Souriatna Issue 38

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2012/ 6 / 10 | )38‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬


‫فورين بولي�سي‪ :‬الثورة على �أعتاب دم�شق‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫رج��ح العضو ف��ي المجل��س األوروبي‬ ‫جوليان بارنيز داسي خالل تجواله ومقابالته‬ ‫م��ع س��كان دمش��ق‪ ،‬أن تك��ون الث��ورة ق��د‬ ‫اقتربت أخيرا من أعتاب العاصمة التي كانت‬ ‫تنعم بالهدوء قبل شهرين‪ ،‬وقدم الكثير من‬ ‫الدالئل والمؤشرات التي تعزز ما ذهب إليه‪.‬‬ ‫وعلق بارنيز داسي ‪-‬الذي يعمل صحفيا‬ ‫أيضا‪ -‬في مقاله بمجلة فورين بوليسي على‬ ‫مجزرة القبير التي جاءت بعد مجزرة الحولة‪،‬‬ ‫قائال إذا ثبت أن الجيش الس��وري ومليشياته‬ ‫هم الذين ارتكبوها‪ ،‬فإن ذلك سيكون صدى‬ ‫قاتما للمجزرة البش��عة في الحولة التي راح‬ ‫فيها أكثر من مائة‪.‬‬ ‫ويرى الكاتب أن العالم يس��لط أنظاره‬ ‫على المجازر في القرى ولكنه ال يلتفت إلى‬ ‫ما وصفه بالتدهور في سلطة الرئيس بشار‬ ‫األسد في عقر داره‪ ،‬وقال إن العاصمة التي‬ ‫كان��ت تبدو محصن��ة م��ن االضطرابات في‬ ‫مختلف أرجاء البالد بدأت تنقلب شيئا فشيئا‬ ‫على النظام‪ ،‬وإن اتس��اع دائرة االضطرابات‬ ‫في قلب العاصمة باتت مسألة وقت فقط‪.‬‬

‫م�ؤ�شرات‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫فم��ن المؤش��رات المهمة ‪-‬م��ن وجهة‬ ‫نظر كات��ب المقال‪ -‬إقدام ق��وات األمن في‬ ‫وسط دمشق األسبوع الماضي على تفريق‬ ‫تجمع من المتظاهرين السلميين في نهاية‬ ‫شارع الحمرا الذي ال يبعد سوى مئات األمتار‬ ‫عن البرلمان‪ ،‬باس��تخدام العي��ارات النارية‪،‬‬ ‫ضم��ن حمل��ة وصفه��ا بارنيز داس��ي بأنها‬ ‫تصعي��د للقوة م��ن قبل أجه��زة األمن التي‬ ‫كانت تقيد نفس��ها باس��تخدام العصي ضد‬ ‫المتظاهرين في المدينة‪.‬‬ ‫ويش��ير بارني��ز داس��ي إل��ى أن غياب‬ ‫االحتجاج��ات الحقيقي��ة والعن��ف‪ ،‬ووج��ود‬ ‫المقاه��ي والمطاعم المزدحمة واس��تمرار‬ ‫الناس ف��ي حياتهم الطبيعي��ة‪ ،‬كانت تخدم‬

‫رواية النظام عن االستقرار‪.‬‬ ‫وخالف��ا لألحياء الفقي��رة في العاصمة‬ ‫الت��ي تأث��رت كثي��را عل��ى مدى عق��ود من‬ ‫الزمن بس��بب الفس��اد والوحش��ية والتحرر‬ ‫االقتصادي غير المنظ��م‪ ،‬فإن هؤالء الذين‬ ‫يعيش��ون في الوس��ط انتفعوا م��ن النظام‬ ‫عل��ى م��دى العق��د الماض��ي‪ ،‬ول��م ينقلبوا‬ ‫علي��ه بأعداد كبي��رة‪ ،‬وهي الش��ريحة التي‬ ‫توصف باألغلبية الصامت��ة التي وقفت إلى‬ ‫جانب النظام رغبة ف��ي االحتفاظ بمكانتها‬ ‫االقتصادي��ة المتميزة‪ ،‬وخش��ية م��ن العنف‬ ‫والفوضى التي قد تلي سقوط األسد‪.‬‬ ‫ويس��تخلص الكات��ب أيض��ا م��ن خالل‬ ‫حواراته مع معارفه في سوريا ورجال األعمال‬ ‫وأصح��اب المح�لات والمهنيي��ن م��ن الطبقة‬ ‫الوسطى وسائقي سيارات األجرة‪ ،‬بأن المزاج‬ ‫الع��ام انقلب عل��ى النظ��ام خالل الش��هرين‬ ‫المنصرمي��ن‪ .‬فق��د قال له أح��د أصدقائه "ال‬ ‫تُخ��دع بالمقاه��ي والمطاع��م"‪ ،‬وتحدث عن‬ ‫مدينة غدت على شفير عداء متزايد للنظام‪.‬‬ ‫كم��ا تح��دث رج��ل آخ��ر م��ن الطبقة‬ ‫الوسطى عن عدم كفاءة النظام واستعداده‬ ‫لدف��ع الب�لاد نح��و ح��رب أهلي��ة م��ن أجل‬ ‫االحتف��اظ بالس��لطة‪ ،‬وه��ذا الش��عور دفع‬ ‫العدي��د م��ن ه��ذه الطبق��ة إل��ى التخطيط‬ ‫لمغادرة البالد‪ ،‬وق��د تزداد موجة الهجرة مع‬ ‫انتهاء العام الدراسي‪.‬‬ ‫ويقول الكاتب إن هذا "الدعم األجوف"‬ ‫للنظ��ام ف��ي العاصم��ة ‪-‬ال��ذي ب��ات جلي��ا‬ ‫للزائري��ن والس��كان عل��ى الس��واء‪ -‬يوحي‬ ‫بق��دوم فج��ر جدي��د لمرحل��ة جدي��دة م��ن‬ ‫الصراع في سوريا‪.‬‬

‫�إ�ضراب التجار‬ ‫ومن المؤشرات أيضا قرار تجار دمشق‬ ‫تنفي��ذ إض��راب غير مس��بوق خ�لال األيام‬ ‫القليل��ة الماضي��ة‪ ،‬احتجاج��ا عل��ى مج��زرة‬

‫الحول��ة‪ ،‬وهو ما يش��كل "تصعيدا مهما من‬ ‫التح��دي الداخل��ي"‪ ،‬وال س��يما أن الدع��وات‬ ‫لإلضراب في الس��ابق لم تك��ن تجد صداها‬ ‫لديهم‪.‬‬ ‫غير أن الكاتب يستدرك بأن ثمة العديد‬ ‫ممن يدعمون النظام في العاصمة ‪-‬وخاصة‬ ‫في أوس��اط األقليات مث��ل الطائفة العلوية‬ ‫الحاكمة‪ -‬خشية طردهم من دمشق الحقا‪،‬‬ ‫فالحل بالنسبة لمعظم هؤالء هو استخدام‬ ‫النظ��ام لمزي��د م��ن الق��وة لإلجه��از عل��ى‬ ‫"اإلرهابيين المدعومين من الخارج"‪.‬‬ ‫ولك��ن التص��دع ف��ي دع��م الحم��اة‬ ‫السابقين للنظام بات واضحا بشكل متزايد‪،‬‬ ‫فقد أسر أحد أعضاء المعارضة في البرلمان‬ ‫ال��ذي يصف��ه الث��وار بأنه عمي��ل للنظام‪-‬‬‫للكات��ب بأن "النظ��ام يته��اوى‪ ،‬وأن التغيير‬ ‫ق��ادم ال محالة"‪ ،‬وقال "إنن��ا نريد أن نحافظ‬ ‫على الدولة ولكن نتخلص من النظام"‪.‬‬

‫ويؤي��د ذلك المراقب��ون األجانب الذين‬ ‫يعتقدون بأن النظام ف��ي طريقه لالنهيار‪.‬‬ ‫وق��ال دبلوماس��ي إن "كل واح��د هنا‪ ،‬حتى‬ ‫عم��ال النظافة‪ ،‬يؤكدون بأن بش��ار لم يعد‬ ‫القوة الدافعة للبالد"‪.‬‬ ‫ويش��ير المق��ال إل��ى أن الديناميكي��ة‬ ‫المتغي��رة لم تطرأ بس��بب الدع��م المتزايد‬ ‫للمعارضة‪ ،‬بل بس��بب الش��عور بأن النظام‬ ‫لم يعد قادرا على اإليفاء بالوعود األساسية‬ ‫المتمثلة في توفير األمن واالس��تقرار داخل‬ ‫العاصمة‪ ،‬فتفشت الجريمة بكل أنواعها من‬ ‫الخط��ف واالغتصاب ف��ي عاصمة كانت تعد‬ ‫من أكثر عواصم الشرق األوسط أمنا‪.‬‬ ‫كم��ا أن االحتجاجات المناهضة للنظام‬ ‫ب��دأت تمتد إلى قل��ب العاصمة بعد أن كانت‬ ‫تقتصر على األحياء البعيدة منها‪ ،‬فانتشرت‬ ‫في الميدان وكفر سوس��ة اللذين ال يبعدان‬ ‫سوى دقائق عن قلب العاصمة‪.‬‬

‫مثقفون ينا�شدون العامل لإنقاذ الرتاث والهُوية ال�سورية‬ ‫ناش��دت مجموعة من الكت��اب والمثقفين‬ ‫والفناني��ن والصحفيين الس��وريين والمهتمين‬ ‫بالش��أن التاريخي والحضاري من المش��اركين‬ ‫ف��ي التظاهرة الفنية الس��ورية "وط��ن يتفتح‬ ‫ف��ي الحرية" ضمي��ر المجتمع الدول��ي من أجل‬ ‫حماية اآلثار والتراث السوري من السلب والنهب‬ ‫والتدمير‪ ،‬واستغاثوا بالضمائر الحية في مختلف‬ ‫أرجاء المعمورة إلنقاذ التراث والهُوية السورية‬ ‫التي تتعرض إلى عملية تدمير ممنهجة بحسب‬ ‫البي��ان الذي جاء فيه‪ :‬اس��تمرارًا لنهج التخريب‬ ‫والنه��ب لآلثار والتراث الس��وري الذي درج عليه‬ ‫المس��ؤولون والمتنفذون في السلطة السورية‬

‫منذ تسلمهم الحكم‪ ،‬تتعرض المواقع والمباني‬ ‫األثرية الس��ورية إل��ى أعمال تخري��ب وتهريب‬ ‫وتدمي��ر وقص��ف ممنه��ج ازدادت وتيرته��ا منذ‬ ‫انطالق الثورة الس��ورية في الخامس عشر من‬ ‫آذار م��ن الع��ام‪ .2011‬كما يعاني تراث س��وريا‬ ‫وآثاره��ا المحفوظ��ة ف��ي المتاح��ف م��ن خطر‬ ‫النه��ب المنظ��م وذل��ك بس��بب ضع��ف الرقابة‬ ‫التي أدت إلى سرقة عدد من القطع األثرية من‬ ‫داخ��ل المتاحف األثرية في وضح النهار‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى عمليات الحفر الس��ري ف��ي المواقع والتالل‬ ‫األثرية وتهريب كنوز سوريا التاريخية‪.‬‬ ‫وبن��ا ًء على ما تقدم ذكره‪ ،‬فإن مجموعة‬

‫اآلثار الس��ورية ف��ي خطر‪ .‬والمش��اركون في‬ ‫تظاهرة وطن يفتت��ح في الحرية (من الكتّاب‬ ‫والمثقفين والفنانين والصحفيين الس��وريين‬ ‫والمهتمي��ن بالش��أن التاريخ��ي والحض��اري)‪،‬‬ ‫يناش��دون ضمير المجتمع الدولي ويؤكدون أن‬ ‫الوقت قد حان لمؤسساته المعنية لكي تتولى‬ ‫مس��ؤوليتها‪ ،‬بتأمين الحماي��ة الالزمة للمواقع‬ ‫والمباني والمتاحف التي تش��كل ترا ًثا إنسانيًا‬ ‫عالميًا وسوريًا يمس الهُوية الوطنية‪ .‬نناشد‬ ‫المنظم��ات العالمية ممثلة باليونس��كو‪ ،‬اتحاد‬ ‫اآلثاريي��ن الع��رب‪ ،‬ال��درع األزرق‪ ،‬اإليك��روم‪،‬‬ ‫المتاحف العربية والعالمية‪ ،‬الجامعات العربية‬ ‫والعالمي��ة ومدارس��ها ومعاهده��ا األثري��ة‪،‬‬ ‫بالوق��وف بح��زم بوجه هذه الهجمة الشرس��ة‬ ‫الت��ي يتعرض له��ا اإلرث الحضاري الس��وري‪،‬‬ ‫وذلك بإيجاد آليات ردع للسلطات السورية من‬ ‫أج��ل القي��ام بالتزاماتها بحماي��ة اآلثار ووقف‬ ‫التعديات السافرة من قصف المواقع والمباني‬ ‫التاريخي��ة‪ -‬وحفر باآللي��ات الثقيلة – وتحويل‬ ‫العديد من التالل والقالع إلى ثكنات عسكرية‪.‬‬ ‫كما نناش��د حكومات الدول المجاورة لس��وريا‬ ‫بالقيام باتخاذ كافة الخطوات التي من ش��أنها‬ ‫أن تحدّ من تهريب اآلثار السورية ومن تفاقم‬ ‫األزم��ة الت��ي يتع��رض له��ا اإلرث الحض��اري‬ ‫اإلنس��اني ف��ي س��وريا‪ .‬ونعل��ن كل المناطق‬ ‫التالية مناطق حضارية منكوبة ومنها‪:‬‬ ‫‪ - 1‬الم��دن الميت��ة (أو المنس��ية مث��ل‬ ‫البارة‪ ،‬س��رجيال‪ ،‬دير س��نبل‪ )..‬في محافظة‬ ‫إدلب والمس��جلة على الئحة التراث العالمي‬

‫– اليونسكو في العام‪.2011‬‬ ‫‪ - 2‬الق�لاع األثري��ة وعل��ى رأس��ها قلعة‬ ‫المضيق التي تم تدمي��ر أجزاء كبيرة منها من‬ ‫خالل عمليات القصف المباشر‪ ،‬ومنطقة أفاميا‬ ‫األثرية التي تتعرض لعمليات حفر سري ونهب‬ ‫منظم ألث��ار هذا الموقع المس��جل على الئحة‬ ‫التراث العالمي في العام ‪ – 1999‬اليونسكو‪.‬‬ ‫‪ - 3‬مدين��ة تدم��ر األثرية‪ ،‬والمس��جلة‬ ‫على الئحة التراث العالمي – اليونس��كو في‬ ‫العام ‪.1980‬‬ ‫‪ - 4‬الت�لال األثرية‪ ،‬وعلى رأس��ها‪ :‬تل‬ ‫خ��ان ش��يخون‪ ،‬تل قرق��ور‪ ،‬تل آف��س‪ ،‬تل‬ ‫الشيخ حمد‪ ،‬تل األشعري‪ ،‬وتل حمو كار‪.‬‬ ‫‪ - 5‬دور العب��ادة‪ ،‬وبخاص��ة جوام��ع‬ ‫وكنائس حمص التاريخية والجوامع العمرية‬ ‫في محافظة درعا‪.‬‬ ‫‪ - 6‬األحي��اء القديم��ة ف��ي مدينت��ي‬ ‫حم��ص وحم��اة‪ ،‬حي��ث تعرض قس��م كبير‬ ‫من البيوت واألس��واق والجوام��ع والكنائس‬ ‫التاريخية للقصف المباش��ر م��ن قبل قوات‬ ‫الجيش السوري النظامي‪.‬‬ ‫‪ - 7‬تعان��ي المقتني��ات األثري��ة ف��ي‬ ‫المتاحف الس��ورية من خطر الس��رقة وذلك‬ ‫بس��بب ضعف الرقابة والضياع بس��ب غياب‬ ‫عمليات الجرد والتوثيق لهذا التراث المنقول‬ ‫ال��ذي يعاني عدم التوثي��ق المُتحفي لكافة‬ ‫القطع‪ ،‬وبالتالي فإنه سيكون من‬ ‫المستحيل تتبع أثر هذه المقتنيات في‬ ‫حال تعرضت للسرقة‪.‬‬


‫افتتاح مدر�سة جديدة للي�سوع ّيني يف حم�ص‬

‫نا�شطون �سوريون يطلقون م�شروع ًا خلدمة املجتمع املدين‬

‫عقل العويط‬ ‫كن��تُ أفترض أنهم نائم��ون‪ .‬أنهم نائمون فحس��ب‪ .‬وأنهم لن‬ ‫يلبث��وا أن يع��ودوا من نومه��م هذا‪ ،‬ليب��دأوا الحياة م��ن جديد‪ .‬لكن‬ ‫الصب��اح كان ق��د مضى إلى أعمال��ه‪ ،‬وهم لم يكونوا ق��د أفلتوا مما‬ ‫ظننتُه كس��ل الغفلة‪ .‬ش��ي ٌء م��ا – وال ب��دّ – كان يجعلهم يواصلون‬ ‫اإليغال في صمتهم‪ ،‬ويحول بينهم وبين النهار‪.‬‬ ‫لم أس��تطع أن أفت��رض احتما ًال آخر‪ ،‬ليقين��ي أن األطفال عادةً‪،‬‬ ‫ه��م الذي��ن يوقظون الصب��اح‪ .‬لم أش��أ باألحرى أن أفس��ح الحتمال‬ ‫آخ��ر‪ .‬للغ��رق في النه��ر‪ ،‬للنس��يان األعم��ى‪ ،‬للوجع الوج��ودي مث ًال‪،‬‬ ‫بسبب خش��يتي مما يمكن أن تفضي إليه احتماالت كهذه‪ ،‬إذا أغلقت‬ ‫الغابة أبوابها‪ .‬قلتُ‪ ،‬فألتذرّع بأن أحالمًا نزقة تش��غلهم عن فجاجة‬ ‫ّ‬ ‫ستظل تخترع حكايات ليست في الحسبان‪،‬‬ ‫الشمس‪ ،‬وبأن طفوالتهم‬ ‫وألجل ذلك هم متأخرون عن هذا الصباح‪.‬‬ ‫كن��تُ قد ذهب��تُ إلى هن��اك ألنضمّ إلى س��هر الرفاق‪ ،‬ألطرد‬ ‫النوم عن أرواحهم المتعبة‪ ،‬ألضمّد أفكاراً وأش��عاراً كان قد تس��نّى‬ ‫للحالمين للمفكرين للش��عراء أن يكتبوها تحت ّ‬ ‫س��كين الليل‪ ،‬لكني‬ ‫لم أعرف كيف أضمّد عينيَّ‪ ،‬عندما رأيتُ أحالم أفكارهم ونظراتهم‬ ‫المسروقة‪.‬‬ ‫قل��تُ‪ ،‬إل��ى أين يهرع��ون في مثل ه��ذا الوق��ت المتأخر‪ ،‬وهل‬ ‫ي��دور في خلدهم أن األمهات قد يقلقن إذا تركوا‪ ،‬أكثر فأكثر‪ ،‬ظالل‬ ‫أش��جارهم بدون عطورها وأحالمها؟! أتراهم ل��م ينتبهوا إلى مرور‬ ‫أيديهنّ للس��ؤال عنه��م؟! أتراهم عث��روا على أيقوناته��م فصاروا‬ ‫أيقونات الجروح والحكايات والذكريات؟!‬ ‫قب��ل ذاك‪ ،‬كن��تُ أق��ول‪ ،‬فألهيّ��ئ ما ًء يغس��لون ب��ه أقدامهم‬ ‫الحمقاء‪ ،‬وأرتّب لهم طاولة العش��اء‪ ،‬لكي يس��تقبلوا النعاس والليل‬ ‫كم��ا يليق بياس��مين بالدهم أن يعبث‪ ،‬قب��ل أن يفلت رحيق عطوره‬ ‫م��ن خلف الس��ياج‪ .‬لكني‪ ،‬حقًا‪ ،‬ل��م أعثر في الخ��ارج على صنادلهم‬ ‫الخفيفة‪ ،‬وال على ضحكات تركوها وراء الباب‪.‬‬ ‫كنتُ قد تأخرتُ قلي ًال بسبب رعونة الضوء‪ ،‬فعرفتُ في ما بعد‬ ‫أنهم س��بقوني إلى األس��رّة الفارغة‪ ،‬لينضمّوا إلى أنين متاهاتهم‬ ‫العمياء‪.‬‬ ‫عندما وصلتُ إلى حديقة حياتهم‪ ،‬كنتُ قد وجدتهم نياماً خارج‬ ‫الحديقة‪ ،‬مضرّجين بصمتهم وبأرملة حياتي الموحشة‪.‬‬ ‫قلتُ‪ ،‬تبّاً للش��عر‪ .‬تباً ألفكاره وكلماته اليائس��ة‪ .‬تبًّا لي‪ ،‬قلتُ‬ ‫أيض��اً‪ ،‬أنا جريح قلب��ي وبالدي‪ ،‬ألني لم أع��رف أن أجيء قبل الوقت‬ ‫المسموم‪ ،‬فأمنع الصباح من أن يأكل ليلهم الذي أضحى فريسة‪.‬‬ ‫كنتُ قبل ذاك قد رأيتهم في منامي يمتدحون عطور الياسمين‬ ‫ف��ي بالده��م‪ ،‬ويقطفون اله��واء الطلق من ألق الس��هول‪ .‬تأخذهم‬ ‫ش��مس الفج��ر إلى الت�لال الخف��رة‪ ،‬ليف��وزوا بالغيوم‪ ،‬وم��ن هناك‬ ‫يق ّلدون العصافير في طيرانها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ل��م أرَ جما ًال داميًا كهذا‪ ،‬إال عندم��ا رأيتهم في جمالهم األبدي‪.‬‬ ‫صباحاتهم مأخوذة على حين غرّة‪ .‬مناماتهم لم أعد أدري أين تهيم‬ ‫ّ‬ ‫تح��ط الرحال‪ .‬كأن النهر الذي يس��تدرج الظالل إلى أش��جار‬ ‫وال أي��ن‬ ‫ّ‬ ‫ضفتي��ه لم يتمكن من اس��تدراج ظاللهم لتس��تريح من ش��يطناتها‬ ‫المتألق��ة‪ .‬كأن الغاب��ة ق��د أغلقت حق��ًا أبوابها دونه��م‪ ،‬فظ ّلوا خارج‬ ‫الغابة‪.‬‬ ‫كان��وا ممدّدين كم��ن يهرقون قم��راً لم يلتحق به��م‪ .‬أو كمن‬ ‫يأخذون قيلولة في غير أوانها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يش��بهون قدّاساً لم يعثر على كنيس��ته‪ .‬يشبهون حياة لم تعد‬ ‫في المتناول‪.‬‬ ‫أفترض اآلن أنهم نائمون‪ .‬أفترض أنهم يحلمون فحسب‪.‬‬ ‫النهار ‪2012 / 6 / 6‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أعلنت مجموعة من الناش��طين إطالق مؤسسة‬ ‫"وط��ن" وهي منظمة مؤسس��ات مجتم��ع مدني غير‬ ‫ربحية متعددة المسارات‪ ،‬تعمل إلحداث نهضة شاملة‬ ‫في المجتمع الس��وري‪ ،‬وتقوم على هذه المؤسس��ات‬ ‫كوادر س��ورية متخصصة‪ .‬وهي مؤسسة تعمل على‬ ‫اس��تقطاب الس��وريين بكاف��ة انتماءاته��م العرقي��ة‬ ‫والدينية والقومية لبناء مستقبل ونهضة سوريا‪.‬‬ ‫يأت��ي إنش��اء ه��ذه المؤسس��ة لتفعي��ل العمل‬ ‫المؤسس��ي للناش��طين في الخارج ويقدمها للداخل‬ ‫السوري في إطار مهني ومحترف وأكثر مصداقية‪.‬‬ ‫تتألف المؤسس��ة من مجموعة من المؤسسات‬ ‫متع��ددة المس��ارات‪ :‬إنس��انية وتطويري��ة وإعالمية‬ ‫وستبدأ هذه المؤسس��ات عملها من خارج سوريا في‬ ‫الوقت الراهن لتنتقل بعد سقوط النظام للعمل على‬ ‫األراضي السورية لتساهم في بناء سوريا الجديدة‪.‬‬ ‫وف��ي منتصف الش��هر الج��اري الموافق ‪6 14-‬‬ ‫‪ -2012‬س��يجري انطالق أعمال المؤتمر التأسيس��ي‬ ‫ل��ـ "وطن" في مدينة اس��طنبول التركية ليتم اختيار‬ ‫م��دراء تنفيذيي��ن لمؤسس��اتها المختلف��ة وتفعي��ل‬ ‫برامج التدريب المختلفة لكوادرها‪.‬‬ ‫تتكون مؤسسة "وطن" من ثماني مؤسسات متخصصة‪:‬‬ ‫مؤسس��ة س��يان‪ :‬المختص��ة بتدري��ب وتطوير‬ ‫الناش��طين الس��وريين ف��ي مختلف مج��االت العمل‬ ‫المجتمع��ي والخيري لالرتقاء بعمله��م عبر التدريب‬ ‫والتأهيل وتوفير البيئة المالئمة لإلبداع‪.‬‬ ‫مؤسس��ة "جي��ل الحري��ة"‪ :‬المتخصص��ة ف��ي‬ ‫رعاية النش��ئ من س��ن ‪ 7‬إلى ‪ 17‬سنة‪ ،‬وتعمل على‬ ‫تطويرهم وتأهيلهم وتدريبهم على مهارات الحياة‪،‬‬ ‫وتنمي��ة مفه��وم الحري��ة وتعزي��ز مش��اعر االنتماء‬ ‫الوطني لسوريا‪.‬‬ ‫مؤسس��ة س��وريا الخيري��ة "خي��ر"‪ :‬متخصصة‬ ‫بالعمل الخيري لخدمة السوريين‪ ،‬وتهدف إلى إدخال‬ ‫ثقاف��ة العم��ل الخي��ري المحترف وإنش��اء وتش��غيل‬ ‫مؤسس��ة خيري��ة عالمية معتم��دة من المؤسس��ات‬ ‫والمنظمات العالمية المعنية باإلغاثة وتطوير العمل‬

‫الخي��ري اإلنس��اني بعي��داً ع��ن الصبغ��ات المذهبية‬ ‫والعرقية والحزبية‪.‬‬ ‫المركز الس��وري للحريات "حري��ات"‪ :‬متخصص‬ ‫بمجال حق��وق اإلنس��ان‪ ،‬ونصرة المواطن الس��وري‪،‬‬ ‫ويهدف إلى نشر ثقافة حقوق اإلنسان وتعزيز مبادئها‬ ‫وقيمها‪ ،‬والتعريف باإلعالن العالمي لحقوق اإلنس��ان‬ ‫والعهود والمواثيق الدولية األخرى ذات الصلة‪ ،‬والدفاع‬ ‫عن حقوق اإلنسان في سوريا وحرياته األساسية‪.‬‬ ‫المرك��ز الس��وري للدراس��ات‪ :‬مركز متخصص‬ ‫باألبح��اث والدراس��ات الت��ي تخدم النهض��ة‪ ،‬وتطور‬ ‫المجتم��ع الس��وري‪ ،‬ويه��دف إل��ى تفعي��ل الخب��رات‬ ‫والطاق��ات الفكرية الس��ورية للنهوض بس��وريا من‬ ‫جديد لمصاف الدول األكثر تقدما‪.‬‬ ‫الن��ادي الس��وري لألعم��ال‪ :‬يعمل عل��ى تجميع‬ ‫رواد األعمال والمهنيين الس��وريين‪ ،‬لالرتقاء بالعمل‬ ‫المهني الس��وري‪ ،‬ويهدف إلى توفير دليل مهني عن‬ ‫الوظائف المتاحة للجالية السورية بحسب تواجدهم‬ ‫الجغرافي وإنشاء عالقات مع أرباب العمل واالستفادة‬ ‫منها في تأمين فرص عمل للشباب‪.‬‬ ‫المرك��ز الس��وري الوطن��ي لإلعالم‪ :‬مؤسس��ة‬ ‫إعالمي��ة تعم��ل على تجمي��ع وتحرير ونش��ر األخبار‬ ‫التي تخص الشأن السوري‪ ،‬وتهم المواطن السوري‬ ‫خاصة‪ ،‬والعرب��ي عامة‪ ،‬والتعاون م��ع وكاالت األنباء‬ ‫ومحط��ة التلف��زة العالمي��ة لنق��ل ص��ورة حقيقي��ة‬ ‫وإيجابية عن سوريا‪.‬‬ ‫المؤسسة السورية للدعم واإلسناد‪ :‬تعمل على‬ ‫دع��م الحراك الث��وري‪ ،‬إنس��انياً‪ ،‬ومالياً‪ ،‬ولوجس��تياً‪،‬‬ ‫وته��دف إلى تفعيل دور الك��وادر المهجرة وتوظيفها‬ ‫في مشاريع الثورة المختلفة‪.‬‬ ‫ويأتي إطالق المؤسس��ة بمؤسس��اتها اإلغاثية‬ ‫المختلفة ليؤدي دوراً هاماً في متابعة شؤون الالجئين‬ ‫الس��وريين في الداخل والخ��ارج والحد من معاناتهم‬ ‫نتيجة عدم االنتظام في تقديم المساعدات والغياب‬ ‫الواضح لدور المنظمات اإلنس��انية والطبية العالمية‬ ‫في تقديم العون لهم‪.‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫امل�ؤمتر الت�أ�سي�سي ملنظومة وطن‬

