سوريتنا | العدد الرابع والستون 9 كانون الأول 2012

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪2012/ 12 / 9 | )64‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬ ‫لوحة الغالف للفنان‪ :‬علي الراوي‬


‫اله�لال الأحمر وال�صليب الأحمر يف �سوريا‬ ‫�أو�ضاع كارثية‪ ،‬اعتقاالت املتطوعني‪ ،‬و�سرقة امل�ساعدات‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫النظام ال�سوري يعتقل قائد فرق‬ ‫الإ�سعاف يف الهالل الأحمر يف دم�شق!‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫ف��ي ظروف قاس��ية وأوض��اع كارثية‬ ‫يعم��ل متطوع��و الهالل األحمر الس��وري‪،‬‬ ‫يتعرضون فيها للقنص والقتل واالعتقال‬ ‫والتعذيب‪ ،‬الكثير من الشباب المتطوعون‬ ‫ف��ي اله�لال األحم��ر ألعم��ال اإلغاث��ة‬ ‫والمس��اعدات اإلنس��انية والطبية يعانون‬ ‫م��ن النظام ش��أنهم ش��أن بقية الش��عب‬ ‫الس��وري‪ ،‬الذي ال يأبه كونهم يعملون في‬ ‫المجال اإلنساني‪.‬‬ ‫فق��د قام��ت ق��وات النظام الس��وري‬ ‫باعتقال مس��ؤول كبير ف��ي الهالل األحمر‬ ‫السوري من مقر عمله في دمشق‪.‬‬ ‫وأف��ادت مص��ادر المجل��س الوطني‬ ‫الس��وري أن عض��و مجل��س إدارة اله�لال‬ ‫األحمر الس��وري ‪ -‬فرع دمشق وقائد فرق‬ ‫اإلس��عاف محمد رائ��د الطوي��ل (‪ 36‬عامًا)‬ ‫اعتقل بتاريخ ‪ 2012/11/8‬من مقر الهالل‬ ‫األحمر في حي أبو رمانة‪.‬‬ ‫وكتب��ت الناش��طة والمدون��ة رزان‬ ‫غ��زاوي عل��ى مدونته��ا باالنكليزي��ة‪ ،‬أن‬ ‫الطوي��ل ال��ذي يعمل م��ع اله�لال األحمر‬ ‫من��ذ أكث��ر من ‪ 18‬عام��ا‪ ،‬مت��زوج وله ابن‬ ‫واحد‪ .‬وقال��ت غ��زاوي أن الطويل "مصاب‬ ‫في ظه��ره (…) وف��ي حاجة إل��ى األدوية‬ ‫والعالجات الدائمة"‪.‬‬ ‫ويش��ار إل��ى أن النظ��ام الس��وري‬ ‫يس��تهدف باس��تمرار الطواق��م الطبي��ة‬ ‫والمش��افي الت��ي تعال��ج جرح��ى الث��ورة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬وفي نفس الوقت يتعرض من‬ ‫يصل من المصابين إلى المش��افي العامة‬ ‫لخطر التصفية وسوء المعاملة‪.‬‬ ‫وقد استش��هد عدد كبي��ر من األطباء‬ ‫والمس��عفين نتيج��ة القص��ف المتعم��د‬

‫للمراك��ز الطبية وس��يارات اإلس��عاف‪ ،‬كما‬ ‫يقبع عدد منهم أيضاً في غياهب السجون‬ ‫والمعتق�لات بس��بب معالجته��م الجرحى‪،‬‬ ‫وقض��ى بعضه��م تح��ت التعذي��ب وت��م‬ ‫تس��ليمهم جثثاً هامدة تحم��ل آثار تعذيب‬ ‫وحش��ي‪ .‬وأكدت منظمة العف��و الدولية أن‬ ‫هذه االس��تهداف يندرج في إطار "الجرائم‬ ‫ضد اإلنسانية"‪.‬‬

‫ال�صليب الأحمر يعلن عجزه‬ ‫عن مواجهة تفاقم الو�ضع‬ ‫الإن�ساين يف �سوريا‬

‫في وقت س��ابق أعل��ن رئيس اللجنة‬ ‫الدولي��ة للصلي��ب األحم��ر بيتر م��اورر أن‬ ‫المنظمة عاجزة عن مواجهة تفاقم الوضع‬ ‫اإلنساني في سوريا‪.‬‬ ‫وقال م��اورر في مؤتم��ر صحافي "ال‬ ‫يمكنن��ا تطوي��ر عملياتن��ا بس��رعة كافية‬ ‫لمواجه��ة تفاق��م الوض��ع اإلنس��اني في‬ ‫سوريا"‪.‬‬ ‫وأض��اف أن "هناك العديد من النقاط‬ ‫التي ال تصل إليها أي مس��اعدة وال علم لنا‬ ‫بالوض��ع فيها وال بعدد الن��اس المعنيين"‪،‬‬ ‫معترفا ف��ي الوقت نفس��ه بتحقيق تقدم‬ ‫خ�لال األش��هر األخيرة في عم��ل الصليب‬ ‫األحمر‪.‬‬ ‫وتاب��ع أن "المعارك تتط��ور ما يؤدي‬ ‫إل��ى مزيد من الجرحى ومزيد من األوضاع‬ ‫المتأزم��ة"‪ ،‬مش��يرا إلى أن دخ��ول مناطق‬ ‫عديدة م��ا زال مس��تحيال والمعلومات عن‬ ‫الوضع فيها قليلة جدا‪.‬‬ ‫وأوضح أن المنظم��ة الدولية تمكنت‬ ‫من تسهيل وصول مس��اعدات إلى سوريا‬ ‫منذ الصيف وإدخال ش��احنات لنقلها وبلوغ‬ ‫مناط��ق كان ال يمك��ن الدخ��ول إليها مثل‬

‫اثني��ن من أحي��اء حمص‪ ،‬لكنه أش��ار إلى‬ ‫أن المنظمة ال تس��تطيع الدخول إلى حلب‬ ‫مثال‪.‬‬ ‫وقال ماورر أن اللجنة الدولية ما زالت‬ ‫تجري مفاوضات مع سلطات األسد لتتمكن‬ ‫من زيارة معتقلين مجددا‪.‬‬

‫النظام ال�س��وري ي�ستويل على‬ ‫امل�ساع��دات الإغاثية والطبية‬ ‫التي تر�سلها املنظمات الدولية!‬

‫وأكد اتحاد المنظمات الطبية االغاثية‬ ‫السورية النظام الس��وري بسرقة القسم‬ ‫األكب��ر من المس��اعدات الدولية المرس��لة‬ ‫إل��ى اله�لال األحم��ر الس��وري ليخصصها‬ ‫لجنوده وشبيحته‪.‬‬ ‫وق��ال توفيق ش��مة المتحدث باس��م‬ ‫االتحاد أن "‪ 90‬أو حتى ‪ 95%‬من كل ما يتم‬ ‫إرس��اله إلى مق��ر الهالل األحمر الس��وري‬ ‫في دمش��ق يذهب لدعم النظام الس��وري‬ ‫خاصة الجنود والشبيحة"‪.‬‬ ‫وأض��اف ف��ي تصري��ح للصحفيي��ن‬ ‫ف��ي جنيف أن تلك المس��اعدات "لن تصل‬ ‫إلى المدنيي��ن الذين يتعرض��ون للقصف‬ ‫اليوم��ي أو المحاصري��ن"‪ .‬وأكد أن األموال‬ ‫والم��واد الت��ي يت��م إرس��الها إل��ى الهالل‬ ‫األحمر "يصادرها النظام" السوري‪.‬‬ ‫وأكد ش��مّة‪" :‬عندما يهاج��م النظام‬ ‫واح��دة م��ن منش��آتنا الطبي��ة س��واء كان‬ ‫مستشفى أو غيره يحملون كل ما يمكنهم‬ ‫حمل��ه ويحرقون م��ا تبق��ى"‪ .‬وأضاف في‬ ‫مؤتمر صحفي في جنيف‪" :‬إنهم يأخذون ما‬ ‫يمكنهم أن يأخذوه ويعتمد ذلك على عدد‬ ‫الجنود معهم‪ ،‬لكنه��م في معظم الحاالت‬ ‫يعيدون بيعه في السوق السوداء"‪.‬‬ ‫ويقدر عدد األش��خاص داخل س��وريا‬

‫الذي��ن يحتاجون إلى مس��اعدات إنس��انية‬ ‫طارئ��ة بنح��و ‪ 2 ،1‬مليون ش��خص‪ ،‬طبقا‬ ‫لألم��م المتح��دة‪ ،‬مع اقت��راب الث��ورة من‬ ‫دخول ش��هرها العش��رين بعد أن بلغ عدد‬ ‫الشهداء قرابة ‪ 40‬ألف شهيد‪.‬‬ ‫ودع��ا الش��مة‪ ،‬العض��و المؤس��س‬ ‫لالتح��اد ال��ذي يض��م مجموع��ة م��ن ‪14‬‬ ‫منظمة مس��اعدة من دول ع��دة من بينها‬ ‫فرنس��ا وسويس��را وتركي��ا والوالي��ات‬ ‫المتحدة‪ ،‬المنظمات اإلنس��انية األكبر إلى‬ ‫ضمان وصول المس��اعدات إلى المحتاجين‬ ‫السوريين‪.‬‬ ‫وق��ال أن قافل��ة من ‪ 11‬ش��احنة من‬ ‫برنامج األغذية العالمي الذي يقوم الهالل‬ ‫األحمر بتوزيع مس��اعداته بشكل أساسي‪،‬‬ ‫اختفت بعد عبورها إلى ش��مال سوريا من‬ ‫تركيا وأنها ش��وهدت آخ��ر مرة في مخازن‬ ‫الهالل األحمر السوري‪.‬‬ ‫غي��ر أن المتحدث��ة باس��م البرنام��ج‬ ‫إليزابي��ث باي��رز قال��ت "اعتقد انه ليس��ت‬ ‫هناك أية مص��ادرة مطلق��اً"‪ .‬وأضافت أن‬ ‫"مراقبي توزيع المس��اعدات الغذائية التي‬ ‫يقدمها البرنامج اس��تطاعوا زيارة معظم‬ ‫المناط��ق للتأكد من وص��ول األغذية إلى‬ ‫الس��كان الذين هم في اش��د الحاجة إليها‪.‬‬ ‫حت��ى أنه��م دخل��وا إل��ى بع��ض المناطق‬ ‫الخط��رة باس��تخدام عرب��ات البرنام��ج‬ ‫المصفح��ة"‪ .‬وقال��ت أن اله�لال األحم��ر‬ ‫"بوصفه منس��قا للمس��اعدات اإلنس��انية‬ ‫في الب�لاد‪ ،‬يعمل من خالل فروع بش��كل‬ ‫مستقل"‪.‬‬ ‫كم��ا نف��ى الصلي��ب األحم��ر تل��ك‬ ‫االتهام��ات‪ .‬وصرح��ت المتحدث��ة باس��مه‬ ‫اناس��تازيا ايس��يوك لوكالة فرانس برس‬ ‫عبر البريد االلكتروني‪" :‬عندما يتم التثبت‬ ‫بش��كل واضح من مثل ه��ذه المعلومات‪،‬‬ ‫وهو م��ا لم ينطب��ق على ه��ذه المزاعم‪،‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬ ‫عمل للفنان وسام الجزايرلي‬


‫�أوجـاع وطـن‬

‫بشار عبود‬

‫وفي س��ياق متصل أعلن مدير مكتب تنسيق‬ ‫الش��ؤون اإلنس��انية في األمم المتح��دة جون غينغ‬ ‫أن ع��دد األش��خاص الذين س��يحتاجون للمس��اعدة‬ ‫اإلنس��انية داخل س��وريا يتوقع أن يرتف��ع إلى أكثر‬ ‫من أربعة ماليين في مطلع العام المقبل‪.‬‬ ‫وقال غين��غ للصحفيين في جنيف‪" :‬في مطلع‬ ‫الس��نة الجديدة… نتوقع أن يرتفع عدد األشخاص‬ ‫ال��ذي س��يحتاجون (لمس��اعدة إنس��انية) م��ن ‪5 ،2‬‬ ‫ملي��ون إلى أكثر م��ن أربعة ماليين… وس��يواصل‬ ‫هذا العدد االرتفاع بسبب المعاناة اإلنسانية"‪.‬‬ ‫وتش��ير تقديرات األمم المتح��دة إلى أن العدد‬ ‫اإلجمال��ي لالجئي��ن في البل��دان األربع��ة المجاورة‬ ‫لس��وريا‪ ،‬تركيا ولبن��ان واألردن والعراق‪ ،‬قد يرتفع‬ ‫إل��ى ‪ 700‬ألف عام ‪ .2013‬وبحس��ب حصيلة جديدة‬ ‫أعلنتها الجمعة المفوضية العليا لالجئين في األمم‬ ‫المتحدة فإن عدد هؤالء يبلغ حاليا ‪ 408‬آالف الجئ‪.‬‬ ‫وأش��ار غين��غ ال��ذي كان يتح��دث للصحفيي��ن‬ ‫في ختام المنتدى اإلنس��اني الس��ادس حول س��وريا‬ ‫ف��ي جني��ف إل��ى أن ه��ذه األرق��ام "ليس��ت أس��وأ‬ ‫الس��يناريوهات"‪ ،‬مضيفًا‪" :‬لكنه سيناريو مروع يجب‬ ‫أن يكون مصدر إلهام وتحفيز" للسياسيين لمضاعفة‬ ‫جهودهم من اجل إنهاء الوضع في سوريا‪.‬‬ ‫وفي خالل أربع وعشرين ساعة خالل األسبوع‬ ‫الماض��ي‪ ،‬لج��أ حوالي ‪ 11‬ألف س��وري إل��ى البلدان‬ ‫المجاورة‪ ،‬في عدد يفوق بكثير المتوسط اإلجمالي‬ ‫اليوم��ي ألع��داد الالجئي��ن الس��وريين الفارين من‬ ‫بالدهم والبالغ ‪ 2000‬ش��خص‪ ،‬بحس��ب المفوضية‬ ‫العليا لالجئين‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫الأمم املتحدة‪� :‬أربعة ماليني �سوري‬ ‫�سيحتاجون للم�ساعدة يف مطلع ‪2013‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫فإننا نتعامل معها بجدية كبيرة ونتحدث مباشرة مع‬ ‫إدارة الهالل األحمر السوري والسلطات السورية"‪.‬‬ ‫وقال��ت أن الصلي��ب األحم��ر واله�لال األحم��ر‬ ‫الس��وري "يس��عيان إل��ى مس��اعدة جميع الس��كان‬ ‫المحتاجين دون أي تمييز‪ ،‬وهذه مهمة صعبة نظراً‬ ‫للوضع اإلنساني المتدهور والظروف األمنية"‪.‬‬ ‫وأش��ارت إلى أن المنظمتين تمكنت��ا مؤخرا من‬ ‫توزي��ع مس��اعدات طبي��ة وغذائي��ة على نح��و ‪1200‬‬ ‫ش��خص في البل��دة القديمة في حم��ص‪ ،‬وقامتا منذ‬ ‫بداية العام بتوفير الغذاء والماء وغيره من المساعدات‬ ‫على أكثر من مليون شخص في أنحاء سوريا‪.‬‬ ‫إال أن ش��مة قال أن االتحاد‪ ،‬الذي أقام نحو ‪30‬‬ ‫مستش��فى ميدانيا في أنحاء س��وريا ويحاول إنشاء‬ ‫‪ 30‬مستش��فى آخ��ر‪ ،‬يعتق��د أن الب�لاد تتج��ه نحو‬ ‫"كارث��ة" إنس��انية‪ .‬وأضاف انه مقابل كل ش��خص‬ ‫قتل من��ذ بداية الثورة في آذار م��ن العام الماضي‪،‬‬ ‫يوجد أربعة إلى ستة جرحى‪ .‬ويضطر شمّة للعمل‬ ‫سرا تفادياً الستهدافه‪.‬‬ ‫وقال انه إضافة إلى المتضررين مباش��رة من‬ ‫القت��ال‪ ،‬فإن العدي��د من الناس يموت��ون "بصمت"‬ ‫لي��س من الرصاص أو التفجيرات‪ ،‬ولكن من نقص‬ ‫األدوي��ة وع��دم الحصول على ع�لاج ألمراض مثل‬ ‫السرطان والسكري أو من الوالدات القيصرية‪.‬‬ ‫ولفت إلى أن المساعدات المسروقة إلى جانب‬ ‫مواد أخرى كأجهزة كهربائية مس��روقة من المنازل‬ ‫المهج��ورة تباع في الس��وق الس��وداء ف��ي البلدات‬ ‫األهدأ نسبيا في سوريا‪.‬‬ ‫وأضاف أن المستشفيات العامة ال تعالج سوى‬ ‫أنص��ار النظام وش��بيحته‪ ،‬مما ي��دع اآلخرين ممن‬ ‫ال يؤيدون��ه ف��ي مواجه��ة االنتفاض��ة عل��ى حكمه‬ ‫لمصيرهم‪.‬‬ ‫وق��ال أن الحكومة تعت��رض كميات كبيرة من‬ ‫المس��اعدات‪ ،‬ألن العدي��د م��ن المانحي��ن يص��رون‬ ‫عل��ى التعام��ل من خ�لال منظم��ات "معروفة" بدال‬ ‫من منظمات س��رية مث��ل اتحاد المنظم��ات الطبية‬ ‫االغاثية الس��ورية الذي تتلقى تمويال من حكومات‬ ‫أوروبية من بينها سويسرا‪.‬‬ ‫وكمثال على المس��اعدات المفقودة قال شمة‬ ‫أن م��ا بي��ن ‪ 90‬و‪ 95‬مجموع��ة مس��اعدات أرس��لت‬ ‫إل��ى مرك��ز اله�لال األحم��ر العرب��ي الس��وري في‬ ‫دمش��ق لكنها اس��تخدمت لصالح السلطات والجنود‬ ‫السوريين‪.‬‬ ‫وكان االتح��اد تأس��س ف��ي بداية الع��ام على‬ ‫أيدي أطباء سوريون يعيشون خارج بالدهم‪.‬‬ ‫وقال��ت اناستاس��يا اس��يوك المتحدث��ة باس��م‬ ‫اللجن��ة الدولي��ة للصلي��ب األحم��ر ف��ي جنيف عن‬ ‫تصريحات شمة "متى تأكدت أي حقائق كهذه وهذا‬ ‫ليس الحال هذه المرة فإننا نعاملها بمنتهى الجدية‬ ‫ونتصدى لها مباشرة مع إدارة الهالل األحمر العربي‬ ‫السوري والسلطات السورية"‪.‬‬ ‫وقالت‪" :‬برنام��ج األغذية العالمي لم يكن أبداً‬ ‫ولن يكون أداة في أيدي أي حكومة‪ .‬برنامج األغذية‬ ‫العالم��ي يواصل تقديم المس��اعدات الغذائية لكل‬

‫الس��وريين المحتاجين ونحن على يقين أنها تذهب‬ ‫إلى األي��دي الصحيحة"‪ .‬وأضاف��ت أن الهالل األحمر‬ ‫– المنظم��ة المتطوع��ة بتوزي��ع المس��اعدات التي‬ ‫يقدمه��ا برنامج األغذي��ة العالمي – تعمل بش��كل‬ ‫محايد للوصول إلى المحتاجين بغض النظر عن أي‬ ‫جزء من المجتمع يمثلونه‪.‬‬ ‫وقال الصليب األحمر‪" :‬ال يمكن فعل ش��يء إال‬ ‫عبر الهالل األحمر الس��وري‪ ،‬لكن حوارنا المس��تمر‬ ‫ف��ي العامي��ن األخيرين س��مح لنا بتوضي��ح ماهية‬ ‫العم��ل المحايد ف��ي المجهود اإلنس��اني"‪ .‬وأضاف‪:‬‬ ‫"ان��ه تحد يومي في ما يتعلق بحيادية واس��تقاللية‬ ‫العمل اإلنس��اني لكن اليوم يمكنن��ا التحرك بمزيد‬ ‫من االستقاللية"‪.‬‬ ‫كم��ا ش��دد رئي��س اللجن��ة الدولي��ة للصليب‬ ‫األحم��ر بيتر م��اورر على تعقيد األوض��اع وتغيرها‬ ‫عل��ى األرض‪ .‬وق��ال‪" :‬قد يكون اله�لال األحمر في‬ ‫دمش��ق أكثر تقربًا من الحكومة‪ ،‬وفي أماكن أخرى‬ ‫أكث��ر قرباً من حاجات الس��كان"‪ .‬فالح��وار الذي بدأ‬ ‫قبل عامين "أجاز إنشاء أجواء من الثقة وفي بعض‬ ‫األماكن ق��د نتحرك وحدنا م��ن دون مرافقة ممثل‬ ‫لله�لال األحمر الس��وري" على ما أك��د‪ ،‬مضيفاً‪" :‬ما‬ ‫من أمر مثالي"‪.‬‬

‫رغ��م أش��هر الح��راك الطويل��ة إال أن المتاب��ع للث��ورة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬ي��رى أنه ال ش��يئ تبدل حيال األزم��ة ال من حيث‬ ‫طريقة معالجتها‪ ،‬وال من حيث نتائجها رغم أنه مضى عليها‬ ‫أكثر من ‪ 21‬شهراً‪.‬‬ ‫ف��إن كنا نعي تماماً س��لوك النظ��ام الرافض ألي عالج‬ ‫س��وى باس��تثناء األمن��ي منه��ا‪( ،‬وه��و الذي ال يع��رف غيره‬ ‫عل��ى أية حال)‪ ،‬مس��تنداً إل��ى حديثه الممجوج ع��ن مؤامرة‬ ‫كوني��ة تط��ال دول��ة الممانعة‪ ،‬م��ن خالل إرس��ال عصابات‬ ‫مس��لحة تخرب البلد‪ ،‬إال أننا في الوقت نفس��ه‪ ،‬ال نعرف بأي‬ ‫حال من األحوال س��بب عجز المعارضة ع��ن بلورة مواقفها‬ ‫وس��ر خطابها الكئيب والس��لحفاتي في تسريع إنهاء األزمة‬ ‫واالنتق��ال إلى دولة ديمقراطية حرة‪ ،‬كما لم نفهم إلى اآلن‬ ‫لم��اذا لم تخرج عن مقارعة النظام ب��ذات اللغة التي جرّها‬ ‫إليها‪.‬‬ ‫كنا نبرر في بدايات الثورة عدم وجود خبرة في التعاطي‬ ‫بالش��أن السياس��ي‪ ،‬نظ��را لم��ا ارتكب��ه النظام م��ن تفريغ‬ ‫للطاقات السياس��ية واالجتماعية في س��وريا طيلة أكثر من‬ ‫أربعة عقود‪ ،‬لكن بأي وجه حق س��نبرر لها هذا العجز وعدم‬ ‫القدرة على التحرك اإليجابي والقادر على تخليص البلد من‬ ‫أزمته الدموية بعد قرابة عامين على اندالع الثورة‪.‬‬ ‫أال تكف��ي س��نتين من التدريب على الحراك السياس��ي‬ ‫والوطني؟ هذا السؤال يطرحه جميع السوريين بال استثناء‪،‬‬ ‫إذ ل��م يع��د يخفى عليه��م هب��وط المعارضين الس��وريين‬ ‫وتحديداً من هم خارج س��وريا‪ ،‬إلى مس��توى الالمس��ؤولية‬ ‫األخالقية والوطنية على حد س��واء‪ ،‬فأصبح همّ المعارضة‬ ‫بتش��كيالتها التي تنمو كالفطر‪ ،‬محصورة بتبرئة ذاتها من‬ ‫المس��ؤولية التاريخي��ة الملق��اة على عاتقه��ا والتي وضعت‬ ‫نفسها فيه‪.‬‬ ‫وبعيداً ع��ن التخوين وعقلية المؤامرة الش��هيرة‪ ،‬فإننا‬ ‫نق��ول بمنته��ى الوض��وح والش��فافية‪ ،‬له��ؤالء المتنطحين‬ ‫لتسيّد الثورة السورية‪ ،‬أن جميع تشكيالتكم التي تعقدونها‬ ‫في فنادق الخمس��ة نجوم‪ ،‬بدءاً من المجلس الوطني مرورا‬ ‫بجمي��ع التحالفات والملتقيات والمنابر وص��و ًال إلى اإلئتالف‬ ‫الوطن��ي الس��وري أن تنظ��روا إل��ى تل��ك التش��كيالت على‬ ‫أنه��ا تش��كيالت طارئة ومؤقتة ولدت في ظروف اس��تثنائية‬ ‫وستنتهي بزوالها ولن تبقى على ما هي عليه في مستقبل‬ ‫ما بعد سقوط النظام الحالي‪.‬‬ ‫وه��ذا يدع��و جميع الس��وريين بال اس��تثناء إل��ى تغيير‬ ‫لغتهم وشعاراتهم تجاه الثورة السورية‪ ،‬والتوجه نحو الهدف‬ ‫األسمى ليس فقط في تحديد إسقاط النظام كأولوية أولى‬ ‫دون غيرها‪ ،‬وإنما المضي وبالتزامن مع هذا الهدف في بناء‬ ‫المجتمع المدني والمؤسس��ات التي عاث بها الفس��اد طوي ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫م��ا يعني ضرورة إعطاء الفرصة للنقابيين في إعادة هيكلة‬ ‫بنائه��ا وتخليصه��ا من كم الفس��اد الهائل ال��ذي غرقت وما‬ ‫ت��زال تغرق في��ه كل يوم‪ ،‬ألنه من دون إع��ادة تفعيل هذه‬ ‫المؤسس��ات‪ ،‬فإن��ه لن ّ‬ ‫يتمكن الش��عب الس��وري من تحمل‬ ‫مس��ؤولياته تج��اه وطنه ولن يتمكن اختيار م��ن يم ّثله فع ً‬ ‫ال‬ ‫ويحمل تط ّلعاته‪.‬‬ ‫المطلب الملح اليوم هو البدء جدياً‪ ،‬وبمش��اركة دولية‪،‬‬ ‫في تأليف حكوم��ة انتقالية كاملة الصالحي��ات تكون قادرة‬ ‫على فرض رأيها على الجميع سياس��يين وعس��كريين على‬ ‫حد س��واء‪ ،‬وتنظيف الجيش الحر مما لحق فيه من تصرفات‬ ‫غي��ر أخالقية وغير مس��ؤولة‪ ،‬والعمل مباش��رة على إطالق‬ ‫حملة شعبية ودولية واسعة إلعادة مهجّري الداخل والخارج‬ ‫وإطالق سراح جميع المعتقلين وإجراء اإلصالحات السياسية‬ ‫المطلوب��ة لبن��اء نظ��ام جدي��د قائم عل��ى العدال��ة يضمن‬ ‫المصالح الضيقة لجميع فئات الش��عب وأطيافه‪ ،‬دون إغفال‬ ‫محاكمة من تلطخت يداه بالدم طيلة فترة حكم آل األسد‪.‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫الو�ضع جتاوز مرحلة التدريب‬ ‫يا معار�ضتنا ال�سورية‬

‫‪3‬‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫هــروب الأمــوال ال�ســورية‬ ‫�إىل اخلـارج‬ ‫بات��ت األم��وال التي حوله��ا رجال‬ ‫أعمال سوريون هاربون من نظام بشار‬ ‫األس��د إلى مصر حائرة بين االس��تثمار‬ ‫ف��ي العق��ارات أو البورص��ة أو القط��اع‬ ‫الصناع��ي‪ ،‬ف��ي حين فضل س��وريون‬ ‫المش��روعات الصغي��رة والمتوس��طة‬ ‫وتج��ارة التجزئ��ة كمج��ال الس��تثمار‬ ‫أمواله��م الت��ي فلت��وا بها م��ن النظام‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫وقال خليل العجيلي‪ ،‬وهو ناش��ط‬ ‫سياسي سوري مقيم في مصر إن أكبر‬ ‫‪ 10‬رجال أعمال في س��وريا وصلوا إلى‬ ‫مص��ر خالل األي��ام الماضية‪ ،‬ولكن من‬ ‫الصعب الكشف عنهم‪.‬‬ ‫أض��اف أن معظ��م م��ن ينتم��ون‬ ‫إل��ى الطبق��ة البرجوازي��ة في س��وريا‬ ‫فضل��وا اللج��وء إل��ى مصر‪ ،‬مؤك��داً أن‬ ‫عش��رات الماليين من الدوالرات وصلت‬ ‫من س��وريا إل��ى مصر ولك��ن ال يمكن‬ ‫حصرها بدقة‪.‬‬ ‫وق��ال إن ثل��ث االقتصاد الس��وري‬ ‫انتقل إلى مصر بعد الثورة في سوريا‪،‬‬ ‫لكن ال يوجد مصادر محايدة تؤكد هذه‬ ‫األرق��ام أو تنفها‪ ،‬مضيف��اً أن كبار جال‬ ‫األعم��ال الس��وريين فضلوا االس��تثمار‬ ‫في البورص��ة أو إيداع أموالهم بالبنوك‬ ‫المصرية لحين وض��وح الرؤية وضخها‬ ‫في استثمارات‪.‬‬ ‫وتقدر االستثمارات السورية داخل‬ ‫مصر بما يتراوح بين ‪ 500 - 400‬مليون‬ ‫دوالر‪ ،‬ف��ي حين يقدرها آخ��رون بأكثر‬ ‫م��ن ذل��ك‪ ،‬خاص��ة أن الس��وريين باتوا‬ ‫يتعاملون بغزارة م��ع البنوك المصرية‬ ‫من حيث اإليداعات وفتح الحسابات‪.‬‬ ‫وق��ال نزار الخ��راط‪ ،‬رج��ل أعمال‬ ‫س��وري ورئي��س اللجن��ة التنس��يقية‬ ‫للث��ورة الس��ورية ف��ي مص��ر ورئيس‬ ‫مؤسسة البيت الدمشقي إن هناك عددا‬ ‫كبيرا من رجال األعمال والمس��تثمرين‬ ‫الس��وريين الذين ج��اؤوا إلى مصر بعد‬ ‫اشتداد قصف الجيش النظامي السوري‬ ‫لهم ولمصانعهم وأعمالهم‪.‬‬ ‫وأوض��ح الخ��راط أن��ه يت��م حاليا‬ ‫تأس��يس تكت��ل اقتص��ادي يجم��ع بين‬ ‫رج��ال األعم��ال الس��وريين ف��ي مصر‬ ‫وهم أغلبهم من حلب‪.‬‬ ‫وق��ال باس��ل الكويفي‪ ،‬مس��تثمر‬ ‫س��وري بمصر ورئيس الغرفة التجارية‬ ‫الس��ابق بدمش��ق وعض��و المجل��س‬ ‫االنتقال��ي الس��وري إن أع��داد رج��ال‬ ‫األعمال السوريين والمستثمرين الذين‬ ‫قدم��وا إلى مصر تضاع��ف خالل الثالث‬ ‫أشهر األخيرة‪.‬‬ ‫أض��اف أن معظ��م المس��تثمرين‬ ‫الس��وريين بالقاه��رة اتجه��وا الفتت��اح‬ ‫مش��روعات صغيرة ومتوسطة ليضعوا‬ ‫فيه��ا أمواله��م الت��ي ج��اؤوا به��ا م��ن‬

‫بلده��م‪ ،‬مق��دراً ع��دد رج��ال األعم��ال‬ ‫الس��وريين الذي��ن وصل��وا إل��ى مصر‬ ‫بـ‪ 30%‬م��ن أعداد رج��ال األعمال الذين‬ ‫فروا من س��وريا والبالغ عددهم حوالي‬ ‫‪ 50‬ألف مستثمر‪.‬‬ ‫وأض��اف الكويف��ي أن كب��ار‬ ‫المس��تثمرين الس��وريين اتجه��وا إل��ى‬ ‫االس��تثمار ف��ي البورص��ة المصري��ة‬ ‫وبع��ض دول الخليج وأوروب��ا‪ ،‬موضحًا‬ ‫أن المس��تثمر الس��وري يفض��ل اللجوء‬ ‫إل��ى مص��ر لس��هولة إج��راءات الدخول‬ ‫والخ��روج منها وس��هولة الحصول على‬ ‫إقام��ة‪ ،‬باإلضاف��ة إل��ى تواف��ر األي��دي‬ ‫العاملة الرخيصة والطاقة‪.‬‬ ‫وأشار إلى أن معظم المستثمرين‬ ‫الس��وريين الذين وصلوا إل��ى القاهرة‬ ‫من الطبقة المتوسطة والممتازة أيضا‪،‬‬ ‫وأن هناك عددا المليارديرات السوريين‬ ‫اتجه��وا إل��ى دول مج��اورة وخاص��ة‬ ‫التابعين لنظام األسد‪.‬‬ ‫وأض��اف الكويف��ي أن هن��اك عددا‬ ‫كبيرا من الس��وريين أقاموا مشروعات‬ ‫جدي��دة ف��ي مص��ر مث��ل المطاع��م‬ ‫والمقاه��ي وورش الخياطة والصناعات‬ ‫النس��يجية‪ ،‬كما أقبل عدد من الالجئين‬ ‫الس��وريين عل��ى فت��ح حس��ابات له��م‬ ‫بالبنوك المصرية إلي��داع األموال التي‬ ‫انتقل��وا به��ا م��ن بلده��م أو اس��تقبال‬ ‫حواالت من حس��اباتهم من بنوك خارج‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫وق��ال خل��دون الموق��ع رئي��س‬ ‫مجل��س األعم��ال الس��وري المص��ري‬

‫ف��ي تصريح��ات صحافية من��ذ أيام إن‬ ‫مجموعة من رجال األعمال السوريين‪،‬‬ ‫بدأوا ضخ استثمارات جديدة في السوق‬ ‫المصري��ة تتج��اوز ‪ 500‬ملي��ون دوالر‬ ‫في مجاالت الغزل والنس��يج والمالبس‬ ‫الجاهزة والخيوط واألقمشة في العديد‬ ‫من المدن الصناعية المصرية‪.‬‬ ‫وأك��د أحم��د غن��ام عض��و غرف��ة‬ ‫الصناع��ة بدمش��ق والقيادي الس��وري‬ ‫الالجئ في مصر أن هناك أعدادا كبيرة‬ ‫م��ن الس��وريين وصل��وا إل��ى مصر مع‬ ‫زيادة قصف قوات األسد لهم‪.‬‬ ‫وأوض��ح غن��ام أن الس��وريين في‬ ‫مص��ر يتركزون ف��ي مدين��ة ‪ 6‬أكتوبر‬ ‫غرب القاهرة والرحاب ش��رق القاهرة‪،‬‬ ‫خاصة من ذوى المالءة المالية والطبقة‬ ‫المتوس��طة ويتواجد الحرفي��ون منهم‬ ‫ف��ي منطقة عين ش��مس خاصة الذين‬ ‫يعملون في القطاعات النسيجية‪.‬‬ ‫وقال إن هناك عددا من السوريين‬ ‫أقام مش��روعات غذائية ف��ي منطقتي‬ ‫المهندس��ين و‪ 6‬أكتوب��ر وتتكل��ف هذه‬ ‫المش��روعات م��ا بي��ن ‪ 600 - 500‬ألف‬ ‫جنيه‪.‬‬ ‫وأك��د غن��ام أن المس��تثمرين من‬ ‫رجال األعمال الكبار اتجهوا لالس��تثمار‬ ‫في البورصة المصرية لحين اس��تقرار‬ ‫أوضاع االقتصاد الكلي‪.‬‬ ‫وأشار إلى صعوبة تحويل األموال‬ ‫م��ن داخل البنوك الس��ورية إلى الخارج‬ ‫بسبب منع الس��لطات النقدية ذلك‪ ،‬لذا‬ ‫ف��إن معظم األموال جاءت إلى مصر إما‬

