سوريتنا | العدد الواحد والستون 18 تشرين الثاني 2012

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪2012/ 11 / 18 | )61‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ليس املهم أن ميوت أحدنا‪..‬‬ ‫املهم أن تستمروا‪..‬‬ ‫غسان كنفاني | من قصة قرار موجز‬ ‫دمشق ‪1958 / 7 / 21‬‬ ‫‪1‬‬


‫النظام ي�ستخدم الغازات ال�سامة يف ق�صف حر�ستا‬ ‫ويعد لعملية ع�سكرية وا�سعة يف ريف �إدلب وجبل الزاوية‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫قال أحد القادة الميدانيين والناطق‬ ‫باسم الجيش الحر في أدلب (شادي‬ ‫رحمون)‪ :‬أن النظام يعد حاليا لعملية‬ ‫عسكرية واسعة في جبل الزاوية وريف‬ ‫أدلب‪ ،‬وأضاف الناطق أن هذه المعلومات‬ ‫حصلوا عليها عبر تمسكهم على اتصاالت‬ ‫الجيش في المنطقة‪.‬‬ ‫كما وألقى طيران األسد قنابل غازات‬ ‫سامة على مدينة حرستا في ريف دمشق‬ ‫كما ذكر مركز سانا الثورة اإلعالمي‪ ،‬وقال‬ ‫المركز إن مراسله في المدينة أكد أن أكثر‬ ‫من خمسين حالة اختناق وغثيان وإغماء‬ ‫وقعت بين أهالي المدينة حتى بعد ظهر‬ ‫أمس‪ ،‬بينما سقط ثالثة شهداء وعدد كبير‬ ‫من الجرحى بقصف مدفعي على المدينة‪،‬‬ ‫وأضاف المركز أن هناك خشية لدى السكان‬ ‫من أن يكون لهذه الغازات تأثيرات مميتة‬ ‫بعد ساعات على استنشاقها‪ ،‬حيث لم يتم‬ ‫تحديد نوعية هذه الغازات ومدى خطورتها‪.‬‬ ‫وفي مدينة رأس العين التي تقع على‬ ‫الحدود التركية في أقصى شمال شرق‬ ‫سوريا وسيطر الجيش الحر عليها منذ‬ ‫عدة أيام قال أحد الناشطين‪ :‬إن حشوداً‬ ‫عسكرية تركية مؤلفة من دبابات شوهدت‬ ‫على الحدود مقابل مدينة عين العرب‪ ،‬وأفاد‬ ‫أن جميع المحال التجارية في بلدة قبور‬ ‫البيض (تربة سبي) القريبة من القامشلي‬ ‫أغلقت بعد انتشار عناصر حزب العمال‬ ‫الكردستاني فيها وتمركز قناصته على‬ ‫أسطح المتاجر‪ ،‬إضافة إلى نصب أربعة‬ ‫حواجز على أطراف البلدة‪.‬‬ ‫وفي وقت ما زالت الطائرات الحربية‬ ‫تقصف مدينة رأس العين حاولت الطائرة‬

‫مشاهد من الدمار في حرستا‬

‫المروحية إسقاط مؤن وذخائر لكتائب‬ ‫األسد المحاصرة في موقع «أصفر النجار»‬ ‫لكن كتيبة صواعق الرحمن تمكنت من‬ ‫االستيالء على بعضها وهي ‪ 13‬ألف طلقة‬ ‫متنوعة‪ ،‬كما أعلنت الكتيبة عن انشقاق‬ ‫نحو ‪ 12‬عنصراً وانضمامهم إليها‪.‬‬ ‫وفي محافظة الرقة أفادت أنباء عن‬ ‫مقتل العشرات من عناصر النظام على‬ ‫طريق الرقة حلب وأسر نحو ‪ 15‬عنصراً‬ ‫وانشقاق نحو عشرين بعد اشتباكات عنيفة‬

‫�صيني يقاتل‬ ‫فـي �صفوف‬ ‫الثورة بحلب‬ ‫‪� 1860‬شهيد فل�سطيني من املخيمات‬ ‫نشر موقع "إذاعة هولندا العالمية" تقريراً‬ ‫عن مواطن صيني يدعى "تش��ين ويمنغ" قالت‬ ‫أنه يقاتل مع الجيش الحر في حلب‪.‬‬ ‫النحَ��ات الصيني‬ ‫ونقل��ت اإلذاع��ة عن ّ‬ ‫المشهور "ويمنغ" الذي ظهر مرتدياً اللباس‬ ‫العس��كري قول��ه‪ " :‬أنا مدرك تمام��اً أنه من‬ ‫الممكن أن أموت في س��وريا‪ ،‬لكني مع ذلك‬ ‫ال أخش��ى الم��وت في س��بيل قضية ش��عب‬ ‫مضطهد"‪ .‬مضيفاً‪ ":‬نعم الحكومة الصينية‬

‫قضى أكثر من ‪ 1860‬فلس��طيني من‬ ‫سكان المخيمات في سوريا منذ اندالع الثورة‬ ‫الس��ورية قبل ‪ 20‬ش��هراً‪ ،‬بحس��ب الشبكة‬ ‫الدولي��ة للحقوق والتنمي��ة‪ ،‬التي حذرت من‬ ‫زج المخيم��ات ف��ي الص��راع‪ ،‬محمل��ة نظام‬ ‫األسد المسؤولية عن سالمة الفلسطينيين‬ ‫في مخيماتهم‪.‬‬ ‫وأب��دت الش��بكة الدولي��ة للحق��وق‬ ‫والتنمي��ة تخوفه��ا من تفاق��م األوضاع في‬ ‫مخيمات الالجئين الفلسطينيين في سوريا‪.‬‬ ‫وح��ذرت م��ن أن ميليش��يات مس��لحة‬ ‫تابع��ة ألحمد جبريل‪ ،‬بدأت تعيد انتش��ارها‬ ‫خارج المخيم��ات مع وصول تعزيزات مكثفة‬ ‫آلليات لقوات النظام استعداداً القتحامه‪.‬‬ ‫ويخشى س��كان مخيم اليرموك‪ ،‬أكبر‬ ‫المخيمات الفلس��طينية‪ ،‬من عمليات انتقام‬ ‫يش��نها النظ��ام الس��وري وق��وات جبري��ل‬ ‫التابع��ة ل��ه‪ ،‬بعد توجي��ه اتهامات للس��كان‬ ‫بإيواء عناص��ر من الجيش الحر ومش��اركة‬

‫بع��ض الفلس��طينيين ف��ي المواجهات ضد‬ ‫قوات األسد‪.‬‬ ‫وذكرت الشبكة الدولية أنه خالل الـ‪20‬‬ ‫ش��هراً الماضية‪ ،‬تم اعتق��ال حوالي ‪ 23‬ألفًا‬ ‫من أبن��اء المخيمات‪ ،‬وجرح أكثر من ‪ 4‬آالف‪،‬‬ ‫وفقد نحو ثالثة آالف آخرين‪.‬‬ ‫يذك��ر أن��ه ف��ي الش��هر األخي��ر فقط‬ ‫س��قط أكث��ر م��ن ‪ 160‬ش��هيد ف��ي مخي��م‬ ‫اليرموك وحده جراء القصف العشوائي الذي‬ ‫يستهدف األحياء السكنية المتاخمة للمخيم‬ ‫والمخيم نفس��ه لضمه لكثير من النازحين‬ ‫من المناطق المجاورة‪.‬‬ ‫حيث ال تفرق القذائف بين بناء سكني‬ ‫ومدرس��ة وش��ارع‪ ،‬فيكاد ال تمر ساعة دون‬ ‫س��قوط قذيفة أو أكثر في مختلف المناطق‬ ‫ف��ي المخي��م‪ ،‬ال تخل��و م��ن دالل��ة واضحة‬ ‫على عقاب أهالي المخيم من فلس��طينيين‬ ‫وغيره��م لوقوفه��م م��ع الث��ورة وإيوائهم‬ ‫النازحين‪.‬‬

‫بين الجيش الحر وقوات األسد اعتبرت‬ ‫األوسع في المحافظة منذ اندالع الثورة‬ ‫السورية‪ ،‬وبحسب مصادر الجيش الحر‬ ‫التزال الجثث ملقاة على الطريق‪.‬‬ ‫وفي الجوالن السوري انسحبت كتائب‬ ‫األسد من قرية «كودنة» و»بير عجم»‬ ‫وشوهدت نحو ست سيارات عسكرية تقل‬ ‫عناصر وذخيرة إضافة إلى أربع مدافع وأكثر‬ ‫من ‪ 12‬سيارة تقل جندا غادرت المنطقة‬ ‫تجنبا لرد فعل إسرائيلي كما رأى األهالي‪.‬‬ ‫تدع��م النظ��ام الس��وري‪ ،‬ولك��ن الش��عب‬ ‫الصيني يدعم الش��عب السوري‪ ،‬لذلك أريد‬ ‫القتال إلى جانب الجيش الحر‪.‬‬ ‫وبحسب اإلذاعة‪ ،‬يعتبر تشين ويمنغ من‬ ‫أشهر النحاتين المعاصرين حيث عرضت أعماله‬ ‫النحتية في عدة عواصم غربية كان آخرها في‬ ‫قاعة الكونجرس األمريكية بواشنطن‪ .‬ويحمل‬ ‫تش��ين ويمين��غ الجنس��ية النيوزيلندية ويقيم‬ ‫في الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫وفي مدينة حلب تمكن لواء التوحيد‬ ‫من تحرير حاجز الكندي ومستشفى الكندي‬ ‫واستولى على عربة مدرعة وعدد من‬ ‫الصواريخ فيما وجه ناشطون ندا ًء إلى لواء‬ ‫التوحيد للمحافظة على المستشفى ألنه‬ ‫الوحيد في مدينة حلب المتخصص بعالج‬ ‫مرضى السرطان‪ ،‬كما أفادت أنباء إلى استمرار‬ ‫المعارك على جبهة الليرمون ومقر المخابرات‬ ‫الجوية‪ ،‬وإلى استمرار قصف المنطقة من‬ ‫كتيبة المدفعية المتمركزة في جمعية الزهراء‬ ‫وبمعدل قذيفتين في الدقيقة‪.‬‬ ‫ونقل��ت عنه قوله أيضاً‪ ":‬كان بإمكاني‬ ‫أن أجيء إلى هنا وأرسم لوحات ثم أعود إلى‬ ‫أميركا وأقول إني دعمتُ الش��عب السوري‪،‬‬ ‫لك��ن ه��ذا الدع��م لي��س حقيقي��ًا‪ .‬الدع��م‬ ‫الحقيقي يكون بأن تخاطر بحياتك‪" .‬‬ ‫وقالت اإلذاعة الهولندي��ة إن المواطن‬ ‫الصين��ي‪ ،‬الذي يحمل الجنس��ية األمريكية‪،‬‬ ‫يطالب بتدخل عس��كري خارجي في سوريا‬ ‫على غرار ليبيا‪.‬‬


‫تقرير �أيام احلرية‬

‫الأ�سبوع الثاين من ت�شرين الثاين‬

‫محمد كناص‬

‫األطفال السوريون الالجئون في مخيم أطمة على الحدود مع تركيا لم يكونوا‬ ‫يتوقعون يوماً أن الطائرات الورقية التي صنعوها كلعبة تش��اركهم ساعات مرحهم‬ ‫ف��ي باحة المدرس��ة س��تكون يومًا س��ببًا لنزوحهم ومأس��اتهم… فطالم��ا تابعوها‬ ‫مبتس��مين بعيونهم البرئية تطير على أكتاف نس��مات ينتظرونها حتى تحملها إلى‬ ‫أبعد مدى! قد تحولت اليوم إلى حقيقة‪ ،‬وتطير إلى أبعد من جدران المدرسة بل إلى‬ ‫أطراف البلد جميعها‪ ،‬تنزع االبتسامة من الوجوه وتضع مكانها األلم والموت‪.‬‬ ‫هم اليوم يدخلون إلى مدرس��تهم في المخيم المكونة من خيمة واحدة وصف‬ ‫واحد‪ ،‬يحملون ما جمعوه من رصاصات وبقايا براميل متفجرة بدل ألعابهم الورقية‬ ‫الت��ي كانوا يصنعونها س��ابقاً‪ ،‬تلك البقايا جمعوها من مش��هد الموت والدمار الذي‬ ‫جسد خراب منازلهم قبل الرحيل إلى مكان بارد بين بلدين أحدهم تنكر لمطالبهم‬ ‫وميالدهم وآخر تنكر لسوء حالهم‪.‬‬ ‫أطفال مخيم أطمة يعرفون مدرس��تهم بشادرها المهترئ‪ ،‬وبابيها القماشيين‬ ‫الممزقين بفعل الريح… ليس لها اس��م يدل على موقعة أو معركة في تاريخهم أو‬ ‫ش��هيد أو ش��خص عظيم خدم هذه األمة‪ ،‬وليس فيها س��بورة وال طباشير وال أقالم‬ ‫حبرية‪ ،‬وليس فيها جرس يعلن انتهاء الحصة أو بدء الفسحة بين الدرسين‪ ،‬ال يوجد‬ ‫فيها مناهج وال كتب وال دفاتر‪.‬‬ ‫طالب مدرس��ة المخيم في أطمة يدخلون إلى مدرس��تهم ساعة يشاؤون للقاء‬ ‫مدرس��هم ومديره��م ومريبهم في آن واحد؛ ليس��تذكروا أساس��يات اللغة‪ ،‬والعلوم‬ ‫والحساب من خالل ما تسعفهم به الذاكرة! وما أقل ذلك بعدما احتلت صور ومشاهد‬ ‫الرعب والدمار كل عواطفهم‪.‬‬ ‫اس��تطاع الش��خص “المدرس‪ ،‬والمدي��ر‪ ،‬والمربي” في مدرس��ة أطمة أن يعيد‬ ‫ألطفال المخيم ش��يئاً من أساس��يات أي مدرس��ة ف��ي هذا العالم بعدم��ا فقدوا كل‬ ‫ش��يء؛ أال وه��و مجموعة م��ن المقاعد الدراس��ية نقلها ل��ه فاعل خي��ر بعدما طرد‬ ‫الجي��ش الحر مرتزقة النظام م��ن إحدى المدارس التي حولها إلى معتقل‪ ،‬فهم اآلن‬ ‫ينعمون برائحة ذكريات محفورة على خش��ب تلك المقاعد‪ ،‬ويدفعون عن أنفس��هم‬ ‫أذي��ة األتربة والغب��ار التي تحولت إلى طين بفعل أمطار الش��تاء‪ ،‬إال أنها لم تقيهم‬ ‫تسرب المياه من سقف الخيمة المهترئ‪.‬‬ ‫أطفال مخيم أطمة ال يتعلمون ش��يئًا يذكر في المدرس��ة! إنما هي رمز وضعه‬ ‫ذل��ك الش��خص في المخيم يس��تحث ب��ه ذاكرة األطف��ال كي ال ينس��وا حقهم في‬ ‫التعليم‪ ،‬وحتى يؤنس��هم ويمأل عواطفهم بما فقدوه عل��ى مدار عامين من الثورة‪،‬‬ ‫منتظرين أن يأتي من يجعل مدرستهم حقيقة!…‬ ‫عن مدونة كلمة إنسان‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫مدر�سة خميم �أطمة‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫نسيبة هالل ‪ -‬اللجنة اإلعالمية أليام الحرية‬ ‫من عمق األلم والمعاناة‪ ،‬يبزغ‬ ‫األمل بس��وريا حرة‪ ،‬دول��ة القانون‬ ‫والعدالة‪.‬‬ ‫تحت القصف وبين آثار الدمار‪،‬‬ ‫تط��ل علين��ا ابتس��امة طف��ل يرفع‬ ‫إش��ارة النصر‪ ،‬فها هو شعب سوريا‬ ‫العظيم يخ��ط بدموعه ودمائه دربا‬ ‫جديدا‪ ،‬بعيدا عن العبودية والذل‪.‬‬ ‫ف��ي الوق��ت الذي تقص��ف فيه‬ ‫غزة ودمش��ق ف��ي آن واح��د‪ ،‬يظهر‬ ‫لن��ا أكث��ر م��ن وج��ه لإلج��رام‪ ،‬كما‬ ‫يظهر لنا تضامن الشعبين السوري‬ ‫والفلس��طيني وكأنهما ش��عب واحد‬ ‫في مقاومة الطغيان‪.‬‬ ‫وما زالت أيام الحرية تس��اهم‬ ‫ف��ي الث��ورة‪ ،‬فف��ي ه��ذا األس��بوع‬ ‫انطلق��ت حمل��ة ط�لاب الجامع��ة‬ ‫بعن��وان «وعد يا جامعت��ي»‪ ،‬بأهداف وأولها «لن ننس��ى زمالءنا الش��هداء والمعتقلين‬ ‫والمفصولين‪ ،‬وسنس��عى إليص��ال صوتنا ومطالبن��ا بالحرية والعدال��ة والكرامة حتى‬ ‫نحصل عليها»‪.‬‬ ‫ومنه��ا كذلك‪« :‬س��نقوم تباعا بعرض قضاي��ا الطالب المفصولي��ن و المحرومين‬ ‫سنعمل على نشر هموم و مظالم الطلبة في الجامعات السورية»‪.‬‬ ‫كم��ا كان لنا موعد مع حملة مناش��ير اللج��ان األهلية في الثورة الس��ورية‪ ،‬والتي‬ ‫تتضمن معدات أفراد اللجان الش��عبية األهلية من حقيبة إس��عافات ومصباح كهربائي‬ ‫ومنظار ووسيلة اتصال وما إلى ذلك‪..‬‬ ‫واستمرارا في حملة الدعم النفسي لألطفال‪ ،‬أصدرت أيام الحرية منشورا بعنوان‬ ‫«التعام��ل م��ع الخوف»‪ ،‬يتضمن توجيهات الستكش��اف المش��اعر‪ ،‬والحدي��ث عنها أمام‬ ‫المجموعة‪ ،‬وتطوير وس��ائل مقاومة لتس��اعدهم على االتزان بالرغ��م من وجود تلك‬ ‫المشاعر‪.‬‬ ‫وبس��بب تصاعد األحداث العسكرية في األسبوع الماضي وتوقعنا لحصول المزيد‬ ‫من االش��تباكات التي قد تضع الناس في وضع حرج فقد قامت أيام الحرية بإعادة نش��ر‬ ‫مناش��ير الدف��اع المدن��ي ونصائح حول التصرف تح��ت القصف أو حي��ن اإلجالء إضافة‬ ‫لمناش��ير توعية حول التعامل مع القنابل غير المنفجرة‪ .‬ومكونات السلة الغذائية التي‬ ‫يجب تحضيرها لالحتياط‪ ...‬وطرق التعامل مع اإلشاعة والتأكد منها‪.‬‬ ‫مع أيام الحرية شاركونا بالثورة‪..‬‬

‫�أوجـاع وطـن‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪3‬‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫�أكرث من ‪ 4‬ماليني �سوري بحاجة ملعونات غذائية‬ ‫وهيئات �شعبية يف الداخل لإغاثة املنكوبني‬ ‫حذرت هيئات اإلغاثة الدولية من خطر‬ ‫نقص المعونات اإلنس��انية في س��وريا مع‬ ‫حلول فصل الش��تاء وازدياد أعداد الالجئين‬ ‫والنازحي��ن الذين يفرون من وي�لات النزاع‬ ‫المتواصل هناك‪.‬‬ ‫وحصل��ت منظم��ات اإلغاث��ة على ثلث‬ ‫الموارد الضرورية فقط لتغطية حاجيات ‪2 .‬‬ ‫مليون نازح داخل س��وريا و‪ 410‬الجئين في‬ ‫الدول المجاورة‪.‬‬ ‫ويتوق��ع أن يصل عدد الس��كان الذين‬ ‫يحتاج��ون معونات غذائية إلى ‪ 4‬ماليين في‬ ‫مطلع السنة‪ ،‬في خضم فصل الشتاء‪.‬‬ ‫وأع��رب المنس��ق اإلقليم��ي ف��ي‬ ‫المفوضية الس��امية لش��ؤون الالجئين في‬ ‫سوريا عن القلق الشديد من نقص الموارد‬ ‫حيث ال تغطي الموازنة المتوفرة سوى ‪34%‬‬ ‫من الموارد الضرورية لتغطية الحاجيات في‬ ‫فصل الشتاء"‪.‬‬ ‫وق��ال بان��وس مومتزي��س‪" :‬اضطرت‬ ‫هيئات اإلغاثة في الفترة األخيرة إلى توزيع‬ ‫بطاني��ة لكل اثنين أو ثالثة الجئين بدال من‬ ‫بطانية لكل الجئ"‪.‬‬ ‫وقد ازدادت أعداد الالجئين الس��وريين‬ ‫في ال��دول األربع المجاورة بعش��رة أضعاف‬ ‫من شهر آذار حتى اليوم‪.‬‬ ‫وذكر بأن المفوضية السامية لالجئين‬ ‫والبرنامج العالمي للطفولة وشركاء آخرين‬ ‫أعدوا خطة بس��يطة من أجل توفير بطانية‬ ‫ل��كل الج��ئ ومالب��س الش��تاء ألن أغلبهم‬ ‫فروا بما يحملون م��ن مالبس كما تقتضي‬ ‫ش��روط الحي��اة ف��ي فص��ل الش��تاء تجهيز‬ ‫الخي��ام بوس��ائل التدفئة وخاصة بالنس��بة‬ ‫لالجئي��ن الذين احتضنته��م عائالت في كل‬ ‫من األردن ولبنان‪.‬‬ ‫وق��ال بان��وس موميت��س إن وض��ع‬ ‫الالجئين في الدول األربع مقلق للغاية حيث‬ ‫يصل نحو ‪ 2000‬الجئ كل يوم‪.‬‬ ‫بينم��ا ال يوجد أي مخي��م لالجئين في‬ ‫لبنان ويقدر عددهم بنحو ‪ 118‬ألف مسجل‬ ‫لدى هيئ��ات األم��م المتحدة حي��ث يقيمون‬ ‫في الق��رى والم��دن ف��ي ضياف��ة العائالت‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫وق��ال مومتزي��س "ش��اهدت عائ�لات‬ ‫لبناني��ة فقي��رة ج��دا لكنه��ا تفت��ح أبوابه��ا‬ ‫وتستضيف عائلة أو اثنتين من الالجئين"‪.‬‬ ‫وذك��ر ب��أن "الالجئين المس��جلين في‬ ‫لبن��ان هم أفقر الفقراء حيث يتم تزويدهم‬ ‫باألغذي��ة ع��ن طري��ق البرنام��ج الغذائ��ي‬ ‫العالمي"‪.‬‬

‫ومقاتلي الجيش الحر عند مركز رأس العين‬ ‫الحدودي الذي سيطر عليه الجيش السوري‬ ‫الح��ر‪ ،‬الخمي��س‪ ،‬على ما أفاد مس��ؤول في‬ ‫وزارة الخارجية التركية‪.‬‬ ‫وبذل��ك يرتفع إلى أكثر م��ن ‪ 120‬ألفًا‬ ‫إجمالي عدد الالجئين الس��وريين في تركيا‬ ‫بعد حوالي عش��رين ش��هراً م��ن النزاع في‬ ‫س��وريا‪ ،‬وف��ق المس��ؤول الذي طل��ب عدم‬ ‫كشف اسمه‪.‬‬ ‫وف��ي تط��ور آخ��ر‪ ،‬أعرب��ت المفوضة‬ ‫العليا لحقوق اإلنس��ان ف��ي األمم المتحدة‪،‬‬ ‫ناف��ي بي�لاي‪ ،‬عن قلقه��ا "الش��ديد" إلقرار‬ ‫اللجن��ة الدولية للصليب األحمر بعجزها عن‬ ‫مواجهة تفاقم األزمة اإلنسانية في سوريا‪.‬‬ ‫وقالت نافي بيالي ف��ي مقابلة أجرتها‬ ‫معه��ا وكال��ة فران��س ب��رس‪" :‬ه��ذه ه��ي‬ ‫أهمي��ة اللجن��ة الدولي��ة للصلي��ب األحم��ر‪.‬‬ ‫إنهم يتمكنون على الدوام من الوصول إلى‬ ‫السكان‪ ،‬إال في حال كان ذلك مستحي ًال فع ًال‪.‬‬ ‫وبالتالي فإن هذا التصريح مقلق جداً"‪ ،‬في‬ ‫إشارة إلى تصريح صدر عن رئيس الصليب‬ ‫األحمر بيتر ماورر‪.‬‬ ‫وقال م��اورر في مؤتم��ر صحافي في‬ ‫جني��ف‪" :‬ال يمكننا تطوير عملياتنا بس��رعة‬ ‫كافية لمواجهة تفاقم الوضع اإلنساني في‬ ‫سوريا"‪.‬‬ ‫وأض��اف أن "هناك العدي��د من النقاط‬ ‫الت��ي ال تصل إليها أي مس��اعدة وال علم لنا‬ ‫بالوضع فيها وال بعدد الناس المعنيين"‪.‬‬ ‫ورأت بي�لاي أن هن��اك مغ��زى كبي��راً‬ ‫عندم��ا تق��ول اللجن��ة الدولي��ة للصلي��ب‬ ‫األحم��ر إنها عاجزة عن القي��ام بهذه المهام‬ ‫الرئيسية‪ .‬كما انتقدت "فشل" مجلس األمن‬ ‫الدولي في وضع حد لألزمة في سوريا‪.‬‬ ‫وقال��ت بي�لاي‪ ،‬متحدثة عل��ى هامش‬ ‫منت��دى ح��ول الديمقراطية ج��رى في بالي‬ ‫وانته��ى الجمعة‪" :‬إن الفش��ل في مس��اعدة‬ ‫الش��عوب الضحاي��ا ظه��ر جلي��اً عل��ى ضوء‬ ‫الوقائ��ع الجاري��ة التي تجري من��ذ أكثر من‬ ‫‪ 18‬شهراً وآالف األش��خاص الذين قتلوا في‬ ‫سوريا"‪.‬‬ ‫وتابع��ت‪" :‬أدع��و مجل��س األم��ن إل��ى‬ ‫االلت��زام باالتفاقيات التي أقرها هو نفس��ه‬

‫والمعايي��ر الت��ي حددها‪ ،‬أي ضمان الس�لام‬ ‫واألمن في العالم"‪.‬‬

‫‪� 120‬ألف الجئ م�سجل لدى‬ ‫املفو�ضية يف الأردن‬

‫أم��ا في األردن فيحتض��ن ما يزيد عن‬ ‫‪ 120‬أل��ف الج��ئ مس��جل ل��دى المفوضية‬ ‫السامية وتتحدث الحكومة األردنية عن أكثر‬ ‫من ‪ 200‬ألف سوري في األردن‪.‬‬ ‫ويحتض��ن مخيم الزعت��ري ‪ 20%‬فقط‬ ‫م��ن إجمال��ي الالجئي��ن بينم��ا يقي��م ‪80%‬‬ ‫م��ن الالجئي��ن الس��وريين ف��ي األردن في‬ ‫الم��دن والقرى الواقعة بالق��رب من الحدود‬ ‫المشتركة بين البلدين‪.‬‬ ‫وأثنى مومتزيس عل��ى جهود حكومة‬ ‫كل من لبنان واألردن حيث تم فتح المدارس‬ ‫والمش��افي الس��تضافة الالجئي��ن وتج��ري‬ ‫معاملتهم مثل مواطني الدولتين‪.‬‬ ‫وقص��د ‪ 49‬ألف الجئ س��وري العراق‪،‬‬ ‫‪ 80%‬منه��م اتجهوا إل��ى كردس��تان العراق‬ ‫وهم من أصيلي منطقة الحس��كة الكردية‬ ‫في ش��مال س��وريا ونزحوا إلى الس��ليمانية‬ ‫وده��وك ف��ي العراق حي��ث توج��د مخيمات‬ ‫لالجئين السوريين‪.‬‬ ‫أما بقي��ة الالجئي��ن الس��وريين فقط‬ ‫قصدوا محافظة األنبار في غرب العراق عن‬ ‫طريق حدود القائم‪.‬‬ ‫وق��ال مومتزي��س طلبن��ا ‪ 171‬مليون‬ ‫دوالر وحالي��ا حصلن��ا عل��ى نس��بة ‪ 35‬في‬ ‫المئة فقط‪.‬‬

‫‪� 300‬ألف طفل ال يذهبون �إىل‬ ‫املدر�سة‬

‫وأكد منس��ق األمم المتحدة للش��ؤون‬ ‫اإلنس��انية في س��وريا من ناحيت��ه رضوان‬ ‫نصير أن المدنيي��ن يواجهون القتل والعناء‬ ‫وتدهور الوضع االقتص��ادي وضعف القدرة‬ ‫الش��رائية‪ ،‬إضاف��ة إل��ى المعاناة النفس��ية‬ ‫واالنهيار‪.‬‬ ‫وأش��ار إلى ارتفاع عدد األطفال ضمن‬ ‫فئ��ات المجتم��ع الت��ي تعان��ي م��ن االنهيار‬

‫النفس��ي وتذك��ر التقدي��رات الرس��مية أن‬ ‫‪ 300‬أل��ف طف��ل ال يذهبون إلى المدرس��ة‬ ‫ألنه��م نزحوا أو ألن المدرس��ة دمرت كليا أو‬ ‫جزئيا والعديد من المدارس تستخدم مأوى‬ ‫للنازحين‪.‬‬ ‫وتقدر األم��م المتحدة ع��دد النازحين‬ ‫داخل س��وريا بأكث��ر من ‪ 1.2‬ملي��ون وتبلغ‬ ‫كلفة برنامج اإلغاثة في األمد القريب ‪348‬‬ ‫ملي��ون دوالر ل��م تحصل المنظم��ة الدولية‬ ‫سوى على قيمة ‪ 157‬مليون‪.‬‬

‫قيمة برنامج ال�شتاء ‪ 60‬مليون ًا‬

‫وتقدر قيمة برنامج الش��تاء ‪ 60‬مليون‬ ‫دوالر‪ ،‬ل��م تحص��ل المنظمة الدولية س��وى‬ ‫على ‪ 20‬مليونا إلى حد اآلن‪.‬‬ ‫وتتضمن قائمة الدول المانحة الواليات‬ ‫المتح��دة واالتحاد األوروبي والدول األعضاء‬ ‫وروسيا‪.‬‬ ‫وق��ال رض��وان نويص��ر ب��أن "ال��دول‬ ‫العربية الغنية ال تش��ارك في برنامج األمم‬ ‫المتح��دة والحظن��ا خ�لال الزي��ارة تحمس��ا‬ ‫للمس��اعدة ولك��ن لي��س عن طري��ق األمم‬ ‫المتحدة"‪.‬‬ ‫وكانت الس��عودية قدم��ت ‪ 7.5‬مليون‬ ‫دوالر لتغطي��ة حاجي��ات ‪ 2500‬م��أوى ف��ي‬ ‫مخيم الزعتري في األردن‪.‬‬ ‫وأوضح��ت اليزابي��ث بيرس ب��أن ما ال‬ ‫يقل عن ‪ 2.5‬مليون س��وري في حاجة اليوم‬ ‫للمعون��ات الغذائي��ة وال يمتل��ك البرنام��ج‬ ‫العالمي كميات كافية لتغطية حاجياتهم‪.‬‬ ‫وذك��رت ب��أن نح��و ‪ 98‬ألف س��وري ال‬ ‫يحصل��ون عل��ى المعونات اإلنس��انية حيث‬ ‫يتواجدون في المناطق التي تس��يطر عليها‬ ‫ق��وات المعارض��ة في ش��مال س��وريا‪ ،‬قرب‬ ‫الحدود مع تركيا‪.‬‬

‫هيئات �شعبية لإغاثة املنكوبني‬ ‫ب�سوريا‬

‫أم��ا ف��ي داخ��ل س��وريا وف��ي خضم‬ ‫المع��ارك يعم��د ناش��طون إل��ى إقام��ة‬ ‫هيئ��ات ش��عبية مهمته��ا إغاث��ة المنكوبين‬

‫م�ساعدات تركيا على م�ستوى‬ ‫عال‬ ‫ٍ‬

‫وفي تركي��ا يتوزع الالجئ��ون على ‪12‬‬ ‫مخيم��ا ويق��در إجمالي عدده��م بنحو ‪190‬‬ ‫ألف��ا ووص��ف بان��وس مومتزيس مس��توى‬ ‫المعونات التي تقدمها تركيا بأنها مساعدات‬ ‫كافية وبمستوى عال جدا‪.‬‬ ‫وش��دد عل��ى أهمي��ة بقاء الح��دود مع‬ ‫ال��دول المج��اورة لس��وريا مفتوح��ة أم��ام‬ ‫الالجئين‪..‬‬ ‫لكن في س��ياق آخر عبر حوالي ثمانية‬ ‫آالف سوري الحدود التركية‪ ،‬في ليلة واحدة‪،‬‬ ‫هرباً من المعارك الجارية بين قوات النظام‬ ‫المساعدات الدولية في أحد مخيمات األردن‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫والمتضرري��ن وحص��ر الخس��ائر البش��رية‬ ‫والمادية في صف��وف المدنيين أثناء الثورة‬ ‫الش��عبية المس��تمرة من��ذ منتص��ف آذار‬ ‫‪.2011‬‬ ‫ويقول هؤالء إن "الحاجة تش��تد لمثل‬ ‫هذه الهيئ��ات كلما طال عم��ر الثورة‪ ،‬وذلك‬ ‫لضمان استمرارها ودعم الحاضنة الشعبية‬ ‫للثوار"‪ ،‬في ظل شكوى من قلة المساعدات‬ ‫القادمة من الخارج‪.‬‬ ‫وقد أنشأت هذه الهيئات في ريف إدلب‬ ‫وري��ف حماة بحرص عل��ى أن تكون في كل‬ ‫قري��ة عل��ى ح��دة للعناية بش��ؤون األهالي‬ ‫فيها‪.‬‬

‫تخ�ص�صات خمتلفة‬

‫�إي�صال امل�ساعدات‬

‫وعن األه��داف الت��ي تنش��دها الهيئة‬ ‫أوضح الهزاع أن أبرزها إيصال المس��اعدات‬ ‫المادي��ة واإلغاثي��ة والطبي��ة للمتضرري��ن‬ ‫للتخفي��ف م��ن اآلالم الت��ي لحق��ت بأبن��اء‬ ‫القرية‪.‬‬ ‫من جهته أوضح رئيس قسم اإلحصاء‬

‫جري��دة «الإندبندن��ت» الربيطانية تك�شف ع��ن �أ�سلحة فا�س��دة ُوردت للجي�ش احلر‬ ‫كش��فت صحيف��ة اإلندبندن��ت‬ ‫البريطاني��ة ف��ي تقري��ر نش��رته اليوم‬ ‫عن تاجر أس��لحة سوري يجمل الجنسية‬ ‫البريطاني��ة ب��اع الجي��ش الحر أس��لحة‬ ‫كالش��ينكوف م��ن عي��ار «‪ »AK-47‬م��ع‬ ‫ذخيرة «مدكوكة» بمواد متفجرة سرعان‬ ‫ما تودي بحاملها عند كبسه على الزناد‪.‬‬ ‫وتذك��ر الصحيف��ة إن المقاتلي��ن‬ ‫السوريين س��رعان ما اكتش��فوا الحيلة‬ ‫المميت��ة‪ ،‬وه��ذا ما فس��ر له��م العرض‬ ‫الس��خي والس��عر المنخفض م��ن تاجر‬ ‫الس�لاح الس��وري‪ ،‬وفق��اً ألح��د الث��وار‬ ‫الذي حض��روا الصفق��ة‪ ،‬واعتقد ممثلو‬

‫الجيش الحر أن تاجر األسلحة األربعيني‬ ‫متضامن مع الثورة‪ ،‬لكن صفقة السالح‬ ‫أثبتت تعاونه مع النظام‪.‬‬ ‫وج��رى التحضي��ر للصفق��ة عب��ر‬ ‫ثالث��ة اجتماع��ات عقدت في اس��طنبول‬ ‫منذ أس��ابيع مع��دودة‪ ،‬حضرها ممثلون‬ ‫عن الجيش الحر وتاجرا س�لاح‪ ،‬أحدهم‬ ‫بريطاني س��وري وآخر مغربي بلجيكي‬ ‫كان ادعي��ا توري��د أس��لحة ومع��دات‬ ‫عسكرية إلى البوسنة أثناء الحرب‪.‬‬ ‫و أطلق تاجر الس�لاح السوري على‬ ‫نفس��ه لقب «ايميلي»‪ ،‬واستلم مبلغ‪40‬‬ ‫أل��ف دوالر كدفع��ة أول��ى بعد تس��ليمه‬

