سوريتنا | العدد السادس والخمسون 14 تشرين الأول 2012

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪2012/ 10 / 14 | )57‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫ا�ستعداد �أممي ل�شتاء الجئي �سوريا‬ ‫الأمم املتحدة تواجه نق�ص ًا يف املوارد مل�ساعدة‬ ‫الالجئني ال�سوريني‬

‫ح��ذر المنس��ق اإلقليم��ي لالجئين في‬ ‫األم��م المتح��دة بانوس مومتزي��س من أن‬ ‫الموارد المتوفرة لمساعدة األعداد المتزايدة‬ ‫من الالجئين السوريين تنضب بسرعة‪.‬‬ ‫وق��ال مومتزيس عل��ى هامش جولة‬ ‫إقليمي��ة ل��ه في الخليج عل��ى رأس وفد من‬ ‫منس��قي العمليات اإلنس��انية في س��وريا‪،‬‬ ‫أن هن��اك "نقصاً كبيراً في األموال" مش��يرا‬ ‫إلى انه يس��عى للحصول على دعم "مالي"‬ ‫ومس��اعدة إليواء الالجئين مع اقتراب فصل‬ ‫الشتاء‪ ،‬فضال عن مساعدات من اجل تأمين‬ ‫مياه نظيفة‪.‬‬ ‫واألم��م المتح��دة الت��ي أطلق��ت نداء‬ ‫لجم��ع ‪ 448‬مليون دوالر م��ن اجل الالجئين‬ ‫الس��وريين لم تحصل إال عل��ى ‪ 142‬مليون‬ ‫دوالر حتى اآلن‪ ،‬أي ‪ 29‬بالمئة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫والوض��ع يب��دو مقلق��ًا أيضا بالنس��بة‬ ‫ل��وكاالت األم��م المتح��دة اإلنس��انية الت��ي‬ ‫تس��اعد النازحي��ن داخلي��ا والس��كان األكثر‬ ‫عرضة للخطر في سوريا‪.‬‬ ‫وت��م إط�لاق ن��داء لجم��ع ‪ 348‬مليون‬ ‫دوالر أخرى إلغاثة ه��ذه الفئة‪ ،‬إال أن النداء‬ ‫تمت تغطيته بنسبة ‪ 38‬بالمئة فقط‪.‬‬ ‫وق��ال مومتزيس أن األزمة الس��ورية‬ ‫"تتطور بسرعة تفوق ما كنا نعتقده" وهذا‬ ‫يتطل��ب "آلية تمويل س��ريعة"‪ .‬ومع اقتراب‬ ‫فصل الش��تاء‪ ،‬تتخ��وف األم��م المتحدة من‬ ‫تداعيات النقص المستمر في األموال إلغاثة‬ ‫القسم األكبر من الالجئين السوريين الذين‬ ‫بينه��م غالبية كبيرة من النس��اء واألطفال‪،‬‬ ‫وكذلك إلغاثة السكان األكثر عرضة للخطر‬ ‫والنازحين داخل سوريا‪.‬‬ ‫وق��ال منس��ق العملي��ات اإلنس��انية‬ ‫اإلقليمي��ة رض��وان نويص��ر أن األمر األكثر‬ ‫إلحاح��اً حالي��ا ه��و أن "نك��ون مس��تعدين‬ ‫للشتاء"‪ ،‬وهذا يتوقف على األموال المتوفرة‬ ‫على حد قوله‪.‬‬ ‫أما مومتزيس فقال في هذا الس��ياق‪:‬‬ ‫"أن األم��ور ل��م تعد كم��ا كان��ت‪ .‬دخلنا في‬ ‫مرحلة طوارئ‪ .‬إنها أزمة"‪ ،‬مشيرا إلى أن ما‬ ‫بين ألفين وثالثة آالف الجئ يعبرون الحدود‬ ‫إلى خارج سوريا كل يوم وذلك منذ شهرين‬ ‫تقريبا‪.‬‬ ‫وهناك ‪ 5 ،2‬مليون س��وري بحاجة إلى‬ ‫مس��اعدات إنس��انية‪ .‬وقد أس��فر النزاع في‬ ‫سوريا حتى اآلن عن مقتل أكثر من ‪ 31‬ألف‬ ‫شخص‪.‬‬ ‫وقال مومتزي��س‪" :‬نحن نواجه الوضع‬ ‫يوما بيوم (…) األموال تنضب بس��رعة ألن‬ ‫المزيد من الناس يطلبون المساعدة"‪.‬‬ ‫وتع��د الوالي��ات المتح��دة واالتح��اد‬ ‫األوروبي المانحين الرئيسيين لوكالة األمم‬ ‫المتح��دة الخاص��ة بالالجئي��ن‪ .‬ويأم��ل وفد‬ ‫المنظم��ة الحصول على وعود بالمس��اهمة‬ ‫خ�لال جولت��ه في اإلم��ارات وقط��ر الكويت‬ ‫والسعودية‪.‬‬ ‫في سياق آخر أعلنت المفوضية العليا‬ ‫لالجئي��ن التابع��ة لألم��م المتح��دة الجمعة‬ ‫أنها "مس��تعدة" لمواجهة فصل الش��تاء في‬ ‫س��وريا والمنطقة‪ ،‬ولكنه��ا أقرت في الوقت‬ ‫نفسه بأنها تواجه مصاعب جمة في إيصال‬

‫حمص | الخالدية‬

‫المس��اعدات إلى محتاجيها داخ��ل هذا البلد‬ ‫الغارق في نزاع مسلح‪.‬‬ ‫وذك��رت المتحدث��ة باس��م المنظم��ة‬ ‫ميليس��ا فليمنغ أن المفوضية تعتزم إنفاق‬ ‫‪ 64‬ملي��ون دوالر لتنفي��ذ خططه��ا لفص��ل‬ ‫الشتاء‪.‬‬ ‫وتتوق��ع المفوضي��ة أن يص��ل ع��دد‬ ‫الالجئين السوريين في األردن إلى ‪ 250‬ألفا‬ ‫بحلول نهاية العام ‪ ،2012‬وأنها ستوزع في‬ ‫الشهرين المقبلين مس��اعدة مالية إضافية‬ ‫عل��ى أس��ر الالجئين األكث��ر ع��وزا بين ‪70‬‬ ‫و‪ 140‬دوالرا ش��هريا‪ ،‬تضاف إلى المساعدة‬ ‫الشهرية الحالية (بين ‪ 64‬و‪ 150‬دوالرا)‪.‬‬ ‫كما س��توزع المفوضية على الالجئين‬ ‫قس��ائم شراء يمكن اس��تخدامها في متاجر‬ ‫مح��ددة لش��راء مالب��س ش��توية وأجه��زة‬ ‫تدفئة‪.‬‬ ‫وس��يتم تركي��ب نح��و ‪ 2500‬مس��كن‬ ‫جاهز في مخيم الزعتري شمال األردن على‬ ‫الحدود مع سوريا‪ ،‬إضافة إلى توزيع أغطية‬ ‫وأفرش��ة ومالبس ش��توية عل��ى المقيمين‬ ‫فيه‪ .‬وس��تقدم المفوضية مساعدات مماثلة‬ ‫لالجئي��ن الس��وريين المقيمين ف��ي مخيم‬ ‫بالعراق‪.‬‬ ‫وبشأن بقية خارطة الالجئين‪ ،‬يعيش‬ ‫ف��ي تركيا ‪ 170‬أل��ف الجئ س��وري‪ ،‬بينهم‬ ‫‪ 96‬ألفا يقيمون في س��بعة مخيمات تديرها‬ ‫السلطات التركية‪.‬‬ ‫أم��ا ف��ي لبن��ان فق��د وجد قس��م من‬ ‫الس��وريين الفارين م��ن العنف في بالدهم‬ ‫ملج��أ ل��دى أس��ر تس��تضيفهم‪ ،‬ولك��ن‬ ‫المفوضي��ة أعرب��ت عن أس��فها ألن قس��ما‬

‫آخر من الالجئين لم يج��دوا ملجأ واضطروا‬ ‫الس��تئجار ش��قق ومس��اكن بأس��عار إيجار‬ ‫باهظة‪ .‬ولمساعدة هؤالء في فصل الشتاء‬ ‫رصدت المفوضية ‪ 1 .14‬مليون دوالر‪.‬‬ ‫وف��ي ما يخ��ص الداخل الس��وري فإن‬ ‫المفوضي��ة الت��ي لديها في ه��ذا البلد ‪350‬‬ ‫متعام�لا وثالثة مراكز‪ ،‬تعتزم وضع برنامج‬ ‫لتقدي��م مس��اعدات مالي��ة للنازحي��ن‪ ،‬كما‬ ‫ستفعل في األردن‪.‬‬

‫�صعوبات كبرية‬ ‫ف��ي الوق��ت نفس��ه أق��رت المتحدث��ة‬ ‫باس��م المفوضية بأنها تجد صعوبات كبيرة‬ ‫ف��ي الوصول إل��ى المحتاجين لمس��اعداتها‬ ‫ف��ي المناطق البعيدة عن مراكزها‪ ،‬بس��بب‬ ‫"العنف الرهيب" الدائر في سوريا‪.‬‬ ‫وأحص��ت المفوضي��ة أكث��ر بقلي��ل‬ ‫م��ن ‪ 340‬أل��ف الجئ س��وري (مس��جلين أو‬ ‫ينتظ��رون تس��جيلهم) في ال��دول المجاورة‬ ‫لس��وريا‪ .‬وإضاف��ة إل��ى هؤالء‪ ،‬هن��اك نحو‬ ‫‪ 18‬ألف س��وري طلبوا اللج��وء إلى دول في‬ ‫االتحاد األوروبي وال س��يما ألمانيا‪ ،‬وناشدت‬ ‫فليمنغ هذه الدول األوروبية إبقاء "حدودها‬ ‫مفتوحة"‪.‬‬ ‫وكان المنس��ق اإلقليم��ي لش��ؤون‬ ‫الالجئين باألمم المتحدة بانوس مومتزيس‬ ‫قد ح��ذر الخميس من أن الم��وارد المتوفرة‬ ‫لمس��اعدة األع��داد المتزايدة م��ن الالجئين‬ ‫السوريين تنضب بسرعة‪.‬‬ ‫واألم��م المتح��دة الت��ي أطلق��ت نداء‬ ‫لجم��ع ‪ 448‬مليون دوالر م��ن أجل الالجئين‬

‫الس��وريين‪ ،‬لم تحصل إال على ‪ 142‬مليونا‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬أي ما نسبته ‪.29%‬‬ ‫والوض��ع يب��دو مقلق��ا أيضا بالنس��بة‬ ‫ل��وكاالت األم��م المتح��دة اإلنس��انية الت��ي‬ ‫تس��اعد النازحي��ن داخلي��ا والس��كان األكثر‬ ‫عرضة للخطر في سوريا‪.‬‬ ‫وت��م إط�لاق ن��داء لجم��ع ‪ 348‬مليون‬ ‫دوالر أخرى إلغاثة ه��ذه الفئة‪ ،‬إال أن النداء‬ ‫تمت تغطيته بنسبة ‪ 38%‬فقط‪.‬‬ ‫وم��ع اقت��راب فص��ل الش��تاء‪ ،‬تتخوف‬ ‫األم��م المتح��دة م��ن تداعي��ات النق��ص‬ ‫المس��تمر في األموال إلغاثة القس��م األكبر‬ ‫من الالجئين السوريين الذين بينهم غالبية‬ ‫كبيرة من النس��اء واألطفال‪ ،‬وكذلك إلغاثة‬ ‫الس��كان األكثر عرض��ة للخط��ر والنازحين‬ ‫داخل سوريا‪.‬‬ ‫وهن��اك ‪ 5 .2‬ملي��ون س��وري بحاج��ة‬ ‫إلى مس��اعدات إنس��انية‪ .‬وقد أس��فر النزاع‬ ‫هن��اك حتى اآلن عن مقتل أكثر من ‪ 31‬ألف‬ ‫شخص‪.‬‬ ‫وبينما ف��ر ‪ 300‬ألف ش��خص من البالد‬ ‫وس��جلوا أنفس��هم الجئي��ن‪ ،‬ن��زح أكث��ر من‬ ‫مليون شخص عن ديارهم داخل سوريا‪ ،‬ولجأ‬ ‫بعضهم إلى أصدقاء أو أقارب في مناطق أكثر‬ ‫أمن��ا‪ ،‬بينما تك��دس آخرون ف��ي بنايات عامة‬ ‫كالمدارس وبقي البعض في العراء‪.‬‬ ‫وتع��د الوالي��ات المتح��دة واالتح��اد‬ ‫األوروبي المانحين الرئيسيين لوكالة األمم‬ ‫المتح��دة الخاص��ة بالالجئي��ن‪ .‬ويأم��ل وفد‬ ‫المنظم��ة الحصول على وعود بالمس��اهمة‬ ‫خ�لال جولته ف��ي اإلمارات وقط��ر والكويت‬ ‫والسعودية‪.‬‬


‫تقرير �أيام احلرية‬ ‫الأ�سبوع الثاين من ت�شرين‬

‫�أوجـاع وطـن‬ ‫جمال منصور‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫نسيبة هالل ‪ -‬اللجنة اإلعالمية أليام الحرية‬ ‫و تس��تمر الثورة الس��ورية في دف��ع المزيد من الش��هداء ثمنا للحرية‬ ‫والعدل‪ ،‬تس��تمر في رس��م شكل س��وريا جديدة‪ ،‬ترس��م بدماء الشهداء‪،‬‬ ‫وبدموع األمهات‪ ،‬وخطوات المعتقلين داخل س��جون النظام‪ ،‬فأروع شبابنا‬ ‫قدموا أرواحهم وأيامهم فداء لنعيش بوطن الحرية‪ ،‬لنكسر قضبان سجن‬ ‫الخ��وف‪ ،‬لنحقق وطنا يعي��ش فيه أبناءهم معنا نحقق في��ه حياة الكرامة‬ ‫ونقول وداعا لحياة الذل والعبودية‪.‬‬ ‫الث��ورة الس��ورية ما تزال ف��ي قمة ألقه��ا يغذيها الحم��اس للخالص‬ ‫م��ن عه��د العبودية‪ ،‬تغذيها أح�لام أطفالنا بعيش حياة تمن��ح األطفال ما‬ ‫يستحقون من حب ورعاية‪.‬‬ ‫ما زالت أيام الحرية تش��ارك في الثورة‪ ،‬رغم ارتفاع أصوات العسكرة‬ ‫ورغم اعتقاد البعض أن ال مكان للحراك الس��لمي في س��وريا‪ ،‬إال أننا نجد‬ ‫دائمًا ألنفسنا مكاناً بين قلوب الناس ومعاناتهم اليومية‪..‬‬ ‫فقد قامت تنسيقية المزة بتوزيع جريده عهد الشام في منطقة المزة‬ ‫بالمشاركة مع أيام الحرية‪.‬‬ ‫كما قام��ت حرائر داريا بتلوين ج��دران داريا باألل��وان وكتابة عبارات‬ ‫ثوري��ة رائع��ة عليها‪ :‬الش��عب الس��وري ما بين��ذل‪ ،‬عدالة حرية مس��اواة‪،‬‬ ‫نريد س��وريا باأللوان في رس��م يجم��ع بين فن الغرافيتي وجمال الرس��م‬ ‫اليديوي‪..‬‬ ‫أيضا نشرت أيام الحرية ملفًا يقدم دراسة مكثفة حول تقديم الدعم‬ ‫النفسي للمعتقلين بعد اإلفراج عنهم ومساعدتهم على استعادة توازنهم‬ ‫النفس��ي ليكونوا قادرين على مواجهة المجتمع والس��ير قدمًا في متابعة‬ ‫حياته��م اليومية وضغوطه��ا المادية والمعنوية‪ ،‬الدراس��ة موجهة ألهالي‬ ‫وأصدق��اء المعتقلي��ن واألش��خاص المعنيين بمس��اندتهم وتقديم العون‬ ‫لهم‪.‬‬ ‫شاركت أيام الحرية ضمن حملة شعب واحد ومصير واحد‪ ،‬الحملة التي‬ ‫انطلقت منذ عدة أس��ابيع بمس��اندة وتعاضد العديد من القوى والجماعات‬ ‫والصفح��ات الثورية بفيديو يتحدث عن تجربة طوائف الهند في التعايش‪:‬‬ ‫الهندوس والمس��لمين‪ ،‬وكيف عانى هؤالء طوي ً‬ ‫ال من الخالفات ذات الطابع‬ ‫الدين��ي والمذهبي في الهن��د‪ ،‬وكيف كان ذلك مس��ببًا حقيقيًا لتأخر الهند‬ ‫تأخراً شديداً على المستوى االجتماعي واالقتصادي والسياسي أيضًا‪ ..‬هو‬ ‫مثال صغير يجب علينا التعلم منه والحرص على عدم تكراره‪.‬‬ ‫و في حملة تش��كيل اللجان األهلية قامت أيام الحرية بإصدار مناشير‬ ‫عن تش��كيل اللجان األهلية وتقس��يمها إلى لجان حماية ولجان اقتصادية‬ ‫ولجان اجتماعية ولجان حقوقية‪ ،‬وتم تقديم شروح مفصلة لطريقة عمل‬ ‫هذه اللجان‪.‬‬ ‫و تس��تمر أيام الحرية مع الثورة في الحراك المدني إلس��قاط النظام‬ ‫وبناء مجتمع الحرية والعدالة والمواطنة‪..‬‬ ‫مع أيام الحرية شاركونا الثورة‪.‬‬

‫وهاي آخر مرة لح قللك هالحكي‪،‬‬ ‫يعني‪ ،‬بخصوص قصة‬ ‫«يللي جوات البلد ‪ -‬يللي برات البلد»‪.‬‬ ‫ش��وف‪ ،‬عيني‪ :‬ما حدا بيش��ك‪ ،‬ولو للحظة إنك إنت هلق‪ ،‬ملتعن س�لاف‬ ‫سنسفيل دينك‪ ،‬بالبلد‪..‬‬ ‫ويلك القصف ‪ /‬وويلك الحواجز ‪ /‬وويلك شي حدا يخدمك بتقرير‪ ،‬يشلفك‬ ‫ورا الش��مس ‪ /‬وويلك تأمن اللقمة ‪ /‬وويلك غليان قلبك ‪ -‬راحوا الوالد ع‬ ‫المدرسة‪ ،‬رجعوا شقفة واحدة أو أل؛؛‬ ‫صح‪.‬‬ ‫بس؛‬ ‫ليكون مفكر إنو أنا ماني مغترب‪،‬‬ ‫بس هيك‪ ،‬مجرد سائح‪ ،‬وتارك البلد تسالي‪ ،‬وتقفيل‪،‬‬ ‫مشان إجازة صيفية بالكوت دازور؟؟‬ ‫ليكون مفكرني مو طالع هربان‪ ،‬خوف ع حياتي وع حياة والدي؟؟‬ ‫ليكون مفكرني عم قطِف مصاري من ع شجر المشمش؟؟‬ ‫ليكون مفكرني الفليبينيات عم يشيلوا خرايي من ورايي؟؟‬ ‫ليكون مفكرني معزز‪ ،‬مكرم‪ ،‬ومروق ببالد الغير؟؟‬ ‫ولك‪ ،‬يا حبيبي؛؛‬ ‫ما أنا تارك بيتي ‪ /‬تارك ش��غلي المنيح ومعاش��ي المرتب‪ ،‬س��ابقاً ‪ /‬تارك‬ ‫أهلي وصحابي وحبايبي ‪ /‬تارك العز والعزوة‬ ‫وقاعد هون بالغربة ‪ -‬غريب‪،‬‬ ‫مشكوك فيني‪ ،‬وين ما رحت‪ ،‬وشو ما عملت‪.‬‬ ‫شغلي‪ ،‬شغل لحس طيز‪،‬‬ ‫ودوبني عم بلحق جيب شي يكفي‪،‬‬ ‫لحتى آكول وإشرب وإنستر بسقف ‪ -‬متلي متلك‪ ،‬بس بغير قرنة‪.‬‬ ‫أنا؛ يللي ببالدي كنت عايش طول وعرض!!‬ ‫هلل‪ ،‬فكرك‪ ،‬أنا عايش برات البلد‪ ،‬هيك‪ ،‬هواية؟؟‬ ‫با ِ‬ ‫تقفيلة؟؟‬ ‫شمة هو؟؟‬ ‫أل‪ ،‬حبيبي‪ .‬غلطان‪ ،‬وكتير‪ ،‬كمان‪.‬‬ ‫ودير بالك‪ ،‬كمان‪:‬‬ ‫متل ما فيه ناس بتقول ع المغترب‬ ‫«تفضل‪ ،‬سيدي؛ صار رجال‪ ،‬بس طلع لبرا!!»‬ ‫أو «ياكول خرا ‪ -‬يللي برا‪ ،‬ما إلو يحاكينا!!‬ ‫قاعد برا رجليه بالمي‪ ،‬ونحنا منتاك ديننا!!»‬ ‫بحب قللك‪ :‬كمان مو كل مين قاعد جوات البلد‬ ‫وبيك��ون عم يخصي عجول ‪ /‬وياكول خ��را ‪ /‬ويبيض مراجل ‪ /‬ومقضيها‬ ‫بالقهاوي ‪ /‬وشاطر يبكي دموع تماسيح‬ ‫هيك‪ ،‬فجأةً‪ ،‬بيصير‬ ‫جان دارك‪،‬‬ ‫أو صالح الدين األيوبي!!‬ ‫بالمختصر؟؟‬ ‫تنيناتنا رجلينا بالفلقة سوا‪ ،‬وين ما كنت وكنا ‪-‬‬ ‫الفرق بيناتنا؟؟‬ ‫إنت الموت جاييك‪ ،‬ما بتعرف من وين وكيف‬ ‫ونحنا عم نموت معك‪ ،‬من بعيد‪ ،‬وبالعين الموس ع الحدين!!‬ ‫بقا؛ بالها هالسيرة الطيزي‪ ،‬يستر على حريمك‪،‬‬ ‫وركز معي شلون بدنا‬ ‫إنت‪،‬‬ ‫وأنا‪،‬‬ ‫نطلع‪ ،‬ونطالع هالبلد من هالطابوسة الخرية‪،‬‬ ‫يللي ورط ربنا فيها هالنظام الكر ‪-‬‬ ‫يستر على حريمك!!‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫جـــوا وبـــرا‬

‫‪3‬‬


‫مدار�س املنفى لأطفال الالجئني ال�سوريني يف لبنان‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫في باحة مدرس��ة في طرابلس شمال‬ ‫لبن��ان يتجمع حش��د من األطف��ال للحصول‬ ‫عل��ى إع�لام الث��ورة الس��ورية قب��ل دخول‬ ‫المدرس��ة في عودة إلى عام دراس��ي ليس‬ ‫كسابقاته‪.‬‬ ‫وس��ط الضجي��ج ق��ال س��يف المحمد‬ ‫الفتى في التاسعة من حمص وسط سوريا‬ ‫التي ف��ر منها ف��ي أواخر ‪" 2011‬أنا س��عيد‬ ‫بالعودة إلى المدرس��ة‪ ،‬لن اسمع القنابل وال‬ ‫الرصاص"‪.‬‬ ‫كانوا حوال��ي ‪ 1500‬طفل من األثرياء‬ ‫والفق��راء من درعا (جن��وب) وحمص وحلب‬ ‫(ش��مال) وب��دأوا دراس��تهم االبتدائي��ة في‬ ‫مطلع األس��بوع ف��ي لبنان‪ .‬الحقًا س��ينضم‬ ‫إليه��م مواطنوه��م م��ن الصف��وف العلي��ا‬ ‫الموزعون على عش��ر م��دارس لبنانية في‬ ‫شمال البالد المتاخم لسوريا‪.‬‬ ‫س��بع م��ن تل��ك المؤسس��ات تابع��ة‬ ‫لم��دارس اإليم��ان اإلس�لامي المنتمية إلى‬ ‫الجماع��ة اإلس�لامية الس��نية القريب��ة من‬ ‫اإلخوان المس��لمين في س��وريا والتي تدير‬ ‫م��دارس ومستش��فيات ف��ي لبن��ان وتعرف‬ ‫بدعمها للثورة السورية‪.‬‬ ‫وقال المش��رف على هذه المؤسس��ات‬ ‫الخاص��ة غس��ان حبلص‪" :‬س��يكون التعليم‬ ‫مجانيًا وسنخصص راتبا شهريا بقيمة ‪600‬‬ ‫دوالر لكل من المدرسين السوريين"‪ .‬وتابع‬ ‫أن "األموال التي وعدت بها مؤسسات خيرية‬ ‫م��ن الخليج" س��تضاف إلى م��وارد الجماعة‬ ‫اإلس�لامية الناش��طة ج��دا ف��ي مس��اعدة‬ ‫الالجئين السوريين‪.‬‬ ‫وأعرب��ت خديجة الت��ي تبل��غ ‪ 45‬عاما‬ ‫وفرّت العام ‪ 2011‬من درعا مهد االحتجاجات‬ ‫ضد نظام بشار األسد؛ عن ارتياحها‪ ،‬وقالت‪:‬‬ ‫"بحك��م الواق��ع اضط��ر أوالدي الثالث��ة في‬ ‫االبتدائ��ي إلى إعادة صفهم‪ ،‬ولم أكن املك‬ ‫المال لتس��جيلهم في مدرسة لبنانية‪ .‬اليوم‬ ‫بات لديهم إمكان لمتابعة دروسهم"‪.‬‬ ‫على الطري��ق المؤدية إلى المدرس��ة‬ ‫تختلط س��يارات العائالت الثرية بالسوريين‬ ‫األكث��ر تواضع��ا الذي��ن يس��يرون وخلفهم‬ ‫أوالده��م تح��ت األمط��ار األول��ى لتش��رين‬ ‫األول‪/‬أكتوبر‪.‬‬

‫إحدى مدارس سراقب‬

‫ع��دد كبير م��ن األطفال فاته��م العام‬ ‫الدراس��ي الفائ��ت بس��بب انع��دام الم��وارد‬ ‫والمدرسين السوريين‪.‬‬ ‫في هذه الم��دارس ال يتابع اللبنانيون‬ ‫والس��وريون ال��دروس مع��اً‪ ،‬وخصوص��ا‬ ‫بس��بب اخت�لاف المناه��ج التعليمي��ة‪ .‬ففي‬ ‫لبنان ت��درس المواد العلمية بالفرنس��ية أو‬ ‫االنكليزية‪ ،‬وفي سوريا بالعربية‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬نظ��را إلى نق��ص األمكنة في‬ ‫الم��دارس يضط��ر التالميذ الس��وريون إلى‬ ‫الدراس��ة بع��د الظهر طوال ثالث��ة أيام بعد‬ ‫انتهاء حصص اللبنانيين‪ .‬أما الجمعة واألحد‬ ‫الل��ذان يش��كالن يوم��ي عطلة ف��ي بعض‬

‫المدارس التابعة لمؤسس��ات إس�لامية في‬ ‫لبن��ان فيتاب��ع فيهم��ا الس��وريون الدروس‬ ‫صباحا‪.‬‬ ‫وم��ع العودة إل��ى مقاعد الدراس��ة تم‬ ‫تصوير نسخ من الكتب المدرسية السورية‬ ‫وأزيل��ت منها عبارات التمجيد الكثيرة لنظام‬ ‫بش��ار األس��د‪ .‬وقال حبلص‪" :‬الكتب سورية‬ ‫لكن ألغي منها كل ما ش��وهه نظام األسد"‬ ‫وال سيما في كتب التاريخ‪.‬‬ ‫كم��ا أن التالمي��ذ م��ن الالجئي��ن ل��ن‬ ‫يستمعوا صباح كل يوم إلى النشيد الوطني‬ ‫الس��وري قبل بدء الدروس كم��ا هي الحال‬ ‫في سوريا‪.‬‬

‫وأع��رب طارق زعبي (‪ 50‬عاما) الالجئ‬ ‫من حلب عن س��روره لرؤية أطفاله يعودون‬ ‫إلى المدرسة‪ ،‬لكنه قلق على ابنه البالغ ‪20‬‬ ‫عام��ا ألن الطالب الجامعيين ال يس��تفيدون‬ ‫م��ن مب��ادرة مماثل��ة‪ .‬وق��ال بنب��رة حازمة‪:‬‬ ‫"خس��رت منزلي وكل ما املك في سوريا‪ ،‬ال‬ ‫أريد أن يخسر أوالدي مستقبلهم أيضا"‪.‬‬ ‫وأفاد صندوق األمم المتحدة للطفولة‬ ‫(يونيس��يف) أن ‪ 30‬أل��ف طف��ل وفتى على‬ ‫األق��ل ت��راوح أعماره��م بين خمس��ة و‪17‬‬ ‫عاما فروا من س��وريا إل��ى لبنان‪ ،‬فيما يظل‬ ‫عدد األطفال الالجئي��ن في بعض المناطق‬ ‫اللبناني��ة أكب��ر م��ن ق��درة الم��دارس على‬ ‫استيعابهم‪.‬‬

‫منظمات دولية‪� :‬سوريا الأخطر عاملي ًا على ال�صحافيني‬ ‫�شهر �سبتمرب �سجل رقم ًا قيا�سي ًا يف عدد القتلى من ال�صحافيني ب�سوريا‬ ‫أف��ادت منظمة حقوقية س��ورية بأن‬ ‫عدد الضحايا من الصحافيين العاملين في‬ ‫س��وريا بلغ مستويات قياس��ية خالل شهر‬ ‫س��بتمبر الماضي‪ ،‬فيما صنّف��ت منظمات‬ ‫دولية س��وريا ضم��ن البلدان األش��د خطراً‬ ‫وقمعًا للصحافيين في العالم‪.‬‬ ‫ووثقت رابطة الصحافيين السوريين‬ ‫مقتل ‪ 13‬صحافيًا وناشطًا إعالميًا في شهر‬ ‫س��بتمبر الماضي‪ ،‬مش��يرة إلى أن خمس��ة‬ ‫منهم لقوا مصرعهم في دمش��ق وريفها‪،‬‬ ‫ف��ي حين قتل أربعة آخ��رون في دير الزور‬ ‫شرق س��وريا‪ ،‬واثنان في حلب التي تشهد‬ ‫مع��ارك عنيفة بين قوات النظام الس��وري‬ ‫والجيش الس��وري الحر‪ ،‬وواحد في كل من‬ ‫حماه وحمص وسط البالد‪.‬‬ ‫وبحسب المنظمة‪ ،‬فإن حصيلة قتلى‬ ‫الثورة السورية من الصحافيين والنشطاء‬ ‫اإلعالميي��ن والصحافيي��ن المواطني��ن‬ ‫ارتفع��ت إلى ‪ 78‬إعالميًا من��ذ بداية اندالع‬ ‫الثورة في مارس‪/‬آذار العام الماضي‪.‬‬

‫واعتب��رت المنظم��ة ف��ي تقري��ر لها‬ ‫نش��رته‪ ،‬أم��س‪ ،‬أن قت��ل الصحافيين هو‬ ‫سياسة ومنهج يتبعه النظام السوري لمنع‬ ‫نش��ر أي معلومة وكتم أصوات السوريين‬ ‫التواقي��ن إل��ى الحري��ة‪ ،‬واالس��تمرار ف��ي‬ ‫قمعهم وقتلهم‪ .‬في وقت التزال فيه البالد‬ ‫«ممنوع��ة من دخ��ول الصحاف��ة العالمية‪،‬‬ ‫ف��ي ظل ارتكاب مج��ازر ومذابح بحق أبناء‬ ‫الشعب السوري»‪ ،‬حسب وصفها‪.‬‬ ‫وق��ال مس��عود عك��و‪ ،‬رئي��س لجنة‬ ‫الحريات الصحافية في رابطة الصحافيين‬ ‫الس��وريين‪ ،‬إن النظ��ام الس��وري يقت��ل‬ ‫الصحافيي��ن والنش��طاء اإلعالميي��ن‬ ‫والصحافيي��ن المواطني��ن بش��كل ممنهج‬ ‫وف��ق «سياس��ة إجرامي��ة تهدف إل��ى كتم‬ ‫المعلوم��ة ومنعه��ا م��ن النش��ر»‪ .‬متهم��ًا‬ ‫المجتم��ع الدول��ي باس��تمراره ف��ي التزام‬ ‫الصمت تجاه مأساة الشعب السوري‪.‬‬ ‫وأض��اف عكو ف��ي تصريح��ه أن منظمته‬ ‫تعم��ل م��ع ش��ركائها ف��ي المنظم��ات الدولي��ة‬

‫المختلف��ة عل��ى تحري��ك دع��اوى ض��د النظام‬ ‫السوري في مقتل ‪ 78‬صحافيًا وناشطًا إعالميًا‪.‬‬ ‫ودفع مقتل العشرات من الصحافيين‬ ‫الس��وريين واألجان��ب ف��ي س��وريا خ�لال‬ ‫العامي��ن األخيرين لجنة حماية الصحافيين‬ ‫الدولية ومقرّها نيويورك‪ ،‬إلى اعتبار سوريا‬ ‫أخطر م��كان في العالم عل��ى الصحافيين‪،‬‬ ‫حس��ب ما أظهرته أبحاث المنظمة‪ .‬وكانت‬ ‫اللجنة قد وثقت تصاعداً في المخاطر التي‬ ‫تواجه الصحافة في س��وريا خالل األسابيع‬ ‫الخمس��ة الماضي��ة‪ ،‬بم��ا في ذل��ك اختفاء‬ ‫ثالثة صحافيين أجانب‪.‬‬ ‫وفيم��ا أعرب��ت منظم��ة «مراس��لون‬ ‫ب�لا ح��دود»‪ ،‬ومقرّه��ا باري��س‪ ،‬خ�لال‬ ‫الش��هر الماضي عن تس��اؤلها فيما إذا كان‬ ‫الصحافي��ون األجانب أهدافاً للقوى األمنية‬ ‫الس��ورية‪ ،‬أب��دت قلق��ًا بالغ��ًا إزاء مصي��ر‬ ‫الصحافيي��ن األجان��ب الثالثة كني��ت أونال‬ ‫وبش��ار فهم��ي القدوم��ي من قن��اة الحرّة‬ ‫والصحاف��ي األمريكي المس��تقل أوس��تن‬