‫ت��م نقلها نقدا أو ع��ن طريق تحويالت‬ ‫خاصة من البنوك اللبنانية‪.‬‬ ‫ومن جانب آخر أك��د عدد كبير من‬ ‫مدي��ري الفروع بالبن��وك المصرية عن‬ ‫زي��ادة كبيرة في حس��ابات الس��وريين‬ ‫س��واء بمبالغ ضخمة أو متوسطة سواء‬ ‫عن طري��ق إيداعه��ا أو اس��تقبالها في‬ ‫حس��اباتهم ع��ن طري��ق ح��واالت م��ن‬ ‫الخارج‪.‬‬ ‫وقال عب��د العزيز الصعيدي‪ ،‬مدير‬ ‫ع��ام ف��رع بن��ك الش��ركة المصرفي��ة‬ ‫العربي��ة الدولي��ة إن معظ��م البن��وك‬ ‫رصدت تزايداً في حس��ابات الس��وريين‬ ‫بالبنوك المصرية‪.‬‬ ‫وأوض��ح أن هن��اك تس��هيالت من‬ ‫جانب البنوك في فتح حسابات لالجئين‬ ‫السوريين‪ ،‬حيث ال يشترط البنك أوراق‬ ‫اإلقامة لفتح حس��اب للس��وري المقيم‬ ‫في مصر‪.‬‬ ‫وأض��اف الصعي��دي أن معظ��م‬ ‫األموال يتم إيداعها نقدا أو اس��تقبالها‬ ‫عن طري��ق حواالت من بن��وك خارجية‬ ‫مثل بنوك لبنان والسعودية‪.‬‬ ‫وكش��فت األرق��ام الص��ادرة ع��ن‬ ‫هيئ��ة االس��تثمار الس��ورية تراجع عدد‬ ‫المشاريع القائمة في سوريا في الفترة‬ ‫من أول يناير ‪ 2012‬حتى نهاية سبتمبر‬ ‫من نف��س العام بنس��بة ‪ ،74%‬مقارنة‬ ‫بالفترة نفس��ها من العام ‪ 2011‬نتيجة‬ ‫األحداث التي تمرُّ بها سوريا والعقوبات‬ ‫االقتصادي��ة المفروض��ة عل��ى مجمل‬ ‫قطاعاتها‪.‬‬


‫وكذلك أعم��ال تعذيب ومعاملة س��يئة في‬ ‫منش��آت اعتقال تديرها المعارضة" بحسب‬ ‫البيان‪.‬‬ ‫وأك��دت المنظم��ة الحقوقي��ة عل��ى‬ ‫ض��رورة "معامل��ة جمي��ع المحتجزي��ن من‬ ‫طرف الجيش السوري الحر وغيره من قوى‬ ‫المعارض��ة ‪ -‬بمن فيهم أف��راد قوات األمن‬ ‫الس��وري والش��بيحة – معاملة إنسانية بما‬ ‫يتفق مع القانون الدولي اإلنساني ومعايير‬ ‫حقوق اإلنسان"‪.‬‬

‫جائزة "ال�شعب يري��د" يف مهرجان‬ ‫الكامرياالعربيةيفروتردامللمخرج‬ ‫ال�س��وري الراح��ل با�س��ل �شح��ادة‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫من��ح مهرج��ان "الكامي��را العربية" ف��ي دورته األول��ى التي اختتمت مس��اء األحد‬ ‫الماضي جائزة "الش��عب يريد" لفيلم "هدية صباح السبت" للمخرج السينمائي السوري‬ ‫باسل شحادة الذي في قصف لقوات النظام السوري خالل قياه بالتصوير في حمص‪.‬‬ ‫وقال��ت لجنة تحكيم المهرجان الذي اس��تمر من ‪ 28‬تش��رين األول إلى الثاني من‬ ‫كان��ون األول "أن البعد الس��ينمائي القوي في فيلم ش��حادة هو ال��ذي أهله أن يحصل‬ ‫على هذه الجائزة"‪.‬‬ ‫ويروي الفيلم قصة طفل س��وري كان يس��تمتع بأيام العطلة لكنه بات يكره يوم‬ ‫السبت بعدما أصيب بيته في يوم سبت قاضيا على أحالمه‪.‬‬ ‫وتفوق الفيلم الس��وري عل��ى ثالثة أفالم أخرى في المراح��ل األخيرة وهي "بون‬ ‫الحري��ة‪ -‬ش��وارع الم��وت" للمخرجين المصريي��ن أحمد صالح س��وني ورمضان صالح‬ ‫والس��وريان "اللج��اة‪ :‬أي��ام م��ع الجيش الس��وري الح��ر" و"آخ��ر ذكريات عل��ى الحاجز"‬ ‫للسينمائي السوري تامر العوام الذي استشهد أيضًا خالل في أيلول الماضي‪.‬‬ ‫وباس��ل شحادة مخرج سوري ش��اب من مواليد عام ‪ 1984‬استشهد في أيار ‪2012‬‬ ‫م��ع زميله المصور أحمد األص��م؛ خالل توثيقه لألحداث في س��ورية‪ .‬وقد قام بالعديد‬ ‫من الدورات التدريبية لما يس��مى بالفيلم التوثيقي الش��عبي‪ .‬وهو كان قد بدء دراسة‬ ‫اإلخراج الس��ينمائي ف��ي الواليات المتحدة بعد حصوله على منحة‪ ،‬لكنه قطع دراس��ته‬ ‫أواخ��ر ع��ام ‪ 2011‬وعاد إلى س��ورية التي كان قد غادرها إثر اإلف��راج عنه بعد اعتقاله‬ ‫على خلفية مشاركته في مظاهرة المثقفين في حي الميدان في دمشق‪.‬‬ ‫وبعد مقتله منعت قوات النظام الس��وري أصدقاء باس��ل من التوجه للصالة عليه‬ ‫في الكنيسة كما حاصرت منزله في دمشق‪.‬‬

‫وأضاف��ت ويتس��ن‪" :‬ال ب��د أن يوض��ح‬ ‫ائت�لاف المعارض��ة الجدي��د أن عن��ده رؤية‬ ‫لس��وريا مس��تعدة لطي صفح��ة انتهاكات‬ ‫المسلحين"‪.‬‬ ‫بدورها ش��ددت منظمة العفو الدولية‬ ‫التي تتخذ من لن��دن مقرا لها على ضرورة‬ ‫ان يق��وم االئت�لاف الجدي��د المع��ارض‬ ‫"بمراقب��ة ومن��ع االنتهاكات التي تمارس��ها‬ ‫بع��ض جماع��ات المعارض��ة مخالفة بذلك‬ ‫حقوق اإلنسان"‪.‬‬

‫وطالب��ت المنظمة في بي��ان منفصل‬ ‫الثالث��اء ائت�لاف المعارض��ة الجديد "بوضع‬ ‫آلي��ات لمراقب��ة طريقة تص��رف الجماعات‬ ‫المس��لحة المعارض��ة لتجن��ب أي مالحق��ة‬ ‫تتعلق بجرائم الحرب واالنتهاكات"‪.‬‬ ‫وأضاف��ت‪" :‬على المقاتلي��ن في جميع‬ ‫األطراف معرف��ة أنه��م ال يمكنهم اإلفالت‬ ‫م��ن العقاب بحج��ة االمتث��ال لألوام��ر وأن‬ ‫الحساب سيطالهم على أفعالهم"‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫طالبت منظمتا العفو الدولية وهيومن‬ ‫رايت��س ووت��ش المعنيت��ان بالدف��اع ع��ن‬ ‫حقوق االنس��ان الثالثاء ائت�لاف المعارضة‬ ‫الس��ورية ب��أن تض��ع عل��ى رأس أولوياتها‬ ‫وق��ف "االنته��اكات" الت��ي يرتكبه��ا بعض‬ ‫مقاتليها‪.‬‬ ‫وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش‬ ‫التي تتخذ م��ن نيويورك مق��راً لها الثالثاء‬ ‫إن��ه يتعين على جبهة المعارضة الس��ورية‬ ‫الجديدة‪" :‬أن ترسل رسالة واضحة لمقاتلي‬ ‫المعارض��ة ب��أن عليه��م االلت��زام بقوانين‬ ‫الح��رب والقانون الدولي لحقوق اإلنس��ان‪،‬‬ ‫مع محاسبة المسؤولين عن االنتهاكات"‪.‬‬ ‫وأضاف��ت ف��ي بي��ان إنه "عل��ى الدول‬ ‫الممول��ة لجماعات المعارضة أو التي تمدها‬ ‫باألس��لحة أن ترس��ل رس��الة قوي��ة إل��ى‬ ‫المعارضة بأنه��ا تتوقع منها أن تلتزم تمام‬ ‫االلت��زام بالقانون الدولي لحقوق اإلنس��ان‬ ‫والقانون الدولي اإلنساني"‪.‬‬ ‫وقال��ت س��ارة لي��ا ويتس��ن‪ ،‬المدي��رة‬ ‫التنفيذية لقس��م الش��رق األوسط وشمال‬ ‫أفريقي��ا في هيومن رايت��س ووتش "يجب‬ ‫أن يكون إنه��اء انتهاكات عناصر المعارضة‬ ‫المس��لحة من أولويات االئتالف الجديد‪ .‬وال‬ ‫ب��د أن يتعهد االئتالف علنًا بحماية المعايير‬ ‫الدولية وبمراجعة قيام الجماعات المسلحة‬ ‫بأي��ة انته��اكات قب��ل منحه��ا األس��لحة‪،‬‬ ‫وبمحاس��بة المتس��ببين ف��ي االنته��اكات"‬ ‫حسب قولها‪.‬‬ ‫ووثق��ت هيومن رايت��س ووتش أكثر‬ ‫من ‪ 12‬عملية إعدام "خ��ارج نطاق القضاء‬ ‫وبإجراءات موج��زة دون مراع��اة اإلجراءات‬ ‫القانونية السليمة على يد قوات المعارضة‪،‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫العفو الدولية وهيومن رايت�س ووت�ش تطالبان‬ ‫املعار�ضة بوقف "انتهاكات" مقاتلي اجلي�ش احلر‬

‫‪5‬‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫هذا �آخر الكالم‪..‬‬ ‫هكذا مي�ضي الأ�سد يومه‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫الي��وم أعلن��ت معاج��م العربي��ة‬ ‫استس�لامها وعجزها عن تقديم تعريفٍ أو‬ ‫وصفٍ للمش��هد الس��وري الذي لم يعد بأي‬ ‫ح��ال ينتم��ي للعبث ب��ل تعداه إلى مش��هدٍ‬ ‫يعج��ز " كاف��كا " أو أش��د الكت��اب عبثي ًة عن‬ ‫وصف��ه‪ .‬رأس النظ��ام ال��ذي خ��رج علين��ا‬ ‫بنظريةٍ جديدة في علم السياس��ة‪ ،‬أطلقها‬ ‫ف��ي خطاب��ه أم��ام مجل��س الش��عب‪ ،‬ف��ي‬ ‫حزيران ع��ام ‪ 2012‬وهي أن يختار الرئيس‬ ‫ش��عبه‪ ،‬ال أن يختار الشعب الرئيس‪ ،‬يطبق‬ ‫هذه النظرية وكل من لم يقع عليه االختيار‬ ‫محكوم بالموت‪.‬‬ ‫وكان ق��د ق��ال ف��ي خطاب��ه المذكور‪:‬‬ ‫" إن البع��ض يط��رح في نفس ه��ذا اإلطار‬ ‫ومن بداية األزمة أن الرئيس يجب أن يكون‬ ‫لكل الش��عب وأنا أقول كي أك��ون دقيقا إن‬ ‫الرئي��س ه��و ل��كل م��ن يقف تحت س��قف‬ ‫الوطن والدس��تور والقانون وإال ساويت بين‬ ‫العميل والوطني وبين الضحية والجالد وبين‬ ‫الفاسد والشريف وبين من يخرب ومن يبني‬ ‫وبالتالي في هذه الرمادية الوطنية مخالفة‬ ‫للدستور ونكث بالقس��م وضرر بالمصلحة‬ ‫العامة وخيانة لألمانة الوطنية‪.‬‬ ‫وأض��اف أما لمن يبحث عن رئيس من‬ ‫دون ل��ون أو طع��م أو رائحة لبلد هو األغنى‬ ‫باألل��وان واألكث��ر استس��اغة للعي��ش فيه‬ ‫واألزك��ى رائحة بعبق تاريخ��ه فأقول لهم‪..‬‬ ‫إن لوني من لون هذا الش��عب الذي فيه من‬ ‫أطياف السيادة والمقاومة والكرامة والمحبة‬ ‫وأم��ا كل طي��ف آخ��ر م��ن أطي��اف اإلرهاب‬ ‫والطائفي��ة واألش��ياء األخرى الت��ي رأيناها‬ ‫مؤخ��راً فهي أطي��اف غريبة ال تنتم��ي إلينا‬ ‫ومصيرها سيكون االضمحالل والزوال "‪.‬‬ ‫وبعد أن اصطفى شعبه‪ ،‬تفرغ لخيارين‬ ‫ال ثالث لهما‪ ،‬أولهما مواصلة الس��يطرة على‬ ‫كل س��ورية‪ ،‬وثانيهما تحطي��م البلد وتركه‬ ‫ألهله ينش��غلون عقوداً بإعادة إعماره‪ ،‬من‬ ‫ماض في الخي��ار الثاني‪ .‬وهو‬ ‫الواضح أن��ه ٍ‬ ‫مس��تمر فقط الستكمال مسلس��ل التدمير‬ ‫المنهج��ي‪ ،‬فحت��ى الذين اعتق��دوا أنه يريد‬ ‫توظي��ف «معرك��ة دمش��ق» ف��ي تحس��ين‬ ‫موقعه التفاوضي الحق��ًا ال يرون في نهجه‬ ‫العبث��ي م��ا يمكن أن يك��ون مجدي��اً في ما‬ ‫يدّعي تمثيل��ه أو لمن يدّعي الدفاع عنهم‪،‬‬ ‫فبالنس��بة إل��ى الس��وريين ل��م تع��د هناك‬ ‫دولة‪ ،‬يتس��اوى في ذل��ك أن يكونوا موالين‬ ‫أو معارضين‪.‬‬ ‫فهو خط��ط للمذبح��ة الكب��رى ويريد‬ ‫أن يذه��ب إليه��ا ظانّ��اً أنها س��تكون رادعًا‬ ‫مس��تقبليًا وبالتالي ضمانًا للكيان الطائفي‬ ‫الذات��ي ال��ذي يعتبره حداً أدنى وح� ً‬ ‫لا أخيراً‪.‬‬ ‫وف��ي هذا الس��ياق يمك��ن أن يواف��ق على‬ ‫اقت��راح األخضر اإلبراهيمي إرس��ال «قوات‬ ‫دولي��ة لحفظ الس�لام» لكن بع��د المذبحة‪،‬‬ ‫وبع��د أن يت��وّج وحش��يته باس��تخدام غ��از‬ ‫السارين ضد معارضيه من أبناء الشعب‪.‬‬ ‫فقد كش��فت مصادر عراقية كردية أن‬ ‫االس��تخبارات األميركية رصدت قيام األسد‬

‫بس��حب جميع الضباط الس��نة م��ن مخازن‬ ‫األس��لحة الكيميائية والمطارات العسكرية‪،‬‬ ‫التي تضم مئ��ات الطائرات المقاتلة‪ ،‬ووضع‬ ‫كل هذه المواقع تحت سيطرة كاملة لقوات‬ ‫موالي��ة م��ن الطائف��ة العلوية‪ ،‬ألن��ه يدرك‬ ‫أن بق��اء الق��وة الجوية والس�لاح الكيميائي‬ ‫تحت سيطرته يعني بقاءه في السلطة وأن‬ ‫معركة إسقاطه ستطول‪.‬‬ ‫كم��ا نقل موق��ع " بيكت��ا " االلكتروني‬ ‫اإلس��رائيلي عن مصدر أميركي‪ ،‬أن سورية‬ ‫تحتفظ بمخزونها من هذه األس��لحة شمال‬ ‫غرب دمشق داخل قاعدة «السفيرة» التابعة‬ ‫للح��رس الجمهوري الس��وري‪ ،‬والتي تتلقى‬ ‫أوامرها حصريًا من بش��ار األس��د مباشرة‪،‬‬ ‫مس��تدركاً‪ :‬لكن إذا شاهد قادة هذه القاعدة‬ ‫انهيار النظام في دمش��ق‪ ،‬كما حدث تقريبًا‬ ‫ي��وم ‪ 18‬تم��وز في أعق��اب االنفج��ار داخل‬ ‫مق��ر األمن القوم��ي‪ ،‬فيمكن ه��ؤالء القادة‬ ‫أن يق��رروا الف��رار إل��ى لبن��ان مصطحبين‬ ‫معه��م أس��لحتهم الكيماوي��ة كضمانة لهم‬ ‫ولمس��تقبلهم‪ ،‬وفي هذه الحال��ة‪ ،‬ال يمكننا‬ ‫معرف��ة ماذا يمكن هؤالء الق��ادة أن يقرروا‬ ‫ف��ي كيفي��ة اس��تخدامهم األس��لحة الت��ي‬ ‫يحرسونها‪.‬‬ ‫أل��م نب��دأ ملفن��ا الي��وم بالحديث عن‬ ‫العبث الذي بلغ ذروته في تعامل النظام مع‬ ‫الترسانة الكيماوية‪ ،‬فنصفه لقتل المدنيين‬ ‫والنصف اآلخر مع��روضٌ للبيع‪ ،‬حيث نقلت‬ ‫جريدة " الجمهورية اللبنانية " أنه في الوقت‬ ‫الذي كشفت فيه المعلومات اإلستخبارية أن‬ ‫وزير الدف��اع األميركي بانيت��ا كان أوّل من‬ ‫ص��رح بتحري��ك س��وريا س�لاحها الكيماوي‬ ‫إلع��ادة تموضع��ه دون تحدي��د وجهته‪ ،‬فإن‬ ‫تل��ك المصادر تميط اللث��ام عن تجميع هذا‬ ‫الس�لاح ف��ي هضب��ة الجوالن تح��ت مرمى‬ ‫المواق��ع اإلس��رائيلية وتضي��ف المصادر أن‬ ‫إس��رائيل كان��ت كما يبدو ق��د أٌخطرت بهذه‬ ‫الخط��وة الس��ورية‪ ،‬وقابلته��ا بعكس ما قد‬

‫يتب��ادر إل��ى األذهان فم��ن يريد اس��تعمال‬ ‫هذا الس�لاح ال يضعه في مرم��ى "عدوّه"‪،‬‬ ‫ما يعني عملي��اً إخراجه من معادلة الصراع‪،‬‬ ‫س��واء م��ع الخ��ارج أو ف��ي الداخ��ل‪ .‬وه��ذه‬ ‫الحقيق��ة باتت معلوم��ة ومفهومة من قبل‬ ‫كل من واشنطن وتل أبيب‪.‬‬ ‫و ت��روي " الجري��دة " ع��ن المص��ادر‬ ‫اإلس��تخبارية الغربية بأن تجاراً إسرائيليين‬ ‫ينشطون في دول القوقاز في ما كان يُعرف‬ ‫باالتحاد السوفيتي السابق‪ ،‬وخصوصاً تلك‬ ‫الت��ي تجاور إيران‪ ،‬بدأوا في تقديم عروض‬ ‫لش��راء المخزون الس��وري من هذا الس�لاح‬ ‫الكيم��اوي‪ ،‬عبر ش��ركات إيراني��ة تعمل في‬ ‫تلك الدول القوقازية‪ .‬وتضيف تلك المصادر‬ ‫ّأن المس��اومة بين األط��راف المعنية جارية‬ ‫على قدم وس��اق‪ ،‬بعدما تلقى هؤالء عرضًا‬ ‫مباش��راً م��ن وس��طاء على عالق��ة بالنظام‬ ‫الس��وري‪ ،‬لبي��ع هذا الس�لاح بس��بب حاجة‬ ‫نظام األسد إلى العملة األجنبية‪.‬‬ ‫ويش��ير هؤالء إل��ى أن خزين��ة الدولة‬ ‫الس��ورية وصلت إلى حافة الخواء‪ ،‬مع بلوغ‬ ‫الضغ��ط االقتص��ادي والعقوب��ات والحصار‬ ‫الدولي المفروض على س��وريا إلى ذروته‪،‬‬ ‫وتراجع المساعدات النقدية اإليرانية بشكل‬ ‫ش��ديد‪ ،‬في ظ��ل الصعوب��ات المماثلة التي‬ ‫تتع��رض لها طه��ران أيض��ًا‪ ،‬وتعتق��د تلك‬ ‫المصادر أن صفقة س��رية يجري اس��تكمال‬ ‫بنودها بين الطرفين عبر وسطاء إيرانيين‪،‬‬ ‫وتت��م متابعتها من الدوائر الغربية بش��كل‬ ‫حثيث لمعرفة مآلها‪.‬‬ ‫ويستكمل النظام السوري العبث فبعد‬ ‫أنبا ٍء عن انش��قاق المتحدث باسم الخارجية‬ ‫الس��ورية "جه��اد مقدس��ي "‪ ،‬خ��رج علين��ا‬ ‫النظام بقرار إقالته على خلفية تصريحاته‬ ‫الس��ابقة التي أقرت بامتالك سوريا للسالح‬ ‫الكيميائ��ي‪ ،‬علماً أنه��ا من ال��دول الموقعة‬ ‫عل��ى بروتوك��ول جني��ف لع��ام ‪ 1925‬الذي‬ ‫يحظر استخدام هذه األسلحة‪.‬‬

‫وانبرت صفحات الموالين على الشبكة‬ ‫العنكبوتي��ة بكي��ل االتهام��ات والش��تائم‬ ‫لمقدس��ي الخائن‪ ،‬والذي كان حتى يوم خال‬ ‫ٍ‬ ‫المقاوم "‪،‬‬ ‫وبحسب تعبيرهم " الدبلوماسي‬ ‫كان آخرها اتهام الصحفي السوري المقرب‬ ‫من النظ��ام‪ ،‬أحمد الحاج عل��ي‪ ،‬في مقابلة‬ ‫م��ع تلفزي��ون "الجزي��رة‪ " ،‬إن المقدس��ي‬ ‫ضب��ط وهو يس��رق م��ن س��وق ببريطانيا‬ ‫عندم��ا كان عل��ى رأس عمله في الس��فارة‬ ‫الس��ورية بلندن‪ ،‬حيث تم اإلف��راج عنه من‬ ‫قبل الش��رطة البريطانية بعد االطالع على‬ ‫هويته الدبلوماس��ية‪ ،‬األمر الذي تبعه طلب‬ ‫بريطاني بإعفائه من منصبه‪.‬‬ ‫وف��ي مع��رض رد وزي��ر المغتربي��ن‬ ‫" فيص��ل المق��داد " عل��ى تحذي��رات وزيرة‬ ‫الخارجي��ة األمريكي��ة‪ ،‬هي�لاري كلينت��ون‪،‬‬ ‫للنظام الس��وري من مغبة استخدام السالح‬ ‫الكيم��اوي ض��د الح��راك ال��ذي يه��دف إلى‬ ‫اإلطاحة باألس��د‪ ،‬قال إن بالده أوضحت أكثر‬ ‫من مرة لواش��نطن بش��كل مباش��ر أو عبر‬ ‫موس��كو بأنه��ا لن تلج��أ إلى هذا األس��لحة‬ ‫ضد ش��عبها‪ ،‬مق��راً بوجودها أيض��ًا‪ ،‬مكرراً‬ ‫الخطيئة عينها التي وبحس��ب إعالم النظام‬ ‫أطاحت بمقدسي‪.‬‬ ‫وبعيداً عن العبث‪ ،‬داخليًا يستمر الثوار‬ ‫في صياغة ملحمتهم‪ ،‬ويتنفس الس��وريون‬ ‫بشائر الحرية‪ ،‬وخارجيًا قال المتحدث باسم‬ ‫وزارة الخارجي��ة األميركية "مارك تونر" في‬ ‫مع��رض رده على س��ؤال بخص��وص ما إذا‬ ‫كان��ت اإلدارة ترى أن اللحظ��ة باتت مالئمة‬ ‫لالعت��راف باالئتالف الس��وري الجديد لقوى‬ ‫المعارضة‪ ،‬كممثل ش��رعي ووحيد لسورية‬ ‫والتهيئ��ة لحكوم��ة في المنف��ى تعترف بها‬ ‫واش��نطن وتدعمه��ا سياس��ياً وعس��كريًا‬ ‫ودبلوماس��يًا إل��ى جان��ب دعمها اإلنس��اني‬ ‫للتس��ريع باإلطاح��ة بالنظام الس��وري "إن‬ ‫االئتالف يظهر تماس��كًا ومسؤولية واضحة‪،‬‬ ‫ويتخذ الخط��وات اإليجابية كأح��د الممثلين‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫متاب��ع للصحاف��ة اللبنانية‪،‬‬ ‫أيوب‪ ،‬لك��ن أي‬ ‫ٍ‬ ‫س��يملك يقين��اً أن هذا الصحف��ي الكبير لن‬ ‫يخرج علينا بالمقال الذي س��نورد متنه كما‬ ‫جاء في الديار‪:‬‬ ‫" يس��تفيق الرئيس الس��وري الدكتور‬ ‫بشار األس��د عند السادسة والنصف صباحا‪،‬‬ ‫ينه��ض من النوم ويم��ارس الرياضة‪ ،‬التي‬ ‫يمارس��ها يوميًا مهما كانت الظروف‪ .‬وبذلك‬ ‫يظه��ر جس��مه وأكتاف��ه ووقفت��ه بوض��ع‬ ‫رياضي كالذين يمارسون رياضات باحتراف‪،‬‬ ‫ألن الرئيس األسد يمارسها يوميًا‪ ،‬حتى أنه‬ ‫يطل��ب من أصدقائه ممارس��ة الرياضة‪ ،‬ثم‬ ‫يأخذ الترويقة ب��أكل خفيف ويبدأ عمله في‬ ‫الس��ابعة والنص��ف‪ ،‬وعند الس��ابعة أحياناً‪،‬‬ ‫ليق��رأ التقاري��ر والمرفوع إليه من رس��ائل‬ ‫دول وسفارات وتقارير األجهزة األمنية‪.‬‬ ‫وبع��د أن يقوم بتكوين ص��ورة كاملة‬ ‫عن الوضع‪ ،‬يبدأ باتصاالته الهاتفية‪ ،‬يتصل‬ ‫بمن يل��زم هاتفيًا‪ ،‬ويعق��د اجتماعات‪ .‬لكن‬ ‫يق��وم بأكثر م��ن ‪ 100‬اتص��ال هاتفي في‬ ‫اليوم م��ع مس��ؤولي مس��اعديه إلعطائهم‬ ‫توجيهاته ومتابعة األمور كلها‪.‬‬ ‫ثم يتصل برئيس األركان العماد فهد‬ ‫الجاسم ويس��أله عن الوضع الميداني وعن‬ ‫وضع الجيش السوري في تحركاته‪ .‬ويدخل‬ ‫ف��ي كل تفصيل صغير وكبي��ر‪ ،‬وكل عمل‬ ‫عسكري يش��رف عليه الرئيس األسد‪ ،‬كأنه‬ ‫ليس طبيباً‪ ،‬وال رئيس جمهورية‪ ،‬بل ضابط‬ ‫محترف أمضى حياته في العمل العسكري‪،‬‬ ‫وه��ذا ما يتعجّ��ب له المس��اعدون واألركان‬ ‫السورية في الجيش السوري‪ .‬ويتصل أيضًا‬ ‫برؤساء األجهزة‪ ،‬ويتخطى أحياناً المرؤوس‪،‬‬ ‫إلى مرؤوس أدنى‪ ،‬لمعرفة كل التفاصيل‪.‬‬ ‫وأم��ا قي��ام الطائرات الحربي��ة بغارات‬ ‫جوي��ة‪ ،‬فمرتبط به مباش��رة‪ ،‬وال تتحرك أي‬ ‫قاعدة جوي��ة إال بأمر منه‪ .‬ويدي��ر العمليات‬ ‫الحربي��ة من خ�لال األوام��ر ال��ذي يعطيها‬ ‫لرئي��س األركان‪ ،‬وم��ن خ�لال متابع��ة‬ ‫تفصيلية‪ ،‬لمجريات األمور على األرض‪.‬‬ ‫ويع��رف الرئي��س األس��د أن الوض��ع‬ ‫العس��كري صعب‪ ،‬نظراً النتشار المسلحين‬ ‫ف��ي كل الب�لاد‪ ،‬إضاف�� ًة إلى وج��ود ‪ 15‬ألف‬ ‫أجنبي م��ن األصوليي��ن والس��لفيين الذين‬ ‫يقاتلون في س��وريا‪ ،‬أعصاب الرئيس األسد‬ ‫ب��اردة‪ ،‬وأحيان��اً يهدئ من انفع��ال الضباط‬ ‫الكبار والمرؤوس��ين‪ ،‬ولدي��ه متانة وصمود‬ ‫ف��ي الق��رارات‪ ،‬تعط��ي الثق��ة ل��دى القادة‬ ‫العسكريين‪.‬‬ ‫وأحيان��ًا يك��ون قائ��د عس��كري لدي��ه‬ ‫مش��كلة وواق��ع ف��ي أزمة م��ع المس��لحين‬ ‫كبي��رة‪ ،‬فيعالجها الرئيس األس��د ش��خصيًا‬ ‫ويتاب��ع وضع الطيران وحجم ق��ذف القنابل‬ ‫بالطائ��رات الحربي��ة‪ ،‬إضاف��ة إل��ى تحريك‬ ‫الطواف��ات‪ .‬وه��و ال��ذي يعود إلي��ه الفضل‪،‬‬

‫أي الرئي��س بش��ار‪ ،‬بمن��ع منطق��ة معزولة‬ ‫يتمركز فيها المس��لحون المعارضون ومنها‬ ‫ينطلقون لمهاجمة الجيش النظامي‪.‬‬ ‫الغ��داء في القصر الرئاس��ي هو غداء‬ ‫يعطي تغذية جيدة‪ ،‬ويختار الرئيس األس��د‬ ‫األطب��اق التي يريدها‪ ،‬وعادة ال يأكل كثيراً‪.‬‬ ‫ولذلك تراه يحافظ على وزنه‪ ،‬منذ ‪ 12‬سنة‬ ‫وحتى اآلن‪ ،‬أي عندما استلم الرئاسة وحتى‬ ‫هذا اليوم‪.‬‬ ‫ال��دول الغربي��ة ت��درس ش��خصية‬ ‫الرئيس بشار األسد‪ ،‬وتستنتج انه صلب في‬ ‫مواقفه‪ ،‬وال يخاف اتخاذ قرارات هامة‪ ،‬وفي‬ ‫ذات الوق��ت‪ ،‬لديه مرونة في الدبلوماس��ية‬ ‫السياس��ية‪ ،‬حيث يعط��ي توجيهات��ه لوزير‬ ‫الخارجية وليد المعلم‪ ،‬بش��كل ديبلوماسي‬ ‫دقي��ق‪ ،‬رداً عل��ى كل النق��اط المتعلق��ة‬ ‫بالعالقات مع الدول‪.‬‬ ‫ال يرت��اح الرئيس األس��د بع��د الظهر‪،‬‬ ‫ويكمل اهتمامه بقراءة الوثائق العسكرية‪،‬‬ ‫ومتابع��ة م��ا يجري من أح��داث على الحدود‬ ‫وف��ي الداخل ولدى س��وريا اكب��ر حدود في‬ ‫دول المنطق��ة‪ .‬فحدوده��ا م��ع تركي��ا ‪800‬‬ ‫كلم‪ ،‬وحدودها مع العراق أيضًا‪ ،‬ثم حدودها‬ ‫م��ع األردن‪ ،‬ثم الحدود مع لبنان‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫جبهة الجوالن‪.‬‬ ‫ث��م ينطل��ق ف��ي ق��راءة الوثائق عن‬ ‫المع��ارك ف��ي الداخل‪ ،‬إضافة إل��ى التقارير‬ ‫االس��تخباراتية ح��ول ما يجري ف��ي الخارج‪،‬‬ ‫س��واء على مس��توى المس��لحين في تركيا‬ ‫وغيرهم‪ ،‬وفي الداخل الذين يريدون القيام‬ ‫بأعمال عسكرية ضد الجيش السوري‪.‬‬ ‫الرئيس الدكتور بشار األسد عنيد في‬ ‫مواقفه‪ ،‬ال يقوم بتغيير رأيه إذا كان مقتنعًا‬ ‫بقضي��ة‪ ،‬وال اح��د يؤث��ر عليه ف��ي قناعاته‬ ‫عندما يكون مقتنع بالشيء وباألمر‪ ،‬ولذلك‬ ‫يجد رؤساء الدول صعوبة في إقناعه بأمور‬ ‫هو ليس مقتنعاً بها‪.‬‬ ‫ينص��رف إل��ى المطالع��ة باللغ��ة‬ ‫االنكليزية آخر التقاري��ر وآخر الكتب باللغة‬ ‫االنكليزي��ة الت��ي يتّقنها جي��داً‪ ،‬إضاف ًة إلى‬ ‫متابعة تقارير اإلنترنت‪ ،‬ومواقف وتحليالت‬ ‫في المواقع األساسية في العالم‪.‬‬ ‫الوض��ع النفس��ي عنده ش��جاع للغاية‪،‬‬ ‫ول��وال مستش��اريه والمس��ؤولين عن األمن‬ ‫ل��كان كل ي��وم ي��زور منطقة ف��ي الداخل‪،‬‬ ‫ويتفق��د الجن��ود الس��وريين‪ ،‬إال أن رؤس��اء‬ ‫األجه��زة األمني��ة يص��رون علي��ه بع��دم‬ ‫المخاطرة‪ ،‬وعندما س��قطت بعض القذائف‬ ‫ق��رب قصر الش��عب‪ ،‬اعتبر الرئيس األس��د‬ ‫أنهم يريدون إره��اب القصر‪ ،‬فكان يضحك‬ ‫ويقول إنهم ال يعرفون حجم صالبتي‪.‬‬ ‫ي��درك الرئيس األس��د أن حرب��ًا دولية‬ ‫تجري ضد سوريا‪ ،‬وان عليه الصمود‪ ،‬وعلى‬