‫لشحنتين في موعدهما‪ ،‬وكان جليا عند‬ ‫استالم الشحنة الثانية وجود خطب ما‪.‬‬ ‫وح��ال انفج��ار الكالش��نكوف بي��د‬ ‫أحد الثوار م��ا أدى ال��ى إصابته بجروح‪،‬‬ ‫ق��ام الث��وار بفح��ص عب��وات الرصاص‬ ‫الفارغ��ة‪ ،‬ليكتش��فوا وج��ود حش��وات‬ ‫متفج��رة داخ��ل بعض الرص��اص الذي‬ ‫تنفجر عن��د الضغط على الزناد للقضاء‬ ‫على حامل البندقية‪.‬‬ ‫ونف��ت الصحيف��ة أن يك��ون لتاجر‬ ‫الس�لاح الس��وري األص��ل أي عالق��ة‬ ‫بالمخابرات البريطانية‪ ،‬غير مس��تبعدة‬ ‫س��عي المخاب��رات الس��ورية لتوري��ط‬

‫نظيرته��ا البريطاني��ة ف��ي تلطي��خ‬ ‫سمعاتها‪.‬‬ ‫وقال��ت االندبندن��ت إن موق��ف‬ ‫االس��تخبارات البريطاني��ة م��ع تس��ليح‬ ‫المعارضة بأس��لحة «غير قاتلة» وكانت‬ ‫قدمت لهم الدعم التقني على مس��توى‬ ‫االتصاالت ومن غير الممكن إلحاق األذى‬ ‫به‪.‬‬ ‫و لك��ن ق��راءة ما حدث ال يس��تبعد‬ ‫لج��وء النظ��ام الس��وري لتجني��د عمالء‬ ‫لجه��ات أجنبية بغي��ة تقويض و إضعاف‬ ‫الجيش الحر من خ�لال تجنييده لبعض‬ ‫مهربي وسماسرة السالح‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ويقول رئيس اللجنة المالية في هيئة‬ ‫كفرنب��ل حم��زة عدن��ان الهزاع ب��أن الهيئة‬ ‫تش��كلت ف��ي نهاي��ة آب الماض��ي‪ ،‬ويض��م‬ ‫مجل��س إدارتها واإلش��راف عليه��ا مجموعة‬ ‫من الناشطين‪.‬‬ ‫ويش��رف عل��ى المجل��س ع��دد م��ن‬ ‫الش��يوخ م��ن ذوي االختصاص��ات المختلفة‬ ‫الطبية والهندسية واإلحصائية واالجتماعية‬ ‫والتربوية باإلضاف��ة لمتخصصين بالجانب‬ ‫الشرعي‪.‬‬

‫وأض��اف أن الهيئ��ة قام��ت بتقس��يم‬ ‫القري��ة إلى س��تة قطاعات يدي��ر كل قطاع‬ ‫ثالثة أف��راد لتس��هيل تنفيذ خط��ط الهيئة‬ ‫وبرنامجها كل في القطاع المسؤول عنه‪.‬‬ ‫وأم��ا الهي��كل اإلداري للهيئ��ة‪ ،‬فبي��ن‬ ‫هزاع أنه تم تقس��يمها إل��ى رئيس‪ ،‬ونائب‬ ‫رئيس وأمين صندوق‪ ،‬وأمين س��ر‪ ،‬ورئيس‬ ‫لقسم اإلحصاء إضافة لثالثة أعضاء آخرين‪،‬‬ ‫مشيرا إلى أن عملية التشكيل كانت بإشراف‬ ‫وحضور عدد من وجهاء القرية والشيوخ‪.‬‬ ‫وأكد ح��رص إدارة الهيئ��ة على العمل‬ ‫بش��كل مس��تقل لتحقي��ق األه��داف الت��ي‬ ‫أسس��ت من أجله��ا وأنها ال تتبن��ى أي اتجاه‬ ‫وال تتب��ع ألي فصي��ل "وتح��رص أن تك��ون‬ ‫م��ن الجمي��ع وإل��ى الجمي��ع"‪ ،‬كم��ا ال تقبل‬ ‫المس��اعدات والهب��ات المش��روطة لضم��ان‬ ‫استمرارية عملها وثقة أهل القرية بها‪.‬‬

‫بالهيئ��ة أس��امة الس��لوم أن قس��مه يقوم‬ ‫بتوثي��ق أس��ماء القتل��ى وأس��باب وفاته��م‬ ‫والجرحى ومس��توى إصاباتهم والمعتقلين‬ ‫والمفقودي��ن وأس��ماء الجن��ود المنش��قين‬ ‫وموظف��ي الحكوم��ة المطرودي��ن م��ن‬ ‫وظائفهم‪.‬‬ ‫كم��ا يق��وم القس��م برص��د البي��وت‬ ‫والمح��ال المدم��رة س��واء بش��كل كامل أو‬ ‫جزئ��ي‪ ،‬والحق��ول الزراعي��ة المتض��ررة‬ ‫واألمالك المفقودة أو المتضررة‪ ،‬وذلك حتى‬ ‫يسهل تعويض أصحابها مستقبال‪.‬‬ ‫وأضاف أن الهيئة تقوم كذلك بتسجيل‬ ‫العائ�لات التي نزح��ت أو هُج��رت واألماكن‬ ‫التي اتجهت إليها‪.‬‬ ‫وذكر السلوم بأن قسم اإلحصاء يقوم‬ ‫بحص��ر وتس��جيل التبرع��ات والمس��اعدات‬ ‫الت��ي وردت لصال��ح القري��ة والجه��ات‬ ‫الداعمة‪ ،‬مش��يرا إلى أن جانبا ال بأس به من‬ ‫المس��اعدات يرد من أبناء القرية المغتربين‬ ‫في دول الخليج العربي خاصة في السعودية‬ ‫حيث يلت��زم كل مغترب بتس��ديد اش��تراك‬ ‫لصالح الهيئ��ة‪ ،‬إضافة لمس��اعدات ترد من‬ ‫مؤسسات خيرية‪.‬‬ ‫وأوض��ح أن الهيئة تقوم كذلك بتحديد‬ ‫احتياج��ات أه��ل القري��ة م��ن م��واد غذائية‬ ‫أو مالب��س واحتياج��ات الش��تاء إضاف��ة‬

‫للمس��تلزمات والمعدات الطبي��ة والعالجية‬ ‫والوقود‪.‬‬ ‫وبش��أن توزي��ع المس��اعدات النقدية‪،‬‬ ‫بي��ن الس��لوم أنه يحدد راتب نقدي ش��هري‬ ‫ألس��ر الش��هداء والجرح��ى والمعتقلي��ن‬ ‫والمفقودين‪.‬‬ ‫ولف��ت محم��ود الع��كل وه��و م��ن‬ ‫المشرفين على عمل الهيئة إلى أن أي ظرف‬ ‫طارئ تم��ر به القري��ة وأهله��ا يؤخذ بعين‬ ‫االعتبار ف��ي حينه ويعطي األولية‪ ،‬مش��يرا‬ ‫إلى أنه في نهاية الش��هر الماضي لجأ أفراد‬ ‫كث��ر من مدينة معرة النعم��ان إلى كفرنبل‬ ‫فقامت الهيئة بتوفير أماكن للسكن وتوفير‬ ‫إغاثات طارئة لهم‪.‬‬ ‫وأش��ار كذل��ك إل��ى أن المس��اعدات‬ ‫اإلغاثي��ة ت��وزع حس��ب األن��واع المخصصة‬ ‫له��ا "أهال��ي الش��هداء فق��راء‪ ،‬معتقل��ون‪،‬‬ ‫متضررون‪ ،‬منش��قون‪ ،‬كفالة أيتام‪ ،‬وكفالة‬ ‫طالب علم"‪.‬‬ ‫وعن مدى كفاية المساعدات المقدمة‪،‬‬ ‫بين الع��كل أن كثيرا م��ن األحيان يصطدم‬ ‫الوض��ع بش��ح اإلمكان��ات فيح��دث تقصي��ر‬ ‫ف��ي بعض الجوان��ب‪ ،‬مناش��دا الجميع ببذل‬ ‫المساعدة لدعم الشعب السوري‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬وكاالت غربية وعربية‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫هاربون على الحدود التركية‬

‫‪5‬‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫�آخــر الكــالم‬

‫�إ�ضاءة على اللقاء الأخري لـ(الرئي�س) ال�سوري‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫ج��رت الع��ادة‪ ،‬عندم��ا يواجه "بل��د ما"‬ ‫أزم��ة خط��رة‪ ،‬داخلي��ة أو خارجي��ة‪ ،‬ته��دد‬ ‫وجوده واس��تقراره‪ ،‬يخ��رج رأس النظام فيه‬ ‫لمخاطبة مواطنيه‪ ،‬مباش��ر ًة أو عبر شاشات‬ ‫التلف��زة‪ ،‬إلطالعهم على مخططات حكومته‬ ‫لمعالجتها‪ ،‬وش��رح الخطوات التي سيتخذها‬ ‫في هذا المضمار‪ ،‬أما ف��ي حالة الحرب التي‬ ‫أعلنه��ا رأس النظ��ام‪ ،‬فتقتض��ي أن يظه��ر‬ ‫وضم��ن الصالحي��ات الدس��تورية بوصف��ه‬ ‫القائ��د األعل��ى للجي��ش والقوات المس��لحة‬ ‫بش��كل دوري إلط�لاع مواطني��ه على س��ير‬ ‫المعارك على األرض‪.‬‬ ‫أما ف��ي الحالة الس��ورية ومن��ذ اندالع‬ ‫االحتجاج��ات المطالب��ة بإس��قاطه منتصف‬ ‫آذار ‪ ،2011‬تراجع ع��دد اإلطالالت اإلعالمية‬ ‫لألس��د‪ ،‬واقتصرت في غالبيتها على وسائل‬ ‫إعالم أجنبية‪ .‬ولم يتوجه حتى اآلن للش��عب‬ ‫بخط��اب مباش��ر‪ ،‬ب��ل اس��تبدلها‬ ‫الس��وري‬ ‫ٍ‬ ‫بإط�لاالت إعالمية خجول��ة‪ ،‬أو خطابات أمام‬ ‫حشدٍ من المؤيدين والمصفقين‪...‬‬ ‫م��ع توحد المعارضة الت��ي ختمنا ملفنا‬ ‫بأمل ال ش��فاء من��ه بوحدتها‪ ،‬و مع‬ ‫الس��ابق ٍ‬ ‫ظه��ور حال��ة م��ن الت��وازن العس��كري على‬ ‫األرض‪ ،‬وبع��د تصريح��ات رئي��س ال��وزراء‬ ‫البريطاني " ديفيد كاميرون" في مقابلة مع‬ ‫قن��اة العربية بأنه «يوافق على تأمين خروج‬ ‫آمن للرئيس األسد من أجل تسهيل المرحلة‬ ‫االنتقالية في س��وريا»‪ .‬والتي فجرت تراشقًا‬ ‫بالتصريح��ات م��ن ع��دة أط��راف معظمه��ا‬ ‫معارض‪ ،‬فبينما رأى الس��فير األمريكي في‬ ‫لن��دن أن (الرئي��س) األس��د يج��ب أن يحاكم‬ ‫بس��بب ما ارتكبه م��ن جرائم‪ ،‬كم��ا انتقدت‬ ‫منظمة العف��و الدولية اقتراح كاميرون الذي‬ ‫يضمن عدم محاكمة األسد‪..‬‬ ‫خ��رج (الرئي��س) الس��وري عل��ى قناة‬ ‫روس��يا اليوم ف��ي مقابلة مطول��ة‪ ،‬بعد يوم‬ ‫واحد من فوز الرئيس األمريكي باراك ٍ‬ ‫أوباما‬ ‫بوالي��ة ثاني��ة بتوقيت جرى اختي��اره بعناية‬ ‫فائقة؛ حيث يتوقع الكثير من المراقبين من‬ ‫الرئيس األمريكي أن يحدد سياساته بوضوح‬ ‫تجاه الملف الس��وري وكيفية التعاطي معه‪.‬‬ ‫فهل سيلجأ للتدخل العس��كري الذي تطالب‬ ‫ب��ه المعارض��ة أو بعض فصائله��ا لإلطاحة‬ ‫بالنظ��ام عل��ى غ��رار ما ح��دث ف��ي العراق‬ ‫وليبيا‪ ،‬أم أنه س��يفضل 'القي��ادة من الخلف'‬ ‫أي تسليح المعارضة السورية المسلحة على‬ ‫األرض بأس��لحة حديث��ة ومتط��ورة مضادة‬ ‫للطائرات والدبابات‪...‬‬ ‫وال ب��د أن (الرئي��س) األس��د يش��عر‬ ‫بالقل��ق؛ لي��س ألن التفجي��رات وصل��ت إلى‬ ‫ح��ي المزة في دمش��ق الذي م��ن المفترض‬ ‫أن يكون أكثر المناطق تحصينًا باعتباره حي‬ ‫الس��فارات والمق��رات الحكومية الحساس��ة‪،‬‬ ‫وربما أيضًا م��ن الخطوة األمريكية المقبلة‪،‬‬ ‫خاص��ة أن الرئي��س أوباما بات متح��رراً من‬ ‫ضغوط االنتخابات‪...‬‬ ‫ولعل أخطر ما في تصريحاته قوله إنه‬ ‫سيعيش ويموت في سوريا‪ ،‬مما يعني عمليًا‬ ‫أنه سيس��تمر في حلوله األمنية والعسكرية‬ ‫ض��د معارضي��ه حت��ى اللحظة األخي��رة من‬

‫حياته‪ ،‬تمام��ًا مثل الرئي��س العراقي صدام‬ ‫حس��ين والعقي��د الليب��ي معم��ر القذاف��ي‪،‬‬ ‫و يري��د أن يق��ول إن��ه ل��ن يك��ون الرئي��س‬ ‫التونس��ي زين العابدين بن علي الذي غادر‬ ‫تونس إلى منفى آمن ف��ي المملكة العربية‬ ‫الس��عودية ه��و وزوجت��ه وأوالده‪ ،‬كما أنه ال‬ ‫يقبل الحل اليمني أي التنحي جانبًا‪ ،‬وتسليم‬ ‫السلطة لنائبه‪.‬‬ ‫والالفت أن (الرئيس) األسد لم يكشف‬ ‫ع��ن طبيعة التداعيات الخطي��رة التي يمكن‬ ‫أن تترتب على غزو عس��كري لب�لاده وتمتد‬ ‫آثاره��ا إلى المنطق��ة والعالم بأس��ره‪ ،‬فهل‬ ‫يتح��دث هنا عن ح��رب إقليمي��ة يدخل فيها‬ ‫حلفاؤه ف��ي إيران ولبنان "ح��زب اهلل" طرفًا‬ ‫مباش��راً‪ ،‬أم ع��ن حرب عالمي��ة ينخرط فيها‬ ‫حلف��اؤه ف��ي الصي��ن وروس��يا دفاع��اً عن��ه‬ ‫وحفاظاً على نظامه‪...‬‬ ‫ورداً عل��ى تصريح��ات األس��د خرج��ت‬ ‫تظاه��رات عدي��دة في مناط��ق مختلفة من‬ ‫س��وريا‪ ،‬الجمعة تح��ت عن��وان "أوان الزحف‬ ‫إلى دمش��ق"‪ ،‬فف��ي" كفر نب��ودة " في ريف‬ ‫حماة‪ ،‬رفع ش��بان ساروا في مقدمة تظاهرة‬ ‫الفتات كتب عليها "يا بش��ار يا كذاب‪ ،‬نتمنى‬ ‫أن تص��دق ه��ذه الم��رة وتبقى في س��وريا‬ ‫لتلقى مصير أس��تاذك القذافي"‪ ،‬و"يا بش��ار‬ ‫س��تموت عل��ى أرض س��وريا ول��ن تدف��ن‬ ‫بأرضه��ا الطاهرة بل ف��ي مزبل��ة التاريخ"‪.‬‬ ‫وهت��ف المتظاهرون "يا ش��ام ث��وري ثوري‪،‬‬ ‫على القص��ر الجمهوري"‪ ،‬و"م��ا رح نهدا وال‬ ‫نرتاح حتى نشيلك يا سفاح‪ ،‬و"نحنا مع حلب‬ ‫والشام رح منسقط هالنظام"‪.‬‬ ‫وأج��رت القن��اة المقابل��ة م��ع األس��د‬ ‫باللغ��ة االنكليزية‪ ،‬ونش��رت مقتطفات منها‬ ‫بالعربي��ة‪ ،‬إضافة إلى ش��ريط مصور مدته‬ ‫نحو دقيقة‪ .‬ويظهر األس��د في الجزء األخير‬ ‫من الش��ريط م��ع الصحافية الت��ي حاورته‪،‬‬ ‫ين��زالن على درج ما‪ ،‬يبدو أن��ه أحد القصور‬ ‫الرئاس��ية‪ ،‬قب��ل أن يتبادال أط��راف الحديث‬ ‫لتوان في حديقة القصر‪..‬‬ ‫وق��د أعلن (الرئيس) األس��د أن "عدونا‬ ‫ه��و اإلرهاب وعدم االس��تقرار في س��وريا‪،‬‬ ‫والمس��ألة ال تتعل��ق ببقائ��ي أو رحيلي‪ ،‬بل‬ ‫تتعلق بأن يكون البلد آمنًا أو غير آمن‪ ،‬وهذا‬ ‫هو العدو الذي نقاتله كسوريين"‪.‬‬

‫ولف��ت إل��ى أن "مس��ألة بق��اء الرئيس‬ ‫أو رحيله تعود إلى الش��عب‪ ،‬وليس��ت مسألة‬ ‫تتعلق برأي البعض‪ ،‬والطريقة الوحيدة تتم‬ ‫من خ�لال صناديق االقتراع التي تحدد ما إذا‬ ‫كان ينبغي عل��ى الرئيس البقاء أو الرحيل"‪،‬‬ ‫مش��يراً إلى انه لم يكن هو المس��تهدف منذ‬ ‫البداية‪" ،‬ولم أكن أنا المش��كلة بأي حال من‬ ‫األح��وال الغرب يخل��ق األعداء دائم��اً‪ ،‬وهم‬ ‫يري��دون أن يخلق��وا عدواً جدي��داً يتمثل في‬ ‫بش��ار‪ ،‬ولهذا يقولون أن المشكلة تكمن في‬ ‫الرئيس‪ ،‬وأن عليه أن يرحل"‪.‬‬ ‫وش��دد عل��ى أن��ه "يتمت��ع بس��لطاته‬ ‫بموج��ب الدس��تور‪ ،‬وطبقا للدس��تور‪ ،‬ولهذه‬ ‫الس��لطات‪ ،‬ينبغ��ي أن أكون ق��ادراً على حل‬ ‫ه��ذه المش��كلة‪ ،‬لك��ن أي س��وري يمكن أن‬ ‫يكون رئيس��اً وهناك العديد من الس��وريين‬ ‫المؤهلين لهذا المنصب وال يمكن ربط البلد‬ ‫بأس��ره بش��خص واحد فقط وبشكل دائم"‪.‬‬ ‫ورداً عل��ى س��ؤال عم��ا إذا كان يعتق��د أن��ه‬ ‫الرجل الذي يستطيع إنهاء الصراع واستعادة‬ ‫الس�لام‪ ،‬أكد األس��د أن واجبه "أن يكون هذا‬ ‫الرج��ل‪ ،‬وأك��ون الرجل الذي يس��تطيع فعل‬ ‫ذل��ك‪ ،‬وآمل أن أتمكن من ذل��ك"‪ ،‬معتبراً أن‬ ‫"المس��ألة ال تتعلق بصالحي��ات الرئيس‪ ،‬بل‬ ‫بالمجتم��ع بأس��ره"‪ ،‬الفت��ًا إل��ى أن "الرئيس‬ ‫ال يس��تطيع فع��ل ش��يء دون المؤسس��ات‬ ‫ودون الدعم الش��عبي‪ ،‬لذل��ك‪ ،‬فإن المعركة‬ ‫هن��ا ليس��ت معركة الرئي��س‪ ،‬إنه��ا معركة‬ ‫الس��وريين‪ ،‬وكل س��وري يش��ارك حاليًا في‬ ‫الدفاع عن بلده"‪.‬‬ ‫وش��دد على أن "المش��كلة ليست بيني‬ ‫وبي��ن الش��عب‪ ،‬فأن��ا ليس لدي مش��كلة مع‬ ‫الشعب‪ ،‬لكن الواليات المتحدة ضدي‪ ،‬والغرب‬ ‫ض��دي‪ ،‬والعديد من البل��دان العربية ضدي‪،‬‬ ‫وتركي��ا ض��دي‪ ،‬فإذا كان الش��عب الس��وري‬ ‫ضدي أيضاً‪ ،‬كيف يمكن أن أبقى هنا؟"‪.‬‬ ‫وتاب��ع قائ� ً‬ ‫لا "إذا كان ج��ز ٌء كبي��ر م��ن‬ ‫العالم ضدي‪ ،‬والشعب ضدي‪ ،‬وأنا هنا‪ ،‬فهل‬ ‫أنا سوبرمان؟ أنا إنسان‪ ،‬هذا ليس منطقيًا"‪،‬‬ ‫مش��يراً إل��ى أن "األمر ال يتعل��ق بالمصالحة‬ ‫مع الش��عب‪ ،‬كم��ا ال يتعل��ق بالمصالحة بين‬ ‫السوريين مع بعضهم البعض"‪ ،‬مؤكداً "أننا‬ ‫لسنا في حرب أهلية‪ ،‬واألمر يتعلق باإلرهاب‬ ‫والدع��م ال��ذي يحظى ب��ه اإلرهابي��ون من‬ ‫الخارج لزعزعة استقرار سوريا"‪.‬‬

‫وأوض��ح األس��د أن "هن��اك انقس��امات‪،‬‬ ‫لك��ن االنقس��امات ال تعني حرب��ًا أهلية‪ ،‬وهذا‬ ‫أمر مختل��ف تماماً‪ ،‬فالح��رب األهلية ينبغي أن‬ ‫تكون على أس��اس مشكالت عرقية أو مشاكل‬ ‫طائفي��ة‪ ،‬قد يك��ون هناك في بع��ض األحيان‬ ‫توت��رات عرقي��ة أو طائفية لكن ه��ذا ال يجعل‬ ‫منها مشكلة‪ ،‬إذا كان هناك انقسام في العائلة‬ ‫الواحدة‪ ،‬أو في قبيلة أكبر‪ ،‬أو في مدينة واحدة‪،‬‬ ‫فهذا ال يعني أن هناك حربًا أهلية"‪.‬‬ ‫ولفت (الرئيس) األس��د إل��ى أنه "لدينا‬ ‫اآلن ن��وع جدي��د م��ن الحرب‪ ،‬حي��ث يمارس‬ ‫اإلرهاب بالوكالة‪ ،‬س��واء من خالل سوريين‬ ‫يعيش��ون ف��ي س��وريا‪ ،‬أو مقاتلي��ن أجان��ب‬ ‫يأت��ون م��ن الخ��ارج‪ ،‬وه��ذا ن��وع جديد من‬ ‫الح��روب وعلينا أن نتكيف مع هذا األس��لوب‬ ‫الجديد‪ ،‬وهذا يستغرق وقتأ وليس سهال"‪.‬‬ ‫واعتبر أن "القول بأن هذا شبيه بالحرب‬ ‫التقليدي��ة أو النظامية لي��س صحيحاً‪ ،‬فهذه‬ ‫الح��رب أكثر صعوب��ة بكثير‪ ،‬كم��ا أن الدعم‬ ‫الذي يتلقونه والذي يقدم لهؤالء اإلرهابيين‬ ‫ومن جميع األشكال‪ ،‬سواء من حيث األسلحة‬ ‫أو المال أو الدعم السياسي أمر غير مسبوق‪،‬‬ ‫ولذلك علينا أن نتوقع أن تكون حربًا قاس��ية‬ ‫وصعبة‪ ،‬ومن غير الواقعي أن نتوقع أن بلداً‬ ‫صغي��راً كس��وريا يمك��ن أن يه��زم كل تلك‬ ‫البل��دان التي تقاتلنا من خالل عمالئها خالل‬ ‫أيام أو أسابيع"‪.‬‬ ‫ولف��ت األس��د إل��ى أن "المش��كلة أن‬ ‫اإلرهابيي��ن يقاتلون م��ن داخل المدن‪ ،‬وفي‬ ‫الم��دن هناك مدني��ون‪ ،‬وعندم��ا تقاتل هذا‬ ‫الن��وع م��ن اإلرهابيي��ن‪ ،‬ينبغ��ي أن تحرص‬ ‫عل��ى أن يكون الضرر في ح��ده األدنى على‬ ‫البني��ة التحتي��ة والمدنيي��ن‪ ،‬لك��ن علينا أن‬ ‫نقات��ل ألنن��ا ال نس��تطيع ت��رك اإلرهابيين‬ ‫يقتلون ويدم��رون‪ ،‬وهذه هي الصعوبة في‬ ‫هذا النوع من الحروب"‪.‬‬ ‫وأك��د أن "أحداً ال يزعم أن لديه الجواب‬ ‫ح��ول متى يمك��ن لهذه الح��رب أن تنتهي ما‬ ‫لم يكن لدينا الجواب حول متى س��يتوقفون‬ ‫عن تهري��ب المقاتلين األجان��ب من مختلف‬ ‫أنحاء العالم‪ ،‬وخصوصاً من الشرق األوسط‬ ‫والعال��م اإلس�لامي‪ ،‬ومتى س��يتوقفون عن‬ ‫إرسال األسلحة لهؤالء اإلرهابيين"‪ ،‬موضحًا‬ ‫أنه "إذا توقفوا نس��تطيع أن ننهي كل شيء‬ ‫خالل أس��ابيع‪ ،‬ولكن طالما استمرت عمليات‬ ‫التزويد باإلرهابيين والس�لاح والمس��اعدات‬ ‫اللوجستية‪ ،‬فإنها ستكون حربًا طويلة"‪.‬‬ ‫ورداً على س��ؤال‪ ،‬رأى األسد أن "ما من‬ ‫بل��د في العال��م يس��تطيع أن يضبط حدوده‬ ‫تمام��ًا‪ ،‬ولك��ن يمك��ن للبل��دان تحقيق وضع‬ ‫أفضل على حدودها من خالل إقامة عالقات‬ ‫جي��دة مع جيرانها‪ ،‬وهو ما ال نمتلكه اآلن مع‬ ‫تركي��ا على األقل‪ ،‬فتركيا تدعم أكثر من أي‬ ‫بل��د آخر تهري��ب اإلرهابيين واألس��لحة إلى‬ ‫سوريا"‪.‬‬ ‫واستبعد األس��د حصول حرب سورية‪-‬‬ ‫تركية "فالحرب بحاجة إلى الدعم الش��عبي‪،‬‬ ‫وغالبي��ة الش��عب التركي ال تري��د مثل هذه‬ ‫الح��رب‪ ،‬وينطب��ق األم��ر ذاته على الش��عب‬ ‫الس��وري‪ ،‬وبالتال��ي ليس هن��اك خالف بين‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الش��عب الس��وري والش��عب الترك��ي ب��ل‬ ‫يتعل��ق األمر بالحكومات والمس��ؤولين‪ ،‬بين‬ ‫مسؤولينا ومسؤوليهم بسبب سياساتهم"‪.‬‬ ‫ورداً على سؤال عمن يقصف األراضي‬ ‫التركي��ة‪ ،‬الق��وات الحكومي��ة أم ق��وات‬ ‫المعارض��ة؟ رأى األس��د أن��ه "لمعرف��ة ذلك‬ ‫ينبغ��ي أن يكون هناك تحقيقات مش��تركة‪،‬‬ ‫ولجن��ة مش��تركة بي��ن الجيش��ين م��ن أجل‬ ‫معرف��ة من يقصف م��ن‪ .‬هن��اك الكثير من‬ ‫اإلرهابيي��ن عل��ى الح��دود ولديه��م مداف��ع‬ ‫ه��اون‪ ،‬ولذلك فإن بإمكانه��م القيام بذلك‪،‬‬ ‫ونح��ن طلبنا من الحكومة التركية تش��كيل‬ ‫مث��ل هذه اللجنة‪ ،‬فرفض��ت‪ ،‬ولذلك ال جواب‬ ‫لدين��ا"‪ .‬واعتبر انه "عندما يك��ون هناك كل‬ ‫ه��ؤالء اإلرهابيي��ن عل��ى الح��دود‪ ،‬ال يمكن‬ ‫أن تس��تبعد احتمال وق��وع ذلك‪ ،‬ألن الجيش‬ ‫السوري ليس لديه أي أوامر بقصف األراضي‬ ‫التركية ألن ال مصلحة لنا في ذلك"‪.‬‬ ‫وعن فرضية أن يكون ذلك قد وقع عن‬ ‫طريق الخطأ من قبل القوات الحكومية‪ ،‬لفت‬ ‫األسد إلى أن "هذا االحتمال ممكن‪ ،‬ففي كل‬ ‫الح��روب تق��ع أخط��اء‪ ،‬لكننا ال نس��تطيع أن‬ ‫نؤكد حدوث ذلك"‪.‬‬ ‫ورداً على س��ؤال عن سبب تحول تركيا‬ ‫إلى موطئ قدم المعارضة‪ ،‬أعلن األس��د أنها‬ ‫"لي��س تركي��ا وليس الش��عب الترك��ي‪ ،‬بل‬ ‫حكوم��ة أردوغ��ان‪ ،‬فأردوغان يعتق��د أنه إذا‬ ‫اس��تولى اإلخوان المسلمون على الحكم في‬ ‫المنطقة‪ ،‬خصوصا في س��وريا‪ ،‬يستطيع أن‬ ‫يضمن مستقبله السياس��ي‪ ،‬كما انه يعتقد‬ ‫شخصيًا أنه السلطان العثماني الجديد‪ ،‬وأنه‬ ‫يس��تطيع الس��يطرة على المنطقة كما كان‬ ‫األم��ر خ�لال عه��د االمبراطوري��ة العثمانية‬ ‫وتحت مظلة جدي��دة‪ ،‬وهو يفكر في أعماقه‬ ‫بأنه خليفة"‪.‬‬ ‫ورأى األس��د أن "غالبي��ة الحكوم��ات‬ ‫العربي��ة تدع��م س��وريا ضمني��ًا‪ ،‬لكنه��م ال‬ ‫يج��رؤون عل��ى ق��ول ذل��ك عالني��ة ألنه��م‬ ‫يتعرض��ون لضغ��وط م��ن الغ��رب‪ ،‬وم��ن‬ ‫البترودوالرات"‪.‬‬ ‫ورداً على س��ؤال عم��ا إذا كان عليه أن‬ ‫يخت��ار بين قط��ع العالقات مع إي��ران مقابل‬ ‫الس�لام ف��ي بالده‪ ،‬أعلن األس��د أن��ه "ليس‬ ‫لدينا خيارات متناقضة بهذا الش��أن‪ ،‬والسبب‬ ‫هو أنه كان لدينا عالقات جيدة مع إيران منذ‬ ‫ع��ام ‪ 1979‬وحت��ى اآلن‪ ،‬وعالقاتنا تتحس��ن‬ ‫باس��تمرار‪ ،‬لكنن��ا في نفس الوق��ت نتحرك‬ ‫نحو الس�لام"‪ ،‬مش��يراً إل��ى ان��ه "كان لدينا‬ ‫عملي��ة س�لام ومفاوضات س�لام‪ ،‬ولم تكن‬ ‫إي��ران عام ًال ضد الس�لام‪ ،‬وه��ذه معلومات‬

‫مضللة يس��عى الغ��رب لترويجه��ا وهي أننا‬ ‫إذا كن��ا نريد الس�لام ف�لا ينبغ��ي أن يكون‬ ‫لدين��ا عالقات طيبة مع إيران‪ ،‬وبالتالي ليس‬ ‫هناك أي عالقة بين األمرين"‪ .‬وأكد أن إيران‬ ‫"قدم��ت الدع��م لس��وريا‪ ،‬ودعم��ت قضيتنا‪،‬‬ ‫قضية األراضي المحتل��ة‪ ،‬وعلينا أن ندعمها‬ ‫ف��ي قضاياها‪ ،‬وإي��ران بلد ه��ام للغاية في‬ ‫المنطق��ة‪ ،‬وإن كنا نس��عى نحو االس��تقرار‪،‬‬ ‫ينبغ��ي أن يكون لنا عالق��ات جيدة مع إيران‪،‬‬ ‫وال يمكن أن نتحدث عن االس��تقرار في ظل‬ ‫عالقات س��يئة مع إي��ران أو مع تركي��ا أو مع‬ ‫جيران آخرين"‪.‬‬ ‫وعم��ا إذا كان��ت لدي��ه معلوم��ات ب��أن‬ ‫أجه��زة المخاب��رات الغربي��ة تق��وم بتمويل‬ ‫مقاتلي المعارضة في س��وريا‪ ،‬أعلن األس��د‬ ‫أن "ما نعرف��ه حتى اآلن هو أن هذه األجهزة‬ ‫تقدم دعم��ًا معلوماتيًا لإلرهابيين من خالل‬ ‫تركيا‪ ،‬وفي بعض األحيان من لبنان بش��كل‬ ‫رئيس��ي‪ ،‬لكن هناك أجه��زة مخابرات أخرى‪،‬‬ ‫ليست غربية‪ ،‬بل إقليمية‪ ،‬نشطة جداً وأكثر‬ ‫نش��اطا من األجهزة الغربي��ة‪ ،‬وبالطبع تحت‬ ‫إشراف أجهزة المخابرات الغربية‪" .‬‬ ‫وعن دور تنظيم "القاعدة" في سوريا‪،‬‬ ‫رأى أن التنظيم "يس��عى لتأس��يس إمارته‪،‬‬ ‫حس��ب التعابي��ر الت��ي يس��تخدمها‪ ،‬لكنه��م‬ ‫يحاول��ون بش��كل رئيس��ي إخاف��ة وترهيب‬ ‫الن��اس م��ن خ�لال التفجي��رات واالغتياالت‪،‬‬ ‫والهجمات االنتحارية‪ ،‬وأشياء من هذا القبيل‬ ‫لدف��ع الن��اس إلى الي��أس وكي يقبل��وا بهم‬ ‫كأم��ر واقع‪ ،‬وهك��ذا فهم يتحرك��ون خطوة‬ ‫خطوة‪ ،‬لكن هدفهم النهائي هو إقامة إمارة‬ ‫إسالمية في سوريا يس��تطيعون من خاللها‬ ‫التروي��ج أليديولوجيته��م الخاص��ة بهم في‬ ‫باقي أنحاء العالم"‪.‬‬ ‫أما ع��ن االتهامات الت��ي وجهت للقوات‬ ‫الحكومية بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين‬ ‫السوريين‪ ،‬أوضح األسد "أننا نحارب اإلرهاب‬ ‫ونطبق الدس��تور لحماية الش��عب السوري"‪،‬‬ ‫مش��يرا إل��ى أن "أمنس��تي إنترناش��ونال"‬ ‫اعترف��ت بالجرائم التي ارتكبته��ا الجماعات‬ ‫المس��لحة قب��ل أي��ام عندم��ا أس��رت جنوداً‬ ‫وأعدمتهم‪ ،‬كما أن "هيومان رايتس ووتش"‬ ‫اعترفت أكثر من مرة بالجرائم التي ترتكبها‬ ‫تل��ك المجموع��ات‪ ،‬ووصفت قبل أي��ام بأنها‬ ‫جرائم حرب‪.‬‬ ‫واعتب��ر أن��ه "م��ن غي��ر المنطق��ي أن‬ ‫يرتك��ب جيش جرائم حرب ضد ش��عبه‪ ،‬ألن‬ ‫الجي��ش الس��وري يتكون من أفراد الش��عب‬ ‫الس��وري‪ ،‬ولو أراد الجيش أن يرتكب جرائم‬ ‫بحق شعبه فإنه سينقس��م ويتفتت‪ ،‬ولذلك‬ ‫ال يمكن أن يك��ون هناك جيش قوي وموحد‬

