Souriatna Issue 10

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2011/11/27 | )10‬‬

‫االفتتاحية‬

‫‪...........................‬‬

‫أخبارنا‬ ‫أوجاع وطن‬

‫إحساس الحرية ‪...‬‬

‫‪..............................‬‬ ‫‪.........................‬‬

‫تذكرة العبور للحرية‬

‫‪1‬‬

‫‪3-2‬‬ ‫‪3‬‬

‫صورة الغالف‪ :‬بعدسة سوريتنا‬

‫بناء حكومي في أحد أحياء حمص‬

‫إحساس الحرية ‪. . .‬‬ ‫تس��عة أشهر‪ ..‬أيام تتوالى مس��رعة دون النظر خلفها‬ ‫مآس للسوريين‪ ،‬وسفكاً لدمائهم‬ ‫لما حققه هذا النظام من ٍ‬ ‫ال يتوق��ف‪ ...‬عقاب في حده األدنى القت��ل والتنكيل‪ ،‬مروراً‬ ‫بالنهب وسرقة البيوت ودمارها‪ ،‬وتعذيب المعتقلين بأبشع‬ ‫الصور‪ ،‬مس��تخدماً بذلك كتائباً من مرتزقةٍ‪ ،‬ومستفيدين‪،‬‬ ‫ومجرمي��ن‪ ...‬ل��م يت��وان ع��ن زجّ الجي��ش في الشّ��وارع‬ ‫وتوريطه بقتل أهله وأخوته‪...‬‬ ‫أالف الش��هداء‪ ،‬وعش��رات اآلالف م��ن المعتقلي��ن‬ ‫والمفقودي��ن في الس��جون‪ ،‬واآلالف اآلالف م��ن الجرحى‪،‬‬ ‫كانوا يعلمون تماماً ما س��يحصل له��م‪ ،‬وقدموا ما قدموه‪،‬‬ ‫فالشارع يعي تماماً‪ ،‬ومنذ اللحظة األولى‪ ،‬أنه ال يمضي في‬ ‫ثورة فحسب‪ ،‬بل هي ملحمة شعب بفصول متعددة‪ ،‬تتجاوز‬ ‫إس��قاط نظام سياس��ي قائ��م‪ ...‬هي بناء جديد لإلنس��ان‪،‬‬ ‫اس��تعادة لحريتنا ولكرامتنا المهدورة منذ سنين‪ ،‬رفع ٍّ‬ ‫لذل‬ ‫واضطه��اد‪ ،‬وتحقيق للمس��اواة والعدالة‪ ،‬وإع��ادة صياغة‬ ‫الوط��ن من جديد‪ ،‬بأيادٍ س��وريةٍ نظيف��ة‪ ،‬ال تؤمن بفكر‬ ‫عصبوي‪ ،‬أو فكر ديني يميّز بين مكوّن وآخر‪...‬‬ ‫نحن نصنع ثورتنا‪ ،‬لم نع��د ذلك القطيع‪ ،‬ذلك القطيع‬ ‫الذي ظنوا أنه سيبقى لألبد وينادي لألبد‪...‬‬ ‫إحساس الحرية الذي فارقنا أربعين عاماً‪ ،‬لم يفارق قلوبنا‪،‬‬ ‫وال حناجرن��ا‪ ...‬فأصبحنا أكثر إصراراً وعن��اداً‪ ...‬لتبدو الصورة‬ ‫أكثر وضوحاً وش��فافية لتعري هذا النظ��ام وأزالمه‪ ...‬أولئك‬ ‫الذين ظنوا أنهم ص��ادروا حريتنا‪ ،‬وحقوقنا في العقود األربع‬ ‫الماضية‪ ،‬هم خارج التاريخ‪ ،‬وخارج سوريتنا التي نر‪.‬يد‪..‬‬

‫م��ا اعتقدوا أنهم بنوه في العق��ود الماضية‪ ،‬ما هو إال‬ ‫وهم‪ ،‬ولم نحتج للكثير لنكتش��ف ما وظفه هذا النظام من‬ ‫إمكاني��ات هائلة وأموال طائل��ة (منهوبة) إلخفاء ما ارتكب‬ ‫لعشرات من السنين‪...‬‬ ‫لك��ن هذا النظ��ام لم يملك من الحنكة السياس��ية ما‬ ‫يكف��ي‪ ،‬ليخ��رج بأق��ل الخس��ائر الممكنة‪ ،‬فب��ات أضحوكة‬ ‫القاص��ي والدان��ي ودفع الش��عب الس��وري الثم��ن فباتت‬ ‫مستلزمات الحياة‪ ،‬بمثابة حلم‪...‬‬ ‫ل��م يملك من اإلب��داع ما يكف��ي‪ ،‬فلم يكتف بس��رقة‬ ‫حنجرة القاشوش بل سرق أغنيته أيضاً‪...‬‬ ‫ل��م يمتلك من األخالق ما يكفي‪ ،‬فلم يتوان عن خطف‬ ‫طالب وطالبات الجامعات‪ ...‬وتعذيبهم وقتلهم‪...‬‬ ‫ل��م يمتلك من اإلقن��اع ما يكفي‪ ،‬بل ترن��ح مع إعالمه‬ ‫كالمهرج رديء األداء الذي مل حركاته حتى األطفال‪...‬‬ ‫لم يقل النظام شيئاً‪ ،‬بل مارس همجية بدائية ال شكالً‬ ‫إنسانياً لها وال مضمون‪...‬‬ ‫بينما قال شعبنا الس��وري العظيم الكثير‪ ،‬قال حكايات‬ ‫ع��ن الصبر وعن م��رارة الحياة‪ ،‬عن فق��دان األحبة وعذاب‬ ‫األصدق��اء‪ ،‬عن دم��وع األمهات وغصة اآلب��اء‪ ،‬عن الكرامة‬ ‫التي لن تهدر بعد اليوم‪...‬‬ ‫وم��ا زال هن��اك الكثي��ر ليقوله ولن يس��كته أحداً بعد‬ ‫اليوم ‪ ،‬فالبارحة فقط تعلم النطق‪...‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الملف ‪5 - 4 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مشروع البرنامج السياسي للمجلس الوطني‬ ‫كلمة في الثورة ‪6 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫النظام السوري يلوذ بالحرب األهلية‬ ‫من الربيع العربي ‪7 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫ثورات الربيع العربي والعالقات‬ ‫الدولية‪...‬‬ ‫نبض الروح ‪8 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫دندنات إندساسية ‪9 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫حكايا الثورة ‪10 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫يا نحن ‪11 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مدننا الثائرة ‪12 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫من أعمدة الصحافة ‪13 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الصفحة القانونية ‪14 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫وجوه من وطني ‪15 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫حبر ناشف ‪17 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫من ذاكرة المعتقالت ‪19 . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬

‫في هذا العدد‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫‪1‬‬ ‫سوريتنا‬


‫مازن دروي�ش يح�صل على جائزة "الكرامة الإن�سان ّية" الأملان ّية ل�سنة ‪2011‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫احتفلت مؤسسة رونالد برغر‬ ‫األلمانية بالفائزين بجائزتها السنوية‬ ‫"الكرامة اإلنسانيّة" حيث خصصت‬ ‫الجائزة هذا العام للثورات العربية‬ ‫وتوزعت بين تونس ومصر وسوريا‪.‬‬ ‫من سوريا مُنحت الجائزة لرئيس‬ ‫المركز السوري لإلعالم وحرية‬ ‫التعبير مازن درويش الذي لم يستطع‬ ‫الذهاب الستالم الجائزة لمنع السلطات‬ ‫السورية له من السفر منذ ‪.2007‬‬ ‫أن‬ ‫وأوضح القيمّون على الجائزة ّ‬ ‫اختيار مازن درويش يعود لـ "دفاعه‬ ‫المتواصل وعبر سنين عن حقوق‬ ‫اإلنسان ولمناصرته لحرية اإلعالم‬ ‫والتعبير في سوريا" حيث "أسس‬ ‫المركز السوري لإلعالم وحرية‬ ‫التعبير في سوريا‪ ،‬أوّل منظمة غير‬ ‫حكوميّة في سوريا تعنى بحقوق‬ ‫التعبير والصحافة"‪.‬‬ ‫فيما يلي نص الكلمة التي‬ ‫ألقاها مازن درويش بمناسبة فوزه‬ ‫بالجائزة‪:‬‬ ‫السيد رئيس جمهورية ألمانيا‬ ‫الفدرالية‬ ‫السيد روالند برغر‬ ‫السيدات والسادة الحضور‬ ‫إن عدم وجودي بينكم اليوم‬ ‫هو مؤشر بسيط على أن االستبداد‬ ‫ال يسلبنا فقط الحرية إنما أيضًا‬ ‫وأيضًا يسلبنا امكانية الفرح‪ .‬مع ذلك‬ ‫أشعر باالعتزاز وأنا أخاطبكم اليوم‬ ‫من سوريا وأنتم في المانيا‪ .‬سوريا‬ ‫التي منحت العالم األبجدية‪ ،‬وألمانيا‬ ‫التي منحت العالم الفلسفة الحديثة‪.‬‬

‫سوريا التي علمت العالم إمكانية‬ ‫الحلم والغناء والرقص تحت أزيز‬ ‫الرصاص وألمانيا التي علمت العالم‬ ‫إمكانية النهوض من تحت الركام‬ ‫والتصالح مع الماضي والذات ‪.‬‬ ‫منذ خمسين عام بني في ألمانيا‬ ‫جدار برلين ليقسم المدينة الواحدة‬ ‫والشعب الواحد‪ ،‬وليشكل حاجزاً أمام‬ ‫الحرية والديمقراطية ومنذ خمسين‬ ‫عام بني في سوريا جدار افتراضي‬ ‫من الخوف ولنفس األسباب‪ .‬قبل أيام‬ ‫احتفلت ألمانيا بالذكرى السنوية لهدم‬ ‫الجدار بعد سنوات طويلة من الكفاح‬ ‫سقط خاللها مئات الضحايا وهم‬ ‫يحاولون العبور نحو الحرية لقد تعلمنا‬ ‫من هؤالء الشباب ابتداء ب (غوينتر‬ ‫ليفتين) وانتهاء ب (كريس غويفري)‪.‬‬ ‫إن ثمن الحرية كبير ومؤلم‬ ‫لكن وبدون أدنى شك تعلمنا أن‬ ‫ثمن االستبداد أكبر‪ .‬واليوم أكثر من‬ ‫أربعة آالف شاب وإمرأة وطفل سوري‬ ‫دفعوا حياتهم ثمناً لعبورنا نحن نحو‬ ‫الحرية بعد أن هدموا جدار الخوف‬ ‫السوري من حمزة الخطيب وابراهيم‬ ‫قاشوش وغياث مطر وحاتم حنا‬ ‫ومشعل التمو إلى نضال جنود تعلمنا‬ ‫منهم أن الدم السوري واحد وأن‬ ‫الوجع السوري واحد وأن المستقبل‬ ‫السوري واحد‪.‬‬ ‫السادة الحضور‪ :‬عبر سنوات‬ ‫طويلة من العمل في سبيل الحريات‬ ‫العامة وحقوق االنسان وقف إلى‬ ‫جانبي الكثير من االصدقاء والزمالء‬ ‫في سورية بلدي ومن جميع دول‬ ‫العالم وحتى في أسوأ أيامي‬

‫لم يفقدوا إيمانهم بي وبعدالة‬ ‫قضيتنا‪ ،‬منهم تعلمت الكثير‪ ،‬ولهم‬ ‫أدين بالكثير‪ .‬لهم مني كل المحبة‬ ‫واالمتنان‪ ،‬وأعتذر أنه لم يتسع لي‬ ‫المجال لشكر كل منهم باالسم‪،‬‬ ‫وأعتبر أن تكريمي اليوم هو تكريم‬ ‫لكل منهم‪ .‬وباسمي وباسمهم‬ ‫أعلن أمامكم تأسيس مركز العدالة‬ ‫االنتقالية في سوريا ليكون وسيلة‬ ‫تتجاوز سوريا من خاللها األزمات‬ ‫التي نتجت عن سنوات االستبداد‪،‬‬ ‫عبر إنجاز مسار الحقيقة والعدالة‬ ‫والمصالحة ‪.‬‬ ‫ختاماً اسمحوا لي أن أتوجه إلى‬ ‫الشعب السوري العظيم ‪ -‬خصوصًا‬ ‫إلى عائالت الضحايا من مدنيين‬ ‫وعسكريين الذين أشعر بالخجل من‬ ‫أحزانهم وانا أخاطبهم وأتمنى لو‬ ‫أستطيع أن أزور بيوتهم ألوكد لهم‬

‫أني على يقين أننا جميعًا سنكبر‬ ‫فوق أحزاننا وآالمنا وسنعمل جميعًا‬ ‫معًا يداً بيد من أجل مستقبل يقوم‬ ‫على الحرية والكرامة والمواطنة‪،‬‬ ‫مستقبل لن يكون فيه رابح أو‬ ‫خاسر‪ ،‬أقلية أو أكثرية‪ ،‬منتصر أو‬ ‫مهزوم‪ ،‬مستقبل سنكون فيه جميعًا‬ ‫مواطنين أحرار في وطن حر نعيش‬ ‫فيه بأمان وسالم مع شركائنا في‬ ‫االنسانية حول العالم ‪.‬‬ ‫واسمحوا لي أن أهدي جائزتكم‬ ‫الكريمة إلى الشعب السوري العظيم‬ ‫الذي جعلني أشعر بالفخر ألني‬ ‫مواطن سوري‪.‬‬ ‫وإلى إنانا وآداد أبنائي الذين‬ ‫دفعوا ويدفعون ثمن إيماني بالقيم‬ ‫االنسانية ‪.‬‬ ‫وإلى يارا التي تشاركني في كل‬ ‫يوم الخوف والخطر والحلم واألمل‪.‬‬

‫االمم املتحدة تعرب عن قلقها ازاء تعذيب االطفال فـي �سوريا‬ ‫جنيف (رويترز) – عبرت األمم‬ ‫المتحدة عن قلقها مجدداً يوم الجمعة‬ ‫إزاء تقارير متسقة عن إعدام وتعذيب‬ ‫مدنيين بينهم أطفال في سوريا‬ ‫باإلضافة إلى مقتل متظاهرين في‬ ‫تجمعات حاشدة مؤيدة للديمقراطية‪.‬‬ ‫واستشهدت لجنة األمم المتحدة‬ ‫لمناهضة التعذيب بما سمته "هجمات‬ ‫شائعة أو متسقة ضد السكان‬ ‫المدنيين منها قتل المتظاهرين‬ ‫المسالمين"”‬ ‫وتواجه سوريا ضغوطًا دولية‬ ‫متزايدة بسبب حملتها الدموية‬ ‫تجاه االضطرابات الشعبية‪ .‬وكان‬ ‫أمام دمشق مهلة حتى نهاية يوم‬ ‫الجمعة لتوقيع اتفاق عربي يسمح‬ ‫بنشر مراقبين في البالد أو مواجهة‬ ‫عقوبات‪.‬‬ ‫وتقول األمم المتحدة إن أكثر‬ ‫من ‪ 3500‬شخص قتلوا منذ آذار‬ ‫ويقول ناشطون إنه جرى اعتقال‬ ‫أكثر من ‪ 30‬ألف شخص بينهم أقارب‬ ‫معارضين‪.‬‬ ‫وقالت لجنة األمم المتحدة إن‬ ‫التقارير التي تتحدث عن تعرض‬

‫أطفال للتعذيب والتشويه خالل‬ ‫احتجازهم تبعث على القلق بشكل‬ ‫خاص وإن السلطات السورية تعمل‬ ‫في إطار من الحصانة التامة فيما‬ ‫وصفته "انتهاكات لحقوق االنسان"‪.‬‬ ‫ودعت اللجنة التي تتألف من‬ ‫عشرة خبراء مستقلين حكومة‬ ‫الرئيس السوري بشار األسد‬ ‫لتقديم تقرير بحلول التاسع من‬ ‫آذار حول االجراءات التي اتخذت‬ ‫لوقف االنتهاكات التي قالت اللجنة‬ ‫إنها "يزعم أنها تجرى بموجب أوامر‬ ‫مباشرة من السلطات العامة"”‬ ‫وعبر رئيس اللجنة كالوديو‬ ‫جروسمان عن قلقه إزاء "عمليات‬ ‫إعدام سريعة وتعسفية وخارج نطاق‬ ‫القضاء واالعتقال التعسفي من قبل‬ ‫قوات الشرطة والجيش وعمليات‬ ‫االختفاء القسري وغير الطوعي"‪.‬‬ ‫وقال جروسمان وهو خبير من‬ ‫تشيلي في إفادة صحفية "وغني عن‬ ‫القول إن االنتهاكات الواسعة الخطيرة‬ ‫لحقوق االنسان تجرى في إطار من‬ ‫الحصانة التامة لمرتكبيها‪ .‬ولم يتم‬ ‫إجراء تحقيقات بشأن هذا األمر"‪.‬‬


‫أحد أحياء حمص‬

‫النظام ال�سوري يطرد الأب باولو‬ ‫دالوليو‪ ،‬م�ؤ�س�س جماعة اخلليل‬

‫المكان ‪ :‬حمص العدية || حي باب عمرو‬ ‫الزمان ‪ :‬صباح عيد األضحى‬ ‫لم تكن تعلم سلوى ذات السبعة أعوام أن هذا العيد سيكون مختلفًا‬ ‫عما قبله‪ ،‬كانت تبيع القداحات على إشارة شارع الغوطة بحمص‪ ،‬لم‬ ‫تتمكن منذ خمسة أيام أن تغادر ذلك الحي التاريخي (باب عمرو) فقوات‬ ‫األسد أحاطت الحي بهاالت الموت والدماء و انهالت على سكانه بقذائف‬ ‫الغدر و الخيانة‪.‬‬ ‫‪ ...‬انبطحوا جميعًا على األرض‪ ،‬باردة كانت األجواء على عكس‬ ‫دمائهم‪ ..‬قنبلة مسمارية اخترقت جدار بيتهم ووزعت الموت بالتساوي‬ ‫على أجساد أهلها‪ ..‬كسرعة البرق شعرت بجسد أمها ثق ً‬ ‫ال فوق جسدها‬ ‫النحيل‪ ،‬قالت ببراءة ((شبك يامو!!))‪ ،‬لوهلة أحست أن أمها تود مداعبتها‪،‬‬ ‫لكنها سرعان ما استفاقت من فكرتها‪ ..‬أي مداعبة تلك بين القذائف‪..‬‬ ‫شيء دافئ بدأت تشعر به سلوى‪ ..‬أحمــر‪..‬يسيل فوق وجهها‪ ..‬إنها دماء‬ ‫والدتها‪ ..‬كانت لحظات غاية في الخفقان‪ ..‬استشهدت أمها كي تحميها‪..‬‬ ‫ضاع صراخها بين أصوات القذائف‪ ..‬في هذا الزمن ال يسمع العالم صراخ‬ ‫أطفال سورية‪ ..‬ما يسمعوه هو خشخشة الدراهم‪..‬‬ ‫ساعة‪ ،‬ساعتان‪ ،‬ثالثة‪ ..‬و جسد أمها المتزايد بالبرودة ما زال قابعًا‬ ‫كجبل أشم أمامها‪ ..‬منذ أيام أخبروها أن أباها أيضًا صار بالجنة‪ ،‬و‬ ‫أخاها‪ ..‬ما أسرع االنتقال إلى الجنة‪ ..‬في حمص ال تحتاج لتذكرة للعبور‬ ‫إليها‪ ..‬فقط أن تكون حمصيًا فأنت مؤهل كي تدخل الجنة‪..‬‬ ‫اقتربت من أمها‪ ،‬بدأت بيدها المرتجفة برداً تمسح شعرها المخضب‬ ‫بالدماء‪ ،‬صرخت ‪(( :‬بردانة يا مّا !!)) لم تنفع محاوالتها أن تبث الدفء في‬ ‫جسدها‪ ..‬تناولت ما تبقى لها من قداحات لم تبعها‪ ..‬أشعلت أول قداحة‪..‬‬ ‫كشمعة في الليل‪ ..‬تنير لكن ال تدفئ‪ ..‬الدفء بات حلمًا في حمص‪..‬‬ ‫مطلباً محقًا كالحرية‪ ..‬كخلع الظالم من كراسيها‪..‬‬ ‫ظنت الكتائب األسدية نور القداحة المنبعث في هذا الظالم أنه ضوء‬ ‫قناصة سلفية‪ ،‬أو لربما إشارة من سالح نووي‪..‬‬ ‫((سيدي !! التقطنا إشارات ضوئية ال سلكية من هاد البيت !! كأنو‬ ‫عصابات مسلحة فيه !!))‬ ‫((لك شو ناطر‪ ،‬اقصف اقصف))‬ ‫آخر ما رأته سلوى‪ ..‬كان نوراً من نوع آخر‪ ،‬أشد وهجًا من نور‬ ‫قداحتها‪ ..‬و دماء أشد سيالنا من دماء أمها‪ ..‬كان مزيج األلم و البرد و‬ ‫البارود هو أكسير الشهادة التي احتفلت به سلوى في العيد‪..‬‬ ‫((سيدي‪ ،‬دمرنا بيت العصابة المسلحة !!))‬ ‫((عفارم‪ ،‬رح بشّر المعلم‪ ،‬سيدي ‪ :‬قضينا على أخطر وكر إجرامي!!‬ ‫حوّل))‬ ‫افتقدت السيارات عند إشارة الغوطة سلوى‪ ..‬سمعوا أن عائلة أبيدت‬ ‫في األخبار‪ ..‬و سمعوا في أخبارهم أنه تم قتل أخطر إرهابية‪ ..‬كانت‬ ‫تشتري الوقود لمنصات الصواريخ‪..‬‬ ‫جسد سلوى مازال بارداً‪ ..‬بجانب جسد أمها‪ ..‬ينتظر منكم‪ ..‬ما‬ ‫عليكم‪..‬‬ ‫من الفيس بوك‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫بحسب ما نشر في موقع ‪ youkal.net‬فقد أمر النظام السوري األب باولو‬ ‫دالوليو اليسوعي رئيس دير مار موسى الحبشي قرب النبك‪ ،‬بمغادرة البالد بأسرع‬ ‫وقت‪ .‬و قد أصدرت وزارة الداخلية السورية أمراً قضائيًا في هذا الشأن‪.‬‬ ‫وعلق الموقع قائ ًال أن المعلومات تشير إلى أن األب باولو‪ ،‬الذي كان قد قام‬ ‫منذ عام ‪ 1984‬بترميم وإحياء دير مار موسى الذي يعود للقرن السادس مما جعل‬ ‫له مكانة معترفًا بها دولياً ومكانًا للحوار واللقاء بين المسيحية واإلسالم‪ ،‬وأنشأ‬ ‫مجموعة "الخليل" التي تم تعليقها من قبل الحكومة السورية بسبب "دعم الثورة‬ ‫في سوريا"‪.‬‬ ‫تبدو األمور أكثر تعقيداً من ذلك‪ ،‬وحساسة بشكل كبير‪ ،‬حيث أن األب باولو كان‬ ‫قد كتب مقالة في صحيفة ال كروا بتاريخ ‪ 2‬تشرين األول\أكتوبر قال فيها إنه يؤمن‬ ‫بإمكانية تحقيق المصالحة الوطنية‪ ،‬ودعا جميع األطراف إلى اختيار عدم العنف‪.‬‬ ‫ويشير الموقع إلى أن النظام السوري طالما سعى إلى اإليحاء بأن األقلية‬ ‫المسيحية في البالد مؤيدة له‪ ،‬وقام بإرسال راهبة موالية إلى لبنان‪ ،‬لتعقد في‬ ‫المركز الكاثوليكي لإلعالم بالتنسيق مع وزارة اإلعالم السورية مؤتمراً صحافيًا‬ ‫لمهاجمة الثورة السورية‪ ،‬ليتبيّن الحقًا أن هذه الراهبة‪ ،‬هي من معارف النظام‬ ‫والمنسقين معه‪ .‬وقد فضحها وئام وهاب‪ ،‬وقال إنها من معارفه واسمها فاديا‪،‬‬ ‫وهي لبنانية األصل‪.‬‬ ‫طرد شخصية تحظى باحترام كبير في سورية في كل المجتمعات تؤكد‬ ‫أن النظام السوري ال يحمي األقليات‪ ،‬ولكن بعض أعضاء المجتمع فقط هم‬ ‫الذين يوافقون على منحه الدعم‪ ،‬ويستخدم كالمهم كدعاية له‪ ،‬ولتبرير أفعاله‬ ‫اإلجرامية ودعمه أخالقيًا‪.‬‬

‫تذكرة العبور للحرية ‪. .‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬

‫يمر سرفيس أو باص مصياف على الحواجز فال يتم إيقافه أو يتم إيقافه‬ ‫ويفتح جندي الباب ويقوم بتوجيه التحية إلى الركاب أو يسأل إذا كان أحد ركب‬ ‫على الطريق أو تتم عملية تفتيش بسيطة على الهويات فقط ثم يترك السرفيس‬ ‫أو الباص للذهاب بينما تبقى سيارات أخرى لمناطق ثائرة (الحولة مث ًال) منتظرة‬ ‫تفتيشها وهذا السلوك يولد غضباً لركاب السيارات المنتظرة وغضبًا لركاب مصياف‬ ‫لهذا التمييز المتعمد والذي يحمل بعداً طائفيًا في كثير من األحيان وبشكل صارخ‬ ‫وفاضح و يزرع الفرقة والفتنة بين أبناء البلد الواحد‪.‬‬ ‫إن خطورة هذا السلوك هو أنه قد يولد كرهًا ألهالي مصياف لهذا التمييز‬ ‫والتفرقة التي ال يد لهم فيها ويعطي صورة أن النظام يحمي األقليات ويدللها بينما‬ ‫هو يستغلها ويتستر خلفها ويضحي بها للمحافظة على بقائه‪.‬‬ ‫ونحن أهالي وشباب مصياف‪:‬‬ ‫ نؤكد أن هذا التمييز على الحواجز هو متبع في كل سوريا ويؤذي النسيج‬‫السوري ويخربه وأن نشر الجنود على الحواجز بأكياسها الرملية المقيتة في‬ ‫شوارع سوريا هي محاولة من النظام إليهام الناس وكأننا في حالة حرب ومؤامرة‬ ‫وهذا سلوك مفضوح من النظام‪.‬‬ ‫ نستنكر بشده هذا السلوك الذي يخرج مصياف ويعزلها عن النسيج السوري‬‫وعن نسيج الثورة ونعتبره أنه أحد أوراق اللعبة الطائفية التي يلعب بها النظام‬ ‫منذ بداية الثورة‪.‬‬ ‫ نوجه تحية تضامن مع المدن والمناطقة الثائرة وبالذات المناطق القريبة من‬‫منطقتنا والتي كانت تمر بها سيارات مصياف قبل تغيير الطرق الواصلة لمصياف(‬ ‫منطقة الحولة بكل قراها ‪ -‬حماه‪ -‬شيزر‪ -‬اللطامنة ‪ -‬كفرزيتا‪ -‬مورك‪ ).....‬ونقول‬ ‫بأن من لديه النية للتعرض لسيارات مصياف لكان تعرض لها بشكل يومي وعلى‬ ‫أي مسار يمكن أن تسلكه فكفى ضحكاً واستخفافًا بعقول الناس‪.‬‬ ‫والحرية لسوريا بكل ألوانها‬

‫ذات صباح‪..‬‬ ‫أوجاع وطن ‪. .‬‬

‫مايجري مع �أهايل م�صياف على احلواجز‬ ‫الأمنية والع�سكرية التي زرعت بني املدن‬ ‫والقرى لتقطيع �أو�صالها وترهيب �سكانها‬

‫‪3‬‬


‫م�شروع الربنامج ال�سيا�سي للمجل�س الوطني‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وعرثات من املمكن تفاديها‬ ‫خطوة على الطريق‪...‬‬ ‫ليلى السمان | ياسر مرزوق‬ ‫خاص سوريتنا‬ ‫أصدر المجلس الوطني السوري‬ ‫بيانًا يوم األحد الفائت الموافق ‪20‬‬ ‫تشرين الثاني الجاري‪ ،‬بياناً سياسيًا‬ ‫يوضح من خالله رؤيته لمستقبل‬ ‫البالد ضمن المرحلة المقبلة‪،‬‬ ‫وبالرغم من تأخر إصدار هذا البيان‬ ‫(أو مشروع البيان) إال أنه كان حريًا‬ ‫بالمجلس إصدار بيان موسع وأكثر‬ ‫تفصي ً‬ ‫ال ليشمل البرنامج السياسي‬ ‫واالقتصادي واالجتماعي للمرحلة‬ ‫المقبلة‪ ،‬ويحدد شكل الدولة‬ ‫المرتقبة‪ ،‬وطبيعة النظام االقتصادي‬ ‫المتبع وهوية الدولة من ناحية‬ ‫عالقتها بالقومية العربية والجوار‪،‬‬ ‫وفيما يلي نص البيان كما جاء على‬ ‫صفحة المجلس نفسه‪:‬‬

‫م�شروع الربنامج ال�سيا�سي‬ ‫للمجل�س الوطني ال�سوري‬

‫بعد جهود متواصلة من قبل‬ ‫المعارضة السورية تأسس المجلس‬ ‫الوطني السوري استجابة للشعور‬ ‫بالحاجة إلطار سياسي يمثل العمل‬ ‫الثوري الجاري على األرض منذ ‪ 15‬آذار‪/‬‬ ‫مارس ‪ 2011‬إلسقاط النظام ورموزه‬ ‫وأشخاصه‪ ،‬وذلك بعد أكثر من سبعة‬ ‫أشهر من اندالع أحداث الثورة‪ ،‬حيث‬ ‫تم التوصل إلى صيغة توافقية إلنشاء‬ ‫المجلس وأعلن عنه في اسطنبول في‬ ‫‪ 2‬تشرين األول‪/‬أكتوبر ‪2011‬‬ ‫يشكل المجلس مؤسسة‬ ‫سياسية اعتبارية تمثل معظم القوى‬

‫السياسية السورية المعارضة للنظام‬ ‫وقوى الحراك الثوري‪ ،‬ويعمل كمظلة‬ ‫وطنية عامة مؤقتة تعبر عن إرادة‬ ‫الشعب في الثورة والتغيير‪ .‬يهدف‬ ‫المجلس إلى بناء دولة ديمقراطية‬ ‫مدنية تعددية وذلك عن طريق‬ ‫• إسقاط النظام القائم بكل‬ ‫رموزه‬ ‫• الحفاظ على الثورة السلمية‬ ‫الشعبية وحمايتها وتطويرها‬ ‫• توحيد جهود الحراك الثوري‬ ‫والمعارضة السياسية‬ ‫• كسب الرأي العام العربي‬ ‫والدولي على المستويين الشعبي‬ ‫والرسمي‬ ‫• تركيز الجهد على دعم الثورة‬ ‫السلمية واستمرارها وتصعيدها‬ ‫باتجاه العصيان المدني‬ ‫• العمل على تعبئة المجتمعين‬ ‫العربي والدولي لتعزيز الضغط على‬ ‫النظام بشتى أنواعه‬ ‫• تنويع وسائل الحراك الثوري‬ ‫من التظاهرات إلى اإلضرابات وصو ًال‬ ‫إلى العصيان المدني‬ ‫• العمل على تأمين الحماية‬ ‫الدولية للمدنيين ودعم آليات عربية‬ ‫ودولية مشتركة لتحقيقها وتأمين‬ ‫تنفيذها من خالل المؤسسات‬ ‫األممية في أسرع وقت‬ ‫• التواصل مع التشكيالت‬ ‫المشاركة في الثورة كافة وتعبئة‬ ‫الحراك الشعبي‪ ،‬وضمها إلى إطار‬ ‫المجلس بكل األشكال الممكنة‬ ‫• تعزيز التواصل وتشجيع‬ ‫المبادرات ونشاط الفئات‬ ‫المهنية ورجال األعمال‬ ‫والمثقفين وغيرهم‬ ‫الحفاظ‬ ‫•‬ ‫على اإليجابية‬