‫ه��ذا األس��اس‪ ،‬جم��ع مستش��اريه وأبلغهم‬ ‫كيفي��ة المواجه��ة دون أن يش��عرهم ب��أي‬ ‫خوف من المستقبل‪ ،‬وحجم الحرب العالمية‬ ‫عل��ى س��وريا‪ ،‬كم��ا أن��ه وضع ف��ي األماكن‬ ‫الحساس��ة من المس��ؤوليات أش��خاصًا لهم‬ ‫خبرة عسكرية وأمنية كبيرة‪.‬‬ ‫وبالنس��بة للحكومة‪ ،‬يتابع أعمالها مع‬ ‫الوزراء‪ ،‬فيتصل بوزي��ر اإلعالم ليتابع معه‬ ‫األخب��ار‪ ،‬ونش��رة األخب��ار ف��ي التلفزي��ون‪،‬‬ ‫وكيفي��ة التصرف‪ ،‬ومع وزير الداخلية أيضا‪،‬‬ ‫ووزي��ر الدف��اع‪ ،‬وف��ي ذات الوق��ت‪ ،‬يتص��ل‬ ‫بحاكم المصرف المركزي الس��وري وبوزير‬ ‫المالية‪ ،‬ويتابع الوضع المالي لليرة السورية‬ ‫تفصيليًا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لعل الرئيس بشار األسد‪ ،‬برأي السفراء‬ ‫األجانب‪ ،‬أنش��ط رئي��س بين رؤس��اء الدول‬ ‫العربي��ة وأكثرهم عم ًال‪ ،‬فه��و يواظب على‬ ‫عمله إلى حدّ ‪ 18‬ساعة من أصل ‪ ،24‬أحيانًا‬ ‫يتعشّ��ى قطعة س��مك مش��ويّة‪ ،‬أو ش��يء‬ ‫قابل للهضم بس��رعة‪ .‬ويعطي تعليماته انه‬ ‫في ح��ال حصول حوادث هامّ��ة أثناء نومه‪،‬‬ ‫فيمكنه��م إيقاظه من الن��وم‪ .‬وعليهم عدم‬ ‫االرتب��اك والعودة إليه عند حصول مش��كلة‬ ‫كبرى وهو يأخذ القرار المناسب‪.‬‬ ‫قرب س��ريره كت��ب باللغ��ة االنكليزية‬ ‫الص��ادرة حديث��اً‪ ،‬يقوم بقراءة قس��م منها‬ ‫قب��ل نومه‪ .‬وعندم��ا يأتي إلى الن��وم‪ ،‬ينام‬ ‫بس��رعة بمجرد أنه جلس في فراشه ونام‪،‬‬ ‫فان��ه ين��ام خ�لال ‪ 10‬دقائق ولي��س أكثر‪،‬‬ ‫بع��د أن يكون نهاره قد امتأل عم ًال ونش��اطًا‬ ‫ورياضة ومتابعة لكل تفصيل "‪.‬‬ ‫لع��ل المق��ال س��ابق الذك��ر ل��م يأتِ‬ ‫بمفيد‪ ،‬والظاه��ر منه أنه أتى لتلميع صورة‬ ‫األس��د ف��ي أعين مؤيدي��ه‪ ،‬إال أن��ه وبنظر ًة‬ ‫أعمق يحمل رأس النظام كامل المس��ئولية‬ ‫عن جرائم الحرب المرتكبة بحق المدنيين‪،‬‬ ‫فحين يش��دد أيوب على أن (الرئيس) األسد‬ ‫ش��خصياً يتاب��ع وضع الطي��ران وحجم قذف‬ ‫القناب��ل بالطائ��رات الحربي��ة "بم��ا فيه��ا‬ ‫تل��ك المحرمة دولي��اً "‪ ،‬إضاف�� ًة إلى تحريك‬ ‫الطوافات‪ .‬وهو الذي يعود إليه الفضل‪ ،‬بمنع‬ ‫منطق��ة معزول��ة يتمركز فيها المس��لحون‬ ‫المعارض��ون ومنه��ا ينطلق��ون لمهاجم��ة‬ ‫الجيش النظامي "‪ ،‬يقطع الطريق على كل‬ ‫تصريحات األسد التي ينفي فيها حتى علمه‬ ‫بالقتل المستمر في سوريا‪.‬‬ ‫حقًا إن��ه آخر الكالم‪ ،‬وس��فينة النظام‬ ‫تغ��رق‪ ،‬وأح��د المقربي��ن م��ن رأس النظام‬ ‫ال��ذي أوع��ز للدي��ار المتعاون��ة تاريخي��ًا مع‬ ‫األجهزة األمنية الس��ورية باعت��راف مالكها‬ ‫ورئيس تحريرها‪ ،‬بنش��ر هذا المقال يدرك‬ ‫حتمي��ة النهاية ويبحث ه��و وغيره عن صك‬ ‫براءة بتحميل األس��د كامل المس��ئولية عما‬ ‫يحدث في سوريا‪..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الشرعيين لس��ورية ليتمكن مع مرور األيام‬ ‫من التالحم وتوحيد الموقف" في إشارة إلى‬ ‫أن واش��نطن تس��ير باتجاه االعتراف به وإن‬ ‫لم تكن على عجلة من ذلك‪.‬‬ ‫كم��ا ازدادت الضغ��وط الدولي��ة على‬ ‫النظ��ام كثاف�� ًة بعد ق��رار حلف الناتو نش��ر‬ ‫صواري��خ باتريوت في تركي��ا الثالثاء‪ ،‬وهو‬ ‫الق��رار ال��ذي ثمنت��ه الوزيرة كلينت��ون‪ ،‬مع‬ ‫العلم بأنها وصفته كش��بكة دفاعية الهدف‬ ‫من نش��رها ه��و حماية تركي��ا‪ ،‬وهي تبعث‬ ‫برس��الة مفاده��ا أن تركي��ا تحظ��ى بدعم‬ ‫حلف الناتو‪ .‬ورغ��م ذلك فان معظم الخبراء‬ ‫في واش��نطن ينظرون إلى أن هذه الخطوة‬ ‫تحم��ل أهمية ومغزى ب��أن التصعيد يذهب‬ ‫باتجاه اتخاذ خطوات عس��كرية ضد النظام‬ ‫الس��وري‪ ،‬بما في ذلك فرض منطقة حظر‬ ‫ج��وي‪ ،‬وم�لاذ آمن للمس��لحين الس��وريين‬ ‫الذي��ن يخوضون حربًا مس��تميتة ضد قوات‬ ‫النظ��ام بدع��م عس��كري من تركي��ا وقطر‬ ‫والمملك��ة العربية الس��عودية‪ ،‬واس��تخدام‬ ‫تل��ك المناط��ق كقواع��د تدري��ب وتس��ليح‬ ‫وانقضاض على األراضي السورية ولحماية‬ ‫تراجعهم وانسحابهم عند الحاجة‪.‬‬ ‫حت��ى العدال��ة الدولي��ة الغائب��ة ع��ن‬ ‫المش��هد الس��وري‪ ،‬ظه��رت بش��ائرها‪ ،‬إذ‬ ‫قال��ت هيومن رايتس ووت��ش في تقريرها‬ ‫األخي��ر أن جنوداً س��وريين منش��قين قاموا‬ ‫بذك��ر أس��ماء ‪ 74‬قائداً ومس��ؤو ًال يتحملون‬ ‫مس��ؤولية هجمات على متظاهرين عُزّل‪.‬‬ ‫يذك��ر التقرير أس��ماء القادة والمس��ؤولين‬ ‫بالجي��ش الس��وري وأجه��زة المخاب��رات‬ ‫السورية الذين يُزعم أنهم أمروا أو صرحوا‬ ‫أو تغاض��وا ع��ن عملي��ات القتل الموس��عة‬ ‫والتعذيب واالعتقاالت غي��ر القانونية خالل‬ ‫مظاهرات عام ‪ 2011‬ضد الس��لطات‪ .‬ودعت‬ ‫هيوم��ن رايتس ووتش مجل��س األمن إلى‬ ‫إحال��ة الوض��ع ف��ي س��وريا إل��ى المحكم��ة‬ ‫الجنائي��ة الدولية‪ ،‬وأن يفرض عقوبات على‬ ‫المسؤولين المتورطين في االنتهاكات‪.‬‬ ‫وقالت آنا نيس��تات‪ ،‬نائب مدير قس��م‬ ‫الط��وارئ ف��ي هيوم��ن رايت��س ووت��ش‬ ‫والتي ش��اركت في كتابة التقري��ر‪" :‬أعطانا‬ ‫المنش��قون أس��ماء ورُت��ب ومناص��ب م��ن‬ ‫أعطوه��م األوام��ر بإط�لاق الن��ار والقتل‪،‬‬ ‫والبد من أن يتحمل كل مسؤول مذكور في‬ ‫التقرير‪ ،‬بغض النظر عن رتبته أو مستواه‪،‬‬ ‫مسؤولية ما ارتُكب من جرائم بحق الشعب‬ ‫الس��وري‪ .‬عل��ى مجل��س األم��ن أن يضمن‬ ‫المحاس��بة‪ ،‬بإحال��ة الوضع في س��وريا إلى‬ ‫المحكمة الجنائية الدولية"‪.‬‬ ‫وأضافت‪" :‬مهما حاول (الرئيس) األسد‬ ‫أن ينأى بنفس��ه عن المسؤولية وعن قسوة‬ ‫حكومته الغاش��مة‪ ،‬فإن زعمه بأنه لم يأمر‬ ‫بالقم��ع ال يعفيه من المس��ؤولية الجنائية"‪.‬‬ ‫وأضاف��ت‪" :‬بصفت��ه القائ��د الع��ام للق��وات‬ ‫المس��لحة‪ ،‬فالبد أنه يعرف بهذه االنتهاكات‬ ‫– وإن ل��م يعرفه��ا من مرؤوس��يه فالبد أنه‬ ‫عرفها من تقارير األم��م المتحدة والتقارير‬ ‫التي أرسلتها إليه هيومن رايتس ووتش"‪" .‬‬ ‫والبد أن يعرف المسؤولون السوريون الذين‬ ‫تورط��وا في هذه الجرائم أنهم س��يدفعون‬ ‫الثم��ن في نهاية المط��اف‪ .‬والبد أن يعرفوا‬ ‫أنهم سيتحملون المسؤولية حتى رغم زعم‬ ‫(الرئيس) األسد أنه لم يفعل شيئاً"‪.‬‬ ‫كم��ا دعت المنظم��ة المذكورة مجلس‬ ‫األمن إلحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة‬ ‫الجنائي��ة الدولي��ة‪ .‬وألن الجرائ��م ض��د‬ ‫اإلنس��انية تعتبر جرائم تستدعي استعمال‬ ‫االختص��اص القضائي العالم��ي‪ ،‬فإن جميع‬ ‫الدول مس��ؤولة عن إحقاق العدالة على من‬ ‫ارتكبوا هذه الجرائم‪.‬‬ ‫وبعي��داً ج��داً ع��ن كل ه��ذا الضجي��ج‬ ‫يخ��رج علينا " ش��ارل أي��وب " صاحب جريدة‬ ‫" الدي��ار" اللبناني��ة العريقة بالمق��ال الذي‬ ‫اخترن��ا عنوانه لملفنا اليوم‪ " ،‬هكذا يمضي‬ ‫األسد يومه " وهو ً‬ ‫مقال من الناحية التقنية‬ ‫يرق��ى لنس��وخ األطفال أتى بتوقيع ش��ارل‬

‫‪7‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫بدايـــة التاريـخ‬

‫خالد كنفاني‬

‫بعد عش��رين عاماً بأكملها من نش��ره‬ ‫لكتابه الش��هير‪" :‬نهاية التاريخ" عام ‪،1992‬‬ ‫الذي القى اهتمامًا كبيراً ورواجًا واس��عاً في‬ ‫العالم بأس��ره‪ ،‬يعود فرانس��يس فوكوياما‬ ‫هذه األيام إلى األض��واء بكتاب جديد‪ ،‬صدر‬ ‫تح��ت عن��وان‪" :‬بداي��ة التاري��خ"‪ ،‬والمؤل��ف‬ ‫ه��و ف��ي األص��ل مخت��صّ ف��ي االقتصاد‬ ‫والفلس��فة‪ ،‬ول��م يكن معروف��ا قبل صدور‬ ‫كتاب��ه األوّل‪ ،‬ولكن حال خروج كتاب "نهاية‬ ‫التاريخ" للناس حتى أثار ضجّة وجد ًال واسعًا‬ ‫لدى النخ��ب من السياس��يين واألكاديميين‪،‬‬ ‫وأصب��ح مرجعًا‪ ،‬وقد تمت ترجمته إلى اللغة‬ ‫العربي��ة والعديد م��ن اللغات األخ��رى‪ ،‬وقد‬ ‫حل��ل في��ه المؤل��ف انتص��ار الديمقراطيات‬ ‫الليبيرالي��ة بع��د ص��راع طويل م��ع النمط‬ ‫الس��وفييتي وبش��ر فيه بنهاية التاريخ لدى‬ ‫سقوط الشيوعية وإزالة جدار برلين وانتهاء‬ ‫الحرب الباردة بين الشرق والغرب‪.‬‬ ‫ويعت��رف فوكوياما بأنه ل��م يتنبأ ولم‬ ‫يخطر ل��ه ولو لوهلة آنذاك أن يقوم ش��يء‬ ‫اس��مه "الربيع العرب��ي"‪ ،‬فقد كان��ت رؤيته‬ ‫ف��ي ذل��ك الوق��ت منطلق��ة من االس��تبداد‬ ‫الذي كانت تعيش��ه المنطقة العربية والذي‬ ‫كرّس��ته القوى الكبرى وهو يستشهد على‬ ‫ذلك بتدخل الواليات المتحدة وحلفائها لطرد‬ ‫الجي��ش العراقي من الكوي��ت بينما لم يتم‬ ‫القض��اء على نظام الرئيس صدام حس��ين‬ ‫رغ��م أن الجنرال شوارس��كوف قائد القوات‬ ‫المش��تركة في ح��رب الكوي��ت كان قد ذكر‬ ‫في مذكراته بأنه وصل بالفعل إلى البصرة‬ ‫وطل��ب التعليم��ات م��ن قي��ادة األركان في‬ ‫واشنطن للمتابعة إلى بغداد لكون "الطريق‬ ‫ب��ات مكش��وفًا"‪ ،‬إال أن التعليم��ات جاءت من‬ ‫البي��ت األبيض إلى قي��ادة األركان بالتوقف‬ ‫والعودة إلى الحدود الكويتية العراقية‪.‬‬ ‫غي��ر أن فوكويام��ا ال يعت��رف صراحة‬ ‫بأن��ه أخطأ التقدي��ر وإنما يق��ول أنه يجري‬ ‫بع��ض "المراجع��ات" آلرائه الس��ابقة فيما‬ ‫يتعلق خصوصاً بالصين وروسيا والمنطقة‬ ‫العربي��ة‪ .‬ونح��ن إذا كنا نختلف مع��ه تمامًا‬ ‫فيم��ا يتعل��ق بنهاي��ة التاريخ نظ��راً ألنه ال‬ ‫يمك��ن اعتبار أي ح��دث نهاي��ة للتاريخ بناء‬ ‫على افتراض��ات ومعطيات آني��ة‪ ،‬إال أننا قد‬ ‫نتفق معه فيما يتعل��ق ببداية التاريخ كون‬ ‫الربي��ع العربي جاء بالفع��ل مفاجأة للجميع‬ ‫وبطريقة غير مس��بوقة تاريخياً ومؤسس��ًا‬ ‫لحقب��ة جدي��دة ف��ي التاريخ يقوده��ا عامة‬ ‫الناس ولي��س رموز وقادة وأبطال وأس��ماء‬ ‫المعة وفرس��ان خارقون وزعماء تاريخيون‪،‬‬ ‫فزم��ن الرموز قد ولى وم��ا يحدث في مصر‬ ‫الي��وم أكبر دليل على ذلك حيث يرى الناس‬ ‫أن ال أح��د يحق له ف��رض الزعام��ة عليهم‬ ‫بحكم شخصيته أو تاريخه أو شكله أو نسبه‬ ‫حتى انتخابه ديمقراطي��ًا‪ ،‬فإما أن يكون مع‬ ‫الشعب أو ال يكون أبداً‪.‬‬ ‫لم تكن س��وريا استثناء في بين أزهار‬ ‫الربي��ع العربي‪ ،‬فقد بدأ ربيعها مع مجموعة‬ ‫من الش��باب المثقف الوطني الش��جاع الذي‬ ‫ق��رر ف��ي لحظ��ة تاريخية من ي��وم ‪ 18‬آذار‬ ‫‪ 2011‬أن يقول ال للظلم وأن يطالب باإلفراج‬ ‫عن المعتقلين المنسيين في سجون النظام‬ ‫لعق��ود من الزم��ن‪ .‬كانت اللحظ��ة تاريخية‬ ‫م��رت على الجميع كالس��حر الذي طاف فوق‬ ‫رؤوس األش��هاد ودخ��ل ف��ي قلوبه��م فيما‬ ‫بع��د‪ .‬إال أن كثرة التدخ�لات وبطش النظام‬ ‫الالمح��دود وغي��اب أي دع��م دول��ي للح��ل‬

‫وحضور إرادة خليجية باتت أكثر من واضحة‬ ‫إلش��اعة الفوضى والعشوائية والتطرف في‬ ‫س��وريا حرفت الثورة عن مس��ارها وعقّدت‬ ‫العوام��ل الداخلي��ة فيه��ا وأوصل��ت الب�لاد‬ ‫إلى نف��ق مظلم دخلت��ه بالفع��ل وبات من‬ ‫الصعوبة بمكان إدارة المس��ألة برمتها حتى‬ ‫بوجود أكبر القوى العالمية‪.‬‬ ‫يمكنن��ا ب��كل ثق��ة أن نعتبر ي��وم ‪18‬‬ ‫آذار ‪ 2011‬بالفع��ل بداي��ة لتاري��خ جدي��د‬ ‫ف��ي س��وريا‪ ،‬غير أنن��ا ال نريد له��ذا التاريخ‬ ‫أن ينته��ي ف��ي لحظ��ة أخرى فارقة بس��بب‬ ‫العش��وائية والتخب��ط وال��والءات المتع��ددة‬ ‫وتصفية الحس��ابات والجهل والمحسوبيات‪.‬‬ ‫لق��د دخ��ل على خ��ط ه��ذه الث��ورة النقية‬ ‫آالف المتس��لقين وأدعي��اء الحري��ة ورج��ال‬ ‫األعمال والمنش��قون الذي��ن ملؤوا جيوبهم‬ ‫من النظ��ام عقوداً ثم يأت��ون اليوم ليتبوؤا‬ ‫الزعام��ات ويدع��وا البطولة‪ .‬وتاه��ت الثورة‬ ‫بي��ن فوض��ى الس�لاح وأصح��اب العمائ��م‬ ‫والغنائم وس��ط تزايد الغضب الش��عبي من‬ ‫كل شيء‪ :‬من النظام الغاشم الذي ال يرحم‬ ‫وم��ن أدعياء الثورة الذين اس��تغلوا الفرص‬ ‫لممارس��ة الخطف والقتل العش��وائي تحت‬ ‫مسميات مختلفة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كان األم��ل كبيرا لدى انعقاد "االئتالف‬ ‫الوطني" على أس��اس تحالف القوى الثورية‬ ‫والثقافي��ة واالجتماعية ورغ��م التنازع على‬ ‫المناص��ب الوهمية واخت�لاف األجندات فقد‬ ‫تم التوصل إلى حل "توفيقي" مؤقت يرضي‬ ‫طموح البعض ويش��بع غرور البعض اآلخر‬ ‫بينما م��ارس بع��ض المش��اركين "التقية"‬ ‫(كاإلخ��وان والمجل��س الوطني مث� ً‬ ‫لا) على‬ ‫مبدأ الوعود البراقة في المس��تقبل‪ .‬غير أن‬ ‫االئتالف فاجأنا بالعمل وفق نفس الطريقة‬ ‫التي عمل بها المجلس الوطني وخاصة من‬ ‫حيث عدد السفريات المهول وإنشاء صفحة‬ ‫خاصة عل��ى الفيس بوك ال��ذي أصبح منبر‬ ‫المناضلين والثائرين في هذا العصر‪.‬‬ ‫ل��م نفهم مث� ً‬ ‫لا لماذا ال ت��زال كل تلك‬ ‫القوى الثورية التي نصبت نفسها في قيادة‬ ‫الثورة دون تكليف من أحد بعيدة عن سوريا‬ ‫دون أن يكون لالئت�لاف ولو ممثل واحد في‬ ‫سوريا وخاصة في المناطق الشمالية والتي‬ ‫يدعون أنها أصبحت ش��به حرة‪ .‬فإذا كان قد‬

‫ت��م بالفع��ل تحرير تلك المناط��ق فبإمكان‬ ‫المعارضين إذاً التواج��د على األرض والبدء‬ ‫بالعم��ل م��ن الداخ��ل والتخطي��ط للمرحلة‬ ‫القادم��ة والت��ي تش��به القيامة بع��د الدمار‬ ‫الهائ��ل ال��ذي ط��ال تل��ك المناط��ق بفعل‬ ‫النزاعات والقصف العشوائي و"االنسحابات‬ ‫التكتيكية"‪.‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬لدينا تفسيران لهذا األمر‪:‬‬ ‫األول ينطلق من فكرة "اكس��ب اليوم‬ ‫ما يمكن أن تخسره غداً"‪ ،‬فكثير من أعضاء‬ ‫االئت�لاف ي��رون فيما يح��دث الي��وم فرصة‬ ‫تاريخية لكس��ب األض��واء والتنقل بين بالد‬ ‫الدني��ا والحف��اوة والترح��اب والمنتجع��ات‬ ‫والفن��ادق التي كان بعضهم ال يحلم بمجرد‬ ‫الوقوف على أبوابها‪ .‬وتكلفة األمر بسيطة‪،‬‬ ‫بضعة ش��تائم للنظ��ام عل��ى الفيس بوك‬ ‫والتوش��ح بعلم االس��تقالل األول والتباهي‬ ‫بع��دد الس��فريات "خدمة للث��ورة"‪ .‬حتى أن‬ ‫أحد هؤالء أذاع نبأ ركوبه الطائرة رقم مائة‬ ‫"في س��بيل الثورة"! ونترك للقارئ احتساب‬ ‫أيام الس��فر عندما نعلم أن هذا حدث خالل‬ ‫فت��رة ثمانية عش��ر ش��هراً من عم��ر الثورة‬ ‫الس��ورية‪ .‬إن هؤالء يعمل��ون اليوم بنفس‬ ‫منط��ق الش��بيحة (م��ن الجانبي��ن) والذين‬ ‫يمارس��وم أعم��ال الخط��ف والنه��ب وبي��ع‬ ‫الممتل��كات والمصانع انطالق��ًا من خوفهم‬ ‫م��ن المجهول القادم ومن منطلق اكتس��اب‬ ‫ما يمكن اكتس��ابه وعبر أية طريقة‪ .‬الفرق‬ ‫الوحي��د هو ان االولين يس��تعملون الكلمات‬ ‫واالبتس��امات بينم��ا يس��تعمل األخي��رون‬ ‫البنادق والرشاشات‪.‬‬ ‫الثان��ي ينطل��ق من فكرة أن��ه ال توجد‬ ‫أساس��اً أي��ة س��لطة أو حت��ى قيم��ة لكلمات‬ ‫معارض��ي الخ��ارج ل��دى حمل��ة الس�لاح من‬ ‫كتائ��ب الجي��ش الح��ر وغيره��ا م��ن مئ��ات‬ ‫الفصائل والمجموعات العاملة على األرض‪.‬‬ ‫فه��ؤالء ال يعمل��ون تح��ت أية قي��ادة كما أن‬ ‫مص��ادر تمويله��م تتف��اوت ف��ي توجهاته��ا‬ ‫وتطلعاته��ا ولن يس��تطيع مخلوق على وجه‬ ‫البسيطة أن يتدخل في شؤونهم أو يوجههم‬ ‫أو حت��ى ينصحه��م ناهي��ك ع��ن انتقادهم‬ ‫والتجارب التي يعيشها أهل حلب وريفها خير‬ ‫ش��اهد على ذلك‪ .‬ويعلم االئتالف والمجلس‬ ‫والهيئ��ة وأش��باههم أن دخوله��م س��وريا‬

‫س��يجعلهم تابعين لحملة السالح ال العكس‪.‬‬ ‫وإذا كان م��ا يحدث ف��ي مصر يعتبر في قمة‬ ‫السلمية فهو يعبّر بوضوح عن مدى الغضب‬ ‫الش��عبي العارم لدى الجماهير لمجرد اتخاذ‬ ‫الرئيس المنتخ��ب ديمقراطياً ق��راراً يخالف‬ ‫تطلعات الشعب‪ .‬فما بالك بمن حمل السالح‬ ‫وفرض نفس��ه بالقوة حاكماً بأمره؟ إذا كان‬ ‫ث��وار الفنادق على وع��ي وحكمة فعليهم أن‬ ‫ينظروا حولهم مليًا قبل أن ينصبوا أنفسهم‬ ‫زعماء وناطقين باسم هذا الشعب‪.‬‬ ‫لم تعد الخيارات كثيرة أمام السوريين‬ ‫بعدم��ا دخل��وا نفقه��م المظلم م��ن الحقد‬ ‫والكراهي��ة والدمار والقت��ل والفوضى ولم‬ ‫يب��ق أمامهم إال انتظ��ار المجهول في عالم‬ ‫ل��م يع��د يرح��م وال يهت��م بوط��ن مزقت��ه‬ ‫التجاذب��ات الدولي��ة ويذبح��ه يومي��اً نظ��ام‬ ‫ظال��م ال ي��زال حتى الرمق األخي��ر يقتل ما‬ ‫تبق��ى من أمل في نفوس الس��وريين‪ ،‬ولم‬ ‫تكن آخر النكات س��وى التحذير العالمي من‬ ‫استخدام األسلحة الكيميائية ضد السوريين‬ ‫وكأن كل م��ا ح��دث فيما مض��ى كان مجرد‬ ‫تجارب حتى نفه��م طبيعة العالقات الدولية‬ ‫والمصائب المترتبة على انفالت هذا النظام‬ ‫على رق��اب العباد وتدمي��ر حياتهم وآمالهم‬ ‫وأحالمهم التي رس��موها يوماً ما لمستقبل‬ ‫اعتقدوا فيه أمنهم وأمانهم‪.‬‬ ‫إذا كان التاريخ يرسم خطوطه الجديدة‬ ‫في سوريا منذ أكثر من عام فإن خشيتنا من‬ ‫نهايت��ه أكبر وس��وف تزيد مس��ؤوليتنا تجاه‬ ‫هذا الوطن الذي تتقاذفه األهواء واألالعيب‬ ‫السياس��ية‪ .‬من يراهن عل��ى إرادتنا للحياة‬ ‫خاس��ر حتم��اً‪ ،‬أم��ا م��ن يراهن عل��ى تلوثنا‬ ‫بأوساخ السياس��ة والدين فنخشى أن يكون‬ ‫هناك من يس��تعد لتسليم نفس��ه للساسة‬ ‫ورجال الدين وس��نكون رهائن أنظمة شتى‬ ‫كل منها يحك��م بطريقته ويفرض منهاجه‬ ‫وهو م��ا لن نقبله بعد أن قلن��ا فيما مضى‪:‬‬ ‫"الموت وال المذلة"‪.‬‬ ‫آخر الكالم‪ :‬يقول الشاعر‪:‬‬ ‫ش��ام ي��ا ش��ام م��ا ف��ي جعبت��ي ط��رب‬ ‫أس��تغفر الش��عر أن يس��تجدي الطرب��ا‬ ‫م��اذا س��أقرأ م��ن ش��عري وم��ن أدب��ي‬ ‫حواف��ر الخي��ل داس��ت عندن��ا األدب��ا‬


‫املخفي وم�سئوليته يف الت�شريع ال�سوري‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫جريم��ة إخف��اء األش��ياء المس��روقة‪ ..‬أو‬ ‫جريمة إخفاء األش��خاص الذين ساهموا‬ ‫ف��ي س��رقة إذا أخبر الس��لطة عن أولئك‬ ‫الشركاء قبل أية مالحقة أو أتاح القبض‬ ‫ول��و بع��د مباش��رة المالحق��ات على من‬ ‫يع��رف مخبأه��م ‪ -‬الم��ادة ‪ 640‬عقوبات‬ ‫وهذا القدر يس��تفيد منه مخفو األش��ياء‬ ‫المس��روقة دون مخفي األش��ياء الناجمة‬ ‫ع��ن جرائم أخ��رى‪ ،‬وتقتصر االس��تفادة‬ ‫منه على المخفين دون المصرفين وهذا‬ ‫يتضح من استعمال الشارع لفظ "إخفاء"‬ ‫وإغفاله لفظ "التصريف" الذي اس��تعمله‬ ‫بالم��ادة ‪ 220‬عقوب��ات كما أنه يس��تفيد‬ ‫منه مخبئو األشخاص الذين ساهموا في‬ ‫جرائم أذى وتخبئة األشخاص نص عليه‬ ‫الشارع في المادة ‪ /221/‬عقوبات‪.‬‬ ‫وق��د ح��رص الش��ارع ف��ي ص��در‬ ‫ه��ذا الن��ص عل��ى التفرق��ة بي��ن تخبئة‬ ‫األش��خاص كوس��يلة للتدخ��ل الجرم��ي‬ ‫وتخبئة األش��خاص كجريمة قائمة بذاتها‬ ‫فإخفاء األشخاص كوسيلة للتدخل تنص‬ ‫عليها الفقرة الخامس��ة من المادة ‪/218/‬‬ ‫عقوب��ات ويميزه��ا بأنه��ا تنفي��ذ التفاق‬ ‫س��بقها فهي تندم��ج في االتف��اق بحيث‬ ‫تعتبر به نشاطًا سابقًا على الجريمة التي‬ ‫انصرف التدخل إليها أما تخبئة األشخاص‬ ‫كوس��يلة للتدخ��ل تن��ص عليه��ا الفقرة‬ ‫السادس��ة من ذات المادة فيميزها أمران‪:‬‬ ‫أنها تفترض نشاطًا معاصراً للمشروعات‬ ‫الجرمي��ة لألش��قياء الذي��ن يق��دم إليهم‬ ‫الم��أوى أو المخب��أ‪ ،‬وأن هؤالء األش��قياء‬ ‫دأبه��م ارتكاب الجرائم المش��ار إليها في‬ ‫هذه الفقرة السادس��ة من المادة ‪ 218‬أي‬ ‫أنه��م اعتادوا على هذا النش��اط الجرمي‬ ‫ويبق��ى أن تتج��ه اإلرادة إل��ى النش��اط‬ ‫الجرمي ونتيجت��ه لتوافر القصد الجنائي‬ ‫وم��ن ثم ال يتواف��ر هذا القص��د إذا أكره‬

‫المدع��ى عليه على اإلخفاء أو المس��اعدة‬ ‫وسواء كانت الدوافع إلى الجريمة‪ .‬فيقوم‬ ‫القصد وإن كان الدافع غير دنيء‪.‬‬ ‫وق��د ح��دد الش��ارع عقوب��ة ه��ذه‬ ‫الجريم��ة بالحب��س من ثالثة أش��هر إلى‬ ‫س��نتين‪ :‬فال ارتب��اط بين ه��ذه العقوبة‬ ‫وعقوبة الجناية المقترفة‪ .‬والعذر المحل‬ ‫نص عليه الشارع وعدد المستفيدين منه‬ ‫في الم��ادة ‪ 221‬عقوبات الفق��رة الثانية‬ ‫وعلة ه��ذا العذر أن تصرف المدعى عليه‬ ‫ف��ي ه��ذه الحاالت هو اس��تجابة لش��عور‬ ‫إنس��اني طبيعي فليس في وسع الشارع‬ ‫أن يكتمه‪ ..‬وليس من المصلحة أن يحاول‬ ‫ذلك والشرط الوحيد لالستفادة من العذر‬ ‫المحل هو توافر صلة القرابة أو الزوجية‬ ‫أو المصاه��رة بي��ن المدعى علي��ه بهذه‬ ‫الجريم��ة وتقت��رف الجناي��ة ال��ذي خبأه‪،‬‬ ‫وبالنظ��ر لكون ه��ذه الجريمة مس��تمرة‬ ‫فإن العذر يتحقق إذا نشأت صلة الزوجية‬ ‫أو المصاه��رة قبل انتهائه��ا ولو لم تكن‬ ‫قائم��ة لحظة ابتدائها‪ .‬وغن��ي عن البيان‬ ‫أن األشخاص الذين يستفيدون من العذر‬ ‫منص��وص عليه��م عل��ى س��بيل الحصر‬ ‫ويستفيد المدعى عليه بهذه الجريمة من‬ ‫الع��ذر المحل المنصوص عليه في المادة‬ ‫‪ /640/‬عقوب��ات ف��ي النط��اق المحدد له‬ ‫والمقتص��ر على مخبئ المس��اهمين في‬ ‫جريمة السرقة‪.‬‬ ‫م ‪ 1- 640‬يعف��ى م��ن العقوبة كل‬ ‫ش��خص ارتك��ب جريم��ة إخفاء األش��ياء‬ ‫المس��روقة أو جريم��ة تخبئة األش��خاص‬ ‫الذين اش��تركوا في الس��رقة المنصوص‬ ‫عليه��ا في المادتي��ن ‪ 220‬و ‪ 221‬إذا أخبر‬ ‫الس��لطة ع��ن أولئك الش��ركاء قب��ل أية‬ ‫مالحقة أو أتاح القبض ولو بعد مباش��رة‬ ‫المالحقات على من يعرف مخبأهم‪ 2- .‬ال‬ ‫تسري أحكام هذه المادة على المكررين‪.‬‬