‫ي�شبهون ّ‬ ‫قدا�س ًا مل يعرث على كني�سته‬ ‫ي�شبهون ً‬ ‫حياة مل تعد يف املتناول‬ ‫�أفرت�ض الآن �أن �أطفال احلولة نائمون‬ ‫�أفرت�ض �أنهم يحلمون فح�سب!‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬

‫مشروع في مدينةٍ صارت‬ ‫مَن يجرؤ على مباشرة‬ ‫ٍ‬ ‫ساحة حرب؟ «نحن نجرؤ» يقول اآلباء اليسوعيّون‪.‬‬ ‫«نريد أن نس��اهم في بناء مستقبل سوريا من‬ ‫خ�لال تعليم األوالد م��ن مختلف الطوائف»‪ .‬ش��هادة‬ ‫رائعة ملؤها األمل‪.‬‬ ‫ال يزال الوجود اليس��وعيّ مستمرًّا في حمص‬ ‫عل��ى الرغم م��ن المع��ارك الدامية ا ّلت��ي تجري في‬ ‫منطق��ة أح��د أدياره��م هن��اك‪ .‬وحي��ث ّإن الرهبنة‬ ‫اليس��وعيّة تملك مركزين هامَّي��ن والتنقّل بينهما‬ ‫صار خطرًا‪ ،‬توزّع اآلباء العمل بين بس��تان الديوان‪،‬‬ ‫المنطقة الساخنة‪ ،‬والعدويّة‪ ،‬وهي منطقة هادئة‪.‬‬ ‫المنطقة الساخنة شبه مهجورة‪ ،‬والفقراء ا ّلذين‬ ‫ظ ّلوا فيها بقوا في دائرة الخطر‪ ،‬ألنّهم ال يملكون مالاً‬ ‫الستئجار بيتٍ في مكانٍ آخر‪ ،‬وال أقارب يستضيفونهم‬ ‫لفت��رةٍ يعلم اهلل وح��ده متى س��تنتهي‪ .‬ليس لهؤالء‬ ‫الفقراء س��وى اهلل ومالئكته‪ ،‬والمالئكة ليسوا أرواحًا‬ ‫دومً��ا‪ ،‬بل منهم بش��ر أرادوا أن يبقوا م��ع الناس في‬ ‫محنتهم من أج��ل خدمتهم‪ ،‬منهم يس��وعيّون‪ ،‬ظ ّلوا‬ ‫مع البقيّة الباقية‪ ،‬يش��اركونهم محنتهم ويب ّثوا فيهم‬ ‫الرجاء ويحيوا في قلوبهم األمل‪.‬‬ ‫في المنطقة الهادئة‪ ،‬إن جاز لنا التعبير‪ ،‬يعاني‬ ‫ّ‬ ‫الس��كان ع��وزًا مادّيًّا وفكريًّ��ا‪ .‬الم��ادّيّ معروف‪،‬‬ ‫وهو توقّ��ف األش��غال والمصالح‪ .‬أمّ��ا الفكريّ فهو‬ ‫إغالق المدارس وفاقة في عدد المدرّس��ين بس��بب‬ ‫خط��ورة التنقّ��ل من منطق��ةٍ إلى أخ��رى‪ .‬وحيث ّإن‬ ‫العل��م نور والجهل ظالم‪ ،‬ارت��أى الفريق العامل في‬ ‫دير المخ ّلص هناك‪ ،‬التابع للرهبنة اليس��وعيّة‪ ،‬فتح‬ ‫مدرس��ةٍ غير رس��ميّة كي ال ينقطع الجيل الصاعد‬ ‫ألن‬ ‫ع��ن العل��م والمعرفة‪ .‬إنّه��ا مدرس��ة معجزيّة‪ّ ،‬‬ ‫أوالد األط��راف المتناح��رة يأتون إلى المكان نفس��ه‪،‬‬ ‫يدرس��ون معًا‪ ،‬يلعبون معًا‪ ،‬يغنّون معًا‪ ،‬على أمل‬ ‫أن يبن��وا معً��ا مس��تقبلاً أفض��ل‪ .‬يقول اليس��وعيّ‬

‫العامل في هذه المدرسة‪:‬‬ ‫«لقد س��ادت عقول الن��اس األحكام المس��بقة‪.‬‬ ‫األش��خاص منغلقون على أنفس��هم‪ ،‬وما من تواصل‬ ‫مع أش��خاص من خ��ارج الطائفة‪ ...‬نحن نس��عى إلى‬ ‫تش��جيع الحوار األفقيّ بين األش��خاص‪ ،‬حوار يجعل‬ ‫ّ‬ ‫كل ط��رفٍ يعرف الطرف اآلخر ويفهمه‪ .‬ونؤمن بأنّنا‬ ‫نستطيع بهذه الوسيلة أن نبني مستقبل هذا البلد»‪.‬‬ ‫لقد أدّت االشتباكات إلى تهجير السكان وإقفال‬ ‫الم��دارس‪ .‬لم يع��د األطفال ينش��غلون بالدرس بل‬ ‫ص��اروا س��جناء منازله��م يش��اهدون التلفزي��ون أو‬ ‫يستمعون إلى تفاهات الكبار‪.‬‬ ‫يعمل ف��ي هذه المدرس��ة حوالي ثالثين ش��ابًّا‬ ‫وفتاة من حملة الشهادات الجامعيّة بإشراف الراهبات‪،‬‬ ‫ويدف��ع اآلباء لهم أجورًا مقاب��ل خدماتهم النظاميّة‪،‬‬ ‫والصف��وف هي غرف الدير‪ ،‬والعمل يتمّ تحت اس��م‪:‬‬ ‫«المركز التربويّ ليسوع المخلِّص»‪ .‬ويرتاد المدرسة‬ ‫حوالي خمس��ين طف�ًل�اً ‪ ،‬والطلب يتزاي��د‪ ،‬ولكن ضيق‬ ‫المكان يعي��ق قبول ّ‬ ‫كل الطلبات‪ .‬فالعمل اليس��وعيّ‬ ‫ألن الن��وع‪ ،‬نوعيّة‬ ‫ال يري��د الكمّ على حس��اب النوع‪ّ ،‬‬ ‫بمقدار‬ ‫التعليم والتربية المعطاة‪ ،‬تثمر في المستقبل‬ ‫ٍ‬ ‫أوفر‪ ،‬وتنش��ئة مجموعاتٍ محدودة عدديًّا هي أس��هل‬ ‫دروس لحشودٍ من األطفال‪.‬‬ ‫وأعمق وأنجع من إعطاء ٍ‬ ‫فالعدد القليل يس��اعد المع ّلم على متابعة تقدّم ّ‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫شخصي‪.‬‬ ‫وبشكل‬ ‫طالب من طلاّ به‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫«ال نميّ��ز بي��ن مس��يحيّ أو علويّ أو س��نيّ‪،‬‬ ‫ك ّلهم متس��اوون‪ .‬معيارنا الوحيد هو جدّيّة استعداد‬ ‫األهل للتعاون معنا في عمليّة تنشئة أوالدهم»‪.‬‬ ‫المدرسة اليسوعيّة بحمص‪ ،‬أو المركز التربويّ‬ ‫في دير المخلِّص‪ ،‬ش��هادة أكثر منها رس��الة‪ .‬شهادة‬ ‫على ّأن الرجاء أقوى من اليأس‪ ،‬وثقافة الحياة أصدق‬ ‫من ثقاف��ة الموت‪ ،‬وعلى ّأن الكلمة األخيرة‪ ،‬مهما بلغ‬ ‫ألن اهلل محبّة‪.‬‬ ‫فساد بني البشر‪ ،‬هي للمحبّة‪ّ ،‬‬

‫�أوجـــاع وطــن‬

‫‪3‬‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫دماء ال�سوريني‪ ..‬على مذبح‬ ‫�أحالم القي�صر‬

‫قراءة يف العالقات الرو�سية ال�سورية‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫عن الش��اعر األلبان��ي الكبير " أس��عد‬ ‫مكول��ي " وم��ن قصيدت��ه "عندم��ا يغن��ي‬ ‫الش��هيد" ننقل‪ :‬آه‪ ...‬أيها األخ‪ ...‬عانيت األلم‬ ‫ألجلن��ا‪ ...‬وش��اركناك الع��ذاب‪ ...‬ألن دم��ك‬ ‫بع��ض دمن��ا‪ ...‬كافح��ت وتحمل��ت المحن‪...‬‬ ‫م��ن أجلن��ا جميع��ًا‪ ...‬م��ن أج��ل انتصارنا‪...‬‬ ‫أصغوا إلي أنا الش��هيد‪ ...‬اسمعوا أغنيتي‪....‬‬ ‫الت��ي رددته��ا للحرية‪....‬مه��دت به��ا طريق‬ ‫األجي��ال‪ ...‬ارفعوا المش��اعل في كل درب‪...‬‬ ‫آنذاك ستلتئم جراحي‪....‬‬ ‫ت��رى هل وصل��ت آالف األغني��ات التي‬ ‫صدح��ت به��ا أرواح ش��هدائنا إل��ى مس��امع‬ ‫القيص��ر‪ ،‬وكيف له��ا أن تص��ل وكل قيصر‬ ‫محت��رفٌ للقتل‪ ،‬أوليس ألعظ��م القياصرة‬ ‫في التاريخ الروس��ي لقب " إيفان الرهيب "‪،‬‬ ‫أوليس الروس من القتلة الكبار المنتصرين‬ ‫في الح��رب العالمية الثانية‪ ،‬والذين حصدوا‬ ‫مقعداً بين الخمسة الكبار األشد قت ًال‪...‬‬ ‫م��ع الفيت��و الروس��ي األول في مجلس‬ ‫األمن ناقش��نا ف��ي ملفن��ا دور مجلس األمن‬ ‫واألم��م المتحدة‪ ،‬في حل النزاع��ات العالمية‬ ‫واليوم سنناقش العالقات الروسية السورية‪،‬‬ ‫إذ يب��دو أن مفت��اح الح��ل ف��ي موس��كو وأن‬ ‫الترياق الذي سيش��في وطننا من اللعنة في‬ ‫إحدى خزائن القيصر‪ ،‬ولست هنا مع القائلين‬ ‫ب��أن الفيت��و الروس��ي هو م��ا يمن��ع مجلس‬ ‫األم��ن من التدخل في س��وريا‪ ،‬بل إن الفيتو‬ ‫الروس��ي أضحى الش��ماعة التي تعلق عليها‬ ‫أمم األرض فش��لها ف��ي نصرة الس��وريين‪،‬‬ ‫وتبرر تقاعس��ها عن وقف النزيف في الجرح‬ ‫الس��وري المفتوح‪ ...‬ولتصدق نبوءة مفكرنا‬ ‫"ميشيل كيلو " بأن ال مصلحة ألحد في وجود‬ ‫ديمقراطيةٍ حقيقيةٍ في سوريا‪...‬‬ ‫* تقف سوريا اآلن على شفير الهاوية‪،‬‬ ‫حصان أهوج يأتي على غير انتظار‪،‬‬ ‫والحرب‬ ‫ٌ‬ ‫وينطل��ق عل��ى غير انتظ��ار‪ ،‬وبي��ن مجي ٍء‬ ‫وانطالق‪ ،‬يحصد أرواح البشر ويلون التاريخ‬ ‫الس��وري بلون الدم‪ ،‬ف��ي ملفنا اليوم نبحث‬ ‫العالقات الروسية السورية وروسيا وسوريا‬ ‫جناسٌ ناقصٌ في علم اللغة‪ ،‬ليس للدعوة‬ ‫بأن تكف روسيا عن اس��تخدام حق النقض‬ ‫في مجلس األمن‬ ‫بتدخل عسكري بحسب البند‬ ‫وتس��مح‬ ‫ٍ‬ ‫الس��ابع‪ٌ ،‬‬ ‫تدخل سيس��قط النظ��ام والوطن‬ ‫مع��ًا‪ ،‬بل هي دعو ٌة لتقف روس��يا إلى جانب‬ ‫الش��عب الس��وري ولتعي بأن مصالحها معه‬ ‫وح��ده وب��أن كل م��ا ع��داه ٌ‬ ‫زائ��ل ال محالة‪،‬‬ ‫ولتجم��ع كل أط��راف األزمة الس��ورية على‬ ‫طاول��ةٍ للح��وار‪ ،‬ما زل��ت مؤمن��اً بوجودها‬ ‫لتخ��رج الب�لاد م��ن س��نوات ظ�لام مقبلة‪،‬‬ ‫فبي��ن معارض��ةٍ تقرع طبول ٍ‬ ‫الح��رب وبين‬ ‫نظ��ام يتبرأ رأس��ه م��ن كل مخال��ف ويوزع‬ ‫ٍ‬ ‫بحل‬ ‫امتي��ازات الوطنية أو عدمها‪ ،‬ويس��تمر ٍ‬ ‫أمني يصف��ه بالعملية الجراحي��ة والتي لن‬

‫تنتهي إال بوفاة الجسد‪ ،‬يبدو أن الحل انتقل‬ ‫خارج األرض السورية‪ ،‬وتتوجه األنظار إلى‬ ‫الحلي��ف التاريخ��ي ليم��ارس دوره‪ ،‬وليترفع‬ ‫ع��ن اس��تخدام دماء الس��وريين الس��تعادة‬ ‫والستعراض قوةٍ تعيدنا إلى‬ ‫أمجادٍ مهدورة‬ ‫ِ‬ ‫حرب باردة أضحى العالم بعدها أش��د‬ ‫زم��ن ٍ‬ ‫سخونة‪ ....‬فما يروج له اإلعالم الرسمي عن‬ ‫حرب باردةٍ جديدة يرجع قبل كل ش��يء إلى‬ ‫ٍ‬ ‫أن العقل السياس��ي العربي ال يزال يتعامل‬ ‫مع موس��كو وكأنها عاصمة دولةٍ عظمى ال‬ ‫تقل عن عاصمة االتحاد الس��وفيتي شراهة‬ ‫للحفاظ على مراك��ز ثقلها في العالم‪ .‬وفق‬ ‫ه��ذا الفه��م القديم تبقى الذاك��رة العربية‬ ‫وفيّ��ة لمق��والت قديمة لم تع��د قائمة في‬ ‫الخارطة السياس��ية العالمية‪ .‬فعندما طارت‬ ‫المقاتالت االس��تراتيجية الروسية من طراز‬ ‫"توبولي��ف ‪ "160‬ووصل��ت إل��ى فنزويال لم‬ ‫تُعِرْه��ا أمي��ركا أية أهمية ألنه��ا تعرف أن‬ ‫ه��ذه الحرك��ة ه��ي لالس��تخدام الداخلي ال‬ ‫غير‪ ،‬وأن ه��ذه الطائرات ربم��ا كانت تكمل‬ ‫بهذه الرح�لات عمرها االفتراض��ي ال أكثر‪.‬‬ ‫أما اإلعالم الس��وري فقد َّ‬ ‫هلل لها باعتبارها‬ ‫إش��ار ًة إلى عودة التوتر بين روسيا والغرب‪،‬‬ ‫وأن المس��تفيد قب��ل غي��ره ه��و النظ��ام‪،‬‬ ‫متناس��ين أن التناقضات بين روسيا والغرب‬ ‫قد تراجع��ت إلى مس��تواها الوطني منذ أن‬ ‫سقط محتواها األيديولوجي‪.‬‬ ‫* قب��ل الب��دء ف��ي اس��تعراض تاريخ‬

‫العالق��ات بي��ن البلدي��ن الب��د من اإلش��ارة‬ ‫إل��ى أن التناغ��م بين عاصمت��ي "الممانعة"‬ ‫العربية والعالمية‪ :‬دمش��ق وموسكو! ليس‬ ‫حتمي��ًا فل��و ع��اد الغ��رب وق��دَّم الضمانات‬ ‫الالزمة لموسكو في ملف الدرع الصاروخية‬ ‫وأغم��ض عيني��ه ع��ن المس��رح االنتخابي‪،‬‬ ‫وس��مح لبع��ض رج��ال أعمالها‪ ،‬عل��ى وجه‬ ‫اإلرضاء بأموال الغير‪ ،‬بالحصول على بعض‬ ‫الصفقات في ليبيا؛ س��تترك موسكو يومئذٍ‬ ‫نظام األسد لمصيره الحزين الذي تك ّلم عنه‬ ‫"ميدفيديف "ذات مرة‪ ،‬لذا فال ينبغي لألس��د‬ ‫أن يطمئ��ن كثيرًا كم��ا ال ينبغي للمعارضة‬ ‫الس��ورية أن تجعل من اس��ترضاء موس��كو‬ ‫س��ببًا رئيس��يًّا لنجاحها فاألمور في سوريا‬ ‫لن يحس��مها سوى الشارع الس��وري‪ ..‬إال أن‬ ‫الدعوة الس��ابقة لتقدم روس��يا ح ًال سياسيًا‬ ‫النتقال سلمي للسلطة تأتي من باب األمل‬ ‫ٍ‬ ‫في تخفيف الخس��ائر التي سيدفعها الشعب‬ ‫السوري ثمن انتصاره‪..‬‬

‫تاريخ العالقات الرو�سي‬ ‫ال�سورية‬

‫وضع افتت��اح القنصلية الروس��ية في‬ ‫دمش��ق في أواخر القرن الثامن عشر بداية‬ ‫للعالق��ات الرس��مية بين روس��يا وس��ورية‪.‬‬ ‫وقامت روس��يا بع��د مرور ‪ 100‬س��نة بفتح‬ ‫قنصلي��ة له��ا في مين��اء الالذقية الس��وري‬

‫‪ ،‬وأقيم��ت العالق��ات الدبلوماس��ية بي��ن‬ ‫روس��يا وس��وريا في عام ‪ 1944‬عقب إعالن‬ ‫اس��تقالل س��ورية‪ .‬وأصرت موسكو بالرغم‬ ‫من اعت��راض بريطانيا وغيره��ا من الدول‬ ‫الغربية‪ ،‬عل��ى إدراج هذا البل��د العربي في‬ ‫قائمة الدول المؤسسة لهيئة األمم المتحدة‬ ‫وقام االتحاد السوفيتي بصفته عضواً دائمًا‬ ‫في مجل��س األمن الدولي عام ‪ 1946‬بتأييد‬ ‫مطلب س��وريا بس��حب الق��وات البريطانية‬ ‫والفرنسية من أراضيها‪.‬‬ ‫وف��ي خمس��ينات الق��رن الماض��ي‪،‬‬ ‫اتس��مت العالق��ات الس��وفييتية الس��ورية‬ ‫بس��مة الوق��وف ف��ي مواجه��ة األح�لاف‬ ‫والمعاهدات واالرتباطات مع الغرب‪ .‬وعندما‬ ‫أعلن��ت تركيا ع��ن مناورات عس��كرية على‬ ‫الحدود مع سوريا وحشدت قواتها في أيلول‬ ‫‪ 1957‬كان لتصريحات كل من "خروتش��وف‬ ‫وغروميكو" وحش��د الفرق السوفياتية على‬ ‫الح��دود التركية‪ ،‬ورس��وّ وحدتين بحريتين‬ ‫س��وفيتيتين ف��ي ميناء الالذقي��ة‪ ،‬دور مهم‬ ‫ف��ي ردع جن��راالت أنقرة‪ .‬وبع��د تولي حزب‬ ‫البعث الس��لطة في سوريا توطدت العالقات‬ ‫الس��ورية – الس��وفياتية أكث��ر‪ .‬فف��ي عام‬ ‫‪ 1963‬أقي��م مرك��ز الدع��م الم��ادي التقني‬ ‫لألس��طول البح��ري الس��وفياتي ف��ي ميناء‬ ‫طرطوس السوري‪ .‬وتخلل تلك الفترة زيارة‬ ‫الرئيس السوفياتي "بودغورني" سوريا في‬ ‫الفت��رة م��ا بي��ن ‪ 3-1‬تم��وز ‪ 1967‬في عهد‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬

‫م�سريات التهنئة‬

‫ينبغي على السوريين معارض ًة ومواالة‬ ‫أن يع��وا بأن السياس��ة هي لعب��ة المصالح‪،‬‬ ‫ال تحكمه��ا األه��واء واالنفع��االت الطفولي��ة‬ ‫والتي باتت الس��مة العامة للسياسة السورية‬ ‫خارجياً وإعالميًا‪ ،‬فمن المشاهد المؤلمة التي‬ ‫ظهرت في األس��ابيع األخيرة تجمهر الموالين‬ ‫للنظام على أبواب الس��فارة الروسية لتهنئة‬ ‫" بوتي��ن " بالف��وز ف��ي المعرك��ة الرئاس��ية‬ ‫وكأن موقف��ه م��ن س��وريا هو ما أع��اده إلى‬ ‫الكرملي��ن‪ ،‬مظهري��ن الش��ماتة بخس��ارة‬ ‫"س��اركوزي " للرئاس��ة ف��ي فرنس��ا وكأن‬ ‫موقف��ه من س��وريا هو ال��ذي أخرج��ه من "‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الرئيس "نور الدين األتاس��ي"‪ .‬وقبيل حرب‬ ‫‪ 1967‬بأيام قليلة زار موسكو رئيس الدولة‬ ‫الس��وري الدكتور األتاس��ي ووزير الخارجية‬ ‫"ماخ��وس" لطل��ب الدعم الس��وفياتي لكن‬ ‫الزي��ارة لم تكن ناجحة ولم تُوْعَدْ س��وريا‬ ‫بأي شيء‪.‬‬ ‫مع اس��تالم األس��د لزمام السلطة في‬ ‫سوريا سعى إلى توطيد العالقات مع االتحاد‬ ‫الس��وفييتي مس��تفيداً م��ن ظ��روف الحرب‬ ‫الباردة‪،‬وف��ي ‪ 9‬تش��رين األول ع��ام ‪1975‬‬ ‫وص��ل الرئيس حافظ األس��د إلى موس��كو‬ ‫للق��اء كل الزعم��اء الس��وفيات‪ ":‬الرئي��س‬ ‫بودغورن��ي‪ ،‬واألمي��ن الع��ام بريجني��ف‪،‬‬ ‫ورئيس الوزراء كوس��يغين ووزير الخارجية‬ ‫غروميك��و ووزير الدفاع غريتش��كو" وبحث‬ ‫الوضع الخطير الذي وجد نفس��ه فيه آنذاك‪.‬‬ ‫كان األس��د ممتناً للجسر الجوي الذي أوصل‬ ‫الس�لاح الس��وفياتي خ�لال ح��رب تش��رين‬ ‫ف��ي م��ا ال يق��ل ع��ن ‪ 394‬رحل��ة جوية في‬ ‫االتجاهي��ن‪ .‬كما وقف القادة الس��وفيات في‬ ‫ما أسماه باتريك س��يل "حرب األخوين" في‬ ‫ثمانين��ات القرن الماضي إلى جانب الرئيس‬ ‫حافظ األس��د‪ ،‬فألقوا بثقله��م خلفه‪ .‬وأيضًا‬ ‫في ما دع��اه "حل العقدة" ف��ي تلك الحرب‪،‬‬ ‫ففي الثامن والعشرين من أيار‪ ،‬وبمساعدة‬ ‫الكرملين‪ ،‬أرس��لت طائرة محملة بس��بعين‬ ‫م��ن كبار الضب��اط إلى موس��كو‪ ،‬وكان من‬ ‫بينهم "رفعت األسد" في رحلة الالعودة‬ ‫بعد انهي��ار االتحاد الس��وفياتي‪ ،‬وفي‬ ‫فت��رة التس��عينيات ألق��ت مجموع��ة م��ن‬ ‫األح��داث السياس��ية واألمني��ة فض� ً‬ ‫لا ع��ن‬ ‫المتغيرات الدولية‪ ،‬بظاللها س��لبًا على هذه‬ ‫العالق��ات فم��ع تف��كك االتحاد الس��وفييتي‬ ‫وتص��دع المعس��كر االش��تراكي‪ ،‬ش��هدت‬ ‫العالق��ات الس��ورية ـ الروس��ية تراجع��ًا‬ ‫واضحًا‪ ،‬وبات واضحًا أن السياس��ة الروسية‬ ‫اتجهت لالهتمام بنقطتين أساس��يتين هما‪:‬‬ ‫المصال��ح التجارية‪ ،‬النفوذ النفطي‪ .‬وضمن‬ ‫هذه المرتكزات انطلقت روسيا في عالقاتها‬ ‫م��ع دول العال��م وزال البع��د االيديولوج��ي‬ ‫للعالق��ة بي��ن البلدي��ن والذي اس��تفاد منه‬ ‫قدر ممكن‪.‬‬ ‫األسد بأكبر ٍ‬ ‫عام ‪ 2005‬قام الرئيس السوري بشار‬ ‫األسد بزيارةٍ لموس��كو تحسنت على إثرها‬ ‫بشكل كبير‪ ،‬لكن هذا‬ ‫العالقات بين البلدين‬ ‫ٍ‬ ‫التحس��ن بقي تحت عنوان أن روسيا ليست‬ ‫االتحاد السوفييتي وبقي التعاون العسكري‬ ‫مع دمش��ق هزي ًال خاضعًا لمعادل��ة التوازن‬ ‫العس��كري القائ��م بي��ن العرب وإس��رائيل‬ ‫وال��ذي ال تس��مح موس��كو لنفس��ها ب��أن‬ ‫تخرقه‪ ،‬وعلي��ه فإن معظم طلبات دمش��ق‬ ‫في الس��نوات األخيرة من األسلحة الروسية‬ ‫المتط��ورة قوب��ل بالرفض بس��بب تدخالت‬ ‫إس��رائيلية وأميركي��ة‪ " ،‬والبد م��ن التذكير‬

‫بأن الس�لاح الس��وفيتي هو الذي استخدمه‬ ‫الع��رب في جمي��ع حروبه��م‪ ،‬وق��د زودهم‬ ‫االتح��اد الس��وفيتي به��ذه األس��لحة وف��ق‬ ‫القاع��دة آنفة الذك��ر‪ ،‬بحيث ال يه��دد وجود‬ ‫اسرائيل وهو أول المعترفين بها عام ‪1948‬‬ ‫" وبقيت األرقام المتداولة لصفقات السالح‬ ‫الروسي هزيل ًة بالنسبة لبلدٍ مثل روسيا له‬ ‫ثال��ث احتياطي عالمي م��ن العملة الصعبة‬ ‫بما يفوق ‪ 500‬مليار دوالر مما يؤكد أنه من‬ ‫المس��تبعد أن تك��ون العالق��ات االقتصادية‬ ‫هي المحرك للموقف الروس��ي اتجاه دمشق‬ ‫فحج��م التب��ادل التج��اري بي��ن البلدين لم‬ ‫يتخطى حدود الخمس مليارات دوالر‪ ،‬بينما‬ ‫يصل مع بلدان مث��ل تركيا مث ًال إلى ثالثين‬ ‫ملي��ار دوالر‪ ،‬إضاف�� ًة إل��ى أن��ه وبالمي��زان‬ ‫االقتصادي فإن روس��يا هي الخاس��ر األكبر‬ ‫إذا تدهورت عالقاتها مع الخليج العربي لحد‬ ‫القطيع��ة وهذا ما يفس��ر الدعوة الروس��ية‬ ‫لمجل��س التع��اون الخليجي إل��ى مفاوضات‬ ‫ح��ول س��وريا‪ ،‬بمعنى أن روس��يا تبحث عن‬ ‫مكاسب توازي مصالحها مع سوريا‪.‬‬ ‫أما قاع��دة طرطوس‪ ،‬وه��ي على أية‬ ‫حال محطة لتصليح السفن أكثر منها قاعدة‬ ‫عس��كرية دائمة؛ فه��ي‪ ،‬كما ي��ردد الروس‬ ‫أنفسهم‪ ،‬ليس��ت بتلك األهمية التي يمكن‬ ‫أن تح��دد موس��كو مواقفه��ا على أساس��ها‪،‬‬ ‫ويكفي هنا أن نذكر أن الكرملين نفسه منذ‬ ‫أن وع��ى أنه لم يعد ثان��ي اثنين َّ‬ ‫تخلى عن‬ ‫فكرة القواعد الخارجية‪ ،‬وقد رآه العالم وهو‬ ‫ينس��حب طواعية من كوبا وفيتنام ويُخلي‬ ‫قواع��ده العس��كرية هن��اك‪ ،‬مم��ا يجعلنا ال‬ ‫نعول عل��ى أهمية ه��ذه القاعدة بالنس��بة‬ ‫لل��روس بالقدر الذي يروج ل��ه اعالميًا‪ .‬كما‬ ‫أن التصريحات التي يطلقها الدبلوماس��يون‬ ‫الروس وأصحاب مراكز الضغط بأن "سوريا‬ ‫ه��ي آخر منف��ذ ونقط��ة تأثير لروس��يا في‬ ‫منطق��ة الش��رق األوس��ط وأن الصناع��ة‬ ‫العس��كرية الروس��ية بحاج��ة إلى الس��وق‬ ‫الس��ورية "‪ .‬تأت��ي ف��ي مجال االس��تعراض‬ ‫اإلعالمي ال أكثر‪.....‬‬

