سوريتنا | العدد الثامن والخمسون | 28 تشرين الأول 2012

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪2012/ 10 / 28 | )58‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫عيدنا‬ ‫يوم حريتنا‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫�أكرث من مئة �ألف الجئ �سوري يف لبنان‪..‬‬ ‫والجئون يف الأردن يحرقون خيامهم خالل احتجاج‬ ‫وعلىاحلدودالرتكية‪� 10‬آالفينتظرونالإذنبالدخول‬ ‫أعلن��ت المفوضي��ة العلي��ا لالجئين‬ ‫التابع��ة لألم��م المتحدة الثالث��اء أن عدد‬ ‫الالجئين السوريين في لبنان تجاوز عتبة‬ ‫المئة ألف شخص‪.‬‬ ‫وقالت المفوضية في بيان أن "لبنان‬ ‫هو ثالث دولة ف��ي المنطقة يتجاوز فيها‬ ‫ع��دد الالجئي��ن المئة أل��ف"‪ .‬واعتبارا من‬ ‫االثني��ن بل��غ الع��دد الرس��مي لالجئي��ن‬ ‫السوريين في لبنان ‪ 283 ،101‬الجئ‪.‬‬ ‫وسبق أن تجاوزت أعداد الالجئين في‬ ‫تركيا واألردن مئة ألف ش��خص‪ .‬وبحسب‬ ‫المفوضي��ة العلي��ا فهناك حالي��ا أكثر من‬ ‫‪ 358‬ألف س��وري مس��جلين كالجئين في‬ ‫الدول المجاورة‪.‬‬ ‫وقال��ت المتحدثة باس��م المفوضية‬ ‫ميليسا فليمينغ للصحفيين في جنيف انه‬ ‫في حالة لبنان ال يعيش أي من السوريين‬ ‫ف��ي مخيم��ات وإنم��ا ضم��ن المجموعات‬ ‫المحلي��ة‪ .‬وأضاف��ت ان��ه ال ي��زال يتوجب‬ ‫عل��ى الكثير منهم أن يس��جلوا أنفس��هم‬ ‫كالجئي��ن‪ ،‬م��ا يعني أن الع��دد الحالي قد‬ ‫يكون بالواقع أعلى بكثير‪.‬‬ ‫وقال��ت أن حكوم��ات ف��ي المنطق��ة‬ ‫وكذل��ك المفوضي��ة العلي��ا لالجئي��ن‬ ‫يعتق��دون أن "أع��داداً إضافية ق��د تجتاز‬ ‫الحدود‪ ،‬لكن في الوقت نفسه الكثير من‬ ‫المتواجدي��ن حاليا في الب�لاد قد يتقدموا‬ ‫لتسجيل أنفسهم مع تراجع مواردهم"‪.‬‬ ‫وقال��ت فليمين��غ أن العنف في لبنان‬ ‫ف��ي األي��ام الماضية لم ي��ؤد إلى خفض‬ ‫أع��داد الس��وريين الذي��ن يتدفق��ون إلى‬ ‫الب�لاد‪ ،‬مضيفة أن ذلك اث��ر في المقابل‬ ‫على عمليات تسجيل الالجئين التي تقوم‬ ‫به��ا المفوضية ف��ي طرابلس بالش��مال‬ ‫وبي��روت وصي��دا ف��ي الجن��وب‪ .‬وتابعت‪:‬‬ ‫"نتابع الوضع األمني ونأمل في اس��تئناف‬ ‫كل العملي��ات م��ا أن تس��مح الظ��روف‬ ‫بذلك"‪.‬‬ ‫وهناك ‪ 101.834‬الجئ س��وري في‬ ‫تركيا يقيمون في مخيمات بحسب إحصاء‬ ‫حتى ‪ 17‬تشرين األول‪ /‬أكتوبر فيما يقيم‬ ‫‪ 70‬ألفًا خارج المخيمات‪.‬‬ ‫وفيم��ا تق��ول الس��لطات التركي��ة‬ ‫أن حدوده��ا مفتوح��ة أم��ام الالجئي��ن‪،‬‬ ‫أش��ارت إلى أن حوالي عشرة آالف سوري‬ ‫متجمع��ون م��ن الجانب الس��وري للحدود‬ ‫بدون معرفة ما إذا كان��وا يريدون اجتياز‬ ‫الحدود أم ال بحسب المفوضية‪.‬‬ ‫وقال��ت فليمنج أن نح��و ‪ 6815‬الجئا‬ ‫س��وريا س��جلوا أنفس��هم في دول شمال‬ ‫أفريقي��ا غالبيتهم تقريب��ا في مصر لكن‬ ‫الحكوم��ة المصري��ة قال��ت ان��ه يوجد ما‬ ‫يصل إل��ى ‪ 150‬ألف س��وري ف��ي البالد‪.‬‬ ‫وأضاف��ت فليمن��ج إنه��م ربم��ا م��ا زالوا‬ ‫يس��عون للحص��ول على وض��ع الجئ إذا‬ ‫قارب��ت أمواله��م أو تأش��يراتهم عل��ى‬ ‫االنتهاء‪.‬‬ ‫وحثت ال��دول األوروبية عل��ى إبقاء‬ ‫حدوده��ا مفتوح��ة للفاري��ن من س��وريا‬ ‫ومنحهم حق اللجوء‪.‬‬ ‫ووفقا ألح��دث اإلحصائيات المتوفرة‬ ‫ل��دى المفوضي��ة العلي��ا لألم��م المتحدة‬ ‫لش��ؤون الالجئي��ن س��عى نح��و ‪16474‬‬

‫مخيم البشابشة لالجئين السوريين في الرمثا‬

‫س��وريا للحص��ول عل��ى حق اللج��وء في‬ ‫االتح��اد األوروبي أو النرويج أو سويس��را‬ ‫ف��ي الفت��رة بي��ن كان��ون الثان��ي‪ /‬يناير‬ ‫‪ 2011‬وآب‪ /‬أغسطس ‪.2012‬‬ ‫وقالت فليمنج‪" :‬شاهدنا بعض أنواع‬ ‫المعاملة غير المتماثلة وفقا لنظم اللجوء‬ ‫في الدول في أوروبا‪ .‬لكننا لم نش��هد أي‬ ‫مؤشر على أن الحدود مغلقة"‪.‬‬ ‫م��ن جانب آخ��ر‪ ،‬ك��ررت المفوضية‬ ‫المطالب��ة بتمويل عاج��ل مؤكدة انه بعد‬ ‫أربعة أس��ابيع عل��ى ندائه��ا األخير لجمع‬ ‫‪ 9 ،487‬ملي��ون دوالر‪ ،‬ل��م تتل��ق س��وى‬ ‫ثلث هذا المبلغ الهادف إلى مس��اعدة أكثر‬ ‫من ‪ 710‬آالف الجئ س��وري بحلول نهاية‬ ‫السنة‪.‬‬ ‫وف��ي ش��أن متص��ل‪ ،‬قال��ت جمعية‬ ‫الكت��اب والس��نة األردني��ة الت��ي تق��دم‬ ‫خدمات إغاثة الثالثاء أن الجئين سوريين‬ ‫غاضبين قاموا بإحراق خيامهم "احتجاجا‬ ‫على سوء األوضاع" داخل مخيم الزعتري‬ ‫شمال المملكة‪.‬‬ ‫وق��ال الش��يخ زاي��د حم��اد رئي��س‬ ‫الجمعية أن "عددا من الالجئين السوريين‬ ‫الغاضبي��ن قام بإح��راق عش��رين خيمة‬ ‫احتجاج��ا على س��وء األوض��اع وللضغط‬

‫على إدارة المخيم لتزويدهم بكرافانات"‪.‬‬ ‫وبحس��ب حماد فإن��ه "يوجد ف��ي المخيم‬ ‫حوال��ي خمس��ة آالف خيم��ة مقابل ‪350‬‬ ‫كرفانا"‪.‬‬ ‫وأضاف أن "الحادث لم يوقع إصابات‬ ‫وسرعان ما تمت السيطرة على الحريق"‪،‬‬ ‫مش��يرا إل��ى ان��ه "ل��م يت��م اعتق��ال أي‬ ‫شخص"‪.‬‬ ‫وأوض��ح حم��اد أن "من ق��ام بإحراق‬ ‫الخي��ام هم م��ن إتب��اع النظام الس��وري‬ ‫ف��ي محاولة منه��م إلثارة الش��غب داخل‬ ‫المخيم"‪.‬‬ ‫لكن أنم��ار الحمود الناطق اإلعالمي‬ ‫لشؤون الالجئين الس��وريين في األردن؛‬ ‫ش��كك في صحة هذه المعلوم��ات‪ ،‬وقال‬ ‫أن "الحريق اندلع ف��ي خيمة واحدة فقط‬ ‫بسبب عبث أطفال"‪.‬‬ ‫ويأتي الحادث بعد ساعات من زيارة‬ ‫وزيرة خارجية االتح��اد األوروبي كاثرين‬ ‫اشتون للمخيم‪.‬‬ ‫وش��هد ه��ذا المخي��م مطلع الش��هر‬ ‫الحالي وخالل الشهرين الماضيين أعمال‬ ‫شغب "احتجاجا على سوء الخدمات" داخل‬ ‫المخيم‪.‬‬

‫وقد اش��تكى الالجئون من الطقس‬ ‫الح��ار والغبار وعدم وجود الكهرباء‪ ،‬حيث‬ ‫متوسط درجات الحرارة في فصل الصيف‬ ‫‪ 40‬درجة‪ ،‬بينما قال نشطاء حينها انه "ال‬ ‫يرقى إلى مستوى المعايير الدولية"‪.‬‬ ‫لك��ن األردن والمفوضي��ة العلي��ا‬ ‫لش��ؤون الالجئين التابعة لألمم المتحدة‬ ‫يق��والن أن محدودي��ة الم��وارد والتدفق‬ ‫المس��تمر لالجئين‪ ،‬يحدان م��ن قدرتهما‬ ‫على التعامل مع األزمة‪.‬‬ ‫ويس��تضيف األردن ال��ذي يش��ترك‬ ‫وس��ورية بح��دود يزيد طوله��ا على ‪370‬‬ ‫كيلومترا‪ ،‬أكثر من ‪ 200‬ألف الجئ سوري‬ ‫منذ اندالع الحركة االحتجاجية المناهضة‬ ‫للنظام في آذار‪/‬م��ارس ‪ 2011‬منهم ‪37‬‬ ‫أل��ف الجئ في مخيم الزعت��ري الذي يقع‬ ‫ف��ي محافظة المف��رق (‪ 85‬كلم ش��مال)‬ ‫على مقربة من الحدود السورية‪.‬‬ ‫وعلى الح��دود التركي��ة ينتظر أكثر‬ ‫من ‪ 8000‬الج��ئ س��وري اإلذن بالدخول‬ ‫إليه��ا وس��ط الصعوب��ات التي تش��هدها‬ ‫إلي��واء الالجئين‪ ،‬على م��ا نقلت الصحف‬ ‫اليوم الجمعة عن مسؤول تركي‪.‬‬ ‫ونقلت صحيفة "حرييت" عن محافظ‬ ‫كيليس سليمان تابس��يز قوله إن "هناك‬ ‫أكث��ر من ‪ 8000‬ش��خص ينتظ��رون في‬ ‫الجهة الس��ورية" من الحدود المش��تركة‬ ‫بي��ن البلدين البالغة ‪ 910‬كلم والتي تقع‬ ‫عليها محافظته في جنوب شرق تركيا‪.‬‬ ‫وأوضح المسؤول أن تركيا تستقبل‬ ‫الجئين "عندما نستطيع استقبالهم‪ ،‬عند‬ ‫وجود أماكن كافية"‪.‬‬ ‫وتس��تضيف تركي��ا أكث��ر م��ن ‪100‬‬ ‫ألف الجئ مس��جل رسميا فروا من سوريا‬ ‫وأقام��وا ف��ي مخيمات أنش��ئت في جنوب‬ ‫شرق األناضول‪.‬‬ ‫إال أن ه��ذه المنش��آت بات��ت مكتظة‬ ‫فيما يج��ري بناء مخيم��ات إضافية إليواء‬ ‫عش��رات آالف الالجئين اآلخرين بحس��ب‬ ‫السلطات‪.‬‬


‫تقرير �أيام احلرية‬

‫الأ�سبوع الأخري من ت�شرين الأول‬

‫فـي دم�شــق‪..‬‬

‫فـي دير الزور‪..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫في المقهى اليوم‪ ،‬ش��ربتُ شاياً فارسيًا مهيّ ًال «مُخدّراً»‪ ،‬أخذتني أول‬ ‫رش��فةٍ بلحظةٍ إلى صورة «الس��ماور» الفضي العتيق على طاولة السفرة‬ ‫ببيت جدي وجدتي بدير الزور رحمهما اهلل منذ أكثر من ‪ 15‬سنة‪ ..‬اشتقتهما‬ ‫واش��تقت ش��ايَهما واللمّة الجميل��ة في البي��ت الكبير ب��كل األوالد والبنات‬ ‫واألحف��اد والحفي��دات‪ ،‬تذك��رت جدتي زهرة الت��ي كنّا جميع��ًا حتى األحفاد‬ ‫نناديها «يوم» كما األبناء والبنات ينادون أمهم محليًا‪ ،‬كانت فع ًال أمنّا جميعًا‪.‬‬ ‫جدتي التي كنا نلعب معها «البرجيس» و»الورق» كما نس��ميه بعد أن َّ‬ ‫يَمل‬ ‫جدي من فوزها عليه ف��ي كل مرّة ويرتبك أمامنا محرجًا وغاضبًا‪ ،‬ويتركها‬ ‫بحجّة أنه حان وقت قراءته للجريدة أو االس��تماع إلى مذياعه البُنّي الفاتح‬ ‫واألبي��ض اللون ‪-‬الذي كان يُعتب��ر من النماذج الحديثة‪ -‬ال��ذي كان غالبًا ال‬ ‫يُفارقه‪ ،‬جدّي الذي كان يغنّي لـ «يوم» دائماً كلما مرّت من أمامه كمراهق‬ ‫ش��غوف «يا زهر ًة في خيالي‪ « ..‬متقمصاً دور عبد الوهاب‪ ،‬وهي تنظر إليه‪،‬‬ ‫كذلك كمراهقة‪ ،‬تار ًة بتجاهل واس��تكبار بطرف عينها (تسوق عليه الدالل)‬ ‫وت��ار ًة تنظر إليه بطرف عينها باس��تحياء وتخفي ابتس��امتها ويحمرّ وجهها‬ ‫خج ًال‪..‬‬ ‫وكل ما تبقى بعد الرش��فة األولى حتى آخر قطرة من اإلبريق الصغير‬ ‫وأن��ا أصبُّ في كوبي المزي��د والمزيد‪ ،‬أخذني إل��ى كل أهلي اليوم في دير‬ ‫الزور األحياء‪ ..‬حتى اللحظة‪ ،‬اش��تقتهم كذلك كثيراً ج��داً‪ ،‬خاالتي وعمومي‬ ‫وبناته��ن وأبنائه��ن‪ ..‬اش��تقت لهم كثي��راً‪ ..‬خالتي س��ونة‪ ،‬ش��قيقة روحي‪،‬‬ ‫الت��ي احتضنتني دائماً متى احتجتها‪ ..‬اش��تقت لتلك األي��ام القليلة التي كنا‬ ‫نقضيه��ا هناك معهم في عطالتنا الصيفية ألس��بوع أو أس��بوعين‪ ،‬ما زالت‬ ‫الدير بالنس��بة إليّ «أرض األخبار» كما أس��ميّها دائماً وأبداً‪ ،‬كانت بالنسبة‬ ‫ل��ي زمنًا خارج الزمن من عال��م آخر‪ ،‬من كوكب آخر يكاد ال يُش��به بجنونه‬ ‫وتناقضات��ه أيا مكان آخر في المجرّة!‪ ..‬كانت حُجّة لي ربما ألكون مجنونة‬ ‫قدر ما أش��اء فيها متى ذهب��ت‪ ،‬الدير فيها حكايات ال تُصدق كاألس��اطير بـ‬ ‫«دراميتها» وس��حرها‪ ..‬طقوسُ أفراحها تش��به بـجنونه��ا وقوّتها وهَولها‬ ‫طقوسَ أشجانها وأحزانها األكبر منها‪.‬‬ ‫اهلل يطمنّا عنكم‪ ،‬ويعيد أيامنا وجمعاتنا‪..‬‬ ‫لمى الخاير‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫وعش��رون يومًا غبتُ عن دمش��ق وغابتْ هي عن ناظري وليس‬ ‫ست ٌة‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫سياس��ي متقاعد‪ ،‬ومدافع‬ ‫بائس كوجهِ‬ ‫كالح‬ ‫عيد‬ ‫يوم‬ ‫واليوم‬ ‫خاطِري‪،‬‬ ‫ع��ن‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫المخلوق��ات صامت��ة‪ ،‬ومداف��ع الخال��ق ال أوام��رَ لديها بوقف إط�لاق الرعد‪،‬‬ ‫َ‬ ‫والسماء تبكي مطراً رذاذاً كأنها ّ‬ ‫مُرْتَكبة‪ ،‬و أنا كئيب مثل‬ ‫ذنوب‬ ‫تُكفِر عن ٍ‬ ‫نازح أو الجئٍ س��وري يبحث عن مأوى في المنافي‪ ،‬وهو يو‪ ...‬مي األول في‬ ‫ٍ‬ ‫دمش��ق بعد غياب طارئ‪ .‬قلت لنفس��ي ال مخرج من الكآبة س��وى مقهى ما‬ ‫عارضْ‪ .‬على الش��جرة الواقفة على باب مقهى الروضة بش��ارع العابد أقرأ‬ ‫ورق��ة نعي لمتوفّى من آل (الع��كل)‪ ،‬وأهمس‪ :‬ارتاح الرجل من هموم وطن‬ ‫نس��ي األعياد‪ .‬أش��تري جريدتين بعش��ر ليرات وأدخل إلى المقهى الفس��يح‬ ‫الف��ارغ وأجل��س‪ .‬كئي��بٌ المقهى مثل قلب��ي وبيتي ومدينتي المستس��لمة‬ ‫دمش��ق‪ .‬أتذكر الذين أحبوها وكتبوا لها‪ :‬غادة الس��مّان‪ ،‬نزار قباني‪ ،‬سامي‬ ‫الجن��دي‪ ،‬خال��د قطمة‪ ،‬علي كنعان‪ ،‬وآخ��رون ُك ُثرْ‪ .‬أخرجُ م��ن المقهى فوراً‬ ‫وبيدي جَريدتين‪ :‬تش��رين والبعث وذكريات ال تنس��ى م��ع متابعاتي األدبية‬ ‫والنقدية التي نُشِرت على صفحاتها أيام الشباب‪ .‬كم أنا كهل وشيخ كبير‪.‬‬ ‫وإلى شوارع‪...‬‬ ‫دمش��ق على غير هدى من جديد‪َّ .‬‬ ‫جَفت دموع الس��ماء قليال‪ .‬الش��وارع‬ ‫خرساء واألش��جار مرتجفة كارتجاف أفراد الشرطة الموزعين على الساحات‬ ‫والمبللي��ن بالحياء من مظهر العاصمة‪ .‬أمر على س��احة (أبو العالء المعري)‬ ‫خف ّ‬ ‫القريب��ة من بيتي‪ ،‬وأضحك على دالِيَّتِه‪ّ :‬‬ ‫فِ الوطأ ما أظن أديم األرض‬ ‫إال من هذه األجس��اد‪ ،‬وأس��أل الجمي��ع‪ ،‬وال أقصدكم أنتم‪ ،‬ب��ل أقصد الكبار‬ ‫الذي��ن يدوس��ون على دم��اء الس��وريين وعذاباته��م وانكس��ارات أحالمهم‬ ‫وإفالس أمانيهم وارتباكات عواطفهم وغموض مس��تقبلهم‪ ،‬أسألهم واحداً‬ ‫واحداً‪ ،‬ألم يش��بع هذا الدراكوال الس��اكن في جيب مصالحكم من شرب الدم‬ ‫الس��وري ؟؟ كفى‪ ..‬رأيت بعيني دمش��ق تشكو من ال َث َكل واليُتم‪ .‬أبو رمانة‪،‬‬ ‫الس��بع بحرات‪ ،‬س��احة الش��هبندر‪ ،‬الحمرا‪ ،‬الش��عالن (أسْ��مَيْتُهُ ذات حب‪:‬‬ ‫الشعالنزيليزيه)‪ ،‬س��احة النجمة التي سكنت في ذاكرة نزار قباني وأهداها‬ ‫قطع��ة من قلبه وم��ن (ذاكرة الولد ال��ذي أبحر وحيث خبأ عرائس الس��كر)‪،‬‬ ‫س��احة األمويين والشيخ سعد وصوال إلى بيتي وحارتي‪ .‬ال ملجأ لي سوى أن‬ ‫أكت��ب لكم في هذه الظهيرة ما كتبت‪ ،‬س��ائال جندب العربي‪ ،‬كهالن‪ ،‬تبابعة‬ ‫اليمن‪ ،‬لورنس‪ ،‬غلوب باشا‪ ،‬وخصوصا أسأل المعتمد بن عبّاد الشاعر وليس‬ ‫السياس��ي‪ ،‬وأسأل طارق بن زياد ويوسف بن تاش��فين أن ّ‬ ‫يكفوا جميعا عن‬ ‫التذكر والتباهي والخطابة الر ّثة المحنّطة الكلمات وأن يصمتوا‪ ،‬فسوريا يا‬ ‫هؤالء وأولئك تُحْتَضرْ‪..‬‬ ‫نزار العاني‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫نسيبة هالل ‪ -‬اللجنة اإلعالمية أليام الحرية‬ ‫يأتي العيد ه��ذا العام على‬ ‫السوريين معطرا بعبق الشهادة‪،‬‬ ‫أليم��ا بدم��وع األمه��ات‪ ،‬حزين��ا‬ ‫خجوال من عيون األطفال‪.‬‬ ‫يأتي العيد وقد مضى على‬ ‫الث��ورة الس��ورية أكثر من س��نة‬ ‫ونص��ف وه��ي تدف��ع األضحيات‬ ‫بدال عن الحرية والكرامة‪.‬‬ ‫و م��ا زالت حتى اآلن تس��ير‬ ‫ف��ي طري��ق الث��ورة المدم��ى‪،‬‬ ‫هادف��ة إلس��قاط النظ��ام‪ ،‬تريد‬ ‫بن��اء دول��ة الحري��ة والمواطنة‪،‬‬ ‫منهي��ة عهد الطاغوت‪ ،‬مس��تهلة‬ ‫عهداً جديداً تبني��ه بدماء أبناءها‬ ‫ودموع أمهاتها‪ ،‬عهدا تسقط فيه‬ ‫التبعية لألشخاص‪ ..‬وتصبح فيه‬ ‫التبعية لمبدأ الحرية والمس��اواة‬ ‫والعدالة‪.‬‬ ‫و م��ا ت��زال أي��ام الحري��ة‬ ‫مشاركة في الثورة‪.‬‬ ‫فق��د بدأ هذا األس��بوع بمناش��ير الدعم النفس��ي التي تح��وي نصائح وتوجيهات ف��ي التعامل‬ ‫م��ع األطفال الذين تعرضوا لصدمات نفس��ية ناجم��ة عن العنف‪ ،‬وكيف تظهر ه��ذه الصدمات على‬ ‫ش��كل س��لوك غريب يطرأ على الطفل مثل التعلق الزائد باألبوين أو مص األصبع‪ ،‬وتعرض بشكل‬ ‫تفصيلي لنشاطات وألعاب تساعد في تحسين تعامل األطفال مع تلك الصدمات‪.‬‬ ‫كما كان لنا موعد هذا األسبوع مع حملة‪ :‬ال للتخوين‪ ،‬حيث أصدرت الحملة بيانا يدعو السوريين‬ ‫إلى العمل سويا إلسقاط النظام متمسكين جميعا بوحدة الصف‪ ،‬ونبذ التخوين‪ ،‬وإعالء صوت العقل‪،‬‬ ‫ونبذ الخطاب اإلقصائي والطائفي والعرقي‪ ،‬حتى نكون أوفياء لدم الش��هداء وتجتمع جهودنا مركزة‬ ‫لتبكير النصر وبناء دولة الحرية‪.‬‬ ‫أيض��ا قامت أيام الحرية بإصدار منش��ور بعنوان‪ :‬عيد بال حرب‪ ،‬مه��دى لطفلة تحلم بالعيد‪ ،‬ال‬ ‫تعت��رف بكل تبريرات الكبار‪ ،‬تنتظر وقفا لصوت الرصاص‪ ،‬أليام أربعة هادئة ال دم فيها وال مدافع‪،‬‬ ‫تدعو لعيد يتوقف عن البكاء‪ .‬عيد فيه أراجيح وألعاب‪.‬‬ ‫كما قامت حرائر داريا بعمل حفل ألطفال الش��هداء أدوا فيه مناس��ك الحج‪ ،‬واحتفلوا بالعيد مع‬ ‫األطفال‪ ،‬حيث أعطوهم الهدايا واأللعاب بمناسبة العيد‪.‬‬ ‫وبالمش��اركة مع تنس��يقية بلدة مصياف دعت أي��ام الحرية إلى إضراب من أج��ل الكرامة يوم‬ ‫الخميس‪ :‬وقفة العيد‪ ،‬حيث أقفلت المحال التجارية أبوابها تضامنا مع الحرية‪..‬‬ ‫و من ضمن حملة‪ :‬لو كان بيننا‪ ،‬قامت أيام الحرية بإصدار منشور جديد بعنوان‪ :‬حلف الفضول‪،‬‬ ‫ففي وضعنا الراهن حيث يختلف السوريون في ثقافاتهم وانتماءاتهم الدينية والعرقية‪ ،‬نذكر حلف‬ ‫الفض��ول الذي قام به الرس��ول الكريم حي��ن دخل المدينة المن��ورة وأقام مجتمعا فيه المس��لمون‬ ‫واليهود والمشركون بميثاق مدني يحفظ حقوق الجميع‪ ،‬فما يحتاجه السوريون اليوم هو أن يعلنوا‬ ‫بينه��م حلف فضول جديد تجتمع عليه مكونات الش��عب الس��وري‪ ،‬فنكف ع��ن تخوين وظلم بعضنا‬ ‫البع��ض‪ ،‬ونض��ع أيدينا بأيدي كل م��ن يريد الخير للن��اس‪ ،‬نتفق معهم على إقام��ة العدل وإحقاق‬ ‫الحقوق‪ ،‬ونفارقهم في أي عمل فيه أذى لبشر‪ ،‬فنوافق بذلك منهج الرسول الكريم‪.‬‬ ‫مع أيام الحرية شاركنا الثورة‪.‬‬