‫وفي نفس الوقت يقوم بقتل ش��عبه‪ ،‬كما ال‬ ‫يمكن لجيش أن يصمد لمدة عش��رين شهراً‬ ‫ف��ي هذه الظ��روف الصعب��ة دون أن يحظى‬ ‫باحتضان الشعب الس��وري‪ ،‬فكيف يمكن أن‬ ‫يحظ��ى بهذا االحتضان في حين يقوم بقتل‬ ‫الشعب‪ ،‬وهذا تناقض"‪.‬‬ ‫وأعل��ن األس��د أن الم��رة األخي��رة التي‬ ‫تح��دث فيه��ا إل��ى زعي��م غربي كان��ت قبل‬ ‫األزم��ة‪ ،‬وعما إذا ُطرح عليه ش��روط مفادها‬ ‫أن��ه إذا ت��رك منص��ب الرئاس��ة فسيس��ود‬ ‫الس�لام في سوريا‪ ،‬لفت األس��د إلى أن هذا‬ ‫األمر لم يُطرح عليه مباش��رة‪" ،‬لكن س��واء‬ ‫عرضوا ذلك بش��كل مباش��ر أو غير مباشر‪،‬‬ ‫فإن هذه مس��ألة س��يادة‪ ،‬ومن حق الش��عب‬ ‫الس��وري وحده التحدث ف��ي ذلك األمر‪ ،‬وكل‬ ‫م��ا يُط��رح بعد ذلك بش��كل مباش��ر أو غير‬ ‫مباش��ر أو في وس��ائل اإلع�لام ال معنى وال‬ ‫وزن له في سوريا"‪.‬‬ ‫وعن أين س��يذهب إذا أراد الرحيل‪ ،‬قال‬ ‫األس��د "إلى س��وريا‪ ،‬هذا هو المكان الوحيد‬ ‫ال��ذي يمكن أن أكون فيه‪ ،‬وأنا لس��ت دُمية‪،‬‬ ‫ولم يصنعن��ي الغرب كي أذه��ب إلى الغرب‬ ‫أو إل��ى أي بلد آخر‪ ،‬أنا س��وري‪ ،‬أنا من صُنع‬ ‫وعليَ أن أعيش وأموت في سوريا"‪.‬‬ ‫سوريا‪ّ ،‬‬ ‫وأك��د األس��د ان��ه "كان دائم��ًا يؤم��ن‬ ‫بالدبلوماس��ية وبالح��وار حت��ى م��ع أولئ��ك‬ ‫الذي��ن ال يفهم��ون الح��وار أو ال يؤمنون به‪،‬‬ ‫وعلينا أن نس��تمر في المحاولة‪ ،‬وأعتقد أننا‬ ‫س��نحقق دائماً نجاحاً جزئي��ًا‪ ،‬وبالتالي علينا‬ ‫أن نس��عى إلى ه��ذا النج��اح الجزئي قبل أن‬ ‫نحق��ق النجاح الكام��ل"‪ .‬لكنه لف��ت إلى أنه‬ ‫"ال ينبغ��ي االعتق��اد ب��أن الح��وار وحده هو‬ ‫ال��ذي يمك��ن أن يحق��ق النج��اح‪ ،‬ألن أولئك‬ ‫الذي��ن يرتكب��ون ه��ذه األعمال ينقس��مون‬ ‫إلى أن��واع‪ :‬نوعٌ ال يؤمن بالح��وار‪ ،‬خصوصًا‬ ‫المتطرفي��ن‪ ،‬والن��وع الثان��ي يتك��ون م��ن‬ ‫الخارجين عن القانون الذين صدرت بحقهم‬ ‫أحكام قضائية قبل س��نوات من بدء األزمة‪،‬‬ ‫وعدوه��م الطبيع��ي ه��و الحكوم��ة‪ ،‬ألنهم‬ ‫سيُس��جنون إذا عادت األمور إل��ى طبيعتها‪،‬‬ ‫والن��وع اآلخ��ر هم األش��خاص الذي��ن تلقوا‬ ‫الدعم م��ن الخارج‪ ،‬وه��ؤالء ملتزمون فقط‬ ‫تج��اه األش��خاص أو الحكومات الت��ي دفعت‬ ‫لهم وزودتهم بالس�لاح‪ ،‬وهؤالء ال يمتلكون‬ ‫قراره��م‪ ،‬وهناك نوع آخر من الناس س��واء‬ ‫كانوا مقاتلين أو سياسيين يقبلون بالحوار‪،‬‬ ‫ولذلك فقد شرعنا في هذا الحوار منذ أشهر‬ ‫حتى مع المقاتلي��ن‪ ،‬وقد تخلى بعضهم عن‬ ‫السالح وعاد إلى حياته الطبيعية"‪.‬‬ ‫وعم��ا إذا كان يعتق��د أن الغزو األجنبي‬ ‫لس��وريا بات وشيكاً‪ ،‬رأى (الرئيس) األسد أن‬

‫"كلفة مثل هذا الغزو‪ ،‬لو حدث‪ ،‬ستكون أكبر‬ ‫من أن يس��تطيع العالم بأسره تحمُّلها‪ ،‬ألنه‬ ‫إذا كانت هناك مشاكل في سوريا‪ ،‬خصوصًا‬ ‫وأننا المعق��ل األخير للعلمانية واالس��تقرار‬ ‫والتعاي��ش ف��ي المنطقة فإن ذلك س��يكون‬ ‫له أث��ر "الدومينو" الذي س��يؤثر ف��ي العالم‬ ‫من المحيط األطلس��ي إلى المحيط الهادي"‪،‬‬ ‫مستبعداً "أن يمضي الغرب في هذا االتجاه‪،‬‬ ‫لكن إذا فعلوا ذلك‪ ،‬ال يمكن ألحد أن يتنبأ بما‬ ‫سيحدث بعده"‪.‬‬ ‫وعما إذا كان يلوم نفس��ه على ش��يء‪،‬‬ ‫ق��ال "ينبغ��ي ع��ادة أن تجد أخط��اء في كل‬ ‫قرار‪ ،‬وإال فأنت لست بشراً"‪.‬‬ ‫وع��ن أكبر أخطائه‪ ،‬أعل��ن انه "ال يذكر‬ ‫اآلن‪ ،‬لكني قبل اتخاذ أي قرار أدرك بأن جزءاً‬ ‫منه س��يكون خاطئًا‪ ،‬لكن ال يس��تطيع المرء‬ ‫أن يع��رف أخطاءه اآلن‪ ،‬ففي بعض األحيان‪،‬‬ ‫خصوص��ًا خالل األزم��ات‪ ،‬ال تس��تطيع رؤية‬ ‫الصحي��ح م��ن الخطأ إلى أن تتج��اوز األزمة‪،‬‬ ‫وله��ذا ل��ن أك��ون موضوعي��اً إذا تحدثت عن‬ ‫األخط��اء اآلن‪ ،‬ألنن��ا ال زلن��ا في وس��ط هذه‬ ‫الظروف"‪.‬‬ ‫وعما إذا كان يأس��ف عل��ى أمر ما‪ ،‬قال‬ ‫"لي��س اآلن‪ ،‬عندما يتضح كل ش��يء‪ ،‬يمكن‬ ‫أن نتح��دث ع��ن األخطاء‪ ،‬وال ش��ك أن هناك‬ ‫أخطاء"‪.‬‬ ‫وأكد األس��د انه سيعاود القيام بما قام‬ ‫ب��ه لو كن��ا الي��وم ف��ي ‪ 15‬آذار ‪ 2011‬عندما‬ ‫ب��دأت االحتجاج��ات بالتصاع��د‪ ،‬موضحاً أنه‬ ‫"س��يطلب من األط��راف المختلفة الش��روع‬ ‫في الح��وار والوقوف في وج��ه اإلرهابيين"‪،‬‬ ‫معتب��راً أن األم��ر "ل��م يب��دأ بالمظاه��رات‪،‬‬ ‫حيث كان��ت المظاه��رات هي الغط��اء‪ ،‬لكن‬ ‫داخ��ل هذه المظاه��رات كان هناك مقاتلون‬ ‫ب��دأوا بإط�لاق النار عل��ى المدنيي��ن وأفراد‬ ‫الجي��ش ف��ي نفس الوق��ت"‪ ،‬مضيف��ًا "ربما‬ ‫على المس��توى التكتيكي‪ ،‬كان يمكن القيام‬ ‫بش��يء مختلف‪ ،‬لك��ن كرئيس للب�لاد‪ ،‬فأنا‬ ‫أتخ��ذ القرار على المس��توى االس��تراتيجي‪،‬‬ ‫وهذا شيء مختلف"‪.‬‬ ‫وعما إذا كان يرى نفسه في سوريا بعد‬ ‫عشر سنوات‪ ،‬قال "بالتأكيد‪ ،‬ينبغي أن أكون‬ ‫في س��وريا‪ ،‬األمر ال يتعلق بالمنصب‪ ،‬سواء‬ ‫كنت رئيسًا أو غير ذلك"‪.‬‬ ‫الالف��ت في كالم (الرئي��س) هو إصراره‬ ‫على ترك الس��لطة في إط��ار عملية انتخابية‪،‬‬ ‫وكأنه قد جاء إليها بانتخابات‪ ،‬والالفت أكثر هو‬ ‫غياب االهتمام الشعبي واإلعالمي بتصريحاته‬ ‫األخيرة ربما ليقين الجميع أنه لن يأتي بجديد‪،‬‬ ‫وأن الحل أضحى في مكانٍ آخر‪..‬‬

‫‪7‬‬


‫الثورة بني االئتالف واالختالف‬ ‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫خالد كنفاني‬

‫شهد األس��بوع المنصرم حدثًا مفصليًا‬ ‫في مس��يرة الث��ورة الس��ورية اليتيمة (وهو‬ ‫لقبه��ا منذ بدايتها) تمثل في إعالن تش��كيل‬ ‫ائت�لاف ق��وى الث��ورة والمعارضة الس��ورية‬ ‫برئاسة أحمد معاذ الخطيب‪.‬‬ ‫وال ب��د قبل ال��كالم عن مس��تقبل هذا‬ ‫االئتالف أو نقده أو دعمه من إبداء مالحظتين‬ ‫اثنتين‪:‬‬ ‫النقطة األولى تتمثل في التسمية حيث‬ ‫ت��م االتفاق على تس��مية "االئتالف" بد ًال من‬ ‫مجل��س أو هيئة أو غير ذلك مما يش��ي بنوع‬ ‫م��ن تجميع الق��وى والش��خصيات المعارضة‬ ‫ولي��س توحيده��ا‪ .‬وال يخف��ى هن��ا كل م��ا‬ ‫س��بق اإلعالن النهائي من محاورات وجلسات‬ ‫وخاص��ة داخ��ل المجلس الوطن��ي والذي بدا‬ ‫وق��د فق��د الكثير م��ن ألقه المزعوم وش��عر‬ ‫فج��أة بحصار الخ��ارج والداخل ل��ه بعد األداء‬ ‫الهزيل والمخزي على مدى أكثر من خمس��ة‬ ‫عش��ر ش��هراً م��ن تأسيس��ه‪ .‬كم��ا أن عملية‬ ‫انتخ��اب أمانت��ه العام��ة وما ش��ابها من لغط‬ ‫كبي��ر وكذلك الخطوات المريبة التي س��بقت‬ ‫انتخ��اب جورج صب��را لرئاس��ة المجلس كان‬ ‫له��ا أثر كبير في تعمي��ق الهوة بين المجلس‬ ‫وباق��ي أطي��اف المعارضة تضاف إل��ى الهوة‬ ‫بين��ه وبي��ن الس��وريين عموماً‪ .‬وهك��ذا ولد‬ ‫االئتالف الجديد بعد مخاض عس��ير كجس��م‬ ‫جام��ع لألط��راف الت��ي قبلت االنض��واء تحته‬ ‫ولكنه ليس جس��ماً واحداً‪ .‬ويخطئ من يقول‬ ‫أن الديمقراطي��ة ال تعن��ي اجتم��اع الجمي��ع‬ ‫عل��ى رأي واحد‪ ،‬فالمطلوب في هذه المرحلة‬ ‫وجود كتلة جامعة وممثلة للجميع كي تتكلم‬ ‫باس��م الس��وريين في الخارج مثلما عبّر عن‬ ‫ذلك المتحدث الرسمي باس��م بابا الفاتيكان‬ ‫بقول��ه‪" :‬عندما نري��د الحوار مع الس��وريين‬ ‫فنحن ال نعرف مع من نتحدث"‪.‬‬ ‫النقط��ة الثانية والمحزن��ة برأيي‪ ،‬هي‬ ‫أن تتم ممارس��ة ه��ذا الضغ��ط الهائل على‬ ‫مختلف األطراف السورية للقبول باالنضمام‬ ‫إل��ى االئت�لاف حت��ى أن البع��ض وص��ل إلى‬ ‫مرحل��ة التهدي��د بقطع التموي��ل عن الطرف‬ ‫الذي س��يرفض المش��اركة‪ .‬والمحزن برأيي‬ ‫ه��و أن ال يتداع��ى الس��وريون وخاص��ة من‬ ‫يعتب��رون أنفس��هم النخب��ة إل��ى مث��ل هذا‬ ‫االجتماع والوحدة في مواجهة النظام الغاشم‬ ‫ومواجه��ة العال��م أجم��ع من تلقاء أنفس��هم‬ ‫ومن وازع ضمائرهم ووطنيتهم التي صدعوا‬ ‫رؤوسنا بها‪ ،‬وخاصة أن عدداً ال بأس به منهم‬ ‫عانى م��ا عاناه م��ن االعتق��ال والتنكيل في‬ ‫س��جون النظام فيما مضى دفاع��ًا عن أفكار‬ ‫الحري��ة والديمقراطية‪ .‬كان من المحزن حقًا‬ ‫أن يتع��رض الس��وريون إل��ى اتف��اق طائف‬ ‫جديد وهم لم ال يزالون يصارعون ضد نظام‬ ‫البعث الغاش��م‪ .‬وإال فكيف سيكون الحال بعد‬ ‫س��قوط النظام وانفراد كل مجموعة أو حزب‬ ‫أو جماع��ة بم��ا اس��تولت عليه تح��ت أيديها؟‬ ‫أخش��ى أن يكون الس��وريون قد ثبتوا قناعة‬ ‫المجتم��ع الدولي بافتراقه��م وليس وحدتهم‬ ‫عبر تش��كيل ه��ذا االئتالف‪ ،‬ولكنن��ا ال بد أن‬ ‫نبقي على األمل والعمل معًا وإال فإن التراجع‬ ‫اليوم بات في حكم االنتحار‪.‬‬ ‫"الع��دل يحت��اج الق��وة"‪ ،‬ه��ي مقول��ة‬ ‫قديم��ة ال يحضرن��ي الي��وم قائله��ا‪ ،‬ولكنن��ا‬ ‫ن��رى أنه��ا حقيقة ال مف��ر منها‪ .‬ولس��ت هنا‬ ‫ف��ي معرض تبري��ر أفعال هيئ��ات ومجالس‬ ‫المعارضة المختلفة في تبعيتها لهذا الطرف‬ ‫أو ذاك‪ ،‬ولكن ال يس��تطيع أح��د أن ينكر على‬ ‫الس��وريين اللجوء إلى بعض الدول أو القوى‬ ‫الكب��رى وذلك ألن هن��اك الكثير م��ن القوى‬ ‫الكب��رى أيض��ًا تدع��م النظ��ام‪ .‬ول��ن يمكننا‬ ‫الخ��روج م��ن حقيق��ة أن كاف��ة الصراعات أو‬

‫النزاعات ف��ي العالم إما أنه��ا تبدأ كانعكاس‬ ‫لصراع��ات خارجي��ة أو أجندات دولي��ة أو أنها‬ ‫تتحول لتصبح على هذه الش��اكلة مع الوقت‪.‬‬ ‫نحن نقف بكل حزم أم��ام نظريات المؤامرة‬ ‫في مس��ألة الربيع العربي‪ ،‬ولكن ما تم فع ًال‬ ‫ه��و أن القوى الكب��رى ومراك��ز القوى داخل‬ ‫البل��دان العربية تس��لقوا على ه��ذه الثورات‬ ‫حت��ى يلحق��وا بالرك��ب وقف��ز الكثي��ر منهم‬ ‫من الس��فينة قبل غرقها‪ .‬وس��اهم في ذلك‬ ‫عدد كبير ممن أصبح��وا نجوم الثورات وهم‬ ‫ل��م يقولوا يومًا "ال" بينم��ا تصدح حناجرهم‬ ‫على الفضائيات بالمناشدات للمجتمع الدولي‬ ‫واألم��م المتح��دة واليونس��كو واليونيس��يف‬ ‫والسالم األخضر‪.‬‬ ‫إن ال��كالم ع��ن اس��تقاللية الق��رار‬ ‫السياس��ي واالقتص��ادي ه��و من ب��اب الترف‬ ‫الفك��ري في بل��د محطم يعاني م��ن التخلف‬ ‫الثقاف��ي والسياس��ي واالجتماع��ي ألكثر من‬ ‫خمس��مائة عام‪ .‬لم تكن موازي��ن القوى عبر‬ ‫التاريخ لتختلف سوى في مواضعها الجغرافية‬ ‫وأش��كال س��يطرتها‪ ،‬أما العقلية االستعمارية‬ ‫الش��مولية فإنها ل��م تفارق الذهن البش��ري‬ ‫لحظ��ة واح��دة‪ .‬س��يطر الرومان عل��ى نصف‬ ‫العال��م ف��ي يوم م��ن األيام وس��يطر اليونان‬ ‫على أجزاء واس��عة من أوروبا واستعمر العرب‬ ‫الفاتح��ون أكثر من نصف العالم القديم ومن‬ ‫ثم العثمانيون واحتل��ت بريطانيا أغلب أجزاء‬ ‫األرض حت��ى تباه��ى حكامها ب��أن بالدهم ال‬ ‫تغيب عنها الش��مس‪ .‬كانت مراكز القوى في‬ ‫العالم هي التي تس��يطر هن��ا وهناك وتدعم‬ ‫ه��ذا وترف��ع الغطاء عن ذاك‪ .‬غي��ر أن العصر‬ ‫الحديث شهد تبد ًال في نمط السيطرة فلم تعد‬ ‫الجيوش هي وحدها التي تقوم بغزو واحتالل‬ ‫البالد األخرى‪ ،‬وإنما دخلت أس��اليب الس��يطرة‬ ‫الفكري��ة واإلعالمي��ة والفني��ة واالقتصادي��ة‬ ‫على الخط‪ ،‬فل��م تعد القوى الكبرى مضطرة‬ ‫ألية خس��ائر ف��ي أرواح مواطنيه��ا بينما يتم‬ ‫تدمير أو إعمار البلدان المستهدفة عن طريق‬ ‫االقتص��اد واإلع�لام وغي��ره‪ .‬ولم يخ��ل األمر‬ ‫بالطب��ع م��ن مغام��رات عس��كرية كان عل��ى‬ ‫رأس��ها قيام جورج بوش االبن بغ��زو العراق‬ ‫وأفغانستان بطريقة استعمارية فجة وظالمة‬ ‫لم تزد البلدان المس��تعمَرة إال تخلفاً ودماراً‪.‬‬ ‫وه��ا هم األمريكيون خرجوا م��ن العراق بعد‬ ‫تس��عة أعوام لم يبنوا فيها مدرسة أو جامعة‬ ‫أو مستش��فى‪ ،‬بل تركوا البل��د في حالة دمار‬ ‫اجتماعي واقتصادي ال يعنيهم من ذلك سوى‬ ‫أنابيب ضخ البترول التي تعمل أربعًا وعشرين‬ ‫ساعة لتزويد القوى الكبرى بالثروة المعدنية‬ ‫التي لم يس��تفد أبناؤها منها فيما مضى ولم‬ ‫يستفيدوا منها بعد دخول األمريكان‪.‬‬ ‫ي��رى كثي��رون م��ن الس��وريين الي��وم‬ ‫أنه��م يتبعون قاعدة "ع��دو عدوي صديقي"‪،‬‬

‫مفترضين بذلك حالة العداء "المزعومة" بين‬ ‫الغرب والخليج من جهة وبين روس��يا وإيران‬ ‫م��ن جهة أخرى‪ ،‬وهو م��ا نلحظه في التهليل‬ ‫المباش��ر م��ن قب��ل بع��ض الس��وريين بأية‬ ‫مس��ألة تتعلق بروسيا حتى ولو كانت خسارة‬ ‫منتخبها في بطولة أوروبا لكرة القدم!‬ ‫بكل أس��ف لم يثبت أي من المعارضين‬ ‫س��واء من ناضلوا ف��ي الداخل أو من عاش��وا‬ ‫ف��ي الخ��ارج فت��رات طويل��ة أو المتس��لقين‬ ‫ومحدث��ي الث��ورة‪ ،‬ل��م يثب��ت أي م��ن هؤالء‬ ‫قدرته على السياس��ة باعتبارها فن الممكن‪،‬‬ ‫ب��ل كان االنغالق وضيق األفق س��يد الموقف‬ ‫على كافة المس��تويات وف��ي كل مراحل هذه‬ ‫الث��ورة‪ .‬كان الصراخ والتخوين عنوانًا عريضًا‬ ‫ضم تحته الغالبية العظم��ى من المعارضين‬ ‫وث��وار "التويت��ر" بينم��ا كان رفض مناقش��ة‬ ‫الخي��ارات المحتملة لتجنيب البالد والعباد ذلك‬ ‫الدم��ار الهائ��ل ال��ذي حل بها هو س��مة عمل‬ ‫البعض اآلخر‪ ،‬إلى درجة أن المجلس الوطني‬ ‫"التاريخي" بقي على قطيعة مع روس��يا فترة‬ ‫طويل��ة قبل أن يق��رر زيارتها ولو لالس��تماع‬ ‫إل��ى الطرف اآلخ��ر‪ .‬ورغ��م قناعتنا ب��أن من‬ ‫يسيّر أي طرف هو من يموّله (وهذه حقيقة‬ ‫صارخة ال يمكن تجاهلها) إال أن حداً أدنى من‬ ‫السياس��ة لم يتوفر إلبقاء قنوات االتصال مع‬ ‫كافة األط��راف مفتوحة‪ .‬وإذا كانت المعارضة‬ ‫اليوم تنتقد النظ��ام لمعاداته للخليج والغرب‬ ‫فإنه��ا تقوم بمعاداة روس��يا وإي��ران والصين‬ ‫والتبشير بقطع كافة العالقات مع هذه الدول‬ ‫رغم أهمية ومركز ثقل هذه الدول‪ ،‬وهو أمر‬ ‫ال يمكن في السياسة‪ ،‬فالشد والرخي ممكنان‬ ‫أما القطيعة فال تخسر فيها القوى الكبرى بل‬ ‫ال��دول الصغي��رة والمتعث��رة‪ ،‬فما بال��ك ببلد‬ ‫تمزق عن بكرة أبيه وسالت دماء أبنائه انهاراً‬ ‫ولم يبق من روابط فيه سوى الموت؟‬ ‫كان انتخ��اب (أو ربم��ا اختي��ار) الداعي��ة‬ ‫أحم��د مع��اذ الخطي��ب عل��ى رأس االئت�لاف‬ ‫مفاجئ��ًا وب��دون مقدم��ات‪ .‬ورغ��م أن��ه كان‬ ‫مدع��واً الجتماع��ات الدوح��ة غي��ر أنه س��بق‬ ‫الزي��ارة بإرس��ال رس��الة طويل��ة ش��رح فيها‬ ‫موقفه م��ن االجتماعات مبين��ًا رأيه في طرح‬ ‫اإلس�لام في النقاش��ات الحالية والمستقبلية‬ ‫بما يتعلق بش��كل ونظام الحك��م القادم في‬ ‫س��وريا‪ .‬ونح��ن إذ نقرّ أن الرجل لديه س��يرة‬ ‫ذاتي��ة نظيف��ة وه��و بالفعل من األش��خاص‬ ‫المس��تقيمين والذين عانوا بعض الشيء من‬ ‫جور النظام‪ ،‬كان أولها منعه من الخطابة ولم‬ ‫يك��ن آخرها اعتقال��ه ألكثر من م��رة‪ .‬كما أن‬ ‫فك��ره المتنور ضمن القالب اإلس�لامي (وهي‬ ‫توليفة لم يتقنها إال القالئل) جعلت منه وجهًا‬ ‫مقبو ًال لدى الق��وى الداعمة لالئتالف وخاصة‬ ‫أن ذلك يتماش��ى مع الموج��ة "الروحية" التي‬ ‫اجتاحت البالد العربية على أثر الربيع العربي‪،‬‬

‫أم��ا الس��ؤال عن صالحي��ة كل ذل��ك "النقاء"‬ ‫واالس��تقامة مع متطلب��ات السياس��ة القذرة‬ ‫وأوحاله��ا فهي مس��ألة س��وف يثبته��ا الزمن‬ ‫وخاصة أن الرجل لم ّ‬ ‫يتول أي منصب سياسي‬ ‫أو إداري أو حكومي فيما مضى‪.‬‬ ‫لن نقول الكثير اليوم في هذه المسألة‬ ‫فاألولوي��ة األه��م اآلن ه��ي إنه��اء الحال��ة‬ ‫الدموي��ة الت��ي وصلت إليه��ا الب�لاد على يد‬ ‫الجمي��ع الي��وم‪ ،‬وم��ع تزايد االنتق��ادات بحق‬ ‫الجي��ش الح��ر وكتائب��ه وفصائل��ه وألويت��ه‬ ‫ومن يدع��ون التبعية له فقد ش��عر كثير من‬ ‫الس��وريين أنهم وصلوا إلى طريق مس��دود‬ ‫حي��ث تحاصره��م وتقصفهم ق��وات النظام‬ ‫بينم��ا يتم تخوينهم والحك��م عليهم ميدانيًا‬ ‫واختطافه��م م��ن قب��ل الجي��ش الح��ر‪ ،‬وإذا‬ ‫كان ه��ذا ال��كالم ل��ن يعج��ب الكثيري��ن من‬ ‫المتحمس��ين الي��وم‪ ،‬إال أن الحقيق��ة يج��ب‬ ‫أن نراه��ا كامل��ة‪ ،‬ألن م��ا يتم التأس��يس له‬ ‫الي��وم هو حال��ة احتقان اجتماع��ي وطائفي‬ ‫وعرق��ي متفج��رة يعي��ش فيها الن��اس على‬ ‫ال��دوام في حال��ة تأهب للدفاع ع��ن النفس‪.‬‬ ‫بينما يت��م ترك الوطن يتم��زق ويُنهب على‬ ‫م��رأى من الجميع‪ .‬إن كل االئتالفات والهيئات‬ ‫والمجالس التي تتنقل بي��ن الفنادق وأروقة‬ ‫المؤتم��رات س��تبقى حب��راً عل��ى ورق طالما‬ ‫بقي حملة السالح من كل األطراف يفرضون‬ ‫إرادتهم على األرض بكعب البندقية‪ .‬وتزداد‬ ‫يوم��ًا بع��د ي��وم حال��ة الفوضى العس��كرية‬ ‫واإلنس��انية العارمة والتي أفرزت إقطاعيات‬ ‫وكانتونات مس��تقلة ومتنافرة ومتباعدة غير‬ ‫أن كل ذل��ك يتم التغطية عليه اليوم باس��م‬ ‫الثورة وإسقاط النظام‪.‬‬ ‫آخ��ر ال��كالم‪ :‬يق��ول باول��و كويلو في‬ ‫"دليل محارب النور"‪:‬‬ ‫"مح��ارب النور ال يؤجل اتخ��اذ قراراته‪.‬‬ ‫ويفك��ر مليا قبل أن يتص��رف‪ .‬يفكر بتجاربه‬ ‫ومس��ؤولياته وواجبات��ه تج��اه الن��اس الذين‬ ‫يحبه��م‪ ،‬ويس��عى للمحافظ��ة عل��ى رباطة‬ ‫جأش��ه‪ ،‬وتحلي��ل كل خط��وة‪ ،‬وكأنه��ا أه��م‬ ‫الخطوات‪ .‬لكن المحارب عندما يتخذ أي قرار‪،‬‬ ‫فإن��ه يمضي ف��ي طريقه‪ ،‬وال يتس��اءل ماذا‬ ‫س��يختار‪ ،‬أو يغير لو كانت الظ��روف مختلفة‬ ‫عم��ا كان يعتقد‪ .‬وكل ما يفعل��ه هو التكيف‬ ‫م��ع الطريقة المغاي��رة‪ ،‬ويتصرف في بعض‬ ‫األحي��ان بصالب��ة الصخ��ر‪ .‬وينج��رف أحيانا‬ ‫بعواطف��ه كانج��راف مي��اه النه��ر‪ .‬ول��و كان‬ ‫القرار الذي يتخذه صحيحا‪ ،‬فس��وف يفوز في‬ ‫القتال‪ ،‬حتى لو اس��تمر أطول مما يتوقع‪ .‬وإذا‬ ‫كان القرار خاطئا فس��وف يتعرض للهزيمة‪،‬‬ ‫ويحاول البدء مجددا بمزيد من الحكمة‪ .‬لكن‬ ‫مح��ارب النور عندما يبدأ‪ ،‬فإنه يس��تمر حتى‬ ‫النهاية‪" .‬‬


‫خل��ع قانون��ًا عبارة عن دع��وى ترفعها‬ ‫الزوج��ة ضد زوجه��ا إذا بغض��ت الحياة معه‬ ‫ولم يكن من سبيل الستمرار الحياة الزوجية‬ ‫وخشيت بس��بب هذا البغض أال تقيم حدود‬ ‫اهلل‪ ،‬والخلع يقتضي افتداء الزوجة لنفس��ها‬ ‫ب��رد مهره��ا وتنازله��ا ع��ن جمي��ع حقوقها‬ ‫المالية الشرعية‪.‬‬

‫الأدلة ال�شرعية علي وجود نظام اخللع‪:‬‬

‫يف ال�سنة النبوية الكرمية‪:‬‬

‫كتاب العدد‪:‬‬ ‫من تدمر �إىل‬ ‫هارفارد‪ ..‬رحلة‬ ‫�سجني عدمي الر�أي‬

‫اخللع يف الت�شريعات العربية‪:‬‬

‫لقد تم األخذ بنظ��ام الخلع في العديد‬ ‫م��ن التش��ريعات العربي��ة مث��ل التش��ريع‬ ‫الكويت��ي والعراق��ي واليمن��ي والليب��ي‪...‬‬ ‫ال��خ‪ ،‬كما يتضمنه مش��روع القانون العربي‬ ‫الموحد لألحوال الش��خصية‪ ،‬وقد تم إقراره‬ ‫مؤخ��راً في مص��ر األم��ر الذي أح��دث جد ًال‬ ‫واسعاً هناك‪.‬‬

‫من الأ�سباب املوجبة لإقرار اخللع‪:‬‬

‫‪ - 1‬الضرر الذي يعود على الزوجة من‬ ‫ج��راء اس��تمرار الزوجية بينه��ا وبين زوجها‬ ‫ال��ذي يمك��ن أن يك��ون فيه عي��ب خفي لم‬ ‫تطل��ع عليه الزوج��ة قبل ال��زواج ومن هذه‬ ‫العيوب‪ :‬العقم‪ ،‬العجز الجنسي‪ ،‬سوء الخلق‬ ‫أو أي��ًا م��ن العيوب التي ال تس��تطيع الزوجة‬ ‫معها االستمرار في الحياة مع هذا الزوج‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الحالة التي قد يصل إليها الزوجان‬ ‫من استحالة العشرة بينهما وتشاقا وخافا أال‬ ‫يقوم��ا بما يجب عليهما من حقوق الزوجية‪،‬‬ ‫فإذا اتفق الزوجان على الطالق أو الخلع يتم‬ ‫الف��راق بهدوء وتفاهم‪ ،‬أم��ا إذا تعنت الزوج‬ ‫واصب��ح يس��اوم الزوج��ة مح��او ًال ابتزازها‬ ‫للحص��ول منه��ا على أم��وال كثي��رة مقابل‬ ‫إعطائه��ا حريته��ا فيك��ون في ه��ذه الحالة‬ ‫الخلع هو الحل‪.‬‬ ‫‪ - 3‬تع��دد الزوج��ات ال��ذي يمك��ن أن‬ ‫يكون ض��رراً محقق��ًا على الزوج��ة األولى‪.‬‬ ‫فإذا وجدت الزوجة األولى نفس��ها متضررة‬ ‫من زواج زوجها مرة أخرى‪ ،‬يمكن أن تفتدي‬ ‫نفس��ها وتحص��ل عل��ى حريته��ا ب��أن تخلع‬ ‫نفسها من زوجها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬حالة النش��وز الت��ي يمكن أن تجد‬

‫الزوج��ة نفس��ها فيه بحك��م قضائي (حكم‬ ‫الطاعة) وال��ذي تصبح في��ه الزوجة معلقة‬ ‫ال ه��ي متزوجة وال ه��ي مطلقة األمر الذي‬ ‫يلحق بها ضرراً كبيراً‪.‬‬

‫املخالعة‪:‬‬

‫أم��ا المخالعة الرضائي��ة والتي أخذ بها‬ ‫القانون الس��وري فهي‪ :‬ه��ي عقد يتم بين‬ ‫الزوجين المتخالعين تتنازل بموجبه الزوجة‬ ‫ع��ن كامل حقوقها الزوجية أو عن جزء منها‬ ‫مقابل أن يقوم ال��زوج بخلعها من عصمته‬ ‫وم��ن عقد نكاحه‪ ،‬وذل��ك مقابل بدل نقدي‬ ‫يؤديه لزوجته يسمى بدل المخالعة‪.‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬شروط المخالعة‪ :‬يشترط لصحة‬ ‫المخالعة أن يكون الزوج أه ًال إليقاع الطالق‬ ‫والمرأة مح ًال له‪.‬‬ ‫ثالث��ًا‪ :‬صيغ��ة المخالع��ة‪ :‬إن عق��د‬ ‫المخالع��ة يعتبر كأي عقد آخر يحتاج إليجاب‬ ‫وقبول وبأنه يحق ألي من الطرفين الرجوع‬ ‫ع��ن إيجابه ف��ي المخالعة قب��ل قبول اآلخر‬ ‫وإذا ما انعقدت إرادة الزوجين على المخالعة‬ ‫فأن��ه يتم إجراؤه��ا كما س��نبينه‪ :‬إذ يجتمع‬ ‫الزوجي��ن ف��ي م��كان واحد يس��مى مجلس‬ ‫االنعقاد وبحضور ش��اهدين ويمكن أن تتم‬ ‫بدون ش��هود ولكن حضورهما يكون إلثبات‬ ‫وق��وع المخالعة أمام القضاء في حال تخلف‬ ‫أح��د الزوجين عن الحض��ور إلى المحكمة أو‬ ‫إن��كاره للمخالع��ة أو إذا توف��ي أحدهما بعد‬ ‫المخالع��ة‪ ،‬حيث يتم تب��ادل ألفاظ المخالعة‬ ‫بي��ن الزوجي��ن إذ يق��ول الزوج‪ :‬ي��ا زوجتي‬ ‫ويذكر اس��مها إنن��ي خلعتك م��ن عصمتي‬

‫من تدم��ر إلى هارف��ارد‪ ..‬رحلة س��جين عديم‬ ‫الرأي‪ ،‬ذاكرة غنية بتفاصي��ل األلم والوجع في أقبية‬ ‫معتقالت النظام السوري كتبها براء السراج‪..‬‬ ‫أحد عش��ر عاماً من عم��ر هذا الش��اب الحموي‬ ‫ذهب��ت في تدم��ر‪ ،‬ليخ��رج بعدها بعزيم��ة كالجبال‪،‬‬ ‫أهلته ليحصل على تأش��يرة للوالي��ات المتحدة ومن‬ ‫ثم يبدأ بدراس��ة علم األحياء والحصول على ش��هادة‬ ‫الدكت��وراه عام ‪ ،2006‬ولي��درس بعدها لمدة عامين‬ ‫ف��ي أرقى جامع��ات العالم هارفارد وليصبح مدرس��ا‬ ‫في نورث ويسترن في شيكاغو فيما بعد‪..‬‬ ‫يبهرن��ا الكات��ب بذاكرت��ه الحديدية ف��ي تذكر‬ ‫تفاصي��ل م��ا كان يح��دث مع��ه‪ ،‬حي��ث أجبر س��جناء‬

‫ومن عق��د نكاحي بش��رط أن تبرئي ذمتي‬ ‫م��ن كافة حقوق��ك الزوجية أو م��ن بعضها‬ ‫‪/‬وف��ق االتف��اق‪ /‬وم��ن المهري��ن المعج��ل‬ ‫والمؤج��ل وم��ن االش��ياء الجهازي��ة وم��ن‬ ‫النفقة بأنواعها وم��ن أي حق أو مطلب آخر‬ ‫إبرا ًء تامًا ش��ام ًال على بدل خلع وقدره مثال‪/‬‬ ‫عش��رة آالف ليرة س��ورية‪ /‬أدفعها لك نقداً‪،‬‬ ‫ومن ثم تقوم الزوجة بالرد عليه في نفس‬ ‫المجل��س وأمام نفس الش��هود ي��ا زوجي ‪/‬‬ ‫وتذك��ر اس��مه ‪ /‬إنن��ي قبلت خلع��ك لي من‬ ‫عصمتك وم��ن عقد نكاحك وإنن��ي تنازلت‬ ‫عن كامل حقوق��ي الزوجية أو بعضها وفقًا‬ ‫لالتف��اق وع��ن المهرين المعج��ل والمؤجل‬ ‫وعن النفقة بأنواعها وعن األشياء الجهازية‬ ‫وعن أي حق أو مطلب وقد أبرأت ذمتك منها‬ ‫إبرا ًء تامًا شام ًال على بدل الخلع الذي ذكرته‬ ‫وإنني قد قبضته منك نقداً‪ ،‬وتصرح الزوجة‬ ‫إذا كان��ت غير حامل بأنه��ا غير حامل وبانها‬ ‫ل��م تلتق مع زوجه��ا منذ أكثر من ش��هرين‬ ‫وبأن دورتها الش��هرية منتظمة ولم تنقطع‬ ‫وذل��ك من أجل ب��راءة الرحم‪ ،‬أم��ا إذا كانت‬ ‫حام��ل فتص��رح بذلك‪ .‬ومن ث��م يتم توقيع‬ ‫الطرفين على العقد وأيضًا الشهود على أن‬ ‫يتم تثبيت المخالعة أمام القضاء‪.‬‬ ‫رابع��ًا‪ :‬آث��ار المخالع��ة‪ :‬بع��د أن تت��م‬ ‫المخالع��ة مس��توفية لش��روطها ووفق��ًا‬ ‫لصيغته��ا المبين��ة أع�لاه ف��ان هن��اك آثاراً‬ ‫تترتب عليها إذ تصبح الزوجة مطلقة وتلزم‬ ‫بالعدة الش��رعية ومقداره��ا ثالثة قروء أي‬ ‫ثالث حيضات‪ ،‬وتعتبر المخالعة طالقاً بائناً‪،‬‬ ‫أما إذا ل��م تكن المخالعة عل��ى بدل فتكون‬ ‫طالقًا رجعيًا‪.‬‬