‫اإليليزي��ه " متناس��ين لحقيق��ة أن خليفته "‬ ‫أوالند " أش��د حزمًا وتصلب��اً اتجاه النظام في‬ ‫سوريا هذه الوقفات ّ‬ ‫غطاها وروج لها اإلعالم‬ ‫الموال��ي للنظام بصفاقة‪ ،‬ولس��نا هنا بصدد‬ ‫شكل من أشكال التعبير‬ ‫الوقوف في وجه أي ٍ‬ ‫الس��لمي أيًا كان موضوعه‪ ،‬لكن المؤلم هي‬ ‫حالة الفقر المعرف��ي التي وصل إليها طيفٌ‬ ‫م��ن ش��بابنا‪ ،‬فق��رٌ ف��ي السياس��ة والتاريخ‬ ‫ومدني��ة الدول��ة‪ ،‬متناس��ين أو جاهلي��ن بأن‬ ‫الفرنسيين يعيش��ون جمهوريتهم الخامسة‪،‬‬ ‫انقالب على أعتى‬ ‫وبأن الروس يعيشون ثمار‬ ‫ٍ‬ ‫الدكتاتوري��ات‪ ،‬وأن آلي��ة صنع الق��رار وتبوء‬ ‫المناص��ب في النظ��ام الديمقراطي أو ش��به‬ ‫الديمقراطي تقوم اس��تناداً آللي��اتٍ قانونية‬ ‫دون شخصنة أو أهواء‪ ،‬ومتناسين أو جاهلين‬ ‫أيض��اً بأنه��م ه��م نفس��هم من وقف��وا منذ‬ ‫أقل م��ن عامين مهللين مصفقي��ن للخليفة‬ ‫العثمان��ي الجدي��د " رج��ب طي��ب أردوغان "‬ ‫مس��بلين عليه صف��ات النبوة تقريب��ًا‪ ..‬وهو‬ ‫اليوم في نظرهم العدو األول والعميل األول‬ ‫ض��دّ النظ��ام الممانع المنزه ع��ن الخطأ‪ ،‬وال‬ ‫ندّع��ي هنا وجود ديمقراطي��ةٍ صرفة إال أن‬ ‫ثقاف��ة " عاش الملك مات الملك " باتت خارج‬ ‫التاري��خ‪ ،‬والنظ��م الت��ي تحكم وفق��اً ألهواء‬ ‫ورغبات حكامها باتت خارج التاريخ أيضًا‪.‬‬ ‫أما اليوم فالمعركة الرئاسية الروسية‬ ‫انته��ت ودم��اء الس��وريين تس��تخدم عل��ى‬ ‫طاول��ة المفاوض��ات وروس��يا ترف��ع الثمن‪،‬‬ ‫وال تمتن��ع ع��ن البيع فال��روس وعوا دروس‬ ‫التاري��خ جي��داً‪ ،‬فبع��د خس��ارتهم للح��رب‬ ‫الباردة‪ .‬والتي خس��رها الش��يوعيون لضيق‬ ‫اإلط��ار التحليل��ي الذي تبنوه ف��ي تعاملهم‬ ‫مع القضايا الدولي��ة ولتعنتهم في مفاصل‬ ‫م��كان فيه��ا‪ .‬وم��ن ذلك أن‬ ‫لي��س للتعن��ت‬ ‫ٌ‬ ‫الكويت فشلت في االنضمام لألمم المتحدة‬ ‫منذ اس��تقاللها ف��ي ‪ 19‬يونيو ‪1961‬م حتى‬ ‫‪ 14‬ماي��و ‪1963‬م نتيج��ة اس��تخدام االتحاد‬ ‫السوفيتي حق النقض "الفيتو"‪ ،‬الذي اعتبر‬ ‫أن اس��تقالل الكويت مؤامرة إمبريالية‪ .‬في‬ ‫ذلك الوقت كانت أصداء ثورة "مصدق" على‬ ‫الش��اه في إيران تتردد ف��ي الخليج العربي‪،‬‬ ‫وثقاف��ة اليس��ار أو ما يقاربها بدأت تنتش��ر‬ ‫ف��ي البحري��ن وعم��ان والس��عودية‪ ،‬إال أن‬ ‫ضيق اإلط��ار التحليلي الذي تبنته موس��كو‬ ‫لمجم��ل قضايا المنطقة ف��ي حينه أدى إلى‬ ‫أن مكاسبها البخسة نظير استقالل الكويت‬ ‫انحصرت في الس��تينيات بافتتاح سفارة لها‬ ‫وس��فارات لدول الكتلة الشرقية‪ ،‬حيث كانت‬ ‫جل أعمال سفارات بولندا وتشيكوسلوفاكيا‬ ‫وروماني��ا ه��ي إص��دار في��زا لس��ياحة‬ ‫المراهقي��ن من الش��بان الباحثين عن اللهو‬ ‫الرخيص في الس��بعينيات‪ ،‬في حين قفزت‬ ‫الكويت في القارب الرأس��مالي وكانت إحدى‬ ‫ق�لاع اإلس��ترليني القوية‪ .‬وانته��ى االتحاد‬

‫السوفيتي دون أن يجد منفذاً لمياهٍ دافئة‪.‬‬ ‫يؤك��د "د‪ .‬عم��رو الش��لقاني" أس��تاذ‬ ‫العل��وم السياس��ية بالجامع��ة األمريكي��ة‬ ‫بالقاهرة أن الموقف الروس��ي تجاه الش��رق‬ ‫األوس��ط وتحدي��دًا س��وريا س��يتغير وهذا‬ ‫ما يتلمس��ه جيدًا النظام الس��وري وبوتين‬ ‫يدرك جيدًا أن روس��يا فقدت شعبيتها تجاه‬ ‫الش��عوب العربية ولذلك يرى أن عليه اتخاذ‬ ‫ق��رارات تعيد الثقة في روس��يا الت��ي دائمًا‬ ‫تك��ون حليف��ة للموق��ف العرب��ي ف��ي وقت‬ ‫األزم��ات موضحً��ا أن التغي��ر ف��ي الموقف‬ ‫الروس��ي تجاه األزمة السورية سوف تتضح‬ ‫معالمه في األيام القليلة المقبلة وسيحاول‬ ‫بوتين أن يضغط وبقوة على بش��ار األس��د‬ ‫إلج��راء انتخابات الرئاس��ة الس��ورية مبكرًا‬ ‫وإال س��يكون التدخل العسكري لقوات حلف‬ ‫النات��و هو البديل ألن بوتين كان يس��تخدم‬ ‫ورق��ة الفيتو ف��ي مجل��س األم��ن للدعاية‬ ‫االنتخابية الش��عبية وإظهار قوة روسيا في‬ ‫الوقوف ضد الغول الغربي األمريكي وليس‬ ‫للحفاظ على صديقه بش��ار األس��د وهذا ما‬ ‫أوجد التفافا شعبيا حول بوتين وطالما نجح‬ ‫في الفوز بالرئاس��ة والحفاظ على س��لطته‬ ‫س��وف يعيد تقييم األداء الروسي مرة أخرى‬ ‫للحفاظ على العالقات الروسية العربية‪.‬‬ ‫ف��ي النهاية يتوجب علين��ا التأكيد بأن‬ ‫السياس��ات الخارجي��ة لن تتب��دل إ ّال بمقدار‬ ‫ما تفرضه الثورة الش��عبية فرضًا من وقائع‬ ‫على أرض الواقع ترغم صانعي القرار خارج‬ ‫الوط��ن عل��ى التعام��ل معها‪ ،‬فالس��وريون‬ ‫الي��وم أش��د إص��راراً عل��ى نس��ج المالح��م‬ ‫للخروج م��ن أزمنة المرارة الت��ي لن تذهب‬ ‫دون أن تترك آثاره��ا كالجدري في الضمير‬ ‫العمي��ق للش��عوب‪...‬والخروج م��ن ه��ذه‬ ‫األزمنة أمس��ى قاب قوس��ين أو أدنى مادام‬ ‫س��اكن القصر يأكل من لحمه وهو يحس��ب‬ ‫أن��ه ي��أكل من لح��م اآلخري��ن‪ ،‬وه��و يريد‬ ‫الش��عب كالكورس له‪ ،‬يصوغه على منهج "‬ ‫هايدلبرغ " تلك المدينة األلمانية التي تطفأ‬ ‫األنوار فيها مر ًة في السنة وتوجه الكشافات‬ ‫إلى قلعته��ا العالية‪ ،‬وبص��وتٍ واحد ينبعث‬ ‫من كل ش��وارع المدينة ونوافذها وساحاتها‬ ‫نش��يدٌ واح��د‪ ...‬نش��يد القلعة الخال��دة‪ ،‬مع‬ ‫أن س��اكن القص��ر يعلم أكثر م��ن غيره أن‬ ‫زمن النش��يد الواحد قد ولى‪ ،‬وأضحى ورق ًة‬ ‫منسي ًة في السجل الكبير‪.......‬‬ ‫أخت��م الي��وم مع أبي��اتٍ م��ن رباعيات‬ ‫الخيام‬ ‫ل��و كان ل��ي كاهلل ف��ي فل��ك ي��د‬ ‫ل��م أب��ق لألف�لاك م��ن آث��ار‬ ‫وخلق��ت أف�لاك ًا ت��دور مكانه��ا‬ ‫وتس��ير حس��ب مش��يئة األح��رار‬

‫‪5‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫الوطـــــــــن �أو ًال‬ ‫"ل��ن ترك��ع أم��ة قائده��ا حافظ‬ ‫األس��د"‪ ،‬كانت هذه العبارة منتش��رة‬ ‫عل��ى معظم جدران المدن الس��ورية‬ ‫لتزي��د ف��ي تش��ويهها وتخري��ب‬ ‫الصورة الجمالي��ة في عقول وأذهان‬ ‫المواطني��ن‪ .‬كان الس��وري يق��رأ‬ ‫ه��ذه العب��ارة بينم��ا يقف لس��اعات‬ ‫في انتظ��ار قطعة لح��م أو كيلو من‬ ‫السكر‪ .‬لم يعبأ قط بمسألة المقارنة‬ ‫أو المحاكم��ة المنطقي��ة‪ ،‬فاألمر كان‬ ‫خارج أية حسابات أو منطق إنساني‪.‬‬ ‫إذا ل��م يك��ن كل هذا ركوع��ًا ومذلة‪،‬‬ ‫فما الركوع إذاً؟‬ ‫كان كل ش��يء مباحاً في س��بيل‬ ‫القائد‪ ،‬حتى أن أحد المنافقين الكبار‬ ‫والذي سقط اس��مه من ذاكرتي كما‬ ‫س��قط هو في مزبل��ة التاريخ‪ ،‬كتب‬ ‫في حملته االنتخابي��ة‪" :‬اهلل‪ ،‬القائد‪،‬‬ ‫الوطن"! وقد كان كريمًا على ما يبدو‬ ‫باالحتف��اظ هلل بالمركز االول‪ ،‬ولكن‬ ‫القناعة الحقيقية لديه أن القائد أهم‬ ‫من كل اآللهة‪ ،‬كما يقول نزار قباني‪:‬‬ ‫"ف��ي بالدي‪ ...‬يس��بّ الم��رء اهلل وال‬ ‫يسبّ الحكومة"‪.‬‬ ‫كانت الش��عارات وكت��ب التربية‬ ‫الوطني��ة والقومي��ة تتح��دث ع��ن‬ ‫الوط��ن والوطني��ة وتش��تم العمالة‬ ‫والخيان��ة‪ ،‬بينما يتماه��ى الوطن مع‬ ‫القائ��د ويصبح ه��ذا م��ن ذاك وذاك‬ ‫من ه��ذا‪ .‬وهكذا أصب��ح لدينا مكتبة‬ ‫األسد‪ ،‬وضاحية األسد‪ ،‬وجسر األسد‪،‬‬ ‫ودمشق األس��د‪ ،‬وحتى سوريا األسد‪.‬‬ ‫قال لوي��س الرابع عش��ر‪" :‬أنا الدولة‬ ‫والدولة أنا"‪ ،‬وقال أبو جعفر المنصور‪:‬‬ ‫"إنم��ا أن��ا س��لطان اهلل ف��ي أرضه"‪،‬‬ ‫وق��ال عثمان بن عفان‪" :‬ما كنت أخلع‬ ‫س��ربا ًال س��ربلنيه اهلل"‪ ،‬وقرر الملك‬ ‫عب��د العزي��ز أن يس��مي بل��داً كام ً‬ ‫ال‬ ‫باسم عائلته "الس��عودية"‪ .‬إنه تراث‬ ‫الديكتاتوري��ة إذاً‪ ،‬وإذ تخلصت أوروبا‬ ‫من ه��ذا التراث الس��يء ف��إن العرب‬ ‫اليوم يخوضون ربيعاً عربياً للتخلص‬ ‫من الديكتاتوريات واألنظمة ومقولة‪:‬‬ ‫"إم��ا أنا أو الفوض��ى"‪ ،‬أو "إما أنا أو ال‬ ‫أحد"‪ .‬إن ش��باب الربي��ع العربي اليوم‬ ‫لم يع��د يخيفهم مس��ؤول أو صاحب‬ ‫مرك��ز‪ ،‬كل م��ا يطلبون��ه أن يك��ون‬ ‫الجميع سواس��ية أمام القانون وأمام‬ ‫الوطن‪.‬‬ ‫نعود إلى وطننا الجريح س��وريا‪.‬‬ ‫هذا الوطن ال��ذي عانى ما لم يعانيه‬ ‫أحد (ربما يتس��اوى مع��ه العراق) من‬ ‫ديكتاتورية وظلم وس��حق للمشاعر‬ ‫والكرام��ة اإلنس��انية‪ ،‬كان الس��وري‬ ‫يم��وت يومي��ًا م��ن مئ��ات المش��اكل‬ ‫ومظاهر الفس��اد والترهل الحكومي‬ ‫بينم��ا يم��نّ علي��ه حكامه بمس��ألة‬ ‫األمن وهو أمر ال ننك��ره‪ ،‬ولكن وراء‬ ‫ه��ذا األم��ن الظاهري كان عش��رات‬ ‫اآلالف يقبع��ون في معتقالت ال يعلم‬ ‫عناوينه��ا حتى بعض من أنش��ؤوها‬ ‫لش��دة ظالمها وقس��وة بردها‪ .‬يخرج‬ ‫الس��وريون الي��وم ليقول��وا مس��ألة‬

‫واح��دة‪" :‬الوط��ن أو ًال"‪ ،‬وليقول��وا‪:‬‬ ‫"الوطن أو ال أحد"‪ .‬أما القائد والرئيس‬ ‫فهو إنس��ان مث��ل الجمي��ع وعليه أن‬ ‫يفه��م أن��ه زائل س��واء اقتن��ع أم لم‬ ‫يقتن��ع‪ ،‬أما الوطن فهو باق‪ ،‬بقي في‬ ‫الماضي وسيبقى للمستقبل‪.‬‬ ‫وحتى نكون واقعيين‪ ،‬فإن مسار‬ ‫ه��ذه الثورة يتع��رض الي��وم للكثير‬ ‫م��ن اله��زات والضغوط��ات داخلي��ًا‬ ‫وخارجي��اً‪ ،‬وهن��ا يب��رز دور الثقاف��ة‬ ‫الوطني��ة والسياس��ية‪ .‬فم��ن أطلقوا‬ ‫على أنفس��هم لقب رموز المعارضة‬ ‫الس��ورية وباألخص في الخارج باتوا‬ ‫يتصارع��ون على كراس��ي ومناصب‬ ‫فارغة دون أي محتوى وهم ال يزالون‬ ‫ف��ي الخ��ارج‪ .‬ف��ي كثير م��ن األحيان‬ ‫أتأمل فيما يفعله هؤالء اآلن وأتساءل‬ ‫عن شكل سوريا القادمة‪ .‬حتى تاريخ‬ ‫الي��وم لم يس��تطع المجلس الوطني‬ ‫تقدي��م كش��ف علن��ي بالماليي��ن‬ ‫الت��ي تصله من دول وأط��راف دولية‬ ‫ناهي��ك عن كش��ف بالمصروفات‪ .‬إن‬ ‫من يدع��ون محارب��ة الفس��اد اليوم‬ ‫يمارسونه وفقًا لصالحيات لم يعطها‬ ‫له��م أح��د‪ .‬إن الش��رعية الثوري��ة ال‬ ‫تشرع الفساد واستغالل المال العام‪.‬‬ ‫لقد أصبحت ثورة سوريا بابًا للتسول‬ ‫بالنسبة لكثيرين وهم لذلك ال توجد‬ ‫لهم مصلحة ف��ي نهاية األزمة وهذا‬ ‫واضح‪.‬‬ ‫أين الوطن أو ًال في كل تصرفات‬ ‫غالبي��ة المعارضي��ن وخاص��ة ف��ي‬ ‫الخارج؟ وأين الوطن أو ًال في الس�لاح‬ ‫ال��ذي يتدف��ق عل��ى الجمي��ع (نظ��ام‬ ‫ومعارض��ة) م��ن أج��ل إش��عال فتيل‬ ‫الح��رب األهلي��ة الت��ي يح��ذر منه��ا‬

‫الجميع صباح مساء؟ بات من المحتم‬ ‫أن القض��اء عل��ى س��وريا ومقدراتها‬ ‫ه��و ه��دف اس��تراتيجي‪ ،‬وأن��ا أؤكد‬ ‫هن��ا على س��وريا حت��ى ال يفهم أحد‬ ‫المتربصين بالكلم��ات أننا ندافع عن‬ ‫النظام ونظرياته الكونية الفضائية‪.‬‬ ‫إن الش��رعية التي يتم إسبالها اليوم‬ ‫على مسألة تسليح الثورة هي تشريع‬ ‫بعل��و كلمة الس�لاح‪ ،‬وهكذا س��معنا‬ ‫وسنس��مع كثيراً ف��ي القريب العاجل‬ ‫عش��رات وربم��ا مئات م��ن الفصائل‬ ‫والكتائ��ب والف��رق الت��ي تق��ول أنها‬ ‫تحمي المتظاهرين وتحمي الشرعية‬ ‫الثوري��ة وأنها س��تلقي الس�لاح بعد‬ ‫األزمة‪ .‬نفس الجمل التي س��معناها‬ ‫عق��ب كل انقالب عس��كري في هذا‬ ‫الوط��ن ولكنن��ا فوجئن��ا بأنن��ا صرنا‬ ‫ضحاي��ا ه��ذه الحماي��ة‪ ،‬ومعتقلي��ن‬ ‫ومنفيين بتهم مع��اداة الثورة وقتلى‬ ‫وش��هداء بذات األس��لحة الت��ي كانت‬ ‫تدعي حمايتنا‪ .‬وتظهر مشكلة خطف‬ ‫ال��زوار اللبنانيين حجم االنقس��امات‬ ‫والتف��كك فيم��ا بي��ن األط��راف‬ ‫المختلف��ة‪ .‬خ�لال أس��بوع واحد دخل‬ ‫على خط هذه األزمة أكثر من خمسة‬ ‫عش��ر طرفاً كل منهم يدعي امتالك‬ ‫الحقيق��ة‪ .‬وفوجئن��ا ب��أن المجموعة‬ ‫الخاطف��ة انقس��مت عل��ى نفس��ها‬ ‫واقتس��مت المخطوفين أيض��ًا‪ ،‬بينما‬ ‫يدع��ي أناس من الجي��ش الحر وجود‬ ‫اتص��االت وكذل��ك الحري��ري وح��زب‬ ‫األح��رار والمخابرات التركي��ة ونبيل‬ ‫العرب��ي وال نس��تبعد دخ��ول منظمة‬ ‫أيات��ا االنفصالي��ة في إس��بانيا على‬ ‫خط المسألة‪.‬‬ ‫كما يأتي إعالن تش��كيل "جبهة‬ ‫ثوار س��وريا" ليضيف عل��ى الطنبور‬

‫خالد كنفاني‬

‫نغماً ناهيك عن األحزاب الخلبية التي‬ ‫يج��ري تكوينها كانقس��امات لكيانات‬ ‫أكبر قلي ً‬ ‫ال‪ ،‬وهي تشي بمستقبل غير‬ ‫مطمئ��ن بالنس��بة لكثيرين‪ .‬كل هذا‬ ‫يح��دث بينم��ا النظام يس��رح ويمرح‬ ‫بدم��اء الس��وريين وبينم��ا معارضوه‬ ‫يقتتل��ون عل��ى الفت��ات ويخوض��ون‬ ‫"حروب��ًا" إعالمي��ة وافتراضية جوفاء‬ ‫ودعاي��ات تلفزيوني��ة رخيصة‪ .‬وألن‬ ‫الوط��ن ل��م يك��ن أو ًال ل��دى ه��ؤالء‬ ‫فه��م متس��اوون الي��وم م��ع النظام‬ ‫بالممارس��ة‪ ،‬وتنج��رّ الب�لاد إل��ى‬ ‫الفوضى الش��املة القادمة ال محالة‪،‬‬ ‫ولن ينفع ال مبادرة عنان وال السيناريو‬ ‫الليبي وال النموذج اليوغس�لافي وال‬ ‫حتى الطريقة الشاذلية!‬ ‫الجميع في سوريا اليوم يظلمون‬ ‫الوطن م��ع كل رصاصة يتم إطالقها‬ ‫باتج��اه س��وري آخ��ر‪ .‬وه��ذا الضياع‬ ‫السياس��ي والعسكري س��يقود البلد‬ ‫حتمًا إلى الهاوية إذا لم يكن قد بلغها‬ ‫فع� ً‬ ‫لا‪" .‬الوط��ن أو ًال" يج��ب أن يكون‬ ‫نصب أعيننا في كل خياراتنا القادمة‪،‬‬ ‫وعلينا أن ال ننبهر بمؤتمرات أصدقاء‬ ‫س��وريا وال مؤتمرات إع��ادة إعمارها‪،‬‬ ‫فالوعود لمص��ر وتونس وليبيا كانت‬ ‫بكب��ر الجب��ال وعندم��ا ح��ان موع��د‬ ‫الس��داد لم يأب��ه بهم أح��د‪ ،‬بل عمد‬ ‫البعض لالنتقام من الثورات الجديدة‬ ‫(مص��ر نموذجاً)‪ .‬هذه لحظة الحقيقة‬ ‫ل��دى الس��وريين‪ ،‬فإما أن يعيش��وها‬ ‫وإما فلن يبقى ال الوطن وال أحد‪...‬‬ ‫آخر الكالم‪:‬‬ ‫يقول الشاعر‪:‬‬ ‫ب�ل�ادي وإن ج���ارت ع��ل��يّ عزيزة‬ ‫أه��ل��ي وإن ض��نّ��وا ع��ل��يّ ك��رام‬


‫راغدة درغام‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫دخل��ت المناقصة والمقايض��ة مرحلة‬ ‫حامي��ة ف��ي الفت��رة األخي��رة عبر ّ‬ ‫س��كتين‬ ‫متوازيتين‪ :‬إحداهما ترتكز إلى تفاهم دولي‬ ‫وإقليمي عل��ى عملية انتقالي��ة منظمة في‬ ‫س��ورية يتنحى بموجبها الرئيس الس��وري‬ ‫بشار األسد عن الس��لطة طوعاً‪ ،‬على نسق‬ ‫النم��وذج اليمن��ي‪ .‬واألخ��رى ذات ش��قين‪،‬‬ ‫اقتص��ادي قوامه تضييق الخن��اق اقتصاديًا‬ ‫على النظام في دمش��ق عب��ر قرار لمجلس‬ ‫األم��ن إذا كان ذل��ك ممكنًا‪ ،‬وعس��كري عبر‬ ‫إقامة تجمع لمجموعة دول أوروبية وغربية‬ ‫بمشاركة أميركية من نوع ما‪ّ ،‬‬ ‫تمكن من شن‬ ‫عمليات جوية محدودة وفرض حظر جوي إذا‬ ‫ّ‬ ‫الس��كتان تس��يران معًا‬ ‫أصبح ذلك ضروريًا‪.‬‬ ‫عبر القارات في اجتماع��ات ثنائية ومتعددة‬ ‫األط��راف على أعل��ى المس��تويات‪ ،‬والجديد‬ ‫فيهما هذا األس��بوع أن روس��يا عبّ��رت علنًا‬ ‫عن عدم تمسكها ببقاء األسد في السلطة‪،‬‬ ‫وأن الوالي��ات المتحدة قالت علناً إنها تدرس‬ ‫جميع الخيارات ولم تعد في حالة تردد‪.‬‬ ‫الرئي��س األميرك��ي ب��اراك أوبام��ا‬ ‫منغم��س‪ ،‬بطبيع��ة الح��ال‪ ،‬باالنتخاب��ات‬ ‫الرئاس��ية المقبلة في ش��هر تشرين الثاني‬ ‫(نوفمب��ر)‪ .‬واإلدارة األميركية أبلغت معظم‬ ‫المعنيي��ن في المنطق��ة العربية والش��رق‬ ‫األوس��ط وأوروب��ا أنه��ا تري��د «فاص� ً‬ ‫لا» أو‬ ‫«نقط��ة توقف» ‪ Pause‬في الش��ق المعني‬ ‫بإجراءات على األرض نحو الحل العس��كري‬ ‫إلى ما بعد هذا الموعد‪ ،‬لجهة اتخاذ اإلجراء‪،‬‬ ‫وليس لجهة اإلعداد التخاذ اإلجراء‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬يق��وم عدد من ال��دول العربية‬ ‫واألوروبي��ة بالتحضي��رات الضرورية لخيار‬ ‫عسكري في حال فشل الحل السياسي على‬ ‫يدي المبع��وث األممي‪-‬العربي كوفي أنان‪،‬‬ ‫أو عل��ى ي��دي الرئي��س الروس��ي فالديمير‬ ‫بوتين‪ .‬وفرنس��ا وبريطانيا ودول في أوروبا‬ ‫الش��رقية هي ضمن ه��ذه المجموعة التي‬ ‫تضم دو ًال خليجية‪ ،‬أبرزها المملكة العربية‬ ‫السعودية وقطر‪ ،‬وكذلك تركيا‪.‬‬ ‫األردن لي��س ف��ي ص��دارة الخي��ار‬ ‫العس��كري‪ ،‬نظ��راً لهشاش��ة الوض��ع‬ ‫االقتصادي والسياس��ي المترتب على تدفق‬ ‫الالجئين الس��وريين إليه‪ .‬لذل��ك‪ ،‬هو ليس‬ ‫ف��ي الطوق األول من اإلعدادات العس��كرية‬ ‫عبر ح��دوده إلى س��ورية‪ .‬لبن��ان يقع خارج‬ ‫هذه اإلعدادات‪ ،‬بس��بب ظروفه االستثنائية‬ ‫وانقس��اماته تجاه الش��أن الس��وري‪ .‬العراق‬ ‫يمر ف��ي مرحل��ة ملفتة‪ ،‬س��يما لجهة طرح‬ ‫الثق��ة بحكومة ن��وري المالكي وم��ا يترتب‬ ‫على إعادة رسم العالقة العراقية–اإليرانية‬ ‫في ض��وء التط��ورات الداخلي��ة واإلقليمية‪.‬‬ ‫والمطلوب م��ن الحدود العراقية–الس��ورية‬

‫يدخل ف��ي خان��ة الضبط وليس ف��ي خانة‬ ‫إنش��اء ممرات آمنة أو مناطق حظر طيران‪.‬‬ ‫أما العمل الجدي في اإلطار العسكري‪ ،‬فإنه‬ ‫عبر البوابة التركية‪.‬‬ ‫تركي��ا من جهته��ا‪ ،‬غارقة ف��ي العمل‬ ‫ّ‬ ‫الس��كتين‪ ،‬وعينه��ا عل��ى الالعبي��ن‬ ‫عل��ى‬ ‫اآلخرين‪ ،‬ب��دءاً بالواليات المتحدة وروس��يا‪،‬‬ ‫م��روراً بالدول الخليجية الرئيس��ية‪ ،‬وكذلك‬ ‫الجمهوري��ة اإلس�لامية اإليراني��ة‪ ،‬وانته��اء‬ ‫بالمعارض��ة الس��ورية‪ ،‬كم��ا أن الحكوم��ة‬ ‫التركية تأخذ في حس��ابها ال��رأي العام في‬ ‫تركي��ا ومدى اس��تعداده للتدخل العس��كري‬ ‫المباشر في سورية‪.‬‬ ‫لذل��ك‪ ،‬ف��ان تركي��ا طرف مباش��ر في‬ ‫ّ‬ ‫الس��كتين‪ .‬والنقاش األميركي–‬ ‫العمل على‬ ‫الترك��ي قائم في عدة صيغ وس��يناريوهات‬ ‫لكي تضمن أنقرة عدم حدوث تورط تركي‬ ‫انف��رادي‪ ،‬ولضم��ان صيغ��ة م��ا بمباركة أو‬ ‫بمش��اركة حلف شمال األطلسي (ناتو) الذي‬ ‫تنتمي إليه أنقرة‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬يقوم رئيس الحكومة‬ ‫التركي��ة رجب طي��ب أردوغ��ان‪ ،‬بالتفاوض‬ ‫م��ع الرئيس الروس��ي فالديمير بوتين على‬ ‫تفاصي��ل العملية االنتقالية السياس��ية في‬ ‫دمش��ق انطالق��اً م��ن‪ :‬متى يتنحى األس��د؟‬ ‫وماذا س��يحدث م��ن اآلن حت��ى تنحيه؟ ومن‬ ‫يضمن خروجًا آمناً له؟ ومَن يضمن صدقية‬ ‫هذا الخروج؟‬ ‫بوتي��ن يري��د أن يك��ون ع��رّاب الحل‬ ‫السياس��ي‪ ،‬وال أح��د يمان��ع ف��ي ذل��ك‪ ،‬إنما‬ ‫العب��رة ف��ي التنفي��ذ‪ ،‬والش��يطان ف��ي‬ ‫التفاصي��ل‪ .‬روس��يا تري��د عملي��ة انتقالية‬ ‫تح��ت س��يطرتها في س��ورية يت��م ضبطها‬ ‫م��ع العبين إقليميين م��ن ناحية التفاصيل‪،‬‬ ‫فيما يتم التفاه��م عليها من حيث العناوين‬ ‫الرئيس��ية عبر «الصفقة الكب��رى» ‪Grand‬‬ ‫‪ barge‬م��ع الواليات المتحدة‪ ،‬فروس��يا التي‬ ‫ال تث��ق بأميركا وتعتبر دول مجلس التعاون‬ ‫الخليج��ي طرف��ًا منح��ازاً ض��د النظ��ام في‬ ‫دمش��ق‪ ،‬ت��درك أن إي��ران ليس��ت في وضع‬ ‫ِّ‬ ‫يمكنها أن تكون جزءاً من العملية االنتقالية‬ ‫السياس��ية ف��ي س��ورية‪ ،‬ألنها تعتب��ر زوال‬ ‫النظام في دمش��ق ضربة شبه قاضية على‬ ‫ركيزة مهمة من إس��تراتيجيتها في منطقة‬ ‫الش��رق األوس��ط‪ .‬ولكل هذه األسباب‪ ،‬فإن‬ ‫ج��ار بين بوتي��ن وأردوغ��ان حول‬ ‫النق��اش ٍ‬ ‫تفاصيل العملية االنتقالية‪ .‬وأردوغان بدوره‬ ‫مخ��وّل م��ن المملك��ة العربية الس��عودية‬ ‫وينس��ق مع رئيس الحكوم��ة القطرية حمد‬ ‫بن جاسم في هذا الصدد‪.‬‬ ‫م��ا يحمله أردوغ��ان إل��ى الطاولة من‬ ‫تفاصيل يش��مل اآلتي‪ :‬تحديد موعد واضح‬

