سوريتنا العدد الخمسون - 2 أيلول 2012

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2012/ 9 / 2 | )50‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬


‫جمزرة النظام ال�سوري والدنيا يف داريا ال�سالم‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫ريّان ماجد‬ ‫‪ 440‬ش��هيد س��قطوا الي��وم‪ 25 ،‬آب‬ ‫‪ 300 ،2012‬منه��م ف��ي داريَّا‪ ،‬بل��دة غياث‬ ‫مط��ر التي ترمز أكثر م��ن أي مكان آخر في‬ ‫سورية كلها إلى السلمية‪.‬‬ ‫ل��م يس��بق أن س��قط‪ ،‬وال نصف هذا‬ ‫الع��دد‪ ،‬في أي يوم من ‪ 528‬يوماً من الثورة‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫‪ 440‬إس��ماً‪ 440 ،‬وجه��اً‪ 440 ،‬قص��ة‪..‬‬ ‫وقاتل واحد"‪.‬‬ ‫هذا ما كتبه الكاتب ياسين الحاج صالح‬ ‫على صفحته على "فايسبوك" عن المجزرة‬ ‫التي ارتكبها النظام السوري في داريا‪ ،‬قبل‬ ‫يومين‪.‬‬ ‫"ال يحض��ر إس��م داري��ا ف��ي أذه��ان‬ ‫الس��وريين من دون أن يحضر معه اإلعجاب‬ ‫بالمب��ادرات المدني��ة المس��تقلة والجريئ��ة‬ ‫التي أطلقها ش��بابها الناش��ط في السنوات‬ ‫السابقة ونضاالتهم السلمية المدهشة منذ‬ ‫بدء الثورة الس��ورية العظيمة"‪ ،‬وفقًا للبيان‬ ‫ال��ذي صدر عن لجان التنس��يق المحلية في‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولعل أكثر الصور المعبّرة عن سلمية‬ ‫داريا‪ ،‬هي صورة لتظاه��رة حمل فيها أبناء‬ ‫داري��ا وروداً ف��ي مواجهة الرص��اص‪ ،‬وأكثر‬ ‫األس��ماء المرتبط��ة بهذه المدينة هو اس��م‬ ‫غي��اث مطر‪ ،‬الذي اش��تهر بنضاله الس��لمي‬ ‫ومعارضته كل أشكال العنف‪ .‬لذلك اعتقلته‬ ‫أجهزة النظام الس��وري ف��ي داريا في ‪-9-6‬‬ ‫‪ 2011‬وعاد بعد أربعة أيام ج ّثة هامدة وآثار‬ ‫التعذيب ظاهرة على جسده‪ ،‬بحسب صفحة‬ ‫"كلنا الناشط الحر غياث مطر"‪.‬‬ ‫وانتش��رت عل��ى صفح��ات التواص��ل‬ ‫االجتماعي صور لمقاب��ر جماعية في داريا‪،‬‬ ‫وألطف��ال تحت ال��ركام‪ ،‬وألم تحتضن ابنها‬ ‫وقد فارقا الحياة‪.‬‬ ‫كم��ا تمّ تداول ص��ورة مفجعة لطفلة‬ ‫كان��ت ق��د حملت يافط��ة قبل فت��رة تقول‪:‬‬

‫"قتلوا األطف��ال بالحَولة‪ ،‬حم��ص مو كتير‬ ‫بعيدة عن دارّيا!! يا رب تنصر الثورة قبل ما‬ ‫يجي دوري‪ ." ..‬يب��دو أن دورها ودور العديد‬ ‫من أطفال داريا‪ ،‬أتى‪..‬‬ ‫لكن المج��زرة لم تنته هن��ا‪ .‬فعدا عن‬ ‫الصم��ت الدول��ي و"عجزه الكام��ل عن كبح‬ ‫النظام وحلفائه اإلقليميي��ن والدوليين عن‬ ‫قتل المدنيين الس��وريين" كما جاء في بيان‬ ‫لج��ان التنس��يق المحلي��ة في س��وريا‪ ،‬جاء‬ ‫اإلعالم السوري لِيكمل ما بدأه النظام‪.‬‬ ‫إذ بع��د االنته��اء م��ن القت��ل‪ ،‬دخل��ت‬ ‫مراس��لة قن��اة "الدني��ا" الس��ورية‪ّ ،‬‬ ‫لتغطي‬ ‫حصريًا مشهد ما بعد الحدث‪.‬‬ ‫"ف��وق ه��ول المج��زرة‪ ،‬تأت��ي ه��ذه‬ ‫المذيع��ة لتحف��ر الج��رح الدام��ي بس��كين‬

‫ميكرفونها البش��ع بجنون ال يصدّق"؛ هكذا‬ ‫ع ّلق المخرج هيثم حقي على الفيديو الذي‬ ‫انتش��ر على "فايس��بوك" عن تغطي��ة قناة‬ ‫"الدنيا" لما حصل في داريا‪ .‬تنتقل المراسلة‬ ‫في الفيديو بين الجثث وتقول‪:‬‬ ‫"هن��ا خلف��ي ام��رأة ال تزال عل��ى قيد‬ ‫الحياة"‪ .‬تسأل السيدة الجريحة التي ما زالت‬ ‫على األرض وس��ط الركام‪" :‬خالة مين عمل‬ ‫فيكي هيك؟" والسيدة ال تقوى على الكالم‪.‬‬ ‫هن��ا‪ ،‬يأت��ي ش��باب م��ن الجي��ش ويحملون‬ ‫الس��يدة على نقال��ة إس��عاف‪ .‬قدومهم هذا‬ ‫يترافق مع موسيقى "تصويرية"‪.‬‬ ‫تتاب��ع المراس��لة مهمته��ا "الحصرية"‬ ‫وتس��أل ه��ذه الم��رة "بب��رودة" و"س��ادية"‪،‬‬ ‫طفلتين بجانب ج ّث��ة أمهما وعالمات الرعب‬

‫والصدم��ة بادي��ة على مالمحهم��ا الرقيقة‪:‬‬ ‫مي��ن يلل��ي جنب��ك؟ تجي��ب الفت��اة‪" :‬أمي"‪.‬‬ ‫عنده��ا أيض��اً‪ ،‬يأت��ي ش��باب م��ن الجي��ش‬ ‫ليحمل��وا الطفلتين‪ ،‬على أنغام الموس��يقى‬ ‫ذاتها‪.‬‬ ‫وقد ج��اء في تعلي��ق تناقلته صفحات‬ ‫عدي��دة على فايس��بوك‪" :‬فقط في س��وريا‬ ‫عملي��ات اإلس��عاف واإلغاث��ة تنتظ��ر انتهاء‬ ‫المقابالت"‪.‬‬ ‫تعقيب��ًا عل��ى ه��ذا المش��هد‪ ،‬كتب��ت‬ ‫الكاتب��ة س��مر يزب��ك عل��ى صفحته��ا على‬ ‫فايس��بوك‪" :‬بين ط�لاء أظاف��ر مذيعة قناة‬ ‫"الدني��ا" وش��وارع "داري��ا" ل��ون واح��د‪ ،‬هو‬ ‫األحمر‪ ،‬وفرق واح��د‪ ،‬بيننا وبينهم‪ ،‬يختصر‬ ‫المسألة‪ :‬هو األخالق!"‪.‬‬

‫ش��كاوى من ضع��ف التزويد بالم��اء الصالح‬ ‫للشرب البارد خاصة في وقت اإلفطار‪ ،‬الذي‬ ‫الحظت الجزيرة نت أنه قد يسبق وقته لدى‬ ‫العديد من الالجئي��ن الذين اضطروا له في‬ ‫نه��ار رمض��ان لصعوب��ة مقاوم��ة األوضاع‬ ‫الصعبة ودرجة الح��رارة العالية التي ترتفع‬ ‫أكثر داخل الخيام‪.‬‬

‫نح��ن نريد إزال��ة الخيم واس��تبدالها ببيوت‬ ‫خشبية ألن الرياح أزالت الخيم أكثر من مرة‬ ‫وأطفالن��ا ال يس��تطيعون العي��ش هنا ومن‬ ‫لديه مريض يزداد مرضه"‪.‬‬ ‫أثناء التجوال دخلن��ا إحدى الخيم لنجد‬ ‫عائل��ة من البياض��ة في حم��ص يقول أحد‬ ‫أفرادها "هيكل" إنه وصل األردن فجر األحد‬ ‫ونقل مباش��رة للمخيم وإنه يعمل في رعي‬ ‫األغنام أصال وإن هذا المخيم من خبرته "ال‬ ‫يصلح لحياة الحيوانات"‪.‬‬

‫وبجانب��ه كان��ت تجل��س والدت��ه التي‬ ‫أظهرت أمامنا تقارير طبية وصورا شعاعية‬ ‫تؤك��د إصابته��ا بالس��رطان وأنه��ا بحاج��ة‬ ‫الستكمال جرعات كيمياوية دون تأخير‪.‬‬ ‫بي��ن الخيم الت��ي يبلغ عدده��ا ‪2100‬‬ ‫قابلتنا س��يدة وصلت من حمص فجر األحد‬ ‫برفقة طفليها اللذي��ن نجت بهما من جورة‬ ‫الشياح‪ ،‬لكنها منعت من الخروج من المخيم‬ ‫رغ��م أن زوجه��ا يعيش ف��ي األردن ويعمل‬ ‫في عمان‪.‬‬

‫الجئو �سوريا بالأردن‪ ..‬جحيم بعد جحيم‬

‫وس��ط صحراء قاحلة وزواب��ع منهمرة‬ ‫باألتربة والغبار حول��ت خيمهم البيض إلى‬ ‫بُنّية داكنة‪ ،‬وجد الالجئون الس��وريون في‬ ‫األردن أنفس��هم فجأة بع��د رحلة الفرار من‬ ‫الموت‪.‬‬ ‫أي��ام ثقيل��ة يقضيها أكث��ر من ‪2600‬‬ ‫الج��ئ ف��ي أول مخي��م لالجئي��ن س��محت‬ ‫الس��لطات األردني��ة بإقامت��ه ف��ي منطق��ة‬ ‫الزعت��ري القريب��ة م��ن الح��دود الس��ورية‬ ‫والتابع��ة لمحافظ��ة المفرق وتش��رف عليه‬ ‫المفوضي��ة الس��امية لالجئي��ن التابع��ة‬ ‫لألم��م المتحدة والهيئ��ة الخيري��ة األردنية‬ ‫الهاشمية‪.‬‬ ‫عن��د دخولنا المخيم صب��اح األحد بعد‬ ‫أسبوع من افتتاحه‪ ،‬لم يكن التيار الكهربائي‬ ‫قد وصل بعد‪ ،‬رغم تأكيدات المسؤولين أنه‬ ‫س��يصل خ�لال وقت قري��ب بعد اس��تكمال‬ ‫التمديدات الالزمة‪.‬‬ ‫كان الصم��ت س��يد الم��كان‪ ،‬فيما دبت‬ ‫الحركة والنش��اط في مقدم��ة المخيم الذي‬ ‫نصب��ت فيه خيم��ة يتجم��ع فيه��ا الالجئون‬ ‫حديثو الوصول من جحيم سوريا‪.‬‬ ‫وتت��وزع في المخيم نق��اط للمياه غير‬ ‫الصالح��ة للش��رب بغرض النظافة‪ ،‬وس��ط‬

‫العودة لب�شار‬

‫الحاجة أم بسام (‪ 70‬سنة) سورية من‬ ‫طفس بدرعا وصلت لألردن قبل عشرة أيام‬ ‫مع ‪ 14‬من عائلتها هم ابنتها وزوجها وزوجة‬ ‫ابنها وأوالدهما‪ ،‬عاجلت بالرد على أس��ئلتها‬ ‫"رجعوني على بش��ار األس��د الم��وت هناك‬ ‫مثل الموت هنا"‪.‬‬ ‫ودون أن نك��رر أس��ئلة كثي��رة عاجلتنا‬ ‫السبعينية بس��يل من العبارات التي تهاجم‬ ‫المخي��م وتق��ول "هربن��ا من قصف بش��ار‬ ‫لحماي��ة أوالدن��ا وأعراضنا فجئن��ا للصحراء‬ ‫والغبار‪ ،‬يا عالم خافوا اهلل فينا"‪.‬‬ ‫أما أبو خالد من تس��يل في درعا فتبدو‬ ‫وط��أة األم��ور عليه أق��ل حدة‪ ،‬حي��ث يقول‬ ‫للجزي��رة ن��ت "أن��ا أع��رف أن المكان س��يئ‬ ‫ولك��ن ليس أس��وأ من القصف في س��وريا‪،‬‬


‫ال�سوريون ي�ستبقون حديث الأ�سد‬ ‫بتكبري وتكذيب �إلكرتونيا‬

‫حتذيرات من كارثة �إن�سانية تواجه‬ ‫الالجئني ال�سوريني‬

‫املركز العاملي للدرا�سات التنموية يف لندن‬ ‫يقدر عددهم بربع مليون‬

‫أسبوعية‬

‫داريا‪( :‬د)مار (أ)لم (ر)ثاء (يُـ)تم‪..‬‬ ‫أسامي عُ ّلقت عليك لن تُنسى وإن اغتالوك ألف مرّة‬ ‫وإن ش��وّهوا جسدك بعدد قطرات الدّم الصالحة للوضوء‬ ‫على نقائها وطهارتها لنص ّلي ونستنجد السماء لتبعد عن‬ ‫األرض سفالتهم وحقدهم وبشاعتهم‪..‬‬ ‫«ميش��لين ع��ازار» الوجه اآلخ��ر لإلج��رام‪ ..‬كأن من‬ ‫وكأن ال حقّ لإلنس��ان هنا‬ ‫مات��وا ال تكفيهم ميتة واحدة‪ّ ..‬‬ ‫حتّى في أن يموت بسالم وبهدوء وبكرامة دون أن يسبق‬ ‫توديعه كل تلك الالمباالة وذلك الفرح الذي لم يخفى على‬ ‫أحد في وجه تلك الكارثة ميش��لين مذيعة قناة الدنيا التي‬ ‫ل��م تكترث حتّى لقيمة ه��ؤالء الذين قُتل��وا في المجزرة‬ ‫ول��م تتوانى على أن تتعامل مع هول هذا الحدث كس��بق‬ ‫صحافيّ إللباس المجد للجيش السوريّ وتصويره كبطل‬ ‫ومنقذ وهو هدفها األساس��يّ لتجرّده م��ن تهمة القذارة‬ ‫وتح��اول جاهدا إخراجه من المس��تنقع الذّي اختاروا طوعا‬ ‫المكوث فيه‪...‬‬ ‫دون أن يب��دو عليها التأ ّثر بالمش��اهد القاس��ية التي‬ ‫نقلته��ا وه��ي ّ‬ ‫تتنقل بي��ن الضحاي��ا كأنّهم أك��داس من‬ ‫القمام��ة المُلق��اة وم��ع هذا لم يس��ئها حت��ى رائحة الدم‬ ‫والم��وت ولم تكترث حتى لحال العج��وز التّي كانت ملقاة‬ ‫ف��ي المقبرة ش��به فاقدة للوعي لتبدأ مباش��رة في اقتالع‬ ‫ش��هادتها غصبا ّ‬ ‫لتؤكد للعالم أنّهم أخطئوا في تقديرهم‬ ‫وأن الج� ّ‬ ‫لاد كان فع�لا الضحيّة غير مكترث��ة لحال المرأة‬ ‫ّ‬ ‫الصحيّة والنفس��ية لما أصابها من رع��ب جرّاء ما حصل‬ ‫ف��ي المج��زرة وفقدانه��ا ألطفاله��ا وجرّاء م��ا حصل بعد‬ ‫ذلك‪..‬‬ ‫مذيعة قذرة على رأس��ها لم ّ‬ ‫تفك��ر حتى في تهدئتها‬ ‫وحصن من الجيش الفاس��د خلف الكاميرا يُملي عليها ما‬ ‫يج��ب أن تقول وال همّ لإلعالمي��ة ابنة النظام المجرم إال‬ ‫ّ أن ت��دوس على دمائه��م جميعا فتتخّذ م��ن رعب المرأة‬ ‫وهلعه��ا وخوفه��ا نيش��انا تصعد ب��ه درجة أعل��ى وأقرب‬ ‫للوحشيّة والالإنس��انية لتنتقل بعد ذلك هادئة كأنها في‬ ‫مسرح للدمى لتجد طفلة صغيرة لتسألها ّ‬ ‫بكل برود «مين‬ ‫ه��ي ال ّلي حدّك؟» لتجيب الطفلة وهي لم تس��توعب بعد‬ ‫ما ج��رى ولم تعرف ما خس��رت «أمّي» ه��ي لم تعي من‬ ‫الخوف ولصغر س��نّها ولوجود مدفع صغير كالمايكروفون‬ ‫تراه ألوّل مرة أم��ام وجهها كبر مصيبتها وأنّها قد فقدت‬ ‫وأن‬ ‫نهائيّ��ا والدته��ا وفق��دت تلك الكلم��ة « أمّ��ي» لألبد ّ‬ ‫َ‬ ‫القتل��ة قبالته��ا ينقذونها ويزرعون العوس��ج في ذاكرتها‬ ‫التّ��ي لن تبذل جهدا عظيما الحقا في اس��ترجاع ما حصل‬ ‫وال اس��ترجاع صورة المذيعة التّي لم تتك ّلف حتى محاولة‬ ‫طمأنتها ونزع الخوف منها‪....‬‬ ‫و األمثلة كثيرة ألنّها كانت تبحث عن الضحايا كأنّها‬ ‫تضيف لنفسها اكتش��افا جديدا تفخر به مع كل ج ّثة وكل‬ ‫ح��يّ خائف لم يخرج م��ن الصدمة بع��د وال يفهم ما ّ‬ ‫حل‬ ‫به‪..‬‬ ‫داري��ا ل��ن تصال��ح ولن تنس��ى المج��زرة التّ��ي راح‬ ‫ضحيّته��ا ما يفوق الـ‪ 440‬ش��هيدا بين إعدام��ات ميدانيّة‬ ‫بالرصاص‪ ..‬القت��ل والحرق والقصف الجوي ولن تنس��ى‬ ‫المج��زرة اإلعالمية التي ارتكبها اإلع�لام الموالي للنظام‬ ‫في ّ‬ ‫حقها ألنّهم قتلوا كل شهيد مرّتين‪..‬‬ ‫«ميش��لين ع��ازار» م��ن المؤيدي��ن الذي��ن س��حقوا‬ ‫اإلنسانية فيهم ورضوا بأن يصعدوا على دم الشعب الذي‬ ‫هو ليس فقط م��ن معارضين بل من مؤيّدين يحترمون‬ ‫وبأن الوطن للجميع ّ‬ ‫لكل‬ ‫إنسانية اآلخر ويؤمنون باالختالف ّ‬ ‫مؤيّ��د ومعارض دون دم آخر يُ��راق ودون أن يُتعامل مع‬ ‫ّ‬ ‫كل األرواح المغتالة أنّها حصيلة يومية ومش��هد اعتياديّ‬ ‫لم يعد يثير فينا أيّ نوع من االستنفار واالعتراض‪..‬‬ ‫لش��هداء ه��ذه األرض الذّين يتس��اءلون‪« ..‬هل نحن‬ ‫أشياء وهل بشر هُمُ‪ ..‬هل دمنا ماء وهل دمهم دمُ»‪..‬‬ ‫ال تحزن��وا فلقد اعتدنا أن يرحل دائم��اً من هم أولى‬ ‫بالبقاء‪..‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫حذّر المركز العالمي للدراس��ات التنموية‪ ،‬ومقرّه‬ ‫لن��دن‪ ،‬من تع��رض الالجئي��ن الس��وريين الفارين من‬ ‫أتون الحرب في س��وريا إلى كارثة إنسانية كبيرة إذا ما‬ ‫استمرت أوضاعهم على الحدود السورية على حالها‪.‬‬ ‫وأوض��ح أن أعداد الالجئي��ن الس��وريين الفارّين‬ ‫إلى خارج س��وريا قد تصل إلى رب��ع مليون الجئ قريبًا‬ ‫معظمه��م م��ن األطف��ال والنس��اء‪ .‬في حي��ن أن أعداد‬ ‫النازحين الس��وريين في الداخل ق��د تفوق هذا الرقم‪،‬‬ ‫خاص��ة أن ق��رى ونواح��ي بأكمله��ا باتت مدم��رة وغير‬ ‫صالحة للعيش في ظل انعدام األمن والخدمات‪.‬‬ ‫وبحس��ب المركز العالمي للدراسات التنموية‪ ،‬فإن‬ ‫ق��درة بع��ض ال��دول كاألردن ولبنان أصبح��ت محدودة‬ ‫في اس��تقبال أع��داد إضافية من الالجئين الس��وريين‪،‬‬ ‫األمر الذي يش��كل تهديداً لحياتهم‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‬ ‫فإن بقاء العديد من الالجئين داخل الش��ريط الحدودي‬ ‫الس��وري س��وف يع��رّض اآلالف منه��م إل��ى مخاط��ر‬ ‫االعتقال أو القتل‪.‬‬ ‫وتفتق��ر العدي��د من المخيم��ات التي تس��تضيف‬ ‫هؤالء الالجئين إلى المياه والكهرباء والخدمات الصحية‬ ‫الكافي��ة‪ ،‬وه��و ما يه��دد بانتش��ار األم��راض واألوبئة‪،‬‬ ‫الس��يما أن العدي��د م��ن األطف��ال حديث��ي ال��والدة لم‬ ‫يحصلوا على اللقاحات الطبية الالزمة‪.‬‬

‫وألمح المركز إلى غياب القدرة االستيعابية للدول‬ ‫التي تستقبل الالجئين السوريين على توفير المدارس‪،‬‬ ‫ما يعني أن قس��مًا كبيراً منهم س��وف يتأخر في فرصة‬ ‫حصوله على التعليم‪.‬‬ ‫وأش��ار إلى خط��ورة اس��تخدام الالجئي��ن كورقة‬ ‫ضغط م��ن قبل النظ��ام الس��وري في محاولت��ه لنقل‬ ‫األزم��ة إلى الخ��ارج كون هذا األمر ينعكس س��لباً على‬ ‫جميع األطراف بما في ذلك النظام السوري نفسه‪.‬‬ ‫ودع��ا المرك��ز العالم��ي للدراس��ات التنموي��ة‬ ‫إل��ى ض��رورة عقد مؤتم��ر دول��ي للمانحين لمس��اعدة‬ ‫الالجئين الس��وريين في محنتهم وتوفير مستلزماتهم‬ ‫الضرورية‪.‬‬ ‫وق��دّر حج��م المس��اعدات المطلوب��ة لالجئي��ن‬ ‫الس��وريين بقراب��ة ‪ 5 .1‬مليار دوالر كافية لمدة س��نة‬ ‫واح��دة فقط‪ ،‬مش��دداً عل��ى ض��رورة التح��رك الدولي‬ ‫الس��ريع لتالفي كارثة إنس��انية حقيقية إذا ما استمرت‬ ‫معاناة الالجئين إلى فصل الشتاء‪.‬‬ ‫وفيما يخصّ النازحين في الداخل الس��وري‪ ،‬دعا‬ ‫المركز العالمي للدراس��ات التنموية‪ ،‬الحكومة السورية‬ ‫إلى تس��هيل عمل المنظمات الدولية للتعرف إلى أحوال‬ ‫آمن لهم‪.‬‬ ‫خروج ٍ‬ ‫النازحين وتسهيل ٍ‬

‫منى النواب‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬

‫العربية ‪ -‬جفرا بهاء‬ ‫استبق السوريون المقابلة مع الرئيس بشار األسد‬ ‫الت��ي بثته��ا قن��اة «الدنيا» بدع��وات للتكبي��ر والتكذيب‬ ‫إلكترونيًا‪.‬‬ ‫ودعت عدة صفحات س��ورية منتش��رة على نطاق‬ ‫واس��ع على «فيس��بوك» لمظاه��رة إلكترونية ش��املة‬ ‫وعاملة في اللحظة التي س��يبدأ بها األس��د كالمه «إلى‬ ‫جميع األدمني��ة بالصفحات‪ ،‬في اللحظة التي س��يظهر‬ ‫به��ا الك��ذاب عل��ى التلفزي��ون‪ ،‬يج��ب أن تهت��ز «النت»‬ ‫وسوريا س��تضج بكلمة وحداة هي‪ :‬بشار األسد كذاب‪..‬‬ ‫‪ ،Bashar al-Assad a liar‬وب��دل التكبي��ر م��ن الي��وم‬ ‫سيخرج التكبير من النت»‪.‬‬ ‫وم��ن الصفح��ات المش��هورة التي دع��ت للفكرة‪:‬‬ ‫«مغس��ل ومش��حم حمص‪ ،‬مجلة س��ورية ب��دا حرية‪،‬‬ ‫حم��ص ني��وز‪ ،‬وتنس��يقية ش��باب كفرنب��ل والصفحة‬ ‫الشركسية لدعم الثورة السورية»‪.‬‬ ‫ومن المع��روف أن موض��وع التكبير بق��ول كلمة‬ ‫«اهلل أكبر» من أكثر ما ميّز الثورة السورية‪ ،‬إذ استعمل‬ ‫السوريون طريقة التكبير من البيوت مع بداية استخدام‬ ‫النظام للرصاص وقتل المتظاهرين السلميين كإثبات‬ ‫وجود أو ًال‪ ،‬وإلخافة األمن الس��وري‪ ،‬والتأكيد على وحدة‬ ‫الناس في المنطقة‪.‬‬ ‫كم��ا ابتك��ر الس��وريون م��ا س��مّوه «المظاه��رة‬ ‫اإللكتروني��ة» بع��د فترة بس��يطة من انط�لاق الثورة‬ ‫السورية‪ ،‬وتعتمد مظاهراتهم اإللكترونية على اعتماد‬ ‫جملة م��ن جمل الثورة مثل‪« :‬الش��عب الس��وري واحد‪،‬‬ ‫س��وريا بدا حرية»‪ ،‬ومن ثم كتابتها وتكراها حتى تبدو‬

‫الصفح��ات الس��ورية العامة والخاص��ة وكأنها مظاهرة‬ ‫تهتف مع الهاتفين في الشوارع‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى كتب الناش��ط السياس��ي إسالم‬ ‫أبو شكير على صفحته في «فيسبوك»‪« :‬سرّي للغاية‪:‬‬ ‫المش��كلة عندي موعد غرامي الس��اعة تسعة‪ ..‬صرلي‬ ‫س��نة عم أش��تغل علي��ه‪ ..‬فم��ا معقول أعت��ذر بعد كل‬ ‫هالش��قا‪ ..‬وما معقول أيضًا السيد الرئيس يأجل موعد‬ ‫اللقاء لحتى أخ ّلص‪ ..‬ضروري حدا منّا يتنازل»‪.‬‬ ‫وكتب ناش��ط آخ��ر ‪« w. b‬إع�لان حال��ة الطوارئ‬ ‫في كافة المش��افي اعتباراً من الس��اعة التاسعة مسا ًء‬ ‫بتوقيت دمشق تحسبًا لحاالت ارتفاع الضغط واألزمات‬ ‫القلبية» في إشارة إلى موعد مقابلة بث المقابلة‪.‬‬ ‫بينما س��خرت صفحة «مغس��ل ومش��حم حمص‬ ‫الدول��ي للدباب��ات» م��ن المقابل��ة فكتب��ت‪« :‬تبث لكم‬ ‫اليوم قناة الدنيا في الس��اعة التاس��عة مسا ًء اعترافات‬ ‫اإلرهاب��ي الخطي��ر بش��ار األس��د ال��ذي يعتب��ر زعي��م‬ ‫العصاب��ات اإلرهابي��ة المس��لحة الت��ي ه��ددت وروعت‬ ‫المدنيي��ن وس��اهمت ف��ي تخري��ب الممتل��كات العامة‬ ‫والخاصة في س��وريا‪ ..‬تابعونا‪ ..‬يرجى النشر وال تنسوا‬ ‫كي��س البزر وكاس��ة الش��اي وصفحة المغس��ل»‪ .‬علمًا‬ ‫أن صفحة «مغس��ل حم��ص» تعد من أكث��ر الصفحات‬ ‫انتشاراً ويشترك فيها اآلالف من السوريين‪.‬‬ ‫وت��زداد لهجة الس��خرية مع صفح��ة «دعم هديل‬ ‫حبيبة أب��و البيش»‪ ،‬فكتبت الصفح��ة‪« :‬هذا وقد كانت‬ ‫معك��م مذيع��ة قن��اة الدني��ة بمقابلة حصري��ة مع أبو‬ ‫البيش من‪ ..‬من تحت التخت ليش هو مس��ترجي يطلع‬ ‫من تحتو»‪.‬‬

‫بع�ض �إن�سان‪..‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫�صفحات �سورية حددت �ساعة ال�صفر حلظة‬ ‫بدء املقابلة وظهور الرئي�س‬

‫�أوجـاع وطـن‬

‫‪3‬‬


‫حماوالت ذكورية ال�ستغالل معاناة الفتيات ال�سوريات‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫تتداول بعض وس��ائل اإلعالم في اآلونة‬ ‫األخيرة أخباراً عن انتش��ار ظاه��رة الزواج من‬ ‫الجئ��ات س��وريات نزح��ن بس��بب االضطرابات‬ ‫الت��ي تجتاح س��وريا‪ ،‬بحج��ة أن أهله��ن يردن‬ ‫الس��تر لهن بأي ثمن‪ .‬منتديات سورية مختلفة‬ ‫نفت استفش��اء ه��ذه الظاه��رة قطعي��ا‪ ،‬لكن‬ ‫التقارير والمؤشرات الواردة من األردن وبلدان‬ ‫عربية أخرى تش��ير إلى وجود ه��ذه الظاهرة‪،‬‬ ‫وإلى دعوات حتى من الساحة الدينية لمساعدة‬ ‫هذه الفئة بـ "الزواج منهن لسترتهن"‪.‬‬

‫�أريد زوجة‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫س��ئم القائم��ون على صفحة "س��وريات‬ ‫مع الثورة" من طلب��ات الزواج التي تردهم من‬ ‫"ش��باب عرب يريدون الزواج من الجئة سورية‬ ‫لس��ترتها‪ ،‬مم��ا دفع بمدي��ر الصفح��ة "طارق‬ ‫الجزائ��ري" الطلب من قراءه قائ�لا‪" :‬أرجو من‬ ‫الجميع عدم إرس��ال هذه الرس��ائل ألنه الوقت‬ ‫م��و وق��ت زواج عنا بس��وريا في ح��رب وأن ما‬ ‫تس��معونه م��ن إش��اعات تحص��ل ف��ي األردن‬ ‫وتركي��ا ولبنان م��ن زواج الالجئات الس��وريات‬ ‫بالمجان هذا كالم فارغ وعاري من الصحة"‪.‬‬ ‫لكن تقارير محلية أردنية تنوه النتش��ار‬ ‫الظاهرة ف��ي المدن التي نزح إليها س��وريون‪.‬‬ ‫حيث نش��ر موقع الص��وت اإللكتروني األردني‬ ‫مقالة عن صحيفة الدس��تور بعنوان "أردنيون‬ ‫يس��تغلون األح��داث ويتزوج��ون م��ن الجئ��ات‬ ‫سوريات"‪ .‬يقول كاتب المقالة ماهر أبو طير‪:‬‬ ‫"تجل��س هنا وهن��اك‪ ،‬فال تس��مع حديثا‬ ‫هذه األيام إال عن الزوجة الس��ورية التي يمكن‬ ‫الزواج منه��ا بمائة دين��ار‪ ،‬أو بمائتي دينار وما‬ ‫علي��ك إال أن تذه��ب إل��ى المف��رق أو عمان أو‬ ‫الرمث��ا أو إرب��د أو الك��رك‪ ،‬لتخت��ار حورية من‬ ‫حوري��ات الش��ام‪ ،‬ألن أهال��ي ه��ؤالء يري��دون‬ ‫س��ترة بناتهم‪ ،‬ويقبلون بزيج��ات عاجلة‪ ،‬دون‬ ‫ش��روط‪ ،‬مجرد مه��ر عادي‪ ،‬وزواج س��ريع‪ ،‬ألن‬ ‫األب المكلوم يريد س��تر ابنت��ه بأي زواج‪ ،‬حتى‬ ‫لو تقدم لها األعور الدجال"‪.‬‬ ‫تقري��ر آخ��ر نش��ره موق��ع أخب��ار ‪24‬‬ ‫األردني يش��ير إلى ع��دد الطلب��ات التي تقدم‬ ‫بها س��عوديون للسفارة الس��عودية في األردن‬ ‫للموافقة على طلبات الزواج ما بين سعوديين‬ ‫وسوريات مقيمات في األردن‪.‬‬

‫قا�صرات‬

‫يصع��ب الوصول إلى أرق��ام وإحصائيات‬ ‫ع��ن ع��دد الزيج��ات وإذا كان��ت ه��ذه الزيجات‬ ‫مرتبطة مباشرة باألحداث الدموية التي تجتاح‬ ‫س��وريا منذ اندالع الث��ورة‪ .‬لك��ن هنالك أيضا‬ ‫مؤش��رات قوية ب��أن هنالك إقب��اال على تزويج‬ ‫الفتيات السوريات ال سيما الصغار منهن والتي‬ ‫ال تتجاوز أعمارهن ‪ 14‬أو ‪ 15‬عشر من العمر‪.‬‬

‫ف��ي تصريح لش��بكة األنباء اإلنس��انية‬ ‫(آيري��ن) قال دومينيك هاي��دي الممثل المحلى‬ ‫لصندوق األمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)‬ ‫إن الصن��دوق يدرك مش��كلة تزويج القاصرات‬ ‫السوريات في األردن مضيفا‪" :‬إننا قلقون بشأن‬ ‫الزواج المبكر الذي يس��تخدم كآلية للتأقلم مع‬ ‫األوضاع"‪ .‬ويعلق عاملون ميدانيون في األردن‬ ‫بأن ظروف المعيشة الصعبة ومخاوف التعرض‬ ‫لالغتصاب تدفع باألهالي الس��وريين النازحين‬ ‫تزويج بناتهم في س��ن مبكرة‪ .‬وبسبب تحديد‬ ‫س��ن الزواج القانوني يلجأ األهالي للزواج غير‬ ‫الرسمي وغير المسجل لدى السلطات‪.‬‬

‫املر�أة يف النزاعات‬

‫ح��ول ظاه��رة زيج��ة الس��وريات تق��ول‬ ‫الناشطة الس��ورية وأمينة سر تيار بناء الدولة‬ ‫الس��ورية منى غانم إلذاعة هولن��دا العالمية‪:‬‬ ‫"ليس لدي معلومات مؤكدة لكني ال أستبعد أن‬ ‫تكون هذه الظاهرة منتشرة ال سيما أن النساء‬ ‫ه��ن ضحي��ة العنف ف��ي مثل ه��ذه الصراعات‬ ‫المس��لحة‪ .‬يس��اعد ف��ي ذل��ك أيض��ا البيئ��ة‬ ‫االجتماعية الذكورية التي دائما تستغل ضعف‬ ‫المرأة ألجل مصالحها"‪.‬‬ ‫أم��ا الناش��طة العراقي��ة ين��ار محم��د من‬ ‫منظمة حرية المرأة العراقية فال تستبعد أن تمر‬ ‫السوريات بنفس السيناريو الذي مرت به المرأة‬ ‫العراقي��ة خالل أعوام االقتت��ال الطائفي‪" :‬مرت‬ ‫الم��رأة العراقية ما بي��ن ‪ 2005‬و‪ 2009‬بمرحلة‬ ‫فيها تم بيعها وشراؤها في دول الخليج برخص‬ ‫التراب‪ ،‬وكان هنالك تسعيرة واضحة لها"‪.‬‬ ‫ردا على سؤالنا حول خبر إجبار بعض النساء‬ ‫السوريات الالجئات في العراق على الزواج المؤقت‬ ‫وه��و خبر تناقلت��ه مواقع عربية‪ ،‬تقول الناش��طة‬ ‫غان��م‪" :‬في رأيي ال توج��د أي تقارير دقيقة اليوم‬ ‫ألننا نفتقد اآللية العلمية المنهجية"‪.‬‬ ‫أم��ا الحقوقية ين��ار محمد فال تس��تبعد أن‬ ‫يكن الالجئ��ات قد اجبرن على الزواج قائلة‪" :‬هذه‬ ‫األخب��ار ال تنتش��ر على الم�لأ‪ ..‬في الع��راق رأينا‬ ‫الموض��وع نفس��ه ف��ي المناط��ق الت��ي تعرضت‬ ‫لصراعات طائفية في ديالى والفلوجة وأجزاء من‬ ‫بغداد حيث هنالك فتيات شابات اُجبرن على الزواج‬ ‫فقط ليحصلن على سفق فوق رؤوسهن"‪.‬‬

‫واجب وطني‬

‫ويب��دو أن القضية انتش��رت إقليميا حتى‬ ‫أنها باتت الش��غل الشاغل لبعض رجال الدين‪.‬‬ ‫حي��ث نش��رت صحيف��ة الفج��ر الجزائرية خبر‬ ‫إف��راد ع��دد م��ن األئمة ج��زءا من خطب��ة يوم‬ ‫الجمعة لهذه القضي��ة ليحثوا الجزائريين على‬ ‫"ال��زواج بالس��وريات اللوات��ي أجبرتهن ظروف‬ ‫الح��رب ببلدهن على الفرار نح��و الجزائر طلبا‬ ‫لألمن واألمان"‪ .‬وفقا للتقرير فإن الدعوة كانت‬

‫لكل جزائري مقتدر بأن "يتزوج لسترتهن حتى‬ ‫ولو كانت متزوجا" وان هذا هو واجب وطني‪.‬‬ ‫مب��ادرات الس��ترة عل��ى النس��اء ليس��ت‬ ‫جديدة ف��ي مجتمعاتنا العربي��ة‪ .‬فعقب الحرب‬ ‫اإلسرائيلية أطلقت جمعيات فلسطينية حمالت‬ ‫لتزوي��ج أرام��ل الش��هداء ودعم��ت المتقدمين‬ ‫للزواج من أرملة ش��هيد ماديا مما آثار انتقادات‬ ‫جه��ات نس��وية الت��ي اعتب��رت أن المؤسس��ات‬ ‫حولت األرامل لسلعة يتداول بها‪.‬‬

‫عرو�س على طبق من ف�ضة‬

‫تق��ول الناش��طة العراقي��ة ين��ار محم��د‬ ‫"الذكور ف��ي أي مجتمع لن يرفضوا إذا قُــدمت‬ ‫لهم فتاة ش��ابة على طبق م��ن فضة‪ ،‬وعندما‬ ‫يق��ال له أن واجبه الوطني أو الديني أن يس��تر‬ ‫عل��ى هذه النس��وة سيس��تغلها‪ ..‬ونتيجة لذلك‬ ‫يرتفع ع��دد الزوجات الثانية والثالثة والرابعة"‪.‬‬ ‫ه��ذا هو عل��ى األق��ل الس��يناريو العراقي كما‬ ‫تصفه الناشطة محمد‪:‬‬ ‫"ف��ي العراق في مناطق العراق األوس��ط‬ ‫لدينا ‪ 20%‬من النس��اء البالغات يصنفن تحت ما‬

‫يس��مى بالزوجة المهجورة‪ ،‬تعتمد على إحسان‬ ‫الناس ه��ي وأطفالها"‪ .‬وتتاب��ع "إذا كان الهدف‬ ‫هو س��ترة الالجئ��ات الس��وريات كم��ا يقولون‪،‬‬ ‫فلماذا ال يسترون عليهن بإقامة مساكن وتوفير‬ ‫رواتب لهن أم أن قضية الزواج من س��ورية هو‬ ‫مثل شراء سيارة جديدة موديل ‪."2013‬‬ ‫الكثير م��ن المعلقين على الموضوع عبر‬ ‫المواق��ع االلكتروني��ة يرون في طلب��ات الزواج‬ ‫من س��وريات إهانة للمرأة السورية واستغالل‬ ‫لوضعها المتردي‪ .‬يقول احدهم‪:‬‬ ‫"الحقيق��ة أنني ش��عرت بأن هذا اس��تغالل‬ ‫لوض��ع الس��وريين‪ ،‬ورأيت أنه من غي��ر الالئق بنا‬ ‫كش��عب عربي أصيل أن نس��تغل حاجة المحتاج‪..‬‬ ‫يج��ب علين��ا أن نكرمه��م ونكرم نس��اءهم بس��د‬ ‫حاجاته��م من الغذاء والدواء والملبس والمش��رب‪،‬‬ ‫ث��م ننتظر حت��ى يفرج اهلل كربته��م ويعودوا إلى‬ ‫ديارهم معززين مكرمي��ن‪ ..‬ثم نذهب إليهم في‬ ‫ديارهم لنخطب بناتهم منهم‪ ،‬كما يحدث عادةً"‪.‬‬ ‫تقرير من عبير صراص ‪ -‬إذاعة هولندا العالمية‬

‫احلر�س الثوري ير�سل مئات ال�ضباط واجلنود لدعم الأ�سد‬

‫"وول �سرتيت جورنال"‪ :‬عنا�صر باحلر�س تتحدث عن ن�شاط �إيران الع�سكري يف �سوريا‬

‫ذك��رت صحيف��ة "وول س��تريت جورنال"‬ ‫أن إي��ران أرس��لت ق��ادة م��ن النخب��ة اإليرانية‬ ‫والح��رس الث��وري والمئ��ات من جنود المش��اة‬ ‫إلى س��وريا لدعم الرئيس بشار األسد في صد‬ ‫المعارضة المسلحة‪.‬‬ ‫ونقلت الصحيفة عن العميد ساالر ابنوش‬ ‫القائ��د في الح��رس الثوري اإليران��ي أن إيران‬ ‫قامت بتدريب أعضاء األجهزة األمنية السورية‬ ‫في مجال األمن والتجس��س على المعارضين‪،‬‬ ‫وأن قرار إرس��ال أفراد الحرس الثوري اإليراني‬ ‫يأتي بع��د هجمات الث��وار على حلب ودمش��ق‬ ‫واالنفج��ار الذي أودى بحياة ‪ 4‬م��ن كبار القادة‬ ‫السوريين في يوليو ‪ /‬تموز الماضي‪.‬‬ ‫وأش��ارت الصحيف��ة نق� ً‬ ‫لا ع��ن مص��ادر‬