‫تدمر أنفس��هم عل��ى تدري��ب ذاكرته��م على حفظ‬ ‫كل ش��يء‪ ،‬إذ ه��م يمنعون من أي وس��يلة كتابية أو‬ ‫بصرية للتواص��ل وهم بهذا أيضًا يحافظون على ما‬ ‫يستطيعون من قدراتهم وروحهم‪.‬‬ ‫يق��ول الكاتب في أح��د تغريداته عل��ى تويتر‪:‬‬ ‫(أن أحد األسباب الرئيس��ية التي كانت تدفعه لقضاء‬ ‫الس��اعات الط��وال ف��ي المكتبة للدراس��ة هي تذكر‬ ‫ص��ورة حاف��ظ األس��د)‪ ،‬كان ب��راء مص��راًُ أن يق��ول‬ ‫لحافظ أنه لم يس��تطع هزيمة روحه حتى لو اعتقله‬ ‫أبد الدهر‪ ..‬ولقد انتصر براء!‪..‬‬ ‫الكت��اب ف��ي نس��خته االلكترونية يق��ع في ‪98‬‬ ‫صفحة ولم ينشر ورقيًا‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫تع��د الس��نة النبوي��ة المطه��رة ه��ي‬ ‫المص��در الصريح المقرر لنظ��ام الخلع في‬ ‫اإلسالم وتعد ش��كوى زوجة ثابت بن قيس‬ ‫بن ش��ماس للرس��ول ه��ي مناس��بة تقرير‬ ‫نظام الخلع ش��رعًا‪ ،‬الرواي��ة األولى ‪ 000‬ما‬ ‫رواه اإلمام النسائي‪:‬‬ ‫أن ثاب��ت ب��ن قي��س ب��ن ش��ماس ضرب‬ ‫زوجته جميلة بنت عبد اهلل بن أبي أبن س��لول‬ ‫فكس��ر نفضه��ا أي أعلي كتفها فاتت لرس��ول‬ ‫اهلل (ص) بعد الصبح فاشتكت إليه‪ ،‬فدعا البني‬ ‫قي��س فقال ل��ه‪" :‬خذ بع��ض ماله��ا وفارقها"‪.‬‬ ‫ق��ال ثابت "ويصلح ذل��ك يا رس��ول اهلل؟" قال‬ ‫الرس��ول‪" :‬نعم"‪ .‬فق��ال ثابت فإن��ي أصدقتها‬ ‫حديقتي��ن وهم��ا بيدها فق��ال النب��ي خذهما‬ ‫وفارقها‪ .‬فأخذها وجلست في بين أهلها‪.‬‬ ‫الرواية الثانية‪ :‬ما رواه البخاري عن بن‬ ‫عب��اس قال‪ :‬جاءت آم��راه ثابت بن قيس بن‬ ‫ش��ماس– وهى حبيبة بنت سهل األنصاري‬ ‫إلى رس��ول اهلل (ص) فقالت‪ :‬يا رس��ول اهلل‬ ‫م��ا أعتب عليه في خلق وال دين ولكني أكره‬ ‫الكفر في اإلس�لام وال أطيق��ه بغضا فقال‬ ‫رس��ول اهلل (ص) "أتردي��ن علي��ه حديقته"‬ ‫قال��ت "نع��م" فقال رس��ول اهلل (ص) "أقبل‬ ‫الحديقة وطلقها تطليقه"‪.‬‬ ‫إضاف ًة إلى أنه قد أجمع فقهاء الشريعة‬ ‫اإلس�لامية عل��ى ش��رعية الخل��ع كنظ��ام‬

‫�شروط اخللع‪:‬‬

‫م��ن ش��روط الخل��ع أن يك��ون مقابل‬ ‫عوض من جهة الزوجة‪ ،‬أما إذا كانت الرغبة‬ ‫ف��ي الفراق آتية من الزوج كأن يكون كارهًا‬ ‫رغم قيامه��ا بواجباتها وعدم تقصيرها في‬ ‫حقه أو يضربها ويضيق عليها في المعاملة‬ ‫ك��ي يحمله��ا على دف��ع الفدي��ة تخلصاً من‬ ‫الزوجي��ة فق��د ذه��ب بع��ض الفقه��اء إلى‬ ‫كراهي��ة أخذ الزوج م��ن زوجته ش��يئًا وهو‬ ‫ال��كاره‪ ،‬وذه��ب فريق آخ��ر إلى أخ��ذ الزوج‬ ‫م��ا ًال من زوجت��ه في هذه الحال��ة حرام وقد‬ ‫أثم الزوج بأخذه البدل‪ .‬ومن ش��روطه أيضًا‬ ‫أن يتراض��ى الزوجي��ن عل��ى المخالعة‪ ،‬بأن‬ ‫ترض��ى الزوجة بدفع الب��دل ويرضى الزوج‬ ‫بالخلع وبالبدل‪ ،‬وإذا لم يتم التراضي بينهما‬ ‫فللقاضي إلزام الزوج بالخلع‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫في الق��رآن الكري��م‪ :‬ق��ال تعالى "وال‬ ‫يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن ش��يئًا إال‬ ‫أن يخالفا أال يقيما حدود اهلل‪ ،‬فان خفتم أال‬ ‫يقيما حدود اهلل فال جناح عليهما فيما افتدت‬ ‫به" [اآلية ‪ 229‬من سورة البقرة]‪.‬‬ ‫فهذه اآلية الكريمة ذات الحكم الواضح‬ ‫أباحت للزوجة – متي خشيت أال تقيم حدود‬ ‫بمال تقدمه‬ ‫اهلل تعالى – أن تفتدي نفس��ها ٍ‬ ‫لزوجه��ا لق��اء طالقه��ا خلعًا‪ ،‬وف��ي المقابل‬ ‫أباحت اآلي��ة الكريمة للزوج قبول هذا المال‬ ‫كع��وض ع��ن إيق��اع ط�لاق ال يري��ده ولم‬ ‫يس��عى إلي��ه أو يتس��بب فيه‪ ،‬والخل��ع وكما‬ ‫س��يلي نوع من الطالق على م��ال لذا وجب‬ ‫تقدي��م الزوج��ة لما يفديها من ه��ذا الزواج‬ ‫الذي أمست ال تطيقه‪.‬‬

‫إس�لامي ولم يثبت وجود أي اختالف بينهما‬ ‫عل��ى ش��رعيته‪ ،‬وال يحول ذل��ك دون وجود‬ ‫اختالفات تتعلق بعض أركانه وشروطه‪.‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫تعريف اخللع‪:‬‬

‫اخللــع واملخالعــة‬

‫‪9‬‬


‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫ملاذا �أخفق الي�سار يف فهم‬ ‫امل�س�ألة ال�سورية؟‬ ‫ال ن��زال نصط��دم بموق��ف يس��ار‬ ‫يدافع عن الس��لطة في س��وريا‪ ،‬ويعتبر‬ ‫أن ما يجري هو مؤامرة‪ .‬ليس��ت المسألة‬ ‫هنا هي مسألة خطأ عابر‪ ،‬وكذلك ليست‬ ‫نتاج خط��أ عاطفي‪ ،‬بل ال بد من التمييز‬ ‫بين من لهم مصلحة مباشرة ومن يأتي‬ ‫موقفه��م نتاج خط��أ معرف��ي‪ .‬وإذا كان‬ ‫هن��اك "قريب��ون" لهم مصالح مباش��رة‬ ‫فإن الكثير من اليس��ار العربي والعالمي‬ ‫يتحاك��م لخط��أ معرفي يش��ي بطبيعة‬ ‫الوعي الذي يتحكم بهؤالء‪.‬‬ ‫ورغ��م أن الس��لطة تم��ارس كل‬ ‫الوحش��ية كعصابة مافيا فإنه لم يطرح‬ ‫الس��ؤال حول طبيعة السلطة السورية‪،‬‬ ‫وال لم��س طابعه��ا المافي��اوي المجرم‪،‬‬ ‫وهو ما يش��ير إلى "غي��اب األخالق" عن‬ ‫ه��ذا اليس��ار‪ ،‬لتصب��ح القي��م المجرّدة‬ ‫أهم من البش��ر‪ ،‬وأكثر تأثيراً في تحديد‬ ‫المواق��ف من ممارس��ات وحش��ية تدمّر‬ ‫وتقتل دون رادع‪.‬‬ ‫ربما كان هذا "الس��قوط األخالقي"‬ ‫ه��و نتاج "توه��م أيديولوجي متس��ام"‪،‬‬ ‫ونت��اج "تحليق تجريدي" وصل إلى البعد‬ ‫ال��ذي ال يس��مح برؤية الواق��ع والوقائع‪.‬‬ ‫لكن لي��س من قيم��ة أخالقي��ة لمقولة‬ ‫مواجه��ة اإلمبريالي��ة إذا كان��ت تغط��ي‬ ‫القتل والتدمير‪ .‬وليس من تس��ام أعلى‬ ‫من الدفاع عن وجود البش��ر‪ ،‬وال شك أن‬ ‫رفض اإلمبريالية نتج عن كونها تسحق‬ ‫البش��ر‪ ،‬لكن ال يجوز أن يغطي ذلك قتل‬ ‫البش��ر ألنهم يرفضون سلطة ويريدون‬ ‫تغييرها‪.‬‬ ‫لهذا فإن الدفاع عن سلطة ال تتمتع‬ ‫بأي��ة قيم��ة أخالقي��ة‪ ،‬بل تم��ارس كل‬ ‫م��ا ينف��ي األخالق‪ ،‬هو س��قوط أخالقي‬ ‫بامتي��از قب��ل أن يك��ون خط��أ معرفي��ا‬ ‫وخطيئة عملية‪.‬‬ ‫هذا ربما يوضّح المدى الذي وصل‬ ‫إليه الخواء النظ��ري‪ ،‬ولكن أيضًا الهزال‬ ‫العملي‪ .‬اليسار يشعر بعجزه لهذا يتكئ‬ ‫عل��ى بقاي��ا م��ن أوه��ام الماض��ي يرى‬ ‫أنها تنه��ار فيعتبر أن ذلك هو اس��تمرار‬ ‫لـ"مؤامرة إمبريالية"‪.‬‬ ‫اإلمبريالي��ة بات��ت ه��ي "الغ��ول"‬ ‫ال��ذي يخي��ف األطف��ال‪ .‬ه��ي الجب��روت‬ ‫الذي اس��تمر وتماس��ك وظل قوي��ًا كما‬ ‫يظ��ن هؤالء‪ .‬وبالتالي هي كلية القدرة‪،‬‬ ‫فتس��تطيع تحري��ك الش��عوب‪ ،‬وتغيي��ر‬ ‫النظ��م‪ ،‬والتحكم في مس��ارات التاريخ‪.‬‬ ‫وهي التي تتآمر في كل لحظة‪ ،‬ولس��وء‬ ‫الحظ أن مؤامراتها ناجحة دائمًا‪.‬‬ ‫هل ف��ي ذلك ما هو م��ادي وعلمي‬ ‫وماركس��ي؟ ليس في ذلك سوى أوهام‬ ‫نخب ميتة‪ ،‬أو تكاد‪.‬‬

‫�أين تكمن امل�شكلة يف الو�ضع‬ ‫ال�سوري؟‬

‫فق��ط هو الوض��ع المرك��ب وليس‬ ‫الوض��ع البس��يط ال��ذي ينج��ح العق��ل‬

‫الصوري ف��ي فهمه‪ .‬هو وض��ع متداخل‬ ‫ومتعدد المس��تويات‪ ،‬والعقل الصوري ال‬ ‫يستطيع استيعاب س��وى مستوى واحد‪.‬‬ ‫ولقد تأسس على أن المستوى السياسي‬ ‫ه��و ه��ذا المس��توى ال��ذي يفع��ل فيه‬ ‫"عقله"‪ .‬ولهذا غاب الشعب‪ ،‬ألنه يتخفى‬ ‫خل��ف المس��توى االقتصادي‪ .‬فالش��عب‬ ‫ه��و المس��توى االقتص��ادي‪ ،‬المبتع��د‬ ‫ع��ن السياس��ة كونها الس��لطة القامعة‬ ‫والمتدخل��ة والمخيف��ة‪ .‬ه��و المجتم��ع‬ ‫ناقص الدولة واألح��زاب‪ .‬بالتالي‪ ،‬ولهذا‬ ‫بالتحديد‪ ،‬ال يقع في "دائرة الرؤية" التي‬ ‫تحكم النخب واألحزاب اليسارية هذه‪.‬‬ ‫في مص��ر وتونس كانت الس��لطة‬ ‫متطابق��ة م��ع اإلمبريالي��ة ألنه��ا تابعة‬ ‫ف��كان الفه��م ممكن��ًا‪ :‬الث��ورة ض��د‬ ‫اإلمبريالية‪ ،‬إذن جيدة‪ .‬في س��وريا كانت‬ ‫السلطة في اختالف (أو في حلف مختلف)‬ ‫م��ع اإلمبريالي��ة‪ ،‬فأصب��ح الفه��م يطال‬ ‫ه��ذا االخت�لاف بالتحديد (أي المس��توى‬ ‫السياسي)‪ ،‬لهذا فإن الثورة ليست ثورة‪،‬‬ ‫بل هي مؤامرة إمبريالية‪.‬‬ ‫طبع��ًا ف��ي تون��س ومص��ر وف��ي‬ ‫س��وريا أيضا لم يج ِر فهم وضع الش��عب‬ ‫ال��ذي ث��ار‪ .‬ل��م ي��درس االقتص��اد‪ ،‬وال‬ ‫فهم وض��ع الطبق��ات الش��عبية‪ ،‬وأيضًا‬ ‫ل��م تج�� ِر مالحظ��ة تراك��م االحتق��ان‪.‬‬ ‫وظل األم��ر يتعل��ق بـ"اإلمبريالية‪ /‬ضد‬ ‫اإلمبريالي��ة"‪ ،‬ولي��س بص��راع الطبقات‬ ‫كم��ا تنطل��ق الماركس��ية‪ ،‬وبالتالي من‬ ‫فهم طبيعة االقتص��اد والبنية الطبقية‪.‬‬ ‫فهذا أمر سقط من التحليل منذ سقوط‬ ‫االش��تراكية‪ ،‬وتح��وّل التحلي��ل المادي‬ ‫ال��ذي ينطل��ق م��ن االقتص��اد وص��راع‬

‫الطبقات إلى تحلي��ل ينطلق من "البنية‬ ‫الفوقية"‪ ،‬أي من السياسي‪.‬‬ ‫وه��و األم��ر ال��ذي ح��وّل مفه��وم‬ ‫اإلمبريالية إلى مفهوم سياس��ي يتعلق‬ ‫بالس��يطرة واالحتالل والتدخ��ل دون أن‬ ‫تُلحظ كبنية اقتصادية عالمية تؤسس‬ ‫لتكوينات طبقية محلية‪.‬‬ ‫لهذا إذا كانت ماركس��ية رائجة في‬ ‫الماضي تتس��م بـاالقتصادوية فإن هذه‬ ‫"الماركسية" تتسم بسياسوية مفرطة‪.‬‬ ‫والسياسة هي الش��كل أو السطح‪ ،‬أو ما‬ ‫يُرى في الواقع‪ .‬لهذا يس��تطيع المنطق‬ ‫الصوري تلمس��ه‪ ،‬لكنه ال يستطيع فهم‬ ‫عمقه وآلياته وتاريخيته‪ .‬وهذه هي سمة‬ ‫المنطق الصوري الذي ال يستطيع تجاوز‬ ‫الشكل إلى الجوهر‪ ،‬كما ال يستطيع فهم‬ ‫الصيرورة ألنه يتلمس األمور من منظور‬ ‫س��كوني‪ ،‬منظور راكد‪ .‬بالتالي ال تكون‬ ‫حاجة لفهم الوضع العياني من مس��تواه‬ ‫االقتص��ادي إل��ى المس��توى المجتمعي‪،‬‬ ‫ومن ث��م طبيع��ة الس��لطة ومصالحها‪،‬‬ ‫وطبيعة وضع الطبقات الش��عبية‪ .‬وكيف‬ ‫ّ‬ ‫تشكل وإلى ماذا سيؤول‪.‬‬ ‫ف��ي س��وريا ظه��ر العق��ل األحادي‬ ‫واضحاً وفظًا‪ ،‬فسقط إزاء تعقيد الوضع‬ ‫العيان��ي‪ .‬وبدل أن يكون يس��اراً بات في‬ ‫أقص��ى اليمين‪ .‬ب��دل أن يتمث��ل موقف‬ ‫الشعب تم ّثل مصالح الطبقة المسيطرة‪.‬‬ ‫لقد ظهر أن هناك "فكرة" مطلقة تحكم‬ ‫كل نظ��ر‪ ،‬وتحدد كل رؤي��ة‪ ،‬وهي التي‬ ‫لها قوة اإلله في الفلسفة القديمة‪.‬‬ ‫إنه��ا فك��رة اإلمبريالي��ة‪ ،‬الت��ي‬ ‫باتت فك��رة بالتحدي��د‪ ،‬أي أنه��ا لم تعد‬

‫سالمة كيلة‬

‫تكويناً واقعيًا يخض��ع للتحوّل والتغيّر‪.‬‬ ‫اإلمبريالي��ة بات��ت مج��رّدة‪ ،‬وأصبح��ت‬ ‫سياساتها ما كانت تمارسه خالل العقود‬ ‫الماضي��ة‪ ،‬أو م��ا كان يش��ار إل��ى أنه��ا‬ ‫تمارس��ه‪ .‬وبالتال��ي أصب��ح يث��رى اآلخر‬ ‫م��ن منظوره��ا‪ ،‬أي من ه��و معها ومن‬ ‫ه��و ضدها‪ .‬ه��ذا ه��و أس��اس المنطق‬ ‫الص��وري‪ .‬وأصبح من ه��و ضدها ثوريا‬ ‫ويس��اريا وقوميا ووطنيا (حتى بن الدن‬ ‫في لحظة من اللحظات‪ ،‬وأيضاً اإلس�لام‬ ‫السياسي)‪.‬‬ ‫هنا يجري تجاهل مبدأ جوهري في‬ ‫الجدل المادي‪ ،‬هو جوهر الجدل المادي‪،‬‬ ‫إن��ه الصي��رورة التي تؤكد عل��ى التغيّر‬ ‫والتح��وّل‪ .‬ومن ثم فه��م أن اإلمبريالية‬ ‫تكوين متغيّ��ر‪ ،‬األمر الذي يفرض فهم‬ ‫تكوينها اآلن ال أس��طرتها وتحويلها إلى‬ ‫جوهر ثاب��ت (وهذا هو جوه��ر المنطق‬ ‫المثال��ي الذي يح��وّل األش��ياء المتغيرة‬ ‫إلى ثابت مطلق)‪.‬‬ ‫متعال‬ ‫وله��ذا يصبح هناك تص��وّر‬ ‫ٍ‬ ‫يحك��م رؤي��ة الواقع‪ ،‬ه��و التصوّر حول‬ ‫اإلمبريالي��ة‪ .‬وف��ي ه��ذا منط��ق مثالي‬ ‫مفرط‪ ،‬فكرة مسبقة تحكم الواقع‪ .‬وهذا‬ ‫م��ا س��يبدو واضح��ًا حين تلم��س الواقع‬ ‫اآلن‪ ،‬حي��ث س��يبدو النق��ص المعرف��ي‬ ‫واضحًا‪ ،‬ويظهر كم أن التصور المس��بق‬ ‫هو الذي يحكم الرؤية ويقود إلى موقف‬ ‫غاية في الخطأ‪.‬‬ ‫فالواق��ع كان يحت��اج إل��ى تحلي��ل‬ ‫ش��مولي‪ ،‬خ��اص بس��وريا‪ :‬الس��لطة‬ ‫والطبق��ات واالقتص��اد‪ .‬وعالم��ي يتعلق‬ ‫بطبيع��ة التكوين اإلمبريال��ي اآلن‪ ،‬اآلن‬


‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ولي��س أم��س أو قبل عش��ر س��نوات أو‬ ‫زمن االش��تراكية‪ .‬وفي الوضعين يظهر‬ ‫النق��ص المعرف��ي ل��دى ه��ذا اليس��ار‬ ‫(العرب��ي والعالم��ي)‪ ،‬حي��ث يتمرك��ز‬ ‫الفه��م عل��ى الح��دث الج��اري‪ ،‬ويعال��ج‬ ‫بش��كل صحافي (تقريري) دون محاولة‬ ‫لفهم أساس��ه وخلفياته‪ .‬وبالتالي يبقى‬ ‫التص��وّر الس��ابق هو الحاك��م ما دامت‬ ‫اإلمبريالية األميركية لم تنته بعد‪ ،‬وظل‬ ‫النمط الرأس��مالي هو المهيمن‪ .‬رغم أن‬ ‫التكوين الرأسمالي يشهد تغييراً كبيراً‪.‬‬ ‫وألن النظ��ام ف��ي س��وريا كان من‬ ‫ضمن موجة التح��رر الوطني "المعادية"‬ ‫لإلمبريالي��ة‪ ،‬فيب��دو أن اختالفه الراهن‬ ‫م��ع اإلمبريالي��ة‪ ،‬األميركي��ة خصوصاً‪،‬‬ ‫يربط بذلك التاريخ األس��طوري‪ ،‬فتكون‬ ‫السلطة الراهنة هي تلك التي كانت في‬ ‫الس��ابق‪ ،‬والسياس��ات التي تقوم عليها‬ ‫هي ذاتها‪.‬‬ ‫ورغم أن الس��لطة الس��ابقة (حكم‬ ‫حافظ األس��د) لم تكن ف��ي تناقض مع‬ ‫اإلمبريالي��ة‪ ،‬بل ظلت تن��اور بينها وبين‬ ‫االتح��اد الس��وفياتي‪ ،‬فقد ح��دث تحوّل‬ ‫أكبر أثناء حكم بش��ار األسد‪ .‬فلم يلحظ‬ ‫التخل��ي ع��ن دور الدول��ة االقتص��ادي‪،‬‬ ‫وتحويل االقتصاد إلى اقتصاد ريعي غير‬ ‫منتج‪ ،‬وبالتال��ي ‪-‬وبالض��رورة‪ -‬مرتبط‬ ‫باالقتصاد الرأس��مالي‪ ،‬سواء عبر أميركا‬ ‫أو غيرها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن تحك��م تص��وّر مس��بق‪ ،‬ثابت‪،‬‬ ‫للعال��م ف��رض أال تُ��رى التح��وّالت‬ ‫الواقعية‪ ،‬وأن تبقى األمور كما كانت في‬ ‫عق��ود س��ابقة‪ .‬بالتالي بقيت السياس��ة‬ ‫األميركي��ة كم��ا كان��ت‪ ،‬وظل��ت مقدرة‬ ‫اإلمبريالية األميركية على تحقيقها كما‬ ‫ه��ي‪ .‬وبهذا لم يج ِر تلم��س معنى أزمة‬ ‫س��نة ‪ 2008‬الت��ي قيل إنها أزم��ة مالية‬ ‫ف��ي حين أنه��ا أزمة عميقة ف��ي النمط‬ ‫الرأسمالي ككل‪.‬‬ ‫األمر ال��ذي جعل أمي��ركا في وضع‬ ‫انكفائ��ي‪ ،‬توضّ��ح ف��ي اإلس��تراتيجية‬ ‫الجديدة الت��ي قررت قبل أش��هر‪ ،‬والتي‬

‫أعط��ت األولوي��ة لمنطقة الباس��فيكي‪،‬‬ ‫وق��ررت العجز عن خوض أكثر من حرب‬ ‫في اآلن ذاته‪ ،‬وهي اآلن ال تزال تخوض‬ ‫الحرب في أفغانس��تان‪ .‬كم��ا أن قبضتها‬ ‫عل��ى العال��م ق��د تراخت وباتت تس��عى‬ ‫لحماية ذاتها من "التوسع الصيني"‪.‬‬ ‫من هن��ا ال يمك��ن أن نبق��ى نكرر‬ ‫ال��كالم ال��ذي كان يت��ردد ف��ي العق��ود‬ ‫الس��ابقة ح��ول "الش��رق األوس��ط‬ ‫الجدي��د"‪ ،‬و"الفوضى الخالقة"‪ ،‬والتدخل‬ ‫العس��كري‪ .‬فهذه كلها باتت من الماضي‬ ‫من المنظور األميرك��ي‪ ،‬بالضبط لعدم‬ ‫المقدرة على تحقيقها واإلفادة منها‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬اإلمبريالي��ة تعي��ش حالة من‬ ‫التضعضع‪ ،‬وهي تعاني من أزمة عميقة‬ ‫مس��تمرة‪ ،‬وبالتال��ي تتح��وّل موازي��ن‬ ‫القوى لغير مصلحة أميركا وأوروبا‪ .‬وإذا‬ ‫كانت قد حاولت ح��ل أزمتها عبر التدخل‬ ‫العس��كري والس��يطرة عل��ى العال��م‪،‬‬ ‫وتحقيق "الشرق األوس��ط الجديد" عبر‬ ‫"الفوض��ى الخالقة"‪ ،‬فإن ح��روب أميركا‬ ‫ف��ي أفغانس��تان والع��راق أفض��ت إل��ى‬ ‫عكس م��ا أُريد منها‪ ،‬حيث أس��همت في‬ ‫تفجّ��ر األزم��ة الرأس��مالية ولي��س في‬ ‫تجاوزها‪.‬‬ ‫مم��ا جعلها‪ ،‬بع��د مكاب��رة‪ ،‬تتراجع‬ ‫وتقب��ل بحماية ذاتها‪ .‬األم��ر الذي دفعها‬ ‫إل��ى التراج��ع ع��ن مواقعه��ا العالمي��ة‬ ‫به��دوء‪ ،‬ف��ي كل األماكن الت��ي لم يعد‬ ‫باس��تطاعتها الحفاظ عليه��ا‪ .‬وبدت أنها‬ ‫عاجزة عن خوض الحروب والتدخل‪.‬‬ ‫هذا وضع جديد يفرض رؤية العالم‬ ‫ف��ي أفق جدي��د وليس التش��بث بتصور‬ ‫ماض��وي‪ .‬لهذا نجدها تنظ��ر "من بعيد"‬ ‫لم��ا يج��ري في س��وريا‪ ،‬وتك��رر مواقف‬ ‫متناقض��ة‪ ،‬لم تخ��رج ع��ن التأكيد على‬ ‫تحقيق مرحلة انتقالية عبر الحوار‪ .‬وهذا‬ ‫يتك��رر في تصريح��ات كثي��رة من قبل‬ ‫أوباما وكلينتون وكثير من المس��ؤولين‬ ‫األميركيي��ن‪ .‬دون أن يعن��ي ذل��ك أنه��ا‬ ‫يمكن أن تلعب بشكل غير مباشر‪ ،‬لكنها‬ ‫لم تعد قادرة على التدخل المباشر‪.‬‬

‫والنظر السياس��وي لم يسمح لهذا‬ ‫اليس��ار أن يتلم��س تح��والت التكوي��ن‬ ‫االقتصادي الس��وري‪ ،‬وبالتالي التكوين‬ ‫ّ‬ ‫تش��كل خالل العقد األخير‬ ‫الطبقي الذي‬ ‫خصوص��اً‪ .‬فل��م تع��د الدول��ة تم��ارس‬ ‫االقتص��اد‪ ،‬وال ظ��ل االقتصاد الس��وري‬ ‫اقتصادا منتجا‪ ،‬بل أصبح ريعياً مافياويًا‬ ‫تتحكم فيه فئة هي العائلة الحاكمة (آل‬ ‫مخلوف وآل األسد وآل شاليش وحواشي‬ ‫مكمل��ة)‪ ،‬ويتس��م بالهوة الواس��عة بين‬ ‫األغنى واألفقر‪ ،‬والنسبة العالية للبطالة‬ ‫(‪ ،)30%‬وبين األجر والحاجة (الفارق بين‬ ‫الح��د األدن��ى لألج��ور والح��د الضروري‬ ‫ه��و ‪ 1‬إلى ‪ .)5‬وم��ن ثم انهي��ار التعليم‬ ‫والصح��ة‪ .‬إذا لم نكن نريد اإلش��ارة إلى‬ ‫الطابع الشمولي التسلطي للسلطة‪.‬‬ ‫االقتص��اد أصب��ح ليبرالي��ًا متحكما‬ ‫به من قب��ل فئة ناهب��ة‪ّ .‬‬ ‫توظف أموالها‬ ‫ف��ي "الس��وق العالم��ي"‪ ،‬أي بالتراب��ط‬ ‫م��ع الرأس��مال اإلمبريال��ي‪ ،‬والخليجي‪.‬‬ ‫وبالتال��ي تخض��ع الس��وق المحلي لكل‬ ‫تقلب��ات الس��وق العالم��ي‪ ،‬وتعمل على‬ ‫تحويل األموال المنهوبة إلى "الخارج"‪.‬‬ ‫في عملية هي ذاتها التي تش��كلت‬ ‫ف��ي البل��دان األخ��رى الت��ي خضع��ت‬ ‫للس��يطرة اإلمبريالي��ة (تون��س ومصر‬ ‫والمغ��رب واألردن‪ .)..‬هن��ا لي��س م��ن‬ ‫اختالف عن كل بل��دان األطراف التابعة‪،‬‬ ‫حتى والسلطة في "تناقض" مع أميركا‪.‬‬ ‫وه��و األم��ر ال��ذي يف��رض تحديد‬ ‫أس��باب ه��ذا التناقض وح��دوده‪ ،‬وكونه‬ ‫يج��ري عل��ى أرضي��ة االرتب��اط بالنمط‬ ‫الرأس��مالي وليس ف��ي التص��ارع معها‬ ‫كما جرى خالل مرحلة التحرر (الناصرية‬ ‫والبع��ث)‪ .‬حينه��ا كان��ت الدول��ة تعم��ل‬ ‫عل��ى بن��اء الصناع��ة وتحدي��ث التعليم‬ ‫وتطوير البن��ى التحتية‪ ،‬له��ذا تصادمت‬ ‫م��ع اإلمبريالية‪ .‬لكنه��ا اآلن عملت على‬ ‫تأس��يس االقتص��اد بم��ا يتناغ��م ويتبع‬ ‫النمط الرأس��مالي‪ ،‬ال أن يتناقض معه‪.‬‬ ‫بالتالي يكون "التناقض" هو اختالف مع‬ ‫طرف إمبريالي هو أميركا على سياسات‬

‫وتص��ورات ولي��س اختالف��ا ف��ي البنية‬ ‫ذاتها‪.‬‬ ‫وه��و مفه��وم نتيج��ة االندف��اع‬ ‫األميرك��ي للتغيي��ر الس��ريع والعمي��ق‬ ‫للمنطقة بعد احتالل أفغانستان والعراق‬ ‫لفرض سريع لـ"الشرق األوسط الجديد"‪،‬‬ ‫الذي فش��ل في س��وريا (‪،)2007-2005‬‬ ‫فعم��ل أوباما ‪-‬وهو يس��تلم الس��لطة‪-‬‬ ‫على إعادة ترتيب العالقة لكن بهدوء‪.‬‬ ‫وحي��ن يتعل��ق األمر بثورة ش��عبية‬ ‫نتج��ت ع��ن التكوي��ن االقتص��ادي الذي‬ ‫ّ‬ ‫تش��كل ف��ي العق��د األخي��ر‪ ،‬يصبح من‬ ‫االنتهازية المراهنة على خالف تكتيكي‬ ‫بي��ن الس��لطة وأميركا ب��دل الوقوف مع‬ ‫الش��عب في الثورة الت��ي يخوضها‪ .‬هل‬ ‫يفهم اليسار هذه المسألة؟‬ ‫التناق��ض ف��ي س��وريا ه��و بي��ن‬ ‫طبق��ات ش��عبية ّ‬ ‫مفق��رة ورأس��مالية‬ ‫مافياوي��ة تس��يطر على الس��لطة‪ ،‬هذا‬ ‫هو جوه��ر الوضع‪ .‬وهذا ه��و التناقض‬ ‫الرئيسي اآلن‪ ،‬أي خالل الثورة خصوصًا‪.‬‬ ‫وهو في عمقه يف��رض تحقيق التغيير‬ ‫ال��ذي يف��رض التناق��ض الحتم��ي م��ع‬ ‫اإلمبريالي��ة‪ ،‬كل اإلمبريالي��ات ولي��س‬ ‫األميركية فقط‪.‬‬ ‫ومن أجل تجاوز الرأسمالية كنمط‪،‬‬ ‫وإن ل��م يك��ن الوض��ع مهي��أ لذل��ك اآلن‬ ‫ْ‬ ‫نتيجة عجز اليسار بالتحديد‪ ،‬وهامشيته‬ ‫وانعزال��ه ع��ن الطبقات الش��عبية‪ .‬لكن‬ ‫لي��س من خي��ار س��وى الس��ير لتحقيق‬ ‫التغيير الجذري‪.‬‬ ‫عل��ى أس��اس ذل��ك يمك��ن فه��م‬ ‫وتفس��ير أدوار الق��وى اإلمبريالي��ة‬ ‫واإلقليمي��ة‪ ،‬ويمك��ن تحلي��ل سياس��ات‬ ‫المعارض��ة المهمش��ة والمأزوم��ة‪،‬‬ ‫والمتلبرل��ة‪ .‬وكذلك يمكن تناول مس��ار‬ ‫الث��ورة ومش��كالتها‪ ،‬ونتائ��ج س��يادة‬ ‫العفوية فيها‪ .‬اليس��ار يعاني من قصور‬ ‫تحليل��ي‪ ،‬وم��ن "نخبوية"‪ ،‬وم��ن مثالية‬ ‫مفرطة‪ .‬هذا ما أوضحته الثورة السورية‬ ‫بشكل جلي‪.‬‬ ‫المصدر‪:‬الجزيرة المعرفة‬

‫‪11‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫عن م�شفى عربني امليداين‬ ‫سعاد يوسف‬ ‫طاولة عمليات عب��ارة عن حوامل‬ ‫خش��بية ج��يء بها م��ن إحدى ورش��ات‬ ‫النج��ارة القريب��ة وتم وصله��ا ببعض‬ ‫ووضع فوقها لوح خشبي غطي بقماش‬ ‫أس��ود اللون‪ ..‬رف��وف حديدي��ة قديمة‬ ‫وضع��ت عليه��ا بض��ع أدوات جراحية‪..‬‬ ‫ضوء وحيد في منتصف السقف يحيط‬ ‫به إط��ار حديدي تم ارتجاله على عجل‬ ‫ويعم��ل عل��ى المول��دة إذ ال كهرب��اء‬ ‫هن��ا منذ حوالي الش��هر‪ ..‬دماء في كل‬ ‫م��كان‪ ..‬طبي��ب وحيد وبضع أش��خاص‬ ‫للمس��اعدة أغلبهم ال عالقة له بالطب‬ ‫أو باإلس��عاف‪ ..‬ومصور يتج��ول بينهم‬ ‫لتوثي��ق جمي��ع عملياته��م‪ ..‬هذه هي‬ ‫ح��ال المش��فى الميدان��ي ف��ي عربين‬ ‫والذي يعمل دون توقف منذ بدء الحملة‬ ‫العس��كرية األخيرة عل��ى الغوطة‪ ،‬في‬ ‫وقت اس��تهدفت في��ه طائ��رات النظام‬ ‫الحربي��ة ف��ي غاراتها أغلب المش��افي‬ ‫النظامي��ة ف��ي الغوط��ة الش��رقية‬ ‫كمشفى الفاتح في كفربطنا ومشفى‬ ‫الرج��اء في عربي��ن‪ ،‬لتبقى المش��افي‬ ‫الميدانية الم��كان الوحي��د الذي يمكن‬ ‫لمصابي الغارات والقصف واالشتباكات‬ ‫اللج��وء إلي��ه‪ ،‬في ظل ش��به اس��تحالة‬ ‫إخ��راج المصابي��ن من الغوطة بس��بب‬ ‫القصف المتواص��ل وتواجد القناصين‬ ‫على أغلب المداخل والمخارج‪...‬‬

‫ظروف عمل �صعبة‪ ،‬و�إمكانيات‬ ‫ومعدات متوا�ضعة‬

‫يحدثن��ا طبي��ب المش��فى "ن‪ .‬م"‬ ‫ع��ن ظروف العمل في مش��فى عربين‬ ‫الميداني‪" :‬منذ بدء الحملة األخيرة على‬ ‫عربي��ن وكافة م��دن وبل��دات الغوطة‬ ‫الش��رقية وذلك منذ ما يقارب الش��هر‪،‬‬ ‫ل��م يك��ن أمامن��ا س��وى أن نس��تحدث‬ ‫مشفىً ميدانياً نس��تطيع فيه معالجة‬ ‫جرح��ى القصف اليوم��ي‪ .‬اخترنا أقبية‬ ‫أحد األبني��ة وجهزناه بأجه��زة ومعدات‬

