سوريتنا | العدد السابع والخمسون 21 تشرين الأول 2012

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪2012/ 10 / 21 | )57‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬ ‫صورة الغالف‪ :‬غرافيتي على أحد جدران حي ركن الدين الدمشقي‬ ‫تصوير‪ :‬عدسة شاب سوري ثائر‬


‫الأمماملتحدةتواجه ً‬ ‫نق�صايفاملواردمل�ساعدةالالجئنيال�سوريني‬ ‫وبلغاريا تقيم خميم ًا على احلدود مع تركيا لإيواء االجئني‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫حذر المنس��ق اإلقليم��ي لالجئين في‬ ‫األمم المتح��دة بان��وس مومتزيس من أن‬ ‫الموارد المتوفرة لمساعدة األعداد المتزايدة‬ ‫من الالجئين السوريين تنضب بسرعة‪.‬‬ ‫وقال مومتزيس في حديث مع وكالة‬ ‫فرانس برس على هامش جولة إقليمية‬ ‫له في الخليج على رأس وفد من منسقي‬ ‫العمليات اإلنس��انية في سوريا‪ ،‬أن هناك‬ ‫«نقص��ًا كبيراً ف��ي األموال» مش��يرا إلى‬ ‫انه يس��عى للحصول عل��ى دعم «مالي»‬ ‫ومس��اعدة إلي��واء الالجئي��ن م��ع اقتراب‬ ‫فصل الش��تاء‪ ،‬فضال عن مس��اعدات من‬ ‫اجل تأمين مياه نظيفة‪.‬‬ ‫واألم��م المتح��دة الت��ي أطلقت نداء‬ ‫لجمع ‪ 448‬مليون دوالر من اجل الالجئين‬ ‫السوريين لم تحصل إال على ‪ 142‬مليون‬ ‫دوالر حتى اآلن‪ ،‬أي ‪ 29‬بالمئة‪.‬‬ ‫والوض��ع يبدو مقلقًا أيضًا بالنس��بة‬ ‫ل��وكاالت األم��م المتحدة اإلنس��انية التي‬ ‫تس��اعد النازحين داخليا والس��كان األكثر‬ ‫عرضة للخطر في سوريا‪.‬‬ ‫وت��م إطالق نداء لجم��ع ‪ 348‬مليون‬ ‫دوالر أخرى إلغاثة هذه الفئة‪ ،‬إال أن النداء‬ ‫تمت تغطيته بنسبة ‪ 38‬بالمئة فقط‪.‬‬ ‫وقال مومتزيس أن األزمة السورية‬ ‫«تتطور بس��رعة تفوق ما كن��ا نعتقده»‬ ‫وه��ذا يتطل��ب «آلي��ة تمويل س��ريعة»‪.‬‬ ‫ومع اقتراب فصل الش��تاء‪ ،‬تتخوف األمم‬ ‫المتحدة م��ن تداعيات النقص المس��تمر‬ ‫ف��ي األم��وال إلغاث��ة القس��م األكبر من‬ ‫الالجئين الس��وريين الذين بينهم غالبية‬ ‫كبي��رة م��ن النس��اء واألطف��ال‪ ،‬وكذل��ك‬ ‫إلغاث��ة الس��كان األكث��ر عرض��ة للخطر‬ ‫والنازحين داخل سوريا‪.‬‬ ‫وق��ال منس��ق العمليات اإلنس��انية‬ ‫اإلقليمية رضوان نويصر لوكالة فرانس‬ ‫برس أن األمر األكث��ر إلحاحاً حاليا هو أن‬ ‫«نكون مستعدين للشتاء»‪ ،‬وهذا يتوقف‬ ‫على األموال المتوفرة على حد قوله‪.‬‬ ‫أما مومتزيس فقال في هذا السياق‪:‬‬ ‫«أن األم��ور لم تعد كم��ا كانت‪ .‬دخلنا في‬ ‫مرحلة طوارئ‪ .‬إنها أزمة»‪ ،‬مشيرا إلى أن‬ ‫ما بين ألفين وثالث��ة آالف الجئ يعبرون‬ ‫الحدود إل��ى خارج س��وريا كل يوم وذلك‬ ‫منذ شهرين تقريبا‪.‬‬

‫وهن��اك ‪ 5 ،2‬مليون س��وري بحاجة‬ ‫إلى مس��اعدات إنسانية‪ .‬وقد أسفر النزاع‬ ‫في س��وريا حتى اآلن عن مقتل أكثر من‬ ‫‪ 31‬ألف شخص‪.‬‬ ‫وقال مومتزيس‪« :‬نحن نواجه الوضع‬ ‫يوما بيوم (…) األموال تنضب بسرعة ألن‬ ‫المزيد من الناس يطلبون المساعدة»‪.‬‬ ‫وتع��د الوالي��ات المتح��دة واالتح��اد‬ ‫األوروب��ي المانحي��ن الرئيس��يين لوكالة‬ ‫األم��م المتح��دة الخاص��ة بالالجئي��ن‪.‬‬ ‫ويأمل وفد المنظمة الحصول على وعود‬ ‫بالمس��اهمة خ�لال جولته ف��ي اإلمارات‬ ‫وقطر الكويت والسعودية‪.‬‬ ‫وف��ي الس��ياق ذاته أعلن��ت الحكومة‬ ‫البلغارية إنها تعتزم بناء مخيما مؤقتا على‬ ‫الحدود مع تركيا إليواء الالجئين السوريين‬

‫الفارين من العنف في بالدهم‪.‬‬ ‫وقال المكتب اإلعالمي في الحكومة‬ ‫ف��ي بي��ان األربع��اء أن المخي��م س��يقام‬ ‫في بل��دة هارمنل��ي الجنوبية الش��رقية‬ ‫وسيس��توعب نح��و أل��ف ش��خص م��ن‬ ‫الس��وريين وغير الس��وريين الفارين من‬ ‫سوريا عبر تركيا‪.‬‬ ‫إال أن الحكوم��ة قال��ت أن الق��رار‬ ‫ج��اء بس��بب «ض��رورة اتخ��اذ إج��راءات‬ ‫إضافية الس��تيعاب األعداد المتزايدة من‬ ‫المواطنين السوريين الساعين للجوء في‬ ‫بالدنا»‪ ،‬مش��يرا إلى أن المخيمات الحالية‬ ‫امتألت بنسبة ‪ 80‬إلى ‪ 90‬بالمئة‪.‬‬ ‫وتس��تطيع مرافق الالجئين الدائمة‬ ‫في بلغاريا حاليا اس��تيعاب ‪ 780‬ش��خصا‬ ‫من جميع الجنس��يات‪ ،‬بحس��ب إحصاءات‬

‫وكالة الالجئين‪.‬‬ ‫وع��ززت ه��ذه الدول��ة البلقاني��ة‬ ‫الصغي��رة تواج��د الش��رطة عل��ى ط��ول‬ ‫الحدود مع تركيا لمنع التسلل من جارتها‬ ‫الجنوبية الش��رقية التي ت��ؤوي أكثر من‬ ‫‪ 100‬ألف الجئين من سوريا المضطربة‪.‬‬ ‫إال أن بوريس شيشيركوف مسؤول‬ ‫الصحاف��ة المحلي��ة في وكال��ة الالجئين‬ ‫التابع��ة لألم��م المتح��دة ص��رح أنه من‬ ‫المس��تبعد أن تش��هد بلغاري��ا موجة من‬ ‫الالجئين‪ ،‬مشيرا إلى أن ‪ 183‬سوريا فقط‬ ‫دخل��وا بلغاريا بش��كل غي��ر قانوني في‬ ‫الفترة م��ن كانون الثاني‪/‬يناي��ر وأيلول‪/‬‬ ‫سبتمبر من هذا العام‪ .‬وقال أن عددا اكبر‬ ‫من العراقيين دخلوا ذلك البلد‪ ،‬إال انه لم‬ ‫يكشف عن عددهم‪.‬‬

‫من بعي��د يب��دون كأنه��م يفرغون‬ ‫ف��ي دالء حق�لا للنف��ط الخام ف��ي ارض‬ ‫مكش��وفة‪ .‬ف��ي الواق��ع يجم��ع ه��ؤالء‬ ‫المزارع��ون الس��وريون محروق��ات لك��ن‬ ‫مادتهم األولية هي الزيتون‪.‬‬ ‫وتجف��ف أس��رة احمد أب��و احمد (‪80‬‬ ‫عاما) ق��رب مدين��ة الباب التي تس��تهدف‬ ‫يوميا بغارات الطيران السوري في شمال‬ ‫شرق حلب؛ في الش��مس عجينة الزيتون‬ ‫الممزوجة بالماء والمعروفة باسم الجفت‪،‬‬ ‫التي س��تكون هذا الش��تاء بديال للمازوت‬ ‫الذي ارتفع ثمنه كثيرا بسبب الحرب‪.‬‬ ‫وق��ال الرج��ل المس��ن مبتس��ما‪:‬‬ ‫"أجدادن��ا كانوا يفعلون ذل��ك‪ .‬ومع اندالع‬ ‫المع��ارك أصبح الفيول لتش��غيل المواقد‬ ‫باهظ الثمن‪ .‬وبدأنا العام الماضي مجدداً‬ ‫بتجفيف عجينة الزيتون"‪ .‬وأضاف‪" :‬أتذكر‬ ‫ذل��ك جي��دا عندما كن��ا أطفاال‪ .‬ل��م يكن‬

‫هناك أي بديل آخر"‪.‬‬ ‫ونزلت نس��اء محجبات حتى الخصر‪،‬‬ ‫في العجينة الس��وداء التي تفوح رائحتها‬ ‫م��ن الحف��رة الكبي��رة الت��ي أقيم��ت بين‬ ‫أشجار الزيتون والفستق‪.‬‬ ‫وتق��وم النس��اء بمس��اعدة أطف��ال‬ ‫يضحك��ون ويلهون‪ ،‬بم��لء دالء ينقلونها‬ ‫الواح��د تل��و اآلخ��ر إلفراغها ف��ي قاطرة‬ ‫تجرها جرافة‪.‬‬ ‫ويجلس قرب الحفرة رجال يدخنون‬ ‫أثن��اء مراقبته��م العملي��ة‪ ،‬ويش��رحون‬ ‫مراحله��ا لصحفيي��ن أجان��ب لكنه��م ال‬ ‫يسمحون لهم بالتقاط صور للنساء‪.‬‬ ‫ويقول مصطفى (‪ 37‬عاما) احد أبناء‬ ‫احمد أبو احمد‪" :‬بعد عصر الزيتون ننقل‬ ‫بخرطوم كبير ومضخات ما تبقى منه في‬ ‫الحفرة من معاص��ر الزيتون التي ترونها‬

‫هنا في الجانب اآلخر من الطريق"‪.‬‬ ‫وتاب��ع‪" :‬نضي��ف الم��اء ونت��رك المزيج‬ ‫طوال فصل الشتاء أي سبعة إلى ثمانية أشهر‬ ‫ثم في نهاية الصيف نخرجه لتجفيفه"‪.‬‬ ‫ويت��م الحقا تمديد عجين��ة الزيتون‬ ‫عل��ى األرض في مربع��ات كبيرة‪ .‬وخالل‬ ‫أي��ام قليل��ة تج��ف العجين��ة تحت أش��عة‬ ‫الشمس الحارقة في نهاية فصل الصيف‪،‬‬ ‫وتتقلص وتتفتت إلى قطع صغيرة تجمع‬ ‫وتوضع في أكياس بالستيكية كبيرة‪.‬‬ ‫وقال مصطفى‪" :‬في الموقد تشتعل‬ ‫العجين��ة أفضل م��ن الحط��ب أو أي مادة‬ ‫أخ��رى الحتوائها عل��ى الزي��ت"‪ .‬وأضاف‪:‬‬ ‫"يتم إحراقه��ا وحدها أو تم��زج إلى قطع‬ ‫حط��ب تكون س��اخنة ج��دا وتف��وح منها‬ ‫رائحة عطرة"‪.‬‬ ‫وارتف��ع س��عر الم��ازوت إلش��عال‬

‫المواق��د إل��ى ح��د كبي��ر من س��بع ليرات‬ ‫سورية (‪ 0.08‬يورو) لليتر الواحد قبل بدء‬ ‫المواجه��ات إل��ى ‪ 15‬ليرة س��ورية واليوم‬ ‫إلى ‪ 65‬ليرة سورية (‪ 0.75‬يورو)‪.‬‬ ‫وقال أب��و احمد أن "الم��ازوت أنظف‬ ‫وأكث��ر عمالني��ة‪ .‬ال حاج��ة إل��ى كل هذه‬ ‫العملية المعقدة‪ .‬لكن لم يعد في إمكاننا‬ ‫شراؤه ألنه باهظ الثمن"‪.‬‬ ‫وأض��اف‪" :‬ال نبيع عجينة الزيتون بل‬ ‫نوزعها بيننا على األسرة وأحيانا الجيران‬ ‫أو الذين ليس لديهم وسيلة تدفئة"‪.‬‬ ‫وقال ابنه‪" :‬ق��د تصل درجة الحرارة‬ ‫هن��ا إلى خمس درجات تح��ت الصفر في‬ ‫كانون الثاني‪ .‬إننا قريبون جدا من الجبال‬ ‫في تركي��ا"‪ .‬وأضاف‪" :‬إنن��ا كالنمل إذا لم‬ ‫نعمل خالل فصل الصيف نموت من البرد‬ ‫في فصل الشتاء"‪.‬‬

‫حمص مركز المدينة‬

‫جف��ت الزيت��ون… بديل للم��ازوت للتدفئ��ة يف ال�شت��اء يف �سوريا‬


‫تقرير �أيام احلرية الأ�سبوع‬ ‫الثاين من ت�شرين‬

‫�أوجـاع وطـن‬

‫خولة دنيا‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫نسيبة هالل ‪ -‬اللجنة اإلعالمية أليام الحرية‬ ‫جنة جنة يا وطننا‪ ،‬أيها الوطن الحر‪ ،‬جنة أرضك التي س��قيتها بدماء أبناءك‪ ،‬جنة سماءك‬ ‫التي تضج بهتافات الحرية‪..‬‬ ‫فهاه��ي س��وريا بحضنها الحنون تض��م كل الثوار على اختالفه��م‪ ،‬تضمهم وطنا لتوحد‬ ‫جهودهم في نصرتها وعزتها‪ ،‬كي يرسموها بألوان مختلفة‪ ،‬تظهر انسجامهم واختالفهم‪.‬‬ ‫تلك سوريا التي قدمت مثاال عن الثورة اليتيمة‪ ،‬التي قامت على دماء أبناءها ودموعهم‪،‬‬ ‫تعلم منها العالم درس��ا في الكرامة والعزة‪ .‬س��وريا التي تبنى اآلن من جديد على يد أبناءها‪،‬‬ ‫يبنون صرحاً من الحرية والكرامة والتنوع‪.‬‬ ‫ه��ذا األس��بوع قام��ت مجموعة ثورة ون��ص بالتع��اون مع أي��ام الحرية بحمل��ة عنوانها‪:‬‬ ‫غرافيتي الفكر بتعمر سوريا‪ ،‬إليصال رسالة لكل السوريين أن سوريا ستعمر بتراكم أفكارنا‬ ‫وتنوعنا‪.‬‬ ‫كما قام فريق بنا تسمو الثورة فريق تظاهر بالتعاون مع أيام الحرية بحملة‪ :‬ال للتخوين‬ ‫وذلك في منطقة قبر عاتكة‪ ،‬فمهما اختلفت آراءنا وطوائفنا سنبقى سوريين لنا وطن واحد‪.‬‬ ‫أيضا قامت الش��باب الس��وري الثائر بتوزيع مناش��ير الحرية في منطقة باب توما بالرغم‬ ‫م��ن تواجد اللجان التش��بيحية في المنطقة حيث دعت المناش��ير إلى دخ��ول جميع المترددين‬ ‫بالحراك الثوري وإس��قاط النظام ووحدة الصف الس��وري وحملت شعار أنا سوري ولست أقلية‬ ‫في بلدي‪.‬‬ ‫أص��درت أي��ام الحرية أيضاً منش��ور يق��دم تقنية ولعب��ة صغيرة تس��اعد األطفال على‬ ‫التعامل مع الخوف جراء س��ماع األصوات المخيفة‪ ،‬من الممكن أن تس��اعد األلعاب التي تقدمها‬ ‫أيام الحرية في مناشيرها على إنقاذ األطفال من الوقوع في صدمات نفسية بسبب تعرضهم‬ ‫لضغوط شديدة ال تستطيع قلوبهم الصغيرة تحملها‪..‬‬ ‫ضمن حملة ش��عب واحد مصير واحد أصدرت أيام الحرية فيديو تحدث فيه الش��يخ كريم‬ ‫راجح والش��يخ معاذ الخطيب الحس��ني والدكت��ور عبد الكريم بكار‪ ،‬عن تنوع طوائف الش��عب‬ ‫الس��وري وع��ن نبذ الطائفية‪ ،‬وكيف أن الش��عب الس��وري في تاريخه العري��ق كان يضم كل‬ ‫طوائفه الدينية والقومية بحب وتسامح وعدالة‪.‬‬ ‫مع أيام الحرية ندعوك لتشارك معنا في ثورة سوريا العظيمة‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫منذ بداية الثورة كان لدي سؤال بوسع سوريا‪:‬‬ ‫أين المثقفين؟‬ ‫بعد سنة وسبعة شهور يعود السؤال مرة أخرى‪ ،‬وخاصة أن الفرز‬ ‫أصب��ح واضحًا بين من اعتنق الثورة‪ ،‬وبين من اعتنق الحياد‪ ،‬وبين من‬ ‫اعتنق النظام‪ ،‬وبين من اعتنق الطائفية مهما كانت جهتها‪.‬‬ ‫يزيد من أهمية السؤال بنظري‪ ،‬طريقة تناول كثير من المواضيع‪،‬‬ ‫وطريق��ة الخط��اب‪ ،‬وطريقة معالجة المس��ائل واإلش��كاالت التي يتم‬ ‫طرحها‪..‬‬ ‫فالمثق��ف ليس نقدي فحس��ب‪ ،‬وإنما موجه‪ ،‬وق��ادر على االرتقاء‬ ‫بالخطاب الس��ائد لمس��توى مختلف انطالقا من تحلي��ل الحدث‪ ،‬وعدم‬ ‫التعامل معه كحدث منفصل ولحظي‪.‬‬ ‫أثار هذا التس��اؤل‪ ،‬ما تم تداوله لوقت أكث��ر مما ينبغي لموضوع‬ ‫الوثيق��ة الخاصة بجد بش��ار األس��د الت��ي وجهها لالحتالل الفرنس��ي‬ ‫بدعوى حماية العلويين‪ ،‬والمطالبة بدولة علوية‪.‬‬ ‫انبرى الكثي��ر من المثقفين ومنهم علوي��ون لتبرئة الطائفة من‬ ‫ه��ذه التهمة‪ ،‬ونبش��وا عن وثيق��ة أخرى تبي��ن وطنية أه��ل الالذقية‬ ‫والس��احل والت��ي يظهر فيه��ا المش��اركة واالنتماء لبعضه��م البعض‬ ‫وللوطن سوريا‪.‬‬ ‫لس��ت ضد هذا‪ ..‬ولك��ن اتخاذ موق��ف المدافع من موق��ع المدان‪،‬‬ ‫تصرف يقوم به عامة الناس وليس المثقف النقدي‪ ..‬الذين كان واجبه‬ ‫تناول الموضوع بطريقة مختلفة‪..‬‬ ‫فجميعن��ا نعلم أن س��وريا أيام االحتالل كانت مش��اريع مقس��مة‬ ‫لدويالت تافهة في كل منها هناك من قدم عريضة أو وثيقة لالحتالل‬ ‫كي يضمن مستقبله‪ ،‬فالمسألة ليست قاصرة على مجموعة أشخاص‬ ‫علويين يسكنون الساحل‪.‬‬ ‫وم��ن جه��ة أخرى‪ ،‬حفل��ت س��وريا بالن��اس الوطنيين م��ن جميع‬ ‫الطوائف والقوميات الذين كان هدفهم التصدي لتمزيق سوريا‪ ..‬وهم‬ ‫األغلبي��ة ولقد نجحوا ف��ي نضالهم هذا وحافظت س��وريا على كيانها‬ ‫بنضال أهلها‪..‬‬ ‫الي��وم‪ ..‬ما معنى أن أك��ون أنا العلمانية اليس��ارية متصدرة لصد‬ ‫اإلدانة عن التهم الموجهة ضد العلويين؟‬ ‫والمثق��ف اب��ن الطائف��ة العلوي ما معن��ى أن يتحول لعل��وي أو ًال‬ ‫ومثقف تاليًا؟‪ ..‬وكأنه اكتشف هويته الطائفية اليوم فقط؟‬ ‫وم��ا معنى أن نتقبل التربيت على األكتاف كعلويين مقبولين من‬ ‫المجتمع لوقوفنا اليوم ضد النظام؟‬ ‫من واجب المثقفين جميعاً علويين وغيرهم‪ ..‬العمل على االرتقاء‬ ‫بالنقاش الحاصل إلى مستوى وطني ورفع سوية ما يتم تداوله وليس‬ ‫الغ��وص فيه وفي تفاصي��ل تاريخية تتن��اول العلويي��ن تحديدا وفئة‬ ‫صغيرة منهم فقط خالل فترة زمنية محددة‪.‬‬ ‫أن نبدأ بفتح الوثائق يعني فلتفتح كلها وليتم نقاشها كلها‪ ..‬هذا‬ ‫إن كان من فائدة لذلك‪..‬‬ ‫أو فليت��م التعام��ل معه��ا كوح��دة منفصل��ة تتعل��ق بأش��خاص‬ ‫محددين‪..‬‬ ‫معنية اليوم بكل ما يجمعني مع باقي الس��وريين‪ ..‬كما أنا معنية‬ ‫بإسقاط االستبداد واالنطالق لسوريا التي قامت الثورة من أجلها‪..‬‬ ‫ال يمكن اختزالي أو اختزال غيري بطائفة أو بعائلة‪..‬‬ ‫وال اقبل باختزال أحد بهذه الطريقة المسيئة‪..‬‬ ‫وأتمنى أن يأتي قريبًا اليوم الذي نحاس��ب فيه كل من أساء وأضر‬ ‫وقتل وسرق واغتصب‪ ..‬مهما كان ومن أي طائفة أو دين كان‪..‬‬ ‫وال مشكلة وقتها إن كان أغلبهم من طائفة معينة أو من منطقة‬ ‫معينة‪..‬‬ ‫م��ع تزاي��د االلتص��اق بالطوائ��ف واألدي��ان‪ ،‬والعمل على غس��ل‬ ‫الذنوب‪ ،‬أو التكفير‪..‬‬ ‫الطائفة الوحيدة الخاسرة هي طائفة سوريا‪..‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫املثقفـــون واالرتـــداد‬ ‫�إلــى الطــوائف‬

‫‪3‬‬


‫النظ��ام ال�سوري يق�صف بقنابل عنقودية‪ ..‬و�أخرى‬ ‫ُتنتج مادة ت�شبه القطن يُخ�ش��ى �أنها حتوي الزرنيخ‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫أفادت األنباء ال��واردة من ريف حلب‬ ‫إل��ى قص��ف طائ��رات النظ��ام الس��وري‬ ‫الم��زارع بعب��وات تحت��وي عل��ى خي��وط‬ ‫وألياف تش��به بيوت العنكبوت سرعان ما‬ ‫تتالشى بمجرد مالمس��تها المزروعات أو‬ ‫لمس اإلنسان لها‪.‬‬ ‫وقال��ت اللجن��ة الس��ورية لحق��وق‬ ‫اإلنس��ان إن "بعض المختصين في حلب‬ ‫(قام��وا) بتحلي��ل ه��ذه المواد فثب��ت أنها‬ ‫تحتوي على م��ادة الزرنيخ الس��امة التي‬ ‫يس��بب التع��رض له��ا مش��اكل صحي��ة‬ ‫عديدة قد يصل إلى الموت ويؤدي تناولها‬ ‫إلى التسمم‪ ،‬ومجرد التعرض لمستويات‬ ‫منخفضة منها تؤدي إلى الحروق الجلدية‬ ‫وب��روز الثأليل وتغير ل��ون الجلد وتقرنه‬ ‫وجفافه"‪.‬‬ ‫وقال��ت اللجن��ة الس��ورية لحق��وق‬ ‫اإلنس��ان‪" :‬ونح��ن نراق��ب ع��ن كث��ب‬ ‫االس��تخدام المت��درج للم��واد المحرم��ة‬ ‫دولي��ًا ضد اإلنس��ان والنب��ات والبيئة من‬ ‫قبل النظام الس��وري‪ ،‬نذك��ر الدول التي‬ ‫قالت بأنها لن تسمح للنظام السوري بأن‬ ‫يستخدم المواد الكيماوية بأنه شرع فع ًال‬ ‫باس��تخدامها بص��ورة أو بأخ��رى‪ ،‬وعليها‬ ‫إنف��اذ وعوده��ا بإيق��اف ذل��ك‪ .‬ونطال��ب‬ ‫منظم��ات األمم المتح��دة المباش��رة في‬ ‫الكش��ف الفوري عن ذلك وإحالته للجهات‬

‫المختصة لتقول كلمتها"‪.‬‬ ‫وأضاف��ت اللجن��ة‪" :‬إن��ه م��ن غي��ر‬ ‫المعق��ول وال اإلنس��اني أن يتع��رض‬ ‫الشعب الس��وري والبيئة السورية لإلبادة‬ ‫والدمار باألس��لحة والمواد المحرمة دوليًا‬ ‫ثم يل��وذ العالم بالصمت"‪ ،‬مش��ددة على‬ ‫أن "عل��ى المجتم��ع الدول��ي أن يتح��رك‬ ‫فوراً لوقف هذه اإلبادة وهذا االس��تخدام‬ ‫المحرم دولياً"‪.‬‬ ‫قنابل عنقودية‪:‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬ألقت طائرات النظام‬ ‫الس��وري قناب��ل عنقودي��ة عل��ى مع��رة‬ ‫النعمان إحدى المدن الرئيسية في شمال‬ ‫س��وريا والتي يس��يطر عليه��ا المقاتلون‬ ‫وتتعرض منذ نحو عش��رة أي��ام لعمليات‬ ‫قص��ف مكثفة‪ ،‬بحس��ب ما أعل��ن مقاتلو‬ ‫الجيش الحر في المكان الجمعة‪.‬‬ ‫وع��رض المقاتل��ون عل��ى أح��د‬ ‫المراس��لين بقاي��ا إح��دى ه��ذه القناب��ل‬ ‫التي ألقيت على المدينة وكذلك عش��رات‬ ‫القناب��ل األخرى التي ل��م ينفجر بعضها‪.‬‬ ‫وتحم��ل إحدى قطع ه��ذه القنبلة كتابات‬ ‫باألحرف السيريلية ما يدعو إلى االعتقاد‬ ‫أنها من صنع روسي‪.‬‬ ‫وشاهد المراس��ل طائرة حربية من‬ ‫طراز سوخوي تابعة لسالح الجو السوري‬

‫تلقي هذا النوع م��ن القنابل على مواقع‬ ‫المقاتلي��ن المعارضي��ن ف��ي المحي��ط‬ ‫الش��رقي للمدينة‪ .‬وانفج��رت القنبلة في‬ ‫الج��و محدث��ة ما يش��به األس��هم النارية‬ ‫وس��قطت ش��ظاياها على األرض تاركة‬ ‫خلفها خيوطاً من الدخان األبيض‪.‬‬ ‫ويس��تخدم الطي��ران الس��وري هذه‬ ‫القناب��ل ف��ي قصفه عل��ى المنطقة منذ‬

‫نحو عش��رين يوما‪ ،‬كما ق��ال رائد منديل‬ ‫احد القادة العسكريين في معرة النعمان‬ ‫لوكالة فرانس برس‪.‬‬ ‫وتلق��ي الطائ��رات الحربي��ة ه��ذه‬ ‫القنابل عل��ى المناطق اآلهلة وعلى خط‬ ‫الجبه��ة‪ ،‬كما أوض��ح القائ��د منديل الذي‬ ‫أض��اف أن "ه��ذه القناب��ل تقط��ع الناس‬ ‫أشالء"‪.‬‬

‫منظمة �أف��از‪ :‬ع�ش��رات الآالف من اعتقاالت بحق �أطباء �سوريني‬

‫املفقودين منذ بدء الثورة يف �سوريا‬

‫أعلن��ت منظم��ة أفاز غي��ر الحكومية‬ ‫أن ما بين ‪ 28‬ألفا و‪ 80‬ألف ش��خص فقدوا‬ ‫في سوريا منذ انطالق االنتفاضة في هذا‬ ‫البلد‪ ،‬مستندة إلى أرقام أدلت بها منظمات‬ ‫تدافع عن حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫وقال��ت أليس ج��اي مدي��رة الحمالت‬ ‫ف��ي أفاز أن "س��وريين يت��م خطفهم من‬ ‫جانب أجهزة األمن وأخرى ش��به عسكرية‬ ‫يعتبرون مفقودين داخل مراكز التعذيب"‪.‬‬ ‫وأضافت‪" :‬س��واء كانوا نساء يتبضعن في‬ ‫المتاجر أو مزارعين يشترون الوقود‪ ،‬ال احد‬ ‫ف��ي منأى (عن الخطف)‪ .‬إنها إس��تراتيجية‬ ‫متعمدة إلرهاب العائالت والمجموعات"‪.‬‬ ‫ونقلت أفاز عن فاي��زة أن ابنها احمد‬ ‫إبراهي��م (‪ 26‬عام��ا) فق��د ف��ي محافظ��ة‬ ‫حم��ص (وس��ط) ف��ي ‪ 27‬ش��باط‪ /‬فبراير‬ ‫الفائت‪ .‬وأضافت األم انه في اليوم نفس��ه‬ ‫"اتص��ل (احم��د) بخالته من رق��م ليس له‬

‫وأبلغه��ا انه متجه إل��ى مدينة حمص وأن‬ ‫عليه��ا أال تتصل به بع��د اآلن (…) وعلمنا‬ ‫الحق��ا أن هذا الرقم يع��ود إلى فرع األمن‬ ‫العسكري في حمص"‪.‬‬ ‫وبعد اتصاالت متكررة بالرقم نفس��ه‬ ‫ظل��ت م��ن دون ج��واب ألش��هر‪ ،‬رد احدهم‬ ‫قائ ًال أن الش��اب قتل برص��اص قناص تابع‬ ‫للنظ��ام‪ .‬وتابع��ت األم‪" :‬لم نس��تطع تأكيد‬ ‫هذه المعلومة‪ ،‬نريد فقط معرفة مصيره"‪،‬‬ ‫الفتة إلى أن زوجة احمد حامل بتوأمين‪.‬‬ ‫وتنتش��ر كل يوم في ش��وارع المدن‬ ‫والبل��دات الس��وري عش��رات الجث��ث التي‬ ‫تع��ود لمواطنين يت��م احتجازهم على يد‬ ‫األجهزة األمنية التابعة للنظام السورية أو‬ ‫عصابات الش��بيح المرتبطة به‪ .‬وفي كثير‬ ‫م��ن الحاالت يصعب التع��رف على أصحاب‬ ‫الجثث بسب التش��ويه التي تتعرض له أو‬ ‫نتيجة الحرق‪.‬‬

‫تعذيب زوجة طبيب وطفله‬ ‫ال�صغري لل�ضغط عليه!‬

‫طال��ب نش��طاء س��وريون العال��م‬ ‫بالتحرك للضغط عل��ى النظام الحاكم‬ ‫في البالد للكش��ف ع��ن مصير عدد من‬ ‫األطباء‪ ،‬ممن اختطفوا من قبل األجهزة‬ ‫األمني��ة ووردت معلومات عن تعرضهم‬ ‫للتعذيب‪.‬‬ ‫وكشف النشطاء عن حالة الدكتور‬ ‫عم��ر محمد مأم��ون عرن��وس وزوجته‬ ‫الدكت��ورة ماري��ا الجوخ��دار وابنهم��ا‬ ‫الصغير عب��د الرحمن – وه��و في عمر‬ ‫سنتين ونصف الس��نة – الذين اعتقلوا‬ ‫بالس��ابع من الشهر الحالي من منزلهم‬ ‫في دمشق‪.‬‬ ‫وذكرت الشبكة الس��ورية لحقوق‬ ‫اإلنسان ‪-‬نقال عن مصادرها‪ -‬أن األمن‬ ‫الس��وري أخض��ع الطفل عب��د الرحمن‬ ‫ووالدته لتعذيب ش��ديد بهدف ممارسة‬ ‫الضغط النفس��ي عل��ى الدكت��ور عمر‬ ‫النتزاع اعترافات منه‪.‬‬ ‫وحمل��ت الش��بكة النظ��ام الحاكم‬ ‫المس��ؤولية الكاملة عن حي��اة الطبيب‬ ‫عم��ر وزوجته وابنه‪ ،‬وطالبت المنظمات‬ ‫الحقوقي��ة ح��ول العال��م – وخصوص��ا‬ ‫"أطباء بال حدود"‪ -‬بس��رعة التحرك من‬ ‫أجل إنقاذهم‪.‬‬ ‫كما كش��فت عن حالة مماثلة‪ ،‬هي‬ ‫حالة الطبيب بش��ار فرح��ات الذي ألقت‬ ‫ق��وات األمن العس��كري القب��ض عليه‬

‫من وس��ط المش��فى الوطن��ي بمدينة‬ ‫الالذقية حيث يتابع اختصاصه بدراس��ة‬ ‫طب األطفال يوم الـ‪ 26‬من يوليو‪ /‬تموز‬ ‫الماضي‪.‬‬ ‫وقد انقطعت أخب��ار الطبيب‪ ،‬وفق‬ ‫الش��بكة‪ ،‬بعد خمس��ة أيام من اختفائه‬ ‫وورود أنباء عن تعرضه لتعذيب شديد‪.‬‬ ‫وطبق��ا للش��بكة ف��إن اعتق��ال‬ ‫الطبي��ب‪ ،‬وه��و م��ن عرفت��ه بالكات��ب‬ ‫واألديب "يعود في المقام األول لس��بب‬ ‫واحد هو كونه م��ارس حقا من حقوقه‬ ‫األساس��ية في التعبير بكل حرية وعلى‬ ‫نحو س��لمي عن طريق قصص وأشعار‬ ‫عب��ر موقع��ه وصفحت��ه عل��ى مواق��ع‬ ‫التواص��ل االجتماعي الت��ي كانت منبرا‬ ‫عبر من خالله عن آرائه السياسية وعن‬ ‫إدانته أعمال القتل والتدمير وانتهاكات‬ ‫حقوق اإلنسان"‪.‬‬ ‫وأجب��ر األم��ن الس��وري الطبي��ب‬ ‫فرح��ات عل��ى إغ�لاق صفحات��ه عل��ى‬ ‫اإلنترن��ت بع��د تعذيب��ه ف��ي المعتقل‬ ‫"وهي مغلق��ة من تاريخ اعتقاله وحتى‬ ‫اللحظة"‪.‬‬ ‫وطالب الشبكة السورية المنظمات‬ ‫الحقوقية حول العالم بس��رعة التحرك‬ ‫للضغ��ط عل��ى الحكومة للكش��ف عن‬ ‫مصي��ره وإط�لاق س��راحه ه��و وباقي‬ ‫"معتقلي الرأي والكلمة في سوريا"‪.‬‬


‫تقارير ملنظمات دولية وجلان حقوق الإن�سان‪:‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫تمكن��ت منظم��ة دولي��ة تعن��ى‬ ‫بالدفاع ع��ن حقوق األطف��ال من جمع‬ ‫ش��هادات مروعة عل��ى الفظائع وأعمال‬ ‫التعذيب الوحش��ي التي ارتكبها النظام‬ ‫الس��وري بحق األطفال في س��ورية أو‬ ‫كانوا شهوداً عليها‪.‬‬ ‫ونش��رت منظم��ة "س��يف ذي‬ ‫تش��يلدرن" (أنقذوا األطف��ال) ومقرها‬ ‫بريطانيا "شهادات صادمة" جمعتها من‬ ‫مخيمات الالجئين على الحدود السورية‬ ‫تظه��ر أن "أطف��اال تعرض��وا لهجم��ات‬ ‫وحش��ية ق��د رأوا ذويه��م وأش��قاءهم‬ ‫وش��قيقاتهم وأطف��ال آخرين يموتون‪،‬‬ ‫أو أنهم شاهدوا وحتى تعرضوا ألعمال‬ ‫تعذيب"‪.‬‬ ‫وقالت جاسمن وايتبريد‪ ،‬المسؤولة‬ ‫عن المنظم��ة أن "أعم��ال عنف مروعة‬ ‫ارتكبت بحق أطفال في سورية‪ .‬هؤالء‬ ‫األطفال بحاجة لعناية خاصة إلخراجهم‬ ‫من ه��ذه التجارب المرعب��ة"‪ .‬وأضافت‪:‬‬ ‫"يجب أن تس��جل ش��هاداتهم كي يدفع‬ ‫الذي��ن ارتكبوا أعم��ال العنف هذه بحق‬ ‫األطفال الثمن"‪.‬‬ ‫وج��اء جم��ع ش��هادات األطف��ال‬ ‫الس��وريين وذويهم من الذين فروا من‬ ‫الن��زاع بعن��وان "انتولد اتروس��يتيس"‬ ‫(فظاعات ال تعد وال تحصى)‪.‬‬ ‫وق��ال حس��ن (‪ 14‬عام��ا) ان��ه رأى‬ ‫"جثثا وجرحى ف��ي كل مكان"‪ .‬وأضاف‪:‬‬ ‫"شاهدت أعضاء بش��رية مكدسة فوق‬ ‫بعضه��ا البعض‪ .‬ال��كالب تنهش الجثث‬ ‫بعد يومين على المجزرة"‪.‬‬

‫وق��ال خالد (‪ 15‬عام��ا) انه تعرض‬ ‫للتعذي��ب في مدرس��ته القديم��ة التي‬ ‫تحولت إلى مركز اعتقال وتعذيب حيث‬ ‫اعتق��ل لمدة ‪ 10‬أي��ام أمضاها محرومًا‬ ‫م��ن الطع��ام وتع��رض للض��رب وهو‬ ‫معلق بالسقف"‪.‬‬ ‫وأض��اف للمنظم��ة‪" :‬ه��ل ت��رون‬ ‫ه��ذه اآلثار؟ كنت موث��وق اليدين بحبل‬ ‫م��ن البالس��تيك‪ .‬كان هن��اك أطف��ال‬ ‫ف��ي زنزانت��ي موثوقي األي��دي أيضا"‪.‬‬ ‫وتابع‪" :‬كل بدوره‪ ،‬اطفأوا سيجارة على‬ ‫جسدي‪ .‬انظروا‪ ،‬هذه هي اآلثار"‪.‬‬ ‫ودع��ت المنظم��ة غي��ر الحكومية‬ ‫األم��م المتحدة إل��ى تس��ريع تحقيقها‬ ‫حول انتهاك حقوق األطفال في سورية‪.‬‬ ‫وأوضح��ت انه لم يس��مح له��ا بالدخول‬ ‫إلى األراض��ي الس��ورية "ولكن معظم‬ ‫شهادات األطفال تؤكد االنتهاكات التي‬ ‫تحدثت عنها األمم المتحدة ومجموعات‬ ‫الدفاع عن حقوق اإلنسان خالل األشهر‬ ‫الماضية"‪.‬‬ ‫وتق��دم منظم��ة أنق��ذوا األطفال‬ ‫دعماً نفس��ياً آلالف األطفال السوريين‬ ‫الذي��ن لجأوا إلى دول مجاورة لس��ورية‬ ‫لمساعدتهم على إعادة بناء أنفسهم‪.‬‬ ‫وفي س��ياق متصل‪ ،‬أك��دت اللجنة‬ ‫الس��ورية لحق��وق اإلنس��ان أن "األنباء‬ ‫الموثقة التي ترد تباعًا من مدن وبلدات‬ ‫وقرى س��ورية تؤكد حصول ازدياد حاد‬ ‫في وتيرة اعتقال األطفال واختطافهم‬ ‫وأخذه��م رهائن من أجل الضغط على‬ ‫أس��رهم والوصول إلى أفراد منها مثل‬