‫�أوجـاع وطـن‬

‫‪3‬‬


‫�شمال �سوريا‪ :‬العودة الق�سرية نحو البيوت‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫بع��د ش��هور م��ن الن��زوح واله��رب لم‬ ‫يج��د عدد من الس��وريين من خي��ار أمامهم‬ ‫س��وى العودة إلى بيوتهم‪ ،‬ومحاولة التكيف‬ ‫م��ع األوضاع التي فرضته��ا عمليات القصف‬ ‫اليومية‪ ،‬والبحث عن فرصة حياة بين أكوام‬ ‫الركام‪.‬‬ ‫وم��ن بي��ن ه��ؤالء كان��ت دان��ا تنتقل‬ ‫وأبناؤها اإلثنا عشر في الشهرين الماضيين‬ ‫من قري��ة ألخ��رى هربا من قص��ف القوات‬ ‫الس��ورية‪ ،‬لكنه��ا استس��لمت ف��ي نهاي��ة‬ ‫المطاف وعادت بهم إلى بلدتهم بحلب‪.‬‬ ‫دان��ا قال��ت وف��ي حجره��ا اثنت��ان من‬ ‫بناتها "كلما ذهبنا إل��ى مكان كانت القنابل‬ ‫تتبعنا‪ ،‬إذا كنا س��نموت على أي حال فليكن‬ ‫هذا في بيتنا"‪.‬‬ ‫وأس��رة دانا ه��ي الوحي��دة الباقية في‬ ‫ش��ارعها وبات ثلث المنازل اآلن مجرد أكوام‬ ‫م��ن الت��راب‪ ،‬ودمرت ع��دة من��ازل وتناثرت‬ ‫محتوياتها حولها‪.‬‬ ‫وخارج منزلهم المبني من الخرس��انة‬ ‫الذي تصدعت جدرانه جمعت دانا أكواما من‬ ‫الش��ظايا التي تقوم هي وأوالدها بإخراجها‬ ‫يوميا‪ ،‬وتنه��دت دانا ونفض��ت يديها اللتين‬ ‫غطتهم��ا الخ��دوش بس��بب ش��ظايا الزجاج‬ ‫ومض��ت قائلة "ربما تعتق��دون أنني اعتدت‬ ‫عليه اآلن‪ ،‬لكنني ما زلت أبكي كلما س��معت‬ ‫صوت طائرة مقاتل��ة تقترب‪ ،‬يعرف كل منا‬ ‫أن��ا وأوالدي مكانه وراء الثالجة أو الغس��الة‬ ‫في الغرفة الخلفية"‪.‬‬

‫ذك��ر ناش��طون س��وريون أن ق��وات‬ ‫النظام خطفت الكاهن فادي حداد ثم قامت‬ ‫بقتله ذبحا‪ ،‬وتم العثور على جثته في ريف‬ ‫دمشق‪.‬‬ ‫وكان ف��ادي الح��داد كاه��ن كنيس��ة‬ ‫مارالي��اس لل��روم االرثوذك��س ف��ي مدينة‬ ‫قطن��ا ف��ي ريف دمش��ق‪ ،‬وذكر أحد س��كان‬ ‫المدين��ة أنه تم العث��ور على الجثة في بلدة‬ ‫دروش��ة القريب��ة من دمش��ق وم��ن قطنا‪،‬‬ ‫مشيرا إلى أن الكاهن قتل ذبحا‪.‬‬ ‫كما ذكرت الش��بكة اآلش��ورية لحقوق‬ ‫اإلنس��ان م��ن مص��ادر ميدانية ف��ي مدينة‬ ‫قطنا بدمش��ق أن عصاب��ات إجرامية تابعة‬ ‫للنظ��ام اغتالت األب فادي جميل حداد راعي‬ ‫كنيسة قطنا للروم األرثوزوكس ‪ 43‬عاما‪.‬‬ ‫وقال مراقبو الش��بكة ف��ي مدينة قطنا‬ ‫أن الجريم��ة تأت��ي بعد أس��بوع مرير عاش��ه‬ ‫المس��يحيون ف��ي س��وريا ف��ي ظ��ل إمع��ان‬ ‫النظ��ام في معاقبته لهم عل��ى وقوفهم إلى‬ ‫جان��ب الثورة‪ ،‬كما يأتي بعد ق��رار العفو عن‬ ‫المجرمي��ن ال��ذي أص��دره النظ��ام الس��وري‬ ‫من أجل دف��ع هؤالء إلى ارت��كاب المزيد من‬ ‫الجرائم إلثارة الهلع والرعب بين المواطنين‪.‬‬ ‫كم��ا أضاف��ت أن الش��بكة اآلش��ورية‬ ‫لحقوق اإلنسان إذ تدين جريمة اغتيال األب‬ ‫فادي حداد فإنها تؤك��د أن القضية ال يمكن‬ ‫فصلها عن الس��ياق الذي ش��هدته الس��احة‬ ‫الس��ورية من اعت��داءات ممنهجة على مدن‬ ‫وبلدات وأحياء مس��يحية عدة طوال األسبوع‬ ‫الماضي الذي كان أس��بوعا ل�لآالم بامتياز‪،‬‬ ‫كم��ا ال يمكن فصلها عن س��ياقها اإلقليمي‬ ‫المتمثل باستهداف أحياء مسيحية في لبنان‬ ‫م��ن قب��ل عصاب��ات تابعة للنظام إلش��عال‬ ‫الفتن��ة الطائفي��ة بي��ن مكون��ات الش��عب‬ ‫الس��وري‪ ،‬تكش��ف بع��ض تفاصيله��ا م��ن‬ ‫خالل ما تسرب عقب اعتقال الوزير السابق‬ ‫ميشيل سماحة‪.‬‬

‫وس��ردت دانا رحلة معاناتها مع النزوح‬ ‫قائلة "استأجرنا منزال في منطقة آمنة أقرب‬ ‫إلى الحدود لمدة ش��هر‪ ،‬لكننا لم نتمكن من‬ ‫دفع اإليجار‪ .‬بع��د ذلك بعت كل ما معي من‬ ‫مجوهرات مقابل ‪ 25‬ألف ليرة‪ ،‬واآلن لم يعد‬ ‫معي س��وى ‪ 5000‬ليرة وال يزال زوجي غير‬ ‫قادر على العثور على عمل"‪.‬‬ ‫وبعد شهور من القصف المتواصل في‬ ‫محافظات شمال سوريا تخلى الكثيرون مثل‬ ‫دانا عن محاولة الفرار وحاولوا بدال من ذلك‬ ‫التكيف مع العيش تحت القنابل‪.‬‬ ‫ورغم دوي أصوات المدفعية من بعيد‪،‬‬ ‫تتنق��ل ش��ابات س��وريات في بل��دة األتارب‬ ‫بشمال س��وريا يدفعن أطفالهن في عربات‬ ‫لألطفال في ممرات مليئ��ة بالحفر وبجانب‬ ‫مب��ان متهدم��ة‪ ،‬فيما كان األطف��ال يلعبون‬ ‫كرة القدم في الشارع"‪ .‬وفي حقول مجاورة‬ ‫يجني مزارعون القط��ن متجاهلين عالمات‬ ‫خلفها انفجار قذائف الهاون حولهم‪.‬‬ ‫وتق��ع بلدة األتارب ف��ي محافظة حلب‬ ‫ويعي��ش فيه��ا نحو عش��رين ألف ش��خص‬ ‫وأصبح��ت مدينة أش��باح قبل نحو ش��هرين‬ ‫عندم��ا ب��دأ الجيش الس��وري ف��ي قصفها‬ ‫بعنف في محاولة لطرد مسلحي المعارضة‬ ‫الساعين لإلطاحة بالرئيس بشار األسد‪.‬‬ ‫ول��م يتوقف القصف من��ذ ذلك الحين‪،‬‬ ‫لكن كثيرا من السكان الباقين يقولون إنهم‬ ‫سئموا الفرار‪ ،‬إذ إنهم يفاجؤون في كل مرة‬ ‫بمالذهم الجديد هدفا للقصف أيضا‪.‬‬

‫وقال محمد س��يد (‪ 50‬عام��ا) وهو أحد‬ ‫السكان "في هذه األيام نكون سعداء عندما‬ ‫تس��قط قذائف مورتر فقط أو صواريخ بدال‬ ‫من هج��وم للطائرات يضربن��ا كل يوم وال‬ ‫نعرف ما الذي سيسقط علينا"‪.‬‬ ‫أمام تداعي االقتصاد السوري وتفشي‬ ‫البطال��ة بش��كل أكب��ر أصبح كثي��رون غير‬ ‫قادري��ن عل��ى تحم��ل تكاليف الس��فر‪ ،‬كما‬ ‫أن ق��رار تركيا بع��دم الس��ماح بالدخول إال‬ ‫للس��وريين الذي��ن يحمل��ون جوازات س��فر‬

‫واألوض��اع المزري��ة في مخيم��ات النازحين‬ ‫داخ��ل س��وريا‪ ،‬دف��ع الكثير من الس��وريين‬ ‫الفقراء إلى تفضيل البقاء في بلداتهم‪.‬‬ ‫ويرسل الس��كان من ميس��وري الحال‬ ‫الم��اء والطع��ام للعائدي��ن‪ ،‬بينم��ا ال ت��زال‬ ‫األت��ارب من دون كهرباء أو ماء منذ أكثر من‬ ‫شهر‪.‬‬ ‫ويلقي الكثيرون بالل��وم على الجيش‬ ‫الس��وري في حي��ن يته��م آخ��رون الجيش‬ ‫السوري الحر بالتسبب في متاعبهم‪.‬‬

‫وكش��فت الش��بكة اآلش��ورية لحقوق‬ ‫اإلنس��ان في بي��ان تجديد دعوته��ا المجتمع‬ ‫الدولي التدخل الفوري والمباشر في سوريا‬ ‫لحماي��ة المواطني��ن الس��وريين العزل من‬ ‫جرائم النظام وترس��انة جيشه بكل السبل‬ ‫المتاحة‪ ،‬كما تدعو روسيا والصين إلى تغيير‬ ‫مواقفهما في مجلس األمن الستصدار قرار‬ ‫في مجلس األمن يدعو إلقامة مناطق عازلة‬ ‫في سوريا تمنع استمرار العنف فيها‪.‬‬ ‫يذك��ر أن الكاه��ن كان يتوس��ط ف��ي‬ ‫عملي��ة احتجاز طبيب م��ن قطنا خطف قبل‬ ‫أكثر من عش��رة أيام بحس��ب ش��اهد عيان‬ ‫من المنطقة‪ ،‬وتواصل مع الخاطفين الذين‬ ‫طلبوا من العائلة مبلغ خمس��ين مليون ليرة‬ ‫سورية لالفراج عنه‪.‬‬ ‫وتاب��ع المص��در رافض��ا الكش��ف عن‬ ‫هويته أن الحداد تمكن من إقناع الخاطفين‬ ‫بخفض مبل��غ الفدية إل��ى ‪ 25‬مليون ليرة‪،‬‬ ‫ولما ذهب‪ ،‬بناء على طل��ب العائلة‪ ،‬مع والد‬ ‫زوجة الطبيب المخطوف لتسليم المبلغ إلى‬ ‫الخاطفين‪ ،‬خطف الرجالن‪.‬‬ ‫وع��اد الخاطف��ون وطلب��وا مبل��غ ‪75‬‬ ‫مليون لي��رة لإلفراج ع��ن الثالث��ة‪" ،‬وكانت‬

‫المفاوض��ات مس��تمرة حت��ى يوم األس��بوع‬ ‫الماض��ي قب��ل العث��ور صباح��ا عل��ى جث��ة‬ ‫الكاهن"‪ ،‬بحسب المصدر نفسه‪ ،‬ولم يعرف‬ ‫مصير المخطوفين اآلخرين‪.‬‬ ‫وأش��ار المصدر إل��ى أن مقتل الكاهن‬ ‫ف��ادي الحداد أث��ار غضبا في قطنا‪ ،‬بس��بب‬ ‫الص�لات الجي��دة الت��ي يملكه��ا الكاهن مع‬ ‫جميع سكان المنطقة‪.‬‬ ‫وقال "ليس��ت هذه الم��رة األولى التي‬ ‫يطل��ب من��ه التوس��ط ف��ي عملي��ات خطف‬ ‫وس��رقة‪ ،‬ونجح في مرات كثيرة في اإلفراج‬ ‫ع��ن مخطوفين وإعادة س��يارات مس��روقة‪،‬‬ ‫فهو رجل دين يحظى بثقة الجميع"‪.‬‬ ‫وأض��اف "ف��ي رمض��ان‪ ،‬غالبا م��ا كان‬ ‫يدعو إلى إفطارات في كنيسته للمسلمين‪،‬‬ ‫ان��ه محب��وب م��ن كل الطوائف‪ ،‬ول��م يتخذ‬ ‫مواقف من النزاع القائم في سوريا"‪.‬‬ ‫وكان��ت صفح��ة "الث��ورة الس��ورية ‪-‬‬ ‫تنس��يقية الجلجل��ة" على "فيس ب��وك" التي‬ ‫يديره��ا ناش��طون مس��يحيون ومس��لمون‬ ‫اتهم��ت ش��بيحة النظ��ام الس��وري باختطاف‬ ‫الكاهن األرثوذكسي وأشارت الصفحة إلى أن‬ ‫"عملي��ة االختطاف حصل��ت بعد خطف طبيب‬

‫مس��يحي بهدف إثارة الفتنة بين المسيحيين‬ ‫والمس��لمين"‪ ،‬وأضاف��ت الصفح��ة‪" :‬إال أن‬ ‫أهالي قطنا قاموا بالتجمع عند كنيسة (النبي‬ ‫إلياس الغي��ور) األنطاكية للروم األرثوذكس‬ ‫ف��ي مدينة قطنا‪ ،‬تضامن��ا مع عملية الخطف‬ ‫النكراء التي قام بها شبيحة النظام"‪.‬‬ ‫كما أدانت جهات مسيحية سورية عديدة‬ ‫عملي��ة االختطاف وأكدت على وحدة النس��يج‬ ‫الس��وري ضد آلة القتل من قبل قوات األس��د‬ ‫وش��بيحته منها اتحاد المسيحيين األحرار في‬ ‫حلب والذي أصدر بيانا حول الثورة الس��ورية‬ ‫ومقاومتها ألعتى األنظمة الديكتاتورية‪ ،‬كما‬ ‫أض��اف البي��ان أنه "ومن��ذ اندالع الث��ورة دأب‬ ‫النظ��ام على وصفه��ا بالس��لفية واإلرهابية‬ ‫مح��اوال بذلك خلق مخ��اوف من الث��ورة لدى‬ ‫بعض مكونات الش��عب السوري واللعب على‬ ‫االختالف��ات الطبيعي��ة بي��ن ه��ذه المكونات‬ ‫وخاص��ة المس��يحيين منه��م‪ ،‬محاول��ة من��ه‬ ‫لعزلهم عن الثورة‪ ،‬ومع قطع الثورة الش��وط‬ ‫األكبر في مس��يرة إس��قاط هذا النظام تقف‬ ‫قطاعات واس��عة من المس��يحيين إلى جانب‬ ‫ثورة ش��عبهم وبأش��كال مختلف��ة‪ ،‬وقد دأب‬ ‫النظ��ام وكلم��ا أح��س باتس��اع معارضته��م‬ ‫ل��ه‪ ،‬باللجوء إل��ى خلق أوه��ام جديدة تعطي‬ ‫انطباعا بأنه ال يزال قويا‪ ،‬كان آخرها عرضه‬ ‫لجثث قال إنها للجيش الحر (وهو ال يعجز عن‬ ‫جلب مئات الجثث من الذين يقوم بتصفيتهم‬ ‫ف��ي زنازينه يوميا أو من يس��قطون ش��هداء‬ ‫القص��ف والتدمي��ر) ف��ي بع��ض األحي��اء‬ ‫المس��يحية الت��ي تق��ع فيه��ا بع��ض مراكزه‬ ‫األمني��ة‪ ،‬وأهمها فرع األمن السياس��ي بحي‬ ‫السليمانية والذي تحول إلى حامية عسكرية‬ ‫تذكرنا بثكنات االحتالل‪ ،‬وقد اس��تطاع تجنيد‬ ‫شرذمة صغيرة من أبناء هذه األحياء بصورة‬ ‫احتفالية مخجلة ليس للسوريين عالقة بها‪،‬‬ ‫ه��ي التي تق��ف أم��ام الموت بإج�لاء وليس‬ ‫بالرقص والزغاريد والفرح"‪.‬‬

‫ق��وات النظام تختطف كاهنا من قطنا ثم تقوم بقتله‬


‫األخب��ار المتوات��رة الواردة م��ن المدن‬ ‫وخصوصًا مدينة دمشق تشير إلى استفحال‬ ‫ممارس��ات النظ��ام القمعي��ة ض��د الم��ارة‬ ‫والمتسوقين وسائقي الس��يارات وراكبيها‪،‬‬ ‫وص��و ًال إل��ى إطالق الن��ار عل��ى المواطنين‬ ‫وممارسة التعذيب الوحشي‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذا الس��ياق‪ ،‬أش��ارت اللجن��ة‬ ‫الس��ورية لحق��وق اإلنس��ان إلى "عش��رات‬ ‫التقاري��ر (الت��ي) تش��ير إل��ى أن التوقي��ف‬ ‫اإلجب��اري أمام الحواجز المدعم��ة بالدبابات‬

‫واألس��لحة الثقيلة يعني إهان��ة المواطنين‬ ‫واعتق��ال بعضه��م ومص��ادرة س��ياراتهم‬ ‫وس��رقة نقوده��م والمقتني��ات الثمين��ة‪،‬‬ ‫ومعاكس��ة النس��اء وإهانته��ن‪ ،‬وف��ي كثير‬ ‫من األحيان تنتهي بإط�لاق النار وخصوصًا‬ ‫على أولئ��ك الذين يتجرؤون وي��ردون على‬ ‫اإلهانات الموجهة إليهم"‪.‬‬ ‫وأضاف��ت اللجنة‪" :‬عن��د التدقيق على‬ ‫الهوي��ات يكف��ي أن ينتم��ي المواط��ن إل��ى‬ ‫األماك��ن المنتفض��ة ض��د النظ��ام وحمص‬

‫معتقلو الثورة يف �سجن حم�ص يعلنون ع�صيانا مدنيا‬ ‫وكاتب �سوري يق�ضي حتت التعذيب‬

‫وقال أح��د أقرب��اء الكات��ب طالبا عدم‬ ‫الكشف عن هويته إن عائلته على علم منذ‬ ‫ي��وم الخميس بوفات��ه تح��ت التعذيب قبل‬ ‫عشرة أيام‪.‬‬ ‫وأضاف «ه��ي المرة الثاني��ة التي يتم‬ ‫فيه��ا اعتقال��ه»‪ ،‬موضح��ا أن الم��رة األولى‬ ‫كانت بالتزام��ن مع ان��دالع االحتجاجات في‬ ‫س��وريا منتصف مارس‪/‬آذار ‪ ،2011‬والثانية‬ ‫كانت قبل نحو أربعة أسابيع‪.‬‬ ‫وأعلن��ت صفح��ات تنس��يقيات الث��ورة‬ ‫الس��ورية على «فيس��بوك» ومنه��ا صفحة‬ ‫تنس��يقية مدين��ة دُم��ر ف��ي ريف دمش��ق‬ ‫مس��قط رأس الكات��ب‪ ،‬وصفح��ة «الث��ورة‬

‫الس��ورية باللغ��ة الفرنس��ية» مقتل محمد‬ ‫نمر المدني في سجون السلطات السورية‪.‬‬ ‫والمدني من مواليد دُمر بريف دمشق‬ ‫سنة ‪ ،1961‬وهو متزوج ولديه ثالثة أطفال‬ ‫ومتخصص ف��ي «أبحاث األدي��ان والمذاهب‬ ‫والف��رق»‪ ،‬بحس��ب صفحت��ه اإللكتروني��ة‪،‬‬ ‫ول��ه كتابات معادي��ة لليهود‪ ،‬كم��ا أنه ينفي‬ ‫المحرقة النازية إبان الحرب العالمية الثانية‪.‬‬ ‫وق��د طبع له أكثر م��ن مائة كتاب‪ .‬كما‬ ‫عمل في مجال األبحاث والترجمة‪ ،‬وال سيما‬ ‫ترجمة النصوص المسرحية‪.‬‬ ‫وبحسب تنس��يقيات الثورة السورية فقد‬ ‫عمل المدني «مراس ًال سريا» لمحطات أجنبية‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أعل��ن معتقل��و الث��ورة الس��ورية في‬ ‫س��جن حمص المرك��زي رفضه��م معونات‬ ‫قدمته��ا جمعي��ات خيرية‪ ،‬معلني��ن أنهم لم‬ ‫يث��وروا م��ن أجل المعون��ات‪ ،‬وبينم��ا ذكروا‬ ‫باس��تمرار اعتقالهم بدون وجه‪ ،‬أعلنوا بدء‬ ‫عصيان مدني في سجنهم‪.‬‬ ‫م��ن جهته��ا‪ ،‬ذك��رت اللجنة الس��ورية‬ ‫لحقوق اإلنس��ان أنه��ا "تواصلت مع فعاليات‬ ‫المجتم��ع المدن��ي ف��ي الم��دن الس��ورية‬ ‫الرئيس��ية وحاولت البحث فيمن أفرج عنهم‬ ‫م��ن س��جناء ال��رأي والضمي��ر والصحفيين‬ ‫واألطب��اء والممرضي��ن والسياس��يين ول��م‬ ‫تتمكن من تبين أعداد ذات قيمة من المفرج‬ ‫عنهم على خلفية مرس��وم العفو الرئاس��ي‬ ‫رقم ‪ 71‬الصادر بتاريخ ‪.2012/10/23‬‬ ‫وكان الس��جناء قد أعلنوا في "رس��الة‬ ‫مفتوح��ة" أن جمعيات خيري��ة قامت بتاريخ‬ ‫‪" 2012/10/24‬بع��رض تقديم معونات لنا‪،‬‬ ‫ونحن نتقدم بخالص الشكر واالمتنان على‬ ‫ذل��ك ونعلن ب��ذات الوقت رفضنا الس��تالم‬ ‫هذه المعونات"‪.‬‬ ‫وحدد سجناء الرأي أسباب رفضهم هذا بـ‪:‬‬ ‫‪ –1‬إن العف��و الص��ادر بتاري��خ‬ ‫‪ 2012/10/23‬ش��مل المحكومين باألحكام‬ ‫الجنائي��ة من س��رقة وتهري��ب و… إلخ ولم‬ ‫يشمل سجناء الرأي كما كنا نتمنى ونتوقع‪.‬‬ ‫‪ –2‬نحن سجناء الرأي لم تكن المعونات‬ ‫يوم��اً غايتن��ا‪ ،‬بل كن��ا نبتغ��ي الحرّية التي‬

‫كفله��ا الدس��تور ونصت عليها مب��ادئ أهم‬ ‫األحزاب في سوريا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ –3‬نتمنى أخيرا على الجمعيات الخيرية‬ ‫أن تق��وم بتحويل المعون��ات التي رصدتها‬ ‫من أجلنا بكافة أش��كالها إلخواننا ونس��ائنا‬ ‫وأطفالنا فهم أحوج ما يكونوا لها‪.‬‬ ‫وذ ّكر السجناء في رسالتهم التي حملت‬ ‫توقيع "ثالثة آالف سجين وسجينة رأي سجن‬ ‫حم��ص المركزي"؛ بأنهم قد أعلنوا "عصيانا‬ ‫مدنيا في س��جن حمص المرك��زي بدءا من‬ ‫تاري��خ ‪ ،2012–10–23‬موجهي��ن رس��التهم‬ ‫"ل��كل م��ن يملك ضمي��راً ف��ي ه��ذا العالم‬ ‫للعم��ل لإلف��راج عنا بأس��رع وق��ت ممكن‪..‬‬ ‫وأخيراً نتقدم بمناسبة عيد األضحى المبارك‬ ‫بالتهنئة لألمة العربية واإلسالمية"‪.‬‬ ‫وكان الس��جناء ق��د أص��دروا الثالث��اء‬ ‫الماض��ي نداء عاج ًال ح��ذروا فيه من احتمال‬ ‫تعرضه��م لحمل��ة دموي��ة داخ��ل الس��جن‬ ‫بس��بب إضرابهم عن الطعام‪ ،‬مشيرين إلى‬ ‫إدارة الس��جن هددتهم باقتحام المهاجع إذا‬ ‫استمروا في إضرابهم وعصيانهم المدني‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى توف��ي الكاتب والباحث‬ ‫السياس��ي الس��وري محمد نم��ر المدني (‪51‬‬ ‫عامًا) «تحت التعذيب» في أحد فروع المخابرات‬ ‫الس��ورية قبل عدة أيام‪ ،‬وذلك بحسب ما أفاد‬ ‫به أقرباء له ومواقع معارضة اليوم األحد‪.‬‬ ‫ونفى مصدر قريب من عائلته ما تردد‬ ‫عل��ى بعض مواقع المعارضة من أن العائلة‬ ‫استلمت جثته‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫تحدي��داً لتوج��ه إلي��ه التهم وليه��ان ولينال‬ ‫بأقذع الشتائم من عناصر األمن والمخابرات‬ ‫والش��بيحة‪ ،‬واألمر ينس��حب عل��ى المناطق‬ ‫المش��تعلة األخرى مث��ل درعا وحم��اة ودير‬ ‫الزور وريف دمشق وإدلب "‪.‬‬ ‫وأوضح��ت اللجن��ة أن "عناص��ر األمن‬ ‫والش��بيحة الذين يس��تهلون ركاب السيارة‬ ‫بكلمات الش��تائم المنافية لألخ�لاق العامة‬ ‫واآلداب والحشمة يطلبون منهم أن يطأطئوا‬ ‫رؤوس��هم وال ينظ��روا إل��ى عناص��ر دورية‬ ‫الحاجز وإال كانت العقوبة صفعة في الوجه‬ ‫أو قد تنتهي إلى رصاصة في الرأس"‪.‬‬ ‫ويعان��ي الرج��ال الملتح��ون والنس��اء‬ ‫المحجب��ات أكث��ر م��ن غيره��م‪" ،‬إذ يعم��د‬ ‫عناص��ر الدورية إل��ى تخصيصه��م بالقدر‬ ‫األكبر م��ن اإلهانة‪ ،‬وكثيرا م��ا تؤدي الحالة‬ ‫إل��ى ش��د الملتح��ي م��ن لحيته حت��ى يركع‬ ‫إل��ى األرض م��ع اإلهانة والض��رب واإلذالل‬ ‫وس��ب الدين وال��ذات اإللهية‪ ،‬ث��م يعمدون‬ ‫إلى ن��زع الحجاب في كثير م��ن الحاالت عن‬ ‫النس��اء ويس��خرون منه��ن وم��ن رجعيتهن‬ ‫أو يتذرع��ون بأنهم يري��دون التأكد من لون‬ ‫الش��عر‪ .‬ولربما قتلت النس��اء وهن يدافعن‬ ‫عن شرفهن وحجابهن"‪.‬‬ ‫وأك��دت اللجن��ة أن "الم��رور وخصوص��ًا‬ ‫بالسيارات (أضحى) مخاطرة كبيرة في شوارع‬ ‫العاصم��ة الس��ورية والم��دن واألماك��ن التي‬ ‫يس��يطر عليها أمن النظام وشبيحته الذين ال‬

