سوريتنا | العدد الثامن والأربعون| 19 آب 2012

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2012/ 8 / 19 | )48‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫على هذه‬ ‫األرض‬ ‫ما يستحق‬ ‫احلياة‪..‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬


‫بيوت من �صفيح لإي��واء النازحني ال�سوريني بطرابل�س‬ ‫�أكرث من ت�سعة ع�ش��ر �ألف نازح �سوري م�سجلني يف لبنان‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬

‫ترك��ت الحاج��ة أم نوار بلدها س��وريا‬ ‫قبل ثالثة أش��هر‪ ،‬لتعي��ش في منزل صغير‬ ‫بحارة التنك مع عش��رة أف��راد‪ ،‬ومع ذلك قد‬ ‫تطرد إذا لم تتمكن من تأمين كلفة اإليجار‪،‬‬ ‫ولم تصل المساعدات إلى الحاجة أم نوار إال‬ ‫مرتين حتى اآلن‪.‬‬ ‫وقد لجأ النازحون السوريون إلى حارة‬ ‫التن��ك ه��ذه‪ ،‬ألنها أق��ل غالء م��ن المناطق‬ ‫األخرى‪ ،‬وه��ي تقع في ضواح��ي طرابلس‬ ‫الش��مالية‪ ،‬وأهله��ا ينام��ون ف��ي بيوت من‬ ‫صفيح‪.‬‬ ‫وف��ي ش��وارع التن��ك‪ ،‬التقين��ا مريم‪،‬‬ ‫يتيم��ة حرمت م��ن والدها ال��ذي كان يقاتل‬ ‫ف��ي صف��وف الجيش الح��ر‪ .‬وه��ي تعيش‬ ‫هن��ا مع جدها الذي بنى منزله من الخش��ب‬ ‫وصناديق الكرتون‪ ،‬فهو غير قادر على دفع‬ ‫إيجار منزل حتى ولو كان في حارة التنك‪.‬‬ ‫ويعي��ش أكث��ر من تس��عة عش��ر ألف‬ ‫نازح سوري‪ ،‬مس��جلين في لبنان‪ ،‬يعيشون‬ ‫في الشمال من أصل خمس��ة وثالثين ألفا‪،‬‬ ‫ولطرابلس حصة كبيرة منهم‪.‬‬ ‫وتتعاون ثالث جمعيات خيرية أساسية‪،‬‬ ‫إضاف��ة إلى تنس��يقية الالجئين الس��وريين‬ ‫ف��ي لبن��ان على االهتم��ام به��م بإمكانيات‬ ‫متواضع��ة ال تكفي احتياج��ات العدد الكبير‬ ‫من النازحين‪.‬‬

‫وفي ه��ذا اإلطار‪ ،‬أك��د رئيس جمعية‬ ‫البش��ائر أحم��د مصطف��ى محم��د أن "دخل‬ ‫الجمعي��ات قلي��ل‪ ،‬ول��و اس��تطعنا توزي��ع‬ ‫المعونات لجهة في شهر‪ ،‬ففي الشهر اآلخر‬ ‫البد من التوزيع في جهة أخرى"‪.‬‬ ‫أم��ا الحكومة اللبناني��ة فتواجه مطالب‬

‫الجمعيات الحقوقية بض��رورة االلتفات أكثر‬ ‫إلى معاناة النازحين‪ ،‬خاصة بعد توقف الهيئة‬ ‫العلي��ا لإلغاث��ة مؤخرا عن معالج��ة الجرحى‬ ‫السوريين في المستشفيات اللبنانية‪.‬‬ ‫لكن وزارة الشؤون االجتماعية تتحدث‬ ‫اليوم عن خطة جديدة بمس��اندة من جهات‬

‫عربية وأوروبي��ة للتعامل مع ملف النازحين‬ ‫السوريين‪.‬‬ ‫وم��ن جانب��ه‪ ،‬أك��د وزي��ر الش��ؤون‬ ‫االجتماعي��ة وائ��ل أب��و فاعور أن��ه "لم يعد‬ ‫هناك انقس��ام سياسي اليوم حول موضوع‬ ‫مساعدة النازحين"‪.‬‬

‫ق�صف "الأتارب" بريف حلب يحولها �إىل بلدة �أ�شباح‬

‫�سكانها نزحوا بالآالف ب�سبب �صورايخ النظام ال�سوري واجلي�ش احلر ال يزال ي�سيطر عليها‬ ‫بلدة "األت��ارب" في ري��ف حلب أصبحت‬ ‫مدينة أش��باح بعدما كانت مأهولة بالسكان‪،‬‬ ‫نزح منها حت��ى اآلن أكثر من ‪ 300‬عائلة‪ ،‬وال‬ ‫يمك��ن للمتجول ف��ي ريف حل��ب أن يتجاهل‬ ‫البلدة‪ ،‬هذه المدينة المدم��رة بالكامل‪ ،‬التي‬ ‫فقدت الحياة بعد تدمير بيوتها وتهجير أهلها‪،‬‬ ‫ووحدها الصواريخ إذن كانت في استقبالنا‪.‬‬ ‫والبل��دة التي توج��د اليوم تحت س��يطرة‬ ‫الجيش الحر ال تزال تقصف بشكل يومي‪ ،‬وفي‬ ‫أحي��اء البلدة يمك��ن الوقوف على بقايا أس��واق‬

‫البل��دة‪ ،‬حيث كان هناك س��وق للذهب وس��وق‬ ‫آخر يرتاده الناس‪ ،‬لكنها اليوم عبارة عن أطالل‬ ‫وأتربة وأشياء مترامية في كل جهة‪.‬‬ ‫وبه��ذا تحول��ت ثاني أكبر بل��دات حلب‬ ‫إل��ى مدين��ة المآس��ي‪ ،‬ول��م تع��د "األتارب"‬ ‫مش��هورة اآلن إال بالقصف والدم��ار‪ ،‬وأثناء‬ ‫تجوالن��ا بالبلدة‪ ،‬علمن��ا أن الصواريخ قتلت‬ ‫عب��د اهلل أيوب بائع الخض��ار وهو أب لثالثة‬ ‫أوالد‪ ،‬وقد رأيناه وهو مس��جى على األرض‬ ‫في كفنه الدامي‪.‬‬

‫هذا الوضع المأساوي دفع حوالي ‪300‬‬ ‫عائلة‪ ،‬ه��م أهالي "األتارب"‪ ،‬إل��ى االنتقال‬ ‫إل��ى أطرافها أم��ا الباقون فق��د رحلوا‪ ،‬ولم‬ ‫يبق هنا إال كتائب الجيش الحر‪ ،‬بعضها لزم‬ ‫عليه البق��اء داخل البلدة لمن��ع دخول قوات‬ ‫النظام‪ ،‬والبع��ض اآلخر عليه تقديم الدعم‬ ‫للمقاتلين في حلب‪.‬‬ ‫وفي ه��ذا اإلطار‪ ،‬قال أح��د المقاتلين‬ ‫إن "عدد أف��راد الجيش الحر يكفي لمواجهة‬ ‫"الجيش األس��دي" هناك‪ ،‬والذخيرة متوفرة‬

‫والحمد هلل‪ ،‬ونحن نحصل عليها من مصادر‬ ‫خاصة‪ ،‬كما نغنم من جيش األسد أيضا"‪.‬‬ ‫وق��ال مقات��ل آخ��ر‪ ،‬إن "بل��دة األتارب‬ ‫م��كان اس��تراتيجي‪ ،‬حي��ث ترب��ط س��وريا‬ ‫بتركيا"‪ ،‬مؤكدا أن "قوات النظام ال تستهدف‬ ‫الجيش الحر وإنما تستهدف المدنيين‪ ،‬حيث‬ ‫يحاولون ضربنا بأهلنا"‪ ،‬لكن السؤال المهم‬ ‫ال��ذي لم نحصل على إجاب��ة له في األتارب‬ ‫هو‪ :‬ما إن كان الجيش النظامي سيعود إلى‬ ‫البلدة‪ ،‬متى يعود أهلها إليها؟‪.‬‬

‫َ‬ ‫خمتطفو �إيران ب�سوريا‪ ..‬كفاءات يف عمليات القمع‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫ي�شكلون جزء ًا من �شبكة �سرية �أن�شئت لتقدمي الدعم �إىل نظام الأ�سد‬ ‫ب��دأت المالبس��ات الت��ي أحاط��ت‬ ‫بالمجموع��ة اإليراني��ة المختطف��ة بري��ف‬ ‫دمشق بالكشف عن طبيعتها‪.‬‬ ‫ونشرت صحيفة "كوريارى ديال سيرا"‬ ‫اإليطالي��ة تقارير عن مص��ادر معارضة في‬ ‫إيران وتس��ريبات من داخل الحرس الثوري‬ ‫تش��ير إلى أن الحجاج اإليرانيين الـ‪ 48‬الذين‬ ‫اعتقلته��م عناصر الجيش الحر في س��وريا‬ ‫ف��ي الرابع م��ن أغس��طس‪/‬آب ينتمون في‬ ‫الواق��ع إلى ش��بكة س��رية أنش��ئت لتقديم‬ ‫الدع��م ومس��اندة نظ��ام األس��د‪ ،‬وهم ذوو‬ ‫كف��اءة وخبرة ف��ي عمليات القمع‪ ،‬بحس��ب‬ ‫المعارضين اإليرانيين‪.‬‬ ‫والوح��دة مؤلف��ة م��ن ‪ 150‬ش��خصًا‬ ‫توجه��ت مجموعة منها إلى س��وريا على أن‬ ‫تتبعها مجموعة أخرى في ‪ 7‬أغسطس‪ ،‬لكن‬

‫االستخبارات اإليرانية أرجأت إرسال الفريق‬ ‫اآلخ��ر بع��د وق��وع القس��م األول بقبض��ة‬ ‫الجي��ش الحر‪ ،‬بحس��ب تس��ريبات من داخل‬ ‫الحرس الثوري اإليراني‪.‬‬ ‫ونقل��ت صحيف��ة "الش��رق األوس��ط"‬ ‫بدوره��ا ع��ن دول��ت ن��وروزي الت��ي تمثل‬ ‫المجل��س الوطن��ي للمقاوم��ة اإليرانية في‬ ‫بريطاني��ا أن ‪ 18‬من المختطفين اإليرانيين‬ ‫في س��وريا هم قادة قوات الش��هداء التابعة‬ ‫لمحافظ��ة أذربيج��ان الغربي��ة اإليراني��ة‬ ‫ومركزه��ا أروميه وأبرز الق��ادة هم‪ :‬العميد‬ ‫الحرس��ي عابدين خرّام قائد قوات الشهداء‬ ‫في أذربيجان‪،‬‬ ‫حجة اإلس�لام كريم حس��ينخاني قائد‬ ‫قوات الباس��يج في أذربيج��ان‪ ،‬العقيد طالب‬ ‫رحيمي قائد قوات الحرس في ميندوآب‪.‬‬

‫م�ؤ�س�سات مدنية لتمويه‬ ‫ن�شاطات ع�سكرية‬

‫ويس��تخدم عناص��ر الح��رس الث��وري‬ ‫وفيل��ق الق��دس ش��ركة طي��ران "ماه��ان"‬ ‫اإليراني��ة للدخول إل��ى األراضي الس��ورية‬ ‫بصفة عمالء لشركات تجارية للتمويه‪.‬‬ ‫ومن هذه المؤسسات "ثمين" و"طالية‬ ‫نور هج��رات"‪ ،‬ومقرهما الرئيس��ي طهران‬ ‫ويترأس��ها حس��ن أس��تياني‪ ،‬ولديها فرعان‬ ‫آخران األول في أصفهان والثاني في دمشق‬ ‫بإدارة حامد رضا غولباشيان وحجة اإلسالم‬ ‫الغزالي‪ ،‬بحس��ب التس��ريبات التي نش��رتها‬ ‫"كوريارى ديال سيرا"‪.‬‬ ‫وعم��ل الح��رس الث��وري عل��ى نق��ل‬ ‫عناص��ره إلى س��وريا إم��ا جواً مباش��رة من‬

‫طه��ران وأصفه��ان إل��ى دمش��ق‪ ،‬وإم��ا براً‬ ‫ع��ن طريق النج��ف في العراق وص��و ًال إلى‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫كما اعتم��د الحرس اإليراني ‪ -‬حس��ب‬ ‫الصحيف��ة االيطالي��ة ‪ -‬عل��ى الميليش��يات‬ ‫المتواج��دة في بيروت ونقله��ا بحافالت إلى‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫ويش��رف الجن��رال قاس��م س��ليماني‪،‬‬ ‫قائ��د فيل��ق القدس في إي��ران‪ ،‬على برامج‬ ‫دعم النظ��ام الس��وري بالتعاون م��ع اللواء‬ ‫الح��اج حيدر ال��ذي يقيم في دمش��ق‪ ،‬فيما‬ ‫يقوم الس��فير اإليراني الس��ابق في العراق‬ ‫حسن قمي‪ ،‬وموظف في الخارجية اإليرانية‬ ‫باالهتم��ام بالش��ؤون االقتصادي��ة والدعم‬ ‫المال��ي للحفاظ على نظام األس��د‪ ،‬حس��ب‬ ‫الصحيفة‪.‬‬


‫الجئون يف خميم الزعرتي «ينتف�ضون»‬ ‫يف وجه فابيو�س ويطلبون �أ�سلحة‬

‫�أح�لام طف��ل بريء‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫وق��ال آخر‪« :‬نعاني نقص العالجات ودورات المياه‪ ،‬هنا‬ ‫بالكاد نقوى على الحياة»‪.‬‬ ‫وبل��غ ع��دد الالجئين الس��وريين المقيمي��ن في مخيم‬ ‫الزعتري حتى نهاية األس��بوع الماض��ي ‪ 6700‬من ضمنهم‬ ‫‪ 3‬آالف طفل‪.‬‬ ‫وخالل زيارت��ه المخيم‪ ،‬دعا وزير الخارجية الفرنس��ي‬ ‫إلى رحيل الرئيس السوري بشار األسد واالنتقال السياسي‬ ‫الس��ريع في س��ورية‪ .‬وق��ال فابي��وس للصحافيين «موقف‬ ‫فرنس��ا واضح‪ :‬نحن نعتبر أن بش��ار األس��د هو جالد شعبه‬ ‫وأنه يجب أن يرحل وكلما رحل مبكراً كان ذلك افضل»‪.‬‬ ‫وتابع «نأمل بأن تتم إقامة حكومة انتقالية بسرعة وأن‬ ‫تعترف بها الدول الكبرى في العالم»‪ ،‬معتبراً أن «هذا سوف‬ ‫يسرع سقوط بشار األسد‪ ،‬الذي أصبح ضرورة واضحة»‪.‬‬ ‫وتحدث فابيوس عن أوضاع الالجئين في المخيم‪ .‬وقال‬ ‫«إنها تشبه أوضاع الالجئين في كل المخيمات‪ ،‬وهي صعبة‬ ‫جداً فهم يعيشون في منطقة قاحلة مغبرة»‪ ،‬مشيراً إلى أن‬ ‫زيارته ذات طابع إنس��اني وإنه يحمل معه أكثر من ‪ 20‬ألف‬ ‫قناع يحمي الفم واألنف واألذن من الغبار واألتربة‪.‬‬ ‫وف��ي ما يتعلق بالمعارضة الس��ورية وبخاصة الجيش‬ ‫الس��وري الح��ر‪ ،‬قال فابيوس «نحن عل��ى اتصال مع بعض‬ ‫مس��ؤوليها‪ ،‬ونحن نأمل بأن يتمكنوا من تنفيذ أنش��طتهم‬ ‫بالتنسيق مع المعارضة»‪.‬‬ ‫وما إن ش��اهد الالجئون الس��وريون الوزير الفرنس��ي‬ ‫يتج��ول بينهم حت��ى أوقفوه‪ ،‬داعين بالده إلى مس��اعدتهم‬ ‫على القتال‪.‬‬ ‫وص��اح محم��د الحريري (‪ 51‬س��نة) من درع��ا وهو أب‬ ‫لعش��رة أطفال موجهًا كالمه لفابيوس «نحن لس��نا بحاجة‬ ‫لمخيمات ومساعدات‪ ،‬نحن بحاجة لألسلحة‪ ،‬أعطونا أسلحة‬ ‫وقذائف آر بي جي ومضادات طائرات»‪.‬‬ ‫وأك��د وزير الخارجية األردني «الموقف األردني الداعي‬ ‫إلى ضرورة وقف نزيف الدماء والعنف في س��ورية وضرورة‬ ‫إيج��اد ح��ل سياس��ي»‪ ،‬معربًا عن أمل��ه بأن «يس��ود األمن‬ ‫واالس��تقرار في س��ورية وأن يتمكن المواطنون السوريون‬ ‫المتواجدون في األردن من العودة إلى وطنهم»‪.‬‬ ‫م��ن جانب آخر‪ ،‬ح��ذر العاهل األردن��ي الملك عبد اهلل‬ ‫الثان��ي خ�لال اس��تقباله لفابي��وس م��ن «تداعي��ات األزمة‬ ‫(الس��ورية) وانعكاس��اتها عل��ى أم��ن واس��تقرار المنطق��ة‬ ‫بأس��رها»‪ ،‬عل��ى ما أف��اد بيان ص��ادر عن الدي��وان الملكي‬ ‫األردني‪.‬‬ ‫وشدد الملك خالل اللقاء على «الموقف األردني الداعي‬ ‫إلى أيجاد حل سياسي س��ريع لألزمة السورية يحافظ على‬ ‫وحدة سورية واستقاللها وتماسك شبعها‪ ،‬ويضع حداً لنزف‬ ‫الدماء وتصاعد حدة العنف»‪.‬‬ ‫وأشار إلى «المسؤولية الجماعية للمجتمع الدولي في العمل‬ ‫على إنهاء األزمة وتجنيب الشعب السوري المزيد من المعاناة»‪.‬‬ ‫كما أكد العاهل األردني أن بالده ستس��تمر في تقديم‬ ‫الع��ون والمس��اعدات وخدم��ات اإلغاثة اإلنس��انية لالجئين‬ ‫الس��وريين الذي��ن يف��دون إلى المملك��ة‪ ،‬ج��راء تزايد حدة‬ ‫العنف في بلدهم»‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬الحياة اللندنية‬

‫ابن أختي اليوم بيسألني «خالو‬ ‫الجن��ة كبي��رة»‪ ..‬إي كبيرة يا خالي‪.‬‬ ‫«يعني بتس��ع كل األوالد اللي ماتوا‬ ‫بسوريا»‪ ...‬أكيد يا خالي‪.‬‬ ‫«طي��ب الجن��ة كان��ت فاضي��ة‬ ‫مشان هيك اهلل موتهم كلهم»‪ ..‬ال‬ ‫يا خالي الجنة ما بتفضى‪...‬‬ ‫«طي��ب م��ن أق��وى اهلل وال‬ ‫بشار»‪ ..‬أكيد اهلل‪.‬‬ ‫«طيب ليش اهلل ما موت بش��ار‬ ‫وت��رك األوالد يكب��روا‪ ،‬بعدين بس‬ ‫يموتوا لحالهم بيفوت��وا الجنة»‪....‬‬ ‫ألن��و اهلل ب��دو يريحهم م��ن الدنيا‬ ‫ويحطهم كلهم بالجنة يا خال‪.‬‬ ‫«طي��ب مي��ن أحل��ى الجنة وال‬ ‫صيــ��دا»‪ ..‬ال يا خال الجنة أحلى من‬ ‫كل شي‪.‬‬ ‫«بتعرف أن��ي بدي أظل بصيدا‬ ‫وما بدي أروح عالجنة‪ ،‬ألنو في ناس‬ ‫بده��م يروحوا عالنار»‪ ...‬ال يا خالي‬ ‫ادعيلهم يروحوا عالجنة كلهم‪.‬‬ ‫«أني بدي ادعي انو اهلل يموت‬ ‫الكبار كلهم ويظلوا األوالد الصغار‬ ‫بس»‬ ‫ههه ليش ولك‪.‬‬ ‫«ألنو الكبار بيعرفوا يستخدموا‬ ‫مسدس��ات وهي الل��ي بتنزل الدم‪،‬‬ ‫ب��س الصغ��ار الء»‪ ...‬ف��ي كب��ار‬ ‫مظلومي��ن يا خال��و‪ ،‬بيموتوا بال ما‬ ‫يساوو شي غلط‪.‬‬ ‫«طي��ب مو الكبار اللي اش��تروا‬ ‫هاي المسدسات كلها»‪ ....‬إي الكبار‬ ‫بس مو كلهم‪.‬‬ ‫«أقولك ب��س ال تّعصب‪ ....‬خرا‬ ‫عليكم كلكم‪ ،‬ألنو انتو اللي اشتريتو‬ ‫المسدس��ات‪ ...‬لو كان��ت الدنيا كلها‬ ‫أوالد صغار كنا رح نشتري مسدسات‬ ‫ألعاب مو حقيقية وبتموت»‪ .....‬عيب‬ ‫تقول هالكلمة خالو‪.‬‬ ‫«يعني عيب أق��ول خرا‪ ،‬ومش‬ ‫عي��ب أن��و يموت��وا األوالد وأنت��و‬ ‫بتتفرجوا»‪..‬‬ ‫عيب بس مو طالع بإيدنا شي‪.‬‬ ‫«م��و أنت��و الل��ي بتش��تروا‬ ‫مسدس��ات»‪ ...‬واهلل ي��ا خال��ي م��ا‬ ‫بعرف شو بدي أقولك‪.‬‬ ‫«أووووووف‪ ..‬خ��را عل��ى كل‬ ‫ش��ي‪ ،‬ي��ا رب م��ا أكب��ر وال أروح‬ ‫عالمدرسة وال إشي‪ ..‬وال بدي أروح‬ ‫عالجي��ش‪ ،‬وال أك��ون م��ع الث��وار‪..‬‬ ‫بيصير صح»‪...‬‬ ‫ال ي��ا حبيب��ي ما بيصي��ر‪ ،‬بكرا‬ ‫بتكبر بس كون منيح وكويس‪.‬‬ ‫«هه��ه واهلل أن��ي م��ا بع��رف‬ ‫ح��دا كبير وملي��ح‪ ،‬كله��م بيكذبوا‬ ‫وبيقتلوا األوالد‪ ،‬وبيساوا سفالة مع‬ ‫البنات»!!‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫محمد علوش‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫اعت��اد الجئ��ون س��وريون يعيش��ون‬ ‫«قسراً» في مخيم الزعتري شمال األردن‪،‬‬ ‫عل��ى مهاجم��ة زي��ارات رس��مية ينظمه��ا‬ ‫مس��ؤولون أردنيون وغربيون الستكشاف‬ ‫مخيمه��م الموغ��ل ف��ي عم��ق الصح��راء‪،‬‬ ‫بس��بب م��ا يقول��ون إن��ه «تجاه��ل لتردي‬ ‫أوضاعهم المعيشية»‪.‬‬ ‫و انتفض مئات الالجئين في وجه وزيري‬ ‫الخارجي��ة األردني ناصر الجودة والفرنس��ي‬ ‫ل��ورون فابيوس بعد زيارتهم��ا المخيم الذي‬ ‫يبعد حوالى (‪ 85‬كلم ش��مال ش��رقي عمان)‪،‬‬ ‫مرددين عبارات «الموت وال المذلة»‪.‬‬ ‫وح��اول ه��ؤالء الوص��ول إل��ى الوزير‬ ‫الفرنس��ي ال��ذي كان منش��غ ً‬ ‫ال بمؤتم��ر‬ ‫صحافي على أرض مليئة باألتربة والغبار‪،‬‬ ‫لك��ن قوات األمن المتواجدة في المكان حالت دون ذلك‪ .‬كما‬ ‫منعت وسائل اإلعالم تصوير الوقفة االحتجاجية التي باتت‬ ‫عنواناً لمظاهر قس��وة وتشرد تالحق الفارين من «الجحيم‬ ‫السوري»‪.‬‬ ‫وفي ذات اإلطار‪ ،‬أقرت وزارة الصحة األردنية بانتشار داء‬ ‫الس��ل داخل خيام بعض الالجئي��ن في الزعتري‪ .‬وقال مدير‬ ‫األمراض الس��ارية في ال��وزارة خالد أبو رم��ان في تصريح‬ ‫مقتضب لجريدة الحياة‪« :‬تم الكش��ف ع��ن ‪ 20‬حالة مصابة‬ ‫بمرض الس��ل بين صف��وف الالجئين بالمف��رق‪ ،‬ويعالجون‬ ‫اآلن في مراكز األمراض الصدرية التابعة للوزارة»‪.‬‬ ‫وج��اء ه��ذا التصري��ح عل��ى وقع أنب��اء تداولها س��كان‬ ‫المخيم‪ ،‬أش��ارت إلى وفاة طفل بس��بب أزمة صدرية ناتجة‬ ‫م��ن الغبار بعد نقل��ه إلى المستش��فى برفق��ة ذويه‪ ،‬لكن‬ ‫عاملين في المخيم لم يؤكدوا أو ينفوا صحة الوفاة‪.‬‬ ‫كم��ا ت��م رصد مح��اوالت ل��م يكتب له��ا النج��اح لالجئين‬ ‫سوريين كانوا يحاولون الفرار مع عائالتهم إلى خارج المخيم‪.‬‬ ‫وعلى بعد أمتار من مقدمة المخيم كان راتب الحريري‬ ‫(‪ 44‬س��نة) يحاول اجتياز األس�لاك الش��ائكة برفقة زوجته‬ ‫وطفله الذي غطى الغبار معالم وجهه ومالبس��ه المقطعة‪،‬‬ ‫لكن أفراداً من األمن األردني أحبطوا محاولته‪.‬‬ ‫وقال الحموي الذي كان حافي القدمين ويرتدي مالبس‬ ‫رث��ة غطتها حبات التراب الناعم‪« :‬كنا نعيش في درعا تحت‬ ‫القصف وهن��ا نعيش تحت المذلة‪ ..‬الت��راب والغبار يفتكان‬ ‫بأجسادنا وطفلي يعاني ذبحة صدرية»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬الحال هنا ال يمكن تحملها‪ ،‬فال طعام وال دواء‬ ‫وال حتى كهرباء»‪.‬‬ ‫وكانت الس��لطات األردني��ة دفعت إل��ى المخيم بقوات‬ ‫درك وش��رطة خ�لال األي��ام الماضي��ة‪ ،‬بعد أن لج��أ العديد‬ ‫من الس��وريين إلى مح��اوالت الهرب‪ ،‬بس��بب حالة اإلحباط‬ ‫والغض��ب التي تولدت لديهم‪ ،‬وه��و ما قاله ممثل مفوضية‬ ‫الالجئين في عمان آندرو هاربر لجريدة الحياة‪.‬‬ ‫وعلى مس��افة غير بعيدة من خيمة الحريري وعائلته‪،‬‬ ‫جلس��ت فهيمة الدرعاوية (‪ 20‬س��نة) عل��ى حصير مهترئ‪،‬‬ ‫قائلة إن والدتها القادمة من بلدة طفس «تموت»‪.‬‬ ‫وأضافت‪« :‬إنها مريضة بالسرطان‪ ،‬ومنذ أن هربنا إلى‬ ‫األردن ل��م تحصل على جرع��ات الكيماوي‪ .‬حالتها تس��وء‪..‬‬ ‫حاولنا الهرب ولم نوفق»‪.‬‬ ‫وتابعت‪« :‬تمكن سكان الخيمة المجاورة من الفرار‪ ،‬ال أعرف‬ ‫إن كانوا بالمفرق أم بالرمثا‪ ،‬لكنهم أفضل حا ًال من هنا»‪.‬‬ ‫ويبدو أن الش��عور باأللم لم يمنع أحمد أبو الش��عر (‪38‬‬ ‫س��نة) من الفرح واالبته��اج ولو لبره��ة‪ ،‬عندما حصل على‬ ‫قطع بيضاء تبين الحقًا أنها كمامات لتجنب الغبار‪.‬‬ ‫وق��ال «جئن��ا إلى هن��ا األس��بوع الماض��ي قادمين من‬ ‫دمش��ق‪ ،‬ومنذ ذل��ك الوق��ت ونح��ن ننتظر الحص��ول على‬ ‫كمامات‪ ..‬أطفالي سيكونون سعداء بها»‪.‬‬ ‫وتحدث باسم (‪ 35‬س��نة) من مدينة إدلب عن تفاصيل‬ ‫قاس��ية يعيش��ها الجئو الزعتري‪ ،‬قائ ً‬ ‫ال بص��وت حزين وهو‬ ‫يربت على رأس طفلته‪« :‬الطعام المقدم قليل ومذاقه غير‬ ‫جي��د‪ ،‬كما أنه يوزع بطريقة غي��ر عادلة ويتخاطفه األقوياء‬ ‫ليبقى الضعفاء بال طعام أو شراب!»‪.‬‬

‫�أوجـاع وطـن‬

‫‪3‬‬


‫"ك��رز"‪ ..‬ن�شطاء من طوائف خمتلفة يتوحدون خلدمة �سوريا‬

‫كف��اح ورامي وزيدون من خلفيات متباينة متاما وال يجمعهم �سوى الهدف‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫أطلق ناش��طون حقوقيون في سوريا‬ ‫حمل��ة عل��ى مواق��ع التواص��ل االجتماعي‪،‬‬ ‫يطالب��ون فيه��ا باإلف��راج ع��ن الناش��طين‬ ‫كفاح ورامي‪ ،‬قبل تسليمهما إلى المخابرات‬ ‫الجوية‪.‬‬ ‫ونش��ر الناش��طون بيان��ًا وق��ع علي��ه‬ ‫المئات من المهتمين والمدافعين عن حقوق‬ ‫اإلنس��ان‪ ،‬يحملون فيه الس��لطات السورية‬ ‫كامل المسؤولية فيما يتع ّلق بسالمتهم‪.‬‬ ‫وأعل��ن الناش��طون أن��ه س��يتم رف��ع‬ ‫البيان بأسماء الموقعين عليه وتقديمه إلى‬ ‫منظمّ��ات حماية حقوق اإلنس��ان العالميّة‬ ‫بما فيها منظمة "هيومان رايتس ووتش"‪.‬‬ ‫ويخش��ى األهال��ي والناش��طون‬ ‫الحقوقي��ون الذي��ن وقعوا عل��ى البيان من‬ ‫إيقاع األذى النفسي والجسماني بالمعتقلين‬ ‫كف��اح ورامي فكثف��وا حمالته��م للمطالبة‬ ‫باإلفراج عنهما‪.‬‬ ‫وق��د أطل��ق األهالي لقب "ك��رز" على‬ ‫الناشطين الثالثة "كفاح علي ديب" و"رامي‬ ‫هناوي" وثالثهم��ا "زيدون الزعب��ي"‪ ،‬الذين‬ ‫اجتمعوا رغم اخت�لاف طوائفهم على إغاثة‬ ‫المحتاجين والمتضررين من األهالي بسبب‬ ‫قمع السلطات الس��ورية للثورة التي امتدت‬ ‫شرارتها لتطال أحياء كثيرة في دمشق‪.‬‬ ‫والتقت الناش��طة "كفاح" من الطائفة‬ ‫العلوي��ة‪ ،‬والبالغ��ة من العم��ر ثالثين عاما‪،‬‬ ‫والقادمة من ريف الالذقية بالناش��ط "رامي‬ ‫المنتمي إل��ى الطائفة الدرزية"‪ ،‬والذي يبلغ‬

‫م��ن العمر ثالث��ة وثالثين عام��ا ويعمل في‬ ‫التج��ارة‪ ،‬لينض��م إليهم��ا بعد ذل��ك زيدون‬ ‫ِ‬ ‫"السني" المدرس الجامعي‪.‬‬ ‫انتق��ل الثالثة جميعا م��ن دور اإلغاثة‬ ‫إل��ى دور مهم في الس�لام األهل��ي‪ ،‬خاصة‬ ‫أنهم من طوائف متعددة‪.‬‬ ‫وقد جس��دت حب��ة "الكرز" ه��ذه وحدة‬ ‫وطني��ة حقيقة وفاعلة على األرض حس��ب‬ ‫تعبي��ر األهالي الذي��ن عرفوه��م واختبروا‬ ‫مساندتهم‪.‬‬ ‫ولم تش��فع براءة األطفال المرتس��مة‬ ‫عل��ى وج��ه كف��اح عن��د خاطفيه��ا‪ ،‬فقامت‬ ‫عناص��ر م��ن ميليش��يات اللج��ان الش��عبية‬ ‫المس��لحة والموالي��ة للنظ��ام الس��وري‬ ‫باختطافها مع زميله��ا رامي وذلك في بلدة‬

‫صحنايا بريف دمش��ق مس��اء يوم األحد ‪/ 5‬‬ ‫‪.2012 / 8‬‬ ‫وف��ي هذا الخص��وص‪ ،‬يق��ول زيدون‬ ‫وهو الحرف الثالث من حبة "الكرز" الوطنية‬ ‫الس��ورية‪" :‬رامي وكف��اح معروفان جداً في‬ ‫دمشق وريفها وحمص ودرعا‪ ،‬لم ألتق بمن‬ ‫في شجاعتهما ومجازفتهما في البذل كرمى‬ ‫لقضية السلم األهلي ومناهضة الطائفية‪،‬‬ ‫كنا ثالثتنا سوية في الثورة‪ ،‬والناس يثقون‬ ‫بنا ويقولون إنه عندما يجتمع س��ني ودرزي‬ ‫وعلوي لتشكيل وحدة وطنية من خالل حبة‬ ‫ك��رز فاعلة على األرض ف��إن الدنيا ال تزال‬ ‫بخير"‪.‬‬ ‫ويضي��ف زي��دون‪" :‬كف��اح ورامي من‬ ‫أوائ��ل الذين تحركوا س��لميًا‪ ،‬وتميز فريقنا‬

‫بأنن��ا م��ن طوائ��ف مختلفة وس��يرة مهنية‬ ‫مختلف��ة‪ ،‬ونعم��ل لمصلح��ة البلد‪ ،‬ش��كلنا‬ ‫س��وية فريقا توافقت أهدافه على اإلغاثة‪،‬‬ ‫ونعم��ل يومي��ا من خالل اإلغاثة على نش��ر‬ ‫فكر التس��امح ونبذ الطائفي��ة بغض النظر‬ ‫عن المهن التي نعمل بها أو الش��هادات التي‬ ‫نحملها"‪.‬‬ ‫الجدير بالذكر أن كفاح فنانة تشكيلية‬ ‫وكاتبة وقد حازت على المركز األول بجائزة‬ ‫الش��ارقة لإلب��داع العرب��ي ف��ي مج��ال أدب‬ ‫الطفل ع��ن مجموعتها "نزهة الس��لحفاة"‪،‬‬ ‫كما أنه تم فصل زيدون من عمله للتضييق‬ ‫علي��ه بس��بب معارضت��ه وه��و اآلن متفرغ‬ ‫للعم��ل اإلغاث��ي وتعرف عل��ى رامي وكفاح‬ ‫منذ الشهور األولى النطالق الثورة‪.‬‬

‫فتاة �سورية تروي تفا�صيل اغت�صابها من قوات الأ�سد‬

‫كنت �أ�شعر باالختناق و�شممت رائحة عفنة و�أيد تعبث بي و�أذرع تعت�صرين‬ ‫العربية نت‪ :‬جفرا بهاء‬ ‫روت فت��اة س��ورية ش��هادتها ع��ن‬ ‫اغتصابه��ا من قوات النظ��ام على مرأى من‬ ‫أمه��ا‪ .‬قالت إنه��ا كانت تحت وط��أة االعتداء‬ ‫عليها‪ ،‬تس��مع ضحكاتهم وذاقت أبشع أنواع‬ ‫القهر يمكن ألي فتاة أن تعرفه‪.‬‬ ‫وأضاف��ت الفت��اة ف��ي الش��هادة‪ :‬كن��ا‬ ‫موثق��ات جميعنا ف��ي الس��احة القريبة من‬ ‫بيوتن��ا‪ ،‬وكذل��ك كان األطفال الذي��ن كانوا‬ ‫يبكون خوف��اً وهلعاً‪ ،‬أما الرج��ال فقد نقلوا‬ ‫ألماكن مجهولة‪.‬‬ ‫كن��ا نص��رخ مس��تغيثات‪ ،‬مرعوب��ات‪،‬‬ ‫"دخيلك��ن"‪ ..‬ص��راخ‪ ..‬عويل وب��كاء أطفال‪،‬‬ ‫كن��ت أرتج��ف م��ن ش��دة الرع��ب‪ ،‬ثالث��ون‬ ‫ش��خصا‪ ،‬بل وحشًا‪ ،‬بأجساد ضخمة مخيفة‪،‬‬ ‫ووج��وه ونظرات يتطاير منها الش��رر‪ ،‬كانوا‬ ‫مدججي��ن باألس��لحة والس��كاكين‪ .‬أخ��ذوا‬ ‫النس��وة وأبعدوه��ن موثقات م��ع األطفال‪،‬‬ ‫وكن يستغثن "بعرضكن"‪.‬‬ ‫أبقون��ا نح��ن الفتي��ات ف��ي الس��احة‪.‬‬ ‫الحفل��ة ب��دأت ب��ي أن��ا‪ ،‬ف��ك وح��ش منهم‬ ‫وثاقي‪ ،‬قاومته‪ ،‬ش��دني من شعري ودفعني‬ ‫إلى األرض فارتطم رأسي‪ ،‬وعندما صرخت‬ ‫س��معت صوت أم��ي تصرخ من بعي��د "الاا‪..‬‬ ‫الاا‪ ...‬أتركوها‪ ،‬هذه بنت صغيرة‪ ،‬حرام‪ ،‬لها‬ ‫مستقبل‪ ،‬خذوني أنا‪ ،‬أرجوكم"‪.‬‬ ‫أم��ي والنس��اء يصرخ��ن‪ ،‬ارتفع��ت‬ ‫أصواته��ن بالب��كاء والعوي��ل‪ ..‬والدع��اء‪ ،‬يا‬ ‫رب لطف��ك‪ .‬كان صراخهن يثي��ر الوحوش‪،‬‬

‫فتزداد ضحكاتهم وشراستهم‪.‬‬ ‫وأن��ا عل��ى األرض رأي��ت ثالث��ة وجوه‬ ‫تقت��رب من��ي ضاحك��ة ش��امتة مقهقه��ة‪،‬‬ ‫وأي��د ص��ارت تعبث ب��ي وفي ث��وان وجدت‬ ‫نفس��ي عاري��ة‪ ،‬حاول��ت مقاومته��م‪ ،‬كنت‬ ‫أق��اوم وأنتفض كالدجاجة قبل ذبحها‪ ،‬أذرع‬ ‫كثيرة امت��دت إلى جس��دي كأذرع أخطبوط‬ ‫تعتصرني‪ ،‬ش��عرت بالهجوم الوحشي على‬ ‫جسدي الذي استكان‪ ،‬فبت هادئة‪ ،‬مشلولة‪.‬‬ ‫كنت أش��عر باالختناق وش��ممت رائحة‬ ‫عفن��ة أش��به برائح��ة الميت��ة تنطل��ق م��ن‬ ‫أجسادهم المقرفة‪ .‬كانوا يتصايحون بقسوة‬ ‫"بدك حرية‪ ،‬هاي حرية‪ ،‬حرية‪ ،‬حرية"‪.‬‬ ‫وحش آخ��ر بدأ يضربن��ي على وجهي‬ ‫وجس��دي‪ ،‬يلكمن��ي بشراس��ة‪ ،‬وي��دوس‬ ‫بقدميه الهائلتين على صدري‪ ،‬كنت أش��عر‬ ‫بعظامي تطقطق تحت نعليه‪ ،‬لس��عات من‬

‫النار في أنحاء جسدي‪.‬‬ ‫أم��ي‪ ،‬مازلت أس��مع صراخه��ا‪ ،‬ضربها‬ ‫أحدهم‪( ..‬أخرسي يا أم‪.).....‬‬ ‫تن��اوب على جس��دي المجروح عش��رة‬ ‫وح��وش بش��رية‪ ،‬تناوب��وا ف��ي امتهان��ي‬ ‫وتعذيبي‪.‬‬ ‫لم أعد أسمع صوت أمي‪ ،‬وبالتفافة مني‬ ‫أثناء رحلة االغتصاب وجدتها مرمية مضرجة‬ ‫بدمائها‪ ،‬وق��د قطعت رقبتها م��ع غيرها من‬ ‫النساء واألطفال‪ .‬قتلوهم جميعًا‪.‬‬ ‫ل��م أكن الفت��اة الوحيدة ف��ي الحفلة‪..‬‬ ‫كانت هناك أخريات‪ ..‬عذبن وقتلن أيضًا‪.‬‬ ‫أراد أحده��م أن يجز عنق��ي كما فعلوا‬ ‫م��ع األخريات‪ ،‬ص��وت وراءه ق��ال‪ :‬اتركها أال‬ ‫تراها ميتة تقريباً‪ ،‬إنه��ا تتنفس بصعوبة‪،‬‬ ‫نع��م كن��ت بال��كاد أتنف��س‪ ،‬فق��د كس��روا‬ ‫أضالعي تحت وطء أقدامهم فوق جسدي‪.‬‬

