Souriatna Issue 35

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2012/ 5 / 20 | )35‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫�إعدامات ميدانية حتت جنح الظالم يف حم�ص‬ ‫وا�شتباكات و�شهداء يف درعا و�إدلب والر�سنت‬

‫استشهد ‪ 15‬شخصا بينهم إمام مسجد‬ ‫في "إعدامات ميداني��ة" بأيدي قوات النظام‬ ‫بع��د اقتحامه��ا حي��ا بمدينة حمص وس��ط‬ ‫س��وريا‪ ،‬بحس��ب ما أف��اد المرصد الس��وري‬ ‫لحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫وذكر المرصد في بيان أن ‪ 15‬شخصا؛‬ ‫بينهم امرأة ورجل دين‪ ،‬استشهدوا في حي‬ ‫الش��ماس بمدين��ة حمص "خ�لال إعدامات‬ ‫ميداني��ة ف��ي مج��زرة جدي��دة م��ن مج��ازر‬ ‫النظام السوري"‪.‬‬ ‫وأوض��ح مدي��ر المرص��د رام��ي عب��د‬ ‫الرحم��ن ف��ي اتص��ال هاتف��ي م��ع وكال��ة‬ ‫الصحافة الفرنسية أن قوات األمن السورية‬ ‫كان��ت "اقتحم��ت قب��ل منتص��ف الليل حي‬ ‫الش��ماس في حمص وبدأت حملة اعتقاالت‬ ‫ومداهمات شملت ثمانين شخصا"‪.‬‬ ‫وق��ال إن ه��ذه الق��وات ب��دأت تنفي��ذ‬ ‫"اإلعدام��ات الميدانية" بع��د منتصف الليل‪،‬‬ ‫مش��يرا إلى اقتياد الش��يخ مرع��ي زقريط‪،‬‬ ‫إمام مس��جد أبو هريرة‪ ،‬من منزله والعثور‬ ‫عليه مقتوال "في منزل مهجور"‪.‬‬ ‫وأك��د عب��د الرحم��ن أن الش��يخ زقريط‬ ‫"مع��روف بأن��ه من دع��اة التعاي��ش والوحدة‬ ‫الوطني��ة‪ ،‬وهو محبوب من الس��نة والعلويين‬ ‫والمسيحيين في المنطقة‪ ،‬وناشط في مجال‬ ‫العم��ل الخي��ري"‪ .‬والش��يخ زقري��ط له س��تة‬ ‫أطفال‪ ،‬وهو في الثالثة واألربعين من العمر‪.‬‬ ‫م��ن جهته��ا‪ ،‬أعلن��ت لج��ان التنس��يق‬ ‫المحلي��ة أن ‪ 35‬ش��خصا استش��هدوا إث��ر‬ ‫االشتباكات والعمليات العسكرية المستمرة‬ ‫للق��وات النظامي��ة في معظ��م المحافظات‬ ‫السورية وبالتحديد في درعا وإدلب وحمص‬ ‫والحس��كة‪ .‬ويأت��ي ذل��ك غ��داة مقت��ل نحو‬ ‫س��بعين شخصا يوم الثالثاء بحسب الشبكة‬ ‫الس��ورية لحقوق اإلنسان التي أعلنت أيضا‬ ‫ع��ن أنها وثق��ت أكثر م��ن ‪ 505‬نقاط خرق‬

‫لمب��ادرة المبع��وث األمم��ي العرب��ي كوفي‬ ‫أنان بإطالق نار مباش��ر عل��ى المتظاهرين‬ ‫وقص��ف مدفعي واقتحامات م��ن قبل قوات‬ ‫الجيش الس��وري‪ ،‬مما أدى إلى وقوع العديد‬ ‫من القتلى والجرحى واعتقال العشرات‪.‬‬ ‫وقال المرصد السوري لحقوق اإلنسان‬ ‫إن خمس��ة أش��خاص قتلوا ج��راء إطالق نار‬ ‫من رشاشات ثقيلة على مدينة خان شيخون‬ ‫ف��ي ريف إدل��ب‪ ،‬موضح��ا أن الش��هداء هم‬ ‫طفل ورجل وثالثة مقاتلين من المجموعات‬ ‫المسلحة المنشقة‪.‬‬ ‫وق��ال الناش��ط أب��و هم��ام م��ن خان‬ ‫ش��يخون‪" :‬لم نن��م منذ أمس‪ ،‬وكنا نس��مع‬ ‫أصوات القصف وإطالق الن��ار طيلة الليل"‪،‬‬ ‫وذك��ر أن "القص��ف توق��ف بي��ن الخامس��ة‬ ‫والس��ابعة صباحا‪ ،‬ثم استؤنف"‪ ،‬وأن الناس‬ ‫في المناطق التي تعرض��ت للقصف "كانوا‬ ‫خائفين وحاولوا الفرار إلى أحياء أكثر أمنا"‪.‬‬ ‫وأوض��ح المرص��د الس��وري أن أربع��ة‬ ‫أش��خاص بينهم طفلة استشهدوا إثر إطالق‬ ‫ن��ار م��ن رشاش��ات ثقيلة م��ن قب��ل القوات‬ ‫النظامية الس��ورية على مخيم النازحين في‬ ‫مدينة درعا‪ .‬وأشار المرصد إلى سماع أصوات‬

‫انفجارات وإطالق نار كثيف في المدينة‪.‬‬ ‫كما تحدث ناشطون عن استشهاد شاب‬ ‫إثر إطالق الرصاص خ�لال حملة مداهمات‬ ‫واعتقاالت نفذتها القوات النظامية في قرية‬ ‫مليحة العطش بمحافظة درعا وشملت ستة‬ ‫أشخاص على األقل‪.‬‬ ‫وذك��ر المرص��د أن مدين��ة إنخ��ل في‬ ‫المحافظ��ة نفس��ها تعرض��ت إلط�لاق ن��ار‬ ‫م��ن رشاش��ات ثقيل��ة وقذائف م��ن القوات‬ ‫النظامي��ة‪ ،‬تبعت��ه حملة مداهمات‪ ،‬مش��يرا‬ ‫إلى مقتل ضابط م��ن القوات النظامية في‬ ‫اشتباكات بالمدينة‪.‬‬ ‫وفي محافظة حمص‪ ،‬كشف ناشطون‬ ‫لـ"الش��رق األوس��ط" أن عض��و المجل��س‬ ‫الوطني عمر إدلبي والناشطين هادي العبد‬ ‫اهلل وأبو جعفر الحمصي وسليم قباني نجوا‬ ‫م��ن كمي��ن نصبه له��م عناص��ر األمن في‬ ‫مدينة حمص‪ .‬قال الناش��طون إنهم أصيبوا‬ ‫بجراح طفيفة وإنهم بخير‪.‬‬ ‫وبالتزامن‪ ،‬أفادت لجان التنسيق المحلية‬ ‫أن مواطنا على األقل قتل جراء القصف الذي‬ ‫تتع��رض له مدينة الرس��تن منذ أي��ام‪ ،‬فيما‬ ‫تحدث المرصد الس��وري عن "سقوط قذيفة‬

‫كل دقيقتين"‪ ،‬علما بأن الرس��تن التي تعتبر‬ ‫أحد معاق��ل الجيش الس��وري الحر‪ ،‬تعرضت‬ ‫لمحاولة اقتح��ام االثنين‪ ،‬قتل فيها ‪ 23‬جنديا‬ ‫نظامي��ا‪ .‬كما تعرضت لقصف ش��به متواصل‬ ‫خالل األيام الماضية تس��بب في سقوط عدد‬ ‫من القتلى والجرحى‪.‬‬ ‫وم��ن ري��ف دمش��ق‪ ،‬وبالتحدي��د من‬ ‫مدينة دوما‪ ،‬تحدث محمد الس��عيد لـ"الشرق‬ ‫األوسط" عن انتشار لألمن في عدة مناطق‬ ‫وحمل��ة اعتقاالت عش��وائية تنفذه��ا قوات‬ ‫األم��ن ف��ي المدين��ة‪ ،‬الفت��ا إل��ى أن حمل��ة‬ ‫مداهم��ات شرس��ة من��ذ األس��بوع الماضي‬ ‫وال ت��زال مس��تمرة عل��ى م��زارع الريح��ان‬ ‫كاف��ة‪ ،‬وق��ال‪" :‬يت��م نصب حواجز وبش��كل‬ ‫الف��ت ف��ي المدين��ة‪ ،‬كم��ا تج��ري اعتقاالت‬ ‫عش��وائية للمزارعين‪ ،‬علما بأنه تم احتالل‬ ‫أح��د المعامل ف��ي المنطقة حيث يتم أس��ر‬ ‫المعتقلين"‪.‬‬ ‫وفي الغوطة الش��رقية بريف دمشق‪،‬‬ ‫قالت لجان التنس��يق المحلية إن قوات األمن‬ ‫اقتحمت بل��دة دير العصافير وس��ط إطالق‬ ‫نار كثي��ف‪ ،‬كم��ا اقتحمت قوات أخ��رى بلدة‬ ‫حتيتة التركمان‪.‬‬

‫ف��ي نقل حقيقة م��ا يجري داخل س��وريا»‪،‬‬ ‫واضعا هذه الممارس��ات في إطار «سياس��ة‬ ‫عام��ة ومنهجي��ة يتبعها النظام الس��وري»‪.‬‬ ‫وأوضح لـ«الشرق األوسط» أن األخير «حتى‬ ‫قبل الثورة الس��ورية‪ ،‬هو من أشد األنظمة‬ ‫الديكتاتوري��ة تقيي��دا للحري��ات العام��ة‬ ‫والخاصة‪ ،‬وتحديدا حرية التعبير»‪.‬‬ ‫وق��ال صال��ح‪ ،‬وه��و أح��د الناطقي��ن‬ ‫الرسميين باس��م «لجان التنسيق المحلية»‬

‫في س��وريا «أكاد ال أع��رف أحداً من زمالئي‬ ‫الناش��طين ف��ي مج��ال الكتاب��ة وال��رأي‬ ‫والنش��اط المدن��ي الس��لمي‪ ،‬إال وتع��رض‬ ‫للمالحق��ة واالعتقال والتعذيب في س��جون‬ ‫النظام الس��وري»‪ ،‬مذك��را بقضيتي رئيس‬ ‫«المركز الس��وري لإلع�لام وحرية التعبير»‬ ‫م��ازن دروي��ش «ال��ذي ال ي��زال معتقال وال‬ ‫نعرف ش��يئا عن وضع��ه راهن��ا»‪ ،‬والمفكر‬ ‫الفلسطيني س�لامة كيلة الذي اعتقل وتم‬ ‫تعذيب��ه بع��د توقي��ف رج��ل يحمل نش��رة‬

‫«اليس��اري» قال إنه حص��ل عليها من كيلة‬ ‫وتم ترحيله بشكل قسري إلى األردن‪.‬‬ ‫وكان��ت أجه��زة األم��ن الس��ورية ق��د‬ ‫أفرج��ت ف��ي األي��ام األخي��رة عن ع��دد من‬ ‫معتقل��ي ال��رأي‪ ،‬بينه��م مع��اذ الخطي��ب‬ ‫والدكت��ور جوزي��ف نخل��ة وبس��ام ووس��ام‬ ‫س��ارة‪ ،‬ابنا الكاتب والمعارض السوري فايز‬ ‫س��ارة‪ .‬وكت��ب األخي��ر عل��ى صفحت��ه على‬ ‫«فيس بوك»‪« :‬ش��كرا صديقات��ي‪ ،‬رفاقي‪،‬‬ ‫أصدقائ��ي لتضامنك��م م��ع عائلت��ي ومعي‬ ‫خالل اعتقال ولدي بس��ام ووسام‪ ،‬اآلن هما‬ ‫طليقان وس��ط عائليتهما‪ ،‬وهو أمل ننتظره‬ ‫لكل معتقل في أن يكون حرا وس��ط عائلته‬ ‫وأهله وأصدقائه‪ ،‬آملين أن نرى سوريا حرة‬ ‫في أقرب وقت»‪.‬‬ ‫وأخل��ى القضاء س��بيل عناصر المركز‬ ‫السوري لإلعالم وحرية التعبير الذين سبقت‬ ‫إحالته��م للقض��اء وهم ي��ارا ب��در وهنادي‬ ‫زحل��وط ورزان غزاوي وميادة خليل وس��ناء‬ ‫زيناني وأيهم غزول وبس��ام األحمد وجوان‬ ‫فرس��و‪ ،‬فيما ال يزال مصير معتقلين آخرين‬ ‫مجه��وال‪ ،‬ومنه��م م��ازن درويش وحس��ين‬ ‫غرير وعبد الرحمن حم��ادة ومنصور العلي‬ ‫وهان��ي زيتان��ي‪ ،‬وط��ل الملوح��ي‪ ،‬وماري‬ ‫عيس��ى‪ ،‬والدكت��ور أحمد الك��ردي والدكتور‬ ‫جالل نوفل‪.‬‬

‫النظام يفرج عن بع�ض معتقلي الر�أي‪ ..‬وم�صري �آخرين ال يزال جمهو ًال‬ ‫بينما أفرجت أجهزة األمن السورية عن‬ ‫عدد من معتقلي الرأي‪ ،‬بينهم معاذ الخطيب‬ ‫والدكت��ور جوزي��ف نخل��ة وبس��ام ووس��ام‬ ‫س��ارة‪ ،‬ابنا الكاتب والمعارض السوري فايز‬ ‫س��ارة‪ ،‬خالل األيام األخي��رة‪ ،‬أعربت «لجان‬ ‫التنس��يق المحلية» في سوريا عن مخاوفها‬ ‫حول مصير الصحافي المعتقل جهاد جمال‪،‬‬ ‫الذي عرف بتغطيته ألخبار الثورة الس��ورية‬ ‫واعتقل ألش��هر عدة‪ ،‬مش��يرة إلى أن «أنباء‬ ‫تواردت مؤخرا عن تردي وضعه الصحي‪ ،‬مع‬ ‫استمراره في اإلضراب عن الطعام احتجاجا‬ ‫على اعتقاله التعسفي»‪.‬‬ ‫وكان جم��ال‪ ،‬المع��روف بمي�لان‪ ،‬ق��د‬ ‫اعتق��ل للم��رة الرابع��ة عل��ى التوال��ي من‬ ‫مقه��ى نينار ف��ي دمش��ق في الس��ابع من‬ ‫م��ارس (آذار) الماض��ي م��ن قب��ل «ف��رع‬ ‫فلسطين العس��كري»‪ ،‬قبل أن ينقل مؤخرا‬ ‫وفق «لجان التنسيق» إلى «الفرع العسكري‬ ‫رق��م ‪ 248‬وفق��ا لمعتقلين مف��رج عنهم»‪.‬‬ ‫وبدأ إضرابا مفتوحا عن الطعام يوم الثالثاء‬ ‫الماض��ي‪ ،‬األمر الذي أدى إلى تدهور متزايد‬ ‫في حالته الصحية‪.‬‬ ‫وأش��ار المعارض والناش��ط السياسي‬ ‫خليل الحاج صالح إلى أن «النظام الس��وري‬ ‫ال ي��زال يالحق الصحافيي��ن وأصحاب الرأي‬ ‫الح��ر وكل م��ن يعب��ر ع��ن آرائه أو يس��هم‬


‫الق�ضاء ال�سوري يحكم بالإعدام على النا�شط‬ ‫حممد احلريري بتهمة اخليانة العظمى‬

‫أسبوعية‬

‫لع��ل م��ن نافل القول أن ثورة الس��وريين ف��ي آذار (مارس) ‪ ،2011‬بدأت س��لمية في‬ ‫انطالقته��ا‪ ،‬وف��ي حراكه��ا وف��ي ش��عاراتها‪ ،‬بل إن المن��اداة بالس��لمية كانت أكث��ر وأعلى‬ ‫الش��عارات‪ ،‬الت��ي رددتها تظاهرات الس��وريين من درعا في الجنوب إلى حلب في الش��مال‬ ‫ومن الالذقية في الغرب إلى دير الزور والقامشلي في شرق البالد‪.‬‬ ‫وعل��ى رغم مضي نحو خمس��ة عش��ر ش��هراً على الث��ورة‪ ،‬وحصول تط��ورات عنفية‬ ‫ف��ي مناط��ق س��ورية ع��دة‪ ،‬فإن الطاب��ع العام لث��ورة الس��وريين م��ا زال س��لمياً‪ ،‬وهو ما‬ ‫تؤك��ده اس��تمرارية التظاهرات في المدن والقرى‪ ،‬حيث اس��تطاع الن��اس الخروج للتظاهر‬ ‫واالعتصام��ات على نحو م��ا تكرر مرات في دمش��ق في اآلونة األخيرة ف��ي حملة «أوقفوا‬ ‫القت��ل» وهي حملة ال يمكن أن يقوم بها أش��خاص غير س��لميين‪ ،‬وغير مؤمنين بالس��لم‬ ‫نهجًا في حياتهم‪.‬‬ ‫وبخالف هذا الدفق الس��لمي في ثورة الس��وريين‪ ،‬فإن أحداً ال ينكر أن مظاهر للعنف‬ ‫أو انخراط��اً في��ه ق��د ظهر في م��دن وقرى س��ورية قليلة‪ ،‬ربم��ا كان ما ح��دث في حمص‬ ‫وبع��ض قرى الريف مثالها‪ ،‬وفيها حدثت أعمال عنف كان من أطرافها مس��لحون ومنتمون‬ ‫إلى الجيش الحر ومنش��قون عن المؤسس��ة العس��كرية – األمنية في مواجهة قوات األمن‬ ‫والجيش والشبيحة وأنصار النظام‪.‬‬ ‫وأعم��ال العن��ف هذه‪ ،‬كان��ت محكومة بس��مات وخصوصيات منها أنه��ا محصورة في‬ ‫أماكن محددة‪ ،‬وأن هذه األماكن ش��هدت أوس��ع وأش��د فصول المعالجة األمنية العس��كرية‬ ‫لألزم��ة‪ ،‬تم فيها قتل وجرح واعتقال وتهجي��ر وتدمير ممتلكات خارج التصور‪ ،‬اذكت غضبًا‬ ‫في أوس��اط الس��كان ورفضًا ألوامر قادة في األجهزة األمنية – والعسكرية‪ ،‬وغالبًا فإن ذلك‬ ‫ترافق مع تصعيد في لهجات الخطابات التخوينية والدينية – الطائفية‪ .‬وبصورة عامة‪ ،‬فإن‬ ‫الطاب��ع العام لهذه التط��ورات محلي من جهة ومرتبط بظروف محددة‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬مما‬ ‫ينفي عما حدث صفة الظاهرة‪ ،‬بل أن كثيراً من أعمال العنف خارج عنف النظام كان فرديًا‬ ‫أو لجماع��ات غير منظمة‪ ،‬وليس لها امتدادات تنظيمي��ة‪ ،‬وال تصورات فكرية وأيديولوجية‬ ‫ناظمة‪.‬‬ ‫غي��ر أن واق��ع االخت�لاط بي��ن عمومية الس��لمية ومحدودي��ة العنف في ص��ورة ثورة‬ ‫الس��وريين عل��ى نحو ما بدا في الداخل الس��وري‪ ،‬لم ينظر إليه على ه��ذا النحو من جانب‬ ‫اآلخري��ن‪ ،‬وهو أمر لم يقتصر على خصوم الثورة انطالقاً من النظام وإعالمه إلى أنصاره‬ ‫القالئ��ل ف��ي المحيطين اإلقليم��ي والدولي‪ ،‬بل امتدت تل��ك النظرة إلى أنص��ار إقليميين‬ ‫ودوليين للثورة‪ ،‬وأطراف هي محس��وبة على ثورة الس��وريين وأشخاص منهم‪ .‬واألمر في‬ ‫كل األحوال كان محكومًا بخلفيات فكرية وسياس��ية وعملية‪ ،‬اس��تند إليها الذين نظروا إلى‬ ‫الث��ورة باعتباره��ا تحول��ت إلى العنف‪ ،‬أو أنها عنيفة في األس��اس‪ ،‬وما تب��ع ذلك من أقوال‬ ‫تتصل بمس��لحين وأس��لحة وأعمال مس��لحة‪ ،‬تصل حد «الجرائم» على نحو ما بينت أقوال‬ ‫صدرت هنا وهناك‪.‬‬ ‫لقد أش��ارت تصريحات س��ورية رس��مية إلى مس��لحين وجماعات إرهابية مسلحة في‬ ‫الث��ورة منذ بداي��ة األحداث‪ ،‬واس��تمرت تلك التصريح��ات متصاعدة لتصير الس��مة العامة‬ ‫للحراك الش��عبي المناهض للنظام‪ ،‬بخاصة مع ربط الحراك بمؤامرة تش��ارك فيها أطراف‬ ‫خارجي��ة‪ ،‬ونح��ت أطراف مؤيدة وداعمة للس��لطات الس��ورية في االتجاه ذات��ه‪ ،‬حيث قرنت‬ ‫الثورة بممارس��ة العنف وباالرتباط بالخارج وهو ارتباط ال يقتصر على الروابط السياسية‬ ‫واألمنية فقط‪ ،‬بل أن االتهام يش��مل السالح والعمليات المسلحة بما فيها عمليات التخريب‬ ‫واالغتي��ال‪ ،‬وف��ي وقت مبك��ر تحدث ال��روس عن «معارضة س��ورية مس��لحة»‪ ،‬فيما ربط‬ ‫اإليرانيون بين الحراك السوري واألهداف اإلسرائيلية – األميركية‪.‬‬ ‫لق��د تح��دث المنضوون ف��ي الفريق الس��ابق عن مس��لحين وإرهابيي��ن وأعضاء في‬ ‫القاعدة من س��وريين وآخرين وفدوا إلى س��ورية‪ ،‬وعن مصانع أسلحة وذخائر‪ ،‬وأخرى يتم‬ ‫تهريبه��ا من دول الجوار‪ ،‬وعن عمليات عس��كرية وتفجي��رات واغتياالت‪ ،‬تكاد تتماثل مع ما‬ ‫كان يح��دث في أفغانس��تان والعراق في أس��وأ ما مر بها البلدان في أي��ام االنفالت األمني‪،‬‬ ‫والهدف الرئيس لكل ما تقدم‪ ،‬هو تبرير تواصل العمليات األمنية العس��كرية ضد عش��رات‬ ‫الم��دن والق��رى وما يق��ع فيها من قمع عني��ف وعقوب��ات هدفهما وقف اس��تمرار التظاهر‬ ‫واالحتجاج ضد النظام‪ ،‬وقد تعدى الهدف ما س��بق إلى هدف آخر‪ ،‬ال يقل أهمية‪ ،‬وهو إقناع‬ ‫العالم بأن ما يتم القيام به في س��ورية‪ ،‬ال يندرج في س��ياق مواجهة النظام لمتظاهرين‬ ‫ومحتجين ضده‪ ،‬إنما هو مواجهة مع الجماعات اإلرهابية المسلحة وأبرزها تنظيم القاعدة‪،‬‬ ‫والت��ي تمثل خطراً على امن العالم وس�لامه‪ .‬وألن النظام في س��ورية يقوم بهذه المهمة‬ ‫نياب��ة عن العالم‪ ،‬فإنه يس��تحق دعمه ومس��اندته وقب��ل ذلك كله اإلبقاء علي��ه قائمًا في‬ ‫سورية بغض النظر عن أية تفاصيل أخرى‪.‬‬ ‫أن س��لمية الث��ورة والح��راك الس��وري‪ ،‬هي مس��ألة مب��دأ م��ن الناحيتين السياس��ية‬ ‫واألخالقية‪ ،‬وفي هذا تتش��ارك قوة الحراك مع توجهات جماعات المعارضة وعموم الش��ارع‬ ‫السوري الموصوف بعامة بسلميته وميله إلى التسويات والتوافقات في سياق حياته العامة‬ ‫وفي عالجه للمشاكل القائمة‪.‬‬ ‫وعملي��ة إلح��اق صفات ومتممات القوة والعنف‪ ،‬وما يتصل بهما من ممارس��ات تتصل‬ ‫بالس�لاح والذخيرة والمس��لحين‪ ،‬إنما هي عملية قس��رية‪ ،‬ذات أهداف سياس��ية‪ ،‬تستجيب‬ ‫مصالح أصحابها‪ ،‬لكن ذلك ال يمنع من قول‪ ،‬انه وتحت ضغط ظروف اس��تثنائية ومحدودة‪،‬‬ ‫ف��إن بع��ض مظاه��ر وأعمال عن��ف حدثت‪ ،‬ويمك��ن أن تحدث الحق��اً في بع��ض المناطق‬ ‫الس��ورية‪ ،‬من دون أن تنزع عن الس��وريين س��لميتهم في انطالق ثورته��م‪ ،‬وفي حراكها‬ ‫وفي شعاراتها‪.‬‬ ‫جريدة الحياة اللندنية ‪2012 / 5 / 10‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫قال��ت لجنة تابعة لألمم المتحدة تضم خبراء وتراق��ب تنفيذ العقوبات على كوريا‬ ‫الش��مالية في تقرير س��ري اطلعت عليه "وكالة أنباء رويترز" إنه��ا تفحص تقارير عن‬ ‫صفقات سالح محتملة بين بيونجيانج وسوريا وميانمار‪.‬‬ ‫وقالت اللجنة في التقرير الذي قدم إلى لجنة عقوبات كوريا الش��مالية "اس��تمرت‬ ‫كوريا الشمالية بهمة في تجاهل العقوبات الواردة في قرارات (األمم المتحدة)"‪.‬‬ ‫وق��ال التقرير "لم تبل��غ دول أعضاء اللجنة عن أي انته��اكات تنطوي على نقل مواد‬ ‫نووية أو مواد أخرى متصلة بأسلحة الدمار الشامل أو صواريخ ذاتية الدفع‪ .‬لكنها أبلغت عن‬ ‫عدة انتهاكات أخرى منها مبيعات غير مشروعة ألسلحة ومواد ذات صلة وسلع كمالية"‪.‬‬ ‫وتتس��م تقارير فريق خبراء األمم المتحدة عن العقوبات بحساسية شديدة‪ .‬وقال‬ ‫مبعوثون في األمم المتحدة إن الصين التي ورد اسمها في التقرير بوصفها نقطة عبور‬ ‫للش��حنات الكورية الشمالية غير المش��روعة المتصلة باألسلحة منعت من قبل مجلس‬ ‫األمن التابع لألمم المتحدة من نشر مثل هذه التقارير وقد تفعل هذا مع أحدث تقرير‪.‬‬ ‫وقال تقرير الخبراء "مع أن العقوبات لم تجعل كوريا الشمالية توقف أنشطتها المحظورة‬ ‫فإنها فيما يبدو أبطأتها وجعلت الصفقات غير المشروعة أكثر صعوبة واشد تكلفة"‪.‬‬ ‫وكانت لجنة العقوبات في مجلس األمن الدولي قد تلقت تقريرا عن إحدى القضايا‬ ‫التي تتعلق باالشتباه بتجارة أسلحة غير مشروعة مع سوريا الشهر الماضي‪.‬‬ ‫وذكر التقرير أن "فرنسا أبلغت اللجنة في ابريل أنها فحصت وصادرت في نوفمبر‬ ‫‪ 2010‬ش��حنة غير مشروعة لمواد لها عالقة باألسلحة يرجع أصلها إلى جمهورية كوريا‬ ‫الديمقراطية الشعبية وكانت متجهة إلى سوريا"‪.‬‬ ‫وقالت لجنة الخبراء أنها لم تس��تطع إثبات أن كوريا الشمالية مستمرة في التعاون‬ ‫بشأن الصواريخ ذاتية الدفع مع إيران وسوريا وبلدان أخرى "لكن ذلك (التعاون) سيكون‬ ‫متس��قا مع تقارير عن التاريخ الطويل لكوريا الشمالية من التعاون الصاروخي مع هذه‬ ‫البلدان ومع مالحظات اللجنة"‪.‬‬

‫فايز سارة‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫الأمم املتحدة حتقق يف ت�صدير �أ�سلحة كورية‬ ‫ال�شمالية ل�سوريا‬

‫�سلمية الثورة وادعاءات الآخرين!‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬

‫أعلنت منظمة حقوقي��ة الجمعة أن القضاء‬ ‫الس��وري أصدر حكم��ًا باإلع��دام بحق الناش��ط‬ ‫محم��د عبد المول��ى الحري��ري‪ ،‬المعتقل منذ ‪16‬‬ ‫نيس��ان‪ ،‬بعد تجريمه بجناي��ة "الخيانة العظمى"‬ ‫معتب��رة الحكم "باط ًال" الس��تناده إل��ى اعترافات‬ ‫انتزعت منه "تحت التعذيب الوحشي"‪.‬‬ ‫وذكرت الرابطة السورية للدفاع عن حقوق‬ ‫اإلنس��ان ف��ي بيان تلق��ت فرانس برس نس��خة‬ ‫عنه "أن القضاء العس��كري السوري أصدر حكما‬ ‫باإلعدام بحق الناشط اإلعالمي المهندس محمد‬ ‫عبد المولى الحريري بعد تجريمه بجناية الخيانة‬ ‫العظمى والتعامل مع جهات أجنبية"‪.‬‬ ‫ونق��ل الحري��ري إل��ى س��جن صيدناي��ا‬ ‫العسكري تمهيدا لتنفيذ الحكم‪ ،‬بحسب البيان‪.‬‬ ‫وأدان��ت الرابط��ة "بأقوى العب��ارات الحكم الجائر" الذي صدر بح��ق الحريري الفتة‬ ‫إلى انه "لم يحظ بالحد األدنى من ش��روط المحاكمة العادلة والحصول على المس��اعدة‬ ‫القانونية المنصوص عليها في الدس��تور السوري واالتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق‬ ‫اإلنسان التي انضمت إليها سوريا"‪.‬‬ ‫واعتبرت الحكم "باطال ويس��تند إلى اعترافات تم انتزاعها تحت التعذيب الوحشي‬ ‫وفي ظروف غير إنسانية قاهرة" بحسب البيان‪.‬‬ ‫ولفتت المنظمة الحقوقية السورية في بيانها إلى أن الحريري اعتقل مباشرة بعد‬ ‫"انتهاءه من تقديم مداخلة تلفزيونية مع قناة الجزيرة اإلخبارية نقل من خاللها الوضع‬ ‫المتأزم إنسانيا وأمنيا في محافظة درعا"‪.‬‬ ‫وأكدت الرابطة انه تعرض "منذ اللحظات األولى العتقاله إلى تعذيب وحش��ي أدى‬ ‫إلى كسر ظهره في اليوم األول العتقاله" الفتة إلى أن أجهزة األمن تابعت التحقيق معه‬ ‫وهو "بحالة شلل نصفي" ممتنعة عن "تقديم المساعدة الطبية الالزمة له"‪.‬‬ ‫وأش��ار بيان المنظمة إلى أن الحريري (مواليد ريف درعا ‪ )1975‬مجاز في الهندسة‬ ‫م��ن جامع��ة دمش��ق وأه��م الناش��طين الميدانيين ف��ي محافظ��ة درعا عب��ر تنظيمه‬ ‫للتظاهرات الس��لمية ومش��اركته بتقنيات البث المباش��ر وتصوير التظاهرات وتنزيلها‬ ‫على ش��بكات التواصل االجتماعي‪ ،‬الفتا إلى انه كان يتواصل دائما باس��مه الحقيقي مع‬ ‫الوسائل اإلعالمية‪.‬‬ ‫وطالبت الرابطة الس��لطات السورية بوقف تنفيذ هذا الحكم "الجائر" محملة إياها‬ ‫"المسؤولية الكاملة عن سالمة الناشط"‪.‬‬ ‫كما جددت دعوتها للمجتمع الدولي "بضرورة التدخل العاجل لوضع حد لكافة أعمال‬ ‫العنف والقتل والتعذيب وأعمال االختفاء القسري التي تقوم بها السلطات السورية عبر‬ ‫أجهزتها األمنية و ميليشياتها المسلحة" ضد السوريين‪.‬‬ ‫ولفت��ت إل��ى أن هذه األعم��ال "تصاعدت بش��كل الفت خالل األش��هر األخيرة وتم‬ ‫تصنيفه��ا في معظ��م الح��االت كجرائم ضد اإلنس��انية تس��توجب مالحقة ومحاس��بة‬ ‫المسؤولين عن ارتكابها أمام القضاء الدولي المختص"‪.‬‬

‫�أوجـــاع وطــن‬

‫‪3‬‬


‫على وقع طبول احلرب‪...‬‬ ‫الملف ‪. .‬‬

‫�سباق مع االنفجار‪..‬‬ ‫ال�سوريون يف ٍ‬ ‫واحلوار هو احلل‪...‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫يق��ف " أورس��ت" ف��ي مس��رحية "‬ ‫الذباب "‪ ،‬عند "س��ارتر" أم��ام إله اآللهة "‬ ‫جوبيتير " قائ ًال‪:‬‬ ‫أنت مل��ك اآللهة ي��ا جوبيتير وملك‬ ‫الصخ��ور والكواك��ب واألم��واج ف��ي كل‬ ‫البحار‪ ،‬لكنك لست ملك اإلنسان‪ ،‬أنا لست‬ ‫الس��يد وال العبد وإنم��ا أنا الحرية لم تكد‬ ‫تخلقني حتى خرجت من نطاقك‪ ،‬انت إله‬ ‫وأن��ا حر‪ ...‬كالنا في الي��أس وحيد وكالنا‬ ‫ف��ي اليأس س��واء‪ .....‬يجي��ب "جوبيتير "‬ ‫ف��ي مكانٍ آخر‪ :‬إن س��ر اآللهة أنها تعلم‬ ‫أن الن��اس أح��رار وهم ال يعلم��ون‪ ....‬إن‬ ‫الحري��ة إذا تفجرت في روح اإلنس��ان لم‬ ‫تستطع حتى اآللهة شيئاً ضده‪....‬‬ ‫واآلله��ة تع��رف الس��وريين جي��داً‬ ‫وتق��ف معه��م وم��ع ثورته��م المجيدة‪،‬‬ ‫ع��امٌ وني��ف عل��ى فج��ر الحري��ة ف��ي‬ ‫س��وريا‪ ،‬الذي ش��ق طريقه ف��ي ظلمات‬ ‫ديكتاتوريّ��ة النظام وفس��اده‪ " ،‬والكالم‬ ‫هن��ا للمعارض عب��د العزيز خي��ر "‪" :‬بما‬ ‫قم��ع معمّم وش��ديدٍ‬ ‫يعني��ه‬ ‫ذل��ك م��ن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ض��دَّ ِّ‬ ‫تفكي��ر سياس��يٍّ‬ ‫أو‬ ‫نش��اطٍ‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫رع��ب ينت��اب المواطنين‬ ‫مس��تقل؛ ومن‬ ‫ٍ‬ ‫ك ّلم��ا تناول��وا القضاي��ا السياس��يّة في‬ ‫جلس��اتهم الخاصّ��ة أو العامّ��ة؛ وم��ن‬ ‫أس��اس مراسيمَ‬ ‫ممارس��ةٍ للحكم على‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ش��فهيّة‬ ‫وأعرافٍ وأوامرَ كثيرًا ما تكون‬ ‫ً‬ ‫تحريفا له‬ ‫المكت��وب أو‬ ‫وخرقً��ا للقان��ون‬ ‫ِ‬ ‫أو اس��تثنا ًء من��ه‪ ،‬بحيث تَخ��دم مصالحَ‬ ‫الموالين للنظام‪ ،‬وتضعُ ثرواتِ المجتمع‬ ‫في متناولهم أكثر م��ن متناول غيرهم‪،‬‬ ‫كثير م��ن الحاالت‪.‬‬ ‫أو دون غيره��م ف��ي ٍ‬ ‫ً‬ ‫واضحة‬ ‫تميي��ز‬ ‫وه��ذا م��ا خل��ق ح��االتِ‬ ‫ٍَ‬ ‫بين المواطنين‪ ،‬ش��ملتْ أبس��ط حقوق‬ ‫المواط��ن‪ ،‬مثل حقِّ العمل أو الس��كن أو‬ ‫الس��فر خارج البالد‪ ،‬على مستوى قاعدة‬ ‫الهرم ووصل��تْ إلى المحاب��اة الفاضحةِ‬ ‫ف��ي الصفق��ات واالس��تثماراتِ الكبيرة‪،‬‬

