Souriatna Issue 18

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2012/ 1/ 22 | )18‬‬

‫دمش��ق الس��اعة الس��ابعة صباحاً‪ ...‬حال��ة الطقس أق��رب إلى‬ ‫الصقيع‪ ...‬ومزاج المدينة متجمد تماماً‪ ...‬تلك الساعة الصباحية قبيل‬ ‫عملك‪ ،‬لم يعد يتخللها موجز كنت تهرع إليه في األش��هر الفائتة‪ ،‬فال‬ ‫جديد على الشاشات‪ ،‬تمضي إلى عملك‪ ...‬ذلك المكان الذي كان زاخراً‬ ‫ومعارض وصامت‪ ...‬صمت‪ ...‬ال ضجيج‬ ‫بالحوارات والخالفات بين مؤيدٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بعد اليوم‪ ...‬فلم يعد هناك ٌ‬ ‫مكان إلصالح الش��رخ الذي نشأ بينكم‪...‬‬ ‫ال أحد يبادلك الس�لام من الط��رف اآلخر‪ ،‬وأنت تفعل بالمثل‪ ...‬نصف‬ ‫ساعة االس��تراحة التي كنتم تنقس��مون بها لتتناقشوا بأعلى صوتٍ‬ ‫بينك��م صارت حال ًة افتراضية‪ ...‬وجهك باتج��اه جهازك تتلقف األخبار‬ ‫من بعض الصحف والمدونات الشهيرة ومواقع التواصل االجتماعي‪...‬‬ ‫يعلو ب��ك الغضب تار ًة فتصرح فيه في ذلك الفضاء االفتراضي لتدرك‬ ‫صديق جدي��دٍ معتقل‪ ...‬أو‬ ‫أن��ه ال يزيد عن الصمت بش��يء‪ ...‬صورة‬ ‫ٍ‬ ‫طفل ش��هيد‪ ...‬تنظر إليها بأسىً‪ ...‬تكتب سطرين‪ ...‬تضغط على زر‬ ‫"الاليك‪ /‬أعجبني" أو "الش��ير‪ /‬مش��اركة"‪ ...‬يرتاح ضميرك لثوانٍ أنك‬ ‫لست صامتاً‪ ...‬وأنت تئن في عمق الصمت‪...‬‬ ‫دمش��ق الس��اعة الخامسة مس��ا ًء‪ ...‬البرد أكثر ش��دة‪ ...‬الطريق‬ ‫إلى منزلك يش��به رحل ًة للذاكرة‪ ...‬تل��ك الذاكرة التي تحاول االنتصار‬ ‫على نفس��ها كي تس��تذكر كيف كانت الحياة قبيل الخامس عشر من‬ ‫آذار‪ ...‬كيف كان ش��كل ضحكتك حينها؟‪ ...‬كيف كان ش��كل جلس��ات‬ ‫األصدقاء؟‪ ...‬لماذا كنت تبكي؟‪ ...‬تمر أمام محطات الوقود‪ ...‬والصف‬ ‫الطوي��ل بانتظ��ار القليل من الم��ازوت (الحمد اهلل عن��ا مازوت‪ ...‬اهلل‬ ‫يعي��ن أهل حمص)‪ ...‬تقولها بنفس��ك‪ ،‬وترفع عن ذاتك تلك الغمامة‬ ‫التي تكبل يومك ألنك ال تستطيع أن تفعل شيئاً‪...‬‬ ‫دمشق الساعة السابعة مسا ًء‪ ...‬المقهى يعج بالناس‪ ...‬أصدقاؤك‬ ‫ومعارف��ك‪ ...‬يتح��دث الجميع على ضرورة اإلض��راب‪ ...‬لكن ال أحد في‬ ‫المنزل‪ ...‬وتلك الفتاة التي تخبرك أنها مقتنعة تماماً بأهمية اإلضراب‪،‬‬

‫تحمل في يدها كيس��اً من إحدى المحال الش��هيرة وقد اش��ترت للتو‬ ‫حذا ًء جديداً‪ ...‬تتبادلون النقاشات‪ ...‬تبحثون عن الثورة‪ ...‬عن عادياتٍ‬ ‫مؤلمة‪ ...‬وعن خط رفيع يصلك بالواقع‪ ...‬عن مكانٍ تشغله من الفراغ‬ ‫كي تش��ارك بالتغيير‪ ...‬ذاك التغيير الذي يهرب من بين أصابعك‪ ،‬فما‬ ‫عاد يشبه أفكارك وأحالمك‪ ...‬ألنه صار يشبه صمتك‪...‬‬ ‫دمش��ق الساعة التاسعة مس��ا ًء‪ ...‬منزل أحد األصدقاء الذي خرج‬ ‫ت��واً من المعتق��ل‪ ...‬تس��ترجعون اللحظات التي كنت��م فيها معاً في‬ ‫المظاه��رة األول��ى‪ ،‬الليلة المخيف��ة التي قضيتموه��ا وأنتم توزعون‬ ‫"المناشير" والملصقات‪ ...‬لحظات الخطر التي استفزت الحياة فيكم‪...‬‬ ‫ال ش��يء اليوم‪ ...‬مش��اريع ل��م تكتمل‪ ...‬أف��كار تتناقلونه��ا وكأنكم‬ ‫تقاعدت��م ع��ن الث��ورة‪ ...‬وأصبحت��م من الرعي��ل القدي��م‪ ،‬أو كأنكم‬ ‫أتممت��م ما عليكم وأصبحتم في صف المتفرجين‪ ،‬بانتظار اللعبة بين‬ ‫المعارضة والنظام وكأنها ضربات جزاء‪...‬‬ ‫ً‬ ‫الس��اعة الثانية عش��ر إال خمس دقائق لي�لا‪ ...‬جهاز التحكم في‬ ‫يدك قبيل النشرة‪...‬‬ ‫"المجلس الوطني ال يمثلن��ي‪ ،‬الهيئة ال تمثلني‪ ،‬الجيش الحر ال‬ ‫يمثلن��ي‪ ...‬الحالة الدينية في الش��ارع ال تمثلن��ي‪ ...‬أنواع الهتافات ال‬ ‫تشبهني‪ ...‬لكنني مع الثورة‪ ...‬ثورتي أنا"‪...‬‬ ‫الساعة الثانية عشر عند منتصف الليل‪ ...‬موعد النشرة‪...‬‬ ‫(الثورة في س��وريا)‪ ...‬مئات األلوف يتظاهرون‪ ...‬عشرات القتلى‬ ‫والجرحى والمعتقلين‪ ...‬آالمٌ تتوارد على شريط العاجل‪ ...‬تدندن مع‬ ‫أغنية للس��اروت‪ ...‬وتضحك مع الفتة رفعها شباب كفرنبل‪ ...‬تستعيد‬ ‫حماسك‪ ...‬تشعر بأنك ابن هذا الشارع‪ ...‬ال تشعر بالغربة التي خلقتها‬ ‫أنت‪ ...‬تستعيد ثورتك‪ ...‬فمتى ستستعيدك هي؟‬ ‫‪1‬‬ ‫سوريتنا | ليلى السمان‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫االفتتاحية‬ ‫عندما تصبح الثورة عادة‬ ‫أخبارنا ‪3-2 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫أوجاع وطن ‪3 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫تحية فلسطينية للثورة السورية‬ ‫الملف ‪5 - 4 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الدولة المدنية تحمينا‬ ‫كلمة في الثورة ‪6 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫بوصـلة الثـورة‬ ‫من الربيع العربي ‪7 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫ربيع المعرفة الثورية في الربيع العربي‬ ‫نبض الروح ‪8 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫دندنات إندساسية ‪9 . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الصفحة القانونية ‪10 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫يا نحن ‪11 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مدننا الثائرة ‪12 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫من أعمدة الصحافة ‪13 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫وجوه من وطني ‪14 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫حبر ناشف ‪17 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫قراءة في كتاب ‪18 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مدافع آية اهلل الخميني‬ ‫تحقيق‪19 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪...........................‬‬

‫‪1‬‬

‫عندما تصبح الثورة عادة‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫في هذا العدد‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬


‫الالجئون ال�سوريون يف لبنان ي�شكون �سوء ظروفهم‪..‬‬ ‫وتن�سيقيتهم تك�شف عدم تعاون "العليا للإغاثة" لأ�سباب �سيا�سية‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫مع ارتفاع أعداد الالجئين السوريين‬ ‫في كل يوم إلى الشمال‪ ،‬والفارين من‬ ‫بطش النظام الذي يفتك بهم صباح‬ ‫مساء من دون رحمة ال بطفل أو امرأة‬ ‫أو شيخ منذ أكثر من عشرة أشهر‪ ،‬ومع‬ ‫غياب أبسط أنواع االهتمام الرسمي‬ ‫المحلي بالوافدين الذين باتوا يشكلون‬ ‫عبئًا كبيراً من كل النواحي‪ ،‬باتت الحاجة‬ ‫أكثر من ضرورية لمبادرة الجمعيات‬ ‫والمنظمات اإلنسانية التي تعنى بحقوق‬ ‫اإلنسان لمد يد العون لهم وتأمين‬ ‫المساعدة‪ .‬وهو ما دفع مفتي طرابلس‬ ‫والشمال مالك الشعار إلى رفع الصوت‬ ‫وإعالن الدعوة إلى مساعدة الالجئين‬ ‫السوريين باعتباره واجبًا إنسانياً ودينياً‪،‬‬ ‫وال يجوز أن يتأخر عنه أحد على اإلطالق‪،‬‬ ‫مستعينا بما ورد في كتاب اهلل الكريم‬ ‫((وإن أحد من المشركين استجارك فأجره‬ ‫حتى يسمع كالم اهلل ثم أبلغه مأمنه))‪،‬‬ ‫وهذه االستجارة للمشركين فكيف‬ ‫بإخواننا في الدين‪.‬‬ ‫وإذ اعتبر المفتي أن "وضع لبنان‬ ‫مميز‪ ،‬فيه أناس يرتبطون بالنظام‬ ‫السوري‪ ،‬وهناك أناس يرتبطون بالشعب‬ ‫السوري"‪ ،‬قال‪" :‬أنا واحد ممن يرتبط‬ ‫بالشعب السوري وبكل الشعوب العربية‪،‬‬ ‫وبكل من ينادي بالحرية والديموقراطية‬ ‫والعدالة‪ ،‬وال يجوز أن نقف مكتوفي‬ ‫األيدي أمام أي ظلم يصيب أي شعب في‬ ‫أي بلد على اإلطالق"‪.‬‬ ‫وعليه فإن المبادرة لمساندة الشعب‬ ‫السوري المشرد خارج أرضه ليس واجبًا‬ ‫دينيًا وإنسانياً فقط‪ ،‬بل هو واجب‬ ‫أخالقي أقرته كل الشرائع واالتفاقات‬ ‫الدولية الداعية إلى احتضان الالجئين‬ ‫وتوفير أبسط مقومات العيش الكريم‬ ‫لهم بانتظار أن تنجلي الغمامة السوداء‬ ‫عن وطنهم‪.‬‬ ‫وال شك بأن مأساة الشعب السوري‬ ‫الالجئ آخذة في الظهور بداية لناحية‬ ‫تأمين المسكن والمأوى وخاصة لألطفال‪،‬‬

‫وتأمين مستلزمات الحياة‪ ،‬وأكثر ما يعانون‬ ‫منه اليوم هو صعوبة إلحاق أبنائهم في‬ ‫مدارس طرابلس‪ ،‬ولوال بعض التدخالت‬ ‫من قبل المعنيين لما فتح الباب أمام‬ ‫متابعتهم لتحصيلهم العلمي وبقوا‬ ‫مشردين خارج مدارسهم‪ ،‬أضف إلى ذلك‬ ‫صعوبة دخولهم إلى مستشفيات المدينة‬ ‫للعالج‪ ،‬وجرى حجز مريضين حتى سداد‬ ‫كافة المستحقات المتوجبة على ذويهما‪.‬‬ ‫ووفق المتحدث اإلعالمي باسم‬ ‫منسقية الالجئين السوريين في لبنان‬ ‫أحمد موسى‪ ،‬أن "النظام في سورية‬ ‫يقتل الشعب الذي يحاول الفرار من‬ ‫براثنه‪ ،‬وهنا ال أحد يحميه أو يرعاه أو‬ ‫يؤويه إال من رحم ربك؟"‪.‬‬ ‫وقال موسى الذي كان تعرض لثالث‬ ‫محاوالت لخطفه على أيدي أحد األحزاب‬ ‫المحلية في مدينة طرابلس‪ ،‬إن "األطفال‬ ‫والنساء يفرون من جحيم الحرب‪ ،‬التي‬ ‫يشنها النظام على كل الشعب السوري‪،‬‬ ‫وليس من مالذ أمامهم سوى أشقائهم‪،‬‬ ‫رغم ذلك يجدون صعوبة في تأمين‬ ‫المساكن وااللتحاق بالمدارس"‪ ،‬سائ ًال‪:‬‬ ‫"أين هي الهيئات والجمعيات التي تعنى‬ ‫بالطفولة؟ لماذا ال تبادر على األقل‬ ‫إلعادة تأهيل األطفال الذين هربوا من‬ ‫قلب المأساة؟ أليسوا هؤالء بشراً؟"‪.‬‬ ‫وطالب الهيئات المحلية والجهات‬ ‫الدولية أن "تتبنى بشكل عاجل موضوع‬ ‫الالجئين السوريين‪ ،‬باعتبار أن حجم‬ ‫توافد الالجئين السوريين يرتفع يوميًا‬ ‫بشكل كبير أكثر من ثمانماية عائلة في‬ ‫طرابلس وجوارها‪ ،‬وأكثر بقليل في عكار‬ ‫وبقية المناطق"‪ ،‬مضيفًا "وألن الكثير‬ ‫من األسر مهددة بالطرد من األماكن‬ ‫التي تقيم فيها نتيجة عدم قدرتها على‬ ‫تأمين ثمن اإليجار رغم أنها تقيم في‬ ‫غرف متواضعة جداً ال تتوفر فيها أبسط‬ ‫الشروط الصحية‪ ،‬وقد اضطررنا إلى‬ ‫إدخال ‪ 85‬طف ًال األسبوع الماضي إلى‬ ‫المستشفيات للمعالجة‪ ،‬كذلك من يصلنا‬

‫ب�شار الأ�سد ي�أمر باعتقال مهند�س يف‬ ‫التلفزيون ف�ضح مليونيته الكاذبة يف‬ ‫�ساحة االمويني‬

‫نشر نشطاء سوريون على شبكة االنترنت أن‬ ‫المخابرات السورية تعتقل المهندس التلفزيوني سعيد‬ ‫الديركي بتهمة فضح مليونية بشار في ساحة األمويين‪.‬‬ ‫وقد نشر في وقت سابق على شبكات التواصل‬ ‫االجتماعي فيديو مسرب لفت االنظار قيل إنه تم تهريبه‬ ‫من التلفزيون السوري‪ ،‬ويعرض فيه من قام بتصويره‬ ‫من شرفة أحد مكاتب التلفزيون خلو ساحة األمويين وسط‬ ‫دمشق من الحشود الغفيرة أثناء تواجد بشار األسد وإلقائه‬ ‫كلمة قال عنها اإلعالم السوري إنها القيت على مليون‬ ‫مؤيد لنظام األسد… وقد قامت األجهزة األمنية بالتحقيق‬ ‫في مبنى التلفزيون السوري‪ ،‬واتضح لديهم أن من قام‬ ‫بتصوير الفيديو هو المهندس سعيد ديركي الذي اعتقل‬ ‫على الفور ولم يعرف عنه شيء حتى اآلن‪.‬‬ ‫وكان بشار األسد قد خطب أمام أنصاره في ساحة‬ ‫األمويين في دمشق يوم ‪ /11‬كانون الثاني‪ .‬وقال األسد‬ ‫الذي وصل فجأة إلى مكان تجمع مؤيديه ترافقه عائلته أن‬ ‫المؤامرة في مرحلتها االخيرة‪.‬‬ ‫وصور اإلعالم الرسمي في حينها أن األسد قد خطب‬ ‫في تظاهرة مليونية في ساحة األمويين‪.‬‬

‫من الجرحى الذين يكتب لهم الحياة نعمل‬ ‫على معالجته على الفور‪ ،‬ألنه لو وقع‬ ‫وهو جريح بأيدي شبيحة النظام يقتلونه‬ ‫على الفور ولو كان من المدنيين"‪.‬‬ ‫وتابع‪" :‬بادرنا في المنسقية إلى‬ ‫تشكيل مكتب لإلغاثة يعمل على إحصاء‬ ‫العائالت النازحة من المناطق السورية‬ ‫ويحاول قدر اإلمكان تأمين احتياجاتها‬ ‫بالتعاون مع بعض الجمعيات العاملة في‬ ‫هذا اإلطار‪ .‬وعلى سبيل المثال ال الحصر‬ ‫أن ‪ 17‬فرداً كانوا يقيمون في غرفة واحدة‪،‬‬ ‫عملنا على توزيعهم تباعًا‪ ،‬لدينا مشكلة‬ ‫كبرى في االستشفاء والهيئة العليا‬ ‫لإلغاثة ال تتعاون بالقدر الكافي ويبدو‬ ‫أن السبب سياسي"‪ ،‬مطالباً الحكومة‬ ‫اللبنانية "اإلقرار باالتفاقات الدولية التي‬ ‫تحمي الالجئين‪ ،‬واالعتراف بهم أوال‬ ‫ومعاملهتم على أساس البطاقة الخاصة‪،‬‬ ‫بعد العمل على تأمين الحماية لهم‪ ،‬ال أن‬ ‫تهددهم بالترحيل في خالل يومين كما‬ ‫فعلت بعض القوى األمنية‪ ،‬حين طالبتهم‬ ‫بتسوية أوضاعهم ودخولهم بطريقة‬ ‫شرعية‪ .‬في األصل النازح يدخل بطريقة‬

‫فاينن�شيال تاميز‪:‬‬ ‫�سوريا تخطط لتعومي �سعر �صرف عملتها‬

‫لندن ‪ -‬نقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية الجمعة‬ ‫عن حاكم مصرف سوريا المركزي أديب مياله قوله ان سوريا‬ ‫تخطط لتعويم موجه لسعر صرف عملتها االسبوع القادم‪.‬‬ ‫وتأتي هذه الخطوة التي تعني فعليا السماح بانخفاض‬ ‫قيمة الليرة السورية وسط أزمة سياسية تعصف بالبالد منذ‬ ‫عشرة اشهر ومع اتخاذ الحكومة اجراءت صعبة لدعم اقتصاد‬ ‫يتضرر من عقوبات لالتحاد االوروبي تشمل تجارة النفط‪.‬‬ ‫وقالت الفايننشيال تايمز إن خطة البنك المركزي السوري‬ ‫التي اصدرها مكتب رئيس الوزراء‪ -‬يبدو أنها تنطلق من أن‬‫السماح للبنوك الخاصة ببيع العمالت االجنبية بالسعر الذي‬ ‫تختاره سيزيد السيولة في النظام المالي رغم انها ستسمح‬ ‫بخفض فعلي لقيمة العملة السورية‪.‬‬ ‫وأضافت الصحيفة أن البنك المركزي سيواصل تمويل‬ ‫استيراد «المواد االساسية» بسعر الصرف الرسمي وأن‬ ‫المعروض من العملة االجنبية لالستخدام الشخصي سيظل‬ ‫يخضع لقيود مشددة‪.‬‬ ‫وقال صيارفة يوم الخميس إن االضطرابات في سوريا‬ ‫دفعت سعر صرف العملة المحلية للهبوط إلى مستوى قياسي‬ ‫منخفض بلغ ‪ 70‬ليرة مقابل الدوالر االمريكي في السوق‬ ‫السوداء‪« .‬رويترز»‬

‫غير رسمية فارّ من ظلم النظام فهل‬ ‫يحتاج إلى ظلم آخر؟"‪.‬‬ ‫ويروي نبيل محمد ديب الذي فر من‬ ‫بلدة تلكلخ مأساته‪" :‬أطفالي يموتون من‬ ‫البرد كل يوم‪ ،‬والكبار التحقوا بالمدرسة‬ ‫أمس فقط‪ ،‬ونحن نعيش في القلة‪،‬‬ ‫شبيحة النظام دمرت منازلنا في البلدة‬ ‫واعتقلوا الشباب وكنت من بينهم‪،‬‬ ‫بقينا أربعين يوما تحت التعذيب‪ .‬أصبت‬ ‫بالشلل‪ ،‬وأجرى لي الدكتور رشيد المحمد‬ ‫ثالث عمليات في مستشفى دار الشفاء‬ ‫في طرابلس والحمد هلل بدأت أستعيد‬ ‫الحركة‪ ،‬ولكن وضع العائلة صعب جدا‬ ‫ونطلب اإلعانة واإلغاثة من أهل الخير"‪.‬‬ ‫كما تحدث بيان عبد الكريم من‬ ‫بلدة جسر الشغور‪ ،‬الذي نزح منها بعد‬ ‫اعتقال ابنه وقصف البلدة بالصواريخ‬ ‫وتدمير األحياء‪ ،‬قائ ًال‪" :‬جئنا إلى طرابلس‬ ‫ونسكن مع "البنات" في مخزن واهلل‬ ‫يكون في العون على هذه المأساة التي‬ ‫نعيش فيها بعد مأساتنا من نظامنا الذي‬ ‫ندعو اهلل أن يعجل في أخذه لنعود إلى‬ ‫أرضنا كرماء منتصرين"‪.‬‬

‫احتاد الطلبة ال�شيوعيني‬ ‫يرفع تقاريره للأمن بد ًال‬ ‫من احلزب‬

‫أكد اتحاد تنسيقيات الطلبة في‬ ‫جامعة دمشق أنهم وزعوا أسماء‬ ‫أعضاء الطلبة الشيوعيين جناح‬ ‫«بكداش» في اتحاد الطلبة على جميع‬ ‫الطلبة المعارضين والصامتين‪.‬‬ ‫وقال مصدر في التنسيقيات‬ ‫لـ«كلنا شركاء» أن هؤالء لعبوا لعبة‬ ‫قذرة بعد أن رفعوا تقارير بزمالئهم‬ ‫الطلبة في فروع الجامعة والمدينة‬ ‫الجامعية‪ ،‬وخاصة في األسبوع الفائت‬ ‫حيث تم عن طريقهم اعتقال العشرات‬ ‫من الطلبة والتحقيق معهم ‪.‬‬ ‫وقال المصدر أن الذي يقود‬ ‫المجموعة ابن خال عمار بكداش‬ ‫رئيس الحزب الذي يعتبر من أكبر‬ ‫فاسدي االتحاد‪ ،‬ويعمل تحت أمرته‬ ‫مجموعة كبيرة من الشبيحة‪ ،‬حيث‬ ‫يقدم لألجهزة األمنية تقارير يومية‬ ‫عن تحركات الطلبة وتواجدهم داخل‬ ‫المدينة أو خارجها‪.‬‬


‫�أدانوا ربط الطائفة العلوية والأقليات الدينية به تحية فلسطينية‬ ‫علويون �سوريون يدعون الأقليات للم�شاركة يف �إ�سقاط النظام للثورة السورية‬

‫املراقب امل�ستقيل �أنور مالك‪ :‬تلقيت ‪ 10‬تهديدات بالذبح و�أنا يف دم�شق‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫رد محمد الدابي‪ ،‬رئيس بعثة مراقبي جامعة‬ ‫الدول العربية في دمشق‪ ،‬على ما تحدث به المراقب‬ ‫المستقيل أنور مالك في بعض وسائل اإلعالم قبل‬ ‫يومين بأن مالك "منذ أن تم توزيعه ضمن فريق‬ ‫حمص لم يغادر الفندق طيلة ستة أيام ولم يشارك‬ ‫أعضاء الفريق النزول إلى الميدان‪ ،‬متعلال بمرضه‬ ‫الذي يحول دون مرافقة الفريق في جوالته داخل‬ ‫حمص" طبقا للوارد في بيان أصدره‪.‬‬ ‫وقال الدابي في البيان الذي تم توزيعه على‬ ‫وسائل اإلعالم اليوم الخميس "إن مالك‪ ،‬وقبل‬ ‫مغادرته دمشق بيوم‪ ،‬طلب السماح له بالسفر للعالج‬ ‫في باريس‪ ،‬وتمت الموافقة له‪ ،‬لكنه غادر قبل اتخاذ‬ ‫اإلجراءات التي تستلزم سفره‪ ،‬ودون أن يسلم العهدة‬ ‫التي تسلمها لمشاركته في المهمة في حمص‪ ،‬ولم‬ ‫ينتظر استخراج تذكرة السفر وسافر على حسابه‬ ‫الخاص"‪.‬‬ ‫تابع في البيان وقال‪" :‬واضح أن مالك حنث‬ ‫بالقسم الذى أداه إلى جانب أن ما تحدث به إنما يقع‬ ‫على مسؤوليته الشخصية‪ ،‬وهو ما يؤكده أعضاء‬ ‫الفريق الذى ذهب إلى حمص"‪.‬‬ ‫واتصلت "العربية‪.‬نت" بالمراقب المستقيل‬ ‫فاعترف أنور مالك أنه بقي في الفندق "ولكن طوال‬ ‫األيام األربعة األخيرة فقط‪" ،‬ألني كنت أعاني وبعض‬ ‫زمالئي المراقبين من حمى أصابتنا بسبب تغيرات‬ ‫الطقس" وفق ما ذكر عبر الهاتف من الدوحة التي‬ ‫يغادرها غدا الجمعة إلى فرنسا حيث يقيم‪.‬‬ ‫وقال مالك‪" :‬طالما بقيت األيام األربعة األخيرة‬ ‫في الفندق‪ ،‬فماذا كنت أفعل طوال ‪ 12‬يوما سبقتها‬ ‫إن لم أكن في حمص وباب عمرو أقوم بعملي في‬ ‫المراقبة؟ يكفي الواحد منا يوم واحد ليعرف ماذا يجري‬ ‫في سورية‪ ،‬أما أنا فبقيت أراقب الوضع طوال أيام"‪.‬‬ ‫وروى أن هناك شرائط فيديو كثيرة موجودة على‬ ‫"يوتيوب" وغيره يظهر فيها إلى جانب الدابي نفسه‬ ‫وهو يقوم بعمله "كما بحوزتي عشرات الصور أظهر‬ ‫فيها أمام جثث القتلى من المتظاهرين‪ ،‬وكله سأنشره‬ ‫في كتاب عنوانه "كنت مراقبا في سورية" وفيه سأروي‬

‫المزيد عند صدوره بعد شهرين" كما قال‪.‬‬ ‫وذكر مالك أنه تلقى أكثر من ‪ 10‬تهديدات بالقتل‬ ‫في سورية بعد أن نشر في صفحته على "فيسبوك"‬ ‫مالحظات عما رآه فيها من قتل للمتظاهرين‪ ،‬ورواه‬ ‫بعدها لوسائل اإلعالم "وهو ما أثار حفيظتهم‬ ‫فهددوني عبر الهاتف بالذبح‪ ،‬وهذا هو سبب مغادرتي‬ ‫لسورية بسرعة وبتذكرة اشتريتها من حسابي"‪.‬‬ ‫وقال مالك إنه أبلغ رئيس بعثة المراقبين بمرضه‬ ‫وبنيته المغادرة "فسمح لي‪ ،‬لكنه قال إن البعثة تفتقر‬ ‫للمال وسينتظر ‪ 3‬أيام ليتمكن من شراء تذكرة سفر‬ ‫أعود بها إلى فرنسا‪ ،‬فانتابني قلق من البقاء في‬ ‫دمشق وقررت المغادرة سريعا على حسابي الخاص"‪.‬‬ ‫وذكر أنه ال يعرف برهان غليون شخصيا "وبحياتي‬ ‫لم أجتمع إليه أو أراه" وزوجتي ال تمت إليه أيضا بأي‬ ‫صلة‪ ،‬بل هي مثلي جزائرية"‪ .‬وقال إن رئيس بعثة‬ ‫المراقبين هو الذي يتخبط ويخترع الذرائع في كل مرة‬ ‫يضيق عليها منطق الحقيقة بالخناق على األكاذيب‬ ‫"وكله سيظهر واضحا وجليا للجميع عما قريب"‪.‬‬

‫أوجاع وطن ‪. .‬‬

‫رد ًا على بيان من الدابي اتهمه باخرتاع روايته‬

‫ثورة سلمية‪ ..‬ضد التدخل األجنبي‪ ..‬ضد‬ ‫الطائفية والفئوية‪..‬‬ ‫منذ عشرة شهور يسير الشعب السوري نحو‬ ‫الحرية وثقتنا به ال تشوبها شائبة لذا نرى أن من واجبنا‬ ‫أن نحذره من خطر التدخل األجنبي وأن نشد على أياديه‬ ‫للحفاظ على سلمية الثورة التي عودتنا منذ بدايتها على‬ ‫رفض الطائفية والفئوية‪.‬‬ ‫منذ عشرة شهور يسير الشعب السوري نحو‬ ‫الحرية بثبات‪ ،‬رغم تعثر خطواته التي يقطعها إجرام‬ ‫نظام بشار األسد بأسلحة كانت أولى بحرب تحرير‬ ‫أرضه المحتلة‪ ،‬أو يقطعها اختالف من ائتمنهم الشعب‬ ‫السوري على تمثيله‪.‬‬ ‫منذ عشرة شهور يسير الشعب السوري نحو الحرية‬ ‫يسقط في مسي ِره شهيدا من يسقط‪ ،‬دون أن يَحدّ‬ ‫القتل ومحاولة تفريق الصفوف من صموده البطولي‪.‬‬ ‫منذ عشرة شهور يسير الشعب السوري نحو‬ ‫الحرية والعالم كله يُحلل شعارات مظاهراته وتحقق‬ ‫الفضائيات نسب المشاهدة المرتفعة فوق دماء شهدائه‬ ‫ويبيع اإلعالم الكالم والصور عن حرب أهلية أو مؤامرة‪،‬‬ ‫ويتهالك على سورية من لم يدعموا يومًا الحرية‬ ‫والديمقراطية في شرقنا‪ ،‬معتقدين أن مؤامراتهم‬ ‫ونواياهم تنطلي علينا‪ .‬ونحن على ثقة أن هذه‬ ‫المؤامرات ستتهاوى عند أقدام الشعب السوري العربي‬ ‫العريق‪ ،‬حالما يستعيد عافيته‪.‬‬ ‫عشرة شهور ونحن نتفرج ونؤدلج الموقف ونتفادى‬ ‫مشاهدة الجثث الممثل بها والنساء اللواتي ال يتظاهرن‬ ‫خوفا من الرصاص وننتقي القناة التي سنشاهد فيها‬ ‫ً‬ ‫سوريّة وسوريًّا‬ ‫خبر استشهاد ثالثين وسبعين ومئة‬ ‫ونخجل من تضامننا البائس‪ . .‬وعندما ينتهي كل يوم‬ ‫ثوري تنام عشرات األسر السورية دون أحد أبنائها ودون‬ ‫أن يقاسمها ألمها أحد‪.‬‬ ‫نحن نشطاء ومدونون فلسطينيون‪ ،‬وفي يوم‬ ‫التضامن العالمي مع الثورة السورية‪ ،‬نؤكد وقوفنا إلى‬ ‫جانب الشعب السوري الثائر‪ .‬نرفض بشدة استخدامنا‬ ‫واستخدام قضية فلسطين كسجادة يكنس نظام األسد‬ ‫جثث ثوار سورية تحتها ثم يدوس عليها أمام عيوننا جميعا‪.‬‬ ‫لنفكر عميقا بما يدور حول الثورة السورية وداخلها لكن‬ ‫لنترك التحليل المفرط والفذلكة جانبا ألن الثمن ليس أقل‬ ‫من دماء إخوتنا‪ .‬لندعم الثورة السورية لتظل ثورة ترفض‬ ‫التدخل األجنبي وتلفظ الطائفية وتحتفظ بسلميتها‪ ،‬فدون‬ ‫ثقتنا جميعا بها ودعمنا لها لن يكون لنا أي حق بالتنظير‬ ‫والمزاودة على الشعب السوري الذي يُقتل كل دقيقة‪.‬‬ ‫‪2012 / 1 / 21‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫دعا أكثر من مائة سوري من أبناء الطائفة‬ ‫العلوية واألقليات الدينية والقومية "المتخوفين مما‬ ‫سيلي انهيار النظام" إلى "المشاركة في إسقاط‬ ‫النظام القمعي والمساهمة في بناء الجمهورية‬ ‫السورية الجديدة‪ ..‬دولة القانون والمواطنة"‪.‬‬ ‫ووصف الموقعون‪ ،‬وأغلبهم من النخبة المثقفة‪،‬‬ ‫أنفسهم بأنهم "علويو المولد"‪ ،‬وقالوا في بيان لهم‬ ‫صدر تحت عنوان "بيان من أجل المواطنة"‪ ،‬إنهم‬ ‫يعبرون "عن رأي مجموعة كبيرة من أبناء الطائفة‬ ‫العلوية"‪ ،‬وقد أجبرتهم الظروف والمسؤولية الوطنية‬ ‫على "اإلشارة مكرهين إلى خلفياتنا االجتماعية"‪.‬‬ ‫وقال البيان الذي وصف ما يجري في سورية‬ ‫بـ"انتفاضة الحرية في سورية"‪ ،‬إن الموقعين على‬ ‫البيان دعموا ومنذ البداية "انتفاضة الحرية" ودعموا‬ ‫كل مطالبها "مروراً بإسقاط النظام بكافة رموزه‪،‬‬ ‫وانتهاء ببناء دولة مدنية ديمقراطية تحترم جميع‬ ‫مواطنيها"‪ .‬واستنكر الموقعون على البيان "محاولة‬ ‫النظام من خالل أالعيبه األمنية واإلعالمية ربط‬ ‫الطائفة العلوية خصوصا‪ ،‬واألقليات الدينية عمومًا‪،‬‬ ‫به"‪.‬‬ ‫وأدان البيان "سلوك وتصريحات أطراف معارضة‬ ‫تحاول إضفاء صفة الطائفية على انتفاضتنا التي‬ ‫كانت وما زالت انتفاضة كرامة بمطالب مدنية"‪.‬‬ ‫واعتبر البيان هذه األطراف "الوجه اآلخر للنظام‬ ‫القمعي"‪.‬‬ ‫وأكد البيان على "وحدة الشعب السوري بكافه‬ ‫أطيافه الدينية والقومية"‪ ،‬ودعا إلى "العمل على‬

‫بناء دولة حرة ديمقراطية تحفظ حقوق مواطنيها‬ ‫بالتساوي"‪ ،‬وقال إن هذا "يتم بداية بإسقاط النظام‬ ‫االستبدادي الحالي"‪.‬‬ ‫وطالب البيان الجيش السوري بالتوقف "عن‬ ‫تنفيذ أوامر القتل ضد المتظاهرين السلميين"‪.‬‬ ‫وجرم البيان "أعمال القمع الوحشية التي يقوم بها‬ ‫أزالم النظام (الشبيحة) أيًّا كانوا‪ ،‬وألي جماعة دينية‬ ‫أو قومية انتموا"‪.‬‬ ‫وتعهد الموقعون بـ"الدفاع عن الحقوق المدنية‬ ‫للمواطنين السوريين من كافة أطياف المجتمع‬ ‫السوري في وجه من يتعدى عليها أيّا كان"‪.‬‬ ‫ودعا البيان المواطنين السوريين "العلويين‬ ‫وأبناء األقليات الدينية والقومية المتخوفين مما‬ ‫سيلي انهيار النظام إلى المشاركة في إسقاط النظام‬ ‫القمعي والمساهمة في بناء الجمهورية السورية‬ ‫الجديدة‪ ..‬دولة القانون والمواطنة"‪ ،‬مديناً في الوقت‬ ‫ذاته "أية ممارسات وتصريحات طائفية تصدر عن‬ ‫معارضين‪ ،‬باعتبارها إساءة للشعب السوري كله‬ ‫ولمستقبل سورية"‪.‬‬ ‫كما دعا البيان قوى الثورة إلى "إدانة مثل هذه‬ ‫الممارسات والتصريحات"‪ .‬وتم طرح البيان الذي‬ ‫وقعه أكثر من مائة مثقف سوري علوي على الرأي‬ ‫العام للتوقيع عليه من خالل صفحة خاصة على‬ ‫موقع "فيس بوك"‪ ،‬وتوزيعه على وسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫يشار إلى أن إعداد البيان استغرق وقتاً طوي ًال‬ ‫في النقاشات قبل اإلعالن عنه‪ .‬ومن الموقعين‪،‬‬ ‫أعضاء من المعارضة ومثقفون سوريون‪.‬‬