‫بع��د انتهائه��م م��ن القت��ل والبطش‬ ‫واالغتص��اب‪ ،‬ج��روا جس��دي إل��ى حاوي��ة‬ ‫القمامة ألموت هن��اك‪( ،‬في المزبلة مكانك‬ ‫هنا يا‪.)....‬‬ ‫ً‬ ‫مر الوقت بعد ذلك‪ ،‬ليس سريعا‪ ،‬كنت‬ ‫عاري��ة جريح��ة‪ ،‬أتنفس بصعوبة‪ ،‬وأش��عر‬ ‫بالبرودة والخواء‪.‬‬ ‫ال نهاية بالقصة‬ ‫ال تنتهي المأساة بعثور شباب المدينة‬ ‫على الفتاة‪ ،‬ورغم أنها سمعت كالمهم "اهلل‬ ‫ال يس��امحهم‪ ..‬إنها حية"‪ ،‬إال أنها فضلت أن‬ ‫تغي��ب عن الوعي بعد أن تركها الحنان الذي‬ ‫س��معته في صوت ذلك الشاب الصارخ "اهلل‬ ‫أكبر عليه��م"‪ ،‬تركها في حال��ة من الجنون‬ ‫الداخل��ي ال يعطيه��ا الق��درة عل��ى مواجهة‬ ‫عينيه بجسدها العاري‪.‬‬ ‫الفت��اة اآلن خ��ارج س��وريا‪ ،‬وأدل��ت‬ ‫بش��هادتها حول ما حدث معها بعد أن قضت‬ ‫أيام��اً وأيامًا بالب��كاء على روحه��ا وأحالمها‬ ‫ووطنها‪.‬‬ ‫تقول "ل��م أكن ف��ي الن��زل بمفردي‪.‬‬ ‫كانت هن��اك مجموعة من الفتي��ات اللواتي‬ ‫تعرضن مثلي لالغتصاب‪ ،‬وعرفت أن هناك‬ ‫من يق��دم لنا الدعم والمس��اعدة‪ ،‬لكن هذا‬ ‫لم يخفف وطأة مصابي وش��عوري بالخوف‪،‬‬ ‫كنت أش��عر بأنني س��أفقد عقل��ي يومًا ما‪،‬‬ ‫كان��ت تنتابن��ي نوبات من الغض��ب‪ ،‬فأبكي‬ ‫وأصرخ‪ :‬أي��ن أنا اآلن؟ أين أن��ت يا أبي؟ أين‬ ‫أنت يا أمي؟ إخوتي؟ عائلتي؟"‪.‬‬


‫ال�صــــوت املعدنـــي لـ«كاتيو�شـــا»‪:‬‬ ‫النظام ال�سوري يحرم ال�سكان �ألفة املوت بقذيفة «هاون»‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كان علينا أن نعب��ر طريقًا ترابيًا متعرجًا‬ ‫طوله كيلومترين اثنين برفقة المهرب التركي‬ ‫حتى نصل إلى الش��ريط الشائك الذي يفصل‬ ‫بين محافظتي هاتاي التركية وإدلب السورية‪.‬‬ ‫الشريط الذي أقدم مهربون وثوار على قطعه‬ ‫ف��ي أكثر من مكان في ه��ذه المنطقة‪ ،‬يُكلف‬ ‫عبوره خمسين دوالراً أميركيًا للشخص الواحد‬ ‫يتقاضاه��ا المه��رب الترك��ي‪ ،‬فيم��ا الناش��ط‬ ‫الس��وري المنتظ��ر عل��ى الجه��ة األخ��رى من‬ ‫الح��دود يعتذر من��ك عن تواضع االس��تضافة‪،‬‬ ‫وع��ن خضوع��ه أيض��اً لمنط��ق المهربي��ن‬ ‫الس��وريين‪ ،‬ذاك أن االنتق��ال من الح��دود إلى‬ ‫بلدة أطمة الس��ورية يتطلب دفع أكالف انتقال‬ ‫عب��ر ش��احنات المهربين الصغيرة ل��م يتمكن‬ ‫الناشط من إعفائنا منها‪.‬‬ ‫الخال «ظاظا» أش��هر ش��خصية حدودية‬ ‫س��ورية ه��ذه األي��ام‪ .‬يس��تقبل الصحافيي��ن‬ ‫والناش��طين م��ن عاب��ري الش��ريط الح��دودي‬ ‫ف��ي مكتبه ف��ي أطم��ة‪ ،‬وبعد نحو س��اعة من‬ ‫االنتظ��ار بضياف��ة الخال يصل ناش��طون من‬ ‫م��دن وبل��دات ريفي حل��ب وإدل��ب الصطحاب‬ ‫«الضي��وف»‪« .‬الخ��ال ظاظا» هو مس��ؤول في‬ ‫الجي��ش الحر ف��ي أطم��ة‪ ،‬ويملك خب��رات في‬ ‫التعام��ل م��ع «الضي��وف» م��ن خ��ارج الحدود‬ ‫م��ن المرج��ح أن تك��ون س��ابقة عل��ى الثورة‪.‬‬ ‫إنه��ا خدم��ات مجانية‪ ،‬ال بل إن أعب��اء الضيافة‬ ‫واالنتق��ال يتحملها الرجل مترافقة مع ش��عور‬ ‫بأنه يفعل ذل��ك كجزء من عمله في «الثورة»‪.‬‬ ‫إنه «الخال ظاظا» الذي يعرفه الجميع‪ ،‬ويُرسل‬ ‫إليه المهربون األتراك زبائنهم من الصحافيين‬ ‫فيتحولون ضيوفاً‪ .‬فها هي ياسمين‪ ،‬الصحافية‬ ‫البريطانية الش��ابة التي ال تجي��د العربية التي‬ ‫ال يعرف «ظاظا» لغة غيرها‪ ،‬مقيمة في منزل‬ ‫عائل��ة «الخال» م��ع زوجته وبنات��ه منتظرة أن‬ ‫يس��مح لها الرجل أن تغادر إلى حلب‪ ،‬لكنه كما‬ ‫يقول لن يُرسلها إال مع مجموعة يثق بها‪ ،‬ذاك‬ ‫أنها وحيدة‪ ،‬وه��ي ولدت ألب بريطاني وأم من‬ ‫حمص‪ .‬وياسمين ارتدت حجابًا استجابة لطلب‬ ‫«ظاظ��ا» الذي قال إن الحج��اب يحمي في هذه‬ ‫الظ��روف‪ ،‬وتحولت بفع��ل حجابها واإللفة التي‬ ‫يُشعرها بها الرجل إلى جزء من محيطه‪ ،‬فيما‬ ‫ح��ال االنتظار قبل توجهها إلى حلب عبئاً يبقى‬ ‫تحمله أيامًا أمراً ممكنًا‪.‬‬ ‫ما إن أقلعت س��يارة مصطفى‪ ،‬الناش��ط‬ ‫المدن��ي ال��ذي حض��ر الصطحابن��ا إل��ى بلدته‬ ‫بنش‪ ،‬وبدأنا نحاول اس��تطالع الواقع الميداني‬ ‫ف��ي إدلب وقضائها‪ ،‬حتى أدركنا أننا لس��نا في‬ ‫الجبه��ة الخلفية‪ ،‬إنما في قل��ب جبهة لم نعهد‬ ‫ما يماثلها في الحروب التي ش��هدتها المنطقة‪.‬‬ ‫الجيش السوري الحر ال يسيطر على المنطقة‪.‬‬ ‫هو موجود فيها على نحو كثيف وحاس��م‪ ،‬لكن‬ ‫خطوط النف��وذ مع الجي��ش النظامي متداخلة‬ ‫وغير نهائية‪.‬‬ ‫علينا أن نسلك في السيارة طرقًا زراعية‬ ‫دليلن��ا ليس عل��ى يقين بخلوها م��ن الحواجز‬ ‫الطي��ارة التابع��ة للجيش النظام��ي‪ .‬وفي هذا‬ ‫الوق��ت س��تتولد مفارقات الرحلة م��ن حيث لم‬ ‫نتوقع‪ .‬فنحن قدمنا إلى إدلب من بيروت‪ .‬رحلة‬ ‫بالطائرة إلى اسطنبول‪ ،‬ورحلة ثانية بالطائرة‬ ‫أيضًا من اس��طنبول إلى أنطاكيا‪ ،‬ورحلة ثالثة‬ ‫بالس��يارة من أنطاكيا إلى الحدود مع س��ورية‪،‬‬ ‫وهذا ما يولد ش��عوراً غير حقيقي بأننا في بلد‬ ‫بعيد ج��داً‪ .‬لكن إدلب أقرب إلينا بكثير من هذه‬ ‫المس��افة‪ .‬فإن يس��ألك الس��ائق عندم��ا يعرف‬ ‫اس��مك‪« :‬هل أنت من القري��ة الفالنية؟» فإن‬ ‫س��ؤاله إذا م��ا عطفته عل��ى الرح�لات الجوية‬ ‫والبرية التي اس��تغرقها وصولك إليه‪ ،‬سيكون‬

‫مصدر دهش��ة فع ًال‪ .‬ث��م إن اس��تعادة حقيقة‬ ‫قرب إدل��ب العملي من بيروت ل��ن يثبت‪ ،‬إذ إن‬ ‫المسافة الوهمية التي أحدثتها الرحلة الطويلة‬ ‫معطوفة على ش��عور باستحالة عبور المسافة‬ ‫الفعلي��ة بفعل الح��روب الكثي��رة التي تفصل‬ ‫لبن��ان ع��ن س��ورية س��يكون أقوى وس��يبقى‬ ‫مالزمًا لك طوال الرحلة‪.‬‬ ‫الح��رب هن��ا ه��ي غي��ر م��ا عهدت��ه من‬ ‫حروب‪ .‬لن تفيدك خبراتك القديمة بش��يء‪ .‬ال‬ ‫جبهة حرب واضحة‪ ،‬وثمة ما يصدمك بنفس��ك‬ ‫وبالس��كان‪ .‬قذيفة الهاون تسقط على القرية‬ ‫بب��رود‪ ،‬تقت��ل عائ�لات بأكمله��ا وتول��د خوفًا‬ ‫أخ��رس ال ينفجر وال يخ��رج من نفوس الناس‪،‬‬ ‫عل��ى نح��و م��ا كان ينفجر ويخرج م��ن نفوس‬ ‫الناس في الح��روب التي عهدتها‪ .‬يموت الناس‬ ‫هن��ا بصم��ت‪ ،‬أو بالح��د األدنى م��ن الضجيج‪.‬‬ ‫تعب��ر قذيف��ة اله��اون م��ن ف��وق رؤوس��هم‬ ‫وه��م يتناول��ون اإلفطار‪ ،‬يُطرقون رؤوس��هم‬ ‫منتظري��ن س��قوطها‪ ،‬ث��م يكمل��ون اإلفطار‪،‬‬ ‫وف��ي هذا الوقت يأتي زائ��ر أو جار ويقول لهم‬ ‫قتل��ت العائل��ة الفالنية‪ ،‬فتتولى س��يدة الدعاء‬ ‫عل��ى النظام وينتهي اإلفطار‪ .‬قذيفة أخرى لم‬ ‫تنفجر بعد س��قوطها‪ ،‬فيعلق ش��اب‪« :‬إنها من‬ ‫صنع إيراني» فال يبتسم أحد‪.‬‬ ‫ثم إنها غير الحروب التي عهدتها ألسباب‬ ‫تقنية أيضًا‪ .‬غيث عبد األحد‪ ،‬الصحافي العراقي‬ ‫ال��ذي غطى ح��رب بل��ده مخفي��اً هويت��ه تارة‬ ‫وكاش��فاً إياها تارة أخرى وف��ق هوية الجماعة‬ ‫التي يعمل في مناطق نفوذها يش��عر هنا بأن‬ ‫األم��ر مختلف‪ .‬الصحاف��ي اللبناني الذي غطى‬ ‫ح��روب الجن��وب خَ ِب��ر هناك صوت ص��اروخ الـ‬ ‫«غراد» الروسي الصنع لحظة انطالقه متوجهًا‬ ‫إلى المس��تعمرات اإلسرائيلية‪ ،‬وها هو يختبره‬ ‫هنا لحظة س��قوطه فوق رأس��ه وفوق رؤوس‬ ‫السكان الذي جاء لتغطية مأساتهم‪.‬‬ ‫ثمة فارق جوهري بي��ن الصوتين‪ ،‬وهنا‬ ‫ستكتش��ف أن األصوات التي تُصدرها المدافع‬ ‫ف��ي الح��روب تؤس��س لقابلية اإللف��ة والفزع‬ ‫وفق��ًا لمنط��ق األص��وات والروائح‪ .‬ف��ي جنوب‬ ‫لبن��ان عندما كنا نس��مع صوت الـ «غ��راد»‪ ،‬أي‬ ‫الكاتيوش��ا‪ ،‬منطلق��اً من الودي��ان القريبة من‬ ‫قران��ا‪ ،‬كان ذلك يُطربنا‪ .‬إنه «أورغ س��تالين»‬ ‫على ما س��ماه ال��روس‪ .‬وكان يصاح��ب عبوره‬ ‫من فوق قرانا عندم��ا كان يُطلقه «الفدائيون‬ ‫الفلس��طينيون» إلى المستعمرات اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫رائحة ب��ارود محترق كانت تبعث فينا مش��اعر‬ ‫ق��وة‪ ،‬عل��ى رغ��م علمن��ا باس��تدراجه رد فعل‬

‫إس��رائيلي قات��ل س��رعان م��ا كن��ا ندخل في‬ ‫قل��ق انتظ��اره‪ .‬في س��ورية‪ ،‬ها نح��ن أهداف‬ ‫ل��ـ «أورغ س��تالين»‪ .‬أي مفارق��ة ه��ذه؟ صوت‬ ‫انفجار الـ «غراد» ينطوي على ذبذبات معدنية‬ ‫ل��م نعهدها بم��ا س��معناه من أصوات‪ .‬ش��يء‬ ‫م��ن «نيغاتي��ف» الموس��يقى أو م��ن غِلظتها‪.‬‬ ‫الص��اروخ القديم وغي��ر الدقيق ال��ذي لطالما‬ ‫قمن��ا بوص��ل جزءي��ه قب��ل أن ينطل��ق مغرداً‬ ‫فوق قرانا‪ ،‬يس��قط اليوم فوق رؤوسنا‪ .‬صوت‬ ‫انفج��اره ليس بالحجم الذي كن��ا نتخيله‪ ،‬لكن‬ ‫قوته تكمن في معدنيته‪ .‬صوت انفجار قذيفة‬ ‫الهاون قوي ومزلزل‪ ،‬لكنه يبقى خارجك إذا ما‬ ‫أبقاك حياً‪ ،‬أما صوت انفجار الـ «غراد» فيتسرب‬ ‫إلى جسمك كموجة كهربائية‪.‬‬ ‫ليس��ت األصوات وحدها ما يُخلف شعوراً‬ ‫بأنه��ا ح��رب مختلف��ة‪ .‬ثم��ة ش��يء أق��وى من‬ ‫األص��وات تدفع��ك إل��ى الذه��ول‪ .‬ف��ي أتارب‪،‬‬ ‫البل��دة المدم��رة بالكام��ل في ري��ف حلب‪ ،‬لم‬ ‫تنقط��ع الكهرباء عن المنازل المدمرة‪ .‬عمليات‬ ‫اإلنقاذ البدائي��ة التي يُس��ارع عناصر الجيش‬ ‫الس��وري الحر للقيام بها ف��ي أعقاب كل جولة‬ ‫قصف‪ ،‬يج��ب أن تأخذ ف��ي االعتب��ار احتماالت‬ ‫أن يختل��ط حط��ام مع��ادن المنازل باألس�لاك‬ ‫الكهربائية التي ما برحت تتغذى بالطاقة‪ ،‬ذاك‬ ‫أن عنص��راً من الجيش الحر قُتل بالكهرباء في‬ ‫قرية مجاورة أثناء محاولته إنقاذ س��كان منزل‬ ‫تعرض للقصف‪.‬‬ ‫وحتى اآلن ال أزمة مياه كبيرة في مناطق‬ ‫الح��رب ه��ذه‪ ،‬م��ع العل��م أن المي��اه تصل إلى‬ ‫المن��ازل «نظام��ي» على ما يقول الس��وريون‬ ‫عندما يقص��دون أن الدولة ه��ي من يزودهم‬ ‫به��ا‪ .‬ولع��ل كلم��ة «نظام��ي» ه��ي م��ن أكثر‬ ‫العبارات تداو ًال‪ ،‬إذ يُستعاض فيها عن عشرات‬ ‫من العبارات من نوع‪« :‬رس��مي‪ ،‬عادي‪ ،‬سلطة‪،‬‬ ‫حكوم��ة‪ ،‬مألوف‪ » ...‬وه��ي تنطوي على معنى‬ ‫س��لبي عندم��ا يعم��دون للتعبي��ر م��ن خاللها‬ ‫ع��ن أن النظ��ام خارجه��م‪ ،‬فالجي��ش الحر هو‬ ‫جيشهم‪ ،‬فيما الجيش «النظامي» من يقتلهم‪.‬‬ ‫وك��م تبدو الكهرب��اء «النظامي��ة» والحال هذه‬ ‫مفارق��ة عندم��ا تغذي مدن��ًا دمرته��ا القذائف‬ ‫«النظامية»‪.‬‬ ‫ال مواقع ثابتة يس��تدل م��ن خاللها المرء‬ ‫إل��ى س�لامته‪ ،‬فمرافقونا م��ن عناصر الجيش‬ ‫الح��ر‪ ،‬وم��ن الناش��طين المدنيي��ن تتف��اوت‬ ‫معنوياته��م في الرحل��ة الواحدة بي��ن دعوتنا‬ ‫إل��ى االطمئنان إلى أنهم يس��يطرون على كل‬ ‫ش��يء‪ ،‬وبين طلب ق��راءة الفاتحة على أرواحنا‬

‫لش��عورهم بأنن��ا نعب��ر م��ن مناطق س��يطرة‬ ‫للجي��ش النظامي‪ .‬خريطة الس��يطرة متحركة‬ ‫وفق األيام واألوقات‪ .‬في الليل ينكفئ الجيش‬ ‫النظام��ي عن أوتوس��تراد حلب دمش��ق‪ ،‬وفي‬ ‫النهار الس��يطرة لألخير‪ ،‬لك��ن اإلفالت منه في‬ ‫النه��ار ممكن إذا ما قرر الم��رء المغامرة‪ ،‬على‬ ‫رغم أن الطبيعة ليست مساعدة‪ .‬وهنا االعتماد‬ ‫على حقيق��ة تراكمت في الوعي الس��وري لم‬ ‫نألفها نح��ن الذين كنا نعتقد أن الس��لطة في‬ ‫ه��ذا البل��د س��لطة مطلق��ة ومس��تمرة طوال‬ ‫الوقت‪ .‬الس��لطة هن��ا تغفو ويمك��ن مواربتها‬ ‫وإلهاؤها‪ ،‬وهذه لعبة يجيدها السكان منذ زمن‬ ‫ما قبل الثورة‪ .‬الدبابة ليست جاهزة كل الوقت‪،‬‬ ‫والضابط الش��رير يمكن أن يهون أو أن يغفو‪.‬‬ ‫عبر ه��ذه الفتح��ات الضيق��ة يتح��رك الناس‪،‬‬ ‫فينجو منهم من ينجو ويموت من يموت‪.‬‬ ‫ك��م يبدو غريب��ًا للبناني مث� ً‬ ‫لا أن يعاين‬ ‫س��كان مدينة س��راقب وهم يتداولون أس��ماء‬ ‫الضابط وجنوده الذين يتولون قصف بلدتهم‪.‬‬ ‫الضاب��ط من ري��ف حم��اة والجن��ود معظمهم‬ ‫م��ن دي��ر ال��زور ولي��س بينه��م عل��وي واحد‪.‬‬ ‫العدو بالنس��بة إليهم أش��خاص وأسماء‪ ،‬وهم‬ ‫سيرس��لون اس��مه إلى بلدته أو مدينته ألنهم‬ ‫غير قادري��ن على معاقبته‪ .‬ث��م إن تبدي ًال في‬ ‫صفوف الوحدات ينعكس مباش��رة على أوضاع‬ ‫مدينته��م‪ .‬فاألس��بوع الذي س��بق وصولنا إلى‬ ‫س��راقب ش��هدت المدينة هدوءاً س��ببه تبديل‬ ‫أتى بقائد للموقع غير راغب لس��بب ما بقصف‬ ‫البل��دة‪ ،‬فيما األس��بوع الذي أعقب��ه كان عنيفًا‬ ‫بسبب فظاظة الضابط الجديد‪.‬‬ ‫في اليوم األخير من الرحلة إلى س��ورية‬ ‫كانت بنادق الـ «فال» البلجيكية الصنع تتسرب‬ ‫إل��ى أيدي المقاتلين على نح��و منهجي‪ .‬بنادق‬ ‫طويل��ة وثقيلة الوزن‪ ،‬وهي مصممة ألجس��ام‬ ‫جن��ود قوي��ي البنية وش��ديدي التدري��ب‪ .‬هذه‬ ‫البنادق التي أرسلت من خارج الحدود‪ ،‬ال يعرف‬ ‫جنود الجيش الحر هوية مرسلها‪ ،‬وهي تكشف‬ ‫حقيقة قلة االكتراث الدولي بمأس��اة الس��كان‬ ‫هنا‪ .‬أرس��لت هذه البنادق على نحو ما تُرس��ل‬ ‫مس��اعدات غذائية غير منس��جمة م��ع العادات‬ ‫الغذائي��ة للجماع��ات المعنية بها‪ .‬كأن ترس��ل‬ ‫ويس��كي إلى أفعانس��تان بد ًال من العصير‪ .‬الـ‬ ‫«فال» بندقية صعبة المراس‪ ،‬أرس��لتها دول لـ‬ ‫«رف��ع العتب» على ما ق��ال ضابط في الجيش‬ ‫الح��ر‪« ...‬لك��ن‪ ،‬ال ب��أس س��نحاول أن نُقات��ل‬ ‫فيها»‪ ،‬على ما اختتم كالمه‪.‬‬ ‫الحياة اللندنية ‪2012 / 8 / 17‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫حازم األمين‬

‫‪5‬‬ ‫من جداريات سراقب‬


‫حربٌ �أهلية‪ ..‬حربٌ طائفية‪..‬‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫ت�سميات مغلوطة لثورة احلرية‬

‫ياسر مرزوق‬

‫نظري��ة "ح��رب اآلخري��ن" وصيغته��ا‬ ‫الملطفة "الحرب م��ن أجل اآلخرين" نظري ٌة‬ ‫كثيراً ما رددها األش��قاء اللبنانيون توصيفًا‬ ‫للح��رب اللبناني��ة وه��ي نظري�� ٌة لطالم��ا‬ ‫مقدار م��ن تحميل‬ ‫اعتبرته��ا تنطوي عل��ى‬ ‫ٍ‬ ‫اآلخرين الذنب وتبرئة النفس وتغذي براء ًة‬ ‫مجرم��ة تستس��هل القتل وتس��وّغه بإلقاء‬ ‫تبعات��ه عل��ى اآلخري��ن‪ ،‬وتحمي��ل اآلخرين‬ ‫فقط المس��ؤولية عما حدث ال يكتفي بقطع‬ ‫الطري��ق أمام البحث في أس��باب الحرب‪ ،‬بل‬ ‫يس��عى كذلك إلى قمع أي��ة محاولة لإلفادة‬ ‫م��ن دروس تل��ك الحرب حت��ى ال تتكرر في‬ ‫المستقبل‪.‬‬ ‫والي��وم بينم��ا تعي��ش س��وريا حرباً‪،‬‬ ‫خصص��ت ملفن��ا األس��بوعي للبح��ث ف��ي‬ ‫ماهيتها وكنهه��ا‪ ،‬وكان البد لي وقبل البدء‬ ‫االعتذار ل��كل لبنان��ي عما‬ ‫ف��ي ملفن��ا م��ن‬ ‫ٍ‬ ‫ذكرته س��ابقًا‪ ،‬فق��د تكون الح��روب وبجز ٍء‬ ‫كبي��ر منه��ا حروب��ًا لآلخري��ن‪ ،‬عل��ى أرضنا‬ ‫ٍ‬ ‫وبدم��اء أبناءن��ا‪ ،‬ومس��تقبلنا‪ ،‬إنه��ا الح��رب‬ ‫باعت��راف رأس النظ��ام ف��ي خطاب��ه أم��ام‬ ‫البرلم��ان المنتخ��ب‪ ،‬ليعل��وا تصفيق جوقة‬ ‫المصفقي��ن س��اعة إعالنه��ا‪ ،‬متناس��ين أو‬ ‫متجاهلي��ن بأن الح��رب نارٌ ت��أكل األخضر‬ ‫واليابس‪ ،‬وتطحن الناس كما يطحن الرحى‬ ‫الحب��وب وإنه��ا إن طالت حبلت بأوالد ش��ؤم‬ ‫وس��وء ل��ن يجلب��وا لقومه��م إال المصائ��ب‬ ‫واله�لاك‪ ،‬وأنها ال محالة تفض��ى إلى الفقر‬ ‫واأللم والش��قاء والحزن‪ ،‬هي عطرٌ منش��م‬ ‫دقّ بي��ن الس��وريين و"مَنْشِ��م"‪ -‬بكس��ر‬ ‫الش��ين ‪ -‬اس��مُ امرأةٍ َّ‬ ‫عط��ارة كانت بمكة‪،‬‬ ‫وكانت قبيلتا "خُزَاع��ة وجُرْهم" إذا أرادوا‬ ‫َ‬ ‫القتال تعطروا من عطرها‪ ،‬وكانوا إذا فعلوا‬ ‫ذلك كث��رت القتلى فيما بينهم‪ ،‬فكان يقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫"أشْ��أمُ مِنْ ْ‬ ‫عِط ِر مَنْشِمَ"‪ ،‬ويضرب هذا‬

‫المثل في الشؤم والشر العظيم‪.‬‬ ‫وف��ي تحليلنا لم��ا يحدث في س��وريا‪،‬‬ ‫يبق��ى العن��وان األب��رز‪ ،‬أنها حربٌ يش��نها‬ ‫النظام على شعبه‪ ،‬موالين قبل المعارضين‬ ‫فالطائ��رات الحربي��ة الت��ي تقص��ف المدن‬ ‫والحواض��ر‪ ،‬ال تمي��ز نيرانه��ا بي��ن طفل أو‬ ‫موال‪ ،‬السوريون والحالة‬ ‫كهل أو‬ ‫ٍ‬ ‫معارض أو ٍ‬ ‫هذه سواسية في حضرة الموت‪ ،‬وآلة القتل‬ ‫الت��ي يلهبه��ا النظام ه��ي آلة "كاف��كا" آل ٌة‬ ‫مزود ٌة بمس��تعرات العقوب��ات التي ابتكرها‬ ‫عقل جهنم��ي لتعذيب المحكومين باإلعدام‬ ‫بأقسى ما تفتق عنه العقل المجرم الملوث‬ ‫بعبقري��ة س��ادية‪" ..‬ماكين��ة ضخمة معززة‬ ‫باإلبر الفاقئة للعيون والشفرات التي تسلخ‬ ‫الجلد والكالليب التي تشق اللحم والدبابيس‬ ‫لتغرز ف��ي العظم على أن يبق��ى المحكوم‬ ‫على قي��د الحياة‪ ،‬حين انته��ى من صناعتها‬ ‫وألن عقله الملوث باألنانية‪ ..‬أراد أن يجربها‬ ‫على نفسه ال أحد يستحق عبقرية هذه اآللة‬ ‫…بعد أن مر عليه��ا أصناف المحكومين لم‬ ‫يجد من اخترعها س��وى حش��ر نفسه تحتها‬ ‫واالستس�لام لما ابتك��رت عبقريته"‪ ،‬ولو أن‬ ‫بأش��خاص‬ ‫كافكا بينن��ا ألعاد كتابة الرواية‬ ‫ٍ‬ ‫وأسما ٍء س��ورية‪ ،‬الموجة الحالية في سوريا‬ ‫كبي��رة إلى حد لن تقدر كل أس��لحة روس��يا‬ ‫المس��تخدمة م��ن جان��ب النظ��ام وبطانته‬ ‫عل��ى أن توقفه��ا‪ .‬قد تؤخرها قلي� ً‬ ‫لا ولكنها‬ ‫ل��ن توقفها‪ .‬حت��ى التأخير الذي نش��كو منه‬ ‫فإنه في مقياس الح��دث التاريخي تفصيل‬ ‫وإن تكن اآلالم هائلة‪ .‬فالتغيير في س��وريا‬ ‫حص��ل في آذار ‪ ،2011‬ونح��ن نعيش اليوم‬ ‫نتائج��ه‪ .‬النظ��ام ه��و الماضي فيم��ا رفاق‬ ‫حمزة الخطيب هم المستقبل‪ .‬النظام اليوم‬ ‫ه��و من اختار تجربة اآلل��ة آنفة الذكر على‬ ‫نفسه بالنهاية‪..‬‬

‫هل هي حرب �أهلية‪..‬‬ ‫ومع يقيننا بالتوصيف األول لما يحدث‬ ‫في سوريا يبقى السؤال‪ ،‬هل انزلقت الثورة‬ ‫حرب أهليةٍ بين أبناء الوطن‬ ‫الس��ورية إلى ٍ‬ ‫الواحد تساؤ ًال مشروعًا‪ ،‬إال أن القارئ للتاريخ‬ ‫ي��رى تالزماً بين مصطلح��ي الثورة والحرب‬ ‫األهلية‪ ،‬فبحس��ب المؤرخ الفرنس��ي "جاك‬ ‫ٌ‬ ‫أش��كال عديدة من الحروب‬ ‫مارس��ي" هناك‬ ‫األهلية‪ ،‬بالس�لاح أو سلمياً‪ ،‬مكشوف ًة كانت‬ ‫أو مقنع��ة‪ ،‬وه��و يطبق ه��ذا المفهوم على‬ ‫التاريخ الفرنس��ي منذ القرن الرابع عش��ر؛‬ ‫ويعتبر ش��أنه ش��أن أغلب المؤرخين ومنهم‬ ‫مارك��س وإنجل��ز أن كومون��ة باري��س أو‬ ‫الثورة الفرنس��ية "حربٌ أهلية في فرنسا"‪.‬‬ ‫كم��ا يعتبر الح��رب التي اندلع��ت بعد نجاح‬ ‫الث��ورة البلش��فية في روس��يا حرب��ًا أهلية‪،‬‬ ‫والحرب األهلي��ة بالتعريف القانوني‪ ،‬حربٌ‬ ‫بي��ن المجموعات التي تنتظ��م داخل الدولة‬ ‫القومية نفس��ها‪ ،‬والهدف من جانب واحد قد‬ ‫يكون للس��يطرة على البل��د أو منطقة منه‪،‬‬ ‫أو لتغيي��ر الحكومات والسياس��ات الحكومية‬ ‫بالمحصلة‪ ،‬وتتميز الح��رب األهلية بوتيرةٍ‬ ‫عالي��ةٍ للص��راع‪ ،‬وكثي��راً م��ا تش��ارك فيه‬ ‫القوات المس��لحة النظامية‪ ،‬كما تس��فر عن‬ ‫أعدادٍ كبيرةٍ من الضحايا واس��تهالكٍ كبير‬ ‫للموارد والمقدرات‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ش��كل‬ ‫كم��ا يعرفه��ا البعض على أنها‬ ‫من أش��كال الصراع الداخلي ف��ي المجتمع‪،‬‬ ‫تق��وم ب��ه جماع��ة أو جماعات على أس��س‬ ‫إثني��ة أو أيديولوجية م��ن أجل تغيير بعض‬ ‫السياس��ات الحكومي��ة أو اإلطاح��ة بنظ��ام‬ ‫الحك��م أو الحص��ول عل��ى الحك��م الذات��ي‬ ‫لمنطق��ة معين��ة أو االنفصال ع��ن الدولة‪.‬‬ ‫ويش��تمل ه��ذا الص��راع على أعم��ال عنف‬

‫مس��لح منظم واسع النطاق من جانب جميع‬ ‫األط��راف المش��اركة‪ ،‬ويتم تنفي��ذ عمليات‬ ‫العن��ف انطالق��اً م��ن مناطق معين��ة تمثل‬ ‫قاعدة عسكرية محددة لها‪.‬‬ ‫لكن الصيغة األساسية لتعريف الحرب‬ ‫األهلية بس��يطة‪ :‬بأن يك��ون العنف "أهليًا"‪،‬‬ ‫وأن يك��ون "حرب��اً" وأن يك��ون اله��دف منها‬ ‫هو ممارسة الس��لطة الوطنية أو االستيالء‬ ‫عليه��ا‪ .‬الجان��ب "األهلي" يعن��ي أن الصراع‬ ‫يج��ب أن يح��دث داخ��ل األراض��ي التابع��ة‬ ‫للدول��ة‪ ،‬إلى حد كبير بي��ن األهالي في تلك‬ ‫األراض��ي‪ ،‬وأن يتضمن مش��اركة ش��عبية‪.‬‬ ‫والحرب األهلية يجب أن تكون حرباً‪ -‬حس��ب‬ ‫التعريف الوارد في القاموس "صراع عدائي‬ ‫تستخدم فيه قوات مس��لحة" كذلك تتطلب‬ ‫الح��رب األهلي��ة ق��ادة يتحدث��ون ع��ن ماذا‬ ‫يقاتل��ون م��ن أجل��ه وش��عب يفه��م كل ما‬ ‫يدور ‪ -‬االنقس��امات‪ ،‬الناس‪ ،‬واألهداف‪ ،‬وإذا‬ ‫اعتمدنا التعري��ف األخير من الممكن اعتبار‬ ‫م��ا يج��ري في س��وريا حرب��ًا أهلي��ة بغض‬ ‫النظر عن التفاوت الش��ديد ف��ي حدة القتل‬ ‫والقمع من جهة ومشروعية الهدف من جهة‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫إال أن القان��ون الدول��ي أخي��راً أت��ى‬ ‫بتعريفٍ أكث��ر نضجاً للحرب األهلية‪ ،‬اعتمد‬ ‫فيه معيارين‪ ،‬أولهم��ا أن تكون المجموعات‬ ‫المتناح��رة من نفس البلد وتتقاتل من أجل‬ ‫الس��يطرة على الوسط السياس��ي‪ ،‬أو على‬ ‫دول��ة انفصالي��ة‪ ،‬أو من أجل ف��رض تغيير‬ ‫كبير على المشهد السياسي‪.‬‬ ‫أما الثاني‪ ،‬فيقول إنه ينبغي أن يكون‬ ‫مجموع من قُتلوا ‪ 1000‬شخص‪ ،‬مع سقوط‬ ‫‪ 100‬قتيل في األقل في كل جانب‪ .‬ولئن كان‬ ‫المصطلح عمومًا فضفاضاً بحيث يمكنه أن‬ ‫يضم أش��كا ًال عديدة من النزاعات‪ ،‬فإن أحد‬ ‫أط��راف الح��رب األهلية يكون دائم��اً تقريبًا‬ ‫حكومة ذات س��يادة‪ .‬ثمة بع��ض المؤرخين‬ ‫يختلفون م��ع تعريف الح��رب األهلية‪ ،‬على‬ ‫هذا النحو‪ ،‬إذ ال ي��رى "جون كيغان"‪ ،‬الكاتب‬ ‫البريطاني المتخص��ص في تاريخ الحروب‪،‬‬ ‫س��وى خمس حاالت تاريخية واضحة يمكن‬ ‫أن توصف بـ "حرب أهلي��ة" بحصر المعنى‪،‬‬ ‫بدءاً بالحرب األهلي��ة اإلنجليزية في القرن‬ ‫الس��ابع عش��ر وانتهاء بالحرب اللبنانية في‬ ‫القرن العش��رين‪ .‬أما معايي��ره‪ ،‬فتتمثل في‬ ‫ض��رورة س��عي المجموع��ات المتصارع��ة‬ ‫إل��ى الس��لطة الوطني��ة‪ ،‬وأن يك��ون له��ذه‬ ‫المجموع��ات زعماء يعلنون ما الذي يقاتلون‬ ‫من أجله‪ ،‬ويش��تبكون في معارك س��احاتها‬ ‫محددة مع ضرورة ارت��داء المقاتلين لبدالت‬ ‫قتال‪.‬‬ ‫والرأي الس��ائد في القانون الدولي في‬ ‫الوقت الحاض��ر عن الح��روب األهلية يقوم‬ ‫على أساس‪ ،‬أن تحديد الحرب األهلية يعتمد‬ ‫عل��ى أن يكون القتال بي��ن المدنيين وليس‬ ‫بين الدولة والقوات المسلحة‪ .‬فالقتال الذي‬ ‫ينحصر بين أطراف مدنية تس��يطر كل فئة‬ ‫في��ه على قطعة معينة م��ن األرض ويكون‬ ‫لها إدارة منظمة علنية‪ ،‬وإذا ما اعتمدنا هذا‬ ‫التعريف تخرج الحالة الس��ورية عن مسمى‬ ‫الحرب األهلية‪.‬‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫والجدير بالذك��ر أن أغلب أمم األرض‬ ‫عاش��ت حروباً أهلي��ة‪ ،‬ولن��ا أن نذكر الحرب‬ ‫األهلية اإلنجليزية "‪ ،"1649 – 1642‬الحرب‬ ‫األهلية األمريكي��ة "‪ ،"1865 - 1861‬الحرب‬ ‫األهلي��ة الروس��ية "‪ "1921 - 1918‬الح��رب‬ ‫األهلية اإلس��بانية "‪ "1939 - 1936‬والحرب‬ ‫األهلي��ة اللبناني��ة "‪ ،"1990 - 1975‬ه��ذا‬ ‫وتجدر اإلش��ارة إل��ى أنه من بي��ن أكثر من‬ ‫‪ 50‬ح��رب أهلي��ة ف��ي مناط��ق مختلفة من‬ ‫العالم منذ ‪ ،1955‬انتهت ‪ 75%‬منها بانتصار‬ ‫عس��كري واح��د "الحكومات س��حقت التمرد‬ ‫ف��ي ‪ ،40%‬وس��يطر الث��وار عل��ى الحكومة‬ ‫المركزي��ة ف��ي ‪ ،"35%‬وف��ي ‪ 16%‬منه��ا ‪9‬‬ ‫حروب كانت المش��اركة في السلطة‪ ،‬ومنها‬ ‫الس��لفادور ‪ 1992‬وجن��وب أفريقي��ا ‪1994‬‬ ‫وطاجكس��تان ‪ .1997‬وتُنف��ذ االتفاق��ات‬ ‫بي��ن األط��راف إذا ضم��ن طرف ثال��ث عدم‬ ‫انتزاع الس��لطة بالقوة‪ .‬ويت��م التوصل إلى‬ ‫اتفاق المش��اركة في السلطة عندما تتيقن‬ ‫األطراف المتحاربة اس��تحالة الحصول على‬ ‫مطالبها بالقوة‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫طائفية‪..‬‬ ‫هل هي حربٌ‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ال يتعيّن أبداً وم��ن خالل مقاربتنا لما‬ ‫يحدث في س��وريا‪ ،‬أن نلجأ إلى نكران أي أثر‬ ‫للطائفي��ة كمش��اعر حقيقية‪ ،‬ألن��ه ما من‬ ‫بلد ف��ي العالم‪ ،‬يمكن أن يزعم أن مجتمعه‬ ‫"معق��م" تمامًا منها‪ .‬وب��د ًال من ذلك يتوجب‬ ‫محاولة فهم العالقة بين الحرب والطائفية‪،‬‬ ‫فالحرب هي التجل��يّ األعلى للعنف‪ ،‬ذروته‬ ‫وتجس��يده في آن واح��د‪ ،‬ولنقل أنه��ا أداته‬ ‫كذل��ك‪ ،‬إذ ال تعن��ي الح��رب أي حرب‪ ،‬ش��يئًا‬ ‫إذا لم تكن ه��ي العنف في ذروته‪ ،‬ويصبحُ‬ ‫العن��ف نفس��ه أدا ًة تس��تخدمها جماع��ات‬ ‫مأزوم��ة‪ ،‬أدرك��ت أنها ل��ن تتمك��ن من حل‬ ‫تناقضاتها بسهولة دون اللجوء إلى توظيفه‬ ‫واس��تخدامه‪ .‬وفي الح��االت التي يصل فيها‬ ‫المجتم��ع إل��ى لحظ��ة الص��دام الداخل��ي‪،‬‬ ‫وتتطل��ع ق��وى اجتماعي��ة في��ه إلى حس��م‬ ‫تناقضاتها مع جماعات أخرى بواسطة القوة؛‬ ‫ف��إن الطائفية‪-‬ف��ي هذه الحال��ة‪ -‬لن تكون‬ ‫سوى وسيلة من وسائل توظيف واستخدام‬ ‫العنف‪ .‬ولذلك فليس��ت الطائفي��ة بالضبط‬ ‫تجس��يداً للطائفة‪ ،‬أو تعبي��راً عنها‪ ،‬كما أنها‬ ‫ليس��ت مرادفًا لها‪ ،‬أي أننا ال نستطيع القول‬ ‫أن الطائفي��ة تعن��ي الطائفة وهي ليس��ت‪،‬‬ ‫تمامًا تجسيداً لثقاف ًة ومشاعر هذه الجماعة‬ ‫المأزومة‪ ،‬أو تلك التي وجدت أن صدامها مع‬ ‫جماعة أخرى بات أمراً محتومًا‪ ،‬فانزلقت إليه‬ ‫بسبب عوامل داخلية وخارجية‪ .‬وفي الواقع‪،‬‬ ‫ليست الطائفية س��وى منظومة معقدة من‬ ‫المش��اعر والترابطات الوجدانية االجتماعية‬ ‫والمذهبية‪ ،‬ومن الثقافة الشعبية التقليدية‬ ‫كذلك‪ ،‬وهي تجمع بقوة حضورها التقليدي‬ ‫ف��ي الحي��اة اليومي��ة وش��كلياً‪ ،‬بي��ن أف��راد‬ ‫ينتم��ون إلى مذه��ب ديني واح��د‪ ،‬ولكنهم‬ ‫ينتمون عمليًا إلى طبقات اجتماعية ومصالح‬ ‫مادية وعقائد متناقضة ومتصارعة‪ .‬ترتبط‬ ‫مع بعضها البعض برابطة هشة هي مزيج‬ ‫من المش��اعر والثقافة الش��عبية والروحية‬ ‫الراسبة والمستمرة‪.‬‬ ‫مما س��بق يتضح لنا ع��دم وجود حرب‬ ‫ش��كل من‬ ‫طائفي��ة بالمعن��ى المجرد‪ ،‬فأي‬ ‫ٍ‬ ‫أش��كال الص��راع تحكم��ه قواع��د خارجي��ة‬ ‫وداخلي��ة واقتصادي��ة‪ ،‬يت��م إلباس��ها الثوب‬ ‫الطائف��ي‪ ،‬بغي��ة حش��د الجماع��ات وضمان‬ ‫تواطؤه��ا على القت��ل الذي وما إن تنتش��ر‬ ‫حمى الطائفية حت��ى يأخذ طابعًا غريزياً له‬ ‫أن يجرد الفرد من إنسانيته‪ ،‬وإعطاء الصفة‬ ‫الطائفية لما يحصل في س��وريا هو ما دأب‬ ‫النظ��ام عليه من اللحظة األولى‪ ،‬فمصطلح‬ ‫الطائفي��ة دخل عالم السياس��ة في س��وريا‬ ‫على لسان مستشارة رأس النظام منذ األيام‬ ‫األول��ى النتفاض��ة درع��ا‪ ،‬والطائفي��ة لعب ٌة‬ ‫يتقنها النظام إال أنه فشل فيها طيلة السنة‬ ‫ونص��ف الماضية‪ ،‬ويتفق م��ع النظام طيفٌ‬ ‫واس��عٌ من اإلعالميي��ن الغربيي��ن‪ ،‬كونهم‬

