جريدة سوريتنا - العدد الخامس والأربعون

Page 1

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2012/ 7 / 29 | )45‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬


‫"بن�ش" املدينة الأ�شهر باملظاهرات‪ ..‬ت�ستقطب‬ ‫الفنانني تفاو�ض �سكانها مع اجلي�ش على عدم‬ ‫دخولها يف حني مينع �أهلها املظاهر امل�سلحة‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫فيما خفت وتيرة المظاهرات في المدن والقرى السورية‪ ،‬ال تزال مدينة‬ ‫بنش ش��مال البالد تش��تهر بمظاهراتها الضخمة رغم قلة عدد سكانها‪ ،‬مما‬ ‫جع��ل الكثير من فنان��ي الثورة الذين قدم��وا من خارج الب�لاد يزورون هذه‬ ‫المدينة لتنشيط المظاهرات‪.‬‬ ‫وتش��تهر مدين��ة بنش التابع��ة لمحافظة إدل��ب بمظاهراته��ا الضخمة‬ ‫وش��عاراتها التي يتناقل النشطاء السوريون صورها على صفحات اإلنترنت‪،‬‬ ‫وتعد من أوائل المدن الس��ورية التي تظاهرت ضد حكم نظام بش��ار األسد‪،‬‬ ‫حي��ث تظاهر س��كانها في األول من أبريل‪/‬نيس��ان ‪ 2011‬إل��ى جانب مدينة‬ ‫كفرنبل حسب تأكيد نشطاء في المدينة‬

‫�إعدامات ميدانية يف املزة بدم�شق بطرق انتقامية‬ ‫جثث م�شوهة وق�صف مدفعي مع حتليق مكثف من الطريان‬ ‫فوق املنطقة‬

‫العربية نت ‪ -‬جفرا بهاء‬ ‫يب��دو أن النظ��ام الس��وري قرر‬ ‫إزال��ة اي منطق��ة ق��د تحت��وي على‬ ‫جيش حر‪ ،‬فاتجهت اليوم البلدوزرات‬ ‫إلى المزة في دمش��ق وتحديداً خلف‬ ‫الرازي ومنطق��ة الصبارة‪ ،‬حيث أنها‬ ‫أحرقت جزءاً كبيراً من تلك المنطقة‬ ‫قب��ل يومين وهاهي اليوم تس��تعد‬ ‫إلتمام مهمته��ا بالقضاء على الجزء‬ ‫المتبقي من الصبارة والبيوت‪.‬‬ ‫كم��ا أعطي��ت الي��وم إن��ذارات‬ ‫بإخالء المناطق في كفرسوسة لحد‬ ‫ي��وم األربعاء‪ ،‬وفي هذا إش��ارة إلى‬ ‫نية النظام بتدمير المنطقة أيضًا‪.‬‬ ‫نف��ذت ق��وات النظام الس��وري‬ ‫ف��ي حي المزة بدمش��ق أمس األول‬ ‫إعدامات ميدانية‪ ،‬وبحسب ناشطين‬ ‫ف��إن الش��باب الذي��ن ت��م إعدامهم‬ ‫ميداني��ًا هم مدني��ون ال عالقة لهم‬ ‫بالجي��ش الحر ال م��ن قريب وال من‬ ‫بعيد‪.‬‬ ‫ومع رائحة الجثث التي انتشرت‬ ‫ف��ي الم��زة وصعوب��ة التنق��ل بعد‬ ‫القصف العش��وائي وانتش��ار ش��بح‬ ‫الم��وت ت��م توثي��ق ح��االت اإلعدام‬ ‫الميداني��ة التي ج��رت‪ ،‬لتأتي نتيجة‬ ‫ذل��ك التوثي��ق صادم��ة للح��س‬ ‫اإلنس��اني إذ ربطت أي��دي ثالثة من‬ ‫القتل��ى خلف ظهورهم‪ ،‬وتم دهس‬ ‫رأس اثني��ن آخري��ن بالس��يارات‪،‬‬ ‫باإلضافة آلثار ح��روق واضحة على‬ ‫أجساد قتلى المزة‪.‬‬ ‫وتب��دو آث��ار تكس��ير األط��راف‬ ‫والس��كاكين الواضح��ة التي حملتها‬ ‫األجس��اد أق��رب لعملي��ة انتقامي��ة‪،‬‬ ‫حيث لم يكتف رجال النظام السوري‬ ‫برصاص��ة واح��دة كافي��ة لقت��ل أي‬ ‫إنس��ان‪ ،‬بل حملت أجساد القتلى ما‬ ‫ال يقل عن ثماني رصاصات‪.‬‬ ‫اقتحامات وتكسير‬ ‫وتلق��ى ح��ي الم��زة الغض��ب‬ ‫األعن��ف م��ن النظ��ام‪ ،‬وكأن معركة‬ ‫دمش��ق حط��ت رحالها ف��ي الميدان‬

‫والمزة والقاب��ون‪ ،‬فاقتحامات المزة‬ ‫ال ته��دأ‪ ،‬وب��دأ االقتحام ي��وم األحد‬ ‫برفقة دبابتين عند الرازي ودبابتين‬ ‫عند االخ�لاص عند مجلس رئاس��ة‬ ‫ال��وزراء ودباب��ات عل��ى المتحل��ق‬ ‫وحش��د كبير من الجنود عند الرازي‬ ‫اس��تعداداً لالقتح��ام وإغ�لاق جميع‬ ‫مداخ��ل الم��زة بس��اتين ومداخ��ل‬ ‫الحواكي��ر ومن��ع الدخ��ول والخ��روج‬ ‫منها‪ ،‬لينتش��ر أكثر من ‪ 300‬عنصر‬ ‫أمني من شارع الفارابي‪.‬‬ ‫وانتش��رت القناصة على أسطح‬ ‫البناي��ات‪ ،‬عدا عن التحلي��ق الكثيف‬ ‫للطي��ران فيما مازال��ت أكثر من ‪10‬‬ ‫دبابات متمركزة ومحاصرة للحي‪.‬‬

‫رائحة الموت‬ ‫تتسابق رائحتان مختلفتان في‬ ‫الم��زة‪ ،‬تطغى واحدة عل��ى األخرى‪،‬‬ ‫لتع��ود الثانية لتحتل الهواء‪ ،‬فرائحة‬ ‫الجث��ث الملقاة على األرض والتي ال‬ ‫تتوفر إمكانية س��حبها ألكثر من ‪12‬‬ ‫س��اعة ودرجة الحرارة العالية جعلت‬ ‫رائحة الموت تنتشر في الجو‪.‬‬ ‫وعندما نجح األهالي بانتش��ال‬ ‫تل��ك الجثث م��ن النه��ر والطرقات‪،‬‬ ‫قام��وا بدفنه��م لي ً‬ ‫ال وس��ط الحصار‬ ‫األمني الكثيف‪.‬‬ ‫وأم��ا الرائح��ة الثاني��ة فه��ي‬ ‫رائح��ة القمام��ة التي تعم��د النظام‬ ‫تركه��ا وإجب��ار األهالي عل��ى تركها‬

‫لعدم قدرتهم عل��ى تنظيف األحياء‬ ‫خوف��ًا م��ن القناصة‪ ،‬م��ا دعا بعض‬ ‫الناش��طين إلطالق نداءات تحذيرية‬ ‫من انتشار األمراض واألوبئة‪.‬‬ ‫تعي��ش الم��زة نهاره��ا وليله��ا‬ ‫في س��واد الحزن والخ��وف‪ ،‬وتتلقى‬ ‫انتق��ام النظ��ام الس��وري ألنه��ا لم‬ ‫تقف مكتوفة األي��دي أمام مجازره‪،‬‬ ‫فخرجت إلى الشوارع ونادت بالحرية‬ ‫وبنص��رة باق��ي الم��دن الس��ورية‪.‬‬ ‫وبعدما كانت الم��زة محتلة كليًا من‬ ‫مؤيدي النظام‪ ،‬متفرغة لمسيراتهم‬ ‫المؤيدة‪ ،‬ها هي تتحول إلى منطقة‬ ‫أشباح تهرب الحياة منها‪.‬‬


‫بيان جتمع الت�شكيليني ال�سوريني امل�ستقلني‬

‫لطالما كان للعلم في سوريا معان سياسية خاصة‪،‬‬ ‫فقد غيرت الحكومات المتعاقبة علم البالد أكثر من أحد‬ ‫عشر مرة خالل المئة عام المنصرمة‪ ،‬ولم يكن حال شباب‬ ‫الثورة السورية مختلفًا فقد رفعوا بدورهم علم االستقالل‬ ‫كشعار يمثل ثورتهم ويمثل بدي ً‬ ‫ال عن علم “الديكتاتور”‪.‬‬ ‫وبالرغم من تاريخ علم االستقالل الغير مفهوم للبعض‪،‬‬ ‫واعتباره علماً من صناعة فرنسية من قبل البعض اآلخر‬ ‫إال أن شباب الثورة أصرّوا على استعمال العلم في كل‬ ‫المناسبات المتاحة‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫لماذا؟!! سؤال يطرح نفسه‬ ‫من المؤكد أن تغيير علم ليبيا من قبل ثوارها‬ ‫واستعادة علم االستقالل كبديل عن علم القذافي‬ ‫و“ثورته الخضراء” كان سبباً مهماً جعل شباب الثورة في‬ ‫سوريا يدعمون اختيار علم االستقالل السوري مقابل علم‬ ‫النظام‪ ،‬لكن بالتأكيد كان رفض علم النظام والرغبة في‬ ‫تغييره يجسد باألساس رغبة الثوار بالتخلص من أي رمز‬ ‫يمتّ للنظام الديكتاتوري بصلة‪ ،‬وكان العلم السوري أول‬ ‫وأهم ما يتوجب عليهم رفضه‪.‬‬ ‫رغم ذلك فالعديد من التجمعات واألشخاص ذوي‬ ‫التوجهات القومية خاصة عارضوا فكرة تغيير العلم‪،‬‬ ‫المعارضة كانت مقترنة أحياناً بكون العلم السوري هو‬ ‫علم الوحدة العربية بين سوريا ومصر من جهة وبكون‬ ‫فكرة العلم البديل ً‬ ‫بداية فكر ٌة مدعومة من جهات إسالمية‬ ‫(صفحة الثورة السورية على الفيس بوك تحديداً) ما جعل‬ ‫العديد من اليساريين والليبراليين (إضافة للقومجيين)‬ ‫يترددون كثيراً قبل دعم فكرة العلم الجديد – القديم‪.‬‬ ‫ترافق هذا التردد مع قيل وقال تناول تسمية ثانية‬ ‫لعلم االستقالل وهي تسمية (علم االنتداب) على اعتبار‬ ‫أن اعتماد علم االستقالل علمًا لسوريا كان بقرار من‬ ‫هنري بونسو المفوض السامي للجمهورية الفرنسية‬ ‫في سوريا وظهرت الخالفات مجدداً عندما حاول المهتمون‬ ‫تفسير معنى النجوم الحمراء الثالثة في علم االستقالل‬ ‫فاعتبر البعض أنها ترمز إلى العلياء والبطولة ودماء‬ ‫الشهداء‪ ،‬بينما اعتبر آخرون أن نجوم العلم ترمز إلى أكبر‬ ‫الطوائف السورية وهي الطائفة السنية والطائفة العلوية‬ ‫والطائفة الدرزية‪ ،‬فيما قال آخرون بأنها ترمز إلى سلطان‬ ‫باشا األطرش قائد الثورة السورية الكبرى وإبراهيم هنانو‬ ‫وصالح العلي وهما من قادة الثورة السورية الكبرى أيضًا‪.‬‬ ‫بالتدريج فرض علم االستقالل نفسه على شباب‬ ‫الثورة جميعاً‪ ،‬وتمّ اعتماده من قبل جميع التجمعات‬ ‫والتنسيقيات علماً يمثل سوريا الحرة‪ ..‬سوريا القادمة‪،‬‬ ‫وباتت التسمية لعلم االستقالل هي (علم الثورة)‪.‬‬ ‫حمل الثوار علمهم في مظاهراتهم وحمل‬ ‫المنحبكجية العلم الذي بات يحمل اسم (علم النظام)‬ ‫في مسيراتهم التأييدية تارة بأحجام خيالية‪ ،‬وأحياناً مع‬ ‫زركشة صور وأسم الديكتاتور على العلم‪.‬‬ ‫في وقت الحق بدأت تظهر في أوساط الثورة دعوات‬ ‫السترجاع علم سوريا (علم الوحدة) ورفض ربطه بنظام‬ ‫األسد‪ ،‬ظهر العلمان إلى جانب بعضهما البعض في العديد‬ ‫من المظاهرات كما ظهرا مندمجين أو يحاكي أحدهما‬ ‫األخر في تصاميم على االنترنت ومن ثم رأينا بعض‬ ‫التجمعات الثورية تعود لتستعمل علم (الوحدة) من جديد‪..‬‬ ‫حقيقة ال أدري فيما إذا كان هناك ّ‬ ‫ً‬ ‫حظ لعلم‬ ‫الوحدة بالعودة ليرتفع في السماء ممث ً‬ ‫ال سوريا الحرة‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬ال أدري فيما إذا كان هناك امكانية إلزالة ما‬ ‫ارتبط بهذا العلم من ظلم وتشبيح وتنكيل بالسوريين‪.‬‬ ‫لكنني ومن ضمن بعض أفكاري الطفولية الطوباوية‬ ‫حول سوريا القادمة أتخيل طرح استفتاء عام على الشعب‬ ‫السوري ليختار أحد العلمين كممثل له‪ ..‬رفاهية!!‪ ..‬أليس‬ ‫كذلك؟‪.‬‬ ‫صفحات سورية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الجزيرة نت‪ :‬إلياس تماللي‬ ‫التنظي��م المس��لح الجدي��د ال��ذي أعل��ن‬ ‫إنش��اؤه ف��ي إس��طنبول باس��م «جبه��ة ثوار‬ ‫س��وريا» قدم��ه أحد أعضاء مكتبه السياس��ي‬ ‫عل��ى أن��ه «البوتقة الت��ي تتوحد فيه��ا جميع‬ ‫الفصائ��ل الثورية المس��لحة»‪ ،‬مما يعني أنه‬ ‫عملياً طرح نفس��ه بدي ً‬ ‫ال للجي��ش الحر‪ ،‬الذي‬ ‫يعتب��ر رس��ميا ال��ذراع العس��كرية للمجل��س‬ ‫الوطني السوري‪.‬‬ ‫ول��م يث��ر مي�لاد «جبهة ث��وار س��وريا»‬ ‫المخ��اوف م��ن تش��رذم العمل المس��لح ضد‬ ‫النظام الس��وري فحسب‪ ،‬بل أش��ار أيضًا إلى‬ ‫خالفات داخ��ل المجلس الوطني ‪ -‬الذي يجمع‬ ‫في المنفى بعض أب��رز مكونات المعارضة ‪-‬‬ ‫بالنظر إلى الشق العسكري للثورة‪.‬‬ ‫التنظي��م تح��دث ‪ -‬ف��ي مؤتم��ر صحفي‬ ‫بتركيا ‪ -‬عن ‪ 12‬ألف مس��لح يأتمرون بإمرته‪،‬‬ ‫وإن ق��ال إن عمله��م س��يكون بالتنس��يق‬ ‫والتعاون مع الجيش الحر‪.‬‬ ‫اتفاق لم يتم‬ ‫لكن ل��مَ ال يكون االنضم��ام الكامل إلى‬ ‫الجيش الحر؟‪ ،‬وه��و تنظيم تقول قيادته إنه‬ ‫يض��م ‪ 40‬ألف ف��رد‪ ،‬وتق��ر مع ذل��ك بأنها ال‬ ‫تس��يطر على كل عملياته��م‪ .‬يتحدث رئيس‬ ‫المجل��س العس��كري األعل��ى للجي��ش الح��ر‬ ‫العميد مصطفى الش��يخ ع��ن اتصاالت جرت‬ ‫منذ ش��هرين مع «جبهة ثوار س��وريا»‪ ،‬توجت‬ ‫باتفاق مبدئي على أن يعمل التنظيم الجديد‬ ‫بأجندات الجي��ش الحر وعقيدته «حتى ال يقع‬ ‫ش��يء يضر الثورة»‪ ،‬لكن الخ�لاف ‪ -‬الذي لم‬ ‫يشأ الش��يخ تفصيل فحواه ‪ -‬كان كما قال مع‬ ‫قيادة الجيش الحر‪.‬‬ ‫ال يرى العميد الش��يخ مشكلة في تنظيم‬ ‫جديد يقاتل نظام بش��ار األسد‪ ،‬لكنه يخشى‬ ‫تشرذم المعارضة المسلحة‪.‬‬ ‫ويق��ول إن كل ط��رف يس��لح اآلن الجهة‬ ‫التي يريدها في سوريا‪ ،‬والمطلوب هو «إقناع‬ ‫كل الكتائ��ب بالعمل ضمن رؤية وطنية بعيداً‬ ‫ع��ن األجن��دات السياس��ية»‪ ،‬قب��ل أن يضيف‬ ‫أنه «على العس��كريين التزام مس��افة واحدة‬ ‫م��ن كل أطياف المجتم��ع للوصول إلى جيش‬ ‫وطن��ي بعيد ع��ن الطائفية‪ ،‬وضامن للس��لم‬ ‫األهلي بعيداً عن أفخ��اخ النظام‪ ،‬بحيث يعود‬ ‫إلى المعس��كرات بمجرد سقوط النظام وبناء‬ ‫الشعب سلطة مدنية»‪.‬‬ ‫كيان اسمي‬ ‫التنظي��م الجدي��د حظ��ي بدع��م هيث��م‬

‫المال��ح المعارض الذي اس��تقال قبل أس��ابيع‬ ‫من المجلس الوطني الس��وري‪ .‬ويقول المالح‬ ‫إن الجيش الحر «كيان اس��مي فقط‪ ،‬ال يجمع‬ ‫تحت قي��ادة واحدة فصائل الث��ورة»‪ ،‬رغم أن‬ ‫كثي��راً م��ن الفصائ��ل يتح��دث باس��مه‪ ،‬ومن‬ ‫هنا واف��ق هو على التماس م��ن ممثلين عن‬ ‫«جبهة ثوار سوريا» للتعبير عن دعمه لها في‬ ‫تس��جيل مصور‪ ،‬على أمل التوصل إلى كيان‬ ‫يوحد حقيقة مكونات العمل المسلح‪.‬‬ ‫لي��س الج��دل الذي أث��اره إنش��اء «جبهة‬ ‫ثوار س��وريا» بجدي��د على الثورة الس��ورية‪،‬‬ ‫فتأس��يس المجلس العس��كري األعلى نفسه‬ ‫قوبل بتشكيك بعض المعارضين‪.‬‬ ‫تصريحات متضاربة‬ ‫وأش��رت الطريق��ة التي أعلن به��ا ميالد‬ ‫«جبهة ثوار سوريا» في المقابل إلى التضارب‬ ‫المتكرر في تصريحات ومواقف بعض أعضاء‬ ‫المجلس الوطني‪.‬‬ ‫فعضو المكتب التنفي��ذي للمجلس أحمد‬ ‫رمضان حضر المؤتم��ر الصحفي الذي عقده‬ ‫في إس��طنبول التنظيم الجدي��د‪ ،‬وأعرب عن‬ ‫دعم هيئته المعارضة له قائ ً‬ ‫ال «نبارك إنش��اء‬ ‫جبهة ثوار سوريا ونقدم لها كامل دعمنا»‪.‬‬ ‫لك��ن المجلس الوطني س��ريعاً ما أكد أن‬ ‫ال عالق��ة له بـ»جبه��ة ثوار س��وريا» وتنصل‬ ‫م��ن كالم رمض��ان‪ّ ،‬‬ ‫وذكر ب��أن «التصريحات‬ ‫الت��ي تُعبر ع��ن مواقف المجلس وسياس��ته‬ ‫كمؤسس��ة ه��ي تلك الص��ادرة ع��ن المكتب‬ ‫التنفيذي ف��ي بيانات مكتوب��ة أو بتصريحات‬ ‫م��ن رئي��س المجل��س‪ ،‬والمتحدث الرس��مي‬ ‫باسم المجلس»‪.‬‬ ‫ويقول المتحدث الرسمي باسم المجلس‬ ‫الوطن��ي ج��ورج صب��را إن االتص��االت الت��ي‬ ‫أجرتها «جبهة ثوار س��وريا» كانت مع الجيش‬ ‫الحر‪ ،‬لك��ن المجلس لم يطلع بعد على أجندة‬ ‫وبرامج ومكونات التنظيم الجديد‪.‬‬ ‫ويق��ر صب��را ب��أن «الواق��ع النظ��ري ال‬ ‫يمنع أحرار س��وريا من اختي��ار الطريقة التي‬ ‫يناضلون بها ضد النظام»‪ ،‬لكنه يتحدث أيضا‬ ‫ع��ن وجود «إجم��اع على أحقي��ة الجيش الحر‬ ‫في تمثيل الثورة»‪.‬‬ ‫ويحذر صبرا من أن «بندقية الثورة يجب‬ ‫أن تك��ون متوائم��ة مع المش��روع السياس��ي‬ ‫األساس��ي للثورة»‪ ،‬وهذا المش��روع في رأيه‬ ‫«يمثله المجلس الوطني السوري الذي يلقى‬ ‫االعتراف الدولي»‪.‬‬

‫مي�س قات‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬

‫هل حتتاج الثورة ال�سورية جبهة جديدة؟‬

‫بني جنمتني �أو ثالث‪ ،‬هو ّية‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫أي��دي الس��وريين الي��وم ف��ي الن��ار‪،‬‬ ‫وصدوره��م مثقوب��ة بالرص��اص‪ ،‬وقلوبهم‬ ‫تنب��ض بق��وة األم��ل‪ ،‬ل��ذا يج��د الفنان��ون‬ ‫التش��كيليون الس��وريون أنفس��هم أم��ام‬ ‫اس��تحقاق طال تأجيله‪ :‬تأس��يس كيان مهني‬ ‫مستقل‪ ،‬يخصهم‪ ،‬ويشبههم‪ ،‬ويدافع عنهم‪،‬‬ ‫ويعبر عن خياراته��م الفكرية واإلبداعية في‬ ‫هذه اللحظة المفصلية من تاريخ شعبهم‪.‬‬ ‫بع��د أن ابتكرت اإلنس��انية ف��ي القرون‬ ‫الماضي��ة فك��رة النقابة المهني��ة التي ّ‬ ‫تنظم‬ ‫حقوق ومطال��ب ونضاالت أعضائه��ا‪ ،‬وتدافع‬ ‫عنهم في وجه الس��لطة السياس��ية وس��طوة‬ ‫المال‪ ،‬جاءت الس��لطات االستبدادية في كثير‬ ‫من بل��دان العال��م‪ ،‬ومنها الس��لطة في بلدنا‬ ‫المنك��وب لتجعل هذا الكيان مس��خًا تابعاً من‬ ‫مس��وخها‪ ،‬ورافداً من روافد خطابها الدعائي‬ ‫المُم��ل‪ ،‬ولتفرغه ـ بالتالي ـ من معناه ودوره‪.‬‬ ‫وكان��ت نقاب��ة الفن��ون الجميلة في س��ورية‬ ‫إح��دى ه��ذه األدوات على مدى عق��ود‪ ،‬مثلها‬ ‫مثل بقية النقابات واالتحادات المهنية‪.‬‬ ‫أم��ام ه��ذه المص��ادرة المزمن��ة يج��د‬ ‫الفنانون التش��كيليون الس��وريون الموقعون‬ ‫عل��ى هذا اإلعالن أنفس��هم ـ مدفوعين بقوة‬

‫إيمانه��م بحقوقهم ـ أنه بات ضروريًا اإلعالن‬ ‫أن النقاب��ة الحالي��ة ال تمثله��م‪ ،‬وأنهم قرروا‬ ‫إنش��اء كيان مهن��ي جديد من صن��ع أيديهم‪،‬‬ ‫يداف��ع عنه��م وع��ن مصالحه��م‪ ،‬يعبّ��ر عن‬ ‫تع��دد خياراته��م الفكري��ة واإلبداعية‪ ،‬يكون‬ ‫جزءاً عضويًا من الثقافة الس��ورية المعاصرة‬ ‫الحقيقي��ة‪ ،‬منفتح��اً عل��ى ثقاف��ات العال��م‬ ‫وانجازاته البصرية‪ ،‬وابنًا شرعيًا لمجتمع يثور‬ ‫منذ عشرة أشهر على عقود الطغيان وانعدام‬ ‫هواء الحرية والكرامة‪.‬‬ ‫إن الموقعي��ن عل��ى هذا اإلع�لان الذين‬ ‫يحلم��ون بالتغيير الش��امل والذين يرفضون‬ ‫القت��ل ودعوات التس��ليح والتدوي��ل وانفالت‬ ‫الغرائ��ز الطائفي��ة‪ ،‬يدع��ون كل الفناني��ن‬ ‫التش��كيلين الس��وريين األحرار أن يس��اهموا‬ ‫في تأس��يس تجمعهم المستقل‪ .‬كما يدعون‬ ‫كل الفناني��ن ف��ي الب�لاد العربي��ة والعال��م‬ ‫للتوقيع على بيانهم ه��ذا باعتبارهم أعضاء‬ ‫ش��رف ف��ي تجمعه��م ه��ذا متضامني��ن م��ع‬ ‫الفنانين التشكيليين الس��وريين رافعي راية‬ ‫حري��ة اإلبداع وحرية الرأي واس��تقاللهما عن‬ ‫كل سلطة‪.‬‬ ‫دمشق‪ 2012 - 1 - 14 ‬‬