‫ر�سالة يوم الغ�ضب العاملي لن�صرة‬ ‫ال�شعب ال�سوري‬

‫‪3‬‬


‫بني املنطق واملحاربة العمياء بحجة العداء للدين‬ ‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫الدولــــة املدنيــــة حتميــــنا‬ ‫أمام حتميةٍ تاريخية مفادها أن إرادة‬ ‫الشعوب هي المنتصرة وأمام حتميةٍ‬ ‫تاريخية تقضي بعدم عودة التاريخ إلى‬ ‫الوراء نرى أن هناك ثالثة احتماالت ال‬ ‫غير لتطور األمور في سوريا‪:‬‬ ‫‪ - 1‬يسقط النظام وال وجود لقوى‬ ‫سياسية أو تحالفٍ ما ليقود البالد إلى‬ ‫الخالص (فوضى أو حرب أهلية)‬ ‫‪ - 2‬يسقط النظام ويستولي على‬ ‫السلطة السياسية حزبٌ أو تحالف أسوأ‬ ‫مما لدينا‪.‬‬ ‫‪ - 3‬يسقط النظام ويستولي على‬ ‫السلطة السياسية حزب أو تحالف أفضل‬ ‫مما لدينا‪.‬‬ ‫ولعل الخيار الثالث هو ما تطمح‬ ‫له الثورة والتي وإن امتدت إليها أيادي‬ ‫المصالح الغربية ودخلت في لعبة األمم‬ ‫إال أنها ساعة انبثاقها كانت حراكًا شعبيًا‬ ‫سلميًا دافعه إحساس فطري بالحرية‬ ‫وتوق للعدالة وتكافؤ الفرص والكرامة‪.‬‬ ‫لم يخطر في بال الشباب في‬ ‫الحميدية أو الجموع في درعا أن الثورة‬ ‫ستستنفذ كل هذا الوقت والدم وكان‬ ‫المشهد الحالم للثورة التونسية هو‬ ‫التطور الطبيعي للثورة السورية‪.‬‬ ‫مع وقوف المعارضين والموالين‬ ‫أمام حائطٍ مسدود مع نظام ما زال‬ ‫يمضي في حملة القتل ٍواالعتقال‬ ‫والكبت والتعذيب وعقد الصفقات مع‬ ‫هذا الطرف أو ذاك‪ ،‬وثورةٍ لم تنجح‬ ‫في إنتاج جسدٍ سياسي على أية درجةٍ‬ ‫من التنظيم قادر على استالم السلطة‪،‬‬ ‫يبدو أنه لمن اإلهانة للشعب السوري‪،‬‬ ‫ولثورته المجيدة التسليم بأن بديل‬ ‫النظام في سوريا لن يكون إال إمار ًة‬ ‫سلفية أو فوضىً مطلقة أو تطبيعاً مع‬ ‫العدو اإلسرائيلي‪ ،‬لسنا هنا ضد التيار‬ ‫تيار يختاره الشعب‬ ‫اإلسالمي أو أي ٍ‬ ‫السوري تحت غطاء القانون وفق مبدأ‬ ‫صندوق االقتراع يمثلني‪ ،‬لذا ال بدّ من‬ ‫كشعار‬ ‫التأكيد على شعار الدولة المدنية‬ ‫ٍ‬ ‫مركزيٍّ للثورة‪ ،‬فالدولة المدنية هي‬ ‫الحامي للمواطن بغض النظر عن إثنيته‬ ‫أو دينه أو جنسه‪.‬‬ ‫مع الفوضى اإلعالمية التي تتخبط‬ ‫بها الثورة ومع ظهور مشايخ الثورة‬ ‫وفتاوى الثورة بدأت معالم التوجه‬ ‫اإلسالمي تظهر بشراسةٍ مما ّ‬ ‫بث‬ ‫الخوف لدى أكثر المعارضين للنظام من‬ ‫أبناء األقليات الدينية والعرقية والتيار‬ ‫العلماني وظهرت إلى السطح حتمية‬ ‫تاريخية مقلوبة (عودة التاريخ إلى الوراء‬ ‫بدل من التقدم إلى األمام)‪.‬‬ ‫إن سلمية الثورة وشعار مدنية‬ ‫الدولة هي الضامن الوحيد لنجاحها في‬ ‫إسقاط النظام واستبداله بنظام أفضل‬ ‫ٍ‬ ‫المركزي للثورة‬ ‫هذا األخير هو الهدف‬ ‫السورية‪ ،‬فقد كانت الدولة المدنية وما‬ ‫زالت الهدف األساسي للتغيير في سوريا‬ ‫لكن ما جوبهت به الثورة السورية من‬ ‫ً‬ ‫داخلية أم‬ ‫حروب ومعوقاتٍ ومؤامراتٍ‬ ‫ٍ‬ ‫خارجية‪ ،‬ومن انشطار بين أبناء الوطن‬ ‫الواحد ال يكفي لجعل هذا الهدف أم ًال‬

‫صعبًا أو شأنًا مؤج ًال فعلى الشعب في‬ ‫سوريا أن يعي ويدرك بأن مشكالته‬ ‫الحقيقية ال تأتي من الخارج بل من‬ ‫الداخل بعد أربعين عامًا من غياب أي‬ ‫مشروع للنهوض يبدأ من الحد األدنى‬ ‫ٍ‬ ‫من الديمقراطية والحرية مترافقًا مع‬ ‫اختفاء سلطة اإلرغام والفرض والبدء‬ ‫في إطالق إرادة الشعب‪.‬‬ ‫الدولة المدنية تعني سيادة القانون‪،‬‬ ‫الشعب يريد ً‬ ‫دولة مدنية‪ ،‬الشعب يريد‬ ‫العدالة والمساواة‪ ،‬الشعب يريد‪....‬‬ ‫هذه الشعارات حملتها الجماهير‬ ‫السورية المنتفضة ونادت بها في‬ ‫الساحات والميادين مع مطالع الثورة‪،‬‬ ‫هل كانت أغلبية هذه الجماهير تعي‬ ‫معنى هذه الشعارات التي تحملها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مطالبة بتحقيقها؟ وتعي كيف‬ ‫وتهتف‬ ‫ستعمل على تحقيقها؟ أم أنها نزلت إلى‬ ‫الشارع بصدق ونقاء الثورة بعيداً عن‬ ‫وحي السياسة والمصالح‪ ،‬ويطفو على‬ ‫السطح وأمام النفس الطائفي الذي بدأ‬ ‫يشيع في المجتمع السوري تساؤل مفاده‬ ‫هل من جهاتٍ خفية تكتب الشعارات‬ ‫المطالبة بالمدنية‪ ،‬وتستخدم المدنيين‬ ‫وقوداً لها لتطالب بها وعندما تستجاب‬ ‫مطالبها ويوكل إليها أمر تنفيذها‬ ‫ستقوم بالعمل على تنفيذ عكسها‪.‬‬ ‫إن أنصار الحداثة والتقدم في‬ ‫الثورة السورية يجدون أنفسهم اليوم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫قمعي‬ ‫سياسي‬ ‫بين مطرقة نظام‬ ‫ومتخلف‪ ،‬وسندان ٍ‬ ‫موجة الردة والرداءة‪،‬‬ ‫فعلى الرغم من التناقض األساسي بين‬ ‫القوتين في ِّ‬ ‫جل الحاالت فإن تأثيرهما‬ ‫السلبي يصبّ في نهاية المطاف في‬ ‫مجرىً واحد‪ ،‬مجرى التخلف ومعاداة‬ ‫الدولة المدنية الحديثة بمؤسساتها‬ ‫الدستورية الحقيقية وقيمها الحداثية‪.‬‬ ‫شباب الثورة السورية اآلن بين‬ ‫مطرقة النظام وسندان المحافظين‬ ‫من شيوخ النقل الببغائي‪ ،‬فحين تتبادل‬ ‫مواقع التواصل االجتماعي فتاوىً‬ ‫بتحريم خروج النساء للمظاهرات من‬ ‫مشايخ مؤيدين للثورة وعلى مواقع‬ ‫الثورة أمرٌ يدعو لدقَّ ناقوس الخطر‬ ‫وتأكيد أن الهدف األسمى للثورة اآلن هو‬ ‫الدولة المدينة بد ًال من شعار إسقاط‬ ‫النظام فالنظام سقط وساعة الصفر‬ ‫وبالتعبير القانوني هي أُثرٌ كاشفٌ‬ ‫لسقوط النظام وليس مُنشِأً له‪.‬‬

‫ماذا تعني الدولة املدنية؟‬ ‫ظهرت فكرة الدولة المدنية عبر‬ ‫محاوالت فالسفة التنوير تهيئة األرض‬ ‫لنشأة دولةٍ حديثة تقوم على مبادئ‬ ‫المساواة وترعى الحقوق وتنطلق‬ ‫من قيم أخالقية في الحكم والسيادة‬ ‫ٍ‬ ‫وتبلورت فكرة الدولة المدنية عبر‬ ‫إسهاماتٍ الحقة ومتعددة من مصادر‬ ‫مختلفة في العلوم االجتماعية‪ ،‬ولكي‬ ‫يبلور المفكرون طبيعة الدولة الجديدة‬ ‫لجأوا إلى تصوير حالة الطبيعة التي‬ ‫تقوم على الفوضى وطغيان األقوى فهذه‬ ‫الحالة تحكمها مشاعر القوة والغضب‬ ‫والسيطرة وتفقد الروح المدنية التي‬

‫ياسر مرزوق ‪ -‬ليلى السمان‬

‫ل�سنا هنا �ضد التي��ار الإ�سالمي �أو �أي تيا ٍر‬ ‫يختاره ال�شعب ال�سوري حتت غطاء القانون‬ ‫وف��ق مب��د�أ �صن��دوق االق�تراع ميثلن��ي‬ ‫تتسم بالتسامح والتساند والتعاون‬ ‫من أجل العيش المشترك‪ ،‬إن تأسيس‬ ‫الدولة المدنية هو الكفيل بسيادة هذه‬ ‫الروح التي تمنع الناس من االعتداء على‬ ‫أطر‬ ‫بعضهم البعض من خالل تأسيس ٍ‬ ‫سياسية وقانونية خارجة عن تأثير القوة‬ ‫والنزعات الفردية أو المذهبية تستطيع‬ ‫أن تنظم الحياة العامة وتحمي الملكية‬ ‫الخاصة وتنظم شؤون التعاقد وتطبق‬ ‫القانون على جميع الناس بصرف النظر‬ ‫عن مكانتهم وانتماءاتهم‪.‬‬ ‫تمثل الدولة إرادة المجتمع مما‬ ‫يعني أن فكرة الدولة المدنية تنبع من‬ ‫إجماع األمة ومن إرادتها المشتركة وهي‬ ‫إن تتأسس على هذا النحو فإنها تصبح‬ ‫دولة توصف بأوصافٍ كثيرة أولها أنها‬ ‫دولة القانون‪.‬‬ ‫فالدولة المدنية تعرف على أنها‬ ‫اتحادٌ من أفرادٍ يعيشون في مجتمع‬ ‫يخضع لنظام من القوانين وقضا ٍء يطبق‬ ‫ٍ‬ ‫القوانين بإرساء مبادئ العدل فمن‬ ‫هذه‬ ‫الشروط األساسية في قيامها أال يخضع‬ ‫قبل‬ ‫فيها أي فرد النتهاك حقوقه من ِ‬ ‫فردٍ آخر أو طرفٍ آخر‪ ،‬فثمة دائمًا‬ ‫سلطة عليا هي سلطة الدولة يلجأ إليها‬ ‫األفراد عندما تنتهك حقوقهم أو تهدد‬ ‫باالنتهاك‪ ،‬هذه السلطة هي التي تطبق‬ ‫القانون وتحفظ الحقوق لكل األطراف‬ ‫وتمنع األطراف من أن يطبقوا أشكال‬ ‫العقاب بأنفسهم‪ ،‬ومن ثم فإنها تجعل‬ ‫من القانون أدا ًة تقف فوق الجميع‪.‬‬ ‫من خصائص الدولة المدنية أنها‬ ‫ٍ‬ ‫مدني من العالقات‬ ‫تتأسس على نظام‬ ‫يقوم على السالم ٍوالتسامح وقبول اآلخر‬ ‫والمساواة في الحقوق والواجبات والثقة‬ ‫في عمليات التعاقد والتبادل المختلفة‪ ،‬إن‬ ‫هذه القيم هي ما تشكل ما يطلق عليه‬ ‫الثقافة المدنية وهي تتأسس على مبدأ‬ ‫االتفاق أي وجود حدٍّ أدنى من القواعد‬ ‫تشكل خطوطًا حمراء ال يجب تجاوزها‪،‬‬ ‫على رأسها احترام القانون وهو يشكل‬

‫القواعد المكتوبة وتأتي بعده قواعد‬ ‫عرفية عديدة غير مكتوبة تشكل بنية‬ ‫الحياة اليومية للناس‪ ،‬وتحدد لهم صور‬ ‫العيش القائم على النظام ال الفوضى‬ ‫وعلى السالم ال العنف وعلى التشارك ال‬ ‫الفردانية وعلى القيم اإلنسانية العامة‬ ‫ال القيم الفردية أو النزعات المتطرفة‪.‬‬ ‫إن الدولة المدنية ال تستقيم إال‬ ‫بشرطٍ ثالث هو المواطنة‪ ،‬فلكي يخرج‬ ‫المجتمع السوري من العصبيات التقليدية‬ ‫الفئوية والمناطقية والمذهبية يجب أن‬ ‫يحل عند كل فرد محل وضعية التابع‬ ‫لسيده أو طائفته أو حزبه أو مدينته‬ ‫وضعية المواطن أي أن يوضع األفراد‬ ‫جميعاً في شروط ممارسة المواطنة‪،‬‬ ‫وشروط المواطنة خمس‪:‬‬ ‫‪ - 1‬الحرية‪ :‬فالفرد غير الحر في‬ ‫تفكيره واعتقاداته السياسية أو الدينية‬ ‫أو الفلسفية وفي سلوكه واختياره‬ ‫طريقة حياته وحكمه وعمله وعالقاته‬ ‫االجتماعية ليس مواطنًا‪ ،‬إنما تابعٌ لغيره‬ ‫وخاضعٌ له‪ ،‬هذا هو مفهوم الحرية من‬ ‫عهد الديمقراطية اليونانية‪ ،‬فال مواطنة‬ ‫مع العبودية واالنتقاص المبدئي من‬ ‫بشكل‬ ‫الحريات األساسية والسياسية‬ ‫ٍ‬ ‫خاص مهما كان شكل هذا االنتقاص‪.‬‬ ‫‪ - 2‬المساواة القانونية‪ :‬فالذي يميز‬ ‫المواطن عن القن(*) والمحسوب والزبون‬ ‫والعبد وكل أشكال التبعية الشخصية‬ ‫السابقة على الدولة الحديثة‪ ،‬هو‬ ‫وجود قانونٍ واحد ينطبق على الجميع‬ ‫ومساواة الجميع في الحقوق والواجبات‬ ‫وكذا في الجزاءات والعقوبات‪ ،‬فمتى ما‬ ‫طبقت في الدولة قاعدة التمييز على‬ ‫أساس (محمد يرث ومحمد ال يرث) حتى‬ ‫ولو كان ذلك في حدودٍ ضيقة انتفت‬ ‫قاعدة المساواة وفسد مفهوم المواطنة‬ ‫أو صار استقراره صعب المنال واألصل‬ ‫في ذلك أنه ال مواطنة مع التمييز في‬ ‫الحقوق والواجبات واالختيار للمسؤوليات‬ ‫وتأمين المنافع والفرص‪.‬‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫�شباب الثورة ال�سورية الآن بني مطرقة النظام‬ ‫و�سن��دان املحافظني من �شيوخ النقل الببغائي‬

‫�إنالدولةاملدنيةالتت�أ�س�سبخلطالدينبال�سيا�سة‬ ‫عامال � ً‬ ‫فالدين يظل يف الدولة املدنية ً‬ ‫أ�سا�سيا يف بناء‬ ‫الأخالق وخلق الطاق��ة للعمل والإجناز والتقدم‬

‫* القن هو العبد الذي يباع ويشترى مع األرض‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫عامة الختيار القيادات ونواب الشعب‬ ‫ال بصفتهم الشخصية وإنما بحكم ما‬ ‫يطرحونه من برامج وسياسات‪.‬‬ ‫إن الديمقراطية هو الوسيلة التي‬ ‫تلتئم من خاللها األفكار المختلفة‬ ‫والتوجهات السياسية لالرتقاء الدائم‬ ‫بالمجتمع وتحسين ظروف المعيشة فيه‪،‬‬ ‫وكذلك االرتقاء بنوعية الثقافة الحاكمة‬ ‫لعالقات األفراد وتفاعالتهم‪ ،‬بمعنى‬ ‫مختصر إنها الطريق الدائم نحو التقدم‬ ‫الدائم‪.‬‬ ‫وال تتحقق الديمقراطية إال بقدرة‬ ‫مجال عام‬ ‫الدولة المدنية على تطوير‬ ‫ٍ‬ ‫أو ميدانٍ عام‪ ،‬هو مصطلح يطلق على‬ ‫مجال النقاش والتداول العام الذي يحقق‬ ‫التواصل االجتماعي بين الجماعات‬ ‫واآلراء المختلفة ويضم المجال العام‬ ‫حاالتٍ فرعية للنقاش والحوار تبدأ‬ ‫من المنتديات الفكرية وتندرج عبر‬ ‫الجمعيات األهلية والهيئات والمؤتمرات‬ ‫العامة‪ ،‬وصو ًال إلى النقابات وجماعات‬ ‫الضغط واألحزاب السياسية‪ ،‬هذا الميدان‬ ‫يحافظ على استقالله بحيث يكون قادراً‬ ‫ٍ‬ ‫موضوعي‬ ‫نحو‬ ‫على طرح أفكاره على ٍ‬ ‫ومحايد‪.‬‬ ‫فالمجال العام هو الذي يلهم‬ ‫المجتمع األساليب القويمة في التفكير‬ ‫والتدبر والتواصل الجمعي‪ ،‬أنه يحول‬ ‫المناقشات المتفرقة إلى مناقشاتٍ‬ ‫تصب في الصالح العام وتتم وفق‬ ‫قواعد وأصول عقلية بحيث ال يتحول‬ ‫النقاش إلى فوضىً طالما أنه يقوم‬ ‫على العقل والتدبر والقدرة على تقديم‬ ‫الحلول والمرونة في االستجابة ألفكار‬ ‫األطراف األخرى‪ ،‬ويتأسس المجال العام‬ ‫بجانب عملية التدبر العقلي والتفاوض‬ ‫على ما يطلق عليه الفعل التواصلي‬ ‫أو االتصالي‪ ،‬إنه الفعل الذي يقوم‬ ‫على احترام أفعال اآلخرين وأفكارهم‬ ‫واالستجابة إليها دون عنفٍ أو تنافر‪ ،‬أو‬ ‫تنابذٍ أو رفض‪.‬‬ ‫وأخيراً فإن الدولة المدنية ال تتأسس‬ ‫بخلط الدين بالسياسة فالدين يظل في‬ ‫الدولة المدنية عام ًال أساسياً في بناء‬

‫األخالق وخلق الطاقة للعمل واإلنجاز‬ ‫والتقدم‪ ،‬هذه وظيفة الدين األصلية في‬ ‫كل المجتمعات الحديثة الحرة‪ ،‬ومن ثمّ‬ ‫فليس صحيحًا أن الدولة المدنية تعادي‬ ‫الدين أو ترفضه فالدين جزء ال يتجزأ من‬ ‫منظومة الحياة فهو الباعث على األخالق‬ ‫واالستقامة وااللتزام ينطبق ذلك على‬ ‫اإلنسان في حياته اليومية كما ينطبق‬ ‫على رجال السياسة بنفس القدر‪.‬‬ ‫إن ما ترفضه الدولة المدنية‬ ‫هو استخدام الدين لتحقيق أهدافٍ‬ ‫سياسية‪ ،‬فذلك يتنافى مع مبدأ التعدد‬ ‫الذي تقوم عليه هذه الدولة فض ًال عن‬ ‫ٍ‬ ‫خالفي‬ ‫موضوع‬ ‫أنه يحول الدين إلى‬ ‫ٍ‬ ‫وجدلي وإلى تفسيراتٍ تبعده عن عالم‬ ‫القداسة وتدخله عالم المصالح الدنيوية‬ ‫الضيقة‪ ،‬فالدين في الدولة المدنية‬ ‫ليس أدا ًة للسياسة وتحقيق المصالح‪،‬‬ ‫إنما يظل في حياة الناس الخاصة ً‬ ‫طاقة‬ ‫ً‬ ‫وجودية وإيمانية تمنح األفراد في‬ ‫حياتهم مبادئ األخالق وحب العمل وحب‬ ‫الوطن وااللتزام األخالقي العام‪.‬‬ ‫إن الديمقراطية والعلمانية‬ ‫والمواطنة ثالوث ال ينتهي فالعلمانية‬ ‫جزء من الرؤية الديمقراطية بقدر ما‬ ‫ٌ‬ ‫شرط للمساواة بين األفراد أمام‬ ‫هي‬ ‫القانون وفي المجتمع‪ ،‬لكن العلمانية‬ ‫ً‬ ‫منتجة هي نفسها للمواطنة‬ ‫ليست‬ ‫والديمقراطية‪ ،‬بل يمكن أن تكون‬ ‫سببًا في عرقلة القضيتين لهذا ينبغي‬ ‫أن نتوخى الدقة في كالمنا فالعلمانية‬ ‫ٌ‬ ‫شرط للديمقراطية بهذا المعنى حصراً‪،‬‬ ‫لكن ليس إذا كان المقصود وكما هو‬ ‫شائع عند الكثير من العلمانيين في‬ ‫العالم العربي واإلسالمي‪ ،‬إلغاء الدين‬ ‫من المجتمع أو حرمان الناس من حرية‬ ‫العقيدة وتقييد تعاملهم مع الدين‪ ،‬أو‬ ‫حتى أقل من ذلك أي نشر العلمانية‬ ‫نفسها كعقيدةٍ وفلسفة منافية للدين‬ ‫أو بديلةٍ له‪ ،‬فمن المؤكد أن ال عالقة‬ ‫لهذا مطلقًا‪ ،‬ال بالمواطنة وال بالعلمنة‪،‬‬ ‫فليس من واجب الدولة وال من‬ ‫صالحياتها وال من حقها العبث بالدين أو‬ ‫اتخاذ رأي فيه أو المشاركة في تفسيره‬ ‫ٍ‬ ‫تأويله‪ ،‬وليس من حقها كذلك التالعب‬ ‫أو‬ ‫به واستخدام الشعور الديني عند الناس‪،‬‬ ‫كما هو حاصل في جميع البلدان العربية‬ ‫بما فيها تلك التي تّدعي العلمانية لتبرير‬ ‫سياساتها أو إطفاء الشرعية عليها أو‬ ‫على زعمائها وقادتها‪ ،‬وفعل هذا العبث‬ ‫يدفع ال محال بعض أطراف المعارضة‬ ‫إلى التالعب بالقدر نفسه أو أكثر بالدين‬

‫والسعي إلى استخدامه لتحقيق مصالح‬ ‫ليس لها أية عالقةٍ به‪.‬‬ ‫إن وظيفة الدولة ليست هداية‬ ‫المجتمع‪ ،‬وال تكوين أفكاره وعقائده‬ ‫الدينية وهي ال تملك الوسائل لذلك‪،‬‬ ‫كمركز للسلطة‬ ‫وبنيتها الخاصة‬ ‫ٍ‬ ‫السياسية ال تؤهلها ذلك‪ ،‬وبالمثل ليس‬ ‫من وظيفتها تعميم إيديولوجيا ولو كانت‬ ‫غير دينية وال أن تفرض مذهباً سياسيًا‬ ‫أو فلسفيًا على المجتمع وإال صارت ً‬ ‫دولة‬ ‫دينية ولو لم تكن هذه اإليديولوجية‬ ‫دينية‪ ،‬فهي بهذا تكون منحاز ًة لطرفٍ‬ ‫دون آخر‪ ،‬وهذا هو الواقع في سوريا‬ ‫التي تعتبر نفسها علمانية وهي في‬ ‫الواقع مذهبية ضيقة‪ ،‬ال تختلف كثيراً‬ ‫عن نظام طالبان‪ ،‬من حيث أسس‬ ‫عملها وقواعد تصرفها تجاه المجتمع‪،‬‬ ‫فالدولة االستبدادية تعتقد أن من واجبها‬ ‫أن تقرر في ميدان السياسة والفكر‬ ‫والتفسير الديني ونوع الفن واألدب‬ ‫والشعر والقصة والرواية التي تستحق‬ ‫النشر وتلك التي تحمل القيم اإليجابية‬ ‫وتلك التي ال تحملها‪.‬‬ ‫إن جوهر اإلشكالية في سوريا‬ ‫ليس أن الناس ضد حيادية الدولة‪ ،‬بل‬ ‫إن الدولة تستخدم سلطتها السياسية‬ ‫فكر أحادي على المجتمع‬ ‫من أجل فرض‬ ‫سواء أكان دينياً أم ٍغير ٍ‬ ‫ديني‪.‬‬ ‫إن خطر نشوء ديكتاتورية إسالموية‬ ‫مكان الديكتاتورية األمنية قائم بالفعل‬ ‫اليوم‪ ،‬لكن ليس ألن في ذلك أي حتمية‬ ‫تاريخية أو سياسية‪ ،‬إنما بسبب تقصير‬ ‫القوى الديمقراطية والعلمانية وانعدام‬ ‫ثقتها بنفسها واستقالتها السياسية‬ ‫وعدم سعيها ألن تكون هي البديل من‬ ‫جهة‪ ،‬ولضعف التمويل والدعم الذي‬ ‫ً‬ ‫مقارنة بالتيار اإلسالمي من‬ ‫تعاني منه‬ ‫جهةٍ أخرى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ملونة‬ ‫إن الثورة السورية ابتدأت‬ ‫متجانسة كتلون سوريا‪ ،‬وواجبنا اليوم‪،‬‬ ‫هو الحفاظ على هذا التنوع فسوريا‬ ‫المرتقبة للجميع‪ ،‬ال مواالة في خطر وال‬ ‫أقلياتٍ في خطر وال حرياتٍ اجتماعيةٍ‬ ‫شكلية في خطر‪.‬‬ ‫ولعله يفيدنا أن نختم بالتذكير‬ ‫أن سوريا وبعد أربعة قرونٍ من‬ ‫حكم عثماني ديني إقصائي لم تكن‬ ‫ٍ‬ ‫أفضل حا ًال من سوريا اليوم على‬ ‫الصعيد االجتماعي والثقافي‪ ،‬وبدخول‬ ‫الملك فيصل سوريا واتخاذه للخيار‬ ‫الديمقراطي ومدنية الدولة بحسب‬ ‫المادة التاسعة من دستوره فتح‬ ‫للسوريين اآلفاق لالستقالل والوحدة‬ ‫الوطنية ومهد الطريق لتعيش سوريا‬ ‫أزهى عصور الديمقراطية الحقيقية في‬ ‫الخمسينيات‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪ - 3‬السيادة‪ :‬إن المشاركة في‬ ‫القرارات العامة وفي مقدمها قرارات‬ ‫اختيار الحكام وتنصيبهم وعزلهم هو ما‬ ‫ً‬ ‫خاضعة للمواطنين‪ ،‬أو دولة‬ ‫يجعل الدولة‬ ‫مواطنين‪ ،‬ويمنع أن يتحول المواطنون‬ ‫حتى ولو كانوا متساويين وأحراراً إلى‬ ‫وسائل لخدمة الدولة‪ ،‬أو عبيدٍ لها‪،‬‬ ‫فالفرد الذي تحرم عليه المشاركة في‬ ‫الحياة السياسية لمجتمعه ليس فرداً حراً‬ ‫بالمعنى السياسي‪ ،‬فالذي ميز المواطن‬ ‫منذ عهد اليونان أيضًا مشاركته في‬ ‫القرار السياسي وفي مقدمة ذلك في‬ ‫اختيار الحكام والمسؤولين السياسيين‪،‬‬ ‫وهذا يعني ال مواطنة من دون تنظيم‬ ‫انتخاباتٍ حرةٍ دورية والتزام الحكام‬ ‫بقواعد تداول السلطة القانونية‬ ‫والشرعية‪.‬‬ ‫‪ - 4‬العدالة‪ :‬تعني العدالة هنا‬ ‫الحد األدنى من التكافل االجتماعي‬ ‫والذي يشكل القاعدة الحقيقية للشعور‬ ‫بالقرابة السياسية ويبعث روح األخوة‬ ‫بين األفراد المتباينين في اإلرث‬ ‫البيولوجي واالقتصادي والثقافي‪ ،‬فال‬ ‫مواطنة مع سيادة األنانية الفردية‬ ‫وانعدام المسؤولية االجتماعية في إدارة‬ ‫موارد الدولة وتجيير المنصب لخدمة‬ ‫المصالح الخاصة وغياب السياسات‬ ‫االجتماعية الناجحة والفعالة‪.‬‬ ‫‪ - 5‬ثقافة مدنية قائمة على‬ ‫االحترام المتبادل وتقدير اإلنسان والفرد‬ ‫من حيث هو فردٌ وإنسان بصرف النظر‬ ‫اعتبار آخر وهو أصل دعوة حقوق‬ ‫عن أي‬ ‫ٍ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬والذي ينجم عنه تقديس الحياة‬ ‫البشرية والسعي إلى تجنب الصراعات‬ ‫والحروب والوسائل العنيفة في الحصول‬ ‫على المنافع الخاصة‪ ،‬واحترام حقوق‬ ‫اآلخرين وآرائهم ومصالحهم والشعور‬ ‫بالمسؤولية تجاههم وتجاه مصالحهم‬ ‫الخاصة‪ ،‬هذا هو الذي ينمي مشاعر‬ ‫الوالء واالنتماء للجماعة ويخلق بالتالي‬ ‫ما نسميه بالعصر الحديث الجماعة‬ ‫ً‬ ‫معارضة للجماعة القبلية أو‬ ‫الوطنية‬ ‫الدينية‪ ،‬أي جماعة المواطنين األحرار‬ ‫المتساويين المتضامنين األسياد‬ ‫المتعاقدين في إطار الدولة على تبادل‬ ‫المنافع المادية منها والمعنوية وفي‬ ‫مقدمها حماية حريات األفراد وحقوقهم‬ ‫والتي هي مصدر شرعية وجود الدولة‬ ‫ذاتها‪ ،‬والجماعة الوطنية بالمقارنة مع‬ ‫الجماعات الدينية والقبلية‪ ،‬وهي منبع‬ ‫القومية أو الوطنية كنزعةٍ فكرية‬ ‫وكشعور في مقابل العصبية الطائفية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أو العشائرية أو الجهوية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خصيصة‬ ‫من ثم فإن للدولة المدنية‬ ‫ً‬ ‫رابعة مهمة‪ ،‬وهي الديمقراطية‪،‬‬ ‫فالديمقراطية هي التي تمنع من أن‬ ‫تؤخذ الدولة غصبًا من خالل فردٍ أو‬ ‫نخبة أو عائلة أو نزعةٍ إيديولوجية‪ ،‬إن‬ ‫الديمقراطية هي وسيلة الدولة المدنية‬ ‫لتحقيق االتفاق العام‪ ،‬والصالح العام‬ ‫للمجتمع‪ ،‬كما أنها وسيلتها للحكم‬ ‫العقالني الرشيد‪ ،‬وتفويض السلطة‬ ‫وانتقالها‪ ،‬إنها تتيح الفرصة للتنافس‬ ‫الحر الخالق بين األفكار السياسية‬ ‫المختلفة وما ينبثق عنها من برامج‬ ‫وسياسات‪ ،‬ويكون الهدف النهائي‬ ‫للتنافس تحقيق المصلحة العليا للمجتمع‬ ‫والحكم النهائي في هذا التنافس هو‬ ‫الشعب الذي يشارك في انتخاباتٍ‬

‫‪5‬‬


‫بو�صــــــلة الثــــــورة‬ ‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫خالد كنفاني‬ ‫من��ذ الي��وم ال��ذي رف��ع في��ه‬ ‫المتظاهرون شعار إسقاط النظام بات‬ ‫نطلبه��م واضحًا وال يحتمل أية مواربة‬ ‫أو تأوي�لات‪ .‬خرج الجمي��ع عن صمتهم‬ ‫وخوفهم وصرخ��وا بأعلى صوتهم بأن‬ ‫"الشعب يريد إسقاط النظام"‪ ،‬والشعب‬ ‫بذلك يبعث برسالة إلى كل السياسيين‬ ‫والمحللين والمنظري��ن بأن يكفوا عن‬ ‫التالع��ب باأللف��اظ والمصطلحات التي‬ ‫ش��بع الناس م��ن س��ماعها لعقود خلت‬ ‫وأن يبدؤوا بالحديث عن مرحلة جديدة‬ ‫وعقد اجتماعي وسياسي جديد‪.‬‬ ‫يحدث في ث��ورات الربي��ع العربي‬ ‫أم��ر جدي��د‪ ،‬فه��ذه الث��ورات الش��عبية‬ ‫العارم��ة المنطلق��ة ب�لا قي��ادة وال‬ ‫رم��وز إعالمي��ة دفع��ت بالكثيرين من‬ ‫المثقفين والمفكرين باللهاث لمحاولة‬ ‫اللح��اق به��ذا الح��راك االجتماع��ي‬ ‫والثقافي التاريخي والذي يهز المنطقة‬ ‫العربي��ة ألول م��رة ربم��ا ف��ي تاريخها‬ ‫بأس��ره‪ .‬وهكذا وجد مئ��ات المعارضين‬ ‫في س��وريا أنس��هم بعيدين ج��داً عن‬ ‫الناس وحراك الش��ارع نظراً لترددهم‬ ‫الش��ديد من جهة وتفاجئهم بالسرعة‬ ‫الت��ي انتش��ر فيها ه��ذا الح��راك‪ ،‬وبدأ‬ ‫الجمي��ع بالبح��ث عن موط��ئ قدم بين‬ ‫جماهير الناس التي لم تعد تقبل بأقل‬ ‫م��ن الحرية والعدال��ة عناوين عريضة‬ ‫لوطنهم الذي يحلمون به‪.‬‬ ‫وج��د المثقف��ون والمفك��رون‬ ‫المعارض��ون أنفس��هم وللم��رة األولى‬ ‫خارج س��كة الث��ورة‪ ،‬ف��كل تحليالتهم‬ ‫وتبس��يطهم للوض��ع الداخل��ي ف��ي‬ ‫س��وريا أدت إل��ى المزي��د م��ن بعدهم‬ ‫ع��ن الناس وفه��م متطلباته��م‪ ،‬وكان‬ ‫القس��م األعظم من هؤالء يتحدث عن‬ ‫أمور لم تعد حتى موجودة في س��وريا‬ ‫من��ذ زمن بعيد وهو ما كش��ف اتس��اع‬ ‫اله��وة بي��ن المعارض��ة والجماهي��ر‪،‬‬ ‫ونح��ن عندما ال ننكر مش��روع التدمير‬ ‫الثقاف��ي والسياس��ي ال��ذي مارس��ه‬ ‫النظ��ام عبر عق��ود طويلة ف��إن علينا‬ ‫االعتراف ب��أن المعارضة في أغلبها لم‬ ‫ت��أت من قل��ب الجماهي��ر وإنما هبطت‬ ‫عليه��ا من الخ��ارج‪ ،‬وبالطبع ال ننس��ى‬ ‫اس��تثناء "التنس��يقيات" عل��ى األرض‪،‬‬ ‫ولكن حديثن��ا هنا عن م��ن كانوا على‬ ‫ط��ول الخط يدعون تمثي��ل آراء الناس‬ ‫وتطلعاته��م وظه��ر الحق��اً أنه��م ل��م‬ ‫يسمعوا لهؤالء الناس يومًا‪.‬‬ ‫ظه��رت المب��ادرات والمؤتم��رات‬ ‫والمجالس وب��دا أنها جميعًا تس��تعمل‬ ‫مب��دأ "المحاول��ة والخط��أ"‪ ،‬فيتم عقد‬ ‫الن��دوة أو المؤتمر ومن ثم يتم انتظار‬ ‫رد ف��ع الش��ارع‪ ،‬لتب��دأ بعده��ا محاولة‬ ‫جديدة تحت مس��ميات وشعارات جديدة‬ ‫أعلن الش��عب ببس��اطة أنه ال يريد أن‬ ‫يفهمها أو يتعاطى معها‪ ،‬إنه يريد شيئًا‬ ‫واحداً ال مواربة فيه‪" :‬إسقاط النظام"‪،‬‬ ‫والبقية تأتي‪ .‬كل ش��يء يمكن نقاشه‬ ‫وبحث��ه وتداول��ه ولك��ن بع��د إس��قاط‬ ‫النظ��ام‪ ،‬أما قبل ذلك ف�لا يريد الناس‬ ‫س��ماع أي��ة أه��داف أخ��رى أو محاوالت‬ ‫يائسة من أي نوع‪.‬‬ ‫إن الحدي��ث عن بوصلة الثورة هنا‬