‫على مس��توى قمّة اله��رم‪ .‬بالتزامن مع‬ ‫المال‬ ‫تس��ارع ف��ي تحري��ر نش��اط رأس ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الخ��اصِّ‪ ،‬وبدأ فت��حُ األبواب للرأس��مال‬ ‫واضح مع‬ ‫تجاوب‬ ‫العربيِّ واألجنبيِّ‪ ،‬في‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ش��روط صندوق النقد الدول��يِّ ومراك ِز‬ ‫الرأس��مال العالميّة األخ��رى‪ .‬وتعديالتٌ‬ ‫قانونيّ�� ٌة وعمليّ ٌة للنش��اط االقتصاديِّ‬ ‫ف��ي الب�لاد ول��دور الدولة االقتص��اديّ‪،‬‬ ‫فتراج��ع ه��ذا ال��دورُ لصال��ح رؤوس‬ ‫األم��وال الخاصّ��ةِ والش��راكات الجديدة‬ ‫بي��ن النُّخَ��ب المقرّب��ة م��ن الس��لطة‬ ‫ورؤوس األم��وال العربيّ��ةِ والعالميّ��ة‪،‬‬ ‫انفتاح اقتص��اديٍّ انتقائيٍّ وأحيانًا‬ ‫عب��ر‬ ‫ٍ‬ ‫عش��وائيّ‪ .‬وبدأ يتراكم تغييرٌ في بنية‬ ‫االقتص��اد‪ ،‬ال يبال��ي بقطاع��ات اإلنت��اج‬ ‫الحقيق��يِّ‪ ،‬بل يخنقه��ا ويضعفها‪ .‬وهذا‬ ‫م��ا زاد من وط��أة التش��وّهات البنيويّة‪،‬‬ ‫القائم��ة أص ًال ف��ي االقتصاد الس��وريِّ‪،‬‬ ‫وزاد م��ن تبعيّت��ه للخارج‪ ،‬وم��ن تكيّفه‬ ‫مع حاجات السوق العالميّة‪ ،‬ال مع حاجات‬ ‫التنمي��ة والمجتمع الس��وريِّ‪ ،‬والس��يّما‬ ‫حاج��ات الطبقات الش��عبيّة والوس��طى‬ ‫التي كان��ت القطاعاتُ اإلنتاجيّة وقطاعُ‬ ‫ُ‬ ‫الحاجة‬ ‫الدولة تؤمّ��ن بعضَها‪ ،‬وبخاصةٍ‬ ‫إل��ى العمل‪ُّ .‬‬ ‫كل ه��ذا كان بالنتيجة على‬ ‫حس��اب الطبقات الش��عبيّة والوس��طى‪،‬‬ ‫وبعض فئات الرأسماليين غير المقرّبين‬ ‫ِ‬ ‫م��ن الس��لطة‪ .‬وق��د أدّى تس��ارعُ الفر ِز‬ ‫نخ��ب ذات ث��رواتٍ‬ ‫الطبق��يّ إل��ى إنتاج‬ ‫ٍ‬ ‫خياليّ��ةٍ ورفاهيّةٍ غير مس��بوقة‪ ،‬بينما‬ ‫انحدر المس��توى المعيشيّ واالجتماعيُّ‬ ‫بش��كل‬ ‫للش��رائح الوس��طى والدّني��ا‬ ‫ٍ‬ ‫قويٍّ‪ ،‬وتوسّ��عتْ دائر ُة البطالة بسرعةٍ‬ ‫كبيرة"‪.‬‬ ‫أضف إلى ذلك ما وفّره مناخُ الربيع‬ ‫العربيِّ "تونس‪ ،‬مصر‪ ،‬ليبيا‪ ،‬اليمن‪." ...،‬‬ ‫هذا المناخ أنعش َ‬ ‫األمل بالتغيير‪ ،‬وقوّى‬ ‫َ‬ ‫الثق��ة بالنف��س ف��ي إمكانيّ��ة تحقيقه‬

‫بق��وى الش��عب نفس��ها‪ ،‬وق��دّم نماذجَ‬ ‫رغِبَ السوريّون في السير على هديها‪.‬‬ ‫فالش��عبُ الس��وريُّ ال يعتبر نفسَه َّ‬ ‫أقل‬ ‫من غيره من الشعوب‪ ،‬بل على العكس؛‬ ‫فه��و ش��عبٌ معت��دٌّ بنفس��ه‪ ،‬ويتباهى‬ ‫بتاريخه الحض��اريِّ ومدنيّته العريقة ــ‬ ‫وهو محقّ في ذلك‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أت��ى رد النظام س��ريعا معلب��ا‪ ،‬إنها‬ ‫المؤام��رة الكوني��ة عل��ى بل��د الممانعة‪،‬‬ ‫و األص��ل ف��ي نش��وء فك��رة المؤامرة "‬ ‫وال��كالم هن��ا ع��ن األكاديمي الس��وري‬ ‫المعروف برهان غلي��ون "‪" :‬هو التغطية‬ ‫عل��ى العج��ز النظ��ري والسياس��ي الذي‬ ‫أظهرته النخبة في فهم سياس��ات الدول‬ ‫الكب��رى واس��تراتيجياتها وايجاد الس��بل‬ ‫الكفيل��ة بال��رد الناجع عليه��ا وإحباطها‪.‬‬ ‫فم��ا نس��ميه مؤام��رة لي��س ه��و ف��ي‬ ‫الحقيقة س��وى سياسات وخطط منظمة‬ ‫ومعروف��ة‪ ،‬أو يمكن معرفته��ا من خالل‬ ‫البحث والدراسة العلمية‪ ،‬تبلورها القوى‬ ‫المختلف��ة في صراعها م��ن أجل تحقيق‬ ‫أهدافه��ا المنش��ودة‪ ،‬س��واء أكان��ت هذه‬ ‫األه��داف أهداف��ا وطني��ة مش��روعة أو‬ ‫أهدافا اس��تعمارية‪ .‬هكذا يجنب الحديث‬ ‫عن مؤامرات خارجية النخب االجتماعية‪،‬‬ ‫والحاكمة منها بشكل خاص‪ ،‬النقاش في‬ ‫مسؤوليتها عن فهم حقيقة هذه الخطط‬ ‫ومضمونه��ا وتحدي��د أهدافه��ا وبل��ورة‬ ‫االس��تراتيجيات أو الخط��ط المناقض��ة‬ ‫المطلوبة للرد عليها‪ .‬والنتيجة هو إخراج‬ ‫العالقات الدولية من الميادين السياسية‬ ‫وتجنيب الرأي العام مناقش��تها على هذه‬ ‫األرضي��ة ووضعها عل��ى أرضية أخالقية‬ ‫وعاطفي��ة تب��رر كل أخط��اء الس��لطات‬ ‫والنخ��ب الحاكمة وتطمس مس��ؤوليتها‬ ‫ع��ن غي��اب المب��ادرة الفعال��ة إلحب��اط‬ ‫الخطط االجنبية‪ .‬فإبراز االس��تراتيجيات‬ ‫المعادي��ة في صورة المؤام��رة هي جزء‬

‫م��ن آليات التالع��ب بالرأي الع��ام وحرف‬ ‫نظ��ره ع��ن نقائ��ص النخ��ب الحاكم��ة‬ ‫وضعفه��ا‪ .‬وبالتأكيد يتناس��ب حظ نجاح‬ ‫مث��ل ه��ذا التالع��ب ط��رداً م��ع ضع��ف‬ ‫الثقافة السياس��ية وقيم المسؤولية عند‬ ‫المجتمع��ات وغي��اب معايي��ر المحاس��بة‬ ‫والمساءلة عند الرأي العام"‪.‬‬ ‫وبين ثورةٍ شعبية تقف معها اآللهة‬ ‫فقط‪ ،‬ومؤامرةٍ كوني��ة يدّعيها النظام‪،‬‬ ‫تس��يل دماء الس��وريين‪ ،‬ويعل��و ضجيج‬ ‫االحتجاج��ات والمب��ادرات والتصريح��ات‪،‬‬ ‫ل��ن تك��ون مب��ادرة عن��ان الت��ي أفردن��ا‬ ‫ملفنا الس��ابق لبحثها آخرها‪ ،‬وهي التي‬ ‫قدر لها أال تحلق عالي��ًا وبعيداً مهما كان‬ ‫الصخ��ب اإلعالمي الذي يحي��ط بها‪ ،‬ألن‬ ‫صراع��ات التاريخ الكب��رى أعقد وأصعب‬ ‫بكثير من أن يجري حلها في استديوهات‬ ‫الفضائيات‪ ،‬وفي األروقة المكيفة‪ ،‬وأمام‬ ‫العدسات‪ ،‬وعلى الشاشات تتزاحم فوقها‬ ‫الظ�لال واألل��وان‪ ،‬إال أن ه��ذه المب��ادرة‬ ‫كشفت وعرّت طرفي األزمة في سوريا‪،‬‬ ‫كش��فت األفكار‪ ...‬وكش��فت المواقف‪....‬‬ ‫وكش��فت الق��درات‪ ،‬ولم تت��رك ردا ًء وال‬ ‫حيا ًء‪ ....‬وال حتى ورقة توت‪.‬‬ ‫إن من يس��مع التصريح��ات األخيرة‬ ‫لش��يخ المعارضي��ن " هيث��م المال��ح "‬ ‫لقن��اة الجزي��رة عن انش��قاقات واس��عة‬ ‫في الهيكل اإلداري والعس��كري للنظام‪،‬‬ ‫وعن تواصل هذه القيادات مع المعارضة‬ ‫في الخارج لتحديد س��اعة الصفر‪ ،‬ينتابه‬ ‫شعور بأن األمور حس��مت والحديث اآلن‬ ‫ال بد أن يكون عن س��وريا ما بعد الثورة‪،‬‬ ‫ومن يس��مع تصريحات اإلعالم الرسمي‬ ‫ينتابه شعور بأن المعركة حسمت لصالح‬ ‫النظ��ام وأن على المعارض��ة التعامل مع‬ ‫التن��ازالت التي ادع��ى النظ��ام تقديمها‬ ‫والدخ��ول في لعب��ة السياس��ة‪ ،‬ثم يأتي‬ ‫تفجير العاشر من أيار في قلب العاصمة‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫والحرية والحقيقة مبدأها وغايتها‪.‬‬ ‫مما س��بق نجد أن النظام في بنيته‬ ‫قادر على الحوار وهو ال يرى الحوار‬ ‫غي��ر ٍ‬ ‫الوطن��ي م��ن منظ��ور ديمقراط��ي ب��ل‬ ‫م��ن منظ��ور اس��تراتيجي‪ .‬فالح��وار كما‬ ‫ي��راه النظ��ام لي��س جهدا للوص��ول إلى‬ ‫أرضي��ة مش��تركة بي��ن ق��وى سياس��ية‬ ‫تمث��ل أطي��اف المجتم��ع الس��وري‪ ،‬ب��ل‬ ‫هو أطروح��ة غايتها إظه��ار مرونة على‬ ‫مس��توى الخطاب السياسي مع االحتفاظ‬ ‫بالبني��ة والفعل السياس��يين ف��ي دائرة‬ ‫الحالة الراهنة‪ .‬وهذا ما أكدته تصريحات‬ ‫الموالي��ن للنظام المتكررة إعالميًا والتي‬ ‫تضع ش��روطًا مس��بقة للح��وار وتصنف‬ ‫المعارضين وتوزع عليهم التسميات‪ ،‬بين‬ ‫معارض وطن��ي‪ ،‬وآخر عميل‪ ،‬في ازدرا ٍء‬ ‫ٍ‬ ‫واضح ألبسط أبجديات الحوار‪ ،‬وبطبيعة‬ ‫الحال ال يمكن الحديث عن حوار حقيقي‬ ‫بين ممثل��ي الس��لطة والمعارضة ما لم‬ ‫نصل إل��ى حال��ة التطابق بي��ن الخطاب‬ ‫والفعل وبي��ن الحديث والواق��ع‪ .‬الحديث‬ ‫عن حوار وطني يتحول إلى نكتة سمجة‬ ‫عندما يتم اقتراحه والوحدات العسكرية‬ ‫مس��تمرة ف��ي اجتي��اح الم��دن والق��رى‬ ‫ومحاصرته��ا‪ .‬وه��ذا ما يؤك��د أن الحوار‬ ‫الوطن��ي لي��س مطلب��ا ديمقراطي��ًا بل‬ ‫ً‬ ‫تح��ركا التفافيًا يهدف إل��ى إبعاد األنظار‬ ‫عن العمليات العس��كرية وكس��ب الوقت‬ ‫للقضاء على الحراك الشعبي الداعي إلى‬ ‫التحول الديمقراطي‪.‬‬ ‫الدع��وة الصادق��ة للح��وار الوطني‬ ‫يجب أن تترافق مع تحركات عملية تؤكد‬ ‫صدقي��ة النهج‪ ،‬وهذا يتطل��ب أن تنطلق‬ ‫الدعوة من حيثي��ات أربعة‪ ،‬نحددها فيما‬ ‫يلي باختصار‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬أي يتوق��ف النظ��ام الس��وري‬ ‫عن إنكار وجود حراك جماهيري مشروع‬ ‫ويعترف بحق المواطن السوري بالتحرك‬ ‫س��لمياً للدع��وة إل��ى اإلص�لاح وانتق��اد‬ ‫الفساد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن تنطل��ق الدعوة إلى الحوار‬ ‫الوطن��ي م��ن موق��ع الرئاس��ة‪ ،‬الموق��ع‬ ‫السياس��ي الوحيد في الدولة الذي يملك‬ ‫س��لطة تعلو على س��لطة ق��ادة األجهزة‬ ‫األمنية‪ " .‬ولرأس الدولة هنا أن يس��تعيد‬ ‫االلتف��اف الجماهي��ري ال��ذي ح��ازه‪ ،‬بعد‬ ‫أن ورث الحك��م ع��ن أبيه‪ ،‬م��ن الموالين‬ ‫والمعارضي��ن‪ ،‬وه��و الذي س��مي حينها‬ ‫بش��ار األمل‪ ،‬األم��ل الذي تاه ف��ي أقبية‬ ‫األمن‪ ،‬وصناديق الفس��اد‪ ،‬وهي فرصةٌ‪،‬‬ ‫ليحدد الصفحة التي سيسجل فيها اسمه‬ ‫في سجل التاريخ‪" ......‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أن تتراف��ق الدعوة إلى الحوار‬ ‫م��ع وق��ف كل أعم��ال القم��ع واالعتقال‬ ‫التعسفي العشوائي‪ ،‬وإطالق صراح كل‬ ‫معتقل��ي ال��رأي في خط��ة عملية تحقق‬ ‫فح��وى الق��رار الرئاس��ي بوق��ف العمل‬ ‫بقانون الط��وارئ والذي لم يتم احترامه‬ ‫حتى يومنا هذا‪.‬‬ ‫رابع��ا‪ :‬أن يعل��ن الرئي��س بش��ار‬ ‫األس��د أن الغاية من الحوار الوطني البدء‬ ‫بعملي��ة التح��ول الديمقراط��ي وتحديد‬ ‫آليات االنتقال من حالة الحزب الواحد إلى‬ ‫التعددية الحزبية والحريات المدنية التي‬ ‫أضح��ت الحال��ة السياس��ية الوحيدة التي‬ ‫تكفل كرامة المواطن واستقرار الوطن‪.‬‬ ‫الس��ؤال ال��ذي يواج��ه المجتم��ع‬ ‫الس��وري المحتقن اليوم س��ؤال بس��يط‬ ‫ومعق��د ف��ي آن‪ :‬ه��ل يس��ارع النظ��ام‬ ‫الس��وري إلى ت��دارك االنهيار السياس��ي‬ ‫واالقتصادي الذي يهدد سوريا أم يستمر‬ ‫في الفصل بي��ن الفعل والخطاب ويقود‬ ‫البالد نحو حافة الهاوية؟‬ ‫يعتبر فتح عملية سياس��ية شاملة‪،‬‬ ‫وجلوس الحكومة الس��ورية والمعارضة‬ ‫وجه��ا لوج��ه في أق��رب وق��ت ممكن هو‬ ‫النه��ج األكث��ر واقعي��ة وفعالي��ة للخروج‬ ‫من الم��أزق‪ .‬وينبغ��ي أن يس��تند الحوار‬ ‫على جميع األطراف في الدولة والمصالح‬ ‫الوطني��ة‪ ،‬ومادام��ت المطال��ب معقولة‪،‬‬

‫يمكن وض��ع جميع المواضيع على طاولة‬ ‫الح��وار‪ .‬كم��ا ينبغ��ي أن تك��ون األهداف‬ ‫المرج��وة م��ن الح��وار ه��و إيج��اد حلول‬ ‫تتماش��ي مع الظ��روف الوطنية ومصالح‬ ‫الشعب األساسية‪ .‬وينبغي على الحكومة‬ ‫الس��ورية الوفاء بااللتزام لتسريع عملية‬ ‫اإلص�لاح‪ ،‬وإظه��ار اإلخالص الس��تجابة‬ ‫للمطالب الن��اس المعقولة‪ .‬وينبغي على‬ ‫المجتمع الس��وري والمعارضة المشاركة‬ ‫بنش��اط لتخفيف ح��دة الموق��ف والعمل‬ ‫معاً لتهدئة الوضع‪.‬‬ ‫كما ال يمكن االستغناء عن المجتمع‬ ‫الدولي وخلق بيئة خارجية جيدة للخروج‬ ‫من المأزق في س��وريا‪ .‬حيث أن س��وريا‬ ‫هي مركز العصب في الش��رق األوسط‪،‬‬ ‫وال��ذي يؤثر على الجس��م كله‪ .‬ويجب أن‬ ‫يكون تعامل المجتمع الدولي مع س��وريا‬ ‫ح��ذراً ج��داً ومدروس��ًا ومتوازن��ًا‪ ،‬كما أن‬ ‫عدم نس��خ" نم��وذج ليبيا" ه��و الطريق‬ ‫الصحيح لحل المش��كلة‪ .‬كم��ا أن التوازن‬ ‫بي��ن جمي��ع األط��راف ف��ي س��وريا‪ ،‬هو‬ ‫المفتاح لالس��تقرار والتوازن يساعد في‬ ‫الشرق األوسط برمته‪.‬‬ ‫عل��ى النظام أن يع��ي أنه لن تكفي‬ ‫الخطوات الت��ي قام بها النظام في داخل‬ ‫مؤتمر حزب البعث‪ ،‬أو تغيير للدس��تور أو‬ ‫تش��كيل أحزاب وقانون إعالم جديد لوأد‬ ‫الفتن��ة‪ ،‬كما يجب على جميع الس��وريين‬ ‫أن يعوا أن بإم��كان الجميع‪ ،‬تحديد بداية‬ ‫الحرب‪ ،‬لكن ال أحد يستطيع تحديد ساعة‬ ‫النهاي��ة‪ ،‬فالح��رب ك��ر ٌة من الن��ار تحرق‬ ‫الجميع بالتساوي‪ ،‬ولعل التجربة اللبنانية‬ ‫دع��وة واضح��ة لتعل��م دروس التاري��خ‪،‬‬ ‫فبعد سبعة عش��ر عامًا من الدماء جلس‬ ‫اللبنانيون إلى طاولة الحوار‪.‬‬ ‫كان��ت آخ��ر قطع��ة كتبه��ا األدي��ب‬ ‫اإليطال��ي " بيرانديل��و " هي " آدم وحواء‬ ‫"‪ ،‬تص��ور فيه��ا اإلنس��انية وق��د انهارت‬ ‫ومح��ت الكوارث الجنس البش��ري س��وى‬ ‫رجل وامرأة‪ ،‬وقد أخذ آدم الثاني وزميلته‬ ‫وريثة ح��واء في بن��اء العالم م��ن جديد‬ ‫ولكنهما يتميزان عن سلفيهما األكرمين‬ ‫بأن ذك��رى المدني��ة التي انه��ارت كانت‬ ‫ً‬ ‫الصق��ة بذهنيهم��ا وقلبيهما‪،‬‬ ‫م��ا ت��زال‬ ‫ويتس��اءل " بيرانديلو " ف��ي آخر الرواية‬ ‫ه��ل سيس��تطيعان تجنب األخط��اء التي‬ ‫وق��ع فيه��ا أس�لافهم‪ ......‬كلن��ا أمل بأن‬ ‫يجيب السوريون على هذا التساؤل‪ ،‬وأن‬ ‫يخلصوا لإلنسان هذا المخلوق الخصيب‬ ‫ً‬ ‫مضغة عريق ٌة في الطين‬ ‫الذي قد يكون‬ ‫والحم��أ‪ ،‬ولكنه في الوقت نفس��ه‪ ،‬عينٌ‬ ‫مع النجم وتوقٌ وراء النجم‪ ،‬قد تهوي به‬ ‫حيوانيته وتهوي حتى ليزهق روحاً‪ ،‬وقد‬ ‫تنطلق به ش��طحة من عبقرية أو جنون‬ ‫أو تصوف فإذا بينه وبين الغيم ش��برٌ أو‬ ‫بضعة شبر‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫دمش��ق ليخلط األوراق ولندرك أن ال أحد‬ ‫من الطرفين يمل��ك ً‬ ‫إجابة مقنعة‪ ،‬وتبدأ‬ ‫ولكل حج ٌة تبدو‬ ‫االتهامات م��ن الطرفين ٍ‬ ‫مقنع��ة دون االلتفات لط��رفٍ ثالث دخل‬ ‫اللعبة السورية‪ ،‬اإلرهاب األسود الذي قد‬ ‫يأخذ البلد للمجهول‪.‬‬ ‫م��ن هنا يب��دو من العب��ث اليوم أن‬ ‫نفرد ملفًا عن الحوار‪ ،‬حين تبدو س��وريا‪،‬‬ ‫أكث��ر م��ن أي وق��ت مض��ى‪ ،‬أم��ام أكثر‬ ‫أوقاته��ا خط��ورة‪ .‬وحين ينحص��ر الكالم‬ ‫بالس�لاح‪ ،‬تصبح الرؤي��ة محجوبة تمامًا‬ ‫خل��ف غبار المعارك‪ ،‬خصوصًا اذا ما كان‬ ‫خصوم األس��د يريدون رحيله مهما كلف‬ ‫الثمن‪ ،‬وهو س��يحافظ عل��ى البقاء مهما‬ ‫كلف الثم��ن‪ .‬هي معركة إقليمية ودولية‬ ‫بامتياز تجري على أرض س��وريا وبدماء‬ ‫الس��وريين‪ .‬والنظام حس��م أم��ره مبكراً‬ ‫من خالل الحسم العسكري‪ ،‬والمعارضة‬ ‫تقول إن الحس��م العس��كري غير ممكن‬ ‫ألن في البيوت أناسًا يحمون المسلحين‪.‬‬ ‫وتقول أن موس��كو "تبيع وتش��تري" ولو‬ ‫وج��دت مصلحته��ا في البيع فل��ن تتردد‪.‬‬ ‫التطمينات الغربي��ة كثيرة بأن العقوبات‬ ‫المفروض��ة عل��ى النظ��ام والضغ��وط‬ ‫العس��كرية عل��ى األرض وفق��دان ج��ل‬ ‫عالقات سوريا مع العرب والغرب ستؤدي‬ ‫إلى س��قوط النظام‪ .‬تؤكد المعارضة أن‬ ‫سقوط األسد بات مسألة وقت‪ ،‬ولكنها ال‬ ‫تقدم إجابات شافية حول كيفية ذلك‪.‬‬ ‫م��ن الالمعق��ول والحال��ة ه��ذه أن‬ ‫نتصور وجود حوار‪ ،‬بينما الحوار معطل‪،‬‬ ‫أو ضائع‪ ،‬الكلمات مختلفة وكذلك القيم‪،‬‬ ‫وكذل��ك المنط��ق والتص��ورات كل منها‬ ‫ف��ي واد‪ ،‬وف��ي زح��ام الالمعق��ول تقف‬ ‫ش��اب ٌة أمام مجلس الشعب " بكل ما لهذا‬ ‫المكان من مدل��والت " وترفع ً‬ ‫الفتة كتب‬ ‫عليه��ا "أوقفوا القتل من الطرفين لنبني‬ ‫س��وريا لكل الس��وريين " أم��ام تصفيق‬ ‫الم��ارة وصيحاتهم‪ ،‬ثم تتك��رر الظاهرة‬ ‫في ش��وارع دمش��ق‪ ،‬وإذا بهؤالء الشبان‬ ‫أكثر وعيًا من الساس��ة وأكثر حرصاً على‬ ‫س��وريا للجميع‪ ،‬وقد يكون هؤالء الشبان‬ ‫قرئوا أش��عار طاغور أو لم يقرئوها وهو‬ ‫القائ��ل ف��ي قرابين األغان��ي في نجوى‬ ‫اإلله‪ ":‬إن نبغ نيل العالم كله لم ننل شيئًا‬ ‫إنما إن تقنا إلى شيء محدود ونزعنا إلى‬ ‫ه��دف معين الح لنا حينئ��ذٍ منفذ الولوج‬ ‫إل��ى الالمتناه��ي " إن ملفن��ا الي��وم عن‬ ‫الحوار وآلياته م��ن جهة‪ ،‬وتحية لكل من‬ ‫أعاد للثورة الس��ورية ف��ي األيام األخيرة‬ ‫طابعها المدني وانتصارها األخالقي‪.‬‬ ‫بالع��ودة إلى الحوار البد من التذكير‬ ‫ب��أن ثقاف��ة الح��وار بات��ت مفق��ود ًة في‬ ‫مجتمعن��ا من��ذ عقود‪ ،‬ف��ي بيئ��ة الدولة‬ ‫االس��تبدادية التس��لطية القائم��ة عل��ى‬ ‫االحت��كار الفع��ال‪ ،‬ال لمص��ادر الس��لطة‬ ‫والث��روة والق��وة فحس��ب‪ ،‬ب��ل للحقيقة‬ ‫والوطني��ة أيض��ًا‪ .‬عل��ى قاع��دة اجتم��اع‬ ‫الرأي والس��يف في يد واحدة‪ .‬وال نريد أن‬ ‫نكرر ما بات معروفًا من ارتباط العالقات‬ ‫االجتماعي��ة التقليدي��ة بأنس��اق ثقافية‬ ‫مغلقة عل��ى حقائقه��ا النهائي��ة الناجزة‬ ‫التي تحكمها جميعاً رؤية مشتركة إن لم‬ ‫نق��ل واح��دة للعالم‪ .‬بل نش��ير إلى حقل‬ ‫معرفي جديد‪ ،‬في الفكر السياسي‪ ،‬وفي‬ ‫عل��م االجتم��اع السياس��ي‪ ،‬واجتماعي��ات‬ ‫الثقافة‪ ،‬ذلكم هو حقل الدولة التسلطية‬ ‫والمجتمع الجماهيري‪ ،‬مجتمع المس��يرات‬ ‫المليونية والهتاف��ات الببغاوية‪ ،‬والثقافة‬ ‫الجماهيري��ة‪ .‬ولع��ل ثقافة الح��وار التي‬ ‫أمي��ل إل��ى وصفه��ا بالثقاف��ة المدني��ة‪،‬‬ ‫أو ثقاف��ة المجتم��ع المدن��ي‪ ،‬أو الثقاف��ة‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬تكون مدخلنا إلى ذلك‪ .‬وال‬ ‫معنى لثقافة الحوار إن لم تؤسس لتغيير‬ ‫اجتماعي سياس��ي‪ ،‬وال أمل إن لم تستعد‬ ‫الثقافة جذرها الجدلي ونسغها األخالقي‪،‬‬ ‫وإن ل��م يك��ن اإلنس��ان مرك��ز دائرته��ا‬

‫‪5‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫النكبـــــة ال�ســــورية‬ ‫ألول مرة منذ عقود‪ ،‬تاهت ذكرى نكبة‬ ‫فلس��طين وس��ط األمواج المتالطم��ة التي‬ ‫تض��رب ش��واطئ المنطقة العربي��ة منذ ما‬ ‫يزيد على عام‪ .‬في هذه السنة طغى الربيع‬ ‫العرب��ي بكل تجليات��ه على ذك��رى النكبة‪.‬‬ ‫فما م��رّ به��ذه المنطقة هو ح��دث تاريخي‬ ‫بكل المقاييس وسيكون عالمة فاصلة في‬ ‫التراث اإلنساني‪.‬‬ ‫انتص��ر األس��رى الفلس��طينيون‬ ‫المضرب��ون ع��ن الطع��ام ف��ي الس��جون‬ ‫اإلس��رائيلية بع��د أن ت��م التفاوض بش��أن‬ ‫تس��وية أوضاعه��م‪ .‬وكأن إس��رائيل عدونا‬ ‫األكب��ر تري��د أن تثبت مرة أخ��رى أنها أرحم‬ ‫م��ن كل األنظم��ة العربي��ة الزائل��ة أو التي‬ ‫س��تزول عما قريب‪ .‬فما س��معنا س��جينًا (أو‬ ‫باألح��رى معتق ًال) عربي��اً أضرب عن الطعام‬ ‫فوج��د م��ن يفاوض��ه أو يكت��رث ل��ه أص ًال‪،‬‬ ‫ه��و ف��ي كل األحوال محروم أص� ً‬ ‫لا من كل‬ ‫حقوقه األساس��ية اعتباراً م��ن اللحظة التي‬ ‫تم حش��ره فيها في صندوق سيارة أو باص‬ ‫مليء باألبرياء امثاله‪.‬‬ ‫ال ش��ك أن النكبة الفلس��طينية كانت‬ ‫فاتحة لنكبات عدة مرت على الفلسطينيين‬ ‫خاص��ة وعل��ى الع��رب عام��ة‪ ،‬غي��ر أنه من‬ ‫المفه��وم أن هذه النكب��ة حدثت بفعل عدو‬ ‫احت��ل األرض وهجّر أهلها وقرر االس��تيالء‬ ‫على الحجر والشجر‪ .‬وما تم ذلك إال بمعونة‬ ‫األنظم��ة العربي��ة س��واء منه��ا التقدمية أو‬ ‫الرجعي��ة آن��ذاك‪ ،‬كله��م متوح��دون عندما‬ ‫يتعل��ق األمر بخدمة إس��رائيل‪ .‬أما أن تكون‬ ‫نكب��ة وطن على أيدي أهله (أو من يفترض‬ ‫أنهم أهله) فهي مس��ألة غاية في الصعوبة‬ ‫والتناق��ض ف��ي آن مع��ًا‪ .‬وإال فكيف يدعي‬ ‫من جاء بش��عارات التنمية والحرية والوحدة‬ ‫أنه يبن��ي وطنًا ثم يق��وم بتدمير وتحطيم‬ ‫مواطنيه بكل ما تحمله الكلمة من معنى؟‬ ‫تحم��ل النكب��ة الس��ورية الي��وم أبعاداً‬ ‫كثيرة‪ .‬فالعن��ف المتفجر اليوم في كل مكان‬ ‫من األرض السورية أصبح خطراً حقيقيًا على‬ ‫وحدتها مجتمعياً وثقافياً وسياسياً‪ ،‬وهو ينذر‬ ‫بالكثير م��ن المخاطر المحدق��ة بهذا الوطن‬ ‫كلما طال أمد األزمة‪ .‬وإذا كان من س��يدّعي‬ ‫الي��وم بأن كاف��ة أعم��ال العن��ف أو القتل أو‬ ‫الخطف أو غيرها تصدر من طرف واحد يكون‬ ‫مجافيًا للحقيقة ومجافياً للمنطق أيضًا‪ .‬فمن‬ ‫يريد الدفاع عن نفسه مث ًال مستعد التباع كل‬ ‫األس��اليب في سبيل حماية نفسه وعائلته أو‬ ‫عش��يرته‪ .‬وكاف��ة األس��اليب هن��ا تعني كل‬ ‫ش��يء بدون اس��تثناء‪ ،‬فال يمكننا إنكار صفة‬ ‫البش��رية عن كل هؤالء‪ ،‬فه��م يغضبون لما‬ ‫يحدث أو حدث سابقاً لبيوتهم وعائالتهم ولن‬ ‫يتورّعوا عن االنتقام بأي شكل من األشكال‪.‬‬ ‫وال نناقش هنا بالطبع في مش��روعية الدفاع‬ ‫عن النفس‪ ،‬فهي حق مكفول‪ ،‬ولكن النقاش‬ ‫ي��دور اليوم على العنف والعنف المضاد كائنًا‬ ‫من كان صاحبه‪.‬‬ ‫ال أحد اليوم مستعد للرحمة في سوريا‬ ‫تحت أي شعار‪ ،‬س��واء كان هذا الشعار دينيًا‬ ‫أو قومي��اً أو اجتماعياً أو حت��ى أخالقياً‪ ،‬الكل‬ ‫يبرر فعلت��ه والكل يدافع ع��ن وجوده بذات‬ ‫الطريقة‪ .‬هناك شهادات كثيرة عمّن هربوا‬ ‫م��ن بط��ش النظ��ام ليقع��وا تحت س��طوة‬ ‫الجيش الح��ر‪ .‬ولن نك��ون خياليين إلضفاء‬ ‫صبغ��ة الرومانس��ية والمثالي��ة التي يطيب‬ ‫لكثي��ر م��ن المعارضي��ن (وخصوص��ًا ف��ي‬ ‫الخارج) إضفاءها على مقاتلي الجيش الحر‪.‬‬ ‫فلي��س كل م��ن لبس بذة عس��كرية وحمل‬ ‫رشاشًا يمكنه االدعاء أنه ثائر يقاتل النظام‪،‬‬ ‫وإنما كل ش��يء منصبّ اليوم على مس��ألة‬

‫إس��قاط النظ��ام وهو م��ا يجع��ل الكثيرين‬ ‫يتعام��ون (بقصد أو بغي��ر قصد) عن الكثير‬ ‫م��ن التجاوزات التي تح��دث من قبل عناصر‬ ‫مس��لحة ال رابط بينها وال قيادة إال ما يدعيه‬ ‫البعض عن تبعيتهم للعقيد رياض األسعد‬ ‫المتواري فيما وراء الحدود‪.‬‬ ‫هذا الكالم يعتبر بمثابة الضوء األحمر‬ ‫الذي يجب إشعاله اليوم للتنبيه على مخاطر‬ ‫التس��لح‪ ،‬وليس هذا طعنًا أو تشكيكاً بآالف‬ ‫الش��رفاء واألحرار الذين رفضوا إطالق النار‬ ‫عل��ى أبن��اء جلدتهم‪ .‬ولكن م��اذا عن اآلالف‬ ‫غيره��م م��ن الخائفي��ن والواقعي��ن تح��ت‬ ‫حك��م ضباط الجيش والذي��ن لن يجدوا من‬ ‫يحميه��م في ح��ال انش��قاقهم؟ يقع هؤالء‬ ‫فريس��ة االثني��ن مع��اً‪ ،‬ف��إن هم بق��وا في‬ ‫جي��ش النظ��ام فلن يضمن لهم أحد عيش��ًا‬ ‫في أية لحظة يسقطون بيد الجيش الحر أو‬ ‫غيره‪ ،‬والعكس صحيح‪ ،‬فعندما ينش��ق أحد‬ ‫المجندي��ن أو الضباط يت��م التنكيل بعائلته‬ ‫وأقربائ��ه‪ ،‬وم��ن الظل��م مطالب��ة الجمي��ع‬ ‫باالنشقاق مثلما أنه من الظلم قيام كتائب‬ ‫الجيش الحر أو غيره من الفصائل المسلحة‬ ‫باغتيال أي جندي لمجرد وجوده في الجيش‬ ‫الس��وري‪ ،‬فلي��س كل ه��ؤالء قتل��ة كما أن‬ ‫التحقق قب��ل تنفيذ األحكام هو العدل الذي‬ ‫تبتغي��ه هذه الثورة‪ ،‬أما اإلعدام على الهوية‬ ‫العس��كرية فهو يش��به اإلعدام على الهوية‬ ‫الطائفية‪ ،‬االثنان ظالمان وال يؤس��س ذلك‬ ‫س��وى لدولة تحكمه��ا العصبي��ات واألهواء‬ ‫وهي دولة زائلة ووطن محترق لن يحيا فيه‬ ‫إال المغلوبون على أمرهم أو المرتزقة‪.‬‬ ‫قد يجد البعض في هذا الكالم قس��وة‬ ‫على الثوار‪ ،‬ولكننا يجب أن نفهم أنه لن تعود‬ ‫هناك مقدس��ات شخصانية بعد اليوم‪ ،‬على‬ ‫الكل أن يخضع للنقد والتقويم والتصويب‪،‬‬ ‫وإال فإنن��ا نؤس��س لديكتاتوري��ة م��ن نوع‬ ‫آخر ونس��تبدل م��ادة ثامنة بأخ��رى‪ .‬وهو ما‬ ‫يحضرني عند إعادة انتخاب الدكتور برهان‬ ‫غلي��ون للمرة الثالثة عل��ى التوالي لمجلس‬ ‫وطني هوائي يس��بح في المعمورة بال قرار‬ ‫وال مس��تقر‪ .‬كلنا نحترم برهان غليون فهو‬ ‫إنس��ان مس��تقيم ونظي��ف الي��د وغاية في‬ ‫االحترام ولكنه ليس سياسيًا‪ .‬وهذه ال ّ‬ ‫تحط‬ ‫من قدره‪ ،‬بل على العكس فإنها تضعه في‬ ‫مكانه الصحيح‪ .‬ونحن كنا دائماً ضد الفساد‬ ‫ال��ذي يض��ع الن��اس ف��ي غي��ر أماكنهم وال‬ ‫نريد لذل��ك أن يتكرر من جدي��د وأن ال تتم‬ ‫شخصنة الثورة أو النظام القادم من جديد‪.‬‬ ‫المؤس��ف في األم��ر أن معظ��م أعضاء هذا‬ ‫المجلس عاش��وا في الخارج فت��رات طويلة‬ ‫وعايش��وا األنظم��ة الديمقراطي��ة وت��داول‬ ‫الس��لطة‪ ،‬كما أن كثيري��ن منهم كانوا ممن‬ ‫كتب ف��ي المس��ألة الديمقراطي��ة والحرية‬ ‫آالف المق��االت والكت��ب‪ ،‬وهك��ذا وجدناهم‬ ‫فجأة ال يطبقون ش��يئاً مما نادوا به على مر‬ ‫عشرات الس��نين‪ .‬وكان أن تعالت الصيحات‬ ‫هنا وهناك من منادين باستقالة غليون إلى‬ ‫منادي��ن بح��ل المجلس من أساس��ه بعد أن‬ ‫ثبت انه لن يس��تطيع حكم حارة في سوريا‪،‬‬ ‫بس��بب الخل��ل المريع في تركيبت��ه وكذلك‬ ‫ضعف تمثيله واالنخفاض الحاد في شعبيته‬ ‫داخل س��وريا‪ .‬ال يدرك كل هؤالء أنهم يومًا‬ ‫بعد يوم يفقدون كل رصيدهم الجماهيري‬ ‫والشعبي السابق أمام سيل ثوري جارف لم‬ ‫يعد يقبل التس��ويف والمماط�لات وانعدام‬ ‫الشفافية والشعارات الجوفاء‪.‬‬ ‫دف��ع الكثيرون م��ن المعارضين وعلى‬ ‫رأس��هم المجل��س الوطني باتجاه عس��كرة‬ ‫الثورة وتس��ليح الثائرين بعدما اعتقدوا أن‬