‫والمرونة مع كافة القوى السياسية‬ ‫المعارضة الموجودة خارج المجلس‪،‬‬ ‫والعمل على ضمها إليه في حال‬ ‫موافقتها على بيان تأسيسه‬ ‫ووثائقه‪ ،‬أو تنسيق الجهود معها في‬ ‫الحدّ األدنى‪ ،‬ووضع اآلليات الالزمة‬ ‫لذلك‬ ‫• إيالء مسألة المكونات‬ ‫المجتمعية االهتمام الذي تستحقه‪،‬‬ ‫من خالل طمأنتها بالبرامج والفكر‬ ‫والسياسة‪ ،‬وتكثيف التواصل مع‬ ‫شخصياتها وهيئاتها‪ ،‬مع التأكيد في‬ ‫الوقت نفسه على فكرة أن مشاركتها‬ ‫في عملية التغيير هي أفضل ضمان‬ ‫• السعي لدى الدول العربية‬ ‫واألجنبية لالعتراف بالمجلس‬ ‫الوطني السوري‬

‫املرحلة االنتقالية‬

‫يتولى المجلس الوطني مع‬ ‫المؤسسة العسكرية تسيير المرحلة‬ ‫االنتقالية وضمان أمن البالد ووحدتها‬ ‫حال سقوط النظام‬ ‫يشكل المجلس حكومة انتقالية‬ ‫إلدارة شؤون البالد‬ ‫يدعو المجلس إلى مؤتمر‬ ‫وطني جامع تحت عنوان التغيير‬ ‫الديمقراطي‪ ،‬لوضع برنامج ومالمح‬ ‫المرحلة االنتقالية مع ممثلي المجتمع‬ ‫السوري بكل أطيافه وبمن لم تتلطخ‬ ‫أيديهم بدماء الشعب أو بنهب ثروة‬ ‫الوطن من أهل النظام‬ ‫تتكفل الحكومة االنتقالية‬ ‫بتوفير المناخ المناسب لعملية‬ ‫تنظيم الحياة السياسية في البالد‪،‬‬ ‫وتوفير الشروط التي من شأنها‬ ‫ازدهار المجتمع المدني عبر هيئاته‬ ‫المختلفة بما في ذلك النقابات الحرة‬ ‫تنظم الحكومة المؤقتة خالل‬ ‫سنة كحد أقصى انتخابات حرة‬ ‫بمراقبة عربية ودولية النتخاب‬ ‫جمعية تأسيسية مهمتها وضع دستور‬ ‫جديد للبالد يتم إقراره بعد طرحه‬

‫على الشعب عبر استفتاء عام‬ ‫تُجرَى االنتخابات النيابية‬ ‫الحرة في مدة أقصاها ‪ 6‬أشهر وفقًا‬ ‫للدستور الجديد‬ ‫يعمل المجلس من اآلن على‬ ‫تجسيد ما طرحه بيانه التأسيسي‬ ‫حول الحفاظ على مؤسسات الدولة‬ ‫وخصوصاً مؤسسة الجيش‪ ،‬وأيضًا‬ ‫خالل المرحلة االنتقالية‪ ،‬فهي كلها‬ ‫ملك للشعب بعد أن عمل النظام‬ ‫االستبدادي على التعدّي عليها‬ ‫واغتصابها‪ ،‬وال يتعارض هذا مع‬ ‫إنهاء مظاهر الشمولية أينما تج ّلت‬ ‫اإلفراج عن المعتقلين والتحقيق‬ ‫بمصير المفقودين وعودة المنفيين‬ ‫والالجئين وتعويض أسر الشهداء‬ ‫والمنكوبين وسائر المتضررين‬ ‫تشكيل هيئة قضائية مستقلة‬ ‫مهمتها تلقي الشكاوي من المواطنين‬ ‫والتحقيق في الجرائم المرتكبة بحق‬ ‫الشعب ومعاقبة المذنبين‬ ‫تشكيل هيئة مصالحة وطنية‬ ‫بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني‬ ‫وحقوق االنسان والمتطوعين من‬ ‫أجل إزالة رواسب مرحلة االستبداد‬ ‫واإلفساد‬ ‫تجريم كل أشكال االضطهاد‬ ‫واإلقصاء والقهر والتمييز على أساس‬ ‫قومي أو طائفي أو بين الجنسين‬

‫�سورية اجلديدة ‪ -‬مبادئ عامة‬

‫سورية الجديدة دولة ديمقراطية‬ ‫مدنية تعددية‪ ،‬نظامها جمهوري‬ ‫برلماني‪ ،‬السيادة فيها للشعب‪،‬‬ ‫ويقوم على مبدأ المواطنة المتساوية‬ ‫وفصل السلطات وتداول السلطة‬ ‫وسيادة القانون وحماية األقليات‬ ‫وضمان حقوقهم‪.‬‬ ‫وهي تضمن لمواطنيها ما‬ ‫ورد في الشرائع الدولية من حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬والحريات األساسية في‬ ‫االعتقاد والرأي والتعبير واالجتماع‬ ‫واإلعالم وغيرها‪ ،‬كما يكون جميع‬ ‫مواطنيها متساوين في الحقوق‬ ‫والواجبات دون أي تمييز على أساس‬ ‫القومية أو الدين أو الجنس‬ ‫تلتزم الحكومة بخطط طموحة‬ ‫للتنمية االقتصادية والبشرية‬ ‫تلتزم سورية الجديدة بمكافحة‬ ‫الفقر وإيالء االهتمام بالمناطق‬ ‫المحرومة وتعتبر تحقيق العدالة‬ ‫وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين‬ ‫واجبًا وطنيًا‬ ‫تحقيق العدالة في توزيع‬ ‫الثروة الوطنية‪ ،‬بحيث تكون الموارد‬ ‫الوطنية ملكًا للسوريين جميعًا‬ ‫في إطار حكم رشيد‪ ،‬وتوجيه ثمار‬


‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫يعرف المجلس نفسه في مطلع‬ ‫البيان على أنه ممثل لمعظم القوى‬ ‫السياسية المعارضة في سوريا‪ ،‬وبذلك‬ ‫حسم الجدل اإلعالمي حول احتكار‬ ‫المجلس لتمثيل الشعب السوري أو‬ ‫لكافة أطياف المعارضة‪.‬‬ ‫كما يؤكد على كونه هيئ ًة مؤقتة‬ ‫وبذلك يستبعد أي شبهة حول سعيه‬ ‫لالستئثار بالسلطة أو احتكارها في‬ ‫المرحلة المقبلة‪ ،‬لكنه يشير في‬ ‫الوقت ذاته إلى تشكيل حكومة‬ ‫انتقالية بصيغةٍ ضبابية غير واضحة‬ ‫المعالم‪ ،‬فلم يشرح مشروع البيان‬ ‫إن كانت الحكومة ستكون وليدة‬ ‫المجلس ذاته‪ ،‬وإن كانت حكومة‬ ‫ائتالفية أو حكومة تكنوقراط‪ ،‬كما أنه‬ ‫لم يذكر آلية التعامل المستقبلية مع‬ ‫األحزاب الموجودة ضمن ما يسمى‬ ‫بالجبهة الوطنية التقدمية‪ ،‬أو األحزاب‬ ‫الجديدة التي تنشأ في ظل قانون‬ ‫األحزاب الصادر خالل الثورة من قبل‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫***‬

‫بشكل‬ ‫سلطة تعتبر فاقدة للشرعية‬ ‫ٍ‬ ‫من األشكال‪.‬‬ ‫وال بد أيضاً من التساؤل حول‬ ‫عالقة المجلس الوطني الفعلية‬ ‫بالحراك الثوري على األرض‪ ،‬وقدرته‬ ‫على التأثير وتحويل المظاهرات إلى‬ ‫عصيان مدني األمر الذي يؤكد عليه‬ ‫ضمن بيانه‪ ،‬فيذكر‪( :‬تركيز الجهد‬ ‫على دعم الثورة السلمية واستمرارها‪،‬‬ ‫وتصعيدها باتجاه العصيان المدني)‬ ‫سياق آخر‪( :‬تنويع وسائل الحراك‬ ‫وفي ٍ‬ ‫الثوري من التظاهرات إلى اإلضرابات‬ ‫وصو ًال إلى العصيان المدني)‪ ،‬والشكّ‬ ‫بأن تركيز بيان المجلس على سلمية‬ ‫الثورة هي نقطة إيجابية‪ ،‬لكنها‬ ‫تتعارض في الوقت ذاته مع اعترافه‬ ‫بالجيش الحر والذي يتناقض مع‬ ‫مبدأ السلمية‪ ،‬إضاف ًة إلى ذلك ظهور‬ ‫بعض المظاهر المسلحة والتي نوه‬ ‫إليها رئيس المجلس "برهان غليون"‬ ‫وحذر من تفاقهما في تصريحاته‬ ‫السابقة‪ ،‬وبعد اعتراف الشارع نسبياً‬ ‫بتمثيل المجلس الوطني من خالل‬ ‫المشاهدات الحية في المظاهرات‬ ‫فال بدّ من االستمرار بالتأكيد على‬ ‫سلمية الثورة كون المجلس بدأ‬ ‫يكتسب شرعي ًة لدى الشارع السوري‪،‬‬ ‫وفي عودةٍ إلى مسألة العصيان‬ ‫المدني نرى أن المجلس رغم تأكيده‬ ‫على فاعلية العصيان واعتباره هدفاً‬ ‫يسعى إليه لتحقيق نتائج أكثر قوة‬ ‫للثورة السورية‪ ،‬إال أنه أغفل اآلليات‬ ‫الفاعلة لتحقيق العصيان المدني‪،‬‬ ‫والذي يتطلب خطة عمل عامة‬ ‫وشاملة قابلة للتطبيق على أرض‬ ‫الواقع ضمن معطيات الواقع السوري‬ ‫الراهن‪ ،‬ومن هذا المنطلق ربما كان‬ ‫األولى بالمجلس الوطني أن يؤكد‬ ‫على جوهرية التظاهر السلمي في‬ ‫الثورة السورية (الثورة المصرية‬ ‫نموذجاً) أي أن ترسيخ فكرة كون‬ ‫القرار بيد الشارع هو الخيار الصحي‬ ‫والسليم‪ ،‬كما أنه من الجدير اإلشارة‬ ‫إلى أن الحديث اإلعالمي المتواتر‬ ‫عن التدخل األجنبي وعن عسكرة‬ ‫الثورة أثر على نفسية المتظاهرين‬ ‫وأوحى بأن المعركة هي بين النظام‬ ‫والمجتمع الدولي في الوقت الذي‬ ‫ظل فيه الشارع السوري هو األصل‬ ‫والفعالية الجوهرية في الثورة‪.‬‬ ‫وفي نقطة ثانية يشير مشروع‬

‫البيان إلى تعاون مع المؤسسة‬ ‫العسكرية لتسيير األمور في المرحلة‬ ‫االنتقالية والحفاظ على أمن البالد مع‬ ‫أن المؤسسة العسكرية في سوريا هي‬ ‫نموذج عن النهب المنظم واالستبداد‪،‬‬ ‫وفي دعوة المجلس لدولة ديمقراطية‬ ‫مدنية يتناقض مع التعاون مع‬ ‫العسكر لحكم البالد لفترة انتقالية‪،‬‬ ‫إذ أن تاريخ التجربة السياسية في‬ ‫سوريا يؤكد فشل أي تدخل عسكري‬ ‫في الحكم ولو في مرحلة انتقالية كما‬ ‫ادعى انقالبيو التاريخ السوري دائماً‪،‬‬ ‫كما أن خيارات المؤسسة العسكرية‬ ‫مؤخراً في مصر تؤكد عدم صوابية‬ ‫خيار المجلس‪.‬‬ ‫كما ناقض المجلس نص البيان‬ ‫حين وصف الدولة السورية المرتقبة‬ ‫بالدولة المدنية الديمقراطية‬ ‫الملتزمة بكل ما كفلته الشرائع‬ ‫الدولية بحقوق اإلنسان حين أورد في‬ ‫البيان ذاته‪ ،‬فقرة حماية األقليات في‬ ‫سوريا‪ ،‬حيث أن مجرد ذكر األقليات‬ ‫هو مناقض لمبدأ المواطنة ومدنية‬ ‫الدولة فالمواطنة بحد ذاتها تكفل‬ ‫أن يكون السوريون متساوون في‬ ‫الحقوق والواجبات بغض النظر عن‬ ‫تصنيف أقلية وأغلبية وهذا المصطلح‬ ‫ال يجوز استخدامه إال ضمن حياة‬ ‫سياسية متطورة وفاعلة فتكون‬ ‫األقلية واألغلبية بين الكتل البرلمانية‬ ‫واألحزاب وليست أقليات بالوالدة‪،‬‬ ‫بالرغم من أن الكثير من األصوات‬ ‫كانت تطالب المجلس في الوقت ذاته‬ ‫بإصدار ما يمكنه أن يطمئن األقليات‬ ‫(بالوالدة كما سبق وذكرنا) التي تشعر‬ ‫بالقلق على مستقبلها‪ ،‬إال أن ترسيخ‬ ‫مبدأ المواطنة والتأكيد عليه هو‬ ‫الضامن األساسي لحقوق السوريين‬ ‫كافة‪ ،‬فتكريس مفهوم المواطنة في‬ ‫الدستور والتشريع السوري هو كفيل‬ ‫بحل مشكالت اإلثنيات المختلفة‬ ‫والتي هي جزء ال يتجزأ من نسيج‬ ‫وتاريخ المجتمع السوري‪ ،‬وكان‬ ‫أولى بالمجلس تجاهل ذكر األقليات‬ ‫اإلثنية في سوريا والتأكيد على وحدة‬ ‫التاريخ والتراث السوري مع االعتراف‬ ‫بكل أشكال التمييز التي مُو ِرسَت‬ ‫على األقليات خالل الفترات السابقة‬ ‫وتدريس تاريخ األقليات ولغاتها‬ ‫لجميع السوريين دون استثناء والعمل‬ ‫على نشر ثقافتهم وترسيخها‪ ،‬ألن‬ ‫مجرد هذا المصطلح هو انتقاص‬

‫لمفهوم المواطنة المبتغى‪.‬‬ ‫إن مدة السنة كحدٍّ أقصى والتي‬ ‫افترض المجلس حاجته لها النتخاب‬ ‫مؤتمر تأسيسي يعد لدستور للبالد‬ ‫يطرح لالستفتاء العام وحين إقراره‬ ‫يتم انتخاب حكومة خالل ستة أشهر‬ ‫هي مدة طويلة للغاية وكان أولى‬ ‫بالمجلس اعتماد أحد دساتير سوريا‬ ‫السابقة األكثر مالئمة لملء الفراغ‬ ‫الدستوري ومن ثمّ تكليف لجنة‬ ‫لوضع دستور جديد للبالد يأتي الحقاً‬ ‫لمؤتمر المصالحة الوطنية والذي‬ ‫يجب أن يكون من أهم أولويات‬ ‫المجلس‪.‬‬ ‫أما على الصعيد الدولي‪ ،‬فإن‬ ‫مجرد التعاون التركي مع القضايا‬ ‫السورية المشروعة ودعم تركيا‬ ‫للمعارضة السورية بكافة األشكال‬ ‫المتاحة ال يعطي المجلس الحق‬ ‫بتجاهل قضية لواء اسكندرون‬ ‫السليخ وأورفة وماردين ودياربكر‬ ‫وهي األراضي السورية المقتطعة من‬ ‫قبل تركيا منذ ما يقرب من قرن من‬ ‫الزمن‪.‬‬ ‫أن تبني المجلس الوطني‬ ‫كما ّ‬ ‫للخط القومي وتأكيده على الحق‬ ‫السوري المشروع بهضبة الجوالن هو‬ ‫الموقف المنتظر من الشارع السوري‬ ‫إال أن عبارة وفق القرارات الدولية‬ ‫(والمبررة من الناحية السياسية) هي‬ ‫عبارة فضفاضة تحتمل تفسيرات‬ ‫كثيرة‪ ،‬وكان األولى بالمجلس تحديد‬ ‫القرارات بالرقم والتأكيد على إيجاد‬ ‫آليات الستصدار قرارات أممية جديدة‪،‬‬ ‫تحفظ حق الشعب السوري‪.‬‬ ‫إن ضغط الشارع وضغط ظرف‬ ‫الثورة يتيح لنا فهم اآللية التي‬ ‫تشكل بها المجلس والذي نصّ في‬ ‫بيانه على الحفاظ على حقوق المرأة‬ ‫المشروعة وتمكينها من المشاركة‬ ‫في مختلف مناحي الحياة السياسية‬ ‫أن التمثيل‬ ‫واالجتماعية في سوريا‪ ،‬إال ّ‬ ‫النسائي في المجلس الوطني اليقارب‬ ‫حتى الحد األدنى المقبول‪.‬‬ ‫إن التجاهل اإلعالمي العربي‬ ‫والعالمي الواضح للبيان السياسي‬ ‫للمجلس يضع على المجلس المذكور‬ ‫مسؤولية القيام بنشاط إعالمي حيث‬ ‫للترويج للبيان وحصد التأييد له في‬ ‫الداخل والخارج السوري‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬

‫التنمية نحو رفع مقدَّرات ومستوى‬ ‫حياة جميع شرائحهم ومناطقهم‬ ‫وفي مقدمتها األكثر حرمانًا‬ ‫تلتزم سورية الجديدة بالقضاء‬ ‫على األميّة وتوفير المعرفة‬ ‫والمعلومات الصحيحة لعموم‬ ‫السكان‬ ‫تشكل سورية الجديدة بنظامها‬ ‫المدني الديمقراطي ودستورها‬ ‫أفضل ضمانة لكافة فئات الشعب‬ ‫السوري القومية والدينية والطائفية‬ ‫يكفل الدستور الحقوق القومية‬ ‫للشعب الكردي وحل المسألة الكردية‬ ‫حً‬ ‫ال ديمقراطياً عاد ًال في إطار وحدة‬ ‫سورية أرضاً وشعبًا مع ممارسة‬ ‫حقوق وواجبات المواطنة المتساوية‬ ‫بين جميع المواطنين‬ ‫يكفل الدستور الحقوق القومية‬ ‫للشعب اآلشوري السرياني وحل‬ ‫القضية اآلشورية السريانية ح ً‬ ‫ال‬ ‫ديمقراطيًا عاد ًال في إطار وحدة‬ ‫سورية أرضاً وشعبًا مع ممارسة‬ ‫حقوق وواجبات المواطنة المتساوية‬ ‫بين جميع المواطنين‬ ‫تضمن سورية الجديدة للمرأة‬ ‫حقوقها الكاملة بما في ذلك‬ ‫ضمان مشاركتها الفعالة في الحياة‬ ‫السياسية وكافة القطاعات االخرى‬ ‫إن سورية الجديدة ستكون دولة‬ ‫إيجابية وعامل استقرار حقيقي في‬ ‫محيطها العربي واإلقليمي وعلى‬ ‫المستوى الدولي‬ ‫ستعمل سورية الجديدة على‬ ‫استعادة سيادتها في الجوالن المحتل‬ ‫باالستناد إلى قرارات الشرعية‬ ‫الدولية ذات الصلة‬ ‫سورية الجديدة ستدعم‬ ‫الحقوق الكاملة والمشروعة للشعب‬ ‫الفلسطيني‬ ‫ستعمل سورية الجديدة على‬ ‫تعزيز التضامن العربي والتعاون‬ ‫اإلقليمي وستُبنَي عالقاتها مع‬ ‫الدول على أساس االحترام المتبادل‬ ‫والمصالح الوطنية‬

‫‪5‬‬


‫النظام ال�سوري يلوذ باحلرب الأهلية‬ ‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫عبدالوهاب بدرخان‬ ‫أصبح واضحًا أن دمشق‪ ،‬بصفتها‬ ‫«قلب العروبة» بالمفهوم التقليدي‬ ‫البائس‪ ،‬تريد أن تبرهن أن العرب‬ ‫الساعين إلى التعاطي مع أزمتها‬ ‫هم مجرد هواة عندما يتعلق األمر‬ ‫بالمماحكة والديماغوجية‪ .‬فالرسائل‬ ‫الحقيقية التي تريد دمشق إيصالها‬ ‫إلى «من يهمه األمر» يتوالها‬ ‫الرئيس بشار األسد شخصياً‪ .‬وحين‬ ‫أطلق اتهامه للجامعة العربية‪ ،‬عبر‬ ‫«الصنداي تايمز»‪ ،‬بـ «التدخل» في‬ ‫شؤون بالده‪ ،‬كانت الجامعة قد فرغت‬ ‫من درس تعديالت طلبت دمشق‬ ‫إدخالها على «بروتوكول المراقبين»‬ ‫وانتهت إلى رفضها‪.‬‬ ‫ال تدويل وال تعريب بل حل‬ ‫داخلي‪ .‬هذا هو القرار السوري‪ ،‬وهو‬ ‫الحل المفقود منذ اندالع االنتفاضة‬ ‫الشعبية‪ .‬أما الحديث عن «مراقبين»‬ ‫فكان مفيداً فقط لتمرير ما يكفي‬ ‫من الوقت لقتل بضع عشرات‬ ‫إضافية من المواطنين‪ ،‬كي يفهم‬ ‫من لم يفهم بعد أن هذا هو الموقف‬ ‫النهائي للنظام‪ ،‬وما على الذين‬ ‫يريدون التحادث معه إال أن يتمثلوا‬ ‫بروسيا والصين وإيران و‪ ...‬لبنان‬ ‫واليمن‪ ،‬فيباركوا صموده وصالبته‬ ‫وال يبالون بإراقة الدماء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫منشقون عن‬ ‫لو لم يكن هناك‬ ‫الجيش السوري لسعى النظام إلى‬ ‫إيجادهم بل إلى خلقهم‪ ،‬فهم اآلن‬ ‫ذريعته لإليحاء بأن «حربًا أهلية» على‬ ‫وشك أن تشتعل‪ ،‬بعدما انتظر وتأكد‬ ‫أن حرباً خارجية‪ ،‬أي إقليمية‪ ،‬ال تبدو‬ ‫متاحة إلخراجه من عثرته الداخلية‪.‬‬ ‫وهو يستخدمها في كل االتجاهات‬ ‫لمخاطبة أطراف «المؤامرة»‪ ،‬فمن‬ ‫جهة يقول إن واشنطن تريد هذه‬ ‫الحرب وتمدّ أطرافها بـ «أحدث‬ ‫األسلحة»‪ ،‬ومن جهة أخرى يأخذ‬ ‫التحذيرات األميركية من حرب أهلية‬ ‫على أنها شهادة من العدو بأن رؤيته‬ ‫لألحداث كانت صائبة‪ .‬ماذا عن‬ ‫الدعوات التي أطلقتها واشنطن‪،‬‬ ‫وسواها‪ ،‬إلى النظام «كي يقود‬ ‫اإلصالحات»‪ ،‬وماذا عن الفرص التي‬ ‫فتحت أمامه كي يعالج األزمة داخليًا‬ ‫واختار أن يفوّتها جميعًا‪ ،‬ثم إذا كان‬ ‫يرفض أي تدخل خارجي فما هي‬ ‫السبل البديلة التي يملكها؟ واقعيًا‬ ‫ليس لديه سوى تحليله األول الذي‬ ‫قدّمه الرئيس أمام مجلس الشعب‬ ‫في ذلك الخطاب الفاشل‪ .‬فبالنسبة‬ ‫إليه كان وال يزال هناك خياران‪:‬‬ ‫إما أن تتوقف «المؤامرة» وإما أن‬ ‫تتوقف االنتفاضة‪ .‬وإال فإن العنف‬ ‫سيستمر‪ ...‬لوقفهما معًا‪ .‬فهذا نظام‬ ‫يجب أال يُزعزع أو يمسّ‪ ،‬ويجب أن‬ ‫يُقبل كما هو‪ ،‬بعنفه ودمويته‪ .‬وهذا‬ ‫شعب اعتاد على الخروج للتظاهر‬ ‫كلما استدعته األجهزة ليعبر عن‬ ‫تأييده للنظام‪ ،‬وطالما أنه خرج عن‬

‫أحد شوارع مدينة حمص | سوريتنا‬

‫صمته فقد وجب إسكاته‪.‬‬ ‫بعد الصدمة التي أحدثها «تعليق‬ ‫العضوية» في الجامعة‪ ،‬وواجهتها‬ ‫دمشق بالتظاهرات الموالية‬ ‫وباستباحة السفارات وكأنها هي‬ ‫التي باتت تدعو السفراء إلى المغادرة‬ ‫استباقاً الستكمال عزلها ونبذها‪،‬‬ ‫دخل النظام في مزاج «انتصاري»‬ ‫آخر‪ ،‬مشابه لما استشعره اثر سقوط‬ ‫التدويل في مجلس األمن‪ .‬إذ اعتبر‬ ‫أن التعريب هو في حقيقته امتداد‬ ‫للتدويل أو وسيلة للعودة إليه‪ ،‬وما‬ ‫دام العرب قرروا الذهاب إلى حدّ‬ ‫وضعه خارج الجامعة‪ ،‬فهذا ال يعني‬ ‫سوى إقفال التعريب والتدويل معًا‪.‬‬ ‫وفي أي حال كان النظام استعدّ‬ ‫لمثل هذه اللحظة منذ زمن‪ ،‬إذ‬ ‫مضت عليه أعوام طويلة وهو‬ ‫يمارس وجوداً شكليًا داخل الجامعة‪،‬‬ ‫ثم أن سياسته الخارجية الموصولة‬ ‫بسياسة إيران قطعت أشواطًا مهمة‬ ‫في االبتعاد عن الفلك العربي وصار‬ ‫معنيًا باالستراتيجية التي يرسمها‬ ‫وينفذها مع إيران‪ ،‬أو بما ترسمه‬ ‫إيران وبالدور الذي تحدده له‪ .‬ففي‬ ‫بعض األحيان كان عليه‪ ،‬كما فعل‬ ‫في العراق‪ ،‬أن يغض النظر عن‬ ‫«النفوذ» الذي يدّعيه أو الذي يملكه‬ ‫فع ً‬ ‫ال‪ ،‬أو أن يرضى حتى بتقاسم غير‬ ‫متكافئ لألدوار‪ ،‬كما في لبنان‪ ،‬حيث‬ ‫كان له الدور األول‪ .‬ناهيك عن خسارة‬ ‫جزئية متوقعة لورقة فلسطينية ‪-‬‬ ‫من خالل حركة «حماس» ‪ -‬من دون‬ ‫أن تخسرها إيران‪ ،‬أق ّله حتى اآلن‪...‬‬ ‫إذاً‪ ،‬فقد أدركت األزمة النظام وهو‬ ‫منسلخ تمامًا عن األجندة العربية‪،‬‬ ‫وبالتالي فليس لديه ما يخسره منها‬ ‫خصوصًا إذا غدت‪ ،‬كما يراها‪« ،‬مطيّة‬ ‫للمؤامرة»‪ .‬في األعوام األخيرة لم‬ ‫يعد هناك ما يربط سورية بالعرب‬

‫سوى إقبال أعداد معتبرة من السياح‬ ‫إليها‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن استثمارات عربية‬ ‫مهمة تدفقت على البلد في محاولة‬ ‫غير مجدية‪ ،‬كما اتضح‪ ،‬الستمالة‬ ‫النظام والحدّ من ارتمائه كليًا في‬ ‫أحضان إيران‪.‬‬ ‫ثمة مرحلة جديدة تبدأ في‬ ‫األزمة السورية‪ ،‬ولعل النظام استعد‬ ‫لها بإضافة سالح آخر إلى ترسانته‪،‬‬ ‫أنه الحرب األهلية‪ .‬فالتحذير منها‬ ‫والتظاهر بالسعي إلى منعها‪ ،‬وفي‬ ‫الوقت نفسه بذل ما أمكن لجعلها‬ ‫حقيقة معاشة‪ ،‬تبدو عناصر الوصفة‬ ‫األخيرة لردع أي تفكير في تدخل‬ ‫خارجي‪ .‬هناك عمليات حصلت‬ ‫ّ‬ ‫المنشقين‪ ،‬الذين‬ ‫أخيراً ونسبت إلى‬ ‫أكدوها ثم نفوها‪ ،‬وتبين أن طرفًا‬ ‫ثالثاً نفذها‪ .‬وهذا الطرف ليس غريبًا‬ ‫أو مندسًّا بل انه على األرجح صنيعة‬ ‫النظام‪ .‬ويتوقع المعارضون ازدياد‬ ‫العمليات المشتبه بها‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫اغتياالت ال تركز على فئة أو طائفة‬ ‫معينة بل ترمي إلى التخ ّلص من‬ ‫أشخاص بعينهم وإلى خلط األوراق‬ ‫وحقن المجتمع بالمخاوف والشكوك‬ ‫إلدخاله نهائياً في منطق النزاع‬ ‫األهلي‪ ،‬بمختلف أبعاده الطائفية‬ ‫والمذهبية‪ .‬فقد يكون الوقت حان‬ ‫كي تعيد األجهزة السورية إحياء‬ ‫الخبرات التي استخدمتها في تأجيج‬ ‫الحرب األهلية في لبنان‪ ،‬لكن هذه‬ ‫المرة على األرض السورية‪ .‬انه‬ ‫السيناريو الجهنمي‪ ،‬سيناريو ستبدو‬ ‫معه جرائم الشهور الماضية مجرد‬ ‫تسخين لما سيكون‪ .‬بل سيناريو‬ ‫يستند فيه النظام إلى «مشروعية»‬ ‫وهمية إلحكام إغالق البلد ووضع‬ ‫كل ترسانته النارية في غمار حرب‬ ‫أهلية يزكي أوارها فيما هو يرفع‬ ‫شعار صدّها ومقاومتها‪ ،‬وتحت هذا‬

‫الشعار يفتك كما يشاء‪ ،‬بل يفعل‬ ‫كل ما يتخيّله مناسبًا حتى لو كان‬ ‫«دويلة آمنة» ال يتصوّر لنفسه‬ ‫مستقب ً‬ ‫ال من دونها‪.‬‬ ‫في حال لبنان كانت سورية‬ ‫اتخذت لنفسها عام ‪ 1976‬مهمة‬ ‫تحت غطاء مزدوج‪ ،‬عربي ودولي‪ ،‬لـ‬ ‫«إنهاء الحرب األهلية ومنع مشاريع‬ ‫التقسيم»‪ .‬أما في حال سورية فليس‬ ‫هناك أي تصور عمّن يمكن أن يتو ّلى‬ ‫مهمة كهذه‪ .‬لذا تصاعد أخيراً الحديث‬ ‫عن «منطقة عازلة» أو «مالذ آمن»‪،‬‬ ‫ما يتطلب بالضرورة حظراً جويًا‪ ،‬أي‬ ‫قراراً من مجلس األمن وتدخ ً‬ ‫ال دوليًا‬ ‫ما‪ ،‬ال تزال مالمحه غامضة حتى عند‬ ‫تركيا‪ .‬كان المسعى العربي‪ ،‬وربما‬ ‫ال يزال‪ ،‬إطاراً يؤمّن دوراً للنظام‬ ‫السوري أو ًال لالنخراط في عملية‬ ‫«حماية المدنيين»‪ ،‬ثانيًا إلدخال‬ ‫األزمة في مسار «حوار وطني»‪،‬‬ ‫وثالثًا ‪ -‬وهو األهم ‪ -‬لتأمين فرصة‬ ‫تاريخية للنظام كي يساهم في‬ ‫وضع حدّ لالنزالق إلى الحرب األهلية‬ ‫بدل أن يبدو مندفعًا إلى استدعائها‪.‬‬ ‫لكن سلبية النظام حيال وقف‬ ‫تبق‬ ‫العنف أو الشروع في الحوار لم ِ‬ ‫لألطراف المهتمة سوى الرهان على‬ ‫المعارضة ومساعدتها على تنظيم‬ ‫صفوفها وتوسيع تمثيلها وتوحيد‬ ‫أهدافها وبرنامجها السياسي تمهيداً‬ ‫لالعتراف بها بدي ً‬ ‫ال من النظام الذي‬ ‫تؤكد استعداداته العسكرية خصوصًا‬ ‫في المناطق الشمالية الشرقية أنه‬ ‫لم يعد‪ ،‬على المديين المتوسط‬ ‫والبعيد‪ ،‬معنيًا بكل الشعب بل بفئة‬ ‫منه‪ ،‬وال بكل األرض بل برقعة‬ ‫ساحلية محددة منها‪.‬‬ ‫كاتب وصحفي لبناني‬ ‫الحياة اللندنية | ‪2011 / 11 / 24‬‬


‫ثورات الربيع العربي والعالقات الدولية‪...‬‬ ‫د‪ .‬عبد الرحمن الدمشقي‬

‫الغرب والثورات العربية‪:‬‬ ‫إن سرعة استجابة الغرب للثورة‬ ‫التونسية والطلب من الرئيس‬ ‫التونسي بالرحيل نتيجة العتبار أن‬ ‫تونس ال تشكل ورقة أساسية وهامة‬

