Souriatna Issue 19

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2012/ 1/ 29 | )19‬‬

‫االفتتاحية‬

‫‪...........................‬‬

‫أخبارنا ‪3-2 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫أوجاع وطن ‪3 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الملف ‪5 - 4 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫المصالحة الوطنية والعدالة االنتقالية‬ ‫كلمة في الثورة ‪6 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫من الربيع العربي ‪7 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫نبض الروح ‪8 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫دندنات إندساسية ‪9 . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الصفحة القانونية ‪10 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫يا نحن ‪11 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مدننا الثائرة ‪12 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫من أعمدة الصحافة ‪13 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫وجوه من وطني ‪14 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫حبر ناشف ‪17 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫قراءة في كتاب ‪18 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫حكايا الثورة‪19 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫عندما تبدأ الكلمات عمن س��الت دمائهم ندىً لزهور‬ ‫األرض‪ ،‬س��يكون لرس��م حروفها وقع مختلف تماماً عن أي‬ ‫حديث أخر‪ ..‬فليس ثمة بياض ممطر أكثر‪..‬‬ ‫حدثني والد أحد الش��هداء‪ :‬عندما استش��هد ابني‪ ،‬لم‬ ‫ترحل الحياة من قلبي فقط‪ ،‬بل من كل مكان كانت ترتاده‬ ‫قدم��اه‪ ،‬لم يعد للفرح مكان على ش��فاه كل من عرفه‪ ،‬كان‬ ‫يزرع األمل والتفاؤل في زوايا البيت وجدرانه قبل س��كانه‪..‬‬ ‫كان طيب��اً‪ ،‬جمي ً‬ ‫ال‪ ،‬ودوداً‪ ..‬كنا نبحث عن مكان في س��نبلة‬ ‫روحه لنغفر به زالتنا‪..‬‬ ‫أخبرته أن الش��هيد يعود عند الفجر‪ ..‬يوقع في س��جل‬ ‫األوفياء‪ ،‬يرمم أحزاننا‪ ..‬يقودن��ا إلى اللحن الناعس‪ ..‬بعيداً‬ ‫ع��ن كل ضجيج‪ ..‬قبلة هنا‪ ..‬وقبل��ة هناك‪ ..‬فالنفس معطر‬ ‫بلون الورود‪..‬‬ ‫نح��ن المحاص��رون وهم أحرار‪ ،‬نح��ن مصلوبون وهم‬ ‫يلثمون آالم وجوهنا المتعبة‪..‬‬ ‫ أتراهم يغفرون لنا؟؟ هل يليق بنا الفرح بعد اآلن؟؟‬‫ هو شعاع الفرح الدافئ‪ ،‬هو من كلل أرواحنا بالكرامة‪،‬‬‫كرامة باتت ألوانها بلون يعينيه‪ ..‬أينع التحدي في عروقنا‪..‬‬ ‫لملم جراحنا‪ ..‬وضع البهاء في وجوهنا‪ ..‬ومضى‪..‬‬ ‫نع��م قد غفر لن��ا‪ ..‬نور عينيه يغس��ل كل ذنوبنا‪ ..‬نرى‬

‫الحب‪ ..‬نرى شعاع األمل‪ ..‬غزل لنا حرير جميل‪ ..‬نلف به كل‬ ‫حبة من تراب وطننا‪..‬‬ ‫نقرأ وصيته‪..‬‬ ‫ اثبت��وا على درب الكرامة‪ ..‬حافظ��وا على عهدي‪ ..‬ال‬‫تأبه��وا بم��ن خذلكم‪ ..‬ال تتركوا س��وريتنا‪ ..‬فه��ي أمانة‪..‬‬ ‫ابذل��وا ما اس��تطعتم‪ ..‬كون��وا كما عهدتكم‪ ....‬وس��أكون‬ ‫معكم‪ ..‬فلتعلموا أن بعدنا ليس إال مسافة األوطان‪..‬‬ ‫أما قاتلي‪ ...‬ماذا س��تقول ف��ي حكايات أطفالك‪ ..‬بماذا‬ ‫ستحدثهم وطن اغتصبته؟؟‪ ..‬جعلت مقاعد دراستنا قبوراً‪..‬‬ ‫لم تشفع صرخات أمهاتنا ودموعها‪..‬‬ ‫فلترح��ل‪ ..‬فلترحل ألن حتى ترابنا لن يقبل قبرك‪ ..‬فال‬ ‫سبيل لك هنا‪ ..‬لم يعد لك في دمنا من نصيب‪..‬‬ ‫ أقول لوالد الشهيد‪ ..‬هو هناك‪ ..‬ممتطياً غيمة عشقه‪،‬‬‫طاهراً‪ ،‬جلي ً‬ ‫ال‪ ،‬مضيء في سمائنا‪ ..‬إنه عبقنا البهيُّ‪..‬‬ ‫رفيف الغيم‪ ..‬يتلوى ليصل‪ ..‬ينير زيتون البالد‪..‬‬ ‫دافئ موتهُ فينا‪..‬‬ ‫يموتُ كالسحابْ‪.‬‬ ‫السحاب مطرْ‪.‬‬ ‫موتُ‬ ‫ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫سوريتنا‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫عن الشهيد وعنا‬

‫‪1‬‬

‫عن الشهيد وعنا‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫في هذا العدد‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬


‫بيان "منظمة �سوريون م�سيحيون من اجل الدميقراطية"‬ ‫بخ�صو�ص ا�ست�شهاد الأب با�سيليو�س‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫ُ‬ ‫قِيَامَة وَا ْلحَيَاةُ‪ .‬مَنْ‬ ‫"أَنَا هُوَ ا ْل‬ ‫آمَنَ ِبي وَ َلوْ مَاتَ َفسَيَحْيَا"‬ ‫إرتكب اليوم النظام السوري جريمة‬ ‫وحشيّة جديدة تضاف إلى قائمة جرائمه‬ ‫السابقة بقتله األب باسيليوس نصّار كاهن‬ ‫كنيسة السيدة في بلدة كفربهم التابعة‬ ‫لمحافظة حماه‪ .‬أن محاوالت بشّاراألسد جرّ‬ ‫البالد إلى فتنة طائفية أصبحت مكشوفة و‬ ‫كان يُحذّر منها الكاهن المرحوم و يعمل‬ ‫بإخالص لخدمة جميع السوريين‪.‬‬ ‫الشهيد االب باسيليوس من بلدة كفربو‬ ‫استشهد في ‪ 25‬كانون الثاني ‪ 2012‬في حي‬ ‫الجراجمة في حماه و هو يحاول انقاذ رجل‬ ‫مصاب حيث تلقى طلق ناري بالرأس‪.‬‬ ‫المرحوم من مواليد ‪ ،1982‬حائزعلى‬ ‫جائزة الالهوت من جامعة البلمند في‬ ‫لبنان وهو كاهن وراهب يتوزّع عمله بين‬ ‫مدينة حماه وبلدته‪ .‬سيصل جثمان الشهيد‬ ‫األب إلى منزل ذويه لوداعه األخير غداً‬ ‫في الساعة العشرة صباحًا‪ ،‬وعند الساعة‬

‫الثانية عشرة ظهراً سينتقل جثمانه الى‬ ‫كنيسة مار الياس للروم االرثوذكس حيث‬ ‫ستقام صالة الجنازة على روحه الطاهرة‬ ‫ويوارى الثرى في مقبرة الكهنة بدير مار‬ ‫جاورجيوس‪.‬‬ ‫النظام يدّعي بأن العصابات المس ّلحة‬ ‫قتلته علمًا أنّه أستُشهد في نفس اليوم‬ ‫نائب رئيس الهالل األحمر السوري عبد‬ ‫الرزاق جبيرو هو يسعف الجرحى وأستشهد‬ ‫الطفل حسن األحمد مع والدته عندما‬ ‫سقطت على منزلهما قذيفة هاون غرب‬ ‫مدينة القصير في محافظة حمص والعشر‪.‬‬ ‫فهل العصابات المس ّلحة هي من تقصف‬ ‫المنازل بالمدفعية؟ و هل يجوز أن تستمرّ‬ ‫السلطات السورية بالكذب على مواطنيها‬ ‫بعد عشرة أشهر و خمسة ا ّالف شهيد و‬ ‫عشرات ال ّالف من المعتقلين؟‬ ‫ّإن منظمة سوريون مسيحيون من‬ ‫أجل الديمقراطية تدين هذه الجريمة‬ ‫البشعة و تأمل من جميع المواطنين‬

‫المسيحيين والمسلمين التمسّك بحقوق‬ ‫أبناء شعبنا السوري البطل وعدم االنجرار‬

‫للنزاع الطائفي الذي يسعى له النظام‪.‬‬ ‫واشنطن‪ 25 ،‬كانون الثاني ‪2012‬‬

‫تقرير جتمع نب�ض حول (�أو�ضاع و ظروف االعتقال يف �سجون‬ ‫املخابرات ال�سورية)… جتارب حية‬

‫تعد المعتقالت السورية من بين‬ ‫أشهر المعتقالت العالمية التي تتمتع‬ ‫بسمعة سيئة الصيت و خاصة خالل فترة‬ ‫حكم البعث و آل األسد للدولة و المجتمع‪.‬‬ ‫فقد عانى المعتقلون و ما يزالوا يعانون‬ ‫من أسوأ أنواع التعذيب و القهر النفسي و‬ ‫الجسدي و الذي يصل في كثير من األحيان‬ ‫إلى إحداث عاهات دائمة و أذيات غير قابلة‬ ‫للعكس‪ .‬و في اآلونة األخيرة و مع انطالق‬ ‫شرارة الثورة السورية في ‪ 15‬آذار و‬ ‫امتدادها و تعاظمها بالمنحى الشاقولي و‬ ‫األفقي تعاظم معها أعداد المعتقلين في‬ ‫أقبية أفرع المخابرات (الجوية – السياسية‬ ‫– العسكرية و أمن الدولة و غيرها من‬ ‫الفرقة الرابعة و الحرس الجمهوري)‪ ،‬كما‬ ‫ازداد صلف التعذيب الذي يعايشه المعتقل‬ ‫السوري في هذه السجون التي ال تخضع‬ ‫ألي رقابة حقوقية أو إنسانية‪.‬‬ ‫و على مدار األشهر العشرة من عمر‬ ‫الثورة السورية تمكن أعضاء من تجمع‬ ‫نبض جمع العديد من الشهادات الحية و‬ ‫اختبار عدة تجارب من االعتقال في هذه‬ ‫السجون و جعلهم ذلك على دراية أكبر‬ ‫بأحوال االعتقال و ظروف المعتقلين في‬ ‫سجون النظام السوري‪ .‬فكان هذا التقرير‬ ‫المبسط المرفق بأمثلة حية نموذجا‬ ‫أوليًا لما يقاسيه معتقلو ثورية الحرية و‬ ‫الكرامة‪.‬‬

‫أحد أشقاء أو شقيقات الناشطين كوسيلة‬ ‫للمقايضة كما حدث مع زينب الحصني و‬ ‫التي خطفت بغية التضييق على أخيها‪.‬‬ ‫كما تمارس هذه الكيانات المدنية‬ ‫المرتبطة باألمن سياسة طائفية ضد‬ ‫الناشطين‪ .‬فمثال وثق أعضاء التجمع عدة‬ ‫حاالت تم فيها طرد مواطنين معارضين من‬ ‫بيوتهم بسبب انتمائهم الطائفي و خاصة‬ ‫في مدينة حمص‬

‫ظروف االعتقال‪:‬‬

‫تتسم طريقة اعتقال الناشطين من‬ ‫قبل أجهزة األمن بالوحشية والهمجية الغير‬ ‫مسبوقة‪ .‬فمن اللحظة األولى التي يتم فيها‬ ‫اعتقال الناشط يبدأ التنكيل به بالضرب‬ ‫و الشتم و التحقير‪ .‬و مشاهد الضرب‬ ‫للناشطين و هم في سيارات األمن توضح‬ ‫ذلك و قد اختبرها عدد من أعضاء التجمع‬ ‫و هذا الضرب يصل إلى حد التشفي أحيانا‬ ‫و قد يسبب أذيات خطرة فأحد الناشطين‬ ‫قد خسر ركبته بسبب الضرب المبرح الذي‬ ‫القاه أثناء اعتقاله‪ .‬كما يعمد عناصر اّألمن‬ ‫إلى إذالل الناشط بممارسة طائفية بغيضة‬ ‫عليه‪ ..‬فالناشط مصطفى عساني من حماة‬ ‫أجبر من قبل عناصر األمن الجوي على قول‬ ‫((أشهد أن ال إله إال بشار و أن ماهر رسول‬ ‫اهلل)) تحت وقع ضربات العصي و السياط و‬ ‫التهديد بالقتل‪.‬‬

‫الت�ضييق على النا�شطني قبل الظروف داخل املعتقل‪:‬‬ ‫االعتقال‪:‬‬ ‫منذ اللحظة األولى لدخول الناشط‬

‫ينتهج النظام السوري بمساعدة‬ ‫فرق و مليشيات و عناصر مدنية تؤيده‬ ‫سياسة تتسم بالعنف و الطائفية تهدف إلى‬ ‫التضييق على الناشطين في مرحلة ما قبل‬ ‫االعتقال‪ .‬فيتم مثال تهديد أسر الناشطين‬ ‫أو سرقة بيوتهم أو حتى مهاجمتهم في‬ ‫األماكن العامة سواء بممارسة عنف لفظي‬ ‫أو جسدي و أحيانا تصل إلى حد خطف‬

‫إلى فرع المخابرات تبدأ رحلة طويلة‬ ‫من العذاب النفسي و الجسدي‪ .‬فعصابة‬ ‫العينين و أصفاد اليدين ال تفارق المعتقل‬ ‫في كل خطوة يخطاها داخل الفرع‪ ،‬و‬ ‫طبعًا الضرب و التحقير يبقى سمة دائمة‬ ‫لممارسات السجانيين داخل الفرع‪ .‬و في‬ ‫إحدى الحاالت المحزنة أدت عصابة العينين‬ ‫إلى فقد أحد المعتقلين لبصره‪ .‬فعبد‬

‫الناصر سيد إسماعيل الشاب العشريني من‬ ‫عربين تعرض للضرب على عينه اليسرى‬ ‫و العصابة فوقها لمدة تزيد عن ثالثة أيام‬ ‫دون أن ترفع مما أدى إلى إحداث ما يدعى‬ ‫((التهاب عنبة أمامي)) كانت نتيجته أن عبد‬ ‫الناصر قد فقد البصر في عينه‬

‫الظروف �أثناء التحقيق‪:‬‬

‫تعد جلسات التحقيق التي يخضع لها‬ ‫المعتقلون من أسوأ أنواع التجارب التي‬ ‫يخبرها السجناء على اإلطالق‪ .‬فالعسف و‬ ‫التجبر الذي يكتنف عملية التحقيق يجعلها‬ ‫بمثابة عذاب ال يدري المعتقل كيفية‬ ‫التخلص منه إال أن يسلم للمحقق إرادته و‬ ‫يعترف له بما يشاء‪ .‬حيث يتم استعمال أدوات‬ ‫تعذيب متنوعة النتزاع االعترافات و التي‬ ‫تكون بأغلبها غير واقعية و غير صحيحة‬ ‫و إنما مجرد مجاراة للضابط المحقق كي‬ ‫يوقف التعذيب‪ .‬من هذه األدوات هناك ما‬ ‫يدعى الدوالب‪ :‬و فيه يتم وضع المعتقل‬ ‫داخل إطار سيارة و ضربه بسيخ معدني أو‬ ‫بالستيكي غليظ على أخمص قدميه مما‬ ‫يؤدي إلى إحداث وذمة كبيرة في القدمين‬ ‫تشل المعتقل أليام و تقعده دون حراك و‬ ‫أحياناً و نتيجة سوء األوضاع الصحية و سوء‬ ‫الطبابة تؤدي إلى إحداث إنتانات جلدية‬ ‫كثيراً ما تمتد و تصل إلى صفاق العضل و‬ ‫قد تؤدي في نهاية المطاف إلى موات في‬ ‫القدم مما يضطر إلى بترها‪ .‬فالصيدلي‬ ‫أحمد عيسى من الميدان عانى من تفزر في‬ ‫أخمص قدميه و إنتان فيهما من جراء ذلك‬ ‫و من األدوات سيئة الصيت المستخدمة‬ ‫أثناء التحقيق هناك ما يدعى ((الشبح)) و‬ ‫هو نوعان‪ :‬أمامي و خلفي‪ .‬و فيه يتم تعليق‬ ‫السجين من معصميه على أنبوب معدني و‬ ‫يرفع عن سطح األرض حتى ال تكاد قدميه‬ ‫تالمسه‪ ،‬و يؤدي هذا النوع من التعذيب إلى‬ ‫أذيات رضية في المعصمين و أذية عصبية‬ ‫تنال من أعصاب اليدين‪ ،‬فالشاب أسامة‬ ‫النجار من الرستن تعرض للشبح لمدة ستة‬

‫أيام متتالية أدت في نهايتها إلى إحداث جرح‬ ‫في المعصمين وصل إلى العظم تقريبا كما‬ ‫أدت إلى إحداث خدران في اليدين سيستمر‬ ‫معه لمدة ستة أشهر إلى سنة‪.‬‬

‫العذاب النف�سي‪:‬‬

‫ال يستطيع السجين في أفرع المخابرات‬ ‫السورية التواصل مع العالم الخارجي على‬ ‫اإلطالق فهو محروم من االتصال مع أهله‬ ‫و محروم حتى من الخروج خارج الزنزانة‬ ‫للحصول على ما يدعى ((التنفس))‪ ،‬و‬ ‫هذا من شأنه أن يفرض على المعتقل‬ ‫ثق ًال نفسيًا جسيمًا قد يدفعه في بعض‬ ‫األحيان إلى التفكير باالنتحار أو القيام‬ ‫به‪ .‬فعبد الرزاق الشيخ علي من الرستن‬ ‫وضع في الزنزانة المنفردة لمدة تتجاوز‬ ‫األربعين يومًا كان يتعرض خاللها لجلسات‬ ‫من التعذيب المتواصل‪ ،‬فكر في كثير‬ ‫من األوقات باالنتحار للتخلص من القهر‬ ‫الداخلي الذي يقاسيه‪ .‬و محمد الطحان من‬ ‫حماة بعد عزله في المنفردة أخذت تنتابه‬ ‫نوبات من االختالج و التشنج و الشرود و‬ ‫الضحك األخرق و التي لم يكن عند عناصر‬ ‫األمن من عالج لها سوى زيادة الضرب و‬ ‫التحقير و مزيداً من تطبيق الكهرباء و‬ ‫عصي الدوالب‪.‬‬

‫نداء �إن�ساين‪:‬‬

‫بناء على ما سبق و على الكثير مما هو‬ ‫معروف و لم يذكر‪ ،‬فإن قضية المعتقلين‬ ‫السوريين تعد قضية حساسة و مصيرية‬ ‫في تاريخ الثورة السورية‪ ،‬و هي مطلب‬ ‫إنساني ملح قبل أن تكون مطلباً سياسياً‪،‬‬ ‫لذا يدعو تجمع نبض جميع الناشطين‬ ‫السوريين لتكثيف الجهود المبذولة بشأن‬ ‫قضية المعتقلين في سبيل نيل حريتهم‬ ‫الصغرى سعيًا نحو الحرية الكبرى في‬ ‫الخالص من االستبداد و االنتقال للدولة‬ ‫المدنية الديمقراطية المنشودة‪.‬‬


‫من رابطة الكتاب ال�سوريني ر�سالة‬ ‫مفتوحة �إىل احتاد كتاب رو�سيا‬

‫املجل�س الوطني ال�سوري للبنانيني‪:‬‬ ‫«لنطوي ال�صفحات ال�سود»‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫دعا المجلس الوطني السوري في رسالة مفتوحة‬ ‫إلى الشعب اللبناني األربعاء إلى "طي الصفحات السود"‬ ‫في العالقات بين البلدين محمال "النظام الدكتاتوري" في‬ ‫سوريا مسؤوليتها‪ ،‬والى عالقات على أساس "السيادة‬ ‫والمساواة" بين الدولتين‪.‬‬ ‫وقال المجلس في الرسالة التي حصلت وكالة‬ ‫فرانس برس على نسخة منها "مع دخول ثورتنا‪ ،‬ثورة‬ ‫الشعب السوري‪ ،‬شهرها الحادي عشر‪ ،‬و"‪ "...‬في غمرة‬ ‫نضالنا إلسقاط نظام بشار األسد وعصابته‪ ،‬وهو هدف‬ ‫يقترب من التحقق‪ ،‬فإن مجلسنا يقدر عاليا وقوف الشعب‬ ‫اللبناني بجانب شقيقه الشعب السوري‪ ،‬ودعمه السياسي‬ ‫واإلنساني واألخالقي للثورة السورية"‪.‬‬ ‫وأضاف أن "بين الشعبين السوري واللبناني قضية‬ ‫مشتركة‪ "..." ،‬وهي فرصة لطي صفحات سود في تاريخ‬ ‫العالقات السورية ‪ -‬اللبنانية‪ ،‬مرد سوادها إلى النظام‬ ‫الديكتاتوري في سوريا الذي مارس أبشع صور الوصاية‬ ‫والنفوذ والتدخل"‪.‬‬ ‫وأكد المجلس في رسالته أن‬ ‫"سورية الحرة المستقلة والديمقراطية‬ ‫تعترف بلبنان وطنا سيدا مستقال"‪،‬‬ ‫و"تريد للعالقات السورية اللبنانية أن‬ ‫تكون بين دولتين مستقلتين سيدتين‬ ‫متساويتين"‪.‬‬ ‫كما دعا إلى "إعادة النظر في‬ ‫االتفاقيات الموقعة بين البلدين" خالل‬ ‫فترة الوجود العسكري السوري في لبنان‬ ‫والنفوذ السياسي السوري الواسع على‬ ‫الحياة السياسية اللبنانية "‪،"2005-1976‬‬ ‫والى "ترسيم الحدود السورية اللبنانية"‪،‬‬ ‫و"ضبط الحدود المشتركة بين البلدين"‪.‬‬ ‫وأيد المجلس "إنهاء الدور األمني‬ ‫المخابراتي‪ ،‬سواء عبر التدخل في‬ ‫الشؤون اللبنانية‪ ،‬أو تهريب السالح لجعل‬

‫لبنان ساحة تتنافى ومبادئ الكيان والدولة والقانون"‪.‬‬ ‫ورغم انسحاب الجيش السوري من لبنان العام ‪2005‬‬ ‫تحت ضغط الشارع والمجتمع الدولي‪ ،‬ال تزال سوريا تتمتع‬ ‫بتأثير كبير على لبنان من خالل حلفائها وأبرزهم حزب اهلل‬ ‫الذين يشكلون األكثرية في الحكومة اللبنانية الحالية‪.‬‬ ‫ورغم قرارات عدة اتخذها البلدان منذ ‪ 2005‬لترسيم‬ ‫الحدود بينهما‪ ،‬لم تتخذ دمشق خطوات جدية لتنفيذ هذا‬ ‫الترسيم‪ .‬وتفيد تقارير غربية ان شحنات من السالح تمر‬ ‫بانتظام عبر الحدود السورية الى حزب اهلل‪ ،‬القوة اللبنانية‬ ‫الوحيدة المسلحة إلى جانب الدولة‪.‬‬ ‫وينقسم اللبنانيون بين مؤيد للنظام السوري‬ ‫ومناهض له‪.‬‬ ‫وقال المجلس الوطني في رسالته انه "يتقدم بهذه‬ ‫المبادئ على مشارف لحظة تاريخية لكل من سورية‬ ‫ولبنان‪ ،‬مشارف سقوط نظام األسد الذي يمثل العقبة‬ ‫الدائمة في طريق بناء العالقات الصحيحة بين الدولتين‬ ‫والشعبين"‪.‬‬

‫التفاصيل موجعة جداً‪ ،‬كما الذاكرة‬ ‫في كل زاوية من زوايا الروح تعشعش رائحة‬ ‫عتيقة‪ ،‬والمدينة كبيرة جدا‪ ،‬مليئة بالزوايا‬ ‫ال الشوارع تحمل الدفء نفسه وال البيوت‬ ‫ال تتشابه األبنية لنجد بيتنا في كل حارة ضيقة‬ ‫وال االبتسامات‬ ‫لي ً‬ ‫ال‪ ،‬تطرق باب خاطرنا قطعة منسية‬ ‫من حنين لم نألفه‬ ‫األلفة مفهوم نسبي ربما‬ ‫قد تكون األلفة البيت الترابي في القرية البعيدة‬ ‫جداً اآلن‬ ‫أو قد تكون انطباعًا لم يرتق ليكون مو ّثقا‪...‬‬ ‫خاطرة ما‪ ..‬غير مؤكدة بعد‬ ‫ربما تُخلق األلفة هنا من العدم‪..‬‬ ‫أو من التفاصيل التي تتشابك وتمتد لتصل إلى‬ ‫دمشق‬ ‫ً‬ ‫ربما األلفة حاليا مفهوم الكتروني بحت مُختَصر‬ ‫بشاشة الكمبيوتر‬ ‫ربما األلفة جملة ّ‬ ‫تذكرتنا نحن الباحثين عن‬ ‫األلفة في غير مكانها‬ ‫أو المبعدين عنها‬ ‫األكيد األكيد‪ ،‬أن هذه التسميات المتعددة ال‬ ‫تتشابه‬ ‫واألكيد األكيد أن ألفة هذا الصباح مختلفة جدا‬ ‫هناك‬ ‫ربما يخضب لونه قليل من األحمر‪ ،‬أو كثير‬ ‫ربما تتسابق فيه أرواح من غادر تلك «األلفة»‬ ‫إلى المغيب‬ ‫وربما‪ ،‬يتلوّن بابتساماتهم وايقاعات حياتهم‪،‬‬ ‫بالخربشات على حيطان غرفهم‬ ‫بكتبهم وأغنياتهم‬ ‫يتلوْن الصباح بانتظارهم البطيء‬ ‫بقصص احبتهم البعيدين‬ ‫ولأللفة أيضا بيت في الروح‬ ‫يحضنهم جميعا‬ ‫ولهم‪...‬‬ ‫ولهم صمت الوقت‬ ‫وعجزه‬ ‫ولهم اول الزمن‬ ‫وآخره‬ ‫ولهم كل ما اكتشف علم النفس عن «األنا»‪..‬‬ ‫ولهم أنا‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫السيد فاليري غانيشييف‪ ،‬رئيس اتحاد كتاب روسيا‬ ‫تحية أدبية‬ ‫ببالغ االستغراب تلقينا وتلقى شعبنا السوري‬ ‫نبأ منح جائزتكم المميزة إلى الرئيس السوري‬ ‫بشار األسد‪ ،‬الطاغية الالإنساني الذي أمر ويأمر‬ ‫جيش نظامه وأجهزة أمنه وعصاباته الالشرعية‬ ‫بقتل شعبه الثائر منذ نحو ‪ 10‬أشهر‪ .‬وهذا كله يذاع‬ ‫وينشر‪ ،‬يوميا‪ ،‬على فضائيات العالم كله‪.‬‬ ‫لقد تسببت أوامر الطاغية الذي منحتموه‬ ‫جائزتكم بسقوط نحو ‪ 6500‬قتيل‪ ،‬بينهم نحو ‪450‬‬ ‫طفال و‪ 300‬امرأة‪ ،‬ومنهم مئات قتلوا تحت التعذيب‪،‬‬ ‫وما يقدر بعشرات آالف المعتقلين والمطاردين‬ ‫الهاربين من القمع والالجئين في البلدان المجاورة‪،‬‬ ‫فضال عن آالف المفقودين‪.‬‬ ‫ولقد أصدرت هيئات عالمية مستقلة‪ ،‬كمنظمة‬ ‫العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش ولجنة حقوق‬ ‫اإلنسان التابعة لألمم المتحدة‪ ،‬تقارير موثقة‪،‬‬ ‫تثبت بما ال يدع مجاال للشك أن النظام مسؤول عن‬ ‫ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد اإلنسانية بحق‬ ‫الشعب السوري‪.‬‬ ‫إن في منح اتحادكم جائزة لهذا القاتل‬ ‫المنحرف امتهانا فظيعا لمسؤولية المثقف األخالقية‬ ‫والسياسية‪ ،‬وفيه إهانة بليغة لشعبنا الذي يثور من‬

‫أجل كرامته‪ ،‬بل وللثقافة الروسية والشعب الروسي‪.‬‬ ‫وإننا لنشعر بالصدمة أن اتحاد كتاب روسيا العظيمة‪،‬‬ ‫أمة بوشكين وغوغول وليرمونتوف ودستويفكسي‬ ‫وتورغنيف وتولستوي وتشيخوف وماياكوفسكي‬ ‫وغوركي‪ ،‬يكافئ سفاحا قاتال لشعبه‪ ،‬وال نستطيع‬ ‫تبين دوافعكم لفعل ذلك‪ .‬حتى اتحاد الكتاب التابع‬ ‫للنظام السوري لم يفعل شيئا كهذا‪ .‬وإننا لنتساءل‬ ‫عما إذا كانت غالبية الكتاب الـ‪ 750‬ألفا المنضوين في‬ ‫اتحادكم قد وافقت على هذه البادرة غير المشرفة‪:‬‬ ‫مكافأة حاكم دموي‪ ،‬يقوم يوميا بعمليات إبادة ضد‬ ‫شعبه‪ ،‬ولم يتورع عن قتل مئات األطفال والنساء‬ ‫واعتقال الشعراء والكتاب والصحفيين والفنانين!‬ ‫لقد أسفنا كثيرا للهجة المعادية لشعبنا التي‬ ‫حملتها مسوغاتكم لمنح الجائزة لهذا القاتل‪ ،‬والتي‬ ‫تعتبر ثورة شعبنا المطالب بالديمقراطية بمثابة‬ ‫المؤامرة‪ .‬فحتى القيادة السياسية الروسية التي تمد‬ ‫نظامنا السفاح بأسلحة تقتل شعبنا لم تبلغ هذا‬ ‫المبلغ في تأييده‪.‬‬ ‫إننا نكتب إليكم باحترام راجين إعادة النظر‬ ‫بقراركم الغريب هذا الذي يورط الشعراء والكتاب‬ ‫والمفكرين الروس بالموافقة على القتل واإلرهاب‬ ‫والجرائم الوحشية‪ .‬وإنه ليحدونا األمل بأن تسحبوا‬ ‫الجائزة من القاتل‪ ،‬ونتطلع إلى تضامنكم مع شعبنا‬ ‫الثائر في محنته‪.‬‬