‫موجه للمعارضة السياس��ية والمثقفة‬ ‫أكث��ر منها لجمه��ور المتظاهرين على‬ ‫األرض‪ ،‬فأولئك السياسيون والمثقفون‬ ‫وجدوا أنفس��هم فجأة مطالبين بالعمل‬ ‫بع��د أن كانت مهنتهم الكالم وحس��ب‪،‬‬ ‫والكالم ل��م يعد مقبو ًال بعد اليوم فإما‬ ‫أن تعم��ل أو ترحل (باالقتباس من ثوار‬ ‫تونس)‪ ،‬وهي رسالة موجهة أيضًا لكل‬ ‫من س��يتصدى لمهمة قي��ادة المراحل‬ ‫القادمة في سوريا‪.‬‬ ‫من��ذ فت��رة غير قصي��رة والحديث‬ ‫عن توحيد المعارض��ة يأخذ حيزاً مهمًا‬ ‫من الحوارات والمقاب�لات التلفزيونية‬ ‫والمق��االت الصحفية‪ ،‬غي��ر أنه لم يتم‬ ‫التنب��ه إلى حقيقة أن توحيد المعارضة‬ ‫ال ب��د أن يتم من حيث اله��دف النهائي‬ ‫والكبي��ر وه��و إس��قاط النظ��ام‪ ،‬أم��ا‬ ‫توحيده��ا ف��ي هيئ��ة أو مجل��س واحد‬ ‫فهو أمر غير منطق��ي وليس مفروضًا‬ ‫في آن معًا‪ ،‬فاخت�لاف اآلراء أمر صحي‬ ‫بل ويجب ترس��يخه من وجه��ة احترام‬ ‫الرأي اآلخر‪ .‬ولهذا نرى أنه لم يكن من‬ ‫الض��روري التركيز بش��كل كثيف على‬ ‫مس��ألة توحيد المعارضة ألنها انقلبت‬ ‫إل��ى وس��يلة للمزي��د من االس��تقطاب‬ ‫السياسي واالجتماعي بل وأدت بالفعل‬ ‫إل��ى المزي��د م��ن الفرقة بي��ن أطياف‬ ‫المعارض��ة‪ .‬ت��م االتف��اق عل��ى الغاية‬ ‫وح��دث الخالف في الوس��يلة‪ ،‬ولم يكن‬ ‫هناك من مبرر لتضخيم هذه المسألة‬ ‫بهذا الش��كل ال��ذي وضع العرب��ة أمام‬ ‫الحصان وعرقل ج��زءاً مهماً من جهود‬ ‫المعارضة بمختلف أطيافها‪.‬‬ ‫األم��ر اآلخ��ر ال��ذي س��بب ش��رخًا‬ ‫واضحًا في جسم المعارضة هو مسألة‬ ‫التس��لح‪ .‬كان ع��دد ال ب��أس ب��ه م��ن‬ ‫المعارضي��ن وحتى المجل��س الوطني‬ ‫الس��وري يش��دد على مس��ألة س��لمية‬ ‫الث��ورة ورفض موضوع التس��لح خوفًا‬ ‫من انزالق البلد إلى حرب أهلية‪ ،‬ولكن‬ ‫م��ا حدث بع��د ذلك ك��رر مس��ألة عدم‬ ‫اس��تطاعة المعارضة اس��تيعاب الوضع‬ ‫الداخل��ي‪ ،‬فق��د ب��دأ البعض بالتس��لح‬ ‫كم��ا ت��م اإلعالن ع��ن إنش��اء "الجيش‬ ‫الس��وري الح��ر" ف��ي خط��وة مفاجئ��ة‬ ‫وضع��ت المعارض��ة ف��ي م��أزق‪ ،‬فهي‬ ‫إم��ا أن تتخلى عن مبدأ س��لمية الثورة‬ ‫وه��و ما قد يصب ف��ي مصلحة النظام‬ ‫بدعوى وجود "مسلحين" يهزون األمن‬ ‫أو أن ترفض قيام أي تسلح بين الثوار‪،‬‬ ‫وهو بالمناسبة أمر ال تملك المعارضة‬ ‫ق��راره‪ ،‬وبالتالي فالجي��ش الحر ماض‬ ‫في طريقه وه��و ال ينتظر موافقة من‬ ‫أحد وال س��يما المعارض��ة التي ال تملك‬ ‫أي��ة س��لطة عل��ى أي فرد في الش��ارع‬ ‫حتى تملكها على الجيش الحر‪.‬‬ ‫نش��رت كاتب��ة أمريكي��ة من��ذ‬ ‫مدة دراس��ة ع��ن الالعن��ف والمقاومة‬ ‫الس��لمية‪ ،‬وق��د نال��ت ه��ذه الدراس��ة‬ ‫اهتمام��اً واس��عًا بين أوس��اط الش��باب‬ ‫وخاصة المتظاهري��ن‪ ،‬فهي تبحث في‬ ‫أنجع اس��تراتيجيات المقاومة الس��لمية‬ ‫وتس��توحي الكثير من غاندي ومقاومة‬ ‫االنكلي��ز في الهند‪ .‬وقد أك��دت الكاتبة‬ ‫في تعليقها على انش��قاق العسكريين‬ ‫عن الجيش النظامي على أن االنشقاق‬

‫ه��و مس��ألة أخالقي��ة وه��ي تعبر عن‬ ‫ضمير وإحس��اس بالمس��ؤولية لرفض‬ ‫قتل الناس والتنكيل بهم‪ ،‬إال أنها تؤكد‬ ‫من جهة أخرى على ضرورة أن ال يرفع‬ ‫هؤالء المنش��قون السالح ألن ذلك في‬ ‫النهاي��ة س��يرفع درجة العن��ف ويؤجج‬ ‫الن��زاع باتج��اه الالح��ل‪ ،‬وه��ي تنطلق‬ ‫في ذلك من فكرة بس��يطة مفادها أن‬ ‫وجود الس�لاح عل��ى كال الطرفين (مع‬ ‫الفارق الكبير بالطبع) هو بمثابة حرب‬ ‫وليس مجرد تعبير سلمي عن المطالب‬ ‫وه��و ما قد يج��ر إلى اخت�لاط األوراق‬ ‫ف��ي مرحلة الحقة‪ ،‬بينم��ا يرتع المتهم‬ ‫األساس��ي دون محاس��بة ألن��ه س��يبدأ‬ ‫بالت��واري خل��ف الكثي��ر من المش��اهد‬ ‫الدموية في كافة أرجاء الوطن‪.‬‬ ‫لي��س ف��ي ه��ذا ال��كالم أي تبني‬ ‫ل��رأي م��ا‪ ،‬وقد وج��ب ه��ذا التنويه ألن‬ ‫حال��ة االس��تقطاب العالية الي��وم تهدد‬ ‫أيضاً حتى مس��ألة بناء ثقافة االختالف‬ ‫في مجتمع ل��م يعرف هذه الثقافة منذ‬ ‫م��ا يزيد عن ألف ع��ام‪ .‬ولكن ال بد من‬ ‫التنبي��ه إل��ى خطورة مس��ألة التس��لح‬ ‫على الم��دى البعيد‪ ،‬ورغم أنه ال يمكن‬ ‫نك��ران حق أي إنس��ان ف��ي الدفاع عن‬ ‫بيته وعائلته ولكننا نرى أن األمر يجب‬ ‫أن يبقى في هذا الس��ياق بحيث ال يتم‬ ‫إعط��اء الحج��ج للنظ��ام بالتم��ادي في‬ ‫إراقة الدماء‪.‬‬

‫في غمرة الشهور العشرة األخيرة‪،‬‬ ‫تاهت بوصل��ة الكثير من الس��وريين‪،‬‬ ‫ولعلهم يعيش��ون اليوم تخبط��اً كبيراً‬ ‫بسبب اختالف الرؤى والمصالح‪ ،‬ونحن‬ ‫إذا كن��ا نرك��ز عل��ى المعارض��ة فإنما‬ ‫ألن رموزه��ا هم األق��در على الوصول‬ ‫إلى المنابر الدولية وش��رح وجهة نظر‬ ‫الش��ارع‪ ،‬وله��ذا عليه��م أن يكون��وا ما‬ ‫أمك��ن على اتصال مكث��ف مع تطلعات‬ ‫الن��اس م��ع التأكي��د على وج��وب فهم‬ ‫الواق��ع الداخلي في س��وريا وفهم كل‬ ‫التجاذبات الداخلي��ة والتيارات الفكرية‬ ‫واالجتماعي��ة التي تحرك الش��ارع قبل‬ ‫التص��دي للحديث باس��م الس��وريين‪،‬‬ ‫فالسوريون في النهاية شأنهم شأن كل‬ ‫الش��عوب‪ ،‬بينهم الكثير من االختالفات‬ ‫مثلما يتش��ابهون في نواح عدة‪ ،‬وفهم‬ ‫الواق��ع االجتماع��ي والسياس��ي عل��ى‬ ‫األرض ه��و مفتاح فه��م الحاضر وبناء‬ ‫المستقبل‪.‬‬ ‫إن بن��اء الوط��ن الجديد س��تكون‬ ‫مهمة ش��اقة جداً‪ ،‬وعلى من سيتصدى‬ ‫لها أن يعلم أو وقت الراحة قد ولى وآن‬ ‫أوان العمل‪ ،‬ومرة أخ��رى "إما أن تعمل‬ ‫أو ترح��ل"‪ ،‬ول��ن يس��كت هذا الش��عب‬ ‫الذي يتحدى الي��وم أعتى األنظمة عن‬ ‫أية تجاوزات أو التفاف��ات حول مطالبه‬ ‫أو أهدافه بعد اليوم‪.‬‬


‫ربيع املعرفة الثورية يف الربيع العربي‬ ‫محمد يوسف‬

‫سنحاول معرفياًقراءة مآل وسيناريو الثورة‬ ‫السورية عشية انتصارها كما يلي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬على صعيد المرتكز‬ ‫األول(المظاهرات )‪،‬فذلك مشترك مع كل‬ ‫ثورات الربيع العربي‪،‬وموضع اتفاق بين‬ ‫أطراف وأطياف المعارضة السورية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬على صعيد المرتكز الثاني( التدخل)‬ ‫والذي حسم نتيجة الصراع السياسي على‬ ‫الساحات المختلفة لصالح ثوراتها‪ ،‬فإن‬ ‫هذا المرتكز موضع خالف السيما التدخل‬ ‫العسكري الخارجي الذي رغم أنه شكل في‬ ‫السيناريو الليبي شرطا ً جوهريا ً حاسما ً‬ ‫لنجاح الثورة‪،‬إال أن هيئة التنسيق الوطنية‬ ‫للتغيير الوطني الديمقراطي‪ ،‬أحد إطاري‬ ‫الثورة السياسيين‪ ،‬ترفض هذا الشرط‬ ‫بذريعة استدراج التدخل العسكري الخارجي‬ ‫النتهاك السيادة الوطنية التي تستند‬ ‫حمايتها على األيديولوجية الكالسيكية‬ ‫ألحزاب الهيئة( السيما حزب العمل الشيوعي‬ ‫واإلتحاد االشتراكي‪ .)..‬عبر برامج هذه‬ ‫األحزاب بالوقوف في وجه اإلمبريالية‬ ‫المنتهك التقليدي للسيادة الوطنية‪ .‬ومن هنا‬ ‫فالهيئة ترفض حصر مآل الثورة السورية‬

‫رغم توغله عشرات السنين في‬ ‫الغياب األبدي ‪ ،‬لم يكن الشاعر التونسي‬ ‫أبو القاسم الشابِّي بعيداً عن جموع‬ ‫الناس العاديين في ذلك البلد األخضر‬ ‫الجميل عندما خرجوا إلى الشوارع في‬ ‫مثل هذا الشهر من العام لماضي بتلقائية‬ ‫وحماسة وجسارة مرددين في صوتٍ واحد‬ ‫كالموج الهادر مطلع نشيده الثوري المبشر‬ ‫بالحرية وكسر القيود‪“ :‬إذا الشعب يوماً أراد‬ ‫الحياة ‪ ..‬فال بد أن يستجيب القدر”‪ .‬فهذا‬ ‫الشاعر‪ ،‬الذي هام بعشق وطنه وخاطبه‬ ‫قائ ًال‪“ :‬ال أبالي وإن أريقتْ دمائي ‪ ..‬فدما ُء‬ ‫العشّاق دوماً مُباحَة” وعاش “رغم الداء‬ ‫واألعداء” يغني للحرية وكرامة اإلنسان‬ ‫ويدعو للنهوض وكسر القيود مراهناً على‬ ‫انتصار إرادة الشعب وطلوع الصباح‪ ،‬كان‬ ‫حيًّا وحاضراً بشعره التحرري وضميره‬ ‫الوطني وسط الحدث التاريخي الذي شهدته‬ ‫تونس خالل يناير الماضي عندما انتصرت‬ ‫إرادة الشعب وانحازت إلى الحرية والحق‬ ‫في العيش اإلنساني الكريم‪ ،‬لينجلى‬ ‫الليل وينكسر القيد بعد عقودٍ من الظلم‬ ‫والبطش والطغيان وإهدار الحقوق‪.‬‬ ‫في الحالة المصرية كان الغائب‬ ‫الحاضر األبرز هو عازف العود والمغني‬ ‫إمام محمد أحمد عيسى‪ ،‬الشهير بـ‬

‫“الشيخ إمام” ‪ ،‬الذي حمل مع توأمه الفني‬ ‫ورفيق دربه الشاعر أحمد فؤاد نجم راية‬ ‫المقاومة والممانعة الباسلة في أوقات شاع‬ ‫فيها الخنوع واليأس واإلنكسار وصمدا‪،‬‬ ‫وهما الفقيران المعدمان‪ ،‬في وجه ِّ‬ ‫كل‬ ‫أشكال القمع والبطش وعاشا بين السجن‬ ‫والمالحقة بسبب األغنيات المضمخة بعرق‬ ‫الكادحين ودموع المحرومين من حقوقهم‪،‬‬ ‫والتي سرت في المجتمع المصري سريان‬ ‫النار في الهشيم حتى كاد لم يبق أحد من‬ ‫المصريين‪ ،‬في فترة ما بعد كامب ديفيد‪،‬‬

‫إال وردّد مع الشيخ ورفيقه‪“ :‬مصر يمه يا‬ ‫بهية” ‪“ ،‬آه يا عبد الودود” ‪“ ،‬رجعوا التالمذة”‬ ‫‪“ ،‬كلمتين لمصر” و“دوال مين” وغيرها من‬ ‫األناشيد واألغنيات المحرِّضة على النهوض‬ ‫والثورة ضد الفساد واإلستبداد‪.‬‬ ‫كما الشابِّي‪ ،‬كان الشيخ إمام حيًّا‬ ‫وحاضراً وسط الجموع الهادرة في ميدان‬ ‫التحرير من خالل أغنياته الخالدة التي‬ ‫حولها المتظاهرون إلى هتافٍ يثير الشجن‬ ‫ويشحن النفوس بالثورة والغضب النبيل‬ ‫ويمدها بالقدرة على الصمود‪ ،‬وتحديداً من‬

‫من الربيع العربي ‪. .‬‬

‫كان من الصعب على المناهج‬ ‫واألسس المعرفية الكالسيكية التي درست‬ ‫تاريخياً عملية الصراع والثورات االجتماعية‬ ‫‪،‬وذلك عبر حواملها السياسية من المثقفين‬ ‫والمعارضة بأحزابها وشخصياتها‪ ،‬أن‬ ‫تخرج من وسط الذهول والقلق المعرفي‬ ‫التي وضعتها فيه صدمة انطالقة الربيع‬ ‫العربي المفاجئة بما هي ظاهرة ثورية‬ ‫جديدة مجهولة النسب قياسًا بإرهاصات‬ ‫ومبادئ انطالق الثورات السابقة و تقع‬ ‫خارج مدى وعمق توقعات هذه المناهج من‬ ‫حيث سيناريوهات استمراريتها ومآالتها‪.‬‬ ‫ومن هنا بات لزاما ً على المثقف والباحث‬ ‫الكالسيكي( الماركسي والقومي والليبرالي‬ ‫واإلسالمي وغيرهم) أن ينتظر مرور سنة‬ ‫على األقل‪ ،‬بدءاً من ثورة تونس أواخر‬ ‫‪ ،2010‬كي يتمكن من إنجاز التجريد‬ ‫المعرفي المتولد من حركة الربيع العربي‬ ‫على الساحات العربية الناشطة‪،‬وتتمكن‬ ‫المعرفة الثورية عندئذٍ من قراءة وتلمس‬ ‫شروط نجاح ثورات الربيع العربي على‬ ‫تلك الساحات في كنس رؤوس أنظمتها (‬ ‫رحيل‪،‬تنحي‪،‬قتل‪،‬إزاحة‪.).‬‬ ‫ويمكن الوقوف عبر معرفة الربيع‬ ‫العربي لنفسه على المرتكزين األساسين‬ ‫كشرطين لنجاح الحراك الثوري في إسقاط‬ ‫األنظمة القائمة وهما‪:‬‬ ‫‪ .1‬المرتكز الداخلي (داخل الحراك‬ ‫الجماهيري الثوري)‪،‬الذي اعتمد على‬ ‫إمكانياته الذاتية في بناء الحشد (المظاهرة)‬ ‫واستمراريتها‪.‬‬ ‫‪ .2‬المرتكز الخارجي (من خارج‬ ‫إمكانيات الحراك)‪ ،‬الذي تأ سس بدوره على‬ ‫هذا الحراك وأخذ شكل التدخل بأنواعه‬

‫وفي الحاالت المختلفة‪،‬وحسم النتيجة في‬ ‫إسقاط النظام‪.‬‬ ‫ويمكن تتبع اشتغال هذين المرتكزين‬ ‫وتكامل فاعليتهما على الساحات العربية‬ ‫الناشطة كما يلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬المرتكز األول المتمثل( بالمظاهرات‬ ‫الحاشدة) كشرط أولي الزم ضروري‬ ‫إلحداث التغيير المطلوب‪،‬قد تكرر في‬ ‫ثورات (تونس‪ ،‬ومصر‪،‬واليمن ‪،‬وليبيا التي‬ ‫حل فيها النشاط العسكري الثوري محل‬ ‫المظاهرات‪،‬وسوريا)‪.‬‬ ‫‪ .2‬المرتكز اآلخر(التدخل) كشرط‬ ‫لحسم نتيجة الثورة وهدفها بإسقاط‬ ‫النظام‪،‬يمكن العثور عليه في ثالث حاالت‪:‬‬ ‫• في الثورتين التونسية والمصرية‬ ‫‪ ،‬وجدنا حالة التدخل العسكري الداخلي‪،‬‬ ‫القريبة من االنقالب (من داخل‬ ‫النظام)‪،‬حيث أجبرت مجموعة حاسمة من‬ ‫المؤسسة العسكرية رأس هرم النظام‬ ‫على الرحيل(زين العابدين بن علي) أو‬ ‫التنحي(حسني مبارك)‪.‬‬ ‫• في الثورة الليبية أخذ المرتكز‬ ‫الثاني شكل التدخل العسكري الخارجي‬ ‫عبر قوات الناتو التي قهرت كتائب القذافي‬ ‫والمرتكزات العسكرية لنظامه وسهلت على‬ ‫الثوار المقاتلين هزيمة وإسقاط النظام‪.‬‬ ‫• في الثورة اليمنية كان التدخل‬ ‫دبلوماسيًا سياسياً عربياً (المبادرة العربية‬ ‫الخليجية) المسنودة دوليا ً والتي وضعت‬ ‫رأس النظام في سياق العد التنازلي لزوال‬ ‫حكم نظامه بشكل تدريجي‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬وبداللة المرتكزين آنفي‬ ‫الذكروتمظهرهما في الحاالت المختلفة‪،‬‬

‫باق و�أعمار الطغاة ق�صار‬ ‫ٍ‬

‫عمر الدقير‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫خالل أغنيته الشهيرة‪“ :‬صباح الخير على‬ ‫الورد اللى فتح في جناين مصر” ‪ ،‬والتي‬ ‫كان الثوار يشيعيون بها شهداءهم إلى‬ ‫مثواهم األخير‪.‬‬ ‫لم يُقدّر ألبي القاسم الشابِّي أن‬ ‫يشهد لحظة انتصار رهانه الخالد على‬ ‫أرض تونس الخضراء‪ ،‬كما لم يُقدّر‬ ‫للشيخ إمام أن يسمع أغنياته الصادقة‬ ‫ترددها آالف الحناجر في أرض الكنانة‬ ‫وتنتزع بها مصيرها ومستقبلها في مشهد‬ ‫أسطوري رائع‪ .‬في الحالتين كانت القوة‬ ‫التي تسلحت بها الجماهير وهزمت بها آلة‬ ‫الدولة القمعية هي إرادة الحياة والحرية‬ ‫والكرامة اإلنسانية‪ ،‬وهي ذات المعاني‬ ‫النبيلة التي طبعت إبداع الشابي والشيخ‬ ‫إمام وجعلتهما‪ ،‬رغم غيابهما الجسدي‪،‬‬ ‫صاحبي أسهم وفيرة في حصاد شعبيهما‬ ‫اليانع‪.‬‬ ‫عندما يصدق المبدع مع ذاته وينتمي‬ ‫إلى ضمير شعبه يفيض عن مساحة قبره‬ ‫ويزداد سطوعًا كلما أوغل في الغياب‪،‬‬ ‫أما الطغاة فإن مصيرهم مزبلة التاريخ‬ ‫والنسيان‬ ‫عن موقع صباح سوريا‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫ضمن نفس السياقات التي سلكتها ثورات‬ ‫الربيع العربي وأسقطت أنظمة ساحاتها‪.‬‬ ‫علمًا أن النظام السوري من خالل إمعانه في‬ ‫الحل األمني واللعب على وتر الفرص والمهل‬ ‫المتاحة أمامه‪ ،‬في مسعى ً لتأخير استحقاق‬ ‫سقوطه ‪،‬يستدرج خيار التدخل العسكري‬ ‫الخارجي لكسر الحل األمني (السيناريو‬ ‫الليبي)‪ .‬الخيار المرفوض من الهيئة التي‬ ‫تتفق مع خيار تنفيذ بنود بروتوكول‬ ‫الجامعة العربية‪ ،‬بما في ذلك إنهاء مفاعيل‬ ‫الحل األمني الذي يفسح في المجال أمام‬ ‫تزخيم التظاهرات الحاشدة النصف مليونية‬ ‫والمليونية في أربع أرباع البالد وتكريس‬ ‫عزلة النظام السوري في منطقة انهياره‪،‬أو‬ ‫انعطاف الحل باتجاه (السيناريو اليمني)‪.‬‬ ‫نستطيع القول بأن ثورات الربيع‬ ‫العربي شكلت انعطافا ً تاريخيا ًفي حركة‬ ‫المجتمع والفكر بطرحها إمكانيات التغيير‬ ‫االجتماعي السياسي والمعرفي من خارج‬ ‫التركة المعرفية التي استرشدت فيها‬ ‫البشرية لقرون‪ .‬لنجد أنفسنا اآلن وقد‬ ‫خرجنا من وسط الذهول إلى عمق ربيع‬ ‫المعرفة الثورية في الربيع العربي‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫كلنـــا �سن�صـــبح �أ�شـــالء‬

‫نبض الروح‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫الإعالم الر�سمي و�إعادة بناء جدار اخلوف املتداعي‬ ‫أكاسيا العاصي‬ ‫رف��ع كفيه أم��ام الكامي��را وصرخ‬ ‫"أش�لاء‪ ..‬أش�لاء‪ ..‬كلنا س��نصبح أشالء‬ ‫مثل هذه"‪ .‬لم يكن ذلك الشاب مذعورا‬ ‫بالقدر الذي ينسجم مع رهبة المشهد‪،‬‬ ‫إذ أن صرخت��ه حمل��ت تهدي��داً ووعيداً‬ ‫للمشاهدين السوريين أكثر بكثير مما‬ ‫حمله من أس��ف لهول العمل اإلجرامي‬ ‫ولوع��ة من فداح��ة ما حص��ل لضحايا‬ ‫التفجي��ر الذي ح��دث في ح��ي الميدان‬ ‫يوم الجمعة (‪. )2012/1/6‬‬ ‫ه��ذا المش��هد ك��ررت عرض��ه‬ ‫الشاش��ات المحلية‪ ،‬مع مش��اهد أخرى‬ ‫مروع��ة ألش��خاص يلتقط��ون أش�لاء‬ ‫م��ن األرض‪ ،‬وه��م يصرخ��ون إنه��م‬ ‫يلمل��ون لحم��اً بش��رياً‪ ،‬ث��م يقرب��ون‬ ‫أكفهم الممتلئة بالبقايا المس��ودة من‬ ‫عدس��ة الكاميرا‪ ،‬ك��ي ال تخطئها عين‬ ‫المش��اهد‪ ..‬هذه ليس��ت الم��رة األولى‬ ‫التي تتفنن الشاش��ات المحلية بعرض‬ ‫مث��ل ه��ذه الص��ور البش��عة‪ ،‬س��بق‬ ‫وعرضت أبشع منها لضحايا تفجير آخر‬ ‫وق��ع في كفرسوس��ة ‪2011 / 11 / 23‬‬ ‫واستهدف مقراً امنيًا‪.‬‬ ‫ولو افترضنا أن المقصود من تلك‬ ‫الصور توجيه رس��ائل معينة للمشاهد‬ ‫الس��وري لتحذيره من مس��تقبل أسود‬ ‫ل��ن يس��تثني أح��د‪ ،‬على وق��ع صرخة‪:‬‬ ‫"كلنا سنصبح أش�لاء"‪ ،‬فهل هذا مبرر‬ ‫كاف لمخالفة وس��ائل اإلعالم المحلية‬ ‫ألخالقيات المهنة وأعرافها؟‬ ‫كثي��را ما توق��ف جهاب��ذة اإلعالم‬ ‫الدول��ي عبر تاري��خ الصحافة واإلعالم‬ ‫عن��د معضلة نش��ر الص��ور المروعة‪،‬‬ ‫م��ا بي��ن آراء تعط��ي األولوي��ة للقيمة‬ ‫الخبرية التي تعب��ر عنها الصور‪ ،‬وبين‬ ‫آراء تراعي المشاعر اإلنسانية واحترام‬ ‫الخصوصية‪ ،‬وقد كان لألخيرة الغلبة‪.‬‬ ‫تطف��ح وس��ائل اإلع�لام الكبرى‬ ‫بقصص كثيرة ذات خصوصية مؤلمة‪،‬‬ ‫طاله��ا الكثي��ر م��ن التري��ث اس��تغرق‬ ‫س��اعات قب��ل اتخاذ قرار بنش��ر صورة‬ ‫تظهر شخص مفجوع‪ ،‬فما بالنا بقتيل‬ ‫قد تحول الى أشالء؟!‪.‬‬ ‫تؤك��د أدبي��ات المهن��ة المتعارف‬ ‫عليه��ا أن الق��رارات الخاص��ة بنش��ر‬ ‫أو ب��ث الص��ور دائم��اً تك��ون صعب��ة‬ ‫ومثي��رة للجدل ألن حقوق األش��خاص‬ ‫وحساس��يات المتلقي��ن يج��ب وضعه��ا‬ ‫في الحس��بان في كل حال��ة على حدة‪،‬‬ ‫عن��د تقرير قيم��ة الص��ورة الصحفية‬ ‫من الناحية اإلخبارية‪ ،‬ما يحتم ضرورة‬ ‫الوصول إلى قرار متوازن‪ ،‬يعتبر قراراً‬ ‫مهنياً وإنسانيًا في نفس الوقت‪.‬‬ ‫ه��ذا ما يدفعنا للس��ؤال‪ ،‬ترى كم‬ ‫من الوقت اس��تغرقت وس��ائل اإلعالم‬ ‫الرس��مية الس��ورية لتتخذ قرارها ببث‬ ‫تل��ك الص��ور المروع��ة؟ وه��ل تجادل‬ ‫المس��ؤولون ف��ي التحري��ر ووضع��وا‬ ‫بالحس��بان مش��اعر ذوي الضحاي��ا‪،‬‬ ‫وكيف سيشاهدون أشالء أبنائهم على‬ ‫الشاش��ات؟ أال تعد تلك المش��اهد نوعًا‬

‫م��ن التعذيب بأعص��اب ب��اردة تصيب‬ ‫أهال��ي الضحاي��ا؟ أال تكفيه��م فداح��ة‬ ‫فق��دان أحبته��م‪ ،‬حتى يمن��ون بصور‬ ‫تس��تغل في الدعاية السياس��ة‪ ،‬ليصح‬ ‫فيهم المثل العامي "فوق الميتة عصّة‬ ‫القب��ر"؟ ولك��ن عندما تحتك��ر األجهزة‬ ‫األمني��ة إدارة العملي��ة األمنية س��يبدو‬ ‫طرح تلك األس��ئلة ضرباً من السذاجة‪،‬‬ ‫فاألجهزة التي احترفت على مدى عقود‬ ‫تدجي��ن المواط��ن‪ ،‬وتفننت بأس��اليب‬ ‫قمع��ه ل��ن تقب��ل بدعاية سياس��ية ال‬ ‫تحدث التأثير ذاته الذي تحدثه أس��اليب‬ ‫التعذي��ب ف��ي المعتقالت ف��ي نفوس‬ ‫المعتقلي��ن وذويه��م‪ .‬فالتعذي��ب م��ن‬ ‫خ�لال الدعاي��ة اإلعالمي��ة‪ ،‬واح��د من‬ ‫وس��ائل الترهي��ب الت��ي يس��تخدمها‬ ‫النظ��ام‪ ،‬لدى محاولته إع��ادة المواطن‬ ‫السوري إلى الحظيرة‪ .‬ومن نافل القول‬ ‫أن سرعة وسائل اإلعالم المحلية على‬ ‫غير الع��ادة في تغطية األح��داث‪ ،‬وبث‬ ‫الص��ور بع��د أق��ل م��ن نصف س��اعة‪،‬‬ ‫تؤك��د أن��ه لم يك��ن هن��اك أي جدل أو‬ ‫تفكير في أخالقية اس��تخدامها‪ ،‬بل أن‬ ‫اإلص��رار عليه��ا وتكرار عرضه��ا يثبت‬ ‫أن المقص��ود هو التروي��ع بهدف إعادة‬ ‫بن��اء جدار الخ��وف المتداعي‪ ،‬على وقع‬ ‫هتافات ث��ورة الكرام��ة والحرية‪ .‬ومن‬ ‫هنا فإن قراراً مس��بقاً قد اتخذ لعرض‬ ‫ص��ور فظائ��ع تفجي��ري كفرسوس��ة‬ ‫والمي��دان‪ ،‬وتس��ويقها عل��ى أن ه��ذه‬ ‫الص��ور أق��ل المتوق��ع لم��ا ق��د تترتب‬

‫على انهيار جدار الخوف‪ ،‬وأقل المتوقع‬ ‫"تحول الجميع إلى أشالء" ‪ ،‬وفي أنظمة‬ ‫شمولية اس��تبدادية ال حماية للمجتمع‬ ‫واألم��ن واألم��ان س��وى التكت��ل حول‬ ‫النظام تحت وطأة الرهبة من الفوضى‬ ‫والدم��ار‪ ..‬ف��إذا ذه��ب الخ��وف انه��ار‬ ‫المجتمع وتناثرت أش�لاء أفراده وسالت‬ ‫الدماء أنهاراً‪.‬‬ ‫بغ��ض النظ��ر ع��ن فعالي��ة تلك‬ ‫الرسائل في تحقيق أهدافها الدعائية‪،‬‬ ‫والت��ي ربم��ا نجح��ت إل��ى ح��د م��ا في‬ ‫الثماني��ات في دف��ع الغالبي��ة للرضوخ‬ ‫والصم��ت‪ ،‬حين كان اإلعالم الرس��مي‬ ‫مس��تفرداً بالس��احة‪ ،‬وكان تكري��س‬ ‫األكاذيب أسهل بما ال يقاس في ساحة‬ ‫فارغ��ة إال من وس��ائل إع�لام النظام‪،‬‬ ‫لكنها اليوم ليست كذلك‪ ،‬بعد االنقالب‬ ‫الكبير الذي طرأ على المعادلة اإلعالمية‬ ‫التقليدي��ة (مرس��ل ـ قن��اة‪ .‬متلق��ي)‬ ‫فالمتلق��ي ب��ات ش��ريكاً ف��ي العملي��ة‬ ‫اإلعالمي��ة فه��و ت��ارة مراس��ل وأخرى‬ ‫قناة إعالمية‪ ،‬ومنافذ تدفق المعلومات‬ ‫بات��ت أكثر من تع��د وتحصى‪ ،‬كل ذلك‬ ‫س��اهم في إبط��ال مفاعي��ل الدعايات‬ ‫السياس��ية إلى حد بعيد‪ ،‬وأحياناً كثيرة‬ ‫ق��د يحرفه��ا ع��ن أهدافها لترت��د على‬ ‫مطلقها‪ ،‬فعندما تصر وس��ائل اإلعالم‬ ‫المحلي��ة عل��ى ع��رض أش�لاء ضحايا‬ ‫التفجي��ر وترك��ز على أنه��م من رجال‬ ‫األم��ن والش��رطة ف��إن رس��ائل أخرى‬ ‫مض��ادة تذهب في اتجاه مغاير‪ ،‬لتصل‬

‫إلى حراس جدار الخوف من رجال قوات‬ ‫األم��ن والش��رطة وأهاليه��م‪ ،‬رس��ائل‬ ‫تن��ذر بمصير مش��ؤوم يترب��ص بهم‪،‬‬ ‫والذي هو ليس االستش��هاد فداء لهدف‬ ‫يرونه وطنيًا‪ ،‬فالش��هادة كما يراها كل‬ ‫طرف وبحس��ب ثقافتنا المشرقية هي‬ ‫عز‪ .‬ال بل المصير المشؤوم في بعثرته‬ ‫أش�لاء‪ ،‬وهتك حرم��ة جثمان��ه بصور‬ ‫قاسية تلتذ باللقطات المقربة‪ ،‬وتغتال‬ ‫تابوته الملفوف بالعلم الوطني‪.‬‬ ‫ف��أي رس��ائل ه��ذه الت��ي توج��ه‬ ‫إل��ى حراس ج��دار الخ��وف‪ ،‬ل��ن تكون‬ ‫إال رس��الة ترعبه��م من ته��اوي الجدار‬ ‫فوق رؤوس��هم؟ ولع��ل أول م��ا يتبادر‬ ‫إلى أذهانهم هل نس��تحق من إعالمنا‬ ‫المفترض أن��ه داعم لنا وحريص على‬ ‫رف��ع معنوياتن��ا التمثي��ل بمش��اعرنا‬ ‫وآالمن��ا عل��ى ه��ذا النحو من القس��وة‬ ‫المفرطة؟! اإلجاب��ة قد تكون في عقل‬ ‫من اس��تمرأ الترهيب بل أنها الطريقة‬ ‫الوحيدة كي ال ينس��ى ه��ؤالء الحراس‬ ‫بان معركتهم هي معركة وجود‪ .‬ولعل‬ ‫شراس��ة الش��بيحة وعناصر األمن في‬ ‫قم��ع المتظاهر الس��لمي في الش��ارع‬ ‫تج��د مبرراته��ا ف��ي الذع��ر الم��زروع‬ ‫داخلهم‪ .‬وكلما ازداد ذعراً ازداد توحشًا‬ ‫وفت��كاً‪ .‬والالفت أنهم يس��تقوون على‬ ‫المتظاهري��ن م��ن األطف��ال والفتي��ة‬ ‫والمسنين من ضعفاء البنية الجسدية‪،‬‬ ‫وكثيرة المش��اهد التي صورت شبيحة‬ ‫وعناصر أمن يتداعون لالنقضاض على‬ ‫شخص أعزل فور طرحه أرضًا من قبل‬ ‫أح��د رفاقهم‪ ،‬فيتكالب��ون على األعزل‬ ‫ويش��بعونه ضرب��ًا ورك ً‬ ‫ال وإهانات‪ ،‬في‬ ‫محاولة للتغلب على شعورهم العميق‬ ‫بالذعر من خالل استعراض عبثي للقوة‬ ‫المفرطة‪ ،‬فثمة قناعة عميقة كرستها‬ ‫الدعاي��ة داخل عنصر األمن والش��بيح‪،‬‬ ‫ب��أن المتظاه��ر األعزل إذا ه��دم جدار‬ ‫الخ��وف‪ ،‬س��وف يقتله ال محال��ة‪ .‬وهذا‬ ‫ما يفس��ر أيضاً الذعر الذي يسببه نداء‬ ‫التكبير في نفوس الش��بيحة‪ ،‬فالتكبير‬ ‫سالح األعزل المس��تعين باهلل المؤمن‬ ‫ب��ه كقوة عظيمة وحده��ا القادرة على‬ ‫دح��ر الظلم‪ ،‬فاإليمان هنا يقهر الخوف‬ ‫ف��ي نف��س األع��زل المظل��وم‪ ،‬ويدب‬ ‫الذع��ر ف��ي نف��س الظال��م وأعوان��ه‪،‬‬ ‫وإذا ترت��ب عل��ى ه��ؤالء أي واجب فلن‬ ‫يكون س��وى تبديد هذا اإليمان وقهره‬ ‫بمزيد من العنف‪ ،‬بغية إعادة بناء قالع‬ ‫الخوف في نفوس الن��اس جميعًا‪ .‬ومع‬ ‫ذلك فإن دعايات سياس��ية تحمل هكذا‬ ‫مضامي��ن في وس��ائل إعالم م��ا تزال‬ ‫تنه��ل علومها األكاديمي��ة من مدارس‬ ‫اإلعالم الش��مولي البائ��د ما قبل عصر‬ ‫اخت��راع الكومبيوت��ر لي��س بالضرورة‬ ‫أن أهدافه��ا كما يتمن��ى النظام‪ .‬بل أن‬ ‫اإلعالم المحلي وغالبًا وقع ومازال يقع‬ ‫في أخطاء مميتة فهو كالدب الذي قتل‬ ‫صاحبه عندما أراد قتل الذبابة الواقفة‬ ‫على أنفه‪.‬‬