‫تايس‪ ،‬التي رجّح��ت تقارير اعتقالهم من‬ ‫قبل المخابرات السورية‪.‬‬ ‫ولق��ي العدي��د م��ن الصحافيي��ن‬ ‫الس��وريين واألجان��ب‪ ،‬بينه��م فرنس��يون‬ ‫وأمريكيون ويابانيون وعراقيون‪ ،‬مصرعهم‬ ‫خالل تغطيتهم لألحداث الدائرة في سوريا‬ ‫من��ذ مارس العام الماض��ي‪ ،‬في وقت تتهم‬ ‫فيه الس��لطات الس��ورية باس��تهداف جميع‬ ‫الصحافيين والعاملين في المجال اإلعالمي‬ ‫المس��تقل والمناهض للنظ��ام‪ ،‬بمن فيهم‬ ‫صحافيون يعملون في مؤسس��ات حكومية‬ ‫أبدوا معارضتهم للنظام‪.‬‬ ‫وفي حين تصنّف «مراسلون بال حدود»‬ ‫الرئيس الس��وري بش��ار األس��د منذ سنوات‬ ‫ضمن م��ن تطلق عليه��م المنظمة «صيادي‬ ‫الحري��ة»‪ ،‬أش��ارت ف��ي تقريره��ا الس��نوي‬ ‫األخير حول حري��ات الصحافة في العالم إلى‬ ‫أن س��وريا انتقلت من المرتبة الس��ابعة عام‬ ‫‪ 2010‬إل��ى المرتب��ة الثالث��ة عالمي��ًا‪ ،‬ضمن‬ ‫الدول األكثر قمعاً للحريات في العالم‪.‬‬


‫حماكم ثورية ب�سوريا ل�سد غياب الق�ضاء‬ ‫محمد النجار‪ -‬ريف إدلب‬

‫وتنف��ذ األح��كام القضائي��ة م��ن قبل‬ ‫الس��رية األمنية التابعة للمحكمة‪ ،‬حيث يتم‬ ‫إي��داع المحكومين الحبس في س��جن بجبل‬ ‫الزاوية يخضع لمعايير يقول القائمون على‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫تنفيذ العقوبة‬

‫احرتام الأحكام‬

‫وتحدث الدغيم عن تمكن المحاكم من‬ ‫الفصل ف��ي قضايا ظلت معلقة في محاكم‬ ‫النظام الس��وري لعشرات الس��نوات‪ ،‬مؤكدا‬ ‫التزام المجتمع بقرارات المحكمة واحترامهم‬ ‫له��ا‪ .‬وأعلن أن ث��وارا وقادة فصائ��ل ثورية‬ ‫مثلوا أم��ام المحاكم‪ ،‬وحك��م على بعضهم‬

‫ف��ي مجال تصوي��ر المقاطع ليت��م بثها بعد‬ ‫ذلك عل��ى موق��ع يوتي��وب أو توزيعها على‬ ‫وس��ائل اإلع�لام‪ .‬ويقول‪" :‬قب��ل ذلك‪ ،‬كنت‬ ‫اعم��ل بائعا للمالب��س‪ ،‬ثم أصبح��ت مغنيا‬ ‫ف��ي التظاهرات‪ ،‬ثم توقفت ع��ن الغناء في‬ ‫التظاه��رات ألتح��ول إل��ى التصوي��ر ونقل‬ ‫األخبار"‪.‬‬ ‫وعندم��ا ينزل يعرب إلى ميدان العمل‪،‬‬ ‫يص��ور بواس��طة كامي��را صغي��رة‪ ،‬ويكتب‬ ‫المعلومات واألشياء التي يالحظها‪ ،‬وشهادات‬ ‫السكان والمقاتلين‪.‬‬ ‫ويق��ول‪" :‬أذه��ب للعمل كل ي��وم‪ ،‬وال‬

‫أبق��ى في مي��دان العمل أكثر من س��اعتين‬ ‫ألس��باب أمني��ة‪ ،‬أحب ه��ذا النش��اط‪ ..‬ولكن‬ ‫الداف��ع األول ه��و أن��ي أرى في ه��ذا العمل‬ ‫جهاداً"‪.‬‬ ‫وتنقل حلب نيوز يومياً عدداً كبيراً من‬ ‫األخبار عن مدينة حلب التي تتعرض بشكل‬ ‫يومي لنيران قوات بشار األسد‪ ،‬والتي تشهد‬ ‫أيضاً هجمات يومية يشنها المعارضون على‬ ‫مواقع قوات النظام السوري‪.‬‬ ‫وبعد ظهر كل يوم‪ ،‬يجمع الصحفيون‬ ‫معلوماته��م‪ ،‬ويرس��لها التقني أب��و محمود‬ ‫من خ�لال خط انترنت بط��يء‪ ،‬إلى الفريق‬ ‫الذي يعمل ف��ي "تلفزيون حلب"‪ .‬ويبث هذا‬ ‫التلفزيون األخبار الواردة في ش��ريط أخبار‬ ‫تعلوه صورة ثابتة‪.‬‬ ‫ويعتمد ه��ذا الفريق اإلعالمي على ما‬ ‫يقدمه رجال أعمال معارضون في المدينة‪،‬‬ ‫ويؤمن��ون بذل��ك تكاليف عمله��م وخبزهم‬ ‫اليومي‪.‬‬ ‫أم��ا الص��ور والمقاط��ع الت��ي يجمعها‬ ‫فريق حل��ب نيوز‪ ،‬فهي تب��ث على االنترنت‬ ‫لتنضم إلى العش��رات والمئات من المقاطع‬ ‫الت��ي يبثه��ا كل ي��وم ناش��طون ومكات��ب‬ ‫إعالمية في طول البالد وعرضها‪ ،‬للش��هادة‬ ‫على العنف القاسي الذي يمزق بلدهم‪.‬‬

‫�شبكة "حلب نيوز" تتحدى القيود الإعالمية يف نقل �أخبار معركة م�صريية‬

‫يس��تقر ف��ي أح��د مباني مدين��ة حلب‬ ‫ش��مال س��ورية عدد من الصحفيي��ن الهواة‬ ‫والتقنيين‪ ،‬يتحدون خطر الموت واالعتقال‪،‬‬ ‫ويجمع��ون م��ا تيس��ر لهم م��ن أخب��ار عن‬ ‫مدينتهم الت��ي باتت تحت��ل واجهة األحداث‬ ‫ف��ي س��ورية‪ ..‬أنه��ا وكال��ة "حل��ب ني��وز"‬ ‫اإلخبارية المعارضة التي تعمل على كس��ر‬ ‫القيود الحكومية على اإلعالم‪.‬‬ ‫ويعم��ل في ه��ذه "الوكال��ة" عدد من‬ ‫الناش��طين م��ن بينه��م التقني الش��اب أبو‬ ‫محم��ود (‪ 20‬عاما) ال��ذي اختار هذا االس��م‬ ‫للتعري��ف ع��ن نفس��ه مفض� ً‬ ‫لا ع��دم ذكر‬ ‫اس��مه الحقيقي وطالبا عدم تصوير وجهه‪.‬‬ ‫وهم يقيمون في هذا "األس��توديو" المزود‬ ‫بجه��ازي كومبيوتر وجه��از انترنت وطاولة‬ ‫وكراس م��ع بعض األغطية ول��وازم النوم‪،‬‬ ‫إلى جانب عدد م��ن منافض طافحة بالرماد‬ ‫وأعقاب السجائر‪.‬‬ ‫ويق��ول ه��ذا الطالب ال��ذي انضم إلى‬ ‫صفوف المعارض��ة "انطلقت حلب نيوز في‬ ‫ش��باط‪/‬فبراير الماضي" أي بعد حوالي عام‬ ‫على بدء االحتجاجات في س��ورية ضد نظام‬ ‫بشار األسد‪.‬‬ ‫ويش��رح آلي��ة العم��ل قائ� ً‬ ‫لا‪" :‬عندم��ا‬ ‫نس��مع قصفا على المدينة‪ ،‬أو عندما نتلقى‬ ‫عب��ر جهاز الالس��لكي نب��أ ما‪ ،‬ينطل��ق احد‬

‫الصحفيين إلى المكان لتقصي الحقيقة"‪.‬‬ ‫عبد ال��رزاق البالغ م��ن العمر ‪ 24‬عاما‬ ‫هو أحد المراس��لين لحلب نيوز‪ ،‬وهو مقيم‬ ‫في منطقة يس��يطر عليها الجيش السوري‬ ‫الحر‪ .‬وقب��ل ذلك‪ ،‬كان عبد ال��رزاق صحفيا‬ ‫ف��ي مجلة س��ورية‪ ،‬ثم انضم إل��ى اإلعالم‬ ‫المعارض قبل أربعة أشهر‪.‬‬ ‫ويفس��ر تصميم��ه عل��ى العم��ل ف��ي‬ ‫صفوف إعالم الث��ورة‪" :‬لقد رأيت الكثير من‬ ‫األش��خاص تقتلهم قوات النظ��ام المجرم‪،‬‬ ‫كثيرون من أصدقائي قتلوا"‪.‬‬ ‫يعم��ل يعرب (‪ 18‬عاما) م��ع حلب نيوز‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫بالس��جن‪ ،‬وأنهم ينفذون األحكام المتعلقة‬ ‫بهم في السجن التابع للمحكمة‪.‬‬ ‫م��ن جهته اعتب��ر أمين س��ر المحكمة‬ ‫القاضي عامر عساف أن "الحاضنة الشعبية"‬ ‫له��ذه المحاك��م ورعايته��ا لمصال��ح الناس‬ ‫والث��وار‪ ،‬أدت��ا إل��ى نجاحها بش��كل منقطع‬ ‫النظير‪" ،‬خاصة أنه��ا جاءت في وقت انهارت‬ ‫فيه مؤسسات الدولة ومنها القضاء وأجهزة‬ ‫الداخلية"‪ .‬ولفت عساف إلى أن العاملين في‬ ‫المحكم��ة متطوع��ون لم يقب��ض أي منهم‬ ‫ليرة واحدة‪.‬‬ ‫وع��ن وص��ف ه��ذه المحاك��م بأنه��ا‬ ‫"ش��رعية" وصورته��ا النمطي��ة بأنه��ا تنفذ‬ ‫أحكام��ا مخالف��ة لمعايير حقوق اإلنس��ان‪،‬‬ ‫أكد عس��اف أن معايير الش��ريعة اإلسالمية‬ ‫مطبق��ة ف��ي ه��ذه المحاكم‪ ،‬لكن��ه رفض‬ ‫تش��بيهها بالمحاك��م الت��ي اش��تهرت ف��ي‬ ‫الصوم��ال وغيرها‪ ،‬مؤكدا طغي��ان القانون‬ ‫المدن��ي عل��ى األح��كام‪ ،‬مكتفي��ة بأح��كام‬ ‫السجن حتى قيام الدولة المدنية‪.‬‬ ‫أما رئيس الس��رية األمني��ة بالمحكمة‬ ‫النقيب المنش��ق أحمد حم��ود فأكد أن مهام‬

‫س��ريته حراس��ة المحكم��ة ومن��ع دخ��ول‬ ‫األس��لحة م��ع المتخاصمي��ن إليه��ا‪ ،‬إضافة‬ ‫إل��ى جل��ب المطلوبي��ن أو القب��ض عليهم‬ ‫وفق��ا لألوامر الصادرة ع��ن القضاة‪ ،‬وإيداع‬ ‫المحكوم عليهم السجن التابع للمحكمة‪.‬‬ ‫وقال إن المسلحين ال يتدخلون في عمل‬ ‫المحكمة‪ ،‬وإن الس��رية نف��ذت أوامر اعتقال‬ ‫وإيداع في السجن بحق ثوار معروفين أدينوا‬ ‫بالتجاوز على حقوق الناس‪.‬‬ ‫وبرز خ�لال الجولة في المحكمة حجم‬ ‫تقاضي الناس أمامها‪ ،‬وعدم تسجيل حاالت‬ ‫اعت��راض عل��ى أح��كام بعضه��ا بالس��جن‪.‬‬ ‫كم��ا لفت األنظ��ار منع دخول األس��لحة إلى‬ ‫المحكم��ة حت��ى م��ن قب��ل أف��راد الس��رية‬ ‫األمنية الذين يتركون أسلحتهم في الخارج‪،‬‬ ‫حتى لو كان دخولهم ألسباب تتعلق بالعمل‬ ‫وتنفيذ األحكام‪.‬‬ ‫كما أك��د القضاة العامل��ون بالمحاكم‬ ‫أن عملهم س��ينتهي بعد انته��اء الثورة‪ ،‬وأن‬ ‫دورها س��ينتهي عندما تقام الدولة المدنية‬ ‫العادل��ة‪ ،‬وفق��ا ألح��د قض��اة المحكم��ة من‬ ‫علماء الشريعة‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫ش��كل علماء دي��ن وقض��اة ومحامون‬ ‫محاك��م ثورية في مناطق ري��ف إدلب التي‬ ‫باتت تحت س��يطرة كتائب الجيش السوري‬ ‫الحر‪ ،‬لس��د الفراغ الذي ترك��ه غياب النظام‬ ‫ومؤسساته وأهمها القضاء‪.‬‬ ‫فف��ي زيارة ألح��د المقار الس��تة لهذه‬ ‫المحاكم التي مضى على تش��كيلها س��بعة‬ ‫أش��هر ف��ي إحدى ق��رى ري��ف إدل��ب‪ ،‬كانت‬ ‫غ��رف الهيئ��ات القضائية ودي��وان المحكمة‬ ‫ومكتب رئيس��ها تزدح��م بالمراجعين الذين‬ ‫يتقاض��ون أمامها لحس��م خالف��ات تبدأ من‬ ‫خالف��ات األح��وال الش��خصية‪ ،‬وص��وال إلى‬ ‫خالفات استخدمت فيها األسلحة‪.‬‬ ‫وتتك��ون المحكمة التي يرأس��ها النائب‬ ‫العام من هيئات قضائي��ة للقضايا الجزائية‪،‬‬ ‫والمدني��ة‪ ،‬والجناي��ات‪ ،‬والصل��ح‪ ،‬واألح��وال‬ ‫الشخصية‪ ،‬إضافة إلى هيئة تعنى بالنظر في‬ ‫نقض األحكام‪ .‬ويبلغ ع��دد العاملين فيها ‪16‬‬ ‫قاضيا شرعيا و‪ 4‬محامين و‪ 3‬قضاة مدنيين‪.‬‬ ‫يبدأ التقاضي في المحكمة بتس��جيل‬ ‫الدع��اوى لدى ديوان المحكم��ة الذي يتكون‬ ‫م��ن رئي��س الدي��وان وكات��ب ع��دل وفنيي‬ ‫حاس��ب ومس��اعد أول منش��ق يتول��ى قلم‬ ‫المحكمة‪ ،‬حيث تحال إلى النيابة العامة التي‬ ‫يرأس��ها محام منش��ق عن النظام‪ ،‬ويرسل‬ ‫مذكرات اإلحضار إلى المدعى عليه‪ ،‬وتكرار‬ ‫الطلب في حال عدم الحضور‪ ،‬وأخيرا إرسال‬ ‫طلب "جلب" تنفذه س��رية أمني��ة من إحدى‬ ‫فصائل الثوار والمكونة من ‪ 50‬عنصرا‪.‬‬ ‫بع��د ذل��ك ترس��ل القضي��ة م��ع‬ ‫المتخاصمين إلى الهيئة القضائية المختصة‬ ‫التي تتخذ القرار الذي تراه مناس��با‪ ،‬مع منح‬ ‫المتضرر حق النقض أمام هيئة أخرى‪.‬‬

‫المحكم��ة إنها تتماش��ى مع مطال��ب الحرية‬ ‫التي خرج من أجلها الشعب السوري‪.‬‬ ‫وبحس��ب دي��وان المحكم��ة ف��إن عدد‬ ‫القضايا التي يستقبلها كل فرع من فروعها‬ ‫يبلغ نحو ‪ 25‬قضية يوميا‪.‬‬ ‫رئيس المحكمة الش��يخ حسن الدغيم‬ ‫تحدث عن دواعي تش��كيل المحكمة‪ ،‬مؤكدا‬ ‫أنه��ا جاءت بع��د الفراغ األمني الذي تس��بب‬ ‫ب��ه "اختط��اف النظ��ام األس��دي لوزارت��ي‬ ‫الع��دل والداخلي��ة اللتي��ن جيّرهم��ا لقم��ع‬ ‫المتظاهرين"‪.‬‬ ‫وق��ال إن قي��ادة الث��ورة وبالتع��اون‬ ‫م��ع هيئ��ات ش��رعية وخاصة هيئ��ة العلماء‬ ‫األحرار وقانونيين‪ ،‬تداعت لس��د هذا الفراغ‬ ‫لمالحق��ة اللص��وص والمجرمي��ن والفصل‬ ‫في المنازع��ات بين المتخاصمي��ن‪ ،‬وتأمين‬ ‫محاكم��ات عادل��ة لمن تورطوا ف��ي الخدمة‬ ‫مع النظام‪.‬‬ ‫وعن المرجعية القانونية للمحكمة قال‬ ‫الدغي��م إنها تس��تند إلى ق��رارات المجالس‬ ‫العس��كرية وتش��ريعاته وخاص��ة المتعلقة‬ ‫بقط��ع الطرق��ات ومالحق��ة الخارجي��ن عن‬ ‫القانون‪ ،‬إضافة إلى قانون العقوبات السوري‬ ‫باس��تثناء م��ا يتعل��ق بالجرائم السياس��ية‪،‬‬ ‫وإلى الشريعة اإلسالمية باعتبارها المصدر‬ ‫األول للتشريع وفقا للدستور السوري‪.‬‬ ‫ويش��رف على تطبيق أحكام الشريعة‬ ‫هيئ��ة علي��ا م��ن المحكم��ة مكون��ة م��ن ‪3‬‬ ‫محامين مدنيين و‪ 3‬قضاة مدنيين و‪ 3‬قضاة‬ ‫شرعيين‪ ،‬وضعت أكثر من ‪ 70‬مادة‪ ،‬بحسب‬ ‫رئيس المحكمة‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫النظام ال�سوري‪ :‬عوامل الوهم‬ ‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫التحالفات الدولية‪ ،‬الأ�صدقاء والأعداء(‪)1‬‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫نواح كثيرة‬ ‫سورية حافظ األسد ومن ٍ‬ ‫خيطت على مقاس زعيمها‪ ،‬وقد لوحظت‬ ‫بصمات األس��د على كل خطوة وكل شبر‬ ‫ً‬ ‫وخاص��ة على‬ ‫ف��ي السياس��ة الس��ورية‪،‬‬ ‫السياسة الخارجية‪ ،‬حيث كانت التحالفات‬ ‫الت��ي عقده��ا األب‪ ،‬م��ن أه��م العوام��ل‬ ‫الس��تمرار النظ��ام وتوريث��ه فيم��ا بعد‪،‬‬ ‫ه��ذه التحالفات التي بناه��ا النظام‪ ،‬على‬ ‫أساس قاعدة ش��ديدة البساطة‪ ،‬مصلحة‬ ‫النظ��ام أو ًال ومصلحت��ه أخي��راً‪ ،‬تح��ت‬ ‫عناوين القومي��ة العربية تار ًة والمقاومة‬ ‫والممانعة تار ًة أخرى‪ ،‬تحت هذه العناوين‬ ‫بن��ى النظام عوال��م تحكمه��ا مصلحته‪،‬‬ ‫ولم يتورع عن نقضه��ا في اللحظة التي‬ ‫تتعارض مع مصلحته‪..‬‬ ‫عوالم الوهم إضاءة في ملفنا اليوم‬ ‫على تحالفات النظام‪ ،‬أصدقائه وأعدائه‪،‬‬ ‫وعن مدى عقائدية هذه التحالفات وقدرة‬ ‫النظ��ام على التملص منه��ا‪ ،‬لعب ٌة أتقنها‬ ‫األب وفشل فيها االبن بجدارة‪..‬‬

‫اجلمهورية الإ�سالمية‬ ‫الإيرانية‪:‬‬

‫أجرأ مالمح سياس��ة األسد الخارجية‬ ‫كان��ت بال ش��ك وقوفه مع إي��ران الثورة‪،‬‬ ‫فمن��ذ اللحظة التي تس��لم فيها الخميني‬ ‫الس��لطة ف��ي أوائ��ل ع��ام ‪ 1979‬اعتب��ر‬ ‫األس��د مصادقته شيئاً تقتضيه المصلحة‬ ‫العربي��ة العليا‪ ،‬مم��ا خلق محوراً ش��يعيًا‬ ‫يمت��د من طهران عبر دمش��ق إلى جنوب‬ ‫لبنان الحقًا‪ ،‬دعمه وقوف األس��د مع إيران‬ ‫ف��ي ح��رب الخلي��ج األول��ى ف��ي مواجهة‬ ‫الع��رب جميع��اً‪ ،‬ومعاه��دات للصداق��ة‬ ‫والدف��اع المش��ترك‪ ،‬توال��ت خ�لال فترة‬ ‫حكم��ه‪ ،‬لك��ن العالم��ة األبرز ف��ي تاريخ‬ ‫هذا التحالف‪ ،‬قضية إيران – كونترا‪ ،‬التي‬ ‫عقدت بموجبه��ا إدارة الرئيس األمريكي‬ ‫ريغان اتفاقًا مع إيران لتزويدها باألسلحة‬ ‫بسبب حاجة إيران الماسة ألنواع متطورة‬ ‫منه��ا أثناء حربه��ا مع الع��راق وذلك لقاء‬ ‫إط�لاق س��راح بع��ض األمري��كان الذين‬ ‫كان��وا محتجزي��ن ف��ي لبنان‪ ،‬حي��ث كان‬ ‫االتف��اق يقضي ببيع إي��ران وعن طريق‬ ‫إس��رائيل ما مجموع��ه ‪ 4000‬صاروخ من‬ ‫نوع "ت��او" المضادة لل��دروع مقابل إخالء‬ ‫سبيل خمس��ة من األمريكان المحتجزين‬ ‫في لبنان‪.‬‬ ‫وق��د عقد ج��ورج ب��وش األب عندما‬ ‫كان نائب��ًا للرئيس رونالد ريغان في ذلك‬ ‫الوقت‪ ،‬هذا االتفاق عند اجتماعه برئيس‬ ‫الوزراء اإليراني أبو الحسن بني صدر في‬ ‫باريس‪ ،‬اللق��اء الذي حضره أيضاً مندوب‬ ‫ع��ن المخاب��رات اإلس��رائيلي الخارجي��ة‬ ‫"الموس��اد" المدع��و "آري ب��ن ميناش��يا"‪،‬‬ ‫ال��ذي كان له دور رئيس��ي ف��ي نقل تلك‬ ‫األس��لحة من إسرائيل إلى إيران‪ .‬وفي آب‬ ‫من ع��ام ‪ ،1985‬تم إرس��ال ‪ 96‬صاروخًا‬ ‫من نوع "تاو" من إسرائيل إلى إيران على‬ ‫متن طائرة ‪ dc-8‬انطلقت من إس��رائيل‪،‬‬ ‫إضاف��ة لدفع مبلغ مق��داره ‪410 ،217 ،1‬‬ ‫دوالر أمريك��ي إل��ى اإليرانيي��ن لحس��اب‬ ‫ف��ي مص��رف سويس��را يع��ود إل��ى تاجر‬

‫س�لاح إيراني يدع��ى "غوربانيفار"‪ .‬وفي‬ ‫تشرين الثاني من عام ‪ ،1985‬تم إرسال‬ ‫‪ 18‬صاروخ��ًا ت��م ش��حنها م��ن البرتغال‬ ‫وإسرائيل‪ ،‬تبعها ‪ 62‬صاروخًا آخر أرسلت‬ ‫م��ن إس��رائيل‪ ،‬تحول��ت ه��ذه الصفق��ة‬ ‫السرية إلى فضيحة عرّت الثورة اإليرانية‬ ‫في مهدها وأسقطت بطالن ادعاء الثورة‬ ‫بمعركتها لتحرير القدس وأطاحت بوالية‬ ‫الرئيس األمريكي الثانية‪.‬‬ ‫وس��ننقل هنا ما ذكره باتريك سيل‬ ‫عن ال��دور الس��وري ف��ي الفضيحة‪ ،‬في‬ ‫كتاب��ه "األس��د والص��راع عل��ى الش��رق‬ ‫األوسط" الصفحة "‪ :"790‬كان من غرائب‬ ‫المصادفات أن س��وريا هي التي كش��فت‬ ‫النقاب عن هذه الفضيحة ألول مرة‪ ،‬فقد‬ ‫علم ضابط مخابرات س��وري في طهران‬ ‫وهو"أي��اد المحمود" بزي��ارة "ماكفرلين"‬ ‫مستش��ار األم��ن القوم��ي األمريك��ي‬ ‫الش��اذة لطه��ران‪ ،‬وكان أول فع��ل أملته‬ ‫غريزة الس��لطات في دمش��ق ه��و إبقاء‬ ‫القص��ة مطوية ك��ي ال يحرجوا حلفائهم‬ ‫اإليرانيي��ن‪ ..‬وفي ‪ 2‬تش��رين الثاني عام‬ ‫‪ 1986‬اختطف "إياد المحمود" رجل سوريا‬ ‫ف��ي طه��ران‪ ،‬عل��ى ي��د جماع��ة إيرانية‬ ‫متطرفة يقودها "مهدي الهاشمي"‪ ،‬ولها‬ ‫عالق��ة بالجماع��ات الش��يعية المتطرفة‬ ‫في لبن��ان‪ ،‬وربم��ا كان اختطافه احتجاجًا‬ ‫عل��ى محاوالت س��وريا ضب��ط وكبح تلك‬ ‫الجماع��ات المتطرف��ة‪ ..‬فاحتجت س��وريا‬ ‫بشدة‪ ،‬وأطلق س��راح المحمود خالل يوم‬ ‫ٍ‬ ‫التوتر‬ ‫واحد‪ ،‬لكن الحادث��ة زادت من حدة‬ ‫بين دمشق وطهران حول لبنان حيث كان‬ ‫صنائع إيران في حزب اهلل يتململون ضد‬ ‫السيطرة السورية ويقاومونها‪.‬‬ ‫هكذا وفي الثالث من تشرين الثاني‪،‬‬ ‫س��ربت س��وريا خب��ر زي��ارة "ماكفرلين"‬

‫لطهران واالتصاالت اإليرانية – األمريكية‬ ‫الس��رية إلى صحيفة صديقة في بيروت‬ ‫ه��ي مجلة "الش��راع"‪ ..‬لتق��ذف حجراً في‬ ‫بركة الشرق األوسط لم يترك ً‬ ‫زاوية منه‬ ‫بال تأثير‪..‬‬ ‫اله��دف من إي��راد ه��ذه الواقعة هو‬ ‫التأكي��د عل��ى بط�لان ادع��اءات الماللي‪،‬‬ ‫بالمقاوم��ة والممانع��ة‪ ،‬وب��أن تحري��ر‬ ‫القدس ما هو إال ذريعة لتنفيذ مشاريعها‬ ‫ف��ي المنطقة‪ ،‬وقد تتخلى عنها المقاومة‬ ‫وتتحال��ف م��ع الش��يطان‪ ،‬إذا م��ا دعته��ا‬ ‫المصلحة‪ ،‬والس��لوك اإليراني في قضية‬ ‫دليل‬ ‫إيران كونت��را ليس اس��تثنا ًء‪ ،‬وأبلغ ٍ‬ ‫عل��ى ذل��ك م��ا تناقلت��ه وس��ائل اإلعالم‬ ‫مؤخ��راً عن ش��راء إي��ران أجه��زة مراقبة‬ ‫لحماية السيارات الحكومية من إسرائيل‪.‬‬ ‫كم��ا أن اله��دف ه��و إثب��ات بط�لان‬ ‫االدعاء بالوح��دة العضوية بين النظامين‬ ‫اإليراني والسوري تحت مسمى المقاومة‪،‬‬ ‫عدو‬ ‫فلو كانت هذه الوحدة يفرضها وجود ٍ‬ ‫مشترك هو إسرائيل‪ ،‬لكان النظام سرب‬ ‫الخبر فوراً‪ ،‬إال أنه احتفظ بالورقة كورقة‬ ‫تحكمها طبيعة العالقة مع إيران‪.‬‬ ‫أم��ا وفي عه��د الرئي��س االبن‪ ،‬فقد‬ ‫اس��تمر ه��ذا الحل��ف‪ ،‬لك��ن وم��ع تعاظم‬ ‫دور ح��زب اهلل في لبن��ان‪ ،‬اختلفت قواعد‬ ‫لممر للمخططات‬ ‫اللعبة وتحولت دمش��ق ٍ‬ ‫اإليرانية‪ ،‬مع استالب غير معهود للمشهد‬ ‫السوري ثقافيًا ودينيًا‪ ،‬إذ انتشرت الحوزات‬ ‫الش��يعية في مختلف الق��رى الفقيرة في‬ ‫س��وريا‪ ،‬وم��ع ان��دالع الث��ورة الس��ورية‪،‬‬ ‫تمترست إيران في خندق النظام وزاودت‬ ‫علي��ه أحيان��ًا‪ ،‬ولي��س خافي��ًا عل��ى أح��د‬ ‫الت��ورط اإليراني ف��ي الدماء الس��ورية‪.‬‬ ‫والنظ��ام وبحك��م قوى الدف��ع الذاتي لما‬