‫نينار حسن‬

‫أوجاع وطن ‪. .‬‬

‫(ب�صدد جائزته املمنوحة �إىل ب�شار الأ�سد)‬

‫وطن أيضاً‪...‬‬

‫‪3‬‬


‫امل�صاحلة الوطنية والعدالة االنتقالية‬ ‫ياسر مرزوق ‪ -‬ليلى السمان‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫"كيف نحول األخطاء‬ ‫البشرية عد ًال بشرياً؟" كتابة‬ ‫خطت على حائط منزل رئيس‬ ‫أساقفة جنوب أفريقيا "ويزموند‬ ‫توتو" في مدينة "كيب تاون"‪.‬‬ ‫تقف س��وريا اليوم على حافة‬ ‫الهاوي��ة متوازن��ة بفع��ل ق��وىً‬ ‫تتص��ارع داخلي��ًا وإقليمي��ًا ودوليًا‬ ‫ويأت��ي توازن الهاوي��ة داخلياً بين‬ ‫سلطة مطلقة العنف تواجه شارعًا‬ ‫مص��راً عل��ى ثورت��ه واس��تعداده‬ ‫للمض��ي حت��ى النهاي��ة ولكن مع‬ ‫عج��ز أي منهم��ا عل��ى الحس��م‬ ‫لصالحه‪ .‬ومع تصاع��د الثورة من‬ ‫جه��ة وقمع النظام من جهة أخرى‬ ‫ومع انتشار رائحة الدم في عموم‬ ‫سوريا يبدو الحديث عن المصالحة‬ ‫الوطنية وفكرة العدالة االجتماعية‬ ‫ترف��ُا فكريًا ليس مكان��ه اآلن‪ .‬إال‬ ‫أنه وم��ع إيمانن��ا باقتراب س��اعة‬ ‫الصف��ر وكم��ا ذكرن��ا س��ابقًا بأن‬ ‫س��اعة الصفر أثر كاشف لسقوط‬ ‫النظام وليس منش��ئًا ل��ه‪ ،‬تنتقل‬ ‫فك��رة المصالح��ة الوطني��ة م��ن‬ ‫خانة الكماليات إل��ى الضروريات‪،‬‬ ‫ال بل ه��ي الضرورة القصوى في‬ ‫حالتنا الراهنة‪ ،‬وق��رار المصالحة‬ ‫الوطني��ة وإن كان حاج��ة ملحة إال‬ ‫أن��ه يبدو بمنته��ى الصعوبة على‬ ‫من دفع دمًا ودمعًا في هذه الثورة‬ ‫المجيدة‪ .‬وهنا نذكر ما قاله الكاتب‬ ‫الفرنس��ي لوران غوديه‪" :‬محاولة‬ ‫إدراك م��اذا يعن��ي أن يكون المرء‬ ‫إنساناً لمسألة شاقة حقاً"‪.‬‬ ‫انطلقت الثورة السورية بدافع‬ ‫اله��م الع��ام واله��م الوطني ومع‬ ‫س��اعة الحسم ال بد أن يبقى الهم‬ ‫الوطني أولى أولوياتنا خارج دائرة‬

‫الغرائز والحقد والثأر الشخصي‪.‬‬ ‫وعن رباعيات جاهين ننقل‪:‬‬ ‫الس��م لو كان في الدوا منين يضر؟‬ ‫والموت لو عدونا منين يسر؟‬ ‫حط القلم في الحبر واكتب كمان‬ ‫والعبد للشهوات منين هو حر؟‬ ‫عجبي!!!‬ ‫إن المواط��ن الس��وري اليوم‬ ‫ليس مطالب��اً فقط بالن��زول إلى‬ ‫الش��ارع لرفع ش��عار التغيير الذي‬ ‫يمثل��ه وال إل��ى أق�لام االقت��راع‬ ‫الختيار الحزب أو التيار األقرب إلى‬ ‫قناعته بل هو محتاج إلى أن يتعلم‬ ‫آليات ممارسة الديمقراطية والتي‬ ‫يبق��ى قبول واحت��رام اآلخر تحت‬ ‫سقف القانون أهم عناوينها‪.‬‬ ‫إن إس��قاط النظ��ام س��لميًا‬ ‫والش��روع ف��وراً بمصالحة وطنية‬ ‫ه��و الح��ل الس��حري لألزم��ة في‬ ‫س��وريا فيجب أن نتذكر أن الحرب‬ ‫ومهما تعالى صوتها ليس��ت سوى‬ ‫تصعيد لوهم لن ينقذ أحداً مثلما‬ ‫كان الخلود البعثي وكانت األبدية‬ ‫الرئاسية قناعين للجرائم وللقتل‬ ‫والعنت والتعذيب‪.‬‬ ‫وقب��ل الش��روع ف��ي ش��رح‬ ‫أبجدي��ات المصالح��ة الوطني��ة‬ ‫وفك��رة العدال��ة االجتماعية تقنيًا‬ ‫ال ب��د م��ن أن نب��رأ المصالحة من‬ ‫سوء الفهم الذي تتعرض له فهي‬ ‫ال تس��تهدف العفو ع��ن المذنبين‬ ‫والمتهمي��ن بالجرائ��م الخطي��رة‬ ‫بح��ق الش��عوب فالمطل��ب األول‬ ‫ألي مصالح��ة ه��و تقدي��م كافة‬ ‫المتهمي��ن إل��ى القض��اء وإج��راء‬ ‫محاكم��ات عادلة ليق��ول القانون‬ ‫والقانون وحده كلمت��ه فيهم‪ .‬أما‬ ‫المطل��ب الثاني فه��و التعامل مع‬

‫موال��ي النظام الذي��ن لم يرتكبوا‬ ‫ذنباً يذكر بإنس��انية لكي يتمتعوا‬ ‫بحقوقه��م الكامل��ة كأي مواطن‬ ‫آخر‪.‬‬ ‫ب��رزت المصالح��ة الوطني��ة‬ ‫كمفهوم مرك��زي مع الربع األخير‬ ‫من القرن العش��رين حين تمكنت‬ ‫كوكبة من الدول تحقيق االنتقال‬ ‫الديمقراط��ي على صعي��د الدولة‬ ‫والمجتم��ع‪ ،‬فبتقدي��ر صاموي��ل‬ ‫هانتغتون ش��ملت الموجة الثالثة‬ ‫م��ن االنتق��ال إل��ى الديمقراطية‬ ‫أكثر من أربعي��ن دولة في العالم‬ ‫تحول��ت م��ن وض��ع ش��مولي إلى‬ ‫نظ��م ديمقراطي��ة ما بي��ن ثورة‬ ‫القرنف��ل في البرتغال عام ‪1974‬‬ ‫ومس��تهل العش��رية األخي��رة من‬ ‫الق��رن الماضي‪ ،‬وق��د تعلق األمر‬ ‫ب��دول أمري��كا الالتيني��ة وأقطار‬ ‫المنظوم��ة االش��تراكية س��ابقًا‬ ‫وبعض البلدان االفريقية‪ ،‬وحدها‬ ‫الب�لاد العربية بقي��ت في مجملها‬ ‫خ��ارج هذا الح��راك‪ ،‬فكما افتتحت‬ ‫القرن العشرين بأسئلة االستعمار‬ ‫واإلص�لاح والت��وق إل��ى الحري��ة‬ ‫ودعته باألسئلة نفسها‪.‬‬ ‫ينه��ض مفه��وم المصالح��ة‬ ‫الوطنية على جملة مستلزمات من‬ ‫طبيعة سياسية وثقافية وقيمية‪،‬‬ ‫فمن جهة تتحق��ق المصالحة في‬ ‫وضع سياسي موس��وم باالنفتاح‬ ‫والح��وار والحرية والتس��امح‪ ،‬كما‬ ‫يش��ترط م��ن جه��ة ثاني��ة ثقافة‬ ‫تن��زل االعتراف باألخط��اء والبوح‬ ‫باالنته��اكات منزل��ة الص��دارة‬ ‫في التفكي��ر في آلي��ة المصالحة‬ ‫وتقتضي في مس��توى ثالث نسقًا‬ ‫قيمي��اً ناظماً للدولة والمجتمع من‬ ‫س��ماته الوفاء بااللتزامات‪ ،‬وربط‬ ‫الق��ول بالفع��ل وتجن��ب تك��رار‬

‫األخطاء والممارسات‪ ،‬والسعي إلى‬ ‫جع��ل الدولة بيتًا للجميع دون حق‬ ‫األف��راد والجماعات ف��ي االختالف‬ ‫أو تأجي��ج الصراعات لتعميق واقع‬ ‫الفتنة وتعريض الدولة والمجتمع‬ ‫للضع��ف والتف��كك‪ ،‬لذل��ك تع��د‬ ‫المصالحة الوطنية درجة س��امية‬ ‫في نضج المجتمع واكتمال رش��د‬ ‫الدولة وتطور الثقافة السياس��ية‬ ‫واستقامة ممارستها‪ ،‬إن المصالحة‬ ‫الوطنية تب��دأ بالن��اس والمجتمع‬ ‫عبر مؤتمرات في كل مدينة وعبر‬ ‫اإلعالم والمراكز الدينية‪ ،‬تعد لها‬ ‫برامج من قبل أهل الفكر والرأي‬ ‫وأه��ل الخطاب الدين��ي‪ ،‬يؤثر عن‬ ‫علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‬ ‫قوله "أولى الناس بالعفو أقدرهم‬ ‫عل��ى العف��و"‪ ،‬وقال��ت الع��رب "ال‬ ‫سؤدد مع انتقام"‪.‬‬ ‫المصالحة الوطني��ة والعدالة‬ ‫االنتقالي��ة س��نوان ال ينفص�لان‪،‬‬ ‫فالمصالح��ة كإرادة جماهيري��ة‬ ‫أخالقية ال بد لها والحالة هذه من‬ ‫تقني��ات واضحة إلنجازها اصطلح‬ ‫على تسميتها بالعدالة االنتقالية‪،‬‬ ‫وهن��ا ال ب��د م��ن التوضي��ح ب��أن‬ ‫العدال��ة االنتقالي��ة تختل��ف ع��ن‬ ‫العدالة التقليدية في كونها تعنى‬ ‫بالفت��رات االنتقالي��ة كاالنتق��ال‬ ‫م��ن حالة نزاع داخلي مس��لح إلى‬ ‫حالة الس��لم أو االنتقال من حكم‬ ‫سياسي تسلطي إلى حالة الحكم‬ ‫الديمقراط��ي‪ ،‬كل ه��ذه المراحل‬ ‫تواكبها في العادة بعض االجراءات‬ ‫االصالحية الضرورية وسعي لجبر‬ ‫األضرار لضحايا االنتهاكات‪ ،‬أي أن‬ ‫مفه��وم العدال��ة االنتقالية يعني‬ ‫االس��تجابة لالنتهاكات الممنهجة‬ ‫أو الواس��عة النط��اق لحق��وق‬ ‫اإلنس��ان بهدف تحقي��ق االعتراف‬ ‫الواج��ب بم��ا كاب��ده الضحايا من‬ ‫انتهاكات وتعزيز إمكانيات تحقيق‬ ‫الس�لام والديمقراطي��ة‪ ،‬أي أنه��ا‬ ‫تكيي��ف للعدالة عل��ى النحو الذي‬ ‫يالئ��م مجتمعات تخ��وض مرحلة‬ ‫من التحوالت في أعقاب حقبة من‬ ‫تفش��ي انتهاكات حقوق اإلنسان‬ ‫س��واء حدثت ه��ذه التحوالت فجأة‬ ‫أو على مدى عقود طويلة‪ ،‬بعبارة‬ ‫أخ��رى يرب��ط مفه��وم العدال��ة‬ ‫االنتقالي��ة بي��ن مفهومي��ن هم��ا‬ ‫العدال��ة واالنتق��ال بحي��ث يعني‬ ‫تحقي��ق العدال��ة أثن��اء مرحل��ة‬ ‫التح��والت التي تمر به��ا دولة من‬ ‫الدول‪ .‬وف��ي الدائرة العربية تبرز‬ ‫تجربة المغرب ف��ي مجال العدالة‬ ‫االنتقالية من خالل هيئة اإلنصاف‬ ‫والمصالحة كمثال يستحق التقدير‬ ‫ال س��يما أن هذه التجربة ارتبطت‬ ‫بش��كل أساس��ي بتوف��ر إرادة‬ ‫سياسية شكلت أرضية لإلصالحات‬ ‫الت��ي انخ��رط فيه��ا المغ��رب منذ‬ ‫تس��عينيات القرن الماضي‪ ،‬ويبدو‬


‫تميز التجرب��ة المغربية من خالل‬ ‫عنصر المش��روعية وه��و ما أثبت‬ ‫إمكانية تحقيق العدالة االنتقالية‬ ‫من داخل السلطة‪.‬‬

‫�آليات حتقيق العدالة‬ ‫االنتقالية‬

‫• جلان التحقيق‬

‫وه��ي هيئ��ات غي��ر قضائية‬ ‫تجري تحقيقات بشأن االنتهاكات‬ ‫الت��ي وقع��ت وإص��دار تقاري��ر‬ ‫وتوصي��ات بش��أن س��بل معالجة‬ ‫االنته��اكات والتروي��ج للمصالحة‬ ‫وتعوي��ض الضحاي��ا وإحي��اء‬ ‫ذكراهم وتقدي��م مقترحات لمنع‬ ‫تكرار االنتهاكات مستقب ً‬ ‫ال‬

‫وهي مبادرات تدعمها الدولة‬ ‫وتس��هم في جبر األضرار المادية‬ ‫والمعنوية المترتبة على انتهاكات‬ ‫الماضي وتقوم عادة بتوزيع خليط‬ ‫من التعويضات المادية والمعنوية‬ ‫عل��ى الضحاي��ا وقد تش��مل أيضًا‬ ‫االعتذارات الرسمية‪.‬‬

‫• الإ�صالح امل�ؤ�س�سي‬

‫وتستهدف إصالح المؤسسات‬ ‫الت��ي لعب��ت دوراُ ف��ي ه��ذه‬ ‫االنتهاكات أو حت��ى إلغائها خاصة‬ ‫القطاع األمني إل��ى جانب تطهير‬ ‫ه��ذه األجه��زة م��ن المس��ؤولين‬ ‫غي��ر األكف��اء والفاس��دين وغالبًا‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫• برامج التعوي�ض �أو جرب‬ ‫ال�ضرر‬

‫ما تش��مل هذه الجه��ود تعديالت‬ ‫تشريعية وأحيانًا دستورية‪.‬‬ ‫كما يش��ير الواقع إل��ى وجود‬ ‫آليات أخرى من قبيل جهود تخليد‬ ‫الذكرى‪ ،‬وتش��مل إقامة المتاحف‬ ‫والنص��ب التذكاري��ة التي تحفظ‬ ‫الذك��رى العام��ة للضحاي��ا وترفع‬ ‫مس��توى الوعي األخالقي بجرائم‬ ‫الماض��ي‪ ،‬ويمك��ن أن تت��م ه��ذه‬ ‫اآللي��ات عل��ى المس��توى الوطني‬ ‫بش��كل كام��ل أو على المس��توى‬ ‫الدول��ي أو عل��ى نح��و مختلط أو‬ ‫هجي��ن مث��ل الترتيب��ات الخاصة‬ ‫في س��يراليون وكوسوفو‪ ،‬إذ يعد‬ ‫إنش��اء االس��تراتجيات المختلط��ة‬ ‫للعدال��ة االنتقالي��ة اس��تجابة‬ ‫منطقية للمش��كالت الت��ي تواجه‬ ‫االستراتيجيات ذات الطابع الدولي‬ ‫مثل البعد الجغراف��ي واالنفصال‬ ‫القيمي عن المجتمع��ات المعنية‪،‬‬ ‫وم��ن ث��م فه��ي أكثر ق��درة على‬ ‫تحقي��ق المصالح��ة والس�لام‬ ‫االجتماعي‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى ال تعمل آليات‬ ‫ومناهج العدالة االنتقالية بصورة‬ ‫منفصلة عن بعضها البعض‪ ،‬إنما‬ ‫تعمل وفق رؤية تكاملية فيما بينها‬ ‫وقد تكون مكملة لبعضها البعض‬ ‫فمثلما قد يعتب��ر البعض أن قول‬ ‫الحقيقة دون منح تعويض خطوة‬ ‫ب�لا معنى كم��ا أن منح تعويضات‬ ‫مالية دون عملية متكاملة قوامها‬

‫الحقيقة والمكاشفة سيكون بنظر‬ ‫الضحايا محاولة لش��راء صمتهم‪،‬‬ ‫كم��ا أن تكامل عملي��ة التعويض‬ ‫مع المحاكمات يوفر جبراً لألضرار‬ ‫أكث��ر ش��مو ًال مما توف��ره كل من‬ ‫اآلليتين على انفراد‪.‬‬ ‫إن المصالحة والتس��امح ليسا‬ ‫عل��ى القدر م��ن الصعوب��ة الذي‬ ‫يتوهم��ه الخائفون منهم��ا‪ ،‬إنهما‬ ‫سلوك نفسي حقيقي نبذله ألجل‬ ‫أجيالن��ا القادم��ة واتف��اق حقيقي‬ ‫على تجاوز مراحل البغي والظلم‬ ‫والطغي��ان ووكله��ا إل��ى التاريخ‪،‬‬ ‫وه��و س��لوك لقي��ادات يج��ب أن‬ ‫تتعالى على نفس��ها وتعترف بأن‬ ‫الواقع فرض عليه��ا خيارات قد ال‬ ‫تكون من صنع إرادتها‪ ،‬فالمجتمع‬ ‫والدول تتكون من بش��ر يحسون‬ ‫ب��كل فظاع��ات الماض��ي وآالم��ه‬ ‫ويملك��ون من المش��اعر والغرائز‬ ‫م��ا ق��د يؤث��ر عل��ى توجهاته��م‬ ‫السياس��ية والفكري��ة‪ .‬إن ب��وادر‬ ‫فشل المجتمعات تكمن في فشل‬ ‫معالج��ة النف��س البش��رية م��ن‬ ‫شوائبها‪.‬‬ ‫إن المصالحة مشروع تاريخي‬ ‫يعني أيضًا تشكيل جبهة لمقاومة‬ ‫عوام��ل الكبح الخارجي��ة لنهضتنا‬ ‫ف��ي عص��ر العولم��ة‪ ،‬فلم ش��مل‬ ‫قواتنا الوطني��ة بمختلف أطيافها‬ ‫يصبح أكث��ر إلحاحًا من قبل جميع‬ ‫األطراف حين تملك هذه األطراف‬

‫الوعي التاريخي لما تمثله العولمة‬ ‫م��ن قهر تاريخ��ي وحضاري ومن‬ ‫خط��ورة عل��ى هويتن��ا ومصيرنا‬ ‫كدول��ة‪ ،‬بعبارة أخ��رى إن العولمة‬ ‫المتغطرس��ة التي تجت��اح العالم‬ ‫هي دافعن��ا للتكتل والحركة رغم‬ ‫اختالفاتنا‪.‬‬ ‫ونق ً‬ ‫ال عن عم��ر الترابي ومن‬ ‫مقاله "المصالحة الوطنية أو ًال"‪:‬‬ ‫"قدم��وا تنازالتك��م وتعال��وا‬ ‫عل��ى نفوس��كم وتعال��و عليه��ا‪،‬‬ ‫وامنح��وا هذا الوطن ما يس��تحقه‬ ‫من سياسات المصالحة والتسامح‪،‬‬ ‫اعتذروا عن أخط��اء الماضي التي‬ ‫تم��ت لتطهرك��م م��ن حم��والت‬ ‫سيتولى التاريخ أمر نقدها وتبيان‬ ‫مرضه��ا‪ ،‬لس��نا أوصي��اء على كل‬ ‫زم��ان‪ ،‬ولكننا محاس��بون على ما‬ ‫نقدمه لألجيال القادمة"‪.‬‬ ‫إن س��وريا ل��كل الس��وريين‪،‬‬ ‫ه��ذه الحقيقة ال الش��عار يجب أن‬ ‫تك��ون في ذه��ن الجمي��ع‪ ،‬كي ال‬ ‫تنته��ك الحقوق م��ن طرف النخب‬ ‫الجديدة وكي ال يفرط في حق من‬ ‫تم اعتبارهم من النخب البائدة‪ .‬ال‬ ‫مفر من مصالحة وطنية حقيقية‪،‬‬ ‫هي واحدة من الحقائق األساسية‬ ‫التي توصلت إليها ش��عوب عاشت‬ ‫حرب��اً أهلية فما بالن��ا بمن عاش‬ ‫ث��ورة ب��كل م��ا تعني��ه م��ن قيم‬ ‫إيجابية‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫• الدعاوى اجلنائية‬

‫وتش��مل تحقيق��ات قضائي��ة‬ ‫م��ع المس��ؤولين ع��ن ارت��كاب‬ ‫انتهاكات لحقوق اإلنس��ان وكثيراً‬ ‫م��ا يرك��ز المدع��ون تحقيقاتهم‬ ‫عل��ى م��ن يعتقد أنه��م يتحملون‬ ‫الق��در األكبر من المس��ؤولية عن‬ ‫االنتهاكات الجسيمة أو المنهجية‪،‬‬ ‫ويمك��ن القول إن أول إعمال لهذه‬ ‫اآللية مع محاكم��ات نورمبرغ بعد‬ ‫الح��رب العالمية الثاني��ة وهي قد‬ ‫تتم عل��ى المس��توى اإلقليمي أو‬ ‫الدول��ي أو المحل��ي (راج��ع مقالنا‬ ‫حول المحكم��ة الجنائية الدولية ‪-‬‬ ‫جريدة سوريتنا | العدد ‪/ 25 | 14‬‬ ‫‪)2012 / 12‬‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫تش��ير التطبيق��ات العملي��ة‬ ‫للمفهوم إل��ى أن برنامج لتحقيق‬ ‫العدال��ة االنتقالية ع��ادة ما يهدف‬ ‫لتحقي��ق مجموع��ة م��ن األهداف‬ ‫تشمل وقف االنتهاكات المستمرة‬ ‫لحق��وق اإلنس��ان والتحقي��ق‬ ‫ف��ي الجرائ��م الماضي��ة وتحدي��د‬ ‫المس��ؤولين ع��ن االنته��اكات‬ ‫ومعاقبتهم ومنع وق��وع انتهاكات‬ ‫مس��تقبلية والحفاظ على السالم‬ ‫الدائ��م م��ع التروي��ج للمصالح��ة‬ ‫الفردي��ة والوطني��ة‪ ،‬ولتحقي��ق‬ ‫ه��ذه األه��داف تتب��ع العدي��د من‬ ‫االس��تراتيجيات بعضها ذي صبغة‬ ‫قضائي��ة وبعضه��ا ال يحمل هذه‬ ‫الصبغة‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫الدفــاع عـــن النفـــ�س‬ ‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫خالد كنفاني‬ ‫لم يعد األمر مجرد غصة‪...‬‬ ‫إنه ج��رح غائر ف��ي الضمير كما‬ ‫في الجس��د‪ .‬إن��ه ضربة قاضي��ة لما‬ ‫تبق��ى من اإلنس��انية والس��لمية في‬ ‫نف��وس الس��وريين‪ ،‬وهاه��م اليوم‬ ‫يعلن��ون صراح��ة حقهم ف��ي الدفاع‬ ‫ع��ن أنفس��هم طالما فش��ل اآلخرون‬ ‫في ذلك‪.‬‬ ‫لم تع��د حتى كلماتن��ا تحمل أي‬ ‫معن��ى‪ ،‬فال��كالم يج��دي حي��ن يوجد‬ ‫الس��امعون‪ ،‬والح��روف تج��دي حي��ن‬ ‫يوج��د القراء‪ ،‬أما في أجواء الرصاص‬ ‫ودك المدافع فال وجود إال للموت‪.‬‬ ‫شهور طويلة من النفاق العالمي‬ ‫والعربي تج��اه هذا النظام‪ ،‬وش��هور‬ ‫أطول على الس��وريين الذين انقلبت‬ ‫حياتهم جحيماً مسعوراً ومفتوحاً على‬ ‫الجمي��ع‪ .‬لم نكن نحيا في نعيم وهذا‬ ‫مؤكد‪ ،‬ولكن البعض اعتقد لوهلة أن‬ ‫النظ��ام الحالي "ربم��ا" يكون "أعقل"‬ ‫من أبيه‪ ،‬وهك��ذا راهن كثيرون على‬ ‫"اإلصالحات" و"الحراك الس��لمي" ظنًا‬ ‫منه��م أن ه��ذه الدولة الجدي��دة فيها‬ ‫م��كان للحوار ولي��س لألحذية فقط‪،‬‬ ‫وانخ��دع كثي��رون بمظه��ر الرئي��س‬ ‫الش��اب وزوجت��ه الت��ي تفوق��ه طو ًال‬ ‫وهما يجوالن بعض أس��واق دمش��ق‬ ‫وحلب وباريس واس��طنبول‪ ،‬فاعتقد‬ ‫ه��ؤالء أن مث��ل هذي��ن الزوجي��ن ال‬ ‫يمك��ن إال أن يمل��كا الح��د األدنى من‬ ‫المش��اعر اإلنس��انية تجاه م��ن ورثوا‬ ‫حكمهم بسخرية القدر‪ .‬وهكذا "تجرأ"‬ ‫البعض وطالب "ببعض" اإلصالحات‪.‬‬ ‫ولطالم��ا ه��ذا كان ش��عار المرحل��ة‪،‬‬ ‫ولك��ن فوجئ البعض ب��أول انتخابات‬ ‫رئاسية عام ‪ 2007‬بينما صم كثيرون‬ ‫آذانه��م وأعم��وا أبصاره��م وواصلوا‬ ‫دفن رؤوسهم في الرمال‪.‬‬ ‫بق��ي الس��وريون عل��ى س��لمية‬ ‫ثورتهم شهوراً طويلة‪ ،‬وحتى عندما‬ ‫أس��موا إحدى الجم��ع بجمعة "الجيش‬ ‫الح��ر يحمين��ي"‪ ،‬كان ذل��ك بمثاب��ة‬ ‫اعت��راف منهم بذل��ك التنظيم الوليد‬ ‫كحام لهم من بطش الشبيحة واألمن‪.‬‬ ‫أما اليوم فإنهم يعلنون بكل صراحة‬ ‫أن كل ش��عارات الس��لمية والدع��وات‬ ‫لإلض��راب واالعتص��ام وغيره��ا ل��م‬ ‫تع��د تج��دي‪ ،‬فق��د اكتش��فوا أنه��م‬ ‫يتعامل��ون بالفعل م��ع نظام ظالمي‬ ‫مستبد أعمى ومثل هذا ال تجدي معه‬ ‫األس��اليب الحضاري��ة ف��ي المقاومة‬ ‫الس��لمية كما روج البع��ض –ومنهم‬ ‫كاتب هذه الس��طور‪ -‬لتجربة غاندي‬ ‫في الهن��د أو حتى التجربة الس��ورية‬ ‫في وجه االحتالل الفرنسي‪.‬‬ ‫ويؤك��د كب��ار الس��ن الي��وم أن‬ ‫الفرنس��يين في عه��د االحتالل كانوا‬ ‫ال يدخل��ون مس��جداً أو كنيس��ة حتى‬ ‫ول��و علموا أن ف��ي أحدهما مطلوبين‬ ‫أو فاري��ن‪ ،‬حت��ى ف��ي الح��روب بي��ن‬ ‫ال��دول البد م��ن وجود ح��د أدنى من‬ ‫القواع��د األخالقية‪ ،‬وه��و بالطبع لم‬ ‫يع��د ينطبق كثيراً من��ذ زمن ال بأس‬ ‫به سواء بين العرب أنفسهم كالحرب‬ ‫األهلية اللبنانية أو بطش النظام في‬ ‫حم��اة ف��ي الثمانيني��ات أو الصراعات‬ ‫بين األردن والفلس��طينيين‪ ،‬أو حتى‬ ‫على مستوى القوى الكبرى وباألخص‬

‫الوالي��ات المتحدة ببش��اعة م��ا رأينا‬ ‫ف��ي الع��راق وأفغانس��تان‪ .‬غي��ر أننا‬ ‫وفي النهاي��ة علينا أن نعقد المقارنة‬ ‫مع األمثل��ة األفضل‪ ،‬وه��و ما يجعل‬ ‫النظام في أس��فل القائمة بين أعتى‬ ‫األنظمة االستبدادية في العالم‪.‬‬ ‫في هذه األجواء المشحونة والتي‬ ‫تف��وح فيه��ا روائ��ح ال��دم والطائفية‬ ‫والكراهي��ة ال يع��ود لل��كالم معن��ى‪،‬‬ ‫ونحن نمس��ك بأقالمنا بينما نش��عر‬ ‫بالخج��ل من أنفس��نا أمام م��ا يحدث‬ ‫ألبناء وطننا ال��ذي مزقه العنف ونراه‬ ‫أمامنا يتهاوى ب�لا قرار بينما يتالعب‬ ‫به النظام من جهة وأصحاب المصالح‬ ‫المتضاربة من جهة أخ��رى‪ .‬كثيراً ما‬ ‫نلعن س��ايكس وبيكو‪ ،‬فهما الس��بب‬ ‫فيما نحن فيه‪ ،‬فلو أن حدود سوريا تم‬ ‫"مطها" قلي ً‬ ‫ال ش��رقًا أو جنوباً لحصلنا‬ ‫على براميل النفط الكافية الستثارة‬ ‫نخوة كل الق��وى الكبرى وخالل أيام‪،‬‬ ‫ولكن��ه قدر الس��وريين العاث��ر‪ ،‬أن ال‬ ‫يس��تفيدوا من أية ثروة ال في الحرب‬ ‫وال في الس�لام‪ ،‬وهي إح��دى مهازل‬ ‫الق��در الت��ي ال نمل��ك تجاهها س��وى‬ ‫انتظ��ار الموت على أهون س��بب‪ ،‬وما‬ ‫أجم��ل الموت أم��ام اإلقام��ة في أحد‬ ‫األقبية العفنة أو الزنازين االنفرادية‬ ‫حيث ال رائحة س��وى الدم المس��فوك‬ ‫وال مؤنس سوى الجرذان المفترسة‪.‬‬ ‫غالب��اً ما نفتح الفيس بوك لنرى‬ ‫مع��ارك كالمي��ة وكذل��ك بط��والت‬ ‫وانتص��ارات وهزائ��م افتراضي��ة‬ ‫الكترونية‪ ،‬وكأن المشتركين يتبادلون‬ ‫إح��دى تلك األلع��اب االلكترونية التي‬ ‫يتش��ارك فيها المراهق��ون‪ ،‬وأعترف‬ ‫بأنني بدأت أشعر بالسخف والوضاعة‬ ‫لمج��رد الدخ��ول ف��ي س��جاالت تبين‬ ‫ل��ي فيم��ا بع��د أن معظ��م أصحابها‬ ‫إم��ا مترف��ون ولكنه��م يبحث��ون‬ ‫ع��ن طاحون��ة ه��واء يفرغ��ون فيها‬ ‫مش��اعرهم‪ ،‬أو أنهم م��ن كل أولئك‬ ‫الذي��ن حالفه��م الح��ظ ف��ي العيش‬

‫خارج حدود الوطن ورسموا ألنفسهم‬ ‫وعائالتهم مس��تقب ً‬ ‫ال وواقعًا مش��رقًا‬ ‫مختلفًا وبدؤوا يمارسون ذلك "الترف‬ ‫الفكري" على أبن��اء جلدتهم‪ ،‬لم أجد‬ ‫أقس��ى من جمل��ة ألح��د المعارضين‬ ‫ال��ذي لخص معاناته في إحدى المدن‬ ‫األمريكي��ة بقول��ه‪" :‬كن��ت أتجمد من‬ ‫الب��رد وأنا أبح��ث عن ش��بكة تغطي‬ ‫جه��از اآليفون حتى أس��تطيع الولوج‬ ‫للفي��س ب��وك والتواص��ل "معك��م"‪،‬‬ ‫فل��م أج��د س��وى مقهى س��تاربكس‬ ‫حيث وقف��ت في الصقيع على نافذته‬ ‫الخارجية"‪ .‬ال يمكن أن يكون اإلنسان‬ ‫به��ذه الس��طحية‪ .‬يموت الن��اس من‬ ‫الب��رد وه��م يقف��ون ف��ي الطوابي��ر‬ ‫بانتظار جرة غاز أو بضعة ليترات من‬ ‫الم��ازوت بينما تكون أقص��ى معاناة‬ ‫أحدهم هي الولوج للفيس بوك‪.‬‬ ‫إن كان الس��وريون يثورون على‬ ‫ش��يء فهم يرفضون تسطيح األمور‬ ‫وتس��ويفها والتالع��ب بمش��اعرهم‬ ‫وكرامته��م بع��د الي��وم‪ .‬ولك��ن م��ا‬ ‫نخش��اه اليوم هو انح��دار األمور إلى‬ ‫درك بعيد يصعب بعده انتش��ال هذا‬ ‫الوط��ن‪ .‬فالن��اس تعب��وا م��ن القتل‬ ‫واس��تباحة أعراضه��م وممتلكاتهم‪،‬‬ ‫وه��و م��ا يدفعه��م اليوم لي��س إلى‬ ‫الدفاع عن أنفس��هم وحسب بل وإلى‬ ‫البدء ش��يئاً فش��يئًا بتكوين تجمعات‬ ‫صغي��رة مغلقة يتول��ى أفرادها إدارة‬ ‫ش��ؤون حياته��م اليومية م��ن أعالها‬ ‫وه��ي األمن إلى أدناه��ا وهو الهموم‬ ‫اليومي��ة‪ ،‬وهك��ذا يتج��ه الوط��ن إلى‬ ‫مزيد من التشرذم الذي يهدد إن طال‬ ‫أمده بانقسام كبير دعت إليه الحاجة‬ ‫الملح��ة لحف��ظ الحياة بعدم��ا أعلنت‬ ‫الدول��ة أنها ل��م تتخلى وحس��ب عن‬ ‫واجبها تج��اه المواطن بل بأن هدفها‬ ‫أصب��ح قتله واعتقال��ه وذلك بعبارات‬ ‫مبطن��ة م��ن قبي��ل أن األم��ن أصبح‬ ‫"مطلباً شعبياً"‪.‬‬ ‫يوم��ًا بعد ي��وم س��تزداد أصوات‬