‫لتنحي بش��ار األس��د من اآلن حتى الخريف‪،‬‬ ‫تش��كيل حكوم��ة انتقالي��ة فيم��ا يتول��ى‬ ‫مجلس عس��كري رعاية األم��ن والعمل نحو‬ ‫االس��تقرار‪ ،‬تحديد موعد النتخابات رئاسية‬ ‫قب��ل حلول ش��هر حزي��ران (يوني��و) ‪،2013‬‬ ‫كفالة وسيلة ذات صدقية لخروج األسد‪.‬‬ ‫بوتي��ن يف��اوض عل��ى المواعي��د‬ ‫والتفاصيل‪ ،‬األسد يقاوم‪ ،‬وهو ما زال يطرح‬ ‫عملية سياس��ية تقوم على إص�لاح النظام‬ ‫(وليس على اس��تبدال النظام)‪ ،‬وعلى حوار‬ ‫م��ع المعارضة بصفته الرئي��س الباقي في‬ ‫الس��لطة‪ ،‬لذلك يريد مواعيد االنتخابات في‬ ‫ع��ام ‪ ،2014‬طبقاً لمفهوم بات غيرَ مقبول‬ ‫حتى لروسيا‪.‬‬ ‫اإلدارة األميركي��ة م��ن جهته��ا أبلغت‬ ‫الحكوم��ة الروس��ية أنها جاه��زة لالنخراط‬ ‫معه��ا ف��ي إيج��اد وس��يلة س��ليمة للعملية‬ ‫االنتقالية ش��رط اإليضاح لدمش��ق أن زمن‬ ‫إص�لاح النظ��ام و ّلى وال من��اص من عملية‬ ‫انتقالية جدية في سورية‪.‬‬ ‫وراء الموق��ف الروس��ي الجديد القائم‬ ‫على «الحل اليمني» عدة أس��باب‪ ،‬من بينها‬ ‫أن بوتي��ن ال يس��تطيع ربط اس��مه واس��م‬ ‫بالده بنظام متهم بارتكاب المجازر بصورة‬ ‫منهجية‪ ،‬مهما كانت موسكو راغبة في بقاء‬ ‫النظ��ام‪ .‬ث��م أن تط��ور األوض��اع الميدانية‬ ‫في س��ورية وبدء العد العكس��ي لالنتخابات‬ ‫الرئاسية األميركية يضع روسيا في مقدمة‬ ‫صانع��ي الحلول ب��د ًال من بقائه��ا في خانة‬ ‫معطليها‪.‬‬ ‫ق��رر بوتين أن يكون ف��ي صدارة منع‬ ‫انهيار الدولة في س��ورية وبدأ إس��تراتيجية‬ ‫قوامها استعداد الغرب ليتقبل مجدداً أولوية‬ ‫االستقرار على أولوية الديمقراطية‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫يص��ر بوتي��ن ف��ي محادثات��ه م��ع أردوغان‬ ‫وغيره على ض��رورة وضوح معالم األطراف‬ ‫البديل��ة اآلتي��ة إلى الس��لطة في دمش��ق‪.‬‬ ‫بوتين لن يقبل باستيالء اإلخوان المسلمين‬ ‫عل��ى الس��لطة‪ ،‬أن كان ذل��ك عب��ر عملي��ة‬ ‫ديمقراطي��ة أو انقالب عس��كري‪ .‬وهو يجد‬ ‫دعمًا ف��ي هذا الموقف من ش��طر كبير من‬ ‫الس��وريين‪ ،‬بمن في ذلك داخل المعارضة‪.‬‬ ‫وهذه النقطة ما زالت من المسائل الشائكة‬ ‫ف��ي المباحثات حول العملي��ة االنتقالية في‬ ‫سورية‪.‬‬ ‫روس��يا تريد كثيراً في إطار «الصفقة‬ ‫الكب��رى»‪ ،‬من ناحية مكانته��ا الميدانية في‬ ‫منطقة الشرق األوسط ومكانتها السياسية‬ ‫ونفوذها في مجل��س األمن‪ ،‬كما من ناحية‬ ‫عالقاته��ا الثنائي��ة م��ع الوالي��ات المتح��دة‪.‬‬ ‫بوتين يقدم إلى أوباما اليوم خشبة خالص‬ ‫ف��ي س��ورية‪ ،‬وهو ي��رى في هذه الخش��بة‬

‫خالص��اً له م��ن التوغل في مس��تنقع ليس‬ ‫في صالحه‪ .‬وهو يدرك أن أوباما لن يتمكن‬ ‫من التورط عسكرياً حاليًا في سورية‪ ،‬لكنه‬ ‫أيض��ًا لن يتمكن من تجاهل المجازر س��يما‬ ‫في المرحلة االنتخابية‪.‬‬ ‫ما ه��و دور تركيا وإيران ف��ي العملية‬ ‫االنتقالي��ة ف��ي س��ورية؟ وم��ا ه��و موق��ع‬ ‫كل منهم��ا ف��ي «الصفقة الكب��رى»؟ وهل‬ ‫دور كوف��ي أن��ان ينحص��ر حاليًا في ش��راء‬ ‫الوقت ريثم��ا يتم التفاهم عل��ى «الصفقة‬ ‫الكب��رى» بي��ن الوالي��ات المتحدة وروس��يا‬ ‫واألط��راف اإلقليمية؟ هذه أس��ئلة رئيس��ية‬ ‫وبديهي��ة واألجوب��ة عليه��ا معق��دة نظ��راً‬ ‫للتداخ��ل والتناقض في الحس��ابات الدولية‬ ‫واإلقليمية‪.‬‬ ‫تركيا س��تكون جزءاً من صنع العملية‬ ‫االنتقالية وجزءاً من الصفقة الكبرى‪ .‬إيران‬ ‫قد تكون ج��زءاً من الصفق��ة الكبرى لكنها‬ ‫لن تكون جزءاً م��ن العملية االنتقالية قريبًا‬ ‫ألنها في غير مصلحتها‪.‬‬ ‫القيادة التركية فق��دت ثقتها بالقيادة‬ ‫اإليراني��ة وهي ترى أن ال مجال لالس��تثمار‬ ‫ف��ي صدق إيران أو الوثوق بها‪ .‬لذلك‪ ،‬تلعب‬ ‫دوراً في نزع الثقة وضرب اس��تقرار حكومة‬ ‫المالك��ي في العراق به��دف تقليص النفوذ‬ ‫اإليراني داخل العراق‪.‬‬ ‫أم��ا ف��ي لبن��ان‪ ،‬فتع��ي أنق��رة أن‬ ‫إس��تراتيجية النظ��ام الس��وري تق��وم على‬ ‫تصدي��ر األزمة الس��ورية إلى لبن��ان‪ ،‬وهي‬ ‫تعتق��د أن دمش��ق تص��دّر اإلره��اب إل��ى‬ ‫تركي��ا وتعم��ل عل��ى تعزي��ز ح��زب العمال‬ ‫الكردس��تاني‪ .‬ويتردد أن قوات خاصة تقوم‬ ‫بتوفير المساعدة للبنان كي ال يصبح ساحة‬ ‫لح��رف األنظار ع��ن التط��ورات الس��ورية‪.‬‬ ‫ويق��ول عالم��ون بالسياس��ة التركي��ة‪ ،‬إن‬ ‫تركيا ل��ن تقبل بتده��ور أو تصعيد الوضع‬ ‫ف��ي لبنان بق��رار من دمش��ق‪ ،‬وإن العنصر‬ ‫العس��كري س��يكون حاضراً جداً إذا تطورت‬ ‫األمور في هذا االتجاه‪.‬‬ ‫األردن أيض��ًا خائ��ف م��ن تصدي��ر‬ ‫الالاس��تقرار إليه ف��ي إس��تراتيجية تحويل‬ ‫األنظار عن س��ورية‪ ،‬وهو يخش��ى أن يكون‬ ‫غائبًا في بال الالعبين اإلقليميين والدوليين‬ ‫الذين أسرعوا إلى إبالغ رسائل واضحة حول‬ ‫تحويل لبنان ساحة بديلة للحرب السورية‪.‬‬ ‫إنم��ا اآلن‪ ،‬وفي ه��ذه الفت��رة بالذات‪،‬‬ ‫يغلب حدي��ث التفاهمات عبر صفقات دولية‬ ‫عل��ى كالم المواجه��ات العس��كرية‪ .‬ووف��ق‬ ‫ج��ار عل��ى صفق��ة قبل‬ ‫المص��ادر‪ ،‬العم��ل ٍ‬ ‫حلول رمضان أواخر الشهر المقبل‪ ،‬وإال فإن‬ ‫موس��م المواجهات الدبلوماسية والسياسية‬ ‫وربم��ا الميدانية س��يبدأ ف��ي مجلس األمن‬ ‫م��ع تأجي��ل التنفيذ إل��ى ما بع��د االنتخابات‬ ‫الرئاس��ية األميركية‪ ،‬ما لم تفرض المجازر‬ ‫موعداً أبكر‪.‬‬ ‫هذا األس��بوع‪ ،‬أثن��اء انعق��اد المنتدى‬ ‫االقتص��ادي العالم��ي ف��ي إس��طنبول‪ ،‬كان‬ ‫واضحًا أن المس��ألة السورية لوّنت لونًا آخر‬ ‫ما س��مي بـ «الربيع العربي» عندما انطلقت‬ ‫الث��ورات واالنتفاضات العربي��ة‪ .‬كان واضحًا‬ ‫أن إس��طنبول التي تستضيف اليوم الجمعة‬ ‫اجتماع��اً فائ��ق األهمي��ة يحض��ره وزراء‬ ‫خارجية الوالي��ات المتحدة وروس��يا وأوروبا‬ ‫والع��رب بات��ت مدين��ة البح��ث في س��كتي‬ ‫التفاهم والمواجهة‪.‬‬ ‫الحياة اللندنية ‪2012 / 6 / 8‬‬

‫من أعمدة الصحافة ‪. .‬‬

‫احلل يف �سورية ي�سري على �س ّكتني وبوتني‬ ‫يفاو�ض على املواعيد‬

‫‪7‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫بعد «احلولة» و»القبري» ‪ ..‬كيف‬ ‫تنت�صر الثورة؟‬

‫ابن حزم السوري‬

‫مذبحتان طائفيتان بامتياز في «الحولة»‬ ‫وبعده��ا «القبير»‪ ،‬وف��ي تفاصيلهم��ا كل ما‬ ‫يمك��ن أن تتضمنه حرب أهلي��ة طائفية‪ ،‬من‬ ‫إبادة عائالت بأكملها‪ ،‬إلى قتل أطفال بدم بارد‬ ‫عل��ى خلفية طائفية محضة‪ .‬ال مجال ٍ‬ ‫للتورية‬ ‫أو التس��تر ‪ ،‬وال معن��ى للقول إنها مليش��يات‬ ‫موالي��ة ارتكبت مجزرة بح��ق معارضين‪ ،‬فال‬ ‫القتل��ة موال��ون لنظ��ام «البعث» ذل��ك أنهم‬ ‫قتل��ة طائفي��ون يعتق��دون أنه��م يدافع��ون‬ ‫عم��ا يس��مونه طائفته��م‪ ،‬وال المقتول��ون‬ ‫معارض��ون‪ ،‬أو لنق��ل إن المقتولين لم يقتلوا‬ ‫ألنه��م معارض��ون‪ ،‬ألن��ه ال يمك��ن أن يكون‬ ‫األطفال ف��ي الحولة معارضي��ن‪ ،‬وهذا يعني‬ ‫أن المقتولي��ن قتلوا ألنهم من طائفة مغايرة‬ ‫لطائف��ة القتلة‪ ،‬ه��ذه هي الحقيق��ة العارية‬ ‫التي ال يفيدها تجميل أو تهذيب في األلفاظ‪،‬‬ ‫فكيف ترد الثورة على القتلة؟ أو باألصح كيف‬ ‫يمكن أن ترد رداً يمهد النتصارها؟‬ ‫لإلجابة على تس��اؤلنا ال بد من اإلجابة‬ ‫أو ًال عل��ى س��ؤال‪ :‬لم��اذا كان��ت المج��زرة؟‬ ‫أو لنق��ل إن��ه إذا كان القتل��ة الذي��ن أعملوا‬ ‫سكاكينهم وأس��لحتهم في أجساد الضحايا‬ ‫فعلوا ذلك ألس��باب طائفية‪ ،‬فالسؤال لماذا‬ ‫سمح النظام السوري بارتكاب مجازر كهذه؟‬ ‫ل��ن يفيد القول إنه س��مح بذل��ك دفاعًا عن‬ ‫«الطائفة العلوية»‪ ،‬فهو جواب تعوزه الدقة‬ ‫والحصاف��ة‪ ،‬ألن النظ��ام الس��وري ال تعنيه‬ ‫مصلح��ة أبن��اء «الطائفة العلوي��ة» وإال لما‬ ‫س��اقهم إل��ى الم��وت والع��داء م��ع المجتمع‬ ‫الس��وري‪ ،‬كما أن النظام ال يراهن من خالل‬ ‫مجازر كهذه على إرهاب الثوار‪ ،‬هؤالء الذين‬ ‫ل��م يرهبهم القصف المدفع��ي واإلعدامات‬ ‫والتعذي��ب‪ ،‬وال ش��ك أن��ه ال يه��دف إلى رفع‬ ‫معنويات أنصاره فالمجزرة أصابتهم بالذعر‬ ‫ربما أكثر من المعارضين‪.‬‬ ‫إن تحلي� ً‬ ‫لا بس��يطاً يق��ود إل��ى القول‬ ‫إن اله��دف ه��و اس��تدراج «الس��نة» إلى رد‬ ‫من جن��س الفعل ‪ ،‬أي إلى مج��زرة طائفية‬

‫رمق املحارب‬ ‫الأخري‬ ‫عروة المقداد‬ ‫رجيم‬ ‫وروحك مرقص‬ ‫في حانة البول الحار‬ ‫الثقوب الغائرة في الجروح‬ ‫بصاق في جوف الجريمة‪.‬‬ ‫ثمة رمق أخير‬ ‫وكتف المحارب مكسور‬ ‫كتفه معضوض‬ ‫يقضمه الصمت‬

‫***‬

‫مقابلة في قرية «علوية»‪ ،‬ال لش��يء إال ألن‬ ‫النظام يريد أن يقنع العالم أنه يتس��اوى مع‬ ‫الثوار في القِيَم واألسلوب ومنهج التفكير‪،‬‬ ‫أي أن يض��ع نفس��ه أم��ام العالم في س��لة‬ ‫واح��دة مع الثوار‪ ،‬يريد حدثًا فظيعًا يتهم به‬ ‫الثوار ليحرمهم من كل تعاطف وتأييد خارج‬ ‫سورية وداخلها‪.‬‬ ‫ف��ي أية معركة سياس��ية يك��ون على‬ ‫كل ط��رف أن يحبط مخطط��ات خصمه‪ ،‬وال‬ ‫يك��ون إحب��اط مخطط��ات النظ��ام إال بعدم‬ ‫االنجرار إلى مس��تنقعه الطائفي القذر‪ ،‬أو ًال‬ ‫ألن االنتق��ام الطائفي من مدنيين ال يجدي‬ ‫نفعًا ف��ي ردع القتلة‪ ،‬ألن م��ن يرتكب هذه‬ ‫المج��ازر أص ًال موجود ف��ي المعركة‪ ،‬فليكن‬ ‫قتال��ه واالقتصاص منه في ميدان المعركة‬ ‫إذاً‪ ،‬وثانياً ألن ردا كهذا سيصب في مصلحة‬ ‫النظام دون شك‪.‬‬ ‫هذا ف��ي السياس��ة‪ ،‬وأما ف��ي القِيَم‬ ‫ف��إن الث��ورة ج��اءت رداً عل��ى نظ��ام قمعي‬ ‫مج��رم وطائفي‪ ،‬يس��تخدم القتل واإلرهاب‬ ‫والتجييش الطائفي للبقاء‪ ،‬فهي إذا يجب أن‬ ‫تأتي نقيضه لتهزمه‪ ،‬يجب أن ترس��ي مبدأ‬

‫محاس��بة المجرمين دون األبري��اء‪ ،‬رداً على‬ ‫منهجه في قتل األبرياء‪ ،‬ويجب‬ ‫أن تأت��ي حامي��ة لقي��م الوطني��ة‬ ‫والمواطنة رداً على استهتار النظام بالوطن‬ ‫ووحدته وتماسكه‪.‬‬ ‫ليس��ت هذه دعوة لعدم معاقبة القتلة‬ ‫والمجرمي��ن‪ ،‬كما أن ما تق��دم ال يهدف إلى‬ ‫الدف��اع ع��ن الق��رى الت��ي قدَّم��ت حاضن ًة‬ ‫آمن�� ًة للقتل��ة والمجرمي��ن‪ ،‬ولكنه��ا دع��وة‬ ‫قِيَم النظام الفاش��ي‬ ‫لع��دم االنزالق إل��ى ِ‬ ‫وأس��اليبه‪ ،‬ودعوة لحماية الثورة من أخطاء‬ ‫ق��د تودي به��ا‪ ،‬وللحفاظ عل��ى أهدافها في‬ ‫إرس��اء العدال��ة والمواطن��ة‪ ،‬ب��دل الظل��م‬ ‫والطائفية‪ .‬وأما القتل��ة والمجرمون وأذناب‬ ‫النظ��ام ف��إن عقابه��م س��يكون اآلن ف��ي‬ ‫ميدان المواجهة مع أبطال الجيش الس��وري‬ ‫الح��ر‪ ،‬وس��يكون بالقص��اص الع��ادل بع��د‬ ‫س��قوط النظام‪ ،‬وبعد القصاص سيش��كل‬ ‫بناء الدول��ة الوطنية الديمقراطي��ة العادلة‬ ‫وإل��زام الجميع بالخضوع للقان��ون والنظام‬ ‫الديمقراط��ي تصفية الحس��اب النهائي مع‬ ‫القتلة وأنصارهم‪.‬‬

‫«�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟»‬ ‫س��ؤال س��معته مراراً‪ ،‬ومن الكثيرين‪ ...‬أصدقاء واقعيين‪ ،‬أصدقاء وهميين على ش��بكة االنترنت‪ ،‬رجال أمن‪ ،‬شبيحة‪ ...‬وفي‬ ‫الواقع‪ ،‬لم تكن لدي إجابة واضحة ومحددة عنه‪...‬‬ ‫دفعني هذا إلى التس��اؤل بش��كل جدي‪« :‬ما هي الحرية التي يريدها الس��وريون؟»‪ ...‬وقررت أن أس��أل كل من هم حولي‪...‬‬ ‫صغاراً وكباراً‪ ،‬فتيات وشباناً‪ ،‬معارضين وحتى موالين‪ ...‬ربما سيساعدني ذلك في رسم صورة لسوريا التي نحلم بها جميعًا‪...‬‬

‫سعاد يوسف‬

‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟ (‪)1‬‬

‫كن��ا كثراً‪ ...‬بعضنا جلس عل��ى الكنبة الوحيدة في الغرفة والبعض اآلخر جلس على األرض‪،‬‬ ‫وم��ن لم يجد له مكاناً بقي واقفاً‪ ...‬كنا كثراً‪ ،‬متحلقين حول شاش��ة صغيرة ونحاول اإلصغاء إلى‬ ‫صوت خافت يصدر منها‪ ...‬كان تس��جي ً‬ ‫ال للقداس الذي ج��رى في كاتدرائية نوتردام في باريس‬ ‫على روح الشهيد باسل شحادة‪ ...‬شهيد الحب والفن واإلنسانية‪...‬‬ ‫ال��كل صامت‪ ...‬بعضنا يغالب دموعه والبعض اآلخر ينظر إلى صورة باس��ل الموضوعة في‬ ‫الكنيسة‪ ،‬يبتسم له غير مصدق أنه رحل‪ ...‬وفجأة سمعت امرأة عجوز تتمتم من ورائي‪" :‬هي هي‬ ‫الحرية اللي بدي ياها‪ " ...‬التفت إليها لكنها لم تكن تراني‪ ...‬وأكملت حديثها مع نفسها وكأنها‬ ‫وحي��دة ف��ي الغرفة‪" :‬نعم‪ ..‬هذه هي الحرية التي أريدها‪ ...‬أري��د أن أتمكن من الصالة على روح‬ ‫الشهيد دون أن أتعرض لشتى أنواع التهديد من قبل رجال األمن‪ ...‬أريد أن أجلس في الكنيسة‬ ‫غال فقدناه جميعاً‪،‬‬ ‫التي يفترض بها أن تمثلني‪ ،‬وأستمع لكل التراتيل‪ ،‬وأبكي كما أشاء على ابن ٍ‬ ‫دون خ��وف من رجل أمن "مس��لح" قد يأت��ي العتقالي بعد دقائق‪ ...‬أريد أن نتمكن من إش��عال‬ ‫الش��موع بكل صمت ووقار‪ ،‬على باب بيت الش��هيد دون أن يأتي شباب يحملون عصياً وهراوات‬ ‫كي يطلبوا منا إطفاء الشموع والمغادرة بأسرع وقت ألننا "نزعج الجيران"‪...‬‬ ‫هذه هي الحرية التي أريدها والتي استشهد باسل‪ ،‬واآلالف غيره‪ ،‬في سبيلها‪...‬‬

‫أنت‪:‬‬ ‫أيها العاري من أسماءهم‬ ‫وجنونهم‬ ‫شجّ رأسي‬ ‫كي يسيل العالم‬ ‫ويتدفق الصراخ والنواح‬ ‫ال تصدقهم فهم كاذبون خونة‬ ‫يتسولون العاطفة الكريهة‬ ‫يتسولون األلم‪.‬‬ ‫قف‬ ‫قلت لك قف أيها الكسيح‬ ‫انظ��ر إلى ه��ذا اللح��م المقدود من‬ ‫ضرع السماء‬ ‫حين تحاصر الجنازير الوجوه الفاغرة‬ ‫صوب الوميض‬

‫***‬

‫فمي مغارة‬ ‫أمش��ي خلف ال��رؤوس‪ ،‬حي��ث العقل‬ ‫طائر ممزق العينين‬ ‫أمشي في برك روث تستحيل أزهار‬ ‫شد اللحم على سيفك‬ ‫وسن أسنانك بالعظام‬ ‫واشرب الدم‬ ‫حتى تفور الرغبة وتضاجع‬ ‫األرض اليابسة‬ ‫تبث في شقوقها مني القسوة‬ ‫وتئن بين أطرافك المتكلسة‬ ‫بطني متكور‬ ‫حبلت األلم‬ ‫ظهري رعاف‬ ‫أنا أم المجزرة‬ ‫ومخاضي اشالء وجثث‬

‫***‬

‫العالم ضيق‬ ‫أضيق من سَم إبرة‬ ‫وروحي فضاء‬


‫حوار بني علماين م�ؤيد و�آخر معار�ض يف �سورية‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬

‫وايجابي في صيرورة الوجود السوري‪ ،‬أليس‬ ‫هو النظام الذي لم يسمح ألي نسق فكري أو‬ ‫سياسي بالتواجد في المجال العام سوى نسقه‬ ‫هو‪ ،‬أال يخلق الجديد من رحم التالقح والصراع‬ ‫بين األفكار والمواقف والقراءات المختلفة في‬ ‫المجتمع‪ .‬النظام السوري أراد أن يحافظ على‬ ‫الشروط القروسطية معرفيا التي أنتجت الحالة‬ ‫التي تسيدها هو‪ ،‬فوظف كل األدوات التي‬ ‫تمتلكها السلطة من نظام تعليمي وتربوي‬ ‫وإعالمي إلنتاج ستاتيكو معرفي ومجتمعي‬ ‫وسياسي أفرز في واقع األمر مواتا وصمتا‬ ‫وركودا ولم ينتج أمانا وحيوية وحياة سليمة‪.‬‬ ‫أما عن الحريات التي صانها النظام‪ ،‬حرية‬ ‫ممارسة الطقوس والشعائر الدينية‪ ،‬الحريات‬ ‫الفنية والشخصية‪ ،‬فما هو معروف تماما أن‬ ‫كل األنظمة التي حكمت سورية الحديثة قبل‬ ‫النظام السوري‪ ،‬بل كل الحكومات بمعنى‬ ‫أصح‪ ،‬كانت حامية لهذه الحريات ومدافعة عنها‬ ‫أكثر وأجدى بما ال يقاس من النظام الحالي‪،‬‬ ‫ينطبق ذلك على الحريات الفنية والشخصية‬ ‫كما ينطبق على الحريات الدينية‪ ،‬الطقسية‬ ‫منها والشعائرية‪ ،‬نذكر جميعا ويذكر المعنيون‬ ‫بقطاع السينما السورية كيف كان الفن عموما‬ ‫والسينما خصوصا‪ ،‬أكثر تحررا من الرقابة‬ ‫وأكثر تعبيرا عن الحياة وواقع الناس بالقياس‬ ‫إلى وضعها الحالي‪ ،‬وضع المرأة أيضا كان‬ ‫أفضل في المراحل السابقة على النظام‬ ‫من عهد االستبداد الحالي‪ ،‬كانت سائرة على‬ ‫طريق التحرر وتحقيق المساواة وحاضرة في‬ ‫الحياة العامة والفنية والثقافية بشكل أكثر‬ ‫عمقا وأكثر تجسيدا لقضية تمكين المرأة التي‬ ‫عدنا فيها خطوات كثيرة إلى الخلف هذه األيام‪،‬‬ ‫والدالئل كثيرة‪.‬‬ ‫أما عن تطرقك لوضع المسيحيين في‬ ‫سورية الذي وصفته بالجيد والمصان في‬ ‫حقبة النظام المستبد الحالي أقول‪ :‬المسيحي‬ ‫لم يكن يعيش أمنا وحسب قبل النظام‬ ‫الحالي‪ ،‬بل كانت عالقته مع المسلم في اإلطار‬ ‫المؤسساتي واالجتماعي والعام أكثر غنى‬ ‫وسالمة وتطورا‪ ،‬كذلك كانت عالقة المذاهب‬ ‫األخرى ببعضها‪ ،‬لم تكن عالقة سليمة‬ ‫بالمعنى الذي نتطلع إليه‪ ،‬لكنها كانت أقرب‬ ‫إلى السالمة واإلثمار االجتماعي والسياسي‬ ‫مما هي عليه اآلن في مرحلة النظام السوري‬ ‫المستبد‪ ،‬حتى عالقة الطائفة العلوية بالسنية‬ ‫في سورية‪ ،‬والتي تضمنت خالصات عن‬ ‫تماسات تاريخية صراعية عانى منها العلويون‬ ‫في معظم المراحل بوصفهم أقلية‪ ،‬حتى هذه‬ ‫العالقة كانت في طريقها إلى التصحيح تحت‬ ‫سقف الحياة السياسية والثقافية الواعدة ولوال‬ ‫هذا النظام وسياساته االستبدادية التي وضعت‬ ‫المجال الروحي في خدمة مصالحه ودوام‬