‫ال ي��رون مجتمعاتن��ا إال كطوائ��ف متناحرة‪،‬‬ ‫فبعد أن قضى الصحاف��ي البريطاني "بول‬ ‫وود" ثالثة أس��ابيع في س��وريا نقل مايلي‪:‬‬ ‫"سينتقم اهلل لنا‪" ،‬هذا ما سمعته من سكان‬ ‫القرى السنية المحيطة بمدينة حمص‪ ،‬هم‬ ‫أناس يش��عرون بالضعف والمرارة وانعدام‬ ‫الحيلة‪ ،‬عندما سمعنا للمرة األولى بقصص‬ ‫تتحدث عن بش��ر "يذبح��ون كالنعاج‪ ،‬وكان‬ ‫ذلك منذ بضعة ش��هور‪ ،‬ب��دا لنا األمر وكأنه‬ ‫نوع من الهستيريا أعيد استخدامها للدعاية‪.‬‬ ‫ولكن بمرور الوقت زاد عدد الجثث التي بدت‬ ‫عليها عالمات الذبح‪ ،‬كما زاد عدد الش��هود‪،‬‬ ‫لك��ن الوضع لم يبلغ بع��د حد أن تفنى قرى‬ ‫بأس��رها النتمائها الطائفي‪ ،‬كما لم تشكل‬ ‫بعد جبهات قتال على أسس طائفية‪ .‬فعلى‬ ‫الجانب الحكومي‪ ،‬ما زال العديد من الس��نة‬ ‫يحارب��ون ف��ي صف��وف الجيش‪ ،‬ب��ل إنهم‬ ‫يش��كلون الغالبي��ة‪ ،‬وكذل��ك هن��اك بعض‬ ‫العلويين والمس��يحيين في صفوف الجيش‬ ‫الس��وري الح��ر‪ ،‬ولكن الخط��ر يكمن في أن‬ ‫ت��ؤدي أح��داث كالت��ي ش��هدتها الحولة إلى‬ ‫اصطف��اف طائف��ي‪ ،‬فق��د دأب النظام على‬ ‫تصوي��ر االنتفاض��ة عل��ى أنه��ا تعبي��ر عن‬ ‫تطلعات الطبقات السنية المسحوقة"‪.‬‬ ‫وم��ع دأب النظ��ام وبع��ض اإلع�لام‬ ‫الغرب��ي والعرب��ي عل��ى الحش��د الطائفي‪،‬‬ ‫إال أن الواق��ع المعاش يثب��ت غياب الطائفية‬ ‫عن المشهد الس��وري شعبيًا‪ ،‬فحين يقبض‬ ‫قناص ف��ي حمص بعد‬ ‫الجي��ش الح��ر على ٍ‬ ‫قتله لخمس مدنيين‪ ،‬يتبين أنه من الطائفة‬ ‫اإلس��ماعيلية الكريم��ة‪ ،‬وه��ي م��ن منظار‬ ‫النس��بية أكثر الطوائف معارض ًة فالسلمية‬ ‫أول مدين��ةٍ في س��وريا تخرج عش��رة آالف‬ ‫متظاه��ر‪ ،‬وفي األي��ام األخيرة تمت تصفية‬ ‫مجموعةٍ من الشبيحة من آل بري في حلب‬ ‫وباستعراض‬ ‫وهم ينتمون للمذهب السني‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بسيط للمعارضين نرى أنهم صورة واضحة‬ ‫ع��ن المجتم��ع الس��وري المتن��وع‪ ،‬والوج��ه‬ ‫اإلس�لامي للث��ورة يظه��ر بفع��ل األغلبي��ة‬ ‫العددية للمسلمين‪ ،‬وتركيز اإلعالم العربي‬ ‫والغربي على أسلمة الثورة‪..‬‬ ‫لكن أليس نفي الطائفية عن المشهد‬ ‫الس��وري مجانبًا للصواب‪ ،‬ف��ي الوقت الذي‬ ‫تمث��ل في��ه طائف��ة بعينه��ا ‪ 40‬بالمائة من‬ ‫الجيش وأغلبية ميليش��يا الشبيحة الموالية‬ ‫للنظ��ام‪ ،‬وفي الوقت الذي تعل��ن فيه إيران‬ ‫أن بيروت ودمش��ق هم��ا مرتبطتان باألمن‬ ‫القومي اإليراني‪ ،‬وحين يتبجح األمين العام‬ ‫لحزب اهلل بأن س�لاحه مس��خرٌ للدفاع عن‬ ‫النظام الس��وري‪ ،‬وما أس��اس عالقة الحزب‬ ‫وإيران إال المش��ترك الطائف��ي‪ .‬فجمهورية‬ ‫إيران اإلس�لامية تعرف نفس��ها حسب نص‬

‫المادة ‪ 12‬من الدس��تور "الدين الرسمي هو‬ ‫اإلس�لام والمذهب الجعفري اإلثناعش��ري‪.‬‬ ‫وهذه المادة غير قابلة للتغيير إلى األبد‪."..،‬‬ ‫بذل��ك تك��ون إي��ران أول دولة ف��ي التاريخ‬ ‫اإلس�لامي تع��رف نفس��ها بنص دس��توري‬ ‫مكتوب على أس��اس من هويتها المذهبية‪.‬‬ ‫وتتبنى نظرية والية الفقيه‪ ،‬وتعتبر نفسها‬ ‫دولة الش��يعة في العالم‪ .‬بدوره يؤكد نصر‬ ‫اهلل م��راراً وتك��راراً فخره بأن��ه يعمل تحت‬ ‫راي��ة والي��ة الفقي��ه‪ .‬وتحالفات إي��ران في‬ ‫المنطقة العربية‪ ،‬بما في ذلك سورية‪ ،‬تتم‬ ‫وفقًا لم��ا تقتضيه المادة ‪ 12‬من الدس��تور‪.‬‬ ‫وكذل��ك تحالف��ات "ح��زب اهلل"‪ .‬فه��ل م��ن‬ ‫قبي��ل الصدفة أن النظام اإليراني ش��يعي‪،‬‬ ‫وتحالفات��ه اإلقليمي��ة محص��ورة ف��ي قوى‬ ‫شيعية‪ ،‬وأن تحالفات "حزب اهلل" تسير على‬ ‫الخط نفسه‪..‬‬ ‫أرى أن نف��ي الطائفي��ة ع��ن المش��هد‬ ‫السوري هو الصواب بعينه‪ ،‬فعلى الرغم من‬ ‫الكتائب العقائدي��ة‪ ،‬والمجموعات الش��بابية‬ ‫الطائفي��ة‪ ،‬تح��ت مس��ميات مختلف��ة‪ ،‬والتي‬ ‫يق��وم النظ��ام بحش��دها طائفي��ًا‪ ،‬وتدريبها‬ ‫وتس��ليحها‪ ،‬وتزويده��ا بصالحي��ات القت��ل‬ ‫واالغتصاب والس��لب والنه��ب والتعذيب دون‬ ‫مس��اءلة‪ ،‬لتقوم بدور يتجاوز وحشية ودناءة‬ ‫س��رايا الدفاع التي ش��كلها رفعت األس��د في‬ ‫الثمانين��ات وقام��ت بفظائ��ع اتج��اه الش��عب‬ ‫الس��وري في كل مكان من س��ورية‪ ،‬والذين‬ ‫يتم تدجينهم وتجييش��هم طائفياً تحت راية‬ ‫ح��رب طائفية صريحة مدعومة ببعض ممن‬ ‫ٍ‬ ‫عاش على فتات الفس��اد‪ ..‬ن��رى أن ما يحكم‬ ‫ش��خص‬ ‫ه��ذه القطعان ه��و ال��والء وعبادة‬ ‫ٍ‬ ‫بعينه في حين تتراجع الدوافع الطائفية‪ ،‬فما‬ ‫الذي يعرفه ه��ؤالء القتلة عن طوائفهم وما‬ ‫مدى والئهم واحترامهم لمش��ايخ الطائفة أو‬ ‫قادتها الروحيين‪ ،‬ولع��ل المقال الثمين الذي‬ ‫كتب��ه الكبير "مصطف��ى خليفة" تحت عنوان‬ ‫"ماذا لو انتصر "بش��ار األسد" في تعامله مع‬ ‫الش��بيحة بعد إنجاز مهمتهم‪ ،‬والذي سيعمد‬ ‫بحس��ب خليفة إل��ى إقصاءهم وتهميش��هم‬ ‫واعتقالهم أحياناً‪ ،‬خير توصيف لعالقتهم مع‬ ‫النظام‪ ،‬وهو هنا ال يتنبأ بل يقرأ التاريخ جيداً‬ ‫عما حصل بسرايا رفعت األسد فهؤالء أدوات‬ ‫ال يرتبط النظام معهم طائفيًا بأي حال‪..‬‬ ‫أما عن الحرب الطائفية الش��يعية التي‬ ‫تشنها إيران وأدواتها من طرفٍ واحدٍ أيضاً‪،‬‬ ‫فخي��ر ردٍ عليها هو بي��ان العالمتين "هاني‬ ‫فحص‪ ،‬ومحمد األمين" والذين يعتبران من‬ ‫أكبر المرجعيات الشيعية العربية حين أعلنا‬ ‫صراح ًة وقوفهما مع الثورة السورية‪ ،‬وخيرُ‬ ‫ردٍ أيضًا ما تناقلته وس��ائل اإلعالم العربي‬ ‫ع��ن الضي��وف اللبنانيي��ن "المخطوفي��ن‬

‫اللبنانيي��ن التابعين لحزب اهلل" لدى الجيش‬ ‫الح��ر كم��ا عرفوا ع��ن أنفس��هم ووقوفهم‬ ‫إل��ى جانب الثورة الس��ورية بعد أن خبروا ما‬ ‫يعيشه السوريون من الداخل‪..‬‬ ‫ولع��ل أبل�� َغ ردٍ عليه��ا ما ذك��ره "وليد‬ ‫جنب�لاط" ف��ي موقف��ه األس��بوعي لجريدة‬ ‫"األنب��اء" حي��ن تمنى على جليل��ي أن يهتم‬ ‫بالش��ؤون الداخلية لبلده إيران التي شهدت‬ ‫بع��ض مناطق��ه انتفاض��ة ش��عبية عُرفت‬ ‫بانتفاضة الدجاج قياسًا لما تعانيه الشرائح‬ ‫االجتماعي��ة الفقيرة بدل توزيع الترس��انات‬ ‫العس��كرية هن��ا وهن��اك‪ ،‬فق��د أصب��ح‬ ‫س��عر الدج��اج في طه��ران أغلى من س��عر‬ ‫الصواريخ"‪..‬‬ ‫بين حصول الح��رب األهلية الطائفية‬ ‫حقيقة‪ ،‬والتهويل بالحرب األهلية الطائفية‬ ‫ف��ارق قلم��ا يُنتب��ه له ف��ي الص��راع الدائر‬ ‫في س��وريا وحولها حالياً‪ .‬ف��إذا كانت الحرب‬ ‫األهلية واقعة حقيقية يستدل بها بطوائف‬ ‫تتقاتل طائفيًا على الس��لطة‪ ،‬أو على إفناء‬ ‫فإن التهويل بالحرب ال يغدو‬ ‫بعضها بعضًا‪ّ ،‬‬ ‫أن يك��ون أكث��ر م��ن إيديولوجيا تس��تحضر‬ ‫مخيال وقائع الح��رب األهلية بغية الترهيب‬ ‫والتحشيد خلف خط سياسي ما‪ ،‬أو مسار ما‬ ‫يراد لألحداث أن تمشي به‪..‬‬ ‫س��وريا عصي�� ٌة عل��ى الطائفية‪ ،‬ليس‬ ‫ادعا ًء بل هو واقعٌ سيخلده التاريخ‪ ،‬وخطابٌ‬ ‫طائف��يٌ عل��ى مواقع التواص��ل االجتماعي‬ ‫هنا وثأر ش��خصيٌ طائفيٌ هن��اك ال يجوز‬ ‫إسقاطه على سلوك الجماعة‪ ،‬ما يحدث في‬ ‫س��وريا ثور ٌة ملحمي��ة يتواط��أ الجميع على‬ ‫اقتط��اف ثماره��ا‪ ،‬وتتداخ��ل األي��دي للنيل‬ ‫منه��ا إال أننا أمام حتمي��ة التاريخ‪ ،‬قد تطول‬ ‫األيام وآالم وأوجاع السوريين إال أن موعدنا‬ ‫الصبح الذي بات أكثر من قريب‪..‬‬ ‫واليوم نختم مع العراق الثائر تاريخياً‪،‬‬ ‫ومع الثائر تاريخيًا "أحمد مطر" في قصيدةٍ‬ ‫ع��ن رأس النظام في س��وريا‪ ،‬آثرت اختزال‬ ‫مقدمته��ا واالكتف��اء بالخاتم��ة‪ ،‬الت��ي تعج‬ ‫ببش��ائر النص��ر‪ ،‬ت��اركاً المقدم��ة للق��راء‬ ‫ولمحكمة التاريخ‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫س��وريّة‪ ..‬ال تعلني الحدادَ‪..‬‬ ‫ال تبكِ يا‬ ‫ف��وقَ جس��دِ الضحيَّة‪ ..‬ال تلثم��ي الجرحَ‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫الشّظيّة‪ ..‬القطر ُة األولى مِنَ‬ ‫وال تنتزعي‬ ‫ْ‬ ‫القضيّة‪..‬‬ ‫ال��دَّ ِم الذي نزفت��هِ‪ ..‬ستحس��مُ‬ ‫ميس��ون‪ ..‬ي��ا بنتَ‬ ‫قف��ي عل��ى رجلي��كِ يا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أميّ��ة‪ ..‬قفي كس��نديانةٍ‪ ..‬ف��ي وجهِ‬ ‫بن��ي‬ ‫كل طلق��ةٍ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وكل بندقية‪ ..‬قف��ي كأي وردةٍ‬ ‫ْ‬ ‫ش��اميّة‪..‬‬ ‫حزين��ةٍ‪ ..‬تطل��عُ ف��وقَ ش��رفةٍ‬ ‫وأعلن��ي الصرَّ َ‬ ‫خة في وجوهه��مْ‪ ..‬حريّة‪..‬‬ ‫الصَ َ‬ ‫ْ‬ ‫حريّة‬ ‫رخة في وجوههمْ‪..‬‬ ‫وأعلني ّ‬

‫‪7‬‬


‫الحراك السلمي ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫�أدب ال�ســــتاتو�س‬

‫خلود الزغير‬

‫أف��رزت كثافة األحداث ‪ /‬المش��اعر‬ ‫للثورة السورية نتاجًا أدبياً جديداً يمكن‬ ‫تسميته "بأدب الستاتوس"‪ .‬يعتمد أو ًال‪:‬‬ ‫على أحد الوسائل "المادية" التي قامت‬ ‫عليه��ا الث��ورة ك(الفيس��بوك)‪ ،‬وثانيًا‪:‬‬ ‫يحمل روح الكثافة التي يصنعها الحدث‬ ‫مكانيًا وزمانيّاً وشعورياً أيضًا‪.‬‬ ‫فالستاتوس كنمط أدبي‪ ،‬يعكس‪،‬‬ ‫في زحم��ة الم��وت اليوم��ي والتظاهر‬ ‫الليل��ي والنه��اري والتخف��ي وتأمي��ن‬ ‫اإلغاث��ة لمئ��ات اآلالف م��ن المهجرين‬ ‫والمنكوبي��ن والخ��وف والترق��ب‪ ،‬حالة‬ ‫ضيق الوقت والنف��س لقراءة المقاالت‬ ‫الطويلة والتحليلية دائمًا‪ .‬لذلك يصبح‬ ‫القبض على اللحظ��ة وإبرازها للضوء‬ ‫كثيف��ة ومح��ددة كومضة وانتش��ارها‬ ‫أش��به بمظاهرات طي��ارة تربك وتترك‬ ‫أثره��ا الالف��ت إل��ى جان��ب الحض��ور‬ ‫المراف��ق والثابت للمقال��ة كنمط أدبي‬ ‫تقليدي‪.‬‬ ‫يظهر الستاتوس كنتاج ثوري أيضًا‬ ‫من حي��ث تج��اوزه للطبقي��ة النخبوية‬ ‫(ثقافي��ة ‪ /‬سياس��ية ‪ /‬اقتصادية) التي‬ ‫كانت تميز ش��رائح معين��ة قبل الثورة‬ ‫كان من الصعب الوصول لها ومخاطبتها‬ ‫وإذا حصل في مناس��بة ما س��يُفرض‬ ‫على الحوار التكلف والمجاملة‪.‬‬ ‫إن الثورة التي هدّمت فكرة األب ‪/‬‬ ‫الرمز على األرض‪ ،‬جسدها الستاتوس‬ ‫عبر مناخ الحوار الحر والجدل الذي خلقه‬ ‫بين أدباء وسياسيين وناشطين وأناس‬ ‫ل��م يجربوا س��ابقًا الكتاب��ة أو النقاش‬ ‫األدبي أو السياسي‪ .‬هذا النص المكثف‬ ‫الذي يتناول فكرة مح��ددة بلغة جاذبة‬ ‫للحوار أومستفزة أحياناً‪ ،‬جعلتنا ندخل‬ ‫عالماً أقصينا عنه بفعل االستبداد‪ .‬بعد‬ ‫أربع��ة عقود م��ن القطيع��ة التاريخية‬ ‫والمعرفي��ة ع��ن ف��ن الح��وار والجدل‬ ‫تُعلمنا تقاليد الستاتوس اليوم احترام‬ ‫رأي اآلخ��ر بغ��ض النظ��ر ع��ن اآلخ��ر‬ ‫واحترام اآلخر بغ��ض النظر عن رأيه‪،‬‬ ‫ولو بصعوبة وبعد خالفات‪.‬‬ ‫إن أدب الستاتوس وثقافته أطلقت‬ ‫سْ��ر النخ��ب وجعلته مادة‬ ‫الح��وار من أَ ِ‬ ‫متداولة بيد الجمي��ع‪ ،‬ورغم االنزالقات‬ ‫الت��ي نراها ف��ي الخطابات المنتش��رة‬ ‫هنا وهناك لكننا ببس��اطة نعيش اآلن‬ ‫َ‬ ‫عَمِل فيه‬ ‫مرحلة َكشْ��ف بعد تس��تّر‬ ‫العفن ما عم��ل‪ ،‬وإذا لم يظهر كل هذا‬ ‫للش��مس لن يت��م الفرز بي��ن األصلح‬ ‫للبق��اء واألق��ل صالحي��ة‪ .‬هن��ا تظهر‬ ‫ق��وة وفاعلية هذا النوع من األدب الذي‬ ‫نش��أ في خض��م الثرثرة الفيس��بوكية‬ ‫واالنفع��االت المنفلتة كموازن ومعادل‬ ‫موضوعي لما يقال هبا ًء‪.‬‬ ‫لذل��ك‪ ،‬وألن كل جن��س يق��اوم‬ ‫فنائه‪ ،‬ظهر بالثورة ميكانيزمات تعمل‬ ‫على توثيق ه��ذه اللقطات اإلنس��انية‬ ‫الش��عرية أو األدبي��ة أو التحليلي��ة لم��ا‬ ‫تملك��ه م��ن لغ��ة عالي��ة س��واء بروح‬ ‫س��اخرة أو متألمة أو عقالنية‪ .‬فظهرت‬ ‫صفحات مختصة ومؤخ��راً جرائد تفرد‬

‫صفح��ة لما يس��مى بأدب الس��تاتوس‪،‬‬ ‫كي ال يب��قَ القبض على اللحظة حالة‬ ‫افتراضية عابرة ومن ثمّ منسيّة‪.‬‬ ‫نذكر ف��ي الس��نة األول��ى للثورة‬ ‫مجموع��ات متع��ددة ومتنوع��ة م��ن‬ ‫الش��باب والمثقفي��ن ش��كلوا صفحات‬ ‫أدبي��ة ثقافي��ة ليتبادلوا فيه��ا نتاجهم‬ ‫ونقاش��هم‪ ،‬لوحظ في األشهر الخمسة‬ ‫األخيرة تالشي بعض هذه المجموعات‬ ‫أو تغيير مس��ارها الع��ام بعد التصعيد‬ ‫الدم��وي بخط الث��ورة‪ .‬ه��ل اعتقل أو‬ ‫استش��هد معظ��م أعضائه��ا أم طغ��ى‬ ‫صوت السالح على األدب والحوار؟‬ ‫بينم��ا اس��تمر بعضه��ا وتش��كل‬ ‫صفح��ات جدي��دة عملت عل��ى متابعة‬ ‫مجم��ل م��ا يكتب س��واء م��ن مثقفين‬ ‫وكت��اب أو م��ن ش��باب ب��رزت أقالمهم‬ ‫في فترة الثورة وبسبب اتاحة الفرصة‬ ‫لقرائته��م‪ .‬أذك��ر منه��ا مث� ً‬ ‫لا‪ :‬صفحة‬ ‫‪ ،top comment‬س��وريا ف��ي عي��ون‬ ‫المثقفي��ن وه��ي صفحة تعم��ل على‬ ‫جم��ع الستاتوس��ات الممي��زة الخاص��ة‬ ‫بالثورة لكتاب س��وريين وع��رب‪ .‬أيضًا‬ ‫تجمع فناني ومبدعي س��وريا من أجل‬ ‫الحرية‪ ،‬صفح��ة أعالم الحرية‪ ،‬وجرائد‬ ‫مث��ل‪ :‬جري��دة س��وريتنا‪ ،‬عن��ب بلدي‪،‬‬ ‫س��وريا بدا حري��ة خصص��ت بآخر كل‬ ‫عدد صفحة خاصة بالس��تاتوس تعتمد‬ ‫عل��ى صفح��ات المثقفين م��ع اختالف‬ ‫توجهاتهم‪.‬‬ ‫أم��ا الس��تاتوس الس��وري األب��رز‬

‫في الث��ورة فكان س��تاتوس الكوميديا‬ ‫الس��وداء‪ ،‬اختص��ت به صفح��ات و ّثقت‬ ‫الحدث‪/‬اللحظ��ة م��ن تصريح��ات‬ ‫شخصيات النظام والمعارضة والمجتمع‬ ‫الدول��ي وحت��ى الوج��ع الش��عبي م��ن‬ ‫اعتقاالت وم��وت بلغة ممي��زة ومخيلة‬ ‫الفتة جعل��ت من ه��ذه الصفحات أكبر‬ ‫التجمع��ات للمعارضي��ن والصامتي��ن‬ ‫أيض��اً‪ .‬لكن تميّز حضوره��ا يأتي مما‬ ‫شكلته من دعم معنوي للثوار ال يمكن‬ ‫وصفه ومقارنت��ه إ ّال باألعراس الليلية‬ ‫الت��ي يقيمه��ا المتظاه��رون بعد دفن‬ ‫شهدائهم‪ .‬أول هذه الصفحات "مغسل‬ ‫ومشحم حمص الدولي للدبابات" الذي‬ ‫بدأت عل��ى إثر ن��زول دباب��ات الجيش‬ ‫السوري للش��ارع بمواجهة المظاهرات‬ ‫الس��لمية‪ ،‬فكانت الصفح��ة عبارة عن‬ ‫ستاتوس��ات س��اخرة يكتبه��ا مجموعة‬ ‫أدمنز هم "الش��غيلة" في هذا المغسل‬ ‫والمش��حم النادر المخت��ص بالدبابات‬ ‫الت��ي أصبح��ت تناف��س الس��يارات‬ ‫بإنتشارها في شوارع سوريا‪.‬‬ ‫(صفح��ة الث��ورة الصيني��ة ض��د‬ ‫طاغية الصي��ن وصفحات أخ��رى‪ :‬كلنا‬ ‫جراثي��م‪ -‬الثورة القطرية ضد الش��يخ‬ ‫حم��د وم��وزة – اضح��ك م��ع النظ��ام‬ ‫السوري‪ ...‬الخ)‬ ‫ش��خصيًا‪ ،‬أنظ��ر للس��تاتوس من‬ ‫منظورين‪ ،‬األول كش��اعرة‪ ،‬فأراه نمط‬ ‫أدب��ي جدي��د كثيف‪ ،‬رش��يق‪ ،‬موجع وال‬ ‫يخلو من بس��مة أمل أو فلس��فة حياة‪،‬‬

‫يوث��ق اللحظة على جناحي فراش��ة أو‬ ‫في قلب حجر‪ ..‬يش��به الث��ورة اآلن‪ ،‬أما‬ ‫غداً قد يشبه ش��يئاً آخراً شبيهاً بالغد‪..‬‬ ‫فهو نمط أدبي مفتوح‪.‬‬ ‫المنظور الثاني كباحثة اجتماعية‪،‬‬ ‫فأج��د أن الس��تاتوس ه��و م��ادة غنية‬ ‫للبحث والتحليل االجتماعي مس��تقب ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫فمن��ذ اآلن أالح��ظ جليّاً وأرص��د أيضًا‬ ‫الخط البياني الكمي والكيفي (بالمعنى‬ ‫التحليل��ي االجتماع��ي للخط��اب) ل��دى‬ ‫بع��ض األصدق��اء من��ذ بداي��ة الث��ورة‬ ‫وحتى اآلن‪ .‬أس��ئلة ملحة تنتظر البحث‬ ‫والدراس��ة ع��ن تأثي��ر ظ��روف الث��ورة‬ ‫بالخط��اب أو العك��س‪ ،‬كي��ف تط��ورت‬ ‫صياغة الس��تاتوس وتبدلت عند بعض‬ ‫األش��خاص م��ن الس��لمية لتش��جيع‬ ‫التس��لح أو للتحري��ض الطائفي؟ كيف‬ ‫ولماذا تتكتل مجموعة معينة لتش��كل‬ ‫صفح��ة معين��ة وما هي األس��س التي‬ ‫تربطها؟‪ ..‬الخ‬ ‫الس��تاتوس قد يكون مجرد فش��ة‬ ‫خلق لحظة الكتابة ولكن مجرد نش��ره‬ ‫للعم��وم يصبح مادة موجه��ة للجمهور‬ ‫من جه��ة ومادة تحلي��ل ونقد من جهة‬ ‫أخ��رى‪ .‬وف��ي زمن الث��ورات الش��عبية‬ ‫تبدو النتاجات الشعبية وحواراتها أشبه‬ ‫بالالوعي الجمعي لهذا الش��عب بلحظة‬ ‫معينة من تاريخه وه��ي أكثر لحظاته‬ ‫حميمية وكشفاً وش��فافية ولكن ليس‬ ‫ً‬ ‫وحكمة‪.‬‬ ‫أكثرها عقالنية‬


‫ميس قات‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬

‫ف��ي كل الثورات ف��ي العالم هناك‬ ‫دائماً توجه يدعم الس�لاح‪ ،‬وتوجه آخر‬ ‫يدعم الحلول السّلمية‪ ،‬هو الحال كذلك‬ ‫في ثورة الشّ��عب السّ��وري‪ ..‬مع مرور‬ ‫األي��ام بات لس��لميّة ال ّثورة السّ��ورية‬ ‫طابعه��ا الخ��اص ال��ذي ربما س��يكون‬ ‫مرجعًا رئيس��يًا ف��ي دراس��ات الالعنف‬ ‫والمقاومة المدنية في المستقبل‪.‬‬ ‫ظه��رت في بداي��ة الث��ورة كتابات‬ ‫انتش��رت على ج��دران الم��دن والقرى‪،‬‬ ‫ومن ث��م ب��دأت المناش��ير تت��وزع هنا‬ ‫وهن��اك ومع م��رور الوقت ب��دأت تظهر‬ ‫إبداع��ات الش��باب‪ ...‬فتح��ول البخّ على‬ ‫الحيط��ان لغرافيتي يحمل نفس��اً فنيّاً‪،‬‬ ‫وتحولت المناشير العادية إلى قصاصات‬ ‫ملونة وإلى ش��موع وزه��ور توزّع على‬ ‫النّاس في الطرقات‪ ،‬وإلى بوالين تطير‬ ‫ً‬ ‫حاملة عبارات الحري��ة معها‪ ..‬الحقاً بدأ‬ ‫الشباب بتنظيم أنفسهم وصرنا نسمع‬ ‫بمجموع��ات س��لميّة تعم��ل بش��كل‬ ‫س��ريّ‪ ،‬ش��باب نف��وس كرام‪ ،‬وش��باب‬ ‫األسبوع السوري‪ ،‬وتجمع نبض‪ ،‬حركة‬ ‫ش��باب ‪ 17‬نيسان‪ ،‬وش��باب أيام الحرية‬ ‫وغيرها‪..‬‬ ‫ب��دأت األفكار تظهر على الس��طح‬ ‫فيس��تيقظ الدمشقيون يوماً ليتفاجؤوا‬ ‫ببحرات مدينتهم ملونة باللون األحمر‪،‬‬ ‫ويصعقهم ف��ي يوم آخر صوت هتافات‬

‫القاش��وش تمأل فضاء حاراتها‪ ..‬تتكرر‬ ‫المفاجآت ف��ي الفنادق وف��ي المقاهي‬ ‫في الجامع��ات وفي الدوائ��ر الحكومية‬ ‫وإداراتها‪.‬‬ ‫يظه��ر مجس��م للرئي��س األس��د‬ ‫مش��نوقاً عل��ى جس��ر الثورة بدمش��ق‬ ‫ويتك��رر المش��هد ف��ي أكث��ر من تس��ع‬ ‫مناط��ق في نف��س الوق��ت‪ ..‬ويتفاجئ‬ ‫ق��ادة الس��يارات كل صب��اح بالطرق��ات‬ ‫والشوارع غارقة بدهان أحمر يذكرهم‬ ‫بدماء الشهداء واألطفال‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ينظ��م الش��باب أنفس��هم بينم��ا‬ ‫ً‬ ‫حامل��ة معه��ا المزي��د‬ ‫تتس��ارع األي��ام‬ ‫م��ن الح��زن‪ ..‬األل��م‪ ..‬الحم��اس‪..‬‬ ‫واالبتسامات‪..‬‬ ‫المفاجآت لم تقتصر على عمليات‬ ‫نوعي��ة يومية يقوم بها ش��باب الثورة‪،‬‬ ‫إنما ح��اول ه��ؤالء التأثير عل��ى الناس‬ ‫ودفعه��م للمش��اركة ع��ن طريق طرح‬ ‫حمالت كحراك األنوار السلمي الذي كان‬ ‫يدعو أهالي دمش��ق إل��ى إطفاء أضواء‬ ‫بيوته��م لمدة دقائق مع��دودة في يوم‬ ‫معي��ن تعبيراً عن مش��اركتهم الرمزية‬ ‫في الثورة السورية‪ .‬حمالت تم إطالقها‬ ‫الرتداء لون أبيض أو اسود والمشي في‬ ‫ش��وارع معينة من العاصم��ة‪ ،‬ومن ثم‬ ‫الحمالت نفس��ها في الجامعات‪ .‬حمالت‬ ‫ممنهج��ة لمقاطعة الم��اركات التجارية‬

‫والصناعي��ة الت��ي يناص��ر أصحابه��ا‬ ‫النظ��ام الس��وري‪ ،‬الحم�لات انتش��رت‬ ‫على االنترنت (الفيس بوك والمدونات)‬ ‫وم��ن ثم تمت طباعة أع��داد هائلة من‬ ‫المناش��ير للتروي��ج للحمل��ة والقت��راح‬ ‫بضائع من ماركات أخرى‪.‬‬ ‫انتشرت حملة تغيير أسماء الشوارع‬ ‫بقوّة في س��وريا‪ ،‬حيث دعى النش��طاء‬ ‫إل��ى تغيير أس��ماء الش��وارع والمرافق‬ ‫العامة من أس��مائها التي تجعلك تشعر‬ ‫أنك تعيش فع ًال في مزرعة لبيت األسد‬ ‫إلى أس��ماء مأخوذة من رس��ائل ثورتنا‬ ‫وقيمه��ا وأس��ماء ش��هدائها ورموزه��ا‪،‬‬ ‫ظه��رت عل��ى الفضائي��ات فيديوه��ات‬ ‫تصور الش��بان أثناء تغييرهم ألس��ماء‬ ‫الشوارع والمدارس كما عمل العديد من‬ ‫الشبان على تغيير األسماء على خرائط‬ ‫الغوغل‪ ،‬كل ذلك لم يت��م اعتباطاً إنما‬ ‫تمّ بعد نش��ر أسماء الشوارع والمرافق‬ ‫البديلة المقترحة من قبل التنس��يقيات‬ ‫المحلية‪.‬‬ ‫بدأت الحقًا دع��وات خجولة إلقفال‬ ‫المح��ال التجارية في دمش��ق لس��اعات‬ ‫معينة وقد القت الحمالت تلك استجابة‬ ‫جي��دة ف��ي مناط��ق معينة واس��تجابة‬ ‫ضئيل��ة ف��ي مناط��ق أخ��رى‪ ،‬ومن ثم‬ ‫ظهرت دع��وات أخ��رى لمقاطعة الدوام‬ ‫في الجامعات تبعته��ا دعوات لمقاطعة‬

‫امتح��ان التربي��ة القومية االش��تراكية‬ ‫ويعتب��ر ش��باب الالعنف في س��وريا أن‬ ‫هذه الدع��وات والحمالت كان��ت تمهيداً‬ ‫للدعوة لقيام عصيان مدني شامل في‬ ‫البالد والذي تمت الدعوة له الحقًا‪.‬‬ ‫حملة أوقفوا القتل نريد وطنًا ّ‬ ‫لكل‬ ‫السوريين كانت حملة مزلزلة لمناصري‬ ‫العنف من طرف شباب الثورة تمامًا كما‬ ‫كانت مُغضبة لمناصري النظام‪ ،‬ارتدت‬ ‫ذات الرداء األحمر فس��تانها ووقفت في‬ ‫ش��وارع دمش��ق حاملة عن��وان الحملة‬ ‫مكتوب��ًا عل��ى الفت��ة كبي��رة‪ ،‬ووزع��ت‬ ‫الصباي��ا زه��وراً حمراء مرفق��ة بأوراق‬ ‫كتب��ت عليه��ا نف��س الجمل��ة‪ ،‬وهت��ف‬ ‫الش��باب المدنيّ المناهض للعنف في‬ ‫اعتصامات��ه ومظاهراته لوق��ف القتل‬ ‫واالعتقال في سوريا‪.‬‬ ‫الشباب المدني الرافض الستعمال‬ ‫السالح هو من سيكون قادراً على إعمار‬ ‫س��وريا القادمة‪ ،‬ومن غي��ر المتخيل أن‬ ‫يس��تطيع م��ن تلوثت ي��داه ب��دم ‪ -‬أيّ‬ ‫كان‪ -‬أن يش��ارك بتقدي��م م��ا هو خير‬ ‫لبلده‪.‬‬ ‫صوت الرصاص دائمًا ما يعلو على‬ ‫صرير القلم‪ ،‬لك��ن للحروف قوّة تغيير‬ ‫أكبر‪ ،‬ه��ذا ما يؤمن به ش��باب الالعنف‬ ‫في سوريا‪ ،‬وهذا ما أرادوا إيصاله للعالم‬ ‫كله عبر نضالهم لشهور طويلة‪.‬‬

‫الحراك السلمي ‪. .‬‬

‫احلـــراك ال�ســـلمي‬ ‫فــي الثــورة ال�ســــورية‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪9‬‬


‫الحراك السلمي ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫�ســـلمية‪� ،‬ســلمية‪..‬‬ ‫اهلل حميــي اجليــ�ش احلــ ّر‬

‫شيرين الحايك‬

‫ق ّلما يمرّ يوم دون أن نسمعُ أحدهم‬ ‫ينتقد تس ّلح الثورة السورية بشدّة‪ ،‬وآخر‬ ‫ب��أن توقعات��ه ُ حول‬ ‫يبره��ن ُ‪ ،‬متعالي��اً‪ّ ،‬‬ ‫التس�� ّلح تفضي إلى الواقع‪ ،‬مؤكدا ً‪ :‬لسّا‬ ‫ما ش��فتو شي‪ ،‬وثالثٌ يشاركُ فيديو عن‬ ‫بأن هذا‬ ‫عمليّ��ة ما للجيش الحر ويص��رّ ّ‬ ‫ال يمثل��ه وال يمثل الث��ورة وأخالقها‪ ،‬بين‬ ‫ّ‬ ‫كل ه��ؤوالء وغيره��م كثر‪ ،‬ق ّلما نس��معُ‬ ‫رأياً واقعيًّا من وحي الش��ارع فمعظمهم‬ ‫طوباويون جدّاً في تعاملهم مع المسأله‪،‬‬ ‫وعندما أق��ول معظمهم أعني المدافعين‬ ‫عن السلمية بتطرّف‪.‬‬ ‫تكتب إحدى الصديقات على تش��ات‬ ‫اإليميل الخاص بها عبارة قد تبدو ساخرة‬ ‫للوهل��ة األولى “ س��لمية‪ ،‬س��لمية‪ ..‬اهلل‬ ‫ب��أن هذه‬ ‫محي��ي الجيش الح��ر” وأعتقدُ ّ‬ ‫الجمل��ة‪ ،‬على بس��اطتها‪ ،‬تعبّ��ر عن حال‬ ‫الثورة أكثر من الكثير من عبارات التغني‬ ‫بالس��لمية وحدها والتعامل بتعال مع من‬ ‫يحم��ل الس�لاح متناس��يين أن معظمهم‬ ‫حملهُ مرغم��ًا‪ .‬أعتقدُ في بعض األحيان‬ ‫بأن م��ن يزاود على الس�لاح في س��وريا‬ ‫ّ‬ ‫يش��به تماماً من يترفّع ع��ن دعم الثورة‬ ‫الس��ورية بحجّه أنّها مؤام��رة قطرية أو‬ ‫بحجّة التدخل الس��عودي ‪ -‬الخليجي في‬ ‫الملف السوري السياسي‪ .‬السالح لم يكن‬ ‫خياراً بل حاجه للدفاع عن الوجود‪ ،‬فعندما‬ ‫كانَ‪ ،‬في األشهر األولى من الثورة‪ ،‬خياراً‬ ‫لم يكن المختار! نعم معظمنا كان يتوقع‬ ‫بأن أعداد الموت س��ترتفع بحمل السالح‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ب��أن هذا س��يعطي‬ ‫ومعظمن��ا كان يع��ي ّ‬ ‫النظام حجّة قويّة بوصفنا بالمسلحيين‬ ‫اإلرهابيين‪ ،‬وو‪ ..‬ومعظمن��ا كان َ مصيبا ً‬ ‫في توقعاته‪ ،‬لكنّ حاجه البقاء أقوى من‬

‫العق��ل وأقوى م��ن التوقع��ات وأقوى من‬ ‫أحالم الثورة الرومنس��ية بسلميتها التي‬ ‫تصب��ح عبثية في مواجهة فوهة دبابة أو‬ ‫رصاصة قناص‪.‬‬ ‫عندم��ا ل��م يعد هن��اك خي��ار أصبح‬ ‫الس�لاح هو الخي��ار‪ ،‬ليسَ أن��هُ األفضل‬ ‫أن معظم من يحمل الس�لاح‬ ‫فأن��ا أراهن ّ‬ ‫يع��ي بأنّه لي��س َ الخي��ار األفض��ل إنما‬ ‫الوحي��د ألنهُ بات وجهاً إل��ى وجه مقابل‬ ‫الموت العش��وائيّ‪ ،‬وبع��د أن تدخل لعبة‬ ‫الحياه ضمن القياسات يصعب أن يستمرّ‬ ‫المقياس المنطقي‪ ،‬الحياديّ في القيادة‪.‬‬ ‫وهنا‪ ،‬ال يهمني الدفاع عن حملة الس�لاح‬ ‫أو تس��ليح الثورة‪ ،‬فكاتبة هذه الس��طور‬ ‫مازلت‪ ،‬حتّى تاريخ كتابة هذه الس��طور‪،‬‬ ‫ب��أن الس��لميّة هي الح��ل وتؤمن‬ ‫تؤمن ّ‬ ‫وتش��جع الممارس��ات الس��لمية للكف��اح‬ ‫والعصي��ان ّ‬ ‫بكل أش��كالها‪ ،‬لك��نّ مع هذا‬ ‫ب��أن رف��ض التس�� ّلح دون تقديم‬ ‫أؤم��ن ّ‬ ‫أيّ بدائل‪ ،‬م��زاودة فارغه وغير حقيقية‪،‬‬ ‫وأن تحميله المس��ؤولية بإرتفاع عدد‬ ‫كما ّ‬ ‫القتلى من المدنيين دون عن المتظاهرين‬ ‫هو أمر غير عادل على اإلطالق‪ ،‬ليسَ أنه‬ ‫ليس حقيقيّ‪ ،‬لكنهُ ليس العامل الوحيد‬ ‫وليس الس��بب المباش��ر‪ ،‬إج��رام النظام‪،‬‬ ‫هو‪ ،‬دون من��ازع‪ ،‬العامل الوحيد واألوحد‪،‬‬ ‫المجازفه بأع��داد ال منتهية من المدنيين‬ ‫بحجّة القبض عل��ى عدد من مَـن يطلق‬ ‫عليه��م النظ��ام “إرهابيين” هو الس��بب‬ ‫المباش��ر وهو اإلج��رام الحقيقي‪ ،‬فحتى‬ ‫ل��و كانوا إرهابيين حقًا‪ ،‬ه��ذا ال يبرر كل‬ ‫هذا القتل‪ ،‬وبذا هي ليست مسؤولية من‬ ‫يحمل الس�لاح ألنهُ مثله كمثل العديدن‪،‬‬ ‫ضحيّة عبرت إلى ّ‬ ‫ضفة النهر المقابلة‪.‬‬