‫العامل والأزمة يف �سوريا‪:‬‬ ‫هنا يكمن ما نسميه (مربط‬ ‫الفرس) سوريا تعتبر حجر الزاوية‬ ‫األساسي في قضايا وملفات الشرق‬ ‫األوسط والذي يعبر عنه هنري‬ ‫كيسنجر بأنه أزمة العالم الحقيقية‬ ‫وسبب لخلق حرب عالمية ثالثة وذلك‬ ‫لكثرة التداخالت الشائكة والمعقدة‬ ‫في قضاياه وملفاته الساخنة وأهمها‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ال يختلف اثنان بأن انطالقة الربيع‬ ‫العربي في تونس على يد البوعزيزي‬ ‫الذي أحرق نفسه بعد أن أحرقه‬ ‫الفساد والقهر في تونس كانت حادثة‬ ‫مفاجئة ومباغته ليس للغرب فقط‬ ‫وإنما حتى للمعارضين العرب في كل‬ ‫الدول حتى أن الصحف العبرية أعربت‬ ‫عن فشل مدير الموساد الجديد في‬ ‫عدم قدرته على التنبوء أو تحليل‬ ‫المعطيات بشكل صحيح عندما أعرب‬ ‫أن مصر ستكون بخير ومن المستبعد‬ ‫خروج أي مظاهرات مناهضة لحكم‬ ‫مبارك فرعون مصر األخير (وأتمنى أن‬ ‫يكون األخير) حسني مبارك المصنف‬ ‫على أنه الصديق المميز إلسرائيل‬ ‫وحامي أمنها الجنوبي والغربي وهذا‬ ‫ما نالحظه الحقا في تعليقات الصحف‬ ‫العبرية الحزينة على رؤية مبارك في‬ ‫قفص االتهام‪ ،‬إن عامل المفاجئة أدى‬ ‫إلى أن تكون حركة المعارضين أبطئ‬ ‫من حركة الشارع أوال وإلى سرعة‬ ‫سقوط نظامي مبارك وزين العابدين‬ ‫وال يوجد أي مصلحة غربية ألي دولة‬ ‫صديقة أو عدوة في والدة هذا الربيع‬ ‫العربي ألن العالم واالستقرار واألمن‬ ‫العالمي مبني على قواعد أساسية تم‬ ‫حياكتها بعناية بعد الحرب العالمية‬ ‫الثانية وال أحد يريد الخروج من الوضع‬ ‫الراهن نحو المجهول‪.‬‬

‫من الربيع العربي ‪. .‬‬

‫الربيع العربي واملفاجئة‪:‬‬

‫في المعادالن وموازين القوى العالمية‬ ‫مما يعني بأن انتقال البلد إلى حلة‬ ‫ديمقراطية جديدة ال يشكل أي فارق‬ ‫مع مراعاة بعض الملفات كالقاعدة‬ ‫والتطرف الديني ومسألة الهجرة الغير‬ ‫شرعية إلى أوروبا المنهكة اقتصادية‬ ‫في السنوات األخيرة‪ ،‬في حين أن‬ ‫التعامل مع األزمة المصرية ولو كان‬ ‫مفاجئا ولكن كان من المفترض‬ ‫ظهور الواليات المتحدة األمريكية‬ ‫كراعي رسمي للتغيير وتنحي مبارك‬ ‫على األقل لتمكين المجلس العسكري‬ ‫من إدارة البالد والحكومات الالحقة‬ ‫بما يضمن حقوق ومصالح إسرائيل‬ ‫وهذا ما يفسره سرعة زيارة السيدة‬ ‫كلينتون للقاء الطنطاوي بعد تنحي‬ ‫مبارك مباشرة للتأكيد على السياسات‬ ‫المصرية الخارجية تجاه إسرائيل رغم‬ ‫قناعة الجميع بأن مصر اليوم ليست‬ ‫كمصر مبارك وهذا ما الحظه الجميع‬ ‫من خالل المخاوف والتصريحات‬ ‫واالعتذارات عن مقتل جنود مصريين‬ ‫على الحدود في سيناء وما تحمله‬ ‫قضية الغاز ومراقبة قناة السويس…‬ ‫إلخ‪ .‬أما اليمن العزيزة فتشبه إلى حد‬ ‫ما قضية تونس مما يعني إمكانية‬ ‫تفويض القضية إلى المملكة العربية‬ ‫السعودية تحت غطاء مجلس التعاون‬ ‫الخليجي مع مراعاة ملفات القاعدة‬ ‫والممر البحري والقرصنة في المنطقة‬ ‫مع دعم بريطاني بحري كامل‪ ،‬في‬ ‫حين أن الثورة الليبية والتي أيضا‬ ‫فاجأت أصدقاء القذافي وتحولت إلى‬ ‫ثورة مسلحة دفعت الغرب إلى التدخل‬ ‫العسكري لحماية مصالحهم السابقة‬ ‫(حيث كان الغرب يستورد ‪ 80%‬من‬ ‫النفط الليبي) وبالتالي لم يدخل‬ ‫الغرب للحصول على النفط وإنما‬ ‫للحفاظ على ما كانوا يحصلون عليه‬ ‫في عهد القذافي وهذه نقطة هامة‬ ‫على الجميع تسليط الضوء عليها‬ ‫مما يعني أن على المجلس االنتقالي‬ ‫مراعاة مصالح ليبيا في عملية بناء‬ ‫عالقات دولية جيدة مع الغرب‪.‬‬

‫الوجود اإلسرائيلي في فلسطين‬ ‫المحتلة إضافة لقضايا أخرى‪ ،‬ليس‬ ‫خافياً على أحد أن سوريا استطاعت‬ ‫أن تكون المحرك األساسي ألغلب‬ ‫القضايا في المنطقة من خالل‬ ‫امتالكها لمفاتيح الملفات األساسية‬ ‫كالقضية الكردية والملف العراقي‬ ‫والعالقات مع إيران ودعم حماس‬ ‫ودعم المقاومة …الخ‪ ،‬ولهذا ليس من‬ ‫مصلحة أحد (أقصد دول العالم وليس‬ ‫الشعوب) إحداث أي تغيير في أي زاوية‬ ‫من زوايا سوريا بالرغم من أن الغرب‬ ‫يصنف النظام السوري على انه نظام‬ ‫مشاكس لكثرة ما يسببه من عراقيل‬ ‫ولكن مع ذلك ال مانع لدى الغرب من‬ ‫تقبل هذا الواقع بدال من الدخول في‬ ‫المجهول‪ ،‬وهذا ما عبر عنه الموقف‬ ‫اإلسرائيلي عندما قال رئيس الوزراء‬ ‫اإلسرائيلي في سؤاله عن األزمة‬ ‫السورية بأن أي جواب سأعطيه لن‬ ‫يكون في مصلحة إسرائيل‪ ،‬إن إليران‬ ‫مصالح وممر ترغب في الحفاظ‬ ‫عليه يمتد من طهران إلى عمق‬ ‫الجنوب اللبناني على أبواب إسرائيل‬ ‫الشمالية‪ ،‬تركيا تريد أن تعيد األمجاد‬ ‫القديمة وأردوغان يريد دخول التاريخ‬ ‫من خالل عالقات دولية متينة بعد‬ ‫انتهاءه من الملفات الداخلية األساسية‬ ‫وأهمها الملف األمني الكردي والبنية‬ ‫االقتصادية وملف حزب العدالة‬ ‫والتنمية صاحب األغلبية الحالية‪ ،‬في‬ ‫حين أن الخليج وبقيادة سعودية يريد‬ ‫الحد من النفوذ اإليراني حفاظاً على‬ ‫مصالحه وأمنه في المنطقة وألوروبا‬ ‫مصالح اقتصادية وعقود مختلفة منها‬ ‫عقود نفطية مع بريطانيا مثال في‬ ‫حين أن الواليات المتحدة األمريكية ال‬ ‫تريد أن تتغير قواعد اللعبة السياسية‬ ‫واألمنية ما قد يؤثر سلبا على أمن‬ ‫إسرائيل واستقرارها وخاصة في‬ ‫ظل سقوط مبارك والمصالحة‬ ‫الفلسطينية وقضية إعالن دولة‬ ‫فلسطينية‪ ،‬وبالتالي فإن كمية الدماء‬ ‫في سوريا كانت والزالت هي السبب‬ ‫الرئيسي وراء التصريحات الصادرة‬ ‫عن دول ال تملك خيار أخر أمام‬ ‫الرأي العالمي وخاصة أمام شعوبها‬ ‫التي تتوجه في كل دورة رئاسية‬ ‫لصناديق االقتراع إال أن تظهر على‬ ‫األقل بدور راعي الحريات واإلنسانية‬ ‫التي كانت سببا في دخولها بحروب‬ ‫طويلة سابقة مما يعني وجود على‬ ‫األقل إدانات أو تصريحات حول ما‬ ‫يدور في سوريا‪ ،‬ولذلك نجد دائما من‬ ‫كل دولة تصريحا ساخنا ثم قيلولة‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬

‫إن أكثر ما يلفت االنتباه في حديث‬ ‫الشارع لدى البعض وليس الجميع هو‬ ‫النقد المباشر والشتم لدول معينة‬ ‫وبنفس اللحظة إطالق عبارات الغزل‬ ‫والمحبة لدول أخرى تصنفه على أنها‬ ‫صديقة‪ ،‬الغريب في األمر وجود فهم‬ ‫لدى البعض بأن بعض الدول هي‬ ‫عبارة عن جمعيات خيرية تقدم ما‬ ‫تقدم مجانًا‪.‬‬ ‫قبل أن نبدأ بإلقاء الضوء‬ ‫على ثورات الربيع العربي وطريقة‬ ‫التعامل الدولي مع كل ثورة على حدا‬ ‫وأنا لن ادخل في تفاصيل الثورات‬ ‫جميعها ولو أني سأمر عليها مرورا‬ ‫سريعا بما يخدم الموضوع األساسي‬ ‫وهو العالقات الدولية ومتغيراتها‬ ‫البراغماتية علينا هنا أن نؤكد على‬ ‫أن لكل دولة مصالح قد تشترك أو‬ ‫تتعارض مع مصالح اآلخرين ومن‬ ‫حق كل دولة السعي وراء مصالحها‪،‬‬ ‫والنقطة الثانية والهامة أن العالقات‬ ‫الدولية ال تحمل طابع أخالقي وهذا‬ ‫ما أراد اإلشارة إليه رائد الدبلوماسية‬ ‫األمريكية اليهودي هنري كيسنجر‬ ‫المؤسس لرقعة الشطرنج الدولية‬ ‫الشمال أطلسية عندما قال‪ :‬إن‬ ‫العمل الدبلوماسي ليس أبدا حمالت‬ ‫تبشيرية‪ ،‬فإذن اتفقنا أن المصالح‬ ‫هي حجر الزاوية في كل تحرك‬ ‫وتصريح دبلوماسي وعسكري على‬ ‫اعتبار أن العمل العسكري المراد منه‬ ‫تثبيت الموقف الدبلوماسي‪.‬‬

‫تتراوح بين أسبوع أو اثنين‪ ،‬في حين‬ ‫أن الجامعة العربية والتي تمثل دول‬ ‫عربية قد سقطت حكوماتها أو في‬ ‫طريق السقوط ال تملك أي خيار‬ ‫الصمت وخاصة أن ما يحرك الجامعة‬ ‫العربية حاليا هي الدول الخليجية‬ ‫التي كانت موقع اتهام منذ البداية‬ ‫من قبل بعض الشخصيات الرسمية‬ ‫بالوقوف خلف االحتجاجات السورية‬ ‫وإحاكة مؤامرة إعالمية تتبناها قناتي‬ ‫الجزيرة والعربية مع أن الغريب في‬ ‫ذلك أن القناتين المذكورتين تجاهلتا‬ ‫بضغط من الحكومات الخليجية‬ ‫األزمة السورية منذ ‪ 15‬مارس وحتى‬ ‫‪ 2‬ابريل وذلك لحساسية العالقات‬ ‫السورية القطرية المتينة والعالقات‬ ‫السورية السعودية الحذرة والتي‬ ‫كانت في شبه جمود سابقا بعد حادثة‬ ‫اغتيال الحريري في حين أن قناة الـ‬ ‫بي بي سي البريطانية كانت المصدر‬ ‫اإلخباري الوحيد تقريبا ألحداث سوريا‬ ‫ودرعا تحديداً‪ ،‬فإذا كنا أمام مؤامرة‬ ‫من هم يتآمر علينا وما مصلحته طالما‬ ‫أن حتى إسرائيل ال تنام خوفا مما‬ ‫يحدث في سوريا‪ ،‬وإذا كانت مؤامرة‬ ‫فهل نحن أمام فشل استخباراتي‬ ‫سوري لم يتمكن من تحديد المؤامرة‬ ‫والمتآمرين والمسلحين والحد من‬ ‫تحركهم رغم وجود عدد من فروع‬ ‫األمن ال اعرف عددها فالبعض يقول‬ ‫‪ 13‬وآخرين ‪ 17‬واهلل أعلم‪ ،‬وإذا كنا‬ ‫أمام أزمة طائفية فهل بعد ‪5000‬‬ ‫سنة من نشأة الحضارة السورية كما‬ ‫يقول التاريخ تذكرنا أن علينا أن نقتل‬ ‫جيراننا‪ ،‬أنا ال انفي وجود تآمر على‬ ‫سوريا الحبيبة ولكن من قراءتكم‬ ‫لما أسلفت سابقا فإننا أصبحنا على‬ ‫يقين بان للجميع مصالحه وللجميع‬ ‫الحق في السعي وراء مصلحته‪،‬‬ ‫ولكن ليس هذا هو األهم‪ ،‬إن األهم‬ ‫اآلن هو ما هي مصلحتنا كسوريا‪،‬‬ ‫كشعب سوري وكمواطنين‪ ،‬داخليًا‬ ‫من مصلحة الجميع إيقاف حمام الدم‬ ‫وهذا الشعور بالخوف من متابعة‬ ‫األخبار صباحا لنرى قتلى ودبابات‬ ‫وتشييع وتمثيل بالجثث واعتقاالت‬ ‫وخطف‪ ،‬من مصلحتنا أن ينتهي هذا‬ ‫العنف وتكون الكلمة والقلم والفكر‬ ‫هي األداة الوحيدة في بناء الغد‪ ،‬من‬ ‫مصلحتنا اإلفراج عن كل المعتقلين‬ ‫السياسيين والناشطين والمفكرين‬ ‫والغيورين على وطنهم‪ ،‬من مصلحة‬ ‫الوطن أن نسمح ألي كاميرا بان‬ ‫تصور في سوريا طالما ال يوجد ما‬ ‫نخفيه عن األعين وأن تعود دباباتنا‬ ‫إلى الجبهة المقدسة وجيشنا الكريم‬ ‫إلى ثكناته والبدء في عملية االنتقال‬ ‫من دولة يحكمها حزب لم يتمكن من‬ ‫أرضاء رغبة الشعب وتطلعاته إلى‬ ‫دولة مدنية ديمقراطية تحافظ على‬ ‫حرية كل مواطن وكرامته‪ ،‬عنده‬ ‫فقط نستطيع بعد أن نرضي طموح‬ ‫المواطنين بأن نبدأ بالتوجه بعالقات‬ ‫دولية صحيحة لنبني عالقات متينة مع‬ ‫النرويج إذا كان هذه ما يريده الشعب‬ ‫أو نقطع عالقاتنا مع الدنمرك إذا كان‬ ‫هذا ما يريده المواطن‪ ،‬فما السلطة‬ ‫التنفيذية والتشريعية إال أداة في يد‬ ‫الشعب يحركها كيفما شاء ويأخذها‬ ‫أينما شاء فإذا كان العالم تحكمه‬ ‫المصالح‪ ،‬فالدول تحكمها شعوبها‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫�إلــى جانــب البحــر‬ ‫نبض الروح‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫خاص سوريتنا‬ ‫سيبدو ما أقوله اآلن ضربًا من‬ ‫القصص الدرامية التي كثيراً ما‬ ‫يتناقلها الناس في األحداث العاصفة‬ ‫وفي األزمنة الموحشة‪ ،‬حين يغيب‬ ‫العقل ويحل الجنون مكان كل شي‪.‬‬ ‫عندها يتسائل الناس في أنفسهم‬ ‫وقد رجتهم الدهشة‪ ،‬هل حدث ذلك‬ ‫حقًا؟ وينكفئون على أنفسهم يفكرون‬ ‫بتلك المشاعر المتناقضة والصور‬ ‫الدامية كأنهم في ليال‪ d‬الشتاء‬ ‫يتحلقون حول إحدى الجدات وهي‬ ‫تروي ما حدث وتخطف أنفاسهم‪ ،‬حيث‬ ‫الرعب يتسلل رويداً رويداً ويعرش في‬ ‫نفوسهم كأنه فزاعة تثير الكوابيس‬ ‫وتطرد األحالم‪.‬‬ ‫وكما الجدات سأروي ما حدث‬ ‫مملوئًا بالدهشة ومسكونًا بذلك‬ ‫السؤال البريء‪ ،‬هل حدث ذلك حقًا؟‬ ‫لقد حدث‪ .‬أستطيع أن أؤكد بما‬ ‫تبقى من ذاكرتي الهشة التي تتآكل‬ ‫رويداً رويداً مثل بقايا سمكة أسلمها‬ ‫الشاطئ للنسيان‪.‬‬ ‫ال أعرف من أين أبدأ! تغريني‬ ‫اآلن رائحة البحر التي تستنهض‬ ‫ذاكرتي‪ .‬من البحر بدأت القصة‬ ‫وانتهت‪ .‬من ذلك المركب الصغير‬ ‫الذي كنت أرى فيه علي وفارس‬ ‫يلعبان على يمه البعيد بالقرب‬ ‫من بيتهم المتربع على الشاطئ‬ ‫كأنه إحدى صفات المكان األزلية‪.‬‬ ‫كبرا هناك أمام عيني وأنا أقيس‬ ‫المسافة بين البحر والسماء وأرمي‬ ‫بصمتي وحدسي كصياد ماهر في‬ ‫أعماقه‪ .‬عرفت أمهما عليا أجمل‬ ‫فتيات المنطقة والتي هام بها جميع‬ ‫الصيادين وقالوا في جمالها أجمل‬ ‫القصائد في ليالي سهرهم المليئة‬ ‫بالسكر والحنين إلى كل شيء وإلى‬ ‫الالشيء‪ .‬وعرفت حسن الذي استطاع‬ ‫أن يخطف قلبها ويعذب قلوب الجميع‪.‬‬ ‫سمعت صراخهما للمرة األولى عندما‬ ‫أبصرا الحياة في منزلي‪ ،‬وزوجتي‬ ‫عربية تمسك جسديهما الهزيلين‬ ‫بيديها وتزغرد ملئ فمها‪.‬‬ ‫وعلى يدي تعلما السباحة والصيد‬ ‫للمرة األولى ولم يكونا كأي طفلين‬ ‫عرفتهما في حياتي‪ .‬منذ أن كانت‬ ‫عيونهما تراقب األمواج المتهادية‬ ‫عرفت ذلك‪ .‬كان في صمتهما رائحة‬ ‫أساطير بعيدة وقصص خرافية‪.‬‬ ‫ومنذ ذلك الوقت عرفت أن لهما قدريًا‬ ‫ملحميًا سيذكره الساحل أبداً‪.‬‬ ‫كم هو قاس القدر كقسوة هذه‬ ‫المياه التي ال تعرف الرحمة‪ .‬كانت‬ ‫الحياة ترمي بهم من يم إلى آخر‪.‬‬ ‫توفي والدهما في فترة مبكرة‬ ‫من عمرهما‪ .‬لم يكادا يعرفانه‪.‬‬ ‫وكل ما يدل عليه في ذاكرتهما بقايا‬ ‫صورة على الجدار وبعض القصص‬ ‫التي كانت تروى عن شجاعته في‬ ‫البحر‪ ،‬وطوال تلك السنين العجاف‬

‫كانت عليا هي األب واألم والملجأ‬ ‫الوحيد لهما‪.‬‬ ‫ولو أن القدر ترك لهما حب البحر‬ ‫لكانا أعظم صيادين في الساحل‬ ‫السوري‪ .‬لم يعد مركبهما يومًا فارغًا‬ ‫من السمك‪ .‬في أقسى الظروف التي‬ ‫عرفناها لم يخلو مركبهما أبداً‪.‬‬ ‫ورغم تقدم العمر بي والخبرة التي‬ ‫اكتسبتها طوال عشرتي الطويلة‬ ‫مع البحر إال أنه في كثير من األحيان‬ ‫ما أعود خالي الوفاض أجر خيبتي‬ ‫ورائي‪ .‬لم يخذلهما البحر يوماً‪ .‬وفي‬ ‫البحر كانا يجدان السالم هرباً من‬ ‫قذارة الشاطئ وقسوته‪ .‬لكن القدر‬ ‫لم يدعهما لذلك العشق الرهيب‪.‬‬ ‫كبرت عليا ولم تستطع أن تكمل‬ ‫إعالتهما‪ .‬وبعد أن كثرت الديون‬ ‫عليها باعا زورق أبيهم الوحيد‪ .‬ولم‬ ‫يكن أمامها سوى اقتراح أحد أقاربهم‬ ‫بالتطوع بالجيش واألمن‪ .‬وبالرغم‬ ‫من كل محاوالت عليا ومحاوالتي‬ ‫لم نستطع ثنيهما على ذلك الخيار‪.‬‬ ‫لم يتحمال فكرة أنهما لن يستطيعا‬ ‫ركوب البحر مرة ثانية‪.‬‬ ‫ومنذ ذاك الوقت لم أعد أراهما‬ ‫كثيراً‪ .‬لقد ابتلعهما ذلك الجنون‬ ‫وتلك الحياة القاسية‪ .‬قست عظامهما‬ ‫وضخم جسداهما وعرض زنداهما‬ ‫السمراوين‪ .‬ومن مركبي الصغير‬ ‫كنت أرى عليا وهي تستقبل أحدهما‬ ‫عند الفجر وتغرق بالدموع والقبالت‬ ‫الحارة‪.‬‬ ‫تبدلت األزمنة ومضت السنوات‬ ‫واحدة تلو األخرى‪ .‬جميعها كانت‬ ‫تشبه بعضها‪ ،‬بحر وسماء زرقاء‬ ‫وحياة قاسية ووهن يصيب العظام‬ ‫أكثر فأكثر‪ ،‬ووحده الشعر األشيب‬ ‫في رأسي هو من كان يدل على‬ ‫انقضاء الوقت وتبدل األيام‪ .‬لكن‬ ‫هذه السنة لم تكن كغيرها‪ .‬كانت‬

‫األكثر مفاجأة واألكثر إيالماً‪ .‬فقي‬ ‫الجنوب ومن تلك السهول التي تشبه‬ ‫البحر في اتساعه تفجر غضب تراكم‬ ‫طوال تلك السنين‪ .‬كانت األخبار‬ ‫المتناقضة تنفذ إلينا من كل صوب‬ ‫تتحدث عن جحيم آت‪ .‬ومن يومها كان‬ ‫الخوف يسكننا‪ ،‬وكان ثمة من يسعر‬ ‫ذلك الخوف إلى درجة الهذيان‪ .‬كنت‬ ‫أتوقع أن يأتي ذلك اليوم‪ ،‬جميعنا كنا‬ ‫نتوقعه وكنا بحاجة إليه أكثر من أي‬ ‫أحد آخر‪ .‬وعندما أتى أنكرناه جميعاً‪،‬‬ ‫كأنه خرافة قادمة من زمن سحيق‪.‬‬ ‫وضاعت الحقيقة في مغاور‬ ‫الخوف تلك‪ .‬أضعنا ذلك الخيط‬ ‫الرفيع بين الحقيقة والوهم‪ ،‬وأمسى‬ ‫كل شيء يتعلق بالوجود‪ .‬ومن ضرع‬ ‫الخوف كنا نرضع وجودنا الذي كبر‬ ‫وكبر حتى استحال إلى وحش يمزق‬ ‫بأنيابه كل شيء‪ ،‬وأول من مزقت‬ ‫تلك األنياب حسن وعلي‪.‬‬ ‫لن أستطيع نسيان ذلك اليوم‬ ‫أواخر شهر آب‪ .‬كان الفجر حينها يلقي‬ ‫بشباكه الزرقاء على األمواج الهادئة‪.‬‬ ‫وكانت النسمات الباردة تداعب وجنتي‬ ‫المتحجرتين وتبعث في روحي رغبة‬ ‫بالحياة ليوم آخر أستطيع فيه أن‬ ‫أمارس غوايتي مع البحر‪ .‬وكنت قد‬ ‫رفوت ما تمزق من الشباك‪ ،‬وهممت‬ ‫بالصعود إلى مركبي الصغير عندما‬ ‫أضاء رتل من السيارات العسكرية‬ ‫الطريق المؤدي إلى منزل عليا‪ .‬ورن‬ ‫حدسي كقطعة نقود صدئة في قعر‬ ‫بئر قديم‪ .‬ومسني ذلك الفزع الغريب‬ ‫على علي وحسن‪ .‬لم تمض لحظات‬ ‫حتى سمعت صرخة عليا التي مزقت‬ ‫روحي وأطفأت ما تبقى من أمل في‬ ‫هذه الحياة‪.‬‬ ‫لزمني الوقت الكثير ألتحرك‬ ‫من أمام مركبي‪ .‬وودت لو أن البحر‬ ‫يبتلعني وأن تتالشي ذاكرتي‪ .‬لكنها‬

‫غسان فارس‬

‫أخذت تنشط وتوقد كل الذكرى‬ ‫البعيدة للطفلين الذين كبرا أمامي‪.‬‬ ‫كنت أرى وأتحسس كل لحظة‬ ‫رأيتهما فيها أو سمعت عنهما خبراً‪.‬‬ ‫كانت الشمس قد أرست آخر شعاع‬ ‫لها‪ .‬وبدا ذلك الوقت من المساء‬ ‫كأنه الفجر‪ .‬هل حقًا مضت كل تلك‬ ‫الساعات وأنا عاجز عن الحركة أم‬ ‫أنني لم ألبث سوى لحظات؟‪.‬‬ ‫كان الضابط العسكري حينها‬ ‫يسلم جثتي علي وحسن لعليا‪.‬‬ ‫دفنتهما بيدي هاتين‪ .‬لو أن األمر‬ ‫بيدي لوهبت جسدهما للبحر‪ .‬للمكان‬ ‫الذي عشقاه‪ .‬كثير من القصص‬ ‫رويت عن استشهاد علي وحسن‪ .‬قال‬ ‫لها الضابط حينها أن علي وحسن قد‬ ‫قتال على يد المجموعات اإلرهابية‪.‬‬ ‫لكن القصة لم تكن كذلك‪ .‬لقد أشيع‬ ‫في القرية أن علي رفض إطالق النار‬ ‫على المتظاهرين في دمشق‪ .‬أما‬ ‫حسن فقد قيل أنه قتل أثناء اقتحام‬ ‫إحدى البلدات في الجنوب حيث قام‬ ‫أحد أصحاب البيوت بضربه بمسدس‬ ‫أثناء مداهمة منزله‪.‬‬ ‫كثيراً ما فكرت في حقيقة تلك‬ ‫القصص‪ .‬وكثيراً ما فكرت بعلي‬ ‫وحسن لحظة موتهما‪ .‬كنت أرى دائمًا‬ ‫عينيهما األسطورتين وصمتهما‬ ‫اللذيذ‪ .‬في كل يوم وأثناء خروجي‬ ‫إلى الشاطء أشاهد عليا تقف أمام‬ ‫البحر وتلقي بذلك العبء الثقيل‬ ‫نحوه‪ .‬وفي صمتها كنت أرى اإلجابة‬ ‫عن كل تلك األسئلة والقصص‪ .‬تلك‬ ‫األم الثكلى تبعث في قلبي الرهبة‬ ‫وفي كثير من األحيان أشعر أنها‬ ‫تقول لي في ذلك الصمت لو أنك‬ ‫استطعت أن تقنعهما بالبقاء هنا‬ ‫إلى جانب البحر‪ ...‬آه يا عليا آه لو‬ ‫استطعت إقناعهما في ذلك اليوم آه‬ ‫لو استطعت ذلك‪.‬‬


‫ثورة ال�صواب‬ ‫محمد يونس‬

‫خاص سوريتنا‬

‫في عصر سيادة مفاهيم الواقعية‪ ،‬كنت من كارهي الفنان العالمي سلفادور‬ ‫دالي وخاصة لوحاته التي تتعامل مع الجسد اإلنساني كأجزاء وتمزجها ما بعضها‬ ‫ومع الطبيعة‪ .‬عام ‪ 88‬كان لي شرف اإلقامة في فرع فلسطين‪ ،‬في غرفة مساحتها‬ ‫ستة عشر مترا مربعا مع أربعة وستين معتقال فلسطينيا ولبنانيا‪ .‬كنت شاويش‬ ‫الغرفة‪ ،‬مما أعطاني امتياز السهر طوال الليل‪ ،‬جالسا على سقف التواليت أراقب‬ ‫الناس النائمين ولتلبية حاجات من يستيقظ من النوم إلى شربة ماء‪.‬‬ ‫أتيح لي فرصة رؤية األجساد البشرية معجونة ومتداخلة في بعضها البعض‪.‬‬ ‫لم يكن من السهل معرفة هذا الساق ألي جسد هو‪ ،‬وتلك الذراع لمن‪ ،‬األقدام‬ ‫على الوجوه‪ ،‬والبطون منفوخة او مطعوجة كصفيح التوتياء‪.‬‬ ‫كنت أرى لوحات دالي أمامي كل ثانية وأتساءل عن مدى فقر منظري الواقعية‬ ‫والواقعية االشتراكية وسطحية تعاملهم مع الحياة‪.‬‬ ‫خرجت من السجن وأنا من أكبر أنصار سلفادور دالي ومن أكثر الداعين إلى‬ ‫االنفتاح العقلي في جميع قضايا اإلنسان‪.‬‬ ‫ميخايل سعد‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫خولة دنيا‬ ‫مدرسة تاريخ تعطي درساً لطالب اإلعدادي‪ ،‬فتتكلم عن الحرب مع‬ ‫الفرس‪ ،‬وكيف اجتاحوا بالد الشام‪ ،‬وبعد ذلك كيف تم طردهم منها‪....‬‬ ‫أحد الطالب سأل من هم الفرس؟‬ ‫قالت‪ :‬إيران حالياً‬ ‫قال‪ :‬لكن إيران معنا؟ أليس كذلك؟‬ ‫اضطرت أن تشرح له عن السياسة والمصالح‪ ..‬وتبدلها بين يوم‬ ‫وآخر‪...‬‬ ‫تفاجأ وقال يعني ممكن إيران ما تكون معانا؟ قالت‪ :‬ممكن حسب‬ ‫األوضاع‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬طيب وروسيا؟ قالت‪ :‬وروسيا كذلك إذا تغيرت مصالحها؟‬ ‫قال‪ :‬والصين؟ قالت‪ :‬أيضاً يمكن أن تغير مواقفها حسب األوضاع‪..‬‬ ‫كانت الدهشة كبيرة بحجم األلم‪ ..‬أحس الطالب بخيبة أمل كبيرة‬ ‫قالوا‪ :‬يعني نحنا لحالنا آنسة؟ طيب والمؤامرة مين رح يتصدالها!!!‬ ‫(المُدرسة أكثر من رائعة‪ ،‬والطالب لم يأخذوا أكثر من ‪ 3‬دروس من‬ ‫بداية السنة‪ ،‬بسبب المسيرات العفوية واالعتصامات المستمرة لمواجهة‬ ‫المؤامرة الكونية)‬

‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫حكاية من ال�ساحل‬

‫ورتبهم‬ ‫أتهرب من الحب‬ ‫لكني أعرفهم من شيء واحد‬ ‫من قصائد الغزل ولوعة الفراق‬ ‫أتهرب من األغنيات الرقيقة "يميزهم"‬ ‫عندما يموت اإلنسان يقولون‪:‬‬ ‫والموسيقى الشجية‪ ...‬أبحث في‬ ‫األغنيات الصاخبة عما يالئم مزاجي "فطس‪ ...‬خليه يفطس"‬ ‫الحالي‪ ......‬أصبحت أجد عذرًا‬ ‫حبيبتي‪...‬‬ ‫"للمتلجية"‬ ‫خالل هذه الفترة "عام ‪..."2011‬‬ ‫أبحث عن الحب في وضعية صامت‬ ‫دون رسائل غرام واتصاالت يومية فوضتكِ للتحدث باسمي‬ ‫قولي للنحس أني لن أنسى‬ ‫وعتاب وشكوى وغيرة وسؤال‬ ‫طعناته الجانبية‬ ‫في زمن الثورة‬ ‫قولي للجوع أال يهجم في ساعات‬ ‫أشعر أني مالحق من الذين لم‬ ‫متأخرة من الليل والوحدة والطفر‬ ‫يفقهوا في حياتهم معنى الثورة‬ ‫قولي للفواتير أن تتسامح‪...‬‬ ‫من الذين لم يعيشوا في حياتهم‬ ‫وللفيزا أن تتمدد وحدها‬ ‫تجربة ثورة واحدة…‬ ‫قولي ألستاذ الجامعة‪ ...‬ال "هوم"‬ ‫الثورة… "رد جواب" في وجه األب لدي اآلن وال "ورك" إال الوطن‬ ‫قولي لجهاز الكمبيوتر أال ترتفع‬ ‫الذي تجبر‬ ‫الثورة… ارتداء تي‪ -‬شيرت "نص حرارته عند مشاهدة "فيديوهات"‬ ‫الثورة السورية‬ ‫كم" في شهر كانون الثاني‬ ‫ال طاقة لي لشراء لوحة إقالع‬ ‫الثورة… ارتداء حذاء أزرق في‬ ‫لذاكرتي كل زمن‬ ‫حفلة رسمية‬ ‫قولي للحافالت أن تتأخر قلي ًال وأن‬ ‫الثورة… قبلة في وسط باص‬ ‫تنتظر قلي ًال عند وصولها‪ ...‬فأنا أطيل‬ ‫مزدحم في بلد مسلم‬ ‫الثورة‪ ...‬هتاف ضد الرئيس في بلد السهر وترقب نشرات األخبار العربية‬ ‫قولي لذاك الراكب الذي حاول فتح‬ ‫شمولي‬ ‫الثورة‪ ...‬طفل يواجه دبابة تقتل حديث معي ولم أستجب‪ ...‬أنا لست‬ ‫غريب األطوار‪ ...‬لست عنصريًا لكن‬ ‫األطفال‬ ‫شاعر يواجه جنرا ًال اليفقه الشعر عقلي هناك يسرح في البعيد‬ ‫قولي لتلك الفتاة التي أغرتني ولم‬ ‫شحاذ يتحدى ميليارديرًا فاقد‬ ‫أكترث على غير عادتي‪ ...‬أنا لست‬ ‫الضمير‬ ‫كاتب مغمور ينتقد اتحاد كتاب عرب شاذا ً لكن شجاعة الثائرات السوريات‬ ‫استحوذت على انتباهي‬ ‫شابة في معتقل للعقارب‬ ‫قولي لتفاصيل الحياة اليومية‪...‬‬ ‫فريق من الدرجة الثالثة يهزم‬ ‫أنا مشغول بما هو عام وشامل‪...‬‬ ‫فريقاً من دوري األضواء‬ ‫بفلسفة البقاء أو االنقراض‬ ‫طفل يصعد حبة الفاصولياء‬ ‫قولي لتلك المرأة التي التهدأ في‬ ‫المسحورة‬ ‫داخلكِ‪ ...‬أن تهدأ‬ ‫أمير يحرر الجميلة من العمالق‬ ‫مجموعة أسرى يهربون من سجن‬ ‫الدم – الزمن‬ ‫على جزيرة معزولة‬ ‫في فيلم ‪In time‬‬ ‫قليل من األحرار‪ ...‬يهزمون نظامًا‬ ‫األموال ستستبدل بالزمن‬ ‫عتيدًا كبلهم لزمن‬ ‫األغنياء سيمتصون الفقراء حتى‬ ‫آخر قطرة بزمنهم‬ ‫حبيبتي‬ ‫الفقير يركض مسرعًا من أجل‬ ‫األخبار‪...‬‬ ‫نشرة‬ ‫مع‬ ‫التتركيني‬ ‫الالشيء‬ ‫وحيدًا‬ ‫األغنياء يحتفظون بالوقت في‬ ‫يلتهمني‬ ‫عاجل‬ ‫خبر‬ ‫أي‬ ‫والتدعي‬ ‫خزائنهم‬ ‫نحن ال نملك الوقت الكافي‪...‬‬ ‫بطاقة تعريف‬ ‫للحياة‬ ‫فتظهر‬ ‫الضوء‪...‬‬ ‫وجه‬ ‫يقفون في‬ ‫إنما لدينا كل الوقت لنشعل ثورة‪...‬‬ ‫قرونهم وطبيعتهم الشيطانية‬ ‫لربما تعود لنا الحياة واألزمنة‬ ‫يقفون في وجه الضوء‬ ‫ال تسلموا لهم زمنكم بسهولة‬ ‫وأصابعهم هي السكاكين و البلطات‬ ‫لقد صادروا دماءنا الحالية وأزمنة‬ ‫و"البينسات"‬ ‫آبائنا من قبلنا‬ ‫يقفون في وجه الضوء‪ ..‬يضحكون‬ ‫دمنا سينفذ‬ ‫بعنف ودموية‬ ‫لم يبق لنا من الوطن‪ ...‬إال الزمن‬ ‫أربع‬ ‫الضوء‪...‬‬ ‫وجه‬ ‫في‬ ‫يقفون‬ ‫القادم‬ ‫أو خمس عمالقة لونهم أسود بلون‬ ‫الموت على كتفهم رتب‬ ‫سوريا‪ ...‬يقفون اآلن في وجهي‪...‬‬ ‫رأسه‬ ‫الضوء‪...‬‬ ‫يقفون في وجه‬ ‫يحاولون حجبكِ عني‪ ...‬يحاولون‬ ‫ملقى على األرض‬ ‫الظهور لي بغير وجوههم‬ ‫قدماه مرفوعتان على بندقية‬ ‫سوريا‪ ...‬إن حاولوا تشويش رؤيتنا‬ ‫روسية‬ ‫نبصركِ‬ ‫ممزقة‪...‬‬ ‫ثيابه‬ ‫مكبلتان‪...‬‬ ‫يداه‬ ‫حتى إن يقتلونا نبصركِ‬ ‫جوفه فارغ‬ ‫أنتِ الضوء الصريح‬ ‫يصرخ‪" :‬دخيلكم"‬ ‫أنتِ الضوء الذي ال يموت‬ ‫يقفون في وجه الضوء‪ ...‬ال‬ ‫جمال داوود‬ ‫أستطيع تمييز وجوههم وأسمائهم‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬

‫من انتقاد أسماء الجمع إلى انتقاد التصرفات والتصريحات مروراً بانتقاد‬ ‫المجالس والهيئات‪ ،‬وهناك الكثير من المثقفين فضل عدم االنخراط ضمن أي‬ ‫جهة تنظيمية ليبقى على مسافة تساعده على االنتقاد‪ ،‬ولكن الثورة ال تخضع‬ ‫للنقد ألنها هي االنتقاد‪ ،‬الثورة بمفهومها السياسي هي تغيير نظام الحكم‬ ‫وبتعريفها األرسطي هي تغيير أو تعديل الدستور وبمفهومها الشعبي هي‬ ‫االنتفاض ضد الظلم‪ ،‬ولكنها بالمفهوم الفكري ما هي إال التغيير‪ ،‬تغيير النظام‬ ‫أو تغيير الدستور أوتغيير الوضع الراهن‪.‬‬ ‫الثورة هي االنتقاد نفسه‪ ،‬والثائر هو الذي ينتقد‪ ،‬ومن حق أي شخص‬ ‫أن ينتقد طريقة االنتقاد أيضاً‪ ،‬فمن حلل لنفسه انتقاد اآلخرين عليه أن‬ ‫ال يحرمه على اآلخرين‪ ،‬فاالنتقاد يعني التغيير والتغيير يعني التطور‪.‬‬ ‫الثورة لم تحدث لوال منع االنتقاد وانسداد أفق التغيير والتطور‪ ،‬الثورة هي‬ ‫انتقاد الخطأ‪ ،‬وحيث وجد الخطأ وجدت الثورة لتنتقده وتصححه أو تستأصله‪،‬‬ ‫كاسر ًة بذلك كل قيود الماضي ومحطمة كل األصنام والقدسيات الزائفة‪.‬‬ ‫لعل ما يشوب االنتقاد فقط هو أمر طارئ بسبب تداخل ثورات الشعوب‬ ‫بثورة التكنولوجيا ليتدخل باالنتقاد من يقولون وال يفعلون‪ ،‬فينتقل االنتقاد‬ ‫إلى التنظير من شخص ال يعيش الثورة بحقائقها ومخاضها‪ ،‬لذلك يجب‬ ‫التفريق بين انتقاد الخطأ الذي هو الثورة ذاتها وبين التنظير الذي ال يعدو‬ ‫كونه قو ًال بدون علم مهما تجمل بالعبارات والقواعد والمصطلحات‪ ،‬ويجب‬ ‫التفريق أيضًا بين التنظير والتأصيل أو الثورة الفكرية ووضع أصول المرحلة‬ ‫الجديدة المشرقة التي تسعى إليها الثورة‪ ،‬والخيط الذي يفصل بينهما أن‬ ‫التنظير يتدخل بالتفاصيل العملية‪ ،‬في حين أن التأصيل يتكلم عن الخلفيات‬ ‫الفكرية بدون الخوض في التفاصيل وانتقادها من البروج العاجية‪.‬‬ ‫وفي النهاية‪ ،‬الثورة ال تخطئ فهي انتقاد الخطأ واالنتقال إلى‬ ‫الصواب‪.‬‬

‫في زمن الثورة‬

‫‪9‬‬


‫حماه �ساحة للحرية وذاكرة برائحة الدماء‬ ‫حمزة الكيالني‬

‫حكايا الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫خاص سوريتنا‬

‫ً‬ ‫�صباحا‪9 ،‬‬ ‫حماه‪� ،‬ساحة العا�صي‪11 ،‬‬ ‫كانون الثاين‪1982 ...‬‬

‫خالد في الصف الثامن مع أمه‬ ‫يحاوالن الحصول على كمية كبيرة من‬ ‫الطحين بعد أن تسربت لهم معلومات‬ ‫تقول أن الجيش الموجود في حماه‬ ‫سيقوم بإغالق المدينة‪ ..‬ثم األم‬ ‫تجر خالد من يده بقوة لتخرج به من‬ ‫المكان‪ ،‬وخالد يتجمد بمكانه ويحملق‬ ‫برجل واحد يتشابك باأليدي مع‬ ‫مجموعة من قوات سرايا الدفاع (جيش‬ ‫رفعت األسد)؛ األحداث تتوالى كمشهد‬ ‫متصل في ذاكرته‪ ...‬الرجل مرمي على‬ ‫األرض بعد ضربه بأخمص البندقية‪...‬‬ ‫ثم إفراغ مخازن عدة بندقيات في‬ ‫جسده‪.‬‬

‫ً‬ ‫�صباحا‪� 29 ،‬شباط‬ ‫حماه‪ ،‬احلميدية ‪6‬‬ ‫‪1982‬‬

‫أمي ذات الخمسة عشرة عامًا مع‬ ‫أهلها قرروا الخروج من قبو المنزل‬ ‫بعدما انتهت المؤن وتوقف صوت‬ ‫الرصاص‪ ،‬الرائحة داخل المنزل‬ ‫المنهوب تمامًا ال تشبه أية رائحة‬ ‫مألوفة‪ ،‬مزيج من الدماء والبارود‬ ‫واللحم البشري المحروق والمتفسخ‪،‬‬ ‫وفي الخارج لم تستطع أمي تحمل‬ ‫المشهد‪ ،‬أُغمي عليها وحملها جدي على‬ ‫ظهره واستمر بجر أخوالي الخمس‬ ‫خلفه‪...‬‬ ‫الجثة األولى التي داستها أمي‬ ‫وفقدت بعدها وعيها كانت ألم عمر‬ ‫وبجانبها كان زوجها وطفلها الذي لم‬ ‫يتجاوز األربعة أعوام‪.‬‬

‫قرية ال�شيحة ‪ً 10‬‬ ‫ليال ‪� 18‬شباط‬ ‫‪1982‬‬

‫كانت تبعد قرية الشيحة عن حماه‬ ‫حينها ‪ 6‬كم واليوم تبعد ‪ 3‬كم!‪ ،‬يقول‬ ‫الحاج أبو مروان‪" :‬كنا نتجمع على‬ ‫أسقف المنازل ونشاهد حماه تحترق‬ ‫من بعيد؛ كتل من النيران كانت تلف‬ ‫المدينة وكان صغار القرية يقولون‬ ‫لبعضهم صباح كل يوم أن ألعاب‬ ‫البارحة كانت أكثر إضاءة من ألعاب‬ ‫قبلها‪ ،‬كانت النيران بالنسبة إليهم‬ ‫أشبه بمهرجان عظيم يضيء سماء‬ ‫القرية كل ليلة"‪.‬‬

‫حماه �شارع ‪� 8‬آذار الواحدة ظهر ًا ‪1‬‬ ‫�آذار ‪1982‬‬

‫لم يستطع أبي دخول مدينة‬ ‫حماه منذ ثالثة أشهر وكان قد استطاع‬ ‫الهرب من ثكنته العسكرية حيث كان‬ ‫يمضي خدمته اإللزامية؛ من بعيد‬ ‫سمع صوت (قف)‪ ...‬انبطح أرضاً‪ ،‬يداك‬ ‫فوق رأسك‪.‬‬ ‫اقترب منه أحد الجنود ركله على‬ ‫ظهره وسأله أين يضع هويته‪ ،‬عندما‬ ‫عرفوا أنه عسكري مجند سألوه عن‬ ‫أحد الضباط والذي كان يحمل الكنية‬ ‫نفسها‪ ،‬قال لهم أنه شقيق الضابط‬ ‫وأنه نزل بإذنه إلى حماه‪.‬‬ ‫(عمي كان ضابطاً برتبة عقيد‬

‫وقتل على يد سرايا الدفاع بسبب‬ ‫عصيان األوامر)‬ ‫قالوا له انهض وال تنظر إلى‬ ‫الخلف تقدم إلى األمام‪ ،‬قف ووجهك‬ ‫إلى الحائط‪ ...‬بعد أكثر من ساعة صار‬ ‫عدد الواقفين بجانبه قد تجاوز عشرة‬ ‫شبان‪ ...‬سمع صوتاً يعرفه جيداً (تلقيم‬ ‫البنادق) ثم انهال الرصاص على‬ ‫الجميع‪ ...‬ماتوا كلهم!!‪..‬‬ ‫أصيب أبي بخمسة رصاصات‬ ‫ثالثة منها في قدمه اليسرى واثنتان‬ ‫في ظهره‪ ،‬كان الناجي الوحيد‪ ،‬وإلى‬ ‫اليوم ال يذكر كيف تم نقله إلى أحد‬ ‫المنازل وكيف تم إسعافه على يد‬ ‫سيدة بعمر الخمسين‪.‬‬ ‫عندما تسأل أحدهم اليوم عن‬ ‫أسوأ ما شاهدوه أو عاشوه‪ ،‬يجيبون‬ ‫جميعهم ال يوجد ما هو سيء أو أسوأ‪،‬‬ ‫لقد نجونا بأعجوبة ولقد قدر لنا أن‬ ‫نشاهد أهلنا وأحبائنا يُقتلون أمامنا‪،‬‬ ‫ويقولون أن الكثير من النسوة قتلوا‬ ‫أنفسهن خشية أن يتمّ اغتصابهن‪ ،‬أو‬ ‫حسر ًة على أبنائهن أو أزواجهن الذين‬ ‫ذبُحوا أمام أعينهم‪.‬‬

‫حماة ‪ 6‬م�ساءً ‪ 18‬كانون الأول ‪2010‬‬

‫على شاشة الجزيرة مشهد لم‬ ‫يألفه العرب من قبل‪ ...‬مئات التونسيين‬ ‫في الشوارع يهتفون إلسقاط النظام‬ ‫ويُقتلون بأيدي رجال األمن‪.‬‬

‫الموت أو الذل‪ ،‬فصدحوا "الموت وال‬ ‫المذلة"‪ ،‬اختاروا الذهاب خلف الموت‬ ‫وحرروا مدينتهم حماه من سلطة طالما‬ ‫كرهوها‪ ،‬وأقاموا ساحتهم الحلم‪،‬‬ ‫ساحة الحرية‪ ،‬ساحة لكل السوريين‪.‬‬ ‫اآلالف تجمعوا في ساحة العاصي‬ ‫وهتفوا إلسقاط النظام وأبدعوا في‬ ‫أغان هزت عرش الطغاة حتى اقتلعوا‬ ‫حناجر من غناها‪.‬‬ ‫صدح القاشوش‪" :‬بدنا نشيلو‬ ‫لبشار بهمتنا القوية‪ ...‬سوريا بدها‬ ‫حرية‪ ...‬طالبنا بالحرية سمونا‬ ‫إرهابية‪ ...‬سوريا بدها حرية"‬

‫ً‬ ‫�صباحا ‪� 1‬آب ‪2011‬‬ ‫‪ 9‬م�سا ُء ‪ 25‬كانون الثاين ‪ 2011‬م�صر حماه ‪6‬‬ ‫تقول كلمتها‪..‬‬ ‫صوت المدافع يدوي والجميع‬

‫اجتمعنا أمام الشاشة فاتحين‬ ‫أفواهنا كأطفال يشاهدون بطلهم‬ ‫األسطوري يفتك باألشرار؛ الحسرة‬ ‫تمأل قلوبنا كون ما يحدث يحدث‬ ‫بعيداً عنا‪ ،‬تساؤالت عظيمة تخترق‬ ‫عقولنا جميعًا‪ ،‬هل ستمتد الثورة إلى‬ ‫سوريا؟؟ هل سيساند الجيش السوري‬ ‫المتظاهرين؟؟ هل سنجتمع في ساحة‬ ‫العاصي لنسميها ساحة للحرية؟؟‬

‫ثارت درعا‬

‫وبدأ شعور عجائبي يختلجنا‪ ...‬هل‬ ‫بدأنا حقًا؟؟ هل سنهتف ملء حناجرنا‬ ‫"الشعب يريد إسقاط النظام"؟؟!‬ ‫امتدت الثورة ووصلت لجارة حماه‪،‬‬ ‫حمص؛ ولطالما كنا نحن الحموييون‬ ‫ً‬ ‫ورئة نهرب‬ ‫نعتبر حمص جار ًة لدود‬ ‫إليها كي نغير مشاهدنا المعتادة‪.‬‬ ‫تأخر الحراك في حماه وانشغل‬ ‫البعض ببناء طابق جديد لمنازلهم‬ ‫كي يستطيعوا تزويج االبن البكر الذي‬ ‫وصل إلى عمر الخامسة والثالثين‪.‬‬ ‫حمص تلتهب وتلهب جالديها‬ ‫بحناجر ثوارها األحرار‪ ،‬وحماه تنتظر‬ ‫إلى أن هتف الحماصنة‪" :‬يا حموية‬ ‫وياحمير ضحكوا عليكم بالتعمير!"‬ ‫انتفضت حماه‪ ...‬حماه ذات الذاكرة‬ ‫الحمراء‪ ...‬حماه مدينة آالف الشهداء‪،‬‬ ‫وككل المدن السورية الثائرة رد النظام‬ ‫بالرصاص وسقط مئات الشهداء إلى‬ ‫أن سقط ‪ 100‬شهيد في يوم واحد‪،‬‬ ‫وصار أمام الحمويين خياران حقيقيان‪،‬‬

‫يستعيد ذاكرة الثمانين؛ حماه تُقصَف‬ ‫وتُقتَحَم من قِبل جيش بشار األسد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ثكنة إلرهاب‬ ‫وساحة الحرية صارت‬ ‫األهالي‪.‬‬

‫دم�شق ‪� 18‬آب‬

‫األخبار عن حماه المحاصرة‬ ‫مرعبة جداً والحديث يدورعن قصف‬ ‫كامل ألحياء منطقة الحاضر‪ ،‬وشباب‬ ‫الثورة في دمشق يحاولون جاهدين‬ ‫كسر الحصار عن المدينة عن طريق‬ ‫تشكيل قوافل محملة بالغذاء والدواء؛‬ ‫إال أن المحاوالت جميعها فشلت‪.‬‬ ‫قررت السفر إلى مدينة حماه‬ ‫ومشاركة أهلي في حصارهم‪ ،‬توجهت‬ ‫إلى "السلمية"‪ ،‬المدينة القريبة من‬ ‫حماه والتي باتت تعج كغيرها من‬ ‫المدن المجاورة بالمئات بل اآلالف من‬ ‫الهاربين من حماه‪.‬‬ ‫كنت أمأل أكياسًا كبيرة بالعديد‬ ‫من المؤن المتنوعة ولما عرف البائع‬ ‫أن هذه المؤن متوجهة إلى حماه رفض‬ ‫وضعها على الميزان وقرر تزويدي‬ ‫بكل شيئ مجانًا‪.‬‬ ‫دخلت أبواب المدينة وكانت المؤن‬ ‫التي بحوزتي تتناقص مع كل حاجز‬ ‫للجيش؛ وعلى أحد الحواجز وبعد أن‬ ‫اكتشف ضابط برتبة مالزم أنه على‬ ‫هاتفي أغنية ماجدة الرومي "سقط‬ ‫القناع" قرر أنني من إرهابيي المدينة‪،‬‬ ‫صفعني على وجهي ثالث مرات ومن‬ ‫ثم قرر الحاجز الذي يليه أن أعود إلى‬

‫سلمية وأن ال أدخل المدينة‪.‬‬ ‫في اليوم التالي جددت تعبئة‬ ‫المؤن وكررت المحاولة‪ ،‬هذه المرة‬ ‫استطعت الدخول بمساعدة بعض‬ ‫عناصر الجيش المتواجدين على‬ ‫الحواجز‪.‬‬ ‫كنا قد اعتدنا رؤية الحفر التي‬ ‫تركها رصاص األسد األب على الجدران‬ ‫القديمة في المدينة‪ ،‬اليوم لم نتأثر‬ ‫كثيراً لرؤية الحفر التي تركها رصاص‬ ‫األسد االبن على الجدران الجديدة‬ ‫المالصقة ألختها القديمة‪.‬‬

‫حماه ‪ 7‬م�ساءً اجلمعة ‪ 4‬ت�شرين الثاين‬ ‫‪2011‬‬

‫أصيبت أمي بنوبة قلبية ولم‬ ‫نستطع العثور على سيارة إسعاف‬ ‫لنقلها للمشفى‪ ،‬ثم حاولنا إدخالها‬ ‫لمشفى قريب وبعد محاوالت عديدة‬ ‫سمح لنا عناصر األمن المتواجدين‬ ‫على مدخل المشفى الدخول‪ ،‬إال أن‬ ‫الكادر الطبي رفض المساعدة كون‬ ‫المشفى كان مختصاً بعمليات الوالدة‪.‬‬ ‫عدنا للمنزل وفي الطريق كانت‬ ‫أمي تنطق بالشهادتين وكأنها تلفظ‬ ‫أنفاسها األخيرة ومع الكم الهائل‬ ‫من الرعب والغضب‪ ،‬قررت لعب دور‬ ‫الطبيب وإجراء عملية اسعافية تمثلت‬ ‫بجرعة من األوكسجين المأخوذ من‬ ‫عبوة لمرضى الربو وحقنة مسكنة‬ ‫لآلالم‪ ...‬نجت أمي بأعجوبة‪.‬‬

‫حماه ‪ 7‬م�ساءً ‪ 22‬ت�شرين الثاين‬ ‫‪2011‬‬

‫المظاهرات تعم شوارع وأزقة‬ ‫المدينة وبدل القاشوش الذي اقتلعوا‬ ‫حنجرته ولد اآلالف‪...‬‬ ‫"والحمصي خفيف الدم ضحكو‬ ‫بنسيك الهم ماهمو رصاص وال هم‬ ‫وعايش وال على بالو‪ ..‬يا عيوني ويا‬ ‫روحي والسوري شايف حالو"‬

‫اليـــــوم‪..‬‬

‫سبعة أطفال يلعبون كرة القدم‬ ‫أمام المنزل ويهتفون‪..‬‬ ‫"حرية‪ ...‬إلى األبد‪ ...‬غصب عنك‬ ‫يا أسد"‬


‫يا نحــن‬

‫يا أرضنا‪ ..‬شهداؤنا‪ :‬نوصيك بهم خريا‬

‫غسان فارس‬

‫ال�شهيد خالد �شكيب منر‬

‫ال�شهيدة ر�شا البو�ش‬

‫مشعات احلرية ‪ . .‬معتقلونا‬ ‫معاذ عبد العال‬ ‫المهندس الزراعي الشاب معاذ‬ ‫محمود عبد العال من مواليد سقبا‬ ‫‪ ,1987‬من المتميزين في اختصاصه‬ ‫ويشهد على ذلك سجله العلمي والثقافي‬ ‫الحافل‪ ,‬وقد مثل سوريا في الكثير من‬ ‫الندوات داخل الوطن وخارجه‪.‬‬ ‫تم اعتقاله تعسفيًا من منزل أهله‬ ‫في غوطة دمشق الشرقية ‪ -‬مدينة‬ ‫سقبا يوم الخميس ‪ 2011-11-10‬من‬ ‫قبل قوات األمن في حملة مداهمات‬ ‫واعتقاالت عشوائية للمدينة‪ ,‬مع العلم‬ ‫أنه لم توجه إليه تهمة واحدة ولم تتم‬ ‫إدانته بأي شيء‪.‬‬

‫�إىل �أمي‬

‫منار ال�سواح‬ ‫طالب سنة ثانية بكلية الهندية المدنية بجامعة خالد ابن الوليد‪ ,‬تم اعتقاله من‬ ‫حي غرب المشتل في حماة بتاريخ ‪ 11/24‬عند تمام الساعة ‪ 5:30‬من منزله بعد‬ ‫عودته من حمص والتزال ظروف اعتقاله غامضة‪.‬‬

‫جربان �سالمة مراد‬ ‫جبران سالمة مراد من السويداء‬ ‫بلدة القريا‪.‬‬ ‫اعتقل بتاريخ ‪ 2011/11/22‬على‬ ‫خلفية اعتصام بجامعة دمشق‪.‬‬ ‫طالب حقوق بجامعة دمشق‪.‬‬ ‫اعتقل جبران في جامعة دمشق‬ ‫‪ 2011-11-22‬مع رفيقاته سحر أبو زين‬ ‫الدين وأمال سلوم‪.‬‬

‫�إىل �سماح‬ ‫تعرفين يا سماح الغالية كم أحبك‪ ...‬لن أستطيع أن أجد الكلمات المناسبة‪.‬‬ ‫تخذلني اللغة اللعينة‪ .‬أشتاق إلى صدرك الدافئ ويديك الراعشتين‪ .‬لم أقل لك‬ ‫ذلك الكالم من قبل‪ ،‬ولكنني أعترف وأقول أنك ثورتي األولى التي عشتها‪ .‬لقد‬ ‫استطعت يا سماح الغالية أن تهدمي ذلك الجدار الهش في وبفضلك استطعت‬ ‫أن أقف يوماً ما أمام كل دناءات هذا العالم القذر‪ .‬ولوال وجودك بجانبي لما‬ ‫استعطت الوصول إلى هذه الثورة‪ .‬أحبك أيتها العزيزة‪ ...‬أحبك‪.‬‬

‫�إىل‪...‬‬ ‫استطعت أن أخسر ذاتي بجدارة‪ .‬كل الذي فعلته هو قدرتي الفظيعة على‬ ‫أن أخسر نفسي وأحطم كل األشياء الجميلة التي نمت في داخلي‪ .‬أنت كذلك‪.‬‬ ‫نحن شركاء في هذا الجنون‪ .‬لن أستطيع أن أخفي دناءتي ألنني أشبهك‪ .‬يجمعنا‬ ‫هذا الهواء وهذه األرض‪ .‬كل منا قذر بطريقته‪ .‬ولكل منا طريقته للعب في‬ ‫األفكار والمصطلحات والمعاني‪ .‬ستسألني كعادتك من منا على حق‪ .‬وسأجيبك‬ ‫كعادتي ال أنا وال أنت‪ .‬ليس ثمة أحد ما يملك الحق‪ .‬ليس ثمة ما يدعونه الحق‪.‬‬ ‫ال وجود إال لما نقوله وما نفعله‪ .‬ولو استطعت أن أتماهى فيك لفعلت‪ .‬كالنا لنا‬ ‫نقص سيكمله اآلخر‪ ...‬وحتى ذلك الحين ينبغي لي أن أجد في هذه الثورة ما‬ ‫يستطيع أن يطلق روحي ألكتمل فيك‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫صباح الخير يا أمي‪ .‬أعد القهوة اآلن‪ .‬آه كم هي جميلة رائحة القهوة‪ .‬سأضع لك‬ ‫فنجانًا آخر‪ .‬غيم كثيف على صدري‪ .‬متعب أنا‪ .‬أعرف أن دموعك اآلن ستنهمر‪ .‬لكنني‬ ‫ال أجد غيرك ألبوح له‪ .‬لو أنني لم أكبر يوماً‪ ...‬لو أنني بقيت معلقًا إلى طرف ثوبك‪.‬‬ ‫سحقًا كم هي قذرة هذه الحياة‪ .‬اليوم اعتقل ثالثة من أصدقائي‪ .‬أشعر بالخوف‬ ‫يا أمي‪ .‬لكن خوفي لن يثني عزيمتي‪ .‬ادعي لي يا أمي ولو أنني ال أؤمن بذلك‬ ‫اإلله الذي يرسل كل يوم عشرين شابًا إلى الموت‪ .‬ستستغفرين اهلل كعادتك لكنك‬ ‫ستدعين لي‪ ...‬أمس رأيت رأس رجل في الثالثين من عمره وقد تفجر برصاصة‪.‬‬ ‫أين ذهبت كل تلك الذكريات‪ .‬لملمت رأسه بين يدي‪ .‬لقد سرت في كل ذكرياته يا‬ ‫أمي‪ .‬رأيت طفولته وشبابه وعرفت زوجته وأوالده‪ .‬هل تصدقين ذلك يا أمي‪ .‬رأسي‬ ‫أحمر والسماء والماء‪ ...‬أحمر لعين‪ ...‬ال تحزني إن جائك خبر موتي‪ .‬أنا اآلن ال يمكن‬ ‫أن أموت‪ .‬أنا مرهق وكئيب وحزين‪ ...‬لكن ال يمكن أن أموت‪ .‬ليس اآلن‪ ...‬في هذه‬ ‫األيام ال وجود للموت ثمة حياة‪ ...‬حياة فقط يا أمي‪ ...‬حياة في كل شيء‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬

‫قال ناشطون سوريون إنه تم يوم الخميس ‪ 2011/11/24‬تشييع الشابة رشا‬ ‫البوش في مدينة حماه‪ ،‬وهي طالبة طب سنة أولى في جامعة القلمون‪ .‬وكانت رشا‬ ‫أصيبت برصاص األمن يوم األحد على خلفية خروج مظاهرة طالبية في جامعة‬ ‫القلمون وسط البالد حيث هجمت على المظاهرة قوات األمن والشبيحة وبدأت في‬ ‫تنفيذ االعتقاالت والضرب وإطالق الرصاص الحي‪ .‬وبحسب الناشطين الذين أوردوا‬ ‫النبأ فإن جثمان رشا لم يسلم لذويها إال يوم الخميس‪ ،‬وجرى التشييع وسط تكتم‬ ‫شديد حيث صلي عليها في جامع المدفن في حماه‪.‬‬

‫يا نحن ‪. .‬‬

‫أول شهداء مدينة يبرود‪ ,‬من حي‬ ‫القاعة‪ .‬عمره ‪ 30‬عام‪ ،‬استشهد في‬ ‫ليلة ‪ 2011-11-19‬في الساعة ‪ 3‬إلى ‪4‬‬ ‫صباحًا عندما علم بوجود إمرأة يبرودية‬ ‫معتقلة خلف قضبان مخفر يبرود‪ ,‬فلم‬ ‫يستطع السكوت على ذلك وهب بكل‬ ‫شجاعة إلى مخفر يبرود مع مجموعة من‬ ‫الشباب إلخراج الحرة المعتقلة وعلى باب‬ ‫المخفر قابله األوغاد بالرصاص الحي‬ ‫فأوقعوه شهيداً حراً أبيًا‪.‬‬