‫م ‪ 218‬ف��ي المتدخلي��ن والمخبئين‬ ‫ يع��د متدخ ًال ف��ي جناي��ة أو جنحة‪ :‬من‬‫كان متفقاً مع الفاع��ل أو أحد المتدخلين‬ ‫قب��ل ارتكاب الجريمة وس��اهم في إخفاء‬ ‫معالمه��ا أو تخبئ��ة ‪ -‬أو تصريف األش��ياء‬ ‫الناجمة عنها أو إخفاء شخص أو أكثر من‬ ‫الذين اش��تركوا فيها عن وج��ه العدالة‪- .‬‬ ‫م��ن كان عالمًا بس��يرة األش��رار الجنائية‬ ‫الذين دأبهم قطع الطرق أو ارتكاب أعمال‬ ‫العنف ضد أمن الدولة أو السالمة العامة‪،‬‬ ‫أو ضد األشخاص أو الممتلكات وقدم لهم‬ ‫طعاماً أو مأوى أو مخبأ أو مكاناً لالجتماع‪.‬‬ ‫الم��ادة ‪ 1- 219‬المتدخ��ل الذي لوال‬ ‫مساعدته ما ارتكبت الجريمة يعاقب كما‬ ‫ل��و كان هو نفس��ه الفاعل‪ 2- .‬أما س��ائر‬ ‫المتدخلين‪...‬‬ ‫م ‪ 1- 220‬م��ن أقدم فيما خال الحالة‬ ‫المنص��وص عليها في الفقرة الخامس��ة‬ ‫م��ن الم��ادة ‪ 218‬وهو عال��م باألمر على‬ ‫إخفاء أو بيع أو ش��راء أو تصريف األش��ياء‬ ‫الداخل��ة ف��ي ملكي��ة الغير والت��ي نزعت‬ ‫أو اختلس��ت أو حص��ل عليه��ا بجناي��ة أو‬ ‫جنح��ة عوق��ب بالحبس من ثالثة أش��هر‬ ‫إلى س��نتين وبالغرامة من مائة ليرة إلى‬ ‫مائتي ليرة‪.‬‬ ‫الجنح��ة المذك��ورة‪ :‬م ‪ 1- 221‬م��ن‬ ‫أقدم فيما خ�لا الحاالت المنصوص عليها‬ ‫ف��ي الفقرتي��ن الـ ‪ 5‬و ‪ 6‬م��ن المادة ‪218‬‬ ‫عل��ى إخفاء ش��خص يع��رف أن��ه اقترف‬ ‫جناي��ة أو س��اعده على الت��واري عن وجه‬ ‫العدال��ة عوقب بالحبس من ثالثة أش��هر‬ ‫إلى سنتين‪ 2- .‬يعفى من العقوبة أصول‬ ‫الجن��اة المخبأين أو فروعه��م أو أزواجهم‬ ‫أو زوجاتهم حتى المطلقات أو أش��قائهم‬ ‫أو ش��قيقاتهم أو أصهارهم من الدرجات‬ ‫نفسها‪.‬‏‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كثي��راً م��ا يت��وارى المجرم��ون عن‬ ‫وجه العدالة‪ ،‬ويخفون األش��ياء المتعلقة‬ ‫بجريمته��م‪ ،‬كاألدوات المس��تعملة ف��ي‬ ‫الجريم��ة‪ ،‬أو األش��ياء المس��روقة‪ ،‬أو‬ ‫األوراق المزورة‪ .‬وقد عاقب المش��رع من‬ ‫يس��اعد هؤالء‪ ،‬بإخفائهم أو إخفاء أشياء‬ ‫جريمتهم‪ ،‬وأطلق عليه صفة المخفي‪.‬‬ ‫لقد ع��رّف المش��رع المخفي وحدد‬ ‫عقوبات��ه ف��ي المادتي��ن ‪ 220‬و‪ 221‬من‬ ‫قانون العقوب��ات وقد جم��ع بينهم وبين‬ ‫المتدخلين ف��ي نبذة واح��دة على الرغم‬ ‫من أن المخبئ ليس مساهماً في الجريمة‬ ‫السابقة على نش��اطه إال أن ما يبرر هذا‬ ‫الجم��ع صل��ة االرتب��اط التي تجم��ع بين‬ ‫جريم��ة المخفي وجريمة س��ابقة عليها‪.‬‬ ‫ذل��ك ألن األول��ى غي��ر متص��ورة ب��دون‬ ‫الثانية‪ .‬ولقد تبنى الش��ارع مذهب اعتبار‬ ‫المخفي مساهماً في الجريمة التي يخبئ‬ ‫مقترفيها والسبب بذلك أن نشاطه الحق‬ ‫على إتمام تنفيذها‪ .‬وقد قس��م الش��ارع‬ ‫اإلخفاء إلى صنفين إخفاء األشياء وإخفاء‬ ‫األشخاص‪..‬‬ ‫فنص على إخفاء األشياء في المادة‬ ‫"‪ "220‬عقوبات وقد حرص المش��رع في‬ ‫متن ه��ذه المادة على إقرار التفرقة بين‬ ‫ه��ذه الجريم��ة‪ ..‬والتدخل ف��ي الجريمة‬ ‫الس��ابقة عن طري��ق الوس��يلة الخاصة‬ ‫التي تنص عليها المادة "‪ "218‬من قانون‬ ‫العقوبات وضابط هذه التفرقة أو وسيلة‬ ‫التدخل تفترض اتفاقًا سابقاً مع الفاعل‬ ‫أو أح��د المتدخلي��ن‪ ..‬ت��م إخفاء األش��ياء‬ ‫الناجم��ة عنها تنفيذاً لهذا االتفاق وبذلك‬ ‫يكون نش��اط المتدخل سابقًا على تنفيذ‬ ‫الجريمة أما جريمة إخفاء األشياء فتفرض‬ ‫أنه لم يكن أي اتفاق س��ابق‪ ..‬وإنما كان‬ ‫نش��اط مقترفها جميعه إلخضاعه لحظة‬ ‫تنفي��ذ الجريمة‪ .‬وقد تطلب الش��ارع بأن‬ ‫يك��ون المدع��ى عليه أي المخف��ي عالمًا‬ ‫باألمر‪ ،‬والعل��م يتعين أن‪ :‬العلم بمصدر‬ ‫األش��ياء الجرم��ي‪ .‬فيعلم بالفع��ل الذي‬ ‫كان وس��يلة الحص��ول عليها وما اتس��م‬ ‫به من خصائصه و انطوى عليه مساس‬ ‫بحقوق الغير‪ .‬يعلن القانون عليه صفته‬ ‫الجرمي��ة‪ ،‬ولك��ن ال يش��ترط العلم بهذه‬ ‫الصفة ذاتها أو بنوع الجريمة التي تقوم‬ ‫به ووصفها القانوني‪ ..‬ألن ذلك يفترض‬ ‫وفق��اً للقواع��د العام��ة والعقوب��ة التي‬ ‫حددها الشارع لهذه الجريمة هي الحبس‬ ‫من ثالثة أشهر إلى سنتين والغرامة من‬ ‫مائة ليرة إلى مائتي ليرة وهذه العقوبة‬ ‫ثابت��ة ال ارتب��اط بينه��ا وبي��ن عقوب��ة‬ ‫الجريمة الس��ابقة ويؤكد ذلك اس��تقالل‬ ‫كل منهم��ا ع��ن األخ��رى‪ .‬إال أن مالحظة‬ ‫صل��ة االرتب��اط بينهم��ا حملت الش��ارع‬ ‫عل��ى أن يحص��ر عقوب��ة ه��ذه الجريمة‬ ‫ف��ي حدود معلومة بحي��ث تبقى أقل من‬ ‫عقوب��ة الجريم��ة الس��ابقة باعتباره��ا‬ ‫تابعة لها فنص على أنه إذا كان الش��يء‬ ‫ناجم��ًا ع��ن جنح��ة ف�لا تتج��اوز عقوبة‬ ‫اإلخف��اء ثلث��ي الح��د األقص��ى لعقوب��ة‬ ‫هذه الجنحة‪ .‬ويج��ب المالحظة بأن هذه‬ ‫الجريم��ة مس��تمرة وبناء عل��ى ذلك فإن‬ ‫التق��ادم بم��رور الزمن المهن��ي للدعوى‬ ‫العام��ة ال يبدأ إال من تاريخ انقضاء حالة‬ ‫االس��تمرار وذلك بخروج الش��يء من يد‬ ‫مخفيه‪ .‬وقد قرر المش��رع عذراً مح ًال من‬ ‫العقاب يس��ري على كل ش��خص ارتكب‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪9‬‬


‫العدالة االنتقالية‬

‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫خطاب االنتقالية والتحول الدميقراطي‬

‫إحسان طالب‬

‫ما هي العدالة االنتقالية‪:‬‬ ‫العدالة االنتقالية تش��ير إلى مجموعة‬ ‫م��ن التدابي��ر القضائي��ة وغي��ر القضائي��ة‬ ‫الت��ي يت��م تنفيذها م��ن قب��ل دول متعددة‬ ‫من أجل معالجة مخلفات انتهاكات جس��يمة‬ ‫لحق��وق اإلنس��ان‪ .‬وتش��مل ه��ذه التدابير‬ ‫‪ - 1‬المالحق��ات الجنائي��ة ‪2‬ـ لج��ان تقص��ي‬ ‫الحقائق‪ 3 ،‬ـ وبرامج التعويضات‪ 4 ،‬ـ وأنواع‬ ‫مختلف��ة م��ن اإلصالح��ات المؤسس��ية‪ 5 .‬ـ‬ ‫إجراءات مدنية وقانونية لترسيخ المصالحة‬ ‫وتمكين العدالة‪.‬‬ ‫العدال��ة االنتقالي��ة ليس��ت ن��وع خاص‬ ‫م��ن العدال��ة‪ ،‬ولكنها نه��ج لتحقي��ق العدالة‬ ‫ف��ي أوق��ات االنتق��ال م��ن الص��راع أو القمع‬ ‫الذي تمارسه الدولة االس��تبدادية‪ .‬من خالل‬ ‫محاولة تحقيق المساءلة القضائية ومعالجة‬ ‫الضحايا‪ ،‬والعدال��ة االنتقالية توفر االعتراف‬ ‫بحقوق الضحايا‪ ،‬وتعزز الثقة وتقوي المدنية‬ ‫وسيادة القانون والنظام الديمقراطي‪.‬‬ ‫كم��ا يمك��ن تعريفه��ا بـمجموع��ة‬ ‫م��ن األس��اليب التي ق��د تس��تخدمها الدول‬ ‫لمعالج��ة انته��اكات حقوق اإلنس��ان حدثت‬ ‫في الماض��ي وتتضمن المناه��ج القضائية‬ ‫وغير القضائية‪ .‬وهي تش��مل سلس��لة من‬ ‫اإلجراءات أو السياسات والمؤسسات الناتجة‬ ‫عنها‪ ،‬والتي يمكن أنها سنت ـ شُرعت ـ عند‬ ‫نقطة التحول السياس��ي من العنف والقمع‬ ‫إل��ى االس��تقرار المجتمعي‪ .‬وتعب��ر العدالة‬ ‫االنتقالية ع��ن رغبة المجتمع في إعادة بناء‬ ‫الثق��ة االجتماعية‪ ،‬وإصالح نظ��ام العدالة‪،‬‬ ‫وبناء نظام حكم ديمقراطي‪.‬‬

‫ملاذا تعترب العدالة االنتقالية مهمة‪:‬‬ ‫في أعق��اب انتهاكات جس��يمة لحقوق‬ ‫اإلنس��ان‪ ،‬وج��ب معرف��ة الجن��اة وتحقي��ق‬ ‫معاقبتهم‪ ،‬كما يجب تحديد الضحايا بشكل‬ ‫جي��د وتأمي��ن حصوله��م عل��ى التعويضات‬ ‫المناس��بة‪ ،‬العم��ل على إزالة أس��باب تفجر‬ ‫الصراع عن طريق تحقيق العدالة والمساواة‬ ‫وإقامة دولة الحق والقانون‪.‬‬ ‫إن انتهاكات حقوق اإلنسان الممنهجة‬ ‫والجس��يمة ال تؤث��ر فق��ط عل��ى الضحاي��ا‬ ‫المباش��رين لكِنه��ا تص��ل إل��ى المجتم��ع‬ ‫ككل‪ ،‬ل��ذا وجب وضع الس��بل المالئمة لمنع‬ ‫تك��رار ح��دوث تلك االنته��اكات وذل��ك عبر‬ ‫مؤسس��ات دس��تورية وحقوقية وسياس��ية‬ ‫وس��لطات قضائية تزيل الف��رص الممكنة‬ ‫لمع��اودة الطرق أو األس��اليب التي تس��ربت‬ ‫منه��ا االنته��اكات‪ ،‬وينبغ��ي أن يت��م إصالح‬ ‫المؤسس��ات األمني��ة والعس��كرية بص��ورة‬ ‫تك��ون ق��ادرة على من��ع ح��دوث االنتهاكات‬ ‫تخلف الصراعات الطويلة تاريخ من انتهاكات‬ ‫جسيمة دون معالجة من المحتمل أن تحدث‬ ‫انقس��اما اجتماعيا‪ ،‬فيتولد جو عام من عدم‬ ‫الثق��ة بي��ن الجماع��ات المكون��ة للمجتمع‪.‬‬ ‫كذلك ينتش��ر جو من انع��دام ثقة المجتمع‬ ‫ومكوناته بمؤسسات الدولة والنظام السائد‬ ‫ما س��يكون س��ببا ف��ي عرقل��ة بن��اء األمن‬ ‫وإبط��اء التنمية وإعاقة تحقيق أهداف النمو‬ ‫البش��ري واالقتصادي واالنحراف عن أهداف‬ ‫تحقي��ق األم��ن والس��لم األهل��ي فتضعف‬ ‫سيادة القانون وتعود الفرصة متاحة لتكرار‬

‫دورة العنف‪ .‬حيث رأينا كيف تعود الصراعات‬ ‫من جديد في كثير من البلدان التي ش��هدت‬ ‫فت��ورا ف��ي الصراع ول��م تعال��ج األمور من‬ ‫منطل��ق العدال��ة االنتقالية فتج��ددت دورة‬ ‫العن��ف وغرقت البلدان ف��ي دوامة االحتراب‬ ‫األهلي كما ح��دث في الصومال كمثال‪ .‬إنها‬ ‫وسيلة مثلى إلعادة بناء الدولة والنظام على‬ ‫أس��س مغايرة لتلك التي تسببت في حدوث‬ ‫النزاعات وانتهاك الحق��وق العامة والخاصة‬ ‫وإهدار كرامة اإلنس��ان وتهديد أمنه وضياع‬ ‫حاضره وغياب أفق المستقبل‪.‬‬

‫العنا�صر ال�شاملة ل�سيا�سة‬ ‫العدالة االنتقالية‪:‬‬ ‫تش��كل العناصر المختلفة لسياس��ة‬ ‫العدالة االنتقالية أجزاء من قائمة منتظمة‬ ‫مترابط��ة م��ع بعضه��ا البعض م��ن كافة‬ ‫النواح��ي العملية والنظري��ة‪ ،‬وتتداخل من‬ ‫خاللها قضاي��ا العدالة الجنائي��ة مع قضايا‬ ‫اإلص�لاح السياس��ي والقضائ��ي واإلصالح‬ ‫المؤسس��اتي والمجتمع��ي العناص��ر‬ ‫األساسية هي‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ المحاكم��ات الجنائي��ة‪ ،:‬ويقصد بها‬ ‫عقد المحاكم المسؤولة عن محاكمة مرتكبي‬ ‫الجرائ��م م��ع األخذ بعي��ن االعتب��ار تراتبية‬ ‫المس��ؤولية وع��دم االنج��رار نح��و محاكمة‬ ‫صغ��ار المس��ؤولين والك��ف ع��ن مخططي‬ ‫السياسة اإلجرامية والمحرضين على الفعل‬ ‫اإلجرامي ومخططي سياسات حروب اإلبادة‬ ‫بحيث يكون هؤالء على رأس القائمة‪ .‬وهذا‬ ‫يتطلب إعداد قوائم باألش��خاص المفترض‬ ‫تقديمه��م للمحاكم��ة عب��ر هيئ��ة قضائية‬ ‫متخصص��ة ‪ 2‬ـ لجان الحقيقة‪ :‬لجان تقصي‬ ‫الحقائ��ق بعضها مختص��ة بتقدير وتقديم‬ ‫التعويضات ومس��ح األضرار‪ :‬تقوم بدراسة‬ ‫ومسح األضرار المباشرة والمتعدية الناجمة‬ ‫ع��ن أعم��ال العن��ف ـ األش��خاص واألمكنة‬ ‫ـ وتقدي��ر االحتياج��ات الفوري��ة وتقدي��ر‬ ‫التعويض��ات المناس��بة والواج��ب إيصاله��ا‬ ‫مباش��رة لمس��تحقيها ألن أي تأخي��ر به��ذه‬ ‫المهمة س��يؤدي إل��ى حالة م��ن اإلحباط قد‬ ‫يجر البعض نحو س��لوك مسارات انتقامية‪،‬‬ ‫ويتوجب على الحكومات المحلية والمركزية‬ ‫االعتراف بالمعاناة واتخاذ اإلجراءات الالزمة‬ ‫لمعالج��ة األضرار؛ كمثال عل��ى ذلك ينبغي‬ ‫العمل بش��كل مؤسساتي مدروس لمعالجة‬ ‫جرحى الص��راع وتأهيل أصح��اب اإلعاقات‪،‬‬ ‫الناجم��ة عن الح��روب وتعويضات مباش��رة‬ ‫نقدي��ة ومادي��ة ألهال��ي القتل��ى وإنش��اء‬ ‫هيئات مستحدثة للعناية باألطفال اليتامى‬ ‫وتأهيل مراكز الخدمات الصحية‪ ،‬وتحس��ين‬ ‫أداء المرافق العامة والخدمية‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ االعتراف بالجميل وتقديم التقدير‪:‬‬ ‫إيج��اد الس��بل المالئم��ة واآللي��ات التي من‬ ‫خاللها تعت��رف الحكومات بالمعان��اة واتخاذ‬ ‫خطوات لمعالجة األضرار في البنية التحتية‪.‬‬ ‫كذلك معالج��ة األضرار النفس��ية والتركيز‬ ‫عل��ى التقدي��ر والعرف��ان بالجمي��ل لم��ن‬ ‫بذلوا حياتهم وقدموا تضحيات جس��ام عبر‬ ‫مبادرات أهلية ورسمية يتمثل جزء منها في‬ ‫تس��مية مرافق وش��وارع بأسماء ش��هداء أو‬ ‫إنش��اء مراكز اجتماعية مدنية لكتابة سيرة‬ ‫بط��والت أف��راد أو جماعات وإعادة نش��رها‬

‫وتعميمها‪ ،‬كما يبقى المجال مفتوحا إلقامة‬ ‫نصب رمزية تجس��د بطولة وتضحية أفراد‬ ‫أو مجموع��ات‪ .‬وتقديم االعت��ذارات العلنية‬ ‫وتسمية أيام للذكرى أو االحتفال‪ .‬وتشكيل‬ ‫لج��ان متخصص��ة و تكنوقراطي��ة للب��دء‬ ‫باإلعمار وإسكان النازحين وإعادة المهجرين‬ ‫إلى أوطانهم‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ اإلص�لاح المؤسس��ي لمؤسس��ات‬ ‫الدول��ة‪ :‬إص�لاح المؤسس��ة العس��كرية‬ ‫والمؤسسة األمنية والمؤسسة القضائية بما‬ ‫يكفل منع تغول سلطات الدولة على الشعب‬ ‫كما يعيد القرار لتحرك المؤسسة العسكرية‬ ‫واألمني��ة للس��لطة التنفيذي��ة المنتخبة من‬ ‫الش��عب وإقرار القواني��ن المحصنة لحقوق‬ ‫األف��راد والمق��رة لش��ريعة حقوق اإلنس��ان‬ ‫يتطل��ب إع��ادة الهيكلي��ة لتلك المؤسس��ات‬ ‫المس��يئة مثل القوات المس��لحة والش��رطة‬ ‫والمحاكم‪ ،‬لمنع تكرار االنتهاكات الجس��يمة‬ ‫لحقوق اإلنسان واإلفالت من العقاب‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ لجان التوعية والتثقيف والمصالحة‬ ‫الوطني��ة‪ :‬تق��وم بنش��ر ثقاف��ة التس��امح‬ ‫وتحقي��ق المصالح��ات األهلي��ة وإدم��اج‬ ‫المجموع��ات المنخرط��ة ف��ي الصراعات في‬ ‫عمليات التنمية واإلص�لاح والتوعية‪ ،‬تحديد‬ ‫مراكز أو ما ش��ابه كجهات متخصصة لتلقي‬ ‫الش��كاوى‪ :‬لتس��هيل الطري��ق لإلب�لاغ عن‬ ‫أنم��اط منهجية النته��اكات الحريات الفردية‬ ‫والحق��وق وللتوعية بأنماط س��وء المعاملة‬ ‫أو وسائل أخرى للتحقيق واإلبالغ عن أنماط‬ ‫منهجية من سوء المعاملة‪ ،‬والتوصية بإجراء‬ ‫تغييرات تس��اعد على فهم األسباب الكامنة‬ ‫وراء االنتهاكات الخطيرة لحقوق اإلنسان‪..‬‬ ‫هذه ليس��ت قائم��ة مغلق��ة أو نهائية‪.‬‬ ‫ويمكن إضافة تدابير أخرى مختلفة تتوافق‬ ‫وطبيع��ة االختالف بين ال��دول والمجتمعات‬ ‫حي��ث يمكن اتخ��اذ تدابي��ر أخرى تتناس��ب‬ ‫والحال��ة الخاصة لك��ن المفت��رض الحفاظ‬ ‫على العناصر المركزية في تلك السياسة‪.‬‬ ‫على سبيل المثال تدابير أخرى‪ .‬تخليد‬ ‫الذكرى‪ ، ،‬أصبحت مختل��ف الجهود للحفاظ‬ ‫على ذكرى الضحايا من خالل إنشاء المتاحف‬ ‫والنصب التذكاري��ة‪ ،‬ومبادرات رمزية أخرى‬ ‫مثل إعادة تس��مية األماكن العامة‪ ،‬وما إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬وهذا جزء هام م��ن العدالة االنتقالية‬ ‫ف��ي معظم أنحاء من العالم‪ ،‬وتتش��ابه فيه‬ ‫معظم الدول‪.‬‬ ‫عل��ى الرغم من أن العدال��ة االنتقالية‬ ‫تق��اس بصالب��ة االلتزام��ات القانوني��ة‬ ‫واألخالقي��ة‪ ،‬ف��إن هن��اك حري��ة واس��عة‬ ‫للطريقة الت��ي يمكن أن يكون بواس��طتها‬ ‫تحقيق رضا عن تنفيذ تلك االلتزامات حيث‬ ‫ال توجد س��ياقات ثابتة وصيغ نهائية تناسب‬ ‫جميع الدول والمجتمعات‪.‬‬

‫القيمة اجلوهرية للعدالة االنتقالية‪:‬‬ ‫فه��ي ال تعن��ي بالض��رورة العدال��ة‬ ‫الجنائي��ة فقط‪ ،‬ولكن غير ذلك من أش��كال‬ ‫العدالة كالعدالة االجتماعية وتكافؤ الفرص‪.‬‬ ‫وترتب��ط ه��ذه الفك��رة بالتال��ي بالتح��ول‬ ‫السياس��ي‪ ،‬مثل تغيير النظام أو التحول من‬ ‫الصراع المس��لح‪ ،‬نحو مستقبل أكثر سالما‬ ‫وديمقراطي��ة واضحة المعالم‪ ،‬ومن مهامها‬

‫حصر العق��اب والمس��ؤولية باألفراد وليس‬ ‫بالمجموعات العرقية أو اإلثنية التي ينتمون‬ ‫إليه��ا فال يجوز أخذ فئ��ة أو جماعة أو طائفة‬ ‫بجريرة فرد أو أفراد منها فالعدالة تستوجب‬ ‫معاقبة المجرم ذاته بل وتستوجب تحصين‬ ‫وحماي��ة أهل��ه م��ن االنتق��ام طالم��ا أنهم‬ ‫ليس��وا ش��ركاء في الجريمة‪ ،‬وه��ذا جوهر‬ ‫قيمة العدال��ة فالهدف هو تحصين المجتمع‬ ‫والس��عي لمنع تك��رار الجريمة وليس فعلها‬ ‫بداللة االنتقام أو الثأر‪.‬‬ ‫تلق��ت مؤخرا العدال��ة االنتقالية مزيد‬ ‫من االهتمام من قب��ل كل من األكاديميين‬ ‫وصناع السياس��ات‪ .‬وقد و ّلدت أيضا مصلحة‬ ‫ف��ي مجاالت الخطاب السياس��ي والقانوني‪،‬‬ ‫وخاص��ة ف��ي المجتمع��ات االنتقالي��ة‪ .‬ف��ي‬ ‫فت��رة التح��والت السياس��ية‪ ،‬م��ن األنظمة‬ ‫االس��تبدادية الديكتاتورية أو من الصراعات‬ ‫األهلية نح��و النظم الديمقراطية والس��لم‬ ‫األهل��ي‪ ،‬وق��د وف��رت العدال��ة االنتقالي��ة‬ ‫ف��ي كثي��ر م��ن األحيان ف��رص لمث��ل هذه‬ ‫المجتمع��ات لمعالج��ة انته��اكات حق��وق‬ ‫اإلنسان السابقة‪ ،‬والفظائع الجماعية‪ ،‬أو أي‬ ‫أش��كال أخرى من الصدامات الشديدة وهي‬ ‫سبيل من أجل تسهيل االنتقال السلس إلى‬ ‫مستقبل أكثر ديمقراطية أو سلمية‪.‬‬

‫طبيعة وتاريخ العدالة االنتقالية‪:‬‬ ‫ويمك��ن تتب��ع أص��ول مج��ال العدال��ة‬ ‫االنتقالي��ة إلى فترة ما بع��د الحرب العالمية‬ ‫الثاني��ة ف��ي أوروب��ا م��ع إنش��اء المحكم��ة‬ ‫العس��كرية الدولي��ة في نورمب��رغ ومختلف‬ ‫البرام��ج ضد النازية ف��ي ألمانيا ومحاكمات‬ ‫الجنود اليابانيين‪ .‬على وجه الدقة‪ ،‬ما أصبح‬ ‫يعرف باس��م "محاكم��ات نورمب��رغ‪ ،‬عندما‬ ‫انتص��رت ق��وات التحال��ف اعتم��دت العدالة‬ ‫الجنائية لمحاكمة الجنود اليابانيين واأللمان‬ ‫وقادته��م بتهم��ة ارت��كاب جرائ��م ح��رب‬ ‫ارتكب��ت خالل الح��رب وما بعدها‪ ، ،‬وش��هد‬ ‫ذل��ك العهد نش��أة العدال��ة االنتقالية ودخل‬ ‫المفه��وم ميدان الزخم والتماس��ك (‪)1975‬‬ ‫بدءا م��ن محاكمات األعضاء الس��ابقين في‬ ‫المجالس العسكرية في اليونان واألرجنتين‬ ‫(المجال��س‪ .)1983 ،‬وكان مح��ور العدال��ة‬ ‫االنتقالي��ة ف��ي ‪ 1970‬تع��زز التركي��ز على‬ ‫حق��وق اإلنس��ان و ‪ 1980‬ف��ي المحاك��م‬ ‫معتمدا على المحكم��ة الجنائية مع التركيز‬ ‫عل��ى تعزيز حقوق أدى هذا إلى التركيز في‬ ‫جميع أنح��اء العالم على العدال��ة االنتقالية‬ ‫واالرتفاع التدريجي لنظام حقوق اإلنس��ان‬ ‫وبلغ��ت ذروته��ا ف��ي قواني��ن المؤسس��ات‬ ‫الدولية واالتفاقيات الدولية ‪.1983‬‬ ‫كان تركي��ز العدال��ة االنتقالي��ة ح��ول‬ ‫كيفي��ة الحص��ول عل��ى ع�لاج االنته��اكات‬ ‫لحق��وق اإلنس��ان حدث��ت خ�لال االنتق��ال‬ ‫السياسي معتمدا على نقاط عدة‪:‬‬

‫املالحقة القانونية واجلنائية‪:‬‬

‫أصبحت المفاهي��م العالمية ل العدالة‬ ‫كم��ا لوحظ س��ابقا‪ ،‬مرتبطة بفق��ه حقوق‬ ‫اإلنس��ان وكانت تلك الحق��وق المنصة التي‬ ‫اس��تندت العدالة االنتقالية عليها في مجال‬ ‫نظري��ة المعرف��ة في وقت مبك��ر‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فإن��ه لي��س م��ن المس��تغرب بع��د ذلك أن‬


‫و‪ 1980‬وش��هدت الفت��رة م��ا بين عامي‬ ‫‪ 1990‬ح��دوث تح��ول ف��ي تركي��ز العدال��ة‬ ‫االنتقالي��ة عل��ى الجان��ب الحقوق��ي للعدالة‬ ‫االنتقالية و تطور ليشمل الجوانب السياسية‬ ‫والثقافية والنفسية‪ .‬حيث شهد العالم موجات‬ ‫م��ن الديمقراطي��ة بلغ��ت أوجها ف��ي الموجة‬ ‫الثالثة للديمقراطية‪ ،‬وعادت العدالة االنتقالية‬ ‫للظهور مرة أخرى كحقل جديد من الدراس��ة‬ ‫في المجال الديمقراطي‪ .‬توسع نطاق العدالة‬ ‫االنتقالية من األس��ئلة أكث��ر ضيقا من الفقه‬ ‫القانوني ليستوعب اعتبارات سياسية لتطوير‬ ‫مؤسس��ات ديمقراطي��ة مس��تقرة وتجدي��د‬ ‫المجتم��ع المدني‪ .‬دمج��ت دراس��ات الباحثين‬ ‫على االنتق��ال من األنظمة االس��تبدادية إلى‬ ‫الديمقراطي��ة منه��ا‪ ،‬بما في ذل��ك تلك التي‬ ‫دمها كل أودونيل وصموئيل هنتينغتون‪ ،‬في‬ ‫إط��ار العدالة االنتقالية في دراس��ة العمليات‬ ‫السياسية المالزمة للتغيير الديمقراطي‪.‬‬ ‫تحدي��ات الديمقراطي��ة ف��ي الفت��رات‬ ‫االنتقالي��ة كثي��رة هي‪ 1:‬ـ تس��وية حس��ابات‬ ‫الماضي دون عرقلة التق��دم الديمقراطي‪2 ،‬‬ ‫ـ تطوي��ر المنتدي��ات القضائية ‪ 3‬ـ االس��تفادة‬

‫جلان تق�صي احلقائق‪:‬‬

‫أح��د االبت��كارات الخاص��ة ه��و ظهور‬ ‫لج��ان الحقيق��ة‪ .‬بداي��ة م��ع األرجنتين في‬ ‫عام ‪ ،1983‬وشيلي في عام ‪ ،1990‬واألكثر‬ ‫ش��عبية جنوب أفريقيا في عام ‪ ،1995‬لجان‬ ‫تقص��ي الحقائ��ق أصبح��ت رم��زا للعدال��ة‬ ‫االنتقالي��ة‪ ،‬والت��ي ظهرت ف��ي المجتمعات‬ ‫االنتقالي��ة ف��ي أمري��كا الالتيني��ة وأفريقيا‬ ‫وآس��يا‪ ،‬وأوروبا الش��رقية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فشلت‬ ‫عدة محاوالت إلنشاء لجنة لتقصي الحقائق‬ ‫اإلقليمية في يوغوسالفيا السابقة‪.‬‬ ‫تط��ور مفه��وم العدال��ة االنتقالي��ة‬ ‫ليتحول نحو منظور أوسع لدراسة اجتماعية‬ ‫ش��املة واالنتقال نحو ترسيخ الديمقراطية‬ ‫باعتباره��ا واح��د م��ن األه��داف الرئيس��ة‪،‬‬

‫قام��ت في س��وريا ثورة س��لمية تنادي‬ ‫بالحرية والكرامة في منتصف مارس ‪2011‬‬ ‫وتصدى لها النظام االستبدادي بالقوة والعنف‬ ‫وواجهها بالس�لاح وتط��ورت المواجهات نحو‬ ‫سعي الثوار للدفاع عن المظاهرات السلمية‬ ‫إلى المواجهة المس��لحة الش��املة بين الثوار‬ ‫وق��وات النظ��ام وخالل ما يق��رب من عامين‬ ‫أص��درت الجمعي��ة العام��ة لألم��م المتح��دة‬ ‫إدان��ات عدة لما يفعله النظ��ام من انتهاكات‬

‫عميد الس��جناء السوريين عماد ش��يحة والمعتقل ألكثر من‬ ‫ثالثين عاما من عمره (دخل الس��جن وهو في الواحدة والعشرين‬ ‫وخ��رج في الواحدة والخمس��ين !) والمنتمي للمنظمة الش��يوعية‬ ‫العربي��ة الت��ي كانت تهمة االنتماء لها س��ببا ف��ي اعتقاله‪ ،‬انتقل‬ ‫عم��اد ش��يحة بين معظم الس��جون الس��ورية منه��ا ‪ 16‬عاما في‬ ‫جحيم تدمر وس��ت س��نوات في معتقل عدرا ومن ثم ليفرج عنه‬ ‫من سجن صيدنايا عام ‪.2004‬‬ ‫يقول عمار ديوب متحدثا عن رواية موت مشتهى‪ :‬فيها يلج‬ ‫القارئ عالم الس��رد الغارق بالدماء‪ ،‬حيث يص��ور عملية التفكك‬ ‫والتحول في س��وريا‪ ،‬منذ أربعة عقود‪ ،‬أو من��ذ بداية هذا القرن‪،‬‬ ‫فيبي��ن أن التحول لم يكن إال قفزة نحو الفراغ‪ ،‬حيث تصير الحياة‬ ‫بال معنى والمستقبل بال أفاق‪ ،‬مدعمًا أفكاره بسيرورة شخصيات‬ ‫ينتقلون من وضع إلى أخر‪ ،‬من القرى الصغيرة النائية‪ ،‬إلى تجارة‬ ‫التهريب‪ ،‬إلى مواقع السلطة والفساد‪ ،‬إلى الشرطة التي ال ترتدع‬ ‫ألخ�لاق أو لقي��م‪ ،‬فتصير الش��رطة‪ ،‬األمن‪ ،‬األداة‪ ،‬التي تس��يطر‬ ‫على كل ش��يء‪ ،‬وتبنى شبكات عنكبوتيه تلتهم المجتمع بداخله‪،‬‬ ‫م��ع هذا الظهور المتطرف للس��لطة برز دورها وكثرت س��جونها‬ ‫ومراك��ز اعتقاله��ا‪ ،‬وراحت تتحك��م بالبالد بال قانون أو تش��ريع‪،‬‬ ‫فس��اد قان��ون الغاب‪ ،‬حي��ث البق��اء لألق��وى‪ ،‬والم��وت لألضعف‪،‬‬ ‫وبالتالي انعدمت قيم الحرية والجمال والمحبة والعلم‪.‬‬ ‫يحكي الكاتب عبر ش��خصياته التي تميل نحو التطرف كرد‬

‫فع��ل ض��د تطرف الس��لطة‪ ،‬كيف ين��زوي المجتم��ع ويتحول إلى‬ ‫أشالء‪ ،‬وتس��يطر عليه نزعة األنانية‪ ،‬وتتفكك األسرة‪ ،‬ويتهمش‬ ‫الوطن واألرض وعبر هذه اآلليات يس��ود القت��ل واللؤم والخبث‪،‬‬ ‫وكل النزوعات البهائمية‪ ،‬فتموت جذوة الحرية ويقتلها االستبداد‪،‬‬ ‫وتنغلق مناخات الفرح ويع��م الحزن والظلم والقهر‪ ،‬فتصير األم‬ ‫ البن��ت ‪ -‬الكنّة ‪ -‬الوطن ‪ -‬خرقة بالية‪ ،‬وهي التي كانت تنافس‬‫الرجال !! تنعدم ش��خصيتها‪ ،‬وتتصرف بش��كل آل��ي‪ ،‬وبدون روح‬ ‫فعلي��ة‪ ،‬حتى المتعلمي��ن أصحاب الش��هادات الجامعية يتحطمون‬ ‫تماماً ويدخلون السجون‪.‬‬ ‫أم��ا السياس��يون التافهون فيدخلون س��راديب الكذب واللف‬ ‫والدوران ويمتنعون عن مواجهة الحقائق الفعلية‪ ،‬حقائق الحياة‪،‬‬ ‫ويستبدلونها بحقائق زائفة وبمشكالت ال عالقة لها بالواقع‪.‬‬ ‫في الس��جون تحاول األجهزة‪ ،‬الش��رطة ‪ -‬األم��ن‪ ،‬اغتصاب‬ ‫الحل��م‪ ،‬المعنى‪ ،‬المس��تقبل‪ ،‬عندها يدخل الس��جناء بدوامة من‬ ‫التخي�لات الالمتناهي��ة‪ ،‬حيث يقلبّون كل احتم��االت النجاة‪ ،‬وكل‬ ‫أس��باب الشرور‪ ،‬وكل أصحاب الفس��اد والجرائم‪ ،‬ولكن السجن ال‬ ‫ينتهي‪ ،‬والمحاكمات معلومة النتائج س��لفًا ومعدة بعناية‪ ،‬فتسود‬ ‫الرؤي��ة الس��وداوية والم��وت المؤج��ل‪ ،‬حي��ث الش��عور بالهزيمة‬ ‫والالهوي��ة‪ ،‬والفراغ‪ ،‬ورغم الش��عور بالعقل أحياناً‪ ،‬إال أنه يصبح‬ ‫واقعيًا‪ ،‬الغائب الفعلي‪ .‬تقع الرواية في ‪ 268‬صفحة‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كتاب العدد‪:‬‬ ‫موت م�شتهى‪..‬‬ ‫ف�صول يف‬ ‫حتوالت رباب‬ ‫عبد اجلبار‬ ‫عماد �شيحة‬

‫العدالة االنتقالية يف احلالة ال�سورية‪:‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫الدميقراطية كجزء من العدالة‪:‬‬

‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬

‫الفكر اإلنس��اني كان يس��يطر على مفهوم‬ ‫العدال��ة االنتقالية األولي مقتربا من حقوق‬ ‫المحامي��ن واإلج��راءات القانونية‪ :‬ونش��أت‬ ‫القواني��ن الت��ي تح��دد طبيع��ة الجرائ��م‪،‬‬ ‫والعمليات المتبعة بشأن كيفية التعامل مع‬ ‫انتهاكات حقوق اإلنسان وتقديم المتهمين‬ ‫للمس��اءلة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬العدال��ة االنتقالية لها‬ ‫جذورها في كل من حركة حقوق اإلنس��ان‬ ‫والقان��ون اإلنس��اني‪ .‬قدمت ه��ذه األصول‬ ‫ف��ي حركة حقوق اإلنس��ان بضرورة الوعي‬ ‫الذات��ي للضحية التي ترتك��ز عليها العدالة‬ ‫االنتقالية "‪.‬‬