‫م��ع ق��ول ه��ذا‪ ،‬يج��ب أن ال ننس��ى‬ ‫بأن هن��اك الكثير م��ن اللصوص‬ ‫أيض��ا ً ّ‬ ‫والمس��تغلين مم��ن يحمل��ون الس�لاح‬ ‫و”يش��بحون” بإس��م الث��ورة أو يقوم��ون‬ ‫ب��أن‬ ‫بإعت��داءات م��ا‪ ،‬وال ننس��ى أيض��ا ً ّ‬ ‫م��ا يع��رف بالجيش الح��ر ال يتب��ع لقياده‬ ‫حقيقي��ة تمكنهُ من أن يكونَ قادراً على‬ ‫خوض المعركه‪ ،‬ال يمتلك عتاداً أو سالحاً‪،‬‬ ‫وف��ي كثير من األحيان قد يبدو ش��ريراً‪،‬‬ ‫بمفهوم الشرّ‪ ،‬بشكلٍ خاص عندما تعلن‬ ‫ُ السعودية بأنها على إستعداد لدفعِ أجور‬ ‫ٍ ش��هريّة لقياديي الجيش الحر أو عندما‬ ‫يقوم عدد من أفراده بتصوير فيديو عن‬ ‫إع��دام ميداني ألح��د ش��بيحة النظام‪ ،‬أو‬ ‫فيديو تعذيب آخر وسحب إعترافات ٍ منه‪،‬‬ ‫وغيرها م��ن الفيديوه��ات واألخبار التي‬ ‫تنتشر عن الجيش الحر والتي أتت نتيجة‬ ‫حمل الس�لاح من قب��ل جماع��ات ٍ تجهل‬ ‫احداه��ا األخرى وف��ي كثير م��ن األحيان‬ ‫ق��د تقاتله��ا أيضاً وه��ذا بإعتراف بعض‬ ‫القيادات الالمعه في الجيش الحر‪.‬‬ ‫ه��ذا ك ّل��ه واقع مثل��ه كمث��ل جمال‬ ‫الث��ورة عندم��ا تحافظ على ال��ورود التي‬ ‫زرعه��ا غي��اث مط��ر عل��ى الطرق��ات مع‬ ‫زجاج��ات المياه تحت ش��مس آب الحارقة‬ ‫كي يشرب منها رجال األمن‪ ،‬رجال األمن‬ ‫نفسهم من قتلوه‪.‬‬ ‫الس��لمية كانت‪ ،‬ومازالت وس��تبقى‬ ‫من��ارة ً ف��ي الث��ورة الس��ورية‪ ،‬فحتّ��ى‬ ‫الس�لاح‪ ،‬حُـملَ ف��ي أوّل م��ا حُـملَ في‬ ‫محاولة المحافظه على السلميّة وحماية‬ ‫المظاه��رات الس��لميّة‪ ،‬لك��نّ التط��رّف‬ ‫للسلميّة من قبل البعض‪ ،‬بشكلٍ خاص‬ ‫إبان المجازر التي تحصل بش��كل ٍ ش��به‬

‫يومي‪ ،‬يبدو وكأنه اس��تهزاء ب��أرواح من‬ ‫قتل َ ومن بقيَ‪ .‬فالتطرّف في السلمية‪،‬‬ ‫مثل��ه كمث��ل أيّ تطرّف‪ ،‬يق��وم بإقصاء‬ ‫اآلخر وإلغ��اء وجوده ومنطقيّة حجته من‬ ‫عدمها‪ ،‬ويفرضُ نفسهُ ويفرض أفكارهُ‬ ‫بتعالٍ متدعياً بأنهُ يمتلك الحقيقة‪ّ ،‬‬ ‫كل‬ ‫الحقيقة‪ ،‬وعل��ى الجميع أن يتبعه ويؤمن‬ ‫ب��ه‪ ،‬دون حتّ��ى أن يق��دم آلي��ة حقيقية‬ ‫للعمل‪.‬‬ ‫عندم��ا نتح��دث ف��ي ه��ذا الص��دد‬ ‫أذك��رُ ما قال��هُ باس��ل ش��حاده‪ ،‬المخرج‬ ‫الس��ينمائي ال��ذي استش��هد َ برص��اص‬ ‫النظام الوحش��ي‪ ،‬عندما اتجه من دمشق‬ ‫إل��ى حمص قائ�لاً بأنّه عل��ى من ينادي‬ ‫بالس��لمية أن يكونَ في وس��ط المعركة‬ ‫وأن يحافظ على س��لميته‪ ،‬وهذا ما فعله‬ ‫ُ‪ .‬الممارس��ات الس��لمية ال يمكن أن تكون‬ ‫بش��كل ٍ نديّ بالمواجهة مع الس�لاح وال‬ ‫يمك��ن له��ا أن تك��ون على ّ‬ ‫كف��ة الميزان‬ ‫معه‪ ،‬إمّا هذه أو تلك‪ ،‬السلمية هي نهجٌ‬ ‫عام يمكننا من خالله السير في أيّ إتجاه‬ ‫والمحافظه عليه‪ ،‬فحتّى التس�� ّلح نفسهُ‬ ‫يمكن��هُ أن يحافظ على ه��ذا النهج فيما‬ ‫لو ت��مّ إنتزاعهُ من المواجهة المباش��رة‬ ‫وكأن‬ ‫والمقارن��ة الصرف��ة مع الس��لميّة ّ‬ ‫واحده ستنتصر وتلغي األخرى‪.‬‬ ‫الس��لمية كان��ت ومازالت وس��تبقى‬ ‫ه��ي الح��ل‪ ،‬برأيي‪ ،‬أمّـ��ا التس��لح‪ ،‬فكان‬ ‫وم��ازال الش��رّ الذي ال بدّ من��ه للوصول‬ ‫إلى ّ‬ ‫الحل في ظل غياب أيّ شيء آخر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ختام��ا‪ :‬س��لمية س��لمية‪ ،‬اهلل محيي‬ ‫الجيش الحر!‬


‫الحراك السلمي ‪. .‬‬

‫داريا البدء‬

‫كانت داريا من المناطق التي دعت‬ ‫للتظاه��ر في ي��وم الغضب الس��وري‪،‬‬ ‫وش��ارك عدد من أبنائها ف��ي اعتصام‬ ‫‪ 16‬من آذار أم��ام وزارة الداخلية‪ ،‬حيث‬ ‫اعتقل منهم ثالثة ش��بان وفتاتان‪ ،‬ثم‬ ‫انطلق��ت أولى التظاهرات في ش��وارع‬ ‫المدينة في ‪ 25‬آذار ‪ 2011‬من مسجدي‬

‫ولنس��اء داريّ��ا دوراً رئيس��يًا في‬ ‫الحراك الس��لمي‪ ،‬فقد شاركن بغالبية‬ ‫النش��اطات الثوري��ة وقد قم��ن بتنفيذ‬ ‫مش��روع معرض ميدان��ي أطلق عليه‬ ‫اس��م "نري��د المعتقلي��ن" حيث صنعن‬ ‫حب��ا ًال م��ن ال��ورود علقت عليه��ا صور‬ ‫المعتقلين وقمن بتعليقها على أشجار‬ ‫ش��وارع داريا الرئيس��ية‪ ،‬وقد لقي هذا‬ ‫المع��رض إقبا ًال م��ن قبل الم��ارة لكن‬ ‫ما لبث��ت عناصر المخاب��رات الجوية أن‬ ‫جاءت ومزقت الصور وأحرقتها‪.‬‬

‫داريا ال�سلم والعي�ش‬ ‫امل�شرتك‬ ‫قام شباب داريا بحماية العديد من‬ ‫المنشآت العامة والمؤسسات الحكومية‬ ‫م��ن التخريب عن طريق جدار بش��ري‬ ‫يصنع��ه المتظاه��رون أنفس��هم وقد‬ ‫كانت هذه من أهم األفكار التي حاولت‬ ‫ترسيخ مبدأ الالعنف بين القوى األمنية‬ ‫والمتظاهرين ونشره بين المتظاهرين‬ ‫أنفسهم‪ .‬وكانت عملية إشعال الدواليب‬ ‫ورمي الحجر باتج��اه األمن محل خالف‬ ‫ف��ي نقاش��ات الناش��طين‪ ،‬فق��د كان‬

‫جريدة داريا‬ ‫جري��دة عن��ب بل��دي كان��ت نت��اج‬ ‫الح��راك الس��لمي هدفه��ا ط��رح أفكار‬ ‫نادراً م��ا يتم التطرق إليه��ا‪ ،‬وإيصالها‬ ‫لطبقة واس��عة من الن��اس ال يدخلون‬ ‫االنترنت‪ ،‬تناقش الجريدة قضايا ثورة‬ ‫واجتماعية واقتصادية‪.‬‬

‫داريا ال تع ّرف الثورة‬ ‫بال�سلب‬ ‫ش��باب المدين��ة ونش��طاؤها ال‬ ‫يقتص��ر األم��ر عليه��م عل��ى إس��قاط‬ ‫النظام بل بناء سوريا الجديدة‪ ،‬سوريا‬ ‫دولة القانون‪ ،‬مدنية للجميع‪ ،‬يس��توي‬ ‫فيها الناس أحرار‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫داريا الثورة‬

‫داريا الأنثى‬

‫بعضهم يعتبر هذه األفعال اس��تفزازاً‬ ‫للجن��ود الذين س��يقفون حينها موقف‬ ‫المواجهة ويعيش��ون أجواء الحرب على‬ ‫اآلخ��ر‪ .‬كم��ا ش��ارك أهال��ي داري��ا في‬ ‫التش��ييع والتعزي��ة بش��هداء المناطق‬ ‫األخ��رى وإرس��ال المعون��ات المادي��ة‬ ‫ألهال��ي المناطق المنكوبة واس��تقبال‬ ‫األهالي المهجرين من حمص‪ ،‬لتعزيز‬ ‫السلم األهلي بين المناطق‪ ،‬و ال ننسى‬ ‫أن��ه منذ بداي��ة الثورة قرع��ت كنائس‬ ‫داري��ا أجراس��ها ح��داداً عل��ى ش��هداء‬ ‫المظاهرات‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ل��م تكن داري��ا المدين��ة الصغيرة‬ ‫القريب��ة م��ن دمش��ق (‪8‬ك��م جن��وب‬ ‫غرب) حديثة العهد ف��ي مجال التوعية‬ ‫االجتماعية والنشاطات األهلية‪،‬‬ ‫ففي عام ‪ 2003‬نشأ التحدي بينهم‬ ‫وبين النظام‪ ،‬بما يعرف بقضية "شباب‬ ‫داريا"‪ .‬تعرض مجموعة من الناشطين‬ ‫لالعتقال على خلفية تنظيف المدينة‪،‬‬ ‫وتوزي��ع روزنامات كتب عليه��ا عبارات‬ ‫ضد الرشوة والتظاهر السلمي الصامت‬ ‫احتجاج��اً على احت�لال الع��راق ودعوة‬ ‫لمقاطع��ة البضائ��ع األمريكية وغيرها‬ ‫من األنش��طة التي لم تكن مألوفة في‬ ‫ذاك الوقت في سوريا‪.‬‬ ‫وس��بقها ف��ي العام ‪ 2000‬أنش��اء‬ ‫الش��يخ عبد األكرم السقا مع مجموعة‬ ‫م��ن طالب��ه مكتب��ة عام��ة للق��راءة‬ ‫والثقافة وسميت باسم "سبل السالم"‬ ‫ولكن ما لبثت أجهزة األمن إال أن قامت‬ ‫بإغالقها بعد إقبال الناس عليها‪.‬‬

‫أنس بن مالك والعباس‪.‬‬ ‫ل��م يتجل��ى الطاب��ع الث��وري في‬ ‫مدينة داريا فقط برفع أغصان الزيتون‬ ‫وال��ورود في المظاه��رات‪ ،‬بل فكرهم‬ ‫الس��لمي كان واضح��اً ف��ي خطاباتهم‬ ‫وش��عاراتهم الت��ي اس��تخدموها ف��ي‬ ‫ثورته��م‪ .‬فكان��ت فك��رة توزي��ع المياه‬ ‫والورود والمنش��ورات للجيش مخاطبة‬ ‫ضمائرهم‪ ،‬وكانت فكرة تزيين س��احة‬ ‫الحري��ة بداري��ا تأكي��د عل��ى الناحي��ة‬ ‫الجمالية واالجتماعية في الثورة‪.‬‬ ‫تنوعت نش��اطات الكفاح السلمي‬ ‫ف��ي داري��ا واألس��اليب الالعنفية‪ ،‬من‬ ‫تغيي��ر أس��ماء الش��وارع والس��احات‬ ‫الرئيسية واس��تبدالها بأسماء الشهداء‬ ‫إلى توزيع المنشورات للدعوة لإلضراب‬ ‫فق��د كانت داريا م��ن أوائل المدن التي‬ ‫استجابت لهذه الدعوات‪.‬‬ ‫وتقدي��م الهداي��ا ألمه��ات وأبن��اء‬ ‫الش��هداء والمعتقلين ف��ي عيد الفطر‬ ‫واألضح��ى وعي��د األم وزي��ارة عائالت‬ ‫الش��هداء وتقدي��م الدعم الم��ادي لهم‬ ‫كان��ت ج��ز ًء أساس��يًا م��ن نش��اطهم‬ ‫الث��وري‪ .‬أقيمت في داري��ا أيضًا دورات‬ ‫الدع��م النفس��ي لألطف��ال المصابين‬ ‫بالصدمة‪ ،‬ودورات اإلسعاف األولي في‬ ‫ظل تحوّل عملية إس��عاف الجرحى إلى‬ ‫المنازل والمش��افي الميدانية‪ ،‬بد ًال من‬ ‫المش��افي العادي��ة خوفاً م��ن اختطاف‬ ‫المصاب من قبل قوى األمن‪.‬‬ ‫تعليق صور المعتقلين وأسمائهم‬ ‫عل��ى ج��دران المحكمة وفي الش��وارع‬

‫العام��ة و حم�لات ب��خ ش��عارات ثورية‬ ‫على الج��دران وإط�لاق بوالين الحرية‬ ‫كان��ت أيضًا ص��وراً متك��ررة من صور‬ ‫النشاطات الالعنفية‪.‬‬

‫عهد زرزور‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬

‫جتربة �شباب داريا ال�سلمية‬ ‫من العام ‪ 2000‬حتى الآن‬

‫‪11‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫ال�سوريون و�إرادة احلياة‬

‫خالد كنفاني‬

‫رغ��م الحقيق��ة القائلة بأن الس��وريين‬ ‫على اخت�لاف ثقافاتهم وأطيافهم وخلفياتهم‬ ‫االجتماعية يتكلمون في السياس��ة من أوس��ع‬ ‫أبوابها‪ ،‬ورغم أن أي مجموعة من الس��وريين‬ ‫قادرة على رس��م سياس��ة العالم خالل جلسة‬ ‫أرجيل��ة وتحلي��ل المعطيات واألخب��ار وتقرير‬ ‫مصائ��ر ال��دول أثن��اء وليمة عش��اء بس��يطة‪،‬‬ ‫ناهي��ك عن الوع��ود التي اعتاد أي س��وري أن‬ ‫يطلقه��ا لآلخرين فيما لو أصبح رئيس��اً "ليوم‬ ‫واحد فقط"‪ ،‬أقول رغم ذلك كله فإن السوريين‬ ‫بشكل عام شعب يحب الحياة واإلعمار والزواج‬ ‫واإلنجاب واالستقرار وليسوا ميالين للفوضى‬ ‫والتغييرات الكبيرة المفاجئة‪.‬‬ ‫أس��وق هذا ال��كالم وأنا أش��اهد تقريراً‬ ‫لقناة عربية عن الناس في إحدى بلدات الريف‬ ‫الحلبي‪ .‬كان عدد من الش��بان يعيدون ترميم‬ ‫محالهم التي كس��رها "حماة الديار" ونهبوها‬ ‫ول��م ينس��وا أن يحرقوه��ا أثن��اء طريقه��م‬ ‫الطويلة إلى "التطهير"‪ .‬كان أحد الشبان يتكلم‬ ‫بثقة بهرت كل من شاهد التقرير‪ ،‬كان يقول‬ ‫ببساطة شديدة‪" :‬لديّ عائلة وعليّ أن أعمل‬ ‫لكي أطعمه��م"‪ ،‬كل ذلك يحدث وس��ط أزمة‬ ‫اقتصادية خانقة وش��حّ رهيب في كل شيء‪.‬‬ ‫كان الناس في هذه البلدة يمشون في السوق‬ ‫المتواضع وبعض األمهات يشترين ألطفالهن‬ ‫ما اس��تطعن عليه من بع��ض الحاجيات قبل‬ ‫العيد الذي يطل على الس��وريين بأتعس حال‬ ‫وأس��وء مطلع‪ .‬يس��تقبل هؤالء العي��د القادم‬ ‫عل��ى أص��وات المداف��ع وتحت قص��ف طيران‬ ‫الم��وت ولكنهم يقتنصون أي��ة فرصة لعيش‬ ‫يوم واحد طبيعي دون هروب أوخوف أو ذعر‪.‬‬ ‫إن ه��ذه اإلرادة العجيب��ة ف��ي الحي��اة‬ ‫تف��رض حقيقة هامة مفاده��ا أن الكثير من‬ ‫األعم��ال العنيف��ة أو الدموي��ة ال يمك��ن دومًا‬ ‫نس��بتها إلى الس��وريين فقط‪ ،‬مثلما أن طول‬ ‫أم��د األزمة قد يطبع الس��وريين بطابع جديد‬ ‫من العنف ال نريده وال نسعى إليه‪ .‬ومع األيام‬ ‫يثب��ت لنا أن الب��طء المتعمد ف��ي التعامل مع‬ ‫الثورة الس��ورية في الخارج وكذلك التضارب‬ ‫المقصود في المواقف هدفه إشعال هذا البلد‬ ‫وتحويل السوريين من س��كينتهم وسالمهم‬ ‫الداخل��ي إل��ى مجموع��ات عنفي��ة ال تتق��ن‬ ‫س��وى السالح وال تفهم س��وى لغة الدم‪ .‬ومع‬ ‫اس��تمرار التجاهل العالمي لكل ما يحدث في‬ ‫س��وريا تس��ير البالد نحو منزلق خطير دخلت‬ ‫أوله بالفعل‪ ،‬ويوماً بعد يوم يعتاد السوريون‬ ‫وغيره��م على مش��اهد الدم وأخب��ار القتلى‬ ‫والجرحى في ساحة معركة مفتوحة على كل‬ ‫االحتماالت‪.‬‬ ‫ح��دث تح��ول خطي��ر ف��ي مس��ار الثورة‬ ‫الس��ورية عندم��ا دخ��ل الس�لاح عل��ى الخط‪.‬‬ ‫والمراق��ب لألح��داث الس��ورية من��ذ أكثر من‬ ‫ثالثة ش��هور يلحظ تراجعًا واضح��اً في أعداد‬ ‫المظاه��رات ألن الش��وارع أصبح��ت تع��جّ‬ ‫بالمس��لحين م��ن كل األط��راف‪ .‬وهك��ذا تمّ‬ ‫تحوي��ل القضي��ة من ث��ورة ش��عبية في وجه‬ ‫نظام فاس��د إلى ح��رب بين طرفي��ن (أو أكثر‬ ‫من طرف) مع فارق العتاد ومس��توى التسليح‪.‬‬ ‫وهكذا س��حبت البندقية الشرعية الثورية من‬ ‫أيدي المتظاهري��ن لتحملها على عاتقها تحت‬ ‫حش��د إعالمي ضخ��م وتجهيز فعلي بس��يط‪.‬‬ ‫وتوالت النكبات على المدن الس��ورية بس��بب‬ ‫من س��وء التخطيط (أو عدم المعرفة به أص ًال)‬ ‫واالرتجالية والحماس��ة القتالية والتي ال يوجد‬ ‫م��ن يضبطها وال م��ن يوجهه��ا‪ ،‬وكأن القصد‬ ‫ه��و اإللقاء بمزيد من البش��ر نحو الموت دون‬ ‫أية نتائ��ج عملية ضخمة‪ .‬تتبنى أكثر من جهة‬ ‫اليوم عدداً من التفجيرات واالغتياالت في كافة‬

‫أرجاء س��وريا وتخرج التصريح��ات المتناقضة‬ ‫هن��ا وهناك‪ ،‬ت��ارة من اس��طنبول وت��ارة من‬ ‫بع��ض الم��دن أو األحي��اء الملتهب��ة‪ ،‬ويق��ف‬ ‫الس��وريين مذهولين أمام حج��م الدمار الذي‬ ‫بات��ت تخلفه ه��ذه الحرب التي أصب��ح واضحًا‬ ‫أنها تجري بالوكالة على األرض السورية‪.‬‬ ‫ثقاف��ة جدي��دة ب��دأت تدخل عل��ى حياة‬ ‫الس��وريين هي ثقافة الخط��ف‪ .‬لم يعد األمر‬ ‫مقتص��راً عل��ى األجه��زة األمنية الت��ي كانت‬ ‫صاحبة الريادة في ه��ذا األمر‪ ،‬ولكن الخطف‬ ‫يمتد ليشمل الجيش الحر والفصائل المسلحة‬ ‫األخ��رى وحت��ى مجموعات م��ن المرتزقة في‬ ‫معظم أنحاء س��وريا‪ .‬الخطف بعضه سياسي‬ ‫وبعض��ه اآلخ��ر بتوجيه��ات خارجي��ة واضحة‬ ‫وأكث��ره من عم��ل عصابات وج��دت في األمر‬ ‫وس��يلة للتربح وجم��ع األموال‪ .‬ل��م يعد مهمًا‬ ‫ل��دى الس��وريين من يق��وم بالخط��ف‪ ،‬ولكن‬ ‫المرع��ب ف��ي األم��ر أن المس��الة تحولت إلى‬ ‫روتي��ن يومي أيض��ًا ولم يعد الس��وري اليوم‬ ‫يعلم لماذا يتم خطفه وعلى أي أس��اس‪ ،‬ألن‬ ‫المعي��ار لم يعد الموقف السياس��ي وحس��ب‪،‬‬ ‫وإنم��ا امتد إلى االنتماء الطائفي والعش��ائري‬ ‫والديني والذي ال يملك إنسان خياره بيده‪.‬‬ ‫وس��ط كل ذل��ك تتواص��ل المه��ازل‬ ‫الدولية س��واء في الش��رق والغرب‪ .‬وتواصل‬ ‫حس��ناء الخارجي��ة األمريكي��ة جوالته��ا بينما‬ ‫وزير دفاعها البش��وش يتح��دث عن إمكانيات‬ ‫واحتماالت وتكهنات‪ ،‬هي مجرد كلمات يلقيها‬ ‫هن��ا وهناك حت��ى يتلقفها أغبي��اء المعارضة‬ ‫الذين ال يزالون يعوّلون على المجتمع الدولي‬ ‫الساقط أخالقيًا وأدبيًا منذ زمن بعيد‪ .‬ال يزال‬ ‫نف��ر من ه��ؤالء ي��رى أن بع��ض االجتماعات‬ ‫والخطب الرنانة سوف تسقط النظام السوري‬ ‫وتحملهم إلى مقرات الحكم في سوريا مثلما‬ ‫فعل��ت المعارضة العراقية بع��د صدام‪ .‬كانت‬ ‫بع��ض التس��ريبات الصحفي��ة ف��ي اليومين‬ ‫الماضيي��ن تؤك��د بداية يأس الق��وى الكبرى‬ ‫من المجلس الوطني الس��وري رغم الماليين‬ ‫التي وصلت��ه من هذه الدول ولكن بدا واضحًا‬ ‫أن فاقد الش��يء ال يعطي��ه‪ ،‬وأن هؤالء الذين‬ ‫لم يمارسوا سياسة وال إدارة على مدى عقود‬ ‫ق��د احترفوا ال��كالم والكالم فق��ط‪ .‬فلما حان‬ ‫وقت العمل لم تس��عفهم عضالتهم الضامرة‬ ‫وال عيونه��م الت��ي اعتادت الس��بات الش��توي‬ ‫الطوي��ل‪ .‬وكانت جريدة الغارديان قد نش��رت‬ ‫تقري��راً مطو ًال ع��ن تحول بريطانيا وفرنس��ا‬ ‫والواليات المتحدة بعض الشيء عن المجلس‬

‫الوطني بعدما بانت عوامل فش��له الذريع في‬ ‫مج��رد جمع الكلمة‪ .‬وكالعادة كان رد المجلس‬ ‫الوطن��ي عل��ى ه��ذه التقاري��ر رداً مقتضب��ًا‬ ‫خاطف��اً (عل��ى اعتب��ار انش��غالهم بحج��وزات‬ ‫الفن��ادق والطيران) ب��أن "الغاردي��ان تهذي"‪،‬‬ ‫ف��ي إنتاج جدي��د للردود الرس��مية الس��ورية‬ ‫عل��ى تصريح��ات مماثلة من صح��ف وقنوات‬ ‫"مغرضة"‪.‬‬ ‫يفاجئن��ا المل��ك الس��عودي كالع��ادة‬ ‫بصحواته غير المتوقعة‪ ،‬فقد رأى جاللته في‬ ‫إح��دى تلك الصح��وات على ما يب��دو أن يدعو‬ ‫رؤساء الدول اإلسالمية إلى وليمة إفطار عم ًال‬ ‫بالمثل القائل‪" :‬طعمي التم تس��تحي العين"‬ ‫وارتأى –طال عم��ره‪ -‬أن يجمعهم اآلن وفوراً‬ ‫لقم��ة تضامن إس�لامي لم يع��رف الكثيرون‬ ‫وخاص��ة في ج��زر القمر والس��نغال ونيجيريا‬ ‫وجيبوت��ي معناه��ا وال مبناه��ا‪ .‬وهك��ذا ت��مّ‬ ‫إخ�لاء معظم فنادق مك��ة المكرمة وتم بكل‬ ‫بس��اطة إلغ��اء كل الحجوزات المس��بقة (في‬ ‫س��بيل اهلل) وتمت إقامة وليم��ة فطور مهيبة‬ ‫س��بقتها آيات القرآن لمباركة هذا الجمع الذي‬ ‫قد يصيبه حاس��د ف��ي مقتل والقه��وة المرة‬ ‫الت��ي كانت تطوف على المدعوين خش��ية أن‬ ‫يناموا أثناء إلقاء جاللته كلمته التي اس��تحلف‬ ‫به��ا الحاضري��ن أن يتضامنوا‪ .‬كان��ت الوليمة‬ ‫مهيب��ة إلى ح��دّ أن أح��د المش��اهدين يقول‬ ‫أن عيون��ه اغرورقت بالدمع عل��ى هذا الجمع‬ ‫الحاشد أنه استبشر بتحرير المقدسات قريبًا‪.‬‬ ‫م��ا أقصر ذاكرتن��ا وما أس��هل خديعتنا! وبعد‬ ‫س��اعات من االجتماع خ��رج المجتمعون بقرار‬ ‫تاريخ��ي زل��زل أركان الدنيا وفج��ر قنبلة في‬ ‫وج��ه النظ��ام الس��وري لن يس��عه أن يتحرك‬ ‫بعده��ا أب��داً‪ ،‬لقد تمّ تعليق عضوية س��وريا‬ ‫ف��ي المنظم��ة‪ .‬ارتاح��ت نف��وس المنظمي��ن‬ ‫والحاضري��ن‪ ،‬فعلى األقل ل��ن تذهب الوليمة‬ ‫س��دى‪ ،‬وأطن��ان الطع��ام التي ت��م رميها في‬ ‫القمام��ة بع��د الوليمة كافية إلطعام س��وريا‬ ‫بأكملها‪ .‬ولم ينسَ المجتمعون أن "يش��جبوا"‬ ‫قت��ل المس��لمين الروهنغا في ميانم��ار التي‬ ‫تحكمها اليوم واحدة من أقدم المناضالت في‬ ‫مجال حقوق اإلنس��ان‪ ،‬ولكنه كرس��ي الحكم‬ ‫الذي باركته الس��يدة كلينتون ولن تجرأ دولة‬ ‫خليجية واحدة على مجرد إدانة أمريكا لدعمها‬ ‫نظام الحكم في مينمار‪.‬‬ ‫يب��دو أن قراراً اتخذ ف��ي كل دول العالم‬ ‫مف��اده أن ال تتم تس��وية األوضاع في س��وريا‬ ‫قب��ل أن يفن��ى كل ش��يء‪ ،‬البش��ر والحج��ر‬

‫والجي��ش والبن��ى التحتي��ة والفوقي��ة‪ ،‬حينها‬ ‫س��يدخل علين��ا الفاتح��ون المبش��رون بحياة‬ ‫جدي��دة على أيدي ش��ركات المق��اوالت وإعادة‬ ‫اإلعم��ار‪ .‬وما طول أمد الثورة وتش��عب أزمتها‬ ‫إال مالم��ح لهذا المس��تقبل الغامض الذي يتم‬ ‫رس��مه لهذا الوط��ن الجريح‪ .‬ف��ي كل انفجار‬ ‫وكل معركة تروّج لها قناة العربية يستبش��ر‬ ‫الن��اس بقرب الخالص ولكننا نفاجأ بمزيد من‬ ‫التعقي��دات ومزي��د م��ن القتل وال��دم في كل‬ ‫مكان‪ .‬ذه��ب أعضاء خلية األزمة وخلية النحل‬ ‫وفق��د ماه��ر قدميه وانش��ق البط��ل المغوار‬ ‫حج��اب وطار طي��اران إل��ى األردن وهرب أكثر‬ ‫من س��بعمائة ضابط إلى خيام تركيا الحضن‬ ‫الحن��ون ليقودوا حرب الريم��وت كونترول من‬ ‫هن��اك‪ ،‬كل ذل��ك ول��م يس��قط ه��ذا النظام‪.‬‬ ‫تكش��ف إحدى الصح��ف األمريكي��ة أن تقارير‬ ‫تمّ رفعها للرئي��س أوباما تفيد بأن العقوبات‬ ‫األمريكية على س��وريا لم تضرّ النظام فقط‬ ‫ب��ل والمعارضة أيضًا‪ .‬فه��م إذاً يعلمون تمامًا‬ ‫أن العقوب��ات طال��ت الناس ول��م تطل النظام‬ ‫في ش��يء‪ ،‬ألن الجمي��ع يعلم ومتأك��د من أن‬ ‫بش��ار األسد لم يجلس لحظة واحدة في ظالم‬ ‫ولم يقف دقيقة واحدة في طابور لش��راء جرة‬ ‫غاز‪ .‬وتخرج التحليالت علينا يوميًا لتخبرنا عن‬ ‫االنتخابات الفرنسية واألمريكية وها قد انتهت‬ ‫األولى ولم يتغير ش��يء وستنتهي الثانية ولن‬ ‫يتغير شيء إال بأيدي السوريين أنفسهم‪.‬‬ ‫الس��وريون يريدون الحي��اة وال يريدون‬ ‫الم��وت‪ ،‬يري��د الواح��د منهم أن ي��رى أطفاله‬ ‫يكبرون ويتعلمون ويصلون إلى ما يطمحونه‬ ‫في هذه الحياة‪ ،‬ومهام عملت آلة القتل فيهم‬ ‫فإنهم باقون والحكم زائل‪ .‬س��تكون الطريق‬ ‫طويلة ومليئة باألشواك والعثرات والسقطات‬ ‫والدم��اء والتضحي��ات‪ ،‬ولم يكت��ب التاريخ إال‬ ‫هك��ذا‪ .‬لم يكن التغيير يومًا ما ناعماً وس��هل‬ ‫المن��ال‪ ،‬وس��يفخر أوالدن��ا بما فع��ل آباؤهم‬ ‫مثلما يفخر آباؤنا الي��وم بعد أن قام أبناؤهم‬ ‫بما عجزوا عنه في وقت ما‪.‬‬ ‫آخر الكالم‪ :‬يقول جستن جاردر‪:‬‬ ‫"إن الحياة والموت يلتصقان ظهراً لظهر‪.‬‬ ‫فمن المستحيل أن نشعر أننا أحياء إذا لم‬ ‫نفكر أيضاً بأننا نموت يوماً‪ ،‬كما أننا ال نستطيع‬ ‫التفكي��ر بموتنا‪ ،‬دون أن نح��سّ‪ ،‬وفي اللحظة‬ ‫نفس��ها بالمعج��زة الغريبة‪ ،‬معج��زة كوننا على‬ ‫قيد الحياة‪.‬‬ ‫لم أنتبه إلى اآلن‪ ،‬إلى أي مدى هي الحياة‬ ‫جميلة‪" .‬‬


‫تيم الشامي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫تقوي��ة تحالف��ات النظ��ام السياس��ية‬ ‫الخارجي��ة أو تثبي��ت قدم��ه داخلي��اً‪،‬‬ ‫وكان م��ن أهم تلك الق��رارات قرارين‬ ‫أث��را س��لبًا عل��ى االقتص��اد الس��وري‬ ‫بش��كل ملحوظ‪ ،‬أولهما ه��و العالقات‬ ‫ٍ‬ ‫االقتصادي��ة م��ع تركي��ا‪ ،‬وثانيهما هو‬ ‫التراجع عن توقيع اتفاقية الشراكة مع‬ ‫االتحاد األوربي‪.‬‬ ‫العالقات السياس��ية بي��ن النظام‬ ‫الس��وري والحكوم��ة التركي��ة الت��ي‬ ‫يس��يطر عليها حزب العدال��ة والتنمية‬ ‫بشكل ملحوظ‪ ،‬ومع االختالف‬ ‫تطورت‬ ‫ٍ‬ ‫بي��ن النظرة المش��وهة الت��ي يملكها‬ ‫النظام الس��وري لكيفية اتخ��اذ القرار‬ ‫االقتص��ادي والنظ��رة بعي��دة األج��ل‬ ‫التي كان��ت تملكها الحكوم��ة التركية‬ ‫حينه��ا اقتصادياً‪ ،‬فق��د اختلفت كيفية‬ ‫اتخ��اذ الق��رار واختلف��ت معه��ا نتائ��ج‬ ‫ه��ذا الق��رار عل��ى كل م��ن البلدي��ن‪،‬‬ ‫فالحكومة التركية التي يسيطر عليها‬ ‫حزب إسالمي لم تأبه بالخالف القديم‬ ‫بين سوريا وتركيا بسبب دعم النظام‬ ‫الس��وري لحزب العمال الكوردس��تاني‬ ‫ومطالبت��ه س��ابقاً بل��واء اس��كندرون‬ ‫المحت��ل‪ ،‬واأله��م ل��م تأب��ه بالعداوة‬ ‫التقليدية بين تيارات اإلسالم السياسي‬ ‫والنظام الس��وري‪ ،‬ووضعت المصلحة‬ ‫االقتصادية عل��ى رأس أولوياتها‪ ،‬في‬ ‫حين ضحى النظام السوري بالمصلحة‬ ‫االقتصادية في سبيل تعزيز تحالفاته‬ ‫اإلقليمية إث��ر انهيار الكثي��ر منها بعد‬ ‫اغتي��ال رئيس ال��وزراء اللبناني رفيق‬ ‫الحريري وتداعيات هذا االغتيال‪.‬‬ ‫ه��ذا التع��اون االقتص��ادي غي��ر‬ ‫المتوازن الذي حصل كخدمة للسياسة‬ ‫الخارجي��ة للنظ��ام تس��بب بك��وارث‬ ‫حقيقي��ة عل��ى النظ��ام الس��وري‪،‬‬ ‫وكان��ت أكث��ر الصناع��ات تض��رراً منه‬ ‫هي صناعة النس��يج التي لم تس��تطع‬

‫منافس��ة اإلنت��اج الترك��ي ال��ذي غزى‬ ‫األس��واق الس��ورية وخلق منافس��اً لم‬ ‫يك��ن موضوع��ًا ف��ي الحس��بان‪ ،‬األمر‬ ‫ال��ذي تس��بب بتقلي��ص الكثي��ر م��ن‬ ‫معامل النس��يج لحج��م إنتاجها وحتى‬ ‫إع�لان عدة ش��ركات إفالس��ها وإيقاف‬ ‫عمل مصانعها‪.‬‬ ‫وهن��اك حادث��ة تحك��ى به��ذا‬ ‫الخص��وص‪ ،‬أن مجموع��ة م��ن التج��ار‬ ‫والصناعيي��ن كان��وا في لق��اء مع نائب‬ ‫رئي��س ال��وزراء للش��ؤون االقتصادية‬ ‫حينه��ا عبد اهلل ال��دردري‪ ،‬وطالبوه بأن‬ ‫يجد ح ًال لسهولة دخول البضائع التركية‬ ‫إلى سوريا‪ ،‬فكان جوابه بأن هذا القرار‬ ‫ه��و قرار سياس��ي ص��رف‪ ،‬وال قدرة له‬ ‫على إلغائه أو تعطيله أو تعديله‪.‬‬ ‫الق��رار الثان��ي ال��ذي اتض��ح منه‬ ‫تش��وه العالق��ة بين القرار السياس��ي‬ ‫واالقتص��ادي ه��ي تراجع س��وريا في‬ ‫الع��ام ‪ 2009‬ع��ن توقي��ع اتفاقي��ة‬ ‫الش��راكة األوربي��ة قب��ل س��اعات من‬ ‫الموعد المقرر لتوقيعها‪ ،‬وحينها قالت‬ ‫مصادر دبلوماسية في وزارة الخارجية‬ ‫أن الس��بب ف��ي التراج��ع ع��ن توقي��ع‬ ‫االتفاقية هو حاجة الحكومة الس��ورية‬ ‫لبعض الوقت لتراج��ع بنود االتفاقية‪،‬‬ ‫وكان لرفضه��ا لهذه االتفاقية أس��باب‬ ‫سياسية بحتة‪.‬‬ ‫الش��راكة م��ع االتح��اد األورب��ي‬ ‫تف��رض عل��ى البل��د غي��ر األورب��ي‬ ‫ح��داً أدن��ى م��ن الش��فافية واإلصالح‬ ‫السياس��ي‪ ،‬وإثب��ات التزام البل��د بحدٍ‬ ‫أدن��ى من حق��وق اإلنس��ان‪ ،‬ولم يكن‬ ‫النظ��ام مس��تعداً لتقدي��م تن��ازالت‬ ‫وتخفيف قبضته األمنية على الش��عب‬ ‫الس��وري ف��ي مقاب��ل الحص��ول على‬ ‫اتفاقية ش��راكة م��ع االتح��اد األوربي‬ ‫كان م��ن ش��أنها أن تق��دم دفعة قوية‬