‫ه��ذه هي رغب��ة أغلبي��ة الناس‪ ،‬كم��ا أنهم‬ ‫وقعوا في الفخ الخليجي الذي اتخذ التسليح‬ ‫ش��عاراً يصيح به ف��ي كل المنتديات‪ .‬ولكن‬ ‫ما ح��دث فعليًا أن الجميع تخل��ى عن الناس‬ ‫بعد كل ه��ذا التجيي��ش‪ ،‬وخاصة أن بعض‬ ‫ال��دول خاف��ت م��ن أن يفت��ح باب التس��ليح‬ ‫أبواب عس��كرة المعارضة ف��ي بلدانهم هم‬ ‫أنفس��هم‪ ،‬وهك��ذا س��اد الصم��ت الخليجي‬ ‫والغرب��ي ع��ن مس��ألة التس��ليح لصال��ح‬ ‫خط��ة عرجاء يقودها رج��ل متقاعد ال يزال‬ ‫لديه بع��ض العالق��ات الجي��دة والكثير من‬ ‫االلتزامات المالية فيما يبدو (وهو ما يفسّر‬ ‫طلب تموي��ل لجنة المراقبين عام��اً كام ًال)‪،‬‬ ‫وأس��قط ف��ي أي��دي الث��وار الذي��ن خانتهم‬ ‫الوع��ود والعه��ود وزادت شراس��ة النظ��ام‬ ‫بحقهم وتعرضت أحياء بأكملها للتدمير‪.‬‬ ‫ال يعل��م الكثي��رون مدى تأثير س��لمية‬ ‫الثورة عل��ى النظام‪ ،‬إن التنكيل الذي يالقيه‬ ‫حمل��ة األق�لام أكب��ر بكثير مم��ا يناله حملة‬ ‫البنادق‪ ،‬فاألول يطل��ق الكلمات لتبقى بينما‬ ‫يطلق الثاني الرصاص وينتهي في لحظته‪.‬‬ ‫ل��م يب��قَ م��ن الرص��اص الذي ت��م إطالقه‬ ‫ف��ي كل الحروب في العالم س��وى الذكريات‬ ‫السيئة وأحزان االمهات وآالم األطفال‪ .‬بينما‬ ‫بقي��ت الكلم��ات الخال��دة في قل��وب وعقول‬ ‫البش��رية وس��تبقى لق��رون قادم��ة‪ .‬إن م��ا‬ ‫يثي��ر غض��ب النظ��ام الي��وم ليس عس��كرة‬ ‫الثورة ولكن سلميتها‪ ،‬فاألولى يعلم عالجها‬ ‫ويحاول فعل كل شيء لقمعها‪ ،‬بينما ال تخبو‬ ‫الثانية في أية مدينة من مدن الوطن الثائر‪.‬‬ ‫كان��ت الفت��ة حمراء بس��يطة أم��ام مجلس‬ ‫الش��عب كافية إلثارة جن��ون األمن بأضعاف‬ ‫م��ا تثيره��م طلق��ة بندقي��ة‪ .‬وهذه ليس��ت‬ ‫دعوة لالستس�لام للقتل كيفما اتفق‪ ،‬ولكن‬ ‫انتش��ار الس�لاح بي��ن الناس س��هل‪ ،‬غير أن‬ ‫جمعه س��يكون صعبًا جداً وطويل األمد‪ .‬ولن‬ ‫ننسى أن من جاؤوا إلى السلطة قبل أربعين‬ ‫عامًا ج��اؤوا بانقالب عس��كري مدعين إعادة‬ ‫الحي��اة المدنية والحريات ولم يحصل ش��يء‬ ‫م��ن هذا أب��داً‪ ،‬ونح��ن اليوم ندعو الس��تالم‬ ‫الس��لطة ب��ذات الوس��ائل الت��ي اس��تخدمها‬ ‫هؤالء ومن سيضمن بعدها تسليم السلطة‬ ‫وإعادة الحريات فيما بعد؟ المجلس الوطني؟‬ ‫نش��ك في ذلك‪ ،‬واس��ألوا ليبيا فف��ي أزقتها‬ ‫الدامية ومدنها المغلقة أبلغ الجواب‪.‬‬ ‫من أروع المواقف التي ال بد من اإلشادة‬ ‫بها موقف المع��ارض عمر إدلبي الذي غامر‬ ‫بحياته ليدخل إلى حمص ويلتقي بالثائرين‬ ‫داخ��ل المدين��ة ومن ث��م تعرض��ه لمحاولة‬ ‫اغتيال‪ .‬هذه الش��جاعة الت��ي افتقدها مئات‬

‫خالد كنفاني‬

‫م��ن المعارضين الذين يصيحون يوميًا‪" :‬لن‬ ‫نعود قبل أن يس��قط النظام" وهو حق يراد‬ ‫ب��ه باطل‪ .‬فهم يؤثرون الس�لامة ويكتفون‬ ‫بالنضال االفتراضي خلف الشاشات الصماء‬ ‫ف��ي مقاهي مدن العال��م المختلفة‪ .‬فإما أن‬ ‫تدعموا سلمية هذه الثورة من هناك أو تاتوا‬ ‫إلى هنا لتقاتلوا إذا كنتم من أنصار التسليح‬ ‫والعس��كرة‪ .‬أم��ا طريق��ة "هي��ا‪ ،‬اهجم��وا‪،‬‬ ‫تقدموا‪ ،‬وال تتراجعوا" بينما يدعمهم هو أو‬ ‫هي في شاشات القنوات التلفزيونية وقاعات‬ ‫المؤتمرات االرستقراطية الفخمة‪ ،‬فاسمحوا‬ ‫ل��ي بأنه��ا طريقة الجبن��اء‪ .‬أم��ا االدعاء بأن‬ ‫العودة اليوم ل��ن تزي��د المتظاهرين واحداً‬ ‫فهو ادع��اء س��اقط وخاصة لم��ن يظن في‬ ‫نفس��ه قياديًا بارزاً أو األس��وء ناطقًا باسم‬ ‫الثورة الس��ورية‪ ،‬ويا له م��ن منصب يتواله‬ ‫م��ن لم يحم��ل في حيات��ه بندقي��ة ومن ال‬ ‫يجلس بين الثوار على األرض يش��اطرهم‬ ‫انتصاراتهم وهزائمهم‪.‬‬ ‫يزداد ظالم النفق الذي تدخله س��وريا‬ ‫يومًا بعد يوم‪ ،‬ورغم كل التفاؤل الذي نحاول‬ ‫جميعاً زرعه للوصول إلى وطن مشرق وحر‬ ‫تس��وده المس��اواة والعدال��ة والحري��ة‪ ،‬فإن‬ ‫المخاط��ر المحدق��ة بهذا الحل��م كثيرة جداً‪،‬‬ ‫ونح��ن إذ يس��قط بعضنا في فخ الوس��ائل‬ ‫البدائي��ة في التعبي��ر عن الرأي وممارس��ة‬ ‫القم��ع المعاكس لكل ما يمكن تفس��يره أو‬ ‫تأويله "معاداة للثورة"‪ ،‬فإننا نعيد من جديد‬ ‫إنتاج األدوات القمعية ذاتها التي اس��تخدمها‬ ‫س��ابقونا في كل العص��ور‪ ،‬س��يادة الرؤية‬ ‫الواحدة والفكر الواح��د و"المجلس الواحد"‪.‬‬ ‫علين��ا جميعاً أن نس��تفيق من عق��دة إثبات‬ ‫ج��رم النظام أو عق��دة الضعف والمس��كنة‬ ‫واالنط�لاق نح��و تفكي��ر جدي��د يؤس��س‬ ‫لمس��تقبل آخ��ر وال نريد أن ننظ��ر إلى وراء‬ ‫بع��د الي��وم‪ ،‬وهن��ا أن��ادي كل الناش��طين‬ ‫والمعارضي��ن‪" :‬أرجوك��م أن ال تقنعون��ا‬ ‫بأن الش��مس تش��رق من الش��رق‪ ،‬س��ئمنا‬ ‫تحليالتكم عن��د كل انفج��ار وكل رصاصة‬ ‫يتم إطالقها‪ ،‬ولنفك��ر جميعًا بكيفية لملمة‬ ‫أش�لاء هذا الوط��ن المتمزق وال��ذي يدخل‬ ‫غرفة اإلنعاش من أوسع أبوابها اليوم‪".‬‬ ‫آخر الكالم‪ :‬يقول خير الدين الزركلي‪:‬‬ ‫بَ َل��دٌ تَبَ��وَّأَهُ الشَّ�� َق ْا ُء َف ُك َّلمَ��ا‬ ‫َق��دُمَ اَسْ��تَ َقامَ ُل ِب��هِ تَجْدِيْ��دُ‬ ‫َ‬ ‫المَرَاج ُ‬ ‫سْتَشَ��اطتْ أُمَّ�� ُة‬ ‫��ل َفَا‬ ‫َغ َل��ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫عَرَبيَّ�� ٌة َغضَبَ��َا َ‬ ‫وَث��ارَ رُ ُق��وْدُ‬ ‫وَالشَّ��عْبُ إِ ْن عَرَفَ الحَيَ��ا َة َفمَا َلهُ‬ ‫عَنْ دَرْكِ أَسْ��بَاب ِالحَيَ��اةِ مَحِيْدُ‬


‫بدرخان علي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫للقضي��ة الكردي��ة ف��ي س��ورية‬ ‫تاريخ ومسار مختلفان عن المشكالت‬ ‫الطائفي��ة في المنطقة‪ .‬فهي ليس��ت‬ ‫قضية طائفية‪ ،‬والكرد ليس��وا طائفة‬ ‫من الع��رب أو فرقة إس�لامية خاصة‪.‬‬ ‫فه��م ينتمون لش��عب يبل��غ قوامه الـ‬ ‫‪ 40‬مليون نس��مة يتوزعون في بلدان‬ ‫ّ‬ ‫يش��كلون أكب��ر قوميّة‬ ‫عديدة‪ ،‬وهم‬ ‫ف��ي المنطقة‪ ،‬والعال��م‪ ،‬محرومة من‬ ‫مع��ادل سياس��ي لوجوده��ا‪ ،‬أي دولة‬ ‫ّ‬ ‫تش��كل المس��ألة‬ ‫مس��تق ّلة‪ .‬وحيثيات‬ ‫الكردي��ة ف��ي المنطق��ة مختلفة عن‬ ‫انبع��اث المش��كالت الطائفي��ة ف��ي‬ ‫المجتمع العربي‪-‬اإلسالمي‪.‬‬ ‫ثمة إش��كالية تثار ف��ي كثير من‬ ‫األحي��ان تق��ول إنه من غي��ر الممكن‬ ‫وغير الجائز الحديث عن ش��عب كردي‬ ‫وش��عب س��وري ف��ي دول��ة واح��دة‪،‬‬ ‫والمفت��رض أن هناك ش��عبًا س��وريًا‬ ‫وحسب‪ ،‬أو شعبًا س��وريًا عربياً واحداً؛‬ ‫إذ ال يجوز أن يكون هناك ش��عبان في‬ ‫دولة واحدة‪.‬‬ ‫تفترض هذه المقولة النظرية أن‬ ‫هناك دولة وطنية عميقة في سورية‬ ‫وق��د عملت عل��ى هندس��ة اجتماعية‬ ‫متكامل��ة ف��ي مجالها ونهض��ت على‬ ‫ه��ذا األس��اس‪ .‬لكننا ل��و احتكمنا إلى‬ ‫الواقع الملم��وس الراهن أو التاريخي‬ ‫(ال إلى المقولة الس��ابقة) س��نالحظ‪،‬‬ ‫في الحال��ة الكردي��ة‪ ،‬أننا أم��ام واقع‬ ‫مختلف‪ ،‬إذ أن الهوية القومية الكردية‬ ‫ل��م تتع��رض لإلمح��اء أو الدم��ج في‬ ‫نطاق الهوي��ة الوطنية الس��ورية بل‬ ‫حافظ��ت على خصوصية راس��خة‪ .‬ما‬ ‫يجري االستشهاد به أحياناً من اندماج‬ ‫كردي في المجتمع الدمشقيّ مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو‬ ‫الحَمْويّ‪ ،‬ال يقارب حقيقة المشكلة‪،‬‬ ‫إذ أن جوهر القضية الكردية السورية‬ ‫يتجس��د ف��ي تل��ك المناط��ق التي ال‬ ‫يعرف أبناؤه��ا غير اللغة الكردية لغة‬ ‫أساس��ية وال يعرّف��ون أنفس��هم إال‬ ‫بكونهم كرداً كهوية قوميّة‪-‬وطنيّة‪.‬‬ ‫لكن القضيّة الكردية لم تتبلور‬ ‫في س��ورية كمش��كلة عام��ة للدولة‬ ‫والمجتم��ع الس��وريين ف��ي أيّ وقت‪،‬‬ ‫كما في بلدان الجوار‪ ،‬بس��بب طرفيّة‬ ‫المناطق الكردي��ة وبعدها عن المدن‬ ‫الكبرى‪ ،‬مراكز السياسة والصراع على‬ ‫الس��لطة‪ .‬فاألك��راد المندمج��ون في‬ ‫المجتمع الس��وري العام (في دمش��ق‬ ‫وحماه وحلب…) ش��اركوا بكثافة في‬ ‫السياس��ة وتب��وّأوا مناص��ب عليا في‬ ‫الجي��ش والس��لطة لك��ن بصفته��م‬ ‫س��وريين وحس��ب‪ ،‬وكان ذل��ك قب��ل‬ ‫اس��تيالء البعث على السلطة وإقصاء‬ ‫الكرد من جميع المناصب العليا‪ ،‬سيما‬ ‫ف��ي الجيش والس��لك الديبلوماس��ي‬ ‫والسياس��ي‪ .‬ومن جهة أخرى تحصلت‬ ‫المش��اعر القومي��ة الكردي��ة الت��ي‬ ‫اندلعت ف��ي فترة الحم��اس القوميّ‬

‫عل��ى قن��وات أخ��رى لتصريفها‪ ،‬هي‬ ‫التفاع��ل الرم��زي والسياس��ي م��ع‬ ‫الحراك السياس��ي والنضال��ي ألكراد‬ ‫العراق وتركيا‪.‬‬ ‫فقد كان المجتمع الكردي السوري‬ ‫مضط��رب الهوية واالنتماء؛ مش��دوداً‬ ‫إلى مراكزه القومية ومدنها التاريخية‬ ‫خارج الحدود السورية الجديدة‪.‬‬ ‫ول��م تظهر مش��كلة عام��ة لكن‬ ‫قضية الك��رد وهويتهم كانت حاضرة‬ ‫بق��وة ف��ي أذهانه��م‪ ،‬وبذل��ك بقيت‬ ‫المشاعر القومية ملتهبة إنما محصورة‬ ‫ف��ي حدوده��ا‪ .‬ولق��د زاد م��ن حدتها‬ ‫السياسات القومية واالستبدادية التي‬ ‫بوش��رت مع قيام الوحدة الس��ورية –‬ ‫المصرية ع��ام ‪ ،1958‬برغم الموقف‬ ‫الش��خصي المنفتح المعروف للراحل‬ ‫جمال عب��د الناصر‪ ،‬مله��م القوميين‬ ‫العرب آنذاك‪ ،‬م��ن القضية الكرديّة‪،‬‬ ‫س��يما في العراق (يعيد بعضهم هذا‬ ‫الموقف إلى صراعه مع حكام العراق‪،‬‬ ‫والص��راع بي��ن القاهرة وبغ��داد على‬ ‫النفوذ اإلقليمي)‪.‬‬ ‫وكلم��ا زاد القم��ع الس��لطوي‬ ‫وحرم��ان المجتم��ع م��ن السياس��ة‬ ‫والحري��ات كان نصيب األك��راد منهما‬ ‫مضاعف��اً‪ ،‬إ ّال ف��ي ح��دود السياس��ات‬ ‫المراوغ��ة لألنظم��ة‪ .‬كذلك س��اهمت‬ ‫عوامل أخرى في تحييد األكراد نسبيًا‬

‫عن الحراك العام لفترة‪ ،‬أهمها عالقة‬ ‫نظام حافظ األس��د القويّة بالحزبين‬ ‫الكرديي��ن الرئيس��يين ف��ي الع��راق‪،‬‬ ‫وحزب العم��ال الكردس��تاني (تركيا)‪،‬‬ ‫م��ا ش��كل مفارق��ة حقيقي��ة‪ :‬حرمان‬ ‫أكراد س��ورية م��ن أبس��ط حقوقهم‬ ‫(كالحرمان من الجنسية والحجر على‬ ‫لغته��م وثقافته��م) مع دع��م حركات‬ ‫كردية خارج سورية‪ .‬وكذلك تهميش‬ ‫الق��وى السياس��ية الس��ورية لقضايا‬ ‫األك��راد وخصوصيته��م ومطالبه��م‪،‬‬ ‫وغي��اب المجال السياس��ي م��ع تغييب‬ ‫الحريات الديمقراطية في البالد‪.‬‬ ‫لق��د نش��أت الحرك��ة السياس��ية‬ ‫الكردي��ة المنظم��ة في صي��ف ‪1957‬‬ ‫كتراك��م للنش��اط القوم��ي الثقاف��ي‬ ‫واالجتماع��ي والسياس��ي الممتد من‬ ‫بداي��ات الق��رن عل��ى وق��ع الث��ورات‬ ‫المندلعة في كردس��تان إبان النضال‬ ‫من أجل االس��تقالل ع��ن العثمانيين‬ ‫وضد الفاشية األتاتوركية الحقاً‪ ،‬ومع‬ ‫كف��اح أك��راد العراق وإي��ران من أجل‬ ‫الحكم الذاتي‪.‬‬ ‫بي��د أن الحرك��ة تل��ك ح��ددت‬ ‫أهدافه��ا من��ذ البداي��ة ف��ي تأمي��ن‬ ‫الحق��وق الكردية في س��ورية ضمن‬ ‫إط��ار س��ورية ديمقراطي��ة وضم��ن‬ ‫وح��دة أراضيه��ا‪ .‬ولم تنش��أ أية دعوة‬ ‫اس��تقاللية كردي��ة عن س��ورية حتى‬ ‫اليوم‪ .‬وهذا ما أضفى الطابع السلمي‬

‫عل��ى الحراك الكردي الس��وري وعدم‬ ‫وج��ود صدامات دامية (مع اس��تثناءات‬ ‫قليلة ج��داً) م��ع الس��لطة المركزية‪،‬‬ ‫كم��ا للعالق��ات االجتماعي��ة الحس��نة‬ ‫عموم��اً م��ع باق��ي مكون��ات المجتمع‬ ‫السوري‪ ،‬ما يتيح إمكان حل المشاكل‬ ‫الكردي��ة العالقة‪ .‬وع��دم وجود تاريخ‬ ‫دموي وصاخ��ب في الص��راع الكردي‬ ‫م��ع الس��لطات المتعاقبة ل��ه تأثيران‬ ‫متناقض��ان هنا‪ :‬األول هو عدم ظهور‬ ‫مش��كلة كردي��ة كبيرة في س��ورية‪،‬‬ ‫والثان��ي إمكاني��ة البن��اء عل��ى ذل��ك‬ ‫إليجاد حلول لهذه المشكلة وللقضايا‬ ‫المتصلة‪.‬‬ ‫فس��ورية مُدينة ألكرادها الذين‬ ‫ل��م يس��يئوا لبلده��م ومواطنيه��م‬ ‫يوماً م��ا‪ ،‬رغ��م التهمي��ش واإلقصاء‬ ‫المديدَيْ��ن‪ ،‬كم��ا س��اهموا بفعالي��ة‬ ‫معروف��ة ف��ي اس��تقالل س��ورية عن‬ ‫االحتالل الفرنس��ي‪ ،‬وفي بناء الدولة‬ ‫الوطنية (قبل عه��ود اإلقصاء)‪ ،‬وهم‬ ‫لم يتخذوا مواقع طائفية أو عنصرية‬ ‫قوميّ��ة‪ ،‬ول��م يرم��وا ب��وردة واح��دة‬ ‫عل��ى ش��رطي واح��د أو عل��ى عنصر‬ ‫مخاب��رات واح��د‪ ،‬وال بالطب��ع عل��ى‬ ‫مواط��ن عربي واحد‪ ،‬بم��ن فيهم من‬ ‫وطنتهم السلطات في مناطقهم بعد‬ ‫نزع ملكية األراض��ي الزراعية الجيدة‬ ‫من فالحيها ومالكيها األصليين الكرد‬ ‫ومنحها لمواطنين عرب استقدموا من‬ ‫خارج المحافظة (الرقّة وحلب)‪.‬‬ ‫المس��ألة الكردي��ة عادلة ومحقة‬ ‫قب��ل ان��دالع االنتفاض��ة الش��عبية‬ ‫بكثي��ر وبعدها‪ .‬وال ب��د أن تعالج على‬ ‫مس��تويات متعددة‪ :‬كقضية أساس��ية‬ ‫من قضاي��ا العدال��ة االجتماعية على‬ ‫المستوى السوري العام‪ .‬وفي المجال‬ ‫السياسي‪ ،‬سوف تكون حاضرة وملحة‬ ‫بق��وة كقضية ذات بعدين‪ :‬التمس��ك‬ ‫بوح��دة الدول��ة وطابعه��ا العموم��ي‬ ‫والس��عي لتقويته��ا‪ ،‬ف��ي مقاب��ل‬ ‫الطل��ب الكردي القوي عل��ى اعتبارات‬ ‫دس��تورية وقانونية تكفل المس��اواة‬ ‫الجماعي��ة (ولي��س الفردي��ة فق��ط)‪.‬‬ ‫هذا إشكال نظري وعملي أمام الفكر‬ ‫االجتماع��ي والسياس��ي الس��وري‪.‬‬ ‫ومهمة المشتغلين في الحقل الثقافي‬ ‫والمعرفي تزويد األطراف السياس��ية‬ ‫جميعه��ا (ق��وى وأحزاب��اً ونش��طاء‬ ‫ش��بانًا…) بتصورات نابعة من الواقع‬ ‫أو ًال ووضعها في إطار معرفي ممكن‪.‬‬ ‫القضية األساسية هنا هي ابتداع‬ ‫مفه��وم جدي��د للمواطنة والمس��اواة‬ ‫وفتحهم��ا على آفاق جديدة تنبثق من‬ ‫تاريخنا المعاش خالل قرن من تشكل‬ ‫الدولة الس��ورية الحديث��ة‪ ،‬ومن واقع‬ ‫تعددي��ة حقيقية موج��ودة ال متخيلة‬ ‫وال طارئة‪.‬‬ ‫دار الحياة اللندنية ‪2012 / 5 / 13‬‬

‫من أعمدة الصحافة ‪. .‬‬

‫امل�س�أل��ة الكردي��ة فـ��ي �سوري��ة‬ ‫مقــاربة عامـــة‬

‫‪7‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫ا َ‬ ‫جلوالن املحتل‪� :‬صراع �إرادات �أهلية‬ ‫و�سباق تخريب حمموم بني العد ّو والنظام!‬ ‫إن��ه لمِ��ن س��خريات الق��در وغاي��ة‬ ‫المرارة‪ ،‬أن يعيش المرء تحت سطوة احتالل‬ ‫إس��رائيلي غاش��م حالة اس��تقرار تزيد عما‬ ‫يعيش��ه ش��عبه داخل الوطن! فع��ام ويزيد‪،‬‬ ‫وماكينة إجرام النظام السوري تُعمِل قتال‬ ‫وتدمي��را وتهجي��را واعتقاال ف��ي أربع جهات‬ ‫الوط��ن؛ فيما عي��ون الجوالنيي��ن‪ ،‬كما هي‬ ‫على الدوام‪ ،‬ش��اخصة إلى بلدهم وشعبهم‬ ‫منذ وطأت أقدام جنود العدوّ أرضهم‪.‬‬ ‫أهالي الهضبة المحتلة‪ ،‬الذين ّ‬ ‫سطروا‬ ‫أروع مالح��م البطولة في صراعهم الطويل‬ ‫والمري��ر مع العدو اإلس��رائيلي‪ ،‬ولم يتركوا‬ ‫قضي��ة عادل��ة إال وقف��وا إلى جانبه��ا‪ ،‬مِن‬ ‫فلسطين إلى لبنان فالعراق؛ هم أنفسهم‪،‬‬ ‫أو إن استقام القول بعض مَن جيّر لنفسه‬ ‫منه��م س��لطة ال يملكه��ا؛ ارت��أوا تقبي��ض‬ ‫عذاب��ات األه��ل وتضحياته��م ومواقفه��م‬ ‫المش��رّفة تح��ت االحت�لال اإلس��رائيلي‪،‬‬ ‫وبالمجّان‪ ،‬إلى غير مستحقيها في وطنهم!‬ ‫وإال‪ ،‬فكي��ف يس��تقيم لِمَ��ن ق��اوم ظل��م‬ ‫االحت�لال وقه��ره‪ ،‬طيل��ة تلك الس��نين‪ ،‬أن‬ ‫يز ّكي ظلماً آخر أشدّ مضاضة في وطنه؟‬ ‫مِن النافل التذكي��ر‪ّ ،‬أن مَن يدعمون‬ ‫الث��ورة في الج��والن المحتل جه��ارا‪ّ ،‬‬ ‫نظموا‬ ‫العدي��د مِن النش��اطات والمظاهرات نصرة‬ ‫لها‪ ،‬وكانوا أول جهة‪ ،‬داخل الوطن وخارجه‪،‬‬ ‫تصدر بيانا واضح اللهجة عقب أسبوع على‬ ‫اندالعها‪ ،‬رس��مَ سقوفا مرتفعة وصل إليها‬ ‫الثائ��رون ف��ي وقتنا الراه��ن‪ .‬لكن الصحيح‬ ‫أيضا‪ ،‬أنّهم ظلوا ش��ريحة محصورة العدد‪،‬‬ ‫مورس��ت عليه��ا كاف��ة أش��كال التخوي��ن‬ ‫والمضايق��ات واالعت��داءات مِ��ن قب��ل تيار‬ ‫أع��مّ‪ ،‬تم��ادى المتطرفون فيه ف��ي ابتداع‬ ‫فن��ون الرقص على دماء ش��عبهم المذبوح‬ ‫وعذابات��ه‪ ،‬وتقديم قرابي��ن الطاعة والوالء‬ ‫لنظام لم يكت��فِ بالتخلي عن الجوالن عام‬ ‫سبعة وس��تين في ظروف ملتبسة وحسب‪،‬‬ ‫وال ببيع الجوالنيين والشعب السوري عموما‬ ‫وع��ود تحرير مؤجلة مِن غي��ر رصيد ألكثر‬ ‫مِن أربعة عقود؛ بل س��جّل إخفاقا بمجمل‬ ‫القضايا التي ظل يتاجر ويقرقع بها‪ ،‬إال في‬ ‫تصحي��ر كل يا يم��تّ إلى الحياة اإلنس��انية‬ ‫والسياس��ية في س��وريا بصلة وإعدامها؛ ما‬ ‫جعله يم ّثل كارثة وطنية‪ ،‬بكل مقياس‪ ،‬في‬ ‫عيون مَن ثاروا عليه وكثيرين غيرهم‪.‬‬ ‫جمعة «بروتوكول الموت» في سوريا‪،‬‬ ‫كان��ون أول المنص��رم‪ ،‬والت��ي كانت مجدل‬ ‫ش��مس المحتلة إحدى ميادينها‪ ،‬إذ ش��هدت‬ ‫مظاه��رة لمؤي��دي الث��ورة؛ صدح��ت فيه��ا‬ ‫الحناج��ر لحري��ة الوط��ن وإس��قاط النظام؛‬ ‫ّ‬ ‫ش��كلت نقط��ة تح��وّل بالغة على الس��احة‬ ‫الجوالنية‪ ،‬إن لجهة ترسيخ االنقسام والفرز‬ ‫بي��ن مؤيّدي النظام ومعارضي��ه‪ ،‬أو لناحية‬ ‫فض��ح نزق أتباع النظ��ام واحتياط البلطجة‬ ‫الجاه��ز لديهم لالس��تخدام بوج��ه كل رأي‬ ‫مخالف‪.‬‬ ‫مِ��ن «مآثر» نظ��ام دمش��ق‪ ،‬أنه نجح‬ ‫أخيرا في ما عجزت إسرائيل عن فعله طيلة‬ ‫أربع��ة وأربعين عاما‪ ،‬لجهة ش��رخ المجتمع‬ ‫الجوالني‪ ،‬أفقيا وعاموديا! فلم يسبق ألهالي‬ ‫الهضب��ة المحتل��ة الذين وقف��وا‪ ،‬منذ بداية‬ ‫االحتالل‪ ،‬صفا متراصّا في وجه مخططاته‬ ‫الرامية إلى س��لخهم عن انتمائهم السوري‪،‬‬ ‫رغ��م كل م��ا عص��ف به��ذه المنطق��ة مِن‬ ‫تجاذبات وصراعات اس��تقطاب‪ ،‬أن لجأوا إلى‬ ‫العنف لفضّ إش��كاالتهم وفرض أجنداتهم‬

‫عل��ى بعضهم البع��ض‪ .‬فمحازب��و النظام‪،‬‬ ‫الذين أقاموا العديد مِ��ن مظاهر التأييد له‬ ‫م��ن دون أي تدخّ��ل مِن أنص��ار الثورة‪ ،‬لم‬ ‫يكتفوا باالستهانة بالدم السوري المسفوح‪،‬‬ ‫ومحاولة تظهير مواقفهم على أنها المعبّر‬ ‫الحصري عن إرادة الجوالنيين‪ ،‬في مس��عى‬ ‫س��افر لتزوي��ر إرادة األهال��ي‪ ،‬ب��ل اعتمدوا‬ ‫كل صن��وف التش��هير والتهدي��د واإلره��اب‬ ‫ومحاولة إقحام الهيئة الدينية للضغط على‬ ‫المعارضي��ن وك��م أفواهه��م‪ ،‬لمنعهم مِن‬ ‫إب��داء أي تعاط��ف مع الث��ورة‪ .‬وأخيرا وليس‬ ‫آخرا‪ ،‬ممارس��ة العنف الجسدي ضدهم؛ في‬ ‫مظهر «تش��بيحي» لم يسبق لقرى الجوالن‬ ‫المحتل أن عرف��ت له مثيال‪ .‬هذا عدا حمالت‬ ‫التش��هير ّ‬ ‫المنظمة والتحريض التي يشنّها‬ ‫أتب��اع النظ��ام بحقّ األس��ير المح��رّر وئام‬ ‫عماشة‪ ،‬واالعتداءات المتكرّرة على منزله‪،‬‬ ‫جرّاء مواقفه الداعمة للثورة ورفعه الصوت‬ ‫عاليا بوجه النظام‪.‬‬ ‫ق��د يج��د المراق��ب للش��أن الجوالن��ي‬ ‫مس��وّغا مفهوم��ا (رغ��م ال أخالقيت��ه) لمن‬ ‫ربط��وا مصيرهم‪ ،‬منذ زم��ن بعيد‪ ،‬بمصير‬ ‫النظ��ام‪ ،‬وه��م مقتنعون بالفع��ل برواياته‬ ‫الت��ي ما انفكوا يلوكونه��ا‪ ،‬وبأحقّية خلوده‪،‬‬ ‫واس��تمروا بالعمل على الس��احة الجوالنية‬ ‫بما يش��به «تكليفا ش��رعيا» منه؛ أو لبعض‬ ‫الموالين العتبارات نفعي��ة‪ ،‬ممّن خصّص‬ ‫النظ��ام له��م رواتب ش��هرية لق��اء تضرّر‬ ‫مصالحهم تحت االحت�لال‪ ،‬أو ألولئك الذين‬ ‫قرأوا مِنح طلبة الجوالن المحتل في جامعة‬ ‫دمشق وتصريف محاصيل التفاح الجوالني‬ ‫في األس��واق الس��ورية على أنها (مكرمات‬ ‫مِ��ن القي��ادة)‪ ،‬ال عل��ى كونه��ا واجب��ا على‬ ‫دولته��م األم لدعم صموده��م في أرضهم‬ ‫المحتلة‪ ،‬وأنها في المحصلة تأتي مِن جيوب‬ ‫دافع الضرائب السوري ال مِن جيوب النظام‬ ‫نفس��ه‪ .‬وقد يلحظ أيض��ا تحفظات البعض‬ ‫المس��تندة إلى التفكير بذهني��ة أق ّلوية وما‬ ‫ينتج عنه��ا مِن مخ��اوف‪ ،‬مبال��غ فيها غالب‬ ‫األحي��ان! ع�لاوة على مَن ّ‬ ‫يش��كل االحتالل‬ ‫لديه��م حساس��ية مفرط��ة‪ ،‬أدّت إل��ى م��ا‬ ‫يمكن تسميته بـ «فوضى مشاعر وطنية»‪،‬‬ ‫دافع��ة بهم إلى حصر االنتم��اء للوطن مِن‬ ‫بواب��ة الوالء للنظ��ام فيه‪ .‬أمّ��ا أن تتصدّر‬ ‫بع��ض الش��خصيات الجوالنية الموس��ومة‬ ‫بتعاملها الموصوف مع االحتالل اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫والمفت��رض أنه��ا منبوذة اجتماعي��ا ووطنيا‬ ‫واجه��ة المهرجان��ات والمس��يرات المؤيّ��دة‬ ‫للنظ��ام‪ ،‬فذل��ك مبحث آخ��ر‪ ،‬لن يتّس��ع له‬ ‫المقام في هذه السطور القليلة‪.‬‬ ‫مِ��ن دون ش��ك‪ّ ،‬أن أمي��ز م��ا قدّمت��ه‬

