سوريتنا | العدد الرابع بعد المئة | 15 أيلول 2013

Page 1

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪1‬‬


‫رحلة الهروب من اجلحيم‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫�أكرث من ‪ 400‬معتقل مهددين بالإعدام يف �أحد �أماكن‬ ‫االحتجاز ال�سرية يف �سوريا‬ ‫مركز توثيق االنتهاكات في سوريا أيلول ‪ /‬سبتمبر ‪2013‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫قال مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في س��وريا ف��ي تقري��ر أصدره‬ ‫الي��وم بعن��وان "رحل��ة اله��روب‬ ‫من الجحي��م" أن أجه��زة النظام‬ ‫الس��وري وعناص��ر م��ن الفرقة‬ ‫العس��كرية الرابع��ة تق��وم‬ ‫بعملي��ات القت��ل خ��ارج نط��اق‬ ‫القض��اء‪ ،‬ف��ي ف��رع المخاب��رات‬ ‫الجوي��ة ف��ي حرس��تا ض��د‬ ‫المعتقلي��ن‪ ،‬كم��ا أش��ار التقرير‬ ‫إل��ى أن هنال��ك أكث��ر م��ن ‪400‬‬ ‫معتقل يواجه��ون خطر اإلعدام‬ ‫الميدان��ي تباع��ًا‪ ،‬وجميعهم من‬ ‫المعتقلين ل��دى الفرع المذكور‪،‬‬ ‫حيث يت��م قتلهم ب��دم بارد بعد‬ ‫تش��غيلهم في األعمال الش��اقة‬ ‫من حف��ر الخن��ادق والمتاريس‪،‬‬ ‫لحماية جنود النظام في منطقة‬ ‫قريبة من ذلك الفرع‪.‬‬ ‫يس��تند تقري��ر "رحل��ة‬ ‫الهروب م��ن الجحيم" الصادر في ثالثين صفحة‪ ،‬إلى‬ ‫شهادات خمسة معتقلين سابقين في فرع المخابرات‬ ‫الجوي��ة‪ ،‬حرس��تا‪ ،‬والذين اس��تطاعوا اله��رب بتاريخ‬ ‫‪ 2013 - 7 - 2‬أثن��اء قيامهم بأعم��ال الحفر "األعمال‬ ‫الش��اقة" حيث جرى إجراء مقابالت مع جميع الش��هود‬ ‫وبش��كل تفصيلي حول الوضع المأساوي للمعتقلين‬ ‫ف��ي الف��رع المذك��ور أو ًال‪ ،‬وعن عملي��ات القتل خارج‬ ‫نطاق القضاء والذي ش��هده الفرع في الفترة األخيرة‬ ‫ثانيا‪ ،‬والش��هود هم‪ :‬أحمد صابر حمادة ‪ 27‬عام ولؤي‬ ‫كم��ال بكور ‪ 25‬عام‪ ،‬وفواز ابراهي��م بدران ‪ 23‬عام‪،‬‬ ‫وحس��ان نصر اهلل ‪ 25‬عام‪ ،‬والمعتقل موفق الجندلي‬ ‫والذي يبلغ من العمر ‪ 25‬عاماً أيضًا‪.‬‬ ‫وقال��ت المحامي��ة رزان زيتون��ة والت��ي زارت‬ ‫الش��هود برفقة فريق الرصد الميداني‪" :‬هنالك أكثر‬ ‫من أربعمئة معتقل‪ ،‬ينتظرون الموت رميًا بالرصاص‬ ‫بدم بارد بعد تعذيبهم وتشغيلهم باألشغال الشاقة‪،‬‬ ‫وجميعهم ممن مضى على اعتقالهم أكثر من سنة"‪.‬‬ ‫وتُظه��ر األرق��ام واإلحصائي��ات أن هنالك مئات‬ ‫اآلالف م��ن المواطني��ن الس��وريين الذي��ن تعرض��وا‬ ‫لالعتق��ال التعس��في على ي��د عناصر م��ن مخابرات‬ ‫النظ��ام الس��وري‪ ،‬كما أظه��رت العديد م��ن التقارير‬ ‫وش��هادات معتقلين س��ابقين أن جميع��م يتعرضون‬ ‫إلى تعذيب نفس��ي وجسدي ش��ديدين‪ ،‬أدى في مئات‬ ‫الح��االت إل��ى الم��وت‪ ،‬حي��ث اس��تطاع مرك��ز توثيق‬ ‫االنته��اكات في س��وريا توثي��ق أكثر م��ن ثالثة آالف‬ ‫معتقل قضوا في أقبية المخابرات الس��ورية منذ بدء‬ ‫االحتجاجات في مارس آذار ‪.2011‬‬ ‫وذكر الش��هود الخمس��ة أس��ماء بعض الضحايا‬ ‫الذي��ن ت��م اعدامه��م ميداني��ًا ف��ي الف��رع مؤخ��را‬ ‫ومنه��م‪ :‬عب��د المعين الش��الط‪ ،‬أب��و كاس��م النداف‪،‬‬ ‫وائل الس��راقبي‪ ،‬محم��د الخطيب وغس��ان بلور‪ .‬هذا‬ ‫باإلضاف��ة إل��ى أن الش��هود أك��دّوا ف��ي ش��هاداتهم‬ ‫على وحش��ية أعم��ال التعذيب الت��ي كانت تجري ضد‬ ‫المعتقلين وخاص��ة أثناء فترة التحقي��ق والتي كانت‬ ‫تمتد أحيانًا لش��هور عديدة‪ ،‬وتحدث��وا أيضًا عن وضع‬

‫المعتق��ل المزري ج��داً وخاصة من الناحي��ة الصحية‬ ‫حيث كان جميع المعتقلين يعانون من أمراض جلدية‬ ‫مزمن��ة‪ ،‬وكانوا يعان��ون أيضًا من قل��ة التغذية حتى‬ ‫أنهم أصيبوا بما سموه "مرض الجوع"‪.‬‬ ‫يقول أحد الش��هود وه��و المعتقل أحم��د حمادة‬ ‫واصفاً عملية التعذيب خالل التحقيق‪:‬‬ ‫في غرفة المحقق كان هناك بساط الريح‪ ،‬والدوالب‪،‬‬ ‫عندم��ا يضعوني على ال��دوالب كان��وا يضربونني نحو‬ ‫خمس��ين ضربة بعصا قاس��ية لونها أخض��ر‪ ،‬في إحدى‬ ‫الم��رات بقي��ت عل��ى الدوالب نح��و ‪ 16‬س��اعة وتلقيت‬ ‫نحو ‪ 400‬ضربة‪ .‬كما اس��تخدم مع��ي المحقق الكهرباء‬ ‫بمناطق حساس��ة‪ ،‬كان يش��حن عصا الكهرباء ويفرغها‬ ‫ف��ي أجس��ادنا‪ ،‬كنا نش��م رائح��ة الجلد المحت��رق‪ .‬وفي‬ ‫إحدى المرات جرى ش��بحي لمدة خمس��ة أيام متواصلة‬ ‫بالحمام��ات‪ ،‬وهي منطقة قذرة جدا‪ ،‬الحش��رات تمش��ي‬ ‫على أجسادنا وال نستطيع أن نتحرك‬ ‫وكان الوضع الصحي للمعتقلين جميعًا مأس��اويًا‬ ‫جداً‪ ،‬حي��ث كانت الرعاية الصحي��ة معدومة‪ ،‬بل على‬ ‫العكس كان "أطباء الش��يطان كم��ا وصفهم التقرير"‬ ‫يشاركون في أعمال الضرب والتعذيب اسوة بغيرهم‬ ‫من العناصر الموجودة ف��ي ذلك الفرع األمني‪ ،‬يقول‬ ‫المعتقل حس��ن نصر اهلل واصفًا اللحظات األولى بعد‬ ‫عملية التعذيب الش��ديدة التي تع��رض لها‪ ،‬وعرضه‬ ‫على طبيبين من الفرع‪:‬‬ ‫كنت أعتقد أن األطباء سيس��اعدونني‪ .‬س��ألني أحد‬ ‫الطبيبي��ن من فعل بك ذلك (التعذي��ب والضرب) فقلت‬ ‫له الش��بيحة الموجودين في الخارج فقام بضربي بدوره‬ ‫بواس��طة عص��ا غليظة‪ .‬أم��ا الطبيب الثاني فقد مس��ح‬ ‫الدم��اء ع��ن ظهري فق��ط وأعطان��ي حبة ربم��ا تكون‬ ‫مسكن‪.‬‬ ‫ونتيجة النع��دام الرعاية الصحية فقد انتش��رت‬ ‫العدي��د م��ن األم��راض بي��ن المعتقلي��ن‪ ،‬وخاص��ة‬ ‫األم��راض الجلدية المزمن��ة‪ ،‬فقد أطل��ق المعتقلون‬ ‫عل��ى أح��د األم��راض الجلدي��ة الت��ي انتش��رت ف��ي‬ ‫المعتقل‪ ،‬اسم "حراشف السمك" يقول المعتقل أحمد‬

‫حمادة عن هذا المرض‪:‬‬ ‫عن��د اإلصابة به��ذا المرض‬ ‫يصاب االنس��ان بحكة حتى تسيل‬ ‫الدم��اء من جس��ده‪ .‬وعندها يجف‬ ‫الج��رح على دمل��ة مليئ��ة بالقيح‬ ‫والجراثيم والدم��اء والعفن‪ ،‬حتى‬ ‫تصبح س��ماكتها نحو ‪ 2 - 1‬سم‪،‬‬ ‫بحي��ث اليتمك��ن المعتق��ل م��ن‬ ‫الحرك��ة‪ ،‬وتك��ون محص��ورة من‬ ‫الردفين إلى الركبتين‪ .‬مع الوقت‬ ‫تصب��ح الدمام��ل جاف��ة وقاس��ية‬ ‫كالحجر‪ ،‬وتبدأ تأكل من اللحم‪ ،‬ثم‬ ‫تتشقق ويصبح ش��كلها كحراشف‬ ‫السمك‪.‬‬ ‫وخ�لال المقاب�لات م��ع‬ ‫الش��هود الخمس��ة أفادوا بوقوع‬ ‫جرائم إعدام��ات ميدانية ترتكب‬ ‫ف��ي ه��ذا المعتقل‪ ،‬حي��ث يتمّ‬ ‫اقتياد ع��دد م��ن المعتقلين من‬ ‫الف��رع إلى م��كان قريب لحف��ر الخن��ادق والمتاريس‬ ‫لق��وات النظ��ام‪ ،‬لإلحتم��اء بها م��ن ضرب��ات الكتائب‬ ‫الثوري��ة المقاتل��ة‪ ،‬وبع��د أن تنه��ك ق��وى المعتق��ل‬ ‫ويصبح عاجزاً عن الحركة أو العمل يأتي أحد الضباط‬ ‫واس��مه "معن" وهو برتبة مق��دم وملقب بأبو الموت‬ ‫وينفذ عملية إعدامه‪.‬‬ ‫يقول المعتقل فواز بدران حول ذلك‪:‬‬ ‫أحض��روا المعتقلي��ن محم��د خي��ر الن��داف‪ ،‬وعبد‬ ‫المعين الش��الط من دوما ‪ -‬إلى م��كان الحفر واألعمال‬ ‫الش��اقة ‪ -‬وكانت حالة المعتقل عبد المعين سيئة جداً‪،‬‬ ‫وجس��مه كان أزرقاً من المرض والتعذي��ب‪ ،‬وكان ينازع‬ ‫الموت‪ ،‬عاش فقط ست ساعات‪ ،‬في الحاجز‪ ،‬تعرض فيها‬ ‫ألشدّ أنواع التعذيب‪ .‬ال أظنّ أن أحداً في هذا العالم قد‬ ‫تع��رّض لمثل هكذا تعذيب في حياته من حرق بأكياس‬ ‫النايلون‪ ،‬إل��ى الحرق بالبارود‪ ،‬حيث قاموا بكتابة اس��م‬ ‫الطاغية "بش��ار األس��د" على صدره بالبارود (وإشعاله)‪،‬‬ ‫إضافة إلى سكب الماء الساخن عليه‪ ،‬طلبوا منه "الكفر"‬ ‫وسب الذات اإللهية‪ ،‬لكنه رفض‪ ،‬وفارق الحياة بعدها‪.‬‬ ‫وبعد ذلك استطاع الشهود الخمسة الهروب تحت‬ ‫جن��ح الظالم م��ن أماكن الحفر‪ ،‬بعد أن قاموا بكس��ر‬ ‫قيودهم‪ ،‬في عملية أش��به بالخيال‪ ،‬يروي المعتقلون‬ ‫تفاصيلها في التقرير المذكور‪.‬‬ ‫وق��د طالبت المحامي��ة رزان زيتونة‪ ،‬المنس��قة‬ ‫العام��ة ف��ي مرك��ز توثي��ق االنته��اكات في س��وريا‬ ‫بتحويل الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية‪،‬‬ ‫واصفة مايرتكب على يد ق��وات النظام بأنه "فاق أي‬ ‫تص��ور في بش��اعته وإجرام��ه"‪ ،‬وناش��دت المنظمات‬ ‫الدولي��ة للتدخ��ل الفوري إلنقاذ حي��اة المعتقلين في‬ ‫فرع جوية حرستا وبقية السجون والمعتقالت السرية‬ ‫في سوريا‪.‬‬ ‫لالطالع على التقرير كام ً‬ ‫ال مش��فوعاً بالشهادات‬ ‫التفصيلية‪ ،‬يمكنكم زيارة الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪www.vdc-sy.info/index.php/ar/reports/‬‬ ‫‪categories/special-reports‬‬


‫املخرج ال�سينمائي م�أمون نوفل‬ ‫ممنوع العزاء به وجمرد من‬ ‫حقوقه املدنية‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫م�ؤ�س�سة جفرا توا�صل‬ ‫فعالياتها رغم احل�صار‬

‫�أوجـاع وطـن‬

‫فادي الداهوك‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الحص��ار واألل��م والتجويع واستش��هاد الناش��طون في العم��ل اإلغاثي واإلنس��اني لم يمنع‬ ‫مؤسسة جفرا لإلغاثة والتنمية الشبابية من مواصلة نشاطاتها وفعالياتها األسبوع الماضي حيث‬ ‫أقامت المؤسس��ة واللجنة األهلية الفلسطينية حف ًال ترفيهياً لألطفال في النادي التربوي‪ ،‬تضمن‬ ‫مسابقات وعروض للبوغا وغناء لألطفال‪.‬‬ ‫وجهز متطوعو المؤسس��ة موقع الزراع��ة الثاني وتم تنظيف كامل حديقة فلس��طين وقلب‬ ‫التربة وتأمين البذار وزراعة المساكب وسقاية المزروع منها في حملة أطلق عليها (ازرع مخيمك)‬ ‫وكانت ضحكات األطفال كفيلة بتخفيف األلم واألسى على وجوه المتطوعين‪.‬‬ ‫وقدمت المؤسسة بعض القرطاسية تحية ودعم لطالب المرحلة الثانوية في مخيم اليرموك‬ ‫ودع��م إصرارهم على مواصلة التعليم‪ ،‬كما اس��تمر فريق الخدمات في جف��را بحملة النظافة في‬ ‫شوارع المخيم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫و التحق األسبوع الماضي عددا من ناشطي جفرا في مجال العمل اإلنساني واإلغاثي وآخرهم‬ ‫الش��هيد خالد محمد بك��راوي وهو أحد أبرز مؤسس��يها ودعائمها ال��ذي كان يحمل هم الوطن‬ ‫واإلنس��انية في السر والعلن بقافلة شهداء اإلنس��انية من الفلسطينيين والسوريين أخوة التراب‬ ‫والدم‪.‬‬ ‫يذكر أن جفرا هي مؤسس��ة لإلغاثة والتنمية الشبابية تعمل على تخفيف المعاناة االنسانية‬ ‫في حاالت الطوارئ والكوارث وتس��اهم في رفع مستوى المعيشة في مخيمات اللجوء الفلسطينية‬ ‫في سوريا وتفعيل شرائح المجتمع المختلفة من خالل مشاريع وأنشطة هادفة‪.‬‬ ‫وتهدف بش��كل خاص إلى التخفيف من وطأة المعان��اة في حاالت األزمات والكوارث وتقديم‬ ‫خدماتها إلى الفلسطينيين والسوريين المقيمين في المخيمات الفلسطينية في سوريا من خالل‬ ‫توفي��ر االحتياجات العينية والخدمي��ة الضرورية وتمكين مجتمعات الالجئين من خالل مش��اريع‬ ‫تنموي��ة لتنهض باإلمكانات االجتماعية واإلنس��انية والمادية بش��كل ف��ردي وجماعي وتمكين‬ ‫المنظمات المجتمعية لتحمل مس��ؤولياتها وأخذ دورها في المجتمع‪ ،‬وتفعيل دور الش��باب ليس‬ ‫كفئة مس��تهدفة فقط بل كشريحة فاعلة وتضمين احتياجات الشباب وتطلعاتهم وحاجاتهم في‬ ‫كل مراحل العملية التنموية ونواحيها وبمش��اركة الش��باب أنفس��هم حيث أن المنظور الشبابي‬ ‫ال يتعاطى مع الش��باب بوصفهم مش��كلة‪ ،‬أو بوصفهم ضحايا وإنما ك��ذوات فاعلة وكثروة يجب‬ ‫االس��تثمار في بناء قدراتها واالعتماد عليها كش��رط ضروري إلحداث أي تغيير اجتماعي منش��ود‪،‬‬ ‫وتخطيط وتنفيذ برامج ومشاريع قائمة على فكر التنمية المستدامة‪.‬‬ ‫وتعمل المؤسسة على تقديم المواد وخدمات اإلغاثة في حاالت الطوارئ من (ماء – مأوى –‬ ‫دواء) وتنس��يق عمليات اإلغاثة والخدمات المساندة (اإلدارة والخدمات اللوجستية)‪ ،‬وإجراء دورات‬ ‫تدريبية في مجال إدارة االزمات والكوارث والتنمية والمهارات المجتمعية‪ ،‬وتعزيز وتش��جيع ونشر‬ ‫ثقاف��ة العم��ل التطوعي ف��ي المجتمع‪ ،‬والعمل على تزويد الش��باب بالف��رص والخدمات والدعم‬ ‫الكام��ل للعب دور فعال في تطوير أنفس��هم وأقرانهم والمجتمع��ات المحلية التي ينتمون إليها‪،‬‬ ‫وتنظيم برامج ونش��اطات تهدف إلى تعزيز الوعي لدى المجتمع المحلي وتعزيز مبدأ المش��اركة‬ ‫لدى الشباب ودعم المبادرات لديهم‪.‬‬

‫كحال آالف الش��هداء الس��لميين‪ ،‬قُتل المخرج السينمائي مأمون‬ ‫نوف��ل تحت التعذيب في ف��رع أمن الدولة بدمش��ق ومُنع أهله من‬ ‫إقام��ة تش��ييع أو موق��ف عزاء له في الس��ويداء‪ ،‬ولم يتس�� ّلم أهله‬ ‫جثمان��ه‪ ،‬ب��ل وأكثر م��ن ذلك فق��د جرد م��ن حقوق��ه المدنية بعد‬ ‫اغتياله‪.‬‬ ‫ه��و الش��هيد الرابع ف��ي محافظة الس��ويداء ال��ذي يقضي تحت‬ ‫تعذيب س��جّاني النظام‪ ،‬والتهمة التي اس��تحق الم��وت عليها كانت‬ ‫بضع��ة علب أدوية حمله��ا إلى النازحين إضافة إلى االش��تباه بنقله‬ ‫لبع��ض علب حلي��ب لألطفال في غوطة دمش��ق الش��رقية‪ ،‬أولئك‬ ‫األطف��ال الذين ربّم��ا يكون بعضه��م قضى بالقص��ف الكيميائي‬ ‫األخير الذي أودى بحياة أكثر من ألف شخص‪.‬‬ ‫ف��ي تاري��خ األول م��ن أيل��ول الجاري منع��ت قوات األم��ن أقارب‬ ‫وأصدقاء الش��هيد مأمون نوفل من إقامة موقف عزاء له في مدينة‬ ‫الس��ويداء وأجبرتهم تحت تهديد الس�لاح على الع��ودة إلى بيوتهم‬ ‫كما تم اعتقال أربعة أش��خاص من المش��اركين واالعتداء بالضرب‬ ‫على بعضهم‪ ،‬وقبلها بيومين أوصدت قوات األمن والش��بيحة أبواب‬ ‫صال��ة العزاء في بلدة عمرة مس��قط رأس الش��هيد ك��ي ال يقام له‬ ‫موقف عزاء‪.‬‬ ‫باختص��ار موجع‪ ،‬هذه صورة فقط من حكاية الموت في س��وريا‬ ‫حين يقضي النش��طاء الس��لميون تحت التعذيب في السجون بتهم‬ ‫إغاثة النازحين ويمنع النظام إقامة مراسم التشييع لهم‪.‬‬ ‫صب��اح األحد‪ ،‬حملت دار الطائفة الدرزية في بيروت بعض العناء‬ ‫الذي تكبده أهل الش��هيد كي تس��تريح روحه وترقد بسالم بعد أن‬ ‫نجحوا ف��ي إقامة موقف عزاء له في دار الطائفة في بيروت حضره‬ ‫بعض أصدقائه الذين اضطروا لمغادرة سوريا كي ال يلقوا مصيره‪،‬‬ ‫لكن يبقى السؤال عن عشرات الشهداء من رفاق مأمون‪ ،‬أين سيتم‬ ‫تشييعهم؟‬ ‫أولئك الذين جاورت جثامينهم جثمانه في تلك المقبرة الجماعية‬ ‫التي خصّصه��ا النظام إلخفاء جرائم قتله لمعتقلين‪ ،‬أين س��يقام‬ ‫موقف عزاء له��م ومدنهم ترزخ تحت القصف التي حول بيوتها إلى‬ ‫ركام وكبّد أهلها عناء التهجير والموت والجوع؟‬ ‫تل��ك المقب��رة الموج��ودة في منطق��ة القطيفة كما س��رّب أحد‬ ‫األطباء في مستش��فى المجتهد بدمش��ق‪ ،‬حيث مك��ث مأمون على‬ ‫أحد األس��رة وهو يعاني من اختالجات خطيرة في الصدر ناجمة عن‬ ‫ضرب عنيف في المعتقل ليفارق الحياة بعد خمس��ة أيام من دخوله‬ ‫إلى المستشفى بتاريخ الحادي عشر من شهر حزيران العام الجاري‪.‬‬ ‫مأمون نوفل‪ ،‬اعتقل على يد الش��بيحة ف��ي مدينة جرمانا بينما‬ ‫كان يحمل بعض األدوية في أوائل ش��هر تش��رين الثاني من العام‬ ‫المنص��رم وانقطعت أخباره إلى ما قبل أس��بوعين حي��ن تب ّلغ أهله‬ ‫خبراً وحيداً حمل نبأ استش��هاده وطلبًا بحضورهم الستالم حاجياته‬ ‫الش��خصية‪ ،‬وعندما س��ألوا عن الجثم��ان أحالوهم إلى مستش��فى‬ ‫المجته��د ال��ذي أخبرهم بعدم إمكانية اس��تالم الجثم��ان‪ ،‬كل ذلك‬ ‫بع��د بالغ وصلهم بأن «الس��لطات» قد جردته م��ن حقوقه المدنية‬ ‫كمواطن سوري‪.‬‬ ‫ق��د تكون المالحظة األخيرة هي األكث��ر إيالماً في حكاية الموت‬ ‫الس��وري‪ ،‬حي��ن يجرم النش��طاء الس��لميون بجرم اإلره��اب ويمنع‬ ‫أهله��م من اس��تالم جثامينهم وإقام��ة مواقف عزاء له��م ذلك أمر‬ ‫يتوقع��ه الس��وريون وربم��ا اعت��ادوا علي��ه‪ ،‬إال أن تجريده��م م��ن‬ ‫حقوقه��م المدنية ه��و أمر بمثابة قتل للحلم ال��ذي ثاروا ألجله في‬ ‫إقام��ة دولتهم التي تحترم القانون وتص��ون حقوق األفراد المدنية‬ ‫وحرياتهم وحقاً ق��د يكون آخر ما تمنحهم إياه األنظمة بعد أن كان‬ ‫أول ح��قّ منحتهم إياه الطبيعة والش��رائع واألدي��ان‪ ،‬حقٌ ال يتجاوز‬ ‫حجم قبر في مكان يتس��نّى أن يحمل ذكراه المدونة على ش��اهدة‬ ‫رخام ربما ّ‬ ‫تشكل لذويه وأحبته ذكراه األخيرة‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫مبادرة "العمل للأمل" بذرة‬ ‫�أمل لتحفيز الإبداع‬ ‫تقرير ومتابعة‪ :‬زليخة سالم‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬

‫اإلغاثة اإلنس��انية ليس��ت فعل آني وتقديم سلل‬ ‫ومواد غذائية وطبية وكس��وة فقط‪ ،‬اإلغاثة هي إيجاد‬ ‫وابت��كار أفكار خالق��ة ثقافية واجتماعي��ة واقتصادية‬ ‫يمك��ن تطبيقه��ا عل��ى األرض لتغيي��ر واقع مأس��اوي‬ ‫للنازحي��ن والالجئي��ن وخاصة األطفال الذي��ن غالبًا ما‬ ‫يدفعون الثمن األكبر من الحروب والخروج منه‪.‬‬ ‫كثي��رة ه��ي المب��ادرات الت��ي أطلقت م��ن بداية‬ ‫الث��ورة الس��ورية الحتض��ان األطف��ال وإنقاذه��م من‬ ‫ح��االت الحزن والخوف والرعب والقل��ق والعدائية التي‬ ‫يعيش��ونها جراء ما ش��اهدوه وعاش��وه من قتل وذبح‬ ‫وتروي��ع وتدمي��ر وتهجير وحص��ار وج��وع‪ ،‬وتعليمهم‬ ‫التس��امح والمحبة وح��ب الحياة‪ ،‬والمب��ادرة األهم هي‬ ‫مب��ادرة العم��ل لألمل الت��ي أطلقتها مؤسس��ة المورد‬ ‫الثقافي والتي تركز على الجانب الثقافي والفني الذي‬ ‫غالبًا ما يكون غائبًا في كثير من المبادرات على الرغم‬ ‫م��ن أهميته في الوصول إل��ى عقول ونفوس األطفال‬ ‫من خالل تحفيزهم على اإلبداع‪.‬‬ ‫وته��دف المبادرة إلى مس��اعدة ودعم المجتمعات‬ ‫المأزوم��ة الت��ي تعان��ي م��ن الح��رب أو التهجي��ر أو‬ ‫االضطرابات السياس��ية العنيفة أو األحوال المعيش��ية‬ ‫الصعبة‪ ،‬عبر إمدادها بأدوات التعبير والتعلم والتعافي‬ ‫واإلب��داع والتواص��ل‪ ،‬وتعتمد بذلك عل��ى برامج إغاثة‬ ‫ثقافية‪ ،‬تت��راوح مدة كل منها بين ‪ 6‬و‪ 12‬يوماً في كل‬ ‫مجتمع محلي بمشاركة فريق من ‪ 15 - 10‬شخصًا‪.‬‬ ‫المبادرة التي يش��ارك فيه��ا متطوعون من مصر‬ ‫وس��وريا وتونس تعمل في س��وريا ومصر خالل العام‬ ‫الج��اري‪ ،‬تركز ف��ي أولوياتها على الحاج��ة إلى التعبير‬ ‫الح��ر عن طريق الفنون‪ ،‬ورواي��ة ما حدث وما نتج عنه‬ ‫من مشاعر دون اإلحساس بالتهديد أو الرقابة‪،‬‬