‫لالقتصاد السوري‪.‬‬ ‫وف��ي الوق��ت نفس��ه فق��د كان‬ ‫االتح��اد األوربي يح��اول أن يضعف أو‬ ‫يفك الشراكة القوية التي بين النظام‬ ‫الس��وري والنظام اإليران��ي‪ ،‬ولم يكن‬ ‫ذلك ممكنًا بالنسبة للنظام‪ ،‬األمر الذي‬ ‫جعله يضحي بالشراكة االقتصادية مع‬ ‫االتحاد األوربي الذي يحتوي ثالثة من‬ ‫أكبر اقتصادات العالم (فرنسا‪ ،‬ألمانيا‪،‬‬ ‫بريطاني��ا) مقاب��ل ش��راكة سياس��ية‬ ‫واقتصادي��ة مع إي��ران أح��د أكثر دول‬ ‫العالم تعرض��ًا للعقوبات االقتصادية‪،‬‬ ‫والت��ي اليوم بلغت ح��داً باتت تجد فيه‬ ‫صعوبة في تسوية حس��اباتها المالية‬ ‫المتعلقة بتجارتها النفطية‪.‬‬ ‫مع بداية الثورة السورية وتفاوت‬ ‫مواقف الدول منها ومن سلوك النظام‬ ‫القمع��ي ق��ام م��ن جدي��د بالتضحي��ة‬ ‫بالكثي��ر م��ن اآلم��ال االقتصادي��ة‬ ‫مقابل التعنت واإلص��رار على مواقفه‬ ‫السياس��ية‪ ،‬فمث ً‬ ‫ال كانت من أول الدول‬ ‫التي وقع على صدام معها دول خليجية‬ ‫ٍ‬ ‫(خصوصاً قطر والكويت) هي من أهم‬ ‫المقرضي��ن لس��وريا من أج��ل تمويل‬ ‫مشاريعها التنموية‪.‬‬ ‫من التغييرات األولى التي يجب أن‬ ‫تطرأ على السياسة الخارجية السورية‬ ‫بعد تحقيق المطالب بدولة ديمقراطية‪،‬‬ ‫ه��ي اس��تقالل الق��رار االقتص��ادي‪،‬‬ ‫وع��دم تعري��ض رزق المواطني��ن‬ ‫وموارده��م المادي��ة للخط��ر من أجل‬ ‫تصفي��ة حس��ابات سياس��ية‪ ،‬وتعزي��ز‬ ‫تحالف��ات ال تفي��د أحداً س��وى الحاكم‬ ‫في المكوث مطو ًال على س��دة الحكم‪،‬‬ ‫فالديمقراطية تعني حكم الشعب وفقًا‬ ‫إلرادت��ه ومصالحه‪ ،‬واألخيرة تلقى من‬ ‫األنظم��ة الديكتاتورية إهم��ا ًال ال يقل‬ ‫عن إهمالها لألولى‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ف��ي ال��دول الديمقراطي��ة الت��ي‬ ‫يعتم��د بقاء الحاك��م فيه��ا على مدى‬ ‫إرضائ��ه وتلبيته لحاج��ات المواطنين‪،‬‬ ‫تكون السياس��ية هي وس��يلة لتحقيق‬ ‫الحاج��ات المختلف��ة للدولة والش��عب‪،‬‬ ‫وعل��ى رأس��ها الحاج��ات االقتصادية‪،‬‬ ‫فيك��ون الق��رار السياس��ي خادم��ًا‬ ‫للمصلح��ة والحاج��ة االقتصادي��ة‬ ‫وليس العكس‪ ،‬كون الهدف األساس��ي‬ ‫م��ن العم��ل السياس��ي ه��و تحقي��ق‬ ‫الرف��اه والعي��ش الكري��م واألم��ان‬ ‫للدولة المتكونة بش��كل أساس��ي من‬ ‫مواطنيها‪.‬‬ ‫وم��ن األمثل��ة التي توض��ح هذه‬ ‫الفك��رة هي العالق��ة السياس��ية بين‬ ‫ال��دول األوربية وروس��يا‪ ،‬فعلى الرغم‬ ‫من كونهما عل��ى طرفي النقيض في‬ ‫السياس��ة الدولية‪ ،‬إال أنهم��ا يحافظان‬ ‫دائمًا على مستوىً مقبول من العالقة‬ ‫الجيدة البعيدة عن التوترات‪ ،‬والس��بب‬ ‫ف��ي ذلك ه��و حاجة أوربا لروس��يا من‬ ‫أج��ل تزويدها بإم��دادات الغاز‪ ،‬وحاجة‬ ‫روسيا ألوربا من أجل تصريف منتوجها‬ ‫من الغاز‪.‬‬ ‫هذا الن��وع من العالقة بين القرار‬ ‫السياس��ي واالقتصادي لي��س موجوداً‬ ‫في س��وريا‪ ،‬عل��ى األقل في الس��نين‬ ‫األخي��رة التي تولى الحكم فيها بش��ار‬ ‫األس��د‪ ،‬حيث كانت م��ن أول الخطوات‬ ‫الت��ي س��ميت باإلصالحي��ة ف��ي عهده‬ ‫تحري��ر الس��وق الس��ورية‪ ،‬وب��دأت‬ ‫بالسماح للقطاع الخاص بالدخول إلى‬ ‫الكثير من المجاالت التي كانت محرمة‬ ‫عليه قب ً‬ ‫ال‪ ،‬ولع��ل أهمها على اإلطالق‬ ‫ه��و القط��اع المصرف��ي والتأمي��ن‪،‬‬ ‫وخرجت عملية التس��عير من يد الدولة‬ ‫كم��ا كان األم��ر علي��ه أي��ام ما س��مي‬ ‫باالقتصاد االش��تراكي‪ ،‬وبات اعتمادها‬ ‫من اآلن وصاعداً على العرض والطلب‬ ‫بشكل أساسي‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ف��ي س��وريا ما قب��ل الث��ورة كان‬ ‫القرار السياس��ي يلعب الدور األساسي‬ ‫في تحديد النهج االقتصادي الذي تسير‬ ‫فيه الدولة‪ ،‬وقد شهدت السنوات القليلة‬ ‫التي س��بقت الث��ورة الس��ورية تخبطًا‬ ‫اقتصادي��اً واضح��اً‪ ،‬وذل��ك م��ن خ�لال‬ ‫إط�لاق القواني��ن الناظمة لألنش��طة‬ ‫االقتصادية المختلفة‪ ،‬وتعديلها وحتى‬ ‫ش��هور‬ ‫في بع��ض األحيان إلغائها بعد‬ ‫ٍ‬ ‫قليل��ة‪ ،‬وقدم النظام حينه��ا التغييرات‬ ‫االقتصادي التي يقوم بها تحت مسمى‬ ‫“اقتص��اد الس��وق االجتماع��ي” والت��ي‬ ‫كان��ت تس��مية لبق��ة النتقال س��وريا‬ ‫تدريجي��اً م��ن االقتص��اد االش��تراكي‬ ‫المقيد إلى االقتصاد الرأسمالي‪.‬‬ ‫في تلك المرحلة اتخذت الكثير من‬ ‫القرارات الالمس��ؤولة اقتصاديًا بهدف‬

‫الصفحة االقتصادية ‪. .‬‬

‫كيف �شوه النظام ال�سوري العالقة‬ ‫بني االقت�صادي وال�سيا�سي؟‬

‫‪13‬‬


‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫بوابات �أر�ض العدم‬

‫سمر يزبك‬

‫(�إىل �أبو ال�شوك‪� :‬ص ّبارة‬ ‫قلبي‪ ،‬يا ولدي)‬

‫البوابة الأوىل‬ ‫ـ ونحن نريد دولة مدنية!‬ ‫كان الي��وم األخي��ر‪ ،‬وقبل س��اعات من‬ ‫زفرات الرحيل‪ ،‬على حاجز كتيبة «الفاروق»‬ ‫والش��اب الصغي��ر‪ ،‬ال��ذي تلمع النج��وم في‬ ‫عينيه‪ ،‬يروي وهو يبلع ريقه كيف انشق عن‬ ‫«الوحدات الخاصة»‪ ،‬ألنه رفض قتل الناس‪،‬‬ ‫ث��م يتاب��ع الحدي��ث‪ :‬يعني أنا كيف س��أرمي‬ ‫نفس��ي في الموت‪ ،‬من يري��د الموت؟ ال أحد!‬ ‫لكن كنا موتى‪ ...‬ونريد أن نعيش‪.‬‬ ‫كانت السماء زرقاء‪.‬‬ ‫ال ش��يء يعك��ر صفون��ا‪ ،‬ال نبع��د عن‬ ‫بلدة «س��رمدا» إال قلي� ً‬ ‫لا‪ ،‬تركناها وراءنا مع‬ ‫جدرانها الملونة بعلم الثورة‪.‬‬ ‫ـ ونحن نريد دولة مدنية‪ ،‬يعيد الش��اب‬ ‫األكب��ر س��نًا جملته‪ .‬يقول لي الش��اب اآلخر‪:‬‬ ‫«يلعن أبو هالضباط‪ ،‬كلهون علويين! ينظر‬ ‫إليه اآلخر‪ :‬أل مو كلهون!»‬ ‫أنص��ت إلي��ه‪ ،‬وه��و ي��روي ل��ي قصة‬ ‫انش��قاقه للم��رة الثاني��ة‪ ،‬فيقت��رب صديقه‬ ‫منه‪ ،‬ويهمس بإذنه ش��يئًا ما‪ .‬الشاب الصغير‬ ‫ذو العينين الالمعتين والغرة العسلية‪ ،‬ينظر‬ ‫إل��يّ مذه��و ًال‪ ،‬يرخي س�لاحه على األرض‪،‬‬ ‫ث��م تنكس��ر نظرت��ه‪ ،‬حدّق��ت ف��ي عيني��ه‬ ‫المرتجفتين‪ ،‬وبقي سالحه على األرض‪ ،‬ثم‬ ‫أدار وجهه‪.‬‬ ‫كانت الس��ماء ال ت��زال زرق��اء‪ ،‬والجبل‬ ‫الحجري ال��ذي خلفناه وراءنا‪ ،‬يحدق بصمت‪،‬‬ ‫لكنني استطعت سماع طقطقة ما‪ ،‬حين أدار‬ ‫الشاب وجهه نحوي‪ ،‬كان يعضّ على شفتيه‪،‬‬ ‫قال بصوت مرتجف ‪ -‬هو نفسه الشاب الذي‬ ‫كان يقف على حاجز مسلح‪ ،‬ويحمل سالحه‪،‬‬ ‫ويشهر غضبه في وجه السماء ‪ :-‬سامحيني‬ ‫يا خالة‪ ،‬واهلل ما كنت بعرف‪.‬‬ ‫وجهه الطف��ل‪ ،‬عاد إل��ى بدائية عذبة‪،‬‬ ‫والشباب الذين يحملون السالح تحت الجسر‪،‬‬ ‫ينظ��رون إلين��ا بفض��ول‪ ،‬كان عل��م أبيض‬ ‫يرف��رف بالقرب منهم ومكت��وب عليه‪ :‬ال إله‬ ‫إال اهلل‪ ،‬محم��د رس��ول اهلل‪ .‬واثن��ان منهم��ا‬ ‫يطلقان لحية طويلة‪.‬‬

‫كانت السماء ال تزال زرقاء‪ ،‬لكن الجندي‬ ‫الذي صار طف ًال‪ ،‬اقت��رب مني وقال متلعثمًا‪:‬‬ ‫أن��ا ما بكره حدا بس ه��ن كالب بدهون يانا‬ ‫نقتل الناس‪ ...‬سامحيني يا خالة‪.‬‬ ‫وقف األكبر س��ناً إلى جانبه‪ ،‬كانت عيناه‬ ‫تحدقان بغض��ب وأعاد جملته من جديد‪ :‬نحن‬ ‫نريد دولة مدنية‪ ،‬أنا في كتيبة الفاروق‪ ،‬وأريد‬ ‫دولة مدنية‪ ،‬وأنا طالب تجارة سنة ثانية‪.‬‬ ‫ل��م يطل بقاؤن��ا معهم‪ ،‬اس��تمع إليهم‪،‬‬ ‫وأق��ول‪ :‬م��ا في مش��كلة‪ ...‬حصل خي��ر! لكن‬ ‫الش��اب الذي صارت عيناه أقل لمعانًا‪ ،‬مصمم‬ ‫على أن يشرح لي‪ ،‬بعد أن تحول إلى طفل‪ ،‬أنه‬ ‫ل��م يقصد إهانتي‪ ،‬قلت ل��ه قبل أن نرحل مع‬ ‫ثالثة شباب‪ :‬لكنني لس��ت علوية‪ ،‬وأنت لست‬ ‫سنّياً‪ ،‬أنا سورية‪ ،‬وأنت سوري‪ ،‬وخلص‪.‬‬ ‫نظر إليّ بدهش��ة‪ ،‬فقل��ت له‪ :‬متل مو‬ ‫شايف! وأشرت إلى وجهي‪.‬‬ ‫كن��ت أبرط��م ف��ي الس��يارة‪ ،‬ونح��ن‬ ‫نغ��ادر حاجز كتيب��ة «الفاروق»‪ :‬م��ن يحتاج‬ ‫التطمين هن��ا؟ من يريد أن يبن��ي وطناً من‬ ‫دم ون��ار‪ ،‬ه��ذا الجندي المنش��ق الذي تحول‬ ‫إل��ى طف��ل؟ أم أولئك القتلة؟ وكان الش��باب‬ ‫ينظرون باس��تغراب إليّ‪ ،‬وال يفهمون شيئًا‬ ‫مما أقوله‪.‬‬ ‫كان��وا يضحكون‪ .‬من أين تنبع قوتهم؟‬ ‫من الغريب منّا عن معنى الحياة؟ من األكثر‬ ‫التصاقًا بجوهر العيش؛ نحن‪ ،‬أم هم؟ الذين‬ ‫يعيشون في حضن الموت ويلتهمونه كلقمة‬ ‫س��ائغة في ضحكاتهم‪ ،‬التي قد تبددها في‬ ‫لحظة رائحة دمائهم‪ ،‬أو أش�لائهم المبعثرة‪.‬‬ ‫هم مجرد وهم ف��ي عقول الناس؛ أن تقول‬ ‫«جي��ش حر» يعني أن تتخيل جيش��اً‪ ،‬لكنهم‬ ‫هم أنفس��هم م��ن يمك��ن أن تصادفهم في‬ ‫الشارع‪ ،‬هم مجموعات متباينة في التوجــــه‬ ‫والصفات‪ ،‬في القس��وة والرحمة‪ ،‬مختلفون‬ ‫ف��ي االنضب��اط بأخ�لاق الث��ورة‪ ،‬واالنفالت‬ ‫عنه��ا‪ ،‬ال يحمل��ون صف��ة التش��ابـه ف��ي ما‬ ‫بينهم‪ ،‬وال توجد قيادة موحدة لهم عكس ما‬ ‫يظه��ر في اإلعالم‪ ،‬المش��كلة أن هناك عدم‬ ‫فهم دقيق لطبيعة المقاومة المس��لحة التي‬ ‫نش��أت في المدن والري��ف‪ ،‬حيث صنعت كل‬ ‫مدينة مقاومتها على طريقتها‪ ،‬وهي آليـــة‬ ‫عمـّـ��ت المدن الثائ��رة‪ .‬لم تتش��كل الكتائب‬ ‫من الجنود والعس��كر فقط‪ ،‬المدنيون حملوا‬ ‫الس�لاح للدف��اع ع��ن بيوته��م ض��د القت��ل‬ ‫والدمار‪.‬‬

‫كتائب «الجيش الحر» هي نس��خة عن‬ ‫حياتنا وتنوعها‪ ،‬فيها تفاوت شاس��ع‪ ،‬الفارق‬ ‫فقط أن موتاً بخفـة ريـش��ة يـتـبـختر بينها‪،‬‬ ‫وأن تـوصيـفه��ا األكث��ر واقعي��ة ه��و كتائب‬ ‫«المقاومة الشعبية المسلحة»‪.‬‬ ‫ال أع��رف الس��بب ال��ذي جعلن��ي أب��دأ‬ ‫الكتاب��ة ع��ن بوابات أرض الع��دم‪ ،‬بالحديث‬ ‫ع��ن آخ��ر حاج��ز مس��لح قب��ل مغادرت��ي‪،‬‬ ‫والجن��دي المنش��ق ال��ذي تحول إل��ى طفل‪،‬‬ ‫لكنني كلما أغمض��ت عيني‪ ،‬انفجرت صورة‬ ‫الجندي الصغير المنش��ق‪ ،‬الذي رمى سالحه‬ ‫ليعتذر لي عن ذنب لم يقترفه حقيقة‪ ،‬وهو‬ ‫أن «الخال��ة» الت��ي أمامه‪ ،‬كان��ت من طائفة‬ ‫ضباطه في الجيش‪.‬‬ ‫كان��ت البواب��ة األول��ى تم��ر عب��ر‬ ‫المستش��فى المح��اذي للح��دود التركي��ة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬هناك طابق خاص بالس��وريين‬‫الذي��ن يت��م إس��عافهم بعد القص��ف‪ ،‬غرف‬ ‫متج��اورة‪ ،‬لكنها تحمل رائح��ة من يتمددون‬ ‫عل��ى الم�لاءات البيض��اء‪ ،‬بأق��دام مبت��ورة‪،‬‬ ‫وأذرع مقطوع��ة‪ ،‬وعي��ون حالم��ة‪ .‬تطي��ر‬ ‫أعضاؤهم س��ابحة في الف��راغ‪ .‬قال لي أحد‬ ‫الش��باب أن أتماس��ك‪ ،‬ونح��ن ندخ��ل غرفة‬ ‫طفلتي��ن‪« :‬ديانا» ابنة الرابعة‪ ،‬و «ش��يماء»‬ ‫ابنة الحادية عشرة‪.‬‬ ‫«ديان��ا» الت��ي اس��تقرت رصاص��ة في‬ ‫نخاعها الش��وكي‪ ،‬وس��ببت لها إصابة دائمة‬ ‫بالشلل‪ ،‬كانت تستلقي باستسالم مثل أرنب‬ ‫أبي��ض مذع��ور‪ .‬كيف لم تهش��م الرصاصة‬ ‫جس��دها الهش الصغير؟ هذه معجزة! بماذا‬ ‫كان يفك��ر القن��اص حين ص��وب رصاصته‬ ‫إل��ى ظهر طفلة تعبر الش��ارع لش��راء حلوى‬ ‫لإلفطار؟‬ ‫ً‬ ‫قالـــ��ت ل��ي نس��اء البل��دة الحق��ا‪ ،‬إن‬ ‫القناص نفس��ه قـــام باستهــداف امرأة في‬ ‫عضوها التناسلي‪ ،‬وهو القناص نفسه الذي‬ ‫قتل طفلة في الثانية عشرة من عمرها يوم‬ ‫مغادرتي البلدة‪ .‬وهو القناص نفس��ه‪ ،‬الذي‬ ‫اضطر الش��باب لجعل��ي أدخل بي��ن البيوت‪،‬‬ ‫لتجنب المرور في الشارع‪ ،‬الذي يطل عليه‪.‬‬ ‫كانت أب��واب البي��وت مفتوح��ة أمامنا‪،‬‬ ‫نقفز من نافذة‪ ،‬ثم إلى س ّلم في أسفل الدار‪،‬‬ ‫ث��م ندخل صح��ن دار آخر ونحم��ل أحذيتنا‪،‬‬ ‫ونحن ندخ��ل البيوت الغريب��ة‪ ،‬العجوز التي‬ ‫اجتزن��ا بيتها‪ ،‬ونحن نمر في غرفة الجلوس‪،‬‬ ‫ألقينا عليها الس�لام‪ ،‬وردت وهي مستلقية‪،‬‬

‫من دون أن تتحرك‪ ،‬كانت معتادة على مرور‬ ‫أهل البل��دة‪ ،‬لقد فتحوا أبوابهم‪ ،‬وجعلوا من‬ ‫بيوتهم ش��وارع لهم‪ ،‬تجنب��ًا لذلك القناص‪.‬‬ ‫نظرت إليها‪ ،‬وأنا أقفز من النافذة‪ ،‬ع ّلي ألمح‬ ‫اس��تغرابًا ما‪ ،‬كانت الهية عن��ي بالنظر إلى‬ ‫السقف‪ ،‬وكأنها ال ترانا نحن الثالثة‪.‬‬ ‫إلى جانب «ديانا» كان س��رير «شيماء»‬ ‫التي بترت ساقها القذيقة‪ ،‬فاجأتها مع أهلها‬ ‫يجلس��ون أمام البيت‪ ،‬قُتل تس��عة من أفراد‬ ‫عائلته��ا‪ ،‬حتى أمها أيض��اً‪ .‬كانت عمتها تقف‬ ‫إلى جانب الس��رير‪« ،‬ش��يماء» تنظر بعينين‬ ‫غريبتين‪ ،‬فيهما رجاء وغضب‪ ،‬ابتسمت أخيراً‬ ‫عندم��ا وضعت أصابعي عل��ى جبهتها‪ .‬يدها‬ ‫اليس��رى أصابتها ش��ظية وتعرضت للتفتت‪،‬‬ ‫وكانت لفافة بيضاء تحيط بحوضها‪ ،‬تنتهي‬ ‫بأعل��ى فخذها‪ .‬الف��راغ يحتل مكان الس��اق‬ ‫المبت��ورة‪ .‬الفراغ��ات تح��دد ش��كل العض��و‬ ‫البش��ري الناقص‪ ،‬نحن ناقص��ون بالكمال‪.‬‬ ‫نح��ن كم��ال النقص��ان‪ ،‬ال كالم يق��ال لهذه‬ ‫الصبي��ة الصغيرة ذات العينين الس��احرتين‪،‬‬ ‫قدمها األخرى مصابة أيضاً‪ ،‬وهناك إصابات‬ ‫متفرقة في كل أنحاء جسدها‪.‬‬ ‫ال كالم س��وى أصابع��ي عل��ى جبهتها‬ ‫وابتس��امة صماء بينن��ا‪ ،‬لم تكن «ش��يماء»‬ ‫و «ديان��ا» وحدهم��ا ف��ي ه��ذا الطابق‪ ،‬في‬ ‫الغرفة المجاورة ش��اب ينتظر أن تُبتر ساقة‬ ‫بع��د أن فتتته��ا قذيفة‪ ،‬يضح��ك بعينه قبل‬ ‫وجهه‪ ،‬وشاب آخر ينتظر أن تشفى قدمه من‬ ‫شظية‪ ،‬ليعود إلى سورية ويقاتل‪ ،‬كان قائد‬ ‫مجموع��ة‪ ،‬لكنّ وجهه يبدو أقرب إلى صورة‬ ‫عارض أزياء‪.‬‬ ‫م��ا مش��كلة القذائ��ف م��ع الش��باب‬ ‫والجمال؟‬ ‫في الممر‪ ،‬كانت كل أعضاء السوريين‬ ‫المتروك��ة خطأ ف��ي ترابها‪ ،‬تفتق��د الفراغ‪.‬‬ ‫الش��باب الذي��ن يرق��دون أنص��اف أجس��اد‬ ‫ممزق��ة‪ ،‬ينظ��رون م��ن نوافذ المستش��فى‬ ‫القريبة من رائح��ة البالد‪ .‬هناك حيث عبرت‬ ‫الخط��وة األول��ى للدخول ف��ي أرض العدم‪،‬‬ ‫وحيث بعد قليل سنلمح السماء حين تشتعل‬ ‫بالقذائف فوق رؤوس البلدات النائمة‪ ،‬وحيث‬ ‫س��نتناول أول عش��اء لنا‪ ،‬مع إحدى الكتائب‪،‬‬ ‫بعد «تفتن��از» هناك حيث س��أنظر مذهولة‬ ‫إلى وجه الش��باب‪ ،‬وهم يضحكون حين تمر‬ ‫القذائف فوق رؤوسنا‪.‬‬ ‫الحياة اللندنية | ‪2012 / 8 / 17‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫االس��تفادة منها ف��ي القط��ر أو أن تكون‬ ‫له وس��يلة مشروعة للكس��ب أو يملك ما‬ ‫يغنيه مساعدة الغير‪.‬‬ ‫و ـ ملم��اً باللغ��ة العربي��ة ق��راءة‬ ‫وكتابة‪.‬‬ ‫وتج��در اإلش��ارة إل��ى أن��ه ال تمن��ح‬ ‫الجنس��ية إال بص��ورة إفرادية ويس��تثنى‬ ‫من ذل��ك أفراد العائلة الواحدة‪ ،‬كما يجوز‬ ‫منح الجنسية بمرس��وم بناء على اقتراح‬ ‫الوزير دون التقيد بشروط منح الجنسية‬ ‫المنصوص عليها سابقًا لألشخاص اآلتي‬ ‫ذكرهم‪:‬‬ ‫أ ـ لمن يحمل شهادة مواطن مغترب‬ ‫ويتقدم بطلب الجنسية‪.‬‬ ‫ب ـ لمن أدى للدولة أو لألمة العربية‬ ‫خدم��ات جليل��ة‪ ،‬أو لم��ن كان ينتمي في‬ ‫األص��ل إلى بل��د عربي‪ ،‬بن��اء على طلبه‬ ‫وألسباب يعود تقديرها للوزير‪.‬‬ ‫هذا وتكتس��ب الجنس��ية بالزواج‪ ،‬إذ‬ ‫تمنح لزوجة األجنبي المكتس��ب للجنسية‬ ‫ضم��ن الش��روط التالية‪" :‬أن تق��دم طلبًا‬ ‫بذلك إلى ال��وزارة‪ ،‬وأن تس��تمر الزوجية‬ ‫قائمة مدة س��نتين من تاريخ الطلب‪ ،‬وأن‬ ‫تكون مقيمة في القطر بصورة مشروعة‬ ‫خالل خمس سنوات متتالية"‪.‬‬ ‫ويتمت��ع األوالد القص��ر بالجنس��ية‬ ‫إال إذا كان��ت إقامته��م العادية في الخارج‬ ‫وبقي��ت له��م جنس��ية أبيه��م األصلي��ة‬ ‫بمقتض��ى التش��ريع الناظم له��ا‪ .‬كما أن‬ ‫لهم أن يختاروا جنس��يتهم األصلية خالل‬ ‫السنة التالية لبلوغهم سن الرشد ويسمح‬ ‫لهم بذلك بقرار من الوزير‪.‬‬ ‫أما ع��ن فق��دان الجنس��ية بالتخلي‬ ‫أو الزواج واس��تردادها فق��د نصت المادة‬ ‫العاشرة من القانون على مايلي‬

‫‪ 1‬ـ يفقد العربي الس��وري جنس��يته‬ ‫إذا تجن��س بجنس��ية أجنبي��ة بش��رط أن‬ ‫يكون قد صدر المرس��وم بناء على طلبه‬ ‫واقتراح الوزير بالس��ماح له بالتخلي عنها‬ ‫بعد قيامه بجميع واجباته والتزاماته تجاه‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ كل عربي سوري تجنس بجنسية‬ ‫أجنبي��ة بناء عل��ى طلبه قبل الس��ماح له‬ ‫بالتخلي عن الجنس��ية يظ��ل متمتعاً بها‬ ‫م��ن جميع الوجود وف��ي جميع األحوال إال‬ ‫إذا رؤى تجري��ده منه��ا‪ ،‬ويعاقب بالحبس‬ ‫من ش��هر إلى ثالثة أش��هر وبالغرامة من‬ ‫خمس��مائة ليرة إلى ألفي لي��رة أو بإحدى‬ ‫هاتين العقوبتين‪ .‬وال تحرك دعوى الحق‬ ‫العام في هذا الش��أن إال بطلب خطي من‬ ‫الوزير‪.‬‬ ‫أما المادة الحادية عش��رة فقد نصت‬ ‫على ما يلي‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ يترت��ب عل��ى تجن��س العرب��ي‬ ‫الس��وري بجنس��ية أجنبي��ة مت��ى أذن له‬ ‫بذلك‪ ،‬أن تفقد زوجته الجنس��ية إذا كانت‬ ‫تكتسب جنسية زوجها بمقتضى القانون‬ ‫الخاص به��ا إال إذا طلبت خالل س��نة من‬ ‫تاريخ تجنس زوجها االحتفاظ بها‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ يفقد األوالد القصر الجنس��ية إذا‬ ‫كانوا يكتس��بون جنس��ية أبيهم الجديدة‬ ‫بمقتضى القانون الخاص بهم‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ لألوالد الذين تقررت جنس��يتهم‬ ‫بحس��ب الفق��رة الس��ابقة أن يخت��اروا‬ ‫جنسية أبيهم األصلية خالل السنة التالية‬ ‫لبلوغهم س��ن الرش��د إذا كان��ت إقامتهم‬ ‫العادية في القط��ر أو كانوا قد عادوا إليه‬ ‫بقص��د اإلقامة الدائمة فيه ويس��مح لهم‬ ‫بذلك بقرار من الوزير‬ ‫ويج��وز من��ح أبن��اء الب�لاد العربي��ة‬ ‫الجنس��ية بقرار م��ن وزي��ر الداخلية بناء‬

‫عل��ى طلب خطي يقدم��ه طالب التجنس‬ ‫الذي يشترط أن يكون‪:‬‬ ‫أ ـ كامل األهلية‪.‬‬ ‫ب ـ يتمتع بجنسية بلد عربي‪.‬‬ ‫ج ـ أن تك��ون إقامت��ه العادي��ة ف��ي‬ ‫القطر حين تقديم الطلب‪.‬‬ ‫د ـ خالي��ًا م��ن األم��راض الس��ارية‬ ‫والعاه��ات الت��ي تمنع��ه م��ن مزاولة أي‬ ‫عمل‪.‬‬ ‫هـ حس��ن السلوك‪ ،‬محمود السمعة‪،‬‬ ‫لم يسبق الحكم عليه بعقوبة جنائية‪ ،‬أو‬ ‫بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة شائنة‬ ‫إال إذا رد إلي��ه اعتب��اره‪ .‬ويتمت��ع األوالد‬ ‫القص��ر بالجنس��ية‪ ،‬ول��و كان��ت إقامتهم‬ ‫العادية خارج القطر‪.‬‬ ‫و يترت��ب عل��ى اكتس��اب ال��زوج‬ ‫الجنس��ية أن تصب��ح زوجت��ه متمتعة بها‬ ‫ضمن الشروط التالية‪:‬‬ ‫أ ـ أن تب��دي رغبتها بذل��ك بالتوقيع‬ ‫على طلب الزوج أو بطلب منفرد‪.‬‬ ‫ب ـ أن تك��ون متمتعة بجنس��ية بلد‬ ‫عربي أو من أصل س��وري أو كانت تتمتع‬ ‫بالجنسية العربية السورية‪.‬‬ ‫كما اعتبر المشرع المرأة التي تتمتع‬ ‫بجنس��ية بلد عربي أو من أصل سوري أو‬ ‫كانت تتمتع بالجنس��ية العربية السورية‬ ‫وتتزوج من مواطن عربي س��وري تصبح‬ ‫عربية سورية بمجرد إبداء رغبتها بطلب‬ ‫خطي وبقرار من الوزير‪.‬‬ ‫والب��د م��ن اإلش��ارة أنه يج��رد من‬ ‫الجنسية بحكم قضائي من ثبت اكتسابه‬ ‫إياه��ا بن��اء عل��ى بي��ان كاذب أو بطريق‬ ‫التدليس ويش��مل التجريد من اكتس��بها‬ ‫بالتبعية‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أم��ام إص��رار هام��ش كبي��ر م��ن‬ ‫المواطني��ن الس��وريين عل��ى التمت��ع‬ ‫بجنس��يةٍ أخرى غالب��ًا ما تك��ون غربية‪،‬‬ ‫لدوافع مختلفة ويخضعون أحياناً لشروط‬ ‫تعجيزي��ة تقريبًا‪ ،‬ومع ذلك يبقى االنتماء‬ ‫للعالم األول هدفًا يس��تحق كل تضحية‪،‬‬ ‫والي��وم ف��ي زاويتن��ا القانوني��ة نض��يء‬ ‫على الجنس��ية العربية السورية وشروط‬ ‫الحصول عليها‪.‬‬ ‫ع��رّف المش��رع الس��وري المواطن‬ ‫العربي الس��وري‪ :‬بأنه الشخص المتمتع‬ ‫بالجنس��ية العربي��ة الس��ورية‪ ،‬كما عرف‬ ‫المواط��ن المغت��رب بكل م��ن ينتمي في‬ ‫األص��ل إل��ى بل��د عرب��ي إذا كان ال يقيم‬ ‫ف��ي دولة عربية وال يحمل جنس��ية دولة‬ ‫عربية‪ ،‬أم��ا األجنبي فهو كل من ال يتمتع‬ ‫بجنس��ية الجمهورية العربية السورية أو‬ ‫جنسية أي بلد عربي آخر‪..‬‬ ‫كم��ا يضي��ف المش��رع تعريف��ًا‬ ‫للمتجن��س وهو الش��خص ال��ذي حصل‬ ‫على جنسية الجمهورية العربية السورية‬ ‫بموجب أحكام هذا المرس��وم التشريعي‬ ‫أو قوانين الجنسية السابقة‬ ‫وقد نصت الم��ادة الثالثة من قانون‬ ‫الجنس��ية على أن��ه يعتبر عربيًا س��وريًا‬ ‫حكمًا‪:‬‬ ‫أ ـ م��ن ولد ف��ي القطر أو خارجه من‬ ‫والد عربي سوري‪.‬‬ ‫ب ـ من ولد في القطر من أم عربية‬ ‫سورية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانونًا‪.‬‬ ‫ج ـ م��ن ولد في القطر م��ن والدين‬ ‫مجهولي��ن أو مجهول��ي الجنس��ية أو ال‬ ‫جنس��ية لهما ويعتبر اللقي��ط في القطر‬ ‫مول��وداً فيه وفي الم��كان الذي عثر عليه‬ ‫فيه ما لم تثبت العكس‪.‬‬ ‫د ـ م��ن ول��د ف��ي القطر ول��م يحق‬ ‫له عن��د والدته أن يكتس��ب بصلة البنوة‬ ‫جنسية أجنبية‪.‬‬ ‫هـ ـ م��ن ينتمي بأصل��ه للجمهورية‬ ‫العربية الس��ورية ولم يكتس��ب جنس��ية‬ ‫أخ��رى ول��م يتق��دم الختي��ار الجنس��ية‬ ‫الس��ورية ف��ي المه��ل المح��ددة بموجب‬ ‫القرارات والقوانين السابقة‪.‬‬ ‫وق��د أج��از القان��ون من��ح األجنب��ي‬ ‫الجنس��ية بمرسوم بنا ًء على اقتراح وزير‬ ‫الداخلية وعلى طلب خطي يقدمه الطالب‬ ‫الذي يشترط أن يكون‪:‬‬ ‫أ ـ كامل األهلية‪.‬‬ ‫ب ـ مقيماً ف��ي القطر إقامة متتالية‬ ‫مدة خم��س س��نوات على األقل س��ابقة‬ ‫لتقديم الطلب وتعتبر اإلقامة المتقطعة‬ ‫متتالية إذا ل��م تتجاوز مدة غياب صاحبها‬ ‫س��نة كاملة تض��اف زيادة عل��ى الخمس‬ ‫سنوات‪.‬‬ ‫ج ـ خالي��ًا م��ن األم��راض الس��ارية‬ ‫والعاه��ات والعلل التي تمنعه من مزاولة‬ ‫أي عمل‪.‬‬ ‫د ـ حس��ن الس��لوك محمود السمعة‬ ‫ولم يس��بق الحكم علي��ه بعقوبة جنائية‬ ‫أب��و بعقوبة مقي��دة للحرية ف��ي جريمة‬ ‫شائنة إال إذا أرد إليه اعتباره‪.‬‬ ‫ه��ـ ـ ذا اختص��اص أو خب��رة يمك��ن‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫املر�سوم الت�شريعي رقم ‪ 276‬للعام ‪1969‬‬ ‫املتعلق باجلن�سية العربية ال�سورية‬

‫‪15‬‬


‫�سلطان با�شا الأطر�ش ‪1982– 1888‬‬ ‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫إبراهيم هنانو ‪ 1935 – 1869‬م‬ ‫ولد إبراهي��م هنانو في بلدة كفر‬ ‫تخاري��م من أعمال حلب س��نة ‪1869‬م‬ ‫في شمال س��ورية‪ ،‬ووالده هو سليمان‬ ‫آغ��ا ب��ن محم��د هنان��و‪ ،‬ال��ذي تنحدر‬ ‫أس��رته م��ن عش��يرة الب��رازي أع��رق‬ ‫العش��ائر الكردية في س��وريا وأكثرها‬ ‫ث��را ًء ونفوذاً‪ ،‬ووالدته ابن��ة الحاج علي‬ ‫الصرما من أعيان كفر تخاريم‪.‬‬ ‫بع��د أن أنه��ى إبراهي��م تعليم��ه‬ ‫األساس��ي‪ ،‬التحق بالمدرس��ة الملكية‬ ‫للحقوق واإلدارة في األس��تانة وتخرّج‬ ‫منه��ا‪ ،‬لينخ��رط بعده��ا ف��ي الوظيفة‬ ‫الحكومي��ة‪ ،‬ويتنق��ل ف��ي ع��دد م��ن‬ ‫الوظائ��ف اإلداري��ة‪ ،‬التي ق��ادت خطاه‬ ‫إل��ى عدد من الم��دن العثمانية‪ ،‬ليعمل‬ ‫مدي��راً لناحية من ضواحي اس��طنبول‬ ‫ثالث س��نوات‪ ،‬ث��م عين قائمق��ام في‬ ‫"أرض��روم" وبق��ي فيها أربع س��نوات‪،‬‬ ‫حيث ت��زوج بفتاة من أرض��روم "ولدت‬ ‫له ابنة أس��ماها نباهت‪ ،‬وولده أس��ماه‬ ‫ط��ارق‪ ،‬وق��د توفي��ت زوجته عل��ى إثر‬ ‫ه��ذه الوالدة"‪ ،‬بعد ذل��ك عين كقاضي‬ ‫تحقي��ق في كف��ر تخاري��م وبقي فيها‬ ‫ث�لاث س��نوات‪ ،‬حت��ى انتهى ب��ه الحال‬ ‫عضواً في مجلس إدارة حلب لمدة أربع‬ ‫س��نوات‪ ،‬قبل أن يصبح رئيس��اً لديوان‬ ‫والي��ة حل��ب س��نة ‪1918‬م‪ ،‬وق��د ت��م‬ ‫انتخابه ممث ً‬ ‫ال لمدينة حلب في المؤتمر‬ ‫الس��وري األول الذي انعقد في دمشق‬ ‫"‪."1920 - 1919‬‬ ‫م��ع خ��روج األت��راك م��ن س��وريا‬ ‫وبداي��ة العه��د الفيصل��ي‪ ،‬احت��ل‬ ‫الفرنسيون الساحل السوري كام ً‬ ‫ال‪ ،‬بما‬ ‫في ذلك مدينة "أنطاكيا"‪ ،‬فانتدب عدداً‬ ‫من أهالي قريته الذين يثق بوطنيتهم‬ ‫وقدراته��م لتش��كيل أول فصي��ل من‬ ‫فصائ��ل المقاوم��ة ف��ي المنطق��ة‬ ‫الش��مالية‪ ،‬باس��م "جمعي��ة الدف��اع‬ ‫الوطني"‪ ،‬والذي كان مقره الرئيس في‬ ‫حل��ب‪ ،‬وأخذ يتردد بينها وبين العاصمة‬ ‫دمش��ق‪ .‬وق��د تم ذل��ك بالتنس��يق مع‬ ‫الزعي��م "س��عد اهلل الجاب��ري" ليصبح‬ ‫للث��ورة في الش��مال جناحان عس��كري‬ ‫بقي��ادة هنان��و وسياس��ي بقي��ادة‬ ‫الجابري‪.‬‬ ‫وبعد أن بلغ ع��دد المجاهدين في‬ ‫قرية كفر تخاريم خمسين رج ً‬ ‫ال‪ ،‬بدأت‬ ‫حركة تجنيد مماثلة في القرى المجاورة‬ ‫حت��ى أصب��ح عدده��م ‪ 400‬مجاه��د‪.‬‬ ‫وقامت ه��ذه القوة بالهج��وم ليلة ‪-18‬‬ ‫‪ 19‬نيس��ان ‪ 1920‬على ح��ارم فهزمت‬ ‫الفرنس��يين وأجبرتهم على االنسحاب‬ ‫إل��ى القلع��ة الرومانية المج��اورة قرب‬ ‫القصب��ة‪ ،‬وبقيت هذه الق��وة محاصرة‬ ‫حت��ى س��قوط حكومة دمش��ق في ‪25‬‬ ‫تموز ‪.1920‬‬ ‫وبع��د دخ��ول الجيش الفرنس��ي‬ ‫لمدين��ة حل��ب ف��ي ‪ 23‬تم��وز ‪،1920‬‬ ‫انس��حب هنان��و من حلب إلى مس��قط‬ ‫رأسه كفر تخاريم‪ ،‬وبدأ بإعادة تنظيم‬ ‫الث��ورة بالتع��اون مع المجاه��د "نجيب‬ ‫عوي��د"‪ .‬واس��تقر رأي الثائري��ن عل��ى‬ ‫تش��كل حكوم��ة مدنية مقره��ا أرمناز‬ ‫وأوكل إليه��ا تنظي��م األم��ور المالي��ة‬ ‫واالقتصادية للث��ورة والمجتمع‪ ،‬وعقد‬

‫اجتم��اع ع��ام يض��م وجه��اء نواح��ي‬ ‫المنطقة الش��مالية لمفاتحتهم بإعالن‬ ‫الثورة‪ ،‬وتقرر في هذا االجتماع الدعوة‬ ‫للث��ورة‪ ،‬وس��فر هنانو إل��ى تركيا كي‬ ‫يطلب من حكومتها مس��اعدة الثائرين‬ ‫ض��د االس��تعمار الفرنس��ي‪ ،‬وهك��ذا‬ ‫انطل��ق هنانو في ش��هر آب ‪ 1920‬إلى‬ ‫مدين��ة مرع��ش ليقاب��ل قائ��د الفيلق‬ ‫الثان��ي التركي‪ ،‬حيث عقد معه اتفاقية‬ ‫ك��ي تم��د الحكوم��ة التركي��ة الث��ورة‬ ‫باألس��لحة والذخيرة‪ .‬وت��م توقيع هذه‬ ‫االتفاقية في ‪ 6‬أيلول من عام ‪.1920‬‬ ‫وبعد اس��تتباب األم��ور التنظيمية‬ ‫قام هنان��و بإعالن الثورة في أواس��ط‬ ‫ش��هر أيل��ول ‪ 1920‬بإذاعة بي��ان على‬ ‫الش��عب حض ب��ه على الث��ورة وطالب‬ ‫قناص��ل الدول األجنبي��ة التدخل لوقف‬ ‫مج��ازر الفرنس��يين‪ .‬وقد ب��دأت الثورة‬ ‫بالتع��اون مع آل ب��ركات وجهاء أنطاكيا‬ ‫الذي ما لب��ث زعيمهم "صبحي بركات"‬ ‫أن تصال��ح م��ع الفرنس��يين‪ ،‬وت��رأس‬ ‫حكومة حلب‪،‬‬ ‫مع إعالن الثورة وصل رسول من‬ ‫الش��يخ صالح العل��ي قائد الث��ورة في‬ ‫الجب��ال الس��احلية عارضًا عل��ى هنانو‬ ‫التع��اون بي��ن الثورتين فرح��ب هنانو‬ ‫بذل��ك واس��تقر ال��رأي أن تق��وم قوات‬ ‫الثورة الشمالية باحتالل جسر الشغور‬ ‫لترسيخ وضع كل من الثورتين‪.‬‬ ‫وم��ن الجدير بالذكر أن��ه كان من‬ ‫بي��ن المقاتلي��ن م��ع الزعي��م هنان��و‪،‬‬ ‫شابٌ بلغاري اسمه "خريستو" ويشكل‬ ‫انضمام خريس��تو وزمالئ��ه إلى الثوار‬ ‫ظاه��رة جديرة بالدراس��ة خاصة وأنها‬ ‫لم تكن األولى من نوعها حيث سبقهم‬ ‫إلى ذلك بلغار وألمان أس��رهم الش��يخ‬ ‫صالح العلي فانضموا إليه في مقاومته‬ ‫للفرنس��يين‪ .‬ولم يذكر مؤرخو الثورة‬ ‫السورية عن خريستو إال النزر اليسير‪،‬‬ ‫ولعل السبب في تقصيرهم يرجع إلى‬ ‫غي��اب المراجع التي قد تك��ون متوفرة‬ ‫في الس��جالت الفرنس��ية حي��ث يمكن‬ ‫معرفة األسماء الحقيقية ألولئك البلغار‬ ‫ومعرفة من أين أتوا وتفهم دوافعهم‪.‬‬ ‫لك��ن ذلك ال يعفينا من واجب تس��ليط‬ ‫الض��وء على ظاه��رة بطولة إنس��انية‬ ‫ن��ادرة حي��ن س��قط أولئ��ك األبط��ال‬ ‫صرعى بعيداً عن بالده��م‪ ،‬دفاعًا عن‬ ‫قضية عادلة لشعب محتل‪.‬‬ ‫توال��ت خس��ائر الفرنس��يين بين‪،‬‬ ‫جبل الزاوية‪ ،‬دركوش‪ ،‬الدويلة‪ ،‬جس��ر‬ ‫الش��غور‪ ،‬مما دعاهم إلجراء مفاوضات‬ ‫م��ع هنانو م��ن أجل إنهاء الث��ورة‪ ،‬ولم‬ ‫يمان��ع هنان��و ف��ي إج��راء المفاوضات‬ ‫س��عيًا لتخفي��ف قبض��ة الفرنس��يين‬ ‫ع��ن الس��كان المحليي��ن الذي��ن كانوا‬ ‫يتحمل��ون القس��ط األكبر م��ن القمع‪،‬‬ ‫وتمت المقابلة بين الطرفين في قرية‬ ‫نحلة ي��وم الجمعة ‪ 17‬نيس��ان ‪.1921‬‬ ‫وحض��ر من الجانب الفرنس��ي الجنرال‬ ‫غوب��و والكولونيل ف��وان‪ ،‬ومن الجانب‬ ‫اآلخر حض��ر الزعيم هنان��و وبصحبته‬ ‫عدد من زعماء الثورة‪.‬‬ ‫وق��د ع��رض الجنرال غوب��و على‬ ‫هنان��و باس��م الس��لطات الفرنس��ية‬ ‫تس��ليمه رئاس��ة حكوم��ة محلي��ة في‬