‫الثورة‪ ،‬هو تكثيفها مشهدا تراجيديا سوريا‬ ‫طويال‪ ،‬يعيش��ه الش��عب منذ خمس��ين عاما‬ ‫ببضع��ة أش��هر؛ إن لجهة إماط��ة اللثام عن‬ ‫عذاب��ات الس��وريين وه��ول معاناته��م‪ ،‬أو‬ ‫لناحية كش��ف النظام عن وجه��ه الحقيقي‬ ‫وفائض الوحشية واإلجرام الذي يتصف به‪.‬‬ ‫والحال‪ ،‬فأن يخوض نظام دمش��ق حرب «يا‬ ‫قاتل ي��ا مقتول» داخل األراضي الس��ورية‪،‬‬ ‫رغم ال أحقيّتها وال أخالقيتها؛ فذلك ال يبدو‬ ‫باألمر المستهجَن أو الشاذ عن ثقافته التي‬ ‫انتهجها منذ الي��وم األول الختطافه الحكم؛‬ ‫أما أن ينقل إس��تراتيجيته تلك إلى الس��احة‬ ‫الجوالني��ة المحتل��ة‪ ،‬دون األخذ بالحس��بان‬ ‫خصوصي��ة ه��ذه المنطق��ة‪ ،‬المتمثل��ة في‬ ‫خضوعه��ا الحتالل إس��رائيلي منذ ما يقارب‬ ‫نص��ف ق��رن؛ فذل��ك يتج��اوز كل مقاييس‬ ‫الخسّ��ة األخالقي��ة والنذال��ة السياس��ية‬ ‫والوطنية!‬ ‫لك��ن على المقلب اآلخ��ر‪ ،‬مَن ذا الذي‬ ‫يعطي نفس��ه حق االدّعاء أن غالبية أهالي‬ ‫الج��والن المحتل يدين��ون بوالئهم المطلق‬ ‫للنظ��ام!؟ ومَن هو ال��ذي يمتلك قدرة على‬ ‫قي��اس رأي ع��ام لمجموع��ة م��ا ف��ي أجواء‬ ‫مش��حونة بكل صن��وف الضغ��ط واإلرهاب‬ ‫والتخوي��ف‪ ،‬وف��ي ظل وج��ود مئات األس��ر‬ ‫الجوالني��ة الت��ي لديه��ا أبناء يدرس��ون في‬ ‫جامعة دمش��ق‪ ،‬عالوة على مئ��ات العائالت‬ ‫الت��ي ش��تّت االحت�لال ش��ملها عام س��بعة‬ ‫وس��تين بي��ن الوط��ن والج��والن المحت��ل‪،‬‬ ‫إضاف��ة إل��ى تل��ك المحاذي��ر الت��ي ظ ّل��ت‪،‬‬ ‫غال��ب األحيان‪ ،‬تتحكم بمس��ارات ما يُعرَف‬ ‫باألقلي��ات ومصائرها‪ ،‬س��يّما أن نظراءهم‬ ‫ف��ي الس��ويداء وجبل الش��يخ لم يحس��موا‬ ‫موقفم لصالح الثورة بعد؛ خال بعض النخب‬ ‫والنش��طاء‪ ،‬وذل��ك جرّاء م��ا انتهجه النظام‬ ‫بحقه��م لعق��ود‪ ،‬مِ��ن سياس��ات التهميش‬ ‫والتفتي��ت والقه��ر وش��راء ضمائ��ر بع��ض‬ ‫المتنفذين‪ ،‬ضمانا إلح��كام قبضته عليهم‪،‬‬ ‫وجرّه��م إل��ى قت��ال أهلهم واس��تخدامهم‬ ‫وق��ودا «لمع��ارك التحري��ر» الت��ي يخوضها‬ ‫راهن��ا ضد ش��عبه وبلده؛ تماما على نس��ق‬ ‫م��ا فعلته إس��رائيل بدروز فلس��طين تحت‬ ‫يافطة حمايتهم‪ ،‬وأخفقت في تطبيقه على‬ ‫الساحة الجوالنية!؟‬ ‫م��ا ضاعف حظوظ نج��اح العابثين في‬ ‫هذا المضمار وزاد مِن تأثير تلك الحسابات‬ ‫واالعتبارات‪ّ ،‬أن «أشباه الدول» التي ابتُليت‬ ‫بها ش��عوب المش��رق العربي‪ ،‬عبر تس�� ّلط‬ ‫ديكتاتوري��ات عل��ى بع��ض دول��ه عج��زت‬ ‫ع��ن توفير حد أدن��ى مِن الش��عور باألمان‬ ‫لش��عوبها‪ ،‬س��يّما األقليات منها‪ ،‬األمر الذي‬

‫حسان شمس‬

‫دفعها إلى زيادة االنعزال والتقوقع‪ ،‬واعتماد‬ ‫الخلوة والكنيس��ة والجامع والحسينية مالذا‬ ‫أوح��د له��ا وملج��أ أخي��راً‪ .‬لكن في الس��ياق‬ ‫عينه‪ ،‬ورغم كل ما س��يق‪ ،‬ف��إن ما ال يمكن‬ ‫تبري��ره أو التس��ليم به‪ ،‬هو اس��تفزاز بقية‬ ‫مركب��ات الش��عب وتحديها واس��تعدائها‪ ،‬أو‬ ‫االس��تقواء عليها بأنظمة ش��مولية مترنحة‬ ‫زائلة‪ ،‬اخت��ارت أال تحاكي ش��عوبها إال بلغة‬ ‫الحدي��د والن��ار؛ ما ق��د يرتّب آثارا س��لبية‪،‬‬ ‫وربمّ��ا مدمّ��رة‪ ،‬ل��ن يك��ون مِ��ن الس��هل‬ ‫ّ‬ ‫تخطيها ألجل بعيد‪.‬‬ ‫خطيئ��ة النظ��ام الس��وري الكبرى وما‬ ‫فاق��م الوضع عل��ى الس��احة الجوالنية‪ ،‬أنه‬ ‫لم يوفّ��ر حتى أهالي هذه الق��رى المحتلة‪،‬‬ ‫مِ��ن دائرة عبث��ه األمن��ي والطائفي‪ .‬وذلك‬ ‫تج ّلى‪ ،‬على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬بالجهود‬ ‫الجبّ��ارة التي بذلها على صعي��د حرق وليد‬ ‫جنب�لاط (درزيًا) ي��وم كان صقرا في حركة‬ ‫«‪ 14‬آذار»‪ ،‬عب��ر اس��تحضار وئ��ام وهّ��اب‪،‬‬ ‫غي��ر م��رّة‪ ،‬إل��ى ت ّل��ة الصيح��ات على خط‬ ‫وقف النار‪ ،‬ش��رقي مجدل ش��مس المحتلة‪،‬‬ ‫حي��ث يتخاط��ب األهل ف��ي الج��زء المحتل‬ ‫والمحرر بواس��طة مكبرات الص��وت‪ ،‬وإتباع‬ ‫ذلك بزيارات لكل مِن طالل أرسالن وسمير‬ ‫القنط��ار لذات الغرض؟ زد على ذلك حضور‬ ‫وهّاب الدائم في اس��تقبال مشايخ الجوالن‬ ‫المحتل أثن��اء زياراتهم الس��نوية إلى مقام‬ ‫النبي هابيل في س��وريا‪ ،‬والتخريب َّ‬ ‫المنظم‬ ‫ال��ذي يمارس��ه‪ ،‬راهن��ا‪ ،‬ف��ي جب��ل الع��رب‬ ‫وجرّمانا وق��رى جبل الش��يخ‪ ،‬والذي ارتفع‬ ‫منسوبه‪ ،‬بصورة فضظة‪ ،‬بعد إعالن زعيم‬ ‫المختارة انحيازه المطلق للثورة الس��ورية‪.‬‬ ‫يُفس��د على‬ ‫ت��رى‪ ،‬ه��ل كان لجنب�لاط أن ِ‬ ‫النظام مس��اعيه أو الحد مِن تأثيرها‪ ،‬سواء‬ ‫ف��ي الجوالن المحتل أو جب��ل العرب؟ كثيرة‬ ‫هي األس��باب التي تدعو إلى االقتناع بذلك؛‬ ‫ل��وال «انعطافته الدمش��قية»‪ ،‬عقب «غزوة‬ ‫أيار»‪ ،‬التي وإن نجحت في تخفيف االحتقان‬ ‫المذهب��ي في لبن��ان‪ ،‬لكنها أفقدت��ه الكثير‬ ‫مِن وزنه ومدى تأثيره في الجوار‪.‬‬ ‫بق��ي الق��ول‪ّ ،‬إن أهال��ي الج��والن‪،‬‬ ‫ورغم س��نوات االحتالل الطويل��ة والعجاف‪،‬‬ ‫ومح��اوالت األخي��ر الدؤوب��ة لفصله��م عن‬ ‫عراهم وأبن��اء جلدتهم‪ ،‬ظل��وا على الدوام‬ ‫مش��دوهين لدولتهم األم ومنغمس��ين بكل‬ ‫تفاصيلها‪ .‬فهواجس كثيرة وتساؤالت تدور‬ ‫في خلده��م هذه األيام‪ ،‬عمّا س��تؤول إليه‬ ‫أحوال وطنهم؛ إذ لسوريا في ذمّة إسرائيل‬ ‫ما مجموعه ‪ 1250‬كم‪ ،2‬واثنين وعش��رين‬ ‫ألف��ا مقيمي��ن تحت االحت�لال‪ ،‬إضاف��ة إلى‬ ‫نصف مليون مهجَّر داخل الوطن‪ .‬صحيح أن‬ ‫منط��ق الكثيرين هنا يدفعه��م إلى التفاؤل‬ ‫واالستنتاج‪ ،‬أنه بمجرّد زوال كابوس النظام‬ ‫عن صدور الس��وريين س��وف يجعل قضية‬ ‫تحري��ر الجوالن تحصيل حاص��ل؛ لكن ذلك‬ ‫ربّم��ا يمتد ألجل غير مع��روف‪ ،‬ريثما يكون‬ ‫الوطن اس��تعاد عافيت��ه‪ .‬فمخ��اض الحرية‬ ‫الذي يشهده الوطن‪ ،‬رغم بشاعة ما يرتكبه‬ ‫َ‬ ‫يُس��فك‬ ‫النظ��ام وهوله‪ ،‬والدم الغزير الذي‬ ‫ظلم��ا‪ ،‬ال يمن��ع الجوالنيي��ن مِ��ن مح��اكاة‬ ‫همومهم الخاصة والتفكير بطبيعة النظام‬ ‫المقبل‪ ،‬وصورة تعامل الوطن المس��تقبلية‬ ‫معهم كأبناء أرض محتلة‪.‬‬ ‫صحافي من الجوالن السوري المحتل‬ ‫عن صفحات سوريا‬


‫ك�أ�س «العامل القادم»‪� ..‬سـورية‬

‫أسامة محمد‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫يذهب الالعبون للنوم‪.‬‬ ‫منتخبن��ا ال ين��ام ‪ ..‬واألرق��ام تثب��ت أنه‬ ‫ركض ما متوس��طه ‪ 14‬شهراً نهاراً‪ .‬باإلضافة‬ ‫إلى القسم الليلي‪ ..‬والليل كما شاهدتم ركض‬ ‫وقفز في المكان وتموّجٌ وغناء جماعي س��واء‬ ‫أكان «س��كابا على شهداء س��وريا وشبابا» أو‬ ‫«جنّه جنّه جنّ��ه» والعارف في أمر الفوطبول‬ ‫يعرف أن الرقص والقفز والغناء جَمَاع ًة يُطور‬ ‫الهارمون��ي والتخاط��ر اللحني بي��ن األفراد‪..‬‬ ‫فـ«مينوتي» األرجنتيني الش��هير الفائز بكأس‬ ‫العال��م الع��ام (‪ )1978‬ومكتش��ف مارادونا ‪..‬‬ ‫وزَّع رواياتٍ أدبي�� ًة موحدّة ليقرأها الالعبون‬ ‫وزجهم في عتم��ة صاالت الس��ينما ليحضروا‬ ‫نف��س الفيل��م مع��اً ‪ ..‬لرفع مس��توى التخاطر‬ ‫واالنسجام المزاجي والذهني‪.‬‬ ‫كل نح��ن المنتخب الوحي��د الذي‬ ‫عل��ى ٍ‬ ‫يستطيع اللعب لي ًال مع انقطاع الكهرباء‪.‬‬ ‫لعنها اهلل حين تكهرب األجساد ْ‬ ‫وتُظلِم‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫السرعة‪:‬‬ ‫في مقام الس��رعة «الس��برينت» نتذكر‬ ‫رومينيغ��ه‪ ..‬رونال��دو األول ورونال��دو الثاني‬ ‫وميسي ومارادونا وهنري وبيالنوف‪ ..‬ومجزرة‬ ‫الصنمين‪.‬‬ ‫هل تتذكرون مجزرة الصنمين؟‬ ‫هل تتذكرون الس��رعة الهائل��ة لفتيان‬ ‫وش��باب وش��يب يس��ابقون الرص��اص‪ .‬نحو‬ ‫عدسة الموبايل الثابت والمنخفض‪.‬‬ ‫أنا ال أنساها‪ ...‬ومنذ رأيتها وأنا أتعجب‪..‬‬ ‫لم أكن أتخيل سوريين بهذه السرعة‪.‬‬ ‫اش��تهيت أن يرى المع��ري نبوءته‪ .‬وفاء‬ ‫مواطنيه لش��عرهِ هنا ف��ي الصنمين وهنا في‬ ‫المعرة‪.‬‬ ‫«طِرْ إن اسطعت في الهواء‪ ...‬رويداً «‪..‬‬ ‫كانوا يطيرون‪ ..‬والموت كان رويداً‪...‬‬ ‫ف��ي تدريبات الس��رعة التقليدية‪ ...‬كان‬ ‫مدربنا يُهرولنا ثم ِّ‬ ‫يُصف��ق فننطلق ‪ 15‬متراً‬ ‫سرعة قصوى‪ ..‬يصفق فنهرول من جديد‪.‬‬ ‫شعب يسابق الموت‪:‬‬ ‫أول ثالثة مدربين في حياتي‪ ..‬كانوا بال‬ ‫صافرة‪ .‬كانت الصافرة حكراً على الحكم‪.‬‬ ‫يصفق فنت��درب على س��رعة االنطالقه‬ ‫وسرعة االستجابه «الريفلكس» وسرعة تغيير‬ ‫االتجاه‪ .‬يصفق فنغير اتجاه الركض من األمام‬ ‫لليمين أو يصفق فتستدير وتسرع في االتجاه‬ ‫المعاكس‪.‬‬ ‫ثم يصفق فتس��تدير‪ ..‬كل هذا التصفيق‬ ‫لم يوصلنا كأس العالم‪.‬‬ ‫الصاف��رة الي��وم متواف��ره‪ ...‬صاف��رة‬ ‫القذيفة والص��اروخ‪ .‬والرصاص��ة‪ ..‬الرصاصة‬ ‫صافرة القناص‪.‬‬

‫هل تتخيل معي ردة الفعل؟ السرعة؟ هل‬ ‫تتخيل شعباً بين قوسين يسابق الموت؟‬ ‫نح��ن أول ش��عب يغي��ر م��ن بدهية «ال‬ ‫تسرع‪ ...‬الموت أسرع»‬ ‫وبغ��ض النظر عن أهمي��ة هذه الحكمة‬ ‫في الحوار والسياس��ة وقبول اآلخر‪ .‬والمسألة‬ ‫الطائفيّة‪.‬‬ ‫فالس��وريون وفق األرق��ام واإلحصاءات‬ ‫العلمية سبقوا الموت‪.‬‬ ‫الس��وريون الذي��ن تمكن��وا من س��بق‬ ‫الموت أكثريه حتى اللحظة‪.‬‬ ‫شبابنا جاهزون‪.‬‬ ‫م��ن يس��تطيع مجاراته��م ف��ي التحمل‬ ‫والسرعة وردّة الفعل؟ ال أحد‪.‬‬ ‫هك��ذا يتضّ��ح أنن��ا س��نتخطى مرحلة‬ ‫المجموعات ونصعد للدور الثاني (الـ‪.)16‬‬ ‫الس��رعة ف��ي ك��رة الق��دم ال تكف��ي ‪..‬‬ ‫فالرك��ض هنا ليس مس��تقيماً‪ ..‬لي��س ركضاً‬ ‫للركض‬ ‫وال س��رعة م��ن أجل الس��رعة‪ ..‬هنا ثمة‬ ‫منعطفات وتغيير اتج��اه حادّ الزاوية والزمن‪.‬‬ ‫أنظر الرسم التوضيحي لـ«ميسي»‪.‬‬ ‫واهلل إني ألرى ألف ميس��ي في ش��وارعنا‬ ‫المقدسة‪.‬‬ ‫ه��ل تعرف م��ا ه��و الدريبل؟ يس��مونه‬ ‫بالعامي��ة الترقي��ص‪ .‬أن ترَّق��ص الخص��م‪..‬‬ ‫تأخ��ذه يمين��اً وتذهب يس��اراً فيذهب يس��اراً‬ ‫فتصبح يميناً ثم تتقدم أو تمرر‪.‬‬ ‫الجمه��ور يحب ه��ذه اللحظ��ة‪ ..‬ويحب‬ ‫التبيي��ض‪ ..‬أو تمري��ر الكرة م��ن بين قدمي‬ ‫الخصم‪ ..‬إش��ار ًة إلى س��حقه نفس��ياً وس��حق‬ ‫جمهوره‪..‬؟‬ ‫ثم��ة ع��داؤون أس��رع من ميس��ي ولم‬ ‫يفلحوا في المالعب‪ ...‬لبط ٍء في المخيلة‪.‬‬ ‫ليس الدريبل صدفة وال سرعة وال مرونة‬ ‫وال عضالت‪ .‬الدريبل هو فارق س��رعة المخيلة‬ ‫بين الـ ميسي والـ ال ميسي‪.‬‬ ‫أخي ميسي‪.‬‬ ‫أي «دريب��ل» يمك��ن مقارنت��ه بدريب��ل‬ ‫الم��وت! تمري��ر الحي��اة م��ن بي��ن قدم��ي‬ ‫الموت؟!!‪.‬‬ ‫أي تحمل وس��رعة وتركيز وروح معنوية‬ ‫وإعداد نفس��ي‪ ..‬أكثر من ه��ذا الذي ترى هنا‬ ‫في شوارعنا الخضراء‪.‬‬ ‫هل من شكٍ أننا سنتخطى ربع النهائي؟‬ ‫بالطبع ال‪.‬‬ ‫هل أحدث��ك عن الكره الش��املة‪ ...‬التي‬ ‫أنقذت الس��وريين ‪ ..‬عن تب��ادل المراكز بين‬ ‫الم��دن واألحي��اء‪ ..‬واألم��وات أيض��اً‪« ..‬نحنا‬ ‫معاكي للموت» ‪ ..‬نحن الكرة الشاملة‪.‬‬ ‫وماذا ينقصنا لنصف النهائي؟‬

‫الطاق��م الطبيّ؟ هه‪ ..‬نح��ن من نجري‬ ‫بال لي��زر عملية اس��تئصال رصاصة على ضوء‬ ‫ابتسامة‪.‬‬ ‫وتسألونني عن النهائي‪.‬‬ ‫ال تسأل من سبق ولعب كرة القدم عنها‬ ‫فه��و وبال ريب قادر على كتابة ألف ليلة وليلة‬ ‫بليلة واحده‪ .‬وسوف لن تصادف أحداً منّا فوق‬ ‫سن الخمسين يتعفف عن الكذب‪.‬‬ ‫أجمل لحظ��ات عمري كانت التس��ديدة‬ ‫الت��ي ارتطم��ت بالعارض��ة وارت��دت لترتطم‬ ‫بعارض��ة مرمانا على بع��د ‪ 100‬متر ثم عادت‬ ‫راضي ًة مرضيّة ‪ ..‬ولم تعد‪.‬‬ ‫من مِنّا لم يح��رز كأس العالم فليرمني‬ ‫بحجر‪.‬‬ ‫كل ما تبقى هو المباراة النهائية‪.‬‬ ‫ونتيجتها بديهة ومضمونه وال تستحق‬ ‫صفّ المزيد من الكالم‪.‬‬ ‫وإذا كن��ت لم تقتنع بدراس��تي العلميّة‬ ‫أعاله ‪ ..‬فمن الواضح أنك ش��بيّح‪ ..‬وأنك أنت‬ ‫أيضاً ركضت وطاردت وقاتلت وقتلت واعتقلت‬ ‫المتظاهري��ن ‪ 14‬ش��هراً‪ .‬بس لي��ش؟ «حرام‬ ‫عليك»‪.‬‬ ‫يبدو أننا س��نتواجه في نهائ��ي «العالم‬ ‫القادم»‪.‬‬ ‫سوريا ستربح‪.‬‬ ‫وقبل رفع كأس «العالم القادم» س��نقف‬ ‫دقيقة صمت على أرواح الشهداء‪:‬‬ ‫أحم��د نضال ملندي «‪ 24‬عاماً ـ محافظة‬ ‫إدلب» بطل سوريا في الشطرنج ـ بعد تعرض‬ ‫منزل��ه للقص��ف من ق��وات النظام ‪ .‬وحس��ام‬ ‫راتب الشعار‪ ..‬مدرب مدارس الكره في الوثبة‬ ‫الحمص��ي ال��ذي استش��هد قنصاً وه��و يوزع‬ ‫الخبز‪.‬‬ ‫وش��هداء نادي الكرامة وف��ق «غوغل»‪:‬‬ ‫رئيس ف��رع الحزب األس��بق بحمص‪ ،‬ورئيس‬ ‫الن��ادي األس��بق المهن��دس «غ��ازي زغيب»‬ ‫الذي استش��هد وعائلته في بابا عمرو‪ .‬والعب‬ ‫الكرام��ة «أحم��د س��ويدان» الذي استش��هد‬ ‫في القصف العش��وائي على ح��ي القرابيص‪،‬‬ ‫والعب منتخب الناشئين ونادي الكرامة «عبد‬ ‫الرحم��ن صبّوح» ‪..‬أحد ش��هداء المجازر التي‬ ‫تلت اقتحام حي بابا عمرو‪ .‬والشهيدان «طارق‬ ‫األسود» و«أنس الطرشة» بعد سقوط قذيفة‬ ‫على سيارتهما في شارع الكورنيش‪.‬‬ ‫«ط��ارق» و«أنس» كانا زين َة مُش��جعي‬ ‫حم��ص ‪ -‬الكرامة ‪ ..‬ومنش��دي عل��م الجمال‬ ‫الكروي ‪..‬على مقام‪:‬‬ ‫«ما بَدْنَا الدَوري وما بَدْنا الكاسْ‪....‬‬ ‫بتْعَبيْ الراسْ»‬ ‫لعّيبه ِ‬ ‫بَدْنا ِ‬ ‫السفير ‪2012 / 5 18‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ق��د ال تصدقونن��ي‪ ..‬أنتم أح��رار‪ ..‬أرجو‬ ‫ذلك‪ ..‬كما أرجوه لنفسي‪.‬‬ ‫ق��د ال تصدقونن��ي ّأن س��وريا القادم��ة‬ ‫س��تحصل عل��ى كأس «العالم الق��ادم» بكرة‬ ‫القادم‪.‬‬ ‫تسألون كيف؟‬ ‫تقول��ون ه��ذا تَعَصُّ��ب! ال واهلل ليس‬ ‫تعصباً‪ ..‬أو أنّهُ على األقل تعصبٌ عِلميّ‪.‬‬ ‫وليغ��دو عِلم��ي عِ ْل ُ‬ ‫مَك��م‪ ..‬ريثما نتفق‬ ‫على العَ َلمْ‪.‬‬ ‫أنا الذي سأسأل‪ ..‬إي وشو ناقصنا؟‬ ‫الحالة البدنية؟ الحالة الروحية النفسية؟‬ ‫الحالة الذهنية؟ الحالة التقنية الفنيّة؟ والروح‬ ‫المعنوية؟‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كل هذه األس��ئلة مردوده‪ُ ..‬‬ ‫وأل َفندَنَّها‬ ‫وأجْلوَنَّها بَيِّنَ ًة واضح ًة وضوح الحقّ ألهل‬ ‫الح��قّ واح��د ًة واحدة باختص��ار يفرضه ْ‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫وضيقُ الوقت الض��روري للتحضيرات الجارية‬ ‫على قدمين وس��اقين قاومتا «دوالب» األمن‬ ‫طلباً لـ«دوالب الهوى»‪.‬‬ ‫ه��ل تعلمون أي��ة خبرة تكتنزه��ا أقدام‬ ‫السوريين‪ .‬أية مخيلة؟‬ ‫الحالة البدنية‪:‬‬ ‫الجاهزي��ة البدني��ة تَحَم ٌ‬ ‫ُّ��ل وس��رع ٌة‬ ‫ومرونه‪.‬‬ ‫يعن��ي أن تلع��ب س��اعة ونصف س��اعة‬ ‫بنفس الطاقة والتركيز‪ ..‬ناهيك عن الشوطين‬ ‫المضافين ف��ي األدوار النهائية‪ ..‬وأن تتنفس‬ ‫بعد كل هذا وتسدد ضربة الجزاء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التحمل والسرعة‬ ‫ال بد أنكم تتذكرون «‬ ‫« عند ألمان «رومينيغه» وجاهزيتهم الذهنية‬ ‫م��ا جعله��م ف��ي دقائ��ق مع��دودات يقلبون‬ ‫خس��ارتهم أمام منتخب بالتيني من ‪ 3/1‬إلى‬ ‫‪ 3/3‬ويربحون بركالت الجزاء‪.‬‬ ‫الجاهزي��ة الذهنيّ��ة ال تتوفر بس��هولة‬ ‫تحت وطأة التراجع البدني‪.‬‬ ‫والجاهزي��ة الذهنيّة تُقي��مُ َ‬ ‫العدل بين‬ ‫واح��داتِ الزمن ف�لا تعتب��ر الدقائق الخمس‬ ‫األول��ى «كِخّاً» واألخيرة خل��ص «خِلصِتْ»‬ ‫وه��ذه الـ«خلص��ت» اختص��اصٌ واجَهَ��هُ‬ ‫السوريون وتخصصوا بالخالص منه‪.‬‬ ‫تق��وم تدريب��ات التحمّ��ل تقليدياً على‬ ‫كسر حاجز التَحَمُّل ‪ ..‬ويعني أن تركض نصف‬ ‫س��اعة إضافية بعد الش��عور بالتعب ومن ثم‬ ‫تفتح خطواتك في الربع ساعة التالية وتنهيها‬ ‫ركضاً سريعاً صعوداً‪ .‬ثمّ ‪ ...‬ال تلهث‪.‬‬ ‫هنا يبدأ التفوق السوري ‪ ...‬فمن الصعب‬ ‫أن تجد شعباً ركض ما ركضناه‪.‬‬ ‫م��ن ومن��ذ درع��ا حت��ى صب��اح الي��وم‬ ‫الجمعة‪.‬‬ ‫أربعة أش��هر وع��ام من الرك��ض ‪ ..‬من‬ ‫خ��ارق للتحم��ل ‪...‬كلما تعبت‬ ‫اختراع مفهوم‬ ‫ٍ‬ ‫منه وبه تركض أكثر وكلما «متَّ» «تحيا»‪.‬‬ ‫كلنا نع��رف التعبي��ر الش��ائع «متُّ من‬ ‫التعب» هذا الذي لم يحصل في سوريا اليوم‪.‬‬ ‫يمك��ن الق��ول ّإن المتظاه��ر الس��وري‬ ‫«ماتّ من الموت أو من الرصاص أو القناص‬ ‫وليس من التعب»‪.‬‬ ‫م��ن يس��تطيع منازلتن��ا ف��ي مس��ألة‬ ‫التَحَمُّل؟ ال أحد‪.‬‬ ‫باختص��ار ال أح��د وال اثني��ن وال الثالثاء‬ ‫«ميع��اد حبيب��ي» ‪..‬فم��ا بالك بي��وم الجمعة‬ ‫و«الخاليق مجتمعه»؟!‬ ‫وإذا كانت الدول المنافس��ة تطور برامج‬ ‫علمية للتحمل بدءاً مما اصطلح على تسميته‬ ‫باختراق الضاحية ‪ ..‬المترجم عملياً إلى ما بين‬ ‫ال��ـ‪ 5‬كيلومترات وص��و ًال إل��ى ‪ 10‬أو ‪ 16‬تبعاً‬ ‫لساديّة المدرب‪.‬‬ ‫بعد كل هذا‪ ..‬واحترام��اً لمفهوم علمي‬ ‫اسمه «االسترجاع اس��تعادة القوة المبذولة»‬

‫‪9‬‬


‫نكبة فل�سطني ‪ -‬اجلرح الغائر‬ ‫حبر ناشف‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫خالد كنفاني‬ ‫إن تحويل فلس��طين م��ن بلد عربي‬ ‫إلى بلد يهودي‪ ،‬وطرد الشعب الفلسطيني‬ ‫من دياره ووطنه وإحالل اليهود محله كان‬ ‫اله��دف األول للحرك��ة الصهيوني��ة وهي‬ ‫"حرك��ة سياس��ية عدواني��ة"‪ .‬وقد س��هل‬ ‫"وع��د بلف��ور" الوص��ول لله��دف‪ ،‬انتظ��ر‬ ‫الصهيوني��ون من بريطاني��ا العظمي‪ ،‬أن‬ ‫تتم مهمته��ا وتقدم فلس��طين لهم على‬ ‫طبق من فضة خالية من أهلها األصليين‬ ‫وحي��ن ل��م يتم ذل��ك‪ ،‬ق��رر الصهيونيون‬ ‫الوص��ول إلي��ه بأنفس��هم‪ ،‬وق��د نف��ذوه‬ ‫بأبشع الوس��ائل والطرق الوحشية‪ ،‬تؤكد‬ ‫ذلك مجمل الممارسات الصهيونية عشية‬ ‫اإلع�لان ع��ن قيام إس��رائيل وم��ا صاحب‬ ‫ذل��ك من تمييز عنص��ري وقهر واضطهاد‬ ‫للسكان الفلسطينيين عبر تدمير قراهم‬ ‫واالعت��داء عل��ى بلداته��م وتجمعاته��م‬ ‫السكنية بوس��ائل عدة‪ :‬نفس��ية ومادية‪،‬‬ ‫جمع القادة الصهاينة بينها ببراعة ودهاء‪،‬‬ ‫اتس��مت باإلره��اب والفظاع��ة وارت��كاب‬ ‫المج��ازر والمذاب��ح‪ ،‬أدت ف��ي النهاية إلى‬ ‫إخالء وطرد الفلسطينيين وترحيلهم عن‬ ‫قراهم ومنها‪:‬‬

‫الإرهاب اليهودي‬

‫طرد الس��كان الفلس��طينيين من‬ ‫بيوتهم ووطنهم بالمذابح المحس��وبة‪،‬‬ ‫فقد انقاد الش��عب اليهودي للصهيونية‬ ‫المجرم��ة وش��ارك منفع� ً‬ ‫لا في أبش��ع‬ ‫مذابح اقترفت في ه��ذا العصر‪ ،‬والذي‬ ‫قص��د منه��ا كس��ر ال��روح المعنوي��ة‬ ‫للفلس��طينيين ودفعه��م إل��ى الف��رار‬ ‫"اللج��وء"‪ ،‬علم��ًا بأن التس��جيل الكامل‬ ‫للكيفي��ة والنوعي��ة الت��ي ط��رد به��ا‬ ‫الفلس��طينيين يتطل��ب مجل��داً ضخماً‪،‬‬ ‫وليس��ت مذبح��ة دي��ر ياس��ين ف��ي‬ ‫‪1948/4/9‬م إال واح��دة م��ن سلس��لة‬ ‫مذاب��ح نظمته��ا العصاب��ات الحاق��دة‪،‬‬ ‫وم��ع أنها المج��زرة التي اش��تهرت أكثر‬ ‫م��ن غيرها‪ ،‬حي��ث ج��رى توثيقها على‬ ‫نط��اق واس��ع وبدق��ة كبيرة‪ ،‬وق��د بلغ‬ ‫عدد ضحاياها عدة مئات حوال‪ 254‬من‬ ‫شيوخ ونساء وأطفال*‪ ،‬إال أنها لم تكن‬ ‫المج��زرة الوحيدة‪ ،‬أو أكبر المجازر التي‬ ‫ارتكب��ت فقد كان��ت مجزرت��ا الدوايمة‬ ‫قضاء الخليل‪ ،‬ومذبحة اللد أكبر وأبشع‬ ‫وق��د نظم��ت العصاب��ات الصهيوني��ة‬

‫العديد م��ن المذابح والمجازر للش��عب‬ ‫الفلسطيني اآلمن في وطنه حوالي ‪25‬‬ ‫مجزرة منها‪ :‬مذبحة سعسع في ‪،4/16‬‬ ‫ومذبحة س��لمة ف��ي ‪ ،3/1‬وبيار عدس‬ ‫في ‪ ،3/6‬ثم مذبحة القسطل في ‪،4/4‬‬ ‫ومذبحة طبري��ا بتاريخ ‪ ،4/17‬ومذبحة‬ ‫س��ريس في نفس التاري��خ‪ ،‬وحيفا في‬ ‫‪ ،4/20‬والق��دس ف��ي ‪ ،4/25‬وياف��ا في‬ ‫‪ ،4/26‬ومجزرة عكا في ‪ ،4/27‬ومذبحة‬ ‫صف��د في ‪ ،5/7‬وبيس��ان ف��ي ‪ ،5/9‬وال‬ ‫نغفل مذبحة ناصر الدين‪ ،‬وما ارتكبوه‬ ‫في مذبحة قبية ‪1953‬م‪ ،‬وكفر قاسم‪،‬‬ ‫ونحالين والسموع ومذبحة الطنطورة‪..‬‬ ‫ال��خ‪ .‬راح فيه��ا آالف المواطنين األبرياء‬ ‫معظمه��م م��ن الش��يوخ‪ ،‬والنس��اء‬ ‫واألطفال على أثر هذه المذابح الحاقدة‬ ‫الهمجية غدا الفلسطيني أمام خيار مر‪:‬‬ ‫الموت أو الهرب واللجوء‪.‬‬

‫فقدان وانهيار الأمن‬

‫يؤكد هذا جنرال إنجليزي بأن قضية‬ ‫الالجئين وأس��بابها ترتبت على "أعمال‬ ‫اليه��ود الوحش��ية"‪ ،‬ويك��ذب اإلدعاءات‬ ‫اإلسرائيلية بأن الفلس��طينيين خرجوا‬

‫عل��ى إرادته��م وم��ن تلقاء أنفس��هم‪،‬‬ ‫ولي��س عنوه‪ ،‬ويقول بأن "العربي الذي‬ ‫يغادر أرض��ه‪ ،‬راضي��ًا‪ ،‬كان من الواجب‬ ‫عليه أن يبيع بيته‪ ،‬إذا كان يملك بيتاً‪ ،‬أو‬ ‫يحمل أمتعته‪ ،‬وأن يستعد لهذا الرحيل‪،‬‬ ‫على األق��ل ولكن أن يغ��ادر بلده‪ ،‬دون‬ ‫أن يحمل ش��يئًا‪ ،‬ودون أن يعرف مصير‬ ‫عائلته‪ ،‬وأن يقتل أبنه على يديه‪ ،‬حتى‬ ‫ال يفكر في الع��ودة‪ .‬إن عربياً خرج من‬ ‫فلس��طين مع هذه الطريقة‪ ،‬لم يغادر‬ ‫راضيًا‪ ،‬إنما اليهود أجبروه على الخروج‪،‬‬ ‫تح��ت وطأة الخوف واإلره��اب‪ ،‬على أثر‬ ‫المجازر والمذابح الرهيبة التي نفذوها‬ ‫في طول وعرض البالد*‪.‬‬

‫فقدان اجلهاز احلكومي‬

‫م��ن األس��باب الت��ي س��اهمت في‬ ‫خ��روج المواطني��ن س��نة ‪1948‬م‪ ،‬كان‬ ‫انهي��ار األم��ن واألنظمة اإلداري��ة أثناء‬ ‫انته��اء االنت��داب‪ ،‬فبعد انتش��ار العنف‬ ‫والرع��ب بس��بب اإلره��اب والمج��ازر‬ ‫التالي��ة لصدور ق��رار التقس��يم‪ ،‬ظلت‬ ‫الحكوم��ة البريطاني��ة عاج��زة ع��ن‬ ‫صيانة القانون والنظام في فلسطين‪،‬‬ ‫ول��م تك��ن مس��تعدة لتوري��ط قواته��ا‬ ‫في س��بيل ه��ذا اله��دف‪ ،‬والدليل على‬ ‫انع��دام أية س��لطة للحكوم��ة في تلك‬ ‫األيام العصيبة‪ ،‬ق��د أثبته الواقع حينما‬ ‫حدثت المذابح العديدة‪ ،‬فلم تكن هناك‬ ‫سلطة تعترض أو تحاول منع المذابح أو‬ ‫تساعد في إسعاف الجرحى‪ ،‬أو حتى في‬ ‫إنقاذ أو دفن الضحايا‪.‬‬

‫بداية احلكاية‬

‫في ربيع ع��ام ‪ 1948‬بدأت القوات‬ ‫االس��رائلية بتنفي��ذ خطته��ا الحت�لال‬ ‫االراض��ي الفلس��طينية الت��ي كان��ت‬ ‫موع��ودة به��ا قبل س��نتين بن��اءا على‬ ‫تقس��يم فلسطين فحش��دت قوات تبلغ‬ ‫خمس��ين ال��ف جندي صهيون��ي مقابل‬ ‫الفي��ن وخمس��مائة مقات��ل ش��عبي‬ ‫م��ن المتطوعي��ن الع��رب واألهال��ي‬

