Souriatna Issue 13

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2011/12/18 | )13‬‬

‫االفتتاحية‬

‫‪...........................‬‬

‫أخبارنا‬ ‫أوجاع وطن‬

‫‪Degage ! ! . .‬‬

‫‪..............................‬‬ ‫‪.........................‬‬

‫ملخص أيام الحرية‬

‫‪1‬‬

‫‪3-2‬‬ ‫‪3‬‬

‫عقودٌ والنار تس��تعر في نفوس��نا‪ ...‬نعرفها روحاً فتدخل‬ ‫أجس��ادنا لتصمت‪ ...‬ننتظر نبياً من الس��ماء ينقذ أطفالنا من‬ ‫أمل بالغد‪ ،‬فقد آمنا أن��ه ليس لنا‪ ،‬لنحرق‬ ‫الخ��وف‪ ،‬نحل��م دون ٍ‬ ‫أحالمنا واحداً تلو اآلخر قبل أن تصل الذاكرة‪ ...‬وننسى‪...‬‬ ‫‪!!Degage‬‬ ‫صرخ��ت بوجهه الريفي البس��يط‪ ...‬ورزق��ه يترامى أمام‬ ‫عيني��ه‪ ...‬حيلت��ه الوحيدة الت��ي أتقنها على الحياة مس��تنفذاً‬ ‫ف��رص العي��ش تدحرج��ت عل��ى األرض‪ ...‬باع��ة الخضار في‬ ‫"س��يدي بوزيد" ينظرون بخوفٍ ووجل‪" ...‬ال"‪ ...‬صرخ الصوت‬ ‫في أعماق��ه‪ ...‬صوتٌ لم يس��معه من قبل رغ��م رنته األليفة‬ ‫على أذنيه‪ ...‬صوتٌ جديد ترع��رع ولم يبصر النور من قبل‪...‬‬ ‫وجع تأصل‬ ‫"ال"‪ ...‬ووصل ألم روحه‬ ‫بجس��ده فاحترق م��ن وقع ٍ‬ ‫ف��ي نفوس العرب بصمتٍ جي ً‬ ‫ال تلو آخر‪ ...‬وانفجر صوتاً تتالى‬ ‫صداه ف��ي آذان الماليي��ن‪ ...‬فصرخ��وا للخ��وف‪ ...‬ارحل‪ ...‬ال‬ ‫للديكتاتور‪...‬‬ ‫عامٌ م��ر على حريق البوعزي��زي‪ ...‬عامٌ تغي��ر فيه العالم‪،‬‬ ‫فلفظت شعوبه الخوف خارجها‪ ،‬ولم تعد خانع ًة تنتظر قدرها‪...‬‬ ‫تونس‪ ،‬ليبيا‪ ،‬مصر‪ ،‬س��وريا م��روراً باليم��ن والبحرين‪...‬‬ ‫احتلوا وال س��تريت‪ ..‬االحتجاجات في روس��يا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬اليونان‪،‬‬ ‫إس��بانيا‪ ...‬العال��م يتدحرج كتفاح البوعزيزي الذي س��قط عن‬ ‫وقمع دامت لعقود‪...‬‬ ‫عربته ليسقط معه أنظمة استبدادٍ ٍ‬ ‫كبخور‪ ،‬ثمرة الديمقراطية‬ ‫أزهر جسد البوعزيزي المحترق‬ ‫ٍ‬ ‫ف��ي تون��س والت��ي م�لأت ماليي��ن العي��ون بالدم��وع كما‬ ‫عين��ي "منصف المرزوق��ي"‪ ،‬وها هي مصر تش��هد انتخاباتها‬

‫الديمقراطية األولى بمش��اركةٍ ش��عبيةٍ لم تعرفها (منذ أيام‬ ‫الفراعنة)‪...‬‬ ‫صرخات الماليين في تونس ومصر‪ ،‬صارت أصواتاً فاعلةً‬ ‫في صناديق االقتراع‪ ،‬ولم تعد مجرد حناجر تصدح طلباً للحرية‬ ‫والديمقراطية‪ ...‬ال تهم األحزاب الرابحة والخاسرة والمفاهيم‬ ‫ً‬ ‫إس�لامية أم علمانية‪ ،‬مادام هناك ش��عبٌ‬ ‫الصاعدة إن كانت‬ ‫يختار ويقرر حقاً ما يريد‪...‬‬ ‫مواطن س��وري إل��ى بوعزيزي جديد‪،‬‬ ‫في س��وريا تحول كل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫المظاهرات الت��ي عمت مدنها‬ ‫لتش��هد الجمع��ة الفائتة خ�لال‬ ‫وقراها من الش��مال إلى الجنوب الفتاتٍ تحي��ي البوعزيزي بعد‬ ‫انقضاء عام عل��ى موته التاريخي‪ ...‬وانتص��ار الديمقراطية كان‬ ‫ٍ‬ ‫حتمياً في تونس ومصر وليبيا‪ ،‬وسيكون حتمياً في سوريا واليمن‬ ‫والبحرين وكل العالم الصارخ بوجه الديكتاتوريات والظلم‪...‬‬ ‫اقتراع حقيقية‪ ،‬ورئيساً جديداً تدمع‬ ‫سوريا تنتظر صناديق‬ ‫ٍ‬ ‫عيناه حقاً ويقط��ع عهداً بالوفاء لكل بوعزيزي عرفته س��وريا‪،‬‬ ‫تنتظر انتصار ثورتها الحتمي‪ ،‬ليحتفل من ٍ‬ ‫بقي من الش��عوب‬ ‫العربي��ة تحت حك��م الديكتاتوريات بعام على انتص��ا ِر ثورتنا‬ ‫ٍ‬ ‫الس��ورية رافعين ص��ور حمزة وهاجر وغياث مس��تلهمين من‬ ‫شهدائنا القوة والعزيمة كما استلهمنا من البوعزيزي‪.‬‬ ‫في البدء كان البوعزيزي‪..‬‬ ‫في البدء كانت درعا‪...‬‬ ‫هكذا قال األحرار‪...‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الملف ‪5 - 4 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫حكم البعث في سوريا‬ ‫كلمة في الثورة ‪6 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫طريق الحرية‬ ‫من الربيع العربي ‪7 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫بوعزيزي في ذكرى اندالعه األولى‬ ‫نبض الروح ‪8 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫دندنات إندساسية ‪9 . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫من ذاكرة المعتقالت ‪10 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫يا نحن ‪11 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مدننا الثائرة ‪12 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫من أعمدة الصحافة ‪13 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الصفحة القانونية ‪14 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫وجوه من وطني ‪15 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫حبر ناشف ‪17 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫تحقيق ‪18 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫تاريخ االنقالبات العسكرية في سوريا‬

‫‪Degage ! ! . .‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬

‫في هذا العدد‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫‪1‬‬ ‫سوريتنا‬


‫الأطفال يف �سورية �ضحايا اليوم وامل�ستقبل‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫عندما يهتف "مصطفى" إبن االثني‬ ‫عشرة عامًا "يلعن روحك يا بشار" يردد‬ ‫وراءه عشرات الطالب من مدرسته‬ ‫الواقعة وسط محافظة درعا‪ ،‬وتنظرإليه‬ ‫أمه مشجعة ومحثة على اإلستمرار في‬ ‫الهتافات‪ .‬ع ّلق "مصطفى" صورة "حمزة‬ ‫الخطيب" في غرفته‪ ،‬الطفل الذي اعتقله‬ ‫وقتله رجال األمن ويستذكر عشرات‬ ‫الطالب اآلخرين الذين تعذبوا في أقبية‬ ‫األمن السياسي في فرع درعا وكانوا‬ ‫الشرارة في إنطالق الثورة السورية‪.‬‬ ‫يتحدث عنهم بألم مردداً أقاويل الشباب‬ ‫الذين دخلوا إلى تلك المعتقالت‪ ،‬ويعبّر‬ ‫أيضاً عن قلقه من الخطر الذي تعيشه‬ ‫عائلته‪" :‬أبي وأوالد عمي باتوا في خطر‬ ‫حقيقي بسبب العصابات األسدية"‪ .‬في‬ ‫مناطق التوتر لم تعد الناس تفكر في‬ ‫منع أوالدهم من الخروج إلى المظاهرات‪.‬‬ ‫تقول أم مصطفى‪" :‬يكفينا ما عشناه‪،‬‬ ‫وليحصل أوالدنا على الحرية المنشودة!‬ ‫"‬ ‫في مدينة "مصطفى" اعتقل رجال‬ ‫األمن والمرتزقة التابعون لهم المئات‬ ‫من الرجال ليأخذونهم إلى مكان مجهول‪،‬‬ ‫وليعود هؤالء الرجال بعد فترة وقد خطت‬ ‫ظهورهم آثار التعذيب‪ ،‬وتلونت جلودهم‬ ‫"بألوان الحرية" كما يسميها أبناء درعا‪.‬‬ ‫أصبح "األمن" أو "رجال األمن"‬ ‫بالنسبة إلى الكثير من األطفال مرادفًا‬ ‫للرعب‪" .‬عمر" ابن الخامسة يحاول أن‬ ‫يخوّف أمه فيقول لها‪" :‬األمن في الشوارع‬ ‫تحت"‪ .‬وكلما خرج إلى الشارع يسألها‪:‬‬ ‫"هل سيطلق األمن علينا الرصاص؟"‬ ‫"عال" بنت الثامنة من سكان سقبا‬ ‫تروي ما حصل مع الصيدلي الذي يدير‬

‫صيدلية في الشارع الذي تسكنه حينما‬ ‫اقتحم رجال األمن المدينة وخربوا‬ ‫الممتكالت‪" :‬دخلوا من أول الشارع وهم‬ ‫يصرخون (اهلل سورية بشار وبس)‪،‬‬ ‫كانوا كثيرين ومعهم سيارات خضراء‪.‬‬ ‫كانوا يكسرون كل سيارة واقفة على‬ ‫طرف الطريق‪ ،‬ويكسرون أغالل المحالت‬ ‫ليسرقوا منها‪ ،‬واهلل رأيتهم وهم‬ ‫يضربون الصيدلي ويسرقون أمواله‪،‬‬ ‫وبعد ذلك إعتقلوه وحطموا الصيدلية‬ ‫وكسروها تكسيراً"‪.‬‬ ‫"عال" رأت ذلك من النافذة المساماة‬ ‫"مرآة" فهي تجعل ساكن المنزل يرى ما‬ ‫خارجه دون أن يُرى‪ ،‬ورغم ذلك قالت‪:‬‬ ‫"خفت أن يروني‪ ،‬أن يسمعوني‪ ،‬فخفضت‬ ‫رأسي ونظرت من طرف عيني"‪ .‬كانت‬ ‫تبكي وتشير بيديها أين كانوا وماذا‬ ‫فعلوا وكيف كسروا كل ذلك‪ ،‬وكيف‬ ‫اعتقلوا عدداً كبيراً من الذكور صغاراً‬ ‫وكباراً وهم يضربونهم‪.‬‬ ‫تصف الباحثة اإلجتماعية "باسمة"‬ ‫عرابي الكثير من حاالت اإلضطراب‬ ‫النفسي التي يعاني منها األطفال‬ ‫السوريون حالياً‪ .‬فيعيشون في قلق دائم‬ ‫من الحاضر ومن المستقبل‪" :‬من الممكن‬ ‫أن يخلق هذا القلق الوسواس القهرية‪،‬‬ ‫وربما بعض حاالت الهلع‪ ،‬وإضطرابات‬ ‫تحولية وإنشقاقية‪ ،‬ومحاوالت إيذاء‬ ‫النفس‪ ،‬وإضطرابات اإلخراج‪ ،‬واإلرتباط‬ ‫في السنوات األولى"‪ .‬وتشير الباحثة‬ ‫أيضاً إلى إحتمال جنوح عدد أكبر من‬ ‫األطفال الذين خبروا العقوبات الجسدية‬ ‫إلى سلوك عنفي باإلضافة إلى تردي‬ ‫أدائهم المدرسي‪.‬‬ ‫مختص في علم نفس وأستاذ في‬

‫جامعة دمشق (رفض البوح عن إسمه)‬ ‫يربط ربطًا مباشراً بين ما يفعله رجال‬ ‫األمن في مختلف المناطق السورية‬ ‫ومخاطر اإلنحراف المستقبلية لدى‬ ‫األطفال‪" :‬الطفولة أهم مرحلة من‬ ‫مراحل حياة اإلنسان‪ ،‬تعرض الطفل‬ ‫لتجارب مؤلمة يؤدي إلى إختالل ليصبح‬ ‫متهيئاً لإلنحراف في أية مرحلة من‬ ‫مراحل حياته"‪ .‬يصمت الدكتور للحظات‬ ‫ثم يتابع القول‪" :‬ما تفعله األجهزة األمنية‬ ‫هو اعتماد مبدأ العقوبة مما يؤدي مع‬ ‫الوقت إلى إفقادها فعاليتها‪ ،‬فيعتاد عليها‬ ‫المواطن السوري والطفل السوري‪ ،‬وقد‬ ‫يسير البعض مع األمن‪ ،‬لكن األغلبية‬ ‫العظمى وخاصة األطفال ممن يرون‬ ‫أباءهم يقتلون أو يعذبون أو يضربون‬ ‫ستحفر هذه األحداث في أذهانهم‪،‬‬

‫ليكبروا وقد مألتهم أحقاد كبيرة"‪.‬‬ ‫في بداية ديسيمبر‪/‬كانون األول‬ ‫تحدثت "نافي بيالي" مفوضة األمم‬ ‫المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬أن ‪ 307‬أطفال‬ ‫قتلوا حتى اآلن منذ اندالع اإلحتجاجات‬ ‫في سورية في منتصف شهر آذار‪/‬مارس‬ ‫الماضي‪ .‬كما أشارت "بيالي" إلى وجود‬ ‫أدلة تثبت وجود أطفال في عداد ضحايا‬ ‫التعذيب وإلى وقوعهم ضحايا العنف‬ ‫الجنسي في مراكز اإلعتقال‪ .‬المدير‬ ‫التنفيذي لليونيسف‪ ،‬منظمة األمم‬ ‫المتحدة للطفولة‪ ،‬أدان بشدة ممارسات‬ ‫أجهزة األمن السورية بحق األطفال في‬ ‫البالد وحث الحكومة في دمشق على‬ ‫اإللتزام بتعهداتها بإحترام حقوق الطفل‪.‬‬ ‫ولم يصدر أي تصريح عن جهة حكومية‬ ‫سورية معنية بملف حقوق الطفل‪.‬‬

‫عنا�صر �أمن �سابقون �صحفيون الحقون م�شاركني فـي‬ ‫عمليات القتل والت�شبيح يف حم�ص‬

‫وردت أخبار عن أن بعض ما يدعى‬ ‫بالصحفيين في مدينة حمص والذين‬ ‫كانوا يعملون بصحف خاصة صفراء‬ ‫شاركوا بشكل فعلي وعملي بعمليات‬ ‫قتل المتظاهرين واعتقالهم‪ ،‬وبالتدقيق‬ ‫ً‬ ‫حقيقة‬ ‫بهذه المعلومات فإن هؤالء هم‬ ‫عناصر ينتمون إلى أجهزة أمنية وإما‬ ‫تم طردهم منها سابقاً وتم إعادتهم‬ ‫إلي العمل األمني الفعلي منذ بداية‬ ‫االحتجاجات في سورية‪ ،‬أو كانوا يعملون‬ ‫صحفيين كغطاء لمهمات أمنية قبل‬ ‫الثورة السورية واليوم هم في قائمة‬ ‫قادة التشبيح الميداني بحمص‪.‬‬ ‫ومن هؤالء الذين التقت بهم كلنا‬ ‫شركاء بشكل سري ودون اإلفصاح عن‬ ‫هويتنا‪.‬‬ ‫المدعو ( ف – ح) وهو الشبيح األخطر‬ ‫في حمص والذي كان يعمل كمدير تحرير‬ ‫في مجلة سياسية واجتماعية صفراء‬ ‫وهو عنصر مطرود بحسب زعمه من‬ ‫جهاز أمن الدولة منذ عدة أعوام وعمل‬ ‫صحفياً ميدانياً في هذه المجلة مدة‬ ‫سنتين وقبلها في مواقع الكترونية تابعة‬ ‫تمويليًا وتحريراً ألجهزة األمنوشوهد‬ ‫المدعو (ف ح) يقوم بضرب المتظاهرين‬ ‫في ساحة الساعة الجديدة وفي البياضة‬ ‫وجب الجندلي ودير بعلبة وباب تدمر كما‬ ‫شوهد يحمل أسلحة حربية هي عبارة عن‬

‫بندقية روسية ومسدسات وقنابل يدوية‪،‬‬ ‫وفي حديث معه كان يتباهى بقتله لعدد‬ ‫من المتظاهرين‪ ،‬وفي الفترة األخيرة‬ ‫تركز تواجده بحسب أقواله مع األمن‬ ‫السياسي في باب السباع حيث اعطي‬ ‫كاميرا حديثة بغية تصوير المتظاهرين‬ ‫أو مجموعات مسلحة على حد زعمه كما‬ ‫اتبع دورات على القنص في معسكرات‬ ‫تابعة للمخابرات الجوية‪.‬‬ ‫المدعو ( ن – ع – ر) وهو عنصر‬ ‫سابق أيضًا في جهاز أمن الدولة ويعمل‬ ‫ك «صحفي» في مجلة خاصة غير‬ ‫مشهورة إضافة لعمله حاليًا مسؤو ًال عن‬ ‫تنسيق عمليات الشبيحة في عدة أحياء‬ ‫وشارك بتأسيس مجموعات تشبيحية‬ ‫تعمل تحت إمرته وشوهد وهو يعتقل‬ ‫عدداً من المتظاهرين كما أنه ساهم في‬ ‫قتل متظاهرين في أحياء الشماس وباب‬ ‫سباع وبابا عمرو والوعر‪ ،‬وبحسب حديث‬ ‫معه فإنه يتلقى رواتبه من مكتب األمن‬ ‫القومي وهو يملك روسية خاصة به‬ ‫إضافة إلى مسدس مرخص وأعطي من‬ ‫قبل الجهة األمنية التي يعمل معها وهي‬ ‫األمن العسكري قنابل يدوية وبندقية‬ ‫بومب أكشن وتتولى األجهزة األمنية‬ ‫إمداده بالذخائر واألموال الالزمة كما تم‬ ‫تزويده بسيارتين مرسيدس نمرة ريف‬ ‫دمشق ودمشق‪.‬‬

‫المدعو (م – س) مساعد أول سابق‬ ‫في أحد االجهزة األمنية وعمل كرئيس‬ ‫تحرير لمجلة خاصة بعد ذلك وهو يقوم‬ ‫بعمليات التشبيح مع فريق مؤلف من‬ ‫خمسة زمالء له في ريف حمص بأوامر‬ ‫أمنية وتقوم هذه األجهزة األمنية بإمداده‬ ‫باألموال والسالح والسيارات بغية تنفيذ‬ ‫مهمات قذرة‪.‬‬ ‫المدعو ( و – ي) وهو عضو في‬ ‫مايسمى بمجموعة اإلعالميين الشباب‬ ‫في اتحاد شبيبة الثورة ومسؤول فعليًا‬ ‫وعمليا ً عن عمليات تشبيح وضرب وقتل‬ ‫متظاهرين منذ أول مظاهرة في حمص‬ ‫ومسؤول مباشرة عن تكسير محالت في‬

‫المناطق الموالية بعد العثور على جثث‬ ‫الشباب الثالثة منكل بها حيث افتعلت‬ ‫أحداث لتظهر كردة فعل على وجود جثث‬ ‫الشبان الثالثة‪ ،‬كما قام المدعو (و وأخوه‬ ‫م ) وهو يضرب متظاهرين ويالحقهم‬ ‫وخاصة من كان منهم من األقليات وكان‬ ‫موكل إليه بشكل مباشر بث شائعات‬ ‫عن هجوم الحارات على بعضها في‬ ‫حمص ومسؤول عن التجييش الطائفي‪،‬‬ ‫المفارقة أن المدعو (و) شارك بجلسات‬ ‫الحوارات التي جرت في حمص وشارك‬ ‫فيها بصفتها مستق ًال وظهر على شاشة‬ ‫التلفزيون السوري والدنيا عدة مرات‬ ‫بنفس السياق‪.‬‬


‫�ستكون فل�سطني ح ّرة حني �ستكون‬ ‫�سوريا ح ّرة!‬

‫اباء رزق‬ ‫أبرار عقيل‬ ‫أحمد فاهوم‬ ‫أحمد نمر‬ ‫ارين ناصر‬ ‫أسامة شومر‬ ‫أسامة غراب‬ ‫أسماء الغول‬ ‫أماني اغبارية‬ ‫أمل مرتجى‬

‫جملة تامي تختار ‪/‬املحتج‪� /‬شخ�صية عام ‪2011‬‬

‫‪ 2011‬لمجلة تايم األميرال وليام مكريفن قائد‬ ‫العمليات الخاصة األمريكية المشتركة بالواليات‬ ‫المتحدة وقائد المهمة السرية االمريكية التي‬ ‫قتلت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن الدن‬ ‫بباكستان في مايو‪ /‬أيار‪.‬‬ ‫وجاء في المركز الثالث بالقائمة الفنان‬ ‫الصيني المنشق اي ويوي الذي فجر احتجاز‬ ‫السلطات له في مكان سري لمدة ‪ 81‬يومًا أوائل‬ ‫العام الجاري احتجاجات دولية‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫نيويورك ‪ -‬رويترز‬ ‫من الربيع العربي وحتى حركة احتلوا وول‬ ‫ستريت اختارت مجلة تايم االمريكية اليوم‬ ‫االربعاء (المحتج) شخصية عام ‪.2011‬‬ ‫وتحدد المجلة شخصية العام على أساس‬ ‫تأثيرها سواء بالسلب أو االيجاب على أحداث‬ ‫العام‪.‬‬ ‫وقال ريك ستنجل رئيس تحرير مجلة‬ ‫تايم في بيان‪ :‬هل هناك مرحلة عالمية حاسمة‬ ‫لإلحباط في كل االنحاء يبدو أن الناس يقولون‬ ‫إن الكيل طفح‪.‬‬ ‫وأضاف‪ :‬عارضوا طالبوا لم ييأسوا حتى حين‬ ‫كانت الردود تأتيهم في صورة سحابة غاز مسيل‬ ‫للدموع أو وابل من األعيرة النارية جسدوا حرفيًا‬ ‫ال فرديًا يمكن أن يحدث عم ً‬ ‫فكرة أن عم ً‬ ‫ال جماعيًا‬ ‫يؤدي إلى تغيير هائل‪.‬‬ ‫وشهد عام ‪ 2011‬زيادة غير مسبوقة في‬ ‫حجم االنتفاضات السلمية وأحياناً العنيفة في‬ ‫كل قارة من قارات العالم تقريبًا‪.‬‬ ‫ويربط محتجون في قائمة طويلة من دول‬ ‫العالم بينها اسرائيل والهند وتشيلي والصين‬ ‫وبريطانيا واسبانيا والواليات المتحدة اآلن بشكل‬ ‫متزايد أعمالهم صراحة بالثورات الشعبية التي‬ ‫هزت منطقة الشرق االوسط‬ ‫وحل ثانياً بعد المحتج في قائمة شخصيات‬

‫أوجاع وطن ‪. .‬‬

‫المو ّقعون‪:‬‬

‫أنس حمرا‬ ‫بدور حسن‬ ‫بشار لبد‬ ‫ثمينة حصري‬ ‫جالل أبو خاطر‬ ‫حمزة البحيصي‬ ‫خالد الشهابي‬ ‫دالية عثمان‬ ‫داليا غراب‬ ‫دعاء علي‬ ‫ديانا الزير‬ ‫ديما السعافين‬

‫رشا حلوة‬ ‫روان أبو شهال‬ ‫سائد كرزون‬ ‫سيمون نصّار‬ ‫صالح دوابشة‬ ‫عبير قبطي‬ ‫عال عنان‬ ‫عالء أبو دياب‬ ‫عالء حليحل‬ ‫علي أبونعمة‬ ‫علي باري‬ ‫علي المصري‬

‫عمرة عمرة‬ ‫فداء أبو عاصي‬ ‫فرح برقاوي‬ ‫لينا السعافين‬ ‫مجد كيال‬ ‫محمد جرادات‬ ‫مريم البرغوتي‬ ‫معاذ مصلح‬ ‫مها رزق‬ ‫ميساء حجاج‬ ‫ميساء عزايزة‬ ‫ميرا البابا‬

‫ميرا النابلسي‬ ‫نادر الخزندار‬ ‫نادين درويش‬ ‫ناالن السراج‬ ‫نسرين مزاوي‬ ‫نهال العلمي‬ ‫هال الصفدي‬ ‫هناء محاميد‬ ‫هويدة عراف‬ ‫يسرى جاموس‬

‫قرر شباب الثورة السورية أن يبدؤوا خطة إضرابهم التي‬ ‫يريدون لها أن تنتهي بالوصول إلى العصيان المدني‪ ،‬في‬ ‫ّ‬ ‫كل ثورات العالم هناك من يحمل السالح وهناك من يدعو‬ ‫للسلمية‪ ،‬والعصيان المدني واإلضراب العام يقدمان خياراً‬ ‫مقبو ًال من كال الطرفين‪ ،‬وعليه تتضافر الجهود والدعوات‬ ‫كلها ليسحب الناس شرعية النظام الحاكم وليقولوا كلمتهم‬ ‫في وجهه‪ :‬لن ندعمك بعد اليوم بسكوتنا…‬ ‫شباب أيام الحرية ككل مجموعات الثورة في سوريا‬ ‫خصصوا روزنامة عملهم الجديدة هذا األسبوع لدعم خطة‬ ‫اإلضراب وبدأ األسبوع يومه األول باإلعالن عن خطة اإلضراب‬ ‫وتوزيع منشوراته في دمشق والعديد من المحافظات‬ ‫األخرى‪..‬‬ ‫وفي نفس اليوم وككل أسبوع أطلق شباب أيام الحرية‬ ‫فكرة (ثورة بال بواريد) التي حملت عنوان (أنا عم ضرّ‬ ‫الثورة!!) وطرحت حلقة األسبوع إشكاالت حول سلوكيات‬ ‫يقوم بها بعض شباب الثورة ظنًّا منهم أنهم يدعمون الثورة‬ ‫إال أنهم يكونون قد قامو بنفس الوقت بسلوك يؤذي الثورة‬ ‫ويؤثر على شكلها ونقائها‪.‬‬ ‫يوم األحد دعم شباب أيام الحرية الدعوة لالضراب العام‬ ‫ليوم واحد ‪ 2011/12/11‬وأطلقو دعواتهم وفيديوهاتهم‬ ‫ومنشوراتهم التي تشرح فكرة االضراب كما قامو بتغطية‬ ‫األحداث في سوريا ونشرها في كل مكان‪ ،‬على االنترنت‬ ‫وفي الجرائد والصحف وبالتأكيد على القنوات التي تغطي‬ ‫األحداث في سوريا‪.‬‬ ‫في نفس اليوم أطلقوا دعوة تحت اسم (مغترب‬ ‫صائم) يدعون فيها المغتربين خارج سوريا للصيام إضرابًا‬ ‫عن الطعام وذلك تضامناً مع اضراب الكرامة في الداخل‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫أما مفاجأة يوم األحد فكانت قيام ثوار الشام ضمن‬ ‫فعاليات روزنامة الحرية باإلعالن عن بدأ اإلضراب العام في‬ ‫مدينة دمشق بإطالق ‪ 5‬مناطيد في وقت واحد في مناطق‪:‬‬ ‫الميدان – المهاجرين – السويقة – القدم – برزة‪.‬‬ ‫مفاجأة اإلثنين ‪ 2011-12-12‬من روزنامة الحرية نشر‬ ‫صور الشهداء كمرشحين لالنتخابات‪ ،‬حيث قامت مجموعة‬ ‫من الشباب و الصبايا بتوزيع ولصق صور الشهداء في جميع‬ ‫أنحاء دمشق عوضاً عن صور‬ ‫المرشحين الخاسرين ورفضاً للمشاركة في أية انتخابات‬ ‫غير شرعيّة تجري قبل زوال النظام‪..‬‬ ‫وفي داريا أطلق شباب تنسيقية داريا مفاجأة (مرجانة‬ ‫واألربعين شبيح في داريا)‪ .‬كلنا نعرف قصة علي بابا‬ ‫واألربعين حرامي من حكايات ألف ليلة وليلة‪ ،‬عندما وضع‬ ‫اللصوص عالمة على بيت علي بابا ليعرفوه وينالوا منه‪،‬‬ ‫ولكن زوجته الذكية (مرجانة) قامت بعد مغادرة األشرار‬ ‫بوضع نفس العالمة على جميع بيوت الحي‪ ،‬فضاعت الطاسة‬ ‫من العصابة‪ .‬وهذا ما حصل في عشيّة (إضراب الكرامة) في‬ ‫داريا‪ ،‬فقد كانت االستجابة شبه كاملة في البلد مما أغضب‬ ‫الشبيحة وأفقدهم صوابهم‪ ،‬فقاموا بوضع عالمة (إكس)‬ ‫على بعض المحالت التي كانت مغلقة‪ ،‬كإشارة تخويف ووعيد‬ ‫بالعقاب‪ .‬فما كان من شباب داريا إال أنهم وضعوا نفس‬ ‫العالمة وبنفس لون الطالء األحمر على معظم المحالت‪.‬‬ ‫الثالثاء اطلقت أيام الحرية حملة باسم (علملي على‬ ‫موبايلي – مغلق حتى إشعار آخر) وذلك دعوة منهم إلغالق‬ ‫موبايالتكم وذلك ألن كل كلمة تسري عبر أثير موجات‬ ‫الموبايل ستحمل قرشًا إلى جيوب القتلة وسارقي البالد‪.‬‬ ‫يوم األربعاء وزع شباب نفوس كرام أكثر من ‪4000‬‬ ‫ديفيدي على بيوت دمشق حملت الديفيديات معلومات‬ ‫حول االضراب والعصيان المدني ‪ ،‬معلومات حول االضراب‬ ‫الستيني الذي قام به أهالي دمشق‪ ،‬وسلسلة فيديوهات‬ ‫تعليمية حول االسعافات األولية‪ ،‬إضافة ألفالم وثائقية تؤرخ‬ ‫استبداد األسرة األسدية‪ .‬كما أطلق الشباب في نفس اليوم‬ ‫فكرة (نحن نعمل لحريتكم) والتي قدمت شروحًا ونصائح‬ ‫حول كيفية قطع الطرقات‪.‬‬ ‫الخميس كانت حملة (إذا ذهبت للعمل فلن أعمل)‪ ،‬وهي‬ ‫تمهيد لإلضراب الكامل الذي سيأتي في المراحل القادمة‪،‬‬ ‫ففي هذه المرحلة قد نكون مضطرين للذهاب إلى العمل‪،‬‬ ‫ولكننا سنحاول أال نعمل وال نكون مفيدين في أماكن عملنا‪.‬‬ ‫أيام الحرية قادمة‪ ..‬ال تنتظروها‪ ..‬شاركونا صنعها…‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬

‫نحن مجموعة من المدونين والناشطين‬ ‫الشباب الفلسطينيين نطلق صرختنا مرة أخرى‬ ‫تضامنًا مع كافة معتقلي الثورة السورية‬ ‫العظيمة جميعهم‪ /‬ن من ناشطين‪ /‬ات‪ ،‬فنانين‬ ‫‪ /‬ات‪ ،‬مدونيين ‪ /‬ات وغيرهم الذين أطلقوا وال‬ ‫زالوا يطلقون أصواتهم عاليًا في الشارع وعبر‬ ‫المنصات المختلفة مطالبين بالحريّة والعدالة‬ ‫ووقف الظلم واالستبداد وسياسة كم األفواه‬ ‫الذي يتبعها النظام السوري منذ ما يزيد عن‬ ‫أربعة عقود سنوات‪.‬‬ ‫نطلق بياننا هذا‪ ،‬تضامناً معهم ومع المدونة‬ ‫السورية رزان الغزاوي والتي لم يتوقف يومًا‬ ‫دعمها ومساندتها للقضية الفلسطينية‪ ،‬وكانت‬ ‫أول من تضامن مع المدونين الفلسطينيين الذين‬ ‫لم يحصلوا على تأشيرات دخول للمشاركة في‬ ‫مؤتمر المدونين العرب األخير في تونس‪ .‬وكانت‬ ‫رزان قد نشرت تدوينة لها في العام ‪ 2008‬إبان‬

‫الحرب على غزة بعنوان "حول فكرة "التضامن"‬ ‫مع غزة"‪ ،‬قائلة‪ :‬أفهم أن يتضامن ّ‬ ‫سكان كوبا‬ ‫والبرازيل وباكستان مع غزّة‪ ،‬لكنّني ال أفهم‬ ‫حين يتضامن السوريون واللبنانيون واألردنيون‬ ‫ال بل الفلسطينيون في الشتات مع ّغزة‪ ،‬فماذا‬ ‫يُقصد بالتضامن هنا؟"‪.‬‬ ‫ال نتضامن مع رزان الغزاوي و‪ 150‬معتقلة‬ ‫ّ‬ ‫وكل المعتقلين فقط‪ ،‬بل نعلن أن‬ ‫سورية‬ ‫مصيرنا وهمّنا ونضالنا واحد‪ ،‬وأنه ال يمكن‬ ‫لفلسطين أن تتحرر لطالما بقيت شعوبنا‬ ‫العربية تعيش تحت األنظمة الرجعية والظالمة‪،‬‬ ‫وأن فلسطين ستكون حرّة حين ستكون سوريا‬ ‫حرّة والشعب السوري يعيش بكرامة‪.‬‬ ‫الحريّة ّ‬ ‫لكل المعتقلين في سجون النظام‬ ‫السوري‪ ،‬وتحيا الثورة السورية‪ ،‬حرّة من‬ ‫الدكتاتورية‪ ،‬ومن التدخّل الخارجي‪ ،‬ومن‬ ‫الطائفية‪.‬‬

‫ملخص األسبوع الحادي عشر‬ ‫من أيام الحرية‬

‫‪3‬‬


‫حكــم البعــث فـي �ســوريا‬ ‫ياسر مرزوق ‪ -‬ليلى السمان‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫خاص سوريتنا‬ ‫كانت س��وريا إبان االس��تقالل تعي��ش حال ًة‬ ‫من االنفتاح السياس��ي والثقاف��ي والفكري متأثر ًة‬ ‫بالتي��ارات الفكرية العالمية والمدارس الفلس��فية‬ ‫التي نش��أت في أوروبا‪ ،‬وأتاح هامش الديمقراطية‬ ‫الملح��وظ الفرصة لنش��وء أحزاب وتي��ارات فكرية‬ ‫عماده��ا أبن��اء األري��اف والمناطق الفقي��رة لتقارع‬ ‫األس��ر القديم��ة والمتنفذة على المقاع��د النيابية‬ ‫وعلى رأس الدولة‪ ،‬ومن أهم هذه التيارات وأكثرها‬ ‫تأثيراً ح��زب البعث العربي االش��تراكي مس��تفيداً‬ ‫من من��اخ الحريات السياس��ية‪ ،‬وكان مق��دراً لهذا‬ ‫الحزب أن يك��ون أحد األحزاب المؤث��رة إيجاباً في‬ ‫الحياة االجتماعية والسياس��ية في س��وريا‪ ،‬لوال لم‬ ‫تتم عسكرته وتغوله على السلطة وبالتالي تحوله‬ ‫إل��ى الحزب الواحد القائد‪ ،‬فمنذ انقالب عام ‪1963‬‬ ‫بشكل‬ ‫تضاعفت أعداد المنتس��بين إلى هذا الحزب ٍ‬ ‫اس��تثنائي‪ ،‬ترافق مع هذه الزيادة في العدد ضياع‬ ‫للهوي��ة وابتع��اد عن العقي��دة األساس��ية له عند‬ ‫جمي��ع المنتس��بين‪ ،‬لتقتص��ر على مجرد ش��عارات‬ ‫يرددها أنص��اره‪ ،‬ومع اندالع الثورة الس��ورية عام‬ ‫‪ 2011‬سقط قناع الشعارات الزائفة وظهرت الهوة‬ ‫العميقة بين الحزب وقاعدته الشعبية‪.‬‬ ‫في ع��ام ‪ 1947‬بعد عام واح��د على جالء‬ ‫الفرنس��ي عن س��وريا ولد ٍ‬ ‫حزب البع��ث العربي‬ ‫االش��تراكي على يد المس��يحي ميش��يل عفلق‬ ‫والمس��لم الس��ني صالح الدين البيطار ومعهما‬ ‫دمش��قي ثال��ث ل��م يعم��ر طوي ًال اس��مه مدحت‬ ‫البيطار‪ ،‬وقد ظه��رت مقدمات البعث في اإلحياء‬ ‫العرب��ي وبالتزام��ن كان أس��تاذ آخ��ر أيض��ًا في‬ ‫باري��س يدع��ى زكي األرس��وزي يبش��ر بالبعث‬ ‫العربي واألخير علوي المذهب لم يكن دمش��قيًا‬ ‫بل من لواء اس��كندرون‪ ،‬والثالثة ربطتهم صلة‬ ‫متفاوت��ة بتجرب��ة س��ابقة ه��ي عصب��ة العمل‬ ‫القومي التي أسس��ها ع��ام ‪ 1933‬اللبناني علي‬ ‫ناص��ر الدي��ن ومعه بعض الش��بان الس��وريين‬ ‫والعراقيين واللبنانيين‪ ،‬وال بدّ من اإلش��ارة إلى‬ ‫توافق في المنهجيات مع ما كتبه ساطع الحصري‬ ‫المعاصر لعفلق وأحد دعاة القومية العربية‪.‬‬ ‫كانت األكثرية في كتل��ة البعثيين األوائل‬ ‫م��ن صغ��ار الش��بان من ط�لاب وتالمي��ذ يغلب‬ ‫عليه��م أصولهم الريفي��ة وانتمائه��م لألقليات‬ ‫وه��ؤالء وف��دوا إلى دمش��ق للدراس��ة فواجهوا‬ ‫غربة عالمها وصدها لهم وتعاليها عليهم‪.‬‬ ‫أفكار البعث األولى كانت بسيطة مصوغة‬ ‫بلغة عفل��ق اإلنش��ائية والتي احتوته��ا مقاالت‬ ‫قصيرة نش��ر قسم منها في جريدة األيام كبرى‬ ‫الصح��ف الدمش��قية و التابعة للكتل��ة الوطنية‬ ‫والحقاً نش��ر معظمه��ا كافتتاحيات ف��ي جريدة‬ ‫البعث‪)1( .‬‬

