ل��كل الس��وريين‪ ،‬بإرادتهم‬ ‫الح��رة وخياره��م الح��ر‪ ،‬وكما قال س��عد‬ ‫زغلول قب��ل قرابة مائة عام‪" :‬الحق فوق‬ ‫القوة‪ ،‬واألمة فوق الحكومة"‪.‬‬


‫عد بي �إىل حم�ص‪!! ..‬‬

‫آكاسيا العاصي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫اس��تمالة صغار التجار وأصحاب المحالت‬ ‫ف��ي األس��واق الرئيس��ية‪ ،‬بالترغي��ب أو‬ ‫بالترهي��ب‪ ،‬وف��ي كل مدرس��ة وجامعة‬ ‫ومؤسس��ة حكومي��ة مدني��ون موال��ون‬ ‫للنظام م��ن حزبيي��ن ومنتفعين للقيام‬ ‫بمه��ام العواينية والتش��بيح مع��اً‪ ،‬فتارة‬ ‫هم مخبرون يع��دون األنفاس ويبلغون‬ ‫عن كل ش��اردة وواردة‪ ،‬إلخماد إي تحرك‬ ‫بمج��رد بدئ��ه‪ ،‬أو حت��ى قبل أن يب��دأ‪، ..‬‬ ‫وتارة يش��اركون الش��بيحة ف��ي اعتقال‬ ‫الناش��طين ومالحقته��م وضربه��م‪ .‬ثم‬ ‫يلعب��ون دور الكومب��ارس في مس��يرات‬ ‫التأيي��د "المليوني��ة العفوي��ة"‪ ،‬وأيض��ًا‬ ‫دور المواطني��ن "الصالحين" في قنوات‬ ‫اإلع�لام الرس��مي فيش��اركون ف��ي‬ ‫التمثيلية ويعب��رون عن والئهم المطلق‬ ‫لس��وريا األس��د‪ ،‬وتأييده��م لبرنام��ج‬ ‫اإلصالح��ات‪ .‬ورغ��م أن ه��ؤالء يحتلون‬ ‫فض��اء العاصمة بش��كل ظاهر وإلى حد‬ ‫االختن��اق‪ ،‬ل��م يتوق��ف الح��راك الثوري‬ ‫وظل��ت المظاه��رات الطي��ارة تخرج في‬ ‫المناطق المكتظة وسط المدنية بشكل‬ ‫مباغ��ت جع��ل ق��وات األم��ن ف��ي حال��ة‬ ‫استنفار كامل‪ ،‬وباصات الشبيحة تجوب‬ ‫الح��ارات واألحي��اء عل��ى مدار الس��اعة‪.‬‬ ‫م��ع تمرك��ز الكثير منه��ا ف��ي المناطق‬ ‫الرئيسة‪ ،‬عدا نشر الحواجز‪ ،‬وحدّ حركة‬ ‫التدف��ق من الريف إلى المدينة‪ ،‬الس��يما‬ ‫أيام الجمع‪ .‬وأيضاً‪ ،‬لم تتوقف النشاطات‬ ‫الثورية للرجل البخاخ‪ ،‬أو رمي المناشير‬ ‫وتوزي��ع صحف الثورة حت��ى في األحياء‬ ‫القريبة من المق��رات األمنية‪ ،‬وكل يوم‬ ‫هناك أخب��ار جديدة عن أنش��طة ثورية‬ ‫س��لمية مبتك��رة مدهش��ة تتحايل على‬ ‫القمع وتهزأ بوحشية األجهزة األمنية‪.‬‬ ‫كم��ا ال يمكن تجاهل ال��دور الكبير‬ ‫واله��ام لش��باب الث��ورة في دمش��ق في‬ ‫دع��م المناط��ق المنكوب��ة‪ ،‬فالنصي��ب‬ ‫األكب��ر كان له��م م��ن ناحي��ة تأمي��ن‬ ‫وص��ول المس��اعدات وم��واد اإلغاثة إلى‬ ‫المحتاجي��ن والمش��ردين ع��ن بيوتهم‪،‬‬ ‫واحتمل��وا م��ا ال يحتمل م��ن االعتقاالت‬ ‫والمالحق��ات‪ ،‬فكان��وا ع��ن ج��دارة ظهر‬ ‫الث��ورة الق��وي‪ ،‬والحاض��ن االجتماع��ي‬

‫األوس��ع‪ ،‬ظهر هذا بوضوح لدى حصول‬ ‫حرك��ة الن��زوح الكبيرة م��ن حمص في‬ ‫الش��هر األخير‪ ،‬من خالل التعاون الخفي‬ ‫في اس��تيعاب األعداد الكبي��رة للنازحين‬ ‫والتي ق��درت بأكثر من مائ��ة ألف نازح‪.‬‬ ‫ه��ذا ع��دا التعاطف الكبي��ر ال��ذي أبداه‬ ‫المؤي��دون للث��ورة من س��كان العاصمة‬ ‫م��ع النازحين ف��ي محنته��م‪ ،‬ترجم إلى‬ ‫تساهل باألس��عار‪ ،‬أو حتى تأمين منازل‬ ‫مجانية‪ ،‬م��ع أن األمر ال يخلو من ضعاف‬ ‫نفوس وتجار أزمات‪.‬‬ ‫بالنظر إلى هذه الواقع والذي يدركه‬ ‫النازح��ون م��ن حم��ص بع��د امتصاص‬ ‫صدم��ة اللحظة األول��ى‪ ،‬ال يمكن القول‬ ‫أن الحي��اة تس��ير بش��كل طبيع��ي ف��ي‬ ‫العاصم��ة‪ ،‬ب��ل أنه��ا تس��ير وف��ق إيقاع‬ ‫مختل��ف‪ ،‬يعود ذلك إلى اخت�لاف األدوات‬ ‫التي يس��تخدمها النظام في قمع الثورة‪.‬‬ ‫وهن��ا ال ب��د م��ن المقارنة بين دمش��ق‬ ‫والمناطق الساخنة األخرى‪ ،‬فبينما يمكن‬ ‫لس��كان مدينة مثل دوما او حمص‪ ..‬الخ‪،‬‬ ‫أو ح��ي متط��رف مث��ل المي��دان أو برزة‪،‬‬ ‫عزل العواينية وحد حركتهم‪ ،‬وتخصيص‬ ‫ساحة أو شارع للتظاهر لعدة ساعات بعد‬ ‫تأمي��ن حماية تعيق وص��ول قوات األمن‬ ‫والش��بيحة‪ ،‬ال يمكن أن يحصل ذلك في‬ ‫حي الصالحي��ة في الوس��ط التجاري‪ ،‬أو‬ ‫ف��ي أي منطقة أخ��رى قريبة من المركز‬ ‫المحت��ل بالمقرات األمنية والمؤسس��ات‬ ‫التابعة للنظام‪ ،‬كما ال يمكن الوصول إلى‬ ‫الساحات العامة بس��بب الكثافة األمنية‪،‬‬ ‫هذا من جانب‪ .‬ومن جانب آخر‪ ،‬اس��تخدم‬ ‫النظام ومنذ اليوم األول النطالق الثورة‬ ‫ف��ي درعا وحم��ص الرص��اص الحي في‬ ‫تفري��ق المتظاهرين‪ ،‬بينم��ا تأخر األمر‬ ‫كثي��راً في دمش��ق‪ ،‬م��ع أنه اس��تخدمها‬ ‫في الميدان وكفرسوس��ه‪ ،‬لكن بش��كل‬ ‫مضب��وط مع القناب��ل المس��يلة للدموع‬ ‫والتي لم تستخدم في المناطق األخرى‪،‬‬ ‫إذ كان النظام حريصاً على أال يوقع عدداً‬ ‫كبي��راً من القتل��ى والجرح��ى‪ ،‬وعلى أال‬ ‫يدفع األوضاع األمنية للخروج عن نطاق‬ ‫الس��يطرة‪ ،‬كما جرى ف��ي درعا وحمص‬ ‫وحم��اة وإدل��ب‪ ....‬إذ ت��رك ومنذ األش��هر‬

‫األولى عداد الشهداء يصل إلى العشرات‬ ‫يوميا‪ ،‬ليبرر اس��تخدام اآللة العس��كرية‬ ‫الثقيلة للقصف عن بعد‪ ،‬وتدمير مناطق‬ ‫كاملة إلنهاك المجتم��ع الحاضن للثورة‪،‬‬ ‫ف�لا تقوم ل��ه قائم��ة بعد ذل��ك‪ .‬لكن ما‬ ‫حصل أن انخراط المجتمع بالحراك اتسع‬ ‫وتعم��ق مع اتس��اع دائرة ال��دم والدمار‪،‬‬ ‫وب��ات صعبًا إن لم نقل مس��تحي ًال إخماد‬ ‫الثورة‪ .‬وبالتالي تنامى دور العاصمة في‬ ‫الدعم والمساندة بأدوات وأساليب أنتجتها‬ ‫آلة القم��ع ذاتها‪ ،‬فالمظاه��رات الطيارة‪،‬‬ ‫ونثر المناش��ير‪ ،‬وتلوين مي��اه البحيرات‪،‬‬ ‫ورفع أعالم الثورة وقطع الطرقات بالنار‪،‬‬ ‫وغيرها من أنش��طة خط��رة قد ال تعادل‬ ‫حجم مظاهرة حاشدة تخرج في المناطق‬ ‫الثائرة ف��ي المحافظات‪ ،‬لكن تأثيرها قد‬ ‫يكون بالغًا من حيث أنها رس��الة للنظام‬ ‫ته��ز قبضته الحديدية وتنذره بأن الثورة‬ ‫تحاصره في قصره‪.‬‬ ‫ولع��ل وص��ول المدرع��ات إل��ى‬ ‫ح��ي كفرسوس��ة ف��ي دمش��ق مؤخرا‪،‬‬ ‫أح��د مؤش��رات إف�لاس الحلي��ن األمني‬ ‫والعس��كري بتحقي��ق نتائ��ج ملموس��ة‬ ‫لصال��ح النظ��ام‪ ،‬ال��ذي يدرك أن س��بب‬ ‫بقائه‪ ،‬هو المعادلة الدولية المعقدة في‬ ‫المنطقة‪ ،‬نظراً لوجود إس��رائيل‪ ،‬وليس‬ ‫قوة بطشه أو خبث ذكائه التدميري‪ .‬كما‬ ‫يجمع الكثي��رون على أن أكث��ر ما يحرج‬ ‫النظام اآلن هو تصاعد النش��اط الثوري‬ ‫الس��لمي في قل��ب العاصم��ة‪ ،‬ما يضعه‬ ‫أمام خي��ارات صعبة في اس��تخدام اآللة‬ ‫العسكرية الثقيلة والتي الشك أن نارها‬ ‫س��تصيب معاقله وتس��رع في سقوطه‪،‬‬ ‫وعلى األرجح هروبه من هذا الخيار إلى‬ ‫خيار تنش��يط ب��ث الرعب بي��ن األهالي‬ ‫من خالل االعتق��االت وافتعال تفجيرات‬ ‫وح��وادث أمني��ة س��بق واس��تخدمها في‬ ‫دمشق وحلب‪ .‬والسؤال ترى هل سينجح‬ ‫في ذلك؟ وهل مازال في جعبته خيارات‬ ‫أخ��رى؟ إجابة يترقبه��ا أبو عمر وكل من‬ ‫وفد نازحًا إلى دمش��ق على أمل سقوط‬ ‫النظام قريب��ًا‪ .‬حينها لن يق��ول‪ :‬عد بي‬ ‫إلى حمص‪ ،‬بل دعني في قلب العاصمة‬ ‫ألرفع علم الثورة‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫عندما دخل أبو عمر دمشق الهادئة‬ ‫فراراً من نار القصف األعمى في حمص‬ ‫بع��د اقتح��ام كتائ��ب النظ��ام باباعمرو‪،‬‬ ‫بك��ى بحرقة‪ ،‬ول��دى وصوله إلى س��احة‬ ‫السبع بحرات شاهد مجموعة من الشباب‬ ‫والصبايا الـ"شبيحة" يرقصون ويهتفون‬ ‫"نحنا رجالك يا بش��ار" شعر برأسه يدور‬ ‫وكاد أن يفقد الوعي‪ ،‬وقال لصديقه الذي‬ ‫يقله بسيارته‪ :‬عد بي إلى حمص !!‬ ‫عبثا حاول الصديق إقناعه بالمكوث‬ ‫ليلة واحدة فقط‪ ،‬ليش��رح له الوضع في‬ ‫العاصم��ة‪ .‬إال أن أب��و عم��ر أجاب��ه‪ :‬ف��ي‬ ‫حم��ص التف��اؤل بقرب س��قوط النظام‬ ‫يفوق حج��م الخراب الذي خلفته جحافل‬ ‫جيوش��ه‪ ،‬المعنوي��ات هناك عالي��ة جداً‪،‬‬ ‫لكن هنا ينعدم األمل إذ يبدو أن الطريق‬ ‫م��ازال طوي� ً‬ ‫لا‪ .‬عد بي إل��ى حمص أريد‬ ‫الموت شهيداً برصاصة أو قذيفة‪ ،‬ال أريد‬ ‫الموت كمداً وقهراً‪.‬‬ ‫رغبة أبو عم��ر بالعودة إلى حمص‬ ‫ال تخص��ه وح��ده‪ ،‬كثي��ر م��ن الحماصنة‬ ‫راودهم هذا الش��عور لدى وصولهم إلى‬ ‫دمشق الس��اكنة ظاهريا‪ ،‬ولسان حالهم‬ ‫يق��ول ه��ل نح��ن فق��ط نقت��ل وتدمر‬ ‫بيوتنا!! والناس في دمش��ق يمارس��ون‬ ‫حياته��م بش��كل اعتيادي يذهب��ون إلى‬ ‫العم��ل والس��وق والمقه��ى و‪ ..‬و‪ ..‬ال��خ‪،‬‬ ‫وكأن شيئا ال يحصل‪ ،‬وأن الدماء الجارية‬ ‫أنهاراً في حمص وحم��اه وادلب ودرعا‪..‬‬ ‫محض مياه‪ .‬وأن الدمار والتنكيل بالبشر‬ ‫والحجر ال يعني سكان العاصمة!!‪.‬‬ ‫هذا النق��اش يطغى عل��ى أحاديث‬ ‫الحماصنة الوافدين إلى دمشق‪ ،‬ويمكن‬ ‫تفهم مشاعر اإلحباط التي تنتاب كل من‬ ‫فرّ من حمص بعد قت��ل أقاربه وتدمير‬ ‫بيته ونه��ب ممتلكاته‪ ،‬ومش��اهدته بأم‬ ‫عين��ه مج��ازر بش��عة ين��دى له��ا جبين‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬فمن عاش ش��هوراً ذاق فيها‬ ‫أم��رَّ صن��وف الظلم والذع��ر‪ ،‬يتخيل أن‬ ‫بلده يش��اركه محنته‪ ،‬إن ل��م يكن حاله‬ ‫مثل��ه‪ .‬إذ م��ن الصعب علي��ه تصديق أن‬ ‫أحداً في العالم أجمع لم يسمع صرخاته‪،‬‬ ‫ويطل��ع على وحش��ية النظ��ام‪ .‬فما بال‬ ‫س��كان مدين��ة ال تبعد عنه س��وى ‪160‬‬ ‫كم!! لماذا ال يشعر سكان العاصمة بألم‬ ‫أبناء المناطق المنكوبة؟‬ ‫الس��ؤال يف��رض نفس��ه‪ :‬ه��ل‬ ‫حق��ًا تس��ير الحياة في دمش��ق بش��كل‬ ‫طبيع��ي واعتيادي؟ فقط من يعيش في‬ ‫العاصمة يعرف ما يجري فيها‪ ،‬فدمش��ق‬ ‫من��ذ الي��وم األول لم يهدأ غلي��ان الثورة‬ ‫في ش��وارعها ومنها انطلقت الش��رارات‬ ‫األول��ى لنص��رة أطف��ال درع��ا‪ ،‬ول��و أن‬ ‫النظام استخدم الوسائل الوحشية ذاتها‬ ‫التي استخدمها في المناطق األخرى من‬ ‫درع��ا إلى ريف دمش��ق و حم��ص مروراً‬ ‫بحماه ووصوال إلى إدلب‪ ،‬لسقط النظام‬ ‫في األشهر األولى‪ .‬وهي معادلة يدركها‬ ‫النظ��ام جيداً‪ ،‬فح��رص على اس��تخدام‬ ‫الح��ل األمن��ي دون العس��كري‪ ،‬لقم��ع‬ ‫المظاه��رات في ش��وارعها التي احتلتها‬ ‫عناصر م��ن األمن بمختل��ف تنويعاتهم‬ ‫التنكرية‪ :‬بائعو بس��طات‪ ،‬عمال قمامة‪،‬‬ ‫سائقو تاكس��ي‪ ،‬متسولون‪ ...‬الخ‪ ،‬وتمت‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫دم�شق لي�ست هادئة‪ ..‬لثورتها �إيقاع خمتلف‪..‬‬

‫‪7‬‬


‫حوار مع �أحد عنا�صر اجلي�ش ال�سوري احلر‬ ‫حوار ‪. .‬‬

‫عندما ت�أتي احلرية‪� ..‬ستنتهي حربي‬ ‫�س�أترك ال�سالح و�أعود ف�أنا �أمتلك حياة قبل هذه الثورة‬ ‫أجرى الحوار‪ :‬عروة المقداد‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫الث��ورة ذروة التغي��رات والتحوالت في ذات اإلنس��ان‪،‬‬ ‫يت��اح أن يعبر عنها في زمانٍ أو مكانٍ ما بأش��كال وطرق‬ ‫مختلف��ة‪ .‬وف��ي أزمنة الث��ورة قلي ًال م��ا تراق��ب التغيرات‬ ‫الطارئ��ة التي رافقت ه��ذه الثورة‪ .‬قد ال تُح��دِث الثورة‬ ‫بالض��رورة التغير في ذات اإلنس��ان‪ ،‬إذ م��ن الممكن أن‬ ‫تَمرَ عليه دُون أن تالمس��ه وذلك تبعاً لنوع الثورة التي‬ ‫نتحدث عنها‪ .‬في هذا الحوار‪ ،‬الذي أجريناه مع أحد الجنود‬ ‫| اندلعت الثورة‪ ،‬وقمت باالنشقاق‬ ‫ع��ن صف��وف الجي��ش‪ ،‬وانخرط��ت بين‬ ‫صفوف الجيش الحر‪ ،‬حدثني عن شعورك‬ ‫ف��ي الم��رة األول��ى الت��ي خرج��ت فيها‬ ‫إلى االش��تباك م��ع قوات األم��ن‪ ،‬ضمن‬ ‫الظروف الس��يئة التي واجهتكم من قلة‬ ‫في الذخيرة وأع��داد المقاتلين وصعوبة‬ ‫الحركة ‪.‬‬ ‫| | الخوف هو الشعور الذي سيطر‬ ‫علي في المرة األولى التي خرجت فيها‬ ‫لالشتباك كان ذلك في أحد أحياء مدينة‬ ‫دمش��ق‪ ،‬كنا مجموعة ال تتجاوز العشر‬ ‫أشخاص وكنا نس��تعد لحماية مظاهر‬ ‫في ذل��ك الحي وقد اش��تبكنا مع قوات‬ ‫األم��ن أثناء محاولتها ف��ض المظاهرة‬ ‫‪ .‬لقد اس��تمر الخوف منذ ب��دأت تجهيز‬ ‫س�لاحي وتذخيرهحت��ى اللحظ��ة التي‬ ‫س��معت فيه��ا دوي الرصاص��ة األول��ى‬ ‫من ق��وات األمن‪ .‬عندها تبدى كل ذلك‬ ‫الثق��ل من على كاهلي وتالش��ي تحت‬ ‫هدير الرصاص‪.‬‬ ‫| إلى ماذا يستحيل هذا الخوف؟ هل‬ ‫يتالش��ى تماماً ؟أحياناً من ش��دة األلم ال‬ ‫نش��عر به‪ ،‬نفقد احساسنا به ولكنه يبقى‬ ‫موجود‪ ،‬هل ينطبق ذلك على الخوف؟‬ ‫إنه يش��به الحالة التي تكون فيها‬ ‫تح��ت التخدي��ر‪ .‬وكأن��ك بي��ن الصح��و‬ ‫والن��وم‪ .‬وبالرغ��م م��ن ذل��ك ينش��ط‬ ‫الدم��اغ بطريقة غريبة في محاولة ألن‬ ‫تحم��ي نفس��ك بالدرجة األول��ى‪ ،‬وأن‬ ‫تقوم بالقتل بالدرجة الثانية‪.‬‬ ‫واع تماماً لفكرة القتل‬ ‫| ه��ل تكون ٍ‬ ‫عندما تقوم به��ا؟ أم أن حالة الخدر التي‬ ‫تحدثت عنها تكون قد تملكتك؟‬ ‫| | ال أع��رف بالضب��ط ‪ ،‬ولكنن��ي‬ ‫أس��تطيع القول أنها حال��ة وعي‪ ،‬ألنك‬ ‫إن ل��م تقتل س��وف تموت‪.‬ه��ذا يعني‬ ‫أنك س��وف تق��وم بالقتل‪ .‬تنس��ى كل‬ ‫ش��يء‪،‬ويختصر العال��م ف��ي مس��احة‬ ‫االشتباك‪.‬‬ ‫| ه��ل ح��دث مع��ك ذات م��رة أن‬