‫خاص سوريتنا‬ ‫عندما عدت إلى منزل حسام عند الساعة الثالثة والنصف لي ًال كان عبارة‬ ‫عن كومة من األغراض المبعثرة‪ .‬لم أره منذ عدة أيام‪ .‬ثمة أخبار كثيرة وصلت‬ ‫إلينا بأن األمن يريد أن يلقي القبض عليه بأي ثمن‪ .‬وكانت آخر مرة التقيته‬ ‫فيها منذ ثالثة أيام في منزلنا‪ .‬كان شارد الذهن طوال الوقت‪ .‬لم يكن قد‬ ‫فقد حماسه وكان يتحدث عن الكثير من األفكار التي يمكن أن تدعم الحراك‬ ‫السلمي للثورة‪ .‬لكنني كنت أشعر أن ثمة ما يخفيه‪ .‬لم أحاول أن أعرف ما الذي‬ ‫يجول بخاطره‪ ...‬لكنه تحدث كثيراً عن أفكار سوداوية تراوده‪ .‬لم تكن أفكاراً‬ ‫سوداوية‪ .‬بل حديث وجودي فلسفي عن اإلنسان وقيمته‪ .‬ال أستطيع أن أروي ما‬ ‫قاله بنفس شاعريته‪ .‬كانت لديه طريقة خاصة بتحويل مشاعره إلى فيض من‬ ‫النثر الدرامي‪ .‬وكانت هذه النقطة أجمل ما فيه‪ .‬كنت أحب أن أنصت إليه حين‬ ‫يتحدث عن الموت والحياة وتحديداً الثورة‪ .‬كنت أرى فيه الجزء الناقص مني‪،‬‬ ‫بعد أن أسلمت حياتي إلى تلك الشاشة اللعينة وبعض األزرار التي ال تتوقف‬ ‫عن الحركة‪ .‬لقد أخبرني بأنه في حال اختفى ينبغي عليّ أن أن أذهب إلى‬ ‫بيته وأخرج شيئًا ما وأوصله إلى مجموعة من األشخاص سأجد أسمائهم في‬ ‫المكان الذي أخبرني عنه‪ .‬ال أعرف لماذا لم أتفاجأ عندما وجدت المنزل بهذه‬ ‫الفوضى‪ .‬اتجهت على الفور إلى المكان الذي دلني عليه‪ .‬في غرفته الضيقة‬ ‫المليئة بالكتب استطعت أن أجد كتاب عمر الخيام‪ .‬كان ثمة العديد من الترجمات‬ ‫لكنه أوضح لي أن أفتح ترجمة الشاعر اإلنكليزي فيتزجيرالد‪ .‬أخرجت الكتاب‬ ‫وفتحته على عجلة‪ .‬كان ثمة مغلف ورقي بين صفحاته‪.‬‬ ‫جلست على ذات األريكة التي كان حسام يحب الجلوس عليها والتي‬ ‫تستوي أمام نافذة واسعة تكشف جزءاً من جبل قاسيون‪ .‬كان يمضي ساعات‬ ‫طويلة على تلك األريكة وهو يكتب‪ .‬كانت رائحته تعبق بالمكان‪ .‬وكان ثمة‬ ‫على الطاولة الصغيرة فنجان قهوة لم يشرب منه سوى بضع رشفات‪ .‬أستطيع‬ ‫أن أتخيله تمامًا في ذلك النهار‪ .‬لقد نهض في وقت مبكر من الفجر واتجه إلى‬ ‫المطبخ بسرعة ليضع دلة القهوة على الغاز ومن ثم اتجه إلى النافذة ليقول‬ ‫لدمشق صباح الحرية أيتها المرأة البغي‪.‬‬ ‫ومن ثم أعد القهوة وهو يتنشق راحتها بعشق‪ .‬كان يقول لي إن كان للحرية‬ ‫رائحة فهي رائحة القهوة‪ .‬وجلس كما أجلس أنا اآلن‪ .‬كان المغلف يحوي ثالث‬ ‫رسائل‪ .‬رسالة إلى أمه ورسالة إلى الفتاة التي أحبها ورسالة إلى‪ ...‬ال أحد‪ ...‬لم‬ ‫أعرف لمن كان يوجه الرسالة الثالثة‪ .‬لن أتحدث كثيراً عن تلك الرسائل‪ .‬سأدعكم‬ ‫تقرأونها اآلن‪ .‬ال أستطيع أن أمنع نفسي من البكاء اآلن‪ .‬ها هي أربعة أشهر مضت‬ ‫على اختفائه‪ .‬واآلن أقرر أن أنشرها على صفحتي في الفيس بوك‪ .‬بقي أن أقول‬ ‫أن حسام لم يمت كما قال الكثيرون‪ .‬ولم يعتقل كما خيل إلي‪ .‬أعتقد أنه تماهى مع‬ ‫إحدى أفكاره الجنونية‪ .‬ال أعرف بالضبط كيف أعبر عما أريد قوله‪ .‬يحلو لي أن آراه‬ ‫اآلن في إحدى السهوب في مكان ما على وجه هذه األرض كما قالي لي ذات يوم‪.‬‬ ‫ستعشقني فتاة هندية يا حسام ذات يوم وسأذوب على صدرها عشقًا‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫مدننا الثائرة ‪. .‬‬

‫الزبداين و م�ضايا‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫هند عيسى‬

‫خاص سوريتنا‬

‫منطقة س��هل الزبدان��ي تابعة‬ ‫لمحافظ��ة ريف دمش��ق وتضم ك ً‬ ‫ال‬ ‫م��ن‪ :‬بلودان وه��ي المتمركزة على‬ ‫قمة الجبل وصو ًال لما يس��مى جبل‬ ‫اليون��ان‪ ،‬وبقي��ن وفيها نب��ع بقين‬ ‫الش��هير والذي يتزود الدمش��قيون‬ ‫من مائه بشكل مستمر‪ ,‬وفيه أيضًا‬ ‫مضاي��ا المدين��ة المش��هورة بلحمة‬ ‫قاطنيه��ا والعائ�لات الت��ي تعي��ش‬ ‫فيه��ا‪ .‬وأكبر ه��ذه الم��دن الزبداني‬ ‫التي تمتد في الس��هل من س��رغايا‬ ‫إلى وادي بردى‪.‬‬ ‫تاريخ الزبداني موغل في القدم‬ ‫ويترافق مع تاريخ مدينة دمشق‪ ،‬فقد‬ ‫اس��توطـن اإلنسان هذه المنطقة من‬ ‫األرض لكثرة خيراتها ووفرة مياهها‪،‬‬ ‫ويعتقد أن س��كانها القدامى يعودون‬ ‫في أصولهم إلى سكان مدينة دمشق‬ ‫وبعلب��ك واألماك��ن المج��اورة لهم��ا‬ ‫مثل األبلية أي س��وق وادي بردى في‬ ‫جبال دمش��ق‪ ،‬وكلشيش أو عنجر وما‬ ‫جاورهما‪.‬‬ ‫لق��د كانت ه��ذه المدين��ة ذات‬ ‫أهمي��ة كبي��رة كطري��ق تج��اري‬ ‫لقوافل بين المدينتين التاريخيتين‬ ‫(دمشق وبعلبك)‪ .‬وكطريق عسكري‬ ‫للفتوح��ات والح��روب‪ .‬يع��ود أص��ل‬ ‫س��كان هذه المدينة إل��ى اآلراميين‬ ‫الذي��ن كان��وا أول م��ن س��كن هذه‬ ‫البالد‪ ،‬من نسل سام بن نوح‪ ،‬الذين‬

‫نسبوا إلى جدهم آرام بن سام‪.‬‬ ‫تع��د الزبدان��ي م��ن المصايف‬ ‫القديم��ة والمعروفة منذ القرن ‪،19‬‬ ‫يقصده��ا الس��ياح م��ن كل م��كان‬ ‫لجم��ال طبيعته��ا وهوائه��ا العلي��ل‬ ‫حي��ث تترب��ع المدين��ة المصيف في‬ ‫س��فوح الجبل وتمتد تحتها بساتين‬ ‫الفاكه��ة وينابيع الماء والمس��احات‬ ‫الخضراء في سهل الزبداني‪.‬‬ ‫وتعد من أهم المدن الثائرة في‬ ‫الريف الدمش��قي إل��ى جانب مدينة‬ ‫مضايا‪ ،‬فقد دخلت الثورة من أوس��ع‬ ‫أبوابه��ا حيث نادت مضاي��ا منذ أول‬ ‫أس��بوع بإس��قاط النظام وتعرضت‬ ‫لالقتح��ام من قب��ل عناص��ر األمن‬ ‫والش��بيحة وج��رت مناوش��ات بي��ن‬ ‫أزالم األس��د وعناص��ر ش��رفاء م��ن‬ ‫الجيش المنشق‪.‬‬ ‫ف��ي ‪ 16‬حزيران قام��ت الفرقة‬ ‫الرابع��ة باقتح��ام مدين��ة الزبداني‬ ‫بمشاركة ألفين من عناصر الفرقة‬ ‫بقيادة ماهر األس��د ش��قيق رئيس‬ ‫النظ��ام الس��وري بش��ار األس��د‪،‬‬ ‫ويرافقهم عدد من الش��بيحة‪ .‬وفي‬ ‫‪ 17‬تم��وز ش��نت قوات م��ن الجيش‬ ‫الس��وري حمل��ة ده��م واعتق��االت‬ ‫ف��ي مدينة الزبداني بريف دمش��ق‬ ‫وعزل��ت المنطق��ة ع��ن محيطه��ا‪،‬‬ ‫وقام��ت العناص��ر الغادرة بتكس��ير‬ ‫المحالت التجارية ونهب محتوياتها‪.‬‬ ‫وبتاريخ ‪ 2011--10 16‬ش��نت‬

‫ق��وات األم��ن الس��وري عملي��ات‬ ‫عس��كرية ف��ي بلدت��ي الزبدان��ي‬ ‫ومضايا بريف دمش��ق‪ ،‬بعدما قتلت‬ ‫ف��ي وق��ت س��ابق ‪ 15‬ش��خصًا في‬ ‫أربع وعش��رين س��اعة‪ ،‬واش��تبكت‬ ‫مج��دداً مع منش��قين ع��ن الجيش‪،‬‬ ‫وذكر ناشطون أن وحدات من األمن‬ ‫ومليش��يات "الش��بيحة" اقتحم��ت‬ ‫الزبدان��ي وس��ط إط�لاق كثي��ف‬ ‫للن��ار‪ .‬كم��ا تحدث��ت مواق��ع "الثورة‬ ‫الس��ورية" ع��ن عملي��ات اقتح��ام‬ ‫للبيوت واعتق��االت‪ ،‬ووضع للحواجز‬ ‫في كل أنح��اء البلدتين‪ ،‬كما أوردت‬ ‫الهيئة العامة للثورة الس��ورية خبراً‬ ‫عن حصول انش��قاقات في صفوف‬ ‫الجيش ببل��دة مضايا‪ ،‬ما دفع األمن‬ ‫لش��ن عمليات ده��م ومالحقة بحثًا‬ ‫عن المنشقين‪.‬‬ ‫م��ن أش��هر معارض��ي النظ��ام‬ ‫في مدينة الزبدان��ي الدكتور كمال‬ ‫اللبوان��ي والذي تم إطالق س��راحه‬ ‫ي��وم الثالث��اء ‪ 15‬تش��رين الثان��ي‪،‬‬ ‫بعد ست سنوات قضاها في السجن‬ ‫عل��ى خلفي��ة نش��اطه السياس��ي‪.‬‬ ‫وقد اعتقل كمال اللبواني مؤس��س‬ ‫التجم��ع الليبرالي الديموقراطي في‬ ‫س��وريا في تش��رين الثاني‪/‬نوفمبر‬ ‫ل��دى وصول��ه إل��ى مط��ار دمش��ق‬ ‫الدولي آتي��ًا من الوالي��ات المتحدة‪.‬‬ ‫ووجه��ت إلي��ه تهم��ة "االنتم��اء إلى‬ ‫منظمة محظورة" و"النيل من هيبة‬ ‫الدولة" و"نقل معلومات الى الخارج‬

‫من ش��أنها إضعاف الشعور القومي‬ ‫وإثارة مشاعر طائفية‪".‬‬ ‫وس��بق لهذا المعتقل أن سجن‬ ‫ثالث س��نوات لدوره ف��ي إطار "ربيع‬ ‫دمشق" الذي أعقب وصول الرئيس‬ ‫بشار األسد إلى السلطة في سوريا‬ ‫ع��ام ‪ 2000‬وش��هد نش��اطًا مكثف��ًا‬ ‫للمعارضة‪.‬‬ ‫أص��درت تنس��يقية الزبدان��ي‬ ‫وم��ا حوله��ا بيان��اً بتاري��خ ‪24‬ايلول‬ ‫‪ 2011‬بخص��وص قي��ام م��دراء‬ ‫الم��دارس بإيصال أس��ماء الطالبات‬ ‫المتظاه��رات لألمن بإن��ذار كل من‬ ‫يشي بهم بالمحاسبة‪.‬‬ ‫م��ن ش��هداء مضاي��ا األخوي��ن‬ ‫النموس الذين استش��هدا في نفس‬ ‫اليوم بعمر ‪ 17‬و ‪ 18‬ربيعًا‪.‬‬ ‫من طرائف الزبداني رفع الفتات‬ ‫بنكهة ساخرة وقد بدأت الفتاتها تأخذ‬ ‫شهرة أوسع في اآلونة األخيرة‪.‬‬

‫�إح�صائيات‬

‫عدد شهداء الزبداني ‪ 19 :‬شهيد‬ ‫أول ش��هيد سقط في الزبداني ‪:‬‬ ‫ياسر الرفاعي بتاريخ ‪2011-3-25‬‬ ‫عدد شهداء مضايا ‪ 4 :‬شهداء‬ ‫أول ش��هيد س��قط ف��ي مضاي��ا‬ ‫حس��ين معتز عيس��ى بتاريخ ‪-4-24‬‬ ‫‪2011‬‬

‫هيئة التحرير والناشرون‪:‬‬ ‫ج��واد أب��و المن��ى حم��زة الجندل��ي حنين اليوس��ف س��ــعاد يوس��ـف‬ ‫سلوى الخطيب غسان فارس ليلى السمان ماريا الحداد ياسر مرزوق‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪www.facebook.com/pages/Souriatna :‬‬ ‫‪ souriatna.wordpress.com‬للمراسالت‪souriatna@gmail.com :‬‬ ‫نرحب بكل المساهمات والمشاركات‪ ،‬بعد مراجعتها وخضوعها لشروط النشر‬


‫ّ‬ ‫لن�صدق اخلرافات عن الع�صابات امل�سلحة‬

‫أم��ا إذا كانت الدول��ة تتعاطى مع‬ ‫مواطنيها باعتبارهم رعايا عليهم‬ ‫واجب الوالء والطاعة أو يواجهون‬ ‫القتل والقهر والس��جن والتعذيب‬ ‫ف��إن تناول المس��ألة‬ ‫والتغيي��ب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مط��رح آخر‪ .‬وإذ يصرّ الحكم‬ ‫في‬ ‫ٍ‬ ‫في دمشق على روايته إياها عن‬ ‫انتشار مجموعات مسلحة‪ ،‬وأنه ال‬ ‫وأن هذا هو‬ ‫يقوم بغير مواجهتها‪ّ ،‬‬ ‫المشهد السوري وليس غيره منذ‬ ‫فإن ه��ذه الرواية وحدها‬ ‫ش��هور‪ّ ،‬‬ ‫تسوّغ المطالبة بإسقاط النظام‪،‬‬ ‫ف��أن تتمك��ن ه��ذه المجموع��ات‬ ‫من التس��لح والتمدّد في مختلف‬ ‫محافظات الجمهورية‪ ،‬وتستطيع‬ ‫قتل العس��كر والمدنيين بوتيرةٍ‬ ‫نش��طةٍ كل ي��وم‪ ،‬وأن يكون في‬ ‫مقدورها قتل ‪ 120‬جندي ًا ودفنهم‬ ‫ف��ي منطقةٍ حدوديةٍ في جس��ر‬ ‫ال‪ ،‬وأن يكون ميسوراً‬ ‫الشغور شما ً‬ ‫ألفراد هذه المجموعات‪ ،‬والتي لم‬ ‫يعد تركيز النظام على سلفيّتها‬ ‫كبي��راً كما ف��ي األس��ابيع األولى‬ ‫لالنتفاضة السورية‪ ،‬التواصل مع‬ ‫جه��اتٍ خارجيةٍ تموله��م بالمال‬ ‫والس�لاح‪ ،‬أن يك��ون ذل��ك كل��ه‬ ‫صحيحاً وفق المقول��ة الحكومية‬ ‫السورية‪ .‬فنحن‪ ،‬إذاً‪ ،‬أمام مشهدٍ‬ ‫صومال��يٍّ بامتياز‪ ،‬وي��كاد يكون‬ ‫مس��تحي ً‬ ‫ال تخيّل��ه ف��ي س��ورية‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أمنية‬ ‫وهذا بلدٌ تتنوع فيه أجهز ٌة‬

‫ٌ‬ ‫ومخابراتي��ة واس��تخباراتية‪ ،‬قيل‬ ‫إنها إحدى عشرة وقيل أكثر‪ ،‬منها‬ ‫المخاب��رات الجوية الت��ي ال مثيل‬ ‫لها ف��ي العال��م ربم��ا‪ ،‬وال يعرف‬ ‫كات��ب ه��ذه الس��طور توصيف��ًا‬ ‫أن ه��ذه‬ ‫لمهمته��ا‪ .‬ومعل��ومٌ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫يقظ��ة إلى ح��دٍّ مروع‪،‬‬ ‫األجه��زة‬ ‫وفي أرشيفها سوءاتٌ غزير ٌة عن‬ ‫تجسّس��ها عل��ى الرعاي��ا والعباد‬ ‫الذين قضوا سنواتٍ في السجون‬ ‫وأقبية التعذيب جراء كالم قالوه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أو جلس��ةٍ كانوا فيها‪ ،‬أو مكالمةٍ‬ ‫هاتفيةٍ تلقوها‪.‬‬ ‫لي��س مي ً‬ ‫س��جال أو‬ ‫إل��ى‬ ‫�لا‬ ‫ٍ‬ ‫استس�لاماً لغوايته‪ ،‬أن يقال هنا‬ ‫إن تصدي��ق ه��ذه الرواي��ة يدين‬ ‫ّ‬ ‫النظ��ام برمت��ه‪ ،‬ألنه��ا تعني أنه‬ ‫فش��ل في تأمي��ن البل��د وحماية‬ ‫مواطنيه من إرهابيين يتحركون‬ ‫بيس��ر في كل جهات الجمهورية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وأن إنفاق��ه الكبي��ر على األجهزة‬ ‫ّ‬ ‫والمؤسس��ات العسكرية واألمنية‬ ‫كان إه��داراً للم��ال العام‪ ،‬س��يّما‬ ‫وأن حديثه المضح��ك عن أصابع‬ ‫ّ‬ ‫المؤام��رة الخارجيّ��ة ف��ي تركيا‬ ‫ولبن��ان والس��عودية وإس��رائيل‬ ‫هي التي تح��رّك هذه العصابات‬ ‫ال يعن��ي س��وى هشاش��ة تل��ك‬ ‫األجه��زة والمؤسس��ات وت��ردّي‬ ‫أدائها‪ .‬ال يريد الحكم في دمش��ق‬ ‫أن يتوق��ف ع��ن تردي��د أزعوم��ة‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬

‫حنجرة القاشوش‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أن‬ ‫الف��تٌ ف��ي داللت��ه ّ‬ ‫التصريح��ات والبيانات الس��ورية‬ ‫الحكومي��ة ع��ن العصاب��ات‬ ‫المس��لحة التي يواجهه��ا النظام‪،‬‬ ‫منذ تسعة شهور‪ ،‬تخلو تمامًا من‬ ‫اإلتيان عل��ى الضحاي��ا المدنيين‬ ‫الذي��ن يس��قطون برصاص هذه‬ ‫العصاب��ات‪ .‬وهذا الرئيس بش��ار‬ ‫األسد في أحدث مقابلةٍ صحافيةٍ‬ ‫معه يشير إلى مقتل ‪ 800‬عنصر‬ ‫وضاب��ط من قوى األمن والجيش‬ ‫سقطوا برصاص هذه العصابات‪،‬‬ ‫إن م��ن واج��ب النظ��ام‬ ‫ويق��ول ّ‬ ‫مواجهته��ا لحماي��ة مواطني��ه‪.‬‬ ‫وإذ تتوال��ى كل ي��وم أخب��ارٌ عن‬ ‫مقتل أزيد من ‪ 25‬مدنياً س��ورياً‪،‬‬ ‫ويصل العدد إل��ى ‪ 50‬أحيان ًا‪ ،‬فإن‬ ‫السلطات الحكومية ال تكترث‪ ،‬وال‬ ‫تجد نفس��ها مضط��رّ ًة إلى نفي‬ ‫هذه األع��داد أو أقله نش��ر أعداد‬ ‫أقل للضحايا‪.‬‬ ‫ويتفاص��ح محب��و النظ��ام‬ ‫الس��وري‪ ،‬حين مجادلتهم بش��أن‬ ‫هذا القتل اليومي حين يشككون‬ ‫بهذه األعداد‪ ،‬وأنك لم تكن هناك‬ ‫في سورية حتى تردّدها‪ ،‬وتجعلها‬ ‫ً‬ ‫حجّ��ة ف��ي مناهضتك الس��لطة‬ ‫الغاصب��ة للس��لطة في دمش��ق‪.‬‬ ‫أن‬ ‫واإلجابة الوحي��دة على هؤالء ّ‬ ‫المعت��اد ف��ي أنب��اء االضطرابات‬ ‫والصدام��ات واالحتجاج��ات ف��ي‬ ‫ّ‬ ‫ق��در‬ ‫بأق��ل‬ ‫أيّ دول��ةٍ تتصّ��ف‬ ‫ٍ‬ ‫أن وزارة‬ ‫م��ن احت��رام مواطنيه��ا ّ‬ ‫الداخلي��ة‪ ،‬أو وزارة الصحة ممثلة‬ ‫بالمستش��فيات أحيان�� ًا‪ ،‬هي التي‬ ‫تعل��ن أع��داد القتل��ى والجرحى‪،‬‬ ‫وتزوّد وس��ائل اإلعالم بها‪ ،‬وهو‬ ‫م��ا عهدناه ف��ي مصر إب��ان ثورة‬ ‫يناير‪ ،‬وفي غض��ون االعتصامات‬ ‫والتظاه��رات المس��تجدّة ض��د‬ ‫المجل��س العس��كري للق��وات‬ ‫وألن النظام السوريّ‬ ‫المس��لحة‪ّ .‬‬ ‫ال يأب��ه له��ذا التقلي��د‪ ،‬تصي��ر‬ ‫مهمّ��ة تعري��ف ال��رأي الع��ام‬ ‫ووس��ائل اإلعالم بأع��داد القتلى‬ ‫والمصابين المدنيين‪ ،‬والعس��كر‬ ‫ً‬ ‫منوط��ة بالناش��طين‬ ‫أحيان��اً‪،‬‬ ‫والهيئ��ة العامة للثورة الس��ورية‬ ‫ولجان التنسيق المحلية والمركز‬ ‫السوري لحقوق اإلنسان‪ ،‬ويحدث‬ ‫أن تنشر التنسيقيّات في مواقعها‬ ‫اإللكتروني��ة أس��ماء الضحاي��ا‬ ‫ومناطق إطالق الرصاص عليهم‪.‬‬ ‫وم��ن الطري��ف‪ ،‬والمخ��زي ف��ي‬ ‫أن نفياً وحيداً لعدد‬ ‫الوقت نفسه‪ّ ،‬‬ ‫قتلى س��قطوا أصدرته الحكومة‬ ‫السورية في اليوم التالي إلعالن‬ ‫موافقته��ا على الخط��ة العربية‪،‬‬ ‫ولم تكن قد فعلت مثله قبل ذلك‬ ‫النهار‪ ،‬ولم تفعل بعده‪.‬‬ ‫ليس��ت المس��ألة ه��ذه‬ ‫تفصيلية‪ ،‬أو قضي��ة إعالم كاذب‬ ‫ٍ‬ ‫أو ص��ادق‪ ،‬إنه��ا تتعلق بأبس��ط‬ ‫واجب��ات الدول��ة تج��اه مواطنيها‪،‬‬

‫العصاب��ات المس��لحة‪ ،‬ويتعام��ى‬ ‫أن حماقات��ه‬ ‫تمام��اً ع��ن حقيق��ة ّ‬ ‫ومغامراته العس��كرية العدوانية‬ ‫تج��اه المتظاهرين المدنيين هي‬ ‫الت��ي تس��بّبت بح��دوث مظاه��ر‬ ‫االنتقام المس��لحة واالنش��قاقات‬ ‫المتتالي��ة ف��ي الجي��ش‪ ،‬وجعلته‬ ‫غي��ر ق��ادر عل��ى التواج��د ف��ي‬ ‫بع��ض الم��دن إال ب��أدوات القتل‬ ‫من الش��بيحة وقوى األمن‪ .‬وهذه‬ ‫الحماق��ات والمغام��رات وحده��ا‬ ‫المسؤولة عن إحداث الفتنة التي‬ ‫د ّل��ت وقائ��ع عليه��ا‪ ،‬ف��ي حمص‬ ‫مث ً‬ ‫�لا‪ ،‬ومنه��ا اس��تهداف علويين‬ ‫ً‬ ‫س��نّة واستهداف س��نّةٍ علويين‬ ‫بالقت��ل‪ ،‬وأحيان��ًا بالخطف‪ ،‬وهما‬ ‫ممارستان إرهابيتان‪ ،‬وكان طيّبًا‬ ‫م��ن رئاس��ة المجل��س الوطن��ي‬ ‫الس��وري المعارض أنّها أصدرت‬ ‫بيان ًا يش��دد على خط��ورة األمر‪،‬‬ ‫فل��م تتع��ام عن��ه‪ ،‬وكان طيّب��ًا‬ ‫أيض��ًا م��ن علماء حمص الس��نّة‬ ‫والعلويين إصدارهم بياناً يحرّم‬ ‫القتل والخطف‪.‬‬ ‫ال ييسّ��ر إصرار السلطة في‬ ‫سورية‪ ،‬وكذا الرئيس بشار األسد‬ ‫نفس��ه‪ ،‬على خرّافي��ة العصابات‬ ‫المس��لحة‪ ،‬وعلى تجاهل سقوط‬ ‫مدنيي��ن س��وريين برص��اص‬ ‫حوار مع هذه‬ ‫األم��ن‪ ،‬أيّ إمكانية ٍ‬ ‫إصالح‬ ‫على‬ ‫السلطة‪ ،‬أو أيّ رهانٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تشيع أنّها في صدد التوجه إليه‪.‬‬ ‫هنا جوهر األزمة المحتدمة معها‪،‬‬ ‫ألن مشكلتها مع شعبها‪،‬‬ ‫ببساطةٍ ّ‬ ‫وليس��ت مع قطر وقن��اة الجزيرة‬ ‫وتركي��ا وجامعة ال��دول العربية‪.‬‬ ‫أن هذه الس��لطة كأنّها‬ ‫والب��ادي ّ‬ ‫لتدخل‬ ‫س��ورية‬ ‫تعرّض‬ ‫تشتهي‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ضحية‪،‬‬ ‫عس��كريٍّ أجنبي‪ ،‬لتب��دو‬ ‫ّ‬ ‫ولتتحق��ق لخرافيّ��ة المؤام��رة‬ ‫ٌ‬ ‫وجاهة تسندها‪ .‬وليس‬ ‫الخارجية‬ ‫تكه��ن‬ ‫مزاح�� ًا‪ ،‬وإن ه��و مح��ض‬ ‫ٍ‬ ‫إن الحكم في‬ ‫لي��س إال‪ ،‬أن يق��ال ّ‬ ‫ألن مسؤولي حلف‬ ‫دمشق متوترٌ ّ‬ ‫الناتو واإلدارة األميركية واالتحاد‬ ‫األوروب��ي ال يل��وّح أيٌّ منه��م‬ ‫بإمكانية التدخل العسكري‪ .‬على‬ ‫هؤالء أن يشيعوا بين وقتٍ وآخر‬ ‫كالم��اً عن ه��ذا األم��ر‪ ،‬ليت��زوّد‬ ‫النظ��ام بل��وازم ملح��ةٍ لصورته‬ ‫ً‬ ‫ضحيّ��ة مس��تهدفة‪ ،‬أما الش��عب‬ ‫الس��وري ف�لا وجود له ف��ي هذه‬ ‫ألن‬ ‫المعادلة البائسة‪ ،‬ال‬ ‫لسبب إال ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ال أحد يسقط منه قتي ً‬ ‫ال وجريحاً‪،‬‬ ‫ال مستش��فى قال ذل��ك وال وزارة‬ ‫أعلنت ذلك‪.‬‬ ‫‪ ...‬ي��ا للس��وريين‪ ،‬إذاً‪ ،‬ك��م‬ ‫صبره��م ف��ي ليله��م المدي��د‬ ‫أسطوريٌّ وباهر‪.‬‬ ‫كاتب فلسطيني‬ ‫الحياة اللندنية | ‪2011 / 1 / 26‬‬

‫من أعمدة الصحافة ‪. .‬‬

‫معن البياري‬

‫‪13‬‬


‫قانون الأحوال ال�شخ�صية‬ ‫الصفحة القانونية‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫ياسر مرزوق‬ ‫خاص سوريتنا‬ ‫نق ً‬ ‫ال عن د‪ .‬نوال السعداوي‬ ‫في كتابها "الوجه العاري للمرأة‬ ‫العربية"‪( :‬على المرأة أن تدرك‬ ‫أنها ستدفع ثمن الحرية التي‬ ‫ستنتزعها لنفسها لكن عليها‬ ‫أيضاً أن تدرك أنها تدفع ثمن‬ ‫العبودية التي تعيشها واألفضل‬ ‫لها أن تكون حرة على أن تدفع‬ ‫الثمن وأن تكون عبدة‪ ،‬بل إن‬ ‫الثمن الذي تدفعه في العبودية‬ ‫أكبر من ذلك الذي تدفعه‬ ‫من أجل تحررها‪ ،‬وعليها أن‬ ‫تدرك أيضاً أنها لن تستطيع‬ ‫أن تحصل على حقوقها إال إذا‬ ‫أصبحت النساء قوة اجتماعية‬ ‫ضاغطة وقادرة على الضغط وأنها من أجل أن‬ ‫تكون قوة ال بدّ أن تتحد وتتآزر مع الفئات األخرى‬ ‫المضطهدة في المجتمع‪.)...‬‬ ‫يقوم قانون األحوال الشخصية في سوريا‬ ‫بأغلبية مواده على ما كان يطلق عليه (مجلة األحكام‬ ‫العدلية) الموروث من قبل العثمانيين‪ ،‬إذ يبدو من‬ ‫العجب أننا ما زلنا نقرأ حتى اآلن مث ً‬ ‫ال القرار الصادر‬ ‫عن (محمد قدري باشا)‪ ،‬فقد ظل قانون األحوال‬ ‫الشخصية في مجتمعنا موضوعًا صحفيًا مثيراً خالل‬ ‫نصف القرن الفائت‪ ،‬لكنه لم يكن أبداً أحد القضايا‬ ‫الكبرى في مجتمعنا التي توجب اهتمام كبار رجال‬ ‫السياسة‪ ،‬وإنما ظل هذا القانون من األمور الثانوية‬ ‫والتي يترك أمرها للجمعيات األهلية (أي لوزارة‬ ‫الشؤون االجتماعية والعمل)‪.‬‬ ‫وقد ظل من الشائع ضمن النخب السياسية‬ ‫في سوريا أن قضية األحوال الشخصية للمرأة‬ ‫والرجل ال عالقة لها بالسياسة العليا التي تشغلها‬ ‫القضايا السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪،‬‬ ‫ومما الشكّ فيه أنه ال يمكن بحالة من األحوال‬ ‫فصل حياة الناس الشخصية والحقوق اللصيقة‬ ‫وإن‬ ‫بالمرأة عن الحياة االقتصادية والسياسية‪ّ ،‬‬ ‫أي فصل بينها يقود إلى فكر ناقص ومشوه‪،‬‬ ‫إن الذي يصنع تاريخ اإلنسان ليست العالقات‬ ‫السياسية واالقتصادية وحدها‪ ،‬لكن الذي يصنع‬ ‫التاريخ هو التالزم بين القضايا االقتصادية‬ ‫والسياسية واالجتماعية في وحدة واحدة وفي‬ ‫مستوىً واحد‪.‬‬ ‫سوف نناقش في زاويتنا اليوم قانون‬ ‫األحوال الشخصية السوري والذي هو عبارة‬ ‫عن قائمة تطول من أشكال التمييز واالنتقاص‬ ‫من حقوق المرأة فهو قانون تعسفي ومصادر‬ ‫لحق المواطن‪/‬ة في سوريا وإن إعادة النظر فيه‬ ‫بشكل جزئي وكامل هي من األمور األكثر إلحاحًا‬ ‫للبحث والتجديد‪.‬‬