‫عهد البعث الأول‪:‬‬

‫إن المغلوب مولعٌ أبداً باالقتداء بالغالب‪ ،‬في‬ ‫شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده‬ ‫ابن خلدون‬ ‫كان��ا ش��ابين ف��ي مطل��ع العمر يبحث��ان عن‬ ‫العل��م والمعرفة بعيداً عن وطنهما األم‪ ...‬جمعتهما‬ ‫باريس حاضن��ة الفكر والثقاف��ة‪ ،‬فترافقا منذ عام‬ ‫‪ 1929‬وحتى عام ‪ 1934‬ونهال من الحضارة الغربية‪،‬‬ ‫ليعيدا إحياء الفكر القومي العربي‪..‬‬ ‫ميش��يل عفل��ق وص�لاح الدي��ن البيطار‪،‬‬ ‫يتحدث عفلق عن فترة الدراسة في فرنسا‪" :‬لم‬ ‫أك��ن قبل ذهابي إلى فرنس��ا س��وى وطني اآلن‬ ‫مغال في‬ ‫بدور ٍ‬ ‫ق��د تأثرت جداً بوالدي الذي ق��ام ٍ‬ ‫النضال ضد الفرنس��يين فس��جن مراتٍ عديدة‬ ‫ألن الوطنية كان��ت تعتبر واقعنا المحلي‪ ،‬لكنني‬ ‫اكتش��فت والبيط��ار االش��تراكية ف��ي فرنس��ا‪،‬‬ ‫وعندم��ا عدن��ا كن��ا متلهفين على إيص��ال هذه‬ ‫جيل جديد"‪.‬‬ ‫األفكار إلى ٍ‬

‫ع��اد االثن��ان إل��ى س��وريا بعد اس��تكمال‬ ‫تحصيلهما العلمي‪ ،‬لكنهما لم يكرس��ا نفسيهما‬ ‫كلياً للسياس��ة وذلك لعدة س��نوات‪ ،‬وعوضاً عن‬ ‫ذل��ك بدأا بالتدريس في إحدى ثانويات دمش��ق‪،‬‬ ‫في ع��ام ‪ 1935‬قام��ا بالتعاون بإنش��اء وتحرير‬ ‫صحيفة الطليعة يس��ارية الطابع ثورية اللهجة‪،‬‬ ‫وتقاربا مع الش��يوعيين مطل��ع الثالثينيات إال أن‬ ‫ه��ذا التقارب ما لب��ث أن انتهى عام ‪ 1936‬وذلك‬ ‫وحس��ب ادع��اء عفلق بس��بب والء الش��يوعيين‬ ‫السوريين الشديد للحزب الشيوعي الفرنسي‪.‬‬ ‫ف��ي عام ‪ 1940‬أخذت أفكار عفلق ش��كلها‬ ‫وب��دأ ه��و والبيط��ار بعق��د اجتماعات سياس��ية‬ ‫لمجموع��ات صغي��رة م��ن طالبهما ف��ي بيتهما‬ ‫أيام الجمع��ة وكانت ثورة رش��يد علي الكيالني‬ ‫ف��ي الع��راق عام ‪ 1941‬مناس��ب ًة هام��ة إلظهار‬ ‫إخالصهما للقضية العربية الش��املة‪ ،‬في نهاية‬ ‫ع��ام ‪ 1942‬ترك عفلق والبيطار مهنة التدريس‬ ‫كلي��ًا واتجه��ا للعم��ل السياس��ي‪ ،‬وتح��ول حزب‬ ‫البعث العربي إلى حركة سياس��ية ش��رعية بعد‬ ‫رحي��ل الفرنس��يين عام ‪ 1946‬وف��ي العام ذاته‬ ‫ظه��رت جريدة الح��زب "البع��ث" ألول مرة‪ ،‬وفي‬ ‫ع��ام ‪ 1947‬عق��د أول مؤتم��ر حزب��ي ت��م في��ه‬ ‫تبني منهاج الحزب وتش��كلت أول لجنة تنفيذية‬ ‫بعضوي��ة عفلق وص�لاح البيطار وجالل الس��يد‬ ‫ووهيب الغانم‪.‬‬ ‫تتلخ��ص عقي��دة عفلق والت��ي دونها أحد‬ ‫رفاقه األوائل بالش��كل التال��ي راجعاً إلى الفترة‬ ‫مابي��ن عام��ي ‪ 1940‬و‪( 1941‬لقد رس��م عفلق‬ ‫ثالث��ة أه��داف لحركت��ه وه��ي الوح��دة العربية‬ ‫والحرية واالش��تراكية وق��د س��ميناها بالثالوث‬ ‫بش��كل س��ري ف��ي من��ازل بعضنا‬ ‫وكن��ا نجتمع‬ ‫ٍ‬ ‫نستمع له وهو يشرح أفكاره)‪.‬‬ ‫ظه��رت عقي��دة االنقالب في ح��زب البعث‬ ‫بالمادة السادسة من دستوره حيث كان يؤمن أن‬ ‫أهدافه الرئيس��ية ال يمكن أن تتم إال عن طريق‬ ‫االنق�لاب والنض��ال وإن االعتم��اد عل��ى التطور‬ ‫البط��يء واالكتفاء باإلصالح الجزئي الس��طحي‬ ‫يهددان هذه األهداف بالفشل والضياع‪.‬‬ ‫إال أن البع��ث لم يتجاوز أب��داً وعبر تاريخه‬ ‫مرحل��ة البالغ��ة الموجه��ة ليتق��دم ببرام��ج‬ ‫اجتماعية واقتصادية مفصلة غير أن دور الحزب‬ ‫كان على أي��ة حال دوراً هامًا ج��داً على الصعيد‬ ‫الفكري لجيل المؤسسين‪)2( .‬‬

‫وحدة حرية ا�شرتاكية‪:‬‬

‫ومبادئ البعث تقوم على العودة إلى أمجاد‬ ‫الع��رب األول��ى وإل��ى وحدتهم كم��ا أن حريتهم‬ ‫وفق فكر البعث هي حرية األمة العربية قبل أن‬ ‫تكون حرية العرب األفراد‪ ،‬أما االش��تراكية التي‬ ‫لم يس��مى بها الحزب في البداية فال تمت بصلة‬ ‫إل��ى الماركس��ية وصراعه��ا الطبقي ب��ل بقيت‬ ‫مندرجة تحت المعاني الغامضة لبدايات البعث‪.‬‬ ‫ولتوضي��ح عقي��دة الح��زب وم��دى نضوج‬ ‫أف��كار الوحدة والحرية واالش��تراكية في أدبياته‬ ‫األولى والستش��عار لثقافة اإلقصاء التي ظهرت‬ ‫في تل��ك األدبيات ننقل ما تيس��ر لنا جمعه عن‬ ‫مؤلفات مؤسسي الحزب ومعاصريه‪.‬‬ ‫تأثر عفل��ق في تش��كيل الح��زب بنموذج‬ ‫الحزب الش��يوعي الفرنسي والجمعيات الغربية‪،‬‬ ‫نق ًال عن "ابن خلدون" في مقدمته صفحة ‪:195‬‬ ‫" إن المغل��وب مولعٌ أبداً باالقت��داء بالغالب‪ ،‬في‬ ‫شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده"‪.‬‬ ‫نق� ً‬ ‫لا عن مجيد خ��دوري في كت��اب "عرب‬ ‫معاص��رون" صفحة ‪" : 376‬قال عفلق‪ :‬إننا عدنا‬ ‫كتعبير عن‬ ‫إلى الوطن نحمل فكرة االش��تراكية‬ ‫ٍ‬ ‫الغايتي��ن التين وقفنا أنفس��نا عل��ى تحقيقهما‪:‬‬ ‫مكافحة االس��تعمار األجنبي‪ ،‬ومكافحة الرجعية‬ ‫الداخلي��ة بكل أش��كالها"‪ ،‬وعن المصدر نفس��ه‬

‫ننق��ل‪" :‬تأث��ر عفل��ق باالنضب��اط والتمس��ك‬ ‫الش��يوعي اللذي��ن علم��اه ع��ن كثب األس��اليب‬ ‫العملي��ة الت��ي يتبعه��ا ح��زب سياس��ي محك��م‬ ‫التنظيم"‪.‬‬ ‫نق� ً‬ ‫لا عن "جالل الس��يد" ف��ي كتابه "حزب‬ ‫البع��ث العربي االش��تراكي" صفحة ‪ ": 38‬عفلق‬ ‫وهو ف��ي باريس تأثر بموجة الش��يوعية وعمل‬ ‫م��ع الش��يوعيين لك��ن ه��ذا العم��ل كان نتيجة‬ ‫تصمي��م وتدبر ولم يكن نتيج��ة عقيدة وإيمان‪،‬‬ ‫فقد ٍ‬ ‫كان الحزب الشيوعي نفسه جذاباً"‪.‬‬ ‫ونق� ً‬ ‫لا ع��ن زهي��ر ماردين��ي م��ن كتاب��ه‬ ‫"األس��تاذ" صفح��ة ‪" :88‬يقول عفلق‪ :‬إذا س��ئلت‬ ‫ع��ن تعري��ف االش��تراكية فلن أنش��ده في كتب‬ ‫مارك��س وليني��ن وإنما أجي��ب أنها دي��ن الحياة‬ ‫وظفر الحياة على الموت"‪.‬‬ ‫نق� ً‬ ‫لا عن "مصطفى دندش��لي" في كتابه‬ ‫"ح��زب البعث العرب��ي االش��تراكي" صفحة ‪:84‬‬ ‫"يق��ول عفل��ق‪ :‬إن القومية العربي��ة هي الدين‬ ‫الجدي��د الذي أفرزت��ه األمة العربي��ة في الوقت‬ ‫الحاض��ر‪ ...‬وإذا كان الدي��ن قديماً يق��ول كلمته‬ ‫في أوضاع األمة جميعها‪ ...‬فإن القومية العربية‬ ‫اليوم هي نظرية متكاملة لحياة ونظام المجتمع‬ ‫له��ا رأيه��ا الصري��ح ف��ي االقتص��اد واألخ�لاق‬ ‫واإلنس��انية والدي��ن"‪ .‬نش��ر عفل��ق مقالته في‬ ‫جري��دة األيام كب��رى الصحف الدمش��قية آنذاك‬ ‫والتي كانت تنشرها الكتلة الوطنية في حينه‪.‬‬ ‫نق ًال عن "شبلي العيسمي" من كتابه "رسالة‬ ‫األمة العربية" صفحة ‪" :13‬إن الحزب عندما يختار‬ ‫أن يستخدم بعض العبارات الدينية (مثل الروح أو‬ ‫اإليمان أو القدر أو المصير) فمن أجل أن يرفع من‬ ‫مستوى االنبعاث المنشود لألمة العربية"‪.‬‬

‫عهد البعث الثاين‪:‬‬

‫ع��ام ‪ 1947‬كان��ت س��وريا التي اس��تقلت‬ ‫لتوها تبني دولة وتوسع إدار ًة وجيشًا وفيها كانت‬ ‫تتبلور مصالح اجتماعية للطبقة الوس��طى على‬

‫مختلف ش��رائحها‪ ،‬كم��ا كانت تبحث ع��ن تعبير‬ ‫يكون خاصًا بتلك الطبقة ويتولى حمل مصالحها‬ ‫الصاع��دة‪ ،‬وقد اقتطع البعثيون ألنفس��هم جزءاً‬ ‫صغي��راً من ه��ذا الطموح وم��ن لغت��ه الجديدة‬ ‫آملين أن يعمل المس��تقبل على توسيع رقعته‪،‬‬ ‫غير أن المس��تقبل س��ريعاً ما اصطفى الضباط‬ ‫الذين قفزوا في عام ‪ 1949‬إلى الس��لطة بقيادة‬ ‫قائدهم غريب األطوار حسني الزعيم‪.‬‬ ‫وكغيره من التيارات السياسية وفي نشأته‬ ‫األول��ى عاش البعث صراع والء بين الهاش��ميين‬ ‫ف��ي الع��راق ونموذجه��م الملك��ي وبي��ن مصر‬ ‫الملكية ث��م نموذجها الجمهوري بعد عام ‪1952‬‬ ‫إال أن إش��ارات كثيرة ترج انحيازهم األصلي إلى‬ ‫العراق الهاش��مي من أهم هذه اإلشارات تسلم‬ ‫عفلق حقيبة المعارف بعد انقالب سامي الحناوي‬ ‫(عراقي الهوا)‪ ،‬كما أن هناك رابطاً عاطفياً ربط‬ ‫البعثيين برش��يد علي الكيالن��ي في ثورته ضد‬ ‫اإلنكليز عام ‪.1941‬‬ ‫م��ع انق�لاب الشيش��كلي األول عام ‪1949‬‬ ‫طرأ التحول األهم في تاريخ البعث الس��وري أال‬ ‫وهو االندماج مع الحزب العربي االشتراكي (وهو‬ ‫حزب جماهيري وفالحي الطابع أسسه السياسي‬ ‫الحموي أكرم الحوراني) وعن هذا االندماج نش��أ‬ ‫ح��زب البعث العربي االش��تراكي‪ ،‬وبدا أثر نزعة‬ ‫الحوراني الحاس��مة في جمهوريته واش��تراكيته‬ ‫الش��عبوية في تغير مس��ار الحزب واتجاهه نحو‬ ‫مصر الناصرية وشعبوية نجمها الصاعد‪.‬‬ ‫ف��ي ش��باط ع��ام ‪ 1954‬أطي��ح بأدي��ب‬ ‫بانق�لاب عس��كري آخ��ر لع��ب فيه‬ ‫الشيش��كلي‬ ‫ٍ‬ ‫الضب��اط البعثي��ون وال س��يما ٍالمقرب��ون م��ن‬ ‫الحوراني (مصطفى حمدون وعبد الغني قنوط)‬ ‫دوراً محوري��ًا‪ ،‬وم��ع ع��ودة الحي��اة الديمقراطية‬ ‫إل��ى س��وريا وال��ذي تزام��ن م��ع ظه��ور ب��وادر‬ ‫تدخ��ل العس��كر ثاني ًة في الحياة السياس��ية من‬ ‫خل��ف الواجهة السياس��ية التي كان على رأس��ها‬ ‫الرئيس ش��كري القوتلي اس��تفاد البعثيون من‬ ‫صداقته��م الوطي��دة برجل المكت��ب الثاني عبد‬


‫(‪ ) 1‬البع��ث «تاري��خ موج��ز» ح��ازم صاغي��ة‪.‬‬ ‫(‪ )2‬الص��راع عل��ى س��وريا باتري��ك س��يل‪.‬‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫ال هذا البعث بعثي وال هذا العسكر عسكري‬ ‫عفلق‬ ‫تقاسم البعثيون الوزارات والمناصب العليا‬ ‫ف��ي الجيش مع بع��ض الزعام��ات المؤيدة لهم‬ ‫بش��كل أو بآخ��ر ومع بع��ض الضب��اط وأهمهم‬ ‫الضاب��ط البعثي أمين الحاف��ظ والذي كان أولى‬ ‫أدوات البع��ث ف��ي صب��غ وج��ه س��وريا الجديدة‬ ‫بالدم‪ ،‬متسلحاً بحالة الطوارئ واألحكام العرفية‬ ‫الت��ي لم تعرف س��وريا ش��بيهًا لها ف��ي تاريخها‬ ‫الحديث‪.‬‬ ‫وكون البعثيين قاموا بانقالبهم تحت راية‬ ‫محارب��ة االنفصال روجوا لفك��رة العودة للوحدة‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬

‫عهد البعث الثالث‪:‬‬

‫البعث من الآب �إىل االبن‪:‬‬

‫برحي��ل األس��د ع��ام ‪ 2000‬خلف��ه نجل��ه‬ ‫بتعديل دستوري تمت مناقشته‬ ‫بشار‪ 34 -‬عامًا‪-‬‬ ‫ٍ‬ ‫وإقراره خالل ربع س��اعة‪ ،‬والذي ج��اء تحت راية‬ ‫اإلص�لاح ووضع عل��ى رأس الس��لطة التنفيذية‬ ‫والتش��ريعية والحزبي��ة ف��ي البالد‪ ،‬أت��ى بهيئة‬ ‫النم��وذج الغرب��ي البعي��د ع��ن العس��كر إال أنه‬ ‫س��رعانما ظه��ر أن نظريات العيش ف��ي الغرب‬ ‫وجمال الزوجة وطالقة لس��انها والولع بالتقنيات‬ ‫ال تع��دو كونه��ا خرافات صدقها غربيون حس��نو‬ ‫الني��ة وتظاه��ر بتصديقه��ا عدد م��ن المثقفين‬ ‫الس��وريين الش��جعان الذين انطلقوا ينش��ؤون‬ ‫المناب��ر والمنتديات لمراجعة سياس��ة الحكومة‬ ‫ودراسة تاريخ الحكم البعثي وهو ما أطلق عليه‬ ‫ربيع دمش��ق والذي زال م��ع هبوب صيف ‪2001‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الحميد الس��راج‪ ،‬وب��دأت اآللة اإلعالمي��ة للبعث‬ ‫تدف��ع بالحياة السياس��ية بعيداً تح��و الوحدة مع‬ ‫مصر كون عبد الناصر وبعد حرب السويس عام‬ ‫‪ 1956‬تحول إل��ى بطل قومي‪ ،‬وفي هذه الفترة‬ ‫ايض��اً بدأت الخالفات تظه��ر بوضوح بين عفلق‬ ‫والبيطار والحوراني حول المبادئ واألهداف وقد‬ ‫أريد من الوحدة مع مصر وعبد الناصر أن تفض‬ ‫حزب لم يكن يجمع‬ ‫هذا االش��تباك اليومي داخل ٍ‬ ‫قياداته إال العدو المشترك‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1958‬وم��ع الوح��دة مع مص��ر قبل‬ ‫البعثي��ون ولو على مضض ش��روط عبد الناصر‬ ‫إلتمام الوحدة والتي كان أبرزها أن تحل األحزاب‬ ‫السياسية جميعاً في سوريا وكان أملهم بأن يترك‬ ‫لهم الزعيم المصري حكم سوريا ويقصر حكمه‬ ‫المباش��ر على مصر إال أن عبد الناصر وبخلفيته‬ ‫العس��كرية كان يخش��ى م��ن طم��وح البعثيين‬ ‫ذوي الخلفيات العس��كرية أيضًا فسلمهم بعض‬ ‫المناص��ب الرفيعة في الدولي فعي��ن الحوراني‬ ‫نائب��ًا له ووزع حقائب وزارية على البعثيين الذي‬ ‫كان في عدادهم صالح الدين البيطار إال أن هذه‬ ‫المناصب كانت شكلية‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1961‬وبعد االنفص��ال عن مصر بدا‬ ‫واضحًا عدم صدقية البعثيين في ش��عار الوحدة‬ ‫فق��د وق��ع كل م��ن البيط��ار والحوران��ي عل��ى‬ ‫وثيقة االنفص��ال بال تردد وال اعت��ذار معتبرين‬ ‫االنفص��ال انتصاراً للوطنية والكرامة الس��ورية‬ ‫ودحراً لطغي��ان عبد الناصر‪ ،‬ما لب��ث البيطار أن‬ ‫س��حب توقيعه على الوثيقة إال أن هذا الس��لوك‬ ‫ل��م ينفع في رأب الصدع ال��ذي ظهر بين قيادات‬ ‫البع��ث وقاعدت��ه وباألخص القاعدة العس��كرية‬ ‫وانقس��م البع��ث إل��ى جماع��ة عفل��ق وجماعة‬ ‫البيط��ار وكتل��ة العس��كريين والذي��ن كان لهم‬ ‫ال��دور األكبر ف��ي مس��تقبل الح��زب وبين هذه‬ ‫الكت��ل ظهر م��ا يس��مى كتل��ة القطريين وهم‬ ‫مدنيون متأثرون بالش��عارات اليسارية تزعمهم‬ ‫أطب��اء ثالث��ة هم ن��ور الدين أتاس��ي ويوس��ف‬ ‫زعين وابراهيم ماخوس‪ ،‬لكن كتلة العسكريين‬ ‫كان��ت األرفع تنظيم��ًا والتي كان نواته��ا اللجنة‬ ‫العس��كرية المؤسس��ة ف��ي مصر زم��ن الوحدة‬ ‫من كل من محمد عم��ران وصالح جديد وحافظ‬ ‫األس��د علوي��و المذهب أما اآلخ��ران عبد الكريم‬ ‫الجن��دي وأحمد المي��ر اس��ماعيليو المذهب وقد‬ ‫توس��عت هذه اللجنة تدريجيًا وبس��رية لتشمل‬ ‫أع��داداً كبيرة م��ن الضباط وقد اس��تفادت هذه‬ ‫اللجن��ة م��ن حال��ة الفراغ السياس��ي ف��ي عصر‬ ‫االنفص��ال وم��ن حالة التفتت في جس��م الحزب‬ ‫ليتصاعد دورها حزبياً ووطنيًا‪ ،‬وقد توجت جهود‬ ‫اللجن��ة بانقالب الضب��اط البعثيين ع��ام ‪1963‬‬ ‫مما فتح الباب على أطول العهود الس��لطوية في‬ ‫التاريخ العربي الحديث‪.‬‬

‫مع مصر وذلك لكس��ب الوق��ت وللقضاء على ما‬ ‫تبق��ى من الحياة السياس��ية في س��وريا وقاموا‬ ‫بالفع��ل بتوقيع اتفاق ‪ 17‬نيس��ان ‪ 1963‬والذي‬ ‫كان يعتب��ر ميثاق��ًا لوح��دة ثالثي��ة تجم��ع مصر‬ ‫والعراق وسوريا‪.‬‬ ‫خ�لال هذه الفترة وبعد س��قوط الزعامات‬ ‫التقليدي��ة لح��زب البعث ش��عبيًا بحك��م موقفها‬ ‫م��ن الوحدة حس��مت المعركة بي��ن تكتل محمد‬ ‫عمران والعفلقيين اللذين سموا بجماعة القيادة‬ ‫القومي��ة تبعًا لس��يطرتهم عليها وبي��ن قيادات‬ ‫اللجن��ة العس��كرية والقطريي��ن اللذي��ن عززوا‬ ‫موقع أمي��ن الحافظ بوصفه مج��رد واجهة لهم‬ ‫مم��ا دعى القي��ادة القومية إل��ى توطيد صالتها‬ ‫بالحاف��ظ أيضًا واس��تخدمت س��لطاتها الحزبية‬ ‫فحل��ت القي��ادة القطري��ة وأعي��د تكليف صالح‬ ‫الدي��ن البيطار بتش��كيل حكومة جدي��دة‪ ،‬نجم‬ ‫عن ه��ذا الص��راع وفي ‪ 23‬ش��باط ع��ام ‪1966‬‬ ‫حركة ضباط اللجنة العس��كرية وانقالبهم على‬ ‫الس��لطة بعد هجوم دام شنوه على منزل أمين‬ ‫الحافظ وظه��رت ٍ ٍ‬ ‫للواجهة أس��ماء الضباط عزت‬ ‫جديد ورفعت األسد وسليم حاطوم‪.‬‬ ‫للتو س��رح النظام الجديد أربعمائة ضابط‬ ‫ورسمي من الجيش واإلدارة مسمياً حافظ األسد‬ ‫وزي��راً للدفاع وصالح جديد ممس��كاً بالمنظمات‬ ‫الحزبية وقياداتها وتتالى التس��ريح ليش��مل كل‬ ‫أبناء العائالت التقليدية والناصريين والقوميين‬ ‫المس��تقلين وجيء بكل من نور الدين األتاس��ي‬ ‫ويوس��ف زعي��ن وابراهيم ماخوس لتس��ليمهم‬ ‫على التوالي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة‬ ‫ووزارة الخارجي��ة‪ .‬ننق��ل ع��ن الصحف��ي محمد‬ ‫حس��نين هي��كل ‪" :‬س��وريا التي يحكمه��ا أطباء‬ ‫ثالثة ال بد أنها مريض ٌة جداً"‪.‬‬ ‫بع��د انق�لاب ش��باط ‪ 1966‬نف��ي عفل��ق‬ ‫من س��وريا معلن��اً (ال هذا البعث بعث��ي وال هذا‬ ‫العسكر عسكري) وانتهى به المطاف في بغداد‪،‬‬ ‫أم��ا الحافظ وعمران فأودعا الس��جن ولم يطلق‬ ‫س��راحهما حتى ح��رب حزيران ع��ام ‪ 1967‬وفي‬ ‫س��وريا الجديدة بعد ال��ـ ‪ 66‬تم االعتماد بش��دة‬ ‫على جه��از المخابرات العس��كرية برئاس��ة عبد‬ ‫الكري��م الجن��دي كم��ا تم اتب��اع سياس��ة تأميم‬ ‫متطرفة وسياسة متشددة فلسطينيًا وعربيًا‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1968‬اندلع النزاع بي��ن صالح جديد‬ ‫المهيمن على الحزب والممسك بمفاصله وحافظ‬ ‫األسد القابع في قمة المؤسسة العسكرية‪ ،‬وبدأ‬ ‫حافظ األس��د باالنقالب على رفقائه في اللجنة‬ ‫الخماس��ية فأبع��د أحم��د المير قائ��د الجبهة في‬ ‫الج��والن إبان الحرب عام ‪ 1967‬من وزارة الدفاع‬ ‫أم��ا الجن��دي رج��ل األم��ن المهووس والس��فاح‬ ‫فكلف رفعت األس��د شقيق حافظ األسد األصغر‬ ‫بالضغط علي��ه ومحاصرته مما دفع��ه لالنتحار‬ ‫عام ‪ ،1969‬ولم يبق من الخمس��ة المؤسس��ين‬ ‫للجنة العسكرية إال األسد وجديد‪.‬‬ ‫وص��ل الص��راع إل��ى ذروت��ه حي��ن قررت‬ ‫القي��ادة القطري��ة لح��زب البع��ث بقي��ادة جديد‬ ‫تجريد األسد وطالس من رتبيتهم العسكريتين‬ ‫مم��ا دف��ع حافظ األس��د للقيام بانق�لاب خاطف‬ ‫وس��هل ي��وم ‪ 16‬تش��رين الثاني ‪ 1970‬وس��ماه‬ ‫بالحركة التصحيحية‪.‬‬ ‫وهك��ذا بدأ حاف��ظ األس��د العه��د البعثي‬ ‫الثالث وبدأ العمل على إقرار دس��تور عام ‪1973‬‬ ‫بمادته الثامنة س��يئة الس��معة ومع تولي األسد‬ ‫السلطة لم يكن تعداد البعثيين في سوريا سوى‬ ‫‪ 65‬ألفاً راحت أعدادهم تتنامى إلى نصف مليون‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1980‬وأكثر م��ن مليون ع��ام ‪،1990‬‬

‫وافتتحت المؤسس��ات البعثي��ة العقائدية والتي‬ ‫حفل��ت بثقافة الترقي والتس��لط على الوظائف‬ ‫فطال��ب االبتدائي بات حكمًا عض��واً في تنظيم‬ ‫طالئ��ع البعث لينتق��ل بعدها إلى اتحاد ش��بيبة‬ ‫الثورة ومنه إلى اتحاد الطلبة‪.‬‬ ‫أما القي��ادة القومي��ة فقد كلفت بنش��اط‬ ‫الحزب في العالم العربي وتقلصت لتصبح هيئة‬ ‫ً عامة تابع�� ًة لنفوذ أجهزة األمن الس��ورية وبدأ‬ ‫األس��د يمد نفوذه على كل مفاصل الدولة حتى‬ ‫غدا اإلمس��اك بأكبر عدد ممكن من األوراق دين‬ ‫العهد البعثي الثالث وديدنه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وافتعل األسد مشروعا لالتحاد الثالثي في‬ ‫العام نفس��ه مع مصر الس��ادات وليبيا القذافي‬ ‫ولم يملك هذا االتحاد إال مواصفات االستعراض‬ ‫واالس��تهالك‪ ،‬وتتويج��ًا له��ذه التحالفات خيضت‬ ‫حرب تش��رين االس��تعراضية أيضًا ع��ام ‪1973‬‬ ‫وهك��ذا رف��ع األس��د زعيم��ًا تاريخي��ًا ال مثيل له‬ ‫وأضح��ى الرجل ال��ذي صارت س��وريا وماليينها‬ ‫يكنون به إذا هي سوريا األسد‪.‬‬ ‫م��ع اندالع ح��راك األخوان المس��لمين في‬ ‫س��وريا عام ‪ 1980‬اقتنع األسد أن الجهاز األمني‬ ‫ه��و الوحيد الذي يع��ول عليه وعلى ه��ذا النحو‬ ‫غدى الح��زب أكثر فأكث��ر تتم ًة ل�لأذرع األمنية‪،‬‬ ‫فيما أضحت العقيدة مجرد حشد لعبارات ذرائعية‬ ‫وهتافات تمجد الزعيم القائد‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1984‬اندلعت حرب خفية معلنة بين‬ ‫حافظ األسد وأخيه األصغر رفعت انتهت بهزيمة‬ ‫األخي��ر وتس��لم حاف��ظ األس��د س��وريا بكاملها‬ ‫بعده��ا أحاط األس��د نفس��ه بحاش��ية القاس��م‬ ‫المش��ترك بينها الوالء والوفاء لشخصه‪ ،‬وراحت‬ ‫السجون تتسع لآلالف ومطارات الدول األوروبية‬ ‫والعربية آلالف المنفيين‪.‬‬ ‫ولعب األس��د على موضوع الصراع العربي‬ ‫اإلس��رائيلي وأبق��اه دون حس��م فق��د ضمن أن‬ ‫اتفاق فصل القوات يقيه الحرب المباشرة في ما‬ ‫الس��لم قد يورط سوريا األسد في مشكالت هي‬ ‫بغنىً عنها إذ ال صوت يعلو فوق صوت المعركة‬ ‫حتى لو كان الصوت المن��ادي بالحرية والكرامة‬ ‫وتكافؤ الفرص‪.‬‬ ‫إن ع��دم الحس��م م��ع الع��دو اإلس��رائيلي‬ ‫يؤش��ر على الضعف البني��وي للنظ��ام فاألقلية‬ ‫الحاكمة التي تمس��ك بالبلد عبر األمن والجيش‬ ‫ال تعد أكثر من عش��رة بالمائة من الس��كان كما‬ ‫أنها ال تمل��ك من مواصف��ات الهيمنة إال مصادر‬ ‫البط��ش واإلذع��ان‪ ،‬فالس�لام ال ب��د أن يف��كك‬ ‫الس��لطة العس��كرية ويه��دد بتعري��ض األقلية‬ ‫الحاكمة لخسارة كل مكتسباتها‪ ،‬واستمراراً في‬ ‫هذه السياسة اس��تخدم األسد حزب اهلل وخاص ًة‬ ‫بع��د اتف��اق الطائ��ف ال��ذي س��حب أية س��لطة‬ ‫للبناني��ن على بلدهم وظه��رت معادلة أن وجود‬ ‫ح��زب اهلل عل��ى المقاوم��ة في الجن��وب ويبقي‬ ‫األم��ر مضبوطًا في لبنان عل��ى إيقاع المصلحة‬ ‫السورية اإليرانية‪.‬‬ ‫والدلي��ل الواض��ح عل��ى م��ا س��بق أن��ه بعد‬ ‫االنس��حاب اإلس��رائيلي من لبنان ف��ي ‪ 24‬أيار عام‬ ‫‪ 2000‬وتعال��ي األصوات اللبناني��ة المطالبة بوقف‬ ‫النشاط العسكري لحزب اهلل تذرع حزب اهلل وبإيعاز‬ ‫سوري بموضوع مزارع شبعا ليبقي على السيطرة‬ ‫الس��ورية عل��ى لبن��ان مع أن��ه وفي ح��ال توافرت‬ ‫الرغبة السورية إلخراج إس��رائيل من المزارع كان‬ ‫البد من إحالة الموضوع إلى تحكيم دولي كما حدث‬ ‫في طابا المصرية لكن هذا لم يحصل‪.‬‬

‫ليحبط الدع��وة الديمقراطية ويعط��ل أصواتها‬ ‫ويعتقل ناش��طيها مؤكداً والءه لنهجه الس��ابق‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫أما التطور الوحيد في س��لوك حزب البعث‬ ‫فكان اعتم��اد النظرية الصينية ف��ي الجمع بين‬ ‫الليبرالي��ة االقتصادية وس��يطرة الح��زب الواحد‬ ‫سياس��ياً‪ ،‬إال أن التش��بيه بإنج��ازات االقتص��اد‬ ‫الصيني بدا مضحكاً إلى حد اإلحزان‪ ،‬وبدا واضحًا‬ ‫بأن اإلصالح المدعى وهو اقتصادي فحسب ظل‬ ‫اعتباطيًا ال يخضع لمراجعات تشريعية وقانونية‬ ‫هكذا اتسع الفس��اد وترسخ الزواج الذي بدأ بعد‬ ‫حرب عام ‪ 1973‬بين الش��لة األمنية العس��كرية‬ ‫والشلة المالية الضالعة في الفساد‪.‬‬ ‫بش��كل‬ ‫وأيديولوجيته‬ ‫تراجع نف��وذ البعث‬ ‫ٍ‬ ‫كبي��ر مم��ا أفس��ح مج��ا ًال إلعط��اء حص��ة م��ن‬ ‫الس��لطة الثقافي��ة والمجتمعي��ة لإلس�لاميين‬ ‫الذي��ن يمارس��ون غ��ض النظ��ر ع��ن اس��تمرار‬ ‫الحكم األمني للبعثيين‪ ،‬وبالتوازي تخلت الدولة‬ ‫شيئًا فش��يئاً عن وظائفها وبدت مظاهر التطور‬ ‫مقتصر ًة على دمش��ق وجزئيًا حل��ب فيما تلفظ‬ ‫الم��دن األخ��رى والمناطق واألرياف ومع اتس��اع‬ ‫الفق��ر والتهمي��ش ضم��رت صلة ه��ذه األرياف‬ ‫والمدن بالسلطة وحزبها ومنظماتها‪.‬‬ ‫م��ع حرب الع��راق عام ‪2003‬عق��د النظام‬ ‫الس��وري صفق ًة مع الواليات المتحدة األمريكية‬ ‫قوامها تسليم ما أمكن من إرهابيين ومشبوهين‬ ‫باإلره��اب مقابل اس��تقرار الحكم في دمش��ق‪،‬‬ ‫وفي العام نفسه تنادى مثقفون معارضون من‬ ‫خ�لال عريض��ة رفعوها في أي��ار ‪ 2003‬لتجديد‬ ‫الدعوى إل��ى إصالحات حقيقية تأتي من الداخل‬ ‫بما عرف فيما بعد بإعالن دمشق‪.‬‬ ‫في ع��ام ‪ 2004‬انفجر الوض��ع في مدينة‬ ‫القامش��لي واتخ��ذ ش��كل انتفاض��ة لألك��راد‬ ‫الس��وريين المح��روم ربعه��م م��ن الجنس��ية‬ ‫السورية‪ ،‬رد عليها النظام السوري بحملة بالغة‬ ‫القمع والوحشية‪.‬‬ ‫عام ‪ 2005‬وبعد مقت��ل الرئيس الحريري‬ ‫وبضغ��ط م��ن المجتم��ع الدول��ي خس��ر النظام‬ ‫الس��وري ورقت��ه اللبناني��ة إال أن��ه م��ا لب��ث أن‬ ‫استعادها جزئيًا مع حرب تموز ‪ 2006‬المفتعلة‪.‬‬ ‫اس��تمر الرئي��س الجدي��د بإزاح��ة معظم‬ ‫رجاالت األب وتقريب أقربائه من مراكز السلطة‬ ‫مما أدى إلى انش��قاق عبد الحلي��م خدام الرجل‬ ‫األوث��ق صل�� ًة بنظام األب في كان��ون األول عام‬ ‫‪ ،2005‬وبق��ي النظام متماس��كاً بس��بعة عش��ر‬ ‫جهازاً أمنيًا وعسكريًا أقوى رجاالتها ماهر األسد‬ ‫الشقيق األصغر للرئيس يليه آصف شوكت زوج‬ ‫أخته بشرى والقائمة تطول‪.‬‬ ‫واحتف��ظ النظ��ام ببعض الوج��وه المدنية‬ ‫للتغطية على حقيقته األمنية وعمل النظام على‬ ‫االنفتاح عل��ى الدوائر األوروبي��ة واألمريكية مع‬ ‫الحفاظ على العالقة األهم بإيران وحزب اهلل‪.‬‬ ‫عام ‪ 2005‬أعلن ح��زب البعث في مؤتمره‬ ‫القط��ري العاش��ر تبني��ه نظرية نظ��ام اقتصاد‬ ‫الس��وق االجتماعي‪ ،‬مما عزز فق��ر الفقراء وهو‬ ‫كبي��ر أص� ً‬ ‫لا بجرع��ات إضافي��ة‪ ،‬واتس��ع حج��م‬ ‫التداخل بين السوق السورية واألسواق العالمية‬ ‫وص��ار النظام ال��ذي كان معزو ًال ضعي��ف التأثر‬ ‫بالخارج في عهد األس��د األب‪ ،‬يتأث��ر بالعقوبات‬ ‫والمقاطع��ات في عهد األس��د االب��ن‪ ،‬وقد انعقد‬ ‫المؤتمر المذكور تحت شعار "رؤية متجددة وفكر‬ ‫يتس��ع للجميع" وخرج بوعود إصالحية كبرى لم‬ ‫ينفذ ش��يء منها‪ ،‬واحتدم��ت كل التناقضات في‬ ‫المجتمع الس��وري حتى بات من الجائز القول أن‬ ‫س��وريا بش��ار لم تخرج من التخبط الذي تحايل‬ ‫علي��ه حاف��ظ األس��د عب��ر مفاقمته ف��ي الخفاء‬ ‫والهرب منه إلى اإلقليمي والخارجي‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 2011‬حي��ن اندلع��ت االنتفاض��ات‬ ‫العربي��ة لجأ بش��ار إل��ى حجة تفيد ب��أن نظامه‬ ‫في مأمن ألنه في سياسته الخارجية واإلقليمية‬ ‫منس��جم م��ع ش��عبه‪ ،‬وم��ا كادت صحيف��ة وال‬ ‫س��تريت جورنال األمريكية تنقل رأيه هذا حتى‬ ‫انفجرت انتفاضة في سوريا نفسها كانت مدينة‬ ‫درع��ا الجنوبية مهده��ا‪ ،‬وانتقلت االنتفاضة إلى‬ ‫كافة األراضي الس��ورية وبخاص�� ًة األرياف التي‬ ‫كانت مهداً لحزب البعث وصارت لحداً له‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫طريـــــق احلريــــــة‬ ‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫خالد كنفاني‬ ‫خاص سوريتنا‬ ‫يبدو لي أن الكلمات باتت عاجزة عن‬ ‫تقدي��م أي توصي��ف للحال��ة الراهنة في‬ ‫س��وريا‪ .‬فال��دم والقتل المنتش��ر في كل‬ ‫م��كان وأص��وات البن��ادق والمدافع تلجم‬ ‫اللس��ان رغم أنها لم تلج��م إرادة التغيير‬ ‫والحرية‪.‬‬ ‫أمع��ن النظام في القت��ل والتخريب‬ ‫بص��ورة فج��رت معه��ا كل مكنون��ات‬ ‫الغضب والحقد لدى كل أطياف الش��عب‪،‬‬ ‫فاالعتق��االت واإلهان��ات وحص��ار المدن‬ ‫والق��رى المنتفض��ة ول��دت حال��ة م��ن‬ ‫الكراهي��ة وح��ب االنتق��ام بش��كل غي��ر‬ ‫مسبوق‪ ،‬وخاصة أن عوامل هذا االنفجار‬ ‫كانت تغلي تحت رماد السكون الظاهري‬ ‫ف��ي الس��نوات العش��ر األخي��رة وه��و ما‬ ‫جع��ل النظ��ام يطمئ��ن إل��ى أنه س��يطر‬ ‫بش��كل مطلق على هذا الشعب وأنه من‬ ‫المس��تحيل أن يقوم "ه��ؤالء" بأي تحرك‬ ‫ضد نظامهم‪.‬‬ ‫وق��د ب��دت ب��وادر اطمئن��ان النظام‬ ‫وخاصة ف��ي الس��نوات الخم��س األخيرة‬ ‫في االس��تهزاء الفج بكل مشاعر وعقول‬ ‫المواطني��ن وفي أكثر من مناس��بة‪ ،‬كما‬ ‫صاحب ذلك إهمال شديد لكل االحتياجات‬ ‫الحقيقي��ة للن��اس بينم��ا ت��م التركي��ز‬ ‫على ثقافة االس��تهالك بأقس��ى صورها‬ ‫وتجل��ى ذلك في االنفجار الهائل في عدد‬ ‫السيارات في سوريا وكذلك الشركات ذات‬ ‫األسماء البراقة والتي عرفنا فيما بعد أنها‬ ‫كانت كلها ش��ركات من ورق وعلى الورق‬ ‫فقط‪ ،‬فهي وعلى مدى سنوات طويلة لم‬ ‫تساهم في حل مش��كلة البطالة وال في‬ ‫التنمي��ة‪ ،‬بل بدا غس��يل األم��وال واضحًا‬ ‫فيها وبشكل فج انتهازي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ظهرت تل��ك البوادر أيض��ا في عدم‬ ‫النظ��ر إلى متطلب��ات الطبقة الوس��طى‬ ‫التي ش��ارفت على االنقراض ناهيك عن‬ ‫الطبقات الفقيرة‪ ،‬وهكذا لم يقم الرئيس‬ ‫وخالل إحدى عش��رة سنة من حكمه بأية‬ ‫زيارة "مفاجئة" ألي مستشفى حكومي أو‬ ‫دائرة حكومية ناهي��ك عن أطراف المدن‬ ‫والقرى التي كانت وال تزال بأمس الحاجة‬ ‫للخدمات‪ .‬يؤكد سكان بعض قرى سوريا‬ ‫أنه ل��م يدخل قريتهم مس��ؤول حكومي‬ ‫ول��و برتب��ة رئي��س بلدية من��ذ أكثر من‬ ‫عش��رين عام��ًا‪ .‬ب��ل وعلى عك��س ذلك‪،‬‬ ‫كان الرئيس يظه��ر "فجأة" في المطاعم‬ ‫والمنتدي��ات الراقي��ة ف��ي حلب ودمش��ق‬ ‫ولعل��ه اعتق��د أن كل مدن وقرى س��وريا‬ ‫تعيش هذا المس��توى المعيش��ي الفخم‪،‬‬ ‫حتى أن بع��ض زياراته لحلب كانت تدوم‬ ‫أليام ع��دا عن اس��تقبال بع��ض الملوك‬ ‫والرؤساء فيها أيضًا (أذكر منها زيارة ملك‬ ‫وملكة إسبانيا)‪ .‬وقد تكون زوجة الرئيس‬ ‫قد بادرت ببعض المبادرات الخجولة نحو‬ ‫التطوي��ر الريفي إال أنها بدت هي األخرى‬ ‫وكأنه��ا ق��د هبطت عل��ى هؤالء البش��ر‬ ‫م��ن كوك��ب آخ��ر‪ ،‬فهي ل��م تك��ن تفهم‬ ‫معاناته��م الحقيقي��ة واحتياجاتهم نظراً‬ ‫ألنها أساس��ًا لم تعش في هذا البلد أص ًال‬ ‫ناهيك عن القيود التي كانت تحيط بكل‬ ‫ه��ذه المش��اريع والتي كان��ت تركز على‬ ‫الجوانب المادية من معيش��ة الناس قبل‬ ‫دراس��ة الواق��ع المجتمعي ال��ذي يجب أن‬ ‫يكون منطلق أية عملية تطور اقتصادي‬ ‫وسياسي‪.‬‬ ‫كان "الزوج��ان الس��عيدان" يجوبان‬