‫يلتزمون بنظام وال قانون وال دستور وال أدب‪..‬‬ ‫لكن التح��رك الليلي يصبح مخاطرة كبرى قد‬ ‫يفق��د المواط��ن فيه��ا حيات��ه‪ ،‬وخصوصًا إن‬ ‫كان ألمر طارئ كنق��ل مريض أو مصاب إلى‬ ‫مستشفى أو للبحث عن قريب مفقود"‪.‬‬ ‫ويش��ار إلى أن كثيراً من النش��طاء تم‬ ‫اعتقالهم على الحواجز العس��كرية‪ ،‬ومنهم‬ ‫من سُ��لم جثة هامدة في بعد‪ .‬كما أظهرت‬ ‫تس��جيالت فيدي��و عدي��دة جن��ود النظ��ام‬ ‫الس��وري وهم يتس��لون في االعت��داء على‬ ‫المواطنين على الحواجز العسكرية‪ .‬ولذلك‬ ‫فإن الحواجز تعتبر أهدافًا رئيس��ية للجيش‬ ‫الس��وري الحر نظ��راً للدور ال��ذي تعلبه في‬ ‫زيادة معاناة المواطنين‪.‬‬ ‫وقالت اللجنة السورية لحقوق اإلنسان‬ ‫ف��ي بيان لها‪" :‬ونحن نع��رض للعالم صورة‬ ‫موج��زة لما يعاني��ه المواطنون الس��وريون‬ ‫وحتى الصامتون منهم أو الموالون للنظام؛‬ ‫نعج��ب من الصم��ت المطب��ق ال��ذي انتابه‬ ‫وانتاب األمم المتحدة ومنظماتها التي تدافع‬ ‫عن الحريات العامة وتدافع عن حرية البشر‬ ‫ف��ي التنقل داخل مدنه��م وبلداتهم وداخل‬ ‫الب�لاد وخارجها والتي تنص عليها المواثيق‬ ‫الدولي��ة وينص عليها الدس��تور الس��وري‪،‬‬ ‫نعج��ب م��ن صمتهم عل��ى جرائ��م النظام‬ ‫الس��وري وش��بيحته وانتهاكه لكل الحريات‬ ‫والتقالي��د واألدي��ان ب��دون اتخ��اذ إج��راءات‬ ‫لتوقفه عند حده"‪.‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫حواجز �شبيحة النظام يف دم�شق‬ ‫�إهانات و�سرقات وحتر�ش‪ ..‬وخطف وقتل‬

‫‪5‬‬


‫دم�شق العا�صمة‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫�آخـر معـاقـل النظــام‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫كان المق��رر لملفن��ا الي��وم أن يأت��ي‬ ‫اس��تكما ًال للسلس��لة التي بدأتها س��وريتنا‬ ‫ع��ن عالق��ات النظ��ام الس��وري الخارجي��ة‪،‬‬ ‫لكن تس��ارع األحداث وخاص�� ًة في العاصمة‬ ‫اللبنانية الصنو "بيروت" باغتيال اللواء وسام‬ ‫الحس��ن‪ ،‬الضابط الذي نجح خالل س��نواتٍ‬ ‫قليلة ف��ي بناء جهاز أمن��ي احترافي‪ ،‬ونجح‬ ‫في خلق وحدة أمنية لها صلة ما بالدولة‪ ،‬ولو‬ ‫أنها انتزعت لنفس��ها المساحة الخاصة التي‬ ‫تجعله��ا خارج الدول��ة أيضاً‪ .‬وال��ذي أضحى‬ ‫مع الوقت‪ ،‬رجل األمن السياس��ي األول عند‬ ‫فريق ‪ 14‬آذار‪ .‬مدعماً بشبكة العالقات التي‬ ‫بناها لنفس��ه في لبن��ان والمنطقة والعالم‬ ‫والت��ي أتاحت ل��ه التعرف إلى أش��ياء كثيرة‪،‬‬ ‫وأش��خاص من أصحاب المواقع الرفيعة في‬ ‫عالم األمن السياسي الدولي‪ ،‬والحسن مثل‬ ‫كثيري��ن حصلوا عل��ى دعم مال��ي وتقني‪،‬‬ ‫وحتى على غطاء سياس��ي وإداري‪ ،‬إال أنهم‬ ‫فش��لوا ف��ي توفير منت��ج سياس��ي أو أمني‬ ‫جيد‪ ،‬ف��ي حين نجح هو‪ .‬وفي حالة ‪ 14‬آذار‪،‬‬ ‫وتيار «المس��تقبل» على وج��ه الخصوص‪،‬‬ ‫كان منت��ج وس��ام الحس��ن ه��و األفض��ل‪،‬‬ ‫واألكثر فعالية وحضوراً‪ ،‬واألكثر اس��تحقاقًا‬ ‫لكل الدعم الذي وُفر له‪.‬‬ ‫وعاد ًة ما يؤدي االغتيال السياس��ي في‬ ‫بلدٍ مثل لبنان يعاني انقس��اماً عمودياً‪ ،‬إلى‬ ‫تعزيز للشرخ واالنقسام‪ ،‬إال أن لكل قاعدةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اس��تثناء فاغتي��ال الرئي��س الحري��ري وحد‬ ‫اللبنانيي��ن ومه��د لخروج الجيش الس��وري‬ ‫ولربي��ع لبناني مبك��ر‪ ،‬ونرجو أن‬ ‫م��ن لبنان‬ ‫ٍ‬ ‫ال تضيع دماء الحس��ن وأن ال ينجح المخطط‬ ‫الرامي إلش��عال لبنان باغتيال��ه‪ ،‬فبالمعنى‬ ‫السياس��ي النظام الس��وري هو المس��ؤول‬ ‫عن مقتل الحس��ن وذلك باعت��راف الرئيس‬ ‫ميقاتي والنائب غس��ان مخيب��ر عضو كتلة‬ ‫التغيير واإلصالح حلفاء دمشق في الحكومة‬ ‫اللبناني��ة‪ ،‬أم��ا بالمعن��ى القانون��ي فاألمر‬ ‫مت��روكٌ للقضاء فاالتهام المبكر أو التعليق‬ ‫عل��ى أحكام القضاء أم��رٌ ال طائل منه‪ ،‬وما‬ ‫يهمن��ا أن ال ينج��ر اللبنانيون إل��ى تفاصيل‬ ‫السياسة الضيقة وأن ال يقع لبنان في حالة‬ ‫بش��كل يس��لط الضوء على بيروت‬ ‫الفراغ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ويبع��ده عن الجرائم المرتكبة في دمش��ق‪،‬‬ ‫بي��روت الت��ي كانت خ�لال الثورة الس��ورية‬ ‫غي��ر بعي��دة ع��ن دمش��ق بتأثره��ا بالثورة‬ ‫وانعكاس��اتها لكنها وبحس��ب تعبي��ر الكبير‬ ‫"الياس خ��وري" بعيدة عن بيروت نفس��ها‪،‬‬ ‫بيروت التي لم تعت��د الصمت أو الحياد‪ ،‬في‬ ‫قضايا الحرية والكرامة‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫والحدي��ث عن بيروت مقدم��ة لحديثنا‬ ‫عن دمش��ق موض��وع ملفنا اليوم‪ ،‬دمش��ق‬ ‫المدينة التي شهدت إرهاصات الثورة األولى‬ ‫لكنه��ا بقي��ت الحصن األخير للنظ��ام‪ ،‬فبعد‬ ‫أن س��قطت العاصم��ة األولى بي��روت جزئيًا‬ ‫ع��ام ‪ 2005‬والتي قال أحد الق��ادة األمنيين‬ ‫للنظام‪ ،‬بأن سقوط األسد في بيروت يعني‬ ‫س��قوطه في دمش��ق‪ ،‬ودمرت الثانية‪ ،‬حلب‬ ‫الت��ي ق��ال عنها محم��ود دروي��ش‪ :‬في كل‬ ‫ألندلس‪..‬‬ ‫حاو ومغتص��بُ‪ ..‬يبكي‬ ‫ٍ‬ ‫مئذن��ةٍ‪ٍ ..‬‬ ‫ْإن حوص��رتْ حلبُ‪ .‬وقد كت��ب درويش هذا‬

‫المقط��ع الش��عري كي يروي مأس��اة بيروت‬ ‫خ�لال الحص��ار اإلس��رائيلي الطوي��ل الذي‬ ‫هدّم أجزاء من المدين��ة عام ‪ .1982‬فحلب‬ ‫ف��ي القصي��دة رم��زٌ يس��تعين بالماض��ي‬ ‫ك��ي يحك��ي ع��ن حاض��ر ذل��ك الش��عور‬ ‫الرهي��ب بالوحدة خالل الحص��ار‪ ،‬حيث كان‬ ‫الفلس��طينيون واللبناني��ون يش��عرون أن‬ ‫التخل��ي عنه��م وتركه��م لمصيره��م كان‬ ‫عالمة العجز العرب��ي المتواطئ مع المحتل‬ ‫اإلس��رائيلي‪ ،‬واليوم هناك م��ن يحرق حلب‬ ‫ويدمرها وسط ما يش��به الصمت والتواطؤ‬ ‫يح��رق البش��ر والذاكرة‪ ،‬الحاض��ر والتاريخ‪،‬‬ ‫ك��ي يترك بعد رحيله الحتم��ي ذاكرة اللعنة‬ ‫واألسى‪.‬‬

‫دم�شق زمن البعث‬ ‫ولم يبقى من العواصم إال دمش��ق آخر‬ ‫معاق��ل النظ��ام‪ ،‬العاصم��ة التي ش��هدت في‬ ‫الس��ابع من نيس��ان عام ‪ 1947‬عقد المؤتمر‬ ‫التأسيسي األول لحزب البعث العربي‪ ،‬الحزب‪،‬‬ ‫االش��تراكي‪ ،‬الش��عبي‪ ،‬والذي نص��ت أدبياته‬ ‫عل��ى كونه حزب��ًا انقالبيًا يؤمن ب��أن أهدافه‬ ‫الرئيس��ية ف��ي بع��ث القومية العربي��ة وبناء‬ ‫االش��تراكية العربي��ة ال يمك��ن أن يتم إال عن‬ ‫طري��ق االنقالب والنض��ال‪ .‬وف��ي أواخر عام‬ ‫‪ 1952‬اندم��ج م��ع الحزب العربي االش��تراكي‬ ‫"الذي كان يضم قاعدة عريضة من الفالحين‬ ‫وأفراد الطبقة الوسطى في ريف حماة وإدلب‬ ‫بصورة خاصة"‪ .‬وتم الدمج على أساس دستور‬ ‫البعث العربي مع إضافة كلمة اشتراكي ليولد‬ ‫ح��زب البع��ث العرب��ي االش��تراكي ويغتصب‬ ‫السلطة بعد عقدٍ من الزمن‪.‬‬ ‫الح��زب ال��ذي اس��تولى على الس��لطة‬ ‫بانقالب‬ ‫بانقالب عسكري عام ‪ 1963‬وألحقه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫داخلي عام ‪ 1966‬تسلم بعدها القيادة عددٌ‬ ‫من الشبان المغمورين المتحمسين‪ ،‬والذين‬ ‫نجح��وا ورغم عالته��م ونق��ص كفاءتهم‪،‬‬ ‫بدح��ر النظام القدي��م بواس��طة التأميمات‬ ‫واإلص�لاح الزراع��ي‪ ،‬وأحل��وا محل��ه نخب��ة‬ ‫سياس��ية جديدة تنبع من التحالف بين أبناء‬ ‫الري��ف المثقفي��ن وأبناء الطبقة الوس��طى‬ ‫الدنيا ف��ي المدن‪ ،‬وأصبح الص��راع الطبقي‬ ‫ضيق األف��ق وانتقاميًا‪ ،‬فطرد م��ن الخدمة‬ ‫الحكومية أي ش��خص ل��ه عالقة مهما كانت‬ ‫بعي��دة بالعائ�لات المتنف��ذة القديمة‪ ،‬وراح‬ ‫ع��دو وصدي��ق‪ ،‬مع‬ ‫الن��اس يصنف��ون بين ٍ‬ ‫تقس��يمات فرعي��ة فيم��ا بي��ن الصنفي��ن‪:‬‬ ‫"فالعم��ال والفالح��ون والطلب��ة والنس��اء‬ ‫والشبيبة صنفوا كأصدقاء‪ ،‬أما اإلقطاعيون‬ ‫والرجعي��ون فاعتبروا معادين ب�لا هوادة"‪.‬‬ ‫واس��تناداً لما س��بق لم يكن النظام الجديد‬ ‫مرحب��ًا به في العاصمة دمش��ق عام ًة وعند‬ ‫بش��كل خاص مما‬ ‫البرجوازي��ة الدمش��قية‬ ‫ٍ‬ ‫ش��كل تهدي��داً الس��تمراره‪ .‬فوالء دمش��ق‪،‬‬ ‫كان المق��رّ ِر لمصي��ر أيّ نظام تعاقب على‬ ‫حكم س��ورية منذ انهي��ار الدولة العثمانيّة‪.‬‬ ‫هذا ال��والء هو الذي يقرّر مدى قدرته على‬ ‫ٌ‬ ‫فعامل حاسمٌ‬ ‫االس��تمرار‪ ،‬أما نقمتُها عليه‬ ‫في زعزعته‪ .‬غير ّأن اكتس��ابَ والء المدينة‬ ‫ال يقتص��ر عل��ى ف��رض الس��يطرة عليه��ا‬ ‫بالق��وة‪ ،‬بل ّإن بناء أيّ نظام لعمليّة قبوله‬ ‫م��ن قِبل المدينة ّ‬ ‫يش��كل العامل األس��اس‬ ‫في استمراريّته‪.‬‬

‫دم�شق حافظ الأ�سد‬ ‫وم��ع وص��ول األس��د لس��دة الحك��م‬ ‫ف��ي س��وريا ع��ام ‪ 1970‬عق��د تحالف��ًا م��ع‬ ‫ً‬ ‫حفاظ��ًا عل��ى‬ ‫البورجوازيّ��ة الدمش��قية‪،‬‬

‫مصالح هذه األخيرة‪ ،‬ولضمان توزيع الدخل‬ ‫القوميّ الس��وري عب��ر قنوات يمس��ك بها‬ ‫أولئ��ك الوجهاء‪ .‬فأغدق األس��د األموال على‬ ‫المدينة وقدم االحترام للزعماء االجتماعيين‬ ‫والدينيي��ن‪ ،‬وأق��ام جس��وراً بي��ن القادمين‬ ‫الجدد من الريف وبين البرجوازية التجارية‪،‬‬ ‫وفي إش��ارة ودية للسكان المسلمين السنة‬ ‫أدى العم��رة في مكة عام ‪ ،1974‬وبعد عقد‬ ‫م��ن الزمن ف��ي عام ‪ 1983‬خص��ص جائز ًة‬ ‫باس��مه لمرتل��ي الق��رآن‪ ،‬وقد بره��ن وال ُء‬ ‫البورجوازيّة الدمش��قية ع��ن نجاعته خالل‬ ‫األيام العصيبة التي مر بها حكمُ البعث بين‬ ‫عام��يْ ‪ 1975‬و‪ .1982‬فف��ي تل��ك المرحلة‬ ‫ُ‬ ‫معارض��ة اإلخ��وان المس��لمين‬ ‫تصاع��دتْ‬ ‫للنظ��ام‪ ،‬بدع��م م��ن الس��عوديّة ومص��ر‬ ‫والواليات المتحدة‪ ،‬وبلغ��تْ مرحلة الصدام‬ ‫المفت��وح في حم��اة ع��ام ‪ .1982‬لكنّ أمل‬ ‫معارضي األس��د في إس��قاطه خ��اب‪ ،‬وكان‬ ‫العامل األساس في ذلك عدم تمرّد دمشق‬ ‫نتيج�� ًة لدعم طبقة التجّ��ار للنظام‪ .‬فخالل‬ ‫ه��ذه الفترة ضَمِنَ حافظ األس��د س��كوتَ‬ ‫تجّار الشام عبر رفع حصّتهم من المنتجات‬ ‫المس��توردة‪ ،‬من ‪ 72 .1‬مليار ليرة س��وريّة‬ ‫إل��ى ما يق��رب ‪ 2 .4‬مليار ليرة س��وريّة في‬ ‫العام ‪.1980‬‬ ‫وف��ي أواخ��ر الثمانين��ات كان��ت هناك‬ ‫مظاه��ر واضح��ة للمصالحة ف��ي الطبقات‬ ‫العلي��ا في المجتمع الس��وري‪ ،‬فت��زوج أبناء‬ ‫الطبق��ات الجديدة‪ ،‬م��ن العائ�لات القديمة‬ ‫الت��ي كانت ذات يوم تملك القوة السياس��ية‬ ‫واالقتصادي��ة‪ .‬الطبقة الجديدة التي تكونت‬ ‫م��ن ذوي المراتب العلي��ا في الجيش‪ ،‬وقوى‬ ‫األم��ن‪ ،‬والح��زب والحكوم��ة والذي��ن كان‬ ‫بإمكانه��م الوص��ول إل��ى واردات وخزائ��ن‬ ‫الدول��ة بطرق مش��روعة وغير مش��روعة‪،‬‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫وكان��وا يمت��ازون بقدرته��م على ش��راء ما‬ ‫يري��دون والتص��رف كم��ا يش��اؤون دون أن‬ ‫يحس��بوا حس��ابًا للرأي الع��ام‪ ،‬وال لتعليمات‬ ‫الدولة‪ ،‬وطوال سنوات قامت هذه المجموعة‬ ‫بحل��ب الميزاني��ات‪ ،‬وحصل��ت على حصص‬ ‫من المش��روعات الحكومية وشغلت أبناءها‬ ‫ف��ي العم��ل الح��ر‪ ،‬وعق��دت صفق��ات فيها‬ ‫نس��ب مئوية م��ع وكالء المجهزين األجانب‪،‬‬ ‫ونصبت صنائعها في شركات القطاع العام‪،‬‬ ‫وضاربت ف��ي س��وق العق��ارات واألراضي‪،‬‬ ‫وخلقت أرباحًا وكونت ث��روات هائلة‪ ،‬ضمن‬ ‫ه��ذه المعادل��ة بنى األس��د معادل��ة خاصة‬ ‫ربط فيها مصير النخب االقتصادية بمصير‬ ‫نظامه‪ ،‬ساعدته على تثبيت حكمه وتكوين‬ ‫ثروات فلكية‪.‬‬ ‫فق��د أوض��ح تقري��ر نش��ره موق��ع‬ ‫“انفيس��توبيديا ‪،”INVESTOPEDIA -‬‬ ‫المخت��ص بش��ؤون الم��ال ع��ن ‪ 8‬رؤس��اء‬ ‫تربعوا عل��ى قائم��ة الديكتاتوريين األغنى‬ ‫في العالم‪ ،‬وكان بينهم خمسة رؤساء عرب‬ ‫قائمين أو مخلوعين أو راحلين‪ ،‬وكان أولهم‬ ‫معمر القذافي والثاني بش��ار األسد إذ بلغت‬ ‫ث��روة األخير ملي��ار دوالر ونص��ف ولكن مع‬ ‫إضافة األص��ول الثابتة وثروة عائلة األس��د‬ ‫خ�لال فت��رة حكمها فإنه��ا تصل إل��ى ‪122‬‬ ‫ملي��ار دوالر‪ ،‬رقمٌ يزيد ع��ن نصف مجموع‬ ‫ميزانيات الدولة الس��ورية منذ العام ‪1970‬‬ ‫إلى الع��ام ويقال إن ثروته تأتي من الطاقة‬ ‫واألراض��ي والتراخي��ص‪ ،‬ف��إذا كان ع��دد‬ ‫الس��وريين اليوم هو ‪ 23‬مليون نسمة‪ ،‬فإن‬ ‫كل مواطن سوري‪ ،‬طف ًال كان أم عجوزاً‪ ،‬له‬ ‫مبلغ ‪ 5300‬دوالر‪ .‬وبمعرفة أن متوسط عدد‬ ‫أفراد العائلة الس��ورية هو ‪ 6‬أشخاص‪ ،‬فقد‬ ‫سرقت من كل عائلة ‪ 31800‬دوالر‪.‬‬

‫األراض��ي لصالح المش��اريع االقتصادية ل"‬ ‫المئ��ة الكبار"‪ ،‬وخ��راب الصناع��ات المحلية‬ ‫(ف��ي ري��ف دمش��ق بش��كل خ��اص) نتيجة‬ ‫للسياس��ات االقتصادية الت��ي قادها الفريق‬ ‫السياس��ي األمن��ي االقتص��ادي الحاكم مما‬ ‫كان دافعًا النتفاض البالد الحقًا‪.‬‬ ‫س��بب واحد للثورة الس��ورية‬ ‫وتحدي��د ٍ‬ ‫مجان��بٌ للصواب فث��ورة الكرام��ة انطلقت‬ ‫من دمش��ق وتصاعدت في األطراف ألسباب‬ ‫سياس��ية واجتماعية وأخالقي��ة‪ ،‬بينما بقيت‬ ‫المدين��ة هادئ�� ًة نس��بياً إال أن الوض��ع أخ��ذ‬ ‫بالتغي��ر وب��دأت الكتابات المعادي��ة للنظام‬ ‫تنتشر على الجدران في أغلب أحياء العاصمة‬ ‫لي ًال‪ ،‬وأخذت أيام الجمعة تشهد نزوحًا كبيراً‬ ‫للناشطين الدمشقيين لألرياف والمحافظات‬ ‫الثائرة للمش��اركة في التظاهر‪ ،‬ومع انتقال‬ ‫الث��ورة أو ج��زء منها للعمل المس��لح‪ ،‬أخذت‬ ‫أص��وات القصف في الضواحي القريبة التي‬ ‫تقع تحت س��يطرة الثوار يت��ردد صداها في‬ ‫الشوارع‪ ،‬وتقضّ مضجع األغنياء والفقراء‬ ‫على حد س��واء‪ .‬والمظاه��رات الطيارة التي‬ ‫يتجم��ع فيه��ا مجموع��ات صغي��رة بس��رعة‬ ‫وتنته��ي بس��رعة أصبحت أكثر ش��يوعًا في‬ ‫أحياء المدينة‪ .‬واإلضرابات التي نفّذها تجار‬ ‫بأن‬ ‫أس��واق دمش��ق القديمة أزالت الشعور ّ‬ ‫هذه الطبقة ال زالت تدعم الحكومة‪.‬‬ ‫ولع��ل أه��م األس��باب الت��ي أدّت إلى‬ ‫تغي��ر المزاج الع��ام في المدين��ة هو تدفق‬ ‫الناس الذين هربوا إلى دمشق في الشهور‬ ‫األخي��رة‪ ،‬بحثًا عن اللجوء من القتال المندلع‬ ‫ف��ي كل م��كان ف��ي الب�لاد‪ .‬وتق��در األمم‬ ‫المتح��دة ع��دد النازحي��ن ع��ن بيوتهم في‬ ‫سوريا بحوالي مليون شخص‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫م��ن أنّه ال أح��د يعرف قطعياً ك��م هو عدد‬ ‫فإن‬ ‫الذي��ن ش��قوا طريقهم إل��ى العاصمة‪ّ ،‬‬ ‫عدد السكان يتزايد بشكل كبير‪ ،‬مع ازدحام‬ ‫العائالت ف��ي غرف الفنادق‪ ،‬واس��تئجارهم‬ ‫للش��قق الرخيص��ة واإلقام��ة ف��ي من��ازل‬

‫إلى بيروت‪ ،‬ما قد يؤشّ��ر إلى تحوّل النخب‬ ‫الدمشقية عن النظام‪ ،‬وإلى زعزعة القاعدة‬ ‫التي يستند إليها‪.‬‬ ‫م��اض ف��ي خن��ق العصم��ة‬ ‫النظ��ام ٍ‬ ‫ودحره��ا‪ ،‬ليغ��وص ف��ي مس��تنقع ال مخرج‬ ‫منه إال بإبادة جل الش��عب الس��وري وفرض‬ ‫العبودي��ة عل��ى الباقي��ن‪ ،‬ويثق��ل نفس��ه‬ ‫باضط��راد بأثق��ال م��ن الفظائ��ع والجرائم‬ ‫والتجيي��ش الطائفي تجعل��ه يغوص أعمق‬ ‫في ذلك المستنقع‪.‬‬ ‫لكن��ه مك��ر التاري��خ ومس��ار الث��ورة‬ ‫الس��ورية ال يحت��اج إل��ى منجمي��ن إلدراك‬ ‫مآالت��ه‪ ،‬ولكنه��ا ال تعم��ى األبص��ار‪ ،‬وإنم��ا‬ ‫تعم��ى القلوب الت��ي في الص��دور‪ ..‬النظام‬ ‫س��قط منذ الهتاف األول عل��ى أبواب الجامع‬ ‫األموي الكبير‪ ،‬وسقوطه في دمشق كاشف‬ ‫للنهاية وليس ً‬ ‫منشأ لها‪..‬‬ ‫يبدو بديهياً أن أودعكم مع دمش��قيةٍ‬ ‫من دمش��قيات نزار‪ ،‬لكني آثرت أن أودعكم‬ ‫مع رائعته‪ :‬حوار مع ملك المغول‬ ‫ي��ا مل��ك المغ��ول‪ .‬ي��ا وارث الجزم��ة‬ ‫والكرب��اج ع��ن جدك أرطغول‪ ..‬ي��ا من ترانا‬ ‫كلنا خي��ول‪ ..‬ال فرق‪ -‬من نواف��ذ القصور‪..‬‬ ‫بي��ن الناس والخي��ول‪ ..‬يا مل��ك المغول‪ ..‬يا‬ ‫أيه��ا الغاضب م��ن صهيلنا‪ ..‬يا أيه��ا الخائف‬ ‫م��ن تفتح الحقول‪ ..‬أري��د أن أقول‪ :‬من قبل‬ ‫أن يقتلن��ي س��يافكم مس��رور‪ ..‬وقب��ل أن‬ ‫يأتي ش��هود الزور‪ ..‬أري��د أن أقول كلمتين‪..‬‬ ‫لزوج��ت بالحامل م��ن ش��هور‪ ..‬وأصدقائي‬ ‫كله��م‪ ..‬وش��عبي المقه��ور‪ ..‬أري��د أن أقول‬ ‫إني ش��اعر‪ ..‬أحمل ف��ي حنجرتي عصفور‪..‬‬ ‫أرف��ض أن أبيعه‪ ..‬وأنت من حنجرتي‪ ..‬تريد‬ ‫أن تص��ادر العصف��ور‪ ..‬يا مل��ك المغول‪ ..‬يا‬ ‫قاهر الجيوش يا مدحرج الرؤوس‪ ..‬يا مدوخ‬ ‫البحور‪ ..‬يا عاجن الحديد يا مفتت الصخور‪..‬‬ ‫ي��ا آكل األطف��ال‪ ...‬يا مغتصب األب��كار‪ ...‬يا‬ ‫مفترس العطور‪ ....‬واعجبي‪ ..‬واعجبي أأنت‪،‬‬ ‫والشرطة‪ ،‬والجيش‪ ..‬على عصفور‪..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ف��ي تموز ‪ ،2000‬بعد ش��هر على وفاة‬ ‫حاف��ظ األس��د‪ ،‬تو ّلى بشّ��ار الحك��م‪ ،‬وار ًثًا‬ ‫تركيب��ة مؤسس��اتيّة وأمنيّ��ة هيّأها أبوه‬ ‫لإلمس��اك بالتوازنات الدقيقة في س��ورية‪،‬‬ ‫وق��د اعتم��د األس��د االب��ن سياس�� ًة خاصة‬ ‫للخروج من حالة الطريق المس��دود سياسيًا‬ ‫واقتصادي��اً للبالد الت��ي ورث حكمها‪ ،‬فعلى‬ ‫المس��توى السياس��ي أطل��ق الرئي��س في‬ ‫خطاب القسم هامشًا سياسياً جديداً نشطت‬ ‫في رحاب��ه المنتدي��ات الثقافية السياس��ية‬ ‫الجديدة التي م ّثلت ما س��مي "ربيع دمشق"‪،‬‬ ‫ولكن هذا الهامش لم يس��تمر طوي ًال إذ أنّه‬ ‫انتهى ف��ي أيلول ‪ 2001‬ليعود األس��د االبن‬ ‫إلى حكم البلد باالعتماد على األجهزة األمنية‬ ‫بعدما اكتشف ّأن الوراثة ال تؤمّن له وحدها‬ ‫االس��تقرار واالس��تمرار ف��ي الحك��م‪ .‬ومن‬ ‫ناحية أخرى أراد األسد االبن أن يعوّض ذلك‬ ‫الفشل السياسي في المجال االقتصادي‪ ،‬إذ‬ ‫أعطى الض��وء األخضر للتح��ول من نموذج‬ ‫«التخطيط المركزي الشامل» إلى «اقتصاد‬ ‫الس��وق» ال��ذي أنجز بش��كل واض��ح خالل‬ ‫الخطة الخمس��ية العاشرة "‪."2010 - 2006‬‬ ‫ومع ه��ذا االنعط��اف حدث تغيُّ��ر اقتصادي‬ ‫اجتماع��ي كبي��ر نتيج��ة للش��راكة الجديدة‬ ‫السياس��ية األمني��ة االقتصادي��ة الجدي��دة‪،‬‬ ‫الت��ي ضمّت م��ن الداخل ش��خصيات أمنية‬ ‫واقتصادي��ة قريبة من األس��د االبن ورجال‬ ‫أعم��ال من دمش��ق وحل��ب‪ ،‬بينم��ا انضمّت‬ ‫إليه��ا م��ن الخارج رس��اميل خليجي��ة تبحث‬ ‫عن مجال مناس��ب لالس��تثمار‪ ،‬فبرز «المئة‬ ‫الكبار» الذين أصبحوا يتقاس��مون «الكعكة‬ ‫الكبيرة» بالتزامن م��ع الخراب الذي ّ‬ ‫حل في‬ ‫المجتمعات المجاورة لدمش��ق وحلب نتيجة‬ ‫لهذا النمو المش��وّه للتنمية الذي رفع نسبة‬ ‫النم��و االقتصادي إل��ى أكثر م��ن ‪ 5‬بالمئة‪،‬‬ ‫ولكن��ه رف��ع نس��بة البطالة إلى مس��تويات‬ ‫غير مس��بوقة وأسقط ثلث الس��كان إلى ما‬ ‫دون خ��ط الفق��ر "‪ 3 .34‬بالمئ��ة "‪ ،‬وزاد في‬ ‫الس��خط االجتماع��ي خ��ارج دمش��ق وحلب‬ ‫(اللتان اس��تفادتا أكثر من النمو االقتصادي‬ ‫المعل��ن) نتيج��ة لسياس��ة االس��تحواذ على‬