‫ورد في المادة ‪ /12/‬من قانون األحوال‬ ‫الشخصية السوري‪:‬‬ ‫(يشترط في صحة عقد الزواج حضور‬ ‫شاهدين رجلين أو رجل وامرأتين مسلمين‬ ‫عاقلين‪ )...‬في األمور أو الخالفات المدنية أو‬ ‫الجزائية يعامل المشرع السوري المرأة كمواطن‬ ‫كامل األهلية إذ تجوز شهادتها منفردة أما في‬ ‫األمور الشرعية فهي كائن ناقص األهلية‪.‬‬ ‫تنص المادة ‪ /24/‬من القانون نفسه‪:‬‬ ‫(القاضي ولي من ال ولي له)‪ ،‬أي أن القاضية‬ ‫في حكم القانون هي ولية من ال ولي له‪ ،‬وهي‬

‫ثورة لوجيا‬ ‫موقع العدد‪� :‬سوريون نت‬ ‫(‪)http://www.sooryoon.net‬‬ ‫سوريتنا | محمد يونس‬ ‫يعتبر الموقع معارض ًا فض ً‬ ‫ال عن‬ ‫كونه من مواقع الثورة‪ ،‬فالموقع‬ ‫قديم جداً قبل الثورة‪ ،‬وهو مصدر‬ ‫مهم لألخبار الخاصة بالنظام السوري‬ ‫وظلمه للشعب السوري لعقود طويلة‪،‬‬ ‫ويصرح الموقع أنه يدعم جهود كل‬ ‫المعارضة السورية وخصوصا الطيف‬ ‫اإلسالمي‪.‬‬

‫امل�س�ؤول عن املوقع‪:‬‬

‫بحكم القانون أيض ًا ليست ً‬ ‫ولية على نفسها أو‬ ‫أوالدها‪ ،‬إذ أن القانون حصر الوالية بالذكور‪.‬‬ ‫أما المادة ‪ /37/‬تنص‪:‬‬ ‫(ال يجوز أن يتجوز الرجل بخامسة حتى يطلق‬ ‫إحدى زوجاته األربع وتنقضي عدتها) إن موضوع‬ ‫تعدد الزوجات رغم كل التبريرات الشرعية فهو‬ ‫مناقض للدستور الذي ضمن المساواة بين‬ ‫المواطنين في الحقوق والواجبات (المادة ‪/25/‬‬ ‫من الدستور)‪.‬‬ ‫وفي المادة ‪ /70/‬تجبر الزوجة على السفر‬ ‫مع زوجها إال إذا اشترط في العقد غير ذلك أو‬ ‫وجد القاضي مانعًا من السفر‪ ،‬يضاف إلى هذه‬ ‫المادة األمر الدائم لوزير الداخلية رقم ‪ 876‬لعام‬ ‫‪ 1979‬والذي يحدد انتقال وسفر الزوجة بنا ًء على‬ ‫موافقة الزوج‪.‬‬ ‫المادتين ‪ /86-85/‬واللتين أباحتا للرجل‬ ‫تطليق زوجته دون أن أي مبرر أخالقي أو مادي‬ ‫(الطالق التعسفي) والذي يقع بنا ًء على رغبة الرجل‬ ‫الشخصية حتى وإن استمر الزواج عشرات السنين‪،‬‬ ‫كما نصت المادة ‪: /117/‬‬ ‫( إذا طلق الرجل زوجته وتبين للقاضي‬ ‫بأن الزوج متعسف في طالقها دون سبب‬ ‫معقول سيصيبها بذلك بؤس وفاقة شديدة‬ ‫جاز للقاضي أن يحكم لها على مطلقها بحسب‬ ‫حالة ودرجة تعسفه بتعويض ال يتجاوز مبلغ‬ ‫نفقة ثالث سنوات ألمثالها)‪ ،‬فبغض النظر‬ ‫على أن النفقة الشهرية للمطلقة ال تتجاوز‬ ‫في أي حال من األحوال مبلغ ‪ 1500‬ليرة‬ ‫سورية‪ ،‬فقد أغفل المشرع األثر النفسي‬ ‫الشديد الذي يصيب المطلقة جراء الطالق‬ ‫التعسفي‪ ،‬وحصر التعويض في حالة البؤس‬ ‫والفاقة الشديدة‪.‬‬ ‫المادتين ‪ /172-170/‬انتقصتا من أهلية‬ ‫المرأة وحقها في الوصاية على أبنائها من بعد أن‬ ‫أعطت األب ومن بعده ذكور العائلة حق الوصاية‬ ‫على األوالد ولم َ‬ ‫يعط هذا الحق لألم وبقي دورها‬ ‫محصوراً في الخدمة فقط‪.‬‬ ‫نق ً‬ ‫ال عن "ملك حفني ناصف" (باحثة البادية)‪:‬‬ ‫(إن الدفاع عن حقوق الشعب ال يعني إغفال‬ ‫حقوق النسوة أو النساء أو تجاهل مشاكلهن‬ ‫الخاصة الملحة داخل البيت وخارجه‪ ،‬فالحياة‬ ‫الخاصة لإلنسان امرأ ًة كانت أم رجل ال تنفصل‬ ‫عن الحياة العامة ٍّ‬ ‫لكل منهما والمرأة العاجزة عن‬ ‫الدفاع عن كرامتها وحريتها ال تستطيع الدفاع‬ ‫عن كرامة الوطن أو حريته)‪.‬‬

‫تديره هيئة التحرير بعد أن‬ ‫قدم المعارض السوري علي األحمد‬ ‫استقالته آواخر شهر آب وذلك النشغاله‬ ‫ببعض األمور التنظيمية كما بين‬ ‫الموقع‪ .‬علي األحمد مدون ناشط منذ‬ ‫‪ 2007‬يعيش حالياً في بريطانيا بعد أن‬ ‫تم تغييبه قسريًا عن سوريا منذ ‪1981‬‬ ‫كما يذكر على مدونته وبجولة سريعة‬ ‫في المدونة نستطيع أن نقول أن علي‬ ‫األحمد من حزب اإلخوان المسلمين في‬ ‫سورية‪.‬‬

‫الربنامج امل�ستخدم لإدارة املوقع‪:‬‬ ‫‪Wordpress‬‬

‫مميزات املوقع ‪:‬‬

‫• سهل وسريع التصفح بالرغم‬ ‫من غزارة وتنوع المعلومات واألخبار‬ ‫الموجودة في الموقع‪.‬‬ ‫• يتفرد الموقع بنشر الكثير من‬ ‫األخبار والدراسات والتحليالت الخاصة‬ ‫بسوريا‪ .‬باإلضافة لحصوله على صور‬ ‫ووثائق رسمية‪.‬‬ ‫• إمكانة البحث والمتابعة عن‬ ‫طريق فيسبوك وتويتر وخدمة ار اس‬ ‫اس‪.‬‬ ‫• يختار الموقع أهم وأبرز المقاالت‬ ‫لمعارضي النظام السوري أو المتعلقة‬ ‫بالشأن السوري ويتم تحديث زاوية‬ ‫المقاالت بشكل يومي‪.‬‬ ‫• الموقع نشيط جداً ويتم تحديث‬ ‫زواياه بشكل دوري‪.‬‬ ‫• تم إضافة زاوية "ورد للتو" لألخبار‬ ‫العاجلة بعد الثورة السورية وتنشر‬ ‫أهم ما يرد من أخبار عاجلة‪.‬‬

‫�سلبيات املوقع ‪:‬‬

‫• ثبت أن الموقع وفي أكثر من مرة‬ ‫نشر أخبارأ عن مصادره الخاصة أو عن‬ ‫وسائل ليست ذات مصداقية عالية‪،‬‬ ‫تبين فيما بعد أنها كاذبة أو محرفة‬ ‫وذلك ضد النظام وفي بعض األحيان‬ ‫ضد بعض رموز المعارضة مما يفقد‬ ‫الموقع شيئاً من مصداقيته ومهنيته‪.‬‬ ‫• يصعب الوصول إلى المواد‬ ‫القديمة في الموقع إال عن طريق‬ ‫البحث واستعراض النتائج فليس هناك‬ ‫أي أرشفة حسب التاريخ‪.‬‬


‫م�صطفى ال�سباعي (‪)1964 – 1915‬‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬

‫حسن البنا ‪ -‬عمر األميري ‪ -‬مصطفى حسني السباعي في حرب فلسطين ‪1948‬‬

‫اس��تمرت حت��ى أواس��ط الس��تينيات‬ ‫وتول��ى تحريرها بعد وفاة الس��باعي‬ ‫الدكتور "محمد أديب الصالح"‪.‬‬ ‫مؤلف��ات الدكت��ور مصطف��ى‬ ‫السباعي‪:‬‬ ‫كان للس��باعي وافر الفضل على‬ ‫المكتب��ة اإلس�لامية الس��ورية نذكر‬ ‫م��ن مؤلفات��ه ش��رح قان��ون األحوال‬ ‫الش��خصية‪ ،‬م��ن روائ��ع حضارتن��ا‪،‬‬ ‫الم��رأة بين الفقه والقان��ون‪ ،‬القالئد‬ ‫م��ن فرائ��د الفوائ��د‪ ،‬عظماؤن��ا ف��ي‬ ‫التاريخ‪ ،‬السنة ومكانتها في التشريع‪،‬‬ ‫هك��ذا علمتن��ي الحي��اة‪ ،‬اش��تراكية‬ ‫اإلس�لام‪ ،‬أخالقنا االجتماعية‪ ،‬أحكام‬ ‫الصي��ام وفلس��فته‪ ،‬الدي��ن والدول��ة‬ ‫واإلس�لام‪ ،‬نظام الس��لم والحرب في‬ ‫اإلس�لام‪ ،‬هذا هو اإلس�لام‪ ،‬الس��يرة‬ ‫النبوي��ة دروس وعب��ر‪ ،‬االستش��راق‬ ‫والمستش��رقون‪ ،‬المرون��ة والتط��ور‬ ‫في التش��ريع اإلس�لامي‪ ،‬منهجنا في‬ ‫اإلص�لاح‪ ،‬العالق��ات بين المس��لمين‬ ‫والمسيحيين في التاريخ‪.‬‬ ‫بع��د تجربت��ي الوح��دة وتجرب��ة‬ ‫انق�لاب الثامن م��ن آذار ‪ 1963‬انكفأ‬ ‫الس��باعي عن المش��اركة ف��ي الحياة‬ ‫العامة وتفرغ للكتابة إذ أصبح يصنف‬ ‫في قائمة الرجعي��ة الواجب محاربتها‬ ‫وتطهير الساحة السياسية منها‪.‬‬ ‫في الثالث من تشرين األول عام‬ ‫‪ 1964‬توف��ى اهلل الدكت��ور مصطفى‬ ‫السباعي ودفن في مدافن العائلة في‬ ‫حم��ص بعد أن صلي عليه في الجامع‬ ‫األموي في دمشق‪.‬‬ ‫قال عنه مفتي فلس��طين "الحاج‬ ‫أمي��ن الحس��يني"‪( :‬فق��دت س��وريا‬ ‫علم��اً من أعالمها ومجاه��داً من كبار‬ ‫مجاهديه��ا‪ ،‬وفق��د العالم اإلس�لامي‬ ‫عالمًا من علمائه األجالء وأس��تاذاً من‬ ‫أساتذته الفضالء‪.)...‬‬ ‫وقال عن��ه العالمة الكبير "محمد‬ ‫أب��و زه��رة" ‪ ( :‬إنن��ي لم أر ف��ي بالد‬ ‫ً‬ ‫هم��ة‬ ‫الش��ام أعل��ى م��ن الس��باعي‬ ‫وأعظ��م منه نفس��اً وأش��دّ منه على‬ ‫ً‬ ‫حرقة وألمًا)‪.‬‬ ‫اإلسالم والمسلمين‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫خاص سوريتنا‬ ‫مصطفى بن حس��ني السباعي‪،‬‬ ‫م��ن موالي��د حم��ص ع��ام ‪،1915‬‬ ‫نش��أ في كنف أس��رةٍ علميةٍ عريقة‬ ‫معروف��ة بالعل��م والعلم��اء منذ مئات‬ ‫الس��نين‪ ،‬كان والده وأج��داده يتولون‬ ‫الخطابة في الجامع الكبير في حمص‬ ‫(من الجدير بالذكر أنه لدى مطالعتنا‬ ‫لكافة التراجم التي تعنى بالشخصيات‬ ‫العام��ة ف��ي التاري��خ الس��وري قب��ل‬ ‫آذار ‪ 1963‬نج��د دائم��ًا التركي��ز على‬ ‫موضوع النس��ب‪ ،‬وهو أمر طبيعي إذا‬ ‫ما قيس بمقاييس عصره‪ ،‬فالتجربة‬ ‫الديمقراطي��ة حينها ل��م تكتمل ولم‬ ‫تتح الفرص��ة لبروز فك��رة المواطنة‬ ‫بمعناها العلمي الحقيقي)‪.‬‬ ‫والده الش��يخ حس��ني الس��باعي‬ ‫المجاه��د ض��د االس��تعمار الترك��ي‬ ‫وم��ن مؤسس��ي الجمعي��ات الخيري��ة‬ ‫والمشاريع االجتماعية اإلسالمية في‬ ‫حمص‪.‬‬ ‫نش��أ الس��باعي في ج��و حمص‬ ‫العلم��ي عل��ى يد كب��ار العلم��اء مثل‬ ‫"الطاهر الريس"‪" ،‬س��عيد الملوحي"‪،‬‬ ‫"فائق األتاسي"‪" ،‬راغب الوفائي"‪.‬‬ ‫ش��ارك ف��ي المقاوم��ة ض��د‬ ‫االستعمار الفرنسي‪ ،‬واعتقل أول مرة‬ ‫ع��ام ‪ 1931‬بتهمة توزيع منش��ورات‬ ‫ف��ي حم��ص واعتقل م��رة ثانية عام‬ ‫‪ 1933‬بس��بب الخطب الحماسية التي‬ ‫كان يلقيها في جوامع المدينة‪.‬‬ ‫وفي العام نفسه انتقل السباعي‬ ‫إل��ى مص��ر للدراس��ة الجامعي��ة في‬ ‫األزه��ر وهناك ش��ارك ف��ي مقاومة‬ ‫االحت�لال اإلنكلي��زي لمص��ر‪ ،‬كم��ا‬ ‫ش��ارك في المظاهرات المؤيدة لثورة‬ ‫الكيالن��ي ف��ي العراق‪ ،‬وق��د اعتقلته‬ ‫السلطات المصرية بأمر من اإلنكليز‪،‬‬ ‫مع مجموعة م��ن رفاقه الطلبة‪ ،‬حيث‬ ‫بق��ي معتق ً‬ ‫�لا لم��دة ثالثة أش��هر ثم‬ ‫ت��مّ نقل��ه إلى س��جن (صرفن��د) في‬ ‫فلسطين حيث بقي أربع أشهر‪ ،‬وتمّ‬ ‫إطالق سراحه بكفالة‪.‬‬ ‫خالل دراس��ته في مص��ر تعرف‬ ‫إلى الش��يخ حس��ن البنا المرشد العام‬ ‫لألخوان المس��لمين في مصر‪ ،‬وظلت‬ ‫الصلة قائمة بينهم��ا بعد عودته إلى‬

‫س��وريا حيث اجتم��ع العلم��اء والدعاة‬ ‫ورج��ال الجمعي��ات اإلس�لامية ف��ي‬ ‫المحافظات وق��رروا توحيد صفوفهم‬ ‫والعمل جماعة واحدة وتأسست بذلك‬ ‫جماع��ة األخ��وان المس��لمين لعموم‬ ‫القطر السوري عام ‪.1942‬‬ ‫ع��ام ‪ 1945‬انتخ��ب الس��باعي‬ ‫ليك��ون أول مراق��ب ع��ام لألخ��وان‬ ‫المس��لمين في س��وريا‪ ،‬وقد حدد في‬ ‫كتابه دروس في دعوة األخوان مالمح‬ ‫الفكر السياس��ي لألخوان المس��لمين‬ ‫ف��ي س��وريا وال��ذي يتخل��ف بش��كل‬ ‫جوه��ري عن فكر الجماعة في مصر‪،‬‬ ‫وم��رد االخت�لاف يع��ود إل��ى اختالف‬ ‫النش��أة‪ ،‬فجماعة األخوان المس��لمين‬ ‫ف��ي مصر نش��أت في العه��د الملكي‬ ‫وف��ي ظ��ل االس��تعمار اإلنكلي��زي‪،‬‬ ‫وتعرض��ت ألش��كال االضطه��اد مم��ا‬ ‫جعلها تأخ��ذ اتجاهات أكثر راديكالية‪،‬‬ ‫بينما الجماعة في سوريا‪ ،‬فقد نشأت‬ ‫في ج��و ديمقراط��ي وكان��ت توحيداً‬ ‫لتيارات إس�لامية وسطية مقبولة من‬ ‫كل شرائح المجتمع‪.‬‬ ‫عام ‪ 1947‬أنشأ السباعي جريدة‬ ‫المن��ار (والتي اس��تمر نش��اطها حتى‬ ‫انقالب الزعيم حتى عام ‪.)1949‬‬ ‫ش��ارك األخ��وان ف��ي ح��رب عام‬ ‫‪ 1948‬كج��زء م��ن الكتائب الس��ورية‬ ‫المشاركة في الحرب وقد قاد السباعي‬ ‫ً‬ ‫كتبية بنفسه ولمس شخصياً التواطئ‬ ‫بي��ن الح��كام الع��رب عل��ى القضي��ة‬ ‫الفلس��طينية ف��ي حين��ه‪ ،‬ونق ً‬ ‫�لا عن‬ ‫كتاب��ه (األخوان في حرب فلس��طين)‪:‬‬ ‫"كن��ا نش��عر ونح��ن في قل��ب معارك‬ ‫الق��دس أن هناك مناورات تجري على‬ ‫الصعيد الدولي وفي أوساط السياسات‬ ‫العربية الرسمية‪."...‬‬ ‫ع��اد الس��باعي إلى س��وريا وقد‬ ‫اختارت��ه دمش��ق وه��و اب��ن حمص‬ ‫نائب��اً عنها ف��ي الجمعية التأسيس��ية‬ ‫ع��ام ‪( 1949‬تج��در اإلش��ارة إل��ى أن‬ ‫العدد األكبر من األصوات التي حازها‬ ‫الس��باعي كان��ت م��ن المس��يحيين‬ ‫والتي��ارات العلماني��ة ف��ي حينه��ا)‪،‬‬ ‫ث��مّ انتخ��ب نائب��اً لرئي��س المجلس‬ ‫وأصبح عض��واً بارزاً في لجنة صياغة‬ ‫الدستور‪.‬‬

‫عام ‪ 1949‬وعند اش��تعال‬ ‫األزم��ة الحكومي��ة الش��هيرة‬ ‫ف��ي س��وريا حين عجز الس��يد‬ ‫"ناظ��م القدس��ي" المكلف في‬ ‫تش��كيل الوزارة في حينه‪ ،‬عن‬ ‫تش��كيلها‪ ،‬العتراضات مقدمة‬ ‫م��ن المؤسس��ة العس��كرية‪،‬‬ ‫فتصاعدت مخاوف الس��وريين‬ ‫من عودة العس��كر للحكم في‬ ‫سوريا‪ ،‬أسس السباعي مع كل‬ ‫من "فيضي األتاس��ي" و"أكرم‬ ‫الحوران��ي" م��ا س��مي حينه��ا‬ ‫(لجن��ة التوفي��ق) لح��ل األزمة‬ ‫الحكومي��ة والتي تم حلها فع ًال‬ ‫ُ‬ ‫وكلِ��فَ "خال��د بي��ك العظ��م"‬ ‫بتشكيل حكومة مدنية‪.‬‬ ‫عام ‪ 1950‬عين السباعي‬ ‫أس��تاذاً في كلي��ة الحقوق بعد‬ ‫أن حاز درجة الدكتوراه‪.‬‬ ‫عام ‪ 1951‬ش��ارك ف��ي المؤتمر‬ ‫اإلس�لامي ف��ي باكس��تان وف��ي عام‬ ‫‪ 1953‬ش��ارك في المؤتمر اإلسالمي‬ ‫في الق��دس‪ ،‬ع��ام ‪ 1954‬ق��ام أديب‬ ‫الشيش��كلي بح��ل الجماع��ة وإغالق‬ ‫صحفها ومكاتبها واعتقال الس��باعي‬ ‫ال��ذي أفرج عن��ه في الع��ام ذاته بعد‬ ‫عودة الحياة الديمقراطية إلى سوريا‪.‬‬ ‫بعد ث��ورة ع��ام ‪ 1952‬في مصر‬ ‫وتع��رض األخ��وان ألش��كال التغييب‬ ‫والنف��ي ق��ررت الجماعة تش��كيل ما‬ ‫سمي بالمكتب التنفيذي للجماعة في‬ ‫األقطار العربية والذي تولى السباعي‬ ‫رئاسته‪.‬‬ ‫تجدر اإلشارة إلى أن فرع األخوان‬ ‫في س��وريا لم يشارك في االنتخابات‬ ‫كحزب سياس��ي فقد وضع ثقله دائمًا‬ ‫لتأييد من يراهم متماش��ين مع خطه‬ ‫الفك��ري تح��ت مظلة ما كان يس��مى‬ ‫حينها الكتلة اإلس�لامية االشتراكية‪،‬‬ ‫وبالرغم من كل الميزات الش��خصية‬ ‫التي كان يتمتع بها الس��باعي ورفاقه‬ ‫إال أن الجماع��ة لم تفلح في الحصول‬ ‫عل��ى نس��ب كبي��رة م��ن المقاع��د‬ ‫البرلماني��ة ف��ي األدوار التش��ريعية‬ ‫المختلفة‪.‬‬ ‫إال أن تأثير األخوان الواضح على‬ ‫ال��رأي الع��ام في س��وريا تجلى خالل‬ ‫الحملة اإلعالمية التي ش��نها اإلخوان‬ ‫عل��ى الثورة في مص��ر‪ ،‬خصوصًا في‬ ‫عام��ي ‪ 1954‬و‪ 1955‬بعدما أبعد عبد‬ ‫الناصر "محم��د نجيب" عن الحكم‪ ،‬إال‬ ‫أن ه��ذا التأثير ما لب��ث أن زال تقريبًا‬ ‫بس��بب الق��وة اإلعالمي��ة الت��ي كان‬ ‫يملكه��ا عبد الناص��ر والم��د القومي‬ ‫الذي بدأ باجتياح المنطقة بأكملها‪.‬‬ ‫عام ‪ 1955‬أسس مجلة "الشهاب"‬ ‫األس��بوعية ومجل��ة "المس��لمون"‬ ‫الش��هرية (والت��ي تعتب��ر ظاه��رة في‬ ‫تاريخ المطبوعات إسالمية الطابع في‬ ‫سوريا)‪ ،‬واللتين استمر إصدارهما حتى‬ ‫عام ‪ 1958‬عهد الوحدة مع مصر‪.‬‬ ‫كم��ا أس��س ع��ام ‪ 1956‬مجل��ة‬ ‫"حض��ارة اإلس�لام" الش��هرية والتي‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪15‬‬


‫فادي زيدان‬

‫حيطان فيس بوك‪. .‬‬

‫إلى كل المشككين و المزاودين‬ ‫إلى كل من ّ‬ ‫ينظ��ر وال يمتهن في‬ ‫هذه األيام إال بيع الوطنيات‬ ‫إن انحي��ازي م��ن أول لحظ��ة‬ ‫إل��ى جان��ب ث��ورة ش��عبي ض��د القمع‬ ‫و االس��تبداد والنه��ب الممنه��ج ال��ذي‬ ‫مارس��ته عصابة األس��د فيما يربو عن‬ ‫أربعين عامًا ال يتناقض أبداً مع موقفي‬ ‫المعادي ألمريكا و إلسرائيل وال يختلف‬ ‫للحظة مع انحيازي لليسار‬ ‫إلى كل م��ن كان��وا أصدقائي‪ :‬إن‬ ‫معي��ار الوطني��ة أو ًال هو الش��ارع فهو‬ ‫دستورنا وكتابنا المقدّس‬ ‫فباسمه خلقنا ‪ ..‬وله سنموت‬

‫وجدان نا�صيف‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫كنا ثالث عائالت من مناطق سورية‬ ‫مختلفة‪ ..‬لمتنا هذه المدينة التي تسمى‬ ‫دمش��ق‪...‬نقلب قن��وات االخب��ار بينم��ا‬ ‫نرتش��ف فناجين القهوة او كاس��ة المته‬ ‫‪..‬اوالدن��ا يلعب��ون في الغرف��ة المجاورة‬ ‫غي��ر عابئي��ن بما يش��غلنا ‪ »..‬ان تحولت‬ ‫لح��رب طائفي��ة ‪ ،‬لن اكون طرف��ا فيها»‬ ‫يق��ول صديقنا الق��ادم من ضي��ع حماه‬ ‫‪ »..‬بقي ساعة على المهلة ‪..‬ليته يوقع»‬ ‫تق��ول صديق��ة ‪ « ..‬ليته يوق��ع فيجنبنا‬ ‫التدخل الخارجي والتدويل والتجويع واي‬ ‫شيء قد يحدث « يقول اخر‪ ».‬نبدأ بسرد‬ ‫سيناريوهات لما يمكن ان يحدث»‪..‬اوالدنا‬ ‫يلعب��ون في الغرفة المجاورة لم يفهموا‬ ‫معنى الح��رب االهلية وال معنى التدويل‬ ‫و ال اي ش��يء وهم الليلةس��ينامون قبل‬ ‫ان تنتهي المهلة وقبل ان يعرفوا الى اي‬ ‫الطوائف ينتمون‬

‫حازم �صاغية‬ ‫جميل مردم‪ .‬هاشم األتاسي‪ ،‬خالد‬ ‫العظم‪ .‬شكري القوّتلي‪ .‬فارس الخوري‪.‬‬ ‫صبري العسلي‪ .‬ناظم القدسي‪ .‬معروف‬ ‫الدواليبي‪ .‬أكرم الحوراني‪ .‬رشاد برمدا‪.‬‬ ‫أحمد قنبر‪ .‬خالد بك��داش‪ .‬مخايل اليان‪.‬‬ ‫عص��ام ّ‬ ‫العطار‪ .‬صالح الدي��ن البيطار‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫أن هؤالء وغيرهم أصحاب أسماء‬ ‫تذكروا ّ‬ ‫وُج��دت ذات م��رّة ف��ي تاريخ س��وريّا‪،‬‬ ‫وأ ّثرت فيه‪ ،‬قبل أن يؤمَّم التاريخ نفسه‪.‬‬ ‫هذا ّ‬ ‫التذكر وذاك االس��تحضار هما أيضًا‬ ‫سالحان انتفاضيّان‬

‫فرحان املطر‬ ‫سورية‪....‬يا جبل ما يهزك تشبيح‬

‫زياد ماجد‬ ‫الخوف من الحرب األهلية أو العنف‬ ‫الطائف��ي ف��ي س��وريا يج��ب أن يكون‬ ‫مدعا ًة لمطالبة آل األس��د بالتنحّي عن‬ ‫السلطة بعد ‪ 41‬عامًا من احتكارها‪ .‬أما‬ ‫التذرّع به��ذا الخ��وف لمطالبة ماليين‬ ‫المواطنين والمواطنات بوقف ثورتهم‬ ‫واالستس�لام ألجهزة القتل‪ ،‬فهو دفاع‬ ‫ع��ن االس��تبداد وتواط��ؤ م��ع العائل��ة‬ ‫الحاكم��ة‪ ،‬ول��و اتّخذ لغ��ة والحرص أو‬ ‫ادّعى "العقلنة‬

‫عفراء اجللبي‬ ‫صحيح أن قريبتي يم��ان القادري‬ ‫خرجت من السجن (والتي أعتبر نفسي‬ ‫عمته��ا)‪ ،‬وصحي��ح أن��ي س��عيدة به��ذا‬ ‫الخبر‪ ...‬ولكن ما زلت أعتبر القمر غائبا‬ ‫م��ا دام أي ش��اب أو ش��ابة س��ورية في‬ ‫المعتقل‪ .‬نش��أ كثير منا على "أيوه! ما‬ ‫دخلنا‪ ".‬تعود الكثي��ر منا أن نخاف على‬ ‫أوالدن��ا ونش��يح بوجوهن��ا وآذاننا عن‬ ‫أخبار أوالد اآلخري��ن‪ .‬ولكن هم أوالدنا‬ ‫جميع��ا‪ .‬ولذا أي ول��د هو ول��د الجميع‪،‬‬ ‫وم��ن يغفل عن ه��ذا وال يهتم بمصير‬ ‫أوالد اآلخري��ن فإن��ه قد ف��رط بمصير‬ ‫أوالده ه��و أيض��ا‪ .‬نعم نقص��ت واحدة‬ ‫م��ن المعتق�لات‪ ...‬ولك��ن الس��جون ما‬ ‫تزال معبأة‪ .‬وس��وريا اآلن عائلة واحدة‬ ‫وسنتابع الطريق حتى ال يكون معتقلو‬ ‫رأي في س��وريا‪ .‬هذه عائل��ة واحدة ما‬ ‫يصي��ب أي فرد منها يصي��ب الجميع‪...‬‬ ‫أش��كركم م��ن كل قلبي عل��ى الدعم‬ ‫الرائ��ع لحمل��ة تحري��ر يم��ان‪ .‬هكذا ما‬ ‫يستحقه كل ش��اب وكل فتاة‪ .‬أن نهَب‬ ‫ل��ه جميع��ا إن لمس��ت ش��عرة منهم‪...‬‬ ‫كلهم أبناؤنا‪.‬‬

‫فار�س البحرة‬ ‫بع��د أن نغ��ادر س��جن األف��كار‬ ‫المس��بقة تبق��ى علينا مهمة عس��يرة‪،‬‬ ‫فه��م أولئ��ك الذي��ن ارت��ؤوا البقاء في‬ ‫الس��جن‪ ،‬ال يفهمون اآلخر إال من خالل‬ ‫قضبانه (بال معنى)‬

‫| تمّ تشكيل المجلس الوطني السوري في اسطنبول‪،‬‬ ‫وكما تابع الجميع‪ ،‬لقي تشكيله صدى طيباً في مدن سوريا‬ ‫وقراها المنتفضة‪ .‬السؤال العام الذي يُطرح‪ :‬كعضو في‬ ‫المجلس الوطني السوري‪ ،‬بماذا تَعد السوري المنتفض‬ ‫الذي يواجه آلة الموت واالعتقال والتعذيب؟‬ ‫| | حقيقة‪ ،‬نحاول تحاشي قطع الوعود مع اإلصرار على‬ ‫المضيّ في تحصيل أقصى ما يمكن تحصيله من حقوق‬ ‫الشعب السوري‪ .‬يمكن قطع وعود غير واقعية للشعب‬ ‫السوري وإيهامه أن معركة الحرية ستنتهي غداً‪ .‬نحاول أن‬ ‫نكون واقعيين ونرسم أدقّ صورة صحيحة وواقعية عن‬ ‫المرحلة وعن تصوراتنا السياسية وعن مكاسبنا وخسائرنا‬ ‫السياسية‪ .‬وهذا يأتي أيضاً كرد على اتهامنا بعدم الشفافية‪.‬‬ ‫نحن نخبر الشعب السوري الحقيقة فقط‪ ،‬من دون زيادة أو‬ ‫نقصان‪.‬‬ ‫نعمل اآلن على عزل النظام عربياً في جامعة الدول‬ ‫العربية أو ًال‪ .‬موقف كهذا سيضعف الموقف الروسي في‬ ‫مجلس األمن‪ ،‬وسيعزز موقف الدول المطالبة بمعاقبة األسد‬

‫(ر�سالة حب)‬ ‫من القاهرة �إىل دم�شق‬

‫نزار بلبو�س‬ ‫هذا التعبير ورد على لسان مذيعة‬ ‫قن��اة الدني��ا ‪ :‬ت��م إلقاء القب��ض على‬ ‫مجموع��ة م��ن اإلرهابيي��ن وكذلك تم‬ ‫إلقاء القبض على أسلحتهم‪....‬‬