‫وتبادل الروايات عمّا حدث واإلحس��اس بالتضامن‬ ‫المعن��وي والقدرة على تقب��ل ومنح التعاطف من وإلى‬ ‫اآلخري��ن‪ ،‬واإلحس��اس باالرتب��اط باآلخري��ن‪ ،‬وأدوات‬ ‫التعبي��ر والمعرف��ة‪ :‬الكت��ب‪ ،‬الم��واد الفني��ة‪ ،‬اآلالت‬ ‫الموسيقية‪ ،‬أجهزة الكمبيوتر وكذلك مهارات استخدام‬ ‫ه��ذه األجه��زة‪ ،‬إضافة إلى الحاجة إلى مواقع للنش��اط‬ ‫الثقافي واالجتماعي داخل هذه المجتمعات‪.‬‬ ‫وتش��مل برام��ج المب��ادرة ورش��ات تدريبي��ة في‬ ‫الفن��ون لم��دة من ‪ 6‬إل��ى ‪ 8‬أي��ام‪ ،‬للش��باب واألطفال‬ ‫والنس��اء في المس��رح والموس��يقى والفنون البصرية‬ ‫والفيل��م‪ ،‬وفعاليات ثقافية ينظمها ش��باب بارزون من‬ ‫المجتمع المحلي في موق��ع ثقافي أو اجتماعي ويضم‬ ‫كل برنامج نش��اطًا واح��داً على األقل من ه��ذا النوع‪،‬‬ ‫ولق��اءات وح��وارات بين أف��راد المجتم��ع المحلي حول‬ ‫التجارب الس��يئة التي مروا به��ا وتأثيرها في حياتهم‪،‬‬ ‫ورؤيتهم للمس��تقبل‪ ،‬وورش��ات تدريبي��ة مهنية لمدة‬ ‫‪ 6‬إل��ى ‪ 8‬أيام ف��ي مونتاج وتصوي��ر الفيديو‪ ،‬ودروس‬ ‫في التعليم األساسي باس��تخدام طرق التعلم السريع‬ ‫لطالب التعليم األساس��ي‪ ،‬إضافة إلى الخدمات الطبية‬ ‫األساسية‪ ،‬واألنشطة الرياضية‪ ،‬واالستشارات النفسية‬ ‫لألفراد‪.‬‬ ‫بدأت حكاية المب��ادرة بعد تنظيم المورد الثقافي‬ ‫خالل الع��ام الماضي قافلة دعم لالجئين الس��وريين‪،‬‬ ‫عمل��ت في مخيم كل��س وفي المناطق الش��مالية في‬ ‫سوريا‪ ،‬بمش��اركة فنانين وناش��طين وأطباء من دول‬ ‫عربية مختلف��ة‪ ،‬وتلمس نتائجها وآثارها اإليجابية‪ ،‬ما‬ ‫دفع المورد إلى تصميم مبادرة العمل لألمل التي بدأت‬ ‫عام ‪ 2013‬بقافلة أولى في مصر في منطقة عشوائية‬ ‫ف��ي القاهرة‪ ،‬تعاني صعوبات كبيرة على المس��تويات‬ ‫االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والصحية والثقافية اس��مها‬

‫إس��طبل عنت��ر وعزبة خير اهلل) ضم��ت متطوعين من‬ ‫مصر وس��وريا وتونس‪ ،‬ووصلت إلى حوالي ‪ 200‬طفل‬ ‫وش��اب من خالل الورش��ات الفنية (مس��رح وموسيقى‬ ‫وتصوي��ر فيدي��و وفوتوغ��راف وخط عربي وتش��كيل‬ ‫باللح��ام)‪ ،‬ونظم��ت القافل��ة خ�لال عمله��ا رحل��ة إلى‬ ‫المتحف المصري شارك فيها ‪ 140‬طفل‪.‬‬ ‫كما وصلت القافلة التي تم إنجازها في إس��طبل‬ ‫عنتر بالتع��اون مع جمعية محلية تعم��ل في المنطقة‬ ‫اس��مها جمعي��ة تواص��ل‪ ،‬إل��ى حوال��ي ‪ 250‬ش��خص‬ ‫اس��تفادوا م��ن العيادة الطبي��ة‪ ،‬وحوال��ي ‪ 400‬حصلوا‬ ‫على استش��ارات نفسية وش��اركوا في ندوات التوعية‬ ‫الصحي��ة والقانوني��ة وجلس��ات النق��اش السياس��ية‬ ‫واالجتماعي��ة‪ ،‬وحض��ر حفله��ا الختام��ي حوالي ‪4000‬‬ ‫شخص من أهالي الحي‪.‬‬ ‫القافل��ة الثانية تمت في ح��ي التنك في طرابلس‬ ‫ال��ذي تس��كنه أغلبي��ة م��ن الالجئي��ن الس��وريين أتوا‬ ‫م��ن مناط��ق متع��ددة أهمها ادل��ب وحل��ب إضافة إلى‬ ‫المواطنين اللبنانيين الذين يعيش��ون في نفس الحي‬ ‫بمش��اركة حوالي‪ 90 – 80‬طفل وش��اب في الورش��ات‬ ‫الفني��ة‪ ،‬وحوال��ي ‪ 60 - 50‬من النس��اء في الجلس��ات‪،‬‬ ‫وش��ارك ‪ 90‬طف ًال في الرحلة التي نظمتها القافلة إلى‬ ‫منطقة جبيل (زيارة إلى القلعة) وحديقة أطفال‪.‬‬ ‫وأقيمت خالل أيام القافلة التي تمت بمساعدة من‬ ‫جمعية آفاق االجتماعية الخيرية‪ ،‬ورش��ات المسرح في‬ ‫منشرة خشب في حي التنك وجلسات التوعية الصحية‬ ‫مع النس��اء في مدرس��ة النور قرب الح��ي‪ ،‬وتم تنظيم‬ ‫س��هرتين في الح��ي قدم خالله��ا بعض ش��باب الحي‬ ‫فق��رات غناء‪ ،‬وعرض صور من العم��ل وأفالم‪ ،‬وحفل‬ ‫ختام��ي كبي��ر حضره حوالي ‪ 400‬ش��خصًا م��ن أهالي‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬ ‫أحد نشاطات مبادرة العمل لألمل في مدينة طرابلس في لبنان‬


‫أحد نشاطات مبادرة العمل لألمل في مدينة طرابلس في لبنان‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫النف��وس من مش��اعر الحقد والضغينة الت��ي اجتاحتنا‬ ‫جميع��ًا ج��راء الجرائ��م الت��ي ارتكبه��ا النظ��ام طوال‬ ‫السنتين ونصف الماضيتين‪.‬‬ ‫االنخراط مع األطفال وس��ماعهم ومحاولة رس��م‬ ‫البسمة على وجوههم إلخراجهم من واقع أقل ما يقال‬ ‫عنه أنه مأس��اوي‪ ،‬وجدوا أنفس��هم بداخل��ه‪ ،‬ومحاورة‬ ‫الش��باب والنس��اء ه��ي مس��ؤولية الجمي��ع‪ ،‬وخاص��ة‬ ‫المجتمع المدن��ي‪ ،‬وتراكم مثل ه��ذه المبادرات هو ما‬ ‫نحتاجه اآلن للوصول إلى أطفالنا وشبابنا ونسائنا في‬ ‫جميع مناطق النزوح واللجوء‪.‬‬ ‫وكل التقدير لمتطوعي مبادرة العمل لألمل وهم‪:‬‬ ‫• أسامة المتولي عبد اهلل‪ ،‬طبيب اسعاف‪ ،‬مصر‬ ‫• بسمة الحسيني‪ ،‬مديرة فنون وناشطة ثقافية‪ ،‬مصر‬ ‫• حسن أمين‪ ،‬مصور فوتوغرافي‪ ،‬مصر‬ ‫• حسن سليمان‪ ،‬كاتب ومخرج ومصور فيديو‪ ،‬سوريا‬

‫• حمدي رضا‪ ،‬فنان تشكيلي ومصور فوتوغراف‪ ،‬مصر‬ ‫• رامي عباس‪ ،‬رس��ام كاريكاتير‪ ،‬فلسطين (وصل إلى‬ ‫مطار بيروت لكن تمت إعادته‪ ،‬أي منع من دخول لبنان‬ ‫لذا لم يشارك معنا)‪.‬‬ ‫• رنا يازجي‪ ،‬مديرة ثقافية‪ ،‬سوريا‬ ‫• سيف الدين الجالصي‪ ،‬فنان مسرح‪ ،‬تونس‬ ‫• طارق عبد اهلل‪ ،‬موسيقي‪ ،‬مصر‬ ‫• علي بوزويدة‪ ،‬ناشط ومصور فوتوغراف‪ ،‬تونس‬ ‫• محمد عبد الرحيم حزين‪ ،‬موسيقي‪ ،‬مصر‬ ‫• مضر الحجي‪ ،‬فنان مسرح‪ ،‬سوريا‬ ‫• وائل القاق‪ ،‬موسيقي‪ ،‬سوريا‬ ‫• وداد سلوم‪ ،‬فنانة مسرح‪ ،‬سوريا‬ ‫• ياسر عالم‪ ،‬فنان مسرح‪ ،‬سوريا‬

‫املرحلة الثالثة حلملة اخلري يجمعنا ت�شمل توزيع ‪� 745‬ألف دوالر �أمريكي‬

‫ال��زور إل��ى مدينة الحس��كة‪ ،‬موزعين عل��ى أكثر من‬ ‫م��أوى جماعي أو ضمن المنازل‪ ،‬وس��ط أوضاع أمنية‬ ‫صعب��ة‪ ،‬من هنا أت��ت ضرورة التعام��ل مع مجموعات‬ ‫إغاثية محلية تضم ناشطين مدنيين محليين قادرين‬ ‫عل��ى اختي��ار الش��ريحة المس��تهدفة بحك��م خبرتها‬ ‫وتجربته��ا في العمل اإلغاثي مثل "مجموعة عش��تار‬ ‫التطوعية" في الحس��كة ودير ال��زور‪ ،‬و"تجمع الخير"‬ ‫ف��ي مدينة حم��اة‪ ،‬و"مجموع��ة غ��راس النهضة" في‬ ‫منطقة القلمون في ريف دمش��ق‪ ،‬والمكاتب اإلغاثية‬ ‫الموحدة‪ ،‬ف��ي كل من الغوطتين الش��رقية والغربية‬ ‫وجن��وب دمش��ق‪ ،‬وتنس��يقية الالذقي��ة‪ ،‬ف��ي مدينة‬ ‫الالذقية‪.‬‬ ‫وت��م توقيع مذك��رة التفاهم مع هيئ��ة الجوالن‬ ‫لإلغاث��ة والتنمية ف��ي محافظة القنيط��رة‪ ،‬في حين‬ ‫يت��م االتف��اق حالياً عل��ى الصيغة النهائي��ة لمذكرات‬ ‫التفاهم مع كل من المجلس المحلي في تل شهاب ‪-‬‬ ‫درعا لتصبح المبال��غ موزعة في المرحلة الثالثة على‬ ‫الشكل التالي‪:‬‬ ‫الحسكة‪ :‬فريق عشتار التطوعي ‪ / 50 /‬ألف دوالر‬ ‫أميركي‪ ،‬يستفيد منها ‪ / 6250 /‬مواطن‪ ،‬حماه‪ :‬تجمع‬ ‫الخير ‪ / 25 /‬ألف دوالر أميركي يس��تفيد منها ‪3125 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ب��دأت وحدة تنس��يق الدعم لتنس��يق الجهود‬ ‫اإلغاثية بتنفي��ذ المرحلة الثالثة م��ن حملة الخير‬ ‫يجمعنا وتش��مل توزيع ‪ / 745 /‬ألف دوالر أميركي‬ ‫نقداً ‪ / 350200 /‬س��لة غذائي��ة ‪ / 66 /‬طن حليب‬ ‫أطفال ‪ / 750 /‬طن طحين يستفيد منها ‪93125 /‬‬ ‫‪ /‬مواطن‪.‬‬ ‫وش��ملت الحملة حت��ى اآلن أكث��ر من خمس‬ ‫وعشرين جهة محلية‪ ،‬حيث تم العمل على تقديم‬ ‫الدع��م النق��دي ف��ي ه��ذه المرحلة لدع��م األمن‬ ‫الغذائي ف��ي المناط��ق المحاصرة‪ ،‬والت��ي يتعذر‬ ‫على الجهات المحلية والدولية إدخال المس��اعدات‬ ‫العيني��ة إليها بس��بب حصارها المباش��ر من قبل‬ ‫القوات العسكرية‪ ،‬أو وقوعها في منطقة اشتباكات‪.‬‬ ‫وتعم��ل الوح��دة عل��ى دراس��ة أع��داد الس��كان‬ ‫األصليي��ن للمناط��ق‪ ،‬إضاف��ة إل��ى أع��داد النازحين‬ ‫العالقي��ن فيه��ا‪ ،‬ليت��م اس��تغالل المبل��غ المقدم في‬ ‫التركي��ز عل��ى دعم أش��د العائالت ضعفًا لمدة ش��هر‬ ‫واحد‪.‬‬ ‫وأوضحت وحدة تنس��يق الدعم ف��ي بيان لها أنه‬ ‫تم التنس��يق للعمل مع شريحة واس��عة من الشركاء‬ ‫القادرين على تنفيذ العمل اإلغاثي بالس��رية والدقة‬ ‫المطلوبت��ان نظراً للصعوبات المختلفة التي تعترض‬ ‫العمل في المناطق المحاصرة‪.‬‬ ‫وأش��ارت إل��ى أن��ه ت��م االعتم��اد على ع��دد من‬ ‫العوامل في اختيار الشركاء أهمها‪:‬‬ ‫عالق��ات التع��اون الس��ابقة م��ع وح��دة تنس��يق‬ ‫الدعم‪ ،‬والقدرة اللوجس��تية الس��تالم المبالغ النقدية‬ ‫وتنفيذ عمليات الش��راء والتوزي��ع‪ ،‬والمصداقية التي‬ ‫يتمتع بها الشريك المحلي داخل مجتمعه‪.‬‬ ‫وبينت أن المعلومات والدراس��ات الميدانية تشير‬ ‫مث� ً‬ ‫لا إلى وج��ود أعداد كبي��رة من النازحي��ن من دير‬

‫‪ /‬مواط��ن‪ ،‬الغوط��ة الش��رقية‪ :‬المكت��ب اإلغاثي‬ ‫الموحد ف��ي الغوطة الش��رقية ‪ / 150 /‬ألف دوالر‬ ‫أميركي يس��تفيد منها ‪ / 18750 /‬مواطن‪ ،‬جنوب‬ ‫العاصم��ة‪ :‬المكت��ب اإلغاثي الموحد ف��ي الغوطة‬ ‫الغربي��ة وجن��وب العاصم��ة ‪ / 125 /‬أل��ف دوالر‬ ‫أميركي يستفيد منها ‪ / 15625 /‬مواطن‪ ،‬الغوطة‬ ‫الغربي��ة‪ :‬المكت��ب اإلغاث��ي الموحد ف��ي الغوطة‬ ‫الغربية ‪ / 150 /‬ألف دوالر أميركي يس��تفيد منها‬ ‫‪ / 750 ،18 /‬مواطن‪ ،‬الالذفية‪ :‬تنس��يقية الالذقية‬ ‫‪ / 25 /‬ألف دوالر أميركي يس��تفيد منها ‪/ 3125 /‬‬ ‫مواطن‪ ،‬القنيطرة‪ :‬هيئة الجوالن لإلغاثة والتنمية‬ ‫‪ / 25 /‬ألف دوالر أميركي يس��تفيد منها ‪/ 3125 /‬‬ ‫مواطن‪،‬‬ ‫القلم��ون‪ :‬غ��راس النهض��ة ‪ / 125 /‬أل��ف دوالر‬ ‫أميركي يستفيد منها ‪ / 15625 /‬مواطن‪.‬‬ ‫درعا‪ :‬مجلس محافظة درعا ومجلس تل ش��هاب‬ ‫‪ / 50 /‬أل��ف دوالر أميرك��ي يس��تفيد منه��ا ‪/ 6250 /‬‬ ‫مواطن‪ ،‬عين الفيجة‪ :‬جمعية ياسمين الشام اإلغاثية‬ ‫‪ / 20 /‬أل��ف دوالر أميرك��ي يس��تفيد منه��ا ‪/ 2500 /‬‬ ‫مواطن‪.‬‬ ‫وأش��ارت الوحدة إل��ى أنها تس��تمر بالعمل على‬ ‫حمل��ة الخير يجمعن��ا وتطويرها إليص��ال الدعم إلى‬ ‫أكب��ر عدد من المس��تحقين الحقيقيي��ن‪ ،‬وللتأكد من‬ ‫ً‬ ‫إضافة‬ ‫عدم احتكار العم��ل اإلغاثي من جهات معينة‪،‬‬ ‫إل��ى تذكيرالمجتم��ع الدول��ي بواجباته تجاه الش��عب‬ ‫الس��وري حس��ب االحتياجات بعيداً عن أي��ة اعتبارات‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫تموي��ل ه��ذه المرحل��ة م��ن المش��روع بموجب‬ ‫المنح��ة القطري��ة‪ ،‬وتمويل جمعية ياس��مين الش��ام‬ ‫اإلغاثية‪ :‬بموجب مش��روع تجريبي مع ‪ USAID‬لدعم‬ ‫األمن الغذائي في دمشق وريفها‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬

‫الح��ي في "بيت الع��زم الثقافي" قدم فيه‬ ‫فقرت��ي غناء قدمه��ا أطفال وش��باب حي‬ ‫التن��ك كنتيج��ة لعملهم مع الموس��يقيين‬ ‫المتطوعين‪ ،‬وفيديو أنجزه األطفال خالل‬ ‫عملهم مع فنان��ي الفيديو‪ ،‬وفقرتي فوتو‬ ‫مونتاج للعمل ولالطف��ال والهالي الحي‪،‬‬ ‫ومش��هد مس��رحي قدم��ه ش��باب الح��ي‬ ‫باشراف الفنانين المسرحيين المشاركين‪،‬‬ ‫وأختت��م الحفل بفق��رة راب لفرق��ة لتلتة‬ ‫(فرقة راب س��ورية) مع الراس (مغني راب‬ ‫لبناني)‬ ‫وستواصل مؤسسة اتجاهات‪ ،‬ثقافة‬ ‫مستقلة (وهي مؤسس��ة ثقافية سورية)‬ ‫العم��ل في الحي‪ ،‬مع األهالي وبالتنس��يق‬ ‫مع المورد‪ ،‬كما تق��وم جمعية تواصل في‬ ‫اس��طبل عنتر باس��تكمال العم��ل‪ ،‬إضافة‬ ‫إل��ى الزي��ارات المتك��ررة للمتطوعين إلى‬ ‫المنطق��ة‪ ،‬حي��ث ربطته��م م��ع األهال��ي‬ ‫هناك عالقة اس��تمرت على المس��توى الشخصي حتى‬ ‫بع��د انتهاء القافل��ة‪ ،‬ومازالوا ينش��طون في المنطقة‬ ‫ويعمل��ون مع مجموع��ات فيها‪ ،‬أي أن توقي��ت القوافل‬ ‫اليمنع من استمرارية العمل في المناطق التي زارتها‪،‬‬ ‫بالتع��اون بش��كل دائم م��ع مؤسس��ات أو جمعيات في‬ ‫المنطقة‪ ،‬تتقاطع في أهدافها مع هدف عمل المبادرة‪،‬‬ ‫كي يستمر التأثير‪.‬‬ ‫القواف��ل كانت تنقل الحضارة في التاريخ القديم‬ ‫من م��كان آلخ��ر‪ ،‬وقوافل مب��ادرة العم��ل لألمل التي‬ ‫يش��ارك فيها متطوع��ون من مصر وس��ورية وتونس‬ ‫ال��دول التي تخط طريقها إل��ى الحرية ونقل تجاربهم‬ ‫م��ن منطقة ألخرى‪ ،‬خطوة رائع��ة في دمج االجتماعي‬ ‫واإلنس��اني بالثقاف��ي والفن��ي‪ ،‬نظ��راً ألهمي��ة أنواع‬ ‫الفن��ون والثقافة ف��ي االرتقاء بال��روح‪ ،‬والوصول إلى‬ ‫المشاعر واألحاس��يس وتحفيز الخلق واإلبداع‪ ،‬وغسل‬

‫‪5‬‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫ت�ســليم ال�ســالح الكيمــاوي‬ ‫الف�ضيحة الكربى‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫ً‬ ‫خاصة األطف��ال في بياض‬ ‫تكاد وج��وه الضحايا‬ ‫الموت ف��ي مجزرة الغوطتي��ن ال تفارق الس��وريين‪،‬‬ ‫أن��ه زمن المرارة التي ال تذه��ب دون أن تترك آثارها‬ ‫كالج��دري ف��ي الضمي��ر العمي��ق للش��عوب التواق��ة‬ ‫للعدالة‪.‬‬ ‫ف��ي القضاي��ا الكبرى كم��ا في الصغ��رى تطلب‬ ‫العدال��ة‪ ،‬الت��ي ال تزعج أحداً س��وى القتل��ة‪ ،‬والغريب‬ ‫أن��ه ف��ي القضايا السياس��ية الكب��رى ي��أكل الحكام‬ ‫من لحومهم وهم يحس��بون أنه��م يأكلون من لحوم‬ ‫اآلخرين‪ ،‬إنهم يريدون الش��عب على أن يكون كورسًا‬ ‫له��م‪ ،‬ويصوغونه على منهج هايدلبرغ‪ ،‬تلك المدينة‬ ‫األلمانية التي تطفأ األنوار فيها مرة كل سنة‪ ،‬وتوجه‬ ‫الكش��افات إلى قلعتها‪ ،‬وبصوتٍ واحد ينبعث من كل‬ ‫شوارع المدينة وساحاتها ونوافذها نشيدٌ واحد نشيد‬ ‫القلع��ة الخال��دة‪ ،‬مع أن هؤالء الح��كام يعلمون؛ أنهم‬ ‫ليسوا أكثر من ورقة في السجل الكبير‪..‬‬ ‫كل ما ش��هدناه في نهاية األس��بوع الماضي كان‬ ‫يوحي بأننا أمام اللحظات األخيرة الحاس��مة في عمر‬ ‫الثورة الس��ورية‪ ،‬حيث س��يتضح مدى جدية المجتمع‬ ‫الدولي تجاه سوريا‪ ،‬من عدمه‪ ،‬وأي طريق ستسير به‬ ‫المنطقة حال حدثت الضربة العسكرية ضد األسد‪ ،‬أو‬ ‫ل��م تحدث بحال صوت الكونغ��رس األميركي ضدها‪،‬‬ ‫لك��ن بي��ن تصويت غي��ر مضم��ون ف��ي الكونغرس‬ ‫وعرض روسي ‪ -‬سوري يتضمّن تناز ًال ملموسًا‪ ،‬وجد‬ ‫خي��ار ثالث‪ ،‬يريحه‬ ‫أوباما نفس��ه أو أوجد نفس��ه أمام‬ ‫ٍ‬ ‫من ع��بء الضربة العس��كرية‪ ،‬ويدعه مس��ترخياً مع‬ ‫جائزة نوبل للس�لام التي يحتف��ظ بها؛ فاألهم عنده‬ ‫كان تس��جيل وج��ود «خ��ط أحم��ر» أميركي للس�لاح‬ ‫المحظور‪.‬‬ ‫و رداً عل��ى س��ؤال عم��ا إذا كان يمك��ن للنظ��ام‬ ‫السوري تفادي الضربات‪ ،‬قال وزير الخارجية األمريكي‬ ‫" جون كيري"‪ :‬بالتأكيد يستطيع " بشار األسد " تسليم‬ ‫كل ترس��انته الكيميائي��ة إل��ى المجتم��ع الدولي خالل‬ ‫األس��بوع المقبل‪ ،‬تسليم كل ش��يء ودون إبطاء لكنه‬ ‫ليس مستعداً للقيام بذلك‪ ،‬وال يستطيع القيام به"‪.‬‬ ‫وأضاف أن األسد سيكون عليه أن يضع ترسانته‬ ‫الكيميائية تحت الرقابة الدولية س��ريعًا‪ ،‬وأن يس��مح‬ ‫بتدميره��ا وأن العملي��ة يجب أن تتم‬ ‫بعد قرار من مجلس االمن‪.‬‬ ‫قال ربيع ش��اكر المهدى‪ ،‬سفير‬ ‫النواي��ا الحس��نة لحق��وق اإلنس��ان‬ ‫والس�لام ف��ى اليمن‪ " :‬أن م��ا يحدث‬ ‫م��ن مش��اورات أمريكية وما يس��مى‬ ‫بتعليق للضربة ما هي إال مس��رحية‬ ‫سياس��ية"‪ ،‬مشيراً إلى أن لروسيا دور‬ ‫مهم وكبير فى هذه المسرحية‪.‬‬ ‫يؤكد ذلك ما نقله موقع «ديبكا»‬ ‫االستخباراتي اإلس��رائيلي‪ ،‬الذي أكد‬ ‫أن اللق��اء ال��ذى ج��رى بي��ن الرئيس‬ ‫الس��وري ورئي��س الوف��د البرلماني‬ ‫اإليران��ي ع�لاء الدي��ن بروج��ردى‪،‬‬ ‫تضم��ن اقتراحًا إيرانيًا تنقل بموجبه‬ ‫سوريا أسلحتها الكيماوية إلى إيران‪،‬‬ ‫م��ن خ�لال إش��راف طاقم عس��كري‬