‫أقضية ح��ارم وإدلب وجس��ر الش��غور‬ ‫بش��رط أن يتم إنهاء الثورة وأن يسلم‬ ‫الث��وار أس��لحتهم‪ ،‬ف��رد هنان��و ه��ذا‬ ‫الع��رض قائ ً‬ ‫ال‪" :‬إن م��ن موجبات نقمة‬ ‫السوريين على سياستكم االستعمارية‬ ‫إقام��ة ه��ذه الدوي�لات‪ ،‬فه��ل أرض��ى‬ ‫لنفس��ي رئاس��ة دول��ة أحاربك��م م��ن‬ ‫أجل تمزي��ق البالد إلى دوي�لات مثلها‪،‬‬ ‫إن الفرنس��يين دخلوا البالد الس��ورية‬ ‫رغ��م رغبة س��كانها فلينس��حبوا منها‬ ‫إل��ى خارجه��ا وليعل��ن ف��ي الب�لاد عن‬ ‫إج��راء انتخابات حرة‪ ،‬حت��ى إذا ما تمت‬ ‫االنتخابات بجو هادئ واجتمع المجلس‬ ‫المنتخب‪ ،‬فإن إبراهيم هنانو س��يكون‬ ‫في طليعة الذي��ن يرضخون لمقرراته‬ ‫ولو كانت قبول االنتداب الفرنسي على‬ ‫أن يتعه��د الجان��ب الفرنس��ي باحترام‬ ‫هذا القرار مهما كان نوعه"‪.‬‬ ‫بع��د فش��ل االجتم��اع اس��تخدمت‬ ‫فرنس��ا كل طاقاته��ا العس��كرية بم��ا‬ ‫فيها الطيران لقمع الثورة‪ ،‬والس��يطرة‬ ‫على جبل الزاوي��ة ذي الموقع الحيوي‪،‬‬ ‫فاضطر الثوار إلى االنسحاب من الجبل‬ ‫والطائ��رات تالحقه��م أينم��ا ذهب��وا‪.‬‬ ‫وبالتزام��ن م��ع التط��ورات الميداني��ة‪،‬‬ ‫قام مصطف��ى كمال أتات��ورك بتوقيع‬ ‫اتفاقي��ة م��ع فرنس��ا‪ ،‬وأوق��ف معونته‬ ‫للثوار الس��وريين مما أدى إلى إضعاف‬ ‫موقفهم ولم تكتفِ تركيا بذلك فقط‬ ‫ب��ل أوعزت إلى بع��ض عمالئها للقيام‬ ‫بأعمال تخري��ب ذات طابع طائفي كي‬ ‫تسيء للثورة وقيادتها‪.‬‬ ‫مع تضيي��ق الخناق عل��ى الثورة‪،‬‬

‫انقسم ثوار الش��مال إلى مجموعتين‪،‬‬ ‫األولى بقي��ادة المجاهد "نجيب العويد"‬ ‫تنس��حب لألراضي التركي��ة المجاورة‪،‬‬ ‫لتق��وم الحق��ًا بش��ن غ��ارات عل��ى‬ ‫الفرنس��يين‪ ،‬والثاني��ة تتج��ه ل�لأردن‬ ‫بقيادة هنانو‪ ،‬مع الحفاظ على التنسيق‬ ‫بين الفصيلين‪ ،‬وفي ‪ 11‬من تموز عام‬ ‫‪ 1921‬توج��ه هنانو ورفاق��ه جنوباً إلى‬ ‫ش��رق األردن عن طريق بادية الش��ام‬ ‫ولكنه��م تعرضوا للعدي��د من المتاعب‬ ‫والمعارك‪ ،‬وجرت معركة كبيرة بالقرب‬ ‫من مدينة حماة س��ميت معركة مكسر‬ ‫الحص��ان بي��ن الث��وار والفرنس��يين‪،‬‬ ‫استشهد فيها العديد من الثوار‪ ،‬وكانت‬ ‫القوات الفرنسية تسعى ألسر إبراهيم‬ ‫هنان��و حي��ًا ومحاكمته‪ .‬وأخي��راً‪ ،‬وصل‬ ‫هنان��و وح��ده إل��ى جب��ل الع��رب حيث‬ ‫التقى بس��لطان باش��ا األط��رش الذي‬ ‫مكن��ه م��ن المغ��ادرة إلى عم��ان‪ .‬ولم‬ ‫يطل المقام كثي��راً بهنانو في األردن‪،‬‬ ‫إذ لم يرحب األمير عبد اهلل بمساعدته‪،‬‬ ‫فتوج��ه إلى فلس��طين‪ ،‬وهناك قبضت‬ ‫عليه السلطات البريطانية في القدس‬ ‫وس��لمته للفرنس��يين الذي��ن وضعوه‬ ‫في الس��جن المركزي في حلب تمهيداً‬ ‫لمحاكمته‪.‬‬ ‫ت��م تقدي��م إبراهي��م هنان��و إلى‬ ‫المحاكم��ة‪ ،‬حي��ث طالب المدع��ي العام‬ ‫الفرنس��ي ف��ي مرافعة طويل��ة بإعدام‬ ‫هنان��و قائ� ً‬ ‫لا‪" :‬ل��و كان إلبراهيم هنانو‬ ‫س��بعة رؤوس بع��دد جرائم��ه‪ ،‬لطلب��ت‬ ‫إعدام رؤوس��ه الس��بعة‪ ،‬ولكنه ال يملك‬ ‫إال رأس��ًا واحداً"‪ ،‬وفي منتصف ش��هر آب‬ ‫‪ 1921‬ش��اع ف��ي المدين��ة أن إبراهي��م‬


‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫م��ن الزعم��اء الوطنيي��ن نذك��ر منهم‬ ‫"إبراهيم هنانو هاش��م األتاسي‪ ،‬عبد‬ ‫الرحمن الكيالي‪ ،‬عب��د الحميد كرامي‪،‬‬ ‫عب��د الق��ادر الكيالن��ي‪ ،‬األمير س��عيد‬ ‫الجزائ��ري‪ ،‬فاخ��ر الجاب��ري‪ ،‬مظه��ر‬ ‫رس�لان‪ ،‬عفيف الصلح‪ ،‬نجيب البرازي‪،‬‬ ‫إحسان الش��ريف‪ ،‬عبد اهلل اليافي‪ ،‬عبد‬ ‫اللطيف بيس��ار‪ ،‬وعب��د الرحمن بيهم"‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1928‬تم انتخابه في اللجنة‬ ‫التأسيس��ية وكان م��ن أب��رز أعضائها‬ ‫قبل تعليق جلس��اتها من قبل سلطات‬ ‫االحت�لال الفرنس��ي‪ ،‬حيث ت��م تعيينه‬ ‫رئيسًا للجنة الدستور‪ .‬وفي عام ‪1932‬‬ ‫وف��ي مؤتم��ر الكتل��ة الوطني��ة انتخب‬ ‫هنانو زعيمًا للكتلة الوطنية‪ ،‬وس��اهم‬ ‫عام ‪ 1933‬في اس��تقالة حكومة حقي‬ ‫العظ��م بس��بب نيته��ا الموافق��ة على‬ ‫المعاه��دة الفرنس��ية الت��ي كان ي��رى‬ ‫أنها مجحفة بحق آمال الس��وريين في‬ ‫االستقالل والحرية‪.‬‬ ‫ف��ي أيل��ول م��ن ع��ام ‪ 1933‬قام‬ ‫شخص يدعى "نيازي الكوسى" بإطالق‬ ‫النار على هنانو في قريته كفر تخاريم‬ ‫إال أن الرص��اص أص��اب قدمه‪ ،‬وقد تم‬ ‫القبض عل��ى مطلق النار في أنطاكية‬ ‫وحكم عليه بالس��جن عش��ر س��نوات‪،‬‬ ‫إال أن المف��وض الس��امي الفرنس��ي‬ ‫أصدر عفواً بحقه‪ ،‬ما يش��ير إلى عالقة‬ ‫الفرنسيين بمحاولة االغتيال‪.‬‬ ‫توف��اه اهلل في ‪ 21‬تش��رين األول‬ ‫‪ 1935‬بع��د ص��راع م��ع مرض الس��ل‪،‬‬ ‫وق��د تس��ابق الش��عراء والخطب��اء إلى‬ ‫تأبي��ن الفقيد الكبير واإلش��ادة بحياته‬ ‫وعطائه وبطوالته‪ ،‬وكان بين الخطباء‬ ‫ف��ارس الخوري‪ ،‬صبري العس��لي‪ ،‬عبد‬ ‫الرحم��ن الكيال��ي‪ ،‬والش��اعر عم��ر أبو‬ ‫ريش��ة‪ .‬وكان أبرز من كتب عنه‪ :‬نجيب‬ ‫الريس صاح��ب جريدة القبس‪ ،‬نصوح‬ ‫بابي��ل صاح��ب جريدة األي��ام‪ ،‬معروف‬ ‫األرناؤوط صاحب جري��دة فتى العرب‪،‬‬ ‫يوس��ف العيس��ى صاح��ب جري��دة ألف‬ ‫ب��اء‪ ،‬الدكتور مني��ر العجالني‪ ،‬وجبران‬ ‫تويني صاحب جريدة النهار البيروتية‪،‬‬ ‫وغيرهم كثيرون جداً‪.‬‬ ‫ودع��ت الكتل��ة الوطني��ة بعد ذلك‬

‫إلى حفل تأبين كبير أقيم في دمش��ق‬ ‫في العاش��ر م��ن كان��ون الثاني ‪1936‬‬ ‫على مدرج الجامعة السورية‪ ،‬وحضرته‬ ‫وف��ود م��ن مختل��ف األقط��ار العربية‪،‬‬ ‫وتلي��ت في��ه كلم��ات وبرقي��ات الملوك‬ ‫واألمراء والوزراء ورجاالت الوطن‪.‬‬ ‫ومم��ا قال��ه عن��ه الدكت��ور مني��ر‬ ‫العجالن��ي في حفل التأبي��ن‪« :‬بموته‪،‬‬ ‫ش��عر كل ش��اب أن أب��اً قد م��ات‪ ،‬وكل‬ ‫مجاه��د أن قائ��داً قتل‪ ،‬وكل سياس��ي‬ ‫أن معق� ً‬ ‫لا ته��دم‪ .‬بموت��ه‪ ،‬تقف حركة‬ ‫ش��غلت الن��اس بعمله��ا ع��ن تقدي��ر‬ ‫أثره��ا‪ ،‬وم��ا أدراك م��ا أثره��ا؟ قطعة‬ ‫م��ن الوطن على حدود الترك‪ ،‬تحتش��د‬ ‫فيها أمة قي��ل عنها أنه��ا تاجرة‪ ،‬وقيل‬ ‫عنها أنه��ا نزاعة لالنفصال‪ ،‬وقال عنها‬ ‫صحفي��ون غربي��ون أنه��ا غريب��ة عن‬ ‫دمش��ق‪ ،‬ألن وطنية دمش��ق تقف عند‬ ‫أسوار حماة‪ .‬ولكن رج ً‬ ‫ال ظهر‪ ،‬وانطلق‬ ‫الحلبي��ون ي��رددون اس��مه‪ ،‬كم��ا تردد‬ ‫أس��ماء األولياء‪ ،‬فنس��خ آية االنفصال‪،‬‬ ‫وس��كب اإليمان في القلوب‪ ،‬والنور في‬ ‫العي��ون‪ ،‬والمضاء ف��ي العزائم والعفة‬ ‫ف��ي األلس��نة‪ ،‬وس��يطر عل��ى العقول‬ ‫بالفروس��ية‪ ،‬وأع��اد الضعي��ف قوي��اً‪،‬‬ ‫والمته��اون أبي��ًا‪ ،‬والجوام��ع والصوامع‬ ‫والم��دارس والمن��ازل‪ ،‬معاق��ل قومية‬ ‫وع َّلم حل��ب من الوطنية م��ا تعلم وما‬ ‫ال تعل��م‪ ،‬ورفع اس��مها فوق األس��ماء‪،‬‬ ‫وحم��ل إل��ى العاصم��ة‪ ،‬الت��ي كان��ت‬ ‫تتس��اءل عن وس��يلة للدف��اع عن حلب‬ ‫جيش��ًا يداف��ع عنه��ا هي نفس��ها‪ .‬ذلك‬ ‫الرج��ل هو إبراهيم هنان��و‪ ،‬وإبراهيم‬ ‫هنانو ق��د مات‪ .‬رح��م اهلل هنانو‪ ،‬فقد‬ ‫صنع لنا تاريخًا وبنى لنا معق ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫كم��ا رث��اه الش��اعر الكبي��ر بدوي‬ ‫الجبل في قصيدته «آالم» التي ألقاها‬ ‫في حفلة أقامتها الكتلة الوطنية س��نة‬ ‫‪ 1942‬لذك��رى إبراهي��م هنان��و وف��ي‬ ‫س��ورية ثالثة جيوش احتالل‪ :‬اإلنكليز‬ ‫والفرنس��يون واألمري��كان‪ ،‬والحك��م‬ ‫العرف��ي معل��ن‪ ،‬كان��ت ه��ذه الحفل��ة‬ ‫مناس��بة الس��تئناف النش��اط الوطني‪.‬‬ ‫وقد ق��ال في القصي��دة ذاك��راً البطل‬ ‫إبراهيم هنانو‪:‬‬

‫سَ�� َقتْهُمُ كفُّ إبراهي��مَ صافي ًة‬ ‫من خمرة الحق تروي كل من يَ ِردُ‬ ‫ففي الدماء س��عيرٌ من س�لافتها‬ ‫عج�لان يه��دأُ أحيان��اً‬ ‫ُ‬ ‫ويتّئِ��دُ‬ ‫ِ‬ ‫الجوان��ح إال أنّ��ه أن��فٌ‬ ‫بي��ن‬ ‫ِ‬ ‫الش��مائل إال أنه صَيَدُ ْأذكى‬ ‫وفي‬ ‫ِ‬ ‫ط��ارق ف��ي الش��رق جمرتها‬ ‫أب��و‬ ‫ٍ‬ ‫حم��را َء تلته��م الجُ ّل��ى وت��زدردُ‬ ‫إذا ونَ��تْ وهتفنا باس��مه جمحتْ‬ ‫تعي��د س��يرتها األول��ى ّ‬ ‫وتط��رد‬ ‫ْ‬ ‫فذِك��رُهُ األمل الهادي إذا انتبهوا‬ ‫وطيف��ه الحل��م الهان��ي إذا رقدوا‬ ‫زعام��ة الح��قّ ال ش��وها َء يرفعه��ا‬ ‫على الرمال الهوى والزُورُ وال َفنَدُ‬ ‫مال��ي أرى الف��رس الش��قراءعاري ًة‬ ‫عل��ى المراب��ط ال تطغ��ى فتنج ِردُ‬ ‫آبَ المغيرون جُنّتْ خيلهم مرحاً‬ ‫النَجدُ‪.‬‬ ‫وآن أن يس��تريح الف��ارس ِ‬ ‫ج��اء ف��ي كت��اب يوس��ف إبراهيم‬ ‫يزب��ك ف��ي كتاب��ه ذكري��ات وتاري��خ‬ ‫ونص��وص‪" :‬أخبرني الزعي��م إبراهيم‬ ‫هنانو ف��ي إحدى ليال��ي اصطيافه في‬ ‫بحم��دون أن ليني��ن أوفد إلي��ه ضابطًا‬ ‫من القفق��اس عرف هنان��و قبل بضع‬ ‫سنوات وعمل معه في خدمة الحكومة‬ ‫العثمانية في والية حلب‪ .‬وكان الضابط‬ ‫يحمل رسالة مكتوبة بالتركية يعرض‬ ‫فيه��ا مس��اعدة الث��ورة الس��ورية التي‬ ‫حمل س�لاحها إبراهيم هنانو وإخوانه‬ ‫فالح��و جب��ل س��معان عل��ى االحت�لال‬ ‫الفرنس��ي بعد نكبة ميس��لون‪ .‬وسالت‬ ‫الزعي��م هنان��و ع��ن مصير الرس��الة‪،‬‬ ‫فأج��اب أب��و ط��ارق رحم��ه اهلل‪" :‬إنه��ا‬ ‫عدة رس��ائل وليس��ت واح��دة‪ ،‬تبودلت‬ ‫بين��ي وبي��ن بط��ل البولش��فيك ألجل‬ ‫إش��عال نيران الثورات على الفرنسيين‬ ‫واإلنجليز في تركية وس��ورية والعراق‬ ‫وفلسطين ومصر‪ .‬وكان لينين مخلصًا‬ ‫فيم��ا عرضه علي ولكن��ه أراد أن تكون‬ ‫الثورات من الشعوب اإلسالمية"‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫هنان��و وص��ل إلى حل��ب موقوف��اً وأودع‬ ‫السجن العس��كري الذي كان يومئذٍ في‬ ‫الخ��ان المعروف باس��م خان اس��تانبول‬ ‫ف��ي محلة الس��ويقة بحل��ب‪ .‬كان هنانو‬ ‫مسجونًا في س��جن انفرادي عندما زاره‬ ‫المحامي الش��اب فتح اهلل صقال‪ .‬س��أله‬ ‫المحامي‪ :‬أش��كر ل��ك ثقتك ب��ي‪ ،‬ولكن‬ ‫لم أفهم لتصرف النائب العام الفرنسي‬ ‫معنى وه��و الخصم األكبر في قضيتك‪،‬‬ ‫ما الذي دفعه إلى إرس��ال كتاب بالسماح‬ ‫لي بزيارتك في السجن وأنا ال علم لدي‬ ‫بأنك ق��د وكلتني أص� ً‬ ‫لا بالدف��اع عنك‪،‬‬ ‫أج��اب هنان��و‪ :‬لقد عرض عل��ي كثيرون‬ ‫م��ن زمالئ��ك أن يدافعوا عن��ي‪ ،‬وفجأة‪،‬‬ ‫خطر لي أن أستحلف النائب العام بشرفه‬ ‫العس��كري أن يدلني على المحامي الذي‬ ‫يختاره هو فيما لو كان متهمًا مثلي‪.‬‬ ‫وقد رفض النائ��ب العام في بادئ‬ ‫األمر أن يجيب على س��ؤالي هذا ولكنه‬ ‫ما لبث أن أس��رّ في أذن��ي‪ ،‬أنه لو كان‬ ‫متهمًا الختارك أنت للدفاع عنه‪.‬‬ ‫يق��ول فت��ح اهلل صق��ال ف��ي‬ ‫مذكرات��ه‪ :‬لق��د كان هنان��و رج ً‬ ‫ال ذكي‬ ‫النف��س‪ ،‬صل��ب العقيدة ق��وي اإلرادة‪،‬‬ ‫وكان��ت عين��اه تش��عان بن��ور غري��ب‬ ‫وتكادان تقذفان شرراً‪.‬‬ ‫اس��تغرقت الزي��ارة س��اعتين‬ ‫متواصلتي��ن تب��ادل فيه��ا الطرف��ان‬ ‫األحادي��ث‪ ،‬وبعده��ا‪ ،‬صع��د المحام��ي‬ ‫إل��ى مكت��ب النائب العام وش��كره على‬ ‫ثقته فق��ال له ه��ذا األخي��ر‪:‬إذا وفقك‬ ‫اهلل وانتصرت عليّ فس��أكون أول من‬ ‫يهنئك‪.‬‬ ‫تبل��غ المحام��ي أن المحاكم��ة‬ ‫س��تبدأ ف��ي الخام��س عش��ر م��ن آذار‬ ‫‪ 1922‬ف��ي دار الحكوم��ة "الس��راي‬ ‫القديمة" وف��ي الغرفة المعدة لمحكمة‬ ‫الجناي��ات األهلية‪ .‬وفي الي��وم المعين‬ ‫للمحاكمة‪ ،‬اصطف الجنود السنغاليون‬ ‫على جانبي الطري��ق الممتد من بناية‬ ‫البريد القديمة إلى مدخل دار الحكومة‬ ‫فقاعة محكمة الجنايات‪ ،‬وغصت جميع‬ ‫الطرقات باأللوف من المواطنين‪ ،‬وقاعة‬ ‫المحكمة بالمحامين والمستمعين‪.‬‬ ‫وخوف��اً م��ن الغض��ب الش��عبي‪،‬‬ ‫وللدف��اع المحكم ال��ذي قدمه المحامي‬ ‫"فت��ح اهلل صق��ال" حكم��ت المحكم��ة‬ ‫بب��راءة هنانو الذي أخرجته الس��لطات‬ ‫الفرنس��ية العس��كرية م��ن قاع��ة‬ ‫المحكم��ة وأعادت��ه إل��ى الس��جن قبل‬ ‫إصدار الحكم تحاشيًا ألي حادث مفاجئ‬ ‫يمك��ن أن يقع‪ .‬وكان هتافات الجماهير‬ ‫التي علت خارج السجن كفيلة بتفهيم‬ ‫هنان��و أن براءت��ه ق��د أعلن��ت‪ .‬وأطلق‬ ‫س��راح هنانو على الف��ور‪ ،‬وتبعت يوم‬ ‫البراءة أيام مش��هودة‪ ،‬في تاريخ حلب‪،‬‬ ‫حيث تقاطرت الوفود‪ ،‬من بالد الش��ام‪،‬‬ ‫لتهنئة الزعيم واالحتفاء به‪.‬‬ ‫ووض��ع الزعي��م تح��ت الرقاب��ة‬ ‫المش��ددة ف��ي داره‪ ،‬إال أن ذل��ك ل��م‬ ‫يمنعه من تنظيم العديد من العمليات‬ ‫النوعية‪ ،‬ضد الفرنس��يين بالتعاون مع‬ ‫رفاقه القدامى الذين لجئوا إلى الحدود‬ ‫التركية‪ ،‬كما ذكرنا آنفًا‪ ،‬وساعة إعالن‬ ‫الث��ورة الس��ورية الكبرى ع��ام ‪،1925‬‬ ‫اتص��ل الزعيم هنانو بالث��وار من أجل‬ ‫إعداد س��رية مجاهدين لدع��م الثورة‪،‬‬ ‫وخاض الوطنيون في الشمال السوري‬ ‫معارك مش��رفة‪ ،‬لكن ثورته��م انتهت‬ ‫نتيجة الرد الوحشي الفرنسي‪ ،‬وتواطؤ‬ ‫األتراك عليهم‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1927‬ت��م تش��كيل الكتل��ة‬ ‫الوطني��ة ف��ي بي��روت بمش��اركة عدد‬

‫‪17‬‬


‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫بيـن الداخــل واخلــارج‬

‫جمال داود‬

‫سأحدثكم عن نفسي كمغترب سوري‪،‬‬ ‫لم يعش الثورة‪ ..‬إال عبر االنترنت‪ ،‬و‪ 28‬سنة‬ ‫قضاها في دمشق‬ ‫أنا معتقل أتابع فترة سجني‪ ..‬في الخارج‪..‬‬

‫***‬

‫في قبو من االنتظار‬ ‫ذاكرتي ش��ريط كاس��يت يعيد نفسه‬ ‫تلقائيًا‬ ‫يجلدن��ي الحنين مرة ويغلق عيني عن‬ ‫رؤية ما يجري حولي‬ ‫"وت��ارة يخادعني الحني��ن ويقول لي‪:‬‬ ‫اعترف بذنبك‪ :‬أنا بصفك وأريد مصلحتك‬ ‫تتساقط األخبار الحزينة على رأسي‬ ‫كنقطة الماء المستمرة‪ ..‬في معتقل‬ ‫تمنعن��ي م��ن الن��وم حت��ى ألحل��م‬ ‫بحريتي‪ ..‬بينكم‬

‫***‬

‫ع��ن خب��رة ف��ي االعتق��ال‪ ..‬الكدمات‬ ‫الجس��دية الت��ي يتركها أي اعتق��ال البد أن‬ ‫تشفى‬ ‫لكن كدمات الروح ال تشف أبدًا‬ ‫أنا الذي لم أزر سجنًا حتى‪ ..‬روحي لم‬ ‫تعرف الحرية يومًا‬ ‫في الداخل أو الخارج‬

‫***‬

‫أبح��ث عن الحرية في كل ش��ي أقرأه‪،‬‬ ‫أكتب��ه‪ ،‬أحبه‪ ..‬وفي كل وج��ه جديد أقابله‪..‬‬ ‫ربما ألنني أسير عالمكم‬

‫***‬

‫قال لي أحد الثوار المهمش��ين الذي لم‬ ‫تصب��ه قذيفة حت��ى اآلن‪ :‬ليس لدي ش��يء‬ ‫ألخسره‪ ..‬لذلك اليفكر أحد في قتلي أو نفي‬ ‫من هذا العالم الذي يستحقرني‪..‬‬ ‫فقط عندم��ا أموت بالصدف��ة‪ ..‬أصبح‬ ‫مشهورًا‬

‫***‬

‫‪86‬‬ ‫لقد كنت في الداخل‬ ‫"نزح��ت إل��ى ملح��ق ف��ي ال‪ 86‬يدلف‬ ‫س��قفه زفتًا"ه��ذه ليس��ت مبالغة ش��عرية‬ ‫فق��د ق��ام صاح��ب البي��ت بدهان الس��طح‬ ‫زف��ت لمنع الدلف وجدران��ه من مادة ‪،MDF‬‬ ‫الت��ي لم تكن لتمنع وصول آهات العرس��ان‬ ‫الجدد ف��ي جواري‪ ،‬وعل��ى درج البلوك كنت‬ ‫أرى أحذيته��م‪ ..‬أحذي��ة كل س��كان العمارة‬ ‫وأحالمه��م المهمش��ة‪ ..‬كأح�لام م��ن كانوا‬ ‫بجواري في حي سابق من أحياء دمشق‪..‬‬

‫***‬

‫نس��يت أن أخبرك��م خ�لال ال ‪ 3‬أش��هر‬ ‫التي قضيتها في حارة الس��احة في ‪ ،86‬كنت‬ ‫أصعد درجًا طويلاً من االس��منت العاري يمر‬ ‫بي��ن أبنية غير مكتملة البناء متش��ابكة بين‬ ‫بعضها يس��مونها عش��وائيات‪ ،‬م��ن الصعب‬ ‫أن تمي��ز مدخ��ل البناء م��ن حفة ال��درج من‬ ‫فتحة بين بنائين‪ ،‬م��ن الصعب أن تعبر دون‬ ‫أن تش��مر عن س��اقيك لتنجو من بقع الوحل‬ ‫ومس��تنقعات الم��اء األس��ود المترامي��ة هنا‬ ‫وهناك‪ ،‬دائمًا تجد أوالدًا عليهم الحة التشرد‬ ‫والفقر يحتلون تلك الدرجات وفتيات جميالت‬ ‫يتنقلن من بناء لبناء "بفشخة" واحدة‪..‬‬

‫وعندم��ا أرجع متأخرًا ف��ي الليل‪ ..‬كان‬ ‫البد لي من أن أتحاشى أكياس القمامة التي‬ ‫هرب��ت منها الفض�لات الملق��اة على طول‬ ‫ال��درج العمالق وكتيبة الج��رذان التي تخرج‬ ‫دائمًا منها‪ ،‬الس��تقبالي‪ ..‬كان الجميع ينظر‬ ‫إلي بغرابة‪ ،‬لقد كش��فت س��رهم ورغبتهم‬ ‫األبدية ف��ي اإلنكار والمكاب��رة على الوضع‬ ‫الراهن‪ ..‬وكأنهم يعرفون أني س��أثور‪ ..‬من‬ ‫أجلنا‪..‬‬ ‫‪ ..‬ش��اهدت لوحت��ك أيه��ا الرس��ام‪..‬‬ ‫فأدركت جيدًا بأي األحزان رسمتها‪..‬‬

‫***‬

‫أعرف أنكم تس��تغلون الح��زن والقهر‬ ‫والقم��ع لترس��موا لوحة‪ ،‬أو تغن��وا أغنية‪ ،‬أو‬ ‫تكتبوا قصيدة‪..‬‬ ‫ألن هذا ما أتقنه‪ ..‬استغالل األلم‪..‬‬

‫***‬

‫بوظة أمية باب شرقي‬ ‫لقد كن��ت ف��ي الداخل‪ ..‬ف��ي حي باب‬ ‫ش��رقي‪ ..‬أس��كن بج��وار مقب��رة‪ ..‬ومحالت‬ ‫"ح��دادة" لتصلي��ح الس��يارات‪ ..‬كن��ت أراقب‬ ‫الموتى كل يوم وهم يخرجون في مس��يرة‬ ‫حـداد‪ ..‬على التماثيل الذين يسكنون حولهم‬ ‫مستسلمين آلهات الحديد وأجراس الكنيسة‬ ‫الحزينة‪ ..‬الغري��ب أن جيراني هناك اعتادوا‬ ‫فت��ح أبوابه��م ومراقبة الم��ارة رغم ضجيج‬ ‫األرواح المتزاحم��ة في ذاك الحي‪ ..‬أتس��اءل‬ ‫هل يمكن لهم س��ماع ص��وت القذيفة؟ في‬ ‫حال خرجت ثورة من هناك؟ وأي ثورة يمكن‬ ‫أن تخ��رج م��ن ح��ي ج��ل أهله يعان��ون من‬ ‫الطرش؟ والخوف الدائم وصدأ الروح؟‬ ‫م��ن يرضى الس��كن خلف مقب��رة؟ إال‬ ‫الذي به شيء من الموت؟‬ ‫من الذي يرضى الس��كن فوق ورش��ة‬ ‫حدادة؟ إال الذي يتلذذ بالضجيج؟‬ ‫ربما هم مجرد مساكين‪ ..‬مثلنا‪..‬‬ ‫ينتظرون أن تنتش��لهم الثورة‪ ..‬رغمًا‬ ‫عنهم‪..‬‬

‫***‬

‫لق��د انتظ��رت أيها الرس��ام الس��وري‬ ‫س��نوات طويلة لتق��وم بث��ورة داخلية على‬ ‫نفس��ك‪ ،‬ولتخ��رج ذاك الك��م الهائ��ل م��ن‬ ‫اإلب��داع‪ ..‬أم أن��ك انتظ��رت لتفق��د عمل��ك‬ ‫السابق؟ أو أحد أقربائك؟‬ ‫الب��د يومً��ا م��ا م��ن توجي��ه الش��كر‬ ‫للجالد‪..‬‬

‫الدفعات أو اللكمات الت��ي يوجهها لها زبائن‬ ‫الفرن "الدائمين أو عابري السبيل"‪ ..‬وكأنها‬ ‫فقدت إحساس��ها بجس��دها الذي تحول آللة‬ ‫لحم��ل الخب��ز وتبريده على الحاف��ات‪ ..‬كنت‬ ‫أراقبها وانتظر دوري ألفرد أرغفتي وأحلم‪..‬‬ ‫بمس��تقبل لن��ا ال نتدافع فيه عل��ى الفرن‪..‬‬ ‫وكأنها نهاية الخبز‬

‫لق��د بقي أهل��ي يقولون ل��ي‪" :‬ال ترد‬ ‫جواب" كلما حاولت النطق بأي ش��يء يخطر‬ ‫ف��ي بالي أو كلما حاول��ت أن أقول لهم أنتم‬ ‫عل��ى خط��أ‪ ..‬حت��ى جمع��ت أجوبت��ي تل��ك‬ ‫وأصبح��ت نصوصً��ا جعلتكم تظن��ون أني‬ ‫كاتب‬

‫مالحظة ‪:2‬‬ ‫للوص��ول للش��يخ محي الدي��ن‪ ..‬كنت‬ ‫أصع��د بي��ن ح��ارات متالصق��ة بعضها إلى‬ ‫بعض‪ ..‬معظمها أبنية مصنوعة من خش��ب‬ ‫أو لبن‪ ..‬تنحني على بعضها لتس��تر عورتها‬ ‫وتخب��ئ أس��رارها‪ ..‬أرضي��ة تل��ك الح��ارات‬ ‫في الش��تاء تغزوه��ا الحفر والمس��تنقعات‬ ‫الصغي��رة "طابوس��ة"‪ ،‬الب��د من مش��اهدة‬ ‫طفل هن��ا وطفلة محجبة هن��اك‪ ..‬يقولون‬ ‫لك‪ :‬ق��م بثورة م��ن أجلنا‪ ،‬أنت أيه��ا القادم‬ ‫لتزاحم أرواحنا وتستغل آالمنا في قصيدة‪..‬‬

‫***‬

‫***‬

‫وقف��ت ض��د الرئي��س بالخ��وف م��ن‬ ‫س��جانيه وقتلته ومخلفاته‪ ..‬كيف أخاف وأنا‬ ‫الذي قتلوا روحه في السابق‬

‫***‬

‫ل��م تق��ل أم��ي ل��ي‪" :‬دي��ر بال��ك مما‬ ‫تكتبه"‪ ..‬ألنها كانت تعرف أنها هدف محتمل‬ ‫لكتاباتي‪ ..‬وس��بب حزن��ي وثورتي وغضبي‬ ‫الدائم‪..‬‬ ‫أو ألنها ال تعرف أن ابنها يثور ويكتب‪..‬‬

‫***‬

‫جامع الشيخ محي الدين‬ ‫لق��د كنت ف��ي الداخ��ل‪ ..‬قرب الش��يخ‬ ‫محي الدين‪..‬‬ ‫أرت��ب الخبز على جدار المس��جد ليبرد‬ ‫من وجعه الدائم‪..‬‬ ‫كنت أصنع منه أش��كالاً كثي��رة‪ ..‬فوق‬ ‫الس��ور رغي��ف‪ ،‬بين القضب��ان رغيف‪ ،‬على‬ ‫الحفة الضيقة رغيف‪..‬‬ ‫على السبيل على البسطة القريبة‪..‬‬ ‫تعلمت هندس��ة األرغفة الساخنة من‬ ‫تل��ك الحج��ة التي كن��ت أقابله��ا يوميًا عند‬ ‫الف��رن ال تضح��ك أب��دًا وال تأب��ه لل��دور أو‬

‫***‬

‫***‬

‫جسر الثورة – سينما ستي‬ ‫لقد كنت في الداخل‪..‬‬ ‫وكان��ت الس��يارات الفخم��ة دومً��ا في‬ ‫الخ��ارج تراق��ب وقوف��ي تحت جس��ر الثورة‬ ‫وس��ط الزحام وتتجاهل الذي��ن كانوا معي‬ ‫في الداخل‪..‬‬ ‫كنت أذهب للس��ينما ألش��اهد األفالم‬ ‫الهوليودي��ة علها تبالغ ف��ي نقلي إلى عالم‬ ‫أجهل��ه‪ ..‬ال أحف��ظ معان��اة ش��خصياته عن‬ ‫ظه��ر قلب‪ ..‬وفي خارج الس��ينما كان الناس‬ ‫يتجمه��رون حول بس��طة لبي��ع األفالم في‬ ‫س��وق الحرمية تع��رض فيل��م مصارعة أو‬ ‫كاراتيه أو آخر بطوالت "فان دام" وهو يقتل‬ ‫األوغ��اد بالعش��رات‪ ..‬بل بالمئ��ات واآلالف‪..‬‬ ‫ل��م أكن أع��رف أن فان دام هذا كان ش��بيح‬ ‫هوليود‪..‬‬

‫***‬

‫لم أن��م على عش��ب حديق��ة الثورة‪..‬‬ ‫لكني شاهدت النائمين في الهجيرة‪..‬‬


‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫***‬

‫لق��د كنت ف��ي الداخ��ل لم يم��ت أبي‬ ‫برصاص الشبيحة‪ ..‬لكنه قتلني مرات عدة‪..‬‬ ‫وأجبرني على الثورة‪..‬‬ ‫لق��د كنت ف��ي الداخل أح��اول أن أنفخ‬ ‫الروح في غصن شجرة يابس وإذ به يحترق‬ ‫اآلن وأنا في الخارج‪..‬‬

‫***‬

‫لقد كنت في الداخل‪ ..‬أبكي نصوصي‬ ‫المعتقلة‪..‬‬ ‫ومراهقتي المؤجلة‪..‬‬ ‫وقد اتهموني بتهمة الجوع المتعمد‪..‬‬ ‫وإدمان��ي للتلطي��ش ف��ي الطرق��ات‬ ‫العامة‪..‬‬ ‫واستمنائي على أفالم الرئيس‪..‬‬ ‫وع��دم الخ��روج ف��ي مس��يرة تأيي��د‬ ‫للبورنو‪..‬‬

‫***‬

‫ال يثور أحدكم حتى يحب ألخيه ما يحب‬ ‫لنفس��ه‪ ،‬وأخوك هو كل س��وري ل��م يجرم‬ ‫بحق س��وري آخ��ر‪ ،‬انته��ى‪ ..‬أن��ا ال أتظاهر‬ ‫بغرض النصر والحصول على الس��لطة بل‬ ‫ألجل أن أحصل على انتخابات تفرز س��لطة‬ ‫ممثلة للشعب بشكل حقيقي‪.‬‬ ‫نح��ن العلمانيين نتظاه��ر ألجل حكم‬ ‫اآلخرين‪ ،‬جميع من أعرفهم من المتظاهرين‬ ‫العلمانيين ال يتوقعون نصراً في االنتخابات‬ ‫المقبلة بعد سقوط النظام‪.‬‬ ‫أرى "جع��ارة" المنافق على التلفزيون‪،‬‬ ‫ينش��ق مناف ط�لاس فيس��تقبله المجلس‬ ‫الوطن��ي كبطل رغم أنه لم يعلن انضمامه‬ ‫للث��ورة… أرى الطائفي��ة عل��ى تعليق��ات‬ ‫الفيس��بوك‪ ،‬صفا تضع "الدم السنّي واحد"‬ ‫كشعار دائم‪..‬‬ ‫أن��زل إل��ى المظاه��رة ألرى العك��س‪،‬‬ ‫وكأن التدين في الش��ارع يصبح طائفيّة في‬ ‫ّ‬ ‫ألن بعض الهتافات الطائفية‬ ‫اإلعالم؟ ربما ال‪ّ ،‬‬ ‫سمعت مؤخراً في دمشق‪ ،‬ورفعت أعالم سود‬ ‫جهادية‪ ،‬وهي بالضرورة طائفية وقمعية وال‬ ‫تم ّثل طموحنا في ثورة الحرية والكرامة‪.‬‬ ‫أرى علمانيي��ن ف��ي الخ��ارج يتزلفون‬ ‫لإلسالميين ويش��تغلون عندهم كواجهات‪،‬‬ ‫ومنهم المرتزق��ة للفرنس��يين واألمريكان‬ ‫وأرى "أهل السنّة" يدعمون النظام بالمال‪،‬‬ ‫والكثير من الضباط الس��نّة يشرفون على‬

‫قص��ف مناطقه��م‪ ،‬وأع��ود ألقرأ الش��تائم‬ ‫الطائفي��ة ليصب��ح نظ��ام القم��ع والقت��ل‬ ‫"االحت�لال الش��يعي النصيري" كما يس��ميه‬ ‫البعض ‪ .‬وهم إمّا جهلة أو أنذال‪..‬‬ ‫له��ذا ال نتوقع أن نكون في س��لطة ما‬ ‫يومًا ما‪ ،‬أكبر طموحاتن��ا اليوم ما زالت هي‬ ‫الحري��ة‪ ،‬ال نري��د أن نكون طرف��اً في حرب‬ ‫إقليمية مفتعلة طائفية وغبية بين الس��نة‬ ‫والش��يعة‪ ،‬ل��ن نح��ارب لمصلحة آل س��عود‬ ‫الدكتاتوريين الجاهليين وهيئتهم الظالمة‪،‬‬ ‫هيئة النهي عن المعروف واألمر بالمنكر…‬ ‫لك��ن الغالبي��ة التي ل��م تع��د صامتة‬ ‫ليس��ت كذلك‪ ،‬على األرض وفي مظاهرات‬ ‫دمش��ق س��ترى أع�لام االس��تقالل والثورة‬ ‫واإلس�لام‪ ،‬ال موض��ة عل��م الجه��اد‪ ..‬عل��م‬ ‫الجهاد رفع في أماكن محدودة وبطرق أبعد‬ ‫ما تكون عن القناعات الشخصية‪.‬‬ ‫المال السياس��ي المتدفق في س��وريا‪،‬‬ ‫ثمن الس�لاح والمعون��ات والم��واد اإلغاثية‬ ‫والعالجية س��يؤتي بثماره‪ ،‬األخوان يرشون‬ ‫المحتاج اليوم‪ ،‬سيفشلون غداً‪ ،‬فهم ما زالوا‬ ‫منذ الثمانينات خارج س��وريا‪ ،‬يعيشون عال ًة‬ ‫عل��ى الغ��رب‪ ..‬يتحالف��ون مع رفعت األس��د‬ ‫والحرامي عبد الحلم خدام‬ ‫ه��ي ث��ورة ل��كل الس��ورييين‪ ،‬إلم��ام‬ ‫الجامع وميكانيكي السيارات وشغيلة سياحة‬ ‫الليل والعلماء والعب��ات الكرة الطائرة‪ ،‬هي‬