‫األقارب‪ .‬وه��ؤالء يجلبون معهم قصصاً من‬ ‫األلم والظلم‪ ،‬تصيب الدمش��قيين بالغضب‬ ‫الذي س��اهم في الحفاظ عل��ى جذوة الثورة‬ ‫طيلة ال‪ 18‬شهراً ويستنهضون مشاهد كان‬ ‫العقل الباطن للدمش��قيين يحاول نسيانها‬ ‫عن حكم األسد األب‪..‬‬ ‫وفي دمش��ق اليوم‪ ،‬تنتش��ر المكعبات‬ ‫اإلس��منتية ح��ول مق��رات أجه��زة األم��ن‬ ‫والمخابرات‪ ،‬في ما يش��به «مربعات أمنية»‬ ‫مصغ��رة‪ ،‬وعل��ى الط��رق تظه��ر حواج��ز‬ ‫ثابت��ة وطي��ارة تدق��ق ف��ي الهوي��ات‪ ،‬إل��ى‬ ‫جان��ب الدوريات غير المرئي��ة والتي يختفي‬ ‫عناصرها خلف الزجاج الداكن لس��ياراتهم‪،‬‬ ‫أما التفجيرات الناتجة عن س��يارات مفخخة‬ ‫أو عبوات ناسفة فإنها تكاد تصبح اعتيادية‪،‬‬ ‫إلى الحد الذي يجع��ل تأثيرها محصوراً في‬ ‫أمكن��ة حدوثه��ا‪ ،‬بينما تس��تمر الحي��اة في‬ ‫األنحاء األخرى‪.‬‬ ‫لكن وعلى الرغم من المشهد الوهمي‬ ‫ال��ذي يح��رص النظ��ام عل��ى إظه��اره في‬ ‫وس��ط المدين��ة‪ ،‬إال أن��ه ال يس��تطيع إخفاء‬ ‫التذم��ر الب��ادي على الوج��وه‪ ،‬فالمعارضون‬ ‫للنظام بقوا على مواقفهم‪ ،‬والموالون باتوا‬ ‫يخفون مواالتهم‪ ،‬أما الفئة الصامتة فترجو‬ ‫الخالص‪ ،‬بعد أن أدركت أن س��قوط النظام‬ ‫اليوم يوفر على الس��وريين مئات الش��هداء‬ ‫غداً‪..‬‬ ‫أم��ا البرجوازي��ة الدمش��قية فاقتنعت‬ ‫بعج��ز النظ��ام عل��ى حف��ظ مكتس��باتها‪،‬‬ ‫واختل��ت المعادل��ة الت��ي بني عليه��ا نظام‬ ‫الحك��م ونزحت أغل��ب العائ�لات الثرية إلى‬ ‫بي��روت‪ ،‬هذا النزوح‪ ،‬ال��ذي يحدث ألول مرة‬ ‫ف��ي تاري��خ العالقات بي��ن لبنان وس��ورية‪،‬‬ ‫عكس اهت��زاز ثقة أه��ل العاصم��ة بقدرة‬ ‫النظ��ام على حمايته��م وحماية مصالحهم‪.‬‬ ‫وكان البارز تصاعد نبرة االنتقاد والتشكيك‬ ‫واالمتعاض الموجّه��ة إلى النظام من قِبل‬ ‫العوائل المترفة والثريّة التي لجأ معظمُها‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫دم�شق ب�شار الأ�سد‬

‫‪7‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫بني التع�صب واالنتماء (‪)5‬‬

‫خالد كنفاني‬

‫ق��د تس��تمر ه��ذه السلس��لة وتطول‬ ‫حلقاتها طالما في المجتمع أفراد يتقاسمون‬ ‫العي��ش (أو الم��وت) ويتقاس��مون لقم��ة‬ ‫العي��ش (أو يقتتل��ون عليها)‪ ،‬فالدراس��ات‬ ‫االجتماعية عادة ما تس��تمر عقوداً قبل أن‬ ‫تبدأ ثمارها بالنضوج ونتائجها بالتبلور‪.‬‬ ‫وإذ يعت��رف أغل��ب المثقفي��ن العرب‬ ‫بالقص��ور الش��ديد ف��ي ميدان الدراس��ات‬ ‫االجتماعي��ة والتاري��خ االجتماع��ي‪ ،‬إال أن‬ ‫ع��دداً قلي ًال منهم بالفع��ل قرر اقتحام هذا‬ ‫الميدان الشائك وذلك لسببين رئيسيين‪:‬‬ ‫األول ه��و ش��ح المراج��ع التاريخي��ة‬ ‫التي تؤرخ للمجتم��ع‪ ،‬فكل المؤرخين على‬ ‫مر العص��ور كتبوا في السياس��ة والحروب‬ ‫واالنتص��ارات والهزائ��م‪ ،‬وكان��ت معظ��م‬ ‫كتاباته��م إم��ا تمجيداً لس��لطان على مبدأ‬ ‫«التاري��خ يكتب��ه المنتص��رون» أو هجومًا‬ ‫وذماً في ش��خص ما أو دولة ما أو شعب ما‪.‬‬ ‫يواجه الكثيرون من الباحثين مش��كلة عند‬ ‫التعرض مث ًال للتقاليد واألعراف التي كانت‬ ‫س��ائدة في المجتمع الدمش��قي أو الحلبي‬ ‫أو القاه��ري أو الحضرم��ي ف��ي أي��ة فترة‬ ‫من فت��رات التاري��خ‪ ،‬حتى أن باحث��اً عربيا‬ ‫ً مرموق��ًا كالراح��ل محم��د عاب��د الجابري‬ ‫ي��رى أن الس��يرة النبوي��ة والت��ي يعتبرها‬ ‫المس��لمون أهم ما يمكن جمع��ه والكتابة‬ ‫عنه يتم اختصارها في موضوعين ال ثاني‬ ‫لهما‪ :‬إما عذاب المس��لمين من قبل قريش‬ ‫وإما الغزوات والحروب بعد الهجرة‪ .‬ولوال أن‬ ‫بعض الرواة قرر نقل أحاديث النبي والتي‬ ‫يحت��وي بعضها على ش��يء من المش��اكل‬ ‫الحياتي��ة اليومي��ة لما وصلنا م��ن يوميات‬ ‫ذل��ك الزمان ش��يء وخاص��ة بع��د أن قرر‬ ‫الوهابيون تدمير كل ما له عالقة بالحقبة‬ ‫النبوية «خوفًا على المسلمين من الفتنة»‬ ‫(!) فمح��وا كامل تراث تل��ك المنطقة كأنه‬ ‫لم يكن‪.‬‬ ‫السبب الثاني هو السياسة‪ ،‬فقد وجد‬ ‫الكثير من المؤرخين على ما يبدو صعوبة‬ ‫بالغ��ة في الفص��ل بين السياس��ة والحياة‬ ‫نظراً للظ��روف «الديمقراطية» التي كانوا‬ ‫يعيشونها‪ ،‬وهكذا كان الكاتب يصدر كتابه‬ ‫بع��د أن ين��ال حظه م��ن الرقاب��ة والقص‬ ‫واللصق وهو أمر لم يختلف أبداً حتى اليوم‬ ‫ولكن اختلفت وس��ائله أم��ا العقلية األمنية‬ ‫والمخابراتي��ة فهي ذاته��ا ويفخر أصحابها‬ ‫بتوارثه��ا عبر األجيال‪ .‬فمث� ً‬ ‫لا كان وال يزال‬ ‫الكاتب يخشى أن يذكر في كتاب أو مقال ما‬ ‫ش��يئاً عن غالء األسعار أو االزدحام الشديد‬ ‫أو البطال��ة ففي ذلك إهانة لولي األمر ألن‬ ‫ه��ذا النقد يعني أنه ال يقوم بعمله مما قد‬ ‫يعني خفوت التمجيد له والتس��بيح بحمده‬ ‫لي��ل نهار‪ .‬وهكذا نرى ف��ي كتب ابن األثير‬ ‫والذهب��ي والمس��عودي والطب��ري واب��ن‬ ‫هش��ام وابن عس��اكر وابن كثير وغيرهم‬ ‫عش��رات األخب��ار عن الح��روب وعمن دخل‬ ‫من ال��والة وعمن مات في ذلك العام ولكن‬ ‫ين��در أن تجد وصفًا للحي��اة العامة وخاصة‬ ‫في بعدها االجتماع��ي‪( .‬راجع‪ :‬محمد جابر‬ ‫األنص��اري‪ :‬التأزم السياس��ي عن��د العرب‬ ‫وسوس��يولوجيا اإلس�لام‪ ،‬لم��اذا يخش��ى‬ ‫اإلسالميون علم االجتماع)‬ ‫ه��ذه األس��باب مجتمع��ة مضاف��اً إليها‬ ‫التدهور السياس��ي واالجتماعي واالقتصادي‬ ‫في الب�لاد العربي��ة أفضى إلى بق��اء صورة‬ ‫المثقف في األذه��ان على أنه من قرأ بضعة‬ ‫كت��ب بلغة أخرى ونش��ر بضع��ة مقاالت في‬ ‫صحف ومجالت تبحث عم��ن يقرؤها‪ .‬وهكذا‬ ‫ض��اع علم االجتم��اع تحت س��ياط المحققين‬

‫في المعتقالت وبين أرجل العس��كر الذين ال‬ ‫يعلمون س��وى الركل‪ .‬وعاش من عاش على‬ ‫عصبيته وطائفيته التي ورثها كابراً عن كابر‬ ‫ومات من مات على ما عاش عليه سابقوه‪.‬‬ ‫بي��ن التعصب واالنتماء مس��افة أبعد‬ ‫ما بين السماء واألرض‪ .‬ال يقترن التعصب‬ ‫بمفهوم االنتماء ال من قريب وال من بعيد‪،‬‬ ‫فالتعص��ب أعم��ى بينم��ا االنتم��اء انفتاح‪،‬‬ ‫التعص��ب قاتل بينم��ا االنتم��اء يحيي روح‬ ‫المواطن��ة الحقيقي��ة‪ .‬التعص��ب تفري��ق‬ ‫واالنتم��اء توح��د‪ .‬وال ب��د من الم��رور على‬ ‫بع��ض األمثل��ة م��ن التاريخ أو م��ن البقاع‬ ‫األخ��رى ف��ي هذا العال��م التي اس��تطاعت‬ ‫تبين الخط الرفيع بين التعصب واالنتماء‪.‬‬ ‫عندما قامت الحرب األهلية األمريكية‬ ‫كان جوهره��ا أم��ر أساس��ي واح��د كان‬ ‫الش��ماليون مس��تعدين للم��وت م��ن أجله‬ ‫وه��و المس��اواة‪ .‬كان الجنوبي��ون يريدون‬ ‫االس��تمرار ف��ي التميي��ز بين الن��اس على‬ ‫أس��اس عبيد وأس��ياد‪ ،‬بين أبيض وأسود‪،‬‬ ‫وكان الس��ود ممنوعين تمامًا من ممارسة‬ ‫أي ح��ق من حقوق الحياة‪ .‬ف��ي عام ‪1860‬‬ ‫ش��ن الرئي��س األمريكي ابراه��ام لنكولن‬ ‫حمل��ة كبيرة ض��د توس��يع العبودي��ة عبر‬ ‫تأكي��ده أن الناس خلقوا متس��اوين مركزاً‬ ‫عل��ى ال أخالقي��ة نظ��ام العبودي��ة في بلد‬ ‫ديمقراطي‪ ،‬وأش��هر أقواله ف��ي ذلك‪« :‬إن‬ ‫لم يك��ن الرق خط��أ‪ ،‬فال يوجد ش��يء آخر‬ ‫خطأ»‪ .‬وبدأت الواليات الجنوبية باالنفصال‬ ‫ع��ن االتحاد بدءاً من كارولينا الجنوبية في‬ ‫العام نفس��ه وقبل تول��ي لنكولن لمنصبه‬ ‫ع��ام ‪ 1861‬كان��ت س��بع والي��ات جنوبي��ة‬ ‫ق��د أعلنت اس��تقاللها اعتراض��ًا على إلغاء‬ ‫العبودية وانس��حب نوابها من الكونغرس‪.‬‬ ‫وقامت الحرب آنئذ وكان أن أعلن الشماليون‬ ‫(جيش االتحاد) أن م��ن ينضم إلى الجيش‬ ‫من العبيد سيكون حراً بعد أن يقضي فترة‬ ‫خدمة معينة‪ .‬وهكذا ش��عر الس��ود وللمرة‬ ‫األولى بقيمة التضحية وصار االنخراط في‬ ‫الخدمة العس��كرية هدفاً نبي ًال كونه يعني‬ ‫حرية الفرد وحري��ة المجتمع‪ .‬ورغم مقتل‬ ‫لنكول��ن على ي��د متعصب أبي��ض في ‪15‬‬ ‫نيسان‪/‬أبريل عام ‪ 1865‬غير أن الجنوبيين‬ ‫ما لبثوا أن استس��لموا وتم إعالن تحرير ‪4‬‬ ‫ماليين إنسان أس��ود وتثبيت تحرير العبيد‬ ‫في التعديل الثالث عش��ر لدستور الواليات‬ ‫المتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫وقد نعود أربعة عشر قرنًا إلى الوراء‬ ‫لن��رى تجرب��ة النب��ي العرب��ي محم��د في‬ ‫المدين��ة‪ .‬لم يكن الع��رب فيما مضى على‬ ‫اطالع أو فهم لماهية الدولة وتنظيمها وإنما‬ ‫كانت العش��ائر والقبائل ه��ي ذاتها الدول‪،‬‬ ‫وكان��ت عصبية العرب (وال ت��زال) المحرك‬ ‫الرئيس لتوجهاتهم وسياستهم وحروبهم‪.‬‬ ‫عندم��ا دخل محم��د إلى يث��رب أصبح فيها‬ ‫خمس��ة أصناف من السكان‪ :‬اليهود وقبيلة‬ ‫األوس وقبيل��ة الخ��زرج والمهاج��رون من‬ ‫قريش والمهاجرون من غير العرب‪ .‬لم تكن‬ ‫المهمة س��هلة ف��ي مجتمع قبل��ي كمجتمع‬ ‫الجزي��رة العربية األول‪ .‬وهك��ذا قام النبي‬ ‫بإص��دار «الصحيف��ة» ولعله��ا أول (وربما‬ ‫آخر) دس��تور مدني عربي يؤسس لمرحلة‬ ‫الدول��ة التعددي��ة‪ .‬وف��ي ه��ذه الصحيف��ة‬ ‫ساوى النبي بين جميع السكان على أسس‬ ‫مواطني��ة واح��دة وعل��ى تعاضده��م في‬ ‫السلم والحرب وعلى شكل األحكام وفض‬ ‫النزاع��ات‪ .‬ويعتب��ر كثي��ر م��ن المؤرخي��ن‬ ‫ه��ذه الوثيقة «مظلوم��ة» لكونها لم تتلق‬ ‫االهتم��ام الكاف��ي وال الدراس��ة الصحيحة‬

‫العميق��ة التي تبرز عبقرية هذا الرجل في‬ ‫ذل��ك التاريخ وتل��ك البقع��ة المجهولة من‬ ‫األرض آنذاك‪ .‬والجدير بالذكر أن النبي لم‬ ‫يحارب اليه��ود فيما بع��د إال ألنهم نقضوا‬ ‫مواثيقه��م وليس رغبة من��ه في إرغامهم‬ ‫على الدخول في الدين‪.‬‬ ‫أم��ا ف��ي فرنس��ا وم��ع ب��زوغ عص��ر‬ ‫النهضة والتنوي��ر في أوروبا فقد لمع نجم‬ ‫جان جاك روسو بعقده االجتماعي الشهير‪.‬‬ ‫تقوم نظرية روس��و على خمس��ة عناصر‬ ‫أساسية‪:‬‬ ‫العنص��ر األول‪ ،‬ب��ل المبدأ األس��اس‬ ‫الذي تقوم عليه النظرية هو وجوب التمييز‬ ‫بي��ن االجتماع اإلرادي واالجتماع القس��ري‪.‬‬ ‫بمعنى حرية اإلرادة البش��رية في االجتماع‬ ‫ولع��ل هذه أه��م المبادئ لدى روس��و ولذا‬ ‫كان يطلق عليه لقب «فيلسوف الحرية»‪.‬‬ ‫العنص��ر الثاني وهو مثالي إلى حد ما‬ ‫وهو افتراض الطبيعة الخيرة في اإلنسان‬ ‫بمعن��ى افت��راض اإلنس��ان إيجابي��ًا ما لم‬ ‫يثب��ت عكس ذلك‪ .‬أما العنص��ر الثالث فهو‬ ‫القائ��م على مب��دأ اإلرادة البش��رية العامة‬ ‫(وليس مبدأ جم��ع األصوات) بحيث تنصهر‬ ‫كامل اإلرادات في بوتق��ة واحدة يتمخض‬ ‫عنها مجتمع العقد االجتماعي‪.‬‬ ‫العنصر الرابع ولعله األشهر فهو مبدأ‬ ‫التعاق��د االجتماع��ي‪ .‬هو الصيغ��ة المثلى‬ ‫المأم��ول بلوغها‪ ،‬تلك الت��ي يقوم كل فرد‬ ‫م��ن أفراد المجتمع بموجبه��ا‪ ،‬بالتنازل عن‬ ‫«حق��ه الطبيع��ي» ل��كل اآلخري��ن الذي��ن‬ ‫يتعاق��د كل منه��م مع ش��خص يس��ندون‬ ‫إليه تدبير ش��ؤونهم‪ ،‬في مقابل تمتيعهم‬ ‫بالحري��ة وبحماي��ة القان��ون مع��ا‪ .‬التعاقد‬ ‫االجتماع��ي تعاقد ثالثي األطراف‪ :‬إنه‪ ،‬من‬ ‫جانب أول تعاقد بين الشخص الذي أتنازل‬ ‫له ع��ن حقي الطبيعي في مقابل تس��ويد‬ ‫حق عام وقانون أس��مى‪ .‬وه��و‪ ،‬من جانب‬ ‫ث��ان تعاقد م��ع كل األف��راد اآلخرين الذين‬ ‫س��يعملون مثل عملي‪ .‬صيغة مثلى ال يجد‬ ‫جان جاك روس��و‪ ،‬في التعبير عنها‪ ،‬أفضل‬ ‫من الق��ول «فكأنك ترغم الن��اس على أن‬ ‫يكونوا أح��راراً» ‪ -‬من حيث أن الحرية على‬ ‫الحقيقة ال تتحقق‪ ،‬في اجتماع بش��ري‪ ،‬إال‬ ‫في جع��ل القانون ف��ي المرتب��ة العليا مع‬ ‫مس��اواة الجميع أمامه مساواة تامة‪ .‬وأخيراً‬ ‫العنص��ر الخامس‪ ،‬لب النظري��ة التعاقدية‬

‫وغايته��ا معا هو الش��عب‪ .‬وكم��ا أن اإلرادة‬ ‫العام��ة ال تك��ون مجم��وع اإلرادات وإنم��ا‬ ‫هي ف��وق ذل��ك كما ذكرن��ا‪ ،‬فإن الش��عب‬ ‫لي��س مجموع األفراد داخل وجود اجتماعي‬ ‫معلوم ب��ل إنه كتلة روحي��ة وقوة ال تقبل‬ ‫التعدد (=الس��يادة)‪ ،‬ووجودها صنو للحرية‬ ‫وتعبي��ر عنها ف��ي الوقت ذات��ه‪ .‬لذلك فإن‬ ‫روس��و يقول‪ :‬إن شعبا ما يظل شعبا طالما‬ ‫ظل يرف��ض العبودي��ة‪ ،‬ولكن��ه متى قبل‬ ‫ميثاق��ا يفقد بموجبه حريته فإنه يكف عن‬ ‫أن يكون شعبًا‪.‬‬ ‫من تلك النظرية انبثقت الحريات في‬ ‫أوروب��ا مع اإليمان بوج��وب الوحدة‪ ،‬وهكذا‬ ‫نش��أت القومي��ات ولكنه��ا لم تعم��ل على‬ ‫تفتي��ت أوروب��ا‪ ،‬ولع��ل األوروبيي��ن توجوا‬ ‫مس��يرتهم عب��ر قي��ام الوح��دة األوروبية‬ ‫التي تعتبر بحق أس��مى وحدة بشرية عبر‬ ‫التاري��خ ألنه��ا قامت عل��ى مب��ادئ العدالة‬ ‫والح��وار ولي��س بالح��روب او الس��يطرة‬ ‫المس��لحة (بتعبي��ر المفكر جودت س��عيد)‪.‬‬ ‫وف��ي تلك األمثلة ما نفهم منه الس��يرورة‬ ‫التاريخية الطويلة التي ال بد لكل ش��عب أو‬ ‫أم��ة أن يمر فيها قبل الوص��ول إلى هدفه‬ ‫المنشود‪.‬‬ ‫إن الث��ورات العربي��ة الت��ي قامت وال‬ ‫تزال تقوم والتي س��تقوم قريباً في بلدان‬ ‫أخرى تسجل اسمها في التاريخ بأحرف من‬ ‫ذهب‪ .‬فه��ي ثورات ش��عبية خالصة ال رمز‬ ‫فيها وال قي��ادة‪ ،‬وهي تنت��زع أعتى الطغاة‬ ‫من كراس��يهم التي طالم��ا اعتبروها جزءاً‬ ‫م��ن أجس��ادهم‪ .‬ولكن كل ه��ذه النجاحات‬ ‫بحاجة ماس��ة للثقافة ولك��ن ليس الثقافة‬ ‫التقليدي��ة التي عفا عليه��ا الزمن وتراكم‬ ‫فوقه��ا الغب��ار‪ ،‬إنها ثقافة من ن��وع جديد‪،‬‬ ‫ثقافة تبني الحرية ومعاني الكرامة‪ .‬ولكننا‬ ‫عل��ى الطرف اآلخر بحاجة ماس��ة إلى عقد‬ ‫اجتماعي وسياسي وأخالقي جديد (بتعبير‬ ‫محم��د عابد الجابري)‪ ،‬ألن االس��تبداد الذي‬ ‫عشش في نفوسنا مئات السنين لن تزيله‬ ‫ضرب��ة للناتو وال صرخ��ة لممثلة وال لوحة‬ ‫فني��ة ف��وق أكوام الت��راب‪ ،‬ولكن س��يزيله‬ ‫اإلرادة الح��رة له��ا الش��عب في بن��اء وطن‬ ‫يعي��ش كل أفراده أحراراً ف��ي معتقداتهم‬ ‫ويحتفلون بأعيادهم ويمارسون طقوسهم‬ ‫بينما يكون انتماؤهم لوطن كبير يسعهم‬ ‫جميعًا‪ .‬هل ال نزال نحلم؟ لعله آخر ما بقي‬ ‫لنا وسط كل هذا الركام‪..‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫مراسيم العفو المتكررة خالل الثورة‬ ‫ً‬ ‫وخاصة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬تطرح تساؤ ًال منطقيًا‬ ‫بعد التصاعد المرع��ب للجرائم المرتكبة‬ ‫بحق المدنيين بحج��ة محاربة العصابات‬ ‫المس��لحة‪ ،‬ومع تكرار الحدي��ث عن إحالة‬ ‫أركان النظام األمني والعسكري المتورط‬ ‫بدماء الس��وريين إلى المحاك��م الجنائية‬ ‫الدولية‪ ،‬ترى من يمتلك الورقة الشرعية‬ ‫الفاعلة ويحق له استخدامها كورقة عفو؟‬ ‫أي م��ن يعفو عن م��ن‪ ،‬المجرم يعفو عن‬ ‫الضحية أم العكس؟‬ ‫و ليس��ت الزاوية القانوني��ة المكان‬ ‫المناس��ب عل��ى س��ؤالنا ه��ذا المت��روك‬ ‫للقارئ برس��م اإلجابة‪ ،‬أما مرسوم العفو‬ ‫األخير الصادر عن رئيس الجمهورية فقد‬ ‫نص على ما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬تس��تبدل عقوبة اإلعدام بعقوبة‬ ‫األش��غال الش��اقة المؤب��دة أو االعتق��ال‬ ‫المؤبد تبعًا للوصف الجرمي‪.‬‬ ‫ب‪ -‬تستبدل عقوبة األشغال الشاقة‬ ‫المؤبدة بعقوبة األشغال الشاقة المؤقتة‬ ‫لمدة ‪ 20‬عامًا‪.‬‬ ‫ج‪ -‬تستبدل عقوبة االعتقال المؤبد‬ ‫بعقوبة االعتقال المؤقت لمدة ‪ 20‬عامًا‪.‬‬ ‫كما يت��م العفو عن كام��ل العقوبة‬ ‫المؤقتة أو المؤبدة للمصاب بتاريخ صدور‬ ‫هذا المرس��وم التشريعي بمرض عضال‬ ‫غير قابل للش��فاء‪ .‬وعن كام��ل العقوبة‬ ‫المؤقت��ة لم��ن بلغ الس��بعين م��ن العمر‬ ‫بتاريخ صدور هذا المرس��وم التشريعي‪.‬‬ ‫وع��ن كام��ل العقوب��ة المؤب��دة لمن بلغ‬ ‫الس��بعين م��ن العمر بتاريخ ص��دور هذا‬ ‫المرس��وم التش��ريعي إذا كان ق��د اقترف‬ ‫الجرم قب��ل إتمامه الس��تين م��ن العمر‪.‬‬ ‫ويش��كل وزير العدل بالتنس��يق مع وزير‬ ‫الدف��اع اللج��ان الطبية الالزم��ة لفحص‬ ‫المس��تفيدين م��ن العف��و بع��د بلوغهم‬ ‫الس��بعين عام��اً‪ ،‬وذل��ك بنا ًء عل��ى طلب‬ ‫يتقدم به المس��تفيد خالل م��دة أقصاها‬ ‫‪ 15‬يوم��ًا م��ن تاري��خ ص��دوره‪ ،‬وتص��در‬ ‫تقاري��ر اللج��ان الطبية بقرار م��ن وزير‬ ‫العدل أو وزير الدفاع كل فيما يخصه‪.‬‬ ‫ع��ن كام��ل العقوب��ة ف��ي الجرائم‬ ‫المنص��وص عليه��ا ف��ي المرس��وم‬ ‫التش��ريعي رق��م ‪ 13‬لع��ام ‪ 1974‬لم��ن‬ ‫يسدد الغرامة ويجري التسوية مع اإلدارة‬ ‫العامة للجمارك ومكتب القطع والمؤسسة‬ ‫العام��ة للتب��غ والتنب��اك‪ .‬ويس��تثنى من‬ ‫حكم هذه المادة جرائم تهريب األس��لحة‬ ‫والمخدرات‪.‬‬ ‫وع��ن كام��ل العقوبة ف��ي الجرائم‬ ‫المنص��وص عليه��ا ف��ي الم��ادة ‪ 43‬م��ن‬ ‫القان��ون رق��م ‪ 2‬لع��ام ‪ 1993‬وع��ن ربع‬ ‫العقوب��ة الجنائي��ة المؤقتة ف��ي الجرائم‬ ‫األخ��رى المنص��وص عليه��ا ف��ي ه��ذا‬ ‫ً‬ ‫إضافة للعفو عن كامل العقوبة‬ ‫القانون‪.‬‬ ‫في الجنح والمخالفات‪ .‬وعن جميع تدابير‬ ‫اإلص�لاح والرعاي��ة لألحداث ف��ي الجنح‪.‬‬ ‫وكام��ل العقوب��ة المانع��ة للحري��ة ف��ي‬ ‫الجرائم المنصوص عليها في المرس��وم‬ ‫التشريعي رقم ‪ 59‬لعام ‪.2008‬‬ ‫كما نص المرس��وم على العفو عن‬ ‫كام��ل العقوب��ة لمرتكبي جرائ��م الفرار‬ ‫الداخل��ي المنص��وص عليه��ا ف��ي المادة‬ ‫رقم ‪ 100‬من قانون العقوبات العسكرية‬ ‫الص��ادر بالمرس��وم التش��ريعي رقم ‪61‬‬