‫بناه األب عَرَفَ كيف يَسْتَ ْثمِر األهمية‬ ‫«الجيو ـ اس��تراتيجية» لس��وريا في الزَّج‬ ‫بق��وى إقليمية "في مقدَّمه��ا إيران" في‬ ‫صراعه الض��اري والمرير من أجل البقاء‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫تَس��باً‪ ،‬م��ن ث��مَّ‪« ،‬صف��ة تمثيلي��ة‬ ‫مُك ِ‬ ‫جدي��دة»‪ ،‬يكم��ن فيه��ا س��ر اس��تمراره‬ ‫حت��ى اآلن؛ فه��و اآلن ِّ‬ ‫ممث��ل المصال��ح‬ ‫اإلستراتيجية لتلك القوى‪ ،‬والذي يُقاتِل‪،‬‬ ‫ويُقتِّل ش��عبه‪ ،‬دفاعاً عنها‪ِّ ،‬‬ ‫معل ًال نفسه‬ ‫أن ه��ذا «الخ��ا ِرج» س��يحميه إلى‬ ‫بوه��م َّ‬ ‫األب��د من «الدَّاخِ��ل»‪ ،‬الثائ��ر عليه حتى‬ ‫إطاحته‪.‬‬ ‫إال أن خالفات كبيرة جدت بين قيادات‬ ‫إيرانية مهمة بس��بب الموق��ف من نظام‬ ‫األس��د‪ ،‬يأتي ذلك في ظل مس��اع حثيثة‬ ‫من طهران للتفاهم مع واش��نطن وقطع‬ ‫الطريق على أي هجوم عس��كري ضدها‪.‬‬ ‫حتى أن ش��قاً م��ن القي��ادات البراغماتية‬ ‫أصب��ح يطالب بف��ك االرتباط م��ع نظام‬ ‫األس��د ف��ي أق��رب وق��ت تحس��بًا لغضب‬ ‫أميرك��ي ق��د ينجر عن��ه هج��وم مباغت‬ ‫س��واء من القواع��د األميركي��ة بالخليج‪،‬‬ ‫أو بواس��طة إس��رائيل‪ .‬ويق��ول الفري��ق‬ ‫البراغمات��ي في طهران "إن األس��د ورقة‬ ‫ل��م تعد تفيدنا في ش��يء‪ ،‬ب��ل قد تجلب‬ ‫لن��ا مخاطر كثيرة‪ ،‬واألفض��ل فتح قنوات‬ ‫مع واشنطن"‪.‬‬ ‫وقد تداولت وسائل اإلعالم أخباراً عن‬ ‫مش��اورات دارت بي��ن واش��نطن وطهران‪،‬‬ ‫عل��ى هامش اجتماع��ات الجمعي��ة العامة‬ ‫لألمم المتحدة‪ ،‬حول اتفاق يشمل الموقف‬ ‫م��ن البرنام��ج الن��ووي وس��وريا‪ .‬وتم��ت‬ ‫المشاورات على مستوى عال بين ممثلين‬ ‫لنجاد ودوائر أميركية تعهدت فيها طهران‬ ‫بالت��زام "الخط��وط الحمراء" ف��ي الحفاظ‬ ‫على المصالح األميركية بالمنطقة‪.‬‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫سنحصر حديثنا عن الدولتين األبرز‬ ‫على الس��احة الخليجية‪ ،‬السعودية كبرى‬ ‫ال��دول العربية بحكم التاريخ والجغرافيا‪،‬‬ ‫وقط��ر صاحب��ة المش��روع األب��رز عربيًا‬ ‫واألكثر غموضاً حتى اآلن‪..‬‬ ‫ال يخف��ى عل��ى أح��د أن العالق��ات‬ ‫الس��عودية ‪ -‬الس��ورية وصلت إلى نقطة‬ ‫الالع��ودة‪ .‬ولعل وص��ف وزي��ر الخارجية‬ ‫السعودي سعود الفيصل النظام السوري‬ ‫ب��ـ "س��لطة االحت�لال" يعبّ��ر ع��ن حجم‬ ‫االفت��راق بين البلدين الذي فجرته أزمات‬ ‫دوري��ة متتالي��ة من لبنان إلى فلس��طين‬ ‫وم��ن الع��راق إل��ى إي��ران‪ ،‬م��ع ف��ارق‬ ‫أساس��ي أن سورية األس��د تحولت ساحة‬ ‫للص��راع الدولي بعدما كان��ت أحد أطراف‬ ‫ه��ذا الص��راع زم��ن التكلي��ف األميركي‬ ‫والتسامّح السعودي‪.‬‬ ‫في عهد الرئيس حافظ األسد‪ّ ،‬‬ ‫توطدت‬ ‫العالق��ات بي��ن البلدي��ن ح��ول العدي��د من‬ ‫القضايا ولعل الدعم الخليجي والس��عودي‬ ‫خاص�� ًة المهتم باس��تقرار الجار الش��مالي‪،‬‬ ‫كان م��ن أه��م عوامل تماس��ك واس��تمرار‬ ‫نظام األس��د األب وابنه‪ ،‬حيث تلقت سوريا‬ ‫مس��اعدات مالي��ة م��ن المملك��ة العربي��ة‬ ‫الس��عودية عام ‪ 1967‬ألنه��ا كانت في حال‬ ‫حرب مع إس��رائيل وتوالت المس��اعدات في‬ ‫األع��وام ‪ 1973‬و‪ 1976‬و‪ ،1982‬بحج��ة‬ ‫الص��راع العربي اإلس��رائيلي ت��ارة وبحجة‬ ‫دخ��ول القوات الس��ورية لبن��ان‪ ،‬وفي حرب‬ ‫الخلي��ج تلق��ى األس��د مس��اعدات مالي��ة‬ ‫ضخمة‪ ،‬شكراً له دعمه لقوات التحالف ضد‬ ‫الع��راق‪ ،‬في الع��ام ‪ 1990‬وف��ي مثل هذه‬ ‫األيام تقريباً ظهر وزير الخارجية األمريكي‬ ‫"جيم��س بيكر" فج��أ ًة في دمش��ق واجتمع‬ ‫خمس س��اعات م��ع الرئيس األس��د‪ ،‬بعدها‬ ‫أعلنت دمشق عن استعدادها إلرسال قوات‬ ‫سورية إلى الس��عودية للعمل تحت القيادة‬ ‫المش��تركة األمريكي��ة‪ ،‬وأن ق��وة كتيب��ة‬ ‫مستعدة للسفر‪ ،‬وأن ألوية أخرى تليها على‬ ‫الطري��ق‪ ،‬وأُعل��ن أن ذلك تم بع��د مكالمة‬ ‫تليفونية من الملك فهد إلى الرئيس حافظ‬ ‫األس��د‪ ،‬وبعد ح��رب الخليج عقد األس��د مع‬ ‫مصر ودول الخليج تحالفًا تحت اسم "إعالن‬ ‫دمشق"‪ ،‬وفي عام ‪ 2004‬تلقى نظام األسد‬ ‫االبن معون��ة مالية ضخم��ة لدعم مواقفه‬ ‫ضد إس��رائيل‪ ،‬مما س��اعد النظام السوري‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫وف��ي مقاب��ل الفري��ق البراغمات��ي‬ ‫يص��ر فريق متش��دد "على صل��ة بدوائر‬ ‫الحرس الثوري" على التمسك باألسد إلى‬ ‫آخر لحظة‪ ،‬ويقول إن سقوط األسد يعني‬ ‫ترك حزب اهلل وحيداً في المعركة‪ ،‬وبذلك‬ ‫تفقد إيران أوراق ضغطها بالمنطقة‪.‬‬ ‫كم��ا أن الفش��ل ف��ي ترجي��ح كف��ة‬ ‫النزاع في سوريا لصالح نظام األسد رغم‬ ‫الدعم المالي والعسكري الضخم لنظامه‬ ‫أحدث انقساماً بين علي خامنئي المرشد‬ ‫األعل��ى للث��ورة اإلس�لامية ف��ي إي��ران‬ ‫وبين اللواء قاس��م س��ليماني قائد فيلق‬ ‫الق��دس التابع للحرس الث��وري اإليراني‪.‬‬ ‫وبحسب تقارير صحفية فإن إيران دفعت‬ ‫رواتب قوات النظام الس��وري لعدة أشهر‬ ‫باإلضاف��ة إلى تزويده باألس��لحة والدعم‬ ‫اللوجس��تي‪ ،‬وفقاً لمصادر في المعارضة‬ ‫الس��ورية والتي تتهم طهران في الكثير‬ ‫م��ن األحي��ان بدع��م النظ��ام الس��وري‬ ‫بالمقاتلين‪.‬‬ ‫والخالف��ات داخ��ل إي��ران مرش��حة‬ ‫للتوس��ع وس��تزيد م��ن زعزع��ة هيب��ة‬ ‫المحافظي��ن ف��ي النظ��ام‪ ،‬وق��د تش��ق‬ ‫ص��ف المحافظي��ن أنفس��هم‪ ،‬خاصة في‬ ‫ظ��ل رغب��ة طه��ران ف��ي إرض��اء اإلدارة‬ ‫األميركي��ة ب��كل الطرق لمن��ع أي هجوم‬ ‫مباغ��ت عليها‪ .‬والقيادة اإليرانية تس��عى‬ ‫لطمأنة واش��نطن بكل الطرق‪ ،‬حتى أنها‬ ‫قد تعرض قريباً التخلي عن نظام األسد‪،‬‬ ‫والقبول بأي تغيير يحدث في سوريا‪.‬‬ ‫إي��ران الت��ي تعامل��ت مع إس��رائيل‬ ‫ف��ي حربه��ا م��ع الع��راق‪ ،‬ل��ن تدافع عن‬ ‫األس��د حتى النهاي��ة‪ ،‬إيران الت��ي تنازلت‬ ‫عن مش��روع تصدير الث��ورة قبل بدايته‪،‬‬ ‫والت��ي خرج��ت أو أُخرجت من فلس��طين‬ ‫أخيراً‪ ،‬مس��تعد ٌة للعودة للعمق الفارس��ي‬ ‫واالكتف��اء ب��ه حرص��ًا عل��ى وجوده��ا‪،‬‬ ‫وسياس��ة الظاه��ر والباط��ن ف��نٌ يتقنه‬ ‫اإليراني��ون أكثر من أمم األرض جميعها‪،‬‬ ‫وما تصريحات الساسة اإليرانيين بثقتهم‬ ‫من انتصار األس��د على خصومه‪ ،‬موجهة‬ ‫إلى المشككين في الداخل اإليراني أكثر‬ ‫منها إلى الخ��ارج‪ .‬الداخ��ل اإليراني الذي‬ ‫ن��ادى ف��ي مظاهراته األخيرة "ال س��وريا‬ ‫وال لبن��ان بدمي أفدي إي��ران" علها بداية‬ ‫الربيع الفارسي المتأخر قلي ًال‪.‬‬

‫اخلليج العربي‪:‬‬

‫عل��ى تكدي��س احتياطي ضخم م��ن النقد‬ ‫األجنب��ي‪ ،‬دون الحاج��ة للقي��ام بإصالحات‬ ‫اقتصادية حقيقية‪.‬‬ ‫وبقيت العالقات السعودية السورية‬ ‫بأحس��ن حاالتها‪ ،‬تؤمن لنظام األسد األب‬ ‫وفر ًة نقدية مس��تمرة‪ ،‬وقنواتٍ مفتوحة‬ ‫للحوار م��ع أمريكا‪ ،‬لم يعك��ر صفوها إال‬ ‫ال��دور الس��وري في لبنان‪ ،‬وال س��يما في‬ ‫ضوء دور "اإلطفائي" الذي لعبته الرياض‬ ‫خالل ح��رب الس��نتين التي امت��دّت بين‬ ‫عامي ‪ 1976 - 1975‬إذ أثمرت مس��اعيها‬ ‫في قمة الرياض عن تشكيل قوات الردع‬ ‫العربية قبل أن تتط��وّر األمور الحقاً مع‬ ‫خ��روج العرب ودخ��ول الجيش الس��وري‬ ‫لبنان الع��ام ‪ 1976‬ليتج��دّد "التفويض"‬ ‫العرب��ي ‪ -‬الدول��ي لس��ورية ف��ي لبن��ان‬ ‫بفعل االجتياح العراق��ي للكويت ما ّ‬ ‫مكن‬ ‫دمش��ق من االنفراد في تطبيق "النسخة‬ ‫السورية" من اتفاق الطائف‪.‬‬ ‫ومع نظام االبن بدا شي ٌء من الجفاء‬ ‫ً‬ ‫خاصة بع��د صدور قرار‬ ‫يش��وب العالقة‪،‬‬ ‫مجل��س األم��ن رق��م ‪ 1559‬ع��ام ‪2004‬‬ ‫والمتضمن االنسحاب السوري من لبنان‪،‬‬ ‫وم��ا ت�لاه م��ن انعكاس��ات عق��ب اغتيال‬ ‫الرئي��س رفي��ق الحري��ري ع��ام ‪،2005‬‬ ‫حتى ج��اءت زيارة األمير "آنذاك" عبد اهلل‬ ‫ب��ن عبد العزيز لدمش��ق في أي��ار ‪2005‬‬ ‫حيث طالب باالنس��حاب الف��وري والكامل‬ ‫للجيش السوري من لبنان‪ ،‬ثم تصريحات‬ ‫رأس النظام بعد حرب تموز‪ ،‬والتي يصف‬ ‫فيها القيادات السعودية بأنصاف الرجال‪،‬‬ ‫بالتزامن م��ع تصاعد النفوذ اإليراني في‬ ‫س��وريا مقابل محاول��ة الري��اض احتواء‬ ‫األزم��ات اللبناني��ة عب��ر النهج الوس��طي‬ ‫والس��عي إلى إعادة دمش��ق إلى الحاضنة‬ ‫العربية‪ ،‬تحديداً بعد القمة الرباعية التي‬ ‫عقدت ف��ي الرياض بين مصر وس��ورية‬ ‫والسعودية والكويت‪ ،‬لكن دمشق حسمت‬ ‫خياره��ا بالوقوف إل��ى جانب إي��ران ولم‬ ‫تس��تجب لمحاوالت الترميم التي بادرتها‬ ‫إليها الرياض‪.‬‬ ‫وم��ن تتبعن��ا لس��ير العالق��ات بي��ن‬ ‫البلدي��ن‪ ،‬يب��دو واضح��ًا هزلي��ة الخطاب‬ ‫الرسمي السوري تجاه السعودية وموقفها‬ ‫م��ن الثورة الس��ورية‪ ،‬ووس��م أي نش��اط‬ ‫س��عودي بغ��زو وهابي تكفي��ري‪ ،‬وإلحاق‬ ‫أق��دع األوصاف بالنظام الس��عودي‪ ،‬وكأن‬

‫المذهب الوهابي عقيدة اعتنقتها المملكة‬ ‫في ‪ 15‬آذار ‪ ،2011‬متجاهلين بأن مملكة‬ ‫آل س��عود الحلي��ف التاريخ��ي والمم��ول‬ ‫األساسي لنظام األسد‪ ،‬قامت على الدعوة‬ ‫الوهابية منذ تأسيس المملكة‪..‬‬ ‫أما قطر وبحك��م ضعف دورها زمن‬ ‫األس��د األب‪ ،‬إال أن العالق��ات م��ن نظ��ام‬ ‫ً‬ ‫وخاص��ة بعد حرب‬ ‫االب��ن وصل��ت ذروتها‬ ‫تم��وز والدع��م القط��ري للمقاوم��ة في‬ ‫لبن��ان‪ ،‬وف��ي ع��ام ‪ 2006‬زار أمي��ر قطر‬ ‫الضاحي��ة الجنوبية في لبنان بعد الهجوم‬ ‫اإلسرائيلي والتي استقبله أهلها وشكروه‬ ‫ورفع��وا ص��وره ف��ي مناط��ق الضاحي��ة‬ ‫والجن��وب عرفانًا بجهود قط��ر في إعمار‬ ‫مس��اكن ومؤسس��ات اللبنانيي��ن عق��ب‬ ‫الهجوم اإلس��رائيلي لها‪ ،‬كما اس��تضافت‬ ‫قط��ر ورع��ت المصالح��ة اللبناني��ة ف��ي‬ ‫الدوح��ة بمبارك��ة نظ��ام األس��د‪ ،‬و تحت‬ ‫ذريعة إعمار جنوب لبنان حصل حزب اهلل‬ ‫على ‪ 500‬مليون دوالر من دولة قطر نقداً‬ ‫باإلضاف��ة إلى أموال الكثير من مش��اريع‬ ‫البناء خاصة ما يتعلق بمراكز ومؤسسات‬ ‫هذا الح��زب في الضاحية وجن��وب لبنان‪،‬‬ ‫وعندم��ا زار أمي��ر دول��ة قط��ر الضاحية‬ ‫الجنوبية اس��تقبله رئي��س البرلمان نبيه‬ ‫بري أمام الضي��ف الضخم الزائر‪ :‬قطر يا‬ ‫قطر كان عطاؤك قط��رة ثم انهمر‪ ..‬كما‬ ‫قدم النظام السوري إقطاعاً غرب دمشق‬ ‫ألمي��ر قط��ر ليش��يد عليه قص��راً كهدية‬ ‫شكر على مواقفه الداعمة للمقاومة‪..‬‬ ‫وف��ي ‪ 15‬آذار ع��ام ‪ 2011‬اكتش��ف‬ ‫النظ��ام الس��وري‪ ،‬ب��أن النظ��ام القطري‬ ‫حلي��فٌ للصهيونية ولإلمبريالية العالمية‪،‬‬ ‫وأن دولة قطر من ممالك النفط األمريكي‪،‬‬ ‫وأن محطته��ا الفضائي��ة الش��هيرة‪ ،‬والتي‬ ‫كان��ت تعم��ل به��ا المستش��ارة اإلعالمية‬ ‫لرأس النظام ليس��ت إال قنا ًة للفتنة‪ ،‬وأن‪..‬‬ ‫وأن‪ ..‬لتسقط كل عبارات المديح والقصائد‬ ‫الت��ي تغنى بها النظ��ام وحلفاءه عن قطر‬ ‫المقاومة وقطر القومية العربية‪.‬‬ ‫كت��ب لوبمي��ر أنه "منذ ‪ 16‬تش��رين‬ ‫الثان��ي ع��ام ‪ 1970‬نزع��ت األدلج��ة من‬ ‫السياس��ات الس��ورية على نطاق واس��ع‪،‬‬ ‫وتضاءل��ت البعثية إلى مج��رد إيديولوجيا‬ ‫تبرير وذخيرة من العبارات الدعائية"‪..‬‬ ‫الدعاي��ة التي يتقنه��ا النظام دعاية‬ ‫الممانعة‪..‬‬

‫‪7‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫بني التع�صب واالنتماء (‪)3‬‬ ‫ق��د تردن��ي بع��ض المالحظ��ات م��ن‬ ‫هن��ا وهناك عن جدوى االس��تطالة في هذا‬ ‫الموض��وع‪ ،‬وس��بب ذل��ك واضح وه��و حالة‬ ‫االنقس��ام والتفتي��ت اللذين تعان��ي منهما‬ ‫س��وريا ف��ي كل ش��ارع م��ن ش��وارعها وأن‬ ‫األح��رى بن��ا الي��وم أن نبح��ث عما يس��اعد‬ ‫الثورة على العبور نحو القضاء على النظام‬ ‫(إسقاط النظام لم يعد كافيًا)‪.‬‬ ‫ونح��ن نعت��رف بأنن��ا نش��عر أحيان��ًا‬ ‫بأننا كمن يتكلم في الفلس��فة أمام حش��د‬ ‫م��ن الجائعي��ن‪ ،‬ولكنن��ا على الط��رف اآلخر‬ ‫نرى أن��ه من الملح ج��داً في ه��ذه المرحلة‬ ‫الخطي��رة والمفصلية من تاريخ س��وريا أن‬ ‫يب��دأ التفكير جديًا في ما بع��د الثورة ليس‬ ‫ألننا من أنصار التس��ليم األعم��ى بانتصار‬ ‫الث��ورة كيفما اتفق‪ ،‬ولكنه إيمان عميق بأن‬ ‫الثورة الحقيقية ستكون بعد إسقاط النظام‬ ‫والب��دء بإعادة إعمار وتش��كيل ه��ذا الوطن‬ ‫كما تمنيناه دائمًا‪.‬‬ ‫وتقف مس��ألة الهوي��ة واالنتماء كجبل‬ ‫عال أم��ام أي��ة مش��اريع أو خط��ط تنموية‬ ‫مستقبلية سواء كانت اقتصادية أم اجتماعية‬ ‫أم سياس��ية‪ ،‬ذل��ك أن البش��ر بطبعه��م‬ ‫الفط��ري ال يس��تطيعون العمل مع��اً إذا لم‬ ‫يفهم كل فرد في هذه المجموعة البش��رية‬ ‫مكانه الحقيقي وعالقته الجدلية باآلخرين‪،‬‬ ‫وستكون قضية الهوية حجر الزاوية في كل‬ ‫ذل��ك إذا ت��م بحثها ومناقش��تها علنيًا وبكل‬ ‫الشفافية والصراحة المطلوبين‪.‬‬ ‫يميل البش��ر بش��كل عام إل��ى التجمع‬ ‫ف��ي مجموعات يربطها راب��ط معين‪ ،‬ويبدو‬ ‫أن انبهار البش��ر بالغيبيات منذ فجر التاريخ‬ ‫جع��ل الدي��ن أو المعتق��د أه��م وأول رابط‬ ‫ومكون لتأس��يس أية جماعة بش��رية‪ .‬وقد‬ ‫فه��م الح��كام منذ ذلك الزمن أن الس��يطرة‬ ‫على الش��عوب ال بد وأن تمر بكم مهول من‬ ‫الغيبيات والظواهر المصطنعة إليهام الناس‬ ‫بق��درات خارق��ة لكائنات مزعومة تس��يطر‬ ‫على كل شيء بدءاً من مولد اإلنسان ومروراً‬ ‫بطفولته وتعليمه وطعامه وشرابه وزواجه‬ ‫وإنجاب��ه وأحالمه وبالطب��ع حكامه ووزرائه‬ ‫ورؤس��ائه وكهنته وانته��اء بموته الذي كان‬ ‫غالبًا ما يتم تقرير موعده بناء على أساطير‬ ‫وخرافات زرعها الحكام بمعونة رجال الدين‬ ‫ف��ي عقول البش��ر وهكذا نش��أت معتقدات‬ ‫التضحي��ة والقرابين البش��رية لدى مختلف‬ ‫الش��عوب وه��و ما تظه��ره بج�لاء النقوش‬ ‫واآلثار الباقية حتى اليوم‪.‬‬ ‫كان الكهن��ة وح��راس اآلله��ة عم��اد‬ ‫وركي��زة أي قص��ر ملك��ي أو امبراط��وري‬ ‫للحك��م‪ ،‬وكان ه��ؤالء ومن��ذ قدي��م الزمان‬ ‫يحصل��ون عل��ى امتي��ازات رهيب��ة لق��اء‬ ‫"خدماته��م" الجليل��ة ف��ي اس��تعباد البش��ر‬ ‫وكأن ش��راء ضمائ��ر البش��ر يناف��س البغاء‬ ‫ف��ي كون��ه أقدم مهن��ة ف��ي التاري��خ‪ .‬كان‬ ‫الكهنة يخترعون مئات الوس��ائل واألالعيب‬ ‫وط��رق الترغي��ب والترهي��ب للوص��ول إلى‬ ‫مبتغاه��م ف��ي الس��يطرة عل��ى التجمعات‬ ‫البشرية التي كانوا يحكمونها وكانت أحكام‬ ‫اإلع��دام والتطهي��ر تجري على قدم وس��اق‬ ‫تحت عشرات المس��ميات التي أضفى عليها‬ ‫أصحابه��ا مس��حات فوق‪-‬أرضي��ة وق��درات‬ ‫ميتافيزيقية تجعل منهم أنصاف آلهة‪.‬‬ ‫وحت��ى ال نبتعد عن مح��ور موضوعنا‪،‬‬ ‫ف��إن ه��ذه المقدم��ة كانت ضروري��ة لفهم‬ ‫الحال��ة الت��ي أوصلنا إليها رج��ال الدين عبر‬ ‫التاري��خ‪ ،‬فهم لم يكتفوا باخت��راع اآللهة أو‬ ‫الترهيب منها بل وكذلك قاموا بما هو أسوء‬ ‫عب��ر تقديس الح��كام والتفريق بين الناس‬

‫خالد كنفاني‬

‫على أسس متباينة‪ .‬كان التفريق بين البشر‬ ‫على أس��اس االعتقاد هو مفتاح الس��يطرة‬ ‫على الش��عوب ألن البشر إن عقلوا أو فهموا‬ ‫الحقيقة البش��رية لكل خرافات رجال الدين‬ ‫فإنهم لن يخضعوا لس��لطانهم يومًا واحداً‪.‬‬ ‫وهكذا تطورت الديانات عبر التاريخ لتواكب‬ ‫هذا االس��تعباد على ما يب��دو‪ ،‬فبعد أن بدأت‬ ‫األس��اليب األرضية المباش��رة ف��ي التهالك‬ ‫وقرب انكشاف أمرها‪ ،‬لم يتردد رجال الدين‬ ‫ف��ي التوجه إلى الغي��ب والظواهر الطبيعية‬ ‫لمواصلة التفريق بين البشر واستعبادهم‪.‬‬ ‫كان ل��كل قبيلة أو عش��يرة آله��ة خاصة بها‬ ‫وتقاليد دينية مختلف��ة عن األخرى علماً أن‬ ‫الكثي��ر من ه��ذه القبائل أو العش��ائر كانت‬ ‫تحيا على أرض واحدة وتشرب من نهر واحد‬ ‫وتتحدر أحيانًا من ذات الجد‪.‬‬ ‫ال يمكنن��ا بأي حال من األح��وال إنكار‬ ‫األدوار التاريخي��ة لبع��ض األنبي��اء وبن��اة‬ ‫بع��ض العقائ��د والم��دارس الفكري��ة عبر‬ ‫التاري��خ‪ ،‬فق��د حمل بعضهم أف��كار الحرية‬ ‫اإلنس��انية والعدال��ة والمس��اواة وحارب من‬ ‫أجلها وبعضهم مات م��ن أجلها‪ ،‬غير أن من‬ ‫يأتي بعد ذلك ليس��تغل األس��ماء أو العقائد‬ ‫الس��تعباد الناس وظلمهم يفسد المضمون‬ ‫الرئيسي للدين والشرائع‪.‬‬ ‫م��ارس اليه��ود بعد موس��ى كل أنواع‬ ‫التجبر والكي��د واالحتيال المادي للس��يطرة‬ ‫عل��ى الن��اس‪ ،‬وهك��ذا كان روتش��يلد مث ًال‬ ‫أكب��ر مصرفي في أوروبا بع��د أن كان أكثر‬ ‫م��ن نصف حكامه��ا قد اس��تدانوا منه مبالغ‬ ‫كبي��رة‪ ،‬وهذه كان��ت بداية س��يطرة اليهود‬ ‫عل��ى االقتصاد في تل��ك الفت��رة‪ .‬أما رجال‬ ‫الدين المس��يحي فقد ش��اركوا بشكل فعال‬ ‫ف��ي الس��يطرة عل��ى الش��عوب األوروبي��ة‬ ‫بش��كل فج لم يك��ن نهايته إع�لان الحروب‬ ‫الصليبي��ة "لتحري��ر قبر المس��يح من أيدي‬ ‫الكفار"‪ ،‬وهنا اش��تعلت ع��داوة تاريخية بين‬ ‫المسلمين والمسيحيين لم تنطفئ جذوتها‬ ‫حت��ى الي��وم رغ��م كل مق��والت التعاي��ش‬ ‫والتسامح التي يتش��دق بها منظرو الثورات‬ ‫ورواده��ا‪ .‬حت��ى أن الكنيس��ة حكم��ت على‬ ‫كوبرنيكس باإلعدام حرق��اً نتيجة نظريته‬ ‫القائلة بدوران األرض حول الشمس‪ ،‬بينما‬ ‫وضع غاليليو تح��ت اإلقامة الجبرية وحرقت‬ ‫كتبه ألسباب مش��ابهة‪ .‬كما لم يتورع رجال‬ ‫الدين عن اعتبار الطاعون الذي اجتاح أوروبا‬ ‫أواس��ط القرن الخامس عش��ر سوى غضب‬ ‫م��ن الرب وأن من يموت بالطاعون فقد مات‬ ‫ش��هيداً رافضي��ن في الوقت ذات��ه محاوالت‬

‫بع��ض األطباء لم��داواة المرضى‪ .‬يذكر أحد‬ ‫الفرس��ان الصليبيي��ن أن��ه حمل وال��ده إلى‬ ‫قس في كنيسة البلدة أللم في عينه‪ ،‬فكان‬ ‫العالج الذي ابتدعه القس أن س��كب الشمع‬ ‫المغلي في عين المريض فمات من ساعته‪.‬‬ ‫كانت محاكمات التطهير تجري بش��كل شبه‬ ‫يومي في انجلترا وفرنسا واسبانيا وايطاليا‬ ‫(وإن بدرج��ات متفاوت��ة) حيث يت��م تعذيب‬ ‫المته��م بأش��رس الوس��ائل وأقذرها وعلى‬ ‫م��رأى الجمهور ليك��ون "عب��رة" لغيره‪ .‬ولم‬ ‫تختل��ف تل��ك المحاكمات ف��ي جوهرها عن‬ ‫محاكم��ات أمن الدولة الت��ي كان يتم خاللها‬ ‫"تطهير" المتهم من ذن��وب "معاداة الثورة"‬ ‫و"إثارة النعرات الطائفية"‪.‬‬ ‫أما الفقهاء المسلمون فكان لهم الحظ‬ ‫األوفر من تلك الممارسات وإن اختلف الشكل‬ ‫والمب��ررات‪ .‬ل��م تقف المس��ألة عن��د أحكام‬ ‫الردة ومعارضة حرية الفرد باختيار عقيدته‬ ‫وحس��ب‪ ،‬بل امتدت فيم��ا بعد إل��ى التكفير‬ ‫المتبادل بين رجال الدين المسلمين أنفسهم‬ ‫عل��ى خلفي��ات طوائفه��م ومذاهبهم‪ ،‬حتى‬ ‫أن معارك شرس��ة قامت بي��ن أتباع المذهب‬ ‫الش��افعي وأتباع مذهب ابن مالك في مصر‬ ‫بينم��ا لم يس��لم م��ن لقب��وا "آل البيت" من‬ ‫اضطهاد الخلفاء المسلمين على خلفية طمع‬ ‫كل فريق بالحكم والخ�لاف على أحقية كل‬ ‫طرف‪ .‬وكان رجال الدين على جانبي الصراع‬ ‫يغذون النار في الهشيم وانقسمت المذاهب‬ ‫نفس��ها إلى فرق ومذاهب أخ��رى تحيا على‬ ‫التمايز والتنافر والتقاتل أحيانًا‪ .‬وهكذا لعب‬ ‫رجال الدين أش��د األدوار س��لبية س��واء على‬ ‫مس��توى اس��تعباد الناس من خالل تقديس‬ ‫الحكام واعتبار الخليفة "ال يس��أل عما يفعل‬ ‫وهم يسألون"‪ ،‬وسواء على مستوى التفريق‬ ‫بين الناس على مختلف األس��س وتحت أدلة‬ ‫قرآنية ونبوية كان يتم اجتزاؤها من سياقها‬ ‫لتبرير هذه الخالفات والنزاعات‪.‬‬ ‫ولم يختلف الحال لدى رجال الدين في‬ ‫العه��د الحديث عن س��ابقيهم ف��ي العصور‬ ‫القديم��ة‪ ،‬فقد كانت االمتي��ازات تنهال على‬ ‫من يروج للسلطان ويدعو لطاعته حتى ولو‬ ‫كان ظالم��اً بينم��ا تنزل أش��د العقوبة بمن‬ ‫يجرؤ على مخالفة السلطان أو التشكيك في‬ ‫شرعيته‪ .‬قام أبو جعفر المنصور بضرب ابن‬ ‫مالك ألن��ه اعتبره طاغية وأن الناس بايعته‬ ‫باإلكراه‪ ،‬بينما قام بس��جن أبي حنيفة الذي‬ ‫كان ال يرى الحكم في قريش ورفض تولي‬ ‫القض��اء عند حاكم ظالم كأبي جعفر وبقي‬ ‫في السجن حتى وفاته‪.‬‬