‫إيراني وروس��ي على عملية النقل ف��ى حالة موافقة‬ ‫«األس��د»‪ .‬وأش��ار الموقع اإلس��رائيلي إل��ى أن الوفد‬ ‫اإليران��ي وضع اقتراح��اً بدي ً‬ ‫ال أمام «األس��د» وهو أن‬ ‫تقوم فرق عسكرية روس��ية وإيرانية بتدمير مخازن‬ ‫األس��لحة الكيماوي��ة الس��ورية‪ ،‬مقاب��ل ضمانات من‬ ‫ال��دول الغربي��ة والوالي��ات المتحدة لـ«موس��كو» بأال‬ ‫يس��تغل مقاتل��و المعارضة الوضع لتحقي��ق إنجازات‬ ‫استراتيجية فى الحرب‪ .‬وأضاف‪« :‬يمكن تدمير مخازن‬ ‫األس��لحة الكيماوية تدريجياً‪ ،‬كما أن المصادر أشارت‬ ‫إل��ى أن رئيس لجن��ة الخارجي��ة بالبرلم��ان اإليراني‬ ‫أوض��ح لـ(األس��د) أن الحديث ع��ن اقت��راح أولي تمت‬ ‫مناقش��ته فى القيادة اإليرانية وت��م نقله إلى مكتب‬ ‫الرئيس الروس��ي فالديمير بوتي��ن‪ ،‬وأكد الروس أنه‬ ‫يمكن أن يكونوا هم القاعدة للعمل اإليراني الروسي‬ ‫المشترك لتدمير تلك األسلحة أو نقلها»‪.‬‬ ‫وأوضح الوفد اإليراني لـ«األس��د» أنه إذا استطاع‬ ‫الرئي��س األمريك��ي أن يظهر للرأي الع��ام األمريكي‬ ‫أن روس��يا وإيران تضمنان له بدء عملية نزع الس�لاح‬ ‫الكيماوي من س��وريا أو تدميره‪ ،‬فإنه سيس��تطيع أن‬ ‫يس��تمر فى تأجيل العمل العس��كري لحين إنهاء تلك‬ ‫العملية‪ ،‬وبالتالي يتم إلغاء التدخل العس��كري نهائيًا‪.‬‬ ‫وأض��اف «ديب��كا»‪« :‬روس��يا وإيران س��تقترحان على‬ ‫أوباما أن يستغل تصريحاته هو نفسه‪ ،‬بشأن فاعلية‬ ‫الهج��وم العس��كري ف��ى أى وق��ت وأنه غي��ر مرتبط‬ ‫بزمن محدد‪ ،‬لتوفير ضمانات لواش��نطن بنزع السالح‬ ‫الكيم��اوي أو تدميره»‪ .‬م��ن جانبها‪ ،‬أش��ارت صحيفة‬ ‫«معاري��ف» اإلس��رائيلية إل��ى أن الرئي��س األمريكي‬ ‫أكث��ر مي��و ًال للح��ل الدبلوماس��ي وليس العس��كري‪،‬‬ ‫وهو ما أك��ده عدد من الدبلوماس��يين البارزين بعدد‬ ‫م��ن الدول‪ ،‬حيث أك��دوا أن الكرملين الروس��ي يجرى‬ ‫اتص��االت م��ع البي��ت األبي��ض والرئاس��ة الس��ورية‪،‬‬ ‫لمن��ع الهج��وم العس��كري على حليفتها دمش��ق‪ ،‬من‬ ‫خالل تقدي��م اقتراحات للتعامل مع مخازن األس��لحة‬ ‫الكيماوي��ة من خ�لال تدميرها‪ ،‬والس��ماح لمفتش��ي‬ ‫األمم المتحدة بالتأكد من هذا‪ ،‬إضافة إلى اقتراح آخر‬ ‫هو نزع السالح الكيماوي من سوريا‪.‬‬ ‫ويؤكد لك أيضًا ما كانت تتداوله مصادر إعالمية‬ ‫عن معال��م صفقة روس��ية ألمانية‪ ،‬م��ن ثالث نقاط‬

‫وتتضمن خطة النق��اط الثالث الروس��ية ‪ -‬األلمانية‪،‬‬ ‫تس��ليم المخزون الكيماوي السوري المقدر بألف طن‬ ‫إلى موسكو‪ ،‬في سياق العمل على تدميره‪ ،‬وانضمام‬ ‫س��وريا إلى المعاهدة الدولية لمنع انتش��ار األس��لحة‬ ‫الكيماوي��ة‪ ،‬وتنازل الرئيس الس��وري ع��ن الحكم مع‬ ‫نهاي��ة العام الحالي‪ ،‬وتس��ليم الس��لطة ف��ي مرحلة‬ ‫انتقالي��ة إلى رئي��س وزراء متفق علي��ه بين طرفي‬ ‫الصراع‪.‬‬ ‫وس��واء كان ما قاله كيري زلة لسان أو اتفاق من‬ ‫تح��ت الطاولة‪ ،‬فقد التق��ط وزير الخارجية الروس��ي‬ ‫س��يرغي الفروف الفكرة سريعًا‪ ،‬وطرح مقترحًا يضع‬ ‫مخزون سورية من األسلحة الكيماوية تحت السيطرة‬ ‫الدولية‪ .‬وجاء ترحيب النظام السوري على لسان وزير‬ ‫خارجيت��ه وليد المعلم في موس��كو‪ ،‬بعد س��اعات من‬ ‫دع��وة وزير الخارجية األمريكي ج��ون كيري الرئيس‬ ‫الس��وري بش��ار األس��د لتس��ليم ترس��انة األس��لحة‬ ‫الكيماوية الس��ورية للمجتمع الدولي‪ ،‬كش��رط لوقف‬ ‫العمل العس��كري ض��ده‪ .‬الذي ق��ال‪" :‬ترح��ب القيادة‬ ‫السورية بالمبادرة الروسية انطالقًا من حرصها على‬ ‫أرواح مواطنيه��ا‪ ،‬وأمن بالدها‪ ،‬ومن ثقتنا في حرص‬ ‫القيادة الروسية على منع العدوان على بالدنا"‪.‬‬ ‫ورح��ب األمين العام لألمم المتحدة بأن كي مون‬ ‫بالع��رض الروس��ي‪ ،‬مؤكداً عل��ى أهمي��ة البحث عن‬ ‫س��بيل لعق��د مؤتمر جنيف للس�لام في س��وريا‪ ،‬كما‬ ‫حث بأن س��وريا على الموافقة عل��ى نقل مخزوناتها‬ ‫من األسلحة الكيماوية‪ ،‬والمواد الكيماوية التي تصنع‬ ‫منها إلى مناطق آمنة داخل سوريا ليتم التخلص منها‬ ‫بإشراف األمم المتحدة‪.‬‬ ‫وبدوره انضم رئيس ال��وزراء البريطاني ديفيد‬ ‫كامي��رون إل��ى الدع��وات المطالبة س��وريا بتس��ليم‬ ‫أس��لحتها الكيماوي��ة‪ ،‬وقال االثنين أنه يجب تش��جيع‬ ‫سوريا على وضع ترسانتها من األسلحة النووية تحت‬ ‫إشراف دولي‪.‬‬ ‫وأض��اف أن عل��ى العالم أن يضم��ن أن ال تتحول‬ ‫مناقش��ة هذه الفك��رة إلى "أس��لوب لص��رف االنتباه‬ ‫لنناقش شيء غير المشكلة المطروحة على الطاولة"‪.‬‬ ‫وقال وزير الخارجية الفرنس��ي ل��وران فابيوس‬

‫ع����م����ل ل����ل����ف����ن����ان خ����ل����ي����ل أب��������و ع���رف���ة‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫المهم أن ال يقدم ش��يئًا لش��عبه وأن يبقى قادراً على‬ ‫اإلمساك بآلة القمع التي أطلقها ضده‪.‬‬ ‫تجدر اإلش��ارة إلى أن آخر لقاء تلفزيوني أعطاه‬ ‫الرئي��س العراق��ي الراحل ص��دام حس��ين كان لذات‬ ‫القن��اة األمريكية‪ .‬كما تجدر اإلش��ارة إلى المادة ‪155‬‬ ‫من قانون العقوبات العس��كري الس��وري التي تنص‬ ‫على أنه‪ ،‬يعاقب باإلعدام‪:‬‬ ‫‪ - 1‬كل عس��كري يس��لم للع��دو أو ف��ي مصلحة‬ ‫الع��دو الجند الذي في إمرته‪ ،‬أو ف��ي الموقع الموكول‬ ‫إلي��ه‪ ،‬أو س�لاح الجي��ش‪ ،‬أو ذخيرت��ه‪ ،‬أو مؤونت��ه‪ ،‬أو‬ ‫خرائ��ط المواق��ع الحربي��ة‪ ،‬والمعام��ل‪ ،‬والمراف��ئ‪،‬‬ ‫واألحواض‪ ،‬أو كلمة السر‪ ،‬أو سر األعمال العسكرية‪،‬‬ ‫والحمالت والمفاوضات‪.‬‬ ‫‪ - 2‬كل عس��كري يتص��ل بالع��دو لك��ي يس��هل‬ ‫أعماله‪.‬‬ ‫‪ - 3‬كل عس��كري يش��ترك في المؤام��رات التي‬ ‫يراد به��ا الضغط على مق��ررات الرئيس العس��كري‬ ‫المسؤول‪.‬‬ ‫قبل النظام بتس��ليم س�لاحه ال��ذي طالما تغنى‬ ‫بالت��وازن االس��تراتيجي ال��ذي يحققه مع إس��رائيل‪،‬‬ ‫بل أن وس��ائل إعالم مقربة م��ن الدولة روجت أمس‬ ‫بأن ترس��انة «الكيميائي» السوري تعود للثمانينيات‪،‬‬ ‫وقديم��ة وال يُع��وّل عليها‪ .‬وذلك في خ�لاف لما قيل‬ ‫على مدى عقود عن الجهود التي بذلت ضمن تحالفات‬ ‫سوريا التقليدية لتطوير هذا السالح وتركيزه‪.‬‬ ‫من جهته كتب مدير ش��بكة «عاج��ل» اإلخبارية‬ ‫الموالي��ة للنظ��ام‪ ،‬أن «أمي��ركا ل��ن تق��وم بع��دوان‬ ‫والسياسة الس��ورية هي من انتصر»‪ ،‬معتبراً أنه في‬ ‫ما يخص الكيميائي «لو كان له عوز الستخدمناه ضد‬ ‫إس��رائيل‪ ..‬وعليه فلينقعه الرئي��س األمريكي باراك‬ ‫أوباما وليشرب الخليج من مياهه»‪.‬‬ ‫لك��ن لماذا على النظام أن يتخلى عن ترس��انته‪،‬‬ ‫م��ا دام مرتكبو المجزرة الكيماوية في الغوطتين هم‬ ‫اإلرهابي��ون الذين خطفوا أطفال الس��احل الس��وري‬ ‫لحرقه��م بالكيم��اوي ف��ي ري��ف دمش��ق‪ ،‬كم��ا قالت‬ ‫المستشارة الرئاسية بثينة شعبان‪.‬‬ ‫ه��ل يمك��ن القول بأن بش��ار األس��د وافق فعالً‬ ‫على تس��ليم س�لاحه‪ ،‬بالتأكيد ال‪ ،‬فما فعله األس��د ال‬ ‫يعدو أن يكون مناورة جديدة‪ ،‬وليس تراجعًا‪ ،‬فالقارئ‬ ‫لس��لوك األس��د‪ ،‬ومنذ وصوله للس��لطة‪ ،‬ل��ن يجد إال‬

‫س��مة واحد ًة لحكمه المراوغة والكذب‪ ،‬بدءاً من كذبة‬ ‫اإلصالح��ات الت��ي أتى به��ا ليغطي انعدام ش��رعيته‪،‬‬ ‫مروراً بس��لوكه في العراق بعد صدام حس��ين إذ كان‬ ‫يتعاون مع األمريكيين في مكافحة اإلرهاب من جهة‪،‬‬ ‫ويصن��ع ويص��در اإلرهابيي��ن للتفجير ف��ي الحواضر‬ ‫العراقي��ة م��ن جه��ة أخرى‪ ،‬م��روراً باغتي��ال الرئيس‬ ‫رفيق الحريري‪ ،‬واالنس��حاب من لبنان‪ ،‬وقبول العمل‬ ‫م��ع المحكم��ة الدولية‪ ،‬ث��م االنقالب على الش��رعية‪،‬‬ ‫والمماطلة والتسويف حتى تحولت المحكمة عبأً ماليًا‬ ‫على لبنان وعبأً على العدالة‪.‬‬ ‫األس��د ينتم��ي لمدرس��ة معم��ر القذاف��ي ف��ي‬ ‫الدبلوماس��ية‪ ،‬ال��ذي قال عنه عبد الس�لام جلود ذات‬ ‫م��رة ف��ي برنام��ج «الذاك��رة السياس��ية» عل��ى قناة‬ ‫العربي��ة‪ ،‬أن «الطاغي��ة يعتقد أن الدبلوماس��ية هي‬ ‫الكذب»‪ ،‬وهذا ما يؤمن به األسد تمامًا‪ ،‬وهذا ما فعله‬ ‫ويفعله طوال سنوات حكمه لسوريا‪.‬‬ ‫كان األس��د سيستغل الضربة األمريكية شعبويًا‬ ‫ف��ى الداخل وعلى مس��توى المنطقة فى تس��ويق ‪3‬‬ ‫شعارات أساسية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬أن الهجوم على سوريا هو الهجوم على دولة‬ ‫الممانعة الرئيسية فى المنطقة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أن الضرب��ة تس��تهدف ض��رب وش��ل القدرة‬ ‫العس��كرية للجيش العربي السوري الذى لم يسقط‬ ‫بعد هدف تحرير فلسطين والقدس والجوالن!!‬ ‫‪ - 3‬أن الضرب��ة تؤكد أن��ه إذا كان نظام الرئيس‬ ‫األس��د هو العدو الرئيس��ي لواش��نطن ف��إن الضربة‬ ‫تخدم العم�لاء من المعارضة الس��ورية التي تتعامل‬ ‫مع أسيادها فى واشنطن!‬ ‫أم��ا اليوم ف�لا نعرف م��ا التبرير الذي س��يقدمه‬ ‫ألنص��اره الممانعين ليس ل��ه إال التضليل الذي يحيل‬ ‫الجماهي��ر أعمد ًة من مل��ح وأفواهًا تصيح‪ ..‬ش��اعرنا‬ ‫العتيد أحمد شوقي في مسرحية " كليوبترا " يقول‪:‬‬ ‫انظري الشعب " دمون " كيف يوحون إليه‬ ‫مأل الجو هتافاً بحياتي قاتليه‬ ‫يا له من ببغاء عقله في أذنيه‬ ‫في الختام‪ ،‬قد يتأخر انتصار ثورة ش��عب‪ ،‬وتغدو‬ ‫مصالحه مؤجلة لمصلحة روس��يا‪ ،‬وإي��ران‪ ،‬مع نظام‬ ‫حك��م غير قابل للبق��اء في زمانن��ا‪ ،‬إال أن النصر آتٍ‬ ‫مهما طال الزمن‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬

‫ع����م����ل ل����ل����ف����ن����ان وس�����ي�����م ال�����ج�����زائ�����ري‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أن االقتراح الروس��ي يمكن قبوله بثالثة شروط على‬ ‫األق��ل‪ ،‬مطالب��ًا بـ"التزامات واضحة وس��ريعة ويمكن‬ ‫التحق��ق منه��ا" م��ن جانب دمش��ق‪ .‬وح��دد فابيوس‬ ‫الش��روط الثالثة بأن على الرئيس السوري أن يلتزم‬ ‫من دون تأخير بوضع مجمل ترسانته الكيميائية تحت‬ ‫مراقب��ة دولي��ة‪ ،‬والس��ماح بتدميرها‪ ،‬وه��ذه العملية‬ ‫يج��ب أن تت��م اس��تناداً إلى ق��رار ملزم م��ن مجلس‬ ‫األم��ن‪ ،‬مع برنامج زمني قصي��ر ونتائج حازمة إذا لم‬ ‫يف األسد (بالتزاماته)‪.‬‬ ‫وم��ن جانب��ه‪ ،‬اعتب��ر االئت�لاف الوطن��ي لق��وى‬ ‫المعارضة والثورة الس��ورية‪ ،‬العرض الروس��ي بأنه‬ ‫"مناورة سياس��ية" ودعا إلى رد على النظام الس��وري‬ ‫الستخدامه السالح الكيماوي‪.‬‬ ‫وق��ال "االئت�لاف" في بيان‪ ،‬نش��ر عل��ى موقعه‬ ‫اإللكترون��ي‪ :‬مخالف��ة القانون الدولي تس��توجب رداً‬ ‫دولي��اً حقيقياً ومتناس��بًا م��ع حجمه��ا‪ ،‬وال يمكن بأي‬ ‫ح��ال من األحوال أن تس��قط جرائم الح��رب بالتقادم‬ ‫ع��ن مرتكبيه��ا‪ ،‬فالجرائم الجنائية ضد اإلنس��انية ال‬ ‫تس��قط بتقديم تنازالت سياس��ية‪ ،‬أو بتس��ليم األداة‬ ‫التي ارتكبت بها ه��ذه الجرائم‪ .‬ولفت إلى دعوة وزير‬ ‫الخارجي��ة الروس��ي س��يرغي الفروف األخي��رة تعتبر‬ ‫مناورة سياسية تصب في باب المماطلة غير المجدية‬ ‫والت��ي ستس��بب مزي��داً من الم��وت والدمار للش��عب‬ ‫السوري‪ ،‬على حد تعبيره‪.‬‬ ‫اش��ترى النظام الوقت مقابل مخزونه الكيماوي‪،‬‬ ‫وصرح رأس النظام في مقابلة مع مراس��ل تلفزيون‬ ‫«روس��يا ‪ »24‬الحكومي في س��وريا أن بالده «ستضع‬ ‫أسلحتها الكيماوية تحت االشراف الدولي تلبية لطلب‬ ‫روس��يا»‪ .‬وأكد األس��د أن «تهديدات الواليات المتحدة‬ ‫لم تؤثر على القرار بوضعها تحت المراقبة»‪ .‬وأضاف‬ ‫أن بالده تعتزم إرسال الوثائق الالزمة لألمم المتحدة‬ ‫للتوقيع على اتفاق بش��أن أسلحتها الكيماوية «خالل‬ ‫أيام قليلة»‪ .‬وكش��ف أن تقديم المعلومات بخصوص‬ ‫الترس��انة الكيماوية «س��يكون بعد مرور ش��هر على‬ ‫انضمام دمش��ق إلى معاهدة حظر انتش��ار األس��لحة‬ ‫الكيماوية»‪ .‬وأضاف‪« :‬لن نلتزم بتس��ليم الكيماوي إال‬ ‫إذا توقفت واش��نطن عن التهديد بالعمل العسكري»‪.‬‬ ‫واحتفلت قواته وش��بيحته بعيد ميالده بسلس��لة من‬ ‫الغارات التي اس��تخدمت فيه��ا براميل متفجرة‪ ،‬أزالت‬ ‫أحي��اء س��كنية بكامله��ا وبقص��ف عني��ف ف��ي أرجاء‬ ‫المناط��ق التي تقع تحت س��يطرة الثوار الذين حققوا‬ ‫تقدمًا في ريف حمص‪ ،‬فيما كانت قوات األسد تتقدم‬ ‫باتجاه بلدة معلوال شمال دمشق‪.‬‬ ‫كما دعا بعض الش��بيحة س��كان دمشق للتعبير‬ ‫عن دعمهم لألس��د والمش��اركة بمس��يرة بالسيارات‬ ‫تنطل��ق من مدينة الجالء الرياضي��ة الواقعة في حي‬ ‫المزة الراقي إلى شارع الثورة في مركز المدينة‪ ،‬كيف‬ ‫ال يحتفل��ون وقد الح ب��أن المجرم أفلت م��ن العقاب‪،‬‬ ‫وانتقل النقاش من معاقبة مرتكبي جريمة الكيماوي‬ ‫إلى تس��ليم س�لاح الجريمة فقط‪ ،‬وظه��ر للعالم أن‬ ‫تضحيات نصف مليون م��ن أبنائه بين قتيل ومصاب‬ ‫وس��جين ومفقود‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن ستة ماليين بين مهجّر‬ ‫ونازح‪ ،‬ال تعني ش��يئاً في مساومات الدول الكبرى وال‬ ‫يستحق النظام عليها أي معاقبة‪.‬‬ ‫األس��د ال��ذي ظه��ر مه��دداً بح��رق المنطقة في‬ ‫لقائ��ه مع قناة س��ي بي اس األمريكية قبل بتس��ليم‬ ‫س�لاحه الكيم��اوي‪ ،‬بمج��رد تلويح الوالي��ات المتحدة‬ ‫بالق��وة‪ ،‬حصل هذا م��ن قبل‪ .‬ففي الع��ام ‪ 1998‬بلغ‬ ‫التوتر أوجه بين النظام الس��وري وتركيا التي هددت‬ ‫باجتي��اح األراضي الس��ورية‪ ،‬وحش��دت جيش��ها عند‬ ‫الحدود متهمة دمش��ق بدعم هجم��ات «حزب العمال‬ ‫الكردستاني» واحتضان زعيمه عبداهلل أوجالن‪ .‬وفهم‬ ‫الس��وريون ـن تصرف تركيا العضو في «حلف شمال‬ ‫االطلس��ي» يلقى تأيي��داً من دول كب��رى‪ ،‬فانصاعت‬ ‫دمشق للتهديد‪ ،‬وأخرجت أوجالن من أراضيها ممهدة‬ ‫العتقاله‪ ،‬وتعهدت بوقف دعمها للمتمردين األكراد‪.‬‬ ‫هك��ذا أظه��ر النظ��ام الس��وري م��رة أخ��رى أنه‬ ‫مس��تعد لتقديم أي ش��يء في س��بيل بقائه‪ ،‬وجاهز‬ ‫إلسقاط كل الشعارات عن «التوازن االستراتيجي» مع‬ ‫إس��رائيل و«الممانعة» عندما يتعل��ق األمر بمصيره‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫عن�صر املخابرات امليت‬ ‫عامر محمد ‪ -‬دمشق‬

‫لقاء ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫يجل��س إبراهيم عنصر المخابرات في المقهى‬ ‫الش��امي بباب توما وكل حركات جسده تقول "أنا ال‬ ‫أنتمي لهذا المكان"‪ ،‬فبعد س��اعات س��يكون الش��اب‬ ‫الحلبي قد ارتدى بذته العسكرية من جديد والتحق‬ ‫بثكنت��ه على أط��راف عي��ن ترما ف��ي الغوطة‪ ،‬في‬ ‫المقه��ى يجل��س أمام��ي وهو غي��ر مطمئ��ن‪ ،‬فهو‬ ‫عنصر "معارض للنظ��ام" كما يُحب أن يطلق على‬ ‫نفس��ه‪ ،‬حيث يحصل إبراهيم كل عش��رة أيام على‬ ‫"مغادرة" مدتها أربع وعش��رون س��اعة م��ن الثكنة‬ ‫باتجاه دمشق فيسير بشوارعها‪ ،‬وهو جاهز للحديث‬ ‫مع أي عابر "فقط كي يعرف كيف تفكر الناس هذه‬ ‫األيام" يق��ول إبراهيم ويروي م��ا يحدث معه خالل‬ ‫ثالث س��نوات م��ن الخدمة اإللزامية ف��ي المخابرات‬ ‫العسكرية التابعة لجيش النظام‪.‬‬ ‫يحم��ل إبراهيم س��تة خطوط هاتفي��ة‪ ،‬وهذا‬ ‫لي��س بط��راً‪ ،‬بل ه��ي احتياط��ات أمني��ة ضرورية‬ ‫يق��وم به��ا العنص��ر المعج��ب بالعقي��د مصطف��ى‬ ‫ش��دود والذي ال يج��رؤ على إبداء اإلعج��اب به أمام‬ ‫العناص��ر والضباط في الثكن��ة "يقولون عنه خائن‬ ‫ألنه تحدث مع الجيش الحرّ" ورغم أنه يحمل س��تة‬ ‫أرق��ام هاتفية إال أنه يش��تري ثالثة خطوط جديدة‬ ‫شهريًا‪ ،‬يكس��رها بالتتابع كلما هاتف أحد أصدقائه‬ ‫المنش��قين‪ ،‬أو أجرى اتصا ًال م��ع والدته التي أعلنته‬ ‫قتي ً‬ ‫ال ف��ي الحي بحلب الغربية‪ ،‬لم ينش��ق إبراهيم‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬هو ال يخشى على حياته بل يخشى على‬ ‫عائلت��ه من بطش النظام‪ ،‬فإبراهيم الذي تأخر عن‬ ‫موعد التحاقه بالجيش في نيس��ان من عام ‪،2010‬‬ ‫س��يق كما جرت العادة مع "المتخلفي��ن" ليخدم في‬ ‫المخاب��رات العس��كرية‪ ،‬ما فرض علي��ه ظرفًا أمنيا‬ ‫شديد التعقيد كما يقول‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يقس��م إبراهيم أنه لم يقت��ل أحدا طوال فترة‬ ‫الثورة‪ ،‬ويس��تخدم لفظ ثورة بال تردد "طبعًا ثورة!‬ ‫لقد كنت في بصرى الحرير بدرعا في نسيان ‪،2011‬‬ ‫حين دخلناها بعد المخابرات الجوية‪ ،‬ش��اهدت جثثًا‬ ‫لنس��اء وأطفال ورجال‪ ،‬لم يكن هناك أي س�لاح أن‬ ‫ذاك‪ ،‬هن��ا علمت أنها ثورة‪ ،‬أن��ا أطلق الرصاص في‬ ‫الهواء لو ع��رف الضباط بذلك لقتل��ت على الفور"‪،‬‬ ‫لك��ن إبراهيم يعت��رف بأنه ضرب وع��ذب معتقلين‬ ‫"ل��م يكن أمامي من س��بيل‪ ،‬لكني كن��ت أعرف أين‬ ‫أضرب‪ ،‬فال أسبب عاهة أو ألما كبيراً"‪.‬‬ ‫ف��ي الغوطة حيث نقلت س��رية إبراهيم يعرف‬ ‫العنصر الس��نّي المش��كوك في والئ��ه متى يرمي‬ ‫الس�لاح جانبًا‪ ،‬فحين تش��تد المعرك��ة ويبدأ هجوم‬ ‫الجيش الحرّ على ثكنته‪ ،‬يرمي الش��اب العشريني‬ ‫الس�لاح ويجلس عل��ى األرض " يب��دأ العناصر من‬ ‫العلويي��ن بالنظر أل��ي وإلى جميع العناصر الس��نّة‬ ‫بكثي��ر من الريبة‪ ،‬ويش��عرون بأنه م��ن الممكن أن‬ ‫نقتلهم وس��ط المعركة‪ ،‬حتى أنه ف��ي مرة قال لنا‬ ‫عنصر عل��وي وبحضور ضابط أن نعطيه الس�لاح‪،‬‬ ‫ففعلن��ا" ل��م يش��ارك إبراهي��م ف��ي أي هج��وم أو‬ ‫اش��تباك أو معرك��ة منذ أكثر من ع��ام‪ ،‬تحديداً منذ‬ ‫انضم عناصر حزب اهلل للقتال في الغوطة‪ ،‬وهؤالء‬ ‫يتول��ون الصف��وف األمامي��ة ف��ي أي معرك��ة "في‬ ‫المع��ارك الكب��رى أول م��ن يهرب ه��م الضباط ثم‬ ‫العلويي��ون والدروز م��ن المتطوعي��ن‪ ،‬طالما هرب‬ ‫الضباط ثم عادوا بعد المعركة"‪.‬‬ ‫حوص��ر إبراهي��م م��رة بين خط��ي الن��ار‪ ،‬نار‬ ‫الجي��ش الحر ونار جيش النظام‪ ،‬كان يمش��ي باحثُا‬ ‫عن ماء حين فوجئ بدورية للجيش الحرّ "نظر إلي‬ ‫احدهم مط��و ًال‪ ،‬عرف من أكون‪ ،‬ث��م طردني وقال‬ ‫ماذا تفعل هنا؟ أذهب أذهب‪ ..‬كان يعرف أني جندي‬