‫س��ابقة وحالي��ة ف��ي الح��رس الث��وري إلى أن‬ ‫النظام اإليراني يدعم النظام الس��وري بالمال‬ ‫والس�لاح في األزمة المس��تعصية التي رافقت‬ ‫نجاحات واسعة للمعارضة‪.‬‬ ‫وخالف��اً لتصريح��ات قادة طهران بش��أن‬ ‫ع��دم التدخ��ل ف��ي الش��أن الس��وري‪ ،‬ذك��رت‬ ‫الصحيف��ة أن ع��دداً م��ن قادة الح��رس الثوري‬ ‫تحدثوا بش��كل واضح عن تع��اون هذا البلد مع‬ ‫نظام الرئيس السوري لمجابهة المعارضة‪.‬‬ ‫ونقل��ت تصريح��ات العمي��د أبن��وش قائ��د‬ ‫الحرس الثوري في محافظة قزوين خالل مراسم‬ ‫حكومية حول نش��اط الحرس الثوري في س��وريا‬ ‫حيث ق��ال‪" :‬إننا نخوض الحرب حالياً بكل أبعادها‬ ‫العسكرية في سوریا ما نخوض حربًا ثقافیة"‪.‬‬

‫وكان��ت المعارض��ة الس��ورية والوالي��ات‬ ‫المتح��دة ق��د أعلنت��ا أن إي��ران تدع��م األجهزة‬ ‫األمنية السورية من خالل القرصنة اإللكترونية‬ ‫والتجسس‪ .‬وذكرت مصادر الصحيفة األمريكية‬ ‫أن إيران اتخذت قرار إرس��ال القوات إلى سوريا‬ ‫بعد النجاح الذي حققه المعارضون في دمشق‬ ‫وحل��ب ومقتل أربعة من كب��ار القادة األمنيين‬ ‫في تفجير مجلس األمن الوطني‪.‬‬

‫التناق�ضات يف ال�سيا�سة اخلارجية‬

‫وأظهرت األزمة الس��ورية التناقضات في‬ ‫السياسة الخارجية إليران التي تقول إن ثورات‬ ‫الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا تستمد‬ ‫م��ن ثورتها التي انتصرت في عام ‪ 1979‬لكنها‬ ‫غض��ت الط��رف عن التط��ورات الس��ورية ولم‬

‫تدع��م المتظاهري��ن ضد نظام األس��د وتبنت‬ ‫الرواي��ة الرس��مية الت��ي ترك��ز عل��ى محاربة‬ ‫اإلرهابيين والمؤامرة الخارجية‪ .‬وقال محس��ن‬ ‫س��ازكارا‪ ،‬وهو من مؤسس��ي الح��رس الثوري‬ ‫والمع��ارض للنظ��ام اإليران��ي حاليا‪" :‬تس��عى‬ ‫إي��ران من خالل تس��خير جمي��ع إمكانياتها في‬ ‫العراق ولبنان للحيلولة دون سقوط األسد"‪.‬‬ ‫وأوض��ح وزير الدفاع اإليران��ي مؤخرا أن‬ ‫"إيران ستقوم بتنفيذ االتفاقية األمنية الموقعة‬ ‫مع س��وريا إذا فشلت األخيرة في حل المشاكل‬ ‫القائم��ة"‪ .‬وأوضح أحمد وحيدي في تصريحات‬ ‫صحافية األس��بوع الماضي‪" :‬س��وريا لم تطلب‬ ‫منا لحد اآلن المس��اعدة لتسوية القضايا وهي‬ ‫تعمل بشكل جيد لتسوية األمور"‪.‬‬


‫مو�سيقي كردي يغني بالعربية من �أجل الثورة ال�سورية‬ ‫كتب كلماتها و ّ‬ ‫حلنها �إثر مقتل �صديقه املخرج ال�سينمائي با�سل �شحادة‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫مشاعر ال تترجم إلى أعمال"‪.‬‬ ‫وع��ن ظروف إنت��اج األغني��ة التي وجدت‬ ‫طريقه��ا عبر "اليوتيوب" وفيه��ا يظهر المغني‬ ‫وحي��داً يع��زف على آل��ة البزق ق��ال‪" :‬ربما من‬ ‫الضروري اإلش��ارة إلى أنه تم تسجيل األغنية‬ ‫بكنيس��ة وبجهاز موبايل"‪ .‬وأضاف "يبدو أيضًا‬ ‫أن��ه ما لنا غي��ر بيوت اهلل أيض��اً‪ ،‬فمن الجوامع‬ ‫تخ��رج التظاه��رات‪ ،‬وف��ي الكنائس نؤرش��ف‬ ‫ونغني للثورة"‪.‬‬

‫وقال عمو‪" :‬نحن اآلن كفنانين مطالبون‬ ‫أكث��ر من أي وق��ت آخر أن نك��ون أدوات تقارب‬ ‫بين الثقاف��ات المختلفة في س��وريا‪ ،‬وصياغة‬ ‫هوي��ة س��ورية متج��ددة مبني��ة عل��ى التنوع‬ ‫والتفهم وتقبل اآلخر"‪.‬‬ ‫والفنان عمو يتحدر من قرية الدرباس��ية‬ ‫(ش��مال شرق س��وريا) وهو مؤس��س لمشروع‬ ‫فرقة "جسور" الذي بدأه عام ‪.2007‬‬

‫يعاين الكثري منهم االعتقال والت�ضييق‪ :‬فنانون �سوريون مل يقفوا على احلياد‬

‫اعتقاالت واعتداءات‬

‫تنوعت طوائ��ف ومذاهب هؤالء الفنانين‬ ‫حين��ذاك‪ ،‬لكنه��م اتفق��وا عل��ى الخ��روج م��ن‬ ‫مس��جد‪ .‬وواجهوا المصير نفسه‪ ،‬السجن‪ .‬ومن‬ ‫أب��رز من ش��ارك حين��ذاك الممثلة مي س��كاف‬ ‫والمخرج الس��ينمائي نضال حس��ن‪ ،‬والممثالن‬ ‫محم��د وأحمد ملص‪ .‬وج��رى توقيف هؤالء مع‬ ‫مس��اجين جنائيي��ن في ف��رع األم��ن الجنائي‪،‬‬ ‫وحي��ن خرجوا م��ن المحكمة ليحاكم��وا طلقاء‬ ‫كان "الشبيحة" على موعد معهم‪.‬‬ ‫وف��ي حي المي��دان أيضا اعتق��ل المخرج‬ ‫المسرحي واألكاديمي أسامة غنم إثر مشاركته‬ ‫ف��ي إح��دى المظاه��رات‪ ،‬ول��م يمنع��ه موقعه‬ ‫األكاديمي من التعرض للضرب واإلهانة‪ .‬ورغم‬

‫دور الفنان‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫وتق��ول فدوى س��ليمان لوكال��ة فرانس‬ ‫ب��رس ردا على س��ؤال عن مش��اركة الفنانين‬ ‫الس��وريين "هن��اك الكثي��ر م��ن الفناني��ن‬ ‫السوريين الذين ش��اركوا في الثورة السورية‪،‬‬ ‫لكن بقيت مشاركتهم محدودة"‪.‬‬ ‫وتضيف "كنا في بداية الثورة نأمل منهم‬ ‫موقف��ا أوضح ومش��اركة أكبر‪ ،‬لك��ن الفنانين‬ ‫المعروفي��ن تخل��وا ع��ن دوره��م ف��ي إرش��اد‬ ‫جمهوره��م الذي أحبهم إلى الس��بيل الصحيح‬ ‫للوصول إلى حريتهم‪ ،‬ال بل واعتبروهم رعاعا‬ ‫وإرهابيي��ن"‪ .‬وتدع��و فدوى س��ليمان كل فنان‬ ‫الي��وم "وفي كل أنحاء العالم أن يعود إلى دوره‬ ‫الحقيق��ي واإلنس��اني ف��ي وج��ه كل األنظمة‬ ‫القمعية والقاتلة"‪.‬‬ ‫وتضي��ف "على الفنان الس��وري اليوم أال‬ ‫يخاف من أي حزب أو معس��كر أو نظام‪ ،‬وعليه‬ ‫أال يحسب حسابا إال لإلنسانية وللحق والعدالة‪.‬‬ ‫عل��ى الفنان أال يخضع للتس��ييس ليعجب هذا‬ ‫الفريق أو ذاك‪ ،‬فالحرية والعدالة والمس��اواة ال‬ ‫تنتمي لجهات وال ألحزاب"‪.‬‬ ‫ويقول الكات��ب التلفزيوني تمام هنيدي‬ ‫ال��ذي تع��رض أيض��ا لالعتق��ال "عل��ى الفنان‬ ‫الس��وري أن يحف��ظ جي��دا جملة مارت��ن لوثر‬ ‫كينغ الخالدة‪ :‬المكان األكثر اتس��اعا في جهنم‬ ‫محج��وز ألولئك الذين يقف��ون على الحياد في‬ ‫المعارك األخالقية الكبرى"‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫لم يقف الفنانون الس��وريون جانبا إزاء ما‬ ‫يح��دث في بالده��م‪ ،‬وكثير منهم الي��وم يعاني‬ ‫االعتقال أو التضييق والتهديد أو حمالت التشهير‪،‬‬ ‫ع��دا عن أولئك الذين اضط��روا إلى "النزوح" عن‬ ‫بلدهم خوفا من االعتقال وبطش السلطات‪.‬‬ ‫آخر ه��ذه االعتق��االت كان للفنان محمد‬ ‫عمر أوس��و‪ ،‬الممثل والكاتب التلفزيوني‪ ،‬الذي‬ ‫تعرض لالعتقال عددا م��ن المرات‪ ،‬وهو الذي‬ ‫ظهر مش��اركا في مظاهرات معارضة للنظام‪،‬‬ ‫كما تظهر فيديوهات على موقع يوتيوب‪.‬‬ ‫ويأتي ذلك بعد أيام على اعتقال الممثل‬ ‫والمنتج الس��ينمائي عروة نيربي��ة‪ ،‬وهو مدير‬ ‫ومؤسس مهرجان السينما التسجيلية "دوكس‬ ‫بوكس" في سوريا‪.‬‬ ‫وتع��ود مش��اركة الفناني��ن الس��وريين ف��ي‬ ‫االحتجاج��ات إل��ى األش��هر األول��ى م��ن انطالقه��ا‪.‬‬ ‫وتمثلت المش��اركة األولى الواضحة في إصدار بيان‬ ‫إنس��اني لم يتطرق إلى السياس��ة‪ ،‬وطالب بإيصال‬ ‫المساعدات اإلنسانية من غذاء ودواء وحليب ألطفال‬ ‫درعا المحاصرة‪ ،‬فسمي البيان بـ"بيان الحليب"‪.‬‬ ‫ووقع عل��ى البيان عدد كبير من الفنانين‬ ‫م��ن بينهم من��ى واصف وي��ارا صب��ري وريما‬ ‫فليح��ان‪ .‬وهوج��م بق��وة م��ن إع�لام النظ��ام‬ ‫ومناصريه‪ ،‬وس��رعان ما ظهر ع��دد من هؤالء‬

‫الفنانين في القنوات الرس��مية ف��ي ما بدا أنه‬ ‫تراجع ع��ن مطالبهم‪ ،‬وفهم الجمي��ع آنذاك أن‬ ‫الفناني��ن الس��وريين تح��ت الضغ��ط‪ .‬واليوم‪،‬‬ ‫أصبحت الفنانات الثالث المشار إليهن جميعهن‬ ‫خ��ارج البالد‪ .‬ولع��ل العالمة األبرز لمش��اركة‬ ‫الفناني��ن كان��ت ف��ي المظاه��رة الت��ي أطلق‬ ‫عليها "مظاهرة المثقفين" في األش��هر األولى‬ ‫لالحتجاج��ات‪ ،‬والت��ي اخت��ارت لخروجه��ا مكانا‬ ‫رمزيا‪ ،‬أحد جوامع حي الميدان‪.‬‬

‫ذلك برزت أس��ماء لفنانين شاركوا بوضوح في‬ ‫المظاه��رات م��ن بينه��م الممثل ف��ارس الحلو‬ ‫الذي وجد نفس��ه في ما بعد مضط��را لمغادرة‬ ‫الب�لاد‪ ،‬والممث��ل محم��د آل رش��ي ‪-‬وهو نجل‬ ‫الممثل المخضرم عبد الرحمن آل رش��ي‪ -‬الذي‬ ‫جرى اعتقاله في إحدى المظاهرات‪.‬‬ ‫وج��رى االعت��داء عل��ى الممث��ل ج�لال‬ ‫الطويل‪ ،‬وخطف في ما بعد ليظهر على شاشة‬ ‫اإلعالم الرسمي متراجعا عن كثير من مواقفه‪،‬‬ ‫وه��و ما ترجعه أوس��اط الفناني��ن المعارضين‬ ‫إلى الضغط الذي مورس عليه‪.‬‬ ‫أسماء فنية كثيرة غادرت البالد‪ ،‬ال يعرف‬ ‫بالضب��ط م��ا إذا كان��ت تعرض��ت بالفع��ل إلى‬ ‫تهديدات‪ ،‬أم إنها اتخ��ذت موقفا مناوئا للنظام‬ ‫أدرك��ت أن��ه س��يعرضها للتضيي��ق والتهدي��د‬ ‫فغ��ادرت البالد م��ن تلق��اء نفس��ها‪ .‬ومن بين‬ ‫تل��ك األس��ماء المخ��رج والمنت��ج التلفزيون��ي‬ ‫والس��ينمائي المع��روف هيث��م حق��ي‪ .‬وكذلك‬ ‫تعرض المنتج الس��ينمائي شادي أبو فخر أكثر‬ ‫من مرة لالعتقال قبل أن يغادر البالد‪.‬‬ ‫أم��ا المخ��رج الس��ينمائي الب��ارز أس��امة‬ ‫محم��د‪ ،‬مخرج فيل��م "نج��وم النه��ار"‪ ،‬الفيلم‬ ‫الممن��وع م��ن العرض ألكثر م��ن ثالثين عاما‪،‬‬ ‫وفيل��م "صن��دوق الدني��ا"‪ ،‬فقد كان م��ن أبرز‬ ‫الواقفي��ن ف��ي ص��ف االحتجاج��ات‪ ،‬وم��ن بين‬ ‫موقع��ي‪ ،‬ومطلقي "ن��داء الس��ينمائيين" الذي‬ ‫ن��ادى س��ينمائيي العال��م للوق��وف إل��ى جانب‬ ‫الش��عب الس��وري‪ .‬أس��امة محمد اليوم موجود‬ ‫في باري��س منذ ذلك النداء‪ ،‬وه��و لم ينج من‬ ‫التخوين وحمالت الشتم‪.‬‬ ‫ويق��ول أس��امة محم��د "بع��د ن��داء‬ ‫الس��ينمائيين والمش��اركة ف��ي مهرج��ان كان‬ ‫في ندوة مع كوس��تا غافراس عن الس��ينما في‬ ‫ظ��ل الدكتاتورية قدمت فيها نص "صورة ضد‬ ‫ص��ورة" ع��ن جريمة النظ��ام األمني الس��وري‬ ‫وقتل المتظاهرين‪ ،‬وجريمة اإلعالم الرس��مي‬ ‫في إن��كار الجريمة واتهام القتي��ل بها‪ ،‬تلقيت‬ ‫من س��وريا تهديدات غير موثق��ة‪ ،‬من المتعذر‬ ‫تأكيده��ا أو نفيه��ا‪ ،‬إلى جانب تهدي��دات أخرى‬ ‫عديدة مؤكدة‪ ،‬على صفحات الموالين األمنيين‬

‫على فيس��بوك تتراوح بين تهمة الخيانة وهدر‬ ‫الدم"‪.‬‬ ‫لكن الوجه الفني األبرز من بين الفنانين‬ ‫ف��ي قي��ادة المظاه��رات كان الممثل��ة ف��دوى‬ ‫س��ليمان‪ ،‬التي تعرضت إلى حمالت تشهير إثر‬ ‫مشاركتها في مظاهرات مدينة حمص تحديدا‬ ‫جنبا إلى جنب مع حارس المرمى المعروف عبد‬ ‫الباسط ساروت‪ .‬واستطاعت أن تنجو بأعجوبة‬ ‫فيما الحصار يشتد على مدينة حمص‪ ،‬لتتمكن‬ ‫من مغادرة البالد‪.‬‬ ‫الفنانة ريما فليحان تبنت موقفا مس��اندا‬ ‫للثورة منذ بداياتها‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬

‫دف��ع مقت��ل المخرج الس��ينمائي باس��ل‬ ‫ش��حادة الذي ت��رك دراس��ته للس��ينما ليلتحق‬ ‫بالث��وار ف��ي حم��ص‪ ،‬صديق��ه الموس��يقي‬ ‫الس��وري الكردي إل��ى الغناء ألول م��رة باللغة‬ ‫العربية‪ ،‬ونشرها على موقع "اليوتيوب"‪.‬‬ ‫"قص��ة وط��ن وش��وية ضمير" ه��ذا هو‬ ‫عنوان األغنية التي غنّاها الموسيقي السوري‬ ‫الكردي ص�لاح عمو‪ ،‬حي��ث كتبه��ا ولحّنها إثر‬ ‫مقت��ل صديق��ه المخ��رج الس��ينمائي باس��ل‬ ‫ش��حادة‪ ،‬الذي ترك دراس��ته للس��ينما ليلتحق‬ ‫بالثوار في حمص عاصمة الثورة السورية‪.‬‬ ‫وتق��ول كلمات األغني��ة‪" :‬القصة صار لها‬ ‫كتير‪ ،‬ما عاد بدها صفن��ة تأمل‪ ،‬وكتير تفكير‪،‬‬ ‫القصة قصة وطن تعب كتير‪ ،‬وصار بدها شوية‬ ‫ضمير‪ ،‬ش��و رح تقول لباسل‪ ،‬لغياث‪ ،‬ولمشعل‪،‬‬ ‫وكي��ف رح تتطل��ع بعي��ن طفل‪ ،‬وتنس��ى كيف‬ ‫حم��زة انقتل"‪ ،‬في إش��ارات إلى قتلى س��قطوا‬ ‫في األشهر األخيرة في سوريا وتحولوا إلى رمز‬ ‫للحرك��ة االحتجاجية من باس��ل ش��حادة وغياث‬ ‫مطر ومشعل تمو والطفل حمزة الخطيب‪.‬‬ ‫وق��ال عم��و لوكال��ة "فران��س ب��رس"‪" :‬ما‬ ‫دفعن��ي لكتاب��ة األغني��ة ه��و إحساس��ي بالقهر‬ ‫والظلم وصمت العالم وعجزه عن فعل شيء لهذا‬ ‫الش��عب الذي يسفك دمه كل يوم والعالم يتفرج‬ ‫وينقل الخبر‪ ،‬وكأننا شعب في متحف للقتل"‪.‬‬

‫وأضاف "كتبت األغنية ولحنتها في الليلة‬ ‫التي استشهد فيها المخرج باسل شحادة‪ ،‬كنت‬ ‫أحس بقهر كبير يومها‪ ،‬وأن منسوب اإلنسانية‬ ‫عند البش��ر وصل إل��ى أدنى مس��توى له‪ ،‬وأن‬ ‫العالم فقد ضميره"‪.‬‬ ‫ووصف عم��و األغنية وأس��لوبها بالقول‪:‬‬ ‫"أس��لوب اللحن وطريقة أدائه بسيط وعفوي‪،‬‬ ‫وه��و عموم��ًا األس��لوب ال��ذي أبن��ي عليه كل‬ ‫أعمال��ي‪ .‬اللحن مبنيّ على مق��ام الكرد‪ ،‬وهو‬ ‫مقام فيه اغتراب وحسرة"‪.‬‬ ‫وحول أس��باب غنائه باللغ��ة العربية قال‬ ‫إن أغل��ب أغاني��ه باللغ��ة الكردي��ة كونها لغته‬ ‫األم ولك��ن ه��ذه هي المرة األول��ى التي يغني‬ ‫بها باللغة العربي��ة رغم النقد الذي تعرض له‬ ‫خاصة من أصدقائه‪ ،‬إال أنه أكد أنه ال يميز بين‬ ‫أغني��ة يؤلفها بن��ا ًء على اللغة‪ ،‬فم��ا يهمه هو‬ ‫صدق المشاعر والطاقة اإلنسانية فيها‪.‬‬ ‫وأض��اف "س��معت ردوداً ممت��ازة م��ن‬ ‫األصدق��اء والموس��يقيين ع��ن األغني��ة‪ ،‬وهذا‬ ‫ما يهمني"‪ ،‬مش��يراً إلى أن األغنية هي ليس��ت‬ ‫أغني��ة تعبويه وثوري��ة بالمعن��ى الدقيق‪ ،‬بل‬ ‫ه��ي أغنية ع��ن وطن وث��ورة وش��هداء أبطال‬ ‫من جه��ة‪ ،‬وعن عالم وبش��ر منافقي��ن فقدوا‬ ‫ضميره��م ووضعوا إنس��انيتهم عل��ى الرفّ‪،‬‬ ‫وه��و مش��غولون بنفاقه��م اإلعالم��ي وبيعنا‬

‫‪5‬‬


‫االن�شقاقات عن النظام ال�سوري‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫موقف �أخالقي ي�سجله التاريخ‬

‫ياسر مرزوق‬

‫تع��ود بنا الذاكرة اليوم إلى مس��رحية‬ ‫"ناط��ورة المفاتي��ح" والتي قدمه��ا الثالثي‬ ‫الرحباني الفيروزي في بعلبك ودمشق عام‬ ‫‪ ،1972‬وف��ي هذه المس��رحية يق��رر الملك‬ ‫فرض ضرائ��ب باهظ��ة عل��ى المواطنين‪،‬‬ ‫وم��ن ل��م يتمك��ن م��ن دفعه��ا تج��ب عليه‬ ‫أعمال الس��خرة لس��داد مس��تحقاته‪ ،‬فتقرر‬ ‫بطلة المس��رحية زاد الخير"الس��يدة فيروز"‬ ‫اإلذعان‪ ،‬وبعد أن تنهي أعمال السخرة تعود‬ ‫لمدينته��ا‪ ،‬لتجد الناس المثقلين باألعباء قد‬ ‫تجمعوا بقيادة بربر "نصري ش��مس الدين"‬ ‫وقرروا الرحيل عن بيوته��م وعن المملكة‪.‬‬ ‫عندم��ا رحل��وا أخي��راً‪ ،‬ق��ررت زاد الخي��ر أن‬ ‫تبق��ى وحدها‪ ،‬وترك األهال��ي معها مفاتيح‬ ‫بيوتهم‪ ،‬ومن هنا جاء عنوان المسرحية‪.‬‬ ‫أصدر الملك قراراً بأن تزيّن الش��وارع‬ ‫والس��احات وأن يحض��ر جميع الن��اس بدون‬ ‫استثناء الس��تقبال الملكة العائدة بعد غياب‬ ‫ش��هر ع��ن المملكة ف��ي موطنه��ا األصلي‪.‬‬ ‫طبعًا لم يكن هناك أحد ليطيع األمر‪ .‬وصلت‬ ‫الملكة لتحظى باس��تقبال رس��مي من قبل‬ ‫الحراس الملكيين فقط‪ .‬فوبّخت الملك لهذا‬ ‫االس��تقبال الهزيل الذي نظم على شرفها‪،‬‬ ‫ولعدم كفاءة سلطانه‪.‬‬ ‫وج��د المل��ك نفس��ه برعيّ��ة واح��دة‬ ‫يحكمه��ا‪ ،‬ه��ي زاد الخير‪ ،‬الت��ي أوضحت له‬ ‫أن��ه بدونها ل��ن يبقى من يحكم��ه‪ ،‬فهو لن‬ ‫يستطيع حبس��ها أو قتلها‪ ،‬وأنه إذا جرّب أن‬ ‫يمارس خداعه عليها س��تهاجر هي األخرى‪.‬‬ ‫انقلبت األدوار‪ ،‬وأصبح القرار بيد زاد الخير‪.‬‬ ‫أمر الملك بإطالق س��راح جميع المس��اجين‬ ‫ليصب��ح لدي��ه مواطنين يحكمه��م‪ ،‬لكنهم‬ ‫أيضاً فروا بعي��داً‪ ،‬تاركين الملك لزاد الخير‪.‬‬ ‫أدرك المل��ك أن المملكة بدون الناس الذين‬ ‫هرب��وا م��ن طغيان��ه ال معن��ى له��ا‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن زاد الخير ه��ددت بالرحيل وتركه بدون‬ ‫رعية‪ .‬فنزل عن عرش��ه ليقرع أبواب البيوت‬ ‫المهجورة‪ ،‬ويصرخ متوس� ً‬ ‫لا لهم أن يعودوا‪.‬‬ ‫تنتهي المسرحية بعودة الناس إلى بيوتهم‪،‬‬ ‫وإلى حكم أكثر عد ًال‪.‬‬ ‫ف��ي ملفنا الي��وم نس��لط الضوء على‬ ‫ظاهرة االنشقاق عن النظام السوري‪ ،‬على‬ ‫بأبطال‬ ‫النس��خة الجديدة لرائعة الرحابنة ‪/‬‬ ‫ٍ‬ ‫وش��خوص جديدة‪ .‬ولعل التاريخ الذي يبقى‬ ‫ٍ‬ ‫حاضراً ف��ي ملفنا األس��بوعي يعج بالملوك‬ ‫ونواطي��ر المفاتي��ح‪ .‬ألم يط��رد "كاليجوال"‬ ‫من قصره ومملكته وفد اإلس��كندرية الذي‬ ‫أتى إلي��ه لمناقش��ة ش��ؤون اإلمبراطورية‪،‬‬ ‫وحي��ن ب��دا للمتحاورين أن األم��ر الوحيد ذا‬ ‫األهمية ه��و عبادة اإلمبراطور فإن رؤس��اء‬ ‫الوفد قد س��روا حينما طرده��م اإلمبراطور‬ ‫وهو يتظاهر بالشفقة الممزوجة باالحتقار‬ ‫فه��ؤالء الن��اس برأي��ه ه��م م��ن الذين لم‬ ‫يدركوا بعد أنه إله‪.‬‬ ‫و االنش��قاق‪ ،‬لغةً‪ ،‬مص��در مأخوذ من‬ ‫"ش��قَ"‪.‬‬ ‫الماض��ي الثالث��ي المضعف اآلخر‬ ‫ّ‬ ‫ويس��تطرد المنج��د في الحدي��ث عن الفعل‬ ‫ش��ق ومش��تقاته‪ .‬لكن خالصة الكالم تفيد‬ ‫بأن الشّق‪ -‬بكسر الش��ين المشددة‪ -‬تعني‬ ‫النصف أو الجزء‪.‬‬

‫قال طرفة بن العبد في معلقته يصف‬ ‫ناقة محبوبته كأنها القارب الذي يشق الماء‬ ‫خالل سيرها‪:‬‬ ‫عدولي��ة أو من س��فين ب��ن يامن‬ ‫يج��ور بها الم�لاح ط��وراً ويهتدي‬ ‫يش��ق حَب��اب الم��اء حيزومها بها‬ ‫ُ‬ ‫المف��اول باليدِ‬ ‫كما قس��م الترْبَ‬ ‫أم��ا عنت��رة فيص��ف لقاءه م��ع غريمه‬ ‫فيقول "شككت" بدل شققت‪ ،‬وهما تحمالن‬ ‫المعنى نفسه‪:‬‬ ‫فش��ككت بالرم��ح األصم ف��ؤاده‬ ‫لي��س الكري��م على القن��ا بمحرَّم‬ ‫ف��ي الق��رآن الكريم س��ميت الس��ورة‬ ‫الرابع��ة والثماني��ن م��ن الق��رآن الكري��م‬ ‫بس��ورة "االنش��قاق"‪ .‬وتبدأ باآلية الكريمة‪:‬‬ ‫(إذا السماء انش��قت* وأذنت لبرها وحُقّتْ*‬ ‫وإذا األرض مُدّتْ* وألقت ما فيها وتخلتْ)‪.‬‬ ‫وه��ي تفيد هنا التذكير بهول ما يحدث يوم‬ ‫القيامة من انش��قاق األرض وبروز الموتى‪.‬‬ ‫كما روي في الحديث الش��ريف عن عدي بن‬ ‫حاتم أن رس��ول اهلل‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫قال في الحض عل��ى الصدقات‪" :‬اتقوا النار‬ ‫ولو بش��ق تمرة"‪ .‬م��ن هنا ن��درك أن كلمة‬ ‫االنش��قاق بكل ما تحمله م��ن المعاني‪ ،‬في‬ ‫مجملها‪ ،‬تعني االنفصال‪ .‬وانش��قاق الجنود‬ ‫ع��ن الجيش يعن��ي انفصالهم عنه‪ ،‬س��واء‬ ‫التحق��وا بغي��ره أم ل��م يلتحق��وا‪ ،‬ألن ذل��ك‬ ‫يعني االنفصال‪ .‬وكذلك انشقاقات األحزاب‬ ‫السياس��ية إنما ه��ي انفصال أجنح��ة منها‬ ‫وتكوي��ن أح��زاب جديدة مس��تقلة بأس��ماء‬ ‫جديدة‪.‬‬ ‫وإذا م��ا عدن��ا إلى الملف��ات األولى من‬

‫"س��وريتنا" والت��ي كان فيه��ا اس��تعراض‬ ‫للتي��ارات واألحزاب الس��ورية‪ ،‬بدا لنا واضحًا‬ ‫أن س��وريا ق��د تكون م��ن أكثر ال��دول التي‬ ‫ش��هدت االنش��قاقات الحزبي��ة السياس��ية‪.‬‬ ‫والتي لم تترك أثراً على المش��هد السياسي‬ ‫السوري وذلك لغياب السياسة في المبدأ‪.‬‬ ‫م��ع بداي��ات الع��ام الحال��ي تصاعدت‬ ‫وتي��رة االنش��قاقات عن النظام في س��وريا‬ ‫والت��ي ل��ن يك��ون آخره��ا انش��قاق رئيس‬ ‫ال��وزراء والذي أتى بحس��ب البي��ت األبيض‬ ‫كإش��ارةٍ إلى فقدان الرئيس السوري زمام‬ ‫الس��لطة‪ ،‬إذ ص��رح المتح��دث باس��م البيت‬ ‫األبي��ض "ج��اي كارني" بأن هذا االنش��قاق‬ ‫ٌ‬ ‫دلي��ل على أن قبضة األس��د على الس��لطة‬ ‫تتف��كك‪ .‬فيما يقول أن��درو تابلر‪ ،‬من معهد‬ ‫واشنطن لسياسة الشرق األدنى أن انشقاق‬ ‫حجاب "ذو مغزى سياس��ي"‪ ،‬ألن��ه يظهر أن‬ ‫"هناك تآكل سياس��ي ف��ي الحكومة"‪ .‬فيما‬ ‫قل��ل محللون م��ن جدوى االنش��قاقات على‬ ‫نظام األسد‪ ،‬حيث قال "بيتر هارلنج" الباحث‬ ‫في مجموعة األزمات الدولية وهي مؤسسة‬ ‫بحثية "تحدث االنشقاقات في جميع مكونات‬ ‫النظام ماعدا الدائرة الداخلية المقربة التي‬ ‫لم تظهر عليها بعد مؤشرات لالنشقاق"‪.‬‬ ‫وتوال��ي االنش��قاقات ق��د ال يعط��ي‬ ‫مؤشراتٍ على تفكك النظام شديد الغموض‬ ‫من الداخل‪ ،‬فحتى الي��وم تبدو إدارة الحكم‬ ‫ف��ي س��وريا ضبابية‪ ،‬م��ن العس��ير التعرف‬ ‫عل��ى صانعي الق��رار فيها‪ .‬وعل��ى افتراض‬ ‫انقس��ام من يملك الحل والعقد في النظام‬ ‫الس��وري إلى صقور وحمائم‪ ،‬يبدو عس��يراً‬ ‫أيض��ًا بيانه��م ومعرفة توجهاته��م‪ ،‬مع أنه‬ ‫وبحسب التقارير اإلعالمية فإن بنية النظام‬ ‫الداخلية تضم نحو ‪ 14‬ش��خصًا‪ ،‬من شقيق‬

‫الرئي��س وش��قيقته إل��ى رؤس��اء األجه��زة‬ ‫األمني��ة المختلف��ة‪ ،‬والق��ادة العس��كريين‬ ‫وغيرهم‪ ،‬وه��ؤالء ذاتهم من ألقت الواليات‬ ‫المتحدة واالتحاد األوروبي اللوم عليهم في‬ ‫تنفيذ الهجمات على الش��عب الس��وري‪ .‬هذا‬ ‫باإلضاف��ة إل��ى أن أنظمة الحكم الش��مولي‬ ‫تج��رد أصح��اب المناصب من أي ش��عبية أو‬ ‫ثقل على األرض‪ ،‬كونهم وحتى المنتخبون‬ ‫منه��م يأتون إلى المنصب بتعيين من رأس‬ ‫النظ��ام أو رؤوس األجه��زة األمني��ة‪ ،‬وذلك‬ ‫عل��ى عك��س األنظم��ة الديمقراطي��ة التي‬ ‫يختار الش��عب فيها ممثليه وصانعي القرار‬ ‫ف��ي بل��ده‪ ،‬إال أنها ٌ‬ ‫دليل واض��حٌ على إنهاك‬ ‫النظ��ام وتراخ��ي قبضت��ه األمني��ة إلى حدٍ‬ ‫بعيد‪.‬‬ ‫ولن��ا أن نس��تعرض أهم الش��خصيات‬ ‫المنش��قة ع��ن النظ��ام وف��ق التسلس��ل‬ ‫التاريخي‪:‬‬ ‫ ف��ي نيس��ان ‪ 2011‬أعل��ن نائب��ان‬‫مستقالن في البرلمان السوري استقالتيهما‬ ‫احتجاجًا على أعمال العنف ضد المدنيين‪.‬‬ ‫ كانون الثاني ‪ 2012‬اس��تقالة النائب‬‫عماد غليون عضو لجنة الموازنة في مجلس‬ ‫الشعب السوري ولجوئه إلى مصر‪.‬‬ ‫ ف��ي الثام��ن م��ن آذار ‪ 2012‬أعل��ن‬‫مس��اعد وزي��ر النفط عب��دو حس��ام الدين‬ ‫انش��قاقه احتجاج��ًا عل��ى وحش��ية النظ��ام‬ ‫ليك��ون أول مس��ؤول حكوم��ي ينض��م إلى‬ ‫صفوف المعارضة بعد عام على بدء الحركة‬ ‫االحتجاجية في آذار ‪.2011‬‬ ‫ ف��ي بداية تموز ‪ 2012‬غ��ادر العميد‬‫من��اف ط�لاس الضابط الرفيع ف��ي الجيش‬ ‫الس��وري والقريب من عائلة األسد‪ ،‬سورية‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬

‫إضاف ًة إلى تصاعد الحديث عن أعضاء‬ ‫بارزي��ن ف��ي الدائ��رة المحيط��ة بالرئي��س‬ ‫الس��وري بش��ار األس��د يع��دون خطط��ًا‬ ‫س��رية لالنش��قاق على النظام واالنضمام‬ ‫للمعارض��ة‪ .‬وع��ن مس��ؤولين عس��كريين‬ ‫س��وريين وضعوا بالفعل إستراتيجية خروج‬ ‫من البالد وأقاموا خط��وط اتصال مع الثوار‬ ‫لمناقش��ة كيفي��ة اس��تقبالهم إذا ق��رروا‬ ‫التخلي عن النظام‪ .‬بحس��ب الناطق باس��م‬

‫أسبوعية‬

‫االن�شقاق وامتحان املعار�ضة‬

‫يتعام��ل النظام مع ظاهرة االنش��قاق‬ ‫بس��ذاجة واضح��ة‪ :‬إعالمية وسياس��ية‪ .‬أما‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬فما إن يتم اإلعالن عن انش��قاق‬ ‫أي شخصية مدنية عن النظام‪ ،‬حتى يمطرنا‬ ‫بواب��ل م��ن تصريح��ات‬ ‫اإلع�لام الس��وري‬ ‫ٍ‬ ‫المحللين‪ ،‬عنوانها الرئيس التقليل من شأن‬ ‫الشخصية المنش��قة‪ ،‬بل يتعداها األمر إلى‬ ‫التشويه واإلساءة لسمعة وذمم المنشقين‪،‬‬ ‫متناس��ين فيما يبدو لبديهي��ةٍ واضحة لماذا‬ ‫اختاره��م النظ��ام له��ذه المناص��ب وه��م‬ ‫يملك��ون ملف��ات مالية وأخالقية مش��بوهة‬ ‫بزعمه��م‪ .‬أم��ا االنش��قاقات العس��كرية‬ ‫فينكرها اإلعالم الرس��مي جمل�� ًة وتفصي ًال‬ ‫ويدرجه��ا ف��ي إط��ار الفبرك��ة اإلعالمي��ة‬ ‫والحرب الكونية على سوريا‪.‬‬ ‫وأما الفش��ل السياسي في التعامل مع‬ ‫االنش��قاق‪ ،‬فيتمثل في بيانٍ خجول يصدر‬ ‫عن القيادة السياس��ية يقول بأنه تمت إقالة‬ ‫المنشق قبل يوم من هروبه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫في النهاية ال بد م��ن القول بأنه وفي‬ ‫غي��اب توافق دولي على رحيل النظام‪ ،‬وفي‬ ‫ِ‬ ‫ش��بر من‬ ‫ظ��ل مع��ارك عس��كرية على كل ٍ‬ ‫األرض الس��ورية‪ ،‬لن تس��قط االنش��قاقات‬ ‫وحده��ا النظ��ام‪ ،‬إال أنها تضي��ف جهداً على‬ ‫الجهود المبذولة لتحقيق الهدف‪.‬‬ ‫ويبق��ى االنش��قاق كب��ر المنص��ب أم‬ ‫صغ��ر موقفاً أخالقي��ًا يس��جله التاريخ‪ .‬وإذا‬ ‫كانت األل��وان تبهت على مر الدهور‪ ،‬وتبلى‬ ‫األوراق وتتس��اقط الص��روح‪ ،‬وتص��وّح‬ ‫الديار‪ ..‬فإن السيرة الحسنة هي التي تبقى‪،‬‬ ‫تلهم األجيال التالية‪ ،‬وتعلمهم وتدلهم على‬ ‫الطري��ق الصحيح‪ ،‬مؤكدة أن الصواب يبقى‬ ‫صواب��ًا مدى الده��ر‪ ،‬وأن الحق يظ��ل حقاً‪،‬‬ ‫مهما تغبر األيام والسنون‪.‬‬ ‫نخت��م الي��وم م��ع الثائر "أحم��د مطر"‬ ‫أيضاً في معايدةٍ وإن أتت متأخرة حالها حال‬ ‫العي��د عند مطر من س��وريتنا لهذا الش��عب‬ ‫العظيم‪:‬‬ ‫ق��ال ال��راوي‪ :‬للن��اس ثالث��ة أعي��اد‪..‬‬ ‫عيد الفط��ر‪ ..‬وعيد األضح��ى‪ ..‬والثالث عيد‬ ‫المي�لاد‪ ..‬يأتي الفط��ر وراء الصوم‪ ..‬ويأتي‬ ‫األضحى بعد الرجم‪ ..‬ولكنّ الميالد سيأتي‪..‬‬ ‫س��اعة إعدام الجالد‪ ..‬قيل له‪ :‬في أي بالد؟‪..‬‬ ‫ق��ال الراوي‪ ..‬من تونس حتى تـطـوان‪ ..‬من‬ ‫صنعاء إل��ى عمّان‪ ..‬من مك��ة حتى بغداد‪..‬‬ ‫قُتل الراوي‪ ..‬لكنّ الراوي يا موتى‪ ..‬علمكم‬ ‫سر الميالد‪..‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ثم أعلن انشقاقه بعد ذلك‪ .‬ومناف هو نجل‬ ‫اللواء مصطفى طالس وزير الدفاع السابق‬ ‫والصديق الشخصي للرئيس الراحل حافظ‬ ‫األس��د‪ .‬وأعلن في ‪ 17‬تم��وز أنه موجود في‬ ‫باريس‪.‬‬ ‫ في ‪ 11‬تموز‪ ،‬كان الس��فير السوري‬‫ف��ي بغداد ن��واف ف��ارس أول ديبلوماس��ي‬ ‫يعلن انشقاقه قبل أن يلجأ إلى قطر ويدعو‬ ‫الجي��ش إل��ى االنضم��ام فوراً إل��ى صفوف‬ ‫الثوار‪.‬‬ ‫ في ‪ 24‬تموز‪ ،‬أعلنت القائمة باألعمال‬‫السورية في قبرص لمياء الحريري وزوجها‬ ‫الس��فير الس��وري ل��دى اإلم��ارات العربي��ة‬ ‫المتحدة عبد اللطيف الدباغ انشقاقهما‪.‬‬ ‫ ف��ي ‪ 25‬تم��وز‪ ،‬انش��قاق الملح��ق‬‫األمني في الس��فارة الس��ورية في سلطنة‬ ‫عم��ان محمد تحس��ين الفقي��ر‪ .‬كذلك‪ ،‬قدم‬ ‫ثالثة أعضاء في مجلس الش��عب الس��وري‬ ‫اس��تقاالتهم تندي��داً بالقمع الذي يمارس��ه‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫ ف��ي ‪ 26‬تم��وز أعلن��ت النائب��ة ع��ن‬‫مدينة حلب إخالص بدوي انش��قاقها ولجأت‬ ‫مع أوالدها الس��تة إلى تركيا‪ .‬وكان ذلك أول‬ ‫انش��قاق داخل مجل��س الش��عب (البرلمان)‬ ‫الجدي��د المنبثق عن االنتخابات التش��ريعية‬ ‫األخيرة‪.‬‬ ‫وف��ي ‪ 30‬من تم��وز اس��تقال القائم‬‫باألعمال الس��وري في لن��دن خالد األيوبي‪،‬‬ ‫تبع��ه غداة ذلك قنصل س��وريا لدى أرمينيا‬ ‫محمد حسام حافظ‪.‬‬ ‫ ف��ي ‪ 5‬آب الج��اري انش��قاق العقي��د‬‫الركن يعرب الش��رع الذي وصل إلى األردن‪،‬‬ ‫وأعل��ن انش��قاقه رس��مياً‪ ،‬برفق��ة عدد من‬ ‫كبار ضباط النظام المنش��قين‪ ،‬عرف منهم‬ ‫ش��قيقه المالزم أول كنان الش��رع‪ ،‬والعقيد‬ ‫ياس��ر الح��اج علي والمق��دم توفي��ق الحاج‬ ‫علي‪.‬‬ ‫ أم��ا االنش��قاق الرس��مي األبرز عن‬‫النظ��ام ف��كان انش��قاق رئي��س الحكوم��ة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬وه��و ال��ذي وصف بأن��ه "رئيس‬ ‫الحكوم��ة البعث��ي ف��ي زم��ن اإلصالحات"‪،‬‬ ‫وق��د أتى انش��قاقه بعد ش��هرين فقط من‬ ‫تكليف��ه‪ ،‬بعدم��ا تول��ى من��ذ بداي��ة الثورة‬ ‫ إل��ى جان��ب منصب��ه محافظ��ًا للالذقية –‬‫لجن��ة أمني��ة مهمته��ا إدارة عملي��ات القمع‬ ‫ض��د المظاهرات الس��لمية‪ ،‬وف��ق ما يؤكده‬ ‫و بحس��ب المادة‬ ‫ناشطون سوريون‪ .‬‬ ‫الثامنة والعش��رون بعد المئة من الدس��تور‬ ‫الس��وري‪ ،‬يمارس رئيس الوزراء باالشتراك‬ ‫مع وزرائه االختصاصات اآلتية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬وضع الخطط التنفيذية للسياس��ة‬