‫ذاكرتك نشطت في االشتباك واستعدت‬ ‫ذكرى ما؟‬ ‫| | عندما ينتهي االش��تباك تتذكر‬ ‫كل اصدق��اءك واألش��خاص الذي��ن‬ ‫مات��وا‪ ،‬وإن أقص��ى ما في ه��ذه الحالة‬ ‫أنك ت��رى النهاي��ة التي س��تؤول إليها‪.‬‬ ‫والعقل يعود إلى وعيه بالكامل ويعود‬ ‫الخ��وف مرة أخرى وتنته��ي حالة الخدر‬ ‫التي تعيش��ها‪ .‬في نهاية المعركة تجد‬ ‫أصدقاء لك مش��وهي الجثث‪ .‬وتتساءل‬ ‫هل من الممكن أن يحدث بي كما حدث‬ ‫بهم؟ وكأنك تقف وتنظر إلى جس��دك‪،‬‬ ‫ترى نفسك ممد على األرض وتحصي‬ ‫عدد الرصاصات فيه‪.‬‬ ‫| ه��ل قم��ت بقت��ل العدي��د م��ن‬ ‫األشخاص؟‬ ‫| | نعم‪.‬‬ ‫| هل توافق على مفردة قتل؟‬ ‫| | التالع��ب بالكلم��ات ال يلغ��ي‬ ‫الواقع‪ ،‬ولكن المصطلح إن تغير يتغير‬ ‫دافعك فأنا لم أقتل بدافع القتل وكنني‬ ‫أجبرت عليه‪.‬‬ ‫| ه��ل ثمة فرق عندم��ا تقوم بقتل‬ ‫ش��خص ما عن مس��افة قريبة أو مسافة‬ ‫بعيدة؟‬ ‫| | ثم��ة فرق كبي��ر؛ عندما تقوم‬ ‫بقتل ش��خص من مسافة بعدية وترى‬ ‫أنه قد مات‪ ،‬س��قط من أثر رصاصك ال‬ ‫تشعر بشيء‪ ،‬وكأن وجوده ال يحمل أي‬ ‫قيمة في هذا الجحيم الذي قد زُجّ فيه‬ ‫كالنا‪ .‬ولكن عندما يكون على مس��افة‬ ‫قريب��ة وتقتله وترى كي��ف تألم‪ ،‬كيف‬ ‫لفظ أنفاس��ه األخيرة أمام عينيك‪ ..‬إنه‬ ‫ش��يء مرعب‪ .‬ينتابك ذلك اإلحس��اس‬ ‫المر؛ لقد سلبت هذا الرجل روحه‪.‬وهذا‬ ‫الفعل يحدث ف��ي ذاتك تناقض غريب‬ ‫م��ن نوع��ه‪ .‬إن��ه يوح��ي إلي��ك بالقوة‬ ‫والخ��وف م��ن هذه الق��وة‪ ،‬حي��ث يولد‬ ‫في رأس��ك سؤال كبير لماذا سلبت هذا‬ ‫الرجل حياته؟‬ ‫| عندما تقوم بقتل عنصر األمن أو‬

‫المنش��قين المنظم لصفوف الجيش الحر‪ ،‬محاولة للوقف‬ ‫على ما غيرته الثورة فيه كإنس��ان‪ .‬ه��ي محاولة للولوج‬ ‫إلى العوالم العميقة الت��ي تكون فيها الثورة جبل الجليد‬ ‫الذي ال يظهر إال ذروته‪ .‬التقينا أبو عبيدة في أحد المنازل‬ ‫بعد أن توقف عن القتال في صفوف الجيش الحر‪ ،‬بس��بب‬ ‫ظروف أمنية حالت دون اس��تمراره ف��ي القتال مع رفاقه‪،‬‬ ‫وقد كان هذا الحوار‪.‬‬ ‫الشبيح يكون لديك احساس بأنك تقوم‬ ‫بقتل رجل قاس ومتوحش وأنه يس��تحق‬ ‫هذه النهاية‪،‬أليس كذلك؟‬ ‫| | بالطبع‪..‬‬ ‫| ه��ل ح��دث ذات م��رة وقب��ل أن‬ ‫تقوم بقتل ش��بيح أن نظ��رت إلى مالمح‬ ‫وجه��ه ووج��دت أنه ع��اد إل��ى مالمحه‬ ‫الطبيعية‪،‬وأنه إنس��ان لدي��ه الرغبة في‬ ‫الحي��اة‪ ،‬وان��ك ل��م تع��د ترى أن��ه ذلك‬ ‫اإلنسان القاسي والظالم؟‬ ‫| | إن اإلنسان مهما كان متوحشًا‬ ‫وظالماً‪،‬ومهم��ا كان لديك رغبة عارمة‬ ‫ف��ي قتل��ه للتخلص م��ن ظلم��ه ومن‬ ‫اس��تبداده‪ ،‬وأن��ه قد قام بقت��ل المئات‬ ‫م��ن االش��خاص‪ ،‬إال أن��ه ف��ي اللحظة‬ ‫التي يشعر أنك ستسلبه حياته تكسوا‬

‫مالمح��ه البراءة ويعود انس��ان طبيعي‬ ‫يش��بهك‪ .‬ترى األحالم في عينيه‪ ،‬وقد‬ ‫تبصر زوجته وأطفاله ‪،‬عش��قه ومنزله‬ ‫ال��ذي يرغ��ب في الع��ودة تل��ك الرغبة‬ ‫المشتركة التي تبقى أصدق من كل ما‬ ‫يحدث‪ .‬من منا ال يرغب في النهاية في‬ ‫العودة إلى منزله؟‬ ‫| هل شعرت أن تلك المالمح صادقة‬ ‫أم أنها حيلة قد يستخدمها للنفاذ؟‬ ‫| | أعتق��د أن��ه صادق‪ .‬ف��ي تلك‬ ‫اللحظة ال يمكنك التحكم بأحاسيسك‪.‬‬ ‫يرت��د الخ��وف بالكامل ويتمل��كك‪ .‬إنه‬ ‫يدرك أنه في هذه اللحظة على وش��ك‬ ‫أن يموت‪ .‬وال ش��عورياً تكتس��ي مالمح‬ ‫وجه��ه بالتوس��ل والترجي ألال يخس��ر‬ ‫حيات��ه‪ .‬وف��ي كثي��ر م��ن األحي��ان م��ا‬


‫حوار ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫يضطرك االش��تباك ألن تق��وم بالقتل‬ ‫القريب‪ .‬إن كل هذه المشاعر تمر خالل‬ ‫ث��وان قليلة‪ .‬وف��ي اللحظ��ة التي تهم‬ ‫بقتل��ه تختلف المس��ألة بالكام��ل‪ .‬إنه‬ ‫يشعرك أنك أنت الظالم وأنه الضحية‪.‬‬ ‫| ه��ل من الممكن أن يتحول القتل‬ ‫إلى عادة؟‬ ‫| | نعم ممكن!‬ ‫| إدمان؟‬ ‫| | ال‬ ‫| ه��ل عرفت أح��د م��ن أصدقائك‬ ‫أدمن على القتل؟‬ ‫| | ال أع��رف حقيق��ة! ليس إدمان‬ ‫على القتل وإنما من ش��دة الظلم الذي‬ ‫تراه يزداد حبك لقتل الظالم‪ .‬أتمنى أن‬ ‫يموت كل الظالمين على يدي!‬ ‫| القتل والحياة! على طرفي نقيض‬ ‫هاتي��ن العبارتين‪ .‬ما ه��ي الطريقة التي‬ ‫ت��وازن به��ا بي��ن القت��ل في م��كان ما‬ ‫والعودة إل��ى الحياة الطبيعي��ة ؟ ما هي‬ ‫المعادلة التي تجعلك توازن بين هاذين‬ ‫الفعلين المتناقضين؟‬ ‫| | أعتق��د ان��ه ال يوج��د ت��وازن‪،‬‬ ‫ولك��ن ثم��ة صراع بي��ن أمري��ن‪ :‬األول‬ ‫أنني لس��ت قات��ل‪ .‬أنا خرج��ت من أجل‬ ‫قضي��ة ما؟ ش��يء أؤمن ب��ه‪ .‬وفي ذات‬ ‫الوق��ت قد خرجت وقم��ت بفعل القتل‪.‬‬ ‫القتل فعل شنيع‪،‬والخوف الحقيقي من‬ ‫أن يتملكك‪ .‬األقسى أنه من الممكن أن‬ ‫يتحول موت اإلنسان إلى شيء طبيعي‪.‬‬ ‫في مكا ٍنما في داخلي ثمة أحاسيس قد‬ ‫مات‪ ..‬هذا شيء مخيف!‬ ‫| اليوم بعد كل القسوة التي مررت‬ ‫بها‪ ،‬وانت اآلن على مسافة من األحداث‪،‬‬ ‫ه��ل تش��عر أن تأثير األلم والقس��وة قد‬ ‫تس��لل إل��ى حيات��ك؟ ه��ل تحول��ت إلى‬ ‫شخص قاس؟‬ ‫| | أعتق��د أن ه��ذه القس��وة ق��د‬ ‫تسللت إلي‪ ،‬ال أستطيع الجزم‪..‬‬ ‫| ما هو مقياس��ك لهذه القسوة؟ أو‬

‫هل ثمة ما تقيس فيه إال ما تحولت؟‬ ‫| | أتس��اءل دائمًا هل أنا شخص‬ ‫طبيعي بعد كل ذل��ك؟ أحاول أن أظهر‬ ‫للناس أنني كذل��ك‪ ،‬لكنني أعرف أنني‬ ‫ل��م أعد ذلك الش��خص ال��ذي كنته‪ .‬أن‬ ‫يتحول القتل إلى أمر اعتيادي بالتأكيد‬ ‫ال يمكن أن يكون ذل��ك طبيعيًا‪ .‬أعتقد‬ ‫أن الحي��اة القادم��ة ه��ي المقي��اس‬ ‫الحقيقي‪.‬‬ ‫| الث��ورة وس��مت حياتن��ا بإيق��اع‬ ‫متس��ارع مل��يء باللحظات االس��تثنائية‪،‬‬ ‫تل��ك اللحظ��ات التي تمس��ي ج��زء من‬ ‫مغام��رة تدمنها‪ .‬هل تش��عر أنك أدمنت‬ ‫عل��ى إيقاع الحياة مقارنة مع ايقاع الحياة‬ ‫العادي؟ هل تش��عر أن ايقاع الحياة الذي‬ ‫عشته في الجيش الحر ال يمكنك نسيانه؟‬ ‫هل تشعر بالحنين له؟‬ ‫| | ف��ي كثي��ر من األحيان أس��أل‬ ‫نفس��ي ذل��ك الس��ؤال‪ ،‬ه��ل حنين��ي‬ ‫إل��ى الجي��ش الح��ر ه��و بس��بب أن��ه‬ ‫تح��ول إلى أس��لوب حياة أم أن��ه حنين‬ ‫للقضية العادلة؟ أحيانًا أحن إلى صوت‬ ‫الرص��اص‪ ،‬س��أقول لك ش��يء غريب‪.‬‬ ‫أح��د أجمل األصوات التي س��معتها هو‬ ‫صوت قذيف��ة األربيجيه عندما تنفجر‪.‬‬ ‫إن ذل��ك الصوت يس��كنني وق��د أصبح‬ ‫أجمل من األغاني والموس��يقى‪ .‬أشعر‬ ‫بشيء غريب عندما أسمع ذلك الصوت‬ ‫تنتابني مشاعر غريبة!‬ ‫| إن م��ا تقوله يحمل تناقضاً غريباً‪.‬‬ ‫ش��عرت به طوال تلك األيام السابقة فأنا‬ ‫في اللحظة التي كنت أس��مع فيها صوت‬ ‫الرص��اص كان الخ��وف يتالش��ى وكنت‬ ‫اتحرر من خوفي‪،‬وف��ي كثير من األحيان‬ ‫ما أفتقد صوت الرصاص‪..‬‬ ‫| | إن ما تقول��ه يختلف عما كنت‬ ‫أتح��دث عن��ه‪ ،‬أن��ت كنت تس��مع صوت‬ ‫الرص��اص س��واء أكان قريب��اً منك أم‬ ‫بعي��د‪ .‬أم��ا أنا فق��د كنت أصن��ع صوت‬ ‫الرص��اص‪ ،‬ه��ذا اللح��ن أنا م��ن كنت‬ ‫أعزف عليه‪.‬‬

‫| وذلك ما يبعث في نفسك الشعور‬ ‫بالقوة؟‬ ‫| | ال؛ المس��ألة ال تتعل��ق بالقوة‪.‬‬ ‫ولكن ه��ذا الصوت الذي تصنعه يوحي‬ ‫لك بالنص��ر والمجد ونص��رة من ُظلم‬ ‫وخرجت أن��ت لنصرته‪ .‬إن��ه ليس لحن‬ ‫الق��وة بل لح��ن الفرح باالنتص��ار ‪ .‬إن‬ ‫العازف الموس��يقى يع��زف لكي يحرك‬ ‫مش��اعر الن��اس وقد يك��ون هدفه في‬ ‫النهاي��ة ه��و الش��هرة أما نح��ن عندما‬ ‫نعزف هذا اللحن هدفنا هو المجد مجد‬ ‫هذا البلد وتاريخ ثورته‪.‬‬ ‫| أليس من الغريب أن تشبّه صوت‬ ‫الرصاص بالموس��يقى التي تكاد تكون‬ ‫أره��ف ما قام ب��ه اإلنس��ان بينما صوت‬ ‫الرصاص هو أقسى ما قام به اإلنسان؟‬ ‫| | نعم إنه غريب جداً‪ ،‬ككل شيء‬ ‫يحدث اآلن‪ .‬ولكن هذا تشبيه لما يجول‬ ‫ف��ي داخل��ي‪ .‬أح��اول أن أعب��ر لك عن‬ ‫أحاسيس��ي وأكون صادق‪ .‬إن القاس��م‬ ‫المش��ترك بين الموس��يقى والرصاص‬ ‫أنهم��ا يح��ركان مش��اعر جياش��ة ف��ي‬ ‫صدرك‪.‬‬ ‫| هل عن��دك اس��تعداد أن تخوض‬ ‫معركة غي��ر هذه المعركة ف��ي مكان ما‬ ‫غير س��ورية؟ ما أريد قوله هو فكرة تدور‬ ‫ف��ي رأس��ي مفاده��ا أن كل م��ن خاض‬ ‫ح��رب يبقى يبحث عن ح��روب ليخوضها‬ ‫وذلك ألسباب كثيرة منها ما تحدثنا عنه‬ ‫النشوة والمجد إلخ‪..‬‬ ‫| | إذا انته��ت الث��ورة س��تنتهي‬ ‫حرب��ي‪ .‬س��أترك الس�لاح وأع��ود إل��ى‬ ‫حيات��ي الطبيعي��ة ألنن��ي كن��ت أمتلك‬ ‫حي��اة قبل ه��ذه الثورة‪ .‬أري��د أن أكمل‬ ‫دراس��تي وأحقق أحالم��ي‪ ،‬إال إذا تكرر‬ ‫نفس الظلم الذي نعيشه اآلن سأعاود‬ ‫وأخوض هذه الحرب ضد الظلم‪.‬‬ ‫| والحنين إلى صوت الرصاص؟‬ ‫| | أعتق��د أن��ه م��ن الممك��ن أن‬ ‫تطغ��ى عليه ص��وت الحي��اة الحقيقي‪،‬‬ ‫للحياة إيقاع جميل وخصوصاً بعد نجاح‬