‫�أوجـــاع وطــن‬

‫‪3‬‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫جلان احلماية املدنية‬ ‫الثورة ال�سورية‪ ..‬ثورة �أخالقية‬ ‫يا�ســـرمـــرزوق‬ ‫عن المعارض الس��وري «ياسين‬ ‫الحاج صالح» أنقل‪« :‬تبدو المعارضة‬ ‫لا في األخالق أكثر ممّا هي ٌ‬ ‫فع� ً‬ ‫فعل‬ ‫في السياسة‪ .‬ففي حين يمكن فهمُ‬ ‫المواالة فع ً‬ ‫ال في السياسة يقوم على‬ ‫المصلحة بالدرجة األولى «والسياسة‪،‬‬ ‫ف��نُ إدارة‬ ‫بمعن��ى م��ن المعان��ي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫المصلحة دَرَكها‬ ‫وإن بلغت‬ ‫المصالح‪ْ ،‬‬ ‫ف��إن‬ ‫األس��فل ‪ -‬البق��اء بيولوجيّ��ًا»‪ّ ،‬‬ ‫معارضة نظام مس��تبدٍّ كالنظام في‬ ‫سوريا لم ٍ‬ ‫تكن ممكنةً‪ ،‬قبل الخامس‬ ‫عش��ر م��ن آذار‪ ،‬أن تق��وم عل��ى أيّة‬ ‫ألن مسألة المعارضة بذاتها‬ ‫مصلحة‪ّ ،‬‬ ‫كانت تعني‪ ،‬على الدوام‪ ،‬خسار َة ّ‬ ‫كل‬ ‫ش��يء‪ ،‬انتها ًء بخس��ارة س��نواتٍ من‬ ‫نفس��ها‪ .‬ومنْ يقبل‬ ‫العم��ر أو الحياةِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫مس��بّقا‬ ‫الدخول في لعبةٍ تش��ترط‬ ‫خس��ارتَه َّ‬ ‫كل ش��يء‪ ،‬فس��ينطوي‬ ‫اش��تغاُله عل��ى مب��ادئ أخ��رى تقوم‬ ‫َ‬ ‫حريّة‬ ‫خارج حقل السياس��ة‪ ,‬حي��ث ال‬ ‫مغاير‬ ‫تعبير عن أيّ ش��ي ٍء‬ ‫اجتماع أو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لمقدَّس��ات النظ��ام وقوالبه‪ ،‬ينتفي‬ ‫ُ‬ ‫فعل السياس��ة من حي��ث المبدأ‪ .‬فال‬ ‫يكون أمام الخاضع لنظام كهذا إ ّ‬ ‫ال أن‬ ‫يختار‪ :‬بي��ن أن يكون تابع��اً ويرضى‬ ‫بحصّ��ةٍ تُمن��ح له ل��وزنٍ عائليّ أو‬ ‫سواه؛ أو أن يرضى ببقايا تُلقى أمامه‬ ‫لضعةِ تبعيّته العائليّة أو العشائريّة‬ ‫أو لضآل��ة الخدم��ات الت��ي يمك��ن أن‬ ‫يقدّمه��ا؛ أو أن يتطهّ��ر م��ن رجس‬ ‫فيكون شيئًا آخر‪.‬‬ ‫المواالة‬ ‫َ‬ ‫أن يك��ون ش��يئاً آخ��ر‪ :‬ذل��ك هو‬ ‫تمامًا ما يخت��اره المعارضُ لموقفٍ‬ ‫خارج إمكانيّة السياسة وداخل حقل‬ ‫األخالق‪ .‬هن��ا األمر يتحدّد بمفرداتٍ‬ ‫بسيطة‪:‬‬ ‫ـ ف��أن تك��ون ض��دّ الظل��م‬ ‫واالس��تعباد‪ ،‬وضدّ اس��تباحة حرمات‬ ‫الن��اس وكراماتهم‪ ،‬يعن��ي أن تكون‬ ‫معارضًا‪.‬‬ ‫ـ وأن تك��ون ض��دّ الس��رقة‬ ‫والرش��وة‪ ،‬وض��دّ نهب مال الش��عب‪،‬‬ ‫وض��دّ الك��ذب والتلفي��ق وتزيي��ف‬ ‫الحقائق‪ ،‬يعني أن تكون معارضًا‪.‬‬ ‫ـ وأن تك��ون ض��دّ احتقار العقل‬ ‫والجم��ال والكبرياء‪ ،‬يعن��ي أن تكون‬ ‫معارضًا‪.‬‬ ‫ـ وأن تأب��ى التن��ازل ع��ن‬ ‫خصوصيّت��ك وفرديّت��ك وفرادتك‪،‬‬ ‫يعني أن تكون معارضًا‪.‬‬ ‫ـ وأن تك��ون ض��دّ إهانة البش��ر‬ ‫وإذاللهم وقتلهم وتسييد أرذلهم على‬ ‫أنبلهم‪ ،‬يعني أن تكون معارضًا‪.‬‬ ‫ـ وأن تك��ون ض��دّ التقبي��ح‬ ‫والتجهيل وتخريب العقول‪ ،‬يعني أن‬ ‫تكون معارضًا‪.‬‬ ‫ـ وأن تكون ضدّ سدّ آفاق العقل‬ ‫واإلبداع‪ ،‬أمام نفس��ك أو أمام أبنائك‪،‬‬

‫يعني أن تكون معارضًا‪.‬‬ ‫ـ وأن تك��ون ض��دّ تخري��ب‬ ‫مؤسّسات الدولة وتحويل إداراتها إلى‬ ‫هِباتٍ ألبناء عائالت الس��لطة‪ ،‬يعني‬ ‫أن تكون معارض��اً‪ ،‬ناهيك بأن تكون‬ ‫مع الحريّة التي لوالها لما آل الوحشُ‬ ‫البشريُ إلى إنسان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الموصَ��فِ‬ ‫النظ��ام‪،‬‬ ‫معارض��ة‬ ‫ّ‬ ‫بعضه أعاله‪ ،‬قيمة بذاتها‪ .‬المعارضة‪،‬‬ ‫هنا‪ ،‬قيمة إيجابيّة بصرف النظر عن‬ ‫أدائه��ا‪ .‬وه��ذا ال يعني امت��داحَ األداء‬ ‫ذمُه‬ ‫المعارض‪ ،‬أيّاً كان‪ .‬فامتداحُه أو ّ‬ ‫يك��ون بمقدار االنس��جام م��ع القيم‬ ‫الت��ي يقوم عليها التض��ادُّ مع أخالق‬ ‫أن للتفوق األخالقيّ‬ ‫االس��تبداد؛ ذلك ّ‬ ‫ً‬ ‫قيمة هنا غير قليلة الشأن»‪.‬‬ ‫الثورة السورية المنتصرة أخالقيًا‬ ‫عل��ى مش��ارف النص��ر عل��ى أرض‬ ‫الواقع والمش��هد السياسي‪ ،‬والشباب‬ ‫الس��وريون مطالب��ون الي��وم وأكث��ر‬ ‫م��ن أي ي��وم مض��ى بالحف��اظ على‬ ‫انتصارهم ٍاألخالقي‪ .‬فس��واء انتهت‬ ‫الملحمة الس��ورية برحي��ل النظام أو‬ ‫بترحيله قسراً بحسم عسكري يبقى‬ ‫ٍ‬ ‫الخط��ر األكب��ر المح��دق بالب�لاد هو‬ ‫الفوضى‪ ،‬والتي قد يعمد النظام وهو‬ ‫يلفظ أنفاس��ه األخيرة لنشرها عمداً‬ ‫وهو خي��ارٌ طبقه نظ��ام مبارك في‬ ‫أيامه األخيرة‪ ،‬تحت ش��عار أنا وبعدي‬ ‫الطوفان‪.‬‬ ‫ملفنا اليوم ع��ن «لجان الحماية‬ ‫المدنية» والتي تش��كلت عفوياً على‬ ‫طول الب�لاد وعرضها‪ ،‬لحماية البيوت‬ ‫والمح��ال التجاري��ة والمصالح العامة‬ ‫والخاص��ة ف��ي مختل��ف األحي��اء في‬ ‫ملحم��ة وطنية بات��ت واقع��ًا‪ .‬وملفنا‬ ‫اليوم دعو ٌة للتنظيم وعرضٌ آلليات‬ ‫تش��كيل ه��ذه اللج��ان‪ ،‬ومرجعن��ا‬ ‫عم��ل مطبوع��ة تت��داول بين‬ ‫خط��ة‬ ‫ٍ‬ ‫المواطني��ن‪ ،‬كان قد وزعها ناش��طوا‬ ‫الداخل السوري على األحياء‪.‬‬ ‫ه��ذه الخطة تقترح آلي��ة العمل‬ ‫ً‬ ‫وهيكلة اللجان التي يجب العمل على‬ ‫تنظيمها من اآلن لتقوم بدورها ساعة‬ ‫س��قوط النظام‪ ،‬ولي قب��ل البدء في‬ ‫عرض الخطة أن أذكر مشاهداتي عن‬ ‫بعض اللجان المدنية التي قد تشكلت‬ ‫فع ً‬ ‫ال في العديد من مناطق سوريا‪:‬‬ ‫أو ًال‪ - :‬إن اللج��ان نش��أت تلقائية‬ ‫وعفوي��ة ول��م تؤسس��ها أي جه��ة أو‬ ‫مؤسسة ولكن الثوار أنفسهم الذين‬ ‫اندفعوا في صفوف الثورة هم الذين‬ ‫بادروا إليها وبدون اتفاق مس��بق بين‬ ‫المناطقالمختلفة‪.‬‬ ‫ثاني��اً‪ - :‬إن اللج��ان المدني��ة ال‬ ‫تتب��ع أي ح��زب أو اتجاه سياس��ي وال‬ ‫تقب��ل بتوظيفه��ا لصال��ح أي جه��ة‬ ‫وأنه��ا منفتحة على كاف��ة االتجاهات‬

‫وأن التزامه��ا الوحي��د ه��و مب��ادئ‬ ‫الث��ورة «الكرام��ة والحري��ة والعدالة‬ ‫االجتماعية»‪.‬‬ ‫ثالثًا‪ - :‬تقوم كافة أنشطة لجان‬ ‫الدفاع المدنية على أس��اس االعتماد‬ ‫عل��ى ال��ذات والجه��ود التطوعية وال‬ ‫تتلق��ى أي دعم من أي جهة محلية أو‬ ‫دولية‪.‬‬ ‫خامس��ًا‪ - :‬يق��وم التنس��يق بين‬ ‫اللج��ان على أس��اس االس��تفادة من‬ ‫الخبرات المحلية بين اللجان وبعضها‬ ‫م��ع الوضع في االعتب��ار خصوصيات‬ ‫كل منطق��ة والتن��وع بي��ن المناطق‬ ‫المختلفة‪.‬‬ ‫سادس��ًا‪ - :‬تق��وم العالق��ة بي��ن‬ ‫اللجان وبعضها وداخلها على أس��اس‬ ‫ديمقراط��ي يحترم التن��وع في اآلراء‬ ‫واالتجاهات كما تسعى اللجان لتقوية‬ ‫أشكال التنسيق بينها وتطوير أدوات‬ ‫عملها بما يمكنها من إحراز أكبر تأثير‬ ‫ً‬ ‫إضافة للمعنويات العالية‬ ‫في عملها‪،‬‬ ‫والعالق��ات اإلنس��انية التي يعيش��ها‬ ‫أعض��اء اللج��ان فيم��ا بينه��م برغم‬ ‫ظ��روف الحص��ار والقص��ف‪ ،‬وتؤدي‬ ‫اللج��ان دوره��ا منذ زمن ف��ي انتظار‬ ‫دورها المفترض‪.‬‬ ‫سابعاً‪ - :‬مساهمة المرأة في هذه‬ ‫اللجان أمرٌ ملفتٌ للغاية يتناسب مع‬ ‫الطبيعةالمحافظةلغالبيةمجتمعاتنا‪،‬‬ ‫مما جعل حض��ور المرأة على األرض‬ ‫حاجة حقيقي��ة للتعامل من النس��اء‬ ‫ً‬ ‫إضاف��ة إل��ى تأقل��م أبناء‬ ‫األخري��ات‪،‬‬ ‫البيئات المحافظة على رؤية النس��اء‬ ‫ف��ي ش��تى األصع��دة وخاص��ة بع��د‬ ‫رؤيته��م للم��رأة تتص��دى للرصاص‬ ‫معهم في المظاهرات‪.‬‬ ‫وكأن أعضاء ه��ذه اللجان جميعًا‬ ‫ً‬ ‫رس��الة ت��م تداولها‬ ‫كان��وا قد ق��رأوا‬ ‫على مواق��ع التواصل االجتماعي بعد‬ ‫انتص��ار الث��ورة ف��ي مصر وش��رعوا‬ ‫بتطبيقها حتى قبل س��قوط النظام‪:‬‬ ‫«من��ذ الي��وم أصبح ه��ذا البلد ملكك‬ ‫تكس��ر إش��ارة‬ ‫ترم قمامة‪ ،‬ال ِ‬ ‫أنت‪ ..‬ال ِ‬ ‫مرور‪ ،‬ال تدفع رش��وة‪ ،‬ال تزوّر ورقة‪،‬‬ ‫ال تدخل من ب��اب الخروج في المترو‪،‬‬ ‫حافِ��ظ عل��ى الممتل��كات العام��ة‬ ‫والخاص��ة‪ ،‬ال تق��ل‪« :‬وأن��ا مال��ي»‪،‬‬ ‫ات��ق اهلل ف��ي عمل��ك‪ ،‬وكالمك وكل‬ ‫ِّ‬ ‫خطواتك‪ ..‬نري��د أن نضاعف العمل‪..‬‬ ‫نريد أن نعوّض الخسائر‪ ..‬نريد مصر‬ ‫في أحسن صورة»‪.‬‬

‫هيكليةاللجان‬ ‫تعتمد اللجان هيك ً‬ ‫ال هرميًا‬ ‫للتنسيق‪ ،‬لتبدأ من لجان األحياء‪،‬‬ ‫فلجان المناطق‪ ،‬فالمدن‪ ،‬ثم‬ ‫المحافظات‪.‬‬

‫* هيكلية قيادة اللجان على‬ ‫مستوى المنطقة والحي‬ ‫ومهامها‪:‬‬ ‫تتكون اللجنة بشكل رئيسي‬ ‫من شباب الحي أو المنطقة الذين‬ ‫يعرفون بعضهم ويثقون ببعضهم‪،‬‬ ‫ومهامها هي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬بناء الثقة مع سكان المنطقة‬ ‫والحي والتواصل معهم بشكل مهذب‬ ‫وحض��اري‪ ،‬والتخفي��ف ق��در اإلمكان‬ ‫من الضجي��ج‪ ،‬واآلثار الجانبية لتواجد‬ ‫اللجنة وذلك لضمان تعاون الس��كان‬ ‫معه��ا‪ ،‬م��ع ض��رورة االنتباه إل��ى أنه‬ ‫سيكون هناك الكثير من المشككين‬ ‫والمتكلمي��ن والفضوليي��ن‪ ،‬لذا يجب‬ ‫التعامل بحكمة مع مختلف المواقف‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تحدي��د المناط��ق والمراك��ز‬ ‫االستراتيجية في كل حي ومنطقة‪.‬‬ ‫‪ - 3‬ال يش��ترط به��ذه اللج��ان أن‬ ‫تش��كل حواجز تفتيش في الطرقات‬ ‫داع فعلي لذلك‪ ،‬بل‬ ‫إذا لم يكن هناك ٍ‬ ‫يمكن أيضًا تواجدها في الشارع دون‬ ‫أن يشعر المارة بوجودها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬التواصل والتعاون مع اللجان‬ ‫ف��ي األحي��اء المج��اورة والعمل على‬ ‫تأمين الدعم المتبادل فيما بينها‪.‬‬ ‫‪ - 5‬تنظي��م ورديات للتناوب بين‬ ‫أعض��اء اللجن��ة‪ ،‬م��ع اس��تعداد بقية‬ ‫األعض��اء للتج��اوب بش��كل ف��وري‬ ‫ف��ي ح��ال دع��ت الض��رورة نزوله��م‬ ‫الش��ارع‪ ،‬وتخصي��ص ف��رد ف��ي كل‬ ‫مناوبة للتواصل مع قيادة اللجان في‬ ‫المنطقة‪ ،‬والتي بدورها س��تخصص‬ ‫فرد في كل مناوبة للتواصل مع قيادة‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫‪ - 6‬تأمين عدد مناسب من األفراد‬ ‫لحماية كل نقطة‪ ،‬بحيث تصبح هذه‬ ‫النقط��ة تح��ت أعي��ن أف��راد اللج��ان‬ ‫م��ن كل الجه��ات‪ ،‬وتأمي��ن المداخل‬ ‫الرئيسيةوالجانبية‪.‬‬ ‫‪ - 7‬ف��ي ح��ال وج��ود أكث��ر م��ن‬ ‫مركز مهم في نفس الشارع يفضل‬ ‫التعامل مع الشارع ككل كمركز مهم‪،‬‬ ‫ومالحظ��ة طرقه الفرعي��ة ومداخله‬ ‫ومخارجه‪.‬‬ ‫‪ - 8‬تحدي��د وإنش��اء مش��افي‬ ‫ميداني��ة ف��ي كل ح��ي‪ ،‬وتزويده��ا‬ ‫بمس��تلزمات اإلس��عافات األولي��ة‪،‬‬ ‫وتوفي��ر وس��ائل مواص�لات جاه��زة‬ ‫لنقل المصابين س��واء للمستشفيات‬ ‫الميدانية أو النظامية‪.‬‬ ‫‪ - 9‬قط��ع الطرق��ات أو تعطي��ل‬ ‫حركة السير في حال اقتضت الضرورة‬ ‫ذل��ك‪ ،‬إلعاق��ة وص��ول أي مجموعات‬ ‫مخربة للمراكز االستراتيجية‪.‬‬ ‫‪ - 10‬تأمين فتح الطرقات وإيجاد‬


‫تتأل��ف ه��ذه اللجان م��ن مكتب‬ ‫تنسيق أو ارتباط مهمته‪:‬‬ ‫‪ - 1‬تحلي��ل المعلوم��ات واتخ��اذ‬ ‫القرارات وفقها‪.‬‬ ‫‪ - 2‬التعام��ل مع وس��ائل اإلعالم‬ ‫لتوجي��ه الن��داءات والرس��ائل وحتى‬ ‫التصريحاتالصحفية‪.‬‬ ‫‪ - 3‬تأمين االتصاالت بين اللجان‬ ‫على مستوى المناطق واألحياء‪.‬‬ ‫‪ - 4‬تأمين الدع��م واللوازم التي‬ ‫يحتاجه��ا أعضاء اللج��ان لمناطقهم‪،‬‬ ‫سواء ألفراد أو أدوات أو طعام أو مسكن‪.‬‬

‫المراكز المهمة‪:‬‬ ‫خزان��ات المياه‪ ،‬ومحط��ات توليد‬

‫لحظة التحرك‪:‬‬

‫ يج��ب في ح��ال اعتم��اد خطة‬‫العمل المقترحة‪ ،‬العمل على تشكيل‬ ‫اللج��ان مباش��رةً‪ ،‬وتوثي��ق أس��ماء‬ ‫األعض��اء الراغبي��ن في المس��اهمة‪،‬‬ ‫وط��رق االتصال به��م‪ ،‬واألهم البدء‬ ‫بتش��كيل لجن��ة المحافظ��ة والمدن‬ ‫الكبرى‪ ،‬ثم تش��كيل لج��ان المناطق‬ ‫واألحياء‪ ،‬حي��ث أن لجنة المدينة هي‬ ‫القادرة على الربط بين مختلف لجان‬ ‫المناطق واألحياء‪.‬‬ ‫ المحافظ��ات الريفي��ة ق��د‬‫تختلف ف��ي طريقة عمله��ا‪ ،‬ومع أنه‬ ‫من الض��روري أن يكون هناك مكتب‬ ‫تنس��يق لكل محافظة‪ ،‬لك��ن ذلك ال‬ ‫يعني المركزي��ة الصارمة في مكتب‬ ‫تنسيق المحافظة‪ ،‬فطالما أن مناطق‬ ‫الريف قادرة على ضبط أمورها فهذا‬ ‫المؤمّل من الخطة‪ ،‬ويبقى دور مكتب‬ ‫التنس��يق مهم لمن��ع أو وأد محاوالت‬ ‫التفجير الطائف��ي‪ ،‬وكذلك لتأمين أو‬ ‫تغطية أي حاالت طارئة‪.‬‬ ‫ لحظة الصفر هي لحظة انهيار‬‫النظام‪ ،‬ال يمكن تقديرها اآلن وقد ال‬ ‫تكون فجائية بل تدريجية‪ ،‬لذلك ما إن‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫*هيكلية لجان التنسيق على‬ ‫مستوى المحافظة والمدينة‬ ‫ومهامها‪:‬‬

‫‪ - 5‬االتص��ال مع قوى المعارضة‬ ‫المختلف��ة وق��وى الجي��ش النظامي‬ ‫والحر لتأمين دعم مسلح ألفراد هذه‬ ‫اللجان في الحال مباش��ر ًة إثر الطلب‪،‬‬ ‫وتأمين ع��دم حص��ول صدامات بين‬ ‫مختلف هذه القوى وأعضاء اللجان‪.‬‬ ‫‪ - 6‬معرفة أماكن المستش��فيات‬ ‫الميدانية في كل منطقة والتأكد من‬ ‫جهوزيتها للعم��ل وتأمين متطلباتها‬ ‫الطارئة‪.‬‬ ‫‪ - 7‬عل��ى رئي��س المكت��ب أن‬ ‫يتعرف عل��ى أعضاء قي��ادة المناطق‬ ‫ش��خصياً ويوطد العالقة بينهم‪ ،‬كما‬ ‫يقوم بالمثل أعضاء قيادة المناطق مع‬ ‫قيادي األحياء‪ ،‬وعلى الجميع مناقشة‬ ‫تفاصيل هذه الخط��ة وتعديلها وفق‬ ‫ما تقتضي��ه الوقائع عل��ى األرض أو‬ ‫مناطق التنفيذ مع الحفاظ على روحها‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫‪ - 8‬الح��رص عل��ى أن ال يتطور‬ ‫الش��عور بالمس��ؤولية المتول��د لدى‬ ‫األفراد المش��اركين ف��ي اللجان لنوع‬ ‫من الفوقية والجب��روت الذي يمارس‬ ‫على المواطنين الحقًا‪.‬‬ ‫يجب أن تضم هذه القيادة شبابًا‬ ‫من الذين يعملون في األحياء لتعزيز‬ ‫شعور المسئولية والجدية‪ ،‬كما يجب‬ ‫أن تضم عق�لاء ومعتدلي كل مدينة‬ ‫مم��ن لديه��م احت��رام وتقدي��ر ف��ي‬ ‫محيطهم‪ ،‬س��واء كانوا رج��ال دين أو‬ ‫غيرهم‪ ،‬ويجب أن تكون معزولة عن‬ ‫التيارات السياس��ية المختلفة لضمان‬ ‫فاعلية العمل‪ .‬وه��ذه القيادات ليس‬ ‫لها أي دور سياس��ي وإنما دور حمائي‬ ‫تنظيم��ي وس��تنحل بنفس��ها عن��د‬ ‫استتباب األمن‪.‬‬

‫الكهرب��اء‪ ،‬المؤسس��ات الحكومي��ة‬ ‫ً‬ ‫وخاصة الدوائر‬ ‫على اختالف أنواعه��ا‬ ‫العدلي��ة ودوائر النفوس والس��جالت‬ ‫المدنية الت��ي تحوي قيود المواطنين‬ ‫وممتلكاته��م‪ ،‬المتاح��ف والمكتب��ات‬ ‫العام��ة‪ ،‬البن��وك العام��ة والخاص��ة‪،‬‬ ‫قيادات الشرطة والجيش والمخابرات‬ ‫وفروع األمن بهدف منع حرق الوثائق‪،‬‬ ‫م��ع االنتباه إل��ى أن ه��ذه المراكز قد‬ ‫تحت��وي مس��لحين عل��ى اس��تعداد‬ ‫إلطالق الن��ار‪ ،‬دور العبادة والكنائس‬ ‫ً‬ ‫خاص��ة لمنع أي فعل طائفي وطمأنة‬ ‫األقليات بعد الض��خ اإلعالمي القوي‬ ‫الذي مارسه النظام اتجاههم‪.‬‬

‫يشعر أهل المنطقة أن األمن لديهم‬ ‫ب��ات مه��دداً أو أن هناك فلتان��ًا أمنياً‪،‬‬ ‫عندها تحين س��اعة الصف��ر وتخرج‬ ‫اللجان للعلن‪.‬‬

‫المرحلةالتمهيدية‬ ‫«واجبة التنفيذ فوراً»‪:‬‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ تحديد األماكن االس��تراتيجية‬‫عل��ى مس��توى الح��ي والمنطق��ة‬ ‫والمدينة والمحافظة‪ ،‬وتوفيرها على‬ ‫خريطة لس��هولة النظر إليها وتقدير‬ ‫المسافات وتوزيع المجموعات‪.‬‬ ‫ الب��دء بتش��كيل األف��راد‬‫المس��ؤولين ع��ن لج��ان الحماي��ة‬ ‫وتوزيعه��م عل��ى ال��ورق بحس��ب‬ ‫معرفتهم وثقته��م ببعض‪ ،‬ومن ثم‬ ‫بحس��ب أماكن س��كنهم وقربها من‬ ‫المناط��ق االس��تراتيجية المطل��وب‬ ‫حمايتها‪.‬‬ ‫ لج��ان المحافظ��ة والمدين��ة‬‫والمنطقة والحي هي لجان مستقلة‬ ‫ومختلف��ة عن بعضها وإن تش��ابهت‬ ‫الهيكلي��ات‪ ،‬وينصح بأن يكون األفراد‬ ‫من لج��ان األحياء موجودين بش��كل‬ ‫كبير في لجان المناطق والمدن‪.‬‬ ‫هي دعو ٌة لقليلٍ من الصبر وكل‬ ‫اليقي��ن والكثير م��ن العمل أختم بها‬ ‫ملفنا اليوم‪ ،‬فموعدنا الصبح أوليس‬ ‫الصبح بقريب‪..‬‬ ‫أختم الي��وم بقصيدةٍ للس��ياب‬ ‫«يوم الطغاة األخير»‬ ‫إل��ى الملتقى وانط��وى الموعد‪..‬‬ ‫وظ��ل الغد‪ ..‬غ��د الثائري��ن القريب‪..‬‬ ‫ي��داً بيد م��ن غمار اللهيب‪ ..‬س��نرقى‬ ‫إل��ى القم��ة العالية‪ ..‬وش��عرك حقل‬ ‫حب��اه المغيب‪ ..‬أزاهي��ر القانية‪ ..‬نرى‬ ‫الش��مس تن��أى وراء الت�لال‪ ..‬وبي��ن‬ ‫الظالل‪ ..‬قد رف مثل الجناح الكس��ير‬ ‫على كومة من حط��ام القيود‪ ..‬على‬ ‫عال��م بائد لن يعود‪ ..‬س��ناها األخير‪..‬‬ ‫تقولي��ن ل��ي ه��ل رأي��ت النج��وم‪..‬‬ ‫أأبصرتها قبل هذا المس��اء‪ ..‬لها مثل‬ ‫هذا السّ��نا والنّقاء‪ ..‬تقولين لي هل‬ ‫رأيت النجوم‪ ..‬وكم أش��رقت قبل هذا‬ ‫المس��اء‪ ..‬على عالم لطخت��ه الدماء‪..‬‬ ‫دماء المساكين واألبرياء‪ ..‬تقولين لي‬ ‫هل رأيت النج��وم‪ ..‬تطل على أرضنا‬ ‫وهي ح��رّه‪ ..‬ألول م��رّة‪ ..‬نعم أمس‬ ‫حين التف��تّ إليك‪ ..‬تراءين كالهجس‬ ‫في مقلتي��ك‪ ..‬وإذ يس��تضيء المدى‬ ‫بالحري��ق‪ ..‬فين��دكّ س��جن ويجل��ى‬ ‫طري��ق‪ ..‬ويذك��ي بأطياف��ه الدافئة‪..‬‬ ‫محيّاك باللهفة الهانئة‪ ..‬تقولين نحن‬ ‫ابتداء الطريق‪ ..‬ونحن الذين اعتصرنا‬ ‫الحي��اة‪ ..‬م��ن الصّخ��ر تدم��ى عليه‬ ‫الجب��اه‪ ..‬ويمت��ص ريّ الش��فاه‪ ..‬من‬ ‫الموت في موحش��ات الس��جون‪ ..‬من‬ ‫البؤس من خاويات البطون‪ ..‬ألجيالها‬ ‫اآلتية‪ ..‬لن��ا الكوكب الطال��ع‪ ..‬وصبح‬ ‫الغد الساطع‪ ..‬وآصاله الزاهية‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬

‫مس��الك بديلة وآمنة في كل منطقة‬ ‫لتأمين وصول اإلمدادات =‪.‬‬ ‫‪ - 11‬منع عمليات االنتقام بكافة‬ ‫ً‬ ‫وخاصة تل��ك المبنية على‬ ‫أش��كالها‪،‬‬ ‫أس��اس طائف��ي‪ .‬وعلى اللج��ان التي‬ ‫تعمل في مناطق تم��اس طائفي أن‬ ‫تتواصل مع بعضها بش��كل مس��تمر‬ ‫للحص��ول عل��ى المعلوم��ات ووأد أي‬ ‫تحريض طائفي مباشر‪.‬‬ ‫‪ - 12‬ألعضاء اللج��ان أن يختاروا‬ ‫الطريق��ة المناس��بة للتواص��ل فيما‬ ‫بينه��م وف��ي ح��ال تم ذل��ك يجب أن‬ ‫تبلغ الطريقة المتبع��ة للجان األحياء‬ ‫المجاورة‪.‬‬ ‫‪ - 13‬ال تهدف اللجان إلعاقة تنقل‬ ‫المواطنين بي��ن األحي��اء والمناطق‪،‬‬ ‫لكن تهدف لحماية المنش��آت واألحياء‬ ‫من هجمات مخربة‪.‬‬ ‫‪ - 14‬عل��ى رئي��س أي لجن��ة‬ ‫معرفة أعضاء لجنته بشكل شخصي‬ ‫ومباش��ر‪ ،‬وأن يث��ق بهم‪ ،‬وال يس��مح‬ ‫بأن تكون المعرفة بين رئيس اللجنة‬ ‫وأح��د األعض��اء أكثر من مس��تويين‬ ‫لضم��ان الثق��ة‪« .‬خالد رئي��س لجنة‬ ‫يعرف بش��كل ش��خصي محمد‪ ،‬الذي‬ ‫يعرف بشكل شخصي س��ميح‪ ،‬الذي‬ ‫يعرف بش��كل ش��خصي رام��ي‪ .‬من‬ ‫المفض��ل أال يكون رام��ي في اللجنة‬ ‫التي يرأسها خالد وهكذا»‪.‬‬ ‫‪ - 15‬بفض��ل أن يحم��ل أعضاء‬ ‫اللجان شارات مميزة لتسهيل التعرف‬ ‫على بعضهم والتعرف عليهم من قبل‬ ‫المواطنين العاديين‪ ،‬وهذه الش��ارات‬ ‫ً‬ ‫واضحة للعيان‪.‬‬ ‫يجب أن تكون‬

‫‪5‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫احلــل ال�ســـوري‬ ‫ب��دأت الث��ورة ف��ي س��وريا نقي��ة‬ ‫ويجب أن تنتهي كذلك‪...‬‬ ‫من��ذ أن دخلت كل الدنيا على خط‬ ‫هذه الثورة زاد عبئها وتعثرت خطواتها‬ ‫رغ��م كل النجاح��ات الش��عبية الت��ي‬ ‫سجلتها وال تزال‪...‬‬ ‫من��ذ الي��وم األول الذي ب��دأ رجب‬ ‫طي��ب أردوغ��ان بالصراخ والب��كاء من‬ ‫أج��ل س��وريا ورف��ع البع��ض األع�لام‬ ‫التركي��ة ف��ي بع��ض المظاه��رات‬ ‫الس��ورية حت��ى اكتش��فنا أن األمر لم‬ ‫يعد أن يكون لعب��ة انتخابية كانت أحد‬ ‫أس��باب فوزه في االنتخاب��ات‪ ،‬ألنه أخذ‬ ‫بعدها قس��طًا طوي ً‬ ‫ال م��ن الراحة حتى‬ ‫تتعافى حنجرته‪.‬‬ ‫ومن��ذ اليوم األول ال��ذي قالت فيه‬ ‫رس��ولة الس�لام والمحب��ة األمريكي��ة‬ ‫هي�لاري كلينت��ون أن عل��ى األس��د أن‬ ‫يرح��ل اآلن وابتهج الن��اس خيراً وزادت‬ ‫حميته��م وحماس��تهم وش��عروا أن‬ ‫المس��الة م��ا ه��ي إال أيام حت��ى يلحق‬ ‫األسد بأصحابه‪ ،‬فإذا باألمر يزداد سوءاً‬ ‫واألس��د ال ي��زال ف��ي قص��ره والناس‬ ‫تموت بالمئات بدل العشرات‪.‬‬ ‫ومنذ اليوم األول الذي رفضت فيه‬ ‫روس��يا والصين أية حلول عسكرية أو‬ ‫جوية أو أرضية ضد النظام في سوريا‪،‬‬ ‫وتم توجيه الع��داء نحو هذين البلدين‬ ‫باعتبارهما الشيطان األكبر (بعد سحب‬ ‫هذا اللقب من أمري��كا) زاد النظام من‬ ‫التنكي��ل بالن��اس عل��ى اعتب��ار وجود‬ ‫الض��وء األخضر ال��ذي يني��ر دربه في‬ ‫القض��اء عل��ى أكبر عدد م��ن مواطني‬ ‫البلد وبأسرع وقت‪.‬‬ ‫ومن��ذ الي��وم األول ال��ذي تنط��ع‬ ‫في��ه العرب وب��دأ نبيل العرب��ي (حامل‬ ‫حقيب��ة وزي��ر خارجية قط��ر) بالصراخ‬ ‫والتوتر ف��ي أعصاب وجه��ه والرجفان‬ ‫ف��ي إش��ارات يدي��ه‪ ،‬ومنذ ق��رر العرب‬ ‫وبشكل غير مس��بوق أن يقولوا شيئاً‪،‬‬ ‫وجدن��ا الناس تعي��ش مرحل��ة جديدة‬ ‫من الحماس��ة ناس��ية التاريخ األس��ود‬ ‫للجامع��ة العربية التي ل��م تحرر أرضًا‬ ‫ول��م تقل «ال» أبداً في وجه أي ش��يء‪.‬‬ ‫وقته��ا عرفن��ا أن هن��اك م��ن يتالع��ب‬ ‫بهذه الث��ورة ويريد تبييض وجهه على‬ ‫حساب السوريين‪.‬‬ ‫ومنذ أن بدأت المعارضة السورية‬ ‫الف��ذة بتش��كيل التحالف��ات وتقاس��م‬ ‫المناص��ب واألم��وال والمقاب�لات‬ ‫التلفزيوني��ة عرفن��ا أن هناك من يريد‬ ‫تدني��س ه��ذه الث��ورة وش��دها نحوه‪.‬‬ ‫فتحول��ت الث��ورة إلى الطف��ل الصيني‬ ‫الذي كانت امرأتان تش��دان يده من كل‬ ‫طرف تدع��ي كل منهما أنها أمه‪ .‬ولكن‬ ‫األمر لم يتم وفقاً لألسطورة الصينية‪،‬‬ ‫ف��أم الطف��ل الحقيقي��ة ترك��ت ذراع‬ ‫ولدها ألنها خافت عليه‪ ،‬أما المعارضات‬ ‫السورية فإنها ال تزال تشد لتثبت لنا أن‬ ‫ال أح��د هو األم الحقيقي��ة لهذه الثورة‪،‬‬ ‫وأن الثورة العظيمة أفرزت أبناءها من‬ ‫داخل رحمها وأنه��ا ال تريد من يتبناها‬ ‫أو يدعي أمومتها‪.‬‬ ‫ومنذ بدأت «استعراضات» أصدقاء‬ ‫س��وريا مصحوبة بالبط��والت الكالمية‬ ‫والخطابي��ة للمعارضي��ن الس��وريين‬ ‫الذين انش��غلوا بإعداد وطباعة األعالم‬ ‫السورية وإرسال التعليمات العسكرية‬

‫العبقري��ة عب��ر الفيس ب��وك والتويتر‬ ‫علمن��ا أن هن��اك م��ن يري��د أن يدخل‬ ‫الفي��ل في زجاجة م��اء‪ .‬يتكلم في كل‬ ‫«اس��تعراض» عش��رات وزراء خارجية‬ ‫أعت��ى ال��دول وأفقرها ع��ن «ضرورة»‬ ‫وق��ف العنف‪« ،‬إيجاد» مخرج سياس��ي‪،‬‬ ‫والمضح��ك أكث��ر «مطالب��ة المجتم��ع‬ ‫الدولي بتحمل مس��ؤولياته»‪ ،‬فإذا كان‬ ‫وزراء ثماني��ن دولة يطالب��ون المجتمع‬ ‫الدول��ي فم��ن ه��م الباق��ون؟ المجتمع‬ ‫الكوني مث ً‬ ‫ال؟‬ ‫ومن��ذ غض��ب وزي��ر الخارجي��ة‬ ‫الس��عودي فج��أة وكأنما لس��عته أفعى‬ ‫وق��رر تس��ليح الس��وريين بأي ش��كل‪،‬‬ ‫عان��ت الثورة م��ن انح��راف خطير في‬ ‫مس��ارها وكأنما كان كل ش��يء مبيّتًا‬ ‫بي��ن الجمي��ع م��ن أج��ل القض��اء على‬ ‫هذا الش��عب وعلى هذه الدولة‪ .‬وثارت‬ ‫حمية الخليجيين فجأة وأصبحوا يدعون‬ ‫للس��وريين دونم��ا غيره��م ويجمعون‬ ‫األم��وال الت��ي ل��م يع��رف ول��ن يعرف‬ ‫مصيرها أحد‪.‬‬ ‫أصبح��ت مؤتم��رات ومنتدي��ات‬ ‫س��وريا كالس��يرك الذي يري��د الجميع‬ ‫أن يظه��روا أفض��ل مهاراته��م عل��ى‬ ‫الحلبة‪ ،‬إال أن الالعبين االس��تعراضيين‬ ‫س��رعان ما يع��ودون لبيوته��م بعد أن‬ ‫ينته��ي الع��رض ليتنقل الس��يرك إلى‬ ‫مكان آخر ويعيد نف��س العروض أمام‬ ‫جمه��ور مختل��ف يدف��ع نق��وداً جديدة‬ ‫تحافظ بها الفرقة االس��تعراضية على‬ ‫استمراريتها‪ ،‬ولكن ما النتيجة؟ ال يبحث‬ ‫العبو الس��يرك ع��ادة على أي��ة نتائج‪،‬‬ ‫ينص��رف عمله��م عل��ى االس��تعراض‬ ‫فقط وال يهتمون بأية أبعاد أخرى‪.‬‬ ‫ومن��ذ ب��دأ تس��رب المعارضي��ن‬ ‫وأشباه المعارضين ومحدثي المعارضة‬ ‫إل��ى خ��ارج س��وريا ليب��دؤوا صراخهم‬ ‫وعويله��م م��ن الخارج «دعم��ًا للثورة»‬ ‫علمن��ا أن الث��ورة ت��م تركه��ا لقدره��ا‬ ‫المحتوم‪ ،‬أن تس��ير بال وعي وال عقل‪،‬‬ ‫وأن م��ن يزعمون أنه��م أبطالها وأنهم‬ ‫خرج��وا لدعمه��ا تركوه��ا خوف��اً على‬ ‫أنفس��هم ال دعماً للثورة‪ .‬وهذا ينطبق‬ ‫عل��ى القادة العس��كريين والذي قضى‬ ‫معظمه��م أكثر من عش��رين عاماً في‬ ‫الجيش الس��وري ينامون اثنتي عشرة‬ ‫ساعة في اليوم ويقبضون ثمن إجازات‬ ‫عناصرهم الهثين وراء لترات البنزين‬ ‫وبي��وت الضواح��ي‪ ،‬ث��م أصبح��وا بين‬ ‫ليل��ة وضحاها قادة للجي��ش الحر الذي‬ ‫يخ��وض ح��رب عصاب��ات بينم��ا قادته‬ ‫بالكامل خ��ارج الحدود‪ .‬ل��م نفهم إلى‬ ‫اليوم معنى هروب الضباط إلى األردن‬ ‫أو تركيا وجلوسهم في خيام بالستيكية‬ ‫ليتحدث��وا عب��ر االنترنت بم��ا يعرفونه‬ ‫وم��ا ال يعرفون��ه تاركي��ن عناصره��م‬ ‫المزعومي��ن لقدره��م المحت��وم دون‬ ‫أية قيادة أو توجيه‪ ،‬والس��بب بس��يط‪:‬‬ ‫فاق��د الش��يء ال يعطي��ه‪ ،‬وكل هؤالء‬ ‫ل��م يقاتل في حرب واحدة وكان يرتفع‬ ‫ف��ي الرتبة حس��ب رض��ا القي��ادة عنه‬ ‫وحسب الواس��طة والمعرفة‪ .‬لم نسمع‬ ‫في حياتن��ا عن ح��رب عصابات يعيش‬ ‫قادته��ا خ��ارج الح��دود‪ .‬يتكل��م الواحد‬ ‫منهم عل��ى بعد مئات الكيلومترات عن‬ ‫معارك بطولية وحروب أسطورية وهو‬ ‫ال يعل��م م��ا يج��ري عل��ى األرض‪ .‬هل‬ ‫يتخيل هؤالء أن الجنود الذين يموتون‬

‫يوميًا في س��احات المعارك س��يقبلون‬ ‫بق��ادة ل��م يعان��وا م��ن ج��رح أو ج��وع‬ ‫ولم يش��اطروهم آالمه��م ومخاوفهم‬ ‫وانتصاراته��م وهزائمه��م‪ .‬وبوج��ود‬ ‫بعض االس��تثناءات لمن انشقوا وبقوا‬ ‫بي��ن الن��اس وم��ات منه��م م��ن م��ات‬ ‫ف��إن هؤالء م��ن يعطوا للث��ورة بعض‬ ‫زخمه��ا‪ ،‬غير أنهم يتعرضون للنكس��ة‬ ‫تل��و األخ��رى بس��بب اإلع�لام الفاضح‬ ‫والتصريحات الناري��ة لمن وراء الحدود‬ ‫والنتيج��ة دمار ش��امل وتنكيل بالناس‬ ‫وخذالن لهؤالء على كل المستويات‪.‬‬ ‫الطارئ��ون على هذه الث��ورة أكثر‬ ‫م��ن أصحابه��ا الفعليين‪ .‬يقف ناش��ط‬ ‫(وه��ي بالمناس��بة تحولت إل��ى مهنة)‬ ‫م��ن قل��ب أمري��كا ليعط��ي التعليمات‬ ‫العس��كرية الطنان��ة «اهجم��وا‪ ،‬ال‬ ‫تتراجعوا‪ ،‬حاصروهم» بينما يدوس هو‬ ‫بكامل قوته على أزرار جهاز الكمبيوتر‬ ‫دالل��ة عل��ى نصرت��ه للث��ورة بينم��ا‬ ‫يرتش��ف بعضاً من قهوة الصباح على‬ ‫الطريق��ة األمريكي��ة‪ .‬وتخرج ناش��طة‬ ‫أخ��رى متلحفة بعلم االس��تقالل لتمأل‬ ‫الشاش��ة صراخاً وشتمًا للجميع (ليتبين‬ ‫الحقًا أن سبب غضبها هو نسيانها في‬ ‫أحد المنتديات أو المؤتمرات)‪ ،‬أما الفئة‬ ‫األسوء فهي من اس��تفادت من النظام‬ ‫عش��رات السنين ثم تخرج اليوم لتعلن‬ ‫انش��قاقها لنيل المزيد من المكاس��ب‪.‬‬ ‫الس��فير الزوج في اإلمارات والس��فيرة‬ ‫زوجت��ه في قب��رص! أي وطني��ة هذه؟‬ ‫وكي��ف يك��ون الرج��ل وزوجت��ه ف��ي‬ ‫منصبي��ن هامي��ن إن ل��م يكون��ا م��ن‬ ‫المرضي عنهما كل السنوات السابقة؟‬ ‫أما رئيس فرع األمن السياسي لسنوات‬ ‫ف��ي الالذقية يخرج علينا اليوم بخطاب‬ ‫رنان مفع��م بالوطنية من مقر الحرية‬ ‫في الدوحة ليعطينا دروساً في الفساد‬ ‫ويش��تم النظ��ام‪ .‬وخاتمة المأس��اة مع‬ ‫العمي��د مناف طالس «حام��ي الحريات‬ ‫ومله��م األجيال» وال��ذي كان إلى وقت‬ ‫قريب من أق��رب المقربين من كل من‬ ‫بش��ار األسد وماهر األسد فنجده يؤدي‬ ‫الحج في باري��س والعمرة في مكة ثم‬ ‫إفطار رمضان في اس��طنبول ليرس��م‬

‫خـالد كـنفانـي‬

‫ويخط��ط لن��ا مراحل انتقالي��ة وعهوداً‬ ‫ذهبية ناسياً أن الش��عب الذي سيرمي‬ ‫ه��ذا النظ��ام ف��ي البح��ر ل��ن يس��مح‬ ‫بأزالمه وفلوله وبقاياه أن يرتقوا حتى‬ ‫إلى منصب موظف ش��كاوي أو شرطي‬ ‫مرور‪.‬‬ ‫بتن��ا نخ��اف عل��ى ه��ذه الث��ورة‬ ‫ممن دنس��وا طهره��ا ونقاءه��ا‪ ،‬ممن‬ ‫يغ��رر بش��بابها ويتالعب بمش��اعرهم‬ ‫ويبيعهم الوطنيات والوعود المعسولة‪.‬‬ ‫كلما خرج تصري��ح أوروبي أو أمريكي‬ ‫أو خليج��ي «بض��رورة» أو»حتمي��ة» أو‬ ‫«تحذي��ر من مجزرة» علمنا أن األس��وء‬ ‫ق��ادم ال محال��ة‪ .‬ف��ي كل المج��ازر‬ ‫السابقة كانت التصريحات تخرج قبلها‬ ‫بي��وم أو يومين وكذل��ك التحذيرات ثم‬ ‫تقع المجزرة ويبدأ ص��راخ المعارضين‬ ‫وتس��اؤلهم ال��ذي ال يه��دأ (وال يفهم)‪:‬‬ ‫«أي��ن المجتمع الدول��ي؟» إذا كان أكثر‬ ‫م��ن مائ��ة وعش��رين دول��ة اجتمع��ت‬ ‫لتطالب المجتمع الدول��ي بالوقوف إلى‬ ‫جانب سوريا فعلى من ينادي هؤالء؟‬ ‫الح��ل س��وري وس��يبقى س��ورياً‪،‬‬ ‫وسواء كان سلميًا أم غير سلمي فالحل‬ ‫س��وري في نهاية المطاف‪ .‬أما االستناد‬ ‫إل��ى هذا الط��رف أو ذاك فإنه س��يقود‬ ‫البالد إلى حالة جديدة من االس��تقطاب‬ ‫ألن لكل طرف أجندته الخاصة والتي ال‬ ‫يحت��وي أي منها على مصلحة الش��عب‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫آخر الكالم‪ :‬يقول محمود درويش‪:‬‬ ‫نعم !عرب و ال نخجل‬ ‫و نعرف كيف نمسك قبضة المنجل‬ ‫و كيف يقاوم األعزل‬ ‫و نعرف كيف نبني المصنع العصري‬ ‫و المنزل‪..‬‬ ‫و مستشفى‬ ‫و مدرسة‬ ‫و قنبلة‬ ‫و صاروخا‬ ‫و موسيقى‬ ‫و نكتب أجمل األشعار‪..‬‬


‫يا�ســـرمـــرزوق‬

‫األجانب ذوو اإلقامة‬ ‫المؤقتة‪:‬‬

‫ه��م الذي��ن ال تتوف��ر لديه��م‬ ‫الش��روط الس��ابقة ويرخ��ص له��م‬ ‫باإلقام��ة م��دة أقصاه��ا س��نة يج��وز‬ ‫تجديدها عند الطلب‪.‬‬ ‫هذا وال يحق لذوي اإلقامة الخاصة‬ ‫والعادي��ة الغياب في الخ��ارج مدة تزيد‬ ‫على س��تة أش��هر إال بإذن م��ن رئيس‬ ‫إدارة الهجرة والجوازات على أن ال تزيد‬ ‫م��دة الغياب على س��نتين ويترتب على‬ ‫مخالف��ة األح��كام المتقدم��ة س��قوط‬ ‫ح��ق األجنبي في اإلقام��ة المرخص له‬ ‫بها‪ .‬ويس��تثنى من ذلك األجانب الذين‬ ‫يتغيب��ون لطل��ب العلم ف��ي المدارس‬ ‫والمعاه��د والجامع��ات األجنبي��ة أو‬ ‫للخدم��ة اإلجباري��ة إذا قدم��وا ما يثبت‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫وال تس��ري أحكام هذا المرس��وم‬ ‫التشريعي على فئات األجانب التالية‪:‬‬ ‫آ ‪ -‬أعض��اء الس��لك الدبلوماس��ي‬

‫أسبوعية‬

‫آ ‪ -‬األجان��ب الذي��ن مض��ى عل��ى‬ ‫إقامتهم الفعلية في س��ورية أكثر من‬ ‫خمس عش��ر س��نة حتى تاري��خ العمل‬ ‫بهذا المرسوم التشريعي‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬األجان��ب الذي��ن مض��ى على‬ ‫إقامته��م الفعلي��ة أكث��ر م��ن خم��س‬ ‫س��نوات وكانوا يقومون بأعمال مفيدة‬ ‫لالقتص��اد القوم��ي أو ي��ؤدون خدمات‬ ‫علمية أو ثقافية أو فنية للبالد‪ .‬وتعيين‬ ‫ه��ذه األعم��ال والخدم��ات بق��رار م��ن‬ ‫وزي��ر الداخلي��ة بع��د أخ��ذ رأي الجهات‬ ‫المختصة‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬العلم��اء ورج��ال األدب والف��ن‬ ‫والصناع��ة واالقتص��اد وغيرهم ممن‬ ‫ي��ؤدون خدم��ات جليلة للب�لاد ويصدر‬ ‫ف��ي ش��أنهم قرار م��ن وزي��ر الداخلية‬ ‫باالتفاق مع الجهات المختصة ويرخص‬ ‫ألفراد هذه الفئ��ة باإلقامة مدة خمس‬ ‫س��نوات تجدد عند الطلب ما لم يكونوا‬ ‫ف��ي إحدى الح��االت المنص��وص عليها‬ ‫ف��ي الم��ادة ‪ 25‬م��ن ه��ذا المرس��وم‬ ‫التش��ريعي والت��ي تن��ص عل��ى أن��ه‬ ‫«لوزي��ر الداخلي��ة إبع��اد أي أجنبي عن‬ ‫س��ورية لمقتضيات األم��ن والمصلحة‬ ‫العام��ة ول��ه أن يأم��ر بحجز م��ن يرى‬ ‫إبعاده مؤقتًا أو أن يفرض عليه اإلقامة‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬

‫األجانب ذوو اإلقامة‬ ‫الخاصة هم‪:‬‬

‫األجانب ذوو اإلقامة العادية وهم‪:‬‬ ‫آ ‪ -‬األجانب الذين ولدوا في سورية‬ ‫ومض��ى عل��ى إقامته��م الفعلي��ة فيها‬ ‫ثالث س��نوات متواصلة عن��د تقديمهم‬ ‫طلب اإلقامة‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬األجان��ب الذي��ن مض��ى على‬ ‫إقامتهم الفعلية في س��ورية أكثر من‬ ‫خم��س س��نوات متواصل��ة ويرخ��ص‬ ‫ألف��راد ه��ذه الفئة باإلقام��ة مدة ثالث‬ ‫سنوات يجوز تجديدها عند الطلب‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫يعتبر اإلعالن الذي أقرته الجمعية‬ ‫العامة لألمم المتح��دة بموجب قرارها‬ ‫الرق��م ‪ 144/40‬تاري��خ ‪1985/12/13‬‬ ‫المتعل��ق بحقوق األفراد الذين ليس��وا‬ ‫من مواطني البلد الذي يعيش��ون فيه‪،‬‬ ‫أن األجنب��ي ه��و كل ف��رد يوج��د ف��ي‬ ‫دول��ة ال يكون من رعاياه��ا‪ .‬وقد اعتبر‬ ‫القانون الس��وري أن األجنب��ي هو كل‬ ‫م��ن ال يتمت��ع بجنس��ية الجمهوري��ة‬ ‫العربي��ة الس��ورية أو جنس��ية بل��د‬ ‫عرب��ي آخ��ر‪ .‬ويُس��تثنى م��ن أح��كام‬ ‫ه��ذا القان��ون الس��لكان الدبلوماس��ي‬ ‫والقنصلي‪ ،‬حيث يخضع أعضاء السلك‬ ‫الدبلوماس��ي ألح��كام اتفاقي��ة فيين��ا‬ ‫للعالقات الدبلوماسية‪ ،‬ويخضع أعضاء‬ ‫الس��لك القنصلي ألحكام اتفاقية فيينا‬ ‫للعالق��ات القنصلي��ة‪ .‬أم��ا القناص��ل‬ ‫الفخريون فال يستثنون إال من األحكام‬ ‫الخاصة باإلقامة والدخول والخروج‪.‬‬ ‫ويعتبر األجنبي بنظر أي دولة أنه‬ ‫كل ش��خص ال يحمل جنس��يتها‪ ،‬سواء‬ ‫أكان ش��خصًا طبيعي��ًا أو معنويًا‪ ،‬حيث‬ ‫يعود لكل دولة الحق بأن تضع القواعد‬ ‫القانونية والتنظيمي��ة لدخول األجانب‬ ‫إل��ى إقليمه��ا أو إقامته��م أو خروجهم‬ ‫بما يتناس��ب مع أمنها الداخلي وحماية‬ ‫مصالحه��ا السياس��ية واالقتصادي��ة‬ ‫واالجتماعي��ة‪ .‬كم��ا يج��وز له��ا التمييز‬ ‫بين المواطن واألجنبي لناحية الحقوق‬ ‫والواجب��ات ومنع أي أجنب��ي من دخول‬ ‫إقليمه��ا أو البق��اء فيه به��دف الحفاظ‬ ‫عل��ى مصالحه��ا وأمنه��ا‪ ،‬م��ن دون‬ ‫التعسُ��ف ف��ي اس��تعمال ه��ذا الحق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وبش��رط عدم اإلخالل بقواعد القانون‬ ‫الدول��ي العام ال س��يما تل��ك المرتبطة‬ ‫بحقوق اإلنس��ان‪ ،‬ف�لا يجوز له��ا مث ً‬ ‫ال‬ ‫فرض حظر شامل ومطلق على دخول‬ ‫األجانب إلى إقليمها‪.‬‬ ‫وق��د نص القانون الس��وري على‬ ‫أنه ال يج��وز لألجنبي دخ��ول األراضي‬ ‫العربية أو الخ��روج منها إال لمن يحمل‬ ‫جواز سفر ساري المفعول أو أية وثيقة‬ ‫تقوم مقامه تخوله حق العودة صادرة‬ ‫عن سلطات بلده المختصة أو أية سلطة‬ ‫أخ��رى معترف بها ويجب أن يكون جواز‬ ‫الس��فر أو الوثيقة مؤشراً عليها بسمة‬ ‫دخول أو مرور من وزارة الداخلية أو من‬ ‫إح��دى البعثات السياس��ية أو القنصلية‬ ‫العربي��ة الس��ورية وأي��ة هيئ��ة أخرى‬ ‫تكلفه��ا حكوم��ة الجمهوري��ة العربية‬ ‫الس��ورية بذل��ك‪ ،‬كما يجوز بمرس��وم‬ ‫بن��اء على اقتراح وزي��ر الداخلية إعفاء‬ ‫رعاي��ا دولة أجنبية م��ن الحصول على‬ ‫التأش��ير أو حمل جواز س��فر كما يجوز‬ ‫لوزي��ر الداخلية أن يعف��ي من يراه من‬ ‫األجانب من الحصول على التأش��يرة أو‬ ‫حمل جواز سفر‪.‬‬ ‫كم��ا نص��ت الم��ادة ‪ /7 /‬م��ن‬ ‫المرس��وم التش��ريعي رق��م ‪ 29‬للعام‬ ‫‪ 1970‬المتضمن أح��كام دخول وخروج‬ ‫األجان��ب‪ ,‬بأن��ه يجب عل��ى األجنبي أن‬ ‫يتق��دم بنفس��ه خ�لال خمس��ة عش��ر‬ ‫يوم��اً م��ن تاري��خ دخ��ول األراض��ي‬ ‫العربي��ة الس��ورية إل��ى إدارة الهج��رة‬

‫والج��وازات في العاصمة أو فروعها في‬ ‫المحافظ��ات أو مركز الهجرة والجوازات‬ ‫المختص وعند عدم وجوده فإلى أقرب‬ ‫وحدة شرطية وأن يحرر إقرارات حالته‬ ‫الش��خصية وفقًا للبيانات المحددة في‬ ‫األنموذج الذي تعده وزارة الداخلية‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لموضوع اإلقامة على‬ ‫األراض��ي العربية الس��ورية فقد قننها‬ ‫المشرع وفق مايلي‪:‬‬ ‫الم��ادة ‪ /16/‬يقس��م األجان��ب من‬ ‫حيث اإلقامة إلى ثالث فئات‪:‬‬ ‫‪ - 1‬األجانب ذوو اإلقامة الخاصة‬ ‫‪ - 2‬األجانب ذوو اإلقامة العادية‬ ‫‪ - 3‬األجانب ذوو اإلقامة المؤقتة‬

‫ف��ي م��كان معي��ن والتقدم إل��ى وحدة‬ ‫الش��رطة المختصة في المواعيد التي‬ ‫يعينه��ا إلى أن يتس��نى إبع��اده‪ .‬ويبين‬ ‫وزير الداخلي��ة اإلجراءات التي تتبع في‬ ‫إصدار ق��رار اإلبعاد وكيفية االعتراض‬ ‫عليه وتنفيذه‪».‬‬ ‫د ‪ -‬زوج��ات الع��رب الس��وريين‬ ‫األجنبيات اللواتي مضى على إقامتهن‬ ‫الفعلي��ة في البالد أكثر من س��نتين ما‬ ‫دامت الزوجية قائمة‪.‬‬

‫والقنصل��ي األجنب��ي المعتمدي��ن لدى‬ ‫الجمهوري��ة العربية الس��ورية ما داموا‬ ‫ف��ي خدم��ة الدول��ة الت��ي يمثلونها أما‬ ‫غير المعتمدين فيتبع في ش��أنهم مبدأ‬ ‫المعاملة بالمثل‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬العامل��ون ف��ي الس��فن‬ ‫والطائ��رات األجنبي��ة الذي��ن يحمل��ون‬ ‫تذاك��ر بحري��ة أو جوية من الس��لطات‬ ‫التابعي��ن لها وتح��دد بقرار م��ن وزير‬ ‫الداخلي��ة ح��االت التأش��ير عل��ى ه��ذه‬ ‫التذاك��ر م��ن قب��ل رج��ال األم��ن ف��ي‬ ‫الموانئ والمطارات عند دخول األراضي‬ ‫العربي��ة الس��ورية أو الن��زول فيه��ا أو‬ ‫مغادرته��ا وال تخ��ول ه��ذه التأش��يرات‬ ‫حامله��ا حق اإلقامة إال خ�لال مدة بقاء‬ ‫الس��فينة ف��ي المين��اء أو الطائ��رة في‬ ‫المطار‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬ركاب الس��فن والطائ��رات‬ ‫الذين ترخص لهم السلطات المختصة‬ ‫بالنزول في األراضي العربية السورية‬ ‫مدة بقاء السفن في الميناء أو الطائرة‬ ‫ف��ي المط��ار وعل��ى رباني��ة الس��فن‬ ‫والطائ��رات قب��ل اإلقالع إب�لاغ مراكز‬ ‫األمن المختصة عن اسم من تخلف من‬ ‫ركاب الس��فينة أو الطائ��رة وتس��ليمها‬ ‫جواز س��فره وإرس��ال هذا الجواز إليها‬ ‫عند انكشاف أمره بعد اإلقالع‪.‬‬ ‫د ‪ -‬رعايا الدول األجنبية المتاخمة‬ ‫لألراضي العربية السورية فيما يتعلق‬ ‫بمناطق الحدود شريطة الحصول على‬ ‫إجازة خاصة وفق االتفاقيات المعقودة‬ ‫بهذا الشأن‪.‬‬ ‫ه ‪ -‬المعف��ون بموج��ب اتفاقي��ات‬ ‫دولية تكون سورية طرفًا فيها‪.‬‬ ‫و ‪ -‬م��ن ي��رى وزي��ر الداخلي��ة‬ ‫إعفاءه ب��إذن خاص العتب��ارات خاصة‬ ‫بالمجام�لات الدولي��ة ولمقتضي��ات‬ ‫المصلحة العامة‪.‬‬ ‫ز ‪ -‬المواطن��ون المغترب��ون ف��ي‬ ‫ح��دود القواع��د الت��ي ينظمه��ا وزي��ر‬ ‫الداخلية بقرار يصدر منه‪.‬‬ ‫أما أبناء البالد العربية فيضع وزير‬ ‫الداخلية التعليمات المتعلقة بدخولهم‬ ‫وخروجهم وإقامتهم وتنقلهم‪.‬‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫املر�سـوم الت�شـريعي رقم ‪ 29‬للعام ‪1970‬‬ ‫املت�ضمن �أحكـام دخـول وخـروج الأجـانــب‬

‫‪7‬‬


‫بني املواطن والبندقية‪ ،‬عد�سه‬ ‫�شريين احلايك‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫لق��د ح��وّل اإلعالم العرب��يّ القضية الفلس��طينية س��ابقاً إلى صورٍ‬ ‫مس��تهلكه‪ ،‬صور جثث‪ ،‬أطفال متش��ردة وأمهاتٍ ثكلى بالدمّ‪ ،‬وفي جميع‬ ‫الحاالت المذكورة كان للصور الخمسة أو العشرة األولى القدرة على التأثير‬ ‫بالرأي العام وإيصال الفكرة الحقيقية عن الذي يجري‪ّ ،‬‬ ‫وكل ذلك بعدها لم‬ ‫يكن سوى إستهالكٍ أعمى للمشاعر‪ ،‬مشاعر أولئك الذين يتمّ تصويرهم‬ ‫ومشاعرنا نحنُ المتلقين لتلك الصور؛ ال يكفي أن تمتلك محطه أخباريّة‬ ‫أو صحيفة ورقيّة كي تكون منارة إعالميّة‪.‬‬ ‫لعب��ت القن��وات العربية والعالمية دوراً في نق��ل‪ ،‬أو ربما صحّ القول‪،‬‬ ‫انتش��ار الخبر والفيديو من س��وريا إلى أرجاء أخرى من العالم‪ ،‬حيثُ قد ال‬ ‫يكون ضمن البرنامج اليومي للمواطن العاديّ متابعه ما يجري في مدينة‬ ‫صغي��رة ضم��ن بلدٍ صغيرٍ يقعُ على الش��اطئ الغربيّ آلس��يا على البحر‬ ‫المتوس��ط‪ ،‬في حدوده من الش��مال لواء اسكندرون – المقتطع (؟!) –‪ ،‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫المحتل (!!)‪ .‬في عصر‬ ‫الش��رق العراق – المحتل (؟!)‪ ،‬من الجنوب الجوالن –‬ ‫إع�لام المواطن كانَ للمواطن ال��دور األوّل واألوحد في نقل األحداث التي‬ ‫تج��ري على األرض في تلك البقعه من الك��ون‪ ،‬المواطن الصحفي وحدهُ‬ ‫من يصلُ الموت بوجوه العابرين في الشوارع في أيّ مكانٍ في العالم‪ ،‬هو‬ ‫من يواجه الموت‪ ،‬هو من يواجه آليات القتل بعدس��ةِ كاميرة تعادلُ حجم‬ ‫إظفرهِ كان يس��تخدمها ع��ادهً لتصوير اللقطات الس��ريعه ألفراد عائلته‪،‬‬ ‫أصدقائه‪ ،‬أحبته‪ّ ،‬‬ ‫قطه تصارعُ كيساً في الشارع أو مشاجرةٍ بين إثنين في‬ ‫الحيّ‪ .‬هو ليسَ بالضرورة إحترافيّاً‪ ،‬وقد ال يهمّهُ تاريخ التصوير ومكان‬ ‫ّ‬ ‫بالخط‬ ‫طباعة أوّل صورة في العالم‪ ،‬يس��خرُ من عناوين الصحف الرنانة‬ ‫األحم��ر العريض عل��ى واجهات المحلاّ ت متحدّثاً بلهج��ة المدرك للحقيقة‬ ‫مع ّلق��اً بأن��ه يجب على الصحيف��ة أن تفعل كذا وكذا وعل��ى هذه القضية‬ ‫السياس��ية أن تهتمّ بكذا وكذا موجداً حلول ألكثر مش��اكل العالم تعقيداً‬ ‫وهو يش��ربُ الشايَ مع األصدقاء بعد الغداء‪ .‬المواطن الصحفيّ السوريّ‬ ‫الذي يشتري الجرائد مرّةٍ واحدةً في السنة فقط‪ ،‬في موسم الشنكليش‪،‬‬ ‫كانَ المم��رّ الوحيد للثورة إلى العال��م‪ّ ،‬‬ ‫خط الوصل الوحيد الذي يمرّ عبرَ‬ ‫كل ذلك القمع اإلعالمي الذي يمارس��هُ النظام السوري‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫كل تلك الفوضى‬ ‫السياس��ية التي يصنعها النظام‪ ،‬يعبرُ تلك األكاذيب ويصلُ إلى شاش��ات‬ ‫الكومبيوترات الصغيرة مبتسماً ساخراً كمن نجا من الغرق بإبتالع قرشٍ!؟‬ ‫به��ذه الالمنطقية ب��دأت الصور والفيديوهات األولى للثورة الس��ورية‬ ‫باإلنتشار على اإلنترنت ومنهُ على شاشات التلفزة‪ ،‬صور عشوائيّة تحاول‬ ‫أن تلتقطَ مش��هداً واحداً يبيّنُ الحقيقة‪ ،‬نادراً ما تس��تطيع أن تميّز بين‬ ‫َ إرتجاجه��ا وإرتج��اج صورة طف��لٍ أو إصابة رجل‪ .‬صور تس��ابق الرصاص‬ ‫وهي تركضُ مرتجفهً يُـسمع بينَ ما تلتقطهُ من ضجّةٍ‪ ،‬صوت أنفاس‬ ‫من يحمله��ا‪ ،‬ينتهي بعضها إلى الس��واد والهدوء ومن ث��مّ صيحات تنادي‬ ‫اإلس��عاف إثر إصابة المصوّر أو هتافات أخرى بالتكبير إلستش��هاده‪ .‬كثيرا‬ ‫ً م��ا ذكرتني تل��ك الص��ور والفيديوهات بالص��وت المخنوق ال��ذي‬ ‫يحاولُ‬ ‫الصراخ عالياً؛ ال يس��مع س��وى أنينهُ وبعض الضوضاء‪ .‬وم��ا كان ‪َ ،‬‬ ‫وزال‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يزي��دُ من خنقة الخناقَ هو تلك الصور الكاذبة التي تخرجُ لتمدّ لس��انها‬

‫بوجه الحقيقة التي يموتُ البعضُ محاوالً نقلها‪.‬‬ ‫قالَ لي أحد األصدقاء في ألمانيا أنّهُ ال يس��تطيع تصديق الكثير من‬ ‫الصور التي تنتش��ر على أنها في س��وريا اليوم‪ ،‬ألنّهُ كثيراً ما فوجئ بأنه‬ ‫يتمّ المتاجره بمش��اعره اإلنس��انيّة عندما يعيد نش��ر إحدى الصور مرارا‬ ‫ً ومن ثمّ يكتش��ف أنها ليس��ت في س��وريا‪ ،‬الصورة س��تبقى مؤلمه لكنّ‬ ‫القضية السورية ستفقد مصداقيتها‪ ،‬قالَ بلهجةٍ معاتبة‪.‬‬ ‫و في الحديث عن إعالم المعارضة السياس��يّة قد يصحّ القول‪ ،‬حدّث‬ ‫وال حرج من إعالم الالإعالم الذي تتبعهُ المعارضة السورية بشكل عام‪ ،‬أو‬ ‫إعالم “كل مين إيده إله” الذي تمارس��ه شخصيات المجلس الوطني – على‬ ‫س��بيل المث��ال والحصر – والذي يعتبر الممثل السياس��ي للثورة الس��ورية‬ ‫التي سبقتهُ بأشواطٍ على معظم األصعدة‪ ،‬أوّلها اإلعالميّ‪.‬‬ ‫أمّـا بعض القنوات الفضائيّة اإلخبارية أدخلت قضيّة الثورة السورية‬ ‫ومحاول��ة بع��ض المواطني��ن الصحفيين بإيص��ال الحقيقة حتّ��ى الرمق‬ ‫األخي��ر‪ ،‬ضم��نَ أجنداتها وإس��تطاعت‪ ،‬بنس��بة مش��اهداتها المرتفعه‪ ،‬أن‬ ‫تؤثر س��لباً بإعالم الثورة السورية والضرب بحقيقتها‪ .‬إحدى هذه القنوات‬ ‫تتخص��ص بنقل األحداث في س��وريا عل��ى أنها حرب مس�� ّلحة ضدّ نظام‬ ‫مس ّلح فألتقي بصديقٍ عربيّ يتابعها ليسألني بأوّل ما يسألني‪ ،‬هل فعال‬ ‫ً هناكَ ثورة في س��وريا‪ ،‬أم أنها حرب عصابات؟ وكيفَ يمكن لها أن تكون‬ ‫ثورة وهي مس��لحة بهذا الس�لاح وملتحيةً بتلك اللحى وتنادي باألس��لمة‬ ‫بأعلى الفتاتها‪ .‬يس��قطُ‪ ،‬س��هواً‪ ،‬ع��ن هذه القناه وبش��كلٍ دائم‪ ،‬أيّ خبر‬ ‫ٍ أليّ ح��راكٍ مدن��يّ يحدثُ في س��وريا‪ ،‬كما يس��قط‪ ،‬س��هواً أيضًا‪ ،‬عنها‬ ‫تغطي��ه العديد من المناطق الثائرة عدا تلك التي تش��هدُ حش��داً أكبر من‬ ‫غيرها للسالح‪.‬‬ ‫بالعودة للحديث عن إستهالك الصورة والخبر‪ ،‬استقليتُ قطار األنفاق‬ ‫في ألمانيا منذُ أيّامٍ وبينما كنتُ أنتظر وصول القطار لفتت نظري الشاشة‬ ‫الكبيرة التي وضعت في أعلى إحدى الزوايا في المحطه‪ ،‬شاشة تلفاز تنقل‬ ‫األخب��ار عن ال��دوري الرياضي لكأس أورب��ا ‪ ،2012‬أخبار الطقس‪ ،‬وبعض‬ ‫األخبار المحليّة ومنها إلى العالميّة‪ .‬إس��توقفني المشهد الخاص بالنشرة‬ ‫العالميّ��ة عندم��ا مرّ بصور جثث مجزرةٍ في س��وريا‪ ،‬مجزرة دوما على ما‬ ‫أعتق��د‪ ،‬كانت ص��ور الجثث تمرّ على الشاش��ه وصوت المع ّل��ق يضيعُ في‬ ‫ازدحام المحطه‪ .‬نظ��رتُ إلى الناس‪ ،‬نظرتُ في وجوههم‪ ،‬وفي عيونهم‪،‬‬ ‫وبدا لي المش��هد وكأنني أهوي في الفراغ والجميع يتزاحمُ محاولة المرور‬ ‫من حولي‪ ،‬صوت األحذية تتسارع للحاقِ بالقطار ونباح كلب صغيرٍ يهاجم‬ ‫ُ األضواء القادمه من العتمه‪ ،‬قُـبل العشّ��اق الس��ريعه التي تسابقُ سرعه‬ ‫القطار‪ .‬توقف القطار‪ ،‬وحدثَ ّ‬ ‫كل ش��يء بس��رعهٍ كبيرة‪ ،‬صعدَ من صعد‬ ‫ونزلَ من نزلَ وذهبَ من ذهبَ وجلسَ من جلسَ‪.‬‬ ‫صح��وتُ من حفرت��ي عندما إنتهت نش��رة األخب��ار العالميّ��ة‪ ،‬وبدأت‬ ‫الشاشة الصغيرة تلك تعرض اإلعالنات‪.‬‬ ‫صفحات سورية‬


‫اكالف الفيتو الرو�سـي الثالث يف جملـ�س االمـن‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫الحياة ‪2012 | 7 | 27‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ماذا أمام كل من موس��كو وطهران بعدما دخلت القيادتان الروس��ية واإليرانية‬ ‫عينَ العاصفة في أعقاب الخسارة الفادحة لكل منهما عبر البوابة السورية؟ القيادة‬ ‫اإليرانية أفرطت في ش��روطها ومماطلتها في الملف النووي‪ ،‬كما في إصرارها على‬ ‫حقها بهيمنة إقليمية‪ ،‬فخس��رت‪ .‬والقيادة الروس��ية هس��ترت ف��ي عاطفية قومية‬ ‫وأفرطت في إطالة األزمة السورية تحصينًا لمطالبها ولتموضعها في المنطقة وفي‬ ‫المفاوضات‪ ،‬فباتت أوراقها أضعف وبدت سمات الخسارة اإلستراتيجية على مالمحها‬ ‫ومواقفها‪ .‬فأيهما سيكون سبيل استدراك األمور لكل من موسكو وطهران‪ :‬المواجهة‬ ‫أم االستدراك؟ وإن كان حقًا لم يفت األوان على إصالح سياستيهما‪ ،‬فهل ما زال هناك‬ ‫هامش جدي أمام إتمام الصفقة الكبرى‪ ،‬أم أن النظام اإلقليمي الجديد انطلق اآلن‬ ‫بوتيرة أسرع تاركًا وراءه الدب الروسي غاضبًا وماللي طهران في حالة استنفار؟‬ ‫القيادة الروس��ية ارتكبت خطأ مميّزاً قبل أس��بوع عندما اس��تخدمت الفيتو في‬ ‫مجلس األمن للمرة الثالثة لمنع األسرة الدولية من إنذار النظام في دمشق من أبعاد‬ ‫اس��تمراره في الممانعة الدموية‪ .‬الفيتو الصيني الذي تزاوج للمرة الثالثة مع الفيتو‬ ‫الروس��ي لي��س أقل وزناً في مجلس األمن‪ ،‬إنما الصي��ن أقل عنفًا في مواقفها نحو‬ ‫سورية مما هي روسيا‪ .‬فالفيتو المزدوج يعكس االلتزام الدائم بالحفاظ على عالقة‬ ‫التحالف االستراتيجي بين الشيوعيين (سابقًا أو حاضراً)‪ ،‬ال سيما في وجه امتداد ذراع‬ ‫الغرب – بالذات الواليات المتحدة – إلى المناطق اإلس��تراتيجية الغنية بالنفط والغاز‬ ‫والمهمة تاريخيًا‪ .‬لكن الفارق واضح بين الدور الروس��ي في س��ورية وبقية منطقة‬ ‫الش��رق األوس��ط وبين ابتع��اد الصين ع��ن دور مماثل واكتفائها بدعم روس��يا في‬ ‫مجلس األمن‪ .‬وللتأكيد‪ ،‬أن األذى المواكب للفيتو الصيني ليس أقل من ذلك المالزم‬ ‫للفيتو الروس��ي‪ .‬فكالهما ّ‬ ‫عطل قدرة مجلس األمن على تحمل مسؤولياته وساهم‬ ‫في إطالة محنة سورية وزيادة ضحاياها بآالف وآالف‪.‬‬ ‫قد يكون الفيتو الصيني فيتو المجاملة مع روس��يا أو فيتو التحالف الموجّه ضد‬ ‫الغرب‪ ،‬إنما الصين ليس��ت ضالعة في س��ورية وإيران – س��لباً أو إيجابًا – كما روسيا‪.‬‬ ‫بكين لن تتورط أكثر‪ ،‬ال س��يما بعدم��ا انهارت جهود الصفقة الكب��رى على ذبذبات‬ ‫الهس��تيريا الروس��ية التي انطلقت في أعقاب االنفجار األمني الضخم في دمش��ق‬ ‫األسبوع الماضي وتمثلت في قرار استخدام الفيتو الروسية بد ًال من التقاط الفرصة‬ ‫النادرة لتكون موسكو في صدارة رعاية التحوّل في سورية وفي عمق الشراكة في‬ ‫صوغ النظام اإلقليمي الجديد‪.‬‬ ‫كثيرون راهنوا على حكمة القيادة الروسية واغتنامها الفرص المواتية لمصالحها‬ ‫ومكانتها وموقعها في منطقة الشرق األوسط‪ .‬كثيرون اعتقدوا أن اإلطالة كانت جزءاً‬ ‫م��ن فن التفاوض للحصول على أكثر – ثنائي��ًا مع الواليات المتحدة وإقليميًا مع دول‬ ‫المنطقة‪ .‬كثيرون افترضوا أن موسكو لن تهدر فرصة نادرة لها لقيادة صناعة البديل‬ ‫في دمشق – أو على األقل لمشاركة جذرية لها في صنع البديل‪.‬‬ ‫تحت عنوان العاطفة القومية والعنفوان الوطني‪ ،‬ثارت مش��اعر الديبلوماس��ية‬ ‫الروسية وغلبت على المنطق الذي كان أجدى بموسكو أن تلجأ إليه مهما ثار غضبها‪،‬‬ ‫بح��ق كان أو بباطل‪ .‬ذلك الفيتو المش��حون بالغضب المثق��ل بالعاطفة والعنفوان‬ ‫قضى أيضًا على المبعوث األممي والعربي‪ ،‬كوفي أنان‪ ،‬الذي كان يتصرف منذ البداية‬ ‫اس��ترضا ًء لروس��يا بأمل كسب تعاونها في إبرام حل س��لمي في سورية يلمّ شمل‬ ‫الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس األمن‪ .‬فيتو موسكو في مجلس‬ ‫األم��ن قضى على مهمة كوفي أنان وعلى الرجل نفس��ه الذي خرج خاس��راً‪ ،‬اس��مه‬ ‫مقترن باإلطالة وبالحذر والحرص على مصالح روسيا وإيران أكثر من مصير سورية‪.‬‬ ‫كوفي أنان مس��ؤول عن نفس��ه وعما اختاره من سياس��ة وإستراتيجية لتنفيذ‬ ‫المهمة الموكلة اليه من األمم المتحدة وجامعة الدول العربية‪ .‬لعله يعتقد أنه أُ َ‬ ‫فشِل‬ ‫لي��س عبر الفيتو الروس��ي وإنما نتيجة المواق��ف العربية والغربي��ة والتركية‪ .‬لعله‬ ‫مقتنع بأنه لو أفلح في إقحام دور الجمهورية اإلسالمية اإليرانية رسميًا على طاولة‬ ‫التفاوض حول المستقبل في سورية‪ ،‬لما آلت األمور الى ما هي عليه‪ .‬إنما‪ ،‬لعله بد ًال‬ ‫من ذلك قد توصل إلى استنتاج بأنه أخطأ في تصوّره لمهمته‪ ،‬كما في رهانه على‬ ‫صدق النظام في دمش��ق‪ ،‬كما في اعتقاده بأن أس��لوب اإلبحار الحذر المميز به كان‬ ‫ممكناً وسط تراكم جثث السوريين آالفًا بآالف‪.‬‬ ‫قد ال يكون فات األوان على مسار تصحيحي يُصلح السمعة التي تالحق كوفي‬ ‫أنان اآلن‪ .‬إنما ذلك يتطلب نفضة جذرية في ذهن الرجل تأخذ في الحس��اب انحسار‬ ‫الوزن الروسي في المعادلة وانحسار الدور اإليراني في المنطقة‪ .‬فكوفي أنان أيضًا‬ ‫خس��ر فرصة نادرة بأن يصبح العباً أساس��يًا في صوغ النظام اإلقليمي الجديد‪ .‬لقد‬ ‫اصطف في الخندق الخاسر – أقله حتى اآلن – وفي اصطفافه هذا‪ ،‬أثار النفور ليس‬ ‫فقط لدى جزء كبير من الش��عب الس��وري وإنما أثار أيضاً نفور دول عربية ذات وزن‬ ‫كبير بالذات داخل مجلس التعاون الخليجي‪.‬‬ ‫فالمعادلة اختلفت بعد الفتيو الروسي – الصيني الثالث‪ .‬الواليات المتحدة ّ‬ ‫خفضت‬ ‫جذريًا أية ثقة لها بصدق النيات الروسية وبحل سلمي في سورية مبني على ضغوط‬ ‫روسية على الرئيس بشار األسد للتنحي عن السلطة عبر عملية سياسية انتقالية‪.‬‬ ‫وزي��رة الخارجية األميركية هيالري كلينتون لم تقفل الباب أمام الرئيس الروس��ي‬ ‫فالديمير بوتين ووزير خارجيته س��يرغي الفروف وال في وجه بش��ار األسد‪ .‬تحدثت‬ ‫عن «مالذ آمن» بلغة عدم فوات األوان‪ ،‬تاركة هامشًا لالستدراك يضيق أفقه الزمني‬ ‫بس��رعة‪ .‬كذلك الدول العربية لم توصد الباب وإنما ب��ادرت للمرة األولى إلى تقديم‬ ‫ممر آمن لمغادرة الرئيس السوري وعائلته السلطة والبالد‪ .‬إنما كل هذا يفيد بأن ال‬ ‫مجال أبداً لما أرادته القيادة الروسية واإليرانية والسورية‪ ،‬أي بقاء األسد في السلطة‬ ‫الى حين استكمال العملية السياسية االنتقالية‪ .‬فات األوان‪ .‬إن الكالم اآلن يصب في‬ ‫خانة التنحي كجزء أساسي من عملية نقل السلطة في سورية‪.‬‬