‫ب�لاد العال��م ليتس��وقا أفخ��م األزي��اء‬ ‫الت��ي دفع��ت بالكثير م��ن المج�لات إلى‬ ‫التناف��س عل��ى التق��اط الصور لس��يدة‬ ‫س��وريا "األنيقة" بينما لم يلتفت أحد إلى‬ ‫عش��رات القرى في س��وريا التي هجرها‬ ‫أهله��ا لنقص المي��اه وانع��دام الكهرباء‪،‬‬ ‫وانقل��ب الفالح��ون من جم��ع المحاصيل‬ ‫في أراضيه��م الزراعية إلى جمع القمامة‬ ‫وجمع الصدقات في المدن الكبيرة‪ ،‬وبينما‬ ‫تنافس��ت وس��ائل اإلعالم في نشر صور‬ ‫"العائل��ة الملكية" الس��عيدة كانت الكثير‬ ‫م��ن العائالت تقض��ي لياليها ف��ي العراء‬ ‫أم��ام مستش��فى األطف��ال ومستش��فى‬ ‫المواس��اة على بعد أمتار قليلة من قصر‬ ‫"الشعب" الذي بني بأموال الشعب ثم تم‬ ‫منع الشعب من مجرد االقتراب منه‪.‬‬ ‫لم يرد الرئيس الش��اب أن يقوم بما‬ ‫يخال��ف ما قام ب��ه والده‪ ،‬فق��د أبقى هو‬ ‫وحاشيته على المبدأ مع اختالف األسلوب‪،‬‬ ‫فاس��تمر قم��ع الكلمة وال��رأي الحر ولكن‬ ‫بوس��ائل رجال الدين من جهة ووس��ائل‬ ‫التحريض الش��عبي من جهة أخرى‪ .‬فقد‬ ‫تم إطالق س��لطة رجال الدين بما يتعلق‬ ‫ب"الخ��روج عل��ى الحاك��م" ودرء "الفتنة"‬ ‫بينم��ا ت��م توصي��ل رس��الة هام��ة إل��ى‬ ‫الناس بأن بعض "المخربين" يريدون أن‬ ‫ينغصوا عليهم عيشهم "الرغيد" المليء‬ ‫بالموبايالت والسيارات ناهيك عن الحشد‬ ‫اإلعالمي وراء حماس وحزب اهلل مما دفع‬ ‫الكثيري��ن لالعتق��اد فع� ً‬ ‫لا بأن أش��خاصًا‬ ‫مثل ميش��يل كيلو وهيثم المالح يريدون‬ ‫إفساد حياة الناس وعليه فهم يستحقون‬ ‫م��ا يجري له��م‪ .‬كان��ت المفارق��ة رهيبة‬ ‫ل��دى خ��روج مس��يرة مؤي��دة لح��زب اهلل‬ ‫وترف��ع راياته م��ن س��يارات تحمل أفخم‬ ‫الم��اركات العالمية وأغاله��ا‪ ،‬وهو ما قام‬ ‫به األب حين كانت حاش��يته تمتلك أفخم‬ ‫السيارات بينما تطلق شعارات االشتراكية‬ ‫والتقشف و"المجهود الحربي"‪.‬‬ ‫كان النظام الس��وري يدعم حركات‬ ‫للتحرر كحزب العمال الكردستاني وجبهة‬ ‫مورو في الفلبي��ن بينما كان يقمع طفلة‬ ‫مثل طل الملوحي لمجرد تدوينها لبضعة‬ ‫أفكار عل��ى االنترن��ت‪ .‬كان النظام يعلم‬ ‫عل��ى ال��دوام أن خطر األف��كار أقوى من‬ ‫خط��ر الس�لاح‪ ،‬وله��ذا كان يته��اون ب��ل‬ ‫ويقدم العون للمهربين والسارقين بينما‬ ‫يتخ��ذ العقوبة القصوى بح��ق من "ينال‬ ‫من هيبة الدولة"‪ ،‬ومن المعلوم أن هيبة‬ ‫الدولة هنا هي هيبة القائد‪ ،‬وخاصة وأن‬ ‫الوط��ن كله تم تس��جيله باس��م األس��د‪،‬‬ ‫وهكذا كان مجرد انتقاد وزير في حكومة‬ ‫يعني انتق��اص هيبة الدول��ة‪ ،‬وال عجب‪،‬‬ ‫ف��أزالم هذا النظام هم كأطراف أعضائه‬ ‫وم��ن ينتقده��م أو يوج��ه إليه��م بعض‬ ‫العت��ب فق��د "تج��رأ" ولمس أح��د أطراف‬ ‫القائد الرمز المله��م وهي جريمة كافية‬ ‫لتلقي بفاعلها إلى ما وراء الش��مس دون‬ ‫حتى أن تعلم الشمس بذلك‪.‬‬ ‫ل��م تفت��أ محكمة أم��ن الدولة تتهم‬ ‫الن��اس ب"إثارة النع��رات الطائفية" بينما‬ ‫تم��ارس الطائفي��ة ف��ي أبش��ع صوره��ا‬ ‫وعل��ى كل المس��تويات‪ ،‬وب��ات واضحًا أن‬ ‫مناص��ب ومس��تويات معينة ف��ي الحكم‬ ‫والجي��ش واألمن يتم احتكارها وتوزيعها‬ ‫عل��ى أس��اس طائف��ي بحت‪ ،‬وهك��ذا تم‬ ‫إقص��اء ش��ريحة ضخمة من الش��عب عن‬ ‫كل مقدرات الحك��م في الدولة‪ ،‬ولم يبق‬ ‫س��وى مجل��س الش��عب الذي ب��ات يضم‬

‫–وبكل أس��ف‪ -‬أس��افل الناس وأسخفهم‬ ‫وكأن النظام كان بالفعل يغربل الش��عب‬ ‫ويأخ��ذ ما يتبق��ى في الغرب��ال ليلقي به‬ ‫ف��ي هذا المجلس الذي انقلب إلى ملتقى‬ ‫إلتمام الصفقات وتمرير العقود الكبيرة‪،‬‬ ‫لم يقم نائب واحد خالل أربعين سنة بأية‬ ‫زي��ارة لدائرته التي يفترض أنها انتخبته‬ ‫لي��رى حال هؤالء الناس ول��و لمرة واحدة‬ ‫خ�لال س��نوات عضويته األرب��ع‪ ،‬بل كان‬ ‫يظه��ر بقوة ف��ي والئم الرئاس��ة وكذلك‬ ‫ف��ي "الخي��م" االنتخابية ليع��اد "اختياره"‬ ‫م��رة أخ��رى‪ .‬وقد نس��تثني هن��ا البعض‬ ‫كري��اض س��يف ومأم��ون الحمص��ي مع‬ ‫بعض التحفظات حول دوافعهما‪ ،‬وكذلك‬ ‫النائب ع��ن درعا أب��و رومية وال��ذي قال‬ ‫كلمة ح��ق حول بداية األح��داث في درعا‬ ‫وطبعاً تمت "تهنئته" على شجاعته ولكن‬ ‫على الطريقة األمنية السورية‪.‬‬ ‫إن الثورة اليوم ليست ثورة سياسية‪،‬‬ ‫ويخط��ئ م��ن يعتق��د أن الثائري��ن على‬ ‫األرض (ولي��س المعارضة الخارجية التي‬ ‫ركبت موج الثورة فيما بعد) يطمحون إلى‬ ‫حكم أو إلى رئاس��ة‪ ،‬قاله��ا أحد الالجئين‬ ‫الس��وريين‪" :‬أنا لست حيوانًا"‪ ،‬هذا إذاً لب‬ ‫المس��ألة‪ ،‬يق��ول الثائرون الي��وم للنظام‬ ‫أنك لم تحدثنا خالل أربعين س��نة فاسمع‬ ‫صوتن��ا وصراخن��ا اليوم وس��نصم آذانك‬ ‫س��واء ش��ئت أم أبي��ت‪ .‬فالخي��ار ل��م يعد‬ ‫الي��وم بيد النظ��ام بعد أن ق��رر الثائرون‬ ‫أن ال ع��ودة وأنهم مصرون على الوصول‬ ‫إلى أذن النظام مباش��رة والصراخ هناك‪.‬‬ ‫وال يخفى ال��دور الكبير للوحات التي يتم‬ ‫رفعها ف��ي المظاهرات والتي يتم تدوين‬ ‫أس��ماء القرى والبلدات تحتها وكأن هؤالء‬ ‫يقولون للنظ��ام‪" :‬انظر‪ ،‬ه��ذه كفرنبل‪،‬‬ ‫وتس��يل‪ ،‬والح��راك‪ ،‬وكف��ر تخاري��م‪،‬‬ ‫ومعصرين‪ ،‬والبياضة‪ ،‬وتلكلخ‪ ،‬والقصير‪،‬‬ ‫وغيرها وغيرها" إنهم ببس��اطة يقولون‬ ‫لرئيس��هم أن ه��ذه بلدات ف��ي وطن أنت‬ ‫تحكم��ه ولكننا متأكدون بأنك لم تس��مع‬ ‫بهذه األس��ماء من قب��ل‪ .‬أرادوه أن يفهم‬ ‫ولكنه لم ي��رد حتى أن يفهم (مع أن زين‬ ‫العابدي��ن بن عل��ي قال أن��ه فهمهم ثم‬ ‫رك��ب الطائرة ورحل)‪ .‬وأرادوه أن يس��مع‬ ‫ولكنه كان أص��م بالفعل وال يزال كذلك‪.‬‬ ‫ولعل��ه ال يش��اهد في قصره س��وى قناة‬ ‫الدني��ا الت��ي تبعث ف��ي نفس��ه ونفوس‬ ‫محبيه الراحة والطمأنينة وهم يتناولون‬ ‫عش��اءهم في المطاعم الفاخرة وكأنهم‬ ‫ي��رون كائنات م��ن المريخ وليس بش��راً‬

‫تموت وتقتل تحت التعذيب وضرب النار‪.‬‬ ‫إن الث��ورة اليوم هي ثورة اجتماعية‬ ‫وفكرية أو ًال‪ .‬فالثورة اليوم تقلب المعادلة‬ ‫المش��وهة بين الحاكم والمحكوم والتي‬ ‫اس��تمرت لما يزي��د عن خمس��مائة عام‪.‬‬ ‫فالمس��ؤول اليوم يجب أن يكون مسؤو ًال‬ ‫وبالتالي سيسأله الناس ولم تعد شعارات‬ ‫التنويم الوطني وال إجراءات الخمسة في‬ ‫المائ��ة تقنع أحداً‪ ،‬فإم��ا أن تقوم بواجبك‬ ‫وإما أن ترحل‪ ،‬وهذا ينطبق على الجميع‪،‬‬ ‫والجمي��ع تعني الجميع وال لبس في اللغة‬ ‫العربية هنا‪ .‬يحلف الرئيس والمحافظون‬ ‫والوزراء اليمين على أداء مهامهم وحماية‬ ‫الدستور والقوانين وهم أول من ينتهكها‬ ‫ويم��رغ أوراقه��ا ف��ي الوح��ل‪ .‬فالقس��م‬ ‫أص ًال أصبح فولكلوراً اس��تعراضياً يش��به‬ ‫مهرجانات وكرنفاالت "المحبة والس�لام"‬ ‫التي تنادي بخلود القائد وفناء الجماهير‪،‬‬ ‫وهكذا تعود نظري��ة الحلول واالتحاد من‬ ‫جدي��د‪ ،‬ولكن ب��د ًال مما قال��ه الحالج عن‬ ‫حلول اإلل��ه يقوله المطبلون والمنافقون‬ ‫ع��ن حلول القائ��د في البش��ر‪ .‬وبينما تم‬ ‫إحراق الحالج يتم تمجيد األب القائد‪.‬‬ ‫إنها ثورة فكرية ألنها تريد تأسيس‬ ‫وط��ن يكون الف��رد فيه القيم��ة األعلى‪،‬‬ ‫فألجل��ه توض��ع القواني��ن وألجل��ه يت��م‬ ‫احترامه��ا‪ ،‬أما بقاء الفرد في قاع الس��لم‬ ‫فل��ن يكون بعد اليوم‪ ،‬وها هي الجماهير‬ ‫تس��حب الس��لم من تحت أرج��ل حكامها‬ ‫وتس��قطهم الواح��د تل��و اآلخ��ر وتدوس‬ ‫عليهم لتذكرهم في النهاية بأنهم "بشر‬ ‫مم��ن خلق" وأن الخل��ود ليس من صفات‬ ‫البش��ر‪ .‬وما طار طي��ر وارتفع إال كما طار‬ ‫وق��ع‪ .‬ولكن من من هؤالء يقرأ التاريخ أو‬ ‫األدب بل ومن منهم حتى يسمعه‪ ،‬وهكذا‬ ‫تحسر نزار قباني عندما قال‪:‬‬ ‫ماذا سأقرأ من شعري ومن أدبي‪.....‬‬ ‫حوافر الخيل داست عندنا األدبا‬ ‫ولكنن��ا الي��وم ي��ا ش��اعرنا العظيم‬ ‫نهضن��ا ونه��ض معن��ا م��ارد الحرية وال‬ ‫تقل��ق فأنت بينن��ا وحولنا وق��د أفقنا من‬ ‫سباتنا الطويل‪.‬‬ ‫ص��وت الحرية اليوم ف��ي كل مدينة‬ ‫وقرية‪ ،‬إما صارخاً وإما مسموعاً‪ ،‬ال فرق‪.‬‬ ‫فالحري��ة من روح اهلل وقد بثها في أرواح‬ ‫البش��ر ولن يستطيع بش��ر حرماننا منها‬ ‫مهم��ا ط��ال الطريق ومهما ط��ال الزمن‪.‬‬ ‫هل من يسمع صراخنا؟ من لم يسمع بعد‬ ‫فهو أصم ولدينا عالج للصمم‪ ،‬الحرية‪.‬‬


‫بـوعـزيـزي فـي ذكـرى انـدالعـه الأولـى‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬

‫عزيزي‪ ...‬لقد رفض هؤالء أن يشربوا العنب‬ ‫الذي عصرته‪ .‬قالوا عن خمرتك البهية‪ ،‬كفراً‬ ‫وحراماً دنيئين‪ .‬صحيح ما قاله المسيح‪ :‬عاصر‬ ‫العنب ليس شاربه‪ .‬لكنهم‪ ،‬النحراف عقولهم‬ ‫ومشاعرهم‪ ،‬حوّلوا الخمرة الجيدة‪ ،‬الموضوعة‬ ‫في جرار الجراح النبيلة‪ ،‬إلى علقم‪ .‬بات أشقاؤك‬ ‫في دول الظالم االستبدادي‪ ،‬ملعونين من‬ ‫األنظمة وإعالمها وزبانيتها‪.‬‬ ‫عزيزي محمد‪ .‬المعركة ال تزال في ألفها‪.‬‬ ‫الباء قادمة حتماً‪ ،‬وبلوغ الياء البعيدة‪ ،‬ال مفر‬ ‫منه‪ .‬وإننا لواصلون‪ ...‬إنما‪ ،‬نخاف على الثورة من‬ ‫بعضها‪ ،‬عندما يبلغ السلطة‪ .‬مستنداً إلى مرجعية‬ ‫قديمة‪ ،‬وال يستند إلى مرجعية الميادين‪ ،‬حيث‬ ‫الحرية هي الحاضر الدائم‪ ،‬وحيث الوطن هو‬ ‫الحاضن المقيم‪ ،‬وحيث الديموقراطية هي آلية‬ ‫العمل للتغيير‪.‬‬ ‫اننا خائفون من انحراف آخر‪ ،‬أشد خطراً‪.‬‬ ‫بعضهم‪ ،‬بد ًال من إن يواجه االستبداد بالصدور‬ ‫العارية‪ ،‬فضل االحتماء بالناتو‪ ،‬واستدراج عروض‬ ‫التدخل من أعداء حقيقيين‪ ،‬جديرين بالجلوس‬ ‫في قنص االتهام‪ ،‬الرتكابهم جرائم ضد‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬في العراق وفلسطين وغزة ولبنان‪.‬‬ ‫والرتكابهم األفظع‪ ،‬حماية قتلتنا الطغاة‪ ،‬ودعم‬ ‫جزمات عسكرهم لسمعتنا‪.‬‬ ‫بعض ذلك حدث في ليبيا‪ .‬وبعضه يحدث في‬ ‫سوريا‪ .‬ال تبرر وحشية االستبداد‪ ،‬االستعانة بوحش‬ ‫غربي‪ .‬نعرف ذلك‪ ،‬لكن البعض انتهز فرحة االحتقان‪،‬‬ ‫فكاد يصل إلى بيع الثورة‪ ،‬لقاء وهم ضحل‪.‬‬ ‫عزيزي محمد‪ ،‬فاتح العصر الجديد‪ ،‬عصر‬ ‫الثورة الديموقراطية‪ ...‬ونحن إذ نكتب لك‪،‬‬ ‫فكي نخاطب أنفسنا كذلك‪ ،‬وكي نذكرها بأن‬ ‫البيان التأسيسي الجديد لهذا العصر الجديد‪،‬‬ ‫يبدأ بمقدمة‪ ،‬مختلفة عن تلك التي جاءت في‬ ‫«فاتحة» البيان الشيوعي‪ .‬إننا نقول‪ ،‬بعدما‬ ‫حررتنا من خوفنا‪« ،‬ال يعدو أن يكون تاريخ‬ ‫البشرية‪ ،‬هو تاريخ النضال من أجل الحرية‪ ،‬ومن‬ ‫أجل المزيد منها»‪.‬‬ ‫تونس اليوم‪ ،‬حرة‪ ..‬مصر اليوم‪ ،‬حرة‪..‬‬ ‫ليبيا اليوم‪ ،‬حرة (برغم الناتو)‪ ،‬سوريا اليوم‪،‬‬ ‫في مخاض الحرية‪ .‬البحرين كذلك‪ .‬أما الممالك‬ ‫العربية‪ ،‬فقد داوت استبدادها‪ ،‬بمحاولة رشوة‬ ‫شعوبها المظلومة بعطاءات‪ ،‬كي توفر على‬ ‫نفسها‪ ،‬ثورة متوقعة‪.‬‬ ‫بعد عام يا عزيزي محمد‪ ،‬سنكتب إليك‪.‬‬ ‫وستكون الحرية قد افتتحت دو ًال وأوطاناً وشعوباً‪.‬‬ ‫وتكون فلسطين قد استعيدت إلى أرضها‪...‬‬ ‫نستودعك حيث أنت‪ ...‬سالم إلى من‬ ‫التحق بك‪ .‬وإنا للوطن‪ ،‬وإنا إليه راجعون‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫لستُ أول من يكتب لك في ذكرى‬ ‫اشتعالك‪ .‬سبقني كثيرون‪ ،‬وأحب أن أبدأ رسالتي‪،‬‬ ‫بنص كتبه الروائي الجزائري بوعالم صنصال‪،‬‬ ‫بمناسبة مرور ستة أشهر على اندالعك‪ ،‬يوم‬ ‫قررت أن تتحرر من بؤسك المتوحش‪ ،‬بالتطهر‬ ‫من هذه الدنيا‪ ،‬فسكبت على الجسد‪ ،‬نيرانك‪...‬‬ ‫فاستضأنا بها‪ ،‬وال نزال نراك هناك‪ ،‬وال نزال‬ ‫نسير على ضوئك إلى هنالك‪ ...‬هنالك الذي‬ ‫أمامنا‪ ،‬ولو كان بعيداً وشاقاً ودامياً‪.‬‬ ‫قال لك بوعالم في رسالته‪« :‬أكتب لك‬ ‫هذه السطور القليلة ألعلمك أننا مبدئياً بخير»‪.‬‬ ‫(صح‪ .‬إننا بخير‪ ،‬برغم اإلصابات الكثيرة)‪« .‬قال‬ ‫المسيح شيئاً‪ :‬من صنع النبيذ‪ ،‬ليس من يشربه‪.‬‬ ‫أنت‪ ،‬يا محمد‪ ،‬النبيل الشجاع‪ ،‬ابن سيدي بوزيد‪،‬‬ ‫أشعلت الشرارة‪ .‬مهمتك قد انتهت‪ ،‬وبقي علينا‬ ‫مواصلة العمل مهما كان الثمن‪ ،‬أكان صليبَ‬ ‫خشب أم حديد‪ ،‬ال فرق‪ .‬سنقوم بذلك لينعم‬ ‫ٍ‬ ‫أوالدنا بالسالم»‪( .‬صح‪ .‬ما زلنا في الطريق‪ .‬في‬ ‫وسطها‪ .‬ولسنا على القارعة ننتظر‪ .‬إننا نكمل‬ ‫الحرائق‪ .‬وال عودة إلى زمن كان قبلك‪ ،‬فقطعت‬ ‫عليه الطريق)‪.‬‬ ‫يطيب لي ولك‪ ،‬أن نستذكر نص رسالة‬ ‫أخرى كتبها الروائي اليمني أحمد زين‪« :‬عزيزي‬ ‫محمد‪ .‬سالم لروحك‪ .‬ال أعرف أين هي اآلن‪ ،‬لكن‬ ‫الشعوب العربية تعرف جيداً‪ ،‬أين هي اآلن‪ ،‬وأي‬ ‫مسافة اجتازت‪ ،‬حاملة أحالمها الجميلة وأملها‬ ‫بحياة كريمة‪ ...‬وكل هذا بفضلك»‪.‬‬ ‫مثلهما‪ ،‬أبدأ رسالتي‪ :‬عزيزي محمد‪.‬‬ ‫أسألك‪ ،‬ماذا فعلت بنا‪ ،‬على غفلة منك؟ كنت تريد‬ ‫النجاة بنفسك‪ ،‬لوحدك‪ ،‬من مأساتك‪ ،‬فأخرجتنا‬ ‫معك‪ ...‬نجاتك المأساوية‪ ،‬كانت نجمتنا‪ ،‬وكنتَ‬ ‫المجوس المبشر بالخالص‪.‬‬ ‫قيل عنك في كتابات فائضة‪ :‬كسرت حاجز‬ ‫الخوف‪ ،‬وفتحت الباب أمام من كانوا حتى أمس‪،‬‬ ‫منذ عام‪ ،‬ينامون وهم يسيرون على أقدامهم‪،‬‬ ‫ويخبئون أحالمهم في ثيابهم الداخلية‪ ،‬ويلوكون‬ ‫كالم االتكال وجمل الصبر وحكم «العين ال تقاوم‬ ‫المخرز»‪ .‬كم كان الخوف عقيدتنا‪ .‬مارسناه تقية‬ ‫وجبنا‪ .‬كم كان الحاكم مرعباً؟‬ ‫أنت‪ ،‬لست صنمنا الجديد‪ .‬أنت نحن‪،‬‬ ‫بصيغة المفرد‪ .‬كان ال بد من رجل يتقدم‬ ‫الصفوف ويعلن‪« :‬كفى»‪ ...‬سمعناها‪.‬‬ ‫قلنا معك‪ :‬كفى‪ .‬وخرجنا شعوباً «تريد‬ ‫إسقاط النظام»‪ .‬كم كنتَ جاه ًال يا عزيزي‬ ‫محمد‪ .‬ما كنت تدرك أنك اندالعنا‪ ،‬الذي صار‬ ‫عمره اليوم‪ ،‬عاماً كام ًال‪ ،‬بطول قرن‪.‬‬ ‫كسرتَ حاجز الخوف‪ ،‬عندما قلت‪:‬‬ ‫«خلص»‪« .‬كفى»‪ .‬عندما قلت لنفسك‪ ،‬في‬ ‫لحظة تجلي الخالص الفردي‪ ،‬ال غد بعد اليوم‪.‬‬ ‫غدي سيكون صنو أمسي ال أريده‪ .‬الخالص‬ ‫الجماعي (الشعبي) مستحيل‪ .‬هذه شعوب نائمة‪،‬‬ ‫ال يوقظها ظلم او استعباد أو قمع‪ .‬قلت‪ :‬لن‬ ‫أعود إلى غد يشبه أمسي‪ ،‬كي أهان مرة أخرى‬ ‫كي أقود عربة الخضار‪ ،‬أمضغ اليأس والمرارة‪،‬‬ ‫أتشرّد بين الحاجة والفاقة‪ ...‬قلت لن أعود‪.‬‬ ‫قطعت «الروبيكون»‪ ،‬كما فعل يوليوس قيصر‪.‬‬ ‫ال خالص إال بالقطع‪ .‬قطعت مع حياتك‪ .‬تماما‬ ‫كما فعل المسيح‪ .‬بصليبه كانت القيامة‪ .‬تماماً‬ ‫كما فعل طارق بن زياد‪ :‬أحرق المراكب‪ .‬ال عودة‬ ‫إلى األمس‪ .‬القتال وحده مراكب انتصاركم‪.‬‬ ‫وأنت باشتعالك كانت االنتفاضة‪ ،‬شحذت قريحة‬ ‫الشجاعة‪ .‬فأنت األب الحقيقي لهذا الوحي‬ ‫المتدفق‪ ،‬لهذا اإللهام الثري‪ .‬أنت األب‪ ،‬وإن‬ ‫أنكر البعض ذلك‪ ،‬العتيادهم أن يكونوا أبناء‬ ‫االستبداد‪ ،‬وأبناء الكتب‪ ،‬وأبناء العقائد وأبناء‬ ‫«المقدس» وأبناء الجواري خدم السلطان‪ .‬أنت‪،‬‬ ‫لم تكسر حاجز خوفك فقط‪ ،‬ألن بك تحررنا من‬ ‫الجبن‪ ،‬واندلعنا مثلك‪ ،‬وها هي أمتك تملك‬ ‫قبضتها وتسير إلى حتف الطغاة‪.‬‬ ‫لقد كسرت حاجز الخوف‪ ،‬ولكم كان سه ًال‪،‬‬ ‫وإن كان باهظاً وثقي ًال‪ .‬ثقله أخف بكثير من‬ ‫قيود االستعباد واإلدمان على العبودية‪ .‬قلت‪:‬‬ ‫كفى‪ .‬كفى إعادة إنتاج للبؤس والمرارة والخيبة‬ ‫واالنكسار واليأس‪ .‬كفى عيشاً في مقبرة‪ ،‬من‬ ‫الخليج إلى المحيط‪ .‬كنا نمضغ «القات» واليأس‪،‬‬

‫كنا نلوّن سواد أيامنا‪ ،‬بتفاهات الحداثة‪ ،‬وفقاقيع‬ ‫المهرجانات المنظمة من فوق‪ ...‬كنا نمارس‬ ‫فضيلة االنعدام‪ ،‬خوفاً من أن يقبض علينا‬ ‫بتهمة مواطنين‪ ،‬يحبون ويحلمون ويفكرون‬ ‫ويعملون ويتطلعون إلى الحرية‪.‬‬ ‫عزيزي محمد‪ .‬لستَ عابراً في حياتنا‪ .‬أنت‬ ‫مبتدؤنا‪ .‬قبلك كثيرون سبقوك إلى نهج االنتحار‪،‬‬ ‫إلى ممارسة اليأس الجميل‪ .‬أنت‪ ،‬وُهبت نعمة‬ ‫اإلشعاع‪ .‬اشتعلت فاندلعنا‪ ،‬انتقلت بسرعة الهواتف‬ ‫النقالة‪ ،‬إلى عائلتك‪ ،‬إلى أترابك‪ ،‬إلى مدينتك‬ ‫الباسلة‪ ،‬مدينة الشهداء الذين قاوموا االستعمار‬ ‫الفرنسي‪ ،‬مدينة البؤس والبطالة والقمع المنظم‪.‬‬ ‫باشتعالك‪ ،‬خرجت من مدينتك إلى األرياف‬ ‫المحيطة بعاصمة روحك وبؤسك والظالم فيها‪.‬‬ ‫وصلت القصرين ثم بلغت صفاقص‪ ،‬ثم دلفت‬ ‫إلى تونس‪ ...‬وكان من جاؤوا بعدك بواسل في‬ ‫الكتابة‪ .‬كتبوا له‪« :‬ارحل»‪ .‬فرحل‪.‬‬ ‫لقد رحل الطاغية يا عزيزي محمد‪ .‬لقد‬ ‫فضحت هشاشة حبر الطغاة‪ .‬إنهم صغار‪ .‬بن‬ ‫علي تس ّلل لي ًال كاللصوص‪ .‬قبطان الطائرة‬ ‫األولى‪ ،‬رفض أن يقل الطاغية وعائلته المتمرسة‬ ‫بنهبك ونهب شعبك‪ .‬قال لإلعالم أمس األول‪،‬‬ ‫كيف أنقل من يقتل شعبي؟ سئل‪ :‬هل كنت‬ ‫تتوقع عقوبة؟ أجاب‪ :‬كنت أتوقع القتل الفوري‪.‬‬ ‫لكنه جبان‪ .‬وأمنه جبان‪...‬‬ ‫هذا القبطان مثلك‪ .‬قال‪ :‬كفى‪ .‬رفض‬ ‫تهريب بن علي كما تهرب حقائب الممنوعات‬ ‫والمخدرات‪ .‬وجد له مأوى في بلد مظلم شديد‬ ‫الوطأة على شعبه ومنطقته‪ ،‬خفيف كالريش إزاء‬ ‫غرب يجد في نفطه «المن والسلوى» لمصارفه‬ ‫االجتياحية‪.‬‬ ‫كشفت يا محمد عجزهم وبؤسهم وعارهم‪.‬‬ ‫الطغاة العرب ال يسيرون في بالدهم‪ ،‬خوفاً من‬ ‫شعوبهم‪ ،‬إال على عكازات أمنية‪ ،‬تصوّب باتجاه‬ ‫«األعداء» من أبناء شعبك‪ .‬بن علي كان أو ًال‪...‬‬ ‫مبارك ثانياً‪ ...‬إلنه يخجل من الظهور أمام‬ ‫الكاميرا في قاعة المحاكمة‪ .‬القذافي غادر الدنيا‬ ‫وهو مشدوه وخائف ومذعور‪ .‬والبقية‪ ،‬ال مفر‬ ‫لها‪ .‬إنها ال تستطيع كسر حاجز خوفها‪ .‬ذعرها‬ ‫يدفعها الرتكاب المجزرة‪.‬‬ ‫عزيزي محمد‪ .‬حررتنا من وثن الخوف‪.‬‬ ‫والخوف دين السلطة التي تطغى‪ .‬من دروس‬ ‫الخوف‪ :‬تقديس الطاغية‪ ،‬تطويب السلطة‬ ‫للرئيس وعائلته‪ .‬أسماؤهم‪ ،‬أفضل من أسماء‬ ‫اهلل الحسنى‪ ...‬ال يساء إليهم ولو باإلشارة‪ ،‬أو‬ ‫بالنية‪ ،‬أو بالهمس‪ ...‬الطغيان‪ ،‬ال يستمد شرعيته‬ ‫من الدساتير والقوانين واألعراف والقيم‪ .‬يستمد‬ ‫شرعيته من خوف الشعب‪ .‬لذا‪ ،‬يفضل اإلذعان‬ ‫ال االقتناع‪ ،‬يفضل األمر على المشورة‪ .‬ال يقبل‬ ‫النصح‪ .‬يستطيب المدح واالمتثال لألوامر‪ .‬أفضل‬ ‫مواطن عنده‪ ،‬هو المطيع‪ ،‬والطاعة سياسة‬ ‫تؤدي إلى االنصياع‪ .‬وألن الطاغية يخاف‪ ،‬يمارس‬ ‫القوة ضد شعبه‪ .‬يوظف أمنه إلقالق أمن الناس‪.‬‬ ‫يعمم عن قصد‪ ،‬نظام العقوبات الوحشي الذي‬ ‫يمارسه جالوزته وشبيحته وبلطجيته وزعرانه‪..‬‬ ‫وجماعة األمر بالمنكر والنهي عن المعروف‪.‬‬ ‫يوظف الرعب‪ ،‬عبر إشاعة التعذيب واإلعالن عنه‬ ‫والتباهي به‪ .‬ينشر مجموعة من القيم السافلة‪:‬‬ ‫«الشجاع متآمر»‪« ،‬الذكي عميل»‪« ،‬الكاتب‬ ‫مأجور»‪« ،‬الوطني خائن»‪ ...‬ال يطمئن الطاغية‪،‬‬ ‫إال لمن يواليه مدى الحياة‪ .‬ال يريد والء للدولة‬ ‫أو الحكومة أو السلطة‪ .‬يريد والء للشخص‪ ...‬كل‬ ‫هذه الوسائل التي ابتكرتها عبقرية االستبداد‬ ‫الجهنمية‪ ،‬تعمم لتشكيل عقل جمعي يؤمن بأن‬ ‫العجز خير األفعال واألعمال واألقوال‪.‬‬ ‫عندما قلت «خلص»‪ ،‬كنت قد صوّبت‬ ‫نارك إلى عقيدة السلطة‪:‬‬ ‫الطاعة أو ًال‪ ،‬التواطؤ دائماً‪ ،‬الرضوخ‬ ‫نموذجاً‪ ،‬الخداع وسيلة‪ ...‬وكل ذلك يبنى على‬ ‫إفراغ اإلنسان وكرامته‪ ،‬ومنعه من لقمة العيش‪،‬‬ ‫عبر احتكار المال واالقتصاد‪ ،‬واالنفتاح على‬ ‫النهب المنظم‪ .‬كل هذا‪ ،‬مصحوب مع مرتبات‬ ‫بائسة وعطالة دائمة‪ ،‬ومكاسب ال يحظى بها اال‬ ‫لصوص السلطة‪...‬‬ ‫أنت يا عزيزي‪ ،‬أنزلت السلطة إلى القاع‪،‬‬