‫العامة للدولة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬توجي��ه أعم��ال ال��وزارات والجهات‬ ‫العامة األخرى‪.‬‬ ‫‪ - 3‬وض��ع مش��روع الموازن��ة العام��ة‬ ‫للدولة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬إعداد مشروعات القوانين‪.‬‬ ‫‪ - 5‬إع��داد خط��ط التنمي��ة وتطوي��ر‬ ‫اإلنتاج واس��تثمار الث��روات الوطنية وكل ما‬ ‫من ش��أنه دع��م وتطوير االقتص��اد وزيادة‬ ‫الدخل الوطني‪.‬‬ ‫‪ - 6‬عقد القروض ومنحها وفقًا ألحكام‬ ‫الدستور‪.‬‬ ‫‪ - 7‬عق��د االتفاقيات والمعاهدات وفقاً‬ ‫ألحكام الدستور‪.‬‬ ‫‪ - 8‬متابعة تنفيذ القوانين والمحافظة‬ ‫عل��ى مصالح الدولة وأمنه��ا وحماية حريات‬ ‫وحقوق المواطنين‪.‬‬ ‫‪ - 9‬إص��دار الق��رارات اإلداري��ة وفق��اً‬ ‫للقوانين واألنظمة ومراقبة تنفيذها‪.‬‬ ‫أما على صعيد االنشقاقات العسكرية‪،‬‬ ‫فبعد انشقاق المقدم "حسين الهرموش" ثم‬ ‫العقيد "رياض األسعد" الذي أعلن في نهاية‬ ‫ش��هر حزيران عام ‪ 2011‬تأسيس "الجيش‬ ‫الس��وري الحر" ليبدأ معارضة مس��لحة ضد‬ ‫النظام‪ .‬انشق عشرات الضباط عن الجيش‬ ‫النظام��ي معظمه��م لج��أ إلى تركي��ا‪ .‬ومن‬ ‫أب��رز االنش��قاقات ما قام ب��ه العقيد الطيار‬ ‫الس��وري حس��ن مرعي الحماده الذي هبط‬ ‫بطائرت��ه م��ن ط��راز "مي��غ" ف��ي األراضي‬ ‫األردنية ف��ي ‪ 22‬حزيران‪ .‬ويق��ول المرصد‬ ‫السوري لحقوق اإلنسان إن «عشرات آالف»‬ ‫الجن��ود فروا من الجي��ش النظامي منذ آذار‬ ‫‪ 2011‬م��ن دون أن ينضم��وا بالضرورة إلى‬ ‫صفوف المعارضة المسلحة‪.‬‬ ‫واالنش��قاق عموماً يكون باتجاه تركيا‬ ‫أو األردن نظ��راً إل��ى الق��رب الجغرافي من‬ ‫س��وريا في ظل اس��تحالة دخول إل��ى لبنان‬ ‫حيث سيطرة حزب اهلل‪.‬‬

‫القيادة المش��تركة للجيش الحر في الداخل‬ ‫قاس��م س��عد الدين الذي صرح بأنهم تلقوا‬ ‫اتصاالت عديدة من ضباط كبار ومسؤولين‬ ‫"يرغبون باالنش��قاق ويطلبون المساعدة"‪،‬‬ ‫وأنهم يعملون على تأمين ذلك‪ .‬وهنا توضع‬ ‫المعارضة الس��ورية أم��امَ امتحانٍ قانوني‬ ‫وأخالقي خطير‪ .‬فماذا لو انش��ق عن النظام‬ ‫أح��د من تلوث��ت أيديهم بدماء الس��وريين‪،‬‬ ‫الس��يما أن ما يتداول ع��ن تهريب جزء كبير‬ ‫منهم ألمواله إلى المصارف اللبنانية بأسماء‬ ‫وهمية وبمس��اعدة الحزب اللبناني المقاوم‬ ‫ال��ذي يحف��ل تاريخ��ه بعملي��ات تبيي��ض‬ ‫األم��وال‪ ،‬يع��د مؤش��راً عل��ى ني��ة البعض‬ ‫باالنشقاق أو الهرب بالحد األدنى‪.‬‬ ‫كيفية تعامل المعارضة مع انشقاقاتٍ‬ ‫من هذا النوع هو العنوان العريض لس��وريا‬ ‫المقبلة‪ ،‬وهو الفيصل في سلوك المعارضة‬ ‫وأهدافها‪ ،‬ليتضح إذا ما كان إسقاط النظام‬ ‫فقط ه��و الهدف‪ ،‬أم بناء دول��ةٍ مدنية عبر‬ ‫آلي��ات قانوني��ة‪ ،‬عمادها العدال��ة االنتقالية‬ ‫ومحاسبة المجرمين‪.‬‬ ‫أما عن موقف المعارضة من انش��قاق‬ ‫أي ش��خصية ل��م تتلط��خ يده��ا بدم��اء‬ ‫الس��وريين فهو أمرٌ محس��وم لدى مختلف‬ ‫أطيافه��ا‪ ،‬إذ ص��در ع��ن المجل��س الوطني‬ ‫م��ا نص��ه "أن س��رعة االنش��قاقات الت��ي‬ ‫تصيب مفاصل النظام الس��وري السياسية‬ ‫والعس��كرية هي دليل على س��رعة تفككه‬ ‫وق��رب انهي��اره‪ ،‬وإن أي مح��اوالت يقوم بها‬ ‫حلف��اء النظ��ام إلس��ناده وإبقائ��ه على قيد‬ ‫الحياة إنما هي محاوالت فاشلة لن يكتب لها‬ ‫النجاح‪ ،‬وس��يخيب مسعى هؤالء‪ ،‬وستنتصر‬ ‫إرادة الش��عب السوري في الحرية والكرامة‪،‬‬ ‫وعل��ى المجتمع الدولي أن ي��درك أن مرحلة‬ ‫بش��ار األس��د قد انته��ت وأن س��وريا مقبلة‬ ‫على مرحل��ة جديدة س��يكون عنوانها البناء‬ ‫والتنمية واالستقرار والحرية"‪.‬‬ ‫تراه��ن المعارض��ة الس��ورية ف��ي‬ ‫إستراتيجيتها إلس��قاط النظام على توسيع‬ ‫حركة االنشقاقات‪ -‬العسكرية والسياسية‪-‬‬ ‫وعلى حرب استنزاف مفتوحة على األرض‪،‬‬ ‫وذل��ك بعد وصول المس��اعي الدبلوماس��ية‬ ‫الدولية إلى طريق مس��دود على صعيد حل‬ ‫األزمة في البالد‪.‬‬ ‫يق��ول ري��اض قهوج��ي‪ ،‬مدي��ر‬ ‫مرك��ز "اينغم��ا" للدراس��ات العس��كرية‪ ،‬إن‬ ‫"إس��تراتيجية الجي��ش الس��وري الحر تقوم‬ ‫حالي��اً على اس��تنزاف الخص��م بحرمانه من‬ ‫قياداته عبر تشجيعهم على االنشقاق ومن‬ ‫قوت��ه القتالية بح��رب العصاب��ات والكمائن‬ ‫وتدمير اآلليات"‪.‬‬

‫تعامل النظام مع ظاهرة االن�شقاق‬

‫‪7‬‬


‫تحقيق ‪. .‬‬

‫�ســـوريا‪� ..‬شــهران مــن‬ ‫التدخالت اجلراحية‬

‫منظمة أطباء بال حدود‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫تعمل منظمة أطباء بال حدود في‬ ‫الميدان داخل س��وريا منذ ش��هرين‬ ‫اآلن‪ ،‬حي��ث تحاول توفير المس��اعدة‬ ‫اإلنس��انية لألش��خاص المتأثري��ن‬ ‫بالنزاع المسلح‪ .‬وبمساعدة مجموعة‬ ‫من األطباء السوريين‪ ،‬استطاع فريق‬ ‫طبي في ظرف س��تة أيام أن يُحوّل‬ ‫منز ًال مهجوراً إلى مستش��فى طوارئ‬ ‫يتلقى فيه الجرح��ى عمليات جراحية‬ ‫ويمكنهم االستشفاء فيه‪.‬‬ ‫م��ع انتص��اف ش��هر أغس��طس ‪ /‬آب‪،‬‬ ‫اس��تقبلت منظمة أطباء بال ح��دود في هذا‬ ‫المرفق الصحي أكثر من ‪ 300‬مريض‪ ،‬كما‬ ‫أج��رت ‪ 150‬عملية جراحي��ة‪ .‬وكانت معظم‬ ‫اإلصابات لها صلة بالنزاع المس��لح‪ ،‬س��ببها‬ ‫في الغالب قذائ��ف الدبابات والقصف‪ .‬وكان‬ ‫العديد من المرضى يعانون من جروح بسبب‬ ‫األس��لحة الناري��ة‪ ،‬كما أن معظ��م المرضى‬ ‫كانوا من الرجال‪ ،‬بينما بلغت نس��بة النساء‬ ‫امرأة واح��دة من أصل كل عش��رة مرضى‪.‬‬ ‫وكان واح��د م��ن كل خمس��ة مرض��ى دون‬ ‫سن العشرين‪ .‬وحسب الطاقم الطبي‪ ،‬كان‬ ‫حوال��ي ثلثا التدخ�لات الطبي��ة يُصنف في‬ ‫إطار العمليات الجراحية الطارئة‪.‬‬ ‫غير أن مس��تقبل هذا المشروع يبقى‬ ‫غي��ر مؤك��د‪ .‬فباإلضاف��ة إلى ك��ون منظمة‬ ‫أطب��اء بال ح��دود تعمل ب��دون ترخيص من‬ ‫السلطات الس��ورية‪ ،‬تبقى أنشطتنا مهددة‬ ‫بالطبيعة المتغيرة للنزاع المسلح وصعوبة‬ ‫وص��ول اإلمدادات والتحدي��ات التي تعترض‬ ‫الجرح��ى الذي��ن يحاول��ون الوص��ول إل��ى‬ ‫المستشفى‪.‬‬ ‫وبالنظر إلى مس��توى العنف المنتش��ر‬ ‫في س��وريا اليوم‪ ،‬ال يستطيع فريق منظمة‬ ‫أطب��اء بال ح��دود الطب��ي س��وى توفير قدر‬ ‫مح��دود م��ن الدع��م الطبي‪ ،‬خصوص��اً وأن‬ ‫س�لامة أفراد الطاقمي��ن الدول��ي والمحلي‬ ‫مه��ددة‪ .‬ولكن‪ ،‬تبق��ى المس��اعدة المقدمة‬ ‫في هذا المستش��فى أساس��ية إلنق��اذ حياة‬ ‫المرضى الذين نعالجهم هناك‪.‬‬ ‫وس��نعرض في ه��ذا الملف لش��هادات‬ ‫ثالث��ة من زمالئنا‪ ،‬آنا وكيلي وبراين‪ ،‬الذين‬ ‫يعتب��رون أن المرضى وطبيعة الجروح التي‬ ‫يعالجه��ا الفري��ق الجراحي ه��م أكبر دليل‬ ‫عل��ى اس��تعمال المدفعية الثقيل��ة في هذا‬ ‫النزاع المس��لح وعلى ح��رب عنيفة ال تفرق‬ ‫بين مسلح ومدني‪.‬‬

‫"بد�أ اجلرحى يتقاطرون‬ ‫علينا من كل مكان "‬

‫ش��اركت األخصائية الجراحية آنا‬ ‫نُواك في أكثر من ‪ 20‬بعثة لمنظمة‬ ‫أطب��اء بال ح��دود‪ .‬وقد ع��ادت لتوها‬ ‫من سوريا‪ ،‬حيث س��اعدت في إنشاء‬ ‫المشروع‪.‬‬ ‫| كيف استطعتم إنجاز بعثة الطوارئ هذه‬ ‫بدون تصريح رسمي من السلطات السورية؟‬ ‫| | بفض��ل الدع��م ال��ذي قدمت��ه لنا‬

‫مجموعة من األطباء الس��وريين‪ ،‬اس��تطعنا‬ ‫تحديد م��كان صالح إلج��راء العمليات‪ .‬وبعد‬ ‫قيامن��ا بزيارة أولية قصيرة‪ ،‬اس��تقر قرارنا‬ ‫على فيال مهجورة‪ .‬كانت هذه األخيرة مكونة‬ ‫م��ن طابقين وتضم ثمانية غرف‪ ،‬ولم تكن‬ ‫ق��د اكتمل بناؤها بع��د‪ ،‬ولكن لم يكن لدينا‬ ‫خيار آخر‪ .‬وعلى مدى س��تة أيام‪ ،‬بذلنا جهداً‬ ‫عظيماً ف��ي تحويل المكان إلى مستش��فى‬ ‫جراحي يش��تمل على حوالي عش��رة أَسِرّة‬ ‫استشفائية‪ ،‬وقاعة تعقيم‪ ،‬وقاعة عمليات‪،‬‬ ‫وقاع��ة إنعاش للط��وارئ‪ ،‬وقاع��ة للتعافي‪.‬‬ ‫وباإلضاف��ة إل��ى الصعوبات الت��ي واجهناها‬ ‫ف��ي توظيف طاقم طبي محل��ي‪ ،‬كان علينا‬ ‫أن نح��ل مش��اكل اإلم��دادات‪ ،‬بالنظ��ر إلى‬ ‫خطورة اس��تيراد أو ش��راء المع��دات الطبية‬ ‫حاليًا في سوريا‪.‬‬ ‫| تحت أية ظروف بدأتم في إجراء العمليات‬ ‫على المرضى؟‬ ‫| | وص��ل أوائ��ل المرض��ى ي��وم ‪22‬‬ ‫يوني��و ‪ /‬حزي��ران‪ ،‬يوم��ًا واحداً بع��د افتتاح‬ ‫المستش��فى‪ .‬ف��ي البداي��ة‪ ،‬كان معظ��م‬ ‫الجرح��ى الذين اس��تقبلناهم أش��خاصًا قد‬ ‫خضعوا بالفعل إلى عملية جراحية‪ .‬ولألسف‪،‬‬ ‫كان علينا أن نعمل في ظروف متردية فيما‬ ‫يخ��ص النظاف��ة الصحي��ة‪ ،‬وهو م��ا يعني‬ ‫في الع��ادة خط��راً أكبر لإلصاب��ة بالعدوى‪.‬‬ ‫ومع اندالع نزاعات جديدة‪ ،‬بلغ المستش��فى‬ ‫س��ريعًا ح��دود طاقت��ه االس��تيعابية‪ .‬وبعد‬ ‫م��رور أي��ام قليلة‪ ،‬كنا نس��تقبل م��ا يصل‬ ‫إلى س��تة جرحى في اآلن نفسه‪ ،‬وهو رقم‬ ‫متواضع نس��بيًا‪ ،‬ولكنه مرتفع بالنسبة إلينا‬ ‫بالنظر إلى مواردن��ا وقدراتنا المحدودة في‬ ‫تقدي��م العالج‪ .‬وم��ا لبث الجرح��ى أن بدأوا‬

‫يتقاط��رون علينا من كل صوب؛ فكان علينا‬ ‫أن نبح��ث ع��ن ط��رق بديلة إلي��واء الناس‪،‬‬ ‫حت��ى وإن اضطررن��ا لوضع األس��رّة خارجًا‬ ‫ف��ي المصطب��ة‪ .‬وأحيان��ًا‪ ،‬كان المرض��ى ال‬ ‫يصل��ون إلين��ا خ�لال النه��ار بس��بب القتال‬ ‫ألن الط��رق تكون مقطوع��ة أو ألن المجيء‬ ‫إلى المستش��فى يكون محفوف��ًا بالمخاطر‪،‬‬ ‫وأحيان��اً كانوا يصل��ون إلينا أواخ��ر الليل أو‬ ‫عند الفجر‪ .‬لقد كان األمر غاية في اإلرهاق‪،‬‬ ‫حتى وإن كنا نستطيع االتكال على مساعدة‬ ‫أق��ارب المرضى‪ .‬لقد كان مؤثراً حقًا أن نرى‬ ‫كل هذا االستعداد الكامل والرغبة الصادقة‬ ‫في مساعدتنا‪.‬‬ ‫| ما نوع الجروح التي عالجتموها؟‬ ‫| | وقفن��ا عل��ى أش��خاص جُرح��وا‬ ‫بالرص��اص أو قناب��ل اله��اون أو القذائ��ف‪.‬‬ ‫وكانت أغلب الج��روح في األطراف ومنطقة‬ ‫المع��دة أو بي��ن العن��ق والبط��ن‪ .‬ورغم أن‬ ‫معظم المرض��ى كانوا من الرج��ال‪ ،‬إال أننا‬ ‫كنا نستقبل كذلك النساء واألطفال‪ ،‬وكانت‬ ‫معظم هذه الح��االت تصلنا متأخرة‪ .‬وحالياً‪،‬‬ ‫هن��اك قتال دائ��ر وقصف على بعد عش��رة‬ ‫كيلومت��رات من مكان المستش��فى‪ .‬غير أن‬ ‫مرضانا أحيانًا يأتون إلينا من مناطق بعيدة‬ ‫ج��داً‪ ،‬ما يؤدي إلى تده��ور حالتهم الصحية‬ ‫وربم��ا إل��ى الم��وت‪ .‬كل ه��ذا يجع��ل المرء‬ ‫يتس��اءل ع��ن العقب��ات التي تمن��ع حصول‬ ‫الن��اس على رعاية جيدة في س��وريا اليوم‪،‬‬ ‫بم��ن فيه��م المرض��ى الذي��ن يعان��ون من‬ ‫إصاب��ات ال عالقة لها بالنزاع المس��لح‪ ،‬مثل‬ ‫ضحايا حوادث السير‪.‬‬ ‫| ما هي أهم الصعوبات التي تعترض مثل‬ ‫هذا المشروع؟‬

‫| | اتقا ًء ألي��ة مخاطر محتملة‪ ،‬يعمل‬ ‫طاق��م المستش��فى ف��ي س��وريا بطريقة‬ ‫مس��تقلة وحذرة‪ ،‬بحيث تختف��ي العديد من‬ ‫المستشفيات الميدانية بنفس السرعة التي‬ ‫ظهرت بها‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬يُعتبر المرفق‬ ‫الصح��ي الذي أنش��أناه مهماً ج��داً للجرحى‬ ‫الذي��ن يبحثون ع��ن المس��اعدة‪ ،‬ولكن في‬ ‫نف��س الوق��ت يبق��ى ه��ذا الوض��ع حرج��ًا‬ ‫للغاي��ة‪ .‬فالعقبات األمني��ة تحدّ من مواردنا‬ ‫وقدراتها‪ .‬فأي جرح تقليدي له صلة بالحرب‬ ‫يتطل��ب ف��ي المتوس��ط خمس��ة أي��ام من‬ ‫االستش��فاء‪ .‬وباس��تثناء أكثر الحاالت سوءاً‪،‬‬ ‫نج��د أحياناً صعوبة في االحتفاظ بالمرضى‬ ‫ف��ي المستش��فى أط��ول م��ن ه��ذه المدة‪.‬‬ ‫وبإم��كان المرضى الذين يعيش��ون بالقرب‬ ‫م��ن المستش��فى‪ ،‬أو يقيم��ون ف��ي الجوار‬ ‫عن��د عائالته��م أو أصدقائهم‪ ،‬الع��ودة إلينا‬ ‫من أج��ل متابعة حالته��م أو للحصول على‬ ‫ضم��ادات للجروح‪ .‬ولك��ن‪ ،‬بالرغم من حس‬ ‫التضامن الكبير الذي عبّر عنه السكان هنا‪،‬‬ ‫بحيث يس��تطيع الكثير م��ن المرضى البقاء‬ ‫ف��ي المنطق��ة مؤقت��ًا‪ ،‬فإن البع��ض منهم‬ ‫يغادر المستش��فى ثم ال نس��مع عنهم خبراً‬ ‫بعد ذلك‪.‬‬ ‫"غي��ر أن مرضانا أحيانًا يأتون إلينا من‬ ‫مناط��ق بعي��دة جداً‪ ،‬م��ا يؤدي إل��ى تدهور‬ ‫حالتهم الصحية وربما إلى الموت"‪.‬‬

‫"بد�أنا نح�صل على نتائج‬ ‫جيدة"‬

‫براين مولر مم��رض تخدير يعمل مع‬ ‫منظم��ة أطباء بال حدود منذ تس��عة أعوام‪،‬‬


‫تحقيق ‪. .‬‬ ‫عمل بعنوان‪ :‬داريا‪ ،‬إعدام ميداني | محمد عمران‬

‫كيل��ي ديل��وُرث ه��ي أخصائية‬ ‫تخدير تعم��ل مع منظم��ة أطباء بال‬ ‫حدود منذ تس��عة أع��وام‪ ،‬عادت بعد‬ ‫قضاء ش��هر في بعثة س��وريا‪ .‬تصف‬ ‫فيما يلي آالم الجرح��ى الذين كانت‬ ‫تعالجه��م وم��دى ش��دة جروحه��م‪،‬‬ ‫ف��ي محي��ط يصع��ب في��ه الحصول‬ ‫عل��ى الرعاية المناس��بة ف��ي الوقت‬ ‫المناسب‪.‬‬ ‫وصل��ت إلى هن��اك بعد فت��رة قصيرة‬ ‫من ش��روع منظمة أطباء بال حدود في عالج‬ ‫الناس‪ ،‬حيث شاركت في حوالي ‪ 100‬عملية‬ ‫جراحي��ة‪ .‬وكانت حوالي تس��عين في المائة‬ ‫من هذه العمليات الجراحية تهم إصابات لها‬ ‫صلة بالعن��ف‪ ،‬معظمها بس��بب االنفجارات‬ ‫وش��ظايا القذائف‪ .‬كما كنا نعالج عدداً مهمًا‬ ‫من إصابات األس��لحة النارية‪ .‬ولكن‪ ،‬ما أثار‬ ‫انتباهنا ه��و عدد ضحايا القص��ف المكثف‪،‬‬

‫أسبوعية‬

‫"كان البع�ض ي�صل �إلينا بعد‬ ‫فوات الأوان"‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬

‫الحصول عل��ى اإلمدادات الطبي��ة واألدوية‪.‬‬ ‫فهناك خصاص في الدم والمسكنات ومواد‬ ‫التخدي��ر‪ ،‬وفي كل ش��يء آخ��ر‪ .‬وإلى جانب‬ ‫غياب الم��اء والكهرب��اء وش��بكات االتصال‪،‬‬ ‫تبق��ى مش��اكل اإلتاح��ة والنق��ل والتموين‬ ‫األكثر حدة‪ ،‬وإن كانت كلها مش��اكل رديفة‬ ‫بالنزاع��ات المس��لحة ف��ي كل م��كان‪ .‬ومن‬ ‫جانبنا‪ ،‬فقد نجح المشروع بفضل مجموعة‬ ‫م��ن األطب��اء الس��وريين وجهود مس��ؤولي‬ ‫العملي��ات اللوجس��تية لدينا ف��ي المحافظة‬ ‫على مخزون احتياطي يس��مح لنا بمواصلة‬ ‫العم��ل لمدة أس��بوعين في ح��ال وقوع أية‬ ‫مش��كلة كبيرة‪ .‬كما نتلق��ى تبرعات خاصة‪،‬‬ ‫تن��م عن حس كبي��ر للتضامن لدى األهالي‬ ‫ف��ي هذه المنطقة‪ .‬ومنذ أي��ام قليلة‪ ،‬جاءت‬ ‫بعض النس��وة من القرية ومعهن كيس��ان‬ ‫كبي��ران مليئان بالمؤن الطبي��ة والضمادات‬ ‫واألدوية التي تم ش��راؤها م��ن الصيدليات‬ ‫المحلية‪ .‬ويبقى م��ن الصعب تحديد مصدر‬ ‫هذه المنتجات؛ فمث ًال‪ ،‬إذا لم تكن تعرف منشأ‬ ‫م��واد التخدير‪ ،‬هل تس��تطيع اس��تخدامها؟‬ ‫ولكن المش��كلة في زمن الحرب هي أنك ال‬ ‫يكون لديك دائماً فرصة لالختيار‪.‬‬ ‫"تع��زز خب��رة فريقنا في ه��ذا المجال‬ ‫قدرات أفراد الطاقم المحليالذين يشاهدون‬ ‫هذا النوع من العنف ألول مرة"‪.‬‬

‫بالنظر إل��ى حجم جروحهم ومدى اإلصابات‬ ‫بالش��ظايا‪ ،‬إل��ى جان��ب ك��ون المدنيي��ن‬ ‫يُستهدفون بدون تمييز‪.‬‬ ‫وبالنظ��ر إل��ى ق��درات المستش��فى‬ ‫المحدودة‪ ،‬فإن وصول مجموعة صغيرة من‬ ‫المرض��ى المصابي��ن بجروح خطي��رة‪ ،‬كان‬ ‫كفي ًال بخلق ضغط كبير علينا‪ .‬في مثل تلك‬ ‫الح��االت‪ ،‬كنا نُضطر إل��ى مضاعفة الجهود‬ ‫والعم��ل ب��دون توق��ف‪ ...‬وإلى جان��ب أفراد‬ ‫آخري��ن من الفري��ق‪ ،‬كنت أعم��ل في قاعة‬ ‫الط��وارئ وقاعة العمليات وأقس��ام الرعاية‬ ‫الالحقة للعملي��ات‪ .‬غير أن إنعاش المريض‬ ‫أو إج��راء عملية جراحي��ة‪ ،‬ال يعني أن العمل‬ ‫قد انتهى؛ إذ كان علينا ضمان تقديم أفضل‬ ‫رعاية ممكنة الحقة للعمليات‪ :‬تسكين جيد‬ ‫لأللم‪ ،‬رعاي��ة مكثفة للمرضى ذوي الحاالت‬ ‫الحرج��ة‪ ،‬اتقاء الخُثارٌ الوَري��دِيّ العميق‪،‬‬ ‫التغذية‪ ،‬الخ‪.‬‬ ‫وغالباً ما كان المرضى يصلون إلينا في‬ ‫حال��ة مزرية من األلم‪ ،‬مع كل ما يترتب عن‬ ‫ذلك من مخاطر‪ :‬فقد كنا نس��تقبل مرضى‬ ‫تصلبت أطرافهم ومفاصلهم‪ ،‬وكانت لديهم‬ ‫مش��اكل في الحركة وتعقيدات خطيرة في‬ ‫الجهاز التنفس��ي‪ .‬وكان آخ��رون يأتون إلينا‬ ‫م��ن أماكن بعي��دة ج��داً بع��د أن يكونوا قد‬ ‫قطعوا م��ا يصل إل��ى ‪ 150‬كيلومتراً‪ .‬وكان‬ ‫عدد منهم يصل إلينا بعد أن تكون اإلصابة‬ ‫المبدئي��ة قد حدثت منذ فترة عوض بلوغها‬ ‫المرحلة الحرجة أو ش��به الحرجة‪ ،‬فيما كان‬ ‫البع��ض يصل إلينا بعد ف��وات األوان‪ .‬وكان‬ ‫من بينهم مرضى لم يس��تطيعوا الحصول‬ ‫على أي ن��وع من الرعاية الالحق��ة للعملية‬ ‫الجراحية‪ ،‬ومرضى آخرون تلقوا رعاية غير‬ ‫مناس��بة‪ ،‬وآخرون لم يتلقوا أي رعاية طبية‬ ‫أص ًال‪.‬‬ ‫وكان من بين هؤالء طفل في الرابعة‬ ‫عشر من العمر‪ ،‬وصل إلينا يعاني من فشل‬ ‫في الجهاز التنفس��ي واحتقان في السوائل‪.‬‬ ‫وكان ق��د خضع لعملي��ة جراحية في البطن‬ ‫وأخرى الس��تئصال الطحال‪ ،‬م��ا جعل حالته‬ ‫الصحي��ة تتده��ور بع��د أن لم يتل��ق رعاية‬ ‫طبية مناس��بة ف��ي حينها‪ .‬لقد وص��ل إلينا‬ ‫وقد اعتراه ما يش��به الشلل تماماً وهو فوق‬ ‫النقال��ة‪ ،‬ولكن��ه غادرنا بعد أي��ام قليلة من‬ ‫وصوله والبسمة تعتري محياه‪.‬‬ ‫كم��ا أتذكر جريحاً آخر وص��ل إلينا في‬ ‫حال��ة س��يئة‪ ،‬حيث خض��ع منذ أي��ام لعملية‬ ‫جراحي��ة ثم اضط��ر للهرب مباش��رة بعدها‬

‫بس��بب وجود تهديد بقص��ف منطقته‪ .‬وقد‬ ‫قض��ى يومين أو ثالث��ة قب��ل أن يصل إلى‬ ‫مستش��فانا‪ ،‬ثم اس��تطاع هو اآلخ��ر النجاة‬ ‫والتعافي‪.‬‬ ‫كل ه��ذا التأخي��ر يزي��د م��ن مش��كلة‬ ‫اإلصاب��ة‪ .‬فحين تك��ون أمام إصابة س��ببها‬ ‫طلق ناري أو شظية قذيفة‪ ،‬عليك أن تصف‬ ‫مضاداً حيوياً وليس أن تخيط الجرح بأكمله‬ ‫فوراً‪ .‬فهناك عملية خياطة ثانية يجب القيام‬ ‫به��ا بعد مرور ثالثة أو خمس��ة أي��ام‪ ،‬وذلك‬ ‫حس��ب ظروف الحال��ة‪ .‬ولك��ن‪ ،‬كثيرون من‬ ‫الجرحى الذين اس��تقبلناهم لم يستطيعوا‬ ‫الحصول على رعاية مناس��بة بسبب نقص‬ ‫الم��وارد المتاح��ة في المناط��ق التي يجري‬ ‫فيها القتال ونواحيها‪ .‬وهذا يتسبب بطبيعة‬ ‫الح��ال ف��ي تعقي��دات طبي��ة خطي��رة‪ .‬فقد‬ ‫وصلنا طفل في الخامس��ة عش��ر من عمره‬ ‫يعاني م��ن صدمة إنتانية بس��بب ثقب في‬ ‫المع��دة نتج عن صدم��ة بليغة‪ ،‬حيث أصيب‬ ‫بش��ظايا قذيف��ة دباب��ة قبل ذل��ك بيومين‬ ‫ول��م يخض��ع لعملي��ة جراحي��ة‪ .‬ف��ي مث��ل‬ ‫تل��ك الح��االت‪ ،‬تتواصل التعقي��دات الطبية‬ ‫الواح��دة تل��و األخرى بس��رعة حتى تقضي‬ ‫على ف��رص نج��اة المري��ض‪ .‬وبالرغم من‬ ‫العملية الجراحية وكل الرعاية المركزة التي‬ ‫قدمناها له‪ ،‬توفي المسكين بعد يومين من‬ ‫إجراء العملية‪.‬‬ ‫"غالب��اً م��ا كان المرضى يصل��ون إلينا‬ ‫ف��ي حالة مزرية من األلم‪ ،‬مع كل ما يترتب‬ ‫عن ذلك من مخاطر"‪..‬‬ ‫إل��ى جان��ب مش��روع المستش��فى‬ ‫الجراح��ي‪ ،‬ت��وزع منظم��ة أطباء ب�لا حدود‬ ‫األدوي��ة وغيرها من اإلم��دادات الطبية في‬ ‫س��وريا‪ .‬ورغ��م الصعوبات الت��ي تعترضها‬ ‫ف��ي دخول الب�لاد‪ ،‬تبقى منظم��ة أطباء بال‬ ‫حدود جاهزة لمس��اعدة جميع ضحايا النزاع‬ ‫المس��لح‪ ،‬كما أنها تواصل توسيع أنشطتها‬ ‫داخل س��وريا والبلدان المجاورة لها‪ .‬وحالياً‪،‬‬ ‫تس��تقبل منظم��ة أطب��اء بال حدود ش��هريًا‬ ‫حوال��ي ‪ 50‬جريح��اً س��وريًا في مش��روعها‬ ‫الخ��اص بالجراحة الترميمي��ة في العاصمة‬ ‫األردني��ة عم��ان‪ .‬كما توفر الدعم النفس��ي‬ ‫والرعاية األولية لفائدة الالجئين السوريين‬ ‫ف��ي لبنان‪ .‬وتُقدر الميزانية التي خصصتها‬ ‫منظم��ة أطباء بال حدود لع��ام ‪ 2012‬لفائدة‬ ‫أنش��طتها المرتبطة باألزمة السورية بأكثر‬ ‫من ‪ 5‬ماليين يورو‪.‬‬ ‫عن أطباء بال حدود‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫وهو اليوم منسق طوارئ‪ .‬خالل شهر يوليو‬ ‫‪ /‬تموز‪ ،‬أدار براين عملية إنشاء المستشفى‬ ‫الجراح��ي لمنظم��ة أطب��اء ب�لا ح��دود في‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫| ما هو رأيك في ما يحدث في سوريا؟‬ ‫| | نح��ن نعم��ل داخ��ل أح��د معاق��ل‬ ‫الثوار‪ ،‬وبالتالي فنحن ال نش��اهد سوى جزء‬ ‫من المشهد الكلي للوضع القائم‪ .‬ولكن‪ ،‬من‬ ‫ناحية أخرى‪ ،‬ما من ش��ك في أننا أمام حالة‬ ‫حرب‪ ،‬ال تفرق بين مدني ومُس ّلح‪ .‬بل هناك‬ ‫م��ن المدنيي��ن م��ن يس��تهدفهم القناصة‪،‬‬ ‫وآخ��رون ضحاي��ا "األض��رار الجانبي��ة"‪ ،‬كما‬ ‫يقولون‪ .‬وبينما كانت فرق الجيش النظامي‬ ‫تواج��ه المتظاهرين في الس��ابق‪ ،‬أصبحت‬ ‫اليوم تقاتل جماعات المعارضة المس��لحة‪،‬‬ ‫وغالب��ًا م��ا يح��دث ذل��ك داخ��ل المناط��ق‬ ‫الحضري��ة‪ .‬وحس��ب م��ا اس��تطعنا االطالع‬ ‫عليه‪ ،‬فإن هذه الجماعات متنوعة‪ ،‬تتش��كل‬ ‫م��ن أش��خاص لديه��م خلفي��ات اجتماعي��ة‬ ‫مختلف��ة ومظالم متنوعة‪ .‬والش��يء الوحيد‬ ‫ال��ذي يبدو أن��ه يوحدهم ه��و الغضب الذي‬ ‫يشعرون به تجاه النظام السوري‪.‬‬ ‫| كمنظمة غير حكومية‪ ،‬أال يخلق لنا العمل‬ ‫في جانب واحد فقط بعض التعقيدات؟‬ ‫| | لي��س لدينا خي��ار‪ ،‬بما أننا ال نملك‬ ‫ترخيص��ًا رس��ميًا للعم��ل في الب�لاد‪ُ .‬ثم إن‬ ‫عملن��ا يقتصر على تقديم المس��اعدة لمن‬ ‫ال يس��تطيعون الوصول إلى خدمات الرعاية‬ ‫الصحي��ة‪ .‬فبينم��ا يس��تطيع أنص��ار النظام‬ ‫الول��وج إلى المستش��فيات العمومية‪ ،‬يبقى‬ ‫العديد من الث��وار ومؤيديهم محرومين من‬ ‫ه��ذه الخدمات‪ .‬كم��ا أننا نش��رح للناس بأن‬ ‫مسببات هذا العنف ال أهمية لها بالنسبة لنا‬ ‫مقارنة بعواقبها الطبية على الناس‪ .‬ورغم‬ ‫أننا نعمل في مناطق يُسيطر عليها الثوار‪،‬‬ ‫فإنن��ا نُصر على كوننا ال نمي��ز بين هذا أو‬ ‫ذاك فيم��ا يخ��ص تقديم خدم��ات الرعاية‪.‬‬ ‫وعلى ما يبدو‪ ،‬يحظى موقفنا نسبيًا بتفهم‬ ‫العاملين ف��ي القطاع الصحي والس��وريين‬ ‫الذي��ن نلتقي بهم‪ .‬ولكنه يبقى عكس ذلك‬ ‫حي��ن يتعل��ق األمر بمش��اعر الن��اس؛ فمنذ‬ ‫بداي��ة الث��ورة الس��ورية‪ ،‬فق��دَ العديد من‬ ‫الن��اس أش��خاصًا مقربين منهم أو ش��هدوا‬ ‫تعرضهم لإلصابة‪.‬‬ ‫| كيف يتفاعل العاملون في القطاع الصحي‬ ‫السوريون مع هذا الوضع؟‬ ‫| | بالنظ��ر إل��ى األوض��اع الراهن��ة‪،‬‬ ‫ال يس��عنا س��وى الثن��اء عل��ى رغبته��م‬ ‫واس��تعدادهم الكبيري��ن ف��ي مس��اعدة‬ ‫بعضهم البعض‪ .‬ولكنهم تعوزهم التجربة‬ ‫أو االس��تعداد المهني للتعامل مع هذا الكم‬ ‫الهائ��ل من المرضى‪ ،‬أو معالج��ة هذا النوع‬ ‫من الج��روح‪ .‬لذلك‪ ،‬تعزز خب��رة فريقنا في‬ ‫ه��ذا المجال ق��درات أفراد الطاق��م المحلي‬ ‫الذين يش��اهدون هذا النوع من العنف ألول‬ ‫مرة‪ .‬ولكننا نتعامل مع الوضع‪ ،‬بل ونحصل‬ ‫عل��ى نتائ��ج جي��دة بالرغم م��ن الصعوبات‬ ‫والمش��اكل األخالقية التي تظهر‪ .‬فمث ًال‪ ،‬ما‬ ‫هي األولويات؟ متى نستطيع القول بأنه لم‬ ‫يعد هناك م��ا يمكن فعله لمريض ما؟ متى‬ ‫يتوق��ف المرء ع��ن تقديم الرعاي��ة الطبية‬ ‫غي��ر المجدي��ة؟ هن��اك العديد من األس��ئلة‬ ‫الت��ي تخلق التوت��ر والمش��احنات بين أفراد‬ ‫الطاق��م الذي يواجه متطلبات العقالنية في‬ ‫وضع مشحون‪.‬‬ ‫| كي��ف هي الخدمات الصحية والطبية في‬ ‫المنطقة التي تعملون فيها؟‬ ‫| | هن��اك مصحات وصيدليات وأماكن‬ ‫لالستش��ارات الطبية‪ ،‬ولك��ن ال توجد هناك‬ ‫مراف��ق قادرة على إجراء العمليات الجراحية‬ ‫واالستش��فاء في هذه المنطقة‪ .‬وبعيداً عن‬ ‫المنطق��ة قلي� ً‬ ‫لا‪ ،‬هناك مستش��فيات قادرة‬ ‫على إج��راء عمليات جراحي��ة‪ ،‬ولكنها تحيل‬ ‫المرض��ى إلين��ا حت��ى يتمك��ن ه��ؤالء م��ن‬ ‫االستشفاء بعد انتهاء العملية الجراحية‪.‬‬ ‫وهن��اك مش��كلة أخ��رى تتمث��ل ف��ي‬

‫‪9‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫درب الآالم ال�ســــوري‬