‫ي�لازم ذلك ق��رار اس��تراتيجي‪ ،‬إقليمي وغرب��ي‪ ،‬بمباركة تس��ليح المعارضة‪.‬‬ ‫الواليات المتحدة والدول األوروبية لن تس ّلح المعارضة‪ ،‬لكنها ستعزز ما تساعدها به‬ ‫من معلومات استخبارية خارقة وما يشابهها‪ .‬الفيتو الروسي – الصيني أجبر واشنطن‬ ‫على احتضان خيار مباركة التس��ليح‪ ،‬ذلك أن الفيتو نس��ف ما ت��م االتفاق عليه في‬ ‫جنيف‪ ،‬بما في ذلك التوافق على عدم عسكرة النزاع‪.‬‬ ‫س��يرغي الف��روف يتحدث بلغتين ما بعد ذلك الفيت��و الخاطئ‪ .‬انه يتحدث بلغة‬ ‫خشبية معهودة يرافقها كالم عن أن العسكرة والتسليح يعنيان دعم انطالق اإلرهاب‬ ‫اإلسالمي في الساحة السورية وعلى رأسه «القاعدة»‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬يترك الباب‬ ‫مفتوحاً على احتمال استدراك موسكو أخطاءها لتقدم إلى الغرب والعرب دوراً يجعل‬ ‫من غير الممكن االستغناء عنها‪ ،‬دور العرّاب الحقيقي لما بعد تنحي بشار األسد عن‬ ‫السلطة ولمعالم النظام البديل في دمشق‪.‬‬ ‫االنشقاقات العس��كرية والديبلوماسية وفي أوس��اط العائالت الموالية تقليدياً‬ ‫لنظام األس��د‪ ،‬مثل عائلة ط�لاس‪ ،‬أطلقت بدورها خطوة نوعية أخرى في الس��احة‬ ‫السورية‪ .‬وموسكو ال بد أنها تراقب بقلق‪ .‬تراقب انزالق فرصتها بأن تكون جزءاً من‬ ‫ً‬ ‫مُتهمة بأنها خذلت الشعوب‪ ،‬وأطالت‬ ‫النظام اإلقليمي الجديد بد ًال من وقوفها خارجه‬ ‫صراعات أدت إلى تغذية التطرف اإلس�لامي ودخول عناصر «القاعدة» إلى الس��احة‬ ‫السورية عبر البوابة العراقية‪ .‬بل أكثر‪ .‬أن ما كانت تخشاه موسكو وكانت محقة في‬ ‫إبراز معارضتها له بنا ًء على مصالحها المشروعة بات وارداً بسبب المواقف الروسية‬ ‫نفس��ها‪ .‬ذلك أن عس��كرة النزاع في س��ورية أتت بالتأكيد نتيجة المواقف الروس��ية‬ ‫الممانعة‪.‬‬ ‫إقليميًا‪ ،‬خسرت روسيا خسارة كبرى وهي تشاهد تحالف األمر الواقع بين الدول‬ ‫العربية ومن ضمنها مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬ودول حلف شمال األطلسي (ناتو) ومن‬ ‫ضمنها تركيا‪ .‬مصر باتت النموذج للتوافق واالتفاق بين هؤالء الالعبين على أساس‬ ‫نموذج التعايش والمحاس��بة المتبادلة بين الجيش وبين اإلس�لاميين في السلطة‪.‬‬ ‫أميركا تبدو شريكة طموحات الشعوب‪ ،‬فيما من وجهة نظرها تتأقلم مع واقع جديد‬ ‫يجعلها تس��تخدم «اإلس�لام المعتدل» لمحاربة التطرف اإلس�لامي‪ ،‬فتضمن بذلك‬ ‫موطئ قدم لها مع الذين في الس��لطة‪ ،‬وتبدو متعاطفة مع الش��عوب ومع التحوالت‬ ‫الديموقراطية‪ ،‬وتضمن مصالحها البعيدة المدى في الوقت نفسه‪.‬‬ ‫الجمهورية اإلس�لامية اإليرانية‪ ،‬الش��ريكة للنظام في سورية ولروسيا‪ ،‬خاسر‬ ‫كبير جداً في ما آلت إليه األمور بعد الفيتو الروسي – الصيني‪ .‬واشنطن وافقت أخيراً‬ ‫عل��ى ما كانت قاومته لفترة طويلة‪ ،‬وهو تبني إس��تراتيجية قصم ظهر طهران في‬ ‫س��ورية لتطويقها وسلبها طموحات إقليمية تشمل مط ً‬ ‫ال استراتيجياً لها على البحر‬ ‫المتوس��ط‪ .‬طهران خاسرة ألنها كانت اس��تثمرت غاليًا‪ ،‬ماديًا وعسكريًا‪ ،‬في سورية‬ ‫لتكسب ذلك الموقع االستراتيجي‪.‬‬ ‫فالجمهوري��ة اإلس�لامية اإليرانية باتت مطوّقة من الداخ��ل بمعارضتها‪ ،‬ومن‬ ‫الخارج عبر حظر نفطي غرب��ي مؤلم‪ ،‬أو في أواصر مواقع نفوذها اإلقليمي‪ .‬نوويًا‪،‬‬ ‫أنها تحت رحمة تكنولوجيا التخريب المتفوقة التي قد ال تضطر إسرائيل أو الواليات‬ ‫المتحدة لش��ن عمليات قصف محددة لمواقع نووية في إيران‪ .‬انها على عتبة اندالع‬ ‫انتفاضة إيرانية بعد استكمال االنتفاضة السورية‪ .‬العراق الذي كان يعتبر حديقتها‬ ‫الخلفي��ة تبدو عليه مالمح الواقعية واس��تعادة مكانته العربية وهو يقرأ جيداً معنى‬ ‫تعميق الخيار االستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي وحلف شمال األطلسي‬ ‫وانعكاسه على مصير إيران وتقزيمها إقليميًا‪ .‬واآلن‪ ،‬وبعد الفيتو الروسي – الصيني‪،‬‬ ‫ال دور لطهران على طاولة المفاوضات على مس��تقبل س��ورية‪ ،‬كما أرادت موس��كو‬ ‫وسعى وراءه كوفي أنان‪.‬‬ ‫التهدي��دات اإليراني��ة يجب أن تُؤخَ��ذ بجدية‪ ،‬إنما ليس ضروري��ًا االفتراض ان‬ ‫حلي��ف طهران في لبنان‪« ،‬حزب اهلل»‪ ،‬س��يتصرف تلقائيًا بم��ا يخدم طهران ويؤذيه‬ ‫جذريًا في بنيته التحتية في لبنان في حال استفزاز إسرائيل لعملية عسكرية ضده‬ ‫في لبنان‪ .‬إسرائيل نفسها قد تقرر ان الفرصة مواتية لها للتخلص من سالح «حزب‬ ‫اهلل» في جيرتها المباشرة في لبنان‪ .‬لكن هناك من يستبعد هذا االحتمال ويؤكد ان‬ ‫هناك نوعًا من تفاهم األمر الواقع بأن ال «حزب اهلل» وال إسرائيل يريدان ان يخوضا‬ ‫حرباً في لبنان مهما كان ذلك في مصلحة النظام في دمشق أو طهران‪.‬‬ ‫روس��يا أثارت الخوف م��ن احتمال نقل انتقامها ونقمتها في اتجاه تقس��يم في‬ ‫سورية أو تصدير للنزاع إلى لبنان أو تحريض على مواجهة إيرانية – إسرائيلية عبر‬ ‫حروب بالنيابة‪ .‬لكن روسيا تبقى دولة كبرى لن تتحمل مسؤولية حروب لعلها تشهد‬ ‫اس��تخدام أسلحة كيماوية غير شرعية‪ .‬لذلك انضمت روسيا إلى الدول الغربية التي‬ ‫حذرت دمشق من استخدام هذه األسلحة‪.‬‬ ‫ماذا س��تفعل روسيا بعدما خسرت أوراق نفوذ ومس��اومة ومقايضة قوية‪ ،‬بما‬ ‫فيها ورقة محورها مع دمشق وطهران في مفاوضاتها الثنائية مع الواليات المتحدة؟‬ ‫اإلجابة تكمن في ما إذا كانت القيادة الروس��ية اعترفت أمام نفس��ها بالخطأ الفادح‬ ‫الذي ارتكبته في الفيتو الثالث‪ ،‬وبالتالي بإمكانها االس��تدراك الستعادة بعض زمام‬ ‫المبادرة‪ .‬أما إذا تصلبت معتقدة أنها محقة في هذه السياسة‪ ،‬فستقودنا أجواء الحرب‬ ‫الباردة الجديدة الى مواجهة وتطرف وحروب بالنيابة وحروب استنزاف ستكون مكلفة‬ ‫ليس فقط للمنطقة وإنما أيضًا لروسيا نفسها في عقر دارها‪ ،‬وجيرتها‪ ،‬وفي مكانتها‬ ‫العالمية‪.‬‬

‫أعمدة الصحافة ‪. .‬‬

‫راغـدة درغـام‬

‫‪9‬‬


‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫ال�شيخ �صالح العلي ‪1950 – 1885‬‬ ‫يا�ســـرمـــرزوق‬

‫اليوم نبتعد عن السياس��ة ورجاالتها‪ ،‬نبتعد عن‬ ‫الدولة والحكومات والوزارات‪ ،‬لنبحر في فلك الوطن‪،‬‬ ‫مع قصة الشيخ صالح العلي‪ ،‬والفرنسيين أيامها‪.‬‬ ‫كان��ت ث��ورة صال��ح العل��ي تنه��ك االحت�لال‬ ‫الفرنسي‪ ،‬وكان الفرنسيون قرروا تقسيم سوريا إلى‬ ‫أربع دول‪ :‬دولة دمش��ق ودولة حل��ب ودولة العلويين‬ ‫ودولة الدروز‪.‬‬ ‫يومه��ا جمع الحاكم الفرنس��ي ع��دداً من وجهاء‬ ‫العلويين وحملهم رس��الة إلى الش��يخ صالح مفادها‪:‬‬ ‫إن الكيان السياس��ي الس��وري ليس موحداً‪ ،‬وال توجد‬ ‫فيه أحزاب أو هياكل حكم مدني‪ ،‬فاألسهل تقسيمه‪،‬‬ ‫وقولوا للشيخ إننا نرشحه ليكون أميراً على العلويين‬ ‫ورأس��اً لدولتهم‪ ،‬وس��نفتح الطرق‪ ،‬ونبن��ي المدارس‬ ‫والمستشفيات‪ ،‬وستتقدم الدولة والشعب‪..‬‬ ‫حم��ل زعم��اء العلويين هذا االقتراح إلى الش��يخ‬ ‫صال��ح الثائ��ر‪ ،‬فق��ال بع��د أن اس��تمع إل��ى االقتراح‬ ‫«ولماذا ال يقول لي الجنرال هذا الكالم»‪ ..‬وفع ً‬ ‫ال عقد‬ ‫االجتماع‪ ،‬وتوس��ع الجن��رال «بيلوت» ف��ي حديثه عن‬ ‫مش��روع دولة العلويي��ن‪ .‬وحين انتهى ارتكز الش��يخ‬ ‫صالح على عكازة وقال له‪ « :‬شوف يا حضرة الجنرال‪،‬‬ ‫لق��د ثرنا من أج��ل وطن‪ ،‬ولم نثر م��ن أجل دولة في‬ ‫جبال العلويين»‪ .‬وأنهى االجتماع‪.‬‬ ‫ولد « صال��ح العلي «عام ‪1885‬م‪ ،‬والده الش��يخ‬ ‫علي س��لمان من قري��ة المريقيب‪ ،‬أح��د أحياء مدينة‬ ‫الش��يخ بدر حاليًا وهو ش��يخ ورجل دين وشاعر ومن‬ ‫زعم��اء الجب��ل المعروفين‪ ،‬والدته حبابة ابنة الش��يخ‬ ‫عل��ي عيد من قرية «بش��راغي» منطقة جبلة‪ ،‬وهي‬ ‫س��يدة متمكنة من اللغة والشعر ومشهود لها بحسن‬ ‫التدبي��ر‪ ،‬وكغيره م��ن أبناء الجبل تلق��ى علومه على‬ ‫يد المش��ايخ في منطقت��ه‪ ،‬حيث ترك��ز التعليم على‬ ‫اللغة العربية وأصول الفقه والشريعة‪ ،‬وخالل شبابه‬ ‫تصدى «العلي» لمقاومة األتراك ومن أش��هر معاركه‬ ‫في تلك الفترة معركتين شهيرتين هما معركة «كاف‬ ‫الجاع» ومعركة «النيحا»‪ .‬ونس��ق مع الشريف حسين‬ ‫الذي قرر التوجه إلى سوريا‪.‬‬ ‫مع دخول األمير فيصل س��وريا عام ‪ 1918‬وجالء‬ ‫األت��راك عنه��ا‪ ،‬قامت القوات الفرنس��ية بعد أس��بوع‬ ‫واحد أي في ‪ 1918/10/8‬م باحتالل الساحل السوري‬ ‫«الس��وري الحالي واللبنان��ي ولواء اس��كندرون حتى‬ ‫مدينة مرس��ين» وأنزل��ت العلم الس��وري عن مباني‬ ‫الحكوم��ة في الس��احل الس��وري‪ ،‬وخالل س��بعة أيام‬ ‫من احتالل الس��احل السوري وإنزال العلم عن مباني‬ ‫الحكومة دعا الشيخ العلي إلى مؤتمر لمواجهة الوضع‬ ‫الجديد فلبى رس��ائل الدعوة ع��دد من فعاليات الجبل‬ ‫والساحل المتنوعة وانعقد مؤتمر الشيخ بدر الشهير‬ ‫ف��ي مدينة الش��يخ بدر مس��قط رأس الش��يخ صالح‬ ‫العلي واس��تمر المؤتمر لثالثة أي��ام متوالية بحضور‬ ‫أغلب وجهاء ومقدمي الجبل والس��احل‪ ،‬وانتهى بعدة‬ ‫قرارات من بينها‪:‬‬ ‫ً‬ ‫‪ - 1‬انتخ��اب الش��يخ صال��ح العل��ي قائ��دا للثورة‬ ‫السورية األولى‪.‬‬ ‫‪ - 2‬المطالبة بضم الس��احل السوري إلى سوريا‬ ‫الداخلية‪.‬‬ ‫‪ - 3‬التنسيق مع الملك فيصل‪.‬‬ ‫امتدت الثورة بقيادته لمدة ثالث س��نوات ونصف‬ ‫الس��نة وه��ي أول وأط��ول الث��ورات ض��د االحت�لال‬ ‫الفرنسي‪.‬‬ ‫اس��تمر الش��يخ صالح العل��ي بقيادة الث��وار في‬ ‫جبال الس��احل الس��وري‪ ،‬ورد الفرنس��يون على هذه‬ ‫الثورة بأعتى أش��كال القمع متبعين سياس��ة اإلعدام‬ ‫الميداني والقرى المحروقة‪ ،‬كما قاموا بعزل الساحل‬ ‫تماماً ومنع وصول إمدادات الس�لاح والمعونات لقرى‬ ‫الس��احل‪ .‬ولم تس��لم أس��رة الش��يخ صالح من األذى‬ ‫ً‬ ‫وخاص��ة أخوه محم��ود لالعتقال‬ ‫إذ تع��رض أفراده��ا‬ ‫والتعذي��ب بغية الضغط على الش��يخ صالح لتس��ليم‬ ‫نفسه‪ ،‬وصدر بحقه حكم باإلعدام ونشر هذا الحكم‬

‫ف��ي ب�لاغ مطب��وع ألقت��ه الطائ��رات الفرنس��ية في‬ ‫مختل��ف أنحاء الجبل‪ .‬وألقت مع ه��ذا البالغ بالغاً آخر‬ ‫تهدد في��ه بإعدام كل من يخبئ الش��يخ صالح العلي‬ ‫ف��ي بيته أو يراه وال يخبر الس��لطات الفرنس��ية عنه‪،‬‬ ‫ووعدت المخبر بمكافأة قدرها ‪ 1000‬فرنك فرنس��ي‪.‬‬ ‫وظ��ل متخفي��ًا ف��ي الجبل نتيج��ة احتض��ان األهالي‬ ‫للشيخ وثورته‪.‬‬ ‫ع��ام ‪1922‬أصدر الجن��رال غورو ق��راراً بالعفو‬ ‫عن الش��يخ وأعوانه ش��رط عدم عودتهم إلى الثورة‪.‬‬ ‫وأعلن هذا العفو بش��تى وس��ائل الدعاي��ة واإلعالم‪،‬‬ ‫وألق��ت الطائ��رات الفرنس��ية آالف النس��خ على مدن‬ ‫وأرياف المنطقة‪ .‬وبلغ الش��يخ قرار العفو عنه وكانت‬ ‫ح��وادث ع��دوان الفرنس��يين عل��ى الن��اس والتنكيل‬ ‫به��م وإحراق ق��رى بكاملها بذريعة م��روره بها‪ ،‬تحز‬ ‫في نفس��ه‪ ،‬وم��ن ضمن الق��رى التي حرقت الش��يخ‬ ‫بدر مسقط رأس��ه وبرمانة المشايخ وبحنين وعنازة‬ ‫بحنين وكاف الجاع وقدموس وبشراغي وبيت ياشوط‬ ‫وعين الش��رقية وزاما والبرجان وت��ل صارم وغيرها‪.‬‬ ‫ووجد أنه ال سبيل إلنهاء هذه المتاعب إال باستسالمه‬ ‫فقرر ذلك مكرهًا وسلم نفسه إلى الحامية الفرنسية‬ ‫ف��ي مدينة الالذقية بعد تفرق الرجال من حوله‪ .‬وهو‬ ‫القائل «واهلل لو بقي معي عش��رة رجال مسلحين لما‬ ‫ترك��ت الحرب»‪ .‬حيث عرض عليه الفرنس��يون إقامة‬ ‫الدولة العلوية بالتعاون بينه وبينهم الستالمها نهائيًا‬ ‫من قبل��ه في وقت مقارب لفصل لبن��ان بعد موافقة‬ ‫البطريرك الماروني «الحويك» ومجموعة من الساسة‬ ‫السوريين اآلخرين على الفصل وبنفس وقت تسليم‬ ‫الج��زء األكبر من متصرفي��ة درعا إلى الملك عبد اهلل‬ ‫تعويضًا له من قبل االنكليز عن الحجاز التي استولى‬ ‫عليها «آل س��عود» وتس��ميتها مملكة شرقي األردن‪.‬‬ ‫وعندم��ا رفض الش��يخ صال��ح العلي الع��رض أصدر‬ ‫الفرنسيون عليه حكم اإلقامة الجبرية‪.‬‬ ‫ولزم الش��يخ بيت��ه بعد ذلك فارضًا على نفس��ه‬ ‫عزلة ش��ديدة‪ ،‬ولكن هذه العزلة لم تكن تمنع الشيخ‬ ‫من المجاهرة برأيه في المواقف الوطنية الحاس��مة‪،‬‬ ‫حيث كان مس��تعداً دائماً لتلبي��ة نداء الوطن‪ .‬وقد أمد‬ ‫اهلل في عمره ليش��اهد جالء القوات المس��تعمرة عن‬ ‫ربوع الوطن الذي أحبه وجاهد في سبيل حريته‪ ،‬وذلك‬ ‫في ‪ 17‬نيس��ان ‪ .1946‬وقد كان الش��يخ عاود نشاطه‬ ‫السياسي في بداية الثالثينات لمقاومة حالة التبشير‬ ‫السياس��ي ‪ -‬الديني التي قامت به البعثات التبشيرية‬ ‫الغربية في أوساط المسلمين عامة والعلويين خاصة‬ ‫وكذل��ك المس��يحيين األرثوذوك��س والموارنة ودعم‬ ‫بع��ض األفراد والعائ�لات بالمال وبالنفوذ السياس��ي‬ ‫مس��تغلة الوض��ع االقتصادي الم��زري له��ذه الفئات‪،‬‬ ‫وتوج نش��اطه السياس��ي بالموقف من تأسيس دولة‬ ‫جبل العلويين حيث رفض ذللك ووقع مع ش��خصيات‬ ‫كثي��رة من الجب��ل الوثيق��ة الداعية إلى ض��م الجبل‬ ‫العل��وي إلى س��وريا الداخلية‪ .‬وبعد االس��تقالل تمت‬ ‫إقام��ة حفل ضخم لتكريمه من قبل رجاالت س��ورية‬ ‫حيث شارك في إلقاء الكلمات والقصائد شعراء وكتاب‬ ‫وسياسيون من كل سورية‪.‬‏‏‬ ‫حظي الشيخ طوال حياته باحترام خصومه قبل‬ ‫مؤيديه‪ .‬وقد قال عنه‪:‬‬ ‫* األمير فيصل بن الحسين‪ :‬قائد حكيم ‪ -‬همته‬ ‫عالي��ة وقتاله مش��رف وصموده في وج��ه العدو يرفع‬ ‫المعنويات‪.‬‏‏‬ ‫* ش��كري القوتل��ي‪ :‬صالح العل��ي أول من أطلق‬ ‫الرصاص على الفرنسيين وآخر من ألقى السالح‪.‬‏‏‬ ‫* هاش��م األتاس��ي‪ :‬وها هي ذي صحائف الشيخ‬ ‫صال��ح العلي تنش��ر للن��اس فما تروي غي��ر ما يجلب‬ ‫الحمد ويكسب الثناء وليس هذا بالقليل‪.‬‏‏‬ ‫* ري��اض الصل��ح‪ :‬كانت حي��اة المجاه��د الكبير‬ ‫قدوة حسنة في الجهاد والكفاح وسج ً‬ ‫ال بيّنًا في النبل‬ ‫والصالح‪ ،‬قرأه الجميع فعاش في قلوب الجميع‪.‬‏‏‬ ‫* الش��اعر فرحات‪ :‬أولست أول من أبى لبالده ذ ًال‬ ‫وأول من دعا لجهاد‪.‬‬

‫* سعد اهلل الجابري‪ :‬الشيخ صالح العلي سيحفظ‬ ‫التاريخ جهاده المخلص وتضحيته الغالية التي رددتها‬ ‫األمصار على الرغم م��ن احتفاظه بالصمت وابتعاده‬ ‫عن االدعاء بجليل عمله إباء ونزاهة تلهج بها األلسن‬ ‫وتتناقلها األجيال‪.‬‏‏‬ ‫* ديغول‪ :‬أن��ت مصلح اجتماعي واض��ح المعالم‬ ‫بيّ��ن الطري��ق‪ ،‬يري��د باألم��م وله��ا خي��راً وس��عادة‬ ‫وس��تبقى كلماتك في ذهني ال أنس��اها وربما وفقت‬ ‫للعمل بمقتضاها‪.‬‏‏‬ ‫* ش��فيق جبري‪ :‬جهاد الشيخ صالح العلي نسيج‬ ‫وح��ده‪ ..‬فالرج��ل عظي��م ف��ي أخالق��ه‪ ..‬عظي��م في‬ ‫جه��اده‪ ..‬إن بطولة مثل ه��ذه البطولة ال يصورها إال‬ ‫الشعر وحده‪.‬‏‏‬ ‫* األخطل الصغير‪ :‬يا صالح بن علي هل لك في‬ ‫يد فلقد وج��دت لكي تغي��ث وترحما‪..‬تعب الجهاد من‬ ‫الطواف فلم يجد شرفًا أعزّ وال مقامًا أكرما‪.‬‏‏‬ ‫واس��تمر الشيخ صالح العلي في نشاطه الوطني‬ ‫ق��در اس��تطاعته حت��ى وافاه األج��ل في ‪ 13‬نيس��ان‬ ‫ع��ام ‪ .1950‬عاش مجاهداً وعالمًا في فقه الش��ريعة‬ ‫اإلس�لامية‪ ،‬مش��هوراً بحس��ن خط��ه وجم��ال حرفه‪،‬‬ ‫وتنس��ب إلي��ه قصائ��د فيه��ا تصوي��ر جمي��ل ودقيق‬ ‫لبع��ض المعارك التي خاضه��ا‪ .‬وقد ت��رك ديواناً من‬ ‫الشعر ومجلداً كام ً‬ ‫ال يحوي نسخ طبق األصل لمجموع‬ ‫الرسائل التي تلقاها أو بعثها‪ ،‬وتوجد صور عن بعض‬ ‫نسخه لدى الكثيرين في سوريا ‪ -‬ومن أبرزها رسالة‬ ‫من الثائ��ر غاندي إليه ورده عليها ومجموعة رس��ائل‬ ‫م��ع الملك فيصل والش��ريف حس��ين ومش��ايخ جبل‬ ‫عامل ومع السياسي إحس��ان بك الجابري والسياسي‬ ‫س��عد اهلل الجابري والش��هيد يوس��ف العظم��ة الذي‬ ‫التقاه قبل استش��هاده بعدة أشهر في قرية السويدة‬ ‫قرب مصياف وغيرهم من الشخصيات السياسية في‬ ‫سوريا والعالم العربي والعالم‪.‬‬