‫فارتفع الشعب إلى الصدارة‪.‬‬ ‫«إذا الشعب أراد الحياة‪ ،‬فال‬ ‫بد أن يستجيب القدر»‪ .‬ولقد‬ ‫استجاب في تونس‪ .‬وها هي‬ ‫بوادر السلطة المنبثقة من‬ ‫الشعب‪ ،‬باالنتخاب الحر‪ ،‬تسير‬ ‫على قدميها‪ ،‬رافعة جبينها‪،‬‬ ‫وتنشد بملء حناجرها‪ ،‬بإيقاع‬ ‫مهيب‪ :‬النشيد الوطني‪...‬‬ ‫ولكم ذرفنا فرحاً عندما‬ ‫سمعنا هذا النشيد‪ ،‬في جلسة‬ ‫البرلمان التي انتخب فيها‬ ‫رئيس جديد مؤقت (وليس‬ ‫لمدى الحياة)‪ .‬وكان سجين‬ ‫بن علي‪ ،‬وبعض النواب كان‬ ‫منفياً مزمناً‪.‬‬ ‫أنكر كثيرون منا‬ ‫ريادتك العفوية‪ ،‬ألنك‬ ‫سبقتهم‪ .‬المثقفون والكتاب‬ ‫والحزبيون‬ ‫والمفكرون‬ ‫واإلسالميون وسواهم‪ ،‬أنكروا‬ ‫أن يكون لك‪ ،‬ثم لمن اهتدى‬ ‫إلى نارك‪ ،‬دور في الثورة‪...‬‬ ‫اغفر لهم‪ ،‬إنهم أصنام الكتب‬ ‫واألفكار واألقوال الجاهزة‪.‬‬ ‫إنهم أهل الكهف العربي‪،‬‬ ‫ينتظرون دائماً‪ ،‬من يخرجهم‬ ‫من بؤسهم‪ ،‬من الخارج‪.‬‬ ‫لقد كانت كتاباتهم تبشر بالعجز العربي‪،‬‬ ‫تنعى بؤس الثقافة‪ ،‬تدلل على تفاهة التراث‪،‬‬ ‫تشيّع على اإلسالم أقوا ًال تظلمه‪ ،‬تتهمه بأنه‬ ‫هو العلة‪ ...‬لم يوفروا رواد النهضة‪ .‬نعتوهم‬ ‫باالغتراب‪ .‬لم يوفروا حركات التجديد‪ ،‬وصفوها‬ ‫باالستشراق‪ ..‬وفي المقابل‪ ،‬كان البعض‬ ‫يروّجون الزدهار السلف‪ .‬و«صلنا في ماضينا»‪،‬‬ ‫و«أملنا بالعصور الراشدة اإلسالمية»‪.‬‬ ‫كنا يا عزيزي بؤرة العفن الحضارية‪ .‬أقنعونا‬ ‫بأن العلة فينا دينا وثقافة وحضارة‪ .‬فنحن في‬ ‫نظرهم‪ ،‬ظالميون ومتخلفون وقبائل وطوائف‬ ‫وأعراق وهمج‪ ...‬وال بد من طاغية يضبط‬ ‫وجودنا‪ ...‬قالوا لنا‪ :‬البديل عن االستبداد‪ ،‬هو‬ ‫الفوضى‪ .‬إنهم يكذبون‪.‬‬ ‫كنا يا محمد‪ ،‬في حفلة تأبين لذواتنا‪ .‬نحن‬ ‫األموات‪ ،‬ونحن من يرثي كذلك‪ .‬أقنعونا بأن‬ ‫هذا مبتدؤنا وهذه هي نهايتنا‪ .‬ثقافتنا تعيد‬ ‫إنتاج قيم الجهل والخرافة واالتكال‪ ...‬والشعب‬ ‫غير موجود‪.‬‬ ‫أنت فتحت الباب‪ ،‬فجاء الشعب ليسقط‬ ‫النظام المسؤول وحده‪ ،‬أو ًال وأخيراً‪ ،‬عن كل ما‬ ‫حل بنا سياسياً واجتماعياً وثقافياً وإنسانياً‪ .‬انه‬ ‫هو الغول وهو القرصان وهو الذي شوّهنا‪ ،‬وهو‬ ‫الذي أخرجنا من التاريخ‪ ،‬ليستقر فيه‪ ،‬جثة جليلة‬ ‫مكللة بالنياشين والثروات والبطش‪.‬‬ ‫أنت يا محمد‪ ،‬عبرت الحدود العربية‪،‬‬ ‫جئت ميدان التحرير‪ ،‬زرت خالد سعيد ومن‬ ‫معه من شباب مصري قرر أن يكون على صورة‬ ‫االندالع العظيم‪ .‬زرت ليبيا‪ ،‬ورأيناك في درعا مع‬ ‫الطفل حمزة الخطيب‪ ،‬رأيناك في اليمن‪ ،‬وفي‬ ‫البحرين‪ ...‬وسنراك حيثما يوجد طغاة‪.‬‬ ‫عبرت جبل طارق‪ .‬شباب مثلك يقتدون‬ ‫بشباب العرب الثائرين‪ ،‬ينزلون الساحات في‬ ‫دلما دل سول‪ ،‬في لشبونة‪ ،‬في روما‪ ،‬في اليونان‪.‬‬ ‫عبرت المحيط‪ ،‬وصلت إلى «وول ستريت»‪ .‬إنهم‬ ‫هناك‪ ،‬يقرعون قبضاتهم العارية‪ ،‬إلسقاط‬ ‫االستبداد الدولي المالي‪ ،‬وإشعال الحرائق في‬ ‫نظام الحرمان والمجاعة والتلوث‪...‬‬ ‫أنت‪ ...‬رجل العام‪ ،‬ولو لم يشاؤوا ذلك‪.‬‬ ‫عزيزي محمد‪ ...‬بعضنا ليس مقتنعاً بك‪.‬‬ ‫يقول‪ :‬هذه الثورة ليست اسماً على مسمّى‪ .‬إنها‬ ‫ناقصة‪ ،‬إنها ملغومة‪ ،‬إنها مؤامرة‪ ،‬إنها وليدة‬ ‫الغرب‪ ...‬هؤالء‪ ،‬هم في األساس‪ ،‬ضد الثورة‬ ‫ومع االستبداد‪ .‬قصدوا تشويهك‪ ،‬فباعوك إلى‪...‬‬ ‫ال تغفر خطيئة هؤالء‪ ،‬ألنها من الكبائر (في‬ ‫اإلسالم) وتجديف على الروح (في المسيحية)‬ ‫وخيانة لمبدأ الحرية (في السياسة)‪.‬‬

‫نصري الصايغ‬

‫من الربيع العربي ‪. .‬‬

‫�شعـل احلرائـق مـاذا فعلـت بنـا؟‬ ‫يـا ُم ِ‬

‫‪7‬‬


‫نبض الروح‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫ف ّنانان «م�ش ّردان» خلف الفتات‬ ‫كفرنبل ال�سورية‬ ‫ال يمكن أال تكون قد لفتت نظر‬ ‫المتابعين للتظاهرات في سورية‬ ‫الفتات بعينها في بلدة بعينها هي‬ ‫كفرنبل‪ ،‬ال سيما تلك التي هجرتها‬ ‫الحروف لتبقى بيضاء إ ّال من‬ ‫كلمتين وتوثيق للمكان والزمان‪:‬‬ ‫«كفرنبل المُحتّلة‪ 14 .‬كانون‬ ‫األول (ديسمبر)»‪ .‬ترتفع الالفتات‬ ‫رجال وأطفال كتموا‬ ‫المميزة بأيدي‬ ‫ٍ‬ ‫أفواههم بشرائط الصقة‪ ،‬ورفعوا‬ ‫أذرعتهم عالياً في أثناء سيرهم خلف‬ ‫قائد التظاهرة الجالس على كتفي‬ ‫أحدهم‪ ،‬يردّدون من ورائه همهمات‬ ‫المقصود بها هتافات صامتة‪ ،‬وذلك‬ ‫في أول عرض مسرحي‪ -‬إيمائي‬ ‫احتجاجي‪ ،‬في الهواء الطلق‪ ،‬وأمام‬ ‫جمهور األمن و «الشبيحة»‪.‬‬ ‫«أردناها تظاهرة صامتة ألن‬ ‫الكالم انتهى»‪ ،‬يقول صاحب فكرة‬ ‫التظاهرة الصامتة وعضو المكتب‬ ‫اإلعالمي في «مجلس قيادة الثورة‬ ‫في إدلب»‪ ،‬وهي أحد التجمّعات‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة للتظاهرات في‬ ‫المدنية‬ ‫المحافظة‪ .‬علماً أن تظاهرة سابقة‬ ‫في كفرنبل ضمّت محتجّين‪ ،‬في‬ ‫حزيران (يونيو) الماضي‪ ،‬حين‬ ‫قدّموا أنفسهم باعتبارهم أمواتًا‪،‬‬ ‫خارجين من قبورهم‪ ،‬بأكفانهم‬ ‫البيضاء‪ ،‬ليطالبوا بإسقاط النظام‬ ‫حاملين الفتات كتبوا فيها «متنا‬ ‫وسنموت وتحيا سورية» و «مطلوب‬ ‫مقابر جديدة تتسع لشهداء العفو‬ ‫الرئاسي!»‪.‬‬ ‫وقد تميز أهالي كفرنبل‪ ،‬التابعة‬ ‫لريف معرة النعمان في محافظة‬ ‫إدلب‪ ،‬األحداث السياسية والنشاط‬ ‫االحتجاجي المعارض في سورية‪،‬‬ ‫أو ًال بأول‪ ،‬ليعكسوها سخرية ذكية‬ ‫في الفتاتٍ حفرت اسم هذه البلدة‬ ‫الصغيرة التي ال يتجاوز عدد سكانها‬ ‫الـ ‪ 30‬ألفًا وقدّموا سبعة شهداء‪ ،‬في‬ ‫ذاكرة اآلالف من السوريين وحتى‬ ‫العرب‪ ،‬مقترنًا بابتسامة ومشاعر‬ ‫التأ ّثر‪ .‬حتى إن إحدى أدوات غوغل «اد‬ ‫وردز» تشير إلى أن المعدل الوسطي‬ ‫لعدد الباحثين عن اسم هذه البلدة‪،‬‬ ‫منذ بداية الثورة السورية‪ ،‬بلغ ‪3600‬‬ ‫شهريًا‪.‬‬

‫زينة ارحيم‬

‫ر�سائل يف اجتاه واحد‬

‫رداً على هجوم مؤيدي النظام‬ ‫السوري على السفيرين الفرنسي‬ ‫واألميركي‪ ،‬كتب على إحدى الالفتات‬ ‫التي رفعت في كفرنبل‪ ،‬باللغتين‬ ‫العربية واإلنكليزية‪« :‬يبدو أننا‬ ‫نطلب الحماية ممن هم في حاجة‬ ‫إلى حماية سفرائهم أو ًال»‪.‬‬ ‫ومع بداية العام الدراسي الحالي‪،‬‬ ‫الذي تزامن وقمع األمن للتظاهرات‬ ‫الطالبية‪ ،‬خرج المحتجّون بالفتة‬ ‫يحددون فيها اللباس المدرسي‬ ‫واق من‬ ‫السوريّ‪« :‬خوذة‪ ،‬وقناع ٍ‬ ‫الغاز‪ ،‬ودرع مضادة للرصاص»‪.‬‬ ‫وفي «جمعة وحدة المعارضة»‪،‬‬ ‫أهدوا األخيرة مقطعًا من أغنية‬ ‫سميرة توفيق «وصّلتينا لنص البير‬ ‫وقطعتي الحبلة فينا»‪ ،‬وع ّلقوا أيضًا‬ ‫على الفيتو الصيني (في مجلس‬ ‫األمن والذي حال دون صدور قرار‬ ‫يدين انتهاكات النظام السوري في‬ ‫حق المعارضين) فكتبوا‪« :‬كفرنبل‬ ‫تريد تحرير التيبت»‪.‬‬ ‫كما طالبوا الجيش السوري‬ ‫«باالنسحاب إلى حدود ‪ 15‬آذار‬ ‫(مارس)»‪ ،‬وبـ «زيادة عدد الدبابات‬ ‫في كفرنبل المحتّلة للتخفيف عن‬ ‫حمص المنكوبة»‪ ،‬إلى أن وصلوا إلى‬ ‫الفتتهم األشهر أواسط تشرين األول‬ ‫(أكتوبر) الماضي‪« :‬يسقط النظام‬ ‫والمعارضة‪ ،‬تسقط األمة العربية‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬يسقط مجلس األمن‪،‬‬ ‫يسقط العالم‪ ،‬يسقط كل شيء»‪.‬‬ ‫يقول عضو المكتب اإلعالمي‬ ‫في «مجلس قيادة الثورة في إدلب»‬ ‫لـ «الحياة»‪« :‬فهمنا منذ األسابيع‬ ‫األولى للثورة أن معركتنا مع النظام‬ ‫إعالمية‪ ،‬وكان على قريتنا الصغيرة‬ ‫أن تقدّم ما يلفت أنظار وسائل‬ ‫اإلعالم إلى ثورتنا وتظاهراتنا‬ ‫السلمية‪ ،‬فعملنا على تلك القصاصات‬ ‫القماشية والكرتونية التي أرسلنا‬ ‫عبرها الرسائل إلى العالم كله‪،‬‬ ‫بالعربية واإلنكليزية وحتى الروسية‬ ‫والصينية»‪.‬‬ ‫ويخبر الرجل أنه‪ ،‬منذ نيسان‬ ‫(أبريل) الماضي‪ ،‬يخرج في‬

‫التظاهرات كاشفًا وجهه للكاميرات‪،‬‬ ‫ومعرّفًا باسمه والفتاته وحتى كفنه‪،‬‬ ‫«وك ّلفني ذلك النزوح من بيتي مع‬ ‫عائلتي‪ ،‬وانتقالي للعيش في الخيمة‬ ‫وسط البريّة مع بقيّة األحرار»‪.‬‬ ‫وهذا الناشط درس في كلية الطب‬ ‫بجامعة حلب ثالث سنوات‪ ،‬ليتركها‬ ‫الحقًا ويفتح مكتبًا عقاريًا‪ ،‬لديه ثالثة‬ ‫أوالد‪ ،‬هم أيضاً هجروا منزل العائلة‬ ‫الذي تعرض للدهم وخلع رجال األمن‬ ‫ّ‬ ‫وحطموا أثاثه‪« ،‬أربع مرات‬ ‫أبوابه‬ ‫فقط والحــمد هلل»‪ ،‬بحسب األب الذي‬ ‫يشــارك في وضع أفكار الالفتات‬ ‫مع قريب له رســّـام وخريّج معهد‬ ‫مهني‪ .‬فيقع على عاتق األول اختيار‬ ‫ما سيُكتب على الالفتات القماشية‬ ‫الكبيرة يوم الخميس‪ ،‬لحملها في‬ ‫تظاهرات الجمعة‪ ،‬فيما يختار قريبه‬ ‫ما سيُكتب أيام األحد والثلثاء‪ ،‬وهي‬ ‫أيام ثابتة للتظاهرات في البلدة‪.‬‬

‫بالألوان‬

‫وعن بداية كتابتهم لالفتات‬ ‫يقول الرفيق الرسّام‪« :‬عندما‬ ‫خرجنا في التظاهرة األولى‪ ،‬قالــت‬ ‫قـــناة «الدنيا» (الموالية للنظام)‬ ‫أنها مفبركة‪ ،‬ففكرت في كتابة اسم‬ ‫المكان وتاريخ التظاهرة لتوثيقها‬ ‫وتكذيب القناة‪ ،‬فكــانــت أول الفتة‬ ‫كتــبتها‪ :‬كفرنبــل قــلعة الثــوّار‬ ‫‪29‬‏ ‏‪ .»2011/ 4/‬ويضيف‪« :‬نتعاون‬ ‫في جمع الخروج باألفكار‪ ،‬وأحيانًا‬ ‫جمعها من مجموعة من النشطاء‪،‬‬ ‫إذ يطرح كل ناشط فكرته ونعمل‬ ‫نحن على تطويرها‪ ،‬ألصوغها أنا في‬ ‫هيئتها النهائية‪ ،‬ونستقي أفكارنا من‬ ‫أي حدث نسمع به أو نشاهده على‬ ‫التلفزيون‪ ،‬ونتعاون أيضًا مع ّ‬ ‫خطاط‬ ‫متخصص يدوّن الصياغات النهائية‬ ‫على الالفتات‪ ،‬وهناك شاب يساعدنا‬ ‫في ترجمة الالفتات إلى اإلنكليزية»‪.‬‬ ‫ويحكي الرسّام نفسه عن‬ ‫أعماله الكاريكاتورية الملوّنة التي‬ ‫تتصدّر أحياناً الفتات كفرنبل‪ ،‬وهي‪،‬‬

‫بسبب الظروف المعروفة ومتطلبات‬ ‫السرعة‪ ،‬بسيطة الخطوط‪ ،‬ملونة‬ ‫بأقالم خشبية أو سائلة كتلك التي‬ ‫يستخدمها طالب المدارس‪« :‬أنا‬ ‫أحب الرسم منذ زمن وأمارسه‪ ،‬أما‬ ‫في الثورة فلوحتي األولى جسّدت‬ ‫(الرئيس) بشار األسد برقبة طويلة‬ ‫وأرجل غائرة في األرض وكتب تحتها‪:‬‬ ‫لن تخرق األرض ولن تبلغ الجبال‬ ‫طو ًال»‪ .‬ويشرح‪« :‬كنت في البداية‬ ‫ألصق الكرتون األبيض على كرتون‬ ‫الصناديق المخصصة لتوضيب‬ ‫البضائع‪ ،‬بهدف تقويتها حتى تتحمّل‬ ‫الالفتة العوامل الطبيعية إلى حين‬ ‫وصولنا بها إلى معرة النعمان‪ ،‬لكن‬ ‫اآلن‪ ،‬ومع الحصار المطبق علينا‪ ،‬ال‬ ‫نستطيع عبور حدود قريتنا‪ ،‬ولم أعد‬ ‫في حاجة إلى تقوية الالفتات»‪.‬‬ ‫لم يتوقع الثنائي المتخصص‬ ‫في الفتات كفرنبل أن تحقق‬ ‫الفتاتهما كل هذه الشعبية في‬ ‫أوساط السوريين‪« :‬الفتاتنا بسيطة‬ ‫وعفوية‪ ،‬غالبية أفكارها نابعة من‬ ‫ناس بسطاء وأحياناً غير متعلمّين‪،‬‬ ‫يتصلون بي ك ّلما خطرت لهم عبارة‬ ‫أو شعار‪ ،‬فنطوّر ما يصلنا معاً‪،‬‬ ‫ونصل أخيراً إلى الشكل الذي يظهر‬ ‫في التظاهرة»‪.‬‬ ‫يقدّر «فنانا كفرنبل» عدد‬ ‫الجنود المنتشرين في قريتهم بألفي‬ ‫عنصر‪ ،‬مع حوالى مئة مدرعة‪ ،‬ومئة‬ ‫آلية عسكرية ثقيلة أخرى‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى الحواجز األمنية والعســـكرية‬ ‫المنتـــشرة في داخـــل كفرنبل وعلى‬ ‫أطرافها‪ .‬وبسبب هذا «االحتالل»‪،‬‬ ‫كما يسميانه‪ ،‬يعيش الثنائي اآلن في‬ ‫خيم قماشية في البرية‪ ،‬معتمدين‬ ‫ك ّلياً على ما يرسله إليهما األهالي‬ ‫من مالبس وأطعمة… وفي هذا‬ ‫البرد تعيـــشان؟ ومن دون كهرباء أو‬ ‫ماء؟ يجيب أحدهما بثقة‪« :‬وال يهمك‪،‬‬ ‫انتهى خوفنا من الموت ومن النــظام‪،‬‬ ‫معنوياتنا في السماء»‪.‬‬


‫عن �إياد‪ ،‬الفل�سطيني ال�سوري‬

‫ابن حزم‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫خاص سوريتنا‬ ‫هكذا إذاً يطلب سادة القومية والممانعة والعروبة والمقاومة‬ ‫من السوريين أن يتنازلوا عن حقوقهم‪ ،‬هكذا سيكون على عوائل‬ ‫شهداء سورية أن يحملوا على كاهلهم وحدهم مصير األمة‬ ‫العربية الذي طالما عبثت به األنظمة وعلى رأسها النظام الذي‬ ‫يقاومونه‪ ،‬وأن يدفعوا من دماء أبنائهم ضريبة مقاومة وممانعة‬ ‫ليتها كانت حقيقية‪ ،‬وليت دمائهم تلك كانت تنزف فع ً‬ ‫ال ألجل عزة‬ ‫المقاومة وانتصارها‪ .‬اآلن على آل الجوابرة وآل عياش‪ ،‬العائلتان‬ ‫الكريمتان اللتان قدمتما أول شهيدين في سورية أن يكفوا عن‬ ‫الثورة والتظاهر‪ ،‬ليس هذا فحسب بل على أطفال هاتين العائلتين‬ ‫العودة إلى مدارس األسد ليهتفوا له وإلنجازاته بانتظار مظاهرة‬ ‫أخرى أو ثورة أخرى يقتلون فيها‪ ،‬ال لشيء إال ألن هناك من ال يرى‬ ‫في سورية وشعبها سوى بندقية صغيرة في يد النظام السوري‬ ‫يستخدمها ساعة يشاء‪ ،‬ويرميها جانبًا ليأكلها الصدأ ساعة يشاء‪.‬‬ ‫سيقرأ أحد المقاتلين السابقين في هذا الفصيل المقاوم أو ذاك‬ ‫هذه األسطر وينهال على كاتبها بتهم التخوين‪ ،‬سيقولون إن هذه‬ ‫األسطر تفضح كاتبها الذي يريد سحق المقاومة خدمة إلسرائيل‬ ‫وحلفائها‪ ،‬هكذا سيقدمون تحليلهم ويحتقرون بكلمة واحدة دماء‬ ‫السوريين وتضحياتهم‪ ،‬ويعتدون بكلمة واحدة على كرامات الشهداء‬ ‫وأسرهم‪ ...‬لماذا ؟ ألنه ال صوت يجب أن يعلو على صوت المعركة مع‬ ‫إسرائيل‪ ،‬ولكن مه ً‬ ‫ال‪ ...‬ترى أين هي المعركة؟ واألهم ترى ما عالقة‬ ‫االنتصار في هذه المعركة بإهانة السوريين وسفك دمائهم على يد‬ ‫النظام السوري وأجهزة أمنه ومجرميه؟‬ ‫أين هي المعركة التي تخوضها سورية مع العدو الصهيوني‪،‬‬ ‫ما الذي يفعله النظام وآلته العسكرية لتحرير الجوالن؟ ليس‬ ‫هناك أي جواب على هذه األسئلة سوى أنه يدعم المقاومة‪ ،‬وبينما‬ ‫يدعم المقاومة ينتهك حقوق الشعب السوري‪ ،‬يستبح المال العام‬ ‫والخاص‪ ،‬ويقمع الحريات ويعتدي على كرامات الناس‪ ،‬واآلن يقتل‬ ‫الناس في الشوارع بدم بارد‪ ،‬ويطلق يد أنصاره وزبانيته في القتل‬ ‫والنهب‪ ،‬ويرمي الفتن الطائفية في البالد ويهدد وحدة المشرق‬ ‫العربي بالخطر‪ ،‬ويهين العرب وأنظمتهم ويحتقر الثورات العربية‬ ‫من خالل إعالمه في تراجع خطير عن كل ما كان يدعيه من قومية‬ ‫وعروبة‪ ...‬ولكن يالسوء حظ المتظاهرين السوريين‪ ،‬فالنظام الذي‬ ‫يقتلهم ال يزال يدعم المقاومة‪ ،‬ولهذا فإن كل ما سبق من جرائم‬ ‫غير مهم ويجب أن تتم مسامحته عليه‪ ،‬فليسرق ما شاء من مال‬ ‫السوريين ودمائهم وأحالمهم ومستقبلهم وأمانهم‪ ،‬طالما أنه يرفع‬ ‫شعارات المقاومة والصمود والتصدي‪.‬‬ ‫هذا هو المنطق السقيم الذي يُواجَه به الشعب السوري في‬ ‫محنته العظيمة‪ ،‬هذا هو منطق المساومة واالبتزاز الدنيء الذي‬ ‫يمارسه النظام السوري وأنصاره‪ ،‬حيث تتلطى عصابات النظام التي‬ ‫نهبت كل شيء في سورية بدماء شهداء فلسطين ولبنان الطاهرة‪،‬‬ ‫ولكن األسوأ أن هناك قسماً واسعًا من قيادات المقاومة ومنظريها‬ ‫وجمهورها يستجيب لهذا االبتزاز‪ ،‬ويعطي الغطاء الشرعي للنظام‬ ‫ليستمر في استبداده وإرهابه المنظم‪.‬‬ ‫تتعلق مشكلتنا مع الكيان الصهيوني في أنه كيان قائم على‬ ‫السطو واإلرهاب والسرقة‪ ،‬وتعنينا قضية فلسطين ألنها قضية‬ ‫محقة عادلة بطلها شعب مظلوم قدم آالف الشهداء على مذبح‬ ‫حريته وكرامته‪ ،‬ولهذه االعتبارات بالضبط فإن الواجب على من‬ ‫تعنيه قضية فلسطين أن تعنيه قضية الشعب السوري أيضاً بالقدر‬ ‫نفسه‪ ،‬وإن الواجب على من يدعي تقديس دماء الشعب الفلسطيني‬ ‫أن يربأ بها عن هذا االستخدام المشين في تغطية القتلة وانتهاك‬ ‫حقوق السوريين‪ .‬إن للسوريين حقوقاً ال يجوز أن تنتهك تحت أي‬ ‫ذريعة‪ ،‬إن للسوريين حقوقاً هي فوق كل اعتبار‪ ،‬وهي ال تقل‬ ‫قدسية وعدالة عن حقوق الشعب الفلسطيني‪ ،‬وفوق هذا فإن‬ ‫الشعب السوري عندما يكون كامل الحقوق محفوظ الكرامة موفور‬ ‫الحرية هو أقدر دون أدنى شك على الوقوف إلى جانب المقاومة‬ ‫والشعب الفلسطيني من نظام استبدادي كالنظام السوري‪ ،‬أم أن‬ ‫هناك من نسي أن الشعب السوري هو قلب العروبة النابض قبل‬ ‫نظام األسد‪ ،‬وحتماً سيبقى كذلك بعده‪.‬‬

‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫حقوق ال�سوريني ‪. .‬‬ ‫فوق كل اعتبار‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬

‫خاص سوريتنا‬ ‫أن��ا فلس��طيني س��وري‪ ،‬م��ش‬ ‫فلسطيني مقيم بسوريا‬ ‫أنا فلسطيني سوري‪ ،‬بتعرفوا ليش؟‬ ‫مش ألنّ��و ِجدّ ِجدّ ِج��دّي إجا من حيتل‬ ‫اللي ه��ي بالج��والن المحتل عالش��جرة‬ ‫بفلس��طين‪ ،‬واللي أن��ا ّ‬ ‫متأك��د إنّو تالت‬ ‫ترباعك��و ويمك��ن أكتر من ن��ص عيلتنا‬ ‫مش سمعانين بحيتل اللي هي بمنطقة‬ ‫الزويّة بين حوران والجوالن‬ ‫أل القصّ��ة مش هي��ك‪ ،‬القصّة إنّو‬ ‫أنا انولدت بس��وريا وكبرت فيها وتعلمت‬ ‫بمدارسها وخدمت عسكريتي كمان على‬ ‫أرض‪...‬ها و‪...‬لمّا تزوجت جبت موافقات‬ ‫التجني��د والمختار وغي��ره وغيراتو مثلي‬ ‫مثل كل السوريين‬ ‫وياما وقفت على أبواب المؤسس��ات‬ ‫االس��تهالكية وطوابير األفران وتذمّرت‬ ‫من جيّة واحد عسكري أو مخابرات شايف‬ ‫حالو بف��ردو اللي على جنبو وبدّو يوقّف‬ ‫باألوّل‪ ،‬بس ض ّليت ماكل هوا وساكت‬ ‫ولكو أن��ا الل��ي حِفيَت إج��رَيّ وأنا‬ ‫داير على أبواب الدوائر الحكومية لحتّى‬ ‫أمش��ّـي معامالت��ي القانوني��ة والكاملة‬ ‫وم��ع هيك كن��ت أدف��ع إكراميّ��ات وحق‬ ‫سكاكر وفناجين قهوة ما فتَح ورَزق وأنا‬ ‫مبسوط وعم بتضحّك كمان‬ ‫بهاي البلد حضرت مس��رح وس��ينما‬ ‫وحف�لات وأمس��يات ش��عرية كن��ت أروح‬ ‫عليه��ا وأنا فرح��ان من كل قلب��ي بدون‬ ‫مـ��ا حـ��دا يغصبن��ي‪ ،‬وكمان به��اي البلد‬ ‫طلعت مس��يرات تأييد عفويّ��ة لمّا كنت‬ ‫بالمدرسة بدون مـا حـدا ( يغصبني )‬ ‫أن��ا اللي مثل��ي مثل كل الس��وريين‬ ‫كنت أفرط من الضحك عالكوميديا ّ‬ ‫وخفة‬ ‫الدم الس��ورية الحلوة‪ ،‬ب��س كمان كانت‬ ‫تقل��ب معدتي وأنمغ��ص وأنجبر أتحمّل‬ ‫زناخة كتير م��ن الممثلين الفاضيين من‬ ‫جوّا ومن برّا‬ ‫أنا اللي انتخمت م��ن الجزمز وطباخ‬ ‫روحو وحرّاء إصبعو وأبو ش��لهوب وفتّة‬

‫المكدوس واألب��وات والحفاتي والمئادم‪،‬‬ ‫والراح��ة الدرعاوية والبرغ��ل والمليحي‬ ‫والجعدة‪ ،‬والمناس��ف واللزّاقي��ات ّ‬ ‫وتفاح‬ ‫السويدا وعنبها الجبلي وزبيبها ّ‬ ‫وقطينها‪،‬‬ ‫والبش��مينة والقرمش��لية والخبزيّ��ة‬ ‫والسمس��مية والمغطوط��ة والقريش��ة‬ ‫والش��نكليش واللبن الحمصي الشايط‪،‬‬ ‫والباطرج والسلبين وحالوة الجبن وعش‬ ‫البلب��ل وبوظ��ة الس��للورة‪ ،‬والمامونيّة‬ ‫وكب��اب البانج��ان وكبب وكرابب��ج حلب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والعط��ون والس��وركي‬ ‫والجزريّ��ة‬ ‫والش��نكليش والس��مكة الحرّة والهند ِبة‬ ‫والخبيّ��زة والل��وف والهبّ��ول وبردق��ان‬ ‫وكريف��ون وبومل��ي طرط��وس‪ ،‬وبل��ح‬ ‫وزيتون تدمر‪ ،‬وسمنة الدير العربية‬ ‫أنا فلسطيني س��وري‪ ،‬وإلي بهالبلد‬ ‫مث��ل مـا للس��وريين بالزب��ط ال أكثر وال‬ ‫أق��ل‪ ،‬حبي إله��ا متل أي س��وري وبيجوز‬ ‫أكتر‪ ،‬خوفي على ترابها متل أي س��وري‬ ‫ويمكن أكتر‪ ،‬وال حدا يقول لي إنتي ضيف‬ ‫الزم تكون مؤدّب‪ ،‬ألني رح أكون مؤدّب‬ ‫فع�لا وأقول ل��ه‪ :‬ضيف يخل��ع رقبتك‪....‬‬ ‫أن��ا من ه��ون‪ ،‬واللي مـا مص��دّق ييجي‬ ‫ألورجي��ه البي��ت اللي ولدت في��ه بمخيم‬ ‫حمص‪ ،‬كمان بورجيه قبور أبوي وأخوي‬ ‫وجدرّي وستّـي بمخيم اليرموك بالشام‪،‬‬ ‫وقبور قرايبي الكثار بدرعا وحماه وحلب‬ ‫والالذقية‪ ،‬اللي عضامهم صارت مكاحل‬ ‫هون ولحمهم أكله دود س��وريا مش دود‬ ‫فلسطين‬ ‫أن��ا الل��ي ن��ص رفقات��ي س��وريين‬ ‫وم��ن كل المل��ل والبالد ويام��ا عزموني‬ ‫على أعراس��هم وياما إج��وا عزّوني لمّا‬ ‫كان يم��وت ل��ي حـ��دا‪ ..‬ويام��ا ش��اركتن‬ ‫وشاركوني لحظات عمري وعمرهن‪..‬‬ ‫المهم أنا فلس��طيني سوري ومـش‬ ‫فلس��طيني س��اكن بس��وريا ولمّ��ا أرجع‬ ‫عب�لادي بع��د تحريره��ا مش راي��ح أبيع‬ ‫بيتي اللي بالمخيّم‪ ،‬بتعرفوا ليش؟ مش‬ ‫فشخرة وال عشان آجي أصيّف أو أشـتّـي‬ ‫فيه‪ ،‬بس بساطة ألنّو روحي وأرواح كل‬ ‫أهلي بدها تضّلها ساكنة هون‪...‬‬

‫دندنات‬

‫‪9‬‬


‫من ذاكرة المعتقالت ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫يا�سني احلاج �صالح‬ ‫حكيـــم الثــــورة ال�ســــورية‬ ‫سعاد يوسف‬ ‫خاص | سوريتنا‬ ‫كتب ياسين الحاج صالح منذ حوالي عشرة أيام «في‬ ‫مثل هذا الوقت قبل ‪ 31‬عاماً اعتقلت في حلب‪ .‬لم أكن أكملت‬ ‫العشرين»‪ .‬كما كتب منذ حوالي ثمانية أشهر «طوال سنواتي‬ ‫الخمسين‪ ،‬لم أمتلك جواز سفر‪ .‬وعدا زيارة لبنان‪ ،‬لم أغادر‬ ‫سورية منذ عام ‪ 2004‬عندما مُنعت من مغادرة البالد‪ .‬وقد‬ ‫حاولت مرات عديدة الحصول على جواز سفر‪ ،‬لكن دون‬ ‫جدوى‪».‬‬ ‫ياسين الذي غاب في أقبية السجون السورية لمدة‬ ‫‪ 16‬عامًَا بتهمة انتمائه لتيار اليسار الديمقراطي في الحزب‬ ‫الشيوعي السوري (جناح رياض الترك)‪ ،‬يصف تلك السنين‬ ‫بأنها كانت السبب في إسقاطه الكثير من األشياء عن نفسه‪،‬‬ ‫وإن كان رغمًا عنه‪« .‬أقصد صبوات الشباب وحماقاته الحلوة‬ ‫وأزماته المحتومة وما إلى ذلك‪ ،‬أسقطها عني السجن‪ .‬وربما‬ ‫أكون قد عودت نفسي فيه على انضباط أجده محرراً‪ ،‬وإن يكن‬ ‫قمعياً بصورة ما‪ .‬باختصار تغيرت متعي‪ .‬اضطررت إلى التخلي‬ ‫متع قبل أن أختار هذا االضطرار واستبطنه»‪.‬‬ ‫عن ٍ‬ ‫تخرّج ياسين من الثانوية ونال الدرجة األولى على مدينة‬ ‫الرقة في الثانوية العامة‪ .‬دخل كلية الطب البشري في جامعة‬ ‫حلب في العام الدراسي ‪ ،1978-1977‬واعتقل عام ‪1980‬‬ ‫عندما كان في السنة الثالثة (كان له من العمر ‪ 19‬سنة)‪ ،‬وغاب‬ ‫في السجون السورية لمدة ستة عشر سنة‪.‬‬ ‫يتحدث ياسين عن سنين اعتقاله بقوله‪ « :‬مضت أشهر‪،‬‬ ‫ربما عام‪ ،‬قبل أن أدخل في زمن السجن‪ .‬كنت أقول إن شيئًا‬ ‫حدث منذ شهرين أو العام الماضي بينما هو حدث منذ أكثر‬ ‫من عام‪ ،‬أو منذ عامين‪ .‬كأن زمن السجن غير محسوب‪ .‬الزمن‬ ‫المعاش في السجن يمرّ بطيئًا‪ ،‬بينما يبدو الزمن المتُذكر‬ ‫سريعًا‪ .‬تحسّ أن خمس سنوات أو عشر انقضت بسرعة‪ .‬بعد‬ ‫أن تنقضي‪ .‬أما أثناء انقضائها فهي طويلة وثقيلة الخطى‪.‬‬ ‫وإحدى خصائص تجربة السجن المتصلة بالزمن أن السجين‬