‫لع��ام ‪ 1950‬وتعديالت��ه‪ ،‬وع��ن كام��ل‬ ‫العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الخارجي‬ ‫المنص��وص عليها في الم��ادة رقم ‪101‬‬ ‫من قان��ون العقوبات العس��كرية الصادر‬ ‫بالمرس��وم التش��ريعي رق��م ‪ 61‬لع��ام‬ ‫‪ 1950‬وتعديالته‪.‬‬ ‫وال يش��مل العف��و المتواري��ن ع��ن‬ ‫األنظار والفارين عن وج��ه العدالة إال إذا‬ ‫س��لموا أنفس��هم خالل ‪ 30‬يوماً بالنسبة‬ ‫للفرار الداخلي و‪ 90‬يومًا بالنس��بة للفرار‬ ‫الخارجي‪.‬‬ ‫كم��ا نص��ت الم��ادة العاش��رة عل��ى‬ ‫شمول العفو لكامل العقوبة في الجرائم‬ ‫المنص��وص عليه��ا ف��ي المادتي��ن ‪285‬‬ ‫و‪ 286‬م��ن قان��ون العقوب��ات الص��ادر‬ ‫بالمرس��وم التش��ريعي رق��م ‪ 148‬لع��ام‬ ‫‪ 1949‬وتعديالت��ه‪ ،‬وعن نص��ف العقوبة‬ ‫الجنائي��ة المؤقت��ة‪ .‬ونص��ف العقوب��ة‬ ‫الجنحي��ة المنص��وص عليها ف��ي المواد‬ ‫اآلتي��ة م��ن قان��ون العقوب��ات الص��ادر‬ ‫بالمرس��وم التش��ريعي رق��م ‪ 148‬لع��ام‬ ‫‪ 1949‬وتعديالت��ه‪ 345 341 ..‬إل��ى ‪355‬‬ ‫ ‪ .387 386-‬وربع العقوبة في الجنايات‬‫المنص��وص عليها في قان��ون العقوبات‬ ‫االقتصادي الصادر بالمرسوم التشريعي‬ ‫رقم ‪ 37‬لعام ‪ 1966‬وتعديالته‪.‬‬ ‫كم��ا تم العف��و عن كام��ل العقوبة‬ ‫في الجن��ح المنصوص عليها في القانون‬ ‫رقم ‪ 51‬لع��ام ‪ 2001‬وتعديالته المتعلق‬ ‫باألس��لحة والذخائر‪ .‬ويستفيد من العفو‬ ‫المذكور كل من يبادر إلى تسليم السالح‬ ‫إلى السلطات المختصة خالل ‪ 30‬يومًا من‬ ‫تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي‪.‬‬ ‫إال أنه يشترط لالستفادة من أحكام‬ ‫العفو ف��ي الجرائم الجنائية الوصف عدم‬ ‫وجود إدعاء ش��خصي أو ش��كوى مقترنة‬ ‫بدفع س��لفة االدعاء الش��خصي خالل ‪15‬‬

‫يوم��اً م��ن تاريخ ص��دور هذا المرس��وم‬ ‫التشريعي أو تم إسقاط الحق الشخصي‬ ‫ف��ي أي مرحلة من مراحل الدعوى أو بعد‬ ‫اكتساب الحكم الدرجة القطعية‪.‬‬ ‫أم��ا ف��ي الجرائم األخرى فيش��ترط‬ ‫لالس��تفادة م��ن العفو عدم وج��ود إدعاء‬ ‫ش��خصي أو ش��كوى مقترنة بدفع سلفة‬ ‫االدع��اء الش��خصي خ�لال ‪ 15‬يوم��ًا من‬ ‫تاريخ صدور هذا المرس��وم التشريعي أو‬ ‫تم إسقاط الحق الشخصي في أي مرحلة‬ ‫من مراحل الدعوى أو بعد اكتساب الحكم‬ ‫الدرج��ة القطعي��ة‪ ،‬أو تس��ديد المحكوم‬ ‫عليه بحكم قطع��ي المبالغ والتعويضات‬ ‫المحك��وم به��ا لصال��ح الجه��ة المدعية‪،‬‬ ‫وفي كلتا الحالتين يشترط دفع الغرامات‬ ‫والنفق��ات والرس��وم المحك��وم به��ا في‬ ‫صندوق المحكمة‪.‬‬ ‫ويس��تثنى من ش��مول أح��كام هذا‬ ‫المرسوم التشريعي‪..‬‬ ‫أ‪ -‬الجنح المنصوص عليها في المواد‬ ‫اآلتية م��ن قان��ون العقوبات العس��كرية‬ ‫الص��ادر بالمرس��وم التش��ريعي رقم‪61‬‬ ‫لع��ام ‪ 1950‬وتعديالت��ه‪/ 113 / 112 ..‬‬ ‫‪.149 / 140 / 135 / 133 / 120‬‬ ‫ب‪ -‬الجناي��ات المنص��وص عليه��ا‬ ‫في الم��واد اآلتية م��ن قان��ون العقوبات‬ ‫العس��كرية الصادر بالمرسوم التشريعي‬ ‫رقم‪ 61‬لعام ‪ 1950‬وتعديالته‪ 136 ..‬إلى‬ ‫‪159 / 158 / 156 / 155 / 141 / 139‬‬ ‫‪.160 /‬‬ ‫ج‪ -‬الجرائ��م المنص��وص عليها في‬ ‫المرسوم التش��ريعي رقم ‪ 68‬تاريخ ‪-23‬‬ ‫‪.1953-9‬‬ ‫د‪ -‬الجرائ��م المنص��وص عليها في‬ ‫القانون رقم ‪ 286‬لعام ‪.1956‬‬ ‫هـ‪ -‬الجرائم المنص��وص عليها في‬

‫القانون رقم ‪ 26‬لعام ‪ 2011‬والمادة رقم‬ ‫‪ 40‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ 51‬لعام‬ ‫‪.2001‬‬ ‫و‪ -‬الجرائ��م المنص��وص عليها في‬ ‫القانون رقم ‪ 10‬لعام ‪.1961‬‬ ‫ز‪ -‬جرائم اإلرهاب المنصوص عليها‬ ‫ف��ي قان��ون مكافح��ة اإلره��اب رقم ‪19‬‬ ‫تاريخ‪.2012-7-2‬‬ ‫ح‪ -‬الجرائ��م المنص��وص عليها في‬ ‫المواد اآلتية من قانون العقوبات الصادر‬ ‫بالمرس��وم التش��ريعي رق��م ‪ 148‬لع��ام‬ ‫‪1949‬وتعديالته‪ 263 / ..‬إلى ‪271 / 268‬‬ ‫إل��ى ‪ 296 / 294 / 293 / 277‬إل��ى ‪/ 303‬‬ ‫‪/ 398 / 397 / 326 / 325 / 306 / 305‬‬ ‫‪430 / 428 / 427 / 405 / 403 / 402‬‬ ‫إل��ى ‪ 437 / 435‬إلى ‪ 445 / 441‬إلى ‪448‬‬ ‫‪ 450 /‬إل��ى ‪ 476 / 474 / 473 / 460‬إل��ى‬ ‫‪ 489 / 480‬إل��ى ‪ 499 / 496‬إل��ى ‪/ 502‬‬ ‫‪ / 509 / 507 / 505 / 504‬إل��ى ‪/ 514‬‬ ‫‪ 573 / 529 / 528 / 520‬إل��ى ‪577 / 575‬‬ ‫‪ 582 / 578 /‬إلى ‪.730 / 584‬‬ ‫كم��ا تس��تثنى م��ن أح��كام ه��ذا‬ ‫المرس��وم غرام��ات مخالف��ات قواني��ن‬ ‫وأنظمة الجمارك والقطع والتبغ والتنباك‬ ‫وضابط��ة البن��اء والكهرب��اء والطواب��ع‬ ‫والقواني��ن األخرى التي تحم��ل غراماتها‬ ‫طاب��ع التعويض المدن��ي للدولة وكذلك‬ ‫الرس��وم والغرام��ات المحك��وم به��ا في‬ ‫الجرائم المشمولة بأحكام هذا المرسوم‬ ‫التشريعي‪.‬‬ ‫و ال يس��تفيد م��ن ه��ذا العف��و‬ ‫المت��وارون ع��ن األنظ��ار والف��ارون عن‬ ‫وجه العدال��ة في الجنايات الذين يش��مل‬ ‫هذا المرسوم التشريعي جريمتهم إال إذا‬ ‫س��لموا أنفسهم خالل ‪ 60‬يومًا من تاريخ‬ ‫صدوره إلى السلطات المختصة‪.‬‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫املر�سوم الت�شريعي رقم ‪ 71‬القا�ضي مبنح عفو عام‬ ‫عن اجلرائم املرتكبة قبل تاريخ ‪2012/10/23‬‬

‫‪9‬‬


‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫يو�سف زيدان‪ :‬الالهوت العربي‬ ‫و�أ�صول العنف الديني‬

‫ياسر مرزوق‬

‫كت��اب «الاله��وت العرب��ي» هو كما‬ ‫يصف��ه مؤلف��ه الدكت��ور يوس��ف زيدان‬ ‫«ل��م يوضع للقارئ الكس��ول‪ ،‬وال ألولئك‬ ‫الذي��ن أدمنوا تلقي اإلجابات الجاهزة عن‬ ‫األس��ئلة المعتادة»‪ .‬في هذا الكتاب يتتبع‬ ‫يوس��ف زيدان‪ ،‬أهم األفكار التي ّ‬ ‫ش��كلت‬ ‫تصوّر اليهود والمس��يحيين والمسلمين‪،‬‬ ‫مَ‪ ،‬كيف‬ ‫لعالقة اإلنس��ان بالخالق‪ .‬ومن َث ّ‬ ‫توجّ��ه علم الاله��وت المس��يحي‪ ،‬وعلم‬ ‫ال��كالم اإلس�لامي‪ ،‬إل��ى رؤى الهوتي��ة‬ ‫يصعب الفصل بين مراحلها!‬ ‫يناق��ش الكت��اب‪ ،‬ويحل��ل ويق��ارن‬ ‫ويتتب��ع‪ ،‬تط��ور األف��كار الالهوتية على‬ ‫الصعيدين المس��يحي واإلسالمي‪ .‬وذلك‬ ‫بغ��رض إدراك الرواب��ط الخفي��ة بي��ن‬ ‫المراح��ل التاريخية التقليدية‪ ،‬المس��ماة‬ ‫بالتاري��خ اليهودي – التاريخ المس��يحي –‬ ‫التاري��خ اإلس�لامي! وانطالقً��ا من نظرة‬ ‫مغايرة إل��ى كل هذه التواريخ‪ ،‬باعتبارها‬ ‫تاريخًا واحدًا ارتبط أساسً��ا بالجغرافيا‪،‬‬ ‫وتحكمت فيه آليات واحدة‪ ،‬البد من إدراك‬ ‫طبيع��ة عمله��ا ف��ي الماض��ي والحاضر‪.‬‬ ‫وصولاً إل��ى تقديم فهم أش��مل الرتباط‬ ‫الدين بالسياس��ة‪ ،‬وبالعنف الذي لم ولن‬ ‫تخلو منه ه��ذه الثقافة الواحدة‪ ،‬ما دامت‬ ‫تعيش في جزر منعزلة‪.‬‬ ‫يؤكد زي��دان أن المنهج الذي انطلق‬ ‫من��ه‪ ،‬يتلخ��ص ف��ي محاولة التج��رد من‬ ‫الميول واالعتق��ادات الدينية والمذهبية‪،‬‬ ‫س��عيًا للوصول إل��ى الموضوعية الالزمة‬ ‫لتفسير الظواهر الدينية‪ .‬وأن كتابه هذا‬ ‫ليس بحث��اً في مقارنة األدي��ان بالمعنى‬ ‫المع��روف له��ذا التخص��ص‪ ،‬أو هو العلم‬ ‫الذي يقارن بين األديان‪ ،‬بأن يعرض لكل‬ ‫دين على حدة‪ ،‬بقضاياه كلها‪ ،‬ثم يعرض‬ ‫لدي��ن آخر عل��ى المن��وال ذات��ه؛ فيرصد‬ ‫وجوه االختالف واالتف��اق بين ديانتين أو‬ ‫أكثر‪ ،‬بحس��ب عدد الديانات التي يتعرض‬ ‫لها مقارن األديان‪.‬‬ ‫نرى بأس��لوب يوس��ف زي��دان الذى‬ ‫يمزج بين األس��لوب األكاديم��ي والتعبير‬ ‫األدب��ي الجمال��ي‪ ،‬كيف أث��رت الموروثات‬ ‫الحضارية والعقائدية والفلسفية القديمة‬ ‫لش��عوب كل منطق��ة عل��ى كل تجل��ى‬ ‫منهم على حدة‪ .‬أو بمعنى أكثر مباش��رة‪،‬‬ ‫كيف أث��رت الثقافة العامة الس��ائدة على‬ ‫"اله��وت" كل م��ن هذه التجلي��ات الثالثة‬ ‫(اليهودية والمسيحية واإلسالم)‪.‬‬ ‫يتعرض المؤلف ألفكار كل فلس��فة‬ ‫(أو ف��ي أق��وال أخ��رى هرطق��ة) تناولت‬ ‫ه��ذه الرس��االت‪ ،‬ويناقش كي��ف اقتربت‬ ‫أو ابتع��دت ع��ن المفه��وم العام الس��ائد‬ ‫أو الجوه��ر "المفهوم" عن��د األغلبية من‬ ‫العام��ة‪ .‬وه��و في ذل��ك يتع��رض لتأثير‬ ‫المخ��زون الحض��اري الرهي��ب في مصر‬ ‫ومنطق��ة اله�لال الخصيب عل��ى كل من‬ ‫ه��ذه الرس��االت‪( .‬اله�لال الخصي��ب هو‬ ‫اله�لال الجغراف��ي ال��ذي يعل��و الصحراء‬ ‫العربي��ة ويش��مل ب�لاد الش��ام واألردن‬ ‫والعراق)‪.‬‬ ‫يق��ول الدكت��ور زي��دان ف��ي كتابه‪:‬‬ ‫إنني أرى‪ ،‬ببساطة‪ ،‬أن الديانة المسيحية‬ ‫ل��م تع��رف «الاله��وت» إال م��ن خ�لال‬ ‫المح��اوالت الت��ي أرادت أن تنتقل بالفكر‬ ‫الدين��ي من االش��تغال بحقيق��ة وطبيعة‬

‫المس��يح «الكرس��تولوجيا» إلى االشتغال‬ ‫بالصفات اإللهي��ة وصفاته��ا‪ ،‬وما يتعلق‬ ‫به��ا م��ن موضوع��ات وعالق��ات بين اهلل‬ ‫والعالم «الثيولوجي��ا»»‪ .‬وهذه المحاوالت‬ ‫ظه��رت ف��ي منطق��ة اله�لال الخصيب‪،‬‬ ‫الشام العراق‪ ،‬وهي المنطقة التي سادت‬ ‫فيه��ا الثقاف��ة العربي��ة‪ ،‬من قب��ل ظهور‬ ‫اإلسالم‪ ،‬بل وحتى قبل انتشار المسيحية‬ ‫بق��رون م��ن الزم��ان‪ ،‬وه��ي الت��ي أدت‪،‬‬ ‫بشكل مباش��ر‪ ،‬إلى صياغة األرثوذكسية‬ ‫ذاته��ا‪ ،‬كما يقول الدكت��ور زيدان‪ .‬وبذلك‬ ‫يؤك��د أن هناك امت��داداً تراثياً يصل بين‬ ‫«الاله��وت العرب��ي الممت��د قرون��ًا قبل‬ ‫اإلسالم وبواكير علم الكالم التي سرعان‬ ‫ما انبثقت منها مذاهب كالمية إس�لامية‬ ‫عاشت زمنًا طوي ًال»‪.‬‬ ‫ويقدم يوس��ف زيدان ف��ي الفصول‬ ‫األخي��رة من الكتاب تص��وراً ثورياً لعالقة‬ ‫عل��م العقي��دة (عل��م الكالم اإلس�لامي)‬ ‫بالالهوت المس��يحي العرب��ي الذي ظهر‬ ‫عل��ى يد آريوس ونس��طور وغيرهما من‬ ‫رجال الكنيس��ة الذين عاشوا في منطقة‬ ‫انتشار الثقافة العربية (الهالل الخصيب‪:‬‬ ‫س��وريا والع��راق) قب��ل ظه��ور اإلس�لام‬ ‫بقرون‪.‬‬ ‫فينقلنا إلى بداية تكوّن علم الكالم‬ ‫ف��ي المراحل األولى من تاريخ اإلس�لام‪،‬‬ ‫أو محاول��ة إيج��اد حل لمس��ألتي القدرية‬ ‫والجبرية ثم الموقف من الس��لطان فيما‬ ‫إذا كان ق��دراً مق��دراً تجب طاعت��ه أم أن‬ ‫وجوده فعل بشري قابل للنقاش ويمكن‬ ‫االعت��راض عليه‪ .‬فمن خالل اس��تعراض‬ ‫حي��اة ونهاي��ات مؤسس��ي عل��م ال��كالم‪،‬‬ ‫نالحظ أنهم ولدوا وعاش��وا في المناطق‬ ‫الت��ي ازده��ر فيه��ا الاله��وت العرب��ي‬ ‫المسيحي‪ ،‬أي العراق وبالد الشام‪ .‬وعلى‬ ‫س��بيل المثال عاش معب��د الجهني «وهو‬ ‫عرب��ي» ف��ي البص��رة‪ ،‬أي ف��ي المحيط‬ ‫العربي الذي سادت فيه الثقافة المسيحية‬ ‫قرون��اً‪ ،‬وفيه س��اد المذهب النس��طوري‬ ‫قبل اإلسالم‪.‬‬ ‫وف��ي الق��رن األول الهج��ري‪ ،‬عاش‬ ‫غي�لان الدمش��قي ف��ي مدينة دمش��ق‪،‬‬ ‫ويقال إنه كان قبط��ي األصل‪ .‬وقد عرف‬ ‫عنه القول بالحرية اإلنس��انية ومعارضة‬ ‫الجبرية والحكم األم��وي الذي عمل على‬ ‫تبرير بقائه اعتم��اداً على هذه النظرية‪.‬‬ ‫وكذل��ك ع��اش الجع��د ب��ن دره��م ف��ي‬ ‫بالد الش��ام‪ ،‬وع��اش الجهم ب��ن صفوان‬ ‫ف��ي البيئ��ة ذاته��ا‪ .‬والالف��ت أن ه��ؤالء‬ ‫المؤسس��ين ـ أو آب��اء عل��م ال��كالم كم��ا‬ ‫يقال عنهم ـ وغيرهم من األوائل اتهموا‬ ‫من قب��ل الس��لطات وفقهائه��ا بالزندقة‬ ‫والمروق والهرطق��ة على خلفية خالفات‬ ‫فكرية الهوتية تتعل��ق بالصفات اإللهية‬ ‫والص��راع بي��ن أنصار نظريت��ي القدرية‬ ‫والجبري��ة‪ .‬لك��ن من المفيد اإلش��ارة هنا‬ ‫إل��ى أن ه��ذه الخالف��ات لم تك��ن نظرية‬ ‫بحت��ة‪ ،‬وإنما أريد منها أيضًا إثبات أو نفي‬ ‫ش��رعية الحاكم‪ .‬وكان مصي��ر غالبيتهم‬ ‫القت��ل بطرق ش��نيعة‪ ،‬ومنها الصلب في‬ ‫الس��احات العام��ة‪ .‬وهو م��ا يذكرنا أيضا‬ ‫بمصي��ر رج��ال الدي��ن المس��يحي الذين‬ ‫خالفوا المؤسس��ة الدينية الرس��مية في‬ ‫آرائه��م فكانت تهم��ة الهرطق��ة والقتل‬

‫والتعذيب والصلب بانتظارهم دائمًا‪.‬‬ ‫من خ�لال ق��راءة ه��ذا الكت��اب وما‬ ‫يتضمنه من معلوم��ات قيمة‪ ،‬يخطر في‬ ‫البال أم��ران‪ .‬األول أن الع��رب لم يكونوا‬ ‫مج��رد غ��زاة طارئين عل��ى بالد الش��ام‬ ‫وم��ا بي��ن النهري��ن‪ ،‬ول��م يكون��وا مجرد‬ ‫قبائ��ل م��ن الب��دو الرح��ل امتلك��ت قوة‬ ‫الس��يف فقط‪ ،‬وإنم��ا كانوا بن��اة حضارة‬ ‫عمرها آالف الس��نوات‪ ،‬وكان لها إسهامها‬ ‫الحضاري والفكري والديني قبل اإلسالم‬ ‫بكثير ومن خالل اإلسالم في زمن الحق‪.‬‬ ‫وبالتالي لي��س صحيحاً ما يقوله كثيرون‬ ‫هذه األيام من أن اإلسالم نتاج الصحراء‪.‬‬ ‫واألمر الثاني أن ما يسمى فترة الجاهلية‬ ‫لم تك��ن فترة عم��اء وظ�لام مطلق كما‬ ‫يحل��و لبع��ض كتب��ة التاري��خ ورواته أن‬ ‫يروجوا بقصد إظهار عظمة اإلسالم الذي‬ ‫هو بغن��ى عن إعدام ما س��بقه كي يبدو‬ ‫عظيم��ًا‪ .‬ب��ل العكس إن عظمة اإلس�لام‬ ‫تب��دو أكب��ر حي��ن يك��ون نت��اج منطق��ة‬ ‫خصبة باألفكار والحضارات التي استطاع‬ ‫تطويرها وإغناءه��ا وتجاوزها واإلضافة‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫وف��ى خاتم��ة الكتاب يقدم يوس��ف‬ ‫زيدان نظريت��ه الخاصة بارتب��اط العنف‬ ‫والدين والسياس��ة‪ ،‬مؤك��داً أن (العلمانية‬ ‫خراف��ة) ألنه ال يمكن تصوُّر الدين بدون‬ ‫سياس��ة‪ ،‬أو تص��ور سياس��ة بعي��د ًة عند‬ ‫الدي��ن! وس��وف تقيم دار الش��روق حف ًال‬

‫خاصًا بمناسبة صدور الالهوت العربي‪.‬‬ ‫كم��ا يقدم بع��ض الخالصات العامة‬ ‫والفوائد المستخلصة من مسيرة الكتاب‪،‬‬ ‫وفقًا للرؤي��ة التي عرضها ف��ي المقدمة‬ ‫والفصول الس��بعة‪ ،‬وأورده��ا في صورة‬ ‫أقوال كتل��ك التي أوردها ف��ي المقدمة‪،‬‬ ‫وهي كاآلتي‪:‬‬ ‫الق��ول األول‪ :‬في س��بب ظهور علم‬ ‫الكالم‬ ‫الق��ول الثاني‪ :‬ف��ي مس��ألة التأثير‬ ‫والتأثر‬ ‫الق��ول الثال��ث‪ :‬ف��ي صل��ة الدي��ن‬ ‫بالسياسة‬ ‫الق��ول األخي��ر‪ :‬ف��ي صل��ة الدي��ن‬ ‫بالعنف‬ ‫رحلة كتابة ق��ارب إنتاجها ‪ 60‬كتابا‪ً،‬‬ ‫بدأه��ا يوس��ف زي��دان بكت��اب «المقدمة‬ ‫في التصوف ألبي عبدالرحمن الس��لمي»‬ ‫العام‪ ،1987‬ثم كتبه‪« :‬التراث المجهول‪...‬‬ ‫إطالل��ة عل��ى عال��م المخطوط��ات»‪،‬‬ ‫و«المخطوطات األلفية»‪ ،‬و«كلمات التقاط‬ ‫األلماس م��ن كالم الن��اس»‪ ،‬وصو ًال إلى‬ ‫روايته التي أثارت جد ًال كبيراً في المجتمع‬ ‫الروائي واألدبي المصري والعربي بصفة‬ ‫عام��ة والمجتمع المس��يحي والكنائس��ي‬ ‫بصفة خاص��ة «عزازيل»‪ ،‬يأتينا يوس��ف‬ ‫زي��دان بكتابن��ا اليوم «الاله��وت العربي‬ ‫وأصول العنف الديني»‪.‬‬


‫ر�ضا �سعيد ‪1945 – 1876‬‬

‫مـــن ذاكـــرة العتمــــة‬ ‫لقب��وه بالـ»روزنام��ة» ألن��ه ومن��ذ وصول��ه إلى س��جن‬ ‫صيدنايا حافظ على عادته اليومية بالتجول في الباحة صباحًا‬ ‫وإع�لان توقعات��ه لموعد العفو الق��ادم أمام بقية الس��جناء‪،‬‬ ‫متكلمًا بثقةٍ تجعل ما يقوله يبدو أشبه باليقين‪.‬‬ ‫ «بسطعش تشرين في عفو!»‬‫ «شباب! العفو القادم بتمانة آدار!»‬‫ «في عفو أكيد عالعيد!»‬‫ولم��ا نف��دت من��ه المناس��بات الديني��ة والوطني��ة ب��دأ‬ ‫باستخدام المناسبات االجتماعية‪.‬‬ ‫ «تقرر العفو على عيد األم!»‬‫ً‬ ‫تاريخ‬ ‫وإذا اضطره األمر أحيانا كان يقوم بنفسه بابتداع ٍ‬ ‫لموعد العفو‪ ،‬بال أية مناس��بة‪ ،‬وبفاصل زمني قدره خمس��ة‬ ‫عشر يومًا على األكثر بين الموعد واآلخر‪.‬‬ ‫ «بعد أسبوع تماماً في عفو!»‬‫يصفون��ه بأنه غري��ب األط��وار‪ ،‬مقل بال��كالم عمومًا‪،‬‬ ‫ويتعاطى مع عدد قليل من الس��جناء‪ ،‬فإما أن يحب الشخص‬ ‫منذ اللحظة األولى ويصبح صديقه‪ ،‬وإما أن يكرهه ويش��هر‬ ‫صمته في وجهه‪.‬‬ ‫موع��د العف��و ه��و لعبته الت��ي ال يم ّله��ا‪ ،‬يعتم��د أحيانًا‬ ‫على أخب��ار وحكايا الزيارات لتحديده‪ ،‬وأحياناً على إحساس��ه‬ ‫الخاص‪ ،‬حتى إذا جاء الموعد المرتقب ولم يصدر العفو يقوم‬