‫كان رجال الدين يلعبون على كل الحبال‬ ‫طمعاً في مناصب الحكم المختلفة وطمعًا في‬ ‫مناصب اجتماعية أعطوها ألنفس��هم وأجبروا‬ ‫الن��اس عل��ى تبجيله��م عب��ر إيهامه��م ب��أن‬ ‫رضاه��م من رض��ى اهلل‪ .‬وكان وال يزال رجال‬ ‫الدين في كل طائفة يشدون الحبل باتجاههم‬ ‫فيقتت��ل الن��اس ويتحارب��ون‪ .‬ق��ام الكثير من‬ ‫رجال الدين الس��نة والش��يعة على حد س��واء‬ ‫بالحك��م بتطليق الزوجات م��ن أزواجهن ذوي‬ ‫المذه��ب المختلف في الع��راق‪ ،‬حتى أن كثيراً‬ ‫م��ن العائالت اضطرت إم��ا للهجرة أو للخضوع‬ ‫لهذه األحكام بعد تلقيها رسائل تهديد‪ ،‬وهكذا‬ ‫يقوم بعض رجال الدين في سوريا بالسكوت‬ ‫عن جرائم النظام مثلما سكتوا عن جرائم األب‬ ‫بل وتثبيت أركان حكمه تحت الش��عار الشهير‪:‬‬ ‫"س��لطان ظلوم وال فتنة تدوم" وذهبت أجيال‬ ‫وأجي��ال في المعتق�لات والس��جون بينما كان‬ ‫المشايخ يصلون صلوات العيد بجانب الطاغية‬ ‫غير عابئين بآالم الناس‪ .‬وهاهم اليوم ليسوا‬ ‫بأحسن حا ًال وأنا أعني الطرفين سواء من بقي‬ ‫م��ع النظام وه��م األكثرية (تحت ذات الش��عار‬ ‫الس��ابق) أو من ادع��ى معاداته وخرج إلى بالد‬ ‫"اإليمان والس��لف الصال��ح" ليصرخ من هناك‬ ‫بأن "الدم الس��ني واحد" ويعل��ن دعوات إقامة‬ ‫الدولة الس��لفية وغيرها‪ .‬ولم يكن أسوء تلك‬ ‫الدع��وات إال بيان من س��موا أنفس��هم "كتيبة‬ ‫صدام حس��ين" عندم��ا قرروا أن يغيروا اس��م‬ ‫كتيبتهم‪ ،‬فالمضحك أنه��م يدعون في البيان‬ ‫تغيير اس��م الكتيب��ة "مراعاة لإلخ��وة األكراد"‬ ‫وأنه��م ما أطلق��وا هذا االس��م عل��ى الكتيبة‬ ‫س��ابقاً إال "لوقوفه��م في وجه المد الش��يعي‬ ‫الفارس��ي المجوس��ي"! فكان��وا كم��ن فسّ��ر‬ ‫الم��اء بع��د الجهد بالم��اء‪ ،‬فكي يرض��وا طرفًا‬ ‫أغضبوا آخر واس��تعدوا هذا وأرضوا ذاك وفي‬ ‫كل تلك الش��واهد أمثلة على التخبط الفكري‬ ‫والعقائدي لدى كثير من الناس بفضل الظالم‬ ‫الذي اختار رجال الدين أن يضعونا داخله‪.‬‬ ‫ال ي��زال رج��ال الدين يتاج��رون بدماء‬ ‫الش��عب في س��وريا وعلى أعلى المستويات‬ ‫وأدناه��ا‪ ،‬وكل منه��م يكش��ف بش��كل ف��ج‬ ‫انتم��اءه ووالءه اللذي��ن أبع��د م��ا يكونا عن‬ ‫الوطني��ة‪ ،‬فكم��ا يته��م رجال الدين الس��نة‬ ‫أقرانهم الش��يعة بالتبعية إلي��ران فإنهم ال‬ ‫يخفون تبعيتهم للسعودية "منارة السلفية"‬ ‫في العالم و"رأس الفرقة الناجية"‪ .‬وما بين‬ ‫هذا وذاك تضيع بوصلة الثورة وتتحول إلى‬ ‫ثورات هامشية ولعل في لبنان مث ًال تاريخيًا‬ ‫وفي العراق مث ًال حيًا على كل ذلك‪.‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫جوليا شحادة‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫كان المهج��ع مكتظ��ًا‪ ،‬مس��احته حوالي‬ ‫الستة عشر متراً مربعاً ويحوي أكثر من مئة‬ ‫سجين!‪.‬‬ ‫يت��م تقس��يم الس��جناء إل��ى ثالث��ة‬ ‫مجموع��ات‪ ،‬عندما تك��ون المجموعة األولى‬ ‫نائمة (بطريقة التس��ييف وهي أن يستلقي‬ ‫الس��جناء بجان��ب بعضه��م البع��ض عل��ى‬ ‫جنبه��م‪ ،‬ويك��ون رأس أحده��م عن��د قدمي‬ ‫اآلخ��ر وهك��ذا‪ ..‬كم��ا ف��ي علبة الس��ردين)‪،‬‬ ‫تجلس��المجموعة الثانية القرفص��اء وتكون‬ ‫المجموع��ة الثالث��ة واقف��ة‪ ،‬و خالل س��اعات‬ ‫الي��وم تق��وم المجموع��ات الث�لاث بتبدي��ل‬ ‫المواقع ‪.‬‬ ‫تخصص لرئيس المهجع ‪ -‬وهو عادة إما‬ ‫أقدم السجناء أو أكبرهم سناً – أكبر مساحة‬ ‫باعتبار أنه مكلف بالنظر بشؤون باقي نزالء‬ ‫المهج��ع وأحيانًا يضطر الس��تقبالهم بجانبه‬ ‫وسماع شكواهم‪.‬‬ ‫كان يحف��ظ قص��ص الجمي��ع‪ ،‬أس��باب‬ ‫اعتقالهم‪ ،‬تفاصيل حياتهم‪ ،‬أسماء أوالدهم‪،‬‬ ‫أمنياتهم‪ ،‬وأحالمهم‪.‬‬ ‫ف��ي أح��د المس��اءات أدخلوا فت��ىً في‬ ‫السادس��ة عشر من عمره‪ ،‬اس��تقبله رئيس‬ ‫المهج��ع واس��تضافه ف��ي زاويت��ه الخاصة‪،‬‬ ‫ليس��تمع لقصته فيما بعد (عن��د انتهائه من‬ ‫النظر ف��ي أمور باق��ي الس��جناء) ويختار له‬ ‫المجموعة المناس��بة التي يمكنه البقاء معها‬ ‫تبعًا لظروفه ووضعه‪.‬‬ ‫بع��د مض��ي أكثر من س��اعة اس��تطاع‬ ‫التحدث إليه س��أله عن إس��مه ق��ال له‪ :‬فالن‬ ‫الفالني ابن فالن‪.‬‬ ‫صمت رئي��س المهج��ع‪ ،‬احتضن الفتى‬ ‫وقال له‪ :‬شايف هديك الزاوية يا ابني؟‬ ‫نظ��ر الفتى إلى حيث أش��ار ل��ه‪ ،‬صرخ‬ ‫الرئيس‪ :‬أبو فالن‪ ،‬استلم ابنك!‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أص��در رئي��س الجمهورية المرس��وم‬ ‫رق��م ‪ 104‬الخ��اص بالتعبئ��ة‪ ،‬حي��ث يحدد‬ ‫ه��ذا المرس��وم أسس��ها بش��كل ع��ام‪ ،‬وال‬ ‫يعل��ن التعبئ��ة العام��ة حالي��ًا‪ ،‬ويتضم��ن‬ ‫المرس��وم ‪ 43‬مادة توزعت على ‪ 10‬فصول‬ ‫ه��ي التعاريف والمب��ادئ األساس��ية‪ ،‬مهام‬ ‫السلطات التش��ريعية والتنفيذية في مجال‬ ‫إعداد التعبئة وتنفيذها‪ ،‬واجبات المؤسسات‬ ‫والش��ركات والمواطني��ن ف��ي مج��ال إعداد‬ ‫التعبئة وتنفيذها‪ ،‬األسس التنظيمية إلعداد‬ ‫التعبئة وتنفيذها‪ ،‬اس��تدعاء المواطنين إلى‬ ‫الخدمة العس��كرية االحتياطي��ة عند إعالن‬ ‫التعبئة‪ ،‬اس��تبعاد المواطني��ن المعبأين في‬ ‫االحتياط من الدعوة إلى الخدمة العسكرية‬ ‫االحتياطي��ة أثن��اء تنفي��ذ التعبئ��ة‪ ،‬الرواتب‬ ‫واألج��ور‪ ،‬أثم��ان وأج��ور األش��ياء المعب��أة‪،‬‬ ‫والعقوبات‪.‬‬ ‫والتعبئ��ة العام��ة قانوناً‪ :‬ه��ي تحويل‬ ‫البالد بش��كل عام والقوات المسلحة بشكل‬ ‫خاص م��ن زم��ن الس��لم إلى زم��ن الحرب‬ ‫استعداداً للدفاع عن سيادة الوطن ومواجهة‬ ‫األخط��ار الداخلي��ة والخارجي��ة بم��ا فيه��ا‬ ‫الك��وارث الطبيعية وغي��ر الطبيعي��ة‪ ،‬فيما‬ ‫عرف التعبئة العام��ة بأنها وضع جميع مواد‬ ‫البالد البش��رية والمادية في خدمة المجهود‬ ‫الحربي وفقًا لمقتضيات مصلحة البالد‪ ،‬في‬ ‫حين عرف التعبئ��ة الجزئية بأنها وضع جزء‬ ‫من موارد البالد البشرية والمادية في خدمة‬ ‫المجهود الحربي في منطقة محددة أو أكثر‬ ‫وحسب الحالة التي تستدعي ذلك‪.‬‬ ‫وج��اء بالمادة الثانية من المرس��وم إن‬ ‫التعبئة تعلن بمرس��وم‪ ،‬يص��در عن رئيس‬ ‫الجمهوري��ة بع��د موافقة مجلس الش��عب‪،‬‬ ‫فيما تعلن التعبئة الجزئية بمرسوم‪ ،‬يصدر‬ ‫عن رئيس الجمهورية حس��ب الموقف الذي‬ ‫يعود تقديره لرئيس الجمهورية‪.‬‬ ‫وتضمن��ت المادة الثالثة ح��االت إعالن‬ ‫التعبئ��ة وه��ي عن��د وق��وع الح��رب بي��ن‬ ‫الجمهورية العربية الس��ورية وبين دولة أو‬ ‫أكثر أو التهديد بوقوعها‪ ،‬عند توتر العالقات‬ ‫اإلقليمية والدولية‪ ،‬وعن��د مواجهة الكوارث‬ ‫الطبيعية وغير الطبيعية‪ ،‬وأضاف المرسوم‬ ‫حال��ة جدي��دة ذكرها صراح��ة وهي "حدوث‬ ‫اضطرابات داخلية تهدد أمن الوطن"‪.‬‬ ‫وحددت المادة ‪ 4‬مهام رئيس الجمهورية‬ ‫في مج��ال إع��داد التعبئ��ة وتنفيذها‪ ،‬حيث‬ ‫تشمل المهام رسم السياسة العامة للتعبئة‬ ‫ف��ي الجمهوري��ة العربي��ة الس��ورية‪ ،‬إعداد‬ ‫وإص��دار القواني��ن والمراس��يم المتعلق��ة‬ ‫بإع��داد التعبئ��ة وتنفيذه��ا‪ ،‬تحدي��د نظام‬ ‫التع��اون بين أجهزة الس��لطة التنفيذية في‬ ‫مجال إعداد التعبئة وتنفيذها‪ ،‬تحديد نظام‬ ‫عم��ل أجه��زة الس��لطة التنفيذي��ة‪ ،‬وأجهزة‬ ‫اإلدارة المحلية‪ ،‬أثناء تنفيذ التعبئة‪ ،‬وتحديد‬ ‫نظام العمل الس��تبعاد المواطنين المعبئين‬ ‫ف��ي االحتياط العاملين في أجهزة الس��لطة‬ ‫التنفيذي��ة وأجه��زة اإلدارة المحلي��ة م��ن‬ ‫الدع��وة إلى الخدمة العس��كرية االحتياطية‬ ‫عند إعداد وتنفيذ التعبئة‪.‬‬ ‫كم��ا أوضحت المادة ‪ 10‬من المرس��وم‬ ‫واجب��ات المواطنين أثناء إعالن التعبئة حيث‬ ‫يج��ب عليهم الحضور إلى ش��عب تجنيدهم‬ ‫عند اس��تدعائهم أثناء تنفي��ذ التعبئة وذلك‬ ‫لتحديد المهام المسندة لهم‪ ،‬تنفيذ تعليمات‬ ‫التعبئ��ة المعط��اة له��م‪ ،‬وتعليم��ات ش��عب‬ ‫التجنيد‪ ،‬وتقديم كل م��ا يلزم من العقارات‬ ‫والمنق��والت وغيرها م��ن األغراض األخرى‬ ‫المملوكة له��م أو كانت بحيازتهم مع حفظ‬ ‫حقهم في التعوي��ض العادل وفق القوانين‬ ‫واألنظمة النافذة‪.‬‬

‫ونص��ت الم��ادة ‪ 14‬أن��ه يت��م تموي��ل‬ ‫إع��داد التعبئ��ة وتنفيذه��ا م��ن الموازن��ة‬ ‫العامة للدولة‪ ،‬وأموال ميزانيات المحافظات‬ ‫والمناط��ق والنواح��ي والبل��دات‪ ،‬وأم��وال‬ ‫ميزانيات أجهزة اإلدارة المحلية والمؤسسات‬ ‫والش��ركات‪ .‬وأوضح��ت الم��ادة ‪ 16‬م��ن‬ ‫المرسوم انه يتم اس��تدعاء المواطنين إلى‬ ‫الخدمة العس��كرية االحتياطي��ة عند إعالن‬ ‫التعبئ��ة وفق��ًا له��ذا المرس��وم التش��ريعي‬ ‫ولقان��ون خدمة العلم النافذ في الجمهورية‬ ‫العربية الس��ورية‪ ،‬وأنه يخضع لالس��تدعاء‬ ‫إل��ى الخدم��ة العس��كرية االحتياطي��ة عند‬ ‫إع�لان التعبئ��ة المواطني��ن المعبئي��ن في‬ ‫االحتي��اط باس��تثناء الذي��ن يتمتع��ون بحق‬ ‫التأجيل من الدعوة إلى الخدمة العس��كرية‬ ‫االحتياطية عند إع�لان التعبئة‪ ،‬وأنه يمكن‬ ‫إرس��ال المواطنين المعبئين ف��ي االحتياط‬ ‫إل��ى الخدم��ة العس��كرية االحتياطي��ة عند‬ ‫إع�لان التعبئة‪ ،‬من أج��ل العمل في وظائف‬ ‫العاملي��ن المدنيي��ن في القوات المس��لحة‪،‬‬ ‫وأنه ال يخضع للدعوة إلى الخدمة العسكرية‬ ‫االحتياطي��ة عند إعالن التعبئ��ة المواطنين‬ ‫المحكومين بجرائم تش��كل خطراً على أمن‬ ‫الدول��ة الخارجي أو الداخل��ي أو المنصوص‬ ‫عنه��ا ف��ي المواد م��ن (‪ 236‬إل��ى ‪ 289‬ومن‬ ‫‪ 291‬إلى ‪ )307‬من قانون العقوبات العام‪.‬‬ ‫وفيما يخص األجور‪ ،‬أوضحت المادة ‪23‬‬ ‫أن المس��تدعى يتقاضى تعويضات االنتقال‬ ‫من الجهة التي استدعى إليها وفقًا للقوانين‬ ‫واألنظمة النافذة‪ ،‬فيم��ا نصت المادة ‪ 24‬أن‬ ‫المس��تدعى م��ن القط��اع الع��ام يتقاض��ى‬ ‫أجره طيلة مدة اس��تدعائه م��ن الجهة التي‬ ‫اس��تدعى منها‪ ،‬ويتقاضى م��ن الجهة التي‬ ‫اس��تدعى إليها جميع العالوات والتعويضات‬ ‫الت��ي تمن��ح للعس��كريين معادل��ة لفئته أو‬ ‫أجره أيهما أكثر‪ ،‬في حين أش��ارت المادة ‪25‬‬ ‫على أن المس��تدعى من خارج القطاع العام‬ ‫يتقاض��ى أج��ره طيلة م��دة اس��تدعائه من‬ ‫الجهة التي اس��تدعى إليها‪ ،‬ويكون مس��اويًا‬ ‫ألج��ر أمثاله من العاملين ف��ي وزارة الدفاع‬ ‫الذين يس��اويهم في قدم المهنة والش��هادة‬

‫وكذل��ك بالنس��بة للتعويض��ات والع�لاوات‪،‬‬ ‫وف��ي حال كون المس��تدعى خاضعًا للخدمة‬ ‫االحتياطي��ة فإنه تقاض��ى الراتب والعالوات‬ ‫المقررة لرتبته‪.‬‬ ‫ونصت المادة ‪ 26‬على أن المس��تدعى‬ ‫يحتف��ظ بحق العودة إلى عمله وفقًا ألحكام‬ ‫قان��ون خدم��ة العل��م الص��ادر بالمرس��وم‬ ‫التش��ريعي رقم ‪ 30‬لعام ‪ 2007‬وتعديالته‪،‬‬ ‫وج��اء ف��ي الم��ادة ‪ 27‬أن��ه عن��د استش��هاد‬ ‫المس��تدعى يس��تفيد المس��تحقون م��ن‬ ‫ذويه جمي��ع الحقوق الواردة في المرس��وم‬ ‫التش��ريعي رقم ‪ 9‬لع��ام ‪ 1985‬وتعديالته‪،‬‬ ‫فيم��ا أش��ارت الم��ادة ‪ 28‬إل��ى أنه ف��ي حال‬ ‫الوفاة أو اإلصابة أو األسر أو الفقدان يطبق‬ ‫على المس��تدعى أح��كام قانون المعاش��ات‬ ‫العس��كرية الصادر بالمرس��وم ا لتشريعي‬ ‫رقم ‪ 17‬لعام ‪ 2003‬وتعديالته‪.‬‬ ‫وفيم��ا يخ��ص العقوب��ات للمخالفي��ن‬ ‫لنص المرس��وم‪ ،‬أش��ارت المادة ‪ 32‬إلى أنه‬ ‫يعاقب بالحبس من ثالثة أش��هر إلى سنتين‬ ‫كل م��ن يخال��ف أح��كام إع��داد التعبئ��ة أو‬ ‫تنفيذها أو إجراء التج��ارب والتمارين عليها‬ ‫أو يعرقل تعبئتها‪ ،‬فيما لفتت المادة ‪ 33‬إلى‬ ‫أنه يعاقب بالحبس من شهر إلى ثالثة أشهر‬ ‫كل م��ن يقوم بإفش��اء البيانات والمعلومات‬ ‫الخاصة بإع��داد التعبئة وال تنقص العقوبة‬ ‫عن ستة أشهر إذا تم إفشاء المعلومات أثناء‬ ‫تنفيذ التعبئة‪.‬‬ ‫ونصت الم��ادة ‪ 34‬أنه يعاقب بالحبس‬ ‫من ش��هر إلى ثالثة أشهر كل من كان معبأ‬ ‫في خط��ة التعبئة بدّل عن��وان إقامته ولم‬ ‫يعلم ش��عبة تنفيذه خالل فترة ش��هرين إذا‬ ‫كان خ��ارج القط��ر وخالل ‪ 15‬يوم��ًا إذا كان‬ ‫داخ��ل القط��ر‪ ،‬فيم��ا نص��ت الم��ادة ‪ 35‬انه‬ ‫يعاق��ب بغرام��ة قدره��ا ‪ 3000‬ل‪ .‬س ثالثة‬ ‫آالف ليرة س��ورية كل من تسبب بإهماله أو‬ ‫قلة احترازه بفقدان إعالم التعبئة‪ ،‬في حين‬ ‫أش��ارت المادة ‪ 36‬على أنه ـ يعاقب بالحبس‬ ‫من ثالثة أشهر إلى ستة أشهر كل عامل في‬ ‫شؤون التعبئة أفشى أسراراً تتعلق بعمله‪.‬‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫قانون التعبئ��ة العامة‬

‫من ذاكرة‬ ‫العتمة‬

‫‪9‬‬


‫ثقافـــــ��ة املجــــ��ازر فـ��ي �ســـــوريا‪:‬‬ ‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫�ألبــومات للموتــى‬

‫ف��ي الثالث عش��ر م��ن ش��هر آب ‪2012‬‬ ‫وقعت مج��زرة أخرى بح��قّ مدنيين في ريف‬ ‫دمش��ق‪ .‬اصطفت رقماً متسلس� ً‬ ‫لا في قائمة‬ ‫متطاول��ة ت��كاد ال تع��رف الخت��ام‪ ،‬ككابوس‬ ‫ممت��د‪ .‬فأمام حاج��ز لقوات النظام الس��وري‪،‬‬ ‫عل��ى الطري��ق الواص��ل إلى مدين��ة «جديدة‬ ‫عرط��وز»‪ ،‬قُت��ل تس��عة ش��بان يس��تقلون‬ ‫الحافلة التي تأخذهم باتجاه دمش��ق‪ .‬أجبروا‬ ‫على النزول م��ن الحافلة‪ ،‬وقُتل��وا على مرأى‬ ‫من الناس بس��بب هوياتهم الش��خصية التي‬ ‫تحم��ل أس��ماء عائالتهم كنب��وءة للنهاية‪ .‬ثم‬ ‫أُخ��ذت جثثه��م من أم��ام الحاجز‪ ،‬وت��م رميها‬ ‫كنفايات عند مدخل مدينة «جديدة عرطوز»‪،‬‬ ‫تحت ق��وس البداية تمام��ًا!! كان منهم ثالثة‬ ‫ش��بان م��ن المدين��ة نفس��ها‪ ،‬والباق��ون من‬ ‫المناط��ق المج��اورة مث��ل «جدي��دة الفضل»‬ ‫و»المعضمية» وغيرهما‪.‬‬ ‫ش��هداء «جدي��دة عرط��وز» دفن��وا‬ ‫عل��ى الف��ور‪ .‬البقي��ة مم��ن لم يس��تطع أحد‬ ‫التع��رّف إليه��م‪ ،‬أو ل��م يق��در ذووه��م على‬ ‫القدوم ألخذهم‪ ،‬بس��بب م��ن انقطاع الطرق‬ ‫واالتص��االت‪ ،‬فق��د التق��ط له��م أحد ش��باب‬ ‫«جدي��دة عرط��وز» ص��وراً بكامي��را هاتف��ه‬ ‫المحم��ول‪ ،‬واحتفظ بالصور لدي��ه في ألبوم‬ ‫خاص‪ ،‬أسماه‪« :‬ألبوم شهداء القوس»‪ ،‬نسبة‬ ‫إل��ى مدخ��ل المدين��ة كق��وس حج��ري‪ ،‬قبل‬ ‫أن تُدف��ن الجثث المرشّ��حة للتح ّلل‪ ،‬بس��بب‬ ‫انقطاع الكهرباء والحرّ الشديد‪ ،‬على عجل‪.‬‬ ‫إلى الهات��ف المحمول لذلك الش��اب راح‬ ‫أهالي المفقودي��ن يتوافدون‪ .‬يد ّلهم كل من‬ ‫يُس��أل‪ ،‬فقد أضحت الحادثة معروفة للصغير‬ ‫والكبي��ر‪ .‬كل م��ن اختف��ى ابنه يأت��ي ليلقي‬ ‫نظ��رات على ص��ور القتلى‪ :‬ش��هداء القوس‪.‬‬ ‫والش��اب يعرض الصور بش��كل تلقائي كأنه‬ ‫يق��وم‪ ،‬مخلصًا‪ ،‬بوظيفته في أرش��يف وزارة‪.‬‬ ‫لم��ن تع��ذّر علي��ه التدقيق في ص��ور القتلى‬ ‫كان الشاب يس��اعده في تذكر لون مالبسهم‬ ‫أو أحذيته��م أو س��اعاتهم أو عالم��ات أخ��رى‪.‬‬ ‫ف��ي إحدى المرات لم تعرف أم أحد الش��هداء‪،‬‬ ‫القادمة من «جديدة الفضل»‪ ،‬ابنها‪.‬‬ ‫ـ «يب��دو وج��ه الموت��ى غريب��ًا حتى عن‬ ‫أحبابهم!!«‪.‬‬ ‫ع ّلق الش��اب‪ .‬لكن��ه عرف ابنه��ا القتيل‬ ‫م��ن ف��وره حين ألق��ى نظ��رة عل��ى صورته‬ ‫حياً‪ ،‬ص��ورة مخبّأة في صدر أم��ه بين طيات‬ ‫مالبس��ها‪ ،‬وبمقارنة س��ريعة تأكد بأنه ابنها‬ ‫المفقود‪ ،‬هو ذاك القتيل الذي تهشّ��م نصف‬ ‫وجه��ه برصاصة قريب��ة‪ ،‬وكان يرتدي بنطال‬ ‫جينز وتي شيرت بلون السماء‪.‬‬ ‫مثل ه��ذه الحالة س��تصادفها كثيراً في‬ ‫س��وريا اليوم‪ ،‬بتمظه��رات مختلفة وتفاصيل‬ ‫متباينة‪ .‬ربم��ا هي محاوالت للوقوف في وجه‬ ‫النس��يان! أن نو ّثق الموت كأنه جزء رئيس��ي‬ ‫م��ن حياتن��ا‪ ،‬نحفره ف��ي ذاكرتن��ا‪ ،‬أو في أي‬ ‫ذاك��رة بديل��ة كذاك��رة هاتف محم��ول!! لكن‬ ‫ه��ذه الذاك��رة المقيمة ض��د النس��يان‪ ،‬الذي‬ ‫نخش��اه‪ ،‬تتحوّل إلى ذاكرة معتادة مع الزمن‪،‬‬ ‫كمن يع ّلق ص��ورة متوفى في غرفته فيتآلف‬ ‫مع وجودها‪ ،‬ويتحوّل المتوفّى ليغدو صورته‪.‬‬ ‫اعتياد الموت يجعلنا نتحوّل إلى موتى أحياء‪.‬‬ ‫ف��ي س��وريا الي��وم‪ ،‬ينتش��ل ش��باب‬ ‫المناطق المقصوفة الجثث يومياً كمن يحمل‬ ‫أكياس قمح‪ .‬بالحماس��ة ذاتها واالعتياد ذاته‪.‬‬ ‫ه��ذا ال يعن��ي أن األل��م انتف��ى‪ ،‬أب��داً‪ ،‬ولكنه‬

‫أضحى ألماً معتاداً‪ ،‬نتعايش معه‪ .‬يرتكس��ون‬ ‫تجاه العثور على المجازر كإرتكاس��اتهم تجاه‬ ‫اله��ول اليومي ال��ذي يعيش��ونه‪ :‬اعتياد‪ .‬قبل‬ ‫مدة ليس��ت بطويلة التقيت بشاب من مدينة‬ ‫داريا‪ ،‬وهي مدينة في ريف دمش��ق‪ ،‬حدّثني‬ ‫عن برّاد كبير لنقل الفواكه والخضار وجدوه‬ ‫بجانب الفرن اآللي ف��ي المدينة‪ ،‬كان متروكًا‬ ‫إل��ى جانب الطريق كهدية من الش��يطان بعد‬ ‫المجزرة الفظيعة الت��ي حدثت هناك بين ‪20‬‬ ‫و‪ 27‬آب المنصرم‪ .‬كان لهفاً وهو يحدثني عن‬ ‫اكتشاف ما فيه‪ 34« :‬جثة‪ ،‬منها ‪ 28‬جثة لرجال‬ ‫و‪ 3‬نس��اء و‪ 3‬أطفال‪ ،‬منهم طفلة بدون ساق‬ ‫ورضيع عمره أشهر وطفل ال يتجاوز عمره ‪11‬‬ ‫س��نة من مختلف أنحاء داريا»‪ .‬ثم أردف بنبرة‬ ‫تجمع االعتداد باأللم والخوف‪:‬‬ ‫ـ «كن��ت مم��ن حم��ل جثثه��م ونقله��ا‪..‬‬ ‫وانظري هذا هو الفيديو‪.» ..‬‬ ‫وحالم��ا أنهيت مش��اهدة الفيديو نقلني‬ ‫إلى فيدي��و آخر يُظهر جثث��ًا مصطفة بجانب‬ ‫بعضه��ا البعض يكاد ال يظه��ر آخرها‪ ،‬ورجل‬ ‫يحم��ل خرط��وم مي��اه ويغس��ل الدم��اء وآثار‬ ‫الحرق وتراكم الموت عنها‪.‬‬ ‫ـ «لم يعد ثمة متس��ع من الوقت لنغسل‬ ‫كل جثة على حدة‪ ،‬صرنا نغسلهم مجتمعين‪..‬‬ ‫تعرفين ‪ 750‬ش��هيداً في داريا خالل أسبوع‪..‬‬ ‫رقم مهول«‪.‬‬ ‫ولدهش��تي فق��د ش��اهدت الفيديوهات‬ ‫كلها وأنا متماس��كة‪ .‬كما ش��اهدت فيديوهات‬ ‫لمقت��ل عواينية وش��بيحة في الحجر األس��ود‬ ‫بالتماس��ك ذاته‪ ،‬ولم أخفِ ارتياح��ي‪ .‬إذاً من‬ ‫حي��ث أراد النظ��ام أن يقم��ع الث��ورة بالعن��ف‬ ‫الش��ديد‪ ،‬راحت الث��ورة تنتج عنفه��ا المضاد‪،‬‬ ‫وهذا أمر متوقع‪ .‬وه��ذا العنف تبدى بالدرجة‬ ‫األولى ف��ي دواخلن��ا نحن الس��وريين‪ :‬اعتياد‬ ‫المجازر‪ ،‬ودخ��ول الموت ف��ي تفاصيل الحياة‬ ‫اليومية كثقافة متراكمة‪ .‬فهذا الشاب الديراني‬ ‫كان ي��درس ف��ي الجامعة حين ب��دأت الثورة‪،‬‬ ‫وألنه لم يحمل الس�لاح‪ ،‬ككثير من ثوار داريا‬

‫السلميين‪ ،‬تحوّل مع الوقت إلى منتشل جثث‪،‬‬ ‫ومو ّثق للقتلى والمجازر وذاكرة الفظاعة في‬ ‫المنطق��ة‪ .‬كان يُري الفيدي��و ذاك لكل قادم‪.‬‬ ‫ويحرص على نش��ر كل ما يصوّره‪ ،‬ورفاقه‪،‬‬ ‫على المواق��ع االلكترونية‪ .‬ف��ي النهاية أبدى‬ ‫حزنه وانزعاجه ألن ذاك الحس��اب اإللكتروني‬ ‫تم حظره من إدارة الفيسبوك بسبب ما نشره‬ ‫عن جثث محروقة مشوّهة في داريا!!‬ ‫هل ه��ي محاوالت الواعي��ة للتكيّف مع‬ ‫موتنا اليومي!! أم محاوالت لالس��تمرار وسط‬ ‫الجحيم! أم هي بوادر لتب ّلد إحساس��نا بالموت‬ ‫كم��ا حص��ل م��ع أوروبي��ي الح��رب العالمية‪،‬‬ ‫وهم يرمقون الجثث المش��لوحة في الشوارع‬ ‫ويكمل��ون طريقه��م‪ .‬وربم��ا كان��ت محاوالت‬ ‫للبقاء على قيد الفاعلية بالنس��بة إلى مدنيي‬ ‫الث��ورة‪ ،‬فالتصال��ح م��ع الم��وت‪ ،‬وتقدي��م ما‬ ‫يمكنن��ا له‪ ،‬جزء من طق��وس العمل في ثورة‬ ‫س��وريا الت��ي تدفع كل ي��وم مئ��ات المدنيين‬ ‫كقرابين‪.‬‬ ‫قبل شهور قليلة حصلت حادثة ال أعتقد‬ ‫أن من الس��هل نس��يانها‪ ،‬فقد قُتل ش��اب من‬ ‫مدينة سقبا في مدينة جرمانا‪ ،‬وهما مدينتان‬ ‫في ريف دمشق‪ ،‬رداً على قتل أحد رجال اللجان‬ ‫الش��عبية هن��اك بيد رجل من س��قبا (حس��ب‬ ‫الرواية المتداولة)‪ .‬ووس��ط س��عار العنف الذي‬ ‫يس��ود ألقى بع��ض المجرمي��ن القبض على‬ ‫ش��اب س��قباوي‪ ،‬ال عالقة له بالجريم��ة أ ّللهم‬ ‫إال أن��ه من بلد القاتل‪ ،‬وتم قتله في الس��احة‬ ‫الرئيس��ية ف��ي مدين��ة جرمان��ا‪ .‬درزت بطنه‬ ‫بالطلقات واندلقت أحشاؤه على اإلسفلت أمام‬ ‫المارة‪ .‬وكان للحادثة وقع الصاعقة في مدينة‬ ‫مازال��ت بمن��أى‪ ،‬نوع��ًا م��ا‪ ،‬عن أعم��ال العنف‬ ‫الشديدة من قبل النظام‪ ،‬قبل أن تبدأ سلسلة‬ ‫التفجيرات المتتالية فيها‪.‬‬ ‫تل��ك الجريم��ة الت��ي حصل��ت تح��ت‬ ‫الش��مس‪ ،‬على مس��مع ومرأى رج��ال األمن‪،‬‬ ‫ليس��ت بيت القصيد هنا‪ ،‬بل بيت القصيد هو‬ ‫أن الفيديو المصوّر عن الجريمة‪ ،‬بحذافيرها‪،‬‬

‫روزا ياسين حسن‬

‫انتش��ر خ�لال س��اعات ف��ي عم��وم المدينة‪،‬‬ ‫وانتقل من ثم إلى خارجها‪ .‬وبقي الناس أيامًا‬ ‫قادم��ة يقدّم��ون الفيديو للزائر م��ع القهوة‪،‬‬ ‫ويتس��اءلون بع��د إلق��اء الس�لام إن كان ق��د‬ ‫رأى الفيديو! ف��إن كان جوابه النفي يقحمون‬ ‫الهاتف الخليوي في وجهه ليراه مرفقًا بنظرة‬ ‫يشوبها الفخر‪.‬‬ ‫هل هو نوع من معرفة المعلومة وسط‬ ‫غي��اب لمصداقية الخبر ما جع��ل أهل جرمانا‬ ‫يفعل��ون ذل��ك‪ ،‬وضياع بي��ن إعالم الس��لطة‬ ‫وإع�لام معارض��ة؟! أو ه��و ن��وع م��ن توثيق‬ ‫للحقيق��ة لن توث��ق إال بفيديوه��ات تتحرّك‬ ‫فوق أجساد يحتلها الموت؟!‬ ‫إن��ه حال خطي��ر ينبغ��ي أن نفك��ر فيه‬ ‫بجدي��ة‪ .‬ه��ل تصالح الس��وريون م��ع الموت‪،‬‬ ‫اعت��ادوه وأصبح ج��زءاً من حياته��م اليومية‪.‬‬ ‫ه��ل أضح��ى العن��ف تفصي� ً‬ ‫لا طبيعي��اً م��ن‬ ‫تفاصيل حياتنا؟! ال نستهجنه‪ ،‬ال نشمئز منه‪،‬‬ ‫ونس��وّغه في بعض األحي��ان‪ ،‬وكأن النظام‬ ‫السوري اس��تطاع أن ينقل لنا جزءاً من عنفه‬ ‫الش��رس الذي يطبقه منذ س��نة ونصف على‬ ‫أرواحن��ا‪ ..‬هل كل هذا ما جعل ابني يأتي إلى‬ ‫البي��ت يوماً وه��و يحمل مجموع��ة من فوارغ‬ ‫الرص��اص التي راح ورفاق��ه يلعبون بها بدل‬ ‫الدحاحل‪ .‬كان قادمًا وف��ي وجهه فخر مضمر‬ ‫ألنه استطاع أن يربح كمية إضافية من فوارغ‬ ‫الرص��اص الجدي��دة!! أم��ا الدحاح��ل الملونة‬ ‫المس��تديرة بلطف فقد أضحت طيّ النسيان!‬ ‫وينظر إليها نظرة استخفاف وشفقة!!‬ ‫مالحظة البد منه��ا‪ :‬كتابتي هذه جزء ال‬ ‫يتج��زأ من ثقاف��ة المجازر الت��ي أتك ّلم عنها‪،‬‬ ‫اعتي��اد الكتاب��ة ع��ن الم��وت كاعتي��اد رائحة‬ ‫الجث��ث وحمله��ا وغس��لها وتكفينه��ا‪ .‬ثقاف��ة‬ ‫واح��دة تلك التي تؤس��س ف��ي دواخلنا اليوم‬ ‫نحن الس��وريون‪ ،‬وكم س��نبذل من جهود كي‬ ‫نظف أرواح أطفالنا منها‪ ،‬كي يستطيعوا بناء‬ ‫سوريا الجديدة تلك التي يحلم الجميع بها‪.‬‬ ‫المستقبل ‪2012 / 10 / 7‬‬


‫�أبو الي�سر عابدين ‪1981 – 1889‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫في الوسط الرئيس سعيد بك الغزي‪ ،‬إلى يمينه نائب رئيس الجمهورية المصرية السيد أنور السادات فمحافظ حمص‬ ‫السيد سعيد السيد فالمفتي العام سماحة األستاذ أبو اليسر عابدين فوزير الدفاع السيد رشاد برمدا‪ .‬إلى يساره حنا‬ ‫مالك األمين العام لرئاسة مجلس الوزراء فرئيس األركان العامة السيد شوكت شقير فالوزير السيد أسعد هارون‬

‫الغرائ��ب»‪« ،‬محاضرات في عل��م األحوال»‪،‬‬ ‫«دي��وان خطب»‪« ،‬رس��الة ف��ي التعريفات»‪،‬‬ ‫«رس��الة في األحادي��ث القدس��ية» ذيل بها‬ ‫على رس��الة اب��ن العربي‪« ،‬الق��ول الصحيح‬ ‫ف��ي المتواتر الصريح»‪« ،‬رس��الة في جوامع‬ ‫كلمه (ص)»‪« ،‬البليغ من الكالم ما عدا كالم‬ ‫اهلل وكالم رس��وله عليه الصالة والس�لام»‪،‬‬ ‫«النوادر والمستحس��نات اللغوية»‪ .‬كما ترك‬ ‫فتاوى نادرة ال تزال مخطوطة بدائرة اإلفتاء‬ ‫بوزارة األوقاف‪.‬‬ ‫يقول الش��يخ األديب عل��ي الطنطاوي‬ ‫في كتاب��ه "مذكرات عل��ي الطنطاوي" تحت‬ ‫عنوان مذكرات بعض األساتذة والمشايخ‪:‬‬ ‫"نتح��دث اليوم ع��ن عال��م كان مفتي‬ ‫الشام وكان أبوه من قبله مفتي الشام‪ ،‬فهو‬ ‫النموذج الكامل لعلم��اء القرن الماضي وهو‬ ‫الش��يخ أبو اليس��ر عابدين رحم��ه اهلل‪ ،‬كان‬