‫قد يُستحبس‪ ،‬أي يعيش في السجن كأنه في بيته‪ .‬فيغدو‬ ‫الزمن حليفه بصورة ما بعد أن كان زمن السجن عدوه األلد‪.‬‬ ‫أو تغدو العالقة بينهما مركبة‪ .‬تريد أن تخرج اآلن قبل الغد‪،‬‬ ‫لكنك ّ‬ ‫تحل مشكالتك بصورة مرضيَّة‪ ،‬وتستفيد من وقتك‬ ‫في السجن جيداً‪ ،‬فأنت حرّ فيه بصورة ما‪ .‬حريتك تؤلف‬ ‫قلب الزمن‪ ،‬لكنك سجين‪ ،‬والزمن ال يكفّ عن قضم عمرك‪.‬‬ ‫استحبست في النصف الثاني من الثمانينات‪ ،‬ثم بلغت أعلى‬ ‫مراحل االستحباس بعد عام ‪( 1991‬كانت والدتي توفيت‪،‬‬ ‫وأفرج عن أخين لي كانا في السجن)‪ .‬وحين اقتربت سنواتي‬ ‫الخمس عشرة في السجن من انتهائها تملكني قلق الحرية‪،‬‬ ‫والقرارات الصعبة التي تنتظرني‪ .‬لكن حصل األسوأ‪ ،‬وهو‬ ‫النقل إلى سجن تدمر حيث االستحباس ممتنع‪».‬‬ ‫وعاد ياسين إلى الكلية في أيار ‪ 1997‬بعد خمسة أشهر‬ ‫من خروجه من السجن‪ ،‬وتخرج من كلية الطب في خريف‬ ‫عام‪ .2000‬ولكنه لم يتمكن من متابعة تخصصه في الطب‬ ‫وفضّل العمل بالثقافة‪« .‬ال أعمل بالطب «ألنو الطب العام‬ ‫ما بيعيِّش»‪ ،‬وعندما تخرجت كان عمري أربعون عاماً‪ ،‬وإذا‬ ‫أردت االختصاص أحتاج إلى دخل أكبر قلي ًال‪ ،‬والدولة ال تقوم‬ ‫بدفع راتب دراسات عليا لي ألني محروم من حقوقي المدنية‬ ‫وبالتالي ال يحق لي استالم أي راتب من أية جهة حكومية‪.‬‬ ‫لكن األهم فع ًال هو أني ال أحب العمل بالطب‪ ...‬أفضل العمل‬ ‫بالثقافة «والذي منو»‪ ،‬خاصة أنني درست الطب وكنت أريد‬ ‫إكمال االختصاص «مضطراً»‪.‬‬ ‫ورغم كل تلك السنين الطويلة المظلمة والتي حرمته من‬ ‫أبسط حقوقه‪ ،‬ال يرى ياسين أنه يتوجب على أي كان أن يدفع‬ ‫ربع عمره أو عُشره كي يستطيع نقد السلطة‪ ،‬أية سلطة‪ ،‬أو‬ ‫ينخرط في العمل العام‪ ،‬بما فيه السياسي‪ .‬فإذا كانت األمور‬ ‫تجري على هذا النحو‪ ،‬فهناك مشكلة في «السلطة»‪ ،‬وليس‬ ‫في نقدها أو منتقديها‪ « .‬هذه المشكلة هي ما ينبغي معالجته‬ ‫وحله‪ ،‬بخاصة أنه لم تعد هناك غير قلة من الدول في العالم‬ ‫تعاقب مواطنيها على نقد حكامها‪ ،‬أي تجعل من‬ ‫نفسها معصومة وفوق النقد‪ .‬في ظروف كهذه ال‬ ‫شيء يزدهر غير النفاق والكذب واالزداوجية‪».‬‬ ‫شارك ياسين منذ بداية الثورة السورية في‬ ‫العديد من االعتصامات والمظاهرات‪ ،‬ومنذ بداية‬ ‫الثورة يرى أن النظام السوري يتمتع بتأييد أكبر‬ ‫مما كان لحسني مبارك في مصر أو زين العابدين‬ ‫بن علي في تونس‪ ،‬وأن هذا هو أحد مصادر القوة‬ ‫والعنصر الذي يبدو أن األسد ال يلتفت إليه عندما‬ ‫يركن إلى القوات األمنية لقمع المتظاهرين‪« .‬إذا أراد‬ ‫النظام الحفاظ على شرعيته المعيبة إلى حد بعيد‪،‬‬ ‫فإن عليه االستجابة لمطالب المتظاهرين وأن يدرك‬ ‫أن الشعب السوري متعطش للحرية والمساواة»‪.‬‬ ‫وهو يكتب بشكل أسبوعي عن شؤون الثورة ومآالتها‬ ‫ويجيب عن الكثير من تساؤالت الشباب حول األوضاع‪،‬‬ ‫كما أنه يرفض الحوار مع النظام السوري ويعتبر أن‬ ‫أوان الحوار قد فات‪.‬‬ ‫يقول ياسين‪« :‬مهما كانت نتيجة المظاهرات‬ ‫فإن الشعب السوري يواجه مساراً صعبًا‪ ،‬فعليه أن‬ ‫يختار بين ألم القمع ومصاعب التحرير‪ ،‬وأنا بطبيعة‬ ‫الحال أفضل األخير‪ .‬وبصورة شخصية أنا ال أرغب أن‬ ‫أعيش في أي مكان آخر غير سورية على الرغم من‬ ‫تطلعي للحصول على جواز سفر لزيارة إخوتي في‬ ‫أوروبا والذين لم أرهم منذ ‪ 10‬سنوات‪ ،‬كما أرغب‬ ‫أخيراً في أن أشعر في النهاية باألمن‪».‬‬ ‫في حوار شخصي معه مؤخراً قال لي‪« :‬أهم‬ ‫ما خسرته في المعتقل هو طبعًا الشباب‪« .‬بتعرفي‬ ‫ما في قطاع غيار لعشرينات العمر»‪ ...‬إال أن السجن‬ ‫أضاف لي الكثير من األشياء‪ ،‬الثقافة والتحرر من‬ ‫السجن اإليديولوجي‪ ،‬وكان طفولة تانية كنت محتاجًا‬ ‫لها‪ .‬فالطفولة األولى لم تكفني‪.»...‬‬

‫ببلــــوغـــرافيا‬ ‫مفكر وباحث وكاتب سوري‬ ‫معارض‪ ،‬وسجين سياسي سابق‪ .‬ولد‬ ‫في مدينة الرقة عام ‪ ،1961‬واعتقل‬ ‫عام ‪ 1980‬بتهمة االنتماء إلى ما يسمّيه‬ ‫«تنظيم شيوعي ديمقراطي»‪ .‬ينشر في‬ ‫العديد من الصحف والمجالت العربية‪،‬‬ ‫منها الحياة‪ ،‬السفير‪ ،‬اآلداب وغيرها‪،‬‬ ‫ويعتبر من أهم الكتاب والمنظرين‬ ‫السوريين في قضايا الثقافة والعلمانية‬ ‫والديمقراطية ومسألة اإلسالم المعاصر‪،‬‬ ‫وله تأثير واسع في الساحة الثقافية‬ ‫العربية‪ .‬وهو ممنوع من السفر منذ العام‬ ‫‪ 2005‬وحتى اآلن‪.‬‬ ‫انضم إلى الحزب الشيوعي‬ ‫السوري‪-‬المكتب السياسي (جناح رياض‬ ‫الترك) في فترة مبكرة‪ .‬كان من تيار‬ ‫اليسار الديمقراطي وكان اعتقاله على‬ ‫خلفية ذاك االنتماء‪ .‬قضى في السجون‬ ‫السورية ‪ 16‬سنة من شبابه‪ ،‬وبقي دون‬ ‫محاكمة حتى عام ‪ ،1994‬ثم حكمت‬ ‫عليه محكمة أمن الدولة بـ‪ 15‬عامًا‪ ،‬ثم‬ ‫قضى عامًا إضافياً دون وجه «قانوني»‪.‬‬ ‫بعد أن خرج من السجن فضل العمل‬ ‫في الكتابة الصحفية كمهنة‪ .‬وقد بدأ‬ ‫الكتابة عملياً عام ‪ 2000‬وتفرّغ لها تمامًا‬ ‫في نهاية ذلك العام‪ .‬وقد صدر له عام‬ ‫‪ 2010‬دراسة بعنوان «سوريا من الظل‪:‬‬ ‫نظرات داخل الصندوق األسود»‪ ،‬كما‬ ‫صدر له عام‪ 2011‬عن دار الساقي كتاب‬ ‫«أساطير اآلخرين‪ :‬نقد اإلسالم المعاصر‬ ‫ونقد نقده»‪.‬‬ ‫يعتبر ياسين الحاج صالح من أكثر‬ ‫المفكرين اليساريين تواص ًال مع الشباب‬ ‫السوري في الشارع وعلى اإلنترنت‬ ‫وقد شارك في أولى االعتصامات أمام‬ ‫السفارتين المصرية والليبية قبل بداية‬ ‫الثورة في سوريا… وشارك في تظاهرات‬ ‫دوما أثناء الثورة السورية ‪ 2011‬إلى جانب‬ ‫الشباب في الشارع وأدلى بتصريحات‬ ‫قوية للغاية على القنوات الفضائية‬ ‫العربية‪ ،‬وهو مطلوب للمخابرات السورية‬ ‫منذ بداية أحداث الثورة‪.‬‬


‫يا أرضنا‪ ..‬شهداؤنا‪ :‬نوصيك بهم خريا‬ ‫ال�شهيدة البطلة �شريين نا�صر‬

‫مشعات احلرية ‪ . .‬معتقلونا‬ ‫اعتقل في يوم األربعاء ‪ 2011/12/7‬من‬ ‫قبل األجهزة األمنية‪،‬‬ ‫مواليد الدرباسيّة ‪ ،1997‬اعتقل قرب‬ ‫منزله في حي ركن الدين في دمشق واقتيد‬ ‫إلى مكانٍ مجهول‪.‬‬

‫دلير يوسف‬

‫كانت كالحلم يداعب مخيلتي‪ ،‬حقًا كانت حلمًا في البداية‪،‬‬ ‫شعرت بها تقترب من حدودي في بدء العام المسمى بعام الربيع‪،‬‬ ‫كانت جميلة ومغرية‪ .‬جننت بها وال زلت‪ ،‬فاتنة هي‪ ،‬مثيرة عندما‬ ‫تقترب مني‪ ،‬أموت مئات المرات في اليوم عندما تبتعد‪.‬‬ ‫لقاؤنا األول كان أمام سفارة مصر أحسست بقربها مني‪،‬‬ ‫لكنني لم أجرؤ على لمسها‪ .‬أحببنا بعضنا بعضاً‪ ،‬كانت تحبني‪،‬‬ ‫أعرف هذا‪ ،‬وأنا كنت أعشقها‪ ،‬هي تعلم هذا‪ ،‬لذلك لم تبخل‬ ‫عليّ بأي شي ٍء أردت‪ .‬لم أستطع مفارقتها منذ ذلك الحين‪ ،‬سمراء‬ ‫عيون سوداء مفعمة بالحياة‪.،‬‬ ‫ممشوقة القوام‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫تتالت لقاءاتنا على مدى شهور كانت تقترب شيئًا فشيئًا‬ ‫إلى أن أحسست بها تعيش داخلي وأعيش بداخلها‪ .‬عندما جرى‬ ‫ذلك كنت في غرفة مظلمة في مكانٍ ما ال أعرفه‪ ،‬عارياً كنت‪،‬‬ ‫لم أكن أشعر بالبرد رغم المياه الباردة التي انسالت على جسمي‬ ‫منذ قليل‪ .‬اقتربت شيئًا فشيئًا إلى أن أحسست بأني دخلت فيها‪ ،‬أو‬ ‫لنقل دخلت هي فيّ‪ .‬أحببت شعور الحب الممزوج باأللم‪.‬‬ ‫ال زلت أذكر تلك اللحظات‪ ،‬لحظات اندماجي بالحرية‪ ،‬كانت‬ ‫على بعد خطوة مني لم أستطع لمسها إلى أن لسع سياط الجالد‬ ‫جلدي‪ .‬تذوقت الحرية الممتزجة بدمي‪ ،‬بدم أخوتي‪.‬‬ ‫عن مدونة كبريت‬

‫املعتقل احلر �إ�سالم الدبا�س‬ ‫اعتقل إسالم الدباس في ‪ 22‬تموز ‪2011‬‬ ‫في جمعة الوحدة الوطنية وهو يحاول أن يقدم‬ ‫الورود للجنود الذين اعتقلوه وهو من أكثر‬ ‫الناس إصراراً على وطنية وسلمية الثورة‪.‬‬ ‫إسالم طالب سنة ثالثة في كلية الهندسة‬ ‫المعمارية‪.‬ر‬

‫املعتقل احلر براء الربغلي‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫طالب هندسة معلوماتية‪ ،‬من خيرة‬ ‫شباب دمشق‪ ،‬اعتقل تعسفيًا مساء يوم‬ ‫الخميس ‪.2011/12/8‬‬

‫املعتقل احلر عمر امليداين‬ ‫اعتقل الشاب عمر الميداني من منزله في‬ ‫حي الميدان في دمشق منذ ‪ 3‬أشهر‪ ،‬وهو يتعرض‬ ‫لشتى أنواع التعذيب وقد قامت قوات األمن‬ ‫السورية بمهاجمة منزل العائلة مرات عديدة‪ ،‬حيث‬ ‫قاموا بسرقة وتخريب المنزل‪ ،‬كما قاموا بتهديد‬ ‫العائلة بقتل أطفالهم في حال قاموا بإخبار‬ ‫اإلعالم أو الجماعات الحقوقية عما يحدث‪.‬‬ ‫يذكر أن عمر متزوج حديثاً وقد رزق وزوجته‬ ‫للمرة األولى بطفلين توأمين لكنه لم يستطع أن‬ ‫يراهما بسبب اختطافه‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬

‫املعتقل الطفل �آزاد حممد قا�سم‬

‫يا حمال طعم احلرية‬ ‫يا نحن ‪. .‬‬

‫استشهدت الطالبة شيرين شباب‬ ‫ناصر‪ ،‬من جامعة دمشق‪ ،‬سنة رابعة‪،‬‬ ‫من مدينة قامشلي وهي في طريقها الى‬ ‫القامشلي‪.‬‬ ‫وعند أحد الحواجز األمنية في حماه‬ ‫حيث تم إطالق الرصاص على السيارة‬ ‫التي كانت فيها مما أدى إلى استشهاد‬ ‫شيرين برصاصة في ظهرها وكانت على‬ ‫أبواب التخرج من الجامعة‪.‬‬

‫يا نحــن‬

‫أنا هنا أيتها الحرية | لقمان أحمد‬

‫‪11‬‬


‫حلفـــــايـــا‬

‫ثورة لوجيا‬ ‫موقع العدد‪� :‬سجالت الثورة ال�سورية‬ ‫(‪)http://syrianarchives.net‬‬

‫هند عيسى‬

‫مدننا الثائرة ‪. .‬‬

‫سوريتنا | رشا محمود‬ ‫تقوم فكرة الموقع على توثيق وأرشفة كل ما يتعلق بالثورة السورية من مقاطع‬ ‫فيديو ومقاالت وخرائط تفاعلية وروابط لمواقع الثورة‪ .‬ويبدو أن الموقع قد خصص عدداً‬ ‫من الصفحات باللغة اإلنكليزية تفوق عدد صفحاته باللغة العربية لتحمل رسالة للعالم‬ ‫عما يجري داخل سوريا‪.‬‬ ‫يظهر الموقع في محرك بحث جوجل في نتائج الصفحة األولى عند البحث عن "أرشيف‬ ‫الثورة السورية" أو "‪. "Syrian revolution archive‬‬

‫عدد الزوار‪:‬‬

‫ال توجد إحصائيات معلنة عن عدد الزوار ولكننا نتوقع أن الموقع لم يحظى باالنتشار‬ ‫الكافي ‪.‬‬

‫امل�س�ؤول عن املوقع‪:‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫لم يكشف القائمون على الموقع عن هويتهم وبينوا أنهم مواطنون سوريون يعملون‬ ‫على نصرة الشعب السوري و إيصال رسالته للعالم بأسره ليكون شاهداً على االنتهاكات‬ ‫خاص سوريتنا‬ ‫التي يمارسها النظام بحق الشعب السوري كما نوّه القائمون على الموقع بأنهم ال ينتمون‬ ‫تقع مدينة حلفايا من الشمال الغربي لمدينة حماة وعلى بعد (‪ )25‬كم منها إلى أية جهة أو مجموعة سياسية ‪.‬‬ ‫والمدينة واقعة في منطقة مرتفعة قليال يحدها من الغرب مدينة محردة‬ ‫ويحدها الربنامج امل�ستخدم لإدارة املوقع‪:‬‬ ‫من الشمال والشرق نهر العاصي يفصلها عن قرية الزالقيات من الشمال وطيبة‬ ‫برمجية خاصة‪.‬‬ ‫اإلمام من الشرق ويستفاد من نهر العاصي إرواء األراضي الواقعة على ضفة النهر‬ ‫– ويخترق المدينة طريق عام يربط منطقة الساحل مع طريق حلب دمشق مروراً مميزات املوقع ‪:‬‬ ‫في مدينة طيبة اإلمام من الشرق و مدينة محردة من الغرب ويجاورها من الجنوب‬ ‫• تم تقسيم الموقع إلى صفحات باللغة االنكليزية والعربية ‪ ،‬تتضمن صفحات اللغة‬ ‫نهر الساروت أحد روافد نهر العاصي وتتبع إداريا مدينة حلفايا لمنطقة محردة‪.‬‬ ‫االنكليزية‪ ، Home, video , maps , media , comics :‬بينما تتضمن الصفحات العربية‬ ‫وجود‬ ‫أصل التسمية‪ :‬يعزى سبب تسمية هذه المدينة بهذا االسم حلفايا لكثرة‬ ‫قسمين فقط هما ‪ :‬بالعربي ويندرج تحته‪ :‬مقاالت‪ ،‬حديث الثورة‪ ،‬روابط‪ ،‬فكاهة‪ ،‬والقسم‬ ‫نبات الحلفا على شواطئ العاصي في الماضي وهناك أيضا مقولة أنه كانت على اآلخر هو‪ :‬معارضة‪.‬‬ ‫طريق القوافل التي تسير من الغرب إلى الشرق وبالعكس ومن الجنوب إلى الشمال‬ ‫• يؤرشف قسم ‪ video‬عدداً ال بأس به من مقاطع الفيديو التي توثق للثورة السورية‬ ‫وبالعكس وقد كانت فيها أماكن تستريح فيها القوافل بالقرب من نهر العاصي فكانت‬ ‫باللغة االنكليزية أغلبها من مصادر الصحافة العالمية‪.‬‬ ‫القوافل تسميها حل فيها أو حل فيا وهناك من يعتقد أنه من هنا جاءت التسمية‪.‬‬ ‫• قسم ‪ maps‬أو خرائط المصنف بحسب الشهر والذي يبين عدداً من الخرائط‬ ‫خرجت حلفايا في مظاهرات حاشدة منذ بداية الثورة وكانت سباقة في‬ ‫نصرة المدن الثائرة والمحاصرة‪ ،‬فقد خرجت مظاهرة حاشدة بتاريخ ‪ 2011--4 28‬السورية التفاعلية التي توضح مناطق التظاهرات في كل جمعة‪ ،‬عند الضغط على أي‬ ‫تضامنًا مع مدينة درعا االبية‪ ،‬وقد حصلت فيها العديد من االنشقاقات في صفوف مدينة ينقلك الموقع إلى قائمة تستعرض مقاطع الفيديو للمظاهرات الخاصة بالمدينة‪.‬‬ ‫• قسم ‪ media‬يحتوي على روابط لعدد من المقاالت والتحليالت الصحفية المدونة‬ ‫الجيش‪ ،‬وفي ‪ 2011-8-10‬حاصرت نحو ‪ 50‬دبابات المدينة‪.‬‬ ‫بتاريخ ‪ 2011-9-16‬قال نشطاء سوريون محليون وحقوقيون وشهود عيان أن باللغة االنكليزية والمجمعة من الصحف العالمية التي تتناول تطورات الثورة السورية‪ .‬تم‬ ‫قوات االحتالل األسدي قتلت بالرصاص ستة قرويين عندما اقتحمت بلدة حلفايا بحثًا تصنيف هذه المقاالت حسب الشهر ‪.‬‬ ‫• قسم روابط ‪ Links‬يحتوي على روابط ألهم صفحات الثورة السورية الفعالة على‬ ‫عن منشقين عن الجيش وسعيًا لمنع خروج احتجاجات منتظمة تطالب بالديمقراطية‪.‬‬ ‫وقال ناشط لوكالة «رويترز» عبر الهاتف‪« :‬داهموا بلدة حلفايا ونزلت القوات فيس بوك وتويتر‪.‬‬ ‫العسكرية واألمن والشبيحة من الحافالت الشاحنات مسلحة بالبنادق»‪ .‬وأضاف‪« :‬أطلقوا �سلبيات املوقع ‪:‬‬ ‫النار لساعتين بشكل عشوائي لترويع السكان‪ .‬كان اثنان من القتلى الستة من عائلة‬ ‫• يحتاج الموقع بشكل عام إلى التحديث المتواصل‪ ،‬فكما يبدو أن الموقع بدأ بشكل‬ ‫الجمال وكانا في طريقهما لبلدة حلفايا من قرية الطيبة القريبة»‪ .‬وقام عناصر أمن جيد إال أن القائمين عليه أهملوا تحديث بقية أقسامه‪.‬‬ ‫بمحاصرة مسجد سعد بن أبي وقاص استباقًا لتظاهرة مناهضة للنظام‪ ،‬وفق ما أفاد‬ ‫• القائمة الجانبية المتحركة التي تسبب تشويشاً وإزعاجًا للمتصفح‪.‬‬ ‫ناشطون في البلدة‪ ،‬الفتين إلى أن طائرات مروحية حلقت في أجواء المدينة‪.‬‬ ‫• تصميم الموقع بدائي نوعاً ما‪ ،‬ال يبرز أقسامه ومحتوياته بشكل واضح‪ ،‬كان بإمكان‬ ‫السلطات‬ ‫و بتاريخ ‪ 2011-9-26‬قال المرصد السوري لحقوق االنسان إن‬ ‫المصمم االستعانة بتصميم أكثر ديناميكية ليتمكن من توظيف محتويات الموقع بشكل‬ ‫السورية س ّلمت جثامين ‪ 4‬شهداء إلى ذويهم في بلدة حلفايا بمحافظة حماه‪،‬‬ ‫كانوا أفضل‪.‬‬ ‫فُقدوا إثر حملة مداهمات نفذتها قوات أمنية وعسكرية في البلدة في ‪ 16‬من‬ ‫• ال يستفيد الموقع من طرق تتبع تحديثات الموقع من خالل صفحة على فيس بوك‬ ‫أيلول‪/‬سبتمبر‪ ،‬غير أنه لم يحدد هوية أي منهم‪.‬‬ ‫أو تويتر أو حتى االشتراك عن طريق البريد اإللكتروني‪.‬‬ ‫بتاريخ ‪2011-11-30‬اقتحمت قوات األمن والشبيحة المدينة وقامت بحملة‬ ‫• صفحة يحدث اآلن أو ‪ happening now‬المتفرعة من الصفحة الرئيسية لم يتم‬ ‫دهم كبيرة وتفتيش للبيوت‪ ،‬وشنت قوات األمن حملة اعتقاالت في شارع عين‬ ‫الباد في حي القصور وسط إطالق نار كثيف‪ ،‬وحاصرت مبنى كلية العلوم بعد تحديثها منذ فترة طويلة‪ ،‬كما أنها تورد األخبار بشكل مختصر دون اإلشارة إلى مصادرها‬ ‫أو رابط للوصول إليها‪.‬‬ ‫خروج مظاهرة طالبية هتفت للحرية وطالبت بإسقاط النظام‪.‬‬ ‫• في صفحة ‪ Live‬المتفرعة من تبويبة ‪ video‬تم استعراض بعض روابط البث‬ ‫حلفايا خرجت في كل الجمع منذ اليوم االول وهي مستمرة في ثورتها حتى تحقيق‬ ‫النصر كما أنها شاركت بكل أشكال الحراك السلمي وساهمت في إضراب الكرامة بتاريخ المباشر التي تعمل عند توافرها من المصدر‪ .‬إال أن القائمة تحتوي روابط تغطي أربع‬ ‫‪ 2011-12-11‬و ستظل مواكبة لركب الحرية حتى يتحرر كل شبر من تراب سوريتنا‪ .‬مناطق في سوريا فقط مهم ًال عدداً كبيراً من روابط البث المباشر التي تغطي معظم‬ ‫المحافظات السورية‪.‬‬ ‫• عند الضغط على أحد الروابط المدرجة في قسم المقاالت أو الفيديو فإن الموقع‬ ‫�إح�صائيات ‪:‬‬ ‫يجبرك على متابعة الرابط من خالل إطار خاص بالموقع وهو أمر مزعج خاصة مع وجود‬ ‫شهيد‬ ‫‪30‬‬ ‫الشهداء‪:‬‬ ‫* عدد‬ ‫القائمة المتحركة الجانبية داخل اإلطار أيضاً‪ .‬باإلضافة إلى أن بعض المقاالت لن يتمكن‬ ‫* اسم أول شهيد سقط في حلفايا ‪:‬‬ ‫المتصفح من قراءتها خالل هذا اإلطار‪.‬‬ ‫موسى عبد العزيز قدور سليمان بتاريخ ‪2011-4-28‬‬ ‫• قسم مقاالت باللغة العربية يفتقر إلى التنظيم الجيد‪ ،‬ينصح باتباع تصنيف معين‬ ‫للمقاالت وعدم دمجها معًا في صفحة واحدة‪.‬‬ ‫* عدد المعتقلين ‪ 67 :‬معتقل‬ ‫هيئة التحرير ‪ -‬الناشرون‪:‬‬ ‫جواد أبو المنى حمزة الجندلي حنين اليوسف خالد كنفاني ســعاد يوسـف‬ ‫سلوى الخطيب غسان فارس ليلى السمان ماريا الحداد ياسر مرزوق‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪www.facebook.com/pages/Souriatna :‬‬ ‫‪ souriatna.wordpress.com‬للمراسالت‪souriatna@gmail.com :‬‬ ‫نرحب بكل المساهمات والمشاركات‪ ،‬بعد مراجعتها وخضوعها لشروط النشر‬


‫‪Peter Harling‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫إنصافًا‪ ،‬ويؤمن لهم ملجأ يقيهم من‬ ‫عنف األجهزة األمنية‬ ‫تدعم األغلبية الصامتة ضمنًا‬ ‫النظام لخوفها المبرّر من أن يعجّل‬ ‫سقوطه انهيار ما هو قائم من بنية‬ ‫الدولة‪ .‬وينطبق ذلك على نسبة‬ ‫كبيرة من األقليات (التي ترتعد من‬ ‫فكرة الهيمنة اإلسالمية على األجندة)‪،‬‬ ‫والطبقة الوسطى (التي تعتمد إلى‬ ‫حد كبير على الدولة)‪ ،‬ورجال األعمال‬ ‫(الذين يخشون على مصالحهم‬ ‫الدنيوية)‪ .‬تُقلق ثورة المحافظات هذه‬ ‫األطراف كما ال تطمئنها دعوة معارضة‬ ‫المنفى إلى اإلطاحة بالنظام من دون‬ ‫حتى التطرق إلى البدائل الممكنة‬ ‫وفي حين يُطلب من النظام‬ ‫توفير قدر من االستقرار‪ ،‬يتصرف هذا‬ ‫األخير على نحو فوضوي‪ ،‬سواء على‬ ‫صعيد القمع‪ ،‬أو اإلصالح‪ ،‬أو الحوار‬ ‫مع المعارضة‪ ،‬أو في إدارة العواقب‬ ‫االقتصادية لالضطرابات‪ ،‬مظهراً‬ ‫بذلك لنسبة متزايدة من األغلبية‬ ‫الصامتة عدم قدرته على إيجاد مخرج‬ ‫لألزمة‪ .‬وإلى اآلن‪ ،‬إذا كانت الثنائيـــة‬ ‫التي قدمها النظام 'نحن أو الفوضى'‬ ‫قد خدمته جيداً في بداية األمر‪ ،‬إال أن‬ ‫أعداداً متزايدة من السوريين يرددون‪:‬‬ ‫'إذا كان ال بد من الفوضى‪ ،‬فحري‬ ‫بنا االستغناء عنكم'‪ .‬وهكذا‪ ،‬وضع‬ ‫النظام أسساً لتعبئة جماهيرية تتجاوز‬ ‫بأضعاف إطار تمرد المحافظات‬ ‫وعليه‪ ،‬إذا كان احتمال حصول‬ ‫سيناريو آخر ضعيفًا‪ ،‬فإنه ال يمكن‬ ‫استبعاده كليًا‪ .‬تثبت المقاربة األمنية‬ ‫التي اعتمدها بشار‪ ،‬والتي تتولى‬ ‫تنفيذها نخبة حريصة على حماية‬ ‫مصالحها وتعزيزها‪ ،‬فشلها بشكل‬ ‫واضح‪ .‬وإذا كان النظام ّ‬ ‫تمكن من‬ ‫احتواء حجم التعبئة‪ ،‬إال أنه لن يتمكن‬ ‫من إخمادها بالكامل‪ ،‬بل ستكون ‪-‬‬ ‫هذه التعبئة‪ -‬محفزاً لعسكرة البعض‬ ‫من فئاتها التي تلحق باألجهزة األمنية‬ ‫خسائر لن تتمكن هذه األخيرة من‬ ‫تحملها مع مرور الوقت‪ .‬كما أنها تساهم‬

‫في ديمومة حالة عدم االستقرار التي‬ ‫تسلب النظام ما تبقى له من تأييد‪.‬‬ ‫ومع وجود العديد من األعداء‪ ،‬في غياب‬ ‫قاعدة شعبية قوية‪ ،‬لن يتمكن النظام‬ ‫من النجاة‬ ‫والحال‪ ،‬فإن الفشل قد يجبر النظام‬ ‫على السعي بجدية أكبر وبإخالص‬ ‫إليجاد مخرج لألزمة السياسية‪ ،‬عندما‬ ‫سينفد ما يمكن ألنصار الحل القمعي‬ ‫تقديمه‪ .‬وإن كان األمل بأن يأخذ بشار‬ ‫زمام المبادرة وأن يشارك في ثورة ضد‬ ‫حاشيته ‪ -‬كان دائمًا هذا األمل وهمًا ‪-‬‬ ‫إال أن تتغير الديـــناميات داخل النخبة‬ ‫نفسها لصالح المكونات المهمشة‬ ‫األكثر اعتد ًال ما يزال ممكنًا‬ ‫يمثل كفاح األسرة الحاكمة‬ ‫لبقائها في بيئة من الفساد وانعدام‬ ‫الكفاءة واإلفالت من العقاب معركة ال‬ ‫بد أن تخسرها‪ .‬القضية الوحيدة التي‬ ‫يمكن للسلطة أن تأمل بالدفاع عنها‬ ‫هي قضية الدولة‪ ،‬التي ستستلزم‬ ‫التراجع عن العديد من الجوانب التي‬ ‫جعلت من السلطة 'نظاماً'‪ .‬لدى‬ ‫النظام في هذه المرحلة الخيار بين‬ ‫التفكك من خالل أخطائه وتجاوزاته‬ ‫ليصل إلى االنهيار‪ ،‬أو أن يفكك نفسه‬ ‫بشكل طوعي ومنتظم‪ ،‬إذا اتخذ الخيار‬ ‫الثاني‪ ،‬سيكون في أمس الحاجة إلى‬ ‫كل التشجيع الذي يمكن للمجتمع‬ ‫الدولي أن يقدمه‬ ‫إذاً‪ ،‬يمكن المراهنة على أن النظام‬ ‫سيختار طريق االنتحار الجماعي‪.‬‬ ‫سيعتمد كل شيء حينها على عزيمة‬ ‫المجتمع السوري‪ ،‬الذي يقاوم حاليًا‬ ‫لعبة االنفجار من الداخل التي تمارسها‬ ‫السلطة‪ ،‬سيعتمد على عزيمته على‬ ‫دفع السلطة باتجاه ذلك الطريق من‬ ‫غير أن ينجرَّ خلفها‬ ‫* مديرمشروع العراق ولبنان‬ ‫وسورية لدى مجموعة األزمات الدولية‬ ‫ـ مقيم في دمشق‬ ‫جريدة القدس العربي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬

‫إذا كانت ثورتا تونس ومصر قد‬ ‫لعبتا بعض الفصول الدرامية القليلة‪،‬‬ ‫الحاسمة والبسيطة نسبياً‪ ،‬تبدو الدراما‬ ‫السورية أكثر تعقيداً‪ ،‬إلى حد أنه ال‬ ‫يمكن التنبؤ بخاتمتها‪ .‬وعليه‪ ،‬ينبغي‬ ‫على المرء متابعة جميع حلقاتها عن‬ ‫كثب والتنبّه إلى ارتدادات أحداثها‬ ‫يستند العنف الذي يعصف بالبالد‬ ‫الى مسار مزدوج‪ .‬فمن ناحية‪ ،‬هي‬ ‫انتفاضة األرياف التي أهملها نظام‬ ‫ينحدر منها‪ .‬حافظ األسد الذي انتمى‬ ‫إلى جيل من 'الدخالء' الريفيين ذي‬ ‫الخلفيات المتنوعة‪ ،‬ناضل من أجل‬ ‫تسلق السلم االجتماعي واالستيالء‬ ‫على السلطة التي كانت حكراً على‬ ‫نخبة شبه إقطاعية‪ ،‬وسعى من بعد‬ ‫ذلك إلى توسيع الدولة نحو األطراف‪،‬‬ ‫من خالل توفير الخدمات وتمديد‬ ‫الشبكة اإلدارية‪ ،‬وانتشار حزب البعث‪،‬‬ ‫وتنفيذ مشاريع تنموية كبرى‪ ،‬وما إلى‬ ‫ذلك‬ ‫إال أن جيل اليوم الممسك بمقاليد‬ ‫السلطة نسي أصوله‪ ،‬فقد ترعرع‬ ‫في دمشق واختلط بالنخبة الحضرية‬ ‫التي تظاهرت بقبوله‪ ،‬واستثمر في‬ ‫عملية تحرير السوق التي لم تستفد‬ ‫منها سوى المدن الكبرى على حساب‬ ‫األرياف‪ ،‬كما هي الحال في بلدان أخرى‬ ‫في المنطقة‪ .‬وفي هذه المحافظات‬ ‫المنسية‪ ،‬تالشى وجود الدولة والحزب‬ ‫معاً‪ ،‬تاركين لألجهزة األمنية مهمة‬ ‫احتواء المشكالت المتزايدة‪ ،‬من خالل‬ ‫السعي إلى تسويات مؤقتة مع مهربي‬ ‫المخدرات واإلسالميين وشبكات‬ ‫الفساد‪ .‬أضحى هذا اإلرث واضحًا مثل‬ ‫ضوء الشمس في جميع أصقاع البالد‬ ‫تقريبًا‬ ‫أما الجانب اآلخر للثورة في سورية‬ ‫فيتمثل بثأر النظام البوليسي العلوي‪،‬‬ ‫الذي تشكل على القمع المفرط في‬

‫أوائل ثمانينات القرن المنصرم‪،‬‬ ‫حين واجه النظام حركة تمرد‬ ‫مذهبية هيمنت عليها جماعة اإلخوان‬ ‫المسلمين‪ .‬هذا النظام البوليسي‬ ‫الذي ورثه بشار‪ ،‬قام بتفكيكه جزئيًا‬ ‫من خالل طرد بارونات المخابرات‬ ‫والتخفيف من تجاوزات عمالئهم‪ ،‬إال أن‬ ‫الخاسرين من هذه العملية عادوا بقوة‬ ‫اآلن‪ .‬ويتبع بشار التيار‪ ،‬كما فعل سابقًا‬ ‫في أوقات األزمات‬ ‫يختلف ما يحدث على أرض الواقع‬ ‫كثيراً عن الرواية الرسمية‪ ،‬وإن لم‬ ‫يكن النظام على خطأ على األصعدة‬ ‫جميعاً‪ .‬الثورة بحسب الخطاب الرسمي‬ ‫هي تمرد ذو طابع إسالمي‪ ،‬توجهه‬ ‫أياد خارجية على غرار ما حدث في‬ ‫الثمانينات‪ ،‬إال أن النظام يحارب قواعد‬ ‫دعمه االجتماعية أكثر من محاربته‬ ‫لقواعد اإلخوان المسلمين التي لم‬ ‫تالق مبادراتهم الموجهة من الخارج‬ ‫أصداء على مستوى الشارع‪ .‬وإن كان‬ ‫هناك حقًا أصولية‪ ،‬فهي في األساس‬ ‫نتيجة الفراغ الذي تركه حزب واهن‪،‬‬ ‫ودولة غائبة‪ ،‬وقيادة متحصنة في‬ ‫العاصمة‬ ‫لم يعد يرى سكان المحافظات‬ ‫اليوم من النظام سوى وجهه األسوأ‬ ‫المتمثل باألجهزة األمنية التي ال‬ ‫تكتفي بمجرد قمع المكوّن المسلح‬ ‫من حركة االحتجاج‪ ،‬وإنما تسعى‬ ‫لسحقها برمتها‪ ،‬من خالل االستخدام‬ ‫المفرط للقوة ومضاعفة اإلذالل‪،‬‬ ‫في محاولة منها إلعادة تشييد حاجز‬ ‫الخوف‪ ،‬ولكن من دون جدوى‪ :‬فإذا‬ ‫كان هناك شيء واحد لن يسمح له‬ ‫المتظاهرون بتحديد مستقبلهم فهو‬ ‫حكم المخابرات‪ .‬فما يريدونه في‬ ‫األساس هو حكم الدولة‪ ،‬أي شكل‬ ‫من أشكال الحكم الذي يضمن التمثيل‬ ‫السياسي وإعادة توزيع اقتصادي أكثر‬

‫من أعمدة الصحافة ‪. .‬‬

‫الديناميكية املزدوجة لل�صراع ال�سوري‬ ‫تقرير جمموعة الأزمات الدولية‬

‫‪13‬‬


‫العفو العام والعفو اخلا�ص‬ ‫الصفحة القانونية‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫ياسر مرزوق‬ ‫خاص سوريتنا‬