‫الثورة‪.‬‬ ‫| ه��ل ما زال لديك قدرة على الحب‬ ‫بالرغم من كل تلك القس��وة واأللم التي‬ ‫مررت بها؟‬ ‫| | إن الث��ورة ق��د غيرتني‪ .‬كانت‬ ‫مش��اعري جام��دة‪ ،‬وكان الحب مس��ألة‬ ‫عاب��رة‪ ،‬والفتي��ات مس��ألة مؤقت��ة‪ .‬أما‬ ‫اآلن فقد جعلتني الثورة أكثر حساسية‬ ‫وأصبحت مش��اعري أكث��ر فيض وكنت‬ ‫دائم��ًا أحلم بح��ب حقيق��ي ألتجئ إليه‬ ‫ليخفف كل تلك القسوة واأللم‪ ،‬ويخفف‬ ‫من كل تلك األهوال التي رأيناها‪.‬‬ ‫| أب��و عبي��دة‪ :‬أريد أن أق��وم بدور‬ ‫الصحفي اآلن‪ ،‬أرغب بطرح س��ؤال عليك‬ ‫هل تعتقد أن من حمل الس�لاح وش��اهد‬ ‫كل هذه القس��وة والدم أن��ه بحاجة إلى‬ ‫عالج نفسي‪.‬‬ ‫| | ع��روة‪ :‬ال أع��رف حقيقة‪ .‬ربما‬ ‫لس��ت أنا من يمكنه اإلجاب��ة على هذا‬ ‫الس��ؤال‪ .‬ولكنن��ي أش��عر أن القس��وة‬ ‫واألل��م الت��ي عايش��ناها بالث��ورة ق��د‬ ‫تركت في لدينا الكثير من التش��وهات‬ ‫والن��دوب‪ ،‬وتحديداً المح��ارب الذي قام‬ ‫بأقس��ى فعل وهو س��لب حياة إنس��ان‬ ‫م��ا‪ .‬ربما يك��ون بحاجة لع�لاج‪ ،‬وإن لم‬ ‫يك��ن ذلك فهو بحاجة إلى مصارحة مع‬ ‫ال��ذات‪ ،‬ومن ث��م محاول��ة للتصالح مع‬ ‫الحياة‪ .‬إذا لم يستطع أن يقوم بها فهو‬ ‫بحاجة إلى عالج نفسي‪.‬‬ ‫| أب��و عبي��دة‪ :‬ه��ل تعتق��د أنن��ا‬ ‫سنش��فى ذات يوم م��ن كل تلك الندوب‬ ‫والتشوهات؟‬ ‫| | ع��روة‪ :‬إن فهمن��ا أنفس��نا‪،‬‬ ‫واس��تطعنا أن نفه��م كل م��ا مررنا به‬ ‫أعتقد أنه سنشفى ذات يوم‪.‬‬ ‫| في ختام هذا الحوار أود أن أسألك‬ ‫الس��ؤال األخير‪ ،‬هل تعتقد أن لإلنس��ان‬ ‫في هذا المكان في العالم وأثناء تعاملك‬ ‫معه تنظر إلى أنه يمتلك قيمة حقيقة؟‬ ‫| أعتق��د نع��م‪ ،‬وأرى أن��ه يمتلك‬ ‫قيمة حقيقة‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫الصفحة القانونية‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫التحكيـم فـي القانـون ال�سـوري‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫ص��در قانون التحكي��م الجديد كقانون‬ ‫مستقل عن قانون أصول المحاكمات المدنية‬ ‫بتاريخ ‪ 2008/3/26‬وتضمن ‪ 66‬مادة ونص‬ ‫ف��ي مادت��ه األخي��رة" ينش��ر ه��ذا القان��ون‬ ‫بالجري��دة الرس��مية ويعمل ب��ه اعتبارا من‬ ‫أول الش��هر الذي يلي نش��ره" وقد نشر هذا‬ ‫القان��ون بالجريدة الرس��مية في ‪2008/4/2‬‬ ‫الع��دد ‪ 15‬وحس��ب نص المادة ‪ 66‬الس��الفة‬ ‫الذكر يعمل به ابتدا ًء من ‪2008/5/1‬‬ ‫ج��اء قان��ون التحكيم مغاي��را لقواعد"‬ ‫اليونيس��ترال "ولقواني��ن التحكيم الصادرة‬ ‫ف��ي ال��دول العربية بش��أن س��ريان قانون‬ ‫التحكي��م عل��ى اتفاقيات التحكي��م المبرمة‬ ‫قبل نفاذ ه��ذا القانون فقد نص في المادة‬ ‫‪" /65/‬تبقى اتفاقيات التحكيم المبرمة قبل‬ ‫نف��اذ ه��ذا القان��ون خاضعة لألح��كام التي‬ ‫كان��ت س��ارية بتاري��خ إبرامها س��وا ًء كانت‬ ‫إجراءات التحكيم بوشرت أو لم تباشر"‬ ‫فهذا الن��ص يعتب��ر ش��اذاً وكان أولى‬ ‫بالمش��رع لو أنه ميز بي��ن إجراءات التحكيم‬ ‫فيسري القانون الجديد على اإلجراءات التي‬ ‫لم تباش��ر ويبقى قانون أص��ول المحاكمات‬ ‫المدني��ة (م‪ 506‬حت��ى ‪ )534‬س��اريًا عل��ى‬ ‫إجراءات التحكيم التي قد بوشرت‪.‬‬ ‫كم��ا حصر ه��ذا القانون ف��ي مادته ‪3‬‬ ‫اختص��اص النظر في مس��ائل التحكيم إلى‬ ‫محكمة االس��تئناف التي يج��ري في دائرتها‬ ‫التحكي��م اختصاصا حصرياً اس��تئثارياً على‬ ‫خط��ا بقية قواني��ن التحكي��م العربية التي‬ ‫اعتمدت محكمة االس��تئناف للنظر في هذه‬ ‫المس��ائل‪ .‬أما في قانون أص��ول المحاكمات‬ ‫المدني��ة فق��د كان االختص��اص منعق��داً‬ ‫للمحكم��ة المختص��ة أص� ً‬ ‫لا بنظ��ر الن��زاع‪.‬‬ ‫وتج��در اإلش��ارة إل��ى ان��ه يج��وز لطرف��ي‬ ‫التحكيم أن يتفق��ا على تعديل االختصاص‬ ‫المحلي لمحكمة االستئناف‪.‬‬ ‫وق��د أجاز هذا القان��ون ألطراف النزاع‬ ‫اختيار أي قانون "س��وري‪ ،‬تركي‪ ،‬نمساوي‪،‬‬ ‫شريعة إسالمية‪ " ....‬وتطبيقه على موضوع‬ ‫الن��زاع فه��و محت��رم طالم��ا أن قواع��ده ال‬ ‫تخالف النظام العام في س��ورية‪ ،‬أما إذا كان‬ ‫هذا القانون مخالفاً للنظام العام فال يمكن‬ ‫تطبيق��ه‪ ،‬تنص الم��ادة الثامنة م��ن قانون‬ ‫التحكي��م‪" :‬يج��ب أن يكون اتف��اق التحكيم‬ ‫مكتوبا وإال كان باطال‪" .....‬‬ ‫فبعدما كان ش��رط الكتاب��ة في اتفاق‬ ‫التحكي��م محل ج��دل بي��ن الفقه��اء أصبح‬ ‫ش��رط الكتابة ف��ي قانون التحكي��م الجديد‬ ‫ش��رط انعقاد وإال كان االتف��اق باط ًال‪ ،‬فإذا‬ ‫كان اتفاق التحكيم قد تم بش��كل ش��فوي‬ ‫ف��ان اتف��اق التحكيم يكون باط�لا وقد أخذ‬ ‫المش��رع في هذا القانون بوسائل االتصال‬ ‫الحديث��ة " بري��د الكترون��ي‪ ،‬فاك��س‪" ....‬‬ ‫إلثبات كتابة شرط التحكيم‪.‬‬ ‫وم��ن مضم��ون الم��ادة رق��م ‪ 10‬في‬ ‫قان��ون التحكيم الجديد يستش��ف أنه يجب‬ ‫على المحكمة أن تحكم بعدم قبول الدعوى‬ ‫إذا دف��ع بذل��ك المدعى عليه قب��ل إبداء أي‬ ‫طلب م��ا لم يك��ن اتف��اق التحكي��م باط ًال‪.‬‬ ‫فق��د يرى أح��د األطراف مث ًال أن��ه ليس من‬ ‫مصلحت��ه إحالة الن��زاع إلى هيئ��ة التحكيم‬ ‫رغم وجود ش��رط بذلك ويرفع الدعوى أمام‬ ‫المحكم��ة المختص��ة وهنا إذا دف��ع المدعى‬ ‫علي��ه بوجود ش��رط التحكيم قب��ل إبداء أي‬ ‫طلب وجب على المحكمة التي رفعت الدعوى‬ ‫أمامها أن تحك��م بعدم قبول الدعوى‪ .‬وقد‬ ‫أعطى المشرع للمحكمة سلطة التحقق من‬ ‫صحة اتفاق التحكيم فإذا كان باط ًال حكمت‬

‫بإبطاله وقبلت الدعوى‪.‬‬ ‫وإذا رفعت دع��وى أمام محكمة ما فان‬ ‫رف��ع الدعوى ال يمنع من الب��دء في إجراءات‬ ‫التحكي��م إذا طل��ب صاح��ب المصلحة ذلك‪،‬‬ ‫أو إكمال الس��ير في اإلج��راءات إذا كانت قد‬ ‫بوش��رت قبل رفع الدعوى‪ ،‬كما ال يمنع رفع‬ ‫الدعوى إمام المحكمة المختصة من إصدار‬ ‫الحكم التحكيمي من قبل هيئة التحكيم‪.‬‬ ‫تش��كل هيئة التحكيم باتفاق طرفي‬ ‫التحكي��م م��ن محك��م واح��د أو أكث��ر على‬ ‫أن يك��ون عدده��م وت��راً ف��إذا كان عددهم‬ ‫زوجي��اً كان اتفاق التحكي��م باط ًال‪ ،‬وماذا لم‬ ‫يتف��ق طرفا التحكيم على ع��دد المحكمين‬ ‫كان عدده��م ثالثة وما يج��در به التنبيه أن‬ ‫المش��رع لم يحدد حدا أقص��ى لعدد أعضاء‬ ‫هيئ��ة التحكي��م بينم��ا ح��دد الح��د األدن��ى‬ ‫بمحكم واحد‪.‬‬ ‫هذا ويجري التحكيم باللغة العربية ما‬ ‫لم يتفق أطراف التحكيم على غير ذلك‪ .‬فإذا‬ ‫لم يتفق أطراف التحكيم على لغة التحكيم‬ ‫جاز لهيئ��ة التحكيم أن تقرر لغ��ة معينة أو‬ ‫ع��دة لغات‪ ،‬وإذا لم تق��رر هيئة التحكيم أي‬ ‫لغ��ة ولم يتفق أط��راف التحكي��م على لغة‬ ‫معين��ة كان التحكيم باللغ��ة العربية "نص‬ ‫تكميلي في حال عدم االتفاق"‬ ‫إن المشرع السوري في قانون التحكيم‬ ‫أخذ بمبدأين مستقران في الفقه التحكيمي‬ ‫المقارن وهما‪:‬‬ ‫‪- 1‬مبدأ استقالل شرط التحكيم‪.‬‬ ‫‪ - 2‬مبدأ االختصاص باالختصاص‪.‬‬

‫مبد�أ ا�ستقالل �شرط التحكيم‪:‬‬

‫تنص المادة ‪" :11‬يعتبر شرط التحكيم‬ ‫اتفاقًا مس��تق ًال عن ش��روط العق��د األخرى‬ ‫وال يترت��ب عل��ى انتهاء العق��د أو بطالنه أو‬ ‫فس��خه أو إنهاءه أي اثر على شرط التحكيم‬ ‫متى كان هذا الش��رط صحيح��ا في ذاته ما‬ ‫لم يتفق الطرفان على غير ذلك" وبحس��ب‬ ‫الن��ص الس��ابق نجد أن المش��رع الس��وري‬ ‫أخذ بما اس��تقر علي��ه الفقه المق��ارن دون‬

‫أن يأخ��ذ بالنظرية الكالس��يكية التي تعتبر‬ ‫أن ش��رط التحكي��م يرتب��ط بالعق��د وجوداً‬ ‫وعدمًا‪ ،‬فإذا كان العق��د صحيحًا بذاته وغير‬ ‫مخال��ف للنظام العام فيبق��ى النزاع خاضعا‬ ‫للتحكي��م رغ��م بطالن العقد ال��ذي تضمن‬ ‫شرط التحكيم‪.‬‬ ‫كم��ا تنص المادة ‪ 21‬عل��ى ما يلي‪1" :‬‬ ‫تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة‬‫بع��دم اختصاصه��ا بم��ا ف��ي ذل��ك الدفوع‬ ‫المتعلق��ة بع��دم وج��ود اتف��اق تحكي��م أو‬ ‫سقوطه أو بطالنه أو بعدم شموله لموضوع‬ ‫النزاع‪ - 2 ،‬يجب تقديم الدفع المتعلق بعدم‬ ‫ش��مول اتف��اق التحكي��م لما يثي��ره الطرف‬ ‫اآلخ��ر من مس��ائل أثناء نظ��ر الن��زاع فوراً‬ ‫وإال س��قط الح��ق في��ه‪ - 3 ،‬ال يترت��ب على‬ ‫قيام أحد طرف��ي التحكيم بتعيين محكم أو‬ ‫اشتراكه في تعيينه سقوط حقه في تقديم‬ ‫أي دفع من الدفوع المش��ار إليها في الفقرة‬ ‫األولى‪ - 4 ،‬أ‪ -‬لهيئة التحكيم أن تفصل في‬ ‫الدفوع المش��ار إليها ف��ي الفقرتين األولى‬ ‫والثانية من ه��ذه المادة باعتبارها مس��ألة‬ ‫أولية‪ ،‬أو تقرر ضمها إلى الموضوع لتفصل‬ ‫فيهما مع��ًا‪ .‬قرار الهيئة مبرماً في الحالتين‪،‬‬ ‫ب ‪ -‬يجوز لم��ن رفضت دفوعه المذكورة أن‬ ‫يتمس��ك بها عن طريق رف��ع دعوى بطالن‬ ‫حك��م التحكيم وفق��ًا للم��ادة (‪ )51‬من هذا‬ ‫القانون‪.‬‏"‬ ‫فمبدأ االختص��اص باالختصاص مبدأ‬ ‫مس��تقر في الفقه واالجتهاد الدولي ويكمل‬ ‫مب��دأ اس��تقالل ش��رط التحكي��م وبالتال��ي‬ ‫ف��إن هيئ��ة التحكيم تبت ف��ي جميع الدفوع‬ ‫المتعلقة بشمول أو عدم شمول اختصاصها‪.‬‬ ‫بينم��ا كان ذل��ك س��ابقًا م��ن اختص��اص‬ ‫المحكمة المختصة أص ًال بنظر النزاع‪.‬‬ ‫ول��دى اس��تقراءنا للمادتي��ن ‪ 10‬و‪21‬‬ ‫يظه��ر جليا لنا التناقض بينهما‪ .‬فقد أعطى‬ ‫المش��رع للمحكمة المختصة أصال في نظر‬ ‫الن��زاع صالحي��ة التحق��ق من صحة ش��رط‬ ‫التحكي��م كما أعطى ه��ذه الصالحية لهيئة‬ ‫التحكي��م‪ .‬وه��ذا التناٌقض وقع ب��ه القانون‬ ‫المصري وكذلك القانون النموذجي الصادر‬

‫عن هيئة األمم المتحدة‪.‬‬ ‫يرد المحكم لنفس األس��باب التي يرد‬ ‫بها القضاة وقد نصت المادة ‪:19‬‬ ‫‪ - 1‬يقدم طلب الرد كتابة إلى المحكمة‬ ‫المعرف��ة المذاك��رة‪ )3( ،‬م��ن ه��ذا القانون‬ ‫مرفقا به األوراق المؤيدة له خالل مدة (‪)15‬‬ ‫يوم��ا من تاريخ عل��م طالب الرد باألس��باب‬ ‫المبررة للرد‪.‬‏‬ ‫‪ - 2‬تنظ��ر المحكمة المذك��ورة بطلب‬ ‫الرد في غرف��ة المذاكرة‪ ،‬وتفصل به بقرار‬ ‫مبرم بعد سماع المحكم المطلوب رده‪.‬‬ ‫‪ - 3‬يترت��ب عل��ى تقدي��م ال��رد وق��ف‬ ‫إج��راءات التحكي��م وتعليق مدت��ه إلى حين‬ ‫صدور القرار الرد أو إلى حين قبول المحكم‬ ‫البديل مهمته التحكيمية‏‬ ‫‪ - 4‬ال يقب��ل طلب الرد ممن س��بق له‬ ‫تقدي��م طلب ب��رد المحكم نفس��ه في ذات‬ ‫التحكيم وللسبب ذاته‪.‬‏‬ ‫‪ - 5‬إذا حك��م برد المحك��م ترتب على‬ ‫ذل��ك اعتبار ما يكون قد تم إجراءات بما في‬ ‫ذلك حكم التحكيم ‪-‬كأن لم يكن من تاريخ‬ ‫قيام سبب الرد‪.‬‏"‬ ‫إن ن��ص الفقرة الثالثة والرابعة يعتبر‬ ‫نس��فا لقانون التحكيم برمت��ه وقد انحرف‬ ‫المشرع بذلك عن كل االتجاهات التحكيمية‬ ‫العالم فإذا أراد أح��د المتنازعين ممن ليس‬ ‫لهم مصلح��ة بالتحكيم أن يبقي الخصومة‬ ‫قائم��ة مجمداً إياه��ا فما علي��ه إال أن يقدم‬ ‫طل��ب رد إلى محكمة االس��تئناف وبحس��ب‬ ‫الم��ادة أنف��ة الذك��ر تقف الخصوم��ة لحين‬ ‫البت بموض��وع طلب الرد فإذا رفض الطلب‬ ‫فيمك��ن ل��ه أن يتق��دم بطلب ثان��ي وثالث‬ ‫و‪ ......‬إل��ى ماال نهاية مؤبداً الخصومة وكان‬ ‫من األجدر بالمش��رع أن يضيف الى الفقرة‬ ‫الرابع��ة ما يل��ي‪" :‬ال يقبل طل��ب الرد ممن‬ ‫س��بق له تقديم طلب ب��رد المحكم في ذات‬ ‫التحكيم وللسبب ذاته وعلى فرض حصوله‬ ‫ال تق��ف إج��راءات التحكيم" مما س��بق نجد‬ ‫أن المش��رع نس��ف بهاتين الفقرتين قانون‬ ‫التحكيم بأكمله‪.‬‬


‫�أنا حر �أكتب بلغة حرة دون تكلف �أعرب عن �أفكاري بدون قيود �أو معوقات لغتي ب�سيطة وهديف وا�ضح كلمة حق ت�صل مبا�شرة لكل من‬ ‫يعي�ش معاناتي ويحلم نف�س حلمي ‪� ..‬أنا مواطن �سوري حر‪ ..‬حرب حر‪ :‬م�ساحة ر�أي تن�شر بالتزامن على املواقع التالية‪:‬‬ ‫�سوريا فوق اجلميع | كربيت | املند�سة ال�سورية | �صفحة ال�شعب ال�سوري عارف طريقه | �صفحة حركة �شباب ‪ 17‬ني�سان | راديو واحد‬ ‫زائد واحد | جملة �سوريتنا | جملة �سوريا بدها حرية | �صبايا و�شباب املجتمع املدين‬

‫ال نعتقد أن أنظمة كالسعودية وقطر‪،‬‬ ‫وبالد مثل دول اإلتحاد األوربي‪ ،‬وأمة من‬ ‫طراز الواليات المتحدة‪ ،‬وكيان مثل الكيان‬ ‫الصهيوني "الغاشم" لديهم رغبة أن تكون‬ ‫أحداث سوريا تشبه حقيقة الجملة السحرية‬ ‫اآلسرة التالية‪:‬‬

‫ثورة الكرامة واحلرية‬

‫احلرية‬

‫يمسك إطفائي "بأشالء بشرية" كأنه‬ ‫يحضن شيئا أعتاد لملمته‪ ،‬مصوبا نظراته‬ ‫على الكاميرا ليقول‪" :‬أهذه هي الحرية؟"‬ ‫يمسك المذيع أكياس البرتقال‬ ‫البيضاء‪ ،‬يضعها أمام العنصر الذي يعمل‬ ‫كومبارس كأحد أفراد حفظ النظام‪ ،‬ويصيح‬ ‫زميله الممثل‪" :‬أهذه هي الحرية؟"‪.‬‬ ‫و يتفنن األشاوس وهم يطلقون‬ ‫النار على المساكن‪ ،‬أو يمثلون بالمعتقلين‬ ‫بألفاظ من قبيل "عطيهم حرية" أو شو هي‬ ‫الحرية؟" أو "بدكن حرية؟"‬ ‫و الغاية من كل هذا إيصال رسالة‪:‬‬ ‫(إذا أردتم الحرية فهذه هي النتيجة‪ ،‬هذا ما‬ ‫سنفعله بكم)‬

‫الكرامة‬

‫معار�ضة بلغة النظام‬

‫ما حصل في سوريا يفهمه من ثار من‬ ‫السوريين على األرض بعمق أكبر لسبب‬ ‫بسيط‪ :‬ألن أرواحهم غير قابلة للتشويش‬ ‫وحسابات الربح والخسارة عندهم تساوي‬ ‫صفرا‪ ،‬وقيمة الثورة في داخلهم يماثلها‬ ‫(سبارتاكوس نفسه)‪ ،‬فالناس الذين أعلنوا‬ ‫الغضب وانتصروا لكرامتهم وحريتهم لم‬ ‫ينفع معهم كل أنواع الموت واالستباحة‬ ‫والقتل‪ ،‬فكانت ردة فعلهم األولى إسقاط‬ ‫الرمز الذي يمنع عنهم الكرامة والحرية‬ ‫المتمثل برأس النظام‪ .‬فتدحرجت رؤوس‬ ‫"فزاعات" المؤسس المخيف لجمهورية‬ ‫الخوف‪ ،‬وحرقت صوره‪ ،‬وثقبت تماثيله‪،‬‬ ‫ثم انتقلوا إلى ابنه الذي بدأ قمعه بعمليات‬ ‫جراحية محددة لينتهي بعمليات تشليخ‬ ‫أوصال البلد ليصل إلى النتيجة التالية‪:‬‬ ‫"اليوم الذي أتوقف فيه عن القتل‪ ،‬أنتهي"‬ ‫كل ما يملكه النظام اليوم هو مضخة‬ ‫قتل متنقلة‪ ،‬لذلك هو يجر الثورة إلى المكان‬ ‫األكثر مالئمة لحماية نفسه العنف بكل‬ ‫معانيه‪ ،‬فانطلقت آالته ومكناته اإلعالمية‬ ‫للتشويش على المفردات الثالث المخيفة‬ ‫بنفس الوقت بدأت الثورة تتحول‬ ‫إلى معارضة‪ ،‬وهذا أخطر ما في األمر‪،‬‬