‫علم��اء الق��رن الماضي والق��رون المتأخرات‬ ‫قبل��ه علماء رواي��ة ونقل يفهم��ون ما تركه‬ ‫السلف ولكن ال يزيدون عليه وال يستطيعون‬ ‫أن يأت��وا بمثل��ه‪ ،‬لذلك تق��رؤون في ترجمة‬ ‫الواحد منهم أنه قرأ كتاب كذا وكذا وأنه أقرأ‬ ‫تالمي��ذه كتاب ك��ذا وكتاب كذا‪ ،‬فالش��يخ أبو‬ ‫اليسر عابدين رحمه اهلل كان نموذجًا لهؤالء‬ ‫العلم��اء لكن��ه كان نموذجًا كام� ً‬ ‫لا‪ ،‬قرأ على‬ ‫أبيه الش��يخ أبي الخي��ر عابدين رحمهما اهلل‬ ‫الحاش��ية مثال بأجزائها الخمسة الكبار ثالث‬ ‫م��رات وأقرأه��ا م��ن بَــعــدُ أكث��ر من ثالث‬ ‫عش��رة مرة وقرأ العش��رات من الكتب ال كما‬ ‫قرأت أنا قراءة س��رد ألعرف م��ا فيها وألرجع‬ ‫عن��د الحاج��ة إليه��ا‪ ،‬بل كم��ا عهدن��ا طالب‬ ‫األزهر يق��رؤون قبل أن ينتق��ل األزهر إلى‬ ‫رحمة اهلل وتسكن منازله هذه الجامعة التي‬ ‫ورثته وليست من ورثته الشرعيين‪.‬‬ ‫كان الش��يخ أب��و اليس��ر عابدين رحمه‬ ‫اهلل فهرسًا ناطقًا لكتب الفقه الحنفي تسأله‬ ‫عن المسألة فيدلك على موضعها من الكتاب‬ ‫كأنه هو الذي وضعها بيده"‪.‬‬ ‫تميز الش��يخ فض ًال ع��ن العلم بأخالق‬ ‫رفيعة تليق بالعلماء الكبار فقد كان ش��ديد‬ ‫التواض��ع ول��م يك��ن يحب تص��در المجالس‬ ‫وال يبحث عن الش��هرة‪ ،‬ال يكاد يجالس��ه أحد‬ ‫إال ويش��عر كأنه من أصحاب الش��يخ القدماء‬ ‫لمباس��طته ضيوفه وبشاش��ته ومؤانس��ته‪،‬‬ ‫وكان��ت في��ه دعابة رائق��ة‪ ،‬ونكت��ة لطيفة‪،‬‬ ‫وحدي��ث ع��ذب‪ ،‬م��ع ه��دوء ووق��ار‪ ،‬لي��س‬ ‫بصاح��ب فضول‪ ،‬وحت��ى إذا ح��زم فقد كان‬ ‫حزمه معجونًا باللطف‪ ،‬محفوفًا بالحلم‪ ،‬ولم‬ ‫يكن متعصب��اً لمذهبه الحنف��ي بل يطرحه‬ ‫بطريقة سلسة تجمع بين رأي الفقيه وإقناع‬ ‫القانوني‪ ،‬وال يمل اإلنسان من حديثه لكثرة‬ ‫ما فيه من العلم واألدب والخبرات‪.‬‬ ‫توفي في دمش��ق ع��ام ‪ 1981‬ثم دفن‬ ‫بمقبرة الباب الصغير في قبر أبيه‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫ولد محمد أبو اليسر عابدين في دمشق‬ ‫ع��ام ‪ 1889‬آلل عابدي��ن أقدم أس��رة علمية‬ ‫دمش��قية عل��ى اإلط�لاق فق��د أت��ى جدهم‬ ‫األعلى إسماعيل بن حسين الحراني الحسيني‬ ‫"‪347‬هـ‪958/‬م" من بغداد إلى دمشق‪ ،‬وتولى‬ ‫نقاب��ة األش��راف فيها س��نة ‪330‬ه��ـ‪941/‬م‪،‬‬ ‫ويرجع اسم األس��رة إلى جدهم صالح الدين‬ ‫بن نجم الدي��ن الملقب بعابدين تش��بيهاً له‬ ‫بجده اإلم��ام علي زي��ن العابدين رضي اهلل‬ ‫عنه وكث��رة عبادته وصالحه‪ .‬وال��ذي ينتهي‬ ‫نس��به إلى اإلمام جعفر الص��ادق ابن اإلمام‬ ‫محم��د الباقر ابن اإلمام عل��ي زين العابدين‬ ‫ابن اإلمام الحس��ين اب��ن اإلمام علي بن أبي‬ ‫طال��ب زوج الس��يدة فاطمة ابنة رس��ول اهلل‬ ‫صل��ى اهلل عليه وس��لم‪ ،‬برز منه��م العالمة‬ ‫الفذ "محمد أمين" صاحب الحاشية المشهورة‬ ‫والتصانيف الن��ادرة‪ ،‬والعالمة "ع�لاء الدين"‬ ‫صاحب الهدية العالئية‪.‬‬ ‫أخ��ذ ع��ن أبي��ه مفت��ي الش��ام القرآن‬ ‫الكريم والنحو والصرف والحس��اب والمنطق‬ ‫والفقه واألصول والحديث وأجازه وحبب إليه‬ ‫طل��ب العل��م واقتناء الكتب وأناب��ه فيما بعد‬ ‫مناب��ه في الخطابة بجامع ال��ورد والتدريس‬ ‫واإلمامة‪ ،‬واس��تمر فيها بعد وف��اة أبيه‪ ،‬كما‬ ‫أخ��ذ عن كبار علماء عص��ره ونال إجازاتهم‪،‬‬ ‫كالش��يخ بدر الدين الحسني‪ ،‬والشيخ سليم‬ ‫س��مارة‪ ،‬والش��يخ محمد أمين السويد وخلف‬ ‫األخي��ر ف��ي التدري��س بمعه��د الحقوق في‬ ‫الجامعة الس��ورية في الوق��ت الذي كان فيه‬ ‫طالبًا بالمعهد الطبي أيضاً‪ .‬وأتقن الفرنسية‬ ‫والتركية وتعلم الفارس��ية عن أهلها وحفظ‬ ‫من شعرها زهاء ألف بيت‪.‬‬ ‫م��ع نهاية االحت�لال العثمان��ي ودخول‬ ‫المل��ك فيصل لس��وريا أث��رت عن��ه مواقف‬ ‫مش��هودة‪ ،‬منها نصيحته للمل��ك فيصل بن‬ ‫الحس��ين إلقامة دستور البالد على الشريعة‬ ‫اإلس�لامية‪ ،‬فقال له‪« :‬ه��ذه أمانة‪ ،‬أخرجتها‬ ‫من عنق��ي ووضعتها في عنق��ك‪ ،‬واعلم أن‬ ‫ملكك زائل إن لم تحكم بالشرع‪ ،‬وسيضحك‬ ‫علي��ك الغرب كما ضحك عل��ى أبيك» فخرج‬ ‫من عنده مغضبًا ولم يس ّلم عليه‪.‬‬ ‫ش��ارك ف��ي الثورة الس��ورية بنفس��ه‬ ‫وماله ورأيه‪ ،‬وكان يحمل السالح للثوار لي ًال‪،‬‬ ‫ويتبرع بدمه عند الحاجة‪ .‬كما ش��ارك بحمل‬ ‫الس�لاح عند نكبة ‪ ،1948‬وكان رئيس لجنة‬ ‫التس��لح أي��ام الع��دوان الثالثي ع��ام ‪1956‬‬ ‫وتب��رع آنئذ من أجل الدف��اع عن البالد بمبلغ‬ ‫كبير‪ .‬كما أس��هم بتأس��يس الكلية الشرعية‬ ‫في ح��ي العم��ارة‪ ،‬وكان عميده��ا وقت كان‬ ‫مديره��ا الش��يخ حس��ن الش��طي‪ .‬وت��رأس‬

‫جمعية فقراء سوق ساروجة‪.‬‬ ‫تولى ف��ي حياة أبي��ه وظائ��ف اإلمامة‬ ‫والخطاب��ة والتدري��س ف��ي جامع برس��باي‬ ‫بجام��ع ال��ورد بس��وق س��اروجة‪ ،‬كم��ا عين‬ ‫مدرس��ًا لمادة الشريعة اإلس�لامية في كلية‬ ‫الحق��وق فجمع بي��ن كونه أس��تاذاً في كلية‬ ‫الحق��وق وطالبًا في كلية الطب في آن واحد‪.‬‬ ‫وفي عام ‪1926‬تخ��رج من معهد الطب ونال‬ ‫درجة التعادل "الكولكيوم" الفرنسية مضافًا‬ ‫إليه��ا اختصاص��ات أخ��رى‪ .‬وم��ارس الط��ب‬ ‫ط��وال ثالثي��ن عام��اً والتدري��س بالجامعة‪،‬‬ ‫ولما افتتحت كلية الش��ريعة عام ‪ 1955‬عين‬ ‫فيها أستاذاً للنحو واألصول‪ .‬ولم ينقطع في‬ ‫الوق��ت عينه عن ممارس��ة الطب في عيادته‬ ‫وسط دمشق‪.‬‬ ‫وعندم��ا توفي مفتي الش��ام‪ ،‬الش��يخ‬ ‫ش��كري األس��طواني ع��ام ‪ 1955‬اجتم��ع‬ ‫مجل��س اإلفت��اء األعل��ى وانتخبه خلف��ًا له‪،‬‬ ‫وخ�لال الوحدة مع مصر تع��رض للكثير من‬ ‫المضايق��ات الت��ي كان��ت أقص��ى م��ا يمكن‬ ‫للمخابرات المصرية أن تقوم به‪ ،‬لما للشيخ‬ ‫الطبيب من مكان��ة علمية واجتماعية‪ ،‬يذكر‬ ‫أنه ومع إقرار التأميم في اإلقليم الش��مالي‪،‬‬ ‫ُطل��ب منه إص��دار فت��وى بش��رعية التأميم‬ ‫والمصادرة على غرار الفت��وى التي انتزعها‬ ‫عبد الناصر من األزهر‪ ،‬فرفض بشدة وهدد‬ ‫باالس��تقالة وبق��ي ف��ي منصبه ه��ذا حتى‬ ‫عام‪1963‬م حين أحيل على التقاعد قس��راً‪.‬‬ ‫ليعت��زل العم��ل الع��ام ويس��تمر بالتدريس‬ ‫والخطابة في جامع الورد في دمشق‪.‬‬ ‫أثرى عابدي��ن المكتبة العربية بفيض‬ ‫من المؤلفات المتنوع��ة في الفقه والقانون‬ ‫والفلس��فة والط��ب نذك��ر منه��ا «أغالي��ط‬ ‫المؤرخي��ن»‪« ،‬لِمَ سُ��مّي؟»‪« ،‬رس��الة في‬ ‫الق��راءة والق��راءات»‪« ،‬رس��الة األوراد»‪،‬‬ ‫«أصول الفقه»‪« ،‬كت��اب الفرائض»‪« ،‬كتاب‬ ‫األح��وال الش��خصية»‪« ،‬أح��كام الوصاي��ا»‪،‬‬ ‫«مختصر أحكام الزواج»‪« ،‬التيسير لمختصر‬ ‫التفسير»‪« ،‬إرشاد األنام إلى أحكام الصيام»‪،‬‬ ‫«األص��ول والكلي��ات»‪« ،‬األلف��اظ اللغوي��ة‬ ‫الطبية»‪« ،‬الرداف اللغوية لأللفاظ العامية»‪،‬‬ ‫«اإليجاز في تفس��ير آي��ات اإلعجاز»‪« ،‬إغاثة‬ ‫البررة في األحاديث المشتهرة»‪« ،‬البداهة»‪،‬‬ ‫«الهدي��ة الس��نية ف��ي حكاي��ات الصوفية»‪،‬‬ ‫«الفوائ��د الجلي��ة ألرب��اب النف��وس العلية»‬ ‫وه��و ذي��ل للتذك��رة الحمدوني��ة‪« ،‬أكاذي��ب‬ ‫مس��يلمة الكذاب الذي ع��ارض به كالم اهلل‬ ‫تعال��ى»‪« ،‬ق��رة العي��ون فيما يس��تملح من‬ ‫المجن��ون»‪« ،‬عم��دة المفتي��ن ف��ي فت��اوى‬ ‫اب��ن عابدي��ن»‪« ،‬الرغائ��ب فيم��ا ينقل من‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪11‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫عن معنى احلروف‬

‫نينار حسن‬

‫وتسألني ما هي سوريا؟‪..‬‬ ‫ه��ي الطفل الذي نام في مهده لي ًال‪،‬‬ ‫وف��ي الصباح لم يجد م��ن يوقظه فأكمل‬ ‫حلم��ه بحديق��ة كبي��رة تحي��ط بغرفت��ه‬ ‫الصغيرة حيث األلوان ال تنتهي‪.‬‬ ‫ه��ي أم ودعت ابنه��ا ال��وداع األخير‬ ‫وزغ��ردت‪ ،‬ثم غفت ف��وق ترابه تحكي له‬ ‫عن عرسه الذي لن يكون‪.‬‬ ‫ه��ي البيت الفارغ اآلن‪ ،‬إال من رائحة‬ ‫م��ن كانوا ب��ه وبعض القلي��ل الباقي من‬ ‫كل ما يملكون‪.‬‬ ‫ه��ي ذاك الحي ال��ذي تحمل حيطان‬ ‫بيوت��ه ذكري��ات كل عاش��ق خ��ط الحرف‬ ‫األول من اس��م من يحب‪ ،‬وأكمل الحروف‬ ‫الباقية على جدار غرفة الس��جن الضيقة‬ ‫التي خزنت صراخه وبكاءه وحنينه ورائحة‬ ‫جسده المنهك‪..‬‬ ‫ه��ي وحش��ة ف��ي عيني طف��ل فقد‬ ‫منزله‪ ،‬يتشرد في ساحات دمشق الكبيرة‬ ‫يبحث عم��ا بقي من عائلت��ه‪ ،‬أو عما بقي‬ ‫من طعام‪..‬‬ ‫ه��ي صدي��ق عل��ى س��طح منزل��ه‬ ‫القدي��م‪ ،‬يع��دّ المقاع��د الفارغ��ة حوله‪،‬‬ ‫ويتذكر أص��وات أصدقاء رحل��وا إلى حيث‬ ‫لم يرغب‪ ،‬ولم يعودوا‪...‬‬ ‫ه��ي بقاي��ا من��زل تراب��ي لعج��وز‬ ‫تجمع صور أحفاده��ا وتبكي‪ ،‬وتكوّم في‬ ‫خزائنها حصتهم الس��نوية م��ن البرتقال‬ ‫والزيتون والتين المجفف‪..‬‬ ‫هي الب��رد الق��ارس ينهش أجس��اد‬ ‫روّاد الحدائق الليليين‪ ،‬وس��اكني الخيام‪..‬‬ ‫والثلج القادم عما قريب‪..‬‬ ‫ه��ي أص��وات وتفاصي��ل حي��اة‬ ‫ثالثين ش��خصًا يفترش��ون من��زال صغيراً‬ ‫ف��ي ضواح��ي دمش��ق‪ ،‬هربًا م��ن الحرب‬ ‫اليومية التي تلحق بهم حتى إلى فرشات‬ ‫نومهم‪..‬‬ ‫ه��ي منزل صغي��ر في ب�لاد بعيدة‪،‬‬ ‫تش��ع منه رائحة الزعتر البل��دي والقهوة‪،‬‬ ‫وأص��وات نش��رات األخب��ار التي تتس��ابق‬ ‫لتجع��ل م��ن ه��ذا البل��د الصغير‪ ،‬س��بقًا‬ ‫صحفيًا كبيراً‪..‬‬ ‫سوريا‪ ،‬هي السوار المطاطي األخضر‬ ‫واألبيض واألسود‪ ،‬بنجومه الحمر الثالث‪..‬‬ ‫هي االنتماء الذي يتلخص بعلم صغير في‬ ‫البيت البعيد‪ ،‬وهي اللغة األم التي تباغتك‬ ‫حين تغضب أو تنتشي أو تنام‪..‬‬ ‫هي الحنين‪..‬‬ ‫حي��ن تغلبك أغني��ة قديمة‪ ،‬وتأخذك‬ ‫إلى حي��ث كان البيت والحي ال��ذي تتفاجأ‬ ‫بأن��ك تتذكر تفاصي��ل ش��وارعه وبيوته‬ ‫ذكرى ذكرى‪..‬‬ ‫وهي الرغب��ة باالنتق��ام التي تخلق‬ ‫في��ك عندما تلم��ح بين الخ��راب المصوّر‬ ‫على الشاشات قطعة من الذاكرة‪..‬‬ ‫هي الحزن المكبوت على صديق مات‬ ‫فج��أة‪ ،‬دون أن يعل��م أنك تحب��ه وتفتقده‬ ‫رغم الخالف الكبير في المبادئ واالنتماء‪..‬‬ ‫ه��ي الخوف الذي يأكلن��ا كلما اقترب‬ ‫خط النار من حيث يسكن من نحب‪ ،‬وكلما‬ ‫ورد اسم شهيد أو معتقل‪...‬‬

‫س��وريا‪ ،‬هي كآبة الخريف والش��تاء‬ ‫في البالد البعيدة‪..‬‬ ‫هي القلق الليلي ال��ذي يزورنا على‬ ‫هيئة كابوس متكرر‪..‬‬ ‫وه��ي رائحة الت��راب بع��د هطول‪..‬‬ ‫الدماء!‬ ‫وتسألني ما سوريا؟‬

‫عمل للفنان عمران الفاعور‬

‫ويجيبك طفل‪:‬‬ ‫"ه��ي حي��ث كان منزلي ومدرس��تي‬ ‫وبيت ج��دي‪ ،‬والس��احة الفارغ��ة وحجارة‬ ‫المرمى‪"..‬‬ ‫وتجيبك أم‪:‬‬ ‫"هي حيث ضاعت طفلتي تحت ركام‬ ‫منزلنا"‬

‫تحتار أنت‪ ،‬ترس��م بيت��اً ملوناً‪ ،‬تضع‬ ‫فيه أحالمك وأحالم من تحب‪..‬‬ ‫تحضن الجميع‬ ‫تقفل الباب وتنام‪..‬‬ ‫هنا سوريا‪...‬‬ ‫هنا سوريا‪...‬‬


‫جرابلس | ريف حلب‬

‫إيمان جانسيز‬

‫لتلتق��ي بالس��ماء‪ ..‬ب��ركات ه��ذا الحل��م‪..‬‬ ‫تس��كب النور عل��ى روحه��ا‪ ..‬وتحت مخمل‬ ‫العتمة‪ ..‬إقشعر جس��دها متأثراً ببهاء تلك‬ ‫اللحظات‪..‬‬ ‫مازالت تذك��ر صرخته األولى قبل أن‬ ‫تفقد وعيها تح��ت تأثير المخدر‪ ..‬أس��لمت‬ ‫عينيه��ا لنوم عميق مطمئن��ة إلى أن قلبها‬ ‫مازال دليله��ا‪ ..‬فهاهي بداي��ة الحلم تغدو‬ ‫حقيقة‪ ..‬وصار عز الدين بين ذراعيها‪..‬‬ ‫عندم��ا أت��م رضيعه��ا عام��ه األول‪..‬‬ ‫حملته وذهبت به إلى الحاج رفاعي‪ ..‬وروت‬ ‫له حلمها‪:‬‬ ‫‪ -‬والنجمات يا شيخي؟!‬

‫س��يكون له رتب��ة عس��كرية‪ ..‬لعله‬‫سيكون ضابطًا والعلم عند اهلل‪..‬‬ ‫وفي نهاي��ة كل عام دراس��ي‪ ..‬كانت‬ ‫تس��تقبل نجاح��ه وحصوله عل��ى المرتبة‬ ‫األول��ى بثقة محس��ومة س��لفًا‪ ..‬وكأن هذا‬ ‫هو البديهي الذي البد منه‪..‬‬ ‫لك��ن ش��يئاً م��ا كالصاعقة س��قط على‬ ‫رأسها‪ ..‬عندما أصر على االلتحاق بكلية الفنون‬ ‫الجميلة‪ ..‬دافعت عن نبوءتها بشراسة‪ ..‬هددته‬ ‫بغضبتها عليه‪ ..‬ذرفت الكثير من الدموع‪ ..‬لكن‬ ‫كل محاوالتها باءت بالفشل‪..‬‬ ‫ول��م تكن تك��ف عن الثرث��رة بصوت‬ ‫خفي��ض‪ ..‬عندم��ا ترى نس��اء مكعب��ات أو‬ ‫وجوهًا بمالمح حيوانية في لوحاته‪ ..‬إذ لم‬ ‫تر فيه��ا أكثر من خربش��ات‪ ..‬أو تغيير في‬ ‫خلقة اهلل!‬ ‫في اآلون��ة األخيرة‪ ..‬كانت تستش��عر‬ ‫في لوحاته نبضًا حميماً أكثر ألفة‪ ..‬نس��يم‬ ‫حري��ة أخذ يه��بّ منه��ا عبق ف��ي روحها‪..‬‬

‫فجعله��ا أكث��ر قرب��اً م��ن اللوح��ة‪ ..‬غير أن‬ ‫كبرياءه��ا منعها من التصريح‪ ..‬لن تنس��ى‬ ‫أنها أضاعت حلمها بسبب تلك الترهات!حتى‬ ‫أنها تستغرب‪ ..‬كلما داهم رجل أمن مرسم‬ ‫عز الدي��ن‪ ..‬ما الذي يس��تفزه فيه��ا؟!! هل‬ ‫أضاعت تلك اللوحات حلمه هو اآلخر؟!‬ ‫كش��ريط ص��ور قديم‪ ..‬م��ر كل ذلك‬ ‫أم��ام ناظريه��ا‪ ..‬عندم��ا جاءها ع��ز الدين‬ ‫محم��و ًال عل��ى األك��ف‪ ..‬ل��م يك��ن األحمر‬ ‫على جس��ده هو الل��ون الذي كان��ت تزيله‬ ‫عن مالبس��ه‪ ..‬كان دم��اً حقيقيًا‪ ..‬له رائحة‬ ‫التشبه تلك التي كانت تنبعث من مرسمه‬ ‫مختلط��ة برائحة س��جائره‪ ..‬ل��م تكن آثار‬ ‫التعذيب على جس��ده تش��به فوض��اه التي‬ ‫يتقنها‪ ..‬فوضاه حي��ة‪ ..‬لكن تلك الفوضى‬ ‫في مالمحه مقيتة‪ ..‬موجعة‬ ‫وبتل��ك الثقة المحس��ومة التي كانت‬ ‫تس��تقبل فيها نجاحه‪ ..‬استقبلت شهادته‪..‬‬ ‫عندم��ا‪ ..‬جاءه��ا ملفوفًا بعل��م عليه ثالث‬ ‫نجمات‪..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫احللــــم بــــدر ًا‬ ‫على الشباك‪ ..‬ارتس��مت صورة البدر‬ ‫مكتم� ً‬ ‫لا‪ ..‬وثالث نجم��ات بهي��ة‪ ..‬هيئ لها‬ ‫وكأن صوتًا يهمس في أذنها‪:‬‬ ‫ سيكون صبياً‪ ..‬وستسمينه عز الدين‪..‬‬‫صوت أذان الفجر خالط صوت الهاتف‬ ‫الغام��ض ف��ي حلمه��ا‪ ..‬نهضت منش��رحة‬ ‫الصدر‪ ..‬تحسس��ت بطنها‪ ..‬أخذت تمسده‪..‬‬ ‫وكأنها تمسح رأس جنينها‪ ..‬خاطبته بثقة‪:‬‬ ‫سيكون لك شأن يا عز الدين‪..‬‬ ‫وبين أصابعه��ا‪ ..‬رقرق ماء الوضوء‪..‬‬ ‫وساقها قلبها المؤمن إلى سجادة الصالة‪..‬‬ ‫تل��ك لحظته��ا المفضل��ة‪ ..‬حينم��ا تس��جد‬ ‫فيلتق��ي جبينه��ا ب��األرض‪ ..‬تعل��و روحها‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫كان على س��لوى وعائلتها التي قدمت‬ ‫م��ن حمص مع بدء الحملة العس��كرية على‬ ‫المدينة قبل س��نة تقريبا اتخاذ قرار العودة‬ ‫إلى حم��ص على البقاء في حل��ب أو النزوح‬ ‫إلى إحدى المدارس‪ ،‬وتبرر قرار عائلتها ذاك‬ ‫بقولها‪( :‬إذا رح موت فخليني موت بمدينتي‪،‬‬ ‫القصف الل��ي بتعرفوا أحس��ن من القصف‬ ‫اللي رح تتعرف عليه)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ش��كل دخول الجيش الحر إلى األماكن‬ ‫الس��كنية في كثير م��ن الحاالت س��ببًا غير‬ ‫مباش��ر لنزوح األهالي نتيج��ة نهج القصف‬ ‫العش��وائي ال��ذي اتخ��ذه النظ��ام‪ ،‬لكن في‬ ‫بع��ض الح��االت كان الجي��ش الح��ر س��ببا‬ ‫مباشراً عبر توجيهه تحذيرات وإمالءات على‬ ‫المدنيي��ن بض��رورة مغ��ادرة منازله��م كما‬ ‫حدث مع س��كان حي السليمانية الذي تحول‬ ‫نتيجة تطور األحداث لحاضنة لس��كان بقية‬ ‫المناطق المتضررة القريبة‪.‬‬ ‫ق��رر الجيش الحر مهاجمة مبنى األمن‬ ‫السياسي الواقع في حي السليمانية وظهرت‬ ‫عل��ى اإلع�لام فيديوهات صوره��ا الجيش‬ ‫الحر يعلن فيها ن عدم مسؤوليته عن وقوع‬ ‫أضرار بي��ن المدنيي��ن الذين س��يتواجدون‬ ‫قرب مبنى األمن السياس��ي لحظة الهجوم‪،‬‬ ‫وكان ذلك س��ببا لهروب العديد من األهالي‬ ‫بعد سقوط العديد من صواريخ الهاون‪.‬‬ ‫يق��ول احم��د المقات��ل الحلب��ي ف��ي‬ ‫صف��وف الجي��ش الس��وري الح��ر موضح��ًا‬ ‫موق��ف الجي��ش الح��ر م��ن تلك اإلم�لاءات‬ ‫(ل��م نكن نري��د دخ��ول حلب لع��دم نضوج‬ ‫الموقف الثوري ألهله��ا وألن النظام عاملها‬ ‫بش��كل اس��تثنائي فلم ي��ذق أهله��ا معنى‬ ‫اليد الحديدية للنظام اإلجرامي‪ .‬لكن تطور‬ ‫األح��داث أجبرن��ا عل��ى فعل ذل��ك وال مكان‬ ‫للمدنيين في س��احة معركة‪ ،‬حياتهم أمانة‬ ‫بأعناقنا ولصونها حملنا السالح بوجه قوات‬ ‫اإلجرام‪ .‬عليهم االبتعاد والمغادرة على أمل‬ ‫العودة السريعة)‬ ‫جوي��ل الت��ي تس��كن في الس��ليمانية‬ ‫لحد اللحظة والت��ي تفضل تصنيف موقفها‬ ‫ضمن الفئة الرمادية الصامتة تقول‪( :‬كيف‬ ‫س��أحيي الجي��ش الح��ر وهو يس��لك نفس‬ ‫س��لوك النظ��ام ال��ذي م��ن المفت��رض انه‬

‫معارض له ؟ وما هو الفرق بين من يقصف‬ ‫بي��وت المدنيين في إح��دى المناطق لوجود‬ ‫عناصر للجيش الحر فيها ومن يقصف بيوت‬ ‫إحدى المناطق لوجود مبنى لألمن فيها؟‬ ‫وتضي��ف بتهكم‪ :‬اقت��رح على الجيش‬ ‫الحر عدم تدمير مبنى األمن السياس��ي بل‬ ‫محاولة اقتحامه واالستمرار باعتقال الناس‬ ‫في��ه وضربه��م وإهانته��م‪ ،‬فه��و ال يختلف‬ ‫برأي عن ديكتاتورية النظام بشيء‪ ،‬النظام‬ ‫س��بّب ن��زوح األهالي م��ن بيوته��م وبهذا‬ ‫اقت��رف جريمة‪ ،‬أما الجيش الحر فسيس��بب‬ ‫ن��زوح أهال��ي المنطق��ة إضاف��ة للنازحين‬ ‫الذي��ن كانت الس��ليمانية وجهته��م‪ ،‬وبذلك‬ ‫يقترف جريمتين بدل الواحدة‪).‬‬ ‫أم��ا أب��و خال��د وه��و م��ن س��كان حي‬ ‫الصاخور‪ ،‬فقد نزح من بيته الذي علم فيما‬

‫بعد أنه قصف كليا من قبل طائرات النظام‬ ‫ومدفعيت��ه يقول‪(:‬ال أملك ش��يئًا ف��ي الدنيا‬ ‫إال البي��ت الذي تم قصف��ه‪ ،‬إن بقي النظام‬ ‫ليحكم س��وريا فلن أكون بال مأوى وحسب‪،‬‬ ‫بل س��أكون راضخاً تحت ني��ر القوى األمنية‬ ‫التي ستأتي لتعتقلني أو تعتقل أحد أوالدي‪،‬‬ ‫خس��رت لحد اللحظ��ة منزلي الوحي��د وأحد‬ ‫أوالدي ال��ذي اعتق��ل قب��ل ثالثة أش��هر وال‬ ‫نعل��م إن كان حياً أو ميتًا‪ ،‬دفعت الثمن غاليا‬ ‫ول��ن اقب��ل الع��ودة لتمجيد األس��د وإجباري‬ ‫على الرقص له والخضوع إلرادته‪ .‬ولو كان‬ ‫فيّ عزم الش��باب النضمم��ت للجيش الحر‬ ‫ألحم��ل البارودة بيدي وأط��رد بها من احتل‬ ‫أرضي ودمر منزلي وس��رق مني ابني‪ ،‬لكن‬ ‫للعمر أحكامه)‪.‬‬ ‫إن كان النازح ال��ذي قرر الهروب خارج‬

‫إيفان أرتين ‪ -‬حلب‬

‫س��وريا‪ ،‬أو الذي اكتفى باالنتقال من أماكن‬ ‫التوتر نحو أخرى أكثر هدوءاً يشكل النموذج‬ ‫األكثر تضرراً من األحداث لخسارته السقف‬ ‫الذي يحميه فهناك في الداخل الحلبي نماذج‬ ‫ق��ررت البق��اء بمنازله��ا لعدم وج��ود مكان‬ ‫يأويه��م أو لع��دم وجود توتر عس��كري في‬ ‫مناطقهم ومع ذلك خس��روا نتيجة األحداث‬ ‫مص��در رزقهم وباتوا بحك��م النازحين دون‬ ‫معي��ل أو مدخول مادي في بالد ش��حّت بها‬ ‫المواد األساسية للحياة‪.‬‬ ‫تراهم ينتظرون عودة الحياة لمدينتهم‬ ‫التي دقت ش��وارعها الخالية نواقيس الخطر‬ ‫لتش��يع خب��ر مف��اده أن ال م��كان للحياة هنا‬ ‫فم��ن أراد الحص��ول عليه��ا فليوف��ر جه��ده‬ ‫وليبحث عنها في مكان آخر‪.‬‬ ‫ينشر بالتزامن مع كبريت‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫ق�صــف فنــزوح‬

‫‪13‬‬


‫ملاذاالي�ستمعاجلي�شاحلر�إىلنداءاتاملدنيني؟!‬ ‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫رزان زيتونة‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫ال يب��دو أن تقدم��ا يح��رز فيم��ا يتعلق‬ ‫بس��لوكيات عناصر من الجيش الحر في أي‬ ‫م��كان أو منطق��ة‪ .‬على العكس م��ن ذلك‪،‬‬ ‫تذه��ب كل الن��داءات أدراج الري��اح‪ ،‬ويزداد‬ ‫التذمر والضيق بين األهالي والنشطاء‪ ،‬إلى‬ ‫حد وصل فيه األمر إلى خروج مظاهرات في‬ ‫عدة مناطق تهتف هذه المرة من أجل إصالح‬ ‫الجيش الحر نفس��ه وسلوكياته وتعامله مع‬ ‫المدنيين وبين عناصره وكتائبه‪.‬‬ ‫لم يعد مفيدا القول بأن هذه الكتيبة أو‬ ‫تلك المجموعة تتس��لق على الثورة وتنتحل‬ ‫اس��م الجيش الحر‪ .‬االنتهاكات والممارسات‬ ‫الخاطئ��ة موج��ودة وبش��كل واض��ح ضمن‬ ‫الكتائ��ب واأللوية المعروفة باالس��م‪ .‬وحتى‬ ‫تل��ك الدخيل��ة‪ ،‬لم يعد م��ن المفهوم تركها‬ ‫تمارس عمليات التش��بيح واإلذالل لألهالي‬ ‫واألخطاء الفادحة في القرارات العس��كرية‪،‬‬ ‫ف��ي األماك��ن الت��ي تتواج��د فيه��ا كتائ��ب‬ ‫للجيش الحر‪.‬‬ ‫يكاد يكون ليس للمجالس العس��كرية‬ ‫ف��ي أي مكان أية س��لطة تذكر على كتائبها‬ ‫وقادته��م‪ ،‬ولي��س له��ؤالء س��لطة تذك��ر‬ ‫عل��ى عناصره��م‪ .‬الدعم المتأخ��ر الذي بدأ‬ ‫بالوص��ول‪ ،‬الي��زال فوضويا ويتح��رك بين‬ ‫األي��دي بش��كل عش��وائي وغي��ر م��دروس‬ ‫وتلع��ب المحس��وبيات وبناء التبعي��ات‪ ،‬فيه‬ ‫دورا كبيرا‪.‬‬ ‫كثي��ر م��ن الكتائب "نظيف��ة" األخالق‬ ‫واليد والنيات‪ ،‬تت��رك من غير أي دعم يذكر‬ ‫وتبقى‪ ،‬رغم وجود الرغبة الحقيقية‪ ،‬عاجزة‬ ‫عن مواجهة سلبيات الكتائب األخرى‪.‬‬ ‫تدعم كتائب المتطوعين على حس��اب‬ ‫العسكريين المنشقين‪ ،‬والكتائب المؤدلجة‬ ‫عل��ى حس��اب تل��ك التي لي��س له��ا والء إال‬ ‫للوطن‪.‬‬ ‫ه��ي فوضى تنذر بالكثير من الس��وء‪،‬‬ ‫أردن��ا االعتراف أم فضلنا دفن رؤوس��نا في‬ ‫الرم��ال‪ .‬يزي��د عل��ى ذل��ك كله‪ ،‬السياس��ة‬ ‫الممنهج��ة التي يتبعها النظ��ام في التدمير‬ ‫العش��وائي لمنازل وممتلكات األهالي‪ ،‬حرق‬ ‫األس��واق ونهبها‪ ،‬والتنكيل البشع بالسكان‪،‬‬ ‫بم��ا يدفعه��م إل��ى طل��ب رحي��ل العناص��ر‬ ‫المسلحة عن مناطقهم‪.‬‬ ‫حصل ذل��ك في غير منطق��ة ومدينة‬ ‫من ريف دمش��ق إلى درعا وغيرها‪ .‬أنا لست‬ ‫خبيرة عسكرية‪ ،‬وال أعرف إمكانية أن ينتقل‬