‫خالد كنفاني‬

‫عندم��ا قلن��ا فيم��ا مضى أن مش��هد‬ ‫القتل والدم المسفوح في سوريا سيصبح‬ ‫مع األيام ج��زءاً من روتين حياتنا‪ ،‬اش��رأب‬ ‫بع��ض الذي��ن ال يزالون يعتق��دون بوجود‬ ‫ما يس��مى المجتمع الدولي الراعي لحقوق‬ ‫اإلنس��ان ليقول��وا أن الحال��ة الس��ورية‬ ‫مختلف��ة‪ .‬وال أدري لماذا تص��رّ المعارضة‬ ‫وبنف��س منط��ق النظ��ام على أن س��وريا‬ ‫مختلف��ة رغ��م أننا نرى أن ال ش��يء يحدث‬ ‫في س��وريا يقع خارج الس��ياق السياس��ي‬ ‫والتاريخي لألحداث‪.‬‬ ‫عندما أصر النظ��ام على أن ما يحدث‬ ‫في س��وريا هو مؤامرة وأن هناك عصابات‬ ‫مس��لحة وس��لفية وإرهابية تريد تقويض‬ ‫الوط��ن فإن��ه كان عل��ى ال��دوام يتبج��ح‬ ‫بالمقولة الرائجة بأن سوريا مختلفة‪ ،‬وكان‬ ‫لدى كثي��ر منا ولو بعض األمل في أن تتم‬ ‫إزاحة هذا النظام بمثل النعومة التي تمت‬ ‫فيها إزاحة أنظمة مصر وتونس‪ ،‬ولكن قلة‬ ‫من العارفين وقارئي التاريخ كانوا يعلمون‬ ‫أن س��وريا بالفعل مختلفة وأن ما حدث في‬ ‫تونس ومصر هو أبعد ما يكون عن سوريا‪.‬‬ ‫ولم��ا ب��دأت ال��دول الغربية وتركي��ا ودول‬ ‫الخلي��ج تتداول بع��ض األحاديث اإلعالمية‬ ‫ع��ن التدخل المس��لح وتس��ليح المعارضة‬ ‫الس��ورية عاد واستبش��ر الكثي��رون بقرب‬ ‫الخالص عل��ى الطريق��ة الليبي��ة‪ ،‬وهكذا‬ ‫بدأت العس��كرة بالفعل وانقل��ب األمر من‬ ‫حراك س��لمي إلى ثورة مس��لحة شرسة ال‬ ‫م��كان فيها ألح��د الطرفي��ن‪ .‬ولكن نفس‬ ‫العارفي��ن وقارئي التاري��خ كانوا على علم‬ ‫أيض��ًا بأن األمر لن يتح��ول إلى ليبيا أخرى‬ ‫ألس��باب ع��دة ال مجال لذكره��ا ألنها قُتلت‬ ‫بحثًا وتمحيصاً‪ ،‬وكان أن وقع الكثيرون في‬ ‫فخ الحماس��ة المفرطة مدعومين بحماسة‬ ‫إعالمية خليجية تزعمتها قناة العربية التي‬ ‫أصبح م��ن العادي جداً أن تنش��ر عش��رات‬ ‫األخب��ار يوميًا ليتبين ع��دم موثوقيتها في‬ ‫اليوم التالي بينما تس��تمر في النشر بدون‬ ‫حسيب وال رقيب‪.‬‬ ‫أم��ا ما ذكرناه ف��ي المقدمة عن عدم‬ ‫اختالف س��وريا عن مثيالتها ممن س��بقها‬ ‫ف��ي النكب��ات فه��و أن السياس��ة ال تخضع‬ ‫لمعايي��ر المنط��ق االجتماع��ي أو األخ�لاق‬ ‫اإلنسانية أو الشرائع السمحة‪ ،‬كما ال يخفى‬ ‫وبع��د كمّ التج��ارب المريرة التي عاش��تها‬ ‫باألخص الشعوب العربية أن كل مؤتمرات‬ ‫ومواثي��ق حقوق اإلنس��ان ما ه��ي إال حبر‬ ‫عل��ى ورق يتحول س�لاحًا عندم��ا تقتضي‬ ‫الضرورة بينم��ا يبقى حبراً عند الضرورات‬ ‫األخ��رى‪ .‬وعل��ى مب��دأ "الض��رورات تبي��ح‬ ‫المحظورات"‪ ،‬فق��د رأى النظام أن ضرورة‬ ‫بقائ��ه تقتض��ي قتل نصف الش��عب (وهو‬ ‫أمر ليس بالمحظورات بالنسبة إليه) بينما‬ ‫ارت��أت القوى الكب��رى جميعها أن الضرورة‬ ‫تقتض��ي ت��رك نصف الش��عب يذب��ح ولن‬ ‫تتضح ه��ذه الضرورات إال بعد وقت طويل‬ ‫وبع��د أن تنجلي أعمدة الدخ��ان المتصاعد‬ ‫من كل ش��ارع وطريق في سوريا‪ .‬في كل‬ ‫يوم هناك عشرات النداءات والمناشدات من‬ ‫مناضلي الفيس بوك والتويتر للتحذير من‬ ‫مجزرة جديدة أو البكاء على مجزرة قديمة‪،‬‬ ‫والنتيج��ة ف��ي الحالي��ن س��واء‪ ،‬وال يعتقد‬ ‫هؤالء أن الفروف أو كلينتون عميان‪ ،‬ولكن‬ ‫ك ًال منهما يرى األمر على طريقته ويفسره‬ ‫عل��ى طريقته‪ ،‬وال م��كان للفقراء في هذا‬ ‫العالم‪ .‬ونحن هنا ال نقرر أن كلينتون تقف‬ ‫مع الس��وريين حين يقف الفروف ضدهم‪،‬‬ ‫ب��ل عل��ى العك��س فكالهما ضد الش��عب‬

‫السوري ولكن كل على طريقته‪ .‬وما علينا‬ ‫إال أن ّ‬ ‫نذك��ر أن الفلس��طينيين كان��وا وال‬ ‫يزالون يقتلون بأسلحة أمريكية على أيدي‬ ‫اإلس��رائيليين بينم��ا تمثل روس��يا حمامة‬ ‫السالم‪ .‬هو تبادل في األدوار ال أكثر‪ ،‬ومن‬ ‫ال يقرأ التاريخ ال يفهم الواقع‪.‬‬ ‫إن كل ما يحدث من تفكك للمعارضة‬ ‫وانهي��ار لكثي��ر م��ن هيئاته��ا ومجالس��ها‬ ‫واالنش��قاقات العديدة التي أصبحت موضة‬ ‫المعارضة بعد أن كانت موضة في النظام‬ ‫(على حد تعبير أحد مناضلي الفيس بوك)‪،‬‬ ‫كل ذل��ك أيض��ًا لي��س غريبًا وال ش��اذاً عن‬ ‫واق��ع الحي��اة وحقائ��ق التاريخ‪ .‬ول��ن نردد‬ ‫هنا المقولة التي يحل��و لكثيرين اعتبارها‬ ‫ش��ماعة لتعلي��ق خيباتهم عليه��ا وهي أن‬ ‫أربعين عام��اً من حكم البع��ث قد أوصلتنا‬ ‫إلى هذه النتيجة‪ ،‬وفي هذا مجافاة للتاريخ‬ ‫والمنطق االجتماع��ي‪ ،‬ويدحض هذا األمر‬ ‫أن كثيرين ممن هم في واجهة المعارضة‬ ‫الس��ورية الي��وم هم مم��ن عاش��وا خارج‬ ‫س��وريا فترات وعق��وداً طويلة ف��ي بلدان‬ ‫يعتبرونه��ا مث��ال الديمقراطي��ة وحق��وق‬ ‫اإلنس��ان‪ ،‬ولكنهم مع األس��ف ل��م يتعلموا‬ ‫هناك السياس��ة‪ .‬إن عقود حكم البعث هي‬ ‫بال ش��ك من أكثر العهود ظالمية ربما في‬ ‫تاريخ س��وريا الحدي��ث‪ ،‬ولكننا نغفل بذلك‬ ‫حقيقة أن هذه البقعة من العالم لم تعرف‬ ‫الحرية أص ًال إال في فترات قليلة ومتقطعة‬ ‫من تاريخه��ا‪ ،‬بينما رزحت في قرون كثيرة‬ ‫تح��ت االحتالل أو االس��تبداد ال��ذي لم يبدأ‬ ‫مع الرومان فقط ولم ينته مع العثمانيين‪.‬‬ ‫وعلى هذا فإن ج��ذور تربيتنا الضاربة في‬ ‫األعم��اق تس��تند إل��ى أس��س ديكتاتورية‬ ‫راس��خة وه��و م��ا يتجل��ى ف��ي تعام��ل‬ ‫الس��وريين م��ع زوجاته��م وأبنائه��م ومن‬ ‫هم تحت إمرتهم‪ ،‬وهي عالقة قائمة دومًا‬ ‫على تابع ومتبوع وحاكم ومحكوم وس��ائل‬ ‫ومس��ؤول‪ ،‬وهو ما كرّسه الحكام بالبنادق‬ ‫وح ّلله رجال الدي��ن وموّله التجار في أكبر‬ ‫تحالف مش��بوه عبر التاريخ‪ .‬وهكذا استمر‬ ‫ذل��ك الثالث��ي في حك��م رقاب العب��اد عبر‬ ‫قرون طويلة كان يتفاوت فيها نفوذ إحدى‬ ‫أطراف المثلث وفقًا للظروف والمستجدات‪.‬‬ ‫إن عقلي��ة الفك��ر الواح��د والمنه��ج‬ ‫الواحد عميقة األثر في تراثنا وتربيتنا وهو‬ ‫ما يفس��ر فش��ل الكثيرين من الس��وريين‬ ‫الذين عاش��وا ف��ي الخارج لفت��رات طويلة‬ ‫كما أس��لفنا عن تقبل فك��رة عمل الفريق‬ ‫وتب��ادل اآلراء‪ ،‬والمالح��ظ أيض��ًا أنه��م ال‬ ‫يجتمع��ون تحت مظل��ة واح��دة إال برعاية‬ ‫خارجي��ة ولي��س بمب��ادرات ذاتي��ة‪ ،‬وهكذا‬ ‫ج��رى التحضير للمجل��س الوطني برعاية‬ ‫تركي��ة وأمريكية‪ ،‬بينما يت��م رعاية هيئة‬ ‫التنس��يق والمنبر الديمقراط��ي وغيرهما‬ ‫م��ن قب��ل روس��يا والباق��ون بينهم��ا‪ ،‬غير‬ ‫ناس��ين بالطب��ع ال��والء اإلخوان��ي لقط��ر‬ ‫والسلفي للس��عودية‪ .‬ونحن هنا ال نخص‬ ‫المعارضة بالهجوم‪ ،‬فاألمر هنا عام لجميع‬ ‫الس��وريين ألننا جميعًا عشنا وعاش آباؤنا‬ ‫وأجدادن��ا على ه��ذه األرض وش��ربوا من‬ ‫مائها ودفنوا في ترابها‪ ،‬وهكذا يش��بّ كل‬ ‫جيل حام ًال الكثير ممن س��بقه‪ ،‬والطبائع ال‬ ‫تتغير بيوم أو يومي��ن وال بدورات تدريبية‬ ‫أمريكية وال بحلقات بحث باللغة االنكليزية‪،‬‬ ‫فتغيير العقول بحاجة إلى مش��روع وطني‬ ‫يس��تلهم التج��ارب األخ��رى ويبن��ي عليها‬ ‫ال أن يستنس��خها‪ ،‬وهو ما يفس��ر الفش��ل‬ ‫الذريع ال��ذي منيت به التيارات الش��يوعية‬ ‫واالشتراكية والرأسمالية وحتى اإلسالمية‬

‫ف��ي تحقيق أي��ة تنمية أو مكاس��ب وطنية‬ ‫يعتد بها‪ .‬كانت السياس��ات تبنى على مبدأ‬ ‫اس��تيراد المفاهيم والتج��ارب كما هي من‬ ‫الخ��ارج دون تعديل‪ ،‬فتم تدمير الصناعات‬ ‫الوطني��ة باس��م التأمي��م‪ ،‬وج��رى القضاء‬ ‫على القطاع الزراعي باس��م "األرض لمن‬ ‫يزرعها"‪ ،‬بينما تم تهميش معظم طبقات‬ ‫الش��عب باسم االنفتاح والرأس��مالية‪ ،‬وتم‬ ‫تقس��يم الن��اس إل��ى مس��لمين وغيرهم‬ ‫واضطه��اد المرأة باس��م حك��م اهلل وإتباع‬ ‫السلف‪.‬‬ ‫إن طول أمد الث��ورة وإن كان يعطيها‬ ‫أبع��اداً جدي��دة كل ي��وم‪ ،‬إال أن��ه س��يؤثر‬ ‫ف��ي نف��وس الكثيري��ن م��ن المهمش��ين‬ ‫والصامتي��ن والمحايدي��ن والخائفين وهم‬ ‫أكثري��ة‪ .‬فانتش��ار حال��ة الذع��ر الجماعي‬ ‫والقت��ل والتهجي��ر الطائف��ي المعلن وغير‬ ‫المعلن تش��دّ السوريين ش��يئاً فشيئًا إلى‬ ‫ال��وراء وإل��ى أزمن��ة الجماع��ات البش��رية‬ ‫الطبيعي��ة حيث يكون القنص هو وس��يلة‬ ‫العيش ويكون القتل هو سبيل البقاء على‬ ‫قي��د الحياة‪ .‬وم��ن هنا كان��ت قناعتنا دومًا‬ ‫ب��أن الجمي��ع ال يريدون ح ًال حاس��مًا للثورة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬ألن مد حبال النجاة لهذا الطرف‬ ‫أو ذاك ش��براً ش��براً يعني تفجي��ر األوضاع‬ ‫وتحريض الن��اس على أكل لحوم بعضهم‬ ‫بعض��اً‪ ،‬وهو التفس��ير الوحيد له��ذا الكمّ‬ ‫الهائل من العقوبات األوروبية واألمريكية‬ ‫على النظام الس��وري والتي ب��دا جليًا أنها‬ ‫تصيب الناس في مقتل بينما ال يزال يتمتع‬ ‫رم��وز النظ��ام وموالوهم ب��كل المقدرات‬ ‫المتاحة وحتى ش��راء البضائع الثمينة عبر‬ ‫االنترنت‪ .‬وقد صدرت العديد من الصرخات‬ ‫والتصريح��ات من الس��وريين ضد مس��ألة‬ ‫العقوب��ات التي لن تصيب س��وى الش��عب‬ ‫في استرجاع لمسألة العقوبات الدولية ضد‬ ‫العراق سنوات التسعينات والتي لم يذهب‬ ‫ضحيتها س��وى الش��عب بينما كان جالدوه‬ ‫يطعمون الحيوانات بآالف الدوالرات يوميًا‪.‬‬ ‫يتباه��ى الجي��ش الح��ر أو غي��ره من‬ ‫الفصائ��ل المس��لحة العامل��ة على األرض‬ ‫السورية ومن ورائهم قناة العربية بتدمير‬ ‫عش��رات المروحيات والدبابات عبر عمليات‬ ‫يعتبرونه��ا نوعية وخاصة‪ .‬ومن كل أس��ف‬ ‫أن المش��هد الس��وري اليوم يحمل أقس��ى‬ ‫التناقض��ات وأصعبه��ا عل��ى أي س��وري‪،‬‬ ‫فالسوري يقتل سوريًا وجندي الجيش الحر‬ ‫يقتل جندياً في الجيش النظامي مثلما قتل‬

‫هذا الجندي زمي ًال آخر له في الجيش الحر‪،‬‬ ‫ويت��م تدمير أس��لحة ومقدرات ه��ذا البلد‬ ‫على أي��دي الطرفي��ن لتحقي��ق انتصارات‬ ‫لن تكون على المدى البعيد س��وى إسفينًا‬ ‫آخ��ر ف��ي نع��ش س��وريا كله��ا‪ ،‬فالجيش‬ ‫النظام��ي يقت��ل ويدمر بي��وت الناس على‬ ‫ساكنيها ويستبيح ممتلكاتهم ومصانعهم‬ ‫ومزارعهم بينما يدمر الجيش الحر أسلحة‬ ‫عسكرية ومنش��آت مدنية في عملية إفناء‬ ‫متبادل��ة ال تبق��ي وال تذر‪ .‬ولس��ت هنا في‬ ‫مع��رض تبري��ر تأس��يس الجي��ش الح��ر‬ ‫وحيثيات نش��أته وظروفها فالمسألة اليوم‬ ‫تج��اوزت حماي��ة المتظاهرين الس��لميين‬ ‫ألنه ببس��اطة لم يعد هناك متظاهرون إال‬ ‫في بعض األزقة هن��ا وهناك‪ ،‬وألن صوت‬ ‫البندقي��ة ع�لا فوق كل ش��يء ول��ن يفيد‬ ‫ص��راخ بوج��ود مدفع كما ال يعن��ي اعتراف‬ ‫تحت بندقية‪.‬‬ ‫السياسة في واد والواقع السوري في‬ ‫واد آخ��ر‪ .‬وبينم��ا يتعانق الملك الس��عودي‬ ‫م��ع الرئيس اإليران��ي في قم��ة التضامن‬ ‫اإلس�لامي‪ ،‬يطي��ر رئي��س االس��تخبارات‬ ‫اإليرانية إلى دمش��ق ليعل��ن من هناك أن‬ ‫أمن سوريا من أمن إيران وتستمر القنوات‬ ‫اإلعالمي��ة الس��لفية ف��ي تعلي��ق ش��عار‬ ‫"ال��دم الس��ني واحد" مع عدم نس��يان رفع‬ ‫عل��م الثورة‪ ،‬وهكذا فالتضامن اإلس�لامي‬ ‫اإلعالمي شيء وواقع الحال شيء آخر‪ .‬ولم‬ ‫نفه��م كيف ال ي��زال الكثي��رون ينخدعون‬ ‫بالص��ور الت��ي تع��رض في اإلع�لام حتى‬ ‫أن أحده��م اغرورقت عيناه لمرأى مش��هد‬ ‫العن��اق ال��ذي ذكرن��اه‪ .‬وقد ع ّلمن��ا التاريخ‬ ‫أنن��ا إذا رأينا السياس��يين يتعانقون فعلينا‬ ‫أن نتحضر جيداً فالك��وارث قادمة واألمثلة‬ ‫أكث��ر من أن تحصى‪ .‬إن حالة االس��تقطاب‬ ‫الطائف��ي والسياس��ي الحالي��ة ال تبش��ر‬ ‫بخي��ر ودول الخليج تحاول تنويم ش��عوبها‬ ‫بدعايات حماية المس��لمين في س��وريا (!)‬ ‫بينم��ا تح��اول إي��ران الحفاظ عل��ى الهالل‬ ‫الش��يعي "المقاوم" وذلك بعد االنتصارات‬ ‫التاريخية لها في العراق وتحويله إلى دولة‬ ‫طائفية على غرار الدولة السورية‪.‬‬ ‫إن األوط��ان ليس��ت كالبش��ر‪ ،‬فه��ي‬ ‫ق��د تموت ولكنه��ا تُبعث من جدي��د‪ ،‬وكما‬ ‫يموت قرص الش��مس يومياً فإنه يولد من‬ ‫جدي��د ف��ي الي��وم التالي وتعي��ش األرض‬ ‫مجدداً‪ .‬ولكنن��ا باقون و"نموت نموت ويحيا‬ ‫الوطن"‪.‬‬


‫�أزمنة مائية (حم�ض ت�شابه)‬

‫زمن �إقليمي‬

‫***‬

‫زمن برتول‬

‫جماعة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‬ ‫من خلفكم‪ ..‬وكوريا الشمالية من أمامكم‪..‬‬ ‫على الجانبين هناك من همش��ه (الخلف‪،‬‬ ‫واألمام) هو منقذكم‪ ..‬فاتبعوه‪.‬‬ ‫قالت صديقتي المصرية‪:‬‬ ‫ قتل��وه ألن��ه يمش��ي ف��ي الش��ارع م��ع‬‫خطيبت��ه دون مح��رم‪ ..‬ويقتلونن��ا كل يوم‬ ‫برؤي��ة الم��رأة كالبت��رول‪ ..‬س��وداء ومحط‬ ‫مطامع‪ ..‬والزم ندفنها في سابع أرض‪..‬‬ ‫بقي��ت أه��م حاج��ة دالوق��ت‪ :‬ازاي تفوت‬ ‫الحم��ام وب��أي رج��ل تخ��ش أوض��ة النوم‪..‬‬

‫تفكي��ره‪ ..‬إحن��ا الزم نداف��ع ع��ن ح��ق إنك‬ ‫تفكر‪ ..‬استخدام العقل عبادة‪..‬‬ ‫إحن��ا محتاجي��ن الثورة تكمل عش��ان لحد‬ ‫النه��اردة دي نص ثورة‪ ...‬ونص ثورة يعني‬ ‫ذل ونص‪.‬‬

‫هام�ش‪:‬‬ ‫كتب��ت ثائرة ميدان التحرير الجميلة "نوال‬ ‫الس��عداوي" في مقاله��ا اآلخير ف��ي الحوار‬ ‫المتم��دن (انطق��وا الص��دق فالتاري��خ ل��ن‬ ‫يرحمكم)‪:‬‬ ‫(ظاهرة المنتقبات والملتحين يتحرش��ون‬ ‫بالنس��اء والرج��ال‪ ،‬ال يت��رددون فى س��فك‬ ‫دم م��ن يتصدى له��م؟ ظاهرة الع��ودة إلى‬ ‫ال��رق‪ ،‬وحق الرجل فى ن��كاح الجوارى ومن‬ ‫ملك��ت يمين��ه وليس فق��ط أرب��ع زوجات؟‪،‬‬ ‫محاولة االنقضاض على بنود قانون األسرة‬ ‫الت��ى تحم��ى حق��وق األطف��ال وأمهاته��م‬ ‫البائسات‪ .....‬إلخ إلخ‪.).‬‬ ‫انتهى االقتباس‪.‬‬

‫***‬

‫زمن �أحذية‬

‫نح��ن ف��ي زم��ن لألحذي��ة أيض��ًا‪ ..‬حذاء‬ ‫زجاجي (بكعب) عال يأكل (الكاتو)‪..‬‬ ‫حذاء طائفي المع (ماركة)‪..‬‬ ‫(بوط) عسكري فاحت رائحته‪..‬‬ ‫(شحاطة) بيتية مريحة‪..‬‬ ‫(جزمة) تزلج على الجليد مغتربة‪..‬‬ ‫(صباط) يل��ف الفضائيات يري��د مصادرة‬ ‫رأيك من جديد‪..‬‬ ‫(ش��حاطة) تفتي في بيوت اهلل بكل شيء‬ ‫إال بمحبة اهلل‪...‬‬ ‫وحدهم أسياد هذا الزمن حفاة‪ ..‬حفاة‪...‬‬

‫ال داع للعج��ب من رس��ومات " ف��ان غوخ"‬ ‫الكثي��رة ع��ن األحذي��ة‪ ..‬فالح��ذاء يحك��ي‬ ‫قصتك‪ ..‬ماضيك‪ ..‬معاناتك‪ ..‬ويش��ير غالبا‬ ‫إلى األرضية التي تستند عليها لتبقى ثابتا‪..‬‬ ‫من جهتي أحب الحفاة‪ ..‬جداً‪...‬‬

‫***‬

‫زمن �أقنعة‬

‫ارم قناعك‪ ..‬وتعرَ‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫من طين أنت فال ْ‬ ‫تبخل‪..‬‬ ‫ال تتكبرْ‬ ‫فتجد البارحة ترجل‬ ‫يزحف زحفا نحو حفيدك‪..‬‬ ‫يقتله بكلماتك أنتَ جَداً أكبر في حرب أخرى‪..‬‬ ‫في زمن ال يفعل شيئا إال أن يتكرر‪...‬‬ ‫ارم قناعك‪ ..‬حطم من يحتل العقل‬ ‫ِ‬ ‫حطم من ألبسك طوائفَ فضفاضة‪..‬‬ ‫ثياباً في عيد لن يحضر‪...‬‬ ‫من يكره طفال يتغنى بقطعة حلوى؟!‬ ‫من أنساكَ المشي صغيرا خلف براءةِ (ال تقتل)؟!‬ ‫من يك��ره وطنا ممت��داً‪ ..‬يختل��ط األبيض‬ ‫باألسمر‪ ..‬باألسود فيه وال ينسى أن‬ ‫األلوان برمتها من صنع إله محبة‬ ‫لو ش��اء الخالق لمحاه��ا‪ ..‬وصرن��ا كالماء‪..‬‬ ‫محضُ تشابه‬ ‫ارميها هذي األحقاد‬ ‫فبالدك أحلى بالسالب والموجب وعالقات تضاد‪..‬‬ ‫و موتك قدرٌ لن يتأجل مهما حاولت اإلنكار‪.‬‬

‫أزمنة كلها كالماء*في* *‬ ‫تشابهها‪ ،‬لنرفضها‬ ‫حتى نستطيع االستمرار‪...‬‬ ‫يتبع‪...‬‬ ‫الحوار المتمدن ‪ 2012 / 7 / 9‬العدد ‪3783‬‬

‫أسبوعية‬

‫ح��وار صديقت��ي م��ع طف��ل ف��ي ش��ارع‬ ‫دمشقي (إقليمي)‪...‬‬

‫طيب أنا مش عاي��زة نجبر حد يغير طريقة هام�ش‪:‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫في زمن القتل الس��ابق للح��رب‪ ..‬يصبح‬ ‫كل ش��يء مخيف��ا‪ ..‬الغ��د‪ ،‬الرش��ح‪ ،‬الجوع‪..‬‬ ‫األمومة‪ ،‬والصداقة‪...‬‬ ‫في زمن القتل يبقى "الحب" ثابتا كشجرة‬ ‫صنوبر عتيقة سحرية في أرض ثلجية غير‬ ‫قابلة للموت وال للح��رق‪ ..‬ومهما (تطاولتها)‬ ‫الحواف��ر والذيول‪ ..‬تبقى رائح��ة صنوبرها‬ ‫تثقب األمل فيدخ��ل دفء طفولي يلمنا من‬ ‫طرق��ات غريبة ال تعرفن��ا وال ترى فينا أكثر‬ ‫من سرب مهاجر من بالد بعيدة باردة‪.‬‬ ‫المهم في الشارع األول رأيت طفال يحمل‬ ‫في يده (كيس بالستيك) وينادي‪:‬‬ ‫ اهلل يخلي��ك‪ ..‬م��و ض��روري مص��اري‪..‬‬‫فينك تعطيني خبز أو أي شي بيتاكل‪..‬‬ ‫ من وين أنت حبيبي؟‬‫ من حمص‬‫ وين أهلك‪...‬‬‫ أبوي عن��د اهلل‪ ..‬قتلوه المس��لحين كان‬‫رح يصير مقدم بعد شهر‪ ..‬وأمي مع خواتي‬ ‫ببيت زوج خالتي ناطرين األكل‪...‬‬ ‫ مين رح يجيب األكل؟! زوج خالتك؟!‬‫ ال زوج خالتي بالسجن طلع بمظاهرة‪ ..‬والكل‬‫ناطرني أنا لجيب األكل‪ ..‬قبل ما تزيد الحرب‪..‬‬ ‫ أي حرب؟!‬‫صمت قليال ثم أضاف‪:‬‬ ‫ الحرب اإلقليمية‪...‬‬‫ شرحلي كيف يعني إقليمية؟!‬‫ يعن��ي ال��دول الكبي��رة االس��تعمارية‬‫بتحارب بعضها هون على " سوريا"‪ ..‬منشان‬ ‫ما تخسر شي من ارضها وأمانها‪.‬‬ ‫ مين علمك هالحكي؟!‬‫ أمي‪...‬‬‫ شو بتشتغل أمك‪...‬‬‫ كانت معلمة عربي‪ ..‬هال ما بتعمل شي‬‫بس بالبيت‪...‬‬

‫ وأنت بأي صف حبيبي؟‬‫ بالخامس‪...‬‬‫ شو بدك تصير بس تكبر‪...‬‬‫ بدي صير سوري‪...‬‬‫ ليش أنت هال مانك سوري؟!‬‫ ال‪ ..‬وال حدا هال سوري‪ ..‬الكل هال إقليمي‪.‬‬‫ كيف يعني؟!‬‫ يعن��ي كل مين عم يش��جع الدولة اللي‬‫من طرف رأيو‪...‬‬ ‫ يعن��ي أنت كم��ان عم تش��جع دولة غير‬‫سوريا؟!‬ ‫ أن��ا بش��جع البح��ر يج��ي وي��أكل كل‬‫األشرار‪..‬‬ ‫ طيب حبيبي‪ ..‬إذا أمك بتقدر تشتغل أنا‬‫عن��دي روض��ة والزمني آنس��ة عربي‪ ..‬هي‬ ‫رقمي خليها تحاكيني‪...‬‬ ‫ أم��ي م��ا فيها تش��تغل‪ ..‬إيده��ا اليمين‬‫انقطعت بالحرب‪.‬‬

‫لمى محمد‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬

‫أن��ا إنس��ان‪ ..‬أنا مواطن س��وري‪ ،‬طالم��ا انتزعت األمل‬ ‫غصباً من قلب األلم‪ ...‬لم أيأس يوماً‪ ،‬لم أخف‪ ،‬ال من حواجز‬ ‫على الطريق وال من أزيز رصاص أسمعه في كل مكان‪..‬‬ ‫دائم��ًا ما أفكر بمن يعيش في الم��كان الذي نزلت فيه‬ ‫القذيفة التي أس��مع صوتها‪ ،‬أفكر بالعائلة التي تسكن هذا‬ ‫البيت‪ ،‬أين ستذهب؟ ماذا ستأكل؟ بماذا سيلعب أطفالها؟‪..‬‬ ‫أتلقّى كأي مواطن سوري أخباراً ال تعرف الفرح‪ ...‬موت‬ ‫أحبّتي أو اختطافهم‪ ..‬اختفاءهم وأس��رهم‪ ..‬ولم أعد أملك‬ ‫متسّعا في قلبي أللم أكثر‪..‬‬ ‫س��اذج وبسيط أنا‪ ،‬ال أبحث عن أكثر من لحظات ألفرح‬ ‫به��ا بس��وريتي‪ ..‬وأؤم��ن دائماً أني ل��ن أخت��ار أن أموت كما‬ ‫أشتهي‪ ،‬لكنّي سأعيش كما أشتهي‪..‬‬ ‫بع��ض األم��ل والكثي��ر الكثي��ر م��ن الكرام��ة التي لن‬ ‫يحدّه��ا حاجز وال موت‪ ..‬ومادام وطني قد تحوّل إلى مجزرة‬ ‫فسأسقط عنه نقاطه لتكون "سوريتنا المحررة"‪..‬‬ ‫كأيّ ي��وم يم��رّ على م��ن أجب��روا على ع��دم مغادرة‬ ‫أماكنه��م ق��رّرت أن أخ��رج وأن أرك��ب س��رفيس‪ ،‬وأح��اول‬ ‫استرجاع شيئًا من طقوسي اليوميّة متناسياً كل ما حصل‪..‬‬ ‫في الطريق اس��توقفنا أحد الحواجز‪ ،‬وطلب أحد حماة الديار‬ ‫منّا مواصلة المسير‪ ،‬فاستوقفنا جندي آخر ليشبعنا إهانات‬ ‫وكالمًا بذيئًا حدّ الرغبة في التقيّئ!!‪..‬‬ ‫وصرخ بالسائق األسمر‪" :‬من سمح لكم بالمسير"؟‬ ‫أجابه الس��ائق وكأنّه ينتظر (مفاجعة)‪" :‬زميلك س��مح‬ ‫بذلك"‪.‬‬ ‫ل��م يعي هذا الس��ائق ذو الوجه المجع��د‪ ،‬والغارق في‬ ‫تع��ب الخبز اليومي‪ ،‬إال وبش��يء ق��د نزل على رأس��ه‪ّ ،‬‬ ‫بغل‬ ‫وحقد ووحش��ية‪ ،‬أعتقد أنها تجاوزت الكثير الكثير مما فعله‬

‫الصهاينة بأهلنا في فلسطين‪..‬‬ ‫حاولت تهدأته��م لتجنّب كارثة يُتوقّ��ع حصولها‪ ،‬فلم‬ ‫أجد إال وه��ذا الحامي يطلب مني هويّتي (بطاقة التعريف)‪،‬‬ ‫بع��د أن أجبرن��ي عل��ى الترجل من الس��يارة‪ .‬ب��دأ بالتدقيق‬ ‫ف��ي أوراق��ي وإذ بش��يء ق��د صفعني بق��وّة عل��ى وجهي‪،‬‬ ‫ل��م أع��رف حينها ما كان‪ ،‬وحتى لم أعد أش��عر به من ش��دة‬ ‫األل��م والصدمة‪ ،‬لم يكتفي بذلك بل أض��اف‪" :‬المرة التانية‬ ‫رصاصة رح تكون أسهل"‪..‬‬ ‫هو قالها تهديداً ليزرع بي الخوف‪ ،‬لكنّه لم يكن يعلم‬

‫ّأن الرصاصة فع ًال كانت ستكون أسهل وأفضل ّ‬ ‫وأقل بشاعة‬ ‫م��ن وضيع يتج��رّأ على إهانت��ي وهو يعلم جيّ��دا أننّي أنا‬ ‫المواطن العاديّ أشرف منه بمراحل‪..‬‬ ‫ه��ل نخاف صوت الرصاص واالنفج��ارات ؟؟ هو الموت‬ ‫واحد والرصاصة التّي ستقتلنا لن نسمع صوتها‪..‬‬ ‫ال يملك المواطن الس��وري اليوم إال أطنانا من الكرامة‬ ‫وبعض األمل‪ ..‬ولن نس��مح لرخيص يتوعدنا بالموت‪ ..‬ألننا‬ ‫وبكل بساطة سنعيش أكثر من عقولهم‪..‬‬ ‫فنحن إن شنقنا‪ ..‬سنحرر حتى مشنقتنا‪..‬‬

‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫يوم عادي فـي حياة مواطن �سوري‬

‫‪11‬‬


‫عن العلويني والثورة ال�سورية‬ ‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫راتب شعبو‬

‫هل يجوز الكالم ع��ن العلويين في‬ ‫السياس��ة؟ هل يمك��ن النظر الي��وم إلى‬ ‫العلويي��ن ف��ي س��وريا ككتلة سياس��ية؟‬ ‫وما ه��ي ح��دود التطابق بي��ن الطائفي‬ ‫والسياس��ي هنا؟ وما تأثير ذلك في مآالت‬ ‫الثورة السورية؟‬ ‫يتحول العلويون ف��ي غالبيتهم في‬ ‫سوريا اليوم‪ ،‬بفعل ظروف بدايات الثورة‬ ‫السورية والمس��ار الذي اتخذته‪ ،‬وعوامل‬ ‫أخ��رى متداخلة سأس��عى إل��ى تحديدها‪،‬‬ ‫كتلة بش��رية ذات توجه عام محافظ من‬ ‫الناحية السياس��ية ومضاد للث��ورة‪ .‬هذه‬ ‫مفارقة حارق��ة والس��يما إذا عرضنا هذا‬ ‫الواقع على تاري��خ طويل تميزت به هذه‬ ‫البيئ��ة االجتماعية المنفتح��ة باحتضانها‬ ‫لألفكار والحركات واالنتماءات السياس��ية‬ ‫الثوري��ة مث��ل الماركس��ية والقومي��ة‬ ‫والعلماني��ة وغيره��ا‪ .‬وه��ذا ف��ي ظن��ي‬ ‫تح��وّل عارض يزول بزوال ضباب الخوف‬ ‫والتشكيك والتضليل تحت شمس سوريا‬ ‫جديدة‪.‬‬ ‫ربم��ا لم يكن العلويون متجانس��ين‬ ‫م��ن الناحي��ة السياس��ية حي��ال موضوع‬ ‫م��ا‪ ،‬كما هم اليوم حيال الثورة الس��ورية‬ ‫التي كان من أبرز آثارها‪ ،‬وهذا مما يضع‬ ‫العق��ل ف��ي الكف‪ ،‬أنه��ا وحّ��دت مواقف‬ ‫أبن��اء ه��ذه الطائفة بمختل��ف تلويناتهم‬ ‫السياس��ية الموالي��ة (أص� ً‬ ‫لا) والمعارضة‬ ‫(س��ابقًا)‪ ،‬وبمختلف مستوياتهم الثقافية‬ ‫ف��ي موق��ف واحد ينته��ي إل��ى أن الثورة‬ ‫السورية حركة إس�لامية بدوافع طائفية‬ ‫غير وطنية وليس لها مما تدّعي نصيب‪.‬‬ ‫ال ب��ل إنها مؤام��رة متعددة ال��رأس‪ .‬وقد‬ ‫ب��دت له��م ش��عارات الحري��ة والكرام��ة‬ ‫الت��ي هتفت بها حناجر مئ��ات األلوف من‬ ‫الس��وريين متحدّي��ن أخط��ار االعتق��ال‬ ‫والتعذي��ب والرص��اص الح��ي‪ ،‬س��تاراً‬ ‫ألغ��راض غير وطنية ف��ي مخطط يهدف‬ ‫إل��ى ض��رب المقاوم��ة وإس��قاط الدول��ة‬ ‫(وليس الس��لطة) السورية‪ ،‬وربما تفتيت‬ ‫س��وريا‪ .‬المس��تفيد م��ن النظ��ام وغي��ر‬ ‫المس��تفيد‪ ،‬المرتك��ب والنزي��ه‪ ،‬الموالي‬ ‫األزل��ي والمع��ارض األزل��ي‪ ،‬المخب��ر‬ ‫والمناض��ل‪ ،‬المثق��ف واألم��ي‪ ،‬توح��دوا‬ ‫سياس��يًا ف��ي وجه م��ا يرون أن��ه مؤامرة‬ ‫أميركي��ة خليجية‪ .‬والحق أن��ه منذ األيام‬ ‫األول��ى للح��راك الثوري الس��وري‪ ،‬ش��عر‬ ‫العلويون بغرب��ة عن هذا الحراك‪ ،‬ال تني‬ ‫تتزاي��د يوم��اً وراء يوم على وق��ع الدفن‬ ‫اليوم��ي لموتاهم القادمي��ن من مختلف‬ ‫أنح��اء س��وريا في خض��م ه��ذا الصراع‪.‬‬ ‫ف��ي النظر إل��ى ه��ذا الواقع‪ ،‬نض��ع يدنا‬ ‫عل��ى العناصر التي جعلت م��ن العلويين‬ ‫كتل��ة محافظ��ة م��ن الناحية السياس��ية‬ ‫وأبعدته��م ع��ن المش��اركة الفاعل��ة في‬ ‫الثورة السورية‪:‬‬ ‫االش��تراك ف��ي المنب��ت المذهب��ي‬ ‫مع الرئي��س ومفاصل أمنية وعس��كرية‬ ‫أساس��ية ف��ي النظ��ام الس��وري الحالي‪.‬‬ ‫يتش��عب فع��ل ه��ذا االنتم��اء المذهب��ي‬ ‫المش��ترك اليوم إل��ى أثري��ن‪ :‬ينبع األول‬ ‫من أنه أش��بع لدى العلويين عموماً حاجة‬ ‫ممض��ة إل��ى االعت��راف عل��ى خلفي��ة أن‬ ‫العلويي��ن طالم��ا ش��عروا عب��ر تاريخهم‬ ‫بنق��ص ف��ي االعتب��ار ديني��ًا (يكتف��ي‬ ‫العلويون برضاهم الذاتي حيال قناعاتهم‬ ‫الديني��ة م��ن دون أن يك��ون لديهم أدنى‬ ‫ميل دعوي ديني أو أدنى ميل للمنافس��ة‬ ‫عل��ى الش��رعية الديني��ة الرس��مية م��ع‬

‫اإلس�لام الس��ني)‪ ،‬ووطنيًا (بسبب الفقر‬ ‫والجه��ل والتمركز ف��ي المناطق الريفية‬ ‫النائي��ة ع��ن مراك��ز الم��دن الت��ي تعتبر‬ ‫مصن��ع السياس��ة والسياس��يين)‪ .‬عل��ى‬ ‫هذا ف��إن التحرك الش��عبي ض��د النظام‬ ‫الس��وري أطلق من��ذ البداي��ة موجة قلق‬ ‫وخ��وف غام��ض م��ن النكوص إل��ى حال‬ ‫س��ابقة من التهميش ونق��ص االعتبار‪،‬‬ ‫والس��يما أن الحراك بدأ من خ��ارج البيئة‬ ‫العلوية وبسمات إسالمية ما فتئت تتزايد‬ ‫عمقًا واتس��اعًا‪ ،‬وأن شخص الرئيس برز‬ ‫ف��ي س��ياق الثورة عل��ى أنه المس��تهدف‬ ‫األول إن بالهتافات أو التصريحات (يس��أل‬ ‫كثير م��ن المثقفين العلويي��ن عن داللة‬ ‫تس��مية الصفحة األهم للثورة الس��ورية‬ ‫على الش��بكة "الثورة السورية ضد بشار‬ ‫األس��د" وليس ضد النظام السوري مث ًال)‪.‬‬ ‫إن ل��دى الكثير من العلويي��ن اقتناعًا بأن‬ ‫كل الغ��رض من هذه الثورة هو إس��قاط‬ ‫الرئيس ألن��ه علوي المول��د‪ ،‬ويلتقطون‬ ‫م��ن غم��رة األح��داث والمواقف م��ا يفيد‬ ‫ذل��ك‪ .‬أم��ا كي��ف يس��توي أن يُنظ��ر إلى‬ ‫الث��ورة الس��ورية عل��ى أن غايته��ا ضرب‬ ‫المقاوم��ة‪ ،‬وه��ذه غاية سياس��ية تتجاوز‬ ‫االنتم��اءات الطائفية‪ ،‬وعل��ى أنها موجهة‬ ‫ض��د الرئي��س ألنه م��ن مذه��ب معين‪،‬‬ ‫وهذه غاي��ة طائفية حص��راً‪ ،‬فهذا مما ال‬ ‫تعن��ى ب��ه اإليديولوجيا السياس��ية‪ .‬األثر‬ ‫الثاني لهذا االنتماء المشترك هو الخشية‬ ‫من أن يحمل العلويون وزر جرائم النظام‬ ‫(ال��ذي كثيراً م��ا يصفه معارض��ون بأنه‬ ‫طائفي أو علوي) ويصبحون بعد س��قوط‬ ‫النظام موضوعاً لعمليات انتقام تحاس��ب‬ ‫عل��ى االنتم��اء‪ .‬تقوم هذه الخش��ية على‬ ‫اقتناع بأنه سوف يتم تحميلهم كجماعة‪،‬‬ ‫مسؤولية سياسات النظام لمجرد االنتماء‬ ‫وبص��رف النظ��ر عن ضلوع الش��خص أو‬ ‫براءت��ه‪ .‬يغ��دو ه��ذا العنصر أق��وى كلما‬ ‫امتد أم��د الثورة وزادت فظاعة ما يرتكبه‬ ‫النظام من جرائ��م يعتقد العلويون أنهم‬ ‫س��يُحَمَّلون وزره��ا‪ .‬أي أن العلوييي��ن‬ ‫يعبّ��رون ع��ن مخ��اوف بعي��دة األم��د‬ ‫(التهميش) ومباشرة (االنتقام) بما يفضح‬ ‫تقييمهم العام للثورة السورية بأنها غير‬ ‫ذات صل��ة ال بالحري��ة وال بالديمقراطية‬ ‫التي تدّعيها لنفسها‪.‬‬ ‫وجود نسبة كبيرة من العلويين في‬ ‫صفوف الجيش واألجهزة األمنية كوظيفة‪،‬‬ ‫ف��ي ظ��ل حال��ة الفق��ر الع��ام وتده��ور‬ ‫الزراعة كمصدر للرزق‪ ،‬إضافة إلى عامل‬ ‫الجذب الذي ش��كلته هذه األجهزة لفقراء‬ ‫الريف بوجود أش��خاص م��ن بيئتهم في‬ ‫مواقع مهمة فيه��ا بما يتيح لهم في هذه‬ ‫األجهزة شيئاً من القبول وحتى المحاباة‪.‬‬ ‫وكان التط��وع ف��ي ه��ذه األجه��زة ليس‬ ‫فقط مص��دراً للدخل بل وأيض��اً مصدراً‬ ‫للق��وة والس��طوة يمارس��ونها‪ ،‬من جملة‬ ‫م��ن تمارس عليه��م‪ ،‬على أبن��اء قراهم‬ ‫نفس��ها‪ .‬على هذا‪ ،‬كان حضور العلويين‬ ‫كثيف��اً دائمًا ف��ي أجهزة القمع الرس��مية‬ ‫ف��ي ظل نظ��ام األس��د‪ ،‬حت��ى أن اللهجة‬ ‫العلوي��ة ارتبط��ت في أذهان الس��وريين‬ ‫به��ذه األجهزة‪ .‬من طبيعة األمور‪ ،‬والحال‬ ‫هذه‪ ،‬أن تجد نس��بة كبي��رة من العلويين‬ ‫نفس��ها بحكم عملها ومهامها الرس��مية‬ ‫(ع��دا اقتناعاته��ا السياس��ية) ف��ي وج��ه‬ ‫التح��رك الثوري وهذا م��ا أدى‪ ،‬بعد تحول‬ ‫الثورة إلى حمل السالح‪ ،‬إلى مقتل الكثير‬ ‫منهم‪ ،‬مع ما يو ّلد ذل��ك لدى األهالي من‬ ‫مشاعر عداء تجاه الجهة التي تقتلهم‪ .‬لم‬