‫كان العف��و ع��ن الجريم��ة أو‬ ‫العقوب��ة حق��اً مقدس��ًا للحاك��م أو‬ ‫الخليف��ة اإلل��ه ال��ذي يمل��ك س��لطة‬ ‫العقاب والعفو‪ ،‬ونق ً‬ ‫ال عن الكواكبي‪:‬‬ ‫"م��ا من مس��تبدٍ سياس��ي إال ويتخذ‬ ‫ً‬ ‫ل��ه ً‬ ‫مقدس��ة يش��اركُ بها اهلل‪،‬‬ ‫صفة‬ ‫أو تعطيه مقام��ًا ذا عالقة به"‪ ،‬وهذا‬ ‫يلتقي مع لينين الذي يقول‪" :‬إن هذه‬ ‫الطبقات الحاكمة كلها تحتاج من أجل‬ ‫الحفاظ على سيطرتها إلى وظيفتين‬ ‫اجتماعيتي��ن هما الج�لاد والكاهن"‪،‬‬ ‫ولم تكن هذه الظاهرة تخص ش��عبًا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫منظومة‬ ‫منطق��ة محددة بل كانت‬ ‫أو‬ ‫ً‬ ‫أخالقية تتناس��ب مع شكل الحكم ما‬ ‫قب��ل الدول��ة الحديثة‪ ،‬حت��ى الملوك‬ ‫األوروبيون سوغوا فكرة الحاكم اإلله‬ ‫في القرنين الس��ادس عشر والسابع‬ ‫عش��ر لتس��ويغ س��لطتهم المطلقة‪،‬‬ ‫وأخذوا مباركة الكنيسة ثمّ ازدوجت‬ ‫السلطة بينهم وبينها‪.‬‬ ‫تحف��ل كتب التاريخ واإلس�لامي‬ ‫ً‬ ‫خاص��ة بقص��ص ون��وادر العفو عن‬ ‫المجرمي��ن والمطلوبين تبع��ًا لمزاج‬ ‫الحاك��م أو لسياس��يةٍ يرتضيه��ا‬ ‫أو يستس��يغها (طل��ب زي��اد رج� ً‬ ‫لا‬ ‫لمحاسبته على ما ارتكبه فلجأ الرجل‬ ‫إلى معاوية بن أبي س��فيان واحتمى‬ ‫به‪ ،‬فكتب زياد إل��ى معاوية يقول إن‬ ‫هذا الرجل مسيء لشؤوني ومفسدٌ‬ ‫ألعمال��ي وحي��ن طلبت��ه لج��أ إلي��ك‬ ‫والذ ب��ك‪ ،‬فكت��ب معاوي��ة إليه يقول‬ ‫إن��ه ال ينبغ��ي لنا أن نس��وس الناس‬ ‫بسياسةٍ واحدة‪ ،‬فيكون مقامنا مقام‬ ‫رجل واحد‪ ،‬ولكن فلتكن أنت الش��دة‬ ‫ٍ‬ ‫والخشونة‪ ،‬وألكن أنا للرأفة والرحمة‬ ‫فيستريح الناس فيما بيننا)‪.‬‬ ‫م��ع االنتق��ال إلى دول��ة القانون‬ ‫وسقوط فكرة القدسية عن الحاكم‪،‬‬ ‫وتح��ول المنصب إل��ى تكليف‪ ،‬تحول‬ ‫العف��و إل��ى منظوم��ةٍ قانوني��ة لها‬ ‫شروطها وأسبابها ومبرراتها‪.‬‬

‫العــفـــو‬

‫ه��و محو الجريم��ة أو محو العقوبة‬ ‫جزئي��ًا أو كلي��ًا‪ ،‬والعف��و ف��ي التش��ريع‬ ‫السوري نوعان‪ ،‬عفو خاص‪ ،‬وعفو عام‪.‬‬

‫العفو اخلا�ص‪:‬‬ ‫ه��و منح��ة م��ن رئي��س الدولة‬ ‫تزول بموجبها العقوبة عن المحكوم‬ ‫علي��ه كله��ا أو بعضه��ا‪ ،‬أو تس��تبدل‬ ‫بعقوب��ةٍ أخف منه��ا‪ ،‬والعفو الخاص‬ ‫تأخذ به أكثر التش��ريعات في العالم‪،‬‬ ‫ألس��باب‬ ‫فهو مؤسس��ة ال غنىً عنها‬ ‫ٍ‬ ‫متع��ددة‪ ،‬أهمها أنه الس��بيل إلصالح‬ ‫األخطاء القضائية التي تكش��ف بعد‬ ‫أن يك��ون الحك��م ق��د أصب��ح مبرمًا‬ ‫وسُ��دّت أمام المحك��وم عليه جميع‬ ‫طرق المراجعة‪ ،‬كما أنه وسيل ٌة للحدٍّ‬

‫من الحكم بعقوب��ة اإلعدام إذا كانت‬ ‫هذه العقوبة ق��د فرضت في حاالتٍ‬ ‫ال تتحق��ق فيه��ا مقتضي��ات الصالح‬ ‫العام‪.‬‬ ‫لك��ن ه��ذا اليعفين��ا م��ن القول‬ ‫بأن العفو الخاص يجب أن يس��تعمل‬ ‫بحكم��ة واعت��دال‪ ،‬وإال فس��دت هذه‬ ‫المؤسس��ة‪ ،‬وفقدت قيمتها‪ ،‬وخرجت‬ ‫عن األهداف التي وضعت من أجلها‪.‬‬ ‫شروط العفو الخاص‪:‬‬ ‫للعف��و الخ��اص بموج��ب أحكام‬ ‫الم��واد ‪ /155-151/‬م��ن قان��ون‬ ‫العقوب��ات ش��روط متع��ددة نجملها‬ ‫فيما يلي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬يمن��ح العف��و الخاص رئيس‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ال يمن��ح رئي��س الدول��ة‬ ‫العف��و إال بعد اس��تطالع لجنة العفو‬ ‫الت��ي تبدي رأيها ف��ي طلب العفو ثم‬ ‫ترفع��ه لرئي��س الدولة ومهم��ا كان‬ ‫رأيها فالكلمة األخيرة له‪ ،‬كون دورها‬ ‫استشاري فقط‪.‬‬ ‫‪ - 3‬ال يمن��ح العفو الخاص إال إذا‬ ‫حوك��م المدع��ى عليه وص��در بحقه‬ ‫حكم جزائي مبرم‪.‬‬

‫�آثار العفو اخلا�ص‪:‬‬ ‫‪ - 1‬العف��و الخ��اص ش��خصي ال‬ ‫يمتد أثره إلى الشركاء في الجريمة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬العف��و الخاص منحة ال يجوز‬ ‫للمحكوم عليه أن يرفض االس��تفادة‬ ‫منها‪.‬‬ ‫‪ - 3‬يش��مل العف��و الخ��اص‬ ‫العقوبات األصلية فقط‪ ،‬وال يش��مل‬ ‫العقوبات الفرعية أو اإلضافية‪.‬‬ ‫‪ - 4‬العف��و الخ��اص يش��مل‬ ‫العقوبة وال يس��قط الحك��م بمعنى‬ ‫أن مفع��ول الحك��م يس��تمر لتطبيق‬

‫األح��كام المتعلقة بإع��ادة االعتبار أو‬ ‫التك��رار كما أنه يبق��ى على صحيفة‬ ‫المحكوم العدلية‪.‬‬

‫العفو العام‪:‬‬ ‫العف��و الع��ام أو الش��امل ه��و‬ ‫قانون يصدر عن السلطة التشريعية‬ ‫ً‬ ‫جريمة أو عدداً من الجرائم‬ ‫فيش��مل‬ ‫ويك��ون م��ن ش��أنه نف��ي الصف��ة‬ ‫الجرمي��ة عنها‪ ،‬والعفو العام س��لط ٌة‬ ‫في يد المش��رع يستعملها حين يريد‬ ‫أن يسدل س��تار النسيان على بعض‬ ‫األفعال ألسباب سياسية أو اجتماعية‪،‬‬ ‫وي��رى أن المصلح��ة العام��ة تقضي‬ ‫برفع آثار هذه األفعال عن األشخاص‬ ‫الذي��ن قاموا به��ا‪ ،‬لهذا ف��إن المجال‬ ‫األوس��ع للعف��و الع��ام ه��و الجرائم‬ ‫السياس��ية وبعض الجرائ��م الواقعة‬ ‫على أم��ن الدولة الداخل��ي والجرائم‬ ‫العسكرية والجرائم القليلة األهمية‬ ‫(نموذج التشريع السوري هو استثناء‬ ‫عن هذه القاعدة القانونية)‪.‬‬ ‫إال أن العفو العام كثيراً ما يصدر‬ ‫العتبارات خاصة بالس��لطة الحاكمة‪،‬‬ ‫كالعفو ال��ذي يصدر عل��ى أثر تغيير‬ ‫عمل سياس��ي‬ ‫نظ��ام الحك��م أو بعد ٍ‬ ‫هام‪ ،‬أو بمناسبة تسلم رئيس جديد‬ ‫لمقاليد السلطة العليا في البالد‪.‬‬ ‫ويش��ترط المش��رع السوري في‬ ‫العف��و الع��ام ص��دوره عن الس��لطة‬ ‫التشريعية‪ ،‬فهو إما يصدر عن قانون‬ ‫ع��ن مجل��س الش��عب‪ ،‬أو بمرس��وم‬ ‫تشريعي عن رئيس الدولة مباشرةً‪.‬‬

‫�آثار العفو العام‪:‬‬ ‫‪ - 1‬يسقط العفو العام الجريمة‬ ‫والعقوبة معًا‪.‬‬ ‫‪ - 2‬يش��مل العقوب��ات األصلي��ة‬ ‫والفرعية‪.‬‬

‫‪ - 3‬ال يؤث��ر العف��و الع��ام عل��ى‬ ‫الحق��وق الش��خصية‪ ،‬وتبق��ى ه��ذه‬ ‫ً‬ ‫خاضع��ة ألح��كام القان��ون‬ ‫الحق��وق‬ ‫المدن��ي (الم��ادة ‪ /148/‬م��ن قان��ون‬ ‫العقوب��ات‪ ،‬الم��ادة ‪ /436/‬من قانون‬ ‫أصول المحاكمات الجزائية)‪.‬‬

‫الفرق بني العفو العام والعفو‬ ‫اخلا�ص‪:‬‬ ‫‪ - 1‬العفو الخاص يمنح بمرسوم‬ ‫ص��ادر عن رئي��س الدولة أم��ا العفو‬ ‫الع��ام فيس��ن بقانون من الس��لطة‬ ‫التشريعية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬العف��و الخ��اص ال يمن��ح إال‬ ‫بعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية‪،‬‬ ‫أما العام فيص��در في أي وقت يقرره‬ ‫المشرع‪.‬‬ ‫‪ - 3‬العفو الخاص ش��خصي ألنه‬ ‫يصدر باسم شخص معين بالذات أما‬ ‫العفو العام فيش��مل الجرائم بغض‬ ‫النظر عن مرتكبيها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬العف��و الخ��اص ال يم��س‬ ‫الجريمة وهو ال يؤثر إال في العقوبة‪،‬‬ ‫فيلغيه��ا أو يخفف منها أو يس��تبدلها‬ ‫بعقوب��ة أخ��رى‪ ،‬أم��ا العف��و الع��ام‬ ‫فيش��مل الجريم��ة والعقوب��ة مع��اً‪،‬‬ ‫والعفو العام يزي��ل الحكم نهائيًا وال‬ ‫يعود له أي وجود قانوني‪.‬‬ ‫ف��ي النهاي��ة يج��ب أن نؤك��د أن‬ ‫نوع��ي العف��و يتفق��ان عل��ى ع��دم‬ ‫المس��اس بحق��وق المجن��ي علي��ه‬ ‫الشخصية‪.‬‬ ‫ونق ً‬ ‫ال عن معاوية بن أبي سفيان‬ ‫أيضًا مخاطبًا عائش��ة بنت عثمان بن‬ ‫عفان‪" :‬يا بنت أخي إن الناس أعطونا‬ ‫س��لطاننا فأظهرن��ا لهم حلم��اً تحته‬ ‫ً‬ ‫طاع��ة تحتها‬ ‫غض��ب‪ ،‬وأظه��روا لن��ا‬ ‫حقد‪ ،‬فبعناهم هذا بهذا"‪.‬‬


‫�سعيد الغزي (‪)1967 - 1892‬‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫إلى مرك��ز جديد قبل ش��هر من موعد‬ ‫االنتخاب��ات وأس��ند وزارة الداخلية إلى‬ ‫السيد "اس��ماعيل قولي" وهو شخص‬ ‫موث��وق غير سياس��ي نب��ه الموظفين‬ ‫المدنيين إلى أن النش��اطات السياسية‬ ‫محظ��ورة عليهم تحت طائل��ة القانون‬ ‫أم��ا الجيش فقد رضي مختاراً أن يبقى‬ ‫في ثكناته أثناء عملية االقتراع)‪.‬‬ ‫عام ‪ 1955‬كلفه الرئيس القوتلي‬ ‫بتش��كيل الوزارة ثاني��ة وفي ‪ 13‬أيلول‬ ‫من العام نفس��ه ّ‬ ‫ش��كل الوزارة وشغل‬ ‫فيها منصب وزير الخارجية أيضًا‪.‬‬ ‫في ربيع عام ‪ 1956‬عقدت حكومة‬ ‫ً‬ ‫صفقة لبيع القمح لفرنس��ا التي‬ ‫الغزي‬ ‫كان��ت ال ت��زال تحت��ل الجزائ��ر‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم م��ن التقدير الخ��اص الذي كان‬ ‫قد حظي ب��ه الرئيس الغ��زي انطلقت‬ ‫مظاه��رة احتج��اج ضخمة م��ن جامعة‬ ‫دمشق تندد بهذه الصفقة غير المبررة‬ ‫وبالمعت��دي الفرنس��ي‪ ،‬وتدع��و إل��ى‬ ‫التضامن مع الشعب الجزائري الشقيق‪،‬‬ ‫وق��د احت��ل المتظاهرون مكت��ب وزير‬ ‫االقتصاد لس��اعات وفي الليلة نفس��ها‬ ‫قدم الغزي استقالة حكومته‪.‬‬ ‫اعتزل السياس��ة في فترة الوحدة‬ ‫مع مصر‪ ،‬وبعد االنفصال أصبح رئيسًا‬ ‫مؤقتاً للمجلس النيابي في كانون عام‬ ‫‪ 1961‬بصفته األكبر سنًا بين األعضاء‬ ‫ث��م تق��دم بترش��يح نفس��ه لرئاس��ة‬ ‫المجلس لكنه لم يفز ‪.‬‬ ‫مع انقالب عام ‪ 1963‬اعتزل العمل‬ ‫السياس��ي وتف��رغ للمحام��اة والقانون‬ ‫اللذين كانا عشقه الحقيقي‪.‬‬ ‫ع��رف الغ��زي باس��تقامته وورعه‬ ‫ونزاهت��ه وحب��ه لمهنة المحام��اة التي‬ ‫كان يع��ود إليها بعد س��اعات من تولي‬

‫أي منص��ب يوكل إليه ف��كان ينظر إلى‬ ‫المناص��ب على أنه��ا ع��بء وتكليف ال‬ ‫وجاهة أو شرف‪.‬‬ ‫توف��اه اهلل في مكتبه في دمش��ق‬ ‫عام ‪.1967‬‬ ‫نق� ً‬ ‫لا عن نبي��ه الغ��زي‪" :‬لم يكن‬ ‫س��عيد الغ��زي طامح��اً سياس��يًا‪ ،‬أراده‬ ‫الناس رئيس��اً للجمهورية ليتوازى في‬ ‫األصوات مع ش��كري القوتلي لكنه قال‬ ‫له الرئاس��ة ل��ك ال أريده��ا‪ ،‬فقد كانت‬ ‫المحاماة نسج حياته"‪.‬‬ ‫نق� ً‬ ‫لا ع��ن أس��عد الكوران��ي م��ن‬ ‫"ذكريات وخواطر" الصفحة ‪" :157‬كان‬ ‫ً‬ ‫تضحية‬ ‫الغزي ألم��ع ش��بابنا وأكثرهم‬ ‫ووطني��ة‪ ...‬إن الغزي من الش��خصيات‬ ‫الوطنية الفذة"‪.‬‬ ‫يصف��ه الدكت��ور س��امي مبي��ض‬ ‫الباح��ث ف��ي تاري��خ س��وريا الحديث أنه‬ ‫ً‬ ‫نزاهة لم يطمح‬ ‫من أكثر رؤس��اء الدولة‬ ‫يومًا للخلود في سدة الحكم فثمة سقف‬ ‫لمشروعه السياس��ي هدفه إنقاذ البالد‬ ‫في أوقات المحن‪ ،‬فهو الوطني الذي لعب‬ ‫بالسياس��ة في بع��ض األحيان ولم يكن‬ ‫السياس��ي الذي لع��ب بالوطنية والفرق‬ ‫كبير‪ ،‬أعطى س��عيد الغزي سوريا كثيراً‬ ‫ولم يأخذ سوى شرف االنتماء إليها‪.‬‬ ‫تق��ول المحامي��ة واألديب��ة نادي��ا‬ ‫الغ��زي ع��ن أبيه��ا‪" :‬إن��ه رج��ل خ��ارج‬ ‫التصني��ف‪ ،‬ربم��ا أخط��أ وح��رق بعض‬ ‫أوراق��ه ولكن ثمة أعمال كبيرة بموازاة‬ ‫أخط��ا ٍء صغي��رة"‪ ،‬وتتس��اءل "لم��اذا ال‬ ‫يتذكره أحد‪ ،‬ربما ظلم نفس��ه بنفسه"‬ ‫وتص��ف جنازت��ه ع��ام ‪ 1967‬بالق��ول‪:‬‬ ‫"إن نعش��ه كان يتهادى بين األكف كما‬ ‫حجر في‬ ‫أغني��ة‪ ،‬لقد س��اهم في بن��اء ٍ‬ ‫حجر في الوطن"‪.‬‬ ‫القانون‪ ،‬وفي بناء ٍ‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬

‫خاص سوريتنا‬ ‫ول��دَ س��عيد الغ��زي في دمش��ق‬ ‫عام ‪ 1892‬من أس��رة دمشقية عريقة‬ ‫تختزن تاريخًا من االنفتاح على العلوم‬ ‫اللغوي��ة والفقهية ليخ��رج منها علماء‬ ‫وفقه��اء ومؤلف��ون كبار منهم ش��هاب‬ ‫الدي��ن ونج��م الدي��ن ومحم��د الغ��زي‬ ‫وهن��اك في المنزل الكبي��ر الذي يجاور‬ ‫الجامع األموي وفي أواخر القرن التاسع‬ ‫عش��ر كان الفقه��اء والمحدث��ون م��ن‬ ‫آل الغ��زي يدخلون إل��ى الجامع األموي‬ ‫باب خاص‪.‬‬ ‫الكبير من ٍ‬ ‫هذه البيئة الخصب��ة تركت أثرها‬ ‫البالغ على س��عيد الغزي لتش��كل أولى‬ ‫معارف��ه وتؤس��س لوعي��ه ومعرفت��ه‬ ‫بعال��م أكث��ر انفتاحاً وحيوي��ة‪ ،‬وبأبعاد‬ ‫ٍ‬ ‫إنسانية وروحية وفكرية بآنٍ معًا‪.‬‬ ‫درس في مكتب عنبر في دمش��ق‬ ‫ثمّ سافر إلى اسطنبول لدراسة الطب‬ ‫بنا ًء على رغب��ة والده‪ ،‬مع افتتاح معهد‬ ‫الحق��وق في دمش��ق عاد إليه��ا ليتغير‬ ‫مس��ار حياته ويب��دأ بدراس��ة الحقوق‬ ‫وتخرج من المعهد المذكور عام ‪1922‬‬ ‫وشهادته تحمل الرقم واحد‪.‬‬ ‫انص��رف لممارس��ة المحام��اة‬ ‫واالهتم��ام بالش��أن الع��ام بالبس��طاء‬ ‫وبالنساء المعنفات‪.‬‬ ‫تحال��ف ع��ام ‪ 1927‬م��ع الكتل��ة‬ ‫الوطنية وشغل أول منصب سياسي له‬ ‫في حكومة الرئيس محمد علي العابد‪.‬‬ ‫أصبح نائباً بالجمعية التأسيسية عام‬ ‫‪ 1928‬وشارك بإعداد الدستور السوري‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1936‬عينه رئي��س الوزراء‬ ‫عط��ا األيوبي وزيراً للع��دل في وزارته‬ ‫التي وضعت أس��س االنتخابات العامة‪،‬‬ ‫ع��اد بعده��ا لممارس��ة المحام��اة ف��ي‬ ‫دمش��ق وأصب��ح نقيب��ًا للمحامين عام‬ ‫‪ ،1944‬طلب��ت من��ه ش��ركة بريطانية‬ ‫الس��فر لتوكيله ببيع أراض��ي وبيارات‬

‫ف��ي حيف��ا‪ ،‬فرف��ض التوكي��ل والبي��ع‬ ‫لوعي��ه بأبع��اد ذل��ك وليجس��د موقفًا‬ ‫وطنياً مبكراً‪.‬‬ ‫ع��اد لوزارة الع��دل عام ‪ 1939‬في‬ ‫حكومة جميل مردم بيك واس��تمر في‬ ‫ال��وزارة حت��ى عام ‪ ،1945‬ع��ام ‪1946‬‬ ‫ش��ارك م��ع أس��عد الكوراني ويوس��ف‬ ‫الحكيم وعزت صقال في لجنة دراس��ة‬ ‫مش��روعي القان��ون المدن��ي وقان��ون‬ ‫العقوبات‪ ،‬وفي العام نفسه عين وزيراً‬ ‫للمالية ووقع مع كل من الس��يد رياض‬ ‫الصل��ح وحميد فرنجي��ة وجميل مردم‬ ‫بي��ك اتف��اق االنفص��ال الجمركي عن‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫كم��ا عين وزيراً لالقتصاد الوطني‬ ‫عام ‪ 1947‬وكان نائباً عن دمش��ق في‬ ‫المجلس النيابي في الدورات االنتخابية‬ ‫(‪.)1949-1947-1943‬‬ ‫ع��ام ‪ 1954‬دعاه الرئيس هاش��م‬ ‫األتاس��ي لتأليف وزارة مستقلة ليتولى‬ ‫اإلش��راف عل��ى االنتخاب��ات النيابي��ة‬ ‫وكان��ت أول انتخاب��ات ديمقراطية حرة‬ ‫ف��ي س��وريا من��ذ ع��ام ‪ 1947‬واألكثر‬ ‫ً‬ ‫نزاهة في التاريخ السوري‪.‬‬ ‫فف��ور تش��كيل الحكوم��ة أعل��ن‬ ‫الغزي حياده التام في القضايا الداخلية‬ ‫وعزمه على االحتفاظ بالصالت األخوية‬ ‫مع الدول العربي��ة جميعًا دون أن يلزم‬ ‫س��وريا بأية ارتباطات دولية وأن مهمة‬ ‫حكومت��ه الوحيدة هي اإلش��راف على‬ ‫انتخابات حرة نزيهة وفق قانون جديد‪,‬‬ ‫وبثقافته القانونية ونزاهته وحضوره‬ ‫الش��خصي ضمن الموافق��ة البرلمانية‬ ‫على قانون انتخ��اب جديد يلغي قانون‬ ‫الشيش��كلي ويعيد قان��ون انتخاب عام‬ ‫‪ 1949‬مع بعض التعديالت‪.‬‬ ‫نق� ً‬ ‫لا عن باتريك س��يل من كتابه‬ ‫الص��راع على س��وريا (صفح��ة ‪:)229‬‬ ‫(لكي يحطم الغزي التواطؤ مع المصالح‬ ‫المحلي��ة نق��ل كل محاف��ظ وقائمقام‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪15‬‬


‫�صبحي حديدي‬

‫حيطان فيس بوك‪. .‬‬

‫سمير قصير استُشهد وهو يتكوم على جسده مثل‬ ‫صقر‪ ،‬وإبراهيم عثمان استُشهد وهو يطلق جسده‬ ‫مثل باشق‪ .‬ومع ذلك يتشابه المشهدان‪ ،‬كأنهما لواحد‬

‫جورج �صابق‬ ‫ال ندري إلى أي درك أخالقي منحط يأخذنا هذا‬ ‫النظام‪ ...‬هل يريدون من الطبيب أال يعالج إال الرفاق‬ ‫الحزبيين أو المسبحين بحمد األسد مث ًال؟؟؟‪....‬‬ ‫نقول ألخينا هذا في الوطن‪ :‬نحن لن نغير أخالقنا‬ ‫ال من أجلك وال من أجل معلمك الكبير‪ ..‬فاستيقظ‪..‬‬ ‫ألنك بقطعك الطريق عن طبيب قد تحرم منه أحد‬ ‫أفراد عائلتك‪ ..‬وقد تكون أنت يوماً الضحية‪...‬‬ ‫وعندها لن ينفعك ال حزبك وال بشارك‪...‬‬

‫ر�شا عمران‬ ‫في حمص اليوم كانوا يهتفون‪ :‬يا مسيحي ال‬ ‫تهتم نحن إخوة بها الدم ويا علوي ال تهتم همي‬ ‫وهمك نفس الهم!!!! متى يا حمص سنرد لك كل‬ ‫هذا الجميل ؟؟‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫�إياد زرقة‬ ‫في السرفيس‪ ،‬صوت العتابا‪ ،‬صوت القائد يخرج‬ ‫من صورته‪ ،‬صوت هدير المحرك‪ ،‬أنين أهالي‬ ‫الرمل تخترق مسمعي‪ ،‬صوت فيروز يقول انساني‬ ‫بالغفا بأيام الصفا من السماعات‪ ،‬صوت أحدهم‬ ‫يقول "ع راحتك معلم"‪ ،‬رائحة النبيذ تنبعث مني‬ ‫وأنا استذكر خياناتي لهذا الوطن عندما تبدا فيروز‬ ‫بقول "وطني ياحكاية"‪ ،‬السيجارة والنبيذ لن يشفعا‬ ‫لي سبب ضحكي على هلوسات جدتي البارحة‪،‬‬ ‫يقطع هذه األصوات رائحة صبية جلست بجانبي‬ ‫أنظر إليها وأقول في نفسي‪ ،‬صغيرتي قلبي‬ ‫عاشق لسوريا حاليا قفي في الدور‬

‫عمار عبد احلميد‬

‫دا�شا ج‬

‫رباب البوطي‬

‫إبراهيم‪ ...‬الذي انتصر على الجميع بموته‪ ...‬مرة‬ ‫و إلى األبد‪.‬‬ ‫حاج اتدقولي تعزوني الشهيد ما منعزي فيه‬ ‫‪ ,‬حاج تبكوا ‪,‬الشهيد ما منبكي عليه ‪,‬كلو يلم‬ ‫حالو بإيديه يوقف ع رجليه ويكمل شو كان عم‬ ‫يعمل ‪,‬كملوا مشانه‪ ...‬ابراهيم عمل يلي بدو ياه‬ ‫وابراهيم ما كان خايف وابراهيم كان حاضر ال‬ ‫حدا يزعل ع ابراهيم هو شهيد‪.‬‬ ‫‪ ...‬نحن االموات‪ ...‬ابراهيم‪ ...‬األشجع‪.‬‬ ‫هو فوق عم يبتسم اطلعوا لفوق وابتسموله‪...‬‬ ‫غ�سان �سلطانه‬ ‫و كملوا‪.‬‬ ‫حبيبيييييييييي‪ ....‬خليك معي‪.‬‬ ‫ندراً عليي‪..‬‬ ‫الن وجعي ما بينبكى‬ ‫يارب عطيني عمر وتنتصر ثورتنا وندر علي‬ ‫أمشي حفيان لحومص وصلي تالت ركعات بجامع‬ ‫غ�سان يا�سني‬ ‫سيدي خالد‪..‬‬ ‫رسالة خليوية تدعوني للمشاركة باالنتخابات‪ ..‬األولى عن روح شهدائنا والتانية لثوارنا والتالتة‬ ‫لحومص‪..‬‬ ‫"صوتك يبني الغد"‬ ‫غريب‪..‬مع أنو صوتي كان واصل للطابق األخير يارب‪\ ...‬سوري‪ -‬مسيحي\‬ ‫من مبنى أحد الفروع األمنية من شدة الضرب‬ ‫هالة حممد‬ ‫والتعذيب لدرجة أن احد السجانين تعاطف معي‬ ‫وقال لي وهو يوصلني للحمامات‪ ..‬أنت ليش‬ ‫بتاخد وتعطي مع المحقق‪..‬ال تناقشو مشان ما‬ ‫تستفزو أكثر ويضربك بشدة أكثر‪..‬رغم هيك ما حسام القطلبي‬ ‫كل سفارات األرض وقنصلياتها مخصصة لخدمة‬ ‫شعرت أنو لصوتي أي تاثير‬ ‫نحن منذ بدأنا بالهتاف للحرية كنا فعال نبني الغد مواطني بلدها و رعاية مصالحهم في الخارج‪ ..‬إال‬ ‫السفارات السورية مخصصة للتشبيح و الخطف‬ ‫و الضرب و بهدلة الرعايا السوريين وشرشحة‬ ‫�إياد عما�شة‬ ‫مصالحهم وابتزازهم والتهديد بإيذاء وإهانة‬ ‫أهاليهم في الداخل‪.‬‬ ‫أربع سنوات مرت منذ نزوحي القسري عن دمشق‪..‬‬ ‫أربع سنوات‪ ،‬ما زلت حتى اليوم أصحو في الصباح‬ ‫ح�سام عيتاين‬ ‫أنتزع من رأسي عنوة صورة مؤلمة لذيذة الرائحة‪،‬‬ ‫لبلدة أو حي أو شارع أو مقهى أو مسرح أو رصيف أو‬ ‫موقف أو ساحة‪ ..‬من أحياءها‪ ..‬يا دمشق األسيرة كم نقولها لمرة نسينا رقمها‪ :‬من يؤيد النظام الحاكم‬ ‫أحبك‪ ..‬يا حبيبتي التي تسكنين دمشق كم أعشق في سوريا‪ ،‬يعاني من عيب أخالقي قبل أن يكون‬ ‫قصوراً في الرؤية والتحليل السياسي‪ ...‬هذا كالم‬ ‫اكتمال دمشق في عينيك الخضراوان‪..‬‬ ‫من وحي صورة الطبيب الشاب المقتول على الحدود‬ ‫مع تركيا وجريمته أنه أنقذ جرحى القمع الفاشي‬ ‫ما أراه اليوم من قصف للمدن وتدمير للبيوت‬ ‫وقتل للمزيد من الثوّار ليس إال ارتعاشات الموت‬ ‫األخيرة لجسدٍ مستبدٍ هرم قوامه الرشاشات‬ ‫والمدافع‪ ...‬ومع كل اختالجة من اختالجات النهاية‬ ‫يزفر القنابل والرصاص‪....‬‬ ‫يقولون‪ ..‬للقيامة عالمات‪ ..‬وأنا أقول‪ ..‬لسقوط‬ ‫النظام أيضًا عالمات‪ ...‬أيها المؤمنون بالحرّية‪..‬‬ ‫اعتصموا بحبل الثورة واستعدوا‪ ..‬أزفت ساعة‬ ‫رحيلهم‪ ...‬القيامة اآلن‪ ..‬الحرّية اآلن‬

‫فدوى �سليمان‬

‫ناجي طيارة‬

‫ال نريد لسوريا المستقبل أن تكون دولة عقائدية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫سواء كانت هذه العقيدة االشتراكية أو اإلسالم‪،‬‬ ‫أطول من عمر‬ ‫سيكون عمرك يا إبراهيم‬ ‫ُ‬ ‫بل نريد لها أن تكون دولة مدنية تحترم حريتنا قاتليك‪ ....‬في وداع إبراهيم عثمان‬ ‫كلمات للناشط الحقوقي نجاتي طيارة‪ :::‬يا ناجي‪...‬‬ ‫في المعتقد‪ ،‬السياسي والديني‪ ،‬على حد سواء‪.‬‬ ‫اتذكر كتير منيح‪ ،‬في لحظة بعمر اإلنسان بيقرّر‬ ‫فواز �أرنا�ؤوط‬ ‫يحترم حالو فيها للنهاية‪ ...‬ال يمكن المفاوضة أبداً‬ ‫عال رم�ضان‬ ‫على هذه اللحظة أو التردد أو التراجع أو الخوف‪...‬‬ ‫فع ًال مثلما قال أحدهم‪ ،‬لشدة غباء النظام في هذه اللحظة إسمها الحرية‪ ...‬هي اللحظة هي كرامة‬ ‫عالم بتموت‪ ..‬عالم بتعتقل‪ ..‬عالم بتتخفى‪ ..‬عالم تعامله مع الثورة‪ ،‬ولمساهمته الفاعلة في اإلنسان‪ ...‬لمّا تحي هل اللحظة ال تتردد‪ ...‬إمضي‬ ‫بتتعب‪ ..‬وفيه عالم جداد عم تنبع من كل محل تأجيجها‪ ،‬الزم نعم ّلو تنسيقية ونسميها "تنسيقية مهما كانت النتيجة‪ ...‬ألنو بالمقابل عم تكسب‬ ‫حريتك بالدنيا أو باآلخرة‪ ..‬عم تكسب حريتك‬ ‫النظام السوري لدعم الثورة"‬ ‫لتكفى طريق كل المذكورين‪...‬‬

‫| بعد مصرع القذافي بالطريقة التي رأيناها‬ ‫على أيدي الثوار الليبيين‪ ..‬هل تظنين أن ثمة‬ ‫غريزة انتقام تحتقن في نفوس السوريين وربما‬ ‫تتجه الحقاّ في اتجاهات ال تحمد عقباها؟‬ ‫| | ال أعتقد أن تجربة ليبيا ستتكرر في سوريا‪ .‬بالتأكيد‬ ‫ستظهر بعض الجماعات الحاقدة واالنتقامية‪ ،‬ولكن غالبية‬ ‫الشعب السوري تريد أن تُحكم بواسطة القانون‪ .‬ويجب أن‬ ‫تتمّ محاكمات عادلة لكل من تلطخت يداه بدماء السوريين‪.‬‬ ‫فالسوريون يطالبون بدولة مدنية قانونية يكون فيها جميع‬ ‫أبناء الشعب السوري سواسية أمام القانون‪.‬‬ ‫| ما هي األولويات التي تعتقدين أن على‬ ‫المعارضة العمل عليها في المرحلة التي تلي‬ ‫سقوط النظام؟‬ ‫| | قبل سقوط النظام وبعده على المعارضة أن تنزع عنها‬ ‫عباءتها التي التصقت بها لسنين طويلة‪ ،‬لترميها جانباً اليوم‪،‬‬ ‫وتقف صفًا واحداً وقلبًا واحداً خلف الشارع السوري‪ ،‬دعمًا‬ ‫لثورة الشباب ومطالبهم المحقّة دون النظر إلى خالفاتهم‬

‫الشخصية على حساب سوريا وشعب سوريا والوطن‪.‬‬ ‫| كيف تنظرين إلى حوادث العنف الطائفيّة التي‬ ‫جرت في حمص؟ من المسؤول؟ ومن الفاعل؟!‬ ‫| | لقد اختار النظام حمص ألنه يعرف تماماً أنه قادر‪،‬‬ ‫بسبب طبيعة حمص المتنوّعة طائفيّاً واثنيًّا‪ ،‬على تنفيذ‬ ‫كل خططه اإلجرامية على الشعب السوري‪ ،‬ومنها‪ :‬بث‬ ‫الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد‪ ،‬وباألخص أن‬ ‫حمص تحوي أطيافاً متعددة من الشعب السوري‪ ،‬والحوادث‬ ‫الطائفية التي جرت في حمص هي من فعل النظام الذي‬ ‫ّ‬ ‫شكل فرقاً للموت من كل الطوائف‪ ،‬وقام بدفع المال لها‬ ‫لتقوم بعمليات الخطف والتنكيل والتعذيب والتقطيع‬ ‫والتشويه ورمي الجثث في أحياء بعضهم البعض؛ لتظن‬ ‫كل طائفة أن الطائفة األخرى هي التي قامت بفعل القتل‪،‬‬ ‫ولكن أبشّر النظام وأبشّر العالم أن هذا المخطط فشل‬ ‫على أيدي السوريين في حمص‪ ،‬وأن الثوار هم من يحمون‬ ‫السلم األهلي ويرفضون االنجرار وراء فتنة النظام‪.‬‬ ‫| بعد التجارب االنتخابيّة الديمقراطيّة‬

‫ال�شهيد‬ ‫أمـامَ الشــهيدِ‬ ‫شــهـيـدٌ يــطـيـرُ‬ ‫ورا َء الشــهيدِ‬ ‫شــهـيـدٌ يســيرُ‬ ‫وَتـحتَ الشــهيدِ‬ ‫شــهـيـدٌ يـنـامُ‬ ‫وَ َفـوقَ الشــهيدِ‬ ‫شــهـيـدٌ حـمـامُ‬ ‫يمـيـنَ الشــهيدِ‬ ‫يـجـيـئ‬ ‫شــهـيـدٌ‬ ‫ُ‬ ‫يـســارَ الشــهيدِ‬ ‫يـضـيـئ‬ ‫شــهـيـدٌ‬ ‫ُ‬ ‫يــطـيـرُ ‪..‬‬ ‫يـســيرُ ‪..‬‬ ‫يـنـامُ ‪..‬‬ ‫حـمـامُ ‪..‬‬ ‫يُـضـيـئ‬ ‫يـجـيـئ ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يـضـيـئ الشــهيـدُ‬ ‫ُ‬ ‫َقنـاديـلـنـا الـغـافـيـاتْ‬ ‫وَيـقـحـمُ بالـدمِّ دَربَ الـحـيـا ْة‬ ‫شهيد ورا شهيد ‪ ..‬بنعمر بلد جديد‬ ‫إياد حياتلة‬

‫في تونس ومصر‪ ،‬وبالنظر إلى القيادات التي‬ ‫تحكم ليبيا اليوم‪ .‬كيف تنظرين إلى نجاح القوى‬ ‫اإلسالمية في البلدان التي صنعت الربيع العربي؟‬ ‫هل تخشين من «المد اإلسالمي»؟‬ ‫| | عندما يكون خيار الشعوب أمام صناديق االقتراع‬ ‫الحرة والديمقراطية‪ ،‬فليكن خيار الشعوب ما يكون‪ ،‬ألنه‬ ‫سيكون األصدق واألكثر ضرورة لتطورها ولحاجتها‪.‬‬ ‫ال أخشى من المد اإلسالمي‪ ،‬فنحن شئنا أم أبينا ثقافتنا‬ ‫إسالمية ولسنا بعيدين عن اإلسالم‪ ،‬ولكن اإلسالم ال يعني‬ ‫التطرف‪ ،‬بل هو طريقة من طرق العبادة ولن تُفرض‬ ‫على أحد في سوريا‪ ،‬فلم يسبق للشعب السوري أن فرض‬ ‫أحد طريقة عبادته على اآلخر‪ .‬ولكن أن يكون الحكم‬ ‫إسالمياً‪ ،‬بمعنى أن يكون الدستور والقانون مستمدان من‬ ‫أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فهذا يمنعنا من بناء الدولة‬ ‫المدنية الديمقراطية التي يحلم بها السوريون‪ ،‬والتي‬ ‫تستمد قوانينها من ضرورات الحياة اليومية والمعاصرة‬ ‫وفق دستور يضعه الشعب حسب حاجاته ومتطلباته‪.‬‬