‫انتبه لنف�سك يا �صديقي‬ ‫خولة دنيا‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫هل لم يعد يعير اهتمامًا لـ أية اعتبارات دولية أو حتى داخلية‪ ،‬و‬ ‫أخذ القرار بـ أن يشعل البلد‪ ،‬ع ّلها تكون محاولة ناجحة لـ بقائه‪ ،‬و إن لم‬ ‫ينجح‪ ،‬يكون قد ثأر !!‬ ‫أن دالئل تهالك الدولة‪ ،‬أصبحت جلية‪ ،‬من قرار تعويم الليرة‪ ،‬إلى‬ ‫أن صمود االقتصاد‪ ،‬ما هو إال صورة‪ ،‬و سببه‬ ‫تقاطع روايات اقتصادية‪ ،‬عن ّ‬ ‫استنزاف عدد كبير من رموز المال في البلد‪ ،‬لـ مخزونهم المالي‪ ،‬مراهنين‬ ‫على بقاء النظام حاكمًا‪ ،‬و لكن صبرهم بدأ ينفذ‪ ،‬و هم يستشعروا أكثر‬ ‫من غيرهم بـ الخطر‪ ،‬من عالقاتهم و صالتهم بـ المصارف و البنوك‬ ‫و بعض رموز الحكم‪ ،‬و الذين نشرت عنهم تقارير إعالمية كثيرة‪ ،‬بـ‬ ‫تهريبهم لـ األموال‪ ،‬ضماناً لـ مستقبل ما‪ ،‬بعد األسد‪...‬‬ ‫و إذا تركنا تلك التحليالت االقتصادية‪ ،‬رغم مالمستها لـ الواقع‪ ،‬نجد‬ ‫أن الغالبية‬ ‫أخبار سرقة المتاحف‪ ،‬التي تكررت في درعا بعد حماه‪ ،‬عدا عن ّ‬ ‫أن البلد‬ ‫بدأ يالحظ منشورات صفحات المواالة‪ ،‬و مدى استشعارهم أيضًا بـ ّ‬ ‫يتسرب من قبضة حكم األسد‪ ،‬و أنه لو كان قادراً على تغيير شيء أص ًال‪ ،‬لما‬ ‫أن األسد‬ ‫كان ترك األمور تصل إلى هنا‪ ،‬و بـ ذلك فـ اليقين يكبر يوميًا‪ ،‬بـ ّ‬ ‫يبتعد رويداً رويداً عن السلطة‪ ،‬رغم الجهل لـ آلية عزله نهائيًا و مآالتها‪..‬‬ ‫أن البعض من األحياء‬ ‫لـ األسف‪ ،‬بذور الحرب قد نثرت‪ ،‬فـ إما ّ‬ ‫الحمصية‪ ،‬و الزبداني‪ ،‬و الكثير من إدلب‪ ،‬و ما يصل اليوم عن دوما‪ ،‬قد‬ ‫أن هذا من‬ ‫سقطوا من حسابات سلطة النظام بـ القوة و رغمًا عنه‪ ،‬آو ّ‬ ‫إن ما حدث و يحدث‪ ،‬هو الهدوء قبل العاصفة‪...‬‬ ‫مغاالة الوصف‪ ،‬و ّ‬ ‫إدلب اليوم‪ ،‬كانت أخبارها شديدة الوقع على الجميع‪ ،‬عدد كبير‬ ‫من الشهداء‪ ،‬سقطوا بـ ثالث طرق‪ّ ،‬‬ ‫كل واحدة أبشع من سابقتها‪ ،‬بدأت‬ ‫صباحًا بـ سماع ثالث انفجارات‪ ،‬و بعد الهدوء و اقتراب الناس‪ ،‬تبيّن أن‬ ‫باصاً قد انفجر‪ ،‬و بعد نقل الشهداء إلى المشفى الوطني‪ ،‬دخل بعض‬ ‫الثوار إلى المشفى‪ ،‬و بـ تواصلهم مع الطبابة الشرعية‪ ،‬وجدوا عشرين‬ ‫جثة تقريبًا‪ ،‬مشوهة و عليها آثار التعذيب‪ ،‬و تبيّن أن تفجير الباص‬ ‫أن ستخلص النظام من جثث‬ ‫هو كـ حوادث التفجيرات في دمشق‪ ،‬بـ ّ‬ ‫المعتقلين قضوا تحت التعذيب‪ ،‬بـ تفجيرهم و تهم العصابات المسلحة‬ ‫بهم‪ ،‬معززاً روايته المشروخة‪...‬‬ ‫مع انتشار الخبر في المدينة‪ ،‬عم الغضب أهاليها‪ ،‬و هجموا على‬ ‫المشفى‪ ،‬و هنا كان المصاب األعظم‪ ،‬بـ العثور في غرف مغلقة‪ ،‬على‬ ‫جثث متفسّخة لـ رجال و نساء و أطفال‪ ،‬و حملت تلك الحقيقة األلم‬ ‫أن‬ ‫الكبير لـ أهل المدينة و باقي أهالي الثوار‪ ،‬الذين راودهم شعور‪ ،‬بـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل معتقليهم‪ ،‬هم في وارد الشهداء – ال سمح اهلل –‪...‬‬ ‫داهم األمن المشفى محاو ًال التعتيم قدر اإلمكان‪ ،‬عما تم كشفه من‬ ‫األهالي‪ ،‬و دخلت مدرعة إلى ساحة المشفى معززة التواجد العسكري‪ ،‬لـ‬ ‫منع اخذ ذوي الشهداء لـ جثامين ذويهم‪ ،‬و معها وصل منشقي الجيش‪،‬‬ ‫و حدثت اشتباكات‪ ،‬مما اضطر األمن لـ اعتقال عدد كبير من المدنيين‪،‬‬ ‫و استخدامهم كـ دروع بشرية‪ ،‬لـ التحرك و من ثمّ لـ االنسحاب من‬ ‫المنطقة‪ ،‬و سيطرة الجيش الحـر على المشفى و المنطقة‪...‬‬ ‫و مع غروب شمس اليوم‪ ،‬خرجت إدلب‪ ،‬من تنوّع القتل‪ ،‬بـ حصيلة‬ ‫‪ 77‬شهيد‪ ،‬و مع انضمام شهداء سوريا‪ ،‬يصل اليوم بحر الدم إلى ‪95‬‬ ‫شهيد‪ ،‬و هيَ حصيلة لم تصل إليها الثورة‪ ،‬إال في مرات قليلة كـ مجزرة‬ ‫جمعة أطفال الحرية‪...‬‬ ‫الخوف في سؤال ‪ :‬هل مصادفة هجوم األهالي على المشفى اليوم‪،‬‬ ‫اخرج حقيقة رقم الشهداء المهول ؟ و هل لو تمت مداهمة مشافي‬ ‫حكومية أخرى‪ ،‬أو أفرع أمنية‪ ،‬سيظهر هذا العدد من الشهداء يوميًا‪ ،‬هم‬ ‫في حساب الثورة‪ ،‬من المعتقلين ؟‬ ‫أصبح من الجزم‪ ،‬لدى غالبية مؤيدي الثورة و المحللين و المراقبين‪،‬‬ ‫أن النظام آيل لـ الرحيل‪ ،‬فـ طريقه‬ ‫و ال أبالغ إذا شملت بعض الموالين‪ّ ،‬‬ ‫الذي يصرّ على أن يسلك به‪ ،‬يمكن أن يصل إلى كل الدروب‪ ،‬عدا درب‬ ‫بقائه في الحكم‪ ،‬و ما الوقت إال لـ غايات إستراتيجية‪ ،‬قد يصل في‬ ‫نهايتها إلى ما وصل إليه صالح اليمن‪ ،‬من الخروج مع الحصانة الكاملة‪،‬‬ ‫أن حرق ما حرق و نهب ما نهب‪ ،‬و هذا يمكن أن يكون الحل له‪ ،‬في‬ ‫بعد ّ‬ ‫أن المؤشرات تدل على ما هو أسوأ‪...‬‬ ‫أحسن األحوال‪ ،‬إال ّ‬ ‫و ندعو من اهلل‪ ،‬هداية أهلنا و أهل الشهداء و الثوار‪ ،‬إلى الصبر‬ ‫إن ما يذوقونه يحتاج إلى أعصاب من فوالذ لكي تحتمل‪،‬‬ ‫و الحكمة‪ ،‬فـ ّ‬ ‫و تتحامل على جرحها و نفسها‪ ،‬و تصبر على ما تبقى من عمر نظام‪،‬‬ ‫اصفرت أوراق عمره في البالد‪ ،‬و بدأت تتساقط أرضاً‪...‬‬ ‫و شهدت إدلب اليوم‪ ،‬زفاف الشهيد محمود شحود‪ ،‬أبو احمد‪ ،‬من‬ ‫عمداء الثورة في إدلب‪ ،‬و اشتهر بـ تظاهره البساً كفناً‪ ،‬عليه كلنا حمص‪،‬‬ ‫و ها هو قد تحقق حلمه‪ ،‬و ذهب إلى أحبابه من حمص‪...‬‬ ‫اللون األحمر يغطي سوريا‪ ،‬و الحرية في المخاض‪...‬‬ ‫و الثورة بـ عون اهلل منتصرة‪...‬‬ ‫عن موقع المندسة‬

‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫اللون الأحمر‪ ...‬يغطي �إدلب‬ ‫هل فقد النظام زمام الأمور متام ًا‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫هي الكلمة المفتاح‪ ..‬تحولت لكلمة‬ ‫زمن ال نعرف إن كنا سنلتقي‬ ‫وداع في ٍ‬ ‫ثانية أم ال‪...‬‬ ‫في أوقات تزداد فيه خشيتنا من‬ ‫غياب مفاجئ‪ ،‬محسوب حسابه‪ ..‬أو لدينا‬ ‫ٍ‬ ‫شك بحدوثه في أي لحظة‪ ..‬فتكون‬ ‫الكلمة التي نرفقها بكلمة أخرى أكثر‬ ‫حميمية‪ ،‬وأكثر خوفًا على اآلخر‪« :‬عيوني‬ ‫أنت‪ ،‬حبيبي‪ ،‬اهلل يخليك‪ ....‬دير بالك على‬ ‫حالك»‪.‬‬ ‫هي الكلمة التي تعبر عن هذه‬ ‫الخشية وكأنها ستكون رداء إخفاء ترمى‬ ‫على من نخشى عليه فيتحول بسحر‬ ‫شخص مخفي ال يمكن رؤيته‬ ‫ساحر إلى‬ ‫ٍ‬ ‫أو الوصول إليه‪ ...‬لذلك كثيراً ما أرفقناها‬ ‫بكلمة‪« :‬اهلل يعمي عنّك»‪ ،‬أو « يعمي‬ ‫قلوبهم عنّك»‪.‬‬ ‫نعم ننثرها بهذا الحنو فوق رؤوسهم‬ ‫وكأننا نضع حجاباً يمنع العين والحسد‬ ‫واألهم األهم‪ ،‬يمنع االعتقال‪ ،‬كما يمنع‬ ‫رصاصة طائشة‪ ،‬أو ضربة عصاة على‬ ‫رؤوسهم في مظاهرة‪ ،‬أو في الشارع‪ ..‬أو‬ ‫حتى في البيت‪.‬‬ ‫نعلم أن ال حيلة لنا في منع ما نخشاه‪،‬‬ ‫فنبالغ في فيض مشاعرنا‪...‬‬ ‫نخشى أن تكون المرة األخيرة لرؤيتنا‬ ‫لهم بخير‪ ،‬أو بيننا فنحاول أن نبلغهم‬ ‫في كل لحظة حبنا لهم‪ ،‬اشتياقنا لهم‪،‬‬ ‫وخشيتنا عليهم‪.‬‬ ‫لم نعد نتحرج من قول مشاعرنا‪ ،‬ال‬ ‫أنوثتنا منعتنا وال ذكورتهم أو رجولتهم‬ ‫منعتهم‪ ،‬نخشى لحظة قد نندم ألننا‬ ‫لم نعبر عن مشاعرنا كما يجب‪ ،‬أو ألننا‬ ‫أضعنا فرصة قولها فلم نقلها بسبب‬ ‫خجلنا أو تجبرنا‪.‬‬ ‫هم أحبتنا وأصدقاءنا‪ ،‬من نلتجئ لهم‬ ‫وقت الصعاب‪ ،‬ونعلم أنهم سيجازفون من‬ ‫أجلنا‪ ،‬وسينقذونا مهما كانت الحالة‪...‬‬ ‫نعم هم أصدقاءنا وأحبتنا رغم قصر‬ ‫فترة التعارف‪ ،‬فما جمعنا ال شيء يمكن‬ ‫أن يكسره أو يقلل من أهميته‪.‬‬ ‫ال ليست عالقة عمل‪ ،‬هي عالقة‬ ‫محبة‪ ..‬تشارك في المصير‪ ،‬كما تشارك‬ ‫في المصاعب واألخطار‪..‬‬ ‫كم من لحظات‪ ،‬كانوا بجانبي‪،‬‬ ‫وكم من اللحظات تمنيت لو كنت قريبة‬ ‫منهم‪ ،‬وكم تمنينا لو كنا مكانهم‪ ،‬ولو‬ ‫ليوم‪ ،‬ولو لرصاصة‪ ،‬أو دوالب حتى‪،‬‬

‫عسى نخفف عنهم معاناتهم في لحظة‬ ‫قلقهم وتعذيبهم‪ ،‬أو في لحظة إصابتهم‬ ‫وابتعادهم عنّا‪.‬‬ ‫قبل فترة كنت أعرف أنهم بجانبي‪،‬‬ ‫كانوا قريبين رغم بعدهم‪...‬‬ ‫حين انسليت من بيتٍ ما‪ ،‬في مكانٍ‬ ‫ما‪ ،‬ألبس لباساً لم اعتده‪ ،‬فتحولت فجأة‬ ‫بجلباب وحجاب‪..‬‬ ‫إلى امرأة شامية‬ ‫ٍ‬ ‫حين تنادوا لمساعدتي وإخراجي من‬ ‫مكانٍ وصله مخبري الليل‪ ...‬فلم يكن‬ ‫سوى أصدقائي من أطلب مساعدتهم‬ ‫ونجدتهم‪ ..‬حين تنقلت بين بيوت متعددة‬ ‫فغيرت أكثر من ستة بيوت خالل أقل من‬ ‫أسبوعين‪ ...‬كانت البيوت تفتح لي‪ ،‬ال داعي‬ ‫ألعرف أصحابها أو أين تكون‪ ...‬ال خوف‬ ‫من بيتٍ وأصحابه ما داموا يأخذوني إليه‪،‬‬ ‫درب‬ ‫وما داموا رفاقي وأصدقائي‪ ،‬ورفاق ٍ‬ ‫اخترناه بإرادتنا ومعرفتنا بمخاطره‪...‬‬ ‫بيوتٌ تمتلئ بالحب‪ ..‬وأناس مليئين‬ ‫بالرغبة للمستقبل‪ ...‬هل من المهم أن‬ ‫تكون بيوت أقليات أم أكثرية؟ ال‪ ،‬ال يهم‪..‬‬ ‫هي فحسب حصون مناعتنا في ساعات‬ ‫الغفلة عن عيون رجال األمن‪...‬‬ ‫وهل من المهم أن تكون بيوت‬ ‫في المدينة أو الريف؟ بعيدة أم قريبة؟‬ ‫لفقراء أم ألغنياء؟ لمعارف أم ألصدقاء‬ ‫فيسبوكيين؟ لمتدينين أو لملحدين؟‬ ‫ليسار أم ليمين؟‬ ‫ال لم يعد هذا كله مهماً ألي واحدٍ‬ ‫منا‪ ،‬هي الثقة التي نسجناها خالل ثورتنا‬ ‫تبرز في أحلك اللحظات‪ ،‬كما صرخة‬ ‫شخص ال نعرفه في مكان خطر ينادينا‬ ‫ٍ‬ ‫كي يحمينا‪ ،‬وقد يتلقى رصاصة عنا‪...‬‬ ‫نعم هو الشعب السوري الجميل‬ ‫الرائع المتشابك المتعاضد‪ ،‬يوحدنا اليوم‬ ‫ما فرقنا لعشرات السنين‪ ،‬هو النظام‬ ‫الذي فرقنا‪ ،‬نجتمع اليوم على تفرقته‬ ‫والخالص منه‪...‬‬ ‫أصدقائي‪:‬‬ ‫سوف انتبه لنفسي جيداً‪ ،‬وأنتم أيضًا‬ ‫انتبهوا ألنفسكم جيداً‪ ...‬ستكونوا قربي‬ ‫في كل اللحظات‪ ،‬وأتمنى أن أكون قربكم‬ ‫في كل اللحظات‪..‬‬ ‫هو االنتباه على النفس‪ ،‬عاطفيٌ‬ ‫راق في تعبيره‪ ،‬وليد زمن‬ ‫في جوهره‪ٍ ،‬‬ ‫الخوف والخشية وفقدان األحبة‪ ،‬وفقدان‬ ‫القدرة على حمايتهم في لحظات هم‬ ‫األحوج فيها إلينا‪....‬‬

‫دندنات‬

‫‪9‬‬


‫قانـــون حمايــة الآثــار فـي �ســوريا‬ ‫الصفحة القانونية‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫ياسر مرزوق‬ ‫نق ًال عن أح��د المؤرخين‪" :‬إن كانت‬ ‫الجنة في األرض فدمشق ال شكّ فيها‪،‬‬ ‫وإن كان��ت ف��ي الس��ماء فهي تس��امتها‬ ‫وتحاذيها"‪.‬‬ ‫كم��ا ق��ال عال��م اآلث��ار الفرنس��ي‬ ‫مواطن متمدنٍ‬ ‫"آندريه بارو"‪" :‬على كل‬ ‫ٍ‬ ‫في ه��ذا العالم أن يق��ول أن له وطنان‪،‬‬ ‫وطنه الذي يعيش فيه‪ ،‬وسوريا"‪.‬‬ ‫ما إن نالت س��وريا اس��تقاللها حتى‬ ‫تنبه��ت الحكوم��ات المتتالي��ة لهذا اإلرث‬ ‫الحض��اري وبدأت بصياغ��ة قانونٍ يضع‬ ‫ضوابط وقواع��د وجزاءات لم��ن يعتدي‬ ‫على اآلثار‪ ،‬وانطلقت في ذلك من المادة‬ ‫‪ /831/‬م��ن القان��ون المدني التي نصت‬ ‫على ما يلي‪:‬‬ ‫"الحق في صيد البحر والبر واللقطة‬ ‫واألشياء األثرية تنظمه قوانين خاصة"‪.‬‬ ‫وتبل��ورت النص��وص التش��ريعية‬ ‫ف��ي قان��ون اآلثار الس��وري ال��ذي صدر‬ ‫بالمرسوم التشريعي رقم ‪ /222/‬بتاريخ‬ ‫‪ 1963/10/26‬وط��رأت علي��ه تعدي�لات‬ ‫عدي��دة منها القان��ون رق��م ‪ /7/‬بتاريخ‬ ‫‪ 1974/1/1‬والمرس��وم التشريعي رقم‬ ‫‪ /52/‬تاري��خ ‪ 1977/8/1‬وكان أبرزه��ا‬ ‫التعديل ال��ذي ورد في القانون رقم ‪/1/‬‬ ‫مخاض‬ ‫لعام ‪ 1999‬الذي صدر بعد فترة‬ ‫ٍ‬ ‫طويل��ة ليبش��ر بوالدة نصٍّ تش��ريعيٍّ‬ ‫حاس��م مش��دداً العقوبات عل��ى مهربي‬ ‫ا ُآلث��ار بع��د عقودٍ م��ن النه��ب المنظم‬ ‫للت��راث الحضاري في س��وريا‪ ،‬فأصبحت‬ ‫معظ��م الجرائ��م الواقع��ة عل��ى اآلث��ار‬ ‫جنائية الوصف بعد أن كانت جنحوية في‬ ‫القوانين الس��ابقة كما ألغى تجارة اآلثار‬ ‫إلغا ًء كام ًال ولم يس��مح بتصديرها لغير‬ ‫الغايات العلمية بعد أن كان مسموحًا بها‬ ‫ضم��ن ش��روطٍ محددة مما س��اعد على‬ ‫الحد من الجرائم الواقعة على اآلثار‪.‬‬

‫تعريف الآثار وفق القانون‬ ‫ال�سوري‬

‫ع��رف قانون حماية اآلثار الس��وري‬ ‫األث��ر فجاء في المادة األول��ى منه‪" :‬تعد‬ ‫آث��اراً الممتلكات الثابت��ة والمنقولة التي‬ ‫بناه��ا أو صنعه��ا أو أنتجه��ا أو كتبه��ا أو‬ ‫رسمها اإلنسان قبل مئتي سنة ميالدية‬ ‫أو مئتين وس��ت س��نوات هجرية‪ ،‬ويجوز‬ ‫للس��لطات األثري��ة أن تعتبر م��ن اآلثار‬ ‫أيض��اً الممتل��كات الثابت��ة أو المنقول��ة‬ ‫الت��ي ترجع إل��ى عهدٍ أح��دث إذا رأت أن‬ ‫لها خصائ��ص تاريخية أو فنية أو قومية‬ ‫بقرار وزاري"‪.‬‬ ‫ويصدر ذلك‬ ‫ٍ‬ ‫وهن��ا يمك��ن الق��ول أن��ه إذا كانت‬ ‫هن��اك لوح��ة فني��ة مث ً‬ ‫�لا‪ ،‬ورأت وزارة‬ ‫الثقافة اعتباره��ا ً‬ ‫أثرية رغم عدم مرور‬ ‫الم��دة المحددة قانون��اً فيمكن اعتبارها‬ ‫أثراً‬ ‫صادر عن وزير الثقافة‪.‬‬ ‫بقرار‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫إن جمي��ع اآلث��ار الثابت��ة والمنقولة‬ ‫تعدّ من أم�لاك الدولة العامة‪ ،‬وال يجوز‬ ‫بيعها أو رهنها أو الحجز عليها‪ ،‬وبالرجوع‬ ‫إلى المادة ‪ /6/‬من قانون ا ُآلثار‪ ،‬نرى أنها‬ ‫‪:‬إن ملكية األرض‬ ‫نص��ت على م��ا يل��ي‪ّ :‬‬ ‫ال تكس��ب صاحبها حقّ التصرف با ُآلثار‬ ‫الثابت��ة والمنقول��ة التي ق��د توجد على‬ ‫سطحها أو في باطنها كما ال تخوله حقّ‬ ‫التنقيب عن اآلثار فيها"‪.‬‬ ‫إال أن المش��رع اس��تثنى م��ن ه��ذا‬ ‫أش��كال م��ن اآلث��ار يمكن‬ ‫القي��د ثالث��ة‬ ‫ٍ‬

‫التصرف فيها‪:‬‬ ‫‪ - 1‬ا ُآلث��ار الثابت��ة المملوك��ة م��ن‬ ‫قب��ل األف��راد‪ ،‬فقد نص��ت الم��ادة ‪/29/‬‬ ‫من قان��ون اآلثار على أن��ه إذا أراد مالك‬ ‫أح��د اآلث��ار الثابت��ة المس��جلة بيع��ه أو‬ ‫رهن��ه فعلي��ه أن ينص ف��ي العقد على‬ ‫أن عقاره مس��جل‪ ،‬وأن يخبر الس��لطات‬ ‫األثرية بذلك خالل ثالثةِ أيام من تاريخ‬ ‫توقيع العقد النهائ��ي‪ ،‬ويعاقب المخالف‬ ‫بمقتضى أحكام هذا القانون‪.‬‬ ‫‪ - 2‬اآلث��ار المنقول��ة المس��جلة‬ ‫المملوك��ة من قبل األف��راد‪ ،‬إن التصرف‬ ‫تصري��ح خاص أو‬ ‫به��ا يكون بن��ا ًء على‬ ‫ٍ‬ ‫موافق��ةٍ مس��بقة م��ن قبل الس��لطات‬ ‫ُ‬ ‫األثري��ة وذلك حس��ب التعدي��ل الوزاري‬ ‫للقانون رقم ‪ /1/‬لعام ‪ 1999‬الذي عدّل‬ ‫المادة ‪ /34/‬من المرسوم التشريعي رقم‬ ‫‪ /222/‬لع��ام ‪ 1963‬والت��ي كانت تكتفي‬ ‫بإبالغ المتصرف الس��لطات ُ‬ ‫األثرية اسم‬ ‫المال��ك الجديد ومح��ل إقامته وذلك من‬ ‫تاري��خ انتقال الملكية‪ ،‬وتجدر المالحظة‬ ‫أن له��ذه المادة آثار س��لبية خطيرة على‬ ‫ا ُآلثار المنقولة الموجودة بحوزة األفراد‪،‬‬ ‫فعندم��ا تترك هذه المادة مدة ثالثة أيام‬ ‫للبائ��ع من تاريخ انتق��ال الملكية إلبالغ‬ ‫الس��لطات األثري��ة بتصرف��ه ف��إن ذلك‬ ‫بش��كل أو بآخر إمكانية أن يصبح‬ ‫يعني‬ ‫ٍ‬ ‫األث��ر خ��ارج القطر دون علم الس��لطات‬ ‫المختص��ة خالل هذه الم��دة‪ ،‬يضاف إلى‬ ‫ذل��ك ضع��ف العقوب��ة المفروضة على‬ ‫إعالم‬ ‫من يبيع أثراً منقو ًال مس��ج ًال دون ِ‬ ‫السلطات‪ ،‬حيث حددت العقوبة بالحبس‬ ‫ش��هر إلى ستة أش��هر‪ ،‬والغرامة من‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫ألف إلى خمسة آالف ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ - 3‬اآلث��ار المنقول��ة الت��ي ال ت��رى‬ ‫الس��لطات األثري��ة ض��رور ًة لتس��جيلها‬ ‫"العاديات"‪.‬‬ ‫وكم��ا قيد المش��رع ط��رق تصرف‬ ‫األف��راد باآلثار وقيد أيض��اً تنازل الدولة‬ ‫ع��ن الممتل��كات األثري��ة حيث ج��اء في‬ ‫المادتين ‪ /30-21/‬منه ما يلي‪:‬‬ ‫"تتب��ع المناط��ق األثري��ة واألبني��ة‬ ‫التاريخية المس��جلة التي تملكها الدولة‬ ‫للسلطات األثرية وهي ال تباع وال تُهدى‬ ‫وللسلطات األثرية حق استثمارها"‪.‬‬ ‫"ال يج��وز بي��ع وال إه��داء اآلث��ار‬ ‫المنقولة التي تملكه��ا الدولة وتحفظها‬ ‫ف��ي متاحفه��ا ويج��وز بي��ع م��ا يمك��ن‬ ‫االستغناء عنه من ا ُآلثار المنقولة لكثرة‬ ‫وجود ما يماثلها وذلك بمرسوم جمهوري‬ ‫بعد موافقة مجلس اآلثار"‪.‬‬ ‫كما مرح المش��رع السلطات األثرية‬ ‫الحق باستمالك أي أثر س��واء أكان ثابتًا‬ ‫أم جزءاً منتزعًا من أثر ثابت وقد أشارت‬ ‫لموضوع االس��تمالك المادتان ‪/37-20/‬‬ ‫من قانون اآلثار الس��وري باإلضافة إلى‬ ‫اس��تمالك المباني أو األراضي المجاورة‬ ‫أو المضاف��ة لآلث��ار الثابت��ة والمس��جلة‬ ‫بقص��د تحريره��ا وإظه��ار معالمها‪ ،‬إن‬ ‫لهاتين المادتين األثر األس��وأ على واقع‬ ‫اآلثار على سوريا فإن استمالك العقارات‬ ‫من قبل الدولة يكون بدالت رمزية ال بل‬ ‫تافهة يش��كل حافزاً ألي مواطن إلخفاء‬ ‫أي أثر مكتشف في منزله أو عقاره خوفًا‬ ‫م��ن خس��ارته له‪ ،‬وق��د يعم��د المواطن‬ ‫إل��ى تدمير األث��ر خوفًا على اس��تقراره‬ ‫وممتلكاته‪.‬‬

‫ومن المثير لالس��تغراب أن المشرع‬ ‫أعط��ى الجه��ة العام��ة وبحس��ب المادة‬ ‫‪ /17/‬م��ن قان��ون اآلث��ار ش��طب الموقع‬ ‫المس��تملك المس��جل كمنطق��ة أثري��ة‬ ‫أو بن��اء تاريخي وال يترتب على ش��طبه‬ ‫إعادته لمالكه الس��ابق بل للجهة العامة‬ ‫التصرف بالعقار كما تشاء‪.‬‬ ‫بحس��ب الم��واد ‪/39-25-23-18/‬‬ ‫من قان��ون اآلثار وض��ع المش��رع قيوداً‬ ‫على ترميم الممتلكات األثرية المملوكة‬ ‫للمواطنين‪ ،‬والتي يمكن تلخيصها بعدم‬ ‫الترميم إال بموافقة وإش��راف السلطات‬ ‫المختص��ة‪ ،‬ومن��ع تعدي��ل أو أي إضافة‬ ‫لألبني��ة باإلضافة إلى حظر تحويل األثر‬ ‫إلى مستودعات أو محالت صناعية‪ ،‬إال أن‬ ‫الواقع العملي يؤكد خالف ذلك‪ ،‬فالمئات‬ ‫من المح�لات والخانات والبي��وت األثرية‬ ‫في دمشق مث ًال ورغم وضع إشارة وزارة‬ ‫الثقافة على صحيفتها فإنها تعاني أسوأ‬ ‫أشكال اإلهمال وإساءة االستعمال‪.‬‬

‫م�س�ؤولية مكت�شف الأثر‬

‫نص تش��ريعي آخر يضر باآلثار في‬ ‫سوريا‪ ،‬فبحس��ب المواد ‪ /36-35-27/‬من‬ ‫قانون اآلثار أوجب المش��رع على مكتشف‬ ‫ُ‬ ‫األث��ر إبالغ الس��لطات عنه خ�لال مدة ‪24‬‬ ‫س��اعة من عث��وره علي��ه مقاب��ل مكافأة‬ ‫للمكتشف تقدرها الوزارة بنا ًء على تقدير‬ ‫لجن��ة المبايعات األثرية وف��ي حال تجاوز‬ ‫مقدار ه��ذه المكافأة ‪ 1000‬ليرة س��ورية‬ ‫تؤخذ موافقة المجلس األعلى لآلثار؟؟‬ ‫إن م��ن األج��دى لمكتش��ف األث��ر‬ ‫والحال��ة هذه أن يق��وم ببيع اآلثار لمحل‬ ‫العاديات والتحف بد ًال من إبالغ السلطات‬ ‫المختصة‪.‬‬ ‫العقوب��ات المق��ررة لجرائ��م ا ُآلثار‬ ‫وفق القانون رقم ‪ /1/‬لعام ‪:1999‬‬ ‫يعاقب المش��رع عل��ى تهريب ا ُآلثار‬ ‫باالعتقال من ‪ 25-15‬سنة‪ ،‬وغرامة من‬ ‫‪ 500‬ألف إلى مليون ليرة‪.‬‬ ‫أم��ا ع��ن س��رقة اآلث��ار أو التنقيب‬ ‫عليه��ا دون ترخي��ص أو اإلتج��ار به��ا‪،‬‬ ‫فالعقوب��ة تكون باالعتق��ال من ‪15-10‬‬ ‫س��نة والغرامة م��ن ‪ 100‬ألف إلى نصف‬ ‫مليون ليرة سورية‪.‬‬ ‫أم��ا ع��ن ه��دم وتخري��ب اآلث��ار أو‬ ‫تقليده��ا فالعقوبة باالعتقال من ‪10-5‬‬

‫س��نوات والغرامة من ‪ 250‬ألف إلى ‪500‬‬ ‫ألف ليرة سورية‪.‬‬ ‫كم��ا عاقب المش��رع تش��ويه اآلثار‬ ‫بالكتابة أو الدهان أو الحفر بالحبس من‬ ‫شهر إلى ستة أش��هر وغرامة من ‪1000‬‬ ‫إلى ‪ 5000‬ليرة سورية‪.‬‬ ‫مع استعراضنا لقانون حماية اآلثار‬ ‫السوري‪ ،‬كان لنا مقارنته بأحدث قانونٍ‬ ‫لآلثار ف��ي العالم العرب��ي وهو القانون‬ ‫األردني والذي تالفى الكثير من الثغرات‬ ‫الموج��ودة في تش��ريعات حماي��ة اآلثار‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫‪ - 1‬اعتبر المش��رع األردني األشياء‬ ‫الثابت��ة والمنقول��ة آث��اراً بمج��رد كونها‬ ‫تع��ود لما قبل ع��ام ‪ 1750‬ميالدي‪ ،‬دون‬ ‫حاجة لقرار وزاري باعتبارها كذلك‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أشار المشرع إلى بقايا اإلنسان‬ ‫ً‬ ‫صراح��ة وعدها من‬ ‫والحي��وان والنب��ات‬ ‫اآلث��ار كالهي��اكل العظمي��ة الت��ي تعود‬ ‫لقرونٍ قديمة بحسب المادة ‪ /2/‬منه‪.‬‬ ‫‪ - 3‬أدخل المش��رع األردني مفهومًا‬ ‫حديث��ًا إل��ى الس��احة القانوني��ة وه��و‬ ‫المحمي��ة األثرية وهي منطق��ة محددة‬ ‫المس��احة من قبل الس��لطات المختصة‬ ‫تزخ��ر بالثقاف��ات واآلث��ار والحض��ارات‬ ‫واله��دف م��ن تحديده��ا الحف��اظ عل��ى‬ ‫موجوداتها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬انحص��رت ملكية اآلث��ار الثابتة‬ ‫بالدول��ة فقط‪ ،‬وال يجوز ألي فرد أو جهة‬ ‫تملكها‪.‬‬ ‫‪ - 5‬حص��ر تبعي��ة اآلث��ار والمتاحف‬ ‫ومديرياته��ا ل��وزارة الس��ياحة بينم��ا‬ ‫تت��وزع تبعي��ة اآلث��ار ف��ي س��وريا بين‬ ‫وزارة الس��ياحة والثقاف��ة واألوق��اف‬ ‫وحت��ى البلدي��ات والنواح��ي ف��ي بعض‬ ‫المحافظات‪.‬‬ ‫نختم أن لكل قانون يصدر وجهان‪:‬‬ ‫مش��رع ومُشَ��رَّع ل��ه‪ ،‬ويج��ب تحقي��ق‬ ‫الموازن��ة بي��ن الجانبي��ن حت��ى ال تعود‬ ‫حقوق أحدهما لحساب آخر‪.‬‬ ‫وحت��ى يك��ون القان��ون ممك��ن‬ ‫التطبي��ق يج��ب دراس��ة حال��ة المجتمع‬ ‫اإلدراكي��ة والثقافي��ة الت��ي وص��ل إليها‬ ‫والعمل ما أمكن على تطوير تلك الحالة‬ ‫تعليمياً وإعالمياً بالتوازي مع التشريعات‬ ‫الرادعة‪.‬‬


‫يا أرضنا‪ ..‬شهداؤنا‪ :‬نوصيك بهم خريا‬ ‫ال�شهيدة احلية مها عرفات‬

‫املعتقل احلر با�سم عيدو‬

‫باسم عيدو من مواليد ‪ 1990\11\25‬من‬ ‫مدينة السلمية‪.‬‬ ‫هو طالب في الجامعة االفتراضية ‪ ..‬تم‬ ‫اختفائه تحت ظروف غامضة في يوم الثالثاء‬ ‫‪ 13‬من كانون األول‪.‬‬ ‫وتم فقد االتصال به بشكل كامل ‪ ..‬وحتى‬ ‫اآلن ال نملك عنه أي معلومة‪ ..‬نطالب السلطات‬ ‫المختصة بالكشف عن مكان تواجده‪.‬‬