‫عناصر الجيش الحر إلى خارج المدن ليكفوا‬ ‫شر النظام عنها‪ ،‬وال أبدي رأيا في ذلك‪.‬‬ ‫لكن على الجيش الحر أن يعي جيدا ما‬ ‫يخض��ع له المدنيون من ضغوط هائلة‪ ،‬من‬ ‫خس��ارات ال توصف في األرواح والممتلكات‪.‬‬ ‫أن يس��اعدهم في تجاوز هذه الضغوط‪ ،‬أن‬ ‫يع��ود جزءا منه��م كما س��بق وانبثق عنهم‬ ‫وكانوا حاضنته ألشهر عديدة‪ .‬ذلك لن يكون‬ ‫باستمرار تجاهل شكاواهم من سلوك كثير‬ ‫من عناص��ره وكتائبه‪ .‬لن يكون باس��تمرار‬ ‫تجاهله ع��دم وجود حد أدنى م��ن التنظيم‬ ‫والتناغ��م بي��ن كت��اب المنطق��ة الواح��دة‪،‬‬ ‫عدم وجود حد أدنى م��ن القواعد األخالقية‬ ‫والقانوني��ة المعلنة التي يل��زم عناصرهم‬ ‫بااللتزام بها‪.‬‬ ‫وكما شكل المدنيون حاضنة المسلحين‬ ‫بإمكانهم أن يكونوا عونا لهم في كثير من‬

‫خميـــم الريمـــــوك‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫خولة دنيا‬

‫ٌ‬ ‫أيلول أسودٌ‪..‬‬ ‫واألمس‬ ‫اليوم‬ ‫ياوجع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫طويل يجافي‬ ‫ليل‬ ‫احتراقُ‬ ‫ٍ‬ ‫قلوب تنزفُ كما ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حقائب عودةٍ تقتات رصاص‬ ‫حين النزوحُ يعلنُ سِفراً جديداً لألحجيات‬ ‫مخيم اليرموك‬ ‫ترهات مصلينَ للمقاومةِ‬ ‫ٌ‬ ‫مقاومة أخرى لملحمةٍ‬ ‫َ‬ ‫بداية البدايات‬ ‫تعلن‬ ‫غضب ‪ ...‬إخوة دم‪..‬‬ ‫ابن‬ ‫ٍ‬ ‫ضحكاتٍ يرسلها ٍ‬ ‫اصدقا ٌء لي‬ ‫قليل‬ ‫كنّا هناكَ قبل ٍ‬ ‫عرّش الغزو على مخيمنا‬ ‫الشمس مازلنا‬ ‫وبعين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نكتب اسمها‬ ‫بدمكم ودمنا‬ ‫فلسطين‪..‬‬

‫األمور‪ ،‬فقط إذا قرر الجيش الحر أن يستمع‬ ‫لنداءاته��م وش��كاواهم‪ .‬بتش��كيل هيئ��ات‬ ‫التحقيق المس��تقلة من النشطاء المحليين‬ ‫ف��ي المناط��ق‪ ،‬بتخصي��ص لج��ان محايدة‬ ‫لتلق��ي الش��كاوى‪ ،‬بإتاحة الفرص��ة إلجراء‬ ‫رقابة ومحاس��بة من األهالي على سلوكات‬ ‫الكتائ��ب الت��ي تمس حياته��م وممتلكاتهم‬ ‫وحرياتهم الشخصية‪.‬‬ ‫الريب م��ن ناحية أخرى‪ ،‬أن النش��طاء‬ ‫المدنيي��ن قص��روا ج��دا بح��ق أنفس��هم‬ ‫ومناطقه��م‪ ،‬حين تخلى العدي��د منهم عن‬ ‫أدواره��م‪ ،‬إما ملتحقا بالمقاتلي��ن‪ ،‬أو تاركا‬ ‫إدارة األم��ور المدني��ة للمس��لحين‪ .‬ضعفت‬ ‫التنس��يقيات ولم تأخ��ذ المجال��س المحلية‬ ‫دوره��ا المفت��رض بعد حتى ف��ي المناطق‬ ‫المحررة‪.‬‬ ‫مؤخرا فق��ط‪ ،‬وفي مناط��ق محدودة‪،‬‬

‫وع��ي كل م��ن المقاتلي��ن والمدنيي��ن إلى‬ ‫حاج��ة بعضهم البع��ض‪ ،‬وب��دأوا بالتماس‬ ‫إص�لاح األمور بمس��اعدة بعضهم البعض‪،‬‬ ‫لك��ن ذلك اليزال تجربة محدودة في المكان‬ ‫وعدد الكتائب‪.‬‬ ‫نداءات المدنيين نفس��ها غير منتظمة‬ ‫ف��ي مطالبها وغي��ر موحدة ف��ي جهاتها وال‬ ‫تق��دم حلوال عملية بديل��ة‪ ،‬وهو ما يجب أن‬ ‫يجري العمل عليه وتكثيف الجهود ألجله‪.‬‬ ‫ه��ذا ال يعف��ي الجي��ش الح��ر م��ن‬ ‫المس��ؤولية‪ ،‬وال يعطيه الع��ذر لصم اآلذان‬ ‫عن الشكوى بحقه‪.‬‬ ‫إذا ل��م يك��ن م��ن أجل ش��يء فكرمى‬ ‫للناس التي أحبتك��م وهتفت لكم وحمتكم‬ ‫داخل بيوتها وقلوبها قبل أن يطالها القصف‬ ‫والحرق‪ .‬أنت��م حم��اة الديار‪...‬فأعيدوا لهذه‬ ‫العبارة معناها‪..‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫إلى اإلضرار باالقتصاد والتنمية معًا‪.‬‬ ‫ويؤك��د المؤل��ف عل��ى أن النتيج��ة‬ ‫السياس��ية األول��ى للفس��اد تتمثل في‬ ‫التس��بب بإضع��اف الدول��ة والني��ل من‬ ‫هيبته��ا عل��ى المس��تويين الداخل��ي‬ ‫والخارج��ي‪ ،‬ف��إذا كان الفس��اد يفرض‬ ‫على المس��تثمرين ضريبة إضافية ذات‬ ‫كلف��ة عالية ج��داً‪ ،‬فإنه��م يبحثون عن‬ ‫األعم��ال التي ت��در ربحاً س��ريعاً وعاليًا‬ ‫دون النظر للخسائر التي يتكبدها النمو‬ ‫االقتصادي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ويفرد التنير محورا خاصا لموضوع‬ ‫الفس��اد السياس��ي‪ ،‬يس��تهله بتعريفه‬ ‫وتحدي��د أش��كاله وتبي��ان آث��اره عب��ر‬ ‫ما يش��كله م��ن عقب��ة أمام الش��فافية‬ ‫ف��ي الحياة العام��ة‪ ،‬ومن فق��دان للثقة‬ ‫بالسياس��يين واألحزاب‪ ،‬ينعكس تحديًا‬ ‫للقيم الديمقراطي��ة وصدمة للمجتمع‪.‬‬ ‫ويتحول المؤلف إثرها إلى شرح وسائل‬ ‫مكافح��ة الفس��اد‪ ،‬والتي تش��مل وضع‬ ‫قواع��د للتموي��ل السياس��ي وقواني��ن‬ ‫لمراقب��ة اإلنف��اق ووضع رقاب��ة خاصة‬ ‫عل��ى القط��اع الخ��اص فيم��ا يخ��ص‬ ‫صفق��ات األس��لحة والنفط‪ ،‬إل��ى جانب‬ ‫إجراءات خفض تضارب المصالح‪ ،‬ووضع‬

‫رقابة عل��ى الموظفين ال��ذي يتمتعون‬ ‫بالحصان��ة‪ ،‬كم��ا يتناول التني��ر العالقة‬ ‫بين المال السياس��ي والفساد من خالل‬ ‫تأثيره في الممارسة الديمقراطية‪ ،‬التي‬ ‫تعد شرطًا للفاعلية السياسية‪.‬‬ ‫ويرس��م الباحث مصوراً لجغرافية‬ ‫الفقر ف��ي الوطن العرب��ي‪ ،‬حيث لعبت‬ ‫السياس��ات االقتصادي��ة واالجتماعي��ة‬ ‫دوراً ف��ي تعميقه‪ ،‬كم��ا يظهر من خالل‬ ‫اإلحص��اءات التي تبي��ن أن نصيب الفرد‬ ‫من الناتج المحلي في بداية السبعينيات‬ ‫كان أكبر منه في التسعينيات‪.‬‬ ‫س��مير التنير حائز عل��ى إجازة في‬ ‫االقتصاد من المدرسة العالمية للتجارة‬ ‫العالمية – فيينا‪ ،‬النمسا‪ ،‬وعلى دكتوراه‬ ‫من جامع��ة ب��راغ – تشيكوس��لوفاكيا‪،‬‬ ‫حيث درّس مادّة التنمي��ة االقتصادية‪.‬‬ ‫عمل ف��ي معهد اإلنماء العربي كرئيس‬ ‫لقسم الدراس��ات االقتصادية‪ .‬هو حاليًا‬ ‫خبي��ر ل��دى األم��م المتّح��دة‪ .‬ص��در له‬ ‫"التكام��ل االقتصادي وقضيّ��ة الوحدة‬ ‫العربية"‪" ،‬نم��وذج تطبيقي للتنمية في‬ ‫العالم الثال��ث"‪" ،‬تصميم أوّلي للمجمّع‬ ‫الصناعي"‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ثم��ة عالق��ة وطي��دة ترب��ط بي��ن‬ ‫ظاه��رة الفس��اد وم��ا يتبعه م��ن فقر‪.‬‬ ‫الفس��اد حي��ن يستش��ري ف��ي مجتم��ع‬ ‫م��ا ويتفاق��م دون مقاومة حتم��ًا يصل‬ ‫بالمجتم��ع ككل إلي ما يس��مي بظاهرة‬ ‫الفق��ر‪ .‬وق��د استش��رى الفس��اد ف��ي‬ ‫كثي��ر من دول العال��م الثالث علي أيدي‬ ‫ش��عوبها بش��كل ال يق��ل شراس��ة عن‬ ‫طرف��ي الدول الغنية وسماس��رة الحكم‬ ‫فيها فانتش��ر الفس��اد بين عامة الناس‬ ‫فض ًال عن خاصتهم‪ ،‬وأصبحت الرش��وة‬ ‫ربما الس��بيل األوحد والعصا الس��حرية‬ ‫الفريدة في إنجاز المعامالت المستحقة‬ ‫وغير ذلك‪ ،‬كما تحصد األموال من حلها‬ ‫وحرامها بحثًا عن زيادة الدخل‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫تئن الش��عوب فقراً وتم��وت جوعًا وهي‬ ‫ذاته��ا م��ن أهم أس��بابه وش��ريك ثالث‬ ‫ألباط��رة الفس��اد من الخ��ارج والداخل‪،‬‬ ‫وه��ذا توازن س��لبي ف��ي المعادلة حيث‬ ‫ارتضى كل ش��ريك بدوره ف��ي ملحمة‬ ‫الفساد العالمية‪.‬‬ ‫ويعالج كتابنا اليوم العالقة الجدلية‬ ‫بي��ن ظاهرتي الفق��ر والفس��اد اللتين‬ ‫تعمّان العالم‪ ،‬وخاصّة في البلدان التي‬ ‫يس��مّونها بالبل��دان النامي��ة‪ .‬ويعرض‬ ‫أش��كال الفس��اد المال��ي واالقتص��ادي‬ ‫واإلداري والسياسي في لبنان؛ وارتباط‬ ‫هذه الظاهرة بانتشار الفقر في معظم‬ ‫البل��دان العربي��ة‪ .‬وال يطمح هذا الكتاب‬ ‫َّ‬ ‫المؤلف من دراسات إستراتيجية صغيرة‪،‬‬ ‫تعتمد منهج التحليل االقتصادي‪ ،‬األقدر‬ ‫م��ن غيره على تفس��ير ظواه��ر الحياة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬إلى تقديم دراس��ة شاملة‪.‬‬ ‫كل م��ا يبغيه هو إضاءة ش��معة صغيرة‬ ‫عل��ى طري��ق إقام��ة مجتم��ع العدال��ة‬ ‫والمساواة‪ ،‬في دولة حديثة متقدّمة‪.‬‬ ‫يحاول التنير أن يكشف عن العالقة‬ ‫الجدلية بينهما‪ ،‬من خالل تناول أش��كال‬ ‫الفس��اد المال��ي واإلداري والسياس��ي‪،‬‬ ‫ال س��يما ف��ي لبن��ان‪ .‬وقد ق��دّم للكتاب‬ ‫الدكت��ور س��ليم الحص‪ ،‬رئي��س وزراء‬ ‫لبن��ان س��ابقًا‪ ،‬مش��يراً إل��ى أن أخط��ر‬ ‫درج��ات الفس��اد‪ ،‬المتمثلة في انتش��ار‬ ‫ما يس��مى بثقافة الفساد في المجتمع‪،‬‬ ‫هي بمثابة مؤش��ر على مدى انتش��اره‪،‬‬ ‫والصعوب��ة الش��ديدة ف��ي مكافحت��ه‪،‬‬ ‫بع��د أن يكون المزاج الع��ام قد بلغ حا ًال‬ ‫ال يصب��ح في��ه مرتك��ب الفس��اد مدان��ًا‬ ‫من قب��ل المجتمع‪ ،‬وذل��ك نتيجة تحول‬ ‫الفس��اد إلى ظاهرة مألوفة‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يجعل مكافحته قضية حيوية في العالم‬ ‫العربي‪ .‬ويرى الحص أن هناك مجموعة‬ ‫حلول تجاه هذه الظاهرة‪ ،‬ومنها الفصل‬ ‫بين الس��لطات‪ ،‬تحديداً بين السلطتين‬ ‫االش��تراعية والتنفيذي��ة‪ ،‬وأيض��اً بي��ن‬ ‫البرلمان��ات والمحاك��م القضائي��ة‬ ‫والتنفيذي��ة‪ ،‬إضاف��ة إل��ى تطوير نظام‬ ‫ترب��وي ثقافي صال��ح وقط��اع إعالمي‬ ‫موضوعي مس��تقل وفاع��ل‪ .‬وإذا كانت‬ ‫ق��رارات اإلصالح هي قرارات سياس��ية‪،‬‬ ‫فإن اإلصالح السياس��ي يش��كل مدخ ًال‬ ‫طبيعياً لإلصالح الشامل‪ ،‬وفي مقدمته‬

‫إيجاد قانون انتخاب عادل وفاعل‪.‬‬ ‫يس��تهل التني��ر فص��ول كتاب��ه‬ ‫بمدخ��ل موس��ع يق��دم ضمن��ه تعريفًا‬ ‫موس��عًا للفس��اد‪ ،‬الفت��ًا إلى أن��ه تحول‬ ‫إلى ظاه��رة عالمية‪ ،‬بغ��ض النظر عن‬ ‫طبيع��ة أنظمته السياس��ية‪ .‬وقد ترافق‬ ‫ه��ذا االنتش��ار م��ع اتس��اع سياس��ات‬ ‫االنفتاح االقتصادي والنش��اط المتزايد‬ ‫لرفع القدرة التنافسية للمنتجات‪ ،‬ما أدى‬ ‫إلى تزايد حركة األموال وغسل األموال‪،‬‬ ‫حتى بلغ في تس��عينيات القرن الماضي‬ ‫درجة غير مس��بوقة‪ ،‬فتمخض عن ذلك‬ ‫تزاي��د الوعي بضرورة مكافحته‪ ،‬خاصة‬ ‫بعد أن أظهرت الدراسات دوره في إعاقة‬ ‫عملي��ة النم��و وتخري��ب التنمي��ة عل��ى‬ ‫المستوى االقتصادي‪.‬‬ ‫ومن ه��ذا المنطلق يرك��ز المؤلف‬ ‫عل��ى تعري��ف مفه��وم الفس��اد أو ًال‪،‬‬ ‫وتحدي��د أنواعه وكيفي��ة معالجته تالياً‪،‬‬ ‫مس��تنداً إل��ى التعريف��ات الت��ي قدمتها‬ ‫الش��فافية العالمي��ة والبن��ك الدول��ي‬ ‫ل��ه‪ ،‬ليخلص ف��ي هذا الش��أن إلى تبين‬ ‫آليتين رئيستين من آليات الفساد‪ ،‬أولها‬ ‫آلية دفع الرش��وة والعمول��ة للموظفين‬ ‫والمس��ؤولين في الحكومة والقطاعين‬ ‫الع��ام والخ��اص بغرض تس��هيل عقد‬ ‫الصفق��ات‪ ،‬والثاني��ة ه��ي الرش��وة‬ ‫المقنعة‪ ،‬المترجمة في شكل وضع اليد‬ ‫على المال الع��ام والحصول على مواقع‬ ‫متقدمة لألبن��اء واألصهار واألقارب في‬ ‫الجهاز الوظيفي‪ .‬وتعدُّ الظاهرة الثانية‬ ‫األكثر انتشاراً في العالم العربي‪.‬‬ ‫وتس��مى اآلليت��ان الس��ابقتان‬ ‫بالفس��اد(الصغير)‪ ،‬في حين أن الفساد‬ ‫الكبي��ر يرتبط بالصفق��ات الكبرى التي‬ ‫تت��م ف��ي مج��االت المق��اوالت وتج��ارة‬ ‫الس�لاح‪ ،‬والحص��ول عل��ى توكي�لات‬ ‫الش��ركات العالمية وبيع أم�لاك الدولة‪،‬‬ ‫بواس��طة المس��ؤولين الحكوميي��ن‬ ‫لتحقي��ق المصال��ح الش��خصية‪ .‬ويعمد‬ ‫التني��ر إل��ى تحلي��ل وتفكي��ك بنى هذه‬ ‫الظاهرة بعمق‪ ،‬فيتطرق لتحديد مجال‬ ‫انتش��ار الفس��اد ال��ذي يع��م الدولة في‬ ‫خط��وط االتصال بي��ن القطاعين العام‬ ‫والخ��اص‪ ،‬من خ�لال الرش��وة‪ .‬ويوضح‬ ‫التني��ر أن ح��رب الع��راق كش��فت ع��ن‬ ‫ظاه��رة بيزنس الحرب بي��ن الصناعات‬ ‫العسكرية والبيوت المالية والمؤسسات‬ ‫اإلعالمي��ة وش��ركات المق��اوالت ف��ي‬ ‫أميركا‪ .‬وقد أظهرت دراس��ة متخصصة‬ ‫العالق��ة القوي��ة بي��ن نس��بة اإلنف��اق‬ ‫العسكري والفساد‪.‬‬ ‫ث��م ينتق��ل بعدها إل��ى البحث في‬ ‫النتائج السياس��ية واالقتصادية البالغة‬ ‫الخط��ورة الت��ي تنج��م ع��ن الفس��اد‪،‬‬ ‫وأبرزه��ا انخف��اض األداء الحكوم��ي‬ ‫وإشاعة أجواء من عدم الثقة‪ ،‬إلى جانب‬ ‫أنه ينش��ر الش��عور بالظل��م وتقويض‬ ‫الش��رعية السياس��ية للدول��ة‪ .‬ويترافق‬ ‫مع تشوهات هي من صنع المسؤولين‪،‬‬ ‫بغية الحصول على ريع الفساد‪ ،‬ما يقود‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫التني‪:‬‬ ‫�سمري رِّ‬ ‫الفقر والف�ساد يف العامل العربي‬

‫‪15‬‬


‫لينا حممد‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫اليوم‪ ..‬س��رفيس ضاحية قدس��يا‪ ..‬بعد ما اهلل حن علينا‬ ‫وبعتلنا سرفيس من غامض علمو ( َكونو اليوم الجمعة‪..‬‬ ‫ومو أي جمعة "أحرار الس��احل" وكوني على طريق دمّر‬ ‫قدس��يا)‪ ..‬انحشرنا بهالس��رفيس‪ ..‬وانطلقنا‪ ..‬أول حاجز‬ ‫طل��ع بخلقتنا‪ :‬يعطيكِ��ن العافيي‪ ..‬هوياتكِن يا ش��باب‪.‬‬ ‫واهلل طالع��وا هالش��باب هوياتون‪ ..‬وعطوه��ا للعنصر‪..‬‬ ‫ف��ي واحد م��ن هالزلم جاي��ب معو إبنو يلي عم��رو ‪ 4‬ـ ‪5‬‬ ‫سنين (ش��كلو كان طالع على قدسيا ليتفقّد بيتو)‪ ..‬رجّع‬ ‫العنصر الهويات‪ ..‬قام‪ ..‬بينط الولد وبيقول‪ :‬وأنا؟ ما بدك‬ ‫هويت��ي؟؟‪ ..‬فبيرد العنص��ر بكل لطاف��ة‪ :‬مبلى ورجيني‬ ‫ياها‪ ..‬فبيقول الولد‪ :‬ما معي هوية‪ ..‬سرقوها الشبيحة!!‬ ‫وبيس��رد الول��د‪ ..‬قدس��يا م��ا‪ ..‬فيه��ا‪ ..‬ح��دا‪ ..‬فيه��ا بس‬ ‫ش��بيحة‪ ..‬شبيحة شبيحة شبيحة‪ ..‬وهو عم يضرب إيديه‬ ‫ببعضه��ن‪ ..‬العنصر جمد بالول��د‪ ..‬ونحنا جمدن��ا بأبوه‪..‬‬ ‫وعش��رة اطنعشر ثانية وقف قلب الكل‪ ..‬شو بدو يصير؟؟‬ ‫العنصر عمل ش��غلتين‪ ..‬ق��ال لألب‪ :‬ضِب لس��ان إبنك‪..‬‬ ‫س ّكر باب السرفيس‪ ..‬وضرب على بابو‪ ..‬رووووح‪..‬‬

‫ليلى العودات‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫النظ��ام الس��وري وزع توحش��ه ف��ي الس��بعينات عل��ى‬ ‫الس��وريين من جهة‪ ،‬وعل��ى اللبنانيين والفلس��طينيين‬ ‫والعراقيي��ن من جهة أخ��رى‪ ،‬اليوم بع��د أن مات الخوف‪،‬‬ ‫يجتمع س��وري ولبناني وفلس��طيني فيق��ص كل منهم‬ ‫حكايته الصغيرة عن النش��أة في ظ��ل القمع‪ ،‬المجرمون‬ ‫متش��ابهون واأللم على جانبي الحدود نفس��ه‪ ،‬حتى بعد‬ ‫عشرات السنين وآالف الكيلومترات‪ .‬السوريون ليسوا أول‬ ‫ضحايا آل األس��د ولكنهم بالتأكيد آخرهم‪ ،‬والحرية التي‬ ‫سنحققها ستعم الجميع كما أغرقنا نفس األلم يومًا‪.‬‬

‫جمال �سعيد‬ ‫ه��ل رأيت روحك تذب��ح على ركبتك؟ ه��ل رأيت هواءك‬ ‫وتاريخ��ك يحترق؟ هل رأيت الس��وق ال��ذي عبثت عيناك‬ ‫بواجهات��ه أو لعب��ت واجهات��ه م��ع عيني��ك لعب��ة الغواية‬ ‫بالشراء يقتل؟ هل خفت على أوالدك من القذيفة التالية‬ ‫أو من الرجل القادم أو حتى من الصوت الغريب؟ هل كتب‬ ‫أح��د على حائط في حي��ك‪" :‬رجال الموت م��روا من هنا"‬ ‫ث��م جلس تحت جملت��ه "العبقرية" يحمل س�لاحاً موجهًا‬ ‫إلى ص��درك؟ هل ش��عرت أن قيمة ماضيك ومس��تقبلك‬ ‫وأحالم��ك ال تعني ش��يئًا للرجل الذي ينظ��ر إليك وكأنك‬ ‫ذبابة غريبة جاءت من كوكب بعيد؟ هل رأيت جثثاً مرمية‬ ‫عل��ى قارعة الطريق ألناس تتذكر وجوههم أو تعرفهم؟‬ ‫لن أس��أل المزيد من األس��ئلة التي تتقافز كالجنادب في‬ ‫رأس��ي‪ ،‬بل س��أقدم إجابة واحدة‪ :‬أدعي أنني أعرف كيف‬ ‫تجري الحياة في داخلك إن كنت ممن شهدوا ذلك كله‪.‬‬

‫�أيهم باري�ش‬ ‫‪(‎‬ملخ��ص مفي��د)‪ :‬إدل��ب مع��ارك وقصف ف��ي كل المدن‬ ‫والبلدات‪..‬‬

‫دل�شاد عثمان‬ ‫أن��ت س��وري ‪ /‬ــة وأنا أحب��ك‪ ..‬وألنك مع الثورة الس��ورية‬ ‫أحبك أكثر‪ .‬يكفي جعجعة ويكفي تجريح لبعضنا البعض‬ ‫ويكفي اهانات ويكفي نمثل دور الحرس الثوري للثورة‪..‬‬

‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟ (‪)17‬‬ ‫أنا هأل ماعد بدي ش��ي غير يس��قط النظ��ام‪ ..‬طلعت مش��ان حريتي وكرامتي‬ ‫ومش��ان والدنا يعيش��وا حياة أحسن من اللي عش��ناها بس مو أكتر‪ ..‬أص ً‬ ‫ال أنا من‬

‫يومي بكره السياس��ة والسياس��يين‪ ..‬وهأل مابدي غير يس��قط النظام لحتى نعرف‬ ‫نرجع نعيش ونعم��ر هالبلد من أول وجديد‪ ..‬وعلى فكرة أنا آخر فترة ماعاد عطيت‬ ‫رأيي بشي ألنو صايرة نرفوزة وماعاد تحملت ودايماً بيتحول النقاش لخناقة ‪):‬‬ ‫موظفة قطاع خاص‬

‫�إميان �سرحان‬ ‫َكس��وريّ‪ ..‬أحلم فقط‪ :‬بـ حفنة تراب أنثرها غطاء على جسد‬ ‫ش��هيد أحبَّ الحياة‪ ..‬بـ حفنة تراب تحمل بيتي فال يهتزّ تحت‬ ‫أقدامي وال يسقط سقفه عليّ‪ ..‬بـ حفنة تراب تحفظ خطوات‬ ‫أطفال��ي األولى واألخيرة فال تفرّقها‪ ..‬بـ حفنة تراب أزرعها بـ‬ ‫ضح��كات طفولتي ودموع الفرح في ش��بابي وقصص الزمان‬ ‫عن��د الكهول��ة‪ ..‬بـ حفن��ة ت��راب روت حبّاتها س��واعد‪ ..‬تقلبُ‬ ‫األرض جم��ا ًال عل��ى جب��اه المتعبي��ن‪ ..‬بـ حفنة تراب أس��قط‬ ‫فتحملني مداها الوطن وأثمن ما عليها إنسانيتي‪.‬‬

‫�إياد عما�شة‬ ‫نحتاج لسنوات حتى نستطيع استيعاب معنى "الرأي األخر"‪..‬‬ ‫هن��اك م��ن هو جاه��ز دوما لقص��ف وكلخ وده��س أي رأي‬ ‫مخالف قد يقال بحجة "انك في الخارج"‪ ..‬كأن سوريا مطوبة‬ ‫باس��م إلي خلفوك‪ ..‬لي في هذا البلد كما لكل س��وري‪ ،‬لي‬ ‫الح��ق بقول ما أريد‪ ،‬ما أتمناه‪ ،‬م��ا أحلم به لبلدي‪ ..‬وجودك‬ ‫في الداخل ال يمنحك الحق بقمع أي رأي يخالف رأيك‪..‬‬

‫ب�شري وهبي‬ ‫في حج��ار بتقلك هدمتوا البل��د‪ ،‬رجعتوها أربعين س��نة لورا‪،‬‬ ‫طيب يا حجار من أربعين س��نة ش��و بنينا إال الك��ذب والدجل‪..‬‬ ‫"عذراً لن أشبههم إال بالحجارة ألنهم ال ينتمون لألحياء أبدا "‪..‬‬

‫�شام داود‬ ‫حريتك بتوقف عند حرية اآلخرين‪ ..‬ال تنسى أنو هادا اآلخر مو‬ ‫بس اللي مو من دينك ومو من ملتك‪ ..‬اآلخر هو ممكن يكون‬ ‫بنتك‪ ..‬ابنك‪ ..‬مرت��ك‪ ..‬أبوك أو أمك‪ ..‬واللي مانون ملكك بأي‬ ‫شكل من األشكال‪ ،‬هدول كمان اآلخر اللي بنقصدو‪ ..‬مو بس‬ ‫نمنع اللي مو من ديننا يسبو علينا‪ ..‬كمان نمنع حالنا انو نقيد‬ ‫الناس اللي معن��ا ومننا‪ ..‬ولدتهم أمهاتهم أحراراً! مالها كمالة‬ ‫هي أنو بين قوسين أحرار ما عدا فالن!‪..‬‬

‫�سمر يزبك‬ ‫البد لنا م��ن الحديث عن األخطاء‪ .‬هذا أمر ال مفر منه‪ ،‬لكن عندما‬ ‫أفك��ر ببراميل المس��امير‪ ،‬وعبوات الغاز المتس��اقطة على رؤوس‬ ‫السوريين من السماء‪ ،‬أظن أن هذا يحدث في أرض الخيال‪ ،‬وليس‬ ‫في أرض العدم‪ ،‬حيث يتحول العقل إلى كرة جنية مطاطة!‪..‬‬

‫زكريا تامر‬ ‫صباح الرئيس‪ :‬أفاق بش��ار األس��د من نومه سعيداً‪ ،‬فقد‬ ‫رأى في أثناء نومه أمهات المقتولين يرتدين الثياب السود‬ ‫ويهجمن عليه مولوالت شاهرات السكاكين‪ ،‬فتمكن وحده‬ ‫من القضاء عليهن من دون مساعدة من أحد‪ ،‬ومشى فوق‬ ‫جثثهن مرفوع الرأس ليستيقظ من نومه سعيداً منتشياً‪.‬‬

‫ندى كرامي‬ ‫أي مجرم مجنون هذا من يحلم أن يمحو ش��عبا كام ًال بتاريخه‪،‬‬ ‫ل��ن تكون جرائمك أكثر من جروح س��طحية مؤلمة س��تتعافى‬ ‫منها سوريا سريعاً بعناية أبناءها الطيبين وبركات شهداءها‪..‬‬

‫�سايل حمارنة‬ ‫م��ن إعج��ازات الحرك��ة التصحيحية ف��ي اللغ��ة العربية‪:‬‬ ‫الشهيد‪ :‬من يموت بسيارة مسرعة على طريق المطار‪..‬‬ ‫االنتحار‪ :‬بثالث طلقات من الخلف في الرأس‪..‬‬ ‫االنتصار‪ :‬س��لب الجوالن وإبقاء القنيطرة على حالها من‬ ‫دمار أكثر من تالتين سنة وأوالدها نازحين‪..‬‬ ‫الخائن‪ :‬من يطالب بحريّة ابنه من السجن لرأي مخالف‪..‬‬ ‫اإلرهابي‪ :‬من قتل أهله أمامه آمنين في منازلهم‪..‬‬ ‫المقاومة‪ :‬قصف الفلسطينيين‪..‬‬ ‫الوطن‪ :‬مزرعة المع ّلم‪..‬‬ ‫معارض شريف‪ :‬طرطور بينشرى بمنصب‪..‬‬ ‫عروبة‪ :‬إيران وروسيا والصين‪..‬‬ ‫األبد‪ :‬مدة تنتهي بزوال المع ّلم‪ ..‬وستنتهي قريبا‪ ..‬جدّا‪..‬‬

‫جمال �صبح‬ ‫ما في أحلى من هس��تيريا (أمي‪ ..‬لك نجحت بالبكالوريا)‬ ‫إال صراخ مصورين الثورة (إسقاط طائرة‪ ..‬اهلل أكبر)‪!! ..‬‬

‫را�شد عي�سى‬ ‫الطريق��ة المثل��ى لتخط��ي حواج��ز دمش��ق وضواحيها‬ ‫تأسيس حزب للبسكليتات‪.‬‬