‫بسيطة مما توفر لدينا‪ .‬يتألف المشفى‬ ‫من غرفتين مفصولتين بقماش يتدلى‬ ‫من الس��قف‪ .‬غرف��ة للعملي��ات وأخرى‬ ‫جهزناه��ا بعدة أس��رة كي يبق��ى فيها‬ ‫المرضى الذين هم بحاجة للمتابعة‪.‬‬ ‫نعم��ل يومي��ًا حوالي اثنتي عش��ر‬ ‫س��اعة متواصلة ونس��تقبل ما ال يقل‬ ‫عن خمس��ين جريحًا كل يوم‪ .‬أحياناً ال‬ ‫نملك وقتاً كي نرتدي قفازات العمليات‬

‫وحت��ى ك��ي نخ��در المري��ض أو نعقم‬ ‫األدوات‪ ،‬فه��ي لحظ��ات قليل��ة التي قد‬ ‫تفصل المريض ع��ن الموت‪ .‬وغالبًا ما‬ ‫نقوم بعمليتي فتح بطن لجريحين في‬ ‫آن واحد بوجودي طبيبًا وحيداً وباألدوات‬ ‫الجراحي��ة نفس��ها وذل��ك الفتقارن��ا‬ ‫للجراحي��ن وللمع��دات المطلوب��ة‪ .‬كما‬ ‫أننا نس��تخدم الخيط الجراحي نفس��ه‬ ‫ألكث��ر من مريض وهو م��ا ال نقوم به‬ ‫أبداً في ظروف العمل االعتيادية‪ .‬كثيراً‬

‫ما يقوم أحد المس��اعدين بتجميع بقايا‬ ‫الخيوط وتعقيمها كي نس��تخدمها عند‬ ‫الحاجة‪.‬‬ ‫أما عن الطاقم الطبي الذي يعمل‬ ‫معنا فهو متنوع‪ :‬فني التخدير هو نجار‬ ‫تعل��م طريق��ة التخدير وكمي��ة المواد‬ ‫التي عليه اس��تخدامها ع��ن طريق أحد‬ ‫أطب��اء التخدير‪ ..‬مس��اعدي الذي يقوم‬ ‫بخياط��ة الج��روح بع��د انتهائ��ي م��ن‬ ‫العملي��ة هو صاحب محل ألمنيوم قمت‬ ‫أنا بنفسي بتعليمه خالل يوم واحد‪.‬‬ ‫قمن��ا بتغيير مكان المش��فى عدة‬ ‫م��رات نتيجة اس��تهدافه من قبل قوات‬ ‫النظ��ام‪ ،‬وف��ي إح��دى المرات خس��رنا‬ ‫أربعة أف��راد من الكادر الطبي بس��بب‬ ‫قص��ف الم��كان ال��ذي كن��ا نض��ع فيه‬ ‫المرضى كي يحظوا بفترة نقاهة بعد‬ ‫العملية‪" .‬‬

‫ق�ص�ص ت�ستحق �أن تروى‬

‫"هناك الكثير م��ن القصص التي‬ ‫نعيشها وربما ال نملك الوقت أو القدرة‬ ‫على حكايتها" يقول "ن"‪.‬‬ ‫"عالج��ت في أحد األي��ام رج ً‬ ‫ال من‬ ‫الجي��ش الح��ر أصيب بطلق ن��اري في‬ ‫خاصرته وه��و من دوم��ا‪ .‬كان صلباً ال‬ ‫يتأوه وال يتذمر من شيء‪ ،‬ولم تكن له‬ ‫أي طلب��ات على العكس من الكثير من‬ ‫المرضى‪ .‬بعد عدة أي��ام قمنا بمعالجة‬ ‫ع��دة أفراد من الجي��ش واألمن أصيبوا‬ ‫بقص��ف للطي��ران على أحد الس��جون‬ ‫التابع��ة للجي��ش الح��ر‪ .‬ف��ي الي��وم‬ ‫التال��ي الحظنا أن الرج��ل الدوماني بدأ‬ ‫باالهتم��ام بج��اره ف��ي الس��رير‪ .‬أخ��ذ‬


‫�شهداء جمهولون‬

‫�ضحكات م�سروقة‬

‫وُلدتُ في يوم عسكري‬ ‫ٍ‬ ‫كمن ينجو من حرب أهلية‬ ‫وكان هناك عشرات المتنزهين‬ ‫المدفونين‬ ‫مع كرات اآليس كريم‬ ‫تحت الجدران التي تهدمت‬ ‫من الصراخ العالي‪.‬‬

‫***‬

‫ببط ٍء ولدت‬ ‫كمن يُطلق طريدته مئات المرات‬ ‫طوال خمس سنوات ولدت‬ ‫ببط ِء التالفِ قلبُهُ‬ ‫ولكن بحزم المدمنين‬ ‫على اإلدمان‬ ‫وكانت سنوات كافية‬ ‫كي تنهي الشبكية‬ ‫عادتها السرية‬ ‫في قذف‬ ‫كل‬ ‫هذه‬ ‫المياه‬ ‫البيضاء‪.‬‬

‫***‬

‫كمن‬ ‫ينجو‬ ‫من حرب أهلية‬ ‫طويلة‬ ‫في مكانٍ‬ ‫ضيّق‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪/‬قد ال أفهم هذا الذي يُدوّي في قلبي‬ ‫ُ‬ ‫ويقول‬ ‫كالما جارحا ولكنني أغفر لهذا الذي ينظرُ إليّ‬ ‫بالعيون الدامعة‬ ‫والمكويّةِ بإتقان‬ ‫بالعيون المطلية بألوان قديمة‬ ‫كأنها‬ ‫عيون مجلوبة‬ ‫من مخازن منهوبة‪.‬‬ ‫ولدت‬ ‫كما يليق باألسرى‬ ‫والمعوزين‪.‬‬

‫***‬ ‫***‬

‫وكانوا يأخذون الجنود بعربات مدفونة‬ ‫وذاهبة للدفن‬ ‫وكان الجنود يهتفون بأشياء غامضة‬ ‫وبأسماء غامضة‬ ‫كي يتخلصوا منها‬ ‫طوال الطريق‬

‫الطويلة‬ ‫للموت‪.‬‬

‫***‬

‫شاركتُ في كل الحروب‬ ‫حتى أنني‬ ‫شاركت‬ ‫في الحروب الوهمية‬ ‫التي كانوا يؤلفونها في غرف النوم‬ ‫وينسونها‬ ‫مع األضواء األخيرة‬ ‫للشامبانيا‪.‬‬

‫***‬ ‫شاركتُ في كل الحروب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وحتى عندما كنتُ مسجونا في بلد مقتوال في بلد‬ ‫حتى عندما كانوا يسحلون قلبي في الطرقات‬ ‫ويأخذون رأسي في صندوق من الكرز‬ ‫على حصان سيبكي طوال الطريق‬ ‫طاعن في السن‬ ‫رجل‬ ‫إلى ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كي يبكي عليه أواخر أيامه‪...‬‬ ‫وحتى عندما كنتُ مهاناً‬ ‫ومغشياً عليّ‬ ‫كان شبحي يذهب إلى الحروب‬ ‫بيدين من خزف‬ ‫كان يطارد األعداء‬ ‫وعندما‬ ‫قطعوا‬ ‫يديه‬ ‫كان‬ ‫يطاردهم‬ ‫بالدموع‪.‬‬

‫***‬

‫كنتُ‬ ‫أخافُ‬ ‫من النجاة‬ ‫كنتُ أخاف من األمل الغامض‬ ‫فشاركت‬ ‫في كل الحروب‬ ‫وكلما كنتُ أُ ُ‬ ‫قتَل‬ ‫كنت أنهض‬ ‫ُأل َ‬ ‫قتَل‬ ‫من جديد‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫"نح��اول أن نس��رق بض��ع لحظات‬ ‫خالل اليوم كي نستعيد فيها إنسانيتنا‬ ‫ونح��س بأنن��ا ال زلنا على قي��د الحياة‪.‬‬ ‫نتن��اول طعاماً غالبًا م��ا يكون مطبوخًا‬ ‫منذ عدة ساعات‪ ،‬نتشاجر‪ ،‬نطلق بعض‬ ‫النكات ونحاول أن تغطي ضحكاتنا على‬ ‫أصوات القذائف والصواريخ‪ .‬مساء كل‬ ‫اثني��ن يأت��ي إلينا ش��يخ‪ ،‬نق��رأ القرآن‬ ‫س��وية وننشد بعض األناش��يد الدينية‬ ‫وهي م��ن أكثر األوق��ات التي تعطيني‬ ‫راحة نفسية وتخرجني من جو القصف‬ ‫اليوم��ي ال��ذي نعيش��ه وتأخذن��ي إلى‬ ‫جو روحاني أنس��ى في��ه كل ما عانيته‬ ‫خالل الي��وم‪ .‬ال نعلم متى يمكن لنا أن‬ ‫نموت‪ ،‬نتوقع الموت في أي لحظة لكننا‬ ‫نتمسك بالحياة أكثر كل يوم"‪.‬‬ ‫مش��فى عربي��ن‪ ،‬وغي��ره م��ن‬ ‫المش��افي الميداني��ة ف��ي الغوط��ة‪،‬‬ ‫يحكي لنا قصص��اً ال تنتهي عن أبطال‬ ‫مجهولين لم يظهروا يومًا على شاشات‬ ‫التلفاز‪ ،‬لكن ش��جاعتهم كانت وال زالت‬ ‫وقوداً للثورة السورية‪.‬‬ ‫* الصور بعدسة ناشط عربيني‬

‫عارف حمزة‬

‫***‬

‫من كثرة ما ماتت الناس‬ ‫كانت المالئكة‬ ‫ال تصطادهم بالسنارة‬ ‫بل‬ ‫باأليدي‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫تحدثنا ع��ن ش��هداء الغوطة أثناء‬ ‫الحملة‪" .‬ال علم لي بعدد الش��هداء فأنا‬ ‫أعلم فقط م��ا يحصل هنا في عربين‪.‬‬ ‫ال وق��ت لدين��ا لمتابع��ة األخب��ار فنحن‬ ‫نقضي أغلب وقتنا في المشفى‪ .‬هناك‬ ‫جريحان ممن عالجتهم توفيا بعد مضي‬ ‫عدة ساعات على العملية بسبب النزف‬ ‫الش��ديد‪ .‬أكث��ر ما يحز في نفس��ي هو‬ ‫ع��دم قدرتنا على تكريمه��م والحديث‬ ‫عنهم كما يستحقون‪ .‬كيف لنا أن نملك‬ ‫الوق��ت ك��ي نحك��ي حكاياته��م ونحن‬ ‫بال��كاد نتمك��ن من غس��ل أجس��ادهم‬ ‫ودفنه��م بطريق��ة الئقة؟ كي��ف لنا أن‬ ‫نمنعه��م من أن يتحول��وا أرقامًا ونحن‬ ‫عاجزون عن تمييز األيام واألوقات؟‬ ‫أود الحدي��ث ع��ن "عدس��ة"‪ ..‬ه��و‬ ‫ش��اب ف��ي العش��رين م��ن عم��ره كان‬ ‫يعم��ل نجاراً قبل الث��ورة‪ ،‬وطوال فترة‬ ‫الث��ورة كان يعم��ل ناش��طًا إعالمياً مع‬ ‫تنس��يقية عربين‪ .‬خالل س��نة ونصف‬ ‫كان يوثق كافة أحداث عربين سواء عن‬ ‫طريق الص��ور أو الفيديوه��ات‪ .‬ال أحد‬ ‫منا يعرف اس��م "عدس��ة" فهو بالنسبة‬ ‫إلين��ا مص��ور‪ ،‬وموث��ق‪ .‬لكن "عدس��ة"‬ ‫مات من��ذ عدة أيام بس��بب القصف‪ .‬ما‬ ‫يحزنن��ي هو أن اس��مه ل��م يذكر على‬ ‫أية وسيلة إعالمية‪ .‬لم يتحدث أحد عما‬ ‫قام به‪ .‬ربما ألنه كان ش��ابًا بسيطًا لم‬ ‫يروج يومًا لنفس��ه أو لعمله‪" .‬عدس��ة"‬ ‫ع��اش بصمت‪ ..‬عم��ل بصمت من أجل‬ ‫الوط��ن ومات بصمت‪ .‬لم يترافق موته‬ ‫سوى مع أصوات طائرة الميغ التي كان‬ ‫يح��اول توثي��ق الدم��ار الذي س��تخلفه‬ ‫إحدى قذائفها‪ ،‬فقتلته‪" .‬‬

‫حــــرب �أهليـــة‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫يطلب منا أن نحضر له الدواء والطعام‬ ‫بإلح��اح‪ .‬عندما حاولنا االستفس��ار عن‬ ‫الس��بب ق��ال لنا "ه��ذا الش��خص كان‬ ‫س��جاني‪ ..‬عذبني طوال فترة اعتقالي‬ ‫لكنن��ي اآلن أريد أن أعامله كما علي أن‬ ‫أفعل وكما يأمرني ديني بأن أعامله‪" .‬‬ ‫بقين��ا لعدة أيام ونحن نرى الرجل‬ ‫الدومان��ي يغادر س��ريره وه��و بالكاد‬ ‫قادر على الس��ير كي يأخذ بيد س��جانه‬ ‫ويجعل��ه يمش��ي بض��ع خط��وات ف��ي‬ ‫الغرفة ثم يعي��ده إلى مكانه‪ ،‬يقدم له‬ ‫الم��اء والطعام ويح��رص على أن يأخذ‬ ‫الدواء في مواعيده‪" .‬‬

‫‪2012 / 5 / 11‬‬

‫‪13‬‬


‫ك�ش ملك رح ترجع �سوريا جمهورية!‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 17 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫�إىل روح م�صطفى كرمان‪�..‬أيقونة الثورة املدنية‬

‫مصطفى كرمان أو أبو اصطيف الغالي‬ ‫كما اعت��دت أن أناديك يامن عش��قك القلب‬ ‫قبل العين‪ .‬لم أكن أعلم أن تراب الوطن قد‬ ‫اشتاق إليك في ذات الوقت الذي كنت اتصل‬ ‫ب��ه ألطمئ��ن عليك بع��د س��ماع خبر قصف‬ ‫مظاهرة بس��تان القص��ر‪ ،‬ذاك الح��ي الذي‬ ‫عشقته وعشقت العمل فيه كنواة للمشروع‬ ‫الكبير‪ ،‬مشروع سورية الدولة المدنية التي‬ ‫س��تبنى م��ن خ�لال أف��كارك العملي��ة التي‬ ‫التعرف الملل وال الكس��ل وتنطلق مسرعة‬ ‫م��ن العقل إل��ى األرض لتعب��د درب العمل‬ ‫وتنهض الهمم وتزرع في النفوس األمل‪.‬‬ ‫مصطف��ى يأيه��ا الجن��دي المنفي في‬ ‫صمت الحق��ول‪ ،‬يأيها البطل المجهول يامن‬ ‫تعتبر أيقونة لكل ش��هداء الثورة الس��ورية‬ ‫األبطال المجهولين‪.‬‬ ‫مصطفى الذي واجه مضايقات شبيحة‬ ‫النظ��ام هو ذاته من رف��ض ان يتحدث عن‬ ‫تع��رض عائلته لمضايقات من الجيش الحر‬ ‫وصلت حد الترحيل رافضا ان يتم استخدامه‬ ‫اعالميا في غير صالح الثورة‪..‬‬ ‫مصطفى هو ذاته من انتقد الظواهر‬ ‫السلبية اينما وجدت توقُا للحظة البناء التي‬ ‫ستلي سقوط النظام المجرم‪..‬‬ ‫مصطفى الذي عرض عليه في الكثير‬ ‫من المرات تمويل لم يقتنع بدوافع اصحابه‬ ‫فواج��ه الحص��ار رافضا مغادرة س��وريا كي‬ ‫يكون و ما يريد ان يكون‪ ،‬وتكون س��وريا ما‬ ‫يجب أن تكون‪..‬‬ ‫مصطف��ى كان كل هم��ه أن يحاف��ظ‬ ‫عل��ى الح��راك الس��لمي والمدن��ي بطريقة‬ ‫رائعة ج��داً تتقبل الجميع وتش��ارك في كل‬ ‫نش��اطات الث��ورة وفعالياتها م��ع االحتفاظ‬ ‫بقيمه ومبادئه التي ثار من أجلها‪..‬‬ ‫كان لدي��ه هاج��س كبير بخل��ق حالة‬ ‫قوي��ة م��ن النش��اط المدن��ي داخ��ل حل��ب‬ ‫المدينة فعمل على مش��روع سمي" إنهاض‬ ‫حل��ب" وعندم��ا رأى بأنه س��يتم الس��يطرة‬ ‫عليه واس��تغالله من قبل من يملكون المال‬ ‫السياس��ي رف��ض أن يبي��ع مبادئ��ه واب��دع‬

‫مش��روع "ك��ش ملك" ال��ذي أس��تطعنا من‬ ‫خالل��ه أن نس��اهم بش��كل كبي��ر بإنهاض‬ ‫مدني��ة حل��ب وأن نرس��ل به رس��الة لجميع‬ ‫السوريين بأنه البد من أن نكش الملك كي‬ ‫تعود سوريا جمهورية‪.‬‬ ‫ل��م يتوانى يوم��اً عن المس��اهمة في‬ ‫جمع وتوزيع المساعدات اإلنسانية للمناطق‬ ‫المحتاج��ة‪ ،‬لم يح��دث يومًا ب��أن تطلب من‬ ‫مصطفى المس��اهمة في نش��اط فيه ثورة‬ ‫ومقاومة لالس��تبداد والظل��م ونيل للكرامة‬ ‫والحري��ة إال وكان أول المبادري��ن للعم��ل‪.‬‬ ‫عرفه كل نش��طاء األحياء الحلبية والس��يما‬ ‫المدنين منهم فقد س��اهم في مشروع أيام‬ ‫الحري��ة وعمل م��ع فريق الحراك الس��لمي‬ ‫وغيره��م م��ن الف��رق والح��ركات الثوري��ة‬ ‫المدنية‪.‬‬ ‫وفي نهاية المطاف إس��تطاع أن يجمع‬ ‫بين نش��طاء المجتمع المدني ف��ي المدينة‬ ‫ليؤط��ر عمله��م في س��ياق واح��د تتحد به‬ ‫الجهود لتصب في خدمة الثورة والمواطن‪.‬‬

‫مصطفى حلم س��وريا المدني وناظم‬ ‫الثورة السورية‪ ،‬كنا نشد ظهورنا به عندما‬ ‫يقول أحد ما بأن هذه الثورة طائفية‪.‬‬ ‫مصطفى الذي أحب مها وعلم بحبهما‬ ‫كل النش��طاء لم يتمكنا من ال��زواج إال منذ‬ ‫ثالثة أسابيع في حفل ثوري صغير اليتجاوز‬ ‫ع��دد من حضروه العش��رين ش��خصًا‪ ،‬لكنه‬ ‫رغ��م ذل��ك كان ممت��ع ج��داً وفرح��ة طالما‬ ‫انتظراه��ا‪ .‬وبع��د ذلك بعدة أي��ام بدأ يكتب‬ ‫هنا ويتكلم هناك عن فرحته بالزواج وحبه‬ ‫الكبي��ر لمه��ا وبأنه رغم كل ه��ذه الظروف‬ ‫الصعبة واألمكانيات المادية التي كانت شبه‬ ‫معدوم��ة تمك��ن م��ن تحقيق حلم��ه وتابعا‬ ‫نضالهما معاً في نف��س الدرب‪ .‬وحينها قال‬ ‫ل��ي وأخي��را اتجوزنا وهلق ص��ار الزم نتابع‬ ‫الشغل عنا شغل كتير كتير‪.‬‬ ‫ف��ي ه��ذه الفت��رة ب��دأ مصطف��ى‬ ‫بالتحضير لمشروع المدرسة في حي بستان‬ ‫القصر‪ ،‬هذا المش��روع الذي كان عبارة عن‬ ‫مجمع تعليمي ليس فقط مدرس��ة للطالب‬

‫لمتابع��ة تدريس��هم وع��دم االنقط��اع عن‬ ‫تحصيله��م العلم��ي ال ب��ل وأيض��اً من أجل‬ ‫الكثير من النشاطات الثقافية الرديفة التي‬ ‫أراد مصطفى أن ينش��ر أف��كاره الحضارية‬ ‫من خاللها‪..‬‬ ‫الي��وم بالمظاه��رة كان يؤك��د عل��ى‬ ‫الش��باب بأن غداً افتتاح المدرسة‪ ،‬بدنا نفتح‬ ‫المدرس��ة أب��و اصطيف هذا وع��د يا‪ ..‬ووعد‬ ‫الحر دين‪..‬‬ ‫ف��ي إحدى مظاه��رات بس��تان القصر‬ ‫ من��ذ زمن قريب‪ -‬خرج قائ��د إحدى كتائب‬‫"الجيش الحر" ليخطب بالمتظاهرين مبرّراً‬ ‫اختطافه إلحدى الفتيات "الشيعيّات" بحجّة‬ ‫مبادلته��ا مع أس��رى من الجي��ش الحر‪ ..‬مع‬ ‫أنّه��ا ‪ -‬عل��ى حدّ ق��ول القائد ‪ -‬ل��م ترتكب‬ ‫جرمًا أبداً‪ ..‬ولم يتعرّض لها أحد سوى أنّها‬ ‫في زنزانتها "مع��زّزة مكرّمة" لحين إتمام‬ ‫إجراءات تبادل األسرى‪..‬‬ ‫قام أحد أصدقاء مصطفى ونكزه وألحّ‬ ‫عليه أن يخرج "عل��ى المايك" ليبرز هويّته‬ ‫الش��يعيّة ويخاطب قائ��د الكتيب��ة محتجاً‪..‬‬ ‫فنظر له بابتس��امة هادئ��ة وقال‪ :‬اخرج أنت‬ ‫وتك ّلم‪ ..‬أنا لس��ت ش��يعيًا‪ ..‬أنا سوري‪ ..‬ولن‬ ‫أس��مح بالمتاجرة بانتمائ��ي الطائفي مهما‬ ‫حييت‪..‬‬ ‫فال تتاج��روا بانتمائ��ه الطائفي‪ ..‬بعد‬ ‫استشهاده‪ ..‬أرجوكم‪..‬‬ ‫مصطف��ى الس��وري قات��ل بعقل��ه و‬ ‫منطقه لتكون س��وريا واس��عة فيه��ا الراي‬ ‫و ال��راي االخ��ر فيه��ا الحرية و قب�لا كرامة‬ ‫االنسان مهما يكن‪..‬‬ ‫مصطف��ى لنبن��ى س��ورية ح��ره يجب‬ ‫محاسبة قاتلك‪..‬‬ ‫مصطفى أيها الس��وري الوطني نريد‬ ‫ان ننتق��م ال ظلم��ا و انما ك��ي يحق الحق و‬ ‫يقتص من القاتل‪..‬‬ ‫لمصطفى الس�لام و لسوريا الحرية و‬ ‫لنا أن نكمل ما بداته‪..‬‬ ‫م��ن مصطفى قائد الحرك��ة الميداني‬ ‫لقاتل��ه‪ :‬ك��ش مل��ك رح ترج��ع س��وريا‬ ‫جمهورية‪..‬‬ ‫من شباب الحركة‬ ‫إلى روح الغالي أبو اصطيف‬


‫غسان كنفاني | دمشق ‪1958 / 7 / 21‬‬

‫العدوان واالحتالل‪ ،‬الثورة واألمل‬ ‫واأللم‪ ،‬س��وريا وغزة‪ ..‬هي أيام عصيبة‬ ‫نعيش��ها في س��وريا‪ ،‬وأيضاً‪ ،‬في قلبنا‬ ‫الناب��ض‪ ،‬غزة فلس��طين‪ ،‬ليس أفضل‬ ‫من حال أديبنا الكبير الش��هيد غس��ان‬ ‫كنفاني لهذه اللحظات‪..‬‬ ‫ننش��ر هذه القصة الت��ي كتبها في‬ ‫دمشق عام ‪ ،1958‬يختلف التاريخ‪ ،‬تختلف‬ ‫األماكن‪ ،‬لكن نبض الروح واحد‪..‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كان م��ن ه��واة الفلس��فة‪ ..‬والحي��اة‬ ‫بالنس��بة له هي مج��رد نظري��ة‪ ..‬لقد بدأ‬ ‫يتفلسف منذ كان طف ًال‪ ،‬ويذكر تمامًا كيف‬ ‫أوجد لنفس��ه س��ؤا ًال ش��غله طيلة أس��بوع‬ ‫كام��ل‪ ،‬واعتبره مش��كلة جدي��رة بالتفكير‬ ‫العمي��ق‪ :‬لماذا يلبس اإلنس��ان القبعة في‬ ‫رأس��ه والح��ذاء في قدم��ه؟ لم��اذا ال يضع‬ ‫على رأس��ه حذاء ويلبس قبعة في قدمه؟‪.‬‬ ‫لماذا؟‪ .‬وفكر مرة أخرى بسؤال جديد‪ :‬لماذا‬ ‫ال يس��ير اإلنس��ان على يديه ورجليه شأن‬ ‫س��ائر الحيوان��ات‪ ..‬إال يك��ون مس��يره ذاك‬ ‫مدعاة لراحة أكثر؟‬ ‫إال أن مس��توى فلس��فته ارتف��ع م��ع‬ ‫مس��ير الزمن‪ .‬وتوصل وتوصل مؤخرا إلى‬ ‫قرار موجز‪" :‬طالما أن اإلنسان دفع ليعيش‬ ‫دون أن يؤخ��ذ رأيه بذلك‪ ،‬فلم��اذا ال يختار‬ ‫ه��و وحده نهايته"‪ .‬ومن هذا القرار الموجز‬ ‫توص��ل إلى ق��رار أكثر إيج��ازاً‪" :‬الموت هو‬ ‫خالصة الحياة "‪.‬‬ ‫وهك��ذا‪ ،‬توصل إل��ى اس��تقرار دعاه‬ ‫بنهاية المطاف‪ ..‬وأخذ ينتظر اللحظة التي‬ ‫يس��تطيع فيها أن يش��رع باختي��ار طريقة‬ ‫مشرفة لميتة ما‪..‬‬ ‫إذن‪ ،‬ف��ان م��ن يدعي أن عب��د الجبار‬ ‫دف��ع دفعا ليش��ترك ف��ي ث��ورة‪ ..‬ال يعرف‬ ‫الحقيقة مطلقًا‪ ..‬فهو قد اختار بنفس��ه أن‬ ‫يذهب لمركز التطوع وأن يقف أمام طاولة‬ ‫الضابط الذي يقول بصوت ثابت‪:‬‬ ‫ أري��د بارودة الس��تطيع أن أش��ترك‬‫بالث��ورة‪ ..‬وس��رعان ما اكتش��ف أن قضية‬ ‫البارودة ليست سهلة بالمرة‪ ..‬وأن عليه هو‬ ‫أن يصطاد ب��ارودة ما بالكيفية التي أريد‪..‬‬ ‫ومن ثم يستطيع أن يشترك بالثورة‪..‬‬ ‫ ولكنن��ي ق��د أموت قب��ل أن أحصل‬‫على ب��ارودة‪ ..‬هكذا قال خانق��ًا‪ ،‬ولكنه ما‬ ‫لب��ث أن س��كت وهو يس��مع جواب��اً غريبًا‪،‬‬ ‫ولكنه صحيح تقريبًا‪:‬‬ ‫ وه��ل أتي��ت إل��ى هنا كي تس��تمتع‬‫بصيفية لطيفة‪ ..‬ثم لتعود إلى دارك؟‬ ‫هنا‪ ،‬فكر أن فلسفته تعدي ًال طفيفاً‪..‬‬ ‫إذ ان��ه ربم��ا م��ات قب��ل أن يحص��ل عل��ى‬ ‫ب��ارودة‪ ،‬ولم تنقض فت��رة طويلة جداً كي‬ ‫يتوصل لقرار موجز جديد‪" :‬ليس المهم أن‬ ‫يموت اإلنس��ان‪ ،‬أن يحقق فكرته النبيلة‪..‬‬ ‫بل المهم أن يجد لنفس��ه فكرة نبيلة قبل‬ ‫أن يموت‪." .‬‬ ‫وهك��ذا اس��تطاع عب��د الجب��ار أن‬ ‫يس��تحصل عل��ى ب��ارودة جدي��دة تقريبًا‪،‬‬ ‫ولم تكلفه جهداً بالش��كل ال��ذي تصور أو‬ ‫بالشكل الذي أعد‪ ،‬إذ أنه كان يتجول خارج‬ ‫"‪ " ....‬بعد معركة حدثت في الصباح‪ ،‬فوجد‬ ‫جندي��ًا ميت��ًا "والمي��ت ال يحتاج لب��ارودة"‪،‬‬ ‫هكذا قال لنفس��ه وه��و يقل��ب الجثة عن‬

‫بارودة فرنسية ذات فوهة مدببة‪.‬‬ ‫وبين رفاق المتراس عرف عبد الجبار‬ ‫"بالفيلسوف"‪ ،‬وجد المناضلون في فلسفته‬ ‫منطق��ًا صالحًا لتبرير األم��ور التي تحدث‪..‬‬ ‫كان معظ��م الث��وار م��ن الش��باب‪ ،‬وكان‬ ‫يس��ره أن��ه يكبره��م قلي ًال وأنه يس��تطيع‬ ‫أن يجمعه��م بع��د كل معرك��ة ليدرس��هم‬ ‫ق��راره الموجز الجديد بش��أن الموت‪ .‬وبعد‬ ‫كل قتيل‪ ،‬كانت الفلس��فة تتطور وتتغير‪..‬‬ ‫ففي ليلة مظلمة مات فالح أمي‪ ..‬وقبل أن‬ ‫يس��قط فوق التراس ش��تم "‪ " .....‬ورجال‬ ‫"‪ .." .....‬وفك��ر عب��د الجب��ار بكلم��ة تصلح‬ ‫لتأبين الش��هيد‪ ،‬فإذا بالكلمة تصبح قراره‬ ‫الموجز الجديد‪" :‬أن الفكرة النبيلة ال تحتاج‬ ‫غالبا للفهم‪ ..‬بل تحتاج لإلحساس!"‪.‬‬ ‫وبع��د ليل��ة واحدة مات ش��اب كان قد‬ ‫خرج م��ن المتراس وهجم بالس��كين على‬ ‫جن��دي كان يزحف ق��رب الج��دار‪ ،‬وأطلقت‬ ‫الن��ار علي��ه وه��و ف��ي طريق عودت��ه إلى‬ ‫المت��راس‪ ..‬وقال عبد الجبار "أن الش��جاعة‬ ‫ه��ي مقي��اس اإلخ�لاص‪ .." ..‬وكان عب��د‬ ‫الجب��ار بال��ذات ش��جاعا‪ ..‬فلقد طل��ب منه‬ ‫الضابط‪ ،‬وكان قد توص��ل أخيراً إلى إيجاد‬ ‫بذلة عس��كرية مالئم��ة‪ ،‬أن يذهب للميناء‬ ‫ك��ي يرى م��اذا يجرى هن��اك‪ ،‬وق��ال له أن‬ ‫منظر وجهه اله��ادئ الحزين ال يثير الريبة‬ ‫في قلوب الخائفين‪..‬‬

‫وس��ار عب��د الجبار ف��ي الش��وارع بال‬ ‫س�لاح‪ ،‬ووصل للمين��اء وتجول ما ش��اء له‬ ‫التجول‪ ،‬ثم قفل عائداً إلى متراسه‪..‬‬ ‫إن األم��ور تجري عكس م��ا يفترض‬ ‫المرء‪ ..‬فلقد عرفه واحد ممن اشتركوا مرة‬ ‫ف��ي الهج��وم‪ ..‬وقبض عليه‪ ..‬وس��اقه إلى‬ ‫حيث قال له ضابط خائف بعد أن صفعه‪:‬‬ ‫ انك ثائر‪...‬‬‫ نعم‪...‬‬‫ ملعون‪..‬‬‫ كال!‬‫ول��م ين��س عب��د الجب��ار وه��و تحت‬ ‫الضرب الذي ال يرحم أن يضع قراراً موجزا‬ ‫جديدا‪" :‬أن ضرب السجين هو تعبير مغرور‬ ‫ع��ن الخ��وف‪ .." ...‬وش��عر إثر ذل��ك القرار‪،‬‬ ‫بشيء من االرتياح‪..‬‬ ‫***‬ ‫ولكن األم��ور جرت‪ ،‬من ثم‪ ،‬على نحو‬ ‫مغاير‪ .‬فلقد توصل الضابط أخيراً إلى فكرة‬ ‫اعتبره��ا‪ ،‬بين��ه وبي��ن أعوان��ه المخلصين‬ ‫فكرة ذكية‪ ..‬بينما عدها عبد الجبار تصرفًا‬ ‫مغروراً آخر ينتج في العادة عن الخوف‪...‬‬ ‫قال له الضابط‪:‬‬ ‫ ستس��ير أمامن��ا إل��ى متراس��كم‬‫الملعون‪ ...‬وستعلن لرفاقك المجانين انك‬

‫أحضرت معك ع��ددا جديدا من الثوار‪ ...‬ثم‬ ‫سيكمل جنودي بقية القصة‪...‬‬ ‫ وأنا؟‬‫ً‬ ‫ً‬ ‫ س��تعيش معززا مكرما‪ ..‬أو ستموت‬‫كالكلب أن حاولت خيانتنا‪..‬‬ ‫وق��ال عبد الجبار في ذات نفس��ه "أن‬ ‫الخيانة في حد ذاتها ميتة حقيرة"‪.‬‬ ‫وأم��ام صفين م��ن الجنود س��ار عبد‬ ‫الجب��ار مرف��وع الجبي��ن‪ ،‬وفوه��ة مدف��ع‬ ‫رش��اش تنخر خاصرت��ه‪ ..‬وقب��ل أن يصل‬ ‫إل��ى المتراس بقليل س��مع صوت الضابط‬ ‫المبحوح يفح في الظالم‪:‬‬ ‫ هيا‪..‬‬‫لم يكن عب��د الجبار خائفاً إذ أن رفاق‬ ‫الت��راس قال��وا أن صوت��ه كان ثابت��ًا قويًا‬ ‫عندما سمعوه يصيح‪:‬‬ ‫ لقد أحضرت لكم خمسين جنديا‪.‬‬‫***‬ ‫ل��م يكن عب��د الجب��ار قد م��ات‪ ،‬بعد‪،‬‬ ‫عندم��ا وص��ل رفاقه إليه ملق��ى بين جثث‬ ‫الجن��ود‪ ..‬وبصعوب��ة جم��ة س��مع أحدهم‬ ‫صوته يملي قراره الموجز األخير‪:‬‬ ‫"ليس المه��م أن يموت أحدنا‪ ..‬المهم‬ ‫أن تستمروا"‪..‬‬ ‫ثم مات‪.‬‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫قــــرار موجــــز‬

‫‪15‬‬ ‫عمل للفنان‪ :‬وسيم الجزايرلي‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫وعــــــد‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫الدم‬ ‫هبا تُمس��كُ خص��ري وتغرقني ف��ي بركة ِ‬ ‫الت��ي غط��ت والدها حي��ن عاد إليه��ا مف��زور الدماغ‪،‬‬ ‫مش��وه الرأس‪ ،‬جثة دون ابتس��امة‪ ،‬بال غضون تعب‪.‬‬ ‫هب��ا ابن��ة العاش��رة أنكرت والده��ا حين أع��ادوهُ بال‬ ‫مالمح‪ ..‬كره��ت الجثة الملقاة وس��ط المنزل‪ ،‬وقالت‬ ‫دون اكتراث‪ :‬زتوها بالزبالة‪.‬‬ ‫زرتها‪ ..‬أَعلمُ أنني زرتها! هل أحلم؟ إنه كابوسْ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫طوي��ل ال ينتهي‪ .‬لس��تُ نائم��ة‪ ،‬إنني أرى‬ ‫كاب��وسٌ‬ ‫كابوسي بعينين مفتوحتين‪ :‬أغفوا على نشرة األخبار‬ ‫المكتظة بالجثث‪ .‬أجدني مع أصدقاء نذروا أنفس��هم‬ ‫للمساعدات‪ ،‬لم يبقى ما نفعله سوى العمل اإلغاثي‪،‬‬ ‫حفاضات تقي براز األلم‪ ،‬خبز تقتات به الروح‪ ،‬وقليل‬ ‫من الحليب كي ال ننس��ى‪ ،‬وبعضُ البس��مات نوزعها‬ ‫كصدقة على األطفال حين يغرق صوت المدافع أنحاء‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫هبا تعص على قلب��ي بيديها الملوثتين بالوحل‬ ‫وتفتته‪ ،‬تحفرُ في صدري كوة تفرُّ منها كل المشاعر‬ ‫وتحيلني إلى شبح‪ ..‬شبح دون روح‪.‬‬ ‫لم تكن طفلة‪ ،‬أش��اخ الموت روحها كامرأة عجوز‬ ‫الصغير أمام��ي‪ ،‬أردت أن‬ ‫دون ذاك��رة‪ .‬أوص��دت قلبها ِ‬ ‫أالعبها‪ ..‬دفعتني‪ ..‬عاملتني َكن��دّ‪ ..‬قالت لي وعينيها‬ ‫تهدم كل عالم الكبار األناني‪:‬‬ ‫فكرك أنا مو فهمانة ش��و ع��م بصير‪ ،‬بعرف انه‬