‫بقائه‪ ،‬لتغير المتخيل الطائفي لدى الجميع‪،‬‬ ‫واستبدل بعناصر مدنية للهوية الجماعية على‬ ‫النحو الذي تستحقه بالدنا وإنسانها‪.‬‬ ‫عزيزي المؤيد‪ :‬ليس هناك ثمة مبررات‬ ‫دامغة لمخاوفك عن حدوث سيطرة سلفية‬ ‫متعصبة على البالد‪ ،‬سورية ليست محكومة‬ ‫بسيناريو تسيطر بموجبه على الحكم قوى‬ ‫سلفية ومتعصبة وال حتى صيغ أكثر اعتداال‬ ‫من اإلسالم السياسي‪ ،‬سوريا ليست كتونس‬ ‫وال كمصر وليبيا‪ ،‬فيها من التنوع الديني‬ ‫والمذهبي أوال‪ ،‬واإلثني المعبر عنه بابتعاد‬ ‫عن الخلط بين الدين والسياسة ثانيا‪ ،‬ما يمنع‬ ‫وصول نظام ديني متعصب إلى سدة الحكم‬ ‫في سورية‪ ،‬وليس عليك النظر إال إلى النسب‬ ‫المئوية للمكونات السورية ومن ثم إلى ما‬ ‫يتوقع من ميولها وانجذابها االنتخابي بعد‬ ‫سقوط النظام حتى ينتفي االحتمال والهاجس‬ ‫الذي تحدثت عنه‪.‬‬ ‫عن حديثك حول البعد الممانع لسياسة‬ ‫النظام ودعمه للمقاومة أقول‪ :‬حتى لو أهملنا‬ ‫حقيقة أن الشعب السوري كله كان وال يزال‬ ‫أكثر التصاقا وحمال للدفاع عن الحقوق العربية‬ ‫من النظام المستبد الحالي‪ ،‬وأن كل حكوماته‬ ‫السابقة كانت أيضا أكثر إيمانا بالمقاومة‬ ‫إلسرائيل وأكثر عمال لها وتأسيسا إلنجاحها‪،‬‬ ‫حتى لو أهملنا كل ذلك‪ ،‬يكفي دحضا للفهم‬ ‫الذي تحدثت عنه‪ ،‬واقع أن هذا النظام استخدم‬ ‫الصراع مع إسرائيل حجة لقتل السياسة وسحق‬ ‫الحياة العامة‪ ،‬ألم يعلن حالة الطوارئ واألحكام‬ ‫العرفية التي رافقت سنين حكمه كلها‪ ،‬فقتل‬ ‫باسمها الحرية والشعور بالكرامة لدى الشعب‬ ‫السوري‪ ،‬ألم يؤدي ذلك في المحصلة إلى‬ ‫إضعاف سورية وموقفها في الصراع ضد‬ ‫إسرائيل‪ ،‬بدال من تصليبه وتعزيزه‪ ،‬السلطة‬ ‫التي تنتهك حرية وكرامة وحقوق شعبها ال‬ ‫يمكنها أبدا‪ ،‬أن تنجح في أي صراع خارجي‬ ‫صعب‪ ،‬كالصراع مع إسرائيل‪ ،‬وفشل النظام‬ ‫السوري في ذلك الصراع ال يحتاج إلى إثبات مع‬ ‫بقاء الجوالن السوري محتال حتى هذه اللحظة‪،‬‬ ‫ذلك الفشل الذي تحوله آالته اإلعالمية‬ ‫المضللة إلى انتصار وصمود أسطوري فقط‬ ‫حتى يبعد النظر عن تهافت شرعيته المرتبطة‬ ‫بموضوع المقاومة التي روج لها دائما‪ ،‬قبل‬ ‫أن تسقط بشكل مدوي عندما استدار ليقتل‬ ‫شعبه بدال من محاربة إسرائيل‪.‬‬ ‫بقي أن أقول حول هذه النقطة‪ :‬إن‬ ‫الربيع العربي طال نظما صديقة وغير‬ ‫صديقة ألمريكا‪ ،‬دوال ذات عالقات مع إسرائيل‬ ‫وأخرى ال تربطها بها عالقات‪ ،‬ثورات الربيع‬ ‫العربي جاءت استجابة طبيعية لتغير المحتوى‬ ‫المادي والتقني للواقع الذي يتطلب تغييرا في‬ ‫المحتوى السياسي والثقافي والفكري والقيمي‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫إنه حوار حقيقي في بعض فصوله‬ ‫ومتخيل في بعضها اآلخر‪ ،‬طرفاه علمانيان‬ ‫سوريان‪ ،‬أولهما مؤيد للنظام السوري وثانيهما‬ ‫كاتب هذه المادة والذي يجهر بمعارضته لهذا‬ ‫النظام منذ ما قبل الثورة‪ .‬يدور هذا الحوار‬ ‫حور مبررات كل فريق لموقفه من النظام‬ ‫والثورة السورية‪.‬‬ ‫يقول المؤيد‪ :‬كيف لي أن أقف ضد‬ ‫نظام علماني‪ ،‬وأساهم في دفع البالد صوب‬ ‫مستقبل تسيطر عليه قوى سلفية ستسلبنا‬ ‫نسقا من الحريات المهمة التي تمتعنا بها أيام‬ ‫النظام الحالي‪ ،‬صحيح أن نظام الرئيس بشار‬ ‫األسد استحوذ على المجال السياسي وصعد‬ ‫إلى السلطة دون شرعية شعبية وبانقالب‬ ‫عسكري‪ ،‬إال أن الشعب السوري تمتع بهامش‬ ‫معقول لممارسة حريات شخصية‪ ،‬هي من‬ ‫األوسع في المنطقة العربية‪ ،‬حرية ممارسة‬ ‫الطقوس الدينية‪ ،‬حرية اإليمان وعدم اإليمان‪،‬‬ ‫حرية تناول المشروبات الروحية‪ ،‬حرية ارتياد‬ ‫المالهي الليلية‪ ،‬قد ينظر احدهم إلى ذلك‬ ‫بازدراء‪ ،‬إال أنني والكثيرين يرون في ذلك‬ ‫جزء ال يتجزأ من الحرية‪ .‬ثم ال تنسى أن‬ ‫الفن في سورية قد حقق نهوضا مهما‪ ،‬فعلى‬ ‫حد معرفتي‪ ،‬لم يعاني أي فنان سوري من‬ ‫تبنيه ألي موقف إبداعي أو مدرسة فنية‪ ،‬لم‬ ‫يكن ليتعرض احد له‪ ،‬طالما بقي بعيدا عن‬ ‫محرم السلطة والسياسة‪ ،‬انظر إلى الدراما‬ ‫السورية كيف حققت في السنوات األخيرة‬ ‫قفزة نوعية وتسيدت أو قاربت‪ ،‬الساحة‬ ‫الدرامية في المنطقة‪ .‬المسيحي في سورية‬ ‫يعيش مطمئنا‪ ،‬وكذلك الدرزي واإلسماعيلي‬ ‫والمرشدي‪ ،‬حتى اليزيدي ال يعاني من قمع‬ ‫ديني ذو صبغة مؤسساتية‪ .‬صحيح أن لبعض‬ ‫العلويين السوريين ميزات ووضع خاص‪ ،‬إال أن‬ ‫ذلك ال يصل إلى حد التمييز الواضح والتحيز‬ ‫إليهم ضد المكونات السورية األخرى‪ .‬ثم ال‬ ‫أدري كيف تتجاهل حقيقة مواقف السلطة‬ ‫في سورية الممانعة والداعمة للمقاومة‬ ‫وللحقوق الفلسطينية والعربية‪ ،‬وكيف أن‬ ‫ذلك يجعله نظاما غير مرغوب فيه بالنسبة‬ ‫للغرب وأمريكا وقبلهما إسرائيل‪ ،‬بالتالي أال‬ ‫يصب هذا في منطقية أن تكون ما تسميه‬ ‫أنت ثورة ليس إال مؤامرة أمريكية وإسرائيلية‪،‬‬ ‫وإال كيف تفسر لي الحرص األمريكي على‬ ‫إدانة النظام وحشد المجتمع الدولي ضده في‬ ‫مجلس األمن واستماتتها في تبني موقف‬ ‫إسرائيل واستخدام حق النقض الفيتو في‬ ‫نفس المجلس‪ .‬يا صديقي كنا نعيش أمانا‬ ‫قبل هذه اإلحداث التي تسمونها ثورة‪ ،‬كنا‬ ‫نأمن على أنفسنا وحياتنا وممتلكاتنا‪ ،‬اآلن ال‬ ‫أحد منا يضمن حياته وال يجرؤ أيا كان على‬ ‫السفر من محافظة إلى محافظة أخرى خوفا‬ ‫من قاطعي الطريق وخاطفي البشر الذين‬ ‫يطالبون بفديات مالية باهظة مقابل اإلفراج‬ ‫عن ضحاياهم‪.‬‬ ‫يرد المعارض‪ :‬لم يكن نظام االستبداد‬ ‫في سورية نظاما علمانيا بأي حال‪ ،‬النظام‬ ‫العلماني ال يجذر الطائفية‪ ،‬وال يوظف‬ ‫التناقضات الدينية والمذهبية خدمة لتسلطه‬ ‫وبقائه‪ ،‬النظام العلماني يدعم التنوير في‬ ‫المجتمع وال يعمل ضده‪ ،‬ألم يحافظ النظام‬ ‫السوري على الوعي الطائفي وكرس الغيتوات‬ ‫النفسية بين الطوائف السورية بدال من‬ ‫العمل على حلها‪ ،‬ألم يمنع العمل السياسي‬ ‫والمدني والحقوقي الذي يكسر الحواجز‬ ‫الطائفية بين الناس ويغني المواقف العقالنية‬ ‫لديهم‪ ،‬ألم يوظف العامل الديني حين تحكم‬ ‫به وصنع والءات وداعمين له ينطقون وفقا‬ ‫لهواه السلطوي‪ ،‬قل لي من أعاق جدلية‬ ‫صراع األفكار االجتماعي السلمي في سورية‬ ‫وبالتالي منع من تحقيق تقدم حقيقي‬

‫بشكل يستحيل معه بقاء أنظمة قمعية‬ ‫واستبدادية مطلقة ومغلقة على هذه الشاكلة‬ ‫الموجودة في المنطقة‪ ،‬سقوط النظامين‬ ‫التونسي الصديق ألمريكا والمعتدل جدا‬ ‫بالنسبة إلسرائيل وسقوط النظام المصري‬ ‫الحليف االستراتيجي للواليات المتحدة والذي‬ ‫تربطه استثناءا عن الدول العربية عالقات‬ ‫ومعاهدة سالم مع إسرائيل‪ ،‬كل ذلك ينفي‬ ‫نظرية المؤامرة اإلسرائيلية األمريكية على‬ ‫النظام في سورية‪ ،‬بل لعل وربما أهم أسباب‬ ‫عدم الحسم الذي أظهرته الواليات المتحدة‬ ‫إزاء النظام السوري يكمن في بقاء إسرائيل‬ ‫على الحياد في موضوع النظام والموقف منه‬ ‫إن لم نقل منحازة له بشكل ضمني‪ ،‬وإال‬ ‫لتحرك اللوبي اإلسرائيلي في أمريكا وضغط‬ ‫على اإلدارة األمريكية لجهة أخذ موقف حاسم‬ ‫منه‪ ،‬وكلنا يعرف كم هو مؤثر موقف هذا‬ ‫اللوبي على القرار األمريكي‪ ،‬الذي لو تحرك‬ ‫لمصلحة إسقاط النظام مرافقا لسياسة‬ ‫إسرائيلية داعمة استراتيجيا لهذا الخيار على‬ ‫المستوى الدولي‪ ،‬لسقط منذ أشهر طويلة‪،‬‬ ‫من مصلحة إسرائيل استمرار الوضع الحالي‬ ‫على ما هو علي‪ ،‬وعدم القيام بأي عمل من‬ ‫شأنه إنهاء حالة النظام السوري‪ ،‬فتحول‬ ‫األوضاع في سورية إلى صراع أهلي وطائفي‪،‬‬ ‫الحاصل شيئا فشيئا اآلن‪ ،‬يصب في مصلحتها‪،‬‬ ‫إسرائيل ليست متحمسة بالتأكيد لدولة‬ ‫ديمقراطية تحفظ كرامة شعبها وتنتصر‬ ‫إلرادته وتعكسها في سياستها الخارجية‬ ‫واإلستراتيجية‪ .‬مثل هذه الدولة ستشكل‬ ‫خطرا حقيقيا على إسرائيل ومستقبل احتاللها‬ ‫لألراضي العربية‪.‬‬ ‫أخيرا لم يكن الشعب السوري يعيش‬ ‫أمنا حقيقيا في ظل هذا النظام‪ ،‬بل كان‬ ‫يخبئ احتقانا ويعاني من ضغوط قمعية‬ ‫واستبدادية ال بد ستفجر حياته ووضعه يوما‬ ‫ما‪ ،‬ومع ذلك لم يطل ذلك االنفجار المتوقع‬ ‫حصوله مع اشتعال الثورة سوى عالم الخوف‬ ‫الذي شيده النظام في سورية‪ ،‬قاوم المجتمع‬ ‫السوري الثائر ألشهر طويلة اآلثار التي تركها‬ ‫االستبداد على شخصيته‪ ،‬تجنب العنف ورفع‬ ‫شعارات وطنية تطغى عليها الرغبة في‬ ‫التأسيس لدولة المواطنة والمساواة والحياة‬ ‫المشتركة والكرامة وانطلق المجتمع مسالما‬ ‫يؤسس ويطالب بحريته‪ ،‬إلى أن أدخل النظام‬ ‫سورية المرحلة الخطرة التي تعيشها اآلن‪،‬‬ ‫باستخدامه العنف وقتله للثوار السلميين‪،‬‬ ‫األمر الذي اضطر الشعب إلى تبني خيار‬ ‫المقاومة العنفية دفاعا مشروعا عن النفس‬ ‫في مواجهة نظام يستهدف حريته ويمعن فيه‬ ‫القتل والمجازر‪ ،‬أما عن الصراعات واألخطاء‬ ‫واالقتتال وشيوع حاالت من االختطاف التي‬ ‫تحدثت عنها‪ ،‬فذلك ال يمت للخط الواضح‬ ‫للثورة بصلة وال ينتج عن سياسات المعارضة‬ ‫والقوى الداعمة للشعب بأي حال من األحوال‪،‬‬ ‫إن هذا النوع من التعرج وااللتواء والعنف الذي‬ ‫يقع في سورية وال ينتمي إلى روح الثورة هو‬ ‫أمر طبيعي وقد حصل أكثر منه سوءا في كل‬ ‫المنعطفات التاريخية التي مرت بها المجتمعات‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬إذ ليست للثورات على الحقيقة‪،‬‬ ‫الثورة السورية وسواها‪ ،‬صورة مثالية‪ ،‬ليست‬ ‫ثمة ثورة مثالية أبدا‪ ،‬لم تكن كذلك الثورة‬ ‫الفرنسية ولم تكن كذلك كل ثورات التاريخ‪.‬‬ ‫إن ما تعيشه سورية اآلن هو صخب‬ ‫الحياة ومخاض الوالدة العسير للحرية وما‬ ‫كانت تعيشه قبل الثورة ليس إال صمت‬ ‫القبور وأسن المستنقعات‪ ،‬وليس علينا إن‬ ‫كنا علمانيين حقا ومؤمنين باإلنسان وحقوقه‬ ‫وحريته وحياته كمركز لعلمانيتنا إال أن ننتصر‬ ‫للثورة ونؤيدها‪.‬‬ ‫عن موقع إيالف‬

‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫فراس قصاص‬

‫‪9‬‬


‫الصفحة القانونية‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫قانون الأحوال ال�شخ�صية رقم ‪31‬‬ ‫للطوائف الكاثوليكية‬

‫ياسر مرزوق‬

‫منذ دخول اإلسالم سوريا‬ ‫وانتشاره واعتماده كقانونٍ يحكم‬ ‫جميع مناحي الحياة‪ ،‬حيّد المشرع‬ ‫اإلسالمي الطوائف األخرى من‬ ‫ناحية األحوال الشخصية وترك لها‬ ‫االحتكام للمحاكم الروحية الخاصة‬ ‫لكل طائفة‪ ،‬واستمر الحال قرونًا حتى‬ ‫نهايات عهد االحتالل العثماني لسوريا‬ ‫فعندما دخلت الدولة العثمانية الحرب‬ ‫العالمية األولى أصدرت قانونًا أسمته‬ ‫قانون حقوق العائلة في ‪ 25‬تشرين‬ ‫األول ‪ 1915‬ألغت بموجبه االمتيازات‬ ‫األجنبية بالنسبة لألجانب وألغت جميع‬ ‫المحاكم الروحية وأخضعت‬ ‫اختصاصات‬ ‫ِ‬ ‫جميع الرعايا من مسلمين ومسيحيين‬ ‫لهذا القانونِ‪ ،‬وحصرت الفصل في‬ ‫بالمحاكم الشرعية وبقي‬ ‫النزاعات‬ ‫ِ‬ ‫األمر كذلك إلى أن انهزمت الدولة‬ ‫العثمانية في تلك الحرب‪ ،‬وأخرجت من‬ ‫البالد‪ ،‬وزال معها قانون الحق العائلي‪.‬‬ ‫واستمر الحال بين مدٍ وجزر إلى ما بعد‬ ‫االستقالل حيث صدر قانون األحوال‬ ‫الشخصية رقم ‪ 59‬تاريخ ‪1953/9/17‬‬ ‫الذي أعاد قسمًا منقوصًا من الحقوق‬ ‫إلى المحاكم الروحية فأصبحت‬ ‫بموجبه المحاكم الشرعية هي صاحبة‬ ‫االختصاص للنظر بالنسبة للمسلمين‬ ‫والمسيحيين واليهود في كل ما يتعلق‬ ‫بأمور الوالية والوصاية والنيابة‬ ‫وإثبات الوفاة واإلرث والحجر والنسب‬ ‫والنفقة‪،‬و تركت للمحاكم الروحية‬ ‫اختصاصاً منقوصًا في أمور انحالل‬ ‫الزواج والحضانة ونفقة األوالد‪.‬‬ ‫وفي عام ‪2006‬صدر قانون‬ ‫األحوال الشخصية الجديد رقم ‪31‬‬ ‫للطوائف الكاثوليكية والذي اعتبر نافذاً‬ ‫من تاريخ صدوره في ‪،2006/6/18‬‬ ‫ومما الشك فيه أن القانون الجديد‬ ‫ساهم في حل الكثير من المشكالت‬ ‫العالقة منذ فترات طويلة وشكل خطوة‬ ‫متقدمة على صعيد حقوق المرأة في‬ ‫سورية ورفع جزئياً التحفظات السورية‬ ‫على اتفاقية مناهضة كافة أشكال‬ ‫التمييز ضد المرأة وكذلك اتفاقية‬ ‫حقوق الطفل‪ ،‬حيث اعتمد القانون‬ ‫الجديد على القانون العام للطوائف‬ ‫الكاثوليكية في العالم‪ ،‬أو ما يسمى‬ ‫"مجموعة قوانين الكنائس الشرقية‬ ‫الكاثوليكية" والتي تم تعديلها في‬ ‫العام ‪ 1990‬ودخلت حيّز التطبيق في‬ ‫العام ‪ ،1991‬وقانون األحوال الشخصية‬ ‫ّ‬ ‫والمعطل‪،‬‬ ‫القديم بشقيّه المفعّل‬ ‫واالتفاقيات الدولية كاتفاقية مكافحة‬ ‫التمييز ضد المرأة أو اتفاقية "السيداو"‬ ‫واتفاقية " حقوق الطفل"‪.‬‬ ‫وقد أتى القانون الجديد على‬ ‫تعديالتٍ واسعة لعل أهمها‪ ،‬السلطة‬ ‫الوالدية التي عادت لتكون مشتركة بين‬ ‫األب واألم وموضوع الوصية إذ أصبحت‬ ‫لوارث أو لغير وارث‪.‬‬ ‫كما عالج القانون الجديد‬ ‫مسألة اإلرث لدى الطوائف‬ ‫الكاثوليكية‪،‬فالقانون رقم ‪59‬لعام‬ ‫‪ 1953‬الذي كان مطبقاً فرض اإلرث‬

‫الشرعي الوارد في القرآن الكريم‬ ‫والقائم على أسس أشهرها‪ " :‬للذكر‬ ‫مثل حظ األنثيين‪ ،‬الرجل يرث من‬ ‫زوجته الربع في حال وجود األوالد‬ ‫والنصف عند عدم وجودهم‪ ،‬المتوفى‬ ‫عن ابنة أوعن عدة بنات يدخل في ارثه‬ ‫أقاربه الذكور العصبيون األقرب نزوال‬ ‫"‪ ،‬أما القانون الجديد فقد نص على‬ ‫مايلي‪ :‬المادة ‪ 180‬الفقرة ‪ -" :1‬يعتبر‬ ‫الذكور واإلناث من األوالد واألحفاد‬ ‫متساوين في حصصهم بالميراث "‬ ‫وهذا يعني أن البنت صارت قاطعة‬ ‫للميراث فمن توفى عن ابنة واحدة ال‬ ‫وريث له إال ابنته وال يدخل في إرثه‬ ‫أقرباؤه العصبيون‪.‬‬ ‫فقرة ‪" :5‬أ‪ -‬إن حصة زوج أو زوجة‬ ‫المتوفى من التركة هي الربع عند وجود‬ ‫ورثة من أصحاب االنتقال من الفئة‬ ‫األولى" "ب – وتكون حصته النصف عند‬ ‫وجود ورثة من أصحاب الفئة الثانية أو‬ ‫الثالثة" أي ساوى في اإلرث بين نصيب‬ ‫الزوج والزوجة على حدٍ سواء‪.‬‬ ‫كما نص القانون الجديد على‬ ‫احتفاظ الزوج الباقي على قيد الحياة‬ ‫بالمسكن الزوجي لحين وفاته أو اجازته‬ ‫الورثة بتحريره كجزء من التركة‪ .‬وقد‬ ‫هدف من خالل هذه الخطوة الى حفظ‬ ‫كرامة الزوج الباقي على قيد الحياة‪.‬‬ ‫فقرة ‪" :7‬في حال وفاة أحد الزوجين‬ ‫وبقاء اآلخر على قيد الحياة فإن بيت‬ ‫الزوجية ال تحرر تركته إال بعد وفاة‬ ‫الزوج الباقي على قيد الحياة ما لم يقرر‬ ‫التخلي عنه"‪.‬‬ ‫هناك أيضا مسألة الذمة المالية‬ ‫المشتركة‪ .‬فقد تم طرحها كمبدأ جديد‬ ‫وكخيار للطرفين في حال رغبتهما‬ ‫بذلك‪ ،‬شريطة أن تكون هذه الرغبة‬ ‫مو ّثقة خطياً قبل االحتفال بمراسم‬ ‫الزفاف‪ .‬والحضانة التي عادت إلى سابق‬ ‫عهدها أي سنتين إرضاع لألم ومن‬ ‫بعدها تصبح المسألة مسألة حراسة‬ ‫أوالد‪ ،‬وعند الشخص األصلح لرعايتهم‪.‬‬ ‫أيضا هناك الوصاية التي حدّدها‬ ‫القانون بثالثة أنواع هي‪ " :‬الوصي‬ ‫الجبري وهو أحد الوالدين الباقي على‬ ‫قيد الحياة‪ .‬الوصي المختار وهو الذي‬

‫يختاره أحد الوالدين قبل الوفاة وتنحصر‬ ‫مهامه في إدارة األمالك‪ ،‬ويحتاج إلى‬ ‫تثبيت تعيينه من المحكمة‪،‬الوصي‬ ‫المنصوب وهو الذي تعينه المحكمة‬ ‫عند الضرورة "‪.‬‬ ‫وقد يكون الموضوع األهم هو‬ ‫إقرار القانون للتبني‪ ،‬فنص على‬ ‫مايلي‪:‬‬ ‫المادّة ‪ :66‬التبني عقد قضائي‬ ‫َ‬ ‫روابط‬ ‫احتفالي ينشئ بين شخصين‬ ‫مدنية ألبوةٍ وبنوّةٍ شرعيّتين‪.‬‬ ‫المادّة ‪ :67‬ال يُسمحُ بالتبني إ ّال‬ ‫ألسباب صوابية ومصلحة بينة للمتبنى‪،‬‬ ‫بعد التأكد من حسن سيرة المتبني‪ ،‬مع‬ ‫مراعاة أحكام المواد التالية‪ :‬المادّة ‪:68‬‬ ‫كل شخص علماني‪ ،‬رج ًال كان أو امرأة‪،‬‬ ‫تجاوز األربعين من عمره يستطيع أن‬ ‫يتبنى بشرط أن يزيد عمره ثماني‬ ‫عشرة سنة عمن يريد أن يتبناه‪ ،‬وذلك‬ ‫تحت طائلة البطالن‪.‬‬ ‫المادّة ‪ :69‬متبني الكاثوليكي‬ ‫يجب أن يكون كاثوليكياً‪ ،‬ما لم توافق‬ ‫السلطة الكنسية على أن يكون المتبني‬ ‫مؤمنًا مسيحيًا من إحدى الكنائس‬ ‫الشرقية غير الكاثوليكية‪ .‬غير أن ذلك‬ ‫ال يستلزم حتمًا وحدة الطقس‪.‬‬ ‫المادّة ‪ :70‬ال يجوز للشخص أن‬ ‫يتبناه أكثر من واحد‪ ،‬إ ّال إذا تبناه زوجان‪.‬‬ ‫المادّة ‪ :71‬ال يحق ألي الزوجين‬ ‫أن يتبنى أو يُتبنى إ ّال بموافقة اآلخر‪.‬‬ ‫يستثنى من ذلك حالة الهجر الدائم أو‬ ‫وجود أحدهما في حالة يستحيل فيها‬ ‫إظهار الرأي‪ ،‬لكن يجب في هذه الحالة‬ ‫األخيرة موافقة األسقف‪.‬‬ ‫المادّة ‪ :72‬ال يصح التبني إ ّال بقرار‬ ‫من المحكمة الكنسية يصدقه مطران‬ ‫األبرشية‪.‬‬ ‫المادّة ‪ :1 – 73‬يشترط لصحة‬ ‫تبني القاصر موافقتُه إذا كان مميزاً‬ ‫وموافقة والديه أو الحي منهما أو‬ ‫من كان القاصر في حراسته إذا كانا‬ ‫منفصلين بهجر دائم أو ببطالن‬ ‫زواج‪ ،‬أمّا إذا كان كالهما متوفيين أو‬ ‫يستحيل عليهما إبداء الرأي فيقوم‬ ‫مطران األبرشية مقامهما‪ ،‬في كل حال‬

‫يحق لمن تُبني قاصراً أن يطلب من‬ ‫المحكمة‪ ،‬خالل سنة من بلوغه سن‬ ‫الرشد‪ ،‬إلغاء تبنيه وعلى المحكمة أن‬ ‫تستجيب لطلبه‪.‬‬ ‫المادّة ‪ :74‬يعد باط ًال ال قيمة له‪:‬‬ ‫أ‌‪ -‬تبني الوالدين أوالدهم غير‬ ‫الشرعيين‪.‬‬ ‫ب‌‪ -‬تبني الولي من هو تحت‬ ‫واليته‪ ،‬والوصي من هو تحت وصايته‪،‬‬ ‫والقيم من أمواله تحت إدارته‪ ،‬ما لم‬ ‫يتحرر هؤالء وأموالهم تحرراً نهائيًا‬ ‫وتجري المحاسبة عليها أمام المحكمة‪.‬‬ ‫المادّة ‪ :75‬يطلق على المتبنى‬ ‫اسمُ عائلة متبنيه وتصبح حقوقه عليه‬ ‫وواجباتُه نحوه حقوقَ الولد الشرعي‬ ‫على والده وواجباته نحوه‪ ،‬مع مراعاة‬ ‫أحكام المواد التالية‪:‬‬ ‫المادّة ‪ :76‬يبقى المتبنى عضواً‬ ‫في عائلته األصلية‪ .‬له فيها كل الحقوق‬ ‫وعليه نحوها جميع الواجبات‪ ،‬على أن‬ ‫حقوقَ السلطة الوالدية عليه تنحصر‬ ‫في متبنيه ما دام هذا حيًا وأه ًال لها‪ .‬أمّا‬ ‫عند وفاته أو فقدانه األهلية فتعود إلى‬ ‫والد المتبنى أو إلى من يقوم مقامه‪.‬‬ ‫المادّة ‪ :77‬ال يلزم الوالدان‬ ‫األصليان بالنفقة البنهما المتبنى آلخر‪،‬‬ ‫إ ّال إذا عجز عن الحصول عليها ممن‬ ‫تبناه‪.‬‬ ‫المادّة ‪ " :78‬إذا توفي المتبني‬ ‫دون فروع أو أصول فنصيب المتبنى‬ ‫في تركته نصيب الولد الشرعي‪ ،‬فيما‬ ‫لو وجد‪ ،‬أمّا إذا كان للمتبني فروع أو‬ ‫أصول أو إخوة أو أخوات فللمتبنى نصف‬ ‫حصة الولد الشرعي في إرثه‪".‬‬ ‫المادّة ‪ :1 – 79‬إذا توفي المتبنى‬ ‫دون فروع شرعيين‪ ،‬فكل باق مما‬ ‫وصل إليه من المتبني يرد إليه أو‬ ‫لورثته‪ .‬وأمّا أمواله األخرى فتوزع على‬ ‫ورثته الشرعيين بحكم الشرع العام‪.‬‬ ‫‪ :2‬حق المتبنى في إرث المتبني‬ ‫ينتقل إلى فروعه فقط وينحصر‬ ‫في تركة المتبني الشخصية‪ ،‬وليس‬ ‫للمتبنى وال لفروعه أي حق في تركة‬ ‫والدي المتبني أو أقاربه‪.‬‬