‫قيادة الثورة ال�سورية حتتاج �إىل‬ ‫وطنني من طراز خا�ص‬

‫في المناطق الثائرة بالداخل فّرغ‬ ‫النظام قيادات الثورة من الصفوف األولى‪،‬‬ ‫تهجيرا‪ ،‬قتال‪ ،‬أو سجنا ففقدنا أكثر من‬ ‫ثمانين ألف ناشط حقيقي بين المنفيين‬ ‫القسريين أو المسجونين أو الشهداء‪ ،‬فآل‬ ‫الحراك للصفوف الخلفية التي هي األكثر‬ ‫حماسا للتسليح واالنتقام واألقل خبرة‬ ‫سياسيا‪ ،‬وبدأت بعض الفصائل المعارضة‬ ‫تسير وفق ردة الفعل التي وضعها لها‬ ‫النظام كمنعكس شرطي على العنف‬ ‫بالعنف المضاد‬ ‫أخذت هذه التجمعات رويدا رويدا‬ ‫تتماهى مع النظام كمضاد له باستخدام‬ ‫وسائله بدال من ابتكار لغة جديدة للثورة‪.‬‬ ‫فهي تشتم‪ ،‬وهي تمارس العنف اللفظي‪،‬‬ ‫وهي تقصي‪ ،‬ومن الطبيعي أن تقتل‬ ‫وتعذّب أيضا‪،‬‬ ‫فجأة‪ ،‬اكتسحت لغة الثورة مفردات‬ ‫"الصحوة اإلسالمية" "األكثرية" "األعالم‬ ‫السوداء" وبعض المفردات الطائفية‪،‬‬ ‫وتقدم الحديث عن "الجهاد" بدون مسؤولية‪،‬‬ ‫ورفعت خطابات والفتات تثير الحنق‪ ،‬وطبعا‬

‫جناح النظام من �أخطاء "�إعالم الثوار"‬ ‫وتقدم الثورة من �سلوك النظام‬

‫كان هذا النجاح للنظام في جر الثورة‬ ‫إلى مقلب الشعار "المخيف" هو الذي أعطى‬ ‫كل صنّاع القرار العالمي‪ ،‬وبنية النظام‬ ‫الحيوية مراجعة تفكيرها حول ما يحدث‬ ‫في سوريا‬ ‫على هامش هذه النتيجة‪ ،‬ساهمت‬ ‫تسميات أيام الجمع المضحكة أحيانا‪،‬‬ ‫والخالية من الكرامة في أحيانا أخرى‪،‬‬ ‫والخالية من الحرية في أكثر األحيان‪،‬‬ ‫بتأكيد الواقع والوقائع‪ ،‬فنجى النظام حتى‬ ‫اليوم من السقوط ال بل نجح في تأجيل‬ ‫سقوطه لعام آخر وربما إذا بقي النهج‬ ‫الحالي فإن سوريا ستذهب إلى سنوات من‬ ‫الدم شبه المجاني‬

‫خال�صة احلل‬

‫إعادة االعتبار اللفظي والمعنوي‬ ‫للمفردات الثالث‪ :‬ثورة الحرية والكرامة‪.‬‬ ‫لتكون شعارات للفصائل المسلحة التابعة‬ ‫للثورة وليست المستغلة لها "فلم يعد‬ ‫الجيش الحر وحيدا وفوضى السالح بدأت‬ ‫تعم البالد"‪ ،‬وتثبيت خيار المقاومة الشعبية‬ ‫دائما كثابت أساسي في المشهد‪ ،‬وطرح‬ ‫المتغيرات كرديف فقط‬ ‫فالكفاح المسلح يكون دائما لتحقيق‬ ‫هدف سياسي وليس العكس‬ ‫إعادة استشراف الثورة وبوصلتها‬ ‫السورية للسوريين‪ ،‬لروح الثورة الحقة‪،‬‬ ‫ولطاقة السوريين جميعا على مختلف‬ ‫مشاربهم واتجاهاتهم وأفكارهم‪ .‬ثورة‬ ‫مدنية الروح‪ ،‬قوية الساعد‪ ،‬فما حدث‬ ‫ويحدث يؤكد أن من يريد لجسده أن يحك‬ ‫بأظافر غيره "تمزقه المخالب"‪ .‬السوريون ال‬ ‫يحتاجون أحد فمن يقف مع الثورة السورية‬ ‫يقف مع ضميره وأخالقه فال منية ألي كان‬ ‫مهما كان وأينما كان مادام ليس سوريا‬ ‫و الحقيقة أن بعض المعارضين‬ ‫يعرفون جيدا أال مستقبل لهم في ظل‬ ‫ثورة وطنية‪ ،‬لذلك ال يتوانون عن إهدار ماء‬ ‫وجههم بتسول كل أنواع التدخل وجر الثورة‬ ‫لتفقد كرامتها بتسول النخوة وتهويل‬ ‫الموت‪ ،‬ورغم ذلك لم تنفع كل الوصفات‬ ‫لحث حكومات العرب والمسلمين والعالم‬ ‫على التحرك‪ ،‬أصال ال أحد يريد التحرك‬ ‫أصحاب القرار في اإلعالم الثوري أراقوا‬ ‫كرامة ثورة "الكرامة" وهم يستنجدون أين‬ ‫العرب أين المسلمين؟‬ ‫ولو إن الجهد بذل لدعم خطاب‬ ‫المقاومة المدنية الشعبية بكل أشكالها‬ ‫الوطنية‪ ،‬لكنا انتهينا منذ أشهر‬

‫كل الأفعال تبد�أ باللفظ واللغة‬

‫لن نقلل بعد اليوم من شأن أي خطاب‬ ‫ولغة تزيح عن ثالثية سوريا الحرة‪ .‬كل من‬ ‫يريد غير ذلك هو قاتل إضافي يضاف إلى‬ ‫قائمة القتلة‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫عملت الجموع المنسرحة من عقال‬ ‫العقل على ربط الكرامة بطول سيادة‬ ‫الرئيس‪ ،‬فهو الوحيد الذي يمثل القامة‬ ‫الوطنية للكرامة‪ ،‬أما باقي السوريين فقد‬ ‫تفنن النظام في جعل كرامة األحياء منهم‬ ‫واألموات تنتهك بعلنية لم تعهد من قبل‪،‬‬ ‫حيث ذهب بها إلى أقاصي العنف واالستباحة‬ ‫والتشويه واإلهانة‪ ،‬وقام بنفسه أو عن‬ ‫طريق أتباعه بتسريب الفيديوهات واألخبار‬ ‫والمشاهد الصادمة والمؤلمة والموجعة‬ ‫التي تنتهك كرامة الميت قبل الحي‪،‬‬ ‫وهدرت كرامة سوريا على يد النظام‬ ‫وعنفه وعنجهيته فرأينا طرد سوريا من‬ ‫الجامعة العربية‪ ،‬ثم لتصبح سوريا األسد‬ ‫مضغة في فم أعتى السخفاء ومجرمي‬ ‫الحرب يقدمون لها النصائح األخالقية‪،‬‬ ‫وتحول السوريون ألول مرة في تاريخهم‬ ‫إلى الجئين يستحقون الشفقة في الدول‬ ‫المجاورة‪ ،‬وأضحت كرامة البالد والعباد‬ ‫ممروغة في التراب‬

‫ثالثة مفردات غالبا ما كانت األنظمة‬ ‫العربية الثورجية تستهلكها وتحولها إلى‬ ‫ألفاظ جوفاء خالية من المعنى والمبنى‬ ‫والطاقة والعمل‬ ‫لكن الثورة السورية في بداياتها‬ ‫تلمست القيم الداخلية العميقة بحدود‬ ‫مفتوحة لهذه المفاهيم‪ ،‬فأصبحت تشكل‬ ‫خطرا ليس فقط على النظام السوري الذي‬ ‫نجح فقط في تأجيل رحيله (و سيحتاج ربما‬ ‫إلى عام آخر قبل التفكك النهائي)‪ ،‬بل أيضا‬ ‫على باقي الكيانات العربية المنتهكة‬ ‫و هنا علينا التذكير والتنبيه إلى أن‬ ‫األنظمة العربية التي تدعي مواالة الثورة‪،‬‬ ‫واألوربيون المشغولون بوضع اليورو‬ ‫وكوارث االتحاد الهجين‪ ،‬والواليات المتحدة‬ ‫المنكمشة على نفسها‪ ،‬والكيان الصهيوني‬ ‫الذي يراقب بعيني ثعلب مرعوب‪ )،‬لديهم‬ ‫جميعا الرغبة أال يكون العنوان العريض‬ ‫للحالة السورية (حرية‪ ،‬وكرامة‪ ،‬وثورة)‪...‬‬ ‫ألنهم ببساطة يعرفون جميعا أن هذه‬ ‫القيم الثالثة بعمقها وطاقتها وقدراتها‬ ‫ستصل إليهم وتربك حسابتهم‪ ،‬وتغير‬ ‫خارطة المكان وتعد الزمن لزمن آخر‪..‬‬ ‫القرار بوقف الربيع العربي عند‬ ‫دمشق قرار أممي‪ ،‬أما تصفية الحسابات مع‬ ‫نظام األسد فهذا ما يسمى "بعرف القذارة‬ ‫األخالقية "سياسة" أو "نصرة للشعب‬ ‫السوري‬ ‫من هنا يبدو العرب (تحديداً) مندفعين‬ ‫للمشاركة السياسية في الثورة ليس‬ ‫لحمايتها أو كما يدعون ‪ -‬رغم صحة بعض‬ ‫ما يقولوا – بل لتطويقها في حال نجحت‬ ‫والتشويش على معنى الكرامة والحرية‬ ‫خوفا من عدوى تصل إلى اإلنسان في‬ ‫الخليج العربي ليبدأ بطرح السؤال على‬ ‫نفسه عن قيمة الحرية والكرامة اإلنسانية‬ ‫الحقة‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫النظام وبكل ما لديه من قدرات‬ ‫وأتباع ومنذ اللحظة األولى قرر أن يسحق‬ ‫أي مظهر ينادي بالحرية والكرامة والثورة‬ ‫الحقة‬ ‫و باعتبار أنه فشل في إيقاف العدوى‬ ‫التي انتشرت من درعا‪ ،‬قادمة من تونس‪،‬‬ ‫لتعم سوريا من أقصاها ألقصاها‬ ‫فقد عمل جاهدا على تفريغ هذه‬ ‫المفردات الثالث من قيمتها‪ ،‬وعطب الطاقة‬ ‫المتفجرة لمن عاش وبات يعتاش بها‬ ‫فصارت الثورة‪" ..‬فورة" بأدبيات‬ ‫المخابرات وأزالمهم وأتباعهم وتنطعت‬ ‫جماعة "ليس" لتكرر األسطوانة الشهيرة‬ ‫"مصر ليست تونس‪ ،‬وليبيا ليست مصر‪،‬‬ ‫وتونس وسوريا ليستا ليبيا‪ ...‬الخ"‬ ‫وعمل اليسار الضال‪ ،‬والممانعة‬ ‫الجبارة على النيل من كلمة ثورة بكل ما‬ ‫أوتوا من قوة‬

‫احلرية والكرامة والثورة‬

‫وشرب ممثلي الثورة الطعم كسمك قصير‬ ‫الذاكرة‪ .‬فالمعارضة تعني شرعية النظام‪،‬‬ ‫والمعارضة كلمة فضفاضة سياسيا‬ ‫وثقافيا لم يصل الواقع السوري إليها بعد‪،‬‬ ‫والمعارضة مرحلة متقدمة من العمل‬ ‫السياسي والفكري واالجتماعي تحتاج‬ ‫إلى أرضية حزبية واضحة وفكرية محددة‬ ‫وبرامج عمل اجتماعية وتنموية وأخالقية‪..‬‬ ‫الخ‬ ‫فكانت الخطيئة األولى‪ :‬على األرض‬ ‫لدينا ثورة كرامة وحرية‪ ،‬وعلى الفضائيات‬ ‫لدينا ممثلين لمعارضة غير موجودة أو لم‬ ‫تتشكل بعد‬ ‫إذا كان أحد يظن أن المجلس والهيئة‬ ‫والمنبر والتجمعات هي معارضة‪ ،‬فنذكره‬ ‫إنها محاولة لخلق االئتالف النفسي ال‬ ‫الواقعي الذي نشأ باإليحاء من الخارج‪...‬‬ ‫العرب واألوربيين واألمريكان والروس‪ ،‬ولم‬ ‫يكن من وعي الضرورة الداخلية للثورة‪،‬‬ ‫وهو ما سيضع في داخلها كل أنواع األلغام‬ ‫والمتفجرات والتشويش لحرفها عن الثالثية‬ ‫األصلية لروح الثورة‬ ‫عمل النظام على إطالق كل أنواع‬ ‫الزعران والمساجين الجنائيين‪ ،‬وإرخاء‬ ‫قبضته األمنية من الناحية الجنائية لنشر‬ ‫الخطف والسرقة وتهديد األمان االجتماعي‬ ‫في البالد لتحقيق الردع النفسي للوصول‬ ‫بالشعب إلى نتيجة واحدة‪" :‬نريد األمان‬ ‫(فقط)"‪ ،‬وبالعامية "يلعن أبو الحرية على‬ ‫أبو الثورة نريد أن نعود إلى ما قبل هذه‬ ‫(المؤامرة)"‬ ‫و للخارج أطلق النظام بحركة خبث‪،‬‬ ‫تعرف الواليات المتحدة كيف تلتقطها‪،‬‬ ‫أطلق سراح أخطر معتقلي تنظيم القاعدة‪:‬‬ ‫‪ 216‬معتقال تبعهم بثلة من إرهابي القاعدة‬ ‫على رأسهم أبو مصعب السوري‪ ،‬وتساهل‬ ‫بدخول جماعات لديه خبرة كبيرة بتصنيعها‬ ‫أو اختراقها امنيا‪ .‬كل هذا من أجل حرف‬ ‫النظر عن أعالم الثورة وشعاراتها باتجاه‬ ‫أعالم السلفية والقاعدة وجماعاتها‪.‬‬

‫بعض هذه المفردات ليست معيبة بالحالة‬ ‫العادية ولكنها تحولت من جزء للحرية‬ ‫والكرامة العامة لكل السوريين‪ ،‬إلى ٍّ‬ ‫كل‬ ‫تحته تنضوي مفاهيم الثورة والحرية‬ ‫والكرامة أو حتى تتالشى أحيانا‬

‫حبر حر ‪. .‬‬

‫ماذا بقي من احلرية والثورة والكرامة؟‬

‫‪11‬‬


‫الدكتور منري العجالين ‪2006 - 1911‬‬ ‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫ياسر مرزوق‬ ‫ول��د مُني��ر العجالن��ي ف��ي مدينة‬ ‫دمشق عام ‪ ،1911‬والده محمد علي وله‬ ‫من األش��قاء ثالث ه��م المحامي مختار‬ ‫والدكت��ور حس��ن ومصطف��ى والدكتور‬ ‫حيدر وله ش��قيقه اس��مها فري��زة كانت‬ ‫زوج��ه رج��ل القان��ون المع��روف محمد‬ ‫الفاض��ل ال��ذي اغتي��ل ف��ي الثمانينات‪،‬‬ ‫مت��زوج م��ن الس��يدة إنع��ام الحس��ني‬ ‫ابن��ه رئي��س الجمهورية الس��ورية في‬ ‫الخمس��ينات الش��يخ تاج الدين الحسني‬ ‫وحفي��دة العالم��ة الش��هير ب��در الدي��ن‬ ‫الحسني‪ .‬نشأ مُنير العجالني في أحضان‬ ‫ورعاية والده علي العجالني الذي منحته‬ ‫الدولة العثمانية لقب "الباش��ا" وهو أحد‬ ‫كبار مزارعي الش��ام‪ ،‬وأس��رة العجالني‬ ‫أس��رة عربية عريقة ذاتُ نفوذٍ وأمالك‪،‬‬ ‫ت��وارث أف��راد منها خالل فت��رات طويلة‬ ‫نقاب��ة األش��راف‪ ،‬ويذكر الدكت��ور منير‬ ‫العجالن��ي أن أص��ول عائلته تع��ود إلى‬ ‫مدينة الطائ��ف الس��عودية‪ ،‬التي هاجر‬ ‫منه��ا جده عجالن‪ ،‬إلى مصر ثم اس��تقر‬ ‫في الش��ام‪ ،‬وإليه تُنس��ب العائلة اليوم‪.‬‬ ‫وعائله العجالني من العائالت الدمشقية‬ ‫العربية العريقة‪ ،‬توارث أفراد منها خالل‬ ‫فترات طويلة نقابة األش��راف بدمش��ق‬ ‫يعود نس��بها إلى س��يدنا اإلمام الحسين‬ ‫سبط الرسول العربي محمد "ص"‪.‬‬ ‫ب��دأ العجالن��ي تعليم��ه ف��ي دور‬ ‫الكتاتيب بدمش��ق ث��م التح��ق بالكلية‬ ‫العلمية الوطنية ونال الش��هادة الثانوية‬ ‫في س��ن مبكرة ثم نال شهادة الحقوق‬ ‫من جامعة دمش��ق وس��افر إلى باريس‬ ‫حي��ث ن��ال دكت��وراه دولة ف��ي الحقوق‬ ‫وش��هادة في الصحافة من معهد العلوم‬ ‫االجتماعية العليا وشهادة في فقه اللغة‬ ‫وف��ي عل��م االجتماع م��ن الس��وربون‪.‬‬ ‫ومارس في العاصمة الفرنسية أنشطة‬ ‫سياسية متنوعة بصفته أمينًا للجمعية‬ ‫العربي��ة‪ ،‬ولجمعي��ة الثقاف��ة العربي��ة‪،‬‬ ‫ونش��ر مقاالت ف��ي صحيفة "لوس��وار"‬ ‫انتق��د فيه��ا السياس��ة الفرنس��ية في‬ ‫س��ورية‪ ،‬مما دعا الس��لطات الفرنس��ية‬ ‫ال بع��اده فتوج��ه إلى جنيف حتى س��مح‬ ‫ل��ه بالع��ودة ثاني��ة إلى باري��س إلتمام‬ ‫تخصصاته‪.‬‬ ‫ع��اد العجالن��ي إل��ى دمش��ق عام‬ ‫‪ 1933‬واخذ ينش��ر مقاالت في السياسة‬ ‫واالجتم��اع به��دف تعزيز دور "الش��باب‬ ‫الوطني" وتوس��يع قاعدته السياس��ية‪،‬‬ ‫وق��د اس��تطاع الزعيم الس��وري "جميل‬ ‫م��ردم ب��ك "أن يضم��ه إل��ى الكتل��ة‬ ‫الوطني��ة‪ .‬كم��ا كان��ت القي��ادة الفعلية‬ ‫لتنظي��م "القمص��ان الحديدي��ة "ف��ي‬ ‫س��ورية معق��ودة عل��ى العجالني حيث‬ ‫أس��ند إليه منص��ب األمان��ة العامة لهذا‬ ‫التنظي��م وكان زعي��م التنظي��م ع��ام‬ ‫‪" 1936‬فخري البارودي "وهدف التنظيم‬ ‫إلى الدف��اع عن الوطن الس��وري‪ ،‬وألف‬ ‫مع بعض الش��باب جمعية أدبية باس��م‬ ‫"المجم��ع األدب��ي" وكان م��ن أقطابه��ا‬ ‫"عل��ي الطنطاوي‪ ،‬جميل س��لطان‪ ،‬أنور‬ ‫العط��ار‪ ،‬وزك��ي المحاس��ني"‪ .‬وم��ارس‬ ‫عمل��ه السياس��ي ع��ام ‪ 1936‬وانتخ��ب‬ ‫نائبًا عن دمشق حيث كان أصغر أعضاء‬ ‫المجلس النيابي سنًا‪.‬‬ ‫وفي عام ‪1939‬أصدر العجالني مع‬ ‫الدكتور س��امي كبارة جري��دة "النضال"‬ ‫في دمشق وهي سياسية يومية‪ ،‬أخذت‬ ‫حي��زاً كبيراً من اهتمام أهل دمش��ق‪ .‬و‬ ‫في ع��ام ‪ 1940‬اس��تلم مُنير العجالني‬