‫جوليا شحادة‬

‫فوراً بإعالن الموعد الذي يليه‪.‬‬ ‫بس��اطته وطبع��ه القري��ب للتوحد جعال الش��باب جميعًا‬ ‫يحبون��ه ويش��فقون عليه‪ ،‬ولك��ن مبالغته في إلق��اء مواعيد‬ ‫العف��و والتوتر والخيبة اللذين كان يس��ببهما فش��ل توقعاته‬ ‫كان��ت تت��رك ف��ي أرواحه��م المتلهف��ة للخ��روج مزي��داً من‬ ‫المرارة‪.‬‬ ‫في ي��وم من األيام ذه��ب إليه أحدهم ‪-‬وه��و واحد من‬ ‫القالئل الذين يقبل أبو س��عيد بالتحدث إليهم‪ -‬وسأله‪»- :‬أال‬ ‫تالح��ظ معي ي��ا أبو س��عيد أنك تبال��غ بالحديث ع��ن العفو؟‬ ‫الش��باب بدؤوا يعانون نفس��ياً من آثار اإلحب��اط المتكرر بعد‬ ‫اآلمال الكبيرة التي تسببها تأكيداتك»‬ ‫فأجابه‪« :‬أخي شايف هالكوريدور (وأشار إلى ممر طويل‬ ‫ج��داً بي��ن المهاجع)‪ ،‬الحبس��ة مت��ل هالكوريدور بآخ��رو بدنا‬ ‫نطل��ع‪ ،‬إذا فكرت إنك بدك تمش��ي فيه ك ّل��و رح تجن قبل ما‬ ‫توصّل للنهاية‪.‬‬ ‫أن��ا معلق عل��ى خصري حب��ل بآخره ش��نكل ّ‬ ‫(خطاف)‪ ،‬كل‬ ‫ك��م يوم بلولحو هي��ك (وأدار ذراع��ه في الهواء بس��رعة ممث ًال‬ ‫الحرك��ة) وبعلقو على أقرب عمود‪ ،‬وبمش��ي‪ ،‬بس وصّل لعندو‬ ‫ّ‬ ‫بفك��و وبلولحو وبعلقو عالعمود ي ّلي بعدو‪ ،‬وبضل هيـــك لحتى‬ ‫وصّل!»‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫العابد مرسوماً بإحالته الى التقاعد‪ ،‬ليتفرغ‬ ‫رضا سعيد لحياته الخاصة وعائلته‪.‬‬ ‫في أواخر تش��رين األول عام ‪،1945‬‬ ‫توف��ي الدكتور رضا س��عيد‪ ،‬ت��اركًا وراءه‬ ‫صرحًا علمي��اً مازالت س��وريا تعتز به الى‬ ‫اآلن‪ .‬جامعة دمشق وما تالها من جامعات‬ ‫سورية الحقة تخرج سنويًا عشرات اآلالف‬ ‫من الطلبة السوريين‪ .‬جميعهم أبناء رضا‬ ‫سعيد‪.‬‬ ‫اعتمدن��ا ف��ي ترجمتن��ا الي��وم كتاب‬ ‫"رجل ل��كل األقدار" للكبي��ر صباح قباني‪،‬‬ ‫مرجعًا والكتاب المذكور كتاب في الس��يرة‬ ‫أو الترجم��ة جدي��د ش��ك ًال وبذل��ك يضيف‬ ‫صب��اح قبان��ي الرائد في التأس��يس ريادة‬

‫جدي��دة ف��ي التأليف حي��ث اعتمد الس��رد‬ ‫الروائي وانتقاء شخصيات فرضها المنطق‬ ‫لبث أف��كار ومعطيات تاريخي��ة ومعلومات‬ ‫شخصية‪.‬‬ ‫يتح��دث قبان��ي ع��ن الدكتور س��عيد‬ ‫قائ� ً‬ ‫لا‪" :‬لق��د كان رض��ا س��عيد يق��وم‬ ‫بإنجازاته الكثي��رة والمهمة بصرف النظر‬ ‫عن التقلبات السياس��ية وتبدالت األنظمة‬ ‫والحكوم��ات ذل��ك أنه كان يؤم��ن بأن كل‬ ‫التقلبات والتبدالت إلى زوال كما الس��حاب‬ ‫وبأن��ه ال بق��اء ف��ي آخ��ر المط��اف س��وى‬ ‫لإلنج��ازات الراس��خة عل��ى األرض والتي‬ ‫منها الجامعة الس��ورية التي أقيمت لتبقى‬ ‫ما بقي الوطن"‪.‬‏‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ول��د رض��ا س��عيد ف��ي دمش��ق عام‬ ‫‪1876‬وتع ّل��م مب��ادئ الق��راءة والكتاب��ة‬ ‫والحس��اب والدين في كتّاب"الش��ابكلية"‬ ‫ف��ي حي القنوات وعلى ي��دي معلم خاص‬ ‫للعربية ف��ي البيت من أج��ل تمتين اللغة‬ ‫األم لدي��ه وذلك في عام ‪ ،1880‬وفي عام‬ ‫‪ 1884‬دخل س��عيد إلى القس��م االبتدائي‬ ‫في المدرسة الرشدية العسكرية وفي عام‬ ‫‪ 1888‬أرسله والده إلى اسطنبول وهو في‬ ‫الثانية عش��رة من عمره وألحق بالقس��م‬ ‫التاب��ع للمدرس��ة الطبية العس��كرية التي‬ ‫كان يعي��ش في قس��مها الداخلي ثم تابع‬ ‫بالمدرس��ة الطبية العس��كرية بإسطنبول‬ ‫بعد االنتهاء من القس��م اإلعدادي ليتخرج‬ ‫ف��ي ‪ 11‬أيل��ول ‪ 1902‬من تلك المدرس��ة‬ ‫حام� ً‬ ‫لا ش��هادة طبي��ب ج��راح‪ ،‬وعي��ن في‬ ‫الع��ام نفس��ه برتبة طبيب يوزباش��ي في‬ ‫اسطنبول وفي عام ‪ 1904‬تم تعيينه طبيبًا‬ ‫كيميائي��ًا في جمارك طراب��زون وفي عام‬ ‫‪ 1908‬رفع إلى رتبة قول أغاسي «ماجور»‬ ‫وتم إيفاده إل��ى باريس ‪ 1909‬للتخصص‬ ‫باألم��راض العينية‪.‬‏ في ع��ام ‪ 1908‬حيث‬ ‫درس في مشفى "أوتيل ديو" مدة سنتين‪،‬‬ ‫نال بعدهما شهادة االختصاص في الطب‬ ‫العين��ي من جامعة باري��س‪ ،‬وحصل على‬ ‫لقب "مونيتور" أي طبيب باحث‪.‬‬ ‫بعد انتهاء الحرب وتولي الملك فيصل‬ ‫عرش س��وريا‪ ،‬عمل الدكتور رضا س��عيد‬ ‫على إعادة افتتاح المعاه��د العليا المغلقة‬ ‫في سوريا‪ ،‬وأس��س مدرسة لتعليم الطب‬ ‫باللغة العربية أطلق عليها اس��م "مدرسة‬ ‫الطب العربية" ثم "المعهد الطبي العربي"‬ ‫ليحل محل المكتب الطب��ي التركي‪ ،‬عمل‬ ‫في��ه إل��ى جان��ب الدكت��ور رض��ا س��عيد‬ ‫مجموعة من أبرز أطباء ذلك العصر‪ ،‬مثل‬ ‫الدكتور عبد الرحمن الش��هبندر والدكتور‬ ‫أحمد العائدي وغيرهم وبعد انسحاب عدد‬ ‫من األطباء األس��اتذة م��ن هيئة التدريس‬ ‫ف��ي المعهد ألس��باب لها عالق��ة بتوليهم‬ ‫مناص��ب أخرى ف��ي الدول��ة أو لضعف في‬ ‫لغته��م العربية‪ ،‬تم تعيي��ن الدكتور رضا‬ ‫سعيد عميداً للمعهد‪.‬‬ ‫اس��تصدر قراراً من مجل��س الوزراء‬ ‫لربط المستشفى الوطني بالمعهد الطبي‬ ‫بع��د أن كان ملحق��اً ب��إدارة الصح��ة ك��ي‬ ‫يتمرن فيه الطالب األطباء‪.‬‏ كما كان يهتم‬ ‫بنشر الوعي الصحي بين األهالي‪ ،‬ولذلك‬ ‫س��ارع إلى المشاركة في تأسيس مشروع‬ ‫جر مياه نبع الفيجة إلى منازل دمشق‪.‬‏‬ ‫حاول��ت الس��لطات الفرنس��ية إغالق‬ ‫المعه��د إال أن الدكت��ور رضا س��عيد عمل‬ ‫جاه��داً دون اإلغ�لاق‪ ،‬ونج��ح ف��ي ذل��ك‪،‬‬ ‫كم��ا نج��ح في إبق��اء اللغ��ة العربي��ة لغة‬ ‫التدريس في المعهد‪ ،‬واشتغل في تعريب‬ ‫المصطلح��ات العلمي��ة والطبي��ة‪ .‬ع��رّب‬ ‫التدري��س ف��ي المعه��د الطب��ي العرب��ي‬ ‫وانتزع تعريفًا بش��هادته‪ ،‬وفي عام ‪1920‬‬ ‫ترج��م ع��ن الفرنس��ية كت��اب "مبحث في‬ ‫أمراض العي��ون للمتمرنين" الذي يعد من‬ ‫كالسيكيات مراجع طب العيون في العالم‪.‬‬ ‫أعطى س��عيد للمعهد هويته العربية‬ ‫الخاص��ة واس��تقطب عش��رات الطالب من‬ ‫مش��ارق الوط��ن العربي ومغارب��ه فحول‬ ‫دمش��ق من عاصم��ة للعلم إل��ى عاصمة‬ ‫للعروب��ة‪ ،‬وجعل أس��اتذة المعهد يعكفون‬ ‫على ترجمة أمهات الكتب الطبية األجنبية‪.‬‬ ‫‏ من��ذ تكليفه تأس��يس الجامعة الس��ورية‬ ‫وبرئاس��تها ع��ام ‪ 1923‬راح يعم��ل عل��ى‬ ‫توس��يعها وإش��ادة األبنية الجدي��دة فيها‪،‬‬

‫ولكن أبرز إنجاز له كان إنشاء مبنى مدرج‬ ‫الجامعة الذي اس��تغرق بناؤه س��ت سنوات‬ ‫تح��ت إش��رافه اليوم��ي‪ ،‬كما أح��دث مجلة‬ ‫المعهد الطبي العربي‪.‬‏‬ ‫بعد المعهد الطبي العربي بدأ د‪ .‬رضا‬ ‫س��عيد رحلة جديدة ف��ي العالم األكاديمي‬ ‫الذي كان مازال يحبو في س��وريا‪ .‬فأسس‬ ‫فروع��ا للمعهد في أقس��ام الصيدلة وطب‬ ‫األس��نان والتمري��ض والقبال��ة‪ .‬انطل��ق‬ ‫بعد ذلك ب��كل الطاقة الت��ي لديه‪ ،‬لتنفيذ‬ ‫مش��روعه التنويري الوطني‪ ،‬ب��زرع بذرة‬ ‫تأس��يس الجامع��ة الس��ورية انطالقًا من‬ ‫نج��اح مش��روع المعه��د الطب��ي العربي‪،‬‬ ‫وبع��د إصرار ودأب ومعان��اة أمام كثير من‬ ‫العقبات السياس��ية واالجتماعية والمادية‪،‬‬ ‫وافق��ت س��لطات االنتداب الفرنس��ي على‬ ‫قرار تأس��يس الجامعة عام ‪ 1923‬وعينته‬ ‫رئيس��ًا لها إلى جانب عمادته للمعهد‪ .‬كما‬ ‫ساعد في نفس الوقت في تأسيس معهد‬ ‫الحقوق‪.‬‬ ‫عام ‪ 1924‬عين د‪ .‬رضا س��عيد وزيراً‬ ‫للمع��ارف‪ ،‬أول وزارة س��ورية تش��كل في‬ ‫ظل االنت��داب‪ ،‬إال أن بقاءه في منصبه لم‬ ‫ي��دم طوي ًال بس��بب قيام الثورة الس��ورية‬ ‫الكبرى عام ‪ ،1925‬حيث استقالت حكومة‬ ‫صبح��ي ب��ركات وقتها‪ ،‬ليعود رضا س��عيد‬ ‫الى رئاس��ة الجامع��ة وليعمل على تطوير‬ ‫أنظمة المعهد والجامعة ورفع مس��تواهما‬ ‫في وجه منافس��ة قوية من جانب معهدي‬ ‫الطب الفرنسي واألمريكي في بيروت‪.‬‬ ‫وفي ع��ام ‪ 1929‬أصبح��ت البكالوريا‬ ‫الس��ورية المعادل��ة للبكالوريا الفرنس��ية‬ ‫بفضل رضا س��عيد ش��رطا لقبول الطالب‬ ‫ف��ي الجامع��ة‪ .‬وبع��د جه��د كبير ق��ام به‬ ‫س��عيد وعدد من زمالئه في تعريب الكتب‬ ‫والمحاض��رات أصبحت الجامعة الس��ورية‬ ‫وأيض��ًا بفضل��ه‪ ،‬الجامع��ة الوحي��دة ف��ي‬ ‫العالم التي تدرس باللغ��ة العربية‪ .‬ليعيد‬ ‫للغ��ة العربي��ة وهجه��ا كلغة ت��درس بها‬ ‫العلوم الى جانب لغات العالم‪.‬‬ ‫طل��ب إحالته إلى التقاعد عام ‪،1936‬‬ ‫فأص��در رئي��س الجمهورية آن��ذاك محمد‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪11‬‬


‫حوار العدد ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫حــــركة وعـــي‬

‫االختالف‪ ،‬وعي ي�شق طريق الوطن‬ ‫إعداد وحوار‪ :‬شام داود‬ ‫ف��ي ظ��ل الظ��روف العصيب��ة التي‬ ‫تمر بها س��وريا والعنف المتصاعد ونزوع‬ ‫الغالبية من الثوار إلى حمل السالح دفاعا‬ ‫عن حياتهم وممتلكاتهم‪ ،‬تنشط بصمت‬ ‫العدي��د م��ن التجمع��ات الش��بابية الت��ي‬ ‫تح��اول أن تش��ق له��ا مكانا بي��ن أصوات‬ ‫القصف المتواصل‪.‬‬ ‫يعمل هؤالء الشباب في ظل ظروف‬ ‫صعبة وبإصرار وإيمان ش��ديدين للتأكيد‬ ‫على أهمي��ة العمل المدن��ي والمجتمعي‬ ‫حتى في حالة الحرب والكوارث اإلنسانية‪،‬‬ ‫في س��وريا التغيير على كل األصعدة في‬ ‫سوريا ثورة الحرية‬ ‫بينم��ا يبدو لنا الواق��ع قاتمًا بما فيه‬ ‫الكفاي��ة والكلمة تنحس��ر أمام المش��هد‬ ‫الس��وري‪ ،‬نع��ود لن��درك أن الش��عارات‬ ‫الت��ي ب��دأت وانطلق��ت ألجلها الث��ورة ال‬ ‫ت��زال تط��رح نفس��ها بق��وة إن كان في‬ ‫المظاهرات أو في منشورات توزع أو على‬ ‫صفح��ات الفيس��بوك يتناقلها النش��طاء‬ ‫ويعملون على نشرها وتطبيقها‪.‬‬ ‫حركة وعي‪ ،‬واحدة من هذه التجمعات‬ ‫التي تعمل بدأب لنشر شعارات المواطنة‬ ‫والوحدة الوطنية وترفع عالياً أحد شعارات‬ ‫الثورة األولى "الشعب السوري ما بينذل "‬ ‫كح��ق الكرام��ة للمواطن الس��وري بداية‬ ‫وفوق كل اعتبار‪..‬‬ ‫يحدثن��ا "م" ع��ن الحرك��ة وأهدافها‬ ‫ورؤياها‬ ‫| تقدمون أنفس��كم كحرك��ة مجتمع‬ ‫مدني تعمل لرفع مستوى الوعي للوصول‬ ‫للوطن الذي نس��تحقه‪ ...‬تعتمدون على‬ ‫التوعية كأس��اس لعملكم كما نستش��ف‬ ‫من اسم الحركة؟‬ ‫| | نع��م فحرك��ة وعي ه��ي حملة‬ ‫للمس��اهمة في رفع التوعية عند الشعب‬ ‫الس��وري أثناء الثورة للوصول إلى سوريا‬ ‫التي نحلم بها‬ ‫| كي��ف تعرف��ون أنفس��كم كتجم��ع‬ ‫مدني في س��وريا التي تعان��ي من عدم‬ ‫وجود الحركات المدنية فيها أساس��ا قبل‬ ‫الثورة؟‬ ‫| | نحن و قبل كل ش��يء أبناء هذا‬ ‫الوطن و بناته وإنما نحن مبادرة ش��بابية‬ ‫مدنية مرتكزة عل��ى المجتمع (‪،)C. P. O‬‬ ‫حركن��ا ش��عورنا بنقص ه��ذه المبادرات‬ ‫المجتمعية للقيام بهذا العمل متمنين أن‬ ‫يكون عملنا هذا مس��همًا ف��ي رفع ثقافة‬ ‫الحركات المدنية و زيادتها و لعل هذا بات‬ ‫ملحوظًا في حراك سوريا المدني‪.‬‬ ‫| ت��ؤدي مؤسس��ات العم��ل المدني‬ ‫ف��ي دول العال��م جميعه��ا‪ ،‬وبخاصة في‬ ‫المجتمع��ات الديمقراطية‪ ،‬دورا بارزا في‬ ‫بناء أسس الحياة الديمقراطية والتشكيل‬ ‫السياسي في هذه المجتمعات‪ ،‬وتساهم‬ ‫في تعزيز الس��لوك المدن��ي؟ أين حركة‬ ‫وع��ي من ه��ذا ؟ وكيف تعم��ل في زمن‬ ‫الثورة وزمن التغيير؟‬

‫| | من أبرز أس��باب تحركنا شعورنا‬ ‫بالرغب��ة بالمعرفة‪ ،‬معرفتن��ا كمواطنين‬ ‫بحقوقن��ا المدني��ة و السياس��ية و لذل��ك‬ ‫اتخذنا قرارا بالبدء بتوعية أنفسنا لتعزيز‬ ‫مدنيتنا و المس��اهمة بنشر هذه التوعية‬ ‫لنس��اهم ف��ي الح��راك الفك��ري للث��ورة‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫| هل يمك��ن أن نتحدث عن البدايات‬ ‫كي��ف بدأتم وهل كانت لكم مس��اهمات‬ ‫قبل انطالق الحركة أو التجمع؟‬ ‫| | مجموع��ة م��ن األصدق��اء م��ن‬ ‫شباب و ش��ابات هذا الوطن جمعنا الحدث‬ ‫الس��وري العظيم في آذار ‪ 2011‬و ما كان‬ ‫قبل��ه م��ن إرهاصات ف��ي ‪ 2005‬و ‪2010‬‬ ‫كن��ا نجتم��ع و نتناق��ش بع��د التظاهر أو‬ ‫أداء أح��د األنش��طة و نتس��اءل محتفلين‬ ‫باخت�لاف أفكارنا عن حرك الس��وريين و‬

‫ما هو حلمن��ا و ماذا نريد من هذا الحراك‬ ‫و باس��تمرار جلس��ات النقاش فيم��ا بيننا‬ ‫و نش��اطنا وجدن��ا مجموعة م��ن الثوابت‬ ‫نتف��ق عليها جميعا من مواطنة و حرية و‬ ‫عدالة و كرامة ووحدة األراضي الس��ورية‬ ‫و احت��رام حق��وق اإلنس��ان و العدال��ة‬ ‫االجتماعي��ة و حس المس��ؤولية العالي و‬ ‫الرغب��ة بالتغيير بعضن��ا عمل في العمل‬ ‫االجتماعي التطوعي قب��ل ذلك و آخرون‬ ‫عاشوا القليل من الحياة الحزبية‪.‬‬ ‫| هل تصل منش��وراتكم إلى شريحة‬ ‫واس��عة وكيف تعمل��ون ميدانيا في ظل‬ ‫الظروف الصعبة التي يمر بها الناشطون‬ ‫ف��ي س��وريا وخصوص��ا ف��ي العاصم��ة‬ ‫والمناط��ق المس��يطر عليه��ا األم��ن‬ ‫والمخابرات بشكل كبير؟‬ ‫| | نع��م تص��ل إلى ق��در معقول و‬

‫نس��عى دائما لزيادة تواصلن��ا و لعله من‬ ‫همومن��ا الدائمة تحويل ه��ذا العمل إلى‬ ‫نش��اط فاعل على األرض لذلك ش��اركنا‬ ‫بالكثي��ر من الحم�لات و أطلقنا بعضها و‬ ‫انتش��ر منها الكثير في محافظات سوريا‬ ‫باإلضافة إلى الفضاء االفتراضي كحملة‬ ‫إس��عاف و حملة الدف��اع المدني و حمالت‬ ‫اإلضرابات في دمش��ق جميعها و انتشرت‬ ‫منشوراتنا في مدن سوريا بفضل شبكة‬ ‫من الناش��طين الذين لهم الفضل األكبر‬ ‫لرغبتهم في المس��اهمة في نشر الوعي‬ ‫و نعان��ي م��ن الصعوب��ات الت��ي يعان��ي‬ ‫منها ناش��طو الثورة الس��ورية جميعا من‬ ‫قل��ة المصادر المالية فهي ش��خصية من‬ ‫أعضاء التجمع فق��ط و أما الوضع األمني‬ ‫فه��و واق��ع ل��م يقف ف��ي وج��ه حراكنا و‬ ‫نحاول دوما تحييده‪.‬‬ ‫| تعتم��دون ف��ي مناش��يركم عل��ى‬ ‫الكثير من المقوالت األدبية والفلس��فية‬ ‫الت��ي قيلت من قبل أدب��اء أو مفكرين أو‬ ‫فالس��فة س��لميين؟ أليس هذا نوع من‬ ‫النخبوي��ة وينحصر وصوله إلى ش��ريحة‬ ‫معينة من السوريين ؟‬ ‫| | لقد حرصنا من البدء بأن نوضح‬ ‫أن حراكن��ا هذا هدف��ه أوال ه��و التوعية‬ ‫الشخصية ألنفس��نا و محاولة لنشر هذه‬ ‫المع��ارف ف��ي المجتمع الس��وري‪ ،‬وكيف‬ ‫لن��ا أن نك��ون نخبويين و نحن��ا متنوعين‬ ‫جدا في خلفياتنا و فينا من جميع أش��كال‬ ‫الس��وريين ب��ل و كي��ف لن��ا أن نك��ون‬ ‫نخبويي��ن و ال��ذي دفعنا في ه��ذا العمل‬ ‫هو حراك السوريين الذين خرجوا جميعًا‬


‫حوار العدد ‪. .‬‬ ‫منا�شري مبادرة حركة �شعب‬ ‫واحد م�صري واحد‬ ‫‪www. facebook. com/media/‬‬ ‫‪set/?set=a. 418288728228116.‬‬ ‫‪96528. 284365291620461&type=3‬‬

‫بيان احلركة‬ ‫‪https://www. facebook.‬‬ ‫‪com/AwarenessOrganization/‬‬ ‫‪app_112558405499057‬‬