‫من جهة خارجية ق��ادرة على حل الصراعات‪،‬‬ ‫‪ 4‬ـ العم��ل عل��ى تقدير وتقدي��م التعويضات‬ ‫للمتضرري��ن‪ 5 ،‬ـ إظه��ار التقدي��ر للتضحيات‬ ‫الت��ي قدم��ت كإقامة نص��ب تذكاري��ة وخلق‬ ‫أجواء احتفالي��ة ‪ 6‬ـ تطوير المناهج التعليمية‬ ‫الت��ي تعال��ج الثغ��رات الثقافي��ة و‪ 7‬ـ معالجة‬ ‫الصدمة الناجمة عن الصراع الدامي وما رسخ‬ ‫في ذاكرة األمة التاريخية من عوالق مؤلمة‪.‬‬ ‫م��ع تط��ور المجتمع��ات ومفاهي��م‬ ‫العدالة انهارت بشكل واضح عناصر العدالة‬ ‫االنتقالي��ة المعتم��دة أس��اس عل��ى نظرية‬ ‫فق��ه القان��ون الجام��د وذلك ف��ي مرحلة ما‬ ‫بع��د الح��رب العالمي��ة الثانية‪ .‬وقد اس��تفاد‬ ‫إط��ار العدال��ة االنتقالية من عمل النش��طاء‬ ‫الديمقراطيي��ن وحلفائه��م ف��ي حكومة ما‬ ‫بع��د الصراع��ات األهلية الذين س��عوا لدعم‬ ‫الديمقراطيات الناش��ئة وجعلها تتماشى مع‬ ‫االلتزامات األخالقية والقانونية وتتمحور في‬ ‫توافق مع شريعة حقوق اإلنسان العالمية‪.‬‬

‫ووض��ع اس��تراتيجيات وطني��ة لمواجه��ات‬ ‫انته��اكات الماض��ي وإع��ادة بن��اء الدول��ة‬ ‫والمواط��ن بن��ا ًء عل��ى عالق��ات المواطن��ة‬ ‫والمساواة والتحقيق اإلصالح لمنع تكرار ما‬ ‫حدث في الماضي وإصالح المؤسس��ات لمنع‬ ‫اإلفالت من العقاب‪.‬‬ ‫دور الجنائي��ة الدولية‪ :‬لعب��ت الجنائية‬ ‫الدولي��ة دورا فع��ال ف��ي تحقي��ق العدال��ة‬ ‫االنتقالي��ة في كثير من البل��دان في أوروبا‬ ‫الوسطى والشرق األوسط‪ ،‬ففي يوغسالفيا‬ ‫الس��ابقة كان لمحكمة الجنايات الدولية دور‬ ‫بارز في محاكم��ة المتهمين بجرائم الحرب‬ ‫وجرائ��م ضد اإلنس��انية كم��ا أدت الجنائية‬ ‫الدولي��ة دورا ف��ي الثورة الليبي��ة والبد من‬ ‫إشراك الجنائية الدولية في موضوع العدالة‬ ‫االنتقالي��ة وذل��ك ضمانة لمحاكم��ات عادلة‬ ‫وم��ن الش��طط تح��ول العدالة لس��يف بتار‬ ‫يقطع رقاب كل من يخالف النظام الجديد أو‬ ‫يخشى من تطور نفوذه ليؤثر في العالقات‬ ‫المس��تحدثة ف��ي الدولة الجدي��دة كما حدث‬ ‫ع��ام ‪ 1980‬في إي��ران إبان ث��ورة الخميني‬ ‫حي��ث يعتقد أن��ه تم تنفي��ذ آالف اإلعدامات‬ ‫بذريع��ة تحقيق العدالة بعي��دا عن محاكمة‬ ‫نزيهة وعادلة وبعيدا عن المراقبة الدولية‬

‫جس��يمة لحقوق اإلنس��ان وارت��كاب جرائم‬ ‫ض��د اإلنس��انية وأش��رفت لجن��ة المراقبين‬ ‫الدوليي��ن عل��ى التحقيق في ح��دوث مجازر‬ ‫جماعية وتم تثبيت حاالت متعددة من الموت‬ ‫تح��ت التعذيب وحاالت كثيرة جدا ومس��تمرة‬ ‫لقصف جوي للمش��افي الميدانية ولتجمعات‬ ‫المدنيين الس��لميين عند أف��ران الخبز وفي‬ ‫حقول الزراعة كما أش��ارت تلك التقارير إلى‬ ‫ارتكاب محدود لق��وات المعارضة النتهاكات‬ ‫لحقوق اإلنس��ان وانته��اكات لمعاهدة جنيف‬ ‫المتعلقة بأسرى الحرب‪.‬‬ ‫في ظل اس��تمرار الصراع لما يقرب من‬ ‫الع��ام والنصف وبعد ارت��كاب النظام لجرائم‬ ‫إب��ادة بح��ق المدنيي��ن ونتيجة للخش��ية من‬ ‫تح��ول الص��راع الحالي إلى ح��رب أهلية كان‬ ‫من الضروري البدء بدراسة تطبيق مفاهيم‬ ‫ومبادئ العدالة االنتقالية في سوريا وتواترت‬ ‫تساؤالت طرحها السوريون عن طبيعة النظام‬ ‫القادم ومدى رس��وخ قيم العدالة االجتماعية‬ ‫والحري��ة والديمقراطي��ة ف��ي فك��ر وعقيدة‬ ‫الث��وار وكم��ا طرحت تس��اؤالت عن ش��رعية‬ ‫القوانين الحالية وع��ن أي من القوانين التي‬ ‫س��تطبق في حال تحكيم العدال��ة االنتقالية‬ ‫وإلى أي مدى س��يكون للمجتم��ع المدني دور‬ ‫في المصالحة الوطنية‪.‬‬ ‫لك��ن األمر المتفق عليه هو أن العدالة‬ ‫يج��ب أن تأخذ مجراها بعيدا عن الحس��ابات‬ ‫الطائفي��ة وغريزة الحق��د وانفع��االت الثأر‬ ‫كما أنه م��ن المتفق عليه أن تكون س��وريا‬ ‫الديمقراطي��ة القادم��ة ل��كل أبنائه��ا دون‬ ‫تمييز بس��بب الجنس أو الع��رق أو الدين أو‬ ‫المذهب‪.‬‬ ‫اعتمدت الدراسة في بعض الفقرات الرئيسة‬ ‫عل��ى مجموع��ة م��ن المق��االت المترجم��ة‪.‬‬ ‫الحوار المتمدن | العدد‪2012 / 12 / 4 | 3931 :‬‬

‫‪11‬‬


‫حريات فوق العادة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫يف حرية الع�شق والزواج‬ ‫وجد العودة‬

‫متهيد‬ ‫ال ي��زال أهلن��ا يش��عرون بامتالكنا‬ ‫حتى اليوم‪..‬‬ ‫منذ ب��دأ نظ��ام الملكية وسُ��وِّرت‬ ‫ّ‬ ‫كح��ل المتداد‬ ‫األراض��ي وع��مّ التوري��ث‬ ‫األم�لاك وكطريق��ة حي��اة وحت��ى اليوم‬ ‫يتصرّف معظم األهل مع أبنائهم بعقلية‬ ‫الملكية والوصاية باإلضافة إلى الرعاية‪،‬‬ ‫وتنتق��ل وصاية األهل على أبنائهم غالبًا‬ ‫إلى وصاية الزوج على زوجته‪ ،‬خاصة في‬ ‫المجتمعات الت��ي تُعدّ المرأة فيها "ضلعًا‬ ‫قاص��راً" أقل ش��أناً ال في الع��رْف والعادة‬ ‫واالمت��داد التاريخ��ي الطبيع��ي فقط بل‬ ‫في القانون والمقدّس��ات السائدة كذلك‪.‬‬ ‫ل��ذا توجّب عل��ى األهل تركي��ز الوصاية‬ ‫على ابنتهم أكثر منها على ابنهم إلى أن‬ ‫يس��تقبلها زوجها ويحم��ل وصايته عليها‬ ‫بد ًال منه��م‪ ،‬وتوجّب عليهم كذلك اختيار‬ ‫"العري��س" بعناي��ة ليناس��ب تحمّل تلك‬ ‫المس��ؤولية والوصاي��ة‪ .‬ولذل��ك االختيار‬ ‫ش��روط عديدة لكل منها أهميته وسياقه‬ ‫التاريخ��ي الم��ؤدّي ل��ه‪ .‬فباإلضاف��ة إلى‬ ‫اقت��دار "العريس" الم��ادّي المطلوب في‬ ‫معظم الحاالت ف��ي مجتمعات كمجتمعنا‬ ‫الفقي��ر والمنهوب‪ ،‬هناك ش��روط تتع ّلق‬ ‫باالنتماء تختلف من حالة إلى أخرى‪ ،‬وقد‬ ‫تجتم��ع أحيانًا‪ ،‬منه��ا االنتم��اء "الوطني"‬ ‫ومنه��ا القبلي أو العائل��ي‪ ،‬ومنها الدّيني‬ ‫أو الطائفي‪ ..‬لكن النزعة البشرية للتحرر‬ ‫تغل��ب كل تل��ك القوالب أحيان��ًا‪ ،‬وينفلت‬ ‫القل��ب م��ن عق��ال االنتم��اءات والنظ��م‬ ‫واألعراف والقوانين والعادات والس��ياقات‬ ‫التاريخية والثقافية واالقتصادية‪ ،‬ليهوى‬ ‫حس��ب طبيعت��ه األصيل��ة غي��ر المنتمية‬ ‫إل��ى أيّ��ة فئ��ة أو دي��ن‪ .‬وت��زداد فرص��ة‬ ‫ذاك االنف�لات ك ّلم��ا ازداد تطوّر وس��ائل‬ ‫االتصال واالخت�لاط الثقافي الناتج عنه‪،‬‬ ‫وي��ؤدي غالباً حين يحدث إلى ش��قاق في‬ ‫ورف��ض‬ ‫عائل��ة الفت��اة العاش��قة ونب��ذٍ‬ ‫ٍ‬ ‫له��ا‪ ،‬أو مش��كالت ق��د تطول زمن��اً حتّى‬ ‫موت األهل‪ ،‬وقد تش��تد عنفًا حتّى‪ :‬قتل‬ ‫الفتاة‪.‬‬

‫�أمثلة وحكايات عن ع�شق‬ ‫ممنوع‪:‬‬ ‫األمثلة عديدة‪ ،‬وأينم��ا ذهبنا وجدنا‬ ‫ح��االت تُمنع فيها الفتاة ع��ن الزواج بمن‬ ‫تهوى‪ ..‬وس��أنتقي ثالثة أمثلة من الواقع‬ ‫ربّما تعبّر أكثر من أي ش��رح عن واقع ال‬ ‫زلنا نعيشه‬

‫الأوىل‪ :‬لينا‬

‫كانت في أوائل عش��رينياتها تحاول‬ ‫مس��اعدة عائلته��ا وتخفي��ف الضغ��وط‬ ‫المادي��ة عنه��ا ب��أن عمل��ت ف��ي مجاالت‬ ‫مختلف��ة اس��تطاعت بها أن تس��تقل من‬ ‫ناحية المصروف الشخصي‪ ،‬بل وتساهم‬ ‫ف��ي مص��روف العائل��ة أحيان��اً‪ ،‬حي��ن‬ ‫وقع��ت عيناها على ش��اب لطي��ف مُحبّ‬ ‫هوَت��ه ف��ي أش��هر‪ .‬وحين الحظ��ت أمّها‬ ‫(مالك��ة ق��رار العائلة في حالته��ا) غيابها‬ ‫المتكرر ع��ن البيت حتى س��اعة متأخرة‪،‬‬

‫ب��دأت بمحاصرتها باللط��ف واللين حيناً‪،‬‬ ‫وبالغضب والقسوة أحياناً‪ ،‬وما ان كشفت‬ ‫عالقتها بالش��اب منعتها ع��ن الخروج من‬ ‫البيت وحتى ع��ن العمل‪ ،‬ألنها لم ترَ في‬ ‫الش��اب صهراً مناس��باً‪ ،‬وقرّرت تزويجها‬ ‫من قريبها‪ :‬سائق التاكسي الذي تعرفه‪،‬‬ ‫فه��و أكثر كس��بًا‪ ،‬وأق��رب نس��باً‪ ..‬هربت‬ ‫الفت��اة‪ ،‬التي اعتادت صداقة أمّها والقرب‬ ‫منها والبوح لها في كثير من األحيان‪ ،‬من‬ ‫البيت وساعدها الش��اب وأهله وأصدقاؤه‬ ‫ف��ي ذلك‪ ..‬وم��رّ االثنان بظروف قاس��ية‬ ‫منها دخول كليهما السجن حين "ضُبطا"‬ ‫ف��ي س��يّارة ليس��ت مل��ك أح��د منهم��ا‬ ‫(استعارها الشاب من مع ّلمه في الورشة)‬ ‫ولم يخرجهم��ا أو يح��اول تخليصهما من‬ ‫ابت��زاز أجه��زة الش��رطة الفاس��دة أحدٌ‪،‬‬ ‫فحين وصلت أمّها – الوحيدة القادرة على‬ ‫إخراجها دون مش��كالت – قس��م الشرطة‬ ‫رمت ببطاقة ابنتها الشخصية إلى ضابط‬ ‫القس��م ال��ذي احتجزها وأعلن��ت تبرّؤها‬ ‫منها‪ ..‬تُوّجت هذه القصة بزواج االثنين‬ ‫بع��د تعاط��ف معل��م الورش��ة وبع��ض‬ ‫األصدق��اء والقاض��ي الش��رعي معهم��ا‪،‬‬ ‫وتمّ��ت مصالح��ة صعبة للغاي��ة مع أهل‬ ‫الفتاة بعد ما يزيد عن س��نة من زواجهما‬ ‫وبالتزامن مع قيام الثورة السورية‪.‬‬

‫الثانية‪� :‬سارة‪:‬‬

‫التقت س��ارة بمحبوبه��ا في الثالثين‬ ‫من عمرها‪ ،‬في بلد غير بلدها وغير بلده‪،‬‬ ‫هي القادمة من بالد المغرب العربي‪ ،‬وهو‬ ‫م��ن بالد الش��ام‪ ،‬بعد س��نوات طويلة في‬ ‫المهج��ر "بالد الخليج العربي" اس��تطاعت‬ ‫خاللها تكوين اس��تقاللية ماديّة حاسمة‪،‬‬ ‫ومدّخرات كافية لتستقل تماماً عن أهلها‬ ‫من تلك الناحية‪ ،‬ولم يكن سه ًال عليها أن‬ ‫تجد الشّ��اب المناس��ب لها قبل أن تلتقي‬ ‫ه��ذا الش��اب‪ .‬وامت��دّت قصتهم��ا ألكث��ر‬ ‫م��ن س��نة قبل أن تق��رّر مع��ه االرتباط‪،‬‬ ‫وتصط��دم بمفاج��أة غي��ر متوقع��ة م��ن‬ ‫رفض أهلها لهذا الزواج دون الس��ؤال عن‬ ‫أية مواصفات لذاك الش��اب‪ ،‬ودون رؤيته‪،‬‬ ‫وإنّما فقط بس��بب علمهم بعدم انتمائه‬ ‫إلى بلده��م‪ ،‬كان رفضًا قاطع��ًا أدّى إلى‬ ‫تعقي��دات كثي��رة بس��بب القواني��ن التي‬ ‫ترفض تزويج الفتاة "البكر" دون موافقة‬ ‫"ول��ي أمرها" مهما بل��غ عمرها‪ ،‬القوانين‬ ‫المطبَّقة ف��ي ّ‬ ‫كل من بلده وبلدها والبلد‬ ‫ال��ذي التقي��ا في��ه‪ .‬بالطب��ع توج��ت هذه‬ ‫القصة ب��زواج االثنين كذل��ك‪ ،‬ولكن بعد‬ ‫صعوبات عديدة كالسّ��فر إلى بلد أجنبي‬ ‫يقب��ل زواج��ًا مدني��ًا دون موافق��ة أه��ل‬ ‫الفتاة‪ ،‬وبعد مخاطر ومخاوف كالتهديدات‬ ‫التي وصلتها م��ن أخيها بالقتل‪ ..‬وال يزال‬ ‫الزوج��ان يح��اوالن مصالح��ة أهلها حتى‬ ‫اآلن دون ج��دوى‪ ،‬وال ت��زال تلك القطيعة‬ ‫تنغّص الحياة عليهما‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬مها‪:‬‬

‫لطالما كانت مها فخر أبيها وعائلتها‪،‬‬ ‫مه��ا الطالب��ة الذكيّ��ة المتفوّق��ة الت��ي‬ ‫انتقلت من نجاح إلى نج��اح‪ ،‬من انتهائها‬ ‫م��ن المرحلة الثانوية بأعل��ى معدّل في‬ ‫منطقته��ا‪ ،‬إل��ى التف��وّق ف��ي جامعته��ا‬ ‫وحصوله��ا عل��ى أعل��ى الدرج��ات أيضاً‪،‬‬

‫اختلطت مها المتميّزة بمجتمع العاصمة‪،‬‬ ‫وش��بابها‪ ،‬ورغم اتّس��اع الفرص لم يجد‬ ‫قلبه��ا م��ا يه��وى إلاّ ش��ابًّا واح��داً‪ ،‬لك��ن‬ ‫ولس��وء ّ‬ ‫حظها كان لذلك الشّ��اب مشكلة‬ ‫صعب��ة تعلم هي م��دى خطورتها‪ ،‬وهي‬ ‫أنّ��ه ال ينتمي إل��ى طائفته��ا (الدرزيّة)‪،‬‬ ‫وإذ يصنّ��ف ال��دروز م��ن أكث��ر الطوائف‬ ‫أن ذلك‬ ‫تشدداً في هذه المس��ألة‪ ،‬عرفت ّ‬ ‫لن يك��ون س��ه ًال‪ ،‬لكنّها أملت ف��ي أبيها‬ ‫ال��ذي كان يحبّها حبًّا جمّ��ًا‪ ،‬وخاب أملها‪،‬‬ ‫وكان عليه��ا أن تختار بين عائلتها وأهلها‬ ‫وأهل منطقتها‪ ،‬وبين من تهوى‪ ،‬كما كان‬ ‫عليه��ا أن تخاطر باحتماالت القتْل إذا تمّ‬ ‫ذاك ال��زواج‪ ،‬لكنّه تمّ – كالعادة – وظ ّلت‬ ‫تعاني لسنوات طويلة من فقدان عالقتها‬ ‫مع أهله��ا ونبذ طائفته��ا وأهل منطقتها‬ ‫له��ا‪ ،‬وتهدي��دات متفرّق��ة بي��ن الحي��ن‬ ‫واآلخر‪..‬‬

‫خال�صة وخامتة‬ ‫لتل��ك القصّ��ة األخي��رة ‪ -‬الش��ائعة‬ ‫ دالل��ة كب��رى‪ ،‬خاصّ��ة ف��ي مجتمعن��ا‬‫السّوري ذي التعدد الكبير في االنتماءات‪،‬‬ ‫وال يقتص��ر ذل��ك التش��دد ف��ي انتم��اء‬ ‫"العري��س" الطائف��ي على ال��دّروز‪ ،‬بل‬ ‫يمت��د إلى معظ��م الطوائ��ف واالنتماءات‬ ‫األخ��رى‪ ،‬وال يب��دو ذلك مرتبطاً بمس��ألة‬ ‫"الش��رف" واألخالق بالض��رورة‪ ،‬بل يتبع‬ ‫تشريعات تختلف من معتقد إلى آخر على‬ ‫خلفيات اقتصادية ف��ي العمق‪ ،‬قد تطفو‬

‫بوضوح على الس��طح ف��ي أمثلة كالغجر‬ ‫"القرب��اط"‪ ،‬إذ تعم��ل النس��اء عنده��م‬ ‫بانفتاح كبير ولكن تتب��ع أحد الذكور في‬ ‫عائلتها الت��ي تعتاش من عملها‪ ،‬وال يمرّ‬ ‫قرار الزواج دون موافقتهم‪ ،‬ويشترط أن‬ ‫تت��زوّج من الغجر أنفس��هم‪ ،‬أو يمكن أن‬ ‫يت��م التوافق عل��ى تزويج الفت��اة أحياناً‪،‬‬ ‫مقابل مبلغ ماديّ كبي��ر في حالة الزواج‬ ‫من غيرهم‪.‬‬ ‫تنته��ي معظ��م الح��االت الممنوعة‬ ‫بالزواج رغمًا ع��ن األهل أو رضوخ الفتاة‬ ‫إل��ى الزواج ممن يرغ��ب األهل وال ترغب‬ ‫ه��ي‪ .‬وف��ي ح��االت ن��ادرة ومتطرفة في‬ ‫وقتنا الحالي تنتهي بقتل الفتاة‪ ،‬وفي ّ‬ ‫كل‬ ‫الحاالت تكون النتائج س��لبية أو قاسية أو‬ ‫كارثيّة بس��بب انغالق الفئات المجتمعية‬ ‫على بعضها‪ ،‬وأعتقد أنه آن األوان لتغيير‬ ‫ذاك االنغالق وال ّثورة عليه‪ ،‬انغالق يحدّد‬ ‫للش��باب هواه��م وعش��قهم‪ ،‬ويزيد من‬ ‫عزل��ة الفئ��ات ف��ي المجتم��ع الواحد عن‬ ‫بعضها‪ ،‬آن األوان لالنتقال من "التعايش‬ ‫األهلي" المزعوم بي��ن مكوّنات المجتمع‬ ‫الس��وري‪ ،‬إلى االندماج الحقيق��ي بينها‪.‬‬ ‫ومس��ألة الزواج بي��ن الطوائ��ف والفئات‬ ‫المختلفة ركن أساس��يّ م��ن أركان ذلك‬ ‫االندم��اج‪ ،‬يس��اهم ف��ي إزال��ة الحواج��ز‬ ‫والعزل��ة االجتماعي��ة بينه��ا‪ ،‬خاصّة في‬ ‫زم��ن يُثقل العنف والقتل واالنقس��امات‬ ‫في��ه كاه��ل المجتم��ع برمّت��ه‪ ،‬وت��دقّ‬ ‫مخاط��ر االنقس��ام والص��راع واالحتراب‬ ‫األهلي والطائفي أبوابه‪.‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫الت��ي صاحب��ت اس��تعار الح��رب األهلية في‬ ‫لبن��ان ف��ي تل��ك الس��نوات الصعب��ة‪ .‬بي��ن‬ ‫بيروتي��ن‪ :‬الغربي��ة (الس��نية) والش��رقية‬ ‫(المس��يحية)‪ ،‬نم��ت الظاهرة وكان��ت معلمًا‬ ‫ممي��زاً لح��رب حرق��تْ لبن��ان حريقاً أش��به‬ ‫بحرائق الحض��ارات التي بدأت ف��ي التاريخ‬ ‫باجتياح جنكيز خان لبغداد‪.‬‬ ‫"كان القن��اص يخت��ار م��ن يرغب‪ ،‬من‬ ‫تق��ع علي��ه ش��هوته‪ .‬حدثن��ي ذو اختصاص‬ ‫م��رة‪ ،‬أن أحد القناصين‪ ،‬كان يختار س��اعات‬ ‫الليل ليقتل طريدت��ه‪ .‬فيتهيأ للصيد عندما‬ ‫تنتاب��ه نوب��ة التث��اؤب‪ .‬ينتظر م��ع فوهته‪.‬‬ ‫وعندما يس��قط أحد المارة كالكلب الشارد‪،‬‬ ‫برصاص��ة م��ن بندقيته‪ ،‬ي��أوي إل��ى زاوية‬ ‫وينام‪ ..‬كان ال يهنأ بنوم‪ ،‬إال بعد قتل أحد ما‪،‬‬ ‫ال يعرفه‪ .‬كان اللبنانيون يشبهون رؤوسًا قد‬ ‫أينعت‪ ،‬والحجاج اللبناني جمعٌ بصيغة مفرد‬ ‫يطارد الرؤوس ويقطفها‪ " ..‬ص‪.149‬‬ ‫أما ع��ن االعتذار‪ ،‬فيق��ول الصايغ من‬ ‫يج��د الجرأة ليعتذر لنفس��ه قب��ل أن يعتذر‬ ‫لآلخري��ن؟ ق��ال الصايغ إنن��ا نهش��نا لحمنا‬ ‫بأظافرنا‪ ،‬وبأنيابنا‪ .‬المفارقة أن المعتذر هو‬ ‫نفس��ه المقتول‪ .‬القاتل يمشي على قدميه‬ ‫حي��ًا بي��ن أبنائ��ه وأهله‪ .‬يق��ول الصايغ في‬ ‫عملية حس��ابية بس��يطة‪ ،‬أنه‪" :‬أربعون ألف‬

‫قات��ل‪ .‬وإذا كان قد قتل ‪ ،10‬فإن عدد القتلة‬ ‫يتضاءل إلى عش��رين ألف��اً‪ .‬أين هم هؤالء‬ ‫القتلة؟"‪ .‬إذا كان عدد المخطوفين عش��رين‬ ‫ألفًا خالل س��نوات الحرب األهلية في لبنان‪،‬‬ ‫وإذا كان كل مخط��وف يحت��اج إلى أكثر من‬ ‫أربعة أشخاص لخطفه‪ ،‬فإن عدد الخاطفين‬ ‫يص��ل إلى ‪ 80‬ألف خاطف‪ ،‬وقد يكون القتلة‬ ‫خاطفين‪ ،‬وقد ال يكونون‪ .‬باختصار‪ ،‬يس��أل‬ ‫الصاي��غ‪" :‬أين هم هؤالء الخاطفون؟‪ ..‬إنهم‬ ‫بيننا في معظمهم‪ ،‬أحياء يرزقون‪ .‬تزوجوا‪،‬‬ ‫أنجب��وا‪ ،‬توظف��وا‪ ،‬س��افروا‪ ،‬تخرج��وا م��ن‬ ‫جامع��ات‪ ،‬تاجروا‪ ،‬رقصوا‪ ،‬تملكوا ودرس��وا‪،‬‬ ‫فيما أحبابنا‪ ،‬آباؤنا وأمهاتنا وش��بابنا وبناتنا‬ ‫وأوالدنا‪ ،‬تحت التراب"‪.‬‬ ‫ويضي��ف الصاي��غ‪" :‬وألن اللبنانيي��ن‬ ‫يبتعدون بسرعة طائفية ضوئية‪ ،‬عن جادة‬ ‫الديمقراطي��ة فليس له��م أن ينتظروا أحداً‬ ‫م��ن القتل��ة والمجرمين أن يعتل��ي منصة‪،‬‬ ‫أو يحضر لق��اء‪ ،‬يصار فيه إلى االعتراف بما‬ ‫ارتك��ب في الحرب م��ن جرائ��م‪ .‬ويبدو هذا‬ ‫أمراً طبيعيا‪ .‬وشواهد التاريخ كثيرة"‪.‬‬ ‫ف��ي الصفحات األخي��رة يكتب نصري‪،‬‬ ‫وقد بلغ به اليأس مبلغاً ال رجعة بعده ألمل‪:‬‬ ‫"ع��ن أيّ ش��يء تدافع أيه��ا المثق��ف؟ قُم‪،‬‬ ‫لنحرق الكتب‪ ،‬ونتبع قافلة الجنون‪."..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كتابنا اليوم "القاتل إن حكى" للصحفي‬ ‫األدي��ب نص��ري الصاي��غ‪ ،‬ال��ذي يتعامل مع‬ ‫السياسة شعراً ونثراً وقضية‪ ،‬والمنتمي إلى‬ ‫الحرية السياس��ية والش��اعرية أو ًال وأخيراً‪،‬‬ ‫المتحي��ز دائم��ًا ل��كل حب��ة تراب وإنس��ان‪..‬‬ ‫ابن بي��روت البار ببي��روت والوطن العربي‪،‬‬ ‫المؤمن بطائفة الالطائفية وسياسة الحرف‬ ‫المشع كالشمس‪.‬‬ ‫محلل سياس��ي‪ ،‬أديب عربي‪ ،‬صحفي‬ ‫وش��اعر أول من نزع شعار العادات والتقاليد‬ ‫الواهي��ة ونادى بجرأة لقي��م الحق‪ ،‬علماني‬ ‫ال يتس��تر على هف��وات العلمانيين‪ ،‬له عدة‬ ‫دراس��ات أدبية‪ ،‬ومؤلفات كثيرة منها‪ :‬لست‬ ‫لبناني��ًا بعد‪ ،‬ح��وار الحف��اة والعقارب‪ ،‬وطن‬ ‫وعصافير‪ ،‬بولينغ في بغداد‪ ،‬أول الموت‪.‬‬ ‫يح��اول كاتبن��ا أن يجد معادل��ة لقراءة‬ ‫الواقع المتشظي في لبنان‪ .‬ليس لبنان الذي‬ ‫حس��ب أن جراحه التأمت بعد اتفاق الطائف‬ ‫ع��ام ‪ 1990‬والذي أنهى حربًا بين الطوائف‪،‬‬ ‫امتد أوارها لخمس��ة عش��ر عاماً من ‪1975‬‬ ‫وحتى ‪ ،1990‬ولكن لبنان الذي بدأت تتخلق‬ ‫فيه هذه اآلونة‪ ،‬بذرة القتل من جديد‪ .‬لبنان‬ ‫ال��ذي ينهض ‪ -‬بعكس العنق��اء – من رمادٍ‬ ‫نائم إلى رمادٍ يصحو من جديد‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫يق��ول الصاي��غ‪ :‬كيف يش��فى مجتمع‬ ‫من حروبه األهلي��ة؟ كيف يخرج من منطق‬ ‫الفتنة إلى رحاب الس��لم األهل��ي؟ ذاك كان‬ ‫هاجس��ي عندما كتب��ت «القات��ل إن حكى»‬ ‫فلبن��ان بلد تتناوب عليه ح��روب داخلية منذ‬ ‫أكث��ر من مائة وس��بعين عامًا‪ ،‬ولن ينس��ى‬ ‫تجارب دول أخرى انضمت إلى رسم خارطة‬ ‫الشفاء من الحروب الداخلية‪.‬‬ ‫أول الطري��ق أن يص��ل المجتم��ع إلى‬ ‫مس��توى االعت��راف بم��ا ارتكبت��ه قيادات��ه‬ ‫وكوادره‪ ،‬أو أن يصل إلى مس��توى وصف ما‬ ‫جرى واعتبار ذلك من صنع يديه وليس من‬ ‫صنع الش��ياطين في الخارج‪ ،‬لم يعترف بعد‬ ‫أح��د في لبنان بما ارتكبته الفتنة من مجازر‬ ‫م��ن تهجي��ر م��ن خطف عل��ى الهوي��ة‪ ،‬من‬ ‫س��يارات مفخخ��ة من اغتياالت من س��رقات‬ ‫ونهب‪ ،‬م��ن اغتص��اب من تدمي��ر وتعذيب‪.‬‬ ‫ثالثة س��جلوا بعض ما ارتكبوه واحد منهم‬ ‫لي��س نادماً عل��ى م��ا ارتكبه في «الس��بت‬ ‫األسود»‪.‬‬ ‫قل��ت‪ :‬س��أعترف ع��ن الجميع‪ .‬س��أكون‬ ‫القاتل النموذجي وأتبنى االعتراف عن القتلة‬ ‫ع ّلن��ي بذلك أض��ع اللبنانيين أم��ام أعمالهم‬ ‫المتوحشة ضد أنفس��هم‪ ،‬ليكون هذا العمل‬ ‫أول الطري��ق‪ ،‬عل��ى أن يل��ي ه��ذا االعتراف‬ ‫االعتذار من القتل��ى والمخطوفين وأقاربهم‬ ‫وأوالدهم وأن يعوضوا عليهم مادياً ومعنويًا‬ ‫وأهم تعويض معنوي هو االحترام اإلنساني‬ ‫واالمتناع عن استعمال العنف‪.‬‬ ‫لك��ن لبن��ان ل��م يص��ل بعد إل��ى هذا‬ ‫المس��توى ألن نظام��ه ال��ذي احتض��ن هذه‬ ‫الحروب لم يتغير بعد‪ ،‬وما زال أس��ير حيوية‬ ‫فائقة الستعادة لغة العنف وتصريف أفعالها‬ ‫قت� ً‬ ‫لا وتهجيراً‪ ،‬القاتل الذي حكى في الكتاب‬ ‫أظهر أن الجحيم في متناول اللبنانيين غداً‪..‬‬ ‫إال إذا؟!‪..‬‬ ‫أم��ا كي��ف يش��فى لبن��ان م��ن حروبه‬ ‫الس��ابقة‪ ،‬وم��ن هاج��س حروب��ه القادمة؟‬