‫محامية من حلب‪ ،‬تاريخ اإلعتقال‬ ‫‪ ،2011-12-18‬حيث قامت عناصر مسلحة‬ ‫تابعة لجهة أمن باقتيادها لمكان مجهول‪..‬‬ ‫الجهة المعتقلة ومكان تواجدها‬ ‫الحالي غير معروفين‪.‬‬

‫املعتقل احلر ن�ضال عبداهلل �أبازيد‬

‫عمره ‪ 13‬عاماً‪ ،‬اعتقل في اليوم االول‬ ‫العتصام الخالدية بتاريخ ‪27-12-2011‬‬ ‫و قد اعتقله األمن على حاجز مؤسسة‬ ‫المياه مع أربعة من رفاقه‪ ,‬علماً أن والد‬ ‫الطفل معتقل منذ أكثر من ثالثة أشهر‬

‫احلرة �آية �أمين العجان‬

‫من درعا معتقل منذ اكثر من أربع شهور وهذا‬ ‫الشاب من ذوي االعاقة (شلل في اليد والقدم)‬ ‫الجهة المعتقلة ومكان تواجدها‬ ‫الحالي غير معروفين‪.‬‬

‫عمرها ‪ 19‬سنة‪ ،‬من مدينة حمص‪،‬‬ ‫سنة ثانية هندسة طبية‪ ،‬تاريخ االعتقال‬ ‫‪12-01-2012‬‬ ‫الجهة المعتقلة ومكان تواجده الحالي‬ ‫غير معروفين‬

‫من منطقة الشحيل مدينة دير الزو‪،‬‬ ‫مهندس‪ ،‬تم اعتقاله بعد مشاركته في‬ ‫المظاهرات ‪20-03-2011‬‬

‫الحرية للوطن ولجميع‬ ‫المعتقلين‬

‫املعتقل احلر عامر النام�س‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫املعتقلة احلرة مي�شلني نحا�س‬

‫املعتقل احلر الطفل جمال هيثم �سيوف‬

‫غسان فارس‬

‫ُ‬ ‫يضبط إيقاعَ جسديهما الالهث‪ .‬وفي‬ ‫لم يهدأ المطر‪ ،‬وكأنّه كان‬ ‫العتّمة تجاذبا بقايا الضوء الخافت المنبعثِ من مكانٍ ما في هذا‬ ‫الكون الواسع‪ .‬بأنفاسهما المبهورة كانا يطردان ّ‬ ‫كل الكلمات والحروف‬ ‫التي اختزنت طوي ًال في ذاكرتهما‪ .‬وعلى السجادة الداكنة المسترخية‬ ‫على الطوب كانا يتركان أثرهما في المكان‪ .‬وقد أشعل صوت الرصاص‬ ‫القادم من البعيد الرغبة المحتقنة منذ زمن‪ .‬ضمته إليها وغار بين‬ ‫ذراعيها‪ .‬أرادت التشبث به وأن تبعثه إلى صدرها لتخبّئه وتمنعه من‬ ‫الذهاب‪ .‬كيف يُمكن أن يبقى بقربها إلى األبد؟‬ ‫ال‪ ...‬ال أريد أن تذهب!‬ ‫أمسكت رأسه الذي كان يغترف من شفاهها القبل الحارة واليتيمة‬ ‫وثبتته بيديها ونظرت في عينيه التائهتين‪ .‬هدأ جسده الهائج‪ .‬وثبتت‬ ‫تلك النظرات التائهة ‪ .‬وصمت الكائنات من حولهما‪ .‬صمت كل شيء‪.‬‬ ‫صمت الكون‪ .‬لم تكن تنتظر منه جوابًا‪.‬‬ ‫حين دخل إليها وهو يعتمر بندقيته وقد لف رأسه بذلك الشماخ‬ ‫األبيض واألحمر عرفت أنه لن يبقى‪ .‬وأدركت أنه ليس ثمة متسع من‬ ‫الوقت‪ .‬لقد خاطر كل تلك المخاطرة من أجل رؤيتها‪ .‬لم تمنحه فرصة‬ ‫للكالم وجذبته إليها وخاطت بشفتيها كل الكالم الذي أراد قوله‪ .‬كان‬ ‫لشفتيه طعم التراب في كانون‪ .‬وكان جسده هزي ًال متآك ًال‪ .‬ثالثة أشهر‬ ‫لم تره ولم تسمع عنه أي خبر‪ .‬قصص كثيرة رويت عنه‪ .‬بعضهم أكد‬ ‫لها أنه مات منذ فترة طويلة أثناء إحدى اإلشتباكات‪ .‬والبعض اآلخر‬ ‫أخبرها أنه اعتقل على يد قوات األمن في كمين نصب له‪ .‬ولم تنصت‬ ‫لكل تلك األقاويل‪ .‬وكانت تنتظره‪ .‬وطوال تلك األمسيات المثقلة بدوي‬ ‫اإلنفجارات وجنون المطر كانت تخلع ثيابها كل ليلة وتمضي إلى الحمام‬ ‫كأنها في ليلة عرسها‪ .‬تستحم وتتطيب وتسرح شعرها‪ ،‬وتجلس على‬ ‫السرير الخشبي وتنتظره‪ .‬افتقدته كثيراً‪ .‬افتقدت لألحاديث الطويلة‬ ‫التي كانا يتجاذبانها طوال الليل‪ .‬لتكوره بين ذراعيها كأنه طفل‪.‬‬ ‫ألنفاسه الدافئة على صدرها‪.‬‬ ‫منذ اللحظة األولى التي رأته أرادت منه طف ًال‪ .‬طف ًال يشبهه في‬ ‫كل شيء‪ .‬أرادت أن يربطها به كل ما يفوق الحب والشهوة والعادات‬ ‫والتقاليد‪ .‬أرادت االنتماء إليه‪ .‬لم يمضي كثيراً على زواجهما حتى‬ ‫اندلعت الثورة‪ .‬وفي كل يوم كانت تريد منه ذلك الطفل أكثر فأكثر‪.‬‬ ‫لكن اهلل الذي كانت تبتهل له كل يوم لم يمنحها ذلك الطفل‪ .‬وذات يوم‬ ‫عاد إليها ببدلته العسكرية وهو يحمل بندقيته‪ .‬جلسا سوية‪ .‬لم تعرف‬ ‫كم لبثا وهما صامتين‪ .‬وفي النهاية قال لها ينبغي أن أذهب‪ .‬ودت حينها‬ ‫لو تمنعه‪ .‬لكنها أدركت أنها لن تستطيع ثنيه‪ .‬لقد نذر نفسه لهذه الثورة‬ ‫منذ اللحظة األولى منذ اشتعالها‪ .‬وفي تلك المساءات المرعبة المليئة‬ ‫بمداهمات قوات األمن كان يحدثها عن شكل البلد والحياة التي ستكون‬ ‫عليه فيما لو نجحت الثورة‪ .‬كان يقول لها‪ :‬يا سمر سيتغير كل شيء في‬ ‫هذا البلد‪ .‬سيكون في مقدور الجميع أن يقول ما يختلج في صدره‪ .‬حتى‬ ‫أنت يمكنك أن تمارسي العمل الذي تريدين‪ .‬تكملين جامعتك وتشتغلين‬ ‫بالسياسة إذا أردت‪ .‬كانت تنصت إليه وتبتسم وكانت تسرح بخيالها معه‪.‬‬ ‫لم تكن تريد شيئًا في الحياة أكثر من هذا المنزل الصغير وطفل يكبر‬ ‫في بلد جديد ال خوف فيه‪ ،‬وهو؛ هو بكل كيانه‪.‬‬ ‫مضى حينها دون أن يقول كلمة وداع‪ .‬لم يكن ثمة ضرورة لقول‬ ‫شيء‪ .‬كانت عيناه وجسده ينطقان ويشتعالن‪ .‬وأغلق الباب ورائه‪ .‬وأبقى‬ ‫لها شيئاً من الثورة يذكرها به‪ .‬وفي كل مرة ذهبت بها إلى مظاهرة‬ ‫كانت على يقين بأنها إنما تعيده إلى المنزل‪ .‬وفي كل مرة أخفت أحد‬ ‫الشبان الهاربين كانت على ثقة أن هنالك من يخفي زوجها كما تفعل‪.‬‬ ‫كم من مرة فتحت باب منزلها وأخفت الشبان الهاربين من قبضة األمن‬ ‫حين يحاصرونهم فيعجزون عن الفرار‪ .‬لقد انتهى ذلك الزمن الذي‬ ‫يتحدث فيه الحي عن المرأة التي تتكلم مع رجل غريب‪ .‬لقد أخفت الكثير‬ ‫من الغرباء في منزلها‪ .‬وكانت تتحدث معهم‪ .‬وجميعهم كانوا ينادونها يا‬ ‫خيّة‪ .‬حتى أهل الحي الرجال والنساء والصغار كانوا يقولون لها‪ :‬يا خيّة‬ ‫سمر‪ ...‬يا أخت الرجال‪.‬‬ ‫ال أريد أن تذهب‪ .‬وأغمضت عينيها وجذبته إليها مرة أخرى وأطلقت‬ ‫ابتها ًال دوى في أنحاء السماء دون أن يسمعه‪:‬‬ ‫يا رب يا مسير الوديان ورافع السماء‪ .‬يا رب يلي ما حواك حدود وال‬ ‫مدى‪ ...‬يا رب بدي ولد ‪ ..‬ولد يا رب اذا بده يروح تركلي منه ولد‪.‬‬ ‫وبينما كان على إحدى التالل القريبة يمسك ببندقيته ويضغط‬ ‫على زنادها بعد أن خرج من منزله متخفيًا وقد كمنت له قوات األمن‬ ‫وانهال الرصاص عليه من كل الجهات كأنه جحيم‪ ،‬كانت سمر مستلقية‬ ‫على السرير الخشبي والدموع تنهمر على وجنتيها وقد وضعت يدها‬ ‫على بطنها وأخذت تتلمسه‪ ،‬عندها كانت إحدى الحيوانات المنوية‬ ‫تخترق البويضة ويتجه الحيوان المنوي إلى نواة البويضة ويلقحها وقد‬ ‫بدأ جنين جديد بالنمو في ذات اللحظة التي اخترقت رأسه رصاصة‬ ‫وأردته جثة هامدة على األرض‪.‬‬

‫يا نحن ‪. .‬‬

‫مشعات احلرية ‪ . .‬معتقلونا‬

‫الثورة تلد حياة �أخرى‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫مها عرفات‪ ...‬ذات الـ ‪ 35‬عاما‪ ،‬أم لثالثة‬ ‫أطفال‪ ...‬لم تستطع أن ترى طف ً‬ ‫ال بعمر‬ ‫الزهور ال يتجاوز الـ ‪ 15‬عاما‪ ،‬مصاب بطلق‬ ‫ناري من قبل عصابات األمن‪ ...‬طلبت النجدة‬ ‫من أخيها وجيرانها على أن يساعدوها بنقله‬ ‫إلى اقرب مشفى في منطقة"الضمير"‪...‬‬ ‫وأثناء نقلها للطفل المصاب وجدت جندي‬ ‫مصاب ملقى على األرض‪ ،‬هي أم وممرضة‬ ‫وإنسانة بكل ما تحمل الكلمة من معنى‪...‬‬ ‫أخذت قرارها أن ننقله معها إلى المشفى‪...‬‬ ‫لكنها فوجئت بكمين من قبل األمن أوقف‬ ‫السيارة التي تقل الجندي المصاب‪...‬‬ ‫واجهت األمن بكالم صادق عندما سألوها‪ :‬كيف لها أن تنقل اإلرهابيين‬ ‫بسيارتها؟!!‬ ‫فأجابت بأنهم مصابين وبحالة خطرة ومن واجبها نقلهم ومن حقهم العالج ثم‬ ‫يحاسبوا قانونيا أن كان هناك سبب لذالك‪...‬‬ ‫سألوها عن السائق‪ ،‬فأجابت أنه أخوها‪ ،‬فلم يمنحوها إال لحظات وأطلقوا النار عليه‬ ‫ورأته أمامها مقتوال‪...‬‬ ‫وسألوها عن الشخصين بالخلف فأجابت أنهم من جيرانها فقتولهما بدون شفقة أو‬ ‫رحمة‪ ...‬بدأت بالصراخ وتوجيه الشتائم لهذا النظام الهمجي الغادر الذي يقتل الجرحى‬ ‫واألطفال واألبرياء‪.‬‬ ‫وهي تقوم بمحاولة بائسة لحماية الطفل والجندي المصاب فرد عليها األمن بقتل‬ ‫الطفل والجندي أمام عينيها ثم بادروا بإصابتها بطلقة بالخاصرة وطلقة بالرأس‪...‬‬ ‫بقيت هي في مشفى دوما حتى تاريخ ‪ 2012-1-3‬شهيدة حية حتى فاضت روحها‬ ‫إلى بارئها سبحانه وتعالى الليلة الماضية‪...‬‬ ‫مها ضحت بحياتها من أجل أن يعيش من حاولت إسعافهم‪ ،‬لكن النظام المتوحش‬ ‫أبى أن تعيش هي أيضا لتترك أطفالها ودمها أمانة في أعناقنا جميعًا‪ ،‬ولن نهدأ حتى‬ ‫نتحرر لدمك وروحك الطاهرة‪ ...‬هنيئا لك الشهادة‪.‬‬

‫يا نحــن‬

‫‪11‬‬


‫تدمـــــــــــــر‬ ‫مدننا الثائرة ‪. .‬‬

‫هند عيسى‬

‫ثورة لوجيا‬ ‫الهيئة العامة للثورة ال�سورية‬

‫(‪)www.srgcommission.org‬‬ ‫سوريتنا | رشا محمود‬ ‫أحد أهم مواقع الثورة السورية المتخصصة‪ ،‬يقدم‬ ‫تقارير إخبارية ش��املة تغطي كافة المناطق السورية‪،‬‬ ‫حي��ث يتم تحديث المحتويات بش��كل آني ليواكب جميع‬ ‫التطورات‪ .‬ويس��تمد هذا الموق��ع موثوقيته من الهيئة‬ ‫العام��ة للثورة التي تعتبر إط��اراً جامعًا ألهم التنيقيات‬ ‫على األرض وكافة التجمعات الثورية التي ظهرت خالل‬ ‫أش��هر الثورة الماضية‪ .‬مما يجع��ل محتوياته اإلخبارية‬ ‫ذات مرجعي��ة للعدي��د من المطلعين ووس��ائل االعالم‬ ‫العالمية والعربية‪.‬‬

‫عدد الزوار‪:‬‬

‫ال توجد إحصائيات منش��ورة عن عدد الزوار الكامل‬ ‫إال أن عداد ال��زوار اليومي يبين أن الموقع يحظى بعدد‬ ‫مشاهدات كبير نسبيًا‪.‬‬

‫امل�س�ؤول عن املوقع‪:‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫يعتب��ر ه��ذا الموقع ممث ً‬ ‫�لا رس��مياً للهيئ��ة العامة‬ ‫للثورة بجميع مكاتبها اإلعالمية والقانونية والسياسية‬ ‫واإلغاثية ‪.‬‬

‫الربنامج امل�ستخدم لإدارة املوقع‪:‬‬ ‫تقع في وسط سوريا وتتبع لمحافظة‬ ‫حمص‪ ،‬هي مدينة ذات أهمية تاريخية حيث‬ ‫كانت عاصمة مملكة تدمر وهي اليوم مدينة‬ ‫سياحية‪ .‬تبعد ‪ 215‬كيلومتر عن مدينة‬ ‫دمشق إلى الشمال الشرقي منها‪ ،‬وتقع على‬ ‫بعد ‪ 150‬إلى الجنوب الغربي من نهر الفرات‬ ‫و‪ 160‬كيلومتر شرق مدينة حمص‪ .‬تعرف‬ ‫حاليًا في سوريا باسم "عروس الصحراء"‪،‬‬ ‫وتدمر هي أقدم تسمية للمدينة وقد ظهرت‬ ‫في المخطوطات البابلية التي وجدت في‬ ‫مملكة ماري السورية على الفرات وتعني "بلد‬ ‫المقاومين" باللغة العمورية و"البلد التي ال‬ ‫تقهر" باللغة اآلرامية السورية القديمة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عل أبرز ما نذكره من هذه المدينة األثرية‬ ‫الخالدة هو ملكتها زنوبيا وتاريخها العريق‬ ‫وآثارها الشامخة وسط تلك الصحراء الجافة‪.‬‬ ‫لكن هناك ما شوّه تاريخها مع قدوم‬ ‫نظام األسد الظالم الوحشي أال وهو سجنها‬ ‫الذي تسرد حوله شتى قصص الرعب واإلجرام‬ ‫من ممارسات التعذيب التي تعجز األقالم عن‬ ‫وصفها والمجزرة الشهيرة التي نفذت صبيحة‬ ‫السابع والعشرين من شهر حزيران ‪.1980‬‬ ‫أهل تدمر انتفضوا اليوم كسائر السوريين‬ ‫توقًا للحرية وأم ً‬ ‫ال بمستقبل أفضل‪ ..‬مطالبين‬ ‫بحقوقهم آملين أن ينتهي تاريخ المستعمر‬ ‫األسدي ويسقط نظامه وذاك التشويه الذي‬ ‫شاب تاريخ مدينتهم الجميلة وربط اسمها‬ ‫العظيم بأقبح فترة من تاريخ سوريا الحبيبة‪.‬‬

‫�أهم الأحداث يف تدمر ‪:‬‬

‫بتاريخ ‪2011/4/24‬‬ ‫اعتقال العشرات في مدينة تدمر وفق‬ ‫لوائح أسماء وضعها أزالم النظام خالل حملة‬ ‫مداهمات للمدينة‪.‬‬

‫بتاريخ ‪2011/8/8‬‬ ‫تظاهرة كبيرة انطلقت في مدينة تدمر‬ ‫حيث خرجت المظاهرات بشكل يومي منذ‬ ‫بداية رمضان بعد التراويح‪.‬‬ ‫بتاريخ ‪2011/8/19‬‬ ‫وصلت التعزيزات العسكرية أيضًا إلى‬ ‫مدينة تدمر التي شهدت مظاهرات دعت‬ ‫إلسقاط النظام وإعدام رموزه‪.‬‬ ‫قتل ‪ 5‬أشخاص في مدينة تدمر األثرية‬ ‫وأصيب ‪ 15‬عندما فتحت قوات األمن النار على‬ ‫مظاهرة ‪.‬‬ ‫بتاريخ ‪2011/12/18‬‬ ‫إطالق نار كثيف من قبل الجيش لترويع‬ ‫االهالي‪.‬‬ ‫بتاريخ ‪2012/1/5‬‬ ‫أفادت لجان التنسيق بانشقاق ثمانية‬ ‫عناصر من فرع األمن العسكري أثناء حملة‬ ‫الضجيج التي قام بها األهالي مساء أمس في‬ ‫تدمر بحمص‪.‬‬ ‫المظاهرات في تدمر مميزة وطريفة‬ ‫ففيها خرجت مظاهرة على ظهر الجمل‪،‬‬ ‫إضافة إلى مظاهرات المنطقة األثرية‪.‬‬ ‫تدمر تريد اسقاط النظام بأهلها وجمالها‬ ‫وآثارها‪ ..‬البشر والحجر يريد األسد خارجاً‪..‬‬ ‫وسوريا الحرة‬

‫�إح�صائيات‪:‬‬

‫‪ .1‬عدد المعتقلين ‪ 11 :‬معتقل‬ ‫‪ .2‬عدد الشهداء ‪12 :‬‬ ‫‪ .3‬أول شهيد من تدمر ‪ :‬محمد عوض‬ ‫القنبر حمص‪ 2011/4/8‬مجند أعدم لرفضه‬ ‫إطالق النار ‪...‬‬

‫‪Joomla‬‬

‫مميزات املوقع ‪:‬‬

‫• تم تقسيم الموقع إلى ثمان أقسام رئيسية هي‪:‬‬ ‫األخبار العاجل��ة‪ ،‬التقاري��ر اليومية الش��املة‪ ،‬التقارير‬ ‫اليومي��ة للمحافظ��ات‪ ،‬أخبار عربية وعالمي��ة‪ ،‬مقاالت‪،‬‬ ‫تقارير خاصة‪ ،‬صور من الثورة‪ ،‬أهم الفيديوهات‪.‬‬ ‫• التقاري��ر اليومية هي أكثر ما يمي��ز هذا الموقع‪،‬‬ ‫حيث يص��در ثالث تقارير يومي��ة منتظمة تغطي كافة‬ ‫األح��داث الجاري��ة المتعلقة بالش��أن الس��وري‪ .‬تنش��ر‬ ‫التقاري��ر على ث�لاث مراح��ل يومي��ًا‪ :‬تقري��ر الصباح‪،‬‬ ‫منتصف النهار والتقرير المسائي‪.‬‬ ‫• قسم تقارير المحافظات الذي يغطي كافة األحداث‬ ‫الجارية في المحافظات بشكل يومي ملقيًا الضوء على‬ ‫نقاط التظاهر وحمالت االعتق��ال والمداهمات وغيرها‬ ‫من األحداث البارزة الحاصلة في المحافظات السورية‪.‬‬ ‫• قس��م أخبار عربية وعالمية الذي يتضمن تجميعًا‬ ‫أله��م المق��االت المنش��ورة ف��ي الصحاف��ة العربي��ة‬ ‫والعالمي��ة المتعلقة بالثورة الس��ورية مع اإلش��ارة إلى‬ ‫مصادرها‪.‬‬ ‫• قس��م مق��االت يتضم��ن أيض��ًا تجميع��اً لمقاالت‬ ‫كتبت من قبل ناشطين سوريين أو صحفيين متميزين‬ ‫دراسة أو تحلي ً‬ ‫ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫تناولوا الثورة السورية‬ ‫• قس��م فيديوهات الثورة‪ :‬يتضم��ن أهم المقاطع‬ ‫المصورة التي توثق أحداث الثورة والتي تدرج فيما بعد‬ ‫ضمن التقارير اليومية الشاملة‪.‬‬ ‫• تضم��ن الموقع عدداً من الصفح��ات التي توضح‬ ‫هيكلي��ة عمل الهيئة ودور مكاتبها وش��روط االنضمام‬ ‫إليها‪.‬‬ ‫• كباق��ي مواقع الثورة‪ ،‬يس��تفيد الموقع من ميزات‬ ‫المواقع االجتماعية لتتب��ع التحديثات عبر قناة يوتيوب‪،‬‬ ‫تويتر‪ ،‬صفحة فيسبوك‪.‬‬

‫�سلبيات املوقع ‪:‬‬

‫• لع��ل أكثر م��ا يؤخذ على الموق��ع إهماله لصفحة‬ ‫توثيق االنتهاكات‪ ،‬حيث يفرد باباً خاصاً لقوائم الجرحى‪،‬‬ ‫المعتقلين والش��هداء‪ .‬إال أن األبواب الثالثة غير مفعلة‬ ‫حتى تاريخ��ه وقد نوه الموقع منذ فت��رة طويلة إلى أن‬ ‫تفعيل هذه الصفحات سيتم قريبًا‪.‬‬ ‫• قسم صور الثورة أهمل تحديثه‪.‬‬

‫هيئة التحرير ‪ -‬الناشرون‪:‬‬ ‫جواد أبو المنى حمزة الجندلي حنين اليوسف خالد كنفاني ســعاد يوسـف‬ ‫سلمى الخطيب غسان فارس ليلى السمان ماريا الحداد ياسر مرزوق‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪www.facebook.com/pages/Souriatna :‬‬ ‫‪ souriatna.wordpress.com‬للمراسالت‪souriatna@gmail.com :‬‬ ‫نرحب بكل المساهمات والمشاركات‪ ،‬بعد مراجعتها وخضوعها لشروط النشر‬


‫سمير سعيفان‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫ديمقراطي��ة علماني��ة ليبرالي��ة منفتحة‬ ‫للمش��اركة والبروز‪ ،‬فال ن��رى مظاهرات‬ ‫ف��ي طرط��وس والالذقي��ة خ��ارج أحي��اء‬ ‫الس��نة‪ ،‬وال ن��رى مظاهرات ف��ي معظم‬ ‫أحياء دمش��ق مث��ل المالكي وأب��و رمانة‬ ‫والمزرعة وباب توما والتجارة في دمشق‪،‬‬ ‫وال ن��رى مظاه��رات ف��ي معظ��م أحي��اء‬ ‫حلب مثل الس��بيل والمحافظة والش��هباء‬ ‫والس��يلمانية والعزيزي��ة ف��ي حلب‪ ،‬ولم‬ ‫يب��ق غير ق��وى مناط��ق وأحياء ش��عبية‬ ‫تتس��م بالتضامن م��ع بعضها حيث يلعب‬ ‫رجال الدين الدور األكبر‪ .‬وهذا كله يهيء‬ ‫المناخ للقوى األكثر تطرفًا وراديكالية في‬ ‫البروز والسيطرة‪ .‬من التحليل أعاله يبدو‬ ‫أن كال االحتمالي��ن واردي��ن‪ ،‬وإذا كان من‬ ‫الصعب الجزم اآلن بمآل الثورة السورية‪،‬‬ ‫فيمك��ن القول بأن الحل الس��لمي لألزمة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬واالنتقال الس��لمي للس��لطة‬ ‫م��ن نظام األس��د إلى نظ��ام ديمقراطي‬ ‫تعددي إنما يعزز احتم��االت التوجه األول‬ ‫وكس��ر القاعدة‪ ،‬بينما يعزز تمسك األسد‬ ‫بالس��لطة ولج��وءه للحل األمن��ي البديل‬ ‫الثان��ي‪ ،‬وبالتال��ي فنظام األس��د وموقف‬ ‫بشار األس��د بالذات هو المسؤول وهو ما‬ ‫سيحدد إلى حد بعيد مسار الثورة وتوجهها‬ ‫نحو البديل األول أم البديل الثاني ويحدد‬ ‫مس��تقبل س��ورية ككل‪ .‬وفي حال غلبة‬ ‫البدي��ل الثاني فهذا يعني أن حافظ أس��د‬ ‫مازال يحكم سورية بعد موته‪.‬‬ ‫قد ال تكون المشكلة في دخول اإلسالم‬ ‫السياس��ي معت��رك السياس��ة علن��ًا وحتى‬ ‫ف��وزه في انتخاب��ات لدورة أو أكث��ر‪ .‬ولكن‬ ‫المش��كلة قد تك��ون ف��ي أن الديمقراطية‬ ‫ال تمن��ع الديكتاتوري��ة‪ ،‬ألن الديمقراطي��ة‬ ‫تش��ترط الدولة المدني��ة والثقافة المدنية‬ ‫والعلماني��ة‪ ،‬وال ديمقراطي��ة م��ع ص��راع‬ ‫مذهب��ي‪ ،‬فالعراق لديه 'نظ��ام ديكتاتوري‬ ‫منتخب'‪ ،‬فالميكانيزم الديمقراطي ش��رط‬ ‫الزم ولك��ن غير كاف‪ ،‬ألنه عندما تس��يطر‬ ‫الدواف��ع المذهبي��ة الضيق��ة س��تكون‬ ‫الديمقراطية أداة لمنح الش��رعية للتعصب‬ ‫والمذهبية والتطرف والديكتاتورية كما هو‬ ‫في العراق اآلن‪ .‬أي المش��كلة في التعصب‬ ‫وف��ي نمو حجم ودور الداف��ع المذهبي في‬ ‫الخروج للتظاهر إلس��قاط حكومة األس��د‪.‬‬ ‫وإن كان ه��ذا الدافع ما زال محدود نس��بيًا‬ ‫وتح��ت الس��يطرة‪ ،‬وال يتح��ول لدع��وات‬

‫انتقامية‪ ،‬غير أن نظام األسد يغذيه ويدفع‬ ‫لتنميت��ه كي يخيف الفئ��ات األخرى‪ .‬والحل‬ ‫األمن��ي والقمع والقتل يجع��ل هذا التوجه‬ ‫ينم��و ونج��د اآلن فرق��ًا كبيراً بي��ن طبيعة‬ ‫التظاه��ر ودوافعه التي كان��ت في بدايات‬ ‫انطالق الثورة‪ ،‬وبين المش��اعر والشعارات‬ ‫والدوافع اآلن بعد مضي عش��رة أشهر من‬ ‫القمع الوحش��ي الدم��وي للتظاهر‪ .‬وتحول‬ ‫المش��هد إل��ى ح��رب أهلي��ة‪ ،‬فيما ل��و تم‪،‬‬ ‫سيفاقم هذا الدافع‪.‬‬ ‫إن تعزي��ز غلب��ة االحتم��ال األول‪،‬‬ ‫وكسر س��ورية لقاعدة س��يطرة اإلسالم‬ ‫السياس��ي عل��ى ث��ورات الربي��ع العربي‬ ‫وتحولها إل��ى دولة علماني��ة ديمقراطية‬ ‫حقيقية ترفع ش��عار س��عد زغلول 'الدين‬ ‫هلل والوطن للجميع'‪ ،‬وال��ذي كانت تتبناه‬ ‫مختل��ف التيارات الس��ورية قب��ل الوحدة‬ ‫م��ع مصر وقب��ل حكم البع��ث‪ ،‬وأن تقيم‬ ‫دولة مدنية‪ ،‬أي ليس��ت عسكرية وليست‬ ‫دينية أيضًا هو احتمال ممكن جداً وقابل‬ ‫للتحقق ضمن أربعة شروط‪:‬‬ ‫أن تخ��رج فوراً جميع ق��وى المجتمع‬ ‫الديمقراطية والليبرالية وفئاته الوسطى‬ ‫وطوائف العلويين والمس��يحيين والدروز‬ ‫وبقي��ة الس��نة ليأخ��ذوا مكانه��م ف��ي‬ ‫التظاهر ليكون لهم دورهم في تش��كيل‬ ‫النظام السياسي ما بعد بشار األسد‪.‬‬ ‫أن يت��م حل األزمة في س��ورية ح ًال‬ ‫سلمياً عبر إرغام بشار األسد على التنحي‬ ‫وقبل تدهور األوضاع نحو الحرب األهلية‬ ‫ضمن فت��رة انتقالية وحكومة مش��تركة‬ ‫تضم كل قوى المجتمع وفئاته‪.‬‬ ‫أن تتغل��ب الق��وى الديمقراطي��ة‬ ‫والعلمانية والليبرالي��ة على فرقتها‪ ،‬وأن‬ ‫تنظ��م صفوفه��ا من��ذ اآلن ف��ي تنظيم‬ ‫سياس��ي كبير يضم معظم قواها ليكون‬ ‫لها تأثير كبير‪.‬‬ ‫أن يتم تقديم دعم سياس��ي ومادي‬ ‫داخلي ودولي لهذا التنظيم الديمقراطي‬ ‫العلمان��ي ال��ذي يتس��ع أيض��ًا لمتدينين‬ ‫مستنيرين‪ ،‬ليكون قوة قادرة على التأثير‪،‬‬ ‫ويقع على رجال األعمال الس��وريين ذوي‬ ‫التوجه الديمقراطي والليبرالي والعلماني‬ ‫داخل س��ورية وخارجها المسؤولية األكبر‬ ‫في هذه المهمة‪.‬‬ ‫القدس العربي | ‪2012 / 1 / 18‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫سيطر اإلس�لام السياسي حتى اآلن‬ ‫على ث��ورات الربي��ع العربي ف��ي تونس‬ ‫وليبي��ا ومصر واليمن‪ ،‬بل ربح االنتخابات‬ ‫ف��ي المغ��رب مم��ا ش��كل قاعدة لمس��ار‬ ‫ثورات الربيع العربي‪ ،‬فهل س��يختلف مآل‬ ‫الث��ورة الس��ورية عن هذا االتج��اه العام‪،‬‬ ‫وه��ل يمكن للثورة الس��ورية أن تكس��ر‬ ‫هذا المسار وهذه القاعدة؟‬ ‫بع��ض الوقائ��ع تفي��د ب��أن م��آل الثورة‬ ‫السورية قد يختلف‪ ،‬فسورية تتميز بميزتين‪:‬‬ ‫األولى‪ :‬أن نحو ‪ '30‬ينتمون‪ ،‬وبحكم‬ ‫الوالدة ولي��س االختيار‪ ،‬لطوائف وأقليات‬ ‫غير س��نية‪ .‬يض��اف لها ‪ '10‬أك��راد يغلب‬ ‫عليهم اله��م القومي وليس اإلس�لامي‪.‬‬ ‫بينم��ا يش��كل المنتم��ون بحك��م الوالدة‬ ‫أيضاً للطائفة السنية نحو ‪ ،'60‬وأن جزءاً‬ ‫كبير من السنة يتشكل من فئات مدنية و‬ ‫علمانية وليبرالية وقومية وإسالم شعبي‬ ‫ال تسير خلف اإلسالم السياسي‪ .،‬كل هذا‬ ‫يجعل الفئات المؤيدة لس��يطرة اإلس�لام‬ ‫السياسي أقلية في سورية‪.‬‬ ‫الثاني��ة‪ :‬أن الس��مة العامة للش��عب‬ ‫الس��وري بكافة طوائفه وفئات��ه بما فيها‬ ‫الس��نة الذين تنتشر بينهم الصوفية‪ ،‬هو‬ ‫التس��امح وقبول العيش المشترك وقبول‬ ‫اآلخر‪ .‬وهي س��مة جاءت من دور س��ورية‬ ‫الثقاف��ي والتجاري عبر تاري��خ المنطقة‪،‬‬ ‫وه��و ما يفس��ر بق��اء كل ه��ذه الطوائف‬ ‫واألقلي��ات في س��ورية حتى الي��وم‪ .‬مث ًال‬ ‫استقبلت س��ورية الشركس الهاربين من‬ ‫القمع الروسي أواخر القرن ‪ ،19‬واستقبلت‬ ‫األرم��ن الهاربي��ن من مذاب��ح العثمانيين‬ ‫خ�لال الحرب العالمية األولى‪ ،‬واس��تقبلت‬ ‫األك��راد الهاربي��ن من القم��ع التركي بعد‬ ‫عشرينات وثالثينات القرن العشرين‪ .‬وقد‬ ‫أصب��ح اليوم األرمن واألكراد والش��ركس‬ ‫مكونات متس��اوية في الحقوق والواجبات‬ ‫كبقي��ة الس��وريين‪ .‬ورغم نمو المش��اعر‬ ‫الطائفية منذ س��بعينات القرن العش��رين‬ ‫فال يوج��د على صعي��د المجتم��ع احتقان‬ ‫طائفي أو أحداث ذات طابع طائفي س��ابق‬ ‫عدا حاالت فردية‪ .‬كما أن العالقة اآلن بين‬ ‫المعارضة اإلسالمية والمعارضة العلمانية‬ ‫ليس��ت عالقة عداء بل عالق��ة طيبة‪ ،‬بل‬ ‫إن المجل��س الوطني الس��وري المعارض‬ ‫يتشكل شراكة من إسالميين وعلمانيين‪.‬‬ ‫وأن النظام اس��تطاع تحييد فئات واس��عة‬ ‫من الس��نة بل وتحش��يدها حوله وخاصة‬ ‫ف��ي أكب��ر مدينتي��ن س��وريتين دمش��ق‬ ‫وحلب‪ .‬وبهذا يتشابه جميع السوريين في‬ ‫مواقفهم المؤيدة والمعارضة للنظام مما‬ ‫يمهد لعالقة تنافس��ية وليس��ت تصادمية‬ ‫بي��ن مختلف قوى المجتمع الس��وري ومن‬ ‫بينها قوى اإلسالم السياسي‪.‬‬ ‫مم��ا ذكر أع�لاه يمك��ن االس��تنتاج‬ ‫ب��أن هذا ل��ن يفتح المجال أمام س��يطرة‬ ‫اإلسالم السياس��ي على المشهد السوري‬ ‫ما بعد س��قوط نظام األس��د‪ ،‬بل سيكون‬ ‫اإلس�لام السياس��ي أح��د الالعبي��ن ف��ي‬ ‫الساحة السياسية السورية القادمة وهذا‬ ‫أمر ال ضي��ر فيه وهي لعب��ة ديمقراطية‬ ‫مفتوح��ة لمش��اركة الجمي��ع واألجدر هو‬ ‫من سيفوز‪ .‬وهذا االحتمال األول‪.‬‬ ‫ولك��ن وقائع أخ��رى تقود الس��تنتاج‬ ‫مض��اد واحتم��ال ث��ان معاك��س‪ .‬إذ يلعب‬