‫اآلباء واألخوة"‪.‬‬ ‫وقالت اللجنة‪" :‬وردت أخبار مؤكدة‬ ‫أن س��لطات المخابرات واألمن المتعددة‬ ‫وميليش��يات النظام المس��لحة تمارس‬ ‫التعذي��ب الش��ديد على األطف��ال أمام‬ ‫ذويه��م به��دف إرغامه��م عل��ى اإلدالء‬ ‫باعترافات واإلدالء بمعلومات‪ ،‬ولقد مات‬ ‫كثير م��ن األطفال وأعمارهم ال تتجاوز‬ ‫بضع س��نين تح��ت التعذيب الوحش��ي‬ ‫الذي لم تحتمله أجسادهم الغضة"‪.‬‬ ‫كم��ا "وردت أخبار حول ممارس��ات‬ ‫تتناف��ى م��ع اإلنس��انية بح��ق األطفال‬ ‫مثل اغتصابه��م على مرأى من ذويهم‬ ‫وأس��رهم وإرغامهم على فعل أش��ياء‬ ‫تتناف��ى م��ع األخ�لاق العام��ة والقي��م‬ ‫المجتمعي��ة والتلف��ظ بألف��اظ منافي��ة‬ ‫للحش��مة واآلداب العامة‪ .‬هذا باإلضافة‬ ‫إل��ى ممارس��ة تعذي��ب األطف��ال حتى‬ ‫الموت بط��رق وحش��ية ومهينة بقصد‬ ‫العق��اب والتش��في وإطف��اء ن��ار الحقد‬ ‫والغض��ب في ص��دور المعذبي��ن‪ .‬ولقد‬ ‫وردت من��ذ بداي��ة األح��داث ف��ي آذار‪/‬‬ ‫م��ارس ‪ 2011‬رواي��ات كثي��رة ألطفال‬ ‫اعتقل��وا وعذبوا وش��وهت أجس��ادهم‬ ‫وحرق��ت واغتصبوا وامتهن��ت كرامتهم‬ ‫وإنسانيتهم"‪.‬‬ ‫وقال��ت اللجن��ة ف��ي بي��ان بعنوان‬ ‫"أطفال س��ورية‪ :‬بين انتهاكات النظام‬ ‫ومس��ؤولية المجتم��ع الدول��ي"‪" :‬آثرت‬ ‫اللجن��ة الس��ورية لحقوق اإلنس��ان في‬ ‫ه��ذا البيان المقتض��ب أن تدق ناقوس‬ ‫الخط��ر في اإلعالن عن هذه االنتهاكات‬ ‫الخطيرة ومخالفتها للدس��تور السوري‬

‫وللقوانين المحلية – التي تنص جميعًا‬ ‫على حفظ الطفولة وتنميتها ورعايتها‬ ‫بصورة س��ليمة – ومخالفتها أيضًا لكل‬ ‫المعاهدات الدولية واالتفاقيات األممية‬ ‫ف��ي ه��ذا الموض��وع‪ ،‬عل��ى أن تص��در‬ ‫اللجن��ة الحق��اً تقري��راً مفص� ً‬ ‫لا يتناول‬ ‫بعض ه��ذه االنته��اكات ض��د األطفال‬ ‫في س��ورية مع اإلحصائيات والشواهد‬ ‫والتحليل المعلوماتي"‪.‬‬ ‫وتاب��ع البي��ان‪" :‬إنن��ا ف��ي اللجن��ة‬ ‫الس��ورية لحقوق اإلنس��ان ونحن نضع‬ ‫هذه االنته��اكات الخطيرة ضد الطفولة‬ ‫وض��د أطف��ال س��ورية أم��ام العال��م‬ ‫وأمام اإلنس��انية وأمام منظمات األمم‬ ‫المتحدة بش��كل خ��اص نطالبه��ا أن ال‬ ‫تس��تمر في تجاه��ل ه��ذه الحقائق أو‬ ‫التعام��ل معها بهامش��ية‪ ،‬ب��ل نطالبها‬ ‫ب��أن تأخذ دوره��ا الجاد ف��ي وقف هذه‬ ‫االنتهاكات وإدانتها وتعرية المسؤولين‬ ‫عنها آمرين ومنفذين وإحالة أس��مائهم‬ ‫إلى المحاك��م الدولية المختصة‪ ،‬ويجب‬ ‫أن ال تؤث��ر التجاذب��ات على األرض في‬ ‫امته��ان الطفولة واحتقاره��ا وقتلها أو‬ ‫المس��اهمة في انحرافها وتدميرها‪ .‬إن‬ ‫نظام بشار األسد يمارس كل المحرمات‬ ‫الدولي��ة واألخالقي��ة ض��د الطفول��ة‬ ‫ويس��تخدمها أداة م��ن أج��ل اس��تمراره‬ ‫وعل��ى المجتم��ع الدول��ي أن يمنع ذلك‪،‬‬ ‫وهي مس��ؤولية إنس��انية ومس��ؤولية‬ ‫بموجب االتفاقيات والمعاهدات الدولية‬ ‫الت��ي وقعته��ا الحكوم��ات الس��ورية‬ ‫المتعاقبة ومس��ؤولية أخالقية ال يمكن‬ ‫التخلي عنها"‪.‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫�أطفال يف �سورية اغت�صبوا �أو قتلوا خالل تعذيبهم �أمام‬ ‫�أقربائهم النتزاع اعرتافاتهم!‬ ‫الأطفال �شهود على القمع الوح�شي و�آثاره تظهر على �أج�سادهم!‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪5‬‬


‫النظام ال�سوري‪ :‬عوامل الوهم‬ ‫الملف ‪. .‬‬

‫التحالفات الدولية‪ ،‬الأ�صدقاء والأعداء(‪)2‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫يأت��ي ملفنا الي��وم اس��تكما ًال للعدد‬ ‫الس��ابق‪ ،‬عن تحالفات النظام الس��وري‪،‬‬ ‫وعالقات��ه الخارجي��ة الت��ي اعتمدها بعد‬ ‫أن ع ّل��ق س��يف "داموكلي��س" فوق رأس‬ ‫ش��عبه‪ ،‬هذا الس��يف ال��ذي تخبرن��ا عنه‬ ‫األسطورة اليونانية بأن الملك دنيس أراد‬ ‫أن يفهم صديقه ومستشاره داموكليس‬ ‫أن الس��عادة في هذا العالم باطلة‪ ،‬وهي‬ ‫مرتبط�� ٌة بمدى الوالء للمل��ك‪ ،‬فدعاه إلى‬ ‫وليم��ة وعل��ق ف��وق رأس��ه س��يفًا ثقي ًال‬ ‫مربوطًا بش��عرة من ذيل حصان‪ ،‬فذهب‬ ‫ذكر هذا السيف مث ًال‪...‬‬

‫اجلمهورية اللبنانية‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫اليوم س��نتابع التحالف��ات اإلقليمية‬ ‫التي عقده��ا النظام ثم نكثه��ا وعقدها‬ ‫مجدداً في سلسلة ال تنتهي‪ ،‬ولعل الحالة‬ ‫اللبنانية هي النم��وذج األبرز عما ذكرناه‬ ‫سابقاً‪ ،‬فعندما اس��تعرت الحرب اللبنانية‬ ‫تقل��ب الس��وريين في المواق��ف كثيراً ما‬ ‫بي��ن دع��م م��ا س��مي بالجبه��ة الوطنية‬ ‫"يمين" والحرك��ة الوطنية "يس��ار" وبرز‬ ‫الدور السوري أكثر عبر العمل العسكري‬ ‫المباش��ر كقوات الصاعقة الفلس��طينية‬ ‫إال أنه��م مال��وا ف��ي النهاي��ة إلى حس��م‬ ‫موقفهم إلى جانب قوى الحركة الوطنية‬ ‫ول��و فوتوا عليه��م أكثر من م��رة فرصة‬ ‫الحسم العسكري وإنهاء الحرب في لبنان‪،‬‬ ‫وعلى أعتاب نهاي��ات الحرب اللبنانية كان‬ ‫الس��وريين قد خاضوا صراعات عسكرية‬ ‫عل��ى األرض اللبناني��ة م��ع العدي��د من‬ ‫الفرق��اء عل��ى األرض اللبناني��ة من فتح‬ ‫وعرف��ات إل��ى الق��وات اللبناني��ة وحت��ى‬ ‫ح��زب اهلل الذي خاض معارك طويلة ضد‬ ‫السوريين في ضواحي بيروت‪.‬‬ ‫ه��ذا ويُختل��ف في تاري��خ بدء حرب‬ ‫لبنان ولكن يتفق الكثيرون أنها بدأت في‬ ‫‪ 13‬نيس��ان ع��ام ‪ 1975‬حي��ث كان هناك‬ ‫محاولة فاش��لة الغتيال الزعيم الماروني‬ ‫بيي��ر الجمي��ل‪ ،‬وبعده��ا حصل��ت مجزرة‬ ‫"عين الرمانة" الت��ي هوجمت فيها إحدى‬ ‫الحافالت المدنية وفيها ركاب فلسطينيون‬ ‫مم��ا أدى إل��ى مص��رع ‪ 27‬ش��خصًا‪ ،‬ولم‬ ‫تكن أط��راف الصراع في لبن��ان متمايزة‬ ‫تمام��ًا ولكن يمكن حصر أطراف الصراع‪،‬‬ ‫"الجيش اللبناني‪ ،‬حزب الكتائب اللبنانية‪،‬‬ ‫منظمة التحرير الفلس��طينية‪ ،‬إس��رائيل‬ ‫الواليات المتح��دة األمريكية‪ ،‬حركة أمل‪،‬‬ ‫الحزب التقدمي االشتراكي"‪.‬‬ ‫وقد قاتل النظام الس��وري مع جميع‬ ‫األط��راف وضده��ا‪ ،‬على قاع��دة إضعاف‬ ‫الجميع بالتس��اوي وعدم تغليب أي طرف‬ ‫عل��ى آخ��ر فالنظ��ام الس��وري ل��م يكن‬ ‫ليسمح بانتصار اليمين اللبناني المستعد‬ ‫لعالق��ات طبيعي��ة م��ع إس��رائيل‪ ،‬وف��ي‬ ‫نف��س الوقت ل��م يكن ليس��مح بانتصار‬ ‫الحرك��ة الوطنية‪ ،‬مما يح��ول بيروت إلى‬ ‫هانوي أخرى ويسحب منه بالتالي ورقته‬ ‫اإلقليمية الرابحة دائمًا‪.‬‬ ‫عندما لم يس��تطع البرلمان اللبناني‬ ‫عام ‪ 1988‬م االتفاق على خليفة للرئيس‬ ‫أمين الجميل‪ ،‬أعلن قائد الجيش في حينه‬ ‫العماد ميش��يل عون رئاس��ته للحكومة‪،‬‬

‫األمر الذي لم ينل رضا عدّة أطراف وأدى‬ ‫إل��ى ب��دء حكومة بديلة برئاس��ة س��ليم‬ ‫الحص‪ .‬وفي آب ع��ام ‪ 1989‬تم التوصل‬ ‫ف��ي الطائف بوس��اطة المملك��ة العربية‬ ‫الس��عودية إلى االتفاق الذي كان البداية‬ ‫إلنهاء الحرب األهلية‪ .‬ولكن ميشيل عون‬ ‫رف��ض االتفاق وذلك ألن االتفاق يقضي‬ ‫بانتش��ار س��وري على األراضي اللبنانية‬ ‫تم إقصاء ميش��يل عون م��ن قصر بعبدا‬ ‫الرئاس��ي‪ ،‬بعد معركة حامية مع الجيش‬ ‫الس��وري في تش��رين األول ع��ام ‪1990‬‬ ‫بعملية لبنانية‪-‬سورية مشتركة ومباركة‬ ‫أمريكية حيث اضطر للجوء إلى الس��فارة‬ ‫الفرنس��ية وتوجه من بعدها إلى باريس‬ ‫في منفاه‪.‬‬ ‫الح��رب اللبناني��ة ب��دأت بي��ن مؤيد‬ ‫ومعارض للوجود الفلس��طيني المسلح‪،‬‬ ‫بين أطراف من كافة األحزاب اإلس�لامية‬ ‫واليس��ارية والقومي��ة العربي��ة الداعمة‬ ‫للقضية الفلس��طينية أيا تكن انعكاسات‬ ‫هذا الدع��م على الس��احة الوطنية وبين‬ ‫األحزاب اليمينة المس��يحية التي س��ميت‬ ‫باالنعزالية لسعيها باالحتفاظ بامتيازاتها‬ ‫ورفضه��ا انخراط الكي��ان اللبناني وحيداً‬ ‫في مواجهة إسرائيل‪.‬‬ ‫انته��ت الح��رب اللبناني��ة وانته��ت‬ ‫الماروني��ة السياس��ية وعُه��د للنظ��ام‬ ‫الس��وري بحك��م لبنان حتى ع��ام ‪،2005‬‬ ‫وم��ع ب��زوغ الث��ورة الس��ورية‪ ،‬انقس��م‬ ‫ومعارض‬ ‫اللبنانيون بي��ن مؤيدٍ للث��ورة‬ ‫ٍ‬ ‫لها‪ ،‬وهذا مقبول من الناحية السياس��ية‪،‬‬ ‫ولع��ل الكتلتي��ن األكب��ر واألكث��ر تأثي��راً‬ ‫الداعمتين للنظام‪ ،‬هما حزب اهلل‪ ،‬والتيار‬ ‫الوطني الحر‪.‬‬ ‫وق��د أمطرن��ا الجن��رال البرتقال��ي‬ ‫بتصريح��ات قذافي��ة النكه��ة‪ ،‬ن��وعٌ من‬ ‫التصريحات التي افتقدها الجمهور العربي‬ ‫بعد رحيل "معمر القذافي"‪ ،‬الجنرال عون‬ ‫ال��ذي خاض حرب��اً ضد الجيش الس��وري‬ ‫ليحصل على كرس��ي الرئاس��ة‪ ،‬يخوض‬ ‫اليوم حرباً إعالمية ضدّ الشعب السوري‬ ‫طمعًا في رئاسةٍ لن يحصل عليها‪.‬‬ ‫ولع��ل التصريح��ات األبل��غ كان��ت‬ ‫حديث��ه عن الحرّي��ات في س��وريا ومدى‬ ‫انتش��ارها ف��ي كافة ربوعه��ا تحت حكم‬

‫َ‬ ‫ليُخيّل إليه‬ ‫البع��ث المجيد‪ ،‬الذي لم يكن‬ ‫أن بإم��كان زعيم ما‪ ،‬إلى أيّ جهة انتمى‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أن يش��رح مفهوم الحرّيّة بهذه التعابير‬ ‫أن‬ ‫الفريدة والمضامي��ن العجيبة‪ .‬فأعلن ّ‬ ‫حقوق اإلنسان في سوريا وضعها أفضل‬ ‫من سائر دول العالم العربي وال ينقصها‬ ‫إلاّ فقط الحريات السياسية فقط متناسيًا‬ ‫أنه حمل الس�لاح في مواجهة السوريين‬ ‫يتوان‬ ‫الس��تعادة الحقوق السياسية‪ ،‬ولم َ‬ ‫العماد عون في كل أحاديثه عن اإلش��ادة‬ ‫بالديمقراطي��ة البعثية وفي نفس الوقت‬ ‫التهجّ��م عل��ى الديمقراطيّ��ة الغربيّة‪.‬‬ ‫أن الفرنس��يّين حاليّ��اً‪،‬‬ ‫أراه��ن عل��ى ّ‬ ‫أن أيّ الج��ئ‬ ‫مقتنع��ون ف��ي س��رّهم‪ّ ،‬‬ ‫سياس��يّ غيره لو أمضى سنة واحدة في‬ ‫بالده��م بد ًال من ‪ 15‬س��نة كما فعل هو‪،‬‬ ‫لكان تش��رّب ح��دّاً أدنى م��ن المفاهيم‬ ‫الدس��تورية الصحيح��ة الت��ي بناه��ا‬ ‫ّ‬ ‫مفكروهم وال زالوا‪.‬‬ ‫ه��ذا باإلضاف��ة لتحدث��ه باس��م‬ ‫المس��يحيين الس��وريين وربط وجودهم‬ ‫بالنظام الس��وري‪ ،‬وقد بات��ت تصريحات‬ ‫الجن��رال محل تن��در حتى عن��د أنصاره‪،‬‬ ‫جن��رال "الثالث��اء بتخل��ص س��يدفع ثمن‬ ‫خياراته في االنتخابات المقبلة‪...‬‬ ‫أما الفاعل األبرز في الثورة السورية‬ ‫فهو ح��زب اهلل‪ ،‬الذي لم يع��د خافيًا على‬ ‫أح��د تورط��ه في دم��اء الس��وريين تحت‬ ‫مس��مى عمليات جهادية‪ ،‬إال أنه وبالنظر‬ ‫بعمق لس��لوك الح��زب‪ ،‬يب��دو واضحاً أن‬ ‫المستفيد األكبر من سلوكه هو الطائفة‬ ‫الشيعية‪ ،‬إذ دق حزب اهلل المسمار األخير‬ ‫ف��ي نع��ش احت��كار التمثي��ل الش��يعي‪،‬‬ ‫فسقوط النظام السوري حتمية تاريخية‪،‬‬ ‫وس��قوط حزب اهلل حتميٌ أيض��ًا‪ ،‬لتعود‬ ‫للطائف��ة حيويته��ا‪ ،‬ه��ذه الطائف��ة التي‬ ‫ربطه��ا ح��زب اهلل وبالتواط��ؤ م��ع حركة‬ ‫أمل بالس�لاح هي أكثر الطوائف حيوية‪،‬‬ ‫فالق��ارئ للتاريخ اللبنان��ي الحديث‪ ،‬يجد‬ ‫أس��ماء الزعام��ات المس��يحية والس��نية‬ ‫والدرزي��ة تتكرر عب��ر مئة ع��ام أو أكثر‪،‬‬ ‫في حين أن الشيعة في لبنان تمكنوا من‬ ‫الخروج عن اإلقطاع السياسي "آل األسعد‬ ‫وغيرهم" وانتقلوا إلى اليسار والمقاومة‬ ‫الفلس��طينية‪ ،‬ولينتقل ج��ز ٌء كبير منهم‬

‫إل��ى عوالم كوني��ة وأخالقية جامعة على‬ ‫يد اإلمام موسى الصدر‪ ،‬ولتنتقل لزعامة‬ ‫ديني��ة إيراني��ة المرج��ع أنهته��ا أو مهدت‬ ‫إلنهائها الثورة السورية‪.‬‬ ‫وم��ا بي��ان العالمتي��ن هاني فحص‬ ‫ومحم��د األمي��ن‪ ،‬وحملة انقدوه��م التي‬ ‫تقودها ش��خصيات شيعية مس��تقلة‪ ،‬إال‬ ‫إرهاصات لربيع شيعي في لبنان‪.‬‬ ‫وقب��ل أن ننه��ي الحديث ع��ن لبنان‬ ‫البد من اإلش��ارة إلى أن النظام الس��وري‬ ‫م��ارس االغتي��االت بكثافة خ�لال الحرب‬ ‫مع��ارض تارة ولتأجيج‬ ‫اللبنانية إلس��كات‬ ‫ٍ‬ ‫الحرب ت��ار ًة أخ��رى‪ ،‬االغتيال السياس��ي‬ ‫للبنانيين وسوريين سمة النظام السوري‬ ‫خ�لال عق��دي الس��بعينات والثمانين��ات‪،‬‬ ‫وق��د وُجه��ت أصاب��ع االتهام إل��ى أجهزة‬ ‫األم��ن الس��ورية ف��ي تصفية ع��دد من‬ ‫المعارضي��ن ف��ي الخ��ارج‪ ،‬منه��م عل��ى‬ ‫س��بيل المث��ال ال الحص��ر‪ :‬الل��واء محمد‬ ‫عم��ران (أبري��ل ‪ ،)1972‬وكم��ال جنبالط‬ ‫(م��ارس ‪ ،)1977‬وص�لاح الدي��ن البيطار‬ ‫(يولي��و ‪ ،)1980‬وري��اض ط��ه (يولي��و‬ ‫‪ ،)1980‬وس��ليم اللوزي (م��ارس ‪،)1980‬‬ ‫وموسى ش��عيب (يوليو ‪ ،)1980‬والزعيم‬ ‫البعث��ي علي الزين (يولي��و ‪ ،)1980‬وعبد‬ ‫الوه��اب البكري في عمان (يوليو ‪،)1980‬‬ ‫والس��يدة بنان الطنطاوي التي قتلت في‬ ‫محاولة اغتي��ال زوجها عصام العطار في‬ ‫ألماني��ا (مارس ‪ ،)1981‬ونزار الصباغ في‬ ‫الذي اغتيل في إس��بانيا (نوفمبر ‪،)1981‬‬ ‫والعميد س��عد صايل في البقاع (سبتمبر‬ ‫‪ ،)1982‬كم��ا اختطف المحامي الس��وري‬ ‫ف��ي قب��رص نعم��ان ق��واف واقتي��د إلى‬ ‫دمشق في فبراير ‪ ،1982‬وتعرض مبنى‬ ‫مجلة الوطن العربي للتفجير في باريس‬ ‫في ش��هر أبريل ‪ .1982‬واغتيل الصحفي‬ ‫ميش��يل النم��ري ف��ي أثينا في س��بتمبر‬ ‫‪ ،1985‬وقتل مفتي لبنان الش��يخ حس��ن‬ ‫خال��د ع��ام ‪ ،1989‬كم��ا توجه��ت أصاب��ع‬ ‫االته��ام إل��ى أجه��زة األمن في سلس��لة‬ ‫اغتي��االت التي أودت بحي��اة مجموعة من‬ ‫المعارضي��ن للنظام الس��وري ف��ي لبنان‬ ‫عقب اغتيال رئيس الوزراء األسبق رفيق‬ ‫الحريري عام ‪.2005‬‬


‫ال�صني‬

‫رو�سيا االحتادية‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫روس��يا الحلي��ف الرئيس��ي والداعم‬ ‫للنظ��ام الس��وري‪ ،‬تس��تعيد الي��وم زخم‬ ‫العالقات الس��ورية الس��وفيتية‪ ،‬فسوريا‬ ‫الت��ي ورث��ت مص��ر الحليف��ة الكب��رى‬ ‫واألقدر عل��ى إب��راز األهمية السياس��ية‬ ‫لجميع المزايا والمس��اعدات التي تقدمها‬ ‫روس��يا‪ .‬فخالل عق��د الس��بعينيات‪ ،‬وبعد‬ ‫قطيع��ة الرئيس المصري أنور الس��ادات‬ ‫للكتلة الس��وفياتية وتحالفه مع الواليات‬ ‫األمريكي��ة‪ ،‬بل��غ العون والدعم الروس��ي‬ ‫لدمش��ق أوجه وأصبحت س��ورية الزبون‬ ‫األول "غير الشيوعي" للسالح السوفيتي‪،‬‬ ‫غي��ر أنه ل��م تكن روس��يا جاه��زة آنذاك‬ ‫لدع��م دمش��ق بنف��س ذل��ك الق��در من‬ ‫الحماي��ة والدع��م المقدم إلس��رائيل من‬ ‫قبل الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫في بداية عقد الثمانينيات‪ ،‬بدأ غروب‬ ‫ش��مس العالقات السورية‪-‬الس��وفيتية‪،‬‬ ‫حيث أسس��ت البريس��ترويكا المعلنة من‬ ‫قبل ميخائيل غورباتشوف لتغيير حقيقي‬ ‫ف��ي العالقة بين موس��كو ودمش��ق‪ :‬لقد‬ ‫تراجعت شحنات األسلحة السوفيتية على‬ ‫الفور في حين ش��كل التقارب الروس��ي‪-‬‬ ‫اإلس��رائيلي وتدف��ق المهاجري��ن اليهود‬ ‫ال��روس إل��ى إس��رائيل حجر عث��رة بين‬ ‫الجانبين‪ .‬إن جوهر العالقات الس��وفيتية‬ ‫ـ السورية قبل أي اعتبار هو إيديولوجي‪،‬‬ ‫س��رعان م��ا تبخ��ر بع��د انهي��ار االتح��اد‬ ‫الس��وفيتي ف��ي كان��ون األول ‪،1991‬‬ ‫مم��ا حتم عل��ى روس��يا االتحادي��ة إعادة‬ ‫بناء سياس��ية شرق أوس��طية من نقطة‬ ‫الصفر‪ .‬فقد رك��زت كثيراً على مصالحها‬ ‫التجارية وأعطت أهمي��ة أقل لالعتبارات‬ ‫السياس��ية واالس��تراتيجية الس��يما تلك‬ ‫الت��ي تمثل أس��اس العالقات الروس��ية –‬ ‫الس��ورية‪ ،‬واتجهت إل��ى تطوير عالقاتها‬ ‫م��ع الس��عودية‪ ،‬دول الخلي��ج‪ ،‬اليم��ن‪،‬‬ ‫األردن‪ ،‬لبن��ان والدول غي��ر العربية مثل‬ ‫تركيا وإيران‪.‬‬ ‫خالل عق��د التس��عينيات‪ ،‬اس��تردت‬ ‫العالقات الروسية ـ السورية حيويتها وتم‬ ‫ترميمه��ا جزئيًا بع��د القطيعة التي كانت‬ ‫بي��ن عام��ي ‪ ،1994-1992‬ول��م تكن إال‬ ‫ظ ًال لتلك العالقات الت��ي كانت في العهد‬ ‫الس��وفيتي‪ .‬لق��د كان��ت تحت��اج لبع��ض‬ ‫الوقت لتس��تعيد س��ورية مكانتها الهامة‬ ‫في السياس��ة الش��رق أوس��طية لروسيا‪.‬‬ ‫فه��ذه المكان��ة كان��ت مح��ددة باألحداث‬ ‫اإلقليمية والعالمية بشكل كبير‪.‬‬ ‫ولس��نا ف��ي حاج��ة للحدي��ث ع��ن‬

‫الدور الروس��ي الداع��م للنظام في حربه‬ ‫ض��د الش��عب‪ ،‬فروس��يا تث��أر لكرام��ةٍ‬ ‫مهدورة‪ ،‬عرّتها أحالم غورباتش��وف في‬ ‫التس��عينات‪ ،‬حين طلب المساعدة المالية‬ ‫م��ن الغ��رب‪ ،‬حينه��ا كان القيص��ر حالمًا‬ ‫في وض��ح النهار عندما تص��ور أن الغرب‬ ‫الرأس��مالي‪ ،‬وق��د الح فجر انتص��اره‪ ،‬لن‬ ‫يقبل بأقل من تعرية التجربة الشيوعية‬ ‫ً‬ ‫تعرية كامل��ة‪ ،‬تصل بها بعد حد الهزيمة‬ ‫إلى حد الفضيحة‪ ..‬وقد كان‪..‬‬ ‫لك��ن وف��ي ق��راءةٍ لس��لوك‬ ‫الدبلوماسية الروس��ية تاريخياً‪ ،‬نجد أنها‬ ‫ال تق��ف مع حليفها حتى النهاية‪ ،‬فاالتحاد‬ ‫الس��وفيتي الداعم للحق العربي كان أول‬ ‫م��ن اعترف بإس��رائيل ع��ام ‪ ،1948‬وهو‬ ‫بح��رب عالمية مع‬ ‫من اكتف��ى بالتلوي��ح‬ ‫ٍ‬ ‫الع��دوان الثالث��ي عل��ى مص��ر والذي لم‬ ‫يوقفه إال المقاومة المشرفة لمدينة بور‬ ‫س��عيد‪ ،‬وهو الذي كان يقنن في األسلحة‬ ‫المرسلة لسوريا‪ ،‬في مقابل دعم أمريكي‬ ‫ٍ‬ ‫غير مش��روط إلسرائيل‪ ،‬وفي عام ‪2004‬‬ ‫تجنب��ت روس��يا اس��تخدام ح��ق النقض‬ ‫"الفيتو" لتمنع الدول األعضاء األخرى من‬ ‫تبني الق��رار"‪ ،"1559‬والذي يفرض على‬ ‫جمي��ع الجي��وش األجنبية االنس��حاب من‬ ‫األراضي اللبنانية‪ .‬كما لم تدعم س��ورية‬ ‫خالل مناقش��ة القرار رقم ‪ /1636/‬تاريخ‬ ‫‪ 2005/10 / 31‬ال��ذي طال��ب الحكوم��ة‬ ‫الس��ورية بالتع��اون م��ع لجن��ة التحقيق‬ ‫الدولية باغتيال رفيق الحريري‪.‬‬ ‫أم��ا ع��ن ق��رب اإلع�لان ع��ن قطب‬ ‫عالم��ي جدي��د مح��وره روس��يا والصين‬ ‫وإيران‪ ،‬فه��و ادعاء بحاجة إلع��ادة النظر‬ ‫فالصين وروس��يا ل��م تفلحا زم��ن القوة‬ ‫اإليديولوجية الس��احقة للفكر الشيوعي‪،‬‬ ‫وفي ظروفٍ عالمي��ةٍ أفضل من التعاون‬ ‫بالحد األدنى على األقل‪.‬‬ ‫روس��يا الي��وم تس��تنزف الورق��ة‬ ‫الس��ورية حت��ى النهاي��ة‪ ،‬وال يخفى على‬ ‫أحد أن الروس اليوم س��اعون الس��تعادة‬ ‫أمج��اد االتح��اد الس��وفيتي‪ ،‬م��ع يقينهم‬ ‫وإقراره��م بفش��ل التجربة الس��وفيتية‬ ‫وحتمي��ة س��قوطها‪ ،‬والنظ��ام الس��وري‬ ‫نس��خة مش��وهة عن النظام الس��وفيتي‬ ‫ي��درك عامة ال��روس وخاصته��م حتمية‬ ‫س��قوطه‪ ،‬والموقف الروس��ي األخير في‬ ‫مجلس األمن تعبيرٌ واضح عن استنزاف‬ ‫ال��روس للورقة الس��ورية‪ ،‬فبع��د القليل‬ ‫م��ن الممانعة لم يكن أمام ممثل روس��يا‬ ‫فيتالي تش��وركين إال أن يرفع يده مؤيداً‬ ‫صدور القرار الدولي في مواجهة سوريا‪،‬‬

‫وعل��ى رغ��م أهمية ه��ذا التط��ور‪ ،‬إال أن‬ ‫خب��راء س��ارعوا إل��ى التحذي��ر م��ن خطأ‬ ‫اعتباره «تح��و ًال» في الموقف الروس��ي‪،‬‬ ‫وإن كان��ت غالبيته��م أق��رت ب��أن النظام‬ ‫الس��وري أح��رج موس��كو أكث��ر م��ن مرة‬ ‫وأعادت التذكير بأن الدبلوماسية الروسية‬ ‫«ال تدافع عن النظام وأخطائه»‪.‬‬ ‫وي��دور نق��اش س��اخن في أوس��اط‬ ‫الدبلوماس��يين وخبراء السياس��ة الروس‬ ‫ح��ول موازي��ن الرب��ح والخس��ارة الت��ي‬ ‫حصدتها موسكو بسبب األزمة السورية‪،‬‬ ‫ول��م يع��د كثي��رون داخ��ل مطب��خ صنع‬ ‫القرار يخفون اس��تياءهم بسبب الخطاب‬ ‫السياس��ي ال��ذي تمس��كت ب��ه موس��كو‬ ‫خ�لال األزمة‪ ،‬ويرددون أن الدبلوماس��ية‬ ‫الروس��ية ارتكبت سلسلة أخطاء ستسفر‬ ‫ع��ن إضع��اف الموق��ف الروس��ي ف��ي‬ ‫المنطق��ة س��نوات طويل��ة مقبل��ة‪ ،‬لكن‬ ‫الالف��ت أن ه��ذه األحاديث مازال��ت تتردد‬ ‫خلف األبواب المغلقة وال يحاول أصحابها‬ ‫الجهر بمواقفهم أمام وسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫ويوضح الخبير أن روسيا ومنذ بداية‬ ‫األزمة الس��ورية «لم تكن تمارس لعبتها‬ ‫من أجل س��ورية أو الشرق األوسط بقدر‬ ‫ما كانت تس��عى إلى ضم��ان مكانتها في‬ ‫النظام العالمي المعاصر‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫إثبات أن أي أزم��ة دولية خطيرة ال يمكن‬ ‫إيج��اد ح��ل لها م��ن دون أخذ رأي روس��يا‬ ‫ف��ي االعتب��ار‪ ،‬أو ًال‪ .‬وثانيًا‪ ،‬عب��ر الحيلولة‬ ‫دون تكرار الس��ابقة الليبي��ة في أي أزمة‬ ‫إقليمية مقبلة‪ ،‬عندما أجاز مجلس األمن‬ ‫الدول��ي بقرار خاص التدخ��ل في الحرب‬ ‫األهلي��ة في هذا البل��د باالنحياز إلى أحد‬ ‫طرفي النزاع‪ .‬بهذا المعنى تكون موسكو‬ ‫حقق��ت هذي��ن الهدفي��ن‪ ،‬ون��ال دوره��ا‬ ‫االعتراف م��ن قبل الجمي��ع‪ ،‬بعدما أمكن‬ ‫تجنب التدخل الخارجي السافر في شؤون‬ ‫س��ورية "على غرار ما حص��ل في ليبيا"‪.‬‬ ‫ول��م يبق أمام روس��يا إال أن تفعل ش��يئا‬ ‫آخر وه��و المس��اعدة على إج��راء انتقال‬ ‫سلس للحكم في سورية‪.‬‬ ‫ويعك��س هذا التحلي��ل أن المطلوب‬ ‫م��ن روس��يًا اليوم بع��د «إنج��از المهمة»‬ ‫ه��و الخ��روج م��ن الم��أزق ال��ذي وضعت‬ ‫في��ه الدبلوماس��ية الروس��ية نفس��ها‪،‬‬ ‫بأق��ل األثم��ان‪ ،‬في ه��ذا اإلط��ار تواصل‬ ‫موس��كو البح��ث ع��ن مخرج يحف��ظ ماء‬ ‫الوج��ه ويضمن لها أن تتمس��ك باألوراق‬ ‫التي كس��بتها‪ ،‬وبين ذل��ك مبادرة تحويل‬ ‫«اتفاق جنيف» إل��ى قرار دولي ملزم في‬ ‫مجلس األم��ن‪ ،‬وهو المطلب الذي تحض‬

‫لم تنتهج الصين الشيوعية سياسة‬ ‫االتحاد الس��وفيتي الخارجي��ة يومًا‪ ،‬لذلك‬ ‫بقيت عالقتها مع س��وريا بحدودٍ متدنية‪،‬‬ ‫ول��م يتماه��ى النظام الصين��ي أو يتبنى‬ ‫النظام الس��وري خالفاً لس��لوك الروس‪،‬‬ ‫والموق��ف من س��وريا ف��ي مجلس األمن‬ ‫كان م��رده مخالف��ة الوالي��ات المتح��دة‬ ‫والغ��رب‪ ،‬فالصي��ن وخالل العق��د األخير‬ ‫كان��ت وال ت��زال في اش��تباك عس��ير مع‬ ‫الواليات المتحدة ودول االتحاد األوروبي‪،‬‬ ‫عطف��اً على الحرب التجارية المكش��وفة‪،‬‬ ‫التي تنخرط فيها بكي��ن باعتبارها األداة‬ ‫االختراقي��ة الحاس��مة الت��ي تتمت��ع بها‪،‬‬ ‫والتي يش��ن الغرب بموجبها حربًا تجارية‬ ‫معلن��ة عل��ى التني��ن الصين��ي‪ .‬ويضاف‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬تمس��ك الصين المبدئي بعالم‬ ‫متع��دد األقط��اب‪ ،‬وه��و الش��عار ال��ذي‬ ‫تبنته الصين وروس��يا وفرنسا على عهد‬ ‫الرئي��س األس��بق "ش��يراك"‪ ،‬معتبري��ن‬ ‫القطبية األحادية للوالي��ات المتحدة أمرا‬ ‫غير ممكن وال مقبول‪.‬‬ ‫وإذا أضفن��ا إل��ى كل ذل��ك‪ ،‬الح��رب‬ ‫اإلعالمية األمريكية الدائمة ضد النموذج‬ ‫السياس��ي الصيني‪ ،‬يمكنن��ا التعرف على‬ ‫س��ر الموقف الصيني المن��اوئ للمرئيات‬ ‫األمريكية في المس��ألة السورية‪ .‬لكنني‬ ‫أعتق��د جازم��اً أن الصي��ن ل��ن تمانع في‬ ‫تغيي��ر موقفه��ا‪ ،‬إذا استش��عرت جديًا أن‬ ‫هنال��ك تفاهم��ًا أوروبيًا أمريكي��اً لتحرير‬ ‫التج��ارة واالس��تثمار م��ع الصي��ن‪ ،‬ألن‬ ‫رهان الصي��ن األكبر وأداته��ا االختراقية‬ ‫الفاعل��ة‪ ،‬تكمن في أفضلياته��ا التجارية‬ ‫واالستثمارية‪.‬‬ ‫الصي��ن الت��ي طلق��ت اإليديولوجيا‬ ‫وتحالف��ت م��ع االقتص��اد ال تتبن��ى ب��أي‬ ‫م��ن األحوال النظ��ام في س��وريا‪ ،‬ووفقًا‬ ‫لنائ��ب رئيس مجل��س الدول��ة الصيني‪،‬‬ ‫ل��ي كه تش��يانغ‪ ،‬ف��ي تصريح��ات ألقاها‬ ‫خالل الدورة الثالث��ة للمنتدى االقتصادي‬ ‫والتج��اري بين الصي��ن وال��دول العربية‬ ‫والتي عقدت بمدينة ينتش��وان الصينية‪،‬‬ ‫ف��إن حجم التب��ادل التج��اري الحالي بين‬ ‫الصين والدول العربية يقارب ‪ 200‬مليار‬ ‫دوالر أمريكي‪ ،‬وأن االس��تثمارات قد نمت‬ ‫ثماني��ة أضع��اف خالل الس��نوات العش��ر‬ ‫األخيرة‪ ،‬هذا باإلضافة إلى ضخامة حجم‬ ‫التبادل التجاري بين دول الشرق األوسط‬ ‫وروس��يا‪ ،‬وف��ي وق��ت س��ابق م��ن ه��ذا‬ ‫الع��ام‪ ،‬دعت العديد م��ن القيادات الدينية‬ ‫لمقاطع��ة المنتجات الروس��ية والصينية‬ ‫بسبب دعم الدولتين للنظام السوري‪.‬‬ ‫وم��ن خالل قطع العالق��ات التجارية‬ ‫مع روس��يا والصين‪ ،‬فإنه تمكن ممارسة‬ ‫الضغ��ط عل��ى هذي��ن البلدي��ن إلع��ادة‬ ‫النظ��ر في دعمهم��ا لنظام األس��د‪ ،‬وفي‬ ‫نهاي��ة األمر‪ ،‬ف��إن ما س��تتكبده الدولتان‬ ‫جراء قط��ع العالق��ات التجاري��ة من قبل‬ ‫الدول العربية أكبر بكثير مما س��تفقدانه‬ ‫م��ن خ�لال تراجعهما عن دع��م الحكومة‬ ‫السورية المحاصرة‪.‬‬ ‫الث��ورة الس��ورية‪ ،‬ه��ي العاصف��ة‬ ‫التاريخي��ة التي فاج��أت الجمي��ع‪ ،‬لتجعل‬ ‫المس��تحيل ممكن��ًا‪ ،‬والالمعقول معقو ًال‪،‬‬ ‫ولتثبت أن للتاريخ زمنًا خاصًا‪ ،‬ال عالقة له‬ ‫بأزمنتنا الذهنية والبيولوجية‪.‬‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫عليه موسكو بقوة حاليًا‪ ،‬وموسكو اليوم‬ ‫تفهم اتفاق جنيف بإل��زام األطراف على‬ ‫وقف العنف واالنتقال إلى تأس��يس وضع‬ ‫يسمح بنقل السلطة سلميًا‪ ،‬ومن ضرورة‬ ‫أن يك��ون للنظام الحالي أو جزء منه على‬ ‫األق��ل دور أساس��ي ف��ي رس��م تفاصيل‬ ‫المرحل��ة االنتقالي��ة‪ ،‬لكنها ف��ي المقابل‬ ‫ال تص��ر على ض��رورة أن يظ��ل الرئيس‬ ‫بشار األسد في منصبه حتى حلول موعد‬ ‫االنتخابات الرئاسية المقبلة‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫بني التع�صب واالنتماء (‪)4‬‬