‫َ‬ ‫أول منصب حكومي‪ ،‬وهو عمله رئيس��ًا‬ ‫لغرفة رئيس الحكوم��ة‪ ،‬وهو ما يُمثل‬ ‫الي��وم منص��ب "األمين الع��ام لمجلس‬ ‫الوزراء" وفي عام ‪ 1941‬عُيّن العجالني‬ ‫وزيراً للدعاية والش��باب‪ ،‬قبل أن يتغيّر‬ ‫مس��ماها فيم��ا بعد إل��ى وزارة اإلعالم‪،‬‬ ‫وكان دخول��ه مجل��س ال��وزراء في عهد‬ ‫الرئي��س تاج الدين الحس��ني‪ ،‬الذي هو‬ ‫وزير‬ ‫والد زوجته‪ ،‬ويعدُ العجالني أصغر ٍ‬ ‫يدخل مجلس الوزراء الس��وري‪ ،‬وحينما‬ ‫كان العجالني وزيراً للدعاية تلى إعالن‬ ‫االستقالل األول لسورية عام ‪ 1941‬في‬ ‫حفل حضره رئيس الدولة‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1947‬عُيّ��ن العجالني‬ ‫وزي��راً للمعارف‪ ،‬وحينما تش��كلت وزارة‬ ‫مع��روف الدواليب��ي ع��ام ‪ 1951‬حافظ‬ ‫العجالن��ي على حقيبت��ه الوزارية وظل‬ ‫وزيراً للمعارف‪ ،‬حت��ى عُيّن عام ‪1955‬‬ ‫نائب��ًا لرئي��س مجل��س ال��وزراء ووزيراً‬ ‫للع��دل‪ ،‬وكان ي��رأس مجل��س ال��وزراء‬ ‫بالوكالة‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1956‬عاش��ت س��ورية‬ ‫أج��واء تياري��ن متنازعي��ن‪ ،‬تي��ار يدعو‬ ‫إلى الوح��دة مع الع��راق‪ ،‬واآلخ��ر يدعو‬ ‫إل��ى الوحدة مع مصر‪ ،‬ول��م يكن الوزير‬ ‫مُنير العجالني مؤيداً ألي من التيارين‪،‬‬ ‫لذلك اته��م مع مَن أُ ٍ‬ ‫تهم فيما يُس��مى‬ ‫ب��ـ "المؤام��رة الكب��رى" أي العم��ل ضد‬ ‫الوحدة مع مصر‪ ،‬فاعتقل وأودع السجن‬ ‫م��ع غيره من السياس��يين‪ ،‬وقامت دولة‬ ‫الجمهوري��ة العربية المتح��دة وهو في‬ ‫الس��جن‪ ،‬وفي ع��ام ‪ 1959‬أمر الرئيس‬ ‫عب��د الناصر بنق��ل س��جناء "المؤامرة "‬ ‫إلى مصر‪ ،‬وبقوا في اإلس��كندرية تحت‬ ‫اإلقامة الجبرية‪ ،‬إلى أن حدث االنفصال‬ ‫ُ‬ ‫فأخرج��وا م��ن مصر ورحّل��وا إلى لبنان‬ ‫ف��ي طري��ق الع��ودة إلى دمش��ق‪ ،‬وفي‬ ‫بي��روت وق��ع انق�لاب ‪ 61‬المع��روف ب��ـ‬ ‫"انق�لاب القوميي��ن الس��وريين" ُ‬ ‫فطلب‬ ‫منهم س��رعة مغادرة لبن��ان‪ ،‬فغادروها‬ ‫إل��ى تركيا‪ ،‬وبق��ي مني��ر العجالني في‬ ‫مدينة اسطنبول التركية حتى وصل إلى‬ ‫مدينة جدة في الس��عودية عام ‪1962‬م‬ ‫الجئًا سياس��يًا فيها‪ ،‬وف��ي عام ‪1963‬م‬ ‫عُيّ��ن "كبيراً للمستش��ارين" في وزارة‬ ‫المع��ارف الس��عودية‪ ،‬وفي ع��ام ‪1964‬‬ ‫رأس الدكتور العجالني لجنة التعاقد مع‬ ‫مدرسي التعليم العام في المملكة " من‬ ‫دول س��ورية واألردن وفلس��طين"‪ ،‬كما‬ ‫كان يق��وم بإلقاء محاضرات على طالب‬ ‫الدراسات العليا في كلية الشريعة بمكة‬ ‫المكرمة‪.‬‬ ‫ف��ي الس��عودية واص��ل العجالني‬ ‫كتاباته الصحافية‪ ،‬فنش��ر ف��ي الندوة‪،‬‬ ‫والبالد ث��م اليمام��ة مقاالتٍ ع��دة‪ ،‬ثم‬ ‫كتب في الحياة والشرق األوسط وكانت‬ ‫مقاالته تبحث في شؤون الثقافة واألدب‬ ‫والتاري��خ‪ ،‬كم��ا أنه َ‬ ‫عمل مستش��اراً في‬ ‫دارة الملك عب��د العزيز بالرياض‪ ،‬وفي‬ ‫عام ‪ 1975‬انتدب للعمل رئيس��ًا لتحرير‬ ‫"المجل��ة العربي��ة"‪ ،‬وصدر الع��دد األول‬ ‫منها في ش��هر آب لع��ام ‪1975‬م وكانت‬ ‫تصدر من بيروت‪.‬‬ ‫إن ّ‬ ‫المطل��ع على األعداد األولى من‬ ‫"المجلة العربية" يلحظ الرغبة الجامحة‬ ‫والح��سّ األدبي الكبير ل��دى العجالني‬ ‫ً‬ ‫مكان��ة‬ ‫ك��ي تحق��ق المجل��ة العربي��ة‬ ‫متميزة بين المج�لات الثقافية العربية‪،‬‬ ‫وبأسرع وقتٍ ممكن‪ ،‬وذلك من خالل ما‬

‫طرحت��ه األقالم الكبي��رة والمميزة فيها‬ ‫م��ن مق��االت وآراء وأبحاث ف��ي مجاالت‬ ‫اللغة واألدب والنقد والتاريخ والفلس��فة‬ ‫واآلداب الغربي��ة والش��رقية والعل��وم‬ ‫وغيرها‪ ،‬لذلك جاء ُ‬ ‫الكتابُ فيها من أبرز‬ ‫رموز وأعالم الثقافة العربية‪ " ،‬كالشيخ‬ ‫عبد اهلل العاليل��ي‪ ،‬ومعروف الدواليبي‪،‬‬ ‫والدكتور نق��وال زيادة‪ ،‬وب��دوي الجبل‪،‬‬ ‫واألمير عبد القادر الجزائري‪ ،‬وخير الدين‬ ‫الزركل��ي‪ ،‬ومحمد حس��ن فق��ي‪ ،‬وعمر‬ ‫األمي��ري‪ ،‬والدكتور أحمد الش��رباصي‪،‬‬ ‫والدكتور مصطفى الش��كعة‪ ،‬والدكتور‬ ‫فيكتور ال��كك‪ ،‬وجميل صليبا‪ ،‬وغيرهم‬ ‫من أعالم الثقافة العربية "‪.‬‬ ‫بعد أن ت��رك منير العجالني العمل‬ ‫السياسي واستقر في السعودية‪ ،‬تفرغ‬ ‫للتألي��ف والكتابة والتحقي��ق‪ ،‬وصدر له‬ ‫أكثر من ‪ 20‬كتاب��ًا مطبوعاً‪ ،‬من أبرزها‬ ‫موس��وعته التاريخي��ة التي تن��اول فيها‬ ‫تاري��خ الدول��ة الس��عودية‪ ،‬والمس��مّاة‬ ‫بـ«تاري��خ الب�لاد العربي��ة الس��عودية»‬ ‫والت��ي ج��اءت ف��ي ‪ 5‬مجل��دات‪ ،‬تن��اول‬ ‫فيه��ا تاريخ الدولة الس��عودية بطوريها‬ ‫األول والثان��ي‪ ،‬والت��ي ُ‬ ‫ت��دل على وفائه‬ ‫له��ذه الب�لاد واعتراف��ه بأنه��ا ق��درت‬ ‫كفاح��ه وجه��اده وأنزلت��ه المكانة التي‬ ‫يس��تحقها‪ ،‬وكان يؤم��ل ويعم��ل عل��ى‬ ‫إكمال موس��وعته بكتاب��ة تاريخ الدولة‬ ‫الس��عودية بطوره��ا الثال��ث‪ ،‬س��وى أن‬ ‫الموت أخذه قبل أن يُكمل مؤلفه‪ ،‬الذي‬ ‫ما زال مخطوطًا‪.‬‬ ‫وم��ن مؤلفاته أيض��اً ف��ي التاريخ‬ ‫المحل��ي كت��اب "ص��ور م��ن التاري��خ‬

‫الحديث" باالش��تراك مع محمد التميمي‬ ‫ومحمد العميل‪ ،‬و كت��اب " تاريخ مملكة‬ ‫في س��يرة زعيم‪ ،‬فيص��ل ملك المملكة‬ ‫العربي��ة الس��عودية وإمام المس��لمين"‬ ‫و"اإلمام تركي ب��ن عبد اهلل‪ ،‬بطل نجد‬ ‫ومحررها ومؤس��س الدولة الس��عودية‬ ‫الثانية"‪ .‬ويُعدُ كتابه "عبقرية اإلس�لام‬ ‫ف��ي أص��ول الحك��م" م��ن أه��م الكتب‬ ‫المق��ررة في بعض الجامع��ات العربية‪،‬‬ ‫والت��ي تبحث في النظام السياس��ي في‬ ‫اإلس�لام‪ .‬ول��ه أيض��ًا‪ " :‬رج��ل ف��ي ِجلد‬ ‫آخ��ر‪ ،‬مس��رحية" و"دفاع الدكت��ور منير‬ ‫العجالن��ي أم��ام المحكم��ة العس��كرية‬ ‫بدمشق" و"عجائب الدنيا" و"القضاء في‬ ‫اإلسالم"‬ ‫وفي الس��نتين األخيرتين من حياه‬ ‫الدكت��ور منير العجالني أقعدته أمراض‬ ‫الش��يخوخة‪ ،‬وأُدخ��ل المستش��فى عدة‬ ‫م��رات‪ ،‬ثم دخ��ل في ش��به غيبوبة في‬ ‫أيام��ه األخي��رة‪ ،‬إل��ى أن لفظ أنفاس��ه‬ ‫صبيحة يوم األحد العشرين من حزيران‬ ‫عُمر ناهز ‪ 95‬عاما في‬ ‫عام ‪ 2006‬ع��ن ٍ‬ ‫مدينه الرياض‪.‬‬ ‫رحل العجالني في بالد الغربة ولم‬ ‫يقم له عزاء في دمش��ق التي عش��قها‬ ‫ول��م تذكره دمش��ق التي أحبت��ه اللهم‬ ‫سوى ما قالته صحيفة الثورة السورية‪:‬‬ ‫انه م��ن أهم رجال الحقوق والسياس��ة‬ ‫والعل��م ليس في س��ورية فحس��ب بل‬ ‫ف��ي العالم العربي بأس��ره ه��و األديب‬ ‫والصحفي والمحلل السياس��ي واألستاذ‬ ‫الجامعي وش��غل عدة مناصب سياس��ية‬ ‫وأدبية وأكاديمية‪.‬‬


‫االنقــــالب العثمـــاين ‪1908‬‬

‫حنين اليوسف‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫العاب��د" حملة عش��واء يتهمه به��ا ببعض‬ ‫األوص��اف الش��ائنة‪ ،‬وكان العابد من رجال‬ ‫الس��لطان عبد الحميد المقربين‪ ،‬وهو من‬ ‫أبناء المي��دان‪ .‬وكما نعرف جميعاً فإن أهل‬ ‫المي��دان منذ الق��دم معروف��ون بالرجولة‬ ‫ول��ذا اس��تاؤوا ل��دى تع��رض أحم��د جودت‬ ‫لزعيمه��م به��ذا الش��كل وب��دأت الهمهمة‬ ‫تنتش��ر حول جودت من كل مكان‪ ،‬فأحس‬ ‫بالخطر يحيط به‪ .‬طلب عندها من الجوقة‬ ‫الموس��يقية العس��كرية أن تتهي��أ للعزف‪،‬‬ ‫وقال بص��وت مرتفع‪" :‬أتعرف��ون يا إخوان‬ ‫ما هي الحرية؟ الحرية غزالة مسجونة في‬ ‫قف��ص‪ ،‬فتحوا له��ا الباب وف��رت‪ .‬فرت إلى‬ ‫الصحراء‪ .‬هذه هي الحرية!" ثم التفت إلى‬ ‫الجوقة الموسيقية وأمرهم بالعزف ليلهي‬ ‫عنه الناس بالموسيقى‪ .‬ثم نزل عن منبره‬ ‫وتوارى بعيداً عنهم‪.‬‬ ‫كان م��ن بين كبار األت��راك المنفيين‬ ‫في دمشق "المشير فؤاد باشا" المعروف بـ‬ ‫"دلي فؤاد" أي فؤاد المجنون‪ .‬قام السلطان‬ ‫عبد الحميد بنفيه من األستانة إلى دمشق‪،‬‬ ‫وس��جن في بناء ق��رب الثكنة العس��كرية‪،‬‬ ‫وال��ذي كان وقته��ا ناديًا للضب��اط وأصبح‬ ‫اليوم جزءاً من بناء الجامعة الس��ورية في‬ ‫دمشق‪.‬‬ ‫لم يطلق س��راح المش��ير فؤاد باش��ا‬ ‫بعد أن أعلنت الحرية‪ ،‬ولذلك ذهب الس��يد‬ ‫فارس الخوري والس��يد أس��عد ب��ك أركان‬ ‫حرب إلى مدعي عام الوالية‪ ،‬وطلبا منه أن‬ ‫يقوم بإخالء سبيل فؤاد باشا ولكنه رفض‬ ‫متحجج��ًا بأن��ه لم تصل��ه أية أوام��ر بذلك‬ ‫من األستانة‪ .‬عندها س��أله فارس الخوري‬ ‫وأسعد بك إن كان يحمل أي مخطوط يأمر‬ ‫بس��جن فؤاد باش��ا فأجاب بالنف��ي‪ ،‬فقالوا‬ ‫ل��ه أن القانون يمنعه في ه��ذه الحالة من‬ ‫إبقائه في السجن‪.‬‬ ‫عل��ى إث��ر ذلك راف��ق المدع��ي العام‬ ‫كال الس��يدين الخوري وأس��عد بك قرقماز‬ ‫وأخروجوا المش��ير من السجن‪ ،‬ثم أقام له‬ ‫الس��يدان حفل تكريم في حديق��ة الدفتر‬ ‫دار‪ ،‬وهي الحديقة الموجودة أمام مدرس��ة‬

‫التجهي��ز األول��ى (ثانوية جودت الهاش��مي‬ ‫اليوم)‪ .‬خالل هذا الحفل عزفت الموسيقى‬ ‫العس��كرية‪ ،‬وقام الخطب��اء بإلقاء خطبهم‬ ‫أمام الناس‪ ،‬وكان يومها المرة األولى التي‬ ‫يخطب بها الدكتور عبد الرحمن الش��هبندر‬ ‫في دمش��ق‪ .‬بعد أن قام الش��هبندر بإلقاء‬ ‫خطبته أخرج منديله م��ن جيبه وطلب من‬ ‫الموجودي��ن أن يقوموا بإخ��راج مناديلهم‬ ‫أيضاً وب��دأ يلوح به ويدعوهم لمش��اركته‬ ‫هذا الفعل‪ .‬كانت هذه القصة مثاراً النتقاد‬ ‫الكثير من الناس الذين كانوا ينقمون على‬ ‫هذا الدور‪.‬‬ ‫جرت بع��ض القص��ص اللطيفة في‬ ‫ذل��ك الحف��ل ومنه��ا أن كان عل��ى بع��ض‬ ‫الوجهاء في دمشق قراءة الخطب المكتوبة‪،‬‬ ‫وكان معظمه��م ل��م يقف عل��ى منبر أمام‬ ‫الناس في حياته‪ ،‬فتلعثموا أثناء قراءتهم‪.‬‬ ‫وكان منه��م األمي��ر عبد الق��ادر الجزائري‬ ‫ال��ذي بدأ يق��رأ خطاب��ه على ضوء س��راج‬ ‫خافت‪ ،‬وعندما وصل إلى كلمة لم يستطع‬ ‫قراءته��ا ن��ادى بأعلى صوته "مطموس��ة"‬ ‫وت��رك الكلمة واس��تمر في ق��راءة خطابه‬ ‫وكأن ش��يئًا لم يكن‪ .‬كان لهذا الموقف وقع‬ ‫جميل وصفق له الحاضرون طوي ًال‪.‬‬ ‫ح��ق اإلنس��ان بالحري��ة والع��دل‬ ‫والمساواة واإلخاء والحياة الكريمة هو حق‬ ‫يولد معه منذ والدته وليس ألحد أن يسلبه‬ ‫إي��اه‪ .‬الس��وري لم ي��رضَ يوم��ًا بالهوان‪.‬‬ ‫ل��م ي��رضَ أن يصمت أمام ال��ذل وإن كان‬ ‫ع��دوه قوي وصاحب نفوذ وقدرة‪ .‬قاوم كل‬ ‫محتل ولم يمل‪ .‬أربعمائة عام من االحتالل‬ ‫العثماني لم تتعبه أو تقلل من عزيمته بل‬ ‫ظ��ل واقف��ًا في وج��ه الريح يرف��ض الذل‬ ‫ويرض��ى بالم��وت بدي� َ‬ ‫لا عن��ه‪ ،‬ث��ورة بعد‬ ‫ثورة ن��ال حريته واس��تقالله‪ .‬واليوم نحن‬ ‫الس��وريون مانزال نرفض األس��ر ونطالب‬ ‫بحريتن��ا وحري��ة أبنائن��ا وكم��ا اس��تطعنا‬ ‫على مر التاريخ أن نكون أحراراً ش��امخين‪،‬‬ ‫سنس��تطيع اليوم أن نحص��ل على حقوقنا‬ ‫كاملة ولن نرضى للحرية بدي ًال‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫زعماء جمعية االتحاد والترقي ‪1908‬‬