‫تطور النقد يف �سوريا‬ ‫بالل �سالمة‬

‫حبر ناشف ‪. .‬‬

‫الفئات النقدية اليوم‪:‬‬ ‫تص��در الليرة الس��ورية م��ن قبل‬ ‫مصرف س��وريا المرك��زي وتتوزع فئات‬ ‫إصدارها كما يلي‪:‬‬ ‫لي��رة واح��دة )معدني��ة) ‪ -‬ليرت��ان‬ ‫(معدني��ة) ‪ -‬خم��س لي��رات (ورقية غير‬ ‫ش��ائعة ومعدنية أكثر تداو ًال) ‪ -‬عش��رة‬ ‫ليرات (ورقي��ة قليلة الت��داول ومعدنية‬ ‫أكثر ت��داو ًال) ‪ -‬خمس��ة وعش��رون ليرة‬ ‫(ورقي��ة قليلة الت��داول ومعدني��ة أكثر‬ ‫تداو ًال) ‪ -‬خمس��ون ليرة (ورقية فقط) ‪-‬‬ ‫مائ��ة ليرة (ورقية فق��ط) ‪ -‬مائتين ليرة‬ ‫(ورقية فقط) ‪ -‬خمس��مائة ليرة (ورقية‬ ‫فقط) ‪ -‬ألف ليرة (ورقية فقط)‪.‬‬ ‫كم��ا أص��درت أوراق نقديّة جديدة‬ ‫عام ‪ 2010‬للفئات ‪ 200 - 100 - 50‬ليرة‬ ‫سورية‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫اتفاق ‪ 25‬كانون الثاني ‪:1944‬‬ ‫نص االتف��اق المالي المعقود بين‬ ‫سوريا ولبنان وبريطانيا وفرنسا في ‪25‬‬ ‫كانون الثاني عام ‪ 1944‬على ما يلي‪:‬‬ ‫‪ 1‬يبق��ى مع��دل الليرة الس��ورية‬‫بالنسبة لإلس��ترليني على ما كان عليه‬ ‫أي ‪ 883‬قرشًا سورية للجنيه اإلسترليني‬

‫اتفاق شباط ‪:1949‬‬ ‫أجرت س��وريا ولبنان مفاوضات مع‬ ‫فرنس��ا لبحث استقالل الليرة السورية–‬ ‫اللبناني��ة وتصفي��ة الديون مع فرنس��ا‬ ‫وذلك حتى كانون الثاني ‪ ،1948‬وعندما‬ ‫أجرت فرنسا تخفيضًا على عملتها وافق‬ ‫لبن��ان على االتفاق معه��ا بينما رفضت‬ ‫س��وريا ذل��ك مم��ا أدى لالنفص��ال بين‬ ‫الوحدة الت��ي كانت بين النقد الس��وري‬ ‫واللبناني‪.‬‬ ‫وهك��ذا ترك��ت س��ورية منطق��ة‬ ‫الفرن��ك وعدّل��ت س��عر ص��رف الليرة‬ ‫بالفرن��كات مم��ا اضط��ر فرنس��ا لعقد‬ ‫اتفاق ف��ي ‪ 8‬ش��باط ‪ 1949‬مع س��وريا‬ ‫يؤك��د انفص��ال اللي��رة الس��ورية ع��ن‬ ‫الفرنك الفرنسي‪.‬‬

‫الليرة السورية‪:‬‬ ‫بع��د انفصال‪ ‬بن��ك س��وريا‬ ‫ولبنان‪ ‬الذي كان يصدر‪ ‬الليرة الس��ورية‬ ‫ اللبناني��ة بدأ العمل بالليرة الس��ورية‬‫عام ‪ .1948‬تنقسم الليرة السورية إلى‬ ‫‪ 100‬قرش‪ .‬وفي عام ‪ 1947‬كانت قيمة‬ ‫الدوالر األمريكي مقابل الليرة السورية‬ ‫‪ 1‬دوالر = ‪ 2.19‬ليرة سورية‪ .‬وبقي هذا‬ ‫المعدل حتى عام‪.1961 ‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫النق��د الس��وري خ�لال االنت��داب‬ ‫الفرنسي‪:‬‬ ‫ظ��ل الس��وريون يتداول��ون‬ ‫الجنيه المص��ري حتى أصبحت س��وريا‬ ‫تحت‪ ‬االنت��داب الفرنس��ي‪ ،‬عندها صدر‬ ‫مكان��ه الفرن��ك الفرنس��ي (يتألف من‬ ‫مائ��ة ق��رش)‪ ،‬وأخذ بنك س��وريا امتياز‬ ‫اإلصدار من شهر أيار ‪ .1920‬خضع النقد‬ ‫السوري الجديد للتداول اإلجباري ولعدم‬ ‫قابلية الصرف بالذهب‪.‬‬ ‫ونظراً إلى أنه لم يكن من الممكن‬ ‫أن يبق��ى النظ��ام النقدي في س��ورية‬ ‫ولبنان قائماً على أس��اس القرار الصادر‬ ‫عن المفوض الس��امي الفرنس��ي دون‬ ‫أخذ موافق��ة الحكوم��ات المحلية‪ ،‬بدأت‬ ‫المفاوض��ات بي��ن الحكومات الس��ورية‬ ‫ولبنان من جهة‪ ،‬والس��لطات الفرنسية‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬وأقرت هذه المفاوضات‬ ‫ف��ي ‪ 23‬كان��ون الثان��ي ‪ 1924‬الوض��ع‬ ‫النق��دي الراه��ن ال��ذي أنش��أه ق��رار‬ ‫المفوض السامي عام ‪ 1920‬وذلك حين‬ ‫أدت إلى توقيع اتفاقي��ة نقدية اعترفت‬ ‫الحكوم��ات المحلي��ة بموجبه��ا بالنق��د‬ ‫الس��وري – اللبناني‪ ،‬وأق��رت منح امتياز‬ ‫اإلصدار لبنك س��وريا الذي أصبح اسمه‬ ‫«بن��ك س��ورية ولبنان»‪ ،‬لمدة ‪ 15‬س��نة‬ ‫تبدأ من نيسان ‪.1924‬‬ ‫جرت بعض المفاوضات مع حكومة‬ ‫س��وريا لتجدي��د اتفاقي��ة ‪ 1924‬نت��ج‬ ‫عنها مش��روع اتفاق في ‪ 25‬شباط عام‬ ‫‪ 1938‬لكن��ه لم يع��رض على المجلس‬

‫النقد السوري خالل الحرب العالمية‬ ‫الثانية‪:‬‬ ‫تم نق��ل المرك��ز الرئيس��ي لبنك‬ ‫س��وريا ولبنان من باري��س إلى بيروت‪،‬‬ ‫وقام المفوض السامي لفرنسا بتعديل‬ ‫اتفاقية عام ‪ .1938‬استهدفت التعديالت‬ ‫تمكين بنك س��وريا ولبنان تلبية حاجات‬ ‫جي��وش االحت�لال م��ن األوراق النقدية‬ ‫الالزم��ة‪ .‬وهك��ذا زيدت كمية الس��ندات‬ ‫التجارية الداخل��ة في التغطية إلى ‪25%‬‬ ‫م��ن حج��م الكتل��ة النقدي��ة المتداولة‬ ‫لتصبح ق��روض البن��ك للدول��ة جميعًا‬ ‫داخل��ة ف��ي التغطي��ة‪ .‬أدى ه��ذا إل��ى‬ ‫تسهيل عمليات اإلصدار دون أن يضطر‬ ‫المص��رف إلى تحقيق تغطي��ة اإلصدار‬ ‫بواسطة الفرنكات أو العمالت األخرى‪.‬‬ ‫بع��د أن احتل��ت جي��وش الحلف��اء‬ ‫س��وريا زاد إنف��اق النق��د اإلس��ترليني‬ ‫وال��دوالر وذل��ك تلبي��ة لحاج��ات ه��ذه‬ ‫الجيوش‪ .‬كما كانت الجيوش البريطانية‬ ‫مضط��رة وه��ي ف��ي س��وريا إل��ى بيع‬ ‫الليرات اإلس��ترلينية إلى مكتب القطع‪،‬‬ ‫لتحصل مقابلها على الليرات الس��ورية‬ ‫لتلبية حاجاتها‪ .‬وكان مكتب القطع بدوره‬ ‫يحول الليرات اإلس��ترلينية إلى الخزينة‬ ‫المركزية لفرنس��ا ليحل محلها فرنكات‬ ‫فرنس��ية‪ ،‬حيث بلغت نس��بة الفرنكات‬ ‫الفرنس��ية في التغطي��ة ‪ 98%‬من النقد‬ ‫المت��داول‪ ،‬كما بلغ مق��دار النقد الصادر‬ ‫‪ 800‬مليون ليرة سورية‪ ،‬استولت فرنسا‬ ‫على م��ا يقابلها م��ن القطع ال��ذي دفع‬ ‫مقابل اإلنتاج السوري‪.‬‬ ‫بع��د احت�لال س��وريا م��ن قب��ل‬ ‫الحلفاء حدد معدل الليرة اإلسترلينية بـ‬ ‫‪ 883.125‬قرشاً سوريًا‪.‬‬ ‫ذك��ر تقري��ر مجل��س إدارة بن��ك‬ ‫س��وريا ولبنان ألع��وام ‪ 1945-1941‬أن‬ ‫‪ 8/7‬م��ن التضخ��م ف��ي أرق��ام التداول‬ ‫والودائ��ع المصرفية كان س��ببه نفقات‬ ‫جي��وش الحلفاء م��ن الليرات الس��ورية‬ ‫لقاء تس��ليمه العم�لات األجنبية‪ .‬فكان‬ ‫البد لحل هذه المشكلة من إصدار قرار‬ ‫يس��مح بإخراج رؤوس األم��وال المحلية‬ ‫من البالد‪ ،‬مم��ا أدى إلى خروج ما يقرب‬ ‫ال��ـ ‪ 400‬مليون ليرة س��ورية خالل ثالث‬ ‫سنوات‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬

‫مر النقد في س��وريا بع��دة مراحل‬ ‫تطورَ فيها عاكس��ًا العوام��ل التاريخية‬ ‫واالقتصادي��ة والسياس��ية وحت��ى‬ ‫االجتماعيةللمجتمع‪.‬‬ ‫النق��د الس��وري خ�لال االحت�لال‬ ‫العثماني‪:‬‬ ‫خالل االحتالل العثماني كان النقد‬ ‫المت��داول هو النق��د العثمان��ي‪ ،‬وحتى‬ ‫ع��ام ‪ 1888‬كان��ت قاع��دة النق��د ه��ي‬ ‫قاعدة المعدنين ثم انتقلت إلى القاعدة‬ ‫الذهبي��ة حيث كان��ت اللي��رة العثمانية‬ ‫الذهبي��ة وح��دة الب�لاد النقدي��ة وهي‬ ‫تس��اوي أربعة دوالرات ذهبية وس��نتينًا‬ ‫وتقس��م إلى مئ��ة قرش ذهب��ي وتزن‬ ‫‪ 7216‬مغ من عيار ‪.0.9165‬‬ ‫كما اس��تخدمت النقود المس��اعدة‬ ‫المصنوعة من معادن رخيصة في تأدية‬ ‫المدفوع��ات الصغيرة‪ ،‬وكذل��ك تداولوا‬ ‫الليرات الذهبية اإلنكليزية والفرنسية‪.‬‬ ‫أم��ا بالنس��بة للنق��د الورق��ي‬ ‫ف��كان امتي��از إص��داره ممنوح��ًا للبنك‬ ‫اإلمبراطوري العثماني ولكن استعماله‬ ‫كان محدوداً إلى أن أبطلت تركيا التعامل‬ ‫بالذهب خ�لال الحرب العالمي��ة األولى‪،‬‬ ‫وفرضت النقود الورقية بشكل إلزامي‪.‬‬ ‫خالل الحرب العالمية الثانية رفض‬ ‫البنك العثماني إقراض الحكومة التركية‬ ‫فقامت بس��بعة إص��دارات متوالية أدت‬ ‫لتدهور القيمة الشرائية للنقود الورقية‪،‬‬ ‫فتجنبها الن��اس واتجهوا للذهب مما زاد‬ ‫قيمت��ه في أقالي��م اإلمبراطورية ومنها‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1918‬دخل��ت ق��وات الحلفاء‬ ‫إلى س��وريا واس��تبدلوا الجنيه المصري‬ ‫بالنقود التركية مع الس��ماح باستعمال‬ ‫النقود الذهبية‪.‬‬

‫النيابي الس��وري بس��بب تعطيل الحياة‬ ‫الدس��تورية من قبل س��لطات االنتداب‬ ‫ف��ي تم��وز ‪ ،1938‬وح��ل مح��ل الحكم‬ ‫النيابي حكومة مديرين تملك الس��لطة‬ ‫التنفيذي��ة‪ ،‬والتي أصدرت ف��ي ‪ 9‬أيلول‬ ‫‪ 1939‬مرس��ومًا أقرت في��ه اتفاقية ‪25‬‬ ‫ش��باط‪ ،‬وأجلت موعد س��ريان االتفاقية‬ ‫إلى ‪ 1‬كانون الثاني ‪.1940‬‬ ‫حدد سعر الليرة السورية – اللبنانية‬ ‫في االتفاقيتين على أساس أن كل ليرة‬ ‫تساوي عشرين فرنك فرنسي‪.‬‬

‫الواح��د‪ .‬ولم��ا كان االتف��اق البريطاني‬ ‫الفرنس��ي الجديد قد عدل سعر التعادل‬ ‫بين عملتي البلدي��ن وجعله ‪ 200‬فرنك‬ ‫لإلسترلينية الواحدة بد ًال من ‪176.625‬‬ ‫(فرنك فرنس��ي) حس��ب اتفاق آذار عام‬ ‫‪ 1941‬ف��إن تع��ادل الفرن��ك م��ع الليرة‬ ‫الس��ورية أصب��ح ‪ 22.65‬فرن��ك للي��رة‬ ‫السورية الواحدة‪.‬‬ ‫‪ 2‬تس��تمر حري��ة ش��راء اللي��رة‬‫اإلس��ترلينية بالنس��بة لس��كان سوريا‬ ‫ولبنان وال تتوقف دون استشارة حكومة‬ ‫البلدين بصورة مسبقة‪.‬‬ ‫‪ 3‬ال يعدل صرف الليرة الس��ورية‬‫بالنس��بة لإلس��ترليني قب��ل استش��ارة‬ ‫الحكومتين السورية واللبنانية‪.‬‬ ‫بعد اتفاق دمشق أعطت السلطات‬ ‫الفرنس��ية تأكي��دات بإع��ادة التغطي��ة‬ ‫الذهبية إلى بنك س��وريا ولبنان‪ ،‬وتعهد‬ ‫بإثب��ات قيم��ة موج��ودات بن��ك س��وريا‬ ‫ولبن��ان‪ ،‬وذلك بتأدية الف��روق في حالة‬ ‫تدن��ي قيمة الفرن��ك بالنس��بة للجنيه‬ ‫اإلسترليني‪.‬‬ ‫نتيجة التفاقي��ة كانون الثاني عام‬ ‫‪ 1944‬خفض��ت فرنس��ا قيم��ة الفرنك‬ ‫الفرنس��ي في ‪ 25‬كان��ون األول ‪.1945‬‬ ‫ف��زادت كمي��ة الفرن��كات الموضوع��ة‬ ‫في تغطية النقد الس��وري‪ .‬أم��ا األفراد‬ ‫فقد اس��تمروا في تحوي��ل موجوداتهم‬ ‫م��ن اللي��رات الس��ورية إل��ى لي��رات‬ ‫إس��ترلينية‪ .‬مما أقلق فرنس��ا‪ ،‬فوجهت‬ ‫مذك��رة إلى الحكومة الس��ورية في آذار‬ ‫‪ 1946‬ق��ررت فيه��ا «إلغاء حرية ش��راء‬ ‫اإلس��ترليني‪ ،‬وإلغاء ضم��ان التعادل مع‬ ‫اللي��رة اإلس��ترلينية‪ ،‬ورف��ض تقدي��م‬ ‫التعويض��ات الناجم��ة ع��ن تخفي��ض‬ ‫الفرنك الفرنسي»‪.‬‬ ‫ف��ي كانون األول عام ‪ 1946‬وجهت‬ ‫فرنس��ا مذك��رة أخ��رى لس��وريا ألغ��ت‬ ‫بموجبها اتفاق عام ‪ ،1944‬وأنهت ارتباط‬ ‫الليرة السورية بالجنيه اإلسترليني‪ ،‬لهذا‬ ‫ب��ادرت الحكومتان الس��ورية واللبنانية‬ ‫منذ عام ‪ 1947‬إلى التفاوض مع فرنسا‬ ‫لحل أزمة النقد‪.‬‬

‫اتجهت س��وريا إلى نظ��ام الحماية‬ ‫الجمركي��ة لحماي��ة الصناع��ة المحلية‬ ‫الناش��ئة‪ ،‬وطبقت أنظم��ة الرقابة على‬ ‫النق��د األجنب��ي ف��ي تعاملها م��ع لبنان‬ ‫اعتب��اراً م��ن ‪ 14‬آذار ‪ .1950‬وفي ش��هر‬ ‫شباط ‪ 1948‬صدر المرسوم التشريعي‬ ‫رق��م ‪ 92‬ال��ذي أُح��دث بموجب��ه مكتب‬ ‫القطع ثم أُلغي هذا المرسوم بالمرسوم‬ ‫التشريعي رقم ‪ 208‬تاريخ ‪1952/4/21‬‬ ‫الذي أنش��أ مكت��ب القطع الحال��ي (كان‬ ‫مكت��ب القط��ع تابع��ًا ل��وزارة المالي��ة‬ ‫ف��ي ذلك الوقت وه��و اآلن تاب��ع لوزارة‬ ‫االقتصاد)‪.‬‬ ‫نتيج��ة خروج س��وريا م��ن منطقة‬ ‫الفرن��ك أصب��ح بإمكانها اتباع سياس��ة‬ ‫قط��ع مس��تقلة‪ ،‬وأصبح لديها س��لطة‬ ‫ترسم وتنفذ هذه السياسة‪.‬‬ ‫تم خفض الفرنك مرتين في عام‬ ‫‪ 1948‬األول��ى ف��ي ‪ 26‬كان��ون الثان��ي‬ ‫‪ 1948‬والثانية في ‪ 17‬تشرين األول‪،‬‬ ‫مم��ا أدى إل��ى انخف��اض كبير في‬ ‫قيمة التغطي��ة النقدية التي كان أغلبها‬ ‫بش��كل أرصدة بالفرن��ك‪ ،‬ولكي تغطي‬ ‫س��وريا النقص ف��ي التغطي��ة أصدرت‬ ‫الحكوم��ة س��ندات ع��ن الخزين��ة بلغت‬ ‫قيمته��ا في نهاي��ة ‪ 1948‬مبل��غ ‪104.2‬‬ ‫مليون ليرة س��ورية‪ .‬شكل هذا اإلصدار‬ ‫نقص��ًا واضح��ًا ف��ي قواع��د التغطي��ة‬ ‫المنصوص عنها في اتفاقية عام ‪1938‬‬ ‫مم��ا أدى إلى إص��دار قانون نقدي جديد‬ ‫في آذار ‪.1950‬‬

‫‪11‬‬


‫اقتصاد ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫النظام ال�سوري‪ :‬نزيف املوارد‬ ‫واهتالك القدرات‬ ‫ل��م يتهي��أ النظ��ام الس��وري ال‬ ‫سياس��يًا وال أمني��اً لمواجه��ة ث��ورة‬ ‫شعبية تسعى لإلطاحة به‪ ،‬فاألخطار‬ ‫المتصورة التي تش��كلت لمواجهتها‬ ‫األجهزة األمنية الس��ورية‪ ،‬وتمرست‬ ‫ف��ي مواجهته��ا‪ ،‬ه��ي إم��ا جماعات‬ ‫سياس��ية معارض��ة‪ ،‬أو مجموع��ات‬ ‫تسميها إرهابية صغيرة العدد‪ ،‬تقوم‬ ‫بعمليات متناثرة كاغتيال شخص أو‬ ‫وض��ع متفج��رة في مكان م��ا‪ .‬ويقع‬ ‫خ��ارج المتخي��ل السياس��ي واألمني‬ ‫لهذه األجه��زة‪ ،‬ولقيادة النظام ذاته‪،‬‬ ‫تفجر ثورة ش��عبية واسعة القاعدة‪،‬‬ ‫يش��ارك فيها مئات األلوف وأكثر في‬ ‫عش��رات أو مئات المواق��ع في البلد‪.‬‬ ‫غي��ر أن "الح��ذر يؤتى م��ن مكمنه"‬ ‫حس��ب قول المثل العرب��ي‪ ،‬والثورة‬ ‫الش��عبية هي بالضبط م��ا وقع في‬ ‫س��ورية ب��دءا من منتص��ف مارس‪/‬‬ ‫آذار من العام الماضي ‪.2011‬‬

‫العنف والكراهية‪:‬‬ ‫مزيج متفجر‬ ‫حي��ال وض��ع ل��م يك��ن ضم��ن‬ ‫مخططات��ه الذهني��ة‪ ،‬زج النظ��ام‬ ‫وح��دات الجي��ش الس��وري ف��ي‬ ‫المواجه��ة‪ ،‬وأقحم ميلش��يات مدنية‬ ‫وه��ي "الش��بيحة"‪ ،‬وأعطاها جميعا‬ ‫أوام��ر تن��ص عل��ى وج��وب إنه��اء‬ ‫األنش��طة االحتجاجية السلمية "بأي‬ ‫طريق��ة"‪ ،‬حس��ب تقرير ص��ادر عن‬ ‫منظم��ة هيومان رايتس��ووتش في‬ ‫الش��هر األخير من ‪ ،2011‬منس��وب‬ ‫إلى مس��ؤول س��وري كبي��ر‪ ،‬يُعتقد‬ ‫أنه بشار األسد شخصيا‪.‬‬

‫وبالفع��ل‪ ،‬وُوج��ه الجمه��ور‬ ‫الثائر بعنف ش��ديد القس��وة‪ ،‬اقترن‬ ‫أيض��ا بكراهي��ة وعداوة ش��ديدتين‬ ‫لعموم المش��اركين في االحتجاجات‬ ‫عبرته��ا عنها التصريحات الرس��مية‬ ‫والتغطية اإلعالمية الحكومية‪ .‬لكن‬ ‫نهج القضاء عل��ى االحتجاجات "بأي‬ ‫طريق��ة" ق��اد إل��ى ش��يئين‪ :‬أولهما‬ ‫انش��قاقات متتالي��ة ف��ي الجي��ش‪،‬‬ ‫بأع��داد صغي��رة في كل م��رة‪ ،‬لكن‬ ‫عدده��ا اإلجمال��ي خ�لال حوالي ‪14‬‬ ‫شهرا‪ ،‬كبير‪ .‬والثاني تجذر االعتراض‬ ‫على النظام شعبيا وتصلبه نفسيا‪،‬‬ ‫وانضم��ام مدنيي��ن ف��ي العديد من‬ ‫مناط��ق البل��د إل��ى العس��كريين‬ ‫المنش��قين ومش��اركتهم ف��ي رفع‬ ‫السالح في وجه قوات النظام‪.‬‬ ‫أث��ار مزي��ج العن��ف والكراهية‬ ‫الذي اعتمد عليه النظام في مواجهة‬ ‫المحتجين ش��عورا ش��ديدا بالغضب‬ ‫والنقمة عند المشاركين في الثورة‪،‬‬ ‫وعن��د قط��اع واس��ع م��ن الجمه��ور‬ ‫غير المش��ارك أصال‪ .‬وش��كلت هذه‬ ‫ال��روح الناقمة والس��اخطة األرضية‬ ‫النفس��ية لالستمرار في الثورة‪ .‬وقد‬ ‫س��جلت هتافات الثائرين والفتاتهم‬ ‫وأهازيجهم مدى القطيعة النفسية‬ ‫الت��ي صارت تفصلهم ع��ن النظام‪،‬‬ ‫وم��ن تل��ك الهتاف��ات والالفت��ات ما‬ ‫يتضم��ن تحقي��را ش��ديدا للرئي��س‬ ‫بش��ار األس��د‪ ،‬وكذل��ك ل��روح أبيه‪،‬‬ ‫حاف��ظ‪ ،‬في هت��اف متع��دد النغمات‬ ‫(من��ه تس��جيالت عل��ى إيقاع��ات‬ ‫غربية)‪ ،‬ووص��ف النظام بأنه محتل‬ ‫وبأن قواته األمنية والعسكرية هي‬ ‫قوات احتالل أو عصابات‪.‬‬ ‫ويبدو أن اس��تمرار االحتجاجات‬

‫الش��عبية ط��وال أكثر من ع��ام‪ ،‬مع‬ ‫تحول أش��كالها والمناطق الطليعية‬ ‫فيه��ا‪ ،‬ودون أدن��ى مؤش��ر عل��ى‬ ‫احتم��ال توقفه��ا أو تراجعها في أي‬ ‫مس��تقبل قريب‪ ،‬يعود أساسا إلى ما‬ ‫تحقق للس��وريين من تحرر نفسي‬ ‫وسياس��ي من نظ��ام األس��د‪ ،‬االبن‬ ‫واألب‪ .‬ولعله يجد راف��دا إضافيا من‬ ‫إدراك مشترك بأن اس��تتباب األمور‬ ‫للنظ��ام‪ ،‬وهو على م��ا يعلمون من‬ ‫القس��وة والثأر في سلوكه الحالي أو‬ ‫في بطشه السابق بالسوريين خالل‬ ‫الثمانيني��ات‪ ،‬س��يؤدي إل��ى ‪ 30‬عاما‬ ‫أخرى من اإلذالل والفس��اد والخراب‬ ‫العام‪ ،‬المادي والمعنوي والسياسي‪.‬‬ ‫هذا س��بب ق��وي لما يمك��ن وصفه‬ ‫بس��يكولوجية ح��رق المراك��ب عند‬ ‫أعداد أكبر من السوريين‪ ،‬حيث نجد‬ ‫ترجمة ه��ذه الحقيقة ف��ي أن عددا‬ ‫ممن يتكلمون إلى القنوات الفضائية‬ ‫الي��وم م��ن داخ��ل البل��د ال يخفون‬ ‫أس��ماءهم ووجوههم‪ .‬صحيح أنهم‬ ‫ح��ذرون في تحركاته��م‪ ،‬لكنهم لم‬ ‫يع��ودوا يموهون هوياته��م‪ ،‬خالفا‬ ‫لم��ا كان��ت الحال ف��ي أش��هر الثورة‬ ‫األولى‪.‬‬ ‫م��ن عوام��ل تواص��ل التم��رد‬ ‫الش��عبي الع��ام أيض��ا اتس��اع‬ ‫قاعدت��ه الجغرافية والبش��رية‪ .‬بات‬ ‫الس��وريون والعال��م م��ن حوله��م‬ ‫على معرفة بأس��ماء ع��دد كبير من‬ ‫الم��دن والبل��دات واألحي��اء والق��رى‬ ‫الت��ي كانت منس��ية ومغم��ورة من‬ ‫قب��ل‪ .‬يش��عر س��ليل درع��ا بالقرب‬ ‫من الميداني الش��امي و"الدوماني"‬ ‫(س��ليل دوما) والحمصي ساكن باب‬ ‫عمرو والبانياسي‪ ،‬وساكن "كفرنبل‬ ‫المحتلة"‪ ،‬وطال��ب الجامعة الحلبي‪،‬‬