‫خالد كنفاني‬

‫لم يكن الهدف من األجزاء الس��ابقة‬ ‫ف��ي هذا البحث الطع��ن أو التعريض بأي‬ ‫جهة‪ ،‬وإنما كان األمر محاولة لسبر أغوار‬ ‫مس��ألة التعصب والبحث عن جذورها في‬ ‫التربة السورية الخصبة والحاضنة لكافة‬ ‫التيارات والمذاه��ب والنزاعات والحركات‬ ‫المعروفة وغير المعروفة‪.‬‬ ‫وكم��ا قلن��ا ف��ي الج��زء األول‪ ،‬ف��إن‬ ‫الق��راءة الصحيحة للتاري��خ بقلب وبصر‬ ‫مفتوحين وكذلك فرض وجود الشفافية‬ ‫ف��ي أي ح��وار وطن��ي يتعل��ق بمس��ألة‬ ‫التعص��ب هم��ا المدخل الرئيس��ي لدولة‬ ‫تس��ودها بيئ��ة مواطنية صحية راس��خة‬ ‫المضمون وق��ادرة في الوق��ت ذاته على‬ ‫التكيف مع مختلف المتغيرات السياس��ية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية والتاريخية‪.‬‬ ‫كان التعصب وال يزال أحد األمراض‬ ‫المس��تعصية عل��ى المس��توى العالم��ي‬ ‫بش��كل ع��ام وعل��ى المس��توى العرب��ي‬ ‫بش��كل خاص‪ ،‬وال تخل��و دولة عربية من‬ ‫هذه المأس��اة التي تقس��م الدولة نفسها‬ ‫(في حال افترضنا وحدة الدولة من الناحية‬ ‫الديمغرافي��ة) إلى أط��راف وملل وعقائد‬ ‫وجماعات وغيرها من عشرات المسميات‬ ‫الت��ي تخت��زل الوط��ن في أج��زاء ممزقة‬ ‫تعيش ح��ال العداوة ف��ي الباطن وتظهر‬ ‫التعايش ف��ي العلن‪ .‬غي��ر أن هذه الحال‬ ‫لم تدم ولم تس��تمر في كثي��ر من البالد‬ ‫العربي��ة وعان��ت م��ن الصع��ود والهبوط‬ ‫وفق��ًا للمتغيرات السياس��ية واالجتماعية‬ ‫والتي لم يكن آخرها زلزال الربيع العربي‬ ‫الذي أتى على أش��رس النظم استبدادية‬ ‫ولكنه فجر كل طاقات االستبداد لدى كل‬ ‫فرد عل��ى ح��دة وباتت مش��اهد اإلقصاء‬ ‫هي الس��ائدة على المسرح العربي بينما‬ ‫ت��وارت وراء الكواليس معظم المش��اريع‬ ‫التنموي��ة والديمقراطية والفكرية والتي‬ ‫نادى بها مئات المفكرين والمثقفين عبر‬ ‫العقود الماضية‪.‬‬ ‫ال ريب أن منش��أ التعصب سياس��ي‬ ‫قب��ل أن يكون دينيًا أو عش��ائريًا‪ ،‬ذلك أن‬ ‫السيطرة السياس��ية وإرهاب األتباع هما‬ ‫غاية ووسيلة أي حاكم أو زعيم لمجموعة‬ ‫بش��رية في أي مكان أو زم��ان على وجه‬ ‫البس��يطة‪ .‬وتفس��ير ذل��ك بس��يط جداً‪،‬‬ ‫فالح��كام الذي��ن تتالوا على حكم البش��ر‬ ‫كان��وا إم��ا فاقدي��ن لألهلي��ة التاريخي��ة‬ ‫والسياس��ية والفكري��ة للقي��ادة وبالتالي‬ ‫يك��ون التعص��ب حصنه��م ومالذه��م‬ ‫للحف��اظ عل��ى مراكزه��م‪ ،‬وإم��ا كان��وا‬ ‫متعمدي��ن للتخريب والتفريق بين الناس‬ ‫ولك��ن تح��ت ش��عارات الحري��ة والوحدة‬ ‫وغيره��ا‪ ،‬وه��و ما ينطب��ق عل��ى الحالة‬ ‫السورية في العصر الحديث‪.‬‬ ‫ف��ي كل مراح��ل التاري��خ العرب��ي‬ ‫كانت العصبية حجر الزاوية في أي تجمع‬ ‫بشري أو كيان حاكم‪ ،‬ولهذا يمكننا القول‬ ‫وب��كل ثق��ة أن��ه لم يم��ر ف��ي كل تاريخ‬ ‫س��وريا من كان ينظر إلى هذا البلد على‬ ‫أنه وط��ن بقدر ما كان يعتب��ره إقطاعية‬ ‫أو مجموع��ة من األم�لاك الموروثة التي‬ ‫يج��ب أن تت��م الس��يطرة عليه��ا لتبق��ى‬ ‫جباية خراجه��ا مس��تمرة‪ .‬وأرجو من كل‬ ‫المتحمسين للخالفة س��واء منها األموية‬ ‫أو العباس��ية أو العثماني��ة أن يعودوا إلى‬ ‫التاري��خ االجتماعي للمناطق في س��وريا‬ ‫(على قلة المصادر في ذلك) ويرى ويقرأ‬ ‫العج��ب‪ .‬كم��ا نؤك��د ألصح��اب النظريات‬ ‫االشتراكية والرأسمالية أن كل الحكومات‬

‫التي تعاقبت منذ االس��تقالل لم تس��تطع‬ ‫ولو البدء بصياغة مالمح مش��روع وطني‬ ‫يس��تحضر تاري��خ الوطن ويق��رأ حاضره‬ ‫بشكل منفتح وشفاف وينظر للمستقبل‬ ‫بعيون واثقة ثابتة‪.‬‬ ‫ورغ��م أن كل الديان��ات الس��ماوية‬ ‫وبعض الشرائع األرضية وبعض التيارات‬ ‫العالمي��ة كان��ت تؤك��د عل��ى التس��امح‬ ‫والمس��اواة بين أفراد المجموعة البشرية‬ ‫التي تسود فيها تلك الشرائع‪ ،‬إال أن شيئًا‬ ‫من ذلك لم يت��م تطبيقه في أية مرحلة‬ ‫من مراحل التاريخ‪ .‬انقس��م المسيحيون‬ ‫إل��ى طوائف متعددة وص��ل الخالف بينها‬ ‫حد التقات��ل (حرب لبنان وحروب فرنس��ا‬ ‫وبريطانيا نموذجًا) رغم رس��الة المسيح‬ ‫الس��امية ل��كل البش��ر والت��ي ل��م تفرق‬ ‫بين الن��اس على أي أس��اس‪ .‬وبينما كان‬ ‫اإلس�لام يدعو إلى "أمة واحدة" وإلى مبدأ‬ ‫المساواة "ال فضل لعربي على أعجمي وال‬ ‫ألبيض على أسود إال بالتقوى" بدأ أتباعه‬ ‫بالتفريق بين الناس على أس��اس قرشي‬ ‫وغير قرش��ي (احت��كار قريش للس��لطة‬ ‫وتوارثها فيهم أكثر من س��بعمائة عام)‪،‬‬ ‫وعلى أساس عربي وغير عربي (الخالفة‬ ‫األموي��ة نموذجًا)‪ ،‬وعلى أس��اس طائفي‬ ‫ف��ج يس��تند إل��ى وقائ��ع موروث��ة أغلبها‬ ‫مك��ذوب ومبناها سياس��ي بحت (الس��نة‬ ‫والشيعة نموذجًا)‪ .‬وأخيرها وليس آخرها‬ ‫الس��لطنة العثمانية التي وصل بها األمر‬ ‫ح��د ف��رض التتري��ك عل��ى ب�لاد تنطق‬ ‫األغلبية الساحقة فيها باللغة العربية‪.‬‬ ‫أما الحركات اليس��ارية واالشتراكية‬ ‫فإنه��ا لم تأت بجديد س��وى في الش��كل‬ ‫ولكن ليس على مستوى المضمون‪ .‬كان‬ ‫الكثيرون من اليس��اريين يمارسون أسوء‬ ‫ح��االت اإلقصاء بحق بعضهم بعضاً على‬ ‫أسس الطائفة والعشيرة والقرية أحياناً‪،‬‬ ‫وق��د رأين��ا من حك��م البع��ث ال��ذي رفع‬ ‫ش��عارات "الوحدة والحرية واالش��تراكية"‬ ‫ما يعاك��س تمامًا هذه الش��عارات‪ ،‬فكان‬ ‫التفريق بين الناس على أس��س طائفية‬ ‫ومذهبي��ة ب��د ًال م��ن توحيده��م وكذلك‬ ‫التنكي��ل بالمواطني��ن واس��تضافتهم‬ ‫ف��ي المعتقالت لعق��ود طويلة ب��د ًال من‬ ‫تحريره��م وآخره��ا التأس��يس لطبقي��ة‬ ‫صارخة زادت من حدة التعصب والتطرف‬ ‫االجتماع��ي واألخالقي ف��ي المجتمع بد ًال‬ ‫من إشاعة المساواة والعدل‪.‬‬ ‫ونح��ن إذ نعت��رف ب��أن العنصري��ة‬ ‫والطائفي��ة موجودة في كل ب�لاد الدنيا‪،‬‬ ‫ب��ل لعله��ا أح��د المح��ركات الرئيس��ية‬ ‫للنزاعات ف��ي عدد من بل��دان العالم‪ ،‬إال‬ ‫أن كثيراً من هذه البالد استطاع ولو على‬ ‫المس��توى التش��ريعي واإلداري التخفيف‬ ‫من ح��دة التناقض األخالق��ي الناجم عن‬ ‫مس��ألة التعصب‪ ،‬بينما لم يستطع العرب‬ ‫ول��و ف��ي أي م��كان القضاء ول��و ظاهريًا‬ ‫على هذه التناقضات‪ ،‬وكل ما يشاع اليوم‬ ‫ع��ن وحدة وطني��ة وتجانس ش��عبي هو‬ ‫مجرد قصائد شعرية ليس لها وجود على‬ ‫األرض إال ف��ي بعض الح��االت المحدودة‬ ‫وعل��ى مس��توى الكثير م��ن النخ��ب‪ ،‬أما‬ ‫على المستوى الشعبي فقد بقيت مسألة‬ ‫التعصب جوه��ر وجود المواطنين وبقيت‬ ‫طوائفه��م أو مذاهبه��م أو أديانه��م أو‬ ‫عش��ائرهم المرجعي��ات الرئيس��ية التي‬ ‫طغ��ت عل��ى وج��ود الدول��ة الت��ي كانت‬ ‫باألساس تتعمد التفريق بين المواطنين‬ ‫ول��م تعمل ش��يئًا لمكافحة ذلك‪ ،‬بل على‬

‫العكس اس��تمر نمط الدولة الخراجية مع‬ ‫اخت�لاف الش��كل‪ ،‬وكانت الدول��ة نموذجًا‬ ‫للنهب المنظم والمش��رعن دون أن تقوم‬ ‫ب��أي مقاب��ل للمواطني��ن‪ ،‬وله��ذا يعتب��ر‬ ‫الكالم عن عقد اجتماعي في س��وريا من‬ ‫باب إما الخيال أو السفسطائية الممجوجة‬ ‫والتي تهدف إلى إظهار مواهب الفرد في‬ ‫الكالم أو لكس��ب بع��ض الدعوات لندوات‬ ‫هنا وهناك‪.‬‬ ‫من المهم جداً أن نفهم أن التعصب‬ ‫يتعارض مع مس��ألة االنتم��اء وأن هذه ال‬ ‫تعني تل��ك وال العكس صحي��ح‪ .‬من حق‬ ‫كل إنس��ان عل��ى ه��ذه األرض أن يفخر‬ ‫بانتمائ��ه إلى مجموع��ة ما أو دي��ن ما أو‬ ‫بل��د ما وغير ذل��ك ولكن لي��س من حقه‬ ‫حكم��ًا إقصاء اآلخ��ر أو التعامل معه على‬ ‫قاع��دة "م��ن لي��س مع��ي فهو ض��دي"‪.‬‬ ‫مئات الماليين من البش��ر تحيا على هذه‬ ‫األرض وتتكلم آالف اللغات وعشرات آالف‬ ‫اللهج��ات وتدين بعش��رات األديان وتعبد‬ ‫مئات اآللهة وتؤمن بآالف المعتقدات وكل‬ ‫ذلك صح��ي ومفيد‪ ،‬فاالختالف رحمة كما‬ ‫يق��ول الفالس��فة‪ ،‬ألن الن��اس إن اتفقوا‬ ‫على أمر واحد فق��ط ضاقت األرض بهم‬ ‫وهلكت مواردهم‪ ،‬غي��ر أنهم يتعرضون‬ ‫للمصير األس��ود عندما يقررون أن "نحن‬ ‫أو ال أح��د"‪ ،‬فالموت يحص��د الجميع وأكبر‬ ‫الخاسرين هو الوطن‪.‬‬ ‫وحت��ى ال يك��ون ال��كالم تنظي��راً‬ ‫وعام��ًا‪ ،‬فإنن��ا ن��رى أن المحافظ��ة عل��ى‬ ‫سوريا بشكلها الحالي ستكون صعبة في‬ ‫المراحل القادمة والت��ي ال يمكن التكهن‬ ‫بطوله��ا م��ن عدم��ه‪ ،‬ذل��ك أن التعص��ب‬ ‫والتط��رف الكامني��ن في النفوس س��وف‬ ‫يج��دا طريقهما للخ��روج م��ن القمقم ال‬ ‫ألن النظ��ام كان حامي��ًا للوح��دة الوطنية‬ ‫ب��ل على العكس تمامًا‪ ،‬ألنه كان يمارس‬ ‫القهر والتمييز الطائفي والعنصري بأبشع‬ ‫صوره ويمارس القمع والتنكيل في الوقت‬ ‫ذاته‪ ،‬وهكذا نشأت أجيال معقدة مقهورة‬ ‫ذات أرضي��ة خصب��ة الحتض��ان التعصب‬ ‫والتط��رف‪ ،‬ومهم��ا كانت الش��عارات التي‬ ‫يرفعها بعض المعارضين أو المجموعات‬ ‫الناشطة على األرض فإنها تبقى محدودة‬ ‫مقارنة بالهياج الش��عبي الع��ام الذي لم‬ ‫يعد يرى مكانًا للتعايش بالصورة الحالية‬ ‫ويطمح إلى تغييره��ا‪ .‬وعلى كل األحوال‬

‫فإننا ال نرى في ذلك سوى مساراً طبيعيًا‬ ‫للتطور التاريخي في أي بلد‪ ،‬وعلينا أن ال‬ ‫نخدع أنفس��نا بما نسمعه في األخبار من‬ ‫ليبي��ا ومص��ر وتونس مث� ً‬ ‫لا‪ ،‬فالكل يقف‬ ‫على فوه��ة البركان ذات��ه ولكن ببعض‬ ‫الفوارق‪ ،‬وهذا طبيعي ألنها لحظة فارقة‬ ‫في تاريخ المنطقة بأس��رها‪ ،‬والش��عوب‬ ‫اليوم تخرج من أسرها باحثة عن الحرية‬ ‫التي لم تعرف ش��كلها منذ قرون طويلة‪،‬‬ ‫ولهذا لن يكون غريبًا أن تحدث انقسامات‬ ‫ونزاع��ات هن��ا وهناك وقد يط��ول أمدها‬ ‫ألن جي ًال بأكمله سيكون الثمن الذي ال بد‬ ‫من دفع��ه إلعادة إنتاج األنم��اط الفكرية‬ ‫والقوالب االجتماعية التي عاشها أجدادنا‬ ‫وعش��ناها خ�لال التاري��خ الطوي��ل لهذه‬ ‫البقعة من األرض‪.‬‬ ‫ال ينبغ��ي أن يك��ون التعصب مرادفًا‬ ‫لمس��ألة االنتماء‪ ،‬ولهذا السبب فإننا نرى‬ ‫أن ما تقوم به بع��ض الجهات المعارضة‬ ‫أو هيئات المعارضة السورية من اإلصرار‬ ‫عل��ى إخف��اء كاف��ة معال��م الطائفي��ة أو‬ ‫المناطقي��ة هو من باب دف��ن الرأس في‬ ‫التراب وممارس��ة ما كان يمارسه النظام‬ ‫في الس��ابق‪ ،‬وعليهم أن ال يظنوا أن ذلك‬ ‫سيخدم الثورة بل على العكس فإنه يتعمد‬ ‫الهروب من واقع اجتماعي وسكاني عمره‬ ‫مئات الس��نين وأحيانًا آالف الس��نين‪ ،‬ولن‬ ‫يكون من السهولة بمكان ضبط كل ذلك‬ ‫والتعامي عنه ببع��ض الخطابات الرنانة‬ ‫أو المقابالت التلفزيونية الصاروخية التي‬ ‫يتشدق فيها أناس بما ال يعلمون حتى أن‬ ‫كثيرين منهم لم يزر سوريا في حياته أو‬ ‫أن��ه تركها وهو ال ي��زال رضيعًا ثم نجده‬ ‫فجأة يتصدى لشرح الواقع السوري ونقل‬ ‫ص��ورة المجتمع الس��وري للخ��ارج فأتى‬ ‫المولود مشوهاً وناقص األطراف‪.‬‬ ‫في الجزء القادم سنتكلم عن مسألة‬ ‫التعصب من حيث الحلول وعبر استعراض‬ ‫بع��ض األمثل��ة التاريخي��ة والحالي��ة في‬ ‫بعض بالد العالم‪ ،‬فالحضارة اإلنس��انية‬ ‫خط متصل ويخطئ من يعتقد بالقطيعة‬ ‫م��ع الماض��ي وبالقطيعة م��ع الحضارات‬ ‫األخ��رى‪ .‬علين��ا أن نفكر بمس��تقبلنا من‬ ‫وح��ي واقعنا ومعرفة م��ا يمكن أخذه من‬ ‫اآلخري��ن ب��د ًال من التطبي��ق األعمى ألي‬ ‫ش��يء‪ ،‬وينطبق على ذلك كل المش��اريع‬ ‫الدينية والقومية والمحلية وغيرها‪.‬‬


‫تعديل قانون الر�سوم الق�ضائية‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أص��در المش��رع الس��وري قانون��ًا‬ ‫يقض��ي بتخفي��ض الرس��وم القضائية‪،‬‬ ‫والذي أتى للتخفيف من أعباء المواطنين‬ ‫المالي��ة‪ ،‬وخاصة في مث��ل هذه الظروف‪،‬‬ ‫مش��يراً إل��ى أن أروق��ة القص��ر العدل��ي‬ ‫تشهد المئات من الحاالت التي يعجز فيها‬ ‫المواطن عن دفع الرسوم‪ ،‬إال أن القانون‬ ‫بحسب قوله‪ -‬ال يسمح باإلعفاء مطلقاً‪،‬‬‫وه��ذا م��ا يثق��ل المواطني��ن‪ .‬والقان��ون‬ ‫الجدي��د تضمن إع��ادة الصياغة لعدد من‬ ‫الم��واد التي كان��ت في القانون الس��ابق‬ ‫وتعدي ًال في البعض اآلخر منها وتخفيضًا‬ ‫كبي��راً للرس��وم والنفق��ات والتأمين��ات‬ ‫القضائي��ة التي تضمنها القانون رقم ‪27‬‬ ‫وذلك بنس��ب تص��ل إل��ى ‪ 80‬بالمئة في‬ ‫بعض األحيان‪.‬‬ ‫وقد عرف القانون المذكور‪ ،‬الرس��م‬ ‫القضائ��ي بأن��ه المبل��غ الذي يج��ب أداؤه‬ ‫بمقتض��ى ه��ذا القان��ون إل��ى صن��دوق‬ ‫الخزين��ة حفظ��اً للمواعي��د القانوني��ة‬ ‫وتوثيق��ًا لألعمال التي تق��وم بها الدوائر‬ ‫القضائية‪.‬‬ ‫أم��ا التأمي��ن القضائي فه��و المبلغ‬ ‫الذي ي��ودع في صندوق الخزينة من قبل‬ ‫كل من يسلك طريق الطعن في األحوال‬ ‫التي ن��ص عليه��ا القانون ويتح��ول إلى‬ ‫غرامة عن��د ظهور الطاعن غير محق في‬ ‫طعن��ه‪ .‬والنفق��ة القضائي��ة ه��ي المبلغ‬ ‫ال��ذي ينف��ق بالوجه القانون��ي في إنجاز‬ ‫الدعوى وتنفيذ الحكم‪.‬‬ ‫الرسم القضائي وهو نوعان‪ :‬نسبي‬ ‫ومقطوع‬ ‫‪ - 1‬النس��بي‪ :‬ه��و ال��ذي يس��توفى‬ ‫بنس��بة مئوية معينة في الدع��اوى التي‬ ‫تق��وم على مبل��غ معين أو ف��ي الدعاوى‬ ‫التي تقبل التقدير‪.‬‬ ‫‪ - 2‬المقط��وع‪ :‬ه��و الذي يس��توفى‬ ‫بص��ورة مقطوعة ف��ي الدع��اوى التي ال‬ ‫تقوم على مبلغ معي��ن وال تقبل التقدير‬ ‫وف��ي الحاالت المنص��وص عليها في هذا‬ ‫القانون‪.‬‬ ‫وق��د مي��ز المش��رع بي��ن الدع��وى‬ ‫المدني��ة والجزائي��ة من حيث اس��تحقاق‬ ‫الرس��م‪ ،‬فنصت المادة الخامس��ة على ما‬ ‫يلي‬ ‫‪ - 1‬إن الدع��وى المدني��ة الت��ي‬ ‫ال تح��وي مبلغ��اً معيناً والت��ي يمكن فيها‬ ‫تقدير قيمة المدع��ى به تقدره المحكمة‬ ‫بق��رار تتخ��ذه في غرف��ة المذاك��رة بعد‬ ‫سماع المدعي دون أن يمس هذا التقدير‬ ‫حق��وق الطرفي��ن ب��اإلدالء بدفوعهم��ا‬ ‫المتعلقة باالختصاص‪.‬‬ ‫‪ - 2‬إذا كانت الدعوى ذات شقين‬ ‫أحدهم��ا معين القيم��ة واآلخر غير معين‬ ‫القيمة وغير قابل التقدير يس��توفى عن‬ ‫كل منهما الرسم الواجب عليه‪.‬‬ ‫‪ - 3‬الدع��وى الش��رعية الت��ي‬ ‫تتضم��ن ع��دة مطال��ب ويحكم به��ا ك ًال‬ ‫أو ج��زءاً يس��توفى الرس��م ع��ن الحك��م‬ ‫المستلزم الرسم األكثر فيها‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن جميع الرسوم‬ ‫والنفقات في الدعاوى المدنية والشرعية‬ ‫تجب ف��ي النتيجة على الفريق الخاس��ر‪.‬‬ ‫وإذا ظه��ر المدعي غير محق بقس��م من‬ ‫مطالبيه تقس��م الرس��وم والنفقات بين‬ ‫الطرفي��ن كل بنس��بة خس��ارته حس��ب‬ ‫تقدي��ر المحكم��ة‪ .‬كم��ا للمحكم��ة أن‬

‫تقضي بإل��زام الخصم الذي ربح الدعوى‬ ‫بالمصاري��ف كلها أو بعضها إذا كان الحق‬ ‫مق��راً ب��ه من المحك��وم علي��ه أو إذا كان‬ ‫المحك��وم له قد تس��بب ف��ي مصاريف ال‬ ‫فائ��دة منها أو ترك خصمه على جهل بما‬ ‫كان في يده من المستندات القاطعة في‬ ‫الدعوى أو بمضمون تلك المستندات‪.‬‬ ‫أما في الدع��اوى الجزائية فإذا تقرر‬ ‫منع محاكمة المدع��ى عليهم أو براءتهم‬ ‫أو عدم مس��ؤوليتهم فالرسوم والنفقات‬ ‫التي كان يجب الحكم بها عليهم يضمنها‬ ‫المدع��ي الش��خصي عل��ى أن تراعى في‬ ‫ذلك أحكام المادتين ‪ 62‬و‪ 202‬من قانون‬ ‫أصول المحاكمات الجزائية‪.‬‬ ‫و إذا رج��ع المدع��ي الش��خصي عن‬ ‫دعواه خالل الم��دة المعينة في المادة ‪60‬‬ ‫من قان��ون أص��ول المحاكم��ات الجزائية‬ ‫ال يضمن ش��يئاً من الرس��وم‪ .‬أما إذا كان‬ ‫رجوع المدعي الش��خصي عن دعواه بعد‬ ‫ه��ذه الم��دة يترت��ب علي��ه تحم��ل جميع‬ ‫الرس��وم والنفق��ات التي أوجبته��ا دعواه‬ ‫حتى تاريخ رجوعه عنها‪.‬‬ ‫أما الدعوى التي يس��قط فيها الحق‬ ‫الع��ام تبع��اً لس��قوط الح��ق الش��خصي‬ ‫يترتب على رجوع المدعي الشخصي عن‬ ‫دع��واه تضمينه جميع الرس��وم والنفقات‬ ‫إال إذا تعهد المدعى عليه بأدائها‪.‬‬ ‫وال يس��توفى في الدع��وى الجزائية‬ ‫رس��م م��ا ع��ن أص��ل وص��ور األح��كام‬ ‫والق��رارات واألوراق المع��دة للتبلي��غ‬ ‫والتنفي��ذ ومذك��رات الدع��وى واإلحضار‬ ‫والمذكرات التي ترسلها المحاكم والدوائر‬ ‫القضائية إلى الدوائر الرسمية‪.‬‬ ‫كما اعتبر القانون المذكور أن تأدية‬ ‫الرسوم والتأمينات والنفقات في الحاالت‬ ‫المنص��وص عليه��ا ف��ي ه��ذا القان��ون‬ ‫ش��رط لقيد الطلب��ات وإج��راء المعامالت‬ ‫وحفظ المواعي��د القانوني��ة تحت طائلة‬ ‫البطالن‪ .‬وال يعفى أحد من تأدية الرسوم‬ ‫والتأمين��ات والنفق��ات أو م��ن تعجي��ل ما‬ ‫ن��ص عل��ى وج��وب تعجيله منه��ا إال في‬ ‫الحاالت المذكورة في هذا القانون‪.‬‬ ‫س��نكتفي في زاويتنا اليوم بعرض‬ ‫رسوم القضاء المدني‪:‬‬ ‫تعرفة محاكم الصلح‪:‬‬ ‫‪ - 1‬تطب��ق ه��ذه التعرف��ة على‬ ‫الدع��اوى الصلحي��ة بجمي��ع درجاته��ا أما‬ ‫الدع��اوى الت��ي تبل��غ قيمته��ا المعينة أو‬ ‫المق��درة ألفي ليرة س��ورية فما دون فال‬

‫تخضع ألي رسم قضائي‪.‬‬ ‫‪ - 2‬يدف��ع ثل��ث الرس��م مقدم��ًا‬ ‫والباق��ي عند اس��تخراج الحكم في جميع‬ ‫الدع��اوى الت��ي تتج��اوز قيمته��ا خمس��ة‬ ‫وعشرين ألف ليرة سورية‪.‬‬ ‫والدعاوى الصلحية التابعة للرس��م‬ ‫النسبي ثالث فئات‪:‬‬ ‫الفئ��ة األولى‪ :‬هي التي تزيد قيمتها‬ ‫على ألفي ليرة س��ورية وال تتجاوز عشرة‬ ‫آالف ليرة سورية‪.‬‬ ‫الفئ��ة الثانية‪ :‬هي الت��ي تزيد على‬ ‫عش��رة آالف لي��رة س��ورية وال تتج��اوز‬ ‫خمسين ألف ليرة سورية‪.‬‬ ‫الفئ��ة الثالثة‪ :‬هي الت��ي تزيد على‬ ‫خمسين ألف ليرة سورية‪.‬‬ ‫تخض��ع الدع��اوى الصلحي��ة التي ال‬ ‫تق��وم على مبل��غ معين كدع��اوى تخلية‬ ‫العقار وحقوق االرتفاق واألحوال المدنية‬ ‫وإزال��ة اليد والش��يوع للرس��م المقطوع‪.‬‬ ‫ويستوفى رس��م قيد مقطوع قدره عشر‬ ‫ليرات سورية عن الضبوط واالستدعاءات‬ ‫المتضمن��ة إقام��ة الدع��وى أو تجديده��ا‬ ‫أو ش��طبها واللوائح والمذك��رات الخطية‬ ‫المقدم��ة أثن��اء المحاكم��ة أو قبله��ا أو‬ ‫بعده��ا الت��ي تتضم��ن طلب��ات جدي��دة‬ ‫وإس��ناد الوكال��ة أو صوره��ا وتقاري��ر‬ ‫الخبراء واإلس��ناد والوثائ��ق المثبتة وكل‬ ‫نوع من األوراق الت��ي يقدمها المتداعون‬ ‫أو يبرزونها تأييداً لتدبير يلتمس��ونه من‬ ‫السلطة القضائية واستدعاءات اعتراض‬ ‫الغي��ر أو طل��ب التدخ��ل أو نق��ل الدعوى‬ ‫أو تجديده��ا بع��د النقض واس��تدعاءات‬ ‫االستئناف أو الطعن بالنقض‪.‬‬ ‫تعرفة محاكم البداية‪:‬‬ ‫يس��توفى رس��م مقط��وع ق��دره‬ ‫خم��س وعش��رون لي��رة س��ورية ع��ن‬ ‫قي��د االس��تدعاءات واللوائ��ح والمذكرات‬ ‫الخطي��ة المقدمة أثناء المحاكمة أو قبلها‬ ‫أو بعده��ا الت��ي تتضم��ن طلب��ات جديدة‬ ‫وإس��ناد الوكال��ة أو صوره��ا وتقاري��ر‬ ‫الخبراء واإلس��ناد والوثائ��ق المثبتة وكل‬ ‫نوع من األوراق الت��ي يقدمها المتداعون‬ ‫أو يبرزونها تأييداً لتدبير يلتمس��ونه من‬ ‫السلطة القضائية واستدعاءات اعتراض‬ ‫الغي��ر أو طل��ب التدخ��ل أو نق��ل الدعوى‬ ‫أو تجديده��ا بع��د النقض واس��تدعاءات‬ ‫االستئناف أو الطعن‪.‬‬ ‫و يس��توفى رس��م مقط��وع ق��دره‬ ‫خمس وعش��رون ليرة س��ورية عن تبليغ‬

‫كل حكم وقرار ومذكرة دعوى وخمسون‬ ‫لي��رة س��ورية ع��ن ص��ورة كل حك��م أو‬ ‫قرار مع��دة للتبلي��غ أو مطلوب��ة من أحد‬ ‫الفريقي��ن بع��د التبليغ وعن ص��ورة كل‬ ‫وثيقة أو ورقة‪.‬‬ ‫كما يس��توفى عند تقدي��م الدعوى‬ ‫ثلث الرس��م‪ .‬ويس��توفى عند التدخل في‬ ‫الدع��وى ثلث الرس��م المقط��وع على أن‬ ‫يحس��م بالنتيج��ة م��ن الرس��م المترتب‬ ‫نس��بياً كان أم مقطوع��اً‪ .‬وين��زل المبل��غ‬ ‫المس��توفى باس��م ثلث الرسم من رسم‬ ‫الحكم وإذا وجد زائداً عن الرسم المترتب‬ ‫تع��اد الزيادة م��ن صن��دوق الخزينة إلى‬ ‫صاحبها‪.‬‬ ‫تعرفة محاكم االستئناف‪:‬‬ ‫تطب��ق محكم��ة االس��تئناف عل��ى‬ ‫الدع��اوى الصلحية والبدائية المس��تأنفة‬ ‫التعرف��ة المح��ددة ل��كل منه��ا ف��ي هذا‬ ‫القان��ون‪ .‬ويس��توفى الرس��م المقط��وع‬ ‫وق��دره ثالثمئة ليرة س��ورية في األحوال‬ ‫اآلتية‪:‬‬ ‫‪ 1‬إذا تضم��ن الحك��م االس��تئنافي‬‫رد اس��تدعاء االس��تئناف دون الدخول في‬ ‫أساس الدعوى‪.‬‬ ‫‪ 2‬ف��ي الق��رارات القاضي��ة بإلق��اء‬‫الحج��ز االحتياطي أو فكه أو وقف التنفيذ‬ ‫أو ب��أي تدبي��ر مؤق��ت أو مس��تعجل أو‬ ‫الرج��وع عنها والت��ي تقب��ل التنفيذ قبل‬ ‫الحك��م النهائ��ي‪ .‬وإذا تضم��ن الحك��م‬ ‫االس��تئنافي التدقيق والفصل في أساس‬ ‫الدعوى فرسمه معادل للرسم المقتضى‬ ‫اس��تيفاؤه في المحكمة مص��درة الحكم‬ ‫المستأنف نسبيا كان أم مقطوعًا‪.‬‬ ‫تعرفة محكمة النقض‪:‬‬ ‫تطبق محكمة النقض على الدعاوى‬ ‫الصلحية والبدائية واالستئنافية التعرفة‬ ‫المح��ددة ل��كل منه��ا ف��ي ه��ذا القانون‪.‬‬ ‫ورس��م ق��رار النق��ض ف��ي الدع��اوى‬ ‫الصلحية المحكوم بها من محكمة الصلح‬ ‫معادل لرس��م الحك��م المطعون فيه عند‬ ‫تصديقه ولنصف هذا الرسم عند نقضه‬ ‫أو رد الطعن شك ًال‪.‬‬ ‫ورس��م ق��رار النقض ف��ي الدعاوى‬ ‫البدائي��ة أو االس��تئنافية ثالثمئ��ة لي��رة‬ ‫س��ورية عند تصديقه ومئة ليرة سورية‬ ‫عند نقضه أو رد الطعن ش��ك ًال‪ .‬أما رسم‬ ‫ق��رار النق��ض بنق��ل الدع��وى أو تعيين‬ ‫المرجع أو توقيف التنفيذ أو غير ذلك مئة‬ ‫ليرة سورية‪.‬‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪9‬‬


‫خيمياء الث��ورة م��ن‬ ‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫الداخل(‪)5‬‬

‫خامتة للبدايات!‬ ‫في لقائك بالسوريين‪ ،‬المنخرطين‬ ‫بش��كل أو بآخ��ر بالثورة‪ ،‬ف��ي الداخل أو‬ ‫عل��ى التخ��وم‪ ،‬تلتق��ي بجوان��ب الث��ورة‬ ‫نفس��ها‪ ،‬بحلوه��ا ومرّه��ا‪ ،‬بديناميته��ا‬ ‫وس��كونها‪ ،‬بمأس��اتها وملهاته��ا‪ ،‬بهزلها‬ ‫الكبي��ر تج��اه لعب��ة المصائ��ر الكب��رى‬ ‫وبترفها وانش��غالها بالصغائر وترهاتها‪.‬‬ ‫عل��ى الح��دود قد تلتق��ي بأطب��اء قرروا‬ ‫التف��رغ جزئيا أو كليا لالهتمام بش��ؤون‬ ‫الجرح��ى م��ن الث��وار والمدنيي��ن‪ ،‬يبدو‬ ‫عليهم الحماس واالنش��غال التام‪ .‬تشعر‬ ‫أحيانا بأن الثورة قد أنزلت جموع األطباء‬ ‫من عليائه��م‪ ،‬التي تحص��وا عليها ليس‬ ‫فق��ط م��ن علومه��م ومثابرته��م ف��ي‬ ‫االختصاص ولكن من الدرجة االجتماعية‬ ‫الرفيع��ة الت��ي أوالها المجتم��ع للطبيب‬ ‫بش��كل عام‪ .‬لم يعد للطبيب تلك القيمة‬ ‫م��ن االعتبار "غير المس��تحق" أحيانا‪ ،‬إال‬ ‫بالق��در الذي يقوم في��ه بعمل ما‪ ،‬يخدم‬ ‫بعض��ا م��ن اآلالف مم��ن ضاق��ت به��م‬ ‫المطارح والمشافي التي طاولها القصف‬ ‫واالقتحامات الشرسة التي لم ترحم أحد‪.‬‬ ‫ف��ي اختالطه��م بالثائرين المس��لحين‪،‬‬ ‫بالثكلى والجرحى‪ ،‬تش��عر وكأن األطباء‬ ‫قد اس��تعادوا دورهم اإلنساني المفقود‬ ‫جزئي��ا أو كلي��ا‪ ،‬خ��ارج م��دارات الم��ال‬ ‫والس��لطة والوجاهة االجتماعية‪ ،‬وخارج‬ ‫مأل��وف ص��ورة الطبيب‪ -‬البزن��س مان‪،‬‬ ‫ال��ذي أثق��ل كاه��ل جم��وع المعايدي��ن‬ ‫الفق��راء ف��ي أزمن��ة التف��اوت الطبق��ي‬ ‫الواضح التي أس��بغت أزمنة األسد اإلبن‪،‬‬ ‫بطالء قاتم ال يعرف الرحمة‪ .‬إال أن هناك‬ ‫غص��ة كبيرة تعتمل في النفوس‪ .‬مدينة‬ ‫كاملة هجرها أطباؤها‪ ،‬بعضهم ألسباب‬ ‫كانت وجيهة تماما‪ ،‬ول��م تعد كذلك بعد‬ ‫التحري��ر الكام��ل‪ ،‬اللهم إال إذا اس��تثنينا‬ ‫صواريخ األس��د وقذائفه بعي��دة المدى‪،‬‬ ‫باإلضاف��ة إلى القص��ف‪ ،‬قائ��م الحدوث‬ ‫في أية لحظة‪ .‬رغم ذلك تجد طبيبا ترك‬ ‫المال والج��اه في أرض الحج��از‪ ،‬ملتحقا‬ ‫بالث��ورة‪ ،‬وس��اعيا بين "صف��ا" المناطق‬ ‫المح��ررة المكلوم��ة و"م��روة" المراك��ز‬

‫الطبي��ة التركية‪ ،‬الفائض��ة حتى الثمالة‪.‬‬ ‫رأيته للحظات‪ ،‬كان هادئا تماما‪ ،‬يستقبل‬ ‫طف�لا يعان��ي م��ن إصاب��ة ش��ديدة في‬ ‫البطن‪ ،‬من خالل دردشة بسيطة عرفت‬ ‫أنه صاحب اختصاص كالذهب الخالص‪:‬‬ ‫الجراحة العصبية والعظمية! في سؤالي‬ ‫عن سبب قراره المجيء هنا أجاب بشيء‬ ‫من االقتضاب وهو يعاي��ن الجرح الكبير‬ ‫الن��ازف للطف��ل‪ :‬اعم��ل آلخرت��ك كأنك‬ ‫تموت غدا!‬ ‫معال��م الس��وريين ال تنته��ي‪ .‬ق��د‬ ‫تصادف ام��رأة يبدو عليها حس��ن الحال‪،‬‬ ‫قفل��ت راجع��ة من والية تكس��اس (على‬ ‫نفقته��ا الش��خصية) للمس��اهمة ف��ي‬ ‫أم��ور تنظيمي��ة ومالي��ة تخص ش��ؤون‬ ‫الالجئين في المخيمات أو أحوال الجرحى‬ ‫والمصابي��ن ف��ي المش��افي التركي��ة‪.‬‬ ‫يملؤها نش��اط وعفوية‪ ،‬وقوة ش��خصية‬ ‫تحس��د عليها‪ .‬تناقش األطباء والنشطاء‬ ‫الش��باب الملكلفين بجمع المعلومات من‬ ‫عائ�لات الالجئي��ن وتص��ر عل��ى جدولة‬ ‫المه��ام والبيان��ات لتنظي��م م��ا يمك��ن‪،‬‬ ‫بصرامة محببة‪ .‬في اليوم التالي وإذ بها‬ ‫للصدفة تشارك في مظاهرة حافلة يوم‬ ‫الجمعة في إح��دى قرى إدل��ب الملتهبة‪.‬‬ ‫كان��ت تلبس"ت��ي ش��يرت" علي��ه عل��م‬ ‫الثورة وتلف رأسها بكوفية سوداء (سلك‬ ‫مدقق بأبي��ض وأس��ود)‪ ،‬وبنطال خاكي‬ ‫بلون العس��كر‪ ،‬بمظهر تبدو فيه كإحدى‬ ‫ثائ��رات االنتفاضة الفلس��طينية األولى‪.‬‬ ‫اعتلت المنصة الرئيسية وباشرت بتحية‬ ‫المتظاهري��ن الذي��ن رددوا هت��اف درعا‬ ‫الخال��د ورائها "الم��وت وال المذلة"‪ ،‬بقوة‬ ‫وحماس��ة كبيرتي��ن‪ .‬بع��د ترجله��ا م��ن‬ ‫المنص��ة بادرته��ا بالمزاح ب��أن من رآك‬ ‫ليل��ة أمس ال يمكن أن يص��دق أنك ذات‬ ‫الش��خص الذي يقف أمام��ه اآلن‪ ،‬وبهذه‬ ‫الكوفية الجميلة خاصة‪ .‬قالت لي ش��كرا‬ ‫وهمس��ت ف��ي أذن��ي أن "مك��ره أخاك ال‬ ‫بطل"‪ .‬طلبت التوضيح أكثر‪ .‬لقد أخبرها‬ ‫الش��باب ب��أن عليه��ا أن تغطي ش��عرها‬ ‫ورأس��ها‪ ،‬إذا ليس م��ن المالئم أن تخرج‬