‫ع��م��ل ب��ع��ن��وان‪ :‬ال��ش��ب��ي��ح | ال��ف��ن��ان ازاد حمي‬

‫ف��ي الجيش وتركن��ي لم يقتلني!! فس��لكت طريقًا‬ ‫زراعية" بين األعشاب والشجيرات استلقى إبراهيم‬ ‫في طريق عودته ألكثر من ثالث س��اعات‪ ،‬كان الحر‬ ‫قد بدأ الهجوم من خلفه‪ ،‬فيما يدافع عناصر النظام‬ ‫من أمامه‪ ،‬االشتباك انتهى بعد حوالي الساعة‪ ،‬لكن‬ ‫إبراهيم ال يجرؤ على التقدم نحو ثكنته‪ ،‬فالقناص‬ ‫الزميل له مس��تنفرُ اآلن‪ ،‬س��يصطاده إذا رآه "حين‬ ‫غابت الشمس تابعت سيري نحو الثكنة"‪.‬‬ ‫يدافع إبراهيم عن نفسه نافيَا تهمة الطائفية‬ ‫عن��ه فالظروف ه��ي من تجعل��ه يتح��دث بطائفية‬ ‫"لماذا يحق للعناصر من العلويين أن يضعوا صورة‬ ‫(اإلم��ام عل��ي) على صدوره��م وأنا ال يح��ق لي أن‬ ‫أصل��ي حتى‪ ،‬هم مدللون بإم��كان أي أحد منهم أن‬ ‫يرس��لني إلى الفرع بكلمة من��ه ألي ضابط" يقصد‬ ‫هن��ا المخاب��رات الجوية وي��روي كي��ف أن زمالء له‬ ‫ع��ادوا بعد اعتقال دام لعام من الفرع "تخيل لو أنك‬ ‫جلب��ت رغيف خب��ز وبللته بالم��اء وتركته في مكان‬ ‫ال ي��رى الش��مس أليام‪ ،‬تخي��ل الرائحة والهشاش��ة‬ ‫الت��ي س��تصيبه‪ ،‬هكذا ب��دا جلد صديق��ي حين عاد‬ ‫م��ن المعتقل بعد عام إثر "فس��دية" من عنصر من‬

‫الساحل‪ ،‬لم ينهي عالجه حين انشق بعد ذلك"‪.‬‬ ‫أكرر عل��ى إبراهيم فكرة االنش��قاق أو الهرب‬ ‫م��ن م��ا ه��و في��ه "أح��د أصدقائ��ي أنش��ق وهرب‬ ‫إل��ى األردن فاعتقل��وا أخوت��ه ووالده‪ ،‬نح��ن (مالك)‬ ‫مخابرات‪ ،‬أي أن المس��ألة تصبح ثأراً بالنس��بة لهم‪،‬‬ ‫لست عنصراً عاديًا في الجيش وعائلتي في منطقة‬ ‫يس��يطر عليها النظام وأبي متوفى" أسأل إبراهيم‬ ‫لو أنه يُس��رح اآلن من الجيش فماذا س��يفعل أوال؟‬ ‫فيق��ول أن ال ج��واب لديه‪ ،‬طوال س��اعة وأكثر ظل‬ ‫المش��روب عل��ى الطاولة أمام الش��اب م��ن دون أي‬ ‫نقص��ان‪ ،‬ولم ألمح حتى ابتس��امة واحدة منه خالل‬ ‫الجلسة‪ ،‬قلت له تخيل معي لو أنك سُرحت اآلن في‬ ‫هذه اللحظة ماذا ستفعل؟ ابتسم إبراهيم‪ ..‬ثم قال‬ ‫"أنا غير قادر على التخيل أبداً‪ ،‬صدقني ال أس��تطيع‬ ‫حتى أن احلم بذلك‪ ،‬ال أعتقد أني سأعيش ولم أعد‬ ‫راغب��ًا في الحياة أص ً‬ ‫ال" ش��اهد إبراهيم من األبرياء‬ ‫وهم يتحولون إلى جثث ما هو كثير على ش��اب في‬ ‫العش��رين من العم��ر‪ ،‬وعرف تناقض��ات وصراعات‬ ‫داخلي��ة ال يدركه��ا هو نفس��ه‪ ،‬لدرجة تش��عر وهو‬ ‫بقربك بأنه ميت يتحدث‪.‬‬


‫الثورة على طريق الي�أ�س‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬

‫من ال يرى عبر الغربال أعمى‬ ‫هذه قاعدة أساس��ية‪ ،‬اتخذتها أساس��اً في حياتي‬ ‫منذ زمن طويل‪ ،‬اتخذتها منذ اللحظة التي أعلن فيها‬ ‫حافظ األسد انتصاره في حرب تشرين "التحريرية"‪.‬‬ ‫اتخذته��ا منذ اندفاع قوات "الردع العربي" بقيادة‬ ‫س��ورية إل��ى لبن��ان "إلنق��اذه" م��ن الح��رب األهلية‬ ‫و"التهديدات الصهيونية"‪.‬‬ ‫اتخذته��ا عندم��ا تم ذبح آالف الجنود الس��وريين‬ ‫ع��ام ‪ 1982‬في أه��م عملية انس��حاب "تكتيكي" في‬ ‫التاريخ العربي المعاصر‪..‬‬ ‫اتخذته��ا عندما ق��ام القائد "الملهم" باس��تباحة‬ ‫مدينة حماة‪ ،‬والقض��اء على "كافة" أهلها اإلرهابيين‬ ‫وحتى من لم يولد منهم‪..‬‬ ‫اتخذتها عندما تعرضت سوريا لحصار "جائر" من‬ ‫ق��وى االمبريالية والصهيونية‪ ،‬وكنا نبحث عن اللحم‪،‬‬ ‫والم��وز‪ ،‬والليمون‪ ،‬والس��كر‪ ،‬وال نجد من ذلك ش��يئًا‬ ‫بسبب الحصار والحياة االشتراكية‪...‬‬ ‫اتخذته��ا عندم��ا تح��ول حافظ األس��د إلى بطل‬ ‫وطني‪ ،‬وش��ارك ذات الق��وى "االمبريالية" في تحالف‬ ‫عالمي ضد "األشقاء" العراقيين عام ‪.1991‬‬ ‫اتخذتها عندما فوجئنا بطول بش��ار األسد يخرج‬ ‫علين��ا كالمارد الصف��راوي من قمق��م معتم ليصبح‬ ‫بقدرة قادر (أكثر من قادر في الواقع) رئيساً لسوريا!!‬ ‫اتخذتها عندما تحول النظام السوري إلى صديق‬ ‫لعدوه التاريخي في العراق‪ ،‬بل وقرر المس��اهمة في‬ ‫"تحريره" من األمريكان‪..‬‬ ‫اتخذتها عندما تداعى "أشباه الرجال" إلى دمشق‬ ‫مجدداً بعد عام ‪ 2008‬لمصالحة النظام‪..‬‬ ‫واتخذته��ا عندم��ا م��ات أطف��ال درعا ف��ي أقبية‬ ‫الس��جون‪ ،‬بينما يرسل األسد أس��وء أزالمه يترأسهم‬ ‫رستم غزالة كوسيط!!‬ ‫ولكنني اليوم قررت رفع الغربال‪ ،‬ألن من ال يزال‬ ‫يعتقد لثانية واحدة أن الواليات المتحدة‪ ،‬أو أوروبا‪ ،‬أو‬ ‫الس��عودية‪ ،‬تريد تحرير الس��وريين أو نصرتهم فهو‬ ‫يلبس نظارة سوداء‪..‬‬ ‫ف��ي لحظة تاريخية كان فيه��ا التأهب على أوجه‬ ‫لتلق��ي ضربات "التحري��ر" م��ن آالف صواريخ الكروز‬ ‫العاب��رة للقارات‪ ،‬والمخطط أن تدوم أكثر من س��تين‬

‫يوم��ًا‪ ،‬اعتقدنا جميعاً أنها س��تقضي على النظام إلى‬ ‫األب��د‪ ،‬جاء "التوافق" العالمي والمقترح "الش��يطاني"‬ ‫إلنقاذ النظام عبر السيطرة على األسلحة الكيميائية‪،‬‬ ‫وخالل أقل من س��اعة وافقت س��وريا عل��ى المقترح‪،‬‬ ‫ووقعت على معاهدة منع انتشار األسلحة الكيميائية‪،‬‬ ‫و‪" ..‬انتهى كل شيء"‪...‬‬ ‫هو ذلك األمر إذاً‪..‬‬ ‫اقت��ل بالصواري��خ‪ ،‬والطائ��رات‪ ،‬والبن��ادق‪،‬‬ ‫والقاذفات‪ ،‬ولكن ال تقتل بالكيميائي!!!‬ ‫فال��دم مباح عن��د ه��دره فيزيائي��اً؛ ولكنه حرام‬ ‫كيميائياً‪...‬‬ ‫إنها أس��وء المفارقات التي تجعلها السياسة أمراً‬ ‫طبيعي��ًا يجب أن يمر بال مس��اءلة وال محاكمة عقلية‬ ‫أو منطقية‪...‬‬ ‫اتخ��ذت قاع��دة الغرب��ال واألعم��ى ي��وم ق��ررت‬ ‫الس��عودية "الس��نية المس��لمة" دع��م العس��كر ضد‬ ‫اإلخوان "المس��لمين" ومن وراءهم من قطر وتركيا‪.‬‬ ‫كان��ت المفارق��ة كبيرة ومحبطة لح��د خطير ومؤلم‪،‬‬ ‫اهت��زت رقب��ة س��عود الفيص��ل المتأرجحة بتس��ليح‬ ‫الس��وريين خ�لال أي��ام م��ن الهج��وم على المس��جد‬ ‫العم��ري بدرع��ا‪ ،‬بينما اهت��زت رقبته بدع��م الجيش‬ ‫المصري الذي اقتحم مسجد رابعة العدوية وقتل من‬ ‫قتل واعتقل من اعتقل‪ ،‬بل وزاد على ذلك بالطيران‬ ‫إلى أوروبا لطلب الغفران‪ ،‬والدعم للس��لطة الجديدة‬ ‫في مصر‪ ،‬فما الحرية التي تبشرنا بها السعودية إذاً؟‬ ‫هل س��يعود "فلول" األسد بعد إس��قاطه لينكلوا بهذا‬ ‫الشعب وبدعم خليجي سعودي أيضًا؟‬ ‫خرج��ت المبادرة الروس��ية كطوق نج��اة للنظام‬ ‫وكش��علة جديدة في فتيل مسلس��ل ال��دم‪ ،‬والعنف‪،‬‬ ‫والخراب في س��وريا‪ ،‬وهي بالمناس��بة ليست مبادرة‬ ‫روس��ية صرفًا‪ ،‬فيب��دو أن األمريكان كان��وا على علم‬ ‫مس��بق بالمب��ادرة بدلي��ل أنه��ا الق��ت االستحس��ان‬ ‫األمريكي خالل دقائ��ق من إعالنها‪ ،‬مصحوباً ببعض‬ ‫الجم��ل الجاهزة للتس��ويق اإلعالم��ي الرخيص أمام‬ ‫ال��رأي الع��ام األمريكي الغير معني أساس��ًا بالش��أن‬ ‫السوري؛ حتى لو قتل السوريون كلهم‪ .‬جاءت اللحظة‬ ‫التي قرر فيها أوباما "استخارة" الشعب األمريكي في‬ ‫وقت ال يزال فيه األمريكان يموتون في أفغانس��تان‪،‬‬ ‫بينم��ا ال يزال غبار معاركهم ف��ي أجواء العراق‪ .‬وفي‬ ‫ذات الوقت ال يوجد في سوريا ما يمكن أن يغري رجال‬

‫األعمال بدعم الحرب‪ ،‬وال ما يحفز األمريكيين تجاه أي‬ ‫خط��ر على األمن القومي‪ ،‬فس��وريا لم تقم بالهجوم‬ ‫على أمريكا‪ ،‬وال حت��ى تهديد المصالح األمريكية في‬ ‫أي منطق��ة من العال��م‪ ،‬ولهذا بقيت ص��ورة الصراع‬ ‫الدائر في س��وريا مشابهة بالنسبة للشعب األمريكي‬ ‫لم��ا يح��دث في الصوم��ال‪ ،‬وبورم��ا وجن��وب الفلبين‬ ‫ومال��ي والكونغ��و‪ ،‬صراع��ات محلية طائفي��ة قبلية‪،‬‬ ‫يقوم فيها المتصارع��ون بإفناء بعضهم بعضاً‪ ،‬وهو‬ ‫ما يجعل كل ذلك بعيداً عن أمريكا واألمريكيين‪.‬‬ ‫يموت الس��وريون يومي��اً مادياً ومعنويًا بعش��رة‬ ‫أضع��اف ما يتم إنق��اذ النظام‪ ،‬وتخ��رج كل المبادرات‬ ‫للبح��ث ع��ن س��بل إبقاء النظ��ام بقدر م��ا يتم غض‬ ‫الطرف عن كل الوس��ائل التي تقتل الس��وريين‪ ،‬إنها‬ ‫المفارقة األعنف واألس��وء في حياتنا البائسة التي ال‬ ‫تزال تجتر عنفاً وراء آخر وحقداً تلو اآلخر‪.‬‬ ‫في خض��م هذه البحر المتالطم م��ن المفارقات‬ ‫تظه��ر الوجوه البائس��ة العفن��ة "لرم��وز" المعارضة‬ ‫الس��ورية الذين يملؤون الشاش��ات صراخ��اً وصياحاً‪،‬‬ ‫وش��تائم لم يش��بعوا منها‪ ،‬ألنها باتت مصدر رزقهم‬ ‫الوحي��د‪ ،‬وله��ذا كان م��ن المتوق��ع أن يرفض��وا هم‬ ‫وقادة الجيش الحر الذين يحاربون عبر الس��كايب أية‬ ‫مبادرات روس��ية أو أمريكية‪ ،‬ألنهم يخش��ون انقطاع‬ ‫مص��در ال��رزق‪ ،‬فماذا لو س��قط النظام وت��م الطلب‬ ‫إليه��م ت��رك فنادقه��م وأماك��ن إقامته��م الفاره��ة‪،‬‬ ‫والعودة إلى س��وريا لبدء العمل؟ حينها سينكش��فون‬ ‫وينكش��ف س��خفهم‪ ،‬وضعفه��م‪ ،‬وتفاهته��م أم��ام‬ ‫تضحي��ات الناس الكبي��رة‪ ،‬وحينها ل��ن يرحمهم أحد‪،‬‬ ‫وستتم محاسبتهم على كل صغيرة وكبيرة‪ ،‬وهو أمر‬ ‫لن يحتملوا الوقوف له أمام أم س��ورية فقدت أوالدها‬ ‫في حرب ال ناقة فيها وال جمل‪.‬‬ ‫ضاعت الثورة وضاع الس��وريون وضاعت سوريا‪،‬‬ ‫وج��ل ما يحلم به أي س��وري هو الهج��رة‪ ،‬وحمل أية‬ ‫جنس��ية أخرى مهما كانت وضعيتها‪ ،‬لقد بدأنا نس��مع‬ ‫بأخبار غرق السوريون المهاجرون بشكل غير شرعي‬ ‫إلى ش��واطئ فرنسا‪ ،‬وإيطاليا‪ ،‬وهي تشي بمزيد من‬ ‫الس��واد في مس��تقبل لم نعد نرى فيه أبعد من يوم‬ ‫غد‪.‬‬ ‫آخر الكالم‪ ،‬يقول ابن زيدون‪:‬‬ ‫غيظ ال��ع��دى م��ن تساقينا ال��ه��وى فدعوا‬ ‫ب����أن ن���غ���صّ ف���ق���ال ال����دّه����ر آم��ي��ن��ا‬

‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬

‫خالد كنفاني‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪9‬‬


‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫خالــد خليفـــة‪:‬‬ ‫ال �سكاكني يف مطابخ هذه املدينة‬ ‫نجيب مظلوم‬ ‫ال س��كاكين ف��ي مطابخ هذه المدين��ة‪ ،‬رواية‬ ‫جدي��دة للكاتب خالد خليفة تس��تكمل م��ا بدأه في‬ ‫رواي��ة "مدي��ح الكراهي��ة"‪ ،‬لتختزل معان��اة مدينة‬ ‫حل��ب خ�لال نص��ف ق��رن وتغيره��ا العمران��ي‪،‬‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬واالقتصادي‪ ،‬منذ تسلم حافظ األسد‬ ‫للس��لطة‪ ،‬وقيادت��ه لح��زب البع��ث‪ ،‬وهيمنتهما مع‬ ‫األجه��زة األمنية عل��ى األرزاق واألعن��اق‪ ،‬حتى أن‬ ‫مكتمل‪ ،‬كموت الجنرال في "خريف‬ ‫موت��ه كان غير‬ ‫ٍ‬ ‫البطريرك"‪ ،‬لدرجة لم يصدقها الكثيرون‪:‬‬ ‫"كان��ت أمي تقول‪ :‬الق��وة والبطش اليموتان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مضيف��ة‪ :‬دم الضحايا ال يس��مح للطاغية بالموت‪،‬‬ ‫أنه باب موارب يزداد ضيقًا حتى يخنق القاتل"‪.‬‬ ‫ربم��ا لن يع��رف بالضب��ط ُكنه ه��ذه الرواية‪،‬‬ ‫من لم يعايش فترة حكم حافظ األس��د لس��ورية‪،‬‬ ‫وتغيي��ره لطبيع��ة الس��وري م��ن مواط��ن يعيش‬ ‫حريت��ه إلى جزء م��ن قطيع يحكم��ه الراعي األول‬ ‫واألب والمناض��ل وش��به اآلله‪ .‬ليجد الس��وري بلده‬ ‫تتح��ول م��ن دول��ة وليدة إل��ى مزرعة آلل األس��د‪،‬‬ ‫ينشرون فيها الفس��اد والدناءة والخسة‪ ،‬ويعيدون‬ ‫سيرة الحكام العثمانيين المتأخرين‪.‬‬ ‫هذه الرواية كشف نفس��ي‪ ،‬وتحليل وتفكيك‬ ‫للذاكرة كي تتخلص من قيح تلك الحقبة اللعينة‪،‬‬ ‫الت��ي ح ّلت خرابًا على روح الفرد الس��وري عموماً‪،‬‬ ‫وعل��ى الحلبي خصوصًا‪ .‬فه��ا هو جان‬ ‫يكتب البنه في فرنسا عن مدينة حلب‬ ‫وعن نظريته حول العار التاريخي‪:‬‬ ‫"س��كان مدينة واحدة يتقاس��مون‬ ‫ه��واء مدين��ة واح��دة‪ ،‬خائفي��ن م��ن‬ ‫بعضه��م البعض‪ ،‬مس��يحيون خائفين‬ ‫م��ن المس��لمين‪ ،‬أقلي��ات طائفي��ة‬ ‫خائفة م��ن األكثرية‪ ،‬وأكثري��ة خائفة‬ ‫م��ن بط��ش األقلي��ة‪ ،‬قومي��ات وأديان‬ ‫وطوائف خائفون من الرئيس وضباط‬ ‫مخابراته‪ ،‬والرئي��س خائف من أعوانه‬ ‫وحراس��ه‪ ،‬وأعوانه يبحث��ون عن طرق‬ ‫مبتك��رة للوش��اية ببعضه��م بعض��اً‪،‬‬ ‫وتقدي��م والئه��م إلى مرتبة القداس��ة‬ ‫واأللوهة‪ ،‬رغم ذل��ك يبقى في قصره‬ ‫خائفًا من حرّاسه‪ ،‬ال يجرؤ على السير‬ ‫ف��ي الش��ارع عش��رة أمت��ار دون مئات‬ ‫الح��راس‪ ،‬رغم صور يبثه��ا التلفزيون‬ ‫مراراً وتكراراً‪ ،‬ماليين البش��ر يهتفون‬ ‫له في مسيرات التأييد"‪.‬‬ ‫ال س��كاكين ف��ي مطاب��خ ه��ذه‬ ‫المدينة تنكأ الجرح الذي ظننا اندماله‪،‬‬ ‫ونتعام��ل يومي��ًا عل��ى نكران��ه إلى أن‬ ‫انفج��رت البالد‪ .‬ربما لم يكفِ االنفجار‬ ‫المدوي ف��ي تفكي��ك ذاك��رة البعض‪،‬‬ ‫ولك��ن ه��ذه الرواي��ة كفيل��ة بإع��ادة‬ ‫الكشف عن مكنوناتنا المريضة نتيجة‬ ‫تلك الحقبة‪ ،‬وق��د تكون بمثابة تحليل‬ ‫نفس��ي ي��ؤدي إل��ى انحي��از الش��عور‬ ‫الجمعي والفردي في الكائن الس��وري‬ ‫ليعيد لملمة أشالء روحه‪:‬‬

‫"موظ��ف يج��ب أن يقدم ال��والء الدائم للحزب‬ ‫وللرئيس القائد‪ ،‬كي يحتفظ بكل هذا البؤس"‪.‬‬ ‫"تنتب��ه ألول مرة إلى ش��عور العار الذي يحيط‬ ‫به��ا م��ن كل جانب‪ ،‬تش��عر بالرضا حين تكتش��ف‬ ‫أن الكثيري��ن مثله��ا يش��عرون بالع��ار‪ ،‬زميالته��ا‬ ‫وصديقاته��ا‪ ،‬والن��اس في الش��وارع التي تتجاهل‬ ‫صور الرئيس رغم ادعاء أبديته"‪.‬‬

‫"كان ينقصهُ حياة أكث��ر عالنية ليكون واحداً‬ ‫من عباق��رة مدينة عوقب��ت عبر التاري��خ من قبل‬ ‫حكامها‪ ،‬فعاقبت أبناءه��ا العباقرة في دورة تبادل‬ ‫عنف واضحة"‪.‬‬ ‫طريقة س��رد مبتكرة لرواية ال تنهي حدثًا في‬ ‫تاريخ عائلة متوسطة وطريقة انحدارها أو انحدار‬ ‫مدينة حل��ب‪ ،‬إال لتذكر تفاصي��ل عنهم من جديد‪،‬‬ ‫لنس��تجمع خيوط القصة ونغوص أكثر‬ ‫ف��ي مكنون��ات الش��خصيات ودهالي��ز‬ ‫مدينته��م‪ .‬فانتظار الم��وت هو الرابط‬ ‫المش��ترك بين جميع الخي��وط‪ ،‬الموت‬ ‫كطريقة الستكمال الذاكرة‪ .‬منذ تسلم‬ ‫البع��ث للس��لطة م��روراً بم��وت الغول‬ ‫وتس��لم ابنه مقاليد األمور وصو ًال إلى‬ ‫أحداث احتالل العراق‪ .‬ال س��كاكين في‬ ‫مطاب��خ ه��ذه المدينة صرخ��ة مدوية‬ ‫على الظلم االجتماعي الذي مارسه آل‬ ‫األس��د‪ ،‬في البالد ليجعلوا الناس تصل‬ ‫إلى مرحلة التدجين الكاملة‪:‬‬ ‫"كل الناس صمتوا إلى درجة أنهم‬ ‫أث��اروا ملل الفروع األمنية التي لم يعد‬ ‫لديها ش��ي ٌء تفعله س��وى لع��ب طاولة‬ ‫الزه��ر‪ ،‬وفت��ح ملف��ات مؤجلة اس��تبق‬ ‫أصحابها االس��تدعاءات وهاجروا خارج‬ ‫البالد"‪.‬‬ ‫ينتهي كل ش��يء لتظ��ل الصرخة‬ ‫المدوية لرجل أح��رق زوجته وأطفاله‪،‬‬ ‫وانتحر بعدها بس��كين المطبخ‪ .‬إيذانًا‬ ‫بنهاية الصمت‪:‬‬ ‫"صارخًا في جيرانه الذين يراقبون‬ ‫بب��رود‪ :‬أن الموت حرقاً أكثر ش��رفاً من‬ ‫انتظ��ار الم��وت جوع��اً‪ ،‬س��ائ ً‬ ‫ال بحرقة‪:‬‬ ‫إال يوج��د س��كاكين ف��ي مطاب��خ هذه‬ ‫المدينة؟"‪.‬‬ ‫السكاكين في مطابخ هذه المدينة‬ ‫إصدار ‪2013‬‬ ‫الناشر‪ :‬دار العين‬