‫والديري (س��اكن دير الزور)‪ ،‬هذا إن‬ ‫اقتصرن��ا عل��ى أس��ماء قليلة فقط‪.‬‬ ‫وتُحيّ��ي الم��دن والبل��دات بعضها‪،‬‬ ‫وخاص��ة من تتعرض منها في حينه‬ ‫لبطش قوات النظام‪ ،‬فتولد ش��عور‬ ‫بالتضامن بي��ن المناطق الثائرة زاد‬ ‫من عزلة النظام داخليا‪.‬‬ ‫ه��ذه العوام��ل‪ ،‬القطيع��ة‬ ‫النفس��ية والسياس��ية‪ ،‬ومزاج حرق‬ ‫المراكب‪ ،‬واتس��اع القاعدة البشرية‬ ‫والجغرافي��ة للث��ورة‪ ،‬ه��ي المناب��ع‬ ‫األساس��ية الس��تمرارها‪ .‬وسيسهم‬ ‫عجز النظام ع��ن تطوير أي مقاربة‬ ‫غير متمحورة حول القمع في تثبيت‬ ‫فاعلية تلك العوامل‪.‬‬ ‫ويميل ه��ذا التقدي��ر أيضا إلى‬ ‫أن تن��وع تعابي��ر الث��ورة الس��ورية‪،‬‬ ‫ومنها المقاومة المسلحة‪ ،‬و شبكات‬ ‫اإلغاث��ة التي س��اعدت بق��در ما في‬ ‫تخفي��ف معان��اة نح��و ملي��ون م��ن‬ ‫الالجئي��ن الداخليي��ن‪ ،‬س��اهمت في‬ ‫تحم��ل الث��ورة لضرب��ات النظ��ام‪،‬‬ ‫وأم��دت المقاومة بالطاق��ة والقدرة‬ ‫على االستمرار‪.‬‬

‫التمدد الزائد واملال‬ ‫املتناق�ص‬ ‫لق��د توزع��ت قوى النظ��ام في‬ ‫جميع أرجاء البلد‪ ،‬ويحتمل أن تظهر‬ ‫عليها عالمات فرط تمدد استراتيجي‬ ‫ف��ي أي وق��ت‪ ،‬أي تج��اوز أكالفه��ا‬ ‫األهداف المس��طرة فيعج��ز النظام‬ ‫عن توفير الموارد الضرورية‪ .‬وحتى‬ ‫إذا كان النظ��ام ال يزال يلقى الدعم‬ ‫المادي القوي من إي��ران‪ ،‬وربما من‬


‫اقتصاد ‪. .‬‬

‫�إ�سرتاتيجية اال�ستنزاف‬

‫�إ�سرتاتيجية النف�س‬ ‫الطويل‬ ‫المرج��ح ف��ي أف��ق الحاضر هو‬ ‫دوام األوض��اع الراهن��ة‪ .‬النظ��ام ال‬ ‫يس��تطيع‪ ،‬ولن يستطيع‪ ،‬وقف تمرد‬ ‫ش��عبي قوي الزخم وعميق المنابع‪،‬‬ ‫والتمرد الش��عبي ال يس��تطيع حاليا‬ ‫إس��قاطه‪ .‬لك��ن بينما يب��دو النظام‬ ‫قريب��ا م��ن اس��تنفاد أوراق��ه ف��ي‬ ‫المواجه��ة‪ ،‬ف��إن م��ن ش��أن اعتماد‬ ‫الثائرين إس��تراتيجية نفس طويل‪،‬‬ ‫وتنس��يق العالق��ات بي��ن مكون��ات‬ ‫الث��ورة‪ ،‬وقدر أكبر م��ن المرونة في‬ ‫تحرك المك��ون العس��كري‪ ،‬وتأمين‬ ‫الع��ون الم��ادي لألوس��اط األكث��ر‬ ‫تض��ررا‪ ،‬أن يكون عونا حاس��ما في‬ ‫تأج��ج االعتراض الش��عبي إلى حين‬ ‫يتداع��ى النظام م��ن الداخل‪ ،‬وربما‬ ‫بمس��اعدة أوض��اع إقليمي��ة ودولية‬ ‫مواتية أكثر‪.‬‬ ‫عن مركز الجزيرة للدراسات‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬

‫م��ن انقس��امات المعارض��ة وعل��ى‬ ‫تغذيته��ا م��ن وراء الس��تار‪ .‬وه��ذا‬ ‫عنصر متزايد األهمية في سياسته‪،‬‬ ‫مس��تفيدا م��ن مب��ادرة عن��ان التي‬ ‫تن��ص على إطالق عملية سياس��ية‬ ‫تجم��ع النظام والمعارض��ة‪ ،‬وكذلك‬ ‫من اهتم��ام الجامعة العربية الالفت‬ ‫بتوحيد المعارضة السورية‪.‬‬ ‫لك��ن مزي��ج العن��ف المنفل��ت‬ ‫والتخويف و"اإلصالح" لم يثمر خالل‬ ‫أكثر من عام‪ ،‬وليس هناك أي مبرر‬ ‫لالعتقاد بأنه سيثمر في المستقبل‪.‬‬ ‫أم��ا اللع��ب بتناقض��ات المعارض��ة‬ ‫فيحتمل أن يكون مثمرا أكثر‪ ،‬بفعل‬ ‫خالفاته��ا المعق��دة وع��دم قدرته��ا‬ ‫عل��ى تطوي��ر رؤي��ة عام��ة للوضع‬ ‫الس��وري اليوم ولس��ورية الجديدة‪.‬‬ ‫لكن مشكالت المعارضة كانت دوما‬ ‫محدودة االنعكاس على س��ير حركة‬ ‫االحتجاج الداخلي‪.‬‬ ‫ف��ي خلفي��ة سياس��ة النظ��ام‬ ‫الظاه��رة هن��اك سياس��ة ضمني��ة‪،‬‬ ‫إن ج��از التعبي��ر‪ ،‬تجم��ع بي��ن إثارة‬ ‫انقس��امات المجتمع السوري وتأليب‬ ‫الس��وريين مختلفي الجذور األهلية‬ ‫ض��د بعضهم‪ ،‬وبي��ن تحويل األزمة‬ ‫السورية إلى مسألة داخلية مزمنة‪،‬‬ ‫ومنبع ن��زاع إقليمي معق��د ومتعدد‬ ‫الجبهات ويتع��ذر تقدير مضاعفاته‬ ‫وتحمّل أكالفه على أي كان‪ .‬الهدف‬ ‫من الوجه المحلي للسياسة الضمنية‬

‫ه��و تضييق معس��كر الخصوم كي‬ ‫يس��هل التغل��ب عليهم‪ ،‬أم��ا الهدف‬ ‫م��ن وجهه��ا اإلقليمي فهو توس��يع‬ ‫معسكر المتضررين المحتملين كي‬ ‫يتردد الجميع ف��ي مواجهته‪ ،‬لكنهما‬ ‫معا موجه��ان نحو الف��وز بالمعركة‬ ‫الكبرى‪ ،‬معركة من يحكم دمش��ق‪،‬‬ ‫وكيف تُحكم‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫الس��ؤال اآلن‪ ،‬وبع��د أكث��ر من‬ ‫عام من كالم متكرر على أن األزمة‬ ‫"خلصت"‪ ،‬وه��ي "لم تخلص"‪ ،‬كيف‬ ‫يحتمل أن يتعامل النظام الس��وري‬ ‫في الفترة القادم��ة مع هذا التهديد‬ ‫المصيري؟‬ ‫ال ريب أن عماد خطته س��يبقى‬ ‫مواجه��ة الث��ورة بالعن��ف‪ .‬فنقط��ة‬ ‫تفوق النظام هي استئثاره بوسائل‬ ‫العن��ف‪ ،‬أما ف��ي غير مج��ال تفوقه‬ ‫هذا هو خاسر حتما‪ .‬لذلك لن يفرط‬ ‫بهذا االمتياز الكبي��ر‪ .‬فرغم التزامه‬ ‫المعل��ن بخط��ة عن��ان‪ ،‬لي��س على‬ ‫األرض إال م��ا ينف��ي ه��ذا االلتزام‪،‬‬ ‫وليس في س��جله التاريخي ما يفيد‬ ‫بأن��ه يلت��زم بم��ا يتعه��د ب��ه حيال‬ ‫مواطني��ه‪ .‬عل��ى أن��ه س��يبذل كل‬ ‫جه��د لإليحاء ب��أن هن��اك طرفا آخر‬ ‫غير ملت��زم بالخطة‪ ،‬ويركز على ما‬ ‫يس��ميها "عملي��ات ق��ذرة"‪ ،‬يلصقها‬ ‫ب"العصابات اإلرهابية المس��لحة"‪،‬‬ ‫التي ص��ار يضيف إليها مؤخرا صفة‬ ‫"التكفيرية"‪ .‬عل��ى أن هناك العديد‬ ‫من عالمات االستفهام حول عمليات‬ ‫التفجي��ر الت��ي ج��رت في الش��هور‬ ‫األخيرة‪ ،‬أي��ام الجمع غالب��ا‪ .‬فإن لم‬ ‫تج��ن الس��لطات من ه��ذه العمليات‬ ‫تصدي��ق بع��ض الس��كان لروايتها‪،‬‬ ‫فإنه��ا تثير الخوف الع��ام من فقدان‬ ‫األم��ن الش��امل‪ ،‬م��ا قد يك��ون من‬ ‫ش��أنه دفع قطاعات من السكان إلى‬ ‫لوم الثورة على ذل��ك‪ ،‬والحنين إلى‬ ‫أيام "األمن واألمان" الخوالي‪.‬‬ ‫س��يمضي النظام أيض��ا في ما‬ ‫يس��ميه "عملية اإلصالح الش��امل"‪،‬‬ ‫ومضمونها الحقيقي إجراءات شكلية‬ ‫ال تطال بح��ال "النظام"‪ ،‬أي المركب‬ ‫السياسي األمني‪ ،‬أي بعبارة واضحة‪:‬‬ ‫عائل��ة األس��د وأجه��زة المخاب��رات‬ ‫والوحدات العس��كرية النخبوية التي‬ ‫تحمي في المق��ام األول النظام من‬ ‫الش��عب وهي (الح��رس الجمهوري‪،‬‬ ‫الفرق��ة الرابع��ة)‪ .‬وم��ن بي��ن هذه‬ ‫االس��تحقاقات انتخاب��ات مجل��س‬ ‫الش��عب في الس��ابع من أيار ‪.2012‬‬ ‫وكان س��بقها وض��ع دس��تور جدي��د‬ ‫واالس��تفتاء عليه في األيام األخيرة‬ ‫م��ن ش��هر ش��باط ‪ .2012‬والغرض‬ ‫المجمل منها اإليحاء بأن اإلصالحات‬ ‫السياس��ية جارية وأن من يصر على‬ ‫الثورة ل��ه أهداف أخ��رى غير معلنة‬ ‫تستهدف دور س��وريا المقاوم‪ .‬لكن‬ ‫الفاعلي��ة الداخلي��ة له��ذه الدينامية‬ ‫مح��دودة ج��داً‪ ،‬وإن فض��ل ال��روس‬ ‫وحلف��اء النظام الترويج بأنها عملية‬ ‫سياسية حقيقية‪.‬‬ ‫س��يعمل أيضا على االس��تفادة‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫حكوم��ة المالك��ي العراقي��ة‪ ،‬فم��ن‬ ‫غي��ر المتص��ور أن يس��تطيع هؤالء‬ ‫االستمرار في تعويض نزيفه لوقت‬ ‫طوي��ل‪ .‬علم��ا أن الكلفة الش��هرية‬ ‫لعملي��ات النظ��ام تقدر بنح��و مليار‬ ‫دوالر أميركي‪ ،‬وأن الرصيد األجنبي‬ ‫الباق��ي ف��ي خزائنه يق��در اليوم ما‬ ‫بين ‪ 5‬و‪ 10‬مليار دوالر أميركي (كان‬ ‫‪ 20‬مليار دوالر قبل الثورة)‪ ،‬حس��ب‬ ‫ما ورد في مقال بواش��نطن بوست‪.‬‬ ‫ويرجح محللون أن إطالق النظام يد‬ ‫"الشبيحة" وقوى األمن في ممتلكات‬ ‫الس��وريين‪ ،‬إل��ى حد نش��وء س��وق‬ ‫للمنهوبات في بع��ض أحياء حمص‬ ‫الموالية‪ ،‬مؤش��ر عل��ى تراجع قدرة‬ ‫النظام على تمويل حربه‪.‬‬ ‫تتعارض ه��ذه الصورة المعبرة‬ ‫عن استمرار زخم الثورة السورية مع‬ ‫نبرة االس��تغاثة التي تحملها أصوات‬ ‫ناطقي��ن محليين باس��م الثورة في‬ ‫مواقع متعددة من البلد‪ ،‬ومع مقاربة‬ ‫ناطقي��ن سياس��يين باس��م الث��ورة‬ ‫خارج البلد‪ ،‬وهي تصريحات تراهن‬ ‫على منطق االس��تغاثة لحش��د دعم‬ ‫دولي ضد النظ��ام‪ ،‬لكنها قد تعطي‬ ‫انطباع��ا خاطئ��ا على ق��درة الثورة‬ ‫على االس��تمرار بخالف م��ا تفيد به‬ ‫نظ��رة عام��ة إل��ى الثورة الس��ورية‬ ‫في البل��د ككل وعلى مدى أكثر من‬ ‫‪ 400‬ي��وم‪ ،‬ب��أن الث��ورة ماضية في‬ ‫س��بيلها بعزم متج��دد‪ ،‬وأنها ال تكف‬ ‫عن تنويع وس��ائل المقاومة والجمع‬ ‫بينه��ا‪ .‬لذل��ك ال يصح الحك��م على‬ ‫الثورة من مواقع جزئية داخل البلد‪،‬‬ ‫أو م��ن مواقع إيديولوجي��ة داخله أو‬ ‫خارج��ه‪ .‬ال ريب أن كلفة االس��تمرار‬ ‫البش��رية والمادية باهظة‪ ،‬وال ريب‬ ‫أن م��ا تتس��بب ب��ه م��ن آالم هائلة‬ ‫هو ما يعط��ي االنطباع ب��أن الثورة‬ ‫تتع��رض للخنق‪ ،‬وما يبث الجزع في‬ ‫نبرات المتكلمين‪ .‬لك��ن الثورة التي‬ ‫تحاص��ر هن��ا أو هن��اك‪ ،‬تنبث��ق في‬ ‫مناط��ق أخ��رى كثي��رة‪ ،‬وتنبعث في‬ ‫المناط��ق المعرضة للخن��ق ذاتها ما‬ ‫إن تخ��ف عنه��ا قبضة النظ��ام‪ .‬لقد‬ ‫حصل هذا االنبعاث مرارا وتكرارا‪.‬‬ ‫األكي��د أن النظ��ام لم يس��تطع‬ ‫تغطي��ة كل الب��ؤر في اآلن نفس��ه‪،‬‬ ‫لذلك يبدو اإلكثار منها عنصرا مهما‬ ‫ف��ي إس��تراتيجية الثورة الس��ورية‪.‬‬ ‫ويبدو أنها تكثر فعال‪.‬‬ ‫وفي هذا المس��ار المجمل ليس‬ ‫هن��اك تأثير مه��م لعوام��ل عارضة‬ ‫مث��ل دخ��ول المراقبي��ن الع��رب في‬ ‫نهاي��ة الع��ام الماض��ي ‪ ،2011‬أو‬ ‫مراقبين دوليين في منتصف ش��هر‬ ‫أبريل‪/‬نيسان ‪ .2012‬يمكن لذلك أن‬ ‫ي��ؤدي إلى انخف��اض وقتي في عدد‬ ‫الضحاي��ا‪ ،‬ويمكن أن يش��كل حماية‬ ‫نس��بية ومؤقت��ة بدوره��ا لبع��ض‬ ‫المناط��ق‪ ،‬لكن في الحالين كان عدد‬ ‫المراقبين وأدواتهم وتفويضهم أقل‬ ‫بكثير من أن يصنع فرقا مهما‪ .‬هذا ال‬ ‫يقلل من فائدة وجود نوع من رقابة‬ ‫عربي��ة أو دولية‪ ،‬خالف��ا للميل العام‬ ‫المتذم��ر من قبل ناطقي��ن محليين‬ ‫باس��م الث��ورة‪ ،‬أو بع��ض الناطقين‬ ‫السياس��يين‪ .‬من المهم وجود طرف‬ ‫ثالث‪ ،‬إن لم يس��هم وجوده في الحد‬ ‫م��ن عدوانية النظ��ام وتوفير بعض‬ ‫الدم��اء‪ ،‬فإن��ه يوف��ر ش��هادة عل��ى‬ ‫النظام‪ ،‬وعلى ثورة السوريين‪.‬‬ ‫بخالف ق��وى كثيرة في الثورة ة‬ ‫والمعارض��ة‪ ،‬فإن النظ��ام وحده من‬ ‫ينطل��ق في تعامله م��ع األزمة التي‬

‫يواجهه��ا م��ن نظ��رة عام��ة تغطي‬ ‫البلد ككل‪ ،‬ويحتمل أنها تشكلت من‬ ‫خبرة أجهزت��ه المتراكمة خالل عمر‬ ‫الث��ورة‪ ،‬بع��د أن رصدت الس��لطات‬ ‫م��وارد وقوى كبيرة تش��مل الجيش‬ ‫والمخاب��رات واإلدارة والبعثيي��ن‬ ‫والش��بيحة‪ ،‬على نحو ما تسرب من‬ ‫وثائق "خلية إدارة األزمة"‪.‬‬ ‫لك��ن يح��د م��ن اتس��اع نظ��رة‬ ‫النظ��ام الضيق الفك��ري واألخالقي‬ ‫لمخططيه السياسيين وشدة تطرف‬ ‫سياس��تهم‪ ،‬لذل��ك لم ينجح��وا في‬ ‫س��حق الثورة رغم ما توفر لهم من‬ ‫موارد وقوى متفوقة بصورة حاسمة‬ ‫خالفا لما هو متاح للثائرين‪.‬‬

‫‪13‬‬



‫يا�ســـرمـــرزوق‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كتابن��ا الي��وم «لمحم��د عاب��د‬ ‫الجاب��ري» ال��ذي يعتب��ر م��ن بي��ن‬ ‫المفكري��ن الع��رب ذوي المش��اريع‬ ‫النظرية األكثر لفتاً لالنتباه واجتذابًا‬ ‫للنقاش والجدل في اللحظة الراهنة‪،‬‬ ‫وإذا أردنا جمع هذه المش��اريع حول‬ ‫س��ؤال مش��ترك‪ ،‬يمك��ن الق��ول إن‬ ‫الهاج��س الغالب عليها ه��و التفكير‬ ‫في س��ؤال النهضة‪ ،‬م��ع اختالف في‬ ‫كيفي��ات ط��رق الس��ؤال واإلجاب��ة‬ ‫عنه‪ ،‬بس��بب تعدد واختالف المداخل‬ ‫المنهجية التي توس��ل به��ا أصحاب‬ ‫تلك المشاريع‪.‬‬ ‫أم��ا المدخ��ل المنهج��ي‪،‬‬ ‫ال��ذي اخت��اره الجاب��ري فل��م يك��ن‬ ‫مدخ� ً‬ ‫لا سياس��يًا وال اقتصادي��ًا ب��ل‬ ‫أبس��تمولوجيًا‪ ،‬إذ ي��رى أنه ال نهضة‬ ‫دون تحصي��ل آلة إنتاجه��ا أي العقل‬ ‫الناه��ض‪ ،‬وال يمك��ن تحصي��ل هذا‬ ‫الفك��ر القادر عل��ى صناعة النهضة‬ ‫دون نق��د للعق��ل العرب��ي وبح��ث‬ ‫صيرورت��ه التاريخي��ة وتحدي��د‬ ‫المفاهي��م المتحكمة في بنيته‪ ،‬من‬ ‫أج��ل بيان الحاجة إل��ى عصر تدوين‬ ‫جديد يؤس��س للعقل نظامًا معرفيًا‬ ‫ق��ادراً عل��ى االس��تجابة لتحدي��ات‬ ‫الراهن‪.‬‬ ‫ه��ذا المطلب هو الذي اش��تغل‬ ‫المفكر محمد عاب��د الجابري بقصد‬ ‫إنج��ازه طيلة م��ا يقرب م��ن نصف‬ ‫قرن‪ ،‬متوجاً ذلك بإنتاج موس��وعته‬ ‫«نق��د العق��ل العرب��ي»‪ ،‬موض��وع‬ ‫زاويتنا اليوم‪ ،‬وهو اإلنجاز الذي رأت‬ ‫اليونس��كو أنه يستحق أن يكرم في‬ ‫االحتف��ال باليوم العالمي للفلس��فة‬ ‫سنة ‪.2006‬‬ ‫وموس��وعة الجاب��ري أتت بأربع‬ ‫أج��زاء «تكوي��ن العق��ل العرب��ي‬ ‫‪ ،1984‬بني��ة العق��ل العربي ‪،1986‬‬ ‫العق��ل السياس��ي العرب��ي ‪،1990‬‬ ‫العق��ل األخالق��ي العرب��ي ‪»2001‬‬ ‫لتك��ون عنوان��اً‬ ‫لمش��روع فك��ري‬ ‫ٍ‬ ‫جدي��د‪ ،‬ونموذج��ًا لق��راءة جدي��دة‬ ‫للت��راث العرب��ي تق��رأ في��ه م��ا لم‬ ‫يق��رأ بع��د‪ ،‬وتوظف في إط��ار هذه‬

‫الق��راءة أحدث المفاهي��م في حقل‬ ‫العلوم اإلنسانية‪ ،‬وذلك في محاولة‬ ‫الختراق ج��دار الصمت الذي فرضته‬ ‫المش��اريع اإليديولوجي��ة الصم��اء‬ ‫المنتش��رة عل��ى امت��داد الوط��ن‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫تنبع أهمي��ة طروح��ات المفكر‬ ‫الجاب��ري‪ ،‬ف��ي المق��ام األول‪ ،‬م��ن‬ ‫أنه��ا تتعرض مباش��رة‪ ،‬ربم��ا ألول‬ ‫م��رة‪ ،‬بهذه الصراح��ة والموضوعية‬ ‫والتأس��يس النظ��ري والتاريخ��ي‪،‬‬ ‫إلى ما يمك��ن أن نطلق عليه «أزمة‬ ‫اإلنس��ان العرب��ي»‪ ،‬الت��ي نس��بها‬ ‫الجاب��ري بح��ق إل��ى «أزم��ة العقل‬ ‫العربي»‪ ،‬باعتبارها السبب األساس‬ ‫في فشل مش��روع النهضة العربية‪،‬‬ ‫وبالتال��ي وصول العرب اليوم إلى ما‬ ‫هم في��ه من ضع��ف وإذالل وتمزق‬ ‫وس��يطرة أجنبي��ة وتخل��ف حضاري‬ ‫واقتصادي وعلمي‪ ،‬على الرغم مما‬ ‫يزخر به الوط��ن العربي من ثروات‬ ‫طبيعية وبشرية‪.‬‬ ‫ويعزو فش��ل مش��روع النهضة‬ ‫العربي��ة‪ ،‬ال��ذي ب��دأ مطل��ع الق��رن‬ ‫التاس��ع عش��ر‪ ،‬إل��ى أن رواده��ا قد‬ ‫استندوا في تطلعهم إلى النهوض‪،‬‬ ‫لـ»اآلخر»‪ ،‬س��واء تمثل هذا «اآلخر»‬ ‫باألجنبي «األوروبي» الذي تحداهم‬ ‫عسكرياً وفكريًا‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬حضاريًا‪.‬‬ ‫أو تمث��ل ب��ـ «األن��ا»‪ ،‬ال��ذي قض��ى‬ ‫نحب��ه من��ذ س��تة ق��رون تقريب��اً‪،‬‬ ‫فأصب��ح «آخ��ر» هو اآلخ��ر‪ .‬أي أنهم‬ ‫انقس��موا إل��ى فريقي��ن‪ :‬األول أراد‬ ‫األخذ بالنموذج الغربي‪ ،‬والثاني راح‬ ‫يتش��بث بالنموذج العربي اإلسالمي‬ ‫الذي ش��كل وما يزال‪ ،‬بالنسبة لهم‪،‬‬ ‫الس��ند ال��ذي الب��د منه ف��ي عملية‬ ‫تأكيد الذات لمواجه��ة ذلك التحدي‪.‬‬ ‫ومهما تنوعت اآلراء واالتجاهات فإن‬ ‫النتيج��ة النهائية هي الش��عور»بأن‬ ‫«ش��يئاً ما» لم يتحق��ق‪ ،‬أو لم يُـنجز‬ ‫في ه��ذه النهضة العربي��ة»‪ .‬ويرى‬ ‫الجاب��ري أن البعض يع��زو ذلك إلى‬ ‫العوامل االقتصادي��ة أو االجتماعية‬ ‫أو التربوي��ة وخاصة نش��ر المعرفة‬ ‫والعل��م‪ .‬والبعض يراه في الفش��ل‬ ‫في تحقيق الوحدة والتكامل‪ .‬ولكنه‬ ‫لا‪ « :‬إن ميدان��ًا واحداً‬ ‫يس��تدرك قائ� ً‬ ‫ل��م تتجه إلي��ه أصابع االته��ام بعد‪،‬‬ ‫وبش��كل ج��دي وص��ارم‪ ،‬ه��و تلك‬ ‫الق��وة أو الملك��ة أو األداة الت��ي بها‬ ‫يق��رأ العرب��ي ويرى ويحل��م ويفكر‬ ‫ويحاكم‪ ..‬إنه العقل العربي ذاته»‪.‬‬ ‫وال ينس��ى أن يشير إلى أن رواد‬ ‫النهض��ة ل��م يهمل��وا دور الفكر في‬ ‫رس��م طريق النهضة وقيادتها «بل‬ ‫إن النهض��ة الفكري��ة كان��ت تطرح‬ ‫نفس��ها فع�لا كأول��ى األولويات في‬ ‫مش��روع النهض��ة‪ »..‬وي��رى أن رواد‬ ‫النهض��ة ق��د ن��ادوا جميع��ًا بإع��داد‬ ‫الفك��ر الق��ادر عل��ى حم��ل رس��الة‬ ‫النهض��ة وإنجازه��ا‪ ،‬فألح��وا «على‬ ‫نش��ر المعرف��ة وتعمي��م التعلي��م‬