‫هك��ذا ف��ي المظاه��رة! "بصراح��ة كتير‬ ‫متضايقة‪ ،‬بس حس��يت إني الزم شارك‬ ‫ووج��ه رس��الة‪ ،‬بعدي��ن البيئ��ة محافظة‬ ‫ش��وي‪ ،‬الزم الواحد يحترم الناس كمان"‪.‬‬ ‫بع��د هت��اف درع��ا‪ ،‬التفتت إلى النس��وة‬ ‫المش��اركات على يمينه��ا وحيّتهم وكل‬ ‫نس��اء الث��ورة‪ ،‬قوبلت بعده��ا بتصفيق‬ ‫يلي��ق بها!! هن��اك أيضا سالس��ة ما في‬ ‫األم��ور الت��ي ع��ادة م��ا تؤخ��ذ بصرامة‬ ‫مضحكة!‬ ‫في بعض األحيان تصادف أشخاصا‬ ‫غريب��و األط��وار‪ ،‬بعضهم يمل��ك درجة‬ ‫غريبة م��ن الثقة بالنف��س واإلعالء من‬ ‫ش��أن ال��ذات‪ ،‬تق��ارب ح��دود األع��راض‬ ‫المرضية و"البارانويا" ذات العيار الخفيف‬ ‫المحتم��ل‪ ،‬والممت��ع أيض��ا‪ .‬ف��ي جلس��ة‬ ‫صاخبة ألش��خاص ج��اؤوا م��ن حلب قام‬ ‫رجل في الس��تينيات من العمر بمقاطعة‬ ‫الحدي��ث ال��ذي كان ي��دور ح��ول س��ير‬ ‫المعارك م��ع قوات النظ��ام‪ .‬بنبرة صوت‬ ‫ح��ادة ومرتفع��ة‪ ،‬بدأ يصب ج��ام غضبه‬ ‫على "الخطأ" القاتل الذي وقع فيه مقاتلو‬ ‫الجي��ش الح��ر‪ ،‬إذ ل��م يأخ��ذوا بنصائحه‬ ‫وه��و الخبي��ر العتي��د بش��ؤون الح��رب‪،‬‬ ‫كون��ه كان محاضرا في الكلي��ة الحربية‬ ‫وضابطا س��ابقًا ف��ي القوات المس��لحة‪.‬‬ ‫بعد استرس��ال مفرط م��ن "تكتيك" إلى‬ ‫آخ��ر وأمثلة من "أحد" إل��ى "أم المعارك"‬ ‫(ما غيرها)‪ ،‬ال رابط بينها س��وى أفكاره‪،‬‬ ‫وإذ ب��ه يضرب بقوة على طاولة الحضور‬ ‫بيدي��ه‪ ،‬ثم أتبعه��ا بالجمل��ة التالية‪" :‬أنا‬ ‫لو س�� ّلموني معركة حل��ب‪ ،‬كنت خلصت‬ ‫القصة بأسبوع!"‪ .‬بعدها ساد هرج ومرج‬ ‫لم أع��د أعرف بعده إن كان الحديث يدور‬ ‫فع�لا ع��ن حل��ب أم غرناطة! رج��ل آخر‬ ‫كان يحم��ل جه��از الس��لكي ويتحدث به‬ ‫طوال الوقت عن الثورة والثوار‪ ،‬اعتقدت‬ ‫لوهل��ة أنه أحد ق��ادة الكتائ��ب المقاتلة‪.‬‬ ‫س��ألته بود ع��ن س��بب انش��غاله الدائم‬ ‫وحمله للجهاز في ترحال��ه‪ .‬فاجأني بأنه‬ ‫يس��تخدمه للتواصل مع عائلته وزوجته‪،‬‬ ‫بس��بب انقطاع االتص��االت أغلب الوقت‪،‬‬

‫د‪ .‬جمال خليل صبح‬

‫وأن ليس له عالق��ة بالقتال‪ ،‬ال من بعيد‬ ‫وال من قريب!‬ ‫أن تعي��ش الثورة من الداخل‪ ،‬يعني‬ ‫م��ن ضمن ما يعن��ي‪ ،‬أن تحاول أن تكون‬ ‫ج��زءا منه��ا‪ ،‬س��ارقا لحظات ش��خوصها‬ ‫ومتقمص��ا اتجاهاته��م وتماس��هم م��ع‬ ‫الواقع‪ .‬الصورة ليس��ت هي نفس��ها تلك‬ ‫ّ‬ ‫تش��كل‬ ‫الص��ورة المفترض��ة والت��ي تم‬ ‫أجزائه��ا م��ن موزايي��ك ش��ديد التباين‪،‬‬ ‫تتش��ارك ف��ي تش��كيل وح��دة "ذهنية"‬ ‫وتص��ورات عام��ة ق��د يجانبه��ا الصواب‬ ‫أحيان��ا‪ ،‬ولك��ن تبق��ى أس��يرة الحال��ة‬ ‫المراقبة عند بعد‪ ،‬دون تدخّل ما‪ .‬ضمن‬ ‫ه��ذا الس��ياق‪ ،‬ال يع��ود مقاتل��و الجيش‬ ‫الح��ر وكتائبه ذات األس��ماء التي أضحت‬ ‫مث��ار نقاش كبي��ر‪ ،‬ال يع��ودوا صورا من‬ ‫القوال��ب الجاهزة الت��ي تبنى على آراء ال‬ ‫تبتعد ع��ن "إطارات شاش��ات الكمبيوتر"‬ ‫في مس��احات العوالم الفيس��بوكية التي‬ ‫تح��ضّ عل��ى اإلدمان‪ ،‬أكثر م��ن حضّها‬ ‫عل��ى التفكير‪ ،‬وإنم��ا يقت��رب المرء من‬ ‫عوال��م لها مالم��ح وحكايات‪ ،‬له��ا طبائع‬ ‫ورواي��ات‪ .‬كان "الجي��ش الح��ر‪ ،‬بقض��ه‬ ‫وقضيض��ه" (انظر الج��زء األول) محاولة‬ ‫خجولة للدخول إلى هذه العوالم أو أجزاء‬ ‫منها ومحاولة التمتع بالمشهد من داخله‪،‬‬ ‫كش��رط "الزم‪ ،‬ولك��ن غي��ر كاف" للب��دء‬ ‫بفهم��ه وتجمي��ع أج��زاءه المبعث��رة بين‬ ‫الفض��اء اإللكتروني والواقع العياني‪ ،‬ذي‬ ‫األوجه المتع��ددة والمتباينة أحيانا‪ .‬رغم‬ ‫كل م��ا قيل‪ ،‬تظل ظاهرة "الجيش الحر"‬ ‫و"الكتائب المسّ��لحة" إحدى أهم نتاجات‬ ‫الثورة وأكثرها مدعاة لألمل والقلق على‬ ‫حد س��واء‪ .‬ال نحتاج إل��ى كثير من نباهة‬ ‫"استراتيجيي الفضائيات" حتى نعرف أن‬ ‫عس��كرة الثورة كانت "شرا ال بد منه"‪ ،‬ال‬ ‫بل وواجبة أيضا‪ ،‬اقتضتها ظروف داخلية‬ ‫بالدرج��ة األول��ى وخارجي��ة إل��ى حد ما‪،‬‬ ‫ليس أقلها مرارة حكمة السياس��ة البلهاء‬ ‫أن "موت��وا بغيظكم‪ ،‬فلن نتدخل"‪ .‬يبقى‬ ‫األم��ل بما بعد الس��قوط المدوي بحدوث‬ ‫إجماع وطني ومؤسس��اتي م��ا‪ ،‬يقنع من‬


‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬ ‫جوليا شحادة‬

‫في أواخر الثمانينيات وبعد انتهاء التحقيق مع شباب أحد األحزاب المعارضة للنظام في‬ ‫تلك المرحلة‪ ،‬تم إخراج جميع المعتقلين من المنفردات بشكل مفاجئ وتجميعهم في باحة فرع‬ ‫التحقيق‪ ،‬ووسط تكنهاتهم وأسئلتهم خمّن الغالبية أنهم ذاهبون أخيراً إلى سجن تدمر‪ ،‬واحد من‬ ‫المحطات األخيرة التي ينتهي إليها مطاف المعتقلين السياسيين في سوريا‪.‬‬ ‫كانت فترة التحقيق صعبة وقاسية‪ ،‬تعرض الشباب خاللها إلى مختلف أنواع اإلساءات الجسدية‬ ‫واللفظية‪ ،‬حتى لم يعد بمقدورهم احتمال المزيد‪ ،‬وبينما هم في انتظار أن يتم تجهيز ملفاتهم‬ ‫وإنهاء إجراءات نقلهم بدؤوا النقاش فيما بينهم واتخذوا قرارهم‪ ،‬في تدمر سيحاولون فرض‬ ‫شروطهم منذ اللحظة األولى وسيقومون برفض أي شكل من أشكال التعذيب الجسدي ‪-‬والذي‬ ‫عادة ما كان يبدأ فور وصولهم إلى سجن تدمر وهو ما يعرف بالتشريفة ‪ -‬فالمسألة هنا مسألة‬ ‫حياة أو موت‪.‬‬ ‫قام العساكر بنقلهم إلى الباص وفي هذه األثناء كانت تتم كلبشة كل اثنين من المعتقلين‬ ‫مع بعضهم البعض‪ ،‬كان بعض العساكر ‪ -‬اللطفاء منهم ‪ -‬يقومون بسؤال الشباب بعد تثبيت‬ ‫الكلبشات‪" :‬عاصّة على إيدكن هيك؟"‪ ،‬هؤالء العساكر اللطفاء أنفسهم هم من باشروا بضربهم‬ ‫ما إن تحرك الباص لمجرد أنهم في طريقهم إلى تدمر‪ ،‬والشباب الذين أخذتهم الدهشة من هذه‬ ‫التشريفة المبكرة لم يستطيعوا أن يعبروا عن رفضهم حسبما كانوا قد اتفقوا عليه سابقًا‪.‬‬ ‫بعد وصولهم إلى سجن تدمر بساعات وانتهاء مظاهر التشريفة التي شارك فيها كل‬ ‫العسكريين في السجن إضافة إلى مسؤولي الخدمة أو من يعرفون بـ "البلديات” (وهم العسكريون‬ ‫الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية وأرسلوا إلى سجن تدمر ليقوموا بتقديم الخدمات الميدانية‬ ‫هناك خالل فترة محكوميتهم) دخل الشباب إلى المهجع أخيراً وهم مضعضعين من شدة التعذيب‪،‬‬ ‫"طلعت التشريفة بتبلش من الباص ونحنا مو عرفانين! أل وقاعدين عم نخطط‪ ،‬ونرفض‪ ،‬ونقبل!"‬ ‫صرخ أحدهم‪.‬‬ ‫بعد مضي عدة أيام في تدمر والتعرض لكل أنواع التعذيب الممكنة اجتمع الشباب وقرروا أن‬ ‫هنالك سقف لما يمكن لهم قبوله وتحمله‪ ،‬ففي نهاية المطاف ال يوجد ما هو أسوأ مما قد مروا‬ ‫به‪ ،‬والمسألة بالنسبة لهم أصبحت كالتالي‪ :‬إما أن يحسنوا شروط بقائهم وينتصروا لمطالبهم أو‬ ‫يموتوا هنا بالذات‪ .‬وقرروا باإلجماع أنهم لن يستطيعوا أن يوقفوا عمليات التعذيب والضرب كما هو‬ ‫واضح لكن أقل ما يمكنهم فعله هو فرض أمرين‪ :‬أو ًال عدم السماح باإلهانات اللفظية مهما كانت‪،‬‬ ‫وثانياً اقتصار عمليات التعذيب على مرتكبي المخالفات‪.‬‬ ‫في أحد األيام خرج الشباب المسؤولين عن إحضار الفطور في ذلك اليوم من باب المهجع‬ ‫مستعجلين (وهي عملية فدائية تتطلب سرعة ولياقة عاليتين ألنو على السجين تجنب كرابيج‬ ‫العساكر التي تنهال عليه في رحلة الذهاب بين باب المهجع ومكان وضع الجاطات (األوعية) ورحلة‬ ‫اإلياب والتي يكون فيها محم ًال بجاط الطعام أو الشراب)‪ ،‬أثناء عودتهم كان أحد الشباب ذوي الحظ‬ ‫العاثر يحمل جاط الشاي وبينما هو يحاول تجاوز كرباج أحد العناصر مسرعاً لم يستطع الحفاظ‬ ‫على توازن الجاط فسقطت بضع قطرات من الشاي على حذاء العنصر (البوط العسكري)‪ ،‬أمره‬ ‫العسكري‪" :‬دخّل الجاط وطالع"‪ ،‬خرج الشاب مذعوراً وسمع زمالؤه أصوات الكرابيج والعصي تنهال‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫بعد حوالي الخمس دقائق عاد إلى المهجع والدم يغطي وجهه (حيث كان صدم رأسه بالحائط‬ ‫أثناء تعرضه للضرب وبينما هو يحاول تفادي الضرب فشجّ جبينه)‪ ،‬فركض جميع من في المهجع‬ ‫إليه وسألوه بصوت واحد‪" :‬سبّك؟ سبّك؟"‪ ،‬نظر إليهم مذهو ًال وأجابهم‪" :‬قلي فوت واله! هي مسبّة‬ ‫شي؟"‪ ،‬عم الصمت لمدة دقيقة‪ ،‬ثم انفجر الجميع ضاحكين وسط دموعهم‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫من ذاكرة العتمة‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫تس ّلح طوعا أو كرها بأن حقب"األسود" العفنة لم تكن سوى سحابة‬ ‫صيف دامية‪ ،‬وأن الس�لاح لم يعد له وظيفة‪ ،‬س��وى لتزيين الخزائن‬ ‫محكمة اإلغالق!‬ ‫بع��د رجوع��ي بفترة س��ألني أح��د األصدقاء األلم��ان عن رأيي‬ ‫في أن جيال س��وريا كامال من األطفال يعاني من الصدمة النفس��ية‬ ‫وبحاج��ة إلعادة تأهي��ل ما‪ .‬قد تب��دو الصورة كذلك وهن��اك الكثير‬ ‫مما يش��ير إل��ى أن األطفال في س��وريا ه��م أكثر الفئ��ات العمرية‬ ‫الت��ي طالها األذى النفس��ي من تداعيات العن��ف الهائل الذي مورس‬ ‫ويم��ارس‪ ،‬يس��أل عنه إلى حد كبي��ر أهل النظام ومليش��يات الموت‬ ‫التابعة له‪ ،‬إن لم يكن هو المسؤول األوحد عنه‪ .‬لألسف تبدو صورة‬ ‫األطفال "مراقبي الس��ماء" بقلق (انظر الجزء الثاني) الصورة األكثر‬ ‫قتامة في المش��هد الس��وري‪ .‬ألنها ببس��اطة تخص مس��تقبل أبناء‬ ‫البلد‪ ،‬ممن س��يحملون إرث��ا هائال‪ ،‬ليس من األحقاد فحس��ب ولكن‬ ‫من اآلالم النفس��ية والجسدية أيضا‪ .‬تعلمنا تجارب الشعوب األخرى‬ ‫التي عاش��ت أهواال مشابهة من الدمار والقتل والحروب األهلية بأن‬ ‫الزمن ليس كفيال بحل الصراعات واألزمات النفسية التي استوطنت‬ ‫عقول األطفال وس��لوكياتهم‪ .‬إال أن نفس تلك التجارب تعلمنا أيضا‬ ‫بأن طاقة اإلنسان‪ ،‬وإن كان صغيرا‪ ،‬ال حدود لها وخاصة في مقارعة‬ ‫األل��م وصنوفه المرّة‪ .‬يكفي أن أتذكر "فرقة األطفال" الغنائية من‬ ‫الالجئي��ن وهي تص��دح بأغنية مهداة للس��اقط بش��ار‪ ،‬بينما كانت‬ ‫الس��ماء ترعد بطائرات تحمل أوهاما وبراميل متفجّرة‪ ،‬حتى أعرف‬ ‫أي قوة يملكها هؤالء األش��دّاء الصغار‪ .‬مرة أخرى س��تكون المرحلة‬ ‫التالي��ة لس��قوط الطاغية هي المفت��اح األهم عل��ى دروب التعافي‬ ‫النفس��ي واالجتماع��ي لجيل من األطف��ال رأى وعايش ما ال يحتمل‬ ‫وم��ا ال يجب أن يحتم��ل‪ .‬لن يكون ممكنا إع��ادة "األعمار" من اآلالف‬ ‫المؤ ّلفة التي أزهقت من اآلباء واألمهات واألقران والرفاق ألطفالنا‪،‬‬ ‫أن إعادة‬ ‫ولك��ن يج��ب على كل معن��ي بـ"الي��وم التال��ي" أن ي��درك ّ‬ ‫"اإلعمار" النفس��ي والجس��دي واالجتماعي ألطفالن��ا ويافعينا‪ ،‬هي‬ ‫المهمة األكثر إلحاحا واألجدى نفعا حتى تستطيع البالد الوقوف على‬ ‫قدميها في السنوات المقبلة‪ ،‬وحتى نستطيع كآباء ومربين أن نمحو‬ ‫آثار حقبة "طالئع البعث" الهمجية‪ ،‬مرة واحدة وإلى األبد!‬ ‫وأخيرا أود أن أنهي بما بدأت‪:‬‬ ‫لقد ش��اءت لي األق��دار أن أدخل إلى بع��ض المناطق المحررة‬ ‫ف��ي س��وريا‪ .‬كانت تجربة روحي��ة وفكرية مألى بالكثي��ر‪ ،‬قررت أن‬ ‫أرصده��ا بكلم��ات وس��طور‪ .‬من نافل الق��ول التأكيد عل��ى أن هذه‬ ‫التجربة "ذاتية" بحتة وال يستقيم معها التعميم على جميع المناطق‬ ‫وعلى كل الحاالت‪ ،‬كما أنها ال تعكس إال جانبًا واحداً من واقع متعدد‬ ‫وث��ري‪ ،‬ال يمكن رصده من زاوية محددة أو حادّة‪ .‬إن زيارة المناطق‬ ‫الثائرة تعكس جوانب الثورة نفسها من تنوع فائق يطال كل شيء‪.‬‬ ‫إنه الزمن السوري الجديد بكل ما يحمل من تحديات وفضائل‪ ،‬بكل‬ ‫م��ا يحمل من ألم ومعان��اة‪ ،‬بكل ما يحمل من وقائ��ع صادمة وآمال‬ ‫رس��ت على ش��واطئ ال تخصّها‪ .‬ال تكفي بضعة أيام للتعرّف على‬ ‫بقعة ثائرة على التراب السوري‪ ،‬إال أنها كافية تماماً ليعرف المرء أن‬ ‫عقارب الزمن ال يمكن إعادتها إلى الوراء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تحفظت ش��يئا ما على ذكر بعض المناطق أو األس��ماء الخاصة‬ ‫باألش��خاص أو الكتائب‪ ،‬وذلك لض��رورات أمنية وأخرى أخالقية‪ .‬كل‬ ‫خط��أ أو "خطيئ��ة" وردت بي��ن كلمات ه��ذا النص وتل��ك النصوص‬ ‫ال يتحمّ��ل مس��ؤوليتها إال كات��ب المق��ال نفس��ه‪ .‬فـ"هك��ذا بدا لي‬ ‫العالم"…!؟‬ ‫عن موقع الجمهورية لدراسات الثورة السورية ‪2012 / 9 / 29‬‬

‫‪11‬‬


‫حريات فوق العادة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫ٌ‬ ‫غ�شاء البكارة‪� :‬شرف �أم قيد؟‬

‫وَجْد العودة‬

‫يت��مّ رب��ط الحف��اظ عل��ى غش��اء‬ ‫الب��كارة غالب��اً وألول وهل��ة ف��ي بالدن��ا‬ ‫بتعاليم الدين اإلسالمي‪ ،‬على الرغم من‬ ‫ق ّلة اإلشارة إلى األمر بوضوح في الدين‪،‬‬ ‫ومن الظل��م واإلجحاف في حقّ المرأة أن‬ ‫تختبر عذريّتها وحدها‪ ،‬حيث ما نجده في‬ ‫التعاليم الدينية هو التركيز على تحريم‬ ‫الزنا‪ ،‬وذلك ينطبق على الجنسين‪ ،‬وتشتدّ‬ ‫عقوبته الش��رعية على المتزوّجين أكثر‬ ‫منها عل��ى غي��ر المتزوجي��ن‪ .‬وأدعو إلى‬ ‫االجته��اد في تل��ك المس��ألة‪ ،‬خاصة في‬ ‫ظروف كظ��روف بالدنا الت��ي يتأخر فيها‬ ‫الزواج ألس��باب قهرية‪ ،‬وبالتالي تتق ّلص‬ ‫فرص الممارسة الشرعية لغريزة زُرعت‬ ‫فين��ا‪ .‬وقد يجيب بعض رج��ال الدّين بأن‬ ‫ذاك الغش��اء إنّما جاء لـ"حكمة إلهية" وال‬ ‫أعل��م ما جواب ه��ؤالء على س��ؤال‪( :‬وما‬ ‫الحكم��ة اإللهي��ة في وجود زائ��دة جلدية‬ ‫عند الذكر يفرض الدين إزالتها؟)‪.‬‬

‫ما هو غ�شاء البكارة‬

‫يغطي جزءاً‬ ‫هو نس��يج ضام ليفيّ‪ّ ،‬‬ ‫م��ن المهبل ليس ل��ه دور طبي أو صحي‬ ‫واضح‪ ،‬تختلف أش��كاله‪ ،‬ويحوي فتحة (أو‬ ‫أكثر في بعض الحاالت) للس��ماح بتمرير‬ ‫اإلف��رازات النس��ائية الش��هرية‪ ،‬وق��د ال‬ ‫يحوي تلك الفتحة‪ ،‬فتصبح إزالته ضرورة‬ ‫صحيّة في تل��ك الحالة‪ .‬وق��د تتمّ إزالة‬ ‫(أو ف��ضّ) ذاك الغش��اء ألس��باب عدي��دة‬ ‫خ�لافَ الجم��اع الجنس��ي‪ ،‬كأن تتعرّض‬ ‫منطق��ة الح��وض إلصابة م��ا‪ ،‬أو كإدخال‬ ‫جسم صلب إلى المكان‪ ،‬أو حتى تعرّضه‬ ‫لتيار ق��وي من الماء ف��ي بعض الحاالت‪.‬‬ ‫وتولد بعض اإلناث دونه‪ ،‬وتولد بعضهن‬ ‫بواحد مطاط��يّ ال يمكن تمزيقه بطرق‬ ‫طبيعية‪ ،‬فيحتاج إلى تدخّل جراحي‪.‬‬

‫�أ�صل احلفاظ عليه‬

‫يعود الحفاظ عليه إلى زمن طويل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالـ"عف��ة"‪ ،‬تل��ك الت��ي‬ ‫قب��ل أن يدع��ى‬ ‫تقتص��ر (في ه��ذه الحالة) عل��ى المرأة‪،‬‬ ‫وذلك قبل مج��يء أديان عديدة وسّ��عت‬ ‫من مفه��وم ّ‬ ‫العفة ليش��مل الرجل أيضاً‪،‬‬ ‫وليتّخذ مفهومًا مختلفاً يدعو إلى ّ‬ ‫التفكر‬ ‫فيه بش��كل أوسع وأكثر عمقاً من الشكل‬ ‫االجتماع��ي الس��ائد‪ ،‬إلاّ أن فكرة الحفاظ‬ ‫علي��ه س��بقت كل األدي��ان‪ ،‬وارتبط��ت‬ ‫تاريخيًا بالملكيّ��ة‪ ،‬أي منذ بدايات الثورة‬ ‫الزراعي��ة قب��ل آالف الس��نين‪ ،‬بع��د أن‬ ‫ب��دأت المجتمع��ات البش��رية تعيش حياة‬ ‫االس��تقرار الجغراف��يّ‪ ،‬وب��دأت بعده��ا‬ ‫بف��رض ملكيّة اتّخ��ذت تدريجيًا ش��ك ًال‬ ‫ُ‬ ‫الرجل المرأة‪ ،‬وأوالده‬ ‫ذكورياً‪ ،‬حيث يملك‬ ‫منه��ا‪ ،‬وكان ذلك تح��وّ ًال ثقافي��ًا مرافقًا‬ ‫للتحوّل في أشكال العالقات االقتصادية‬ ‫بين المجتمعات واألفراد‪.‬‬ ‫احتاج��ت معظ��م المجتمع��ات ف��ي‬ ‫الس��ابق إلى نظ��ام األبوّة ال��ذي اكتمل‬ ‫وبلغ زهوته قب��ل حوالي ألف عام‪ ،‬وعلى‬ ‫امتداد دولةٍ إسالمية كبرى‪ ،‬وهو ال يزال‬ ‫ّ‬ ‫كح��ل وجدته تدريجيًا‬ ‫قائم��ًا حتى يومنا‪،‬‬ ‫لمس��ألة الملكي��ة‪ ،‬والتوري��ث‪ ،‬وانتس��اب‬ ‫األبناء إلى آبائهم‪ ،‬وأدّى ذلك إلى ضرورة‬ ‫تقييد المرأة برجل واحد وإال ضاع نس��ب‬ ‫األبن��اء وتبعثر اإلرث الذي س��يتركه األب‬ ‫بعد موته‪ ،‬وترافق ذلك مع ملكيّة الرجل‬ ‫للمرأة نفس��ها ولعملها وإنتاجها‪ ،‬ثمّ إلى‬ ‫ملكيّ��ة ماضيه��ا قبله‪ .‬وامت��زج أيضًا مع‬

‫ثقافة الفتوحات واالنتص��ارات والمعارك‬ ‫أراض "عذراء" ليُنتج‬ ‫و"الرجولة" واقتحام ٍ‬ ‫أنماط��اً متطوّرة وتقاليدَ الزالت تمارَس‬ ‫حتّى اآلن في بعض المناطق من بالدنا‪،‬‬ ‫كأن يدخُل الزوج حام ًال خرقة بيضاء ليلة‬ ‫الزف��اف "الدخلة" ثم يخرج وقد اصطبغت‬ ‫تل��ك الخرقة بدم��اء زوجته الحم��راء‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫يذكرن��ي ذل��ك إلاّ ببي��ت الش��عر المليء‬ ‫بالفخ��ر واالعت��زاز بـ"الق��وة" و"الرجولة"‬ ‫و"الفروسية"‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫تعج��ل علين��ا‬ ‫أب��ا هن��دٍ ف�لا‬ ‫وأنظرْن��ا نخبِّ��رْكَ اليقين��ا‬ ‫بأن��ا ن��و ِرد الرّاي��اتِ بيض��اً‬ ‫ونصدره��نَّ حم��راً ق��د روين��ا‬ ‫ولكنْ ماذا لو وُلِ��دت الزوجة دونه‪،‬‬ ‫أو كان مطاطياً غير قابل للتمزيق‪ ،‬أو تمّ‬ ‫الفضّ دون ح��دوث نزيف على اإلطالق؟‬ ‫إذاً َّ‬ ‫لدل ذلك ‪ -‬حس��ب تلك التقاليد ‪ -‬على‬ ‫"فج��ور" الزوج��ة‪ ،‬أو "ضع��ف" ال��زوج‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫الح��ظ تض��اءل انتش��ار عادات‬ ‫ولحس��ن‬ ‫كتلك مع تطوّر المجتمع‪.‬‬ ‫وتج��در اإلش��ارة‪ :‬إل��ى أن الث��ورة‬ ‫الصناعي��ة ف��ي الغرب‪ ،‬الت��ي ترافقت مع‬ ‫ثورة ثقافية على حكم الكنيسة أدّت إلى‬ ‫محو ضرورة الحفاظ على غش��اء البكارة‬ ‫ِ‬ ‫ف��ي تلك الب�لاد‪ ،‬بينم��ا لبثت ف��ي بالدنا‬ ‫أيضاً ألسباب ثقافية واقتصادية‪.‬‬

‫الرعب والقلق من فقدانه‬ ‫وبع�ض �آثار تلك الثقافة‬

‫ما علينا إلاّ ّ‬ ‫االطالع قلي ًال على بعض‬ ‫المنتدي��ات الت��ي تناقش تلك المس��ألة‪،‬‬ ‫وقراءة بعض رس��ائل الفتيات التي تروي‬ ‫ح��االتٍ وح��وادث معينة‪ ،‬ليتكشّ��ف مدى‬ ‫الخوف والجه��ل والخجل المحيطين بتلك‬ ‫المس��ألة‪ ،‬إذ يتّضح الجه��ل عن أحد أكثر‬ ‫األم��ور ارتباطًا بطبيعة الجس��د في تلك‬ ‫الرس��ائل حتى لدى خرّيج��ات جامعيات‪،‬‬ ‫وكذلك الخوف من فقدان الغشاء لديهنّ‪،‬‬ ‫وأيض��ًا الخج��ل ُ‬ ‫حي��ث تفضّ��ل الفتي��ات‬ ‫الخوض في تلك المس��ألة على صفحات‬ ‫ش��بكة االنترنت ومع أطبّاء أو أش��خاص‬ ‫مجهولي��ن‪ ،‬عل��ى أن تتح��دّث في��ه م��ع‬

‫أصدقاء أو أقرباء موثوقين‪.‬‬

‫ومن �آثار تلك الثقافة‪:‬‬

‫ تضط��ر الفتاة إل��ى ّ‬‫التحفظ على‬ ‫الحدي��ث ف��ي أيّ أم��ر يخ��صّ موض��وع‬ ‫النقاش‪ ،‬وبعضهن يبل��غ حدّاً واضحًا من‬ ‫الثقاف��ة‪ ،‬ويح��اور في أيّ مج��ال بانفتاح‬ ‫كبي��ر ين��مّ عن وعي ظاه��ر‪ ،‬إلاّ في هذا‬ ‫األمر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ حين تبلغ الفتاة سنّا معينة‪ ،‬وتبدأ‬‫حياته��ا كامرأة تُعج��ب بالرجال‪ ،‬وتنجذب‬ ‫لفعل ما فُطِرت عليه‪ ،‬تجد نفس��ها أمام‬ ‫ثالثة خي��ارات‪ :‬إمّ��ا أن تت��زوّج في عمر‬ ‫ّ‬ ‫مبك��ر دون النظ��ر بإمعان ف��ي خياراتها‪،‬‬ ‫بص��ور‬ ‫ولك��ن‬ ‫الجن��س‬ ‫تم��ارس‬ ‫أن‬ ‫أو‬ ‫ٍ‬ ‫غي��ر طبيعي��ة دون اكتم��ال الممارس��ة‬ ‫وأن تخف��ي ذلك وتدخل ف��ي دوّامة من‬ ‫الكذب واألس��رار التي تثقل على وجدانها‬ ‫وتفكيره��ا وحياتها العملي��ة‪ ،‬أو أن تقمع‬ ‫مش��اعرها وتمتنع عن فع��ل أي من تلك‬ ‫الممارس��ات‪ ،‬وهو الخيار األكثر ضرراً من‬ ‫الناحية الصحية والنفسية‪ ،‬خصوصاً في‬ ‫عص��ر ل��م يعد في��ه تجنّب األمر يس��يراً‬ ‫ٍ‬ ‫بتأثير الثقاف��ة العامّة وثورة االتصاالت‪،‬‬ ‫وخصوصًا في مجتمع يتأخر فيه الش��باب‬ ‫بالزواج بنسبة كبيرة‪.‬‬ ‫ أما إذا حدث وفقدت الفتاة عذريّتها‬‫تب��دأ الكارث��ة‪ ،‬وتعيش الفت��اة في خوف‬ ‫وقلق مس��تمرّين من أن ينكشف أمرها‪،‬‬ ‫فتلق��ى الوب��ال والتقري��ع واالحتقار من‬ ‫عائلتها أوّ ًال ومن أصدقائها من الجنسين‬ ‫ف��ي الكثير م��ن الح��االت ثانيًا‪ ،‬وتش��عر‬ ‫بأنّها ّ‬ ‫"أقل" فقط بسبب فقدانها للغشاء‪،‬‬ ‫وق��د تتعرّض البتزاز من أش��كال عديدة‬ ‫ّ‬ ‫الح��ظ ف��ي أي��دي ش��اب قليل‬ ‫إذا رماه��ا‬ ‫األخ�لاق‪ ،‬وفي كثير من الحاالت تبدأ هذه‬ ‫الفتاة حياتها الزوجي��ة بكذبة كبرى‪ ،‬بأن‬ ‫تقوم بعملية رتْق الغش��اء قبيل الزواج‪،‬‬ ‫ليس��تمرّ مسلس��ل الك��ذب االضطراري‬ ‫إلى م��اال نهاية‪ ،‬أو قد تخت��ار عدم الكذب‬ ‫فتضطر إلى تحجيم خياراتها‪ ،‬والش��عور‬ ‫زوج تفضَّل عليها‬ ‫الوهميّ باالمتنان إلى ٍ‬ ‫فقبل بها "رغم" كونها غير عذراء‪.‬‬ ‫ يعان��ي بعض المتزوّجي��ن حديثًا‬‫من تهيُّب كبير من لحظة الجماع األولى‪،‬‬

‫ويترافق ذلك غالبًا مع حدوث آالم شديدة‬ ‫نفس��ية المنش��أ ل��دى الزوج��ة‪ ،‬وأحيان��ًا‬ ‫إل��ى االمتناع ع��ن الفعل نفس��ه من أحد‬ ‫الزوجي��ن ألي��ام طويل��ة‪ ،‬كما ق��د تحرم‬ ‫تلك الثقافة عموم��ًا الزوجين من التمتّع‬ ‫بآفاق واسعة في العش��ق‪ ،‬ذلك الحرمان‬ ‫النات��ج ع��ن ق ّل��ة التجرب��ة أو الثقافة‪ ،‬أو‬ ‫عدم الخ��وض في التفاصيل‪ ،‬ما ينعكس‬ ‫س��لباً على عموم حياتهم��ا‪ ،‬وعلى تربية‬ ‫أطفالهما‪.‬‬ ‫ ترتب��ط تلك المس��ألة ف��ي بالدنا‬‫ارتباط��اً وثيق��ًا بمفهوم "الش��رف"‪ ،‬وفي‬ ‫ح��االت متطرّف��ة ق��د تتع��رَّض الفت��اة‬ ‫للقتْ��ل م��ن قب��ل أهله��ا إن اكتش��فوا‬ ‫"إهمالها لش��رفها"‪ ..‬وف��ي بعض الحاالت‬ ‫تص��ل األم��ور إل��ى األس��وأ‪ ،‬ويص��ل‬ ‫ظ ْل��م تل��ك الثقاف��ة إل��ى قاعه��ا األدنى‬ ‫واألدن��س‪ :‬فتُقتل الفت��اة التي تعرّضت‬ ‫لف��ض بكارتها حت��ى إن كان عن طريق‬ ‫االغتص��اب‪( :‬وق��د سُ��جّلت ‪ 13‬حالة في‬ ‫س��وريا قُتِل��ت فيه��ا فتي��ات م��ن قِب��ل‬ ‫عائالته��ن ألنّه��ن تعرّض��ن لالغتصاب‬ ‫على أيدي مجرمي النظام خالل األش��هر‬ ‫األخيرة من عمر الثورة)‪ ..‬وأترك التوسّ��ع‬ ‫ّ‬ ‫مستقل‪.‬‬ ‫في هذه النقطة إلى مقال‬ ‫فهل نتمسّ��ك بتلك الثقافة ونحنُ‬ ‫في زمن الثورة والحريّة والتغيير؟‬

‫خامتة‬

‫هناك حكمة قديمة تقول‪" :‬إن أردت‬ ‫تغيير القوانين أو األعراف‪ ،‬عليك إتقانها‬ ‫ومعرفتها أو ًال"‪ ،‬وأعتق��د أنها تنطبق في‬ ‫ه��ذه المس��ألة‪ ،‬وأوّل ما يل��زم هو فهم‬ ‫األس��باب التاريخي��ة للتمسّ��ك بغش��اء‬ ‫البكارة‪ ،‬وإزالة الجهل والخوف المحيطين‬ ‫به‪ ،‬والبحث فيما إذا كان شرفاً للفتاة ّ‬ ‫حقًا‬ ‫أم قي��داً عليها‪ ،‬ث��مّ اإلجابة ع��ن دواعي‬ ‫التمسّ��ك به أو عدمه‪ ،‬علينا الخوض في‬ ‫المس��ألة وعدم إهماله��ا أو التهرّب منها‪،‬‬ ‫وعلين��ا ّ‬ ‫التفكر بمفه��وم ّ‬ ‫العف��ة الدينيّ‬ ‫الحقيق��ي قب��ل ربط��ه ب��ذاك الغش��اء‪،‬‬ ‫والتساؤل عن مدى أهمية إصرار الشباب‬ ‫عليه ش��رطاً لل��زواج‪ ،‬أو إص��رار الفتيات‬ ‫عليه شرطًا لألخالق‪.‬‬


‫علي الطنطاوي ‪1999 - 1909‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫ّ‬ ‫فصل الفجر في "جامع التوبة" ثم توجه ش��ما ًال‬ ‫حتى تجد أمام "البحرة الدفاقة" زقاقًا ضيقًا جداً‪،‬‬ ‫حارة تس��مى "المعمش��ة" فادخلها فس��ترى عن‬ ‫يمينك نهراً‪ ،‬أعني جدو ًال عميقًا على جانبيه من‬ ‫الورود والزهر وبارع النبات ما تزدان منه حدائق‬ ‫القصور‪ ،‬وعلى كتفه س��اقية عالية‪ ،‬اجعلها عن‬ ‫يمينك وام��ش في مدينة األم��وات‪ ،‬وارع حرمة‬ ‫القب��ور فس��تدخل أجس��ادنا مثله��ا‪ .‬دع البرح��ة‬ ‫الواس��عة في وس��طها وهذه الش��جرة الضخمة‬ ‫ممتدة الفروع‪ ،‬س��ر إلى األمام حتى يبقى بينك‬ ‫وبين جدار المقبرة الجنوبي نحو خمس��ين متراً‪،‬‬ ‫إنك س��ترى إلى يس��ارك قبرين متواضعين من‬ ‫الطين على أحدهما ش��اهد باس��م الشيح أحمد‬ ‫الطنط��اوي‪ ،‬هذا قبر جدي‪ ،‬في��ه دفن أبي وإلى‬ ‫جنبه قبر أمي فأقرئهما مني السالم‪ ،‬واسأل اهلل‬ ‫الذي جمعهما في الحياة‪ ،‬وجمعهما في المقبرة‪،‬‬ ‫أن��ي جمعهما في الجنة‪{ ،‬رب اغفر لي ولوالدي}‬ ‫{رب ارحمهم��ا كم��ا ربياني صغي��راً} رب ارحم‬ ‫بنتي واغفر لها‪ ،‬رب وللمسلمين والمسلمات"‪.‬‬ ‫رزق الش��يخ الطنطاوي خمسًا من البنات‪،‬‬ ‫وق��د فقد إحداهن "بنان" والتي قتلت في عملية‬ ‫مدبرة ف��ي ألمانيا‪ ،‬كان المقص��ود منها‪ ،‬زوجها‬ ‫"عص��ام العط��ار" وتته��م المخابرات الس��ورية‬ ‫بتدبي��ر االغتيال‪ .‬ويس��تعيد الش��يخ الطنطاوي‬ ‫ذك��رى مقت��ل ابنته ف��ي مذكرات��ه والدمع يمأل‬ ‫مآق��ي عينيه والخفق��ان يعصف بقلب��ه الجريح‬ ‫فيقول‪" :‬إن كل أب يحب أوالده‪ ،‬ولكن ما رأيت‪ ،‬ال‬ ‫واهلل م��ا رأيت من يحب بناته مثل حبي بناتي‪...‬‬ ‫م��ا صدّقت إل��ى اآلن وقد مر على استش��هادها‬ ‫أربع س��نوات ونصف السنة وأنا ال أصدق بعقلي‬ ‫الباط��ن أنها ماتت‪ ،‬إنني أغف��ل أحيانا فأظن إن‬ ‫رن جرس الهات��ف‪ ،‬أنها س��تعلمني على عادتها‬ ‫بأنه��ا بخير ألطمئن عليها‪ ،‬تكلمني مس��تعجلة‪،‬‬ ‫ترصّ��ف ألفاظها رصفًا‪ ،‬مس��تعجلة دائمًا كأنها‬ ‫تح��س أن ال��ردى ل��ن يبط��ئ عنه��ا‪ ،‬وأن ه��ذا‬ ‫المج��رم‪ ،‬ه��ذا الن��ذل‪ ....‬ه��ذا‪ .......‬يا أس��في‪،‬‬ ‫فاللغة العربية على سعتها تضيق باللفظ الذي‬ ‫يطل��ق على مثله‪ ،‬ولكن ه��ذه كلها ال تصل في‬ ‫الهب��وط إل��ى حيث نزل ه��ذا الذي ه��دّد الجارة‬ ‫"األلمانيّة" بالمس��دس حتى طرقت عليها الباب‬ ‫لتطمئ��ن فتفت��ح له��ا‪ ،‬ث��م اقتحم عليه��ا‪ ،‬على‬ ‫ام��رأة وحيدة ف��ي دارها فضربها ض��رب الجبان‬ ‫والجب��ان إذا ض��رب أوج��ع‪ ،‬أطل��ق عليها خمس‬ ‫رصاص��ات تلقتها ف��ي صدرها وف��ي وجهها‪ ،‬ما‬ ‫هربت حت��ى تقع في ظهرها كأن فيها بقية من‬ ‫أعراق أجدادها"‪ .‬ويواصل الشيخ وصف الجريمة‬ ‫فيق��ول‪" :‬ث��مّ داس القاتل بقدميه النجس��تين‬ ‫عليها ليتو ّث��ق من موتها كما أوصاه من بعث به‬ ‫الغتيالها‪ ،‬دع��س عليها برجليه ليتأكد من نجاح‬ ‫مهمت��ه‪ ،‬قط��ع اهلل يديه ورجلي��ه‪" ،‬آمين" ال بل‬ ‫ادع��ه وأدع م��ن بعث به هلل‪ ،‬لعذاب��ه‪ ،‬النتقامه‪،‬‬ ‫ولعذاب اآلخرة أش��دّ من كل ع��ذاب يخطر على‬ ‫قلوب البشر"‪.‬‬