‫الرص��اص ضج��ة وس��يغطي غب��ار‬ ‫المعرك��ة الكثي��ر من المش��اهد أمام‬ ‫أعينن��ا‪ ،‬وم��ن كل أس��ف ف��إن كل‬ ‫المبادرات واالقتراحات والحلول اليوم‬ ‫باتت تسبح في فضاء آخر بعيد تمامًا‬ ‫عن الواقع السوري‪ ،‬حتى أن معارضًا‬ ‫سوريًا بارزاً سخر من مسألة المبادرة‬ ‫العربي��ة بالقول‪" :‬إن قمة الس��خرية‬ ‫أن ترف��ض الحكوم��ة الس��ورية كل‬ ‫الحل��ول العربي��ة م��ن اآلن فصاع��داً‬ ‫بينم��ا توافق على تمدي��د فترة عمل‬ ‫بعثة المراقبين العرب‪ ،‬وهو ما يشبه‬ ‫التصاعد العنيف في الموقف التركي‬ ‫في بداية األزمة ثم خفوته إلى درجة‬ ‫الهم��س في اآلون��ة األخي��رة"‪ .‬ولهذا‬ ‫يعتب��ر الكثي��رون أن أية مب��ادرات أو‬ ‫ح��وارات باتت جزءاً م��ن الماضي وأن‬ ‫أص��وات المداف��ع ه��ي ما سيحس��م‬ ‫ه��ذا األمر ولك��ن على حس��اب أرواح‬ ‫السوريين ومس��تقبلهم وأمنهم‪ ،‬بيد‬ ‫أنه��م اتخذوا قراراً بأنهم س��يدفعون‬ ‫بأرواحهم ثمنًا للحرية‪.‬‬ ‫كن��ا دائم��ًا م��ا نأم��ل أن نص��ل‬ ‫لمرحلة المحاورة واالختالف الحضاري‬ ‫بد ًال أن يكون "السيف أصدق إنباء من‬ ‫الكتب"‪ ،‬وأنا هنا ال أس��جل أي محاولة‬ ‫إحباط أو يأس ولكنها مرحلة مؤسفة‬ ‫في تاري��خ أي وطن أن يكون عنوانها‬ ‫الدم‪ ،‬فهذا وطننا وهذه دماؤنا‪ .‬ولكن‬ ‫يتبين لنا اليوم أن الش��رف الرفيع لن‬ ‫يس��لم م��ن األذى "حت��ى ي��راق على‬ ‫جوانب��ه الدم"‪ .‬ال ضي��ر في كل ذلك‪،‬‬ ‫على أن يبقى الوطن وسيلتنا وغايتنا‬ ‫في آن معًا‪.‬‬ ‫آخر الكالم‪:‬‬

‫قد صَبَرنا فإذا بالصب ِر ال يُجـدي هُدى‬ ‫بالحِـلم ي��ودي للـرّدَى‬ ‫وح ُلـمنا ف��إذا‬ ‫ِ‬ ‫ونهضنااليومَكاألطوادِفيوجهِالعِدى‬ ‫ندفعُ الضيمَ ونبني للعُلى صَرْحاً مَجيدْ‬


‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫وقد يعزو البعض اآلخر السبب إلى‬ ‫افتقار المنظمات النسائية العربية الرسمية‬ ‫عمومًا للمؤمنات جدياً بقضايا المرأة‬ ‫والمدافعات عنها‪ ،‬رغم كل محاوالت تلك‬ ‫المنظمات لتجميل واقع المرأة في هذه الدول‪،‬‬ ‫كاستجابة منها لما تمارسه المنظمات العالمية‬ ‫لحقوق اإلنسان وحقوق المرأة من ضغوط‬ ‫على األنظمة واألحزاب السياسية‪ .‬بحيث‬ ‫سادت مجتمعاتنا العربية منظمات نسائية‬ ‫غير فاعلة وغير مؤثرة‪ ،‬بل وبال مصداقية‬ ‫في كثير من الحاالت‪ .‬األمر الذي يحول دون أي‬ ‫تغيير في المجتمع من شأنه خلق واقع جديد‬ ‫يضمن للمرأة المساواة وعدم التمييز‪.‬‬ ‫هذه األسباب مجتمعة تشي بالكثير‬ ‫من الصحة‪ ،‬لكنها ليست السبب األساس في‬ ‫نكوص المرأة العربية‪ .‬إذ إن السبب الجوهري‬ ‫يكمن في األنظمة العربية التي سادت بعد‬ ‫االستقالل‪ .‬إذ المعروف أن الدول العربية‬ ‫بغالبيتها كانت قد أنجزت تحررها الوطني‪،‬‬ ‫وشكلت حكوماتها الوطنية‪ ،‬ودستورها‬ ‫الوطني منذ أواسط القرن الماضي‪ ،‬وقد أخذت‬ ‫على عاتقها معالجة تلك المعوقات المجتمعية‪،‬‬ ‫تطوير المرأة والمجتمع واالنطالق به ليكون‬ ‫جزءاً من العالم المتقدم والحضاري‪ .‬لكننا وبعد‬ ‫مضي نصف قرن أو يزيد‪ ،‬نستطيع القول أن‬ ‫هذه األنظمة لم تقم بإنجاز مهامها الوطنية‪،‬‬ ‫بل على العكس تمامًا‪ ،‬فقد جهدت في تمكين‬ ‫عائلة أو فرد من االستئثار بالسلطة والتح ّكم‬ ‫مع شريحة صغيرة بمقدرات البالد وثرواتها‪،‬‬ ‫تاركة شعوبها في فقر مدقع‪ ،‬ومسخّرة حتى‬ ‫القوانين المحلية لتحصين نفسها وصون‬ ‫مصالحها وامتيازاتها‪ ،‬بل وأكثر من ذلك‪ ،‬فأن‬ ‫أغلب هذه األنظمة لجأت إلى فرض القوانين‬ ‫االستثنائية (حالة الطوارئ)‪ ،‬معطلة بذلك‬ ‫الدستور والقوانين الدستورية لصالح مزيد‬ ‫من القمع والترهيب على شعوبها‪ ،‬غير عابئة‬ ‫بتطلعات هذه الشعوب إلى التحرر والتقدم‪.‬‬ ‫في هذا المجتمع المشحون بالتمييز‬ ‫واإلقصاء‪ ،‬وبالترهيب والمالحقة‪ ،‬نمت وتفشت‬ ‫حاالت االحتقان لدى عموم الشعب‪ ،‬والذي‬ ‫عبّر عن ذاته بظهور حاالت التطرف والتشدد‪،‬‬ ‫خاصة لدى بعض التيارات اإلسالمية الساعية‬ ‫إلى تحقيق التغيير السياسي واالقتصادي‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬مستفيدة من البيئة اإلسالمية‬ ‫في المجتمع العربي كحاضنة اجتماعية لها‪.‬‬ ‫في هذه الفضاءات‪ ،‬وعندما سنحت‬ ‫اللحظة التاريخية‪ ،‬كان من الطبيعي أن تخرج‬ ‫الفئات المهمشة من رجال ونساء وأطفال‬ ‫وشيوخ إلى الشوارع والساحات‪ ،‬للتعبير عن‬ ‫رفضها لهذا الواقع والمطالبة بدولة حديثة‬ ‫تقوم على أساس المواطنة في ظل دولة‬

‫الدستور وسيادة القانون‪ ،‬دولة يتمتع جميع‬ ‫المواطنين فيها بالحقوق الكاملة بغض النظر‬ ‫عن الدين أو اللون أو الجنس أو المعتقد‪ ،‬فال‬ ‫تمييز أو إقصاء أو تهميش ألي فرد كان‪.‬‬ ‫وكما هو معروف فقد نجحت هذه الثورات‬ ‫في أكثر من دولة عربية‪ ،‬دون أن يعني هذا‬ ‫نجاح الشعوب في تحقيق ربيعها العربي بما‬ ‫يتضمنه أساسًا من حقوق المواطنة لجميع‬ ‫األفراد‪ ،‬حيث الحظنا أن المدخل الديمقراطي‬ ‫باتجاه المستقبل قادنا إلى سيطرة التيارات‬ ‫اإلسالمية مع تباينات بين االعتدال واألصولية‪،‬‬ ‫لكنها عمومًا وأمام سطوة النص الديني‬ ‫المقدس ستكون مضطرة إلعادة تهميش‬ ‫تلك الفئات وخاصة النساء منهم‪.‬‬ ‫من هنا يمكننا القول‪ :‬أن نجاح‬ ‫الثائرين في إسقاط األنظمة السياسية‪ ،‬ال‬ ‫يعني بالضرورة الوصول إلى دولة المواطنة‬ ‫والمساواة المنشودة‪ ،‬فالطريق إليها ال يزال‬ ‫طوي ًال وصعباً‪ ،‬ألن التيار اإلسالمي المعتدل‬ ‫في تونس وفي المغرب‪ ،‬واإلسالميين األكثر‬ ‫تشدداً في ليبيا ومصر وغيرها من البلدان‬ ‫العربية التي ينتظر إسالميوها حصاد ثمار‬ ‫الثورات العربية‪ ،‬لن يتمكنوا من تجاوز سقف‬ ‫النصوص القائمة أساسًا على التمييز‪ ،‬فهناك‬ ‫تمييز بين األديان باعتبار الدين اإلسالمي هو‬ ‫أكرم األديان‪ ،‬وهناك تمييز بين المرأة والرجل‬ ‫باعتبار المرأة تابعة للرجل وعليها إطاعته‪.‬‬ ‫هذا االتجاه ورغم فوزه بشكل ديمقراطي‬ ‫إال أنه سيبقى محكوم باأليديولوجيا وإرث‬ ‫الحركات اإلسالمية وخطر االنشقاقات‬ ‫التكفيرية واألكثر أصولية داخلها‪ ،‬وكل ذلك‬ ‫سيحول بالضرورة وتحقيق دولة المواطنة‪،‬‬ ‫لذلك ستبقى تلك الديمقراطية التي‬ ‫أوصلت اإلسالميين للسلطة محكومة بإرث‬ ‫تلك األنظمة التي حكمت باسم الوطنية‬ ‫سابقًا‪ ،‬فخرّبت األوطان وشوهت األفكار‬ ‫والمعتقدات‪.‬‬ ‫من هنا نقول ّإن االنتقال بتلك‬ ‫المجتمعات المخرّبة بالفساد والتهميش إلى‬ ‫أفق ديمقراطية حقيقية‪ ،‬يفترض مرحلة‬ ‫انتقالية مليئة بالمخاضات والمفاجآت التي قد‬ ‫ال تكون كلها ايجابية‪ ،‬لكننا بمزيد من العمل‬ ‫المؤمن والجادّ والشاقّ يمكن لنا أن نبقى‬ ‫محصنين باألمل لتحقيق تلك الديمقراطية‬ ‫التي تشكل معبراً للدولة المدنية التي تحترم‬ ‫التعددية ومبادئ حقوق اإلنسان‪ ،‬ويقوم‬ ‫دستورها على أساس المواطنة والمساواة‬ ‫التامة بين جميع رعاياها‪ ،‬عندها فقط‬ ‫يمكننا القول إن حلم المرأة العربية بالتحرر‬ ‫والمساواة التامة قد تحقق‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫باندهاش وذهول تابع ماليين البشر‬ ‫عبر شاشات التلفاز المرأة العربية المنقبة‬ ‫أو غير المنقبة‪ ،‬وهي تخرج في بلدان عربية‬ ‫عدة‪ ،‬لتقف ليس خلف الرجل وال إلى جانبه‪،‬‬ ‫بل لتقف أمامه في التصدّي ّ‬ ‫بكل إباء وإصرار‬ ‫لوحشية االستبداد والتهميش‪ ،‬ولتعتصم‬ ‫معه في الساحات والميادين تتلقّى مثله دون‬ ‫تردّد وال خوف‪ ،‬االهانات والضرب المبرح‪،‬‬ ‫أو االعتقال‪ ،‬أو حتى الرصاص الحيّ‪ .‬وهي‬ ‫المرأة ذاتها التي ألفوا فيها االستكانة والخنوع‬ ‫لسلطة الرجل ولسلطة المجتمع ولسلطة‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫ومن المفارقات المثيرة ّأن بواكير‬ ‫وأن‬ ‫الربيع العربيّ جاء عبر البوّابة التونسية‪ّ ،‬‬ ‫المرأة التونسية كانت تتمتّع بوضع اجتماعيّ‬ ‫وقانونيّ وسياسيّ متقدّم على مثيالتها‬ ‫في المنطقة العربية ّ‬ ‫ككل‪ ،‬منذ صدور قانون‬ ‫األحوال الشخصية عام ‪ ،1956‬الذي أ ّكد‪،‬‬ ‫وصان‪ ،‬المساواة التامة بين المرأة والرجل‬ ‫في الحقوق والواجبات عبر نصوص قانونية‬ ‫ملزمة‪ .‬حيث الحظنا الدور الخالق لمساهمة‬ ‫المرأة في إنجاح هذه الثورة‪.‬‬ ‫لكن التصريح الذي نقلته وكاالت األنباء‬ ‫عن زعيم حركة النهضة اإلسالمية فور فوز‬ ‫حزبه بانتخابات المجلس التأسيسي‪ ،‬والمتعلق‬ ‫برغبته في تعديل نصين اثنين فقط‪ ،‬هما‬ ‫منع تعدّد الزوجات‪ ،‬والنص المتعلق بالتبني‪،‬‬ ‫ال يمكن اعتباره إال تراجعاً عن تلك المكاسب‬ ‫التي كانت تحظى بها المرأة التونسية‪ ،‬وأنه‬ ‫ربما جاء نتيجة لضغوط التيارات اإلسالمية‬ ‫المتشددة‪ ،‬خاصة وأنه كان قد سبق للزعيم‬ ‫الغنوشي ذاته أن أعلن قبل االنتخابات عبر‬ ‫وسائل اإلعالم‪ ،‬عن التزام الحركة بعدم‬ ‫المساس بقانون األحوال الشخصية التونسي‬ ‫وتحديداً ما يتعلق بمكتسبات المرأة التونسية‪.‬‬ ‫فهل سينتهي األمر عند هذه الرغبة في‬ ‫التعديل‪ ،‬أم أننا أمام محاولة الستيالد هيمنة‬ ‫وتسلط جديدين بلبوس إسالمي هذه المرة‬ ‫وعبر بوابة االنتخابات الديمقراطية؟‬ ‫هذا ما حاولت الدكتورة آمال قرامي‬ ‫األستاذة في الجامعة التونسية والمتخصصة‬ ‫بدراسات الجندر والدراسات اإلسالمية اإلشارة‬ ‫إليه عندما قالت‪ ":‬ال يتعلق القلق بحزب‬ ‫النهضة فحسب‪ ،‬بل بأحزاب أخرى منها من‬ ‫نالت الترخيص ومنها من لم تنله بعد‪ ،‬كحزب‬ ‫التحرير وتيارات سلفية أخرى‪ .‬ولفتت االنتباه‬ ‫إلى أمرين‪ ،‬أولهما تناقض تصريحات الزعماء‬ ‫اإلسالميين بين ما يدلون به إلى الصحافة‬ ‫وما ينطقون به في المساجد أو في المجالس‬ ‫الخاصة‪ ،‬وثانيهما‪ ،‬انفصال خطاب القادة عن‬ ‫القاعدة‪ ،‬فالشباب يريد عودة النساء إلى البيت‬ ‫وتحجيب النساء بالقوة وإلباسها النقاب متأثراً‬ ‫بالفضائيات المتطرفة‪"..‬‬ ‫وكما الحال في تونس كذلك هو في‬ ‫مصر‪ ،‬حيث خرجت المرأة المصرية إلى‬ ‫الشارع بكامل عنفوانها إلى جانب الشباب‬ ‫الثائر وجموع المهمشين‪ ،‬فسكنت الميدان‬ ‫معهم وتعرضت معهم أيضًا‪ ،‬للضرب المبرح‬ ‫والتنكيل واإلهانة والعسف واالعتقال والقتل‬ ‫أحيانًا‪ .‬بل وأكثر من ذلك‪ ،‬إذ تعرضت هي‬ ‫دون الرجال‪ ،‬النتهاك ّ‬ ‫فظ إلنسانيتها ولذاتها‬ ‫ولكرامتها‪ ،‬من خالل تعريضها لفحص العذرية‬ ‫يلغ إحساسها‬ ‫فور اعتقالها‪ ،‬لكنّ ذلك كله لم ِ‬ ‫بأهمّيتها وأهمّية دورها في تلك اللحظة‬ ‫التاريخية‪ ،‬ولم يحدّ أيضًا‪ ،‬من فخر الرجل‬

‫المصري واعتزازه بها‪ .‬هذا ما أ ّكدته الدكتورة‬ ‫عزّة كامل‪ ،‬الناشطة في مجال حقوق المرأة‬ ‫إذ تقول" ألول مرة منذ عقود طويلة‪ ،‬تعامل‬ ‫النساء على أنهن كامالت األهلية ال فرق‬ ‫بينهن وبين الرجال‪ ،‬ال فرق بين محجبة‪،‬‬ ‫ومنتقبة‪ ،‬وغير محجبة‪ ،‬مسلمة‪ ،‬أو مسيحية"‪.‬‬ ‫لكن فوز اإلسالميين في االنتخابات التشريعية‬ ‫يعيد الكثير من المصريين إلى دائرة الخوف‬ ‫من المستقبل‪ ،‬خاصة وأن خيبة أمل المرأة‬ ‫المصرية في الربيع المصري‪ ،‬استبقت تلك‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وكانت مقاربة لخيبة جزء مهم‬ ‫من الشارع المصري‪ ،‬وأكثر إيالماً‪ ،‬إذ كشفت‬ ‫لها األيام التي تلت الثورة عن خيبة أملها في‬ ‫الطيف األكبر من مجتمعها الذكوري‪ ،‬والذي ما‬ ‫لبث أن عاد وتغاضى عن مطالبها بالمساواة‬ ‫الكاملة‪ ،‬متجاه ًال الدور المؤجج لها في الثورة‬ ‫المصرية‪ ،‬فوقف متفرجًا في ‪ 8‬مارس ‪/‬آذار‬ ‫الماضي‪ ،‬عندما تجمعت النساء مع بعض‬ ‫الرجال المؤيدين للحركة النسائية أمام نقابة‬ ‫الصحفيين حامالت الفتات تعبر عن مطلبهم‬ ‫المتفق عليها‪ ،‬وتوجهن جميعا إلى ميدان‬ ‫التحرير ليلتحمن بمسيرات أخرى من مناطق‬ ‫مختلفة‪ ،‬إال أن البلطجية وبعض السلفيين‬ ‫كانوا بانتظارهم وحالوا دون تقدمهم‪ ،‬بل‬ ‫وقاموا بأعمال استفزازية ضد المتظاهرات‬ ‫كالتحرش بهن وتوجيه العبارات البذيئة لهن‪.‬‬ ‫ولم يكن حال المرأة الليبية بأحسن من‬ ‫مثيالتها في مصر وتونس‪ ،‬فرغم ما قدمته‬ ‫من تضحيات كأمّ وأخت وزوجة‪ ،‬وما عانته‬ ‫خالل أشهر الحرب من تهجير وتجويع وقنص‬ ‫واغتصاب‪ ،‬باإلضافة إلى ما تعرّضت له من‬ ‫انتهاكات جسيمة لذاتها ولكرامتها اإلنسانية‬ ‫من قبل أزالم القذافي ورجاالته‪ ،‬إال أنه وفور‬ ‫انتصار الثورة بادر السيد عبد الجليل رئيس‬ ‫المجلس االنتقالي إلى اإلعالن بأن المجلس‬ ‫سيلغي الكثير من القوانين التي كانت سائدة‬ ‫في عهد القذافي‪ ،‬ومنها ما يتعلق بتعدد‬ ‫الزوجات‪.‬‬ ‫وألن ظروف المنطقة العربية الفكرية‬ ‫ّ‬ ‫واالجتماعية واالقتصادية والسياسية‬ ‫متشابهة‪ ،‬وإن بنسب متفاوتة‪ ،‬فإن أحوال‬ ‫المرأة العربية أيضًا متقاربة مع فروقات‬ ‫نسبية بين دولة وأخرى‪ ،‬األمر الذي يمكن‬ ‫معه القول‪ ،‬أن المرأة العربية في البلدان‬ ‫الساخنة التي تعيش اآلن خضمّ الحراك‬ ‫الثوري‪ ،‬كسورية واليمن والبحرين وغيرهم‪،‬‬ ‫رغم ما أظهرته هذه المرأة من حضور‬ ‫استثنائي ومساهمة فعالة ومؤ ّثرة على جميع‬ ‫الصُعد والمستويات‪ ،‬وما أبدته من شجاعة‬ ‫وقدرة على المواجهة في حرب غير متكافئة‪،‬‬ ‫خالل األشهر الطويلة الماضية‪ ،‬إال أن حالها‬ ‫بعد الثورة لن يكون أفضل من حال مثيالتها‬ ‫في البلدان التي حققت ربيعها العربي‪ ،‬وأن‬ ‫تميزها في الحراك الثوري سينتهي بنهاية‬ ‫هذا الحراك‪ ،‬وستعود كما عادت المرأة في‬ ‫تونس ومصر وليبيا إلى ما كانت عليه قبل‬ ‫الثورة‪ ،‬وبالتالي سنشهد حالة نكوص للحركة‬ ‫النسائية العربية‪.‬‬ ‫قد يتبادر إلى أذهان البعض أن حالة‬ ‫النكوص هذه سببها المعوقات الفكرية‬ ‫واالجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬وسيطرة‬ ‫الجهل واألمية‪ ،‬وخاصة في أوساط المرأة‬ ‫العربية‪ ،‬هي معوقات حقيقية ومتأصلة في‬ ‫مجتمعاتنا‪ ،‬ال يمكن تجاهلها أو تجاهل اآلثار‬ ‫السلبية لها‪.‬‬

‫منى أسعد‬

‫من الربيع العربي ‪. .‬‬

‫احلركة الن�سوية و�ضريبة الدميقراطية‬ ‫يف ظل الربيع العربي‬

‫‪7‬‬


‫املمثلة فدوى �سليمان "جنمة" للثورة يف حم�ص‪:‬‬

‫نبض الروح‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫ل�ست �صنم ًا ومن نبيذ جدي �س�أ�شرب نخب الن�صر‬

‫محمد أبي سمرا‬

‫ألن أجهزة األمن األس��دية عجزت‬ ‫ع��ن قت��ل الممثل��ة الناش��طة ف��دوى‬ ‫سليمان‪ ،‬أوكلت المهمة إلى التحريض‬ ‫ً‬ ‫قائل��ة ألهالي حمص التي‬ ‫الطائف��ي‪،‬‬ ‫فرّت إليه��ا‪ :‬علوية ف��ي دياركم‪ ،‬هيا‬ ‫اقطعوا رأسها‪ .‬هنا بورتريه عنها‪.‬‬ ‫بع��د مش��اركتها ف��ي تظاه��رات‬ ‫كتّاب وصحافيين وفنانين وناشطين‬ ‫ف��ي دمش��ق‪ ،‬عق��ب انتفاض��ة درعا‪،‬‬ ‫اختف��ت الممثل��ة الس��ورية الش��ابة‬ ‫المعروف��ة فدوى س��ليمان‪ ،‬وباش��رت‬ ‫نش��اطاً س��رياً متنق ًال‪ ،‬قب��ل أن تظهر‬ ‫في حمص منذ تشرين الثاني ‪،2011‬‬ ‫فش��اعت على الشاش��ات االلكترونية‬ ‫والتلفزيونية أش��رطة مصورة تظهر‬ ‫فيه��ا متص��در ًة المتظاهري��ن ف��ي‬ ‫الخالدية وبابا عمرو‪ ،‬إلى جانب الشاب‬ ‫عبد الباسط الس��اروت‪ ،‬حارس مرمى‬ ‫منتخب سوريا للشباب في كرة القدم‪.‬‬ ‫ثم تكاثرت األش��رطة التي تصوّرها‬ ‫توجه ن��داءات تدعو فيها الس��وريين‪،‬‬ ‫وخصوص��اً تج��ار مدين��ة حل��ب‪ ،‬إل��ى‬ ‫المش��اركة ف��ي االنتفاضة الس��لمية‪،‬‬ ‫مش��دد ًة عل��ى نب��ذ العن��ف والنعرات‬ ‫الطائفية‪ .‬في نداءاتها المصورة هذه‪،‬‬ ‫تستلهم الممثلة الناشطة السورية ما‬ ‫سبق أن فعله ناشطون وناشطات في‬ ‫مصر‪ ،‬أمثال أس��ماء محفوظ‪ ،‬عش��ية‬ ‫الث��ورة المصري��ة‪ .‬جريا عل��ى عادتها‬ ‫ف��ي تقصي الح��وادث الدولية وثورات‬ ‫"الربي��ع العرب��ي" والتعري��ف بأعالمه‬ ‫وناشطيه الش��بّان والش��ابات‪ ،‬قامت‬ ‫وس��ائل اإلع�لام الغربي��ة‪ ،‬المرئي��ة‬ ‫والمس��موعة‪ ،‬إل��ى جان��ب الفضائيات‬ ‫التلفزيوني��ة العربي��ة‪ ،‬باقتف��اء اث��ر‬ ‫فدوى س��ليمان وس��يرتها ونش��اطها‪،‬‬ ‫وتناقل أخبارها‪ ،‬بوصفها نموذجًا من‬ ‫ناش��طات الثورات العربية المعروفات‬ ‫والممي��زات‪ .‬ومن آخر م��ا أوردته عنها‬ ‫مواق��ع ومدوّن��ات الكتروني��ة كثيرة‪،‬‬ ‫تقري��ر نش��رته صحيف��ة "الق��دس‬ ‫العرب��ي" اللندنية‪ ،‬نقلته عن صحيفة‬ ‫"يديع��وت احرون��وت" اإلس��رائيلية‪،‬‬ ‫فوجد أع�لام النظام الس��وري ضالته‬ ‫ف��ي ه��ذا التقري��ر‪ ،‬واتخ��ذه برهان��ًا‬ ‫دامغ��اً على عمالة الممثلة الناش��طة‪،‬‬ ‫وارتباطه��ا بالمؤام��رة الدولي��ة عل��ى‬ ‫"س��وريا األس��د"‪ .‬أما مضمون التقرير‬ ‫الذي يروي وقائع من تجربة س��ليمان‬ ‫ف��ي االختف��اء والتظاه��ر‪ ،‬وم��ن‬ ‫مشاهداتها المروعة في بعض المدن‬ ‫الس��ورية‪ ،‬فال حس��اب له ف��ي أجهزة‬ ‫اإلع�لام األمني الس��وري المتخصص‬ ‫ف��ي صناع��ة الخون��ة والعم�لاء‪،‬‬ ‫ومطاردته��م أينم��ا ح ّل��وا‪ .‬يكف��ي أن‬ ‫ت��رد أس��ماؤهم ف��ي وس��ائل اإلعالم‬ ‫الغربية أو اإلس��رائيلية‪ ،‬ليصيروا من‬ ‫المتآمري��ن‪ .‬فاإلعالم األمني األس��دي‬ ‫وقرينه الصدّام��ي الراحل‪ ،‬ال يتصور‬ ‫أن لإلع�لام والثقافة والسياس��ة عم ًال‬ ‫ووظيفة ودوراً تختل��ف عما يقوم هو‬

‫به من عبادة القائد ونظامه‪ ،‬ومطاردة‬ ‫الخارجي��ن عل��ى طاعت��ه وعبادت��ه‬ ‫لقتلهم‪ .‬في هذه الحال‪ ،‬كل من ليس‬ ‫من حاش��ية القائد والنظ��ام وأبواقه‪،‬‬ ‫خائن وعميل‪ .‬هذه حال أسماء محفوظ‬ ‫وإس��راء عبد الفت��اح ووائل غنيم (في‬ ‫مصر‪ ،‬ومعهم ن��وارة احمد فؤاد نجم)‬ ‫وس��مير قصير ومي ش��دياق (وضمنًا‬ ‫جبران تويني وسواه من شهداء "ثورة‬ ‫األرز" ف��ي لبنان‪ ،‬وت��وكل كرمان في‬ ‫اليمن) وسائر النشطاء السوريين من‬ ‫فدوى سليمان إلى رزان زيتونة وسمر‬ ‫يزبك وياس��ين الحاج صالح وغيرهم‪.‬‬ ‫فاإلع�لام االس��دي أورد معظ��م هذه‬ ‫األس��ماء في س��ياق تعليق��ه على ما‬ ‫نش��رته "الق��دس العرب��ي" نقال عن‬ ‫الصحيفة اإلسرائيلية‪ ،‬ثم تساءل عن‬ ‫س��ر ما حظي به أصحابها من اهتمام‬ ‫وتق��ص – يس��ميهما "دعاي��ة" ‪ -‬ف��ي‬ ‫ٍ‬ ‫اإلعالم الغربي والعالمي‪.‬‬ ‫الج��واب البديه��ي والتلقائ��ي‪:‬‬ ‫جواس��يس ومتآم��رون‪ .‬والدلي��ل أن‬ ‫أس��اطين اإلع�لام األمن��ي البعث��ي‬ ‫وحاش��يته االس��دية‪ ،‬من أمث��ال عماد‬ ‫ف��واز ش��عيبي (ناصر قنديل س��وريا)‬ ‫واحم��د الح��اج عل��ي وبثين��ة ش��عبان‬ ‫وأمثالهم‪ ،‬لم يشملهم اإلعالم الغربي‬ ‫باهتمام��ه و"دعايت��ه"‪ .‬فاإلع�لام في‬ ‫عرف الديكتاتوري��ات‪ ،‬وكذلك الثقافة‬ ‫والفن والسياسة‪ ،‬دعاية وامن وعبادة‬ ‫للقيادة‪.‬‬

‫التحري�ض على القتل‬

‫أما من رفعوا أصواتهم وأقالمهم‬ ‫ومدوناتهم ونزلوا إلى الشارع احتجاجًا‬ ‫عل��ى الجنّات األمنية‪ ،‬اآلمنة والرخية‪،‬‬ ‫ف��ي تونس زي��ن العابدي��ن بن علي‪،‬‬ ‫ومصر حس��ني مب��ارك‪ ،‬وليبي��ا معمر‬ ‫القذافي‪ ،‬ويم��ن علي عبد اهلل صالح‪،‬‬ ‫ولبنان وس��وريا حافظ وبش��ار األسد‪،‬‬ ‫فه��م جاح��دون مارق��ون‪ ،‬وصنيع��ة‬ ‫اإلعالم الغربي والصهيوني ورعايته‪.‬‬ ‫وإال لماذا "يس��وّق" هذا اإلعالم أخبار‬ ‫ه��ؤالء ويقتفي أثره��م؟! في تعليقه‬ ‫عل��ى حال��ة ف��دوى س��ليمان‪ ،‬يخاطب‬ ‫اإلعالم االسدي من بقي حياً في جنّته‬ ‫الدموية‪ ،‬على النح��و اآلتي‪" :‬صحيفة‬ ‫إس��رائيلية تس��وّق لممثل��ة س��ورية‬ ‫تسعى لمساعدة من لو اعتقلوها في‬ ‫حمص‪ ،‬لقطعوا رأسها‪ ،‬ألنها مختلفة‬ ‫عنهم طائفيا بالوالدة"‪ ،‬أي علوية بين‬ ‫أه��ل حمص الت��ي فرّت إليه��ا هاربة‬ ‫من المطاردة األمنية‪.‬‬ ‫فالنظ��ام االس��دي يعتب��ر أن من‬ ‫يخرج على طاعته خائن وعميل‪ ،‬ألنه‬ ‫يحاول إقامة جس��ور م��ا بين جماعات‬ ‫النس��يج الوطني الس��وري الذي عمل‬ ‫ذل��ك النظام عل��ى تمزيق��ه وتدميره‬ ‫واحتج��از أهل��ه وترويعه��م ومح��و‬ ‫ثقافته��م ط��وال عق��ود من تس��ليط‬