‫أبي استشهد وانه بالجيش الحر وانه طلع على الجنة‪،‬‬ ‫فكرك أنا مو فهمانة كل شي!‬ ‫أوراق‬ ‫عل��ى‬ ‫األلم‬ ‫ترس��م‬ ‫أحبّ��ت الرس��م‪ .‬كانت‬ ‫ٍ‬ ‫بيضاء تلطخت بالدم‪ .‬ترس��م والدها مهش��م الرأس‪،‬‬ ‫معلقاً بخيط بالون هزيل‪.‬‬ ‫انته��تِ الزيارة الس��ريعة بعد أن ب��دأت القذائف‬ ‫تبصق األجساد إلى جوف األرض‪ ،‬ركضت نحوي حين‬ ‫همم��تُ الرحيل‪ .‬احتضنتها وش��عرت بقلبها الراعش‬ ‫كعصفور بلله المطر‪ .‬أمس��كت خص��ري‪ ..‬بكت َّ‬ ‫وبلل‬ ‫دمعُها قميصي‪ ..‬رفعت رأس��ها وقالت‪ ::‬أنت رفيقتي‪،‬‬ ‫مشان اهلل ال تروحي‪.‬‬ ‫كان ينبغي أن أذهب‪ ..‬لماذا ذهبت وتركتها؟‬ ‫ل��م تفلت خصري حتى حلفت له��ا‪ :‬ورحمة أبوك‬ ‫الشهيد رح أرجع‪.‬‬ ‫أرخت يديها عن خصري كوريد قطع‪ ،‬وارتعش��ت‬ ‫خط��وط وجهه��ا الناعمة‪ ،‬كان ثمة م��ا تريد أن تقوله‬ ‫لي‪..‬‬ ‫ماذا كنت تريدي أن تقولي يا هبا؟‬ ‫لماذا لم أنتظر ألسمع؟‬ ‫ه��ل أردت أن تقول��ي أن��ه ليس ثم��ة وقت‪ ،‬وأن‬ ‫الموت هنا س��ريع ال يعطي فرصة أخرى‪ ،‬وأنه يعشق‬ ‫ابتسامات األطفال‪..‬‬

‫عروة المقداد‬

‫آه يا هبا‪..‬‬ ‫دُمر الحي الذي كانت تس��كن فيه هبا‪ .‬وفي كل‬ ‫مرة يداهمني ذات الكابوس‪ :‬أقرأ الرسالة التي كتبتها‬ ‫بعد فقدت االتصال بها تماماً‪ .‬أقرأ الرسالة وأنا وسط‬ ‫الدمار وحنين تمسك خصري وتتشبث به‪:‬‬ ‫هب��ا‪ ..‬اش��تقتلك كثير‪ .‬رجعت بعد ش��هر متل ما‬ ‫وعت��دك‪ ،‬ورحمة أبوك الش��هيد ودم��ه الغالي رجعت‪.‬‬ ‫حاول��ت كل جهدي القيك‪ ،‬م��ا ق��درت‪ ..‬حارتكن كلها‬ ‫كان��ت مدم��رة‪ ..‬بيتكن كوم��ة باطون‪ ..‬س��ألت عنك‬ ‫كتير‪ ،‬واتصلت بأهلك بس كل الموبايالت كانوا خارج‬ ‫التغطية‪ .‬بفرانس��ا تذكرت دايمًا‪ .‬كنت حسك سورية‬ ‫كلها ي��ا هبا‪ ،‬بحاراتها وبيوتها وناس��ها ومس��تقبلها‪.‬‬ ‫وكنت قول سورية قوية مثلك‪..‬‬ ‫جبتلك هدية‪ .‬مو مني‪ ،‬من بنت بفرانسا بعتتلك‬ ‫رس��ومات عن األطفال بالثورة‪ .‬حكيتلها عنك وحبتك‬ ‫كتير وقالتل��ي‪ :‬بدها تكون رفيقت��ك‪ .‬جابتلك هدية‪،‬‬ ‫راحت على الس��وق مع امها وش��ترتها‪ .‬هي ما بتحكي‬ ‫عربي بس ترجمتلك الرسالة‪.‬‬ ‫هبا ما نس��يتك يا حبيبت��ي‪ ..‬يا روحي‪ ..‬ورح ضل‬ ‫دور علي��ك لحتى القيك‪ ،‬وين ما كن��ت‪ ..‬فوق األرض‬ ‫أو تحته��ا‪ ..‬ورحمة أبوك الش��هيد ح القيك وح أعطيك‬ ‫هديت��ك وح نعمر بيتكن ونرقص ونلعب ونحتفل انه‬ ‫النظام سقط وانه سورية حرة‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬ ‫اللوحة من صفحة‪:‬‬


‫د‪ .‬حازم نهار‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫كان يمك��ن عل��ى األق��ل االحتف��اظ‬ ‫بالعلمي��ن ورفعهما معًا ب��د ًال من الدخول في‬ ‫صراع حولهما أو إهانة أي منهما على يدي أحد‬ ‫الطرفين‪ .‬في أحد اجتماعات المعارضة حاولنا‬ ‫وضع العلمين معًا‪ ،‬على اعتبار أن أحدهما هو‬ ‫العل��م الوطن��ي واآلخر هو عل��م الثورة‪ ،‬لكن‬ ‫تش��بيح بعض "المعارضي��ن" الجدد حال دون‬ ‫ذلك‪ ،‬الذين تعاملوا –وال زالوا‪ -‬بفهم مبتس��ر‬ ‫لمعنى المعارضة والثورة‪ .‬فالمعارضة والثورة‬ ‫عنده��م ال تعنيان إال التب��رؤ من تاريخ نصف‬ ‫ق��رن لس��ورية‪ ،‬وكأنه��م يعاقبون أنفس��هم‬ ‫بطريق��ة مرضي��ة عن هذه الفت��رة الطويلة‪،‬‬ ‫دون تمييز بين ما يخص النظام السوري وما‬ ‫يتعلق بالوطن والدولة‪.‬‬ ‫يزي��د الطين بل��ة عندما نس��مع بعض‬ ‫األصوات الت��ي تنادي بوضع عب��ارة "ال إله إال‬ ‫اهلل" على علم الثورة‪ ،‬وهو توجه أقل ما يقال‬ ‫عنه إنه تعبي��رٌ عن الهبل السياس��ي وضيق‬ ‫األفق‪ ،‬بل وعن الضحالة اإلنسانية والوطنية‬ ‫ف��ي آن معًا‪ ،‬ألن هذا التوجه ال يعني إال إخراج‬ ‫الس��وريين المس��يحيين وغيرهم م��ن دائرة‬ ‫الثورة والوطن‪ .‬فكل نظرة أو س��لوك يهدفان‬ ‫إل��ى تغليب الخ��اص عل��ى الع��ام ال يخدمان‬ ‫الث��ورة بالضرورة‪ ،‬وال يعب��ران بالتالي إال عن‬ ‫حالة موتورة وعصابية‪.‬‬ ‫يج��در بنا االنتب��اه إلى أن العل��م القادم‬ ‫للدولة السورية في المستقبل سيكون معبراً‬ ‫بالض��رورة عن كل الس��وريين كي يس��تحق‬ ‫اس��م "العل��م الوطن��ي"‪ ،‬أي لن يك��ون علمَ‬ ‫المعارضة والثورة ببس��اطة‪ ،‬فالمشاركة في‬ ‫الثورة ال تفرض حقوقًا مسبقة ألصحابها‪ ،‬أو‬ ‫امتيازات على حس��اب غيرهم من السوريين‬ ‫في دولة المواطنة المتساوية‪.‬‬ ‫وفي مقاربتي للمش��هد الثاني المتمثل‬ ‫بقي��ام أح��د عناصر الجي��ش الحر ف��ي رأس‬ ‫العي��ن بمن��ع أح��د المواطنين من رف��ع العلم‬ ‫الك��ردي‪ ،‬ف�لا يس��عني إال القول إنه س��لوك‬ ‫خاط��ئ بالتأكي��د‪ .‬وبالمقاب��ل كان��ت ال��ردود‬

‫على هذا الس��لوك من قبل بعض المواطنين‬ ‫السوريين األكراد خاطئة أو انفعالية على أقل‬ ‫تقدير‪.‬‬ ‫وباعتقادي فإن جذر وأساس هذا الخطأ‬ ‫المزدوج يكمن في انعدام الثقافة السياس��ية‬ ‫لدى الس��وريين بحكم حالة األمية السياسية‬ ‫التي قام النظام السوري بتعميمها‪ .‬إذ ال يوجد‬ ‫فهم للمفاهيم والمعاني السياس��ية الحديثة‬ ‫كمفاهيم الدولة والعل��م الوطني والمواطنة‬ ‫والش��عب والمجتم��ع السياس��ي والمجتم��ع‬ ‫المدني‪.‬‬ ‫الدول��ة تعبير ع��ن الوح��دة والمركزية‪،‬‬ ‫والمجتمع المدني والسياسي كالهما تجسيدٌ‬ ‫للتن��وع والتعددي��ة‪ ،‬ومن البديه��ي القول أن‬ ‫الوح��دة والتعددي��ة ال معن��ى ألي منهما دون‬ ‫اآلخ��ر‪ .‬إذ إن وجود الدول��ة الموحدة المركزية‬ ‫لوحده��ا ال يفض��ي إال إل��ى دولة اس��تبدادية‬ ‫تقتل المجتمع والمواطن‪ ،‬وتقتل نفس��ها في‬ ‫الم��آل‪ .‬وكذلك ف��إن وجود المجتم��ع التعددي‬ ‫المتنوع دون وجود دولة مركزية ال يفضي إال‬ ‫إلى الفوضى وموت المجتمع والدولة معًا‪.‬‬ ‫من غي��ر المقبول على مس��توى الدولة‬ ‫ومؤسساتها ونشاطاتها رفع أي علم إال العلم‬ ‫الوطني الذي يعبِّر عن وحدة جميع السوريين‬ ‫وعن وج��ود الدول��ة الس��ورية الموح��دة‪ .‬أما‬ ‫على مس��توى المجتمعين المدني والسياسي‬ ‫(مجتم��ع القوى السياس��ية) فينبغي أن تكون‬ ‫الحريات الفردية والجماعية مصونة‪ ،‬ومن حق‬ ‫الجميع رفع األعالم والشعارات التي يريدونها‪،‬‬ ‫مع االنتباه إلى ضرورة أال يصب ذلك في إطار‬ ‫التحريض الطائف��ي أو التحريض العنصري‪،‬‬ ‫إذ س��يكون من حق الدولة التدخل في هاتين‬ ‫الحالتين للحفاظ على السلم األهلي‪.‬‬ ‫ل��ذا من ح��ق األك��راد رف��ع علمهم في‬ ‫ميدان المجتمع المدني والمجتمع السياس��ي‪،‬‬ ‫أي م��ن حقهم الخروج في تظاهرات س��لمية‬ ‫رافعي��ن علمه��م‪ ،‬وم��ن حقه��م رف��ع العلم‬ ‫الك��ردي ف��ي بيوته��م وف��ي مق��ار األح��زاب‬

‫الكردية والمنظمات المدني��ة الكردية في أي‬ ‫بقعة على األرض الس��ورية‪ ،‬وليس فحس��ب‬ ‫في أماكن سكنهم‪.‬‬ ‫لك��ن بالطب��ع م��ن غي��ر المقب��ول‪ ،‬من‬ ‫األكراد وغيرهم‪ ،‬رفع العلم الكردي أو س��واه‬ ‫ف��ي مؤسس��ات الدول��ة والمق��ار الحكومي��ة‪،‬‬ ‫كالوزارات والجيش واألمن والقضاء وغيرها‪،‬‬ ‫فه��ذه األماكن ال تس��توعب إال العلم الوطني‬ ‫المتواف��ق عليه‪ .‬م��ن غير المعق��ول مث ًال في‬ ‫س��ورية المس��تقبل أن يذهب وزي��ر خارجية‬ ‫س��ورية –فيما لو كان من السوريين األكراد‪-‬‬ ‫إل��ى لقاء يمث��ل فيه س��ورية ويلتقط الصور‬ ‫وهو يضع العلم الكردي خلفه‪.‬‬ ‫من غير المقبول أيضاً إطالق المناش��دة‬ ‫الغريب��ة التالية على لس��ان عدد م��ن األكراد‬ ‫الس��وريين ك��رد عل��ى س��لوك أح��د عناص��ر‬ ‫الجيش الحر‪:‬‬ ‫"نطالب السيد مسعود البرزاني بالسماح‬ ‫للقوات الكردية من الضباط والمجندين الكرد‬ ‫المنش��قين عن النظام المتواجدين في إقليم‬ ‫كردس��تان العراق بدخول األراضي الس��ورية‬ ‫وحماية المواطني��ن الكرد من غزوات الجيش‬ ‫الح��ر عل��ى المناط��ق الكردية والتس��بب في‬ ‫تهجير سكانها"‪.‬‬ ‫فاألج��در ه��و التوج��ه بالش��كوى لقوى‬ ‫المعارضة الموجودة حاليًا‪ ،‬العربية والكردية‪،‬‬ ‫ومحاولة البحث المش��ترك عن وسائل وآليات‬ ‫لتجاوز األخطاء ومنع تكرارها‪ ،‬إن كنا معنيين‬ ‫ببناء وطن واحد ودولة واحدة‪.‬‬ ‫نح��ن بحاج��ة كس��وريين للبح��ث ع��ن‬ ‫القواس��م المش��تركة وتفعيلها والبناء عليها‪،‬‬ ‫وال ب��د للثالثية المقدس��ة‪" :‬الدولة الس��ورية‬ ‫الموحدة‪ ،‬الش��عب الس��وري الواحد‪ ،‬المواطنة‬ ‫المتس��اوية" أن تكون األس��اس في س��لوكنا‬ ‫وتصرفاتن��ا وتوجهاتن��ا‪ ،‬ودونه��ا س��نتحول‬ ‫إلى س��ديم بش��ري يضيع في أصقاع األرض‬ ‫والسياسات‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫رأيت مشهدين مزعجين اليوم‪.‬‬ ‫األول يتعل��ق بتغطي��ة الجزيرة مباش��ر‬ ‫لدخول الجي��ش الحر لرأس العين‪ ،‬عندما قام‬ ‫أح��د أفراد الجيش الحر برم��ي العلم الوطني‬ ‫الس��وري في حركة مليئة باالس��تهزاء ليرفع‬ ‫بد ًال عنه علم االستقالل ‪ /‬علم الثورة‪.‬‬ ‫الثان��ي يتعلق بالمواطن الس��وري الذي‬ ‫كان يرفع العلم الكردي وقام بنهره أحد أفراد‬ ‫الجيش الحر‪ ،‬إذ ل��م يكن التصرف مقبو ًال وال‬ ‫الردود الت��ي قرأتها مقبولة‪ ،‬فم��ا هكذا تورد‬ ‫اإلبل‪.‬‬ ‫بالطبع إن كان هناك من مالمة على هذه‬ ‫الس��لوكيات جميعها فإنها تق��ع بالتأكيد على‬ ‫النظام الس��وري الذي نش��ر األمية السياسية‬ ‫و َق��زَّم ال��روح الوطنية‪ .‬وهن��اك مالمة أيضًا‬ ‫على القوى السياس��ية المعارضة التي تركت‬ ‫كل مش��اكل مجتمعه��ا‪ ،‬القائم��ة والمحتملة‪،‬‬ ‫وتفرغت للعبة الكراسي والمحاصصات‪ ،‬دون‬ ‫أن تقوم بش��يء يذك��ر على مس��توى تجاوز‬ ‫الثقافة االستبدادية‪.‬‬ ‫كدالل��ة عل��ى األمي��ة السياس��ية ف��ي‬ ‫مجتمعن��ا‪ ،‬أذكر أنن��ا كنا مجموع��ة أطباء في‬ ‫دورة للخدم��ة العس��كرية اإللزامي��ة‪ ،‬عددن��ا‬ ‫حوال��ي ‪ 135‬طبيب��ًا‪ ،‬وقد وزعوا علينا ش��عار‬ ‫العل��م الس��وري كي نضع��ه عل��ى صدورنا‪،‬‬ ‫والغري��ب أن الغالبية العظمى منا ارتبكت في‬ ‫طريقة وضع العلم واتجاهات األلوان‪.‬‬ ‫ف��ي مقاربت��ي للمش��هد األول البد من‬ ‫التنوي��ه في البداية أن علم الدولة هو ش��عار‬ ‫ي��دل عل��ى الدول��ة وتاريخه��ا وش��خصيتها‪،‬‬ ‫وبمعن��ى ما على الهوي��ة الوطني��ة الجامعة‪،‬‬ ‫وغالب��اً ما يت��م اختيار أل��وان العل��م ورموزه‬ ‫ليعبِّر بوضوح عن هذه األشياء الثمينة‪.‬‬ ‫العل��م الموجود اليوم هو علم س��ورية‬ ‫وليس علم النظام‪ ،‬وله دالالت ال زالت عزيزة‬ ‫عند قس��م من الس��وريين‪ ،‬ألن��ه العلم الذي‬ ‫كان معتم��داً للجمهوري��ة العربي��ة المتح��دة‪،‬‬ ‫فاألحمر في المستطيل العلوي يرمز للنضال‬ ‫والثورة ودماء الشهداء‪ ،‬واألبيض في الوسط‬ ‫لألمويين‪ ،‬واألس��ود في األس��فل للعباسيين‪،‬‬ ‫أم��ا النجمت��ان الخض��راوان فترم��زان لوحدة‬ ‫القطرين الشمالي سورية‪ ،‬والجنوبي مصر‪.‬‬ ‫أم��ا عل��م االس��تقالل الذي أصب��ح علم‬ ‫الثورة‪ ،‬فال تختلف ألوانه من حيث الدالالت‪ ،‬إذ‬ ‫يرمز اللون األخضر لإلسالم واألبيض للدولة‬ ‫األموي��ة واألس��ود للدول��ة العباس��ية‪ ،‬وي��رى‬ ‫آخرون أن اللون األبيض يرمز إلى المستقبل‬ ‫المشرق واألسود إلى حقبة االحتالل واألخضر‬ ‫إلى مروج سوريا الخضراء‪ ،‬أما دالالت النجوم‬ ‫الثالث الحمراء فترمز عند البعض إلى العلياء‬ ‫والبطولة ودماء الشهداء‪ ،‬وعند البعض اآلخر‬ ‫ترمز إلى س��لطان باش��ا األط��رش وإبراهيم‬ ‫هنان��و وصال��ح العل��ي وه��م ق��ادة الث��ورة‬ ‫السورية الكبرى‪.‬‬ ‫في الحقيقة كنت أتمنى‪ ،‬كما كتبت منذ‬ ‫‪ 14‬شهراً‪ ،‬اختراع رمز ما للثورة ال يضعها في‬ ‫موق��ع من يرف��ع علماً في وجه عل��م آخر كما‬ ‫حدث‪ ،‬وهو ما أظهر السوريين وكأنهم شعبان‬ ‫في بلد واحد‪ ،‬شعب الثورة وشعب المواالة‪ ،‬مع‬ ‫مالحظة أن الصامتي��ن والحياديين بقوا على‬ ‫هذه الحال دون علم‪ ،‬وكأنهم ليسوا سوريين‪.‬‬ ‫وبالطب��ع فق��د زاد ه��ذا األم��ر م��ن الخطوط‬ ‫الفاصلة الحادة بين السوريين‪.‬‬

‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫ق�صة علم‪ :‬العلم الوطني وعلم‬ ‫الثورة والعلم الكردي‬

‫‪17‬‬


‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫م�شروع ا�سرتاتيجي‬ ‫جمال منصور‬ ‫حدا منكون بيعرف مين لطفي الحفار؟؟‬ ‫حدا منكون سمعان‪ ،‬حتى‪ ،‬بلطفي الحفار؟؟‬ ‫أل؟؟‬ ‫أنا لح قللكون مين هو‪ ،‬هالرجل‪.‬‬

‫***‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫لطفي بن حسن الحفار‪ ،‬إبن الشام الصميمي‪،‬‬ ‫ولِد بالـ ‪1891‬‬ ‫واشتغل‪ ،‬متل كتيرين من الشوام‪ ،‬ومن والد عيلتو‪،‬‬ ‫بالتجارة‪.‬‬ ‫بس ما اكتفى هون ‪-‬‬ ‫بل انشغل بالشأن العام‪ ،‬وعاش حياتو فيه‪:‬‬ ‫كان واح��د من كت��ار من الوطنيين الس��وريين‪ ،‬من‬ ‫البورجوازية الدمشقية العريقة‪.‬‬ ‫كم��ا كان م��ن األعضاء المؤسس��ين لغرف��ة تجارة‬ ‫دمشق‪.‬‬ ‫كما كان من األعضاء المؤسس��ين للكتلة الوطنية‪،‬‬ ‫يللي قاومت فرنس��ا‪ ،‬باألس��لوب الدمش��قي المعروف ‪-‬‬ ‫أسلوب "ال يموت الديب‪ ،‬وال يفنى الغنم‪" .‬‬ ‫لطف��ي الحف��ار كان كم��ان نائب عن دمش��ق‪ ،‬لكذا‬ ‫دورة نيابية‬ ‫وكان وزي��ر داخلية‪ ،‬من أنزه وأليَ��ن وأفضل وزراء‬ ‫الداخلية يللي مروا بتاريخ سوريا‬ ‫وكان وزير أشغال عامة‪،‬‬ ‫وحتى كان مرة بتاريخو رئيس وزراء‪.‬‬

‫***‬

‫بس أهم منجزات هالرجل التاريخية‬ ‫ بالمعن��ى الفعل��ي الحقيقي للكلمة‪،‬‬‫مو بطريقة حافظ األسد‬ ‫يللي كان يضرط‪ ،‬ويقول عن ضرطتو‬ ‫"تاريخية!!" ‪-‬‬ ‫ويللي أهل الشام المفروض يتذكرولو‬ ‫ياها طول عمرهون؛؛‬ ‫هي مشروع استجرار مياه الفيجة إلى‬ ‫دمشق‪.‬‬ ‫هادا المشروع يللي كانت ناوية فرنسا‬ ‫تحتكرو إللها‪،‬‬ ‫قدر لطفي الحفار‬ ‫بذكاء ‪ /‬ومن��اورة ‪ /‬ومحاورة ‪ /‬وحربقة‬ ‫‪ /‬ومسايسة‬ ‫التاجر الدمشقي الض ِرس‪،‬‬ ‫وبقدرة هائلة على التخطيط البسيط‪،‬‬ ‫بس المُحكم‪،‬‬ ‫يحولو لمشروع وطني مية بالمية‪.‬‬

‫***‬

‫ميزانية المشروع‬ ‫كان��ت بح��دود ال��ـ ‪ 270‬أل��ف لي��رة‬ ‫عصمللي‬

‫ ويللي كان رقم "فلكي" بهداك الوقت!! ‪-‬‬‫قدِر يجيبهون من ميزانية الدولة‪،‬‬ ‫وم��ن اتفاقي��ات م��ع ش��ركات بلجيكية وفرنس��ية‪،‬‬ ‫لالستفادة من بعض مرافقو‪،‬‬ ‫زايد عليهون‪ ،‬بالطبع‪ ،‬التمويل الش��عبي من أهالي‬ ‫دمشق‬ ‫يللي دار عليهون ش��ي باجتماعات شعبية باألحياء‪،‬‬ ‫وشي على بيوتهون‬ ‫ولم منهون مصاريهون‪ ،‬ودهب نسوانهون‬ ‫مقابي��ل م��ا يك��ون إلهون حص��ص‪ ،‬م��دى الحياة‪،‬‬ ‫بهالمشروع الرائد‪.‬‬ ‫(ولهلق‪ ،‬فيه عيَل كتيرة بالشام إلها أسهم‬ ‫ع ش��كل ربع متر مكع��ب‪ ،‬أو نص مت��ر مكعب مية‬ ‫فيجة‪ ،‬ما بيدفعوا تمنها‪ ،‬مدى الحياة‬ ‫وبيورتو لوالدهون حصتهون من مية الفيجة‪.‬‬ ‫أو‪ ،‬ع األقل‪ ،‬يللي بقيان من مية الفيجة!!)‬

‫***‬

‫هيك ‪-‬‬ ‫لحد ما مول المشروع‪،‬‬ ‫يللي بلش الشغل فيه بنهاية الـ ‪،1925‬‬ ‫ويلل��ي ‪ -‬وم��ن بعد م��ا وقف س��نتين‪ ،‬بي��ن ‪1926‬‬ ‫و‪ ،1928‬بسبب الثورة السورية الكبرى ‪-‬‬ ‫تم إنجازو تماماً‪ ،‬بتاريخ ‪ 2‬آب ‪.1932‬‬

‫***‬

‫لطفي الحفار اهلل يرحمو‪،‬‬ ‫توفى‬

‫ بسنة الـ ‪1968‬‬‫بعهد البعث؛؛‬ ‫بعث صالح جديد وحافظ األسد‪،‬‬ ‫يلل��ي كان��ت "البورجوازي��ة العفِن��ة‪ " ،‬ع أس��اس‪،‬‬ ‫عدوتهون الصهيونية!! ‪-‬‬ ‫فقير وشبه مُعدَم‬ ‫مهمش‬ ‫ومُبعَد‪ ،‬تماماً‪ ،‬عن الناس يللي خدمهون بدمو‪.‬‬

‫***‬

‫هيك كانوا رجاالت دمشق وسوريا‪ ،‬بعهد االنتداب؛؛‬ ‫وطنيين بالعمل والفعل‪.‬‬ ‫هيك كان شعب سوريا؛؛‬ ‫ يللي ما كان يعد أكتر من مليونين ونص‪،‬‬‫ويللي نس��بة األمية فيه كانت فوق الـ ‪ ،75٪‬بهداك‬ ‫الزمان‬ ‫وفوق منها عليه استعمار‪ ،‬وغاشم فوق منها ‪-‬‬ ‫قادر يدعم ويس��اهم ويمول بمشروع‪ ،‬بينقال عنو‬ ‫مشروع "إستراتيجي‪" .‬‬

‫***‬

‫هيك كنا‪ ،‬بوقتها‪.‬‬ ‫وهيك لح منكون‪ ،‬اليوم وبكرا‪.‬‬ ‫مو هبَل‪،‬‬ ‫مو سذاجة‪،‬‬ ‫مو حلم‪.‬‬ ‫بل حقيقة أكيدة‪.‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫للحزب في األقطار العربية‪.‬‬ ‫عام ‪ 1948‬وعلى أثر نكبة فلسطين‬ ‫ارتكب بكداش الخطيئة األكبر في عمله‬ ‫السياس��ي حيث دافع عن موقف االتحاد‬ ‫السوفيتي المؤيد إلس��رائيل مما أفقده‬ ‫وحزبه الش��عبية في الش��ارع الس��وري‬ ‫والعربي حتى أن الكثير من الذين كانوا‬ ‫أعضاء في الحزب الش��يوعي انس��حبوا‬ ‫منه وع��ادوا إلى صف��وف الوطنيين ثم‬ ‫راحوا يتهمون بالخيانة كل من ظل في‬ ‫المعسكر الشيوعي‪ ،‬ورفضوا أية تسوية‬ ‫معه��م‪ .‬لك��ن عندم��ا اختارت إس��رائيل‬ ‫االعتم��اد عل��ى المس��اعدة األمريكية ال‬ ‫المس��اعدة الس��وفييتية حف��زت بذل��ك‬ ‫االتح��اد الس��وفييتي على تأيي��د العرب‬ ‫ضد المطال��ب اإلس��رائيلية‪ ،‬لذا تنفس‬ ‫خالد بكداش الصعداء لدى رؤيته أهداف‬ ‫حزبه تع��ود لترتبط باألهداف الوطنية‪،‬‬ ‫ودخل ح��زب البعث والش��بان الوطنيين‬ ‫في تحالف مع الش��يوعيين وأقاموا فيما‬ ‫بينه��م اتحاداً وطنيًا عمل على إس��قاط‬ ‫نظام الشيشكلي وإعادة الحكم للرئيس‬ ‫األتاس��ي‪ .‬واستغل بكداش هذا التحالف‬ ‫الجديد وراح يعد نفس��ه النتخابات سنة‬ ‫‪.1954‬‬ ‫ع��ام ‪ 1954‬انتخ��ب خال��د بكداش‬ ‫عضواً في المجلس البرلماني السوري‪،‬‬ ‫وكان بكداش أول شيوعي يحتل مقعداً‬ ‫نيابي��اً في أي بلد عرب��ي‪ ،‬وقد بلغ نفوذ‬ ‫الشيوعيين ذروته خالل القترة التي كان‬ ‫بك��داش فيها نائباً من س��نة ‪ 1954‬إلى‬ ‫سنة ‪ ،1958‬فقد تغلغل الشيوعيون في‬ ‫كل دائ��رة من الدوائر الحكومية واحتلوا‬ ‫مناص��ب عس��كرية رفيع��ة‪ .‬وبصف��ة‬ ‫بك��داش زعيم��ًا للحزب الش��يوعي فقد‬ ‫زاد من نش��اطه في األوس��اط الرسمية‬ ‫وغير الرسمية‪ ،‬وأكثر من زيارة الرئيس‬ ‫القوتلي مطالبًا بوجوب االعتراف رسميًا‬ ‫بحزب��ه‪ ،‬فض� ً‬ ‫لا ع��ن زيارات��ه المتعددة‬

‫لموسكو وحضوره الحفالت التي تقيمها‬ ‫المفوضات الش��يوعية في دمشق‪ ،‬وقد‬ ‫ح��اول الش��يوعيون مرتي��ن االس��تيالء‬ ‫على الحكم‪ ،‬مرة سنة ‪ 1956‬ومرة سنة‬ ‫‪ 1957‬ولكنهم باؤوا بالفشل‪.‬‬ ‫ع��ارض خال��د بك��داش الوح��دة‬ ‫المصرية الس��ورية ع��ام ‪ ،1958‬وحين‬ ‫واف��ق النواب الس��وريون باإلجماع على‬ ‫الوح��دة كان مقعد بكداش في البرلمان‬ ‫المقعد الوحيد الخالي‪ ،‬حيث ترك دمشق‬ ‫إلى موسكو‪ ،‬ولم يعد إال عام ‪ 1966‬في‬ ‫ظل تمتين العالقات السورية مع االتحاد‬ ‫السوفييتي‪.‬‬ ‫ع��م ‪ 1970‬تحال��ف بك��داش م��ع‬ ‫النظ��ام الجدي��د أو تأقل��م مع��ه‪ ،‬م��ع‬ ‫النظ��ام الرئاس��ي الذي كان ق��د انتقده‬ ‫بشدة‪ ،‬حين قال في بيان وجهه للشعب‬ ‫الس��وري‪" :‬في ظل هذا اإلرهاب السود‬ ‫الذي قاس��ت س��ورية منه األه��وال في‬ ‫عه��د «االنق�لاب» األول‪ ،‬وف��ي عه��د‬ ‫«االنق�لاب» األخي��ر‪ ،‬وحي��ن خفت��ت‬ ‫األصوات وغادر الس��احة زعماء األحزاب‬ ‫التقليدية‪ ،‬بقي الش��يوعيون السوريون‬ ‫دائم��ًا في المي��دان يرفع��ون عالياً راية‬ ‫النض��ال الوطن��ي والدفاع ع��ن الحرية‪،‬‬ ‫دون أن يخش��وا السجون والمعتقالت أو‬ ‫يفق��دوا لحظة واحدة ثقتهم بش��عبهم‬ ‫السوري العربي األبيّ‪.‬‬ ‫إن صمود الشعب الس��وري العنيد‬ ‫في وج��ه اإلره��اب الديكتات��وري وفي‬ ‫وجه المؤامرات االستعمارية‪ ،‬ونضاالت‬ ‫العم��ال والفالحي��ن والطالب والنس��اء‪،‬‬ ‫ذل��ك م��ا أرغ��م القائمين عل��ى الحكم‬ ‫عل��ى التراج��ع والتس��ليم بأن الش��عب‬ ‫السوري ال يمكن أن يُحكم مدة طويلة‬ ‫بالعن��ف واإلره��اب‪ ،‬فحاول��وا إلب��اس‬ ‫حكمه��م جلباب��ًا م��ن «الديمقراطية»‪،‬‬ ‫ف��كان «االس��تفتاء»‪ ،‬و«الدس��تور»‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ولد خال��د بكداش ع��ام ‪ 1912‬في‬ ‫حي المهاجرين في دمشق ألسرة كردية‬ ‫معروفة‪ .‬لم تحترف العمل السياسي أو‬ ‫االجتماع��ي‪ ،‬إال أنها حافظت على صالت‬ ‫قوية مع كل العشائر الكردية المعروفة‪،‬‬ ‫وقد كان والده عسكرياً خدم في الجيش‬ ‫ف��ي العثماني‪ ،‬ثم ف��ي الجيش العربي‬ ‫خالل حكم الملك فيصل سنة ‪.1920‬‬ ‫أنهى تعليمه االبتدائي والعالي في‬ ‫المدارس الحكومية في دمشق‪ ،‬لكنه لم‬ ‫يتمكن من متابعة دراس��ة القانون في‬ ‫كلية الحقوق بس��بب نشاطه السياسي‬ ‫المبك��ر‪ ،‬أول��ع بالسياس��ة فانك��ب على‬ ‫المؤلفات السياس��ية التي كان لها تأثير‬ ‫كبير في قضايا الس��اعة يومذاك‪ ،‬وفي‬ ‫عام ‪ 1930‬انضم إلى الحزب الشيوعي‪،‬‬ ‫واعتق��ل مرتين بتهمة إثارات سياس��ية‬ ‫كان��ت األولى س��نة ‪ 1931‬حيث س��جن‬ ‫أربعة أش��هر‪ ،‬والثانية سنة ‪ 1933‬لكنه‬ ‫ف��ر إثر اعتقاله‪ ،‬وف��ي تلك األثناء عكف‬ ‫عل��ى ترجمة "البيان الش��يوعي" وكانت‬ ‫تلك أول ترجمة بالعربية‪ ،‬ثم سافر بعد‬ ‫ذلك إلى موس��كو‪ ،‬ليلتحق بمعهد لينين‬ ‫ف��ي بادئ األم��ر‪ ،‬ثم بجامعة طش��قند‪.‬‬ ‫بع��د أن أتقن اللغة الروس��ية‪ ،‬وفي عام‬ ‫‪1935‬اختي��ر رئيس��ًا للوف��ود العربي��ة‬ ‫الت��ي اش��تركت ف��ي المؤتم��ر الس��ابع‬ ‫للكومنترن‪ .‬وق��د أصبح قبل ذهابه إلى‬ ‫موس��كو أمينًا للمجموعة الس��ورية في‬ ‫الح��زب الش��يوعي الس��وري اللبنان��ي‪،‬‬ ‫وبع��د عودته من موس��كو اختي��ر أمينًا‬ ‫عاماً للحزب‪.‬‬ ‫ونظراً لدور اليس��ار الفرنس��ي في‬ ‫معاه��دة ‪ 1936‬الت��ي اعتب��رت معاهدة‬ ‫استقالل بالنسبة للسوريين فقد سُمح‬ ‫لبكداش أن ي��روج للدعاية الش��يوعية‪.‬‬ ‫وهكذا بدأ تنظيم دعايته بإلباسها ثوب‬ ‫التحرر الوطني‪ ،‬واس��تغل ه��و وأتباعه‬ ‫الحري��ة التي منح��ت لهم إل��ى أبعد حد‬ ‫في نش��ر دعوتهم على نطاق لم يتهيأ‬ ‫له��م من قبل‪ .‬وفي س��نة ‪ 1937‬ظهرت‬ ‫ألول م��رة جري��دة تنطق باس��م الحزب‬ ‫الشيوعي وهي"صوت الشعب" فنشرت‬ ‫خطابات بكداش والنش��رات الش��يوعية‬ ‫دون أن تم��ر على الرقاب��ة‪ ،‬وبذلك امتد‬ ‫نفوذ بك��داش فتجاوز المش��رق ونودي‬ ‫به زعيمًا بدون منازع‪.‬‬ ‫بع��د الح��رب العالمي��ة الثاني��ة بدأ‬ ‫خال��د بك��داش بإج��راء اتص��االت أوثق‬ ‫بين حزبه واألحزاب الش��يوعية األخرى‪،‬‬ ‫وعل��ى األخص األح��زاب األوروبية‪ ،‬كما‬ ‫بدأ يش��ترك في مؤتم��رات دولية‪ .‬وفي‬ ‫س��نة ‪ 1946‬توج��ه إل��ى لن��دن إلج��راء‬ ‫محادثات مع الش��يوعيين البريطانيين‪،‬‬ ‫وحض��ر وه��و ف��ي طريق��ه إل��ى لندن‬ ‫اجتماع��ات ش��يوعية س��رية عقدت في‬ ‫ش��مالي إيطاليا حيث اطلع على النشاط‬ ‫الش��يوعي اإليطالي‪ ،‬وظ��ل كذلك على‬ ‫اتصال بنشاط الش��يوعيين في البلدان‬ ‫العربي��ة األخ��رى‪ ،‬وعل��ى األخ��ص في‬ ‫دول الهالل الخصي��ب الذي كان يمارس‬ ‫بعض النفوذ عليه حتى سمي بالمندوب‬ ‫الس��امي الس��وفييتي على الش��يوعية‬ ‫العربية‪ .‬وفي سنة ‪ 1947‬حضر المؤتمر‬ ‫التاسع عشر للحزب الشيوعي البريطاني‬ ‫كمندوب رسمي‪ ،‬وكان من هذا النشاط‬ ‫في الخارج أن تعززت مكانة بكداش في‬ ‫ب�لاده وغدا زعيمًا معروفًا في المجالس‬ ‫الش��يوعية الدولية‪ ،‬وبالتالي فقد عينه‬ ‫الكومينف��ورم ف��ي س��نة ‪ 1948‬مديراً‬