‫كان الطنطاوي أديبًا وداعية يتمتع بأسلوب‬ ‫سهل جميل جذاب متفرد ال يكاد يشبهه به أحد‪،‬‬ ‫يمك��ن أن يوص��ف بأن��ه الس��هل الممتن��ع‪ ،‬فيه‬ ‫تظهر عباراته أنيقة مشرقة‪ ،‬فيها جمال ويسر‪،‬‬ ‫وه��ذا مكنه من ط��رح أخطر القضاي��ا واألفكار‬ ‫بأس��لوب يطرب له المثقف‪ ،‬ويرت��اح له العامي‪،‬‬ ‫ترك للمكتبة العربي��ة مؤلفاتٍ يصعب حصرها‬ ‫منه��ا "ذكريات "‪ ،"8 1-‬فتاوى‪ ،‬تعريف عام بدين‬ ‫اإلس�لام‪ ،‬أبو بك��ر الصديق‪ ،‬أخبار عم��ر وأخبار‬ ‫عب��د اهلل بن عم��ر‪ ،‬الجامع األموي في دمش��ق‪،‬‬ ‫هتاف المجد‪ ،‬في س��بيل اإلصالح‪ ،‬دمشق "صور‬ ‫م��ن جمالها‪ ،‬وعبر من نضاله��ا "‪ ،‬فكر ومباحث‪،‬‬ ‫بغداد "مش��اهدات وذكريات"‪ ،‬فصول إس�لامية‪،‬‬ ‫مق��االت في كلمات‪ ،‬ف��ي إندونيس��يا "صور من‬ ‫الشرق"‪ ،‬من نفحات الحرم‪ ،‬صيد الخاطر لإلمام‬ ‫ب��ن الجوزي‪ ،‬تحقيق الطنطاويي��ن‪ ،‬حكايات من‬ ‫التاري��خ "جاب��ر عثرات الك��رام‪ ،‬المج��رم ومدير‬ ‫الش��رطة‪ ،‬التاجر والقائد‪ ،‬قصة األخوين‪ ،‬وزارة‬ ‫بعنق��ود عنب‪ ،‬ابن الوزير"‪ ،‬أع�لام التاريخ "عبد‬ ‫الرحم��ن بن عوف عبد اهلل بن المبارك‪ ،‬القاضي‬ ‫شريك‪ ،‬اإلمام النووي‪ ،‬أحمد بن عرفان الشهيد"‪،‬‬ ‫قصة حياة عمر‪ ،‬من ش��وارد الش��واهد‪ ،‬القضاء‬ ‫في اإلس�لام‪ ،‬يا بنتي ويا ابني‪ ،‬ارحموا الشباب‪،‬‬ ‫طري��ق الجن��ة وطري��ق الن��ار‪ ،‬ص�لاة ركعتين‪،‬‬ ‫قصتنا م��ع اليهود‪ ،‬طريق الدعوة إلى اإلس�لام‪،‬‬ ‫موقفن��ا م��ن الحض��ارة الغربي��ة‪ ،‬تعريف موجز‬ ‫بدين اإلسالم‪ ،‬المثل األعلى للشاب المسلم"‪.‬‬ ‫بقي الطنطاوي يدف��ع ثمن مواقفه حتى‬ ‫آخ��ر يوم من حيات��ه‪ ،‬فمع ح��رب الخليج األولى‬ ‫ٍ‬ ‫واالس��تعانة بالق��وات األجنبي��ة وتمركزها في‬ ‫السعودية‪ ،‬عمد النظام السعودي‪ ،‬إليجاد غطاء‬ ‫ش��رعي للتدخل‪ ،‬فما كان م��ن الطنطاوي إال أن‬ ‫رف��ض اإلفت��اء‪ ،‬واعت��زل العمل الع��ام‪ ،‬وأغلق‬ ‫علي��ه ب��اب بيت��ه واعتزل الن��اس إال قلي� ً‬ ‫لا من‬ ‫المقربي��ن يأتون��ه في معظم الليال��ي زائرين‪،‬‬ ‫فص��ار ذلك له مجلس��ًا يط��ل من خالل��ه على‬ ‫الدني��ا‪ ،‬وص��ار منتدى أدبي��ًا وعلمي��اً تبحث فيه‬ ‫مس��ائل العلم والفقه واللغ��ة واألدب والتاريخ‪.‬‬ ‫وفي الثامن عشر من حزيران عام ‪ 1999‬توفي‬ ‫عل��ي الطنطاوي في مستش��فى المل��ك بجدة‪،‬‬ ‫ودف��ن في مكة ف��ي اليوم التال��ي بعدما صلي‬ ‫عليه في الحرم المكي الشريف‪.‬‬ ‫تجدر اإلش��ارة إل��ى أن الش��يخ الطنطاوي‬ ‫تعرض وعلى م��دى الس��نوات المتعاقبة لحملة‬ ‫ممنهج��ة من التغييب‪ ،‬حتى باتت ش��ريحة كبير‬ ‫من الش��بان تجهل هذه القامة الس��ورية‪ ،‬إال أن‬ ‫انتشار الفضائيات أعاد األمور لنصابها‪ ،‬كما قدر‬ ‫اهلل لتراث الطنطاوي أن يقع في أيدٍ أمينة حيث‬ ‫تصدى أحفاده لعملية نش��ر تراث الشيخ األديب‪،‬‬ ‫ولن��ا أن تتوج��ه لهم بالن��داء للعمل على نش��ر‬ ‫تراث أخو الش��يخ علي الش��اعر والقاضي "ناجي‬ ‫الطنطاوي" المتفرق‪ ،‬لتعريف الس��وريين بهذه‬ ‫القامة أيضًا‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ول��د الش��يخ عل��ي الطنطاوي ف��ي مدينة‬ ‫دمش��ق ف��ي ‪ 1909‬ه��و عل��ي ب��ن مصطف��ى‬ ‫الطنط��اوي ألس��رة ذات عل��م ودي��ن‪ .‬أصله من‬ ‫مدين��ة طنطا في مصر حي��ث انتقل جده محمد‬ ‫ب��ن مصطفى ف��ي أوائل القرن التاس��ع عش��ر‬ ‫إلى دمش��ق‪ ،‬وكان عالماً أزهريًا حمل علمه إلى‬ ‫ديار الش��ام فجدد فيها العناي��ة بالعلوم العقلية‬ ‫والس��يما الفلك والرياضي��ات‪ .‬وقد نزح معه ابن‬ ‫أخيه أحم��د بن علي جدّ عل��ي الطنطاوي وكان‬ ‫هذا إمام طابور متقاعد ف��ي الجيش العثماني‪.‬‬ ‫أم��ا أب��وه الش��يخ مصطفى ف��كان م��ن العلماء‬ ‫المعدودين في الش��ام‪ ،‬انتهت إليه أمانة الفتوى‬ ‫في مش��ق‪ .‬وكان مديراً للمدرس��ة التجارية في‬ ‫دمش��ق‪ ،‬ثم ولي منصب رئي��س ديوان محكمة‬ ‫النقض عام ‪ 1918‬إلى أن توفي عام ‪.1925‬‬ ‫أم��ه م��ن آل الخطي��ب الحس��ني األس��رة‬ ‫العلمية العريقة‪ ،‬والتي توارث رجاالتها الخطابة‬ ‫في الجامع األموي في دمشق‪ ،‬خاله محب الدين‬ ‫الخطيب الكاتب اإلسالمي الكبير الذي استوطن‬ ‫مصر وأنش��أ فيه��ا صحيفتي "الفت��ح والزهراء"‬ ‫وكان ل��ه أثر ف��ي الدعوة فيها ف��ي مطلع القرن‬ ‫العشرين‪.‬‬ ‫تلقى عل��ي الطنطاوي دراس��ته االبتدائية‬ ‫األول��ى ف��ي العه��د العثماني‪ ،‬ف��كان طالب��ًا في‬ ‫المدرس��ة التجارية‪ ،‬ثم في المدرسة السلطانية‬ ‫الثانية وبعدها في المدرس��ة الجقمقية‪ ،‬ثم في‬ ‫مدرسة حكومية أخرى إلى سنة ‪ 1923‬حيث دخل‬ ‫مكت��ب عنبر ال��ذي كان بمثاب��ة الثانوية الوحيدة‬ ‫في دمش��ق ومنه نال البكالوريا سنة ‪ .1928‬ثم‬ ‫ذهب إل��ى مصر ودخل دار العل��وم العليا‪ ،‬ولكنه‬ ‫لم يتم السنة وعاد إلى دمشق في السنة التالية‬ ‫فدرس الحقوق في جامعتها حتى نال الليسانس‬ ‫سنة ‪ ،1933‬إلى جانب الدراسة مارس الطنطاوي‬ ‫التدريس في المدارس األهلية في دمش��ق‪ ،‬وقد‬ ‫طبعت محاضرات��ه التي ألقاها على طلبة الكلية‬ ‫الوطنية في دروس األدب العربي عن "بش��ار بن‬ ‫برد"‪ ،‬في كتاب عام ‪.1930‬‬ ‫خالل دراس��ته في جامعة دمش��ق‪ ،‬سعى‬ ‫لتش��كيل لجن��ة للطلب��ة س��ميت "اللجن��ة العليا‬ ‫لطالب س��وريا" وانتخب رئيس��ًا لها وقادها نحواً‬ ‫من ثالث سنين‪ .‬وكانت لجنة الطلبة هذه بمثابة‬ ‫اللجن��ة التنفيذي��ة للكتل��ة الوطني��ة التي كانت‬ ‫تقود النضال ضد االس��تعمار الفرنس��ي‪ ،‬وهي‬ ‫الت��ي كان��ت تنظ��م المظاه��رات واإلضراب��ات‪،‬‬ ‫وهي التي تولت إبطال االنتخابات المزورة س��نة‬ ‫‪1931‬م‪.‬‬ ‫ول��م ينقط��ع الطنط��اوي ع��ن التدريس‪،‬‬ ‫لينتق��ل بين مدارس دمش��ق وريفها‪ ،‬ولم يكن‬ ‫مب��رر التنق��ل إال مواق��ف الطنط��اوي القومية‪،‬‬ ‫وفي ع��ام ‪ 1936‬انتق��ل الطنط��اوي للتدريس‬ ‫في العراق‪ ،‬فعين مدرسًا في الثانوية المركزية‬ ‫في بغ��داد‪ ،‬ثم في ثانويتها الغربية ودار العلوم‬ ‫الش��رعية في األعظمي��ة‪ ،‬ولكن روح��ه الوثابة‬ ‫وجرأت��ه في الحق فعال به في العراق ما فعال به‬ ‫في الش��ام‪ ،‬فما لبث أن نقل مرة بعد مرة‪ ،‬فعلم‬ ‫في كركوك ف��ي أقصى الش��مال‪ ،‬وفي البصرة‬ ‫ف��ي أقصى الجن��وب‪ .‬وبقي يدرس ف��ي العراق‬ ‫حتى عام ‪ ،1939‬لم ينقطع عنه غير سنة واحدة‬ ‫أمضاها في بيروت مدرس��ًا في الكلية الشرعية‬ ‫فيها حتى عام ‪ 1937‬ثم رجع إلى دمش��ق فعين‬ ‫أس��تاذاً معاوناً في مكتب عنب��ر‪ ،‬ولكنه لم يكف‬ ‫ع��ن مواقف��ه التي س��ببت ل��ه المتاع��ب‪ ،‬فنقل‬ ‫إلى مدرس��ة دير ال��زور س��نة ‪ 1940‬ولبث فيها‬ ‫فص ًال دراس��يًا أبعد بعدها قس��رياً بسبب خطبة‬ ‫حماسية ألقاها في صالة الجمعة ضد المستعمر‬ ‫الفرنسي‪.‬‬ ‫يق��ول الطنطاوي ع��ن التدري��س "وكنت‬ ‫ من حماس��تي‪ ،‬ومما وجدت م��ن ذكاء التالميذ‬‫وحس��ن اس��تجابتهم ورغبته��م في االس��تفادة‬ ‫والتحصيل ‪ -‬أريد أن أجعل منهم ُكتّاباً وخطباء‪،‬‬ ‫وجعل��ت من دروس التاريخ محاضرات وطنية‪ ،‬ال‬ ‫مجرد معرفة بأحداث الماضي"‪.‬‬

‫عام ‪ 1941‬دخل الطنطاوي سلك القضاء‪،‬‬ ‫فعين قاضيًا في النبك مدة أحد عش��ر شهراً ثم‬ ‫قاضي��اً في دوما ث��م قاضيًا ممتازاً في دمش��ق‬ ‫مدة عش��ر سنوات فمستش��اراً لمحكمة النقض‬ ‫ف��ي الش��ام‪ ،‬ث��م مستش��اراً لمحكم��ة النقض‬ ‫في القاه��رة أيام الوحدة مع مص��ر‪ ،‬وقد اقترح‬ ‫الطنط��اوي ـ ي��وم كان قاضي��ًا في دوم��ا ـ وضع‬ ‫قان��ون كامل لألح��وال الش��خصية فكلف بذلك‬ ‫ع��ام ‪ ،1947‬وأوفد إلى مصر م��ع عضو محكمة‬ ‫االس��تئناف األس��تاذ نه��اد القاس��م‪ ،‬فأمضي��ا‬ ‫تل��ك الس��نة كلها هن��اك حيث كل��ف هو بدرس‬ ‫مشروعات القوانين الجديدة للمواريث والوصية‬ ‫وس��واها‪ .‬وق��د أع��د مش��روع قان��ون األح��وال‬ ‫الش��خصية كل��ه وص��ار هذا المش��روع أساس��ًا‬ ‫للقانون الحالي في سورية‪.‬‬ ‫وكان القانون يخول القاضي الشرعي في‬ ‫دمش��ق رياسة مجلس األوقاف وعمدة الثانويات‬ ‫الش��رعية‪ ،‬فص��ار الطنطاوي مس��ؤو ًال عن ذلك‬ ‫كله خالل العش��ر سنين التي أمضاها في قضاء‬ ‫دمش��ق‪ ،‬فقرر أنظمة االمتحان��ات في الثانويات‬ ‫الشرعية‪ ،‬وكان له يد في تعديل قانون األوقاف‬ ‫ومنه��ج الثانويات‪ ،‬ث��م كلف ع��ام ‪ 1960‬بوضع‬ ‫مناهج الدروس فيها فوضعها وحده بعدما سافر‬ ‫إل��ى مص��ر واجتمع فيه��ا بالقائمين عل��ى إدارة‬ ‫التعليم في األزهر واعتمدت كما وضعها‪.‬‬ ‫نش��ر علي الطنط��اوي أول مقال��ة له في‬ ‫جري��دة عام��ة ف��ي ع��ام ‪1926‬م‪ ،‬نش��رها ل��ه‬ ‫األس��تاذ محمد كرد علي في جريدة "المقتبس"‪،‬‬ ‫وكان في الس��ابعة عش��رة من عمره‪ ،‬ثم شارك‬ ‫ف��ي تحرير مجلت��ي خاله محب الدي��ن الخطيب‪،‬‬ ‫"الفتح" و"الزهراء" حين زار مصر سنة ‪1926‬م‪،‬‬ ‫عمل بعدها ف��ي جريدة "فتى العرب" مع األديب‬ ‫الكبي��ر معروف األرناؤوط‪ ،‬ث��م في "ألف باء" مع‬ ‫ش��يخ الصحافة الس��ورية يوس��ف العيسى‪ ،‬ثم‬ ‫كان مدير تحرير جريدة "األي��ام" التي أصدرتها‬ ‫الكتل��ة الوطني��ة س��نة ‪1931‬م ورأس تحريرها‬ ‫األس��تاذ الكبير ع��ارف النك��دي‪ ،‬ليكت��ب بعدها‬ ‫ف��ي كبريات المج�لات األدبية واإلس�لامية مثل‬ ‫"الزه��راء" و"الفتح" و"الرس��الة" و"المس��لمون"‬ ‫و"حضارة اإلسالم" وغيرها‪ ،‬ومن المجاالت التي‬ ‫س��بق إليها الكتابة في أدب األطفال والمشاركة‬ ‫في تأليف الكتب المدرسية‪ .‬وتحقيق بعض كتب‬ ‫الت��راث‪ ،‬وله جوالت ف��ي عالم القص��ة فهو من‬ ‫أوائل كتابها‪ ،‬كما باتت مساجالته تمأل األوساط‬ ‫الفكرية واألدبية طو ًال وعرضًا‪.‬‬ ‫ش��ارك الطنط��اوي ف��ي طائف��ة م��ن‬ ‫المؤتم��رات منه��ا حلق��ة الدراس��ات االجتماعية‬ ‫الت��ي عقدتها جامعة الدول العربية في دمش��ق‬ ‫في عهد الشيش��كلي‪ ،‬ومؤتمر الشعوب العربية‬ ‫لنصرة الجزائر‪ ،‬ومؤتمر تأس��يس رابطة العالم‬ ‫اإلسالمي واثنين من المؤتمرات السنوية التحاد‬ ‫الطلبة المس��لمين ف��ي أوروبا‪ .‬وأهم مش��اركة‬ ‫ل��ه كانت ف��ي المؤتمر اإلس�لامي الش��عبي في‬ ‫القدس عام ‪ 1953‬والذي تمخضت عنه س��فرته‬ ‫الطويلة في سبيل الدعاية لفلسطين‪ ،‬وقد جاب‬ ‫فيها باكستان والهند والماليو وإندونيسيا‪.‬‬ ‫م��ع انقالب ع��ام ‪ 1963‬هُج��ر الطنطاوي‬ ‫من سوريا‪ ،‬ليمنع من دخولها الحقًا‪ ،‬وانتقل إلى‬ ‫المملكة العربية السعودية فعمل في التدريس‬ ‫في كلي��ة اللغ��ة العربي��ة وكلية الش��ريعة في‬ ‫الري��اض ث��م انتق��ل إل��ى التدريس ف��ي كلية‬ ‫الش��ريعة ف��ي مكة المكرم��ة ثم تف��رغ للعمل‬ ‫في مج��ال اإلعالم وق��دم برنامجًا إذاعي��ًا يوميًا‬ ‫بعنوان "مسائل ومشكالت" وبرنامجًا تلفزيونيًا‬ ‫أس��بوعيًا بعن��وان "ن��ور وهداية"‪ ،‬وظ��ل طوال‬ ‫تنقل��ه بي��ن عواص��م العال��م يحن إلى دمش��ق‬ ‫ويش��ده إليها ش��وق متجدد‪ .‬وكتب في ذلك درراً‬ ‫أدبية يقول في إحداها‪:‬‬ ‫"وأخي��راً أيه��ا المحس��ن المجه��ول‪ ،‬الذي‬ ‫رض��ي أن يزور دمش��ق عني‪ ،‬حين ل��م أقدر أن‬ ‫أزوره��ا بنفس��ي‪ ،‬لم يب��ق لي عن��دك إال حاجة‬ ‫واحدة‪ ،‬ف�لا تنصرف عني‪ ،‬بل أكم��ل معروفك‪،‬‬

‫‪13‬‬


‫�أول خميم لالجئني ال�سوريني على �أر�ضهم‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫بلدة القاح‪ :‬املنطقة العازلة‬ ‫تركيا ‪ -‬ريما مروش‬ ‫"أن��ت لس��ت اب��ن "هن��اك"‪ ،‬تذكر‬ ‫ه��ذا دائم��ًا‪ ،‬أنت ل��ك "هن��ا" جميل وال‬ ‫يخ��ان‪ ...‬ال تن��م ليل��ة دون أن تع��دد‬ ‫محاس��نه ألطفالك‪ ،‬واق��رأ عليهم كيف‬ ‫مات الناس‪ ،‬وكيف ذبحوا على شاش��ات‬ ‫التلفزيون ألنهم لم يصفقوا للخطاب‪،‬‬ ‫وقل لهم أنك تنام بين أش��جار غريبة‪،‬‬ ‫ألن��ك لم تش��أ أن تلدغ م��ن جحر واحد‬ ‫مرتين!"(رس��الة من الجئ فلس��طيني‬ ‫إل��ى الج��ئ س��وري‪ .‬ابراهي��م جاب��ر‬ ‫ابراهم)‪.‬‬ ‫"تعبت‪ ،‬كنت هنا وحيدة مع أوالدي‪،‬‬ ‫باب الهوى صار منطقة محررة‪ ،‬ال شيء‬ ‫يحدث هناك‪ ،‬صار ممكنًا لي أن أعود"‪،‬‬ ‫بالنس��بة ألم س��ليمان‪ 36 ،‬عاماً‪ ،‬صار‬ ‫هن��اك منطقة آمن��ة ف��ي الوطن فلم‬ ‫أب��ق هنا (وهنا كان��ت المخيم التركي)‬ ‫بعد أن قضت ثالثة أش��هر متنقلة بين‬ ‫ع��دة مخيمات في تركيا م��ع اثنين من‬ ‫أبنائها (‪ 4‬و‪ 6‬سنوات)‪ ..‬سألها المسؤول‬ ‫التركي عندما كانت توقع طلب العودة‪:‬‬ ‫"أتعودي��ن إلى القصف؟ ب��دون كهرباء‬ ‫ودون ماء!!" "تعبت" كان جوابها‪.‬‬ ‫وعادت أم س��ليمان‪ ،‬ومعها سلمت‬ ‫أم أحم��د طلب عودتها ف��ي أحد النقط‬ ‫الحدودي��ة‪ ،‬بعد عدة أش��هر قضتها مع‬ ‫أوالده��ا ف��ي مخي��م مرع��ش‪ .‬ترك��ت‬

‫أم أحم��د أبناءه��ا في المخي��م وعادت‬ ‫لتلتح��ق بزوجه��ا في كفريحم��ون‪ ،‬قد‬ ‫نتوق��ع‪ ،‬أو حت��ى نطال��ب أم أحمد‪ ،‬بأن‬ ‫تك��ون س��عيدة بعودتها‪ ،‬لكنه��ا‪ ،‬خالل‬ ‫ثوان من بدء حديثنا نفت هذه السعادة‪،‬‬ ‫"ترك��ت أوالدي ف��ي تركيا‪ ،‬م��ازال كل‬ ‫ش��يء كم��ا تركته‪ ،‬القص��ف والضرب‪،‬‬ ‫فلم أحضرهم معي؟ ابني األصغر في‬ ‫الصف الخامس‪ ،‬تعل��ق برقبتي وبكى‬ ‫"مام��ا ال تروح��ي" إال أن زوجي يتصل‬ ‫يومي��اً ويق��ول‪ :‬ارجع��ي‪ .‬فالب��د لي أن‬ ‫أعود عند "حضرت��ه"‪ ..‬أحاول أن أقنعها‬ ‫بالتمرد "اعملي ثورة‪ ،‬ال ترجعي" تنظر‬ ‫إلي مبتسمة "ال مصلحة لي في إحراق‬ ‫خ��ط الرجع��ة"‪ ..‬قابلت أيض��ًا امرأتين‬ ‫أخرتين لديهما نف��س حكاية أم أحمد‪،‬‬ ‫ترك األبناء في المخيم أكثر أمناً والزوج‬ ‫في الداخل السوري يطلب "عودتها"‪.‬‬ ‫تتف��اوت األع��داد المعل��ن عنه��ا‬ ‫لالجئي��ن الس��وريين ويصعب الوصول‬ ‫إل��ى عدد دقيق‪ .‬تعلن المفوضية العليا‬ ‫لالجئين عن أعداد الالجئين المسجلين‬ ‫حت��ى الش��هر الحال��ي (تش��رين األول‬ ‫‪ )2012‬ليص��ل عدده��م اإلجمالي إلى‬ ‫‪ 500 .311‬الج��ئ يتوزع��ون على دول‬ ‫الج��وار ودول أخرى‪ .‬ف��ي األردن ‪.103‬‬ ‫‪ 400‬الجئ‪ ،‬ف��ي لبنان ‪ 800 .80‬الجئ‪،‬‬ ‫في تركي��ا ‪ 500 .93‬الجئ‪ ،‬في الجزائر‬

‫(يقدر عدده��م) بـ ‪ 000 .25‬الجئ‪ ،‬في‬ ‫كردس��تان العراق ‪ 000 .28‬الجئ‪ ،‬في‬ ‫الع��راق ‪ 600 .5‬الجئ وف��ي أرمينيا ‪.3‬‬ ‫‪ 248‬س��وري طلب الحصول على فيزا‪.‬‬ ‫علمًا أن عدد الالجئين قد تضاعف ثالث‬ ‫م��رات خ�لال األش��هر الثالث��ة األخيرة‬ ‫وتجاوز كل توقعات الهيئات الدولية‪.‬‬ ‫وال تص��ل إحص��اءات الهيئ��ات‬ ‫الدولي��ة إل��ى أولئ��ك العالقي��ن عل��ى‬ ‫الش��ريط الحدودي لتركيا منذ أس��ابيع‬ ‫بل أش��هر‪ ،‬ال تزال هناك مئات العائالت‬ ‫على الش��ريط الحدوي تحلم بأن تعبر‬ ‫إلى الطرف اآلخر‪ ،‬نف��س الطرف الذي‬ ‫تخل��ت عنه من��ذ لحظ��ات أم س��ليمان‬ ‫وأم أحم��د‪ .‬عائ�لات عالقة تحت ش��جر‬ ‫الزيت��ون تس��تخدم شراش��ف وبع��ض‬ ‫البطاني��ات‪ .‬يعلقونه��ا عل��ى الش��جر‬ ‫لحماية ولو بس��يطة من الشمس‪ .‬منذ‬ ‫أيام هطل��ت أول أمطار الش��تاء‪ ،‬البرد‬ ‫في المس��اء قارص‪ ،‬وليس خبراً جديداً‬ ‫أنه��م يعيش��ون دون الح��د األدنى من‬ ‫االحتياج��ات البش��رية‪ ،‬دون حمامات أو‬ ‫مكان للطبخ غير الحطب‪ .‬أم طالل أتت‬ ‫م��ع ‪ 20‬فرد م��ن عائلتها م��ن األتارب‪،‬‬ ‫عائلته��ا تهج��رت م��ن ش��هر و نصف‪،‬‬ ‫"نري��د أن نعود إلى بالدن��ا بس ما في‬ ‫أم��ان‪ .‬أوالدي األربعة م��ع الجيش‪ ..‬ما‬ ‫اسمه” (الحر" تساعدها كنتها‪" ،‬ال نملك‬

‫ما يس��مح لنا بالعيش‪ ،‬ال��ـ‪ 500‬ليرة ال‬ ‫تكف��ي فكي��ف نعيش"‪ .‬ورغ��م الوضع‬ ‫الالإنس��اني لحياته��م عل��ى الش��ريط‬ ‫الح��دودي‪ ،‬أم ط�لال ليس��ت متأك��دة‬ ‫أن تركي��ا س��تكون أفض��ل‪" :‬من ذهب‬ ‫إل��ى تركيا يعود ويطلعن��ا على الوضع‬ ‫ويخبروننا أن الحي��اة هنا أفضل‪ .‬خلينا‬ ‫نم��وت ببيوتن��ا‪ .‬إذا متن��ا ببيوتنا تحت‬ ‫القصف أهون ما ننذل‪” .‬‬ ‫كم��ا ال تحص��ي أرق��ام الهيئ��ات‬ ‫الدولية تلك العائ�لات التي غادرت إلى‬ ‫القاه��رة وبي��روت وال��دول األوروبي��ة‬ ‫واس��تقرت في مدنها أو الـ ‪ 1500‬عائلة‬ ‫العالق��ة على الح��دود بانتظ��ار العبور‬ ‫إل��ى تركيا‪ ،‬باختص��ار‪ ،‬يتوقع أن تكون‬ ‫أع��داد الس��وريين في الخ��ارج أضعاف‬ ‫األعداد المسجلة لدى المفوضية العليا‬ ‫لالجئين‪.‬‬ ‫وأت��ت فك��رة إنش��اء أول مخي��م‬ ‫لالجئي��ن عل��ى األراض��ي الس��ورية‬ ‫"المح��ررة"‪ ،‬بمب��ادرة من الش��يخ عمر‬ ‫عبد الكريم رحمون‪ ،‬والذي يدير مخيم‬ ‫القاح‪ ،‬يقول أن فكرة إنش��اء أول مخيم‬ ‫عل��ى األراض��ي الس��ورية ف��ي القاح‪،‬‬ ‫والت��ي تبعد‪ 2‬كم عن الح��دود التركية‬ ‫أت��ت عندم��ا رأى العائ�لات عالقة على‬ ‫الحدود‪" ،.‬أتيت إلى الش��ريط الحدودي‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫رحيل هي ابنة سوريا ذات األربعة‬ ‫أش��هر‪ ،‬وهي أيض��ًا من أكث��ر الكلمات‬ ‫تك��راراً على ش��فاه الس��وريين‪ ،‬وربما‬ ‫نس��تطيع الق��ول‪ ،‬أنه لدى كل س��وري‬ ‫اليوم‪ ،‬حقيبة صغيرة جداً‪ ،‬فيها مفاتيح‬ ‫منزله وشهادات ميالد أطفاله‪ ،‬ليحملها‬ ‫على عجل‪ ،‬إن استطاع‪ ،‬ويعود بها بعد‬ ‫"س��قوط النظ��ام"‪ .‬وإن لم يس��تطيع‪،‬‬ ‫فهذا يعني أن ال حاج��ة للمفاتيح‪ ،‬ربما‬ ‫ألن البي��ت لن يكون موجوداً أو ألنه هو‬ ‫لن يعود إلى الحياة‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫قبل حوالي شهر مع بعض المساعدات‪،‬‬ ‫توقعت أن أرى عشرات العائالت العالقة‬ ‫على الحدود‪ ،‬أي توقعت مائة أو مائتين‬ ‫ش��خص‪ ،‬ألتفاجأ بهذا العدد الهائل من‬ ‫الناس تحت أشجار الزيتون‪ ،‬دون خيم"‬ ‫هناك حوالي ‪ 1500‬ش��خص ينتظرون‬ ‫العبور‪.‬‬ ‫أنش��ئ مخيم القاح على مس��احة‬ ‫تص��ل إل��ى ‪ 40‬دون��م قابل��ة لالزدياد‬ ‫تتس��ع لحوالي ‪ 800‬خيم��ةـ توفر منها‬ ‫حتى اللحظة ‪ 60‬فقط لـ ‪ 400‬شخص‪.‬‬ ‫"نح��ن بحاجة إل��ى المزيد م��ن الخيم"‬ ‫يقول رحمون‪.‬‬ ‫تواص��ل الش��يخ رحمون م��ع عدة‬ ‫جه��ات‪ ،‬منها مؤسس��ة اليس��ر الخيرية‬ ‫الليبية والمجل��س الوطني والكثير من‬ ‫الجه��ات األخرى الداعم��ة‪ .‬ويتكلم عن‬

‫الدعم الم��ادي بش��فافية كاملة‪ ،‬حيث‬ ‫يخربنا أن المؤسسة الوحيدة التي لبت‬ ‫وعوده��ا حت��ى اللحظة هي مؤسس��ة‬ ‫اليس��ر الليبية "استجابات لنا المؤسسة‬ ‫وقدمت مبلغاً وصل إلى ‪ 000 .23‬دوالر‬ ‫أمريك��ي‪ .‬أما بقية الجه��ات فقد وعدت‬ ‫الش��يخ رحمون إال أنها ل��م تف بالوعد‬ ‫حتى اللحظة‪.‬‬ ‫ككل نساء س��وريا‪ ،‬ال تزال النساء‬ ‫في مخيم القاح قلقات وغير مطمئنات‬ ‫على أبنائه��ن‪ ،‬اس��تطعت تلمس حالة‬ ‫ترق��ب دائم��ة لديه��ن‪" ،‬ف��إذا كانوا قد‬ ‫ضرب��وا األراض��ي التركي��ة‪ ،‬م��ا ال��ذي‬ ‫س��يردعهم ع��ن القصف هن��ا؟"‪ ،‬ليس‬ ‫لديه��ن ثقة كاملة ب��أن المخيم آمن إال‬ ‫أن رحم��ون يؤك��د أنها آمن��ة ويعتبرها‬ ‫"تقريباً منطق��ة عازلة" حيث أنها تبعد‬ ‫فقط ‪ 2‬كم عن الحدود التركية السورية‬

‫مما يجعلها بعيدة عن مدفعية النظام‪.‬‬ ‫إال أن أحالم‪ ،‬وهي أم لستة أوالد‪ ،‬تؤكد‬ ‫رغبته��ا بالذه��اب إل��ى تركي��ا‪" ،‬بحس‬ ‫هنيك منكون بأمان"‪ ،‬لكن زوجها رفق‬ ‫الفكرة بعد أن بقوا عالقين بين الشجر‬ ‫منتظري��ن دوره��م ف��ي العب��ور‪ ،‬قرر‬ ‫الزوج "نبقى هن��ا"‪ .‬طفلة هذه العائلة‬ ‫ذات األربعة أش��هر اسمها رحيل‪ ،‬ولدت‬ ‫رحي��ل بعد مغادرته��م بيتهم في ريف‬ ‫حلب‪.‬‬ ‫وال تنته��ي قصص نس��اء "القاح"‬ ‫ف��أم خال��د ذات الثالث��ة وثالثي��ن عامًا‬ ‫وه��ي أم لثالث��ة أطفال م��ن كفرزيتا‪،‬‬ ‫فقدت تس��عة من أفراد عائلتها بس��بب‬ ‫قصف الطيران‪ ،‬خمس��ة من أوالد عمها‬ ‫وأربع��ة م��ن أطفالهم‪ ،‬تؤك��د "تحملنا‬ ‫كل ش��يء عدا البراميل‪ ،‬لم نتحملها"‪.‬‬ ‫ماتوا الس��اعة العاش��رة صباحًا‪ ،‬تتذكر‬

‫بوض��وح‪ ،‬لكن محاولة الس��يطرة على‬ ‫دموعها توقفها ع��ن الحديث‪ ..‬وتعتذر‬ ‫ع��ن متابعة ال��كالم‪ ،‬قبل أن أنس��حب‬ ‫بهدوء تس��ألني إن كان ل��دي أخبار عن‬ ‫كفرزيتا "فليس لدينا هنا أية أخبار"‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪15‬‬ ‫صور المخيم‪ :‬خاص سوريتنا‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫الثـــورة ال�ســـورية‬ ‫بني فرط ال�شقاء و�سطوة الرخاء‬ ‫تونس‪ :‬مروة الجعبيري‬ ‫هل تذكر وجهي؟‬ ‫خطوط يدي؟‬ ‫دقّ��ق جيّدا في قدم��اي‪ ..‬ال تحمالن‬ ‫جسدي الهزيل‬ ‫وعيناي اللت��ان تضيقان وتضيقان‪..‬‬ ‫م��ن ش��دّة الب��كاء‪ ..‬األلم وما ش��ئت من‬ ‫ّ‬ ‫المتعفن داخل القلب الشريد‪ ..‬في‬ ‫القهر‬ ‫وطنه‪..‬‬ ‫غريب أن��ا بين أبناء دم��ي‪ ..‬يأكلون‬ ‫خب��زي وال يس��ألون ع��ن تاري��خ وذكرى‬ ‫وابن��ي ال��ذّي قدّمته لهم ليحي��وا كما لم‬ ‫نحيا‪ ..‬ال عندما ثرن��ا وجعنا ومتنا وزرعنا‬ ‫الكثير لتنبت لهم الكرامة‪..‬‬ ‫لما تنسى من أنت؟‬ ‫وتنس��ى م��ا فعلن��ا وتغ��رس ف��ي‬ ‫ظهري ش��جاعتك الوهمية‪ ..‬أنا لست من‬ ‫الرعيّة‪..‬‬ ‫أل��م تجمعن��ا القضي��ة ي��ا أخي وان‬ ‫كنت حقيقة خارج القضيّة‪!..‬‬ ‫ما قصدي؟‬ ‫ال ش��يء يا أخي‪ ..‬أخطئ��تَ العنوان‬ ‫فقط‪..‬‬ ‫هنا ال أرض لك‪!..‬‬ ‫فمن ابن��ي اقتلعوا تفاحة ادم ليعود‬ ‫إلى جنّته‪..‬‬ ‫م��ن عرق��ي أنجب��ت آخ��ر وآخ��ر‪..‬‬ ‫والتحقوا به‪..‬‬ ‫هل تذكر يا أخي؟؟‬ ‫أي��ن بطوالت��ك‪ ..‬أن��ت تغ��رق ف��ي‬ ‫وهمك الكبير‬ ‫كل أش��يائك‪ّ ..‬‬ ‫تغ��رق ّ‬ ‫كل انجازاتك‬ ‫القديمة‬ ‫ال معنى لشيء بعد أن سرقتني‪..‬‬ ‫وسرقت الشمس صباحا‪..‬‬ ‫ومنحتني قمرا من حجر‪..‬‬ ‫هل تذكر أننّي بشر؟!‬ ‫ابن��ك ذو العش��ر س��نوات يلعب في‬ ‫باحة بيتك الكبير‪..‬‬ ‫ال قذيف��ة ّ‬ ‫تعك��ر صف��وه وال م��وت‬ ‫يناديه‪..‬‬ ‫هو الموت قوتنا اليومي‪..‬‬ ‫ننتظره‪ ..‬ال شيء يؤخره ويلغيه‪..‬‬ ‫فانعم "يا أخي" بدم ولدي واسرق ما‬ ‫شئت وال تلتفت‪..‬‬ ‫تمرّد واصعد على كتفي كالعوس��ج‬ ‫القاسي‪..‬‬ ‫وامسح جبينك بعرق جبيني‪..‬‬ ‫ه��ي الكرام��ة أن فقدتَه��ا‪ ..‬فه��ي‬ ‫طوال الدهر تناديني‪..‬‬ ‫ثمّة أش��ياء تولد معنا‪ ..‬فطرية فينا‬ ‫كالهواء‪ ..‬الهواء الح��ر‪ ..‬نجتمع جميعا في‬ ‫صف��ة اإلنس��انية قب��ل أن اع��رف دين��ك‬ ‫ولونك والى أي طبقة اجتماعية تنتمي‪..‬‬