‫أو‪ ،‬كي��ف ال يس��تعجل الدخول فيه��ا لتكرار‬ ‫القت��ل والذبح والتعذيب والس��حل والخطف‬ ‫والتهجي��ر والتكفير وتوري��ث الخراب؟ كيف‬ ‫يحصل على س�لامه وهو ال يزال يدافع عن‬ ‫حروبه السابقة؟‪ ..‬ال جواب حتى اآلن‪.‬‬ ‫ويؤكد الصايغ أن اللبنانيين لم يخرجوا‬ ‫م��ن الح��رب بع��د‪ .‬احتفل��وا جميع��اً بإلق��اء‬ ‫المس��ؤولية عل��ى اآلخ��ر‪ .‬أق��رّوا باإلجم��اع‬ ‫أن م��ا قام��وا ب��ه‪ ،‬ل��م يك��ن إ ّال دفاع��ًا عن‬ ‫النفس‪ .‬فالمعتدي ه��و اآلخر… وإن الكالم‬ ‫الجمي��ل‪ ،‬ع��ن الوح��دة الوطني��ة‪ ،‬والس��لم‬ ‫األهل��ي‪ ،‬والتواف��ق‪ ،‬لي��س س��وى مراه��م‬ ‫لغوية لحالة عنف مس��تعصية… لم يتسنّ‬ ‫بعد‪ ،‬ل ّلبنانيين‪ ،‬أن يرس��موا خريطة طريق‬ ‫ثقافية‪ ،‬سياسية‪ ،‬إنسانية‪ ،‬أخالقية‪ ،‬للخروج‬ ‫م��ن الح��رب‪ .‬لق��د خرج��وا منها خاس��رين‪،‬‬ ‫وس��يعودون إليها بس��بب إدمانهم الطائفي‬ ‫والتعصبي‪.‬‬ ‫كما يحصي الصايغ افتراضيًا وحسابيًا‬ ‫ما ال ّ‬ ‫يقل عن أربعين ألف قاتل وثمانين ألف‬ ‫خاطف في الحرب اللبنانية‪ :‬ثالثة أش��خاص‬ ‫منهم فق��ط اعترفوا بجرائمه��م ودوّنوها‪.‬‬ ‫فيم��ا أثبت ه��و الكثير منه��ا‪ ،‬داقّ��ًا ناقوس‬ ‫الخطر ألنّن��ا نعيش في مجتمع ال يزال فيه‬ ‫عش��رات آالف القتل��ة والمجرمي��ن طلق��اء‪.‬‬ ‫ب��ل ّإن منه��م مَ��ن يتبوأ مناصب سياس��ية‬ ‫واجتماعي��ة وتربوي��ة‪ ،‬معتذراً باس��م جميع‬ ‫القتلة من القتلى وذويهم وأوالدهم‪.‬‬ ‫لك��ن لم��اذا نبش ص��ور الح��رب اآلن؟‬ ‫ب��أن الكتاب هو‬ ‫يجي��ب الصايغ في المقدمة ّ‬ ‫ج��زء م��ن حمل��ة «ك��ي ال تتك��رّر الحرب»‪،‬‬ ‫ويوضح في س��ياق آخر‪« :‬إن إع��ادة تصنيع‬ ‫الماض��ي مهم��ة غي��ر تاريخية‪ .‬إنّه��ا مهمة‬ ‫ثقافي��ة وسياس��ية‪ ،‬يتص��دى له��ا ّ‬ ‫مفكرون‬ ‫ُ‬ ‫وكتّاب وش��عراء وق��ادة‪ .‬إن تصنيع الماضي‬ ‫لتقديمه بوعي نقدي‪ ،‬ال بعقل نسخي‪ ،‬هو‬ ‫مهمة مَن يهجسون بمستقبل مختلف»‪.‬‬ ‫بأن أسلوب‬ ‫على رغم ّأن المؤلف يعترف ّ‬ ‫التعاطي مع كل الش��هادات لم يكن منهجيًا‬ ‫«ألني فضّلت إراحة القارئ‪ ،‬فال أثقل عليه‬ ‫بمش��اهد القتل والذبح والسفك»‪ ،‬تطالعنا‬ ‫بين الس��طور مش��اهد مروّع��ة وتفاصيل‬ ‫«مو ّثق��ة»‪« :‬أن��ا الضحية والج� ّ‬ ‫لاد أنا» لمَن‬ ‫نُفّذ السبت األس��ود‪ ،‬وشهادة رجينا صنيفر‬ ‫ف��ي كتابه��ا «‪»J’ai Déposé les armes‬‬ ‫وش��هادة المس��ؤول في «القوات اللبنانية»‬ ‫أسعد الش��فتري‪ ،‬وصو ًال إلى ش��هادات مَن‬ ‫بقي من ذوي الضحايا في صبرا وش��اتيال‪..‬‬ ‫وش��هادات مو ّثقة في كتابَي روبرت فيسك‬ ‫«لعن��ة وط��ن» و«لبن��ان بل��د ش��هيد»‪ .‬وقد‬ ‫وردت أيض��اً بعض الح��وارات الت��ي أجرتها‬ ‫من��ى س��كرية م��ع مقاتلي��ن م��ن مختل��ف‬ ‫األحزاب‪ .‬وكان بمقدور المؤلف «اكتش��اف»‬ ‫قتل��ة آخرين‪ ،‬إال أنّه أحجم عن ذلك لس��بب‬ ‫أو أسباب في نفسه‪.‬‬ ‫الس��ؤال المحيّ��ر ال��ذي يواج��ه قارئ‬ ‫نصري الصايغ هو حماسته الكبيرة لمقاومة‬ ‫الظلم‪ ،‬وإن اقتضى األمر السالح‪ ،‬على رغم‬ ‫كره��ه للقتل والقت��ال‪ ،‬وإكب��اره للمقاومة‬ ‫اللبناني��ة واعت��زازه باإلمام موس��ى الصدر‬ ‫وفكر محمد مهدي ش��مس الدين وشخصية‬ ‫حسن نصر اهلل‪.‬‬ ‫يحك��ي الكاتب ع��ن ظاه��رة القناصة‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫ن�صري ال�صايغ‪:‬‬ ‫القاتل �إن حكى ‪� -‬سرية االغتياالت اجلماعية‬

‫‪13‬‬


‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫عدنان املالكي ‪1955 - 1919‬‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫ولد "عدنان بن محمد ش��مس الدين‬ ‫بن عمر بن إبراهيم المالكي"‪ ،‬في دمشق‬ ‫عام ‪ 1919‬لعائلة دمش��قية عريقة وفي‬ ‫ع��ام ‪ 1920‬خ��رج والده وش��قيقه األكبر‬ ‫"ف��ؤاد" للمش��اركة م��ع المتطوعي��ن في‬ ‫معركة ميسلون‪.‬‬ ‫درس ف��ي م��دارس دمش��ق ون��ال‬ ‫الش��هادة الثانوي��ة ع��ام ‪ ،1937‬والتح��ق‬ ‫ف��ي نف��س الع��ام بالكلي��ة العس��كرية‬ ‫ف��ي "حم��ص" مس��تفيداً م��ن المعاهدة‬ ‫السياس��ية الت��ي أبرمته��ا "س��ورية" مع‬ ‫"فرنس��ا" ع��ام ‪ 1936‬والت��ي تنص على‬ ‫تدريب القوات الس��ورية وتس��ليمها أمرة‬ ‫الجي��ش فيم��ا بع��د‪ ،‬وتخرج ع��ام ‪1939‬‬ ‫برتب��ة "مرش��ح ضابط"‪ ،‬ورف��ع إلى رتبة‬ ‫"م�لازم ثان��ي" ف��ي ع��ام ‪ ،1940‬وكلف‬ ‫بتدريب الجنود والرقب��اء‪ ،‬ثم عين مدربًا‬ ‫ف��ي "الكلية العس��كرية"‪ ،‬وعرف عنه في‬ ‫تل��ك المرحل��ة التجرد والتفان��ي في أداء‬ ‫الواجب العسكري‪.‬‬ ‫اس��تقال "الم�لازم ثان��ي عدن��ان‬ ‫المالك��ي" ع��ام ‪ 1945‬من خدم��ة القوات‬ ‫الخاضع��ة ألم��رة القي��ادة الفرنس��ية‬ ‫والتحق "بالق��وات الوطنية" نواة "الجيش‬ ‫العربي الس��وري" التي شكلتها "الحكومة‬ ‫الس��ورية"‪ ،‬واش��تبكت خاللها مع القوات‬ ‫الفرنس��ية قبل االس��تقالل ع��ام ‪،1946‬‬ ‫وبعد االستقالل وقع االختيار عليه‪ ،‬وكان‬ ‫عضواً في لجنة استالم القطع العسكرية‬ ‫م��ن "الس��لطات الفرنس��ية"‪ ،‬وك��رم‬ ‫"المالزم عدنان المالكي" بمناس��بة جالء‬ ‫آخ��ر جن��دي فرنس��ي‪ ،‬وكان أول ضاب��ط‬ ‫يحمل العلم الس��وري في "االس��تعراض‬ ‫العسكري" الذي أقيم بهذه المناسبة يوم‬ ‫‪.1946/4/17‬‬ ‫ع��ام ‪ 1947‬عيّن "المالك��ي" مديراً‬ ‫ألول مدرس��ة عس��كرية لتدريب وتخريج‬ ‫الدفع��ات األول��ى والكبي��رة م��ن "ص��ف‬ ‫الضب��اط"‪ ،‬الذين كان��ت الحكومة الوليدة‬ ‫بحاج��ة له��م الس��تكمال ع��داد الجي��ش‬ ‫السوري الوليد‪.‬‬ ‫كم��ا دأب المالك��ي عل��ى تعري��ب‬ ‫األنظم��ة العس��كرية لتدريس��ها لط�لاب‬ ‫الم��دارس العس��كرية‪ ،‬وقام م��ع زمالئه‬ ‫بتألي��ف كتاب م��ن ثالثة أجزاء لتدريس��ه‬ ‫في "الم��دارس العس��كرية"‪ ،‬ويعد كتاب‬ ‫"رتيب المش��اة" أول كتاب عس��كري طبع‬ ‫بعد االستقالل باللغة العربية‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1948‬انتق��ل "المالك��ي" م��ن‬ ‫"المدرس��ة العس��كرية" إل��ى "الكلي��ة‬ ‫العس��كرية" ف��ي "حم��ص" كآم��ر لدورة‬ ‫الطالب المس��تجدين فيها‪ ،‬وعند اإلعالن‬ ‫ع��ن قي��ام الكي��ان الصهيون��ي‪ ،‬كلف��ه‬ ‫الضابط اآلمر "حس��ني الزعي��م" بقيادة‬ ‫سرية للمشاة‪ ،‬والسيطرة على تلة تدعى‬ ‫"ت��ل أب��و الري��ش" كأول مهمة ل��ه على‬ ‫الجبه��ة الجنوبية‪ ،‬وكانت التلة تطل على‬ ‫مس��تعمرة صهيونية س��يطر عليها جنود‬ ‫سوريون بقيادة المقدم "محمود بنيان"‪.‬‬ ‫خ�لال تنفي��ذ ه��ذه العملي��ة أصيب‬ ‫المالك��ي وأس��عف إلى "دمش��ق" وخضع‬ ‫لعملي��ة ف��ي رأس��ه إلخ��راج الش��ظايا‬ ‫المتناث��رة م��ن جس��مه ولقب بع��د نجاح‬ ‫هذه العملية "بالش��هيد الح��ي"‪ ،‬ولم تكد‬ ‫جراحه تلتئم حتى عاد للمش��اركة بدعم‬ ‫"جيش اإلنقاذ" بقيادة "فوزي القاوقجي"‪،‬‬

‫الذي حوصرت قواته في منطقة "الجليل‬ ‫األعلى"‪ ،‬فدخل "المالك��ي" عبر األراضي‬ ‫اللبناني��ة واس��تطاع فك الحص��ار وإنقاذ‬ ‫"جيش اإلنقاذ"‪.‬‬ ‫وأثناء عودته سجل "المالكي" نصراً‬ ‫عس��كرياً جدي��داً‪ ،‬فق��د تع��رض الف��وج‬ ‫ال��ذي يق��وده للحص��ار من قب��ل الجيش‬ ‫الصهيوني وخشيت القيادة العسكرية أن‬ ‫يقع جنود وضباط الفوج في األسر‪ ،‬ودام‬ ‫الحصار الذي ضربته القوات اإلس��رائيلية‬ ‫ولي��ال‪ ،‬وكان��ت المفاج��أة أن‬ ‫ع��دة أي��ام‬ ‫ٍ‬ ‫"الرئي��س المالك��ي" ‪" -‬رتب��ة رائ��د" كما‬ ‫تس��مى اليوم‪ -‬استطاع أن يكسر الحصار‬ ‫ويعود بالفوج سالماً دون وقوع أي خسائر‬ ‫في األرواح‪.‬‬ ‫اس��تُقبل "عدن��ان المالك��ي" ف��ي‬ ‫"القصر الجمه��وري" اس��تقبال األبطال‪،‬‬ ‫وكان ف��ي مقدم��ة المهنئي��ن "رئي��س‬ ‫الجمهوري��ة" و"وزير الدف��اع" وعدد كبير‬ ‫م��ن ضب��اط القي��ادة و"األركان العامة"‪،‬‬ ‫وحاز على عدة أوس��مة تقديرية‪ ،‬وبلغت‬ ‫عند نهاية مس��يرته الغنية سبعة أوسمة‬ ‫ه��ي‪" :‬وس��ام االس��تحقاق الس��وري من‬ ‫الدرج��ة األول��ى"‪" ،‬وس��ام االس��تحقاق‬ ‫اللبنان��ي"‪" ،‬الوس��ام الحرب��ي"‪" ،‬وس��ام‬ ‫جرح��ى الح��رب ف��ي س��ورية"‪" ،‬وس��ام‬ ‫فلس��طين التذكاري"‪" ،‬ميدالية فلسطين‬ ‫التذكاري��ة"‪" ،‬وس��ام الكوك��ب األردني"‪،‬‬ ‫وأش��رفها "وسام الش��رف العسكري" بعد‬ ‫استشهاده‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1950‬رقي المالك��ي إلى رتبة‬ ‫"مق��دم" وتس��لم "إدارة الش��عبة الثالثة"‬ ‫في "األركان العامة"‪ ،‬وهي الش��عبة التي‬ ‫تخت��ص بش��ؤون التدري��ب و"العملي��ات‬ ‫العس��كرية"‪ ،‬وف��ي ع��ام ‪ /1951/‬أوف��د‬ ‫"المق��دم عدن��ان" إلى "فرنس��ا" من أجل‬ ‫"الدراس��ة التخصصي��ة" ف��ي "المدرس��ة‬ ‫الحربية العلي��ا في باريس"‪ ،‬وكان إيفاده‬ ‫ف��ي تلك المرحلة يأتي م��ن قبل الزعماء‬ ‫والجه��ات المتصارع��ة عل��ى الس��لطة‪،‬‬ ‫للتخل��ص م��ن مواقف��ه الواضح��ة إزاء‬ ‫األحداث الجارية‪.‬‬ ‫عاد المقدم "المالكي" إلى "دمش��ق"‬ ‫وأس��ندت إليه رئاس��ة "تفتي��ش الجيش‬ ‫والق��وات المس��لحة"‪ ،‬وبع��د أن اصطدم‬ ‫م��ع العقي��د "أدي��ب الشيش��كلي"‪ ،‬ق��ام‬ ‫"الشيش��كلي" بتس��ريحه وأدخله مع عدد‬ ‫من الضباط الوطنيين إلى "سجن المزة"‪،‬‬ ‫وبق��ي فيه س��بعة أش��هر يعل��م زمالءه‬ ‫معن��ى الصب��ر واإلصرار‪ ،‬وبعد اس��تقالة‬ ‫"الشيشكلي"‪ ،‬أعيد "المالكي" إلى الخدمة‬ ‫ف��ي الجي��ش‪ ،‬ورقي إل��ى رتب��ة "عقيد"‪،‬‬ ‫وأس��ندت إل��ى "العقي��د الرك��ن عدن��ان‬ ‫المالكي" "رئاس��ة الش��عبة الثالثة"‪ ،‬عام‬ ‫‪.1954‬‬ ‫وخ�لال ه��ذه الفت��رة حاول��ت جهات‬ ‫عدة ج��ر الضاب��ط الواع��د إل��ى تياراتها‬ ‫السياس��ية‪ ،‬ولكن��ه رفض إدخال نفس��ه‬ ‫أو ًال والجي��ش ثاني��ًا ضم��ن التقس��يمات‬ ‫السياس��ية‪ ،‬مع دعم��ه للق��وى واألحزاب‬ ‫الوطنية والتقدمية‪ ،‬وبعد فش��ل األحزاب‬ ‫والتحالفات الخارجية من تهميش العقيد‬ ‫"المالك��ي" أو تجني��ده لخدم��ة أهدافه��ا‬ ‫الرخيص��ة‪ ،‬عم��دت ه��ذه الجه��ات إل��ى‬ ‫التخطي��ط الغتي��ال "العقي��د المالك��ي"‬ ‫ووضع حد لمسيرته المشرقة‪.‬‬

‫يوم الجمعة الواقع في ‪،1955/4/22‬‬ ‫اغتي��ل "العقي��د عدن��ان المالك��ي" أثناء‬ ‫حضوره مباراة لفريق "الجيش السوري"‬ ‫و"خفر السواحل المصري"‪.‬‬ ‫ع��ن مذكرات "أكرم الحوراني" أنقل‬ ‫ما أورده عن حادثة اغتيال المالكي‪:‬‬ ‫"في صبيحة يوم الجمعة ‪55-4-22‬‬ ‫س��افرت إلى حلب‪ ،‬وكان��ت صحة أخي قد‬ ‫س��اءت‪ ،‬ولم أك��د أصل إلى المستش��فى‬ ‫حت��ى قي��ل ل��ي‪ :‬إن هاتف��ًا يطلب��ك من‬ ‫دمش��ق‪ ،‬وفي دمش��ق كان صوت زوجتي‬ ‫المخن��وق بالب��كاء يقول لي‪ :‬لق��د اغتيل‬ ‫عدنان‪ .‬لم أس��ألها ع��ن القاتل‪ ،‬كان الجو‬ ‫بكل م��ا فيه من تحرش وتحديات يش��ير‬ ‫إلى الجهة الت��ي ارتكبت جريمة االغتيال‪.‬‬ ‫وتاب��ع الصوت المخنوق يقول‪ :‬لقد اغتيل‬ ‫بينما كان يش��هد مباراة لك��رة القدم في‬ ‫الملع��ب البل��دي‪ ،‬وف��ي غرفة م��ن غرف‬ ‫المستش��فى كان أخ��ي واص��ل الضحية‬ ‫األخرى يعاني سكرات الموت‪.‬‬ ‫وقف��ت صامت��اً أمام الم��وت‪ :‬عدنان‬ ‫ال��ذي استش��هد‪ ،‬وواصل ال��ذي يحتضر‪،‬‬ ‫وفي نفس��ي تتابعت الذكريات واختلطت‬ ‫الص��ور‪ .‬وبعضه��ا كان بعي��داً يع��ود إلى‬ ‫الطفولة‪ .‬تذكرت يوم رجوت شقيقي عبد‬ ‫الحليم وواصل أن يأخذاني معهما ألحارب‬ ‫الفرنس��يين في ميس��لون وكيف نهراني‬ ‫ألن��ي م��ا أزال صغي��راً‪ ،‬كان عب��د الحليم‬ ‫صغي��راً ال يتج��اوز الثانية عش��رة‪ ،‬وكان‬ ‫واصل أصغر منه بس��نة واح��دة‪ ،‬تخيلته‬ ‫ع��ام ‪ 1945‬عندم��ا كان��ت حم��اه المدينة‬ ‫الوحيدة التي اس��تطاعت ثورتها أن تدحر‬ ‫الفرنسيين‪ ،‬تخيلته حام ًال بندقيته وذاهبًا‬ ‫إلى االستشهاد مع الذاهبين‪ .‬تذكرت أيام‬ ‫الطغي��ان عندما كان الشيش��كلي يعتقل‬ ‫مناضل��ي الح��زب ف��ي كل م��كان‪ .‬كان‬ ‫واص��ل دعامة م��ن دعام��ات النضال في‬ ‫تلك الفترة‪ ،‬تخيلته صابراً صامتاً متحديًا‪.‬‬

‫كل تل��ك الذكريات كانت تتابع في ذهني‬ ‫مختلطة بصورة عدنان‪.‬‬ ‫لهف��ي عليك يا عدنان‪ .‬لم يس��تطع‬ ‫اإلس��رائيليون أن ينال��وا من��ك ف��ي ت��ل‬ ‫العزيزي��ات وبقيت رغ��م جراحك‪ ،‬صامداً‬ ‫مرفوع الرأس تقاتل‪ .‬لم يس��تطع طغيان‬ ‫الشيش��كلي وال س��جونه أن تن��ال م��ن‬ ‫إيمان��ك بالحري��ة والديمقراطي��ة وبقيت‬ ‫مرفوع الرأس تقاتل‪ .‬لم تستطع محاوالت‬ ‫عمالء االس��تعمار واألحالف أن تثنيك عن‬ ‫إيمان��ك بالوحدة والتح��رر وبقيت مرفوع‬ ‫الرأس تقاتل‪ ،‬وها هم العمالء يغتالونك‬ ‫برصاصة غدر‪.‬‬ ‫لم أس��تطع أن أتصور عدن��ان ميتا‪ً،‬‬ ‫كانت صورته تلح علي مش��رقة ضاحكة‪،‬‬ ‫وكان صوت��ه الجهوري الواث��ق داويًا في‬ ‫أذن��ي‪ .‬لم أق��ض الليلة في حل��ب‪ ،‬كانت‬ ‫س��ورية في خطر‪ ،‬وكانت المؤامرة ماثلة‬ ‫لألعين وكان االغتيال بداية لها‪.‬‬ ‫عدت إلى دمش��ق الت��ي كانت تغلي‬ ‫بني��ران النقم��ة والغض��ب‪ ،‬وتجل��ى ذلك‬ ‫في موكب تش��ييع الشهيد عدنان‪ ،‬موكب‬ ‫الح��زن الذي لم تش��هد دمش��ق مثي ًال له‬ ‫منذ أن شيعت ش��هيدها فوزي الغزي‪ ،‬لم‬ ‫أشهد الموكب‪ ،‬ولم أسر في جنازة عدنان‬ ‫ففي حماه كان شهيد آخر قد جيء به من‬ ‫حلب‪ ،‬وكان علي أن أس��ير في موكب آخر‬ ‫من مواكب االستشهاد"‪.‬‬ ‫هز اغتيال المالكي أعماق الجماهير‬ ‫الش��عبية‪ ،‬وق��د تجل��ى ذل��ك ف��ي دموع‬ ‫عش��رات األلوف م��ن الجماهير الش��عبية‬ ‫الباكي��ة الت��ي ش��يعت جثمان��ه‪ ،‬وف��ي‬ ‫المظاهرات الطالبية والشعبية التي عمت‬ ‫سورية وفي س��يل البرقيات التي أرسلت‬ ‫إل��ى الحكومة‪ ،‬وفي القصائ��د التي قيلت‬ ‫في رثاء الش��هيد ومنها قصيدة الش��اعر‬ ‫شوقي البغدادي من رابطة الكتاب العرب‬ ‫وكانت بعنوان "عرس عدنان" ألن الشهيد‬


‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫المالزم المالكي أول ضابط يرفع العلم السوري‬

‫الرئي��س "ش��كري القوتل��ي"‪« :‬لقد‬ ‫قض��ى ش��هيدنا في س��بيل وح��دة األمة‬ ‫العربي��ة ومجدها وبذل روحه لهذه الغاية‬ ‫المثل��ى فحقق اهلل لنا ه��ذه األمنية وهيأ‬ ‫لنا ما نصبو إليه من وحدة وكرامة»‪.‬‬ ‫الرئيس "جم��ال عبد الناصر"‪« :‬قتل‬ ‫الضاب��ط "عدن��ان المالك��ي" بواس��طة‬ ‫االس��تعمار وأع��وان االس��تعمار ألنه��م‬ ‫كان��وا يعتبرون��ه خط��راً عل��ى أهدافهم‬ ‫االستعمارية»‪.‬‬ ‫س��عادة الش��يخ "عبد العزيز بن زيد‬ ‫– الس��عودية"‪« :‬هز مصرع العقيد الركن‬ ‫المجاز "عدنان المالكي" العرب في أقصى‬ ‫أمصارهم كما راعه��م في أدنى األقطار‬ ‫هم‪ ،‬فشملهم األسى عليه»‪.‬‬ ‫الش��يخ المجاه��د "محمد األش��مر"‪:‬‬ ‫«هالن��ي مص��رع البط��ل – وقد ش��هدت‬ ‫مص��رع الكثي��ر من األبط��ال‪ -‬وم��ا كان‬ ‫ليهولني لو أنه قتل بيد عدو غاشم»‪.‬‬ ‫أظه��ر التحقيق القضائي أن "الحزب‬ ‫السوري القومي االجتماعي" أعد الغتيال‬ ‫المالك��ي واس��تطاع التنفي��ذ ف��ي الم��رة‬ ‫الثالثة بعد أن فش��ل مرتي��ن قبلهما‪ ،‬كما‬ ‫أثب��ت التحقي��ق أن مجل��س العم��د كان‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫جنازة عدنان المالكي‬

‫مجتمع��ًا في دار "جوليي��ت المير" األمينة‬ ‫األولى للحزب في لحظة اغتيال المالكي‪،‬‬ ‫وفور تثبتهم من إتمام الجريمة وسريان‬ ‫ش��ائعة انكش��اف عالقة الح��زب بها الذوا‬ ‫بالفرار‪.‬‬ ‫قرر قاضي التحقيق اتهام ‪ 31‬حزبياً‬ ‫بجرائ��م تس��توجب حكم اإلع��دام منهم‬ ‫جوليي��ت المير‪ ،‬عص��ام المحايري‪ ،‬كامل‬ ‫حسان‪ ،‬فؤاد ش��واف‪ ،‬جورج عبد المسيح‪،‬‬ ‫أنع��ام رع��د‪ ،‬اس��كندر ش��اوي‪ ،‬س��امي‬ ‫الخوري‪ ،‬غسان جديد‪ ،‬عبد الكريم الشيخ‪،‬‬ ‫عبد اهلل محس��ن‪ ،‬عبد اهلل قبرصي‪ ،‬أسد‬ ‫األش��قر‪ ،‬جب��ران صليبي‪ ،‬جب��ران جريج‪،‬‬ ‫س��عيد تقي الدين‪ ،‬بدي��ع مخلوف‪ ،‬محمد‬ ‫دبوس��ي‪ ،‬فؤاد جدي��د‪ .‬كما ق��رر اتهام ‪9‬‬ ‫آخرين بتهم تس��توجب عقوبة األش��غال‬ ‫الش��اقة المؤي��دة وهم هش��ام ش��رابي‪،‬‬ ‫ط��ارق اليافي‪ ،‬جميل مخلوف‪ ،‬أمين رعد‪،‬‬ ‫زكي نظام الدين‪.‬‬ ‫وجه ق��رار االته��ام إلى الس��وريين‬ ‫القوميي��ن تهم��ة ح��رق مطبع��ة الجي��ل‬ ‫الجدي��د للتخل��ص من الوثائ��ق واألوراق‬ ‫والبيان��ات الموج��ودة فيها‪ ،‬وق��د صدقت‬ ‫محكم��ة التمييز العليا ق��رار االتهام الذي‬ ‫أص��دره قض��اة التحقيق‪ .‬بعد نش��ر قرار‬ ‫االته��ام توج��ه عص��ام المحاي��ري م��ن‬ ‫س��جن المزة مع بعض رفاقه الموقوفين‬ ‫بكت��اب إلى الرأي الع��ام يحمل فيه جورج‬ ‫عب��د المس��يح وبع��ض الق��ادة الحزبيين‬ ‫مس��ؤولية ارتكاب جريمة اغتيال المالكي‬ ‫ويتهمهم بخيانة أهداف الحزب ومبادئه‪.‬‬ ‫وص��در قرار المحكم��ة ‪ -‬بعد بضعة‬ ‫شهور من المحاكمة‪ -‬فكان وثيقة كشفت‬ ‫فع��ل أجهزة المخابرات االس��تعمارية في‬ ‫تخريب القوى المسلحة العربية واألحزاب‬ ‫السياس��ية‪ .‬وقد أسفر حكم المحكمة عن‬ ‫إدانة المهتمين من الس��وريين القوميين‬ ‫بمقت��ل العقيد عدن��ان المالكي باألحكام‬ ‫اآلتية‪:‬‬ ‫أو ًال‪ :‬حك��م باإلع��دام وجاهي��ًا على‬ ‫ثالث��ة هم‪ :‬محمد منعم الدبوس��ي‪ ،‬بديع‬ ‫مخلوف ف��ؤاد جدي��د وحكم غيابي��اً على‬ ‫خمسة هم‪ :‬جورج عبد المسيح وعبد اهلل‬ ‫محس��ن واس��كندر شاوي وغس��ان جديد‬ ‫وس��امي الخوري‪ .‬وقد أدين بديع مخلوف‬ ‫ومنع��م الدبوس��ي بجناي��ة االش��تراك‬ ‫والتحري��ض على القتل‪ ،‬وأدي��ن الباقون‬ ‫بجناية التحريض عل��ى القتل‪ ،‬كما أدين‬ ‫عب��د اهلل محس��ن وج��ورج عبد المس��يح‬

‫بجريمة التجسس لحساب دولة أجنبية‪.‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬بلغ مجم��وع األحكام الصادرة‬ ‫على عصام المحايري (‪ )18‬س��نة وخمس‬ ‫س��نوات إقام��ة إجبارية في تدم��ر وأربع‬ ‫س��نوات منع إقامة في دمشق ‪ -‬بالجرائم‬ ‫التالي��ة‪ 15 :‬س��نة أش��غال ش��اقة بج��رم‬ ‫التجس��س وس��نتان ونصف أشغال شاقة‬ ‫لتحري��ض العس��كريين عل��ى العصي��ان‬ ‫وخمس س��نوات إقام��ة إجبارية في تدمر‬ ‫لتحريض��ه والتآم��ر عل��ى أم��ن الدول��ة‬ ‫الداخلي‪.‬‬ ‫ثالث��ًا‪ :‬بلغ مجموع األح��كام الصادرة‬ ‫عل��ى جوليي��ت المي��ر (‪ )18‬س��نة س��جنًا‬ ‫و(‪ )15‬سنة مع األش��غال بجرم التجسس‬ ‫واالس��تحصال على وثائق يجب أن تبقى‬ ‫مكتوم��ة وس��نتان حب��س لتش��ويقها‬ ‫العس��كريين عل��ى االنضم��ام لح��زب‬ ‫سياس��ي وخمس س��نوات إقامة إجبارية‬ ‫بتدمر لتآمرها على أمن الدولة الداخلي‪.‬‬ ‫رابعًا‪ :‬كامل حسان (‪ )18‬سنة حبس‬ ‫(‪ )15‬منه��ا م��ع األش��غال الش��اقة بج��رم‬ ‫التجسس وس��نتان لتشويقه العسكريين‬ ‫لالنضم��ام إل��ى ح��زب سياس��ي وس��نة‬ ‫النضمام إلى حزب غير مشروع‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬حكم على إبراهيم الصواف‬ ‫باألشغال الش��اقة المؤبدة لتدخله فرعيًا‬ ‫في جرم القتل مع تجريده عسكريَا‪.‬‬ ‫سادس��ًا‪ :‬زهير قتالن ‪ 12‬سنة حبس‬ ‫وأشغال ش��اقة لتدخله فرعياً في جريمة‬ ‫القتل‪.‬‬ ‫س��ابعاً‪ :‬عبد الكريم الش��يخ‪ :‬سنتان‬ ‫حبس لتش��ويقه العس��كريين لالنضمام‬ ‫إلى حزب سياسي‪.‬‬ ‫ثامن��ًا‪ :‬حك��م (‪ )15‬س��نة باألش��غال‬ ‫الش��اقة بجريمة االستحصال على وثائق‬ ‫ومعلوم��ات يج��ب أن تبق��ى مكتومة كل‬ ‫م��ن‪ :‬كمي��ل ج��دع‪ ،‬عب��د اهلل القبرصي‪،‬‬ ‫إنعام رعد‪ ،‬محمد يوسف حمود‪ ،‬مصطفى‬ ‫عبد الساتر كامل أبو كامل‪ ،‬أسد األشقر‪،‬‬ ‫مصطف��ى أرش��يد‪ ،‬جبران جريج‪ ،‬س��عيد‬ ‫تقي الدين‪ ،‬س��عيد ش��هاب الدي��ن‪ ،‬فؤاد‬ ‫شواف‪.‬‬ ‫تاسعاً‪ :‬وحكم خمس س��نوات إقامة‬ ‫إجباري��ة بجريمة التآمر عل��ى أمن الدولة‬ ‫الداخلي مع اإلسقاط من الحقوق المدنية‬ ‫كل من كام��ل أبو كامل‪ ،‬إنعام رعد‪ ،‬عبد‬ ‫اهلل القبرصي‪ ،‬محمد يوسف حمود‪ ،‬فؤاد‬ ‫الشواف‪ ،‬مصطفى عبد الساتر‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫كان ق��د عق��د قرانه قبل أي��ام قليلة من‬ ‫اغتياله‪ ،‬وجاء في القصيدة‪:‬‬ ‫أصحيح ج��ف اله��وى والحنـــان‬ ‫وأمح��ى م��ن عيون��ك العنـفوان‬ ‫أصحيح أال ضـحك��ة بعد ترجــى‬ ‫أو حـديـ��ث مجـلـجـ��ل رنـــ��ان‬ ‫أصحيح وأن��ت بع��د عـــريـــس‬ ‫أطف��ئ الن��ور وارتم��ى اإليوان؟‬ ‫فالقـناديــل واجـمات تدلــــــت‬ ‫مطف��آت والزغ��ردات الحــس��ان‬ ‫وثياب العروس بيضاء كالش��مع‬ ‫ودار الـحبـي��ب إذ تــــــــ��زدان‬ ‫أصــحيـ��ح هــذا؟ أحـ��ق وجـوم‬ ‫النـاس حـتى لتجـمـد األجـفــان‬ ‫أيــن عــرس الش��ـباب لم يرتفع‬ ‫صــــــ��وت وال أرهفــ��ت آذان‬ ‫أتـرانــا فــــ��ي مأتـــم؟ أي صدر‬ ‫لـــ��م تـث��ر فـــي ق��راره النيران‬ ‫هـــــم أرادوه مــأتـما وأردنـــــا‬ ‫مهرجانـ��ا للنصـــر ال يس��تهان‬ ‫وغــ��دا يـــــا أخـــــي تطل علينا‬ ‫فــــ��إذا الــعـهـد جــنة والمكان‬ ‫وإذا أنــت مطــمئن قــــريــــــر‬ ‫وس��ــــوانــا المفجـع الثكــالن‪.‬‬ ‫اس��تنكرت "دمش��ق" والمحافظ��ات‬ ‫الس��ورية والدول العربية عملية االغتيال‬ ‫الغ��ادر‪ ،‬وش��يّعته عش��رات اآلالف م��ن‬ ‫الجماهي��ر إلى مدف��ن العائل��ة في "حّي‬ ‫المهاجرين"‪ ،‬ويرقد جثمانه الطاهر اليوم‬ ‫ف��ي متح��ف الس��احة التي حملت اس��مه‬ ‫"س��احة الش��هيد عدنان المالك��ي"‪ ،‬وكان‬ ‫الغتيال "المالكي" وق��ع كبير على الحياة‬ ‫السياس��ية في س��ورية‪ ،‬وتبادل��ت القوى‬ ‫االستعمارية أصابع االتهام في اغتياله‪.‬‬ ‫قال��وا ف��ي تأبي��ن الش��هيد "عدنان‬ ‫المالكي"‪:‬‬ ‫عمي��د األدب العرب��ي الدكت��ور "طه‬ ‫حس��ين"‪« :‬ل��م يص��دع استش��هاد ه��ذا‬ ‫الفقي��د العظيم قلوب الش��عب الس��وري‬ ‫وحده‪ ،‬ولكنه كان خطباً جلي ًال صدع قلوب‬ ‫الش��عوب العربية الت��ي تخلص للعروبة‪،‬‬ ‫وتؤمن بها وتقي��م حياتها على التضامن‬ ‫العرب��ي الخ��اص المتين النق��ي من كل‬ ‫شائبة»‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫عن �أطفال ويافعني فـي‬ ‫ظالل ال�سالح‬