‫السؤال والجواب‪ :‬الفنانة السورية فدوى سليمان | سين جيم‪ ،‬ملحق شباب السفير ‪ -‬جريدة السفير اللبنانية‬


‫�أول د�ستور ورئا�سة يف �سوريا بعد اال�ستقالل‬ ‫حنين اليوسف ‪ -‬خالد كنفاني‬

‫الت�سل�سل التاريخي لتطور الد�ستور‬ ‫ال�سوري حتى اال�ستقالل‬

‫‪ .1‬القانون األساسي (الدستور)‬ ‫للمملكة السورية أقره (المؤتمر السنوي)‬ ‫في جلساته المنعقدة بين ‪1919/6/3‬‬ ‫و‪ 1920/7/19‬ويتألف من ‪ 147‬مادة‪.‬‬ ‫‪ .2‬مشروع (الجمعية التأسيسية)‬ ‫عام ‪ 1928‬والذي لم تقم سلطات‬ ‫االحتالل الفرنسي بإصداره إال بعد‬ ‫شطب مواد تتضمن السيادة السورية‬ ‫وكان مكوناً من‪ 115‬مادة‪.‬‬ ‫‪ .3‬دستور (دولة سورية) الصادر‬ ‫بعد إضافة المادة ‪ 116‬والتي تمنح‬ ‫المفوض أو المندوب السامي الفرنسي‬ ‫سلطات تعطيل العمل به‪ .‬وصدر‬ ‫بالقرار رقم ‪ 3111‬تاريخ ‪ 14‬أيار‬ ‫(مايو) ‪.1930‬‬ ‫‪ .4‬شطب المادة ‪ 116‬من الدستور‬ ‫بعد االستقالل (الجالء) الفرنسي عن‬ ‫سورية في ‪.1946/4/17‬‬ ‫‪ .5‬انقالب الزعيم حسني الزعيم‬ ‫في ‪ 30‬آذار (مارس) ‪ 1949‬وحل‬ ‫البرلمان وإقالة الحكومة وتعطيل‬ ‫الدستور وتمت محاولة إصدار دستور‬ ‫جديد غير أنها لم تنجح‪ ،‬واستمر في‬ ‫السلطة حتى ‪.1949/8/14‬‬ ‫‪ .6‬انقالب الزعيم سامي الحناوي‬ ‫في ‪ 14‬آب ‪ 1949‬الذي استمر في‬ ‫الحكم حتى ‪ 19‬كانون األول‪1949‬‬ ‫وبعده عادت الحياة البرلمانية وتم‬ ‫تشكيل حكومة دستورية وانتخابات‬ ‫الجمعية التأسيسية وإعداد مشروع‬ ‫جديد لدستور سورية‪.‬‬

‫‪ .7‬دستور ‪ 1950‬الذي أصبح‬ ‫معمو ًال به اعتباراً من ‪ 5‬أيلول ‪1950‬‬ ‫ومكون من ‪ 166‬مادة‪.‬‬

‫�أول د�ستور للجمهورية ال�سورية‬ ‫بعد اال�ستقالل ‪1950‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬السلطة التنفيذية‬ ‫رئيس الجمهورية‬ ‫المادة الحادية والسبعون‪:‬‬ ‫ينتخب رئيس الجمهورية من قبل‬ ‫مجلس النواب بالتصويت السري‪.‬‬ ‫ويجب أن يفوز بأكثرية ثلثي‬ ‫مجموع النواب‪.‬‬ ‫فان لم تحصل أعيد االنتخاب‬ ‫ويكتفي باألكثرية المطلقة‪.‬‬ ‫فان لم تحصل أعيد ثالثة ويكتفي‬ ‫باألكثرية النسبية‪.‬‬ ‫المادة الثانية والسبعون‪:‬‬ ‫يشترط فيمن ينتخب لرئاسة‬ ‫الجمهورية أن يكون‪:‬‬ ‫سوريًا منذ عشر سنوات‪.‬‬ ‫حائزاً لشروط الترشيح للنيابة‪.‬‬ ‫متمًا األربعين من عمره‪.‬‬ ‫مدة رئاسة الجمهورية خمس‬ ‫سنوات كاملة تبدأ منذ انتخاب الرئيس‪.‬‬ ‫وال يجوز تجديدها إال بعد مرور خمس‬ ‫سنوات كاملة على انتهاء رئاسته‪.‬‬ ‫المادة الخامسة والسبعون‪:‬‬ ‫قبل أن يمارس رئيس الجمهورية‬ ‫واليته‪ ،‬يحلف أمام مجلس النواب‬ ‫اليمين التالية‪:‬‬ ‫أقسم باهلل العلي العظيم‬ ‫أن احترم دستور البالد وقوانينها‬ ‫وأن أكون أميناً على حريات الشعب‬ ‫ومصالحه وأمواله‪ ،‬وأن أكون مخلصًا‬ ‫للنظام الجمهوري‪ ،‬وأن أبذل جهدي‬ ‫وكل ما لدي من قوة للمحافظة على‬ ‫استقالل الوطن والدفاع عن سالمة‬ ‫أرضه وأن أعمل على تحقيق وحدة‬ ‫األقطار العربية‪.‬‬ ‫المادة السادسة والسبعون‪:‬‬ ‫ينتخب مجلس النواب رئيس‬ ‫الجمهورية الجديد قبل انتهاء والية‬

‫الرئيس القائم بمدة أكثرها شهر‬ ‫واقلها خمسة عشر يومًا‪.‬‬ ‫المادة الحادية والثمانون‪:‬‬ ‫إذا لم يوقع رئيس الجمهورية‬ ‫المراسيم خالل عشرة أيام منذ رفعها‬ ‫إليه أو لم يحلها ضمن المدة نفسها‬ ‫إلى المحكمة العليا لمخالفتها الدستور‬ ‫أو القانون ينشرها رئيس مجلس‬ ‫الوزراء وتعتبر نافذة‪.‬‬ ‫إذا لم تبت المحكمة العليا في‬ ‫المراسيم المحالة إليها خالل عشرة‬ ‫أيام منذ وصولها إليها ينشرها رئيس‬ ‫مجلس الوزراء وتعتبر نافذة‪.‬‬ ‫يستثنى من ذلك مرسوم حل‬ ‫مجلس النواب الذي يحق لرئيس‬ ‫الجمهورية رفضه بدون ذكر األسباب‬ ‫وكذلك مراسيم تصديق أحكام اإلعدام‪.‬‬ ‫المادة الثانية والثمانون‪:‬‬ ‫يعلن رئيس الجمهورية الحرب‬ ‫ويعقد الصلح بقرار من مجلس الوزراء‬ ‫بعد استشارة مجلس الدفاع الوطني‬ ‫وموافقة مجلس النواب‪.‬‬ ‫المادة الثالثة والثمانون‪:‬‬ ‫رئيس الجمهورية هو القائد‬ ‫األعلى للجيش وهو رئيس مجلس‬ ‫الدفاع الوطني‪.‬‬ ‫المادة الثامنة والثمانون‪:‬‬ ‫يمارس رئيس مجلس النواب‬ ‫صالحيات رئيس الجمهورية حين ال‬ ‫يمكنه القيام بها على أن يتخلى عن‬ ‫رئاسة المجلس خالل هذه المدة إلى‬ ‫نائب الرئيس‪.‬‬ ‫وإذا كانت الموانع دائمة وفي‬ ‫حالتي الوفاة واالستقالة يجتمع مجلس‬ ‫النواب بناء على دعوة رئيسه خالل‬ ‫عشرة أيام من خلو الرئاسة النتخاب‬ ‫رئيس جمهورية جديد‪ ،‬وإذا لم يدع‬ ‫المجلس في المدة المذكورة يجتمع‬ ‫حكما في اليوم الحادي عشر‪.‬‬ ‫أما إذا كان مجلس النواب منحالً‬ ‫أو بقي النتهاء واليته اقل من شهرين‬ ‫فان رئيس المجلس يستمر في‬ ‫ممارسة الصالحيات المذكورة حتى‬ ‫اجتماع المجلس الجديد‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫هو شكري بن محمود بن عبد الغني‬ ‫القوتلي‪ .‬ولد في دمشق عام ‪،1891‬‬ ‫تلقى علومه االبتدائية في مدرسة اآلباء‬ ‫العيزرية بدمشق‪ .‬وفي عامه الحادي‬ ‫عشر انتسب إلى مدرسة عنبر ليتم‬ ‫دراسته الثانوية‪ ،‬أكمل تعليمه في الكلية‬ ‫الشاهانية باألستانة وتخرج منها يحمل‬ ‫الليسانس في العلوم السياسية عام‬ ‫‪ .1912‬انضم القوتلي في األستانة إلى‬ ‫جمعية (العربية الفتاة) السرية‪ ،‬القائمة‬ ‫على الدعوة إلى تحرير العرب‪ ،‬ومقاومة ما‬ ‫تعمل له جمعية (تركيا الفتاة) من تتريك‬ ‫العناصر العثمانية‪ ،‬قبل ذلك كان يعمل‬ ‫في صفوف شبيبة المنتدى األدبي‪.‬‬ ‫وُشي به في الحرب العالمية األولى‬ ‫عقب االنتهاء من مجزرة المجلس‬ ‫العسكري العثماني ببلدة عاليه‪،‬‬ ‫فاعتقل وزج به في سجن (خان الباشا)‬ ‫بدمشق‪ ،‬وهدد بالتعذيب‪ ،‬فخشي أن‬ ‫يبدر منه في حالة اإلغماء ما يقضي‬ ‫عليه وعلى أخوته في جمعية الفتاة‪،‬‬ ‫فحاول االنتحار بقطع شريان يده‪ ،‬وكتب‬ ‫رسالة بدمه وجهها إلى جمال باشا‬ ‫السفاح يحذره فيها من مغبة الظلم‪،‬‬ ‫وغاب عن وعيه فنقل للمعالجة‪ ،‬وبهذا‬ ‫نجا من المحاكمة‪ .‬والتقارير عن بطولة‬ ‫القوتلي رفعته إلى دائرة األضواء كبطل‬ ‫قومي‪ ،‬وفي عام ‪ 1918‬أسس مع بعض‬ ‫أصدقائه حزب االستقالل العربي‪.‬‬ ‫كلفه الملك فيصل بتشكيل والية‬ ‫دمشق‪ ،‬ولما احتل الفرنسيون سورية‬ ‫كان اسمه في قائمة المحكوم عليه‬ ‫باإلعدام‪ .‬فنزح إلى القاهرة ثم حيفا‪،‬‬ ‫وبقي أربعة أعوام يتنقل بين فلسطين‬ ‫ومصر وأوروبا يدعو للقضية السورية‪.‬‬ ‫عاد إلى دمشق عام ‪ ،1924‬ولما نشبت‬ ‫الثورة السورية ضد الفرنسيين عام‬ ‫‪ 1925‬التحق بها فصدر عليه حكم‬ ‫اإلعدام من جديد‪ .‬عاد إلى دمشق سنة‬ ‫‪ 1930‬بعد سقوط حكم اإلعدام عنه‪،‬‬ ‫واشترك في المؤتمر العربي القومي‬ ‫الذي عُقد في القدس في كانون األول‬ ‫‪ 1931‬ووقع على الميثاق التاريخي‪،‬‬ ‫وفي عام ‪ 1932‬كان أحد األعضاء‬ ‫المؤسسين للكتلة الوطنية التي تحولت‬ ‫فيما بعد إلى الحزب الوطني المنادي‬ ‫باستقالل سورية كهدف أساسي له‪.‬‬

‫الرئيس شكري القوتلي أمام البرلمان السوري‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬

‫الرئي�س �شكري القوتلي‪� -‬أول رئي�س‬ ‫للجمهورية ال�سورية بعد اال�ستقالل‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫خاص سوريتنا‬ ‫دخلت القوات الفرنسية دمشق من‬ ‫طريق ميسلون حيث وقعت المعركة‬ ‫المشهورة والتي استشهد فيها وزير‬ ‫الحربية يوسف العظمة مع مائة وعشرين‬ ‫من رفاقه الذين رفضوا دخول القوات‬ ‫الغازية‪ ،‬ودشنت بذلك فرنسا فترة من‬ ‫االنتداب دامت ربع قرن سقط فيها آالف‬ ‫الشهداء في مختلف مناطق سوريا على‬ ‫اختالف طوائفهم وانتماءاتهم الدينية‬ ‫والعشائرية‪ .‬وبعد قصف مبنى البرلمان‬ ‫في ‪ 29‬أيار (مايو) ‪ 1944‬قامت الحركة‬ ‫الوطنية في سوريا بتصعيد المطالب‬ ‫الشرعية للسوريين وخاصة بعد توقيع‬ ‫ميثاق تأسيس األمم المتحدة وتوجت‬ ‫الجهود بإعالن إنهاء االنتداب الفرنسي‬ ‫وانسحاب كافة القوات األجنبية عن‬ ‫األراضي السورية وتم التوافق على‬ ‫بقاء الرئيس شكري القوتلي والذي كان‬ ‫قد انتخب سابقًا عام ‪.1943‬‬

‫عام ‪ 1941‬انتخب القوتلي زعيمًا‬ ‫للكتلة الوطنية خلفاً للمرحوم إبراهيم‬ ‫هنانو‪ ،‬فأعاد تنظيم صفوفها بعد أن‬ ‫لجأ زعماؤها إلى العراق بعد اتهامهم‬ ‫بمقتل عبد الرحمن الشهبندر‪ ،‬وقد‬ ‫ألصقت هذه التهمة بالوطنيين وكان‬ ‫ذلك في تموز عام ‪ ،1940‬أما القوتلي‬ ‫فلجأ إلى حماية قنصل السعودية في‬ ‫دمشق والذي تربطه صالت وثيقة‬ ‫بالفرنسيين فتدخل لديهم باسم‬ ‫الملك عبد العزيز‪ ،‬وحقق مع القوتلي‬ ‫وثبتت براءته والوطنيين بعد اعتراف‬ ‫قاتل الشهبندر بالجريمة‪ .‬وعلى أثر‬ ‫دخول الديغوليين سورية في الحرب‬ ‫العالمية الثانية‪ ،‬كان القوتلي السياسي‬ ‫األكثر شعبية‪ ،‬وبعد وفاة تاج الدين‬ ‫الحسني رئيس الجمهورية بالتعيين‪،‬‬ ‫قاد القوتلي معركة االنتخابات بقائمة‬ ‫موحدة في سائر البالد‪ ،‬وبالتئام مجلس‬ ‫النواب انتخب رئيسًا للجمهورية في‬ ‫‪ ،1943/8/17‬وهو أول زعيم وطني‬ ‫تولى رئاسة الجمهورية السورية‪.‬‬ ‫ازدهرت سورية في أيام القوتلي‪،‬‬ ‫كما قاد التحرك السياسي في فترة‬ ‫االستقالل من ‪ 1943‬ولغاية الجالء عام‬ ‫‪ ،1946‬والتي تميزت بالنشاط السياسي‬ ‫السوري في الحقل العربي‪ ،‬وقد تمحور‬ ‫هذا النشاط حول دعم استقالل سوريا‬ ‫التام أي ضمان جالء الجيوش األجنبية‬ ‫عن أراضيها‪ ،‬وكذلك العمل من أجل‬ ‫قضية الوحدة العربية (الجامعة العربية)‬ ‫خاصة بعد إعالن األمير عبد اهلل أمير‬ ‫شرق األردن مشروع سوريا الكبرى‪ .‬في‬ ‫‪ 17‬آب ‪ ،1943‬انتخب البرلمان شكري‬ ‫القوتلي رئيسًا للجمهورية‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫االنقالبات الع�سكرية فـي �سوريا ‪)2( 1970 - 1949‬‬ ‫جواد أبو المنى‬ ‫خاص سوريتنا‬

‫تحقيق ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫االنقالب الأول لعبد الكرمي‬ ‫النحالوي يف ‪� 28‬أيلول ‪1961‬‬ ‫وقد تشكل المجلس الثوري األعلى بقيادة‬ ‫المقدم عبدالكريم النحالوي‪ ،‬ثم عهد إلى‬ ‫الدكتور مأمون الكزبري بتشكيل حكومة في‬ ‫‪ 29‬أيلول ‪ ،1961‬تعمل لإلعادة الحياة النيابية‬ ‫والدستورية الديمقراطية إلى البالد‪ ،‬حيث جرت‬ ‫انتخابات وتشكل برلمان في ‪ 12‬كانون األول‬ ‫‪ ،1961‬وتشكلت حكومة جديدة برئاسة الدكتور‬ ‫معروف الدواليبي‪ ،‬وقد عمل قائد االنقالب على‬ ‫تسفير جميع الضباط المصريين من سوريا‪،‬‬ ‫وأصدر البالغ رقم ‪ 10‬الذي ألغى بموجبه القرار‬ ‫رقم ‪ 9‬والذي كان قد رضي بعدم االنفصال لقاء‬ ‫إصالحات جذرية يتعهد فيها النظام أمام الشعب‬ ‫والقيادة العسكرية‪ ،‬لكن محاولة النظام القديم‬ ‫المراوغة لكسب الوقت رغبة منه في إحباط‬ ‫االنقالب جعل المقدم عبد الكريم النحالوي‬ ‫يصدر البالغ رقم عشرة‪.‬‬ ‫وكان البالغ رقم واحد الذي أصدره القيادة‬ ‫الثورية العليا للقوات المسلحة بزعامة عبد‬ ‫الكريم النحالوي قد نص على اآلتـي‪.‬‬ ‫“ إن القيادة العربية الثورية العليا للقوات‬ ‫المسلحة‪ ،‬تعلن على الشعب العربي المكافح في‬ ‫سوريا ومصر‪ ،‬خاصة‪ ،‬وفي البالد العربية والعالم‬ ‫عامة ما يلي‪- :‬‬ ‫إن الشعب العربي المكافح في سوريا‬ ‫ومصر‪ ،‬يدعمه الجيش العربي فيهما‪ ،‬قد قام‬ ‫متك ًال على اهلل العزيز القهار‪ ،‬بحركة عربية ثورية‬ ‫منظمة لمحق االنحراف والمنحرفين‪ ،‬أولئك الذين‬ ‫ضربوا الوحدة العربية المقدسة في الصميم‪ ،‬تلك‬ ‫الوحدة المقدسة التي ضحى اآلباء واألجداد في‬ ‫كل قطر عربي بدمائهم وأرواحهم في سبيلها‪،‬‬ ‫تلك الوحدة المقدسة التي سطعت أنوارها األولى‬ ‫من قلب العروبة النابض‪ ،‬سورية الثائرة على‬ ‫الطغيان‪ ،‬سورية المؤمنة الجبارة‪ ،‬التي قضت على‬ ‫المستعمرين‪ ،‬والمتآمرين عبر التاريخ‪ ،‬تزأر اليوم‬ ‫وتثب بمزيد من عون اهلل العلي القدير‪ ،‬لتقضي‬ ‫على أشباه الطغاة والمستعمرين‪ ،‬المستغلين‪،‬‬ ‫والمنحرفين الذين سلمهم الشعب العربي األبي‬ ‫في سوريا كل مقدراته‪ ،‬مندفعًا وراء الوحدة‬ ‫العربية‪ ،‬التي عاش من أجلها ويعيش ويموت‬ ‫من أجلها ولكن الطغمة المتحكمة خانت األمانة‬ ‫وضربت بالوحدة عرض الحائط‪ ،‬ونفرت الشعب‬ ‫العربي في األقطار العربية الشقيقة من كل ما‬ ‫يتصل بالوحدة‪ ،‬وأصبح كل هم هذه الطغمة‬ ‫الجائرة أن تثبت في كرسي الحكم السحري ال‬ ‫غير‪ ،‬وباتت العهود والمواثيق والدساتير حبراً‬ ‫على ورق‪ ،‬وراحت هذه الطغمة الفاسدة تفتش‬ ‫عن األساليب التي تكفل تحقير للشعب وإفقاره‪،‬‬ ‫وتقتل في نفسه الجذوة المتقدة من الفضيلة‬ ‫والكرامة والفداء‪ ،‬كما وراحت تبدد األموال العامة‪،‬‬ ‫رشوات مفضوحة في الرواتب‪ ،‬لتشكك األخ بأخيه‬ ‫واألب بابنه‪ ،‬فيسود في النفوس الذعر والخنوع‪،‬‬ ‫كما راحت بين الحين والحين تصدر قرارات سمتها‬ ‫ثورية‪ ،‬والثورة منها براء‪ ،‬قرارات ظاهرها فيه‬ ‫الرحمة وباطنها فيه العذاب‪ ،‬كل ذلك ليخدعوا‬ ‫الكادحين من أبناء األمة‪ ،‬وخاصة العمال والفالحين‬ ‫عصب األمة القوي ويدها األمينة المخلصة‪،‬‬ ‫ناهيك عن الخطة السافلة التي اتبعتها هذه‬ ‫الطغمة المجرمة في تصفية الجيش‪ ،‬سياج األمة‪،‬‬ ‫من أبنائه المخلصين وأبطاله الميامين‪ ،‬وهم‬ ‫في ريعان شبابهم وعنفوان قوتهم‪ ،‬كما راحت‬ ‫هذه الطغمة تنشر دعايات مضللة‪ ،‬بغية صرف‬ ‫األنظار عما يقترفون من جرائم‪ ،‬وما يشيعون من‬ ‫فساد إلى كثير وكثير مما ال يخفى على الشعب‬ ‫العربي‪ ،‬من تمثيل وإدعاء وكذب وخيانات‪ ،‬وقد‬ ‫أعمت بصيرة هذه الطغمة حمى الحكم‪ ،‬فنسوا‬ ‫أن الشعب العربي الثائر الذي سلمهم األمانة‬ ‫ليصونوها‪ ،‬قادر على سحقهم وإسكات أصواتهم‬ ‫وأنفاسهم‪ ،‬والشعب اآلن يمد يده الشريفة‬ ‫القوية ليتسلم حقه المقدس‪ ،‬وليعمل بكل أمانة‬

‫وإخالص في دعم الوحدة العربية المقدسة بين‬ ‫األقطار العربية الشقيقة‪ ،‬من الخليج إلى المحيط‪،‬‬ ‫على أساس متين من التكافؤ والمساواة والحرية‬ ‫واإلخاء وليصون المواثيق والقوانين واألنظمة‬ ‫الدولية‪ ،‬وليتبع كل ما من شأنه تحسين العالقات‬ ‫مع الدول العربية الشقيقة خاصة‪ ،‬ومع الدول‬ ‫األجنبية عامة‪ ،‬واهلل تعالى وحده هو نعم المولى‬ ‫ونعم النصير”‪..‬‬ ‫دمشق في ‪ 8‬أيلول ‪1961‬‬ ‫القيادة الثورية العليا للقوات المسلحة “‬ ‫أما البالغ رقم (‪ )9‬فينص على ما يلــي‪:‬‬ ‫“ أيها األخوة المواطنون‪:‬‬ ‫إن القيادة العربية الثورية العليا للقوات‬ ‫المسلحة التي دفعها الشعور بالخوف على وحده‬ ‫الصف العربي‪ ،‬وحماسها للقوة العربية وتأييدها‬ ‫ودفاعها عن مقوماتها تعلن للشعب العربي‬ ‫الكريم‪ ،‬أنها ال تنوى المس بما أحرزته القومية‬ ‫العربية من انتصارات‪ ،‬وتعلن أنها لمست عناصر‬ ‫مخربة انتهازية‪ ،‬تريد اإلساءة لقوميتنا‪ ،‬فقامت‬ ‫بحركتها المباركة تلبية لرغبة الشعب العربي‪،‬‬ ‫وآماله وأهدافه‪ ،‬وأنها عرضت قضايا الجيش‬ ‫وأهدافه على سيادة المشير عبد الحكيم عامر‬ ‫نائب رئيس الجمهورية‪ ،‬والقائد العام للقوات‬ ‫المسلحة الذي تفهم أمور الجيش على حقيقتها‪،‬‬ ‫وأتخذ اإلجراءات المناسبة لجعلها لصالح وحدة‬ ‫وقوة الجمهورية العربية المتحدة‪ ،‬وقد عادت‬ ‫األمور إلى مجراها الطبيعي اعتماداً على ثقتها‬ ‫بحكمة القائد العام للقوات المسلحة وقائد‬ ‫الجيش األول اللذين يحققان أهداف القوات‬ ‫المسلحة والجمهورية العربية المتحدة‪.‬‬ ‫‪ 28‬أيلول ‪1961‬‬ ‫القيادة الثورية العليا للقوات المسلحة “‬ ‫ثم جاء البالغ رقم عشرة الذي ألغى البالغ‬ ‫رقم تسعة‪ ،‬وهذا نصه‪:‬‬ ‫إن القيادة العربية الثورية العليا للقوات‬ ‫المسلحة تعلن للشعب العربي أنها لدى اتصالها‬ ‫بالمشير عبد الحكيم عامر‪ ،‬وعدها بالقضاء على‬ ‫االنتهازيين والمخربين‪ ،‬مما دعاها إلذاعة بالغها‬ ‫رقم تسعة‪.‬‬ ‫ولكن ما لبث المشير أن نكث بوعده‪ ،‬لذلك‬ ‫وحرصًا من القيادة الثورية على انتصارات الشعب‬ ‫العربي والقومية العربية تعلن للشعب اعتبار‬ ‫بالغها رقم تسعة الغياً‪ ،‬وهي تعلن أنها وضعت‬ ‫يدها على كافة األمور‪ ،‬وتعاهد اهلل والوطن على‬ ‫حماية سالمة األمة‪ ،‬وصيانة حقوقها والحفاظ‬ ‫على كرامتها‪ ،‬والقيادة الثورية لها من الثقة‬ ‫بوعي الشعب ما يمنع المأجورين واالنتهازيين‬ ‫أينما وجدوا أن يندسوا بين صفوفه‪ ،‬فالحركة‬ ‫من الشعب وإلى الشعب‪.‬‬ ‫‪ 28‬أيلول ‪1961‬‬ ‫القيادة الثورية العليا للقوات المسلحة “‬ ‫وبسبب تنديد النظام المصري بحركة عبد‬ ‫الكريم النحالوي صدر البالغ رقم ‪ 13‬في نفس‬ ‫اليوم االنقالب وهذا نص البالغ‪:‬‬ ‫“ إلى المواطنين إلى أبناء العروبة‬ ‫أطلقت أبواق القاهرة‪ ،‬مساء اليوم نص‬ ‫قرار لعبد الناصر بتجريد بعض ضباط القيادة من‬ ‫رتبهم العسكرية‪ ،‬دون أن يعلم وراء هذه القيادة‬ ‫الثورية كثيرين آمنوا بقضيتهم وبثوريتهم‪،‬‬ ‫لقد خيل للمسؤولين في القاهرة أن القرارات‬ ‫قد تستطيع أن تقف في وجه المد الثوري الذي‬ ‫ينبع من قلب كل مواطن‪ ،‬خاب ظنهم‪ ،‬فالشعب‬ ‫هنا يدرك مصلحته‪ ،‬وهو حريص على وحدته‬ ‫الوطنية‪ ،‬وله وحده الحق في تقرير مصيره”‪.‬‬ ‫‪ 28‬أيلول ‪1961‬‬ ‫القيادة الثورية العليا للقوات المسلحة “‬ ‫و قد تتالت البيانات حتى وصلت إلى ‪25‬‬ ‫بالغا من القيادة الثورية العليا للقوات المسلحة‪،‬‬ ‫ووقع كبار السياسيين السوريين على وثيقة‬ ‫االنفصال عن مصر‪.‬‬

‫االنقالب الثاين لعبد الكرمي‬ ‫النحالوي يف ‪� 28‬آذار ‪1962‬‬ ‫حيث اعتبر عبد الكريم النحالوي أن انقالبه‬ ‫الثاني هو تتمة النقالبه األول الذي قام به في‬ ‫‪ 28‬أيلول ‪ 1961‬وعلى هذا األساس أصدر أولى‬ ‫بيانات االنقالب تحت رقم ‪ ،26‬بعد أن أعتقل‬ ‫أعضاء الحكومة ورئيس الحكومة‪ ،‬وأجبر الرئيس‬ ‫ناظم القدسي على االستقالة بداعي المرض‪،‬‬ ‫وقد نص بالغه رقم ‪ 26‬باآلتي‪:‬‬ ‫“ إلى الشعب السوري‪:‬‬ ‫تعلن القيادة الثورية العليا أنها استلمت‬ ‫زمام األمور في البالد اعتباراً من ‪ 28‬آذار ‪1962‬‬ ‫تحقيقاً لرغبات الشعب وحفاظًا على مكاسبه “‪.‬‬ ‫‪ 28‬آذار ‪1962‬‬ ‫القيادة الثورية العليا لقوات المسلح‬ ‫ثم تتالت البالغات وأهمها‪:‬‬ ‫البالغ رقم ‪ “ :27‬إغالق الحدود مع سوريا “‬ ‫البالغ رقم ‪ “ :28‬حل المجلس النيابي‪ ،‬ألنه‬ ‫عجز عن القيام بالمهمة الموكلة إليه‪ ،‬وسعى‬ ‫لتأمين مصالح أعضائه ومنافعهم الشخصية”‪.‬‬ ‫البالغ رقم ‪ “ :29‬إعالن قبول استقالة‬ ‫رئيس الجمهورية ألسباب صحية “‬ ‫البالغ رقم ‪ “ :30‬قبول استقالة رئيس‬ ‫وأعضاء مجلس الوزراء “‬ ‫البالغ رقم ‪ “ :31‬إعالن المجلس وحتى‬ ‫تتشكل حكومة انتقالية تتولى قيادة الجيش‬ ‫مهام السلطتين التشريعية والتنفيذية”‪.‬‬ ‫البالغ رقم ‪ “ :32‬منع المظاهرات والتأكيد‬ ‫بأن حالة الطوارئ ما تزال قائمة “‪.‬‬ ‫البالغ رقم ‪ “ :33‬صدور المرسومين‬ ‫التاليين‪:‬‬ ‫‪ - 1‬يؤازر القيادة العامة للجيش األمناء‬ ‫العوامون ويتولى كل منهم شؤون وزارته‬ ‫واختصاصه‪.‬‬ ‫‪ - 2‬يتولى قادة المناطق السلطات‬ ‫العسكرية والمدنية في مناطقهم‪ ،‬ويخضع لهم‬ ‫الموظفون المدنيون “‬ ‫وعلى إثر هذا االنقالب قام قائد المنطقة‬ ‫الوسطى العميد بدر األعسر بتمرده رافضًا‬ ‫إجراءات النحالوي‪ ،‬كما صاحب الحركة تمرد قائد‬ ‫حامية حلب بقيادة العقيد جاسم علوان‪ ،‬وخوفًا‬ ‫من انقسام الجيش‪ ،‬عهد العقيد عبد الكريم‬ ‫النحالوي‪ ،‬لقائد الجيش عبد الكريم زهر الدين‪،‬‬ ‫ حيث كان قد عينه في منصبه منذ االنقالب‬‫األول– إلى لقاء المتمردين في حمص واالتفاق‬ ‫معهم على حل سلمى يحول دون انقسام‬ ‫الجيش‪ ،‬فعقد المؤتمر في نيسان ‪ 1962‬وقرر‬ ‫المؤتمرات ‪ -‬بعد تآمر عبد الكريم زهر الدين‬ ‫على النحالوي بالوقوف إلى جانب المتمردين ‪،-‬‬ ‫ما يلــي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬إقصاء النحالوي وجماعته ومغادرتهم‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تشكيل قيادة عسكرية جديدة‪ ،‬نال‬ ‫فيها عبد الكريم زهر الدين القيادة بإجماع‬ ‫الحاضرين‪.‬‬ ‫‪ - 3‬رفض إعادة الوحدة مع مصر فوراً‪،‬‬ ‫والموافقة على تحقيق وحدة مشروطة على‬ ‫أن يستفتى فيها الشعب‪ ،‬دون تخصيص دولة‬ ‫محددة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬العفو عن الذين اشتركوا بالتمرد‬ ‫والعصيان‪.‬‬ ‫‪ - 5‬تشكيل حكومة مدنية ال يكون من‬ ‫أعضائها أيا من العسكريين‪.‬‬ ‫واإلفراج عن رئيس الجمهورية وعن‬ ‫المعتقلين الذين أعتقلهم النحالوي وعاد‬ ‫الرئيس ناظم القدسي إلى رئاسة الجمهورية‪،‬‬ ‫وتشكلت حكومة جديدة برئاسة بشير العظمة‬

‫في ‪ 13‬نيسان ‪.1962‬‬ ‫وعلى إثر ذلك تشكل مجلس األمن القومي‬ ‫برئاسة الرئيس ناظم القدسي ويضم رئيس‬ ‫الحكومة ووزير الداخلية‪ ،‬ووزير الخارجية‪ ،‬ووزير‬ ‫المالية‪ ،‬واالقتصاد‪ ،‬والدفاع‪ ،‬وقائد األركان‪،‬‬ ‫ورؤساء الشعب في وزارة الدفاع‪ ،‬ومدير شؤون‬ ‫الضباط‪ ،‬وعلى ذلك أصبح النظام يتدخل فيه‬ ‫العسكر ولكن من خالل المجلس الوطني برئاسة‬ ‫ناظم القدسي‪.‬‬

‫انقالب زياد احلريري يف ‪� 8‬آذار ‪1963‬‬ ‫وعلى إثر االنقالب تشكل المجلس الوطني‬ ‫لقيادة الثورة‪ ،‬بقيادة العقيد لؤي األتاسي‪ ،‬الذي‬ ‫أصبح رئيسًا للجمهورية‪ ،‬وتولى صالح الدين‬ ‫البيطار رئاسة الحكومة في ‪ 9‬آذار ‪ ،1963‬ورفع‬ ‫العقيد لؤي األتاسي إلى رتبة فريق‪ ،‬كما عين‬ ‫زياد الحريري قائداً للجيش أي قائد لألركان‪ ،‬بعد‬ ‫أن رفع إلى رتبة فريق‪ ،‬كما عين محمد الصوفي‬ ‫وزيراً للدفاع ورفع إلى رتبة فريق‪ ،‬وقد نص‬ ‫البيان األول لالنقالب بما يلــي‪:‬‬ ‫البالغ رقم ‪ 1‬النقالب حزب البعث العربي‬ ‫االشتراكي (ثورة ‪ 8‬آذار)‬ ‫أذيع في صباح ‪ 8‬آذار ‪ 1963‬البالغ األتي‪:‬‬ ‫“بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫أيها المواطنون‪ ،‬أيها العرب في كل‬ ‫مكان‪ ،‬لقد انطلق صوت الحق يعلن كلمة‬ ‫الحق في صبيحة هذا اليوم األغر‪ ،‬فانهزم‬ ‫الباطل وتساقط دعاته على درب أمتنا الطويل‪،‬‬ ‫وانتصرت إرادة الجيش والشعب‪ ،‬وانهزم عمالء‬ ‫الرجعية وأجراؤها‪ ،‬واندحر دعاة االنفصالية‬ ‫الذين حرفوا سوريا عن طريق الوحدة الصحيح‪،‬‬ ‫وكرسوا االنفصال بكل مظاهره وأشخاصه‪،‬‬ ‫وحاولوا أن يحلوا الديمقراطية محل الوحدة‪،‬‬ ‫فكانت ديمقراطية أعداء الشعب ودعاة الشعوبية‬ ‫واالنتهازية‪.‬‬ ‫لقد ظن حكم العمالة الذي انتهى بنهاية‬ ‫يوم أمس ‪ -‬إلى غير رجعة ‪ -‬أن إرادة الشعب‬ ‫ستقهر‪ ،‬وأن الغلبة للباطل المسلح‪ ،‬فراح يسرح‬ ‫ضباط الجيش األشاوس‪ ،‬ويقيم المحاكم‬ ‫الصورية ليسوق إليها هؤالء الضباط زرافات‬ ‫ووحدانا‪ .‬ولبس ثوب الشرعية ‪ -‬شرعية أبي‬ ‫رمانة‪ ،‬مهزلة التاريخ والديمقراطية ‪ -‬فن ّكل‬ ‫بالطلبة األحرار‪ ،‬وافتعل الحوادث معهم‪،‬‬ ‫واستهان بكرامة المواطنين‪ ،‬فسرّح من سرح‬ ‫من المعلمين والموظفين‪ ،‬ونقل من نقل‪ ،‬وحل‬ ‫النقابات العمالية ليقيم على أنقاضها نقابات‬ ‫تأتمر بأمره‪ ،‬وشرّد العمال وهجّر الفالحين‪،‬‬ ‫وأفسد محاسن قانون اإلصالح الزراعي‪ ،‬وانقض‬ ‫على كل مكسب عمالي أو فالحي‪ ،‬وسخّر أجهزة‬ ‫إعالمه لخدمة مآربه‪ ،‬وأطلق للصحف الصفراء‬ ‫المأجورة ألسنتها خدمة لمآربه‪ ،‬فأفسد على‬ ‫الصحافة مهمتها وأغلق كل صحيفة حرة ال‬ ‫تأتمر بأمره‪ .‬وأقفل المدارس والجامعات ليفسح‬ ‫له مجال التآمر بعيداً عن عيون شبابنا وطالئع‬ ‫زحفنا‪ .‬وأخرج إخواننا العرب من بلدنا ‪ -‬بل‬ ‫بلدهم ‪ -‬خالفًا لكل عرف ولكل مبدأ قومي‬ ‫وعقيدة عربية وخلق رفيع‪ ،‬فمس بهذا كبرياء‬ ‫الشعب وكرامته‪ .‬واستهان بكل تقليد عربي‪،‬‬ ‫وتنكر للعروبة بالقول والفعل‪ ،‬وبدأ انطالقته‬ ‫الشعوبية لتجميد النضال الوحدوي‪ ،‬ولضرب‬ ‫فكرة الوحدة الصحيحة وفكرة القومية العربية‬ ‫الصادقة‪.‬‬ ‫واستنفرت حكومة االنفصال الصحافة‬ ‫واالنتهازية السياسية ورأس المال االحتكاري‬ ‫في سبيل االغتناء والكسب والتسلط‪ ،‬ولجأت إلى‬ ‫التلويح بشبح الناصرية في كل مناسبة‪ ،‬جاعلة‬ ‫منه قميص عثمان لتدعيم حكمها وسلطانها‬ ‫وتعزيز فرديتها وديكتاتوريتها‪ ،‬وإلهاء الشعب‬ ‫عن إدراك حقيقتها وحقيقة أهدافها‪ ،‬وعن‬ ‫متابعة األزمة السياسية العميقة التي تعيشها‪.‬‬ ‫ولكن أسطورة الحكومة القومية المنحلة‬ ‫لم تستطع أن تخفي حقيقتها‪ ،‬فكانت كالنعامة‬