‫مثنى مهيدي‬

‫هذا الطفل الصغير‪ .‬ينحدر من مدينةٍ تُدعي‪ ..‬حمص‪..‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬

‫مُجتمع آخر‪ ،‬هنالك خالفاتٌ بين القاطنين‪.‬‬ ‫داخل زنزانة صغيرة‪ ،‬كأي‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫لتُصبح سجناً‪ ،‬فليس من الضرورة‪ ،‬أن تًكبُر الخالفات‪.‬‬ ‫الزنزانة‬ ‫واذا َكبُرت‬ ‫ِ‬ ‫ال شكّ وباعتبار المكان‪ ،‬سجناً كبيراً‪ ،‬أن من في داخله‪ ،‬لم ُ‬ ‫يكن يرتضي أن يكون مُقامه سجناً‪..‬‬ ‫ومن الجميل أن هؤالء قد تخيلوا ورسموا في أحالمهم لهذه المساحة صور ًة أجمل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مُسيّجة بشي ٍء آخر‪.‬‬ ‫رُبما‬ ‫رُبما تبادلوا فيه الكثير من األشياء الجميلة‪.‬‬ ‫قدر جيدٍ من الذكريات الجيدة‪ ،‬التي تشاركوا هنا‪.‬‬ ‫رُبّما خططوا مساحاته على ٍ‬ ‫رُبّما ّ‬ ‫يُصبح سجناً‪.‬‬ ‫يتذكرُ البعض منهم‪ ،‬شكل المكان‪ ،‬قبل أن‬ ‫ِ‬ ‫على ٌك ِّل حال‪ ،‬من الرائع أنهم اتفقوا على أن يعيشوا هذا الخيال واقعاً‪.‬‬ ‫خلق جديد‪.‬‬ ‫أن يُحولوا الرسم إلى ٍ‬ ‫ما يُخيف حقاً‪ ،‬أن السجّان‪ ،‬قد مأل محيط هذا المكان‪ ،‬ببراميل البارود‪.‬‬ ‫وفي فترةٍ قريبة‪ ،‬لم يُعجبه ما فعلوه ببعض األسوار السوداء القاتمة‪ ،‬التي بدأت تتداعى بالفعل‪.‬‬ ‫لم يرُق له البلل الذي لحِق بالصور المُمزّقة التي ظنَّ يوماً ما أنها ستُزيّن جُدرانهم‪.‬‬ ‫لم ُ‬ ‫يخطر بباله أن يراهم يستبدلونها بشي ٍء مما كتبوه‪ ،‬ويكتبون‪.‬‬ ‫لم يعُد يسمع اضطراباً يحدُث إثر خِالفٍ بينهم‪ ،‬على عُلبة سجائر‪.‬‬ ‫َقرّر أن يُشعل الفتيل المُمتد نحو البراميل قبل أن يهرُب إلى غير رجعة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عل مافي رؤوسهم من أحالم‪ .‬تحترق باحتراق أجسادهم‪.‬‬ ‫يُشعِل الفتيل‪ .‬ويُس ِرع ا ّللهب‪.‬‬ ‫ينسَل ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫طفل صغير‪ ،‬من بين السياج المتداعي‪.‬‬ ‫ويقف‪ ،‬ليبول ِب ُك ِّل سُخرية‪ ،‬على الفتيل‪ ،‬فينطفئ‪.‬‬

‫فزلكة سورية ‪. .‬‬

‫تلك املدينة‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪11‬‬ ‫أح��د ش��وارع مدينة حمص | عدسة ش��اب حمصي‬


‫قطــار املــوت ال�ســوري‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫آية األتاسي‬ ‫"أنا س��وري"‪ ..‬ل��م تعد تل��ك العبارة تس��تحضر‬ ‫متاه��ات القل��وب في ال��دروب الضيق��ة‪ ،‬وال تلصص‬ ‫الياس��مين على عناق البيوت العتيقة‪ .‬لم يعد الزعتر‬ ‫حلبيًا والتوت شاميًا وال الحالوة حمصية‪..‬‬ ‫ل��م يع��د الفس��تق يطقطق ف��ي ض��وء الليالي‬ ‫الحلبي��ة‪ ،‬وال الم��اء يراق��ص الحج��ر ف��ي البح��رة‬ ‫الدمشقية‪.‬‬ ‫ال غنائية باقية في تقاس��يم ال��كالم وال جاذبية‬ ‫في الوجه الصبوح‪ ،‬هنا مر القتل والخوف والتشرد‪.‬‬ ‫"أنا من سوريا‪ ،‬مهجرين من بالدنا" يقف الطفل‬ ‫الصغي��ر عل��ى الرصيف ويس��تجدي الوج��وه العابرة‬ ‫والالمبالية‪ .‬يمد يده ويش��حذ باس��م "سوريا"‪ .‬سوريا‬ ‫الخي��ر والبرك��ة ص��ارت عاج��زة ع��ن إطع��ام أبنائها‬ ‫وحمايتهم من الموت والعوز‪.‬‬ ‫ص��ارت رائح��ة الب�لاد المنكوب��ة تف��وح م��ن‬ ‫الس��وريين أينم��ا رحل��وا‪ .‬يس��افرون ووطنه��م فوق‬ ‫ظهوره��م كالس��لحفاة‪ ،‬يحمل��ون معه��م مفاتي��ح‬ ‫بيوتهم‪ ،‬كمش��ة ه��واء‪ ،‬آخر صورة عائلي��ة وحكايات‬ ‫الحب والمدرس��ة‪ .‬ال تتس��ع ذاكرتهم للمزيد ولن ترن‬ ‫أجه��زة التفتيش عند الحدود فمنذ متى كانت الذاكرة‬ ‫من المواد المحظورة‪.‬‬ ‫"أنا من سوريا"‪ ..‬لم تعد كلمات بل صارت خناجر‬ ‫في القلب‪ ،‬حفر ف��ي الذاكرة ومرارة في الروح‪ .‬وجوه‬ ‫مقتلع��ة ومرمية في الال م��كان تنتظر على الرصيف‬ ‫المقابل‪ ،‬وال قطار يمر غير قطار الموت "توت‪ ..‬توت‪..‬‬ ‫ت��وت‪ ..‬ي��ا قطار توقف قرب��ي‪ ،‬أريد أن أع��ود ولو في‬ ‫تابوت"‪.‬‬ ‫"من سوريا"‪ ..‬جملة ننطقها ونبتلع غصة ودمعة‪،‬‬ ‫ننطقها ونشيح وجوهنا عن نظرات الحزن والشفقة‪.‬‬ ‫ته��رب أرواحنا مس��رعة إلى هناك وتت��وه في دوامات‬

‫الجحي��م الس��وري‪ ،‬الجحي��م الس��وري س��يناريوهات‬ ‫وأوجاع والموت ليس أقساها وال أخرها!‬

‫�سيناريو اجلوع‪:‬‬ ‫ع��دس‪ ..‬أرز‪ ..‬برغ��ل‪ ..‬بطاط��ا‪ ..‬متوالي��ة عل��ى‬ ‫المائدة الس��ورية‪ ،‬متوالية متقطعة يأكل الولد األكبر‬ ‫وف��ي اليوم الثاني تأكل البنت الصغرى‪ ..‬يتقاس��مون‬ ‫أدوار الطعام كما يتقاسمون البقاء على قيد الحياة‪.‬‬ ‫الخب��ز‪ ..‬رغي��ف العيش صار مصي��دة للموت في‬ ‫الطوابير الطويلة المستباحة من الطائرات والقذائف‪،‬‬ ‫خبز مغمس بالدم‪ ..‬لم يعد السوريون يتقاسمونه مع‬ ‫الملح والعشرة‪ ،‬بل يتقاسمونه مع الموت‪ .‬وفي أماكن‬ ‫كثي��رة يتع��ذر حتى الوص��ول إلى الخب��ز الدامي‪ .‬في‬ ‫الغوطة الش��رقية بالقرب من دمشق يفرض الحصار‬ ‫على الخبز والكثير من المواد الغذائية ويسمح للهواء‬ ‫فقط بالدخول‪ .‬هواء ال تضمن صالحيته لالستنشاق‬ ‫وال خل��وه من الغازات الس��امة‪ .‬في الغوط��ة قد ترى‬ ‫يافط��ة كت��ب عليها‪ :‬ربط��ة الخبز ‪ 500‬ليرة س��ورية‬ ‫وغي��ر متوف��رة‪ .‬ليس من ب��اب الفكاهة ب��ل من باب‬ ‫التذكي��ر‪ ،‬بل كي ال تنس��ى الناس كلم��ة "خبز" لقلة‬ ‫االستعمال وندرة الوجود‪.‬‬ ‫في مناطق أخرى يعتبر صحن السلطة رفاهية‪،‬‬ ‫فالخض��ار ذبلت ولم تعد تنبت ف��ي تربة الدم وأحيانًا‬ ‫كثي��رة تعتقلها الحواجز وتمنعه��ا من العبور‪" .‬خيارة‪،‬‬ ‫مش��تهية خيارة"‪ ..‬تنظر الفت��اة الصغيرة في الكاميرا‬ ‫وتبتلع ريقها‪ ،‬ال تحل��م الصغيرة بثوب جديد وال لعبة‬ ‫وال حذاء المع‪ ،‬مجرد خي��ارة صغيرة خضراء تقضمها‬ ‫وتش��عرها أنها طفلة عادية تكب��ر على هامش حرب‬ ‫وتعيش بطريقة طبيعية!‬ ‫" ف��ي بنايتنا س��لطة‪ ،‬أحضرنا البص��ل وجيراننا‬

‫الخس وس��كان الطاب��ق األرضي تكفل��وا بالبندورة"‬ ‫ي��روي ابن حل��ب الصغي��ر كي��ف اجتمع أه��ل بنايته‬ ‫ليأكلوا مع��ًا صحنا صغيراً من الس��لطة‪ ..‬تحلقوا معًا‬ ‫ح��ول لحظة فرح مس��روقة كم��ا تحلقوا م��راراً حول‬ ‫لحظات الخوف والرعب من الرصاصة والقذيفة‪.‬‬ ‫"م��ا ح��دا بيموت من الج��وع" هكذا يق��ول المثل‬ ‫الش��عبي‪ ..‬ولكن يحدث أن يفتك الجوع بما تبقى من‬ ‫الروح المنهكة‪ ،‬فالجوع ال دين له‪ ،‬الجوع كافر!‪.‬‬

‫�سيناريو القفز على حواجز احل�صار‬ ‫والعبور بني الأ�سالك ال�شائكة‪:‬‬ ‫الحواج��ز تعي��ق الحي��اة وتحولنا إلى س��جناء في‬ ‫زنزان��ة كبي��رة‪ ،‬أحلم ب��أن يكون لي أجنح��ة حقيقية‬ ‫ألطي��ر وال أري��د أن أبتع��د ك ًثي��راً‪ .‬يكفين��ي أن أزور‬ ‫جدتي في الميادين وأشم رائحة قهوتها‪ .‬بيني وبينها‬ ‫بضعة مئ��ات من الكيلومترات جعلته��ا الحواجز آالفًا‪.‬‬ ‫هذا ما قالته لي صبية حلبية تشتاق جدتها في شرق‬ ‫سورية!‪.‬‬ ‫ف��ي مدينة مقطع��ة األوصال واألط��راف تصبح‬ ‫األش��ياء البديهي��ة ش��به مس��تحيلة‪ ،‬كأن يتمش��ى‬ ‫اإلنس��ان في الشارع وال تالحقه القذيفة وال البراميل‬ ‫المتفجرة‪ .‬ال قمر يس��هر معه الس��وريين بعد اليوم‪،‬‬ ‫التلص��ص على القمر ه��ي محاولة انتح��ار صريحة‪،‬‬ ‫فال ضوء يضيء ش��رفات السوريين اليوم غير أضواء‬ ‫القناص الباحثة عن الضحية القادمة‪.‬‬ ‫يودع الس��وريون بعضهم قبل الخ��روج وكأنهم‬ ‫لن يعودوا‪ .‬كل كلمة قد تكون آخر كلمة وكل قبلة قد‬ ‫تكون قبلة الوداع األخيرة‪.‬‬ ‫قب��ل أن يغادر الرج��ل منزله‪ ،‬تح ّلف��ه زوجته أن‬


‫�سيناريو املوت‪:‬‬

‫محمد فواز غرة (أبو هشام الزملكاني)‬ ‫محمد فواز غرة‪ ،‬أبو هش��ام الزملكاني‪ ،‬ش��اب س��وري ناش��ط في مجال اإلغاثة والعمل اإلعالمي‪ ،‬مدير المكتب‬ ‫اإلغاث��ي في مدينة زملكا‪ ،‬ومن الش��اب الثائر منذ بداية الثورة‪ ،‬أصيب بتفجي��ر زملكا ‪ 2012 / 6 / 30‬وتعافى بعدها‬ ‫ليتابع العمل اإلغاثي‪ ..‬انتدب إلى تركيا ممثل عن المكتب اإلغاثي الموحد‪ ،‬وعاد ليتابع العمل في مجال اإلغاثة‪..‬‬ ‫استشهد أثناء عودته إلى الغوطة بكمين غادر لقوات النظام بتاريخ ‪ 13‬أيلول ‪ ،2013‬واستشهد والده قبل شهر‪..‬‬

‫�أمي‬

‫�إخوتي‬

‫سيأخذهم الوقت للتصديق‪..‬‬ ‫سيمر شريط يحمل صوتي وصوري أمامهم‪..‬‬ ‫ممزوج بصدمة‪..‬‬ ‫وصعوبة في االستيعاب‪..‬‬ ‫سيتذكرون ضحكتي‪..‬‬ ‫سيسمعون في لحظات هدوء المكان صوتي‪..‬‬ ‫سيرون وجهي في كل أرجاء البيت‪..‬‬ ‫سيحتفضون بأشيائي‪..‬‬ ‫ويتمنون أن أعود ولو لـ لحظات‪..‬‬ ‫لن ينسوني بسهولة‪..‬‬ ‫سأتربع ذاكرتهم‪..‬‬ ‫سيبكون لفقدان أخيهم‬ ‫سيبكون بألم‪ ..‬وسيكون بكاء رحمة‪..‬‬ ‫وعلي يترحمون ‪..‬‬

‫�صديقي‬

‫وال أعلم كيف سيكون استقباله للخبر‪..‬‬ ‫كيف سيعلمونه بأنه فقد رفيق العمر‪..‬‬ ‫حين يعلم‪..‬‬ ‫ويدرك بأني انتهيت‪..‬‬ ‫ورحلت معي ضحكاتنا‪..‬‬ ‫مواقفنا‪..‬‬ ‫طيشنا ولقاءاتنا‪..‬‬ ‫سيتذكرني بحرقة‪..‬‬

‫�شخ�ص ما‬

‫أحبني ذات يوم وافترقنا‪..‬‬ ‫لم يسمع أخباري منذ مدة‪..‬‬ ‫إلى أن‪..‬‬ ‫يأتيه خبر فراقي األبدي‪..‬‬ ‫لن يصدق الخبر‪..‬‬ ‫سيضحك لما يقولونه‪..‬‬ ‫وبثقة سيأخذ هاتفه ويتصل‪..‬‬ ‫سيجد كل الطرق مقفلة‪..‬‬ ‫وسيحاول ويحاول ولن يمل‪..‬‬ ‫ستنطفئ ضحكته حينها‪..‬‬ ‫سيحاول أن يحكي لنفسه عني‪..‬‬ ‫وعبثا أن يجد الجمل‪..‬‬ ‫سيشتاق لصوتي‪..‬‬ ‫سيتمنى أن يراني بعد موتي‪..‬‬ ‫سيعود ليقرأ رسائلي‪..‬‬ ‫سيتذكر لمسته ألناملي‪..‬‬ ‫سيذهب ويزور أماكن فيها التقينا‪..‬‬ ‫وستقول للمكان (هـــو) مات‪..‬‬ ‫وسيبكي‪ ..‬وسيفقد في الحياة األمل‪..‬‬ ‫ويبقى حزنه لوقت معلوم‪..‬‬ ‫وينسى ما حصل ‪..‬‬

‫هذا املكان‬

‫حيث التقيت األصدقاء واألحبة‪..‬‬ ‫حيث كتبت حزني والفرح‪..‬‬ ‫سيظل لوجودي خالياً‪..‬‬ ‫البعض لي سيشتاق‪..‬‬ ‫واآلخر لن يحركه الفراق‪..‬‬ ‫ستظل صورتي كما هي ولن تتغير‪..‬‬ ‫سيبقى اسمي ساكنًا لن يتغير‪..‬‬ ‫لن أكتب بعد‪..‬‬ ‫وإن كتبوا لي لن أرد‪..‬‬ ‫وكأنه عالم خالي من البشر‪..‬‬ ‫فهذه المرة سيكون بال عودة السفر‪..‬‬ ‫أحبتي ‪ ..‬قد كثر الموت فجأة‪..‬‬ ‫فـ عذراً أن قصرت ‪..‬‬ ‫وسماحًا أن في حقكم أخطأت‪..‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬

‫لن تصدق نبأ وفاتي‪..‬‬ ‫ستكذبهم مرة وأخرى‪..‬‬ ‫ستنعتهم بالكاذبين وتحاول إسكاتهم‪..‬‬ ‫وكأن ابنها يستحيل موته‪..‬‬ ‫مرة ومرة‪..‬‬ ‫إلى أن تصدق‪..‬‬ ‫وحينها‬ ‫ستصرخ في وجه القدر‪..‬‬ ‫سيظل دمعها لوقت طويل ينهمر‪..‬‬ ‫ستفتقدني‪..‬‬ ‫وفي نومها لن ترتاح وهي تتذكرني‪..‬‬ ‫رغم هروبها من أشيائي وصوري‪..‬‬ ‫من ثيابي وعطري‪..‬‬ ‫إال أن الحزن سيظل يسكن قلبها‪..‬‬ ‫وكأن موتي أفقدها كل البشر‪..‬‬ ‫ستتألم كلما سمعت اسمًا يشبه اسمي‪..‬‬ ‫كلما دخلت غرفتي ولم تجدني‪..‬‬ ‫ترى سريري خاليًا‪..‬‬ ‫وتبكي حين تتذكر بأني أنام في قبر‪..‬‬ ‫لن أكمل‪..‬‬ ‫فـ فاجعتها أكبر من أصفها بكلمات‪..‬‬ ‫أو قلم وحبر‬

‫سيتذكر آخر مكالمة بيننا‪..‬‬ ‫وآخر ضحكة عشناها معًا‪..‬‬ ‫سيذكر سراً قد أخبرته به‪..‬‬ ‫وسيتذكر سهرتنا ذات ليلة‪..‬‬ ‫سيخرج كل الصور‪..‬‬ ‫سيبكي لفقداني‪..‬‬ ‫سيلوم نفسه ألنه قد مر وقت ولم يرني‪..‬‬ ‫وكأنه ينكر وجود القدر‪..‬‬ ‫صديقي سيفتقدني‪،‬‬ ‫نعم ستفتقدني كثيراً ‪..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ال ش��يء يش��به م��وت الصغار وال ش��يء‬ ‫يش��به وجع والديهم‪ ..‬وجع تخور أمامه قسوة‬ ‫األب��اء وتتفتت قل��وب األمهات الهش��ة كقطع‬ ‫السكر‪..‬‬ ‫"قوم بابا قوم"‪ ..‬أب س��وري يمس��ك ابنه‬ ‫المختنق بغاز الس��ارين وكأنه يغط في سبات‬ ‫عميق‪ ..‬ال أثر للدماء عليه وال ثقوب في جسده‬ ‫وال ج��روح‪" ..‬قوم بابا ق��وم" يعيد األب الجملة‬ ‫مرات ومرات‪ ،‬غير مصدّق أن الموت قد يشبه‬ ‫النوم لهذا الحد‪ ..‬عندما ال يس��تفيق الصغير‪،‬‬ ‫يهده��ده أبوه بي��ن ذراعيه ويغطي��ه بالكفن‬ ‫األبيض‪ ..‬يفس��ح له مكان في القبر الجماعي‬ ‫ليغف��و قرب أخوته الممددي��ن هناك جنباً إلى‬ ‫جنب كما اعت��ادوا أن يناموا جنبًا إلى جنب في‬ ‫أس��رتهم الليلي��ة‪ ..‬حفن��ة من الت��راب تحجب‬ ‫وجوهه��م وصوت بعي��د ألبيهم يق��ول لهم‪:‬‬ ‫تصبحون على حرية يا صغاري‪.‬‬ ‫"ي��ا ب��ي قوم��ي ي��ا ب��ي‪ ..‬دورك الي��وم‬ ‫بالعش��اء"‪ ..‬يهمس األب جملت��ه في أذن ابنته‬ ‫الصغيرة‪ ،‬وهي ال تس��مع وال ترى وال تنطق‪..‬‬ ‫ص��ارت ش��هيدة بعم��ر الخم��س س��نين‪ .‬في‬ ‫س��ورية فقط يدخل الصغار السجن والمقبرة‬ ‫قبل أن يدخلوا المدرسة‪.‬‬ ‫س��يكتبون على القبر هنا ترقد الشهيدة‬ ‫الصغي��رة ذات الخم��س س��نين‪ ،‬ولكنه��م‬ ‫سينسون أن يكتبوا أنها ماتت ومعدتها خاوية‪.‬‬ ‫"ي��ا بي دخي��ل ريحتك يا حبيب��ي‪ .." ..‬أب‬ ‫س��وري يحتضن ابنه الصغير‪ ،‬الناجي الوحيد‬ ‫من المجزرة‪ ..‬العائد الوحيد من الجحيم‪.‬‬ ‫"أنا عايش��ة‪ ..‬أناعايش��ة" طفلة س��ورية‬ ‫صغيرة تش��بك يديه��ا فوق رأس��ها وتتلمس‬ ‫وجهها ويديها‪ ،‬وهي غير مصدقة أنها تتنفس‬ ‫بعد أن كانت على حافة الموت‪.‬‬ ‫سيذكر التاريخ أن السوريون ماتوا كثيراً‬ ‫وطوي ً‬ ‫ال ليبلغوا حريتهم المنش��ودة‪ ،‬س��يذكر‬ ‫التاريخ أن أس��باب موتهم تعددت ولكنها كلها‬ ‫كان��ت أليمة‪ .‬مئ��ة ألف ش��هيد س��وري وأكثر‬ ‫ف��ي قوائم الجمعي��ات اإلنس��انية والمنظمات‬ ‫الدولية‪ ،‬تلك اإلحصائيات ال تشمل السوريين‬ ‫الذي��ن يموتون من القهر واالنتظار واألس��ى‪،‬‬ ‫وال تحصي مرضى الي��أس والبعد والحزن‪ .‬أن‬ ‫أضفن��ا تلك الحاالت الخاصة لقوائم الش��هداء‬ ‫فسنكتشف أن سورية نصفها شهداء‪.‬‬ ‫متى سيتوقف قطار الموت السوري‪ ،‬هل‬ ‫من محطة يغادر فيها الس��وريون هذا القطار‬ ‫إلى غي��ر رجعة‪ ،‬مت��ى س��يكون بإمكانهم أن‬ ‫يبن��وا وطنًا فس��يحاً كريمًا يش��بههم ويتس��ع‬ ‫لقلوبهم وأحالمهم؟‬ ‫س��ؤال برس��م المس��تقبل والحري��ة‬ ‫المنشودة‪.‬‬