‫أجهزت��ه األمني��ة عليه��م‪ ،‬فتحول��وا‬ ‫مجتمع��اً مكتومًا محطم��ًا وصامتاً‪ ،‬إال‬ ‫في طقوس عبادة األس��د التي جعلها‬ ‫أخيراً‪ ،‬ف��ي ظل االنتفاض��ات العربية‬ ‫الزاحف��ة‪ ،‬عبادة دموية‪ ،‬ما إن س��وّل‬ ‫الله��وُ ألطف��ال ف��ي درع��ا أن يكتبوا‬ ‫على جدار مدرس��تهم‪" :‬الش��عب يريد‬ ‫إسقاط النظام"‪ .‬تجربة اللبنانيين في‬ ‫زمن االحتالل األمني األسدي لبلدهم‪،‬‬ ‫مريرة ومدم��رة في هذا المجال‪ .‬فكل‬ ‫م��ن حاول في لبنان أن يقيم جس��وراً‬ ‫م��ا بين جماعات��ه‪ ،‬إما اته��م بالعمالة‬ ‫والخيانة‪ ،‬وإما اغتيل‪ .‬الشاهد األسطع‬ ‫عل��ى ذل��ك اغتي��ال رفي��ق الحري��ري‬ ‫وس��واه من ش��هداء االس��تقالل‪ .‬وألن‬ ‫أجهزة األمن االس��دية عجزت عن قتل‬ ‫ف��دوى س��ليمان‪ ،‬أوكل��ت المهمة إلى‬ ‫ً‬ ‫قائل��ة ألهالي‬ ‫التحري��ض الطائف��ي‪،‬‬ ‫حمص‪ :‬علوية في دياركم‪ ،‬اقتلوها‪.‬‬

‫الو�صية‪ :‬ل�ست ً‬ ‫�صنما‬

‫بعد مضي ش��هرين عل��ى بداية‬ ‫االنتفاض��ة في درع��ا‪ ،‬خرجت الممثلة‬ ‫فدوى سليمان إلى الشوارع متظاهر ًة‬ ‫في دمش��ق‪ .‬دفعها إلى ذلك – على ما‬ ‫كتبت على صفحتها في الـ"فايسبوك"‬ ‫– مش��اهدتها "أفالم��ًا قصيرة تصوّر‬ ‫أطف��ا ًال ّ‬ ‫حط��م الش��بّيحة جماجمه��م‬ ‫أم��ام أنظ��ار ذويه��م الذي��ن "تحدثوا‬ ‫عن عائلة أبيدت بوحش��ية مزعزعة"‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫"حطمتن��ي"‪ ،‬تق��ول‪ .‬مس��اء‪ ،‬بع��د‬ ‫تظاهرة ش��اركت فيها‪ ،‬اعتقل رسّام‬ ‫الكاريكاتور علي فرزات‪ .‬بعد ساعتين‬ ‫"عث��ر عليه ف��ي زقاق مظل��م"‪ .‬على‬ ‫مثال م��ا اقتلعت أظف��ار أطفال درعا‪،‬‬ ‫وذوِّبت باألسيد يد الصحافي اللبناني‬ ‫س��ليم الل��وزي قب��ل عق��ود‪ ،‬واجت ّثت‬ ‫حنجرة هتّ��اف االنتفاضة ف��ي حماة‪،‬‬ ‫إبراهي��م القاش��وش‪ِّ ،‬‬ ‫حُطمت أصابع‬ ‫علي ف��رزات الذي‪ ،‬بع��د العثور عليه‪،‬‬ ‫فرّت فدوى س��ليمان إلى الالذقية‪ .‬أما‬ ‫بع��د ظهورها في حم��ص‪ ،‬فقد ظهر‬ ‫شقيقها على شاشة تلفزيون "الدنيا"‬ ‫الدمش��قي‪ ،‬معلناً "تبرؤ العائلة" منها‪.‬‬ ‫ق��ال إنه��ا "غ��ادرت البي��ت قبل س��بع‬

‫س��نين‪ ،‬وعلم��تُ بأنها تتص��ل بأمي‬ ‫فقط بواس��طة أرقام هاتفية س��رية‪.‬‬ ‫وعندم��ا رأيته��ا تق��ود التظاهرة في‬ ‫حم��ص‪ ،‬صُدمتُ‪ .‬لقد نس��يت القيم‬ ‫التي تربّت عليها‪ ،‬وهي أن المال ليس‬ ‫كل ش��يء‪ .‬أنا اعل��م أنها حصلت على‬ ‫الكثير من المال من خارج البالد"‪.‬‬ ‫م��ن حم��ص ج��اء ج��واب ف��دوى‬ ‫ً‬ ‫وصي��ة منه��ا إل��ى‬ ‫س��ليمان محاكي��ًا‬ ‫الش��عب الس��وري‪ .‬ف��ي ليل��ة س��بت‬ ‫ق��ررت التخلص من العالم��ة الفارقة‬ ‫التي تميزه��ا‪ ،‬فأخذت مقص��اً وجزّت‬ ‫ش��عرها األس��ود الطويل‪ ،‬بال رحمة‪،‬‬ ‫ث��م أطلقت وصيّتها المص��وّرة‪" :‬من‬ ‫المه��م أن تعلم��وا‪ ،‬إذا أرغموني على‬ ‫االعت��راف عل��ى قن��اة "الدني��ا"‪ ،‬فتلك‬ ‫عالم��ة على أنن��ي اعتُقل��ت وأُرغمت‬ ‫عل��ى ما قلت‪ ،‬فال تصدّق��وا أي كلمة‪.‬‬ ‫وال تصدّقوا أبناء عائلتي أو أصدقائي‬ ‫الذين س��تجبرهم ألوان التعذيب على‬ ‫القول إنني فاس��دة وخائنة‪ .‬هذه هي‬ ‫طريق��ة بش��ار األس��د"‪ .‬تعقيب��اً على‬ ‫ه��ذه الوصية كتب عم��ار ديّوب على‬ ‫صفحت��ه ف��ي الـ"فايس��بوك"‪ ،‬واصفًا‬ ‫ح��ال حم��ص‪" :‬مدافع ت��دكّ‪ ،‬ورقص‬ ‫ال يتوقف‪ .‬ش��هداء يش��يّعون‪ ،‬وأحياء‬ ‫ينتفضون من جديد‪ .‬يتوقف القنص‪،‬‬ ‫فيتن��ادى الش��بان إلحص��اء األحب��اء‬ ‫وس��حب الش��هداء (‪ )...‬في سوريا من‬ ‫الصعب أن يفهم العالم ما يجري‪ ،‬ألن‬ ‫سوريا لألسف‪ ،‬لم تدخل العالم"‪ .‬لكن‬ ‫ق��ارئ هذه الكلمات ال بد أن يضيف أن‬ ‫س��وريا دخلت العالم والتاريخ منذ ‪18‬‬ ‫آذار ‪ .2011‬هذا ما حمل فدوى سليمان‬ ‫على االعتراض على قول صديقة لها‬ ‫رأت أنه��ا أصبحت رمزاً للثائرة العلوية‬ ‫الفنان��ة‪ ،‬ويجب أن تنتب��ه لتصرفاتها‪،‬‬ ‫فكتب��ت على صفحتها‪" :‬لس��ت صنماً‪،‬‬ ‫وال علوية وال سنية‪ .‬فالشعب السوري‬ ‫يُسقط األصنام في بلده‪ .‬لديَّ حبيب‬ ‫كباق��ي الن��اس‪ .‬أص��وم وأص ّلي‪ ،‬لكن‬ ‫على طريقتي‪ ،‬وقد أش��رب كأس نبيذ‬ ‫م��ن الذي صنع��ه جدي‪ ...‬وم��ن نبيذه‬ ‫سأشرب نخب النصر"‪.‬‬ ‫جريدة النهار اللبنانية ‪2012 | 1 | 25‬‬


‫علمانيون يف ال�ضفة الأخرى‬

‫دندنات‬

‫ابن حزم‬

‫عارف عبدو‬

‫وهك��ذا حتى وصل األس��تاذ وكان ما كان‪،‬‬ ‫وهن��ا لن أطي��ل على م��ن تحملني ال��ى هذه‬ ‫اللحظة‪ ،‬أجري تحقيق في‬ ‫الموضوع م��ن قبل المدير األس��تاذ محمد‬ ‫رحمه اهلل وتلفلف الموضوع بعد عدة أيام‪.‬‬ ‫اكتشفنا منذ كنا في الثانوية أننا نستطيع‬ ‫تمري��ر أي تخريب نريده تح��ت هتافات النفاق‬ ‫والكذب تلك‪.‬‬ ‫ومن قبلنا اكتش��ف ن��واب الرؤس��اء وزراء‬ ‫الدولة والمحافظين والمدراء العامين والضباط‬ ‫والقضاة ومدراء‬ ‫المناط��ق والنواح��ي ورؤس��اء البلدي��ات‬ ‫والموظفين وأصحاب المهن والمحال التجارية‪،‬‬ ‫بالمختصر المفيد‬ ‫الكبير والصغير والمقمط بالسرير‪ ،‬أصبح‬ ‫يعرف أنه باس��مكم بات يس��تطيع تمرير أي ًا ما‬ ‫شاء من أعمال‬ ‫التخريب‪ ،‬وكنتم أول العارفين بهذا الشيء‬ ‫وكنتم أنتم أولى الناس بالخراب‪.‬‬ ‫عن موقع كبريت‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫فكرن��ا في الطريق��ة المثلى لذل��ك األمر‪،‬‬ ‫فبدأ كل يدلي بدل��وه حتى اجتمعنا على فكرة‬ ‫ت��كاد تك��ون ش��يطانية حينه��ا… نغل��ق باب‬ ‫الص��ف وش��بابيكه ونف��رغ قلي ً‬ ‫ال م��ن المازوت‬ ‫على المدفأة وهي ملتهبة‪ ،‬عندها يستطيع أي‬ ‫شخص أن‬ ‫يتخيل الصورة التي س��تكون عليها غرفة‬ ‫الص��ف (انع��دام رؤي��ا واحت��راق ش��به كام��ل‬ ‫لألوكسجين) اذا سيكون‬ ‫من المس��تحيل مجرد مكوث األس��تاذ في‬ ‫الص��ف فكي��ف بإعطاء درس‪ ،‬لك��ن الخطة لم‬ ‫تنتهي بعد‪ ،‬كلفنا أحد‬ ‫الرف��اق بمراقب��ة مجيء األس��تاذ‪ ،‬وعندما‬ ‫ظهر األس��تاذ م��ن ب��اب اإلدارة بدأن��ا بالهتاف‬ ‫"بالروح بالدم نفديك يا‬ ‫بشار" "حافظ أسد رمز األمة العربية" "إلى‬ ‫األبد إلى األبد يا بشار األسد"‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كانت مسألة العلمانية والعلمنة‪ ،‬واإلسالمية واألسلمة مثار جدل بين النخب الثقافية‬ ‫والسياسية على امتداد الساحة العربية قبل الربيع العربي‪ ،‬وكان العشرات ينظرون في‬ ‫مؤلفاتهم ومقاالتهم إلى أن العلمانية تعيش أزمة ارتباطها شكلياً بأنظمة استبدادية‬ ‫تقمعها قبل غيرها‪ ،‬وأزمة حصارها من قبل فكر ديني تتركه السلطات االستبدادية العربية‬ ‫يعمل في المجتمع‪ ،‬وتسحقه بعنف شديد عندما يقترب من السياسة‪ .‬وكانت أغلب مقوالت‬ ‫العلمانيين وآرائهم تنصب إلى أن الديكتاتورية سبب رئيس لتراجع العلمانية وغياب مفاهيمها‬ ‫في الدول العربية‪ ،‬وإلى أن اإلسالم السياسي يشكل خطراً على العلمانية في شرقنا الحزين‪،‬‬ ‫وإن هذا الخطر ال سبيل إلى مواجهته فكرياً وسياسي ًا في ظل أنظمة القمع واإللغاء‪.‬‬ ‫انطلقت الثورات الشعبية الهادرة في العالم العربي‪ ،‬وبرز الفكر الديني بوصفه واحداً‬ ‫من محركات الثورة على الطغيان‪ ،‬وانضمت قطاعات العلمانيين واليساريين في أغلبهم إلى‬ ‫ثورتي تونس ومصر دون مواربة‪ ،‬ولم تطرح مسائل مشابهة في معرض الثورة الليبية‬ ‫بسبب المناحي الدراماتيكية والعنيفة والدموية التي أخذتها الثورة‪ ،‬كما لم يطرح هذا‬ ‫اإلشكال في الثورة اليمنية ألسباب خاصة تتعلق بالتركيبة االجتماعية والفكرية للشعب‬ ‫اليمني وقواه السياسية‪ ،‬وما إن حط الربيع العربي رحاله في سورية حتى برزت أزمة موقف‬ ‫فئة واسعة من المثقفين والجامعيين الذين يصفون أنفسهم بالعلمانية‪ ،‬إذ تراجع الخطاب‬ ‫الذي كان يفضي إلى تحميل االستبداد المسؤولية عن حصار الفكر العلماني‪ ،‬ليحل محله‬ ‫ذعر من القوى اإلسالمية والدولة الدينية‪ ،‬وذعر من حروب طائفية أو من ثورةِ ما يصفه‬ ‫بعضهم «بالرعاع» أو «المهمشين» أو «مجتمع القاع»‪ ،‬ليفضي هذا الموقف في النهاية إلى‬ ‫اتجاه يفضِّل االحتماء بالديكتاتورية العسكرية والسكوت على جرائمها خوفًا من وصول‬ ‫اإلسالميين إلى السلطة‪ ،‬أو خوفًا من الحرب األهلية‪ ،‬أو خوف ًا على المقاومة ومستقبل‬ ‫المشرق العربي‪ ،‬أو غيرها من المخاوف والذرائع التي تبدأ وال تنتهي‪.‬‬ ‫ال يعني هذا إنه ليس ثمة علمانيون أو يساريون في صفوف هذه الثورة بل هم بالمئات‬ ‫دون شك‪ ،‬ولكن هذا يعني إن قطاع ًا واسعاً ممن يعتبرون أنفسهم أصحاب فكر علماني قد‬ ‫متعال‬ ‫أخذوا موقفًا معاديًا للثورة‪ ،‬أو موقف المحايد المتفرج‪ ،‬أو موقف المنظر من موقع فوقي‬ ‫ٍ‬ ‫على الثوار النازفين في الشوارع‪ ،‬وهكذا فرض الصراع الفكري بين العلمانية واإلسالمية‬ ‫نفسه بوصفه بنداً على أجندة الربيع العربي في سورية‪ ،‬وهو ما يحتاج إلى تفسير أسبابه‬ ‫ورصدها بعناية ال يتسع المقام لها هنا‪.‬‬ ‫وأما ما يتسع له المقام فهو القول لهؤالء العلمانيين إن ما يجري في سورية ثورة شعبية‬ ‫تهدف إلى إسقاط االستبداد‪ ،‬وإن ما يصفه بعضهم بثورة «رعاع» هو ثورة شعب دفعها‬ ‫النظام بعنفه وهمجيته إلى األطراف واألرياف‪ ،‬وإن ما يعتقدون إنه ثورة إسالمية أو ثورة‬ ‫طائفية تستهدف األقليات ما هو إال ثورة شعب مسلم بأغلبيته‪ ،‬يستنهض تراثه وتاريخه‬ ‫ومخزونه الثقافي لمواجهة آلة عسكرية صماء ال تعرف سوى لغة القتل‪ ،‬وألن أغلبهم من‬ ‫المثقفين والقارئين الجيدين‪ ،‬فال شك أنهم يعرفون هذا‪ ،‬ويعرفون أن الثورات ال تسير وفق‬ ‫مزاج أحد‪ ،‬وإنما وفق مزاج التاريخ وحده‪ .‬وألنهم يعرفون هذا بالتأكيد فإن موقفهم ال يمكن‬ ‫تفسيره إال في إطار توقعهم فوز قوى إسالمية في أي انتخابات حرة على غرار ما حدث‬ ‫في مصر وتونس‪ ،‬وهو ما يفضلون الديكتاتورية واالحتماء بها عليه‪ ،‬كما يمكن تفسير‬ ‫موقف قسم منهم بالمخاوف األقلوية ال تبرر حتى في حال جديتها هذا الوقوف المشين مع‬ ‫الديكتاتورية‪ ،‬أو الوقوف على الحياد في حرب يشنها طاغية على شعبه‪.‬‬ ‫لقد نجح النظام السوري من خالل حمالت التضليل والتشويه‪ ،‬ومن خالل ابتزازه للمجتمع‬ ‫السوري بشعارات الممانعة واالستقرار والوحدة الوطنية في إخراج قسم واسع من المجتمع‬ ‫السوري من المعركة حتى اآلن‪ ،‬وإذا كانت قدرته على تحييد قطاعات شعبية من الصراع‬ ‫معه أمراً مفهوم ًا ومتوقع ًا‪ ،‬فإن قدرته على تحييد هؤالء «العلمانيين» بل واجتذاب بعضهم‬ ‫إلى جانبه ال يكن فهمها‪ ،‬إال بالقول إن هؤالء «العلمانيين» يقفون أص ً‬ ‫ال هناك في الضفة‬ ‫األخرى‪ ،‬ضفة االستبداد المعادي للمدنية والعلمانية واإلنسان نفسه‪.‬‬

‫أراد بع��ض رفاق��ي ومن بينهم أن��ا‪ ،‬أن ال‬ ‫يعطينا أس��تاذ مادة اللغة العربية درس ًا‪ ،‬وذلك‬ ‫في أحد أيام الدراسة‬ ‫م��ن الص��ف األول الثان��وي‪ ،‬وكان الوض��ع‬ ‫يشبه االنسجام فيما بين الطالب ذاك اليوم‪.‬‬

‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫�أعمال تخريب‬

‫‪9‬‬


‫الصفحة القانونية‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫العقوبات املا�سة باحلقوق والعقوبات‬ ‫النف�سية يف الت�شريع ال�سوري‬

‫ياسر مرزوق‬

‫خارج إطار العقوبات البدنية‬ ‫والماسة بالحرية والمالية تظهر في‬ ‫ميدان التشريع والتشريع السوري‬ ‫أيضًا‪ ،‬العقوبات الماسة بالحقوق‬ ‫والعقوبات النفسية‪ ،‬وقد اخترنا‬ ‫الموضوع اليوم كون هذه العقوبات‬ ‫تعتبر من العقوبات المنسية‪،‬‬ ‫فالعقوبات الماسة بالحقوق تجرد‬ ‫المواطن من حقوقه وواجباته مع‬ ‫أن الظاهر للعيان أنه يعيش حيا ًة‬ ‫طبيعية‪ ،‬لذا كان ال بدّ من اإلضاءة‬ ‫على هذه النصوص القانونية‪.‬‬ ‫العقوبات الماسة بالحرية‪:‬‬

‫‪ - 1‬التجريد املدين‪:‬‬

‫وهو عقوبة يحرم المحكوم عليه‬ ‫حقوق معينة وهي‬ ‫بها من ممارسة‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫عقوبة‬ ‫دائمًا عقوب ٌة جنائية وتكون‬ ‫أصلية في بعض الحاالت‪ ،‬كما تكون‬ ‫ً‬ ‫عقوبة فرعية في حاالتٍ أخرى‪،‬‬ ‫يحكم بالتجريد المدني كعقوبةٍ‬ ‫أصلية في الجرائم السياسية ذات‬ ‫الوصف الجنائي (المادة ‪ /38/‬فقرةة‬ ‫‪ 4‬من قانون العقوبات) وقد حددت‬ ‫المادة ‪ /49/‬من القانون المذكور‬ ‫اآلثار المترتبة على الحكم بالتجريد‬ ‫المدني وهي التالية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬العزل واإلقصاء عن جميع‬ ‫الوظائف والخدمات العامة والحرمان‬ ‫من كل معاش تجريه الدولة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬العزل واإلقصاء عن جميع‬ ‫الوظائف والخدمات في إدارة الطائفة‬ ‫أو النقابة التي ينتمي إليها المحكوم‬ ‫معاش‬ ‫عليه‪ ،‬والحرمان من أي‬ ‫ٍ‬ ‫أو مرتب تجريه هذه الطائفة أو‬ ‫النقابة‪.‬‬ ‫‪ - 3‬الحرمان من حقه في أن‬ ‫امتياز أو التزام من‬ ‫يكون صاحب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬الحرمان من حقه في‬ ‫أن يكون ناخبًا أو منتخباً ومن‬ ‫سائر الحقوق المدنية والسياسية‬ ‫والطائفية والنقابية‪.‬‬ ‫‪ - 5‬عدم األهلية ألن يكون مالكاً‬ ‫أو ناشراً أو محرراً لجريدة أو ألية‬

‫نشرة موقوتة أخرى‪.‬‬ ‫‪ - 6‬الحرمان من تولي مدرسة‬ ‫أو أية مهنة في التعليم العام أو‬ ‫الخاص‪.‬‬ ‫‪ - 7‬الحرمان من حق حمل‬ ‫األوسمة واأللقاب الفخرية السورية‬ ‫واألجنبية‪.‬‬ ‫ومدة عقوبة التجريد المدني‬ ‫ً‬ ‫عقوبة أصلية تتراوح بين ‪3‬‬ ‫بوصفه‬ ‫إلى ‪ 15‬سنة‪.‬‬ ‫التجريد المدني كعقوبة فرعية‪:‬‬ ‫التجريد المدني يالزم العقوبات‬ ‫الجنائية بوصفه عقوبة فرعية لها‪،‬‬ ‫دون حاجةٍ لورود نصٍّ عليه في قرار‬ ‫الحكم‪ ،‬فهو مالزم لعقوبات األشغال‬ ‫المؤبدة والمؤقتة واالعتقال المؤبد‬ ‫والمؤقت واإلقامة الجبرية وينفذ فور‬ ‫اكتساب الحكم الدرجة القطعية ثم‬ ‫يستمر حتى انقضاء السنة العاشرة‬ ‫على تنفيذ العقوبة األصلية بحسب‬ ‫المادة ‪ /63/‬من قانون العقوبات‪.‬‬

‫‪ - 2‬عقوبة املنع من احلقوق‬ ‫املدنية‪:‬‬

‫‪ - 1‬تحرم هذه العقوبة المحكوم‬ ‫عليه من ممارسة الحقوق التالية‪:‬‬ ‫‪ - 2‬الحق في تولي الوظائف‬ ‫والخدمات العامة‪.‬‬ ‫‪ - 3‬الحق في تولي الوظائف‬ ‫والخدمات في إدارة شؤون الطائفة‬ ‫المدنية‪ ،‬إو إدارة النقابة التي ينتمي‬ ‫إليها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬الحق في أن يكون ناخباً أو‬ ‫منتخبًا في جميع مجالس الدولة وفي‬ ‫منظمات الطوائف والنقابات‪.‬‬ ‫‪ - 5‬الحق في حمل أوسمة‬ ‫سورية أو أجنبية‪.‬‬ ‫وعقوبة المنع من الحقوق‬ ‫المدنية عقوبة جنحية وهي إما أن‬ ‫ً‬ ‫عقوبة أصلية أو عقوبة فرعية‬ ‫تكون‬ ‫تتبع حكماً عقوبة الحبس أو اإلقامة‬ ‫الجبرية حسب المادة ‪ /65/‬من قانون‬ ‫العقوبات‪.‬‬

‫‪ - 3‬عقوبة احلجر القانوين‪:‬‬

‫الحجر القانوني عقوبة فرعية‬ ‫تالزم حكماً عقوبة األشغال الشاقة‬ ‫واالعتقال‪ ،‬والحجر القانوني يفقد‬ ‫المحكوم عليه بموجبها سلطة‬ ‫ممارسة حقوقه على أمالكه‬ ‫فيعهد بها إلى قيّم وفق القواعد‬ ‫ٍ‬ ‫المنصوص عليها في المادة ‪/200/‬‬ ‫من قانون األحوال الشخصية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ونتيجة لهذا الحجر فكل عمل أو‬ ‫تصرف يقوم به المحجور عليه يعتبر‬ ‫باط ً‬ ‫ال بطالنًا مطلقاً‪ ،‬كما ال يمكن أن‬ ‫مبلغ من دخله ما خال‬ ‫أي‬ ‫إليه‬ ‫يسلم‬ ‫ٍ‬ ‫المبالغ التي يجيزها القانون وأنظمة‬ ‫السجون بحسب المادة ‪ /50/‬من‬ ‫قانون العقوبات‪.‬‬ ‫تجدر اإلشارة إلى أن العقوبات‬ ‫الماسة بالحقوق ال تسقط بالتقادم‬ ‫بحسب المادة ‪ /161/‬من قانون‬ ‫العقوبات‪.‬‬ ‫العقوبات النفسية في التشريع‬ ‫السوري عقوبتان لهما طابع نفسي‬ ‫عقوبة إلصاق الحكم‪ ،‬وعقوبة نشر‬ ‫الحكم‪ ،‬وهاتان العقوبتان يقصد‬ ‫بهما إذاعة نبأ اإلدانة في األوساط‬ ‫القريبة من المحكوم عليه للتشهير‬ ‫به وإحاطة اآلخرين علماً بفعلته‪ ،‬وقد‬ ‫قصد المشرع منها تطمين الهيئة‬ ‫االجتماعية على أمنها وسالمتها‬ ‫وردع من تسول له نفسه بالعدوان‬ ‫عليها وسنعرض للعقوبتين على‬ ‫التوالي‪:‬‬

‫عقوبة �إل�صاق احلكم‪:‬‬

‫تضمنت المادة ‪ /67/‬من قانون‬ ‫العقوبات أحكام إلصاق الحكم وهي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬كل حكم يتضمن عقوبة‬ ‫جنائية يلصق لمدة شهر على باب‬ ‫قاعة محكمة الجنايات‪ ،‬وفي أقرب‬ ‫محل من مكان الجناية وفي المحلة‬ ‫ٍ‬ ‫التي كان فيها للمحكوم عليه محل‬ ‫إقامةٍ أو سكن‪ ،‬وهذا اإللصاق‬ ‫وجوبي وهو عقوبة فرعية تتبع‬ ‫الحكم المتضمن عقوبة جنائية من‬ ‫ً‬ ‫صراحة‪.‬‬ ‫غير أن تنطق المحكمة به‬

‫‪ - 2‬إذا كان الحكم متضمنًا‬ ‫عقوبة جنحية فال يجوز لصقه إال‬ ‫إذا نص القانون على ذلك (كعقوبات‬ ‫قانون التموين والتسعير) وهذا النوع‬ ‫ً‬ ‫عقوبة إضافية‬ ‫من اإللصاق يشكل‬ ‫ال بد من القاضي أن يضمنها قرار‬ ‫الحكم‪ ،‬ومدة هذه العقوبة ‪ 15‬يومًا‪.‬‬ ‫‪ - 3‬في كل األحوال ال يجوز‬ ‫أن تلصق من األحكام إال خالصتها‬ ‫وللقاضي أن يعين حجم اإلعالن‬ ‫وحروف الطبع وكل ذلك يتم على‬ ‫نفقة المحكوم عليه‪.‬‬

‫عقوبة ن�شر احلكم‪:‬‬

‫تناولت المادة ‪ /68/‬من قانون‬ ‫العقوبات أحكام نشر الحكم وهي‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬لمحكمة الجنايات الحرية‬ ‫المطلقة في أن تأمر بنشر أي حكم‬ ‫ٍ‬ ‫جنائي في جريدة أو جريدتين تعينهما‬ ‫والنشر هنا عقوبة إضافية ال بد من‬ ‫ً‬ ‫صراحة في قرار الحكم‪.‬‬ ‫ذكرها‬ ‫‪ - 2‬إذا كانت العقوبة جنحية جاز‬ ‫للمحكمة أن تنشر حكمها في جريدةٍ‬ ‫أو جريدتين تعينهما إذا نص القانون‬ ‫ً‬ ‫صراحة على ذلك‪.‬‬ ‫‪ - 3‬إذا اقترفت الجناية أو الجنحة‬ ‫بواسطة جريدةٍ أو أية نشرةٍ دورية‬ ‫أمكن نشر إعالن إضافي فيها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬يلزم المحكوم عليه بنفقات‬ ‫النشر‪.‬‬ ‫وللتوضيح توجب استعراض‬ ‫الفروق بين العقوبات األصلية وهي‬ ‫العقوبات األساسية المقررة في‬ ‫القانون للجريمة كاإلعدام واألشغال‬ ‫الشاقة المؤبدة والمؤقتة واالعتقال‬ ‫المؤبد والمؤقت‪ ...‬أما العقوبات‬ ‫الفرعية فهي عقوبات تتبع بحكم‬ ‫القانون العقوبة األصلية دون حاجةٍ‬ ‫للنطق بها في قرار الحكم الصادرة‬ ‫عن المحكمة وهذه العقوبات تسمى‬ ‫العقوبات التبعية‪ ،‬أما العقوبات‬ ‫اإلضافية فهي تضاف إلى العقوبة‬ ‫األصلية في نفس قرار الحكم إذا‬ ‫رأت المحكمة موجباً لذلك‪.‬‬


‫يا أرضنا‪ ..‬شهداؤنا‪ :‬نوصيك بهم خريا‬

‫زوجة صفوان الطرشة‬

‫وابنها ال�شهيد عبد اهلل �صفوان الطر�شة‬ ‫قامت عصابات االسد عصر يوم الجمعة ‪( 2012\1\27‬جمعة الدفاع عن النفس )‬ ‫باستهداف سيارة مدنية تقل أصحابها اللذين كانوا بطريقهم الى حي القرابيص‬ ‫الحضار الطعام على الكورنيش فأودت األب مصاب‪ ،‬واستشهاد االم في لحظتها‪ ،‬وإصابة‬ ‫الطفل إصابة بليغة تم اسعافه إلى أحد المشافي الميدانية في بابا عمرو ليرتقي طائراً‬ ‫مغرداً‪..‬‬

‫احلرية لل�صديق حممد خليل‬

‫من مواليد دمشق ‪،1989/01/13‬‬ ‫طالب في كلية األداب في جامعة دمشق‪..‬‬ ‫هو أحد أبناء هذا الوطن الذي يؤمنون‬ ‫بأن سوريا هي لكل السوريين من دون‬ ‫استثناء‪ ،‬و أن جميع أبناءها يمكلون‬ ‫الحقوق و الواجبات نفسها أمام نظام‬ ‫قضائي مدني عادل و منصف‪.‬‬ ‫تم اعتقال محمد في تاريخ‬ ‫‪ 2012/01/24‬الثالثاء‪ ...‬نحن أصدقاء‬ ‫محمد خليل نتابع قضيته عن قرب‬ ‫و نحمل السلطات األمنية مسؤولية‬ ‫سالمته الشخصية و نطالب باإلفراج‬ ‫السريع والغير المشروط عنه‪ ،‬أو إحالته‬ ‫بشكل فوري إلى القضاء في حال‬ ‫توجيه أي تهم ضده‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫مشعات احلرية ‪ . .‬معتقلونا‬