‫ينض��ج في أذهان العلويي��ن‪ ،‬ولن ينضج‬ ‫بع��د اآلن‪ ،‬االقتن��اع السياس��ي الذي يجد‬ ‫في "الجيش الوطني" خصمًا حين يتحول‬ ‫أداة بط��ش وقم��ع وقتل لألهال��ي‪ ،‬األمر‬ ‫ال��ذي يجعلهم في تماهٍ ت��ام مع الخطاب‬ ‫اإلعالم��ي للنظام ال��ذي يك��رم أبناءهم‬ ‫كشهداء ويصف الجهة التي تقتلهم بأنها‬ ‫"عصابات"‪.‬‬ ‫مهّد ما س��مّي سياس��ة االستيعاب‬ ‫الجامعي لظهور فئ��ة مثقفة جديدة بين‬ ‫العلويي��ن‪ ،‬ذلك أن التعليم كان الس��بيل‬ ‫اآلخ��ر (س��وى الجي��ش وأجه��زة األم��ن)‬ ‫المت��اح لتحقي��ق االرتق��اء االجتماع��ي‬ ‫وتأمي��ن مص��ادر الدخل‪ .‬وقد اس��تقطب‬ ‫هذا الباب الفئة ذات الطموح العلمي التي‬ ‫يعل��و طموحها على التط��وع في الجيش‬ ‫واألم��ن‪ .‬اعتم��د النظ��ام كالعادة‪ ،‬س��واء‬ ‫داخل الطائفة العلوية أو غيرها‪ ،‬سياس��ة‬ ‫تمييزية معيارها الوال‪ ،‬في إتاحة الفرص‬ ‫الدراس��ية العلي��ا‪ ،‬األمر الذي خلق جيش��ًا‬ ‫إيديولوجيًا في صالح النظام دافع ويدافع‬ ‫عن��ه في وج��ه كل تحرك مض��اد حتى لو‬ ‫كان علمانيًا وس��لميًا ومالئكيًا‪ ،‬فكيف إذا‬ ‫ج��اء التحرك عنفيًا وبلون إس�لامي غالب‬ ‫وبدعم من جهات ودول ال تقل اس��تبداداً‬ ‫عن النظام الس��وري وبمباركات طائفية‬ ‫من مش��ايخ داخل س��وريا وخارجها‪ ،‬مما‬ ‫زوّد م��ن يري��د الوقوف في وج��ه الثورة‬ ‫الس��ورية م��ا يحجب ب��ه لب ه��ذه الثورة‬ ‫ومغزاها‪.‬‬ ‫نف��ور العلويين العام من االتجاهات‬ ‫السياس��ية اإلس�لامية وميلهم الحتضان‬ ‫التيارات السياس��ية اليس��ارية عموماً بما‬

‫فيها التي��ارات واألحزاب التي دفعت أثمانًا‬ ‫باهظ��ة ف��ي مواجه��ة اس��تبداد النظ��ام‬ ‫مثل الحزب الش��يوعي السوري ‪ -‬المكتب‬ ‫السياس��ي‪ ،‬رابطة العمل الشيوعي التي‬ ‫تحولت بعد مؤتمرها األول واألخير في آب‬ ‫‪ 1982‬إل��ى حزب العمل الش��يوعي‪ ،‬حزب‬ ‫البع��ث الديمقراطي (تيار ص�لاح جديد)‪.‬‬ ‫وق��د ش��كل هذا النفور أس��اس الش��عور‬ ‫بالغربة عن الثورة السورية منذ بداياتها‪.‬‬ ‫يس��تحق االنتب��اه أن الم��زاج المع��ارض‬ ‫اليس��اري لم يتب��دد في الوس��ط العلوي‬ ‫خ�لال األح��داث العنيف��ة الت��ي ش��هدتها‬ ‫س��وريا ف��ي نهاي��ة الس��بعينات وأوائ��ل‬ ‫الثمانين��ات‪ ،‬وظ��ل للمع��ارض العل��وي‬ ‫(اليس��اري غالبًا) قبول وتأثير في وسطه‬ ‫آنئ��ذ‪ ،‬على خ�لاف الحال الي��وم حيث بات‬ ‫المعارض العلوي منبوذاً في وس��طه إلى‬ ‫حد الوس��م بالخيانة‪ .‬ويحتاج هذا التحول‬ ‫إلى بحث مستقل لفهم أسبابه‪.‬‬ ‫ما سبق من عناصر‪ ،‬خلق مجال جذب‬ ‫سياس��يًا يوح��د أفراد ه��ذه الطائفة على‬ ‫العم��وم ويعطيها اليوم صبغة سياس��ية‬ ‫معين��ة ويتيح مخاطبتها في هذه اللحظة‬ ‫ككتلة مذهبية سياس��ية‪ .‬نرجو أن يكون‬ ‫م��ن المفاعيل الالحقة للثورة الس��ورية‪،‬‬ ‫تبديد ه��ذا المجال لصالح مج��ال تجاذب‬ ‫سياس��ي وطني تكون في��ه هذه الطائفة‬ ‫وغيرها من الجماعات مخترقة بالتالوين‬ ‫والتي��ارات السياس��ية الوطني��ة العام��ة‪.‬‬ ‫وبع��د‪ ،‬يتطلب هذا الواقع تأم ًال مس��تق ًال‬ ‫لتأثيراته في مآل الثورة السورية‪.‬‬ ‫ملحق النهار اللبنانية ‪2012 / 9 / 1‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫اقتص��ر ال��دور الس��ابق للمحكم��ة‬ ‫الدس��تورية على التدقيق والتحقيق دون‬ ‫إط�لاق األح��كام‪ ،‬م��ا أدى لع��دم تطابق‬ ‫اس��مها مع فعلها باعتباره��ا محكمة ذات‬ ‫صالحيات دس��تورية واس��عة‪ .‬فالمحكمة‬ ‫كان��ت تدقق في الطع��ون المقدمة إليها‬ ‫ث��م ترف��ع تقريرها إلى مجلس الش��عب‬ ‫ليق��وم ب��دوره باتخ��اذ األح��كام دون أن‬ ‫يكون للمحكمة أي دور في ذلك‪.‬‬ ‫وبع��د إقرار الدس��تور الجديد أصدر‬ ‫رئي��س الجمهوري��ة مرس��ومًا تش��ريعيًا‬ ‫يقض��ي بتش��كيل المحكمة الدس��تورية‬ ‫العلي��ا‪ ،‬تؤل��ف من س��بعة أعض��اء يكون‬ ‫أحده��م رئيس��اً ويس��ميهم رئي��س‬ ‫الجمهورية بمرس��وم لمدة أربع س��نوات‬ ‫قابل��ة للتجدي��د‪ ،‬كما تضمن المرس��وم‬ ‫اختصاصات المحكمة وشروط عضويتها‪.‬‬ ‫ونص��ت الم��ادة األول��ى م��ن المرس��وم‬ ‫التش��ريعي المذك��ور عل��ى أن المحكمة‬ ‫الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة‬ ‫مقرها مدينة دمش��ق وتص��در أحكامها‬ ‫باسم الش��عب العربي في سوريا‪ .‬وذلك‬ ‫وفق��ًا ألحكام الب��اب الرابع من الدس��تور‬ ‫الذي نص على أن المحكمة الدس��تورية‬ ‫العلي��ا هيئ��ة قضائي��ة مس��تقلة مقرها‬ ‫مدينة دمش��ق‪ ،‬وتتألف من سبعة أعضاء‬ ‫على األقل يكون أحدهم رئيسًا يسميهم‬ ‫رئي��س الجمهورية بمرس��وم‪ ،‬وال يجوز‬ ‫الجمع بين عضوية المحكمة الدس��تورية‬ ‫العليا وتولي ال��وزارة أو عضوية مجلس‬ ‫الش��عب‪ ،‬ويحدد القانون األعمال األخرى‬ ‫التي ال يجوز الجم��ع بينها وبين عضوية‬ ‫المحكمة‪.‬‬ ‫وجاء في المادة الثالثة من المرسوم‬ ‫أن��ه يش��ترط ف��ي عض��و المحكم��ة‬ ‫الدس��تورية العلي��ا أن يك��ون متمتع��ًا‬ ‫بجنس��ية الجمهوري��ة العربية الس��ورية‬ ‫وال يحمل جنسية أخرى‪ ،‬متمتعاً بشروط‬ ‫التوظي��ف العام��ة‪ ،‬متمم��ًا األربعين من‬ ‫العم��ر ول��م يتج��اوز الثانية والس��بعين‪،‬‬ ‫حائزاً على اإلجازة في الحقوق من إحدى‬ ‫الجامعات السورية أو ما يعادلها‪ ،‬ومارس‬ ‫العم��ل القضائي أو المحاماة أو التدريس‬ ‫في كلية الحقوق مدة ال تقل عن خمسة‬ ‫عشر عامًا‪.‬‬ ‫كم��ا ن��ص المرس��وم ف��ي مادت��ه‬ ‫الخامس��ة على أن��ه ال يج��وز الجمع بين‬ ‫عضوي��ة المحكم��ة وبي��ن ال��وزارة‪ ،‬أو‬ ‫عضوي��ة مجل��س الش��عب‪ ،‬وأي مهنة أو‬ ‫وظيف��ة أخ��رى باس��تثناء التدريس في‬ ‫الجامعة‪.‬‬ ‫أعطى المرس��وم الجدي��د المحكمة‬ ‫االختص��اص باإلش��راف عل��ى انتخابات‬ ‫رئاسة الجمهورية وتقرير صالحيتها في‬ ‫الب��ت بالدفوع المحالة م��ن المحاكم في‬ ‫معرض الطعن باألحكام بعدم دستورية‬ ‫نص قانوني والبت في هذه الدفوع خالل‬ ‫ثالثين يومًا من تاري��خ القيد لدى ديوان‬ ‫المحكمة الدستورية وإذا قررت المحكمة‬ ‫مخالفة القانون أو المرس��وم التشريعي‬ ‫للدس��تور عد الغي��ًا م��ا كان مخالفاً منها‬ ‫لنصوص الدس��تور بمفع��ول رجعي وال‬ ‫يرتب أي أثر‪.‬‬ ‫نصت المادة ‪ 20‬أن المحكمة تختص‬

‫بمحاكم��ة رئي��س الجمهوري��ة في حال‬ ‫اتهام��ه بالخيان��ة العظمى مع الش��ركاء‬ ‫والمتدخلي��ن والمحرضي��ن والمخبئي��ن‪.‬‬ ‫وتنص المادة ‪ 22‬من المرسوم أنه يصدر‬ ‫قرار اتهام رئيس الجمهورية من مجلس‬ ‫الش��عب بأكثرية ثلثي أعضائه ويرس��له‬ ‫رئي��س المجلس مع مذاك��رات المجلس‬ ‫والوثائق جميعها إلى رئيس المحكمة‪.‬‬ ‫وأت��اح المرس��وم للمحكم��ة الب��ت‬ ‫ف��ي طع��ن مق��دم من مرش��ح ل��م يفز‬ ‫ف��ي انتخابات مجلس الش��عب والمتعلق‬ ‫بصح��ة انتخاب األعض��اء الفائزين خالل‬ ‫‪ 7‬أي��ام م��ن تاري��خ انته��اء م��دة تقديم‬ ‫الطع��ون‪ ،‬ويكون قرارها واج��ب التنفيذ‬ ‫بشرط تقديم الطعون لرئيس المحكمة‬ ‫خالل ‪ 3‬أيام من إعالن النتائج‪.‬‬ ‫وأعط��ى المرس��وم للمحكمة الحق‬ ‫بالنظ��ر ف��ي دس��تورية القواني��ن قب��ل‬ ‫إصداره��ا بن��اء عل��ى طلب م��ن رئيس‬ ‫الجمهوري��ة أو خمس��ة أعض��اء مجل��س‬ ‫الشعب ودستورية المراسيم التشريعية‬ ‫بن��اء على طلب خمس��ة أعض��اء مجلس‬ ‫الش��عب إضافة إلى النظر في دس��تورية‬ ‫مش��روعات القواني��ن والمراس��يم‬ ‫التش��ريعية بن��اء عل��ى طل��ب رئي��س‬ ‫الجمهورية‪.‬‬ ‫كما يحق للمحكمة البت في الدفوع‬ ‫المحالة من المحاكم في معرض الطعن‬ ‫باألح��كام بعدم دس��تورية نص قانوني‬ ‫موضحًا في حال تن��ازع االختصاص بين‬ ‫المحكم��ة الدس��تورية العليا والس��لطات‬ ‫القضائي��ة األخرى يج��ري تعيين المرجع‬ ‫من هيئة تشكل برئاسة رئيس المحكمة‬ ‫الدستورية العليا وعضوية أحد أعضائها‬ ‫يسميه رئيس المحكمة وأحد مستشاري‬ ‫محكمة النقض أو مجلس الدولة بحسب‬ ‫الح��ال تج��ري تس��ميتهما م��ن رئي��س‬ ‫محكمة النقض أو رئيس مجلس الدولة‬ ‫ويكون قرار الهيئة ملزمًا‪.‬‬

‫تتول��ى المحكم��ة الرقاب��ة عل��ى‬ ‫دستورية القوانين والمراسيم التشريعية‬ ‫وفقا لآلتي‪:‬‬ ‫ النظ��ر ف��ي اعت��راض رئي��س‬‫الجمهورية أو خمس��ة أعضاء من مجلس‬ ‫الشعب على دستورية قانون قبل إصداره‬ ‫والبت فيه خالل خمسة عشر يومًا وخالل‬ ‫سبعة أيام في حالة االستعجال من تاريخ‬ ‫تس��جيل االعتراض في ديوان المحكمة‬ ‫ويتوقف إص��دار القانون إل��ى حين البت‬ ‫في الطعن‪.‬‬ ‫ النظر في اعتراض خمسة أعضاء‬‫م��ن مجل��س الش��عب عل��ى دس��تورية‬ ‫مرس��وم تش��ريعي ويق��دم االعت��راض‬ ‫خالل خمسة عشر يومًا من تاريخ عرض‬ ‫المرسوم التشريعي على مجلس الشعب‬ ‫وتص��در المحكمة قرارها خالل خمس��ة‬ ‫عش��ر يومًا من تاريخ تسجيل االعتراض‬ ‫لديها‪.‬‬ ‫ إذا قررت المحكمة مخالفة القانون‬‫أو المرس��وم التش��ريعي للدس��تور ع��د‬ ‫الغي��ًا ما كان مخالفًا لنصوص الدس��تور‬ ‫بمفعول رجعي وال يرتب أي إثر‪.‬‬ ‫ إبداء الرأي في دستورية مشروعات‬‫القواني��ن والمراس��يم التش��ريعية‬ ‫وقانونية مشروعات المراسيم بناء على‬ ‫طلب رئي��س الجمهوري��ة ويقوم رئيس‬ ‫المحكمة بإبالغ رئيس الجمهورية الرأي‬ ‫خالل خمسة عشر يومًا‪.‬‬ ‫ النظ��ر ف��ي الدفوع ف��ي معرض‬‫الطعن باألح��كام بعدم دس��تورية نص‬ ‫قانوني المحالة م��ن المحاكم والبت في‬ ‫ه��ذه الدفوع ف��ي غرف��ة المذاكرة خالل‬ ‫ثالثين يومًا من تاري��خ القيد لدى ديوان‬ ‫المحكم��ة وإذا ق��ررت المحكم��ة ع��دم‬ ‫دس��تورية النص المطعون بدس��توريته‬ ‫عد الغيًا من تاريخ صدور القرار‪.‬‬ ‫ ال يح��ق للمحكم��ة الدس��تورية‬‫العلي��ا أن تنظر في دس��تورية القوانين‬

‫الت��ي يطرحه��ا رئي��س الجمهورية على‬ ‫االس��تفتاء الش��عبي وتن��ال موافق��ة‬ ‫الشعب‪.‬‬ ‫ه��ذا و يخض��ع رئي��س المحكم��ة‬ ‫وأعضاؤها في مالحقته��م الجزائية إلى‬ ‫األص��ول واالختصاص��ات المتبع��ة ف��ي‬ ‫محاكم��ة القضاة وفي ح��ال ارتكاب أحد‬ ‫األعض��اء جرم��ًا مش��هوداً يعل��م رئيس‬ ‫المحكمة فوراً باألمر وإذا كان الفاعل هو‬ ‫الرئي��س تعلم الهيئة العام��ة بذلك‪ .‬وإذا‬ ‫فقد رئيس المحكم��ة أو أحد أعضائها ما‬ ‫يتطلبه منصبه من أهلية أو سيرة حسنة‬ ‫تقت��رح الهيئ��ة العام��ة للمحكم��ة إقالته‬ ‫بق��رار معل��ل ويعلم رئي��س الجمهورية‬ ‫بذل��ك‪ .‬كما يحق لرئي��س الجمهورية أن‬ ‫يقرر اإلقال��ة بمرس��وم وتصفى حقوق‬ ‫المفصول وفقًا للقوانين النافذة‪.‬‬ ‫وص��رح المرس��وم للمحكم��ة ب��أن‬ ‫تس��تعين مباش��رة بأي جه��ة قضائية أو‬ ‫غي��ر قضائي��ة في مع��رض النظ��ر في‬ ‫الطع��ون المتعلقة بصحة انتخاب رئيس‬ ‫الجمهورية أو أعضاء مجلس الشعب‪.‬‬ ‫والب��د م��ن التميي��ز بي��ن محكم��ة‬ ‫النق��ض تنظر في قانوني��ة األحكام في‬ ‫حين تختص المحكمة الدس��تورية العليا‬ ‫النظر في مدى تالؤم الحكم مع الدستور‪،‬‬ ‫أما الطعون المقدمة حول دس��تورية أي‬ ‫قان��ون من األفراد فتق��دم عبر المحكمة‬ ‫المختصة إذا رأت ضرورة لذلك وال تقدم‬ ‫بشكل فردي‪.‬‬ ‫ون��ص المرس��وم أيض��ًا عل��ى أن‬ ‫جلس��ات المحاكم��ة علني��ة إال إذا رأت‬ ‫المحكم��ة جعله��ا س��رية حفاظ��اً عل��ى‬ ‫النظ��ام العام أو في األحوال األخرى التي‬ ‫يقررها المرس��وم التش��ريعي أو وجدت‬ ‫المحكمة ضرورة لذلك‪ .‬وتصدر المحكمة‬ ‫حكمه��ا مبرم��اً باإلجم��اع أو األكثرية وال‬ ‫يقبل من طرق الطعن س��وى االعتراض‬ ‫وإعادة المحاكمة‪.‬‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫املر�سوم الت�شريعي رقم ‪ 35‬للعام ‪2012‬‬ ‫القا�ضي ب�إحداث املحكمة الد�ستورية العليا‬

‫‪13‬‬


‫يو�سف مزاحم (‪)1998-1921‬‬ ‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫خالد كنفاني‬

‫ول��د يوس��ف مزاح��م ف��ي قرية‬ ‫الفيج��ة في ريف دمش��ق عام ‪.1921‬‬ ‫كان والده موظفًا في مصلحة السكك‬ ‫الحديدية بمحطة عين الفيجة‪ ،‬وكان‬ ‫ودوداً متواضع��ًا محب��ًا للناس‪ .‬وهكذا‬ ‫ش��بّ مزاحم على هذه الخصال التي‬ ‫الزمت��ه وتعمق��ت ف��ي س��لوكه فيما‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫من أب��رز الحوادث في حياته كان‬ ‫وفاة والدته في س��ن مبكرة مما ترك‬ ‫ف��ي نفس��ه جرحاً غائ��راً ل��م يندمل‬ ‫عل��ى اإلط�لاق وخاصة أن��ه كان في‬ ‫س��ن الرابع��ة فق��ط‪ .‬بعده��ا كفلته‬ ‫جدت��ه ألبي��ه إل��ى أن دخل المدرس��ة‬ ‫االبتدائية ف��ي القرية الت��ي لم تكن‬ ‫تحتوي إال على ثالثة صفوف‪ ،‬وهكذا‬ ‫فقد وصل يوس��ف مزاحم إلى الصف‬ ‫الثال��ث االبتدائ��ي ثم قض��ى عامين‬ ‫دون دراس��ة إلى أن ق��رر التقدم إلى‬ ‫فح��ص الش��هادة االبتدائي��ة منفرداً‬ ‫وقام بالدراس��ة لوح��ده حتى نال من‬ ‫العالم��ات م��ا خوّل��ه الحص��ول على‬ ‫كرس��ي مجاني ف��ي مدرس��ة تجهيز‬ ‫دمشق ودخلها أواخر عام ‪.1936‬‬ ‫أتمّ مزاحم دراس��تيه اإلعدادية‬ ‫والثانوي��ة ع��ام ‪ 1944‬ول��م تكن في‬ ‫جامع��ة دمش��ق س��وى كليت��ا الط��ب‬ ‫والحق��وق‪ ،‬فق��رر االلتح��اق بكلي��ة‬ ‫الحق��وق وكان اس��مها آن��ذاك معه��د‬ ‫الحقوق العربي بدمش��ق وكان وقتها‬ ‫يعمل معلم��ًا في مدرس��ة قرية بيت‬ ‫تيم��ا االبتدائي��ة م��ن منطق��ة قطنا‬ ‫بريف دمش��ق‪ ،‬وهذا ما جعل االلتزام‬ ‫بال��دوام الجامع��ي صعب��ًا بالنس��بة‬ ‫إليه‪ ،‬فكان يس��تغل اإلجازة الس��نوية‬ ‫ش��هراً كام ًال ليعزل نفسه في المنزل‬ ‫ويحف��ظ الم��واد المقررة ث��م يتقدم‬ ‫لالمتحان��ات الجامعية‪ ،‬وهك��ذا أنهى‬ ‫دراسة الحقوق ونال اإلجازة فيها عام‬ ‫‪ 1947‬لينتسب بعدها إلى كلية اآلداب‬

‫حي��ث نال إجازة في اآلداب من قس��م‬ ‫التاريخ ع��ام ‪ 1952‬ليعود بعدها إلى‬ ‫كلية الحقوق لينال شهادة اختصاص‬ ‫في العلوم المالي��ة واالقتصادية عام‬ ‫‪.1953‬‬ ‫تدرّج يوس��ف مزاحم في حياته‬ ‫الوظيفي��ة بش��كل متس��ارع نظ��راً‬ ‫إلخالص��ه وتفانيه في خدم��ة عمله‪،‬‬ ‫فق��د ب��دأ حيات��ه الوظيفي��ة كمعلم‬ ‫في المدرس��ة االبتدائي��ة بقرية بيت‬ ‫تيم��ا (كم��ا ذكرنا آنفًا) إل��ى أن انتقل‬ ‫إلى محافظة مدينة دمش��ق الممتازة‬ ‫ككاتب في شعبة الصرفيات ثم صدر‬ ‫قرار من المحافظ بتصنيفه محاس��بًا‬ ‫أول عام ‪ .1945‬وقد أوكلت إليه مهمة‬ ‫تنظي��م حف�لات عيد الجالء بدمش��ق‬ ‫حيث تلق��ى بعد انتهائها كتاب ش��كر‬ ‫من المحافظ يبلغه فيها شكر رئيس‬ ‫مجل��س ال��وزراء بتاريخ ‪ 27‬نيس��ان‬ ‫‪ .1946‬وهكذا بق��ي على تدرجه في‬ ‫المناص��ب ف��ي محافظة دمش��ق إلى‬ ‫أن صدر قرار م��ن وزير الداخلية عام‬ ‫‪ 1951‬بتعيين��ه بوظيف��ة مدير دائرة‬ ‫المالية ف��ي محافظة مدينة دمش��ق‬ ‫الممتازة‪.‬‬ ‫ت��م تكلي��ف يوس��ف مزاحم عام‬ ‫‪ 1955‬بتمثيل س��وريا في دورة ألعاب‬ ‫البحر األبيض المتوسط في برشلونة‬ ‫االس��بانية‪ ،‬وقد تضمن تكليفه أيضًا‬ ‫زيارة بلديات بعض المدن االس��بانية‬ ‫لالط�لاع عل��ى قوانينه��ا المالي��ة‬ ‫والتشريعية لالس��تفادة منها‪ ،‬وكانت‬ ‫نتيج��ة ذل��ك أن ت��م تكليف��ه الحق��ًا‬ ‫بالس��فر إلى فرنسا وسويس��را لمدة‬ ‫أربعة أش��هر وذلك في حزيران ‪1956‬‬ ‫لالط�لاع عل��ى األص��ول والمعامالت‬ ‫المالية في مدن ليون ونيس وجنيف‪،‬‬ ‫وه��و ما عاد على الدائ��رة المالية في‬ ‫محافظ��ة دمش��ق بأكب��ر النف��ع فيما‬ ‫بعد‪.‬‬

‫اختير يوس��ف مزاحم مطلع عام‬ ‫‪ 1957‬مدي��راً عام��ًا للش��رطة واألمن‬ ‫في س��وريا رغم عدم انتمائه إلى أي‬ ‫تيار سياس��ي في جو مش��حون آنذاك‬ ‫بي��ن تي��ارات قومي��ة ش��ملت الحزب‬ ‫الوطن��ي الذي ضمّ الرئيس ش��كري‬ ‫القوتل��ي وح��زب البع��ث ال��ذي ضمّ‬ ‫أكرم الحوراني وسياسيين مستقلين‬ ‫وبي��ن غيره��م ممن كان��وا يعرقلون‬ ‫أي تق��ارب مع محيط س��وريا العربي‬ ‫آن��ذاك‪ .‬ومن أهم إنجازات مزاحم في‬ ‫منصبه الجديد رغم قصر الفترة التي‬ ‫قضاها هي مالحقة المتشردين ومنع‬ ‫التحرش بطالبات الم��دارس ومراعاة‬ ‫حرمة شهر رمضان ولكن القرار األبرز‬ ‫كان من��ع رواد الماله��ي الليلي��ة من‬ ‫مجالس��ة الفنانات وذلك ل��دواع أمنية‬ ‫حي��ث تبين ارتباط الكثي��ر من هؤالء‬ ‫الفنانات بجهات أجنبية وهن يجالسن‬ ‫بعض المس��ؤولين أو المتنفذين في‬ ‫الدول��ة مما يش��كل خط��راً على أمن‬ ‫البالد‪ .‬ولع��ل القرار األخير هو ما أثار‬ ‫زوبعة من االنتقاد بحقه وقام أصحاب‬ ‫الماله��ي برفع دع��اوى ضده ولكنهم‬ ‫خس��روها نظراً ألنه ل��م يقم بإقفال‬ ‫المالهي وإنما تنظيم عملها وهو من‬ ‫صالحيات مدير الشرطة واألمن‪ .‬غير‬ ‫أن الضغوط الش��ديدة أودت بالنهاية‬ ‫إلى صدور مرسوم جمهوري بإعفائه‬ ‫من منصبه في الش��هر الخامس عام‬ ‫‪ 1957‬وهو ما أثار الرأي العام وكذلك‬ ‫مجل��س الن��واب ال��ذي اس��تنكر هذا‬ ‫الموضوع بش��دة‪ .‬وبعد عدة مداوالت‬ ‫وضغ��وط ص��در مرس��وم جمه��وري‬ ‫بتعيين��ه محافظ��ًا لدير ال��زور في ‪1‬‬ ‫تموز ‪.1957‬‬ ‫تعتب��ر محافظ��ة دير ال��زور من‬ ‫المحافظ��ات المهم��ة ف��ي س��وريا‬ ‫فباإلضاف��ة إل��ى الجان��ب االقتصادي‬ ‫ف��إن موقعه��ا الجغراف��ي ال��ذي يمتد‬

‫حتى الحدود التركية ش��ما ًال والحدود‬

‫العراقي��ة جنوب��ًا يجعله��ا منطق��ة‬ ‫اس��تراتيجية حساس��ة‪ .‬وم��ن أه��م‬ ‫المش��اريع في المحافظ��ة في عهده‪:‬‬ ‫تزفيت المطار والمباش��رة ببناء مبنى‬ ‫الهاتف اآلل��ي‪ ،‬صيانة الجس��ر الكبير‬ ‫على نه��ر الف��رات‪ ،‬فتح طري��ق عام‬ ‫يصل دير الزور بدمشق مروراً بتدمر‪،‬‬ ‫إنش��اء ش��بكة مجاري عامة للشوارع‬ ‫بطول يزيد على ‪ 4‬كيلومترات وكذلك‬ ‫غرس أربعة آالف شجرة غرب المدينة‬ ‫وجنوبها‪.‬‬ ‫وعندما قامت الوحدة بين سوريا‬ ‫ومص��ر كان يوس��ف مزاح��م ال يزال‬ ‫على رأس عمله‪ ،‬وقد قام كمال الدين‬ ‫حس��ين عضو مجل��س قي��ادة الثورة‬ ‫وزير التربية والتعليم المركزي بزيارة‬ ‫للمحافظة مما أتاح لمزاحم أن يعرض‬ ‫المزيد من متطلب��ات المحافظة ليتم‬ ‫عرضها عل��ى الحكومة المركزية في‬ ‫القاه��رة‪ .‬وكان مم��ا قاله ف��ي كلمته‬ ‫الترحيبية بالوزير‪" :‬إن منطقة الفرات‬ ‫ذاق��ت في العه��ود الس��وداء الماضية‬ ‫الش��قاء كله واإلهمال كله حتى غدت‬ ‫متخلف��ة عن جمي��ع مناط��ق الدولة‪،‬‬ ‫فه��ذه المنطقة لم يكن يزورها وزير‬ ‫وال أصغر من ذلك ولم يكن يدري من‬ ‫ش��ؤونها رجال السياسة إال كما ندري‬ ‫نحن من ش��ؤون المريخ وحان الوقت‬ ‫لنسف هذه العهود السوداء"‪.‬‬ ‫كان يوس��ف مزاح��م كثي��راً م��ا‬ ‫يركز على نبذ العشائرية والطائفية‪،‬‬ ‫وق��د قال ف��ي أحد خطبه ف��ي زيارته‬ ‫لناحي��ة تل أبيض في الش��مال‪" :‬لقد‬ ‫بقين��ا أربعمائ��ة عام نكاف��ح األتراك‬ ‫وثالثي��ن عام��اً نكاف��ح الفرنس��يين‬ ‫لنحقق االس��تقالل والحرية والعدالة‬ ‫بين أبناء الجنوب والشمال المسلمين‬ ‫والمس��يحيين ال نفرق بينهم فكلهم‬ ‫سواسية في هذا الوطن العزيز"‪.‬‬ ‫وبتاريخ ‪ 15‬كان��ون األول ‪1958‬‬ ‫أصدر وزير الداخلية آنذاك أمراً إداريًا‬


‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫أثناء تسلمه مهام المدير العام للشرطة واألمن في سوريا ويبدو إلى يمينه السيد صبري العسلي رئيس‬ ‫الوزراء ووزير الداخلية وقتذاك وإلى يمين السيد العسلي سلفه في المديرية العامة المقدم زكي درعوزي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬

‫كام� ً‬ ‫لا حتى إصدار الق��رار الجمهوري‬ ‫بتنظي��م وزارة األوق��اف ف��ي اإلقليم‬ ‫الس��وري وذلك بجه��وده الدائبة بعد‬ ‫أن كان��ت كثير من أموال األوقاف يتم‬ ‫نهبها أو توجيهها للمصالح الشخصية‬ ‫وكذل��ك تنظي��م العم��ل الدين��ي في‬ ‫دور العب��ادة‪ ،‬وق��ام كذل��ك بإيف��اد‬ ‫بع��ض الم��دراء إل��ى مص��ر وتونس‬ ‫وغيرها لالستفادة من تجارب التعليم‬ ‫الشرعي والمعاهد الدينية هناك‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1961‬ت��م وضع نظام‬ ‫جدي��د للجمهوري��ة العربي��ة المتحدة‬ ‫يقضي ب��أن يكون فيها مجلس وزراء‬ ‫مرك��زي واحد ف��ي القاه��رة عاصمة‬ ‫الجمهورية وكان أن تم تعيين يوسف‬ ‫مزاح��م مج��دداً وزي��راً لألوق��اف في‬ ‫الحكومة المركزية الموحدة بالقاهرة‪،‬‬ ‫وعق��دت الوزارة الجدي��دة أول اجتماع‬ ‫لها برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر‬ ‫بتاري��خ ‪ 27‬آب ‪ .1961‬إال أن األم��ر لم‬ ‫يط��ل حي��ث قام��ت ف��ي دمش��ق في‬ ‫‪ 28‬أيل��ول ‪ 1961‬حرك��ة انقالبية تم‬ ‫بمقتضاها انفصال اإلقليم الس��وري‬ ‫عن الجمهورية العربية المتحدة‪.‬‬ ‫قام الرئيس عبد الناصر بتكليف‬ ‫يوس��ف مزاح��م بمهمة لق��اء العقيد‬ ‫عب��د الكريم النحالوي قائد االنفصال‬ ‫لمطالبته بما تم االتفاق عليه بش��أن‬ ‫إع��ادة الوحدة (وهو م��ا كان النحالوي‬ ‫وزم�لاؤه ق��د وع��دوا به عب��د الناصر‬

‫ف��ي آذار ‪ )1962‬وكان م��ن المق��رر‬ ‫أن تس��تمر المهم��ة أس��بوعًا إال أنه��ا‬ ‫طالت لتصل إلى ثمانية عش��ر ش��هراً‬ ‫ذل��ك أن االنفصاليين اعتقلوا مزاحم‬ ‫وأودع��وه س��جن الم��زة العس��كري‬ ‫بدمشق واعتقل معه ما يقارب المائة‬ ‫وخمس��ين شخصًا لمدة س��بعة أشهر‬ ‫تم اإلف��راج عنه بعدها أواخر ش��باط‬ ‫‪ 1963‬لع��دم توفر األدل��ة ضده‪ .‬وفي‬ ‫‪ 8‬آذار ‪ 1963‬قام��ت حركة عس��كرية‬ ‫قوامه��ا بع��ض الفئ��ات القومية في‬ ‫الجي��ش م��ن وحدويي��ن وبعثيي��ن‬ ‫وناصريي��ن باالنق�لاب عل��ى الحكم‬ ‫بدعوى إع��ادة الوحدة‪ ،‬إال أن البعثيين‬ ‫س��يطروا عل��ى مقاليد األم��ور وبقي‬ ‫يوس��ف مزاحم في الصف المعارض‬ ‫للحكم وحذر كثيراً من تسلم البعثيين‬ ‫للحك��م في س��وريا‪ .‬وتم��ت مالحقته‬ ‫من جديد وأذيع اس��مه من بين أربعة‬ ‫أس��ماء مطلوب��ة لقاء مكاف��آت مالية‬ ‫لمن يرش��د عنهم‪ .‬واس��تطاع مزاحم‬ ‫الهرب عبر جبال وادي بردى إلى لبنان‬ ‫وبعدها إلى القاه��رة ليواصل بعض‬ ‫العم��ل السياس��ي هن��اك ولكن��ه بدأ‬ ‫باالتجاه نح��و الترجم��ة وعلومها في‬ ‫القاه��رة وخاص��ة بعد وف��اة الرئيس‬ ‫جمال عبد الناصر‪ .‬وقد اتبع الكثير من‬ ‫الدورات والندوات البحثية في فرنس��ا‬ ‫وسويس��را حت��ى بلغ مرحل��ة اإلتقان‬ ‫للغة الفرنسية توّجها بترجمة معاني‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الق��رآن الكريم إلى اللغة الفرنس��ية‬ ‫وهو عمل لم يق��دّر له أن يرى النور‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫ع��اش يوس��ف مزاح��م أكثر من‬ ‫خمس��ة وثالثين عاماً من حياته بعيداً‬ ‫عن بلده ألنه رف��ض أن يقول "نعم"‬ ‫للمس��تبدين‪ ،‬وقد آمن ف��ي لحظة ما‬ ‫بالقومي��ة العربي��ة كغيره م��ن أبناء‬ ‫جيله الذين عاش��وا تل��ك الحقبة بكل‬ ‫أبعاده��ا‪ ،‬وكان إيمان��ه بها مبنيًا على‬ ‫قناعة راس��خة وعمل بج��د وإخالص‬ ‫ألجله��ا‪ ،‬ولكن متغيرات السياس��ة لم‬ ‫تدع للمخلصي��ن أو الصادقين مكاناً‪،‬‬ ‫وهك��ذا اعتق��د أن��ه يغ��ادر إلى مصر‬ ‫ألش��هر معدودة فإذا بها عقود سرقت‬ ‫أجمل س��نين حياته ولم تكافئه على‬ ‫كل جه��وده في كاف��ة المناصب التي‬ ‫تواله��ا فقد خ��رج صف��ر اليدين كما‬ ‫دخ��ل ول��م ينتفع ول��و حت��ى بمنزل‬ ‫خ��اص ل��ه أو لعائلت��ه لش��دة تفانيه‬ ‫وإخالصه‪.‬‬ ‫تعرض مزاحم لمرض السرطان‬ ‫ف��ي البروس��تاتا وس��افر إلى فرنس��ا‬ ‫للعالج ولكن جس��ده لم يعد يستجيب‬ ‫للع�لاج فيما بع��د وعاد إل��ى القاهرة‬ ‫ومنه��ا إلى بيروت حي��ث قضى أربعة‬ ‫أيام في مش��فى الجامع��ة األمريكية‬ ‫ببيروت ارتأى بعدها ولده أن يعود به‬ ‫إلى دمش��ق ليدخلها أول مرة بعد كل‬ ‫هذه األعوام في س��يارة إس��عاف ولم‬ ‫يلب��ث أن توفي ف��ي ‪ 26‬أيلول ‪1998‬‬ ‫عن عمر يناهز الس��ابعة والس��بعين‬ ‫عامًا‪.‬‬ ‫ف��ي أح��د خطابات��ه مطل��ع عام‬ ‫‪ 1960‬أمام الرئيس جمال عبد الناصر‬ ‫في دمشق يقول‪:‬‬ ‫"سيدي الرئيس‬ ‫إن مدين��ة دمش��ق ول��دت عن��د‬ ‫فجر الزم��ن فوق هذه األرض الطيبة‬ ‫المبارك��ة عل��ى س��فح ه��ذا الجب��ل‬ ‫األش��م‪ ،‬إن هذه المدين��ة ومن ورائها‬ ‫اإلقليم الس��وري بأجمعه قد جلس��ت‬ ‫منذ فجر الزمن تجس الشعوب وتق ّلب‬ ‫المبادئ وتلعب بالمس��تبدين وتصيح‬ ‫بالظالمي��ن حتى اس��تقرت في نهاية‬ ‫المطاف على أال تبي��ع حريتها إال هلل‪،‬‬ ‫وأال تمنح قلبها إال للعروبة‪" ..‬‬