‫الفلس��طينين ولك��ن الق��وات الغازي��ة‬ ‫م��ا لبث��ت أن ازدادت ال��ى مائ��ة وواحد‬ ‫وعشرين ألفاً مقابل أربعين الف جندي‬ ‫عربي تحت قيادات متعددة‪.‬‬ ‫واحتلت الق��وات الغازية ‪213‬قرية‬ ‫فلس��طينية وط��ردت كاف��ة س��كانها‪،‬‬ ‫لكن االمم المتحدة أم��رت بإعادة كافة‬ ‫المطرودي��ن ال��ى بالده��م وأرس��لت‬ ‫مبعوث��ًا م��ن عنده��ا ولك��ن العصابات‬ ‫الصهيوني��ة قام��ت باغتيال��ه بامر من‬ ‫اسحاق ش��امير (رئيس وزراء اسرائيل‬ ‫فيما بعد)‪ .‬في ذلك الوقت بدأت القوات‬ ‫البريطانية باالنس��حاب من فلس��طين‬ ‫تدريجيا بخطة مدروسة وتسليمها الى‬ ‫اليهود‪.‬‬ ‫وف��ي كل مدين��ة ينس��حب منه��ا‬ ‫االنجلي��ز ب��دأ الصهاينة بش��ن هجمات‬ ‫وحشية على السكان الفلسطينيين فيها‬ ‫وذبحهم وطردهم من أوطانهم‪ ،‬وكان‬ ‫العدو يقدم لهذه الهجمات بحرب نفسية‬ ‫عب��ر مكب��رات الص��وت والمنش��ورات‬ ‫المرعبة للسكان وبدأت المذابح تتوالى‬ ‫على مدن وقرى فلس��طين ومن أهمها‬ ‫مذبح��ة دير ياس��ين مما ادى الى نش��ر‬ ‫الرعب في كل الوطن بين السكان وقد‬ ‫قس��م الصهاين��ة حربهم عل��ى مراحل‬ ‫بين الحرب النفس��ية واس��تخدام القوة‬ ‫المفرط��ة من الذبح والتنكيل بس��كان‬ ‫فلسطين‪.‬‬ ‫وحتى أيار من عام ‪ 1948‬وفي يوم‬ ‫‪ 1948/5/15‬كانت الق��وات الصهيونية‬ ‫قد احتلت عن طري��ق المذابح والترويع‬ ‫واعم��ال القت��ل الجماع��ي مناط��ق‬ ‫فلس��طينية اكثر بكثي��ر مما نص عليه‬ ‫قرار تقس��يم فلس��طين الظالم اصال‪.‬‬ ‫فقد وقع سكان فلسطين تحت خيارين‬ ‫حلوهم��ا مر وهو اما ان يتركوا ديارهم‬ ‫او يبقوا ينتظرون الذبح الجماعي‪.‬‬ ‫وم��ا إن ح��ل ش��هر ديس��مبر م��ن‬ ‫ع��ام ‪1948‬حت��ى أصبح ع��دد الالجئين‬ ‫الفلس��طينيين ثمانمائة الف مشرد من‬


‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫حوالي ‪ 531‬قرية ومدينة فلس��طينية‪.‬‬ ‫وبعد هزيمة القوات العربية التي جاءت‬ ‫النقاذ فلس��طين تم اعالن قيام الكيان‬ ‫الصهيوني واعلن قيام دولة اس��رائيل‬ ‫في ‪ 1948/5/14‬على ما مساحته ‪78%‬‬ ‫م��ن االراض��ي الفلس��طينية أي بزيادة‬ ‫‪ 25%‬عن مشروع التقسيم‪.‬‬ ‫ق��د ال تكف��ي كلم��ة "النكب��ة"‬ ‫لاليف��اء بالتعبي��ر عم��ا حصل للش��عب‬ ‫الفلس��طيني‪ ،‬وخاصة اذا ما نظرنا إلى‬ ‫م��ا تالها م��ن احداث دامي��ة وصعوبات‬ ‫قاسية‪ .‬إن ما حل بالشعب الفلسطيني‬ ‫من جراء احتالل أرضه وبالده فلسطين‬ ‫م��ن قب��ل مهاجري��ن يهود ج��اءوا على‬ ‫فترات‪ ،‬وش��كلوا على أرض��ه وبدال منه‬ ‫كيانا جدي��دا قام عل��ى انقاضه‪ ،‬وعلى‬ ‫حس��اب تواج��ده الذي اس��تمر متواصال‬ ‫لفت��رات طويلة من التاريخ المغرق في‬ ‫القدم والحضارة‪.‬‬

‫نكبة فل�سطني بالأرقام‬

‫• ‪ 531‬قري��ة ومدينة فلس��طينية‬ ‫طه��رت عرقي��ًا ودم��رت بالكامل خالل‬ ‫نكبة فلسطين‪.‬‬ ‫• ‪ 85%‬م��ن س��كان المناط��ق‬ ‫الفلسطينية التي قامت عليها إسرائيل‬ ‫(أكث��ر م��ن ‪000 ،840‬نس��مة) هج��روا‬ ‫خالل النكبة‪.‬‬ ‫• ‪ 93%‬من مجمل مساحة إسرائيل‬ ‫تعود إلى الالجئين الفلسطينيين‪.‬‬ ‫• ‪ 78%‬من مجمل مساحة فلسطين‬ ‫التاريخي��ة‪ ،‬قام��ت عليها إس��رائيل في‬ ‫العام ‪.1948‬‬ ‫• ‪ 000 ،178 ،17‬دون��م صادرته��ا‬ ‫إس��رائيل من الفلس��طينيين في العام‬ ‫‪.1948‬‬ ‫• ‪ 000 ،150‬فلس��طيني فق��ط‬ ‫بق��وا ف��ي المناط��ق التي قام��ت عليها‬ ‫إسرائيل‪.‬‬ ‫• ‪ 000 ،40-000 ،30‬فلس��طيني‬ ‫طه��روا عرقي��اً داخلي��ا خ�لال نكب��ة‬ ‫فلسطين‪.‬‬ ‫• ‪ 000 ،400‬فلس��طيني أو ثل��ث‬ ‫تعداد الشعب الفلسطيني طهروا عرقيًا‬ ‫من دياره حتى ربيع ‪.1948‬‬ ‫• ‪ 199‬قري��ة فلس��طينية ممت��دة‬

‫عل��ى‪ 964 ،3363 ،‬دون��م هجرت حتى‬ ‫ربيع ‪.1948‬‬ ‫• ‪ 000 ،15‬فلس��طيني قت��ل خالل‬ ‫النكبة‪.‬‬ ‫• أكث��ر م��ن ‪ 50‬مذبح��ة "موثقة"‬ ‫وقع��ت بحق الفلس��طينيين ف��ي العام‬ ‫‪.1948‬‬ ‫• ‪ 000 ،700‬دون��م صادرته��ا‬ ‫إس��رائيل من الفلسطينيين بين أعوام‬ ‫‪.1967-1948‬‬ ‫• ‪ 70%‬م��ن األراض��ي التابع��ة‬ ‫للس��كان الفلس��طينيين تحول��ت‬ ‫لألي��دي الصهيونية بي��ن ‪ 1948‬وأوائل‬ ‫الخمسينيات‪.‬‬ ‫• ‪ 50%‬م��ن األراض��ي التابع��ة‬ ‫للفلس��طينيين الذي��ن بق��وا ف��ي‬ ‫أراضيه��م داخ��ل إس��رائيل تحول��ت‬ ‫لأليدي الصهيوني��ة بين األعوام ‪1948‬‬ ‫و ‪.2000‬‬ ‫• ‪ 75%‬تقريب��اً م��ن مجم��ل‬ ‫الفلس��طينيين الي��وم ه��م الجئ��ون‬ ‫ومطهرون عرقيًا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫• ‪ 50%‬تقريب��ا م��ن مجم��ل تعداد‬ ‫الفلس��طينيين يقيم��ون قس��را خ��ارج‬ ‫حدود فلسطين التاريخية‪.‬‬

‫• ‪ 10%‬تقريب��ًا م��ن مجمل أراضي‬ ‫فلس��طين التاريخي��ة تتب��ع الي��وم‬ ‫للفلسطينيين‪.‬‬

‫امل�صادر‬ ‫* صحيف��ة حق العودة‪ ،‬العدد رقم ‪17‬‬ ‫(عدد خاص)‪ ،‬المركز الفلس��طيني لمصادر‬ ‫حقوق المواطنة والالجئين‪ ،‬آبار ‪2006‬‬ ‫* ن��ور الدي��ن مصالح��ة‪ ،‬طرد الفلس��طنين‬ ‫ومفهوم الترانسفير و الفكر و التخطيط الصهيوني‬ ‫‪1982‬ـ‪ ،1948‬مؤسسة الدراسات الفلسطينية‪.‬‬ ‫* شريف كناعنة‪ ،‬الشتات الفلسطينى‪،‬‬ ‫هج��رة أم تهجير‪ .‬مركز الالجئين و الش��تات‬ ‫الفلسطيني (شمل(‬ ‫* د‪ .‬س��ليمان أب��و س��تة‪ ،‬ح��ق العودة‬ ‫للش��عب الفلس��طيني على ض��وء تطورات‬ ‫التس��وية الس��لمية‪ .‬محاض��رة نظمته��ا "‬ ‫المركز العربي لبحوث التنمية و المس��تقبل‬ ‫"‪ ،‬القاهرة ‪1996/1/8‬‬ ‫* بين��ى موري��س‪ ،‬طرد الفلس��طنين‬ ‫ووالدة مش��كلة االجئين‪ ،‬وثيقة إس��رائيلية‪.‬‬ ‫دار الجلي��ل للنش��ر و الدراس��ات و األبح��اث‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪1993 ،1‬‬ ‫* جن��دي مع الع��رب ‪ /‬مذك��رات غلوب‬ ‫باش��ا‪ .‬ترجمة حس��ن الصمدي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬ ‫الناشرين الجامعين‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬

‫• ‪ 4 .1‬مليون فلسطيني أقاموا في‬ ‫فلسطين التاريخية قبل نكبة فلسطين‬ ‫في العام ‪.1948‬‬ ‫• ‪ 000 ،605‬يه��ودي أقام��وا ف��ي‬ ‫نف��س الفترة وش��كلوا ‪ 30%‬من مجمل‬ ‫سكان فلسطين‪.‬‬ ‫• ‪ 93%‬م��ن مس��احة فلس��طين‬ ‫التاريخي��ة تبعت للفلس��طينيين مع بداية‬ ‫حقبة االنتداب البريطاني على فلسطين‪.‬‬ ‫• ‪ 7%‬م��ن مس��احة فلس��طين‬ ‫التاريخي��ة‪ ،‬خضع��ت للصهاين��ة عن��د‬ ‫صدور قرار التقس��يم في تشرين ثاني‬ ‫‪.1947‬‬ ‫• ‪ 56%‬م��ن مس��احة فلس��طين‬ ‫التاريخي��ة منح��ت "للدول��ة اليهودي��ة"‬ ‫بموج��ب ق��رار التقس��يم في تش��رين‬ ‫ثاني ‪.1947‬‬ ‫• ‪ 50%‬تقريب��اً (نح��و ‪497000‬‬ ‫عربي فلس��طيني) من س��كان "الدولة‬ ‫اليهودي��ة" المقترحة كان��وا من العرب‬ ‫الفلسطينيين‪.‬‬ ‫• ‪ 80%‬تقريب��ًا من ملكية األراضي‬ ‫في "الدولة اليهودي��ة" المقترحة كانت‬ ‫تتبع للفلسطينيين‪.‬‬ ‫• ‪ 000 ،725‬عربي فلسطيني مقابل‬ ‫‪ 10000‬يهودي هم سكان "الدولة العربية"‬ ‫المقترحة بموجب قرار التقسيم‪.‬‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪11‬‬


‫عطا الأيوبي ‪1951 - 1877‬‬ ‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫ياسر مرزوق‬ ‫ول��د عطا األيوبي عام ‪ 1877‬في‬ ‫دمش��ق‪ ،‬وال��ده محمد عل��ي األيوبي‬ ‫من وجهاء دمش��ق‪ ،‬وآل األيوبي أسرة‬ ‫كردي��ة سياس��ية بارزة في دمش��ق‪،‬‬ ‫ترج��ع جذوره��ا لفترة حك��م «صالح‬ ‫الدين « لدمش��ق وال��ذي أقطع أجداد‬ ‫أراض واس��عة في منطقتي‬ ‫األيوب��ي ٍ‬ ‫الرب��وة ووادي ب��ردى‪ ،‬حتى أن بعض‬ ‫المراج��ع تس��بق اس��م األيوبي بلقب‬ ‫أمير لما ألسرته من مكانة بين األكراد‬ ‫الدمشقيين تلقى علومه في دمشق‪،‬‬ ‫ث��م انتقل لألس��تانة حي��ث درس في‬ ‫الكلية العس��كرية الملكية العثمانية‪،‬‬ ‫كما درس اإلدارة العامة واآلداب‪ ،‬وبدأ‬ ‫حيات��ه المهني��ة في الخدم��ة المدنية‬ ‫العثمانية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫في ‪ ،1908‬أصب��ح حاكما لمدينة‬ ‫الالذقي��ة‪ ،‬ل��م يلع��ب دوراً مهم��اً في‬ ‫فترة الص��راع العربي العثماني خالل‬ ‫الس��نوات ‪ ،1918 - 1916‬بق��ي ف��ي‬ ‫دمش��ق بعد هزيم��ة العثمانيين في‬ ‫تش��رين األول ‪ .1918‬وخ�لال األي��ام‬ ‫األربع��ة الفاصلة بي��ن رحيل األتراك‬ ‫ووص��ول الجي��ش العربي‪ ،‬ت��م عقد‬ ‫اجتم��اع بمثاب��ة « مجل��س ش��ورى «‬ ‫مصغر ف��ي مدينة دمش��ق برئاس��ة‬ ‫األمير عبد القادر الجزائري « الحفيد»‬ ‫وحضره الشيخ طاهر الجزائري وبديع‬ ‫المؤي��د العظم وفارس الخوري وعطا‬ ‫األيوب��ي‪ .....‬وغيره��م م��ن وجه��اء‬ ‫دمش��ق وفعالياته��ا‪ ،‬وس��موا األمي��ر‬ ‫س��عيد الجزائ��ري رئيس��ًا للحكوم��ة‬ ‫ورفع��وا « علم الثورة العربية الكبرى‬ ‫« على دار البلدية‪.‬‬ ‫في ‪ 30‬أيلول عام ‪ 1918‬تشكلت‬ ‫حكوم��ة عل��ي رض��ا الركاب��ي وكان‬ ‫األيوب��ي وزي��راً‪ ،‬واس��تمرت ال��وزارة‬ ‫حتى عام ‪ 1920‬الع��ام الذي توج فيه‬ ‫الس��وريون فيصل بن الحس��ين ملكًا‬ ‫عليه��م‪ .‬ول��م يلب��ث غ��ورو أن توجه‬ ‫للسوريين بإنذاره المشؤوم وهاجمت‬ ‫الجيوش الفرنسية سورية إلخضاعها‬ ‫والس��يطرة عليه��ا‪ .‬كان عطا األيوبي‬ ‫ض��د ه��ذا التدخ��ل الفرنس��ي وأقام‬ ‫عالقات مع المناضلين السوريين وكان‬ ‫يعمل عل��ى تمويل الثوار باألس��لحة‬ ‫واألموال ومنهم صال��ح العلي‪ ،‬زعيم‬ ‫الثورة في الساحل السوري‪ ،‬وإبراهيم‬ ‫هنان��و‪ ،‬زعيم تنظيم «حل��ب الثورة»‬ ‫في الالذقية‪ ،‬ويق��ال أنه غض النظر‬ ‫عن أنش��طه عم��ر البيط��ار ورفض‪،‬‬ ‫بصفته وزيراً للداخلية‪ ،‬إلقاء القبض‬ ‫على المتمردي��ن‪ ،‬وكان يعطي الثوار‬ ‫المعلوم��ات لوض��ع الكمائ��ن عل��ى‬ ‫الحاميات الفرنس��ية‪ .‬كم��ا كان وزيراً‬ ‫خالل معركة ميس��لون الشهيرة حيث‬ ‫ه��زم الجي��ش الس��وري م��ن جان��ب‬ ‫الجيش الفرنس��ي واستشهد في تلك‬ ‫المعركة زميله يوس��ف العظمة وزير‬ ‫الحربية‪.‬‬ ‫أراد عط��ا األيوب��ي بع��د معركة‬ ‫ميس��لون اللج��وء إل��ى الوس��ائل‬

‫الدبلوماس��ية لتحري��ر س��وريا وقبل‬ ‫بمنصب وزي��ر الداخلية ف��ي حكومة‬ ‫عالء الدين الدروبي الموالية لفرنسا‪.‬‬ ‫وف��ي آب ‪ ،1920‬قام��ت مجموعة من‬ ‫الرج��ال المس��لحين بمحاول��ة قتل��ه‬ ‫وذل��ك في منطقة ح��وران في جنوب‬ ‫س��وريا متهمة إي��اه بالخيان��ة لقبوله‬ ‫منصب��اً وزارياً تحت حك��م «االنتداب‬ ‫الفرنس��ي»‪ .‬فش��لت محاولة االغتيال‬ ‫في قتله أو حتى في إقناعه بالتنحي‪،‬‬ ‫واحتفظ بمنصب وزير الداخلية خالل‬ ‫حكومت��ي جمي��ل األلش��ي وحكوم��ة‬ ‫حقي العظم ع��ام ‪ ،1922‬عام ‪1924‬‬ ‫عهد إليه ب��وزارة العدلية في حكومة‬ ‫صبحي بركات واحتفظ بمنصبه حتى‬ ‫ب��دء الث��ورة الس��ورية ض��د االنتداب‬ ‫الفرنس��ي ف��ي ‪ .1925‬ويرى البعض‬ ‫أن الرجل كان يستعمل مركزه لخدمة‬ ‫الثوار والعمل على استقالل سوريا‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1928‬تحال��ف عط��ا‬ ‫األيوبي مع «الكتلة الوطنية» دون أن‬ ‫ينتسب رسميا إليها‪ .‬كانت هذه الكتلة‬ ‫تدعو لتحرير سوريا من خالل الوسائل‬ ‫الدبلوماس��ية ب��د ًال م��ن المقاوم��ة‬ ‫المس��لحة‪ .‬خالل الثالثينات من القرن‬ ‫العش��رين‪ ،‬كان األيوب��ي يلع��ب دور‬ ‫الوس��يط بين الجانبين وتسلم وزارة‬ ‫العدل في حكومة تاج الدين الحسني‬ ‫في آذار مارس ‪.1934‬‬ ‫تده��ورت العالق��ات بي��ن الكتلة‬ ‫الوطنية والفرنس��يين تده��وراً حاداً‬ ‫في عام ‪ ،1936‬وكانت الش��رارة التي‬ ‫أش��علت الحريق قرار رفع أجرة الترام‬ ‫نص��ف ق��رش‪ ،‬حيث أقدمت الش��ركة‬ ‫البلجيكي��ة المش��غلة للمش��روع على‬ ‫ه��ذه الخط��وة التي باركتها س��لطات‬ ‫االنت��داب الفرنس��ي يومه��ا‪ ،‬وهو ما‬ ‫أث��ار حفيظ��ة الوطنيي��ن الس��وريين‬ ‫وعلى رأس��هم فخري الب��ارودي الذي‬ ‫دعا إلى القي��ام بحملة احتجاجات ضد‬ ‫السلطة الفرنسية المنتدبة واندلعت‬ ‫ش��رارة المواجه��ات وامت��دت س��ريعا‬ ‫إل��ى مختل��ف المحافظ��ات الس��ورية‬ ‫ودعا قادة التكتل األمة باتفاق س��ري‬ ‫م��ع عطا األيوبي إل��ى اإلضراب العام‬ ‫الذي ش��ل الحياة التجارية‪ ،‬وامتد هذا‬ ‫اإلض��راب قرابة الس��تين يوم��ا لذلك‬ ‫أطل��ق علي��ه اإلض��راب «الس��تيني «‬ ‫حيث امتنع الموظفون عن الذهاب إلى‬ ‫عملهم وأغلقت المحال أبوابها وقامت‬ ‫مجموع��ة من الط�لاب بالوقوف على‬ ‫جس��ر فكتوري��ا لمنع وص��ول الطالب‬ ‫إلى الجامعة‪ ،‬وصارت مجموعة أخرى‬ ‫من الطالب أيضًا تنش��ر قوائم سوداء‬ ‫تضم أس��ماء الطالب الذين يداومون‬ ‫في الجامعة‪.‬‬ ‫و توج اإلضراب بإس��قاط حكومة‬ ‫تاج الدين الحسني وشكلت وزارة في‬ ‫‪ 1936/2/ 24‬برئاس��ة عـط��ا األيوبي‬ ‫لتدير المفاوضات بين الكتلة الوطنية‬ ‫وفرنس��ـا بع��د أن أيقنت فرنس��ا أنه‬ ‫ال س��بيل أمامه��ا س��وى اللج��وء إلى‬

‫المفاوض��ات وتكوّن وفد م��ن الكتلة‬ ‫الوطني��ة برئاس��ة هاش��م األتاس��ي‬ ‫وس��عد اهلل الجاب��ري وفاي��ز الخوري‬ ‫وعب��د الرحم��ن الكيال��ي وعفي��ف‬ ‫الصل��ح‪ ..‬وج��رت المفاوض��ات بي��ن‬ ‫الكتل��ة الوطنية والمفوض الس��امي‬ ‫لالنتداب دومارتيل يوم ‪ 28‬من شباط‬ ‫‪1936‬م في مدينه بيروت حول إيقاف‬ ‫اإلضراب وبحث القضية السورية وهو‬ ‫ما ق��اد إلى معاه��دة ‪ 9‬أيل��ول ‪1936‬‬ ‫والتي اعترفت فيها فرنس��ا باستقالل‬ ‫سورية كدولة مستقلة‪.‬‬ ‫أواخر عام ‪ 1939‬استقال الرئيس‬ ‫هاش��م األتاس��ي وعط��ل العم��ل‬ ‫بالدستور وتش��كلت حكومة مديرين‬ ‫برئاس��ة بهي��ج الخطي��ب بع��د أزم��ة‬ ‫سياسية حادة واندالع الحرب العالمية‬ ‫الثانية‪ ،‬واس��تمرت حكوم��ة الخطيب‬ ‫حتى ‪ 1941‬حين شكلت حكومة مؤقتة‬ ‫برئاس��ة خالد العظم ثم عهد إلى تاج‬ ‫الدي��ن الحس��ني رئاس��ة الجمهورية‬ ‫بالتعيي��ن م��ع ع��ودة الدس��تور وت��م‬ ‫االعتراف «باس��تقالل س��وريا» ريثما‬ ‫تهدأ الح��رب لتنظيم انتخابات نيابية‪،‬‬ ‫وكانت هذه الخطوات محاولة إلرضاء‬ ‫الس��وريين من قبل فرنسا الحرة في‬ ‫وجه فرنسا الفيشية الموالية للمحور‪.‬‬ ‫وف��ي يناي��ر ‪ 1943‬توف��ي رئي��س‬ ‫الجمهوري��ة وه��و عل��ى رأس عمله‪،‬‬ ‫وغ��دا رئيس ال��وزارة جميل األلش��ي‬ ‫رئيسًا مؤقتًا للجمهورية وفق أحكام‬ ‫الدس��تور‪ ،‬غي��ر أن عه��ده ل��م يط��ل‬ ‫فف��ي ‪ 25‬مارس ‪ 1943‬قرر المفوض‬ ‫الفرنس��ي الجنرال كارتو القفز فوق‬

‫الدستور وأنهى حكومة األلشي وكلف‬ ‫األيوبي تشكيل حكومة مؤقتة‪ .‬تسلم‬ ‫ً‬ ‫إضافة للرئاسة حقيبتي‬ ‫األيوبي فيها‬ ‫الدف��اع والداخلي��ة‪ ،‬ويق��ول يوس��ف‬ ‫الحكي��م الذي عاصر تل��ك الفترة‪ ،‬إن‬ ‫ه��ذه الحكوم��ة ق��د عمل��ت «بصدق‬ ‫وعزيم��ة وإخ�لاص» ومه��دت إلجراء‬ ‫االنتخابات النيابي��ة‪ ،‬كما قام األيوبي‬ ‫بأعمال رئي��س الجمهوري��ة‪ ،‬من ‪25‬‬ ‫آذار حت��ى ‪ 16‬آب م��ن الع��ام نفس��ه‬ ‫عل��ى أث��ر وف��اة رئي��س الجمهوري��ة‬ ‫الش��يخ تاج الدين الحس��ني وأش��رف‬ ‫عل��ى االنتخاب��ات الرئاس��ية‪ .‬ليت��رك‬ ‫منصب��ه ف��ي آب أغس��طس ‪،1943‬‬ ‫ويستقيل من الحياة السياسية وذلك‬ ‫إبان انتخاب الرئيس ش��كري القوتلي‬ ‫رئيساً للدولة‪ .‬كرمته الكتلة الوطنية‬ ‫إب��ان االس��تقالل ف��ي نيس��ان أبريل‬ ‫‪ .1946‬وذلك للدور العظيم الذي لعبه‬ ‫في مس��اعدة الث��وار والكتلة الوطنية‬ ‫في تحقيق االس��تقالل السوري‪ .‬كان‬ ‫عط��ا األيوب��ي قومي��اً كرس نفس��ه‬ ‫لخدمة س��وريا واس��تقاللها ولم يكف‬ ‫يوماً عن اس��تعمال مركزه السياسي‬ ‫لتقدي��م الخدم��ات للث��وار م��ن أج��ل‬ ‫تحقيق االستقالل‪.‬‬ ‫بق��ي عل��ى رأس عمل��ه كعضو‬ ‫لمجلس إدارة ش��ركة اإلس��منت حتى‬ ‫عام ‪ 1950‬توفي عام ‪1951‬ودفن في‬ ‫دمشق‪ ،‬وقد أطلق اسم عطا األيوبي‬ ‫على ش��ارع من أجمل شوارع دمشق‪،‬‬ ‫وال ي��زال القص��ر ال��ذي كان يقطن��ه‬ ‫األيوب��ي نموذجًا للعمارة في دمش��ق‬ ‫في العصر الحديث‪.‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬

‫ال يوج��د ف��ي القان��ون تعري��ف‬ ‫لشركة المحاصة إال أنها شركة تقوم‬ ‫بي��ن ش��خصين أو أكث��ر وتتميز عن‬ ‫باقي الش��ركات بأن كيانها القانوني‬ ‫مقتص��ر على العالقة بين الش��ركاء‬ ‫المتعاقدين‪ .‬وهي ش��ركة مس��تترة‬ ‫ال تتمت��ع بالش��خصية المعنوي��ة وال‬ ‫وجود لها بالنسبة إلى الغير وتقتصر‬ ‫آثاره��ا على الش��ركاء فق��ط‪ .‬وهي‬ ‫شركة غير معدة الطالع الغير عليها‬ ‫كونها ال تخضع إلجراءات الشهر وقد‬ ‫تؤس��س للقيام بعمل واح��د أو عدة‬ ‫أعمال متفرقة وقد تؤسس لتعاطي‬ ‫أعمال متك��ررة ولفترة طويلة‪ .‬ويتم‬ ‫اللجوء لشركات المحاصة في تنظيم‬ ‫العالقة بين الش��ركاء في المشاريع‬ ‫الصغي��رة والمتوس��طة‪ ،‬وذل��ك‬ ‫النخف��اض تكلفته��ا المادية وكونها‬ ‫ضامن��ة للحقوق‪ .‬وش��ركة المحاصة‬ ‫تق��وم عل��ى االعتب��ار الش��خصي‬ ‫وبالتال��ي ف�لا يح��ق ألي ش��ريك أن‬ ‫يتن��ازل ع��ن حصت��ه إال بموافق��ة‬ ‫باق��ي ش��ركائه ولش��ركة المحاصة‬ ‫خصائص‪:‬‬ ‫‪ - 1‬فه��ي ال تش��ترط الكتاب��ة‬ ‫وبالتالي ليس��ت معدة الط�لاع الغير‬ ‫عليها نظ��راً للعالقة التي تربط بين‬ ‫المتعاقدين فعندما تمارس الشركة‬ ‫أي عم��ل م��ن األعمال فه��ي تتعاقد‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫وقد أعط��ى القانون الش��ركات‬ ‫الجديد الصادر المرس��وم التشريعي‬ ‫ً‬ ‫‪2011‬مساحة واسعة‬ ‫رقم‪ /29/‬لعام‬ ‫من المرونة للش��ركات حيث تضمّن‬ ‫أنواع��اً جدي��دة م��ن الش��ركات التي‬ ‫يحتاجها االقتصاد السوري وهي‪:‬‬ ‫‪ .1‬الش��ركات التجاري��ة‪ :‬والت��ي‬ ‫تكون غايتها األساس��ية في ممارسة‬ ‫عمل تجاري أو إذا اتحدت شكل شركة‬ ‫مساهمة أو محدودة المسؤولية‪.‬‬ ‫‪ .2‬الش��ركات المش��تركة‪ :‬وهي‬ ‫الت��ي تس��اهم فيها الدول��ة أو إحدى‬ ‫الجه��ات العام��ة بنس��بة معين��ة من‬ ‫ماله��ا‪ ،‬وتخض��ع ه��ذه الش��ركات‬ ‫للقواع��د واألحكام المنصوص عليها‬ ‫في القانون الخاص بها‪.‬‬ ‫‪ .3‬ش��ركات المناط��ق الح��رة‪:‬‬ ‫وهي التي يك��ون مركزها في إحدى‬ ‫المناط��ق الحرة في س��وريا‪ ،‬وتكون‬ ‫مسجلة في سجل الشركات في إحدى‬ ‫هذه المناطق‪ ،‬وتتخذ هذه الش��ركة‬ ‫ش��كل ش��ركة التضامن أو التوصية‬ ‫البسيطة أو المحدودة المسؤولية‪.‬‬ ‫‪ .4‬الش��ركة القابض��ة‪ :‬وه��ي‬ ‫شركة مس��اهمة يقتصر عملها على‬ ‫تملك حصص في ش��ركات محدودة‬ ‫المس��ؤولية أو أس��هم ف��ي ش��ركات‬ ‫مس��اهمة أو االش��تراك في تأسيس‬ ‫مثل هذه الش��ركات‪ ،‬واالشتراك في‬ ‫إدارة الش��ركات الت��ي تمتل��ك فيه��ا‬ ‫حصصًا أو أسهمًا‪.‬‬ ‫‪ .5‬الشركات الخارجية‪ :‬وهي التي‬ ‫تكون غايتها محصورة بإبرام العقود‬ ‫والقيام بأعمال يجري تنفيذها خارج‬ ‫أراضي الجمهورية العربية السورية‬ ‫دون أن يحق لها ممارس��ة أي نشاط‬ ‫داخل سوريا‪.‬‬ ‫‪ .6‬الش��ركات المدني��ة‪ :‬وه��ي‬ ‫التي تؤس��س بين ش��ركاء من ذوي‬ ‫االختص��اص والمه��ن الفكري��ة‪ ،‬أو‬ ‫التي يكون موضوعها مدنيًا وتخضع‬ ‫ألح��كام القان��ون المدن��ي وأح��كام‬ ‫القواني��ن الخاص��ة به��ا وعقوده��ا‬ ‫وأنظمته��ا الداخلي��ة‪ .‬أم��ا الش��كل‬ ‫القانوني للش��ركات في سوريا فقد‬ ‫حددته المادة ‪ /5/‬من القانون الجديد‬ ‫ب��ان تك��ون الش��ركة متخذة ش��كل‬ ‫ش��ركة تضامن أو ش��ركة توصية أو‬ ‫ش��ركة محاص��ة أو ش��ركة محدودة‬ ‫المسؤولية أو شركة مساهمة‪.‬‬ ‫كم��ا وتطب��ق أح��كام قان��ون‬ ‫الشركات الجديد على جميع الشركات‬ ‫الت��ي تم��ارس األعم��ال التجاري��ة‬ ‫والمؤسس��ة في الجمهورية العربية‬ ‫الس��ورية‪ ،‬أما عقد الشركة المتعلق‬ ‫بالش��ركات المنص��وص عليه��ا في‬ ‫هذا القانون فتطبق بش��أنه القواعد‬ ‫المنصوص عنها في القانون المدني‬ ‫بش��رط أ ّال تك��ون تل��ك القواع��د‬ ‫ً‬ ‫صريحة‬ ‫مخالفة ألحكام هذا القانون‬ ‫ً‬ ‫ضمنية‪.‬‬ ‫أو‬

‫�شركة املحا�صة‬

‫باالسم الش��خصي ألي من الشركاء‬ ‫س��واء أكان المدير أو أي ش��ريك أخر‬ ‫وفي ح��ال ت��م توقيع أحد الش��ركاء‬ ‫عل��ى عق��د فإنم��ا يتعاق��د باس��مه‬ ‫ويلتزم شخصيًا بأثار العقد من قبل‬ ‫من تعاقد معه أم فيما بين الش��ركاء‬ ‫ف��أن الش��ركة قائمة وموج��ودة كأي‬ ‫شركة يحكمها االتفاق‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ش��ركة المحاص��ة ليس لها‬ ‫ش��خصية مس��تقلة ع��ن ش��خصية‬ ‫الشركاء ويترتب على ذلك‪:‬‬ ‫أـ ب��أن الش��ركة لي��س له��ا ذمة‬ ‫مالي��ة مس��تقلة ع��ن ذمة الش��ركاء‬ ‫بحيث أن��ه يبقى رأس��مال الش��ركة‬ ‫ملك للش��ركاء كل حسب ما قدم من‬ ‫حصة‬ ‫ب‪ -‬ليس للشركة عنوان تجاري‬ ‫وليس لها موطن وال جنسية‪.‬‬ ‫ج‪ -‬ال يج��وز مقاض��اة الش��ركة‬ ‫وإنم��ا ف��ي حال حصول خ�لاف فيتم‬ ‫مقاضاة الشريك الذي تعاقد بصفته‬ ‫الشخصية‪.‬‬ ‫د‪ -‬ف��ي حال اإلف�لاس فإنه يتم‬ ‫شهر إفالس الشريك الذي توقف عن‬ ‫دفع دين من الدي��ون التي التزم بها‬ ‫لحساب الشركة‪.‬‬ ‫ إن ش��ركة المحاص��ة ونظ��راً‬‫لع��دم وج��ود ش��خصية قانوني��ة‬ ‫مس��تقلة بها فه��ي ال تخضع لقواعد‬ ‫تصفية الشركات وإنما يتم تصفيتها‬

‫عن طريق المحاسبة بتقديم حساب‬ ‫من المدير أو الش��ركاء عما قاموا به‬ ‫م��ن أعم��ال لحس��اب الش��ركة وتتم‬ ‫مراجع��ة ه��ذه الحس��ابات م��ن قبل‬ ‫الشركاء بحيث ترد الحصص العينية‬ ‫ألصحابه��ا ث��م يت��م توزي��ع األرباح‬ ‫والخسائر بحس��ب االتفاق وفي حال‬ ‫ع��دم وج��وده فيتم التوزيع بحس��ب‬ ‫الحصص في رأس المال‪.‬‬ ‫ ف��ي ح��ال ت��م إظهار ش��ركة‬‫المحاصة بأي عمل من األعمال التي‬ ‫تقوم بها الشركة وذلك بعمل إرادي‬ ‫من الشركاء كالتوقيع باسم الشركة‬ ‫فإنها تفقد صفتها كش��ركة محاصة‬ ‫لتصبح مبدئياً شركة تضامن ويعود‬ ‫للقضاء تحديد أي نوع من الش��ركات‬ ‫هي إن لم تكن شركة تضامن وذلك‬ ‫بالنظر إلى عقده��ا وطريقة إدارتها‬ ‫ومسؤولية الشركاء فيها‪.‬‬ ‫وقد حددت المواد ‪51 /‬ـ‪52‬ـ‪53‬ـ‪54‬‬ ‫‪ /‬النصوص القانونية الناظمة لعمل‬ ‫شركات المحاصة‬ ‫‪ /1‬شركة تعقد بين شخصين أو‬ ‫أكثر ليست معدة الطالع الغير عليها‬ ‫وينحص��ر كيانه��ا بي��ن المتعاقدين‬ ‫ويم��ارس أعماله��ا ش��ريك ظاه��ر‬ ‫يتعامل مع الغير‪.‬‬ ‫‪ /2‬لي��س لش��ركة المحاص��ة‬ ‫ش��خصية اعتباري��ة وال تخض��ع‬ ‫لمعام�لات الش��هر المفروض��ة على‬ ‫الشركات األخرى‪.‬‬ ‫الم��ادة‪ /52/‬عق��د ش��ركة‬ ‫المحاصة‪..‬‬ ‫يح��دد عق��د ش��ركة المحاص��ة‬ ‫الحق��وق وااللتزام��ات المتبادلة بين‬ ‫الشركاء ومدتها وكيفية تسديد رأس‬ ‫المال وتقاسم األرباح والخسائر فيما‬ ‫بينهم مع االحتفاظ بتطبيق المبادئ‬ ‫العامة بعقد الشركة‪.‬‬ ‫الم��ادة‪ /53/‬إثب��ات ش��ركة‬ ‫المحاصة‪..‬‬ ‫يثب��ت عق��د ش��ركة المحاص��ة‬ ‫بجمي��ع ط��رق اإلثب��ات المقبولة في‬ ‫الم��واد التجاري��ة إذا كان موضوعها‬ ‫تجاريا وبطرق اإلثب��ات المحددة في‬ ‫الم��واد المدني��ة إذا كان موضوعه��ا‬ ‫مدنيا‪.‬‬ ‫الم��ادة‪ /54/‬عالق��ة الغي��ر‬ ‫بالشركة‪..‬‬ ‫‪ /1‬ال يكون للغير رابطة قانونية‬ ‫إال مع الشريك الذي تعاقد معه‪.‬‬ ‫‪ /2‬يج��وز أن تعام��ل ش��ركة‬ ‫المحاص��ة الت��ي تظه��ر تج��اه الغير‬ ‫بهذه الصفة كش��ركة فعلية ويصبح‬ ‫الش��ركاء فيها مس��ؤولين تجاه ذلك‬ ‫الغير بالتضامن‪ " .‬والمقصود أنه إذا‬ ‫قام أحد الشركاء بتصرف اتجاه الغير‬ ‫باسم الش��ركة فإن القانون يعاملها‬ ‫كشركة تضامن "‪.‬‬