‫نورا مراد‬ ‫طاسة الرعبة‪ ..‬مش حتلحق تمسكها بإيديك‪..‬‬

‫اجليل املُختار‬ ‫ش��باب عاش طفولت��ه ف��ي ثمانينيات‬ ‫الق��رن الماضي‪ ..‬قضى أيام الدراس��ة على‬ ‫مقاع��د مهترئة في غرف باردة في الش��تاء‬ ‫وحارة في الصيف‪ ..‬صورة األب القائد دائم ًا‬ ‫وأبداً تراقبهم من فوق السبورة‪ 50 ..‬تلميذا‬ ‫في تل��ك القاعة‪ ..‬يجل��س كل ثالثة منهم‬ ‫في مقعد واحد يطالعون أيض ًا كتاب ًا واحداً‬ ‫إذ ال تكف��ي الكتب المخصص��ة لكل صف‪..‬‬ ‫يردد الش��عار يحفظ القصائد واألناش��يد‪..‬‬ ‫يحضرني اآلن مش��هد من فيل��م «طوفان‬ ‫في بالد البعث»‪ ..‬بألوانه بفجاجته‪..‬‬ ‫جي��ل بُ��حّ صوته م��ن تك��رار الوعود‪..‬‬ ‫الوحدة‪ ..‬تحرير األرض‪ ،‬محاربة االمبريالية‪..‬‬ ‫يرّن الجرس معلنا انتهاء الدوام المدرسي‪..‬‬ ‫يركضون مسرعين إلى بيوتهم ليشاهدوا‬ ‫برامج األطفال على القناة الوحيدة اليتيمة‪..‬‬ ‫وربم��ا في طري��ق عودته يتوقف ليش��تري‬ ‫قطعة من الحلوى نفس��ها التي تحتّم على‬ ‫الجميع استساغة طعمها‪..‬‬ ‫ف��ي مرحل��ة الحق��ة أصب��ح باإلم��كان‬ ‫مشاهدة قنوات تلفزيونية أخرى‪..‬‬ ‫عال��م مختلف داخ��ل ذل��ك الصندوق‪..‬‬ ‫مدارس نظيف��ة‪ ..‬طالب يرت��دون مالبس‬ ‫بألوان زاهية‬ ‫ال بدالت عسكرية‪ ..‬يتأمّل‬ ‫ينام ذاك المراهق وي��رى مرغم ًا أحالما‬ ‫بغد أفضل‪ ..‬يس��تيقظ ذات ي��وم‪ ..‬اليوم‬ ‫ه��و في منتصف العش��رينيات من العمر‪..‬‬ ‫بشهادة جامعية‪ ..‬يبحث عن عمل‪ ..‬يسمع‬ ‫الخب��ر‪ ..‬ثورة في بل��دي‪ ،‬األح�لام ممكنة‬ ‫التحقق اآلن‬ ‫اليوم‪ ..‬مستقبل أفضل‪ ..‬فرص عمل‪..‬‬ ‫ال خوف‪ ،‬سينتهي الصراع‪..‬‬ ‫يهت��ف ويهت��ف‪ ..‬ي��ردد ش��عارات‪..‬‬ ‫بحماس��ة‪ ..‬مماثلة لتلك التي كان يحسّها‬ ‫في صغره‪ ..‬بسذاجة‬ ‫تخت��رق جس��ده رصاص��ة‪ ..‬يس��قط‪..‬‬ ‫شهيداً‪ ..‬تس��قط أحالمه‪ ..‬تضيع في أجزاء‬ ‫م��ن الثاني��ة‪ ..‬تضيع‪ .‬س��نتان مضت على‬ ‫اندالع الثورة‬ ‫صديقه يتهي��أ لمغادرة البالد‪ ..‬أقرباؤه‬ ‫يبحثون ع��ن مأوى بعيداً عن القصف الذي‬ ‫طال مدينتهم‬ ‫المدارس أضحت مالج��ئ‪ ..‬كتبت علينا‬ ‫المعان��اة‪ ..‬هي محنة م��ن اهلل‪ .‬يردد رجل‬ ‫طاعن في السن تلك العبارة بنبرة ال تخلو‬ ‫م��ن الس��خرية وع��دم القناعة‪ ..‬ليواس��ي‬ ‫نفس��ه أو ًال‪ ..‬يردده��ا بص��وت مرتفع ع ّله‬ ‫يقنع نفسه بها‬ ‫الجي��ل نفس��ه م��ازال يدف��ع الثم��ن‪..‬‬ ‫محظ��وظ أم محكوم بالمعان��اة‪ ..‬أمر واحد‬ ‫مؤكد ه��و أن هذا الجيل لن ينعم بالحرية‬ ‫التي يصنعها اليوم‪..‬‬ ‫‪Gorgon Succubi Beer‬‬


‫عندما ينعتق البيا�ض حرية‬

‫حوار‪ :‬سوريتنا‬

‫| ه��ل تحديثنا ع��ن م��رام المصري‪،‬‬ ‫عن الطفولة والنش��أة والمدين��ة‪ ،‬والظالل‬ ‫المؤثرة في شخصك وإبداعك؟‬ ‫| | كيف ال‪ ،‬فعندما أتحدث عن مرام‬ ‫المصري أعيد والدتي‪ ،‬وكم أش��عر أحيانًا‬ ‫بحاجة أن أخلق من جديد‪ ،‬وأس��ترجع تلك‬ ‫األي��ام الهنيئ��ة م��ن طفولت��ي ومدينتي‪.‬‬ ‫قريب��ًا م��ن البح��ر األبيض في الس��احل‬ ‫السوري في مدينة الالذقية الوسطى بين‬ ‫أخّين‪ ،‬منذر وماهر‪ ،‬تعقبني أخت اس��مها‬ ‫من��ى‪ ،‬وأخ اس��مه رفعت‪ ،‬تمتع��ت بتربية‬ ‫حنون��ة من جدة دافئة كرس��ت حياتها لنا‪،‬‬ ‫وأم مدرس��ة وفنانة معروفة ساهمت في‬ ‫مج��ال تحري��ر الم��رأة عاملة ف��ي االتحاد‬

‫(قلبي يغصّ)‪.‬‬ ‫أتذكر القهوجي القصير‬ ‫الذي يتوقف عن العمل‬ ‫ليرنم لي أغنية (أهواك)‬ ‫أو يتنهد بآهة‬ ‫فأخبئ ابتسامتي في محرمتي‬ ‫أو أرميها في البحر‪.‬‬ ‫(ابتسامة الفتاة عيب)‪.‬‬ ‫أتذكر‬ ‫مسا ًء‬ ‫الكورنيش عند المغيب‬ ‫ساعة الحشد‬ ‫وملتقى أقدام وأحالم‬ ‫صبايا وصبيان الالذقية‪.‬‬ ‫أتذكر وجوها وأسماء‬ ‫أتذكر زواريب وطرقات‬ ‫أتذكر‬ ‫وأبكي‬ ‫| س��معت في لقاء ف��ي برنامج روافد‬ ‫ع��ن القصيدة األول��ى التي كتبت��ي‪ ،‬وكيف‬ ‫اس��تقبلها النقاد‪ ..‬كيف بدأت مرام شاعرة‪،‬‬ ‫وكيف كانت القصائد األولى؟‬ ‫| | القصائ��د األول��ى كان��ت قصائد‬ ‫وطني��ة ذات إيقاع‪ ،‬طبعا كل ش��يء برأي‬ ‫محاكاة وتقليد في البدء‪ .‬كنت أحاول لربما‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫عن مرام‪،‬‬ ‫الإن�سان وال�شاعرة‬

‫النس��ائي‪ ،‬أم فتحت لنا النوافذ وعبدت لنا‬ ‫الطرقات نحو حرية التفكير واإلبداع‪ ،‬وأب‬ ‫ذو لهجة لبنانية يتكلم عدة لغات‪ ،‬أب وحيد‬ ‫بي��ن أختين لعائل��ة لبناني��ة هجينة‪ .‬جدة‬ ‫مسيحية وجد مسلم هاجر إلى طرطوس‬ ‫وزوجته الصغي��رة التي تركت عائلتها من‬ ‫أجل الحب‪ ،‬ولم ترهم طيلة حياتها‪.‬‬ ‫وأم وحيدة بين أخّين‪ ،‬أبوها صاحب‬ ‫مطبع��ة م��ات صغي��راً ت��اركًا الحمل على‬ ‫عاتق أرملته‪.‬‬ ‫نعم يحلو لي أن أتكلم عن نش��أتي‪،‬‬ ‫ع��ن طفولت��ي ف��ي الالذقي��ة عروس��ة‬ ‫الس��احل وبناي��ة كاظ��م زيتون��ة‪ ،‬بناي��ة‬ ‫الجيرة الطيبة‪ ،‬يروق لي أن أتذكر بيت أم‬ ‫عل��ي حكيم وبيت ه��ارون‪ ،‬بيت أم جورج‬ ‫بي��ت أم رزوق‪ ،‬بيت المن�لا وبيت الظاظا‪،‬‬ ‫في المقربة بيت ش��حادة وبي��ت المفتي‪،‬‬ ‫بي��ت أم رن��دة بيت عكو‪ ،‬بي��ت البلة وبيت‬ ‫س��عد وبيت ماميش وبيت الجانودي‪ ،‬بيت‬ ‫طربية وبيت الضوب��ي‪ ..‬بيت زريق وبيت‬ ‫الصوفي‪..‬‬ ‫أتذكر بنايتي ككل بناية في سوريا‪،‬‬ ‫ملون��ة بس��كانها‪ ،‬بكرمه��ا‪ ،‬وجيرته��ا‪،‬‬ ‫حي��ث تهب��ط وتصع��د صح��ون األكل‬ ‫والحلو كالصحون الطائرة‪" ..‬اش��تهيناكم‬ ‫بهاألكلة"‪ ،‬يرددون ونردد‪..‬‬ ‫يحل��و لي أن أتذك��ر وأعيد صياعتي‪،‬‬ ‫فم��ا أن��ا س��وى قطب��ة م��ن هذا النس��يج‬ ‫اإلنساني والحضاري‪.‬‬ ‫أتذكر‬ ‫كل صباح‬ ‫حين كنت آخذ طريق المدرسة‬ ‫بجانب سياج المرفأ‬ ‫المار‬ ‫ق��رب (قهوة الش��باب) الت��ي يتجمع‬

‫فيها عادة‬ ‫كل شيوخ الحي‪..‬‬

‫تقلي��د ما تعلمناه من ش��عر ع��ن الوطن‪.‬‬ ‫ن��ال إعج��اب أس��تاذ اللغ��ة العربي��ة ولم‬ ‫ين��ل إعجاب منذر‪ ..‬ثم وأثن��اء ذهابي إلى‬ ‫بي��ت جدتي ال��ذي ال يبعد عن بيتنا عش��ر‬ ‫دقائ��ق‪ ،‬على وقع خطوت��ي ألفت قصيدة‬ ‫زجلي��ة لعي��د األم‪ ،‬إذ كان مطلوبا مني أن‬ ‫اقرأ أمام الطالبات كلمة عن األم‪ .‬نس��يت‬ ‫أن أق��ول أنن��ي في الص��ف الخامس كنت‬ ‫س��يئة جدا في اإلنش��اء‪ ..‬اليوم ساعدتني‬ ‫أمي بعمل موضوع إنش��اء ع��ن الخريف‪..‬‬ ‫أخذتن��ي بي��دي إل��ى األماك��ن المألوف��ة‬ ‫خيالي��ًا‪ .‬الحديق��ة الش��جر الس��ماء الناس‬ ‫المط��ر‪ ..‬صنعت لي فيلما س��هل التخيل‪..‬‬ ‫رقيق كملمس جلدها وش��عرها‪ ..‬كأغنية‬ ‫عذب��ة ال يوجد به��ا صوت نش��از‪ ..‬بعدها‬ ‫أصبحت أكت��ب وأنا أس��معها تقودني إلى‬ ‫تل��ك األماكن األليف��ة‪ .‬وأصبحت من يأخذ‬ ‫دائما عش��رة على عش��رة‪ ..‬ثم جاء الحب‬ ‫ال��ذي أخذني ألماكن الذات‪ ..‬كتبت قصائد‬ ‫قصيرة لكي أعلن ربما اختالفي‪ ..‬قصائد‬ ‫أحبها أخي وأصدقائه‪ ،‬الذين اس��تقبلوني‬ ‫بدهشة وحب‪.‬‬ ‫| مت��ى ألقي��ت القصي��دة األولى أمام‬ ‫جمع من الناس؟‬ ‫| | ألقي��ت القصي��دة األول��ى ف��ي‬ ‫كافتيري��ا جامع��ة دمش��ق‪ ..‬ف��ي أمس��ية‬ ‫أعدها بندر عبد الحميد‪ ،‬وكان حسان عزت‬ ‫وأظن حس��ن م يوسف‪ ،‬ال أذكر بالضبط‪..‬‬ ‫ذاكرتي ملفوفة بورق الس��نوات الكثيف؟‬ ‫لو س��ألتني عن القبلة األول��ى لقلت لك‪..‬‬ ‫كان��ت على ش��اطئ البحر‪ .‬في ‪ 2‬نيس��ان‬ ‫على س��لم أحد الش��اليهات المغلقة‪ ..‬كان‬ ‫حبيب��ي يقنعن��ي أن يقبلني عل��ى فمي‪..‬‬ ‫ل��م يحتج الكثير م��ن الحجج‪ ،‬فقط واحدة‬ ‫كانت كافية‪" ..‬بدل أن تقبليني على خدي‬ ‫وأقبلك على خدك دعينا نختصر الوقت"‪..‬‬ ‫أقنعني بس��هولة فبماذا يختلف الفم عن‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫مرام المصري‪..‬‬ ‫هذا الكائن األبيض الجميل‪ ،‬هي التي‬ ‫ال يليق الس��واد إال بفساتينها‪ ..‬تنتظر اآلن‪،‬‬ ‫كما لم تنتظر أحداً في حياتها‪ ،‬س��وريا حرة‪،‬‬ ‫لتدعو الجميع لوليمة السالم والحرية‪..‬‬ ‫مرام المصري‪ ..‬م��ن مواليد الالذقية‪،‬‬ ‫نشأت وعاشت صباها هناك‪ ،‬في بيت نهلت‬ ‫منه األدب والجمال والش��عر‪ ،‬درست األدب‬ ‫اإلنكلي��زي في جامعة دمش��ق‪ ،‬ث��م انتقلت‬ ‫إلى فرنس��ا لتس��تقر هناك منذ ‪ .1982‬وما‬ ‫قب��ل ذلك كانت من أوائ��ل كاتبات قصيدة‬ ‫النثر الس��ورية‪ ،‬ويظهر واضح��اً تأثر معظم‬ ‫شاعرات النثر السوريات بها‪..‬‬ ‫ص��در للش��اعرة مرام المص��ري ثالثة‬ ‫كتب شعرية‪ :‬بالعربية وستة باللغتين‬ ‫ أه��ددك بحمام��ة بيض��اء ‪1984‬‬‫باالش��تراك م��ع الش��اعر من��ذر المص��ري‬ ‫ومحمد سيدة‪.‬‬ ‫ كرزة حمراء على بالط أبيض ‪1997‬‬‫دار الزمان للطباعة والنشر في تونس‪.‬‬ ‫ أنظ��ر إلي��ك ‪ 2000‬ع��ن الش��ركة‬‫اللبنانية للطباعة والنشر في بيروت‪.‬‬ ‫ الع��ودة‪ ،‬عنوان مجموعته��ا الرابعة‬‫الذي صدر باللغتين العربية واإلسبانية عن‬ ‫دار إسكريتو اإلسبانية‪.‬‬ ‫ من نبع فمي عن دار برونو دوسية‪.‬‬‫ أرواح حافية األقدام عند نامب دو سيريز‪،‬‬‫الذي نال��ت علية جائزتين ف��ي ‪ 2011‬و‪،2012‬‬ ‫وأخذت جائزة على نفس الكتاب باإليطالية‪.‬‬ ‫كما وقد نالت جائ��زة أدونيس إلبداع‬ ‫الفك��ري في الع��ام ‪ 1997‬ف��ي باريس‪ ،‬عن‬ ‫كتابه��ا كرزة حمراء‪ ،‬وترجمت أعمالها كاف ًة‬ ‫إلى أكث��ر من ‪ 10‬لغ��ات‪ ،‬منه��ا اإلنكليزية‬ ‫واالسبانية والفرنسية التركية الخ‪ ،‬وحظيت‬ ‫بالكثير الكثير من الجوائز العالمية‪.‬‬ ‫وأخيرا ص��در لها أنتلوجيا للش��اعرات‬ ‫العربيات في دار لو تامب دو سيرز‪.‬‬ ‫كان لنا مع الشاعرة مرام المصري هذا‬ ‫اللقاء الذي خصتنا به‪..‬‬

‫حوار العدد ‪. .‬‬

‫حوار مع ال�شاعرة ال�سورية مرام امل�صري‬

‫‪17‬‬


‫حوار العدد ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫الخد أو اليد؟‪..‬‬ ‫أتذك��ر أنني فق��دت توازني‪ ..‬عادة ال‬ ‫ننسى المرات األولى القبلة األولى والحب‬ ‫األول‪ ..‬بعده��ا قرأت ف��ي المعهد العربي‬ ‫في باريس وبعدها في تونس في مدينة‬ ‫خلق الواد مع فاطمة قنديل ولينا الطيبي‬ ‫ودينا مخائيل وظبية خميس‪..‬‬ ‫ل��ي ذكريات م��ع الم��رة األولى التي‬ ‫ق��رأت فيها في الرب��اط‪ ..‬حفل��ة رائعة ال‬ ‫تنس��ى كان��ت كليل��ة الع��رس‪ .‬الجمه��ور‬ ‫المغربي أغدق علي بالزهور والحب الذي‬ ‫ال يزال يرافقني لآلن‪.‬‬ ‫هن��اك مرات أولى كثي��رة‪ ،‬كقصص‬ ‫الح��ب‪ ،‬ف��ي الحقيقة كل ق��راءة هي لقاء‬ ‫ح��ب م��ع المس��تمعين‪ ..‬ينتابن��ي الخوف‬ ‫واالرتب��اك ويحص��ل معي ازدي��اد خفقان‬ ‫القلب وأكثر من ذلك‪..‬‬ ‫| من أول من أثار في قلبك الفرح بنقد‬ ‫جميل على شعرك‪ ،‬متى وكيف كان؟‬ ‫| | أول م��ن أفرحن��ي كان بندر عبد‬ ‫الحمي��د ونزيه أب��و عفش‪ ،‬كالهم��ا كتبا‬ ‫مق��االت رائع��ة مش��جعة ومحب��ة‪ ..‬كان‬ ‫عن��وان مقال��ة بن��در "قلبها كع��ب أخيل"‬ ‫ومقاله نزيه "ش��هقة وتنتهي القصيدة"‪..‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ ..1986‬بعثه��ا ل��ي أخ��ي منذر‬ ‫ليشجعني على الكتابة لكوني قد هاجرت‬ ‫إلى باريس‪ .‬ولم أعد أكتب‪..‬‬ ‫في تاريخي الش��عري مقاالت نقدية‬ ‫أفتخ��ر به��ا‪ ،‬كأمج��د ناص��ر‪ ،‬وأدوني��س‪،‬‬ ‫وصالح س��تيتية‪ ،‬وش��وقي بزيغ‪ ،‬وحسان‬ ‫عباس‪ ،‬وعلي سفر‪ ،‬وحسان عزت‪ ،‬وجميل‬ ‫حتم��ل‪ ،‬وخلي��ل صويلح‪ ،‬وحس��ين حمزة‪،‬‬ ‫والصحف األجنبية التايمز مث ًال‪.‬‬ ‫إال أن ه��ذا ال يغي��ر من تخ��وف أن ال‬ ‫يح��ب اآلخ��ر ش��عرك‪ ،‬فش��عري ال أكتب��ه‬ ‫للنقاد‪ ،‬أكتبه لمن س��يقرأني‪ .‬لمن يحبني‬ ‫ولمن أريده أن يعرفني ألتعرف عليه‪.‬‬ ‫| بمن تأثرت بالكتاب��ة في البدايات‪،‬‬ ‫وما هي الموضوع��ات التي أخذت حيزاً أكبر‬ ‫في قصائدك وقتها؟‬ ‫| | ال أدري الواق��ع كنت أكتب وليس‬ ‫ل��دي أي مخط��ط أو فك��رة عن م��ا أكتب‬ ‫كن��ت أكتب وكف��ى‪ ،‬حاجة ملح��ة للتعبير‬ ‫ع��ن آالمي ومش��اعري عن تفاع��ل اللغة‬ ‫مع الش��عور‪ .‬عالقاتي الخارجة عن العادة‬ ‫هي التي أعطت أيضًا قصائد ال تشبه أحد‬ ‫حت��ى قصائد من��ذر الذي أعتب��ره معلمي‬ ‫األول‪ .‬ش��عري ال يشبه شعره ولكن الروح‬ ‫التي تقطن شعرنا هي روح واحدة‪.‬‬ ‫أحبب��ت جبران كما أحبب��ت طاغور‪..‬‬ ‫أحبب��ت الماغ��وط كم��ا أحبب��ت أدونيس‪،‬‬ ‫أحبب��ت كل من صعّد روحي وأغناها‪ ،‬كل‬ ‫ش��اعر أدخل إل��ى قلبي اإلنس��انية وفتح‬ ‫خيالي وأحببني بالحياة‪..‬‬ ‫| هل اس��تمر ش��اعرك المفضل حتى‬ ‫اآلن؟‬ ‫| | الش��اعر المفضل أجدها صفة ال‬ ‫تنطبق على من أحبهم من الش��عراء‪ ،‬ولو‬ ‫أنن��ي أوافقك بأن ننزع إلى التفضيل‪ ،‬أود‬ ‫أن أقول ليس لدي شاعر مفضل أقرأ الكل‬ ‫وأتغذى بهم‪ ،‬ولكن هناك من ال أس��تطيع‬ ‫أن أق��رأ ل��ه ألس��باب أحيان��اً تب��دو واهية‬ ‫ولكنها بالنس��بة لي مهم��ة وهي أخالقه‪،‬‬ ‫إنس��انيته‪ .‬إذا ش��ككت بمواقفه أسقطته‬ ‫عمداً من اهتمامي‪ ،‬الب��د أنني مخطئة إذ‬ ‫علي أن أفرق بين الكاتب وكتابته؟‬ ‫ويبق��ى منذر الش��اعر الذي ال أس��أم‬ ‫م��ن قراءته‪ ،‬والذي يفاجئني بحساس��يته‬ ‫وعم��ق كتابته‪ .‬والذي في مراعيه تس��رح‬ ‫أغنامي‪.‬‬ ‫| هناك قصائد لك مغناة‪ ..‬هل تحدثينا‬ ‫عنها؟‬ ‫| | ل��دي قصائ��د مغن��اة نع��م‪ ،‬أول‬ ‫م��ن فاجأن��ي بتلحين��ه لقصي��دة لي هو‬

‫مارس��يل خليفة‪ ،‬ولكن لألس��ف لم تغن‪.‬‬ ‫ل��دي قصيدة مغناة من قب��ل مغنية أوبرا‬ ‫مغربية اسمها زبيدة إدريسي‪ ،‬ملحنة من‬ ‫قبل حسن مغري‪ ،‬وأخرى للثورة السورية‬ ‫اس��مها رس��الة أم عربي��ة البنه��ا‪ ،‬مغناة‬ ‫من قبل مغنية تونس��ية اس��مها نس��رين‬ ‫إس��ماعيل‪ ،‬لحنها كمال‪ .‬وأربعة نصوص‬ ‫بالفرنسية تغنيها أماندين تيرية‪ ،‬وأخيراً‬ ‫مفاجأة كبيرة لي هي أن يوال خليفة زوجة‬ ‫مرسيل ستغني لي قصيدة‪..‬‬ ‫لطالما تحالف الش��عر مع الموسيقى‬ ‫ولك��ن كان بعي��داً عن تصوري أن ش��عراً‬ ‫كش��عري يغن��ى‪ ،‬إنه��ا هداي��ا‪ .‬هدايا من‬ ‫فنانين للشعر‪.‬‬ ‫| أين هي مرام المصري اليوم؟‬ ‫| | أي��ن ه��ي م��رام؟ ال أدري أبح��ث‬ ‫هن��ا‪ ..‬أحيان��ًا تتجلى لي وأحيان��اً تختفي‪.‬‬ ‫أحيان��اً تبع��ث لي أخب��ار من هن��ا وهناك‪.‬‬ ‫تحمل حقيبتها وتس��افر‪ ..‬أحيانًا أنام فيها‬ ‫وأحيان��اً تغادرن��ي‪ ،‬أحبه��ا ألنه��ا صادق��ة‬ ‫وكريمة وأشفق عليها من كثرة الحب‪.‬‬ ‫أحيان��اً أعج��ب بمقاومته��ا للي��أس‬ ‫وش��جاعتها أن تس��تيقظ صباح��ًا لتض��ع‬ ‫قدمها عل��ى األرض‪ .‬اليوم ه��و معركتها‬ ‫المتواصل��ة للوج��ود‪ ..‬مرام ف��ي باريس‬ ‫تقط��ن غرف��ة صغي��رة‪ .‬وحي��دة تدف��ع‬ ‫فواتيره��ا وحي��دة وتس��تيقظ وحي��دة‪..‬‬ ‫وحي��دة تأخذ فطوره��ا‪ ..‬األه��ل بعيدون‬ ‫واألصدق��اء ف��ي شاش��ة الفي��س ب��وك‪،‬‬ ‫واألبناء م��ع زوجاتهم‪ ..‬ال أش��كو الوحدة‪،‬‬ ‫إنها خياري الذي يؤلم شرقيتي‪ ،‬ففي يوم‬ ‫كن��ت في مقهى م��ع صدي��ق‪ ،‬وإذا بامرأة‬ ‫في الخمس��ين تجلس بالمقرب��ة‪ .‬وحيدة‬ ‫تطلب كأس��اً من النبيذ‪ ..‬كن��ت أنظر إليها‬ ‫بش��فقة ألنها وحيدة فأن��ا أخجل أن أدخل‬ ‫مقه��ى وحيدة وكأن الوحدة ع��ار‪ ،‬فالمرأة‬ ‫الوحي��دة تعني أنه��ا صعب��ة العيش‪ ،‬فال‬

‫رج��ل يتحملها أو أنها مهج��ورة ألن رائحة‬ ‫فمه��ا كريه��اً أو أنه��ا ال تع��رف أن تغ��ري‬ ‫رج� ً‬ ‫لا‪ ..‬كأن أن تكون بق��رب من رجل هو‬ ‫وسام لألنوثة‪ ..‬فقلت للصديق مستغربة‬ ‫األم��ر فقال لي ما أحببت��ه؟ وجعلني أنتبه‬ ‫أنن��ي ال زلت ش��رقية‪ ..‬علي��ك أن تنظري‬ ‫إليها بإعج��اب ألنها لربما ق��د تركت رج ًال‬ ‫يضربه��ا‪ .‬أو فضل��ت الوح��دة ع��ن عالقة‬ ‫سقيمة‪ ..‬على كل‪ ،‬إنها ال تبالي بما سيقال‬ ‫عنها وهي تتحمل مس��ؤولية حياتها وهذا‬ ‫شيء يُحترم‪..‬‬ ‫| تُرجمت دواوينك لكثير من اللغات‪،‬‬ ‫الفرنسية واإلس��بانية واإليطالية واأللمانية‬

‫وغيره��ا‪ ..‬ه��ل ترين فيه��ا مترجم��ة ذات‬ ‫النكهة والشغف؟‬ ‫| | أنا س��عيدة جدا بالترجمات‪ ،‬وكل‬ ‫كت��اب يخ��رج بلغة ل��ه حلة جديدة أش��عر‬ ‫بأن��ه كت��اب جدي��د‪ .‬الترجمة هي الجس��ر‬ ‫الم��ؤدي إلى اآلخر‪ ،‬على كل حال فالكتابة‬ ‫األول��ى ه��ي ترجمة لم��ا نش��عر ونفكر‪،‬‬ ‫نحن مترجمون ألنفسنا‪ .‬وكل لغة تعطي‬ ‫النص جماله��ا وخصوصيته��ا‪ ..‬صعوبتها‬ ‫وتاريخها‪.‬‬ ‫هن��اك لغ��ات ال أفهمه��ا‪ ،‬وال ادري‬ ‫فيم��ا إذا كان��ت الترجم��ة جي��دة أم ال‪ ،‬ما‬ ‫يهمني أنها تمس إنس��انًا آخراً بلغته التي‬ ‫يفهمه��ا‪ ..‬كل القصائد متس��اوية‪ ،‬الجيدة‬ ‫والس��يئة‪ ،‬عندم��ا ال نفهم م��ا تحمله من‬ ‫فك��رة أو من ص��ورة أو من مش��اعر‪ ..‬فما‬ ‫اللغة سوى أصوات أحيانًا مضحكة‪.‬‬ ‫اس��تمع إلى جماع��ة يتكلمون باللغة‬ ‫الصينية‪ ..‬إنها مخارج صوتية أش��به بلغة‬ ‫القطط‪ ،‬اس��تمع إل��ى اللغ��ة اإلفريقية‪...‬‬ ‫المعرف��ة ه��ي الت��ي تقودن��ا إل��ى اآلخر‪،‬‬ ‫والترجم��ة ه��ي ه��ذا الممر فيم��ا إذا كان‬ ‫كتاب��ة الن��ص األصل��ي أو ترجمت��ه للغة‬ ‫أخرى‪..‬‬ ‫أحب أن أترجمن��ي‪ ..‬لهذا أكتب وأحب‬ ‫أن أترج��م لآلخري��ن‪ ،‬ألنه��ا والدة ثاني��ة‬ ‫للن��ص تس��مح إلنس��ان أن يتع��رف على‬ ‫اآلخر وعلى نفسه‪.‬‬ ‫| يعتب��رك الكثي��ر م��ن النق��اد م��ن‬ ‫الش��اعرات المتمردات والبعي��دات عن كل‬ ‫قي��ود الش��رقية كأنث��ى وش��اعرة مج��ددة‬ ‫وجريئة‪ ..‬كيف ترين نفسك هنا؟‬ ‫| | ال ب��د أن هذا صحيح منذ عالقتي‬ ‫األولى كن��ت متمردة عل��ى المجتمع على‬ ‫الع��ادات والتقاليد‪ .‬احتف��ظ بالجميل منها‬ ‫وأرمي ما يسيء إلنس��انيتي ولكرامتي‪..‬‬ ‫الحقيق��ة أنن��ي عل��ى حب��ل مهت��ز بي��ن‬ ‫شرقيتي التي أثرت بي في الالوعي والتي‬ ‫اكتشفها مس��تغربة وجودها بي‪ ،‬ال أقول‬ ‫هذا ألتبرأ من هذه الشرقية‪ ،‬بل بالعكس‪،‬‬ ‫العترافي بأنها حية بي‪ ،‬وكما قلت لك‪ ،‬أنا‬ ‫هجينة خليط نقي ألشياء كثيرة‪.‬‬ ‫إن تمردي لتم��رد صامت ال ضجة به‬ ‫وال استعراض‪ ..‬فقط هناك أشياء أرفضها‬ ‫ألنها إنسانياً ليست صالحة للعيش‪ ..‬ألنها‬ ‫قواني��ن ظالمة فاس��دة‪ ..‬كأن تقبل امرأة‬ ‫أن تضرب أو أن تذل باسم الطاعة وحسن‬ ‫التربية والصبر‪ ..‬مثال‪..‬‬ ‫ول��ك أمث��ال الش��عوب التي ل��م تعد‬ ‫تحتم��ل الظل��م م��ع أن كل ش��يء يبدو ال‬ ‫باس به‪ .‬إال أن شرطيًا ينزلك من سيارتك‬


‫حوار العدد ‪. .‬‬

‫| هل يصل ما تريدين قوله للسوريين‬ ‫في شعرك؟‬ ‫| | ال أدري‪ ،‬يتذكرونن��ي بحمام��ة‬ ‫بيضاء‪ ،‬ألنه طبع هناك‪ ،‬أما الكتب األخرى‬ ‫فل��م تجد م��ن دافع عنه��ا‪ .‬أتذك��ر عندما‬ ‫أعطيت ك��رزة حم��راء‪ ،‬قال ل��ي نزيه أبو‬ ‫عفش ل��ن تطبع في ال��وزارة‪ ..‬حزنت‪ ،‬إال‬ ‫أن يوس��ف عبدلك��ي وج��د لي ناش��ر في‬ ‫تون��س‪ ،‬وهذا نش��ر ف��ي تون��س‪ .‬الثاني‬ ‫ف��ي لبنان‪ ..‬المح��زن أنه ال كت��اب لي في‬ ‫مكتبة س��ورية‪ .‬تفاجأت منذ ش��هرين بأن‬ ‫هناك من ألف لي صفح��ة باللغة العربية‬ ‫في الفيس ب��وك وعندما علمت بوجودها‬ ‫كتب��ت رس��الة ألعرف م��ن أسس��ها‪ ..‬وإذا‬ ‫به فتاة من س��وريا‪ ،‬ش��ابة جميلة عمرها‬ ‫‪ 20‬عاماً‪ ،‬جامعية حساس��ة وذكية‪ ،‬اسمها‬ ‫ن��ور كتبت لي بأنها ق��رأت لي‪ ،‬ووجدت أن‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫عن �سوريا‪،‬‬ ‫الأمل واحللم‬