‫و لك��ن من الطبيعي أننا إذا ما كبرنا‬ ‫اكتشفنا أنّنا اقتربنا من فوّهة الحقيقة‬ ‫والواقع أكثر وأ َقرَرنا اختالفنا لكنّ الثورة‬ ‫نفسها اختالف‪ ..‬ألنّها جمعتنا على اختالف‬ ‫أس��مائنا‪ ..‬اختالف اله��واء‪ ..‬اختالف بيوتنا‬ ‫البس��يطة والراقي��ة‪ ..‬الطبق��ات الكادحة‬ ‫المحرومة والبورجوازييّن األثرياء‪..‬‬ ‫عندم��ا كن��ا نق��اوم أن��ا وأن��ت ل��م‬ ‫تس��ألني ع��ن أصل��ي وفصل��ي وأكلت��ي‬ ‫المفضل��ة وماركات عطوري وثيابي‪ ..‬كنا‬ ‫س��وريين فقط‪ ..‬لكننا مدركون تماما أن‬ ‫من يُش��علون الثورة والذين يتس��ابقون‬ ‫على الوق��وف في الصف��وف األولى وفي‬ ‫واجه��ة أي قوة تقتلع منه��م الحياة‪ ..‬هم‬ ‫من تنقصهم الحياة‪ ..‬الرجل األسمر الذي‬ ‫م�لأت وجه��ه خط��وط الع��رض والطول‬ ‫وحكاي��ات قه��ر بدأت منذ صرخ��ة الوالدة‬ ‫األولى‪..‬‬ ‫األطف��ال الكب��ار جميعه��م يلعبون‬ ‫بحش��و القناب��ل‪ ..‬كل األحياء مس��تهدفة‬ ‫ع��دا تلك الت��ي ال يعرف أهله��ا الجوع وال‬ ‫الن��وم بقلق‪ ..‬ه��ل يعرف��ون الرصاص؟‬ ‫ال هي مفرقعات تبشّ��ر بالعي��د القادم‪..‬‬ ‫والقذائ��ف إن فتك��ت بم��ن ال ي��رون وال‬ ‫يعترفون بإنس��انيتهم فه��م يرونها كأن‬ ‫الس��ماء تمطر "ش��وكوال "‪ ..‬وينامون كل‬ ‫ليل��ة بهدوء في غرفهم‪ ..‬على أس��رّتهم‬ ‫بين عائالته��م ال يُجبرون كل لحظة في‬ ‫التفكير في الهجرة والهروب فقط لكسب‬ ‫ح��ق الحي��اة‪ ..‬بعي��دا ع��ن أرضه��م التي‬ ‫عرف��وا عليها ّ‬ ‫كل أش��كال الحياة البش��عة‬

‫دون س��واها‪ ..‬ذلك الظلم والقهر والموت‬ ‫أحي��اء‪ ..‬هل نس��رق م��ن ث��ورة الكرامة‬ ‫والحريّ��ة والخب��ز أهله��ا؟ هل نس��رقها‬ ‫ه��ي منهم؟ ه��ل أنت��م أصح��اب البيوت‬ ‫والضح��كات الملون��ة والث��ورة الزائف��ة‬ ‫تملكون الحق في قتلهم بعد موتهم؟ أن‬ ‫تمنحوا أنفسكم ّ‬ ‫حقا ال يحق لكم؟‬ ‫فدائم��ًا م��ا تجد من يحش��ر نفس��ه‬ ‫عن��وة ليك��ون بط�لا خرافيّ��ا فيصف لك‬ ‫المع��ارك التي دارت في منزله وكم قاوم‬ ‫وق��اوم ثم يقودك ليريك دماء نثرت على‬ ‫األريك��ة والتلف��از‪ ..‬على وجه��ه‪ ..‬فتفهم‬ ‫أن المجزرة كانت ش��يئا شاهده في‬ ‫الحقا ّ‬ ‫التلفاز ال أمرا وقع في بيته!‬ ‫كأن ش��يئا ل��م‬ ‫و يعي��ش كل ي��وم ّ‬ ‫كأن ش��يئا‬ ‫يكن‪ ..‬يوصل أبناءه للمدارس ّ‬ ‫ل��م يك��ن‪ !..‬يذه��ب للـ"س��وبر مارك��ت"‬ ‫كأن‬ ‫ويش��تري ما ش��اء وطاب واش��تهى‪ّ ..‬‬ ‫شيئا لم يكن!‬ ‫ّ‬ ‫يط��ل علين��ا بش��كله األني��ق‬ ‫ث��مّ‬ ‫ليكون انتهازيّا بامتياز وهو يرثي شهداء‬ ‫الوطن ويصف مأس��اته الوهميّة ويروي‬ ‫لن��ا كلمّا أتيحت له الفرص��ة قصّة جدّه‬ ‫األوّل المناضل وكي��ف ورث عنه الحياة‪..‬‬ ‫والمأساة والثورة!!‬ ‫و ه��و ف��ي الحقيق��ة ي��روي قصّة‬ ‫استش��هاد كرامته واستش��هاد م��ا ّ‬ ‫تبقى‬ ‫م��ن إنس��انيته وه��و يقف عل��ى منصّة‬ ‫م��ن المتعبي��ن والمرهقي��ن والموّدعين‬

‫آالف الم��رات يومي��ا ولكنّه م��ع ذلك‪ ..‬إذا‬ ‫كذب صدّق الكذب��ة‪ّ ..‬‬ ‫حلل الكذبة وصنع‬ ‫له��ا تفاصي ًال‪ ،‬وع��اش فيها وس��حق أخاه‬ ‫م��ن دم��ه ف��ي الجه��ة األخ��رى المنفيّة‬ ‫والمنس��يّة والمس��حوقة عل��ى األرض‬ ‫نفس��ها وتحت السماء نفس��ها‪ ..‬فتضيق‬ ‫بالفقير والمجاهد والمقاوم منذ البدايات‬ ‫س��ماء األرض وتُطبق علي��ه وتأخذ دون‬ ‫رحم��ة حي��اة م��ن ق ّل��ة الحي��اة فكأنّه��م‬ ‫يعيش��ون "محن��ة يوس��ف" وغ��در إخوته‬ ‫كما قال الش��اعر التونس��ي عبد الحفيظ‬ ‫المختومي‪:‬‬ ‫"ضيّقة هذي البالد‬ ‫يا صاحبي!!‬ ‫و سماء اهلل‪ ..‬أضيق‬ ‫و الماء مرّ في شوارعهم‪ ..‬ومالح!‬ ‫فاشرب من جراحك‬ ‫و دموع أمّك‬ ‫حتّى نشيجك األزليّ‬ ‫و أشرقْ‪..‬‬ ‫ماذا تب ّقى من الروح يا صاحبي‬ ‫غير أطاللها‪..‬‬ ‫و هذه الدّنيا‪ ..‬خراب؟‬ ‫سوادٌ هذه ّ‬ ‫الطرق‬ ‫و شمس العين لم تشرقْ‬ ‫فادْعُ يا صاحبي لنشيدك الباقي‬ ‫و خريف عمرك المُرهق‪" ..‬‬


‫آكاسيا العاصي‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫ربم��ا ه��و بي��اض البش��رة المت��رف‬ ‫والوجه السمح الذي تتمتع به السيدة سهير‬ ‫األتاس��ي في الصورة التي ظهرت فيها إلى‬ ‫جان��ب ق��ادة الجي��ش الحر في ت��ل ابيض‪،‬‬ ‫ما أث��ار التعليقات المس��تخفة التي وصفت‬ ‫زيارته��ا لتل ابي��ض باالس��تعراض‪ ،‬نقول‬ ‫ربما فثمة صدمة تش��عر بها العين للوهلة‬ ‫األول��ى أمام التناقض الظاهري الكبير بين‬ ‫س��يدة تمتاز باللطف ترتدي بزة عسكرية‪،‬‬ ‫ترفع أصابعها الناعمة بإشارة النصر‪ ،‬وهي‬ ‫تتوس��ط مجموعة م��ن المقاتلين األش��داء‬ ‫تركت المعارك على وجوههم مالمح قاسية‬ ‫زادت في حدتها شمس بالدنا الالهبة‪.‬‬ ‫ب��دون ش��ك‪ ،‬ه��ي صدم��ة النظ��رة‬ ‫األول��ى‪ ،‬وال يص��ح أن يبن��ى عليه��ا اته��ام‬ ‫األتاس��ي باالس��تعراض‪ ،‬تعك��س ق��راءة‬ ‫س��طحية لموق��ف مه��م ومتق��دم‪ ،‬ضم��ن‬ ‫س��ياق زي��ارات أعض��اء المجل��س الوطني‬ ‫منه��م برهان غليون وعبد الباس��ط س��يدا‬ ‫وغيره��م باإلضافة لعش��رات الناش��طين‪،‬‬ ‫الذي��ن يس��عون لتوطي��د وش��ائج العم��ل‬ ‫الثوري بين الداخل والخارج‪ .‬مع أنه لم ينج‬ ‫م��ن اتهامات مماثلة‪ ،‬قد تكون صحيحة في‬ ‫بعض الحاالت‪ ،‬فهناك من وجد في الدخول‬ ‫إل��ى إدل��ب والتقاط صور م��ع مجموعة من‬ ‫المقاتلين‪ ،‬أو على ظهر الدبابة عم ًال دعائيًا‬ ‫لتس��جيل موقف يضاف إلى سيرته الذاتية‬ ‫كأحد أبطال الثورة‪ ،‬وهو عمل ينشده طالب‬ ‫النجومية ومتس��لقي الثورة‪ ،‬لكنه أمر غير‬ ‫صال��ح للتعميم في حالة س��هير أتاس��ي أو‬ ‫أي من الناشطات والناش��طين الثوار الذين‬ ‫ال تخف��ى أدوارهم وجهودهم ف��ي الثورة‪،‬‬ ‫باألخص من أجبرته الظروف القاهرة على‬

‫المغادرة واالس��تمرار في العم��ل بالخارج‪،‬‬ ‫ويحتاجه��م مجتم��ع الث��ورة ف��ي الداخ��ل‪،‬‬ ‫الس��يما المدنيين الرازحي��ن تحت الحصار‪،‬‬ ‫إذ ال يُطيّب خاطر أم مكلومة ظهور هؤالء‬ ‫رغ��م أهميته على الشاش��ات وق��ول كلمة‬ ‫حق‪ ،‬بقدر م��ا تفعله زياراتهم الش��خصية‬ ‫ومؤازارتهم المعنوية إلى حد تحدي الخطر‬ ‫ليقولوا لهم أننا شركاؤكم في األلم واألمل‪،‬‬ ‫ولس��نا مج��رد رواد فن��ادق خمس��ة نجوم‪،‬‬ ‫وال عش��اق مؤتم��رات ال��كالم‪ .‬أهمية هذه‬ ‫الزي��ارات‪ ،‬لي��س في تلمس حج��م الكارثة‬ ‫على األرض‪ ،‬بقدر ما هي تبادل المعلومات‬ ‫عما يجري في الكواليس والجهود المبذولة‪،‬‬ ‫والفعل المطلوب‪ .‬هذا من جانب ومن جانب‬ ‫آخر أي الجانب اإلعالمي الدعائي‪ ،‬هل هناك‬ ‫دليل على مدنية الس��وريين أكثر من رؤية‬ ‫الس��يدة األتاس��ي ومعها خال��د الحاج صالح‬ ‫ورفاقهم جنبا إلى جنب مع مقاتلي الجيش‬ ‫الحر المتهم بالتشدد الديني‪ ،‬يجمعهم كادر‬ ‫واحد اسمه سوريا الحرة؟‬ ‫م��ن هن��ا‪ ،‬االنتقادات لزيارة األتاس��ي‬ ‫مس��تهجنة‪ ،‬ف��ي وق��ت تك��ون في��ه الثورة‬ ‫بأمس الحاج��ة لهذه الزيارات‪ ،‬س��يما وأنها‬ ‫جاءت بعد دعوات كثيرة وجهت للناش��طين‬ ‫في الخ��ارج للمجيء واالط�لاع على معاناة‬ ‫الث��وار ف��ي الداخ��ل‪ .‬وب��دل تش��جيع هذه‬ ‫الزي��ارات نس��مع أص��وات ترتف��ع بالنق��د‬ ‫والتعمي��م والتس��طيح‪ ،‬دون أن يعن��ي هذا‬ ‫الكالم رفض النقد بل العكس تماما‪ ،‬النقد‬ ‫مطلوب ولكن للقضايا األساس��ية المتعلقة‬ ‫بأداء المعارضة السياسية‪ ،‬وأيضًا سلوكيات‬ ‫بع��ض الث��وار والكتائ��ب المقاتل��ة‪ ،‬وغياب‬ ‫التنسيق والتشرذم المدمر‪ .‬قضايا ال يمكن‬

‫حلها دون تواصل بين كافة األطراف‪.‬‬ ‫وم��ن الظواه��ر الس��لبية لجائح��ة‬ ‫الفيسبوكية أن االنتقادات تهب دفعة واحدة‬ ‫على شكل موجة جارفة‪ ،‬وتصب على هدف‬ ‫واحد حتى تقضي عليه وتنحيه جانبا‪ ،‬وكلنا‬ ‫نذك��ر ك��م من االنتق��ادات وجه��ت لبرهان‬ ‫غليون عندما كان رئيسا للمجلس الوطني‪،‬‬ ‫حتى نس��ب إليه فش��ل المجل��س‪ ،‬وبمجرد‬ ‫تنحي��ه ع��ن موقع��ه غاب ع��ن النق��د‪ ،‬وما‬ ‫ع��ادت الس��هام توجه إليه‪ ،‬علم��ا أن غليون‬ ‫لم يتوقف عن العم��ل للثورة‪ ،‬وهذا ما بات‬ ‫يشير إلى أننا أصبحنا بحاجة إلى نقد النقد‪.‬‬ ‫مع العلم أن تلك الجوائح الفيس��بوكية هي‬ ‫انع��كاس لم��ا يج��ري ف��ي الكوالي��س من‬ ‫تناه��ش وتكالب ألس��باب متنوع��ة‪ ،‬أهمها‬ ‫ع��داوة الكار والتنافس على الظهور‪ ،‬تحول‬ ‫دون تكريس وجوه مؤثرة وفاعلة في الثورة‬ ‫ترش��ح للقي��ادة‪ ،‬فال��كل مهش��م ومحطم‬ ‫ويص��ح فيهم تش��بيه "مثل قط��ط التكية‬ ‫ال��ذي لم يقطش أذنه قطع ذيله" ثم يعزى‬ ‫ذل��ك لعدم ق��درة الث��ورة على إنت��اج قادة‪،‬‬ ‫وال نقص��د إنت��اج دكتاتوري��ات جديدة بكل‬ ‫تأكيد‪ ،‬وإنما قيادات مؤسس��اتية قادرة على‬ ‫كس��ب الثقة وإجماع الغالبية في الممارسة‬ ‫الديمقراطي��ة‪ .‬فالث��ورة في ه��ذه المرحلة‬ ‫الخطيرة أحوج ما تكون لقيادات قادرة على‬ ‫تمثيل ش��رائح المجتم��ع‪ .‬ولكن كيف يمكن‬ ‫الوص��ول إلى ذلك ب��دون تواصل بين نخب‬ ‫المعارضة وبين الثوار؟ ولعل زيارات أعضاء‬ ‫المجلس الوطني والناشطين ولقاءاتهم مع‬ ‫قادة الجيش الحر خطوة أولى للوصول إلى‬ ‫ذلك التمثيل‪ ،‬وهي خطوة نأمل أن ال تكون‬ ‫متعث��رة‪ ،‬وأن ال يوضع ف��ي طريقها الكثير‬

‫من العقب��ات‪ ،‬فالث��ورة محتاجة ل��كل جهد‬ ‫ولكل عمل مادي أو معنوي‪ ،‬لتخفيف أثقالها‬ ‫المتزايدة يوما بعد آخر كلما ولغنا بالدماء‪.‬‬ ‫ويصح هنا تمني أن تكون زيارة سهير‬ ‫أتاس��ي فاتح��ة لزيارة نس��ائنا الناش��طات‬ ‫الثائرات الموثوقات‪ ،‬وهي إذ تذكرنا بشيء‬ ‫فبمشاركة منتهى األطرش في خيمة العزاء‬ ‫التي أقيمت ألول قافلة ش��هداء سقطوا في‬ ‫دوم��ا‪ .‬كان لوقفته��ا رمزيته��ا الكبي��رة بما‬ ‫تحمله منتهى حفيدة سلطان باشا األطرش‬ ‫من معاني الثورة والوطنية الس��ورية‪ ،‬بين‬ ‫أحرار الغوطة أحفاد أبطال الثورة السورية‬ ‫الكبرى‪ ،‬ومؤخراً وقفة س��هير األتاسي ابنة‬ ‫حمص العدية‪ ،‬والمبش��رة بانطالق شرارة‬ ‫الث��ورة إلى جانب مقاتل��ي الجيش الحر في‬ ‫تل أبيض رمزيتها كداعية للحراك السلمي‬ ‫المدن��ي وأهميتها الت��ي نأمل أن تعمم في‬ ‫تكامل كل أشكال العمل الوطني التحرري‪.‬‬ ‫ه��ذا م��ن جانب وم��ن جانب آخ��ر وبعد كل‬ ‫الدماء التي س��الت‪ ،‬واالتجاه القس��ري نحو‬ ‫العس��كرة‪ ،‬بات من الضروري إعادة التأكيد‬ ‫عل��ى دور المرأة الس��لمي األمومي الرحيم‬ ‫ف��ي الث��ورة‪ ،‬ف��ي مواجه��ة الم��د الذكوري‬ ‫المتمثل في تفشي العنف‪.‬‬ ‫وإذ نعول على النس��اء السوريات فإن‬ ‫التركي��ز ينصب على ناش��طات كن ومازلن‬ ‫في دائرة الضوء اإلعالمي مثل ريما فليحان‬ ‫والمحامية رزان زيتون��ة ومنتهى األطرش‬ ‫وخولة حدي��د وخولة دينا‪ .‬وغيرهن كثيرات‬ ‫يقع على عاتقهن مع غيرهن من الجنديات‬ ‫المجهوالت ترش��يد العسكرة وأنسنتها‪ ،‬لئال‬ ‫ننسى أن الثورة أنثى‪.‬‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫الثـــورة �أنثـــى‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪17‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫عن حلب مكاين الأول‬ ‫و�سمائي الأوىل‬ ‫غ��ادرت مدين��ة حل��ب ف��ي منتص��ف‬ ‫الس��بعينات‪ ،‬عن عم��ر يناه��ز ‪ 22‬عاماً‪ ،‬أي‬ ‫أنن��ي أمضي��ت ما يق��ارب ثلث��ي عمري في‬ ‫دمش��ق‪ ،‬لك��ن "الش��ام" م��ع كل جماله��ا‪،‬‬ ‫والفته��ا‪ ،‬وتنوعه��ا‪ ،‬ل��م تأخذن��ي تماماً من‬ ‫حل��ب‪ ،‬ولم تصرفن��ي عن حنين��ي ولهفتي‬ ‫وحبي لمدينتي األولى‪.‬‬ ‫ال أعرف كيف انصرفت عن حلب‪ ،‬التي‬ ‫كن��ت غادرته��ا مضط��راً‪ ،‬في تل��ك الحقبة‬ ‫التي ش��هدت بداية االصطدام بين الوطنية‬ ‫الفلس��طينية والسياس��ات األس��دية (عقب‬ ‫"الدخول" الس��وري إلى لبنان)‪ ،‬إذ كنت اشعر‬ ‫بي��ن فترة وأخرى بنوع من "خيانة" إزاء تلك‬ ‫المدين��ة‪ ،‬التي ل��م أوفها حقّه��ا تمامًا‪ ،‬على‬ ‫رغم إنني قمت بزيارته��ا مرات عدة‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من أنني حرصت على تشجيع أوالدي‬ ‫على زيارتها للتعرّف إليها‪ ،‬والتش��بّع بروح‬ ‫تلك المدينة التي ولد أبوهم فيها‪.‬‬ ‫م��ع ان��دالع الث��ورة الس��ورية ب��دا أن‬ ‫حل��ب تأخّرت ع��ن االنخراط ف��ي فعالياتها‬ ‫الجماهيري��ة المباش��رة‪ ،‬ف��ي التوقيت وفي‬ ‫الدرجة‪ ،‬لكنني مع ذلك كنت أحس بأن هذه‬ ‫الثورة مقيمة ف��ي روح معظم أهالي حلب‪،‬‬ ‫الذين طالما شعروا بأن النظام غريب عنهم‪،‬‬ ‫بقدر ما هم غرباء عنه‪ ،‬وإن عبّروا عن ذلك‬ ‫بنوع م��ن الصمت أو التجاهل؛ وهو نوع من‬ ‫المقاومة إن ج��از التعبير كان يتقنه معظم‬ ‫السوريين طوال العقود الماضية‪ .‬ولعل هذا‬ ‫وحده قد يفسّ��ر إعمال القتل والتدمير في‬ ‫حلب‪ ،‬وبالبرامي��ل المتفج��رة‪ ،‬بعدما دخلت‬ ‫على خط الثورة من باب المقاومة المسلحة‪،‬‬ ‫ل��كأن ه��ذا النظام الحاق��د كان ي��درك بأن‬ ‫صمت حلب هو بمثابة مقاومة من نوع آخر‪،‬‬ ‫وكناية عن رفض مضمر له‪.‬‬ ‫المه��م أن تل��ك الح��رب عل��ى حل��ب‬ ‫وأهله��ا أعادتن��ي إلى مدينت��ي األولى‪ ،‬كي‬ ‫أعي��ش معاناته��ا‪ ،‬وعذاباته��ا‪ ،‬م��ع كل حي‬ ‫يتم قصفه‪ ،‬أو بناء ت��م تدميره‪ ،‬األمر الذي‬ ‫بلغت ذروته في إحراق أجزاء من "السويقة"‬ ‫(السوق القديمة)‪.‬‬ ‫عندم��ا كنت مع أهلي في حلب س��كنّا‬ ‫ف��ي حيين‪ ،‬أولهما‪ ،‬حي الجلوم‪ ،‬في المدينة‬ ‫القديمة‪ ،‬وهو أقرب إلى باب قنس��رين‪ ،‬احد‬ ‫أبواب المدينة‪ ،‬مع باب أنطاكية وباب الجنين‬ ‫وباب الفرج وب��اب المقام وباب الحديد وباب‬ ‫النص��ر وباب النيرب‪ .‬وه��ذا الحي يصل إلى‬ ‫أس��وار حلب المحيط��ة بالمدين��ة القديمة‪،‬‬ ‫وإلى "الس��ويقة" أو س��وق المدين��ة (قرين‬ ‫س��وق الحميدي��ة بدمش��ق لكن اكب��ر منه‬ ‫بكثي��ر)‪ ،‬كم��ا إل��ى جام��ع س��يدنا زكري��ا‬ ‫(الجام��ع األم��وي)‪ ،‬وقلع��ة حلب‪ ،‬عب��ر أزقة‬ ‫طويل��ة ومتعرجة ومتفرعة‪ ،‬تأس��ر عابريها‬ ‫بحميميتها وتاريخها العتيق‪ .‬أما الحي الثاني‬ ‫فهو "بس��تان القصر" في "الكالسة"‪ ،‬وهذه‬ ‫منطقة شعبية‪ ،‬وفيها معامل نسيج ومصابغ‬ ‫وورش لمختلف المهن‪ ،‬وأغلبية س��كان هذا‬ ‫الحي ه��م من العم��ال والحرفيي��ن وصغار‬ ‫الموظفين‪ .‬ومنطقة الكالس��ة هذه مجاورة‬ ‫لمنطقت��ي الس��كري واألنصاري الش��رقي‪،‬‬ ‫لجه��ة الجنوب‪ ،‬أما من جهة الش��مال فهناك‬

‫منطقة س��وق الهال وحي المشارقة‪ .‬وبينما‬ ‫تط��ل الكالس��ة من جه��ة الغ��رب على حي‬ ‫األنص��اري الغربي ومنطق��ة اإلذاعة‪ ،‬حيث‬ ‫ال يقط��ع بينها وبي��ن تلك المنطقة س��وى‬ ‫س��كة حديد‪ ،‬ومجرى نهر قوي��ق (القديم)‪،‬‬ ‫م��ع البس��اتين والحدائ��ق المحيط��ة به من‬ ‫على الضفتين‪ .‬أما من الجهة الش��رقية فإن‬ ‫حي الكالس��ة بامتداداته مجاور تماما لسور‬ ‫المدينة القديمة ويمكن من أطرافه الولوج‬ ‫عب��ر ب��اب قنس��رين أو ب��اب أنطاكي��ة إلى‬ ‫المدينة القديمة‪ ،‬للذهاب إلى الجامع الكبير‬ ‫(جامع زكريا) أو للتسوق‪ ،‬أو للفرجة‪.‬‬ ‫عل��ى أي حال فإن تلك األماكن العادية‬ ‫ل��م تع��د مغم��ورة‪ ،‬الس��يما بع��د أن غمرت‬ ‫أس��ماؤها فضاءات اإلعالم‪ ،‬بس��بب الحرب‪،‬‬ ‫ذل��ك أن القص��ف واالش��تباكات ل��م يوف��را‬ ‫أي منها‪ ،‬الس��يما حي بس��تان القصر (الذي‬ ‫قضي��ت في��ه مراح��ل الدراس��ة االبتدائي��ة‬ ‫واإلعدادية والثانوية)‪ ،‬وكذا منطقة اإلذاعة‬ ‫والمدينة القديمة‪.‬‬ ‫في حلب ش��اءت األقدار أن اش��تغل في‬ ‫بي��ع الكتب‪ ،‬فقد ص��دف أن جارا لنا يتاجر في‬ ‫الكتب بين القاهرة وحلب‪ ،‬ولديه مكتبه‪ ،‬هي‬ ‫عب��ارة عن قبو في ش��ارع ش��كري القوتلي‪،‬‬ ‫وهو ش��ارع مش��هور بتلك األقبية التي باتت‬ ‫مكتب��ات تبيع الرواي��ات العالمي��ة والدواوين‬ ‫الش��عرية والكت��ب الفلس��فية والتاريخي��ة‪.‬‬ ‫وهكذا صدف أن تلك المكتبة تقع بين ساحة‬ ‫س��عد اهلل الجاب��ري حي��ث الحديق��ة العام��ة‬ ‫(المشتل) وش��ارع بارون‪ ،‬أي شارع السينمات‬ ‫في حلب قديم��ا‪ .‬وفي مؤخرة الطرف الغربي‬ ‫من هذا الش��ارع يقع ن��ادي الضباط القديم‪،‬‬ ‫وف��ي مواجهت��ه يق��ع الفن��دق الس��ياحي‪،‬‬ ‫ومقهاه الش��هير‪ ،‬الذي بات مقهى للمثقفين‪،‬‬ ‫واالثنين تعرضا لعملية تفجير‪ ،‬غير مفهومة‬ ‫وغي��ر مبررة‪ ،‬الس��يما أن الجه��ة التي أعلنت‬ ‫مسؤوليتها عن هذه التفجيرات تطرح بشأنها‬

‫عديد من األسئلة؛ وباألخير فقد ذهب ضحية‬ ‫هذه التفجيرات ضحايا أبرياء‪.‬‬ ‫ه��ذا الش��ارع بالضب��ط‪ ،‬أي ش��ارع‬ ‫شكري القوتلي‪ ،‬ش��كل جزءا من طفولتي‪،‬‬ ‫وذاكرت��ي‪ ،‬فق��د قضيت العطل��ة الصيفية‪،‬‬ ‫تل��و األخ��رى‪ ،‬ف��ي المرحلتي��ن االبتدائي��ة‬ ‫واإلعدادية‪ ،‬وأنا أبيع الكتب في تلك المكتبة‬ ‫(مكتب��ة الجماهي��ر)‪ ،‬أما بعد ذل��ك فقد بت‬ ‫اقضيها في معسكرات "فتح"‪.‬‬ ‫والحقيق��ة فإنن��ي ف��ي غض��ون ذلك‬ ‫كن��ت أقرأ أكثر مم��ا أبيع‪ ،‬وطبع��ا فإن عادة‬ ‫المطالع��ة لم اكتس��بها من ه��ذه "المهنة"‬ ‫وإنم��ا قب��ل ذل��ك‪ ،‬وق��د نميتها ف��ي مكتبة‬ ‫المرك��ز الثقاف��ي‪ ،‬ال��ذي كان قريب��ا نوع��ا‬ ‫م��ا إلى بيتن��ا‪ .‬وعل��ى العموم فق��د قضيت‬ ‫أش��هرا عدي��دة‪ ،‬بي��ن صيفية وأخ��رى‪ ،‬وأنا‬ ‫اش��تغل في بيع الكتب‪ ،‬حيث اس��تلم مفتاح‬ ‫المكتب��ة‪ ،‬واذه��ب م��ن بس��تان القصر إلى‬ ‫ش��ارع القوتلي حيث المكتبة‪ ،‬وأقوم بصف‬ ‫الكتب‪ ،‬في البسطة‪ ،‬واجلس في زاوية على‬ ‫اليمين أو على اليس��ار‪ ،‬أو عل��ى عتبة أدراج‬ ‫البيت المجاور‪ ،‬مس��تغرقا في القراءة‪ ،‬التي‬ ‫ال يقطعه��ا إال إقب��ال زبون على الش��راء‪ ،‬أو‬ ‫عبث أخر في ترتيب البسطة‪ .‬وفي الخالصة‬ ‫فقد وقعت في "ش��ر" أعمالي‪ ،‬إذ أن صاحب‬ ‫المكتبة ضبطني متلبس��ا‪ ،‬ف��ي أحد األيام‪،‬‬ ‫حيث كاد يضبضب كل الكتب (البسطة) وأنا‬ ‫مس��تغرق في القراءة‪ .‬أم��ا أهم الكتب التي‬ ‫كان��ت تباع آنذاك فم��ن الرواي��ات العالمية‪،‬‬ ‫ذه��ب مع الري��ح‪ ،‬والبؤس��اء‪ ،‬وثالثية نجيب‬ ‫محف��وظ‪ ،‬وم��ن دواوي��ن الش��عر‪ ،‬للمتنبي‬ ‫وأب��و فراس الحمداني وأب��و العالء المعري‪،‬‬ ‫ومحم��ود دروي��ش ون��زار القبان��ي‪ .‬أما من‬ ‫كتب الفلس��فة فكتاب نيتش��ه‪" :‬هكذا تكلم‬ ‫زرادش��ت" (وحينه��ا لم أكن اع��رف ما األمر‬ ‫حق��ا!)‪ ،‬كما كتب أخ��رى لمحم��د عبده وطه‬ ‫حسين واحمد أمين‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫ماجد كيالي‬

‫م��ا أود أن أقول��ه هن��ا أن حل��ب تل��ك‬ ‫األي��ام كان��ت تض��ج بالحي��اة‪ ،‬فثم��ة مقاه‪،‬‬ ‫ودور سينما‪ ،‬ففي شارع البارون لوحده كان‬ ‫ثمة نحو ثمان منها‪ ،‬بحيث تش��عر بأنك في‬ ‫ش��ارع الحمرا في بي��روت (إذا ل��م يكن في‬ ‫الس فيغاس)‪ ،‬في الس��تينات والس��بعينات‪،‬‬ ‫الس��يما مع ه��ذا الطقس االحتفالي س��اعة‬ ‫الدخ��ول والخروج‪ .‬وف��ي الواقع فقد تعرفت‬ ‫عل��ى المقهى م��ن خ�لال إدمان أب��ي على‬ ‫الجلوس فيها‪ ،‬م��ع زمالئه في العمل‪ ،‬أو مع‬ ‫معارفه م��ن الالجئين الذين قدموا معه من‬ ‫فلس��طين إلى حلب‪ .‬أما السينمات فتعرفت‬ ‫عليها من خالل أمي التي كانت تحرص على‬ ‫حضور أفالم شادية وكمال الشناوي‪ ،‬وفريد‬ ‫األطرش وفريد شوقي ونجوى فؤاد ورشدي‬ ‫أباظة ونادي��ة لطفي وعب��د الحليم حافظ‪،‬‬ ‫لكأنه��ا بذلك تعوض ع��ن زمن مضى وعن‬ ‫حل��م ضاع‪ .‬وفي هذا الش��ارع أيض��ا أيامها‪،‬‬ ‫أي حت��ى أواخر الس��تينيات تقريبا‪ ،‬كان ثمة‬ ‫ترام��واي‪ ،‬من ع��دة حافالت‪ ،‬يقط��ع مدينة‬ ‫حلب من ش��رقها إلى غربها‪ ،‬من باب النصر‬ ‫إل��ى الجميلية‪ .‬كان كل ش��يء يب��دو جمي ًال‬ ‫من ش��ارع ش��كري القوتلي‪ ،‬من باب الفرج‬ ‫إلى حديق��ة المش��تل‪ ،‬وكان��ت الدنيا تضج‬ ‫بالحي��اة‪ ،‬حتى أواخ��ر الس��تينيات‪ ،‬بعد ذلك‬ ‫انزوت المقاهي وغابت الس��ينمات‪ ،‬وتوقف‬ ‫الترام��وي‪ ،‬وانطوت الكتب على نفس��ها في‬ ‫المكتبات‪ ،‬فقد بتنا في زمن آخر‪.‬‬ ‫هكذا‪ ،‬ومع كل الوجع‪ ،‬اس��تعدت مكاني‬ ‫األول‪ ،‬وس��مائي األول��ى‪ ،‬أن��ا الفلس��طيني‬ ‫السوري‪ ،‬الذي ولدت في حلب‪ ،‬وعشت القسط‬ ‫األكب��ر من عمري في دمش��ق الش��ام‪ ،‬فلكل‬ ‫إنسان مكانه الخاص‪ ،‬الذي يظل يشعر نحوه‬ ‫بالحنين والشغف‪ ،‬مهما تنقل في األمكنة‪.‬‬ ‫س�لامة حلب وأهلها‪ ..‬وس�لامة سوريا‬ ‫كلها‪.‬‬ ‫المستقبل ‪2012 / 10 / 14‬‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫تتخذ من اإلبادة "سياس��ة" ضد محكوميها‬ ‫أو‪ /‬وس��كان األراض��ي التي تحت ّلها‪ ،‬ش��رع‬ ‫النظام السوري بقوننة عمليات اإلبادة التي‬ ‫يمارسها ضد "شعب الثوّرة" (القوانين التي‬ ‫صدرت في أيار وحزيران‪ :‬مكافحة اإلرهاب‬ ‫والتنظي��م العمراني)‪ .‬يمكن اعتبار "قوننة‬ ‫التش��بيح"‪ ،‬بحس��ب م��ا يمك��ن أن يعتقده‬ ‫نظام بش��ار األس��د‪ ،‬مدخ ًال أنس��ب وأش��د‬ ‫س��حق‬ ‫فعاليّة لمحاولة س��حق الثوّرة عبر‬ ‫ٍ‬ ‫متعدّد األوجه واألشكال لمجتمعها‪.‬‬ ‫ال تؤ ّلف الكتائب الش��عبيّة المس�� ّلحة‬ ‫"الجي��ش الحر"‪ ،‬وال الناش��طون المدنيون‪،‬‬ ‫وال‪ ،‬بالطبع‪ ،‬المعارضة السياسيّة ما يمكن‬ ‫دعوته مجتمع الثوّرة‪ .‬فهذا األخير هو مئات‬ ‫األلوف ب��ل الماليين من أبن��اء المجتمعات‬ ‫المحليّ��ة الصغي��رة المهمّش��ة والفقيرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والت��ي ّ‬ ‫وتش��كل "م��ادّة" الث��وّرة‪.‬‬ ‫ش��كلت‬ ‫وليس��ت الكتائ��ب والنش��طاء والمعارض��ة‬ ‫السياسيّة سوى تشكيالت ثانويّة أفرزتها‬ ‫تلك المجتمعات‪ ،‬بنسب متفاوتة‪ ،‬لالضطالع‬ ‫ببعض المهام‪ :‬الحماية‪ ،‬اإلغاثة‪ ،‬و "ادّعاء"‬ ‫التعبير السياسي!‬ ‫ّ‬ ‫كل ما سبق‪ ،‬وغيره‪ ،‬قد يعيد االعتبار‪،‬‬ ‫بعد إزاحة اإلجابات "المباشرة"‪ ،‬إلى السؤال‬ ‫أن ح��رب اإلبادة التي يش��نّها‬ ‫التال��ي‪ :‬هل ّ‬ ‫النظ��ام ض��د المنتفضين عمي��اء ح ّقًا؛ بال‬ ‫أن النظام الس��وريّ بات يسعى‬ ‫هدف؟! أم ّ‬ ‫إلى تحقيق معادلته "األسد أو نحرق البلد"‬ ‫وفق تعريف ال يُسقط حدّي المعادلة معًا‪:‬‬ ‫بقاء األسد بعد حرق البلد؟!‬ ‫في المبدأ‪ ،‬يمارس النظام الس��وريّ‬ ‫عنف��ًا محض��ًا‪ ،‬ال يغل��ب علي��ه التنظي��م‪،‬‬ ‫ويتح��وّل العنف االعتباطي إلى ش��كل من‬ ‫العن��ف قد يك��ون في بعض الحاالت أش��دّ‬ ‫وطأة من ذاك المنظم والمنضبط بأهداف‬

‫مح��دّدة‪ .‬ال يس��ير عنف النظ��ام وفق خط‬ ‫منتظ��م‪ ،‬وإن كان متصاع��داً‪ ،‬وال ينضبط‬ ‫قطع��ًا بش��رائع أو قواني��ن أو أخالقي��ات؛‬ ‫ينهش النظام السوري جسد الثوّرة‪ :‬يقتل‬ ‫أبناءها‪ ،‬عائالتها‪ ،‬ويشرّدهم‪ .‬يُخلي أحياء‬ ‫كامل��ة م��ن س��كانها‪ .‬يدمّر أحي��اء وبلدات‬ ‫وم��دن‪ .‬لم يبق في "بنك أه��داف" النظام‪،‬‬ ‫في مدينة كحمص مث ًال‪ ،‬أيّ ش��يء يمكن‬ ‫أن ّ‬ ‫يش��كل هدفاً مش��روعًا "من وجهة نظر‬ ‫النظ��ام بالطب��ع!"‪ .‬حم��ص المحاصرة منذ‬ ‫أش��هر‪ ،‬التي ألهمت بمظاهراتها الس��لميّة‬ ‫الحاش��دة وهتافاته��ا مئ��ات اآلالف م��ن‬ ‫السوريين‪ ،‬يُعنون‪ ،‬اليوم‪ ،‬بعض ناشطيها‪،‬‬ ‫وبمصداقيّ��ة كاملة‪ ،‬أحد مقاط��ع الفيديو‬ ‫الت��ي نُش��رت عل��ى يوتي��وب بـمظاه��رة‬ ‫"طيّارة" في حي الوعر بحمص!‬ ‫ف��ي المحصلة النهائيّ��ة لم يعد ثمّة‬ ‫إمكانيّ��ة للحديث عن ش��عب منتفض في‬ ‫مواجهة س��لطة تتخ��ذ من العن��ف العاري‬ ‫والمطل��ق وس��يلة لـ"تس��ييس" المواجهة‪.‬‬ ‫المقصود بذلك‪ ،‬أن "ش��عب الث��وّرة" الذي‬ ‫ثابر النظام على تحطيم شروط عيشه بات‬ ‫يفتقد إل��ى العناصر األساس��يّة لصموده‪:‬‬ ‫اإلنت��اج بمعن��اه المباش��ر "اليوم��ي"…‬ ‫والبقاء!‬ ‫ف��ي المقاب��ل‪ ،‬ونظ��راً لخبرته��م‬ ‫"الفطريّ��ة" بنظام التش��بيح الس��وري‪ ،‬ال‬ ‫يب��دو أن مجتمع��ات الث��وّرة األهليّ��ة في‬ ‫وارد التراجع عمّا خرجت من أجله‪ :‬إس��قاط‬ ‫النظ��ام‪ .‬يتع ّل��ق األم��ر ب��اإلرادة والعزيمة‬ ‫الصلبتي��ن واالس��تعداد للتضحيّ��ة‪ .‬ه��ذه‬ ‫العوام��ل التي أعط��ت للثوّرة في س��وريا‬ ‫زخمه��ا األوّل واس��تمرارها الطوي��ل‪ .‬ل��ن‬ ‫يكفي ه��ذا بالطب��ع‪ ،‬لذا ثمّة تس��اؤل هو‬ ‫األجدر بمحاول��ة البحث عن إجابة "عمليّة"‬