‫أسبوعية‬

‫بتكليف يوسف مزاحم لتسيير أعمال‬ ‫األمانة العام��ة لوزارة الداخلية‪ ،‬وكان‬ ‫أن خرج كل أهالي دي��ر الزور لوداعه‬ ‫حت��ى مدينة الرقة حت��ى أن بعضهم‬ ‫اس��تمر معه حت��ى بلوغ��ه حلب على‬ ‫مس��افة ‪ 325‬كيلومتراً عن دير الزور‪.‬‬ ‫وق��د بقي��ت عالقات��ه قوي��ة ومتين��ة‬ ‫مع أبناء دي��ر الزور وأعيانها وش��يوخ‬ ‫عشائرها‪.‬‬ ‫وكانت المهام في وزارة الداخلية‬ ‫آن��ذاك مضاعف��ة نظراً للتنس��يق مع‬ ‫وزارة الداخلية المركزية في القاهرة‪،‬‬ ‫إلى جان��ب البدء في مواءمة القوانين‬ ‫واألنظم��ة الس��ورية والمصري��ة‬ ‫للحيلولة دون التض��ارب واالزدواجية‬ ‫ومراعاة التنس��يق وصو ًال إلى توحيد‬ ‫هذه القوانين في نهاية المطاف‪ .‬وقد‬ ‫قام يوسف مزاحم أثناء توليه األمانة‬ ‫العامة ل��وزارة الداخلية بإجراء دورات‬ ‫تدريبية لرجال الشرطة داخل وخارج‬ ‫س��وريا وكذلك إيالء السجون العناية‬ ‫الكافية وتنظيمها لتكون مراكز إصالح‬ ‫وتربي��ة‪ ،‬وعم��ل عل��ى إلغ��اء قان��ون‬ ‫العش��ائر بحيث يتمتع أبناء العش��ائر‬ ‫بالحق��وق والواجبات ذاته��ا على قدم‬ ‫المس��اواة مع باقي المواطنين‪ .‬وكان‬ ‫مألوفًا أن تكون نافذة غرفته في مبنى‬ ‫وزارة الداخلية (الس��راي) هي النافذة‬ ‫الوحيدة المضاءة في المبنى كله آخر‬ ‫الليل‪ .‬وكان من مهامه اإلش��راف على‬ ‫انتخابات االتح��اد القومي عام ‪1959‬‬ ‫عل��ى مس��توى س��وريا كله��ا‪ .‬وأثناء‬ ‫وج��وده ف��ي منصبه قام الماريش��ال‬ ‫تيتو رئي��س جمهورية يوغوس�لافيا‬ ‫بزي��ارة إل��ى اإلقليم الس��وري برفقة‬ ‫الرئيس جمال عبد الناصر‪ ،‬وأدى نجاح‬ ‫الزيارة إلى حصول مزاحم على وسام‬ ‫االس��تحقاق العس��كري م��ن الدرجة‬ ‫األولى من الرئيس جوزيف تيتو‪.‬‬ ‫بتاري��خ ‪ 17‬آذار ‪ 1960‬أص��در‬ ‫الرئي��س جم��ال عب��د الناصر ق��راراً‬ ‫جمهوري��ًا بتعيي��ن ع��دة وزراء ف��ي‬ ‫اإلقلي��م الش��مالي وتضم��ن الق��رار‬ ‫تعيين يوس��ف مزاحم وزيراً لألوقاف‬ ‫وهو بذلك أول وزي��ر لألوقاف بتاريخ‬ ‫س��وريا‪ ،‬ذلك ألن األوق��اف كانت فيما‬ ‫مضى مؤسسة تابعة لرئاسة مجلس‬ ‫الوزراء كمديرية عامة‪ .‬وهذه الظروف‬ ‫زادت من أعبائه لتوليه حقيبة وزارية‬ ‫ف��ي وزارة محدث��ة ليس فيه��ا نظام‬ ‫أساس��ي وال هي��كل إداري أو ميزانية‬ ‫مس��تقلة‪ .‬واس��تغرق الموضوع عامًا‬

‫‪15‬‬


‫عن فناين الثورة ال�سورية‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫�ألــــ��وان بيــــ��ن الركـــ��ام‬ ‫إعداد‪ :‬عهد زرزور‬

‫ثار الش��عب السوري‪ ،‬ولم تقتصر‬ ‫الثورة على السياسة وتغيير الرؤوس‪،‬‬ ‫بل تبدلت حال النفوس كثيراً‪ ،‬وتفجرت‬ ‫كل الطاقات الكامنة لدى هذا الش��عب‬ ‫المقم��وع من��ذ ‪ 40‬س��نة حيث شُ��غل‬ ‫فيها عن جمال الحي��اة بلقمة العيش‪،‬‬ ‫ول��م يُس��مح ل��ه ب��أن يتع��دى حدود‬ ‫المخاب��رات وقواني��ن النظام الس��ابق‬ ‫فكل من تعدّاها أُودع السجون أو ُطرد‬ ‫خ��ارج الوط��ن‪ ،‬ولكن‪ ..‬الف��ن ال حدود‬ ‫حمراء له‪ ،‬فهو كائن هائج ال يلجم وال‬ ‫يروّض وال يحاصر‪..‬‬ ‫كان الف��ن ف��ي الثورة الس��ورية‬ ‫نتيج��ة ومؤ ّثر‪ ،‬التقي��ت بثالثة فنانين‬ ‫م��ن فنان��ي الث��ورة الس��ورية‪ ،‬كانت‬ ‫الث��ورة ق��د فجّ��رت ب��ركان األل��وان‬ ‫دواخلهم‪ ،‬فكرّسوا لها أفكارهم‪ّ ..‬‬ ‫عل‬ ‫الصورة والفكرة تص��ل إلى من يهمه‬ ‫األمر وتخ ّلد هذه اللحظات التاريخية‪..‬‬ ‫طرحت عليهم عدّة أسئلة لنكون‬ ‫منهم ومن أعمالهم أقرب‪..‬‬ ‫تحي��ا الث��ورة الس��ورية‪ ..‬يحي��ا‬ ‫الفن الذي تحيط��ه ويحيطها حتى في‬ ‫لحظات الموت‪..‬‬

‫و�سام اجلزائري‬

‫| بأعمال��ك بنالح��ظ ف��ي إش��ارة‬ ‫للم��دارس الفنية‪ ،‬عم تح��اول تقارب بين‬ ‫المدارس الفنية القديمة ومدرسة الثورة‪،‬‬ ‫وهل صارت الثورة الس��ورية مدرسة فنية‬ ‫بحد ذاتها؟‬

‫| | الث��ورة الس��ورية أصبحت من‬ ‫أعظ��م الم��دارس الثقافة االنس��انية‬ ‫الحديثة في القرن الواحد والعش��رين‬ ‫لم��ا فيه��ا م��ن معان��ي ومتناقض��ات‬ ‫وصراع��ات إنس��انية بي��ن الظ�لام‬ ‫المس��تبد ونور الحرية‪ ،‬لذلك أنا أحوال‬ ‫فقط نقل هذه المعاني اإلنسانية إلى‬ ‫المج��ال البصري بإس��تخدام المدارس‬ ‫الفنية القديمة والحديثة‪.‬‬ ‫| حكي��ت إنه عم ترس��م ‪ 12‬س��اعة‬ ‫باليوم‪ ،‬ماتعبت من الرسم؟‬

‫| | طالم��ا ش��عبي ل��م يتعب من‬ ‫الموت في س��بيل الحرية‪ ..‬انا لن اتعب‬ ‫في رسم هذه التضحيات العظيمة‪.‬‬ ‫| شو أكتر لون بتحسو بيمثل الثورة‪،‬‬ ‫وعم يس��يطر عل��ى أعمالك‪ ،‬وش��وهو رمز‬ ‫الثورة بنظرك؟‬ ‫| | األخض��ر واألحم��ر‪ ..‬األرض‬ ‫والدم رمز الثورة بنظري هو الشمس‬ ‫الت��ي مهم��ا حاول��وا إخف��اء نورها لن‬ ‫يستطيعوا‪.‬‬ ‫| ولما س��ألناه عن أكت��ر عمل قريب ع‬ ‫قلبه وبيعنيله‪..‬‬ ‫| | ق��ال‪ :‬أكث��ر عم��ل قريب على‬ ‫قلب��ي مب��ارح خلصت��و‪ ..‬اس��مه خل��ق‬ ‫س��وريا‪ ..‬اش�لاء زملكا‪ ..‬انا أكثر لوحة‬ ‫بحبه��ا هي خل��ق أدم لماي��كل انجلو‪..‬‬ ‫وحبيت ابعت رس��الة من هاد العمل أن‬ ‫في سوريا هناك خلق ادم جديد‪..‬‬

‫عمران الفاعور‬

‫(‪)Imranovi‬‬ ‫| ع��ن مج��زرة الحول��ة‪ ،‬كانت أول‬ ‫لوح��ة فني��ة بتصممه��ا‪ ،‬ش��و اللي عم‬ ‫يغذيلك شريط إبداعك لحد هلحظة؟‬

‫| | مجزرة الحول��ة هية مو أول‬ ‫مج��زرة بس��اويا النظ��ام وبتتصور‪..‬‬ ‫بس كانت أول مجزرة بشوف الصور‬ ‫تبع��ا‪ ..‬بس��بب ان��ي مابش��وف صور‬ ‫األموات كتير ألنو بتتركني بحالة عجز‬ ‫كبيرة وحتى صرت اتمنى الموت من‬ ‫هالش��عور‪ ..‬فصرت ماش��وف الصور‬ ‫كتير ألنو مابدي وأف عن الثورة حتى‬ ‫لو كان مجرد شعور فيا‪ ..‬بس مجزرة‬ ‫أطفال الحولة تركت فيني ألم عميق‬ ‫حت��ى ص��رت وقت اس��مع ص��وت أي‬ ‫طفل صي��ر أبكي وأتخي��ل هالطفل‬ ‫مكان االطفال المدبوحين‪.‬‬ ‫من بعد هالمشاعر كال‪ ..‬صممت‬ ‫أول تصمي��م‪ ،‬اتخيل��ت م��ن لعب��ة‬ ‫“األربعة تربح” أن��و بدال الدوائر تبع‬ ‫اللعب��ة‪ ..‬اتخيلت��ون رؤوس أطف��ال‬ ‫مغمضي��ن دلي��ل عالم��وت وه��ن‬ ‫بحاالتون الطبيعية هن وعايشين‪.‬‬ ‫وم��ن بع��دا س��اويت ع��دت‬ ‫تصميمات عن المجزرة بكل تصميم‬ ‫من��ون هناك الموت فق��ط‪ ،‬مع فكرة‬ ‫أنو بدي انشر هالشي للعالم‪.‬‬ ‫ب��س وضع فك��رة الم��وت فقط‬

‫بالتصمي��م كانت محبط��ة ومؤلمة‪،‬‬ ‫فحاول��ت أنس��ى المج��زرة وعبر عن‬ ‫الق��ادم والمس��تقبل يل��ي بدن��ا ي��ا‬ ‫لس��وريا‪ ،‬وس��اويت تصميم لسوريا‬ ‫الجدي��دة عب��ارة عن مكعب��ات الليغو‬ ‫متع��ددة األلون ومتماس��كة بس��بب‬ ‫أنو كال بتش��به بعضا ب��س بتختلف‬ ‫باللون‪.‬‬ ‫م��ن بع��دا بلش��ت بالتصمي��م‬ ‫والتعبي��ر ع��ن خواطري باس��تخدام‬ ‫نمط رس��ومات “فيكتور” البس��يطة‬ ‫والخالي��ة م��ن التفاصي��ل والمعبرة‬ ‫بشكل كبير‪.‬‬ ‫الدافع لخيال��ي والمغذي ألو هو‬ ‫الثورة وكلشي أحداث مؤلمة بالدرجة‬ ‫األول��ى عم تصير في��ا‪ ،‬وصرت الزم‬ ‫شوف صور صعبة واقرأ اخبار مؤلمة‬ ‫لحتى احسن كمل‪.‬‬ ‫| لمي��ن بتوج��ه لوحات��ك‪ ،‬وه��ل‬ ‫بتعتق��د في مط��رح للفن بي��ن كل هل‬ ‫األلم؟‬ ‫| | ه�لأ تصميماتي قس��م منا‬ ‫أردت منو توصيل خبر ونشرو للعالم‬ ‫لياخ��دو فك��رة رمزية ع��ن يلي عم‬ ‫يصير بس��وريا‪ ،‬وقس��م ه��و األغلب‬ ‫وهو تجس��يد فكرة معينة الهدف منا‬ ‫رف��ع المعنويات أو التفائل بالقادم أو‬ ‫مجرد حلم بالمستقبل‪.‬‬ ‫بح��اول ق��در االم��كان جس��د‬ ‫الفك��رة بطريق��ة مفهوم��ة لل��كل‪،‬‬ ‫بس بنفس الوق��ت فيا حركة معينة‬ ‫تحت��اج للتفكي��ر‪ ،‬يعن��ي التصمي��م‬ ‫أغل��ب االحي��ان كل واح��د بحس��ن‬ ‫يعطي تفس��يرو وتخيلو الش��خصي‬ ‫للتصميم‪.‬‬ ‫بح��اول وق��ت صم��م بع��د ع��ن‬ ‫النقط الخالفية كالس��لمية والتسلح‬ ‫أو موض��وع العلمي��ن‪ ،‬وبح��اول خلي‬ ‫تصميماتي عامة‪.‬‬ ‫أكي��د الفن أل��و قاعدة مش��اعر‬ ‫برتكز عليها وبيس��تمر منا‪ ،‬وبحالتنا‬ ‫أل��م الغرب��ة وألم الوطن كان س��بب‬ ‫لكتي��ر منا يكتش��فو مواهبون‪ ،‬ربما‬ ‫الفن مايكون ألو تأثير بتخفيف األلم‬ ‫عن أهلنا بالداخل‪.‬‬ ‫إذا الحياة هيك بتصير ال تطاق‪،‬‬ ‫ودور الفن ه��و دور روحي وعاطفي‬ ‫وهو برف��ع الهمة والتفائ��ل بالقادم‬ ‫األفضل لسوريا‪.‬‬ ‫| بتعتق��د ف��ي عالقة بي��ن الكلمة‬ ‫والرسمة؟ وألي مدى الرسمة بتحكي؟‬ ‫| | برأي الكلمة والرسمة معنى‬ ‫واحد‪ ،‬الرس��مة باالمكان قراءتا متل‬ ‫الكلمة‪ ،‬وباالم��كان توصيل معلومة‬


‫| | الس��ريالية باألس��اس ول��دت‬ ‫وخرج��ت م��ن رح��م الح��روب واآلالم‪..‬‬ ‫وكانت بمثابة ه��روب من الواقع المؤلم‬ ‫وتم��رّدا عليه‪ ،‬وهي بالنس��بة لي عبارة‬ ‫ع��ن لغة تخاط��ب بيني وبي��ن المتلقّي‪،‬‬ ‫حروفه��ا وأدواتها هي ه��ذا الوجود بكل‬ ‫م��ا يحتويه م��ن كينون��ات وتفاصيل قد‬ ‫يراه��ا البع��ض بش��عة أو غي��ر مهمّة‪،‬‬ ‫ولكن قواع��د هذه اللغة وطريقة ربطها‬ ‫وجمعها لهذه الح��روف هي التمرّد على‬ ‫نفس��ها‪ ،‬فه��ي التخضع لمنطق‬ ‫القواعد ِ‬ ‫الواقعي��ة والعق��ل الواع��ي‪ ،‬ولكنّه��ا‬ ‫تتج��اوزه وتس��مو علي��ه ليصب��ح الحلم‬ ‫واللاّ وع��ي ه��و الم�لاذ ال��ذي يجمع بين‬ ‫حروفه��ا‪ ،‬فتول��د كلمات جدي��دة تخاطب‬ ‫ذل��ك الجان��ب المهم��ل م��ن إنس��انيتنا‬ ‫الضائعة تح��ت قواعد المنطق والنظام‪،‬‬ ‫فالس��ريالية ه��ي الحريّ��ة الصّرف��ة‬ ‫بالنس��بة ل��ي‪ ،‬وه��ذا بالتأكي��د ما أحس‬ ‫ب��ه و(ربّم��ا) يحس به أغلب الس��وريين‬ ‫ف��ي هذا الوق��ت وهذا الزم��ن الذي أقل‬ ‫ما نس��تطيع وصف��ه (بالس��ريّالي) في‬ ‫ظل ه��ذا التواطؤ العالمي عل��ى ثورتنا‬ ‫الكريم��ة الت��ي ن��ادت بأبس��ط بديهيّة‬

‫| صفحت��ك إس��مها فن��ون م��ن قلب‬ ‫الفوضى؟ شو هو الفوضى بنظرك؟‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫| | كم��ا أس��لفت بالذكر‪ ،‬فالمنطق‬ ‫الجدي��د ال��ذي أبغي��ه وأت ّلم��س أبع��اده‬ ‫وقواع��ده التي ال قاع��دة لها‪ ،‬هو منطق‬ ‫جدي��د يكس��ر ه��ذا المنط��ق الظاهري‬ ‫الكاذب الذي كبّل كل شيء فينا‪ ،‬وكسّر‬ ‫كل أحالمن��ا وآمالن��ا‪ ،‬منط��ق ال يخض��ع‬ ‫لنظ��ام م��ن ش��أنه أن يلج��م جوارحن��ا‬ ‫وأحاسيس��نا أن تتكل��م وتص��رخ بأعلى‬ ‫صوته��ا‪ :‬أنا إنس��ان ولدت حرّا وس��أحيا‬ ‫وأم��وت ح��رّا رغم��ا ع��ن كل قواعدكم‬ ‫الكاذب��ة أيه��ا المراوغ��ون والكاذب��ون‪،‬‬ ‫فهذه الفلسفة الس��ريالية التي ترفض‬ ‫كل نظام من ش��أنه أن يحدّ من حريتنا‬ ‫ق��د يحكم عليه م��ن ينظر له��ذه الحياه‬ ‫بمنظ��ار المنط��ق الظاه��ري عل��ى أنّه‬ ‫فوضى‪ ،‬ولكنّه بالنس��بة لي هو النظام‬ ‫الذي يج��ب أن يصبح فلس��فة حي��اة لنا‬ ‫جميع��ا‪ ،‬فمن خ�لال كل تل��ك الفوضى‬ ‫الظاهري��ة هن��اك نظام وم��ا أجمله من‬ ‫نظ��ام‪ ،‬فكم��ا الحلم وبالرغ��م من عدم‬ ‫منطقيّت��ه وفوضويّته وس��رياليّته إلاّ‬ ‫أنن��ا نش��عر بل��ذة عظيم��ة حي��ن ندخل‬ ‫أغ��واره الالمنتهي��ة‪ ،‬ونغ��وص بأعم��ق‬ ‫أعماقه‪ ،‬ليصبح المستحيل ممكنا‪ ،‬فحتى‬ ‫أبش��ع كوابيسه تحمل بين طيّاتها شيئا‬ ‫من ا ّللذة المجرّدة‪ ،‬فكثيرون هم اللذين‬ ‫ينامون ليستيقظوا في قلب هذه العوالم‬ ‫الفوضوية والتي تبدو لنا في قلب الحلم‬ ‫ه��ي ذروة المنط��ق والنظ��ام‪ ،‬فالندرك‬ ‫فوضويته��ا وال منطقيته��ا إال حينم��ا‬ ‫نستيقظ (برأيي ننام)‪ ،‬فالسريالية هي‬

‫كل ما حوله‪ ،‬ف��إن كان ما يحتويه ورودا‬ ‫وألوان س��يحيل ما حول��ه لروضة غنّاء‪،‬‬ ‫وإن كان م��ا يحتوي��ه أش��واكا وظ�لام‬ ‫س��يحيل ما حوله لخراب ت��ذروه الرياح‪،‬‬ ‫وهذا (الصاعق) أو (الدفش��ة) (عذرا على‬ ‫التش��بيه)هو الحب‪ .‬فحينما يجتمع الحب‬ ‫واأللم على وط��ن يموت أمام أعيننا في‬ ‫كل لحظة‪ ،‬فالبدّ أن يكون اإلبداع نتيجة‬ ‫حتميّة ال ريب فيها‪.‬‬ ‫| ش��و أكت��ر عم��ل قري��ب ع قلب��ك‬ ‫وبيعنيلك؟‬ ‫| سؤالك ش��وي صعب‪ ،‬ألن أعمالي‬ ‫ك ّله��ا غالية على قلب��ي ولكل منها قصة‬ ‫وحكاية‪ ،‬ولك��نّ األجم��ل واألغلى بدون‬ ‫ش��كّ هي لوح��ة تل��ك الفت��اة الصغيرة‬ ‫الت��ي تحمل بي��د دميته��ا‪ ،‬وتض��ع يدها‬ ‫األخرى عل��ى ذلك الحائط ال��ذي يحتوي‬ ‫في تش ّققاته صورة كل من عبدالباسط‬ ‫س��اروت وف��دوى س��ليمان وعل��م الثورة‬ ‫السورية وخارطة حمص عاصمة الثورة‬ ‫وقلبها النابض‪ ،‬وقد تفاجئت من اإلنتشار‬ ‫الرهي��ب له��ذه اللوح��ة عل��ى صفح��ات‬ ‫اإلنترن��ت‪ ،‬والك��م الكبي��ر م��ن المواق��ع‬ ‫العربية وحتى األجنبية الذي اس��تخدمها‬ ‫كخلفي��ة لمق��ال عن الث��ورة الس��ورية‪،‬‬ ‫وإنشاء اهلل سأكون دائما عند حسن ظن‬ ‫كل من وث��ق بفنون من قل��ب الفوضى‬ ‫وأح��بّ ما نس��عى أن نوصله م��ن أفكار‬ ‫نتمن��ى أن تكون بمثابة الش��يء الجديد‬ ‫والراقي والذي يجب أن يكون شعارنا في‬ ‫سوريا الجديدة‪ .‬سوريانا الحرّة‪.‬‬ ‫نشر أيضًا في موقع كبريت‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫| ف��ي عمق س��ريالي بأعمالك‪ ،‬أديش‬ ‫بتحس المشهد السوري قريب من هلشي؟‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬

‫بالرس��مة مت�لا مت��ل الكلم��ة‪ ،‬بس‬ ‫بظ��ن أن��و الرس��مة ممك��ن توصل‬ ‫الفكرة أس��رع وخصوص��ي اذا كانت‬ ‫عاالنترن��ت‪ ،‬الكلم��ة ممك��ن توصل‬ ‫القكرة بس بطريق��ة تدرييجية‪ ،‬أما‬ ‫الرس��مة بتعطي أف��كار كتيرة دفعة‬ ‫وحدة‪.‬‬ ‫| ولمن س��ألناه عن أكتر عمل فني‬ ‫قريب لقلبه؟ وشو قصته؟ رد علينا‪:‬‬ ‫| | الصراح��ة كل التصميم��ات‬ ‫حبيت��ون‪ ،‬مو ألن��و تصميماتي أكيد‪،‬‬ ‫بس كل وحدة بتحمل مرحلة فكرية‬ ‫مري��ت فيه��ا ولخص��ت ع��دة أق��كار‬ ‫بتصميم واحد‪.‬‬ ‫ب��س بظن أنو أكتر وحدة تأثرت‬ ‫في��ا هي��ة “كس��وف”‪ ،‬وأت وصل��ت‬ ‫لهالتصمي��م م��رأت بع��دت مراح��ل‬ ‫للفك��رة‪ ،‬كان بدي الفك��رة تعبر عن‬ ‫ح��دث كبير هو المج��زرة بطريقة او‬ ‫رمز انو العالم كلو شافو وهو كسوف‬ ‫الش��مس‪ ،‬ب��س الكس��وف ماح��دث‬ ‫بمرور القمر‪ ،‬إنما حدث بمرور سكينة‬ ‫القاتل وغطى بالش��ر يلي عندو نور‬ ‫الشمس‪ ،‬والعالم كلو شاف هالشي‪،‬‬ ‫ظالل االلعاب كانت مؤلمة بالنس��بة‬ ‫ألي هي��ة تعبير بريئ عن حادثة من‬ ‫أبشع مامر عالبشرية‪.‬‬

‫�أبو يعقوب‬

‫وأبس��ط حاجة من الحاجات الكثيرة التي‬ ‫تمليها علينا الطبيعة اإلنسانية‪ ،‬أال وهي‬ ‫الحريّة‪.‬‬ ‫إذا فالسرياليّة تتشابه بنقاط كثيرة‬ ‫م��ع الواق��ع الس��وري الحالي ف��ي كونها‬ ‫وليدة حرب وأل��م‪ ،‬وهروب من واقع غير‬ ‫مفه��وم يحكمه منطق(ظاه��ري) كاذب‬ ‫وغي��ر مفهوم(عل��ى األقل بالنس��بة لنا‬ ‫نحن الشعب السوري)‪ ،‬هروب إلى حلم‪،‬‬ ‫إلى منطق نحن نصوغ قواعده‪ ،‬ونشكل‬ ‫كلمات��ه بطريقتن��ا الخاص��ة‪ ،‬ونكهتن��ا‬ ‫الس��وريّة الخاصّة‪ ،‬منطق يتمرّد على‬ ‫هذا المنط��ق ويكس��ر كل قواعده التي‬ ‫اعتدن��ا أن نطأطئ لها الرؤوس‪ ،‬وهذا ما‬ ‫مثلت��ه بأحد لوحاتي وه��ي لوحة الجمل‬ ‫الذي يستطيع أن يلج من سمّ الخياط‪.‬‬

‫الوحيدة القادرة على دمج الحلم بالواقع‬ ‫وكسر هذا الحاجز البرزخي الذي يفصلنا‬ ‫عن أحالمنا‪.‬‬ ‫| كل فنان عن��ده ملهم يلهمه أعماله‬ ‫وجرح أو فرح يخلي يفيض‪ ..‬ش��و هو مصدر‬ ‫إلهام��ك؟ وه��ل للح��ب نصي��ب م��ن ثورة‬ ‫ريشتك؟‬ ‫أن األلم هو ش��رط‬ ‫| | أن��ا برأي��ي ّ‬ ‫الزم ولكنّ��ه غي��ر كافي عل��ى اإلطالق‬ ‫لك��ي يبدع اإلنس��ان بفن ما‪ ،‬فاإلنس��ان‬ ‫بش��كل ع��ام ه��و عب��ارة ع��ن كتلة من‬ ‫األحاس��يس والمش��اعر الموقوتة والتي‬ ‫يعبّ��ر عنه��ا بلغ��ة الفيزي��اء (الت��وازن‬ ‫القل��ق)‪ ،‬فه��ذا الت��وازن القل��ق بحاج��ة‬ ‫(لدفش��ة) أو صاعق (بلغة الجيش الحر)‬ ‫لكي يتفجّر فيفيض ما بداخله مكتسحًا‬

‫‪17‬‬


‫دم�شق وحكايات جدي‪..‬‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫ماذا نروي لأحفادنا عن اليوم؟‬ ‫محمد ّ‬ ‫العطار‬

‫ليس ه��ذا مجا ًال الس��تذكار جدي‬ ‫ال��ذي قض��ى من��ذ س��نوات قليلة عن‬ ‫تسعين عاماً ونيف‪ ،‬فكلما شرعتُ في‬ ‫الكتاب��ة عن��ه تذكرتُ أن هن��اك أموراً‬ ‫أكث��ر إلحاح��اً اليوم‪ ،‬لكن م��ا العمل إن‬ ‫كان��ت حكاي��ا األج��داد وذكرياتهم عن‬ ‫المدينة هي المدينة بالنسبة إلينا؟‬ ‫"عاش جدي ليروي" لكن من دون‬ ‫مس��تمعين ُكث��ر‪ .‬ع��اش في دمش��ق‪،‬‬ ‫ومعها‪ .‬ش��هد استقاللها األول ثم هرم‬ ‫وش��اب قبل أن يذبُل تمامًا مع احتضار‬ ‫نهرها بردى‪ .‬ابن س��اروجة‪ ،‬وزّع حبه‬ ‫بالتس��اوي بين أحياء دمش��ق العتيقة‬ ‫وغوطته��ا ومصيفها األثي��ر الزبداني‪.‬‬ ‫وأن��ا ورثت عنه الحب نفس��ه‪ ،‬من دون‬ ‫أن تبق��ى األماكن نفس��ها‪ .‬كانت أكثر‬ ‫ش��حوباً وأقل خضر ًة بازدياد‪ ،‬االسمنت‬ ‫الرمادي البارد يأكلها بالتدريج‪ ،‬وأزقتها‬ ‫تكتظ بكل أشكال التلوث البصري‪.‬‬ ‫في س��وريا الث��ورة‪ ،‬وف��ي كوادر‬ ‫صور التظاه��رات‪ ،‬تُدهش وأنت ترى‬ ‫أي��ن يعي��ش الس��وريون وكي��ف‪ ،‬في‬ ‫بداي��ة العقد الثاني م��ن القرن الحادي‬ ‫والعش��رين‪ .‬مخالف��ات وعش��وائيات‬ ‫وط��رق ترابية وأخ��رى مهترئة‪ ،‬ليس‬ ‫هذا في القرى والمدن النائية فحسب‪،‬‬ ‫ولك��ن ف��ي ضواح��ي كبري��ات المدن‪،‬‬ ‫وحتى في قلبها‪ .‬هل هذا ما يس��تحقه‬ ‫الس��وريون فع ً‬ ‫ال؟ أي��ن تذهب مقدرات‬ ‫بلدهم؟ في األسابيع األولى من الثورة‬ ‫كنتُ أحس��ب أن هذه المشاهد ستبدد‬ ‫أي ش��ك بضرورة الثورة‪ .‬كان السؤال‬ ‫الوجيه‪ :‬لماذا تأخرت؟ بدأتُ أفهم أكثر‬ ‫اغتراب جدي ع��ن مدينته قبل رحيله‪.‬‬ ‫بدأت أفهم لم��اذا توقفت ذكرياته عن‬ ‫المدين��ة عند مطل��ع ثمانين��ات القرن‬ ‫المنصرم‪.‬‬ ‫إذا كان ج��دي عاش ليش��هد كيف‬ ‫تُس��رَق روح المدينة‪ ،‬كم��ا مواردها‪،‬‬ ‫فإن��ي الي��وم أفك��ر أن رحيل��ه الهادئ‬ ‫وفّر عليه مش��قة أن ي��رى كيف تُدَكّ‬ ‫دمش��ق وغوطتها ومصيفها الزبداني‬ ‫وكي��ف تدمَّ��ر األحي��اء وين��زح أهلها‪.‬‬ ‫هل كان ليقوى على مش��اهدة حقول‬ ‫الصب��ارة المزاوي��ة المُعم��رة تُ��زال‬ ‫بالجراف��ات؟ ه��ل كان قلب��ه ليحتم��ل‬ ‫المش��اهد القادم��ة من بس��اتين داريا‬ ‫ومزارع الزبداني؟ اآلن فقط أفكر كيف‬ ‫يك��ون مصطلح "الموت رحم��ة" أحيانًا‬ ‫بليغاً ومعبراً‪.‬‬ ‫كيف كان لج��دي أن يفهم تحليق‬ ‫المروحي��ات وه��ي تلق��ي بحمولته��ا‬ ‫هن��ا وهن��اك عل��ى أط��راف المدين��ة‪،‬‬ ‫أو أن يحتم��ل منظ��ر س��حب الدخ��ان‬ ‫المتصاع��دة فوق أحي��اء القدم وبرزة؟‬ ‫ال أزال أذك��ر كيف ظل حائ��راً حيال ما‬ ‫ّ‬ ‫حل بس��وق الخجا الشهير الذي طاولته‬ ‫أي��ادي التحدي��ث الحكيم��ة واألمين��ة‬ ‫وليس القنابل (وإن كان األثر الجمالي‬ ‫يتش��ابه أحياناً)‪ .‬لم يقبل البتة الذهاب‬ ‫إلى الس��وق الجديد‪ ،‬ث��م اكتفى الحقًا‬

‫بربوة دمش��ق ومصايفها التي تسكن‬ ‫أرش��يف صوره‪ ،‬ال تلك البقايا الشاحبة‬ ‫نه��ر محتضر‪.‬‬ ‫المتناث��رة عل��ى ضفاف ٍ‬ ‫انكف��أ ج��دي وانكم��ش جس��ده رويداً‬ ‫رويداً في س��نواته األخي��رة‪ .‬كان دومًا‬ ‫ي��ردد على مس��امعي ً‬ ‫جملة ل��م أدرك‬ ‫معانيه��ا في حين��ه‪" :‬ال أنتمي إلى هذا‬ ‫الزمن‪ ،‬لو أنني رحلتُ قبل هذه األيام‬ ‫لرج��ل مثلي"‪ .‬كنتُ‬ ‫ل��كان ذلك أفضل‬ ‫ٍ‬ ‫أعتب��ر هذا ال��كالم محض استس�لام‬ ‫للش��يخوخة‪ .‬الي��وم وبقس��وة تتفوق‬ ‫على الحنين‪ ،‬أش��عر بالراحة ألن جدي‬ ‫رحل قب��ل أن ي��رى مدينت��ه تُقصَف‬ ‫وتُقط��ع أوصالها على أي��دي إخوة لنا‬ ‫في الوطن‪ .‬أشعر بالراحة ألنه لن يرى‬ ‫دوما وقد س��وِّيت أجزاء منها باألرض‪.‬‬ ‫دوم��ا الت��ي حدّثن��ي عن نخ��وة أهلها‬ ‫كثيراً‪ ،‬هي نفسها كانت أول ما ّ‬ ‫ذكرني‬ ‫به في مطلع الثورة‪ ،‬حين زرتُها معزيًا‬ ‫بفوج ش��هدائها األول‪ .‬في خيمة العزاء‬ ‫المهيبة‪ ،‬اس��تمعتُ الى كلمات السيدة‬ ‫منته��ى األطرش وهي تش��دّ أزر أهل‬ ‫دوما وت��روي لهم كي��ف حدّثها أبوها‬ ‫سلطان باش��ا األطرش مراراً عن سند‬ ‫أهل الغوطة الش��رقية له وشجاعتهم‬ ‫المذهلة أثناء الثورة السورية الكبرى‪،‬‬

‫وجدتُ نفس��ي أذوب في الهتاف الهادر‬ ‫ف��ي العزاء‪" :‬الش��عب الس��وري واحد"‪،‬‬ ‫التفتُّ حول��ي ألرى ش��اباً صلباً يذرف‬ ‫الدموع‪ ،‬أش��حتُ بنظري بس��رعة قبل‬ ‫أن تصيبن��ي الع��دوى‪ ،‬حينه��ا تذكرتُ‬ ‫ج��دي وتمنيتُ ل��و كان بجانب��ي ليرى‬ ‫كيف يعيد التاريخ إنتاج نفس��ه بصور‬ ‫بهية‪ .‬كان عندي قص��ة مؤثرة يومها‪،‬‬ ‫ووددتُ أن ألع��ب دور ال��راوي معه ولو‬ ‫لم��رة‪ ،‬وودتُ أن أخب��ره أن هذا الزمان‬ ‫لم يعد غريبًا عليه كما كان‪ .‬اليوم‪ ،‬وأنا‬ ‫أطال��ع أخبار دوما وصوره��ا‪ ،‬يعاودني‬ ‫إحساس الرضا برحيله‪.‬‬ ‫ج��دي ال��ذي اختب��ر االحت�لال‬ ‫ّ‬ ‫وتش��كل وعيه الوطني في‬ ‫الفرنسي‪،‬‬ ‫جري��دة "القب��س" التي أسس��ها نجيب‬ ‫الريس‪ ،‬فعمل مع��ه وحفظ القصص‬ ‫منه وعنه‪ ،‬روى ل��ي الكثير عن جرائم‬ ‫الفرنس��يين‪ ،‬وعن قصفه��م الهمجي‬ ‫لدمش��ق‪ ،‬وع��ن تعاض��د الس��وريين‬ ‫وثورته��م الكب��رى‪ ،‬وع��ن إضرابه��م‬ ‫الذي ش��ارك فيه اللصوص حين حموا‬ ‫المح�لات التي ُكس��رت أقفاله��ا إلجبار‬ ‫التج��ار عل��ى رف��ع اإلض��راب‪ .‬حدّثني‬ ‫أيضاً ع��ن رجاالت االس��تقالل‪ .‬لطالما‬

‫في الشام مرآة روحي | لوحة لمنير الشعراني‬

‫استعرض بفخر أرشيف صوره األبيض‬ ‫واألسود‪ ،‬متباهيًا بندرة اللقطات‪ .‬لكنه‬ ‫ل��م يحدّثن��ي ق��ط عن ش��يء يش��به‬ ‫الش��بّيحة‪ ،‬ولم يذكر س��جوناً تش��به‬ ‫أقبي��ة فروع األمن‪ ،‬ول��م يعرض عليَّ‬ ‫ص��وراً لدمار يش��به الدمار ال��ذي نراه‬ ‫اليوم في طول سوريا وعرضها‪ .‬لم يرَ‬ ‫الفرنس��يين إال كمحتلي��ن‪ ،‬لكن حدود‬ ‫معرفت��ه بوحش��يتهم كان��ت واضح��ة‬ ‫وصريح��ة‪ :‬فعلوا هذا ولم يفعلوا ذاك‪،‬‬ ‫األمر كان واضحًا‪.‬‬ ‫ماذا نروي ألحفادنا إذاً؟ وأيّ صور‬ ‫نع��رض عليه��م؟ لدينا اآلن أرش��يفٌ‬ ‫حاف��ل بال��دم‪ ،‬أل��وف الص��ور باأللوان‬ ‫وبالص��وت والص��ورة هذه الم��رة‪ .‬أيّ‬ ‫حكاي��ا نرويها عن ظل��م ذوي القربى‪،‬‬ ‫وأيّ مُ��دنٍ نورثهم إياه��ا؟ ماذا يترك‬ ‫لن��ا الطاغي��ة لن��روي؟ كي��ف يح��وّل‬ ‫الطاغية أبناء البلد ج ّ‬ ‫الدين أشد قسوة‬ ‫من الغرباء؟ كيف يش��وّه مدنًا ضاربة‬ ‫الجذور في الوجدان‪ ،‬كما التاريخ؟‬ ‫وحشية الطغاة تحملنا عبء ذاكرة‬ ‫األلم‪ ،‬حت��ى عندما يرحل��ون وتلعنهم‬ ‫حكايان��ا‪ ،‬تبقى ذكرياتنا مثقلة بالوجع‬ ‫وبقص��ص تثير الغصة كم��ا الغصب‪.‬‬ ‫كم من األسئلة الصعبة التي ستواجهنا‬ ‫– إن عش��نا لنروي – عن حاضر دموي‪،‬‬ ‫وعجز وصمت وخوف طال أمدها؟‬ ‫ال مخرج لنا إال أن تُساهم سرديات‬ ‫"أج��داد المس��تقبل" ف��ي خل��ق م��دن‬ ‫جميلة لألحف��اد القادمي��ن‪ ،‬وأن تروي‬ ‫قاس تجاوزنا‬ ‫ماض ٍ‬ ‫له��م قصصاً حول ٍ‬ ‫تبعاته‪ ،‬وحول منزلق��اتٍ خطرة دفعنا‬ ‫إليه��ا المس��تبد ليفتت وحدتن��ا ويبقى‬ ‫هو‪ ،‬لكنن��ا تجنّبناها‪ .‬ال أمل لنا إ ّال بأن‬ ‫يصغ��ي األحفاد لهذا ك ّله‪ ،‬كقصص ما‬ ‫قبل النوم‪ ،‬بابتس��امة مطمئنة‪ ،‬ألنهم‬ ‫يعيش��ون في بل��دٍ أحس��نَ أجدادهم‬ ‫حمايت��ه عل��ى رغ��م كل الصع��اب‪.‬‬ ‫الحق‪ ،‬إلى جانب ذاك��رة الوجع‪ ،‬وصور‬ ‫الهمجية‪ ،‬يملك أجداد المس��تقبل منذ‬ ‫اآلن حكاي��ا عظيم��ة لتُ��روى‪ ،‬يملكون‬ ‫قصصًا ع��ن التضحية والبس��الة وعن‬ ‫ش��جاعة نادرة ألن��اس خرجوا يطلبون‬ ‫الحرية في وجه الرصاص الحي‪ ،‬حكايا‬ ‫غيّاث مط��ر وحيّان المحمود وباس��ل‬ ‫شحادة‪ ،‬قصص عن سوريين متنوعين‬ ‫ومختلفي��ن ناضلوا ِّ‬ ‫وعُذبوا وعش��قوا‬ ‫وه��م يمض��ون معًا ف��ي درب الحرية‪،‬‬ ‫قص��ص م��دنٍ تداعت تح��ت القصف‪،‬‬ ‫قصص عن كفرنب��ل وبنش وعامودا‬ ‫وقرى أخ��رى نائي��ة أعدنا اكتش��افها‪،‬‬ ‫وأعادت إلينا الثقة بسوريا‪.‬‬ ‫ألجل ه��ذا كل��ه‪ ،‬يج��ب أن نُتمَّ‬ ‫الفص��ل األخي��ر م��ن الحكاي��ة الت��ي‬ ‫س��نرويها مس��تقب ً‬ ‫ال‪ .‬لعل��ه أصع��ب‬ ‫الفص��ول وأعقدها‪ .‬لك��ن الحكاية كما‬ ‫المستقبل الذي ستُروى فيه‪ ،‬تستحق‬ ‫هذا كله‪ .‬وأكثر‪.‬‬ ‫النهار ‪2012 / 8 / 4‬‬


‫حممد الب�سيوين‪ :‬دولة الفي�س بوك‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫العال��م ال��ذي نحن ج��زء من��ه بالطبع‪،‬‬ ‫وله��ذا ف��إن اته��ام الفي��س ب��وك بأنه‬ ‫وس��يلة تجس��س كما يدعى البعض‪ ،‬أو‬ ‫مح��اوالت حج��ب الفيس ب��وك أو منعه‪،‬‬ ‫هو من قبيل محاولة منع السكاكين من‬ ‫المطاب��خ ألنها قد تس��تخدم في القتل‪،‬‬ ‫خصوص��اً أن تبادل المعلوم��ات لم يعد‬ ‫أمراً صعبًا منذ اختراع البريد اإللكتروني‬ ‫و ليس فقط بظه��ور الفيس بوك‪ ،‬كما‬ ‫أنه ليس صعباً على أي ش��خص أن يبدأ‬ ‫حديثًا آخر مع دولة أخرى دون أن يصرح‬ ‫ببل��ده الحقيق��ي‪ ،‬ولم تعد هن��اك قيود‬ ‫على هذا الحديث‪.‬‬ ‫كم��ا يوضح الكات��ب العالق��ة بين‬ ‫الفي��س ب��وك و المدونات‪ ،‬فه��و يعتبر‬ ‫كوس��يلة لعرض لألفكار امتداداً لفكرة‬ ‫المدون��ات‪ ،‬بع��د اكتش��اف المدونين أن‬ ‫الفيس ب��وك قد زاد اإلقب��ال عليه ألنه‬ ‫يعتب��ر األش��هر اآلن‪ ،‬كذل��ك المدون��ات‬ ‫انخف��ض االهتم��ام اإلعالم��ي بها وإن‬ ‫كانت مازال لها تأثير وتعتبر مكانًا جيداً‬ ‫للقراءة ومتابعة األخبار‪.‬‬ ‫يكش��ف الكتاب أن بداي��ة االهتمام‬ ‫المص��ري باإلنترن��ت س��بقت ظه��ور‬ ‫"الفيس بوك" بصفته أحد أكثر المواقع‬ ‫ش��عبية‪ ،‬وبالتحدي��د م��ع ظه��ور حركة‬ ‫التدوي��ن‪ ،‬التي صنعت قف��زة في عالم‬ ‫اإلنترن��ت‪ ،‬فلم يعد العال��م االفتراضي‬ ‫مجرد مادة صماء مخزونة على الشبكة‪،‬‬ ‫ب��ل أصب��ح ملتق��ى لألف��كار والنقاش‬ ‫وتبادل اآلراء‪.‬‬ ‫يقول بس��يوني‪" :‬تمثل��ت اإلضافة‬ ‫الفعلية للمدونات في أمرين‪ ،‬أو ًال‪ :‬تقديم‬ ‫عدد كبير من الكتّاب‪ ،‬أغلبهم شباب‪ ،‬ال‬ ‫يتج��اوزون الثالثين عام��ًا‪ ،‬يكتبون عن‬ ‫موضوعات حية وطازجة ومعبرة بشكل‬ ‫واضح عن جيل جديد يريد أن يكسر تلك‬ ‫الهيب��ة التاريخية لفعل الكتابة نفس��ه‪،‬‬ ‫والتعامل مع الكتابة كشأن عادي يومي‬ ‫يتناول االجتماعي والسياسي واليوميات‬ ‫ويتداخ��ل في��ه المكت��وب والمس��موع‬ ‫والمرئي"‪.‬‬ ‫األم��ر الثان��ي ال��ذي يش��ير إلي��ه‬ ‫بس��يوني هو أن حركة التدوين "أتاحت‬ ‫إمكاني��ة التواصل المباش��ر بين القارئ‬ ‫والكاتب‪ ،‬عبر تعليقات القراء‪ ،‬ما س��اعد‬ ‫ف��ي تكوين مفهوم جدي��د للعالقة بين‬ ‫الكاتب وقارئه‪ ،‬أسهمت في كسر الفجوة‬ ‫الشاس��عة الت��ي فصلت بينهم��ا" وهذه‬