‫من ضربوا‬ ‫ومن خسروا ألجلها‬ ‫كل شيء؟!‪..‬‬ ‫ع��دة م��رات واجه��ت الخ��وف م��ن‬ ‫الس��لطة‪ ،‬وعدة مرات وأن��ا صغيرة بكيت‬ ‫عل��ى المفقودين‪ ..‬س��افرت للخارج ظانة‬ ‫أنني س��أعود‪ ..‬مرت األي��ام وتدربت على‬ ‫البعد كجندي‪.‬‬ ‫إال أن الحي��اة ه��ذه الس��احرة تلهينا‬ ‫أحيان��ًا ع��ن الهم الع��ام ومواج��ع وأحالم‬ ‫اآلخري��ن‪ ..‬نعي��ش أحالمن��ا وكوابيس��نا‬ ‫وحيدين وكان العالم لنا وحدنا‪ 13 ..‬س��نة‬ ‫لم أذهب إلى س��وريا غضبًا وحنقًا‪ ..‬ولكن‬ ‫من يهتم؟؟ عندما س��ألوني إن كنت أتوقع‬ ‫أن الش��عب الس��وري س��ينتفض ؟ أبديت‬ ‫ش��كي‪ ..‬فكيف لهذا الش��عب ال��ذي تربى‬ ‫عل��ى الخوف والذي س��رقوا من��ه الكرامة‬ ‫فلم يكن الخوف على حياته فحس��ب‪ ،‬بل‬ ‫عل��ى حياة م��ن يح��ب‪ ..‬كيف ل��ه أن يقف‬ ‫ويقول كفى؟؟‪..‬‬ ‫نريد الحرية‪..‬‬ ‫وك��م ش��عرت بالفخ��ر عندم��ا بدأت‬ ‫الثورة‪...‬‬ ‫ب��دأت س��لمية بيض��اء هتاف��ات‬ ‫وأهازي��ج‪ ..‬كن��ت أراه��م يصفق��ون‬ ‫ويرقص��ون‪ ..‬كنت أراه��م يغنون وأراهم‬ ‫يموت��ون‪ ..‬ظننت أنه س��يكون ذكياً كملك‬ ‫المغرب‪ ..‬أن يحس��ن ويقبل أن يتنازل‪ ..‬إذ‬ ‫أنها كانت فرصته أمام التاريخ واإلنسانية‬ ‫لم أتوقع أنه سيغوص في بحر دم شعبه‪.‬‬ ‫لهذه الدرجة‪..‬‬ ‫اإلنس��ان أهم من كل السياسات من‬ ‫كل االقتصاد من كل المصالح‪..‬‬ ‫أهن��اك من يحب الش��عب الس��وري؟‬ ‫أهناك من يس��تطيع أن يجد ح ًال بدل الدم‬ ‫والدمار‪ .‬أال حل؟؟؟ الحل هو فينا ومنا ال بد‬ ‫منه لتوقيف نهر الدم‪.‬‬ ‫| كثي��ر م��ن األدب��اء والمثقفي��ن‬ ‫الس��وريين فش��لوا أن يكونوا بحجم مأساة‬ ‫بلده��م وأحالمه الت��ي نذبح كش��عب ثمناً‬ ‫له��ا‪ ،‬بل حتى الكثير منهم كان مثا ًال س��يئاً‬ ‫للمثق��ف المدرك لحجم المس��ؤولية‪ ..‬كيف‬

‫تري��ن مس��ؤولية المثقف؟ وهل يس��تطيع‬ ‫المثقف التملص من دوره؟‬ ‫| | صحي��ح وكم ه��ذا مؤلم‪ .‬الخوف‬ ‫وح��ش يقطن القل��وب ينام ويس��تيقظ‪.‬‬ ‫به��م‪ .‬خوفهم م��ن اإلس�لاميين يجعلهم‬ ‫يحتم��ون وراء وحش عرفوه‪ ..‬عندما أفكر‬ ‫بكت��اب أعرفه��م أتعج��ب!! ف��أي مصلحة‬ ‫تربطه��م؟ الم��ال؟ تباً للم��ال إن كان على‬ ‫حس��اب موت األبرياء‪ ..‬الشهرة؟ أية شهرة‬ ‫رديئ��ة س��يحتفظ به��ا التاري��خ عنهم؟ ال‬ ‫يوجد إال بعبع اإلسالميين الذي يخيفهم‪..‬‬ ‫اتهم الجميع على أنهم خونة إن لم يعملوا‬ ‫لصال��ح الش��عب‪ ،‬وكأنها لعبة ش��طرنج‪..‬‬ ‫الجمي��ع لحماية الملك‪ ..‬أكره هذه اللعبة‪..‬‬ ‫إنها حياة بش��ر‪ ،‬حياة الناس‪ .‬ليسوا أرقامًا‬ ‫وليسوا خرافاً‪..‬‬ ‫| كيف ترى مرام العالقة بين السوريين‬ ‫في الداخل والسوريين المغتربين؟‬ ‫| | جي��دة‪ ،‬ونح��ن دلي��ل عل��ى هذه‬ ‫العالقة‪ ..‬هن��ا نحاول كل على حدة‪ ،‬أو مع‬ ‫جماعة (كس��ورية حرية) فعل شيء هنا‪..‬‬ ‫الكثير من يعمل هنا لمساعدة السوريين‬ ‫هن��اك‪ ..‬لتوصي��ل صراخه��م لتوصي��ل‬ ‫مطالبهم‪ ..‬ولتحريك الرأي العام‪ ..‬لكس��ر‬ ‫البروباغن��دا األس��دية‪ .‬والدفاع عن مدنية‬ ‫الث��ورة وع��دم طائفيته��ا لتأكي��د عل��ى‬ ‫شموليتها وبأنها ضد ديكتاتور وليس ضد‬ ‫طائفة‪..‬‬ ‫| هل التفاؤل بمستقبل جميل لسوريا‬ ‫موجود لدى مرام‪ ،‬وما مصدره؟‬ ‫| | طبع��اً ل��دي تف��اؤل بمس��تقبل‬ ‫س��وريا‪ .‬مص��دره أن الش��عب الس��وري‬ ‫أبدى عظمته وش��جاعته وتضحيته‪ ..‬ألنه‬ ‫يس��تحق‪ ،‬م��ا دفع ثمن��ه عظيم��ًا ثمنا لم‬ ‫يدفعه شعب قط‪ ..‬ألن التاريخ ال يخطئ‪..‬‬ ‫الشعب هو الباق‪..‬‬ ‫| هل س��تعود م��رام لس��وريا؟ وكيف‬ ‫ستساهم في بناء سوريا الجديدة التي نحلم‬ ‫بها جميعاً؟‬ ‫| | أع��ود‪ ..‬حتماً س��أعود ألزرع على‬ ‫كل قب��ر وردة‪ ..‬وألدع��و الجمي��ع لوليم��ة‬ ‫السالم والحرية‪..‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫ويطل��ب أن تقب��ل صباط��ه‪ ..‬القواني��ن‬ ‫صنعت لتحفظ سالمتنا‪ ..‬كالضوء األخضر‬ ‫واألحم��ر في الش��وارع‪ .‬لي��س بطولياً أن‬ ‫نتم��رد عليه��ا‪ ،‬لي��س فقط حفاظ��ًا علي‬ ‫حياتنا بل على حياة اآلخرين‪ ..‬إال أن هناك‬ ‫قوانين كالرجم وقطع اليد والتعذيب و ما‬ ‫يخص المرأة من حقوق‪ ،‬شي ال يطاق‪.‬‬ ‫| كيف ترى مرام الشعر العربي اليوم؟‬ ‫| | لقد س��مح لي اإلنترنت أن أكون‬ ‫على اطالع بما يكتب ويطبع‪ .‬هناك أصوات‬ ‫رائعة‪ .‬لهذا قررت أن أجمع وأترجم قصائد‬ ‫لش��اعرات عربيات من كل الوطن العرب‪،‬‬ ‫خمس��ون شاعرة لم أس��تطع أكثر للكلفة‬ ‫المادية للكت��اب‪ .‬طبعًا إنها وثيقة انتمائي‬ ‫إليهن‪ ،‬وإلى الش��عب العربي إلى الشعر‪..‬‬ ‫حاولت أن أكون جسراً بينهن وبين القارئ‬ ‫الفرنسي‪ ،‬بين شرقيتي وغربيتي‪.‬‬ ‫الشعر العربي وخاصة بالثورات أخذ‬ ‫لوناً آخ��راً أكثر إنس��انية وأكث��ر تجديداً‪..‬‬ ‫لست ناقدة أنا قارئة‪ ،‬واألكثر من ذلك أقرأ‬ ‫بعين شعري‪ ..‬إال أنها عين ذكية‪..‬‬ ‫| ما س��رك وطريق الراح��ة في الوقت‬ ‫الصعب أو الحزين؟‬ ‫| | الماء‪ ..‬الماء الس��اخن‪ ..‬أقف تحت‬ ‫الدوش‪ ،‬أتلقى هذه النعمة كضمة حبيب‪،‬‬ ‫أش��عر بأن العال��م بخير‪ ،‬أنا والم��اء‪ ،‬الماء‬ ‫الس��اخن‪ ،‬إنه ثروتي الوحي��دة‪ ،‬مع العطر‬ ‫هم��ا دوائ��ي‪ ،‬أحيان��ًا أس��تند عل��ى حائط‬ ‫الحمام وأترك الماء يس��يل مغمضة عيني‬ ‫تاركة الماء تغسل دموعي وتعبي‪.‬‬ ‫الم��اء صديقي الحنون‪ ،‬عالمة الغنى‬ ‫األول��ى‪ ...‬ال أس��تطيع الن��وم ب��دون ه��ذا‬ ‫الطق��س‪ ..‬أهي��ئ نفس��ي دائمًا لس��رير‬ ‫الرهافة‪..‬‬ ‫| ما طقوس مرام الشاعرة للكتابة؟‬ ‫| | لس��ت مم��ن يش��ربون نبي��ذاً أو‬ ‫يضعون ش��معة‪ ..‬طقوسي هي أن أجد ما‬ ‫يستحق القول ما بإمكانه أن يكون شعراً‪..‬‬ ‫أحياناً يأتي وأحياناً ال يأتي‪ ..‬أنتظره كقط‪،‬‬ ‫كحارس ألقبض عليه‪ ،‬أحيانًا يس��تعصي‬ ‫وأحيانًا يستلم كعشيق مشتاق‪..‬‬ ‫كتاب��ي م��ن نبع فمي‪ ،‬ه��و عن هذه‬ ‫الطقوس التي أكتب فيها الشعر‪.‬‬ ‫| م��ا معنى ه��ذه الكلم��ات بقاموس‬ ‫مرام‪:‬‬ ‫| | الحلم؟ أوكسجين الحياة‪.‬‬ ‫الجسد؟ الروح‪.‬‬ ‫التجاعيد؟ شر ال بد منه‪.‬‬ ‫األم؟ الحب المطلق‪.‬‬ ‫العطر؟ الثراء‪.‬‬ ‫الحرية؟ الكرامة‪.‬‬

‫القليل م��ن يعرفن��ي‪ ،‬فأعطتن��ي وقتها‪.‬‬ ‫أليس ه��ذا رائعاً؟ أليس ه��ذا كرمًا؟؟ حبًا‬ ‫للش��عر‪ ..‬تعطيني وال تأخ��ذ‪ ..‬الجميل بها‬ ‫أنه��ا أمين��ة لروحي‪ ،‬وتح��رس‪ ،‬و تحرص‬ ‫عل��ى مبادئي ومن بعيد ت��زرع قصائدي‪،‬‬ ‫في حق��ول جديدة إنها كه��واء الطلع تنثر‬ ‫الشعر‪..‬‬ ‫| هذه القصيدة‪ :‬أعطن��ي حباً ‪ /‬كفاف‬ ‫يوم��ي ‪ /‬وال تثقل يومي على ‪ /‬قلبي الحزين‬ ‫‪ /‬بمثق��ال ذرة ‪ /‬خذن��ي‪ ..‬ه��ي ف��ي الظاهر‬ ‫قصي��دة ح��ب مع ش��غب كبير‪ ،‬لك��ن رأيت‬ ‫فيها حلم إنسان جميل‪ ،‬بوطن جميل‪ ..‬هل‬ ‫أصبت؟‬ ‫| | القارئ صائ��ب دائماً‪ .‬ليس مهمًا‬ ‫أن نك��ون صائبي��ن‪ ،‬المه��م أن ن��دع هذه‬ ‫القصيدة تتفاعل داخلنا‪.‬‬ ‫لطالم��ا تفاج��أت بتفس��ير لقصيدة‬ ‫لي كتبتها عن ش��يء وفهمت بش��ي آخر‪..‬‬ ‫الشعر ليس قفص اتهامات‪ ،‬إنه كل شيء‬ ‫ويحتمل كل المعاني‪.‬‬ ‫الحبي��ب هو وطن ب��كل ما في هذه‬ ‫الكلم��ة من معنى‪ .‬كلن��ا أوطان لمن نحب‬ ‫ومن نحب هم أوطاننا‪.‬‬ ‫| أنت��ي تنتمي��ن لجيل ينظر لس��وريا‬ ‫بالخسارات واالنكسارات واألحالم المؤجلة‪،‬‬ ‫لكن بنفس الوقت ل��م يخفى في قصائدك‬ ‫األم��ل م��ن الغد‪ ،‬ب��ل حتى أنه��ا كتبت في‬ ‫ظ��ل هذا الحال بوعي كبير وواضح‪ ،‬هل هذا‬ ‫صحي��ح؟ وهل كان��ت مرام تنتظ��ر األحالم‬ ‫المؤجلة للسوريين؟‬ ‫| | م��ا كان يحدث في س��وريا يوميًا‬ ‫كان يس��جل في ضمي��ري‪ ..‬اغترابي كان‬ ‫حت��ى وأنا صغيرة في س��وريا ذاته��ا‪ ..‬أنا‬ ‫م��ن كان يرق��ص الجي��رك ويقل��د ميادة‬ ‫على المس��رح‪ ..‬أنا من كان يسبح ويلبس‬ ‫المين��ي ج��وب ويعل��ن حبه ف��ي حين أن‬ ‫األخريات يتخفين؟‬ ‫ال أخف��ي عليك أن ه��ذه الحرية لم‬ ‫تكن بال ثمن م��ن الدموع وخيبات‪ ..‬أتذكر‬ ‫أول م��رة عندما لبس��ت حمالة صدر وكان‬ ‫صدري صغيرا حقاً‪ ،‬ارتأت أمي أن أرتديها‬ ‫ألنن��ي كنت ألع��ب رياضة‪ .‬كان��ت طالبات‬ ‫الص��ف تأتي لتلمس ظه��ري‪ .‬ثم كلمة يا‬ ‫عيبشوم تصدح في أذني‪..‬‬ ‫الغريب أن الحرية هذه الجميلة تفهم‬ ‫دائما كفعل جنس��ي‪ ،‬كتجاوز أخالقي‪ ..‬إال‬ ‫أنها في الواقع فعل روحي وجس��دي‪ .‬هل‬ ‫الحري��ة هي فكرة أم ه��ي غريزة؟ أو أنها‬ ‫تثقيف غريزة؟؟‬ ‫قل لي ما هي؟‬ ‫قل لي من هي؟‬ ‫هل تأكل‬ ‫هل تشرب‬ ‫أي طعم لها‬ ‫هل تدفئ من برد‬ ‫هل تسدّ جوعاً‬ ‫هل تمنع الخوف‬ ‫هل تشفي من المرض؟‪.‬‬ ‫قل لي‬ ‫هل تشترى‬ ‫هل تمنح‬ ‫هل تسرق‬ ‫هل تقرض؟‪.‬‬ ‫قل لي ماذا نفعل بها‬ ‫هل هناك طريقة استعمال‬ ‫لمن هم مثلي‬ ‫من قرؤوا عنها‬ ‫من سمعوا بها‪.‬‬ ‫من جاعوا‬ ‫من بردوا‬

‫‪19‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬

‫منمنمات‬ ‫دم�شقية‪:‬‬ ‫دم�شق‬ ‫و�أ�سطورة‬ ‫ال�سائح‬

‫محمد العطار ونبراس شحيد‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫كتب ه��ذا الن��ص عل��ى عجال��ة ليواكب‬ ‫الص��ور الوافدة م��ن حلب وس��وقها المحروق‪،‬‬ ‫لكننا‪ ،‬محمد وأنا‪ ،‬لم نس��تطع نشره في حينها‪.‬‬ ‫ل��ذا فهو يحمل ش��يئًا من عجال��ة اللحظة التي‬ ‫وُلد منها ومن أحاسيسها‪.‬‬ ‫تنسب إحدى األس��اطير المنسية تأسيس‬ ‫مدين��ة دمش��ق إل��ى ديونيزي��وس‪ .‬إن��ه "اإلله"‬ ‫الس��ائح الذي قتل��ت غي��ر ُة "اإللهة" هي��را أمَّه‪،‬‬ ‫فأخرج��ه زيوس من أحش��ائها وزرعه في فخذه‬ ‫جنيناً لينبع��ث منه إلى الحياة بعد ثالثة أش��هر‪.‬‬ ‫اضطر الصغي��ر أن يتنكر ف��ي زي الفتيات لكي‬ ‫يختبئ من غيرة هيرا‪ .‬بعدها أُجبر على الرحيل‬ ‫إلى بالدٍ بعيدة‪ ،‬وهام على وجهه يجوب أصقاع‬ ‫األرض م��ع نايه وش��غفه وموس��يقاه‪ .‬ل��ذا‪ ،‬وإن‬ ‫كان اس��م "اإلله" هذا مرتبط��ًا بالعيد والرقص‬ ‫والمس��رح‪ ،‬فس��يبقى ديونيزوس متألم��اً غريبًا‬ ‫يمضي الوقت في الترحال‪ ،‬فيظهر حيناً ويختفي‬ ‫أحيانًا‪ ،‬ليخلق عند محبّيه دهش ًة ووجداً عظيمًا‪.‬‬ ‫روح ديونيزوس‪ ،‬يقول الفيلسوف نيتشه‪،‬‬ ‫هي "تجاوزٌ لما هو عادي في المجتمع والواقع‪،‬‬ ‫وهي تخطي هوّة الزوال‪ ...‬هي اإلذعان الواجد‬ ‫(من الوجد) لما يجعل الحياة واحد ًة على الرغم‬ ‫م��ن تقلباته��ا‪ ،‬قويّ��ةً‪ ،‬س��احرةً‪ .‬ه��ي الرغبة‬ ‫األبدي��ة في الوالدة والخصوب��ة والعودة"‪ .‬هذه‬ ‫هي روح مؤس��س دمش��ق‪ ،‬تقول األس��طورة‬ ‫المنس��ية‪ :‬روحٌ تعي��ش م��ن ش��غف اللحظ��ة‪،‬‬ ‫وتول��د م��ن جدي��د! روح "المؤس��س" الغري��ب‬ ‫التي تش��ربها المدينة هي روح الدهش��ة‪ ،‬روح‬ ‫الترح��ال والحركة التي ال تع��رف التوقف‪ ،‬روح‬ ‫المذ ّك��ر والمؤن��ث‪ ،‬وروح الص��راع الدائ��م م��ع‬ ‫الم��وت‪ .‬ه��ذه روح دمش��ق الت��ي ال يمكنها أن‬ ‫تكون دمش��ق إن لم تبن حجارتها من دهش��ة‬ ‫أبنائها على الرغم من آالمهم‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫مدينة حجارتها من ده�شة‬

‫روح ديوني��زوس عشش��ت ف��ي دمش��ق‬ ‫متج��اوز ًة الحقب‪ ،‬لتحملها متظاهر ٌة دمش��قية‬ ‫م��تُ ألف مرة‬ ‫ف��ي الفتةٍ كتب��ت عليها‪" :‬ليتني ّ‬ ‫قبل أن أرى قاس��يون يقصف دمش��قه"! ليس‬ ‫حزن الفتاة هذه إال دهش ًة ترغب في تكذيب ما‬ ‫ترى من دون أن تجد إلى ذلك سبي ًال! ال يصدّق‬ ‫الس��وريون ما تبص��ر عيونهم‪ ،‬فقاس��يون لم‬ ‫يعد له��م‪ ،‬وكذلك المدينة! إن��ه الجبل يقصف‬ ‫دمش��قه! ال يصدّق الس��وريون ما يشاهدون‪،‬‬ ‫فإخوانه��م ف��ي الوطن ال يت��رددون في إمطار‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫أحيائه��م بالقذائ��ف‪ .‬ال يمك��ن الس��وريين أن‬ ‫يصدّقوا ما يرون‪ ،‬فإخوانه��م يدمرون البيوت‬ ‫عل��ى رؤوس س��اكنيها! إنه��م يجت ّث��ون اآلثار‬ ‫والذكري��ات ويحرقون ما بقي م��ن الغابات من‬ ‫دون أن يرفّ لهم جفن! إخوانهم في الوطن!‬ ‫يفجع س��كان دمش��ق بواقع قاس��يونهم‬ ‫الجدي��د‪ ،‬على رغ��م أنهم راقبوا كل اإلش��ارات‬ ‫الت��ي مهّ��دت إل��ى ذل��ك‪ ،‬لتمت��زج دهش��تهم‬ ‫المتألم��ة بمص��اب جمي��ع الس��وريين حي��ن‬ ‫يرفضون تصديق ما يش��اهدون‪ :‬إخو ٌة يقتلون‬ ‫إخوتهم‪ ،‬وجيشٌ يقصف بلده! ليس��ت الدهشة‬ ‫المتك��ررة ه��ذه إال التعبير األص��دق عن إيمان‬ ‫الس��وريين بمس��تقبلهم‪ ،‬فهم يص��رّون على‬ ‫أنهم سيعيش��ون معاً مهما طال��ت دروب األلم!‬ ‫الدهشة هذه هي تعبيرهم العفوي عن رفض‬ ‫االنصياع إلى رغبة الطغاة في االستس�لام إلى‬ ‫الكراهية والحقد واليأس‪ ،‬إنها خط الدفاع األخير‬ ‫من أجل المحافظة على اإلنس��ان فينا‪ .‬الدهشة‬ ‫األس��طورية القديمة‪ ،‬الدهشة التي صدّقت ما‬ ‫رأت من جمال الحياة فأسست دمشق‪ ،‬والدهشة‬ ‫الجديدة‪ ،‬الدهش��ة الت��ي ترغ��ب أال تصدّق ما‬ ‫ترى من تش��ويهٍ للحياة‪ ،‬ستحميان المدينة من‬ ‫تراك��م األحقاد‪ ،‬ألن الدهش��ة تق��در وحدها أن‬ ‫ترى ما في الحلم من حقيقة!‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ومدينة �صارت غريبة‬ ‫جبل بوجهني‬

‫مري��عٌ منظ��ر الجبل حي��ن تُقصَف منه‬ ‫المدين��ة‪ ،‬لك��ن الدمش��قيين يقاومون قس��وة‬ ‫الجب��ل بجمال ماضيه‪ ،‬فلقاس��يون على الرغم‬ ‫من جفائه س��حرٌ مدهش ف��ي ذاكرة مريديه‪.‬‬ ‫أهي تل��ك المخاتل��ة في رؤي��ة المدين��ة التي‬ ‫ترق��د عن��د س��فحه وتم��دّ أحياءه��ا بمثاب��رة‬ ‫مزعجة حتى قمته؟ ربما‪ .‬فالدمش��قيون كانوا‬ ‫يصعدون الجبل المهيب لينظروا إلى مدينتهم‬ ‫بدهش��ة‪ ،‬كأنه��ا ع��روسٌ يتعرّفونه��ا للم��رة‬ ‫األولى‪ .‬لإلطاللة من قاس��يون طع��م مختلف‪،‬‬ ‫فالمدين��ة من ف��وق ت��واري ندوبها لتتس��اوى‬ ‫ش��وارعها المترفة بعشوائياتها‪ .‬سحر قاسيون‬ ‫جذب فقراء دمشق وأغنياءها إليه‪ ،‬حين يخفي‬ ‫ُ‬ ‫اللي��ل بحكمته الفوارق االجتماعية‪ ،‬فيس��تمتع‬ ‫الجميع بنس��يم الجبل الصامت‪ .‬في الليل أيضًا‬ ‫يرمي الساهرون في قاس��يون همومهم على‬ ‫نهار ش��اقّ‬ ‫مدينتهم ‪ -‬اس��تراحة قصيرة قبل ٍ‬ ‫آخر‪ ،‬خصوصًا لمن أثقلت عليه الحياة بأوزارها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فبث فيه الجبل شيئًا من السكينة ومن الحنين‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)29783‬‬ ‫دمشق‪1810 :‬‬ ‫ريف دمشق‪5361 :‬‬ ‫حمص‪6688 :‬‬ ‫حلب‪3280 :‬‬ ‫حماه‪2601 :‬‬ ‫الالذقية‪516 :‬‬

‫إلى مدينة تبدو وادع ًة هناك على سفحه‪ .‬لسحر‬ ‫قاسيون الغامض أيضًا صلة بالبعد عن نميمة‬ ‫المدينة‪ ،‬فكثيراً ما س��تر الجبل العاري بظلمته‬ ‫عشّ��اقًا هربوا من عيون الرقب��اء ليتبادلوا في‬ ‫أحضان��ه القبل‪ ،‬وهو يش��هد عل��ى حكاياتهم‪،‬‬ ‫كما يش��هد على فصول رواي��ة المدينة وتقلب‬ ‫نوائب الدهر عليها‪.‬‬ ‫لون‬ ‫اآلن‪ ،‬أصبح لسحر قاسيون الغامض ٌ‬ ‫آخ��ر‪ ،‬حين صار للجبل الهائ��ل وجهان‪ :‬أحدهم‬ ‫يط��ل عل��ى دمش��ق حاضن��اً ومراقب��ًا‪ ،‬واآلخر‬ ‫تغ��زوه فرق الجي��ش والعس��كر الت��ي أدركت‬ ‫أن امت�لاك الجبل ه��و امتالك المدين��ة‪ّ .‬‬ ‫اكتظ‬ ‫وجه قاس��يون الجدي��د بقطع الجي��ش وآلياته‪،‬‬ ‫ورُ ِّوضَ الجب��ل العتي��د تمام��اً‪ .‬في الس��نوات‬ ‫األخيرة بدأ سحر قاسيون بالتالشي أيضاً‪ ،‬فقد‬ ‫أطب��ق الخناق على فقراء المدينة ومتوس��طي‬ ‫الدخ��ل فيها‪ ،‬حي��ن احتُلت أرصفت��ه المجانية‬ ‫بمطاعم فارهة يمتلكه��ا األثرياء الجدد الذين‬ ‫امتلكوا كل ش��يء في البلد‪ ،‬أو بمقاهٍ بسيطة‬ ‫الش��كل لكنه��ا تض��نّ عل��ى مريديه��ا بكأس‬ ‫ش��اي زهيدة الكلفة! هل كان��ت هذه مقدماتٌ‬ ‫لما يراه قاطنو دمش��ق الي��وم من حمم تتدفق‬ ‫ٍ‬ ‫من قاس��يون على أحي��اء مدينته��م؟ ألم يكن‬ ‫قاسيون غريبًا على الدمش��قيين في السنوات‬ ‫األخي��رة؟ نعم‪ ،‬لك��ن‪ ،‬وعلى الرغ��م من ذلك‪،‬‬ ‫يبقى الجبل صامداً في ذاكرة الدمش��قيين! لذا‬ ‫ال تص��دّق الفت��اة ومعها المدينة وأس��طورتها‬ ‫ما ي��رون‪ ،‬فواقع الدهش��ة وحنينه��ا أقوى من‬ ‫متُ ألف مرة قبل أن أرى‬ ‫قس��وة الواقع‪" :‬ليتني ّ‬ ‫قاسيون يقصف دمشقه"!‬

‫ٌ‬ ‫وم�ستقبل ت�صونه الده�شة‬ ‫مدن احلرائق‬

‫تتصاع��د أعم��دة الدخ��ان م��ن أط��راف‬ ‫دمش��ق‪ ،‬تُقصَ��ف من قاس��يون‪ ،‬وف��ي الوقت‬ ‫عينه تتوافد الصور من حلب‪ ،‬شقيقتها‪ :‬سوقها‬ ‫القديم يحترق‪ ،‬قل��ب حلب يحترق! تصمد حلب‬ ‫التاريخ في وجه مصائب الدهر وتقلباته‪ ،‬لكنها‬ ‫تنه��ار أمام قذائف اإلخوة ف��ي الوطن‪ .‬مع هذه‬ ‫المش��اهد‪ ،‬يعلم غالبية الدمش��قيين أن ألسنة‬ ‫الن��ار المتصاعدة من األحي��اء التي تحيط بقلب‬ ‫العاصمة‪ ،‬ستمتد قريباً لتلتهم وسطها‪­­،‬فمن لم‬ ‫يخشع أمام األسواق الحلبية وبيوتها التاريخية‪،‬‬ ‫ل��ن تردعه آالف الحكايات المُعشش��ة مع طيور‬ ‫السنونو في أسواق دمشق ودُورها القديمة‪.‬‬ ‫يخبرن��ا التاري��خ كي��ف انهال��ت المصائب‬

‫طرطوس‪52 :‬‬ ‫درعا‪2894 :‬‬ ‫دير الزور‪2208 :‬‬ ‫الحسكة‪142 :‬‬ ‫القنيطرة‪68 :‬‬ ‫الرقة‪140 :‬‬ ‫ادلب‪3999 :‬‬ ‫السويداء‪24 :‬‬

‫وتوافد الغزاة عل��ى المدينتين بالتوالي‪ ،‬وكيف‬ ‫أنذرت األولى ش��قيقتها بما ّ‬ ‫سيحل بها‪ ،‬فعندما‬ ‫س ّلم وجهاء دمشق أمر مدينتهم لجحافل التتار‬ ‫يقوده��م تيمورلن��ك‪ ،‬كانت الحرائ��ق لم تخمد‬ ‫بعد في حلب‪ ،‬وقد اس��تباحها ه��ذا األخير‪ .‬ظن‬ ‫وجه��اء المدينة وتجارها أن العه��د الذي قطعه‬ ‫معهم تيمورلنك س��يحمي المدينة‪ ،‬أو باألحرى‬ ‫س��يحمي رزقهم‪ ،‬وتناس��وا عمداً ما فعله التتار‬ ‫في حل��ب‪ .‬وحده��ا القلعة ومن التج��أ إليها من‬ ‫سكان المدينة بقيت تقاوم حتى الرمق األخير‪.‬‬ ‫تعي��د "منمنم��ات تاريخي��ة" لس��عد اهلل ونوس‬ ‫اس��تحضار هذه الوقائع‪ ،‬فينس��ج منه��ا الكاتبُ‬ ‫مسرحي ًة تقول الكثير عن خذالن ذوي القربي‪،‬‬ ‫وع��ن جش��ع مكتن��زي الم��ال‪ .‬ف��ي "منمنمات"‬ ‫ون��وس أيضاً حكاي��ات عن تخاذل رج��ال الدين‬ ‫والعلم‪ ،‬وعن هوان الناس‪ ،‬وفيها أيضاً قصصٌ‬ ‫حب يولد في‬ ‫عن مآثر وتضحياتٍ جس��ام‪ ،‬وعن ٍ‬ ‫قل��ب الموت والمع��ارك‪ .‬في "المنمنم��ات" أيضًا‬ ‫حكاي��ة الفت��اة الحلبي��ة الت��ي لجأت م��ع والدها‬ ‫إلى دمش��ق بعدما دمّر التتار مدينتها‪ ،‬لتعيش‬ ‫هناك فص��ول معاناة جدي��دة‪ ،‬نجمت عن ظلم‬ ‫أه��ل البلد هذه الم��رة‪ ،‬على الرغ��م من كونها‬ ‫الوحي��دة الت��ي تعطف عل��ى البهل��ول الحر من‬ ‫قيود المدينة وعفنها أيضًا‪ .‬استحضرَ سعد اهلل‬ ‫ون��وس هذا التاري��خ ليواجهنا بأس��ئلة مؤرقة‪،‬‬ ‫أناس خنعوا للظلم وباعوا‬ ‫تحمل من اللوم على ٍ‬ ‫أنفس��هم ل��ه بقدر ما تحم��ل من إيم��انٍ بنبل‬ ‫آخري��ن ونهوضهم ول��و بعد حين‪ .‬الي��وم يعيد‬ ‫الس��وريون اس��تحضار التاري��خ حي��ن يكتبونه‬ ‫بدماء شهدائهم وبرماد أحيائهم المحترقة تحت‬ ‫وط��أة القص��ف‪ ،‬ليعيش��وا المفارقة المأس��وية‬ ‫الجدي��دة‪ :‬عل��ى الس��وريين أن يعترف��وا بهول‬ ‫م��ا يجري‪ ،‬لكن‪ ،‬وف��ي الوقت عين��ه‪ ،‬عليهم أال‬ ‫يصدّقوا ما ي��رون بأم العين‪ ،‬وأن يقاوموا قبل‬ ‫كل ش��ي ٍء بالدهش��ة‪ .‬فوحدها الدهشة تعترف‬ ‫بالواق��ع لكنه��ا ترفض أن تتماه��ى معه! تأبى‬ ‫الدهش��ة أن يتحول االس��تثناء البغيض قاعدة‪،‬‬ ‫فرص��اص الجن��دي يج��ب أ ّال يخترق ص��در ابن‬ ‫بل��ده‪ ،‬والمَداف��ع ال يح��قّ لها أن تص��بّ نارها‬ ‫على م��دن الوط��ن تباع��ًا‪ .‬الدهش��ة المتجددة‬ ‫ه��ذه تؤمن بأن الحلم س��يبقى قادراً على خلق‬ ‫واقع جديد يقترب منا ش��يئًا فشيئًا‪ ،‬ليكون فيه‬ ‫للعدال��ة كلم ٌة أق��وى من الرغبة ف��ي االنتقام‪:‬‬ ‫االنتقام من قاسيون وقذائفه!‬ ‫النهار اللبنانية ‪2012/10/13‬‬ ‫‪ 3726‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 26057‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 1883‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 834‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 1965‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 10 / 13‬‬ ‫‪http://vdc-sy.or‬‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪21‬‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 14 | )56‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪22‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.