‫ثورتنا وليس��ت ث��ورة المجل��س الوطني أو‬ ‫الس��عودية أو الحريري‪ ..‬وهي ليس��ت ثورة‬ ‫طائفي��ة‪ ،‬ف��إن حصل��ت الح��رب الطائفية‪،‬‬ ‫فثورتي بريئة منها‪ ،‬لس��ت من دعاة الحرب‬ ‫كما لست من دعاة الطائفية‪..‬‬ ‫بشار األسد ينتمي لطائفة أهله وهي‬ ‫العلوي��ة‪ ،‬أمّا الش��يعة فهم ش��يء مختلف‪،‬‬ ‫حت��ى أن المتعصبين بين الش��يعة يكفّرون‬ ‫العلويي��ن‪ ..‬بالطب��ع يتحال��ف الي��وم نظ��ام‬ ‫إيران الطائف��ي مع النظ��ام الطائفي اآلخر‬ ‫في س��وريا‪ ،‬يستثمر الجميع في هذه الحرب‬ ‫الق��ذرة‪ ،‬الجميع يدفع األم��وال ليدعم دولة‬ ‫ديني��ة قبيحة ضد دولة ديني��ة أخرى تدعى‬ ‫الس��عودية‪ ،‬والخاسرون هم البسطاء الذين‬ ‫يصدقون كذبة (الصراع الشيعي‪ -‬السني)‪..‬‬ ‫يلعبون بنا ونحن نرضى ونفخر!‬ ‫بع��د أن اعتق��ل وقت��ل أغل��ب ناش��طي‬ ‫الثورة الس��ورية في الع��ام األول‪ ،‬أتانا اليوم‬ ‫م��ن يري��د أن يح��رر األم��ة اإلس�لامية م��ن‬ ‫االحت�لال "المجوس��ي"‪ ،‬وال يتع��دى عمره ‪18‬‬ ‫ع��ام لكن��ه يرفع الفت��ة تظهر عل��ى الجزيرة‬ ‫تلخص الصراع الداخلي بصفته دولي‪ ،‬ويحفّز‬ ‫من يعيش��ون في الخليج ف��ي أجواء االحتقان‬ ‫الطائفي التي كانت غريبة على بلدنا"‬ ‫سأستمر بالتظاهر وبالعمل ألجل نجاح‬ ‫ثورتي‪ ،‬وليحصد ثمارها من يشاء‪ ،‬لي ديني‬ ‫ولكم دينكم‪ ،‬ولي دنياي ولكم دنياكم‪.‬‬

‫أنا وأع��وذ باهلل من كلمة أنا‪ ..‬من الناس‬ ‫يلل��ي ما بيحبوا السياس��ة وما بفه��م فيها وال‬ ‫بح��ب الحكي فيه��ا وببعد عنها س��فر س��نة‪..‬‬ ‫لكن هادا ما ش��فعلي أبدا والقيت حالي بنص‬ ‫الطابوسة وصارت كل حياتنا متعلقة باألخبار‬ ‫ومن كتر األخبار واألخبار المضادة وفي خضم‬ ‫انع��دام ثقت��ي المطلق��ة باألش��ياء والمواقف‬ ‫(اإلقليمي��ة والعربية والدولية) متل ما بيقولوا‬ ‫صرت اسأل حالي أسئلة بدون ما انتظر إجابات‬ ‫ألنو عاألغلب ما حدا بيعرف أجوبتها‪..‬‬ ‫إن��و ألي مدى أمي��ركا وإس��رائيل ضد‬ ‫النظ��ام اإليران��ي؟ يعن��ي طالم��ا هنن كل‬ ‫هالقد (قلقين) ليش س��لمت أميركا العراق‬ ‫عل��ى طبق من دهب لحكوم��ة تابعة إليران‬ ‫وتأتمر بأمرها؟!!‬ ‫طيب لي��ش لما قامت قيامة اإليرانيين‬ ‫ض��د أحم��دي نجاد وق��ت االنتخاب��ات ما حدا‬ ‫سندهن وال حدا وقف معهن؟!! مع إنو التيار‬ ‫الليبرال��ي المع��ارض لنظ��ام الماللي قوي‬ ‫كتي��ر ضمن فئ��ة الش��باب يللي هن��ن قوة‬ ‫كبيرة بإيران!!‪..‬‬

‫يعن��ي معق��ول أمي��ركا وإس��رائيل‬ ‫متمس��كين بحك��م المالل��ي بإي��ران حت��ى‬ ‫يبت��زوا دول الخليج وكل هالش��ي يللي عم‬ ‫يصير تمثيل بتمثيل؟!!‬ ‫عن جد شي بيحط العقل بالكف‪..‬‬ ‫طي��ب بالنس��بة للوضع بس��وريا ليش‬ ‫لم��ا كان الح��راك س��لمي والق��وى المدنية‬ ‫الديمقراطي��ة موج��ودة ع��األرض م��ا ح��دا‬ ‫سندهن؟!!‬ ‫و ليش هلأل لما فاش النفس الطائفي‬ ‫وغل��ب التس��ليح ص��ار فيه غ��ض نظر عن‬ ‫الموض��وع وصرنا نس��مع بخط��ط وخطط‬ ‫بديل��ة وش��ي من تح��ت الطاولة وش��ي من‬ ‫فوق الطاولة وش��ي راحت لبع��د االنتخابات‬ ‫األميركية؟!!!‬ ‫ليش كل هالشي ما صار من االول؟!!‬ ‫طي��ب برك��ي ض��ل الش��عب يم��وت‬ ‫والجي��ش يتدم��ر والبل��د تنقص��ف من هأل‬ ‫لبع��د االنتخابات األمريكية وما صار ش��ي‪..‬‬ ‫شو منعمل؟!‬

‫ع��ن جد م��ا بعرف ب��س برأي��ي يللي‬ ‫بيفهم��وا (بالس��تراتيجيا) وأن��ا م��و واح��دة‬ ‫منه��ن الزم يحط��وا بباله��ن إن��و ال أميركا‬ ‫وال إس��رائيل وال حدا من يلل��ي حوالينا بدو‬ ‫ديمقراطية بس��وريا وأقصى ش��ي مطلوب‬ ‫ه��وة ديمقراطي��ة طائفي��ة مت��ل الع��راق‬ ‫ولبن��ان‪ ..‬وكل ش��ي ع��م يصير هل��ق هوة‬ ‫صناعة منظمة لحرب أهلية برعاية أممية‪..‬‬ ‫األه��م م��ن هي��ك وهي��ك نحن��ا‬ ‫السوريين‪ ..‬شو بدنا؟‬ ‫أن��ا م��ن حال��ي لحال��ي ب��دي س��يادة‬ ‫القان��ون‪ ..‬ه��ادا أول ش��ي هل��ق وبعدي��ن‬ ‫ودايم��ًا‪ ..‬والديمقراطية بتيج��ي عبر تطور‬ ‫مجتمع��ي بياخ��د س��نين وم��ن ه�لأ لوقت‬ ‫يصي��ر كل ه��اد والق��ي األجوب��ة رح ض��ل‬ ‫متل كل الس��وريين ف��ي الداخل والش��تات‬ ‫مشكولة بالشكالة (وضعية الستاتيك) متل‬ ‫ما بيقول��وا المثقفين السياس��يين وأنا مو‬ ‫واحدة منهن‪..‬‬ ‫سالفة عويشق‬

‫أسبوعية‬

‫***‬

‫أصبحت اآلن في الخارج‪..‬‬ ‫أقف عند أي حاجز في مطار‪ ..‬يس��ألون‬ ‫عن جنسيتي‪ ،‬يمعنون النظر في وجهي‪..‬‬ ‫لقد عرفوني‪ ..‬أتيت من تلك البالد التي‬ ‫ال تعترف بأهلها في الخارج والداخل!!‪..‬‬

‫أبو العال‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ل��م تصبن��ي قذيفة في الس��ابق لكن‬ ‫صابن��ي التجاه��ل وصم��ت م��ن كان��وا في‬ ‫الخارج‪..‬‬ ‫لم يخترق جدار بيتي الرصاص‪ ..‬ألني‬ ‫لم أملك بيتًا أساسًا‪..‬‬ ‫ل��م يضربن��ي األمن‪ ..‬لم يس��حل أحد‬ ‫السوريين جثتي‪..‬‬ ‫لم يلحظني القناص‪..‬‬ ‫لم أكن مرئيًا حتى‪..‬‬ ‫كنت مجرد ثائ��ر يتكلم بلغة الموتى‪..‬‬ ‫القادمين‪..‬‬ ‫تل��ك اللغة التي اليتنقه��ا إال من كانوا‬ ‫في الداخل حقًا‪..‬‬

‫ثورة لكل ال�سوريني‪ -‬ب�شار لي�س �شيع ّي ًا!‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬

‫لم أش��تر قميصًا معرقاً لي من سوق‬ ‫األرماني‪ ..‬لكني شعرت بحزن عندما أغلقوا‬ ‫الس��وق وحولوه لحديقة لينام فيها أصحاب‬ ‫القمصان المعرقة‪..‬‬ ‫ل��م أبع بطاقات الش��حن وال اليانصيب‬ ‫كأي مخبر أصي��ل‪ ،‬لم أخترع منتجًا وهميًا‪،‬‬ ‫لم أس��جل صوتي في ش��ريط يكرر نفسه‬ ‫"أيا غ��رض ب ‪ 10‬ليرات" كن��ت مجرد زبون‬ ‫عادي‪ ..‬انتابه الفضول ليعرف متى سيتوقف‬ ‫هؤالء ع��ن التمثيل بأنهم أحي��اء ويقومون‬ ‫بثورة؟‬

‫‪19‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫�إ�شراقات الثورة ال�سورية‪:‬‬ ‫جمالت و�أفالم و�أقالم و�صور تعبق باحلرية‬

‫ريّان ماجد‬

‫استطاع الس��وريون‪ ،‬وهم يواجهون‬ ‫القت��ل اليومي الممنهج منذ ما يقارب ‪17‬‬ ‫ش��هراً‪ ،‬أن يبرع��وا في ميادي��ن متعدّدة‬ ‫ومتنوعّة‪ .‬تفتّح��ت المواهب عند اندالع‬ ‫الثورة‪ ،‬يقول ماهر إس��بر‪ ،‬ناشط سورّي‬ ‫ق��دم إل��ى بي��روت في ش��هر أيل��ول من‬ ‫الع��ام الماضي‪ ،‬وخرجت إلى النور طاقات‬ ‫الس��وريين اإلبداعية وغِناه��م الثقافي‬ ‫وشجاعتهم وروحهم الساخرة‪.‬‬

‫ن�ساء من داريا‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫تحت القذائ��ف والهاون‪ ،‬تجتمع بنات‬ ‫ونس��اء داريا ليطبخْ��ن ويوزّعن الطعام‬ ‫على أفراد "الجيش الحرّ" وعلى النازحين‬ ‫إل��ى داري��ا من حم��ص وباق��ي المناطق‬ ‫المنكوبة السورية‪ ،‬بحس��ب فرح (االسم‬ ‫مستعار)‪ ،‬ناش��طة من داريا‪ .‬تُخبر فرح‪،‬‬ ‫ف��ي اتصال عبر "س��كايب"‪ ،‬كي��ف تعمل‬ ‫النس��اء ّ‬ ‫ويخططن للنش��اطات ويقترحْن‬ ‫األف��كار ويصنعْ��ن ألعاب��ًا ل�لأوالد وهنّ‬ ‫ْ‬ ‫ويضحكن ويتحدّين‬ ‫يغنين أغاني ثورية‬ ‫القمع والموت‪ .‬ففي ‪ 14‬من هذا الش��هر‪،‬‬ ‫صنعت نس��اء داريا ش��جرة تضمّ أسماء‬ ‫المعتقلين في س��جون النظام الس��وري‬ ‫ووضعْنه��ا م��كان ش��جرة الزيت��ون التي‬ ‫كانت دبّابات النظام اقتلعتها‪.‬‬

‫�إغاثة النازحني‬

‫تطوّع مئات من الش��ابات والش��بان‬ ‫الس��وريين من كل االنتم��اءات المذهبية‬ ‫والقومي��ة ومن الجنس��ين لتقديم العون‬ ‫للمتضرّرين والمهجّرين داخل س��وريا‪،‬‬ ‫علماً أن عملهم اإلغاثي يُواجه بمحاوالت‬ ‫تعطيل‪ ،‬تبدأ بالترهيب لتنتهي باالعتقال‬ ‫أو القت��ل‪ ،‬حس��ب م��ا ورد عل��ى صفح��ة‬ ‫"الرابط��ة الس��ورية للمواطن��ة" عل��ى‬ ‫"فيس��بوك"‪ .‬وجّه��ت الرابط��ة تحيّة إلى‬ ‫الذي��ن يُغيث��ون أهلهم بصم��ت‪ ،‬وبعيداً‬ ‫م��ن األض��واء "ليثبتوا بعرقه��م وقلقهم‬ ‫وحياته��م‪ ،‬جدارته��م بمواطنيته��م‬ ‫وسوريتهم وإنسانيتهم"‪.‬‬

‫�أعمال توثيقية وف ّنية‬ ‫و�إعالمية‬

‫ينش��ط العدي��د م��ن الس��وريين‬ ‫ف��ي توثيق جرائ��م النظ��ام‪ ،‬حتى أصبح‬ ‫توثي��ق الموت في س��وريا مهنة‪ ،‬كما جاء‬ ‫ف��ي ن��ص كتبت��ه الناش��طة والحقوقية‬ ‫الس��ورية رزان زيتون��ة بعن��وان "خب��راء‬ ‫توثيق الموت من أمثالنا ال يبكون"‪ .‬يعمل‬ ‫مركز توثيق االنتهاكات في س��وريا على‬ ‫توثيق انتهاكات حقوق اإلنس��ان وأسماء‬ ‫ش��هداء الثورة الذين وصل��وا إلى ‪20184‬‬ ‫ومعتقليه��ا ال��ذي وص��ل عدده��م إل��ى‬ ‫‪ ،27938‬بما يتوافق مع المعايير الدولية‪،‬‬ ‫كما جاء على موقعهم اإللكتروني‪.‬‬ ‫ب��رزت أيض��ًا من��ذ ان��دالع الث��ورة‬ ‫مجموع��ة من األغاني الس��اخرة‪ ،‬وأُعدّت‬ ‫كميّ��ة كبي��رة م��ن األف�لام ت��مّ تناقلها‬ ‫عل��ى ّ‬ ‫محط��ات فضائية‪ ،‬وعل��ى صفحات‬ ‫التواص��ل االجتماع��ي واليوتي��وب‪" :‬أنجز‬

‫أكث��ر من مئت��يّ فيلم‪ ،‬ص��وّره وأخرجه‬ ‫ومنتج��ه ش��باب للمرّة األول��ى أعمارهم‬ ‫بي��ن ‪ 20‬و‪ 21‬عام��اً‪ ،‬تعلمّ��وا الس��ينما‬ ‫الوثائقية حديثًا"‪ ،‬يقول إسبر‪.‬‬

‫�أربع دقائق ملدينة "�سلمية"‬

‫وظهر أخيراً في كل مدينة س��ورية‬ ‫ناش��طون يتخصّص��ون بالتصوي��ر‬ ‫الفوتوغراف��ي‪ ،‬ويلتقطون ص��وراً مؤثرة‬ ‫تو ّثق الدمار والمأس��اة اإلنس��انية وإرادة‬ ‫الصم��ود بطريق��ة فنّية‪" :‬هناك عدس��ة‬ ‫ش��اب حمصي وحلبي وش��امي وديراني‪،‬‬ ‫وعدس��ات عدي��دة أخ��رى تلتق��ط صوراً‬ ‫عظيم��ة وتتنافس ف��ي ما بينه��ا‪ .‬أخذت‬ ‫ه��ذه الص��ور م��كان الفيدي��و ال��ذي كان‬ ‫مُعتم��داً في بداية الث��ورة لتوثيق القتل‬ ‫والقصف"‪ ،‬وفقاً لماهر إسبر‪.‬‬ ‫"هن��اك أيضاً مجموعات تنش��ط في‬ ‫مج��ال الصحاف��ة‪ .‬إذ تم إصدار عش��رات‬ ‫الجرائد منذ بداية الثورة"‪ ،‬بحسب إسبر‪.‬‬ ‫م��ن ه��ذه الجرائ��د‪" ،‬عن��ب بل��دي" التي‬ ‫يصدرها ش��باب وبنات من داريا بش��كل‬ ‫أسبوعي‪ ،‬وتمّ طبع ‪ 28‬عدداً منها‪ .‬تقول‬ ‫الناش��طة الس��ورية من داري��ا إن المج ّلة‬ ‫ت��وزّع على البيوت والمحلاّ ت والس��يارات‬ ‫والمارّة وفي التظاهرات‪ .‬وجريدة "طلعنا‬ ‫على الحرية"‪ ،‬وهي نصف ش��هرية‪ ،‬صدر‬ ‫‪ 12‬ع��دداً منه��ا‪ ،‬تُعن��ى بش��ؤون الثورة‬ ‫الس��ورية وتص��در ع��ن لجان التنس��يق‬ ‫المحلية في س��وريا‪ .‬تُطبع هذه الجريدة‬ ‫وتوّزع داخل المدن والقرى السورية وفي‬ ‫المهجر‪ ،‬بحسب ما ورد على صفحتها على‬ ‫"فيسبوك"‪ .‬صدر أخيراً العدد األول لمج ّلة‬ ‫"غرافيتي"‪ ،‬وهي مجلة ش��هرية إخبارية‬ ‫ثوري��ة تصدر في مصي��اف‪ ،‬والعدد األول‬ ‫لجريدة "بصمة حلب"‪.‬‬ ‫ه��ذا باإلضاف��ة إل��ى العدي��د م��ن‬ ‫اإلنج��ازات منه��ا إنش��اء إتح��اد للكتّ��اب‬ ‫الس��وريين والقيام بأنش��طة تنس��يقية‪،‬‬ ‫وكتابة الفتات س��اخرة ونقدية ورسومات‬ ‫كاريكاتوري��ة تُرف��ع ف��ي المظاه��رات‬ ‫وتتناق��ل عل��ى صفح��ات التواص��ل‬ ‫االجتماعي‪.‬‬ ‫أي��ن كان��ت كل ه��ذه الطاق��ات‬ ‫والمواه��ب؟ وكيف إس��تطاع الس��وريون‬ ‫أن ينتج��وا كل ه��ذه األعم��ال الفني��ة‬ ‫والصحافي��ة واإلغاثي��ة وأن يقوموا بكل‬ ‫ّ‬ ‫بظ��ل القتل والتش��رّد‬ ‫ه��ذه النش��اطات‬ ‫والقصف والتعذيب؟‬ ‫يقول ماهر إس��بر إن الث��ورة فتحت‬ ‫المج��ال أمام الش��باب والش��ابات للتعبير‬ ‫وعمّمت جوّاً من الحرية كان مفقوداً من‬ ‫قبل‪ ،‬ساعد في إطالق المواهب المكبوتة‪.‬‬ ‫إال أن ه��ذا اإلب��داع لي��س ولي��د اللحظة؛‬ ‫هو نتيج��ة تراكم تج��ارب عديدة وحراك‬ ‫شبابيّ كان قد بدأ في العام ‪" :2000‬كان‬ ‫الناشطون قبل الثورة يلتقطون الفرصة‬ ‫المناسبة لخرق جدار القمع"‪ .‬ويتابع إسبر‬ ‫أن اإلنترنت والمحطات الفضائية في تلك‬ ‫المرحل��ة لعبت دوراً أساس��يًا في تحريك‬ ‫الش��باب تحديداً‪ ،‬إذ أصبحوا يمتلكون آلية‬

‫مقارنة س��اعدتهم على اكتش��اف س��وء‬ ‫ظروفهم‪ ،‬بعدما كان��وا محجوزين ضمن‬ ‫محطتّي��ن وصورة القائ��د الواحد والعدوّ‬ ‫الواحد‪.‬‬

‫مت ّرد �شبابي وحراك مدين منذ‬ ‫عام ‪2000‬‬

‫ل��م ينحص��ر الح��راك الذي س��مّي‬ ‫"بربيع دمش��ق" عام ‪ 2000‬في العاصمة‬ ‫فق��ط‪ ،‬ب��ل تعدّاه��ا ليط��ال العديد من‬ ‫المدن الس��ورية‪ ،‬وفقاً للناشط السوري‪.‬‬ ‫وكان النش��اط السياس��ي ين��درج تح��ت‬ ‫عنوان الثقافة‪:‬‬ ‫"كان المثقف��ون والمعارض��ون‬ ‫والش��باب يبحث��ون ع��ن إط��ار للتالق��ي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ش��كلت الملتقي��ات الش��عرية‬ ‫وله��ذا‪،‬‬ ‫ف��ي م��دن عدي��دة‪ ،‬والجمعي��ات المدنية‬ ‫كجمعي��ة "العناية بالش��جرة"‪ ،‬والمقاهي‬ ‫كمقهى "الروضة" والنوادي الس��ينمائية‬ ‫وغيرها‪ ،‬أمكنة مناسبة للتجمّع والنقاش‬ ‫والتعبير"‪ .‬كما وتأسسّت في السنة ذاتها‬ ‫ف��رق موس��يقية ش��بابية‪ ،‬كان��ت تُقيم‬ ‫الحف�لات وتُغنّ��ي في الس��احات العامة‪.‬‬ ‫كان النظام في تلك المرحلة يلجأ إلى قمع‬ ‫بعض النش��اطات حيناً أو إل��ى "إحتوائها"‬ ‫أحيانًا أخرى‪ ،‬وفقاً لماهر إسبر‪" :‬تأسسّت‬ ‫ف��ي تلك الفت��رة فرقة موس��يقية تضمّ‬ ‫ش��ابات وش��بانًا أطلق��وا على أنفس��هم‬ ‫إس��م "مِت ْلجية"‪ .‬كان��وا يلجأون من خالل‬ ‫الموسيقى ومظهرهم الخارجي إلى كسر‬ ‫الصم��ت والتعبير ع��ن تمردّه��م‪ .‬كانت‬ ‫االستخبارات تعتقلهم وتقصّ شعورهم‬ ‫عل��ى الصف��ر‪ ،‬وكان بع��ض المعارضين‬ ‫من أصح��اب النض��ال المُلت��زم والجدّي‬ ‫ينتقدونهم ويتّهمونهم بتضييع القضية‬ ‫من خالل هذه الصرْعات‪ .‬المِت ْلجية اليوم‬ ‫منخرطون جميعًا في الثورة"‪.‬‬ ‫يتاب��ع إس��بر أن "أبو نضّ��ارة" الذي‬ ‫اشتهرت أفالمه خالل الثورة‪ ،‬كان ناشطًا‬ ‫أيضًا ف��ي تلك المرحلة‪ ،‬وحاول من خالل‬ ‫فيلم��ه "الج��دار"‪ ،‬عب��ر تصوي��ره حفل��ة‬ ‫موس��يقية في إحدى س��احات الش��ام‪ ،‬أن‬ ‫يُلقي الضوء على ظاهرة تشرّد األطفال‬

‫التي انتشرت بشكل هائل عام ‪ 2000‬في‬ ‫هذه المدينة‪.‬‬ ‫يُخبر ماهر إس��بر أيضًا عن النشاط‬ ‫السياس��ي المتعدّد عل��ى اإلنترنت وعن‬ ‫موق��ع "األخوي��ة" ال��ذي ّ‬ ‫ش��كل متنفس��ًا‬ ‫للش��ابات والش��بّان‪ ،‬وكان مكان��ًا يع��جّ‬ ‫بالنقاش��ات التي تتطرق إل��ى كل األمور‬ ‫(مواضي��ع الفس��اد والدي��ن والسياس��ية)‬ ‫وتتج��اوز الخط��وط الحمر‪ ،‬تحدي��داً بين‬ ‫عام��يّ ‪ 2003‬و‪" :2004‬ل��م يكن النظام‬ ‫وقته��ا ق��دّ ط��وّر أدواته الكتش��اف هذه‬ ‫المواق��ع‪ ،‬أو ل��م يك��ن يعرف بع��د كيفية‬ ‫التعاطي مع الموضوع"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نُظم��ت أيضاً ف��ي العامي��ن ‪2004‬‬ ‫و‪ 2005‬اعتصام��ات ف��ي ذك��رى قان��ون‬ ‫الط��وارئ‪ :‬يذك��ر إس��بر اعتص��ام جامعة‬ ‫حل��ب‪ ،‬اعتُقل خالل��ه الطبيب والناش��ط‬ ‫محم��د ع��رب‪ ،‬ال��ذي أُعي��د اعتقال��ه في‬ ‫‪ 2011-11-2‬ولم يف��رج عنه حتى اليوم‬ ‫وهو مض��رب عن الطعام من��ذ ‪ 30‬يوماً‪،‬‬ ‫واعتصام��ًا آخر في س��احة المحافظة في‬ ‫الشام‪.‬‬ ‫اعتُق��ل ماه��ر إس��بر ع��ام ‪2006‬‬ ‫بس��بب نش��اطه السياس��ي‪ ،‬وأُف��رج عنه‬ ‫بقانون العفو الذي صدر بعد ثالثة شهور‬ ‫من بداية الثورة السورية‪.‬‬ ‫يرى إسبر أن السوريين تمّردوا على‬ ‫واقعه��م‪ ،‬وأن ه��ذا اإلبداع الذي نش��هده‬ ‫اليوم في س��وريا سيُضاعف بعد إسقاط‬ ‫النظ��ام‪" :‬ال يمك��ن أن يحك��م أح��د ه��ذا‬ ‫الش��عب بع��د اآلن"‪ .‬يُضي��ف أن المجتمع‬ ‫األهلي الس��وري الذي كان يصف س��ابقًا‬ ‫المتمرّدي��ن عل��ى النظ��ام "بالمجاني��ن"‬ ‫أصبح هو متمرّداً اليوم‪ :‬سُئل أبو أحمد‪،‬‬ ‫بائع خضرة في س��وريا‪ ،‬تزوّج منذ س��نة‬ ‫ولديه طفل عمره ش��هرين‪ ،‬لماذا يشارك‬ ‫ف��ي التظاهرات ويُعّرض نفس��ه لخطر‬ ‫الم��وت‪ .‬أجاب بأنه ال يري��د أن يصبح ابنه‬ ‫أحم��د "طالئ��ع"‪ ،‬أي ف��ي ف��رع األطف��ال‬ ‫اإللزامي لـ"حزب البعث االشتراكي"‪.‬‬ ‫عن موقع‪ :‬لبنان اآلن‬ ‫‪www.nowlebanon.com‬‬


‫نيكوال بو وكاترين غرا�ساي‪ :‬حاكمة قرطاج واال�ستيالء على تون�س‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫أحكام السجن التي نطقت بها محاكم تونسية‬ ‫بحقه��ا وبح��ق زوجها ب��ن علي وزوجت��ه بأنها‬ ‫"شعبوية"‪ ،‬واس��تحضرت في الكتاب طفولتها‪،‬‬ ‫قائلة إنها "ابنة الش��عب"‪ .‬كما تطرقت إلى أول‬ ‫لقاء جمعها ببن علي الذي يكبرها بـ‪ 21‬عامًا‪.‬‬ ‫وق��د انتقدت الحكومة التونس��ية بش��دة‬ ‫تمكي��ن الس��لطات الس��عودية زوج��ة الرئيس‬ ‫المخل��وع زي��ن العابدين بن علي م��ن الظهور‬ ‫إعالمياً‪ ،‬ورأت في ذلك خرقُا لقواعد اللجوء في‬ ‫المملك��ة‪ ،‬كما أكدت الحكومة التونس��ية أنه ال‬ ‫قيمة لتصريحات ليل��ى بن علي الصحفية وأن‬ ‫القول الفصل هو للقضاء الوطني‪...‬‬ ‫أما الكت��اب الثاني فأتى بعن��وان "حاكمة‬ ‫قرطاج‪ ..‬االس��تيالء على تونس" وقد أصدرته‬ ‫الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬وهو من إعداد‬ ‫نيكوال بو وكاترين غراس��اي‪ ،‬وترجمه للعربية‬ ‫عم��ر بن ض��و وكم��ال البج��اوي وإبراهيم بن‬ ‫صالح وآخرون‪.‬‬ ‫والكتاب يعد واح��داً من أهم الكتب التي‬ ‫صدرت في الفت��رة األخيرة‪ ،‬فهو يفصل القول‬ ‫ويرصد س��يرة حياة ليلى الطرابلسي بدءاً من‬ ‫أسرتها المتواضعة ودراستها في معهد الحالقة‬ ‫ثم حياتها القلقة وحتى أصبحت صاحبة السيادة‬ ‫ف��ي تونس‪ .‬ويتناول ألوان الفس��اد السياس��ي‬

‫والمال��ي داخ��ل البالد التونس��ية‪ ،‬كم��ا يرصد‬ ‫للفتن والدس��ائس داخل قص��ر قرطاج وكيف‬ ‫كان��ت تتحرك األمور وتدار الدولة‪ ،‬ويتكون من‬ ‫مقدمة وتس��عة فصول إضافة للخاتمة وصدر‬ ‫في نحو مائتي صفحة‪ .‬كما يوضح الكتاب كيف‬ ‫نجحت ليلى الطرابلسي وأقاربها في االستيالء‬ ‫على االقتصاد التونس��ي مؤك��داً أن ليلى كانت‬ ‫مزدوج��ة الش��خصية وتجس��م التناقض الذي‬ ‫يعيش��ه مجتم��ع مم��زق بي��ن الوف��اء لتقاليده‬ ‫واالنخراط في الحداثة‪.‬‬ ‫ينقس��م الكت��اب إل��ى تس��عة فص��ول‬ ‫الفص��ل األول بعن��وان "نس��اء ذوات ش��أن في‬ ‫الس��لطة"‪ ،‬والفص��ل الثان��ي بعن��وان "صعود‬ ‫مدو"‪ ،‬أم��ا الفص��ل الثالث "تعاي��ش في قصر‬ ‫قرطاج"‪ ،‬والفصل الرابع يتحدث عن "بلحس��ن‬ ‫الطرابلس��ي نائب مل��ك تونس"‪ ،‬أم��ا الفصل‬ ‫الخام��س فيتح��دث ع��ن "عم��اد الطرابلس��ي‬ ‫المالح"‪ ،‬والفصل السادس بعنوان "ليلى مديرة‬ ‫مدرس��ة ويتن��اول قضي��ة معهد باس��تور"‪ ،‬ثم‬ ‫الفصل الس��ابع يتحدث عن "صخ��ر الماطري‪..‬‬ ‫الوري��ث المزع��وم"‪ ،‬والفصل الثام��ن "معجزة‬ ‫اقتصادي��ة والوج��ه اآلخر للمش��هد"‪ ،‬والفصل‬ ‫التاس��ع بعن��وان "وج��رت الري��اح بما يش��تهيه‬ ‫نظام بن علي"‪ ،‬ويختتم الكتاب بخاتمة بعنوان‬ ‫"ارتباكات حكم يشرف على النهاية"‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫نحن اليوم ف��ي ضيافة الس��يدات األول‪،‬‬ ‫الالئي غيرن المقولة الش��هيرة '' وراء كل رجل‬ ‫عظي��م امرأة ''‪ ..‬وه��ي المقولة الت��ي غالبًا ما‬ ‫نرددها مع األبطال والفرس��ان والعلماء لنبحث‬ ‫وراء الحي��اة الخاصة لكل منهم والتي مهدت له‬ ‫الطريق ووفرت له س��بل النج��اح‪ ،‬إال أنه وبعد‬ ‫وقوع األنظمة القمعية ورموزها وعلي رأس��ها‬ ‫السيدة األولى في ربيع الثورات العربية تبدلت‬ ‫الجملة‪ :‬لتضحي'' وراء كل طاغية عربي امرأة‪.‬‬ ‫'' فق��د كان المظه��ر األق��وى بع��د انهي��ار كل‬ ‫طاغية أمام اإلرادة الش��عبية الثورية إس��قاط‬ ‫القناع عما كانت تديره السيدة األولى‪ ،‬بل ظهر‬ ‫واضح��ًا عن��د البع��ض أن إدارة مقالي��د الحكم‬ ‫كانت تحت سيادتها وإمارتها‪...‬‬ ‫والغريب هو التماثل والتشابه في سلوك‬ ‫زوج��ات الطغ��اة‪ ،‬واألكث��ر غرابة كي��ف ال تقرأ‬ ‫الزوج��ات األول التاريخ‪ ،‬فم��ع تهاوي الطغاة في‬ ‫العال��م نجد أننا أم��ام قافلةٍ من نس��اء الطغاة‬ ‫كميريان��ا ماركوفيت��ش زوجة ميلوس��فيتش‪،‬‬ ‫وجي��ان كين��ج زوجة ماوتس��ي تونج وعائش��ة‬ ‫القذافي وحيدة أبيها والتي كان أش��هر ما قالته‬ ‫أن "م��ن ال يري��د القذاف��ي ال يس��تحق الحياة"‪.‬‬ ‫وميش��يل بين��ات زوج��ة دكتات��ور هاييتي جان‬ ‫كل��ود دوفاليي��ه‪ ،‬وف��رح بهل��وي وبوب��ي الداوا‬ ‫زوجة دكتاتور زائير موبوتو سيس��يكو‪ ،‬وأميلدا‬ ‫مارك��وس زوج��ة فرنان��دو مارك��وس دكتاتور‬ ‫الفلبين الذي قمع وانتهك حقوق اإلنسان طيلة‬ ‫س��نوات حكمه‪ ،‬قافلة بنهايات مختلفة بعضهن‬ ‫تعدم م��ع زوجه��ا أم��ا األخريات فيعش��ن على‬ ‫أموال الشعوب المنهوبة في البلدان التي تقبل‬ ‫استقبالهن‪ ،‬لكن الجميع يأخذ مكانه في محكمة‬ ‫التاري��خ والقدر‪ ،‬ففرح بهلوي مث ًال وبالرغم من‬ ‫حياة الملوك التي عاش��تها ف��ي المنفى كافأها‬ ‫القدر بانتحار ولديها االثنين تباعاً‪...‬‬ ‫والي��وم لن��ا ق��راءة ف��ي كتابي��ن وه��ي‬ ‫س��ابق ٌة على صفح��ات س��وريتنا‪ ،‬األول كتبته‬ ‫زوج��ة الرئي��س التونس��ي المخلوع ب��ن علي‬ ‫كس��يرةٍ ذاتي��ة‪ ،‬والثاني تحت عن��وان "حاكمة‬ ‫قرطاج واالستيالء على تونس" كتبه صحفيان‬ ‫فرنسيان حياديان‪ ،‬والغرض من قراءة كتابين‬ ‫ه��و أن األم��ور تع��رف م��ن أضداده��ا‪ ،‬ولع��ل‬ ‫الالف��ت ف��ي الكت��اب األول وكما ذكرنا س��ابقًا‬ ‫إصرار زوج��ات الطغ��اة على تجاه��ل التاريخ‪،‬‬ ‫وع��دم احترامه��ن إلرادة الش��عوب م��ن خالل‬ ‫وصفها‪ ،‬لفجر الربيع العربي الثورة التونس��ية‬ ‫بالمؤامرة‪...‬‬ ‫وليلى الطرابلس��ي‪ ،‬سيدة تونس األولى‬ ‫تع��دى دوره��ا دور الصام��ت عل��ى تج��اوزات‬ ‫الطاغية‪ ،‬إلى تهميش��ه وتس��لم مق��ود الظلم‬ ‫بد ًال عنه‪ ،‬فقد أوردت وسائل اإلعالم التونسية‬ ‫كيف كانت تتحكم في مقاليد الحكم وسلطاتها‬ ‫التي بال ح��دود والتي لم توكل لرئيس الوزارة‬ ‫التونس��ية نفس��ه‪ ،‬فقد كان بإمكانها أن تعين‬ ‫وزيرا أو سفيرا ثم تدفعهما إلى االستقالة‪ ،‬كما‬ ‫يمكنها أيضا أن تزج بمس��ؤول ما في الس��جن‬ ‫وتطلق سراحه بعد لحظات قليلة فقط فلقبها‬ ‫البع��ض بأنه��ا '' الس��يدة الت��ي تمل��ك الحياة‬ ‫والموت في تونس ''‪.‬‬ ‫وق��د أكدت صحيفة "لوموند" الفرنس��ية‬ ‫أنه كان هناك خط ٌة لتتولى ليلى مقاليد الحكم‬ ‫مطيح�� ًة بزوجه��ا في بداية ع��ام ‪ ،2013‬خالل‬ ‫سيناريو يش��مل اإلعالن عن استقالة الرئيس‬ ‫ألس��باب صحية والدع��وة النتخابات عامة تتوج‬ ‫بفوز ليلى‪ ،‬حيث ينظم الحزب الحاكم مس��يرة‬

‫مليونية بتونس العاصمة تطالب بليلى رئيسًا‬ ‫ثم يتم انتخابها في انقالب علي إدارة الش��عب‬ ‫التونس��ي الت��ي اش��تعلت ثورت��ه ف��ي ‪2010‬‬ ‫وس��قط علي أثرها النظام وكأن تونس تورث‬ ‫ولكن بطريقةٍ مقنّعة‪..‬‬ ‫ولع��ل أصدق ما في الكتاب الذي أصدرته‬ ‫زوجة الرئيس التونس��ي السابق ليلى بن علي‬ ‫في باريس هو عنوان��ه "حقيقتي" وباختيارها‬ ‫ه��ذا العنوان تؤكد بن عل��ي أنها ال تطمح عبر‬ ‫ما تس��رده في الكت��اب الذي صدر بالفرنس��ية‬ ‫عن دار «مومان» إل��ى أي تجريد أو تحليل‪ ،‬بل‬ ‫إن هدفها هو اإلدالء بروايتها الخاصة لألحداث‬ ‫التي ش��هدتها تونس‪ ،‬وأدت إل��ى إطاحة نظام‬ ‫زوجه��ا زي��ن العابدين بن علي‪ ،‬والكش��ف عن‬ ‫تفاصيل ومالبس��ات رحيلها والرئيس السابق‬ ‫إلى المنفى ف��ي المملكة العربية الس��عودية‪،‬‬ ‫من منظورها وموقعها كسيدة أولى‪.‬‬ ‫وبعي��داً‪ ،‬على حد قولها‪ ،‬من أي رغبة في‬ ‫"االنتقام" أو "تصفية الحس��ابات" أو أي محاولة‬ ‫بائس��ة للع��ودة إلى الحكم ف��إن مقصدها من‬ ‫الكتاب ه��و دحض حم�لات االزدراء واألكاذيب‬ ‫التي اس��تهدفتها بش��كل أساس��ي ول��م توفر‬ ‫أفراد أس��رتها‪ ،‬وتحديداً أش��قاءها‪ .‬كما ترفض‬ ‫بن علي اإلقرار بأن س��قوط نظ��ام زوجها جاء‬ ‫نتيجة الظلم والفق��ر واإلحباط المتراكم الذي‬ ‫فجر احتجاجات جعلت من تونس مهد انطالقة‬ ‫ما س��مي الربيع العربي‪ ،‬وهي تعتمد ببساطة‬ ‫نظرية المؤامرة التي باتت ش��ائعة االستخدام‬ ‫انقالب مدبر‪.‬‬ ‫لتستنتج أن زوجها سقط ضحية‬ ‫ٍ‬ ‫والكت��اب يتضم��ن مقاب�لات صحافي��ة‬ ‫أجراه��ا الصحافي الفرنس��ي "ايف��س ديري"‪،‬‬ ‫عبر "س��كايب" م��ع ليلى الطرابلس��ي‪ ،‬ويحمل‬ ‫غ�لاف الكتاب صورة تظهر فيه��ا ليلى مرتدية‬ ‫حجاب��ًا أبي��ض ونظ��ارات شمس��ية س��وداء‪،‬‬ ‫واعترف��ت بأن أس��لوب حياة عائلته��ا لعب دوراً‬ ‫كبي��راً في إنهاء نظام بن عل��ي حيث ذكرت أن‬ ‫بع��ض أفراد عائلتها أطلقوا العنان لش��هوتهم‬ ‫للمال ورفضوا أن يقفوا في سعيهم لذلك عند‬ ‫حد‪ ،‬كما اتهمت "علي الس��رياطي" مدير األمن‬ ‫الرئاسي ورجل األعمال "كمال لطيف" بكونهما‬ ‫مدبري االنقالب عل��ى زوجها على حد وصفها‪،‬‬ ‫كم��ا ذك��رت أن "المخاب��رات الفرنس��ية أبلغت‬ ‫زوجه��ا أن انتحاريًا تس��لل إلى صفوف الحرس‬ ‫الرئاس��ي وكان يعت��زم القيام بمج��زرة داخل‬ ‫عائلة الرئيس السابق"‪.‬‬ ‫وأشارت إلى أن مروان المبروك زوج ابنة‬ ‫الرئيس الس��ابق هو ال��ذي أقنع دوائ��ر القرار‬ ‫الفرنسية بأن زمن ابن علي انتهى‪ ،‬وعلى هذا‬ ‫األس��اس تحركت بع��ض الدوائ��ر إلنهاء حكم‬ ‫زوجها في الوقت الذي كان "نيكوال ساركوزي"‬ ‫يؤكد وقوف فرنس��ا إلى جان��ب النظام‪ ،‬وروت‬ ‫المراح��ل التي س��بقت االطاح��ة بزوجها والتي‬ ‫لخصتها في "حش��د الجم��وع وتوزيع المال في‬ ‫األحياء الفقي��رة للقيام بأعم��ال عنف وانتداب‬ ‫القناصة وتأجيج االحتجاجات عبر تنفيذ عمليات‬ ‫قتل منظمة‪ ،‬وحرق للمنازل"‪.‬‬ ‫وكذب��ت ليل��ى الطرابلس��ي م��ا أس��مته‬ ‫"ش��ائعات" ح��ول اش��تغالها مصفف��ة ش��عر أو‬ ‫إقامتها عالقات غير ش��رعية مع عش��اق مثلما‬ ‫يتداول في تونس‪ ،‬كما عبرت عن اس��تعدادها‬ ‫وزوجها للمثول أمام القضاء التونس��ي‪ .‬وقالت‬ ‫"نح��ن عل��ى اس��تعداد لمواجه��ة العدال��ة في‬ ‫بالدنا إن ضمن��وا لنا حيادية األحكام القضائية‬ ‫وشرعية من سيتكفل بها من القضاة" واصف ًة‬