‫�أين كنتم؟ وماذا �صنعتم؟‬

‫ريما مروش ‪ -‬برلين‬

‫غريبة برلين‪ .‬ال قصف وال طيران حربي‪ .‬ينتابك شعور غريب عندما تصل إلى مدينة يعيش أهلها بهدوء منذ ‪ 60‬عامًا‬ ‫بعد حرب دامية دمرت ليس فقط البلد بل أحرقت تقريبًا القارة األوروبية بأكملها‪ .‬برلين أصبحت خرابًا‪ ،‬وارسو و مدن أخرى‬ ‫كذلك‪ .‬علمتنا دروس التاريخ أن ألمانيا النازية هي المعتدي و أن بقية القارة األوروبية وقعت ضحية لها‪ ..‬بينما أرى اليوم‬ ‫بوضوح أن ألمانيا كانت ضحية‪.‬‬ ‫آثار الحرب ال تزال موجودة و لكنك تحتاج إلى عين ماهرة لتلحظها‪ .‬تحتاج إلى مقارنة األبنية لترى العمارة األلمانية‬ ‫القديمة في الشوارع بينما تخترقها عدة أبنية تختلف في هويتها عن باقي األسلوب المعماري‪ ،‬بنيت هذه العمارات في‬ ‫خمسينيات القرن الماضي على عجل من مواد بسيطة لتمأل الفراغ الذي تركته األبنية المدمرة بقذائف الحلفاء في الحرب‬ ‫العالمية الثانية‪ .‬وكأنها جروح على خارطة المدينة تالحمت دون أن تخفي اآلثار الواضحة لألجيال القادمة‪.‬‬ ‫من الصعب تصديق أن برلين استطاعت النهوض من ركامها وجنونها بعد أن كانت قد دمرت تقريبًا بشكل كلي خالل‬ ‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬كان ذلك ثمنًا باهظًا لإليديولوجية النازية الشمولية‪ .‬التاريخ يركز على خسائر الحلفاء والدول التي‬ ‫غزتها النازية األلمانية بينما يبقى عدد الضحايا األلمان الذين دفعوا حياتهم ثمناً لعقدة العظمة وجنون هتلر غير معروف‪،‬‬ ‫لتدفع المدينة ثمن أنها كانت مقر القائد لعقود طويلة من القصف والتقسيم إلى أربعة مناطق كل منها تحت سيطرة دولة‬ ‫من دول الحلفاء‪ ،‬روسيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬الواليات المتحدة والصين ومن بعدها إلى جزئين برلين الشرقية تحت سيطرة الشيوعيين‬ ‫والغربية تحت سيطرة ألمانيا الغربية‪.‬‬ ‫بلد أمي‪ ،‬بولندا‪ ،‬دمره األلمان خالل الحرب‪ .‬كان لدى جدي البولندي حقد نقي وصارم تجاه األلمان‪ .‬ظل يسميهم‪ ،‬غالباً‪،‬‬ ‫«النازيين»‪ .‬ولم يتقبل أن زميلتي في السكن الجامعي ألمانية وأننا عبرنا نحو مرحلة تاريخية أخرى نتشارك فيها الحياة‬ ‫ضمن االتحاد األوروبي‪ .‬جدي ظل متشككًا بخصوص األلمان وبخصوص زميلتي في السكن‪.‬‬ ‫ربما البد من تجاوز ثالثة أجيال حتى يقبل جدي أن يسامح‪ ،‬ربما البد م تجاوز ثالثة أجيال قبل أن يبدأ الناس بسؤال‬ ‫أنفسهم‪ :‬أين كنا وماذا فعلنا خالل الحرب‪.‬‬ ‫جد صديقتي األلمانية‪ ،‬بيرغيب‪ ،‬استطاعت أن تطرح السؤال على نفسها‪ .‬جدها كان نازيًا‪ .‬كان من أفراد المخابرات‬ ‫األلمانية‪ ،‬وقاض عسكري يتولى إصدار أحكام الموت على أشخاص حاولوا االنشقاق‪ .‬تقوم بيرغيت أنها كانت دائماً تعرف‬ ‫أن جدها كان نازياً إيديولوجياً‪« .‬تاريخ والدته وانضمامه للحزب حتى قبل الحرب كان كاف بالنسبة لي كي أكون فكرة عن‬ ‫طبيعة عمله بالضبط» تقول بيرغيت‪ .‬بحثت عن تاريخه وحصلت على رقم القطعة التي خدم فيها خالل الحرب‪ ،‬ومع بحث‬ ‫بسيط‪ ،‬اكتشفت أن هناك أطروحة دكتوراه عن القطعة‪« .‬تضمن األرشيف األلماني معلومات عن جدي‪ .‬أعرف أنه كان يحكم‬ ‫على المنشقين بالموت‪ .‬كان غريباً لي أن أحد أحكام اإلعدام التي أصدرها حمل نفس تاريخ والدة أمي»‪.‬‬ ‫يرغيت لم تواجه جدها‪ .‬مات قبل أن تعرف الحقيقة‪ .‬والدتها‪ ،‬ولها ‪ 84‬عامًا اآلن‪ ،‬ترى في والدها مث ًال أعلى «ال أريد أن‬ ‫أحطم أحالمها وصورتها عنه‪ .‬لن يفيد هذا في شيء‪ .‬ولكن كان يجب علي أن أعرف الحقيقة»‪ ،‬تقول بيرغيت‪.‬‬ ‫ربما هي مسؤولية الجيل الثالث أن يسأل‪ :‬أين كنت خالل الحرب وماذا كنت تفعل‪ .‬سيطرح الجيل الثالث من السوريين‬ ‫هذا السؤال سيطرحه على جميع األطراف دون استثناء‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫رابط احلركة على الفي�سبوك‬ ‫‪https://www. facebook. com/‬‬ ‫‪AwarenessOrganization‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫مطالبين بحريتهم و كرامتهم و س��اعين‬ ‫لتحقيقي العدالة بينهم‪.‬‬ ‫| كي��ف ترون الح��راك ال��ذي تقومون‬ ‫ب��ه والمجموعات المش��ابهة لكم في ظل‬ ‫تحول الحراك في س��وريا من حراك سلمي‬ ‫إلى مقاومة مسلحة وفوضى انتشار السالح‬ ‫بالرغم من محاوالت تنظيمه وتأطيره؟‬ ‫| | إن ثورة الش��عب الس��وري بدأت‬ ‫س��لمية و ظلت لوقت طويل كذلك و لعل‬ ‫قم��ع و عنف النظ��ام الش��ديدين دفع إلى‬ ‫حمل السالح و لم يحمل إال لهدف مشروع‬ ‫هو الدفاع عن النفس و ما زلنا نرى و بقوة‬ ‫الحراك الس��لمي عامال و فاعال في الثورة‬ ‫بجميع الجهود التوعوية و اإلغاثية و نحن‬ ‫نسعى في حراكنا هذا إلى المساهمة في‬ ‫تخفي��ف فوضى الحرب و تس��ليح الحراك‬ ‫بفكر يبعده في النهاية عن الحل المسلح‬ ‫مع التأكيد في نفس الوقت على أن جميع‬ ‫الس��وريين الثائرين يعملون للوصول إلى‬ ‫التغيير الذي نحلم به لكن بطرق مختلفة‬ ‫و اجته��ادات متع��ددة‪ ،‬و اخت�لاف طرقنا ال‬ ‫يعني خالفنا ففي النهاية نحن شعب واحد‬ ‫و مصير واحد‪.‬‬ ‫| تتعال��ى األصوات اإلعالمي��ة الغربية‬ ‫والعربية وبعض األق�لام لتصف ما يحدث‬ ‫اليوم في س��وريا بالحرب األهلي��ة والنزاع‬ ‫الطائف��ي‪ ،‬أطلقت��م أو ش��اركتم في حملة‬ ‫ش��عب واحد مصير واح��د‪ ...‬كيف تقيمون‬ ‫اليوم واق��ع النزاع وكيف يت��م الترويج له؟‬ ‫ولماذا التركيز على مس��ألة وحدة الش��عب‬ ‫السوري في وقت أن الثورة السورية شعارها‬ ‫الذي ال يزال مرفوعا بصوت عال هو‪ :‬واحد‬ ‫واحد واحد الشعب السوري واحد؟‬ ‫| | س��اهمنا ف��ي إطالق حملة ش��عب‬ ‫واح��د مصير واحد إيمانا من��ا بان الطائفية‬ ‫هي س�لاح النظ��ام األول في وج��ه حراكنا‬ ‫ألن وحدتنا كش��عب واحد في وجه الطغيان‬ ‫ه��ي الح��ل لنصرن��ا و ال يهمن��ا األص��وات‬ ‫المنادية بالحرب األهلية فالقاتل في نظرنا‬ ‫واح��د هو ه��ذا النظام المج��رم و حاالت رد‬ ‫الفع��ل الطائفي��ة قليل��ة ج��دا و ال تتص��ف‬ ‫باالس��تمرارية و النزاع في س��وريا ال يمكن‬ ‫أن يوص��ف بالحرب األهلية بأعراف القانون‬ ‫الدولي فهن��اك طرف واحد يقت��ل و ينتهك‬ ‫الحقوق و نتذكر دائما ش��عارات ثورتنا كما‬ ‫ب��دأت صافي��ة م��ن غي��ر ش��موع أو رتوش‬ ‫الشعب السوري ما بينذل و واحد واحد واحد‬ ‫الشعب السوري واحد و هي بوصلتنا‪.‬‬ ‫| الفيس��بوك واالنترن��ت هو وس��يلة‬ ‫اإلعالم األولى بالنس��بة للثورة السورية‬ ‫الي��وم ترتفع أصوات عدي��دة بانتقادات‬ ‫تعتبر أن العال��م االفتراضي منفصل عن‬ ‫الواق��ع وعاج��ز ع��ن عكس حال الش��ارع‬ ‫السوري كيف ترى الحركة هذا الواقع وهل‬ ‫ما تزال االنترنت والش��بكات االجتماعية‬ ‫طريقة العمل األمثل بين الشباب؟‬ ‫| | إن اإلع�لام كان و م��ا زال م��ن‬ ‫الركائ��ز و الدعائ��م ألي مس��تبد في كل‬ ‫العصور و األزمنة لذل��ك فهو هدف دائم‬ ‫و مس��تمر ألي ح��راك ث��وري ناج��ح و إن‬

‫أهم الثورات انتشرت و عاشت و استمرت‬ ‫باإلع�لام م��ن المطاب��ع و حتى أش��رطة‬ ‫الكاس��يت و ال يمكن ألحد إنكار دور و قوة‬ ‫اإلعالم البديل في حراك الثورة السورية‬ ‫فيكفي أنه أنش��أ فضاء ش��به آمن يسمح‬ ‫للس��وريين بالحوار و النق��اش و الخروج‬ ‫م��ن قوقعة المس��تبد و تجهيل��ه المتعمد‬ ‫و تل��ك م��ن أه��م أساس��يات التغيي��ر و‬ ‫طالما أن الغاية واحدة و مش��روعة فيجب‬ ‫العمل عليها بجميع الوس��ائل المشروعة‬ ‫متمسكين بقيمنا و ثوابتنا الوطنية‪.‬‬ ‫| كي��ف ت��رى حرك��ة وع��ي نفس��ها‬ ‫ودورها في مرحلة بعد نظام األسد؟ هل‬ ‫ستس��تمرون في العمل؟ ما هي أحالمكم‬ ‫وآمالكم في سوريا الحرية؟‬ ‫| | بدأنا وفي فكرنا أننا نواة لحركة‬ ‫مجتمع مدني تنش��ط بعد حدوث التغيير‬ ‫الجذري في المجتمع الس��وري و لعل أبرز‬ ‫أهدافنا هو المس��اهمة في نشر التوعية‬ ‫ف��ي أم��ور المواطنة و العم��ل المجتمعي‬

‫و الحري��ات و الديمقراطي��ة و الحق��وق و‬ ‫نطمح ألن نكون ن��واة لمنظمة مجتمعية‬ ‫غير ربحية فاعلة في التنمية االجتماعية‬ ‫بكل أشكالها‪.‬‬ ‫| العم��ل المؤسس��اتي المدني هو عمل‬ ‫لجميع الس��وريين ليس له توجه سياس��ي أو‬ ‫ديني بل يعمل بين أطياف الس��وريين أجمع‪،‬‬ ‫ما الوطن الذي يستحقه السوريين بنظركم؟‬ ‫| | ه��و وط��ن يجتم��ع في��ه جمي��ع‬ ‫الس��وريين و يبنون��ه محتفلين بتنوعهم‬ ‫عل��ى أرض س��وريا يتمت��ع أبن��اءه بم��ا‬ ‫خرج��وا ليطالب��وا ب��ه من حري��ة و عدالة‬ ‫و ديمقراطي��ة و كرام��ة و مرتك��ز عل��ى‬ ‫مجموع��ة من القي��م اإلنس��انية يتعامل‬ ‫م��ع أبنائ��ه بالمواطن��ة و يعيش��ون في��ه‬ ‫المواطنة الفاعلة و يش��ع و يس��اهم في‬ ‫إث��راء الحضارة العالمي��ة بتقديم حصته‬ ‫من اإلرث الثقافي و اإلنساني‪.‬‬ ‫تس��تمر "وع��ي" الي��وم بالعم��ل‬ ‫والمش��اركة بفعالي��ات الح��راك المدن��ي‬

‫وآخره��ا ولي��س أقله��ا حمل��ة ممن��وع‬ ‫التخوي��ن التي حم��ل الس��وريون الفتات‬ ‫تعب��ر وتش��ارك بالحملة‪ ،‬لتنف��ي وتؤكد‬ ‫مج��ددا أننا في س��وريا ش��عب واحد‪ ،‬وأن‬ ‫ثورتن��ا هي ث��ورة حريات وأنن��ا واحد في‬ ‫مواجهة نظام االستبداد‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟ (‪)19‬‬ ‫�أ�سامة خلبو�ص‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫ينتظ��ر وال��دي م��ع عائلته الت��ي تنيف عن‬ ‫الثماني��ن ش��خصاً بين أبناء وأحف��اد وأوالد أحفاد‬ ‫"بوسة االيد" ليقول لنا مع قبلة على "اهلل يرضى‬ ‫عليك" كل عيد‪ ،‬هذا العيد لم يجد والدي ووالدتي‬ ‫أح��داً معهم��ا ف��ي صباح العي��د‪ ،‬اتصل��ت والدتي‬ ‫صباح��ًا لتق��ول لي "كل عام وأن��ت بخير‪ ،‬مع أنك‬ ‫ما بتحب هالشغالت‪ ..‬بتعرف شو؟ ما حدا إدر يجي‬ ‫لعنا‪ " ..‬سألتها‪ :‬عملتي معمول؟ " فأجابت‪" :‬لمين؟‬ ‫للطيبي��ن لما للميتين؟ بتعرف واهلل ياماما كلياتنا‬ ‫ميتين"‪..‬‬ ‫األهم بالنس��بة لوال��دي الج��د الذهاب إلى‬ ‫المقب��رة العتيقة صباح األول م��ن العيد مع قليل‬ ‫م��ن "اآلس" ألبوي��ه وأعمام��ه‪ ..‬األهم بالنس��بة‬ ‫لوالدت��ي أن تطب��خ م��ن لح��م األضحي��ة ش��يئًا‬ ‫نأكل��ه وغالبًا ما يكون م��ع اللبن ألن البياض رمز‬ ‫للفرح‪..‬‬ ‫غ��اب اآلس ي��ا أبي‪ ..‬غاب البي��اض يا أمي‪..‬‬ ‫وغ��اب الغوالي م��ن مدينتنا‪ ..‬س��قط العديد من‬ ‫أوالد أعمام��ي الذي��ن ال أعرفهم‪ ..‬غ��اب عدد من‬ ‫أصدقائ��ي‪ ..‬غاب��ت قلوبنا‪ ..‬غاب��ت لمعة األحذية‬ ‫الجدي��دة‪ ..‬وغ��اب ضجري م��ن العي��د والزيارات‪..‬‬ ‫وغب��ت وغ��اب أخوت��ي ع��ن قبلة ي��دك ي��ا أبي‪..‬‬ ‫فلتكسر يد منعتنا من ذلك‪..‬‬

‫�أحمد �أبازيد‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫دفّ الش��وك‪ ..‬لكنّ��ه الزه��ور‪ ..‬ح��يّ ف��ي‬ ‫دمش��ق‪ ..‬أو ربم��ا مي��ت‪ ..‬كان��ت س��اح ًة للع��ب‬ ‫األطف��ال ولبيع الخض��ار محاط ًة ببي��وت الفقراء‬ ‫الهشّ��ة‪ ،‬مش��هد مكتم��ل لتمثي��ل الحي��اة‪ ..‬هذا‬ ‫كان قب��ل دقيق��ةٍ م��ن التفجير‪ ..‬بع��د دقيقة لم‬ ‫يتغيّ��ر الموض��وع كثيراً‪ ،‬األطف��ال الذين تناثرت‬ ‫أش�لاؤهم بي��ن حط��ام العرب��ات وركام الجدران‬ ‫المتهاوي��ة ظنّوها لعب ًة أخ��رى‪ ،‬ولم يفهموا بعد‬ ‫م��ن هو المس��ؤول عن ه��ذه العيديّ��ة الغريبة‪..‬‬ ‫اللحم المس��حوق تحت الحجارة الرخيصة‪ ،‬وغرف‬ ‫النوم التي انكش��فتْ فج��أ ًة للرماد‪ ،‬والس��يّارات‬ ‫القديم��ة على الجانبين الت��ي تغيّرت اآلن للمرّة‬ ‫األول��ى بع��د عق��ود‪ ،‬وص��راخ الكب��ار ال��ذي أخذ‬ ‫مكان صرخات األطفال المتنافس��ين‪ ،‬واألجس��اد‬ ‫الكثيرة المتخابطة بسرع ًة بحثًا عن معنى لفهم‬ ‫الحكمة‪..‬‬ ‫المشهد اآلن أكثر اكتما ًال وضجيجًا بالحياة‪..‬‬ ‫عليك فقط أن تكون كاميرا سينما‪ ..‬ال إنساناً!‪..‬‬

‫عروة النريبية‬ ‫يا رب الناس‪ ،‬احم س��وريا من المتحذلقين‬ ‫والمتعالي��ن وموزّعي العالمات وعارفي الحقيقة‬ ‫وأولئك الذين يستخدمون "صح" وغلط" وإخوتهم‬ ‫الذي��ن يوزعون صك��وك األخ�لاق واألصالة على‬ ‫اآلخرين‪ ..‬آمين‪.‬‬

‫با�سم �صباغ‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫هيك يعني بجملة الحدي��ث‪ ..‬الهدنة وصل‬ ‫صوته��ا لعن��د اهلل‪ ..‬هن��ا العاصم��ة‪ ..‬العاصم��ة‬ ‫يعني مو األطراف‪ ..‬يعني مو الحجر األس��ود داريا‬ ‫القابون سقبا حمورية قطنا برزة‪ ..‬يعني هنا قلب‬ ‫دمشق‪ ..‬هنا الشام‪ ..‬ومنعيد مرة تانية كل هدنة‬ ‫والحبايب بخير‪..‬‬

‫بدي ك��ون مواطن كامل الحق��وق والواجبات‪ ..‬ورئي��س الدولة موظف بال‬ ‫قدسية‪ ..‬ويكون عندي حرية الكالم واالعتقاد‪..‬‬ ‫هاد اللي طلع معي مبدأياً‪ ..‬بس إزا بتفردي كلمة «مواطن» بتكفي‪..‬‬ ‫مغترب سوري‬

‫ندى كرامي‬ ‫لما مننس��ى جوهر الدين ومنختزله ليصير‬ ‫ب��س مب��رر لفوقية فارغ��ة عاآلخري��ن‪ ،‬أو غطاء‬ ‫لعنفنا‪ ،‬أو س��تارة ندعم من وراه��ا مجرمين‪ .‬لما‬ ‫بصير الدي��ن بيعمينا عن الحقيقة وبخلينا نحكم‬ ‫بمكياليين‪ .‬لما بصير الدين شماعة أو ممسحة أو‬ ‫فزاع��ة‪ .‬لما بيتحول الدين لموت وتكفير وتهجير‪.‬‬ ‫بتموت سوريا وبتخمد الثورة‪ ..‬وبينمسخ الدين‪..‬‬

‫�شام داود‬ ‫حقوق اإلنس��ان تنتهك عندم��ا نعتقل أحداً‬ ‫يطالب بحقه في التعبير عن الرأي‪ ،‬وتنتهك أيضًا‬ ‫عندما نمارس ضده أشد أنواع التعذيب واإلهانات‬ ‫تح��ت أي تهمة أو مس��مى كان حتى لو كان قات ًال‪،‬‬ ‫وتنتهك أيضاً عندما يعود إلى أهله في كفن بعد‬ ‫تعذيب قد يطول أو يقصر‪ ..‬أما أن يعود في كفن‬ ‫وعلى صدره عبارة س��وريا األسد إلى األبد كتبت‬ ‫بدم��ه الذي نزف حتى الموت في س��جونهم‪ ..‬فال‬ ‫أدري أين اإلنس��ان منا بعد‪ ..‬وال أين منا الحقوق‪..‬‬ ‫أو أين منا كل ما يعرف بالبشرية‪..‬‬ ‫دير ال��زور‪ ..‬مدين��ة منكوبة‪ ..‬فق��دت فيها‬ ‫البشرية جمعاء‬

‫�إياد عما�شة‬ ‫الفروف ق��ال انو غالبية الش��عب الس��وري‬ ‫بتأيد بش��ار األسد‪ .‬يا ريت لو نشوف هاإلحصائية‬ ‫إل��ي عامله��ا حضرة جناب��ك‪ !!..‬عن أي س��وريين‬ ‫عمتحك��ي‪..‬؟؟ عن ال‪ 30‬ألف ش��هيد وأكثر‪..‬؟؟ وال‬ ‫ع��ن ميات اآلالف م��ن المعتقلي��ن‪..‬؟؟ أو ما يكون‬ ‫قصدك ماليين المهجرين خارج س��وريا‪ ..‬وعدد ال‬ ‫يحصى من المهجرين داخل سوريا‪..‬؟؟‬

‫�إ�سالم �أبو �شكري‪‎‬‬ ‫البع��ض دخل الث��ورة ألنّه فهمه��ا عمليّة‬ ‫اس��تبدال ظالم بظالم‪ ..‬ومظل��وم بمظلوم‪ ..‬لم‬ ‫يف ّكر بالظلم نفسه‪..‬‬

‫عقاب يحيى‬ ‫ويسأل كثير‪ ،‬والقلق عام‪ :‬حتى متى؟؟‬ ‫يح��ار الج��واب ويق��ف غص��ة ف��ي حل��وق‬ ‫البش��ر‪ ..‬والعي��ن دامعة على وطن يذب��ح جهاراً‪..‬‬ ‫أم��ام مرأى الجمي��ع‪ ..‬نقول ب��كل الثقة واإليمان‬ ‫بش��عبنا‪ :‬حتى يس��قط الطاغي��ة وعصابته بقوة‬ ‫تصميم وتضحيات ش��عبنا‪ ..‬وال خي��ار آخر‪ ..‬مهما‬ ‫كانت التضحيات جسيمة‪ ..‬ذلك قدر بالدنا‪ ..‬ومهر‬ ‫حريتها الغالي جداً‪..‬‬

‫را�شد عي�سى‬ ‫مس��اء متعب وحزين‪ .‬أحادي��ث عن الحواجز‬ ‫الت��ي تتخ��ذ م��ن المط��ر والب��رد فرص��ة لتبن��ي‬ ‫وتتوطد‪ .‬أس��ف على ش��هداء األم��س الذين كان‬ ‫بعضهم ذا جروح طفيفة ومع ذلك لم يتمكن من‬ ‫النجاة‪ .‬وس��ط ذلك يتناهى إل��يّ ُ‬ ‫حديث الصغيرة‬ ‫مع أمها‪ .‬أس��مع أم ياس��مينا تق��ول‪ :‬البحر موجود‬ ‫في كل الفصول‪ .‬ثم تس��أل الصغيرة عن الشجر‬ ‫األخض��ر إن كان ي��دل عل��ى الربي��ع‪ ،‬فتجيب األم‬ ‫أن الزه��ر ه��و الدليل‪ ،‬وهن��ا تختم ياس��مينا‪ :‬إذاً‬ ‫سأرسم زهراً‪.‬‬ ‫ال أدري إن كان الم��رء يبال��غ بالحدي��ث عن‬ ‫الش��عر في هكذا حوار عابر ومك��رر بين ماليين‬ ‫األمه��ات وبناته��ن‪ ،‬غي��ر أن كلم��ات مث��ل‪ :‬بحر‪،‬‬ ‫ش��مس‪ ،‬زهر‪ ،‬وربيع‪ ..‬في هذا الجحيم السوري‪،‬‬ ‫هي ش��عر ما بعده ش��عر‪ ،‬ولعلها فع ًال تدفعنا إلى‬ ‫القول‪ :‬حقًا‪ ،‬على هذه األرض ما يس��تحق الحياة‪،‬‬ ‫والموت أيضًا‪ ،‬في سبيله‪.‬‬

‫�أيهم باري�ش‪‎‬‬ ‫هل��ق العف��و بيش��مل طيارين المي��غ اللي‬ ‫عملو كل هالجرائم؟؟‬

‫هفال بوظو‬ ‫كل داء ل��ه دواء إال الممانع��ة‪ ..‬قتل��ت م��ن‬ ‫يداويها‬

‫هالة العبد اهلل‬ ‫جمي��ل أنه رغ��م س��واد الم��وت الكثير من‬ ‫العائالت ألبس��ت أطفالها ثياب العيد ولم تلبسهم‬ ‫ثياب الهدنة‪..‬‬

‫يامن ح�سني‬ ‫م��رة بالزبداني كان��و عم يتح��اورو الناس‬ ‫الم��ع الس��لمية والن��اس م��ع الجيش الح��ر‪ ..‬عم‬ ‫يتحاوروا بدون ما يصير مناكدة وتسجيل نقاط‪..‬‬ ‫عم يتحاوروا بمسوغات كل خيار زج ًال‪ ..‬الزبداني‬ ‫ضمير ثوري نقي بعيد عن الترهات لو أننا نتعلم‬ ‫قلي ًال‪..‬‬

‫عبود �سعيد‬ ‫عندما يصبح عدد أصدقائي ‪ 5000‬ومافوق‬ ‫سأقف مثل دكتاتور‬ ‫واقول ‪ :‬أنا معي الماليين‬

‫من جداريات سراقب‬

‫في مكان ما من هذا العالم يدور المسلمون‬ ‫حول الكعبة حجا الى اهلل وقدسيته‪ ..‬في وطني‬ ‫يقب��ل الس��وريون جبهة الرخاﻡ الب��ارد لحبيب‬ ‫مضى‪ ،‬تذرف األمهات دمعة على ابن لم تودع‪..‬‬ ‫تنقبض القلوب وهي ترس��م قضبان سجن‬ ‫م��ا فوق قل��وب أحبائنا في المعتق��ل‪ ..‬يركض‬ ‫األطف��ال ف��ي المخيم��ات يتحدث��ون بهمس‬ ‫وبصخ��ب عن ذكريات األراجي��ح والعيدية‪ ..‬في‬ ‫وطني تصدح الحناجر بدع��اء الحرية بعد صالة‬ ‫العي��د‪ ..‬ويغن��ي المنتفض��ون من المس��اجد‬ ‫ترتيلة اهلل أكبر‪..‬‬ ‫ف��ي وطني يضع م��ن أحب غصن��ا أخضر على‬ ‫شاهدة قبر مطلة على دمشق‪ ..‬ويرقد أبي مبتسم ًا‬ ‫في جبال طرطوس تحت زيتونة تبشر بالحرية‪..‬‬ ‫في وطني ثورة‪ ..‬وجنات عدن على ارض تصدح‬ ‫حرية‪ ..‬وأنا أحلم بوطن ملون يشبه قلب سوريا‪..‬‬ ‫شام داود‬

‫ٌ‬ ‫عـــيد‪ ..‬و"جــــــنة"‬

‫ل برهة م��ن الوقت ظننت ب��أن األطفال كلهم‬ ‫هنا‪ ..‬األرض تلفظهم إلى حيث كنا هناك‪ ..‬في شارع‬ ‫الجاعونة‪ ،‬ذاك الشارع الذي ابتسم اليوم بالرغم من‬ ‫كل الرماد الذي أحاط به‪ ،..‬كل القتل الذي مارس من‬ ‫شهوته بداخله‪..‬‬ ‫األطفال في أوج عيدهم‪ ..‬في فرحةِ لم ترتس��م‬ ‫من��ذ وقت بعيدِ على وجوههم‪ ،‬يرتلون أغانِ العيد‬ ‫صخبًا‪ ،..‬كما لو أنها نشيداً وطنيًا لبالدهم‪..‬‬ ‫كانت األرض تتسع للكثير من براءتهم‪ ..‬والسماء‬ ‫تغسل ماتبقى من حقدِ أصاب حيهم‪..‬‬ ‫صديق��ي الذي كان ف��ي قربي كان مت��ردداً في‬ ‫ارتياد بسمته البنفسجية‪ ،‬يحاول انتزاعها من قدره‬ ‫انتزاع��ًا‪ ..‬لعله��ا كانت ه��ي القدر الوحي��د آنذاك‪..‬‬ ‫همس��ت في أذنه متخفيًا‪« ..‬ابتس��م اآلن‪ ..‬لعل قدر‬ ‫هذه الفرحة أال تكتمل»‪ ..‬مئ��ات من األمتار القليلة‬ ‫كانت تفصلهم عن ذاك الحي الدمشقي‪ ..‬ذاك الذي‬ ‫كان مكتظًا اسمه «حي الزهور»‪..‬‬ ‫ذاك الحي الذي ازدحم الي��وم بقبو ِر ل المالئكة‬ ‫الصغ��ار‪ ،..‬أولئك الذين خرجوا إلى عيدهم بش��غف‬ ‫ح��ب الحي��اة ال��ذي ال ينته��ي‪ ..‬كأطف��ال الجاعونة‬ ‫خرج��وا‪ ..‬ال رصاص يصلب أمله��م‪ ،..‬وال قذائف تثير‬ ‫م��ن حلمه��م‪« ..‬طفول��ة « ال أكثر‪ ..‬ه��ي تلك التي‬ ‫اقتادته��م إلى الموت المحدق ف��ي تترية تعتصرها‬ ‫الهمجية لنقيض طفولته��م‪ ..‬ودعوا األرض‪ ..‬دون‬ ‫اس��تباق لمعرفتها‪ ..‬أكملوا من االبتسامة المنهكة‬ ‫ٍ‬ ‫من زيف حاضرنا بس��ماء ال نعرف الكثير عنه س��وى‬ ‫أنه��ا «قدره��م «‪ ..‬مابين ش��ارع الجاعونة «ش��ارع‬ ‫الش��هداء «‪ ،..‬وحي الزهور الدمش��قي أمتار ليس��ت‬ ‫بالكثيرة‪ ..‬م��اذا لو صنعوا لهم العي��د مثلنا‪ ..‬ماذا‬ ‫ل��و أن طفل من ح��ي الزهور زارَ صديقه في ش��ارع‬ ‫الجاعونة وأخبره عن تلك الجنة التي ارتحل إليها‪..‬‬ ‫تحدث��ا بصمت النب��وءة عن غري��زة األمل وحب‬ ‫الحياة في حيهما‪ ..‬تغنيا بشغفٍ أغنية تلون الرماد‬ ‫ياس��مينًا‪ ..‬وبنفسجًا‪ ..‬ماكانوا س��وى أنهم ينزعون‬ ‫العهر عن زناة الح��رب والبندقية‪ ..‬فمن كان هناك‬ ‫س��وى المالك‪ ..‬يدندن الصباح بثدي الس��ماء‪ ..‬عله‬ ‫يستنزف الحياة آم ًال‪ ..‬فمن كان هناك غيرهم؟؟؟‬ ‫ومن يش��تهي الموت ل طفولة‪ ..‬كيف سيحدثه‬ ‫طف ًال يومًا إن حفظته أقدار الكهولة‪..‬‬ ‫مـابين ش��ـارع الجـاعونـة‪ ..‬وحـي الزهـور‪ :‬جــنة‬ ‫بِـ لــون آخـر‬ ‫يوسف زغموت‬