‫�ســـــــوريا الثــــــــورة‬

‫مشاركات ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬

‫م��ن حصته��ا م��ن الم��ال والس��لطة واالعتبار‬ ‫االجتماع��ي‪ .‬وتق��وم ه��ذه الفئ��ة المتش��ددة‬ ‫بتجييش طائفي وتخوي��ف الطائفتين العلوية‬ ‫والمس��يحية والفئات العلماني��ة األخرى من أن‬ ‫طاب��ع المعارض��ة طابع إس�لامي يري��د إقامة‬ ‫س��لطة ذات طابع سلفي‪ ،‬وتقدم ثورات تونس‬ ‫ومص��ر كأمثل��ة عل��ى الفرص��ة الت��ي تخلقها‬ ‫الثورات العربية لإلسالم السياسي الذي يخفي‬ ‫رأس��ه أي��ام االنتفاض��ات‪ ،‬ف��إذا ما ت��م النصر‬ ‫وأزيح��ت الس��لطة الس��ابقة برز إل��ى مقدمة‬ ‫الفعل السياس��ي س��اعيًا ألخذ حصة األسد من‬ ‫كعكة السلطة الجديدة‪.‬‬ ‫هن��اك قناعة ثانية ضم��ن فئة قليلة من‬ ‫النخبة الحاكمة وهي أن المنافع الكبرى لنظام‬ ‫البعث‪ /‬األس��د كانت متركزة بيد عدد قليل من‬ ‫األس��ر‪ ،‬وأنه لي��س من المنطق تكبيد خس��ائر‬ ‫هائلة لفئات واس��عة ودمار البالد من أجل هذه‬ ‫المجموعة الصغير من العائ�لات الثرية‪ ،‬بينما‬ ‫يصون االنتقال السلمي مصالح النخب الحاكمة‬ ‫الضيقة والواسعة ولبقية من كان يدعمها من‬ ‫قريب أو بعيد‪ ،‬بما فيها مصالح الطائفة العلوية‬ ‫بالمعنى الواس��ع‪ ،‬بينما سيتس��بب وقوع حرب‬ ‫أهلية في دمار واسع وخس��ائر هائلة للطائفة‬ ‫العلوي��ة وألعم��ال انتق��ام وتهجي��ر‪ .‬يتوقع أن‬ ‫يسهم تصاعد التظاهر في توسع هذه القناعة‬ ‫العقالنية في أوساط الدائرة الضيقة والواسعة‬ ‫للنخب��ة الحاكمة والفئ��ات الداعمة لها‪ ،‬وخاصة‬ ‫بين ضب��اط الجيش القادة الذين يتولون قيادة‬ ‫معظم وحدات الجيش الس��وري وهم يملكون‬ ‫تأثي��راً قوي��اً‪ .‬لذلك ب��دأت تظهر االنش��قاقات‬ ‫ضمن الجيش وبوتيرة متسارعة‪.‬‬ ‫أم��ا القناع��ة الثالث��ة التي تقن��ع بها فئة‬ ‫ليست قليلة بهذا النظام أن هذا النظام ساقط‬ ‫وهم يحاولون االنشقاق عنه ويدعمون الثورة‬ ‫بطرق مختلفة وينتظرون الفرصة لالنقضاض‬ ‫على أفراد النظام المتهالك‪.‬‬ ‫والش��يء األكيد إن المالين خرجت ونادت‬ ‫بأن الش��عب يريد إعدام الرئي��س فلن يعودوا‬ ‫دون تحقيق ما تريد‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫"الس��وريون خرجوا إلى الشارع مطالبين‬ ‫بالتغيي��ر ولن يعودوا قب��ل تحقيقه"‪ .‬هذه هي‬ ‫العبارة التي تتردد على ألسنة المراقبين‪ .‬على‬ ‫مدى نحو أربعة عش��ر شهر‪ ،‬أدى القمع العنيف‬ ‫للمتظاهري��ن إل��ى نتائ��ج عكس��ية‪ .‬لق��د أدى‬ ‫إلى توس��ع المظاهرات جغرافي��اً وازدياد أعداد‬ ‫المش��اركين فيها‪ ،‬وارتفاع سقف المطالب من‬ ‫اإلصالح السياس��ي إلى إس��قاط النظ��ام‪ ،‬إلى‬ ‫إعدام الرئيس بل إعدام نظامه الخائن‬ ‫ه��ذه اللحظ��ة ج��اءت مفاجئ��ة لمعظ��م‬ ‫الس��وريين‪ .‬قب��ل بضعة أش��هر لم يك��ن أحد‬ ‫م��ن الس��وريين ليتص��ور مثل ه��ذه األحداث‪.‬‬ ‫ولكنه��ا ش��كلت مفاج��أة م��ن العي��ار الثقي��ل‬ ‫للنخبة الحاكمة‪ .‬فهي لم تتصور أن السوريين‬ ‫س��يتجرؤون يومًا على تح��دي قبضتها األمنية‬ ‫وأنه��م مس��تعدون لمواجهة الرص��اص مراراً‬ ‫وتكراراً في إصرارهم على التظاهر الس��لمي‬ ‫مطالبين برحيل نظام‪.‬‬ ‫والس��وريون الي��وم ينتزع��ون احت��رام‬ ‫العالم بإصرارهم على س��لمية التظاهر رغم‬ ‫قمع الس��لطة المفرط‪ .‬وقد دفع��وا حتى اليوم‬ ‫قرابة ‪ 1 2000‬ش��هيد ومئة آلف جريح وثمانين‬ ‫أل��ف معتق��ل ومليون��ي ف��ار ومئة أل��ف مهجر‬ ‫داخلي��ا وخارجي��ا إل��ى تركي��ا واألردن ولبن��ان‬ ‫والع��راق‪ ،‬إضافة لخ��راب مزروعاتهم وتهديم‬ ‫بيوته��م وتعطيل أعمالهم‪ .‬وح��رق الممتلكات‬ ‫وتصفية الناش��طين والعقوبات الجماعية على‬ ‫القرى والبلدات‬ ‫النخب��ة الحاكم��ة كان��ت مطمئن��ة ب��أن‬ ‫سياس��ة الممانعة ه��ي صمام األم��ان‪ .‬كانت‬ ‫تعتقد أن سوريا ال يمكن أن تؤخذ من الخارج‪.‬‬ ‫وأن الق��وى اإلس�لامية هي الوحي��دة القادرة‬ ‫على أخذها من الداخل فس��عت إلقامة تحالف‬ ‫غير مكتوب معها‪ ،‬فأطلقت لها حريات أوس��ع‪،‬‬ ‫بينما ضيقت على القوى الليبرالية والعلمانية‬ ‫والتقدمية والمدنية‪ ،‬وكانت تعتقد أن تحالفها‬ ‫م��ع حم��اس وح��زب اهلل وأح��زاب األخ��وان‬ ‫المس��لمين خ��ارج س��وريا ودعمه��ا المقاومة‬ ‫العراقي��ة اإلس�لامية وحت��ى عالقاته��ا م��ع‬ ‫تركيا اإلس�لامية‪ ،‬كل هذا كي تجعل الشارع‬ ‫اإلس�لامي الس��وري يتخذ موقفًا ودي��ًا منها‪،‬‬ ‫ولك��ن دون أن تس��مح‪ ،‬هذه الس��لطة‪ ،‬بقيام‬ ‫أي��ة تنظيمات إس�لامية في س��وريا ‪ ،‬حتى لو‬ ‫كان��ت لح��زب اهلل‪ ،‬إذ بقيت تخش��اها فأبقتها‬ ‫تحت المراقبة الشديدة‪ .‬ولكن ما كانت النخبة‬ ‫الحاكم��ة تخش��اه قد تحق��ق فع ًال‪ .‬فالش��ارع‬ ‫اإلس�لامي نفس��ه اليوم يش��كل ج��زءاً كبيراً‬ ‫من المتظاهرين الس��لميين مطالباً بإس��قاط‬ ‫النظ��ام‪ ،‬دون أن ينجر إلى أجندة طائفية‪ ،‬عدا‬ ‫فئات صغيرة منه‪.‬‬ ‫النخبة الحاكمة لم تفهم األزمة وأسبابها‪،‬‬ ‫وهي ال تريد االعتراف بها‪ ،‬ألن االعتراف يتبعه‬ ‫قبول تداول السلطة‪ .‬وسعت ألن تفسر ما يجري‬ ‫ب "مؤامرة خارجية تنفذها عش��رات العصابات‬ ‫الس��لفية المنظم��ة المس��لحة تس��ليحًا ثقي ًال"‬ ‫والتي مألت أخبارها وسائل إعالم السلطة دون‬ ‫أن تبرز إثباتات مقنعه‪ .‬و"المؤامرة والعصابات‬ ‫المس��لحة تواج��ه بالجي��ش واألمن" ه��ذا هو‬ ‫منط��ق النخب��ة الحاكم��ة‪ ،‬بينم��ا رفضت هذه‬ ‫النخب��ة االعتراف باألس��باب السياس��ية لألزمة‬ ‫والتي تحتاج لمعالجة سياس��ية وليس��ت أمنية‪.‬‬ ‫وترفض المعارضة روايات العصابات المسلحة‬ ‫وتقول أن كل هذا من تدبير السلطة‪.‬‬ ‫النخب��ة الحاكم��ة تتع��رض لمزي��د م��ن‬ ‫الضغ��وط والعقوب��ات الدولي��ة‪ .‬وس��عت من��ذ‬ ‫البداية الستخدام العصا والجزرة‪ .‬فتمضي في‬ ‫حلها األمني من جهة‪ ،‬وتقدم بعض المزايا مثل‬ ‫زيادات رواتب ومزيد من الوظائف وتس��هيالت‬ ‫للمواطني��ن في التعامل م��ع الجهات الحكومية‬

‫وغيره��ا‪ .‬وعندما لم تنفع كل هذه األدوات في‬ ‫وق��ف التظاهر س��عت للمس��اومة‪ ،‬فألغت حالة‬ ‫الطوارئ المفروضة من��ذ ‪ ،1963‬ألغتها نظريًا‬ ‫وأبقتها عملياً‪ ،‬وأصدرت قانون للتظاهر‪ ،‬ولكن‬ ‫منح��ت تراخي��ص التظاهر للموالي��ن ومنعتها‬ ‫عن المعارضين‪ .‬وأعلنت قوانين أحزاب وإعالم‬ ‫وانتخابات‪ ،‬وتغيير الدستور بما في ذلك المادة‬ ‫الثامنة التي تمنح حزب البعث احتكار السلطة‪.‬‬ ‫ودعت لحوار وطني يش��مل المعارضة‪ ،‬ولكنها‬ ‫وف��ي نف��س الوقت ماضي��ة في الح��ل األمني‬ ‫وأقحم��ت الجي��ش الوطن��ي في العملي��ات مما‬ ‫يمنع خلق الثقة بين المعارضة والسلطة‪.‬‬ ‫النخب��ة الحاكم��ة ف��ي حي��رة‪ .‬فتنفيذ ما‬ ‫يطال��ب ب��ه المتظاه��رون‪ ،‬بل حت��ى تنفيذ ما‬ ‫اضط��رت إلعالن��ه تنفي��ذاً حقيقياً إنم��ا يعني‬ ‫خس��ارة الس��لطة في أول انتخابات حرة‪ ،‬وهذا‬ ‫م��ا ال تريد فعله أبداً‪ .‬وهي تأمل أن تجد ح ًال ما‬ ‫لألزم��ة ولكنها ال تعرف ما ه��و وال كيف‪ .‬فهي‬ ‫تري��د حل األزم��ة مع بقاء الس��لطة‪ ،‬وهذا غير‬ ‫ممك��ن ألن هذه الس��لطة بالذات ه��ي األزمة‬ ‫بالنس��بة للمعارضة وللش��ارع ال��ذي يتظاهر‪.‬‬ ‫واس��تخدام مزيد من القمع عما اس��تخدم حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬غير ممكن ألنه يؤدي لمزيد من التظاهر‬ ‫الداخل��ي وإل��ى مزي��د م��ن الضغ��وط الدولية‬ ‫وخس��ارة س��وريا لجمي��ع أصدقائه��ا‪ ،‬وخاصة‬ ‫تركي��ا التي كانت تدعى "الش��قيقة" حتى قبل‬ ‫بضعة أش��هر‪ ،‬ولم يبق لس��وريا س��وى إيران‬ ‫وح��زب اهلل‪ ،‬ب��ل يه��دد اإلفراط في اس��تخدام‬ ‫العن��ف بانفراط عقد الجيش‪ ،‬وقد بدأت بعض‬ ‫مظاهره بالبروز‪ ،‬وتحول المظاهرات الس��لمية‬ ‫إل��ى حمل الس�لاح وب��روز الجيش الح��ر كقوة‬ ‫على األرض ليفرض مطالبه المتمثلة بإسقاط‬ ‫النظام‬ ‫النخب��ة الحاكم��ة تطل��ب وق��ف التظاهر‬ ‫اليوم "إلتاح��ة فرصة لتنفيذ اإلصالحات وقيام‬ ‫الحوار الوطني" وهي تس��عى لذلك عله يكون‬ ‫بداي��ة لوقف دائ��م للتظاهر وإعادة الس��يطرة‬ ‫عل��ى األوض��اع‪ ،‬والقي��ام باإلصالح��ات التي ال‬ ‫تؤدي لفقدان السلطة‪.‬‬

‫المعارض��ة ترفض وق��ف التظاهر تحت‬ ‫أي ظ��رف‪ ،‬وال تقبل الدخ��ول في الحوار وتدعو‬ ‫لوق��ف الح��ل األمن��ي وس��حب الق��وى األمنية‬ ‫م��ن المدن والق��رى وإطالق س��راح المعتقلين‬ ‫والس��ماح بالتظاهر السلمي بدون إذن مسبق‪.‬‬ ‫وتراه��ن المعارض��ة عل��ى إس��قاط النظ��ام‬ ‫بالط��رق الس��لمية ويتوق��ع تصاع��د التظاهر‬ ‫ف��ي األيام القادمة ليصل ال��ذروة بعد انضمام‬ ‫مدينة حلب للتظاهر السلمي‪ .‬ودمشق والرقة‬ ‫حينه��ا س��تكون قوة الش��ارع قد بلغ��ت الذروة‬ ‫وس��تفاوض المعارض��ة العالم م��ن موقع قوة‬ ‫مدعوم��ة بضغ��وط المجتم��ع الدول��ي‪ .‬وه��ي‬ ‫تس��عى لتنظي��م صفوفه��ا وبل��ورة برامجه��ا‬ ‫لتجي��ب على س��ؤالين رئيس��يين حول ش��كل‬ ‫نظام الحكم الذي س��يلي نظ��ام البعث‪ ،‬وحول‬ ‫وجود قوى منظم��ة قادرة على قيادة البالد بما‬ ‫يمنع وقوعها في الفوضى‪.‬‬ ‫ي��رى المراقب أن ثمة أكث��ر من رأي يبرز‬ ‫في أوس��اط النخبة الحاكمة‪ ،‬وخاص��ة دائرتها‬ ‫األوس��ع‪ .‬فثمة متش��ددون في الدائرة الضيقة‬ ‫للنخبة الحاكمة يصرون على مواجهة الش��ارع‬ ‫بكاف��ة الوس��ائل وحت��ى النهاي��ة‪ ،‬معتقدي��ن‬ ‫بإمكانية االنتصار آملي��ن بدعم إيراني‪ .‬وثمة‬ ‫فئات واسعة تدعم استمرار النظام مثل قيادات‬ ‫حزب البعث وفروعه وش��عبه وقيادات منظمات‬ ‫الشبيبة والعمال والفالحين والنساء المنتشرة‬ ‫ف��ي كاف��ة المحافظ��ات وقيادات أجه��زة األمن‬ ‫وكبار رج��ال األعمال الذين كونوا ثرواتهم في‬ ‫ظ��ل نظام البعث‪ /‬األس��د‪ .‬وثمة فئات تخش��ى‬ ‫التغيير مثل المسيحيين وحتى فئات غير قليلة‬ ‫من شتى الطوائف األخرى‪.‬‬ ‫وتلجأ هذه الفئة المتش��ددة في أوس��اط‬ ‫النخبة الحاكمة للتجييش الطائفي مس��تخدمة‬ ‫المصالح التي خلقها نظام البعث‪/‬األسد ألفراد‬ ‫الطائفة العلوية التي استخدمها بإفراط لتثبيت‬ ‫سلطته‪ ،‬مس��تغ ًال الش��عور التاريخي ألفرادها‬ ‫بالظلم ورغبته��م في التعويض ع��ن التمييز‬ ‫ال��ذي م��ورس ضده��م لع��دة ق��رون‪ ،‬وخاصة‬ ‫خالل الس��يطرة العثمانية على س��وريا ‪ ،‬بحيث‬ ‫أصبح��وا طائفة مهمش��ة فقيرة ج��داً محرومة‬

‫أحمد األحمد‬

‫‪11‬‬


‫ن�صوحي البخاري ‪1961 - 1881‬‬ ‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫ولد الس��يد نصوح��ي البخاري في‬ ‫دمش��ق ع��ام ‪ ،1881‬وال��ده العالم��ة "‬ ‫س��ليم البخ��اري " وال��ذي كان رئيس��ًا‬ ‫للعلم��اء المس��لمين في دمش��ق‪ ،‬عن‬ ‫جريدة "العهد الجدي��د" البيروتية وعن‬ ‫عددها الصادر بتاريخ ‪ 25‬تش��رين أول‬ ‫سنة ‪ 1928‬ننقل‪ " :‬طويت صباح أمس‬ ‫صفح��ة ماج��دة وضَّاءة م��ن صفحات‬ ‫العل��م والوطني��ة واإلخ�لاص بوف��اة‬ ‫س��ماحة العالمة الجليل الش��يخ سليم‬ ‫أفن��دي البخ��اري وال��د الش��هيد البطل‬ ‫المرحوم جالل الدين البخاري وصاحب‬ ‫المعالي الوطن��ي الكريم نصوحي بك‬ ‫البخاري وزير الزراع��ة والتجارة ووزير‬ ‫ً‬ ‫س��ابقا والشيخ س��ليم أفندي‬ ‫المعارف‬ ‫البخ��اري عالمة جليل من كب��ار علماء‬ ‫المس��لمين‪ ،‬له ولعه الشديد بجمع آثار‬ ‫السلف الصالح واقتفاء أثر المخطوطات‬ ‫النادرة‪ ،‬والحرص عليها حرص البخيل‬ ‫على درهمه‪ ،‬كما أنه كان مثال النزاهة‬ ‫والعف��ة وطه��ارة اليد والذي��ل وصورة‬ ‫األخ�لاق الفاضل��ة الكريم��ة‪ ،‬وهو أحد‬ ‫أركان النهضتي��ن الوطنية والعلمية "‪،‬‬ ‫شقيقه " جالل الدين البخاري "ولناهنا‬ ‫أن ننقل عن مذكرات الس��يد "يوس��ف‬ ‫الحكي��م " الج��زء األول صفح��ة ‪/332/‬‬ ‫" نصوح��ي البخ��اري هو ش��قيق جالل‬ ‫البخاري الذي حوكم ف��ي عاليه وأُعدم‬ ‫في بيروت يوم ‪ 1916/5/6‬مع الشهداء‬ ‫الوطنيي��ن المطالبي��ن باس��تقالل‬ ‫س��ورية‪ .‬وابن العالمة س��ليم البخاري‬ ‫رئيس علماء دمش��ق الذي حوكم أمام‬ ‫الدي��وان العرف��ي العثماني ف��ي عاليه‬ ‫ونُف��ي إل��ى بروس��ية‪ .‬وكان عض��واً‬ ‫مؤسس��ًا للجمعي��ة الخيرية بدمش��ق‪،‬‬ ‫وهي جمعية إس�لامية خيرية مارس��ت‬ ‫العمل السياس��ي‪ ،‬أسسها الشيخ طاهر‬ ‫الجزائري في أواخر القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫ودعت إلعادة العمل بالدستور العثماني‬ ‫الذي كان معط� ً‬ ‫لا آنذاك‪ ،‬وجعل الحكم‬ ‫ف��ي الدول��ة العثمانية والب�لاد العربية‬ ‫حكمًا يعتمد على الشورى "‪.‬‬ ‫تلق��ى البخ��اري علوم��ه ف��ي‬ ‫المدرس��ة االعدادي��ة العس��كرية في‬ ‫دمش��ق‪ ،‬ث��م انتق��ل إل��ى المدرس��ة‬ ‫الحربي��ة في اس��طنبول ثم مدرس��ة‬ ‫أركان الح��رب العثماني��ة والتي تخرج‬ ‫منها برتب��ة "رئيس"‪ ،‬وش��ارك كقائد‬ ‫عس��كري ف��ي ح��رب البلق��ان‪ ،‬وف��ي‬ ‫الح��رب العالمي��ة األولى وأس��ر خاللها‬ ‫وأرسل إلى س��يبيريا حيث بقي هناك‬ ‫لمدة تس��عة أش��هر وتمكن من الهرب‬ ‫والع��ودة إل��ى الدول��ة العثماني��ة في‬ ‫مطل��ع ع��ام ‪ ،1916‬وش��ارك برتب��ة‬ ‫عقي��د ف��ي ح��رب القفق��اس‪ ،‬وحرب‬ ‫غ��زة‪ ،‬وتولى قي��ادة الفرقة الس��ابعة‬ ‫حتى تم انسحاب القوات العثمانية من‬ ‫سورية‪ .‬وتولى في عهد الملك فيصل‬ ‫األول قي��ادة فيلق حل��ب برتبة زعيم‪،‬‬ ‫وتولى رئاس��ة ديوان الشورى الحربي‬ ‫الثاني‪ ،‬وعين معتم��داً لحكومة الملك‬ ‫فيصل األول لدى مصر في أوائل عام‬ ‫‪ ،1920‬وم��ن ثم مديراً عامًا للش��ؤون‬ ‫الحربي��ة ف��ي أواخر العام نفس��ه في‬ ‫حكوم��ة " حقي العظم " واس��تمر في‬ ‫هذا المنص��ب حتّى ع��ام ‪ ،1921‬في‬ ‫العام ‪ 1922‬عين مدي��راً للمعارف في‬ ‫حكومة دمش��ق‪ ،‬ووزيراً للمعارف في‬ ‫حكومة " الداماد أحم��د نامي " الثانية‬ ‫عام ‪ ،1926‬ثم وزيراً للزراعة والتجارة‬

‫في نفس الحكومة‪.‬‬ ‫عام ‪ 1919‬تزوج البخاري فتاة من‬ ‫األسر الدمشقية العريقة وهي "رفيقة‬ ‫بنت ممدوح ب��ك العظم" والتي أضحت‬ ‫رائد ًة م��ن رواد حركة "تحري��ر المرأة"‬ ‫التي نمت بش��دة في سوريا‪ ،‬وأصبحت‬ ‫ً‬ ‫خاصة بعد‬ ‫أكث��ر جرأة على المواجه��ة‪،‬‬ ‫أن تول��ت قيادتها في دمش��ق الس��يدة‬ ‫رفيقة زوجة الس��يد نصوحي البخاري‪،‬‬ ‫بمش��اركة زوجات عدد من السياسيين‬ ‫والبرلمانيي��ن اآلخري��ن متخ��ذات م��ن‬ ‫"جمعي��ة نقطة الحلي��ب" واجهة جذابة‬ ‫لحركتهن‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1939‬ت��م تكليف��ه من قبل‬ ‫الرئيس األتاس��ي بتش��كيل الحكومة‪،‬‬ ‫وقد أتى هذا التكليف على أثر مماطلة‬ ‫فرنس��ا في تنفيذ بنود معاهدة ‪،1936‬‬ ‫ويقي��ن الرئي��س األتاس��ي بحاجت��ه‬ ‫لرئيس وزارة حيادي من خارج صفوف‬ ‫الكتل��ة الوطني��ة وقد تعرض هاش��م‬ ‫األتاس��ي للضغط‪ ،‬بع��د تكليف نصوح‬ ‫البخ��اري بتش��كيل ال��وزارة م��ن قبل‬ ‫بع��ض أصدقائ��ه إذ طال��ب وف��د م��ن‬ ‫نواب الكتلة الوطنية هاش��م األتاس��ي‬ ‫بااللت��زام بق��رارات الكتل��ة الوطني��ة‬ ‫واالستمرار بالتصعيد ضد الفرنسيين‪.‬‬ ‫ولكن األتاسـي أصدر مرسومًا بتشكيل‬ ‫وزارة البخاري في ‪ 8‬نيس��ان ‪ 1939‬أي‬ ‫بع��د ‪ 20‬يوم��ًا م��ن اس��تقالة حكوم��ة‬ ‫لطف��ي الحف��ار‪ ،‬كان معظ��م وزرائه��ا‬ ‫َّ‬ ‫المس��تقلين‪ ،‬ولم تك��ن وزارة ذات‬ ‫من‬ ‫طابع حزبي‪ ،‬ومع ذلك لم تس��تطع َّ‬ ‫حل‬ ‫األزمة بل اس��تمرت األزمة السياس��ية‬ ‫في س��ورية‪ ،‬وق��د انتقد عب��د الرحمن‬ ‫الكيال��ي ال��وزارة الجدي��دة ف��ي كلمته‬ ‫في المجل��س النيابي يوم ‪ 21‬نيس��ان‬ ‫‪ ،1939‬وانتق��د بش��دة أيض��ًا موق��ف‬ ‫األتاس��ي وقال‪" :‬كان القص��ر‪ ،‬على ما‬ ‫نعل��م معقل الوطنية‪ ،‬وكانت س��لطته‬ ‫تمث��ل الخي��ر والغيرة واالحت��رام واآلن‬ ‫ويا لألس��ف غدا معقل الرجعية‪ ،‬تمرح‬ ‫في��ه ذئ��اب االس��تعمار‪" ..‬ونتيجة لهذه‬ ‫االنتق��ادات الش��ديدة الت��ي تع��رَّض‬ ‫لها األتاس��ي ورئيس وزرائ��ه من قبل‬ ‫المعارضي��ن داخ��ل المجل��س النيابي‬ ‫وخارج��ه وال س��يما بعد ته��رب الوزارة‬ ‫م��ن إلقاء بيانها وع��دم حصول رئيس‬ ‫ال��وزراء عل��ى وع��د م��ن الفرنس��يين‬ ‫بالتصديق على المعاهدة أصدر هاشم‬ ‫األتاس��ي قراراً‪ ،‬في ‪ 19‬نيسان ‪،1939‬‬ ‫بتأجيل اجتماع المجل��س النيابي لمدة‬ ‫ش��هر‪ ،‬اعتب��اراً من ‪ 20‬نيس��ان الى ‪20‬‬ ‫أي��ار ‪ 1939‬وبالتال��ي تأجي��ل ع��رض‬ ‫البيان الوزاري‪.‬‬ ‫ف��ي ‪ 12‬أي��ار م��ن الع��ام نفس��ه‬ ‫أص��در المفوض الس��امي بياناً قصيراً‬ ‫أُذي��ع م��ن دار اإلذاعة حدد فيه أس��س‬ ‫السياس��ة الجديدة التي سيسير عليها‪،‬‬ ‫وتق��وم عل��ى إدخال بع��ض التعديالت‬ ‫على مس��ودة معاهدة عام ‪ ،1936‬التي‬ ‫ستبرم بعد الدخول في مفاوضات بين‬ ‫الجانبين لعقد معاهدة جديدة‪ ،‬واجتمع‬ ‫مع األتاس��ي وجرت بينهما مش��اورات‪،‬‬ ‫تمسَّ��كَ األتاس��ي فيها بالقواعد التي‬ ‫نص��ت عليه��ا معاه��دة ع��ام ‪،1936‬‬ ‫ولكنَّ المفوض الس��امي كان يماطل‪،‬‬ ‫متعل� ً‬ ‫لا بالحال��ة الدولي��ة الت��ي تن��ذر‬ ‫بح��دوث حرب ف��ي أورب��ا ولذل��ك فأن‬ ‫فرنس��ا ال تس��تطيع إال أن تأخ��ذ ذل��ك‬

‫السيد نصوحي البخاري وفخامة الرئيس شكري القوتلي‬

‫بعي��ن االعتب��ار‪ ،‬وتضع الخط��ط على‬ ‫أساسها‪ ،‬ولهذا فإنّها ال تستطيع التقيد‬ ‫بالكثير من ش��روط المعاهدة‪ .‬وانتهى‬ ‫االجتماع دون التوصل الى االتفاق بين‬ ‫الجانبي��ن‪ ،‬بالتوازي اس��تمرت فرنس��ا‬ ‫ف��ي تش��جيع النع��رات االنفصالية في‬ ‫سورية‪،‬والس��يَّما في جبل الدروز الذي‬ ‫عاد س��كانه الى رفع علمه��م الخاص‪،‬‬ ‫فاجتم��ع رئي��س ال��وزراء الس��وري مع‬ ‫المفوض الس��امي للتباحث معه بشأن‬ ‫السياس��ة الفرنس��ية‪ ،‬ول��م يتوص��ل‬ ‫ال��ى نتيج��ة بس��بب إص��رار الحكوم��ة‬ ‫الس��ورية على رف��ض تصري��ح" بيو"‬ ‫الجدي��د ال��ذي يدعو إلى عق��د معاهدة‬ ‫جديدة لمواصلة التعاون بين الطرفين‬ ‫ً‬ ‫ونتيج��ة‬ ‫أو أن تس��تقيل ال��وزارة‪،‬‬ ‫لتفاقم الحالة‪ ،‬ق��دم نصوحي البخاري‬ ‫استقالته في ‪ 15‬أيار ‪ 1939‬إلى رئيس‬ ‫الجمهورية‪ ،‬بس��بب إصرار الفرنسيين‬ ‫على إعادة الحكم الذاتي إلى منطقتي‬ ‫العلويي��ن والدروز‪ ،‬وذلك قبل أن تقدم‬ ‫الوزارة منهاجها إل��ى المجلس النيابي‬ ‫السوري‪ .‬وقد طلب هاشم األتاسي من‬ ‫الوزارة المستقيلة أن تستمر في عملها‬ ‫وكالة حتى َّ‬ ‫تُؤَلفَ وزارة جديدة‪ .‬وعمد‬ ‫الرئيس األتاسي إلى التشاور مع "عطا‬ ‫األيوب��ي " لتش��كيل الحكوم��ة‪،‬وكان‬ ‫لحوادث الجزي��رة والالذقية دورٌ كبيرٌ‬ ‫في فش��ل عط��ا األيوبي في تش��كيل‬ ‫ال��وزارة‪ ،‬حي��ث هاج��م فري��ق م��ن‬ ‫االنفصاليي��ن دوائ��ر الدول��ة‪ ،‬وأنزل��وا‬ ‫األع�لام الس��ورية عنه��ا‪ ،‬ورفع��وا‬ ‫األع�لام الخاص��ة بالجزي��رة‪ ،‬وط��ردوا‬ ‫الموظفي��ن الحكوميين م��ن المنطقة‪.‬‬ ‫ونتيج��ة لتعق��د الحال��ة السياس��ية‪،‬‬ ‫ومماطلة الفرنس��يين وفش��ل هاش��م‬ ‫األتاس��ي في تألي��ف وزارة جديدة أخذ‬ ‫يفكر في تقديم اس��تقالته من رئاسة‬ ‫الجمهوري��ة‪ ،‬تعبي��راً ع��ن غضبه على‬ ‫موق��ف الفرنس��يين‪ ،‬وب��دأت األحاديث‬ ‫تظه��ر م��ن جدي��د ع��ن قي��ام النظام‬ ‫الملكي في س��ورية بعد فش��ل النظام‬ ‫البرلمان��ي الجمه��وري‪ ،‬وعندما س��ئل‬