‫حني �أموت ويحت�ضنني الرتاب‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫يعده��ا بالبق��اء حياً‪ ..‬يحلف أنه س��يحاول وأن‬ ‫"عمر الش��قي باقي" ولكنهما ي��دركان معاً أن‬ ‫الموت ال يمنح فرصة للهروب وال لالنس��حاب‪..‬‬ ‫يطمئنه��ا علي��ه برس��ائل الكتروني��ة قصيرة‬ ‫وينهيه��ا دائمًا بما زل��ت حياً وأحب��ك‪ ..‬تأخرت‬ ‫رس��الته في الم��رة األخيرة‪ ،‬حاول��ت أن ترمي‬ ‫السبب على االتصاالت وبطارية الهاتف النقال‬ ‫الفارغة‪ ،‬ولكنه تأخر كثيراً‪.‬‬ ‫ي��وم‪ ..‬يوم��ان‪ ..‬ش��هر‪ ..‬ش��هران‪ ..‬رن‬ ‫هاتفها أخي��راً بعد طول انقطاع‪ ،‬على الطرف‬ ‫األخر س��معت صوتاً يخبرها أن تأتي لتس��تلم‬ ‫جث��ة زوجه��ا فقد ف��ارق الحياة ف��ي المعتقل‬ ‫إثر صدم��ة قلبية‪ ،‬عب��ارة تعني ببس��اطة أن‬ ‫قلبه هزمته س��ياط الجالد في أقبية التعذيب‬ ‫السورية!‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫الإعفــــاء مـــن �شــــرط املــــدة‬ ‫فـي املر�سوم ‪ 49‬لعام ‪2011‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫لن يس��تطع رأس النظام الحفاظ على السلطة‪،‬‬ ‫ول��ن ينج��و من الس��قوط‪ ،‬لقد أش��رف بنفس��ه على‬ ‫وضع خريطة س��قوطه‪ .‬لكنه نجح‪ ،‬وربما بمس��اعدة‬ ‫حلفائ��ه‪ ،‬على تأس��يس حالة من الخ��راب والفوضى‬ ‫لسورية المس��تقبل تتطلب جهوداً استثنائية من كل‬ ‫الس��وريين‪ ،‬وقد تكون عملية العبث الديمغرافي في‬ ‫سوريا آخر جرائم النظام‪.‬‬ ‫ف��ي األصل تنص الم��ادة الرابعة من المرس��وم‬ ‫التش��ريعي رق��م ‪ 276‬للع��ام ‪ ،1969‬عل��ى ش��روط‬ ‫التجنس وهي‪:‬‬ ‫أ ـ كامل األهلية‪.‬‬ ‫ب ـ مقيم��اً في القط��ر إقامة متتالية مدة خمس‬ ‫س��نوات على األق��ل س��ابقة لتقديم الطل��ب وتعتبر‬ ‫اإلقام��ة المتقطع��ة متتالية إذا لم تتج��اوز مدة غياب‬ ‫صاحبه��ا س��نة كامل��ة تض��اف زي��ادة عل��ى الخمس‬ ‫سنوات‪.‬‬ ‫ج ـ خالياً من األمراض السارية والعاهات والعلل‬ ‫التي تمنعه من مزاولة أي عمل‪.‬‬ ‫د ـ حس��ن الس��لوك محمود الس��معة ولم يسبق‬ ‫الحك��م علي��ه بعقوب��ة جنائي��ة أب��و بعقوب��ة مقيدة‬ ‫للحرية في جريمة شائنة إال إذا أرد إليه اعتباره‪.‬‬ ‫هـ ـ ذا اختصاص أو خبرة يمكن االس��تفادة منها‬ ‫في القطر أو أن تكون له وس��يلة مشروعة للكسب أو‬ ‫يملك ما يغنيه مساعدة الغير‪.‬‬ ‫وـ ملماً باللغة العربية قراءة وكتابة‪.‬‬ ‫تاريخي��اً عانى األكراد المحرومون من الجنس��ية‬ ‫السورية الكثير من المصاعب من أهمها‪ ،‬الحرمان من‬ ‫حق تثبيت وقائع الزواج والوالدات في سجالت الدولة‪،‬‬ ‫وحرمانهم من حق حيازة جواز الس��فر‪ ،‬وبالتالي عدم‬ ‫تمكنه��م م��ن االنتق��ال إلى خ��ارج الب�لاد‪ ،‬والحرمان‬ ‫م��ن حق العمل لدى دوائر ومؤسس��ات الدولة‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى حرمانهم من حق االس��تفادة م��ن القروض التي‬ ‫تمنحه��ا البنوك بش��كل عام‪ ،‬والحرم��ان من الحقوق‬ ‫المدنية ومنها حق الترشيح والتصويت‪.‬‬ ‫وقد ذكرت منظمة حقوقية كردية في س��ورية؛‬ ‫أن الس��لطات في محافظة الحس��كة تمتن��ع عن منح‬ ‫أبن��اء المجردي��ن م��ن الجنس��ية بيان��ات والدة بحجة‬ ‫تعليم��ات بذل��ك‪ ،‬كم��ا ال يُس��مح له��ؤالء المجردين‬ ‫من الجنس��ية بالحصول على ش��هادات قيادة س��يارة‬ ‫عمومي تسمح لهم بتأمين مصدر رزق‪.‬‬ ‫وقالت منظمة حقوق اإلنس��ان في سوريا " ماف‬ ‫" ف��ي بيان له��ا‪“ :‬تظهر بي��ن الفينة واألخ��رى معالم‬ ‫جدي��دة‪ ،‬ومظاهر س��يئة أخرى في تعامل الس��لطات‬ ‫مع األك��راد المجردين من الجنس��ية "‪ ،‬وم��ن تجليات‬ ‫ذل��ك أن دوائ��ر الس��جل المدني تمتنع ع��ن تزويد أي‬ ‫م��ن هؤالء حت��ى البطاق��ة الحمراء‪ ،‬الت��ي تمنح لهذه‬ ‫الفئ��ة دون وجود موافقات أمنية مس��بقة‪ ،‬وحتى في‬ ‫حال الحصول عليها فه��ي تتحجج وعلى الدوام بعدم‬ ‫توفر ه��ذه البطاقات‪ ،‬وما على أصحابه��ا إال االنتظار‬ ‫والمراجع��ات المتك��ررة والتع��رض لالبت��زاز وطل��ب‬ ‫الرشى”‪.‬‬ ‫وأشارت المنظمة إلى أن "هذه الموافقات األمنية‬ ‫ل��م تعد تقتصر على طلب البطاقة‪ ،‬بل تجاوزتها إلى‬

‫كل وثيقة قد يود هؤالء الحصول عليها"‪ ،‬مشيرة إلى‬ ‫أن "دوائ��ر الس��جل المدني تمتنع ف��ي اآلونة األخيرة‬ ‫ع��ن منح بيانات والدة ألطف��ال األجانب لتقديمها إلى‬ ‫الجهات المعنية بحجة وجود تعليمات وتعاميم تحجب‬ ‫عنهم حق الحصول عليها"‪.‬‬ ‫وإضافة إلى ذل��ك‪ ،‬تقوم الجهات المختصة بمنح‬ ‫إجازات الس��وق (بحجب) ح��ق الحصول عل��ى إجازات‬ ‫س��وق عمومية ألجانب محافظة الحسكة بحجة وجود‬ ‫تعاميم وقرارات بذلك‪ ،‬على الرغم أن المئات من أبناء‬ ‫هذه الفئة يحملون ومنذ سنوات وعقود إجازات سوق‬ ‫خاصة وهم يسعون إلى استبدلها بشهادات عمومية ‪/‬‬ ‫ركاب‪ ،‬للسعي نحو لقمة عيشهم ولكن دون جدوى"‪.‬‬ ‫ورأت المنظمة أن "كل ذلك يعد تعدياً على حقوق‬ ‫المواطن وانتهاكاً لحرياته وحقه في العمل والحصول‬ ‫على وثائق نظامية لتس��يير شؤونه اليومية"‪ ،‬مؤكدة‬ ‫أن "هذا الس��لوك مناف للعه��ود والمواثي��ق الدولية‪،‬‬ ‫وللدس��تور الس��وري‪ ،‬وللعديد من اجته��ادات محكمة‬ ‫النقض الس��ورية‪ ،‬التي نصت على ض��رورة التعامل‬ ‫مع أجانب محافظة الحسكة كمواطنين فيما يحتاجون‬ ‫إلي��ه ف��ي معامالته��م المدني��ة‪ ،‬ألنه��م ف��ي األصل‬ ‫س��وريون لم يرد لهم ذكر في إحصاء ‪ .1962″‬ودعت‬ ‫"الجه��ات المعني��ة إل��ى التعمي��م عل��ى الجه��ات ذات‬ ‫الصلة بضرورة عدم التضيي��ق على هؤالء وضرورة‬ ‫منحه��م الوثائ��ق الضروري��ة‬ ‫الت��ي تكف��ل له��م كرامته��م‬ ‫وتحفظ له��م حقوقهم ريثما‬ ‫تحل مأساتهم‪ ،‬كما وعد بذلك‬ ‫الس��يد رئي��س الجمهوري��ة‬ ‫وفي أكثر من مناس��بة منوها‬ ‫أن المس��ألة تتعل��ق بالوق��ت‬ ‫وببعض األمور الفنية"‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 2011‬عمل النظام‬ ‫على كسب ود األكراد بإصدار‬ ‫رأس النظ��ام مرس��وماً يتي��ح‬ ‫لعش��رات اآلالف م��ن األك��راد‬ ‫المحرومي��ن م��ن الجنس��ية‬ ‫الس��ورية بأن ينالوها‪ ،‬بهدف‬ ‫تحييده��م وإبعاده��م ع��ن‬ ‫حركة االحتجاجات‪.‬‬ ‫وفيما يلي نص المرسوم‬ ‫التشريعي‪..‬‬ ‫المرسوم التشريعي رقم‬ ‫(‪)49‬‬ ‫رئيس الجمهورية‬ ‫بناء على أحكام الدستور‬ ‫يرسم مايلي‪..‬‬ ‫المادة ‪ :1‬يمنح المسجلون‬ ‫في س��جالت أجانب الحس��كة‬ ‫الجنسية العربية السورية‪.‬‬ ‫الم��ادة ‪ :2‬يص��در وزي��ر‬ ‫الداخلية الق��رارات المتضمنة‬ ‫للتعليم��ات التنفيذي��ة له��ذا‬ ‫المرسوم‪.‬‬

‫الم��ادة ‪ :3‬يعتبر هذا المرس��وم ناف��ذاً من تاريخ‬ ‫نشره في الجريدة الرسمية‬ ‫ومن��ذ أي��ام أقر مجلس ال��وزراء مش��روع قانون‬ ‫بإعف��اء م��ن منح الجنس��ية العربي��ة الس��ورية وفقًا‬ ‫ألح��كام المرس��وم التش��ريعي رقم ‪ 49‬لع��ام ‪2011‬‬ ‫الخاص بمنح الجنسية لألكراد‪ ،‬من شرط المدة لجهة‬ ‫مرور خمس س��نوات على اكتس��اب الجنسية كأساس‬ ‫الكتس��اب الحقوق‪ ،‬أو تحم��ل االلتزامات‪ ،‬وذلك حيثما‬ ‫تقتضي القوانين النافذة اشتراط هذه المدة‪.‬‬ ‫وهن��ا تكمن الخط��ورة إذ أن النظام أن كان فع ً‬ ‫ال‬ ‫مع الحق المسلوب لألكراد كان عليه منحهم الجنسية‬ ‫دون قي��د أو ش��رط كونهم س��وريين‪ ،‬ت��م حرمانهم‬ ‫م��ن الجنس��ية طيلة عقود م��ن حكم البع��ث‪ ،‬وليس‬ ‫داع ليخضعوا للش��روط المتوج��ب على األجنبي‬ ‫م��ن ٍ‬ ‫إتمامها للحصول على الجنسية السورية‪ ،‬أما التعديل‬ ‫األخير فالهدف من��ه تجنيس اآلالف من أتباع الطائفة‬ ‫الش��يعية من إي��ران والع��راق ولبنان‪ ،‬تجهي��زاً لثورة‬ ‫مض��ادة أو تخريب ما بعد س��قوط النظام‪ ،‬وال يخفى‬ ‫عل��ى أحد أن جمي��ع الوثائق المتعلق��ة بميالد األكراد‬ ‫تص��در عن المراكز األمني��ة أو بموافقتها‪ ،‬لذلك عمد‬ ‫النظام إلى تعديل المرس��وم ‪ 49‬ليش��رعن التجنيس‬ ‫للمرتزقة الذين استقدمهم من الخارج‪.‬‬

‫غرافيتي على أحد جدران حي بستان القصر | حلب‬


‫دندنات اندساسية ‪. .‬‬

‫ريم الغزي‪‎‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬

‫بينما الناس عم تموت‪ ..‬عم ّ‬ ‫فكر إضربني بعرض الحائط واشطف مخي من صوت الميغ‪..‬‬ ‫وخياالت صور اللي عم يحضنو فضائلها بهاللحظة‪ ..‬وأعمل فنجان قهوة تحت النارنجة‪..‬‬ ‫فرفط بلح وقلبي‪ ..‬وما عد الناس اللي عم تموت وال تابع االخبار اللي عم تموت‪..‬‬ ‫بينما الناس عم تموت‪..‬‬ ‫عم ّ‬ ‫فكر اتجرأ طفي قلبي بقنينة مس��قعة من ش��وب األفكار العظيمة والنبيلة والمعاناة واإلبداع والس��فالة والبطولة‬ ‫واإلنحياز والمثالية والعواطف والمنطق‪ ..‬بينما الناس عم تموت‪..‬‬ ‫فكر آخد آخر شمس من هالخريف‪ ..‬عم ّ‬ ‫عم ّ‬ ‫فكر‪ ..‬اني اذهب عميقاً في الفكرة لدرجة اني ارتكب مثال جريمة‪« :‬المسبح»‬ ‫أو البحر أو حتى دوش بارد‪..‬‬ ‫قلبي والع نار يا أموات‪ ..‬عم تسمعو شي؟؟؟ عم تزعلو؟؟؟ بتحسو هنيك؟؟‪..‬‬ ‫إذا إي معناها انتو اكيد احسن منا‪ ..‬هههههههه‪ ..‬شكلكن في جميع األحوال أحسن منا‪..‬‬ ‫بينما الناس عم تموت‪..‬‬ ‫عم ّ‬ ‫فكر‪ ..‬كيف ممكن «عيش» اللي راح منهن‪ ..‬أسرقو‪ ،‬خبيه وبس أوصل لعندهن بخبرهن اني ما تركت ال حقي وال‬ ‫حقهم وإني عشت وعشت وعشت وعشت كل شي كل شي كل شي كل شي‪..‬‬ ‫وإذا ما لقيتهن‪ ..‬وال كنت بحكي بوقتها‪ ..‬بكون ع األقل فكرت بينما الناس عم تموت‪..‬‬ ‫بلكي بس موت‪ ..‬حدا عايش يقول لحالو من حسرتو على حصتي إنو الزم يركض يخطفها‪..‬‬ ‫من عيون حجاري الساكتة‪ ..‬ويخليها تحكي‪ ..‬تحاكيه‪..‬‬ ‫ويبحتوا سوا بينما أنا والناس متنا‬ ‫بيكون في شي حدا كمان جرب يفكر يمسك هالموت ويتركه يدوب منو تحت الشمس‪..‬‬ ‫وبكرة بالشتوية يحرقو مع شو بيطلع من خاطر الناس حطب ليتدفا أو بيخفقوا مع المي وملح اللي ح يتخيلهن شوربة‬ ‫ويفت فيهن خبز وجريمة فكرة عن بخار شي طبخة من إيدين «وفاء» مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو «لنا»‪.‬‬ ‫بينما الناس عم تموت عم فكر اغرق بالمي الزرقا‪ ..‬بلكي اتعلم اتحمل ش��وف خزانة ربيع فاضية‪ ..‬اتحمل ش��وف إني‬ ‫وزعتهن‪ ..‬اتحمل أصدف حدا البس أحلى قمصان هالـ «يوسف» وما يعمى نضري‪..‬‬ ‫بينما الناس عم تموت ع بالي عيش معهن‪..‬‬ ‫ع بالي إلعن أبوك يا أبي ألنك جبتلي أخ صغير‪..‬‬ ‫ع بالي إلعن أبوك يا وطن زرعت فيني كل عقد الدنيا اللي مخليتني حس اني ما كنت معو إلنقذو‪..‬‬ ‫ع بالي شو ع بالي‪ ..‬ما ع بالي شي ع فكرة وكلو أكل خرى‪..‬‬ ‫بينما الناس عم تموت‪..‬‬ ‫ع بالي كون أنا‪ ..‬مو انتو وال هنن وال أي صورة ع بالكن تشوفوها عني‪ ..‬عمّي أنا زبالة‪ ..‬حدا أخو مراقي شي؟؟‪..‬‬ ‫بينما الناس عم تموت‪ ..‬بحب افقع ضحكتي الرقيعة‪ ..‬وقول‪ ..‬الحمد اهلل اللي زاد معي كمان يوم حتى ما روح لعندهن‬ ‫وخلقتي مقلوبة (بلحمة)‪ ..‬بينما الناس عم تموت‪..‬‬ ‫رح ارتكب كل الجرائم الوطنية اللي ما عملتها سنتين ونص واهديهن للوطنيين بتوع األضاحي‪..‬‬ ‫بينما الناس عم تموت‪..‬‬ ‫الزم بطل فكر إنو الناس عم تموت وبس‪..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪15‬‬ ‫دم����ش����ق م�����ن ع����دس����ة ش������اب م��ه��اج��ري��ن��ي‬


‫اندساسية‪....‬‬ ‫ذاكرة العتمة‬ ‫دندنات‬ ‫من‬

‫تاريــخ مــن ال تاريـخ لهـم‬ ‫يوميــات �ســجني‬

‫أحمد سويدان‬ ‫‪1994 - 1991‬‬

‫�آذار ‪1991‬‬ ‫اليوم الأول ‪3 / 1‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫م��ن جراء ما ح��دث في الع��راق أش��عر باإلحباط‪،‬‬ ‫والي��أس‪ ،‬والضي��اع‪ ،‬واللوع��ة‪ ،‬ال ألن نظ��ام ص��دام‬ ‫كان يؤم��ل منه األم��ر الجلل‪ ،‬ب��ل ألن الح��كام العرب‬ ‫بحماقته��م‪ ،‬وس��لبطتهم يدمرون األوطان في س��بيل‬ ‫أن يس��تمروا في الحكم والهيمنة‪ ..‬آس��ف ألن مواجهة‬ ‫الهيمنة األمريكي��ة‪ ،‬واإلس��رائيلية‪ ،‬ومواجهة األطماع‬ ‫الغربي��ة تريد حكام��ًا غير هؤالء‪ ،‬يؤمنون بش��عوبهم‬ ‫وأرضهم وإنسانيتهم‪.‬‬ ‫كيف يحتمل اإلنس��ان هؤالء الش��امتين بالعراق؟‬ ‫العال��م الغرب��ي يغ��ار عل��ى الكوي��ت!! وال يغ��ار على‬ ‫فلس��طين‪ ،‬يغارون على شرعة األمم المتحدة الغائبة‪،‬‬ ‫والنائمة في أرض فلسطين‪ ،‬وفي خيامهم‪.‬‬ ‫ال ش��ك أن صدام حس��ين أحمق فه��و كحاكم لم‬ ‫يكن للش��عب رأي فيه‪ .‬كل عمل انقالبي وراءه الدوائر‬ ‫الغربي��ة‪ ،‬أو األمريكية في هذه المنطقة‪ ،‬ما هو الس��ر‬ ‫ف��ي عناده ورفضه االنس��حاب من الكوي��ت؟ وأن يدفع‬ ‫الع��راق والع��رب ه��ذا الثمن الباه��ظ والمفج��ع على‬ ‫المستويين المعنوي والمادي‪ .‬ربما تعادل هذه الفاجعة‬ ‫فاجعة س��قوط بغداد على يد هوالكو عام ‪1258‬م‪ .‬أن‬ ‫صدام حس��ين وغي��ره ال يراهن عليه��م‪ ،‬وال يمكن أن‬ ‫يعملوا لصالح المش��روع العربي ومواجهة االس��تعمار‪.‬‬ ‫دارت ف��ي المهجع الكثي��ر من المالس��نات والمعاتبات‪،‬‬ ‫وق��د أنّبت من يحاول تأجيج ن��ار الخالفات‪ ..‬الواقع أننا‬ ‫مللن��ا من الس��جن‪ ،‬وفقدنا جزءاً كبيراً من إنس��انيتنا‪،‬‬ ‫وربما كنا نحلم بس��قوط أنظمة بفع��ل حرب العراق‪،‬‬ ‫ولكن هيهات لألحالم وهيهات للحالمين!!‬

‫اليوم الثاين ‪3 / 2‬‬

‫كل ي��وم يم��ر ينكش��ف ه��ول الدم��ار والب��ؤس‬ ‫والمصير االستسالمي الذي يحيق بالعراق‪ ،‬ونكشف أن‬ ‫صدام حسين ارتكب أكبر حماقة في التاريخ‪ ،‬وسيرتكب‬ ‫مستقب ًال ما يجعل بغداد تحت الخطر والتمزق‪.‬‬ ‫أن خوض المعركة ضد اإلمبريالية واالستعمار‬ ‫لها شروط ومقدمات‪ ،‬ومثل هذه الشروط ال يملكها‬ ‫أي حاكم عربي وصدام حسين منهم‪ ،‬لقد ملك عبد‬ ‫الناص��ر بعضاً من هذه الش��روط ولكنه لم يمتلكها‬ ‫كاملة ولذا دفع ثمنها في ‪ 5‬حزيران ‪.1967‬‬ ‫حاكم العراق كمثل الحكومات العربية آخر من‬ ‫يحس��ب حس��اباً لش��عبه‪ .‬رأيه هو رأى اهلل وإرادته‬ ‫ه��ي إرادة اهلل‪ .‬يعتم��د اعتم��اداً كلي��ًا عل��ى الجهاز‬ ‫األمن��ي وال يثق ال ب��اهلل وال بالش��عب‪ ،‬وهو يتقلب‬ ‫بمواقف��ه مث��ل تقل��ب األفع��ى‪ ،‬ويتخ��ذ التصفيات‬ ‫الجس��دية مب��دأً لتصفي��ة المعارض��ة والترهي��ب‬ ‫والتخوي��ف‪ ،‬أن تحرير الوطن العرب��ي من الرجعية‬ ‫والصهيونية واإلمبريالية لها ش��روط‪ .‬لقد تبين أن‬ ‫نظامَ��يْ الحك��م في كل من س��ورية والعراق هما‬ ‫نظامين غير ش��عبيين‪ ،‬فنظام الح��زب الواحد صار‬ ‫مرفوضاً في كل العال��م؛ ألنه تبين أنه يعتمد على‬ ‫الجيش والجهاز األمني والمخابرات‪ .‬يجب أن يتحول‬ ‫الموضوع إلى أن يكون أمر الحكم والس��لطة في يد‬ ‫األحزاب والجماهير‪ ،‬وأن يخضع الجميع للمحاس��بة‪.‬‬ ‫أن ص��دام حس��ين أيام انقالبه عل��ى حزبه لم يكن‬

‫في عالقاته بعيداً عن الشاه وأمريكا‪ .‬ما هو مبرر حربه‬ ‫مع إيران ثماني س��نوات بمساعدة التكنولوجيا الغربية‬ ‫واألمريكية وبدعم األموال الخليجية والسعودية؟‬

‫اليوم الثالث ‪3 / 3‬‬

‫جاءت زي��ارة األخوين اس��تانبولي‪ ،‬وهما من بلدة‬ ‫الس��لمية أحدهم��ا أس��تاذ عل��وم‪ ،‬واآلخ��ر في الس��نة‬ ‫النهائية للطب البش��ري‪ .‬األول اعتقل بعد زواجه بستة‬ ‫أش��هر‪ ،‬وترك وراءه زوج��ة حام ًال وقد ول��دت فيما بعد‬ ‫ابنته "نارا" واآلن في الصف الثاني‪ .‬أما اآلخر إسماعيل‪،‬‬ ‫فق��د كان خاطب��اً‪ ،‬وقد تخل��ت عنه بعد مض��ي عامين‬ ‫ونص��ف على اعتقاله‪ .‬في إحدى المرات رافقتهما للقاء‬ ‫زوارهم��ا‪ ،‬ول��م يكن باس��تطاعتي التماس��ك وأنا أرى‬ ‫أمهم��ا العجوز تمس��ك بالقضبان الحديدي��ة‪ ،‬وال تريد‬ ‫مفارقتها‪ .‬لقد دمعت عين��اي وتهدج صوتي تأثراً لهذه‬ ‫األم ش��به الثكل��ى‪ .‬كانت تنظ��ر وتتملى ف��ي وجههما‬ ‫كأنها تشعر بأنها لن تراهما ثانية‪.‬‬ ‫روى ل��ي خري��ج الجامعة في العل��وم الرفيق عبد‬ ‫القادر‪ :‬الوالدة تتعكز وتس��تند على ابنت��ي حيناً وحينًا‬ ‫على عكازها‪ .‬الزوجة موظفة في حلب حيث كان زوجها‬ ‫تابعًا لمديرية التربية وهي في الس��نة الثانية هندسة‬ ‫مدنية‪ ،‬وهناك ش��قيق لعبد رهن نفس��ه لحساب بيت‬ ‫عب��د الق��ادر‪ ،‬اس��مه كريم‪ .‬الوال��د العج��وز يعمل في‬ ‫الس��لمية بائع خضروات‪ ..‬جاه��د كي يعلم أوالده خوفًا‬ ‫من الفق��ر والع��وز فاختطفهما الس��جن وأصبحا عالة‬ ‫علي��ه‪ ..‬لهم��ا أخ��ت تعمل بالرق��ة وهي تتبرع بقس��م‬ ‫رئيسي من راتبها إليهما وقد رفضت الزواج ماداما في‬ ‫الس��جن‪ ،‬أس��رّ لي األخ الطبيب مرة‪ - :‬ماذا أقول يا أبا‬ ‫قص��ي‪ :‬عندما يقترب موعد الزي��ارة تجدني مضطربًا‬ ‫ممل��وءاً بالقل��ق‪ ..‬أدخل وأخرج من الحمام وأنا أغس��ل‬ ‫وجهي ورجليَّ وأنسى بعد قليل أنني غسلتهما فأعود‬ ‫بعد ثوان لغسلهما‪.‬‬ ‫أن أوضاعن��ا جميع��ًا تمي��ل نح��و االنح��دار ونحو‬ ‫االضط��راب العصبي‪ .‬فهذا الس��جن الطويل ينحدر بنا‬ ‫إلى مس��تقر س��حيق وإلى وادي األح��زان حيث الصمت‬ ‫والراحة األبدية‪.‬‬