‫حممد الدند�شي‬ ‫س��نضطر عاجال أم أجال للتعايش‬ ‫مع من كانوا يرقص��ون فرحا عند قتل‬ ‫أطفالن��ا ‪ ...‬ولكنني لن أنس��ى ‪ ...‬فقط‬ ‫لن أنسى ‪...‬‬

‫غيداء العودات‬ ‫ثورة بتحب الديمقراطية والكرامة‬ ‫‪ ,‬أساسا هي قامت من أجل الديمقراطية‬ ‫ورفضا" للذل ‪ ,‬والدليل أنك حر تقول ما‬ ‫تش��اء ولكن حذار من االنتق��اد ‪ ,‬قل ما‬ ‫تش��اء ولكن حذار م��ن االعتراض ‪ ,‬قل‬ ‫ما تش��اء ولكن ‪.....‬فكر جي��دا" إن كنت‬ ‫تريد أن تحمي كرامتك ثم قل ما تشاء‬ ‫‪ّ ,‬‬ ‫وصفق وافتح وطنك مضافة ‪ ,‬من باب‬ ‫الكرم يا عمّي مو من باب آخر‬

‫يا�سني احلاج �صالح‬ ‫شبيحة لألبد‪ /‬كرمال عيون األسد!‬ ‫كان عش��رات الموالين للنظام يهتفون‬ ‫البارحة على أوتوستراد المزة‪.‬‬

‫متام تالوي‬ ‫أفرجوا عن يم��ان القادري‪ ..‬قائدة‬ ‫كتيبة الياس��مين الدمش��قي‪ ..‬وزعيمة‬ ‫عصاب��ة البالب��ل‪ ..‬مب��روك ليم��ان‪..‬‬ ‫وبانتظ��ار باق��ي البالب��ل‪ ..‬وعرائ��ش‬ ‫الياسمين‪..‬‬

‫حازم العظمة‬ ‫الس��نمائي نضال حس��ن م��ا زال‬ ‫مختطفاً منذ شهر ‪..‬‬ ‫هن��اك في العال��م ‪ :‬صحافيون بال‬ ‫حدود ‪ ،‬سينمائيون بال حدود ‪ ،‬أطباء بال‬ ‫حدود ‪..‬‬ ‫عندنا ‪ :‬جرائم بال حدود ‪..‬حتى اآلن‬ ‫هذا ما عندنا ‪..‬بانتظار إشعار آخر ‪..‬‬

‫وحماية الشعب السوري‪.‬‬ ‫| كعضو في المجلس الوطني السوري‪ ،‬هل ترى أن‬ ‫المجلس قادر على تجنيب الثورة والبلد االنزالق إلى الحرب‬ ‫األهليّة؟ هل يجد المجلس نفسه معنيًّا بطرح خطط تعزّز‬ ‫من حضور أشكال الكفاح السلمي وآليات النضال الالعنفيّة؟‬ ‫| | من دون شك‪ .‬من أولى أولويات المجلس هي‬ ‫تفعيل آليات النضال الالعنفي التي لم تستعمل بعد‪ ،‬أو‬ ‫لم تستعمل بشكل صحيح‪ ،‬ولعل أهمها العصيان المدني‪.‬‬ ‫المجلس حريص على عدم تفكيك المؤسسة العسكرية في‬ ‫سوريا‪ ،‬كونها مؤسسة وطنية‪ ،‬وإن كان في نفس الوقت‬ ‫يشجع االنشقاقات في صفوف الجيش واألمن‪ .‬عندما تصل‬ ‫االنشقاقات إلى درجة كبيرة ورتب معقولة من الجيش‬ ‫واألمن قد نصل إلى مرحلة يقف فيها الجيش على الحياد‬ ‫بين السلطة والشعب‪ .‬طبعًا هذه المرحلة بعيدة جداً وتتطلب‬ ‫عم ًال دؤوباً لزيادة نسبة المنشقين ودعمهم‪ ،‬ولعل أهم‬ ‫خطوة في هذا السياق هي إنشاء منطقة عازلة يلجئ إليها‬ ‫المنشقون وعائالتهم‪.‬‬

‫علم سورية في ميدان التحرير‬ ‫أجيبي القلب حباً يا دمشقُ‬ ‫فمل ُء القلب من عينيك عشقُ‬ ‫حبيبين افترقنا والتقينا‬ ‫وقد أثرى عروقي منك دفقُ‬ ‫فمن درعا إلى التحرير نهرٌ‬ ‫جرى بالدمع قد أجراه شوقُ‬ ‫وللتاريخ سطرنا كتاباً‬ ‫من األمجاد يستجليه حقُ‬ ‫مزيج دمائنا يا شام يغلي‬ ‫فحرٌ قد دهاك لدي حرقُ‬ ‫وحين يرى العذاب لديك شبرٌ‬ ‫يئن بساحتي غربٌ و شرقُ‬ ‫طائر للحق من ذا‬ ‫جناحا ٍ‬ ‫يعادينا وعزمٌ ال يشقُ‬ ‫تركت بحمص قلبي عانقيني‬ ‫وفي بانياس لي نبضٌ يدقُ‬ ‫حلب غرست بذور عمري‬ ‫وفي ٍ‬ ‫وشطِ الالذقيةِ يا دمشقُ‬ ‫بحد البعد قد شقوا فؤادي‬ ‫فشقٌ هاهنا ولديك شقٌ‬ ‫ناب‬ ‫كالبٌ مزقوكِ بكل ٍ‬ ‫وسموها أسوداً ‪ ،‬هل يحقُ‬ ‫وهل لألسد أن تدمي عريناً‬ ‫به عزت أغدراً يستحقُ‬ ‫عليكِ استأسدوا ولهم عدوٌ‬ ‫مدافعهم عليه رضاً ورفقُ‬ ‫ُ‬ ‫انكسار‬ ‫الكرامة في‬ ‫تهون له‬ ‫ٍ‬ ‫ولم يُعرف لضبط النفس خرقُ‬ ‫وقد ردوا عليه الحرب سلماً‬ ‫وبين السلم واإلذالل فرقُ‬ ‫أزحت الظالمين فخف حملي‬ ‫وهمُ شقائقي عندي أشقُ‬ ‫لك اهلل المهيمنُ ال تراعي‬ ‫سيُكسرُ عن رقاب األهل طوقُ‬ ‫وسوف نعود لألقصى قريباً‬ ‫بأجنادٍ يغيم لهن أفقُ‬ ‫خالد الطبالوي‬

‫ال أشعر بالقلق من احتمال وقوع حرب أهلية‪ ،‬وإن كان‬ ‫النظام يستثمر في الخطاب الطائفي ويحاول تقليب شرائح‬ ‫المجتمع ضد بعضها دينيًا (مسيحيين ضد مسلمين)‪ ،‬أو‬ ‫مذهبيًا (علويين ضد السنة)‪ ،‬أو حتى قومياً (عربًا ضد‬ ‫األكراد)‪ .‬للشعب السوري تاريخ طويل من العيش المشترك‪،‬‬ ‫حتى قبل وصول نظام األسد للسلطة‪ ،‬وهذا يردّ على‬ ‫مقولة أن النظام يحمي المسيحيين في سوريا‪ .‬من حمى‬ ‫المسيحيين من إخوانهم المسلمين قبل وصول نظام األسد؟‬ ‫لطالما عاش المسيحي إلى جانب المسلم في سوريا بسالم‬ ‫ومحبة‪ .‬رأينا نصف مليون يتظاهرون في حماة ومثلهم‬ ‫في دير الزور‪ ...‬لو كانت التظاهرات طائفية أو تمهّد لحرب‬ ‫أهلية يقودها أي طرف ضد أي طرف لما كانت الحال كما هي‬ ‫عليه اليوم‪ .‬لعل تظاهرات حماة من أبرز الصور المشرقة‬ ‫في تاريخ سوريا الحديث‪ .‬أكثر من نصف مليون يتظاهرون‬ ‫وينهون التظاهرة بكنس ساحة العاصي وغسل الطرقات‬ ‫وتنظيفها من عبوات الماء والالفتات‪ .‬حقيقة ال ترى مثل هذا‬ ‫المنظر في كثير من الديمقراطيات الغربية‪.‬‬

‫السؤال والجواب من‪ :‬حوار مع الناشط والمعارض محمد العبد اهلل | شباب السفير ‪ -‬محمد الدحنون ‪2011 / 10 / 4‬‬


‫الربملان ال�سوري (‪)1963 – 1919‬‬

‫حنين اليوسف‬

‫املجل�س النيابي (‪)1939 – 1934‬‬

‫امل�ؤمتر ال�سوري (‪)1919‬‬

‫املجل�س الت�أ�سي�سي (‪)1928‬‬

‫جمل�س (‪)1943‬‬

‫كان الشعب السوري يناضل بقوة وعناد‬ ‫لنيل حقوقه‪ ،‬رغم الدسائس والمؤامرات‬ ‫التي تحاك على أرضه‪ ،‬حيث استقالت وتبدلت‬ ‫حكومات عدة إلى أن أصدر المفوض السامي‬

‫�أول جمل�س بعد اال�ستقالل (‪)1947‬‬

‫بعد الكفاح المرير ضد االحتالل الفرنسي‪،‬‬ ‫تحقق االنتصار العظيم وتم الجالء وبدأ زمن‬ ‫السيادة الوطنية وعادت الحياة النيابية إلى البالد‬ ‫فجرت انتخابات عامة في سورية عام ‪1947‬‬ ‫لتشكيل مجلس للنواب هو األول بعد الجالء‪،‬‬ ‫والذي عقد أول جلسة له بتاريخ ‪ 27‬أيلول ‪.1947‬‬

‫الفرتة القلقة (‪)1958-1949‬‬

‫لقد اتصفت الفترة الواقعة ما بين أول‬ ‫انقالب عسكري في سوريا (انقالب حسني‬ ‫الزعيم ‪ 30‬آذار ‪ )1949‬حتى قيام الوحدة بين‬ ‫سوريا ومصر (‪ )1958‬بأنها فترة قلقة تجاذبت‬ ‫البالد خاللها عدة انقالبات عسكرية وبالتالي فإن‬ ‫الحياة الديمقراطية اصطبغت بنفس الصبغة‪.‬‬ ‫وبعد انقالب الحناوي دب الخالف بين ما‬ ‫سمي بالمجلس الحربي األعلى‪ ،‬وبين ضباط‬ ‫مختلف الوحدات األمر الذي يمكن أن يكون‬ ‫السبب في غرس بذور انقالب جديد‪ ،‬على خلفية‬ ‫سقوط فلسطين وحدوث كارثة النكبة‪.‬‬ ‫وقد جرت انتخابات نيابية‪ ،‬تشكلت إثرها‬ ‫جمعية تأسيسية‪ ،‬وتم إصدار دستور جديد للبالد‬ ‫أقرته هذه الجمعية فيما بعد‪.‬‬ ‫وعند قيام االنقالب العسكري الثالث‬ ‫بزعامة العقيد أديب الشيشكلي عقدت الجمعية‬ ‫التأسيسية جلسة عادية بتاريخ ‪ 26‬كانون األول‬ ‫‪ ،1949‬لبحث موضوع االنقالب الجديد الذي حدث‬ ‫قبل ثالثة أيام‪ ،‬وكي يقوم رئيس الدولة بتأدية‬ ‫القسم‪ .‬إال أنه تم في بدء الجلسة تأجيل البحث‬ ‫بهذين األمرين‪.‬‬ ‫وفي آخر جلسة عقدتها الجمعية التأسيسية‬ ‫باسمها‪ ،‬ناقشت تحويل نفسها إلى مجلس نيابي‪،‬‬ ‫ولكي يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية‪ ،‬وقد‬ ‫تمت الموافقة على ذلك‪.‬‬

‫جمل�س الأمة يف عهد الوحدة‬ ‫(‪)1961 – 1960‬‬

‫صدر المرسوم رقم ‪ 473‬تاريخ ‪ 5‬شباط‬ ‫‪ 1958‬ليحدد موعداً لالستفتاء على الوحدة‬ ‫وانتخاب رئيس للجمهورية الجديدة وذلك يوم‬ ‫الجمعة الواقع في ‪ 21‬شباط ‪ .1958‬كما صدر‬ ‫المرسوم التشريعي رقم ‪ 806‬ليعلن نتائج‬ ‫االستفتاء والتي كانت على الشكل التالي‪:‬‬ ‫عدد الناخبين المسجلين في الجداول‬ ‫والذين يحق لهم االنتخاب هو ‪ 1431157‬ناخبًا‪.‬‬ ‫نال السيد جمال عبد الناصر ‪1312995‬‬ ‫صوتا من أصل ‪ 1313070‬ناخبا اشتركوا في‬ ‫االستفتاء‪.‬‬ ‫هذا وقد صدر قرار السيد رئيس الجمهورية‬ ‫ذي الرقم ‪ 1375‬لعام ‪ 1960‬بدعوة مجلس األمة‬ ‫إلى االنعقاد اعتباراً من ‪ 21‬تموز ‪ 1960‬وفع ًال تم‬ ‫عقد الجلسة االفتتاحية في الدورة العادية األولى‬ ‫للمجلس في اليوم المحدد‪ ،‬وانتخب السيد أنور‬ ‫السادات رئيساً لهذا المجلس‪ ،‬ولكن لم يعمر هذا‬ ‫المجلس طوي ًال إذ سقط بسقوط الوحدة في‬ ‫أيلول ‪.1961‬‬

‫املجل�س يف عهد االنف�صال (‪)1963 – 1961‬‬

‫بعد االنفصال انتهى مجلس األمة‬ ‫االتحادي وبادر االنفصاليون إلى إجراء انتخابات‬ ‫عامة في األيام األولى من شهر كانون األول‬ ‫‪ 1961‬لالستفتاء على الدستور المؤقت الجديد‪،‬‬ ‫ولتشكيل مجلس نيابي جديد والذي ترأسه فور‬ ‫تشكله الدكتور مأمون الكزبري‪ ،‬إال أن حركة‬ ‫‪ 28‬آذار عام ‪ 1962‬بادرت إلى حل هذا المجلس‬ ‫وتعطيله‪ ،‬ولكن ما لبث أن عاد لممارسة عمله من‬ ‫جديد بعد فشل تلك الحركة وبقي كذلك حتى‬ ‫قيام ثورة الثامن من آذار عام ‪.1963‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫عندما تشكلت حكومة برئاسة الشيخ تاج‬ ‫الدين الحسيني‪ ،‬جعلت من أولى مهامها القيام‬ ‫بإجراء انتخابات مجلس تأسيسي يقوم بإعداد‬ ‫وإصدار الدستور الذي يجب على أساسه أن تحكم‬ ‫البالد‪ ،‬وجرت انتخابات في يومي ‪ 10‬و ‪ 24‬نيسان‬ ‫‪ ،1928‬فاز بها مرشحو الكتلة الوطنية ومرشحو‬ ‫الفئات الوطنية األخرى في أكثر المناطق و البلدان‪.‬‬ ‫عقد هذا المجلس أولى جلساته يوم ‪9‬‬ ‫حزيران ‪ 1928‬تحت اسم دار البرلمان السوري‬ ‫وترأسها أكبر األعضاء سنًا وهو الحاج محمد‬ ‫أفندي أضه لي‪ ،‬وعضوية أصغر عضوين سنًا‬ ‫وهما نقوال خانجي وسعيد الغزي‪ ،‬وقد جرى في‬ ‫هذه الجلسة انتخاب مكتب المجلس ففاز برئاسة‬ ‫المجلس السيد هاشم االتاسي‪ ،‬وفاز بنيابة‬ ‫الرئيس فوزي الغزي وفتح اهلل آسيون‪ .‬تابع‬ ‫هذا المجلس أعماله االعتيادية ومنها تشكيل‬ ‫لجنة وضع الدستور طيلة شهر حزيران وتموز‪،‬‬ ‫حتى جاءت الجلستان الثانية عشرة والثالثة‬ ‫عشرة اللتان خصصتا لتالوة مشروع الدستور‬ ‫الذي أعدته اللجنة من ‪ 115‬مادة‪ ،‬ثم الجلسة‬ ‫الرابعة عشرة التي حضرها أمين السر العام‬ ‫المسيو موغرا الذي بدأ الجلسة بتالوة خطاب من‬ ‫المفوض السامي إلى المجلس‪ ،‬يطلب فيه فصل‬ ‫األحكام المنوه عنها في المواد ‪،75 ،74 ،73‬‬ ‫‪ 112‬من مشروع الدستور ألن هذه األحكام التي‬ ‫تضمنتها المواد تخالف مخالفة صريحة العهود‬ ‫الدولية التي تعين مسؤولية الدولة المنتدبة‬ ‫(تبحث في شؤون الوحدة والتمثيل الخارجي‪،‬‬ ‫وتعيين الممثلين‪ ،‬واألحكام العرفية والجيش)‪.‬‬ ‫ولكن المجلس رفض طي المواد المذكورة‪ ،‬وإثر‬ ‫ذلك قرر المفوض السامي تعطيل المجلس‬ ‫ثالثة أشهر وفي شباط من عام ‪ 1929‬أصدر‬ ‫قراراً آخر بتعطيل المجلس ألجل غير مسمى‪.‬‬ ‫غير أن الوساطات التي جرت مع سلطة‬ ‫االنتداب أسفرت عن إصدار الدستور في الثامن‬ ‫والعشرين من أيار عام ‪ ،1930‬وبهذا يكون قد‬ ‫أسدل الستار على هذا المجلس التأسيسي الذي‬ ‫لم يعمر أكثر من بضعة أشهر‪.‬‬

‫في ‪ 17‬آذار ‪ 1934‬استقالت وزارة حقي‬ ‫العظم‪ ،‬وعين الشيخ تاج الدين الحسيني رئيسًا‬ ‫للحكومة‪ ،‬فقامت المظاهرات في المدن السورية‬ ‫واستمرت االضطربات إلى أن كان عام ‪،1936‬‬ ‫فأضربت دمشق مدة خمسين يوماً متوالية‬ ‫وتبعتها المدن السورية‪.‬‬ ‫عمل المفوض السامي دومارتيل على‬ ‫دعوة رجال الكتلة الوطنية لعقد اتفاق بين السيد‬ ‫هاشم االتاسي عن الجانب السوري‪ ،‬ودومارتيل‬ ‫عن الجانب الفرنسي‪ ،‬وفي هذا االتفاق اعترفت‬ ‫فرنسا ألول مرة باستقالل سوريا ووحدتها‪ ،‬على‬ ‫أن تحدد عالقاتهما فيما بعد بمعاهدة يقوم‬ ‫بالمفاوضة من أجلها وفد سوري يتوجه إلى‬ ‫باريس‪ ،‬وبالفعل تمكن الوفد بعد ستة أشهر‬ ‫قضاها في العاصمة الفرنسية من االتفاق على‬ ‫معاهدة‪ ،‬وعاد إلى البالد لتصديقها من قبل‬ ‫مجلس النواب السوري‪.‬‬ ‫وجرت االنتخابات النيابية في كانون األول‬ ‫عام ‪ ،1936‬وقبل المجلس المنتخب استقالة‬ ‫السيد محمد علي العابد من رئاسة الجمهورية‪،‬‬ ‫وانتخب السيد هاشم أتاسي بد ًال منه‪ ،‬وتألفت‬ ‫أول وزارة برئاسة السيد جميل مردم بك في‬ ‫‪ 22‬كانون األول ‪ 1936‬وعرض مشروع المعاهدة‬ ‫على مجلس النواب فصدقها وبقي أن تصدق‬ ‫من البرلمان الفرنسي لتصبح نافذة‪ ،‬إال أن هذا‬ ‫التصديق لم يحصل بسبب معارضة لجنتي‬ ‫الشؤون الخارجية في مجلس النواب و الشيوخ‬ ‫الفرنسيين لهذه المعاهدة‪ ،‬لذلك فقد قرر‬ ‫المجلسان تأجيل النظر فيها‪.‬‬ ‫تم حل هذا المجلس بقرار من المفوض‬ ‫السامي الفرنسي عام ‪ ،1939‬فأعقب تعطيل‬ ‫الحياة الدستورية استقالة رئيس الجمهورية‬ ‫السورية في ‪ 8‬تموز ‪.1939‬‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫لقد كان المؤتمر السوري الذي انعقد‬ ‫بدمشق عام ‪ 1919‬في السابع من حزيران والذي‬ ‫ضم ‪ 85‬عضواً‪ ،‬هو أول صيغة تشريعية تمثيلية‬ ‫عرفتها بالدنا في الفترة الزمنية القصيرة التي‬ ‫فصلت بين نهاية االحتالل العثماني واالنتداب‬ ‫الفرنسي‪ .‬وقد صدر عن هذا المؤتمر عدة قرارات‬ ‫منها‪ :‬إعالن استقالل سوريا واالعتراف بها دولة‬ ‫موحدة‪ ،‬والمطالبة برفع الحواجز الجمركية بين‬ ‫الدولتين‪ ،‬ورفض اتفاقية سايكس بيكو ووعد‬ ‫بلفور‪ ،‬وكل المشاريع الهادفة إلى تقسيم البالد‪،‬‬ ‫ورفض الوصاية السياسية التي ينطوي عليها‬ ‫نظام االنتداب‪ ،‬وأخيراً مد يد الصداقة لكل دولة‪،‬‬ ‫وقبول المعونة منها شريطة أن ال تنتقص هذه‬ ‫المعونة من استقالل البالد واستقالل قرارها‪،‬‬ ‫وأال تؤثر على الوحدة الوطنية للشعب مع رفض‬ ‫أية معونة فرنسية مهما كان شكلها‪.‬‬ ‫لقد اعتبر هذا المجلس نفسه بحالة انعقاد‬ ‫دائم لمراقبة أعمال الحكومة التي هي مسؤولة‬ ‫أمامه‪ ،‬بعد أن تم تعيين فيصل ملكاً على سوريا‪،‬‬ ‫وذلك حتى يتم إنجاز الدستور والذي سماه المؤتمر‬ ‫(القانون األساسي) ومن ثم يتم انتخاب مجلس‬ ‫تمثيلي جديد وفقا لما سيتضمنه الدستور‪.‬‬ ‫وتشكلت في هذه الفترة مجموعة من‬ ‫األحزاب في سوريا أهمها‪ :‬حزب العهد الذي‬ ‫قام على أنقاض جمعية العهد السرية‪ ،‬حزب‬ ‫االستقالل العربي الذي انبثق عن الجمعية‬ ‫العربية الفتاة‪ ،‬النادي العربي الذي تحول فيما‬ ‫بعد إلى حزب سياسي اتخذ دمشق مقراً له‪ ،‬حزب‬ ‫التقدم‪ ،‬الحزب الحر المعتدل‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬

‫خاص سوريتنا‬

‫جمل�س النواب (‪)1932‬‬

‫أصدر المفوض السامي الفرنسي قراراً‬ ‫بتاريخ ‪ 29‬تشرين الثاني ‪ 1931‬يدعو فيه البالد‬ ‫إلى االنتخابات النيابية من أجل إقرار وتطبيق‬ ‫الدستور المعلن في أيار من نفس العام‪ .‬وبغية‬ ‫تمرير الدستور بالشكل الذي أرادته سلطة‬ ‫االنتداب حينئذ‪ ،‬عمدت إلى التدخل في االنتخابات‪،‬‬ ‫فحدث تزوير في كثير من صناديق االقتراع مما‬ ‫أثار غضب الشعب فانطلق بمظاهرات عارمة‬ ‫مما أدى إلى إلغاء االنتخابات في المدن‪ .‬وفي‬ ‫‪ 6‬نيسان ‪ 1932‬جرت االنتخابات مجدداً ففازت‬ ‫قوائم المرشحين الوطنين‪ .‬عقد المجلس جلسته‬ ‫األولى بتاريخ ‪ 7‬حزيران ‪ 1932‬وباشر بانتخاب‬ ‫مكتبه‪ ،‬ففاز السيد بركات الخالدي (نائب حلب)‬ ‫برئاسة المجلس‪ ،‬وفي تاريخ ‪ 11‬حزيران ‪1932‬‬ ‫انتخب باالتفاق مع الفرنسيين السيد محمد علي‬ ‫العابد رئيساً للجمهورية‪ ،‬وكلف السيد حقي‬ ‫العظم بتأليف الوزارة‪.‬‬ ‫وضع المفوض السامي السيد دومارتيل‬ ‫مع حكومة السيد حقي العظم مشروع معاهدة‬ ‫عرفت فيما بعد (بمعاهدة الشعب)‪ ،‬قوبلت في‬ ‫طول البالد وعرضها بالمظاهرات الصاخبة‬ ‫واالحتجاجات المريرة‪ .‬وفي ‪ 25‬تشرين الثاني‬ ‫‪ 1933‬اجتمع المجلس بحراسة الحراب الفرنسية‬ ‫لمناقشة المعاهدة وقبولها‪ ،‬وإذا بالسيد جميل‬ ‫مردم بك يفاجىء المجلس بوثيقة موقعة من‬ ‫أكثرية النواب برفض المعاهدة‪ ،‬وفي الحال‬ ‫أصدر المفوض السامي قراراً بتعطيل المجلس‬ ‫ألجل غير مسمى‪.‬‬

‫الفرنسي الديغولي وتحت ضغط ضربات القوات‬ ‫السورية عدة قرارات يأمل من خالل ما تضمنته‬ ‫عودة الحياة الدستورية للبالد‪ ،‬فجرت انتخابات‬ ‫تشريعية خالل صيف ‪ ،1943‬نجح فيها معظم‬ ‫المرشحين الوطنيين وتشكل مجلس نيابي عقد‬ ‫جلسته األولى من دورته االستثنائية يوم ‪ 17‬آب‬ ‫‪ 1943‬وقد جرى في هذه الجلسة انتخاب مكتب‬ ‫المجلس‪ ،‬ففاز فارس الخوري برئاسة المجلس‬ ‫ونال ‪ 115‬صوتاً من أصل ‪ 120‬مقترعًا‪ ،‬وسعيد‬ ‫الغزي بـ ‪ 91‬صوتاً ومحمد العايش بـ ‪ 98‬صوتًا‬ ‫لنيابة الرئيس‪ .‬وفاز شكري القوتلي بمنصب‬ ‫رئيس الجمهورية لمدة خمس سنوات ونال ‪118‬‬ ‫صوتًا‪ .‬وقد بلغت جلسات هذه الدورة خمس‬ ‫جلسات‪ ،‬أهمها كانت الجلسة األولى‪ ،‬ثم الجلسة‬ ‫الخامسة التي أقر فيها المجلس قانون الموازنة‬ ‫للدولة للخمسة أشهر المتبقية من العام‪ ،‬فبلغت‬ ‫الموزانة ‪ 428107‬ليرة سورية لتلك الفترة‪.‬‬ ‫وفي دورته األولى عقد المجلس اثنتين‬ ‫وعشرين جلسة أهمها الجلسة العشرون‬ ‫والمنعقدة بتاريخ ‪ 23‬كانون األول ‪ ،1943‬حيث‬ ‫ألقى رئيس الوزراء خطاباً عن استالم الحكومة‬ ‫للصالحيات والبيان المشترك بين فرنسا وسوريا‬ ‫بهذا الشأن‪ .‬وقد وقف النواب دقيقة صمت إجال ًال‬ ‫واحترامًا ألرواح الشهداء الذين ضحوا من أجل‬ ‫هذا اليوم‪.‬‬ ‫وفي بداية السنة التالية ومنذ الثالث‬ ‫من كانون األول عام ‪ 1944‬بدأ المجلس دورة‬ ‫استثنائية ثانية كانت مخصصة بمعظمها‬ ‫لمناقشة قانون الموازنة وإقراره‪.‬‬ ‫هذا وتجدر اإلشارة إلى أنه بتاريخ ‪14‬‬ ‫تشرين الثاني عام ‪ 1943‬استقالت الوزارة التي‬ ‫كان يرأسها سعد اهلل الجابري‪ ،‬فشكلت وزارة‬ ‫جديدة بد ًال عنها ترأسها السيد فارس الخوري‬ ‫رئيس مجلس النواب وبعد شغور منصبه في‬ ‫المجلس انتخب بد ًال منه سعد اهلل الجابري‬ ‫كرئيس للمجلس وكأنهما تبادال المواقع‪.‬‬ ‫عند الساعة السادسة من ‪ 29‬أيار ‪1945‬‬ ‫وقبل أن ينصرف كل النواب الذين حضروا لعقد‬ ‫الجلسة‪ ،‬خرج ضابط فرنسي وتقدم من الضابط‬ ‫الدركي السوري القائم على رأس حامية المجلس‬ ‫وأبلغه أنه عند الساعة السادسة وخمسين دقيقة‬ ‫عندما ينفخ في البوق إلنزال العلم الفرنسي عن‬ ‫دائرة األركان‪ ،‬يجب على جنوده جميعًا أن يقفوا‬ ‫ويؤدوا التحية للعلم‪ ،‬فأجابه الضابط السوري أن‬ ‫األوامر التي لديه تقضي بأال يؤدي رجال األمن‬ ‫السوريون التحية لغير لعلم السوري‪ ،‬فأبلغه‬ ‫الضابط الفرنسي أنهم سوف يطلقون النار على‬ ‫كل من ال يؤدي التحية لعلمهم‪ ،‬وفع ًال عندما لم‬ ‫يؤدِ حرس المجلس التحية للعلم الفرنسي تقدم‬ ‫منهم جندي سنغالي وألقى عليهم قنبلة يدوية‬ ‫ثم انهمر الرصاص من الجهات األربع‪ .‬وكان‬ ‫الرصاص القليل الموجود مع الحامية قد نفذ‪،‬‬ ‫فأحاط الفرنسيون برجال الحامية من كل جانب‬ ‫وانهالوا عليهم بالبلطات يمزقون أجسادهم‬ ‫ويبترون أعضائهم وهم أحياء فال يتركون منهم‬ ‫إال أشالء مبعثرة‪.‬‬ ‫ولم يقتصر العدوان الفرنسي يومذاك‬ ‫وفي اليوم التالي على البرلمان وحاميته‪ ،‬بل‬ ‫امتدَّ ليشمل عدة أحياء من دمشق‪ .‬وقد صدر‬ ‫إحصاء رسمي قال َّإن عدد القتلى من المدنيين‬ ‫وإن‬ ‫بدمشق في ذلك العدوان بلغ ‪ 600‬شهيد‪َّ ،‬‬ ‫الجرحى والمشوهين بلغوا ‪ 500‬جريح‪ ،‬والذين‬ ‫أصيبوا بجراح يمكن معالجتها ‪ 1200‬جريح‪.‬‬

‫وقد استمر هذا المجلس برئاسة فارس الخوري‬ ‫حتى تم حله من قبل حسني الزعيم عندما قام‬ ‫بانقالبه بنهاية آذار عام ‪ .1949‬أما أهم إنجازات‬ ‫هذا المجلس فهي إصدار القوانين التالية‪ :‬قانون‬ ‫اإليجارات‪ ،‬قانون صك النقود المعدنية‪ ،‬قانون‬ ‫إلغاء محاكم اإلعاشة‪ ،‬قانون البيانات التجارية‪،‬‬ ‫قانون حماية المزروعات لعام ‪.1947‬‬

‫‪17‬‬


‫ملحة تاريخية عن �أعالم �سوريا من‬ ‫الأقدم �إىل الأحدث (‪)1‬‬ ‫تحقيق ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫شام شيباني‬

‫خاص سوريتنا‬ ‫ظ��ل عل��م الدول��ة العثماني��ة‬ ‫(العل��م التركي حالي��اً) مرفوعاً على‬ ‫األراضي الس��ورية حتى تاريخ جالء‬ ‫آخ��ر جن��دي ف��ي ‪ 30‬أيل��ول ‪,1918‬‬ ‫حي��ث أنزل آخ��ر علم عثمان��ي الذي‬ ‫ظ��ل مرفوع��ًا قراب��ة أربع��ة قرون‪,‬‬ ‫ورف��ع علم الث��ورة العربي��ة الكبرى‬ ‫والمعروف باس��م «العل��م العربي»‪:‬‬ ‫كأول علم يرفرف في س��ماء سوريا‬ ‫بعد تحررها من الحكم العثماني وقد‬ ‫رفرف فوق مبنى البلدية في س��احة‬ ‫المرجة بـدمش��ق ف��ي ‪ 30‬أيلول من‬ ‫ع��ام ‪ 1918‬قبيل دخول قوات األمير‬ ‫فيصل بن الحسين إليهًا‪.‬‬ ‫استوحيت ألوان العلم أص ً‬ ‫ال من‬ ‫رايات الدول اإلس�لامية‪( :‬األس��ود‪:‬‬ ‫الدولة العباس��ية) (األخضر‪ :‬الدولة‬ ‫األموية ف��ي األندل��س) (األبيض‪:‬‬ ‫الدول��ة األموية)‪ ،‬أما المثلث األحمر‬ ‫فيش��ير إلى الث��ورة والتح��رر ودم‬ ‫الشهداء‪.‬‬ ‫وقد استمر هذا العلم مرفوعاً‬ ‫ف��وق دور الحكوم��ة العربي��ة في‬ ‫س��وريا م��ن ‪ 30‬أيلول إل��ى ‪ 8‬آذار‬ ‫‪ 1920‬حي��ن أضيف��ت إل��ى مث ّلث��ه‬ ‫األحم��ر نجم��ة بيض��اء س��باعية‬ ‫ال��رؤوس إش��ارة للدولة الس��ورية‬ ‫المس��تقلة بع��د تنصي��ب األمي��ر‬ ‫فيص��ل مل��كًا عليه��ا وق��د وض��ع‬ ‫تصميمه المؤتمر السوري‪.‬‬ ‫لك��ن عن��د دخ��ول االحت�لال‬ ‫الفرنس��ي دمش��ق بع��د معرك��ة‬ ‫ميس��لون في ‪ 24‬تموز ‪ 1920‬أعاد‬ ‫رف��ع علم الثورة العربية مرة ثانية‬ ‫مع إضاف��ة علم��اً فرنس��ياً صغيراً‬ ‫فوق��ه كتكري��س للهيمن��ة عل��ى‬ ‫س��وريا (من منطل��ق إلغاء مظاهر‬ ‫العهد الفيصلي)‪ .‬ورُفع هذا العلم‬ ‫ف��ي ‪ 4‬آب ‪ 1920‬بب�لاغ رئي��س‬ ‫ال��وزراء عالء الدي��ن الدروبي حين‬ ‫كان الجنرال غورو مفوضًا س��اميًا‬ ‫لفرنسا في سوريا ولبنان‪.‬‬ ‫وفيم��ا يلي نص ب�لاغ رئيس‬ ‫ال��وزراء ف��ي دول��ة س��وريا «عالء‬ ‫الدي��ن الدروب��ي» الص��ادر ف��ي ‪4‬‬ ‫آب ‪1920‬م والمنش��ور ف��ي جريدة‬ ‫«العاصم��ة» وهي جريدة الحكومة‬ ‫الرس��مية ‪ ،1337‬ص ‪ ،2‬الع��دد‬ ‫‪ ،145‬تاريخ ‪ 1920/8/9‬حول إلغاء‬ ‫العلم الفيصلي‪:‬‬ ‫«أذاع دول��ة رئي��س ال��وزراء‬ ‫الب�لاغ اآلت��ي‪ :‬ل��دى المذاك��رة في‬ ‫قضية الراي��ة ذات النجمة البيضاء‬ ‫الت��ي وضعه��ا المؤتم��ر الس��وري‬ ‫تبين‪:‬‬ ‫أو ًال‪ :‬إن مؤتم��ر الصل��ح ق��رر‬ ‫االعت��راف بوج��ود دولة مس��تقلة‬ ‫في س��وريا فأصبح االستقالل أمراً‬

‫متفق��ًا علي��ه بموجب ه��ذا القرار‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬إن المؤتمر الس��وري لم‬ ‫تعت��رف به الدول ألن اجتماعه كان‬ ‫قب��ل اعتراف ال��دول بوج��ود دولة‬ ‫س��وريا فكان تأليف��ه ووضع الراية‬ ‫ذات النجمة البيضاء سابقاً ألوانه‪.‬‬ ‫لذل��ك تقرر ع��دم رف��ع الراية‬ ‫المذكورة والحالة هذه واس��تعماله‬ ‫الراية العربية ـ التي هي راية دولة‬ ‫حليف��ة ـ مؤقت��ًا والرج��وع إلى رأي‬ ‫األمة بذلك بع��د أن يجتمع مجلس‬ ‫نوابه��ا وفقًا للقان��ون الذي يوضع‬ ‫في هذا الش��أن ويقرر شك ً‬ ‫ال خاصًا‬ ‫للراية»‪.‬‬ ‫في ‪ 4‬آب سنة ‪1920‬‬ ‫رئيس الوزراء‬ ‫عالء الدين الدروبي‬ ‫ولكن��ه ه��ذا العل��م ل��م ي��دم‬ ‫طوي ً‬ ‫ال خش��ية من الفرنسيين من‬ ‫إث��ارة ذكريات التحرر واالس��تقالل‬ ‫ففرضوا عند إعالن حكومة دمشق‬ ‫‪ 1920‬علمًا أزرق اللون «مس��تمدٌ‬ ‫من ش��عار فرنسا أيام الملك شارل‬ ‫الس��ابع كذل��ك م��ن ش��عار مدينة‬ ‫باري��س» وكان اله��دف م��ن ذل��ك‬ ‫إلغاء العلم العربي نهائيًا‪ ،‬ولتأكيد‬ ‫هيمنته��م عل��ى س��وريا وضع��وا‬ ‫في زاويته العُلوية عَلمًا فرنس��يًا‬ ‫صغيراً كرم��ز لالنتداب‪ .‬وقد ارتفع‬ ‫هذا العلم في سماء دمشق في ‪24‬‬ ‫تش��رين األول من عام ‪ 1920‬أيام‬ ‫الجنرال غورو أيضاً واس��تمر حتى‬ ‫تاريخ ‪ 1‬أيلول ‪.1920‬‬ ‫وفيما يلي ن��ص قرار مجلس‬ ‫ال��وزراء المنش��ور ف��ي جري��دة‬ ‫«العاصم��ة» الرس��مية العدد ‪166‬‬ ‫عام ‪1920‬م‪:‬‬ ‫«لدى المذاكرة بمجلس الوزراء‬ ‫في قضية العلم الذي يجب اتخاذه‬ ‫ش��عاراً للحكوم��ة الس��ورية تقرر‬ ‫أن يك��ون لون��ه أزرق وفي مركزه‬ ‫كرة بيضاء وفي زاويته الش��مالية‬ ‫مصغ��ر العل��م الفرنس��ي ضم��ن‬ ‫إط��ار أبي��ض عل��ى أن يُتّخذ هذا‬ ‫العل��م ش��عاراً للحكومة الس��ورية‬ ‫لم��دة مؤقتة ريثم��ا يجتمع مجلس‬ ‫الن��واب الممثل للش��عب الس��وري‬ ‫ويتخذ لنفس��ه ق��راراً بهذا الش��أن‬ ‫في ‪ 8‬صفر سنة ‪ 1339‬الموافق‪21‬‬ ‫تشرين األول سنة ‪.»1920‬‬ ‫العل��م الثان��ي تح��ت االنتداب‬ ‫الفرنس��ي‪ .‬ت��م اعتماده م��ن قبل‬ ‫رئيس الوزراء جميل األلشي‪ ،‬الذي‬ ‫اقترح أن يتضمن العلم الس��وري‪،‬‬ ‫عل��م فرنس��ا‪ .‬بق��ي ه��ذا العل��م‬

‫معتمداً من ‪ 22‬حزيران (يونيو) من‬ ‫عام ‪ ،1922‬حتى عام ‪.1930‬‬ ‫العل��م الثالث في ظل االنتداب‬ ‫الفرنس��ي‪ .‬تم اعتماده خالل فترة‬ ‫رئيس الوزراء تاج الدين الحسني‪،‬‬ ‫من عام ‪ 1930‬وبقي حتى ‪ 1‬كانون‬ ‫الثاني (يناير) من عام ‪.1932‬‬ ‫العلم الراب��ع في ظل االنتداب‬ ‫الفرنس��ي‪ .‬وه��و أط��ول األع�لام‬ ‫السورية عمراً (بعد العلم الحالي)‪،‬‬ ‫حيث تم اعتماده في ‪ 1‬كانون الثاني‬ ‫من عام ‪ ،1932‬حتى وحدة س��وريا‬ ‫مع مص��ر في عام ‪ .1958‬ففي ‪14‬‬ ‫أيار من عام ‪ 1930‬أصدر المفوض‬ ‫الس��امي للجمهوري��ة الفرنس��ية‬ ‫في س��وريا ولبنان المسيو «هنري‬ ‫بونسو» قراراً برقم ‪ 3111‬يقضي‬ ‫بوضع دس��تور دولة س��وريا‪ ،‬وجاء‬ ‫في المادة الرابع��ة من الباب األول‬ ‫ما يلي‪« :‬يكون العلم السوري على‬ ‫الشكل اآلتي‪ :‬طوله ضعف عرضه‪،‬‬ ‫ويقس��م إلى ثالثة ألوان متساوية‬ ‫متوازية‪ ،‬أعالها األخضر فاألبيض‬ ‫فاألس��ود‪ ،‬على أن يحتوي القس��م‬ ‫األبي��ض منه��ا في خط مس��تقيم‬ ‫واح��د عل��ى ثالث��ة كواك��ب حمراء‬ ‫ذات خمس��ة أشعة»‪ .‬وقد نُشر هذا‬ ‫الدس��تور ف��ي الجري��دة الرس��مية‬ ‫العدد ‪ 12‬ملحق تاريخ ‪1932/2/30‬‬ ‫الصفح��ة ‪ ،1‬ورُفع العلم ألول مرة‬ ‫في س��ماء س��وريا في ‪ 12‬حزيران‬ ‫عام ‪.1932‬‬

‫مدلوالت العلم‬

‫ج��اء تصمي��م العلم الس��وري‬ ‫غني��ًا برم��وز لونية‪ ،‬وه��ي تماثل‬ ‫ألوان علم الث��ورة العربية الكبرى‪،‬‬ ‫فاألخضر لإلسالم عموماً‪ ،‬واألبيض‬ ‫لألمويي��ن‪ ،‬واألس��ود للعباس��يين‪،‬‬ ‫والنج��وم الحمر للعلي��اء والبطولة‬ ‫ودماء الشهداء‪.‬‬ ‫ُل ّق��ب ه��ذا العل��م بـعل��م‬ ‫االس��تقالل ألن��ه ش��هد اس��تقالل‬ ‫سوريا عن االنتداب الفرنسي يوم‬ ‫‪ 17‬نيسان (أبريل) من عام ‪.1946‬‬ ‫اعتم��د ش��كل ه��ذا العل��م‬ ‫وألوان��ه ف��ي المادة السادس��ة من‬ ‫الفصل األول للدستور الصادر عن‬ ‫الجمعية التأسيس��يّة السوريا في‬ ‫‪ 5‬أيل��ول عام ‪ 1950‬كما ورد حرفيًا‬ ‫في دس��تور عام ‪ ،1930‬ونُشر في‬ ‫الجريدة الرسمية العدد ‪ 45‬تاريخ ‪7‬‬ ‫أيلول ‪.1950‬‬ ‫وق��د ع��اد ه��ذا العلم رس��ميًا‬ ‫عندم��ا ت��م االنفص��ال‪ ،‬لفت��رة‬ ‫قصيرة‪ ،‬قبل أن يصل حزب البعث‬ ‫إل��ى الحك��م ي��وم ‪ 8‬آذار (م��ارس)‬ ‫‪ ،1963‬جاع ً‬ ‫ال العمر الرس��مي لهذا‬ ‫العلم ‪ 27‬عامًا‪.‬‬


‫«�إذا كان الن�ضال من �أجل احلرية �إرهاب ًا ف�أنا �إرهابي»‪..‬‬ ‫سلمى الخطيب‬

‫ليستعيد شبابه ما أن طالته‬ ‫شمس مدينته‪ ،‬وأطلق له العنان‬ ‫صغير يكتشف‬ ‫كطفل‬ ‫ليتجول‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حيا ًة يعرفها دون أن يعرفها‪...‬‬ ‫عاشته أكثر مما عاشها‪ ...‬وجربته‬ ‫أكثر مما جربها‪...‬‬ ‫في تدمر ال يمكن للسجين‬ ‫أن ينصب قامته وال بد أن يبقى‬ ‫مطأطئًا رأسه تحت طائلة العقاب‪،‬‬ ‫وهذا ما أدى بالمعتقلين الذين‬ ‫انتقلوا من تدمر إلى صيدنايا‪ ،‬إلى‬ ‫أن يمضوا وقت ًا طوي ً‬ ‫ال للتعود على‬ ‫رفع الرأس واالنتصاب بحرية‪ .‬من‬ ‫غير المفهوم أن يستمر التعذيب‬ ‫بعد التحقيق والمحاكمة لسنوات‬ ‫طويلة‪ ،‬هذا خلق حطام بشر‪ ،‬وأدى‬ ‫إلى ترك آثار نفسية وجسدية لدى‬ ‫معظم المعتقلين‪.‬‬ ‫يخرج المعتقل من السجن‬ ‫ليجد نفسه ممنوعًا من الحقوق‬ ‫المدنية‪ ،‬وممنوعاً من احترامه‬ ‫لذاته عبر عدم قدرته على إيجاد‬ ‫فرصة عمل‪ ،‬وعدم قدرته على‬ ‫التأقلم االجتماعي والنفسي‪ .‬ومع‬ ‫ذلك فمن يعرف عماد شيحة يبدو‬ ‫وكأنه يعطي شهادة حسن سلوك‬ ‫للسجون السورية فما أن ترى‬ ‫تقاطيع وجهه حتى ترى الطيبة‬ ‫واالبتسامة المستمرة وكأن ثالثين‬ ‫عام ًا من االعتقال لم تترك أثرها‬ ‫على وجهه النقي وعلى قدرته‬ ‫على االبتسام والمشي بسرعة‬ ‫هائلة حتى إن أصدقائه يتذمرون‬ ‫من المشي معه في الشارع فهو‬ ‫يسجل رقماً قياسيًا بالمشي‬

‫السريع بينما يضطر اآلخرون‬ ‫شاب‬ ‫للركض للحاق به بقلب‬ ‫ٍ‬ ‫يستعيد الصبا‪ ....‬رغم وطأة ألم‬ ‫االعتقال‪ ،‬يقول عماد «لم أحس‬ ‫الحرية بعيدة عني يوماً أبعد مما‬ ‫هي المسافة بين قلبين في جسد‬ ‫واحد‪ .‬الحرية موجودة داخلي وقد‬ ‫عشتها دائماً‪ .‬عمق اإلحساس‬ ‫بالحرية الداخلية ساعدني في‬ ‫التحليق سريعاً في فضاء الحرية‬ ‫الخارجية‪ .‬هذا اإلحساس يجعلني‬ ‫أشد تعلقاً ببلدي الذي ال أفكر في‬ ‫مغادرته يوم ًا‪».‬‬ ‫بعد خروجه من السجن‪..‬‬ ‫انصرف عماد الى العمل بجد‬ ‫وتفانئ ليتابع طريقه النضالي‬ ‫ومعاداته لالستغالل والظلم‬ ‫بأسلوب جديد ظهر جليًا في‬ ‫أعماله األدبية و في مختاراته‬ ‫للترجمة‪ .‬حيث قام بنشر مجموعة‬ ‫من الروايات منها روايته االولى‬ ‫«موت مشتهى» التي صدرت‬ ‫في عام ‪ 2005‬بعد خروجه من‬ ‫المعتقل بعام‪ .‬وتلتها روايته‬ ‫غبار الطلع وبقايا من زمن بابل‬ ‫ومجموعة من الترجمات حيث‬ ‫ترجم كتابا لمايكل مور وكتاب‬ ‫«المال ضد الشعوب ـ البورصة أو‬ ‫الحياة» باالشتراك مع رندة بعث‪،‬‬ ‫وراجع وقدم كتاب «الماركسية‬ ‫و»العولمة‬ ‫والديموقراطية»‪،‬‬ ‫واإلمبريالية» اللذين ترجمتهما‬ ‫رندة بعث باإلضافة إلى إغنائه‬ ‫المكتبة العربية بترجمته لكتاب‬ ‫«اللوبي اإلسرائيلي والسياسة‬ ‫الخارجية للواليات المتحدة»‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬

‫تعرض عماد لتعذيب وحشي‬ ‫أثناء التحقيق‪ ،‬لكنه يصف تلك‬ ‫اللحظات بمقاربةٍ أشبه بالتصوف‬ ‫فيقول «الجسد يتحطم‪ ،‬لكن الروح‬ ‫تقاوم»‪ ...‬يستأنف‪ »:‬في البداية‬ ‫تكون المقاومة من أجل حماية‬ ‫اآلخرين‪ ،‬لكن حين يصير اآلخرون‬ ‫في وضع مماثل لوضعك‪ ،‬تصبح‬ ‫المسألة دفاعًا عن قضية تؤمن‬ ‫بها»‪ .‬لكن لم يقو أي منهم وبكل‬ ‫الجبروت الذي امتلكوه أن يمنعوا‬ ‫جسده (المحطم كما وصفه)‬

‫جدار إحدى الزنازين‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫خاص سوريتنا‬ ‫«من أين تبدأ وكيف‬ ‫تعاود نسج الحكاية دون‬ ‫أن يقاطعك محقاً‪ :‬هل‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫خرافة جديد ٌة أم‬ ‫خيال آخر‪،‬‬ ‫خديعة؟ تضحكك الفكرة‬ ‫رغم بؤسها! ما أدراك أنت‬ ‫ً‬ ‫رواية‬ ‫بالذات أنها لن تكون‬ ‫ً‬ ‫مزيفة لما حدث؟ كيف تضمن‬ ‫ً‬ ‫قريبة مما‬ ‫حقاً أنها ستكون‬ ‫حدث؟ من أين لك قدرة‬ ‫فرز الواقعي عن تصورك‬ ‫عنه واالنطباع الذي خ ّلفه؟‬ ‫ألن تدخل مجدداً في نفس‬ ‫الدوامة التي ألقيت نفسك‬ ‫فيها لتكسب العالم على‬ ‫حساب خسارتك لها؟ أليس‬ ‫في ذلك تلخيص لك؟»‬ ‫عماد شيحة‪ -‬بقايا من‬ ‫زمن بابل‬ ‫ثالثون عامًا في السجون‬ ‫ً‬ ‫قصة‬ ‫السورية لم تكن خرافة‪ ،‬وال‬ ‫أحاكتها مخيلته وداعبت بها أوراقه‪،‬‬ ‫تفاصيلها المؤلمة حتى النشوة‪،‬‬ ‫وحيا ُة خرشت القضبان بالحبر‪...‬‬ ‫ثالثون عاماً منحته لقب عميد‬ ‫المعتقلين السوريين‪ ...‬أكان بحاجةٍ‬ ‫ليكون عميداً؟‪ ...‬أكان بحاجةٍ‬ ‫للقب؟‪ ...‬ذاك اإلنسان الرابض تحت‬ ‫ٍ‬ ‫وزر األلم‪ ...‬لكم كان من الحكمة‬ ‫من الحياة أن تجعله عميداً للفكر‬ ‫لوطن نسجه‬ ‫واألدب‪ ...‬للجمال‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫من حريته الغضة دوماً‪...‬‬ ‫«األعوام الست عشر األوائل‬ ‫كانت األكثر سوءاً وشقا ًء» – يقول‬ ‫شيحة‪« -‬بسبب العزلة شبه الكاملة‬ ‫عن العالم‪ .‬كانت هناك مراحل‬ ‫تتاح له فيها قراءة بعض الصحف‬ ‫أو الكتب‪ ،‬لكن على العموم‪ ،‬كانت‬ ‫العزلة هي القاعدة‪ ،‬وهذا ما حجب‬ ‫عني أحداثاً كبيرة في مجريات‬ ‫العالم»‪.‬‬

‫عماد ش��يحة م��ن مواليد‬ ‫عام ‪.1954‬‬ ‫انتسب عماد ش��يحة الى‬ ‫المنظمة الش��يوعية العربية‬ ‫ع��ام ‪ ،1973‬واعتق��ل في‪21‬‬ ‫حزي��ران ‪ 1974‬م��ع مجموعة‬ ‫م��ن رفاق��ه عندم��ا كان ف��ي‬ ‫الحادية والعشرين من عمره‪.‬‬ ‫تنقل خالل فترة اعتقاله‬ ‫بين سجون مختلفة من سجن‬ ‫المزة إلى س��جن تدم��ر الذي‬ ‫أمض��ى فيه ‪16‬عام��اً‪ ،‬وصو ًال‬ ‫إلى س��جن عدرا الذي أمضى‬ ‫في��ه س��ت س��نوات‪ ،‬وأخي��راً‬ ‫سجن صيدنايا الذي بقي فيه‬ ‫حتى تاريخ اإلفراج عنه في ‪3‬‬ ‫آب ‪ 2004‬بعد ثالثين عاماً من‬ ‫االعتقال‪ ،‬ليك��ون بذلك أقدم‬ ‫س��جين سياس��ي ف��ي تاريخ‬ ‫سوريا الحديث‪.‬‬ ‫كان��ت المنظم��ة ق��د‬ ‫نشطت في األوساط الطالبية‬ ‫اليس��ارية بش��كل أساس��ي‪،‬‬ ‫ولم يتج��اوز تع��داد أعضائها‬ ‫العش��رات في كل من سوريا‬ ‫ولبنان والكويت‪.‬‬ ‫ف��ي الع��ام ‪ 1975‬اعتقل‬ ‫جمي��ع أف��راد المنظم��ة ف��ي‬ ‫البلدان الثالثة‪ .‬ويمكن اعتبار‬ ‫ذاك الع��ام تاري��خ تصفي��ة‬ ‫المنظمة أو اجتثاثها نهائيًا‪.‬‬ ‫تلقى خمس��ة من الرفاق‬ ‫حكما باإلعدام‪ ،‬نفذ في ‪ 2‬آب‬ ‫‪ .1974‬ثماني��ة أعضاء حكموا‬ ‫بالس��جن ‪ 15‬عام��اً وخمس��ة‬ ‫حكم��وا بالس��جن المؤبد‪ ،‬من‬ ‫بينهم فارس مراد الذي أفرج‬ ‫عنه في شباط ‪.2004‬‬ ‫المنظم��ة الش��يوعية‬ ‫العربي��ة مارس��ت نش��اطًا‬ ‫سياس��يًا وكفاحياً واح��داً في‬ ‫لبنان وس��وريا والكويت‪ ،‬ومع‬ ‫ذل��ك كانت أقص��ى العقوبات‬ ‫الت��ي أنزل��ت بأعضائه��ا في‬ ‫لبن��ان والكويت ثالث س��نوات‬ ‫سجنًا‪.‬‬ ‫م��ن ناحي��ة أخ��رى فق��د‬ ‫تلق��ى حكم��اً م��ن محكم��ة‬ ‫اس��تثنائية ف��ي ظ��ل قان��ون‬ ‫الطوارئ بالسجن المؤبد‪.‬‬ ‫ووفقا للقانون الس��وري‬ ‫يخل��ى س��بيل المحك��وم‬ ‫بالس��جن المؤبد بعد ‪ 25‬سنة‬ ‫من تنفيذ العقوبة‪ .‬حتى هذا‬ ‫األمر لم يتم التقيد به‪.‬‬

‫من ذاكرة المعتقالت ‪. .‬‬

‫عماد �شيحة �أقدم �سجني �سيا�سي فـي‬ ‫تاريخ �سوريا احلديث‪.‬‬

‫ببلوغـــرافيا‬

‫‪19‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 27 | )10‬تشرين الثاني ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫مرمى الثورة‪..‬‬ ‫وحرا�سة ال�ساروت‬ ‫د‪ .‬جمال خليل صبح‬ ‫‪-1‬‬‫لمّا تزل الثورة السورية‬ ‫تقدم المفاجأة تلو األخرى‪ ،‬فمن‬ ‫صمود المس تخوم األسطورة‪،‬‬ ‫إلى شخوص كنا نجهلهم في بالد‬ ‫طحنتها عجلة استبداد ال يليق‬ ‫بتاريخ سلمي لوطن يسمى سوريا‪.‬‬ ‫من كرة القدم‪ ،‬مالئة الدنيا وشاغلة‬ ‫الناس‪ ،‬جاء عبد الباسط الساروت‪،‬‬ ‫ذاك الشاب الذي لم يكمل العشرين‬ ‫من العمر‪ ،‬والذي لم نكن نعرف‬ ‫عنه أكثر من كونه حارس منتخب‬ ‫شباب سوريا وفريق الكرامة‬ ‫"الحمصي"‪!!...‬؟‬ ‫‪-2‬‬‫في كرة القدم تنقلب لعبة‬ ‫الوجود الظالم إلى سياق إجتماعي‬ ‫فيه من العدل ما يرفع األداء‬ ‫الكروي إلى مصاف يتخطى‬ ‫عتبات الدين والقومية والتاريخ‬ ‫والسياسة مجتمعين‪ .‬عبد الباسط‬ ‫جاء من لعبة ال تعرف إال حدود‬ ‫المستطيل األخضر‪ ،‬فال ضير أن‬ ‫تنزل الكاميرون‪ ،‬إحدى أفقر دول‬ ‫إفريقيا خسارة مذلة باألرجنتين‬ ‫وفي حضرة ساحرها مارادونا‪،‬‬ ‫وال يجافي المنطق أن "تبهدل"‬ ‫السنغال الكولونيل الفرنسي في‬ ‫واقعة حرّضت علماء االجتماع‪-‬‬ ‫الثقافي على االلتفات إلى ما يجري‬ ‫في "ضواحي" الفقر وكرة القدم‬ ‫الخلفية‪ .‬فيما استطاع "ياشين"‬ ‫الفتى الروسي الرشيق أن يجعل‬ ‫"مجنون ألمانيا" يطلب المهدئات‬ ‫في برلين األولمبية‪ ،‬قبل إفتضاح‬ ‫"هذياناته" في الحروب الحقًا‪.‬‬ ‫‪-3‬‬‫الساروت هو حارس المرمى‪،‬‬ ‫الذي يحق له ماال يحق لغيره‪.‬‬ ‫يجادل "مهاويس" كرة القدم بأن‬ ‫حارس المرمى هو نصف الفريق‪،‬‬ ‫بينما يصر "عتاة الكرويين" على‬ ‫أن له األرباع الثالث‪ .‬يمتلك حارس‬ ‫ّ‬ ‫المرمى ميزة "النظرة البانورامية"‬ ‫عما يجري أمامه‪ .‬يوجه‪ ،‬يصرخ‪،‬‬

‫شهداء‬ ‫سورية‬

‫يحذر‪ ،‬وال يعرف إال الذود عن حياض‬ ‫مرماه بشجاعة نادرة ولكن "الغلطة‬ ‫بكفرة"‪!!!...‬؟‬ ‫‪-4‬‬‫لم يرتكب الساروت "كفرة"‬ ‫كروية في مباريات المنتخب أو‬ ‫الكرامة‪ ،‬من عرقلة للخصم‪ ،‬أو‬ ‫تساهل مع كرة ساقطة‪ ،‬أو سوء‬ ‫توقيت كارثي‪ ،‬أو هدف للمسخرة‬ ‫يليق باليوتيوب!!! كانت غلطته‬ ‫الكفرة أنه قال ال لطاغية الشام‬ ‫في وقت لم نسمع عن رياضي‬ ‫سوري‪ ،‬وقف مع الثورة ودخل نادي‬ ‫"الخطائين الكفرة" الذي يترأسه‬ ‫عبد الباسط بال منازع‪.‬‬ ‫‪-5‬‬‫كباقي مفاصل المجتمع‬ ‫السوري اإلجتماعية‪ ،‬لم تسلم‬ ‫الرياضة من يد االستبداد الثقيلة‬ ‫وأضحت أداة ال مثيل لها في عجلة‬ ‫تأليه القائد الخالد‪ ،‬راعي الرياضة‬ ‫والرياضيين‪ ،‬حتى غدت صُوره‬ ‫كبيرة الحجم‪ ،‬ذات المالمح األبوية‬ ‫الحازمة تتصدر "مدرجات" المالعب‬ ‫السورية البائسة‪ ،‬وكأني به يتابع‬ ‫جميع المباريات "اليف" ويترصد‬ ‫أخطاء الحكام والمدربين والالعبين‬ ‫على حد سواء‪" ،‬فأبونا في السماوات‬ ‫يرانا"‪!!!!!..‬؟‬ ‫في سنوات "الرعب" الثمانينية‬ ‫وبداية "التأليه" التسعينية كان‬ ‫يصدح صوت الشهير عدنان‬ ‫بوظو"هدف لسوريا األسد"‪،!!!...‬‬ ‫بال وجل وال خجل‪ .‬كيف ال‪ ،‬وأهداف‬ ‫"رجال القائد" الكروية "صواريخ"‬ ‫في مرامي السعودية والعراق‬ ‫ولبنان وكل من لم ينعم "بأمان‬ ‫األسد واستقراره"‪!!!!..‬؟؟‬ ‫‪-6‬‬‫لم تبخل الموهبة السورية في‬ ‫تقديم حراس مرمى الزموا قلوب‬ ‫الجماهير "الصامتة" وذاكرتهم‪ ،‬من‬ ‫جورج مختار ووليد إسالم‪ ،‬إلى مالك‬ ‫شكوحي وأحمد عيد وعبد المسيح‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)4571‬‬ ‫دمشق‪114 :‬‬ ‫ريف دمشق‪341 :‬‬ ‫حمص‪1526 :‬‬ ‫حلب‪82 :‬‬ ‫حماه‪691 :‬‬ ‫الالذقية‪231 :‬‬

‫دونا‪ ،‬وصو ًال إلى حراس الكرامة‬ ‫الحمصي وأبرزهم البلحوس‪ .‬لم‬ ‫نعد نسمع عنهم وال عن مراميهم‬ ‫الفارهة‪ .‬لم يبق في المرمى‬ ‫سوى الساروت‪ ،‬ذاك العبد‪ ،‬الباسط‬ ‫ذراعيه‪ ،‬ذا العيون الملونة الناضحة‬ ‫بالتحدي‪ ،‬صاحب الصوت الذي‬ ‫يختزل المكوّن السوري بطباعه‬ ‫الغريبة‪ ،‬ذا المرامي المتنقلة من‬ ‫"بروتوكوالت" المدن إلى "تلقائية"‬ ‫البوادي‪...‬‬ ‫‪-7‬‬‫هو الساروت في مرمى الثورة‪،‬‬ ‫المرمى الذي لم يلتزم النظام‬ ‫العنيف بأبعاده الثالث‪ .‬جاع ً‬ ‫ال‬ ‫القرى والبلدات المنسية الثائرة‬ ‫بين "قوائمه" والغيًا "العارضة"‬ ‫لصالح مدىً مفتوح على القصف‬ ‫والرصاص الواهم‪ .‬فال وجود‬ ‫طرطوس‪95 :‬‬ ‫درعا‪691 :‬‬ ‫دير الزور‪162 :‬‬ ‫الحسكة‪36 :‬‬ ‫القنيطرة‪4 :‬‬ ‫الرقة‪19 :‬‬ ‫ادلب‪508 :‬‬ ‫السويداء‪16 :‬‬

‫لمناطق الستة عشر‪ ،‬ذات الحساسية‬ ‫العالية إلرتكاب األخطاء والخطايا‪.‬‬ ‫الساروت هو الرقم الصعب‪،‬ألنه‬ ‫ذاك القادم من لعبة أرغمت العنف‬ ‫على التجرّد من أسلحته ذات الدمار‬ ‫الشامل وأبدلت قواعد "داحس‬ ‫والغبراء" بلبوس المدنية‪ ،‬حيث‬ ‫العدل والتكافؤ سيدا الموقعة‬ ‫التسعينية‪ ،‬وحيث تغني "المليشيات‬ ‫الكروية"‪ ،‬طالبة الصفح عن ماضي‬ ‫البشرية العنيف وحاضره‪.‬‬ ‫في ثورة العدالة والحرية هناك‬ ‫نوع من المماطلة في إضافة أوقات‬ ‫ال لزوم لها‪ ،‬والعيون شاخصة على‬ ‫عبد الباسط الساروت‪ ،‬حارس الثورة‬ ‫الذي ال يلتفت إلى خصم عنيف ال‬ ‫يلتزم بالقواعد‪ ،‬وال يعنيه حكم‬ ‫متخاذل ال ينظر إلى الساعة‪ ،‬إنه‬ ‫مالزم مرماه وال شيء غير ذلك‪.‬‬ ‫‪ 779‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 3792‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 106‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 4166‬عدد الذكور‬ ‫‪ 53‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 246‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2011 / 11 / 26‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.