‫انتخابات �سوريا الربملانية احلرة عام ‪1954‬‬ ‫بالل سالمة‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬

‫وكتب��ت مجل��ة االثني��ن والدني��ا ف��ي‬ ‫عدده��ا الص��ادر بتاري��خ ‪ 4‬تش��رين األول‬ ‫‪ 1954‬عن هذا الحدث الهام "ش��هدت سوريا‬ ‫في األسبوع الماضي أعجب وأخطر انتخابات‬ ‫برلماني��ة ف��ي تاريخه��ا الحدي��ث‪ ،‬وأخطأت‬ ‫جميع التقديرات والتكهنات التي انتشرت في‬ ‫األندي��ة والصحف عن نتائج هذه االنتخابات‬ ‫الت��ي ج��اءت بمثاب��ة انق�لاب س��لمي على‬ ‫األوض��اع القديمة‪ .‬ولعبت المرأة دوراً ممتازاً‬ ‫في هذه االنتخابات وعلى الرغم من أن حق‬ ‫التصويت اقتصر على المرأة المتعلمة التي‬ ‫تحمل الش��هادة االبتدائي��ة على األقل‪ ،‬فقد‬ ‫كانت الناخبات المثقفات يحاربن كل مرشح‬ ‫رجع��ي ويؤيدن كل مرش��ح تقدمي حتى لو‬ ‫كان شيوعيًا‪ ،‬ألن التقدمية معناها استكمال‬ ‫الم��رأة الس��ورية لحقوقها السياس��ية‪ .‬بلغ‬ ‫عدد النس��اء الالتي يحق لهن التصويت في‬ ‫دمشق ثمانية آالف حاملة شهادة‪ ،‬وهذا يدل‬ ‫على ارتفاع نس��بة المتعلمات في العاصمة‬ ‫السورية بش��كل مش��رّف‪ .‬كانت الجمعيات‬ ‫النس��ائية‪ ،‬وعل��ى رأس��ها االتحاد النس��ائي‬ ‫السوري‪ ،‬تش��رف على عمليات االقتراع في‬ ‫المراك��ز المخصص��ة للنس��اء‪ ،‬وكانت كلمة‬ ‫الس��ر هي "ال تنتخبن أي مرشح رجعي‪ ،‬فال‬ ‫تأييد لمرشح ال يؤيد حقوق المرأة"‪.‬‬ ‫ومن النس��اء الالتي رش��حن أنفسهن‬ ‫للبرلم��ان ع��ام ‪ 1954‬الدكت��ورة طلع��ت‬ ‫الرفاعي‪ ،‬وهي شاعرة وقفت أشعارها على‬ ‫النضال واإليمان بالعروبة‪ .‬درس��ت الحقوق‬ ‫ف��ي الجامع��ة الس��ورية‪ ،‬ث��م تخرج��ت من‬ ‫جامعة الس��وربون (حائزة على دكتوراه في‬ ‫العل��وم االقتصادي��ة واالجتماعية والحقوق‬ ‫الجنائي��ة)‪ ،‬وكانت من كب��ار موظفي وزارة‬ ‫الش��ؤون االجتماعي��ة والعمل‪ ،‬وأول س��يدة‬ ‫تش��غل منصبًا سياس��يًا رفيعاً بدرجة وزير‬ ‫ف��ي الجامع��ة العربي��ة‪ .‬قال��ت الدكت��ورة‬

‫الرفاعي في االنتخابات‪" :‬إني أرش��ح نفسي‬ ‫اليوم لالنتخابات ويدفعني إلى ذلك ش��عور‬ ‫ق��وي أفاخ��ر ب��ه‪ ،‬ش��عور الم��رأة العربي��ة‪،‬‬ ‫شخصيتها الجريئة‪ ،‬تحملها للجهد‪ ،‬وطنيتها‬ ‫العجيب��ة‪ ،‬وثقافته��ا على وجه العم��وم‪ .‬أنا‬ ‫ش��خصياً فضل��ت طري��ق النض��ال منذ أول‬ ‫عم��ري‪ .‬كن��ت أس��تطيع أن أقب��ع ف��ي بيتي‬ ‫مكتفية بعملي وبما وهبني اهلل‪ ،‬ولكن هذا‬ ‫يعدّ جبن��ًا وتمرداً عل��ى أمتنا الت��ي وهبتنا‬ ‫المعرفة والعلم والرزق‪ ،‬وهبتنا كل ش��يء‪،‬‬ ‫فح��قّ علين��ا أن ن��رد دينها بش��تى الطرق‬ ‫واأللوان"‪ .‬وكان��ت الدكتورة طلعت الرفاعي‬ ‫ق��د حولت بيتها الكائن ف��ي حي المهاجرين‬ ‫في دمشق إلى متحف شعري وأطلقت عليه‬ ‫اسم بيت الش��عر والحكمة‪ ،‬وأسست جمعية‬ ‫رابطة الحكمة‪.‬‬ ‫كم��ا ذكرت مجل��ة االثني��ن والدنيا أنه‬ ‫"ص��درت األوامر إلى ضب��اط وأفراد الجيش‬ ‫الس��وري بالتزام ثكناتهم العس��كرية طيلة‬ ‫فترة االنتخابات البرلمانية"‪.‬‬ ‫وف��ي انتخاب��ات ع��ام ‪ 1954‬أُدخل��ت‬ ‫طريقة االقتراع بوس��اطة (الغرفة السرية)‬ ‫إلى االنتخابات السورية ألول مرة في تاريخ‬ ‫الش��رق العربي‪ ،‬ف��كان الناخ��ب يدخل إلى‬ ‫(الغرفة الس��رية) ليكتب أس��ماء مرش��حيه‬ ‫بعي��داً ع��ن مراقبة أح��د م��ن الموظفين أو‬ ‫األصدقاء أو رؤساء األحياء‪.‬‬ ‫قال الرئيس ش��كري القوتل��ي تعليقاً‬ ‫عل��ى نتائ��ج االنتخابات‪" :‬لقد بذل��تُ جهوداً‬ ‫كبيرة إلقامة ائتالف في قوائم األحزاب فلم‬ ‫أنج��ح‪ ،‬فجاء الناخبون وحقق��وا الدعوة التي‬ ‫لم ينفذها الزعماء‪ ،‬ف��كان كل ناخب يعمل‬ ‫قائمة ائتالفية على كيفه"‪.‬‬ ‫وم��ن الطرائ��ف الت��ي ذكرته��ا مجل��ة‬ ‫الصياد عن المرش��حين في دمش��ق طريقة‬ ‫اس��تمالتهم للناخبين حي��ث ذكرت‪" :‬اقتبس‬ ‫كثير م��ن المرش��حين في دمش��ق طريقة‬ ‫اس��تمالة الناخبي��ن بوس��اطة األراكي��ل‬ ‫والمش��روبات المثلج��ة باعتب��ار أن الك��وكا‬ ‫ك��وال ممنوع��ة في دمش��ق‪ .‬وقد دف��ع أحد‬ ‫المرش��حين عش��رين ألف ليرة ثمن أراكيل‬ ‫وقهوة وزمبو كوال"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وتذكر المجلة أيضا أنه وقعت مشاجرة‬ ‫في مدرس��ة التجهيز التي خصصت لمراكز‬ ‫اقتراع الس��يدات‪ ،‬بين آنس��تين‪ ،‬انتهت بشد‬ ‫الش��عر وتمزيق الثياب والشقلبة فوق بالط‬ ‫المدرس��ة‪ ،‬وقد تبين أن سبب المشاجرة هو‬ ‫آنس��ة من الح��زب القوم��ي الس��وري قالت‬ ‫آلنس��ة ش��يوعية "إن خال��د بك��داش دم��ه‬ ‫ثقيل!"‪.‬‬ ‫كت��ب س��ليم الل��وزي مراس��ل مجل��ة‬ ‫االثني��ن والدني��ا "لق��د اتس��مت الدعاي��ة‬

‫االنتخابي��ة للمرش��حين بالطاب��ع األمريكي‬ ‫فكان��ت ص��ور المرش��حين تغط��ي ج��دران‬ ‫العاصم��ة الس��ورية‪ ،‬وكانت األس��ماء تضاء‬ ‫بأن��وار "الني��ون" ومكب��رات الص��وت الت��ي‬ ‫تذ ّك��ر الناس لي ًال ونهاراً بمرش��ح العقيدة أو‬ ‫مرش��ح الوطنية أو مرشح النزاهة والنظافة‬ ‫والصيت الحسن إلخ‪." ..‬‬ ‫كان ع��دد الصحافيي��ن الذي��ن خاضوا‬ ‫معرك��ة االنتخابات الس��ورية كبي��راً ونذكر‬ ‫منهم‪ :‬حبي��ب كحالة‪ ،‬وديع صي��داوي‪ ،‬منير‬ ‫الري��س ع��ن دمش��ق‪ ،‬وأحمد قنب��ر ومحمد‬ ‫طلس عن حلب‪ ،‬وسعيد التالوي عن حمص‬ ‫وق��د انس��حب قبي��ل المعرك��ة‪ ،‬والصحفي‬ ‫الوحي��د ال��ذي نج��ح ه��و األس��تاذ حس��ين‬ ‫الشعباني عن قضاء جبل سمعان‪.‬‬ ‫ويمكن مقارنة نتيجة انتخابات ‪1954‬‬ ‫بانتخاب��ات ‪ 1949‬لكش��ف التب��دل الحقيقي‬ ‫في ميزان القوى السياس��ية داخل س��ورية‬ ‫لمصلح��ة األح��زاب األيديولوجي��ة القومية‪،‬‬ ‫حيث كانت عام ‪ 1949‬كاآلتي‪:‬‬ ‫شكل عدد النواب المستقلين ‪ 31‬نائب‬ ‫(‪ – )195% .27‬أم��ا المس��تقلون المؤي��دون‬ ‫لح��زب البعث فكانوا ‪ 20‬نائب (‪– )554% .17‬‬ ‫وحزب الشعب ‪ 43‬نائب (‪ – )719% .37‬وحزب‬ ‫البع��ث نائ��ب واح��د (‪ – )879% .0‬والح��زب‬ ‫الوطني ‪ 13‬نائب (‪ – )5% .11‬والحزب القومي‬ ‫االجتماعي السوري نائب واحد (‪– )879% .0‬‬ ‫والح��زب التعاوني نائب واح��د (‪– )879% .0‬‬ ‫والكتلة االسالمية ‪ 4‬نواب (‪.)4% .3‬‬ ‫أما عام ‪ 1954‬كانت النتائج كاآلتي‪:‬‬ ‫المستقلون ‪ 64‬نائب (‪ – )07% .45‬حزب‬ ‫الش��عب ‪ 30‬نائ��ب (‪ – )23% .21‬حزب البعث‬ ‫‪ 22‬نائ��ب (‪ – )59% .15‬الح��زب الوطن��ي ‪19‬‬ ‫نائب (‪ – )81% .12‬الحزب القومي االجتماعي‬ ‫الس��وري نائبي��ن (‪ – )5% .1‬الحزب التعاوني‬ ‫نائبي��ن (‪ – )5% .1‬حرك��ة التحري��ر العرب��ي‬ ‫االجتماعي التي أنش��أها أديب الشيش��كلي‬ ‫نائبي��ن (‪ – )5% .1‬الح��زب الش��يوعي نائ��ب‬ ‫واحد (‪.)879% .0‬‬ ‫من خالل قراءة عملية المقارنة لنتائج‬ ‫‪ 1954‬بنتائ��ج ‪ ،1949‬يمك��ن أن نالح��ظ‬ ‫تراجع قوة حزب الش��عب الذي خس��ر العديد‬ ‫من مقاع��ده لمصلحة ح��زب البعث والحزب‬ ‫الوطني‪ ،‬كما ظهر حزب البعث كقوة صاعدة‬ ‫جدي��دة إذ ارتفع عدد أعضائ��ه في البرلمان‬ ‫من عضو واحد في عام ‪ 1949‬إلى ‪ 22‬عضو‬ ‫في عام ‪ .1954‬وقد استطاع أكرم الحوراني‬ ‫أن يفوز بخمس��ة مقاعد في محافظة حماة‬ ‫المعق��ل الحصين لإلقطاع الس��وري‪ .‬وذلك‬ ‫بفضل أصوات الفالحين الفقراء‪ ،‬وأصدقائه‬ ‫من جيش الطبقة الكادحة‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫س��وريا بلد الحضارة واإلرث السياسي‬ ‫المتمي��ز‪ ،‬أول��ى ال��دول الت��ي حصل��ت على‬ ‫اس��تقاللها‪ ،‬وأول دولة عربي��ة تقيم نظامًا‬ ‫جمهوري��ًا‪ .‬ف��ي س��وريا ج��رت أول انتخابات‬ ‫برلمانية ح��رة في العالم العربي وذلك عام‬ ‫‪ 1954‬حي��ث كان��ت أول تجرب��ة ديمقراطية‬ ‫ليبرالية في المنطقة‪.‬‬ ‫تابع��ت مجل��ة الصي��اد ف��ي عدده��ا‬ ‫رق��م ‪ ،558‬الصادر ي��وم ‪ 30‬أيلول من عام‬ ‫‪ ،1954‬أخب��ار وخفايا االنتخابات النيابية في‬ ‫سورية وكش��فت العديد من طرائف وخفايا‬ ‫هذه االنتخابات فقال��ت‪" :‬تميزت االنتخابات‬ ‫الس��ورية بكثير من المفاجآت لعل أشهرها‬ ‫نج��اح الس��يد خال��د بك��داش‪ ،‬وه��ذا إن دل‬ ‫على ش��يء فعل��ى أن االنتخابات الس��ورية‬ ‫ق��د جرت ف��ي ج��و م��ن النزاه��ة والنظافة‬ ‫والحي��اد لم تعرفه معظم البلدان العربية‪...‬‬ ‫م��ن المعروف أن الس��يد خال��د بكداش كان‬ ‫ف��ي موس��كو خ�لال الس��نتين الماضيتين‪،‬‬ ‫وق��د امتألت دمش��ق بإش��اعات كثي��رة عن‬ ‫طريق��ة عودته إلى دمش��ق‪ ،‬منه��ا أن خالد‬ ‫بك��داش دخل دمش��ق في صندوق خش��بي‬ ‫كبير من الصناديق التي نقلت فيها روس��يا‬ ‫معروضاته��ا الوطني��ة في معرض دمش��ق‬ ‫الدولي وهذه ال ش��كك إش��اعة ال أثر لها من‬ ‫الصحة!‪ ...‬سأل صحفي أمريكي عند ظهور‬ ‫نتائج االنتخابات في دمشق عن نسبة نجاح‬ ‫الش��يوعيين فقيل له إن الش��يوعيين فازوا‬ ‫باألكثري��ة‪ ،‬باعتب��ار أن خالد بك��داش وحده‬ ‫هو أكثرية"‪.‬‬ ‫لق��د كان خال��د بك��داش أول نائ��ب‬ ‫ش��يوعي في دنيا العرب ‪ /‬يدخ��ل البرلمان‪/‬‬ ‫إذا اس��تثنينا نيابة عبد القادر إسماعيل في‬ ‫العراق قب��ل الح��رب‪ ،‬والنواب الش��يوعيين‬ ‫اليهود في فلس��طين‪ ،‬والنواب الش��يوعيين‬ ‫الفرنسيين في الجزائر‪.‬‬ ‫وقد كتبت المجل��ة أيضًا "عقد اإلخوان‬ ‫المس��لمون في دمش��ق اجتماعًا في الجامع‬ ‫األم��وي هاجم��وا فيه الس��يد خال��د العظم‬ ‫هجوماً ش��خصياً‪ ،‬وقالوا ف��ي حياته الخاصة‬ ‫كلمات جريئة‪ ،‬فكان ذلك س��ببًا في انتصار‬ ‫جميع الهيئات النسائية لخالد العظم‪ ،‬وكسب‬ ‫بذلك ثمانية آالف صوت هي مجموع أصوات‬ ‫النس��اء المثقف��ات ف��ي العاصمة الس��ورية‬ ‫وهكذا خدم اإلخوان المسلمون خالد العظم‬ ‫ب��د ًال من أن يس��يئوا إليه!‪ .‬وزع الس��يد خالد‬ ‫العظم عل��ى الناخبين بطاقة تحمل اس��مه‬ ‫وهي معطرة بالبنفس��ج المش��هور باس��م‬ ‫(افتكرن��ي)‪ .‬كم��ا أص��در ط�لاب الجامع��ة‬ ‫الس��ورية قائمة بأسماء المرش��حين الذين‬ ‫يؤيدونه��م ف��ي انتخاب��ات دمش��ق‪ ،‬وكانت‬ ‫المفاج��أة الكب��رى أن ه��ذه القائم��ة كان��ت‬ ‫تضم اسم السيد خالد العظم بصفته بطل‬ ‫القطيعة بين سورية ولبنان"‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )58‬تشرين األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫عندما �صار اجل�سد مدينة‬

‫نبراس شحيد‬

‫يف حقائق الهذيان‬

‫مدّتْ حليمة يدها بين فخذيها‬ ‫لتتلمّس تضاريسها الجديدة‪ .‬لقد‬ ‫ّ‬ ‫تشظى غشاء بكارتها إرباً‪ ،‬شوارع‪،‬‬ ‫مدن��اً‪ ،‬حي��ن م��زّق الجن��ود ثيابها‬ ‫واغتصبوه��ا‪ .‬انهم��ر حزنها المالح‬ ‫مج��دداً من عينيها‪ ،‬ومعه انس��ابت‬ ‫أصاب��ع‪ ،‬بالذاك��رة ملوث��ة‪ ،‬لتعبث‬ ‫بجسدها الممدّد‪ ،‬حوله تدور أسراب‬ ‫الجن��ود‪ .‬أصاب��ع تنع��ق كالغربان‪،‬‬ ‫تالحقها‪ ،‬تحاصرها‪ ،‬وأصابع أختها‬ ‫تلهو بش��عرها لتهدّئ من روعها‪.‬‬ ‫"لقد رحلوا‪ ،‬ورأينا البارحة جثثهم"‪،‬‬ ‫تقول األخت الكبيرة‪ ،‬لكن حليمة ال‬ ‫تسمع وتعود إلى الهذيان‪" .‬جسدي‬ ‫ٌ‬ ‫وحلم��ة‬ ‫دمش��ق‪ ،‬حليم��ة دمش��ق‬ ‫تُرضع ثوارها ألم��اً ونوراً"‪ ،‬تتمتم‬ ‫الفت��اة‪" .‬القتل��ة هلك��وا‪ ،‬حليمة ال‬ ‫ً‬ ‫يائس��ة‪،‬‬ ‫تجزع��ي" تتلعث��م األخت‬ ‫"لكن أريحا تؤلمني في خاصرتي"‬ ‫ت��ردد حليم��ة‪" ،‬في أحش��ائي تثور‬ ‫حمص‪ ،‬وفي رحم��ي يُذبح أطفال‬ ‫داري��ا"‪ .‬يرتج��ف جس��دها‪ ،‬تبك��ي‬ ‫الفت��اة ويدها على الزج��اج تتلقف‬ ‫ارتجاجات��ه‪ ،‬فيس��ري ف��ي بدنه��ا‬ ‫قص��ف األحي��اء المج��اورة‪ ،‬وتهتز‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫حباله��ا الصوتية بصراخ نس��ائها‪.‬‬ ‫تف��رغ حليم��ة دم��وع دمش��قها‬ ‫المبلولة على لحم أختها حتى تغفو‬ ‫من التع��ب‪ ،‬فترى في حلمها ثيابها‬ ‫الممزق��ة وعس��كراً يح��وم حولها‪،‬‬ ‫وجنديٌ ثمل يقول‪" :‬أنا الميت رقم‬ ‫ّ‬ ‫س��بعة أعلن انش��قاقي ع��ن عالم‬ ‫الموتى وهذه أصابعي!"‬

‫ً‬ ‫�صمتا ف�أمّي على اال�سفلت نائمة!‬

‫رس��مت البنت على االس��فلت‬ ‫جس��د ام��رأة كبي��رة‪ .‬جعل��تْ له��ا‬ ‫جديلتي��ن ووجه��ًا ضاح��كًا‪ّ .‬‬ ‫خطت‬ ‫بالطبش��ور فس��تانها‪ ،‬ورس��مت‬ ‫علي��ه قلوب��اً كتل��ك الت��ي تزيّ��ن‬ ‫قميص ن��وم أمها‪ .‬أحاط��ت المرأة‬ ‫بسرير كبير يتّس��ع ألطفال الحي‬ ‫الصغير‪ .‬أش��ارت إل��ى بقية األوالد‬ ‫من حوله��ا ليصمتوا‪ ،‬ف��األم نائمة‬ ‫وال يح��ق ألح��د أن يص��در صوت��اً!‬ ‫أمرته��م بالتم��دد عل��ى الس��رير‬ ‫الكبي��ر فأطاعوا‪ .‬أما ه��ي فخلعت‬ ‫حذاءها‪ ،‬ش��بكت أصابعه��ا بأصابع‬ ‫ام��رأة الطبش��ور الميت��ة ونام��ت‬ ‫على حضنه��ا االس��فلتي‪ ،‬واألوالد‬ ‫يترقب��ون تنفس��ها بصم��ت‪ .‬لكن‬ ‫أصابع س��وداء أتت من بعيد لتعبث‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)31768‬‬ ‫دمشق‪1917 :‬‬ ‫ريف دمشق‪5990 :‬‬ ‫حمص‪6832 :‬‬ ‫حلب‪3621 :‬‬ ‫حماه‪2655 :‬‬ ‫الالذقية‪602 :‬‬

‫بالم��رأة‪ ،‬بالطبش��ور‪ ،‬بالفت��اة‪،‬‬ ‫بأريحا‪ ،‬فتصرخ حليمة لتس��تيقظ‬ ‫م��ن نومه��ا‪ ،‬فتج��د أخته��ا تعب��ث‬ ‫بش��عرها‪ ،‬تداعبه��ا‪ ،‬وتؤلمه��ا من‬ ‫جديد خاصرتها‪ ،‬فتهذي(*)‪.‬‬

‫حمادة‪ ،‬ق�صيدتك حترقني!‬

‫"جمي��ع من أعرفه��م بكوا أول‬ ‫مرّة تظاه��روا فيها‪ .‬جميعهم بكوا‬ ‫إال أن��ت‪ ،‬فقد بقيتَ تتفاخر بجفاف‬ ‫عينيك م��دة طويلة‪ .‬لكن��ي حمادة‬ ‫َ‬ ‫اكتشفتْ كذبك!‬ ‫كنت الوحيدة التي‬ ‫أتذك��ر؟ فاجأتُكَ مرّ ًة والدموع في‬ ‫عينك أمام جدار في سراقب‪ ،‬عليه‬ ‫ُكتب��ت قصي��د ٌة بل��ون ال��دم‪ .‬كنتَ‬ ‫تبكي بم��رارة ألنهم قصفوا أريحا‪.‬‬ ‫طلبتَ مني يومها أال أفضح دموعك‬ ‫فوعدت��ك‪ .‬لكن��ك حم��ادة تم��دّدت‬ ‫بعدها في عتمة الس��جن وغبت‪ .‬ال‬ ‫أعرف إن بكيت هناك‪ ،‬ال أعرف! كل‬ ‫م��ا أعرفه هو أنه��م جلبوك لنا من‬ ‫المعتقل جثة‪ ،‬وأصابع يدك اليسرى‬ ‫مبت��ورة‪ .‬أما أنا فق��د بكيتك طوي ً‬ ‫ال‬ ‫حمادة حتى جفّ جسدي‪ ،‬ولم يبقَ‬ ‫مني إ ّال قصيدتك تحرقني‪" :‬أريحا‪،‬‬ ‫تاهت عيناي بي��ن حمرة الدماء في‬ ‫خاصرت��ك وحم��رة الك��رز الموعود‬ ‫طرطوس‪51 :‬‬ ‫درعا‪3008 :‬‬ ‫دير الزور‪2365 :‬‬ ‫الحسكة‪148 :‬‬ ‫القنيطرة‪86 :‬‬ ‫الرقة‪168 :‬‬ ‫ادلب‪4300 :‬‬ ‫السويداء‪25 :‬‬

‫بالحري��ة‪ .‬أريحا‪ ،‬قطاف��ك حرية‪ ،‬يا‬ ‫حزينة الجب��ل"(**)‪ .‬ل��م يبق منك‬ ‫حبيب��ي إال دموعك التي حبس��تَها‬ ‫تس��ري في وري��دي‪ ،‬لم يب��قَ من‬ ‫أمي إال فتات الطباش��ير التي علقت‬ ‫على االسفلت‪ ،‬لم يبقَ من المدينة‬ ‫إال جس��دي يش��عّ قصي��د ًة بل��ون‬ ‫الك��رز‪ .‬ل��ذا‪ ،‬كلم��ا أغمض��ت عيني‬ ‫ذكرتك حم��ادة‪ ،‬وحلمت بامرأةٍ من‬ ‫طبش��ور‪ ،‬ورأي��ت حولكم��ا أصاب��ع‬ ‫مبت��ورة‪ ،‬وأصابع ملوّث��ة‪ ،‬وأصابع‪،‬‬ ‫أصابع‪ ،‬أصابع‪ ،‬فتوجعني خاصرتي‬ ‫وأنزف مدنًا ّ‬ ‫محطمة‪ .‬حمادة!"‬ ‫ه��ذه كان��ت قصاص��ة الورق‬ ‫المخبّأة ف��ي قرآن حليم��ة‪ ،‬جلبته‬ ‫أخته��ا لتق��رأ عليه��ا س��وراً كريمة‬ ‫حين أغمضت حليمة عينيها فصار‬ ‫ً‬ ‫مدينة بلون الكرز‪.‬‬ ‫جسدها‬ ‫* فك��رة الحلم هذا مس��توحاة‬ ‫م��ن ص��ورة تناقلته��ا صفح��ات‬ ‫التواص��ل االجتماع��ي وفيه��ا تنام‬ ‫فت��اة فوق صورة أمها في الش��ارع‬ ‫"طفلة تغفو في حضن أمها"‬ ‫** القصيدة موجودة على أحد‬ ‫جدران سراقب‬ ‫النهار ‪2012/10/24‬‬ ‫‪ 4261‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 27507‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 2046‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 905‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 2121‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 10 / 27‬‬ ‫‪http://vdc-sy.or‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.