‫له‪ :‬هل ثمّة إمكانيّة أن تعيد الثوّرة إنتاج‬ ‫عناصر صم��ود مجتمعاته��ا األهليّة وهي‬ ‫الث��وّرة اليتيمة "داخلي��اً" وإقليميًا ودوليًّا؟!‬ ‫ليس األمر بالهيّن قطعاً‪ ،‬األسوأ أن الثوّرة‬ ‫تب��دو عاجزة عن إعادة إنت��اج هذه العوامل‬ ‫من داخلها‪ ،‬على األقل وفق عناصر معادلة‬ ‫الصراع الحاليّة و"المستقرة"!‬ ‫ليس في األفق أيّه تحوّالت خارجيّة‬ ‫نوعيّ��ة ف��ي مس��ار المواجهة قد تس��اعد‬ ‫المجتم��ع األهل��ي المنتف��ض عل��ى ش��دّ‬ ‫أزره ولملم��ة جراح��ه‪ :‬ال يمك��ن التعويل ال‬ ‫على الح��راك اإليراني الش��عبي المحدود"‬ ‫المرتبط بأسباب داخليّة بالدرجة األولى"‪،‬‬ ‫وال طبع��ًا عل��ى الغض��ب الترك��ي الباهت‬ ‫"بضع��ة قذائ��ف عل��ى موق��ع المدفعيّ��ة‬ ‫الس��وريّة في الرقة لن تفيد الثوّرة وربما‬ ‫تفي��د النظام!"‪ ،‬وليس ثمّ��ة تعويل جديّ‬ ‫على "حراك القرداحة"!‬ ‫تبقى االنتخابات األميركيّة!‬ ‫م��ن المخيّ��ب‪ ،‬بالطب��ع‪ ،‬أن ترتب��ط‬ ‫التح��وّالت النوعيّة التي قد تع��ود بفائدة‬ ‫عل��ى الث��وّرة في ه��ذه اللحظة بمس��ائل‬ ‫خارجيّ��ة‪ .‬لك��ن‪ ،‬وبالمقابل‪ ،‬م��اذا بإمكان‬ ‫ثوّار سوريا أن يفعلوا أكثر مما فعلوا؟!‬ ‫تحي��ا الث��وّرة لحظته��ا األش��د حرجًا‬ ‫وخط��ورة‪ .‬تنتظر الث��وّرة مفاجآت س��ارّة‬ ‫م��ن العي��ار الثقي��ل‪ ،‬ليس ثمّة م��ا يرجّح‬ ‫إمكانيّ��ة حصوله��ا س��وى‪ ..‬األم��ل!‪ .‬وهو‬ ‫م��ا يمكن أن يت��رك للتفاؤل نافذة تس��مح‬ ‫بإعادة قراءة اللحظة الراهنة كجزء متصل‬ ‫من مس��ار طويل ل��م يكن يوم��ًا‪ ،‬ومنذ ما‬ ‫يقارب التسعة عشر ش��هراً‪ ،‬سوى‪ :‬المسار‬ ‫األكثر حراجة وخطورة في تاريخ البلد!‬ ‫عن الجمهورية لدراسات الثورة السورية‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أبٌ م��ع زوجته‬ ‫ب��ات المش��هد مألوفًا‪ّ :‬‬ ‫وأطفالهم��ا يحت ّلون حيّزاً على أرصفة أحد‬ ‫الش��وارع في دمش��ق‪ .‬يُفضّ��ل أن يكون‬ ‫الحيّز بجان��ب مطعم ما‪ .‬س��يلتفت إليّهم‬ ‫بع��ض الزبائ��ن‪ :‬يمنحونهم وجب��ة طعام‪،‬‬ ‫وفي الغالب‪ ،‬بقاياها!‬ ‫ف��ي الحدائق نفس المش��هد‪ .‬يُضاف‬ ‫إليّه عنصرين اثنين‪ :‬حبال غسيل أعدّتها‬ ‫العائ�لات النازحة على عج��ل (ما يزيد عن‬ ‫الس��تمائة أل��ف أس��رة بحس��ب الحكوم��ة‬ ‫السوريّة نفسها!)‪ ،‬وسيارات الشرطة التي‬ ‫تحيط بـ"الغرباء" القابعين في حدائق أحياء‬ ‫الطبقات الوسطى والغنيّة‪" ..‬اآلمنة"!‬ ‫ب��ات مألوف��ا‪ ،‬أيض��ًا‪ ،‬أن يقت��رب من‬ ‫شبّان أو ٌ‬ ‫رجال يحمل البعض منهم‬ ‫المارّة ٌ‬ ‫هويّاته��م الش��خصيّة‪ .‬يتوّجهون بطلب‬ ‫اإلعانة "لش��راء حلي��ب للصغير أو لش��راء‬ ‫وجبة للعائلة"‪ .‬يش��يرون‪ ،‬عب��ر هوّياتهم‪،‬‬ ‫إلى مكان اإلقامة‪ :‬الحجر األسود‪ .‬التضامن‪.‬‬ ‫القابون‪ ..‬وأحياء دمش��قيّة أخ��رى‪ :‬فقيرة‬ ‫ومهمّشة‪ ،‬ثائرة ومدمّرة!‬ ‫ال يف��وت أغل��ب ه��ؤالء التأكي��د‬ ‫عل��ى كونه��م أصح��اب مصال��ح وأش��غال‬ ‫وأنّهم"يكس��بون ق��وت رزقه��م من عرق‬ ‫جبينه��م"‪ .‬قبل أن يضيف��وا "لكنّك تعرف‬ ‫الوض��ع‪ .‬اضطررن��ا للخ��روج م��ن منازلن��ا‬ ‫بالثيات التي نرتديها‪ ..‬هربنا من الموت"!‬ ‫ه��ؤالء النازح��ون‪ ،‬م��ع الالجئي��ن‬ ‫الس��وريين الذي��ن س��يبلغ عدده��م قرابة‬ ‫مليون م��ع نهاية الع��ام (المفوضيّة العليا‬ ‫لش��ؤون الالجئين)‪ ،‬عدا عن عشرات اآلالف‬ ‫من المعتقلين‪ ،‬فض ًال عن الشهداء (ما يزيد‬ ‫عن الخمس��ة والثالثين ألفاً) والمفقودين‪،‬‬ ‫هم‪" :‬ش��عب الثوّرة"‪ ،‬مجتمعها‪ ،‬س�لاحُها‬ ‫األمضى وزندها األصلب‪.‬‬ ‫يرتف��ع ع��دد القتل��ى في س��وريا‪ :‬ما‬ ‫يق��ارب المئتي ش��هيد يوميًّا‪ .‬ب��ات الرقم‬ ‫عاديًّا‪ ،‬وقد ال يسبّب االكتئاب!‬ ‫لكنّ العدد ال يطاب��ق المعدود‪ :‬ليس‬ ‫ألن "ش��هداءنا ليسوا أرقامًا" بالطبع‪،‬‬ ‫فقط ّ‬ ‫ولكن أيض��ًا ألنّه��م ال يموت��ون وحيدين‪:‬‬ ‫هنال��ك آالف العائ�لات التي تفق��د مصادر‬ ‫إعالته��ا بموت أحد أفراده��ا أو أكثر‪ .‬يضاف‬ ‫إلى ذلك آالف العائالت التي دمّرت منازلها‬ ‫(‪ 15‬بالمائة من بيوت سورية‪ ،‬حسب تقرير‬ ‫بث عل��ى قناة العربيّ��ة)‪ .‬ثمّ��ة‪ ،‬إذاً‪ ،‬فئات‬ ‫واس��عة من "مجتمع الث��وّرة" تموت؛ تموت‬ ‫مجازيًّا… و"ثوريًّا"!‬ ‫تح��رق ميليش��يات النظ��ام الس��وري‬ ‫بي��وت بع��ض األحي��اء ف��ي م��دن وبلدات‬ ‫س��وريّة عدّة فقط لغاية واح��دة محدّدة‪:‬‬ ‫من��ع أصحابه��ا م��ن الع��ودة‪ .‬م��ا ال يحرقه‬ ‫هؤالء تتكفل الطائرات ببراميلها أو المدافع‬ ‫بقذائفه��ا بتدمي��ره‪ .‬وما ال يدّم��ر بهذا أو‬ ‫بذاك تأت��ي الجرافات بحماية الميليش��يات‬ ‫عينه��ا و"المرس��وم التش��ريعي رق��م ‪40″‬‬ ‫لتهدم��ه!‪( .‬تقرير لجان التنس��يق المحلية‪:‬‬ ‫هدم المنازل العقابي في المدن السورية‪:‬‬ ‫جريمة حرب)‪.‬‬ ‫إذ‪ ،‬وكم��ا ه��و جدي��ر باألنظم��ة التي‬

‫محمد دحنون‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫"جمتمع الث ّورة" يف خطر‪:‬‬ ‫الث ّورة �أي�ضا؟!‬

‫‪19‬‬


‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫ك�سا ْر الزبادي‬ ‫ٌ‬ ‫يوميــات فـي املنفــى‬ ‫جمال منصور‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫الرأس‬ ‫أجوفَ ِ‬ ‫أجوفَ األفكا ِر‬ ‫القلب‬ ‫أجوف ِ‬ ‫والكلماتِ‬ ‫أقفُ‬ ‫الشارع الـ ليسَ لي‬ ‫منتصف‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫الـ ال تجاعيدَ‪ ،‬على وجههِ‬ ‫الـ ال يشبهني‪ ،‬بتاتًا‬ ‫أحملقُ‬ ‫كل الجهاتِ‪،‬‬ ‫في ِ‬ ‫وال أجدُ‬ ‫تلكَ البالدَ الـ أضعتُها‪ ،‬من َذ األبدْ‬ ‫تلك البالدَ‬ ‫الـ أضاعتني‪...‬‬ ‫[المتاهَهْ]‬

‫***‬ ‫ليتَ بإمكاني‬ ‫أن أبتلعَ‬ ‫ش��وارع الطفول��ةِ الخرقا ِء ‪ /‬قباقيبَ غ��وارَ ‪ /‬أفخا َذ‬ ‫كل‬ ‫ِ‬ ‫ش��ارع بغ��دادَ‬ ‫النس��ا ِء المكتن��زةِ الم��دورَة ‪ /‬أش��جارَ‬ ‫ِ‬ ‫الس��امقةِ ‪ /‬حي "عطا األيوبي"‪ ،‬بأكملهِ ‪ /‬طاولتي‪ ،‬في‬ ‫مقهى الروضةِ ‪ /‬زواياي الكسلى‪ ،‬في كل مكانٍ‬ ‫أضعها عميقًا‬ ‫في جوفي‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬ ‫إحدى جداريات سراقب المحررة‬

‫وأحملها معي‪ ،‬أينما كنتُ ‪-‬‬ ‫لكنَ جسمي صغيرٌ‬ ‫وقلبي ضعيفْ‪...‬‬ ‫[إسفنجَهْ]‬

‫***‬ ‫مزن��ر بالجنودِ‬ ‫أفق‬ ‫مركز ‪ /‬بال خط اس��توا ٍء ‪ /‬ب�لا ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ب�لا ٍ‬ ‫طعم الغبا ِر المتصاعدِ من فرش��اتِ‬ ‫أو الدباب��اتِ ‪ /‬ب�لا ِ‬ ‫البق‬ ‫العساك ِر‪ ،‬أو ِ‬ ‫الليل‪،‬‬ ‫أجلسُ هذا المسا َء‪ ،‬مع صراصي ِر ِ‬ ‫تحتَ هذي السما ِء الشماليةِ المؤدبةِ‬ ‫واألقرب إلى اهللِ‪ ،‬قلي ًال؛‬ ‫أتفرسُ في نقطةٍ في رأسي‬ ‫الخراب الـ استطعناهُ طوي ًال‪،‬‬ ‫كم‬ ‫ِ‬ ‫على ِ‬ ‫طوي ًال‪،‬‬ ‫ثمَ‬ ‫ْ‬ ‫الفراغ‪...‬‬ ‫أبصقُ في‬ ‫[مصيافْ ‪ /‬عسكريَهْ]‬ ‫***‬ ‫ُ‬ ‫أحاول‬ ‫ وال أستطيعُ‪ ،‬بتاتًا ‪-‬‬‫طردَ هذهِ الرائحةِ‬ ‫العفن ‪ /‬والخرا ِء ‪ /‬وشي ٍء‪ ،‬يشبه موت األشيا ِء‬ ‫طردَ هذا‬ ‫ِ‬

‫واألحالم ‪/‬‬ ‫والش��وارع ‪ /‬والمدين��ةِ ال��ـ كنتُ أعرفه��ا ‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واهللِ‪ ،‬في قلبي ‪ /‬والروحَ‬ ‫الـ ال تتركني‬ ‫الـ تتبعُ اثري‪ ،‬أينما كنتُ‬ ‫كلعنةِ الفراعنةِ‬ ‫أو الوشمْ‪...‬‬ ‫[الحانوتي]‬

‫***‬ ‫كدخانِ سيجارةٍ‪ ،‬بال هدفٍ‬ ‫أو كأغنيةٍ‪ ،‬نسيت من كان غناها أول مرةٍ‬ ‫ُ‬ ‫أتجول‬ ‫أماكن الـ سِوى ‪-‬‬ ‫ في‬‫ِ‬ ‫حراً من كل شي ٍء‪،‬‬ ‫إيقاع خطوي الدمشقي الخفيفِ‬ ‫إال من ِ‬ ‫الكالم‪ ،‬الـ بنكهةِ الدرابزين‪-‬خرمزي‬ ‫في‬ ‫لهجتي‬ ‫ومن‬ ‫ِ‬ ‫أوراق "كسا ِر الزبادي" الـ كنا ننثرها‪ ،‬بنفخةٍ بلهاء‬ ‫ر‬ ‫أث‬ ‫ومن ِ ِ‬ ‫في الهوا ِء‬ ‫في الهوا ْء‪...‬‬ ‫[أنا‪ ،‬كسارُ الزبادي]‬

‫***‬ ‫كسارْ الزبادي‬


‫فواز طرابل�سي‪ :‬الدميقراطية ثورة‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫لالنتقاد لكونه��ا أصبحت عتيق��ة الطراز‬ ‫أو غي��ر مناس��بة للتكي��ف م��ع التطورات‬ ‫العالمي��ة الجدي��دة أو النظ��ام العالم��ي‬ ‫الجدي��د وتك��ون النتيجة الحتمي��ة تكرار‬ ‫البداي��ات دون أي تراك��م للمعرف��ة ألن‬ ‫عناصر الواقعية االجتماعية يعاد تعريفها‬ ‫وتصميمها باستمرار وبكل بساطة تطلق‬ ‫عليها أس��ماء جدي��دة»‪ .‬وتابع يق��ول إنه‬ ‫باإلم��كان متابعة هذه النزع��ة في جميع‬ ‫مجاالت النت��اج الفك��ري عملي��ًا‪ .‬والمثال‬ ‫المناس��ب هنا «تقارير التنمية البشرية»‬ ‫الخاص��ة بالمنطقة والص��ادرة عن األمم‬ ‫المتحدة‪ .‬فتعبير «التنمية البشرية» يحل‬ ‫حالي��ًا مح��ل تعبير «التنمي��ة» بدعوى أن‬ ‫فكرة التطور ذاتها قد ألغيت من قاموس‬ ‫المجال االقتصادي وتركت لألس��واق غير‬ ‫النظامي��ة ويش��ار إليها حالي��اً في أفضل‬ ‫األح��وال بالتعبي��ر المتواض��ع «النم��و»‬ ‫ليشمل الثالوث الجديد‪ :‬الحرية والمعرفة‬ ‫والن��وع‪ .‬وهذا االس��تبدال ب��دل أن يدمج‬ ‫الجدة ضمن مجموعة المش��اكل الفعلية‬ ‫للمنطق��ة أو يتمث��ل ه��ذه الج��دة ضمن‬ ‫جدليت��ه النظري��ة غالب��ًا ما يحج��ب تلك‬ ‫المشاكل بكل بساطة‪.‬‬ ‫فق��د حل��ت الدراس��ات الت��ي تتناول‬ ‫الفقر محل الدراس��ات التي تتناول توزيع‬ ‫الدخ��ل‪ ،‬واقتص��رت الدراس��ات األخي��رة‬ ‫على دراس��ات تجري على مستوى عالمي‬ ‫الملي��ار األغني��اء وم��ن تبقى بع��د ما بدأ‬

‫الفق��ر يتح��ول إل��ى م��ا يش��به الكارث��ة‬ ‫الطبيعية أو الوباء‪.‬‬ ‫والنتيج��ة أنن��ا ن��درس الفق��ر دون‬ ‫دراس��ة الثروة‪ .‬نح��ن نع��رّف الفقير وال‬ ‫نع��رّف الغني‪ .‬وفيم��ا يتعل��ق بالطبقات‬ ‫الوسطى فهي إما أن تصور وكأن عددها‬ ‫وتأثيره��ا ق��د تقل��ص أو بالتال��ي فه��ي‬ ‫تحتضر‪ ..‬أو يناط به��ا دور المؤتمن على‬ ‫رس��الة الديمقراطي��ة‪ .‬وف��ي الحالتين ال‬ ‫يس��تثمر س��وى أقل القليل بلغ��ة الجهد‬ ‫السياس��ي السوس��يولوجي ف��ي دراس��ة‬ ‫الس��لوك السياس��ي للطبق��ات المش��ار‬ ‫إليه��ا… أم��ا في م��ا يخص حل مش��كلة‬ ‫الفق��ر فاألم��ر هن��ا ال يقل عن مش��روع‬ ‫طم��وح لألمم المتحدة لمح��و الفقر على‬ ‫نط��اق عالم��ي مع تحدي��د تواري��خ ثابتة‬ ‫إلنجاز العمل لكن يبقى أن نقول أن محو‬ ‫الفقر نهائيًا يج��ري تأجيله عامًا بعد عام‬ ‫مع انكشاف النتائج الهزيلة لتلك الحملة‪.‬‬ ‫ينه��ي طرابلس��ي كتاب��ه بالفق��رة‬ ‫التالي��ة "ستنكش��ف تره��ات م��ن مث��ل‬ ‫المؤام��رة‪ ،‬واأليدي األجنبية‪ ،‬واندس��اس‬ ‫الغرب��اء‪ ،‬على حقيقته��ا الفعلية بما هي‬ ‫وس��ائل تضليل وكذب وتس��لط وتملص‬ ‫من المس��ؤولية والمس��اءلة والمحاسبة‪،‬‬ ‫وق��د كان��ت وال ت��زال وس��تبقى تخ��دم‬ ‫ذوي الس��لطة والمال‪ ،‬تم��ارس وظيفتها‬ ‫المس��تمرة ف��ي تجريم الضحاي��ا وتبرئة‬ ‫المجرمين والمرتكبين"‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كتابن��ا الي��وم للكات��ب والصحف��ي‬ ‫اللبنان��ي "فواز طرابلس��ي" وال��ذي جمع‬ ‫فيه مقاالته ودراس��اته الثمينة المواكبة‬ ‫للربيع العربي‪ ،‬وتكاد الس��مة البارزة في‬ ‫كتاب اليوم مقاربته للربيع العربي‪ ،‬بعيداً‬ ‫عن العنوانين العريضين الذين رافقا كل‬ ‫ما كتب عن ثورات الربيع العربي "الش��بح‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬والمؤامرة الغربية" ليدخل إلى‬ ‫عمق الث��ورات‪ ،‬والديمقراطي��ة بوصفها‬ ‫عملية تحويل جذري��ة للمجتمع من حيث‬ ‫طبيعة الس��لطة فيه وعالقات القوى بين‬ ‫مكوناته‪.‬‬ ‫وينقس��م الكت��اب إل��ى قس��مين‬ ‫محورهم��ا الديمقراطي��ة‪ .‬القس��م األول‬ ‫عبارة عن دراسات ومقارنات تاريخية بين‬ ‫التجربتي��ن الغربي��ة والعربي��ة‪ ،‬والعالقة‬ ‫بي��ن الحري��ة والمس��اواة وبي��ن النف��ط‬ ‫واالس��تبداد والعروب��ة والديمقراطي��ة‪.‬‬ ‫أم��ا القس��م الثان��ي فيتابع في��ه المؤلف‬ ‫العملي��ات الثوري��ة الديمقراطي��ة الت��ي‬ ‫عبّرت عن نفس��ها بـ "انفجارات" ش��عبية‬ ‫ضد األنظم��ة العربية في كل من تونس‬ ‫وليبيا ومص��ر وس��وريا واألردن الخ‪ .‬منذ‬ ‫مطلع العام ‪ 2011‬وال تزال مستمرة حتى‬ ‫كتابة هذه السطور‪.‬‬ ‫يه��دي طرابلس��ي الكت��اب إل��ى‬ ‫ذك��رى المناضلي��ن‪ ،‬اليمن��ي ج��ار اهلل‬ ‫عمر والبحرين��ي عبد الرحم��ن النعيمي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫انتفاضة عسيرة‪،‬‬ ‫اللذين يش��هد بلداهما‬ ‫وهو يؤسس إلش��كاليات تمهيدية يمكن‬ ‫التوس��ع به��ا ودرس��ها‪ ،‬وخصوص��ًا فيما‬ ‫يتعل��ق بالنتائ��ج األولي��ة الت��ي أرس��تها‬ ‫الثورات العربية‪.‬‬ ‫ف��ي القس��م األول‪ ،‬يج��ري كاتبن��ا‬ ‫مقارن��ة تاريخي��ة بي��ن التجربتي��ن‬ ‫الغربي��ة والعربية‪ ،‬والعالق��ة بين الحرية‬ ‫والمس��اواة‪ ،‬وبي��ن النف��ط واالس��تبداد‪،‬‬ ‫والعروبة والديمقراطية‪ ،‬وقبل أن يتوجه‬ ‫إلى عمق موضوعه‪ ،‬يق��دّم رؤية نقدية‬ ‫ف��ي الفرضي��ات الت��ي عالجت استش��عار‬ ‫األزم��ات ف��ي العال��م العرب��ي‪ ،‬وح��ذّرت‬ ‫م��ن مخاط��ر االنفج��ارات االجتماعي��ة‬ ‫والسياسية؛ فهي في الغالب تطرقت إلى‬ ‫جدلية الديموغرافي��ا والتنمية وعالقتهما‬ ‫بما يسميه الكاتب «االستثناء اإلسالمي»‬ ‫الذي يو ّلد العنف الجهادي‪.‬‬ ‫لك��ن االنتفاض��ات العربي��ة كم��ا‬ ‫يخل��ص الكات��ب أثبتت عدم ج��دوى هذه‬ ‫النظري��ات‪« ،‬فه��ي لم تنطلق م��ن اتجاه‬ ‫س��لفي‪ ،‬ب��ل اتخ��ذت وجه��ة ديمقراطية‬ ‫تحقق��ت باس��م الش��عب ال األمة‪ .‬ش��عار‬ ‫األمةـــ��ـ بص��رف النظ��ر عم��ا يحمل��ه‬ ‫م��ن مضم��ون إس�لامي تح��ت مفه��وم‬ ‫الجماعةـــ��ـ تراجع لصالح الش��عب‪ .‬وهذا‬ ‫التح��ول النوعي م��ن المؤش��رات الدالة‪،‬‬ ‫خصوصًا إذا ما ق��ورن بالعبارات الجديدة‬ ‫الت��ي حملها الش��ارع العربي ف��ي ثوراته‬ ‫المطلبي��ة‪ .‬وه��ي إن دل��ت عل��ى ش��يء‪،‬‬ ‫فعل��ى تراج��ع اإليديولوجي��ات "أقله عند‬ ‫الشريحة الش��بابية المتعلمة التي شكلت‬ ‫الوقود الفعلي للحراك الش��عبي العربي"‬ ‫لمصلحة القضايا المش��تركة‪ :‬أي الحرية‬ ‫العمل الخبز»‪.‬‬ ‫كم��ا ي��درس المصطلح��ات الت��ي‬ ‫استخدمها الثوّار العرب‪ ،‬ويموضعها تحت‬ ‫شعارين أساسيين «الشعب يريد إسقاط‬ ‫النظ��ام» و«عم��ل‪ ،‬حري��ة‪ ،‬خب��ز»‪ .‬ويرى‬ ‫أن ظه��ور ثنائية الش��عب والنظام يعيدنا‬

‫إل��ى «عهود حركات التحرر الوطني»‪ ،‬في‬ ‫أن الش��عار الثاني يعبّر في الدرجة‬ ‫حين ّ‬ ‫األولى ع��ن ثورة مطلبية‪ ،‬حيث جزء منها‬ ‫اجتماعي وجزء آخر سياسي‪.‬‬ ‫أن الربي��ع العرب��ي‬ ‫ي��رى طرابلس��ي ّ‬ ‫«يرقى إلى مس��توى الثورات وليس مجرد‬ ‫حركات عابرة»‪ .‬وهذه الخالصة تدفعنا إلى‬ ‫طرح ثالثة أس��ئلة‪ :‬م��ن أين تب��دأ الثورة؟‬ ‫م��ن العامل السياس��ي‪ ،‬أم م��ن المجتمعي‬ ‫والدين��ي والثقافي؟ وكي��ف يمكن الحديث‬ ‫ع��ن ثورات فعلية م��ن دون إجراء التحديث‬ ‫ال�لازم للبن��ى االجتماعي��ة والثقافي��ة‬ ‫والدينية؟ أال يعني ذلك أن األزمة السياسية‬ ‫تعكس أزمة المجتم��ع؟ المهم في «الربيع‬ ‫العرب��ي»‪ ،‬كما خلص العدي��د من مراقبي‬ ‫التح��والت الراهنة‪ ،‬هو كس��ر الخوف الذي‬ ‫أس��قط الجمهوري��ات الوراثي��ة ف��ي مصر‬ ‫واليمن وتونس وليبيا حتى اآلن‪.‬‬ ‫يق��ول كاتبنا أن االفت��راض الموجه‬ ‫إل��ى ه��ذه الدراس��ة ه��و أن النظري��ات‬ ‫والمفاهيم واألفكار التي تنشأ ضمن وضع‬ ‫قومي أو إقليمي معين ليس��ت بالضرورة‬ ‫قابلة للتطبيق ضمن وض��ع آخر‪« .‬فعلى‬ ‫رغ��م أن العدي��د من المث��ل والقيم باتت‬ ‫ش��املة بصرف النظر عن موقع نش��وئها‬ ‫األصلي ال نس��تطيع القول إن كل نظرية‬ ‫أو مفه��وم أو فك��رة ت��م إنتاجه��ا ضم��ن‬ ‫مج��ال نظ��ري مح��دد‪ -‬وف��ي الحالة هذه‬ ‫قيد الدراس��ة نعني بذل��ك الغرب‪ -‬تتمتع‬ ‫بالضرورة بكفاءة التطبيق الش��امل قبل‬ ‫إخضاعه��ا لالختبار أو للتحقي��ق النقدي‪،‬‬ ‫والواقع أن فك��رة المجال العام هي فكرة‬ ‫تب��دو متطابقة مع التجربتي��ن األوروبية‬ ‫واألميركي��ة الش��مالية إلى الح��د الذي ال‬ ‫يس��مح له��ا ب��أن تكتس��ب بديهي��اً قيمة‬ ‫وإمكانية تطبيق شاملتين‪.‬‬ ‫ويضيف أنه ولتبديد أي سوء تفاهم‬ ‫أسارع هنا إلى اإلعراب عن تحفظي بشأن‬ ‫مدلولي��ن متضمني��ن ع��ادة ف��ي مقولة‬ ‫كه��ذه‪ :‬المدلول األول هو أن المنهج الذي‬ ‫ينط��وي عليه االفت��راض وال��ذي يقودنا‬ ‫بشكل أساس��ي إلى تبني مقاربة نقدية‬ ‫تاريخية ومقاربة لمسألة المجال العام ال‬ ‫يعني تبني أي شكل من أشكال جوهرية‬ ‫القومية أو الثقافية‪ .‬ورأى طرابلس��ي أن‬ ‫نش��ر مؤسس��ات دولية أف��كاراً ومفاهيم‬ ‫وتصويرها على أنها بذلك أضحت عالمية‬ ‫أمر لي��س صحيحًا‪ .‬وأض��اف يقول مكم ًال‬ ‫كالمه الس��ابق «أما المدل��ول الثاني فهو‬ ‫أن مج��رد اإلتي��ان بأية أف��كار أو مفاهيم‬ ‫أو نظريات ونش��رها من قبل مؤسس��ات‬ ‫دولية وبالتالي اعتبارها (عالمية) ال يكفي‬ ‫بح��د ذاته لجعلها ش��املة‪ .‬كم��ا أن إدعاء‬ ‫(العالمية) ال يضف��ي على تلك النظريات‬ ‫والمفاهي��م صفة من الش��مولية»‪ .‬وبعد‬ ‫تن��اول زواي��ا أخ��رى م��ن المس��ألة أورد‬ ‫بعض ما أس��ماه «مالحظات أولية» فقال‬ ‫«يثير القبول الس��ائد دون تمييز في دول‬ ‫الجنوب للكثير من النتاج الفكري المعولم‬ ‫خالل عصر ما بعد الحرب الباردة عدداً من‬ ‫األسئلة والمالحظات المنهجية‪ .‬وقد ولدت‬ ‫أساليب المقاربة التي ال تكف عن التحول‬ ‫إلى قضاي��ا المنطقة مقاربة تعتمد البدء‬ ‫من الصفر إلنت��اج المعارف االجتماعية»‪.‬‬ ‫«نج��د بالتال��ي أن اإلنتاج الفك��ري يقوم‬ ‫بتغيير مس��اره مع كل «موض��ة فكرية»‬ ‫مفروض��ة عالمي��اً مما ي��ؤدي م��راراً إلى‬ ‫إعاق��ة أي محاول��ة للتقوي��م النق��دي‬ ‫«للموضة» الس��ابقة الت��ي تتعرض دومًا‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪21‬‬


‫عمر �إدلبي‪‎‬‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫أصدقاءنا الشهداء‪ ..‬الحمد هلل أنكم بخير‪ ..‬ال نستطيع أن‬ ‫نطمئنكم عن أحوالنا حاليًا‪ ،‬نأمل أن تصبروا علينا‪ ،‬فإما‬ ‫نأتيكم بخبر طيب‪ ،‬أو نأتيكم‪ ..‬اشتقنا لكم‪..‬‬

‫حازم نهار‬ ‫ال تطلب من شعب أال يذهب نحو دينه ويلجأ إلى "اهلل" في‬ ‫وق��ت يتعرض فيه للقصف والقت��ل والتعذيب واالعتقال‬ ‫بش��كل يوم��ي‪ ،‬وفي لحظ��ة ال يكترث فيها أح��دٌ ألرواح‬ ‫أبنائ��ه‪ ،‬واألصعب في زمن كانت فيه "نخبته" السياس��ية‬ ‫والثقافي��ة إما خائف��ة أو انتهازية أو هزيلة أو مش��تتة أو‬ ‫متناح��رة‪ ،‬لتعج��ز بالتال��ي عن تش��كيل تل��ك "البوصلة‬ ‫السياس��ية" الضروري��ة في مث��ل هذه الظ��روف‪ ،‬خاصة‬ ‫بع��د نص��ف قرن من حكم ل��م ينتج إال العطال��ة واألمية‬ ‫السياسية والضحالة الفكرية في المجتمع السوري‪.‬‬

‫زينة رحيم‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫دفع ثمن معركته نحو الحرية كل ما كان يملك من معملين‬ ‫ومنزل وحياة ميس��ورة‪ ،‬لكنه ال يتوقف عن الضحك‪" ،‬خيت‬ ‫إذا بنقهر بشيب شعري‪ ،‬بربك بينسخى تروح هالشبوبية"‬ ‫يقول لي‪ ..‬منذ خرج ألجلها متظاهراً يعتبر الحرية أصبحت‬ ‫ف��ي اليد و"خلصت" لذل��ك ال يتمنى االستش��هاد برصاص‬ ‫ق��وات النظ��ام (الع��ادي) وإنما ف��ي معركت��ه القادمة ضد‬ ‫المسلحين "المشلحين" والمتشولين باسم الثورة‪ ..‬أعزائي‬ ‫منحبكجي��ة الجي��ش الح��ر الرافضي��ن ألي نق��د‪ ..‬تعرفوا‬ ‫عل��ى الح��ر الحقيقي‪ ..‬انو صرلي زمان ما التقيت ش��خص‬ ‫بطيبتك وطبيعيتك وش��جاعتك وتهورك بالسواقة وفلتان‬ ‫لسانك‪ ،‬معن أبو صطيف‪ ..‬اهلل يحميك‪): ..‬‬

‫دانيا دبور‬ ‫أول ي��وم العي��د‪ ..‬رح ي��دق الجرس من الصبح ش��خص‬ ‫جدي��د وألول م��رة‪ ..‬رح أق��ول‪ :‬مي��ن؟ ويج��اوب‪ :‬كل عام‬ ‫وانتم بخير‪ ..‬بس من ش��ان العيدية‪ ..‬أنا‪ :‬بس يعني مين‬ ‫جنابك؟ ويجاوبني‪ :‬أنا قناص الحارة!‬

‫رمي ف�ضيل‬ ‫(سأرمم الجامع األموي)»!!!!‪ ..‬وهل بإمكانك‪ ،‬في مسيرة‬ ‫الترميم تلك‪ ،‬أن ترمم أرواح ‪ 23‬مليونًا سوريًا؟‪..‬‬

‫جمال �أبازيد‬ ‫الحري��ة للمعتق��ل‪ ..‬ه��ل تصدق��ون أن أكتب أس��م؟! تبًا‬ ‫للخاص على حس��اب العموم‪ ..‬الحري��ة لمن ليس له أحد‬ ‫سوى الواحد األحد‪..‬‬

‫ليلى العودات‬ ‫كل مين عميقول يا ريت الثورة ما صارت ما بيلبقلوا أحس��ن‬ ‫من بشار االس��د‪ ..‬سبقوه على فنزويال‪ ،‬تركوا هالبلد للناس‬ ‫اللي مو عاجبينكم ومو من مستواكم وما عميفهموا رؤيتكم‬ ‫الثاقبة وتحليلكم السياسي المحنك‪ ،‬نحنا سلفيين ومرتزقة‬ ‫ومتخلفين منفهم على بعض‪ ..‬ما توجعوا راسكم فينا‪.‬‬

‫لينا حممد‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أكتر كلمة ممكن الواحد يس��معها من ش��باب الغوطة هي‪:‬‬ ‫هَي البلد إلها فضل علينا‪ ..‬أكتر ش��غلة بيكرهوها‪ :‬بش��ار‬ ‫األس��د وجبهة النص��رة‪ ..‬أكتر ش��غلة بيعملوه��ا بحياتهن‬ ‫اليومية‪ :‬الضحك‪ ..‬أكتر ش��غلة بيتجادلوا عليها‪ :‬ش��و يعني‬ ‫دولة مدنية‪ ..‬أكتر ش��غلة بيحاربوها‪ :‬إيقاف الحراك الثوري‬ ‫(المظاهرات وخالفو)‪ ..‬أكتر ش��غلة بيصرف��وا وقت عليها‪:‬‬ ‫توحيد الكتائب‪ ..‬أكتر شغلة ممكن يموتوا خاللها‪ :‬التصوير‬ ‫والعم��ل اإلعالم��ي‪ ..‬أكتر ش��غلة بيحبوها‪ :‬س��ـوريـا‪ ..‬أقل‬ ‫شغلتين بيعملوهن‪ :‬النوم والقعدة على الفيس بوك‪..‬‬

‫‪22‬‬ ‫أحد جدران قبر عاتكة‬

‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟ (‪)18‬‬ ‫بدي حس في ضهر حاميني بغض النظر مين أنا بدي قوانين تخلينا كلياتنا متل بعض‪..‬‬ ‫ب��دي حس إني مو مقنوصة وقت أعمل ش��ي مفيد للبلد‪ ..‬ب��دي والدي وقت يكبرو إذا كانوا‬ ‫فهمانين واشتغلوا وتعبوا يقدروا يالقوا تعبهن ويحققوا يلي بدهن ياه‪..‬‬ ‫ما عاد بدي لباس موحد متل الطالئع والش��بيبة‪ ..‬بدي القي كل األلوان بالشارع‪ ..‬بدي‬ ‫نك��ون مختلفين ونقبل ونحترم اختالفاتنا‪ ..‬ما نش��به بعض‪ ،‬بس منحترم بعض ومنش��وف‬ ‫بعض بنفس السوية‪ ،‬ما حدا أحسن من حدا‪.‬‬ ‫موظفة‪ ،‬أم لشابين وفتاة‬

‫يا�سر تي�سري العيتي‬ ‫التف��اؤل ليس نظ��ارة مش��وّهة تضعها عل��ى عينيك لتريك‬ ‫اإليجاب��ي فيم��ا حول��ك وتحج��ب عنك الس��لبي‪ ،‬وال ه��و إبرة‬ ‫مخ��درة تحمي��ك من الش��عور بأل��م الواق��ع‪ ،‬إنه أس��لوب في‬ ‫التفكي��ر يجعلك ترى العيوب والمس��اوئ لتفكر في إصالحها‪،‬‬ ‫ويدفع��ك إل��ى توقع االحتم��االت الس��يئة والعواق��ب الوخيمة‬ ‫لتفك��ر ف��ي تجنبها وتخفي��ف أثره��ا‪ ..‬التفاؤل بحث مس��تمر‬ ‫ع��ن الفرص الس��تثمارها‪ ،‬وعن مس��احات الخي��ر مهما كانت‬ ‫صغي��رة لتوس��يعها‪ ..‬ولئن كان اإلنس��ان بحاجة إل��ى التفاؤل‬ ‫ف��ي كل األوقات فهو أش��د حاجة إليه عن��د المحن والمصاعب‬ ‫واالبتالءات‪ ..‬التفاؤل من صفات القادة الذين يسلكون بالناس‬ ‫دروب الخالص ف��ي األوقات الصعبة والظ��روف األليمة‪ ،‬حين‬ ‫تش��تد األزمات وتبلغ القلوب الحناجر‪ ..‬التفاؤل حركة مستمرة‬ ‫وجه��د دءوب ف��ي عال��م الفكر والواق��ع وليس ش��عوراً جمي ًال‬ ‫يحصّله اإلنس��ان باألحالم الوردي��ة‪ ..‬والمتفائل بهذا المعنى‬ ‫إنس��ان كغيره تأتيه أوقات تمزق فيها سكين األلم نياط قلبه‪،‬‬ ‫ويجتاح فيها طوفان الحزن ش��عاب نفس��ه‪ ،‬لكنه ال يستس��لم‬ ‫له��ذه المش��اعر وال يم ّكنه��ا م��ن ش��ل تفكي��ره وحركته‪ ،‬بل‬ ‫يتجاوزها ويحوّلها إلى مصدر قوة وتحفيز مستعينًا باهلل‪.‬‬

‫رفيدة اخلباز‬ ‫ل��و أن الهدنة تُطبق‪ ..‬لو أنها تكون هدنة طويلة طويلة‪..‬‬ ‫ل��و أن بل��دي يعيش عي��داً دائ��م الخضرة والف��رح‪ ..‬لو أن‬ ‫أص��وات القصف والمدافع تتحول إل��ى أهازيج عيد‪ ..‬لو أن‬ ‫الطائرات التي تشوه الس��ماء وتلقي البراميل تتحول إلى‬ ‫عصافي��ر تزين األج��واء وتنثر الزقزقات‪ ..‬ل��و أن األطفال‬ ‫الذي��ن يمرحون في الجن��ة ينزلون اآلن ويه��زون القلوب‬ ‫م��ع المراجيح‪ ..‬لو أن أرحام البن��ادق تلد زهوراً وحلويات‪..‬‬ ‫لو أن األس��ود الذي تس��ربلت به األمهات ينسج لهن زاهي‬ ‫المالبس‪ ..‬لو أن الموت والدمار يغادران ويفسحان المجال‬ ‫ألق��واس ق��زح‪ ..‬آه ي��ا وطن��ي‪ ..‬لو أن��ك ترتع��ش ألفراح‬ ‫تكبيرات العيد‪ ..‬بدل ارتعاشتك لمخاوف تكبيرات الحرب‪..‬‬