‫كتاب ‪. .‬‬

‫مو�سوعة "حممد عابد اجلابري"‬ ‫"تكوين العقل العربي‪ ،‬بنية العقل‬ ‫العربي‪ ،‬العقل ال�سيا�سي العربي‪،‬‬ ‫العقل الأخالقي العربي‬

‫وحم��ل الن��اس على تحكي��م العقل‬ ‫بدل االستسالم للمكتوب أو اإلذعان‬ ‫للخرافة»‪ .‬ولكنه يستدرك فيقول إال‬ ‫أنه��م «لم يدركوا أو يعوا أن س�لاح‬ ‫النقد يجب أن يس��بقه ويرافقه نقد‬ ‫الس�لاح‪ .‬لق��د أغفل��وا نق��د العق��ل‬ ‫فراح��وا يتص��ورون ويخططون لها‪،‬‬ ‫بل يناضلون من أجله��ا‪ ،‬إما بعقول‬ ‫أع��دت للماض��ي بحس��ب تعبي��ر‬ ‫غرامش��ي‪ ،‬وإم��ا بمفاهي��م أنتجه��ا‬ ‫حاض��ر غي��ر حاضره��م»‪ .‬ويمك��ن‬ ‫القول أن��ه انطالقًا من هذه النقطة‬ ‫تولد مشروعه الكبير في نقد العقل‬ ‫العرب��ي ابت��دا ًء م��ن التكوي��ن إلى‬ ‫البنية ثم السياسة فاألخالق‪.‬‬ ‫* الج��زء األول‪« :‬تكوي��ن العقل‬ ‫العربي»‪ ،‬يش��رح الجاب��ري في هذا‬ ‫الكت��اب ماهي��ة العقل الذي س��وف‬ ‫يتح��دث عن��ه‪ ،‬ويلخص قول��ه بأنه‬ ‫ه��و القواع��د الفكري��ة الت��ي تحدد‬ ‫طريقة تفكير لكل ش��خص ينتمي‬ ‫إلى الثقافة العربي��ة‪ ،‬إذن ليس هو‬ ‫التفكير نفس��ه ولكنه طرق التفكير‬ ‫وأسس��ه‪ .‬ولتتبع تطور هذه األسس‬ ‫والقواعد فإنه يح��دد عصر التدوين‬ ‫كبداي��ة للثقافة العربي��ة المكتوبة‬ ‫وأيض��اً كنهاية ألن الفكر العربي لم‬ ‫يتطور من��ذ تلك الفت��رة حتى اآلن‪.‬‬ ‫وحت��ى يس��هل تتبع أس��س التفكير‬ ‫فإن��ه يقس��م الثقاف��ة العربية إلى‬ ‫ثالثة أنواع‪ :‬ثقافة بيانية وهي تهتم‬ ‫باللغة العربية والفقه وأصول الفقه‬ ‫وعلم ال��كالم‪ ،‬الثقاف��ة الثانية هي‬ ‫ثقاف��ة العرفان وتدعي هذه الثقافة‬ ‫أن المعرفة تأتي بالكش��ف واإللهام‬ ‫وهي تنتمي في أصلها إلى الموروث‬ ‫الهلنس��تي والغنوصي المنتشر قبل‬ ‫اإلس�لام والذي انتقل إلى اإلس�لام‬ ‫عن طريق الفالسفة العرب أصحاب‬ ‫نظري��ات الفيض والعقول العش��رة‬ ‫وم��ن ث��م ع��ن طري��ق المتصوفة‪،‬‬ ‫الثقاف��ة الثالثة ه��ي ثقافة البرهان‬ ‫وه��ذه الثقاف��ة تعتمد عل��ى العقل‬ ‫بش��كل أساس��ي لتحصيل المعرفة‬ ‫الصحيحة وهي نتيجة عن الموروث‬ ‫اإلغريق��ي وخصوص��ا مؤلف��ات‬ ‫أفالطون وأرسطو‪.‬‬ ‫* الج��زء الثان��ي‪« :‬بني��ة العقل‬ ‫العرب��ي» أت��ى كدراس��ة تحليلي��ة‬ ‫نقدي��ة لنظام المعرف��ة في الثقافة‬ ‫العربي��ة‪ .‬يش��رح مم��ا تتك��ون كل‬ ‫ثقاف��ة وماهي إش��كاليتها ومآزقها‪،‬‬ ‫مستش��هداً في كل ذل��ك بنصوص‬ ‫كثي��رة من أمه��ات كل ثقاف��ة‪ ،‬مما‬ ‫يفتح لك باباً واسعاً لمعرفة الثقافة‬ ‫العربي��ة واالطالع على أمهات الكتب‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫* الجزء الثالث‪ :‬وهو» عن العقل‬ ‫السياس��ي العربي» وهو يتكلم عن‬ ‫نظ��م وأس��س التفكي��ر السياس��ي‬ ‫العرب��ي عبر تاريخ��ه‪ ،‬وقد أرجع كل‬ ‫األسس إلى ثالثة أسس في البداية‪:‬‬ ‫القبيلة والغنيمة والعقيدة‪ ،‬فالقبيلة‬ ‫هي أس��اس كل تفكير سياسي قبل‬ ‫اإلس�لام وعصر الخلفاء الراش��دين‬ ‫والدول��ة األموي��ة‪ ،‬تأت��ي بع��د ذلك‬ ‫الغنيمة وهي األم��وال التي يحصل‬ ‫عليه��ا الفاتحون العرب م��ن الجهاد‬ ‫ف��ي س��بيل اهلل وه��ذا األس��اس‬ ‫لع��ب دوراً كبيراً في عص��ر الخلفاء‬ ‫الراش��دين وبداية الدول��ة األموية‪،‬‬ ‫ألن العرب لم يكن لهم مصدر مالي‬ ‫غير الغنيمة من الفتوحات‪ .‬والمعنى‬ ‫المعاصر لهذا األساس هو المال‪.‬‬ ‫يأت��ي بعد ذلك األس��اس الثالث‬ ‫ه��و العقي��دة والمعن��ي ب��ه هن��ا‬ ‫ه��و العقيدة اإلس�لامية واإلس�لام‬

‫نفس��ه‪ ،‬وه��و أس��اس متي��ن ف��ي‬ ‫الفك��ر السياس��ي عب��ر العص��ور‬ ‫اإلس�لامية‪ .‬كل ه��ذه األس��س‬ ‫كانت واضح��ة وبدرج��ة كبيرة قبل‬ ‫س��يطرة دولة بني أمي��ة على دولة‬ ‫اإلس�لام أما بعدها فظهرت أس��س‬ ‫جديدة في الفكر السياس��ي العربي‬ ‫وه��ي ميثولوجيا اإلمام��ة واألخالق‬ ‫السلطانية‪.‬‬ ‫* الج��زء األخي��ر‪« :‬العق��ل‬ ‫األخالق��ي العرب��ي» وه��و دراس��ة‬ ‫فريدة من نوعها حول تاريخ األخالق‬ ‫وبنيتها وأسس��ها في الفكر العربي‪.‬‬ ‫يقسم الدكتور الجابري أسس وبنى‬ ‫األخالق ف��ي الثقاف��ة العربي��ة إلى‬ ‫خمس��ة أقس��ام‪ :‬الموروث الفارسي‬ ‫المتمثل في أخالق الطاعة والخنوع‪،‬‬ ‫الم��وروث اليونان��ي المتمث��ل ف��ي‬ ‫أخالق الس��عادة‪ ،‬الموروث الصوفي‬ ‫المتمث��ل ف��ي أخ�لاق الفن��اء وفناء‬ ‫األخالق‪ ،‬الم��وروث العربي الخالص‬ ‫المتمث��ل ف��ي أخ�لاق الم��روءة‪،‬‬ ‫وأخيراً الموروث اإلسالمي المتمثل في‬ ‫المصلحة‪.‬‬ ‫يخطئ م��ن يظ��ن أن المعارف‬ ‫الواردة في الموسوعة قديمة تراثية‬ ‫مك��ررة‪ ،‬ألن الجاب��ري ل��م يق��دم‬ ‫التراث كأفكار لالجت��رار بل يقدمها‬ ‫في س��بيل الوصول إل��ى المكونات‬ ‫اإليديولوجي��ة والمعرفي��ة للعق��ل‬ ‫العرب��ي ويبرزه��ا ف��ي تداخالته��ا‬ ‫وتناقضاته��ا وصراعه��ا‪ ،‬وحص��ر‬ ‫النظ��م المعرفي��ة الت��ي أسس��ت‬ ‫الثقاف��ة العربية االس�لامية‪ ،‬والتي‬ ‫كونت العقل العربي وشارك هو في‬ ‫تكوينها‪.‬‬ ‫لقد حل��ل الجابري ه��ذا العقل‬ ‫بنقد متطور فريد‪ ،‬فحص مكوناته‬ ‫وط��رق عمل��ه وعوائ��ق تقدم��ه‬ ‫الداخلية الت��ي الزالت تكبله وتصده‬ ‫عن التمرد على كيفية تكوينه‪ .‬ومن‬ ‫أجل ذل��ك نجد أن مش��روع الجابري‬ ‫يفرض نفسه كأول مشروع للنهضة‬ ‫العربية االس�لامية‪ .‬قد يبدو الكتاب‬ ‫ف��ي مس��تواه الفك��ري والمعرف��ي‬ ‫موجهًا للخاصة‪ ،‬لكن مناهجه تجعله‬ ‫بعي��داً عن االرس��تقراطية الفكرية‪.‬‬ ‫إن��ه الكت��اب ال��ذي ينبغي ب��ل يجب‬ ‫أن يتوف��ر فيمكتباتن��ا وجامعاتن��ا‪،‬‬ ‫ألنه فص��ل المحت��وى المعرفي عن‬ ‫المضم��ون االيديولوج��ي‪ ،‬فبع��ث‬ ‫الحياة في الفلس��فة فلم تعد مجرد‬ ‫نق��ل ع��ن األجنب��ي‪ ،‬فم��ع الجابري‬ ‫أصبح لها كيان مستقل ومختلف‪.‬‬ ‫أث��ار الجابري وم��ن اليوم األول‬ ‫لص��دور الجزء األول من موس��وعته‬ ‫ردود الفع��ل الناق��دة الفاعل��ة أو‬ ‫المنفعل��ة‪ ،‬واإليجابي��ة أو الس��لبية‪،‬‬ ‫وهذه عالمة بقاي��ا صحة في الفكر‬ ‫العربي المعاص��ر‪ .‬ونذكر منها علي‬ ‫سبيل المثال فقط‪ ،‬ما كتبه «جورج‬ ‫طرابيش��ي» م��ن نق��د ش��ديد ب��ل‬ ‫هج��وم عني��ف‪ ،‬أحيانً​ًا‪ ،‬ف��ي أربعة‬ ‫مجل��دات‪ ،‬تح��ت عن��وان «نق��د نقد‬ ‫العقل العربي» وهي نظرية العقل‬ ‫وإش��كاليات العقل العرب��ي‪ ،‬ووحدة‬ ‫العق��ل العربي‪ ،‬والعقل المس��تقيل‬ ‫ف��ي اإلس�لام‪ ،‬كل ذلك فض� ً‬ ‫لا عن‬ ‫كتابه الخامس عن مصائر الفلسفة‬ ‫بين المسيحية واإلسالم‪ .‬وقد تعتبر‬ ‫هذه المجموعة أوس��ع وأش��مل نقد‬ ‫ً‬ ‫إضاف��ة‬ ‫وتحلي��ل لفك��ر الجاب��ري‪.‬‬ ‫للعشرات من الدراس��ات والتحليالت‬ ‫بعضها لم يكتب بعد‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫فل�سطني ال�سورية‬ ‫روجيه عوطة‬

‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 29 | )45‬تموز ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫كانت القذائف البعثية تتس��اقط على مخيم اليرموك‪ ،‬عندما اقترب أحد‬ ‫الفناني��ن م��ن جدار العزل العنص��ري المالصق لقرية نعلين في فلس��طين‬ ‫المحتل��ة‪ ،‬ورس��م علم الثورة الس��ورية معانق��اً علم فلس��طين على الجدار‬ ‫اإلس��منتي الضخم‪ .‬أشار الفنان برس��مه إلى تالزم المصيرين الفلسطيني‬ ‫والس��وري ف��ي قضية التح��رر من النظامين‪ ،‬األس��دي والصهيون��ي‪ ،‬األكثر‬ ‫فاش��ية وإجرامًا في الش��رق األوس��ط‪ .‬وقد تعان��ق العلمان قب��ل أيام قليلة‬ ‫م��ن تصري��ح المس��ؤول ف��ي وزارة الخارجية البعثي��ة جهاد المقدس��ي‪ ،‬أن‬ ‫الفلسطينيين «ضيوف بال أدب»‪.‬‬ ‫ما يجمع فلس��طين بالثورة الس��ورية‪ ،‬يمكن تعيينه ف��ي اللغة الجديدة‬ ‫الت��ي تق��ارب قضية فلس��طين من قلب س��وريا المحتلة أس��دياً‪ .‬لغة جدلية‬ ‫تنط��وي على تفاعل رمزي وعملي ف��ي الجوانب الخطابي��ة والميدانية بين‬ ‫الفلس��طينيين‪ ،‬أكانوا في الداخل الفلسطيني أم في الداخل السوري‪ ،‬وبين‬ ‫السوريين الذين يتعرضون ألقسى حملة عنفية ضدهم‪ .‬على الفتة مرفوعة‬ ‫في حمص‪« :‬يا فلس��طين‪ ،‬نحن لم ننسك‪ ،‬لكننا مش��غولون بدمائنا»‪ .‬تردّ‬ ‫عليها الفتة أخرى من رام اهلل تطالب بـ»عدم استخدام فلسطين لقتل إخوتنا‬ ‫في سوريا»‪ ،‬وتدعم السوريين في مقاومتهم األسد وميليشياته العسكرية‬ ‫واألمنية‪ .‬هذا التناص العفوي بين الالفتات‪ ،‬يُخرج القضية الفلسطينية من‬ ‫حيّ��ز التداول البعث��ي كـ»بوصلة» تحدد مصالح النظام ف��ي بلدان متعددة‪،‬‬ ‫وكورقة سياس��ية إقليمية ودولية ال يخسرها نتيجة اإليديولوجيا المقاومتية‬ ‫المتس��لح به��ا‪ ،‬التي لش��دتها أطلق تس��مية «فرع فلس��طين» عل��ى أخطر‬ ‫السجون البعثية‪.‬‬ ‫عادت فلسطين إلى الشعب الفلسطيني لتكون قضيته الحرة‪ ،‬بعدما كانت‬ ‫قضي��ة األنظمة التي ّ‬ ‫وظفتها لمآربها الخاصة‪ .‬كما تحوّلت الثورة الس��ورية‬ ‫إل��ى قضية فلس��طينية‪ .‬في هذا التحوّل السياس��ي‪ ،‬نجد أن الثورة ليس��ت‬ ‫وليدة س��ياق واحد مختصر في العالقة بين المؤسس��ة الحاكمة والمحكوم‪،‬‬ ‫بل نشأت من تالقي السياقات التي عمل نظام البعث على ضبطها لصالحه‪.‬‬ ‫فالس��ياق الفلسطيني المتمثل في سياس��ة األلم في األراضي المحتلة وفي‬ ‫المخيم��ات‪ ،‬ما ع��اد يتحمل الحياد الس��لبي حيال ما يجري في بل��دان الربيع‬ ‫الثوري‪ .‬ثم إن الرمزية الفلسطينية حاضرة في كل ثورة من الثورات الشرق‬ ‫أوس��طية‪ .‬صورة الش��اب الذي يقف في وجه الدبابة البعثي��ة‪ ،‬تكاد تتطابق‬ ‫مع صورة الش��اب الفلس��طيني الواقف في وجه الدبابة اإلس��رائيلية متحديًا‬ ‫إياه��ا بالحجار أو بالصدر العاري‪ .‬نبض اإلنتفاضات الش��عبية الفلس��طينية‬ ‫حاضر في سوريا‪ .‬ال حدود بين المخيم وباقي الجغرافيا اإلجتماعية‪ .‬فالثورة‬ ‫بالنس��بة الى أهل المخيمات هي قضيتهم الفلسطينية‪ ،‬وفلسطين بالنسبة‬ ‫الى السوريين هي سؤالهم اإلنساني‪.‬‬ ‫التن��اص ذاكرة مغموس��ة بالدم��اء‪ .‬فالقصف على مخي��م اليرموك ّ‬ ‫ذكر‬ ‫الفلس��طينيين بمذبحة ت��ل الزعتر التي لم تغب عن زمن الثورة الس��ورية‪.‬‬ ‫فف��ي ذكراها‪ ،‬وجّه الناش��طون في حمص تحية إلى المخيم المدمر‪ .‬ش��بح‬ ‫تلك المذبحة يالحق النظام البعثي‪ ،‬والذين مش��وا في اليرموك الدمش��قي‬ ‫هم أحفاد أحمد الزعتر‪ .‬وال مناص من سقوط «ممانعة» البعث و»مقاومته»‬ ‫في المخيمات التي تش��هد شرخًا بين الرأي الشعبي واآلراء الحزبية‪ ،‬وقادتها‬ ‫المتحالفين مع األس��د والمجاهرين بنيتهم الدفاع عنه بالس�لاح‪ .‬فقد ارتأى‬ ‫األمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ‪ -‬القيادة العامة‪ ،‬أحمد جبريل‪،‬‬ ‫القتال ضد أي عدوان خارجي على «س��وريا األسد»‪ .‬لكنما الفلسطينيون لم‬ ‫ينكفئوا عن مس��اعدة الس��وريين عل��ى إثر هذا الصدع‪ .‬فالتنس��يقيات التي‬ ‫تأسست في المخيمات ساهمت في إغاثة األهالي الذين تهجّروا من مدنهم‪،‬‬ ‫فاس��تقبلتهم البي��وت الفلس��طينية‪ ،‬وأعانته��م في عالج الجرحى وتش��ييع‬ ‫الضحايا‪ .‬كثيرة هي المخيمات التي دأبت على اإلنخراط في الثورة واإلندماج‬ ‫ف��ي الفضاء اإلجتماعي الجديد الذي يتش��كل بين المكوّن��ات الهوياتية في‬ ‫المجتمع الس��وري‪« .‬مخيم الرمل» في الالذقية تعرّض لإلقتحام والس��حق‪.‬‬ ‫دمِر‪،‬‬ ‫«مخيم درعا» نزح س��كانه إلى خارجه‪« .‬مخيّم العائدين» في حمص ّ‬ ‫وضربت القوات األسدية حصاراً عسكرياً حوله‪ .‬على رغم ذلك‪ ،‬ظلت البيانات‬ ‫تصدر من اللجان والتنس��يقيات الفلسطينية المحلية وتدعو إلى دعم الثورة‬ ‫وتنظيم التظاهرات واإلضرابات احتجاجاً على الجريمة البعثية المستمرة في‬ ‫حق السوريين والفلسطينيين‪.‬‬ ‫في فلس��طين المحتل��ة‪ّ ،‬‬ ‫نُظِمت تظاه��رات داعمة للثورة في س��وريا‪،‬‬ ‫أُطلقت خاللها ش��عارات «الشعب الفلس��طيني المجروح يتضامن مع الشعب‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)17499‬‬ ‫دمشق‪717 :‬‬ ‫ريف دمشق‪2173 :‬‬ ‫حمص‪5640 :‬‬ ‫حلب‪990 :‬‬ ‫حماه‪1990 :‬‬ ‫الالذقية‪349 :‬‬

‫الس��وري المذبوح»‪ ،‬و»فلسطين لن يحررها الطغاة»‪ ،‬و»فلسطين لن تكون‬ ‫س��كينًا يذبح فيها أطفال س��وريا»‪ ،‬إلخ‪ .‬امتلكت فلس��طين لغ��ة خاصة بها‪،‬‬ ‫وتظاهرت دعمًا لقضية تشبه قضيتها إلى حد بعيد‪ ،‬وتنديداً بالوحشية التي‬ ‫تُرتكب ضد ش��عب يتحدى المعاناة نفسها التي واجهتها على مدى عقود من‬ ‫الخطب والمؤتمرات والحروب‪ .‬لم تعد فلس��طين جسماً مريضًا‪ ،‬ال لسان له‪،‬‬ ‫كما صوّرته إيديولوجيات الس��لطات الديكتاتورية‪ .‬فلسطين مجتمع فعّال‪،‬‬ ‫ال يقتص��ر دوره عل��ى تحويل األلم ش��عاراً تطرحه األنظمة ف��ي المداوالت‬ ‫السياس��ية اإلقليمية‪ ،‬أو على اإلنتظام في تش��كالت سياسية انشق الشارع‬ ‫الفلس��طيني عنها‪ ،‬نتيجة مواقفها بين تأييد النظام والحياد السلبي‪ .‬الهوية‬ ‫الفلسطينية التي زُجّ بها في الصراعات الخارجية والداخلية‪ ،‬أرهقها خطف‬ ‫صوته��ا‪ ،‬وأتعبته��ا مص��ادرة اختالفها‪ .‬لقد احتل��ت مرتين عل��ى األقل‪ ،‬مرة‬ ‫من الصهاينة‪ ،‬وم��رة من األنظمة وإيديولوجياتها‪ .‬ف��ي هذا المعنى‪ ،‬الثورة‬ ‫السورية س��تقضي على واحد من محتلي فلس��طين األكثر عنفًا‪ ،‬وستتحرر‬ ‫منه‪ ،‬بلغة دالالتها على مقاس األحالم التحررية‪.‬‬ ‫يرتكز الخطاب الجديد على التاريخ النضالي المش��ترك بين الش��عبين‪.‬‬ ‫ه��و ال ينس��ى التضحي��ات التي بذلها الش��عب الس��وري دفاعًا ع��ن القضية‬ ‫الفلس��طينية‪ ،‬وال يغ��ضّ الط��رف عن األوض��اع الفلس��طينية الصعبة في‬ ‫المخيمات‪ .‬تحمّل اإلثنان المشقات والمآسي نفسها‪ .‬اإلحتمال الذي يشتركان‬ ‫به‪ ،‬يرس��خ العالقة الرمزية والعملية بينهما‪ .‬فال تختلف كثيراً رس��الة الجئ‬ ‫فلس��طيني عن رسالة شاب يعيش في أحد أحياء حمص‪ :‬الظروف واألوضاع‬ ‫التعيسة نفسها‪ .‬أما الشأن الهوياتي فقد أزالته آلة القمع األسدي‪ ،‬ولم تلتفت‬ ‫إلى انتزاعها الهويات س��وى الس��تخدامها في سياقها الطائفي‪ .‬يستند المحو‬ ‫الهوياتي إلى إبعاد المكوّنات الهوياتية عن الصراع ضد النظام‪ ،‬وتش��جيعها‬ ‫عل��ى اإلنش��قاق عنه كعنصر إنس��اني له ق��درة اإلنفصال ع��ن النظام في‬ ‫عيش��ه ولغته‪ .‬هذا ما جرى بالنس��بة الى أهالي المخيمات الذين ّ‬ ‫انفكوا عن‬ ‫س��لطة البعث المتمثلة في التنظيمات السياسية الداخلية المشاركة في قمع‬ ‫المتظاهري��ن والتصدي لتحركاتهم‪ .‬ال س��بيل للتفرق��ة بين الرصاص الذي‬ ‫أطلقت��ه هذه التش��كالت المخيّماتية وذلك الخارج من أس��لحة البعث‪ ،‬مهما‬ ‫كانت الحجج التي يس��وقها الطرف السياس��ي إلحتواء ث��ورة المخيّمات ضد‬ ‫بشار األسد‪.‬‬ ‫ج��وّف البع��ث دالل��ة القضي��ة الفلس��طينية وج��وّف معناه��ا‪ ،‬بحي��ث‬ ‫تهدل ال��دال على جس��م المدلول‪ ،‬واختف��ى اإلعتباط الدالل��ي بينهما تاركًا‬ ‫مجاله للح��ذق البعثي العنيف‪ .‬غي��ر أن الثورة قلبت هذه المعايير األلس��نية‬ ‫السياس��ية‪ ،‬وأعادت كل ّ‬ ‫مركب خطابي إلى حجمه‪ ،‬فأصبح المدلول ش��ارعياً‪،‬‬ ‫والدال يناس��به في معاركه ضد الخطاب األس��دي‪ .‬خلقت فلس��طين معناها‬ ‫الس��وري‪ ،‬ودفعت ثمن داللتها الجديدة ضحاي��ا وجرحى ومعتقلين‪ .‬وصنعت‬ ‫الثورة رمزيتها الفلس��طينية‪ ،‬وقررت عدم اإلنفصال عن الحلم الفلسطيني‬ ‫التاريخ��ي المتمث��ل في مواجه��ة اإلحتالل والتح��رر منه‪ .‬لغ��ة التناص بين‬ ‫الحلمي��ن‪ ،‬ترك��ت للش��عبين حري��ة تب��ادل الهوي��ات‪ ،‬م��ن دون أي خوف من‬ ‫اإلختالفات بينها‪ :‬فلسطين أصبحت سورية‪ ،‬كما في إحدى الالفتات اإلدلبية‪،‬‬ ‫«يا فلس��طين‪ ،‬نتحرر لنحررك!»‪ ،‬وس��وريا أضحت فلس��طينية‪ ،‬مثلما صرخ‬ ‫أهالي رام اهلل‪« :‬يا س��وريا‪ ،‬فلسطين معاكي للموت»‪ .‬زمن الشعب السوري‬ ‫التحرري شبيه بزمن الشعب الفلسطيني الهوياتي‪ ،‬تختصره تسمية الجمعة‬ ‫بـ»فلسطيني سوري واحد»‪.‬‬ ‫ملحق النهار اللبنانية ‪2012 | 7 | 21‬‬ ‫طرطوس‪36 :‬‬ ‫درعا‪1710 :‬‬ ‫دير الزور‪1069 :‬‬ ‫الحسكة‪121 :‬‬ ‫القنيطرة‪30 :‬‬ ‫الرقة‪68 :‬‬ ‫ادلب‪2589 :‬‬ ‫السويداء‪16 :‬‬

‫‪ 1709‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 15790‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 860‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 456‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 1171‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 7 / 28‬‬ ‫‪http://vdc-sy.or‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.