‫الجدي��د‪ ،‬و«النظام الرئاس��ي»‪ ،‬وكانت‬ ‫«االنتخاب��ات»! ولكنه��م ل��م يتحمل��وا‬ ‫ه��ذه «الديمقراطي��ة»‪ ،‬الت��ي أعلنوها‬ ‫بأنفس��هم‪ ،‬س��وى أربعة أش��هر‪ ،‬عادوا‬ ‫بعده��ا من جدي��د إلى اللج��وء لألحكام‬ ‫العرفي��ة وإتب��اع أس��اليب اإلره��اب‬ ‫الديكتاتوري��ة الس��ابقة‪ ،‬فقوبل��ت‬ ‫بالعنف الش��ديد مظاهرات الطالب ضد‬ ‫الدعاية األمريكي��ة ومكاتب المعلومات‬ ‫األمريكي��ة‪ ،‬وص��درت أح��كام إرهابي��ة‬ ‫قاس��ية على الفالحين لهتافهم للسلم‬ ‫واالس��تقالل الوطني‪ ،‬وامُتهنت كرامة‬ ‫المحامي��ن والمثقفين ورج��ال التعليم‪،‬‬ ‫كما جرت من جديد اعتقاالت كيفية على‬ ‫نطاق واس��ع بين مختلف فئات الشعب‪.‬‬ ‫وق��د تبيّ��ن أن «النظ��ام الرئاس��ي»‬ ‫عاج��ز ع��ن تأمي��ن حك��م ديمقراط��ي‬ ‫وضمان الحريات الديمقراطية وتحقيق‬ ‫االستقرار المنشود‪.‬‬ ‫تعرض��ت قيادته أوائل الس��بعينات‬ ‫لنقد ش��ديد داخل الحزب بسبب فرديته‬ ‫وتس��لطه ومعارضته للقومية العربية‪،‬‬ ‫وتزع��م الجن��اح المع��ارض ل��ه كل من‬ ‫ظهي��ر عبد الصم��د و داني��ال نعمة ثم‬ ‫سوى الخالف بينهما‪ ،‬إال أن جناحاً بزعامة‬ ‫ري��اض الت��رك اس��تمر ف��ي المعارضة‬ ‫وانته��ى أخي��راً إل��ى االنش��قاق‪ ،‬جُ��دد‬ ‫انتخاب��ه أمين��ًا عامًا للحزب ع��ام ‪1974‬‬ ‫ثم ع��ام ‪ 1980‬وفي مطل��ع عام ‪1980‬‬ ‫تعرضت قيادته مج��دداً للنقد من داخل‬ ‫حزبه ذاته بسبب ممارس��ته التنظيمية‬ ‫الداخلي��ة الت��ي وصفها خصوم��ه بأنها‬ ‫غير ديمقراطية‪.‬‬ ‫تزوج خالد بكداش من شابة كردية‬ ‫تدعى وصال فرحة سنة ‪ ،1951‬أصبحت‬ ‫داعية نش��يطة للش��يوعية بين النساء‪،‬‬ ‫وق��د تس��لمت رئاس��ة الحزب بع��د وفاة‬ ‫زوجها في دمشق عام ‪.1995‬‬ ‫لما كانت زاويتنا م��ن باب التكريم‬ ‫للرم��وز السياس��ية واالجتماعي��ة ف��ي‬ ‫س��وريا‪ ،‬ق��د يب��دو مس��تغربًا للبع��ض‬ ‫حلول��ه ضيف��ًا عل��ى س��وريتنا‪ ،‬بالرغم‬ ‫من فرديته المطلقة في الحزب وقبوله‬ ‫لممارس��ات نظام البع��ث‪ ،‬ال بل التواطؤ‬ ‫معها‪ ،‬لكن بكداش بقي شيوعيًا مخلصًا‬ ‫لمبادئه األصيلة حتى أنه وقف في وجه‬ ‫سياسات اإلصالح التي انتهجها الرئيس‬ ‫غورباتش��وف‪ ،‬وبق��ي الش��يوعي األبرز‬ ‫في تاريخ الوطن العربي‪..‬‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫خالد بكدا�ش ‪1995 - 1912‬‬

‫‪19‬‬


‫من ذاكرة العتمة‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫من ذاكرة العتمة‬

‫جوليا شحادة‬

‫ف��ي س��جن تدم��ر ف��ي أواخ��ر‬ ‫الثمانيني��ات‪ ،‬كان��ت كمي��ات الطع��ام‬ ‫ش��حيحة جداً وال تكفي إلش��باع عُشر‬ ‫عدد السجناء القابعين فيه‪.‬‬ ‫الحالوة أو الجبن يتم هرسها جيداً‬ ‫حتى تتحول لمس��حوق يتم رشه على‬ ‫الخبر لتكف��ي الجميع‪ ،‬فتوزيعها كقطع‬ ‫كافي��ة ل��كل ن��زالء المهج��ع كان م��ن‬ ‫المستحيالت‪.‬‬ ‫البيض��ة كان يت��م تقاس��مها بين‬ ‫ش��خصين أو أكثر وكان يت��م أكلها مع‬ ‫قشرتها كاملة من أجل تعويض نقص‬ ‫الكالسيوم في الغذاء‪.‬‬ ‫أم��ا الفواك��ه ‪ -‬إن ج��اءت ‪ -‬فحتى‬ ‫بذورها وقش��ورها كان يتم تقاس��مها‬ ‫لك��ي تكف��ي الجمي��ع‪ ،‬البطي��خ مث� ً‬ ‫لا‪،‬‬ ‫كانت تص��ل للمهجع ال��ذي يضم أكثر‬ ‫م��ن س��بعين معتق� ً‬ ‫لا بطيخ��ة واحدة‬ ‫يتم تقاس��مها بين السجناء‪ ،‬وكان لكل‬ ‫سجين حصته من القشرة أيضًا‪.‬‬ ‫الغ��داء كان يص��ل ف��ي أوعي��ة‬ ‫ه��ي جاطات البالس��تيك الت��ي نعرفها‬ ‫للغس��يل (س��عة عش��رين ليتر)‪ ،‬ويتم‬ ‫إدخاله��ا وإف��راغ محتواه��ا وإعادته��ا‬ ‫فارغة تحت الض��رب ولذلك كان إدخال‬ ‫الجاط��ات وإخراجها فارغ��ة يحتاج إلى‬ ‫مه��ارة وتدريب ليتم ذل��ك خالل ثوانٍ‬ ‫مع��دودة‪ ،‬فج��اط البرغ��ل كان يدخ��ل‬ ‫إلى المهجع ويقلب على األرض وخالل‬ ‫لحظ��ة يت��م حف��ر حفرة ف��ي منتصف‬ ‫كومة البرغل كافي��ة ليتم صب المرق‬ ‫فيه��ا‪ ،‬وكان يطل��ق عل��ى مجموع��ة‬ ‫الش��باب الذين يقومون بهذه المهمات‬ ‫اسم "الفدائيين"‪.‬‬ ‫المرق ه��و عبارة عن رب البندورة‬ ‫م��ع صنف م��ن الخضار يختلف حس��ب‬ ‫الموسم وحسب مشتريات السجن‪.‬‬ ‫ففي موس��م الباذنج��ان مثال كان‬ ‫على الس��جناء أن يأكل��وا الباذنجان مع‬ ‫المرق لمدة خمسة عشر يوماً تقريبًا‪.‬‬ ‫ف��ي فت��رة م��ن الفت��رات ولم��دة‬ ‫ش��هر تقريب��ًا كان الم��رق يأتيه��م مع‬ ‫ن��وع غريب من البطاط��ا‪ ،‬صغيرة جداً‪،‬‬ ‫كل حب��ة بحجم البندق��ة‪ ،‬ومطهوة بال‬ ‫تقش��ير وال تقطيع وطبعاً دون غسيل‪،‬‬ ‫وطعمها غير مستس��اغ بتاتاً‪ ،‬تحملوها‬ ‫لمدة شهر وهم ينتظرون بفارغ الصبر‬ ‫أن ينته��ي المخ��زون ليفاجئه��م بع��د‬ ‫نهاية الشهر الخبر التالي المنشور في‬ ‫صفح��ة االقتص��اد المحلي ف��ي إحدى‬ ‫الصحف التي كانوا قد غنموها صدفة‪:‬‬ ‫"أحدث قرار السماح باستيراد بذار‬ ‫البطاطا حالة إغراق في الس��وق األمر‬ ‫الذي ع��رّض ف��رع المؤسس��ة العامة‬ ‫إلكث��ار الب��ذار ف��ي حم��ص للخس��ارة‬ ‫نتيجة التلف ال��ذي حصل في مخزونها‬ ‫من ب��ذار البطاطا ف��ي بادية تدمر مما‬ ‫أجبرها عل��ى بيعه بس��عر بخس لكي‬ ‫يستخدم كعلف"‪.‬‬ ‫كان يت��م التع��رض للس��جناء بال‬ ‫س��بب وتعذيبه��م حت��ى الم��وت أحيانًا‬ ‫س��واء أثن��اء التنف��س (ال��ذي يس��ميه‬ ‫الس��جناء قطع نفس) أو كلما تم إدخال‬ ‫الطعام أو التفقد‪.‬‬

‫ف��ي فت��رة م��ن الفت��رات زادت‬ ‫حوادث القت��ل االعتباطي غير الممنهج‬ ‫أثن��اء التنفس‪ ،‬والمتص��اص االحتقان‬ ‫المحتم��ل الناتج عن ازدياد عدد القتلى‬ ‫خطر إلدارة السجن أن تتخذ إجرا ًء تجاه‬ ‫السجناء‪ .‬فقام المساعد في أحد األيام‬ ‫باس��تدعاء رؤساء المهاجع‪ ،‬ذعر الجميع‬ ‫من هذا االس��تدعاء المفاج��ئ الذي قد‬ ‫يخبئ وراءه مزيداً من العذاب‪.‬‬ ‫خرج��وا جميعًا إلى باحة الس��جن‪،‬‬ ‫جلس المس��اعد عل��ى مصطبة وتحلق‬ ‫رؤوس��اء المهاج��ع حوله ‪ ،‬نظ��ر إليهم‬ ‫وإل��ى الترق��ب الخائ��ف المختب��ئ ف��ي‬ ‫عيونهم وس��ألهم‪" :‬إيه يا شباب‪ ،‬إدارة‬ ‫السجن قررت تس��مع منكم‪ ،‬خبروني‪،‬‬ ‫ش��و عندكن طلب��ات؟ ش��و محتاجين؟"‬

‫داريا ‪2012 / 10 / 13‬‬

‫باغتهم الس��ؤال والحدي��ث الودي الذي‬ ‫يتناق��ض مع الس��لوك العني��ف الذين‬ ‫اعت��ادوا علي��ه‪ ،‬وه��ذه المفارق��ة بين‬ ‫الرقة في الكلمات والشراسة المختبئة‬ ‫خلف السياط‪.‬‬ ‫صمت��وا جميع��اً متوجس��ين‪ ،‬ولم‬ ‫يجدوا م��ا يمكنهم طلبه وس��ط عبثية‬ ‫الموت التي يعيشونها‪.‬‬ ‫انزع��ج المس��اعد وب��دأ بالصراخ‬ ‫فيه��م‪" :‬ولك م��ا تحكوا ي��ا والد الكلب‪،‬‬ ‫شو عندكن طلبات؟"‪.‬‬ ‫بق��ي الجمي��ع صامتي��ن‪ ،‬وفج��أة‬ ‫تق��دم رئي��س أحد المهاجع من وس��ط‬ ‫الجموع‪ ،‬كان قصيراً ومربوعًا ومعروفًا‬ ‫بس��رعة بديهته وخفة دمه وشجاعته‪:‬‬

‫"س��يدي يعني واهلل يا ري��ت‪ ،‬ما بعرف‬ ‫كي��ف ب��دي إش��رحلك‪ ،‬بس يعن��ي لو‬ ‫بتقللولن��ا كمي��ات األكل ش��وي‪ ،‬ع��م‬ ‫نعان��ي كتي��ر م��ن موض��وع تصري��ف‬ ‫الزبال��ة‪ ،‬ومعلومك يعن��ي ممنوع يزيد‬ ‫أكل عنّ��ا ويل��ي عم يزيد ع��م نتعاقب‬ ‫عليه ألنو متل م��ا بتعرف ممنوع نطلع‬ ‫زبالة من المهاجع!"‪.‬‬ ‫تفاجأ المس��اعد ‪ -‬العارف بكميات‬ ‫األكل الش��حيحة الت��ي يت��م إدخاله��ا‬ ‫للمهاج��ع ‪ -‬واتس��عت عين��اه وس��أل‬ ‫باندفاع‪" :‬ليش شو عم يجيكن أكل؟"‪.‬‬ ‫فأجابه رئيس المهجع‪" :‬متل العادة‬ ‫س��يدي‪ ،‬بس الناس من كت��ر القتل ما‬ ‫ع��م يجيها نفس ت��اكل‪ ،‬يعني بس لو‬ ‫بتخففولنا هاألكل منكون ممنونين!"‪.‬‬


‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫ريت�شارد ها�س‪:‬‬ ‫حرب ال�ضرورة‪ ..‬حرب االختيار‬ ‫�سرية حربني على العراق‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫الذي كان يميل إلى تبسيط األمور على‬ ‫الطريقة المانوية "مثلما فعل عندما قسم‬ ‫العالم إلى محور خير ومحور شر"‪ .‬ويتكون‬ ‫الفريق المذكور من‪ :‬كوندوليزا رايس‬ ‫ونائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع‬ ‫دونالد رامسفيلد ونائب وزير الدفاع بول‬ ‫وولفويتز‪ ،‬وأيضاً بول بريمر‪ ،‬الذي أصبح‬ ‫فيما بعد رئيسًا لسلطة االئتالف المؤقتة‬ ‫في بغداد‪ ،‬واألسوأ من ذلك تجلى في ما‬ ‫تضمنته رواية هاس عن النقص الذي‬ ‫اعترى عملية صناعة القرار‪ .‬فهو ينوه‬ ‫مراراً وتكراراً إلى ما تعرضت له وزارة‬ ‫الخارجية من تهميش "على عكس ما‬ ‫حصل عندما كانت بقيادة جيمس بيكر‬ ‫خالل الحرب األولى"‪ .‬في أوائل سنة ‪2003‬‬ ‫قام هاس نفسه بتقديم مذكرة إلى كولن‬ ‫باول يوضح فيها البدائل الممكنة للعمل‬ ‫العسكري‪ ،‬حيث يقول "كنتُ أريد من بوش‬ ‫أن يعلم بأنه كان يوجد أمامه مخرج"‪ .‬لكن‬ ‫المذكرة أُهملت‪.‬‬ ‫ويعقد مقارن ًة بين الحربين من‬ ‫حيث النتائج واآلليات التي دفعت أمريكا‬

‫للدخول فيها والغطاء الشرعي والتأييد‬ ‫الدولي والتي اختلفت بالكلية بين عامي‬ ‫‪ 1991‬و‪ ،2003‬كما أبرز أدوار العديد من‬ ‫الوجوه المؤثرة علي المسرح األمريكي‬ ‫مثل نائب الرئيس األمريكي ديك تشيني‬ ‫ووزير الخارجية كولن باول‪ .‬ويمكن اعتبار‬ ‫كتابنا اليوم دراسة في التاريخ الحديث‪،‬‬ ‫ومذكرات شخصية‪ ،‬وأيضاً دراسة في آلية‬ ‫صنع القرار‪ ،‬وهو يستحق قراءة متأنية‪.‬‬ ‫والسبب في ذلك ليس فقط ألن مؤلفه‬ ‫شغل ويشغل مواقع حساسة في الحكومة‬ ‫األميركية‪ ،‬حيث كان مسؤو ًال رفيعاً في‬ ‫وزارة الخارجية‪ ،‬كما يشغل حاليًا منصب‬ ‫رئيس مجلس العالقات الخارجية‪ ،‬وال‬ ‫ألنه يقدم رواية من داخل أروقة صناعة‬ ‫القرار حول األمور التي كانت تدور على‬ ‫أعلى المستويات داخل الحكومة األميركية‪،‬‬ ‫والتي أدت‪ ،‬خالل ‪ 12‬عاماً‪ ،‬إلى حربين‬ ‫كبيرتين خاضتهما الواليات المتحدة ضد‬ ‫العراق فقط‪ ،‬بل أيضاً ألنه يقدم درسًا‬ ‫كبيراً حول السياسة األميركية في الشرق‬ ‫األوسط‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كتابنا اليوم "حرب الضرورة‪ ..‬حرب‬ ‫االختيار‪ ..‬سيرة حربين على العراق"‬ ‫لمؤلفه ريتشارد هاس ـ مدير وحدة‬ ‫التخطيط السياسي في وزارة الخارجية‬ ‫األمريكية ـ والذي كان معاصراً عن قرب‬ ‫للتفاصيل الجارية في كواليس اإلدارة‬ ‫األمريكية خالل عهدين متتاليين هما عهد‬ ‫الرئيس بوش األب ومن بعده بوش االبن‪،‬‬ ‫خاصة فيما يتعلق بحرب الخليج األولى بعد‬ ‫الحرب الباردة التي شنتها القوات األمريكية‬ ‫على العراق‪ ،‬ومن بعدها الحرب على‬ ‫اإلرهاب و"تحرير العراق" والتي ال تزال‬ ‫أصداؤها ماثلة للعيان حتى اآلن بما خلفته‬ ‫من دمار وخراب للعراق والعراقيين‪ .‬الكتاب‬ ‫من ترجمة "نورما نابلسي"‪ ،‬و"ريتشارد‬ ‫هاس" يشغل حاليًا منصب رئيس مجلس‬ ‫العالقات الخارجية وهو منظمة مستقلة‬ ‫متخصصة في دراسة الدور األمريكي في‬ ‫العالم‪ .‬وقد كان مساعداً خاصاً للرئيس‬ ‫جورج بوش األب والمدير األول للعاملين‬ ‫في شؤون الشرق األدنى وجنوب آسيا في‬ ‫مجلس األمن القومي‪ ،‬وذلك خالل الفترة‬ ‫من ‪ 1989‬إلى ‪.1993‬‬ ‫كما يشرح آليات اتخاذ القرارات داخل‬ ‫اإلدارات المتعاقبة في الواليات المتحدة‪،‬‬ ‫والعوامل التي أدت إلى اتخاذ قرار الدخول‬ ‫في حرب الخليج إلى عام ‪ 1991‬والحرب‬ ‫األخيرة على العراق‪ ،‬حيث عاش عن قرب‬ ‫أدق تفاصيل تلك المواجهات‪ ،‬وفي معرض‬ ‫حديثه عن ذكرياته مع حرب العراق‪ ،‬يؤكد‬ ‫أن العالم اليوم مختلف عن ذلك الذي أعقب‬ ‫مباشرة نهاية فترة الحرب الباردة‪ ،‬حيث‬ ‫تعود السلطة اليوم للدول‪ ،‬بجانب نفوذ‬ ‫قوى أخرى‪ ،‬وعلى خالف العالم األحادي‬ ‫القطب "األمريكي" والثنائية القطبية "فترة‬ ‫الحرب الباردة" هناك اليوم عالم متعدد‬ ‫األقطاب‪ ،‬فهناك صراع بين "قوى النظام"‬ ‫و"قوى الفوضى" وبين "القوى التي توحّد‬ ‫العالم" و"القوى التي تحاول زرع الشقاق‬ ‫فيه"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫"قصة‬ ‫تناول الكتاب جملة عناوين منها‬ ‫الحرب الشائكةِ‪ ،‬درعُ‬ ‫حربين‪ ،‬طريقُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحرا ِء‪ ،‬حربُ الضرورةِ‪ ،‬فترة كلينتون‬ ‫االنتقالية‪ ،‬رئاسة ‪ 11‬أيلول‪ ،‬تمهيدٌ‬ ‫للحرب‪ ،‬حربُ االختيار‪ ،‬عِبَرٌ مستقا ٌة مِنَ‬ ‫الحربين"‪ .‬ويسعي المؤلف إلى شرح أسباب‬ ‫ِ‬ ‫اتخاذ قرارات خوض حربي العراق‪ ،‬من‬ ‫خالل إزاحة الستار عن النقاشات التي دارت‬ ‫خلف األبواب الموصدة في البيت األبيض‪،‬‬ ‫ليصبح أول مسؤول أمريكي على هذا‬ ‫المستوى يقدم شهادة شخصية على مثل‬ ‫هذه المواضيع الحساسة‪.‬‬ ‫كما يبين أن هناك تشابهًا كبيراً بين‬ ‫حربي العراق حيث خاض كالهما رئيس‬ ‫أمريكي يدعي جورج بوش في مواجهة‬ ‫عدو واحد "صدام حسين"‪ ،‬وإلى هنا تختلف‬ ‫دوافع وأهداف الحربين‪ ،‬حيث قامت األولى‬

‫بسبب غزو الجيش العراقي بأوامر من‬ ‫صدام حسين الكويت‪ ،‬وبالتالي بات التدخل‬ ‫األمريكي ضرورة وهو ما أسماه "حرب‬ ‫الضرورة"‪ ،‬بهدف تحرير الكويت وسط تأييد‬ ‫ومشاركة دولية واسعة‪ ،‬وقد َّ‬ ‫تركزت تلك‬ ‫الحملة العسكرية‪ ،‬على هدف استراتيجي‬ ‫واضح يتمثل في تدمير القدرة العسكرية‬ ‫لصدام حسين‪ ،‬وطرده من الكويت‪ .‬لقد‬ ‫كان واضحاً منذ البداية أن هذين الهدفين‬ ‫قابالن للتحقيق‪ ،‬وقد تحققا بالفعل‪ .‬لم‬ ‫يكن أيٌّ منهما يستند إلى دوافع خارجية‪،‬‬ ‫كما أن السياسة التي تم تبنيها عكست‬ ‫حسابات متأنية ودقيقة‪ ،‬حيث فاضلت بين‬ ‫التكاليف الباهظة‪ ،‬التي يمكن أن يخلفها‬ ‫عدم التحرك‪ ،‬والتكاليف األقل التي يمكن‬ ‫أن تنجم عن عمل عسكري َّ‬ ‫مركز‪ .‬هنا‬ ‫البد من اإلشارة إلى أن الواليات المتحدة‬ ‫قبل حرب العام ‪ 1991‬كانت تدعم العراق‬ ‫بشكل غير معلن في حربه ضد إيران‪ ،‬كما‬ ‫ٍ‬ ‫أنها‪ ،‬حسب قول هاس‪ ،‬لم تعارض لجوء‬ ‫العراق إلى استخدام األسلحة الكيماوية‬ ‫ضدها‪ .‬ويشير هاس أيضاً إلى أنه حتى‬ ‫هو نفسه كان يؤيد تمتين وتوسيع العالقة‬ ‫بين الواليات المتحدة والعراق‪ .‬باختصار‬ ‫كانت السياسة األميركية في ذلك الوقت‬ ‫تُعتبر نموذجاً للواقعية الصرفة‪.‬‬ ‫فيما اندلعت الحرب الثانية عام ‪2003‬‬ ‫بإخراج وتنفيذ أمريكي ودعم بريطاني‬ ‫وأسماها "حرب االختيار"‪ ،‬حيث تعد‬ ‫المغامرة األكبر التي قامت بها الواليات‬ ‫المتحدة منذ الحرب الفيتنامية باعتبارها‬ ‫أنها كانت حربًا دون أية ضمانات‪ ،‬خاصة‬ ‫أن السبيل السياسي كان ال يزال مفتوحًا‬ ‫أمام إدارة بوش‪ .‬وقد كان هاس كما يصف‬ ‫نفسه‪ ،‬العبًا «هامشيًا» في القرارات التي‬ ‫أدت إلى الحرب الثانية‪ ،‬التي شُنَّت بعد‬ ‫مضي ما يزيد على العقد‪ .‬لقد كان في‬ ‫ذلك الوقت مديراً لتخطيط السياسة في‬ ‫وزارة الخارجية‪ ،‬في عهد الوزير كولن‬ ‫باول‪ .‬لكن نفوذ مكتب تخطيط السياسة‬ ‫تضاءل مع مرور الزمن‪ .‬ففي الوقت الذي‬ ‫تسلم فيه هاس هذا المنصب‪ ،‬كانت‬ ‫مسؤولياته محصورة بين كتابة خطابات‬ ‫وزير الخارجية‪ ،‬وإعطاء التوصيات أحيانًا‬ ‫حول بعض المبادرات السياسية‪ ،‬لكن‬ ‫ما لم يكن في اإلمكان أن يحصل على‬ ‫اإلطالق هو أن َّ‬ ‫يُكلف بمسؤولية بلورة‬ ‫اإلستراتيجية األميركية الكبرى‪ ،‬مثلما كان‬ ‫يحصل عندما كان جورج كينان مديراً لهذا‬ ‫المكتب في مستهل الحرب الباردة‪.‬‬ ‫كما ويظهر جلياً من خالل متن‬ ‫الكتاب أن «حرب االختيار» لم تكن نتاج‬ ‫بحثٍ دقيق‪ ،‬بل كانت اختياراً قائماً على‬ ‫اإليمان الراسخ‪ .‬فبعد الترويج الكبير الذي‬ ‫لقيته هذه الحرب داخل اإلدارة األميركية‬ ‫من قبل فريق المحافظين الجدد‪ ،‬اتُّخذ‬ ‫القرار بشنها من قبل جورج بوش االبن‪،‬‬

‫‪21‬‬


‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟ (‪)22‬‬ ‫يا�سني احلاج �صالح‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫ما دامت إسرائيل مشغولة بغزة‪ ،‬وما دام النظام عم‬ ‫يق��اوم المؤامرة الكونية اللي ضالعة فيها إس��رائيل‬ ‫طبعا‪ ،‬فليش ما يس��تغل هالظ��رف ويهاجم بهاليوم‬ ‫الفضيل العدو الصهيوني المتآمر من جبهة الجوالن‬ ‫المحت��ل‪ .‬بالم��رة يخف��ف ع��ن غ��زة ويس��دد ضربة‬ ‫للمؤامرة الكونية‪ ،‬ويحرر الجوالن بدربو!‬

‫ن�صري حجاج‬

‫اش��طبوا كالم الص��ور واقطع��وا ص��وت التلفاز عن‬ ‫التقاري��ر المرئية ودقق��وا ومن اس��تطاع منكم أيها‬ ‫األصدقاء أن يفرّق بين هوية ومكان القتلى والبيوت‬ ‫المدمرة في الصور هل هي في غزة الجريحة أم في‬ ‫سوريا المثخنة فلسوف أُعلن أمام الناس جميعًا أنني‬ ‫األغبى واألشد حماقة في العالم‪.‬‬

‫ح�سان عبا�س‬

‫مم��ا قاله المذيع على اإلذاعة الس��ورية هذا الصباح‪:‬‬ ‫«ش��عب غ��زّة يُذب��ح‪ ،‬والعال��م نائم»‪ ..‬ه��ذا الكالم‬ ‫صحيح لكن‪ :‬إذا لم تستح فقل ما شئت‪..‬‬

‫�صبحي حديدي‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫إسرائيل ال تحتاج إلى ذريعة‪ ،‬ولكن السياقات تسهّل‬ ‫العدوان أحيانًا‪ :‬وحش��ية نظام األس��د تتيح مقارنات‬ ‫تخفف بشاعة جرائم الصهاينة في غزّة‪..‬‬

‫ب�شري كفاح‬

‫غ��زة تح��اول جاه��دة أن (تاخ��د كتف) عن دمش��ق‪..‬‬ ‫القضية أن المصاب واحد‪ ..‬والقاتلون أقارب نسب‪..‬‬

‫�شام داود‬

‫اطم��أن عل��ى أطفاله األربع��ة وزوجته خ��ارج مدينة‬ ‫«عي��ن ترم��ا»‪ ..‬انتظ��ر حتى ه��دأت القذائ��ف‪ ..‬عاد‬ ‫أدراجه إل��ى منزله ليحضر ما تبقى من مونة المنزل‬ ‫عله يسد به جوع عائلته‪ ..‬تحدث إلى زوجته واخبرها‬ ‫بأن��ه أحضر المون��ة وأنه في طريق��ه إليهم‪ ..‬مضى‬ ‫األسبوع األول‪ ..‬ومازال أبنائه بانتظاره‪ ..‬لم يعلم أحد‬ ‫بمصيره‪ ..‬لم تضج صفحات الفيس بوك باسمه‪ ..‬لم‬ ‫يحص��ل على رقم ضمن أع��داد المفقودين‪ ..‬وحدها‬ ‫عائلته تعيش األلم بصمت‪ ..‬تعد الس��اعات لعودته‪..‬‬ ‫لس��ماع خب��ر عن��ه‪ ..‬تلك ه��ي القص��ص اآلتية من‬ ‫سوريا‪ ..‬رجال يعيشون بصمت‪ ..‬ويُفقدون بصمت‪..‬‬

‫عمر �إدلبي‬

‫بع��د خط��وة توح��د المعارض��ة‪ ..‬نحن بانتظ��ار الرد‬ ‫الرسمي من نظام العصابة‪ ،‬على لسان وزير خارجيته‬ ‫س��يرغي الفروف‪ ..‬ووزير دفاعه قائد الحرس الثوري‬ ‫اإليراني الجنرال محمد علي جعفري‪ ..‬والمفتي العام‬ ‫للعصاب��ة حس��ن نص��ر اهلل‪ ..‬ووزير إعالم��ه روبرت‬ ‫فيسك‪ ..‬وبقية جوقة األشقاء الطبالين اللبنانيين‪ .‬ال‬ ‫تطولوا الغيبة‪ ..‬بدنا نتسلى‬

‫عالء غزال‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪22‬‬

‫أصدقائي معش��ر بن��ي ممانعة يل��ي تواجدنا بنفس‬ ‫المكان الي��وم باعتص��ام التضامن مع غ��زة‪ ..‬بعتذر‬ ‫منك��م وإنت��و حاطين أغاني س��ميح ش��قير «رمانة‪.‬‬ ‫ماننسى ال ماننس��ى» بالال شعور كنت عم دندن «يا‬ ‫حيف»‪..‬‬

‫ب��دي أح��زن على رفقاتي و حبايبي يلي راحو بالثورة الس��ورية وأقدر بعد ما تخلص‪ ..‬أتذكرون‬ ‫كيف ما بدي‪ ..‬بدي أعرف كل السوريين يلي عملو وعم يعملو كل شي منيح للبلد وما حدا بيعرفون‪،‬‬ ‫وإكتب عنون وسمي ساحات بأسمائن‪..‬‬ ‫ب��دي اقدر وثق تاري��خ ضيعتي بكل تفاصيلو بدون ما خاف من ذكر تفاصيل قديمة منقدر كلنا‬ ‫نتعلم منا‪..‬‬ ‫بدي ما يكون في كتب ما فيها تفوت عال البلد‪ ،‬بدي كل العالم يعرف موهبتي من خالل اس��م‬ ‫بلدي بالمسابقات العالمية‪..‬‬

‫طالبة جامعية‬

‫وائل �سواح‬ ‫أصدق��اء لي أفتخر بهم‪ :‬علويون ودروز ومس��يحيون‬ ‫رحبوا بالش��يخ معاذ الخطيب‪ ..‬أصدقاء لي ليبراليون‬ ‫ومحافظ��ون‪ ،‬تقليدي��ون وحداثيون‪ ،‬عرب وس��ريان‬ ‫وكرد‪ ..‬هذا ما أسميه بداية أمل‪..‬‬

‫�سمر يزبك‬

‫ال تب��دو المصداقي��ة فق��ط‪ ،‬عل��ى أداء الش��يخ معتز‬ ‫الخطيب المؤثر‪ ،‬بل يبدو شيخ الشباب أيضاً!‬

‫ح�سام عيتاين‬

‫توأمة مدن‪ :‬غزة ‪ -‬حلب‪ -‬دير الزور‪ -‬البوكمال‪ -‬داريا‪-‬‬ ‫رفح‬

‫يو�سف �أبو خ�ضور‬

‫أمٌّ تنادي على ابنها الحي باسم أخيه الشهيد‪ ،‬تضحك‬ ‫بخج��ل وتق��ول‪« :‬خربطن��ا» وتصم��ت‪ ..‬أبٌّ يجلس‬ ‫وحيداً يبتس��م م��رة ويبكي مرة ويحلق ف��ي الفراغ‪،‬‬ ‫ألن أحدهم فتح‬ ‫إنه يتذكر ابنه الش��هيد‪ ..‬أخٌّ غاضب ّ‬ ‫خزانة أخيه الشهيد‪ ..‬أختٌ تبكي وهي نائمة‪ ،‬الحزن‬ ‫ال ينام‪ٌ ..‬‬ ‫طفل يح��رك التراب بقدمه‪ ،‬وعيناه تراقبان‬ ‫أول الطري��ق‪ ،‬إن��ه ينتظ��ر وال��ده الش��هيد‪ ..‬طفل��ة‬ ‫ترف��ض أن يلم��س أحد ش��عرها‪ ،‬وتص��رخ بغضب‪..‬‬ ‫تبحث عن أمها الش��هيدة‪ ..‬بي��تٌ فارغ‪ ،‬مطبخ حزين‪،‬‬ ‫مرآة وحيدة‪ ،‬غيتار صامت‪ ،‬كاميرا بدون شحن‪ ،‬أشياء‬ ‫كثي��رة متروكة للغبار‪ ،‬وحيدة وحزينة‪ ..‬أش��ياء تقول‬ ‫َّإن الحياة في عمقها لعنة‪!!! ..‬‬

‫�آية الأتا�سي‬

‫غزة‪ ..‬محافظة س��ورية تقع ف��ي الجنوب الغربي من‬ ‫القل��ب وتصليها نار االحتاللي��ن‪ ..‬وبدها كمان حرية‬ ‫سورية‪..‬‬

‫ر�شا عمران‬

‫س��ؤال بس��يط على هالصبح‪ :‬إنو عن ج��د في ناس‬ ‫مصدق��ة انو روس��يا هي وريث��ة االتحاد الس��وفيتي‬ ‫وتهت��م بمصال��ح الش��عوب المس��تضعفة ف��ي وجه‬ ‫االمبريالية العالمية المتمثلة بأميركا وتهتم بقضايا‬ ‫تحرر الشعوب وال سيما القضية الفلسطينية وتعمل‬ ‫عل��ى تحجي��م دور الكي��ان اإلس��رائيلي الغاصب في‬ ‫المنطقة العربية ضمانا للسلم العالمي؟!‬

‫�ألي�سار قد�سي‬

‫أن��ا ال أحل��م بي��وم الس��قوط‪ ،‬بق��در ما أحل��م بيوم‬ ‫النهوض‪.‬‬

‫�أ�سامة حممد‬ ‫‪»‎‬اليك»‪ ..‬لبيان الس��يد مُعا ْذ الخطيب‪ .‬اللغة ش��خص‬ ‫ناطقها‪ ..‬في تقاطع الحلم الش��خصي مع «ش��عب»‪.‬‬ ‫اللغة تنبض بالقلق والمسؤولية‪ .‬وبإنسانية صريحة‬ ‫تُصَ��رِّحُ ع��ن حاجته��ا لآلخر‪ّ ..‬‬ ‫ل��كل آخ��ر‪« .‬اليك»‬ ‫لألخط��اء المطبعيّ��ة الت��ي ل��م يصححها ش��خصٌ‬ ‫يمتل��ك اللغة‪ ..‬فبقيت طازج ًة حارّةً‪ ..‬تنبئ بالش��فاء‬ ‫من مرض الكمال وبحرص الرجل على الزمن‪.‬‬

‫فادي زيدان‬

‫فق��ط عندما يصاب التاريخ بالجنون‪ :‬ثمانية ش��هداء‬ ‫في غزة اليوم بنيران العدو الصهيوني‪ ..‬وفي سوريا‬ ‫ارتقى اليوم أيضًا ‪ 100‬شهيد بنيران العدو‪..‬‬