‫جمال داوود‬ ‫كم��ا تش��ي غيف��ارا‪ ..‬كما غان��دي‪ ..‬كم��ا ناضل ه��ؤالء‪ ..‬يناضل‬ ‫سيادته لجالء الشعب عن أرضه!!‪( ..‬مقتبس عن شريف شحادة)‪.‬‬

‫�أيهم �أبو �شقرا‬ ‫م��ن كتر ما وقف��ت ع حواجز اليوم فتت ع محل الش��تري‬ ‫غرض قام عطيته هويتي بالغلط‪..‬‬

‫عماد حورية‬

‫هأل إذا الش��باب توافق��وا على هدنة عي��د األضحى‪ ،‬فينا‬ ‫نتظاه��ر بالعيد؟‪ ..‬اس��ألولي األخضر أهلل يرضى عليكن‪.‬‬ ‫ألنّ��و ال��والد طلعت روحن وكتي��ر اش��تاقوا للمظاهرات‪،‬‬ ‫يعني هادا عيد والوالد بدّن يفرحوا‪ ،‬ما معقولي‪ :‬ال تياب‬ ‫جدي��دة‪ ،‬وال مراجي��ح‪ ،‬وال مظاه��رات‪ ..‬و نظ��راً للظروف‬ ‫االقتصادية فالمظاهرات أرخص شي ماديا إلنا وإلكن‪..‬‬

‫مرام امل�صري‬ ‫أنا ضد كل من يس��تعمل الش��عب األعزل كرهينة بش��رية‪،‬‬ ‫ضد من يحتمي بالبيوت المأهولة‪ ..‬الحياة وديعة ومسؤولية‬ ‫والثورة وإن ابتدأت فلكي تحتفل بالحياة اآلمنة والكريمة‪..‬‬

‫نورا مراد‬ ‫و تسألني بدهشة وغضب‪ :‬ومن أين لك كل هذا التفاؤل؟!‬ ‫أعطيني س��ببًا واحداً! ال ش��يء حولنا يدعو للتفاؤل أبداً‪..‬‬ ‫وأقول‪ :‬ال أعرف تمامًا‪ ،‬إنه من هنا‪ ،‬من داخلي‪ ..‬فتبتس��م‬ ‫ابتس��امة من يشفق على س��اذج ال يعرف قراءة الواقع‪..‬‬ ‫وأبتسم ابتسامة حزن على داخلك المظلم‪..‬‬

‫مي م�شهدي‬ ‫حال ما يس��مى بالمثقفي��ن في بلدي‪ :‬إذا كان��وا ثوار فهنن‬ ‫ع��م يبيعو وطنيات‪ ،‬إن كانوا م��ع الثوره فهنن عم يطلعو ع‬ ‫كتافها‪ ،‬إن س��كتو حقيريين تافهين ماعم يحكو شي والبلد‬ ‫بأصع��ب أوضاعها‪ ..‬إن حكو ش��ي هن��ن مقتنعين فيه بس‬ ‫مو كتير واضح بالنس��بة للبع��ض‪ ..‬إي ناطرين الدفة تميل‬ ‫مش��ان يعرفو لوي��ن يروحو‪ ..‬إن كتبو ضد العس��كرة (وهاد‬ ‫كل��و واحد حر برأيو) إي عالكيي��ن قرطة منظرين‪ ..‬إن حكو‬ ‫م��ع العس��كرة إي طبعا بده��ن يركبو الموج��ه‪ ..‬إن انتقدوا‬ ‫الجي��ش الح��ر ش��رف إنزيل وورجين��ا ش��طارتك‪ ،‬علما هاد‬ ‫يلي بيكون عم يقلو ش��رف بيج��وز يكون قاعد بأوكالهوما‬ ‫س��يتي‪ ..‬إن كان مع الجيش الحر قلباً وقالبًا‪ ..‬ش��و ياه صرت‬ ‫عرع��وري‪ ..‬إن طل��ع ب��رات البلد كلب بيس��وى ن��ص فرنك‬ ‫ت��رك الناس وطلع (علم��ا ما بعرف انو طيب لي��ه ما بتلومو‬ ‫النازحين كمان) وإن بقى بالبلد‪ ،‬إي بدو يورجي ع أساس أنو‬ ‫هو مناضل وثوري ويتبروظ‪ ..‬طيب إن كتب عالفيس بوك‪..‬‬ ‫في��س بوكي‪ ..‬إن ما كتب وينو وما حدا عم يس��مع حس��و‪..‬‬ ‫إن اعتق��ل وطلع إي ما صار عليه ش��ي أساس��ًا في آالف عم‬ ‫تعتق��ل ليه هاد تحدي��داً‪ ..‬الحالة الوحي��دة يلي بيرضو فيها‬ ‫علي��ه أنو يصير ش��هيد‪ ..‬وع فكره الثقافة مو مس��بة‪ ..‬هي‬ ‫الش��ي الوحيد يل��ي يومًا م��ا رح يخلينا نعي��ش‪ ،‬بمعنى مو‬ ‫ناكل ونشرب وننام‪ ..‬ونمارس جنس‪ ..‬انو تعيش‪..‬‬

‫ميخائيل �سعد‬ ‫دمر حافظ األس��د حماه لتكون درس��ا لس��وريا‪ .‬بمباركة‬ ‫غربي��ة – عربية – ش��رقية – إس��رائيلية ‪ -‬إيرانية‪ ،‬يقوم‬ ‫بشار األسد بتدمير س��وريا كي تكون درسا لشعوب دول‬ ‫الجوار التي تحلم بالديمقراطية‪.‬‬

‫كوليت بهنا‬ ‫أنا‪ :‬نحن المس��يحيون‪ ،‬س��وريون‪ ،‬هنا في سوريا ولبنان‬ ‫وفلس��طين واألردن ومص��ر والع��راق‪ ،‬نحن��ا مس��يحيو‬ ‫األرض‪ ،‬باق��ون هن��ا ولن نرح��ل‪ ،‬اصنعوا ما ش��ئتم‪ ،‬لن‬ ‫نرح��ل‪ ،‬س��نموت هنا م��ع إخوتنا‪ ،‬نم��وت داخ��ل جامع أو‬ ‫كنيس��ة أو مكتبة‪ ،‬س��نموت س��وياً لنعود ونعيش سوياً‪..‬‬ ‫وما جمعه اهلل ال يفرقه إنسان‪..‬‬

‫هل فع ًال من يقتلون بهذا الكم اليومي مقتنعون‬ ‫بأنهم يدافعون عن وطن؟ كيف؟ كيف يكون تدمير‬ ‫أي ش��يء دفاع��اً عنه؟ م��ا قيمة وط��ن «مطهر» إذا‬ ‫كان مدمر؟ أي درجة من القدرة على غس��يل الدماغ‬ ‫وصلت لها آلة النظام في سوريا؟‬ ‫هتلر بذاته كان ليسجد اعترافاً بمن فاقه قدرة على‬ ‫استنبات كل ما هو وحش��ي‪ ،‬بدائي‪ ،‬سادي في عناصر‬ ‫نظامه‪ ..‬كهتل��ر‪ ،‬اللعب على وتر التف��وق االجتماعي‪،‬‬ ‫على وتر الخطر على عرق (و في حالتنا ما يدعى بأقلية‬ ‫أو أقلي��ات) ترى في نفس��ها «ترفعاً» أو «س��مواً» عن‬ ‫الرعي��ة أو الغوغاء من الريف‪ ،‬م��ن المدن األخرى‪ ،‬من‬ ‫الطوائف األخرى‪ ..‬باختصار‪ ،‬ممن كل من هو ليس أنا‬ ‫ومحيطي العائلي المنغلق والضيق األفق‪..‬‬ ‫المث��ال اآلخر على هكذا تقوقع فكري متس��امي‬ ‫وتحجر إنس��اني نابع من «صفو» و»س��مو» عرق أو‬ ‫مجموعة نجده في إسرائيل‪ ..‬ونعم المثال!!‬ ‫لكن م��ا أضافه النظام الحالي في س��وريا لهذين‬ ‫المثالي��ن في اللعب على البطش الإلنس��اني المرتكز‬ ‫على «س��اميّة» س��امية‪ ..‬هو تقطير العالج اإلبادي‪..‬‬ ‫«الح��ل األخير» لهتلر ولكن قطرة قط��رة‪ ..‬وبتصعيد‬ ‫مستمر لتجنب أن تُصدم القوة الضاربة بحجم أفعالها‬ ‫مرة واحدة‪ ..‬تماماً كم��ا كان يدرب معذِبي معتقالته‬ ‫على فن التعذيب‪ ..‬قطرة قطرة حتى يتحول كل منهم‬ ‫إلى آلة تعذيبية خالية من أي إحساس إنساني‪..‬‬ ‫نع��م نع��رف كلنا كس��وريين قدرة ه��ذا النظام‬ ‫على البط��ش‪ ..‬نعرفها كلنا ألن ف��ي ذاكرة كل منا‬ ‫قص��ة معتقل عرفناه وأخبرنا عن تفاصيل هذه اآللة‬ ‫البطش��ية‪ ..‬وم��ن يدعي عك��س ذلك يك��ذب على‬ ‫نفس��ه وهو يعرف‪ ..‬لكني شخصياً لم أكن أعرف أن‬ ‫النظام قد طور لهذه الدرجة قدرته على نش��ر هذه‬ ‫القدرة البطش��ية وإنتاج هذا الكم من هذه األجساد‬ ‫المغيبة العقل والحس اإلنساني ليسيرها في سعيه‬ ‫المريض للحفاظ على ذاته‪..‬‬ ‫س��يذكر التاريخ أن ني��رون‪ ،‬هوالك��و وهتلر قد‬ ‫وجدوا لهم في س��وريا ن��داً لهم في صنع البطش‪..‬‬ ‫وابنه اليوم يكمل مأثرته التاريخية‪..‬‬ ‫فادي ديوب‬ ‫كن��ا نتحدث أن��ا وصديق��ة جميلة الي��وم‪ ..‬حول‬ ‫أن أحباءنا ف��ي الخارج يريدون نقاش��نا على صفحات‬ ‫الفيس وفي شاشات التلفزة ربما‪ ،‬عن خيارات المدنية‪،‬‬ ‫والعلمانية‪ ،‬والعمل الجماعي‪ ،‬وانتفاضة المرأة‪ ،‬والحب‬ ‫زم��ن الحرب ربما‪ ،‬والمس��تقبل السياس��ي للطوائف‪،‬‬ ‫وربما اإلسقاطات السيكولوجية للعمل الخيري‪ ..‬وردة‬ ‫فعل الس��وفييت سياس��يا حيال االنحس��ار العروبي‪..‬‬ ‫بينم��ا‪ ..‬تحي��ط بن��ا القذائف ف��ي الغداة والعش��ي‪،‬‬ ‫ويحش��و الموت قلوبنا بالعف��ن‪ ،‬ونرعب ألف مرة على‬ ‫الحواجز وتحت هاجس إمكانية انفجار أي ش��يء حولنا‬ ‫في دمش��ق‪ ..‬نحن يا جماعة نتقيأ كوابيس االعتقال‬ ‫في الصباح ونمضي إلى عملنا على مناظر العس��كرة‪،‬‬ ‫يحيرنا الس��ؤال حول العلم الذي س��يبقى يرفرف غداً‬ ‫عل��ى أبنيتنا الحكومية‪ ،‬نحلم في أال نناقش أي ش��يء‬ ‫مع أصدقائنا في العمل من الطرف اآلخر‪ ،‬كل ياسمين‬ ‫الش��ام يريد أن يس��تيقظ في س�لام ال تعكر صفوه‬ ‫س��حب الدخان التي تحي��ط بالمدينة لي��ل نهار من‬ ‫غوطتيها‪ ..‬س��امحونا أحباءنا ف��ي الخارج همكم همنا‬ ‫ولكن م��ع انزياح في الواقع المعاش ربما‪ ،‬س��امحونا‬ ‫أيضاً أنتم ي��ا أحباءنا في بيروت‪ ..‬يا من خرجتم باكراً‬ ‫من هنا وبعضكم مع حبيبته وحشيش��ته ومش��روبه‬ ‫وكيفه ثائر‪ ،‬نحترم ثورتكم ولكن مع فويرق بتفاصيل‬ ‫الحياة اليومية‪ ..‬نحن أحياء ال أحياء‪ ..‬نحبكم‪..‬‬ ‫أسامة خلبوص‬


‫تطور الطريان يف �سوريا (‪)1975 - 1914‬‬ ‫بالل سالمة‬ ‫�أول طائرة حتط على الأر�ض ال�سورية‬

‫(اللجنة التح�ضريية ل�شركة‬ ‫الطريان ال�سورية)»‪.‬‬ ‫وألن الرغبة الوطنية بتأسيس هذه‬ ‫الشركة كانت صادقة‪ ،‬ونظراً لضرورتها‪،‬‬ ‫فقد تأسست بسرعة قصوى خالل أربعة‬ ‫أش��هر فق��ط لتعل��ن ع��ن أول��ى رحالتها‬ ‫في ‪ 20‬نيس��ان ‪1947‬م وذلك بطائرتين‬ ‫مروحيتين ط��راز سيسنامس��تير‪ ،‬وبدأت‬ ‫بتس��يير رحالت داخلية بين دمشق وحلب‬ ‫ودير ال��زور والحس��كة‪ ،‬وأخ��رى خارجية‬ ‫إلى القاه��رة وأنقرة واس��طنبول وبغداد‬ ‫وبيروت‪ .‬توسعت الخطوط فيما بعد خالل‬ ‫فترة الخمسينيات لتش��مل ك ًال من عمان‬ ‫والقدس والكويت والدوحة‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫الرحالت الموسمية في مواسم الحج‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪1950‬م تن��ازل مُ�لاك‬ ‫الشركة من القطاع الخاص عنها للجيش‬ ‫وذلك بس��بب إفالس��ها‪ ،‬وتس��لم إدارتها‬ ‫موف��ق الخان��ي ليك��ون أول مدي��ر ع��ام‬ ‫للش��ركة بع��د أن أصبح��ت مل��كًا للدولة‬ ‫وذلك حتى عام ‪1955‬م‪.‬‬ ‫ت��م في ع��ام ‪1952‬م رفد أس��طول‬ ‫الش��ركة بثالث طائرات م��ن طراز داكوتا‬

‫مقارنة‬ ‫خ�لال افتت��اح ش��ركة الطي��ران‬ ‫الس��ورية ق��ال أحد الصحفيي��ن للرئيس‬ ‫ش��كري القوتل��ي «س��يدي الرئيس هذا‬ ‫اإلنج��از العظي��م الذي س��يربط س��ورية‬ ‫جواً مع مختلف بقاع العالم سيحسب لكم‬ ‫ولكتلتكم الوطنية»‪ .‬ف��رد عليه القوتلي‬ ‫قائ ًال‪« :‬بل سيحس��ب هذا اإلنجاز لسوريا‬ ‫وللس��وريين‪ ،‬وال منيّة لنا فيه فهو واجب‬ ‫علينا وحق لسوريا وللسوريين»‪.‬‬ ‫ال يمك��ن ل��ي عندم��ا اس��ترجع رد‬ ‫الرئيس القوتل��ي إال أن أقارن بينه وبين‬ ‫األس��د (األب واالب��ن) الذي نس��ب لعائلته‬ ‫وحزبه كل المنجزات (وأش��باه المنجزات)‬ ‫التي تم��ت في عهده‪ ،‬وبتنا نرى جس��وراً‬ ‫وسدوداً ومدارس وشوارع ومشافي تحمل‬ ‫أسمه ويعتبرها مِنّة وهبة وصدقة على‬ ‫الشعب ال حقاً لهم‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫تم إحداث المؤسسة العامة للطيران‬ ‫المدني في س��وريا بعد االستقالل كإدارة‬ ‫تابعة لوزارة األش��غال والمواصالت‪ ،‬وفي‬ ‫بداية الخمس��ينيات تحولت إل��ى مديرية‬ ‫عامة مرتبط��ة بنفس ال��وزارة‪ .‬في عام‬ ‫‪١٩٥٨‬م ألحقت المديرية بوزارة الحربية‬ ‫ث��م بوزارة الدفاع ع��ام ‪١٩٦١‬م ومن ثم‬ ‫ب��وزارة النقل وذل��ك بموجب المرس��وم‬ ‫التشريعي رقم ‪ /٩٣/‬لعام ‪١٩٧٤‬م‪.‬‬ ‫لخ��ص المرس��وم التش��ريعي لعام‬ ‫‪١٩٦١‬م مه��ام الطيران المدني «بتمثيل‬ ‫القطر خارج أراضي الجمهورية السورية‬ ‫لتنفيذ أنظم��ة الطيران المدن��ي الدولية‬

‫تأسس��ت ش��ركة الخط��وط الجوية‬ ‫الس��ورية في خريف عام ‪1946‬م‪ ،‬وكانت‬ ‫ش��ركة مس��اهمة مغفلة‪ ،‬تأسس��ت بعد‬ ‫جالء الفرنس��يين عن س��وريا حيث سارع‬ ‫كبار التجار والصناعيين السوريين بطرح‬ ‫أس��همها لالكتت��اب العام وأعلن��وا الهدف‬ ‫من تأسيس��ها بـ (نهضة األجنحة الوطنية‬ ‫وتوثيق الص�لات االقتصادية والعمرانية‬ ‫بي��ن البالد العربية وكاف��ة أقطار العالم)‬ ‫والم��دون ف��ي ن��ص دع��وة الش��ركة‬ ‫للمواطنين لالكتتاب العام على أس��همها‬ ‫وفيما يلي نص اإلعالن‪:‬‬ ‫«االكتتاب بأس��هم ش��ركة الطيران‬ ‫السورية‪ :‬الش��ركة المس��اهمة المصرح‬ ‫بتأسيسها بمرسوم جمهوري رقم ‪1188‬‬ ‫وتاري��خ ‪ .1946 - 12 - 21‬غاية الش��ركة‬ ‫القيام بالنق��ل الجوي لل��ركاب والبضائع‬ ‫والبريد داخل األراضي السورية وخارجها‬ ‫وسائر األعمال المتصلة بذلك‪.‬‬ ‫رأس��مال الش��ركة‪ :‬ثالث��ة ماليي��ن‬ ‫لي��رة س��ورية موزع��ة على ثالثي��ن ألف‬ ‫س��هم قيمة كل س��هم مائة ليرة سورية‬ ‫تدف��ع عل��ى أربع��ة أقس��اط متس��اوية‪،‬‬ ‫القس��ط األول يدفع حين االكتتاب وقدره‬ ‫خمس وعش��رون ليرة س��ورية‪ .‬األعضاء‬ ‫المؤسس��ون ق��د اكتتب��وا س��لفًا بمقدار‬ ‫‪ 12000‬س��هم أي م��ا يع��ادل أربعين في‬ ‫المائة من أسهم الش��ركة‪ .‬وهم السادة‪:‬‬ ‫أحم��د خلي��ل الم��درس‪ ،‬أحمد الس��مان‪،‬‬ ‫أدي��ب خير‪ ،‬أنور القطب‪ ،‬بدر الدين دياب‪،‬‬ ‫جورج صحناوي‪ ،‬جوزيف صحناوي‪ ،‬حنين‬ ‫صحن��اوي‪ ،‬رب��اط دس��وقي‪ ،‬رزق اهلل‬ ‫حمص��ي‪ ،‬رفيق س��عيد‪ ،‬رودلف س��عادة‪،‬‬ ‫رياض عبد الرزاق‪ ،‬زهير العيطة‪ ،‬سامي‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫امل�ؤ�س�سة العامة للطريان املدين ال�سوري‬

‫�شركة الطريان العربية ال�سورية‬

‫صاي��م الده��ر‪ ،‬س��امي قبان��ي‪ ،‬س��عيد‬ ‫كحالة‪ ،‬صالح وصبحي الش��ربجي‪ ،‬عادل‬ ‫الخجا‪ ،‬ع��ارف اللحام‪ ،‬عب��د الحميد دياب‪،‬‬ ‫عب��د اهلل العج��ل‪ ،‬عب��د الوهاب ميس��ر‪،‬‬ ‫عثمان الش��راباتي‪ ،‬عدنان أتاسي‪ ،‬محمد‬ ‫الفرا‪ ،‬محمد ميداني‪ ،‬نجيب الجادر‪ ،‬نعيم‬ ‫أنطاكي‪ ،‬وهبي الحريري‪ ،‬يوسف دبوس‪.‬‬ ‫األسهم المطروحة لالكتتاب ‪18000‬‬ ‫س��هم أي م��ا يع��ادل ‪ 60‬بالمائ��ة م��ن‬ ‫مجموع أس��هم الشركة‪ ،‬توزع غرامة بين‬ ‫المكتتبي��ن في حال ازدي��اد االكتتاب عن‬ ‫األسهم المطروحة‪.‬‬ ‫موع��د االكتت��اب‪ :‬يب��دأ االكتتاب في‬ ‫صباح االثني��ن الواقع في ‪ 6‬كانون الثاني‬ ‫‪1947‬م‪ ،‬ويبق��ى ب��اب االكتت��اب مفتوحًا‬ ‫م��دة ‪ 15‬يوم حتى مس��اء االثني��ن الواقع‬ ‫في ‪ 20‬كانون الثاني ‪1947‬م‪.‬‬ ‫مكان االكتتاب‪ :‬يج��ري االكتتاب في‬ ‫س��وريا ولبنان في س��ائر فروع المصارف‬ ‫اآلتية‪:‬البنك السوري‪ ،‬البنك العربي‪ ،‬بنك‬ ‫مصر و سوريا و لبنان‪.‬‬ ‫فاللجنة التحضيرية تدعو المواطنين‬ ‫الكرام للمس��اهمة بهذا المشروع الحيوي‬ ‫ذي المناف��ع الجس��يمة تعزي��زاً لنهض��ة‬ ‫األجنح��ة الوطني��ة و توثيق��ًا للص�لات‬ ‫االقتصادية والعمرانية بين البالد العربية‬ ‫وكافة أقطار العالم‪.‬‬

‫دي س��ي ‪ ،3‬وفي عام ‪1954‬م تم رفدها‬ ‫بأربع طائرات من نوع داكوتا دي س��ي ‪،4‬‬ ‫وفي العام ‪1957‬م تم رفدها أيضاً بأربع‬ ‫طائرات من طراز دي سي ‪.6‬‬ ‫وفي عهد الوح��دة مع مصر ‪1958‬م‬ ‫اندمجت شركة الطيران السورية بشركة‬ ‫مصر للطيران تحت اسم “شركة الطيران‬ ‫العربية المتحدة”‪.‬‬ ‫في عامي ‪1964 - 1963‬م تم التوسع‬ ‫ف��ي الخطوط العربي��ة والدولية إلى مدن‬ ‫جدي��دة هي أثينا ‪ -‬ميوني��خ ‪ -‬روما ‪ -‬براغ‬ ‫ باري��س ‪ -‬لن��دن ‪ -‬الظهران ‪ -‬الش��ارقة‬‫ دب��ي ‪ -‬كراتش��ي ‪ -‬دله��ي ‪ -‬طه��ران ‪-‬‬‫نيقوسيا‪ ،‬وذلك بعد رفد أسطول الشركة‬ ‫بطائرتين من طراز سوبر كرا فيل نفاثة‪،‬‬ ‫واالس��تغناء عن الطائرات األربع القديمة‬ ‫من نوع داكوتا دي سي ‪.4‬‬ ‫انضم��ت المؤسس��ة إل��ى «االتح��اد‬ ‫العربي للنقل الجوي» منذ تأسيس��ه عام‬ ‫‪1965‬م‪ ،‬ث��م انضم��ت ع��ام ‪1967‬م إلى‬ ‫المنظمة الدولية للطيران المدني «آياتا»‪.‬‬ ‫بانته��اء ع��ام ‪1974‬م ت��م التوس��ع‬ ‫في الخطوط والرح�لات باتجاه جدة ‪ -‬أبو‬ ‫ظبي ‪ -‬بنغازي ‪ -‬بودابس��ت ‪ -‬موس��كو ‪-‬‬ ‫صوفي��ا ‪ -‬كوبنهاغن ‪ -‬طرابلس ‪ -‬تونس‬ ‫ الجزائ��ر ‪ -‬ال��دار البيض��اء ‪ -‬صنعاء بعد‬‫أن ت��م رفد الش��ركة بطائرتين من طراز‬ ‫سوبر كرا فيل‪.‬‬ ‫ف��ي ‪ 11‬تش��رين الثان��ي‪ 1975‬م‬ ‫وبموجب المرسوم الجمهوري رقم ‪2748‬‬ ‫ت��م تغيي��ر اس��م الش��ركة من «ش��ركة‬ ‫الطيران العربية السورية» إلى «مؤسسة‬ ‫الطيران العربية السورية»‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫وضع��ت أول طائ��رة عجالته��ا على‬ ‫األرض الس��ورية ف��ي كان��ون الثان��ي‬ ‫‪1914‬م‪ ،‬وكان��ت طائ��رة عثمانية هبطت‬ ‫أو ًال ف��ي حلب في أرض مُه��دت لها قرب‬ ‫الس��بيل تج��اه جب��ل البختي‪ ،‬ث��م تابعت‬ ‫الطي��ران إل��ى دمش��ق وهبط��ت ف��وق‬ ‫الم��رج األخض��ر (الملعب البل��دي)‪ .‬كانت‬ ‫الطائ��رة ألماني��ة الصن��ع ويع��ود بناءها‬ ‫لألع��وام ‪ 1913 - 1910‬ويبل��غ طوله��ا‬ ‫سبعة أمتار‪ ،‬وكذلك طول أجنحتها‪ ،‬وهي‬ ‫م��زودة بمحرك واحد ال تتجاوز قوته ‪200‬‬ ‫حصان بخ��اري‪ ،‬وق��د بدأت ه��ذه الرحلة‬ ‫م��ن اس��طنبول إل��ى دمش��ق‪ ،‬وكان من‬ ‫المفترض آنذاك أن تكمل طريقها باتجاه‬ ‫فلس��طين فالقاهرة الت��ي كانت محطتها‬ ‫األخي��رة وعل��ى عش��ر مراح��ل‪ ،‬إال أنه��ا‬ ‫سقطت قرب طبريا في فلسطين‪.‬‬ ‫أم��ا أول مطارات س��وريا فق��د كان‬ ‫مط��ار الم��زة الذي أقي��م ف��ي الثالثينات‬ ‫من القرن العش��رين‪ ،‬وكانت المدارج في‬ ‫حينها ترابية‪.‬‬ ‫وعن أولى شركات الطيران‪ ،‬ففي ‪22‬‬ ‫حزيران ‪1927‬م تألفت ش��ركة «الش��رق‬ ‫للطي��ران» لوصل س��ورية بفرنس��ا جواً‬ ‫عبر اليون��ان‪ ،‬وق��د ارتفع رأس��مالها إلى‬ ‫‪ 4 .22‬ملي��ون فرنك في ‪ 7‬تموز ‪1930‬م‪.‬‬ ‫كانت هذه الش��ركة قد نظمت خطاً جويًا‬ ‫بين مرس��يليا وبيروت عبر نابولي وأثينا‬ ‫وكاس��تيليرزا من��ذ ‪ 1‬حزي��ران ‪1929‬م‬ ‫بمعدل رحل��ة أس��بوعيًا‪ ،‬وكان��ت الرحلة‬ ‫تس��تغرق يومين ونصف اليوم‪ .‬واعتباراً‬ ‫م��ن ع��ام ‪1930‬م امتد الخط إل��ى بغداد‬ ‫عبر دمش��ق‪ ،‬وم��ن بغداد كان��ت الطائرة‬ ‫اإلنكليزي��ة تواصل الطي��ران إلى طهران‬ ‫والهند‪.‬‬

‫وذل��ك تنفي��ذاً للمادة ‪ /٣٧/‬م��ن معاهدة‬ ‫الطي��ران المدن��ي الدولي��ة الموقعة في‬ ‫ش��يكاغو عام ‪١٩٤٤‬م (الت��ي انبثق عنها‬ ‫ثماني��ة مالح��ق فني��ة تحت��وي القواع��د‬ ‫القياس��ية الناظم��ة وكاف��ة نش��اطات‬ ‫وفعالي��ات الطيران المدن��ي الدولي مثل‪:‬‬ ‫النقل الجوي وس�لامة الطيران والمالحة‬ ‫الجوي��ة وقواع��د الج��و وأم��ن الطي��ران‬ ‫والبيئة والمط��ارات وغيرها)‪ ،‬حيث أصبح‬ ‫القطر العربي الس��وري طرفًا فيها الحقًا‬ ‫بع��د االس��تقالل‪ .‬كذلك ح��ددت معاهدة‬ ‫شيكاغو القواعد األساس��ية والتسهيالت‬ ‫والتوصي��ات المتعلقة بالطي��ران المدني‬ ‫الدول��ي (المدرجة بالملحق التاس��ع لهذه‬ ‫المعاه��دة ف��ي اجتم��اع المنظم��ة في ‪٥‬‬ ‫شباط ‪١٩٤٩‬م)»‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬

‫نوافذ‬ ‫على‬ ‫حكايات‬ ‫دم�شقية‬ ‫سعاد يوسف‬ ‫‪-1-‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪24‬‬

‫يجل��س أب��و ماه��ر ف��ي غرف��ة‬ ‫صغي��رة وحول��ه مصنوع��ات فخاري��ة‬ ‫بعضه��ا ملون والبعض اآلخ��ر ال يزال‬ ‫ينتظ��ر دوره‪ ،‬وبضع��ة لوحات صغيرة‬ ‫تس��تند إل��ى الحائط بجانب��ه‪ ..‬ما لفت‬ ‫نظ��ري ه��و لوح��ة تظهر فيها س��يارة‬ ‫"س��وزوكي" والتي اعتدن��ا رؤيتها منذ‬ ‫صغرنا في ش��وارع س��ورية‪ ..‬س��يارة‬ ‫تتس��ع لراكبي��ن وتس��تخدم لكاف��ة‬ ‫عملي��ات النق��ل الممكن��ة‪ ..‬والي��وم‬ ‫أصبح��ت إح��دى أه��م وس��ائل ن��زوح‬ ‫العائالت مع قليل م��ن أغراض منزلها‬ ‫حين تس��تطيع ذلك‪ ..‬يرس��م أبو ماهر‬ ‫في لوحته س��يارة "س��وزوكي" تس��ير‬ ‫نحو المجه��ول‪ ،‬ويظهر ف��ي مؤخرتها‬ ‫أكث��ر من أربعين رأس‪ ،‬أربعين جس��د‬ ‫ل��كل منه��ا ل��ون مختل��ف‪ ،‬محش��ورة‬ ‫بجان��ب بعضها وذاهب��ة نحو مصير ال‬ ‫تعرف��ه‪ ،‬لكن��ه أكث��ر أمانًا م��ن المكان‬ ‫الذي تركته قبل دقائ��ق‪" ..‬هؤالء هم‬ ‫أنا وأس��رتي‪ ..‬كن��ا نعيش ف��ي زملكا‬ ‫وهربنا منها إلى مكان آخر في الغوطة‬ ‫فالحقنا القصف واستمرينا بالهرب من‬ ‫مكان آلخر حتى قررنا القدوم إلى قلب‬ ‫العاصمة‪ ..‬صع��د كل أفراد العائلة في‬ ‫هذه السوزوكي فنحن ال نملك غيرها‪،‬‬ ‫ويومه��ا كان القصف ش��ديداً ولم يعد‬ ‫بمقدورن��ا البقاء حيث كن��ا"‪ ..‬تنهد أبو‬ ‫ماه��ر وأكم��ل حديثه وعين��اه تحدقان‬ ‫ف��ي الف��راغ‪" :‬اتكلن��ا عل��ى اهلل وقلت‬ ‫بحالي ما حدا بيموت ناقص عمر‪ ،‬ومن‬ ‫حارة لحارة ومن ش��ارع لش��ارع وصلنا‬ ‫عالمحلق ومنو عالشام"‪..‬‬ ‫تمكن أبو ماهر من استئجار منزل‬ ‫صغي��ر بال��كاد يتس��ع لعائلت��ه‪ ،‬وقام‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫أحد أصدقائه بإعطائ��ه غرفة صغيرة‬ ‫ك��ي يعمل فيه��ا‪ ..‬يقوم اليوم برس��م‬ ‫بع��ض اللوح��ات والعم��ل على بعض‬ ‫المصنوعات الفخارية محاو ًال بذلك أن‬ ‫يكسب لقمة عيشه دون أن يضطر ألن‬ ‫يطلب معونة من أحد‪..‬‬

‫‪-2‬‬‫سوق خيري في خان أسعد باشا‪..‬‬ ‫عش��رات الطاوالت والتي وضعت عليها‬ ‫مصنوع��ات تقليدية وأش��غال يدوية‪..‬‬ ‫منظم��و الح��دث أس��موه "ب��ازار إحياء‬ ‫تراثن��ا"‪ ..‬بدا غريب��ًا للعديد من الناس‬ ‫إقام��ة س��وق خي��ري ف��ي مث��ل هذه‬ ‫الظ��روف‪ ،‬بينم��ا كان للكثيري��ن رأي‬ ‫مغاير‪" :‬على الحياة أن تس��تمر والناس‬ ‫يريدون أن يكس��بوا لقمة عيشهم بأي‬ ‫وسيلة كانت‪" ..‬‬ ‫عل��ى طاولة من الطاوالت وضعت‬ ‫بع��ض اللوحات الزجاجي��ة‪ ،‬وكتب إلى‬ ‫جانبه��ا "ه��ذه اللوحات صنعه��ا أهالي‬ ‫الهام��ة ضمن ظروف صعب��ة جداً"‪ ..‬ال‬ ‫نعل��م إن كانت تلك "الظ��روف" تعني‬ ‫بط��ش النظ��ام‪ ،‬أم عن��ف العصاب��ات‬ ‫المسلحة‪ ..‬إال أن أهل الهامة فع ً‬ ‫ال قاموا‬ ‫بصن��ع تل��ك اللوحات في أيام قاس��ية‬ ‫جداً‪ ..‬هم يرفضون الموت‪ ،‬ويرفضون‬ ‫أن يستس��لموا لعب��ث ال يعمل��ون متى‬ ‫يمكن له أن يس��لب منهم ما تبقى من‬ ‫أيام في حياتهم‪..‬‬

‫‪-3‬‬‫ف��ي ح��ي الش��اغور خرج��ت منذ‬ ‫حوالي األس��بوع مظاهرة تحت عنوان‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)30824‬‬ ‫دمشق‪1849 :‬‬ ‫ريف دمشق‪5635 :‬‬ ‫حمص‪6772 :‬‬ ‫حلب‪3475 :‬‬ ‫حماه‪2630 :‬‬ ‫الالذقية‪593 :‬‬

‫"مظاه��رة التوحي��د"‪ ،‬وخالله��ا قام��ت‬ ‫مجموع��ة م��ن الش��باب أطلق��ت على‬ ‫نفس��ها اس��م "فريق ثورة ونص" ببخ‬ ‫لوح��ة غرافيت��ي وضع��وا له��ا عنوان��ًا‬ ‫"بالفك��ر بتعمر س��ورية"‪ ..‬هي أطول‬ ‫لوح��ة غرافيت��ي في دمش��ق بطول ‪5‬‬ ‫أمتار وقد كتبوا عنها‪:‬‬ ‫"ألن ثورتن��ا قام��ت ض��د الجهل‪..‬‬ ‫ضد اإلقصاء‪..‬‬ ‫وألننا نحب سورية ونريدها وطنًا‬ ‫عزيزاً ألطفالنا‪..‬‬ ‫س��نبني س��ورية بفكرن��ا‪ ،‬جميعًا‬ ‫وبدون اقصاء‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫كل من��ا سيش��عل فك��ر ًة لنبن��ي‬ ‫سورية المستقبل الواعد يداً بيد"‪..‬‬ ‫تظهر في اللوحة خريطة سورية‬ ‫ومجموع��ة من األش��خاص يس��يرون‬ ‫نحوها‪ :‬رجل وابنته‪ ،‬شاب يحمل غيتاراً‬ ‫عل��ى ظهره‪ ،‬رجل دين مس��يحي‪ ،‬فتاة‬ ‫"م��ودرن" وأخرى محجبة‪ ،‬قب��ر وأيضًا‬ ‫دب في نهاية الصورة‪.‬‬ ‫ويفس��ر ش��باب الفري��ق كل ذلك‬ ‫يقولهم‪" :‬حتى لو كان هناك ش��خص‬ ‫نعتب��ر أن أف��كاره خاطئ��ة وه��و "دب"‬ ‫بنظرن��ا إال أن أح��داً ال يس��تطيع منعه‬ ‫من المشاركة في بناء سورية‪ .‬ال قدرة‬ ‫ألحد على إلغاء األف��كار‪ .‬أما القبر فهو‬ ‫للش��هيد‪ .‬الش��هيد مات من أجل فكرة‪،‬‬ ‫والفكرة ال تموت‪.‬‬ ‫هن��اك الكثي��ر م��ن الش��خصيات‬ ‫التي ل��م نتمكن من وضعه��ا في هذا‬ ‫الغرافيت��ي‪ .‬المهم هو ما أردنا إيصاله‬ ‫من خالل الرسومات وهو أننا سنشارك‬ ‫جميع��اً ف��ي بناء س��ورية المس��تقبل‪.‬‬ ‫جميعنا دون استثناء‪" .‬‬ ‫طرطوس‪51 :‬‬ ‫درعا‪2947 :‬‬ ‫دير الزور‪2307 :‬‬ ‫الحسكة‪143 :‬‬ ‫القنيطرة‪72 :‬‬ ‫الرقة‪149 :‬‬ ‫ادلب‪4176 :‬‬ ‫السويداء‪25 :‬‬

‫‪-4-‬‬

‫منذ حوالي أسبوع‪ ،‬تحلق طائرة‬ ‫حربية فوق رؤوس��نا‪ ..‬صوتها يصم‬ ‫اآلذان‪ ..‬تقترب مني فتاة صغيرة من‬ ‫فتي��ات العائلة وتس��ألني‪" :‬ش��و هاد‬ ‫الص��وت؟" فأجي��ب‪" :‬طي��ارة"‪" ..‬بس‬ ‫م��و هيك كان صوته��ا" وهي تقصد‬ ‫الطي��ران المروح��ي ال��ذي اعت��ادت‬ ‫صوت��ه إلى ح��د م��ا‪" ..‬إي ه��ي غير‬ ‫طيارة‪ ..‬هي أقوى وأس��رع"‪" ..‬وليش‬ ‫ما منشوفا؟"‪..‬‬ ‫كم هي صعبة أس��ئلة الصغار‪..‬‬ ‫هل علي أن أقول لها "ألنها ش��ريرة‬ ‫أكثر؟"‪ ..‬أجبتها‪" :‬ألنها سريعة أكثر"‪..‬‬ ‫"وهديك وين راحت؟"‪..‬‬

‫‪-5‬‬‫حص��ة الرس��م األول��ى له��ذا‬ ‫العام‪..‬‬ ‫المعلمة تطلب م��ن األطفال أن‬ ‫يرس��م كل منه��م ما يريده‪ ..‬رس��م‬ ‫"وائ��ل" في أس��فل الورقة مس��احة‬ ‫س��وداء ه��ي الرصي��ف‪ ،‬ث��م رس��م‬ ‫واجهة خضراء هي حائط المدرسة‪،‬‬ ‫وكت��ب عليه اس��م المدرس��ة باللون‬ ‫األحم��ر‪ ..‬أح��د األطفال رأى الرس��م‬ ‫فصاح‪" :‬علم االستقالل‪ ..‬وائل رسم‬ ‫علم االستقالل"‪ ..‬الكل التفت لينظر‬ ‫إلى رسمة وائل‪ ..‬وهو‪ ،‬كان شجاعاً‪..‬‬ ‫ل��م يخف‪ ..‬وأجاب بأعلى صوته‪" :‬ال‪..‬‬ ‫ه��ي مدرس��تنا وهاد الرصي��ف اللي‬ ‫مقابيلها‪ ..‬هاد مو علم االس��تقالل‪..‬‬ ‫هي المدرس��ة‪ " ..‬وخ��رج راكضًا من‬ ‫الصف دون أن يلحق به أحد‪..‬‬ ‫‪ 4024‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 26800‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 1966‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 877‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 2053‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 10 / 20‬‬ ‫‪http://vdc-sy.or‬‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪25‬‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 21 | )57‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪26‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.