‫الصفحة القانونية‪. .‬‬

‫�شركة املحا�صة يف القانونال�سوري‬

‫‪13‬‬


‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫عبد الوهاب امل�سريي‬ ‫العلمانية اجلزئية والعلمانية ال�شاملة‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫كاتبن��ا اليوم ظاهرة في المش��هد‬ ‫الثقاف��ي العرب��ي الحديث‪ ،‬ع��ام ‪2008‬‬ ‫كانت دمش��ق تحتفل بالثقافة العربية‬ ‫ً‬ ‫عاصم��ة لها وتزام��ن الحدث‬ ‫بوصفه��ا‬ ‫مع رحي��ل المفكر العرب��ي الكبير "عبد‬ ‫الوه��اب المس��يري" ال��ذي كان ص��دى‬ ‫رحيله في الش��ارع الس��وري أصدق رد‬ ‫على كل القائلين بانحسار دور المثقف‬ ‫وتأثي��ره عل��ى الش��ارع‪ ،‬قام��ت إح��دى‬ ‫دور النش��ر المعروف��ة بع��رض أعمال‬ ‫المس��يري بنصف القيمة المادية‪ ،‬وفا ًء‬ ‫للكات��ب كم��ا عق��دت عش��رات الندوات‬ ‫والمحاض��رات ح��ول المس��يري ونهجه‬ ‫الفكري‪.‬‬ ‫في قراءتن��ا اليوم نطل على عالم‬ ‫"عبد الوهاب المسيري" من خالل كتابه‬ ‫الممي��ز "العلمانية الجزئي��ة والعلمانية‬ ‫الش��املة" وه��و ال��ذي ق��دَّم س��يرته‬ ‫الفكري��ة ف��ي كت��اب بعن��وان رحلت��ي‬ ‫الفكري��ة– في البذور والج��ذور والثمر‪:‬‬ ‫س��يرة غير ذاتية غير موضوعية ‪2001‬‬ ‫ليعط��ي الق��ارئ ص��ورة مفصل��ة عن‬ ‫كيف ول��دت أف��كاره وتكون��ت والمنهج‬ ‫التفس��يري ال��ذي يس��تخدمه‪ ،‬خاص��ة‬ ‫مفه��وم النموذج المعرفي التفس��يري‪.‬‬ ‫وف��ي نهاي��ة "الرحل��ة" يعط��ي عرضًا‬ ‫ألهم أف��كاره يذكر الدكتور المس��يري‬ ‫ف��ي ه��ذه "الرحل��ة" بداي��ة اهتمام��ه‬ ‫بالموضوع اليهودي والصهيوني‪ ،‬فكان‬ ‫أول كتب��ه هو نهاي��ة التاري��خ‪ :‬مقدمة‬ ‫لدراس��ة بنية الفكر الصهيوني ‪،1972‬‬ ‫وص��در بعده��ا موس��وعة المفاهي��م‬ ‫والمصطلح��ات الصهيوني��ة‪ :‬رؤي��ة‬ ‫نقدية ‪ ،1975‬كم��ا صدر له عام ‪1981‬‬ ‫كتاب من جزأين بعن��وان األيديولوجية‬ ‫الصهيوني��ة‪ :‬دراس��ة حال��ة ف��ي عل��م‬ ‫اجتم��اع المعرف��ة ‪ .1981‬وف��ي ه��ذه‬ ‫الفترة ص��درت له عدة دراس��ات باللغة‬ ‫اإلنجليزي��ة م��ن أهمه��ا كت��اب أرض‬ ‫الوعد‪ :‬نقد الصهيونية السياسية ‪1977‬‬ ‫وق��د قرر الدكتور المس��يري أن يُحدِّث‬ ‫موس��وعة المفاهي��م والمصطلح��ات‬ ‫الصهيوني��ة وتصور أن عملية التحديث‬ ‫ق��د تس��تغرق عامً��ا أو عامي��ن‪ ،‬ولكنه‬ ‫اكتش��ف أن رؤيته في هذه الموس��وعة‬ ‫كان��ت تفكيكي��ة‪ ،‬وأن المطل��وب رؤية‬ ‫تأسيس��ية تطرح بدي� ً‬ ‫لا‪ .‬فكانت الثمرة‬ ‫أنه بعد حوالي ربع قرن نش��ر موسوعة‬ ‫اليهود واليهودي��ة والصهيونية‪ :‬نموذج‬ ‫تفسيري جديد ‪ .1999‬وقد صدر له أثناء‬ ‫ذلك الوقت وبع��ده عدة كتب في نفس‬ ‫الموض��وع م��ن أهمه��ا البروتوك��والت‬ ‫واليهودي��ة والصهيوني��ة ‪2003‬ف��ي‬ ‫الخط��اب والمصطل��ح الصهيون��ي‬ ‫‪2005 2003‬م��ن هم اليهود؟ وما هي‬‫اليهودية؟ أس��ئلة الهوي��ة وأزمة الدولة‬ ‫اليهودية ‪.2008‬‬ ‫واهتمام��ات الدكت��ور المس��يري‬ ‫الفكرية تتج��اوز الموضوع الصهيوني‪،‬‬ ‫بل إنه يعتبر موس��وعته مجرد دراس��ة‬ ‫حال��ة‪ ،‬ف��ي إط��ار مش��روعه النظ��ري‪.‬‬

‫فق��د صدر له كتاب م��ن جزأين بعنوان‬ ‫إش��كالية التحيز‪ :‬رؤي��ة معرفية ودعوة‬ ‫لالجته��اد ‪ ،1993‬والعال��م م��ن منظور‬ ‫غرب��ي ‪ ،2001‬والفلس��فة المادي��ة‬ ‫وتفكي��ك اإلنس��ان‪ ،2002‬والحداثة وما‬ ‫بعد الحداثة ‪ ،2003‬والعلمانية الجزئية‬ ‫والعلماني��ة الش��املة ‪ ،2002‬ورؤي��ة‬ ‫معرفية في الحداثة الغربية ‪.2006‬‬ ‫ربم��ا كان المس��يري الرائ��د ف��ي‬ ‫الفع��ل الثقاف��ي ض��د الصهيوني��ة‬ ‫فل��م يق��ف موق��ف المدافع ب��ل هاجم‬ ‫الصهيونية في عقر دارها وهو القائل‪:‬‬ ‫"إن ح��رب التحري��ر الفلس��طينية تنبع‬ ‫م��ن أنب��ل الدواف��ع اإلنس��انية‪ ،‬إقام��ة‬ ‫الع��دل في األرض وتحري��ر الوطن من‬ ‫المغتص��ب والقض��اء عل��ى االحت�لال‪.‬‬ ‫فمصدره��ا ه��و األمل والمق��درة على‬ ‫التضحي��ة بال��ذات‪ ،‬ولي��س الي��أس‬ ‫والرغب��ة في تفجيره��ا‪ .‬إنها تعبير عن‬ ‫امتالء إنس��اني وأخالقي حقيقي‪ ،‬ولوال‬ ‫ه��ذا لما ُكت��ب لها االس��تمرار‪ .‬إن كفاح‬ ‫الش��عب الفلس��طيني نجمٌ ساطع في‬ ‫زم��ن الكذابي��ن والمزيفي��ن والوثنيين‬ ‫و"الواقعيي��ن" االنهزاميي��ن‪ ،‬وهو نجم‬ ‫بدَّد كثيراً م��ن الظلمة واألكاذيب‪ .‬وقد‬ ‫ً‬ ‫فائقة على‬ ‫أثبت الفلس��طينيون مقدر ًة‬ ‫الصمود والمثابرة واإلبداع والكفاح‪ ،‬من‬ ‫أجل ش��رف أمتنا وكرامته��ا ومصالحها‬ ‫وأمنه��ا‪ ،‬ونرجو أال يُكتَب عنا أننا تركنا‬ ‫هذه اللحظة التاريخية النادرة تفلت من‬ ‫أيدينا "‪.‬‬ ‫في كتابنا اليوم يحاول المس��يري‬ ‫تن��اول قضي��ة العلمانية "ف��ي جانبيها‬ ‫منظور جديد‪،‬‬ ‫النظريّ والتطبيقي" من‬ ‫ٍ‬ ‫يق��وم عل��ى التفرق��ة بين ما يُس��مى‬ ‫"العلماني��ة الجُزئي��ة" ‪ -‬فص��ل الدي��ن‬ ‫ع��ن الدول��ة ‪ ،-‬و"العلماني��ة الش��املة"‬ ‫وه��ي ال تعني فصل الدي��ن عن الدولة‬ ‫فحس��ب وإنما عن الطبيع��ة وعن حياة‬ ‫اإلنس��ان في جانبيها العام والخاص‪ ،‬أو‬ ‫بعبارة أخرى‪َ :‬فصْل القِيم اإلنس��انية‬ ‫واألخالقي��ة والديني��ة ع��ن الحي��اة في‬ ‫جانبيه��ا العامّ والخ��اصّ‪ ،‬بحيث تنتزع‬ ‫القداس��ة عن العالم‪ ،‬ويح��ول إلى مادة‬ ‫اس��تعمالية يمك��ن توظيفه��ا لصال��ح‬ ‫األقوى‪.‬‬ ‫أت��ى كتاب المس��يري م��ن جزأين‪،‬‬ ‫حاف� ً‬ ‫لا بالمعلوم��ات وال��رؤى‪ ،‬حيث يبدأ‬ ‫بتن��اول إش��كالية تعري��ف العلماني��ة‪،‬‬ ‫واألس��باب الت��ي س��اهمت ف��ي تقلص‬ ‫الحق��ل الدالل��ي لكلم��ة "علماني��ة"‪،‬‬ ‫وأضعفت قيمتها التفس��يرية‪ ،‬كما يميز‬ ‫بي��ن نوعين م��ن العلماني��ة‪ ،‬العلمانية‬ ‫الجزئي��ة‪ :‬ه��ي رؤي��ة جزئي��ة للواقع ال‬ ‫تتعامل م��ع األبعاد الكلي��ة والمعرفية‪،‬‬ ‫وم��ن ثم ال تتس��م بالش��مول‪ ،‬وتذهب‬ ‫ه��ذه الرؤية إل��ى وجوب فص��ل الدين‬ ‫عن عال��م السياس��ة‪ ،‬وربم��ا االقتصاد‬ ‫وه��و ما يُعبر عنه بعبارة "فصل الدين‬ ‫عن الدولة"‪ ،‬ومثل هذه الرؤية الجزئية‬ ‫تل��زم الصمت حي��ال المج��االت األخرى‬

‫م��ن الحياة‪ ،‬وال تنكر وج��ود مطلقات أو‬ ‫كليات أخالقي��ة أو وجود ميتافيزيقا وما‬ ‫ورائي��ات‪ ،‬ويمكن تس��ميتها "العلمانية‬ ‫األخالقية" أو "العلمانية اإلنسانية"‪.‬‬ ‫ العلمانية الش��املة‪ :‬رؤية شاملة‬‫للواقع تحاول بكل صرامة تحييد عالقة‬ ‫الدين والقي��م المطلقة والغيبيات بكل‬ ‫مجاالت الحياة‪ ،‬ويتفرع عن هذه الرؤية‬ ‫نظريات ترتكز على البعد المادي للكون‬ ‫وأن المعرف��ة المادية المص��در الوحيد‬ ‫لألخالق وأن اإلنسان يغلب عليه الطابع‬ ‫المادي ال الروح��ي‪ ،‬ويطلق عليها أيضًا‬ ‫ً‬ ‫نس��بة‬ ‫"العلماني��ة الطبيعي��ة المادية"‬ ‫للمادة و الطبيعة‪.‬‬ ‫ويعتب��ر الف��رق بي��ن م��ا يطل��ق‬ ‫علي��ه "العلمانية الجزئية" وما يس��مى‬ ‫"العلماني��ة الش��املة" ه��و الف��رق بين‬ ‫مراح��ل تاريخي��ة لنف��س الرؤي��ة‪،‬‬ ‫حي��ث اتس��مت العلماني��ة بمحدوديتها‬ ‫وانحصاره��ا في المجالي��ن االقتصادي‬ ‫والسياس��ي حين كانت هناك بقايا قيم‬ ‫مسيحية إنسانية‪ ،‬ومع التغلغل الشديد‬ ‫للدولة ومؤسس��اتها في الحياة اليومية‬ ‫للفرد انفردت الدولة العلمانية بتشكيل‬

‫رؤية ش��املة لحياة اإلنس��ان بعيدة عن‬ ‫الغيبيات‪.‬‬ ‫كما يتناول تناول إشكالية اختالط‬ ‫الحق��ل الدالل��ي لمصطل��ح ومفه��وم‬ ‫"العلماني��ة"‪ ،‬وذل��ك من خ�لال عَرضه‬ ‫وتحليل��ه للتعريفات الموج��ودة بالفعل‬ ‫في المُعْجَمَيْن العربي والغربي ٍّ‬ ‫لكل‬ ‫من مُصطلح ومفهوم "العلمانية"‪ ،‬وقد‬ ‫عرض ف��ي ثنايا ذل��ك آلراء العلمانيين‬ ‫الع��رب ح��ول تعري��ف المصطل��ح‬ ‫والمفه��وم‪ ،‬وه��ي تعريف��ات تتأرج��ح‬ ‫بي��ن العلمانية الجزئي��ة بوصفها إجرا ًء‬ ‫جُزئي��ا ال عالقة ل��ه باألم��ور النهائية‪،‬‬ ‫مقاب��ل العلماني��ة الش��املة بوصفه��ا‬ ‫رُؤية ِشَ��املة َ‬ ‫للك��ون‪ ،‬أي التأرجح بين‬ ‫عِ ْلمَانيَّ��ة تقب��ل ْ‬ ‫الدين��ي أو‬ ‫المُط َل��ق ِ‬ ‫األخالقيّ أو اإلنس��اني‪ ،‬وأخرى نسبية‬ ‫تمامًا ال تقبل أي مطلقات أو ماهيات‪.‬‬ ‫كم��ا يناقش فكر االس��تنارة‪ ،‬حيث‬ ‫ُ‬ ‫العقل الغَربيّ صُورة االستنارة‬ ‫ابتدع‬ ‫المجازية في القرن الثامن عشر‪ ،‬حينما‬ ‫كان العل��م الحديث ال يزال غضًّا وليداً‪،‬‬ ‫فقد س��اد الوهم لدى العلماء بأن العلم‬ ‫سينير المجهول المظلم ليصبح معلومًا‬


‫رزان زيتونة‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫تبدو دمشق اليوم وكأنها في حالة فصام‪ ،‬ففي شوارعها وساحاتها الرئيسية‬ ‫وبين األبنية والشرفات علقت حبال تتدلى منها الفتات برتقالية وصفراء وبيضاء‬ ‫بعبارات كاريكاتيرية تتحدث عن «الغد المشرق» و«المشاركة» و«البناء»‪ ..‬وتشوهت‬ ‫جدرانها بصور مرشحي النظام لمجلسه القادم يطلون ببراءة من لم يعلم ولن يعلم‬ ‫ألنه غير قادر على التعلم أصال‪ .‬بضع مئات من الصور ترغب في منافسة آالف الوجوه‬ ‫التي انطبعت في الذاكرة ألشخاص فقدناهم خالل سنة مضت قنصا وقصفا‪ .‬خيم‬ ‫«انتخابية» نصبت في عدد من الطرقات لتنافس آالف الجنازات التي تتحول في كل مرة‬ ‫لجنازات جديدة بشهداء جدد‪.‬‬ ‫تكاد دمشق تنحني قهرا إلثقالها بكل هذا العار الذي يرغب في االدعاء أن شيئا لم‬ ‫يكن‪ ،‬وأن العاصمة ال تزال تحمل أوتاد النظام مغروزة في قلبها وقلوبنا‪ ،‬وأن خطة أنان‬ ‫ال يعيبها أن النظام يتصرف كما لو أنه باق لألبد‪ ،‬ويستبيح دمشق حصنه األخير‪ ،‬ويهزأ‬ ‫بنا جميعا كلما صادفت نظرنا عبارة «مرشحكم عن الفئة…»‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬في دمشق أيضا‪ ،‬قام النشطاء برفع صور مرشحيهم من الفئة «شين»‪ ،‬صور‬ ‫شهداء الحرية‪ ،‬إلى جانب وفوق صور مرشحي مجلس القتل في جميع األحياء والمناطق‪.‬‬ ‫وفي دمشق أيضا‪ ،‬اعتقل العشرات خالل األيام القليلة الماضية في حراك هو األجمل‬ ‫لشباب وصبايا حملة «أوقفوا القتل»‪ .‬من اعتصامات صامتة أمام القصر العدلي وساحة‬ ‫المرجة والبرلمان وغيرها إلى الالفتات الحمراء في الزاهرة‪ .‬و«الرجل البخاخ» زاد عدد‬ ‫كلماته وعباراته على الجدران‪ .‬جميل كشاعر‪ ،‬شجاع كفارس‪ ،‬يتنقل بريشته ليكتب‬ ‫دمشق حرفًا حرفًا بمفردات الحرية‪.‬‬ ‫قطع الشبان الطرقات ليال باإلطارات المشتعلة وأضاءوا سماء دمشق بأمل‬ ‫خالصها‪ ،‬واستشهد الشاب عدي جنبالط عندما أرعبت تلك األنوار قوات وأمن النظام‬ ‫ففتحت نيرانها على من أناروها‪.‬‬ ‫استشهد خالل األيام القليلة األولى من شهر مايو (أيار) أكثر من ‪ 20‬شخصا في‬ ‫مناطق مختلفة من دمشق‪ .‬انتفضت خالل هذه األيام كفرسوسة وثارت التضامن‬ ‫ودف الشوك وقصفت بساتين برزة باألسلحة الثقيلة ونزل اآلالف إلى الشوارع في تلك‬ ‫األحياء متظاهرين ثم مشيعين‪ ،‬وفي كل مرة هاتفين بإسقاط النظام ومتجهين خطوة‬ ‫أخرى نحو كلمة دمشق التي لم تقل كاملة بعد‪.‬‬ ‫حجم العنف الممارس خالل األيام الماضية تجاه المناطق المنتفضة في دمشق‬ ‫يوحي برعب النظام من يقظة العاصمة وحراكها‪ .‬والسادة المراقبون‪ ،‬بأعدادهم المثيرة‬ ‫لألسف‪ ،‬يفضلون التوجه إلى المناطق «الساخنة»‪ ،‬لعمل جوالت مراقبة تهدأ خاللها‬ ‫عمليات القصف والقنص – وفي أحيان ال تهدأ – لتعاود عملها فور مغادرتهم إلى منطقة‬ ‫جديدة‪.‬‬ ‫يقول أرباب السياسة من داعمي خطة أنان‪ :‬إن وجود المراقبين من شأنه أن يمنح‬ ‫الفرصة للحراك السلمي كي يكبر‪ ،‬خاصة في العاصمتين السياسية واالقتصادية‪ ،‬وإن‬ ‫كان األمر كذلك‪ ،‬فليس هنالك من مبرر لالنتظار حتى تصبح دمشق «منطقة ساخنة»‪،‬‬ ‫ويسقط فيها مئات الشهداء الجدد وتستخدم األسلحة الثقيلة ضد أحيائها وتستحضر‬ ‫ردود فعل واشتباكات‪ ،‬ثم نأتي بالمراقبين كي يفيدونا بعدد خروقات كل طرف لمبادرة‬ ‫أنان في اليوم الواحد‪.‬‬ ‫دمشق على مرجل‪ ،‬وحراكها ال يزال األكثر سلمية وتنوعا في المشاركة من مختلف‬ ‫الفئات والطوائف واألعمار في سوريا كلها‪ .‬وهو إذ يزحف كل يوم نحو المركز فإن ما‬ ‫يواجهه من عنف يؤخره اآلن وقد يحرفه عن مسيره غدا‪.‬‬ ‫أفضل ما يمكن أن يفعله أصحاب القبعات الزرق هو التواجد هناك في قلب دمشق‪،‬‬ ‫بدل االنتظار أن تصبح منطقة «ساخنة» بمفهوم المراقبين‪ ،‬ربما يعجل ذلك بإنهاء حالة‬ ‫الفصام التي تعيشها العاصمة‪ ،‬بين قلبها المنهك بصور المرشحين وخيمهم االنتخابية‬ ‫وأطرافها المشتعلة شوقا للحرية‪.‬‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫دم�شق‪ ..‬و�أ�صحاب‬ ‫القبعات الزرق‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫مني��راً‪ ،‬وأن ه��ذه العملي��ة تدريجي��ة‪،‬‬ ‫أن رقعة المعلوم س��تتزايد على‬ ‫بمعنى َّ‬ ‫مَرّ األيام‪ ،‬ورُقعة المجهول ستنكمش‬ ‫إل��ى أن تص��ل إلى نقط��ة تختفي فيها‬ ‫األسرار‪ ،‬وتتحكم في الواقع و قوانينه‪،‬‬ ‫وتصلح البيئة بل ربما النفس البشرية‬ ‫ذاتها‪ ..‬وبعد أربعة قرون من االس��تنارة‬ ‫اكتش��ف اإلنس��ان الغرب��ي أن األم��ور‬ ‫ف��إن ثم��رة‬ ‫ليس��ت به��ذه البس��اطة‪َّ ..‬‬ ‫قُرُون طويلة من االس��تنارة كانت إلى‬ ‫حَ��دّ م��ا مظلمة‪ ،‬ول��ذا راجع اإلنس��ان‬ ‫الغربي كثيرا من أطروحاته بخصوص‬ ‫االس��تنارة بعد أن أدرك بعض جوانبها‬ ‫المظلم��ة‪ ،‬وتناقضاته��ا الكامن��ة‬ ‫وخطورتها على اإلنس��ان والكون‪ .‬ومع‬ ‫هذا يقوم الفكر العلماني الغربي بنقل‬ ‫أطروحات االس��تنارة من الغرب بكفاءة‬ ‫غي��ر عادي��ة دون أن يح��ور أو يع��دل أو‬ ‫ينتقد أو يراجع‪.‬‬ ‫ويح��اول الكش��ف ع��ن بع��ض‬ ‫جوان��ب فكر حرك��ة االس��تنارة الغربية‬ ‫وتناقضات��ه باعتباره اإلط��ار المرجعي‬ ‫النهائ��ي للعلماني��ة الش��املة‪ ،‬قدم لها‬ ‫ببيان مفه��وم مصطلح االس��تنارة في‬ ‫الخط��اب الفلس��في العرب��ي‪ ،‬أكد فيه‬ ‫أن تعريف��ات االس��تنارة ف��ي األدبي��ات‬ ‫َّ‬ ‫العَربي��ة تعريف��ات عام��ة للغاية تدور‬ ‫حول حق االجته��اد وحرية العقل بحيث‬ ‫ال يمكن لإلنسان أن يختلف معها‪ ،‬فمن‬ ‫ذا الذي يرفض حق االجتهاد واالختالف‬ ‫وتحكي��م العقل في جمي��ع القضايا ؟!‪..‬‬ ‫فالمشكلة ‪-‬فيما يرى المؤلف ‪ -‬ال تكمن‬ ‫في استخدام العقل أو عدم استخدامه‪،‬‬ ‫وإنم��ا ف��ي ن��وع العقل الذي يس��تخدم‬ ‫(عق��ل م��ادي أداتي أم عق��ل قادر على‬ ‫تجاوز المادة ؟ وف��ي اإلطار الكلي الذي‬ ‫يتح��رك في��ه ه��ذا العق��ل‪ ،‬والمرجعية‬ ‫النهائية التي تصدر عنه)‪.‬‬ ‫ويذه��ب المؤل��ف إل��ى أن فِك��ر‬ ‫االس��تنارة هو األس��اس الفلسفي الذي‬ ‫تنطلق منه العلمانية الشاملة‪ ،‬وأن هذا‬ ‫الفكر كان يتحدث عن متتالية العلمانية‬ ‫والتحدي��ث المثالية‪ ،‬ويبش��ر بثمراتها‪،‬‬ ‫وأن ما تشكل في الواقع كان مغايرا إلى‬ ‫حد كبير عما تحدثت عنه البشرى‪.‬‬ ‫ثم ع��رض المؤل��ف لنظ��رة فِكر‬ ‫االس��تنارة الغربية للمحاور الثالثة التي‬ ‫تقوم عليها أية منظومة فلسفية وهي‬ ‫اإلنس��ان والطبيع��ة واإلل��ه‪ ،‬وفي حالة‬ ‫االستنارة يحل العقل محل اإلنسان في‬ ‫هذا الثالوث‪.‬‬ ‫كم��ا تن��اول موق��ف فك��ر حرك��ة‬ ‫االس��تنارة م��ن نظري��ة المعرف��ة‪،‬‬ ‫واإلش��كالية الرئيس��ة الت��ي تطرحه��ا‬ ‫المرجعي��ة المادي��ة الكامن��ة‪ ،‬وه��ي‬ ‫إش��كالية عالق��ة العق��ل اإلنس��اني‬ ‫بالطبيع��ة ‪ /‬الم��ادة وأيهم��ا هو موضع‬ ‫الكم��ون‪ .‬حي��ث تتب��دى اإلش��كالية في‬ ‫الصراع بي��ن النموذج الواح��دي المادي‬ ‫المتمرك��ز حول ال��ذات‪ ،‬والذي يفترض‬ ‫أسبقية اإلنسان على الطبيعة ‪ /‬المادة‪،‬‬ ‫وبين النموذج الواحدي المادي الطبيعة‪/‬‬ ‫الم��ادة‪ ،‬والذي يفترض أس��بقيتها على‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫وف��ي إط��ار ه��ذا الص��راع تن��اول‬ ‫المؤل��ف النظري��ة األخالقي��ة‪ ،‬فامتدادا‬ ‫لهذه األطروحة المادية ظهرت الفلسفة‬ ‫النفعي��ة للتعبي��ر ع��ن ه��ذه النزع��ة‬ ‫الطبيعية الحس��ية المادية‪ ،‬وقد أعطت‬ ‫هذه الفلس��فة لإلحساس��ات الفيزيائية‬ ‫األس��بقية عل��ى المفاهي��م األخالقية‪،‬‬ ‫ب��ل والمفاهي��م العقلية واإلنس��انية‪،‬‬ ‫فاألخ�لاق ال عالق��ة له��ا بالفضيل��ة أو‬

‫االحتياج��ات الروحي��ة‪ ،‬وإنم��ا لها عالقة‬ ‫بالس��عادة "الل��ذة والمنفع��ة "وبالتالي‬ ‫عرف الخير والش��ر تعريف��ا ماديا كميا‪،‬‬ ‫فالخي��ر ه��و ما يدخ��ل الس��عادة "اللذة‬ ‫"عل��ى أكبر عدد ممكن من البش��ر‪ ،‬وما‬ ‫يحقق لهم المنفعة‪ ،‬والش��ر هو عكس‬ ‫ذل��ك " أي م��ا يس��بب األل��م والض��رر"‬ ‫والعواط��ف اإلنس��انية إن هي إال تعبير‬ ‫ع��ن حركة المادة‪ ،‬وليس هناك أس��ئلة‬ ‫أخالقي��ة كب��رى أو نهائية ف��كل األمور‬ ‫مادية نسبية متغيرة‪.‬‬ ‫كما ناقش المسيري حركة التمركز‬ ‫ح��ول األنث��ى باعتباره��ا أح��د تجلي��ات‬ ‫المتتالية العلمانية في مرحلتها الصلبة‪،‬‬ ‫ووض��ح الس��ياق الفك��ري واالجتماع��ي‬ ‫لحركة تحرير المرأة والدفاع عن حقوقها‬ ‫َّسَ��ويَّة)‪ ،‬حيث‬ ‫وحرك��ة الفيمين��زم (الن ِ‬ ‫كان��ت األولى تنطلق م��ن اإليمان بتميز‬ ‫اإلنسان مطالبة بالمس��اواة بين البشر‪،‬‬ ‫والم��رأة في تص��ور ه��ذه الحركة كائن‬ ‫اجتماع��ي يضطلع بوظيف��ة اجتماعية‪،‬‬ ‫ولذا فهي حركة ته��دف إلى تحقيق قدر‬ ‫م��ن العدال��ة الحقيقي��ة داخ��ل المجتمع‬ ‫(ال تحقي��ق عدال��ة مس��تحيلة خارج��ة)‪،‬‬ ‫وع��ادة ما تطال��ب حركات تحري��ر المرأة‬ ‫ب��أن تحصل المرأة عل��ى حقوقها كاملة‬ ‫سياسية كانت أم اجتماعية أم اقتصادية‪،‬‬ ‫أما حركات التحرر الجديدة (التمركز حول‬ ‫األنثى) فجاءت تأكيدا على فكرة الصراع‬ ‫بين اإلنسان وأخيه اإلنسان‪ ،‬وتصدر عن‬ ‫رؤية واحدية إمبريالية‪ ،‬وثنائية ال تتقبل‬ ‫اآلخر‪ ،‬وكأنه ال توجد مرجعية مش��تركة‬ ‫بينهما‪ ،‬فالمرأة متمركزة حول ذاتها‪ ،‬تود‬ ‫اكتش��اف ذاتها وتحقيقه��ا خارج أي إطار‬ ‫اجتماع��ي‪ ،‬وفي حالة صراع َكوني أزليّ‬ ‫م��ع الرجل المتمركز حول ذاته‪ .‬كما يرى‬ ‫المسيري أن ثمة تشابها واضحا تعرض‬ ‫إلبرازه بين حرك��ة التمركز حول األنثى‬ ‫والنظ��ام العالمي الجدي��د و اإلمبريالية‬ ‫النفسية من جهة‪ ،‬وبين الصهيونية من‬ ‫جهة أخرى‪.‬‬ ‫بمقطع من مقالة للمس��يري‬ ‫أختم‬ ‫ٍ‬ ‫ع��ن العلمانية الجزئية والش��املة كتبه‬ ‫بعد ستة أعوام تقريبًا من ظهور كتابنا‬ ‫الي��وم‪ " :‬ن بعض المنتج��ات الحضارية‬ ‫التي قد تبدو بريئة تماماً و مجرد تسلية‬ ‫مؤقت��ة تؤثر في وجداننا وتُعيد صياغة‬ ‫رؤيتن��ا ألنفس��نا وللعال��م‪ .‬إذ إن أولئك‬ ‫الذين يرتدون التِّيش��يرت‪ ،‬ويشاهدون‬ ‫األف�لام األمريكي��ة "إباحي��ة كان��ت أم‬ ‫غير إباحية"‪ ،‬ويس��معون أخبار وفضائح‬ ‫النج��وم ويتلقفونه��ا‪ ،‬ويش��اهدون كمًا‬ ‫هائ ًال من اإلعالنات التي تغويهم بمزيد‬ ‫من االستهالك‪ ،‬ويهرعون بسياراتهم من‬ ‫عملهم لمح�لات الطعام الجاهز وأماكن‬ ‫الش��راء الشاس��عة يج��دون أنفس��هم‬ ‫يسلكون سلوكًا ذا توجُّه علماني شامل‬ ‫ويس��تبطنون ع��ن غير وع��ي مجموعة‬ ‫من األحالم واألوهام والرغبات هي في‬ ‫جوهرها علمانية شاملة دون أية دعاية‬ ‫صريح��ة أو واضحة‪ .‬وربما كان بعضهم‬ ‫ال يزال يقيم الصالة في مواقيتها ويؤدي‬ ‫ال��زكاة‪ .‬ونظ��راً لع��دم إدراك البع��ض‬ ‫ألش��كال العلمنة البنيوية الكامنة هذه‪،‬‬ ‫فإن��ه ال يرصده��ا‪ .‬ول��ذا‪ ،‬يُخف��ق ه��ذا‬ ‫البع��ض في تحديد مس��ـتويات العلمنة‬ ‫الحقيقي��ة‪ .‬وعل��ى ه��ذا‪ ،‬فق��د يُصنَّف‬ ‫بلد باعتباره إس�لاميًا (مث ًال) ألن دستور‬ ‫هذا البلد هو الشريعة اإلسالمية مع أن‬ ‫معدالت العلمنة فيه قد تكون أعلى من‬ ‫بلد دس��توره لي��س بالضرورة إس�لاميًا‬ ‫ولك��ن معظم س��كانه ال يزال��ون بمنأى‬ ‫عن آليات العلمنة البنيوية الكامنة التي‬ ‫أشرنا إليها "‬

‫‪15‬‬


‫�ســالمة كيـلة‪:‬‬

‫حــوار ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫الثورة �ستنت�صر والأ�سد �سي�سقط‬ ‫حاوره في عمان‪ -‬محمد النجار‬

‫قال المفكر اليساري العربي سالمة‬ ‫كيلة (‪ 57‬س��نة) إن النظام بش��ار األسد‬ ‫سيس��قط وإن الث��ورة الش��عبية علي��ه‬ ‫س��تنتصر‪ ،‬واصفا نظام األسد بأنه "أكبر‬ ‫مافيا في المنطقة"‪.‬‬ ‫وروى كيلة ‪ -‬وهو فلسطيني األصل‪،‬‬ ‫في حوار مع الجزيرة نت ‪ -‬تفاصيل اعتقاله‬ ‫وتعرض��ه لتعذيب وصفه بالوحش��ي من‬ ‫قب��ل المخاب��رات الجوية الس��ورية التي‬ ‫اتهمها بارتكاب جرائم ضد اإلنسانية‪.‬‬ ‫وقال إنه اعتقل التهامه بأنه مسؤول‬ ‫عن نشرة يسارية صدر منها ثالثة أعداد‬ ‫وضعت في عددها الثاني شعار "من أجل‬ ‫تحرير فلسطين‪ ..‬نريد إسقاط النظام"‪.‬‬ ‫| نري��د أن نعرف ما ال��ذي حدث معك‬ ‫في االعتقال األخير وال��ذي انتهى بإبعادك‬ ‫لألردن؟‬ ‫| | فوجئت مس��اء يوم ‪2012/4/23‬‬ ‫بدوري��ة م��ن المخاب��رات الجوية حضرت‬ ‫إلى منزل��ي ودخلت بش��كل طبيعي ولم‬ ‫تتعام��ل بوحش��ية كش��أن االعتق��االت‬ ‫الس��ابقة‪ ،‬وب��دأ عناصره��ا ف��ي تفتيش‬ ‫البيت وصادروا ثالثة أجهزة حاسوب تعود‬ ‫لي ولزوجتي‪ ،‬وهواتف وفالش��ات تخزين‬ ‫وطابع��ة وس��كانر‪ ،‬والعديد م��ن األوراق‬ ‫التي لم أعرف محتواها‪.‬‬ ‫طلب من��ي عناصر الدوري��ة التوجه‬ ‫معهم لمدة يوم‪ ،‬وقلت لهم ‪ -‬وأنا أضحك‬ ‫ إن هذا الكالم غير صحيح‪ ،‬فقد اعتقلت‬‫ثماني سنوات في السجن بعد استدعائي‬ ‫للتحقيق لمدة نصف ساعة‪.‬‬ ‫نقل��ت إل��ى م��كان عرفت فيم��ا بعد‬ ‫أن��ه آمرية الطيران في س��احة األمويين‪،‬‬ ‫وأن هناك فرع أمن تحتها افتتح من وقت‬ ‫قريب‪ ،‬ونقلت للس��جن في غرفة مكتظة‬ ‫بالشبان‪.‬‬ ‫اكتش��فت بعد لحظات من االعتقال‬