‫ماجد كيايل‬

‫أهلن��ا األعزاء في غزة طمنونا عنك��م‪ ..‬أهلنا األعزاء‬ ‫في حلب في حمص في دمش��ق في درعا في مخيم‬ ‫اليرموك في الحجر األس��ود في التضامن في التقدم‬ ‫ف��ي العروب��ة (الحظ��وا هذه أس��ماء أحياء ش��عبية!)‬ ‫طمنونا عنكم‪..‬‬

‫�شريين حايك‬

‫انو األس��د عم يقصف س��وريا‪ ،‬ال يجع��ل من قصف‬ ‫غزة فعل مبرر أو اقل عنفا‪ .‬واالختالف بعدد الشهداء‬ ‫باليوم الواحد ما بيجعل األس��د أس��وأ من إس��رائيل‪.‬‬ ‫النض��ال واح��د والحري��ة وح��دة والع��دوان واح��د‪،‬‬ ‫وفلس��طين أم الثورات وللي بيقول غير هيك لسا ما‬ ‫عرفت الحرية لقلبه طريق ونضاله بسوريا نابع من‬ ‫أسباب ال تصب بالحرية‪.‬‬

‫غ�سان �سلطانة‬

‫س��يدي رس��ول اهلل‪ ..‬في هذه الس��نة‪ ..‬إني أرى في‬ ‫هجرتك وعودتك منتص��راً محطمًا ألصنام العبودية‬ ‫ونش��ر رس��التك الكريم��ة‪ ..‬رس��الة الع��دل والحرية‬ ‫والمحبة ما أراه لس��وريتي ولش��امها الت��ي أحببتها‪..‬‬ ‫سوري ‪ /‬مسيحي‪.‬‬

‫�إياد عما�شة‬

‫لو كان األسد ما يزال يحكم سوريا‪ ،‬لخرجت مسيرات‬ ‫عفوية في كافة محافظات القطر «كل محافظة في‬ ‫يوم عفوي منفرد» تضامنا مع الش��عب المحاصر في‬ ‫غزة‪ ..‬رافعة صور الس��يد الرئيس واألعالم الوطنية‬ ‫وش��عارات الحزب‪ ،‬هاتف��ة «بالروح بال��دم نفديك يا‬ ‫بشار»‪.‬‬

‫الث��ورة ومن��ذ بدايتها لم تكن تناس��ب‬ ‫ف��ي كثي��ر م��ن التفاصي��ل بعض��ا من‬ ‫أفكارن��ا‪ ،‬ولكن قررنا خوضها بايجابياتها‬ ‫وس��لبياتها‪ ،‬اآلن كب��ر التح��دي‪ ،‬وازداد‬ ‫الضغوطات‪ ،‬وتوسعت اإلشكاليات ولكنها‬ ‫تبقى «الثورة» فمن ثار ألجل سوريا ليس‬ ‫لديه أي مبرر للتخلي عنها اآلن!!‬ ‫الشهيد مصطفى كرمان‬ ‫بدي أكتب كتير‪ ..‬عن مصطفى‪..‬‬ ‫أول شي ألنو ما بدي بكرة يبلشو يقولو عنو هاد الشب‬ ‫الشيعي اللي مع الثورة‪ ..‬ما هيك القصة بنوب‪ ..‬القصة‬ ‫أكبر من هيك بكتي��ر ‪ ..‬مصطفى‪ ..‬لك هاد مصطفى‬ ‫هاد عريس��نا وفرحتنا‪ ،‬اللي عالقتو بمها وقصة حبن‬ ‫بتخلينا نغ��ار‪ ..‬انو ما بعرف حدا م��ا قلن قدي بيحب‬ ‫عالقتن‪ ..‬قدي بيحب دعم��ن لبعض وصداقتن‪ ،‬قدي‬ ‫بيحب كيف واقفين س��وا ب��وش الدنيا كلها‪ ..‬النظام‬ ‫وغي��رو وغيراتو‪ .. ..‬لك هاد مصطفى الش��ب النضيف‬ ‫اللي كل حرك��ة بدنا نعملها بدو يدرس��ها اخالقياً‪..‬‬ ‫بتزب��ط مع مبادئ��و وقناعات��و وال أل ؟ ‪ ..‬مصطفى لك‬ ‫ش��و بدي قول ؟ بدي ازغرد للشهيد ؟ طيب صوتي ما‬ ‫عم يطلع‪ ..‬الزم ما اندب ب��س موجوعين‪ ..‬لك قلعوه‬ ‫م��ن القلب‪ ..‬مصطفى الش��ب اللي بيح��ب من القلب‬ ‫وبيخلص لل��ي بيحبن‪ ..‬رفقا وأه��ل وحبيبة ووطن‪..‬‬ ‫مصطفى الش��ب الش��غيل وعالس��كت وبال ضو وبال‬ ‫شوش��رة‪ ..‬لك اخدو واحد من األبطال بحياتي‪ ..‬واحد‬ ‫م��ن اللي كنت بحلم وق��ف جنبن البني س��وريا‪ ..‬لك‬ ‫موجوعة‪ ..‬موجوعة من جديد‪ ..‬كل كام شهر حدا بدو‬ ‫يفتحلي جرحي‪ ..‬هلق عم يشيعوك‪ ..‬يا بطل‪..‬‬ ‫مارسيل شحوارو‬ ‫انو ه��دول البيش��تغلو بمقول��ة «ها ش��رّفو دعاة‬ ‫االنس��انية» م��ا بيس��تحو عل��ى حاله��ن م��ن هي‬ ‫الس��خرية؟ الن إذا عم يس��بوهن بهي الجملة هني‬ ‫ش��و بيبقو؟ دعاة الحيونة مث� ً‬ ‫لا؟ ال والحيونة كتيرة‬ ‫عليهن‪ ..‬وحي��دات خلية وزيادة النهن بال مخ‪ ،‬وخيو‬ ‫أبو جبهة النصرة ومن لف لفيفكم‪ ..‬ليك على فكرة‬ ‫بمنيمار المسلمين عم يندبحو ع الهوية ترا‪ ..‬شوفو‬ ‫العرض مغري على فكرة لتسحبو حالكن وبوجهكن‬ ‫لهنيك وبتقتلو َك َفرة على كيفكم وبتكسبو حسنات‬ ‫خير اهلل‪ ..‬الن خيو الصراحة يعني األزيدين بقسطل‬ ‫جندو ما كتار والنصيريين كمان صحي محس��وبين‬ ‫ع اإلس�لام بق��ا يمك��ن م��ا ينحس��بولكم عند رب‬ ‫العالمي��ن‪ ..‬ونحنا هون يعني م��ا ناقصنا ال قاعدة‬ ‫وال راس‪ ..‬واللي عاجبو ش��غل القاعدة يروح معاهن‬ ‫بالمرة‪ ..‬بيتس��لى بالشوفة كتير‪ ..‬ألن ما بتذكروني‬ ‫غي��ر بالمتفرجين تبعوت حلبات الص��راع الرومانية‬ ‫اللي كانوا ينزلو فيها أسرى الحرب والعبيد ع الحلبة‬ ‫لتتناتفهم الحيوانات المفترسة‪ ..‬وكل ما ساح الدم‬ ‫أكتر كل ما انتشا هالجمهور السعيد‬ ‫اي وصح��ي‪ ..‬أنا من جماعة ريد بُ��ل‪ ..‬يعني محلقة‬ ‫وطاي��رة على طول وما بن��زل ع األرض بنوب‪ ..‬ومن‬ ‫جماعة ياي ما أطيب كاس��ة النس��كافيه ورا الشاشة‬ ‫تحت المكيف سابقًا‪ ..‬الش��وفاج حاليًا‪ ..‬بس أنا بنت‬ ‫هالبل��د ها‪ ..‬مش��ان التذكي��ر يعن��ي‪ ..‬إي وباآلخر‪..‬‬ ‫عزي��زي الموالي‪ ..‬ما كتير تحنّيها انو يا س�لام عم‬ ‫نعل��ق ببع��ض‪ ..‬الن أو ًال جبه��ة النصرة م��ا بتمثل‬ ‫غير ح��اال‪ ،‬وتانيًا أن��ا وجماعة اللي ما بدنا رئيس��ك‬ ‫منتفاهم ع كيفنا وأنت خليك برا‪ ..‬والثورة مستمرة‬ ‫حتى إسقاط جميع الطغاة‪..‬‬ ‫رباب البوطي‬


‫الت�صحيح الأ�سود‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كم عدد األيام السود في حياة سوريا؟‬ ‫وكم طغى الس��واد على أيام السوريين‬ ‫حتى تاهت األلوان؟‬ ‫وك��م م��ن األجي��ال ضاع��ت ف��ي زحمة‬ ‫الشعارات الزائفة والوطنية الكاذبة؟‬ ‫السادس عشر من تشرين الثاني (نوفمبر)‬ ‫‪ 1970‬أح��د تل��ك األي��ام‪ ،‬وس��واده يناف��س في‬ ‫قتامته أشد األحداث ظالمية عبر تاريخ سوريا‪.‬‬ ‫ل��م يأتِ انقالب ع��ام ‪ 1970‬فجأة وبدون‬ ‫مقدمات‪ ،‬فقد س��بقته إرهاص��ات كثيرة غابت‬ ‫في ذلك الوقت عن وعي الكثير من السياسيين‬ ‫(أو م��ا تبقى منه��م) بدءاً م��ن االنقالب األهم‬ ‫ع��ام ‪ 1963‬واحت��كار البعث للس��لطة وفرض‬ ‫نفس��ه على "قيادة الدولة والمجتمع" بما حجب‬ ‫كل اآلف��اق السياس��ية والمجتمعي��ة ف��ي حياة‬ ‫ديمقراطية برلمانية حرة‪.‬‬ ‫بعد انقالب االنفصال بقيادة العقيد عبد‬ ‫الكري��م النحالوي ف��ي ‪ 28‬أيلول ع��ام ‪،1961‬‬ ‫قامت بعض القوى السياس��ية بإعداد دس��تور‬ ‫مؤقت للبالد وتش��كيل لجنة تأسيس��ية إلقرار‬ ‫الدس��تور وتم انتخاب ناظم القدس��ي رئيس��ًا‬ ‫للجمهوري��ة ف��ي محاولة إلع��ادة إحي��اء الحياة‬ ‫الحزبية والسياسية في سوريا‪ .‬إال أن النحالوي‬ ‫نفس��ه ق��ام بانقالب آخ��ر ف��ي ‪ 28‬آذار ‪1962‬‬ ‫واعتق��ل أعض��اء الحكوم��ة ورئي��س الحكومة‬ ‫مع��روف الدواليب��ي والرئيس ناظم القدس��ي‬ ‫(وهي معلومة ال يذكرها المعجبون بالنحالوي‬ ‫والمبارك��ون النقالبه االنفصالي على الوحدة)‬ ‫غي��ر أن االنقالب فش��ل بس��بب النزاعات بين‬ ‫أركانه وهرب معظم قادته وعاد ناظم القدسي‬ ‫لرئاس��ة الجمهورية‪ .‬وفي ‪ 26‬تموز عام ‪1962‬‬ ‫أصدرت حكومة بش��ير العظمة قانون تأسيس‬ ‫األحزاب في س��وريا تضمن الشروط واألحكام‬ ‫الناظمة إلنشاء األحزاب‪.‬‬ ‫بالعودة قلي ًال للوراء‪ ،‬في ‪ 23‬شباط ‪1962‬‬ ‫عاد حافظ األسد من دورة سرية في لندن دامت‬ ‫ثالثة ش��هور شارك بعدها في انقالب النحالوي‬ ‫بعد ذلك بش��هر واحد فق��ط‪ ،‬غير أنه هرب إلى‬ ‫بيروت بعد فشل االنقالب حيث تم إلقاء القبض‬ ‫عليه هناك وتسليمه للسلطات السورية‪ .‬وكان‬ ‫حافظ األس��د قد عمل على تش��كيل ما س��مي‬ ‫"اللجنة العس��كرية السرية" والمكونة من ستة‬ ‫ضباط كانت بمثابة ن��واة العمل على التحضير‬ ‫لالس��تيالء عل��ى الس��لطة‪ .‬والغري��ب أن ناظم‬ ‫القدسي في تلك المرحلة دعم حافظ األسد بل‬ ‫ورشحه فيما بعد لرئاسة الجمهورية!‬ ‫قام��ت اللجن��ة العس��كرية بتحدي��د يوم‬ ‫‪ 7‬آذار ‪ 1963‬للتح��رك واالنق�لاب عل��ى حك��م‬ ‫الرئي��س ناظم القدس��ي‪ ،‬حيث تح��رك العقيد‬ ‫زياد الحريري من الجبهة السورية مع إسرائيل‬ ‫ودخل دمش��ق صب��اح ‪ 8‬آذار ‪ ،1963‬بعد أن تم‬ ‫تعدي��ل الموعد األول بعد انكش��افه ومداهمة‬ ‫مقر الضب��اط المجتمعين من قب��ل المخابرات‬ ‫العس��كرية‪ .‬وق��ام الحري��ري باالس��تيالء على‬ ‫دوائر الدول��ة واإلذاعة ولم يل��قَ الحريري أية‬ ‫مقاومة من أي م��ن ألوية الجيش المرابطة ما‬ ‫بين الجبهة والعاصمة رغم تفوقها العس��كري‬ ‫والبشري‪ .‬وهكذا التقى قادة االنقالب في مبنى‬ ‫رئاس��ة األركان العامة (لم يك��ن بينهم حافظ‬ ‫األس��د الذي بقي متوارياً ع��ن األنظار) وقاموا‬ ‫بترفيع أنفسهم عدة مراتب‪ .‬قام بعدها صالح‬ ‫جدي��د بإعادة رفيقه حافظ األس��د إلى الخدمة‬ ‫وترفيعه من رتبة نقيب إلى مقدم بل وتعيينه‬

‫قائداً لسالح الطيران بينما بدأت التصفيات في‬ ‫المجالين السياس��ي والعسكري عبر عزل أكرم‬ ‫الحوراني وخالد العظم وتسريح مئات الضباط‬ ‫بحج��ة تأييده��م لالنفص��ال‪ ،‬وش��مل الع��زل‬ ‫والتس��ريح الضب��اط الناصريي��ن والوحدويين‬ ‫ليتم اس��تبدالهم بضباط غير مؤهلين حتى أن‬ ‫كثيرين منهم كانوا معلمين في المدارس!‬ ‫ف��ي ‪ 23‬ش��باط ‪ 1966‬قام��ت اللجن��ة‬ ‫العسكرية بقيادة صالح جديد بانقالب آخر على‬ ‫أمين الحافظ وحاصرت الدبابات منزل األخير تم‬ ‫بعدها اعتقال الحافظ ومحمد عمران وإيداعهما‬ ‫س��جن المزة‪ .‬تم تعيين حافظ األس��د بعد هذا‬ ‫االنق�لاب وزيراً للدفاع وترقيت��ه من مقدم إلى‬ ‫لواء! وهكذا أضحت الرتب العس��كرية التي كان‬ ‫الحصول عليها يتطلب تدريبات وخبرة وأشواطًا‬ ‫طويل��ة مهزل��ة يت��م التالع��ب به��ا بق��رارات‬ ‫ارتجالية يغلب عليها طابع العالقات الش��خصية‬ ‫والطائفية‪ .‬وتم طرد مؤسسي القيادة القومية‬ ‫لح��زب البع��ث وعل��ى رأس��هم ميش��يل عفلق‬ ‫وصالح البيطار ومنيف الرزاز‪.‬‬ ‫ح��اول س��ليم حاط��وم قيادة انق�لاب على‬ ‫صالح جديد والرئيس نور الدين األتاس��ي في ‪7‬‬ ‫أيلول عام ‪ 1966‬أثناء تواجدهما في جبل العرب‪،‬‬ ‫إال أن حاف��ظ األس��د أرس��ل بالطائ��رات الحربية‬ ‫للتحلي��ق فوق الس��ويداء مه��دداً بض��رب كامل‬ ‫الجبل‪ ،‬فش��عر حاطوم بالهزيمة وقرر الهرب إلى‬ ‫األردن واإلق��رار بفش��ل االنقالب‪ .‬وهك��ذا تبين‬ ‫مدى القوة التي أصبح حافظ األسد يمتلكها‪.‬‬ ‫ب��دأت الخالف��ات ف��ي أوس��اط اللجن��ة‬ ‫العسكرية وخاصة بعد الدور "التاريخي" لألسد‬ ‫أثن��اء ح��رب ‪ 1967‬وإعالنه س��قوط القنيطرة‬ ‫بينم��ا ال ت��زال وح��دات الجي��ش الس��وري في‬ ‫المدين��ة! وتصاع��دت حدة االنتق��ادات التي بدأ‬ ‫ص�لاح جديد بتوجيهه��ا إل��ى أداء وزارة الدفاع‬ ‫مما أثار حفيظة األس��د الذي بدأ بالتفكير جديًا‬

‫بعم��ل يطيح به بجدي��د ومن مع��ه‪ .‬وتفاقمت‬ ‫الخالف��ات بي��ن "الرفيقي��ن" إثر أح��داث أيلول‬ ‫األس��ود وق��رار صالح جدي��د بإرس��ال قطعات‬ ‫عسكرية لمساندة الفلس��طينيين في األردن‪،‬‬ ‫بينم��ا رفض األس��د تأمي��ن التغطي��ة الجوية‬ ‫للقوات الس��ورية مم��ا أدى إلى فش��ل المهمة‬ ‫فش� ً‬ ‫لا ذريع��ًا‪ .‬ق��ام صالح جدي��د عل��ى أثرها‬ ‫بعق��د اجتم��اع للقي��ادة القطري��ة تق��رر بعده‬ ‫إقالة األس��د ورئيس أركان��ه مصطفى طالس‬ ‫من منصبيهم��ا وهو األمر الذي رفضه األس��د‬ ‫وط�لاس‪ ،‬وكان أن احتل��ت قوات األس��د مبنى‬ ‫إذاعة دمشق ومبنى إذاعة حلب‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫مكات��ب أكبر جريدتي��ن س��وريتين (الواقعتين‬ ‫تحت سيطرة البعث سلفًا) وهما البعث والثورة‪،‬‬ ‫وتم ف��رض الرقابة العس��كرية على نش��رات‬ ‫األخب��ار والتعليقات السياس��ية وجميع البرامج‬ ‫السياس��ية والثقافية واإلعالمي��ة‪ .‬وتمكن في‬ ‫‪ 16-13‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪ 1970‬بمساعدة‬ ‫من القِطع الموالية له في الجيش من االنقالب‬ ‫على صالح جديد ورئيس الجمهورية نور الدين‬ ‫األتاس��ي وس��جنهما مع العديد من رفاقه فيما‬ ‫سمّي فيما بعد بالحركة التصحيحية‪.‬‬ ‫اعتم��د حافظ األس��د بش��كل كبي��ر على‬ ‫المجموع��ة من الضباط الذي��ن يكنون له الوالء‬ ‫لالحتفاظ بالس��لطة‪ ،‬وش��ملت ه��ذه المجموعة‬ ‫ع��دداً م��ن كب��ار الضب��اط الذي��ن كان له��م‬ ‫وألنصارهم مراكز استراتيجية هامة في القوات‬ ‫المسلحة الس��ورية‪ .‬في حين تقلد الضباط غير‬ ‫المنتمي��ن له��ذه الحلق��ة مهام��اً عس��كرية عليا‬ ‫من حيث الش��كل‪ ،‬إال أنهم ل��م يكونوا في وضع‬ ‫يشكل أي تهديد على منصب الرئاسة‪ .‬فالضباط‬ ‫التابعون لألسد كانوا قادرين على قمع أية بادرة‬ ‫لعصي��ان أو تمرد ضمن الجيش بحزم وس��رعة‪.‬‬ ‫على س��بيل المث��ال‪ ،‬نجد أن الل��واء ناجي جميل‬ ‫من دير الزور ترأس الس�لاح الجوي السوري من‬ ‫تش��رين الثاني‪/‬نوفمبر ‪ 1970‬حتى آذار‪/‬مارس‬

‫بالل سالمة‬

‫‪ ،1978‬لك��ن لم يكن في الحقيقة باس��تطاعته‬ ‫استخدام السالح الجوي في أي عصيان عسكري‬ ‫ض��د األس��د‪ ،‬ويرجع ذل��ك جزئيًا إل��ى أن أنصار‬ ‫األسد آنذاك كانوا مسؤولين عن القواعد الجوية‬ ‫الرئيسية‪ .‬وينطبق ذلك أيضاً على كبار الضباط‬ ‫اآلخري��ن أمثال الل��واء مصطفى ط�لاس‪ ،‬الذي‬ ‫عين وزيراً للدفاع في آذار‪/‬مارس ‪ ،1972‬وخلفه‬ ‫فيما بعد اللواء يوس��ف شكور كرئيس لألركان‪،‬‬ ‫وهو من محافظة حمص‪.‬‬ ‫تولى حافظ األسد رئاسة الوزراء إلى جانب‬ ‫وزارة الدفاع بعد االنقالب بينما تم تنصيب أحمد‬ ‫الخطي��ب كرئيس للب�لاد لفترة تق��ارب األربعة‬ ‫أش��هر فقط في حين كان حافظ األس��د يمارس‬ ‫صالحيات رئيس الجمهورية كاملة ويعيد ترتيب‬ ‫األوراق وتدجي��ن مجلس الش��عب ورجال الدين‬ ‫والتجار والعبث بالدس��تور حت��ى يأتي تاريخ ‪12‬‬ ‫آذار ‪ 1971‬وقد تم انتخابه بعد تعديل الدس��تور‬ ‫بحيث ينف��رد الرئيس بالصالحيات التش��ريعية‬ ‫(إصدار المراسيم الرئاسية دون الرجوع لمجلس‬ ‫الش��عب) والتنفيذية والقضائية وإعطاء نفس��ه‬ ‫الحصانة م��ن المالحقة القضائي��ة وغيرها من‬ ‫التعدي�لات الدس��تورية الت��ي تضم��ن ل��ه قمع‬ ‫األصوات المعارضة‪.‬‬ ‫ق��د يك��ون مفهوماً كيف اس��تطاع حافظ‬ ‫األس��د الوصول إل��ى حكم مطلق في س��وريا‪،‬‬ ‫وق��د يكون مفهوم��اً الدعم الهائ��ل الذي تلقاه‬ ‫م��ن القوى الكبرى آنذاك حت��ى يتم تمرير كل‬ ‫المخططات المتعلقة بالتخلف والعزلة بدءاً من‬ ‫ترتي��ب هزيمة ‪ 1967‬ومروراً بالس��يطرة على‬ ‫كل مفاصل الجيش الرئيس��ية وكذلك إنش��اء‬ ‫أجه��زة أم��ن تعتبر م��ن األعتى على مس��توى‬ ‫العالم‪ ،‬غي��ر أن ما ال يمكن فهم��ه هو التحييد‬ ‫الهائل للش��عب السوري في كل هذه المراحل‪،‬‬ ‫فمن يق��رأ تاري��خ الحقبة الممت��دة من ‪1961‬‬ ‫وحتى اس��تالم األس��د للسلطة بش��كل مطلق‬ ‫ع��ام ‪ 1971‬ال يج��د أث��راً لح��ركات ش��عبية أو‬ ‫اجتماعية أو سياس��ية حاولت حتى الوقوف في‬ ‫وجه العس��كر والمرتزقة الطامحين بالس��لطة‬ ‫والث��روة‪ ،‬ب��ل عل��ى العك��س من ذل��ك‪ ،‬كانت‬ ‫األغلبية الش��عبية وطبقة التجار ورجال الدين‬ ‫تعم��ل وفق مبدأ "م��ات الملك‪ ،‬ع��اش الملك"‪،‬‬ ‫حت��ى أن أح��د أقارب أحم��د الخطي��ب‪ ،‬الرئيس‬ ‫الشكلي لس��وريا بعد انقالب ‪ 1970‬يسخر من‬ ‫أن تجار المدن الس��ورية ب��دؤوا كعادتهم بنزع‬ ‫صور نور الدين األتاس��ي واالس��تعداد لتعليق‬ ‫ص��ور الخطي��ب‪ ،‬إال أنهم فوجئوا ب��أن المطابع‬ ‫تلق��ت أوامر بتوزيع صور رئيس الوزراء حافظ‬ ‫األسد وقاموا بالفعل بتعليق صور األسد طمعًا‬ ‫منهم في كس��ب رضا الحاكم الفعلي وصاحب‬ ‫القوة في الوقت الذي كان فيه نقيب المعلمين‬ ‫ف��ي درعا س��ابقًا يتلق��ى التهاني ف��ي القصر‬ ‫الجمهوري بمناسبة تعيينه رئيسًا!‬ ‫ف��ي آذار أيض��اً ولك��ن الع��ام ‪ 2011‬أراد‬ ‫الس��وريون أن يقلبوا المعادل��ة التي حكمتهم‬ ‫على م��دى األع��وام الخمس��ين الماضي��ة وأن‬ ‫يقولوا لألس��د االبن وألي حاكم قادم لس��وريا‬ ‫بأن زمن االستخفاف بالعقول قد ولى إلى غير‬ ‫رجعة‪ ،‬وأن الحاكم مسؤول أمام الناس وأنه إن‬ ‫لم يعمل ألجلهم فاألولى به أن يرحل‪ .‬إن رياح‬ ‫التغيي��ر التي صادف أن تهب في نفس الش��هر‬ ‫الذي شهد انقالب البعث سوف تطيح بمن يقف‬ ‫في وجهها ولن يهاب هذا الشعب البنادق بعدما‬ ‫أس��قط الطائ��رات وتح��دى االس��تبداد‪" .‬وال بد‬ ‫لليل أن ينجلي‪ ....‬وال بد للقيد أن ينكسر"‪.‬‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫خواطر يف ذكرى انقالب ‪1970‬‬

‫‪23‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪24‬‬

‫�أيقونات‬ ‫جديدة‬ ‫فـي زمن‬ ‫الثورة‬ ‫نبراس شحيد‬ ‫عمل بعنوان‪ :‬سوناتا سوريا | للفنان‪ :‬مصطفى يعقوب‬

‫حب يف ح�شا الغريب‬ ‫ّ‬

‫ف��ي ش��هر آب المنص��رم‪ ،‬اش��تد‬ ‫الحص��ار عل��ى إح��دى مناط��ق ري��ف‬ ‫دمش��ق‪ .‬يومها‪ ،‬وقبل أن يُدمَّر المكان‪،‬‬ ‫اعتل��ى القناص��ون س��طوح البناي��ات‬ ‫المج��اورة‪ ،‬وب��دأت طائ��رات الهليكوبت��ر‬ ‫بإمط��ار من��ازل األهال��ي بنيرانه��ا‪ .‬أحد‬ ‫الناش��طين المعروفي��ن ف��ي المنطق��ة‪،‬‬ ‫ال��ذي لم يكن م��ن البل��دة المنكوبة‪ ،‬لم‬ ‫يس��تطع البقاء في منزل��ه اآلمن البعيد‪،‬‬ ‫فأصدق��اؤه يُقتَلون! م��ن أجل هذا‪ ،‬قرر‬ ‫الغريب التس��لل إلى مكان الموت‪ ،‬ونجح‬ ‫بع��د مح��اوالت ع��دة ف��ي الوص��ول إلى‬ ‫المستش��فى الميداني حيث تمّ إس��عاف‬ ‫الجرحى‪ .‬سجّل ليلتها أسماء سبعة عشر‬ ‫ش��هيداً‪ ،‬وال يزال أني��ن الجرحى الثالثين‬ ‫الممددين على الب�لاط حيًّا في ذاكرته‪.‬‬ ‫عند الخامس��ة فجراً هدأت النيران قلي ًال‪،‬‬ ‫فاغتنم��ت العائالت الفرص��ة للنزوح إلى‬ ‫حدائق دمش��ق هرباً من الموت المقبل‪.‬‬ ‫س��اعد ناش��طو الحي‪ ،‬ومعه��م الغريب‪،‬‬ ‫األهالي بالفرار‪ ،‬لكن ش��عور العجز أمام‬ ‫فداح��ة المش��اهد كان أش��د قس��و ًة من‬ ‫أن يس��تطيع صديقن��ا احتمال��ه‪ ،‬لكن ما‬ ‫العم��ل؟ لم يبق عند الش��اب المس��كين‬ ‫نقودٌ يس��اند به��ا األهال��ي‪ ،‬فقد أعطى‬ ‫القلي��ل الذي عنده حت��ى القرش األخير!‬ ‫إحدى الممرض��ات المقربات من صديقنا‬ ‫قررت ليلتها‪ ،‬ف��ي لحظة يأس‪ ،‬أن تحمل‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫س�لاحًا تدافع به عن أهله��ا‪ ،‬أما هو فقد‬ ‫خطرت على باله فكر ٌة أخرى‪ ،‬ب ّثها بهدوء‬ ‫ف��ي أذن الفتاة‪" :‬س��أبيع إح��دى كِليتيّ‬ ‫ألش��تري دوا ًء للجرحى!"‪ .‬ارتبكت الشابة‬ ‫أمام ه��ذه الفكرة المخيف��ة‪ ،‬أما الغريب‬ ‫فق��د كان واثق��ًا م��ن طلبه‪" :‬س��اعديني‬ ‫على بيعها"‪ ،‬ليضيف ساخراً‪" :‬لكنني أريد‬ ‫سعراً دس��ماً!"‪ .‬هزت الفتاة رأسها بهدوء‬ ‫ف��ي محاول��ة يائس��ة إلخفاء الم��اء الذي‬ ‫انسل من العين بصمت‪...‬‬

‫بني اجلنة والعدم‬

‫تأخ��ذ القصة هذه بع��داً خاصاً حين‬ ‫نعلم أن الش��اب ليس غريبًا عن المنطقة‬ ‫الت��ي يعم��ل فيه��ا ناش��طاً وحس��ب‪ ،‬بل‬ ‫غريبٌ أيضاً عن عاداتها وإيمانها‪ ،‬فالبلدة‬ ‫محافظ�� ٌة تقليدي��ةٌ‪ ،‬أم��ا صديقن��ا "ف�لا‬ ‫أدري"‪ ،‬وال يشاطر أهلها حالهم اإليمانية!‬ ‫قد تدفعن��ا طبيعة مجتمعن��ا إلى مقاربة‬ ‫نض��ال ش��عبنا م��ن منظور دين��ي‪ ،‬لنرى‬ ‫ف��ي تطلعنا إل��ى الحرية والكرام��ة نوعًا‬ ‫م��ن التعبير الصادق ع��ن "اإليمان باهلل"‬ ‫و"نصرة الحق"‪ ،‬وربما أيضًا عن انس��جام‬ ‫اإلنس��ان "المؤم��ن" م��ع ذاته في س��عيه‬ ‫على الصعيدي��ن الديني والدنيوي‪ .‬إال أن‬ ‫النضال هذا قد يأخذ أيضاً‪ ،‬بسبب عوامل‬ ‫عدة (أهمها العن��ف الالمعقول الممارس‬ ‫عل��ى ش��عبنا‪ ،‬وتواط��ؤ المجتم��ع الدولي‬ ‫مع ما يجري في بلدنا)‪ ،‬أش��كا ًال متطرفة‪،‬‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)35591‬‬ ‫دمشق‪2220 :‬‬ ‫ريف دمشق‪7079 :‬‬ ‫حمص‪7053 :‬‬ ‫درعا‪3411 :‬‬ ‫إدلب‪5005 :‬‬ ‫حلب‪4164 :‬‬

‫ليرس��م‪ ،‬أول ما يرسم‪ ،‬انفصال اإلنسان‬ ‫"المؤم��ن" عن الواق��ع‪ ،‬وانقس��امه على‬ ‫ذاته‪ .‬لكن‪ ،‬أياً تك��ن عالقة الدين بالثورة‬ ‫ف��ي نوس��انها بي��ن التش��دّد واالعتدال‪،‬‬ ‫س��يعطي الدي��نُ‪ ،‬ف��ي غالبي��ة األحيان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الباح��ث "المتديّ��ن" نوع��ًا م��ن الرض��ا‪:‬‬ ‫إن��ه الرج��اء برحمة "اهلل" وعدل��ه‪ ،‬ورجاء‬ ‫االنتصار عل��ى الموت‪ .‬من المنطلق هذا‪،‬‬ ‫تكتسب قصة الش��اب التي سردت أعاله‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أهمية خاصة‪،‬‬ ‫وما ش��ابهها من قص��ص‪،‬‬ ‫فال "اإليمان" محرّكها‪ ،‬وال "جنة موعودة"‬ ‫ينتظره��ا صديقن��ا‪ ،‬وال الع��زاء الدين��ي‬ ‫المرافق لنضال "المؤمنين" حاضر فيها!‬

‫�أيقونات هجرت جدران املعابد‬

‫بالطبع‪ ،‬قد تعطي التضحية بالذات‬ ‫صاحبَه��ا نوعًا من الرضا حين تنس��جم‬ ‫مع مبادئه الش��خصية‪ ،‬وق��د تحقق ربما‬ ‫ضرب��ًا من األح�لام البطولي��ة أو الصور‬ ‫النمطية الالواعية العاملة في نفس ّ‬ ‫كل‬ ‫واح��د منا‪ .‬لكن ذلك ال ينف��ي حالة الهوة‬ ‫الرهيبة التي قد تس��تولي على اإلنسان‬ ‫"الالأدري" (وأحياناً "المتدين" أيضًا) أمام‬ ‫"العدم" المقبل؛ رهب ٌة قد تس��تحوذ عليه‬ ‫قب��ل أن يصي��ر الجس��د ترابًا واإلنس��ان‬ ‫محض حكاية يسردها من بقي على قيد‬ ‫الحي��اة‪ .‬لذا قد تصي��ر تضحية "الالأدري"‬ ‫واستش��هاده‪ ،‬في وقتٍ يكثر فيه الكالم‬ ‫عل��ى الطائفي��ة في الش��ارع الس��وري‪،‬‬ ‫دير الزور‪2625 :‬‬ ‫الرقة‪199 :‬‬ ‫السويداء‪25 :‬‬ ‫حماة‪2828 :‬‬ ‫الالذقية‪655 :‬‬ ‫طرطوس‪57 :‬‬ ‫الحسكة‪169 :‬‬ ‫القنيطرة‪101 :‬‬

‫مخصِ ً‬ ‫ب��ة إل��ى الحد الذي تس��تطيع معه‬ ‫ّ‬ ‫أن تطرح علينا‪ ،‬بصدق وجوديّ‪ ،‬السؤال‬ ‫المؤرّق‪ :‬لِ��مَ أقاوم ولِمَ أم��وت؟ أبحثًا‬ ‫ع��ن "جنة موعودة"‪ ،‬أم يأس��اً من الواقع‪،‬‬ ‫أم نص��ر ًة لدين��ي‪ ،‬أم إيمان��اً مني‪ ،‬وقبل‬ ‫كل ش��يء‪ ،‬بحقنا في الحري��ة‪ ،‬وبكرامة‬ ‫اإلنس��ان أيًا يكن؟ تعرض علينا تضحية‬ ‫"ال�لاأدري"‪ ،‬ش��رط أن تتجن��ب بدوره��ا‬ ‫التزم��ت ال��ذي يطغ��ى عل��ى بع��ض‬ ‫اإليديولوجي��ات‪ ،‬نوع��ًا من الت��زام جديد‬ ‫يختلف ع��ن منطق الث��واب والعقاب‪ .‬لذا‬ ‫قد يستطيع هذا الحب "الالأدري" الملتزم‬ ‫الواق��ع أن يدفع "المتدين"‪ ،‬حين تس��مح‬ ‫له نفس��ه بأن يتع ّل��م من الغري��ب‪ ،‬إلى‬ ‫استقبال التزامه الديني بحلة جديدة‪ :‬حلة‬ ‫المجاني��ة حيث يكون الح��ب للحب فقط‪،‬‬ ‫والعبادة للعب��ادة‪ ،‬ال طمعًا في الثواب وال‬ ‫خوفًا م��ن العقاب!هكذا يمك��ن صديقنا‬ ‫الذي بقي خارج األطر الدينية الس��ائدة‪،‬‬ ‫أن يصي��ر‪ ،‬على الرغم م��ن البعد أو ربما‬ ‫بس��ببه‪ ،‬أيقونة حيّة نتأمل فيها إيماننا‪،‬‬ ‫وفيها يتوشح الدين بألوان صوفية حيّة‪،‬‬ ‫لتتمت��م الش��فاه م��ع الصِدّيق��ة رابعة‬ ‫العدوي��ة‪" :‬الله��م إن كنت أعب��دك خوفًا‬ ‫من نارك فاحرقني بنار جهنم‪ ،‬وإذا كنت‬ ‫أعبدك طمعًا في جنّتك فاصرفني منها‪.‬‬ ‫أم��ا إذا كنت أعبدك من أج��ل محبتك فال‬ ‫تحرمني من رؤية وجهك الكريم!"‬ ‫النهار ‪2012 / 11 / 17‬‬ ‫‪ 2419‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 1050‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 2370‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 5162‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 30429‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 11 / 17‬‬ ‫‪http://vdc-sy.org‬‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪25‬‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 18 | )61‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪26‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.