‫اليوم رج��ال الدين الس��نة م��ع قبضايات‬ ‫وناش��طي األحياء الدور األبرز في الدعوة‬ ‫للتظاه��ر وتنظيم��ه‪ ،‬وتش��كل الجوام��ع‬ ‫نقطة تجمي��ع قوى التظاه��ر وانطالقها‪.‬‬ ‫وقد جاء هذا بحكم أن الجامع بقي المكان‬ ‫الوحي��د الذي لم يس��تطع فيه النظام منع‬ ‫تجمع الناس‪ ،‬ويشكل الدافع المذهبي أحد‬ ‫المحركات الرئيسية للتظاهر انطالقًا من‬ ‫مقولة 'أن سورية في غالبها سنة وال يجوز‬ ‫أن تحكم من أقلية'‪ ،‬لذلك يش��كل الس��نة‬ ‫باخت�لاف مش��اربهم وتوجهاته��م معظم‬ ‫حش��ود المتظاهري��ن‪ ،‬ب��ل ت��كاد تقتصر‬ ‫عليه��م‪ .‬فقد اس��تطاع النظام تحش��يد أو‬ ‫تحيي��د الطوائ��ف األخرى‪ ،‬عدا مش��اركات‬ ‫صغيرة‪ .‬كم��ا أن اللعبة الديمقراطية هي‬ ‫س��احة ص��راع بي��ن مصال��ح ومعتق��دات‬ ‫وقي��م‪ ،‬وليس��ت منت��دى ثقافي��ا‪ ،‬وإن من‬ ‫ينظم نفس��ه على نحو أفضل ومن يملك‬ ‫إمكانيات أفضل‪ ،‬وخاصة المالية‪ ،‬س��يفوز‬ ‫ويس��يطر‪ .‬واإلس�لام السياس��ي يتف��وق‬ ‫على العلماني في هذا‪ ،‬إذ لديه المؤسسة‬ ‫الدينية والجوامع التي ستستمر في كونها‬ ‫نقط��ة تجم��ع ودعم له��ا‪ .‬وه��ذه دروس‬ ‫تجرب��ة مص��ر وتون��س وليبي��ا واليم��ن‪،‬‬ ‫ولديه��ا مؤسس��اتها وجمعياته��ا القائمة‪،‬‬ ‫بينم��ا منع النظ��ام العلمانيين من امتالك‬ ‫أية منظمة أو مؤسسة ذات تأثير مستقلة‬ ‫عن الس��لطة‪ .‬ويحصل اإلسالم السياسي‬ ‫على دع��م مالي عبر قناتين رئيس��يتين‪،‬‬ ‫األول��ى تبرع��ات داخلية وجزء م��ن أموال‬ ‫ال��زكاة‪ ،‬والثانية تبرعات خارجية‪ ،‬وخاصة‬ ‫م��ن المجتم��ع األهل��ي الس��عودي‪ ،‬رغم‬ ‫خشية النظام الرسمي السعودي اليوم من‬ ‫اإلسالم السياس��ي‪ ،‬كونه حركة انقالبية‬ ‫يخش��ى من تمدده��ا للس��عودية وبلدان‬ ‫الخلي��ج‪ .‬وف��ي تجرب��ة الث��ورة الس��ورية‬ ‫خالل الشهور العش��ر السابقة‪ ،‬فإن نفوذ‬ ‫اإلس�لام السياس��ي يتمدد ويتوس��ع بين‬ ‫المتظاهري��ن والتنس��يقيات ألن��ه يمل��ك‬ ‫إمكانيات مالية أكبر من القوى العلمانية‪،‬‬ ‫وهم لديهم مصادرهم وأقنيتهم المالية‬ ‫ومؤسس��اتهم منذ عقود‪ .‬بينم��ا ال يتوفر‬ ‫للق��وى العلماني��ة مثل ه��ذه اإلمكانيات‪.‬‬ ‫كما أن اإلسالميين أكثر قدرة على تجميع‬ ‫أنفس��هم واالنض��واء في تنظي��م موحد‬ ‫ف��ي نظام ما بعد األس��د‪ .‬فطبيعة التدين‬ ‫تشكل شخصية قابلة لالنصياع واالنضواء‬ ‫في هرمي��ة مح��ددة‪ ،‬بينما بين��ت تجربة‬ ‫مص��ر وتون��س أن الفئ��ات الديمقراطية‬ ‫والعلماني��ة والمدني��ة والليبرالية مصابة‬ ‫بداء التشرذم والتشتت وصعوبة االتفاق‪،‬‬ ‫وت��م إدارة اللعب��ة الديمقراطية بحيث لم‬ ‫تمن��ح الق��وى العلماني��ة والديمقراطي��ة‬ ‫فرصة كافية لتنظيم صفوفها‪.‬‬ ‫خ�لال الش��هور الس��ابقة اس��تهدف‬ ‫نظ��ام األس��د قت��ل القي��ادات األول��ى‬ ‫للمظاهرات‪ ،‬وقد كانت فئ��ات أكثر تعلمًا‬ ‫ً‬ ‫وثقاف��ة وانفتاح��ًا‪ ،‬فجاءت قي��ادات أخرى‬ ‫تش��كلت ف��ي من��اخ القم��ع ال��ذي يول��د‬ ‫التط��رف‪ ،‬وهو الي��وم وعبر حل��ه األمني‬ ‫القمعي ل��م يس��مح بالتظاهر الس��لمي‬ ‫الذي يفسح في المجال أمام فئات واسعة‬ ‫للمش��اركة وف��رض وجوده��ا ودوره��ا‬ ‫وحصتها في تقاسم الس��لطة مستقب ًال‪،‬‬ ‫ألن بش��ار يريدها حربًا على الجميع حتى‬ ‫آخ��ر رج��ل‪ .‬وال يترك فس��حة ألي��ة قوى‬

‫من أعمدة الصحافة ‪. .‬‬

‫هل �ستك�سر �سورية قاعدة �سيطرة الإ�سالم‬ ‫ال�سيا�سي على ثورات الربيع العربي؟‬

‫‪13‬‬


‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫جميـــل مــردم بـــك‬ ‫(عميد الكتلة الوطنية ‪)1960 - 1893‬‬ ‫ت‪.‬م‬ ‫ينتسب جميل مردم بك إلى أسرة‬ ‫دمش��قية عريق��ة جده��ا الجام��ع عبد‬ ‫الرحم��ن‪ ،‬الضارب بأعراق��ه إلى الوزير‬ ‫األول الكبي��ر الال مصطفى باش��ا قائد‬ ‫الجي��وش العثماني��ة وفات��ح قب��رص‬ ‫وأذربيجان وغيرها في القرن السادس‬ ‫عشر‪.‬‬ ‫ول��د م��ردم بك ف��ي دمش��ق عام‬ ‫‪ 1893‬وه��و االب��ن الثاني لعب��د القادر‬ ‫بك الذي شغل منصباً هامًا في محكمة‬ ‫استئناف الجزاء في دمشق‪.‬‬ ‫ب��دأ جمي��ل الحياة السياس��ية منذ‬ ‫وصول��ه إلى باريس ف��ي مطلع القرن‬ ‫العش��رين فانتس��ب إلى كلي��ة العلوم‬ ‫الزراعية ومعهد العلوم السياس��ية في‬ ‫باري��س في آن واح��د‪ .‬وفي عام ‪1911‬‬ ‫أسس باالش��تراك مع مجموعة الشباب‬ ‫الوطني المثقف جمعية س��رية سميت‬ ‫“جمعي��ة العربي��ة الفتاة” ف��ي باريس‬ ‫وذل��ك لتحري��ر األرض العربي��ة م��ن‬ ‫الهيمن��ة العثماني��ة‪ ،‬حي��ث ورد اس��مه‬ ‫عضواً مؤسسًا برقم ‪ 103‬ورمز «‪»N.R‬‬ ‫وشغل وظيفة أمين سر مساعد‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1913‬ب��ادر م��ردم بك‬ ‫بالتحضي��ر والدعوة إلى مؤتمر باريس‬ ‫المع��روف “بالمؤتم��ر العرب��ي األول”‬ ‫باالش��تراك م��ع زمالئ��ه ف��ي جمعي��ة‬ ‫“العربي��ة الفت��اة” فعمل كمنس��ق عام‬ ‫ألعم��ال المؤتمر‪ .‬وانعق��د المؤتمر في‬ ‫القاع��ة الكب��رى للجمعي��ة الجغرافي��ة‬ ‫الفرنسية في باريس‪.‬‬ ‫ف��ي تلك الفترة اتص��ل مردم بك‬ ‫س��راً باألمي��ر فيصل بن الحس��ين عن‬ ‫طريق الدكتور أحمد قدري واتفق معه‬ ‫على صيغة الخطاب الذي سيلقيه أمام‬ ‫المؤتمر‪ .‬وبعد إلقاء الخطاب وما س��ببه‬ ‫من خيبة أمل للذي��ن هيؤوا له المنبر‪،‬‬ ‫انضم رس��ميًا وعلنًا إلى حاشية األمير‬ ‫وبق��ي إلى جانبه حتى عاد برفقته إلى‬ ‫أرض الوط��ن ف��ي ‪ 1919/5/3‬وبق��ي‬ ‫مستشاره الخاص‪.‬‬ ‫ف��ي الثامن م��ن آذار ع��ام ‪1920‬‬ ‫تقرر تتويج األمير فيصل بن الحس��ين‬ ‫الهاش��مي مل��كًا عل��ى س��وريا وإعالن‬ ‫اس��تقالل س��وريا عن الدولة العثمانية‬ ‫وتق��رر أن يكون علمها العل��م العربي‬ ‫المربع األلوان مضافًا إليه نجمة بيضاء‬ ‫في مثلثه األحمر وبق��ي العلم العربي‬ ‫الذي كانت جمعية العربية الفتاة أوحت‬ ‫به علم��اً لمملكة الحجاز‪( :‬س�لاماً أيتها‬ ‫األمة س�لام بر أمين‪ ،‬يظلله في سواد‬ ‫الليل بي��اض الضمي��ر‪ ،‬وخضرة األمل‬ ‫اليقين)‪ ،‬وازدانت شوارع سوريا بالعلم‬ ‫العربي المس��توحى ألوانه من قصيدة‬ ‫صفي الدين الحلي‪:‬‬ ‫إن��ا لق��وم أب��ت أخالقن��ا ش��رفاً‬ ‫أن نبت��دي باألذى من لي��س يؤذينا‬ ‫بي��ض صنائعن��ا س��ود وقائعن��ا‬ ‫خض��ر مرابعن��ا حم��ر مواضين��ا‬ ‫وكانت أول دولة عربية منذ الفتح‬ ‫اإلس�لامي ش��وكة في عين المستعمر‬ ‫ال��ذي أبى إال أن يكس��ر هذه الش��وكة‬ ‫ف��كان إن��ذار غورو في ‪ 9‬تم��وز ‪.1920‬‬

‫وكان��ت معرك��ة ميس��لون بي��ن الحق‬ ‫والباط��ل واستش��هد يوس��ف العظمة‬ ‫وزير الحربية وقائد الجيش واستش��هد‬ ‫مع��ه العديد من األبط��ال الذين رفعوا‬ ‫راية س��وريا ف��ي وجه فرنس��ا‪ ،‬وغادر‬ ‫عل��ى إثره��ا المل��ك فيص��ل وصحب��ه‬ ‫والعديد من حاشيته وكان منهم مردم‬ ‫بك وذلك إلى حيفا في ‪.1920/7/28‬‬ ‫بدأت سوريا نضالها ضد المستعمر‬ ‫“فالشعب الس��وري ال يقبل الضيم من‬ ‫عهد ما بعد الطوفان إلى اليوم” وقامت‬ ‫حركات نضالية الستعادة سيادة الوطن‬ ‫على أرضه وانتعشت الحركة التحريرية‬ ‫بش��كل مذه��ل وقابله��ا المس��تعمر‬ ‫بالقمع والتنكي��ل‪ ،‬لكن ذلك لم يطفئ‬ ‫الجذوة الكامنة الوطنية المغروسة في‬ ‫نفوس السوريين‪ ،‬وخرجت المظاهرات‬ ‫تجتاح س��وريا من أقصاه��ا إلى أدناها‬ ‫“وك��م يذكرن��ي ذلك بما يج��ري اليوم‬ ‫في سوريا”‪.‬‬ ‫بقي مردم بك في فلسطين فترة‬ ‫غير قصيرة وفي عام ‪ 1923‬سافر إلى‬ ‫االس��كندرية ليتابع مسيرة النضال مع‬ ‫أقرانه من هناك‪ ،‬ثم عاد من جديد إلى‬ ‫الق��دس ليتاب��ع نش��اطه النضالي في‬ ‫منفاه االختي��اري حتى عام ‪ 1925‬حيث‬ ‫عاد إلى دمش��ق بعد ص��دور عفو عام‬ ‫عن المناضلين ضد فرنسا‪.‬‬ ‫ب��دأت أحداث ع��ام ‪ 1925‬في جبل‬ ‫ال��دروز ف��ي ش��هر آب فكان��ت معركة‬ ‫“المس��يفرة” مفخ��رة الجهاد الس��وري‬ ‫وكان االتصال بين زعماء سوريا وجبل‬ ‫الدروز وثيقة‪ ،‬فانعقد اجتماع سري في‬ ‫دار اللبون��ي ضم الش��هبندر والقوتلي‬ ‫والبكري ومردم بك وغيرهم وقد نادوا‬ ‫بس��لطان األط��رش قائداً عام��ًا للثورة‬ ‫الت��ي امتدت إل��ى جميع أنحاء س��وريا‪،‬‬ ‫وتم القبض على كب��ار الزعماء ونفوا‬ ‫إل��ى جزي��رة أرواد ف��ي ‪.1925/8/26‬‬ ‫غير أن ذلك لم يث��ن الثوار من متابعة‬

‫ثورتهم فوضعوا خطة لدخول دمش��ق‬ ‫والهج��وم عل��ى قص��ر العظ��م مق��ر‬ ‫المن��دوب الس��امي (س��اراي) فكان من‬ ‫نتيج��ة ذلك أن قصف العدو الفرنس��ي‬ ‫دمش��ق قصفاً مريع��ًا فتهدمت البيوت‬ ‫العريق��ة القديمة “ويذكرن��ي ذلك بما‬ ‫يح��دث الي��وم ف��ي الكثي��ر م��ن المدن‬ ‫الس��ورية” فدمر حي المارستان تدميراً‬ ‫كام ً‬ ‫ال ودخلت الدبابات تخترق األسواق‬ ‫وتصي��ب بنيرانه��ا ذات اليمي��ن وذات‬ ‫اليس��ار‪ .‬وفي اليوم التالي بدأ القصف‬ ‫الج��وي لمدين��ة دمش��ق “وكم يش��به‬ ‫الي��وم باألم��س”‪ .‬انض��م م��ردم ب��ك‬ ‫إل��ى الث��ورة التي عقد لواءها س��لطان‬ ‫األط��رش وفي مزرعته ح��وش المتبن‬ ‫ف��ي الغوط��ة الش��رقية كان��ت تج��ري‬ ‫االجتماعات للتحضير للثورة‪.‬‬ ‫ش��ددت القوات الفرنس��ية الخناق‬ ‫عل��ى دمش��ق م��ا دف��ع م��ردم ب��ك‬ ‫والشهبندر إلى الفرار إلى مدينة حيفا‪،‬‬ ‫وصدر بحقهما حكماً باإلع��دام غيابياً‪،‬‬ ‫وعلم��ت الس��لطات الفرنس��ية بخب��ر‬ ‫وصولهما إلى حيفا فكتبت إلى السلطة‬ ‫البريطانية طالبة القبض عليهما‪ ،‬وقد‬ ‫ت��م القبض على م��ردم بك ونفي إلى‬ ‫أرواد واستطاع الشهبندر الفرار‪.‬‬ ‫أصدر المندوب السامي عفواً عامًا‬ ‫‪ ،‬جرى بعده تأسيس حزب الشعب‪ ،‬ضم‬ ‫ف��ي عضويته رج��االت الب�لاد ومنهم‪:‬‬ ‫م��ردم ب��ك والب��ارودي والش��هبندر‬ ‫والخ��وري وغيره��م‪ .‬وانتخ��ب الدكتور‬ ‫الش��هبندر رئيس��اً له وف��ارس الخوري‬ ‫نائباً للرئيس‪.‬‬ ‫ف��ي ‪ 1927/7/27‬أعلن المفوض‬ ‫الس��امي (هنري بونس��و) بأن��ه يلتزم‬ ‫بإص��دار دس��تور للبالد يق��وم بوضعه‬ ‫ممثل��ون منتخب��ون من قبل الش��عب‪.‬‬ ‫قرر الوطنيون دخ��ول االنتخابات تحت‬ ‫اس��م “الكتلة الوطنية” التي فازت فوزاً‬ ‫س��احقاً ‪ ،‬وت��م انتخاب الس��يد هاش��م‬

‫األتاسي رئيساً له ‪ ،‬وثم وضع الدستور‬ ‫الجدي��د المؤل��ف م��ن ‪ 115‬م��ادة ف��ي‬ ‫‪ .1928/8/7‬لك��ن المف��وض الس��امي‬ ‫بادر بإلغاء س��تة مواد وأن��ذر المجلس‬ ‫التأسيسي بأن اإلبقاء على هذه المواد‬ ‫م��ن ش��أنه أن يخل��ق وضع��اً يش��وبه‬ ‫الغموض والتشويش‪ .‬رفض المجلس‬ ‫ه��ذا اإلن��ذار فلج��أ المفوض الس��امي‬ ‫إل��ى تعلي��ق جلس��ات المجل��س ثالثة‬ ‫أش��هر‪ ،‬مما أدى إلى ت��أزم الوضع حتى‬ ‫ع��ام ‪ 1930‬جرى بعده��ا حل المجلس‬ ‫وتعدي��ل الدس��تور‪ .‬قاب��ل الش��عب‬ ‫الس��وري ه��ذا التعديل بموج��ة عارمة‬ ‫من الس��خط واالحتج��اج وكان إضراب‬ ‫المدن السورية شام ً‬ ‫ال وصامتًا مما أجبر‬ ‫المف��وض الس��امي على إع�لان عزمه‬ ‫عل��ى إجراء انتخابات عام��ة جديدة في‬ ‫سوريا في ‪ 1931/11/19‬وأن المجلس‬ ‫الجديد س��وف يقوم بإج��راء مفاوضات‬ ‫مع فرنس��ا للوصول إل��ى معاهدة على‬ ‫غ��رار المعاهدة االنكليزي��ة – العراقية‬ ‫التي تمنح سوريا كياناً وطنيًا مستق ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫وتقرر في ‪ 1932/11/4‬إصدار القانون‬


‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫احلكومات التي توىل رئا�ستها من‬ ‫‪ 1936/12/21‬وحتى ‪:1948/12/1‬‬ ‫ الرئاسة األولى من ‪1936/12/21‬‬‫حتى ‪1939/2/23‬‬ ‫ الرئاس��ة الثانية من ‪1945/4/10‬‬‫حتى ‪1945/7‬‬ ‫ الرئاسة الثالثة من ‪1946/12/28‬‬‫حتى ‪1947/10/2‬‬ ‫ الرئاس��ة الرابعة من ‪1947/10/6‬‬‫حتى ‪1948/8/22‬‬ ‫ الرئاسة الخامسة من ‪1948/8/22‬‬‫حتى ‪1948/12/1‬‬ ‫الوزارات التي كان ع�ضو ًا فيها‪:‬‬ ‫ وزارة الداخلية‪:‬‬‫‪ 1946/12/28‬حتى ‪1947/10/2‬‬ ‫ وزارة الخارجية‪:‬‬‫‪ 1943/8/19‬حتى ‪1944/10/14‬‬ ‫‪ 1944/10/14‬حتى ‪1945/4/5‬‬ ‫‪ 1945/4/7‬حتى ‪1945/8/23‬‬ ‫‪ 1947/10/6‬حتى ‪1948/8/22‬‬ ‫ وزارة الدفاع الوطني‪:‬‬‫‪ 1945/4/7‬حتى ‪1945/8/23‬‬ ‫‪ 1948/4/22‬حتى ‪1948/12/1‬‬ ‫ وزارة الزراعة‪:‬‬‫‪ 1932/6/15‬حتى ‪1933/4/18‬‬ ‫ وزارة المالية‪:‬‬‫‪ 1932/6/15‬حتى ‪1933/4/18‬‬ ‫‪ 1938/3‬حتى ‪1938/7/26‬‬ ‫ وزارة االقتصاد الوطني‪:‬‬‫‪ 1944/10/14‬حتى ‪1945/4/5‬‬ ‫ وزارة الصحة واالسعاف العام‪:‬‬‫‪ 1946/12/28‬حتى ‪1947/10/2‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫‪ 1941/9/27‬غي��ر أن الق��وات الموالية‬ ‫(لديغ��ول) بقي��ت ف��ي س��وريا حس��ب‬ ‫االتف��اق م��ع الحلفاء وكان الش��يخ تاج‬ ‫الدي��ن الحس��ني رئيس��ًا للجمهوري��ة‪.‬‬ ‫وف��ي ‪ 1942/8/19‬انتخ��ب القوتل��ي‬ ‫رئيس��ًا للجمهوري��ة وأل��ف حكوم��ة‬ ‫ترأسها س��عد اهلل الجابري‪،‬وكان مردم‬ ‫بك وزي��راً للخارجي��ة‪ ،‬وكان م��ن أبرز‬ ‫ما قام��ت ب��ه ه��ذه ال��وزارة التحضير‬ ‫إلنش��اء جامع��ة ال��دول العربية‪.‬وت��م‬ ‫التوقيع عل��ى بروتوكول االس��كندرية‬ ‫في ‪ 1944/11/12‬الهادف إلى تش��كيل‬ ‫جامعة دول عربية تخدم مصالح الدول‬ ‫العربي��ة‪ .‬وت��م التوقي��ع عل��ى ميث��اق‬ ‫الجامعة ف��ي ‪ 1945/3/22‬وتألفت من‬ ‫س��وريا – األردن – السعودية – لبنان –‬ ‫اليمن – العراق – مصر‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1945‬اجتم��ع ش��كري‬ ‫القوتلي وجميل مردم بك في القاهرة‬ ‫برئي��س وزراء بريطاني��ا (ونس��تون‬ ‫تشرشل) والرئيس األمريكي ( تيودور‬ ‫روزفيلت) والروس��ي س��تالين‪ ،‬وطالب‬ ‫القوتلي تشرش��ل بأن يت��م الجالء عن‬ ‫سوريا فأجابه تشرشل بأن على سوريا‬ ‫أن تعل��ن الح��رب عل��ى دول المح��ور‬ ‫وبعدها س��تنال اس��تقاللها بعد انتهاء‬ ‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وأعلن القوتلي‬ ‫ف��ي ‪ 1945/2/12‬الح��رب عل��ى دول‬ ‫المحور أمام المجلس النيابي ‪.‬‬ ‫وانته��ت الح��رب وبقي��ت فرنس��ا‬ ‫متمس��كة بانتدابها على سوريا ولبنان‬ ‫‪.‬‬ ‫غ��ادر جمي��ل م��ردم ب��ك وزي��ر‬ ‫الخارجي��ة إل��ى القاهرة وقاب��ل الملك‬ ‫(فاروق األول ) وعرض عليه الموضوع‪.‬‬ ‫ق��ام المل��ك ف��اروق وال��دول العربي��ة‬ ‫األخ��رى بالتهدي��د بمقاطع��ة (مؤتم��ر‬ ‫س��ان فرنسيس��كو) إذا ل��م تت��م دعوة‬ ‫سوريا ولبنان فوافقت فرنسا على ذلك‬ ‫وغادر الوفد الس��وري برئاس��ة فارس‬ ‫الخوري رئي��س مجلس الوزراء وأصبح‬ ‫جميل مردم بك رئيسًا للوزراء بالنيابة‬ ‫إضافة لوزارة الخارجية‪.‬‬ ‫ف��ي ‪ 1945/5/17‬أنزل��ت فرنس��ا‬ ‫في بي��روت ‪ 1500‬جندي ج��رى نقلهم‬ ‫بالبارج��ة (ج��ان دارك) إلى الش��واطئ‬ ‫اللبنانية‪ .‬وكعادة فرنس��ا في ممارسة‬ ‫الدن��اءة ف��ي تعامله��ا مع س��وريا وفي‬ ‫‪ 1945/5/29‬الي��وم ال��ذي ال ينس��اه‬ ‫السوريون والمس��طر بالدماء والدموع‬ ‫قامت فرنس��ا بعد صحوته��ا من النزع‬ ‫األخي��ر بع��د الح��رب العالمي��ة الثانية‬ ‫بالتح��رش بالحامي��ة الموج��ودة ف��ي‬ ‫المجلس النيابي وت��م إبادتها بالكامل‬ ‫ثم بدأ القصف العش��وائي على مدينة‬ ‫دمش��ق “وهذا يذكرني بم��ا يجري في‬ ‫مدن سوريا اليوم”‪.‬‬

‫أرس��ل جميل مردم ب��ك بصفته‬ ‫الحاك��م األوح��د لدمش��ق‪ --‬حي��ث‬ ‫كان رئيس��ًا لل��وزراء بالوكال��ة ووزيراً‬ ‫للخارجي��ة ومفوض��ًا م��ن قب��ل رئيس‬ ‫الجمهورية ش��كري القوتلي (الذي كان‬ ‫يعاني من نزيف وآالم القرحة المعوية)‬ ‫ب��أن يتخذ م��ا يراه مناس��باً – بإرس��ال‬ ‫برقية إلى ونس��تون تشرشل يشرح له‬ ‫فيها األعم��ال اإلرهابية التي تقوم بها‬ ‫فرنس��ا في سوريا‪ ،‬فورد جواب البرقية‬ ‫ف��ي مس��اء ذل��ك الي��وم يطل��ب فيه��ا‬ ‫تشرش��ل ب��ذل الجه��د للمحافظة على‬ ‫السكينة والنظام‪.‬‬ ‫لج��أ أعض��اء الحكومة إل��ى منزل‬ ‫(خال��د العظ��م) ف��ي س��وق س��اروجة‬ ‫وعلمت القوات الفرنس��ية بذلك وجرى‬ ‫قصف المنزل فهرب مردم بك إلى داره‬ ‫قرب السفارة الفرنسية في المهاجرين‬ ‫م��اراً بحي األك��راد فخرج��ت جموعهم‬ ‫تهتف وتحيّ الوطنيين وتسقط فرنسا‬ ‫المحتلة‪ .‬جاء (المس��تر ألن ش��ون ) إلى‬ ‫دمش��ق وزار مردم بك في داره ووعده‬ ‫خيراً وفي الس��اعة الخامسة من اليوم‬ ‫‪ 5/31‬أذاعت محطة لن��دن العربية بأن‬ ‫(المستر أنطوني أيدن) وزير الخارجية‬ ‫البريطاني قد تال ف��ي مجلس العموم‬ ‫البريطان��ي الرس��الة الت��ي وجهه��ا‬ ‫المستر تشرش��ل إلى دوغول من أجل‬ ‫إعادة القوات الفرنس��ية إل��ى الثكنات‪.‬‬ ‫وهك��ذا خ��رج األم��ر م��ن ي��د فرنس��ا‬ ‫وضاعت جهودها في اس��تعمار س��وريا‬ ‫بالقوة‪ .‬وف��ي ‪ 1946/3/3‬جرى التوقيع‬ ‫ف��ي باريس عل��ى اتف��اق بريطاني –‬ ‫فرنسي ينص على البدء بإجالء القوات‬ ‫الفرنسية والبريطانية عن سوريا‪ ،‬وقد‬ ‫تم ذلك ف��ي يوم األربعاء ‪1946/4/17‬‬ ‫واعتبر هذا اليوم عيداً وطنياً وس��مي(‬ ‫عيد الجالء)‪.‬‬ ‫شكل مردم بك وزارته الجديدة في‬ ‫‪ 1946/12/27‬وج��رت انتخابات جديدة‬ ‫ف��ي ‪ 1947/7/7‬وف��ي ‪1947/11/29‬‬ ‫قررت هيئ��ة األم��م المتحدة تقس��يم‬ ‫فلسطين بين العرب والصهاينة اليهود‬ ‫وكان رئي��س ال��وزراء آن��ذاك جمي��ل‬ ‫م��ردم ب��ك وف��ي منتص��ف ش��هر أيار‬ ‫‪ 1948‬وقعت كارثة فلسطين ولم تجد‬ ‫البالد العربية بداً من محاربة إسرائيل‬ ‫فدخلت جي��وش اإلنقاذ إلى فلس��طين‬ ‫ودارت مع��ارك رابح��ة‪ .‬لك��ن مجل��س‬ ‫األمن انعق��د وفرض الهدنة‪ .‬مما جعل‬ ‫اليهود يتسلحون‪ ،‬وعادت المعارك مرة‬ ‫أخرى م��ع خالفات ال��دول العربية التي‬ ‫اعت��ادت على هذه الممارس��ة منذ زمن‬ ‫إل��ى يومنا هذا‪ ،‬وذهبت فلس��طين في‬ ‫غفلة ع��ن أعي��ن التاريخ ف��ي لحظات‬ ‫سيحاس��بنا اهلل عليه��ا ال لضعفنا نحن‬ ‫الع��رب بل لتفرقنا‪ .‬وف��ي ‪1948/12/1‬‬

‫ق��دم جميل مردم بك اس��تقالة وزارته‬ ‫األخي��رة‪ ،‬واعتزل السياس��ة ورحل إلى‬ ‫القاهرة بعد أن أصابه سهم الحزن في‬ ‫قلب��ه على فقد فلس��طين وعاش حتى‬ ‫نهاية حيات��ه مصابًا باألزم��ات القلبية‬ ‫الت��ي كان آخره��ا ف��ي ‪1960/3/28‬‬ ‫والت��ي أودت بحيات��ه المليئ��ة بالكفاح‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫ت��زوج جميل م��ردم بك م��ن ابنة‬ ‫عم��ه صفوت بنت س��امي باش��ا مردم‬ ‫بك وأنجب منها زهير (‪)2003 – 1924‬‬ ‫وس��لمى (‪ )1996 – 1934‬ح��ازت عل��ى‬ ‫درجة الدكت��وراه على مؤلفه��ا “أوراق‬ ‫جميل مردم بك” باللغة االنكليزية وقد‬ ‫ترجم إلى الفرنسية والعربية‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫التأسيس��ي للكتل��ة الوطني��ة من قبل‬ ‫رج��ال الكتل��ة وكان لجمي��ل مردم بك‬ ‫المس��اهمة الكبرى ف��ي ذلك‪ ،‬فقد برع‬ ‫ف��ي إنج��از السياس��ة الس��ورية وبرع‬ ‫ف��ي تحقي��ق دبلوماس��يتها الدولي��ة‪.‬‬ ‫له��ذا أطلق عليه لقب “ثعلب السياس��ة‬ ‫العربية”‪.‬‬ ‫تقدم المفوض الس��امي بمشروع‬ ‫المعاهدة السورية الفرنسية‪ ،‬فلم تنل‬ ‫موافقة الشعب السوري بسبب اختالفها‬ ‫عن المعاه��دة االنكليزي��ة – العراقية‪،‬‬ ‫فج��رى تعلي��ق اجتماع��ات المجل��س‬ ‫النياب��ي إل��ى أجل غير مس��مى‪ ،‬وبقي‬ ‫بعدها مردم بك في ساحة النضال من‬ ‫موقعه في الكتلة الوطنية‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1934‬نش��أ خ�لاف بين‬ ‫المملك��ة العربي��ة الس��عودية وإمام��ة‬ ‫اليم��ن تط��ور إلى ن��زاع مس��لح‪ ،‬األمر‬ ‫ال��ذي أث��ار قلق ال��رأي الع��ام العربي‪،‬‬ ‫واشترك مردم بك في لجنة المصالحة‬ ‫الت��ي أدت جهودها إلى معاهدة صداقة‬ ‫وتحال��ف بي��ن الطرفي��ن الش��قيقين‪،‬‬ ‫وق��د أدى مردم بك في حينها مناس��ك‬ ‫العمرة‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1935‬أص��درت الكتل��ة‬ ‫الوطني��ة بيان��ًا طالب��ت في��ه بإع�لان‬ ‫اس��تقاللها وإنه��اء االنتداب الفرنس��ي‬ ‫عليه��ا‪ .‬أعقب صدور هذا البيان إضراب‬ ‫ش��امل ف��ي ‪ 1936/1/22‬امت��د إل��ى‬ ‫س��ائر الم��دن الس��ورية وأطل��ق عليه‬ ‫“اإلض��راب الس��تيني” اعتق��ل عل��ى‬ ‫أث��ره جميل مردم بك ونس��يب البكري‬ ‫ومحم��ود البيروت��ي وغيرهم‪ ،‬وأغلقت‬ ‫مكاتب الكتلة الوطنية بالش��مع األحمر‬ ‫وجرى نفي مردم ب��ك إلى “قرق خان”‬ ‫في ل��واء اس��كندرون‪ ،‬وانته��ى بعدها‬ ‫اإلض��راب بع��د أن عُق��د اتف��اق بي��ن‬ ‫الكتلة الوطنية والمفوض السامي (دي‬ ‫مارتي��ل) وين��ص عل��ى أن يذهب وفد‬ ‫سوري إلى باريس للمفاوضة من أجل‬ ‫إبرام معاهدة تتضمن استقالل سوريا‬ ‫وتحقي��ق س��يادتها‪ ،‬وق��د تأل��ف الوفد‬ ‫الس��وري من هاشم األتاس��ي وجميل‬ ‫مردم بك وسعد اهلل الجابري وغيرهم‪،‬‬ ‫واستمرت المفاوضات حوالي ستة أشهر‬ ‫توصل الطرف��ان إلى عقد معاهدة في‬ ‫‪( 1936/9/9‬سميت معاهدة باريز)‪.‬‬ ‫وكعادتها بدأت السلطات الفرنسية‬ ‫تحي��ك المؤامرات وتش��ن الهجوم على‬ ‫رئيس الجمهوري��ة والمجلس النيابي‪.‬‬ ‫وف��ي ‪ 1939/7/8‬أص��در المف��وض‬ ‫السامي قراراً برقم ‪ 144‬أوقف بموجبه‬ ‫العمل بالدستور وحل المجلس النيابي‬ ‫وعُه��د إل��ى بهي��ج الخطيب بتش��كيل‬ ‫حكوم��ة م��ن المديري��ن في ال��وزارات‬ ‫السورية حل محل مجلس الوزراء‪.‬‬ ‫في ‪ 1940/7/7‬اغتيل عبد الرحمن‬ ‫الشهبندر فحاول بهيج الخطيب إلصاق‬ ‫تهم��ة القت��ل بالوطنيي��ن‪ .‬فاعتق��ل‬ ‫ثمانية منهم وت��م اتهام أقطاب الكتلة‬ ‫الوطنية شكري القوتلي وجميل مردم‬ ‫بك ولطفي الحفار وسعد اهلل الجابري‬ ‫مما دفع بهؤالء إلى الهروب من دمشق‬ ‫إل��ى العراق وبق��ي القوتلي في حماية‬ ‫قنصل السعودية في دمشق‪ ،‬واعترف‬ ‫الجن��اة بجريمته��م وأثبت��ت القرائ��ن‬ ‫والش��هود عل��ى أن الخطي��ب وراء كل‬ ‫هذه المؤام��رة واعترف بذل��ك‪ ،‬وصدر‬ ‫حكم الب��راءة بالمتهمي��ن األبرياء وتم‬ ‫إعدام المجرمين‪.‬‬ ‫تش��كلت حكوم��ة خال��د العظ��م‬ ‫بع��د اس��تقالة حكوم��ة المديري��ن في‬ ‫‪ 1941/4/3‬وفي عهدها زحفت القوات‬ ‫البريطاني��ة والفرنس��ية على س��وريا‬ ‫ولبنان‪ .‬أصدر ممثل فرنس��ا الحرة في‬ ‫س��وريا الجنرال كاترو بيان��اً أعلن فيه‬ ‫انتهاء االنتداب واس��تقالل س��وريا في‬

‫‪15‬‬


‫هاال حممد‬

‫حيطان فيس بوك‪. .‬‬

‫البيوت السوريّة الصامتة‪...‬‬ ‫تفتح شبابيكها وتدعو لسالمة سوريا وأبنائها في‬ ‫الشوارع السورّية العريق ْة‬ ‫التي يسير مستقبلنا عليها إلى أعلى قمم الحضارات‬ ‫والسعادات‪...‬‬ ‫يا ربّ إحم سعادات سوريا وأهلها وآبائها وأبنائها‬ ‫واألجيال القادمة‪...‬‬ ‫ال مُغلقْ في سوريا سوى قلب النظام ويدهُ األمنيّ ْة‬ ‫التي قُدّت من ظلمْ وظالمْ‪.‬‬

‫فايق املري‬ ‫األحبة واألصدقاء الذين كان لهم شرف المساهمة‬ ‫ببيان المواطنة‪ :‬أنتم وبمقدار ما تحملون الجمر‬ ‫وتلعبون بالنار بإصداركم مثل هذا البيان وفي‬ ‫هذه اللحظة بالذات!!‪ ،‬بمقدار ماتساهمون في‬ ‫دق المسامير في نعش االستبداد و وفي صناعة‬ ‫المستقبل األفضل لسوريا‪ .‬قلبي معكم كل التحية‬ ‫لكم‪.‬تلك هي سوريا كانت وستبقى وهم إلى زوال‪.‬‬