‫رئي��س ال��وزراء المس��تقيل ع��ن رأيه‬ ‫في اس��تقالة هاشم األتاسي المحتملة‬ ‫ق��ال‪ " :‬أن��ا اعتق��د أَ َّن الحال��ة الحاضرة‬ ‫عل��ى خطورته��ا ال توج��ب على رئيس‬ ‫الجمهورية االستقالة من منصبه مهما‬ ‫كانت الظروف‪ ،‬فاالستشارات في سبيل‬ ‫تش��كيل وزارة جدي��دة مس��تمرة بي��ن‬ ‫الرئيس وساس��ة البالد‪ ..‬وأما ما يتعلق‬ ‫باس��تقالة رئيس الجمهورية‪ ،‬ومعناها‬ ‫نس��ف الدور الوطني الدستوري الحالي‬ ‫برمت��ه‪ ،‬فه��و لي��س م��ن المصلح��ة‬ ‫الوطنية في شيء"‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1943‬ف��از البخ��اري ف��ي‬ ‫االنتخابات النيابية عن دمشق وفي ‪19‬‬ ‫آب من العام نفس��ه ت��م تعيينه وزيراً‬ ‫للمعارف والدف��اع الوطني في حكومة‬ ‫"س��عد اهلل الجابري"‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫خلفيته العس��كرية إال أن البخاري كان‬ ‫فاع ً‬ ‫ال ف��ي الح��راك العلم��ي والثقافي‬ ‫في دمش��ق‪،‬وداعمًا للحركة النس��وية‬ ‫الت��ي تزعمته��ا زوجت��ه‪ ،‬فق��د كان‬ ‫داعم��ًا للنش��اط االجتماع��ي والثقافي‬ ‫للرابطة العربية وغيرها من الجمعيات‬ ‫والمنتدي��ات الت��ي كانت دمش��ق تذخر‬ ‫بها‪ ،‬وفي صيف عام ‪ 1944‬ش��ارك في‬ ‫المهرج��ان األلفي للفيلس��وف العربي‬ ‫أب��ي الع�لاء المع��ري بصفت��ه وزي��راً‬ ‫للمع��ارف‪ ،‬بحضور رئي��س الجمهورية‬ ‫ومشاركة‪ :‬طه حسين‪ ،‬محمد كرد علي‪،‬‬ ‫مهدي الجواهري‪ ،‬بدوي الجبل‪.....‬‏وقد‬ ‫افتت��ح البخاري المهرجان بكلمةٍ بليغة‬ ‫كان مطلعها "ولو أني جبتُ الخُلد فرداً‬ ‫لم��ا أجبت بالخل��د انف��راداً‏ فال هطلت‬ ‫عليّ وال بأرضي س��حائب ليس تنتظم‬ ‫البالد‏"‪.‬‬ ‫م��ع اتس��اع النش��اط الحزب��ي في‬ ‫الحي��اة السياس��ية ف��ي س��وريا بع��د‬ ‫االس��تقالل وتراج��ع دور المس��تقلين‪،‬‬ ‫اعتزل دولة الرئيس البخاري السياسة‪،‬‬ ‫وتوفي في دمش��ق ع��ام ‪ 1961‬ودفن‬ ‫في مقبرة العائلة‪.‬‬


‫عـــــن جمـــــزرة احلــــولة‬

‫حكايا الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬

‫أو معوقين أو على ك��رس��ي عجلة‪،‬‬ ‫فضحك وقال لي "تقريبا"‪ ...‬تذكرتكم‪...‬‬ ‫ليس ل��دي الكثير ألقوله لكم‪ ،‬ربما‬ ‫كلمة واح��دة فقط‪ ،‬كانت على لساني‬ ‫ونسيتها‪ ..‬بعدها لم أعد أرى‪ .‬كنت في‬ ‫الزاوية واسمع فقط‪ ،‬كنت واثقا من أن‬ ‫شقيقتي ذبحت‪ .‬سمعت صوتها وهي‬ ‫تنادي أمي‪ .‬وتذكرت أمي‪ .‬سمعت صوت‬ ‫الشبيح يقول أنه يحتاج إلى سكين آخر‬ ‫ألن هذا السكين لم يعد حادا‪ ..‬قال له‬ ‫اآلخر‪ :‬أحسن !‪ ..‬يتألموا أكثر عند الذبح‪..‬‬ ‫‪ ...‬ال أذكر الكثير بعدها‪ ..‬نفس األصوات‬ ‫بقيت تتكرر‪ ..‬صرت أميز صوت الدم‬ ‫وه��و يتدفق‪ ..‬كلما قل ص��وت البكاء‬ ‫كنت أدرك أن الدور قد أتى علي‪ ..‬فجأة‬ ‫أدركت أنه قد اقترب مني‪ ،‬كانت رائحته‬ ‫ال تزال واضحة رغم رائحة الدم‪ ..‬أمسك‬ ‫برقبتي‪ ..‬تذكرت ما أريد أن أقوله لكم‪،‬‬ ‫في تلك اللحظة تذكرت‪ .‬أريد أن أقول‬ ‫لكم أني أبصق عليكم جميعا‪ .‬جميعا‪.‬‬ ‫كلكم‪ .‬أنتم يا من تقراون هذه الكلمات‪.‬‬ ‫منذ سنة نذبح وانتم لم تملكوا أن‬ ‫تفعلوا شيئا لوقف الذبح‪ .‬أبصق عليكم‬ ‫وعلى كاتب هذه المقالة أيضا‪ .‬لعله لم‬ ‫يجد شيئا آخرا يفعله‪ .‬أو شيئا أفضل‬ ‫يكتبه‪ ..‬أبصق عليكم جميعًا‪ .‬وال أعتذر‬ ‫من أي أحد‪ ..‬وضع الشبيح القذر السكين‬ ‫على رق��ب��ت��ي‪ ..‬ت��ش��اه��دت‪ ...‬وبصقت‬ ‫عليكم مرة أخرى‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪ 2012/05/26‬أنا الطفل الذي حمل‬ ‫الرقم خمسين في الخبر الذي تتناقلونه‬ ‫منذ ليلة أمس‪.‬‬ ‫ليس لدي الكثير ألقوله لكم‪ ...‬بل‬ ‫لدي شيء واح��د‪ .‬لكن نسيت ما هو‪..‬‬ ‫ح��دث ك��ل ش��يء بسرعة‪ .‬بعدما خف‬ ‫القصف ال��ذي ك��ان ب��دء منذ الصباح‪.‬‬ ‫كسروا الباب‪ .‬دخلوا وأخذونا‪ ،‬جمعونا‬ ‫بسرعة‪ ،‬فصلونا عن أم��ي‪ ،‬كنت أنا‬ ‫وأخوتي الثالثة‪ ،‬وكانت شقيقي في‬ ‫حضن أمي‪ ،‬كانت مريضة منذ يومين‪.‬‬ ‫انتزعوها بقوة‪ .‬صرخت أمي‪ .‬سمعت‬ ‫بعدها الشبيح يسبها ألمي ويضربها‪.‬‬ ‫كان آخر ما سمعته منها هو صراخها‪.‬‬ ‫كانت ت��ق��ول‪ ..‬أوالدي‪ .‬ل��م يكن أبي‬ ‫موجودا معها‪ .‬لم يكن موجودا في أي‬ ‫مكان نعرفه‪ .‬أخذوه قبل أسبوع من على‬ ‫الحاجز‪ .‬ولم نره من يومها‪ .‬لم نسمع‬ ‫عنه شيئا‪ .‬ليس لدي الكثير ألقوله لكم‬ ‫عمّا حدث أمس‪ ..‬فقط شيء واحد‪ .‬القوا‬ ‫بنا في سيارة كبيرة فيها أطفال في مثل‬ ‫سني‪ .‬كانوا يبكون‪ .‬كان بعضهم رضع‪.‬‬ ‫وكان صراخهم عاليا جدا‪ .‬كان السائق‬ ‫يسبهم ويكفر‪ .‬وقفت السيارة أمام‬ ‫منزل في طرف القرية‪ .‬عند الساحة‬ ‫التي كنا نلعب "الطابة" فيها"‪ .‬فتح الباب‬ ‫وقال لنا أنزلوا وهو يسبنا أيضا‪ .‬كان كل‬ ‫من ينزل منا يتلقى ضربة‪ .‬وكان يقول‬ ‫مسبات كبيرة‪ .‬بعضها أعرفها وكانت‬ ‫أمي تحذرني من أن أقولها‪ .‬وبعضها لم‬ ‫أفهمها‪ .‬لكن فهمت إنها مسبات "كبار"‪.‬‬ ‫ليس لدي الكثير ألقوله لكم‪ ..‬ضربني‬ ‫الشبيح على ظهري عندما نزلت من‬ ‫السيارة‪ .‬كنت أحمل شقيقتي‪ .‬وقعت‬ ‫أرضا ووقعت شقيقتي‪ .‬ضحك الشبيح‬ ‫وقال لي أني سني غبي‪ .‬عندما دخلنا‬ ‫المنزل‪ ،‬كان هناك الكثير من األطفال‪.‬‬ ‫معظمهم كان مقيد اليدين‪ .‬كان بعضهم‬ ‫يبكي‪ .‬لكن ليس كثيرا‪ .‬الرضع فقط‬ ‫كانوا يبكون‪ .‬كان هناك شبيحة آخرون‪.‬‬ ‫قال واحد منهم أن الحبال خلصت‪ .‬رد‬ ‫عليه اآلخر وقال "هلق نذبح كم واحد‬ ‫منهم ونستعمل مصاريهم"‪ .‬ضحكوا‬ ‫جميعا‪ .‬وبكت أختي بصوت عال‪ .‬تركونا‬ ‫قليال‪ .‬قالت لي أختي ماذا سيفعلون بنا‪.‬‬ ‫كنت أعرف‪ .‬لكني قلت لها ال أعرف‪ .‬أظن‬ ‫أنها كانت تعرف أيضا‪ .‬بكت وقال أريد‬ ‫أمي‪ .‬بكى أخي اآلخر وقال أنه يريد أبي‪.‬‬ ‫فكرت أننا ربما سنراه بعد قليل‪ .‬ليس‬ ‫لدي الكثير ألقوله لكم‪ .‬كل شيء حدث‬ ‫بسرعة‪ .‬الغرفة مزدحمة والبعض يبكي‬ ‫ويريد أمه‪ .‬دخل شبيح جديد للغرفة‪.‬‬ ‫كانت رائحته نتنة أكثر من الباقين‪.‬‬ ‫كبر بالكالم وسبنا وكفر أيضا‪ .‬كنت‬ ‫أعرفه‪ .‬كان ابنه معي في المدرسة‪.‬‬ ‫وكنا نلعب الطابة أحيانا في الساحة‬ ‫المجاورة‪ .‬كان يحمل سكينا في حزامه‪.‬‬ ‫أخرجها من مكانها‪ .‬تعالى صوت البكاء‪.‬‬ ‫و تعالى ضحك الشبيحة‪ .‬قال هو‪ ،‬أنه لم‬ ‫يشتم رائحة الدم منذ ثالثة أيام‪ .‬وأنه‬ ‫اشتاق له‪ .‬رد عليه اآلخر وهو يضحك‪،‬‬ ‫"امبارح" ذبحنا الثالثة الذين خذناهم‬ ‫من على الحاجز‪ ،‬نسيت؟رد عليه‪:‬نعم‪،‬‬

‫امبارح يبدو بعيدا‪ ،‬وكفر أيضا‪ ..‬تقدم‬ ‫خطوة والسكين بيده‪ ،‬تراجع الجميع‬ ‫وتعالى الصراخ‪ ،‬قال وهو يضحك‪ ،‬بمن‬ ‫سنبدأ يا حلوين ؟ من سيكون الفطيسة‬ ‫األول���ى؟‪ ...‬توقعت أن يصرخ الجميع‪.‬‬ ‫أن يزيد البكاء‪ .‬لكن العكس ح��دث‪.‬‬ ‫عم الهدوء‪ .‬كما لو كان الكل يريد "أن‬ ‫يخلص"‪ .‬تقدم الشبيح ذو الرائحة النتنة‬ ‫من فتاة شقراء الظفيرة‪ .‬كانت ترتعد‪.‬‬ ‫أمسكها من شعرها‪ .‬قال لها‪ :‬كنت أريد‬ ‫أن "‪-" ...‬مسبة كبيرة‪ ،‬ولكن ذبحك ليس‬ ‫أقل متعة‪ .‬كانت ترتعد‪ ،‬أخذت تقول "اهلل‬ ‫يخليك عمو"‪" ..‬اهلل يخليلك والدك"‪ ..‬أما‬ ‫هو فقد ق��ال لها‪ :‬اهلل يخليني ؟ بدي‬ ‫أذبحك وأذبحه كمان‪ ...‬وضع السكين‬ ‫على رقبتها‪ ،‬وبسرعة جزها‪ ،‬كانت لم‬ ‫تكمل بعد جملتها‪ ،‬كانت تقول "اهلل‬ ‫يخلـ‪ " ...‬ثم إذا به يرفع رأسها بين‬ ‫يديه‪ ...‬شوح به أمام الجميع‪ .‬حمله من‬ ‫الظفيرة وهو يقطر دما‪ .‬كان جسدها‬ ‫على األرض‪ ،‬والدماء تتدفق منه علينا‬ ‫جميعا‪ .‬على صوت البكاء‪ .‬كانت هناك‬ ‫بنت صارت تبكي وتتشاهد بصوت عال‪.‬‬ ‫أمسكها أيضا وقال لها‪" :‬وهي مشان‬ ‫الشهادة" وضربها سريعا في حنجرتها‪..‬‬ ‫ثم أخرج حنجرتها ورماها علينا‪ ..‬لكن‬ ‫البنت ذكرتنا بالشهادة‪ ،‬فصرنا نرددها‬ ‫جميعا‪ .‬تذكرنا ما نسمعه دوما من أن‬ ‫من يقول الشهادة قبل أن يموت يكون‬

‫في الجنة‪ ..‬فأخذنا نقولها‪ ..‬أنزعج هو‬ ‫وصار يسرع في الذبح‪ ..‬اختلط البكاء‬ ‫بصوت الحظته أنه يصدر عنهم وهم‬ ‫يرتعشون بعد الذبح‪ ،‬بأصوات التشهد‪،‬‬ ‫بمسبات الكفر وضحكات الشبيحة‪..‬‬ ‫رأي��ت سامر اب��ن خالي بين يدي‬ ‫الشبيح‪ .‬لم أك��ن قد انتبهت لوجوده‬ ‫قبلها‪ .‬كان سامر ساكنا على غير عادته‪،‬‬ ‫لكن عندما ذبحه‪ ،‬انتفض فجأة وأخذ‬ ‫يركض‪ ،‬كان رأسه متدليا تقريبا‪ ،‬لكنه‬ ‫ركض باتجاهي‪ .‬كما لو كان يريد أن‬ ‫أنقذه‪ .‬كان الدم يتدفق من رقبته مثل‬ ‫البربيش‪ ،‬وج��دت ال��دم يغطي وجهي‪،‬‬ ‫تراجعت حتى ص��ار الحائط خلفي‪،‬‬ ‫أظنني كنت في الزاوية‪ ،‬لم أعد أرى‬ ‫شيئا ألن ال��دم صار يغطي عيني‪ ،‬لم‬ ‫أزله‪ .‬فضلت أن ال أرى‪...‬‬ ‫ليس لدي الكثير ألقوله لكم‪ ،‬لكني‬ ‫تذكرتكم جميعا في تلك اللحظة‪..‬‬ ‫تذكرته م��ا قاله ل��ي اب��ن عمتي عبد‬ ‫الرحمن‪ ،‬ال��ذي التحق بالجيش الحر‬ ‫قبل شهر‪ ،‬كان عبد الرحمن يدرس في‬ ‫الجامعة‪ ،‬وكان لديه حاسوب في غرفته‪،‬‬ ‫وكان يسمح لي أحيانا أن العب ببعض‬ ‫األلعاب على حاسوبه‪ ،‬يوما ما أراني‬ ‫"موقعا" ق��ال أنكم تدخلونه‪ ،‬نسيت‬ ‫اسمه‪ ،‬وق��ال أنكم‪ ،‬عندما يستشهد‬ ‫واحد منا‪ ،‬فأنكم تكتبون عنه في هذا‬ ‫الموقع‪ ..‬سألته يومها إن كنتم مرضى‬

‫أحمد العمري‬

‫عمل للفنانة هبا العقاد | بعنوان‪ :‬ليلة في الحولة‬

‫‪13‬‬


‫لينا مولال‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫أن نرب��ح حرب��ًا بمواجه��ة نظام قات��ل وكاذب‬ ‫فيك��ون بالعم��ل على األرض بصم��ت وذكاء‪،‬‬ ‫ال عب��ر التصريح��ات النارية‪ ،‬إن��ه زمن العمل‬ ‫الخالق ال اعتالء المنابر‪.‬‬

‫ر�شا عرابي‬ ‫ف��ي دمش��ق ت��دور مع��ارك طاحنة وفرس��ان‬ ‫يصرخ��ون‪ ،‬صوت األس��لحة‪ ،‬ح��رارة الحرب و‬ ‫الدوار الهائل الذي يس��ري ف��ي الداخل ال يبرر‬ ‫ش��تات الصب��اح و الش��عر األش��عث‪ ،‬وال عب��ث‬ ‫ال��كالم والوجه المتع��ب‪ ،‬وأنا أطل��ب النصر‪...‬‬ ‫أطلب النهاية‪..‬‬

‫علي الأتا�سي‬ ‫غسان التويني ستظل تكتب معنا‪ ،‬بغيابك كما‬ ‫بحض��ورك‪ ،‬مقالت��ك األولى واألخي��رة‪" :‬حرية‬ ‫لبنان من حرية سورية"‬

‫�سمر يزبك‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫ماذا أنتم فاعلون؟ بع��د كل المجازر الطائفية‬ ‫الت��ي حصل��ت‪ ،‬ه��ل حص��ل وهجم��ت قري��ة‬ ‫"سّ��نية" عل��ى قري��ة "علوي��ة"؟ أنت��م يا من‬ ‫تسكنون بجوار قرى المجازر وتتفرجون‪ ،‬لم ال‬ ‫تصرخون صرخة عدل؟ لم تتفرجون؟ تتهمون‬ ‫"ا ّلسنة" بالطائفية‪ ،‬تقتلونهم قبل أن يحولهم‬ ‫النظام إلى طائفيين‪ ،‬ماذا أنتم فاعلون؟ وهم‬ ‫يموت��ون ويتفرجون على موته��م؟ تخيلوا أن‬ ‫أطفالك��م هم م��ن يُقتل��ون !! ويل��ي منكم‪،‬‬ ‫وويلي عليكم‪ ،‬ويلي للعار في التاريخ القادم!‬

‫نادر قا�سم‬ ‫صع��د طفل س��وري عل��ى عتبة بيت��ه‪ ،‬هكذا‬ ‫تخي��ل نفس��ه كأنه فوق س��طح العال��م وبعد‬ ‫أن نظ��ر للس��ماء نظرة عتب وح��ب قال صباح‬ ‫الخير‪...‬‬

‫عبد احلميد برو‬ ‫سوريا ستولد من رحم الحب‪.....‬‬

‫نا�صيف نا�صيف‬ ‫في الحفة يحصل اآلن بيوت قرى علوية تفتح‬ ‫للن��اس النازحين وق��رى أخرى ترس��ل أبنائها‬ ‫لالقتتال‬ ‫الناس أجناس واهلل واحد‬

‫توفيق دنيا‬ ‫منذ تس��ع وأربعين عاما لج��أ أصل هذا النظام‬ ‫لتس��ليح بعض الس��فلة تحت مسمى الحرس‬ ‫القومي ولم تكن تلك التس��مية تمت للحرس‬ ‫أو للقومي��ة بصله بل كانت عب��ارة عن غطاء‬ ‫لتجنيد سفلة س��ابقين أنجبوا سفلة حديثين‪.‬‬ ‫فكم��ا يقال كل��ب أبن كلب‪ .‬وما ش��بيحة اليوم‬ ‫س��وى أبناء ش��بيحة الماض��ي ‪ -‬مم��ن حاولوا‬ ‫أن يزرع��وا الرعب ف��ي قلوب الش��عب ‪ -‬وجاء‬ ‫المقبور وطورهم وس��لحهم وس��ماهم سرايا‬ ‫الدفاع فاقترفوا مج��ازر حماه وهدموها‪ .‬وجاء‬ ‫اليوم فرخ البط وس��ماهم الكتائ��ب أو اللجان‬ ‫الش��عبية‪ .‬لقد ط��وروا علم القت��ل والجريمة‬ ‫والفس��اد وأدواته‪ .‬هذا ما اس��تطاعوا تطويره‬ ‫في سوريا‪.‬‬

‫فار�س البحرة‬ ‫إس��قاط النظام بات هدفًا بذاته مس��تق ًال عن‬ ‫إقام��ة مجتم��ع ديمقراط��ي‪ ،‬إس��قاط النظام‬ ‫ه��دف وطن��ي و وج��ودي و لي��س بالض��رورة‬ ‫ديمقراطي‬

‫حمي الدين الالذقاين‬ ‫كان��ت إس��رائيل تبحث منذ زم��ن طويل عمن‬ ‫ينظف س��معتها ويجعل إجرامها يبدو اقل من‬ ‫جيرانه��ا وأخيراً جاءها م��ن يجعل حربها على‬ ‫الشعب الفلسطيني األعزل تبدو شبه مقبولة‬ ‫دوليا مقارنة بما يجري في سوريا‬

‫�شريين احلايك‬ ‫و نرج��ع لنك��رر و نعي��د‪ ،‬ال ش��يء عل��ى هذه‬ ‫األرض يستحق الحياة سوى رغبتنا بأن يكون‬ ‫هناك شيء يستحق الحياة‪..‬‬

‫تانيا برغلي‬ ‫ل��و عرفتم ماذا يحصل في دمش��ق لتمنيتكم‬ ‫كلكم أن تكونوا دمشقيين‪ ،‬تقطعون الشوارع‬ ‫وتهدمون عرش كسرى‬

‫عمر ك�شكول‬ ‫عندما تحرر دمش��ق أتمنى إضاف��ة باب جديد‬ ‫عل��ى أب��واب دمش��ق الس��بعة وتس��ميته باب‬ ‫الحرية‬

‫�سايل حمارنة‬ ‫دمش��ق الحياة‪ ......‬عش��قها الموت حتى "مات‬ ‫فيها"‪.....‬‬

‫عروة نريبية‬ ‫كل طف��ل س��وري يم��وت يقت��ل م��ن قاتل��ه‬ ‫جزءاً‪ .‬القاتل ينتحر بالقتل‪ .‬األطفال الش��هداء‬ ‫يلتف��ون ح��ول رقبة قاتله��م‪ .‬قات��ل األطفال‬ ‫مصاص دماء جشع تعميه شهيته إلى الدم فال‬ ‫يلحظ انبالج الفجر‪ ،‬مثل برغش��ة تمص الدم‬ ‫وال تتوقف حتى تنفجر‪.‬‬

‫زياد ماجد‬ ‫في س��وريا الي��وم مواطنٌ أبوه ش��هيد وأخته‬ ‫ش��هيدة وابنه شهيد وعمّته شهيدة وابن خاله‬ ‫ش��هيد‪ .‬وفي س��وريا اليوم رئيسٌ قاتِل أبوه‬ ‫قاتِل وأخوه قاتِ��ل وصهره قاتِل وابن عمّته‬ ‫قاتِ��ل وخاله قاتِل وابن خاله قاتِل‪ .‬في األمر‬ ‫م��ا ّ‬ ‫يتخطى الفوارق في أواص��ر القربى‪ .‬ثمّة‬ ‫تعريف جديد لصِالت الدم‪...‬‬

‫هالة جديد‬ ‫خفف ال��وطء ما أظن أديم األرض إال من هذه‬ ‫األجس��اد‪ ...‬اليوم‪ ..‬لو كان أب��و العالء المعري‬ ‫حي��اً لم��ا تأف��ف م��ن فقدان��ه لبص��ره وال من‬ ‫امتناعه عن أكل اللحوم‪...‬‬

‫�إياد عما�شة‬ ‫تت��وارد أخب��ار دمش��ق م��ن قب��ل األصدقاء‪..‬‬ ‫دمشق تحت النار‪ !! ..‬دمشق فوق الروح‪.‬‬

‫ثائر ديب‬ ‫يأتي الخطر أبن��اء الطوائف والمذاهب‪ ،‬خاص ًة‬ ‫األقليات‪ ،‬حي��ن ينظرون إلى أنفس��هم‪ ،‬خطأً‪،‬‬ ‫عل��ى أنه��م طوائ��ف ومذاه��ب ال عل��ى أنهم‬ ‫مواطن��ون‪ ،‬لهم ما لبقية أبناء بلدهم وعليهم‬ ‫م��ا عليهم‪ .‬أكث��ر خ��وف ه��ؤالء‪ ،‬أذاً‪ ،‬نابع من‬ ‫داخلهم ومن خطأهم ال من الواقع أو الحقيقة‬

‫حممود حممود‬ ‫في مثل ه��ذا اليوم ارتاحت س��وريا من أفظع‬ ‫طغاتها‪ ...‬مات الديكتاتور وبقيت سوريا لتثور‬ ‫بعدها على تركتهِ العار‪.‬‬ ‫فليمت جميع الطغاة ولتحيى األوطان‪.‬‬

‫بارا �صليبي‬ ‫أنا بعرف جبال ومسافات التسامح اللي عمرتها‬ ‫النفس الس��ورية عل��ى أعمدة جه��ات األرض‬ ‫األربعة‬

‫خالد ال�سيد‬ ‫بعمرو الفيس بوك ما حرر وطن يا خديجة‬ ‫هكذا قالت ستي‬

‫مي�ساء ال�شام‬ ‫دمشق‬ ‫هرمون يجري في دمي‬ ‫التلوموني في حبها‬ ‫فقلبي بفقدانها ينكوي‬

‫منى �أتا�سي‬ ‫طي��ب انا س��نية وم��ن حم��ص وما ب��دي بيد‬ ‫العلوية ‪ ...‬شو يعني ؟ بتقيمو عليي الحد‬ ‫شو هاااااااااااااااد ‪ ...‬اصحو يانايمين‬

‫هزار احلرك‬ ‫هلق لو صارت هالثورة من ‪ 12‬س��نة شو كان‬ ‫صار؟‬

‫امللحمـــة‬

‫عروة المقداد‬ ‫عَ��وى ال��دم‪ ،‬صرخت رغب�� ُة القت��ل‪ .‬تحت‬ ‫الس��قوف الواطئة‪ ..‬في األسرة الملطخة بعرق‬ ‫األجس��اد‪ ..‬على الحيط��ان المس��نودة بدفء‬ ‫تمجُ‬ ‫األضلع‪..‬‬ ‫سكين ّ‬ ‫كان يُس��فك‪ ،‬يفور على ٍ‬ ‫الحي��اة‪َّ .‬‬ ‫صل األني��ن‪ ،‬ارتعد الخ��وف‪ ،‬ترمّدت‬ ‫الوج��وه وذابت مع براز األل��م‪ ،‬وبول الصراخ‪.‬‬ ‫تفس��خت أش�لاء الروح‪ ،‬تعفنت أل��وان العيون‬ ‫في المحجر‪.‬‬ ‫هَوى الصمت‪ ،‬أخاط الش��فاه وحزّ االضلع‬ ‫وبخّرَ األلم‪..‬‬

‫***‬

‫عينيّ إس��فلت الطريق الحار‪ ،‬وجهي شفرة‬ ‫صدئة‪ ،‬تش��طر األمل فتم��وء الرغب��ة‪ .‬أنا إله‬ ‫المقصل��ة‪ ،‬علمي دمٌ يس��يل‪ ،‬ووطني أش�لاء‬ ‫متفس��خة‪ .‬ج��دران العزلة صومعت��ي والخوف‬ ‫نايي للقطيع‪.‬‬