‫المالحظ��ة دقيقة إلى حد كبير‪ ،‬حتى إن‬ ‫بعض مواقع النش��ر اإللكتروني للكثير‬ ‫من الصحف‪ ،‬اس��تخدمت ه��ذه الخدمة‪،‬‬ ‫تحت ما يسمى "الموقع التفاعلي" وهذه‬ ‫إحدى ميزات حرك��ة التدوين‪ ،‬حتى إنك‬ ‫تس��تطيع أن تعرف كم قارئًا تعاطى مع‬ ‫مقالك أو موضوعك‪.‬‬ ‫وحس��بما يذكر الكت��اب فإن أعضاء‬ ‫ح��زب "الفيس ب��وك" أو دولته‪ ،‬كما جاء‬ ‫في العنوان‪ ،‬وصل إلى مليوني مصري‪،‬‬ ‫ومن خالله وجد أصحاب اإلنتاج الثقافي‬ ‫آالف الق��راء المتفاعلي��ن مع م��ا يكتبه‪،‬‬ ‫وم��ن ثم تم��ت إع��ادة صياغ��ة العالقة‬ ‫بين الكاتب والقارئ‪ ،‬فظهر الكاتب غير‬ ‫مقرون بحالة من اإلبهار‪ ،‬وأصبح يعرف‬ ‫رأي قرائ��ه بش��كل مباش��ر‪ ،‬م��ع إتاحة‬ ‫إمكانية أن يط��ور أفكاره وفقًا آلرائهم‪،‬‬ ‫إذا لمست وتراً بداخله‪ .‬ويذكر الكتاب أن‬ ‫سر نجاح "الفيس بوك" هو قدرته على‬ ‫تصني��ف أعضائه‪ ،‬وليس مجرد ربطهم‬ ‫ببعض‪ ،‬لقد استطاع أن يجمع في موقع‬ ‫واحد كل ميزات التواصل على اإلنترنت‪،‬‬ ‫منذ الش��ات والمنتديات حتى المدونات‪،‬‬ ‫بل انه اس��تطاع أن يضيف إليها الكثير‪،‬‬ ‫وكان سر نجاح "الفيس بوك" هو قدرته‬ ‫عل��ى إتاحة فك��رة المجموعات ألصحاب‬ ‫الفك��ر والنش��اط المتق��ارب أو الهوايات‬ ‫المش��تركة‪ ،‬على عكس "الش��ات" الذي‬ ‫ق��د يضطرك لمقابلة أش��خاص غريبي‬ ‫األطوار‪.‬‬ ‫يض��م الكت��اب ع��دداً كبي��راً م��ن‬ ‫الموضوع��ات‪ ،‬الت��ي جمعت ش��بابًا لهم‬ ‫مي��ول وأف��كار متقارب��ة‪ ،‬وق��د ح��اول‬ ‫ف��ي اختيارات��ه أن يب��رز وجه��ات النظر‬ ‫المختلفة‪ ،‬ليعرض ال��رأي والرأي اآلخر‪.‬‬ ‫وحول ما أش��يع عن إمكانية التجس��س‬ ‫عل��ى المجموع��ات م��ن خ�لال الفي��س‬ ‫بوك‪ ،‬فإن الكتاب ي��رى أن األمر مرتبط‬ ‫بطريق��ة التعام��ل مع��ه‪ ،‬فأن��ت بمجرد‬ ‫الضغ��ط عل��ى زر قب��ول صداقت��ك‪،‬‬ ‫س��تتلقى تقري��راً يوميًا عم��ن يصادق‪،‬‬ ‫وإلى أي المجموع��ات ينضم‪ ،‬وما يكتبه‬ ‫م��ن موضوع��ات‪ ،‬ومتى يضح��ك ومتى‬ ‫يغضب‪.‬‬ ‫الب��د في الخت��ام من اإلش��ارة إلى‬ ‫الدور الجوه��ري الذي لعبه الفيس بوك‬ ‫في إضراب "الس��ادس من نيس��ان" في‬ ‫مصر‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫قبل الب��دء في قراءتنا لكتاب اليوم‬ ‫الب��د أن نذك��ر أن��ه نش��رَ قب��ل والدة‬ ‫الربي��ع العرب��ي وانتش��اره تدريجياً‪ ،‬لذا‬ ‫يخل��و الكتاب م��ن ذكر األثر السياس��ي‬ ‫والوطن��ي الذي تركته ش��بكة التواصل‬ ‫المذك��ورة على الوطن العربي بأس��ره‪،‬‬ ‫وذل��ك من خ�لال كس��رها للمحظورات‬ ‫التقليدية "حق إب��داء الرأي‪ ،‬حق التجمع‬ ‫والمش��اركة ف��ي صن��ع الق��رار"‪ .‬إال أنه‬ ‫يش��ير إلرهاص��ات الح��راك السياس��ي‬ ‫والمجتمعي في مصر‪.‬‬ ‫ه��ي قصة لدولة عظم��ى ال يفوق‬ ‫عدد س��كانها قاطني الوالي��ات المتحدة‬ ‫فق��ط ب��ل أنها تنع��م بتعددي��ة ثقافية‬ ‫ولغوي��ة وعرقي��ة ال يمك��ن مقارنته��ا‬ ‫ب��أي دول��ة أو إمبراطوري��ة عرفه��ا‬ ‫التاريخ اإلنس��اني‪ .‬إنه موق��ع التواصل‬ ‫االجتماع��ي الش��هير في��س ب��وك الذي‬ ‫وصل عدد مشتركيه النشطين‪ ،‬مؤخراً‪،‬‬ ‫إل��ى ‪ 500‬مليون ش��خص‪ .‬وتقدم قصة‬ ‫نج��اح الفيس بوك وتحول��ه إلى ظاهرة‬ ‫اجتماعي��ة وسياس��ية وثقافي��ة دلي� ً‬ ‫لا‬ ‫عل��ى الدور المتعاظم ال��ذي تلعبه ثوره‬ ‫االتصاالت في عالمن��ا العاصر‪ .‬ربما لم‬ ‫يك��ن "م��ارك زوكرب��رك" ورفاق��ه من‬ ‫طالب كلية علوم الحاسب اآللي بجامعة‬ ‫هارفارد األمريكية يدركون أن الش��بكة‬ ‫االجتماعية التي أسس��وها ع��ام ‪2004‬‬ ‫لطلب��ة الجامعة العريقة س��تتحول إلى‬ ‫ظاهرة اجتماعي��ة انتقلت من الجامعات‬ ‫والمدارس األمريكية إلى العالم أجمع‪.‬‬ ‫وتتلخ��ص فك��رة عم��ل الفي��س‬ ‫بوك في أن��ه يتيح لمش��تركيه االطالع‬ ‫على بيانات وص��ور ذويهم وأصدقائهم‬ ‫وتوس��يع دائ��رة معارفهم‪ .‬وب��دت هذه‬ ‫الفك��رة براق��ة ومنس��جمة م��ع روح‬ ‫العصر حيث يقضي الماليين من البشر‬ ‫العديد من الساعات يوميًا خلف شاشات‬ ‫الحاس��ب اآللي س��واء ألغ��راض العمل‬ ‫أو الترفي��ه‪ .‬وج��اء الفيس ب��وك ليقدم‬ ‫ألولئك القابعين خلف شاشات الكمبيوتر‬ ‫الفرصة للتواصل مع األصدقاء واألقارب‬ ‫وإقام��ة عالق��ات صداق��ة جدي��دة ب��ل‬ ‫وعالق��ات عاطفي��ة أيضًا‪ .‬حيث ش��هدت‬ ‫خان��ات تعليق��ات الص��ور الكثي��ر م��ن‬ ‫عبارات الغزل‪.‬‬ ‫ومثلما أوجد جسراً بين التكنولوجيا‬ ‫والح��ب‪ ،‬ف��إن الفيس ب��وك تمكن أيضا‬ ‫من ربط التكنولوجيا بالسياسة‪ .‬وهكذا‬ ‫أصبح الفيس بوك مقص��داً للعديد من‬ ‫المش��تركين الذين وجدوا فيه متنفس��ًا‬ ‫للتعبي��ر ع��ن آرائه��م السياس��ية التي‬ ‫أحيان��ًا ال يس��تطيعون الجهر به��ا‪ .‬ولم‬ ‫تتوقف العالقة بين الفيس بوك وعالم‬ ‫السياس��ة عل��ى كون��ه أداة للتعبي��ر بل‬ ‫أن��ه تح��ول إل��ى أداة م��ن أدوات العمل‬ ‫السياس��ي بحي��ث صار وس��يلة لحش��د‬ ‫الجماهير والتح��ركات المعارضة خاصة‬ ‫في البلدان التي تعاني من ضيق هامش‬ ‫الحري��ة وتعث��ر الحي��اة الديمقراطي��ة‬ ‫ودخلت القاموس السياسي مصطلحات‬ ‫جديدة مثل الناشط االلكتروني وحروب‬ ‫المدونات‪.‬‬ ‫الفي��س ب��وك الموض��وع األكث��ر‬ ‫ش��عبية وإث��ارة للج��دل ه��ذه األي��ام‪..‬‬ ‫وأصبح عالمة على العص��ر‪ ..‬ومجتمعًا‬

‫داخ��ل المجتم��ع‪ ..‬ب��ل ودول��ة داخ��ل‬ ‫الدول��ة‪ ..‬تدور على صفحات��ه كل أنواع‬ ‫الحوار‪ ..‬وفي ش��تى المجاالت‪ :‬السياسة‬ ‫والدي��ن واالجتم��اع والف��ن والرياض��ة‬ ‫واألدب الس��اخر ولكنه��ا جميعً��ا ت��دور‬ ‫بلغة مختلف��ة‪ ..‬طازجة‪ ..‬تعبر عن جيل‬ ‫جديد ينظر للكتابة بشكل مختلف حيث‬ ‫الكل يمكن له أن يكتب‪ ..‬والجميع يبحث‬ ‫لنفسه عن نافذة تخصه‪..‬‬ ‫كما بات مؤك��داً أن مواقع التواصل‬ ‫بش��كل أو بآخر‬ ‫االجتماع��ي ق��د غي��رت‬ ‫ٍ‬ ‫حياتن��ا الفكري��ة والنفس��ية إذ أضح��ت‬ ‫هذه العوال��م االفتراضية التي نتعاطى‬ ‫معها يومياً تشكل حيزاً كبيراً في حياتنا‬ ‫االجتماعي��ة والتي ال ش��ك بأنه��ا نقلت‬ ‫حياتن��ا كش��باب عربي م��ن مرحلة إلى‬ ‫مرحلة أخ��رى أحدثتها متطلبات الحداثة‬ ‫والعصرنة التي أخذتنا إلى أن نكون في‬ ‫قلب آلياتها ومفرداتها‪.‬‬ ‫أصبح التدوين عبر هذه الش��بكات‪،‬‬ ‫وهي امتداد للمدونات‪ ،‬متنفس��اً حقيقيًا‬ ‫لكل الش��باب العرب‪ ،‬بوصفه عالماً آخر‬ ‫غير الذي نعيشه على أرض الواقع‪ ،‬وفي‬ ‫تزايد كبير ال يمكن تجاهله كشفت عنه‬ ‫دراسة حديثة أجرتها جامعة هارفارد من‬ ‫أن غالبية المدونين في الشرق األوسط‬ ‫م��ن الش��باب‪ ،‬ال��ذي اس��تطاع اخت��راع‬ ‫هوي��ة خاص��ة ب��ه ال عالقة لها بس��جل‬ ‫مدني تسلس��لي‪ ،‬أو برقابة اجتماعية أو‬ ‫قانونية‪ ،‬لطرح مواضيع ونقاشات طالما‬ ‫تجاهلها اإلعالم والمجتمع‪.‬‬ ‫كتاب "دول��ة الفيس بوك"‪ ،‬الصادر‬ ‫مؤخ��راً ع��ن دار الش��روق‪ ،‬يتن��اول فيه‬ ‫"محم��د البس��يوني" ببع��ض التفصيل‬ ‫ع��دداً م��ن "الجروب��ات" أو المجموع��ات‬ ‫الموج��ودة بالموقع‪ ،‬فقد قس��م الكتاب‬ ‫إل��ى فص��ول‪ ،‬ف��ي الفصل يس��تعرض‬ ‫نش��أة الفيس بوك فيق��ول بدأت قصة‬ ‫"الفي��س بوك" من خالل ش��اب أمريكي‬ ‫اس��مه "مارك زوك��ر" في الع��ام ‪2004‬‬ ‫وكان عم��ره وقتها ‪ 19‬عام��ًا‪ ،‬كان مارك‬ ‫شاباً اجتماعياً‪ ،‬درس في جامعة هارفارد‬ ‫األمريكي��ة‪ ،‬وأراد أن يؤس��س موقع��ًا‬ ‫يلتق��ي فيه أصدق��اء الجامع��ة‪ .‬أعجبت‬ ‫الفك��رة زم�لاءه الجامعيي��ن‪ ،‬فانضموا‬ ‫إليه��ا‪ ،‬ثم انضم إليها في ما بعد زمالؤه‬ ‫في المدرسة الثانوية‪ .‬ومنذ العام ‪2006‬‬ ‫كان العال��م كل��ه مش��غو ًال ب "الفي��س‬ ‫ب��وك" إذ وص��ل عدد أعضائ��ه إلى أكثر‬ ‫م��ن مليارين‪ ،‬ف��أدرك خبراء التس��ويق‬ ‫أن إعالناً ف��ي "الفيس بوك" أفضل من‬ ‫أية وس��يلة إعالنية أخ��رى‪ ،‬وبعد أن زاد‬ ‫الطلب عل��ى الموق��ع‪ ،‬تضخمت حافظة‬ ‫إعالنات��ه‪ ،‬حت��ى إن س��عر الموقع وصل‬ ‫إلى حوالي عشرة مليارات دوالر‪.‬‬ ‫ثم ينتقل ليتناول نوعية معينة من‬ ‫الجروبات‪ ،‬وهي‪" :‬الجروبات االجتماعية‪،‬‬ ‫الج��ادة‪ ،‬الديني��ة‪ ،‬السياس��ية‪ ،‬الفني��ة‪،‬‬ ‫األدبية‪ ،‬الرياضية‪ .‬كما يذكر الكاتب في‬ ‫نهاية الكتاب الجروبات التي جمعت أكبر‬ ‫عدد من المش��تركين والروابط الخاصة‬ ‫بالجروبات الذي تحدث عنها في الكتاب‪.‬‬ ‫يقول محمد البس��يوني إن الفيس‬ ‫بوك أصبح حاليًا موقعاً ال يمكن إغفاله‪،‬‬ ‫فهو اآلن حقيقة واقعة وجزء من ثقافة‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪19‬‬


‫حوار العدد ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫طبا�شري احلرية‪...‬‬ ‫تر�سم �سوريا امل�ستقبل ب�ألوانها‬

‫أجرت الحوار‪ :‬سعاد يوسف‬

‫في ظل العنف المتصاعد في سوريا‪،‬‬ ‫وأصوات المداف��ع والطيران والتي أصبح‬ ‫م��ن المعت��اد أن نن��ام ونس��تيقظ على‬ ‫وقعه��ا كل يوم‪ ،‬م��ن المفاجئ والملفت‬ ‫للنظ��ر أن نج��د مجموع��ة من الش��باب‬ ‫والشابات والذين ال زالوا يؤمنون بأهمية‬ ‫العمل الس��لمي والحراك المدني وقدرته‬ ‫على خلق نواة لمجتمع جديد يحلمون به‬ ‫كل يوم‪.‬‬ ‫ه��ذا ما وجدته ل��دى لقائي مع عدد‬ ‫م��ن األش��خاص الذين يعمل��ون ضمن‬ ‫مجموع��ة أطلق��ت عل��ى نفس��ها اس��م‬ ‫"طباش��ير الحرية"‪ ،‬وأجريت معهم حواراً‬ ‫أقل م��ا يمكن لي أن أق��ول عنه إنه كان‬ ‫ممتعاً ويبعث على التفاؤل بشباب سوريا‬ ‫المستقبل‪.‬‬ ‫| كيف ب��دأت فك��رة المجموعة‬ ‫وكيف تطورت هذه الفكرة؟‬ ‫| | تأسس��ت "طباش��ير الحري��ة"‬ ‫ف��ي ش��هر رمض��ان الماض��ي أي منذ ما‬ ‫يق��ارب الع��ام‪ .‬وق��د ب��دأت الفك��رة م��ن‬ ‫رغبة مجموعة من الش��بان والفتيات في‬ ‫المشاركة في الحراك الثوري بأية وسيلة‬ ‫كان��ت‪" .‬الخروج ف��ي المظاهرات لم يكن‬ ‫ممكن��ًا وس��ه ًال للكثيرين‪ ،‬فم��ا العمل؟ ال‬ ‫نري��د البق��اء مكتوف��ي األيدي ال يس��عنا‬ ‫س��وى الجل��وس ف��ي المنزل ومش��اهدة‬ ‫نش��رات األخبار‪ .‬ل��دى الكثير من��ا طاقات‬ ‫هائل��ة للعمل وأحسس��نا أن علينا توجيه‬ ‫ه��ذه الطاق��ات لخدم��ة الث��ورة وخدم��ة‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫وهك��ذا انطلق��ت فك��رة المجموعة‬ ‫وبدأن��ا العم��ل فيه��ا والمش��اركة ف��ي‬ ‫نشاطاتها‪ ،‬كل حسب مقدرته ووقته‪ .‬أول‬ ‫نشاط للمجموعة كان في الجامعات على‬ ‫اعتب��ار أن معظمنا من ط�لاب الجامعات‪،‬‬ ‫ثم توس��عت نش��اطاتنا لتش��مل مجاالت‬ ‫وأماكن أخرى‪".‬‬

‫كتب أفراد المجموعة في صفحتهم‬ ‫عل��ى موق��ع التواص��ل االجتماع��ي‬ ‫"الفيس��بوك"‪" :‬قد نشعر باالختناق للبعد‬ ‫ال��ذي لم نخت��ره‪ ،‬وقد يلفن��ا األلم ونحن‬ ‫نمس��ك القل��م بوق��ت لغت��ه البندقي��ة‪،‬‬ ‫وتحريره العمل ال القول !!‬ ‫وق��د تضيق علينا الدني��ا بما رحبت‪،‬‬ ‫وتضيق علينا أنفسنا‪ ،‬وال نملك إال فيض‬ ‫دمع!!‬ ‫لكنن��ا نعود ونس��ترجع‪ ،‬ونتذكر أننا‬ ‫أينما كنا حتمًا لنا دور!"‬ ‫| من كان وراء بداية المجموعة؟‬ ‫وكيف تتم عملية إضافة األعضاء؟‬ ‫| | بداي��ة المجموعة كانت بش��كل‬ ‫أساس��ي فك��رة ش��ابة م��ن الفتي��ات‬ ‫الناش��طات في الثورة‪ ،‬أنشأت المجموعة‬ ‫وأضاف��ت إليه��ا مجموعة م��ن صديقاتها‬

‫الراغب��ات ف��ي المش��اركة في نش��اطات‬ ‫له��ا عالقة بالث��ورة لكن ال مج��ال لديهن‬ ‫للخروج في المظاهرات إما ألسباب تتعلق‬ ‫بالعائل��ة أو بظروف العم��ل‪ ،‬وكل بدوره‬ ‫أض��اف مجموع��ة أخ��رى م��ن الصديقات‬ ‫واألصدقاء‪.‬‬ ‫كل األعض��اء يس��تطيعون إضاف��ة‬ ‫أي صدي��ق يثق��ون به تمام��اً ويرغب في‬ ‫المش��اركة في نش��اطات المجموعة‪ ،‬كما‬ ‫يرحب��ون بأي صدي��ق جديد لدي��ه أفكار‬ ‫جديدة ومهمة يمكن لها أن تغني الحراك‬ ‫الثوري‪.‬‬ ‫| لماذا اخترتم هذا االسم بالذات‬ ‫للمجموعة؟ عن ماذا يعبر االسم؟‬ ‫| | نح��ن نح��س بأننا كالطباش��ير‪.‬‬ ‫نس��تطيع أن نرس��م بأيدين��ا الكثي��ر من‬ ‫األش��ياء‪ .‬نستطيع أن نرس��م أفكارنا وأن‬

‫نرسم سوريا الحرة التي نحلم بها‪.‬‬ ‫أيض��اً م��ن صفح��ة المجموعة على‬ ‫الفيسبوك‪:‬‬ ‫"كل واح��د فين��ا طبش��ورة وكل‬ ‫طبش��ورة إلها ل��ون‪ ...‬هي الطباش��ير مع‬ ‫بعضها رح ترسم سوريا الجديدة‪...‬‬ ‫بطبش��وراتنا كتبنا‪ ..‬ث��ورة‪ ..‬وأحلى‬ ‫نصر اتمنينا ^_^‬ ‫خلينا نرس��م على لوح طبش��ور كل‬ ‫فكرة حلوة عملناها لثورتنا"‬ ‫| ك��م هو ع��دد األعض��اء اآلن؟‬ ‫ه��ل ه��م متقارب��ون ف��ي أعمارهم‪،‬‬ ‫وتفكيرهم‪ ،‬ونشاطاتهم؟‬ ‫| | عن��د بداية تأس��يس المجموعة‬ ‫كان ع��دد األعض��اء ال يتج��اوز الخمس��ة‬ ‫والعشرين‪ ،‬أما اآلن فهو يفوق المئة شاب‬ ‫وفتاة‪ ،‬وهم من أعمار متقاربة‪.‬‬ ‫يختلف أعضاء المجموعة في آرائهم‬ ‫السياس��ية وف��ي طبيع��ة نش��اطاتهم‪،‬‬ ‫فمنهم من يخرج ف��ي المظاهرات بكثرة‬ ‫ومنهم من يش��ارك في نش��اطات أخرى‪.‬‬ ‫كم��ا ق��د يختلف��ون بالتأكي��د ف��ي طرق‬ ‫تفكيرهم ونظرتهم ل��كل ما يحدث اآلن‬ ‫في س��وريا ولمس��ار الثورة وم��ا آلت إليه‬ ‫ف��ي األش��هر األخي��رة‪ .‬إال أن مجموعتن��ا‬ ‫ليس��ت مكانًا للنقاش أو االختالف‪ ،‬فنحن‬ ‫وُجدنا فيه��ا للعمل فقط وما يجمعنا هو‬ ‫رغبتنا في دفع الحراك الثوري نحو األمام‬ ‫والعمل على انتصار ثورتنا المجيدة‪.‬‬ ‫| ما هي آلية عمل المجموعة؟‬ ‫| | نحن نقوم بطرح فكرة ما ضمن‬ ‫المجموعة ونتفق على النقاط األساسية‬ ‫الالزمة لتنفيذ ه��ذه الفكرة (مثل طباعة‬ ‫وتوزي��ع منش��ورات)‪ ،‬ثم نقوم بتقس��يم‬ ‫العمل إلى مهام محددة ونوكل كل مهمة‬ ‫إلى فريق يتكون من عدة أش��خاص (مث ًال‬ ‫فريق لطباعة المنشورات وفريق لعملية‬ ‫القص وفريق آخر لعملية التوزيع)‪ .‬يختار‬


‫حوار العدد ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬

‫صفحة المجموعة على الفيسبوك‪:‬‬ ‫‪https://www.facebook.com/‬‬ ‫‪ChalkFreedom‬‬

‫أسبوعية‬

‫تعبيراً منهم عن إخالصهم إلخوتهم‬ ‫المس��يحية ورفضه��م للظل��م ونش��ر‬ ‫الفتن‪...‬‬ ‫قام��ت مجموع��ة طباش��ير الحري��ة‬ ‫بزيارة لعائلة الشهيد باسل شحادة‪"...‬‬ ‫لقاء مع أم لشهيد من دمشق‪...‬‬ ‫"قلتله��ا اهلل يرحموا ويجع��ل مثواه‬

‫هون أنا كنت منزل راس��ي وعيوني‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كل فرد الفريق ال��ذي يود االنضمام إليه‬ ‫وذلك حس��ب إمكانياته ورغبت��ه والوقت‬ ‫المت��اح لديه وكذلك مكان س��كنه‪ .‬ما من‬ ‫ف��رد مجبر على القي��ام بمهمة ال يريدها‬ ‫أو ال قدرة له على المشاركة فيها‪ ،‬فعملنا‬ ‫تطوع��ي بالكام��ل وتنفيذن��ا ألي��ة فكرة‬ ‫يعتمد على حماسنا ورغبتنا فيها ال غير‪.‬‬ ‫كم��ا أنن��ا نتع��اون م��ع مجموع��ات‬ ‫أخرى في تنفيذ مش��اريع قد تكون كبيرة‬ ‫وتحتاج إلى جهد مش��ترك بين عدد كبير‬ ‫من األشخاص‪ .‬فنحن لسنا منغلقين على‬ ‫أنفس��نا بل نرح��ب بالتش��ارك وباألفكار‬ ‫المبدعة من أية جهة كانت‪.‬‬ ‫| م��ا ه��ي نش��اطات وأعم��ال‬ ‫المجموعة األساسية؟‬ ‫| | يع��رف أعض��اء المجموع��ة عن‬ ‫أنفس��هم عل��ى أنه��م "مجموع��ة لدعم‬ ‫الح��راك الس��لمي ف��ي دمش��ق باألفكار‬ ‫والمش��اريع التي من ش��أنها دعم الثورة‬ ‫نحو النصر‪".‬‬ ‫تركز المجموعة في نشاطاتها على‬ ‫األعم��ال الس��لمية والفني��ة والتي تعتمد‬ ‫على الطاقات الشبابية متل طباعة صور‬ ‫الش��هداء‪ ،‬طباعة وتوزيع مناش��ير‪ ،‬زيارة‬ ‫أهالي الش��هداء وتقديم الدعم المعنوي‬ ‫له��م‪ ،‬توزيع هدايا مث��ل صرر ملبس في‬ ‫األعياد‪ ،‬حياكة أعالم استقالل‪...‬‬ ‫وتق��وم المجموع��ة بنش��ر ملخص‬ ‫ع��ن كل نش��اط تقوم به عل��ى صفحتها‬ ‫عل��ى الفيس��بوك إضافة إلى ص��ور لهذه‬ ‫النش��اطات إن وجدت‪ .‬فنس��تطيع أن نجد‬ ‫ف��ي صفحته��م م��ا كتب��وه ع��ن بع��ض‬ ‫عمليات التوزيع التي قاموا بها‪:‬‬ ‫"قام طباشير الحرية بتوزيع قصص‬ ‫الش��هداء عل��ى البيوت ف��ي مختلف أحياء‬ ‫دمشق"‬ ‫"في منطقة الميسات ورغم التواجد‬ ‫األمن��ي الكثي��ف قام��ت طباش��ير الحرية‬ ‫البارح��ة األح��د ‪ 6/24‬بتوزي��ع س��يديات‬ ‫تحوي فيديوهات عن الثورة"‪.‬‬ ‫كم��ا أنهم ينش��رون ع��ن زياراتهم‬ ‫لبعض عوائل الشهداء‪:‬‬ ‫"ف��ي س��وريا‪ ...‬يعان��ق المس��جد‬ ‫أج��راس كنائس��ها‪ ...‬ويختل��ط دم أبنائها‬ ‫من جميع الملل‪...‬‬ ‫أرض عش��قوا فيه��ا‬ ‫ت��راب‬ ‫عل��ى‬ ‫ٍ‬ ‫الحرية‪...‬‬ ‫أم��ا الظل��م‪ ..‬ف�لا يع��رف دين��اً أو‬ ‫مذهبًا‪ ...‬والظالم ال يعبد إال نفسه‪...‬‬

‫الجنة‪..‬‬ ‫قالتلي صحي ابني مات وخسرتو‪..‬‬ ‫وكتير كنت زعالنة عليه‪..‬‬ ‫بس بعد التش��ييع الل��ي صار البني‬ ‫حسيت انو عن جد ابني عريس‪..‬‬ ‫قالت الش��باب وقت أجوا لتحت بيتي‬ ‫وصاروا يقولوا أم الشهيد نحنا والدك‪..‬‬ ‫عن جد حسيت أنو الكل والدي‪!!..‬‬ ‫قم��ت نزل��ت لعندهن‪ ..‬رك��دوا علي‬ ‫وصاروا يبوسوا إيدي‪..‬‬ ‫بع��د هالموقف ش��لون بدك��ن ياني‬ ‫أزعل وقول أنو ابني مات‪!!..‬‬ ‫أنا بالدنيا‬ ‫كل ش��باب الش��ام والدي‪ ..‬وباآلخرة‬ ‫ابني بالجنة إن شاء اهلل‪..‬‬ ‫والحمداهلل عل��ى اللي صار مع ابني‬ ‫خالني شوف شباب الشام ونخوتها‪..‬‬ ‫وأن��ا اهلل مانع��م عل��ي ومصبرني‪..‬‬ ‫وعم أطلع مظاهرات‪..‬‬ ‫وابني الوحيد عم يطلع مظاهرات‪..‬‬ ‫ومال��ي خايف��ة‪ ..‬ألنو ما حيصي��ر إال اللي‬ ‫اهلل كاتبو‪...‬‬

‫مدمعة‪..‬‬ ‫أج��ت رفعتل��ي راس��ي ومس��حتلي‬ ‫دموعي‪..‬‬ ‫وقلتل��ي مت��ل مالي ش��ايفتك هأل‪..‬‬ ‫متأك��ده أن��و النصر ق��رب‪ ..‬وق��رب كتير‬ ‫كمان‪..‬‬ ‫واالبتس��امة ما راحت من وشها أبداً‬ ‫طول القعده‪..‬‬ ‫‪....‬‬ ‫واهلل العظيم اشتهيت الشهادة ‪(:‬‬ ‫اهلل يطعمها لكل مشتهي‪"..‬‬ ‫| ه��ل هن��اك أي مص��در تمويل‬ ‫للمجموع��ة؟ كي��ف لك��م أن تمولوا‬ ‫مشاريعكم؟‬ ‫| | نح��ن نعتم��د عل��ى التموي��ل‬ ‫الش��خصي والف��ردي فق��ط‪ .‬عندما نريد‬ ‫البدء بمشروع ما نحسب التكلفة الالزمة‬ ‫له ونق��وم بجمع المبلغ ال�لازم من أفراد‬ ‫المجموع��ة أو من أصدقائهم‪ .‬مش��اريعنا‬ ‫في مجملها ال تكلف الكثير‪ ،‬فنحن نشجع‬ ‫المشاريع الصغيرة التي ال تتطلب تموي ًال‬ ‫كبيراً لكننا ننظر إليها على أنها ذات تأثير‬ ‫كبير على األرض‪.‬‬ ‫| كيف ينقس��م نش��اط المجموعة؟‬ ‫على األرض وعلى الفيسبوك؟‬

‫| | الفيس��بوك هو وسيلتنا األسهل‬ ‫للتواص��ل‪ .‬نح��ن نق��وم بالتخطي��ط‬ ‫للمش��اريع والتواص��ل م��ع بعضن��ا ع��ن‬ ‫طريق��ه‪ ،‬إال أن تنفيذ األعمال يجري حتمًا‬ ‫على األرض بسبب طبيعة نشاطاتنا‪.‬‬ ‫الفيسبوك أيضاً هو وسيلة لإلعالن‬ ‫عن نش��اطاتنا حي��ث أننا أنش��أنا صفحة‬ ‫نض��ع فيها ملخص��ًا عن هذه النش��اطات‬ ‫ون��ود أن يص��ل للجميع ك��ي يعرفوا كل‬ ‫م��ا نقوم به وما نفكر ونحلم به لس��وريا‬ ‫المستقبل‪.‬‬ ‫| ك��م ه��ي مهم��ة المجموع��ة‬ ‫بالنس��بة لألعض��اء وك��م تأخ��ذ من‬ ‫وقتهم؟‬ ‫| | نح��ن نعتب��ر المجموع��ة كبي��ت‬ ‫عائل��ي يتعاون فيه األعضاء ويجدون فيه‬ ‫الكثي��ر من المتعة بس��بب الجو المتعاون‬ ‫األخوي والمريح للجمي��ع‪ ،‬وذلك يدفعهم‬ ‫للمش��اركة ف��ي نش��اطاتها المتنوع��ة‬ ‫وإعطائها الوقت الكافي إلنهاء المش��اريع‬ ‫في الوقت المناسب‪.‬‬ ‫| م��ا ه��ي رؤي��ة المجموع��ة‬ ‫المستقبلية؟‬ ‫| | نحن ننظر إل��ى هذه المجموعة‬ ‫عل��ى أنه��ا ن��واة لمجموع��ة مدني��ة في‬ ‫س��وريا المستقبل‪ ،‬س��وريا الحرة‪ .‬ونريد‬ ‫أن نس��تمر في القيام بمش��اريع تساهم‬ ‫ف��ي بناء بلدنا من جديد على أس��س من‬ ‫الديمقراطية والحرية واحترام اآلخر‪.‬‬ ‫ونحل��م ب��أن تض��م المجموعة في‬ ‫المس��تقبل الكثير من الفتيات والش��بان‬ ‫ذوي الطاق��ة اإليجابي��ة والذي��ن يرغبون‬ ‫في العمل ولديهم الحماس الكبير لذلك‪.‬‬ ‫تق��ول فت��اة م��ن المجموع��ة وهي‬ ‫واحدة من مؤسسيها‪" :‬أنا شخصيًا أتمنى‬ ‫أن نخص��ص ج��زءاً كبي��راً م��ن جهدن��ا‬ ‫ومشاريعنا في المستقبل لتطوير المجال‬ ‫التعليم��ي الذي يحز كثيراً في نفس��ي ما‬ ‫وصل إليه في ظل النظام الحالي‪".‬‬ ‫| م��ا هي س��وريا الت��ي تحلمون‬ ‫بها؟‬ ‫| | س��وريا الحرة الت��ي تُحترم فيها‬ ‫كرامة اإلنسان وحريته وتستوعب مواهب‬ ‫الش��باب وطاقاته��م وإبداعاتهم‪ .‬س��وريا‬ ‫التي تس��تطيع تأهيل شبابها واالستفادة‬ ‫م��ن طاقاتهم لبن��اء مجتم��ع يعيش فيه‬ ‫الجميع بحقوق واجبات متساوية‪.‬‬ ‫خرجت من اللقاء متفائلة بمستقبل‬ ‫مش��رق لبل��د يحب��ه أبن��اؤه به��ذا القدر‪،‬‬ ‫ويس��تعدون للتضحي��ة ب��كل م��ا لديهم‬ ‫في س��بيله‪ ،‬وبـ"أس��وارة" ثوري��ة بألوان‬ ‫علم االس��تقالل صنعتها فت��اة من فتيات‬ ‫المجموع��ة ووضعته��ا ح��ول معصم��ي‬ ‫كهدية جميلة جداً‪ ،‬قبل أن أغادر‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟ (‪)13‬‬

‫�إميان جان�سيز‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫واح��د بالصح��را أغاث ملهوف وش��ربو م��ي‪ ..‬قام المله��وف خانو‬ ‫وس��رقلو أمتعتو وحصانو‪ ..‬ناداه الش��هم وقلو‪ :‬خود أغراضي بس‬ ‫أمانة ال تقول لحدا ش��و س��اويت فيني مشان النخوة ما تموت بين‬ ‫العال��م‪ ..‬وأنتو عم تقتلونا فهمنا‪ ..‬ب��س ال تقتلو القيم الكبيرة‪ ..‬ال‬ ‫تفرغو حضن األم من معناه‪ ..‬ال تخلو الصغار يفقدو الثقة بأحضان‬ ‫أمهات��ن‪ ..‬ولك هزيتو معنى األم بتلم‪ ..‬ص��ار حضنها يعجز يحمي‬ ‫الوالد‪ ..‬صارو يموتو فيه وصار الحضن يموت كمان‪..‬‬

‫هاال جديد‬

‫بدي حرية تكسر البرجوازية اللي بتظن أنو هيي سوريا وأنو الباقي بحياتن ما بصيرو‪..‬‬ ‫بدي حرية تخلينا كلنا مواطنين قدرانين نبني وطنا مع بعض بدون منية حدا‪..‬‬ ‫بدي حرية الحب والباقي كلشي بيجي نتيجة طبيعية‪.‬‬ ‫مدرس من سوريا‬

‫فتّشوا مليّاً في أسماء الش��هداء‪ ..‬اقرأوها جيداً‪ ..‬مراراً‪ ..‬قد يكون‬ ‫اس��م أحد أحبّتك مكتوب‪ ..‬جارك‪ ..‬صديقة طفولتك‪ ..‬المدن كّلها‬ ‫صارت على القائمة والقائمة تطول‪ ..‬الوطن كّله على القائمة‪..‬‬

‫جمال داوود‬ ‫اش��تدت العملي��ات العس��كرية ف��ي دمش��ق‪ ..‬وقت��ل م��ا قتل في‬ ‫داريا‪ ..‬وتفجير جرمانا‪ ..‬ليجد س��يادته ما يتح��دث به في المقابلة‪،‬‬ ‫أو ليتطاب��ق مع كالمه الح ًقا‪ ،‬فيرفع رأس��ه أم��ام الكاميرا كما فعل‬ ‫بوش الصغير‪ ،‬ويقول‪ :‬اقترب الحسم‪ ..‬سوف نقضي على اإلرهاب‪..‬‬ ‫فاالنجازات اآلن‪ ..‬لسيادة الرئيس هو ليس ما عمر أو بنى أو أنشأ أو‬ ‫وفر‪ ..‬بل هو كم قتل وكم هدم‪ ..‬وكيف انتصر على ش��عبه!‪ ..‬وعلى‬ ‫هذا‪ ..‬اجتمع محبوه‪ ..‬ودبكوا لرؤية وجهه الكريم!‪..‬‬

‫ندى �صبح‬ ‫الحي قد يه��رب باتجاه الموت‪ ،‬خوفا من أن يصب��ح الجئا أو نازحا‪،‬‬ ‫رغ��م الرعب القابع في داخله نتيجة هذا الخيار‪ ..‬لكنً الميّت الذي‬ ‫قصف "قبره" ترعبه أكثر فكرة النزوح إلى الحياة‪! ..‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪22‬‬

‫أنا سوري وأنت سوري هاد بكفيني‪ ..‬بدي حرية بتسمح للشعب أنو يعيش مع بعضو‪..‬‬ ‫أنو يرفع بعضو مو يدعس بعضو‪..‬‬

‫خولة دنيا‬ ‫إل��ى المجل��س الوطن��ي‪ ..‬وهيئ��ة التنس��يق‪ :‬إذا مط��رت اليوم ال‬ ‫تستغربوا‪ ..‬بكونوا الشهدا "عم يبزقوا" عليكم‪!! ..‬‬

‫مها ح�سن‬ ‫أخجل من الس��وريين داخل سوريا ألنني أعيش بمنأى عن الموت‪..‬‬ ‫أخجل م��ن دمع أمي ـ الزمة متكررة ـ وه��ي تودّعني على الهاتف‪،‬‬ ‫وكأنها ما أن أقفل الخط‪ ،‬ستذهب إلى جوف الموت‪.‬‬

‫ر�شا عمران‬ ‫وأله��ل طرطوس‪ :‬والدكن يلي عم يموتوا ما عم يموتوا على الهوية‪:‬‬ ‫م��ا عم يموتوا ألنهن (علويين) عم يموتوا ألن في حدا حطهن مقابل‬ ‫والد وطنهن وحط الس��وريين كلهن تح��ت يافطة يا قاتل يا مقتول‪..‬‬ ‫في حدا مس��تعد يضحي بالجمي��ع ليضل محافظ على محله‪ ..‬انس��وا‬ ‫األساطير يلي طلعولكن ياها عن تاريخ االضطهاد‪ ..‬االضطهاد القديم‬ ‫كان اضطه��اد بيتعرضلوا ابن الريف‪ ،‬اي ري��ف كان‪ ،‬من ابن المدينة‪،‬‬ ‫كان اضطهاد طبقي مو طائفي‪ ..‬انسوا فتاوى ابن تيمية‪ ..‬عشتوا بها‬ ‫البلد بعد فتاويه وتصاهرتوا مع الس��نة ونمت��وا ببيوت بعض وأكلتوا‬ ‫من نفس الصحن‪ ..‬انسوا التمانينات أو ارجعوا افتحوا هالملف وشوفوا‬ ‫ش��و صار وتذكروا أنو اكتر من أربعين ألف سوري راحوا ب‪ 17‬يوم وما‬ ‫حدا من يلي ضل منهن انتقم منكن‪ ..‬انسوا خوفكن وفكروا بمستقبل‬ ‫والدكن بالبلد‪ ..‬الش��خص‪ ،‬أي شخص‪ ،‬بيروح قد ما قعد وطول‪ .‬بس‬ ‫المستقبل ما بيروح وال األرض ما بتروح إال إذا نحن بعناهن‪..‬‬