‫توفيق حالق‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫ياورود البلد‪ ..‬يا أبناء البلد‪ ..‬يا أوالدي‪ ..‬يا مهجة‬ ‫قلبي وروحي‪ ..‬قولوا لي‪:‬كيف تتحملون كل هذا‬ ‫العذاب؟ كيف تصبرون؟ وتستمرون في الهتاف‬ ‫وإخوتكم يستشهدون أمام أعينكم؟ كيف تقامون‬ ‫البرد والعطش والجوع والخوف وتستمرون؟ كيف؟‬ ‫كيف؟ كيف؟ اليفعل ذلك إنسان من لحم ودم!! أنتم‬ ‫من نور‪ ..‬من ريح‪ ،‬من غيم ومطر‪ ..‬أنتم مالئكتنا‬ ‫فاغفروا لنا تقصيرنا‪ ..‬نحن آباؤكم الذين أورثناكم‬ ‫الجالدين من‪..‬خوفنا وجبننا‪ ..‬اغفروا لنا أرجوكم‬

‫�إياد حياتلة‬ ‫ال يعنيني ما يقوله حسن نصر اهلل فقط يعنيني ما‬ ‫يقوله الشـهداء‬

‫خديجة بن قنة‬ ‫مرّ عام على "فِهم أي نعم فِهم" الرئيس التونسي‬ ‫لفكرة الثورة التي اقترحها عليه شعبه بعد "‪ 23‬يوم"‬ ‫فقط‪..‬‬ ‫واآلن قد اقتربت نهاية عام على إصرار الشعب‬ ‫السوري على إيصال الفكرة نفسها‪..‬‬ ‫ولكن تواجهه صعوبة في ذلك ألن من سيستقبلها‬ ‫شخص يعاني من " عُســر فِهـم "‪!!..‬‬

‫حممود حممود‬ ‫أخبرنا التاريخ أن الثورة تأكل أبناءها‪.‬‬ ‫سيراجع التاريخ نفسه‪ ،‬ويخبر من سيأتون بعدنا أن‬ ‫الثورة تعشق أبناءها‪.‬‬

‫زين املالذي‬ ‫في سوريا القمع ثار الشعب و انتزع الحرية للشعوب‬ ‫كلها منذ اليوم األول للثورة في آذار ‪2011‬‬ ‫فالبعض اختار أن يبقى محرّر‪ ،‬والبعض اختار أن‬ ‫يعود مسيّر!!‬ ‫هلل في خلقه شؤون‪....‬‬

‫را�شد عي�سى‬ ‫واهلل ال منظر الدم‪ ،‬وال الرؤوس المفتوحة‪ ،‬ال أظافر‬ ‫األطفال المقتلعة‪ ،‬وال أثر السياط على األجساد‪ ،‬ال‬ ‫ندب األمهات‪ ،‬وال دموع اآلباء العاجزة‪ ...‬ليس أفظع‬ ‫من تلك الصرخة "هي مشان الحرييي‪ ،‬مشان‬ ‫شووو؟‪ .."..‬هذه هوية الخمسين عاماً السورية‬ ‫األخيرة‪ .‬آآآآآخ يا خاصرتي‪.‬‬

‫يحيى جابر‬ ‫للعاتبين والغاضبين من أشقاء سوريين ينتظرون‬ ‫آخرين!‪ ...‬ال تنتظر شاعرا يكتبك‪ ..‬اكتب قصيدتك‪..‬‬ ‫ال تنتظر مطربًا‪ ..‬افتح صوتك‪ ..‬ال تنتظر ممثال‪..‬‬ ‫الخشبة لك‪ ..‬ال تنتظر يدا‪..‬تساعدوا ساعدا بساعد‪..‬‬

‫وئام عما�شة‬ ‫مطلوب فرح!!!‬ ‫أريد فرحا يترك وشامه لجيل أو جيلين‪...‬أريد فرحا‬ ‫يتجاوز مسح غبار التعب عن الوجه ورسم البسمة‬ ‫على الشفاه‪...‬أريد فرحاً يتعاقد مع الروح وينعكس‬ ‫بريقًا أبديًا في العيون‪...‬أريد فرحا دكتاتوريا يستبد‬ ‫باأللم ويصادر حق الجراح بممارسة عبادتها‪ ،‬وان‬ ‫يهدم بجرافات األمل كل معابد الحزن‪.‬‬ ‫أريد فرحًا نصنعه بأيدينا‪ ..‬يجتاح الشوارع بلوحات‬ ‫فولكلورية جديدة يمأل الساحات والميادين‬ ‫بالهتاف‪...‬فرح لم نمارسه من قبل‪...‬لكنه قادم‪..‬‬ ‫فهو االنتصار‪.‬‬ ‫أريده فرحا لكل المقهورين والمعذبين‪..‬للفقراء‬ ‫ولكل من داست بساطير األنظمة كرامته وسرقت‬ ‫السجون سني عمره‪..‬‬ ‫أريده فرحا لكل من قال ال ودفع الثمن‪..‬أريده فرحا‬ ‫في كل زوايا الوطن‪...‬فهذا أنا وأنت والزمن‪...‬على‬ ‫موعد مع الفرح‪.‬‬

‫| كن��ت الوحيد تقريباً في س��ورية الذي اعت��رض علناً في‬ ‫ع��ام ‪ 2000‬عل��ى مش��روع التوري��ث‪ .‬كما كن��ت أول من ذ ّكر‬ ‫الس��وريين في ع��ام ‪ 2001‬من على شاش��ة قن��اة «الجزيرة»‬ ‫ب��أن «الديكتاتور قد مات» وأن على الناس أن تخرج من أس��ر‬ ‫الماض��ي وأن تتطلع إلى المس��تقبل‪ .‬كما كنت الس��باق غداة‬ ‫انس��حاب الجيش الس��وري من لبنان في الدعوة إلى استقالة‬ ‫الرئيس بش��ار األس��د وانتخاب مجلس تأسيس��ي يقود البالد‬ ‫خ�لال المرحلة االنتقالي��ة‪ .‬أال تعتقد أن م��ن األجدى في مثل‬ ‫هذه األيام المصيرية‪ ،‬أال يغيب صوتك عن الساحة؟‬ ‫| | الث��ورات ال تصن��ع بالتصريح��ات والمقابالت التلفزيوني��ة‪ ،‬ولكنها‬ ‫تصن��ع بالفعل عل��ى أرض الواقع‪ ،‬وهذا الفعل له اليوم‪ ،‬طعم وش��كل وروح‬ ‫الش��باب‪ .‬وال أعتقد أن تصريحاتي يمكنها أن تضيف الكثير في هذا السياق‪.‬‬ ‫أنا كنت وال زلت وسأبقى إلى جانب أبناء شعبي‪ ،‬ولن أتقاعس عن تقديم أي‬ ‫جهد في س��بيل أن تنجح هذه الثورة وتصل بالمجتمع والدولة (ال الس��لطة‬ ‫المس��تبدة) إل��ى بر اآلمان‪ .‬لقد نش��أ وضع في الماضي كن��ت فيه من بين‬ ‫القالئل الذين رفعوا أصواتهم جهراً بالحقيقة‪ ،‬لكننا اليوم أمام شعب يخرج‬ ‫بتأنٍ‪،‬‬ ‫عن صمته ويصنع لغته ويصوغ شعاراته ويبدع تحركاته‪ ،‬فلنستمع له ّ‬ ‫ولنمش معه ال أمامه‪ ،‬ولنمتنع عن مصادرة صوته أو تجييره لمصلحتنا‪.‬‬ ‫| برأي��ك م��ا هو م��آل هذه الثورة الس��ورية وهل س��تنتهي‬ ‫بإس��قاط النظام‪ ،‬أم إنه ال يزال هناك هامش إليجاد تس��وية مع‬ ‫السلطة القائمة؟‬

‫رميا القاق‬ ‫إلى كل من ينتقد التسميات والجيش الحر وإسالمية‬ ‫الثورة‪ ...‬اقتراح‪ :‬اطلعوا إنتو وأدونيس مظاهرة من‬ ‫مركز ثقافي واعملوا كتيبة إزا بتحبوا وسموها يلي‬ ‫بدكون ياه‪.....‬‬

‫رميا فليحان‬ ‫الذي يريد إعالن الجهاد سيعلن بنفس اللحظة عن‬ ‫نعوة الثورة المدنية الملونة بألوان كل مكوناتها‪..‬‬ ‫الذي سيعلن الجهاد سيطلق الرصاصة على الثورة‬ ‫وسنصبح ليس فقط تحت نيران النظام بل أيضًا‬ ‫تحت نيران كل العالم‪ ..‬الذي سيعلن الجهاد سيقدم‬ ‫هدية ال تثمن بثمن للنظام ألنه سيعطيه حجة يثبت‬ ‫بها النظام كل أكاذيبه حول طائفية الثورة وسلفيتها‬ ‫وأنها ثورة سنية وليست ثورة شعب‪ ...‬أتوسل إليكم‬ ‫ال تقتلوا ثورتنا‪..‬‬

‫م‪� .‬شعار‬ ‫بهال ّثورة‪ ،‬في "مسلم" وجودو و حكيو بحسّسك انّو‬ ‫محمّد كان سفّاح بالعصر العثماني‪ ،‬و في "مسيحي"‬ ‫غيابو و سكوتو بخ ّليك تف ّكر انو يسوع ضابط ركن‪،‬‬ ‫مو متقاعد‪ ،‬بالفرقة الرّابعة! أعزّائي المتطرّفين و‬ ‫المتعصّبين‪ ،‬المتهجّمين عاآلخر أو الخايفين منّو‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫فلتحِل عليكم لعنة نانسي عجرم و سائر األولياء و‬ ‫القدّيسين‬

‫ن�ضال �شويف‬ ‫إن كنتم حقا تريدون الجهاد فأقّروا الجهاد على‬ ‫نفوسكم أوال قبل أن ننعي شهيدة تدعى الثورة‪.‬‬

‫�سمر يزبك‬ ‫عار علينا إن لم تكن هذه الثورة لكل السوريين‪.‬‬ ‫الدم اُلمراق ليس رخيصًا‪ .‬ال لجمعة الجهاد! نعم‬ ‫لسوريا التعددية المدنية الديمقراطية‪.‬‬

‫�أبو اخلل‬ ‫لم تعد الزبداني مجرد مكان للتسكع الصيفي‪ ،‬غدت‬ ‫اليوم أكبر من ذلك بكثير‪..‬‬ ‫رمز صمود‪ ،‬وقصة تحدي‪ ،‬وتمثال حرية‪ ،‬وشارة‬ ‫نصر!‬

‫| | دعن��ي أقل بداية إن واحداً من أهم منجزات الثورة الس��ورية هو‬ ‫نجاحها في تهش��يم وجه االستبداد وكس��ر هيبته وضعضعة نقاط قوته‬ ‫األساس��ية المتجسدة في أجهزة األمن والميليشيات المسلحة‪ .‬ولقد أتى‬ ‫زج الجي��ش الوطني في ه��ذه المواجهة مع الناس‪ ،‬ليعي��د إلى الواجهة‬ ‫ش��بح االنشقاقات والتفكك‪ .‬من هنا أنا أعتبر أن السلطة أصبحت ساقطة‬ ‫موضوعياً والمس��ألة مس��ألة وقت وحس��ن تنظيم بين القوى الميدانية‬ ‫والتنس��يقيات والقوى الفاعلة في مختلف المدن والبلدات‪ .‬من هنا تأتي‬ ‫أهمية توحد جهود التنسيقيات المحلية والتقائها في لجنة وطنية جامعة‬ ‫تتشكل من حول برنامج حد أدنى سياسي‪.‬‬ ‫الثورة اليوم بحاجة لتس��ييس معين أراه متضمناً في هذه الوثيقة‪.‬‬ ‫كما أن هذه الثورة بحاجة لتأكيد اس��تقالليتها تج��اه األحزاب المتلكئة‬ ‫التي ال تزال عاجزة عن االلتحاق بركب الثورة‪ .‬من هنا فإنني أتقاطع في‬ ‫ه��ذه اللحظة مع هذه الوثيقة‪ ،‬وهي تعبر ع��ن وجهة نظري في الظرف‬ ‫الحال��ي‪ ،‬لكن تط��ورات الثورة قد تف��رض علينا تس��ويات وتدفعنا إلى‬ ‫تطوي��ر مواقفنا في حال مال ميزان الق��وى لمصلحة الثورة واقتربنا من‬ ‫تحقيق االنتصار‪.‬‬ ‫طبعاً يظل التحدي األساس للثورة متجسداً في إمكانية كسب عقول‬ ‫وقل��وب الفئات الصامتة التي لم تتحرك بعد‪ ،‬إم��ا لحذرها من التغيير أو‬ ‫لخوفها من القمع أو لحرصها على مصالحها‪ .‬ومن هنا تأتي أهمية تأكيد‬ ‫س��لمية الثورة وكونها س��تأتي بالحرية ليس فقط للث��وار ولكن لجميع‬ ‫فئات المجتمع وس��تضمن حق��وق األقلي��ات الدينية واإلثنية‪ .‬فس��ورية‬

‫في زنزانة ما في بالدي‪....‬‬ ‫هناك سجين يتكور على نفسه ليسعه فراغ في‬ ‫قفص‪ ..‬هناك جسد تخدر من شدة الوجع وروح‬ ‫علت حتى المست أعلى سماء‬ ‫هناك تسمع‪ ،‬تلمس‪ ،‬تشم وتتنفس ألم‪ ..‬هناك‬ ‫اإلنتظار يلف‪ ،‬يدور وال يدور عقرب الزمن‪..‬‬ ‫هناك تشيخ األعمار من غير أن تعاش وتحيا‪..‬‬ ‫هناك أبي‪ ،‬أخي‪ ،‬صديقي‪ ..‬أنت وأنا‪..‬‬ ‫و من هناك سنبدأ حين ينتهي زمن الموت و‬ ‫القتل و نخلق معاً‪..‬‬ ‫آية األتاسي‬ ‫في البيت كانت الشتائم والنكات الماجنة توجه‬ ‫لشخصه المستبد وأناس كثيرون يأتون ويخرجون‬ ‫وضحكات خاف ٌة تنال من (هيبته) في الخفاء‪ ..‬كنتُ‬ ‫صغير ًة جداً عندما ضحكت على أحد النكات فقالت لي‬ ‫أمي‪ :‬أياكِ أن تنطقي باسمه بسو ٍء‪ ..‬فإنه ٌ‬ ‫رجل مرعبٌ‬ ‫لديه قدورٌ كبير ٌة مليئ ٌة باألسيد‪ ..‬هذه القدور معدّة‬ ‫ُ‬ ‫سر كاملةٍ أن نطق أحد أفرادها بسو ٍء اتجاهه!‬ ‫إلذابةِ أ ٍ‬ ‫كبرتُ وأنا أحمل هذه الصورة المريعة في رأسي‪..‬‬ ‫وكنت ُ‬ ‫أتخيل قدوراً‪ ...‬كبير ًة تتوسط ساحة مدرستنا‬ ‫وحولها ٌ‬ ‫بسُتَر سوداء جلدية يقومون بإلقاء‬ ‫رجال‬ ‫ٍ‬ ‫الناس في األسيد فيختفون جميعاً!‪ ..‬يوم فتحت التلفاز‬ ‫فرأيت حول صورته شريطة سوداء في مجلس الشعب‪..‬‬ ‫كنت خارج سوريا حينها‪ ..‬ومع ذلك حين حاولت الصراخ‬ ‫فرحاً ارتدّ الصوت في جوفي مختنقاً بادئ األمر‪..‬‬ ‫وعندما تأكدت أننا هنا‪ ..‬بعيدون عن بؤرة الشر‪..‬‬ ‫صرخت وصرخت وبكيت حتى سال سواد عينَي‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫كغراب حقود‪ ..‬لكن ذاكرة‬ ‫ذكرياتٌ كثيرة تنقر رأسي ٍ‬ ‫الخوف ال تلبث أن تختفي عندما أرى أطفا ًال بنفس‬ ‫العمر الذي بدء فيه الرعب ينهش رأسي‪ ..‬يصرخون‬ ‫والضحكات ترسم نبضهم المرتفع‪ ..‬لتعلو فوق روحه‬ ‫الملعونة‪ ..‬يغرّد قلبي لسماعهم ويرقص على وقع‬ ‫الكلمات‪ ..‬يلعن روحك يا حافظ‪ ..‬وأفرح اآلن ألنني وفي‬ ‫هذا العمر ح ّلت عليّ هبة النطق‪ ..‬فأصبحت قادر ًة وبكل‬ ‫ثقةٍ وهدوء أن أقول‪ ..‬الشعب يريد إسقاط النظام‬

‫رباب البوطي‬

‫الجديدة ستكون للجميع وفقاً لمبادئ المساواة والعدالة‪.‬‬ ‫تبق��ى اإلش��ارة إلى البع��د االقتصادي ف��ي عملية التغيي��ر‪ .‬فالوضع‬ ‫القائم إذا استمر على ما هو عليه فسيؤدي إلى انهيار شامل في األوضاع‬ ‫المعيشية‪ ،‬وهذا ما تتحمل مسؤوليته السلطة القائمة‪ ،‬وهو سيؤدي في‬ ‫النهاية إلى ابتعاد فئات اجتماعية جديدة عن الس��لطة القائمة‪ .‬فالثورة‬ ‫السورية هي في المحصلة ثورة مجتمع تبدأ من جنوبه وتنتهي بشماله‪،‬‬ ‫وتمتد من غربه إلى شرقه‪.‬‬ ‫| هل هناك من خطر حقيقي النزالق البالد إلى فتنه طائفية؟‬ ‫| | برأي��ي إن ما حدث ف��ي درعا وبانياس وحمص من تهويل بخطر‬ ‫الفتن��ة الطائفي��ة‪ ،‬هو م��ن إنتاج المصن��ع األمني الس��وري الذي يكذب‬ ‫ويفب��رك ادع��اءات بوج��ود أصوليي��ن ومندس��ين وقوى متطرف��ة تدير‬ ‫االحتجاج��ات ف��ي الش��ارع وتقوم بأعم��ال القتل والتنكيل‪ ،‬ف��ي حين أن‬ ‫المصنع األمني هو المس��ؤول عن معظم الجرائم المرتكبة بحق األبرياء‬ ‫بما فيها بعض الجرائم المرتكبة بحق بعض عناصر الجيش‪.‬‬ ‫إن التغيير الوطني الديموقراطي الس��لمي والمتدرج‪ ،‬هو الذي يقطع‬ ‫الطري��ق عل��ى الفتنة الطائفي��ة‪ ،‬وال يمكنه في النهاي��ة إال أن يصب في‬ ‫مصلح��ة جمي��ع مكونات المجتمع الس��وري‪ ،‬وهيه��ات أن يجرى في هذا‬ ‫الس��ياق استبدال اس��تبداد بآخر مقابل‪ .‬فالثورة الس��ورية حررت نفسها‬ ‫وهي ستحرر في النهاية غيرها‪ .‬و بمعنى آخر فإن الذين ينزلون اليوم إلى‬ ‫الشارع هم أحرار وسيحررون غيرهم الحقاً‪ ،‬ليتساوى الجميع في ظل دولة‬ ‫مدنية حديثة ودستور ديموقراطي يضمن الحقوق والواجبات للجميع‪.‬‬

‫السؤال والجواب‪ :‬حوار مع المعارض السوري الكبير رياض الترك | حوار محمد علي األتاسي (‪ 2‬أب ‪)2011‬‬


‫ا�ستقالل �سوريا عن االحتالل الفرن�سي ‪1946‬‬ ‫حنين اليوسف‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫(ع��ام ‪ :)1925-1920‬برزت ثورتان‬ ‫األولى بقيادة الش��يخ صالح العلي شملت‬ ‫كل أنح��اء المنطق��ة الس��احلية‪ ،‬م��ن‬ ‫القرداحة شما ًال إلى صافيتا جنوباً‪ ،‬مروراً‬ ‫بـجبل��ة ومصياف وباني��اس وطرطوس‪،‬‬ ‫وكان مركزها قرية الشيخ بدر التي جعل‬ ‫منها الش��يخ صال��ح العلي حصن��اً له‪ .‬أما‬ ‫الثورة الثانية فق��د كانت بقيادة إبراهيم‬ ‫هنانو وشملت المنطقة الشمالية الغربية‬ ‫بين ح��ارم وكف��ر تخاريم وإدل��ب وجبل‬ ‫الزاوي��ة وجس��ر الش��غور جنوب��ًا ومعرة‬ ‫النعمان وأطراف حماة‪.‬‬ ‫(عام ‪ :)1927-1925‬الثورة السورية‬ ‫الكب��رى والت��ي أطلق ش��رارتها س��لطان‬ ‫باش��ا األطرش في جبل العرب ثم امتدت‬ ‫إلى دمشق وبقية المناطق السورية‪.‬‬ ‫ويق��در عدد القوات الفرنس��ية التي‬ ‫تصدت للثورات الس��ورية ب��ـ (‪ )110‬آالف‬ ‫جندي‪ ،‬وقدرت خسائر الفرنسيين بـ(‪)30‬‬ ‫ألف جندي‪.‬‬ ‫ف��ي ي��وم ‪ 15‬أي��ار ‪ 1945‬أرس��لت‬ ‫فرنسا إلى بيروت الطراد الفرنسي (جان‬ ‫دارك) حام ً‬ ‫�لا عل��ى متن��ه (‪ )1500‬جندي‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫من �أهم الثورات التي خا�ضها ال�شعب‬ ‫ال�سوري �ضد االحتالل الفرن�سي‬

‫فرنسي مع أسلحتهم‪ ،‬ونزلوا إلى أراضي‬ ‫س��وريا ولبنان دون موافقة حكومتيهما‪،‬‬ ‫وكان عل��ى رأس ه��ذه الق��وة الجن��رال‬ ‫(بينيه) الذي توجه إلى القصر الجمهوري‬ ‫ليعلن شروط فرنسا‪“ :‬إن فرنسا مستعدة‬ ‫لتسليم الجيوش الس��ورية إلى الحكومة‬ ‫مع التحفظ بدراسة أس��اليب انتقال هذه‬ ‫الق��وات‪ ،‬وف��ي المقاب��ل تطل��ب فرنس��ا‬ ‫منحه��ا قواع��د بحرية في لبن��ان وقواعد‬ ‫جوي��ة في س��وريا‪ ،‬وتطال��ب الحكومتين‬ ‫الس��ورية واللبناني��ة بضم��ان مصالحها‬ ‫المادية والمعنوية وتشمل‪:‬‬ ‫ النواح��ي الثقافي��ة‪ :‬عق��د اتف��اق‬‫جامع��ي بين البلدين‪ ،‬م��ن مقتضياته أن‬ ‫تك��ون لغ��ة التعليم الفرنس��ية وليس��ت‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫ النواحي االقتصادية‪ :‬عقد اتفاقيات‬‫تشمل أوضاع الرعايا األجانب في سوريا‪،‬‬ ‫والتبادل التجاري‪.‬‬ ‫ النواح��ي االس��تراتيجية‪ :‬اتف��اق‬‫بش��أن القواع��د مع ضمان طرق فرنس��ا‬ ‫وممتلكاتها ما وراء البحار واستمرار وضع‬ ‫الق��وات الس��ورية تح��ت س��لطة القيادة‬ ‫الفرنسية العليا خالل الظروف الراهنة”‪.‬‬ ‫ورداً على هذا ق��ررت حكومتا لبنان‬ ‫وس��وريا ف��ي اجتم��اع عق��د في ش��تورة‬ ‫ي��وم ‪ 19‬أي��ار ‪“ :1945‬أن إن��زال الجن��ود‬ ‫الفرنس��يين عل��ى الش��كل ال��ذي ت��م‬ ‫انتقاص لسيادة البلدين”‪ .‬وأن المقترحات‬ ‫الفرنس��ية “تن��م ع��ن روح ال تتف��ق مع‬ ‫استقالل سوريا ولبنان”‪ ،‬و “اتفق الجانبان‬ ‫الس��وري واللبناني على عدم الدخول في‬ ‫مفاوض��ات مع الجان��ب الفرنس��ي” الذي‬ ‫علي��ه أن “يتحم��ل جمي��ع التبع��ات الت��ي‬ ‫يمك��ن أن تنج��م عن ه��ذا الموقف”‪ ،‬كما‬ ‫قررتا “توحيد الجهود والمس��اعي للدفاع‬ ‫عن سيادة البلدين واستقاللهما”‪.‬‬ ‫ورداً عل��ى ذل��ك ب��ادر الفرنس��يون‬ ‫بتاريخ ‪ 29‬شباط ‪ 1945‬باحتالل البرلمان‬ ‫السوري فتوجهت إليه المدرعات الفرنسية‬ ‫وحاصرته‪ ،‬فيما العاملون فيه يستعدون‬ ‫لفتح جلس��ة برلمانية تناق��ش األوضاع‬ ‫العام��ة في الب�لاد في ض��وء االعتداءات‬ ‫التي ش��نتها الطائ��رات الفرنس��ية على‬ ‫الس��كان وخاصة ف��ي مدن حم��اة وحلب‬ ‫ودمش��ق والتي كان من نتيجتها سقوط‬ ‫ع��دد م��ن القتل��ى والجرح��ى‪ .‬وقام��ت‬

‫معرك��ة حامي��ة بين ال��درك والش��رطة‬ ‫عندما رف��ض رج��ال الحامية الس��ورية‬ ‫في مبنى البرلمان إنزال العلم الس��وري‬ ‫وتحية العلم الفرنس��ي بد ًال عنه‪ ،‬فكانت‬ ‫النتيجة أن قتلت القوات الفرنس��ية جميع‬ ‫ح��راس البرلم��ان الس��وري (ع��دا اثن��ان‬ ‫من عناص��ر أمن المجل��س النيابي‪ ،‬هما‬ ‫شهير الش��راباتي وإحس��ان بهاء الدين‪،‬‬ ‫الذي��ن اس��تطاعا الف��رار والنج��اة م��ن‬ ‫الموت المحقق بأعجوبة) وأغلقت أبوابه‬ ‫وهدمت واجهته وأقس��اماً أخرى منه وتم‬ ‫إنزال العلم الس��وري من فوقه‪ .‬اشتعلت‬ ‫الثورة الشعبية في كافة المدن السورية‬ ‫وقصفت المدن من قبل القوات الفرنسية‬ ‫خاص��ة ف��ي دمش��ق وحلب وحم��اه ودير‬ ‫ال��زور وتصاع��دت المعارك بي��ن القوات‬ ‫الفرنس��ية والمجاهدين حت��ى اضطرت‬ ‫القوات البريطانية بعدها للتدخل ووقف‬ ‫القت��ال وفرض الهدن��ة‪ .‬ووفقًا لبالغ من‬ ‫وزارة الداخلي��ة الس��ورية يوم ‪ 5‬حزيران‬ ‫‪ 1945‬فق��د بل��غ ع��دد الش��هداء الذي��ن‬ ‫س��قطوا جراء هذا العدوان ‪ 616‬ش��هيداً‬ ‫وبلغ عدد الجرحى ‪ 2072‬جريحًا‪.‬‬ ‫بع��د هذا الع��دوان عرضت س��ورية‬ ‫قضيتها على مجلس األمن وبسبب إصرار‬ ‫الشعب السوري الثوري واستمرار حركات‬ ‫التح��رر تق��رر ج�لاء الق��وات الفرنس��ية‬ ‫عن س��ورية أخيراً‪ ،‬وتم ج�لاء آخر جندي‬ ‫فرنس��ي ف��ي ‪ 17‬نيس��ان ‪ 1946‬واعتب��ر‬ ‫هذا اليوم عيد وطني لس��ورية‪ ،‬وفي هذا‬ ‫اليوم جرى أول احتفال بعيد الجالء وألقى‬ ‫فيه الرئيس ش��كري القوتلي خطابًا هنأ‬ ‫فيه الش��عب الس��وري على هذا االنتصار‬ ‫العظي��م‪ ،‬وم��ن كلمات القوتل��ي المؤثرة‬ ‫في هذا الخطاب‪:‬‬ ‫“بني وطن��ي‪ ،‬هذا يوم تش��رق فيه‬ ‫ش��مس الحرية الس��اطعة على وطنكم‪،‬‬ ‫ف�لا يخفق فيه إال علمك��م‪ ،‬وال تعلو فيه‬ ‫إل��ى رايتكم‪ .‬ه��ذا يوم الحق ت��دوي فيه‬ ‫كلمت��ه‪ ،‬ويوم االس��تقالل تتجل��ى عزته‪،‬‬ ‫ي��وم يرى الباطل فيه كي��ف تدول دولته‪،‬‬ ‫وكي��ف تضمحل جولته‪ .‬ه��ذا يوم النصر‬ ‫العظيم والفتح المبين‪.‬‬ ‫بن��ي وطن��ي‪ ،‬بع��د أن أحم��د اهلل‪،‬‬ ‫تعال��ت قدرت��ه على م��ا وفقنا إلي��ه‪ ،‬أرى‬ ‫لزام��ًا عليّ في هذا اليوم التاريخي األغر‬ ‫أن أتوج��ه‪ ،‬واإلكب��ار يتملكني والخش��وع‬ ‫يم�لأ جوانب نفس��ي‪ ،‬بالتحي��ة والتمجيد‬

‫إل��ى أرواح الش��هداء األب��رار الخالدي��ن‬ ‫األطهار‪ ،‬الذين غرس��وا شجرة االستقالل‬ ‫بيدهم‪ ،‬وس��قوها بكري��م دمهم‪ ،‬فغدت‬ ‫في ه��ذا الي��وم المبارك وارف��ة الظالل‪،‬‬ ‫أصلها ثاب��ت وفرعها في الس��ماء‪ .‬أولئك‬ ‫الذين ماتوا ليحيا وطنهم‪ ،‬وقضوا لتبقى‬ ‫أمتهم‪ ،‬هم أصحاب الفضل األول في هذا‬ ‫النصر المحجل‪ .‬وما يوم االس��تقالل هذا‬ ‫إال عيد الفداء ومهرجان الشهداء‪ ،‬فسالم‬ ‫عليهم في عليّين‪ ،‬وتمجيد لذكراهم في‬ ‫الخالدين‪.‬‬ ‫بني وطني‪ ،‬أهنئ اليوم هذه األمة‪،‬‬ ‫شبابًا وش��يبًا‪ ،‬هال ًال وصليبًا‪ .‬أهنئ ذلك‬ ‫الف�لاح‪ ،‬دعاه داعي الوط��ن فلباه‪ ،‬هجر‬ ‫مزرعت��ه وتنك��ب بندقيت��ه‪ ،‬وراح ي��ذود‬ ‫عن أمت��ه ويثأر لكرامت��ه‪ .‬أهنئ العامل‬ ‫الكادح‪ ،‬يجعل من نفس��ه لوطنه الفداء‪،‬‬ ‫وهو فيم��ا يصيبه لمن الس��عداء‪ .‬أهنئ‬ ‫ذل��ك الطال��ب‪ ،‬تتأج��ج روح��ه حماس��ة‪،‬‬ ‫ويغلي مرجل��ه إباء‪ .‬أهنئ األس��تاذ يبث‬ ‫الع��زة القومي��ة‪ ،‬والش��اعر يه��ز ال��روح‬ ‫الوطني��ة‪ ،‬والكات��ب يناف��ح ع��ن الح��ق‬ ‫ويشدد العزائم‪ .‬أهنئ ذلك التاجر طالما‬ ‫غادر متجره احتجاج��اً على ظلم صارخ‪،‬‬ ‫ودفعًا لعدوان ن��ازل‪ .‬أهنئ رجل األحياء‬ ‫تثيره النخوة ويس��تجيب للحمية‪ .‬وأبارك‬ ‫للسيدة تؤدي واجبها جهداً وثباتًا وصبراً‪.‬‬ ‫وأحيي بقية الس��يوف من األحرار الذين‬ ‫صدق��وا م��ا عاه��دوا اهلل علي��ه‪ ،‬فذاقوا‬ ‫حياة النفي والتشريد‪ ،‬وهبطوا السجون‬ ‫كرام��اً أع��زة‪ ،‬وبذلوا األنف��س واألموال‬ ‫والثمرات‪ ،‬وصب��روا وصابروا (فما وهنوا‬ ‫لما أصابهم في سبيل اهلل‪ ،‬وما ضعفوا‪،‬‬ ‫وم��ا اس��تكانوا‪ ،‬واهلل يح��ب الصابرين)‪،‬‬ ‫أحييه��م جميع��اً ف��ي ش��خص الش��هيد‬ ‫المجه��ول‪ ،‬يعمل لوطنه صامت��ًا أريحياً‪،‬‬ ‫ويلقى وجه ربه راضياً مرضيًا»‪.‬‬ ‫بعد معاناة دامت ‪ 21‬عام تحت حكم‬ ‫االس��تعمار الفرنس��ي اس��تطاعت سوريا‬ ‫أن تحص��ل على اس��تقاللها‪ ،‬بفضل هذا‬ ‫الش��عب الس��وري األبي الذي ل��م يرضَ‬ ‫يومًا بالقه��ر أو الذل بل دافع عن كرامته‬ ‫وعروبت��ه وحريت��ه حتى الم��وت‪ .‬واليوم‬ ‫وبع��د أكث��ر م��ن ‪ 40‬عام��ًا م��ن الظل��م‬ ‫والس��يطرة يث��ور الش��عب الس��وري مرة‬ ‫أخرى رافضًا الذل وخاصة أنه جاءه اليوم‬ ‫من نظام س��وري مس��تبد ال م��ن احتالل‬ ‫أجنبي طامع‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫سوريا أرض الحضارة ذات العاصمة‬ ‫األقدم في التاريخ كانت وما تزال مطمعًا‬ ‫لكل طامع في الس��لطة والسيادة‪ .‬بقيت‬ ‫سوريا تحت السيطرة العثمانية أربعمائة‬ ‫عام تنزف الشهيد تلو اآلخر حتى تحررت‬ ‫من ظلمهم ف��ي أعقاب الح��رب العالمية‬ ‫األول��ى لتق��ع بعده��ا ف��ي ي��د االحت�لال‬ ‫الفرنس��ي بعد اتفاق س��ايكس بيكو‪ .‬إال‬ ‫أن الس��وريين لم يرضوا يوماً بالهوان أو‬ ‫ال��ذل فدفع��وا أعمارهم وأرواحه��م ثمنًا‬ ‫للحرية وحصلوا على اس��تقاللهم في ‪17‬‬ ‫نيسان ‪ .1946‬وما أش��به اليوم بالبارحة‪،‬‬ ‫وأبطال س��وريا يدافعون عنها اليوم ضد‬ ‫ظلم من نوع جديد ليس ظلم فرنسي أو‬ ‫أجنبي آخر بل هو ظلم سوريّ على أخيه‬ ‫الس��وري‪ .‬ظلم نظ��ام قاتل على ش��عب‬ ‫مناضل يحمل ذات الدماء وذات الهوية‪.‬‬ ‫ال يمكن لسوري أن ينسى تاريخ ‪24‬‬ ‫تموز ‪ ،1920‬ذلك الصباح الذي اندفع فيه‬ ‫غورو في حملته العسكرية باتجاه دمشق‬ ‫وذلك الي��وم الذي تدافع فيه الس��وريون‬ ‫األبطال للدفاع عنه��ا وهم يعلمون أنهم‬ ‫يخوضون معرك��ة غي��ر متكافئة‪ .‬خاض‬ ‫المتطوع��ون الس��وريون وثل��ة من قوات‬ ‫الثورة العربية الكبرى والقوات الس��ورية‬ ‫البالغ عددها نحو ‪ 4000‬رجل بقيادة وزير‬ ‫الحربي��ة يوس��ف العظمة الذي اس��تقال‬ ‫م��ن منصب��ه احتجاج��اً على قب��ول إنذار‬ ‫غ��ورو معركة فاصلة‪ ،‬كان الفرنس��يون‪،‬‬ ‫وعدده��م ‪ 9‬آالف‪ ،‬مزودي��ن بمدفعي��ة‬ ‫ميدان متطورة ودبابات وأس��لحة رشاشة‬ ‫وطائرات‪ ،‬فيما س�لاح الس��وريين بنادق‬ ‫صيد وعصي‪.‬‬ ‫دامت المعركة س��اعتين‪ ،‬استش��هد‬ ‫خالله��ا ما يزيد على ‪ 800‬ش��هيد س��وري‬ ‫بينهم يوسف العظمة‪ ،‬وسار الفرنسيون‬ ‫بعده��ا باتجاه دمش��ق ودخلوه��ا في ‪25‬‬ ‫تم��وز ‪ ،1920‬وبع��د يومين أعل��ن غورو‬ ‫وض��ع البالد قيد األح��كام العرفية‪ ،‬وأنذر‬ ‫المل��ك فيصل بمغ��ادرة س��وريا‪ ،‬فتوجه‬ ‫فيصل إل��ى حيفا ومن هن��اك إلى لندن‪،‬‬ ‫بينم��ا عاش��ت س��وريا ف��ي ظالم س��جن‬ ‫كبير‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫مدافــــع �آيـــة اهلل اخلمينـــي‬ ‫قراءة في كتاب‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫تصل قيمة الحدث في الثورة اإليرانية‬ ‫فوق كل خالف رغم ما قد تثيره خطى‬ ‫الثورة من خالفاتٍ في االجتهاد والتقييم‬ ‫وبنفس المقدار فإن شهرة الكاتب تظل‬ ‫أيضاً فوق أي خالف رغم ما أثارته أو ما‬ ‫زالت تثيره كتاباته من جدل خالل العهد‬ ‫األخير‪ ،‬إذ بات من مسلمات الوعي العربي‬ ‫أن محمد حسنين هيكل قد ترك عالماتٍ‬ ‫ال تمحى في عالمي الصحافة والسياسة‬ ‫األمر الذي جعل كتاباته من هذا النوع‬ ‫الذي ال بدّ أن يقرأ أي كان حجم مسافات‬ ‫االتفاق أو االختالف حول ما يكتب‪ ،‬في هذا‬ ‫الكتاب يلتقي الحدث الذي ترقى قيمته فوق‬ ‫الخالف مع الكاتب الذي ترقى قدرته فوق‬ ‫الخالف من خالل محتوى صفحاته التي لم‬ ‫يقف فيها هيكل عند عتبات الثورة اإليرانية‬ ‫أو عند تحليل عناصرها وتفاعالتها‪ ،‬وعند‬ ‫عصر جديد إن‬ ‫تسجيل سقوط عصر وميالد ٍ‬ ‫ما سطره على هذه الصفحات كان بمثابة‬ ‫وثيقةٍ سياسية بالغة األهمية كشف فيها‬ ‫الكثير من الخبايا واألسرار التي تدور في‬ ‫كواليس المنطقة والتي أماط هيكل اللثام‬ ‫عنها ألول مرة‪.‬‬ ‫كتاب ممتع بكل المقاييس كتبه‬ ‫"هيكل" باإلنكليزية وترجمه "عبد الوهاب‬ ‫المسيري" واالثنان علمان من أعالم‬ ‫الثقافة العربية الحديثة‪ ،‬ويتميز الكتاب‬ ‫وككل كتابات هيكل بقدرته الجدلية‬ ‫والمثيرة بالتواجد في عين الحدث ومع كبار‬ ‫الشخصيات‪.‬‬