‫اليوم الرابع ‪3 / 4‬‬

‫أتح��دث الي��وم ع��ن الدكتور س��امي صع��وب وهو‬ ‫ش��اب م��ن مواليد ‪ 1950‬م��ن قرية في حوران اس��مها ‪/‬‬ ‫تبن��ه ‪ /‬تابعة إلزرع‪ ،‬يحمل درج��ة الدكتوراه من االتحاد‬ ‫السوفيتي في االقتصاد الدولي‪ ،‬والده يعمل مزارعاً في‬ ‫القري��ة له ثالثة أخوة يعملون لدى الدولة في العاصمة‪،‬‬ ‫وبعضه��م يعم��ل ف��ي الش��ركات العامة‪ ،‬ول��ه أخت في‬ ‫صف البكالوريا في مدرس��ة األشغال النسوية‪ ،‬وله أخت‬ ‫أخ��رى متزوجة ف��ي ريف حم��اة‪ .‬لم تس��تطع أن تزوره‬ ‫أب��داً حت��ى اآلن‪ .‬جاءته هذا الي��وم زائرة وس��ألته عمن‬ ‫حضر في الزيارة الس��ابقة‪ ،‬فقال‪ :‬جاءني والدي وأخي‪،‬‬ ‫قبلهما جاءت أمي وأختي‪ ،‬وقبل ذلك جاءني الش��قيقان‬ ‫لوحدهم��ا‪ .‬الدكتور س��امي قليل ال��كالم كثير الصمت‪،‬‬ ‫وفي ه��ذه األيام قليل القراءة‪ ،‬في الس��ابق كان يطالع‬ ‫في اللغة الروس��ية ودرس كي يلم ويتقدم في اللغات‪:‬‬ ‫األلماني��ة والفرنس��ية‪ .‬يهوى قراءة الكت��ب االقتصادية‬ ‫والتجاري��ة وكان يش��رح في بع��ض الحلقات ش��يئًا من‬ ‫أس��اليب التب��ادل والتج��ارة الخارجية‪ ،‬وأس��باب الكس��اد‬ ‫والتراكم‪ ،‬لكنه ال يحب قراءة الكتب األدبية أو الروايات‪.‬‬ ‫إذا ل��م تكلمه ال يكلمك أبداً‪ ،‬وإذا لم تس��لم عليه‬ ‫ِّ‬ ‫يس��لم كذلك‪ ،‬وإذا لم تبادر ال يبادر أبداً‪ :‬ال‬ ‫ال يمكن أن‬ ‫ي��ؤذي وال ينال من أحد ال بالم��زاح وال بالجد‪ .‬يبالغ في‬ ‫النظافة وفي الغس��ل والتغس��يل‪ .‬عندما اعتقل صيف‬ ‫‪ 1983‬س��معت باس��مه في ف��رع التحقيق العس��كري‪،‬‬ ‫وعلمت أنه من مالك وزارة التخطيط التي تعمل بها أم‬ ‫قصي‪ .‬وبعد أش��هر التقيته في سجن تدمر الصحراوي‬ ‫المنقطع عن العالم وس��يء الس��معة والصيت‪ ،‬فحكى‬ ‫لي أنه اعتقل عام ‪ 1982‬لمدة شهرين من قبل اإلدارة‬ ‫السياس��ية‪ ،‬ولم يثبت عليه ش��يء فأف��رج عنه‪ .‬أكد أن‬ ‫التقاري��ر حول��ه وحول الدارس��ين في بالد الس��وفييت‬ ‫كثي��رة‪ ،‬لكنه��ا برمتها تعتم��د التخمين‪ ،‬لك��ن القبض‬ ‫على البعض ممن اعترف جعل األمن العسكري يمسك‬ ‫بط��رف الخيط‪ ..‬خيط عم��ل تنظيمي من��اوئ‪ .‬وهكذا‬ ‫اعتق��ل وكان م��ن أواخر م��ن اعتقلوا من بين خمس��ة‬ ‫عش��ر بين مدني وعس��كري كانوا يدرسون هناك في‬ ‫شتى االختصاصات‪.‬‬


‫حممد بهجت البيطار ‪1976 - 1894‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬

‫والعربية في المس��جد وف��ي بعض الم��دارس الخاصة‪،‬‬ ‫كما تولى تدريس العلوم الش��رعية سنة ‪ 1934‬ولبعض‬ ‫الوقت ف��ي كليتي المقاصد الخيري��ة للبنين والبنات في‬ ‫مدينة بيروت‪.‬‬ ‫يقول الش��يخ علي الطنطاوي يص��ف تفرد طريقة‬ ‫البيط��ار ف��ي الخطابة ع��ن خطباء عص��ره‪ ،‬فيقول‪" :‬لم‬ ‫يك��ن يقرأ الخطبة من دي��وان قديم كما كان يصنع أكثر‬ ‫الخطب��اء‪ ،‬وال م��ن ورق��ة مكتوب��ة يضع عين��ه فيها‪ ،‬وال‬ ‫يرفع رأس��ه عنها‪ ،‬بل كان يخطب ارتجاال ولم يكن يلقي‬ ‫كالمه ذلك اإللقاء الملحن الممطوط الذي يسبب النعاس‬ ‫ويس��تدعي المل��ل‪ ..،‬عرفته ف��ي تلك األي��ام فوجدتني‬ ‫معجبًا به‪ ،‬ولكني مخالف له‪ ،‬لقد وجدت أن الذي أس��معه‬ ‫من��ه يص��دم كل ما نش��أت عليه‪ ،‬فقد كنت ف��ي العقائد‬ ‫على ما قرره األش��اعرة والماتريدية‪ ،‬وهو ش��يء يعتمد‬ ‫ف��ي تثبي��ت التوحيد م��ن قري��ب أو بعيد على الفلس��فة‬ ‫اليونانية وهي فلس��فة بدائية‪ ،‬وكن��ت موقنًا بما ألقوه‬ ‫علينا وهو أن طريقة الس��لف في توحيد الصفات أسلم‪،‬‬ ‫وطريقة الخلف أحكم‪ ،‬فجاء الشيخ بهجت يقول لي‪ :‬بأن‬ ‫ما عليه السلف هو األسلم وهو األحكم‪ .‬وكنت قد نشأت‬ ‫على النفرة من ابن تيمية والهرب منه‪ ،‬بل وبغضه‪ ،‬فجاء‬ ‫يعظمه لي‪ ،‬ويحببه إل��ي‪ ،‬وكنت حنفيًا متعصبًا للمذهب‬ ‫الحنفي‪ ،‬وه��و يريد أن أجاوز ح��دود التعصب المذهبي‪،‬‬ ‫وأن أعتمد على الدليل ال على ما قيل‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1944‬أوفد إلى الطائف مدة ثالث س��نوات‬ ‫ليتول��ى إدارة معه��د "دار التوحيد الس��عودية " بناء على‬ ‫رغبة الملك عبد العزيز س��عود‪ .‬وف��ي عام ‪ 1947‬عهدت‬ ‫إلي��ه جامع��ة دمش��ق القي��ام بتدريس مادتي التفس��ير‬ ‫والحدي��ث في كلية اآلداب‪ ،‬وفي س��نة ‪ 1953‬أُحيل محمد‬ ‫بهج��ت البيطار عل��ى التقاعد م��ن وظيفت��ه الحكومية‪،‬‬ ‫فقص��ر نش��اطه عل��ى محاض��رات ف��ي التفس��ير كلف‬ ‫بإلقائه��ا في كلي��ة الش��ريعة‪ ،‬وعلى التدري��س الديني‬ ‫ووظائف وزارة األوقاف‪ ،‬إلى جانب إلقاء األحاديث الدينية‬ ‫واالجتماعية في اإلذاعة الس��ورية وعلى أعمال مجمعية‬ ‫عدي��دة حيث كان ق��د انتخب عض��واً عام ًال ف��ي المجمع‬ ‫العلمي العربي بدمشق سنة ‪.1923‬‬ ‫كان محم��د بهج��ت البيطار من أكث��ر أعضاء مجمع‬ ‫دمش��ق حيوي��ة ونش��اطاً‪ ،‬ش��ارك زم�لاءه ف��ي إلق��اء‬ ‫المحاضرات العامة واألبحاث المتعمقة‪ ،‬وفي تحرير مجلة‬ ‫المجمع وبالتعريف عل��ى صفحاتها بالكتب والمطبوعات‬ ‫الت��ي تدخل موضوعاتها في اهتماماته الش��خصية‪ ،‬كما‬ ‫ش��غل عضوية لجنة المطبوعات في مجمع دمش��ق منذ‬ ‫‪ ،1953‬واس��تمر على القيام بمهامها في اإلش��راف على‬ ‫مجل��ة المجم��ع ومطبوعاته حت��ى قبيل وفاته بأس��ابيع‬ ‫قليلة‪.‬‬

‫وف��ي ع��ام ‪ 1954‬انتخ��ب عض��واً مراس� ً‬ ‫لا للمجمع‬ ‫العلم��ي العراق��ي‪ ،‬عندم��ا ت��م توحيد مجمعي دمش��ق‬ ‫والقاه��رة س��نة ‪ 1960‬باس��م مجمع اللغ��ة العربية كان‬ ‫البيط��ار في مقدمة أعض��اء المجمع الذين ش��اركوا في‬ ‫مؤتمر القاهرة سنة ‪.1961‬‬ ‫وب��دأ البيط��ار يكت��ب في مجل��ة المجمع من س��نة‬ ‫‪1933‬م‪ ،‬وق��د كتب مق��االت كثيرة ف��ي التعريف بالكتب‬ ‫والمؤلفات الحديثة‪ ،‬ومما عرف به البيطار بحسب المسرد‬ ‫الذي وضعه د‪ .‬عدنان الخطيب لمقاالت البيطار نجد هذه‬ ‫الكتب‪ :‬عبدة الش��يطان لعب��د الرزاق الحس��ني‪ ،‬الخالفة‬ ‫لتوماس آرنولد‪ ،‬بصائر جغرافية لرشيد العابري‪ ،‬الوحدة‬ ‫اإلس�لامية بين األخ��ذ والرد لمحم��ود الم�لاح‪ ،‬مذكرات‬ ‫س��ائح في الش��رق العربي ألبي الحسن الندوي‪ ،‬توضيح‬ ‫الكافية الش��افية لعبدالرحمن الس��عدي‪ ،‬رسائل اإليمان‬ ‫تحقي��ق محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬ويتضح منها س��عة‬ ‫اطالع الشيخ وتنوع مطالعاته‪.‬‬ ‫تمي��ز الش��يخ بزهده ف��ي الدني��ا وزخارفه��ا برغم‬ ‫عالقت��ه بالمل��وك والرؤس��اء‪ ،‬فقد رف��ض تقاضي راتب‬ ‫القض��اء بمك��ة واكتفى براتب التعلي��م برغم أنه نصف‬ ‫رات��ب القض��اء‪ ،‬ولم��ا أه��داه الملك س��يارة وهبه��ا لدار‬ ‫التوحيد بالطائف‪ ،‬ولما صرف له المجمع العلمي بروس��يا‬ ‫ألف ليرة لش��راء الهدايا رفض استالمها‪ ،‬وحين دخل في‬ ‫ش��راكة لتأسيس مدرس��ة أهلية بعد رجوعه من الحجاز‬ ‫س��نة ‪1931‬م وقدر أنها لم تنجح‪ ،‬تحمل الخس��ارة وحده‬ ‫ولم يطالب ش��ركاه بتحمل الخس��ارة مع��ه حفاظًا على‬ ‫صداقته بهم‪.‬‬ ‫وكذل��ك ت��م من��ح البيط��ار من��ح لق��ب "الرئي��س‬ ‫الش��رفي" لجمعي��ة العلم��اء المس��لمين بالجزائر س��نة‬ ‫‪1951‬م‪ ،‬م��ع بع��ض العلم��اء األجانب الذين يش��تركون‬ ‫معها في الفكر والمنهج والهدف‪ ،‬بهدف توس��يع نشاطها‬ ‫اإلعالم��ي ولفك حص��ار االحتالل الفرنس��ي لها‪ ،‬والذين‬ ‫منح��وا هذا اللقب‪ :‬محمد بهجت البيطار (س��وريا)‪ ،‬محمد‬ ‫تق��ي الدين الهاللي (الع��راق)‪ ،‬محمد عب��د اللطيف دراز‬ ‫(مص��ر)‪ ،‬محم��د أمين الحس��يني (فلس��طين)‪ ،‬محمد بن‬ ‫العربي العلوي (المغرب)‪ ،‬عبد القادر المغربي (س��وريا)‪،‬‬ ‫عبد العزيز جعيط (تونس)‪ ،‬مس��عود الندوي (باكستان)‪،‬‬ ‫أحم��د ب��ن محم��د التيجان��ي (المغ��رب)‪ ،‬محم��د نصيف‬ ‫(الحج��از)‪ .‬وق��د كان للبيط��ار عالقة وثيقة جداً بالش��يخ‬ ‫البش��ير اإلبراهيمي حين اس��تقر بالشام س��نة ‪1916‬م‬ ‫قبل عودته للجزائر‪.‬‬ ‫كان��ت وفات��ه في يوم الس��بت ‪ 29‬أي��ار ‪1976‬م إثر‬ ‫مرض لم يمهله طوي ًال‪ِّ ،‬‬ ‫فصُليَ عليه في مسجد الدقاق‬ ‫ال��ذي أمّ فيه وخطب أكثر من س��ين عامًا‪ ،‬وش��يعه خلق‬ ‫كثير منهم الوزراء والعلماء واألغنياء والفقراء‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ولد محمد بهجت البيطار بدمشق عام ‪1894‬م‪ ،‬آلل‬ ‫البيطار األس��رة الدمش��قية العريقة‪ ،‬التي تعود جذورها‬ ‫للجزائر قبل أكثر من مائتي عام‪ ،‬والتي اس��توطنت حي‬ ‫المي��دان الدمش��قي العريق‪ ،‬وع��رف كثير م��ن أفرادها‬ ‫بالعل��م واألدب والتق��وى‪ ،‬فوالده هو الش��يخ محمد بهاء‬ ‫الدي��ن ب��ن عبد الغن��ي حس��ن إبراهي��م الش��هير بابن‬ ‫البيطار‪ ،‬وال��ذي كان يعد من رؤوس الصوفية في زمانه‬ ‫والذي كان عالماً أديبًا‪ ،‬يقول الش��يخ علي الطنطاوي في‬ ‫كتاب��ه رج��ال من التاري��خ‪" :‬ومن أعجب العج��ب‪ ،‬أن والد‬ ‫الش��يخ بهجة كان صوفي��ًا من غالة الصوفي��ة‪ ،‬القائلين‬ ‫بوح��دة الوجود‪ ،‬على مذه��ب ابن عربي‪ ،‬وابن س��بعين‬ ‫والح�لاج‪ " ..‬أما جده ف��كان عالمًا معروف��ًا‪ ،‬تولى اإلمامة‬ ‫والخطاب��ة‪ ،‬وخلفه فيها ابنه محمد به��اء الدين‪ ،‬ووالدته‬ ‫هي ابنة عم أبيه الشيخ عبد الرزاق ابن حسن البيطار‪.‬‬ ‫تلق��ى علومه على يد جده ألمه الش��يخ عبد الرزاق‬ ‫البيطار‪ ،‬والشيخ بدر الدين الحسني‪ ،‬وتأثر بشيخه جمال‬ ‫الدين القاس��مي محدث الش��ام في ذلك الزم��ان‪ ،‬والذي‬ ‫كان معاص��رًا للمح��دث طاه��ر الجزائري "عالم س��وريا‬ ‫"‪ ،‬والش��يخ محم��د الخضر حس��ين‪ ،‬ومحمد رش��يد رضا‬ ‫"صاحب المنار"‪.‬‬ ‫درس االبتدائي��ة ف��ي المدرس��ة الريحانية‪ ،‬ودرس‬ ‫الثانوية في المدرس��ة الكاملية بدمش��ق‪ ،‬والتي أسسها‬ ‫الش��يخ كامل القصاب رفيق الش��يخ المجاه��د عز الدين‬ ‫القس��ام‪ .‬وتعلم الفرنسية في المدرس��ة العازارية على‬ ‫يد المس��يو موريس‪ ،‬والذي أس��لم على يد الشيخ بهجت‬ ‫وأصبح األستاذ عبداهلل الريحاني‪.‬‬ ‫عام ‪ 1920‬قام العالمة محمد رش��يد رضا باالتفاق‬ ‫مع األمير فيصل بن الحس��ين بتكليفه وش�لاش النجدي‬ ‫أن يحمال رس��الة سياس��ية ودينية لألمير عبد العزيز بن‬ ‫سعود في نجد إلرس��اء التعاون والتفاهم‪ ،‬و"عقد اتفاق‬ ‫عام بين جميع أمراء الجزيرة العربية وأئمتها الكرام دفعًا‬ ‫للعدوان األجنبي"‪ ،‬وكتب رش��يد رضا في المنار عن هذه‬ ‫المهم��ة في مقاالته "العبرة بس��يرة الملك فيصل رحمه‬ ‫اهلل تعال��ى" فقال‪" :‬وذكرت له ‪ -‬يقصد األمير عبدالعزيز‬ ‫بن سعود ‪ -‬فيه أنني مرسل إياه مع األستاذ الشيخ محمد‬ ‫بهجت البيطار‪ " :‬وه��و خير ثقة من أهل العلم والصالح‬ ‫هن��ا‪ ،‬فثقوا به فيم��ا يبلغكم عني ويبلغن��ي عنكم‪ ،‬وإن‬ ‫كان غير متمرس بالسياس��ة على أنني لقنته ما ال بد له‬ ‫من العلم به من األحوال الحاضرة"‪.‬‬ ‫عُين البيطار س��نة ‪ 1921‬م��ن قبل مديرية معارف‬ ‫دمش��ق‪ ،‬معلمًا في مدرس��ة الميدان االبتدائية حتى عام‬ ‫‪ ،1926‬وف��ي نف��س الع��ام طلب م��ن البيط��ار أن يمثل‬ ‫س��وريا بالمؤتمر اإلس�لامي العالم األول ال��ذي دعا إلى‬ ‫عق��ده في مكة المكرم��ة الملك عبد العزيز بن س��عود‪،‬‬ ‫لبح��ث قضايا المس��لمين ف��ي العالم بعد إلغ��اء الخالفة‬ ‫العثماني��ة‪ .‬وبع��د انته��اء المؤتمر طلب من��ه الملك عبد‬ ‫العزيز البق��اء في مكة المكرمة للمس��اعدة على نهضة‬ ‫الحج��از بتوصي��ة من الش��يخ كامل القص��اب‪ ،‬الذي كان‬ ‫يتول��ى إدارة المع��ارف بالحج��از‪ ،‬وأس��ند إلي��ه القصاب‬ ‫تأس��يس وإدارة المعه��د العلمي بمكة وال��ذي يعتبر أول‬ ‫مدرسة حكومية‪ ،‬وبقي في إدارة المعهد خمس سنوات‪.‬‬ ‫وكان طيلة هذه الس��نوات يدرس بالحرم المكي‪ ،‬وتولى‬ ‫إمامة ص�لاة الظهر فيه بالنيابة ولما زار المدينة ش��هراً‬ ‫درّس في الحرم النبوي‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذه األثن��اء عي��ن أيض��ًا عض��واً بمحكم��ة‬ ‫مكة الش��رعية الكب��رى‪ ،‬ونائبًا لرئيس هيئ��ة المراقبة‬ ‫القضائية‪ ،‬وقد رفض الش��يخ رات��ب القضاء وبقي على‬ ‫رات��ب التعليم برغ��م أنه نصف راتب القض��اء؛ وذلك أن‬ ‫الزه��د في الدنيا وزخرفها من س��مات البيطار‪ .‬كما عين‬ ‫أيضًا مفتش��اً للعلوم الدينية بمدارس الحجاز‪ ،‬ومدرس��ًا‬ ‫للتوحي��د والتربي��ة العلمي��ة‪ ،‬كما عين عض��وًا بمجلس‬ ‫المعارف العمومية‪.‬‬ ‫بعد خمس س��نوات ع��اد محمد بهج��ت البيطار إلى‬ ‫دمش��ق س��نة ‪1931‬م ع��اد محم��د بهج��ت البيط��ار إلى‬ ‫دمش��ق ليؤم أه��ل حيّه كل يوم ويخطبهم كل أس��بوع‬ ‫في جام��ع الدقاق باإلضافة إلى تدري��س العلوم الدينية‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪17‬‬


‫ماجد كيايل‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫إلى كل الش��هداء س��وريين وفلس��طينيين‪ ..‬إلى‬ ‫أحمد كوس��ا وجعفر محمد وخال��د بكراوي وأنس‬ ‫عم��ارة وأيم��ن جودة ومحم��ود الش��هابي وخليل‬ ‫زيدان ومحمود عزيمة وغس��ان الشهابي وشحادة‬ ‫الش��هابي وموع��د موع��د واحمد الس��هلي ومنير‬ ‫وبالل وبسام وفادي وجعفر محمد‪..‬‬ ‫تموتون‪ ..‬رجا ًء‪،‬‬ ‫أصدقائ��ي‪ ،‬ال تموتوا مثلما كنتم‬ ‫َ‬ ‫ال تموتوا‪ ،‬انتظروني سن ًة أُخرى‪..‬‬ ‫س��نهْ‪ ..‬س��ن ًة أُخرى فقط‪ .‬رُبَّما نُنْهي حديثاً قد‬ ‫ْ‬ ‫بَدَأ‬ ‫ال تموتوا مثلما كنتم تموتون‪ ،‬رجاء‪ ،‬ال تموتوا‪..‬‬ ‫سن ًة أُخرى فقط سن ًة تكفي لكي نمشي معًا‪..‬‬ ‫ونهدُّ الهيكل الباقي معا حجراً تحت حَجَرْ‪..‬‬ ‫ونُعِيد الروحَ من غربتها عندما نمضي معًا‪..‬‬ ‫ال أحَدْ ال أحَدْ‪ ..‬وليكن هذا النشيدْ‪..‬‬ ‫خاتَ��مَ الدم��ع عليك��م ُكلِّ ُك��مْ ي��ا أصدقائ��ي‬ ‫الخَوَنَهْ‪..‬‬ ‫ورثا ًء جاهزاً من أجلكم! ولذلكْ‪..‬‬ ‫اآلن‪..‬‬ ‫ال تموتوا أصدقائي‪ ،‬ال تموتوا َ‬ ‫ال تموتوا مثلما كنتم تموتون‪ ،‬رجا ُء‪ ،‬ال تموتوا‪..‬‬ ‫سنة أخرى فقط‪ ..‬سنة أخرى‪ ..‬سنهْ‪..‬‬

‫خولة دنيا‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬

‫الزمن مهم جداً في السجن‪:‬‬ ‫تح��دَّث المعتقل��ون األح��رار عن ط��رق متعددة‬ ‫لتلقف الزمن‪ ،‬هناك من يتخصص بحساب الزمن‬ ‫متولياً الع��د بكل صبر وأناة يتيحه زمن الس��جن‬ ‫الس��اكن‪ ،‬الالنهائ��ي‪ ،‬يق��وم ه��ؤالء ب��دور (بيت‬ ‫حس��بة الزمن) ليقولوا لمن يشاء حان اآلن موعد‬ ‫آذان الظهر‪ ،‬أو العصر‪ ،‬أو العشاء‪..‬‬ ‫يمر الزمن محس��وبًا بطريقة ش��به دقيقة‪ ،‬يدور‬ ‫مع الوجبات‪ ،‬مع تبدل الحراس��ة‪ ،‬مع دخول سجين‬ ‫جديد‪ ،‬مع حس��يبة الزمن الذي��ن ال يتهاونون أبداً‬ ‫فيما يخص الحسبة‪ ..‬أحيانًا لمن كان حظهم "من‬ ‫الس��ماء" تدور الساعة مع دوران الضوء‪ ،‬وقد‪ ..‬مع‬ ‫دوران الشمس‪.‬‬ ‫تب��دو الس��اعة معكوس��ة ف��ي "عجق��ة" الحي��اة‪،‬‬ ‫نس��أل بعضنا أحراراً‪ :‬ماهي الس��اعة اآلن؟ ماهو‬ ‫اليوم؟ يااه كم يبدو الزمن منس��يًا سريعًا بائساً‪..‬‬ ‫نكب��ر بعجالة‪ ،‬حتى دون أن نفك��ر بعدِّ الخطوط‬ ‫الجديدة على وجوهنا‪..‬‬ ‫في تجارب س��ابقة‪ ،‬كنا ننظر أحيانًا بحس��د لمن‬ ‫خرج من الس��جن بعد سنوات طويلة أمضاها في‬ ‫المُعتقل‪ ،‬نقول "شوش��رة"‪ :‬ما شاهلل وكأنه كان‬ ‫موضوع��اً ف��ي الفري��زة!!‪ .‬س��نوات قليلة تمضي‬ ‫ليس��تهلك فرق العم��ر ويصبح مش��ابهاً لمن في‬ ‫عمره ولو بخبرة حياة أقل‪.‬‬ ‫اليوم يس��تهلك الزمن أحبتنا خالل ش��هور قليلة‪،‬‬ ‫ف��كأن عمراً عتي��ًا م��رَّ عليهم في الش��هور التي‬ ‫يمضونها في الس��جن‪ ،‬لدرجة نخاف أن نلمسهم‬ ‫أو نض��ع إصبع��ًا عل��ى جلدهم اله��ش المريض‬ ‫المتعفن‪.‬‬ ‫يحتاجون فقط لعدة ش��هور ك��ي يعودوا جميلين‬ ‫كم��ا عهدناهم‪ ،‬ليش��فوا من جلده��م‪ ،‬أما مافي‬ ‫الداخل فيبقى في "الداخل"‪.‬‬

‫دمشق تنكرني‪ ..‬تغطي عينيها بأصابعها‪ ..‬وتومئ إليّ برأسها‪ :‬ارحل‬ ‫ودمش��ق ال تحب الرقص هذه الليلة‪ ..‬ألمس خصرها المثقل بالغواية‪ ..‬أقبل جبينها‪ ..‬تش��رب‬ ‫كأسين وتتركني أرقص وحدي‪..‬‬ ‫ودمش��ق تنام باكرا‪ ..‬وعلى غير عادتها‪ ..‬تغلق نافذة غرفة نومها بإحكام‪ ..‬ال تنتظر رسالة من‬ ‫عاشق سري وال تمد ضفائرها لعشاق آخر الليل‪..‬‬ ‫ودمشق تكتفي بالحزن كلما امتدت يد لتعبث باأللوان على خارطتها‪ ..‬دمشق تبكي صباح كل‬ ‫قذيفة ومساء كل بيت‪ ..‬دمشق‪ ..‬تبحث عن نفسها‪ ..‬فأين أنتم؟؟‪..‬‬ ‫بشار فرحات | دمشق ‪ 27‬شباط ‪2013‬‬

‫ندى كرامي‬ ‫س��ني موالي‪ ،‬س��ني مع��ارض‪ ،‬مس��يحي موالي‪،‬‬ ‫مسيحي معارض‪ ،‬علوي‪ ،‬درزي‪ ،‬كردي‪ ،‬سمعولي‪..‬‬ ‫الجماع��ة الوحي��دة المه��ددة والتي ه��ي في خطر‬ ‫حقيق��ي في س��وريا‪ ،‬هم من ال زال��وا يقفون في‬ ‫وجه المشروع الطائفي وحمالته التجييشية‪.‬‬