‫ناندا حممد‬ ‫وقت كانت إس��رائيل تسقطلنا طيارة سوريّة‪ ..‬كان يصير مأتم بسوريا‪..‬‬ ‫إنو هي ثروتنا وتعب الناسْ وحامية كرامة الوطن‪ ..‬كانوا الناس يطلعوا‬ ‫عالس��طايح ويش��جعوا الطيّار ه��وّة ورايح ب��وجّ الرّي��حْ‪ ..‬يصفقولوا‪..‬‬ ‫ويدعول��وا‪ ..‬وفي��ه ناس ّ‬ ‫تكث��ر الطبخة إن��و بلكي رجع من ف��وق وميّل‬ ‫الغزيّل‪ ..‬يا لطيف شو انقرف راس الوطنيّ ْة‪ ..‬نكس على راسها‪ ..‬طيارتنا‬ ‫هلق بتطير‪ ..‬بتقصفن��ا‪ ..‬بتموتنا‪ ..‬بتخرّب بيوتن��ا‪ ..‬وبترجع‪ ..‬بتتمرجل‬ ‫علين��ا‪ ..‬بحلق الواحد ملح مرّ ول��زج‪ ..‬كأنّو دمّ‪ ..‬هوّة وعميبلع دمّو مع‬ ‫ريقو‪ ..‬تمنّع الذاكرة عن القبول للواقع المرّ‪ ..‬باألمر الواقع األمرّ‪.‬‬

‫�إياد عما�شة‬ ‫هذا الس��تاتوس ما زال س��اري المفعول‪ ..‬أنا إياد عماش��ة‪ ،‬أقر أني‬ ‫لم أقتل أي كائن حي طوال س��نواتي ال ‪ ،٣٢‬لم أشارك أبناء حارتي‬ ‫يوماً بطقوس قتل القطط الشاردة‪ ،‬لم أذهب معهم لصيد الحمام‬ ‫والعصافي��ر بالنقيفه ف��ي الحرش المجاور لقريتن��ا‪ ،‬أخاف من حمل‬ ‫الس�لاح أي س�لاح حتى الخش��بي منه‪ ..‬أقر وأعترف أن��ي اليوم بت‬ ‫جاهزاً نفس��ياً ألحمل سالح وأسدده لرأس بشار األسد مباشرة دون‬ ‫أن يرتج��ف لي جفن‪ ،‬ببرودة أعص��اب ال يملكها أكثر القتله حرفية‪،‬‬ ‫وأعود بعده��ا بفرح لمتابعة قراءة ما يكتبه أصدقائي من أناش��يد‬ ‫الحرية‪ ،‬وارتشاف ما تبقي من كأس عرق بكفيا الذي أحب‪.‬‬

‫�أحمد �أبازيد‬ ‫حي��ن يضطرّ القائ��د العامّ للجي��ش والقوّات المس��ّلحة ألن يقول‬ ‫للماليين أنّه ليس خائفاً‪ ..‬فاعْلم ّأن الخوف أضحى خبزَه اليوميّ!‬

‫لينا مولال‬ ‫الش��عب السوري كان على الدوام نور هذه المنطقة‪ ..‬مضيافاً عطوفاً‬ ‫كريماً‪ ،‬وعندما تآم��روا لحجب نوره‪ ،‬حل الظالم وغابت النخوة ليظهر‬ ‫الجوار متمرغاً بالخسة والدناءة‪ ،‬مشهد ما كنا نتمنى مشاهدته أبداً‪.‬‬

‫يا�سني احلاج �صالح‬ ‫المواجهة بيننا وبين هالنظام معركة حياة أو موت‪ .‬إذا فاز فيها رح‬ ‫يس��حقنا كمجتمع وثقافة‪ ،‬ويحول الجميع لعبيد أذالء‪ .‬الزم نس��حق‬ ‫هالخس��يس منش��ان ما يدمر البلد ويس��تعبد الن��اس‪ ،‬ودفاعا عن‬ ‫الحياة والحرية‪ .‬ليس لنا خيار‪.‬‬

‫عمر كوك�ش‬ ‫هنا مات شعبي‪ ..‬حمص‪ ..‬كم ذاكرة نحتاج لننساكي‪..‬‬

‫خديجة بن قنة‬ ‫أي��ن ثوار مص��ر وتونس وليبيا واليمن من دعم الثورة الس��ورية ؟‬ ‫هل ال زالت تلك الش��عارات باقية كما كنا نسمعها بالميادين ؟ هل‬ ‫تعتق��دون أن ثوراتكم اكتمل��ت أمام صمتكم المري��ب من الثورة‬ ‫السورية وهي "أم الثورات"؟!!‬

‫�أجمد بيازي‬ ‫شجرة واحدة كافية لصناعة مليون عود كبريت‪ ،‬ولكن عود كبريت واحد قادر‬ ‫على حرق غابات من األشجار فال ترمي أعواد الكبريت في غابات الثورة!‪..‬‬

‫حنان �شقري‬ ‫رواه حمص��ي‪ :‬أم حومصي��ة ع��م ته��دد بنته��ا‪ ..‬ليكي ول��ي‪ ..‬إزا‬ ‫بتعيديها‪ ..‬واهلل واهلل لشغلك مذيعة‪..‬‬

‫�إياد كال�س‬ ‫صدقوني يا والد ش��عبي الطيبين‪ ،‬هي مو أسلحتكم يلي عم توقع‬ ‫الطيارات‪ ..‬و إنما هي أرواح ش��هدائنا بأول س��ما يلي ما عم ترضى‬ ‫تترك ساحة المعركة‪..‬‬

‫ميخائيل �سعد‬ ‫الى ميش��لين عازار‪ :‬هناك‪ ،‬ف��ي التاريخ‪ ،‬قصة عن عاهرة فرنس��ية‬ ‫كانت تعاش��ر الجنود األلمان أثناء احتالله��م لباريس‪ .‬طلبوا منها‬ ‫أن تكون عميلة لهم وأن تتجس��س على رجال المقاومة الفرنسية‪،‬‬ ‫قال��ت لهم‪ :‬أن��ا أبيع جس��دي لجنودكم ك��ي أعيش‪ ،‬لك��ن روحي‬ ‫وعواطفي الوطنية فهي ليست للبيع‪..‬‬

‫ليلى العودات‬ ‫من الس��خرية أن يعتبر قان��ون دولة متع��ددة القوميات «إضعاف‬ ‫الش��عور القومي» جريم��ة وبالتالي تعزيز التعص��ب القومي واجب‬ ‫وطني‪ ..‬تحيا الث��ورة المباركة‪ ،‬لوالها لرأينا‪ ،‬بهمة حزب البعث وآل‬ ‫األس��د وكالبهم الموزعين على البرلم��ان والمحاكم‪ ،‬قانونا يعتبر‬ ‫«إضعاف الشعور الطائفي» جريمة‪.‬‬

‫غياث معراوي‬ ‫العيادات الميدانية‪ ..‬األطباء‪ ..‬المسعفون‪ ..‬أحد أسرار هذه الثورة العظيمة‪.‬‬

‫هالة العبد اهلل‬ ‫اإلنس��انية أجمع وكل جمعيات الرفق بالحيوان تسامح بقتل الكلب‬ ‫المسعور عندما يفلت من العقال وينشر الموت أينما حل‪..‬‬

‫�سعاد جرو�س‬ ‫يوميات سورية‪..‬‬ ‫األول‪ :‬شو األخبار اليوم ؟ الثاني‪ :‬ما في شي‪ ..‬مجزرة صغيرة‪.‬‬ ‫األول‪ :‬بيعين اهلل‪ ..‬وين صارت المجزرة؟‬ ‫الثاني‪ :‬ما انتبهت وهلل شفت األخبار عالسريع‪.‬‬ ‫األول‪ :‬يعني ما في شي ؟ الثاني‪ :‬ال ما في شي وال شي‪..‬‬

‫�صبحي حديدي‬ ‫ح��ذار من أن ت��زر وازرة وزر أخرى!‪ ..‬النقي��ب رازي صافي علي‪ ،‬من‬ ‫الفرق��ة الرابعة ومجرم مجزرة داريا‪ ،‬يمثل نظام آل األس��د‪ ،‬وليس‬ ‫أي دين أو طائفة‪.‬‬

‫زياد خدا�ش‬ ‫ماذا سأكتب بعد امرأة من (داريا) منحنية بكامل موتها وجسمها حماية‬ ‫لطفلها الذي مات‪ ،‬أقبلها مات أم بعدها‪ ،‬من الذي ش��هق أوال ش��هقته‬ ‫األخيرة؟ من ال��ذي قال يمااااااا األخيرة أوال‪ ،‬هي أم هو؟‪ .‬ما لذي يمكن‬ ‫أن يقال بعد داريا؟ أيها الكالم الذي بعد داريا‪ :‬اخرس‪ ،‬فقط اخرس‪.‬‬

‫اآلن ونحن ننتظر موتا طائش��ا يصبح‬ ‫التفكي��ر في المس��تقبل ترف�� ًا حقيقي ًا‪،‬‬ ‫برغم إيماننا الذي لم يتزعزع منذ اللحظة‬ ‫األولى لثورتنا بحتمية النصر‪ ،‬وهذا الترف‬ ‫غالبا ما يقلقن��ا ونفكر فيه إلى درجة أن‬ ‫أغل��ب أحالم يقظة الس��وريين تتش��ابه‬ ‫إل��ى درجة كبيرة ف��ي تحقيق حلم رحيل‬ ‫النظ��ام أو التوقف عن القت��ل أو انتظار‬ ‫البي��ان رقم واح��د‪ ،‬لكن رغم ه��ذا الدم‬ ‫والقتل والحكايات التي ل‬ ‫ن يصدقها العالم فإننا نحلم بالنصر‪،‬‬ ‫نحلم بدولة مدنية أعتقد أنها لن تكون‬ ‫محل خ�لاف وتجاذبات بين الس��وريين‪،‬‬ ‫ألنه��ا ببس��اطة الش��كل الوحي��د الذي‬ ‫يستطيع الحفاظ على سوريا بلداً متعدد‬ ‫الثقافات واألديان والقوميات والطوائف‪،‬‬ ‫ويحافظ على فرادتها أيضا‪.‬‬ ‫تعرضت الث��ورة الس��ورية إلى خيانة‬ ‫العالم الذي اكتف��ى بالكالم وبيع دمائنا‬ ‫في بازار مفتوح‪ ،‬وهذه الخيانة س��تجعل‬ ‫م��ن الث��ورة متح��ررة من أثق��ال كثيرة‬ ‫لك��ن الش��روخ الداخلي��ة الت��ي خلفتها‬ ‫سياس��ات النظام لن يكون من الس��هل‬ ‫ترميمه��ا‪ ،‬وإن كان��ت ثقت��ي بش��عبي‬ ‫وتاريخ تعايش��ه موج��ودة‪ ،‬لكن المنطق‬ ‫يقول بضرورة االحت��راس في إعادة بناء‬ ‫الثق��ة بين الس��وريين‪ ،‬وهذه س��تكون‬ ‫مهم��ة مس��تقبلية عظيم��ة تس��تدعي‬ ‫الكثير من العمل الجاد‪ ،‬فالثورة السورية‬ ‫ال تسقط نظام ًا بالمفهوم التقليدي إنما‬ ‫تسقط مجموعة محاور لها جذور عميقة‪،‬‬ ‫وأعتق��د أن انتصاره��ا س��يمنح الثورات‬ ‫العربي��ة دفق��ة دم جدي��دة للنظ��ر إلى‬ ‫المس��تقبل بثقة أكبر‪ ،‬لكن المس��تقبل‬ ‫نفس��ه كيف سيكون ش��كله وسط حقل‬ ‫األلغام الذي تق��وم منذ اآلن قوى دولية‬ ‫بزرعه في طريقها وبش��كل علني أيضا‪،‬‬ ‫هذا هو الس��ؤال األكث��ر إلحاحا خصوص ًا‬ ‫أن المرحل��ة االنتقالية في مصر لم تكن‬ ‫س��هلة ومليئ��ة بالندوب‪ ،‬وهذا س��يؤثر‬ ‫بش��كل أو بآخر اعتماد براجماتية النفاذ‬ ‫بريش الثورة ما استطعنا إلى ذلك سبيال‪،‬‬ ‫لكن لن تكون بالضرورة المس��اومة هي‬ ‫الطريق��ة الوحيدة للحفاظ عل��ى الثورة‬ ‫ومنع خطفها من الداخل والخارج‪.‬‬ ‫ال أفكر في المستقبل إال كجزء من هذا‬ ‫الحاضر الدامي‪ ،‬حين تسكت المدافع سنرى‬ ‫أية كوارث حلت في أرواحنا وأجسادنا وأية‬ ‫ندوب في جس��د ثورتنا‪ ،‬وبعدها سنرى أي‬ ‫مس��تقبل ينتظرنا وإن كنت أميل للتفاؤل‬ ‫بأن الس��وريين سيس��تنجدون بتاريخهم‬ ‫القديم والجديد‪ ،‬كما سيستنجدون بأرواح‬ ‫أجدادهم لمنحهم البركة التي يحتاجونها‬ ‫ليعبروا إلى مستقبل‪.‬‬ ‫خالد خليفة‬


‫بالل سالمة‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫أبي الهيذام) حيث حرق��ت داريا ونهبت بيوتها‪،‬‬ ‫ويذكر أن س��بب هذه الفتنة غضب أبو الهيذام‬ ‫وهو زعيم القيسية في بالد الشام على عامل‬ ‫الخليفة هارون الرش��يد بسجس��تان الذي قتل‬ ‫أخًا له‪ ،‬فثارت ثائرته وخرج على الرشيد بعد أن‬ ‫انضم إليه عدد كبير من القيسية‪.‬‬ ‫يقول ابن عساكر في كتابه تاريخ مدينة‬ ‫دمش��ق حول ه��ذه الفتن��ة‪( :‬قرأت بخ��ط أبي‬ ‫الحس��ين الرازي مما أفاده بعض أهل دمش��ق‬ ‫ع��ن أبيه عن جده وأهل بيته من المريين قال‪:‬‬ ‫وقال قيس الهاللي في ي��وم داريا‪ * :‬كأنا يوم‬ ‫داريا أسود * تدافع عن مساكنها أسودا * تركنا‬ ‫أهل داريا رميم��ا * حطاما في منازلهم همودا‬ ‫* قتلنا فيهم حت��ى رثينا لهم * ورأيت جمعهم‬ ‫شريدا * إذا غضب اإلله على أناس * دعا قيسًا‬ ‫فصيرهم خمودا * وذلك أن قيس��ا غير ش��ك *‬ ‫من الصوان بل خلقت حديدا)‪.‬‬ ‫كذلك تأثرت مدينة داريا في ربيع الثاني‬ ‫من عام ‪ 233‬هـ الموافق لتشرين الثاني ‪847‬م‬ ‫بالزل��زال ال��ذي ضرب ثالث دول ف��ي المنطقة‬ ‫وهي س��وريا والع��راق وتركيا‪ ،‬حيث س��قطت‬ ‫المنازل وهل��ك الناس تحت الردم‪ ،‬وهربوا إلى‬ ‫المصل��ى باكي��ن متضرعين إل��ى اهلل‪ ،‬وبقيت‬ ‫هذه الزلزلة مدة ثالث ساعات ثم توقفت‪ .‬وقال‬ ‫ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق في حوادث‬ ‫‪233‬ه��ـ "زلزلت دمش��ق ي��وم الخميس ضحى‬ ‫فقطع��ت ربع الجام��ع وتزايلت الحج��ار العظام‬ ‫عن أماكنها ووقعت المنارة‪ ،‬وس��قطت القناطر‬ ‫والمنازل وامتدت في الغوطة"‪.‬‬ ‫تأث��رت داري��ا ع��ام ‪417 – 416‬ه��ـ‬ ‫بالمنازع��ات بي��ن الس�لاجقة (وهم ق��ادة من‬ ‫األت��راك) واألتابك��ة (األتاب��ك ه��و الوص��ي أو‬

‫المرب��ي لألم��راء م��ن أبن��اء السّ�لاجقة)‪ .‬كما‬ ‫تعرض��ت منطقة داري��ا للدمار على ي��د الغزو‬ ‫الصليبي ع��ام ‪1148‬م ‪543/‬ه��ـ عندما تجمَّع‬ ‫جيش فرنس��ي كبير قوامه س��بعون ألفاً على‬ ‫رأس��ه لوي��س الس��ابع مل��ك فرنس��ا‪ ،‬وتجمع‬ ‫جي��ش ألماني قوامه س��بعون ألف��ًا أيضاً على‬ ‫رأس��ه إمبراطور ألمانيا كون��راد الثالث‪ ،‬واتفق‬ ‫القائدان على االتجاه لمحاصرة مدينة دمشق‪،‬‬ ‫فعس��كرت قواتهم��ا ف��ي منطقة داريا وش��نّا‬ ‫الحمل��ة الصليبي��ة الثانية‪ .‬كم��ا تعرضت هذه‬ ‫المنطقة ش��أنها شأن المدن الس��ورية األخرى‬ ‫لغ��زو التتار وذلك عام ‪ 799‬هـ بأمر من ملكهم‬ ‫أبغا بن هوالكو‪.‬‬ ‫أم��ا في زم��ن االحت�لال الفرنس��ي فقد‬ ‫وقعت ف��ي داريا معركة س��ميت (معركة داريا‬ ‫الكب��رى) يوم األحد ‪ 10‬كانون األول عام ‪1926‬‬ ‫عندما حضر إليها عدد من قادة الثورة السورية‬ ‫الكب��رى ومنه��م األمير عب��د الق��ادر الجزائري‬ ‫والش��يخ محمد حجازي وكان ع��دد المجاهدين‬ ‫يقارب الخمس��ة والخمس��ين بينهم الكثير من‬ ‫أبناء داريا‪ ،‬حيث اشتبكوا مع الجيش الفرنسي‬ ‫هناك‪.‬‬ ‫تح��وي داري��ا العدي��د م��ن األضرح��ة‬ ‫والمقام��ات ومنه��ا مق��ام النب��ي حزقيل وهو‬ ‫موج��ود داخ��ل جامع مس��مى باس��مه‪ ،‬وكذلك‬ ‫مقام أبي مسلم الخوالني ومقام أبي سليمان‬ ‫الداراني وقبر بالل الحبش��ي وقب��ر أبي ثعلبة‬ ‫الخشني ومنبر الفاتحين قرب جامع المنبر‪.‬‬ ‫تح��وي داري��ا الكثي��ر من المس��اجد منها‬ ‫ما بن��ي قديم��ًا ومنها المس��اجد الحديث��ة‪ ،‬أما‬ ‫المس��اجد القديم��ة فهي‪ :‬مس��جد أبي مس��لم‬ ‫الداراني ‪ -‬مس��جد أبي مسلم الخوالني ‪ -‬جامع‬

‫المنبر ‪ -‬جامع عمر بن الخطاب ‪ -‬جامع العباس‬ ‫ مسجد داريا الكبير‪.‬‬‫أما بالنس��بة لكنائ��س المدين��ة فقد تم‬ ‫بناء كنيسة الطائفة الكاثوليكية عام ‪1937‬م‪،‬‬ ‫وهناك أيضًا كنيس��ة لل��روم األرثوذكس وھي‬ ‫الطائفة األقدم بداريا‪.‬‬ ‫تعتبر داريا من منطقة الغوطة الغربية‪،‬‬ ‫ومنذ القديم كانت تمتاز أراضيها بأنها س��هلية‬ ‫تنع��دم فيه��ا المرتفع��ات ولهذا فإنه��ا صالحة‬ ‫للزراع��ة وتتوف��ر فيها المي��اه الجوفية وكذلك‬ ‫ترتوي م��ن نهري بردى واألعوج‪ .‬ومما يش��هد‬ ‫عل��ى ق��دم الزراعة في ه��ذه المنطق��ة وجود‬ ‫األقني��ة الرومانية فيها‪ ،‬وتش��تهر داريا بزراعة‬ ‫األش��جار المثمرة وبعض الزراعات الموسمية‪.‬‬ ‫وتش��ير المص��ادر التاريخية ب��أن أراضي داريا‬ ‫كان��ت منذ آالف الس��نين وحتى الي��وم مصدراً‬ ‫هامًا لزراعة الكرمة في سوريا‪.‬‬ ‫أم��ا بالنس��بة للصناع��ة‪ ،‬فالصناع��ات‬ ‫القديم��ة التي كان يمارس��ها س��كان المنطقة‬ ‫تختص��ر ف��ي الصناع��ات القش��ية والفخاري��ة‬ ‫وبعض الصناع��ات الزراعية وه��ي الصناعات‬ ‫التي تلبي حاجات الفالحي��ن من أدوات زراعية‬ ‫مثل النير الخش��بي والفؤوس وأسرجة الخيول‬ ‫والمناجل وغيرها‪.‬‬ ‫لم توجد في داريا أس��واق تجارية قديمًا‬ ‫ب��ل كانت تعتم��د عل��ى المقايض��ة والبائعين‬ ‫المتجولي��ن‪ ،‬إال أن��ه ف��ي ع��ام ‪1929‬م وف��ي‬ ‫فس��حة أرض ق��رب المحفرة بموق��ع مصلبية‬ ‫القه��اوي أصبح الباعة يقصدونها من دمش��ق‬ ‫يوم الجمعة لع��رض بضائعهم ليوم واحد في‬ ‫األس��بوع‪ .‬كم��ا كان هناك محل لبيع األقمش��ة‬ ‫لرجل من آل عجم يبيع تلك األقمشة على مدار‬ ‫األس��بوع وأصبح اآلن س��وق كبير لجميع أنواع‬ ‫األلبس��ة واألقمش��ة واألحذية وغيرها‪ ،‬وسمي‬ ‫بسوق عجم وكان المحل المذكور النواة األولى‬ ‫للسوق وهو ال يزال قائمًا‪.‬‬ ‫تغن��ى الش��عراء بجم��ال داري��ا وبتن��وع‬ ‫رياضها وحقولها فقال عنها الخليفة العباس��ي‬ ‫المأمون‪( :‬عجبت لمن يسكن غيرها)‪.‬‬ ‫وقال فيها الشاعر البحتري‪:‬‬ ‫العي��ش ف��ي لي��ل داري��ا إذا بـ��ردا‬ ‫وال��راح نمزجه��ا بالم��اء م��ن بردى‬ ‫وذكر الشاعر الصنوبري داريا قائ ًال‪:‬‬ ‫ونع��م ال��دار داري��ا ففيه��ا‬ ‫ح�لا ل��يّ العي��شُ حت��ى ص��ار أريا‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫داري��ا مدين��ة األح��رار‪ ،‬المدين��ة الت��ي‬ ‫انتفضت ضد نظام األس��د الظالم وحملت لواء‬ ‫الث��ورة منذ بدايته��ا‪ ،‬وصمدت بوج��ه الطاغية‬ ‫الغاش��م فلم يس��تطع إذاللها رغم كل عمليات‬ ‫القت��ل والس��رقة واالغتص��اب الت��ي ق��ام بها‪،‬‬ ‫وخصوصاً في يوم السبت األسود ‪ 25‬آب ‪2012‬‬ ‫يتوان‬ ‫عندما ارتكب إحدى أبش��ع مج��ازره ولم َ‬ ‫عن قت��ل الش��باب والنس��اء واألطفال بأبش��ع‬ ‫الطرق والوس��ائل‪ ،‬حت��ى أن العي��ن ال يمكنها‬ ‫إال أن تجه��ش بالب��كاء كلم��ا ذك��رت تفاصيل‬ ‫ه��ذه المذبحة التي ل��ن ينس��اها التاريخ مهما‬ ‫مضى‪ .‬كانت أولى مشاركات أبناء داريا بالثورة‬ ‫ف��ي اعتص��ام ‪ 16‬آذار م��ن الع��ام الفائت أمام‬ ‫وزارة الداخلية‪ ،‬حيث اعتقل منهم ثالثة ش��بان‬ ‫وفتاتان‪ ،‬أما أولى المظاهرات التي خرجت هناك‬ ‫ضد النظ��ام فكانت يوم الجمعة ‪ 25‬آذار ‪2011‬‬ ‫من مس��جدي أنس بن مال��ك والعباس‪ .‬تصدر‬ ‫م��ن مدينة داريا جريدة (عنب بلدي) وهي نتاج‬ ‫الحراك الس��لمي في داريا‪ ،‬وهدفها طرح أفكار‬ ‫ن��ادراً ما يت��م التطرق إليه��ا‪ ،‬وإيصالها لطبقة‬ ‫واس��عة من الن��اس‪ .‬وم��ن المؤكد أنن��ا عندما‬ ‫نتحدث عن داريا ال يمكننا إال أن نذكر الش��هيد‬ ‫غياث مطر الذي اعتقل فيها في ‪ 6‬أيلول ‪2011‬‬ ‫وبعد أيام م��ن اعتقاله سُ�� ّلم جثمانه الطاهر‬ ‫إلى أهله بعد أن قضى تحت التعذيب‪.‬‬ ‫داري��ا مدين��ة تاريخية تعود إل��ى ما قبل‬ ‫الميالد‪ ،‬اش��تق اس��مها م��ن كلم��ة (دار) وهي‬ ‫كلمة سريانية تعني البيوت الكثيرة‪.‬‬ ‫تق��ع داريا ضمن محافظة ريف دمش��ق‪،‬‬ ‫في الجهة الجنوبية الغربية من دمش��ق وتبعد‬ ‫عنه��ا ثماني��ة كيلومت��رات تقريب��اً‪ .‬يحيط بها‬ ‫من الش��مال المزة والمعضمي��ة‪ ،‬ومن الجنوب‬ ‫صحنايا‪ ،‬ومن الشرق كفرسوسة والقدم‪ ،‬ومن‬ ‫الغرب جديدة عرطوز‪.‬‬ ‫حس��ب اإلحص��اءات ف��إن ع��دد س��كان‬ ‫مدينة داريا ع��ام ‪ 2007‬يتجاوز المائة وخمس‬ ‫وخمس��ين ألف نس��مة‪ ،‬بينما تقدره��ا مصادر‬ ‫أخرى بنحو ربع مليون نسمة‪ ،‬غالبيتهم يدينون‬ ‫باإلسالم‪ ،‬وحسب إحصائية عام ‪ 1957‬بلغ عدد‬ ‫سكان داريا عش��رة آالف واثنان وستون نسمة‬ ‫منهم ثالث مائة وخمس��ين نس��مة م��ن الروم‬ ‫األرثوذكس وهم الطائفة المس��يحية األقدم‪،‬‬ ‫ومائة وخمس��ين نس��مة من ال��روم الكاثوليك‬ ‫الذي��ن يعود تاريخ تواجدهم ف��ي المدينة إلى‬ ‫عام ‪1934‬م‪ .‬وألھالي داريا عاداتھم وتقاليدھم‬ ‫التي ما ت��زال قائمة حتى اليوم من الش��جاعة‬ ‫واإلب��اء واألخ�لاق العالي��ة‪ .‬يعم��ل معظ��مھم‬ ‫بالزراعة وتربية األبقار‪ ،‬وبعضھم اآلخر يعمل‬ ‫في المھن الحرة‪.‬‬ ‫قب��ل الفتوح��ات اإلس�لامية كان��ت داريا‬ ‫مركزاً للغساس��نة‪ ،‬حتى عام ‪635‬م عندما جاء‬ ‫أب��و عبيدة عام��ر بن الج��راح وفتحها وأصبحت‬ ‫إح��دى حواض��ره الهام��ة‪ ،‬وس��كنها ع��دد م��ن‬ ‫الصحابة منهم الصحابي بالل الحبش��ي والذي‬ ‫دفن فيها‪ ،‬وقيس بن عباية‪ ،‬وأس��ود بن أصرم‬ ‫المحارب��ي‪ ،‬وأبو راش��د الخوالني‪ ،‬وأبو مس��لم‬ ‫الخوالني (المتوفي عام ‪ 62‬هجري) اس��توطن‬ ‫فيها بع��د أن ذهب إلى المدين��ة المنورة ووجد‬ ‫أن الرس��ول علي��ه الصالة والس�لام قد توفي‪،‬‬ ‫فمضى إلى الشام واستقر في داريا‪ .‬وأصبحت‬ ‫داري��ا أكبر قرية يتجمع فيها أهل اليمن‪ ،‬ومنها‬ ‫قبيلتي (خوالن وعنس)‪.‬‬ ‫تعرضت داري��ا للحرق نتيج��ة المنازعات‬ ‫عل��ى الخالفة ف��ي عهد األمويين والعباس��يين‬ ‫ع��ام ‪126‬ه��ـ‪ ،‬وكذل��ك ع��ام ‪176‬هـ ف��ي عهد‬ ‫الخليف��ة ه��ارون الرش��يد عندما ث��ارت الفتن‬ ‫بين القيس��ية واليمانية بما عرف باس��م (فتنة‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫داريا �أر�ض الأحرار‬

‫‪23‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 2 | )50‬أيلول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪24‬‬

‫الن�شيد‬ ‫امللحمي‬ ‫عروة المقداد‬ ‫الساعة السابعة مسا ًء‪ ،‬تبدأ نشرة‬ ‫األخبار نش��يدها "الملحم��ي" الطويل‪،‬‬ ‫وتب��دأ الجوق��ة اإلغريقي��ة بتردي��د‬ ‫الفص��ول‪ ،‬أتك��ئ أن��ا وصديق��ي على‬ ‫األرض‪ ،‬وحيدين كما يليق بمجد عابر‪.‬‬ ‫أتحسس أعضائي‪ ،‬بعد قليل سيقتحم‬ ‫األمن المنزل سننظر في أيعن بعضنا‪،‬‬ ‫يتوق��ف الزم��ن لتراق��ب ق��وات األم��ن‬ ‫صمتنا الملحم��ي‪ .‬يقاطعني صديقي‪:‬‬ ‫خلينا نعرف نشوف األخبار وحاج تهذي‬ ‫باللحم‪ .‬مض��ى عدة أي��ام ونحن نأكل‬ ‫زي��ت زعتر م��ع قليل اللبن��ة‪ .‬أحاول أن‬ ‫أن الملحمة ليس��ت هي ذاتها‬ ‫أش��رح له ّ‬ ‫الدكانة التي يباع فيها اللحم‪ ،‬يقول لي‬ ‫ما الف��رق كالهما يحتوي��ان على لحم‬ ‫مقطع وأشالء‪.‬‬ ‫نظه��ر عل��ى التلف��از‪ ،‬نص��رخ‬ ‫دون ص��وت‪ .‬نحمل��ق بمالم��ح وجوهنا‬ ‫المرتع��دة‪ .‬أترى كم أن��ت خائف‪ ،‬أقول‬ ‫له ال لس��ت خائف‪ ،‬ولست أنا الذي ظهر‬ ‫للت��وا‪ .‬وأهرب خلف تبري��رات ال تنتهي‬ ‫م��ن العن��اد المعت��اد ال��ذي ورثت��ه عن‬ ‫جدت��ي الفلس��طينية‪ .‬جدت��ي علمتني‬ ‫الصم��ت‪ ،‬ف��ي وادي القريب��ة البعي��د‪،‬‬ ‫حينها قالت لي كل صاوية بهل السهل‬ ‫عالم��ة أوعك تضيعها‪ .‬م��ن يومها وأنا‬ ‫معتل المزاج أرعن مثل قذيفة طائشة‬ ‫س��وداوي ون��زق دون حاج��ة لث��ورة أو‬ ‫ح��رب‪ .‬يق��ول ل��ي‪ :‬صرعتن��ي بجدتك‬ ‫وبعبارتك المش��هورة‪ ،‬ما ب��دك تخلينا‬ ‫نسمع األخبار‪.‬‬ ‫جدت��ي توفيت قبل الث��ورة‪ ،‬لكنها‬ ‫بكل تأكيد كانت ستكون مع الثورة‪ .‬من‬ ‫ليس مع الثورة؟ أيعقل هذا! لكن عمي‬ ‫الصغي��ر موالي‪ ،‬في منزله��م الصغير‬ ‫في درع��ا كان يجمعن��ا حوله كصديق‬ ‫ويتهكم على العالم بعبارات فاحش��ة‪،‬‬ ‫ليخلصن��ا من قمع والدي ال��ذي أراد لنا‬ ‫ككل السوري مستقبل مشرق في بلد‬ ‫تكاثف��ت فيه غيوم خ��وف وحجبت كل‬ ‫ش��يء‪ .‬عمي يقول لك��م ثورتكم ولي‬ ‫منزلي!‬ ‫جدي صاحب نكتة‪ .‬نكتة لم أورثها‬ ‫عنه‪ ،‬يقولي لي صدقي‪ :‬أنت نكد لمين‬ ‫طالع بالعايلة‪ .‬ال أعرف أفكر في العائلة‬ ‫بش��طريها الممتد جنوب س��وريا مروراً‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫بالبنان حتى اليمن‪ .‬يقولون أن نس��بنا‬ ‫يعود إلى المقداد بن أسود الكندي‪ ،‬في‬ ‫مضافة جدي الت��ي عمرها مائة والتي‬ ‫ش��هدت مقاومة الفرنسيين أيام خيالة‬ ‫الزيدي كان ي��روي تفاصيل عن تاريخ‬ ‫العائل��ة الطوي��ل‪ .‬لكنن��ي كن��ت أطرد‬ ‫من المضافة اثر تعلي��ق أرعن ال يليق‬ ‫بقعدة المضايف وحديث الكبار‪.‬‬ ‫ال ش��ك أنن��ي كنت معجب��ًا بخيالة‬ ‫الزي��دي ف��ي طفولتي‪ ،‬ذل��ك جزء من‬ ‫عالم��ي الث��وري‪ .‬لك��ن هذه الث��ورة ال‬ ‫يوجد فيها خيول‪ .‬تبًا لو أنني استطعت‬ ‫أن أملك حصانًا وأجابه فيه أرتال األمن‬ ‫عندها س��يزغردن لي النساء وأنا قافل‬ ‫إل��ى القرية مكلل� ً‬ ‫لا بالنصر‪ .‬لكنني لم‬ ‫أك��ن بهذا الحج��م‪ ،‬كنت كف��أر أركض‬ ‫مرتع��داً كلم��ا م��رت مظاه��رة‪ .‬أنظ��ر‬ ‫ف��ي الم��رآة مط��و ًال وأش��اهد مالمحي‬ ‫المتآكل��ة‪ .‬وأن��ا أضم��ر وأضم��ر حت��ى‬ ‫أتالشى‪.‬‬ ‫نغيب بي��ن الجموع في الشاش��ة‪.‬‬ ‫نجهد في البحث عن أنفس��نا‪ .‬ونس��مع‬ ‫صوت القذائف بطريق��ة أخرى‪ .‬يحكي‬ ‫ل��ي صديقي ع��ن جي��وش الصحفيين‬ ‫التي تزورهم كل يوم‪ .‬يقولي لي نحنا‬ ‫أوتيل بعدة نجوم‪ .‬نس��تقبل صحفيين‬ ‫يس��رقون قصصنا ويذهبون‪ ،‬يتركون‬ ‫لن��ا ابتس��امات فقي��رة كصدق��ة على‬ ‫تفاعله��م معنا‪ .‬ومن ث��م يرتدون إلى‬ ‫أمس��ياتهم‪ .‬يصم��ت قلي� ً‬ ‫لا ويقول لي‬ ‫الحرب خدعة‪.‬‬ ‫دوائ��ر مط��ر كثيف��ة تس��قط من‬ ‫س��قف الطفول��ة‪ .‬يقف��ز أخ��ي م��ن‬ ‫الس��كايب‪ .‬محم�لا ب��كل أن��واع اله��م‬ ‫كبطل أس��طوري‪ ،‬لكنه أكثر حيوية من‬ ‫مسرحية لس��وفكليس‪ .‬يدحرج صخرة‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)23329‬‬ ‫دمشق‪1265 :‬‬ ‫ريف دمشق‪3812 :‬‬ ‫حمص‪6192 :‬‬ ‫حلب‪1896 :‬‬ ‫حماه‪2240 :‬‬ ‫الالذقية‪414 :‬‬

‫كبي��رة عن ص��دره نح��وي ويقولي‪ :‬لي‬ ‫الكرك س��وف تقصف‪ .‬صم��ت طويل ال‬ ‫يخترقه سوى س��عال مدافع‪ ،‬تبسق دم‬ ‫كبير إلى ج��وف األرض‪ .‬وين أنت؟ عند‬ ‫كتيبة من الجيش األحرار بحالهم‪ ...‬شو‬ ‫عم تعملوا؟ عم نضحك مكيفين‪ ،‬هون‬ ‫عندنا كل شي‪ .‬خوف وضحك وقذائف‪.‬‬ ‫يغيب الس��كايب خلف غيم��ة كثيفة‬ ‫م��ن الذكريات‪ ،‬س��والف طويلة مع أكواب‬ ‫متواصلة من القهوة في غرفة صغيرة في‬ ‫الطابق الخامس‪ ،‬حيث األحالم مشروعة‪،‬‬ ‫بعيدة ع��ن كل أنواع الرقابة‪ .‬في الطابق‬ ‫الخامس قُصف��ت الغرفة الصغيرة‪ ،‬قالت‬ ‫لي أمي حينها‪ :‬هلل بعوض‪...‬‬ ‫ل��م يع��د أب��و الس��يم يصف��ر لي‬ ‫كالمعتاد‪ ،‬بعد أن يوقظ كل أفراد الحارة‬ ‫عل��ى صفيره الح��اد‪ ،‬ويص��رخ لي في‬ ‫الس��اعة الثانية بعد منتصف الليل‪ ،‬لك‬ ‫وين��ك فيقنا الحارة‪ .‬أضحك من ش��باك‬ ‫المنزل المحترق ف��ي الطابق الخامس‬ ‫وأنزل الدرجات راكضًا لنتس��كع ساعات‬ ‫طويلة في أزقة الشام القديمة‪ ،‬ونحن‬ ‫نسمع س��ارية السواس‪ .‬شلونه شلونه‬ ‫شلونه‪ .‬ال تنفك تدور في رأسي‪.‬‬ ‫أفتح الفيس ب��وك‪ :‬صديق يكتب‪:‬‬ ‫وي��ن س��هرانة مب��ارح ي��ا بنت الش��لب‬ ‫مساكن برزا وال بالتل‪ ،‬ال ضل مساكن‬ ‫ب��رزا وال تل‪ ،‬قوم��ي تنرقص يا صبية‬ ‫وظه��ري عل��ى الجميزة وش��بكي ايدك‬ ‫بإديي‪.‬‬ ‫ش��لونه ش��لونه مرة أخرى‪ ،‬عمن‬ ‫كانت تتس��اءل سارية الس��واس ترى؟‬ ‫ه��ل ت��ردد أغنيته��ا اآلن وس��ط غصة‬ ‫كبي��رة على أحد ما فقدته؟ س��يلومني‬ ‫ناش��ط م��ا عل��ى تفكي��ري الس��خيف‬ ‫بس��ارية الس��واس‪ ،‬س��يكيل ل��ي كل‬ ‫طرطوس‪42 :‬‬ ‫درعا‪2334 :‬‬ ‫دير الزور‪1520 :‬‬ ‫الحسكة‪133 :‬‬ ‫القنيطرة‪46 :‬‬ ‫الرقة‪91 :‬‬ ‫ادلب‪3327 :‬‬ ‫السويداء‪17 :‬‬

‫االنتق��ادات والل��وم عل��ى جلس��تي‬ ‫الصغي��رة المتواضعة وعل��ى تفكيري‬ ‫بس��ارية الس��واس والمج��ازر ترتك��ب‬ ‫واحدة ت��و األخ��رى‪ .‬ويوصيني أحدهم‬ ‫بوصية الزي��ر التراجيدية ال تصالح‪ ..‬ال‬ ‫تصالح‪ ..‬ال تصالح‪.‬‬ ‫أس��تل س��يجارة طويل��ة كفارس‬ ‫عتي��دي معبئ��ة ب��كل أن��واع المخدرات‬ ‫ألنسى‪..‬‬ ‫ال أس��تطيع النس��يان‪ ،‬تلك تجربة‬ ‫تراجيدية ألكون بطل‪ .‬حسنًا‪ ،‬منحتني‬ ‫الث��ورة مي��زات كثي��رة منه��ا أن أك��ون‬ ‫بطل‪ .‬كنت بطل فقط بعيون النس��اء!‬ ‫عرف��ت نس��اء كثي��رات باس��م الثورة‪،‬‬ ‫لكنني عرفت الحق��ًا أنهن لم يحببني‪.‬‬ ‫ألنن��ي كنت ضئيل وصغير‪ ،‬رومنس��ي‬ ‫بقبعة روب��ن هود‪ .‬لك��ن القبعة كانت‬ ‫أكب��ر من��ي‪ ،‬ابتلعتني‪ .‬ل��م يبقى مني‬ ‫غير قبعة كانت النس��اء يتداولنها على‬ ‫رؤوسهن ومن ثم يرمينها‪ .‬كنت أحاول‬ ‫أن أش��رح له��ن أنن��ي أصغر م��ن تلك‬ ‫القبعة‪ ،‬لكنني حش��رت في الدور‪ ،‬فيما‬ ‫كان صديق يقول في بداية الثورة حذار‬ ‫أن تتح��ول الثورة إلى ش��أن ش��خصي‪،‬‬ ‫وأن تضعها كل يوم ف��ي خزانتك‪ .‬كل‬ ‫من��ا يخبئ الثورة في خزانته كما يخبئ‬ ‫أش��ياءه الحميمي��ة ويعتقد أنه��ا ملكه‬ ‫وأنه حر التصرف فيها كدمية‪.‬‬ ‫الملحم��ة م��ا زال��ت مس��تمرة‪،‬‬ ‫والنش��يد طوي��ل‪ ،‬أغفوا ليس��تطيع أن‬ ‫يش��اهد صديقي األخب��ار‪ .‬أغفوا حين‬ ‫يقفز علي وجه صديقي في الحلم وقد‬ ‫اخترقت رأس��ه رصاصة أطارت جبهته‪.‬‬ ‫يق��ول لي ال تكن تراجيدي‪ ،‬أال تريحني‬ ‫من استدرار العواطف حتى في أحالمك‬ ‫أيها الوغد‪.‬‬ ‫‪ 2417‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 20912‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 1335‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 638‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 19801‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 9 / 1‬‬ ‫‪http://vdc-sy.or‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.