‫ياسر مرزوق‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫هذه حقيقتي‪" :‬زوجة الرئي�س التون�سي املخلوع زين‬ ‫العابدين بن علي‪ ،‬ليلى الطرابل�سي"‬

‫‪21‬‬


‫�إياد عما�شة‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫ل��و صح خب��ر وفاة ماهر األس��د‪ ،‬س��أكون أول‬ ‫المطالبين بتوريث البيجامة تبعو لشريف شحادة‪..‬‬

‫�آية الأتا�سي‬ ‫ال عزي��ز بق��ي ل��ه في إع��زاز‪ ..‬يلم ي��د طفله‬ ‫وعي��ن أم��ه وقلب زوجت��ه وقطع��ة اللح��م المتبقية‬ ‫م��ن رضيعه‪ ..‬يجمعهم في كي��س ويدفنهم في قبر‬ ‫جماع��ي‪ ..‬ال ش��اهدة وال حج��ر‪ ..‬يق��رأ الفاتحة مرة‪..‬‬ ‫اثنتي��ن‪ ..‬عش��رة‪ ..‬ال عش��رين م��رة‪ ..‬ويكت��ب عل��ى‬ ‫اله��واء‪ ..‬هن��ا ترقد عائلت��ي كلها‪ ،‬تركتن��ي وحدي يا‬ ‫ربي ألدفنهم‪ ..‬ليتك دفنتني معهم‪..‬‬ ‫حدث في إعزاز‪ ..‬رواها ناجي من المجزرة‬

‫جمال من�صور‬ ‫متلما كان أس��وأ شي حصل للعروبة‪ ،‬هو حزب‬ ‫البعث‪ ،‬فأكيد أس��وأ ش��ي حصل السم اهلل‪ ،‬هو حزب‬ ‫اهلل‪.‬‬

‫�إياد كال�س‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬

‫عندي فكرة‪ ..‬تع��وا نفرطها حبية‪ ،‬وبال حدود‪،‬‬ ‫وب�لا حكوم��ات‪ ،‬وب�لا أوط��ان‪ ..‬كل كم عيل��ة تعمل‬ ‫عش��يرة وياخدولهم زاوية بسفح شي جبل أو عكتف‬ ‫ش��ي نهر ومنقضيها داحس وغبراء وبس��وس وبني‬ ‫أصفهان وأوس وخزرج وربي يسر‪..‬‬

‫كنان خوجة‬ ‫باق لس��نين‪ ..‬وأعمل‬ ‫أعمل للثورة كأن النظام ٍ‬ ‫لس��وريا الجدي��دة كأن النظام سيس��قط بعد خمس‬ ‫دقائق‪.‬‬

‫روال الركبي‬ ‫في العيد الماضي ذهبت لزيارة قبور الشهداء‪،‬‬ ‫كان��ت أول زي��ارة ل��ي للقبور‪ ،‬ل��م يخط��ر ببالي أن‬ ‫المقابر س��وف تضي��ق وتتحول حدائقن��ا إلى مقابر‪،‬‬ ‫اليوم أرغب بزيارة قبر أبي لكن الطريق إلى المقبرة‬ ‫مقطوع‪ ،‬مقبرة حماة محتلة‪ ،‬س��امحني يا أبي‪ ،‬أعرف‬ ‫ك��م كنت تح��ب هذا الطق��س‪ ،‬اعرف ك��م قبرا كنت‬ ‫ت��زور في صباح��ات األعياد لكني أعدك بأني س��وف‬ ‫أنثر ورودا دائمة البياض فوق ترابك في يوم قريب‪،‬‬ ‫موعدنا يا أبي يوم تتحرر سوريا!‬

‫ع�ساف الع�ساف‬ ‫الل��ي ما ينب��ع يخلص‪ ..‬يا بتخل��ص القذائف‪..‬‬ ‫يا بتخلص��وا انتوا‪ ! ..‬يا بنخلص نح��ن! بس بتعرفوا‬ ‫شي‪ ..‬شكلنا ما بنخلص‪..‬‬

‫عبود �سعيد‬ ‫أسبوعية‬

‫بيننا مليون عصفور‪ ..‬ودبابات‬

‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟ (‪)11‬‬ ‫م��ن قبل كان بدي التالي‪ :‬أنو إقدر أنتقد أداء أي ش��خص يمث��ل الحكومة من أصغرهون لحد راس الهرم‬ ‫(يعني لحد رئيس الدولة) بدون ما أتهدد‪ ،‬كمان كان بدي حرية عمل أي مشروع (تجاري أو طوعي إجتماعي أو‬ ‫خيري) بدون ما أنطرء موافقات أمنية وأتراقب على بال طعمة وهيك مسموح وهيك ممنوع‪ ..‬باإلضافة إلى أنو‬ ‫كان بدي إما إلغاء الخدمة العسكرية أو تخيير الشباب بين خدمة عسكرية أو خدمة مدنية لمدة وجيزة‪..‬‬ ‫ه�لأ الوضع اختلف‪ ،‬وبطلت يكون بدي يلي ذكرتون س��ابقاً‪ ،‬هأل بدي يتوق��ف القتل ويطلعوا المعتقلين‬ ‫وحرية التنقل من وإلى البلد وحرية حركة المعونات واإلغاثة اإلنسانية‪ ،‬باإلضافة أنو إقدر ألعن روحو عالطالعة‬ ‫والنازل��ة ب��دون ما حدا يقوصني‪ ..‬حالي��اً مو هاممني ال دس��تور وال إنتخابات وال عالك مص��دي وال مواالة وال‬ ‫معارضة وال إعالم وال بطيخ‪..‬‬ ‫مغترب سوري‬

‫�شام داود‬ ‫اي ه�لأ صرلنا يومين صراع بي��ن ال أخالقيات‬ ‫وأخالقي��ات الجيش الحر وهادا بيحط اثبات من هون‬ ‫وه��ادا بيجي��ب فيدي��و من ه��ون‪ ..‬هأل الث��ورة بدها‬ ‫تبري��ر؟ بده��ا ترقيع وتلمي��ع؟ وال هية أساس��ا ثورة‬ ‫بتعبر عن نفسها؟‬ ‫الث��ورة ث��ورة‪ ..‬والتغيي��ر أساس��ا لي��س م��ن‬ ‫الثواب��ت‪ ..‬م��ن أراد أن يغي��ر فليعمل لذل��ك والعمل‬ ‫مقياس األخالق وليس التلميع اإلعالمي للصفحات‪..‬‬ ‫وان صرخنا ليل نهار اهلل محي الجيش الحر من وراء‬ ‫الشاش��ات لن يخفف ذلك من أخطاءه‪ ..‬وكذلك أن لم‬ ‫نص��رخ ولم نصرح ولم نحيي هذا ال يعني ضمنا أننا‬ ‫ض��د المقاومة المس��لحة في ظل الرع��ب الممارس‬ ‫من قبل نظام األس��د على شعبه‪ ..‬عيفونا بقا تلميع‬ ‫وترقيع ومحام��اة وقضاة ومدري ش��و‪ ..‬كلو بيحامي‬ ‫ع��ن كلو‪ ..‬حتى اهلل صار في ال��و محامين دفاع كأنو‬ ‫ناطر مننا ندافع عنو‪ ..‬سوريا فقط بالجميع ستكون‪..‬‬ ‫دون كل الس��وريين ودون العم��ل الوطني المخلص‬ ‫لبن��اء الدولة التي ننش��د‪ ..‬لن يكون هناك س��وريا‪..‬‬ ‫بثورة أو بغير ثورة‪..‬‬ ‫الثورة مستمرة‪ ..‬مكملين‬

‫�إياد حياتلة‬ ‫مائتان وخمسون روح‪ ..‬خمسمائة عين‪ ..‬وآالف‬ ‫القلوب‪..‬‬

‫زويا ب�ستان‬ ‫أس��طوحنا يرجف بس��بب مروحيتكم‪ ..‬موتونا‬ ‫وريحونا بدنا نعرف ننام يا أوادم‪..‬‬

‫فرج بريقدار‬ ‫أس��تغرب أن يكون مقاتلو عش��يرة آل المقداد‬ ‫مقنّعي��ن وهم ليس��وا مهددين م��ن « الديكتاتورية‬ ‫اللبناني��ة»‪ .‬واهلل الث��وار الس��وريون والمنش��قون ما‬ ‫عادوا عملوها‪.‬‬

‫كارولني �أيوب‬ ‫من ‪ 127‬يوم لليوم الحياة مو نفسها‪ ..‬النفس‬ ‫مو نفس��و‪ ..‬القهوة غير طعمة‪ ..‬الن��وم ما عاد نوم‪..‬‬ ‫رفقاتي ص��ارو بعاد‪ ..‬حتى كتبي وغرفتي وأغراضي‬ ‫بع��اد‪ ..‬تاريخ��ي ص��ار بعي��د‪ ..‬الوطن ص��ار إلو غير‬ ‫معن��ى‪ ..‬حت��ى معن��ى الحب اختل��ف‪ ..‬معن��ى الثقة‪..‬‬ ‫معنى اإلشتياق‪ ..‬وكتير شغالت تانية‪ ..‬الشي الوحيد‬ ‫يلي عم حس إنو قريب هو سوريتنا الجديدة يلي رح‬ ‫ترجع تضمنا كلياتنا بقلب كبير‪ ..‬اهلل كريم‪..‬‬

‫حكم البابا‬ ‫لحسني البورظان (الشخصية الشهيرة التي أداها‬ ‫المرح��وم نهاد قلع��ي) جمل��ة ش��هيرة كان يرددها في‬ ‫مسلسل "صح النوم" هي‪ :‬إذا أردت أن تعرف ماذا يجري‬ ‫في ايطالي��ا يجب أن تعرف في البرازي��ل‪ ،‬وهذه الجملة‬ ‫مناس��بة تماماً لفهم مايحدث في لبنان اليوم‪ ،‬فإذا أردت‬ ‫أن تع��رف لماذا يس��تميت النظام الس��وري للتفجير في‬ ‫لبنان‪ ،‬يجب أن تسأل كم هو محشور في سورية‪..‬‬

‫يا�سني احلاج �صالح‬ ‫في الثورة الس��ورية أخطاء‪ .‬لكن الثورة ليست‬ ‫خطأ‪ .‬هي الصح السوري األكبر طوال نصف قرن‪.‬‬

‫را�شد عي�سى‬ ‫الث��ورة لن توفر فقط قس��طًا من الحرية‪ ،‬غداً‬ ‫مئات القصائد‪ ،‬المس��رحيات‪ ،‬المسلس�لات‪ ،‬البرامج‪،‬‬ ‫األفالم‪ ..‬مثال كل انش��قاق كتاب‪ .‬لنبدأ بكتاب عنوانه‬ ‫"المحاوالت العشر النشقاق الشرع"‪ ..‬وهكذا‪ ..‬مكتبتنا‬ ‫قبل الثورة غيرها بعد الثورة‪ ..‬هاتوا عناوين‪..‬‬

‫عروة النريبية‬ ‫العن��ف ال يفن��ى وال يخل��ق من عدم‪ .‬م��ن يريد‬ ‫طوباوية إلغاء العنف‪ ،‬ينسى النصف الثاني من القاعدة‪.‬‬ ‫م��ن يفت��ح للعنف أب��واب مش��رعة بال تحفظ‪ ،‬ينس��ى‬ ‫النصف األول من القاعدة‪ .‬العنف يمشي عبر الزمن في‬ ‫دوائر‪ ،‬ال يمكن إيقافها إال بقنونتها‪ ..‬بالعدالة‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪22‬‬

‫من المعتاد أن يعم الالجئين والنساء منهم خاص ًة الرغبة في إغفال هويتهم‬ ‫إما خوفا من االنتقام أو خج ًال من المعاناة التي تعرضوا لها وتحسبا للوصمة‬ ‫المرافقة‪ .‬من أهم التحديات اليوم أن نعيد ألهلنا من الضحايا والالجئين‬ ‫شعورهم باإلنسانية بعد أن حاول المجرمون تجريدهم منها بكل الطرق‪..‬‬ ‫الصورة لمجموعة من الالجئات السوريات على الحدود التركية‬ ‫ليلى العودات‬

‫اال�ستبداد هو اال�ستبداد‬

‫من وجوه االستبداد ثالثة يتعرّف بها‪:‬‬ ‫ فكر أحادي يرى الحقيقة ملك يديه وكل‬‫ما يخالفه يعاديه‬ ‫متعال‪ ،‬يعبر عن ذاك الفكر‪ ،‬يقصد‬ ‫ خطاب ٍ‬‫اإلهانة ويتوسّل التعميم والصور الجاهزة‪.‬‬ ‫ س��لوك وحش��ي يمنع‪ ،‬يحب��س‪ ،‬يعتقل‪،‬‬‫يقتل‪ ،‬ويقتل بعد القتل‪.‬‬ ‫إن سوريا التي عرفت االس��تبداد الشمولي‬ ‫طويال‪ ،‬خبرت هذه الوجوه الثالثة‪ ،‬وعانت منها‬ ‫حتى اإلنهاك‪ .‬وعندما قام��ت بثورتها التي لم‬ ‫تك��ن إال ثورة كرام��ة‪ ،‬قامت لتتح��رر من ذاك‬ ‫االستبداد بوجوهه المقيتة تلك‪.‬‬ ‫واآلن‪ ..‬يتلم��س الس��وريون م��ن خ�لال‬ ‫الفوضى العارمة التي يعيشونها فكرا أحاديا‪،‬‬ ‫وخطابا متعاليا‪ ،‬وسلوكا وحشيا تشي جميعها‬ ‫بوالدة استبداد جديد‪.‬‬ ‫ال أحس��ب الث��ورة قامت لتبدل اس��تبدادا‬ ‫باس��تبداد آخر‪ .‬بل ال أستطيع حتى اآلن إقناع‬ ‫نفسي بأن ما بتنا نراه ونسمعه مضخما‪ ،‬حتى‬ ‫كاد يطغى على األخبار‪ ،‬هو ما تريده الثورة‪.‬‬ ‫ما م��ن ثورة نقية‪ ،‬هذا أم��ر ال جدال فيه‪.‬‬ ‫لك��ن الش��عب ل��ن يرضى ب��أن تك��ون كل‬ ‫تضحياته فقط من أجل اس��تبدال اس��تبداد‬ ‫(شباب العُرب) باستبداد (شباب اللحى)‪.‬‬ ‫االستبداد هو االستبداد‬ ‫حسان عباس‬ ‫بلش��نا نضيع؟!! ضبابية مطلقة وإحساس‬ ‫ان��و كل مفاتي��ح اللعب��ة فلتت؟!! وي��ن كنا‪،‬‬ ‫وين كن��ا رايحي��ن ووين صرن��ا ووين صرنا‬ ‫رايحين؟؟‬ ‫مين نحنا هأل؟ ش��و بدنا فع ًال؟ شو عملنا؟‬ ‫ش��و عم نعم��ل؟ كان��ت بتس��تاهل؟ اس��اتا‬ ‫بتس��تاهل؟ فع� ً‬ ‫لا كان هاد الطري��ق؟ مليون‬ ‫س��ؤال‪ ،‬ملي��ون ش��ك‪ ،‬مليون عت��ب وغضب‬ ‫والحقيقة‪ ،‬والصح والغلط؟‬ ‫كل هالحكي مش��روع بهيك لحظات‪ ..‬كله‬ ‫مط��روح‪ ،‬كله ممك��ن‪ ،‬كله‪ ،‬كل ش��ي ممكن‬ ‫نقوله أو نكتبه‪..‬‬ ‫بس الس��ؤال إلي أنا بيضل عندي أس��اس‬ ‫كل ش��ي‪ ..‬ش��و دافع كل واحد منا‪ ..‬شو‪ ..‬إلي‬ ‫جواتي؟ ش��و إلي خالني اختار طرفي وشارك؟‬ ‫من شو انطلقت؟ ومنشان شو؟‬ ‫إل��ي كان عم يركض ورا حلم‪ ،‬ممكن يحس‬ ‫ان��و حلمه صار كابوس‪ ..‬ال��ي كان عم يركض‬ ‫ورا وهم‪ ،‬يمكن اليوم صار يشوفه سراب وإلي‬ ‫متلي كان عم يمشي ورا قرار شعب كسر خوفه‬ ‫وقال من هأل ورايح أنا بدي يكون عندي حظي‬ ‫بالمس��تقبل‪ ..‬وإلي آمن بهالشعب وبانه قادر‬ ‫وراغ��ب يدفع ثمن هالقرار ألنه قرر‪ ،‬إلي متلي‪،‬‬ ‫بيكون عنده جواب‪ ،‬أكيد مو كافي لكتير ناس‪،‬‬ ‫وأكيد في ناس رح تضحك منه وتعتبره ساذج‪،‬‬ ‫بس ه��و محاولتي للرد‪ :‬اذا الش��عب يوم ًا أراد‬ ‫الحياة‪ ،‬فال بد أن يستجيب القدر‪..‬‬ ‫هاد اليوم القدر إلي أنا اخترت اتبعه‪..‬‬ ‫فادي ديوب‬


‫بالل سالمة‬

‫املاء والكهرباء يف مدينة حم�ص‪:‬‬

‫�سد بحرية حم�ص‪:‬‬ ‫يعود تاريخ بناء الس��د على بحيرة‬ ‫حم��ص إلى األلف الثان��ي قبل الميالد‪،‬‬ ‫وقد قام االسكندر المكدوني بترميمه‪،‬‬ ‫وج��دده اإلمبراط��ور الرومان��ي دي��و‬ ‫كلتيان ف��ي بداية الق��رن الثالث‪ ،‬وفي‬ ‫ع��ام ‪ 1938‬بدأ الس��د يتص��دع فقامت‬ ‫الحكوم��ة بإق��رار إج��راءات التصلي��ح‬ ‫مع زي��ادة عل��و الس��د بمق��دار مترين‬ ‫مع توس��يع رقعته‪ .‬بلغت كمي��ة المياه‬

‫تم افتتاح هذا الشارع عام ‪،1922‬‬ ‫يبلغ طول��ه ‪ 350‬متراً وعرضه ‪ 12‬متر‪.‬‬ ‫وهو يقس��م المدينة إلى قسمين حيث‬ ‫أنه يبدأ شمال دار الحكومة ماراً بسوق‬ ‫الخضار‪ ،‬وينتهي بشارع باب السباع‪.‬‬

‫الثكنة الع�سكرية‪:‬‬ ‫يع��ود تاري��خ ه��ذه الثكن��ة لعهد‬ ‫الممالي��ك‪ ،‬وتقع بين باب الس��وق ودار‬ ‫الحكومة‪ ،‬وكان له��ا بابان‪ ،‬األول يطل‬ ‫على أول ش��ارع اب��ن الع��وف‪ ،‬والثاني‬ ‫يقع مقابل الجامع النوري الكبير‪ .‬قامت‬ ‫الحكوم��ة ف��ي تش��رين األول ‪1929‬‬ ‫بوضع مش��روع الس��تمالك هذه الثكنة‬ ‫وش��ق الش��وارع فيها ولتصمي��م أبنية‬ ‫جدي��دة محلها‪ .‬اس��تدانت الحكومة من‬ ‫أج��ل تنفيذ هذا المش��روع من مصرف‬ ‫س��وريا ولبن��ان مبل��غ ‪ 103‬آالف لي��رة‬ ‫سورية‪ .‬كما قامت الحكومة باستمالك‬ ‫المخ��ازن المحيط��ة به��ذه الثكن��ة‬ ‫وهدمته��ا ث��م قس��مت األرض إلى ‪12‬‬ ‫قطع��ة مفصولة عن بعضها بش��وارع‬ ‫منظم��ة وباعته��ا للناس‪ .‬كم��ا أعطت‬ ‫إحدى هذه القطع لدائرة األوقاف لتبني‬ ‫فيها مس��جداً وأطلق عليه اسم مسجد‬ ‫الصحابي أبو بكر الصديق‪.‬‬

‫م�صفاة برتول حم�ص‪:‬‬ ‫تعاق��دت س��وريا مع ش��ركة تكنو‬ ‫إكس��برت التشيكوس��لوفاكية إلقام��ة‬ ‫مصفاة البترول في الجهة الغربية في‬ ‫حمص‪ ،‬لتقوم بتكرير النفط وتوزيعه‬ ‫بواس��طة األنابي��ب إل��ى مدن س��وريا‪.‬‬ ‫وبدأ العمل على تش��ييد هذه المصفاة‬ ‫ع��ام ‪ ،1957‬وأنجزت أعماله��ا في آخر‬ ‫حزيران عام ‪ .1959‬واحتفل بتدش��ين‬ ‫ه��ذا المش��روع في ش��هر آب م��ن ذات‬ ‫العام‪.‬‬

‫م�صنع اال�سمنت‪:‬‬ ‫ت��م إنش��اء مصن��ع االس��منت من‬ ‫قبل ش��ركة مس��اهمة من الحمصيين‬ ‫برأس��مال مقداره عش��رة ماليين ليرة‬ ‫س��ورية ف��ي ‪ 11‬أيل��ول ‪ 1960‬بطاقة‬ ‫إنتاجية تبلغ مائة ألف طن سنويًا‪.‬‬ ‫بلغ إنتاج ه��ذا المصنع عام ‪1966‬‬ ‫مق��دار ‪ 360 ،106‬ط��ن وبل��غ في عام‬ ‫‪ 1969‬مقدار ‪ 804 ،120‬طن‪.‬‬

‫م�صنع ال�سكر‪:‬‬ ‫أقي��م ف��ي الج��زء الش��مالي م��ن‬ ‫مدينة حمص في عام ‪ 1945‬وكان أول‬ ‫مصنع ينتج الس��كر في س��وريا‪ .‬اعتمد‬ ‫ف��ي الدرجة األولى عل��ى عملية تكرير‬ ‫الس��كر الخام المستورد‪ ،‬ثم بدأ يتوسع‬ ‫إلنتاج الس��كر من الش��مندر السكري‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1976‬ارتفع إنتاج السكر في‬ ‫المعمل إلى ما يقارب الضعف‪.‬‬

‫�ساعة الكني�سة الأرثوذك�سية‪:‬‬ ‫ق��ام بإرس��ال ه��ذه الس��اعة إلى‬ ‫حم��ص الس��يد س��ليم نس��طة‪ ،‬وه��و‬ ‫حمص��ي مغترب في المكس��يك‪ .‬أهدى‬ ‫ه��ذه الس��اعة لكتدرائي��ة األربعي��ن‬ ‫ش��هيداً‪ ،‬وكانت قد بنت قاعدة لها فوق‬ ‫الكنيس��ة من الجهة الغربية الشمالية‪.‬‬ ‫وصلت هذه الس��اعة إلى بيروت بتاريخ‬ ‫‪ 12‬تش��رين الثاني عام ‪ 1921‬وأعفيت‬ ‫م��ن الرس��وم الجمركي��ة‪ .‬ت��م إنج��از‬ ‫تركيب الس��اعة عام ‪ .1923‬كانت هذه‬ ‫الساعة تدق معلنة األوقات لكل سكان‬ ‫المنطقة الشرقية في حمص‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫مع زيادة عدد السكان في المدينة‪،‬‬ ‫كانت حمص بحاجة لحل يؤمّن المزيد‬ ‫من الطاق��ة الكهربائي��ة والمياه النقية‬ ‫الصالحة للش��رب‪ ،‬ومن أجل هذا اجتمع‬ ‫ف��ي تموز ‪ 1927‬م��ا يقارب الخمس��ين‬ ‫ش��خصًا‪ ،‬وبع��د الت��داول اقترح الس��يد‬ ‫مظهر رس�لان تأليف لجن��ة تعمل على‬ ‫دراسة مشروع تزويد حمص بالكهرباء‬ ‫والم��اء النقي ووافق الجمي��ع على هذا‬ ‫االقتراح‪ ،‬وعليه انتخبت لجنة من سبعة‬ ‫أش��خاص أضافة إل��ى محم��د ابراهيم‬ ‫األتاسي رئيس البلدية (هاشم األتاسي‬ ‫– أنطون طرابلس��ي – مظهر رسالن –‬ ‫محي��ي الدين الدروب��ي – علي الجندلي‬ ‫– شفيق الحسامي – شكري الجندي)‪.‬‬ ‫ف��ي آذار عام ‪ 1930‬عقد المجلس‬ ‫البلدي جلسة خاصة بهذا الموضوع أقر‬

‫�شارع ابن عوف‪:‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬

‫حم��ص مدين��ة العراق��ة والتاريخ‪،‬‬ ‫نش��أت فيها حضارات منذ األل��ف الثالثة‬ ‫قب��ل المي�لاد‪ .‬ولعل أقدم موقع س��كني‬ ‫في مدينة حمص هو تل حمص أو قلعة‬ ‫أسامة‪ .‬إن المنطقة التي تشغلها المدينة‬ ‫اليوم كانت مأهولة بالسكان منذ العصر‬ ‫الحج��ري‪ ،‬وقد أسس��ها الس��لوقيون في‬ ‫القرن الرابع قبل الميالد‪.‬‬ ‫أقدم األسماء المعروفة لحمص هو‬ ‫اس��م "إيميس��يا" ويعتقد أنه مشتق من‬ ‫قبيلة إيمساني التي حكمت حمص لعدة‬ ‫قرون من القرن األول قبل الميالد وحتى‬ ‫القرن الثالث‪ ،‬وهناك من يظن أنه اس��م‬ ‫يوناني مركب من قس��مين "إيم" "س��يا"‬ ‫حيث يشير الشطر األول إلى إله الشمس‬ ‫الذي اش��تهرت المدينة بعبادته‪ .‬اس��تقر‬ ‫أغل��ب الباحثي��ن عل��ى أن "إيمس��يا" ق��د‬ ‫اختص��رت إلى "إيم��س" ثم "حمص" من‬ ‫قبل العرب بعد الفتح اإلسالمي للمدينة‪.‬‬ ‫أما الصليبيون فأس��موها "ال ش��اميلي"‪،‬‬ ‫رغم أنهم لم يحكموها مطلقًا‪.‬‬ ‫في القرن العشرين شكلت حمص‬ ‫أهمية اقتصادية كبيرة لس��وريا‪ ،‬حيث‬ ‫تطورت وش��قت لها طريقًا راس��خاً من‬ ‫النواح��ي االقتصادية والعمرانية وفيما‬ ‫يلي بعض األمثلة على هذا التطور‪:‬‬

‫خالله��ا تلزيم جر الماء النقي لش��ركة‬ ‫التنوي��ر مقاب��ل ‪ 98‬ألف ليرة س��ورية‪.‬‬ ‫وعينوا آخر موعد الستالم هذا التلزيم‬ ‫في تموز ‪.1931‬‬ ‫وف��ي ‪ 20‬نيس��ان ‪ 1931‬عق��د‬ ‫المجل��س البل��دي جلس��ة حضره��ا‬ ‫متص��رف الل��واء بمش��اركة عش��رين‬ ‫ش��خصية ب��ارزة ف��ي مج��ال االقتصاد‬ ‫آن��ذاك وح��دد المجلس فيها س��عر بيع‬ ‫المتر المكعب من الماء بعش��رين ليرة‬ ‫عثمانية ذهبية على أن يدفع الش��اري‬ ‫كل س��نة مبلغ ‪ 12‬ليرة س��ورية فقط‪.‬‬ ‫أم��ا م��ن ال يرغ��ب بالش��راء ويفض��ل‬ ‫االش��تراك فيدفع مبلغ ‪ 26‬ليرة سورية‬ ‫عن كل متر مكعب من الماء سنويًا‪.‬‬ ‫في شباط عام ‪ 1933‬تم بناء خزان‬ ‫ماء ارتفاعه ‪ 25‬متر ويتسع لكمية ‪250‬‬ ‫متر مكعب وذلك ف��ي الهضبة الواقعة‬ ‫ف��ي محل��ة الخالدية‪ .‬ب��دأ أهل حمص‬ ‫يش��ربون المياه النقية مع بداية العام‬ ‫التالي ‪.1934‬‬ ‫أم��ا بالنس��بة للكهرب��اء‪ ،‬فف��ي‬ ‫تاري��خ ‪ 18‬آذار ‪ 1929‬تعاقدت الحكومة‬ ‫السورية مع ش��ركة التراموي والتنوير‬ ‫في بي��روت لتوزي��ع الق��وة الكهربائية‬ ‫في حمص وحماة‪ .‬بدأ العمل في إنشاء‬ ‫المعمل المولد للكهرباء على شالل نهر‬ ‫العاصي في نيسان ‪ .1929‬ةتم تمديد‬ ‫الكهرب��اء ف��ي حمص وحم��اة معًا عبر‬ ‫األس�لاك الكهربائية في ش��هر كانون‬ ‫الثان��ي ‪ .1932‬وهكذا تخلصت المدينة‬ ‫من مش��اكل التنوير بواسطة البترول‪،‬‬ ‫كما استراحت البلدية من مشكلة إقامة‬ ‫الحراسة عليها‪.‬‬

‫الت��ي تس��توعبها البحي��رة بع��د تنفيذ‬ ‫ه��ذه التعديالت ما يق��ارب ‪ 200‬مليون‬ ‫متر مكعب بعد أن كانت تس��توعب ‪90‬‬ ‫مليون من األمتار المكعبة فقط‪.‬‬

‫تبل��غ مس��احة المصف��اة أكثر من‬ ‫‪ 500‬أل��ف مت��ر مرب��ع‪ ،‬ويمك��ن لها أن‬ ‫تكرر في العام أكثر من مليون طن من‬ ‫البترول الخام‪.‬‬ ‫ف��ي عام ‪ 1969‬تم انجاز مش��روع‬ ‫مد خط أنابيب البترول من قره تشوك‬ ‫إل��ى طرط��وس‪ ،‬وذل��ك بع��د أن أجري‬ ‫توس��يع للمصفاة فارتفعت بذلك كمية‬ ‫م��ا تكرره م��ن بترول إل��ى ‪ 7 .2‬مليون‬ ‫طن‪.‬‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫تطور حم�ص االقت�صادي والعمراين‬ ‫يف القرن الع�شرين‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪23‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬

‫لثورتنا‬ ‫�أي�ض ًا‬ ‫�أمهاتها‬ ‫سعاد يوسف‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 19 | )48‬آب ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪24‬‬

‫منزل صغير‪ ،‬ال يختلف بشيء عن‬ ‫الكثي��ر من من��ازل المناط��ق المحيطة‬ ‫بالعاصم��ة دمش��ق‪ ..‬جدران إس��منتية‬ ‫تتخللها بعض الشقوق‪ ..‬أثاث متواضع‪،‬‬ ‫بضع كنب��ات قديم��ة وطاول��ة وضعت‬ ‫عليها آلة خياطة‪ ،‬أكياس سوداء مكومة‬ ‫ف��ي زاوي��ة الغرف��ة‪ ،‬ومن الب��اب ألمح‬ ‫الغرفة المجاورة‪ :‬سرير ضيق وكرسي‬ ‫خشبي صغير وخزانة حائطية‪..‬‬ ‫ما هي إال ثوان حتى جاءت صاحبة‬ ‫البيت‪ ..‬امرأة في الخمس��ين من العمر‪،‬‬ ‫ممتلئة‪ ،‬شعر أسود قصير ووجه تعلوه‬ ‫ابتس��امة عريض��ة لم تفارقه��ا طوال‬ ‫الوقت‪.‬‬ ‫وقفن��ا أن��ا و"دع��اء" ك��ي نس��لم‬ ‫عليها‪ ..‬قبلتها "دعاء" بحرارة ثم عرفتنا‬ ‫إلى بعضنا‪:‬‬ ‫ صديقت��ي العزي��زة ج��داً وه��ي‬‫صحفي��ة أصرت عل��ى مقابلتك بعد أن‬ ‫حدثتها عنك كثيراً‪.‬‬ ‫ أختي الكبيرة "فاطمة"‪ .‬أم الثورة‬‫وأم ثوارنا‪.‬‬ ‫اس��تقبلتني بترحي��ب وحف��اوة‬ ‫كبيري��ن‪ ،‬جلس��تْ وراء آل��ة الخياط��ة‬ ‫وجلسنا نحن قبالتها‪ ..‬وما هي إال ثوان‬ ‫حتى نهضت وأدارت مروحة قديمة في‬ ‫السقف وجلبت لنا عصير المشمش‪.‬‬ ‫ل��م أح��س بالرغبة ف��ي أن أجري‬ ‫معه��ا ح��واراً‪ ،‬فجو األلف��ة والراحة في‬ ‫ذل��ك المن��زل أبعدن��ي ع��ن أي تفكير‬ ‫عملي وفضل��ت أن يك��ون حديثنا وديًا‬ ‫وطبيعيًا‪.‬‬ ‫بدأنا بالحديث عن القصف العنيف‬ ‫ال��ذي تعرضت ل��ه منطقته��م مؤخراً‪.‬‬ ‫"القذائ��ف كان��ت تته��اوى هن��ا وهناك‬ ‫دون أية وجهة محددة‪ .‬الجيش الحر لم‬ ‫يكن موجوداً هنا في هذا الحي‪ ،‬فلماذا‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫نتعرض نحن للقصف؟"‪ .‬وأخذتني كي‬ ‫أرى م��اذا حدث ف��ي الغرف��ة المجاورة‪.‬‬ ‫قذيفة ف��ي جدار الخزان��ة وراء الثياب‪،‬‬ ‫وأخ��رى ف��ي الج��دار المج��اور‪ ،‬أما في‬ ‫الغرفة التي كن��ا نجلس فيها فالحائط‬ ‫والسقف متصدعان بشكل كبير‪.‬‬ ‫"من��ذ عدة أيام كان��ت هناك دبابة‬ ‫أم��ام باب المن��زل تمام��ًا‪ ..‬الدمار الذي‬ ‫لحق بحين��ا كبير جداً‪ ،‬لكن ال مش��كلة‬ ‫البتة لدي‪ ،‬فنحن مستمرون في نضالنا‬ ‫ض��د ه��ذا النظ��ام المج��رم‪ ..‬وأن��ا لم‬ ‫أتوق��ف من��ذ اللحظة األول��ى عن دعم‬ ‫الثورة والثوار‪" ..‬‬ ‫"وكيف كانت بداية مشاركتك في‬ ‫العمل الثوري؟"‬ ‫"خرجتْ أول مظاهرة في منطقتنا‬ ‫في الخامس والعش��رين م��ن آذار من‬ ‫العام الماضي‪ ،‬وقد شارك جميع أوالدي‬ ‫فيه��ا‪ ..‬بعد مضي حوالي عش��ر دقائق‬ ‫على خروجها بدأت تصل إلينا أنباء عن‬ ‫هجوم عناصر األم��ن وقيامهم بضرب‬ ‫واعتقال العدي��د من المتظاهرين‪ ..‬لم‬ ‫أتمكن من البق��اء في المنزل فارتديت‬ ‫ثياب��ي على عجل وخرج��ت للبحث عن‬ ‫أوالدي‪ ..‬وم��ا هي إال ث��وان حتى وجدت‬ ‫جموع��ًا متفرق��ة م��ن الن��اس تهت��ف‬ ‫لس��ورية وللحري��ة‪ ..‬للحظ��ات نس��يت‬ ‫كل ش��يء وب��دأت أهتف معه��م‪ ..‬كان‬ ‫إحساس��ًا غريباً لم أعرفه من قبل‪ ..‬أن‬ ‫أسمع صوتي يخرج عالياً من حنجرتي‪..‬‬ ‫صدقيني هي لحظات ال تشبه أي شيء‬ ‫عش��ته طوال حياتي‪ ،‬وهذا اإلحس��اس‬ ‫بات كالمخدر بالنس��بة إلي‪ ،‬ال قدرة لي‬ ‫عل��ى الحي��اة بدونه‪ ..‬فمن��ذ ذلك اليوم‬ ‫وحتى ه��ذه اللحظة أنا أخرج في جميع‬ ‫المظاه��رات ولم أس��مح لنفس��ي بأن‬ ‫أفوت واحدة منها‪" ..‬‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)20724‬‬ ‫دمشق‪1001 :‬‬ ‫ريف دمشق‪2957 :‬‬ ‫حمص‪6024 :‬‬ ‫حلب‪1592 :‬‬ ‫حماه‪2120 :‬‬ ‫الالذقية‪389 :‬‬

‫"وأوالدك؟"‬ ‫"ف��ي ذلك الي��وم وبع��د أن هتفت‬ ‫قلي� ً‬ ‫لا م��ع المتظاهرين‪ ،‬كان��ت هناك‬ ‫س��يارة س��وداء "مفيمة" يركبها بعض‬ ‫الش��بيحة على ما يب��دو‪ ..‬كانت تقترب‬ ‫منا بس��رعة ربم��ا إلخافتنا‪ ..‬وقفت في‬ ‫وجهها وأخذت بالصراخ "اهلل‪ ..‬سوريا‪..‬‬ ‫حري��ة وب��س‪ " ..‬ول��م أرض أن أغ��ادر‬ ‫مكان��ي حتى اضط��روا ه��م لاللتفاف‬ ‫والعودة من حيث أتوا‪ ..‬ال أعلم من أين‬ ‫تملكتن��ي كل تل��ك الش��جاعة‪ ..‬كل ما‬ ‫أعلمه أن ذلك اليوم قد غير حياتي كلها‬ ‫وجعلني أكتشف في داخلي إنسانة لم‬ ‫أكن أعلم بوجودها من قبل‪..‬‬ ‫عثرت عل��ى أوالدي بع��د ذلك في‬ ‫إح��دى الح��ارات الفرعية وعدنا س��وية‬ ‫إل��ى المنزل‪ ..‬هم أيض��ًا اآلن يخرجون‬ ‫ف��ي جمي��ع المظاه��رات‪ ..‬ال أحد منهم‬ ‫يجرؤ على تفويت مظاهرة ما "ألنو رح‬ ‫ياكل مني بهدلة" "‪..‬‬ ‫"واليوم‪ ،‬م��ا هو دورك في الحراك‬ ‫الثوري هنا؟"‬ ‫تدخلت "دعاء" ضاحكة لتقول‪:‬‬ ‫"فاطم��ة تقوم بكل ش��يء يمكن‬ ‫ل��ك أن تتخيلي��ه‪ ..‬إلى جان��ب خروجها‬ ‫في المظاهرات بش��كل دائ��م‪ ،‬فاطمة‬ ‫ه��ي "خياطة" الثورة هن��ا‪ ،‬فهي تقوم‬ ‫بخياط��ة كل م��ا نحتاج��ه م��ن أع�لام‬ ‫اس��تقالل‪ ،‬أقنعة‪ ،‬الفتات‪ ،‬مالبس لمن‬ ‫يحت��اج‪ ..‬أيض��اً ه��ي تعمل ف��ي مجال‬ ‫اإلغاثة‪" ..‬‬ ‫قاطعتها "فاطمة"‪:‬‬ ‫"أتري��ن ه��ذه األكياس الس��وداء؟‬ ‫هذه م��واد غذائية س��يأتي بع��د قليل‬ ‫من يأخذها ويوزعها على أسر الشهداء‬ ‫والمعتقلين‪ ..‬ال نملك الكثير من النقود‬ ‫أو اإلعانات‪ ..‬كل ما نش��تريه نش��تريه‬ ‫طرطوس‪39 :‬‬ ‫درعا‪2031 :‬‬ ‫دير الزور‪1329 :‬‬ ‫الحسكة‪127 :‬‬ ‫القنيطرة‪43 :‬‬ ‫الرقة‪79 :‬‬ ‫ادلب‪1976 :‬‬ ‫السويداء‪17 :‬‬

‫بجهودنا وأموالنا الشخصية‪" ..‬‬ ‫"أه��ي كافي��ة؟ أل��م تفك��روا‬ ‫بطل��ب بع��ض المس��اعدات م��ن خارج‬ ‫منطقتكم؟"‬ ‫"ال ل��م نفكر بذلك يومًا‪ ..‬س��وريا‬ ‫كله��ا تعان��ي معاناتن��ا ذاته��ا وعلين��ا‬ ‫االعتماد على أنفس��نا ومواردنا فقط‪..‬‬ ‫حتى إننا نستخدم أحياناً مبدأ المقايضة‬ ‫كي نقوم باالستفادة من كل ما يتوفر‬ ‫لدين��ا م��ن م��واد غذائية‪ ،‬وتل��ك كانت‬ ‫فكرتي منذ عدة شهور‪" ..‬‬ ‫لم تكن "فاطمة" تتكلم بشفاهها‬ ‫ولس��انها فق��ط‪ ،‬كان كل جس��دها‬ ‫يتكلم‪ ..‬عنها‪ ،‬عن ثورتها على نفس��ها‬ ‫وعل��ى عالمه��ا وعل��ى نظ��ام وحك��م‬ ‫همش��ها كما هم��ش الماليين غيرها‪..‬‬ ‫ها هي اآلن تجد نفسها من جديد‪ ..‬أمًا‬ ‫لهذه الثورة‪..‬‬ ‫قضين��ا حوال��ي الس��اعتين ف��ي‬ ‫من��زل "فاطم��ة"‪ ..‬ودعتن��ا بأغنية من‬ ‫تأليفها وغنائه��ا‪" ..‬كثيراً ما نغنيها في‬ ‫المظاهرات"‪ ..‬قالت لي بفخر‪..‬‬ ‫"دروبك سوريا تالقينا‬ ‫خيول العز بتسرح فينا‬ ‫دم الشهدا بينادينا‬ ‫الجنة بدها رجال‬ ‫ثوار‪ ..‬ثوار‪..‬‬ ‫دروب األسرى تدعي لينا‬ ‫اهلل ينصرنا ويحمينا‬ ‫وين العالم اللي ناسينا‬ ‫الصمت العربي أجرم فينا‬ ‫أكتر من بشار‬ ‫ثوار‪ ..‬ثوار‪..‬‬ ‫‪ 2142‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 18582‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 1105‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 552‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 1379‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 7 / 18‬‬ ‫‪http://vdc-sy.or‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.