‫يحيى جابر‬

‫أيه��ا المتفرج��ون‪ ..‬ص��ورة واحدة مق��ززة التكفي لنكره‬ ‫ثورة‪ ..‬تابعوا األلبوم‪ ..‬صورة واحدة جميلة التكفي لنحب‬ ‫ث��ورة‪ ..‬تابع��وا األلبوم كله‪ .‬هل نحن فع�لا في الصورة؟‬ ‫هل نحن ف��ي ألبوم العال��م‪..‬؟ أيها المتف��رج بعين واحد‬ ‫إنتبه ثمة من يصورك أيضًا‪ ..‬أنت في األلبوم‪..‬‬

‫عماد حم�ص‬

‫في فرع الموت فرع االمن العسكري بحمص‪ ،‬جلسنا‬ ‫نتعارف بصمت‪ ..‬وفجأة صرخ الس��جان بإسمه‪ ،‬قال‬ ‫ل��ي ادعيلي‪ ..‬غاب عن��ي س��اعات‪ ،‬انتظرته طويال‪.‬‬ ‫فت��ح الب��اب‪ ..‬رم��وه أرض��اً‪ ..‬كان مضرج��ا بدمائه‪.‬‬ ‫نظر إلي وهو يبتس��م‪ ،‬أشار لي ماء‪ ..‬لم أكن أعلم‬ ‫أن ه��ذه آخ��ر قطرات ماء يش��ربها‪ ..‬وف��ارق الحياة‬ ‫بصمت‪ ..‬كان أسرع وأقصر تعارف بحياتي‪..‬‬

‫فار�س البحرة‬

‫الهولوكوست السوري مطلق متل أي هولوكوست‬ ‫آخر‪ ..‬كل من يس��تخف بالهولوكوس��ت الس��وري‬ ‫ساقط ‪ ..‬كل من يشكك به‪..‬‬ ‫من أكبر بوتين‪ ..‬إلى أسفل هيثم مناع‪..‬‬

‫را�سيا حيدر‬

‫مخيم اليرموك شامة من شامات الشام‪ ..‬وزعتره‬ ‫شهيد‪ ..‬لن ننسى‪..‬‬

‫طارق عبد احلي‬

‫عرض ولمرة واحدة وأخيرة لبش��ار األسد‪ :‬بتبدل‬ ‫منحبكجيتك بمنحبكجيتنا؟‪ ..‬وكبادرة حس��ن نية‬ ‫بسام جعارة مش محسوب بالصفقة‪.‬‬

‫كوليت بهنا‬

‫تحلي��ل اس��تراتيجي لم��ا حدث ف��ي معل��وال‪ :‬فاتو‬ ‫جماع��ة النص��رة‪ ..‬ولما ش��افو األخ��وات الراهبات‬ ‫محجبات أكتر من نساء رجال النصرة‪ ..‬قاموا باسو‬ ‫التوبة وطلعوا‪ ..‬وتوتة توتة خلصت الحدوتة‪..‬‬

‫حممد عبد الوهاب ج�سري‬ ‫بش��ار‪ ..‬لقد غفر أوباما خطيئتك بشفاعة بوتين‬ ‫ول��م تع��د بحاجة إل��ى تأديب‪ ..‬بق��ي أن أن تتدبر‬ ‫أمرك مع المنتقم الجبار‪..‬‬

‫خالد خليفة‬

‫س��عدي يوس��ف يتح��دث ع��ن العبي��د واألس��ياد‪،‬‬ ‫العمى على هالكبرة‪ ،‬إذا بلش��ت اخبص متلو بعد‬ ‫السبعين يجب أن يقوم رفاقي بقتلي كما يقتلون‬ ‫الحصان الهرم احترامًا للفروسية‪..‬‬

‫عدنان العودة‬

‫الرقّ��ة‪ ..‬يُهدده��ا الغَ��رَق‪ ..‬الس��لميّة‪ ..‬يقتله��ا‬ ‫العطش‪..‬‬

‫�أ�سعد الع�شي‬

‫سلم الكيماوي‪ ،‬وما سلم عاطف نجيب!‪..‬‬

‫غلوري ظاظا‬

‫س��يدي الرئيس بعيد مي�لادك‪ ..‬ينعاد عليك بكل‬ ‫شي بتتمنالك ياه أم الشهيد‪..‬‬

‫م�صطفى علو�ش‬

‫عط��ى الج��والن إلس��رائيل والس�لاح اإلس��تراتيجي‬ ‫ألمريكا والقرار السياسي لروسيا والتكتيك العسكري‬ ‫إليران ومستعد يعطي كل شي بسوريا ألي حدا براتا‬ ‫بس حتى ما يعطي السوريين شوية حرية!‪..‬‬

‫�أحمد قنطار‬

‫يا زلمة ش��و هاد‪ ..‬انعج��أ البحر المتوس��ط بفرد‬ ‫عجقة ما عاد في مكان تصف بارجتك‪..‬‬

‫هاال حممد‬

‫كيف نكون مع قتل أيّ س��وري أو إنسان!‪ ..‬الذبح‬ ‫ال��ذي يمارس��ه تنظي��م القاعدة‪ ..‬الذبح ومش��هد‬ ‫ْ‬ ‫الفرجة على الذبح!‪ ..‬هو اإلحتالل الحقيقي لروح‬ ‫س��وريا وانتهاك ّ‬ ‫كل ما يبصر أو يش��عر أو ينبض‬ ‫فيها‪ ..‬انتهاك لطبقة الهواء المالصقة للسكين‪..‬‬ ‫ذلك الصراخ ال أحد يس��معه س��وى ذاكرة التاريخ‬ ‫المتوحش��ة الت��ي ال يهمها س��وى نق��ل الحقيقة‬ ‫وكأنه��ا تحتف��ي بوقوعه��ا لكي تس��جل الس��بق‬ ‫التاريخي فيها‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬ ‫ساحة شهداء حي المرجة في مدينة حلب | مركز حلب اإلعالمي‬

‫دروس من الحصار‪( ..‬حصار المخيم)‬ ‫في الحصار تتعلم بأن ال تقرأ تاريخ صالحية‬ ‫المنتج كي التصاب بقش��عريرة في جسدك‬ ‫حين تعل��م بأن تاريخ الصالحية انتهى منذ‬ ‫عقود‪..‬‬ ‫ف��ي الحصار تتعلم ب��أن ال تأكل وحدك كي‬ ‫ال يصحو ضميرك عند اللقمة األولى ويقول‬ ‫لك‪..‬‬ ‫ه��ل يس��توي الذي��ن يأكل��ون والذي��ن ال‬ ‫يأكلون‪..‬‬ ‫في الحصار تتعلم بأن ال تكثر من األصدقاء‬ ‫الجدد كي ال تصيب ش��ظية طائشة أحدهم‬ ‫وقلبك في لحظة واحدة‪..‬‬ ‫وتتعلم أيضاً بأن الباقون معك هم الباقون‬ ‫ألجل الفكرة وأجلك فهم كي يحموك‪..‬‬ ‫ف��ي الحص��ار تتعل��م الرَّقص عل��ى الحبل‪،‬‬ ‫والس��ير بين حبات المطر‪ ،‬ك��ي تنجو ومن‬ ‫معك من حرب الكل ضد الكل‪..‬‬ ‫ف��ي الحص��ار تتعلم ب��أن تأكل مت��ى توفر‬ ‫الطع��ام‪ ،‬ك��ي ال يأت��ي الليل وتق��ول‪ :‬كان‬ ‫يمكن أن أنام بحالة أفضل‪..‬‬ ‫في الحص��ار تتعلم فن الس��خرية كي تنجو‬ ‫م��ن أول جلط��ة عاب��رة تق��ول ل��ك اليوم‬ ‫سيدخلون‪..‬‬ ‫في الحصار تتعلم أن تنام طوي ًال كي يمضي‬ ‫النهار ويمضي الحصار‪..‬‬ ‫وف��ي الحصار تتعل��م أن ال تكل��م صاحبك‬ ‫إال ع��ن العمل ك��ي ال تترك مجا ًال لتس��رب‬ ‫العاطف��ة والحني��ن إل��ى غرف��ة كانت على‬ ‫السطح المهجور اآلن‪..‬‬ ‫وف��ي الحصار تتعلم ب��أن ال تزعج من تحب‬ ‫كي تبقى كرفة الحمام في يوم حار‪..‬‬ ‫وفي الحصار تتعلم بأن تحاصر الحصار‪ .‬كي‬ ‫تمضي ويمضي النهار‪..‬‬ ‫عبد اإلله الخطيب‬ ‫قال ش��و‪ ،‬اتفقنا يا بعدي نطلع مشوار نغير‬ ‫جو‪ ،‬وقفنا شوي بالميس��ات ننطر بالسيارة‬ ‫بقي��ة رفقاتنا اللي اتأخ��روا‪ ،‬وال بيمرّ رجال‬ ‫عمره فوق الس��بعين الب��س جالبية بيضة‬ ‫متل التلج ومعه عكاز وش��كله كتير مهفهف‬ ‫وأكاب��ري‪ ،‬من رج��ال العز اللي منش��وفهم‬ ‫عن��د المغرب طالعي��ن من الص�لاة‪ ..‬طلع‬ ‫فينا وكأن بده يقول شي قرب لعند السيارة‬ ‫ورمى السالم وبلش��نا نحكي معه‪ ،‬ماشفناه‬ ‫إال غص وقال‪ :‬معق��ول ياعالم بكرة االوالد‬ ‫رايحيي��ن عالمدارس وأنا ما معي خمس��ين‬ ‫ليرة‪ !!..‬واحد منا قال له‪ :‬ش��و بيلزمك حجي‬ ‫نحنا لبعضنا‪ ..‬لس��ه ما كم��ل الكلمة انهار‬ ‫الرج��ال بالبكي بأعلى صوته لقينا حالنا عم‬ ‫نبكي معه‪ ..‬وصار يدع��ي‪ :‬اهلل يخلصنا من‬ ‫هالبالء‪ ..‬اللي اش��ترينا بايدن��ا ونحنا دفعنا‬ ‫حقه‪..‬‬ ‫ما تجرأنا نس��أله ش��و قصته‪ ..‬وال شو صاير‬ ‫معه يمكن الن مآسي السوريين كلها متل‬ ‫بعضه��ا‪ ،‬بس واحد منا قال‪ :‬أنه أحس��ن ما‬ ‫سألنا منشان ما نفتح جروحاته‪!!.‬‬ ‫عل��ى أس��اس أن جروحاته مخيطة‪ ..‬عش��ر‬ ‫دقايق بك��ي خضتنا خ��ض عملتنا كوكتيل‬ ‫وجع‪ ..‬ف��وق الوجع وأكل اله��وا‪ ..‬مافي غير‬ ‫اهلل يخلصنا من هالبالء‪..‬‬ ‫سعاد جروس‬


‫حكايا المسافر ‪. .‬‬

‫ف��ي بلدة وقف عندها المس��افر ليقتات بالخبز والم��اء منها‪ ،‬وبينما‬ ‫كان يراقب حركة سكانها في السوق‪ ،‬مر كهل أجعد الوجه وقبيح القلب‬ ‫ذو رداء أس��ود اللون وألقى سحراً جعل الحزن واألسى منثورين في كل‬ ‫مكان هناك‪ .‬فأصبح الجميع يختنقون حزن ًا وألماً بينما يضحك هو وحيداً‪.‬‬ ‫يم��ض من الوقت الكثير حين ظهرت تلك الفتاة الصغيرة ذات‬ ‫ولكن لم‬ ‫ِ‬ ‫الوجنتين الحمراوين والعينين الس��وداوين والشعر القصير المجعد‪ .‬ثم‬ ‫ب��دأت تخط بأنامله��ا حكايات على الجدران جعلت م��ن صخورها تدندن‬

‫وتغن��ي كل ما كتب عليه��ا‪ .‬لقد غنت الجدران ألحانًا اس��تذكر بها الناس‬ ‫طيبهم فأمس��ت قلوبهم مبتهجة مسرورة‪ .‬ودندنت بكلمات أشارت لهم‬ ‫بما سيكس��بون َ‬ ‫بطيّب العمل فأمس��ت وجوههم تشرق نوراً‪ .‬وكم كان‬ ‫عجب المس��افر كبي��راً مما فعلته تل��ك الفتاة‪ ،‬فلم يكن ي��درك يومًا أن‬ ‫لحسن الكالم والقول ذاك األثر البهي الرغيد حين يكون صادقًا‪.‬‬ ‫سوريا ‪ /‬ريف حلب ‪2012 /‬‬ ‫نصوص وتصوير‪ :‬باسل حسو‬ ‫دقق النص‪ :‬ميمونة العمار‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬

‫الآلهـــة النائمـــون‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫كاريكاتير العدد‪ :‬الدكتاتور األول | الفنان عبد المهيمن بدوي‬

‫‪19‬‬


‫أح��د أحي��اء مدين��ة حم��ص المدم��رة | عدس��ة ش��اب حمص��ي‬

‫رصيف ‪. .‬‬

‫ُهنا ِد َم�شق‬ ‫سيامند حسين‬ ‫(يوميات ومشاهدات) ‪ 30‬آب ‪2013‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 15 | )104‬أيلول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫هجرة‬

‫عندما وصلتُ إلى حقل البطيخ قرب األسالك الشائكة‬ ‫على الحدود الشمالية‪ ،‬كان سربُ النحل –الذي أعرفه‪ -‬قد‬ ‫غ��ادره بالطبع إلى قفي��ره المبنيّ على س��طح بيتنا‪ .‬كان‬ ‫الوق��ت ضح��ىً ولم أرغب ف��ي تخيّل حال قريتن��ا في أوج‬ ‫هذه الح��رب‪ .‬من الطرف اآلخر صاحَ أخ��ي الصغير هَلِعاً‪:‬‬ ‫«دخان!‪ ...‬بيتن��ا يحترق‪ ...‬درّاجتي‪ ...‬نحالت��ي‪ ..‬يا أهلل!»‪.‬‬ ‫بذراع‬ ‫وأمّنا كانت هادئ ًة تمسكُ‬ ‫ِ‬ ‫بقميص أخي من الخلف ٍ‬ ‫قويّ��ة تمنعُه من التق��دّم لألمام‪ ،‬وعل��ى ذراعها األخرى‬ ‫كانت تحمل سُرّ ًة ُقماش��يّ ًة مُنتفخة‪ ،‬جمعتْ فيها ثيابنا‬ ‫وبعض الحاجيات كانت التقطتها دونما تفكير‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أتناول‬ ‫ل��م أجرؤ على االلتف��ات إلى ال��وراء‪ ،‬وانحنيتُ‬ ‫بطيخ�� ًة صغي��رة‪ .‬أردتُ أن ألمسَ النب��ات وأُق ّلب األوراق‬ ‫ُ‬ ‫الكبي��رة بحث��اً عن وأُصدّقَ ْ‬ ‫يح��دث خطوْتُ‬ ‫أن ال ش��يء‬ ‫عاب��راً المس��احة المزروع��ة بألغ��ام تركيّة قديم��ة‪ ،‬أمدّ‬ ‫ٍ‬ ‫الفاكهة المُق ّلمة التي يحبّه��ا أخي بيدي المرتجفة تحت‬ ‫ثقله��ا‪ ،‬راجي��اً أن يتوقفَ عن الصُّراخ‪ .‬كن��تُ أندفع ببط ٍء‬ ‫وأنا ُ‬ ‫الخصب‪ُ ،‬قش��ورَ األسى‬ ‫التراب الغُضاريّ‬ ‫ألحظ‪ ،‬على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫تتساقط عن قلبي الذي ال بُدّ حينها انكمشَ بشدّة‪.‬‬

‫رحلة‬

‫وص��ل القطار إل��ى المحطة المركزية ف��ي جنيف في‬ ‫الوق��ت المح��دّد تمام��اً‪ .‬م��ا إن صع��دت أن��و ُء بحقيبتيَّ‬ ‫الممتلئتين حتى انغلقت أبواب جميع العربات معاً‪ ،‬وتحرّك‬ ‫القطار على الفور متحركاً بتسارع خفيف دون ضجيج يُذكر‪.‬‬ ‫تسارعت دقات قلبي وسا َقني التوتر إلى الظنّ بأن القطار‬ ‫ترك شيئاً منّي على الرصيف‪ .‬فكرتُ‪ :‬ما هذه القسوة! ماذا‬ ‫ل��و لم أكن أذرع الرصيف جيئ ًة وذهاباً منذ س��اعة وربع‪ ،‬ال‬ ‫أكفّ عن عدد الدقائق المتبقية لوصول القطار!‬ ‫ل��م يك��ن م��ا ش��عرت ب��ه عق��بَ انغ�لاق األب��واب‬ ‫األتوماتيك��ة آخر ما جعلني أنفرُ من هذه البالد‪ ،‬لكن ذلك‬ ‫في الحقيقة‪ ،‬ورغم كونه أحد التفاصيل الصغيرة التي كان‬ ‫ينبغ��ي عليّ كالجئ التأقل��م مع ظهوره��ا‪ ،‬أغرقني لبضع‬ ‫دقائ��ق في بحر من الج��دل الفارغ‪ ،‬لم أنجُ من��ه إلاّ نادماً‪،‬‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫حتى أخمص قدميّ‪ ،‬على أش��ياء كثيرة فعلتها‪ ،‬وأخرى لم‬ ‫أفعلها‪.‬‬ ‫بعد أن تاب��ع القطار رحلته خارجاً م��ن محطة ُلوزان‪،‬‬ ‫غي��رتُ مكاني ألجلس في مقعد آخ��ر من جهة النافذة في‬ ‫ّ‬ ‫المُتش��كل‬ ‫الطرف الثان��ي‪ ،‬وذلك ليُتاح لي تأمّل المنظر‬ ‫ّ‬ ‫وراء ّ‬ ‫الس��كة بصعودٍ‬ ‫خ��ط كبي�� ِر اإلنحن��ا ِء أخذت تش�� ّقة‬ ‫ملح��وظٍ تُجاه الش��مال الش��رقيّ‪ ،‬حيث راح��ت المدينة‬ ‫تغوصُ بسطوحها الحمراء والبنّية في السديم المُرتخي‬ ‫على قمم األش��جار المحيطة بالبحيرة‪ .‬عندما هدأت روحي‬ ‫تمام��اً‪ ،‬وبعد تغيّر جهة انعطاف المس��ار القوس��يّ‪ ،‬رأيت‬ ‫نفسي أبتسمُ إلمرأةٍ عجوز تجلسُ قبالتي‪.‬‬ ‫ألقي��ت التحية وعرّفت عن نفس��ي‪ ،‬فرحّبت بطيبةٍ‪،‬‬ ‫وس��رعان ما بدأ الحديث يش��غلنا عن الس��اعات المتبقية‪.‬‬ ‫كان��ت ترافقها إمرأة ش��ابة‪ ،‬بقيت صامت��ة معظم الوقت‪،‬‬ ‫تضع ف��ي حضنها باقة م��ن ورودٍ بيضا َء ذابلة‪ ،‬وتس��رحُ‬ ‫بنظرها طوي ًال عبر النافذة الكبيرة‪ ،‬حيث ال تنتهي السهول‬ ‫الخضراء‪.‬‬ ‫أن تعب‬ ‫ك ّلم��ا حدّقتُ في وج��ه العج��وز‪ ،‬ازاد يقيني ّ‬ ‫س��نين طويلة يرقدُ اآلن في أخادي��د وجهها العميقة‪ .‬لم‬ ‫أص��دّق أنها تبلغ من العمر خمس��اً وتس��عين‪ .‬كانت من‬ ‫مدينة أعرفها جيداً‪ ،‬فقد عش��تُ فيها قرابة الثالث سنوات‬ ‫أثن��اء أدائ��ي للخدمة اإللزامي��ة في إحدى قواع��د الجيش‬ ‫المُقامة على تخومها الشرقية‪.‬‬ ‫أخ��ذت كلماتها المتثاقلة تترات��بُ برويّةٍ‪ ،‬تصطفّ‬ ‫م��اض غابر‪ ،‬عن طفولةٍ‬ ‫في حكايات ممتعة انغمس��ت في ٍ‬ ‫انته��ت قبل الح��روب التي اندلعت عل��ى أرضها في القرن‬ ‫الماضي‪.‬لم نتك ّلم عن شرّ الحرب المشتعلة حتى اللحظة‪.‬‬ ‫ل��م تذكر ش��يئاً عنه��ا‪ ،‬وأنا فعل��ت مثلها كم��ا أوحتْ لي‪.‬‬ ‫وكأنها لم تكن ترغب عموماً بتخطي عتبة الباب المُفضي‬ ‫إلى سنوات النار‪.‬‬ ‫ «وما الذي أتى بكِ إلى هنا‪ .»...‬سألتها أخيراً‪.‬‬‫ «بهاتي��ن اليدي��ن ي��ا ول��دي‪ - ،‬بس��طت كفيّها‬‫المزدحمتين بالتجاعيد تنظرُ إليهما‪ -‬دفنتُ أحد عشر من‬ ‫أوالدي وأحفادي‪ .‬لهذا جاؤوا بي إلى هنا‪ .‬ال أعرف»‪.‬‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)73093‬‬ ‫دمشق‪5486 :‬‬ ‫ريف دمشق‪16883 :‬‬ ‫حمص‪10937 :‬‬ ‫درعا‪6379 :‬‬ ‫إدلب‪8508 :‬‬ ‫حلب‪11872 :‬‬

‫دير الزور‪4532 :‬‬ ‫الرقة‪891 :‬‬ ‫السويداء‪49 :‬‬ ‫حماة‪5065 :‬‬ ‫الالذقية‪854 :‬‬ ‫طرطوس‪309 :‬‬ ‫الحسكة‪530 :‬‬ ‫القنيطرة‪380 :‬‬

‫في المحطة الثالثة‪ ،‬صع��د المفتّشُ‪ .‬كانت مالمحه‬ ‫وبدلته المميزة وقبعته‪ ،‬تالئم بشكل عجيب الصورة التي‬ ‫اختزنها في ذاكرتي عن صاحب هذه الوظيفة‪ .‬في الخارج‪،‬‬ ‫كان الضوء المحبوس داخل الغيوم الداكنة يكاد يختنق‪ .‬ال‬ ‫ّ‬ ‫ظل لألش��ياء يُالحقها‪ ،‬واللون الرماديّ وحده يصب ُغ الجو؛‬ ‫المسافرون على الرصيف ووجوههم الغامضة‪.‬‬ ‫وق��ف الرج��ل ذو المالم��ح األلماني��ة النقيّ��ة ف��وق‬ ‫رؤوس��نا بعد أن َ‬ ‫فرغ م��ن التحقق من تذاك��ر الركاب على‬ ‫يمينن��ا‪ .‬توجه إليّ باأللمانية‪ ،‬ثم كرّر ما قاله بالفرنس��ية‬ ‫واإليطالي��ة تباع��اً‪ .‬رغم أنني أُلمُّ بالفرنس��ية جي��داً‪ ،‬فقد‬ ‫تلعثمتُ ووجدت نفس��ي أهزّ برأسي فحس��ب مناو ًال إيّاه‬ ‫التذكرة‪ .‬بعد أن تفحّص التذك��رة وق ّلبها‪ ،‬تفرّس لبرهة‬ ‫في وجهَيْ االمرأتين‪ ،‬ومضى خارجاً باتجاه العربة التالية‪،‬‬ ‫في حين عكفتُ أعيدُ النظر في أفكار مسبقة كانت لدي‪.‬‬ ‫عندم��ا أُعلنَ في مكب��رات الصوت ع��ن اقترابنا من‬ ‫محط��ة زي��و ِرخ‪ ،‬نهضتُ أحضّر نفس��ي للن��زول‪ ،‬ارتديت‬ ‫سُترتي وجهزّت حقيبة الكتف‪ .‬قلتُ للسيدة العجوز‪:‬‬ ‫ «دعيني أس��اعدك‪ ...‬فهذه ه��ي آخر محطة‪ .‬بعدها‬‫سيتابع القطار قاطعاً الحدود إلى دولة مجاورة»‪.‬‬ ‫ ْ‬‫«انزل يا ولدي‪ ...‬ليوفقكَ اهلل‪ .‬نحن سنتابع طريقنا‪.‬‬ ‫–صمت��تْ لثانيةٍ ثم أردفت‪ -‬ال عليك‪ ،‬س��يكون هناك من‬ ‫ينتظرنا»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫شاس��ع‪،‬‬ ‫كانت نبرة صوتها حنونة‪ ،‬انبثقتْ من هدو ٍء‬ ‫ٍ‬ ‫فألقتني في حيرةٍ بليغةٍ‪ ،‬توارى معها قلقي الذي أيقظتْهُ‬ ‫طقطق ُة األب��واب َ‬ ‫آن ُفتحتْ في اللحظ��ة التي تلتْ تو ّقفَ‬ ‫القطار‪.‬‬ ‫مش��يت إل��ى نهاي��ة الرصي��ف‪ ،‬وانتظ��رت‪ .‬ترك��تُ‬ ‫ُ‬ ‫كتمث��ال‪ ،‬بالكاد‬ ‫تس��قط بجانب قدميّ ووقفت‬ ‫الحقائ��بَ‬ ‫ٍ‬ ‫كنتُ أتن ّفس‪.‬لم أرفع يدي أللوّح بها مُدركاً السذاجة التي‬ ‫بتتبّع النوافذ‬ ‫كانت ستُوقِع بصدق أحاسيس��ي‪ .‬اكتفيتُ‬ ‫ِ‬ ‫بنظ��رات أرس��لتها بجهدٍ م��ن عينيّ المتعبتي��ن‪ ،‬تالقت‬ ‫بداي ًة لثانيةٍ مع نظرة س��ائقة القطار الجالس��ة وحيدة في‬ ‫ُقمرة القي��ادة‪ .‬كانت نظرتهُا منهوب ًة بالحزن‪ ،‬هذا ّ‬ ‫كل ما‬ ‫استطعتُ رؤيته‪.‬‬ ‫‪ 5523‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 2506‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 5173‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 18172‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 54921‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2013 / 9 / 14‬‬ ‫‪http://www.vdc-sy.info/‬‬

‫مت���ت ط��ب��اع��ة وت���وزي���ع ه���ذا ال���ع���دد م���ن ق��ب��ل م��ط��ب��ع��ة ���س��م��ارت ���ض��م��ن م�����ش��روع دع���م الإع���ل��ام ال�����س��وري احل��ر‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.