‫يا نحن ‪. .‬‬

‫ال�شهيدة املهند�سة ندى امل�صري‬

‫ثالثة وعشرون جثة مهجولة الهوية مكبلة األيدي وقد‬ ‫أطل��ق عليها الرصاص في الرأس وعليها آثار تعذيب‪ .‬ترى‬ ‫ماذا كان ش��عور هؤالء الش��باب عند لحظ��ة إعدامهم على‬ ‫أيدي عصابات اإلجرام‪:‬‬ ‫ال أري سوى الظالم وال أشعر سوى باأللم‬ ‫وبالرائح��ة النتن��ة لعنص��ر أم��ن يركلن��ي ألترجل من‬ ‫السيارة‬ ‫هناك أخرين معي أستطيع أن أسمع همهماتهم‬ ‫أعل��م أنني س��أرحل وأحس بدمعة تبل��ل الخرقة التي‬ ‫عصبت بها عيني‬ ‫‪ ...‬ثم يدفع بي إلى حفرة موحلة‬ ‫ف��ي وس��ط ضح��كات س��جانينا وه��م يتمازح��ون من‬ ‫سيطلق النار أو ً‬ ‫ال‬ ‫أشعر بجسد آخر يرتجف إلى جانبي‬ ‫وأجد نفسي وأنا أقول له ال تخاف فهي الشهادة‬ ‫يدمي قبلي أني س��أرحل من دون أن يتعرف أحدنا إلى‬ ‫األخر‬ ‫يدمي قلبي أنني لن أرى وأتكلم معكم يا أبطال‬ ‫ال أش��عر بأطرافي كي ال أش��م رائح��ة المطر الممتزج‬ ‫بالتراب والعرق والدماء‬ ‫أحاول أن أسترجع رائحة منزلنا رائحة حضن أمي‬ ‫تراها تتس��ائل أين ذهب��ت‪ ،‬تراها تدعو أنني قد فررت‬ ‫عبر الحدود‬ ‫أراها اآلن تس��أل عني ف��ي كل مكان وتترجى ش��باب‬ ‫الحارة ليفتشوا عني‬ ‫ال تحزني فابنك عاش كريمًا و سيموت بط ً‬ ‫ال‬ ‫ال أريد أن أرحل في الظالم الجو بارد ومالبسي مبتلة‬ ‫يا ليتني سمعت كالمك وارتديت مالبسًا دافئة‬ ‫يا ليتني التفت إليك آلخر مرة ألرى وجهك قبل مغادرة‬ ‫المنزل‬ ‫ي��ا ليتني أس��تطيع اآلن أن أقبل يدي��ك وأطلب الصفح‬ ‫والمغفرة‬ ‫أنا آسف ألنني أبكي‪ ...‬أنا آسف ألنني خائف‬ ‫ويدوي الرصاص‬ ‫وتتوقف األنف��اس الثقيلة ويتوقف جس��د رفيقي عن‬ ‫االرتجاف‬ ‫إنها النهاية «اشهد أن ال إله إال اهلل»‬ ‫تعلن قنوات إخبارية بشكل مقتضب العثور على ثالثة‬ ‫وعشرين جثة مجهولة الهوية‬ ‫أنا لست جثة مجهولة الهوية‬ ‫أن��ا مواط��ن س��وري كان لي في ي��وم من��زل وحلم‪...‬‬ ‫ووطن‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫قام شبيحة النظام المجرم باستهداف منزل الطبيب المعتقل معد مواهب طايع‬ ‫في شارع القوتلي برصاص حارق مما أدى الشتعال المنزل و استشهاد أبنائه األربعة‬ ‫عمرهم (‪ )3-9-10‬سنوات والطفلة الرابعة (‪ 9‬اشهر ) استشهد بعد نقله إلى المشفى‬ ‫بحالة خطرة‪ ،‬والتي توفيت مساء أمس‪.‬‬ ‫الدكتور معد مواهب طايع معتقل بتهمة عالج الجرحى وتقديم مساعدات إنسانية‬ ‫للعوائل المنكوبة في الالذقية‪.‬‬ ‫انطلقت جنازة أطفال الدكتور معد طايع من جامع صوفان وبدأ المشيعين الذين‬ ‫نزلوا باالالف بالتكبير القوي فيها ‪ ،‬والهتاف يعلو باسقاط النظام ‪ ،‬على الجنة رايحيين‬ ‫شهداء بالماليين‪ ،‬والتكبير من الصليبة يعلو بالتزامن مع خروج جنازة االطفال‪..‬‬ ‫شاهد عيان‪:‬‬ ‫تم سماع إطالق رصاص في العمارة التي يقع فيها بيت الدكتور ثم تلى ذلك إندالع‬ ‫حريق في الشقة وقد وجدت الجثث الثالثة متفحمة بالكامل بينما ترقد الطفلة بين‬ ‫يدي رب العزة ورحمته وحالة األم سيئة في المستشفى ويبدو أنه تم الضغط على أخو‬ ‫الدكتور معد ليقول أن سبب الحريق هو ماس كهربائي وهناك محاولة للتحقق من آثار‬ ‫الرصاص في أجساد األطفال !!‬

‫يا نحــن‬

‫‪11‬‬


‫�ســـــــراقب‬

‫ثورة لوجيا‬

‫مدننا الثائرة ‪. .‬‬

‫هند عيسى‬

‫املركز الإعالمي ال�سوري‬

‫(‪)syrianmediacenter.be/portal‬‬ ‫سوريتنا | رشا محمود‬ ‫نشأت فكرة المركز اإلعالمي السوري خالل اجتماع‬ ‫لممثلي مختلف الش��بكات اإلعالمي��ة العاملة في الثورة‬ ‫السورية على موقع الفيسبوك والتي جرى في باريس‬ ‫ربي��ع العام الحال��ي‪ .‬وإيمان��ًا بأهمية العم��ل اإلعالمي‬ ‫المس��اند للث��ورة‪ ،‬والذي ينقل صوته��ا للعالم وبالتالي‬ ‫يس��اهم ف��ي توضي��ح الص��ورة الواقعية لل��رأي العام‬ ‫العربي والعالمي لمساندة للشعب السوري ضد حمالت‬ ‫القم��ع والقت��ل المنظم��ة والمتواصلة الت��ي يقوم بها‬ ‫النظام‪ ،‬قرر المجتمعون إنشاء مركز إعالمي متخصص‬ ‫ليش��كل نواة لتوحيد كافة الجهات اإلعالمية الس��ورية‬ ‫المعارض��ة المناطقي��ة والوطني��ة‪ ،‬قادر عل��ى تقديم‬ ‫منتج��ات إعالمي��ة ممي��زة ومخاطبة الجه��ات اإلعالمية‬ ‫األخرى والتواصل معها‪.‬‬

‫عدد الزوار‪:‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫في محافظة إدلب‪ .‬تقع إلى الجنوب الشرقي‬ ‫من إدلب وتعد نقطة مهمة على الطريق بين‬ ‫دمشق وحلب‪ ،‬يبلغ عدد السكان فيها ‪40.000‬‬ ‫نسمة‪ ،‬وتمتد على مساحة ‪ 17‬ألف هكتار‪ ،‬وتبعد‬ ‫‪ 50‬كم عن حلب‪.‬‬ ‫وتكتسب سراقب أهمية خاصة بين المدن‬ ‫سورية من حيث موقعها الجغرافي الذي يربط‬ ‫بين مجموعة من المدن‪ .‬وتشتهر المدينة‬ ‫بالصناعة حيث يوجد بها عدد كبير من المنشآت‬ ‫الصناعية ‪ -‬مصانع ومعامل إضافة لشهرتها‬ ‫بزراعة المحاصيل على اختالف أنواعها مثل‬ ‫الحبوب والزيتون والقطن والشوندر السكري‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫هذه البلدة الصغيرة في إدلب انتفضت منذ‬ ‫بداية الثورة كجميع قرى ومدن إدلب الصامدة‬ ‫كانت في طليعة مناصري الثورة ومؤازري حمص‬ ‫ودرعا وحماة وقدمت الشهداء في سبيل الحرية‪.‬‬

‫�أهم �أحداث مدينة �سراقب ‪:‬‬

‫‪ 24‬تموز ‪ 2011‬حملة مداهمات واعتقاالت‪.‬‬ ‫قامت عناصر من الجيش األسدي الموجودين‬ ‫على مشارف المدينة بإطالق النار بكثافة لتفريق‬ ‫أهالي سراقب الذين تجمعوا لقطع الطريق‬ ‫الدولي المؤدي من حلب إلى دمشق عند مدخل‬ ‫المدينة احتجاجاً على العمليات األمنية والجرائم‬ ‫التي يرتكبها النظام وشبيحته يوميا في أنحاء‬ ‫سوريا ‪.‬‬ ‫قامت قوات األمن بعد فتح الطريق بحملة‬ ‫اعتقاالت في المدينة اعتقلت على إثرها أكثر من‬ ‫‪ 15‬شخصًا‪.‬‬ ‫عمدت عناصر األمن التي يرافقها «شبيحة»‬ ‫النظام المجرم إلى تكسير المحال وأثاث المنازل‬ ‫كما باغتت االهالي وأثارت حنقهم في هذه‬ ‫المدينة التي تشهد مظاهرات بشكل شبه يومي‪.‬‬ ‫‪ 10‬آب ‪ 2011‬القوات األسدية اقتحمت‬

‫ال توجد إحصائيات موضحة حول عدد زوار الموقع‪،‬‬ ‫نتوق��ع أن��ه لم يحظ��ى باالنتش��ار الكاف��ي مقارنة مع‬ ‫صفحته على فيس بوك والتي تحظى بانتش��ار أوسع‪،‬‬ ‫بالدبابات صباح الخميس مدينة سراقب‪ ،‬وقال كما أنه ال يظهر بسهولة في محركات البحث‪.‬‬ ‫مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن "إن‬ ‫دبابات وناقالت جند مدرعة ترافقها حافالت امل�س�ؤول عن املوقع‪:‬‬ ‫كبيرة محملة بعناصر أمنية وعسكرية اقتحمت‬ ‫يتضمن المركز اإلعالمي الس��وري مجموعة كبيرة‬ ‫مدينة سراقب صباح اليوم الخميس"‪ .‬وأضاف إنه من الناش��طين في الداخل والخارج كما يعتبر مؤسسة‬ ‫سمع أصوات إطالق الرصاص "بشكل كثيف" في مفتوحة تنتمي لها تنسيقيات وشبكات عاملة في الثورة‬ ‫المدينة التي تشهد تظاهرات يومية بعد صالة‬ ‫باس��تمرار‪ .‬الينتمي المركز ألي جهة سياسية كما أنه ال‬ ‫التراويح تطالب برحيل النظام‪.‬‬ ‫يتبني أي أيدلوجية اتجاه كافة أطياف الحراك السياسي‬ ‫‪ 10‬ايلول ‪ .2011‬إطالق نار كثيف من قبل‬ ‫قوات األمن الغادرة وشبيحة األسد أسفر عن وهذا وفقًا لما ورد في صفحة التعريف الخاصة به‪.‬‬ ‫استشهاد سيدة فيما تمركزت حشود عسكرية الربنامج امل�ستخدم لإدارة املوقع‪:‬‬ ‫على أطراف المدينة‪.‬‬ ‫‪Wordpress‬‬ ‫‪ 29‬أيلول ‪ 2011‬استشهد شاب من قرية‬ ‫خان السبل قرب مدينة سراقب متأثراً بجراح مميزات املوقع ‪:‬‬ ‫• قس��م الموقع إلى أربع أقس��ام ‪ :‬أرش��يف الثورة‪،‬‬ ‫أصيب بها خالل مالحقات امنية‪ ،‬كما شهدت ليل‬ ‫الخميس الجمعة إطالق نار من مدرعات مؤكدة التطورات الميدانية‪ ،‬جير ثوري‪ ،‬سوريا بدا حرية‪.‬‬ ‫وصول تعزيزات عسكرية إلى المدينة‪.‬‬ ‫• يتضمن قسم التطورات الميدانية على ملخصات‬ ‫و‬ ‫عارمة‬ ‫مظاهرات‬ ‫خرج أهل سراقب في‬ ‫ألح��داث الح��راك الث��وري والتط��ورات الميداني��ة على‬ ‫سقطوا‬ ‫شهداء‬ ‫ولها‬ ‫ضخمة منذ بداية األحداث‬ ‫األرض في جميع المحافظات السورية حيث يتم إصدار‬ ‫لرفضهم إطالق النار على إخوتهم وأهلهم في‬ ‫محافظات أخرى كما سقط العديد من الشهداء الملفات بشكل يومي‪.‬‬ ‫• قس��م جير ثوري يحتوي عل��ى تدوينات ومقاالت‬ ‫خالل حمالت القمع والتصفية التي قامت بها‬ ‫قوات األسد المجرمة خالل اقتحامها وإطالق النار م��ن قبل بع��ض النش��طاء تتن��اول الث��ورة الس��ورية‬ ‫العشوائي على المظاهرات السلمية إضافة الى وتطوراتها‪.‬‬ ‫االعتقاالت بشكل دائم للنشطاء والمدنيين‪ .‬كل‬ ‫• قسم سوريا بدا حرية‪ :‬يقدم روابط لمجلة سوريا‬ ‫هذا لم يثن أهل سراقب عن االستمرار والمضي بدا حرية حيث يبدي الموقع دعماً خاصًا واهتمامًا بها‪.‬‬ ‫في ثورة الكرامة ضد السفاح لنيل الحرية‬ ‫• يس��تفيد الموق��ع م��ن المواقع االجتماعية لنش��ر‬ ‫وتحقيق العدالة للشعب العظيم الذي يستحق‬ ‫التحديث��ات عب��ر صفح��ة في��س ب��وك وتويت��ر وقن��اة‬ ‫العيش بسالم وعدل‪.‬‬ ‫يوتيوب‪.‬‬

‫�إح�صائيات ‪:‬‬

‫�سلبيات املوقع ‪:‬‬

‫عدد الشهداء ‪ 33 :‬شهيد‬ ‫• توق��ف الموق��ع ع��ن اص��دار النش��رات اليومي��ة‬ ‫اسم أول شهيد من سراقب ‪ :‬غسان للتطورات الميدانية منذ فترة‪.‬‬ ‫عبدالكريم العبدو ‪ 2011/4/27‬لرفضه إطالق‬ ‫• تس��ميات أقس��ام الموقع ال تعطي صورة واضحة‬ ‫النار‬ ‫عن محتوياتها‪.‬‬ ‫عدد المعتقلين ‪ 185 :‬معتقل‬ ‫هيئة التحرير ‪ -‬الناشرون‪:‬‬ ‫جواد أبو المنى حمزة الجندلي حنين اليوسف خالد كنفاني ســعاد يوسـف‬ ‫سلمى الخطيب غسان فارس ليلى السمان ماريا الحداد ياسر مرزوق‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪www.facebook.com/pages/Souriatna :‬‬ ‫‪ souriatna.wordpress.com‬للمراسالت‪souriatna@gmail.com :‬‬ ‫نرحب بكل المساهمات والمشاركات‪ ،‬بعد مراجعتها وخضوعها لشروط النشر‬


‫ال�سوريون ال�صامتون �ضحايا 'الأخطاء الفرديّة' من الطرفني‬

‫من أعمدة الصحافة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫التسمية للشارع السوري لتعطيه عنوانًا‬ ‫سياسيًا شعبياً يمثل التطورات والمنعطفات‬ ‫التي تسم حراكه في هذه المرحلة وتدفعه‬ ‫للمتابعة‪ .‬حيث كانت جمعة الحماية الدولية‬ ‫أول اتهام للثورة وتبعتها جمعة الحظر الجوي‬ ‫وبعدها التدويل‪ .‬أسماء ليست تليق بشباب‬ ‫الثورة وروحه الثائر لما فيها من استجداء‬ ‫واستعطاف وتوسل لمساعدة ليست ببال اآلخر‬ ‫'الغرب' حالياً‪ ،‬بل ناتجة عن مزاودات بعض‬ ‫المعارضين وأوهامهم‪ .‬كان نتيجتها عدم‬ ‫استجابة الغرب وابتعاد باقي الشارع السوري‬ ‫عنهم‪.‬‬ ‫لو تمكن القائمون على تسمية أيام‬ ‫الجمع من قراءة الواقع االجتماعي‪ -‬السياسي‬ ‫لبنية مجتمعهم وعرفوا مفاتيح شعبهم‬ ‫العظيم لكنا رأينا اليوم شيئاً مختلفًا وأكثر‬ ‫غنىً وفاعلية‪ .‬إن ما ينقص هؤالء هو النظر‬ ‫لآلخر وللثورة بعين اآلخر وليس بعين الذات‪.‬‬ ‫لو أطلق قياديو األحزاب ومعارضو‬ ‫الداخل والخارج على السواء 'فتوى' سياسية‬ ‫بعدم تخوين بعضهم‪ ،‬وقدموا مثا ًال يحتذى‬ ‫به في النقاش والنقد والحوار وتقبل اآلخر‪،‬‬ ‫لو ك ّثفوا خطابهم للداخل الستنهاض الهمم‬ ‫وتسليط الضوء على عشرات األسباب التي‬ ‫تدفع السوريين للثورة وقدموا البدائل لهم‬ ‫ولواقعهم المغتصب سياسيًا واقتصاديًا‬ ‫وحقوقياً لكان حجم ونوع الشارع المنتفض‬ ‫اآلن مختلفًا وأكثر تجانسًا على األرض‪.‬‬ ‫لو قدّم 'رجال الدين' الذين يتصدرون‬ ‫قنوات معينة اليوم أمثلة عن التسامح وقبول‬ ‫اآلخر‪ ،‬وحرّموا الدم السوري والطائفية‪،‬‬ ‫وأكدوا على العدالة والحرية والكرامة بلغة‬ ‫دينية عقالنية حكيمة‪ ،‬لغة تدين القتل دون‬ ‫انتقام وتطالب بالمحاكمة في ظل القانون‬ ‫دون ترهيب وتقطيع وتكفير‪ .‬لما رأينا بعض‬ ‫'الشيوخ' اليوم فزاعات لترهيب السوريين من‬ ‫مستقبل الثورة بينما يغيب شيوخ غيرهم‬ ‫يناضلون بالداخل‪.‬‬ ‫لو توقف البعض عن إعطاء اآلمال‬ ‫والوعود والمزاودات للناس التي تموت بأن‬ ‫الغرب قادم بين يوم وليلة بالشكل الذي‬ ‫يُظهر أن جيوش ٍالعالم تحت سلطتهم‬ ‫وطلبهم بالتدخل‪ .‬لما انعدمت الثقة بهم‬ ‫والتخوف منهم‪.‬‬ ‫كثيرة هي األخطـــــاء التي يتوجب‬ ‫تداركـــها ولو متأخراً ل ّلحاق بالشارع الثائر‬ ‫والماضي حتى إسقاط النظام‪ ،‬يبدو أهمها‬ ‫االلتفاف للحشد الداخلي وكسب باقي الفئات‬ ‫عبر خطاب ثوري كاريزمي جديد يقود ما‬ ‫تبعثر مؤخراً وسابقًا تحت مظلة جامعة‪ ،‬أول‬ ‫ما يفعله هو وقف تحارب المعارضات التي‬ ‫تقدم مادة إعالمية دسمة إلعالم النظام‬ ‫ليشكك بوطنية المعارضة والثورة‪ .‬أخيراً‬ ‫الطلب من كل من يتكلم باسم الثورة معارضًا‬ ‫كان أو ثائراً أو فناناً أو مثقفًا أو ناشطًا أن يأخذ‬ ‫بعين االعتبار في خطابه المكتوب أو المرئي‬ ‫أو المسموع أن الثورة السورية هي ألجل‬ ‫سورية كوطن‪ ،‬كشعب‪ ،‬كمجتمع وكدولة‪.‬‬ ‫أي أن خطابه ليس مقتصراً على مؤيديه‬ ‫وأتباعه وجماعته‪ .‬خطاب الثورة هو خطاب‬ ‫سورية المستقبل سورية الجديدة لذلك على‬ ‫هذا الخطاب أن يتميّز عن خطاب النظام كليًّا‬ ‫لنشعر نحن قبل اآلخر بالتغيير وأن يغري‬ ‫سامعه بااللتفات إليه‪.‬‬ ‫الشعب السوري الخالق لن يعجــــز عن‬ ‫اكتشاف أسرار ومفاتيح قلوب وعقول وضمائر‬ ‫باقي السوريين المترددين والصامتين حتى‬ ‫اآلن‪ .‬الجمعة الماضية كان حوالي ستة ماليين‬ ‫سوري يكتبون تاريخاً جديداً للبلد‪ ،‬إذاً مشاركة‬ ‫عدة ماليين أخرى ربما تحسم الكثير على‬ ‫األرض بدل انتظار هدايا الغرب من السماء‪.‬‬ ‫باحثة في جامعة السوربون الجديدة باريس‬ ‫القدس العربي | ‪2012 / 1 / 20‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫في سورية اليوم حقيقتان منفصلتان‬ ‫تقفان كصخرتين صلبتين‪ٍّ ،‬‬ ‫لكل منهما‬ ‫واقعها‪ ،‬شخوصها‪ ،‬دالئلها وشهودها‪ ..‬وبين‬ ‫بحر‬ ‫الواحدة والثانية يغرقُ سوريون ُكثر في ٍ‬ ‫من األسئلة والشائعات والصور والشاشات‬ ‫الدامية‪ ،‬الغاضبة والصارخة‪ .‬ق ّلة هم من‬ ‫ف ّكروا برمي جسر لهم أو قارب نجاة ينقذهم‬ ‫من هذا التخبط طوال عشرة أشهر‪ ،‬الجميعُ‬ ‫ٌ‬ ‫مشغول بدمهِ ‪ ..‬بحزنه‪ ..‬وبحربه‬ ‫من الجهتين‬ ‫مع اآلخر‪.‬‬ ‫كال الطرفان يحاوالن منذ أشهر القفز‬ ‫عن هذه اإلشكالية دون مواجهتها‪.‬‬ ‫أي‪ :‬لماذا يعجز النظام عن كسب هؤالء‬ ‫الصامتين والمترددين ليكونوا 'منحبكجية'‬ ‫بالمعنى الحقيقي للكلمة‪ .‬أي أن يملكوا‬ ‫االستعداد لالنخراط في فرق التشبيح والقتل‬ ‫والسرقة واإلرهاب ويكونوا مخبرين له‪ ،‬وأن‬ ‫يعبّروا عن حبهم ووالئهم في وسائل اإلعالم‬ ‫المحلي بالتم ّلق المطلوب؟ وبأن ال يكتفوا‬ ‫بالخروج مجبرين في المسيرات التأييدية فقط‬ ‫بل أن يرقصوا ويغنوا؟‬ ‫بالمقابل‪ ،‬لماذا تعجز الثورة و المعارضين‬ ‫تحديداً عن تحريك هذا الشارع السوري‬ ‫الصامت والمتردد‪ ،‬وتشجيعه على المشاركة‬ ‫بالثورة عن طريق التظاهر أو بالحد األدنى‬ ‫المشاركة باإلضراب أو التبرعات؟‬ ‫يبدو أن إشكالية هذه الشريحة من‬ ‫السوريين أو من يطلق عليهم صفة 'الصامتون‬ ‫والمترددون' هي إشكالية صمتها وترددها‬ ‫تجاه ال'خطاب' المقدم لها‪ .‬وبشكل أكثر دقة‬ ‫ضياعهم بين خطابين يُصفعان بهما لحظيًّا‬ ‫دون جذب أو إقناع‪ .‬األول عاطفي أخالقي‬ ‫إنساني هو خطاب الثورة وشهدائها ونبض‬ ‫شعبها واستحقاقاته السياسية واالقتصادية‬ ‫واالنسانية‪ ،‬بينما نخبته المعارضة بصراعاتها‬ ‫واختالفاتها وشعاراتها تزيد تخوفهم من‬ ‫المستقبل‪ .‬والثاني واقعي من حيث ميزان‬ ‫القوى‪ ،‬آمن ومستقر هو خطاب النظام لكنه‬ ‫يوجع الضمير‪.‬‬ ‫لم يكن غريباً أبداً افتقاد النظام لثقافة‬ ‫الوعي باآلخر وحواره‪ ،‬وغباء آلته اإلعالمية‪،‬‬ ‫فهذا أمر معروف من أربعين سنة‪ ،‬وألجله‬ ‫قامت الثورة‪ .‬لكن الغريب هو افتقاد (بعض)‬ ‫تيارات المعارضة لهذه الثقافة وممارستها‬ ‫اإلقصاء والتخوين واالستفراد على رفاقها‬ ‫في المعارضة أيضًا‪ .‬لذلك كان من نتائج‬ ‫افتقادهم هذه الثقافة عجزهم عن استقطاب‬ ‫الشارع الوسطي المتردد في سورية قبل أن‬ ‫يفكروا أص ًال بالشارع المؤيد‪.‬‬ ‫فكما أن إعالم النظام ومخابراته وأجهزته‬ ‫األمنية يتصرفون بقناعة ساذجة أن كل‬ ‫السوريين يحبون رئيسهم بشار وعلى استعداد‬ ‫الفتدائه بالروح والدم ويقعون بمفاجأة كلما‬ ‫سمعوا منتقداً أو معارضًا لسيّدهم فيخونونه‬ ‫ويتوعّدونه‪ .‬لألسف (البعض) في المعارضة‬ ‫اتبع ذات الثقـــافة وذات الخطاب تجاه اآلخر‬ ‫'السوري'‪ ،‬وسار بالثورة اعتماداً على هذا‬ ‫المنطق‪ .‬موجهاً خطابه للشعب السوري معتبراً‬ ‫أن كل السوريين مع الثورة وضد بشار األسد‪،‬‬ ‫غير مكترث بالمؤيدين 'الخونة' ومتجاه ًال‬ ‫الفئة 'الصامتة والمترددة' دون إعمال التفكير‬ ‫والجهد بكيفية استقطابها‪.‬‬ ‫هنا يطرح سؤال لهؤالء إذا كنتم تقومون‬ ‫بثورة ألجل سورية جديدة دولة مدنية تعددية‬ ‫ديمقراطية تكون بدي ًال لدولة االستبداد‪ ،‬إذاً‬ ‫ستكونون جزءاً من حكومة لكل السوريين‪،‬‬ ‫أي الثائرون والمؤيدون والصامتون‪ .‬هذا يعني‬ ‫أنه يتوجب عليكم تقديم خطاب يحاكي آمال‬ ‫وطموحات الجميع ويلفت نظرهم ككل وليس‬ ‫كجزء‪ .‬ال أودّ أن يفهم من كالمي أبداً تقديم‬ ‫خطاب وسطي مُراوغ كما فعلت بعض هيئات‬ ‫المعارضة‪ ،‬لكن المقصود طرح خطاب كاريزمي‬ ‫يليق بتضحيات الشعب الثائر أو ًال‪ ،‬يفضح‬

‫فساد وإجرام النظام واستغالله واستبداده‬ ‫لكن بدون لغة سوقيّة واتهامات غير مو ّثقة‬ ‫وتخوين دون دالئل أو لغة استفزازية طائفية‪،‬‬ ‫بل بلغة سياسية بنائية تحاكي المواطن بدل‬ ‫ابن الطائفة وتقدم البديل لسورية المستقبل‬ ‫بوضوح‪ .‬سورية الدولة التي تغري كل سوري‬ ‫كي ينزل للشارع ويضحي ألجل مستقبل‬ ‫أوالده‪ .‬لكن بنفس الوقت تطرح خطابًا 'ممكناً'‬ ‫دون مبالغات في الوعود والمواعيد بل بواقعية‬ ‫وصدق وأمانة‪.‬‬ ‫هذا الكالم ال يعني التعميم أبداً على كل‬ ‫من في المعارضة وينشط بالثورة‪ ،‬فقد كان‬ ‫الشعب المنتفض سبّاقاً بتوجيه خطاب جامع‬ ‫وشعبي بوسائله البسيطة وأبطاله الشعبيين‬ ‫في األحياء والقرى وعبر الفتاته وشعاراته‪،‬‬ ‫قام به أيضًا شباب التنسيقيات اللذين يمثلون‬ ‫النخب الشبابية الفاعلة على األرض أولئك‬ ‫األبطال الذين قادوا المظاهرات ونظموها‬ ‫وضبطوا هتافاتها وصوّرا القمع واعتقلوا‬ ‫واستشهدوا غالبًا تحت التعذيب‪ .‬ال ننسى‬ ‫أيضًا دور شباب الحراك المدني وحمالتهم‬ ‫ضد العنف والطائفية وحمالت اإلغاثة وشباب‬ ‫الفيسبوك وحمالتهم اإللكترونية وأهمية‬ ‫حشدهم للثورة‪ .‬كما قدم الكثير من المثقفين‬ ‫والكتاب السوريين مقاالت مضيئة في أرشيف‬ ‫الثورة‪ ،‬كذلك التيارات المعارضة التي قدمت‬ ‫بيانات ورؤى بهذا السياق كأحزاب أو كأفراد‪.‬‬ ‫لكن كل ذلك ال يمنعنا من نقد األخطاء التي‬ ‫بدرت من تيارات أخرى احتلت وسائل اإلعالم‬ ‫وقادت الشارع المنتفض‪.‬‬ ‫إذاً عدنا للسؤال األساسي لماذا عجز كل‬ ‫من النظام والمعارضة عن استقطاب الشارع‬ ‫الصامت والمتردد لجهته؟ سيكون الجواب‬ ‫بسيطًا جداً بالنسبة للنظام ألنه بإيديولوجيته‬ ‫وتركيبته الفكرية وإعالمه لم يمتلك يومًا‬ ‫ثقافه الوعي باآلخر أوحواره ولم يقبله إ ّال‬ ‫تابعًا له وموالياً ومصفقًا‪.‬‬ ‫لكن بالنسية للثورة ومعارضتها‪،‬‬ ‫علينا االعتراف ببعض األخطاء التي ارتكبت‬ ‫وتصحيحها ولو بعد عشرة أشهر‪ .‬أولها‪ :‬حين بدأ‬ ‫قسم من المعارضة يطرح حل التدخل الخارجي‬ ‫والحظر الجوي على الطريقة الليبية كحل‬ ‫جذري وسريع إلنهاء النظام منذ األشهر األولى‬ ‫للثورة‪ .‬طبعًا ال يُالم المتظاهر حين ينادي‬ ‫بهذا الشعار لينهي مأساته وموته اليومي‪ .‬لكن‬ ‫يُالم من يعتبر نفسه قيادياً وسياسيًا وال يقدر‬ ‫شعور باقي السوريين تجاه التدخل األجنبي‪،‬‬