‫السلطان عبد الحميد‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫احت��ل العثمانيون أرضنا الس��ورية ما‬ ‫يق��ارب األربعمائ��ة عام‪ ،‬ب��ذل خاللها أبناء‬ ‫س��وريا أرواحهم ودماءه��م الطاهرة فداء‬ ‫للوط��ن الغالي‪ .‬ل��م يكلوا أو يمل��وا طوال‬ ‫أع��وام طويل��ة م��ن التضحي��ات والقت��ل‬ ‫والدم��ار‪ .‬اس��تمروا ف��ي محارب��ة عدوهم‬ ‫ومجابه��ة جبروته حتى اس��تردوا حريتهم‬ ‫المنشودة‪.‬‬ ‫ف��ي تموز ع��ام ‪ 1908‬وقع ما س��مي‬ ‫"باالنق�لاب العثماني" ضد الس��لطان عبد‬ ‫الحمي��د الثاني‪ ،‬وكان من دع��ا إليه حقيقة‬ ‫ه��م "جمعية االتحاد والترق��ي" التي كانت‬ ‫س��رية حت��ى وقع ه��ذا االنق�لاب فظهرت‬ ‫علن��ًا أم��ام الناس‪ .‬خ��رج يومه��ا المنادون‬ ‫يطالب��ون بتغيي��ر الدس��تور‪ ،‬وبالحري��ة‬ ‫والمساواة والعدل‪ ،‬وأقيمت الزينات‪ ،‬وخرج‬ ‫كل الش��عب ين��ادون مع المنادي��ن رغم أن‬ ‫معظمه��م لم يفه��م بداية أي ش��يء مما‬ ‫يحصل‪ ،‬ولم يدرك حقًا معنى الحرية التي‬ ‫كانوا يطالبون بها‪.‬‬ ‫انتش��ر خبر االنقالب العثماني مساء‬ ‫ي��وم الجمع��ة ‪ 11‬تم��وز ‪ ،1908‬فأعلنت��ه‬ ‫حكومة الوالية في الس��اعة الحادية عشرة‬ ‫لي ًال‪ ،‬وبدأ المن��ادون ينادون به منذ الصباح‬ ‫التالي‪.‬‬ ‫خالل مدة قليلة من االنقالب تشكلت‬ ‫عدة فروع لجمعية االتحاد والترقي في كل‬ ‫الواليات‪ ،‬ومما س��اعد على ذلك الموظفون‬ ‫الذين قام الس��لطان عب��د الحميد بنفيهم‬ ‫من األستانة‪.‬‬ ‫احت��ار رج��ال الحكوم��ة المحلي��ة في‬ ‫تحدي��د موقفهم من رج��ال المعارضة بعد‬ ‫االنقالب‪ ،‬وعمل الكثي��ر منهم على تبديل‬ ‫مواقفه��م فتقرب��وا م��ن األح��رار الذي��ن‬ ‫يعملون ف��ي جمعية االتح��اد والترقي في‬ ‫دمشق ومنهم حسين عوني بك‪.‬‬ ‫كان م��ن أعض��اء جمعي��ة االتح��اد‬ ‫والترقي فرع دمشق الكثير من العسكريين‬ ‫والملكيي��ن‪ ،‬ومنه��م بعض الدمش��قيين‪.‬‬ ‫ف��كان من األعضاء أس��عد بك أركان حرب‪،‬‬ ‫والذي تعين بعد الدس��تور مديراً للشرطة‪،‬‬ ‫ومنه��م أيض��ًا الس��يد أحمد إيب��ش‪ ،‬وعبد‬ ‫الرحمن باش��ا اليوس��ف من أعي��ان األكراد‬ ‫في دمشق‪ ،‬ومجيد باشا العظم‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬ ‫لق��د كان للمثقفين دور كبير في هذا‬ ‫االنقالب حيث مش��وا م��ع األح��رار ينادون‬ ‫مثله��م ويطالب��ون بالحري��ة والمس��اواة‪،‬‬ ‫ويعلم��ون الن��اس معن��ى المصطلح��ات‬ ‫الجديدة التي ل��م يفهموا معناها قبل ذلك‬ ‫مثل‪ :‬حريت (الحرية) مس��اوات (المس��اواة)‬ ‫عدالت (العدال��ة) أخوّت (األخوة)‪ .‬كان لهذه‬ ‫الكلمات الجديدة صدى جيد لدى الناس‪ ،‬لم‬ ‫يكون��وا قد عرفوا قبل الي��وم أنها موجودة‬ ‫حق��ًا خ��ارج المعاج��م والكت��ب‪ ،‬وهاه��م‬ ‫يعيشونها ويطالبون بها‪.‬‬ ‫كان االتحادي��ون يطالب��ون باإلخ��اء‬

‫بين كل األديان‪ .‬ويعملون على نش��ر مبدأ‬ ‫التآخ��ي بينهم‪ ،‬حيث كان��وا يجمعون رجال‬ ‫األديان المختلف��ة ويدعونهم ألن يتعانقوا‬ ‫بعضه��م مع بع��ض‪ ،‬ويخطب��ون بعد هذا‬ ‫العناق مؤيدين لإلخاء بينهم‪.‬‬ ‫إن من أحد أس��باب انتشار االتحاديين‬ ‫"اللوج الماس��وني" ومن أهم أركانه األمير‬ ‫عب��د الق��ادر الجزائ��ري‪ ،‬وق��د كان الل��وج‬ ‫الماس��وني مغلقًا قب��ل الدس��تور‪ ،‬أما بعد‬ ‫االنق�لاب فت��ح المحف��ل أبواب��ه وزاد عدد‬ ‫أعضائ��ه والت��م ش��ملهم وأسس��وا محف ًال‬ ‫جدي��داً اتخ��ذ اس��م "ن��ور دمش��ق" وكان‬ ‫مربوطًا بالمحفل االس��كتلندي بعد أن كان‬ ‫في الس��ابق مربوطًا بالمحف��ل اإليطالي‪.‬‬ ‫وق��د تعاقب على رئاس��ة المحفل الس��ادة‬ ‫مصطف��ى الس��باعي‪ ،‬ثم جب��ران لويس‪،‬‬ ‫وبعده غالب ش��اوول مدير البنك العثماني‪،‬‬ ‫ثم فارس الخوري‪ .‬أغلق المحفل بعد فترة‬ ‫قصيرة من نش��اطه وما ي��زال مغلقاً حتى‬ ‫اليوم‪.‬‬ ‫كان له��ذا االنق�لاب وق��ع كبي��ر على‬ ‫الناس‪ ،‬حيث استمر االبتهاج به زمنًا طوي ًال‪،‬‬ ‫وأحيوا المهرجانات وراح الناس يتس��ابقون‬ ‫في إقامتها‪ ،‬وق��ام الخطباء بإلقاء خطبهم‬ ‫عل��ى الن��اس يس��تفزون الحماس��ة فيهم‬ ‫بعباراتهم الصادقة التي تدعو إلى الحرية‬ ‫والمساواة‪.‬‬ ‫ل��م يك��ن حينها ف��ي دمش��ق خطباء‬ ‫بالمعني الحرفي للخطابة‪ ،‬بل كان خطباء‬ ‫المس��اجد موظفي��ن يق��رؤون الكراس��ات‬ ‫المطبوعة في أيام الجمعة‪ .‬وكانت الخطبة‬ ‫في المس��اجد في العه��د العثماني واحدة‪،‬‬ ‫وهي الخطب التي قام بوضعها "ابن نباته"‬ ‫منذ ما يقارب األلف عام‪.‬‬ ‫لم يكن هناك قبل االنقالب أي خطيب‬ ‫مدني يخطب خارج المس��اجد‪ ،‬أما بعد هذا‬ ‫االنقالب فب��دأ الش��بان األت��راك يخطبون‬ ‫بي��ن الن��اس ألول م��رة باللغ��ة التركي��ة‪،‬‬ ‫وراح المثقف��ون الع��رب وخريجو المدارس‬ ‫العالي��ة يخطب��ون باللغ��ة العربي��ة‪ ،‬وكان‬ ‫لهم تأثي��ر كبير على الجماهي��ر بأقوالهم‬ ‫واسترسالهم بالحديث عن الحرية ومعناها‬ ‫وع��ن الع��دل والمس��اواة‪ ،‬ومنه��م الس��يد‬ ‫عبد الوهاب االنكليزي (من ش��هداء الثورة‬ ‫العربي��ة ‪ )1916‬والدكت��ور عب��د الرحم��ن‬ ‫الش��هبندر والذي أصب��ح خطيباً من الطراز‬ ‫األول‪ ،‬والسيد فارس الخوري‪.‬‬ ‫ومن القصص الطريفة التي حصلت‬ ‫ف��ي س��ياق ه��ذا الموض��وع أن ضابط��ًا‬ ‫اس��مه أحمد ج��ودت وهو من أبناء دمش��ق‬ ‫المتحمس��ين للحري��ة‪ ،‬راح يتنق��ل بي��ن‬ ‫أحياء دمش��ق ليح��دّث الناس ع��ن الحرية‬ ‫ويفهمه��م معن��ى االنقالب‪ ،‬إل��ى أن وصل‬ ‫ف��ي إح��دى الليالي إل��ى حي المي��دان وبدأ‬ ‫يخطب بينهم باللهجة العامية‪ ،‬ولكن أثناء‬ ‫خطبت��ه راح يحمل على "أحمد عزت باش��ا‬

‫‪13‬‬


‫�سعاد جرو�س‬

‫منري جبان‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫يس��ألون كيف س��وريا أجيب فورا وقبل أن يُكملوا‬ ‫السؤال ك ّلنا نحبّ سوريا‬

‫وائل ماك‬ ‫يا اهلل احفظ أهلنا في حمص‬ ‫‪ ..‬بعد شوي بدي إجي سَمّعْ َلك ياهن‬

‫حكم البابا‬ ‫معه��ا حق اس��رائيل ف��ي خوفها عل��ى النظام من‬ ‫الس��قوط‪ ،‬فبوجود شعب بالش��جاعة التي يتحدى‬ ‫بها الش��عب الس��وري األع��زل المج��ازر منذ ثالثة‬ ‫عش��ر ش��هراً‪ ،‬ماكان��ت لتعي��ش مطمئن��ة بحدود‬ ‫هادئة‪ ،‬وربما ماكانت لتستمر‪ ،‬ولذلك فوجود مثل‬ ‫هذا النظام ضرورة لها‪ ،‬وغيابه خطر عليها‪..‬‬

‫غالية قباين‬ ‫ف��ي يوم واحد ت��م اختراق حدود الجي��ران االتراك‬ ‫واللبنانيين‪ .‬اس��ترجي واختراق حدود اسرائيل اذا‬ ‫مستقوي ورصاصك طايش؟‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫حممود حممود‬

‫ف��ي فيديو قيل أنه "مس��رب" م��ن باباعمر لمحت‬ ‫المس��يح مصلوب��ا عل��ى دباب��ة والجن��د يوثق��ون‬ ‫س��اعديه بالحبال ويعبث��ون بجراح��ه ويضحكون‬ ‫ساخرين من آالمه‪..‬‬ ‫اظن أن المخرج ميل غيبسون لو رأى هذا الفيديو‬ ‫وغي��ره من ص��ور لفظاعات ال تص��دق تجري في‬ ‫بالدن��ا ألع��اد النظر بفيلم��ه آالم المس��يح‪ ..‬فكل‬ ‫ما اظه��ره من أل��م عظيم ادمى قل��وب الجماهير‬ ‫ف��ي مختلف أنحاء العالم‪ ..‬يبدو ال ش��يء امام آالم‬ ‫السوري المصلوب على الدبابة‪.‬‬

‫غ�سان يا�سني‬ ‫إتصل بي أحد الشهداء مؤكداً‬ ‫ال تصالح‬

‫خولة دنيا‬ ‫منذ سنة قام المسيح‬ ‫حقاً قام‪...‬‬ ‫مازال قائماً لليوم‬ ‫لم يصعد للسماء بعد‬

‫�إياد عما�شة‬ ‫بالرغ��م من أني ضد تقديس األماكن‪ ،‬والمزارات‪،‬‬ ‫إال أنني أرى من الضروري الحج يوم واحد اسبوعيًا‬ ‫الى مكان اعتص��ام البطلة ريما دالي أمام برلمان‬ ‫الشعب السوري‪.‬‬

‫حلب رح تاكلك‪.‬‬

‫زينة احلالق‬ ‫أنا أغار أغار أغارررررر على الدم الس��وري ال أريد‬ ‫أن يراه كل العالم مط��روش طرش على القنوات‬ ‫اإلخباري��ة‪ ...‬و يق��دم ل��ه مذيعي��ن و مذيعات بال‬ ‫إحس��اس كالدم��ى تصف م��ا يحدث بدم ب��ارد مع‬ ‫بعض اإلبتس��امات الس��خيفة كوجوهه��م‪ .....‬تبا‬ ‫للصحافة و لإلعالم المحايد أمام دمائنا‬

‫ح�سان عبا�س‬ ‫فاقت نقاط التظاهر أمس السبعمائة نقطة‪.‬‬ ‫أيها الوحش! ماذا فعلت خالل سنة؟‬ ‫قمع��ت وضربت‪ ،‬أذلل��ت وأهنت‪ ،‬س��جنت واعتقلت‪ ،‬جرحت‬ ‫وأعطبت‪ ،‬قتلت ويتّمت‪ ،‬خرّبت ودمّرت‪ ،‬أبعدت وهجّرت‪..‬‬ ‫وفي أول فس��حة س��كون يخرج الش��عب ليعيد ما‬ ‫قاله في اليوم األول‪ :‬سورية بدها حرية‪.‬‬ ‫أال تفهم ؟؟؟؟‬

‫نربا�س �شحيد‬ ‫ل��م يعد «اهلل» يجلس كثيراً في الكنائس والجوامع‪،‬‬ ‫ألنه ّ‬ ‫مل رائحة البخور وضجيج الخطب حين ال تعرف‬ ‫إال لغة الخوف أو الوعيد‪ ،‬كما سئم ألحان تلك الترانيم‬ ‫وضَجر‬ ‫التي َكنَسَ��تِ اإلنس��ان كما يُكنس الغبار‪ِ ،‬‬ ‫م��ن أصوات األجراس والمؤذني��ن حين صارت حبوبًا‬ ‫زم��ن بعيد‪ ،‬وجد «اهلل» بيوتاً أنس��ب‬ ‫مخ��درة‪ ...‬منذ ٍ‬ ‫م��ن المذابح القديمة‪ ،‬ألنه كان رحيماً أكثر من كونه‬ ‫«متديّنًا»‪ ،‬وفضّل على المعابد الش��وارعَ الطويلة‪،‬‬ ‫والمقاهي المكتظة بالحالمين‪ ،‬وجروح المش��ردين‪،‬‬ ‫كم��ا أحب أط��راف األزقة‪ ،‬حيث يجلس المتس��ولون‪،‬‬ ‫زمن‬ ‫ويس��ترق بائعو الورود النظ��رات بصمت‪ ...‬منذ ٍ‬ ‫بعي��د‪ ،‬هج��ر «اهلل» مذابح��ه القديم��ة‪ ،‬وكتب على‬ ‫أح��د ج��دران حمص عنوان��ه الجديد‪« :‬بيتي مآس��ي‬ ‫السوريين‪ ،‬وخيم الجئيهم‪ ،‬وقلوبهم الفسيحة!»‪.‬‬

‫| إذا حاولنا أن ننظر إلى خارطة الوضع السوري من جميع جوانبها‪..‬‬ ‫كي��ف ترى المعارضة الي��وم‪ ..‬أين أخطأت‪ ..‬وأين أصاب��ت‪ ..‬وهل يعني‬ ‫تشرذمها أنها ضعيفة‪ ..‬وبالتالي هل إمكانية سحقها ممكنة‪ ..‬؟‬ ‫| | انتفاض��ات «الربي��ع العربي» ك ّلها هي تفجّر لطاق��ات المجتمع المدني‬ ‫ضدّ اس��تبداد متجسّ��د في عائلة وضعت نفس��ها فوق الدولة‪ .‬إنّها لحظة من‬ ‫التاريخ العربي واإلنس��اني‪ ،‬تأتي خاصّة نتيجة «المدّ الشبابي»‪ ،‬موجة وصول‬ ‫أجيال ش��ابّة إلى س��نّ الوعي والعمل‪ ،‬أضحت تش�� ّكل غالبيّ��ة المجتمع وتريد‬ ‫تغيير أس��س المجتم��ع والدولة‪ .‬ويكمن الطاب��ع «الثوريّ» بالضب��ط في إرادة‬ ‫التغيير هذه‪.‬‬ ‫لكن ال عالقة للمعارضة السياسيّة بهذه الثورة‪ ،‬ال في سوريا وال في غيرها‬ ‫م��ن الدول العربيّة‪ .‬بع��ض عناصرها لحق بثورة المجتم��ع‪ ،‬ولكنّه لم يقدها‪،‬‬ ‫وبقي دون مس��ؤوليّة اللحظ��ة التاريخيّة التي يفرضها ه��ذا التحوّل العظيم‪.‬‬ ‫المجتمع المدنيّ هو محرّك هذه الثورة‪ ،‬فهو الذي غرس قيمها في سوريا منذ‬ ‫«ربيع دمشق»‪ ،‬وأوصل قيمها إلى حاملها الشعبيّ‪ ،‬وخاصّة مكوّنه الشبابي‪.‬‬ ‫أبرز ما يميّز المعارضة السياس��يّة اليوم ليس تش��رذمها‪ ،‬بل عدم اتفاقها‬ ‫برنام��ج حدّ أدن��ى يضع ص��ورة توافقيّة لس��وريا المس��تقبل وللمرحلة‬ ‫عل��ى‬ ‫ٍ‬ ‫االنتقالي��ة‪ .‬إذ من الطبيعي أن تتش�� ّكل هذه المعارضة م��ن توجّهات مختلفة‪،‬‬ ‫لكنّ المس��ؤولية التاريخيّة التي كانت منوط��ة أمامها دعمًا النتفاضة المجتمع‬ ‫وتس��ريعًا لرحيل السلطة القائمة‪ ،‬هي وضع ذاتيّاتها جانبًا واإلصرار على خلق‬ ‫هذا التوافق‪ .‬لكنّ ّ‬ ‫كل المحاوالت فش��لت‪ ،‬في سلس��لة المؤتمرات التي شهدتها‬ ‫قطر وتركيا والقاهرة‪ .‬إذ اعتمدت بعض الجهات السياسيّة فكرة أنّها تستطيع‬ ‫أن تسيطر وحدها على مستقبل سوريا‪.‬‬ ‫الش��يء الوحيد المتّف��ق عليه اليوم بي��ن أطياف المعارضة ه��و ّأن الهدف‬ ‫المنش��ود هو الوص��ول إلى دولة «مدنيّ��ة ديمقراطية»‪ .‬ولكن م��ن الواضح ّأن‬

‫�شريين احلايك‬ ‫األنثى تش��به الحرية‪ ..‬بكل ش��يء فيها‪ ،‬حتى في‬ ‫ثورتها‪ ..‬هنا الحرية و األنثى و الثورة معاً‪..‬‬

‫رميا دايل‬

‫عندم��ا نتوق��ف عن التش��بث بمواقفن��ا‪ ،‬ونب��دأ بالبحث عن‬ ‫مصالحنا المشتركة واتخاذ خطوات جدية لترسيخها‪ ،‬يومها‬ ‫وطن لكل السوريين‪.‬‬ ‫سنتدرك بأن سوريا ستكون أكثر من ٍ‬

‫�أحمد �صالل‬ ‫حلب‪:‬جرح أخر ينزف في جسد وطني المدمي‪ ،‬بحيرة‬ ‫أخرى للملح تتحرك في دمي فيوجعني دمي‪.‬‬

‫هيا احلاج �أحمد‬ ‫لسا مفكرين في بساط تحتن الزم يحطو نضارات‬ ‫ليش��وفو سندباد الكرامة قدر يرجع بساطو ليطير‬ ‫فيه بسما الحرية ويشوفو الهاوية يلي بدن دفشة‬ ‫صغيرة لسا ليصيروو من حجارا‪...‬‬

‫نهلة �شام‬

‫عصام العطار‬

‫من امتع��اض الجامعة العربية إلى صدمة عنان‪...‬‬ ‫امتى تجيهم السكتة ان شاء اهلل؟!‬

‫لينا مولال‬ ‫عندم��ا يتح��ول الحاك��م إل��ى ديكتات��ور يتح��ول‬ ‫فوراً إل��ى مجرم‪ ،‬و تصبح الس��لطة أداة الجريمة‬ ‫والشعب هو الضحية‪.‬‬

‫�سهى رحال‬ ‫ثالث��ون مراقب��ًا دوليًا غي��ر كافيي��ن لمراقبة وقف‬ ‫اطالق النار في حي االذاعة في حلب لوحده‪...‬‬

‫را�شد عي�سى‬ ‫هذا هو الجمال الس��وري األسطوري‪ :‬أن تقف بنت‬ ‫به��ذا الجم��ال وهذه الرق��ة‪ ،‬عزالء إال من فس��تان‬ ‫أحم��ر‪ ،‬كأنه��ا تري��د أن تواج��ه كل ه��ذا الرع��ب‬ ‫(األس��طوري أيضًا) بهذا اللط��ف‪ ،‬وبالفتة «أوقفوا‬ ‫القت��ل» مرفوعة بصمود أمام البرلمان‪ ..‬هذه هي‬ ‫سوريا الغد‪ ،‬سوريا الئقة بهذه األساطير‪.‬‬