‫جمال خليل صبح‬

‫‪-1-‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫لم يكن أحداً ليتوقع بأن منظمة "شبيبة‬ ‫هتلر"[‪ ]1‬البائسة التي أعلن عن تأسيسها في‬ ‫اجتماع الحزب النازي الس��نوي عام ‪ 1926‬في‬ ‫مدينة فايمار‪ ،‬ذات التاري��خ الثقافي العريق‪،‬‬ ‫سوف يكون لها شأن كبير في الفترة الالحقة‬ ‫من عم��ر الرايخ الثالث حين اس��تولى الحزب‬ ‫عل��ى الس��لطة ف��ي مفارقة تاريخي��ة جعلت‬ ‫أح��د المضطربين نفس��يا يتربّ��ع على رأس‬ ‫أعلى س��لطة في بالد الجيرمان‪ .‬كان هتلر ال‬ ‫يمل هذيانا ع��ن دور األطفال واليافعين في‬ ‫التأس��يس والمساهمة في بناء جبروت القوة‬ ‫األلماني��ة العارية التي بشّ��ر فيها في كتابه‬ ‫الش��هير مس��تندا إلى أصول عرقية ال تعرف‬ ‫للمنط��ق ح��دودا‪ .‬بع��د عبوره��ا من ش��بيبة‬ ‫"حزبية" إلى ش��بيبة "الدولة" ومع تلبّد غيوم‬ ‫الح��رب العالمي��ة عش��ية الع��ام ‪ 1939‬صدر‬ ‫قانون "الخدم��ة اإللزامية للش��بيبة" الذي ما‬ ‫أن ج��ف حبره إال وقد كان ما يقارب ‪ 8‬ماليين‬ ‫طف��ل وياف��ع ألمان��ي ونمس��اوي دون س��ن‬ ‫الثامنة عش��رة‪ ،‬ومن كال الجنسين ملتحقين‬ ‫بهياكل��ه وملتزمين بنش��اطاته التي أصبحت‬ ‫مميت��ة بع��د حي��ن‪ .‬تلق��وا ه��ؤالء األطف��ال‬ ‫واليافعي��ن تربي��ة صارم��ة ووضع��وا ف��ي‬ ‫معس��كرات كانت أش��به بالثكنات العسكرية‬ ‫رغ��م وج��ود بعض النش��اطات التي تس��مح‬ ‫له��م بنوع م��ن اإلحس��اس بالمغام��رة وحب‬ ‫الفضول الش��قي‪ .‬لم تكن نش��اطاتهم تقف‬ ‫عند جمع مخ ّلفات األس��لحة والمس��اعدة في‬ ‫بع��ض أعم��ال الصيانة والبن��اء‪ ،‬واالضطالع‬ ‫على صنوف األس��لحة والمثابرة على دروس‬ ‫"فلس��فة األع��راق" الخالدة وتعالي��م "الدين‬ ‫الن��ازي" الجديد فحس��ب‪ ،‬وإنم��ا تعدّتها إلى‬ ‫المش��اركة ف��ي األعمال العس��كرية القتالية‬ ‫واللوجستية‪ ،‬التي كانت تتزايد تباعا مع دخول‬ ‫الحرب أوقاتها الحالكة واشتداد المعارك حول‬ ‫وداخل الم��دن األلمانية الكبرى‪ .‬مع اإلش��ارة‬ ‫إل��ى أن من يش��تدّ عوده منه��م يتم تزكيته‬ ‫لفرق العاصفة‪ ،‬إحدى أشرس الفرق القتالية‬ ‫األلمانية آنذاك‪ .‬ومع انتهاء الحرب كان هناك‬ ‫اآلالف منهم ضم��ن عديد اآلالف المؤ ّلفة من‬ ‫الجنود األلمان الذين القوا حتفهم في ظروف‬ ‫ال تستحق إال الشّفقة‬

‫‪-2‬‬‫إن كانت الجبهات قد صمتت وحل س�لام‬ ‫ما على األرض األوروبية بعد الحرب العالمية‬ ‫الثانية‪ ،‬ف��إن جبهات وح��روب أهلية أخرى قد‬ ‫اس��تهلت في بقاع عديدة من العالم كان فيها‬ ‫انخراط األطف��ال واليافعين في "قتال الكبار"‬ ‫يب��دو أكث��ر وضوحا وربما أش��د فت��كا وعنفا‪.‬‬ ‫فف��ي النص��ف الثاني م��ن القرن العش��رين‬ ‫كانت بلدان مثل ماينمار‪ ،‬السودان‪ ،‬كولومبيا‪،‬‬ ‫جمهورية الكونغ��و الديمقراطية‪ ،‬الفيليبين‪،‬‬

‫جمهورية إفريقيا الوسطى والصومال مجرّد‬ ‫أمثل��ة على فظاعات كان "أبطالها وضحاياها"‬ ‫إن ص��ح التعبي��ر أطف��ال ومراهقي��ن‪ ،‬ت��م‬ ‫تجنيدهم من قبل األطراف المتحاربة‪ ،‬س��وا ًء‬ ‫كانت حكومية أو معارضة متمرّدة‪ ،‬بالترغيب‬ ‫ت��ارة وبالترهي��ب ت��ارات‪ .‬ف��ي ماينم��ار مث ًال‬ ‫تاريخ عريق من االنته��اكات وتجنيد األطفال‬ ‫وتس��ليحهم‪ ،‬أما ف��ي الكونغ��و الديمقراطية‬ ‫فحدّث وال حرج‪ ،‬إذ غالبًا ما كان يجبر األطفال‬ ‫في خضمّ الصراعات المتبدّلة على السلطة‬ ‫على االنخراط في أعمال قتالية وعلى ارتكاب‬ ‫أعم��ال غاي��ة ف��ي الفظاع��ة والوحش��ية من‬ ‫قتل وتعذيب واغتص��اب‪ ،‬بالمقابل يعرف كل‬ ‫طفل ويافع ما ينتظره تمامًا في حال االمتناع‬ ‫أو الت��ردد ع��ن القي��ام بذلك‪ .‬ورغم تحس��ن‬ ‫األوض��اع في مجم��ل هذه البل��دان المفتوحة‬ ‫على الصراعات إال ّأن الحال بالعموم لمّا تزل‬ ‫على حالها حتى يومنا هذا‬

‫‪-3‬‬‫ف��ي لبنان إبّ��ان الح��رب األهلية برزت‬ ‫ظواه��ر ملفت��ة للنظ��ر‪ ،‬كان أبرزه��ا ما بات‬ ‫يع��رف ب "أطف��ال األر بي ج��ي"‪ .‬ففي حمأة‬ ‫االجتي��اح اإلس��رائيلي الب��ري العني��ف الت��ي‬ ‫توّج��ت بوص��ول جيش "الهاغان��اه" إلى قلب‬ ‫العاصم��ة بي��روت صي��ف ‪ 1982‬ف��ي حرب��ه‬ ‫المفتوح��ة ض��د تحال��ف الق��وى الوطني��ة‬ ‫اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية آنذاك‬ ‫ت��م تش��كيل وح��دات صغي��رة م��ن األطفال‬ ‫واليافعي��ن ج ّله��م من أبناء مخيم��ات البؤس‬ ‫الفلس��طينية التي كانت تسوّر مدن الجنوب‬

‫والعاصمة وتم تدريبهم على استخدام سالح‬ ‫فتّ��اك بالمدرّع��ات والدباب��ات ه��و األر ب��ي‬ ‫جي‪ .‬ش��هادات الضباط والجنود اإلسرائيليين‬ ‫العائدين من جهنّم لبنان تواترت عن ظهور‬ ‫فتي��ة م��ن األطفال المس��لحين بي��ن األحياء‬ ‫وإطالقهم قذائف مميتة كان أغلبها ال يصيب‬ ‫أهدافه البادية ولكنّه��ا كانت تصيب مخيّلة‬ ‫اإلس��رائيليين وأفكارهم عن "هؤالء" العرب‬ ‫في الصميم‪ ،‬باإلضافة إلى تحريضها لبعض‬ ‫أع��راض اإلعت�لاالت النفس��ية‪ ،‬خاص��ة لدى‬ ‫أولئ��ك الجن��ود الذين اعترف��وا باضطرارهم‬ ‫لقت��ل هؤالء األطفال بال رحم��ة تحت ذريعة‬ ‫الدفاع عن النف��س األمارة باالحتالل والقوة‪،‬‬ ‫فظهروا لهم في مناماتهم بعد سنوات طوال‬ ‫وأش��بعوهم كوابي��س وض�لاالت غاي��ة في‬ ‫الرع��ب‪ .‬لم يك��ن واضحا آنذاك فيم��ا إذا كان‬ ‫القرار بتشكيل هكذا كتائب أو مجموعات قد‬ ‫اتخ��ذ على عجل من قي��ادات عليا في ظروف‬ ‫الحص��ار الخان��ق الت��ي تعرّض��ت ل��ه القوى‬ ‫الفلس��طينية المس�� ّلحة‪ ،‬أم أن��ه كان ش��يئا‬ ‫مس��بق التحضي��ر‪ ،‬وإن كان هناك الكثير من‬ ‫األد ّل��ة على أن رئيس منظمة التحرير ياس��ر‬ ‫عرفات نفس��ه كان ال يف��وّت فرصة للتأكيد‬ ‫عل��ى "أش��بال الث��ورة" ودوره��م ف��ي رف��د‬ ‫المقاتلين "عاج ًال أم الحقا" ورعايتهم بشكل‬ ‫بولغ في تركيزه على الجانب العسكري‪ ،‬وإن‬ ‫اتخذت أشكاله نش��اطات ظاهرها "كشّافي"‬ ‫الطابع وباطنها "إيديولوجي" سياس��ي بحت‪.‬‬ ‫حت��ى أن هن��اك ما يش��ير إلى ضل��وع القائد‬ ‫العسكري أبو خليل الوزير في تنظيم وتهيئة‬ ‫"أطف��ال األر بي جي"‪ ،‬إحدى أكث��ر المطبّات‬ ‫األخالقية التي وس��مت وجود منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية الدامي في لبنان‪.‬‬

‫‪-4‬‬‫من لبن��ان إلى األراضي الفلس��طينية‬ ‫المحت ّل��ة في الضف��ة وغزّة كان��ت العدوى‬ ‫تنتقل ولكن بصورة أكثر رمزية وأقل وطأة‬ ‫م��ع االنتفاض��ة األولى التي أف��رزت ظاهرة‬ ‫"أطفال الحجارة" في مش��اهد ال تنسى عن‬ ‫أطف��ال ويافعي��ن يمطرون جن��ود االحتالل‬ ‫ومدرّعات��ه بالحج��ارة في مواجه��ات دامية‬ ‫اتخذت من أزقّة وش��وارع المدن والمخيمات‬ ‫الفلس��طينية أثن��اء االقتحام��ات وعملي��ات‬ ‫التمش��يط العس��كرية لجي��ش االحت�لال‬ ‫مس��رحا له��ا‪ .‬تفجّر الغض��ب المكبوت تجاه‬ ‫واق��ع االحت�لال الش��رس وب��ات األطف��ال‬ ‫"رم��وزاً" لصم��ود الفلس��طيني ف��ي أرضه‬ ‫ومقاومته لسياس��ة التدجي��ن العنيفة التي‬ ‫يب��دو أنه��ا ل��م يكتب له��ا النجاح جي�لا بعد‬ ‫آخر‪ .‬ف��ي االنتفاض��ة الفلس��طينية الثانية‬ ‫التي أبرزت جانبا مس�� ّلحا م��ن جوانبها كان‬ ‫ّ‬ ‫مش��كلين لبعض‬ ‫األطف��ال واليافعين أيضا‬ ‫مالمحها فيما لم يعرف عن عمليات تس��ليح‬ ‫بينه��م بالمعن��ى الواضح للكلم��ة‪ ،‬فيما بدا‬ ‫ذل��ك نضج��ا فلس��طينيا وإن تخللته بعض‬ ‫الحاالت االستثنائية من هنا وهناك‪.‬‬

‫‪-5‬‬‫مع الثورة السورية بدأ فصل جديد من‬ ‫الكتاب الس��وري المعاصر وصلت فيه األمور‬ ‫إلى نقطة حاسمة‪ ،‬امتشق فيها الثوار السالح‬ ‫في مواجهات غير متكافئة بعد شهور طويلة‬ ‫من المالمح السلمية التي وسمت الثورة في‬


‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫بداياته��ا األول��ى واختم��ار قناع��ة عامة بأن‬ ‫العالم لن يحرّك ش��يئا لوقف آلة القتل التي‬ ‫أديرت من نظام األسد بشراسة ال تضاهى‪،‬‬ ‫ل��م تميّز بين كبير وصغير‪ .‬م��ع ازدياد عدد‬ ‫المنش��قين من العس��كر وتط��وّع المدنيين‬ ‫في كتائب عس��كرية مس�� ّلحة اتسعت رقعة‬ ‫المواجهات وارتفعت وتي��رة القتل واالنتقام‬ ‫الكبير من المناطق التي تحتضن أو يتحصّن‬ ‫فيها الث��وار‪ ،‬أرادها النظام حرب ش��املة لم‬ ‫يوفّر فيها س�لاحا بريا أو جويا إال واستخدمه‬ ‫وبس��خاء مدهش‪ .‬وفي خضمّ أخبار الموت‬ ‫اليومية القادمة من س��وريا تحدّثت تقارير‬ ‫لمنظم��ات دولي��ة ع��ن قي��ام بع��ض قوات‬ ‫محس��وبة على المعارض��ة بتجنيد عددٍ من‬ ‫األطفال واليافعين في مواجهاتها العسكرية‬ ‫مع النظام وقدمت أمثلة وش��هادات عن ذلك‪.‬‬ ‫أحد هذه التقارير[‪ ،]2‬وإن اعتمد على حاالت‬ ‫قليل��ة ج��داً‪ ،‬أخط��ر عن لق��اءات وش��هادات‬ ‫ألطف��ال وأح��داث م��ن أعم��ار مختلف��ة بين‬ ‫‪ 14‬و ‪ 17‬س��نة‪ ،‬اش��تركوا بعمليات قتالية أو‬ ‫لوجس��تية لها عالقة بأنشطة بعض القوات‬ ‫والكتائب المناوئة لنظام األس��د وخاصة في‬ ‫مدن ذاقت األمرّين مثل حمص ودرعا وريف‬ ‫حلب إلى حدٍ ما‪.‬‬

‫‪-6-‬‬

‫ال يحت��اج الموض��وع إل��ى خب��راء‬ ‫وأخصائيي��ن ف��ي عل��م النف��س حت��ى‬ ‫نع��رف م��دى اآلث��ار النفس��ية واالجتماعية‬ ‫والمجتمعي��ة المدمّرة الت��ي يمكن لظاهرة‬ ‫تجني��د أو انخ��راط األطف��ال واليافعي��ن في‬ ‫أعم��ال عس��كرية قتالية في أزمن��ة الحروب‬ ‫والصراع��ات المس�� ّلحة أن تثم��ر عنه��ا‪.‬‬ ‫فالطفولة مرحلة تأسيس��ية حسّاسة لجملة‬ ‫من القدرات العقلية والعاطفية والسلوكية‪،‬‬ ‫تليه��ا مرحل��ة البل��وغ والمراهق��ة واليفوع‪،‬‬ ‫حيث تتش��كل وتتح��وّر المالمح األساس��ية‬ ‫للش��خصية‪ .‬في فت��رات الطفول��ة المتأخرة‬ ‫(م��ن ‪ 9‬إل��ى ‪ 12‬س��نة) تبدأ مرحلة حاس��مة‬ ‫فيم��ا يخ��ص تط��ور الجانب األخالق��ي عند‬ ‫الطف��ل‪ .‬في هذه المرحلة تس��تكمل مالمح‬

‫‪-8‬‬‫إن ول��وج األطف��ال واليافعي��ن عوال��م‬ ‫العن��ف واالنخ��راط في��ه على الش��كل الذي‬ ‫يتيح اس��تخدام الس�لاح يعمل عل��ى اهتزاز‬ ‫الكيان النفسي والتطور العاطفي والمعرفي‬ ‫بصورة ح��ادّة‪ .‬ففض ًال عن الحرمان من بناء‬ ‫الق��درات العام��ة التي يس��مح به��ا التعليم‬ ‫المدرس��ي في بيئ��ات آمنة مث� ً‬ ‫لا‪ ،‬يضطرب‬ ‫التط��ور العصبي في الدم��اغ وتتأثر عمليات‬ ‫النض��ج العصب��ي ف��ي مناطق مح��ددة منه‬ ‫الس��يما في المناط��ق الجبهية في القش��رة‬ ‫وارتباطات��ه الحيوي��ة بمناط��ق أخ��رى م��ن‬ ‫الدم��اغ[‪ .]3‬من المعروف بأن الفص الجبهي‬ ‫ف��ي الدماغ ه��و أكثر المناطق التي تس��تمر‬ ‫ف��ي التط��ور حت��ى انته��اء فت��رة المراهقة‬ ‫وبداي��ة الرش��د المبكر وه��ذا ال يحصل قبل‬ ‫سن الثامنة عشرة وإن امتد أحيانا إلى السنة‬ ‫الثانية والعش��رين من العمر‪ .‬هذه المناطق‬

‫وأخيراً‪ ،‬وفيما يخص المثال الس��وري‪،‬‬ ‫نق��ول ب��أن جرائ��م النظ��ام واس��تباحته‬ ‫للمدن المنتفضة مس��تخدما أعتى األسلحة‬ ‫وأش��دّها فت��كا بالبش��ر والحجر ه��ي التي‬ ‫هيأت "ب��وادر" لظواهر من قبيل ما أش��رنا‬ ‫وإن كان��ت ولمّ��ا ت��زل حاالت فردي��ة تبتعد‬ ‫ع��ن كونها قاعدة عامة مطلق��ة‪ .‬على مدار‬ ‫عقود االس��تبداد الشامل لم يتح ألجيال من‬ ‫األطف��ال واليافعي��ن ف��ي الوطن الس��وري‬ ‫إلاّ إن يكون��وا ج��زءا من مطحن��ة الدكتاتور‬ ‫األب العاتي��ة وهذياناته "التأليهية"‪ ،‬أما اآلن‬ ‫فه��م باتوا الفئة األكثر تض��ررا من الناحية‬ ‫النفس��ية واالجتماعي��ة جرّاء ح��رب اإلبادة‬ ‫المفتوحة عليهم وعل��ى آبائهم وعائالتهم‬ ‫ومناطق سكناهم‪ ،‬خاصة حين اضطرارهم‬ ‫بحك��م الواق��ع الم��رّ إل��ى لع��ب دور الكبار‬ ‫وتحمّل أكالف غيابهم القس��ري من تأمين‬ ‫ألساسيات الحياة بعملياتٍ أشبه باالنتحارية‬ ‫بعد اس��تهداف النظ��ام لتل��ك األماكن التي‬ ‫غالب��ًا ما تع��جّ بهم مثل أف��ران الخبز مث ًال‪.‬‬ ‫ورغم تفهّمنا العميق لألس��باب التي جعلت‬ ‫"يافع��ا" حدث��ًا يمتش��ق الس�لاح ويراف��ق‬ ‫الث��وار ف��ي زمن الم��وت المقيم ف��ي جميع‬ ‫أركان الب�لاد‪ ،‬إال أننا علين��ا جميعًا أن نعمل‬ ‫على الحدّ من انتش��ار الظاهرة وتداعياتها‬ ‫المرعب��ة والتنويه إلى خط��ورة حاالت كهذه‬ ‫وإن ب��دت ضئيل��ة وخاصة لدى ه��ذا الجيل‬ ‫م��ن صغ��ار الس��ن الذين س��وف يحتفظون‬ ‫بذاكرته��م عن أوق��ات طوال م��ن المعاناة‪،‬‬ ‫لم يكون��وا يس��تحقّونها وأبن��اء البلد‪ .‬هذه‬ ‫مس��ؤولية الثورة وكوادرها من عس��كريين‬ ‫ومدنيي��ن وبغ��ض النظر عمّا تح��دّث عنه‬ ‫المنظمات الدولية في عالم استمتع الفرجة‬ ‫على الدم السوري المهدور‪.‬‬ ‫)‪[1] (Hitler-Jugend‬‬ ‫‪[2] http://www. hrw. org/ar/‬‬ ‫‪news/201229/11/‬‬ ‫)‪[3] (frontal cortex‬‬ ‫)‪[4] (amygdala‬‬ ‫نشرت في موقع الجمهورية لدراسات‬ ‫الثورة السورية‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫‪-7-‬‬

‫القي��م األخالقي��ة للص��واب والخط��أ وتأخذ‬ ‫طابع��اً مميّزا يمكن من خالل��ه التمييز بين‬ ‫األعم��ال العنيف��ة والخي��رة وتقييمه��ا ف��ي‬ ‫ضوء األخ�لاق العامة والمعايي��ر المجتمعية‬ ‫وبش��كل يسترش��د بالقانون العام كلما كبر‬ ‫الطفل وبات أقرب إلى الولوج في سن البلوغ‬ ‫والمراهق��ة‪ .‬هنا يك��ون مفه��وم "الضمير"‬ ‫ق��د بلغ مدىً البأس به في الكيان النفس��ي‬ ‫للطف��ل‪ .‬أما في الفت��رة الفاصلة بين س��ن‬ ‫الثالثة عش��ر والثامنة عش��ر فتتشكل قيّما‬ ‫فردي��ة لها عالق��ة بالهوية الجنس��ية والدور‬ ‫المس��تقبلي للف��رد وصورت��ه تجاه نفس��ه‬ ‫وتصورات اآلخرين تجاهه‪ .‬ينزع المراهقون‬ ‫واليافعون في هذه المرحلة إلى االس��تقالل‬ ‫وتأكي��د الحض��ور الذات��ي وس��ط محي��ط‬ ‫اجتماع��ي ال يراه��م ال أطفال وال راش��دين‪،‬‬ ‫محاولين تلمّس ذلك عبر إتحادهم مع أمثلة‬ ‫من الحياة العامة قد تس��حر ألبابهم‪ ،‬وتؤمن‬ ‫لهم "قدوة" يستطيعون من خاللها "تجريب"‬ ‫أنفسهم في مواقف تحرّض عليها المخيّلة‬ ‫لتدعيم كيانات الشخصية المتشكلة‪ ،‬غالبا ما‬ ‫يك��ون العناد و التعارض مع األهل والمحيط‬ ‫األق��رب هو ما يس��م العالقة الش��ائكة على‬ ‫دروب التطور النفس��ي‪-‬االجتماعي العس��ير‬ ‫في هذه المرحلة‪.‬‬

‫تعتب��ر "الفيلس��وف الحكي��م" ف��ي الدم��اغ‪،‬‬ ‫تكون مس��ؤولة عن عمليات ضبط الس��لوك‬ ‫والتخطيط وحل المش��كالت وبعض عمليات‬ ‫الذاكرة واالنتب��اه‪ .‬تنخرط هذه المناطق في‬ ‫الموازنة بين البدائل الس��لوكية في مواقف‬ ‫فيها صراع أو تعارض ما وتعمل على انتقاء‬ ‫أفض��ل المخرج��ات الس��لوكية الت��ي تقرّب‬ ‫من اله��دف‪ .‬يرتبط الف��ص الجبهي عصبيا‬ ‫بمناطق مس��ؤولة عن الذاكرة العاطفية في‬ ‫منطقة تدع��ى الوزة[‪ ]4‬الت��ي تعمل كجهاز‬ ‫إنذار بيولوجي لدى اإلنسان‪ .‬يقوم بترويضها‬ ‫من خالل التثبيط والس��يطرة على اإلشارات‬ ‫القادم��ة م��ن العق��ل الباطن ح��ول مواطن‬ ‫الخطر وخاص��ة عندما يك��ون الخطر وهميًا‬ ‫وال عالق��ة له بالواقع‪ .‬وهك��ذا فإن أي عطب‬ ‫تطوري ق��د يصيب هذه المناط��ق الدماغية‬ ‫الحرجة بسبب اإلغراق من هرمونات الكرب‬ ‫واضط��راب عم��ل النواق��ل العصبية س��وف‬ ‫يك��ون وبا ًال على قدرة اليافع "آج ًال أم عاجال"‬ ‫عل��ى ّ‬ ‫التحك��م بس��لوكه العاطف��ي وقدرته‬ ‫عل��ى الضب��ط تج��اه المواق��ف االجتماعي��ة‬ ‫المختلفة‪ .‬تحدثنا األدبيات النفس��ية على أن‬ ‫معظم األطف��ال واليافعي��ن الذين انخرطوا‬ ‫ف��ي أعمال قتالي��ة كانوا عرض��ة لجملة من‬ ‫االضطراب��ات النفس��ية الت��ي تتميّ��ز بعدم‬ ‫الق��درة عل��ى كب��ح االس��تجابات الخاطئ��ة‪،‬‬ ‫إنفجارات الغضب‪ ،‬مستوى ضئيل من تحمل‬ ‫اإلحباط��ات وس��هولة اإلتيان بعم��ل عنيف‪.‬‬ ‫غالبا ما يس��قط هؤالء األطفال والمراهقين‬ ‫ذوي الخبرات القتالية ضحايا لش��تى أش��كال‬ ‫اإلدمان من الكحول إلى المخدّرات‪ .‬واألخطر‬ ‫هو التش��ويه المعرفي‪-‬األخالقي الذي يطال‬ ‫كياناتهم النفسية من جهة "شرعنة" العنف‬ ‫واعتباره عم ًال موجباً للحصول على الحقوق‬ ‫واألهواء حت��ى في تلك الفت��رات التي تخبو‬ ‫بها الصراعات المس�� ّلحة فيما بعد‪ .‬طبعًا عدا‬ ‫ترش��يح اإلصابة بأحد االضطراب��ات الكبرى‬ ‫وخاص��ة الش��دة النفس��ية التالي��ة للصدمة‬ ‫وذل��ك ك��ون ه��ؤالء األطف��ال والمراهقين‬ ‫ق��د خب��روا صدمات نفس��ية متك��ررة جرّاء‬ ‫انخراطهم بش��كل أو بآخر في أحداث مرعبة‬ ‫وصادمة من مش��اهد قتل وتعذي��ب وأجواء‬ ‫من الرص��اص واإلنفجارات تبق��ى محفورة‬ ‫ف��ي الذاك��رة وتعل��ن قدرته��ا عل��ى اإليذاء‬ ‫النفسي ولو بعد حين‪.‬‬

‫‪-9-‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫بغ��ض النظ��ر عن ع��دم وج��ود قيادة‬ ‫موحّدة للذراع العس��كري للثورة الس��ورية‬ ‫حت��ى اللحظ��ة‪ ،‬ال يمك��ن القول ب��أن هناك‬ ‫منحىّ أو قرارا عاما بتجنيد اليافعين وقبول‬ ‫تطوّعهم في كتائب الجيش الس��وري الحر‬ ‫أو غيرها بش��كل بادي للعيان‪ .‬هذا الحال ال‬ ‫ينفي وج��ود بعض ٍ‬ ‫الحاالت الت��ي وإن ظ ّلت‬ ‫قائم��ة في نط��اق ضيّق ومحص��ور إال أنها‬ ‫تدق ناقوس الخطر لما قد تؤول إليه األمور‬ ‫في حال اس��تمرار الوضع على ما هو عليه‪،‬‬ ‫ف��ي ظل صمت دول��ي وعرب��ي عميق على‬ ‫جرائ��م النظ��ام‪ ،‬أصل كل العلل والش��رور‪.‬‬ ‫أغل��ب الح��االت من تطوّع يافعين في س��ن‬ ‫م��ا تح��ت الثامنة عش��رة للقتال ض��د قوات‬ ‫األس��د كان��ت تعبّر ع��ن حالة م��ن اإلحباط‬ ‫الش��ديد الذي وصلها ه��ؤالء الفتية خاصّة‬ ‫مم��ن فق��دوا أهلهم قت�لا وتمثي�لا على يد‬ ‫األجهزة العس��كرية واألمنية للنظام وأحيانا‬ ‫أم��ام أعينهم‪ .‬إال أن بع��ض األخبار القادمة‬ ‫من مدين��ة حلب على وجه التحديد أش��ارت‬ ‫إلى وجود نوع من المعس��كرات تابعة لقوى‬ ‫قتالي��ة مس�� ّلحة معارضة‪ ،‬يمك��ن لليافعين‬ ‫واألحداث الولوج إليه��ا والحصول فيها على‬ ‫تدري��ب عس��كري ودين��ي ما‪ .‬ورغم ش��يوع‬ ‫ح��االت ال ب��أس بها إال أن��ه ليس هن��اك ما‬ ‫ينفي أو يؤكد صحة هذه المعلومات وال إلى‬ ‫أية جهة تتبع هكذا نوع من المعسكرات "إن‬ ‫وجدت" رغم اإليحاء بوجود قوى "إسالمية‪-‬‬ ‫سلفية" الهوى ورائها‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟ (‪)21‬‬ ‫يا�سني عبد اللطيف‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫لم تشهد حُقبة في التاريخ (أطفا ًال) يخرجون على سلطة‬ ‫حاكم أو طاغية كما هي حال أطفال درعا الذين أش��علوا‬ ‫فتيل الثورة الس��ورية؛ وقد حقَّ االعتراف بفضلهم على‬ ‫سورية وعلى األمة!‪.‬‬

‫عبر عن حبي لبلدي وأهلي بشي مشروع صغير أقدر أعمله بدون ما خاف‪ ..‬بدي أقدر أتعلم أيا مهارة‬ ‫بحتاج لحتى أعمل الشي يلي بحققلي ذاتي جوات بلدي‪..‬‬

‫و�سيم اجلزايريل‬

‫ل��و الالجئي��ن راح��وا عل��ى إس��رائيل ب��دل األردن بتوقع‬ ‫إس��رائيل ما رح تصل لدرجة أن طف��ل يموت عندها من‬ ‫البرد ممكن تخفف األكل ممكن يصير في إهانة نفسية‬ ‫ب��س يم��وت طفل م��ن (البرد) هي م��ا بتصي��ر غير عنا‬ ‫العرب‪..‬‬

‫�سارة الطويل‬

‫ل��و كل قذيفة عم تنزل على مس��لح كانوا خلصوا‪ ،‬ش��و‬ ‫مشان هالتبذير هذا‪..‬‬

‫م�صطفى اجلرف‬

‫هذا الش��عب الفقير المس��لم الذي يحق��ق أصعب تحول‬ ‫ديمقراط��ي في التاريخ ه��و المعنى الت��ام لقوله تعالى‬ ‫(كنتم خير أمّة أخرجت للناس)‪.‬‬

‫زينة احلالق‬

‫ملى قنوت‬ ‫صحيح لم يكن لدينا «ساحة تحرير» في ثورتنا لكننا لن‬ ‫نتركها في سوريا القادمة‪..‬‬

‫معد ح�سن‬

‫كيف لش��عب ف��رض عليه البكاء على اب��ن الطاغية أن ال‬ ‫يثور‪ ..‬كيف لش��عب أممت أفراحه أن ال يثور‪ ..‬كيف لشعب‬ ‫أجبر على االحتفال بتش��رين بعد أن كان قد قدس الربيع‬ ‫آلالف السنيين‪ ..‬أن ال يثور‪..‬‬

‫وليد القوتلي‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫أعترف أنني متطرفة ومصرة على هذا التطرف‪ ..‬ضد كل‬ ‫من كان مع القاتل وش��ارك بصناعة الموت‪ ..‬مهما كبرت‬ ‫وعظمت هالة القديسين فوق رأسه‪..‬‬

‫بش��ار يكمل مش��روع حاف��ظ‪ ،‬لق��د دم��ر األب االقتصاد‬ ‫والسياس��ة والعل��م والثقافة وباع الج��والن ويكمل االبن‬ ‫بتدمير الحجر والبشر والشجر‪ ،‬هذه باختصار مهمة هذه‬ ‫العائلة التي غفلت عن ش��يء واحد وه��و الغضب النبيل‬ ‫الع��ارم ال��ذي تراكم ف��ي الص��دور والذي س��يقتلع هذه‬ ‫العائلة من الجذور‪.‬‬

‫أعل��م تمامًا‪:‬كم��ا أخرج��ت س��وريا بأس��فها أناس��ًا قتل��ة‬ ‫وبياعين كالم وش��غل فقاع��ات‪ ..‬أخرجت رجا ًال حقيقيين‬ ‫كانوا والزالوا يعملون لها وألهلها وال يحتاجون إضاءات‪..‬‬ ‫لديهم الضوء ما يكفي‪ ..‬يريدون بلدهم كما يريدها أيّ‬ ‫ح��رّ وثائر‪ ..‬ألجلها فقط‪ ..‬عاش��ت رجاالت س��وريا الذين‬ ‫يطحنون لها قمح الكرامة يوم غاب طحين األنذال‪..‬‬

‫مطر بحجم كل الدموع التي انهمرت على دمش��ق وليس‬ ‫باستطاعته أن يغسل دمعة واحدة منها‪..‬‬

‫رمي جحا‬

‫م�صطفى حديد‬

‫السياسة األمريكية تسكت عن المجازر اليومية المنهجية‬ ‫لتح��ذر من مج��ازر افتراضية‪ ...‬أليس��ت عبقرية اليانكي‬ ‫مرعبة؟‬

‫�ضحى ح�سن‬

‫أدي��ش غري��ب اإلحس��اس انو لم��ا تكون ببل��دك (بنص‬ ‫القص��ف ورغ��م كل ش��ي ع��م يصي��ر) بتضل ق��وي ما‬ ‫بتح��س بالتعب غير للحظات‪ ،‬وما بتخاف‪ ..‬هي الش��وارع‬ ‫هي ذاكرتك وه��ي أنت‪ ..‬برا البلد بتحس حالك ضعيف‪..‬‬ ‫والمدينة عم تنهشك‪ ..‬شهر وشوي كافيين لحتى خلوني‬ ‫اش��عر بالتعب واإلنهاك وحس حالي مت��ل الجثة الباردة‪..‬‬ ‫ج��وا البلد المطر الو ريح��ة ولون بخليك تنتفس الس��ما‬ ‫كلها ولو كانت طيارات الميغ والمروحيات مغطية السما‪..‬‬ ‫ب��را البل��د‪ ..‬هو بس مط��ر‪ ..‬بعبيك غب��رة وطين وحنين‬ ‫لحتى تختنق‪..‬‬

‫نزار بلبو�س‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫بدي يكون عندي خيار بالش��ي يلي بيرضى الجانب الروحي في جوات بلدي‪ ..‬بدي لما يخطرلي‬

‫الفرنس��يون قصفوا دمشق من قاسيون ولم يستطيعوا‬ ‫البق��اء ورحل��وا إل��ى بالده��م‪ ..‬النظام الس��افل يتحضر‬ ‫لقصف دمش��ق ولكنه س��يزول فلن يرح��ل إلى أي مكان‬ ‫فال أحد يستقبل المجرمين‪..‬‬

‫فدوى روحانا‬

‫م�صطفى اجلرف‬

‫كأحد أبن��اء األقليات الدينية‪ ،‬ليس لديّ م��ا يقلقني أبدا‬ ‫من انتش��ار األصولية اإلس�لامية المتش��ددة‪ ..‬أفضّل أن‬ ‫تقلق األغلبية السنيّة وحدها لهذا األمر‪..‬‬

‫�أحمد �أبازيد‬

‫وحدهم الس��وريّون يتظاه��رون ال متوقّعي��ن االعتقال‬ ‫أو الض��رب أو الرص��اص‪ ..‬وإنّما متوقّعي��ن القذائف في‬ ‫وس��طهم!‪ ..‬مظاه��رة بس��تان القصر قبل قلي��ل‪ ..‬كانوا‬ ‫يتظاهرون عمّا قليل‪ ..‬واآلن بعد قذيفة أضحوا أش�لاء‪..‬‬ ‫كان الص��وتُ عالياً‪ ..‬واآلن رغم كونه غيرَ مس��موع صار‬ ‫أعلى‪ ..‬وسيبقى أعلى‪ ..‬سوف يبقى‬

‫فادي الأ�صيل‬

‫الدي��ن = حال��ة الالدين!! فكالهم��ا معتقد يش��غل حيزاً‬ ‫م��ن الدماغ والتفكي��ر‪ ..‬وهما مقارب��ة محفوفة بمخاطر‬ ‫االنزالق إل��ى التطرف‪ ..‬فالدين أفيون الش��عوب ليس إال‬ ‫ق��و ًال تكفيرياً يقول��ه صاحب فكرة الالدي��ن‪ ..‬وال يختلف‬ ‫بحقيقته عن أي فكر تكفيري مغرق في التطرف‪ ..‬والبد‬ ‫من اإليم��ان بحرية الفكر والمعتقد مع التالزم التام بينه‬ ‫وبين حقيقة اإلنس��ان واإلنس��انية وم��ا يترتب على ذلك‬ ‫من حف��ظ حقوق الغير وتأدية الواجبات‪ ..‬والغير تش��مل‬ ‫البشر واألرض وما عليها‪..‬‬