‫ويُالم حين يبيع الشعب أوهامًا وأكاذيب عن‬ ‫قرب التدخل وإمكانياته دون وعود حقيقية من‬ ‫هذه الدول‪ .‬يُالم حين ال يُعلم المتظاهرين‬ ‫والشعب‪ ،‬الذي يرفع شعار التدخل‪ ،‬كم شهراً‬ ‫أو سنة سيحتاج التدخل الخارجي لينهي حربه‬ ‫مع الطيران السوري وصواريخه ومضاداته‪،‬‬ ‫ليتمكن بعدها من فرض حظر طيران على‬ ‫سماء سورية‪ ،‬هذا طبعًا إذا لم تتدخل أي دولة‬ ‫إقليمية‪ .‬يُالم عندما ال يشرح تبعات وتفاصيل‬ ‫التدخل من دمار مادي وانساني ليكون المواطن‬ ‫السوري على دراية بما هو مقبل عليه؟ ويُالم‬ ‫أيضاً حين يتجاهل الحساسية السورية‪،‬‬ ‫المرضية أحيانًا‪ ،‬تجاه الغرب وتدخالته ورفضه‬ ‫القاطع لها؟‬ ‫هذا الخطاب الموجّه الستجرار مساعدة‬ ‫الغرب العسكرية منذ بداية الثورة كان سببًا‬ ‫بتحييد هؤالء المترددين عن االنخراط بالثورة‪،‬‬ ‫ليتساءلوا هل هذه الثورة التي ستحررني بيد‬ ‫الغرب ثورة شعبية؟‬ ‫ثانيًا‪ :‬تسميات أيام الجمع‪ .‬تعتبر أحد‬ ‫أهم أسباب ردع الشارع السوري عن االنخراط‬ ‫بالثورة لما تعطيه من انطباعات وما تفرضه‬ ‫من استبداد بالرأي‪ .‬فبعد عشرة أشهر عجزت‬ ‫عن اختيار تسمية مدنية تحاكي المجتمع‬ ‫السوري ككل‪ ،‬تسمية ترتبط بشعارات‬ ‫الثورة وأهدافها (دولة مدنية ديمقراطية‬ ‫تعددية‪ ،‬دولة القانون والمؤسسات والعدالة‬ ‫االجتماعية) تسمية تلتفت إلحدى أزماتنا‬ ‫اإلقتصادية مث ًال أو الحقوقية اإلنسانية كوننا‬ ‫نقوم بثورة الحرية والكرامة‪ .‬إنما ينظر‬ ‫مطلقي هذه التسميات للمجتمع ويحاكونه‬ ‫كفئات وجماعات على طريقة النظام تمامًا‬ ‫(عشائر‪ ،‬أكراد‪ ،‬صالح العلي'للعلويين'‪ ،‬الجمعة‬ ‫العظيمة 'للمسيحيين'‪ ،‬جمل ودعوات قرآنية‬ ‫'للمسلمين'‪...‬الخ)‪ .‬الكارثة الثانية بالتسميات‬ ‫هو أسلمتها بطريقة فاضحة‪ ،‬وبشكل يوحي‬ ‫بأسلمة الثورة ويحيلها للثنائية االتهامية التي‬ ‫يسعى النظام ليحشرها بها منذ البداية وهي‬ ‫تمرد إسالمي سلفي رجعي على الدولة المدنية‬ ‫العلمانية 'العلوية'‪ .‬متناسين بنية المجتمع‬ ‫السوري وتنوعه ومشاركته بالثورة‪ ،‬مؤكدين‬ ‫على بروبغندا النظام التي تتهم هذه الثورة‬ ‫بخلفيتها االخوانية والسلفية! مشكلة ثالثة‬ ‫للتسميات ضربت الثورة هو تصعيد الشعارات‬ ‫وتوجيهها نحو الخارج وليس الداخل‪ ،‬وكأن‬ ‫شعار يوم الجمعة هو دعوة للواليات المتحدة‬ ‫وأوروبا ليخرجوا ويشاركوا هم بالثورة وليست‬

‫خلود الزغير‬

‫‪13‬‬


‫نازك العابد (‪)1959 - 1887‬‬ ‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫ياسر مرزوق‬ ‫نق ً‬ ‫�لا عن عب��د الغن��ي العطري من‬ ‫مقاله حكاية امرأة مناضلة‪" :‬لم يش��هد‬ ‫تاريخن��ا الحدي��ث مثي ً‬ ‫�لا لن��ازك العاب��د‬ ‫في ص��دق الوطنية والكف��اح المتواصل‬ ‫والش��جاعة الت��ي ق��ل نظيره��ا ف��ي‬ ‫التاريخ"‪.‬‬ ‫ول��دت الس��يدة ن��ازك العاب��د ف��ي‬ ‫دمش��ق ع��ام ‪ 1887‬ألس��رة دمش��قية‬ ‫عريق��ة وقد انتش��ر ذك��ر هذه األس��رة‬ ‫العربي��ة في أواخر القرن التاس��ع عش��ر‬ ‫عندم��ا أج��ار عمر آغ��ا العابد مس��يحيي‬ ‫حي باب مصلى وأوقف بنفوذه مشاركة‬ ‫س��كان الميدان بأعمال الشغب في تموز‬ ‫ع��ام ‪ ،1860‬ومن تلك الفترة بدأ دور آل‬ ‫العابد في التاريخ السوري وبرز من هذه‬ ‫األس��رة هولو باش��ا العابد حاكم دمشق‬ ‫ع��ام ‪ 1890‬ومحم��د عل��ي العابد رئيس‬ ‫الجمهورية األول عام ‪ 1930‬وعزت باشا‬ ‫العابد عراب خط الحديد الحجازي والذي‬ ‫أنفق عليه من مال��ه الخاص‪ ،‬وف يكنف‬ ‫هذه األس��رة أبصرت ن��ازك العابد النور‬ ‫والدها مصطفى باش��ا العابد من أعيان‬ ‫دمش��ق تول��ى محافظة الك��رك ووالية‬ ‫الموص��ل ف��ي أواخ��ر الفت��رة العثمانية‬ ‫أمها فري��دة الجالد من النخب��ة المتنورة‬ ‫من نس��اء المجتم��ع الدمش��قي‪ ،‬وعليه‬ ‫نش��أت ن��ازك العاب��د ف��ي بيئ��ة النخبة‬ ‫فتعلم��ت مبادئ اللغ��ة العربية والتركية‬ ‫في المدرس��تين الرشيديتين الدمشقية‬ ‫والموصلي��ة ودرس��ت الفرنس��ية ف��ي‬ ‫مدرس��ة الراهب��ات ف��ي الصالحي��ة في‬ ‫دمشق وكذلك تعلمت مبادئ اإلنكليزية‬ ‫واأللمانية‪.‬‬ ‫نُفيَ��ت م��ع عائلته��ا ف��ي الح��رب‬ ‫العالمي��ة األول��ى إل��ى أزمي��ر فدخل��ت‬ ‫مدرس��ة الفردوس للمرسلين األمريكان‬ ‫لتتاب��ع فيه��ا تحصيله��ا العلم��ي ثم في‬ ‫المعاهد الخاص��ة للتعليم باإلضافة إلى‬ ‫تعلم فنون التصوير والموسيقا واهتمام‬ ‫ٍ‬ ‫واضح بعملي التمريض واإلسعاف‪.‬‬ ‫بعد عودتها من المنفى عام ‪1918‬‬ ‫بدأت بالكتابة في بعض الصحف كلسان‬ ‫العرب واتخذت من مجلتي العروس (أول‬

‫مجلة س��ورية لصاحبتها م��اري عجمي)‬ ‫ومجل��ة الحارس منب��راً آلرائها وأفكارها‬ ‫الجريئة‪.‬‬ ‫ترأس��ت جمعي��ة ن��ور الفيح��اء‬ ‫لمس��اعدة ضحايا الثورة العربية الكبرى‬ ‫وناص��رت ف��ي كتاباتها حق الم��رأة في‬ ‫االنتخ��اب السياس��ي عندم��ا ط��رح في‬ ‫المؤتمر السوري عام ‪.1919‬‬ ‫ً‬ ‫رئيسة لجمعية‬ ‫عينها الملك فيصل‬ ‫النجم��ة الحمراء ع��ام ‪ 1920‬لتصدر في‬ ‫األول من ش��باط من العام نفس��ه مجلة‬ ‫ن��ور الفيحاء وه��ي مجلة أدبي��ة علمية‬ ‫بهدف النه��وض بالمرأة كذلك أس��همت‬ ‫بتأسيس النادي النس��ائي الشامي الذي‬ ‫ض��مّ نخبة س��يدات دمش��ق ومدرس��ة‬ ‫ومصنع للسجاد‬ ‫بنات الشهداء ومكتباتها‬ ‫ٍ‬ ‫خصص ريع مبيعاته لصالح األيتام‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫مُنحَ��ت رتب��ة نقي��ب ف��ي الجيش‬ ‫ً‬ ‫نتيج��ة‬ ‫العرب��ي زم��ن المل��ك فيص��ل‬ ‫لمواقفه��ا البطولي��ة فق��د حارب��ت م��ع‬ ‫الجي��ش العرب��ي وكانت بصحب��ة وزير‬ ‫الدف��اع يوس��ف العظم��ة في ميس��لون‬ ‫ويق��ال أنه حين أصي��ب وتوفاه اهلل كان‬ ‫بين يدي السيدة نازك التي كانت تتفقد‬ ‫الجنود بلباسها العسكري‪.‬‬ ‫بعد دخ��ول المس��تعمر الفرنس��ي‬ ‫إلى دمش��ق أُبعِدَت إلى اس��طنبول مدة‬ ‫عامي��ن (‪ ،)1922-1920‬ث��م نُفيَت إلى‬ ‫األردن‪ ،‬وبع��د تعهده��ا بعدم ممارس��ة‬ ‫العم��ل السياس��ي ع��ادت إل��ى دمش��ق‬ ‫واخت��ارت الغوط��ة إلقامته��ا فاختلط��ت‬ ‫بالفالحي��ن وحضته��م عل��ى الثورة ضد‬ ‫المستعمر‪ ،‬وما إن نشبت الثورة السورية‬ ‫الكب��رى ع��ام ‪ 1925‬كان��ت العاب��د أحد‬ ‫رموزها تعم��ل بصمتٍ وخف��اء متنكرة‬ ‫بزي الرجال‪.‬‬ ‫تزوج��ت م��ن الوجي��ه والمفك��ر‬ ‫اللبنان��ي محمد جمي��ل بيهم عام ‪1929‬‬ ‫وانتقل��ت إلى بيروت فأسس��ت في لبنان‬ ‫ع��دة جمعي��ات منه��ا الم��رأة العامل��ة‪،‬‬ ‫وجمعية تس��عى لتأمي��ن العمل لالجئي‬ ‫فلسطين‪ ،‬كما أسست ميتم أبناء شهداء‬ ‫ً‬ ‫ومدرسة للتعليم المهني‪.‬‬ ‫لبنان‪،‬‬

‫ً‬ ‫لجن��ة لألمهات‬ ‫عام ‪ 1957‬أسس��ت‬ ‫للعم��ل على رفع مس��توى األم اللبنانية‬ ‫في كافة المج��االت وانتخبت عام ‪1959‬‬ ‫ً‬ ‫رئيس��ة له��ا‪ ،‬وأقيم بهذه المناس��بة أول‬ ‫احتفال بعيد األم في لبنان على الصعيد‬ ‫ٍ‬ ‫الوطني‪.‬‬ ‫نالت ألقاباً عديدة (جاندارك الشرق‪،‬‬ ‫نجم��ة ميس��لون‪ ،‬ال��وردة الدمش��قية‪،‬‬ ‫السيف الدمش��قي المنسي‪ ،‬رائدة تحرر‬ ‫المرأة الس��ورية)‪ ،‬توفيت الس��يدة نازك‬ ‫العاب��د ع��ام ‪ 1959‬عن عم��ر يناهز ‪72‬‬ ‫عامًا‪ ،‬قضتها في النضال في سبيل عزة‬

‫بالدها وصون كرامتها‪ ،‬ودفنت في مقبرة‬ ‫آل العابد في دمش��ق وفي حفل تأبينها‬ ‫الذي أقي��م برعاية الجمعيات النس��ائية‬ ‫اللبنانية تكل��م المفكرون والخطباء عن‬ ‫األديبة والمناضلة السورية التي صاغت‬ ‫بمواقفه��ا البطولي��ة ج��زءاً منس��يًا من‬ ‫تاريخ سوريا‪.‬‬ ‫تج��در اإلش��ارة إل��ى أن األديب��ة‬ ‫العراقية نازك المالئكة والتي ولدت عقب‬ ‫اندالع الثورة ضد االحتالل الفرنسي في‬ ‫سوريا والتي شاركت فيها العابد وضجت‬ ‫الصح��ف آنذاك بأنب��اء كفاحه��ا رأى جد‬ ‫الطفلة أن تس��مى نازك إكرام��ًا للثائرة‬ ‫وتيمنًا بها‪.‬‬ ‫نق ً‬ ‫�لا عن الدكتور ع��زة آقبيق ومن‬ ‫مقالها نازك العابد تاريخ مضيء لنضال‬ ‫الم��رأة العربي��ة‪" :‬ن��ازك العاب��د نصيرة‬ ‫المرأة العربية باتت مجلتها التي لم يطل‬ ‫عمرها بمثاب��ة مدرس��ةٍ متنقلة تحمل‬ ‫ص��ور التط��ور االجتماعي ونم��و الوعي‬ ‫الوطني وتطالب الحكومة العربية إعطاء‬ ‫المرأة حق االنتخاب السياسي"‪.‬‬ ‫نق ً‬ ‫�لا عن الس��يدة وداد س��كاكيني‬ ‫ومن كتابها إنصاف المرأة (صفحة ‪:)175‬‬ ‫"لمع��ت ف��ي فاتح��ة النهضة النس��وية‬ ‫كرائ��م الواعي��ات الراقي��ات م��ن األس��ر‬ ‫العريق��ة فكانت زعيم��ة الحركة األولى‬ ‫الس��يدة العظيمة نازك العابد سعت إلى‬ ‫الوعي النس��وي الجديد وأنش��أت مجلتها‬ ‫ن��ور الفيح��اء وأسس��ت م��ع صواحبه��ا‬ ‫ً‬ ‫مدرس��ة لبنات الش��هداء‪ ،‬قامت في ذلك‬ ‫وطموح مرموق"‪.‬‬ ‫باقية‬ ‫بجهودٍ‬ ‫الحين‬ ‫ٍ‬


‫يوم من ذاكرة يو�سف عبدلكي‬

‫سلمى الخطيب‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫رجلك‪ .‬تاريخ ما قبل العصاية وتاريخ ما‬ ‫بعد العصاية "‪ .‬تابع يوسف كالمه "أحيانًا‬ ‫أقرأ روايات عن االعتقال‪ ...‬أضحك‪ ...‬نعم‬ ‫أضحك ألني ال أفهم لِمَا يصرّون على‬ ‫ابتداع طرق مختلفة للتعذيب؟ العصاية‬ ‫وحدها تكفي لتحقيق األلم المطلوب‪ ..‬ال‬ ‫داعي الختراع أدوات أخرى"‪ ...‬نظر إليّ‬ ‫حينها واستأنف‪" :‬في لحظات معينة تحت‬ ‫التعذيب تفضلين الموت على التعرض‬ ‫إلى المزيد من التعذيب‪ ،‬حتى أن الهم‬ ‫األكبر وأنتِ على الدوالب هو أال تأتي‬ ‫العصا الثانية مكان سقوط األولى ألن‬ ‫األلم حينها يأخذ طريقه إلى الرأس‬ ‫مباشرة"‪ ...‬يشرب رشفة من كأس الشاي‬ ‫وهو يستعيد الذاكرة التي لم تفارقه‬ ‫يومًا‪ ..‬يبتسم‪ ...‬ويكمل‪ ":‬بعد االنتهاء من‬ ‫وجبة الدوالب يطلب منك المشي قليال‬ ‫حتى ال يتجمع الدم‪ .‬في ذلك اليوم وبعد‬ ‫االنتهاء من وجبة الدوالب جاء أبو أحمد‬ ‫ليخبرني أن وقت الضرب على الظهر قد‬ ‫أتى‪ ..‬فأجبته‪ ..‬فليكن‪ ...‬ضحك أبو أحمد‬ ‫قائ ًال أنت ال تعلم ما معنى الضرب على‬ ‫الظهر ليشير إلى أحد عناصره بإحضار‬ ‫شاب معتقل‪.،‬دخل المعتقل إلى غرفة‬ ‫ٍ‬ ‫التعذيب مغمض العينين مكشوف‬ ‫الظهر"‪ ...‬ابتسم وتنهد‪ " :‬عندما نظرت‬ ‫إليه ارتعبت "‪ ،‬ثم روى لي كيف أعادوا‬ ‫المعتقل إلى زنزانته لتبدأ الضربات‬ ‫بالتهاوي على ظهر عبدلكي‪ ،‬لتأكله‬ ‫شيئًا فشيء‪" ....‬رغم كل الضرب لم‬ ‫يخطر ببالي للحظة واحدة أن أُقرّ بأي‬ ‫شيء‪ ،‬كان أبو أحمد يقف متفرجًا على‬ ‫العنصرين الذين أشرفا على ضربي‬ ‫أحدهما طويل القامة لم اعد أذكر اسمه‬ ‫أما اآلخر فقصير القامة وكان يتميز‬ ‫بحقده على المعتقلين اعتدنا أن نناديه‬ ‫(زمك)‪ ،‬في معمعة التعذيب ونتيجة‬ ‫ضربة وجهها لي أبو أحمد فتح الجرح‬ ‫في نصف رأسي ليبدأ الدم بالسيالن من‬ ‫موضع ضربةٍ سابقة بأخمص مسدس‬ ‫أحد أفراد الدورية التي اعتقلتني‪ ،‬طلب‬ ‫أبو أحمد حينها من الممرض معاينة‬ ‫الجرح‪ ،‬وبالفعل عاينه الممرض وأخبر‬ ‫أبو أحمد أن الجرح بحاجة إلى قطب‬ ‫جراحية في المشفى حا ًال‪ ،‬ليستشيط‬ ‫غضب المحقق طالبًا علبة الكحول الطبي‬

‫(السبيرتو) مفرغًا إياها على رأسي‪،‬‬ ‫فقام الممرض بتضميد الجرح مخبراً‬ ‫أبو أحمد أنه عليه التوقف عن ضربي‬ ‫حتى يوم الغد على األقل"‪ ...‬أُعيدَ بعدها‬ ‫عبدلكي إلى زنزانته بجسدٍ تداعت‬ ‫فيه الخطوط تستجدي بعضها البعض‬ ‫ألوان تختنق في زخم األبيض‬ ‫كلوحاته‪ٌ ،‬‬ ‫ألوان توحدت‬ ‫واألسود اللذان لفا عالمه‪ٌ ...‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫هائلة‬ ‫طاقة‬ ‫في روحه التي استمدت‬ ‫على البقاء‪ ...‬يقول‪ ":‬بعد إعادتي إلى‬ ‫زنزانتي بقليل مرّ ا ّلرّجل الذي يوزع‬ ‫الطعام على المعتقلين‪ ...‬مد لي بصحن‬ ‫من شوربة العدس‪ ...‬كان هناك زنزانة‬ ‫وحيدة بعد زنزانتي ما أن عاد الرجل بعد‬ ‫تقديمه الطعام للزنزانة األخيرة كنت‬ ‫أمد إليه بصحني ليمأله من جديد‪ ،‬نظر‬ ‫الرجل إلي باستغراب قائال متى أنهيته؟‬ ‫لكنه ابتسم ومأل لي الطبق مجدداً وتابع‬ ‫سيره‪ ...‬كنت أعلم أن الطعام هو الشيء‬ ‫الوحيد الذي أملكه اليوم ألحافظ على‬ ‫قوتي وطاقتي في وجه يوم جديد‪ ،‬وجاء‬ ‫هذا اليوم‪ ،‬أول ما عرفته ٍخالله أن أحد‬ ‫رفاقنا لم يستطع الصمود‪ ،‬فاضطر إلى‬ ‫االعتراف على خليتنا‪ ،‬لذلك لم يكن من‬ ‫المجدي بعد اللحظة إنكار أي شيء سبق‬ ‫لهم وأن عرفوه سلفاً"‪.‬‬ ‫حكاية عبدلكي طويلة‪ ،‬رغم‬ ‫أن اعتقاله لم يكن طوي ًال قياسًا‬ ‫ببعض رفاقه في تلك الفترة‪ ،‬عامان‬ ‫قضاهما متنق ًال من فرع إلى آخر‪ ،‬مبتدأً‬ ‫بالخطيب إلى فرع الحلبوني (منزل‬ ‫تاج الدين الحسيني سابقاً) وصو ًال‬ ‫إلى كفرسوسة‪ ...‬رحل ٌة ما زال شبابنا‬ ‫يعيشونها اليوم‪ ...‬وحكاياتٌ تتكرر‬ ‫حتى اللحظة‪ ...‬يوسف عبدلكي ذلك‬ ‫كبار ناضلوا‬ ‫الرجل القادم من ِ‬ ‫جيل ٍ‬ ‫بصمتٍ إلى أن التهم التاريخ قصصًا‬ ‫كانوا يعيشونها‪ ،‬قصصاً عن معتقالتٍ‬ ‫ومالجئ‪ ...‬لم يغادر يوسف عبدلكي‬ ‫وطنه يومًا‪ ،‬لكن الوطن هو من اختار‬ ‫الغربة عنه في لحظةٍ سقطت سهواً‬ ‫زمن استعاد فيه‬ ‫من التاريخ‪ ...‬ليعود في ٍ‬ ‫الوطن شبابه وحكايته‪ ...‬عاد اليوم‪...‬‬ ‫ليروي‪ ...‬ويرسم‪ ...‬وللحكاية بقية‪...‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫"جنة جنة جنة ‪ ...‬جنة يا وطننا‪...‬‬ ‫يا وطن يا حبيب يا بو تراب الطيب ‪...‬‬ ‫نارك واهلل جنة "‪ ...‬على هذه الكلمات‬ ‫بدأ يوسف يروي قصص عن االعتقال‬ ‫والتعذيب ‪ ...‬تتطاير الصور في رأسك‬ ‫مع موسيقا كلمات تتغزل بالوطن‬ ‫وأناس تعرضوا للمآسي للدفاع عنه‪...‬‬ ‫صور‪ ...‬تشكل معنى الوطن ‪.‬‬ ‫في بداية شهر أيار عام ‪1978‬‬ ‫بدأت حملة من االعتقاالت ألعضاء حزب‬ ‫العمل الشيوعي‪ ،‬حذر الحزب أعضاءه‬ ‫من المبيت في المنزل خالل هذه الفترة‪،‬‬ ‫ترك يوسف منزله ومرسمه التزامًا‬ ‫بتحذيرات الحزب لينتقل إلى منزل‬ ‫صديق له في إحدى حواري دمشق‪.‬‬ ‫أمضى يوسف األيام يرسم دون أن‬ ‫يخرج باسثناء خروجه إلى ما يسمى‬ ‫موعد االطمئنان‪ ...‬حيث اعتاد أعضاء‬ ‫الحزب اللقاء في مكان وزمان معين‬ ‫على موقف باص مث ًال ليلمح أحدهم‬ ‫اآلخر وحينها يطمئن أن هذا الشخص‬ ‫لم يتم اعتقاله‪.‬‬ ‫ضمن مرحلة العمل السري‬ ‫ومالحقة النشطاء كان على كل األحزاب‬ ‫ابتداع طرق جديدة لالتصال‪ ،‬أيام تلت‬ ‫حين تذكر يوسف موعده لمقابلة احد‬ ‫المترجمين‪ ...‬بدأ بالمشي في الشوارع‬ ‫باتجاه منزل ذلك المترجم‪ .‬وما أن‬ ‫حط قدميه على أولى درجات المنزل‬ ‫حتى التف من حوله عنصران يطالبانه‬ ‫بالمجيء معهما‪ ،‬عرف يوسف أنهما‬ ‫عنصرا مخابرات ومشي معهما‪ ...‬كان‬ ‫في تلك اللحظة قد قرر الهروب عند أقرب‬ ‫فرصة سانحة‪ .‬لكن العنصرين أمسكا‬ ‫بذراعيه من اليسار واليمن قال يوسف‪:‬‬ ‫"لماذا تمسكان بي بهذه الطريقة انا‬ ‫أمشي معكما فدعوني؟"‪ ،‬وبالفعل تركه‬ ‫العنصران‪ ،‬عند االقتراب من السيارة‬ ‫وفي أول فرصة سانحة أطلق يوسف‬ ‫العنان لرجليه وبدأ الركض بأقصى‬ ‫قوة مستطاعة‪ ...‬عندها سمع صوتًا من‬ ‫الوراء يقول "قف قف قف" لكنه لم يأبه‬ ‫لألصوات‪ ،‬فقد كانت الفرصة الوحيدة‪،‬‬ ‫لقم العنصر رشاشه (الكالشنكوف)‬ ‫وبدأ بإطالق النار‪ ...‬لكن الرصاصات‬ ‫تثن عزيمته على الفرار والحياة‪...‬‬ ‫لم ِ‬

‫فلم تستطع أن تصل إلى ضحكته‪،‬‬ ‫ولم تتجرأ على إيقافه‪ 100 ...‬متر وهو‬ ‫يتلقف أنفاسه‪ ...‬عنصر يركض على‬ ‫يساره وبيده مسدس ‪ ,‬لم يتردد الرجل‬ ‫بإطالق النار على يوسف مصوباً إلى‬ ‫ما تحت الحوض بقصد إصابته دون‬ ‫أن يرديه قتي ًال‪ ...‬غير يوسف اتجاهه‬ ‫بعنصر أخر ويقوده االثنين‬ ‫ليصطدم‬ ‫ٍ‬ ‫إلى السيارة‪ ...‬عند الوصول إلى السيارة‬ ‫بدأت معركة أخرى‪ ...‬كان يوسف قد‬ ‫صمم أال يدخل السيارة طالما لديه قوة‬ ‫على متابعة المقاومة‪ ...‬ثالثة عناصر‬ ‫لم يستطيعوا إدخاله السيارة إلى أن‬ ‫بدأ أحدهم بالضّرب على رأسه بخنصر‬ ‫المسدس‪ ...‬معركة دامت أكثر من عشر‬ ‫دقائق لم تنتهي إال بوصول سيارة دعم‬ ‫من فرع أخر ليخرج منها أربعة رجال‬ ‫ناهين المعركة لصالحهم‪.‬‬ ‫وصل يوسف إلى فرع الخطيب‬ ‫لألمن الداخلي وهناك تم إنزاله إلى‬ ‫القبو لينتهي به األمر في الزنزانة رقم‬ ‫‪ُ ،2‬طلِبَ يوسف إلى التحقيق وحين‬ ‫قابله أبو أحمد سأله يوسف بسذاجة‬ ‫"لما أنا هنا وماذا تريدون مني؟"‪ ،‬أعطى‬ ‫يوسف بيانات خاطئة للمحقق عن اسمه‬ ‫لتتم إعادته إلى الزنزانة لكنه ما لبث‬ ‫أن تم استدعاؤه مرة أخرى للتحقيق وأبو‬ ‫أحمد يقف أمامه ساخراً "اسمك يوسف‬ ‫عبدلكي‪ .‬منزلك يقع في المكان الفالني‬ ‫ومرسمك في المكان الفالني ‪.‬لماذا‬ ‫كذبت علي؟"‪ .‬حينها تم أخذ يوسف إلى‬ ‫مكتب رئيس الفرع "محمد ناصيف" حيث‬ ‫أخرج له األخير ً‬ ‫ورقة رسمت فيها شجرة‬ ‫بيانية لكل اعضاء الحزب وخالياه‪ .‬أنكر‬ ‫يوسف كل صلة له بهذا الحزب وحينها‬ ‫أخبره "ناصيف" أن أخته محتجزة عندهم‬ ‫منذ البارحة‪ ...‬لم يجد يوسف هاتفًا‬ ‫ليتصل بأهله لالطمئنان عليهم فلم‬ ‫يعلم بمداهمة منزل العائلة والمرسم‬ ‫بحثًا عنه ‪ .‬أصر يوسف على إنكار أية‬ ‫صلة له بالحزب وفي اليوم األول بدأ‬ ‫التعذيب‪ ...‬وتم الترحيب به بالطريقة‬ ‫الغنية عن التعريف‪ ...‬الدوالب‪ ...‬يقول‬ ‫يوسف‪ " :‬كان لدي إحساس أن تاريخ‬ ‫اإلنسان يمر بمرحلتين مفصليتين‪،‬‬ ‫األولى الوالدة ولحظة مفصلية أخرى‬ ‫هي مع سقوط أول (عصاية) على باطنة‬

‫من ذاكرة المعتقالت ‪. .‬‬

‫� ٌ‬ ‫ج�سد عرفه العامل بالأبي�ض والأ�سود‬ ‫ألوان على ٍ‬

‫‪15‬‬


‫خديجة بن قنة‬

‫حيطان فيس بوك‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫وتمـر في هذه األيام الذكرى الرابعة واألربعين الحتالل‬ ‫الجوالن السوري ورصاصات الجيش منشغلة بتحرير‬ ‫تراب الوطن من العصابات المسلحة ال من االحتالل‪..‬‬ ‫فغالبا ما كانت الجوالن سلعة للمساومة على إبقائهم‬ ‫في السلطة وتحكمهم في الشعب وما الثورة الجارية‬ ‫اآلن إال مقدمة البد منها للتحرير الحقيقي للجــوالن‪..‬‬

‫�سمر يزبك‬ ‫سقوط على مراحل‪ .‬لكنك‪ ،‬راحل‪ ،‬راحل‪.‬‬

‫عبد الرحمن مطر‬ ‫أيتها المدن‬ ‫الشهيدة‪..‬‬ ‫طوبى لك!‬ ‫افتحي ذراعيك ألرواحنا المتعبة‬ ‫‪ ...‬فمن دماء األحبة‬ ‫وأحزانهم‬ ‫ستولد أحالمنا‬ ‫ستورق وردة الفجر‬ ‫طوبى لحرية‬ ‫تنتزعها يديك‬ ‫أيتها المدن الشهيدة‬ ‫طوبى لك‬

‫ر�شا �شربجي‬ ‫الحزن يلف كل شيء ‪ ...‬كل شيء‬

‫رفيق حلو‬ ‫من دير ياسين إلى كرم الزيتون‪ ،‬تتشابه الضحايا و‬ ‫تتشابه السكاكين‪ ..‬أما القتلة فهم نفسهم‬

‫روال �إبراهيم‬ ‫أن تعاني سنوات إلكمال الثورة أهون بمائة مرة‬ ‫من أن تتوقف في منتصفها ألن الطاغية إذا انتصر‬ ‫سيجعلك تحلم بجهنم هربًا من انتقامه‬

‫�إياد حياتلة‬ ‫يا را ِيحين عا حلبْ‬ ‫دمّي بالسّاحة ْ‬ ‫سـال‬ ‫والفجر نورو اقتربْ‬ ‫ْ‬ ‫األبطال‬ ‫يضوي على‬

‫دل�شاد عثمان‬ ‫يابشار‬ ‫بتعرف انو بهاللحظة قاعدين شباب من القامشلي‬ ‫و حماصنة و شوام و متفقين باآلراء سياسيًا و‬ ‫اجتماعيًا و عم نحكي نكت عليك ‪ ,‬و لعنا روح ابوك‬ ‫بنص بيروت؟؟ كيفك فيا؟‬

‫�سعاد جرو�س‬ ‫جميعنا ‪ ..‬إما أموات أو في رسم الموت ‪ ..‬وحد ه‬ ‫الرصاص حي ‪..‬‬

‫نور الأمني‬ ‫ينام الشهداء ‪ ..‬لتصحوا الشعوب‬

‫عروة نريبية‬ ‫من «خلصت» أخيراً‪« ...‬خلصت» كثيراً‬

‫عبد اهلل �أبازيد‬ ‫يلعّن الوالد وما ولد‬ ‫حافظ و بشار األسد‬

‫زين املالزي‬ ‫صباحك حريّة يا حلب ‪....‬صباحك عزّة و كرامة يا‬ ‫سوريا‬

‫حازم �صاغية‬ ‫هناك أطفال أنابيب لبنانيّون تفقّسهم قناة الدنيا‬ ‫السوريّة‬

‫�إياد عما�شة‬ ‫إذا كان هؤالء هم حماة الديار‪ ،‬فجيوش هتلر هي‬ ‫قوات حفظ سالم‪..‬‬

‫غيث علم‬ ‫سوريا تنزف دمعًا احمر ‪ ...‬قاتم بقتامه جالديه‬ ‫‪ ...‬ولكن لون الحرية أحمر أيضًا ‪ ...‬ممزوج بدموع‬ ‫األمهات ‪ ...‬هتافات الثوار ‪ ...‬وإرادة األطفال‪.‬‬