‫االتف��اق على ه��ذا الهدف غي��ر كافٍ‪ ،‬بل س��مح عدم الذهاب إلى وضع أس��س‬ ‫دس��توريّة أكث��ر وضوحًا لس��وريا المس��تقبل‪ ،‬الت��ي أفضّل أن أس��ميّها دولة‬ ‫«المواطن��ة والحريّ��ات»‪ ،‬والس��بيل للوص��ول إليه��ا‪ ،‬س��مح ّ‬ ‫ب��كل التفس��يرات‬ ‫وااللتباس��ات وبحم�لات تخوي��ن متبادل��ة بي��ن أطي��اف المعارضة السياس��يّة‪.‬‬ ‫ويحزنن��ي فع� ً‬ ‫لا كي��ف ذهبت ه��ذه األطي��اف تبحث ع��ن اعتراف دول��يّ‪ ،‬حتّى‬ ‫على أنّها بديل الدولة الس��ورية وحدها‪ ،‬بدل النق��اش بينها والتوافق لتوضيح‬ ‫صورة البالد التوافقيّة وس��بل دفع الس��لطة إلى الرحيل‪ .‬بالتالي ساهمت هذه‬ ‫المعارضة ّ‬ ‫بكل أطيافها في تدويل قضيّة الشعب السوري‪ ،‬واقعة بالضبط في‬ ‫الفخّ الذي نصبته لها السلطة‪.‬‬ ‫يتحجّج بعض السياس��يين المعارضين ّأن هذا التشرذم وعدم التوافق ينتج‬ ‫عن أربعين س��نة من االس��تبداد‪ .‬هذه الحجّة واهية برأيي‪ ،‬إذ ما منعه االستبداد‬ ‫هو السياس��ة السياسويّة والتنافس‪ ،‬وبقي الوقت متسّعًا أمام السياسة النبيلة‪،‬‬ ‫تلك التي تبحث عن التوافقات وعن األسس المشتركة وعن دعم حركة المجتمع‬ ‫نح��و الحريّ��ة والكرامة‪ .‬وأمثلة ذلك في س��وريا كثيرة‪ ،‬أهمّها «إعالن دمش��ق»‬ ‫في صيغته األولى‪ ،‬الذي رسّ��خ توافق سياسيّ حتّى بين مكوّنات مختلفة جدّاً‬ ‫إيديولوجيًّا‪ ،‬من الشيوعيين إلى اإلخوان المسلمين‪ ،‬الذين كانوا يخضعون حينها‬ ‫لخط��ر الحكم عليهم باإلعدام‪ .‬وفي الحقيقة‪ ،‬تس��تخدم حجّة ّأن االس��تبداد هو‬ ‫سبب مشاكل المعارضة الحالية للتغطية على التهرّب من المهمّة األساسية في‬ ‫البحث عن التوافقات‪ ،‬بل لمحاولة السيطرة على الثورة من قبل البعض‪.‬‬ ‫ويؤس��فني جدّاً ّأن المعارضة لم تعرف كيف تس��تفيد من األخطاء الكثيرة‬ ‫التي ارتكبتها الس��لطة لربط مختلف أطياف الشعب السوري بمشروعها‪ ،‬حتّى‬ ‫تلك الخائفة من التغيير‪ .‬بل ما يؤس��فني أكثر ّأن المعارضة السياس��ية ارتكبت‬ ‫أخطاء أكبر‪ ،‬استغ ّلتها السلطة لتأجيل رحيلها وزيادة معاناة السوريين‪.‬‬ ‫ومن أبرز ما يميّز المعارضة السياس��يّة الس��ورية أيضًا هو أنّه بالرغم من‬

‫بناتُن��ا اللوات��ي تعرَّضْ��نَ لالغتص��اب‬ ‫التَّفهُ��م والرعاي��ةِ‬ ‫جدي��رات بأوف��ر‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫واألسَ��ريَّةِ واالجتماعي��ة‪،‬‬ ‫النفس��يةِ‬ ‫والدع��م المعن��وي‪ ،‬فه��نَّ اللوات��ي‬ ‫َ‬ ‫سورية‬ ‫أصابَهُنَّ آ َلمُ البال ِء في معركةِ‬ ‫من أج��ل الحريَّةِ والكرامةِ اإلنس��انية‪،‬‬ ‫وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫أما بع��ضُ األه��ل الذين س��معتُ ولم‬ ‫أُص��دِّقْ ولم أُ‬ ‫ص��دِّقْ!! أنه��م يفكرون‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫��ص من بناتِه��نَّ ا ْلمُغتصَبات!!‬ ‫بالتخل ِ‬ ‫فهم ْ‬ ‫إن كان ما س��معْتُهُ حقاً‪ -‬جُهال ُء‬‫سُ��خفا ُء ال يعرفون دينه��م‪ ،‬وال يعرفون‬ ‫َ‬ ‫حقيقة المروءةِ والش��رف‪ ،‬بل أكاد أقول‪:‬‬ ‫إنهم ليسوا من البشر‪...‬‬ ‫بخش��وع س��جدوا أم��ام جنازت��ه‪ ،‬رفعوه‬ ‫وهتفوا‪،‬‬ ‫لم ينتهي معظمهم من صالته بعد‪،‬‬ ‫طلقات رصاص‪ ،‬وتسقط فتاة‪ ،‬هتاف‬ ‫ويسقط طفل في ‪ 12‬عشر ‘‪ ،‬هتاف‬ ‫ويأتين��ي صدي��ق ويعانقني وه��و يبكي‬ ‫بحرق��ة ويداه مضرجة بال��دم ويقول‪:‬لي‬ ‫كمال مات أخي‬ ‫ويهتف��ون بغض��ب ويس��تمر س��قوط‬ ‫األجساد على األرض‪..‬‬ ‫أجلس عل��ى األرض وأدخ��ن والرصاص‬ ‫يخترق األجساد‪..‬‬ ‫يأتيني صوت��ه من بعيد‪ :‬كمال لك كمال‬ ‫صار عش��ر شهداء ويبكي وأعانقه ونبكي‬ ‫ويسقط بجانبنا صديق ويغرق بدمه‪..‬‬ ‫غضبٌ وبكاء‪ ..‬زغاريدٌ وعويل‪..‬‬ ‫ما الشجاعة يا اهلل ؟؟‬ ‫أجساد عارية تستقبل الرصاص‪..‬‬ ‫وصلت إلى البيت ألقرأ الشريط األخباري‪:‬‬ ‫عصاب��ات مس��لحة تطل��ق الن��ار عل��ى‬ ‫المواطنين وتخرب الممتلكات العامة‪..‬‬ ‫كم أكرهك يا أبن آدم‪..‬‬ ‫حلب ‪ /‬اإلذاعة ‪2012/4/14‬‬ ‫تشييع الشهيد عبدالواحد هنداوي‬

‫أحمد كمال‬

‫اإلمكانيات المتاحة والوقت‪ ،‬لم ّ‬ ‫أسس متينة وديمقراطية‪،‬‬ ‫تنظم هيكليّاتها على ٍ‬ ‫حتّ��ى داخلها‪ .‬بقيت األم��ور هالميّة‪ ،‬ومرتبط��ة بأفراد وذاتيّ��ات‪ ،‬أو بتنظيمات‬ ‫معيّن��ة‪ ،‬دون ضبط آلليّات اتخاذ القرارات الجماعيّ��ة وااللتزام بها‪ ،‬ودون ضبط‬ ‫لآلليّ��ات المالية والرقابة الداخليّة‪ ،‬حتّى لما يخصّ قضايا اإلغاثة‪ .‬في حين من‬ ‫المفترض أن تش ّكل هذه المعارضة مثا ًال لسوريا المستقبل الديمقراطية‪.‬‬ ‫هناك أيضًا مشاكل أخرى في المعارضة السياسية‪ّ ،‬‬ ‫لعل من أهمّها ّأن أغلب‬ ‫ما يظهرون في وس��ائل اإلعالم هم معارضون ال يقيمون أص ًال في سورية‪ ،‬بل‬ ‫ربّما لم يزوروها في الس��نين الماضية إ ّال نادراً‪ .‬وهذه مشكلة حقيقيّة صعبة‬ ‫ّ‬ ‫الح��ل‪ ،‬بالنس��بة لبلدٍ ع��دد مغتربيه كبير‪ .‬فه��ل يقرّر المغترب��ون هم مصير‬ ‫المقيمين؟ حتّى لو كانوا يعينونهم اليوم في محنتهم‪.‬‬ ‫المعارض��ة السياس��يّة إذاً ضعيف��ة‪ ،‬والمجتمع هو القويّ وه��و الذي يثبت‬ ‫إرادت��ه عل��ى األرض‪ .‬والعالمة على ذلك هو االنتقادات الواس��عة التي يوجّهها‬ ‫المنتفض��ون إلى جميع أطي��اف المعارضة‪ ،‬بمن فيها المجل��س الوطني بعد أن‬ ‫كان تش��كيله قد فتح آما ًال كبيرة‪ّ .‬إن هذا المجتمع لم يعد ممكناً س��حقه‪ ،‬حتّى‬ ‫لو كس��بت السلطة آنيًّا جول ًة هنا أو هناك‪ .‬وحين سيأتي رحيل السلطة‪ ،‬نتيجة‬ ‫تواف��ق دوليّ كما هو األمر اليوم‪ ،‬هذا المجتمع هو الذي س��يقرّر من يثق بهم‬ ‫ليقودوا المرحلة االنتقالية‪ ،‬وعلى األغلب سيكون هؤالء من الوجوه التي ليست‬ ‫األبرز إعالميًّا أو من قادة تنظيمات المعارضة الحاليّة‪ .‬إ ّال ّأن المرحلة االنتقاليّة‬ ‫ستكون صعبة جدّاً‪.‬‬ ‫يبق��ى ّأن توحي��د المعارض��ة هو مطلب وطن��ي للكثيرين‪ ،‬وه��و ضروريّ‬ ‫للمرحل��ة االنتقالي��ة‪ ،‬ويج��ب إيج��اد اآلليّ��ات الالزمة ل��ه ولو لتش��كيل نوع من‬ ‫نواة لمجلس تأسيس��يّ‪ .‬إ ّال ّأن هذا األمر يحتاج أيضًا لتوافق دوليّ‪ .‬فانقس��ام‬ ‫المعارض��ة يأتي في الحقيق��ة نتيجة للمواجه��ات الدوليّة‪ ،‬ول��و أراد «المجتمع‬ ‫الدولي» ح ّقًا أن تتوحّد المعارضة‪ ،‬لتوحّدت منذ زمن‪.‬‬

‫السؤال والجواب‪ :‬من حوار المعارض السوري سمير العيطة | جريدة السفير اللبنانية‬


‫اجلــرح الأنثــروبولوجي‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫هل هناك فل�سفة عربية؟‬

‫وإذ يتساءل عن أسباب عدم وجود – بل‬ ‫اس��تحالة وجود – فلس��فة عربي��ة حديثة أو‬ ‫معاصرة‪ ،‬فهو يرصد ثالث سالس��ل متراكبة‬ ‫من السببيات‪:‬‬ ‫‪ .1‬الس��بب األول ه��و أن الفلس��فة‬ ‫المعاص��رة نفس��ها‪ ،‬على الصعي��د العالمي‪،‬‬ ‫في أزمة؛ ومرد تل��ك األزمة يعود إلى تطور‬

‫العلم بالذات‪.‬‬ ‫‪ .2‬الس��بب الثان��ي ه��و أن المتفلس��ف‬ ‫العرب��ي يج��د نفس��ه الي��وم ف��ي وضعي��ة‬ ‫مَ��ن ال يس��تطيع أن يتفلس��ف إال وف��ق‬ ‫مث��ال‪ :‬فس��بق الغ��رب إل��ى اجت��راح مأث��رة‬ ‫الحداث��ة ق��د جع��ل َّ‬ ‫كل م��ا يمك��ن أن يفكر‬ ‫فيه الملتحق��ون بركب الحداث��ة َّ‬ ‫مفكرًا فيه‬ ‫مس��ب ًقا‪ .‬فالحضارة الغربية قد باتت‪ ،‬بحكم‬ ‫أس��بقيتها إل��ى الحداثة‪ ،‬تتحكم ف��ي الزمان‬ ‫الثقاف��ي للحضارات األخرى؛ لذا لم يعد أمام‬ ‫المتخ ِّلفين في هذا العالم من مس��تقبل آخر‬ ‫غير حاضر المتقدمين‪.‬‬ ‫‪ .3‬ثالث هذه األسباب‪ ،‬أن الفلسفة نبتة‬ ‫ال تزه��ر إال في ترب��ة العقل واس��تقالليته‪.‬‬ ‫فالعقالني��ة – الش��رط الش��ارط لتمخُّ��ض‬ ‫الفلس��فة – مازال��ت بعي��دة ع��ن أن تك��ون‬ ‫صاحبة الكلم��ة األولى ف��ي الثقافة العربية‬ ‫المعاص��رة‪ ،‬والعق��ل الس��ائد ف��ي الثقاف��ة‬ ‫العربية مازال عق ًال تابعًا‪.‬‬ ‫ولك��ن لماذا تقدم الغرب ولماذا تأخرنا‪،‬‬ ‫نح��ن العرب المس��لمون؟ يطرح طرابيش��ي‬ ‫السؤال‪.‬‬ ‫م��ن الطبيع��ي الق��ول إن الس��ؤال‬ ‫نزع م��ن البداي��ة إل��ى أن يك��ون تراجيديًّا‪:‬‬ ‫فاكتش��اف تقدُّم اآلخ��ر قد يك��ون في ذاته‬ ‫مفجعً��ا لل��ذات؛ لكن اكتش��اف تأخُّ��ر الذات‬ ‫هو له��ذه الذات بمنزلة مأس��اة‪ .‬من هنا جاز‬ ‫وص��ف "الج��رح األنثروبولوج��ي" بأن��ه‪ ،‬في‬ ‫الح��ال العربي��ة‪ ،‬جرح في العم��ق‪ .‬فهو جرح‬ ‫مضاع��ف‪ :‬ج��رح تق��دُّم اآلخر‪ ،‬م��ع أنه كان‬ ‫في الوعي الس��ائد‪ ،‬لحظ��ة صدمة اللقاء مع‬ ‫الغرب‪" ،‬متأخرًا"؛ وجرح تأخُّر الذات‪ ،‬مع أنها‬ ‫كانت‪ ،‬في توهُّمها‪" ،‬متقدمة"‪.‬‬

‫وهكذا يكون "الج��رح األنثروبولوجي"‬ ‫ق��د اعتمل على مس��توى قطيعتين‪ :‬قطيعة‬ ‫الع��رب عن حاض��ر الغ��رب‪ ،‬وقطيعتهم عن‬ ‫ماضي الع��رب أنفس��هم‪ .‬وعلى ه��ذا النحو‬ ‫أيضًا‪ ،‬اقتحم ساحة الوعي العربي مفهومان‬ ‫تأسيس��يان جدي��دان‪ :‬الثقاف��ة باإلحالة إلى‬ ‫اآلخ��ر‪ ،‬والت��راث باإلحال��ة إلى ال��ذات‪ .‬وبين‬ ‫َّ‬ ‫فك��ي كماش��ة هذي��ن المفهومي��ن ال يفت��أ‬ ‫الوعي العربي‪ ،‬منذ نح��و قرنين من الزمن‪،‬‬ ‫يتقلب ويتخبط‪ :‬فهو يريد نفس��ه في ثقافة‬ ‫العصر دون أن يقطع مع تراثه؛ وهو يريد أن‬ ‫يحيي تراث ماضيه دون أن يميت نفس��ه عن‬ ‫ثقافة العصر‪.‬‬ ‫وغني عن البيان أنه‪ ،‬بد ًءا بثنائية التراث‬ ‫والثقاف��ة التي هيمن��ت على القرن التاس��ع‬ ‫عش��ر وكانت في األس��اس اإلبس��تمولوجي‬ ‫لما عُ ِرفَ باس��م "عص��ر النهضة"‪ ،‬تطورتْ‬ ‫على امتداد القرن العش��رين ثنائيات ش��تى‬ ‫متالحق��ة‪ ،‬ب��د ًءا بثنائي��ة القدي��م والجديد‪،‬‬ ‫م��رورًا بثنائي��ة االتب��اع واإلب��داع‪ ،‬وانته��ا ًء‬ ‫بثنائية األصالة والحداثة‪ .‬وإنما من االشتغال‬ ‫الجدل��ي له��ذه الثنائي��ات‪ ،‬ومن مس��اهمات‬ ‫األجي��ال المتعاقبة فيها‪َّ ،‬‬ ‫تش��كل في العالم‬ ‫العربي واقعٌ ثقاف��ي جديد هو هذه الثقافة‬ ‫العربية الحديثة التي نستظل جميعًا بظ ِّلها‬ ‫والتي يص��ح ُ‬ ‫وصفها بأنها‪ ،‬عل��ى الرغم من‬ ‫دعاة االستنساخ من كال المعسكرين‪ ،‬ليست‬ ‫نسخة طبق األصل ال من التراث األصيل وال‬ ‫م��ن الثقافة الوافدة‪ ،‬بل ه��ي تركيب ناجح‪،‬‬ ‫بقدر أو بآخر‪ ،‬أو ربما فاش��ل‪ ،‬بقدر أو بآخر‪،‬‬ ‫من لقاء هذين الرافدين‪.‬‬ ‫ج��ورج طرابيش��ي‪ ،‬هرطق��ات‪ :‬ع��ن‬ ‫الديمقراطية والعلمانية والحداثة والممانعة‬ ‫العربي��ة‪ ،‬دار الس��اقي‪ ،‬بي��روت‪.2006 ،‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫مفك��ر وكات��ب وناقد ومترج��م عربي‬ ‫س��وري‪ .‬من مواليد مدين��ة حلب عام ‪،1939‬‬ ‫يحم��ل اإلج��ازة باللغة العربية والماجس��تير‬ ‫بالتربي��ة م��ن جامعة دمش��ق‪ .‬عم��ل مديرا‬ ‫إلذاع��ة دمش��ق (‪ ،)1964-1963‬ورئيس��ا‬ ‫لتحرير مجلة دراسات عربية (‪,)1984-1972‬‬ ‫ومح��رراً رئيس��يًا لمجل��ة الوح��دة (‪-1984‬‬ ‫‪ .)1989‬أق��ام فترة في لبن��ان‪ ،‬ولكنه غادره‪،‬‬ ‫وق��د فجعت��ه حرب��ه األهلي��ة‪ ،‬إل��ى فرنس��ا‬ ‫الت��ي يقي��م فيها إلى اآلن متفرغ��ا للكتابة‬‫والتأليف‪.‬‬ ‫تمي��ز بكث��رة ترجمات��ه ومؤلفاته حيث‬ ‫انه ترج��م لفرويد وهيغل وس��ارتر وبرهييه‬ ‫وج��ارودي وس��يمون دي بوف��وار وآخري��ن‪.‬‬ ‫بلغ��ت ترجمات��ه ما يزيد عن مئت��ي كتاب في‬ ‫الفلس��فة وااليديولوجي��ا والتحليل النفس��ي‬ ‫والرواي��ة‪ .‬له مؤلف��ات هامة في الماركس��ية‬ ‫والنظرية القومي��ة وفي النقد األدبي للرواية‬ ‫العربي��ة التي كان س��باقًا في اللغ��ة العربية‬ ‫إلى تطبي��ق مناهج التحليل النفس��ي عليها‪.‬‬ ‫م��ن أب��رز مؤلفات��ه‪" :‬معج��م الفالس��فة" و"‬ ‫من النهض��ة إلى ال��ردة " و" هرطقات ‪ 1‬و‪" 2‬‬ ‫ومش��روعه الضخم الذي عمل عليه أكثر من‬ ‫‪ 20‬عاما وصدر منه خمس��ة مجلدات في "نقد‬ ‫نقد العقل العربي" كان آخرها الجزء الخامس‬ ‫"من إس�لام القرآن إلى إس�لام الحديث" (دار‬ ‫الس��اقي‪ ،‬بيروت‪ ،)2010 ،‬أي في نقد مشروع‬ ‫الكاتب والمفكر المغربي محمد عابد الجابري‪،‬‬ ‫ويوصف هذا العمل بأنه موس��وعي إذ احتوى‬ ‫على قراءة ومراجعة للتراث اليوناني وللتراث‬ ‫األوروبي الفلسفي وللتراث العربي اإلسالمي‬ ‫ليس الفلس��في فحس��ب‪ ،‬بل أيض��ًا الكالمي‬ ‫والفقه��ي والصوف��ي واللغ��وي‪ ،‬وق��د ح��اول‬ ‫فيه االجابة عن هذا الس��ؤال األساس��ي‪ :‬هل‬ ‫اس��تقالة العق��ل في اإلس�لام ج��اءت بعامل‬ ‫خارج��ي‪ ،‬وقابلة للتعليق على مش��جب الغير‪،‬‬ ‫أم ه��ي مأس��اة داخلي��ة ومحكوم��ة بآلي��ات‬ ‫ذاتي��ة‪ ،‬يتحمل فيها العقل العربي اإلس�لامي‬ ‫مسؤولية إقالة نفسه بنفسه؟‬ ‫أهم نقاط المسار الفكري لطرابيشي‬ ‫ه��و انتقاله عبر عدة محط��ات أبرزها الفكر‬ ‫القوم��ي والث��وري والوجودية والماركس��ية‬ ‫والتحليل النفسي مطبقاً على الرواية العربية‬ ‫‪ ،‬وأخيرا األبس��تمولوجيا مطبقة على التراث‬ ‫العرب��ي اإلس�لامي‪ .‬انته��ى طرابيش��ي إلى‬ ‫تبني نزعة نقدية جذري��ة يرى أنها الموقف‬ ‫الوحيد ال��ذي يمكن أن يص��در عنه المفكر‪،‬‬ ‫وال سيما في الوضعية العربية الراهنة التي‬ ‫يتجاذبها قطبان‪ :‬الرؤي��ة المؤمثلة للماضي‬ ‫والرؤية المؤدلجة للحاضر‪.‬‬ ‫يحم��ل طرابيش��ي ف��ي كتابن��ا اليوم‬ ‫وتح��ت عن��وان "هرطق��ات مفت��اح الب��اب‬ ‫السحري إلشكاليات الديمقراطية والعَلمانية‬ ‫والحداثة والممانع��ة العربية"‪ .‬وهو إذ يعتبر‬ ‫الديمقراطي��ة "جوه��رة الت��اج" ال��ذي يتوج‬ ‫التط��ور العض��وي للمجتم��ع المعن��ي‪ ،‬فإنه‬ ‫يعتبر‪ ،‬من جانب آخر‪ ،‬العَلمانية من إفرازات‬ ‫التطور التاريخي‪.‬‬ ‫كثيرًا م��ا يقترن الفك��رُ الديمقراطي‬ ‫العربي‪ ،‬الصاعدة موجته في العقود األخيرة‪،‬‬ ‫بنزع��ة ش��عبوية" ‪ ."populist‬والش��عبوية‬ ‫قابلة ألن تُختصَر في ش��عار واحد‪" :‬الدولة‬ ‫ض��د األم��ة"‪ .‬فالدول��ة ذئ��ب واألم��ة حمل‪،‬‬ ‫الدول��ة قابيل واألم��ة هابيل! وم��ن دون أن‬