‫***‬

‫ركضت‪ ،‬والخوف عريش��ة بأس�لاكٍ شائكة‪،‬‬ ‫وف��ي فم��ي صبّ��ار‪ .‬عطش��ت‪ ،‬حف��رت التراب‬ ‫بأس��ناني‪ ،‬لم أجد غي��ر الحصى تم��زق الحلق‪.‬‬ ‫زحفت ولم أجد غير خابية جدتي المنس��ية على‬ ‫أطرف الحكاية‪ .‬رميت رأسي بفوهتها فاستفاقت‬ ‫سماء الش��هداء‪ ،‬وهطلت أس��ماء من قتلوا في‬ ‫فجّ اللي��ل‪ .‬وكان الض��وء يبزغ م��ن وجوههم‬ ‫فشربت‪ ..‬شربت حتى بعثت أرواحهم فيّ‪.‬‬ ‫ي��ديّ منج��ل األرواح‪ ،‬وأس��ناني أني��اب‬ ‫لتمزيق الذاكرة‪ .‬وبصطاري سيد المدى‪ .‬سيد‬ ‫الجغرافيا‪ .‬النطفة والرحم‪ ،‬البداية والنهاية‪.‬‬

‫***‬

‫م��ن ثق��ب صغي��ر خرج��ت‪ .‬دون مالمح أو‬ ‫وجه‪ .‬دون ذاكرة أو أعضاء‪ .‬قِيل لي أنت جالد‬ ‫فكنت!‬

‫***‬

‫أنا الدم‪ ..‬أنا تاريخ الحقد في الساللة‪.‬‬

‫***‬

‫فمي مليء بالصراخ‪ .‬وأنا أشاهد المجزرة‪...‬‬ ‫لكنن��ي ابن صمت‪ .‬لم أس��مع صوتي‪ .‬صوتي‬ ‫بئر في الظالل‪.‬‬

‫***‬

‫يا محالها الحرية‪.‬‬

‫***‬

‫من سنين الوحش��ة العابقة برائحة الخوف‬ ‫ولد ذلك المس��خ في أضلعنا ونما من حراشف‬ ‫أجس��دنا‪ .‬كان يش��بهنا ف��ي المالم��ح! كان‬ ‫صنيعتن��ا‪ ،‬خطيئة أرواحنا‪ ..‬روي��داً رويداً كانت‬ ‫دماؤه تنزف حين أمعن في تقطيع أوردتنا وحز‬ ‫أعناقنا‪ ..‬في النهاية خرّ صريعاً في بركة الدم‬ ‫الهائل��ة‪ ،‬وابتلعه أك��وام الجث��ث التي عرجت‬ ‫أرواحها إلى السماء‪.‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬

‫المجلس الثاني‪ :‬سياس��ة اإلسالم‬ ‫– الص��دق – بناء الثقة – نب��ذ العنف –‬ ‫الرشد " يعيش بعض الناس منافقين‪،‬‬ ‫واإلنس��ان يعيش منافق��اً عندما يخاف‬ ‫أن يُقت��ل أو يُ��ؤذى‪ ،‬له��ذا حم��ى اهلل‬ ‫المختلفي��ن م��ن أن ي��ؤذي بعضه��م‬ ‫بعض��اً‪ ،‬لك��ي ال يصي��روا منافقي��ن”‬ ‫صفحة ‪./78 /‬‬ ‫المجل��س الثالث‪ :‬الرش��د ش��ريعة‬ ‫اهلل والغ��ي ش��ريعة الطاغ��وت‪ " .‬م��ن‬ ‫الس��هل أن ن��رى اآلخري��ن خطائي��ن‪،‬‬ ‫وأن نل��وم اآلخري��ن ونعتبرهم س��بب‬ ‫مشكالتنا‪ ،‬ودائمًا ما نتجنب لوم أنفسنا‬ ‫أو اتهامها بالخط��أ أو التقصير‪ ،‬غير أن‬ ‫ه��ذا منه��ج مخال��ف للمنه��ج القرآني‬ ‫“إن تبرئة ال��ذات واتهام اآلخرين ليس‬ ‫طريق��اً قرآنيًا‪ ،‬ولكن طريق القرآن هو‬ ‫أن ما أصابك من س��يئة فمن نفس��ك‪،‬‬ ‫وطريق الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫ه��و “من وجد خي��راً فليحمد اهلل‪ ،‬ومن‬ ‫وجد غير ذلك فال يلومن إال نفس��ه” إن‬ ‫عندن��ا اس��تعداداً ألن نل��وم كل أحد ما‬ ‫ع��دا أنفس��نا‪ ،‬بالرغم من أن الرس��ول‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم يقول لنا أال نلزم‬ ‫إال أنفسنا”‪.‬‬ ‫المجل��س الراب��ع‪ :‬القان��ون –‬ ‫تأسيسه – حمايته – االلتزام به‬ ‫المجل��س الخام��س‪ :‬اإلس�لام‬ ‫ومفهوم التغيير‪.‬‬ ‫" فإن تجرأ أح��دٌ واغتصب الحكمَ‬ ‫بالق��وة فإنن��ا نواجه��ه بكلم��ة الح��ق‬ ‫ونق��ول ل��ه‪" :‬إن م��ا فعلتَه غي��ر جائز‬ ‫وغير صحيح"‪ ،‬ونتحمل مسؤولية هذه‬ ‫الكلمة التي ربما نُقتَل بس��ببها‪]...[ .‬‬ ‫هذا األس��لوب في التغيير أقل خس��ائر‬

‫م��ن أس��لوب العن��ف‪ ،‬ول��ن يس��تطيع‬ ‫حاك��مٌ أن يقت��ل اآلالف م��ن الن��اس‬ ‫ألنه��م يقول��ون الحق‪ .‬وف��ي المقابل‪،‬‬ ‫فق��د حص��د العن��فُ مئات األل��وف من‬ ‫المسلمين في حروب ال طائل فيها "‪.‬‬ ‫يفصل س��عيد في مفهوم التغيير‬ ‫مبيَّنَ��ًا التغيي��ر ال��ذي يحدث��ه اهلل في‬ ‫خلق النتائ��ج‪ ،‬والتغيير ال��ذي يقوم به‬ ‫البش��ر في تهيئ��ة األس��باب‪ ،‬والتعامل‬ ‫معه��ا‪ ،‬ويض��رب المث��ل ف��ي خل��ق‬ ‫اإلنس��ان‪ ،‬وزرع النب��ات‪ ،‬وف��ي مج��ال‬ ‫س��لوك اإلنس��ان يطبق ه��ذه القاعدة‬ ‫بالتفصيل‪ ،‬موضحاً آللية تغيير سلوك‬ ‫اإلنس��ان حسب ما في نفس��ه‪ ،‬فتغيير‬ ‫ما بالنفس هو مهمة البش��ر‪ .‬فالتغيير‬ ‫ال��وارد في القرآن‪ ،‬س��نة عام��ة لكافة‬ ‫البش��ر‪ ،‬كما أنها سنة اجتماعية ال سنة‬ ‫فردي��ة‪ « .‬إن اهلل ال يغير ما بقوم حتى‬ ‫يغيروا ما بأنفسهم » الرعد "‪."11‬‬ ‫ف��ي الختام ال بد من االش��ارة إلى‬ ‫حاجتن��ا جميع��ًا لفك��ر داعي��ة الالعنف‬ ‫"ج��ودت س��عيد " وإل��ى االبح��ار ف��ي‬ ‫عوالم��ه‪ ،‬وخي��ر كت��اب للدخ��ول إل��ى‬ ‫عالم س��عيد‪ ،‬هو كتابنا اليوم "مفهوم‬ ‫ً‬ ‫تجرب��ة رائدة‬ ‫التغيي��ر" وال��ذي يعتب��ر‬ ‫وخط��وة مهم��ة نح��و تعمي��م الوع��ي‬ ‫والثقاف��ة والعل��م‪ ،‬وممارس��ة االنفتاح‬ ‫على األم��ة‪ ،‬والتواصل م��ع الناس من‬ ‫ٌ‬ ‫تس��جيل لحوارات‬ ‫خالل المس��جد‪ ،‬فهو‬ ‫ِّ‬ ‫المؤل��ف وبي��ن‬ ‫واقعي��ة جَ��رَتْ بي��ن‬ ‫مختل��ف ش��رائح األم��ة‪ ،‬مم��ا انعكس‬ ‫ً‬ ‫بس��اطة في عبارته وشرحه للمفاهيم‬ ‫الكبيرة بأسلوب سهل ميسَّر كمحاولةٍ‬ ‫لإلضاءة عل��ى منهجية التفكير والبحث‬ ‫والحوار‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كتابنا اليوم للفيلسوف المتصوف‬ ‫" ج��ودت س��عيد "‪ ،‬فمما الش��ك فيه أن‬ ‫كل مفك��ر أو كات��ب يس��عى من خالل‬ ‫نظريات��ه وأف��كاره‪ ،‬إل��ى تغيي��ر ُ‬ ‫األطر‬ ‫االجتماعي��ة والفكري��ة ف��ي مجتمعه‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ول��كل مفك��ر تصوراتُ��ه ع��ن الواق��ع‬ ‫وأطروحاتُ��ه الهادف��ة إل��ى تغيي��ره‪.‬‬ ‫التغيي��ر الحقيق��ي يب��دأ م��ن األفكار‪،‬‬ ‫ألن الواقع‪ ،‬بش��كل أو بآخ��ر‪ ،‬إفراز لها‪.‬‬ ‫أجل‪ ،‬التغيير الحقيقي العميق يبدأ من‬ ‫األفكار وم��ن تغيير منهجي��ة التفكير‪.‬‬ ‫والبداية تك��ون بإعادة دراس��ة األفكار‬ ‫األساس��ية وصياغته��ا‪ ،‬ث��م يرتس��م‬ ‫في ذه��ن اإلنس��ان من خ�لال األفكار‬ ‫الجديدة‪ ،‬فه��مٌ جديد للكون وللروابط‬ ‫التي تقوم بين اإلنسان – الكون – اهلل‬ ‫نموذج عن‬ ‫– اآلخر‪ ،‬وكاتبن��ا اليوم خير‬ ‫ٍ‬ ‫هؤالء المفكرين‪.‬‬ ‫المفكر اإلسالمي جودت بن سعيد‬ ‫ب��ن محمد م��ن موالي��د ع��ام ‪1931‬م‪،‬‬ ‫ف��ي قرية بئ��ر عجم في الج��والن في‬ ‫محافظ��ة القنيط��رة بع��د المدرس��ة‬ ‫االبتدائية ف��ي مدينة القنيط��رة‪ ،‬تابع‬ ‫دراس��ته ف��ي األزه��ر الش��ريف ف��ي‬ ‫القاهرة‪ ،‬حيث أتمّ الدراس��ة الثانوية‪،‬‬ ‫ثم حصل على شهادة األزهر الجامعية‬ ‫ف��ي اللغة العربية‪ ،‬وتع��رّف في مصر‬ ‫عل��ى المفك��ر اإلس�لامي الجزائ��ري‬ ‫مال��ك ب��ن نب��ي دخ��ل س��لك تدريس‬ ‫اللغ��ة العربي��ة ف��ي ثانويات دمش��ق‪،‬‬ ‫واعتقل مرارا بس��بب نشاطه الفكري‪،‬‬ ‫وتمّ نقله م��ن محافظة إلى أخرى في‬ ‫سورية‪ ،‬إلى أن مُنع من التدريس خالل‬ ‫الس��تينات‪ ،‬ثم اس��تقرّ ف��ي القنيطرة‬ ‫ف��ي الجوالن بعد ح��رب ‪1973‬م‪ ،‬وتابع‬ ‫طريقه الفك��ري حتى عُرف في العالم‬ ‫اإلس�لامي بداعية "الالعن��ف"‪ ،‬انطالقا‬ ‫من رؤيته أن "التوحيد مس��ألة سياسة‬ ‫اجتماعية وليس��ت مسألة ميتافيزيقية‬ ‫إلهي��ة"‪ ،‬اس��تنادا إل��ى اآلي��ة الكريمة‪:‬‬ ‫"أال نعبد إال اهلل‪ ،‬وال نش��رك به ش��يئاً‪،‬‬ ‫وال يتخ��ذ بعضنا بعض��ًا اربابًا من دون‬ ‫اهلل "–آل عم��ران‪ ،64 :‬م��ن مؤلفاته‪" :‬‬ ‫مذه��ب ابن آدم األول‪ ،‬حت��ى يغيروا ما‬ ‫بأنفس��هم‪ ،‬فقدان التوازن االجتماعي‪،‬‬ ‫العم��ل ق��درة وإرادة‪ ،‬اإلنس��ان حي��ن‬ ‫يكون ك ً‬ ‫ال وحين يكون عد ًال‪ ،‬اقرأ وربك‬ ‫األكرم‪ ،‬كن كابن آدم‪ ،‬رياح التغيير "‪.‬‬ ‫ويمكن أن نوجز الس��مات المميزة‬ ‫لفكر س��عيد ومش��روعه النهضوي بما‬

‫يلي‪ " :‬دعوة المس��لمين إلى اس��ترجاع‬ ‫ثقته��م بالعل��م وبالس��نن والقواني��ن‬ ‫الكوني��ة والتاريخي��ة‪ ،‬كش��رط الزم‬ ‫للنه��وض‪ ،‬التأكيد على رد المش��كالت‬ ‫إل��ى ال��ذات ال إل��ى الق��وى لخارجي��ة‬ ‫التركي��ز عل��ى عل��م التاري��خ‪ ..‬والنظر‬ ‫في العواقب‪ ،‬االمتياز بنظرة ش��مولية‬ ‫لألحداث في العالم اإلسالمي عامة "‬ ‫أم��ا ع��ن كتابن��ا الي��وم " مفهوم‬ ‫التغيي��ر " فهو عبارة ع��ن دروس عامة‬ ‫ألقاها المؤلف على الناس‪ ،‬في مس��جد‬ ‫بئ��ر عجم‪ ،‬ف��ي محاولة منه لتبس��يط‬ ‫األف��كار‪ ،‬وتوس��يع قاعدته��ا‪ ،‬وكس��ر‬ ‫احتكاره��ا بين النخ��ب وإتاحة الفرصة‬ ‫للحوار والمناقشة وفهم اآلخر ويعرض‬ ‫الكتاب سوء األوضاع العالمية‪ ،‬وإمكانية‬ ‫صنع البدي��ل األفضل‪ ،‬ويوضح فكرتي‬ ‫التوب��ة أو النق��د الذات��ي‪ ،‬والتواص��ل‬ ‫م��ع األمة‪ .‬ويتأم��ل في الواق��ع واللغة‪،‬‬ ‫ونش��أتها وحفظها للتجارب‪ ،‬وتطورها‪،‬‬ ‫ومراح��ل تس��مية األش��ياء‪ ،‬وتحلي��ل‬ ‫عملي��ة النط��ق وعالق��ة الح��ق به��ا‪،‬‬ ‫وأهمية القراءة والكتابة‪ ،‬وحرية الرأي‪،‬‬ ‫ومفه��وم الدي��ن‪ ،‬والحس��ن والقب��ح‪،‬‬ ‫والتقرب من الحقيقة بمعرفة العواقب‪،‬‬ ‫والحقيقتي��ن المطلق��ة والنس��بية‪،‬‬ ‫وكتاب��ة الت��راث باألرضي��ة المعرفية‪.‬‬ ‫ويبحث ف��ي سياس��ة اإلس�لام بقراءة‬ ‫التاري��خ‪ ،‬والتحرر من الخ��وف والنفاق‬ ‫والغ��در‪ ،‬والعنف والك��ذب‪ ،‬وبيان خطة‬ ‫النبوة لبناء الثقة والرش��د‪ ،‬وممارس��ة‬ ‫الحرية‪ ،‬والتخلص من السالح‪ ،‬وفرص‬ ‫القان��ون والعم��ل بمنه��ج الالعن��ف‪.‬‬ ‫ويبين أن الرش��د ش��ريعة اهلل‪ ،‬والعنف‬ ‫ش��ريعة الطاغ��وت‪ ،‬ويق��رر المس��اواة‬ ‫أمام القانون‪ ،‬ونصرة المس��تضعفين‪،‬‬ ‫وش��روط مش��روعية الثق��ة‪ ،‬وع��دم‬ ‫العنف لإلس�لام‪ ،‬ونش��ر العلم يضمن‬ ‫س��يادة الح��ق‪ ،‬ويش��رح منه��ج التغيير‬ ‫في اإلس�لام وس��بقه في بناء الرش��د‪.‬‬ ‫ويوض��ح موقف اإلس�لام م��ن مفهوم‬ ‫التغيير والتعددية‪ ،‬ونظام العالقات في‬ ‫المجتمع اإلس�لامي‪ ،‬وتطور المفاهيم‬ ‫اإليماني��ة‪ ،‬ودور تس��لط الكنيس��ة في‬ ‫ظهور اإللح��اد‪ ،‬وخطر الجهل وأثره في‬ ‫مصير األمم‪.‬‬ ‫وتم تقس��يم الكتاب إلى خمس��ة‬ ‫مجالس‬ ‫المجل��س األول‪ :‬تأمالت في اللغة‬ ‫– نشأتها – تدوينها – عالقتها بالواقع‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫جودت �سعيد‪ :‬مفهوم التغيري‬

‫‪15‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬

‫حوارات عن‬ ‫املوت مع‬ ‫با�سل �شحادة‬ ‫ً‬ ‫�شهيدا‬ ‫نبراس شحيد‬

‫احلوار الأخري‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 10 | )38‬حزيران ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫ً‬ ‫فاشلة‬ ‫على عجالة‪ ،‬كتبت خاطر ًة‬ ‫ع��ن الموت م��ن أجل أطف��ال الحولة‬ ‫المذبوحين‪ .‬لكن ش��يئًا م��ا‪ ،‬آخر غير‬ ‫الفش��ل‪ ،‬كان يمنعن��ي من إرس��الها‬ ‫إل��ى النش��ر‪ .‬ل��م أس��تطع أن أح��دّد‬ ‫مالمح العائق ه��ذا‪ ،‬فالوقت لم يكن‬ ‫ف��ي صالح��ي‪ ،‬ودم الش��هداء ال يزال‬ ‫رطباً‪ ،‬على األرض سائح‪ ،‬وال بد من‬ ‫القيام بش��يء ما‪ ،‬ولو تاف��ه! وبينما‬ ‫كنت أحاول فه��م ما يدور في داخلي‬ ‫م��ن اضط��راب غامض‪ ،‬خط��ر على‬ ‫بالي اس��م باس��ل‪ ،‬مع أنني ال أرسل‬ ‫إليه عاد ًة خربشاتي قبل أن أنشرها‪.‬‬ ‫ش��ي ٌء غريب كان يدفعن��ي إلى أخذ‬ ‫رأيه ف��ي الخاطرة هذه‪ .‬بالمصادفة‪،‬‬ ‫كان موجوداً على "الس��كايب" وقتها‪،‬‬ ‫وبالمصادفة‪ ،‬كان هذا قبل استشهاده‬ ‫بيوم واحد‪ ،‬وبالمصادفة‪ ،‬اكتش��فتُ‬ ‫ٍ‬ ‫أن��ه من ق��ام بتصوير الطف��ل الذي‬ ‫ذكرتُ��ه في الخاط��رة‪ ،‬ويحمل ً‬ ‫الفتة‬ ‫ُكت��ب عليه��ا‪" :‬ذبح��وا الي��وم أطفال‬ ‫الحولة وفي األمس أطفال العدوية‪.‬‬ ‫هل يك��ون دوري هو القادم؟!"‪ .‬أكان‬ ‫اس��م المصادف��ة هذه أيض��اً حدس‬ ‫الم��وت؟! ال أع��رف!كل م��ا أذكره من‬ ‫تل��ك الحالة الغريبة‪ ،‬أن باس��ل أحب‬ ‫كثيراً خاتمة الخاطرة الفاشلة‪ ،‬وفيها‬ ‫تتح��اور ال��والدة مع الم��وت‪ ،‬لينتهي‬ ‫الحوار على النح��و اآلتي‪ …" :‬أرحام‬ ‫النس��اء ف��ي الحول��ة‪ ،‬كما ف��ي بيت‬ ‫لحم‪ ،‬ل��ن تتوق��ف يومًا ع��ن الرغبة‬ ‫في الحي��اة‪ .‬كان يا ما كان‪ ،‬حتى وإن‬ ‫لم تنت��هِ الحكاية‪ ،‬س��تولد حكاياتٌ‬ ‫جديدة" (الس��فير ‪ .)2012/5/29‬أحب‬ ‫باسل الخاتمة هذه‪ ،‬وأراد أن يرسمها‬ ‫"غرافيتي" عل��ى أحد جدران حمص‪.‬‬ ‫ل��ذا‪ ،‬طل��ب من��ي أن أنش��ر المق��ال‬ ‫بأس��رع وق��ت ممك��ن ألرس��له إليه‪.‬‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫اليوم يا باسل نُش��ر المقال! أتعرف‬ ‫متى؟ بالمصادف��ة‪ ،‬في الصباح الذي‬ ‫تال استش��هادك! نُش��ر المقال اليوم‬ ‫يا باس��ل‪ ،‬لكنني لم أعد ق��ادراً على‬ ‫إرساله إليك… اعذرني!‬

‫اخلامتة املبتورة‬

‫إليَ باس��ل أحد األفالم‬ ‫أرس��ل ّ‬ ‫الت��ي صوّرها في حم��ص أيام عيد‬ ‫المي�لاد‪ ،‬لكنه ل��م ي��رد أن يعرضه‪.‬‬ ‫أراد أن ن��دردش فق��ط‪ .‬كان الفيلم‬ ‫رائعًا‪ ،‬لكن خاتمته كانت غريبة‪ ،‬ألن‬ ‫فيها نوعًا من البتر القاسي‪ .‬يعرض‬ ‫الفيل��م واق��ع المدين��ة أي��ام العيد‪،‬‬ ‫أم��ا الخاتمة فش��ي ٌء آخر‪ :‬باس��ل مع‬ ‫أصدقائه يحاولون عبور الش��ارع من‬ ‫أجل الذهاب إلى حي "الستين"! قبل‬ ‫عبور الشارع‪ ،‬يشرح له أحد أصدقائه‬ ‫الطريقة‪" :‬س��نركض! س��وف تغامر‬ ‫مت��ك ً‬ ‫ال عل��ى اهلل‪ .‬وإن ش��اء اهلل‪،‬‬ ‫لن يصيب��ك مكروه‪ ،‬وإن ش��اء اهلل‪،‬‬ ‫س��يُعمى عل��ى قل��وب القناصة فال‬ ‫يرونك‪ ،‬وإن شاء اهلل‪ ،‬سنستطيع أن‬ ‫ننتش��لك إن قُتلت!"‪ .‬لم أفهم خاتمة‬ ‫العبور الغريبة‪ ،‬فشرح لي‪" :‬ال أعرف‪.‬‬ ‫شعرت أنها (الخاتمة) مهمة بالنسبة‬ ‫إليَ‪ .‬هي في الحقيقة خارج س��ياق‬ ‫ّ‬ ‫الفيلم كله‪ .‬كان عبور الشارع تجربة‬ ‫في قمة الفظاعة‪ .‬لم أس��تطع إلاّ أن‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)12549‬‬ ‫دمشق‪304 :‬‬ ‫ريف دمشق‪1181 :‬‬ ‫حمص‪4864 :‬‬ ‫حلب‪443 :‬‬ ‫حماه‪1616 :‬‬ ‫الالذقية‪263 :‬‬

‫أضعه��ا ف��ي الفيل��م وكفى!"‪.‬ه��ذه‬ ‫كانت خاتمة الفيلم التي لم يستطع‬ ‫باسل أن يقاوم سحرها‪ ،‬وهذه كانت‬ ‫خاتم��ة حكايت��ه‪ .‬أرادَ فقط أن يعبر‬ ‫الطريق! فق��ط! أراد فقط أن يكون‬ ‫ف��ي "الهن��اك"‪ُ ،‬‬ ‫فقت��ل ألن حكايت��ه‬ ‫كان��ت محاول��ة اجتياز! والي��وم‪ ،‬هو‬ ‫هناك عل��ى الضفة األخرى‪ ،‬وأنا هنا‬ ‫أُعيد خاتمة الفيلم الحزين المبتورة‪،‬‬ ‫ث��م أعيده��ا وأعي��د‪ .‬أه��ي نفس��ها‬ ‫خاتمة الخاطرة الفاشلة التي أحببتها‬ ‫يا باس��ل؟! ال أعرف! وداعاً صديقي‪.‬‬ ‫الجميع يس ّلم عليك هنا‪ ،‬حتى عظام‬ ‫الموتى تهدي إليك القبل‪.‬‬

‫يف ذاكرة الأ�سماء‬

‫عندم��ا أخبرني باس��ل أن��ه قرر‬ ‫العم��ل في حمص‪ ،‬قلت له‪" :‬س��أضع‬ ‫مش��اعري جانباً‪ ،‬ألس��ألك سؤا ًال ال بد‬ ‫أن يس��أله الصديق"‪" .‬م��ا هو؟"‪ ،‬قال‬ ‫ل��ي باهتمام‪ ،‬فأجب��ت‪" :‬إذا حصل لك‬ ‫مك��روه‪ ،‬فه��ل تري��د أن أق��ول ألحدٍ‬ ‫ما أم��راً‪ ،‬كن��ت تتمن��ى أن تقوله له‪،‬‬ ‫لكن��ك لم تس��تطع"‪ .‬لم يجب باس��ل‬ ‫إال بع��د دقائ��ق م��ن الصم��ت‪" :‬ال!"‪.‬‬ ‫لكنني ف��ي الحقيقة‪ ،‬ل��م أكن أتوقع‬ ‫الجواب ه��ذا‪ ،‬فأعدت عليه الس��ؤال‪،‬‬ ‫ليعي��د لي الج��واب نفس��ه‪ ،‬ويضيف‪:‬‬ ‫"ال نريد مناحاتٍ!"‪ ،‬وضحك‪ .‬س��ألته‪:‬‬ ‫طرطوس‪34 :‬‬ ‫درعا‪1257 :‬‬ ‫دير الزور‪452 :‬‬ ‫الحسكة‪81 :‬‬ ‫القنيطرة‪21 :‬‬ ‫الرقة‪51 :‬‬ ‫ادلب‪1973 :‬‬ ‫السويداء‪8 :‬‬

‫"باس��ل‪ ،‬ه��ل تح��ب الم��وت؟"‪ ،‬فقال‬ ‫باس��تخفاف‪" :‬الموت مريح‪ ،‬خصوصًا‬ ‫للكس��الى‪ ،‬وأنا أحب الكسل أحيانًا!"‪.‬‬ ‫أجب��ت‪" :‬ال أصدّق��ك"‪ ،‬فضحك وقال‪:‬‬ ‫إليَ ما س��تكتبه عن الموت"‪،‬‬ ‫"أرسل ّ‬ ‫وأضاف‪" :‬غ��داً صباحاً ِّ‬ ‫صل من أجلي‪،‬‬ ‫فالحي��اة فيه��ا كثيرٌ م��ن المفاجآت"‪.‬‬ ‫ف��ي الي��وم التالي‪ ،‬اتصل بي باس��ل‬ ‫ليقول‪" :‬كذبت علي��ك البارحة‪ .‬يوجد‬ ‫أحدٌ أود لو أس��تطيع إخباره أمراً ما"‪.‬‬ ‫"م��ن ه��و؟"‪ ،‬س��ألته بش��غف ممزوج‬ ‫بش��يء ال أعرف��ه‪ ،‬ليجي��ب‪" :‬أود قول‬ ‫عليَ‬ ‫أم��ر م��ا ألحده��م‪ ،‬لكنه يج��ب ّ‬ ‫عدم فع��ل ذل��ك!"‪" .‬حس��ناً"‪ّ ،‬‬ ‫عقبتُ‬ ‫ألضيف‪" :‬تستطيع أن تقوله لي‪ ،‬ولن‬ ‫أخب��ر أحداً"‪" .‬ال لن أقول لك"‪ ،‬أجابني‬ ‫باسل‪ .‬فوعدته قائ ً‬ ‫ال‪" :‬ال تقلق باسل‪،‬‬ ‫نحو‬ ‫عل��ى‬ ‫فأج��اب‬ ‫ل��ن أخب��ر أح��داً"‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫غامض‪" :‬خ ْلصِت!"‪" .‬تقصد األزمة؟"‪،‬‬ ‫قل��ت مح��او ًال تلطيف الج��و‪ ،‬فضحك‬ ‫ولم يجبني‪.‬هكذا بقي االسم غريباً‪،‬‬ ‫ودُفن��تَ أن��تَ ف��ي حم��ص غريب��اً‪،‬‬ ‫وأحببتَ النهايات الغريبة‪ ،‬وبقيتْ لنا‬ ‫خاتمة الحكاية غامضة‪ .‬نمْ إذاً بهدو ٍء‬ ‫ي��ا صديقي‪ ،‬واحلم لن��ا بوطن تعمّد‬ ‫م��ن غربتك‪ ،‬وم��ن حكاياتك التي لم‬ ‫تع��رف النهاي��ات‪ ،‬فنحن هن��ا لم نعد‬ ‫قادري��ن عل��ى الن��وم‪ .‬وداعًا باس��ل!‬ ‫س ّلم على األهل هناك‪.‬‬ ‫نشرت أيضًا في النهار ‪2012 / 6 / 6‬‬ ‫‪ 966‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 11583‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 548‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 309‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 858‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 6 / 9‬‬ ‫‪http://vdc-sy.or‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.