‫انقالب �صالح جديد يف‬ ‫‪� 23‬شباط ‪1966‬‬ ‫نجح انقالب صالح جديد بعد مواجهات دامية‬ ‫قتل على إثرها أكثر من ‪ 200‬فردا من الحرس‬ ‫الجمهوري‪ ،‬وأكثر من ‪ 700‬جريح‪ ،‬كما قتلت إحدى‬ ‫بنات الفريق أمين الحافظ‪ ،‬وجرح هو شخصياً‪،‬‬

‫كان هذا االنقالب أو ما جَهد البعث‬ ‫بتسميته (الحركة التصحيحية) بداية عهد جديد‬ ‫في سوريا استمر ألكثر من ‪ 40‬عاماً‪ ،‬رسخ حزب‬ ‫البعث كقائد للدولة والمجتمع‪ ،‬كما أنهى فترة‬ ‫االنقالبات في سوريا‪ ،‬شكل على إثرها (اللواء)‬ ‫حافظ األسد في ‪ 21‬تشرين الثاني ‪ 1970‬حكومة‬ ‫برئاسته‪ ،‬وعهد إلى أحمد الخطيب برئاسة‬ ‫صورية للجمهورية‪ ،‬كما تشكل مجلس الشعب‪،‬‬ ‫حيث أيد مجلس الشعب الرئيس أحمد الخطيب‪،‬‬ ‫لكن عدة أشهر عزل مجلس الشعب الرئيس‬ ‫أحمد الخطيب وأقر استفتاء رشح فيه حافظ‬ ‫األسد كمرشح للرئاسة‪ ،‬وفاز باالستفتاء في ‪14‬‬ ‫نيسان ‪ ،1971‬واعتمد على االيدولوجيا البعثية‪،‬‬ ‫ولم يكن إقامة الجبهة الوطنية التقدمية‪ ،‬إال‬ ‫بعد االشتراط أن العمل السياسي في الجيش‬ ‫والجامعات والمدارس ينحصر بحزب البعث‪ ،‬وأن‬ ‫تكون أكثر نصف المقاعد أو أكثر في مجلس‬ ‫الشعب للبعثيين‪.‬‬ ‫وكانت القيادة القطرية التي شكلها وزير‬ ‫الدفاع اللواء حافظ األسد عقب حركته قد أدلت‬ ‫ببيان معتبرة أنها حركة تصحيحية النقالب‬ ‫صالح جديد عام ‪ ،1966‬بين البيان أن القيادة‬ ‫الحزبية لحزب البعث ستمضي في ممارساتها‬ ‫ومحاولة التواصل مع قواعد الحزب ومناضليه‬ ‫وبالجماهير‪.‬‬ ‫اعتقل حافظ األسد رفيق دربه صالح‬ ‫جديد‪ ،‬وزجه في السجن حتى توفي‪ ،‬كما اعتقل‬ ‫الرئيس نور الدين األتاسي والذي توفي بعد‬ ‫اإلفراج عنه بقليل‪.‬‬ ‫أقيم في سوريا حكمًا شموليا‪ ،‬كما هو كل‬ ‫بلد بنظام حكم الحزب الواحد‪ ،‬يحتكر السلطة‬ ‫والقرار لنفسه‪ ،‬لم يدع فرصة لقمع أي رأي‬ ‫مخالف أو حتى يخرج ولو قلي ًال عن وجهة نظر‬ ‫النظام‪ ،‬واعتباراً خارجاً عن الشرعية القومية‬ ‫الثورية‪ ،‬وتهديداً ألمن الدولة ووحدتها الوطنية‪.‬‬

‫املراجع‪:‬‬

‫‪ - 1‬بشير فنصة‪“ ،‬النكبات والمغامرات‪ :‬تاريخ ما‬ ‫أهمله التاريخ من أسرار االنقالبات العسكرية‬ ‫في سوريا”‪( ،‬دمشق‪ :‬دار يعرب‪.)6991 ،‬‬ ‫‪ - 2‬أكرم الحوراني‪“ ،‬مذكرات أكرم الحوراني”‪ ،‬ج‪،2‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬مكتبة مدبولي‪.0002 ،‬‬ ‫‪ - 3‬أسعد الكوراني‪”،‬ذكريات وخواطر مما رأيت‬ ‫وسمعت وفعلت”‪ ،‬لندن‪ ،‬رياض الريس للكتب‬ ‫والنشر‪.0002 ،‬‬ ‫‪ - 4‬عزالدين دياب‪“ ،‬التحليل االجتماعي لظاهرة‬ ‫االنقسام السياسي في الوطن العربي”‪،‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬مكتبة مدبولي‪.‬‬ ‫‪ - 5‬باتريك سيل‪ ،‬سوريا والصراع على الشرق‬ ‫األوسط‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫على إثر فشل انقالب جاسم علوان في‬ ‫‪ 18‬تموز ‪ ،1963‬وإصدار صالح الضلي أمراً‬ ‫بإعدام ‪ 30‬ضابطًا‪ ،‬ومالحقة آخرين‪ ،‬واعتقال‬ ‫آخرين‪ ،‬ندد رئيس الجمهورية بإجراءات اإلعدام‬ ‫والمالحقة واالعتقال التي قام بها البعثيون‬ ‫كونه لم يكن بعثيًا بل مستق ًال‪ .‬مما حذا بنائبه‬ ‫أمين الحافظ‪ ،‬الذي قمع االنقالب باعتباره وزيراً‬ ‫للداخلية‪ ،‬على القيام بانقالبه ضد الرئيس لؤي‬ ‫األتاسي و إزاحته عن منصب رئيس مجلس‬ ‫قيادة الثورة ورئاسة الجمهورية‪ ،‬فأصبح اللواء‬ ‫أمين الحافظ هو رئيس مجلس قيادة الثورة‬ ‫ورئيس الجمهورية‪ ،‬ورفع إلى رتبة فريق‪ ،‬وقد‬ ‫أيد انقالبه‪ ،‬القيادة القومية لحزب البعث العربي‬ ‫االشتراكي بزعامة ميشيل عفلق‪ ،‬كما أيدت‬ ‫الحكومة البعثية بقيادة صالح الدين البيطار‪،‬‬ ‫وقد أبقى أمين الحافظ على الحكومة‪ ،‬وأتهم‬ ‫معارضيه باالنفصالية‪ ،‬قائ ًال‪ “ .‬نحن نقول لمن‬ ‫ينادون بوحدة فورية أو ثنائية‪ ،‬أنهم عمالء‬ ‫مأجورون ودجالون‪ ،‬كانوا يريدون إبعاد قطر‬ ‫عربي عن سوريا هو العراق “‬

‫تحقيق ‪. .‬‬

‫انقالب �أمني احلافظ يف ‪27‬‬ ‫حزيران ‪1963‬‬

‫�إنقالب حافظ الأ�سد (احلركة الت�صحيحية)‬ ‫يف ‪ 16‬ت�شرين الثاين ‪1970‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬

‫التي تخفي وجهها في التراب هرباً من الصياد‪.‬‬ ‫ولكن الصياد‪ ،‬الشعب‪ ،‬أدركها‪ ،‬فقامت‬ ‫انتفاضه جيشه الباسل لتصحح األوضاع وتقوّم‬ ‫االنحراف‪ ،‬وتضع سوريا العربية في طريقها‬ ‫الصحيح‪ ،‬طريق الوحدة والحرية واالشتراكية‪.‬‬ ‫أيها المواطنون‪ ،‬أيها العرب في كل مكان‪،‬‬ ‫لقد عانينا طوي ًال‪ ،‬وأفسحنا المجال أمام كل‬ ‫الحكومات التي تعاقبت بعد االنفصال لنعمل‬ ‫من أجل الشعب‪ ،‬فكانت المآسي التي عشناها‪،‬‬ ‫وكان الغالء الذي اكتوى الشعب بناره‪ .‬فقامت‬ ‫ثورتنا المظفرة‪ ،‬ثورة الجيش‪ ،‬ثورة العامل‬ ‫والفالح‪ ،‬ثورة الطفل والشاب‪ ،‬ثورة المناضلين‬ ‫المكافحين‪ ،‬ثورة الثأر من حكم العمالء‬ ‫والمرتدين والمرتزقة‪.‬‬ ‫أيها المواطنون‪ ،‬أيها العرب في كل مكان‪،‬‬ ‫بنفاذ الصبر انتهى حكم الغرباء عن الشعب‪،‬‬ ‫الغرباء عن أهدافه ومبادئه‪ ،‬عن مرارة كفاحه‬ ‫وحالوة انتصاراته‪.‬‬ ‫لقد انهاروا منذ أن جردهم الشعب من‬ ‫ثقته‪ ،‬ولكنهم ظلوا يحاولون ويكابرون حتى‬ ‫كانت ساعة صفرهم‪ ،‬وكانت نهايتهم المفجعة‪.‬‬ ‫أيها المواطنون‪ ،‬أيها العرب في كل مكان‪،‬‬ ‫ندعوكم للوقوف وراء حكم وحدوي عربي شعبي‬ ‫اشتراكي‪ ،‬يضع سورية في طريق الوحدة‪،‬‬ ‫ويعيدها إلى الحظيرة العربية المتحررة‪ ،‬ويمكنها‬ ‫من أن تكون طليعة الدول العربية المتحررة‪،‬‬ ‫إيمانًا باهلل والعروبة‪ ،‬وخدمة للحرية واألحرار‬ ‫واالشتراكية واالشتراكيين‪.‬‬ ‫ندعوكم للوقوف صفاً واحداً وراء ثورتكم‬ ‫المظفرة على مختلف فئاتكم‪ ،‬في وجه القوى‬ ‫الرجعية واالنفصالية والشيوعية واالنتهازية‬ ‫التي أقامت العهد االنفصالي لحمايتها وحماية‬ ‫مصالحها‪.‬‬ ‫فاطمئنوا إلى مستقبلكم‪ ،‬فلن تس ّلم‬ ‫األمانة إال للمؤتمنين الذين عرفهم الشعب ووثق‬ ‫بهم‪ ،‬وكانوا معه في كل معارك نضاله وكفاحه‪،‬‬ ‫وعاشوا حالوة نعمائه ومرارة فاقته وشدة بلواه‪.‬‬ ‫اطمئنوا إلى رفاق السالح‪ ،‬رفاق المصير‬ ‫الواحد‪ ،‬رفاق النضال على دروب النضال‪.‬‬ ‫أيها المواطنون‪ ،‬إن ينصركم اهلل فال غالب‬ ‫لكم‪.‬‬ ‫عاشت وحدة الجيش والشعب‪ ،‬وعاشت‬ ‫انتفاضة الثامن من آذار المباركة‪ ،‬في‬ ‫‪1963/3/8‬‬ ‫المجلس الوطني لقيادة الثورة‪.”.‬‬ ‫‪ 28‬آذار ‪“ 1963‬‬

‫وأدى هذا االنقالب إلى حل مجلس قيادة الثورة‬ ‫القديم الذي كان برأسة أمين الحافظ‪ ،‬واعتقال‬ ‫أعضاء القيادة القومية وأبرزهم‪ ،‬ميشيل عفلق‪،‬‬ ‫ومنيف الرزاز‪ ،‬إضافة إلى اعتقال رئيس الحكومة‬ ‫صالح الدين البيطار‪ ،‬والرئيس أمين الحافظ‪،‬‬ ‫ومنافس صالح جديد على قيادة الجيش وهو‬ ‫وزير الدفاع محمد عمران‪ ،‬وعلى إثر انقالب‬ ‫صالح جديد‪ ،‬وتسلمه أمر الجيش بشكل كامل‬ ‫بعد أن كان قائداً لألركان‪ ،‬أخذ بتعيين مؤيديه‬ ‫في مناصب حساسة في الجيش‪ ،‬والدولة‪ ،‬فعمد‬ ‫إلى تعيين الدكتور نور الدين األتاسي رئيسًا‬ ‫للجمهورية‪ ،‬وتعيين يوسف زعين رئيسًا للوزراء‪،‬‬ ‫كونهما كانا من القيادة القطرية المنحلة الداعمة‬ ‫لصالح جديد ذي التوجهات الماركسية كما عين‬ ‫نور الدين األتاسي األمين العام القطري لحزب‬ ‫البعث العربي االشتراكي السوري‪ ،‬إال أن الرئيس‬ ‫الفعلي الذي ظل يحكم من وراء الستار ومن‬ ‫خالل الجيش هو صالح جديد‪ ،‬وقد أصدرت‬ ‫القيادة الجديدة عدة بيانات حول االنقالب ونددت‬ ‫بأعضاء القيادة القومية واتهمتهم بالعفانة‬ ‫والسقوط والتآمر على مصالح البالد وغيرها‬ ‫من التهم‪ ،‬وأهم البيانات التي أصدرتها القيادة‬ ‫الجديدة هي‪:‬‬ ‫بالغ رقم‪1‬‬ ‫“ يمنع التجول في كافة أنحاء القطر العربي‬ ‫السوري اعتباراً من الساعة السادسة من صباح‬ ‫يوم األربعاء ‪ ،1966/2/23‬وحتى إشعار آخر‪”.‬‬ ‫بالغ رقم ‪2‬‬ ‫“تغلق الحدود والمطارات والموانئ البحرية‬ ‫في القطر العربي السوري اعتباراً من لحظة‬ ‫إذاعة هذا البالغ وحتى إشعار آخر”‪.‬‬ ‫بالغ رقم ‪3‬‬ ‫“في صبيحة هذا اليوم‪ ،‬تم القبض على‬ ‫كل من‪ :‬أمين الحافظ‪ ،‬ميشيل عفلق‪ ،‬منيف‬ ‫الرزاز‪ ،‬محمد عمران‪ ،‬منصور األطرش‪ ،‬صالح‬ ‫البيطار‪ ،‬شبلي العيسمي‪ ،‬وسيقدمون للمحاكمة‬ ‫أمام محكمة حزبية خاصة لمحاكمتهم على ما‬ ‫اقترفوه بحق الحزب والثورة‬ ‫القرار رقم ‪1‬‬ ‫قررت القيادة المؤقتة لحزب البعث‬ ‫العربي االشتراكي في جلستها المنعقدة بتاريخ‬ ‫‪ 1966/2/23‬ما يلي‪:‬‬ ‫مادة أولى‪ :‬وقف العمل بالدستور المؤقت‪،‬‬ ‫وحل المجلس الوطني لقيادة الثورة‪.‬‬ ‫مادة ثانية‪ :‬يعين اللواء حافظ األسد وزيراً‬ ‫للدفاع ويباشر عمله فوراً‪.‬‬ ‫مادة ثالثة‪ :‬يرفع العقيد أحمد سويداني إلى‬ ‫رتبة لواء‪ ،‬ويعين رئيسًا لألركان العامة ويباشر‬ ‫عمله فوراً‪.‬‬ ‫بيان من القيادة القطرية المؤقتة لحزب‬ ‫البعث العربي االشتراكي‪:‬‬ ‫إلى الرفاق في وطننا العربي الكبير‪،‬‬ ‫يا رفاقنا في الوطن العربي الكبير‪ ،‬إن حركة‬ ‫تجديد الثورة التي قامت في ‪ 23‬شباط لم تكن‬ ‫حركة قطرية تستهدف تصحيح االنحراف على‬ ‫مستوى قطري فحسب‪ ،‬بل انطلقت لتقضي‬ ‫على االنحراف الذي مارسته العفلقية والبيطارية‬ ‫باسم الحزب القومي‪.‬‬ ‫يا رفاقنا في الوطن الكبير‪ ،‬إن القيادة‬ ‫القطرية لحزب البعث العربي االشتراكي في‬ ‫سوريا لم تنطلق أمس إال لتصحح باسم الحزب‬ ‫القومي ما أفسده األنانيون المتسلطون‪ .‬لقد ثرتم‬ ‫أيها الرفاق وأعلنتم عن رفضكم ليمينية البيطار‬ ‫وتسلط عفلق‪ ،‬ولكنهم كانوا يستهينون برأي‬ ‫الحزب وقواعده ومنظماته؛ كانوا يضربون بهذه‬ ‫اآلراء عرض الحائط‪ ،‬مستهينين بديمقراطية‬ ‫الحزب وشعاراته‪ .‬وحين تحركت القيادة القطرية‬ ‫أمس لتزيح هذا الكابوس عن صدر الحزب‪ ،‬لم‬ ‫تفعل ذلك إال ألن هؤالء المتسلطين لم يكتموا‬ ‫أنفاس الحزب على صعيد قطري فحسب‪ ،‬بل‬ ‫على الصعيد القومي‪.‬‬ ‫أيها الرفاق‪ ،‬لئن كان هؤالء المتسلطون‬ ‫قد استهانوا بآرائكم ومذكراتكم التي أدنتم‬ ‫فيها مجيء البيطار وزمرته إلى الحكم‪ ،‬فقد‬ ‫قامت القيادة القطرية لتضع بأسمائكم هذه‬ ‫اآلراء والمقررات موضع التنفيذ‪ ،‬إذ أن القيادة‬ ‫القطرية تعلم علم اليقين أن التخريب الذي‬ ‫مارسه عفلق داخل الحزب‪ ،‬واآلثار السيئة التي‬

‫ولدها مجيء صالح البيطار وتهديده للمكاسب‬ ‫االشتراكية التي حققها الحزب‪ ،‬والتي وضعته في‬ ‫مكانه الطليعي بين الحركات االشتراكية العربية‬ ‫والعالمية‪ ،‬هذه اآلثار وهذا التخريب لم ينعكس‬ ‫داخل القطر السوري فحسب‪ ،‬بل انعكس على‬ ‫كل منظمات الحزب القومية‪.‬‬ ‫ومن هنا فإن التصحيح الذي أقدمت‬ ‫عليه القيادة القطرية أمس كان تصحيحاً على‬ ‫المستوى القومي‪ ،‬وباسم الحزب القومي‪.‬‬ ‫أيها الرفاق‪ ،‬إن حزبنا لم يكن في يوم‬ ‫من األيام حزباً قطرياً‪ ،‬بل كان منذ النشأة حزبًا‬ ‫قومي التنظيم والمحتوى‪ .‬ويوم خاض حزبنا‬ ‫جميع معاركه الدامية في أرجاء الوطن الكبير‪ ،‬لم‬ ‫يخضها قطر دون آخر‪ ،‬بل خاضتها طالئع الحزب‬ ‫وجماهيره في كل مكان‪ .‬والنكسات التي تعرض‬ ‫لها الحزب في بعض األقطار‪ ،‬لم تصبه في‬ ‫تلك األقطار وحدها‪ ،‬بل أصابته على المستوى‬ ‫القومي‪ .‬واالنتصارات التي حققها نضال الحزب‬ ‫وجماهيره الكادحة في كل قطر من أرض العرب‬ ‫كانت انتصاراً لنضال الحزب القومي في كل‬ ‫مكان‪.‬‬ ‫ومن هنا فإن انتفاضة أمس ليست من‬ ‫أجل حزبنا وجماهيره في سوريا وحدها‪ ،‬بل‬ ‫هي لحزبنا الكبير في الوطن الكبير‪ ،‬وللشعب‬ ‫العربي كله‪.‬‬ ‫أيها الرفاق‪ ،‬لقد بذلنا المستحيل من أجل‬ ‫إقناع عفلق وزمرته بالنزول عند إرادة الحزب‬ ‫وقواعده‪ ،‬وااللتزام ضمن ديمقراطية الحزب‬ ‫بمقررات المنظمات القومية والقطرية‪ ،‬ولكن كل‬ ‫رجائنا كان يقابل بمزيد من اإلصرار والتصميم‬ ‫على االستهانة برأي الحزب وقواعده‪ .‬طالبتم أيها‬ ‫الرفاق وطالبنا بإبعاد اليمينيين والمتآمرين عن‬ ‫الحزب‪ ،‬ولكنهم تحدوكم وتحدونا وجاءوا بهم‬ ‫للحكم‪ .‬طلبنا عقد مؤتمر قطري فرفضوا‪ .‬طلبنا‬ ‫عقد مؤتمر قومي لتكونوا أنتم الحكم الفصل‪،‬‬ ‫ولتحولوا بين اليمينية والحكم باسم الحزب‪،‬‬ ‫ولتحولوا بالتالي دون هدم المكاسب االشتراكية‬ ‫التي تحققت بعد نضال دام خاضته جماهيرنا‬ ‫وطالئع حزبنا عبر سنين النضال المرير‪ ،‬ولكنهم‬ ‫رفضوا سماع صوتكم أو أخذ رأيكم‪ ،‬مستهينين‬ ‫بكل تقاليد الحزب ومبادئه وشعاراته‪ .‬ولم يكن‬ ‫هناك بد أيها الرفاق من غسل أيديهم قبل أن‬ ‫يتمادوا في تخريب الحزب والثورة‪.‬‬ ‫أيها الرفاق في الوطن الكبير‪ ،‬لتعش ثورة‬ ‫آذار ثورة حزب البعث العربي االشتراكي والشعب‬ ‫العربي من المحيط إلى الخليج”‪.‬‬ ‫القيادة القطرية لحزب البعث العربي‬ ‫االشتراكي‬ ‫‪ 23‬نيسان ‪1966‬‬ ‫وكانت أسباب هذا االنقالب هو عزم القيادة‬ ‫القومية ممثلة بمشيل عفلق ومؤيديه على‬ ‫حل القيادة القطرية ذات التوجهات الماركسية‪،‬‬ ‫وإجراء تعديالت في الجيش والحزب‪ ،‬وتكليف‬ ‫صالح البيطار بتاريخ ‪ 4‬كانون األول ‪1966‬‬ ‫بتشكيل حكومة جديدة أصبح فيها محمد عمران‬ ‫وزيراً للدفاع‪ ،‬وأعلنت القيادة القومية إثر تشكيل‬ ‫هذه الحكومة ما يلـــي‪:‬‬ ‫“ إن الحزب يراجع نفسه في الحكم لكي‬ ‫يقفز قفزة جديدة‪ ،‬ليتفادى ما أرتكب من أخطاء‪،‬‬ ‫ليصحح االنحرافات وليرسم طريقًا جديداً “‪.‬‬ ‫لكن قائد األركان صالح جديد اشترط على‬ ‫القيادة القومية الشروط التالية‪- :‬‬ ‫‪ - 1‬دخوله مع محمد عمران إلى مجلس‬ ‫الرئاسة وهو الذي شكلته القيادة القومية‬ ‫برئاسة أمين الحافظ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أال تتم تنقالت العسكريين إال بموافقة‬ ‫مجلس الرئاسة‪.‬‬ ‫‪ - 3‬إسقاط الحكومة‪ ،‬وتشكيل حكومة‬ ‫جديدة بموافقة الطرفين‪.‬‬ ‫بيد أن القيادة القومية رفضت ذلك‬ ‫وأصدرت مرسوماً في (‪ )14‬شباط ‪ ،1966‬يقضي‬ ‫بتشكيل المجلس الوطني لقيادة الثورة‪ ،‬والذي‬ ‫سبق أن تشكل في ‪ 23‬شباط ‪ ،1965‬واستبعد‬ ‫من عضويته كل أعضاء القيادة القطرية‬ ‫السابقة‪ ،‬حيث اشترك فيه ‪ 143‬عضو يمثلون‬ ‫مختلف التيارات وهو بمثابة برلمان مصغر وكل‬ ‫أعضائه من المدنيين‪ ،‬ماعدا ثالثة هم الفريق‬ ‫أمين الحافظ وهو رئيس مجلس الرئاسة‪،‬‬

‫واللواء محمد عمران وزير الدفاع‪ ،‬واللواء حافظ‬ ‫األسد آمر سالح الجو‪.‬‬ ‫وكان ميشيل عفلق يرغب في حدوث‬ ‫صدام بين الرئيس الفريق أمين الحافظ وقائد‬ ‫األركان اللواء صالح جديد‪ ،‬لتقوية مركز القيادة‬ ‫القومية بعد صدامهما الذي سيؤدي إلضعاف‬ ‫الطرفيين‪ ،‬وكانت هذه الرغبة أيضًا لوزير الدفاع‬ ‫محمد عمران‪ ،‬الذي كان يرى فيها تقوية لمركزه‬ ‫في قيادة الجيش‪ ،‬بحيث أن إضعافهما سيجعله‬ ‫يحل محلهما‪ ،‬فعمل على إشعال الفتنة بينهما‪،‬‬ ‫من خالل أمره بنقل ثالثة ضباط موالين لصالح‬ ‫جديد ‪ -‬كون محمد عمران وزيراً للدفاع‪ ،‬وكان‬ ‫هؤالء الثالثة موالين لصالح جديد وهم اللواء‬ ‫أحمد سويداني رئيس المكتب الثاني‪ ،‬والعقيد‬ ‫عزت جديد (قريب صالح جديد)‪ ،‬وكان آمراً لسالح‬ ‫الدبابات‪ ،‬والرائد سليم حاطوم‪ ،‬قائد الحرس‬ ‫الجمهوري وقائد حرس اإلذاعة‪ ،‬وقائد المغاوير‪،‬‬ ‫وكان سليم حاطوم له رغبة ملحة في الوصول‬ ‫للسلطة رغم أن عمره لم يكن يتجاوز ‪ 29‬سنة‪،‬‬ ‫وكان يرى أن العقبة الرئيسية أمامه هو الرئيس‬ ‫الفريق أمين الحافظ‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫�سورية التي‬ ‫تولد اليوم‬ ‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 18 | )13‬كانون األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫الياس خوري‬ ‫كأن س��ورية تولد اليوم‪ ،‬مقمطة‬ ‫بدم��اء أبنائه��ا‪ .‬اآلن‪ ،‬أي من��ذ عش��رة‬ ‫أش��هر‪ ،‬يصنع الس��وريات والس��وريون‬ ‫وطنهم م��ن جديد‪ .‬يذهب��ون إلى بهاء‬ ‫موته��م بجب��اه عالي��ة‪ ،‬وه��م يهتفون‬ ‫للحرية‪ .‬هكذا تولد الكلمات وتولد اللغة‬ ‫من تراب األرض المغطى بدم الشهداء‬ ‫وانين الجرحى وصراخ المعتقلين‪.‬‬ ‫ل��م يع��د ال��كالم القدي��م مجدياً‪،‬‬ ‫فق��دت سياس��ة السياس��يين معناه��ا‬ ‫وجدواها‪ ،‬نحن اليوم أمام ظاهرة اكبر‬ ‫من كل السياس��ات الصغيرة والكبيرة‪،‬‬ ‫فالي��وم ه��و وق��ت تأس��يس المعاني‪،‬‬ ‫وصناعة األفق‪.‬‬ ‫يكف��ي أن نش��هد ونش��اهد كيف‬ ‫تول��د الحري��ة عل��ى الش��فاه‪ ،‬وتتحول‬ ‫إلى كلمات وأغنيات‪ ،‬يكفي أن نس��تمع‬ ‫إل��ى ش��عب يتكات��ف ف��ي مظاه��رات‬ ‫الحرية وه��و يواجه الم��وت‪ ،‬يكفي أن‬ ‫نرى كيف يضيء اإلنس��ان حريته عبر‬ ‫تحدي الموت‪ ،‬ويصرخ أمام جدار القمع‬ ‫األصم الذي س��وف يتفت��ت في النهاية‬ ‫أمام هول مقتلة األطفال التي أش��علت‬ ‫الثورة السورية‪.‬‬ ‫الي��وم يعيد التاري��خ الذي يصنعه‬ ‫الناس المعنى إلى الجغرافيا‪ ،‬اليوم‪ ،‬أي‬ ‫منذ عشرة أشهر‪ ،‬وأسماء األماكن تمتلئ‬ ‫بالدالالت‪ .‬اليوم‪ ،‬أي منذ عش��رة أشهر‪،‬‬ ‫نتعل��م جغرافية الحري��ة‪ ،‬ونحن نجول‬ ‫بأرواحنا في المدن والقرى والدس��اكر‪.‬‬ ‫نكتشف درعا وأطفالها‪ ،‬وحماة ومغنيها‬ ‫الش��هيد‪ ،‬وحمص بعوره��ا وبطوالتها‬ ‫ونهره��ا العاص��ي ‪ ،‬وإدلب ودي��ر الزور‬ ‫وداريا والغوطة الدمشقية التي امتألت‬ ‫بياسمين الشهداء‪...‬‬ ‫وط��ن يول��د م��ن صرخ��ة أطفاله‬ ‫التي تحولت إلى انتفاضة ش��عب يحلم‬ ‫بكلمة واحدة اس��مها الحرية‪ ،‬ويس��عى‬ ‫إلى استعادة كرامته المهدورة من تحت‬ ‫أحذي��ة االس��تبداد‪ .‬وطن أعلن��ت درعا‬ ‫والدته بأصابع حفنة من األطفال‪ ،‬قبل‬ ‫أن يشتعل على ضفاف العاصي‪ ،‬ويمتد‬ ‫من الميدان إل��ى كل الميادين‪ ،‬ويصير‬ ‫مضمخاً بعطر الشهداء الذين يصنعون‬ ‫من حمص أسطورة للتحدي‪.‬‬ ‫ب�لاد أضافت إلى ذاكرة ميس��لون‬ ‫والث��ورة الس��ورية ض��د االس��تعمار‬ ‫الفرنسي‪ ،‬ذاكرة جديدة‪ ،‬تصنعها ثورة‬ ‫شعبية مستمرة منذ عشرة أشهر‪ .‬ثورة‬ ‫ال س��ابق لها‪ ،‬حيث يحطم شعب الموت‬ ‫بالم��وت‪ ،‬وال ينحني للخوف‪ ،‬وال يتراجع‬ ‫أم��ام ه��ول القم��ع والقت��ل والتعذيب‬ ‫والدمار‪.‬‬

‫شهداء‬ ‫سورية‬

‫إنه��ا حكاي��ة التضحي��ات والصبر‬ ‫والثب��ات‪ ،‬حكاية لم نش��هد مثي�لا لها‪،‬‬ ‫وه��ي تعلن الي��وم والدة وط��ن جديد‪،‬‬ ‫صنع��ه ش��عبه الذي يناض��ل في وحدة‬ ‫الي��أس ووحدة األمل‪ ،‬وال ينتظر ش��يئا‬ ‫من أحد‪.‬‬ ‫ش��عب يعرف أن الدرب قد ارتسم‪،‬‬ ‫وان��ه ل��ن يتراج��ع ألن��ه اقف��ل طريق‬ ‫التراجع باأللم والدم‪.‬‬ ‫ال م��كان في هذه الملحمة الكبرى‬ ‫س��وى للحل��م‪ .‬ملحمة يرتس��م بطلها‬ ‫مثل موزاييك مصنوع من ألوف القطع‬ ‫الصغيرة‪ ،‬يذهب األفراد إلى الموت كي‬ ‫يدخلوا ف��ي جدارية الملحم��ة‪ ،‬وهناك‬ ‫يصي��رون واحداً في المتخيل والذاكرة‪،‬‬ ‫ويرس��مون وطنهم الجديد على صورة‬ ‫تضحياتهم الكبرى‪.‬‬ ‫لهؤالء وعنهم تليق الكتابة‪ ،‬ألنهم‬ ‫يغس��لون وعين��ا وعيونن��ا باألمل الذي‬ ‫يصنع��ه األس��ى‪ ،‬وبالرجاء ال��ذي ينبت‬ ‫من قعر اليأس‪.‬‬ ‫ال تخاف��وا‪ ،‬لق��د انتصرت��م عل��ى‬ ‫الموت‪ ،‬ومن ينتصر على الموت ويتحداه‬ ‫يموت منتصرا وال يخشى شيئًا‪.‬‬ ‫ه��ذا ه��و درس الحرية ف��ي مدن‬ ‫س��ورية وبلداته��ا وقراه��ا‪ ،‬كل مدينة‬ ‫حكاية مصنوعة م��ن ألف حكاية‪ ،‬وكل‬ ‫حياة ه��ي تلخيص لمعنى الحياة‪ ،‬وكل‬ ‫موت هو بداية‪.‬‬ ‫ننحني عل��ى األلم واأللم ينتش��ر‬ ‫ف��ي عيونن��ا‪ ،‬نغم��ض فنراك��م‪ ،‬نريد‬ ‫أن نق��ول فال تس��عفنا الكلم��ات‪ ،‬كيف‬ ‫نس��تنبط لغة تعانق الم��وت وتحتضن‬ ‫يأس��ا وص��ل إل��ى ذروته عل��ى مفترق‬ ‫األمل‪.‬‬ ‫***‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)5289‬‬ ‫دمشق‪119 :‬‬ ‫ريف دمشق‪410 :‬‬ ‫حمص‪1813 :‬‬ ‫حلب‪97 :‬‬ ‫حماه‪814 :‬‬ ‫الالذقية‪253 :‬‬

‫يب��دو الج��دل السياس��ي‬ ‫ح��ول الث��ورة الس��ورية وعالقاته��ا‬ ‫اإلقليمي��ة المس��تقبلية وكأنه خارج‬ ‫الموض��وع‪ ،‬كالم رئي��س المجل��س‬ ‫الوطن��ي الس��وري بره��ان غلي��ون‬ ‫وأجوب��ة أمين عام ح��زب اهلل طرحا‬ ‫مس��ألة ف��ي غي��ر مكانه��ا أو أوانها‪.‬‬ ‫اغل��ب الظن أن تصري��ح غليون عن‬ ‫العالقة المس��تقبلية بإي��ران وحزب‬ ‫اهلل أس��يئت قراءت��ه‪ ،‬ألن��ه لم يكن‬ ‫واضح��ا بما في��ه الكفاي��ة‪ .‬وقد جاء‬ ‫تصويب ري��اض الترك ليضع األمور‬ ‫ف��ي نصابها‪ ،‬فس��ورية ال ع��دو لها‬ ‫س��وى االحت�لال اإلس��رائيلي‪ ،‬أم��ا‬ ‫عالقتها بال��دول اإلقليمية واألحزاب‬ ‫اللبنانية وغير اللبنانية فتتحدد على‬ ‫ضوء مواقف ه��ذه األخيرة من ثورة‬ ‫الشعب السوري‪.‬‬ ‫كالم بس��يط وواض��ح يقف��ل‬ ‫أب��واب المزاي��دات وال��كالم ال��ذي‬ ‫يري��د تغطي��ة موقف مؤي��د للنظام‬ ‫الس��وري‪ ،‬ال م��كان ل��ه ف��ي إعراب‬ ‫الثورة أو المقاومة‪.‬‬ ‫لي��س مطلوب��ا م��ن الث��ورة‬ ‫الس��ورية تطمين أحد‪ ،‬بل المطلوب‬ ‫ه��و التضام��ن م��ع ش��عب يتعرض‬ ‫ألبشع أنواع القمع‪.‬‬ ‫هنا يقع االمتحان الذي لم ينجح‬ ‫النظام السياس��ي اللبنان��ي‪ ،‬بجميع‬ ‫أطيافه‪ ،‬في اجتيازه‪ ،‬واغلب الظن أن‬ ‫النظام العربي لن ينجح هو اآلخر‪.‬‬ ‫كل النقاش��ات غي��ر المجدي��ة‬ ‫تتوق��ف الي��وم أم��ام ص��ورة طبيب‬ ‫الث��ورة الس��ورية إبراهي��م عثم��ان‬ ‫ش��هيدا‪ ،‬والحكاية تبدأ من جديد في‬ ‫ص��ورة عصيان مدن��ي يفتح طريق‬ ‫الحرية‪.‬‬ ‫طرطوس‪132 :‬‬ ‫درعا‪727 :‬‬ ‫دير الزور‪174 :‬‬ ‫الحسكة‪40 :‬‬ ‫القنيطرة‪6 :‬‬ ‫الرقة‪24 :‬‬ ‫ادلب‪601 :‬‬ ‫السويداء‪24 :‬‬

‫ال لون لها ‪. .‬‬ ‫كاملطر‬ ‫ر‪ .‬ق‬ ‫ف��ي ظ��ل المط��ر روحٌ ت��ذرع‬ ‫بلونٍ ال لون له‬ ‫الس��ماء جيئة وذهابًا‬ ‫ٍ‬ ‫‪...‬كالمطر‬ ‫وتنضح م��ا ًء ورديًا يرس��م على‬ ‫الخد دمعة ال لون لها ‪....‬كالمطر‬ ‫ينزّ من القلب دمٌ معتق بأحالم‬ ‫عدده��ا بع��دد األيام لكنه��ا دون لون‬ ‫‪...‬كالمطر‬ ‫ف��ي موس��م المط��ر ال ل��ون وال‬ ‫دخان‪ ،‬إنما أرواح تحوم وتس��لم على‬ ‫الحبات التي ال لون لها ‪....‬كالمطر‬ ‫كلم��ا عانقت حب��ة‪ ،‬اكتس��ت بلون‬ ‫الحمرة الش��فافة‪ ،‬فأمطرت الس��ماء دمًا‬ ‫غزيراً على القبور واألرواح وعلى البشر‬ ‫في موس��م المطر رحلتم جميعًا‬ ‫وأنت��م تتس��اقطون كل ي��وم هنا مع‬ ‫المطر‪..‬‬ ‫وكل قط��رةٍ س��رقت وجه��ًا من‬ ‫وجوهك��م فأردت��ه ببريق ش��فاف ال‬ ‫لون له ‪...‬كالمطر‬ ‫وامت�لأت الس��ماء بوجوهك��م‬ ‫ونضح��ت األرض بوجوهك��م‪،‬‬ ‫واختلطت وجوهن��ا بوجوهكم‪...‬لكن‬ ‫وجوهنا شفافة ال لون لها ‪...‬كالمطر‬ ‫مهداة إلبراهيم‬ ‫‪ 984‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 4301‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 129‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 4792‬عدد الذكور‬ ‫‪ 70‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 294‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2011 / 12 / 17‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.