‫| ب��رزت ف��ي اآلونة األخي��رة بعض الس��لبيات‬ ‫واألخط��اء ف��ي الكثير من مناطق وج��ود «الجيش‬ ‫الحر»‪ ،‬كيف تتعاملون مع مثل هذه األخطاء؟‬ ‫| | هن��اك أخط��اء ترتكب‪ ،‬ونحن بدورن��ا نقوم بحل‬ ‫اإلشكاالت أيا كانـــت‪ ،‬حتــــى بعـض المنشآت الحكومية‬ ‫نقوم نح��ن بحمايتها بطلب م��ن إدارة المنش��ـــأة‪ ،‬مثل‬ ‫معمل اإلس��منت الذي س��بق وتعرض ألكث��ر من عملية‬ ‫س��طو‪ ،‬مرة من جانب أذن��اب النظام‪ ،‬وم��رات من جانب‬ ‫لصوص عاديين‪ .‬كما ش��كلنا لجنة أمني��ة لمعالجة هذه‬ ‫األمور‪.‬‬ ‫| م��ا الذي يعطيكم الحق في قتل من يثبت أنه‬ ‫مع النظام؟ وكيف نتأكد من أن هذه الممارس��ات ال‬ ‫ترتكب غطاء لعمليات انتقامية وعدالة تحكمية؟‬ ‫| | هن��اك أفراد م��ن األمن والجي��ش ال يزالون على‬ ‫رأس عمله��م ه��م م��ن يزودونن��ا بالمعلوم��ات ح��ول‬ ‫األش��خاص المس��ؤولين عن قت��ل األبرياء ف��ي النظام‪،‬‬ ‫وأؤك��د لك أن��ه لم تكن هن��اك أية عملي��ة انتقامية في‬ ‫الرس��تن‪ ،‬بل كانت هناك عائالت بينه��ا ثارات دم‪ ،‬عائلة‬ ‫طقط��ق وعائلة أخ��رى مث ً‬ ‫�لا‪ ،‬وفي جمع��ة الغضب كان‬

‫حممود حممود‬ ‫وكأن األخوين محمد البوعزيزي وخالد سعيد ولدوا‬ ‫من رحم سوريا‪.‬‬

‫ر�شا عمران‬ ‫مبروك لمصر السنة األولى من الحرية ‪ ،،‬أتذكر‬ ‫قبل عام كيف كنا في سوريا كما لو أننا في ميدان‬ ‫التحرير ‪ ،‬كما لو أننا مصريين ‪ ،‬كنا مع األصدقاء‬ ‫في الميدان لحظة ‪ ،‬أتذكر اآلن كيف كتب بعض‬ ‫اللبنانيين ‪،‬ممن كانوا أصدقاء ‪ ،‬عن ضرورة أن يبدأ‬ ‫المصريون بحمل السالح ألن الثورات البيضاء ليست‬ ‫ثورات كاملة ‪ ،‬يومها ناقشتهم عن أهمية السلمية‬ ‫ونبلها في الثورة ‪ ،،‬هؤالء ذاتهم ما أن بدأت الثورة‬ ‫السورية حتى أخذوا بشتم‪ ...‬شباب سوريا الثائر‬ ‫متهمينهم بحمل بالتسلح وادعاء السلمية ‪ ،،‬اليوم‬ ‫سعيدة لألصدقاء في مصر ويكاد قلبي ينفطر من‬ ‫القهر على شباب سوريا الذين وجدوا أنفسهم فجأة‬ ‫وحدهم ضد أشرس آلة إجرام وأقذر مدافعين عن‬ ‫هذه اآللة ‪ ،‬لو أتيح للشباب السوري ساحة اعتصام‬ ‫وجيش وطني ال جيش يشبه العصابة ‪ ،‬ال ظهروا‬ ‫للعالم كله كيف تكون الثورات ‪ ،‬هم ورغم كل ما‬ ‫يتعرضون له من األذى الجسدي والنفسي من أنبل‬ ‫ثوار البشرية ‪ ،‬سيعترف الزمن والتاريخ يوما بهذا‬

‫دانيا م�سعود‬ ‫بوسه من قلب التحرير لجبين سوريا‬

‫�سارة �صالح‬ ‫ال لشيء ‪ ...‬فقط ألن أوجاعنا معروضة في مزاد‬ ‫علني في أسواق وبورصات العالم يعلو سعر السهم‬ ‫وينخفض تبعاً للصفقات ‪ ...‬فقط ألن البشرية‬ ‫تتسابق على إحصاء قتالنا ‪ .....‬فتختلف األرقام تبعًا‬ ‫للمصالح فقط ألن كل األيادي تتسابق على تفاحك‬ ‫يا سوريا ‪ ...‬تفاحك الناضج واألكثر إغواء ‪ ........‬فقط‬ ‫لذلك ‪ .......‬تباً لكَ ! «و يسقط كل شيء‬

‫�أية الأتا�سي‬ ‫ما المانع أن نختلف و نناقش تسمية أيام الجمعة!!!‬ ‫مللنا الحزب الواحد و اللون الواحد و الكالم الخشبي‬ ‫الواحد‪...‬ما زلنا نحبو في رحاب الديمقراطية‪ ،‬نحتاج‬ ‫الكثير لنتعلم و نتقبل الرأي األخر‪ ،‬بل نتقبل أننا لنا‬ ‫رأي و رأي قد يكون مختلف عن الكل و الجماعه‪....‬‬ ‫نحتاج إلى إعادة برمجة و تأهيل‪ ،‬قد تطول لسنين و‬ ‫لكن المهم أننا أمسكنا بداية الخيط و ذقنا بأطراف‬ ‫أصابعنا عسل الحرية‪...‬ويا محالها الحرية‬

‫شباب العائلتين كتفًا إلى كتف في التظاهرة‪.‬‬ ‫| هل هناك تنس��يق بين الكتائب على مستوى‬ ‫البالد؟‬ ‫| | التنسيق موجود‪ ،‬لكن ليس في الشكل المطلوب‪،‬‬ ‫نحن ما زلن��ا بحاجة إلى بعض الوق��ت لتنظيم صفوفنا‬ ‫أكثر نظراً الى نقص العتاد والعدّة‪.‬‬ ‫| ما ال��ذي يحتاجه «الجيش الح��ر» كي يتحول‬ ‫من مجرد مجموعات منشقة أو مسلحة إلى جيش‬ ‫منظم ذي قدرة وفعالية أكبر؟‬ ‫| | بالدرج��ة األول��ى هو بحاجة إلى الس�لاح‪ ،‬ثم إلى‬ ‫قائد ميداني يشرف على الجيش على أرض الواقع‪.‬‬ ‫| بتقديركم‪ ،‬كيف سيكون الحسم مع النظام؟‬ ‫| | ب��أركان المقاوم��ة الثالث��ة‪ :‬اس��تمرار التظاه��ر‬ ‫الس��لمي‪« ،‬الجي��ش الحر» والعصيان المدن��ي‪ .‬ال بد من‬ ‫إيقاف المنشآت والمؤسس��ات الحكومية وش ّلها كمقدمة‬ ‫ّ‬ ‫لشل النظام‪.‬‬ ‫| كي��ف تص��ف وض��ع المدين��ة عل��ى الصعيد‬ ‫االنساني؟‬

‫في السرفيس‪ ..‬وفي المقعد‬ ‫األخير‪ ..‬جلس األب وأجلس ابنه ذو‬ ‫الخمس سنوات بيننا‪ّ ..‬‬ ‫ظل الولد‬ ‫الصغير يرمقني بنظرات طفولية‬ ‫وابتسامات مشاغبة وأبادله نفس‬ ‫االبتسامات للطافته ودماثته ‪..‬‬ ‫اقترب مني لينطق أخيراً ما يؤرق‬ ‫رأسه الصغير وسألني‪ :‬بتحبي بثار؟‬ ‫امتقع األب وحاول اسكات‬ ‫ابنه‪ ..‬فاقتربت من الطفل وقلت‬ ‫له‪ :‬احكيلك سر؟ فأومأ برأسه‬ ‫موافقاً بشدة‪ ..‬فقلت له‪ :‬أل ما‬ ‫بحبو لبشار‪ ،‬انت بتحبو؟ فأجاب‪:‬‬ ‫أل قتلي‪ ......‬ابن عمي محمود‪..‬‬ ‫صمت قلي ً‬ ‫ال‪ ..‬ثم قال‪ :‬خاتو معك‬ ‫أكلة طيبة؟ ابتسم والده بخجل‬ ‫وقال له‪ :‬بابا عيب ما بصير هيك‪..‬‬ ‫لكني ومن حسن حظه كنت أملك‬ ‫بعض السكاكر فأعطيته واحدة‪....‬‬ ‫هنا استدار الطفل نحو أبيه وقال‬ ‫له‪ :‬بابا تذوجا لخاتو‪ ..‬ما بتحبو‬ ‫لبثار وأحلى من ماما‪ ..‬ضحك‬ ‫األب‪ ..‬وقال لي ممازحاً وبباتسامة‬ ‫عريضة‪ :‬تتزوجيني؟‬ ‫خط السرفيس‪ :‬دوما ‪-‬‬ ‫حرستا ‪ -‬دمشق‬ ‫رباب البوطي‬

‫| | س��يئ جداً‪ ...‬أس��عار المواد الغذائي��ة ارتفعت في‬ ‫ش��كل كبير‪ ،‬المحروقات ش��حيحة جداً‪ .‬عائ�لات بأكملها‬ ‫نكبت بجرائم النظام‪ ،‬لكن المدهش أن معنويات الناس‬ ‫مرتفع��ة ج��داً‪ .‬ونحن نح��اول تأمين المحروق��ات للناس‬ ‫مجاناً بعد االستيالء عليها من النظام‪.‬‬ ‫ً‬ ‫| باعتب��ارك كن��ت ف��ي يوم م��ا متظاه��را ثم‬ ‫تحولت إلى مقاتل‪ ،‬ماذا تقول لدعاة السلمية وماذا‬ ‫تقول لدعاة العسكرة؟‬ ‫| | أقول لدعاة الس��لمية وللمتظاهرين استمروا في‬ ‫س��لميتكم م��ا دام هناك أمل بالحل الس��لمي‪ ،‬ألن إراقة‬ ‫الدم��اء ليس��ت باألمر الس��هل‪ ،‬ولو كان الحل باس��تمرار‬ ‫الس��لمية حتى لو طال الوقت أكثر‪ ،‬فه��ذا أفضل بكثير‪.‬‬ ‫وأق��ول لدعاة العس��كرة‪ ،‬إياكم والطائفي��ة‪ ،‬ألن النظام‬ ‫يلعب على هذا الوتر‪ ،‬وأذكرهم بأال يظلموا أحداً أياً كان‬ ‫دينه أو مذهبه‪ ،‬وأال يوجه سالحهم إلى أي شخص إال إذا‬ ‫دعت الحاجة لدفع الظلم عن الناس‪ ،‬وال فرق بين مسلم‬ ‫ومس��يحي وعلوي وك��ردي‪ ...‬نحن س��وريون‪ ،‬وقضيتنا‬ ‫واحدة‪ .‬وه��ذا ليس كالماً للدعاية‪ ،‬هذا ما يجب أن يكون‬ ‫إذا أردنا الوصول فع ًال الى أهداف ثورتنا‪.‬‬

‫السؤال والجواب‪ :‬حوار مع قائد كتيبة األشتر في الرستن في الجيش السوري الحر | حوار رزان زيتونة (‪ 27‬كانون الثاني ‪)2012‬‬


‫ملحة عن �أ�شهر املعتقالت وال�سجون ال�سورية‬ ‫حنين اليوسف‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫مجموعة من المعتقلين في سجن أرواد أثناء االستراحة ‪1922‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫وطننا على رحابة مس��احته‪ ،‬س��جن‬ ‫كبي��ر ال يمكننا أن نتكل��م فيه "بحرية" أو‬ ‫أن نفع��ل على أرضه ما "نحن" نريد‪ ،‬لكن‬ ‫ما هو أصعب من حياتنا في هذا الس��جن‬ ‫الكبير ه��و ما عاناه وم��ا زال يعانيه أبناء‬ ‫س��وريا في الس��جون الصغي��رة الضيقة‬ ‫وم��ا رأوه بي��ن جدرانها الق��ذرة من أنواع‬ ‫التعذيب على مر التاريخ‪.‬‬ ‫ال توجد إحصائيات رس��مية عن عدد‬ ‫المعتق�لات ف��ي س��وريا ذل��ك أن الكثي��ر‬ ‫م��ن األقبية ف��ي مراكز األجه��زة األمنية‬ ‫تستعمل كمعتقالت (مثل مركز تحقيقات‬ ‫المخابرات الجوية في القصاع)‪ ،‬فأي أرض‬ ‫تدوسها قدمانا ونحن نسير فوق الشوارع‬ ‫السورية قد تكون سقفاً جاثماً على صدر‬ ‫المعتقلي��ن تحت األرض‪ .‬كلها س��جون ال‬ ‫تخضع لقانون أو رقابة‪.‬‬ ‫يعد س��جن ع��درا األكبر في س��وريا‬ ‫حي��ث يتس��ع لم��ا يق��ارب ‪ 2600‬س��جين‪.‬‬ ‫وبحس��ب الهيئ��ة العامة لحقوق االنس��ان‬ ‫ف��إن هذا الس��جن يحتوي عل��ى أكبر عدد‬ ‫م��ن الس��جناء في س��وريا م��ن كل التهم‬ ‫سواء السياسية أو المدنية (علمًا أنه سجن‬ ‫مدني)‪.‬‬ ‫ورغ��م ك��ون س��جن ع��درا الس��جن‬ ‫األكبر مساحة إال أن سجن تدمر العسكري‬ ‫هو األس��وء س��معة‪ .‬لقد كان سجن تدمر‬ ‫شاهداً على ممارسات من اإلرهاب الدائم‬ ‫من قبل أجهزة النظام السياسية واألمنية‬ ‫التي طالت أرواح مئات الش��باب الس��وري‪،‬‬ ‫فمنهم من قتل تحت التعذيب ومنهم من‬ ‫قض��ى أجمل س��نين حياته بي��ن جدرانه‬ ‫متعرض��اً لتعذي��ب وذل يوم��ي حت��ى لم‬ ‫يعرف أهله هل هو حي أم ميت‪.‬‬ ‫وهذا الس��جن ف��ي األصل ه��و جزء‬ ‫م��ن ثكنة عس��كرية يع��ود تاريخه��ا إلى‬ ‫زمن االحتالل الفرنس��ي‪ ،‬حيث كان سجنًا‬ ‫مخصص��ًا لتأديب الناش��زين والمنحرفين‬ ‫م��ن العس��كريين ولذل��ك أطل��ق عل��ى‬ ‫المجموع��ة العس��كرية في��ه (سَ��رية‬ ‫التأدي��ب)‪ ،‬وقد تحول ف��ي زمن البعث إلى‬ ‫معتقل للسياسيين ‪ 1966‬حين نُقلت إليه‬ ‫مجموعة من قادة اإلخوان المس��لمين في‬ ‫أواخر حزي��ران ‪ ،1966‬منه��م عبد الفتاح‬ ‫أب��و غدة ومحم��ود بابلل��ي وغيرهم‪ .‬كما‬ ‫ش��هد اعتقال عدد من الس��وريين س��واء‬

‫حقوقيي��ن أو دع��اة أو سياس��يين أو قادة‬ ‫أحزاب أو مفكرين‪.‬‬ ‫ي��روي أحد المعتقلين (محمد س��ليم‬ ‫حم��اد) عن تجربته في ه��ذا المعتقل في‬ ‫كتاب��ه (تدم��ر ش��اهد ومش��هود)‪ ،‬بعد أن‬ ‫قضى فيه أحد عشر عامًا (‪،)1991 - 1980‬‬ ‫فيصف أس��اليب التعذيب التي تعرض لها‬ ‫أو شاهدها على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫"‪ -‬التعلي��م‪ :‬وه��و انتق��اء واحد من‬ ‫المعتقلي��ن بش��كل عش��وائي‪ ،‬حيث يتم‬ ‫تعريضه لوجبات قاس��ية م��ن العذاب إلى‬ ‫أن يقضي نحبه‪ ،‬وبذلك يكون عبرة لغيره‬ ‫من المعتقلين‪.‬‬ ‫ التنف��س‪ :‬حي��ث يعم��د الج�لادون‬‫إل��ى اس��تغالل اللحظ��ات الت��ي يخ��رج‬ ‫فيه��ا المعتقل��ون إل��ى باح��ة الس��جن‪،‬‬ ‫لالنقض��اض عليه��م بالضرب بواس��طة‬ ‫العصي والكب�لات‪ ،‬ومنعهم م��ن التحدث‬ ‫إلى بعضه��م‪ ،‬ويعتبر الطعام المقدم إلى‬ ‫المعتقلي��ن جزءاً من عملية اإلس��اءة التي‬ ‫تتمي��ز بـها المعتقالت الس��ورية‪ ،‬وخاصة‬ ‫س��جن تدمر الصحراوي‪ ،‬وتتميز األطعمة‬ ‫في غالب األحيان بأنـها فاس��دة‪ ،‬و تس��بب‬ ‫األمراض المعوية للس��جناء‪ ،‬وفي بعض‬ ‫األحي��ان يؤم��ر المعتقل��ون ب��أكل الذباب‬ ‫والصراصير والفئران الميتة تحت التهديد‬ ‫والوعيد‪.‬‬ ‫ الحالق��ة‪ :‬يؤمر المعتقل بالجلوس‬‫جاثي��ًا أم��ام الح�لاق وه��و أح��د ج�لادي‬ ‫الس��جن‪ ،‬حيث يقوم "الحالق" باس��تخدام‬ ‫موسى جارحة مع الضرب و الشتم‪ ،‬وغالبًا‬ ‫ما يتسبب العمل بإصابة المعتقل بجروح‬ ‫غائرة في الرأس والوجه‪.‬‬ ‫ الحم��ام‪ :‬حي��ث يخ��رج المعتقلون‬‫إل��ى باح��ة الس��جن‪ ،‬وينه��ال عليه��م‬ ‫الجالدون بالض��رب والجلد‪ ،‬ثم يس��اقون‬ ‫إل��ى مقص��ورات ضمن مجموع��ات تضم‬ ‫كل واح��دة نحو س��تة معتقلي��ن‪ ،‬ويوضع‬ ‫هؤالء تحت رشاش يطلق ما ًء بارداً‪ ،‬وهم‬ ‫ينزعون عنهم مالبسهم‪.‬‬ ‫ويذكر محمد في كتابه أن السجانين‬ ‫أجب��روا كل الس��جناء عل��ى التصوي��ت بـ‬ ‫"نعم" خالل حملة إع��ادة انتخاب الرئيس‬ ‫حاف��ظ األس��د لوالي��ة جدي��دة ‪،1991‬‬ ‫وأجبروهم على كتابة كلمة "نعم" بدمهم‬

‫إمعانًا في القسوة‪.‬‬ ‫وال يمك��ن ألح��د أن ينس��ى مج��زرة‬ ‫سجن تدمر في ‪ 27‬أيار ‪ 1980‬بعد محاولة‬ ‫اغتي��ال حافظ األس��د‪ ،‬عندما توج��ه إليه‬ ‫‪ 200‬عنصر من س��رايا الدف��اع بالطائرات‬ ‫بهدف اإلجهاز على ما يقارب ‪ 600‬س��جين‬ ‫بس��رية تامة‪ .‬قُس��م العناصر على شكل‬ ‫مجموعات‪ ،‬وتسلم كل منها ضابط‪ .‬كانت‬ ‫هذه المجموعات الوحش��ية تدخل إلى كل‬ ‫غرفة في الس��جن‪ ،‬تفت��ح األبواب وتطلق‬ ‫الرص��اص عل��ى المس��اجين ب�لا س��ؤال‬ ‫أو كالم أو رحم��ة‪ ،‬وال تس��مع م��ن هؤالء‬ ‫السجناء إال كلمات مثل‪" :‬اهلل أكبر‪ ،‬مشان‬ ‫اهلل‪ ،‬مش��ان محمد‪ ،‬مش��ان إمك‪ ،‬مش��ان‬ ‫أختك ما تقتلنا" (حسب شهادة أحد منفذي‬ ‫العملية)‪.‬‬ ‫تم��ت ه��ذه العملي��ة خالل م��ا يقارب‬ ‫النصف س��اعة فقط‪ ،‬أصب��ح بعدها جميع‬ ‫المعتقلي��ن ف��ي س��جن تدم��ر العس��كري‬ ‫يتخبط��ون بدمائهم‪ .‬ث��م حضرت جرافتان‬ ‫كبيرتان لتس��وية األرض فوقه��م في واد‬ ‫يقع ش��رقي تدمر‪ .‬وأجري ترميم الس��جن‬ ‫وطلي��ت ج��دران المهاجع بطالء يس��تر ما‬ ‫تحت��ه م��ن آث��ار الجريم��ة‪ .‬أم��ا المجرمون‬ ‫فع��ادوا بالطائ��رات إلى مط��ار المزة قرب‬ ‫دمش��ق ظهراً‪ ،‬ووقف الرائد معين ناصيف‬ ‫يش��كرهم على جهودهم وأمرهم بكتمان‬ ‫األم��ر‪ ،‬لك��ن اثني��ن م��ن عناص��ر س��رايا‬ ‫الدف��اع الذي��ن أس��هموا في المذبح��ة أدليا‬ ‫باعترافاتهم��ا المفصل��ة أم��ام التلفزيون‬ ‫األردني بعد أن ألقي القبض عليهما هناك‪،‬‬ ‫فجريمة بهذا القبح يستحيل أن تموت‪.‬‬ ‫وم��ن الس��جون الس��ورية المعروفة‬ ‫أيض��ًا الس��جن الواق��ع ف��ي قلع��ة أرواد‬ ‫والمسمى باس��مها‪ ،‬يعود بناءه إلى نهاية‬ ‫القرن الثاني عش��ر وبداي��ة القرن الثالث‬ ‫عش��ر ميالدي‪ ،‬أي إلى الفت��رة الصليبية‪،‬‬ ‫نُفي إليه المناضل��ون والثوار ليزجوا فيه‬ ‫بعيدين ع��ن العالم خالل زم��ن االحتالل‬ ‫الفرنس��ي حت��ى س��ميت معق��ل األحرار‪.‬‬ ‫وكان مجه��زاً بجمي��ع وس��ائل التعذي��ب‬ ‫واالضطه��اد الس��تخدامها م��ع الث��وار‬ ‫الس��وريين الذين لم يرضوا الذل والهوان‬ ‫يوم��اً‪ .‬وهذا الس��جن عبارة ع��ن بهو يمر‬ ‫عب��ر غرفتي��ن يتخلل��ه درج طويل يصل‬ ‫إلى غرف السجن الداخلية التي استخدمت‬

‫للس��جن فقط دون التعذيب‪ ،‬في حين أن‬ ‫البهو خصص لتعذيب السجناء‪.‬‬ ‫سجن فيه سنة ‪ 1922‬كل من شكري‬ ‫القوتلي – عبد اللطيف البيسار (لبناني) –‬ ‫عبد الحمي��د كرامي (لبنان��ي)‪ .‬وفي أواخر‬ ‫ش��هر أيار من ذات العام أودع في سجونها‬ ‫المحكومي��ن م��ن قب��ل الدي��وان الحربي‬ ‫بح��وادث المس��تر كراي��ن‪ :‬عب��د الرحم��ن‬ ‫الش��هبندر ‪ -‬حس��ن الحكيم ‪ -‬سعيد حيدر‬ ‫ خال��د الخطيب ‪ -‬توفي��ق الحلبي ‪ -‬نديم‬‫ظبيان ‪ -‬بديع ظبيان ‪ -‬منير شيخ األرض ‪-‬‬ ‫عبد الوهاب العفيفي‪ ،‬ثم أتاها أيضًا دفعة‬ ‫جديدة تمثلت في فهمي المحايري ‪ -‬عادل‬ ‫حتاح��ت ‪ -‬مصطف��ى المحاي��ري ‪ -‬محمود‬ ‫البيروتي ‪ -‬صبري مظلوم ‪ -‬نادر الساطي‬ ‫بعد أن اكتش��ف نشاطهم الكابتن كاربيه‪.‬‬ ‫وفي ‪ 1925‬س��جن فيها ف��ارس الخوري ‪-‬‬ ‫فوزي الغزي ‪ -‬اٍحسان الشريف‪ ،‬وفي ذات‬ ‫العام سجن فيه جميل مردم بك‪ .‬كما أمّها‬ ‫الكثير من األحرار ومنهم هاش��م األتاسي‬ ‫ سعد اهلل الجابري ‪ -‬مظهر أرسالن ‪ -‬عبد‬‫الرحمن الكيالي‪ .‬وال يمكن أن ننسى نجيب‬ ‫الريس الذي خط بين جدران هذا الس��جن‬ ‫أجم��ل أبي��ات الش��عر الوطن��ي‪ :‬ياظ�لام‬ ‫الس��جن خي��م‪ /‬اٍننا نه��وى الظالما‪ /‬ليس‬ ‫بعد الليل اٍال‪ /‬فجر مجد يتسامى‪.‬‬ ‫ومن أش��هر س��جون س��وريا س��جن‬ ‫الم��زة العس��كري ال��ذي أقي��م ف��ي عهد‬ ‫االستعمار الفرنسي الذي استغل صعوبة‬ ‫الوصول إليه أو الهروب منه لوقوعه على‬ ‫تل��ة عالية‪ .‬ويتكون م��ن طابقين في كل‬ ‫منهم��ا أرب��ع زنزان��ات‪ ،‬ث��م أضيف��ت إليه‬ ‫فيما بعد أج��زاء أخرى من بينه��ا زنزانات‬ ‫انفرادي��ة يوض��ع فيه��ا الموقف��ون خالل‬ ‫فت��رة التحقي��ق‪ .‬وخص��ص هذا الس��جن‬ ‫بعد االس��تقالل للسجناء العسكريين قبل‬ ‫أن يحول��ه حس��ني الزعي��م س��نة ‪1949‬‬ ‫إل��ى معتق��ل سياس��ي‪ .‬وم��ن أش��هر من‬ ‫دخله الرؤس��اء السابقون شكري القوتلي‬ ‫وناظ��م القدس��ي وأمي��ن الحاف��ظ ولؤي‬ ‫األتاس��ي قب��ل أن يصبح رئيس��ًا وحافظ‬ ‫األسد في عهد االنفصال‪ .‬إال أن أشهر من‬ ‫س��جن فيه كان نور الدين األتاس��ي الذي‬ ‫بقي في��ه مدة ‪ 22‬عام من��ذ ‪ 1970‬وحتى‬ ‫وفاته ‪ .1992‬أغلق هذا السجن بتاريخ ‪13‬‬ ‫أيلول ‪.2000‬‬ ‫وعلى س��بيل التعداد ال الحصر يوجد‬ ‫اليوم في سوريا سجون أخرى منها‪ :‬سجن‬ ‫صيدناي��ا (مدني) ‪ -‬س��جن قطنا للنس��اء‬ ‫(مدن��ي) ‪ -‬س��جن الزبداني ‪ -‬س��جن حلب‬ ‫المركزي (مدني) ‪ -‬سجن األمن السياسي‬ ‫ف��ي حل��ب (سياس��ي) ‪ -‬س��جن مدرس��ة‬ ‫المدفعية في حلب (عسكري) وغيرها‪.‬‬ ‫م��ن الجدي��ر بالذك��ر أن الدس��تور‬ ‫الس��وري يحمي مرتكبي جرائم التعذيب‬ ‫في الف��روع األمني��ة من أية مس��اءلة‪ ،‬إذ‬ ‫نصت المادة ‪ 16‬من قانون إحداث إدارة أمن‬ ‫الدولة ‪ 1969‬على أنه "ال يجوز مالحقة أي‬ ‫من العاملين في اإلدارة عن الجرائم التي‬ ‫يرتكبونه��ا أثناء تنفي��ذ المهمات المحددة‬ ‫الموكل��ة إليهم أو في معرض قيامهم بها‬ ‫إال بموجب أمر مالحقة يصدر عن المدير"‬ ‫وذلك رغم اس��تخدامهم لوس��ائل تعذيب‬ ‫ينأى العق��ل عن تصورها مثل الكرس��ي‬ ‫األلماني ‪ -‬بس��اط الريح ‪ -‬التعذيب بالمياه‬ ‫ التعذيب بالكهرباء ‪ -‬الحرق بالس��جائر ‪-‬‬‫والضرب بالكبالت المعدنية‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫كيف تفقد ال�شعوب املناعة �ضد اال�ستبداد‬ ‫قراءة في كتاب‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫الكتاب ظاهرة جديدة في‬ ‫المكتبة العربية‪ ،‬كتابٌ نوعي يطرح‬ ‫تساؤالت ويعطي أفكاراً جديدة‬ ‫غير التي كونها القارئ قبل قرائته‬ ‫فالكتاب جذاب وبطريقةٍ فريدة لم‬ ‫تعهدها المكتبة العربية من قبل‪.‬‬ ‫يبدأ الكتاب بتعريفٍ لنفسه‬ ‫وسبب تولد فكرته لدى فريق العمل‬ ‫بعد اطالعه على النص األساسي‬ ‫لما كتبه "إيتيين دي ال بواسييه"‬ ‫الفيلسوف الشاب في النصف الثاني‬ ‫من القرن السادس عشر صاحب‬ ‫العبقرية المبكرة والتحليل العجيب‬ ‫آللية االستبداد‪.‬‬ ‫أخرج الكتاب بهذه الصيغة ثالثة‬ ‫أشخاص "هشام علي حافظ" بشعره‬ ‫المثير في بناءه وعمق معانيه وعلق‬ ‫عليه المفكر الموسوعي جودت‬ ‫سعيد‪ ،‬كما تناوله خالص الجبلي في‬ ‫التحليل من خالل مقاالتٍ نشرت في‬ ‫جريدة الشرق األوسط‪.‬‬ ‫يتألف الكتاب إذاً فض ً‬ ‫ال عن‬ ‫المقدمة الجميلة التي صاغها الدكتور‬ ‫جمال البنا من أربعة أقسام‪ ،‬القسم‬ ‫الشعري والنص األساسي الذي نقله‬ ‫إلى العربية األستاذ مصطفى صفوان‬ ‫والتعليقات على النص والمقاالت‬ ‫آنفة الذكر‪ ،‬وبالرغم من الفارق‬ ‫الزمني‪ ،‬والخلفية الفكرية المتباينة‬ ‫لكتاب الكتاب نجد انسجامًا واضحًا‬ ‫بينما ما كتب في القرن السادس‬ ‫عشر وما يكتب اآلن فالطاغية واحد‬ ‫في كل العصور والعالقات اإلنسانية‬ ‫واحدة تختلف فقط بطرق التعبير‪.‬‬ ‫تدور التعليقات والبحوث التي‬ ‫يضمها الكتاب وكما ذكرنا آنفاً حول‬ ‫الرسالة التي كتبها المفكر الفرنسي‬ ‫البواسييه بعنوان العبودية المختارة‬ ‫في منتصف القرن السادس عشر‬ ‫والتي لم تنشر إال عام ‪ 1935‬ولم‬ ‫تنشر بالعربية إال في كتابنا هذا‪،‬‬ ‫والمتن األصلي للرسالة في قرابة‬ ‫بأسلوب يعبر‬ ‫الستين صفحة صيغت‬ ‫ٍ‬ ‫تعبير عن األسى الذي يعتري‬ ‫أصدق‬ ‫ٍ‬ ‫المفكر الحر جراء هذه الظاهرة‬ ‫المثيرة للعجب‪ ،‬ظاهرة استسالم‬ ‫الجماعات والجماهير لنير المستبد بل‬ ‫تمجيده مع أنه قد ال يكون موهوبًا‬ ‫وليس في يده من السلطات والقوة‬ ‫والنفوذ إال ما قدموه هم أنفسهم‬ ‫له‪ ،‬ولوالهم لما كان شيئًا مذكورا‪،‬‬ ‫هذه هي المأساة التي تصغر أمامها‬ ‫أية مأساة أو تراجيديا أخرى والتي‬ ‫بأسلوب عاطفي يقرب من‬ ‫صاغها‬ ‫ٍ‬ ‫األدب بقدر ما يبعد عن المعالجة‬ ‫الجافة (نرى عدداً من الناس الحصر‬ ‫له ال أٌقول يطيعون بل يخدمون‪،‬‬ ‫وال أقول َ‬ ‫يُحكمون بل يُستَبد بهم‪،‬‬ ‫ال ملك لهم‪ ،‬وال أهل وال نساء وال‬ ‫أطفال‪ ،‬بل حياتهم نفسها ليست لهم‬ ‫إذ نراهم يحتملون السلب والنهب‬ ‫جيش وال من‬ ‫وضروب القسوة ال من ٍ‬ ‫عسكر أجنبي ينبغي عليهم الذود‬ ‫ٍ‬