‫نك��ون "هيغليي��ن"‪ ،‬وال م��ن أنص��ار عب��ادة‬ ‫الدول��ة‪ ،‬ف��إن منطق تأثي��م الدول��ة وتبرئة‬ ‫"األم��ة" أو "الش��عب" أو "المجتم��ع المدن��ي"‬ ‫يحمل بين طيات��ه‪ ،‬على العكس من مدَّعاه‬ ‫الديمقراط��ي‪ ،‬جرثوم�� ًة توتاليتارية جديدة‪.‬‬ ‫ولنا في الثورة الفرنس��ية‪ ،‬في عهد اإلرهاب‬ ‫"الروبسپيي��ري" مثال قديم؛ ولنا في الثورة‬ ‫اإليراني��ة‪ ،‬ف��ي عهد حُك��م المالل��ي‪ ،‬مثال‬ ‫جديد‪ .‬وبديهي أن العكس قد يكون صحيحًا‬ ‫أيضً��ا؛ وأكثر م��ن أن تُحصى ه��ي الحاالت‬ ‫التي تتكش��ف فيها الدول ُة ع��ن أنها "تنين"‪:‬‬ ‫س��لطة نهمة إل��ى الس��لطة‪ ،‬إل��ى َ‬ ‫مُراكمة‬ ‫المزيد من السلطة باستمرار‪.‬‬ ‫ولك��ن عل��ى حي��ن أن النظري��ة‬ ‫الديمقراطية ق��د أوجدت عالجاتٍ غير قليلة‬ ‫النجاعة ألمراض السرطان السلطوي – وفي‬ ‫مقدمتها مبدأ فصل السلطات ودولة القانون‬ ‫وحقوق اإلنس��ان – فإن الفك��ر الديمقراطي‬ ‫الش��عبوي – وهو الفكر الس��ائد إجما ًال على‬ ‫الس��احة الثقافي��ة العربي��ة – يض��ع رهانَه‬ ‫َّ‬ ‫كله على الش��عب أو عل��ى المجتمع المدني‪،‬‬ ‫فيؤبل��س "‪ " diabolize‬الدول��ة ويؤمث��ل‬ ‫"‪ "idealize‬األم��ة‪ ،‬وال يقيم بينهما إال عالقة‬ ‫جالد وضحية‪.‬‬ ‫ويش��ير الباحث طرابيش��ي إل��ى تأثير‬ ‫الطائفي��ة الس��لبي عل��ى إمكاني��ة حي��اة‬ ‫ديموقراطي��ة س��ليمة‪ ،‬فيعتبره��ا أول‬ ‫األم��راض‪ .‬أما ثاني أمراض المجتمع األهلي‬ ‫العربي‪ ،‬فيتمثل في النمو المتعاظم لظاهرة‬ ‫التجمع��ات المذهبية (الممول��ة بالدوالرات!)‬ ‫وخطورة ه��ذه التجمعات الت��ي تأخذ طابعًا‬ ‫مذهبيًّ��ا ف��ي بع��ض مظاه��ر اصطدامه��ا‬ ‫العنيف مع مب��دأ المبادئ في منظومة القيم‬ ‫الديمقراطية‪ :‬حرية الفكر واالعتقاد‪ .‬فسالح‬ ‫"التكفير" الذي تشهده هذه التجمعات يمثل‪،‬‬ ‫في إط��ار الوضعي��ة العربية‪ ،‬أعلى أش��كال‬ ‫العنف المعنوي‪.‬‬ ‫ال ش��ك ف��ي أن الديمقراطي��ة ه��ي‪،‬‬ ‫ف��ي التحليل األخي��ر‪ ،‬ثقاف��ة ومنظومة قيم‬ ‫متضامن��ة‪ :‬فهي ال يمكن لها أن تكون نظامًا‬ ‫فصاميًّا‪ ،‬أي ال يمكن أن تكون نظامًا للحكم‬ ‫دون أن تكون نظامًا للمجتمع‪ .‬والمجتمع‪ ،‬في‬ ‫المقام األول‪ ،‬نس��يج م��ن العقليات‪ .‬يبقى أن‬ ‫المجتمع الذي يريد الديمقراطية في السياسة‬ ‫وال يريده��ا في الفكر هو مجتمع يستس��هل‬ ‫الديمقراطية ويختزلها في آنٍ معًا‪.‬‬ ‫ه��ذا في الديمقراطية‪ .‬أم��ا في مبحثه‬ ‫"الفلس��فة العربي��ة المس��تحيلة"‪ ،‬فينف��ي‬ ‫طرابيش��ي وج��ود فلس��فة عربي��ة حديث��ة‬ ‫أو معاص��رة‪ ،‬عل��ى الرغ��م من "ت��و ماوية"‬ ‫يوسف كرم‪ ،‬و"وجودية" عبد الرحمن بدوي‪،‬‬ ‫و"جَواني��ة" عثم��ان أمي��ن‪ ،‬و"ش��خصانية"‬ ‫عزي��ز الحبابي‪ ،‬و"ماركس��ية" س��مير أمين‪،‬‬ ‫و"فيورباخية" حس��ن حنفي و"هوسِّ��رليته"‬ ‫في آنٍ معًا‪.‬‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫هرطقات‪ :‬عن الدميقراطية والعلمانية واحلداثة‬ ‫واملمانعة العربية‬

‫‪15‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬

‫يف البحث‬ ‫عن «الإله»‬ ‫املفقود‪:‬‬ ‫جمعة الآالم‬ ‫ال�سور ّية‬ ‫براس شحيد‬

‫«الإله» املفقود‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 15 | )30‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫ً‬ ‫قصّ��ة‬ ‫ف��ي كت��اب «اللي��ل»‬ ‫ً‬ ‫مؤلم��ة حصل��ت ف��ي معتق��ل‬ ‫«أوش��فيتز» الرهي��ب‪ ،‬أنقلها هنا‬ ‫بشِ��عريّتها راجي��ًا م��ن الق��ارئ‬ ‫الكريم أال يأخذها بحَرْفيّتها‪ .‬في‬ ‫أح��د األيام‪ ،‬ت��مّ جمع المس��اجين‬ ‫ليش��اهدوا ش��نق مجموع��ة م��ن‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫نحيل‬ ‫طف��ل‬ ‫المعتقلي��ن‪ ،‬وبينهم‬ ‫في الثانية عشرة من عمره‪ .‬سحب‬ ‫الجنود الكرس��ي م��ن تحت قدمي‬ ‫الطفل‪ ،‬لكنه لم يختنق بس��رعة‪،‬‬ ‫ولم يك��ن له من ال��وزن ما يكفي‬ ‫لتنكس��ر عنق��ه‪ ،‬فظ��ل معلقاً في‬ ‫اله��واء ينازع دهراً قبل أن يخ ّلصه‬ ‫الموت‪ .‬أحد المساجين قال بصوتٍ‬ ‫مضط��رب‪« :‬أي��ن ه��و اهلل؟» لكن‬ ‫ال مجي��ب! وبع��د بض��ع دقائق من‬ ‫الصمت الخان��ق‪ ،‬والطفل المنازع‬ ‫م��ا زال حيّ��ًا‪ ،‬ودموع��ه المالح��ة‬ ‫تنهم��ر من عي��ون الجمي��ع‪ ،‬يكرّر‬ ‫السائل تس��اؤله بإلحاح‪« :‬أين هو‬ ‫اهلل؟»‪ ،‬فيجي��ب قل��ب الكاتب‪« :‬إنه‬ ‫َّ‬ ‫معلقٌ على المشنقة!»‪.‬‬

‫بريد «اهلل»‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫إن س��ألني أح��دٌ الي��وم‪« :‬أين‬ ‫هو اهلل في س��وريا؟» ألجبت‪« :‬إن‬ ‫كان «اهلل» رحيمًا‪ ،‬فال يمكن إال أن‬ ‫«يسكن» في جسد عفاف المهشّم‪،‬‬ ‫وجلد مصطفى المتفحّم‪ ،‬وحنجرة‬ ‫ابراهي��م المبت��ورة‪ ،‬وورود غي��اث‬ ‫الذابلة‪ ،‬ودموع كل ضحيّة!» فمنذ‬

‫شهداء‬ ‫سورية‬

‫زمن بعيد‪ ،‬ل��م يعد «اهلل» يجلس‬ ‫ٍ‬ ‫كثيراً في الكنائس والجوامع‪ ،‬ألنه‬ ‫ّ‬ ‫مل رائحة البخور وضجيج الخطب‬ ‫حي��ن ال تع��رف إال لغ��ة الخ��وف أو‬ ‫الوعي��د‪ ،‬كم��ا س��ئم ألح��ان تل��ك‬ ‫التراني��م التي َكنَسَ��تِ اإلنس��ان‬ ‫وضَجر من‬ ‫كم��ا يُكن��س الغب��ار‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أصوات األج��راس والمؤذنين حين‬ ‫زمن‬ ‫ص��ارت حبوباً مخ��درة‪ ...‬منذ ٍ‬ ‫بعيد‪ ،‬وجد «اهلل» بيوتًا أنس��ب من‬ ‫المذابح القديم��ة‪ ،‬ألنه كان رحيمًا‬ ‫أكثر من كونه «متديّنًا»‪ ،‬وفضّل‬ ‫عل��ى المعابد الش��وارعَ الطويلة‪،‬‬ ‫والمقاه��ي المكتظ��ة بالحالمين‪،‬‬ ‫وج��روح المش��ردين‪ ،‬كم��ا أح��ب‬ ‫أط��راف األزق��ة‪ ،‬حي��ث يجل��س‬ ‫المتس��ولون‪ ،‬ويس��ترق بائع��و‬ ‫ال��ورود النظ��رات بصم��ت‪ ...‬من��ذ‬ ‫زمن بعي��د‪ ،‬هج��ر «اهلل» مذابحه‬ ‫ٍ‬ ‫القديم��ة‪ ،‬وكتب عل��ى أحد جدران‬ ‫حم��ص عنوان��ه الجدي��د‪« :‬بيت��ي‬ ‫مآسي السوريين‪ ،‬وخيم الجئيهم‪،‬‬ ‫وقلوبهم الفسيحة!»‪.‬‬

‫العر�ش الفارغ‬ ‫ف��ي الجمع��ة العظيم��ة من��ذ‬ ‫ألفي عام‪ ،‬صلبوا يس��وع الناصري‬ ‫ بحسب اإليمان المسيحي ‪ -‬ومعه‬‫لصّان‪ .‬وفي الجمعة العظيمة من‬ ‫العام الماضي‪ ،‬تجاوز عدد الشهداء‬ ‫الذين سقطوا برصاص األمن في‬ ‫س��وريا‪ ،‬وللم��رة األول��ى‪ ،‬المئ��ة!‬ ‫عندها‪ ،‬تأبّط «اهلل» حمص ورحل‬ ‫ليس��كن ش��ارعًا وزقاق��اً وخيم��ة‪،‬‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)13452‬‬ ‫دمشق‪236 :‬‬ ‫ريف دمشق‪1124 :‬‬ ‫حمص‪5605 :‬‬ ‫حلب‪371 :‬‬ ‫حماه‪1423 :‬‬ ‫الالذقية‪243 :‬‬

‫تاركًا للطائفيّين أصنامهم‪ ،‬فصار‬ ‫ألن القل��ب‬ ‫ع��رشُ «اهلل» فارغ��اً‪ّ ،‬‬ ‫ص��ار مذبحَ��ه ومحراب��ه‪ ،‬وص��ار‬ ‫«اهلل» ً‬ ‫ألفة ف��ي كل غريب‪ ،‬وحيا ًة‬ ‫ف��ي كل ش��هيد‪ ،‬ووطن��ًا ف��ي كل‬ ‫الجئ‪ ،‬ولم يعد «اهلل» مُ ْل َكًا ألحد‪،‬‬ ‫وص��ار الج��رح «إلهيّ��ًا»‪ ،‬والنصرُ‬ ‫إنسانًا يعشق الحرية‪.‬‬

‫�س� ٌ‬ ‫ؤال ُم ِلحّ‬

‫ص��رخ َّ‬ ‫معل��قٌ م��ن الناص��رة‬ ‫عل��ى خش��بة‪« :‬إله��ي إله��ي ل��مَ‬ ‫تركتني؟»‪ ،‬ورفع ناش��طو كفرنبل‬ ‫ً‬ ‫الفت��ة كتب��وا عليه��ا‪« :‬يس��قط‬ ‫النظام والمعارضة‪ ...‬تسقط األمة‬ ‫العربيّ��ة واإلس�لاميّة‪ .‬يس��قط‬ ‫مجلس األمن‪ ...‬يس��قط العالم‪...‬‬ ‫يسقط كل شيء« (‪.)2011/10/14‬‬ ‫لم يسقط كل شيء‪ ،‬وبقي العالم‬ ‫وبقيت األمة‪ ،‬وبقي السؤال يتردد‬ ‫إلى يومنا هذا‪« :‬لمَ تركتني؟»‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫دين‬ ‫رجل استضاف‬ ‫عائلة من ٍ‬ ‫آخ��ر‪ ،‬صارت ب�لا مأوى‪ ،‬ف��ي بيته‬ ‫الصغي��ر‪ ،‬فكانت إنس��انيّته جوابًا‬ ‫عل��ى الس��ؤال المل��حِّ‪ ،‬ول��و غي��ر‬ ‫كافٍ‪...‬‬

‫ِم ْلحٌ ومو�سيقى‬

‫هناك في الجلجلة‪ ،‬حيث تجمّع‬ ‫المئات ليش��اهدوا ناصريّ��اً مع ّلقًا‬ ‫على الخش��بة‪ ،‬هناك حيث اختنقت‬ ‫األص��وات وتعالى النحي��ب‪ ،‬هناك‬ ‫حي��ث ّ‬ ‫صف��ق بعضه��م‪ ،‬وأغمض‬ ‫طرطوس‪56 :‬‬ ‫درعا‪1383 :‬‬ ‫دير الزور‪542 :‬‬ ‫الحسكة‪44 :‬‬ ‫القنيطرة‪18 :‬‬ ‫الرقة‪57 :‬‬ ‫ادلب‪2435 :‬‬ ‫السويداء‪5 :‬‬

‫آخرون عيونهم‪ ،‬هناك حيث تجمّع‬ ‫«الش��بّيحة»‪ ،‬هناك حي��ث انهالت‬ ‫ني��ران المدافع عل��ى المتظاهرين‬ ‫الوافدي��ن م��ن دمش��ق‪ ،‬هن��اك‬ ‫حي��ث قامت ألف طائف��ةٍ وطائفة‪،‬‬ ‫هناك حي��ث كانت نظرات األطفال‬ ‫مالحة‪ ،‬هناك حيث أَحرق العس��كر‬ ‫محاصي��ل ال��ذرة‪ ،‬هن��اك حي��ث‬ ‫اغتُصِبت نسا ٌء في معمل السكر‪،‬‬ ‫هن��اك حيث انقرضت بابا عمرو إال‬ ‫م��ن الذاكرة‪ ،‬هناك حي��ث أمطرت‬ ‫الس��ماء ألف صمتٍ وكلمة‪ ،‬هناك‪،‬‬ ‫ش��اهدتُ عصف��وراً م��ا زال يغرّد‬ ‫للحري��ة‪ ،‬و«إلهاً» ال يملك س��ياطاً‪،‬‬ ‫ووطناً يبحث عن ّ‬ ‫سكانه‪...‬‬

‫«الإله» املُ�ستعاد‬ ‫عندم��ا س��قط ف��ي الجمـع��ة‬ ‫العـظيم��ة أكث��ر من مئة ش��هيد‪،‬‬ ‫وصار األل��م طحينَ الس��وريّين‪،‬‬ ‫وصار المش��رَّدون عن��وان «اهلل»‬ ‫الجدي��د ف��ي س��وريا‪ ،‬واليتام��ى‬ ‫أحب��اءه‪ ،‬والمظلومي��ن أصفي��اءه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫«اهلل» الدي��نَ مج��دّداً أال‬ ‫طال��ب‬ ‫ً‬ ‫يك��ون ديكتات��ورا‪ ،‬وأال يك��ون‬ ‫انغالق��ًا‪ ،‬وص��ار من واج��ب الدين‬ ‫أن يحتف��ل باإلنس��ان‪ ،‬أمؤمناً كان‬ ‫أم ال‪ ،‬وص��ار بإم��كان اإلنس��ان أن‬ ‫يحب بحريّة أكثر‪ ،‬ألنه هكذا أحب‬ ‫«اهلل» العالم!‬ ‫راهب يسوعي من سوريا‬ ‫جريدة السفير ‪2012-4-7‬‬ ‫‪ 1116‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 12336‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 855‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 214‬األطفال اإلناث‬ ‫‪ 719‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬إحصائية قاعدة بيانات‬ ‫شهداء الثورة السورية ‪2012 / 4 / 13‬‬ ‫‪http://syrianshuhada.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.