‫أنن��ي ف��ي س��وريا كله��ا م��ن إدل��ب إلى‬ ‫حل��ب إلى حوران‪ ،‬بس��بب تنوع الس��جناء‬ ‫وانتمائه��م إل��ى ش��تى مناطق س��وريا‪،‬‬ ‫فبعضهم عسكريون متهمون باالنشقاق‪،‬‬ ‫وهناك متهمون بالتفكير في االنش��قاق‪،‬‬ ‫وم��ن بينه��م أربع��ة ضب��اط وع��دد من‬ ‫العناص��ر م��ن حل��ب‪ ،‬وم��ن بينه��م كادر‬ ‫في حزب البعث‪ ،‬وكان��وا قد تلقوا تعذيبا‬ ‫شديدا في فرع المخابرات الجوية بالمزة‪،‬‬ ‫ولم ينته التعذي��ب إال بعد أن وقعوا على‬ ‫اعترافات يلقنها لهم ضباط بأنهم سرقوا‬ ‫ونهبوا وقتلوا‪.‬‬ ‫استمعت إلى روايات تعذيب مرعبة‪،‬‬ ‫واله��دف من��ه تأكي��د النظ��ام روايت��ه‬ ‫المس��بقة ب��أن هن��اك عصابات مس��لحة‬ ‫تقتل وتغتص��ب وتنه��ب‪ ،‬وعندما تصبح‬ ‫كل االعتراف��ات نفس الن��ص فهذا يعني‬ ‫أن هناك ملقنا‪.‬‬ ‫غرف��ة االعتق��ال تتس��ع لعش��رين‪،‬‬ ‫كن��ا فيه��ا ‪ ،36‬وال يوجد فيها أي فرش��ة‪،‬‬ ‫البعض وجد مكان��ا للنوم والبعض اآلخر‬ ‫فضل الجلوس لعدم وجود مكان‪.‬‬ ‫في الصباح نقلت للتحقيق الذي بدأ‬ ‫باتهام��ي بأنن��ي طبعت نش��رة يصدرها‬ ‫"االئتالف اليس��اري الس��وري" صدر منها‬ ‫ثالثة أعداد‪ ،‬وهو م��ن التجمعات الجديدة‬ ‫التي تش��كلت أخيرا‪ ،‬وفي النش��رة شعار‬ ‫"من أجل تحرير فلسطين‪ ..‬نريد إسقاط‬ ‫النظام"‪ ،‬وهو الش��عار الذي ضربت عليه‬ ‫طوي�لا حتى من العناص��ر‪ ،‬ووجدت أنهم‬ ‫مرعوبون منه‪.‬‬ ‫وكان الضاب��ط يريد من��ي االعتراف‬ ‫بأنن��ي من يص��در النش��رة‪ ،‬نفي��ت ذلك‬ ‫وأخبرته أن هناك م��ن تواصل معي عبر‬ ‫اإلنترنت عن النشرة‪ ،‬وطلبت إيصالها لي‬ ‫وهو ما حدث‪ ،‬وأنني لست مسؤوال عنها‪.‬‬ ‫قاب��ل الضاب��ط أجوبت��ي بش��تائم‬ ‫قاس��ية‪ ،‬ووصفن��ي بالكل��ب والحقي��ر‪،‬‬

‫آثار التعذيب‬ ‫على جسم‬ ‫سالمة كيلة‬

‫وضربن��ي ضرب��ا مبرحا بكيب��ل عريض‬ ‫ظه��رت آث��اره عل��ى جس��دي بوض��وح‪،‬‬ ‫وتعرضت لنفس الش��يء عدة مرات على‬ ‫م��دار يومين دون أن أغير روايتي‪ ،‬وخالل‬ ‫ذل��ك كان المحققون يش��تمون الش��عب‬ ‫الفلس��طيني بأنهم باعوا وطنهم وخانوا‬ ‫سوريا التي قدمت لهم الكثير‪.‬‬ ‫| ه��ل كان التعذيب في ه��ذا المكان‬ ‫فقط؟‬ ‫| | نع��م بقيت على هذا الحال حتى‬ ‫ي��وم الخمي��س ‪ 2012/5/3‬حي��ث نقل��ت‬ ‫لم��كان آخر وأنا مغمض العينين‪ ،‬وعرفت‬ ‫فيم��ا بعد أن��ه مط��ار المزة وفي��ه المقر‬ ‫المرك��زي للمخاب��رات الجوي��ة‪ ،‬وعندم��ا‬ ‫شاهدني المس��ؤول وشاهد آثار التعذيب‬ ‫فوجئ وطلب مني أن أذهب لالستحمام‪.‬‬ ‫عندما خرجت وجدت طبيبا ينتظرني‬ ‫لفحص��ي‪ ،‬وعرف��ت أن ه��ذا الفعل حدث‬ ‫عندم��ا ث��ارت ضجة على أنن��ي قد أموت‪،‬‬

‫الطبي��ب فحصني وذهل مما ش��اهد من‬ ‫تعذي��ب‪ ،‬ونقل��ت إل��ى بناي��ة أخ��رى وأنا‬ ‫مغمض العينيي��ن‪ ،‬وقابلت ضابطا كبيرا‬ ‫ال أع��رف من هو‪ ،‬وتوس��ع التحقيق معي‬ ‫حول النشرة وغيرها من األمور‪.‬‬ ‫ثم ج��اء طبيب واضح أن��ه أعلى من‬ ‫األول وقام بكتابة تقرير عن الوضع معي‬ ‫بالتفصي��ل‪ ،‬وكان يص��ف آث��ار التعذيب‪،‬‬ ‫وكان الدكتور يش��ك في أنني أعاني من‬ ‫اليرق��ان‪ ،‬ثم ق��رروا أخذي للمستش��فى‬ ‫وعرفت فيما بعد أنه مستش��فى بالمزة‪،‬‬ ‫وأجري��ت لي صور ش��عاعية وفحوص دم‬ ‫وغيره��ا‪ ،‬وق��ال إن فحص اليرق��ان غير‬ ‫ممك��ن إال صباح��ا‪ ،‬واقت��رح بقائ��ي ف��ي‬ ‫المستشفى حتى يوم السبت‪ ،‬وهنا كانت‬ ‫الكارثة‪.‬‬ ‫| كيف؟‬ ‫| | اكتش��فت أنني دخلت في جحيم‬ ‫حقيقي أسوأ من كل ما مررت به‪ ،‬الغرفة‬ ‫فيه��ا أم��ن للمخاب��رات الجوي��ة‪ ،‬وفيه��ا‬ ‫س��تة أس��رّة عليها ‪ 11‬مريض��ا مقيدين‬ ‫بالسالس��ل‪ ،‬حي��ث وضع��ت ف��ي زاوي��ة‬ ‫وربط��وا رجلي وي��دي بالجنازي��ر‪ ،‬وكان‬ ‫هناك غطاء على عيوني‪.‬‬ ‫المش��كلة بدأت عندما أردت الذهاب‬ ‫إلى الحمام للتبول فس��مح ل��ي أول مرة‪،‬‬ ‫وف��ي الم��رة الثاني��ة رفض وطل��ب مني‬ ‫التبول في كيس قذر‪ ،‬وألنني كنت أخذت‬ ‫جليك��وز فص��رت بحاج��ة للتب��ول كثيرا‪،‬‬ ‫فرفض بعد ذلك أن أذهب للتبول‪ ،‬وطلب‬ ‫من��ي التبول على نفس��ي وه��و ما حدث‬ ‫لألس��ف‪ ،‬وتكرر األم��ر في كل م��رة بعد‬ ‫ذل��ك‪ ،‬كنت أبول على نفس��ي ألي��ام‪ ،‬لذا‬ ‫قم��ت بتقلي��ل حجم الم��اء والطعام الذي‬ ‫أتناوله‪.‬‬ ‫وكان��ت التعليم��ات على م��ا يبدو أال‬ ‫يتم ضرب��ي‪ ،‬فلم أضرب إال قليال قياس��ا‬ ‫باآلخرين الذين كان��وا يتعرضون لضرب‬ ‫يوم��ي ب�لا رحم��ة‪ ،‬وخ�لال أس��بوع من‬ ‫إقامت��ي في هذه الغرف��ة مات اثنان ممن‬ ‫كانوا معنا‪.‬‬


‫حــوار ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كان معنا مريض نفسي في الغرفة‬ ‫اس��مه لؤي يوس��ف الخطيب‪ ،‬كان يتكلم‬ ‫مع نفسه من شدة التعذيب الذي تعرض‬ ‫ل��ه‪ ،‬وكان يتلقى الض��رب والتعذيب ألنه‬ ‫يصرخ‪ ،‬وهذا تكرر مع الجميع في الغرفة‬ ‫القذرة التي كنا فيها‪.‬‬ ‫بقي��ت على ه��ذا الوض��ع حتى يوم‬ ‫الثالث��اء ‪ 2012/5/8‬حي��ث أجري��ت ل��ي‬ ‫فح��وص‪ ،‬وعندم��ا ع��دت للس��رير جرى‬ ‫ضربي عدة مرات‪.‬‬ ‫ي��وم الخمي��س ‪ 2012/5/10‬ج��اءت‬ ‫دورية وأخذتني وفوجئت بأنني في قسم‬ ‫الهجرة والج��وازات في المزة وس��لموني‬ ‫هناك‪ ،‬وكان الضابط مستعجال ويقول إن‬ ‫وزي��ر الداخلية يتابع ترحيلي‪ ،‬واس��تعجل‬ ‫نقلي للقص��ر العدلي حت��ى يوقع النائب‬ ‫العام على ق��رار ترحيلي‪ ،‬حيث نقلت في‬ ‫حافل��ة‪ ،‬وعندم��ا وصلت للقص��ر العدلي‬ ‫ن��زل الضابط وعاد بتوقي��ع النائب العام‪،‬‬ ‫ث��م نقل��ت لمنطقة ب��اب المصل��ى التي‬ ‫يوجد فيها مكان الحتجاز المبعدين‪.‬‬ ‫| يعن��ي لم تعل��م بق��رار ترحيلك من‬ ‫قبل؟‬ ‫| | ال طبعا فوجئ��ت باألمر‪ ،‬وعندما‬ ‫وصل��ت لم��كان االحتج��از وج��دت ش��بانا‬ ‫عرب��ا م��ن كل الجنس��يات‪ ،‬غالبيتهم من‬ ‫الفلسطينيين ينتظرون دوال لتستقبلهم‪،‬‬ ‫وهن��اك تمكن��ت م��ن االس��تحمام وت��م‬ ‫االتص��ال بزوجتي لتش��تري تذك��رة لي‪،‬‬ ‫وقب��ل أن تحض��ر أخبرت بأنن��ي مطلوب‬ ‫للجنائي��ة ليتبي��ن أنن��ي مطل��وب لألمن‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫| أعادوك لألمن السياسي؟‬ ‫| | نع��م تم��ت إعادت��ي لألم��ن‬ ‫السياسي‪ ،‬واكتش��فت أن أساس اعتقالي‬ ‫يع��ود لطلب منهم‪ ،‬وهناك وجدت ش��بانا‬ ‫من كل سوريا أيضا‪ ،‬واحتجزت في غرفة‬ ‫وكان��ت ظ��روف االعتق��ال أفض��ل‪ ،‬وفي‬ ‫التحقيق وجدت أن سبب الطلب هو نقاش‬ ‫عبر فيسبوك مع شاب حول الهيئة العامة‬ ‫للثورة الس��ورية التي لي رأي سلبي فيها‬ ‫أصال‪.‬‬ ‫ع��دت للهجرة والج��وازات‪ ،‬وحضرت‬ ‫زوجتي واشترت لي تذكرة بمعية محامية‪،‬‬ ‫وتم ترتي��ب أمور ترحيلي ل�لأردن‪ ،‬وفي‬ ‫صباح ي��وم ‪ 2012/5/14‬دخل��ت الطائرة‬ ‫ووصلت لعمان‪.‬‬ ‫قلت إنك ش��اهدت سوريا كلها داخل‬ ‫الس��جن من ناحية‪ ،‬كما قلت إنك أصبحت‬ ‫تدرك دور األجهزة األمنية في قمع الثورة‬ ‫قب��ل وبع��د دخول��ك الس��جن‪ ،‬حدثنا عن‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫من التقيته من الش��باب في السجن‬ ‫بس��يط وطيب جدا‪ ،‬ال توج��د لديه ثقافة‬ ‫سياس��ية‪ ،‬لكنه يعرف أن األفق مس��دود‬ ‫ويج��ب أن يتكس��ر‪ ،‬وأن الص��راع مع هذه‬ ‫الس��لطة ال ب��د من��ه‪ ،‬وأن المس��ألة ال‬ ‫طائفي��ة وال غيره��ا‪ ،‬ه��ؤالء ش��باب من‬ ‫جيل التس��عينيات الذي أعتقد أنه سيغير‬ ‫الشرق األوسط خالل عشر سنوات‪.‬‬ ‫التعذي��ب ال��ذي تع��رض ل��ه هؤالء‬

‫الش��بان وخاص��ة ف��ي الم��زة كان مرعبا‬ ‫لدرج��ة ال توص��ف‪ ،‬لكنه زاده��م إصرارا‬ ‫على الس��ير لألمام‪ ،‬ولم ي��ؤد لخوفهم أو‬ ‫دفعه��م نحو التراج��ع‪ ،‬وهذا م��ا أذهلني‬ ‫حقيقة‪.‬‬ ‫وم��ا لفت نظ��ري أيضا ه��و أن هذا‬ ‫الش��باب من كل س��وريا وعي��ه واندفاعه‬ ‫وطموحاته متشابهة‪ ،‬ولديه إصرار موحد‬ ‫على تغيير النظام‪.‬‬ ‫| م��اذا بالنس��بة لألجه��زة األمني��ة‬ ‫السورية‪ ،‬من الذي يمسك باألمور أكثر من‬ ‫غيره اليوم برأيك؟‬ ‫| | واض��ح أن��ه بعد تصاع��د األزمة‬ ‫في سوريا وشعور النظام بالضعف‪ ،‬ارتد‬ ‫النظ��ام إل��ى بنيت��ه األكث��ر صالبة وهي‬ ‫المخاب��رات الجوي��ة‪ ،‬بع��د أن اعتمد على‬ ‫أمن الدولة في بداية الثورة‪ ،‬والتي تحول‬ ‫دوره��ا اليوم إل��ى الفوتوش��وب وتركيب‬ ‫الصور وتلفيق وتزوير الفيديوهات‬ ‫جهاز المخابرات الجوية أبش��ع جهاز‬ ‫يعمل في سوريا اليوم‪ ،‬وممارساته تصل‬ ‫ح��د الجرائم ضد اإلنس��انية‪ ،‬وداخل هذا‬ ‫الجهاز فرع المهمات‪ ،‬وهذا أسوأ فرع فيه‪،‬‬ ‫وهؤالء لديهم صالحيات القتل واالعتقال‬ ‫والتعذيب بال حساب‪.‬‬ ‫وأصبح واضحا أن المخابرات الجوية‬ ‫والفرقة الرابعة هما اللذان يعتمد عليهما‬ ‫النظام بش��كل أس��اس‪ ،‬وه��ذا يدل على‬ ‫ضعف وال ي��دل على قوة ألن النظام ارتد‬ ‫إلى الدائرة األكثر ضيقا‪.‬‬ ‫| اعتقلت على ش��عار "م��ن أجل تحرير‬ ‫فلسطين‪ ..‬نريد إس��قاط النظام السوري"‪،‬‬ ‫هل تؤمن به وهل يؤمن به الفلس��طينيون‬ ‫في سوريا؟‬ ‫| | أغلبية الش��باب الفلس��طيني مع‬ ‫الشارع السوري‪ ،‬والشباب السوري يؤمن‬ ‫بهذا الش��عار ألن النظام يتاجر بالقضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وهو ال يجرؤ على االقتراب‬ ‫م��ن الج��والن وال يحضّ��ر ألي ح��رب‪،‬‬

‫والنظام تح��ول إلى عائق ف��ي المواجهة‬ ‫مع إسرائيل‪.‬‬ ‫| ولك��ن هن��اك أطراف فلس��طينية ال‬ ‫تزال تراه��ن على النظام‪ ،‬ب��ل وانحازت له‬ ‫ضد الثورة‪.‬‬ ‫| | هذا صحيح‪ ،‬وهذه تضر الش��عب‬ ‫الفلسطيني خاصة جماعة القيادة العامة‬ ‫وياس��ر قش��لق‪ ،‬وفصائل أخرى تسلحت‬ ‫في المخيمات لضبطها‪ ،‬وهؤالء سيزولون‬ ‫مع النظام ألنهم أدوات عنده‪.‬‬ ‫| وأنت خارج من س��وريا للتو‪ ،‬هل ترى‬ ‫أن النظ��ام الس��وري سيس��قط أم إن لديه‬ ‫وقتا للمناورة أو حتى البقاء؟‬ ‫| | النظ��ام وص��ل للحلق��ة األكث��ر‬ ‫ضيقا وهي األخيرة‪ ،‬وبتن��ا أقرب للتغيير‬ ‫من أي وقت مضى‪ ،‬منذ البداية أنا مؤمن‬ ‫بأن هذه الثورة ستغير النظام‪ ،‬والمشكلة‬ ‫ما زالت أنه ال توجد قوى سياس��ية تنظم‬ ‫الش��ارع بش��كل صحي��ح‪ ،‬وهناك ش��عور‬ ‫يتنام��ى داخ��ل الطائفة العلوية نفس��ها‬ ‫بأن النظام زائ��ل ال محالة‪ ،‬وأن ما يجري‬ ‫م��ن تدمير وانهيار س��يعود على الجميع‪،‬‬ ‫وه��ؤالء يعتب��رون أن الث��ورة ه��ي ض��د‬ ‫عائالت األسد ومخلوف وشاليش وغيرها‬ ‫وليست ضد العلويين‪.‬‬ ‫| هناك تخويفات من الحرب الطائفية‬ ‫في سوريا‪ ،‬هل ترى لها أي أفق؟‬ ‫| | ال يوج��د أي أفق لح��رب طائفية‬ ‫في س��وريا‪ ،‬وكل مح��اوالت النظام خالل‬ ‫الس��نة األخي��رة لج��ر البالد له��ذه الحرب‬ ‫فشلت‪ ،‬أنا قابلت شبابا متدينا في السجن‬ ‫لكن ال توجد لديه أي طائفية‪.‬‬ ‫| ه��ل يعي��ش أه��ل دمش��ق بصورة‬ ‫طبيعية‪ ..‬وأنت القادم منها لتوك؟‬ ‫| | ف��ي الفترة األخيرة الوضع توتر‪،‬‬ ‫وهن��اك ركود اقتصادي واض��ح‪ ،‬والوضع‬ ‫األمني أشبه باالحتالل‪ ،‬والناس ال تتحرك‬ ‫كثيرا في الليل‪ ،‬وهذا يدل على حالة رعب‬

‫ش��ديدة لدى النظ��ام‪ ،‬وأعتقد أن الضغط‬ ‫االجتماعي على الناس سيس��رع الحسم‪،‬‬ ‫وآخره زيادة أسعار المازوت والغاز‪.‬‬ ‫| أنت مفكر يس��اري مع��روف‪ ،‬وهناك‬ ‫ج��زء غير بس��يط م��ن اليس��ار والقوميين‬ ‫العرب منح��ازون للنظام الس��وري ويقفون‬ ‫معه ضد الثورة‪ ،‬ماذا تقول لهم؟‬ ‫| | أقول لهؤالء أن يترووا قليال‪ ،‬وأن‬ ‫يعودوا لعقلهم وأن يفكروا بموضوعية ال‬ ‫بسطحية عالية‪.‬‬ ‫نح��ن ض��د اإلمبريالي��ة ويج��ب أن‬ ‫نك��ون ضده��ا‪ ،‬لك��ن الوضع في س��وريا‬ ‫كان تكيفا مع اإلمبريالية‪ ،‬االقتصاد الذي‬ ‫صنع��ه النظام الس��وري كان يطلب رضا‬ ‫األميركان‪.‬‬ ‫القصة في س��وريا أن هناك ش��عبا‪،‬‬ ‫س��وريا تتع��رض لجريم��ة قت��ل كب��رى‬ ‫يمارسها النظام من القتل إلى الصراعات‬ ‫الطائفية إلى التعذيب‪.‬‬ ‫سيكتش��ف هؤالء أنه��م دافعوا عن‬ ‫أكبر مافيا في المنطقة‪ ،‬أتمنى عليهم أال‬ ‫يعتق��دوا أن األمور ه��ي إمبريالية فقط‪،‬‬ ‫ألن اإلمبريالي��ة تتجس��د ف��ي تكوين��ات‬ ‫محلي��ة‪ ،‬والش��عب الس��وري ه��و ال��ذي‬ ‫ضحى من أجل فلس��طين وضد إسرائيل‬ ‫وأميركا‪ ،‬وليس النظام‪ ،‬والش��عب يقاتل‬ ‫اليوم من أجل فلسطين وليس فقط من‬ ‫أجل تغيير النظام‪.‬‬ ‫هناك س��طحية سياسية لدى أحزاب‬ ‫ش��كلية ونخب تبلورت في الخمس��ينيات‬ ‫والس��تينيات ستس��قط مع ه��ذه النظم‪،‬‬ ‫واليس��ار معاد لإلمبريالية وللقمع والنهب‬ ‫واالس��تغالل‪ ،‬روس��يا الي��وم إمبريالي��ة‬ ‫صاع��دة ول��م تعد اش��تراكية كم��ا يظن‬ ‫أصدقاؤنا‪ ،‬فلم��اذا نحن مع إمبريالية ضد‬ ‫إمبريالية؟‬ ‫عن موقع الجزيرة نت‬

‫‪17‬‬


‫�أحمد ال�شيخ‬

‫لينا الطيبي‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫السيد بان كي مون‪ :‬عطفا على إعالنكم بأن القاعدة قد‬ ‫تك��ون وراء تفجيرات دمش��ق‪ ..‬هناك تس��اؤالت ال بدّ أن‬ ‫تؤخ��ذ بعين االعتبار‪ ..‬وال بدّ أن نتلقى عليها أي رد‪ ..‬بما‬ ‫أن التفجيرات لم يستفد منها سوى النظام السوري فهل‬ ‫معن��ى ه��ذا أن القاعدة متعاونة مع النظ��ام؟؟ هل تهدف‬ ‫القاع��دة من وراء التفجي��رات إلى منع الش��عب من النزول‬ ‫إلى الس��احات للتظاهر من خالل تخويفه وترويعه؟؟‪ ..‬هل‬ ‫تهدف القاعدة من وراء التفجي��رات التأكيد لعنان أن هناك‬ ‫عصابات مس��لحة في س��وريا غير عصابات النظام؟؟‪ ..‬هل‬ ‫تكره القاعدة الشعب الس��وري إلى الحد الذي يجعلها تريد‬ ‫أن يب��دو النظام في صورة الضحية؟؟ إذا عجز الس��يد بان‬ ‫ك��ي مون عن اإلجابة‪ ..‬ليت أي أح��د على اتصال بأي أحد‬ ‫من القاعدة يحصل لي على إجابة‪ ..‬فيما لو كانت القاعدة‬ ‫قاعدة أو واقفة؟؟ هل من يجيبني على أسئلتي‪..‬‬

‫ر�شا عمران‬ ‫وإذا تيمت فالسوريون عائلتي‪ ..‬وإذا تشردت فالسوريون‬ ‫ملجئي‪ ..‬وإذا أصبت بحزن عظيم فالسوريون غبطتي‪....‬‬

‫�سعر حاجو‬ ‫صانعو األفكار عاد ًة أقل انتش��اراً وش��هرة من س��ارقيها‪،‬‬ ‫صانع��و الث��ورة أق��ل اس��تفاد ًة منها وأق��ل انتفاع��اً من‬ ‫سارقيها ومنتَفعيها‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫بنت يربود‬ ‫واهلل جامعة حل��ب صار الزم يطلعله��ا "اعتراف" من كل‬ ‫ال��دول العربي��ة من بع��د هالمواق��ف المش��رفة‪ ....‬ألنو‬ ‫بالواقع غير معترف بشهادتها بأغلب الدول العربية‪.‬‬

‫را�شد عي�سى‬ ‫بديهي أن معدالت القبول الجامعي للعام المقبل ستكون‬ ‫في جامعة حلب‪.‬‬

‫خالد حاج بكري‬ ‫شِعاب الصخر والدم والدموع يا‬ ‫الس��وريون يهرولون في ِ‬ ‫سيزيف‪ ..‬صخرتُك‪ ..‬أضحت بحصة يا صاحبي!‪.‬‬

‫�أ�سامة حممد‬ ‫نح��ن من نجري بال ليزر عملية اس��تئصال رصاصة على‬ ‫ضوء ابتسامه‪.‬‬

‫ميادة اخلليل‬ ‫ال جدوى من القتل‪ ..‬وال من الرصاص‪ ..‬وال من االعتقال‪..‬‬ ‫وال م��ن الدمار‪ ...‬ه��ذا كله ال يجدي في قتل روح ش��عب‬ ‫يريد الحرية‪ ...‬لو كان ذل��ك أجدى عبر التاريخ لما وصلنا‬ ‫إلى هنا‪ ...‬ولكانت البشرية كلها ترسخ في العبودية‪...‬‬

‫الط�لاب الثائ��رون في س��احة الجامعة كان��وا رائعين بكل‬ ‫معن��ى الكلم��ة‪ .‬ولكن األروع منه��م هو الع��دد الهائل من‬ ‫سائقي السيارات الخاصة والعامة والذين أوقفوا سياراتهم‬ ‫في وس��ط الشارع ونزلوا يهتفون بحرقة وحماسة‪ .‬أكثر ما‬ ‫أدهشني فيها ذلك الرجل الستيني سائق السيارة العمومي‬ ‫الذي أن��زل الزبون من الس��يارة وانضم للش��باب والدموع‬ ‫تغطي وجهه‪ .‬كم كانت (اهلل أكبر) جميلة من فمه‪.‬‬

‫حمي الدين عي�سو‬ ‫أتذكر أول مظاهرة في مدينة القامشلي العام الماضي حينها‬ ‫كنت في مكتب الصديق مازن درويش (فك اهلل أسره) دخلتُ‬ ‫إل��ى مكتبه مس��رعا وأخذته باألحض��ان وقلت له القامش��لي‬ ‫قامت‪ ،‬قامت القامش��لي حينها بدأنا أنا وهو بالرقص والدبك‬ ‫داخ��ل المكتب ونقول القامش��لي قامت‪ ...‬قبالت��ي لكل أبناء‬ ‫قامشلو األحرار ولمازن درويش األسير في سجون االستبداد‪.‬‬

‫جيفارا �أتا�سي‬ ‫ل��م نعد بحاجة أراجيح أو األلعاب‪ ...‬فلم يعد هناك أطفال‬ ‫على أرضك يا وطن‪..‬‬

‫عماد غليون‬ ‫الف��رق بي��ن الثوار والمعارضة بس��يط ج��دا"؛ الث��وار يريدون‬ ‫إسقاط النظام؛ بينما المعارضة تريد إسقاط السلطة؛ االختالف‬ ‫ف��ي هذا الهدف الرئيس هو ما يولد كل أش��كال االختالف بين‬ ‫الثوار والمعارضة ويكاد يحولهما لطرفين متقابلين؟‬

‫رو�شان بيطار‬ ‫نحن لس��نا ش��ريط إخباري‪ ،‬نحن لس��نا خبر عاجل! نحن‬ ‫لس��نا أرقام��ًا!‪ ..‬نحن أرواح بش��رية تزه��ق‪ ،‬نحن أحالم‬ ‫تقت��ل‪ ،‬نحن بش��ر ت��داس كرامته��م‪ ،‬نح��ن أصحاب حق‬ ‫يقمعون! نحن سوريون!‬

‫ف�ضيل نوفل‬ ‫لو كان جمال باش��ا السفاح يعلم أن المشانق التي نصبها‬ ‫إلعدام األحرار في سوريا ولبنان ستبقى حبال معلقة بين‬ ‫األرض والسماء آلالف السنين القادمة لتحكي قصة أولئك‬ ‫األبطال الذين رسموا طريق الحرية بدمهم لما فعل‪.‬‬ ‫محمد عبد المولى الحريري أنت أقوى من مشانقهم‪.‬‬

‫خليل حاج �صالح‬ ‫يا عالم يا ناس يا هو!‪ ..‬ممكن يا ناس يا سوريين يا ثوار‬ ‫يا احرار يا مثقفين يا فيس��بوكيين ي��ا مغردين يا كلنا!‪..‬‬ ‫ممكن نرك��ز على جرائ��م النظام وعلى الث��ورة؟ ممكن‬ ‫تحلوا عن بعض و توقفوا نتف ريش بعض؟‬ ‫يعن��ي معقول ‪ 50%‬من جهودنا خالل ش��هر مصبوبة بنتف‬ ‫شعور بعض؟ ‪ ..‬يا أخي سخروها على النظام و على تطوير‬ ‫و تجذير الثورة و االبداع فيها‪ ،‬أكيد أحسن ما هيك؟‬

‫| ه��ل انعكس��تْ الثورة الس��ورية أدباً وإبداعاً عن��د المبدعين‬ ‫الس��وريين؟ أال تجد الكتاب متأخرين ف��ي اللحاق بركب الثورة على‬ ‫مس��توى الكتابة؟ أين منه��ا كتابات المثقفين ف��ي األزمات الكبيرة‬ ‫السالفة؟‬ ‫| | يستحس��ن عدم التطرق إلى األدب واإلبداع والمبدعين الس��وريين‪،‬‬ ‫حالياً الس��احة مفتوحة للكتابات السياس��ية‪ .‬أما الكتاب��ة اإلبداعية فمقيدة‬ ‫اليدين‪ ،‬واألدباء ليس��وا أكثر من مراقبين ومتفرجين‪ ،‬كما أن الحالة نفسها‬ ‫ال تس��اعد على الكتابة‪ .‬نعم‪ ،‬الحدث متبلور‪ ،‬لكنه لم يأخذ أبعاده في ذهن‬ ‫الكات��ب‪ ،‬األدب يله��ث وراءه‪ ،‬مازال في مرحلة اكتش��افه من الداخل‪ .‬لس��نا‬ ‫طبع��اً بانتظ��ار النهاية الس��عيدة‪ ،‬وإنما في اكتمال ش��يء ك��ي نتمكن من‬ ‫ضبطه داخل إطار ما‪.‬‬ ‫مهما حاول الكاتب فه��و متأخر عن اللحاق بركب الثورة‪ ،‬عموماً الكتابة‬ ‫األدبي��ة ال تس��بق الث��ورة‪ ،‬بل تتأخ��ر عنها‪ .‬ه��ذا بالنظر أيضاً إل��ى كتابات‬ ‫المثقفين في العالم‪ ،‬ففي قضية درايفوس‪ ،‬التي استهلها اميل زوال ببيانه‬ ‫«إني اتهم» معلنًا كمثقف سياسي اتهامه للعنصرية والتمييز‪ .‬لم تظهر في‬ ‫األدب إال بع��د مض��ي زمن في رواية «البحث عن الزمن الضائع» لمارس��يل‬ ‫بروست و«السيد برجيريه في باريس» ألناتول فرانس‪ .‬كذلك حدث للثورة‬ ‫المصرية عام ‪ ،1952‬برز بعد سنوات في روايات نجيب محفوظ‪ ،‬وتأثيراتها‬ ‫في عشرات المس��رحيات ألكثر من جيل كتب للمسرح مثل‪ :‬يوسف ادريس‬ ‫والفريد فرج ونعمان عاش��ور ومحمود دياب ولطفي الخولي… ولنتذكر أن‬ ‫الثورة السورية ضد الفرنس��يين حظيت بروايات معروفة مثل «لن تسقط‬ ‫المدين��ة» و«حس��ن جبل»‪ .‬للكاتب فارس زرزور‪ .‬وم��ا زالت تتردد أصداؤها‬ ‫في كتابات كثير من الروائيين السوريين حتى اآلن‪.‬‬

‫غ�سان يا�سني‬ ‫حجّي يا حجّي‪ ..‬إش دأول مابعرف لسيني مربط‪ ..‬نعني‬ ‫لما الواحد بينوضر من البر ّكون على الش��باب الطيبة عم‬ ‫تهتوف و عم تصروخ بشار والك ما بأى بدنا ياك‪..‬‬ ‫كني ما عمبتسمع‪ ..‬طرشان والك‪.‬‬

‫فاروق علي‬ ‫الث��ورة لعبة ورد أتقنها الس��وريون‪ ..‬والموت لعبة أكفان‬ ‫اعت��ادوا عليها‪ ..‬األس��رى مس��افرون يعودون والش��هداء‬ ‫نجوم علم تحيكه الصبايا ليل نهار‪.‬‬

‫هالة العبد اهلل‬ ‫من جامعة حلب بتمشي سيوي سيوي بتوصل للحرية‪.‬‬

‫عبد اهلل �أبازيد‬ ‫في المنفى أصبح لنا وطن‪..‬‬ ‫مجموعة من األطباء السّوريّين األحرار في األردن مستعدين‬ ‫ألن يعالج��وا كافّة الح��االت الجراحية للمصابين الس��وريّين‬ ‫ْ‬ ‫مجانًا‪ " ..‬بال منية الحكومة و المفوضية السامية!"‬

‫�إ�سالم �أبو �شكري‬ ‫أسوأ ما فعله البعث خالل السنوات التي سرق فيها سوريا‬ ‫أنّه أنتج مجموعاتٍ من البشر ال تمايز بينها‪..‬‬ ‫لغة واحدة‪ ،‬وس��لوك واحد‪ ،‬ونم��ط تفكير واحد‪ ،‬وطريقة‬ ‫واح��دة ف��ي ردّ الفع��ل‪ ،‬ومس��توى واحد من االس��تعداد‬ ‫لتقبّل األكاذيب‪ ،‬وتبنّيها‪ ،‬والدفاع عنها‪..‬‬ ‫ه��ؤالء ه��م م��ن نس��معهم ي��ردّدون الجملة الش��هيرة‬ ‫نفسها‪( :‬هي هيّ الحرية اللي بدكن ياها؟‪.)..‬‬ ‫هؤالء هم الذين يحمون النظام اليوم‪..‬‬

‫هيام جميل‬ ‫ي��ا ظ�لام الس��جن كن ن��ورا وس�لاما عل��ى قلب أس��ماء‬ ‫ورفيقاتها‪..‬‬

‫جمال داوود‬ ‫الحري��ة يل��ي ب��دي ياه��ا‪ ....‬ينزل قاس��يون علش��ام‪ ..‬و‬ ‫الجناين و الحارات المعتمة تطلع علضو‪..‬‬ ‫الحري��ة يل��ي بدي ياه��ا‪ ...‬يعن��ي نكب النف��اق‪ ..‬و نحكي‬ ‫الصراح��ة‪ ..‬ما ح��دا دخلو بحدا‪ ..‬و من ش��اء فليؤمن و من‬ ‫شاء فليعشق‪ ..‬و يلي بالغروبات و الصفحات السرية يصير‬ ‫علني‪ ،‬و يلي عمنعملوا بالسر‪ ...‬نعملو عالطبيعة!!!‬

‫�إ�سماعيل احلمد‬ ‫ط��رف ثالث تي��ار ثال��ث لجنة ثالث��ة‪ ...‬مو مهم‪ ،‬الش��عب‬ ‫الس��وري صار قادر على قلع شوكه بيده ورح يخلص من‬ ‫الطرف األول و ش��ريكه الثالث‪ .‬س��يد ب��ان كي مون العب‬ ‫غيرها‬