‫عن حياضهم ضده‪ ،‬بل من واحدٍ ال‬ ‫هو بهرقل وال شمشون‪ ،‬بل هو خنث‬ ‫هو في معظم األحيان أجبن من‬ ‫في األمة وأكثرهم تأنثًا‪ ،‬ال ألفة له‬ ‫بغبار المعارك وإنما بالرمل المنثور‬ ‫على الحلبات إن وطأها وال يحظى‬ ‫بقوةٍ يأمر بها الناس بل يعجز عن‬ ‫أن يخدم ذلي ً‬ ‫ال أنسمي ذلك جبناً‪ ،‬أم‬ ‫نقول أن خدامه حثالة من الجبناء) ال‬ ‫بواسييه‪.‬‬ ‫إن ميزة رسالة ال بواسييه ال‬ ‫تعود إلى األهمية الكبرى لموضوعها‬ ‫وال للمعالجة األخاذة المطعمة‬ ‫بشواهدٍ من التاريخ ولكن أيضًا‬ ‫ألنها صدرت في وقتٍ كان االستبداد‬ ‫متقلداً صولجانه وباسطاً نفوذه‬ ‫والناس مستسلمين طائعين كأنما‬ ‫هم قطيعٌ من الخراف‪ ،‬ومع عموم‬ ‫الطغيان في عصره كان عصيًا‬ ‫عليه أن يفهم ظهور قائدٍ ال يدخل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خطة‬ ‫معركة إال خسرها وال يرسم‬ ‫إال أفسدها ويحكم بالمعتقالت‬ ‫والسجون والتعذيب‪ ،‬ثم ينهزم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ساحقة تضع أعداءه في‬ ‫هزيمة‬ ‫صميم بالده وتسلبها مقدساتها ثم‬ ‫يقال له بطل القرن وكل قرن‪.‬‬ ‫ولعل مقال ال بواسييه‬ ‫باإلضافة إلى قيمته يزخر بالشواهد‬ ‫والمعلومات والتي عقب عليه األستاذ‬ ‫مصطفى صفوان بواحدٍ وستين‬ ‫وشروح لغوية وتاريخية‪،‬‬ ‫تعليقًا ثريًا‬ ‫ٍ‬ ‫أما القسم الشعري من الكتاب فهو‬ ‫اكتشافٌ للقارئ العربي لشاعر‬ ‫ليس من النجوم رصع الكتاب بثمان‬ ‫قصائد هذه مقتطفاتٌ منها‪:‬‬ ‫فقد المناعة‪:‬‬ ‫في سجن نفسي‪...‬‬ ‫يطبق الظالم على قلبي‪...‬‬ ‫يعذبه فيستسلم ‪...‬‬ ‫ظننته سيبقى هناك‪...‬‬ ‫خاب ظني‪...‬‬ ‫أمره الطاغوت والجبروت‬ ‫أن يتسلل إلى عقلي‪..‬‬ ‫مغتصبٌ في وضح النهار‪:‬‬ ‫البلدان اإلسالمية‬ ‫بلدان تنسطل في ظالم الليل‬ ‫تُغتَصَبُ في وضح النهار‪..‬‬ ‫تأكل بعضها بعضاً‬ ‫بعضها ال يعترف ببعضها‬ ‫بعضها يعانق بعضها‬ ‫خنجر الغدر‬ ‫يساوي بعضها ببعضها‬ ‫بعضها سبّ بعضها‬ ‫وبعضها يظن أنه من بعضها‬ ‫وفي النهاية‪ ...‬األصفار تلغي بعضها‬ ‫الزعيم‪:‬‬

‫الزعيم يحبنا‪..‬‬ ‫لفأر مذعور‪..‬‬ ‫حب القط ٍ‬ ‫يجرحه‪ ..‬يخيفه ويكسر عظمه‪..‬‬ ‫يتسلى باللعب مع الحشرات‪..‬‬ ‫يأكل من فيض الحرام‪...‬‬ ‫ال يسكره غير دم األحرار‪..‬‬ ‫أما عن تعقيب األستاذ جودت‬ ‫سعيد فإن اسم هذا المفكر لدى‬ ‫القارئ العربي يكفي إلعطاء فكرةٍ‬ ‫عن ثراء هذا النص‪ ،‬فبنظريته‬ ‫الفريدة برؤية آيات األنفس واآلفاق‬ ‫ينتقل سعيد برشاقة معقبًا على‬ ‫نص ال بواسييه بمنهجه المعهود‬ ‫معتمداً النص القرآني برؤيةٍ‬ ‫صوفيةٍ شفافة "ينبغي أن نفهم‬ ‫أن الديمقراطية ثمرة شجرتها وعي‬ ‫األمة وبدون وعي األمة ال ينفع‬ ‫اقتراعٌ وال برلمان"‪.‬‬ ‫"إن الميالد الجديد لم يعد بعيداً‬ ‫إنه ليس يوتوبيا وال مثاليات وال‬ ‫مستحيالت بل هو شي ٌء صار قريبًا"‪.‬‬ ‫"إن التاريخ لن يغير هدفه من‬ ‫أجل تصورنا‪ ،‬ولن يغير التاريخ سننه‬ ‫ولكن نحن الذين سنغير نظرنا‪،‬‬ ‫قال تعالى‪(( :‬وقل للذين ال يؤمنون‬ ‫اعملوا على مكانتكم إنا عاملون‬ ‫وانتظروا إنا منتظرون)) سورة هود‬ ‫‪"122-121‬‬ ‫أما مقاالت الدكتور الجلبي‬

‫فتنوعت بعناوين بليغةٍ ومغرية‬ ‫بشكل أو بآخر مع متن الكتاب‬ ‫تنسجم‬ ‫ٍ‬ ‫ال من األساطير اليونانية مروراً‬ ‫متنق ً‬ ‫بالتاريخ العربي والعالمي وصو ًال‬ ‫لعصرنا الحاضر "عندما تنطفئ‬ ‫الحضارة تنتج اإلنسان المريض‪،‬‬ ‫إرادة العبودية‪ ،‬أو العبودية المختارة‬ ‫محاولة لفهم آلية الطغياة‪ ،‬الطبيعة‬ ‫البشرية والطغيان‪ ،‬عبادة الذات‬ ‫الفانية‪ ،‬نظام الحكم‪ ،‬باسم الشعب‪،‬‬ ‫المعرفة والسلطة جدلية تطور‬ ‫المجتمع‪ ،‬أثر التعليم في التحرر‪،‬‬ ‫مجتمع‬ ‫أهمية الفكر اإلسالمي لبناء‬ ‫ٍ‬ ‫ديمقراطي‪ ،‬قوانين تغيير االستبداد‪،‬‬ ‫قصة تشاوسيسكو‪ ،‬ثورة سلمية في‬ ‫مكانٍ غير متوقع‪ ،‬الدولة والعنف‪،‬‬ ‫سفين ٌة تغرق‪ ،‬الحصان العسكري‬ ‫نموذج الثورة اإليرانية السلمي‪،‬‬ ‫صراع داوود وجالوت‪ ،‬القابلية‬ ‫لالستبداد"‪.‬‬ ‫يعتقد الطغاة‬ ‫في أي مكانٍ وفي أي زمان‪..‬‬ ‫أنهم آلهة‪...‬‬ ‫أن بطانتهم مالئكة‪..‬‬ ‫ً‬ ‫وأن كتاب الزمان سيبقى مفتوحا على‬ ‫صفحتهم‬ ‫وأن المكان لن يتغير بوجودهم‬ ‫الكتاب صادر عن‪( :‬دار رياض‬ ‫الريس ‪)2001‬‬


‫كـــم ت�شـــبهني �شــم�س ًا �صغيــــرة!‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬

‫ل��م نكد نب��دأ بذلك حتى س��معنا‬ ‫ص��وت الم��ؤذن يدع��و لص�لاة‬ ‫المغ��رب‪ ،‬فما كان من النس��وة إال‬ ‫أن فرش��ن األرض بعلم استقالل‬ ‫كبي��ر‪ ،‬واصطفف��ن بجانب وخلف‬ ‫بعضهن وص ّلي��ن المغرب جماعة‪.‬‬ ‫وقفنا نحن إلى جانبهن مذهوالت‬ ‫مما نرى‪ :‬عشرات النسوة قد أدرن‬ ‫ظهورهن لرجال األمن المختبئين‬ ‫داخ��ل مبن��ى البلدي��ة‪ ،‬يصلي��ن‬ ‫المغرب في س��احة عامة‪ .‬ال أعلم‬ ‫إن كان ذل��ك ق��د حص��ل من قبل‬ ‫في سوريا أو في أي مكان آخر‪ .‬ما‬ ‫أعلمه هو أن للثورة في دوما طعم‬ ‫آخ��ر‪ ،‬طعم يتل��ون بطاب��ع أنوثي‬ ‫وشكل ال يش��به أية منطقة ثائرة‬ ‫أخرى‪ .‬للنس��اء هن��ا حضور الفت‪،‬‬ ‫ومهام ال قدرة للرجال على القيام‬ ‫به��ا‪ .‬لهن اعتصام��ات ومظاهرات‬ ‫خاص��ة بهن‪ ،‬وق��د أصبح��ت لهن‬ ‫مس��احتهن الخاص��ة الت��ي ل��ن‬ ‫يس��تطيع أي رجل المساس بها أو‬ ‫التقليل م��ن أهميته��ا‪ ،‬واآلن وأنا‬ ‫أرى هذا المش��هد أمامي أدرك أن‬ ‫س��وريا اآلن تخلق م��ن جديد‪ ،‬من‬ ‫تحت ركام كل تلك الس��نين‪ ،‬وكل‬ ‫ذلك الجهل‪ ،‬والفقر‪ ،‬والقمع‪.‬‬ ‫انته��ت المظاه��رة وق��ررت‬ ‫النس��اء التوجه نحو الجامع الكبير‬ ‫للمش��اركة ف��ي مظاه��رة أخ��رى‬ ‫س��تجري هناك‪ .‬مشينا جميعاً نحو‬ ‫الجامع وبدأنا بالهتاف وشيئًَا فشيئًا‬ ‫أخ��ذ الم��ارة ينضم��ون إلينا‪ ،‬حتى‬ ‫وصلن��ا عن��د الجامع الكبي��ر حيث‬ ‫كان��ت مظاهرة كبي��رة بانتظارنا‪:‬‬ ‫رج��ال وش��باب م��ن مختل��ف‬ ‫األعمار‪ ...‬ب��دؤوا بالهتاف مرحبين‬

‫بن��ا‪" :‬أهال وس��هال باللي ج��اي"‪...‬‬ ‫"حرائ��ر دوم��ا‪ ...‬اهلل يحميك��ون"‪،‬‬ ‫وبالمقابل هتفنا نحن لهم "شباب‬ ‫دوما‪ ...‬اهلل يحميكون"‪ .‬كان عرسًَا‬ ‫حقيقي��اً وكن��ت ال أصدق نفس��ي‬ ‫كيفما التف��ت‪ .‬ه��ل كان علينا أن‬ ‫نخسر كل هذا العدد من الشهداء‪،‬‬ ‫ونعان��ي كل ه��ذا الدم��ار‪ ،‬ك��ي‬ ‫أكتش��ف أن أناس��ًا يعيش��ون على‬ ‫بعد بضع الكيلومترات من دمشق‪،‬‬ ‫هم أحيانًا يش��بهونني أكثر ممن‬ ‫تربيت وعشت معهم كل حياتي؟‬ ‫ج��اءت أم محم��ود لتق��ول لي‬ ‫بأننا سندخل خيمة العزاء القريبة‬ ‫كي نش��ارك في تقدي��م التعزية‪.‬‬ ‫أش��رت له��ا بي��دي أنن��ا ال نرتدي‬ ‫الثي��اب المناس��بة لذل��ك‪ ،‬ضحكت‬ ‫وقالت‪" :‬دوما اآلن ليس��ت نفس��ها‬ ‫دوم��ا قبل الثورة‪ .‬نحن اآلن ندخل‬ ‫خي��م الع��زاء مع الرج��ال ونجلس‬ ‫في الصفوف األول��ى‪ .‬فيما مضى‬ ‫كن��ا ندخل من باب خلفي ونجلس‬ ‫وحدن��ا‪ ،‬أم��ا اآلن أصبحنا ج��زءاً ال‬ ‫يتجزأ م��ن المش��اهد اليومية في‬ ‫دوما‪ :‬المظاهرات‪ ،‬جموع التشييع‪،‬‬ ‫العزاء‪ ،‬مداواة الجرحى ونقلهم من‬ ‫مكان آلخر‪ .‬أفكر ربما بعد سقوط‬ ‫النظام سننتخب رئيسة للبلدية"‪...‬‬ ‫في كل كلمة تقولها أتفاجأ‪ ،‬نساء‬ ‫ال جديداً‬ ‫دوما اآلن يرسمن مستقب ً‬ ‫للمرأة الس��ورية لم نستطع نحن‬ ‫نس��اء المدين��ة االقت��راب منه في‬ ‫الكثير من الجوانب‪.‬‬ ‫وفع ً‬ ‫�لا‪ ،‬دخلنا الخيم��ة‪ ،‬حيينا‬ ‫الرج��ال الجالس��ين ف��ي الص��ف‬ ‫األول والذي��ن وقف��وا م��ن أجلن��ا‪،‬‬ ‫وجلسنا إلى جانبهم‪ ،‬استمعنا إلى‬

‫كلمة الش��يخ ال��ذي رحب بضيوف‬ ‫دوما‪ ،‬ش��ربنا القه��وة المرة وأكلنا‬ ‫"حب��ة التم��ر"‪ ...‬وبع��د حوالي ربع‬ ‫س��اعة حان وق��ت الرحي��ل‪ ،‬فكما‬ ‫كل المناط��ق الثائ��رة‪ ،‬لي��س من‬ ‫األمان البقاء فيها لوقت متأخر من‬ ‫النهار‪...‬‬ ‫مش��ينا إلى المكان الذي ركنّا‬ ‫فيه الس��يارات وبدأ طريق العودة‪.‬‬ ‫كانت أميمة تغني‪...‬‬ ‫"يداك خمائل ولكنني ال أغني‬ ‫ككل البالبل‬ ‫ف��إن السالس��ل تعلمن��ي أن‬ ‫أقاتل‪ ...‬أقاتل‪ ...‬أقاتل‪"...‬‬ ‫دوما ه��ي أول م��كان علمني‬ ‫أن أهت��ف بم��لء صوتي‪ ،‬من دون‬ ‫أن أخ��اف‪ ...‬أول م��كان علمني أن‬ ‫أتقبل وأحب من يختلف عني دون‬ ‫أي توجس أو توتر‪...‬‬ ‫وأم محم��ود ه��ي أول م��ن‬ ‫علمتن��ي أن لألنوث��ة أحيانًا وجوه‬ ‫تختبئ تحت مظه��ر ال يليق بها‪...‬‬ ‫لم أفعل س��وى أنني بحثت قلي ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫ألج��د أنوث��ة متدفق��ة‪ ،‬رقيق��ة‬ ‫كجدول ماء صغير‪ ،‬خجولة كبرعم‬ ‫ورد لم يك��د يتفتح بعد‪ ،‬وثائرة ال‬ ‫تهاب وال يعيقها ش��يء في سبيل‬ ‫الدفاع ع��ن قضيته��ا والبحث عن‬ ‫وط��ن أضاعت��ه منذ زم��ن‪ ،‬لكنها‬ ‫ت��راه اآلن ف��ي كل م��ا حولها‪ :‬في‬ ‫أخيها الشهيد‪ ،‬في مئات األصدقاء‬ ‫الجرح��ى والمعتقلين‪ ،‬وفي دموع‬ ‫وآهات مألت بيوت وش��وارع دوما‪،‬‬ ‫مدينتها الحبيبة‪.‬‬ ‫عن موقع صباح سوريا‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الساعة الس��ابعة مساء‪ ...‬رن‬ ‫هاتفي‪ ...‬رقم غريب‪...‬‬ ‫ مرحبا‬‫ أهلين‬‫ كيفك؟‬‫ منيحة‪ ...‬مين معي؟‬‫ ماعرفتين��ي؟ أن��ا أم‬‫محمود‪( ...‬وبدأ قلبي بالخفقان)‪...‬‬ ‫عازمينكون بكرا أنتي والبنات على‬ ‫فنجان قه��وة‪ ...‬الس��اعة ‪ 6‬ببيتي‬ ‫القري��ب عالس��احة‪ ...‬ال تتأخروا‪...‬‬ ‫إذا كان��وا كتار النمالت يمكن نغير‬ ‫المكان ألنو بيتي صغير‪ ...‬يال‬ ‫سالم‪...‬‬ ‫عجي��ب كي��ف يخف��ق قلب��ي‬ ‫وكأنني عل��ى موعد غرامي غداً‪...‬‬ ‫م��اذا س��أرتدي؟ هل م��ن األفضل‬ ‫أن أض��ع حلق��ًا ف��ي أذن��ي أم ال؟‬ ‫والعقد ف��ي رقبتي؟ هل أس��تحم‬ ‫الي��وم أم أؤجلها لغد؟ األعالم‪ ...‬ال‬ ‫تنسي األعالم‪ ،‬والشال كي تغطي‬ ‫رأسك‪ ...‬ماذا أيضًا؟ ماذا سيلزمني‬ ‫لمظاهرة الغد في دوما؟‬ ‫الي��وم‪ ,‬س��أغفو كاألطف��ال‬ ‫وأحلم بالغد‪...‬‬ ‫ج��اء الغ��د‪ ،‬وح��ان الموع��د‪،‬‬ ‫اجتمعن��ا وانطلقن��ا ف��ي طري��ق‬ ‫دوما المعت��اد‪ .‬اجتزنا الحاجز الذي‬ ‫ال يستوقف الس��يارات إن لم يكن‬ ‫فيه��ا رج��ال أو ش��بان‪ ،‬ومش��ينا‬ ‫ف��ي الطري��ق المؤدي إلى س��احة‬ ‫البلدي��ة حي��ث كان��ت المظاه��رة‬ ‫مقررة‪ ،‬ومع وصولنا بدأنا نس��مع‬ ‫هتافات "حرائ��ر" دوما المتجمعات‬ ‫في الس��احة‪" :‬بالح��ق‪ ...‬بالدين‪...‬‬ ‫بدن��ا المعتقلي��ن‪ "...‬ووصلنا لنجد‬ ‫أكثر من مئة ام��رأة وفتاة واقفات‬ ‫أمام مركز البلدية‪ ،‬يلوحن بأعالم‬ ‫االس��تقالل ويهتفن وهم ينظرن‬ ‫ب��كل غضب نح��و عناص��ر األمن‬ ‫المختبئين داخ��ل المبنى‪ ،‬والذين‬ ‫كان��وا يتحين��ون لحظ��ات صم��ت‬ ‫النس��اء كي يهتفوا‪" :‬أبو حافظ‪...‬‬ ‫أب��و حافظ‪ "...‬من وراء زجاج الباب‬ ‫المغل��ق عليهم وعلى خوف وتردد‬ ‫لم يستطيعوا إخفاءه‪.‬‬ ‫نظرت حولي ألتأمل المشهد‪:‬‬ ‫نس��وة أغلبه��ن متش��ح بالس��واد‬ ‫ويرت��دي الحج��اب‪ ...‬نح��ن بثي��اب‬ ‫عادي��ة وبعضن��ا غط��ى رأس��ه‬ ‫ووجهه والبع��ض اآلخر ال‪ ...‬مبنى‬ ‫البلدية تحتله صورة كبيرة لبشار‬ ‫األس��د نصفه��ا مغط��ىً بط�لاء‬ ‫أزرق يب��دو أنه��م لم يس��تطيعوا‬ ‫إزالت��ه أو ربم��ا أصابه��م المل��ل‬ ‫م��ن تغيير الص��ورة كل يومين‪...‬‬ ‫الش��مس بدأت بالمغي��ب‪ ،‬وواحدة‬ ‫من الفتيات تشير لنا كي نصطف‬ ‫ونشكل بأجس��ادنا كلمة "حرية"‪.‬‬

‫حكايا الثورة ‪. .‬‬

‫سعاد يوسف‬ ‫إلى فاتن رجب‬

‫‪19‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )19‬كانون الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫هل يحفظ التاريخ دموعنا وعذاباتنا‬ ‫ْ‬ ‫بالمواطنة المُتساوية ْ!‬ ‫وثقتنا‬ ‫ي��ا مصر كنا مع��كِ كما نحن اآلن‬ ‫مع سوريا‪...‬‬ ‫ف��ي قلب ّ‬ ‫كل منّا مي��دان تحريرهِ‬ ‫ْ‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫س��هرنا فيه ش��هراً كام ًال وصارت‬ ‫إضاءتهُ أجمل ضوء‪...‬‬ ‫ص ّلين��ا مع من ص ّل��ى وصرخنا مع‬ ‫م��ن ص��رخَ ومتن��ا مع م��ن ماتْ‬ ‫ووثقنا ّ‬ ‫عين وقلبْ‪...‬‬ ‫بكل ٍ‬ ‫‪...‬كما أنتِ اآلن ْ معنا‪...‬‬ ‫أرج��و أال ينقلب ذلك التعايش إلى‬ ‫تش��ريع يفصل الحقوق والواجبات‬ ‫ويشرخ المواطنة ْ‪...‬‬ ‫أرج��و ‪ ...‬حب��ل الس��رّة ه��و حبل‬ ‫صوتِ الصرخة الواحدة ْ ‪.‬‬ ‫امتحان ُ اإلس�لاميين لكي يُثبتوا‬ ‫أن صلواتهم ف��ي المَيدان كانت‬ ‫لمصرْ ولم تكن لألحزابْ ‪.‬‬ ‫مصر‪ ...‬وتونسْ‪ ..‬وَسوريا‪...‬‬ ‫أثقُ بكِ ‪.‬‬

‫رحلة ممتعة �إىل مارع املحررة‬

‫أمينة بريمكو‬

‫ما أجمل أن تقرر القيام برحلة‬ ‫لها طابع المغامرة‪ ..‬وهي حقاً كانت‬ ‫مغامرة مدهشة إلى مدينة مارع‬ ‫المحررة‪ ..‬كنا طوال الطريق نشعر‬ ‫بالقلق وبعض األرق وقبل أن نصل‬ ‫إلى مدينة مارع ب ‪ 300‬م قال‬ ‫صديقي‪ ،‬بعد أن جاءته مكالمة‬ ‫هاتفية‪ ،‬إننا اآلن تحت حماية الثوار‪.‬‬ ‫كان شعوراً غريبًا وملهمًا عندما‬ ‫سمعت هذه العبارة‪ .‬زال القلق بمجرد‬ ‫أن بدأت حماية الثوار لنا من خالل‬ ‫مرافقة دراجتين ناريتين لسيارتنا‪،‬‬ ‫ألول مرة شعرت بأنني مفعمة بالحرية‬ ‫وأنا غارقة في تفاصيل بلدة تخلو من‬ ‫صور الدكتاتور األسد األب واالبن‪.‬‬ ‫مارع هذه البلدة التي اشتعلت‬ ‫بالشجاعة منذ بداية الثورة السورية‪،‬‬ ‫يبلغ عدد سكانها ‪ 35‬ألف نسمة‪،‬‬ ‫وحوالي ‪ 3000‬منزل‪ ،‬يصل عدد‬ ‫المتظاهرين بحدود ‪ 3500‬متظاهر‪،‬‬ ‫أي كل عائلة ممثلة بمتظاهر‪ .‬من‬ ‫هنا بدأت خصوصية هذه البلدة‬ ‫الرائعة‪ ،‬وخالل حديثنا مع ممثلي‬ ‫تنسيقيات مارع عرفنا مدى تنظيم‬ ‫هذه التنسيقية ومدى تكاتفها‬ ‫وانسجام معظم سكان مارع معها‪.‬‬ ‫أكد لنا ممثل التنسيقية "أبو عمر"‬ ‫بأن تشكيل التنسيقية في مدينة‬ ‫مارع كان رد عفوي لضبط الحراك‬ ‫الثوري‪ .‬يقول‪":‬في البداية حتى قبل‬ ‫أن نشكل تنسيقية مارع خرج شباب‬

‫شهداء‬ ‫سورية‬

‫مارع للتظاهر بشكل عفوي دون أي‬ ‫تخطيط مسبق"‪.‬‬ ‫كان الهدف من إنشاء تنسيقية‬ ‫مارع لتنظيم صفوف الشباب ولعدم‬ ‫سماح للمغرضين بأية أعمال تخريبية‬ ‫باسم الثوار في المدينة‪ .‬وتبلورت‬ ‫فكرة التنسيقيات بعد الحراك الثوري‬ ‫بشهر ونصف‪ .‬يؤكد أبو عمر بأن‬ ‫مدينة مارع اعتبرت المحرك األول‬ ‫لكل مظاهرات الريف الحلبي‪.‬‬ ‫أما عن األرضية التي اعتمد عليها‬ ‫شباب مارع لتكون الشرارة األولى‬ ‫للثورة يقول أبو عمر‪":‬لم نهيئ ألية‬ ‫أرضية ألنها كانت موجودة مسبقاً‪،‬‬ ‫فما يعانيه ابن مارع هو نفس ما‬ ‫يعانيه ابن درعا أو حمص وأية بقعة‬ ‫سورية من ظلم وقهر‪ .‬من الطبيعي‬ ‫أن نكون ضمن قافلة الثوار للمطالبة‬ ‫بالحرية وإسقاط النظام"‪.‬‬ ‫كما أن مدينة مارع لم تختلف‬ ‫عن باقي المدن السورية بتوزيع‬ ‫منشورات في المدينة وتوعية الشباب‬ ‫من خالل بعض اللقاءات كآليات للبحث‬ ‫عن نقطة االنطالق‪ .‬وكان الرأي العام‬ ‫في هذه المدينة جاهزاً مسبقًا من‬ ‫خالل حادثة درعا وهو اعتقال أطفال‬ ‫مدينة درعا‪ ،‬وما لحق األهالي من‬ ‫إهانة عندما طالبوا جهات أمنية عدة‬ ‫باإلفراج عن أطفالهم‪.‬‬ ‫مارع من المدن القليلة التي‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)6869‬‬ ‫دمشق‪148 :‬‬ ‫ريف دمشق‪607 :‬‬ ‫حمص‪2372 :‬‬ ‫حلب‪145 :‬‬ ‫حماه‪983 :‬‬ ‫الالذقية‪305 :‬‬

‫شاركت بشكل شامل وهذا ما‬ ‫الحظناه ونحن نتجول في المدينة‪،‬‬ ‫وأثناء مشاركتنا مع حشد هائل في‬ ‫مظاهرة احتفالية في ساحة المدينة‪،‬‬ ‫وكانت هذه المشاركة األولى لنا‪ ،‬التي‬ ‫خالطتها مجموعة من مشاعر الفرحة‬ ‫والغبطة والدهشة الطفولية‪ ،‬ألول‬ ‫مرة تخرج أصواتنا من داخلنا‪ -‬كما‬ ‫يخرج التلميذ من بوابة المدرسة‬ ‫بمرح مفاجئ؟‬ ‫حسب قول أبو عمر بان هدف‬ ‫التسيقيات أوال وأخيرا تنظيم مجالس‬ ‫األحياء‪ ،‬وااليجابيات التي اتصفت‬ ‫بها التنسيقيات استيعاب الجميع‬ ‫بديمقراطية تامة وترسيخ مبدأ الرأي‬ ‫األخر الفعلي‪ ،‬يقول‪":‬لم يكن هناك‬ ‫رأي مطلق أو قرار نهائي غير قابل‬ ‫للتعديل"‪.‬‬ ‫وضرورة التواصل الميداني‬ ‫بدأ بإطالق التنسيقية مع تصاعد‬ ‫الحراك الثوري وضرورة خروج‬ ‫الشباب إلى الشارع رغم خطورة‬ ‫ذلك‪ .‬يرى أبو عمر ورفاقه أن العامل‬ ‫األساسي والمهم للتظاهر اليومي‬ ‫هو كسر حاجز الخوف وأن سقوط‬ ‫النظام الفعلي بدأ مع خروج الشباب‬ ‫اليومي للتظاهر‪ .‬يقول أبو عمر‪":‬‬ ‫تعنت النظام وعدم اعترافه بمطالب‬ ‫المواطنين لعبت دوراً‪ .‬وظهر ذلك جليا‬ ‫من خالل خطابات رأس هرم السلطة‬ ‫القمعية في سوريا (بشار)‪ ،‬إذ كان‬ ‫طرطوس‪158 :‬‬ ‫درعا‪819 :‬‬ ‫دير الزور‪252 :‬‬ ‫الحسكة‪62 :‬‬ ‫القنيطرة‪11 :‬‬ ‫الرقة‪36 :‬‬ ‫ادلب‪863 :‬‬ ‫السويداء‪38 :‬‬

‫يطلق القوانين والتشريعات الجديدة‬ ‫ويدعي بأنه كان سيقوم بها بشكل‬ ‫تلقائي بدون تظاهرات‪ ،‬لن نستطيع‬ ‫إغفال تدهور الوضع االقتصادي‪،‬‬ ‫إلى جانب نجاح الثورات العربية التي‬ ‫دغدغت فينا مشاعر الحرية"‪.‬‬ ‫وعندما سألنا الشباب عن سلمية‬ ‫المظاهرات وكيفية اإلعداد لهذا‬ ‫الجانب األخالقي أكدوا أن المواطن‬ ‫السوري تربى على مبادئ وثوابت‬ ‫أخالقية واعية وثقافة الالعنف هي‬ ‫فطرية لدى المواطن السوري‪ .‬أضاف‬ ‫أبو عمر‪ ":‬كما أننا استطعنا توزيع‬ ‫مناشير لكل بيت في مارع لتوعية‬ ‫الناس على ثقافة الالعنف"‪.‬‬ ‫أما الدور الذي تلعبه المرأة‬ ‫المارعية فهو حقيقة دور جليل لمسته‬ ‫من خالل استقبالهن لنا واحتفالهن‬ ‫بنا لمجرد أننا إعالميين وأن وجعنا‬ ‫واحد ‪ ..‬هذه المرأة الشجاعة التي‬ ‫بدأ دورها جليا من خالل االقتحامات‬ ‫األمنية المفاجئة للمدينة‪ ،‬حيث كانت‬ ‫تستضيف كل من يطلب اللجوء‬ ‫لالختباء في منزلها‪ .‬اختتم أبو عمر‬ ‫حديثه عن دور المرأة في الثورة‪":‬‬ ‫كانت النساء تساعدن الشباب في‬ ‫إيصال المياه لهم‪ ،‬ومساعدتهم في‬ ‫االختباء‪ .‬وكانت تهرع لجلب البصل‬ ‫الن هناك مادة في البصل المضاد‬ ‫األفضل للقنابل المسيلة للدموع‪ ،‬وال‬ ‫ننسى شحذ الهمم من خالل الزغاريد‬ ‫ورش األرز فوق رؤوس الثوار األحرار‪،‬‬ ‫وأنا شخصيا لن أنسى أبدا دعاء والدتي‬ ‫بالنصر والحماية من رب العالمين"‪.‬‬ ‫عدنا بحماية الثوار إلى مداخل‬ ‫مدينة حلب وكلنا أمل بأن نتجول يومًا‬ ‫ما في هذه المدينة وينتابنا شعور‬ ‫مماثل‪.‬‬ ‫‪ 1397‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 5472‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 175‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 6239‬عدد الذكور‬ ‫‪ 86‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 368‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 1 / 28‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.