‫رفيق احللو‬ ‫أل��ف بي��ان متل بي��ان حل��ب اللي ق��رأه ‪ 30‬زلم��ة ما راح‬ ‫يلغي من رأس��ي حقيقة انو الش��عب الس��وري بأغلبيته‬ ‫الس��احقة غير متطرف دينياً‪ ،‬والسني راح يقاوم التطرف‬ ‫قبل العلوي وقبل المس��يحي‪ ..‬أنا أثق بالشعب السوري‪،‬‬ ‫المطلوب نوفر ل��ه حقوق االقتراع والتظاه��ر والتعبير‪..‬‬ ‫والشعب عارف طريقه‪ ..‬أحسن من أكبر منظر‪..‬‬

‫بكر �صدقي‬

‫عل��ى فك��رة‪ :‬إذا قرروا تقس��يم س��وريا (بعيد الش��ر) الكرد‬ ‫وال��دروز والمس��يحيين بيطلعله��م دويالت‪ ،‬ألنه��م "أقليات"‬ ‫مختلف��ة‪ ..‬أم��ا العلويين والش��يعة فهم مس��لمون‪ ،‬وبيقعوا‬ ‫ضمن والية الدويلة اإلسالمية هه‪ ..‬والحاضر يعلم الغايب‪..‬‬

‫هالة العبد اهلل‬

‫في قرية صغيرة في الجنوب الس��وري صورت منذ سنين‬ ‫طويل��ة في كنيس��ة دافي��ة وجميلة وتمارس طقوس��ها‬ ‫الدينية بش��كل طبيعي وعادي ويعود عمر هذه الكنيسة‬ ‫إل��ى الق��رن الثان��ي المي�لادي نع��م الثاني‪ ..‬ل��م يؤذها‬ ‫الس��كان ولم يعتبروا وجودها غريبًا ولم يقم أي شخص‬ ‫ب��أي ممارس��ة عنفي��ة ضده��ا‪ ..‬الكنائس الت��ي ضريت‬ ‫وفجرت في حماة ف��ي ال ‪ 82‬كانت ضحية إلجرام النظام‬ ‫كما كنائ��س حمص اليوم‪ ..‬ال��روس والفاتيكان يخافون‬ ‫على المس��يحيين وكذلك بعض المس��يحيين في البالد‪..‬‬ ‫إن العنف الوحيد الذي تم ممارس��ته حتى يومنا هذا على‬ ‫المسيحيين في س��وريا هو بصفتهم مواطنين سوريين‬ ‫وفقط ال غير وتحديداً من قبل النظام المجرم‪..‬‬

‫رمي ف�ضيل‬

‫م��و عزي��زي موظ��ف الكهرب��ا ع��م تطفيها ربع س��اعة‬ ‫وبترجعها ربع ساعة ش��و منشان أنو ما عاد شي يشتغل‬ ‫بالبيت كلو احترق خلص خيوووووو ماعاد بدي كهربا حل‬ ‫عن سمانا‪..‬‬

‫علي قطيفان‬

‫كل األط��راف تش��هد عيون��ا تدم��ع حرق��ة عل��ى رحيل‪..‬‬ ‫ليدرك��وا حجم مس��ؤولية ذواته��م نحو ضحاي��ا آخرين‪..‬‬ ‫محبينه‪ ،‬الذين لم يضطر لتوجيه فوهة سالحه نحوهم‪..‬‬ ‫قتلهم بأن عقد العزم على أن يكون أحد الش��خوص في‬ ‫مس��رحية الموت‪ ..‬ليس هناك ما يمكن أن يثبت هشاشة‬ ‫أنسجة القلوب إال الحرب‪!..‬‬

‫ح�سام القطلبي‬

‫يغيظ المنحبكجي انش��قاق المقدسي وال يقلقه أن حلب‬ ‫ت��ذوي من الحرم��ان‪ .‬ليته يعلم أن جرة غ��از وربطة خبز‬ ‫ف��ي حلب اآلن أثمن ل��دى الثورة من مقدس��يّه هذا‪ ..‬قد‬ ‫يبرد غيظ قلبه عندها‪.‬‬

‫طالبة جامعية مغتربة‬

‫ش��رف كبي��ر أن أتس��لم جائ��زة الفدائ��ي‬ ‫الس��ينمائي باسل ش��حادة‪ ،،‬باس��ل شحادة‬ ‫من شباب الس��ينما الس��ورية الذين هجروا‬ ‫امتيازاته��م والتزاماتهم ليلتحق��وا بقيامة‬ ‫شعبهم‪..‬‬ ‫لم يكن باس��ل يصور وينق��ل الحقيقة فقط‬ ‫بل كان معلما نش��طا لكل ش��باب المناطق‬ ‫الساخنة الذين نذروا أرواحهم لفضح الدجل‬ ‫والتزوير‪..‬‬ ‫جائزة باس��ل هي جائزة ف��ادي زيدان ورامي‬ ‫ويدن وعروة وكثيرون م��ن فدائيينا األحرار‬ ‫الذين خاطروا والزال��وا يخاطرون بأرواحهم‬ ‫كرمى لحرية المعلومة واإلنسان‪..‬‬ ‫وألول م��رة يقت��رب مهرجان س��ينمائي من‬ ‫هموم شعبه بهذا العزم‪ .‬فكان أن أطلق على‬ ‫مسابقته السينمائية «الشعب يريد» وأطلق‬ ‫اسم ًا س��نوي ًا ودائم ًا على جائزته باسم جائزة‬ ‫«باس��ل ش��حادة»‪ ..‬بوركت األيادي البيضاء‬ ‫التي أسست هذا المهرجان‪..‬‬ ‫من كلمة جفل الختام لمهرجان الكاميرا‬ ‫العربية ‪!!2012 12- 2-‬‬ ‫فارس الحلو‬ ‫قد ال يعجب كالمي الكثيري��ن لكنه الواقع‪..‬‬ ‫الكتائ��ب اإلس�لامية عل��ى األرض وجبه��ة‬ ‫النص��رة كذل��ك تنته��ج سياس��ة أخالقية ‪-‬‬ ‫قد تكون مدروس��ة وب��ذكاء‪ -‬تدف��ع الناس‬ ‫لالطمئنان لهم وتقدير أفرادهم أكثر بكثير‬ ‫من باقي الكتائب التي لم تس��تطع حتى اآلن‬ ‫ضبط بع��ض عناصره��ا غي��ر المنضبطين‬ ‫ومحاسبتهم على أخطائهم‪ .‬عناصر الكتائب‬ ‫اإلس�لامية ال يس��رقون‪ ،‬يوزع��ون الغنائ��م‬ ‫بالتساوي‪ ،‬يقدمون دمهم على دم اآلخرين‪..‬‬ ‫كتائ��ب الطليعة اإلس�لامية ف��ي بنش على‬ ‫س��بيل المثال قاموا بإنشاء فرن من المبالغ‬ ‫المالية التي وصلتهم دعم ًا للس�لاح‪ ،‬اعتبروا‬ ‫أن الخبز ضرورة ملحة أكثر بما أنهم قادرين‬ ‫عل��ى اغتنام أس��لحة م��ن المع��ارك‪ ..‬يومي ًا‬ ‫‪ 1500‬ربط��ة خبز توزع مجان�� ًا و‪ 4000‬ربطة‬ ‫بنصف الثمن‪ ..‬غنائ��م المازوت من االيكاردا‬ ‫أيض ًا قاموا بتوزيعه��ا على األهالي واألفران‬ ‫والنشطاء‪ ..‬ناشط ميوله علمانية أيض ًا أعطوه‬ ‫برميل م��ازوت مثله مثل البقي��ة‪ ..‬لذا علينا‬ ‫قب��ل أن نس��تهجن هتافات بن��ش المطالبة‬ ‫بدولة الخالفة أن نق��رأ المعطيات الواقعية‬ ‫جيداً‪ ..‬أو على األقل أن تنتهج المعارضة ذات‬ ‫السياسة الذكية في استقطاب الشارع‪..‬‬ ‫مالحظة‪ :‬الش��ارع ال يش��ترى بالمساعدات أو‬ ‫بالخبز أو المال السياسي‪..‬‬ ‫سيلفا كورية‬ ‫أكتر ش��ي بحب بالوالد‪ ..‬إيديون‪ ..‬أصابيعن‬ ‫المدعبلة والزهرية‪ ..‬دقات الغمازات عليها‪..‬‬ ‫استدارتها‪ ..‬صغرها‪ ..‬راحات إيدين لما تعرق‪..‬‬ ‫وريحة الحليب اللي فاحة منها‪ ..‬لما بفتحها‪..‬‬ ‫بأشد الصور بش��اعة‪ ..‬ألطفالنا المقتولين‪..‬‬ ‫أول ش��ي بطلع علي��ه إيدي��ن‪ ..‬غالبا بتضل‬ ‫بخير‪ ..‬ألن��و بضلو مس��كرينها‪ ..‬بفتحها أنا‬ ‫وبغنيلن‪ :‬باح ياباح ياعرق التفاح‪ ..‬هون كان‬ ‫في طفل صغير‪ ..‬إجا األسد قتلو وراح‪..‬‬ ‫إيمان جانسيز‬


‫عربني مدينة مل تعرف ال�سالم‬ ‫بالل سالمة‬

‫تقع مدينة عربين شمال شرق دمشق‬ ‫على مسافة ‪ 7‬كيلومترات من مركزها‪ ،‬بين‬ ‫حمورية ش��رقاً وزملكا غرباً وحرستا شما ًال‬ ‫وح��زة جنوب��ًا‪ .‬أما عن تس��ميتها فيقول ابن‬ ‫طولون الصالحي ف��ي كتابه ضرب الحوطة‬ ‫على جميع الغوط��ة «عربيل ويلفظ بالنون‬ ‫خط��ًا» وه��و لف��ظ غي��ر عربي مك��ون من‬ ‫جزئين ويعني باآلرامية عرب آلهة الشمس‪.‬‬ ‫أم��ا في الس��ريالية فمعناه��ا الغربال‪ ،‬ومن‬ ‫األس��ماء الت��ي أطلق��ت عليه��ا اس��م (ذات‬ ‫القرنفل)‪.‬‬ ‫تبلغ مس��احة عربين ‪ 620‬هكتار وهي‬ ‫أرض منبس��طة تنخفض كلم��ا اتجهنا نحو‬ ‫الجنوب الشرقي‪.‬‬

‫عربني عرب التاريخ‪:‬‬

‫معامل عربني القدمية‪:‬‬

‫أما عن معالم مدين��ة عربين القديمة‬ ‫فاش��تهرت المدين��ة بحماميه��ا الكبير ويقع‬ ‫ق��رب المس��جد واآلخر أًصغر ويقع ش��رقها‪،‬‬

‫أول مجلس بلدي في عربين ‪1936‬‬

‫وكانت مياه الحمام الكبير تؤخذ من المسجد‬ ‫ألن قس��م م��ن ريعه يعود إلي��ه‪ ،‬أما الحمام‬ ‫الصغي��ر فكان��ت مياهه من بئ��ر قريب إليه‬ ‫وتس��حب بواس��طة ناعورة‪ .‬ويتألف الحمام‬ ‫من فس��حة مس��قوفة ف��ي وس��طها بحيرة‬ ‫ماء بنافورة‪ ،‬ويمت��د من هذه الغرفة دهليز‬ ‫يوص��ل إل��ى غرف��ة تس��مى الوس��طاني‪،‬‬ ‫وفيها باب ي��ؤدي إلى الجوان��ي وهي غرفة‬ ‫االغتس��ال وفيه��ا األج��ران المنحوت��ة م��ن‬ ‫الحج��ر والموزع��ة قرب الج��دران‪ .‬ويالصق‬ ‫هذه الغرفة خزانة الماء حيث يسخن ويوزع‬ ‫إلى األجران بواسطة أنابيب خشبية‪.‬‬ ‫وتع��رف المدينة بجامعه��ا الكبير‪ ،‬وهو‬ ‫بناء واسع يتميز بحرمه المستطيل الذي يبلغ‬ ‫طوله ‪ 22‬متر وعرضه ‪ 15‬متر وأمام المدخل‬ ‫الرئيسي لصحن الجامع تقع المئذنة الدائرية‬ ‫الت��ي يبلغ علوها ‪ 35‬متراً ومكتوب عليها (تم‬ ‫بناء هذه المنارة بمساعي الشيخ عبده قويدر‬ ‫س��نة ‪1360‬ه��ـ)‪ ،‬وللجامع منب��ر مصنوع من‬ ‫خشب الكريش ومحراب من األحجار الكلسية‬ ‫والرخام ويعود للعام ‪1346‬هـ‪ ،‬وسقف الجامع‬ ‫مزين بالنقوش الجميل��ة وجدرانه الخارجية‬ ‫مكسوة باألحجار الجميلة‪.‬‬ ‫كم��ا توجد قرب الجامع الكبير كنيس��ة‬ ‫مكسوة بالحجر مبنية عام ‪1873‬م‪ ،‬ويطلق‬

‫عربني خالل الثورة العربية الكربى‪:‬‬

‫الحمام القديم‬

‫عربني والثورة‪:‬‬

‫دخل��ت عربي��ن عل��ى خط الث��ورة في‬ ‫وقت مبكر نس��بيًا‪ ،‬وبالتحديد يوم ‪ 8‬نيسان‬ ‫‪ 2011‬فيم��ا س��مي آنئذ «جمع��ة الصمود»‪،‬‬ ‫وقد برز من أبنائها الش��هيد أيمن الش��ريف‬ ‫الذي يعتبره أهل عربين «ملهم الثورة» في‬ ‫المدينة‪ .‬وقد كان الشريف يعمل في ساحل‬ ‫العاج فترك عمله مع بدايات الثورة وعاد إلى‬ ‫مدينته وصار جزءاً ال يتجزأ من المظاهرات‬ ‫الت��ي أضحت واجباً ش��به يوم��ي يخرج فيه‬ ‫عش��رات اآلالف للهت��اف بإس��قاط الطغيان‬ ‫ونص��رة المدن المنكوب��ة‪ .‬وفي ‪ 6‬آب ‪2011‬‬ ‫قام��ت ق��وات األمن باغتياله حي��ث خرج في‬ ‫تش��ييعه عش��رات اآلالف من عربين وباقي‬ ‫المدن والبلدات القريبة‪.‬‬ ‫غي��ر أن المدينة ش��هدت أعنف هجوم‬ ‫ابت��داء م��ن الش��هر ذات��ه عندم��ا حاص��رت‬ ‫الدباب��ات مدينت��ي عربي��ن وزمل��كا ومنعت‬ ‫الخ��روج منهم��ا أو الدخ��ول إليهم��ا مع قطع‬ ‫كام��ل لالتص��االت‪ .‬واس��تمرت المضايقات‬ ‫واالعتق��االت التعس��فية متزامن��ًا مع قصف‬ ‫المدين��ة وتدمي��ر من��ازل الس��كان ومن ثم‬ ‫نهبها‪ .‬وقد استش��هد المئات من أهلها ونزح‬ ‫منه��ا اآلالف هرب��ًا بأرواحهم م��ن آلة القتل‬ ‫التي ال ترحم وال تفهم‪.‬‬ ‫أم��ا عن المج��ازر الجماعية في عربين‬ ‫فه��ي كثيرة ومنها‪ 14 :‬ش��هيد في ‪ 19‬تموز‬ ‫‪ 10 ،2012‬ش��هداء في ‪ 20‬تموز ‪18 ،2012‬‬ ‫ش��هيد في ‪ 5‬آب ‪ 11 ،2012‬شهيد في ‪ 29‬آب‬ ‫‪ 20 ،2012‬ش��هيد بتاري��خ ‪ 2‬أيل��ول ‪،2012‬‬ ‫‪ 15‬ش��هيد ف��ي ‪ 3‬أيل��ول ‪ 14 ،2012‬ش��هيد‬ ‫في ‪ 20‬تش��رين األول ‪ 12 ،2012‬شهيد في‬ ‫‪ 27‬تش��رين األول ‪ .2012‬ويبلغ عدد شهداء‬ ‫المدينة حت��ى تاريخ ‪ 3‬كان��ون األول ‪2012‬‬ ‫حسب إحصاءات قاعدة بيانات شهداء الثورة‬ ‫السورية ‪ 330‬شهيداً‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫وخالل االس��تعمار الفرنس��ي لسوريا‬ ‫وعند قيام الثورة الس��ورية الكبرى ش��ارك‬ ‫رج��ال عربين في الث��ورة بمالهم ورجالهم‪،‬‬ ‫واضط��ر الكثير م��ن أهلها إلى الن��زوح إلى‬ ‫دمشق ودوما‪ ،‬ولم تسلم المدينة من الدمار‬ ‫حي��ث قصفت طائ��رات االس��تعمار ودباباته‬ ‫السوق الرئيسي والجامع وأحرقت المدينة‪.‬‬ ‫يق��ول س��عيد الع��اص عن مش��اركة‬ ‫عربي��ن ف��ي الث��ورة العربي��ة الكب��رى «إن‬ ‫عربيل كانت محطة عامة للثوار ومستودعًا‬ ‫ثمين��اً لتأمين معيش��تهم‪ ،‬ومعظم المعارك‬ ‫دارت رحاه��ا بجوارها‪ ،‬وقد منيت بخس��ائر‬ ‫فادحة وأصيبت بقناب��ل الطائرات والمدافع‬ ‫وتهدم قسم كبير من جامعها وسوقها»‪.‬‬ ‫وفي تاري��خ ‪ 10‬حزي��ران ‪ 1926‬خالل‬ ‫الثورة العربي��ة الكبرى جرت معركة عربيل‬ ‫والت��ي وقع��ت ب��أرض (بس��تان الحم��ام)‬ ‫ش��مال غ��رب المدين��ة عندما خرج��ت حملة‬ ‫من الش��راكس إل��ى الغوط��ة بقصد تعقب‬ ‫المجاهدي��ن الذي��ن أطلق��ت عليه��ن اس��م‬

‫عليها كنيس��ة القدي��س جاروجيوس للروم‬ ‫األرثوذوكس‪.‬‬ ‫وم��ن معال��م المدين��ة القديم��ة بناء‬ ‫البلدي��ة المبن��ي ع��ام ‪1932‬م عندم��ا كان‬ ‫مدي��ر الناحية مأمون مؤي��د العظم والواقع‬ ‫قرب س��احة المدينة الرئيس��ية ويتألف من‬ ‫طابقين‪ ،‬ويحيط به حديقة كبيرة‪ ،‬لم يبقَ‬ ‫منه��ا اليوم س��وى بضعة ش��جيرات وحولت‬ ‫الحديق��ة إل��ى مش��روع بن��اء مجم��ع جديد‬ ‫للدوائر المختلفة‪.‬‬ ‫كان يعب��ر المدين��ة خط الت��رام الذي‬ ‫يصل حتى دوما ويصلها مع دمش��ق‪ ،‬وكان‬ ‫الترام يمر بين البس��اتين والحقول وقد تم‬ ‫توقيفه وتفكيكه في أوائل الستينيات‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫عث��ر ف��ي مدين��ة عربين عل��ى مقابر‬ ‫قديم��ة جداً مغط��اة بأحجار بازلتية س��وداء‬ ‫تع��ود إل��ى العص��ر الرومان��ي‪ .‬وف��ي عهد‬ ‫الفتوح��ات اإلس�لامية دخلته��ا جي��وش‬ ‫المس��لمين بقيادة خالد ب��ن الوليد‪ ،‬وبقيت‬ ‫المدين��ة ألهلها يعملون فيه��ا مقابل خراج‬ ‫مح��دد‪ .‬وتأث��رت المدين��ة خالل فت��رة حكم‬ ‫األمويي��ن بالخالف��ات الس��ائدة بي��ن قبائل‬ ‫اليمنيين والقيس��ين‪ ،‬ولم يكن حظ المدينة‬ ‫من الدم��ار والخراب أفضل خالل فترة حكم‬ ‫العباس��يين‪ .‬وف��ي فترة االحت�لال العثماني‬ ‫لس��وريا عانت عربي��ن األمرّين م��ن الوالة‬ ‫العثمانيين‪ ،‬حيث كان جنودهم يعس��كرون‬ ‫ف��ي دمش��ق وريفه��ا وكان عل��ى أهال��ي‬ ‫المنطق��ة إطعامهم‪ ،‬وعن��د رحيلهم كان ال‬ ‫ب��د أن يدفع األهال��ي (الترحيل��ة) وهو مال‬ ‫يأخذون��ه منهم بالقوة‪ .‬فف��ي عام ‪1041‬هـ‬ ‫مث ًال نهب جنود االحتالل قرى دمش��ق وعلى‬ ‫رأسها عربين وأحرقوا البيوت واألراضي بعد‬ ‫نهبها وقتل دوابها‪.‬‬ ‫كم��ا عانت هذه المدين��ة من الطاعون‬ ‫في ع��ام ‪467‬ه��ـ‪ ،‬وعانت م��ن مجاعة عام‬ ‫‪1860‬م وحرب الس��فربرلك ع��ام ‪1916‬م‪،‬‬ ‫وكذل��ك عان��ت المدين��ة من ال��زالزل وكان‬ ‫أش��دها زل��زال ع��ام ‪1173‬هـ‪ .‬وف��ي أواخر‬ ‫الحكم العثمان��ي تبلورت عربي��ن بموقعها‬ ‫الحالي بعد ضم القرى المجاورة تحت اس��م‬ ‫عربيل‪.‬‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫عربني جغرافي ًا‪:‬‬

‫(عصابة األشقياء)‪ .‬قاد هذه المعركة فوزي‬ ‫القاوقجي واشترك فيها سعيد العاص وثوار‬ ‫من دوما وحرس��تا ودمر‪ ،‬كما شارك فيها أبو‬ ‫مصطف��ى الرنكوس��ي وغيرهم م��ن ثوار‬ ‫الغوطة‪ .‬أما عن مجريات المعركة فقد اتجه‬ ‫المجاهدون نحو عربيل‪ ،‬والتقوا في بستان‬ ‫الحم��ام بالحمل��ة وهزموها ثم لحق��وا بها‬ ‫حت��ى الطريق العام‪ ،‬ولك��ن جابهتهم هناك‬ ‫الحمل��ة المرابطة بدباباتها وأنقذت جنودها‬ ‫وبدأت بإط�لاق القذائف عل��ى المجاهدين‪.‬‬ ‫اس��تمر إطالق النار بين الطرفين حتى آخر‬ ‫النهار عندما عاد المجاهدون إلى مراكزهم‬ ‫لتجهي��ز أنفس��هم بالعتاد‪ ،‬وارت��دّت الحملة‬ ‫إلى دمشق‪.‬‬ ‫ومن المجاهدين المعروفين في عربيل‬ ‫الشهيد اسماعيل المبخر استشهد في معركة‬ ‫صيدنايا بتاريخ ‪ 17‬تموز ‪1926‬م‪ .‬والمجاهد‬ ‫حري��ص المرجي م��ن موالي��د ‪ ،1903‬الذي‬ ‫اش��ترك في معركة الزور األولى ولما انتهت‬ ‫الثورة عاد مع الحمة األخيرة إلى جبل الدروز‬ ‫ومنه��ا إلى عمّان ثم رجع إلى عربيل‪ ،‬فدمر‬ ‫الفرنس��يون بيته ونهبوه وقتلوا ش��قيقته‪.‬‬ ‫والمجاه��د عبد الحميد كوك��ة مواليد ‪1904‬‬ ‫في عربيل والذي شارك في الثورة السورية‬ ‫ف��ي معرك��ة كف��ر بطنا وم��رج الس��لطان‬ ‫وش��ارك في معركة عين منين‪ ،‬وشارك في‬ ‫ح��رب ‪ 1948‬ضم��ن جيش االنق��اذ‪ ،‬وتوفي‬ ‫ف��ي ‪ .1970‬والش��يخ عل��ي النج��ار‪ ،‬ومحمد‬ ‫الرنكوسي أبو مصطفى‪ ،‬والشيخ مصطفى‬ ‫الحش��اش‪ ،‬وغيرهم‪ .‬أما الش��هيدات النساء‬ ‫فمنه��ن‪ :‬فاطم��ة خال��د صفص��ف‪ ،‬فاطم��ة‬ ‫صال��ح صفصف‪ ،‬خديجة ابراهيم صفصف‪،‬‬ ‫مريم عبد المحس��ن المرجي‪ ،‬أمينة حس��ن‬ ‫القال��ش‪ ،‬عائش��ة ابراهيم طبان��ة‪ ،‬ودرية‬ ‫القال��ش وجميعهن استش��هدن بغارة جوية‬ ‫على عربيل عام ‪1926‬م‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫عمل للفنان وسام الجزايرلي‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫�أنا زوجــة ال�شـــهيد‬ ‫أن��ا زوجة الش��هيد‪ .‬ال أش��عر بالفخر‪،‬‬ ‫وال أرفع رأس��ي عالي��ًا بي��ن أصدقائه‪ ،‬وال‬ ‫أقبل ع��زاء الناس به‪ ،‬وال أق��ول ألطفالي‬ ‫كم م��ن الرائع أن صعد إلى الس��ماء على‬ ‫درج م��ن ال��ورد األحمر‪ ،‬وإنه م��ازال ينظر‬ ‫نحون��ا م��ن هن��اك‪ .‬ل��ن أصدق ش��يئًا عن‬ ‫البطول��ة في الح��رب‪ ،‬ول��ن أقنعهم بذلك‬ ‫ك��ي يكفوا عن الب��كاء وينس��وا‪ .‬أنا زوجة‬ ‫الش��هيد الت��ي مزقها الوط��ن‪ ،‬وأغلق باب‬ ‫بيتها عليه��ا وتركها وحي��دة‪ .‬أكره الحرب‪.‬‬ ‫ال تعنين��ي انتصاراتك��م وهزائمك��م‪ ،‬وال‬ ‫أصدق خراف��ة المنافي واألعداء‪ .‬ال تكذبوا‬ ‫عل��يّ بعد اآلن‪ ،‬أنا البنت التي جعلتم منها‬ ‫أرملة بموافقة اهلل لتتوج��وا آخَرها بط ًال‬ ‫بأوهامك��م وترفعوه إلى الس��ماء دون أن‬ ‫يقول لها شيئاً أو يطلب الغفران منها بد ًال‬ ‫من أن يطلبه من غيرها‪.‬‬ ‫كنت أحبه قب��ل اآلن؛ قبل أن يفضل‬ ‫الجن��ة عل��يّ‪ ،‬و يع��رف أنن��ي ق��د أمضي‬ ‫أعوامًا طويلة دون أن أستطيع فهم غيابه‬ ‫أو تفس��يره‪ ،‬أو أتصال��ح مع الحي��اة دونه؛‬ ‫ورغم ذلك ذهب‪ .‬أنا زوجة الش��هيد وإثمه‬ ‫األزلي‪ .‬ال يصلح ندمه ما أفسده األلم‪ ،‬وال‬ ‫يضمد موتُ القاتل قلب��اً لن ينام أبداً‪ .‬لم‬ ‫يحبن��ي يومًا كفاية كي يكتفي بي‪ ،‬أو كي‬ ‫ال يرس��ل قلبه إلى الح��رب ويلحق به‪ .‬لم‬ ‫يقايض بي شيئًا‪ ،‬فأنا لم أعن له أكثر من‬ ‫امرأة وضعها في بيته ليصبح أبًا ويتباهى‬ ‫بمجده العاطفي‪.‬‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫أنا أم أطفاله الذين أحب نفس��ه أكثر‬ ‫منهم‪ ،‬فغادرهم يتامى مكلومين ومضى‬ ‫إلى حتفه المحتمل ليصبح واحداً من أحباب‬ ‫اهلل‪ .‬لم يجيئوا به إليّ ألقبّله مرة أخيرة‪،‬‬ ‫أو ألس��كب الماء فوق قبره وأتلمس اسمه‬ ‫المحفور س��كينًا في الخاص��رة؛ فأنا مجرد‬ ‫امرأة قضت عمرها بانتظاره‪ ،‬وقدر النساء‬ ‫أن يأتي��ن القبور بعد مضي الرجال‪ .‬دفنوه‬ ‫تح��ت أحذيته��م واس��تداروا عائدي��ن‪ .‬لم‬ ‫يغنوا له كي ال تأكله الوحشة‪ ،‬ولم يفركوا‬ ‫ترابه الجاف بدموعه��م ليصبح أكثر راحة‬ ‫فوق جس��ده‪ .‬مضوا يصرخون بأسماء اهلل‬ ‫الحس��نى ويحسدون الش��هيد‪ .‬زغردن لي‬ ‫أيتها النس��اء الباليات‪ ،‬وتعلمن كيف ترتق‬ ‫امرأة حكايته��ا في حضرة الم��وت‪ ،‬وكيف‬ ‫تغل��ق جرحه��ا وتهزأ منكن وم��ن رجالكن‬ ‫العائدين للتو بنع��وة حبيبها‪ ،‬فلكل منكن‬ ‫موت منتظر سيفضح إيمانها‪ ،‬ولكل منهم‬ ‫بيت يحلم به في الجنة سيخرج ألجله ولن‬ ‫يعود‪.‬‬ ‫ل��ن أفكر ب��ه من اآلن وصاع��داً‪ ،‬ولن‬ ‫أتمنى لو أن��ه لم يمت‪ .‬لن أرتدي األس��ود‬ ‫لحداد أبدي؛ فالوطن الذي قضى من أجله‬ ‫بلون داكن كان يعرف كل األلوان الفاتحة‪،‬‬ ‫ويحبه��ا أيض��ًا‪ ،‬واألطف��ال الذي��ن يتّمهم‬ ‫ليصبحوا رج��ا ًال مازالوا يش��ترون الحلوى‬ ‫الوردي��ة ويحلم��ون بالصي��ف ويرس��مون‬ ‫األشجار خضراء والش��مس ذهبية والبحر‬ ‫أزرق على دفاتر الرسم‪ ،‬والمرأة التي يريد‬ ‫له��ا كل من يعرفه أن تهرم تحت قداس��ة‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)42285‬‬ ‫دمشق‪2448 :‬‬ ‫ريف دمشق‪8238 :‬‬ ‫حمص‪7797 :‬‬ ‫درعا‪3709 :‬‬ ‫إدلب‪5511 :‬‬ ‫حلب‪5025 :‬‬

‫اس��مه ووطأة ذكراه مازالت صبية ال تفهم‬ ‫الفراق وال تنظر في أسبابه السماوية‪.‬‬ ‫كان باهت��ًا كأغلبك��م‪ ،‬ومحارب��اً‬ ‫عل��ى جبهة واح��دة‪ .‬أتذرع بالح��ب ويتذرع‬ ‫بالمش��يئة‪ .‬أكتب عنه ويكت��ب عن الجبال‬ ‫وع��ن اإلل��ه الواح��د وع��ن رفاق الس�لاح‪.‬‬ ‫أحدثه ع��ن الذكريات التي بيننا فينش��غل‬ ‫بحقيبت��ه الوحي��دة التي يحزمه��ا للرحيل‬ ‫ويغلقه��ا بالنس��يان‪ .‬أصنع ل��ه قوس قزح‬ ‫بثياب��ي فيحدثني عن الطغاة والمعتقالت‪.‬‬ ‫أفرد له روح��ي المنكوبة ب��ه وبمن مثله‪،‬‬ ‫فيف��رد لي ص��ور األصدقاء الذي��ن انقطع‬ ‫عنهم منذ انقطع عن الوطن‪.‬‬ ‫ال تحدثون��ي ع��ن العف��ة والصب��ر‬ ‫واإليم��ان‪ .‬ال تفق��ؤوا عين��يّ بترهاتك��م‬ ‫وال تتهمون��ي بالكف��ر‪ .‬أنا زوجة الش��هيد‬ ‫وفكرته الخاطئة عن الحياة الدنيا‪ .‬لم أكن‬ ‫يومًا س��جاناً أو محققًا‪ ،‬ولم أنتس��ب لحزب‬ ‫أو تنظي��م أو جماع��ة‪ ،‬ولم أردد ش��عارات‬ ‫الوحدة والحرية واالشتراكية‪ .‬لم أرفع علمًا‬ ‫ولم أكتب قدراً‪ .‬ال أفهم نش��رة األخبار وال‬ ‫أصدقها‪ .‬لم أسرق ولم أقتل ولم أكذب إال‬ ‫على والديّ‪ .‬لم أخن ولم أصفق ولم أحن‬ ‫رأس��ي ولم أقف في صف أح��د دون غيره؛‬ ‫فلماذا سن س��يفه في وجهي وقتل روحي‬ ‫انتقامًا من عذابات األرض وعار أهلها؟‬ ‫أنا أرملة الش��هيد وحظ��ه العاثر‪ .‬لم‬ ‫أعد أؤمن بالحب وال أنتظر الرحمة‪ ،‬وطني‬ ‫ضحك��ة طفل م��ن أطفالي قتلته��ا عتمة‬ ‫دير الزور‪2928 :‬‬ ‫الرقة‪294 :‬‬ ‫السويداء‪123 :‬‬ ‫حماة‪3482 :‬‬ ‫الالذقية‪1173 :‬‬ ‫طرطوس‪349 :‬‬ ‫الحسكة‪306 :‬‬ ‫القنيطرة‪161 :‬‬

‫سُرى ع ّلوش‬

‫القب��ور‪ ،‬وصرخ��ة طفل ال أعرفه تمس��ك‬ ‫ي��دي الج�لاد وتش��ق الج��دران ليس��معها‬ ‫الرجال مثلكم ويصفقوا له‪ .‬وطني قطعة‬ ‫خب��ز يله��ث وراءها جار أخوت��ي ليرجع بها‬ ‫إل��ى البيت وحجر صغير يلقي عليه رأس��ه‬ ‫طف��ل مش��رد حزين‪ .‬أن��ا رفيقة الش��هيد‬ ‫األع��زل من وه��ج الحياة‪ ،‬وصخ��ب جنونه‬ ‫األبدي على أرصفة الشحاذين‪ ،‬والطرقات‬ ‫المس��دودة في وج��ه الحب‪ .‬أن��ا من أحمل‬ ‫رس��الته من بعده ول��ذا س��أقول ألوالدي‪:‬‬ ‫لعن��ة اهلل على بالد تنجب خيبات العش��اق‬ ‫وال تنج��ب أحالمه��م‪ .‬لعن��ة اهلل على بالد‬ ‫يخش��ى الصغار فيها أمهاتهم وال يخشون‬ ‫الرص��اص‪ .‬لعن��ة اهلل عل��ى ب�لاد ترب��ي‬ ‫أبطاله��ا لتأكلهم‪ .‬لعنة اهلل على بالد تزف‬ ‫الموتى بالزغاري��د وال تبكي عليهم‪ .‬لعنة‬ ‫اهلل عل��ى ب�لاد يحك��م الثأر قلبه��ا وتمنح‬ ‫جس��دها لم��ن يدفع ثمنه‪ .‬لعن��ة اهلل على‬ ‫ب�لاد نمه��ر تفاصي��ل مدنه��ا بقصائدن��ا‬ ‫وتت��زوج اللص��وص‪ .‬بلغوا عن��ي وصيتي‬ ‫قلبي الذي عطبه الوطن معلق على حبال‬ ‫الغس��يل م��ع قمصان الش��هداء مس��حوق‬ ‫تحت أحذية العسكر‬ ‫مجروح برم��اح الفرس والعرب غارق‬ ‫بالخطاي��ا التي ليس من ش��أن أحدكم أن‬ ‫يغفره��ا جالس على عتب��ات البيوت عالق‬ ‫في أس�لاك الحصار الشائكة مبتور كساق‬ ‫وحي��دة تح��ت األنق��اض م��ن رآه منك��م‬ ‫فليصوب بندقيته نحوي وليقتلني قبله‪..‬‬ ‫‪ 2726‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 1155‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 2540‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 6001‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 32261‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 12 / 7‬‬ ‫‪http://vdc-sy.org‬‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪21‬‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪22‬‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪23‬‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 9 | )64‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪24‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.