‫يف ال�سفارة الأمريكية‪:‬‬

‫الحدث األكبر بعد إنجاز ثورة الخميني‬ ‫يبدأ هيكل بحثه محل ًال لتاريخ إيران‬ ‫السياسي ابتدا ًء من كونها مركزاً للصراع‬ ‫بين بريطانيا وروسيا‪ ،‬ثم االتحاد السوفييتي‬ ‫وأمريكا‪ ،‬وقد يكون هيكل هو الصحفي‬ ‫الوحيد الذي دخل السفارة األمريكية وجلس‬ ‫مع الطلبة اإليرانيين لمدة أربع ساعات "كان‬ ‫آخر الكلمات التي سمعتها من الطلبة هي أننا‬ ‫محونا خمسًا وعشرين عامًا من تاريخ إيران‪،‬‬ ‫لقد كانوا يصرون على أنهم احتلوا السفارة‬ ‫ألنها تشكل مقراً لقيادة الثورة المضادة"‪.‬‬

‫الدب والأ�سد‪:‬‬

‫يبدأ هذا الفصل بتاريخ التدخل‬ ‫األجنبي بإيران من القرن السابع عشر‪،‬‬ ‫وانتقال الوالءات بين بريطانيا فروسيا‬ ‫فبريطانيا مر ًة أخرى فألمانيا وأخيراً أمريكا‬ ‫مروراً بانقالب الشاه رضا بهلوي وميزاته‬ ‫الشخصية وطرق ترسيخ حكمه ونقله‬ ‫للشاه األخير وزواج األخير باألميرة فوزية‬ ‫وعالقته مع البالط المصري في حينها‪.‬‬

‫الن�سر يحوم‪:‬‬

‫إن جذور األزمة السياسية التي هزت‬ ‫العالم بعنف عام ‪ 1979‬ترجع إلى الفترة‬ ‫ما بين ‪ 1951-1941‬فإيران بلدٌ فقير ليس‬ ‫بها ما يغري بالتدخل األجنبي سوى موقعها‬ ‫الجغرافي لكن الموقف أصبح متغيراً حين‬ ‫أضحى النفط أكثر سلع العالم المرغوب فيها‬ ‫عنصراً من عناصر السالح‪ ،‬وبدا االهتمام‬ ‫الدولي جليًا من خالل عقد مؤتمر الحلفاء‬ ‫(ستالين‪-‬تشرشل‪ -‬روزفلت) في طهران عام‬ ‫‪ 1943‬وفشل القوات الروسية في االحتفاظ‬ ‫لها بنفوذٍ في طهران بعد هذا التاريخ‪.‬‬

‫هجوم الن�سر‪:‬‬

‫وزارة مصدق عام ‪ 1951‬وصدور‬ ‫قانون التأميم في ‪ 30‬نيسان من العام‬

‫ياسر مرزوق‬

‫نفسه وانقالب مصدق عام ‪ 1952‬والذي‬ ‫بانقالب مضاد وأعاد السلطة كامل ًة‬ ‫أطيح به‬ ‫ٍ‬ ‫للشاه بدعم قوي من المخابرات األمريكية‬ ‫ٍ‬ ‫ومنذ ذلك التاريخ رهن محمد رضا بهلوي‬ ‫قراره للمخابرات األمريكية حتى في أبسط‬ ‫تفاصيل الحياة‪ ،‬وبدأت النهاية‪ ،‬فالسلطة‬ ‫الحقيقية في طهران‪ ،‬غدت في يد السفارة‬ ‫األمريكية وليس في قصر نيارفان‪.‬‬

‫طهران مدينة مفتوحة‪:‬‬

‫‪ 22‬آب ‪ 1952‬ألقي القبض على مصدق‬ ‫ووضع في زنزانة تصل المياه فيها إلى وسطه‬ ‫مدة ‪ 5‬سنوات نتج عنه شلل كامل قبل أن‬ ‫يطلق سراحه ويتوفاه اهلل بعد فترةٍ قصيرة‬ ‫أضحت طهران مدين ًة تعطي انطباع مدين ًة‬ ‫مهزومة فقوات الجيش والسافاك الموالية‬ ‫للشاه كانت تقضي بالموت على أي شخص‬ ‫يشك بوالئه لمصدق فقتل مئات الطلبة‬ ‫واليساريين رميًا بالرصاص بينما كوفئ‬ ‫أعوان الشاه وابتدأت حملة إعالمية مسعورة‬ ‫مدعومة من أمريكا لتأليه الشاه ليس في‬ ‫إيران وحدها بل في الشرق األوسط كله‪.‬‬

‫الثورة تن�سحب �إىل قم‪:‬‬

‫مدينة قم المرجع الشيعي والمكان‬ ‫المقدس عند الشيعة يتخذها هيكل‬ ‫كخلفية الستعراض تاريخ التشيع وتشيع‬ ‫بانتقال سلس‬ ‫إيران على يد الصفويين‬ ‫ٍ‬ ‫بين التاريخ اإلسالمي والفارسي والسيرة‬ ‫النبوية وصو ًال إلى تفاصيل السلك الديني‬ ‫الشيعي حتى أعلى الهرم‪.‬‬

‫مدينة قم املحا�صرة‪:‬‬

‫روح اهلل الخميني أحد حجج اإلسالم‬ ‫عند الشيعة يقوم بتدريس الفقه والمنطق‬ ‫في مدينة قم ويجمع حول حوزته المريدين‬ ‫ويراسل قادة العالم بالطبع لم يكن الشاه‬ ‫سعيداً بما يسمعه عن هذا النجم الصاعد‬ ‫في سماء العالم الديني وابتدأ الصراع بين‬ ‫الشاه والخميني وانتقل األخير إلى النجف‬ ‫في العراق بعد محاصرة قم وقتل المئات‪.‬‬

‫حكم ال�شاه املطلق‪:‬‬

‫المادي الملحوظ كان غياب أي محاولة في‬ ‫شكل من‬ ‫إشراك الشعب في الحكم وبأي ٍ‬ ‫األشكال هي السمة العامة للمرحلة‪ ،‬كان‬ ‫الشاه يصدر األوامر وكان الوزراء والسافاك‬ ‫يقومون بتنفيذها وكان سكان طهران‬ ‫يزدادون بمعدل ‪ 6%‬سنوياً وكان بها ‪60%‬‬ ‫من الطلبة وعمّ الفقر بين غالبية الشعب‬ ‫مما شكل مهداً للثورة المقبلة‪.‬‬

‫انبعاث الإ�سالم‪:‬‬

‫مع إنهاء بريطانيا لمعاهداتها مع دول‬ ‫الخليج وخروجها منها تقريبًا تحول األخير‬ ‫خليج فارسي ال قوة فيه إال للشاه‪ ،‬ومع‬ ‫إلى ٍ‬ ‫ارتفاع أسعار النفط الجنوني بعد حرب عام‬ ‫‪ 1973‬بدا الشاه كحاكم مطلق يعيش حيا ًة‬ ‫ٍ‬ ‫أسطورية بكل ما للكلمة من معنىً "كلما‬ ‫ازدادت بروتوكوالت البالط أبهة كل ما كان‬ ‫الوجه اآلخر للعملة هو ازدياد معاناة الشعب‬ ‫من االضطهاد"‪.‬‬

‫على أثر نكسة ‪ 1967‬ظهر المد‬ ‫اإلسالمي واضحاً في الشرق األوسط‬ ‫وكذلك إيران‪ ،‬وكان أكثر المفكرين تنوراً‬ ‫وأثراً على الشباب الدكتور علي شريعتي‬ ‫فيلسوف الثورة فيما بعد وأوروبي الثقافة‬ ‫شيعي المذهب‪ ،‬ومع إفالت المؤسسة‬ ‫الدينية في إيران دائمًا من سلطة الدولة‬ ‫كأمل‬ ‫اجتاح التدين أوساط الشباب اإليراني ٍ‬ ‫وحيد بالتغيير‪.‬‬

‫�شرطي املنطقة‪:‬‬

‫اخلميني يعود‪:‬‬

‫من فوق القمة العالية التي كان‬ ‫يشغلها الشاه في ذلك الوقت ألقى بنظرةٍ‬ ‫متفحصة على محيطه‪ ،‬فالسعودية رغم‬ ‫ثرائها ال يتجاوز عدد سكانها أربعة ماليين‬ ‫في حينه والكويت واإلمارات والبحرين‬ ‫تسعى لكسب وده‪ ،‬فعمل على تشجيع هجرة‬ ‫آلثار سلبية‬ ‫اإليرانيين لهذه البلدان مما أدى ٍ‬ ‫ما زلنا نعيشها حتى يومنا هذا‪ ،‬ومع الضوء‬ ‫األخضر األمريكي ولقاء الشاه كسنجر عام‬ ‫‪ 1972‬مارست إيران دور الشرطي في‬ ‫المنطقة على أساس تركيبةٍ غريبة من‬ ‫النفط والسالح والمخابرات بل امتدت عصا‬ ‫الشرطي لتصل القارة األفريقية‪.‬‬

‫الثورة تعود �إىل طهران‪:‬‬

‫خالل السبعينيات ورغم االزدهار‬

‫كان المسرح معداً في إيران لظهور‬ ‫الرجل الذي سيشعل عود الثقاب في كل‬ ‫هذه المواد الملتهبة ليحدث االنفجار‪ ،‬كان‬ ‫الخميني ومن منفاه في النجف يخاطب‬ ‫الناس ليس باعتباره أحد آيات اهلل الشيعة‬ ‫أو باعتباره إيرانياً‪ ،‬إنما باعتباره قائداً‬ ‫إسالميًا يتحدث إلى المسلمين كافةً‪ ،‬عام‬ ‫‪ 1977‬تمت تسوية النزاع بين طهران‬ ‫وبغداد فخرج الخميني من النجف واستمر‬ ‫في دعواته الثورية من ضواحي باريس‪.‬‬

‫مواجهات اجلي�ش‪:‬‬

‫عام ‪ 1977‬التقى هيكل مع الخميني‬ ‫شخصياً فاستعرض في كتابه ميزاته‬ ‫الشخصية وطريقته بالكالم والتي كان‬ ‫الخميني وخالل إقامته في باريس يعمد‬

‫إلى توجيه رسائل صوتية للقوات المسلحة‬ ‫كان لها األثر البالغ على الجنود‪ ،‬فنجح بذلك‬ ‫بالفصل بين الجنود والضباط وتمكن‬ ‫بالتالي من نزع سالح جيش الشاه بالفعل‬ ‫قبل وقوع المعركة النهائية‪.‬‬

‫�سقوط ال�شاه‪:‬‬

‫نزل اإليرانيون إلى الشوارع بنا ًء‬ ‫على فتوى الخميني وعطلت كافة مفاصل‬ ‫الدولة‪ ،‬لم يستطع الشاه فعل شيء‪ ،‬فقد‬ ‫رهن قراره للمخابرات األمريكية التي لم‬ ‫تستطع الوقوف في وجه أمة انتفضت‪،‬‬ ‫وغادر إلى مصر بعد رفض أغلب دول‬ ‫العالم باستضافته بما فيها أمريكا‪.‬‬

‫مدفعية بغري م�شاة‪:‬‬

‫عودة الخميني إلى طهران ونشوء‬ ‫الدولة اإلسالمية على إثر ثورةٍ قام بها‬ ‫اليساريون والعلمانيون واإلسالميون معًا‪.‬‬

‫نريان فوق اخلليج‪:‬‬

‫تصاعد التوتر بين طهران وجاراتها‬ ‫فالثورة وإن كانت إسالمية فهي قبل كل‬ ‫شيء ثور ٌة فارسية بدأت بتهديد البحرين‬ ‫والسعودية والكويت وانتهت بالحرب‬ ‫العراقية اإليرانية "إن أحد تناقضات حرب‬ ‫العراق وإيران أن الروح التي دفعت القوات‬ ‫اإليرانية بالصمود كانت القومية أكثر منها‬ ‫الدين‪"...‬‬ ‫"قد استوعب األمويون سكان‬ ‫اإلمبراطورية اإلسالمية ونظمها اإلدارية‬ ‫حيث تقبل الناس ًاّ‬ ‫كل من اإلسالم والعروبة‬ ‫أما في إيران فلم يكن األمر كذلك‪ ،‬فقد‬ ‫تقبل الناس اإلسالم أما العروبة فقد‬ ‫رفضت وظلت منطقة الحدود بين إيران‬ ‫استقرار دائم‬ ‫والعالم العربي في حالة عدم‬ ‫ٍ‬ ‫حتى يومنا هذا"‪.‬‬


‫التلوث الب�صري �أحد �أهم منجزات احلركة الت�صحيحية‬ ‫‪Visual pollution‬‬ ‫المهندسة فيلدا صالح‬

‫تحقيق ‪. .‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫للتعديل‬ ‫والتطوير مرات عدة ليقف الموقف‬ ‫الحجري القديم متعجباً أمام الموقف‬ ‫الحديث البلوري ال يدري لما إجتمعا كتفًا‬ ‫لكتف على هذا الرصيف وللمارة إختيار‬ ‫بيتهما فيما يتناسب وذوقه الخاص‪.‬‬ ‫وطبعا البد من اإلشادة بجهود المارة‬ ‫إلماطة األذى عن الطرق ( والمتمثل‬ ‫بفتحات الصرف الصحي المفتوحة)‬ ‫والتي تدفعهم إلى إستخدام المواد‬ ‫المتوفرة والمترامية على أطراف الشارع‬ ‫كعصا خشبي أو تنكة أو دوالب و حتى‬ ‫حاوية قمامة ‪,,‬ويضعها ضمن تشكيل‬ ‫فني ملفت لحماية المارة والسيارات من‬ ‫هذا األذى والذي يبقى عادة أليام‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى إنتهاك حرمة الجدران‬ ‫والتي تتجسد في إلصاق النعاوي بشكل‬ ‫متوالي وكثيف والكتابة المباحة على‬ ‫الجدران وإلصاق المطبوعات فوق‬ ‫اإلعالنات‪..‬ناهيك عن التعامل المجحف‬ ‫بحق المزروعات في الطرقات‪ ،‬وطبعًا‬ ‫غرف شرطي المرور واإلشارات المرورية‬ ‫واإلعالنات الطرقية واألسالك الكهربائية‬ ‫والتي تدفع إلى التشاؤم‪.‬‬ ‫والندعي مااليكون ونحمل كافة‬ ‫الوزر للسلطات والجهات المسؤولة فنحن‬ ‫أيضاً كمواطنين وسكان نشارك في‬ ‫تدنيس مدينتنا الغالية بما نقوم به من‬ ‫رمي لألوساخ‪ ،‬وتعديل فردي لواجهات‬ ‫المحال التجارية‪ ،‬وإضرار بالمرافق‬ ‫العامة‪..‬الخ‬ ‫وألن مدننا غالية فال بد أن ننوه‬

‫لبعض للحلول الممكن إتخاذها للحلول‬ ‫دون إنتشار هذه الظاهرة‪:‬‬ ‫• سن مجموعة من القوانين‬ ‫الضابطة لعمليات البناء والتجديد وتأمين‬ ‫كافة التسهيالت والصالحيات ألصحاب‬ ‫القرارلتنفيذها على أكمل وجه بما‬ ‫يضمن سالمة المشهد العام للمدينة‪.‬‬ ‫• البد من وضع تصور من‬ ‫ذوي االختصاص الفني واإلجتماعي‬ ‫لتحديد اإلطار العام للحرية الشخصية‬ ‫المعمارية والعمرانية لمالك المنشأة‬ ‫وبيان حدودها‪ ،‬للعمل ضمن نطاق تلك‬ ‫الحدود وعدم تجاوزها للحفاط على‬ ‫الذوق العام وللحفاظ أيضًاعلى حقوق‬ ‫المجاورين له‪.‬‬ ‫• رفع المستوى الفني للمعماريين‬ ‫المسؤولين عن إجازة التصاميم‬ ‫المعمارية وخصوصاٌ تصاميم الواجهات‬ ‫وألوانها ومواد تشطيبها‪ ،‬وأن يشترط‬ ‫بأصحاب القرار أن يكون على أعلى‬ ‫مستوى من الكفاءة العلمية‪.‬‬ ‫وفي الختام لك مني ياغاليتي‬ ‫(مدينتي) خالص اإلعتذار لما وصفتك‬ ‫به من سوء الكالم وإنت التي اعتدتي أن‬ ‫تكوني وجهة األنظار وحديث الزوار عبر‬ ‫العصور وسالف األزمان‪...‬‬ ‫ولكنني أعلم في عميق نفسي أن‬ ‫من دنس بهاءك وأصاب ألقكي هو ذاته‬ ‫من شوه نفوسنا وحرف أذهاننا حتى بات‬ ‫عندنا الباطل حقُا والظلم قوة والتطلع‬ ‫للجمال عهراً‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫التلوث البصري هو إختفاءالمظاهر‬ ‫الجمالية وتشويه ألي منظر تقع عليه‬ ‫عين اإلنسان ويحس عند النظر إليه‬ ‫بعدم إرتياح نفسي‪ ،‬و إختفاء الصورة‬ ‫الجمالية لكل شيء يحيط بنا من أبنية‪..‬‬ ‫أرصفة وطرقات وواجهات‪.....‬وغيرها‪.‬‬ ‫ويتجسد التلوث البصري في األعمال‬ ‫اإلنشائية التي تكون من صنع اإلنسان‬ ‫والتي تؤذي الناظر عند مشاهدتها‬ ‫كما أنها تفقد العناصر المميزة قيمتها‬ ‫الجمالية فتظهر بمظهر النشاز‪ ،‬ومع‬ ‫تكرارها وبمرور الوقت تُفقد المشاهد‬ ‫اإلحساس بالقيم الجمالية والصور‬ ‫الراقية‪.‬‬ ‫وممايدعو لألسف أن مدننا السورية‬ ‫تندرج تحت قائمة المدن الملوثة بصريًا‬ ‫والفاقدة للهوية المعمارية بعدما دنستها‬ ‫تدريجيا يد الحركات التصحيحية الجائرة‬ ‫كما دنست النفوس والعقول وتعدتها إلى‬ ‫الممرات والبيوت‪ ،‬فلم يسلم منها القديم‬ ‫وال الحديث فترى الحجارة القديمة تبكي‬ ‫واإلسمنت الحديث يشكي‪ ..‬وال من مجيب‬ ‫لما كل هذا اإلمتهان للجميل والنفيس!‬ ‫وعلميًا ترجع أسباب التلوث البصري‬ ‫عادة إلى اإلهمال وسوء االستخدام‬ ‫ورداءة التخطيط وهبوط المستوى‬ ‫الفني للتصميم وإختالف الثقافات‬ ‫واألذواق التي تتعاقب عالمدن إلى‬ ‫جانب السلوكيات اإلجتماعية الخاطئة‬ ‫وتردي مستوى الذوق العام كما ويلعب‬ ‫اإلقتصاد دوراً هاماً في بروز أو إختفاء‬ ‫مظاهر التلوث البصري‪ ،‬فنرى دائمًا‬ ‫البلدان النامية وذات اإلقتصاد الضعيف‬ ‫نمواً لهذه الظاهرة لما يترتب على ذلك‬ ‫من تردي الوعي اإلجتماعي والثقافي‬ ‫لدى سكانها على عكس مدن الدول‬ ‫المتقدمة التي يتمتع سكانها بمستوى‬ ‫وعي إجتماعي وثقافي عال وإلتزام‬ ‫بالقوانين والضوابط مما يؤدي إلى رفع‬ ‫مستوى الذوق العام‪.‬‬ ‫ومن أبرز مظاهر التلوث البصري‬

‫في مدننا وأسبابها‪:‬‬ ‫البناء الحديث الجائر في األماكن‬ ‫القديمة واألثرية وعدم احترام القيمة‬ ‫الجمالية والتاريخية لهذه األبنية‬ ‫والجدران إلعتبارات مادية صرفة‪..‬وهو‬ ‫مانراه واضحًا في قلب المدينة القديمة‪.‬‬ ‫غياب الهوية المعمارية لألبنية‬ ‫الحديثة وهو مايضفي على المدينة‬ ‫مالمحها المميزة وينعكس بدوره على‬ ‫المارة والسكان وشعورهم باإلنتماء‪.‬‬ ‫وهذا يندرج على معظم األبنية الحديثة‬ ‫والتي تمثل مركز المدينة الحديث‬ ‫والتي يعود تاريخها إلى الثالثين سنة‬ ‫الماضية‪.‬‬ ‫القصور في تحقيق االحتياجات‬ ‫والمتطلبات داخل الوحدات السكنية‬ ‫واإلرتفاع المذهل ألسعارها‪ ،‬دفع السكان‬ ‫إلى إجراء تعديالت في فراغات المباني‬ ‫أو الواجهات كإغالق البلكون بمواد غير‬ ‫مدروسة كاأللمنيوم أو التعدي إلستخدام‬ ‫المواد المعمارية كالبلوك وهذا يؤدي‬ ‫بالتأكيد إلى تشويه وحدة الطابع‬ ‫المعماري للبناء أوال و للمدينة ثانياً‪،‬‬ ‫وهذا منتشر في جميع أنحاء مدننا‪.‬‬ ‫واليخفى على القارئ ماتعاني منه‬ ‫المدن السكنية الحديثة والتي إمتدت إلى‬ ‫أطراف المدينة والتي تفتقر إلى الحد‬ ‫األدنى من المعايير المعمارية المعتمدة‬ ‫للسكن أوال وللناحية الجمالية ثانيا حيث‬ ‫يظهر هذا جليًا في األبنية والمرافق‬ ‫على حد سواء‪.‬‬ ‫واليقتصر التلوث البصري على‬ ‫األبنية‪ ..‬فهو واضح وجلي في االطرقات‬ ‫وماتحتويه من عناصر إنارة غير متحدة‬ ‫المظهر وغير متناسبة في اإلرتفاع مع‬ ‫أبعاد الطرقات والمكسرة والمشوهة‪،‬‬ ‫وكذلك األرصفة غير المستوية أو‬ ‫شديدة اإلرتفاع غير المتناظرة والمرقعة‬ ‫بنقوشات متنافرة‪ ،‬ناهيك عن حاويات‬ ‫القمامة ومواقف الباصات التي تعرضت‬

‫‪19‬‬


‫عندما ال يبقى لل�سوريني غري ا�سم «اهلل»!‬ ‫نبراس شحيد‬

‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 22 | )18‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫يق��ارب المق��ال ه��ذا‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫موضوع��ه الهوتي�� ًا أو ديني�� ًا‪ ،‬بل‬ ‫أ ْلسُ��نياً وفلسفياً متجنباً الخوض‬ ‫في المعتقدات اإليمانية‪ .‬بمعنىً‬ ‫آخ��ر‪ ،‬ال يعال��ج ه��ذا المق��ال‬ ‫موضوعًا يخصّ «الذات اإللهية»‪،‬‬ ‫بل يتساءل باألحرى عن مدلوالت‬ ‫كلمة «اهلل» في واقعنا الس��وري‬ ‫الراهن‪.‬‬ ‫ال يختل��ف اثن��ان الي��وم على‬ ‫المكان��ة المتعاظمة التي تأخذها‬ ‫كلم��ة «اهلل» في فضاء ش��عارات‬ ‫الث��ورة‪ .‬فم��ن عم��ق وح��دة من‬ ‫تُرك��وا لمواجه��ة قدره��م‪ ،‬أو‬ ‫باألحرى لمواجهة بعضهم بعضاً‪،‬‬ ‫يتضرع الس��وريون‪ ،‬حتى بعض‬ ‫العلمانيي��ن منه��م‪ ،‬كم��ا يق��ول‬ ‫الناش��طون‪ ،‬إل��ى «اهلل» راجي��ن‬ ‫معونته‪« :‬ي��ا اهلل ليس لنا إالك!»‬ ‫لكن‪ ،‬كما أننا قد نتفق اليوم على‬ ‫أهمي��ة اس��م «اهلل» ف��ي الثورة‬ ‫السورية‪ ،‬فإننا سنختلف حتماً في‬ ‫دالالته‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يشكل هذا االختالف ضرور ًة‬ ‫إنس��انية‪ ،‬فكلم��ة «اهلل» تحيلن��ا‬ ‫تاريخي��ًا عل��ى الفرق��ة أكثر منها‬ ‫على الوفاق‪ ،‬فحول معنى الكلمة‬ ‫ه��ذه‪ ،‬نُس��جت حق��بٌ تاريخية‪،‬‬ ‫اختلف��ت ف��ي درجات س��موّها أو‬ ‫ً‬ ‫دافع��ة بالبعض إلى‬ ‫انحطاطه��ا‪،‬‬ ‫قت��ل اآلخرين أو إلى الموت دفاع ًا‬ ‫ع��ن إح��دى دالالت ه��ذا االس��م‪.‬‬ ‫معنى ذلك أن كلم��ة «اهلل»‪ ،‬وإن‬ ‫توحّدت في صورتها اللغوية التي‬ ‫نس��تعملها جميع��اً‪ ،‬الي��وم وهنا‪،‬‬ ‫فإنها بالضرورة تعددية من حيث‬ ‫الدالل��ة الديني��ة واإليديولوجي��ة‬ ‫واالجتماعي��ة والنفس��ية‪ .‬تنب��ع‬ ‫الض��رورة ه��ذه أو ً‬ ‫ال م��ن اختالف‬ ‫مرجعياتن��ا كم��ا ذك��رت‪ ،‬أي م��ن‬ ‫اسباب ذاتيةٍ صرفة‪ .‬لكن ضرورة‬ ‫ٍ‬ ‫التعددي��ة ه��ذه تتأت��ى أيضاً من‬ ‫«طبيع��ة» الموضوع المُس��مّى‪،‬‬ ‫«اهلل»‪ ،‬ألنه قد يشير إلى «ذاتٍ»‬ ‫تتجاوزنا‪ ،‬أو إلى ضرورةٍ نفس��ية‬ ‫أو ثقافية تاريخية معيّنة تتعدى‬ ‫بالض��رورة بس��اطة اللحظ��ة‬ ‫الحاضرة‪ .‬وهكذا‪ ،‬يُفلت منا كيان‬ ‫الموضوع المراد تسميته‪« ،‬اهلل»‪،‬‬ ‫وإن امتلكن��ا حروف��ه (أل��ف‪-‬الم‪-‬‬ ‫الم‪-‬ه��اء)‪ ،‬ليصي��ر االس��م هذا‪،‬‬ ‫وأكث��ر م��ن أي اس��م آخ��ر‪ ،‬جرح ًا‬ ‫ٍ‬ ‫في جس��د اللغ��ة ين��زف عجزَها‬

‫شهداء‬ ‫سورية‬

‫في مقارب��ة موضوعه��ا الهارب‪.‬‬ ‫وهن��ا‪ ،‬يصير ال��كالم على «اهلل»‬ ‫بالضرورة كالماً يش��ير أيض ًا إلى‬ ‫ما هو ليس بـ «اهلل»‪ ،‬على اعتبار‬ ‫اللغة عاجز ًة أم��ام آفاق مدلوالت‬ ‫ما يُراد تس��ميته‪ .‬وهكذا‪ ،‬يدفعنا‬ ‫التفكير في اسم «اهلل» إلى تجاوز‬ ‫مطلقي��ة المرجعي��ة التي تس��ود‬ ‫الخط��اب الديني التقليدي (وأيض ًا‬ ‫الخط��اب اإللح��ادي التقلي��دي)‪،‬‬ ‫ليصبح االس��م ً‬ ‫حالة من التساؤل‬ ‫أكث��ر منه ً‬ ‫حالة م��ن التوكيد‪ .‬من‬ ‫يُفرغ اس��م «اهلل»‬ ‫هذا المنظور‪ِ ،‬‬ ‫ذات��ه دائمًا ألنه يفلت من س��جن‬ ‫الدالل��ة األحادية‪ ،‬فيصير االس��م‬ ‫س��بيل يتجلى ويتخفى في‬ ‫عابرَ‬ ‫ٍ‬ ‫لعبة غرب��ة اللغة الت��ي تصنعُنا‬ ‫ً‬ ‫متكلمة‪.‬‬ ‫كائناتٍ‬ ‫م��ن قل��ب غربة اللغ��ة هذه‪،‬‬ ‫يصوغ السوريون اليوم صرختهم‬ ‫إل��ى «اهلل» الذي «ل��م يبقَ لهم‬ ‫س��واه» كم��ا يقول��ون‪ ،‬ليقول��وا‬ ‫شيئاً عن غربة وطنهم‪ .‬من عمق‬ ‫القمع والمعانـاة‪ ،‬يلتـجئ مسـلمٌ‬ ‫ومس��ــيحيٌّ وعلمان��يٌّ إلى هذا‬ ‫ّ‬ ‫ليب��ث‬ ‫االس��م الغام��ض‪« ،‬اهلل»‪،‬‬ ‫فيه صرخة ألمه في البلد الكسير؛‬ ‫ويهت��ف متظاه��رٌ «ال أدريٌّ» أو‬ ‫«ملح��دٌ» إل��ى «اهلل»‪ ،‬ليصي��ر‬ ‫ً‬ ‫دالل��ة لالمعقولـيةِ‬ ‫االس��م ه��ذا‬ ‫واقعن��ا الذي تفشّ��ى فيه الموت!‬ ‫هك��ذا‪ ،‬وعلى الرغ��م من اختالف‬ ‫دالالت االس��م الهارب‪ ،‬يس��تطيع‬ ‫كثي��رٌ م��ن الس��ـوريين اليوم أن‬ ‫يتفق��وا‪ ،‬أق ّله��ا‪ ،‬عل��ى إحداه��ا‪،‬‬ ‫وه��ي ألمنا الممت��زج بالتوق إلى‬ ‫الخ�لاص! به��ذا المعـن��ى‪ ،‬يمكن‬ ‫اس��م «اهلل» أن يك��ون جامع�� ًا‬ ‫ُ‬ ‫غربة اإلنـسان‬ ‫عندما تصـير فيه‬ ‫َ‬ ‫وط��ن تتجلى في‬ ‫غربة‬ ‫المتأل��م‬ ‫ٍ‬ ‫حكاياتن��ا المؤلم��ة‪ ،‬م��ن دون أن‬ ‫تلغي تعددية الدالالت‪ ،‬كما تجلت‬ ‫مؤخّراً في جسد الرضيعة عفاف‬ ‫السراقبي‪ ،‬لتصوغ مجدداً ذاكرتنا‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫بمعن��ىً آخ��ر‪ ،‬يمك��ن كلمة‬ ‫«اهلل» في الواقع الس��وري اليوم‬ ‫أن تعيد صياغة ش��ي ٍء من مالمح‬ ‫وطن جديدٍ نحلم به‪ ،‬كما يمكنها‬ ‫ٍ‬ ‫أن تجه��ض الحلمَ عندما تُختزل‬ ‫إلى وحدانية الدالل��ة‪ .‬يحدث هذا‬ ‫عندما يصير «اهلل» اسم ًا يحتمي‬ ‫خلف��ه بع��ض أبن��اء «األقليات»‪،‬‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)6456‬‬ ‫دمشق‪140 :‬‬ ‫ريف دمشق‪531 :‬‬ ‫حمص‪2218 :‬‬ ‫حلب‪127 :‬‬ ‫حماه‪933 :‬‬ ‫الالذقية‪292 :‬‬

‫لتُس��جَن داللة االسم في رهاب‬ ‫«االس�لاميين»‪ ،‬فيتفشّ��ى فين��ا‬ ‫منطق الجمود المتّبع للدفاع عن‬ ‫عبوديّة الحال��ة الراهنة‪ .‬وكذلك‬ ‫يصي��ر اس��م «اهلل» خط��راً على‬ ‫الوط��ن حي��ن تتجمّ��د دالالت��ه‪،‬‬ ‫بحس��ب منط��ق بع��ض أبن��اء‬ ‫«األكثرية»‪ ،‬في مضمونٍ واحدٍ‪،‬‬ ‫يُق��دَّم في��ه الصراع في س��وريا‬ ‫بش��كل مبسّ��ط على أن��ه مجرد‬ ‫ٍ‬ ‫صراع دين��يٍّ بين طائفةٍ حاكمة‬ ‫ٍ‬ ‫وغالبيةٍ محكومة‪ .‬وهنا‪ ،‬يعود بنا‬ ‫اسم «اهلل» إلى التفرقة أكثر منه‬ ‫إلى الجمع الذي يحترم االختالف‪،‬‬ ‫ف��ي الوق��ت ال��ذي تُج ِب��ر في��ه‬ ‫ُ‬ ‫«طبيع��ة» ه��ذا االس��م الخطابَ‬ ‫الدين��ي‪ ،‬أيَا يك��ن‪ ،‬على االعتراف‬ ‫ُ‬ ‫فشل اللغة نجاحًا‬ ‫بعجزه‪ ،‬لينقلب‬ ‫طرطوس‪150 :‬‬ ‫درعا‪788 :‬‬ ‫دير الزور‪244 :‬‬ ‫الحسكة‪60 :‬‬ ‫القنيطرة‪8 :‬‬ ‫الرقة‪29 :‬‬ ‫ادلب‪828 :‬‬ ‫السويداء‪36 :‬‬

‫َ‬ ‫ترجمة‬ ‫حين يُترك لالسم الهارب‬ ‫غربتنا الجماعيّ��ة‪ .‬بهذا المعنى‪،‬‬ ‫ال بد من تحرير داللة اسم «اهلل»‬ ‫م��ن س��طوة المش��ايخ والكهّان‬ ‫ً‬ ‫خيم��ة‬ ‫ليصي��ر االس��م المبه��م‬ ‫يتوحّ��د فيها جرح م��ن يُذبحون‪،‬‬ ‫م��ن حي��ث ي��درون أو ال ي��درون‪،‬‬ ‫بصمتٍ جنائزيّ‪.‬‬ ‫هكذا يصير اس��م «اهلل» في‬ ‫صراخ الس��وريين وحدة هَمٍّ في‬ ‫زمن يعشّ��ش فيه الم��وت حتى‬ ‫بين ش��قوق الجدران التي تقطر‬ ‫ً‬ ‫رغب��ة في القتل؛ زم��نٌ لم يبقَ‬ ‫فيه لإلنس��ان من ملج��أٍ إال غربة‬ ‫االس��م اله��ارب‪« ،‬اهلل»‪ ،‬وآفاق��ه‬ ‫التي ُّ‬ ‫تبث رجا ًء‪.‬‬ ‫راهب يسوعي من سوريا‬ ‫‪ 1278‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 5177‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 161‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 5870‬عدد الذكور‬ ‫‪ 82‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 343‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 1 / 21‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.