‫| هل تجد أن دمشق تأخرت فع ًال عن ركب الثورة؟ لماذا؟‬ ‫| | نع��م تأخ��رت‪ ،‬ومعه��ا حلب‪ ،‬واألس��باب معروف��ة؛ التمرك��ز األمني‬ ‫الش��ديد‪ ،‬ال ننسى أن معاقل األجهزة األمنية الكبرى في هاتين المدينتين‪،‬‬ ‫كذلك مؤسس��ات الدول��ة وإداراتها‪ .‬واحتواء العاصم��ة على أعداد كبيرة من‬ ‫مؤي��دي النظام المتنفعين من��ه‪ ،‬والذين يعتقدون أنه��م مهددون في حال‬ ‫زواله‪ ،‬إضافة إلى جمهور األحزاب المتعاونة‪ ،‬والكثير ممن يشغلون وظائف‬ ‫في الدولة‪ .‬ما يس��هل عملية قمع أي تحرك بس��رعة وش��دة‪ .‬لكننا ش��هدنا‬ ‫مؤخ��راً مظاهرات جامعة حل��ب والمدينة الجامعية‪ ،‬وتش��ييع ش��هيد المزة‬ ‫في دمش��ق‪ ،‬وما انط��وت عليه الحادثت��ان من دالالت عن احتق��ان األهالي‬ ‫واستعدادهم لالنضمام تلقائياً إلى الحراك‪.‬‬ ‫ال أعتق��د أن هناك مدينة أو بلدة في س��وريا‪ ،‬ال تش��ارك في االحتجاج‪،‬‬ ‫أو ال تح��س به��ذا االنهيار المتدرج من الس��يئ إلى األس��وأ‪ ،‬وإن اختلف من‬ ‫منطق��ة ألخرى‪ ،‬الجميع تحت الوطأة نفس��ها‪ ،‬والخوف نفس��ه‪ ،‬والرعب من‬ ‫حرب أهلية بدأت تلوح نذرها‪.‬‬ ‫ال‪ ،‬ليس هناك من هو بمعزل عما يجري‪ ،‬وال خارج هذا العذاب‪ ،‬وال تلك‬ ‫التساؤالت والمخاوف‪.‬‬ ‫| برأي��ك هل من قيم جديدة أفرزته��ا هذه الثورة؟ كيف غيرت‬ ‫نظرتنا إلى األجيال الجديدة؟‬ ‫| | لو أن أحداً كتب رواية اآلن عن مجريات االنتفاضة وبطوالت الشبان‬ ‫الصغ��ار‪ ،‬أوالد الم��دارس والجامعات‪ ،‬ومواق��ف آبائه��م وأمهاتهم‪ ،‬العتقد‬ ‫القراء المخضرمون أنهم يقرأون رواية على غرار «األم» لمكسيم غوركي‪،‬‬ ‫أو لعصور االستش��هاد اإلس�لامية والمس��يحية‪ ،‬من حي��ث التضحية والنبل‬ ‫والتفان��ي والتع��اون والت��آزر‪ ،‬وروح التح��دي والفداء في س��بيل الحرية‪ .‬ما‬

‫إليك أيها الطائف��ي األول أوجه غضبي‪..‬‬ ‫خيبتي‪ ..‬حزني عليك وخذالني‬ ‫أه��و وجع��ك أن اضطهادك م��ا ولد هذه‬ ‫الجهال��ة !! ال مب��رر لدي��ك أه��و تاريخك‬ ‫وحزنك ! ال مبرر لديك‪ ..‬كم كنا س��اهين‬ ‫عنك وأنت تم��زق أوصالنا وتبيعها تجزئة‬ ‫ف��ي أقبية مخازنك العفن��ة‪ ..‬هل يجب أن‬ ‫تسفك دماء كي ندرك كم أهنت إنسانيتنا‬ ‫وكم كن��ا أغبياء !أيه��ا الطائف��ي األول‪..‬‬ ‫وي��ل لجهالتك وملع��ون أن��ت وقطيعك‬ ‫المس��كين‪ ..‬يا أيها المس��كين أنت‪ ..‬كم‬ ‫كنا الهين عنك ومخدوعين‪ ..‬بدلت محمد‬ ‫وس��هى وعلي وجورج‪ ..‬صاروا لونا واحدا‬ ‫ه��و لون��ك‪ ..‬ألواننا هي‪ ..‬كي��ف بدلتها !‬ ‫متى وأي��ن ؟أيها الطائف��ي الكامن تحت‬ ‫الرماد‪ ..‬شكلت انتماءاتك رويداً رويداً‪.‬‬ ‫أتيت من كل صوب وحدب‪ ..‬نشرت سمومك‬ ‫فينا‪ ..‬جنوبا وشرقا‪ ..‬شماال وغربا‪..‬‬ ‫يا م��ن تاج��رت بتاريخن��ا ملع��ون أنت‪..‬‬ ‫احتك��رت أنبيائنا جمل��ة وبعتهم تجزئة‪..‬‬ ‫تحالفاتك واهية‪ ..‬وملعونة قبليتك خائفة‬ ‫وملعون��ة خائ��ف أنت من��ا‪ ..‬يا عل��ي‪ ..‬يا‬ ‫محمد‪ ..‬يا مريم‪ ..‬يا حس��ين‪ ..‬يا يسوع‪..‬‬ ‫تبرئوا منهم فأنتم األحياء وهم الضالون‪..‬‬ ‫كم أنت طائفي وكم نحن أحياء‪..‬‬ ‫مي سكاف‬ ‫قلت لصديقي مازحاً‪« :‬سأقترح ترشيحك‬ ‫لرئاس��ة الجمهورية بعد انتصار الثورة‪،‬‬ ‫ألننا س��نحتاج رج ًال مثل��ك‪ ...‬فأنت رجل‬ ‫ذكي‪ ،‬نزي��ه‪ ،‬مهووس بالعم��ل‪ ،‬ال تحب‬ ‫لب��س ربطة العنق‪ ،‬لي��س لديك أصدقاء‬ ‫غي��ري‪ ،‬و أه��م ش��يء ف��ان زوجت��ك ال‬ ‫تحبك‪ ....‬ماذا نريد أكثر من ذلك ؟ فأنت‬ ‫ستحول سوريا إلى ورشة عمل ال تنام!»‪.‬‬ ‫فأجاب ضاحكاً‪ « :‬شكراً و لكن ال‪ ..‬شكراً‪....‬‬ ‫فبعد ما رأيناه من عنفوان الشعب السوري‪،‬‬ ‫س��يكون على الرئيس المقبل أن يمش��ي‬ ‫على رؤوس أصابع��ه إذا تأخر عن العمل‪،‬‬ ‫و يقف على الطابور بانتظار اس��تالم راتبه‬ ‫الش��هري‪ ،‬و حين سيدخل مجلس الشعب‬ ‫سيكون عليه أن يخلع حذائه !!»‬ ‫أبو عبدو‬

‫أظهره األهالي من تفوق أخالقي جعلنا نؤمن بأن البشر في أحلك الظروف‪،‬‬ ‫عكس ما نعتقد ال تتضاءل إنسانيتهم‪ ،‬بقدر ما تتجلى بأبهى صورها وهم‬ ‫يتقاسمون الخبز والدفء والكهرباء‪ ،‬ويتضامنون في ليالي الضراء ولحظات‬ ‫السراء النادر‪.‬‬ ‫ش��بان صغ��ار يتعرض��ون ف��ي الش��وارع والجامعات للض��رب بالعصي‬ ‫واالهانة والرفس باألرجل‪ ،‬وللوش��اية والتعذيب يمارسه عليهم زمالؤهم‬ ‫الط�لاب بحق��د أعمى‪ ،‬تحت حماية رج��ال األمن‪ .‬هذا يحيلنا إلى الش��بيحة‪،‬‬ ‫وه��ي تقليع��ة محلية س��ورية وظاه��رة على غ��رار البلطجي��ة والزعران‪،‬‬ ‫أع��اد النظام االعتبار لها‪ ،‬بحيث لم نعد نس��تهجن رؤية مظاهرات يمش��ي‬ ‫ف��ي مقدمتها المعلم��ون والمعلمات‪ ،‬تضم صبية الم��دارس وهم يهتفون‪:‬‬ ‫شبيحة دبيحة‪ .‬بل واألسوأ أنهم باتوا مثا ًال منشوداً للشبان المتعاطفين مع‬ ‫النظام‪ ،‬ومنهم طلبة جامعات يتشبهون بهم ويقلدون أفعالهم‪.‬‬ ‫لن ترى أكثر حماس��ة وال قس��وة وال غطرس��ة من الش��بيحة‪ ،‬يهرعون‬ ‫بكل قواهم إلى سحق أي احتجاج سلمي بكل أريحية‪ ،‬وكلهم إيمان وجرأة‪،‬‬ ‫بأنه��م يفعلون الش��يء الصحيح‪ ،‬بموج��ب اعتقاد جازم أن هؤالء الش��بان‬ ‫خونة للوطن لمجرد أنهم يهتفون للحرية‪ ،‬وللشعب السوري الواحد‪ ،‬ولو أن‬ ‫قوات الجيش‪ ،‬ال تنقذهم منهم‪ ،‬وتعتقلهم‪ ،‬لذاقوا األمرين‪ .‬هناك من مات‬ ‫تحت أقدام الشبيحة‪ ،‬فيا لعظمة الذود عن النظام بهذا األسلوب الوحشي!!‬ ‫طبعاً‪ ،‬ما لمس��ناه غيّر رأينا باألجيال الجديدة‪ .‬كنا ننتقد دائماً غربتهم‬ ‫ع��ن السياس��ة وافتقادهم إل��ى حس وطني‪ ،‬وع��دم االهتمام بمش��كالت‬ ‫س��ورية‪ .‬ما يفعلونه الي��وم‪ ،‬نحن عاجزون عن فعله‪ ،‬ويش��عرنا بتقصيرنا‬ ‫تجاه البلد‪.‬‬

‫من حوار مع الروائي السوري فواز حداد مع جريدة السفير اللبنانية | أجرى الحوار‪ :‬راشد عيسى‬


‫أوليفر هولمز‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫م��ن تحدث��ت معه��م رويترز ف��ي هذا‬ ‫التقرير 'ال أعتقد أن التلفزيون السوري‬ ‫يكذب في كل تقاريره لكن المعلومات‬ ‫الت��ي تتضمنه��ا ه��ذه االعتراف��ات‬ ‫متضاربة بالفعل ومحيرة'‪.‬‬ ‫وقال��ت ري��م وهي صحافي��ة تبلغ‬ ‫م��ن العمر ‪ 32‬عام��ا إنها ل��م تثق قط‬ ‫في وسائل االعالم الرسمية وترى أنها‬ ‫لس��ان حال الدائرة المقربة من األس��د‬ ‫لكن االعترافات الت��ي يبثها التلفزيون‬ ‫تمثل سقطة جديدة‪.‬‬ ‫وأضافت 'إذا كانوا مجرمين بالفعل‬ ‫فيج��ب إرس��الهم إل��ى المحاكم وليس‬ ‫إلى اس��توديو التلفزي��ون‪ ..‬االعترافات‬ ‫مضحك��ة جدا‪ ..‬م��ن الواض��ح أنها غير‬ ‫منطقية'‪.‬‬ ‫واستطردت 'يطلب منا رؤساؤنا أن‬ ‫نختل��ق قصصا قابل��ة للتصديق‪ .‬على‬ ‫س��بيل المث��ال إذا كان لدين��ا رجل من‬ ‫مدينة معين��ة فنطلب من��ه أن يتحدث‬ ‫عن ش��وارع محددة أو يعت��رف بجريمة‬ ‫ارتكب��ت في االون��ة االخي��رة في هذه‬ ‫المدينة'‪.‬‬ ‫وقالت 'كان هناك بعض من الذين‬ ‫اعترفوا بدت عليهم آثار تعذيب لكنني‬ ‫لم أوجه لهم أسئلة كثيرة'‪.‬‬ ‫وبثت قناة الدنيا االخبارية المؤيدة‬ ‫للحكوم��ة الس��ورية في أواخر نيس��ان‬ ‫(ابريل) ما وصفته بأنه اعتراف 'إرهابي'‬ ‫يدعى عل��ي عثمان يقول نش��طاء إنه‬ ‫اعتقل ف��ي م��ارس اذار بعدما س��اعد‬ ‫صحافيين أجانب على الفرار من مدينة‬ ‫حمص المحاصرة‪.‬‬ ‫وبثت القناة دعاي��ة للمقابلة التي‬ ‫تمتد ألكثر من ساعة قبلها بأيام‪.‬‬ ‫ويس��ير مذي��ع الدني��ا ف��ي إعالن‬ ‫البرنام��ج في مم��رات مظلمة وتصدح‬ ‫موس��يقى في الخلفية‪ .‬ويدخل المذيع‬ ‫زنزانة يجلس فيها عثمان ورأس��ه بين‬ ‫يديه‪.‬‬ ‫ويق��ف عثم��ان وتظه��ره اللقطة‬ ‫التالي��ة جالس��ا أمام المذي��ع في غرفة‬ ‫مظلمة تسلط فيها االضواء عليهما‪.‬‬

‫وتظه��ر عل��ى الشاش��ة عب��ارة‬ ‫'تابعون��ا‪ ..‬داخل بابا عمرو' في إش��ارة‬ ‫إلى الح��ي الموجود ف��ي حمص والذي‬ ‫قصفته قوات الحكومة السورية بعنف‬ ‫النه��ا تق��ول إن��ه يع��ج 'باالرهابيي��ن‬ ‫المسلحين'‪.‬‬ ‫وق��ال عثم��ان ف��ي المقابل��ة إن‬ ‫المشاركين في االحتجاجات المناهضة‬ ‫لالسد تظاهروا بأنهم سلميون لكنهم‬ ‫كانوا يخبئون مسدس��ات في مالبسهم‬ ‫لمهاجمة أفراد األمن‪.‬‬ ‫ووصف عثمان كيف انه أدار مركزا‬ ‫إعالميا في بابا عمرو وهرب صحافيين‬ ‫أجانب من وإلى سورية ونظم محتجين‬ ‫معارضين‪.‬‬ ‫وق��ال نش��طاء ف��ي المعارضة إن‬ ‫المقابل��ة أجري��ت تح��ت اإلك��راه وقال‬ ‫وزي��ر الخارجية البريطان��ي وليام هيغ‬ ‫ف��ي بيان بعد اعتق��ال عثمان إن هناك‬ ‫تقارير تفيد بتعرضه للتعذيب‪.‬‬ ‫وقالت المع��دة الس��ابقة في قناة‬ ‫س��ورية إن الكثي��ر ممن اعترف��وا بدوا‬ ‫خائفين‪.‬‬ ‫وقال��ت 'كنت أتس��اءل ف��ي أحيان‬ ‫لم��اذا تري��د (قن��اة) س��ورية أن يق��دم‬ ‫الناس هذه االعترافات‪.‬‬ ‫'قال لنا كبير المعدين ذات مرة إن‬ ‫الهدف هو إظهار ان الحكومة تس��يطر‬ ‫على الوضع وحتى يرى االباء واالمهات‬ ‫م��ا يح��دث عندم��ا يدع��ون أوالده��م‬ ‫يعارضون الحكومة'‪.‬‬ ‫وقال��ت عائش��ة وهي رب��ة منزل‬ ‫تبلغ من العمر ‪ 42‬عاما وتنتمي لألقلية‬ ‫العلوية مثل الرئيس السوري إنه على‬ ‫الرغم من ع��دم تصديقها لالعترافات‬ ‫فإنها ترى أن لها فائدة‪.‬‬ ‫وأضاف��ت 'أش��اهد االعتراف��ات مع‬ ‫أطفالي وأحاول إقناعهم بأنها حقيقية‬ ‫ألنني أريدهم أن يخافوا مما س��يحدث‬ ‫إذا بحثوا عن المتاعب'‪.‬‬ ‫عن القدس العربي ‪2012 / 5 / 17‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬

‫تحاول وس��ائل اإلعالم الرس��مية‬ ‫الس��ورية جاهدة إظهار االنتفاضة في‬ ‫صورة مؤامرة إرهابية إسالمية وليست‬ ‫معارضة ش��عبية واسعة النطاق لحكم‬ ‫الرئيس السوري بشار األسد‪.‬‬ ‫ويبث التلفزيون السوري مقابالت‬ ‫م��ع رج��ال يعترف��ون بأنه��م ارتكب��وا‬ ‫أعمال عنف وذلك بهدف تشويه صورة‬ ‫معارض��ي األس��د‪ .‬لك��ن الكثي��ر م��ن‬ ‫السوريين يسخرون من هذه المقابالت‬ ‫وقال��ت معدة تلفزيونية س��ابقة طلبت‬ ‫عدم ذكر اس��مها خوفا من انتقام جهة‬ ‫عمله��ا الس��ابقة منه��ا‪ -‬إن العديد من‬ ‫االعترافات مفبركة‪.‬‬ ‫وعل��ى الرغ��م من أنه��ا كانت من‬ ‫أق��وى المؤيدين المتحمس��ين لألس��د‬ ‫قال��ت المع��دة الس��ابقة إنه��ا منزعجة‬ ‫مم��ا وصفته بحملة تضلي��ل يقوم بها‬ ‫تلفزيون 'سورية' الرسمي‪.‬‬ ‫وقال��ت لرويت��رز 'كنت أص��ل إلى‬ ‫العمل فيخبرني أحد المحررين أن لدينا‬ ‫شخصا لالعتراف'‪.‬‬ ‫وأضاف��ت 'بع��ض الرج��ال ه��م‬ ‫أن��اس عاديون اعتقلوا ف��ي مظاهرات‬ ‫مناهض��ة للحكوم��ة وآخ��رون ه��م‬ ‫لصوص ومجرمون أوش��كوا على إنهاء‬ ‫فترة العقوبة الصادرة بحقهم'‪.‬‬ ‫وقالت 'قيل لهم إنه سيفرج عنهم‬ ‫إذا اعترفوا بالجرائم المفبركة'‪.‬‬ ‫ومن بين من اعترف��وا للتلفزيون‬ ‫السوري قصي ش��قفة وهو من مدينة‬ ‫حماة التي شهدت قتاال بين المعارضين‬ ‫وق��وات الحكوم��ة في الش��هور القليلة‬ ‫الماضي��ة وله��ا م��اض طوي��ل م��ن‬ ‫المعارض��ة ضد األس��د ووال��ده الراحل‬ ‫حافظ األس��د الذي كان قد أرسل قوات‬ ‫لقم��ع انتفاضة هناك ع��ام ‪ 1982‬مما‬ ‫أسفر عن مقتل اآلالف‪ .‬وقال شقفة (‪29‬‬ ‫عاما) في البرنامج الذي بثه التلفزيون‬ ‫السوري إن المعارضين قتلوا أفرادا من‬ ‫قوات األمن وألقوهم من فوق جس��ر‪.‬‬ ‫وأضاف أنه اتص��ل بصحفيين يعملون‬ ‫في وس��ائل إعالم أجنبية وأرس��ل لهم‬ ‫ص��ورا مفبرك��ة لمظاه��رات س��لمية‬

‫مناهضة لألس��د حت��ى يس��تخدمونها‬ ‫كدعاية ضد الرئيس السوري‪.‬‬ ‫وحق��ق اعت��راف آخر ش��هرة على‬ ‫نح��و خاص في س��ورية ب��دا فيه رجل‬ ‫يدع��ى غس��ان س��لواية م��ن مدين��ة‬ ‫الالذقية الس��احلية ممتثال لطلبات معد‬ ‫البرنامج‪.‬‬ ‫وقال س��لواية متلعثما وهو محاط‬ ‫بمسدس��ات ورشاش��ات وأس��لحة ذك��ر‬ ‫مذي��ع البرنامج أنه عث��ر عليها بحوزته‬ ‫أنه��م أحرقوا حاف�لات وقاوموا دوريات‬ ‫أمنية وان األمر كله كان شغبا‪.‬‬ ‫وق��ال نش��طاء ف��ي المعارضة إن‬ ‫عائل��ة س��لواية ذكرت أن��ه اعتقل قبل‬ ‫االنتفاضة الرتكابه جرائم ال عالقة لها‬ ‫بما يجري‪ .‬وتحظر الحكومة الس��ورية‬ ‫عمل وسائل اإلعالم لذا يصعب التحقق‬ ‫من التقارير‪.‬‬ ‫وتق��ول جماع��ات معني��ة بحقوق‬ ‫االنسان إن محتجين سلميين يطالبون‬ ‫من��ذ أكث��ر من ع��ام باإلطاحة باألس��د‬ ‫يعتقلون ويتعرضون للتعذيب والقتل‪.‬‬ ‫لكن المعارضة الس��ورية تلجأ بش��كل‬ ‫متزايد إلى األكمنة المس��لحة وهجمات‬ ‫القناب��ل على رجال أم��ن الدولة واتهم‬ ‫تقرير لمنظمة 'هيومن رايتس ووتش'‬ ‫ص��در ف��ي اآلون��ة األخي��رة المعارضة‬ ‫المس��لحة بالقي��ام بعملي��ات خط��ف‬ ‫وتعذيب وقتل‪.‬‬ ‫ولم تتح��دث قط وس��ائل اإلعالم‬ ‫السورية الرسمية عن أي انتهاكات من‬ ‫جان��ب الحكوم��ة لكنها بث��ت 'اعترافات‬ ‫إرهابيي��ن' ف��ي أوائ��ل الع��ام الماضي‬ ‫عندم��ا ب��ث نش��طون لقط��ات فيدي��و‬ ‫لقوات األس��د وه��ي تطلق الن��ار على‬ ‫متظاهري��ن ولم يكن هناك مؤش��رات‬ ‫كثيرة على وجود انتفاضة مسلحة‪.‬‬ ‫ويس��خر الكثي��ر م��ن الس��وريين‬ ‫س��واء المعارضين أو المؤيدين لألس��د‬ ‫من هذه االعترافات‪.‬‬ ‫وقال رامي (‪ 33‬عاما) وهو موظف‬ ‫حكوم��ي أجري��ت المقابل��ة مع��ه عبر‬ ‫س��كايب من دمش��ق وطلب ذكر اسمه‬ ‫األول فق��ط العتبارات أمنية مثل باقي‬

‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫التلفزيون ال�سوري يبث اعرتافات لإظهار االنتفا�ضة يف‬ ‫�صورة م�ؤامرة �إرهابية �إ�سالمية ولي�ست معار�ضة �شعبية‬

‫‪19‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬

‫التاريخ ح�ين يتجلى‬ ‫فريق ثورة حياة‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 20 | )35‬أيار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫اإلهداء‪ :‬إلى نيرودا‪ ..‬طفلي‪،‬‬ ‫وكل أطفال اللحظة الراهنة…‬ ‫ف��ي ه��ذا الزم��ن الرخو‪ ،‬متس��ع من‬ ‫وق��ت‪ ،‬للحديث ع��ن جمهور‪ ،‬آث��ر الدخول‬ ‫إلى تاريخه‪ ،‬على الرغم من فوهة دبابة‪،‬‬ ‫كان يفت��رض به��ا أن تك��ون عتلت��ه في‬ ‫الصع��ود إلى ما يش��تهي‪ .‬ث��ورة مضادة‪،‬‬ ‫كع��ادة كل الث��ورات المض��ادة‪ ،‬تعتل��ي‬ ‫أس��طح عالية‪ ،‬وتطلق النار‪ ،‬بثقة الجبان‪،‬‬ ‫على ال��رؤوس العارية؛ وهاهي الرؤوس‪،‬‬ ‫تتس��اقط كالتفاح‪ ،‬موسم سقوط التفاح‪،‬‬ ‫فليفخر س��ادة الظ�لام‪ ،‬إذن‪ ،‬بالتصفيق‪،‬‬ ‫النتصارهم السهل‪ ،‬والمؤقت‪.‬‬ ‫اس��تمناء إعالم��ي‪ ،‬كم��ا يج��ب أن‬ ‫نس��ميه‪ ،‬يلتق��ط الحدث المفب��رك‪ ،‬داخل‬ ‫أقبي��ة التحقي��ق‪ ،‬الملوث بجن��ون القتل‪،‬‬ ‫ويعي��د صياغت��ه‪ ،‬وف��ق قواع��د اللغ��ة‬ ‫الركيك��ة‪ ،‬ليخ��رج للعال��م حدث‪ -‬مس��خ‪،‬‬ ‫يعبر عن الموقف الوطني ألس��ياد الوطن‪.‬‬ ‫وم��اذا تري��دون وضوح��اً أكثر م��ن ذلك‪،‬‬ ‫يق��ول المولودون م��ن الخلف؟ ال ش��يء‪،‬‬ ‫فالجريمة‪ -‬المش��هد‪ ،‬كامل��ة المواصفات‬ ‫والوضوح‪ ،‬وال تعليق على سوء اإلخراج‪.‬‬ ‫‪ ..‬بي��د أن لجن��ون القت��ل والنف��اق‬ ‫اإلعالمي المرافق له ما يبرره‪ ،‬فاألش��باح‬ ‫الس��وريين‪ ،‬لم يع��ودوا أش��باحًا‪ ،‬أصبحوا‬ ‫ماهيي��ات تق��رر وتفعل ما تق��رره‪ ،‬وهذه‬ ‫األش��باح ذاته��ا كان��ت ق��د ق��ررت عب��ر‬ ‫انتفاضته��ا‪ ،‬أن تتحول إل��ى مواطنين‪ ،‬إي‬ ‫إل��ى كائن��ات بش��رية‪ ،‬تع��رّف بفاعليتها‬ ‫وبقدرته��ا عل��ى ترجم��ة ه��ذه الفاعلي��ة‬ ‫التاريخية‪ .‬وهو ح��دث مفاجئ حتى ألكثر‬ ‫العق��ول الس��لطوية ش��طحًا بالخيال‪ .‬من‬ ‫أنتم؟ يردد الصوت السلطوي مردداً صدى‬ ‫ج��اره الليب��ي‪ .‬أل��م أقتلكم عب��ر أربعين‬ ‫عاماً؟ بلى قتلتنا بيد أنك نس��يت أن تدفن‬ ‫أحالمنا‪ ،‬وأنت اليوم تقاتل حلمنا الجمعي‪،‬‬ ‫وتجلياته على األرض‪.‬‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫ما يحدث عل��ى أرض البالد العربية‪،‬‬ ‫أكبر حتى م��ن مفهوم الث��ورة التقليدي‪،‬‬ ‫ما يجري فعل هدم ل��كل البنى الثقافية‪،‬‬ ‫والسياس��ية‪ ،‬واالجتماعي��ة‪ ،‬وحت��ى‬ ‫النفس��ية‪ ،‬هدم لبن��ى تم تش��كيلها عبر‬ ‫عق��ود‪ ،‬بم��ا ينس��جم وم��زاج الس��لطان‪،‬‬ ‫وضمان اس��تمراره في س��دة القمع‪ ،‬وهو‬ ‫ه��دم لج��دار الخ��وف والصم��ت المرافق‬ ‫ل��ه أيضاً‪ ،‬ه��دم لكل ما قنعوا الش��عب به‬ ‫بأنه تاب��و مقدس‪ ،‬ال يصح س��وى تقبيل‬ ‫حذائ��ه؛ وه��و أيض��اً فع��ل بن��اء‪ ،‬ينطوي‬ ‫عل��ى إعادة تش��كيل الهي��اكل التنظيمية‬ ‫للمجتمع‪ ،‬وإعادة بناء مؤسس��ات كانت قد‬ ‫فس��دت بما فيه الكفاية‪ ،‬وهو أيضًا إعادة‬ ‫بناء لإلنس��ان نفس��ه الرافع��ة التاريخية‬ ‫لمشروع التغيير‪.‬‬ ‫وأم��ا العن��وان العري��ض لمش��روع‬ ‫التغيي��ر الج��اري العم��ل علي��ه‪ ،‬فهو حق‬ ‫الش��عوب العربي��ة في أن تدخ��ل التاريخ‪،‬‬ ‫تاريخه��ا‪ ،‬ال أكث��ر ولك��ن ليس أق��ل‪ .‬وأن‬ ‫تك��ون ه��ذه الش��عوب‪ ،‬فاعل��ة ف��ي بناء‬ ‫ه��ذا التاريخ‪ ،‬ال منفعل��ة فيه‪ .‬فهل نطلب‬ ‫الكثير؟‬ ‫تأب��ى الذاك��رة الجمعية أن تس��تعيد‬ ‫تفاصي��ل العقود األربعة الماضية‪ ،‬إذ البد‬ ‫للس��ؤال أن يقفز مباش��رةً‪ :‬كي��ف صبرنا‬ ‫على مضي هذه العقود؟ كيف صبرنا على‬ ‫ه��ذا الجحيم؟ من هذا الس��ؤال الس��هل‪،‬‬ ‫والبس��يط‪ ،‬يصب��ح التراجع والع��ودة إلى‬ ‫الوراء مس��تحي ًال‪ ،‬فالق��رار الجمعي اتخذ‪:‬‬ ‫لن نسمح ألطفالنا المقبلين إلى الحياة أن‬ ‫يكرروا السؤال‪ ،‬ويكرروا المأساة‪.‬‬ ‫ف��ي هذه اللحظات من تألق الش��عب‬ ‫في س��ياق فعله اإلبداعي‪ ،‬ترصد عدس��ة‬ ‫التاري��خ‪ ،‬انتق��ام أع��داء التاري��خ‪ ،‬أس��ياد‬ ‫الظ�لام… مندس��ين‪ ،‬ينعت��ون الش��عب‪،‬‬ ‫ورعب��ًا يرتجف��ون‪ ،‬م��ن تح��رك خط��اه‪،‬‬ ‫المتباطئ��ة‪ ،‬ولك��ن الثابت��ة‪ .‬س��لفيين‪..‬‬ ‫يك��رروا‪ ،‬وي��ردد خلفهم صغ��ار أزالمهم‪،‬‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)11377‬‬ ‫دمشق‪269 :‬‬ ‫ريف دمشق‪1050 :‬‬ ‫حمص‪4443 :‬‬ ‫درعا‪1161 :‬‬ ‫ادلب‪1876 :‬‬ ‫حلب‪367 :‬‬

‫مرتجفي��ن بدورهم‪ ،‬مما س��تحمله األيام‬ ‫القليلة الباقية من فساد أيامهم الفاسدة‪،‬‬ ‫ويبحث��ون في وع��اء اللغ��ة الركيكة‪ ،‬عن‬ ‫م��رادف للحظاته��م األخي��رة‪ ،‬غ��رر بن��ا‬ ‫اإلعالم الرس��مي‪ ،‬س��يقولون بع��د فوات‬ ‫األوان‪ ،‬اصفحوا عن سفاهتنا‪ ،‬سيتوسلون‬ ‫الش��عب‪ ،‬ف��ات األوان يعل��ن م��ن يصن��ع‬ ‫ثورته‪.‬‬ ‫ف��ات األوان‪ ،‬واألنظم��ة الحاكم��ة‪،‬‬ ‫ف��ي البالد العربية ترتجف اآلن… فش��بح‬ ‫الق��وى المس��حوقة ل��م يعد ش��بحًا‪ ،‬صار‬ ‫واقع��ًا‪ ،‬ومن حس��ن حظنا‪ ،‬نح��ن األجيال‬ ‫المقبل��ة من��ذ قليل إلى الحياة‪ ،‬أن نش��هد‬ ‫حدس��ًا به��ذه الضخامة‪ ،‬أن نش��هد ثورة‪،‬‬ ‫في مرحلة أسقطت من مفرداتها مفهوم‬ ‫الث��ورة كم��ا مفه��وم حامله��ا‪ ،‬أي القوى‬ ‫المسحوقة‪ ،‬وهو إس��قاط جريء‪ ،‬كان قد‬ ‫جرى العم��ل عليه منذ عقود‪ ،‬في س��ياق‬ ‫تحويل هذه النظم سيئة الصيت شعوبها‬ ‫إلى جمهور‪ ،‬أي أشباح‪ ،‬تكتفي بالتصفيق‬ ‫والتلويح‪.‬‬ ‫طوي��ت هذه المرحلة من غير رجعة‪،‬‬ ‫عل��ى األق��ل هذا م��ا يش��ير إلي��ه الحدث‬ ‫الراهن‪ ،‬فخلف المش��هد الحال��ي الحتدام‬ ‫الصراع‪ ،‬ينمو ش��يء من الصعب تجاهله؛‬ ‫ف��ي الحقيق��ة تنم��و ثقافة ب��دأت تغرس‬ ‫ف��ي الذاكرة الجمعية لألجيال األقل عمراً‪،‬‬ ‫وه��ي ثقاف��ة ت��رى ف��ي الفرد صي��رورة‬ ‫مفتوحة على الفاعلية التاريخية للبش��ر‪،‬‬ ‫حت��ى وإن لم يك��ن هذا التص��ور متبلوراً‬ ‫على مس��توى الوعي الش��عبي إال أنه بدأ‬ ‫بالتبلور على مستوى الممارسة‪.‬‬ ‫تحتك��م الث��ورة الدائ��رة على أرض‬ ‫الس��احة العربي��ة إل��ى التاري��خ ولي��س‬ ‫إل��ى اللحظ��ة الراهنة‪ .‬وهي لهذا الس��بب‬ ‫بالتحديد ال تنظر بعين الربح أو الخس��ارة‬ ‫لما سيترتب على هذه الثورة‪ ،‬بل تنظر لما‬ ‫يمكن التأس��يس له‪ ،‬في صنع مس��تقبل‪،‬‬ ‫حسم أمر قدومه‪ ،‬وهي ثورة تنطوي على‬ ‫إيمان عميق لدى الشعوب صانعة ثورتها‪،‬‬ ‫في قدرته��ا على ما تراه حقها المش��روع‬ ‫ف��ي أن يكون لها الكلم��ة العليا‪ ،‬في صنع‬ ‫مالم��ح المرحل��ة‪ .‬وهذا اإليم��ان ذاته من‬ ‫الصعب عل��ى الدبابة كما باقي األس��لحة‬ ‫التي تكش��فت عنها المخيلة البشرية من‬ ‫زعزعته أو هز أركانه‪.‬‬ ‫دير الزور‪422 :‬‬ ‫الرقة‪47 :‬‬ ‫السويداء‪7 :‬‬ ‫حماه‪1396 :‬‬ ‫الالذقية‪217 :‬‬ ‫طرطوس‪30 :‬‬ ‫الحسكة‪70 :‬‬ ‫القنيطرة‪21 :‬‬

‫المجتم��ع الس��وري يولد م��ن جديد‪،‬‬ ‫يولد في هذه اللحظ��ة بالتحديد‪ ،‬لم يكن‬ ‫هناك من والدة سابقة‪ ،‬أو بداية في مكان‬ ‫ما‪ ،‬إنها البداية األولى واألكثر جذرية‪ ،‬إنها‬ ‫ما علينا أن ندعوه بالقطيعة التاريخية‪.‬‬ ‫ال تمس المسألة مجرد إسقاط نظام‬ ‫عل��ى ما لذل��ك م��ن أهمية‪ ،‬بل المس��ألة‬ ‫تمس نمطاً كان س��ائداً منذ عقود مضت‪.‬‬ ‫إن ما يصنعه الش��عب السوري هو نهضة‬ ‫بكل ما للكلمة من اتس��اع‪ ،‬وهي النهضة‬ ‫األول��ى ف��ي تاريخنا‪ ،‬وه��ي النهضة التي‬ ‫تستحق اسمها ومدلوالتها‪.‬‬ ‫إن المخاض الذي نش��هده اليوم هو‬ ‫نقض كامل المواصفات لعقود االنحطاط‬ ‫الماضية‪ ،‬بكل تفاصيلها وكل تجلياتها‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬واليوم فقط تختبر المفاهيم‬ ‫على أرض التجربة‪ ،‬وتختبر معها مفردات‬ ‫الحي��اة ذاته��ا‪ ،‬الي��وم يتجل��ى المعنى في‬ ‫التاري��خ‪ ،‬ال تاريخ بال معنى‪ ،‬وال معنى بال‬ ‫إنسان صانع المعنى في التاريخ‪.‬‬ ‫يبتكر اليوم الس��وريون أسطورتهم‬ ‫يتقدم��ون‪ ..‬هكذا واثقين م��ن اقتحامهم‬ ‫للتاري��خ ه��و ألول م��رة تاريخه��م‪ ،‬وكل‬ ‫تاريخ قبله س��اقط؛ متى وكيف اكتش��فنا‬ ‫مفت��اح اللغ��ز؟؟ ال أح��د يعل��م بالضب��ط‪،‬‬ ‫كيف انب��رت جموع الس��وريين تدافع عن‬ ‫حقه��ا في الحياة‪ ،‬حقه��ا في الحياة ال أكثر‬ ‫ولكن ليس أقل‪ .‬ولكننا س��نعلم فيما بعد‬ ‫أن زقزق��ة عصافي��ر درع��ا كان��ت كفيلة‬ ‫بإيقاظنا‪ ،‬إيقاظ ال��روح النائم في أعماق‬ ‫قهرنا‪ .‬وس��نتذكر أن النداء أتى من هناك‪،‬‬ ‫من الجنوب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫س��يتذكر الس��وريين جي��دا تاري��خ‬ ‫الخام��س عش��ر م��ن آذار باعتب��اره ع��ام‬ ‫التحوالت الكبرى‪ ،‬عام التغيير بامتياز‪ .‬وهو‬ ‫ليس تغييراً شكلياً وال مؤقتًا‪ ،‬بل هو تغيير‬ ‫جذري يس��عى إلى حمل البنية االجتماعية‬ ‫الس��ورية من موقعها في هامش التاريخ‬ ‫إلى موقعها في قلب التاريخ‪.‬‬ ‫وإن أه��م م��ا س��يجري العم��ل على‬ ‫تحويل��ه هو كس��ر س��لطة الل��ون الواحد‬ ‫عل��ى الحي��اة السياس��ية واالجتماعي��ة‬ ‫وحت��ى الثقافية‪ ،‬وتقدم ط��رف جديد في‬ ‫هذه المعادلة‪ :‬الش��عب‪ .‬الشعب بكل قواه‬ ‫وتالوينه‪.‬‬ ‫من مجموعة ثورة حياة على فيس بوك‬ ‫‪ 716‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 266‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 452‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 814‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 10563‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 5 / 19‬‬ ‫‪http://vdc-sy.or‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.