سوريتنا | العدد الثامن والستون | 6 كانون الثاني 2013

Page 1

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪1‬‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫�آالف النازحني داخل �سوريا على احلدود‬ ‫الرتكية يواجهون �شتاء قا�سي ًا يف �أو�ضاع بائ�سة‬ ‫يقول آالف الالجئين السوريين الذين‬ ‫تكدسوا داخل خيامهم البالستيكية بمخيم‬ ‫متنقل بعدما فروا من قصف قوات النظام‬ ‫وش��بيحته إنهم يواجهون ع��دواً جديداً هو‬ ‫"البرد الذي يقتلنا" وفقا لما قاله كثيرون‪.‬‬ ‫وبعدما نجوا من القصف والقتل الذي‬ ‫يق��در أنه أس��فر ع��ن مقتل نح��و ‪ 50‬ألف‬ ‫ش��خص‪ ،‬يق��ول الالجئون عن��د مخيم باب‬ ‫الس�لامة على الحدود السورية التركية إن‬ ‫الب��رد أصبح خطرا أكب��ر عليهم من تنكيل‬ ‫النظام بهم في بالدهم‪.‬‬ ‫وقالت الجئ��ة تدعى وعد اورفلي (‪27‬‬ ‫عام��ا) لم تكن ترتدي س��وى ث��وب وحجاب‬ ‫وردي رغم انهمار المطر‪" :‬الوضع هنا أسوأ‬ ‫حتى من العيش في بلدنا‪ ..‬على األقل كان‬ ‫يوجد طبي��ب في القرية"‪ .‬وف��رت وعد من‬ ‫بلدة مارع الش��مالية قبل أس��بوعين بعدما‬ ‫أجبرتها هجم��ات القناصة والغارات الجوية‬ ‫عل��ى االنتقال هي وأس��رتها إل��ى المخيم‬ ‫اآلمن نسبيًا‪.‬‬ ‫كان��ت الخي��ام المهلهلة ه��ي المأوى‬ ‫آلالف الرج��ال والنس��اء واألطف��ال الذي��ن‬ ‫يواجهون بردا قارس��ا وأمطارا مستمرة مع‬ ‫اقتراب طقس أشد برودة‪.‬‬ ‫وقال��ت المفوضي��ة العلي��ا لالجئي��ن‬ ‫باألمم المتحدة في وقت س��ابق من الشهر‬ ‫الحال��ي إن أكث��ر م��ن نصف ملي��ون الجئ‬ ‫س��وري س��جلوا أس��ماءهم أو ينتظ��رون‬ ‫تسجيل أس��مائهم في دول أخرى بمنطقة‬ ‫الش��رق األوس��طن وإن نح��و ثالث��ة آالف‬ ‫ش��خص يس��عون للحص��ول عل��ى وض��ع‬ ‫الالجئين ومساعدات يومية‪.‬‬ ‫وقال��ت وع��د المصاب��ة بق��روح ف��ي‬ ‫الفم‪" :‬أنا حامل في الش��هر الثالث وأنزف"‪.‬‬ ‫وأضاف��ت أن زوجه��ا مص��اب بحص��ى في‬ ‫الكلى‪ ،‬لكن كالهما لم يتمكنا من الحصول‬ ‫على الرعاية الصحية في المخيم‪.‬‬ ‫وقال��ت إم��رأة أخ��رى‪" :‬ف��ي بالدنا ال‬ ‫توجد مياه وال كهرباء وهذا هو الحال هنا"‪.‬‬ ‫وفاح��ت رائح��ة عفنة م��ن الخيام مع‬ ‫تس��لل مياه األمطار إليها وابتالل األغطية‬ ‫والمالب��س‪ .‬ومع ع��دم وج��ود كهرباء في‬ ‫المخيمن كان األطفال يرتعشون من البرد‬ ‫وكان كثيرون منهم يرتدون قطعة مالبس‬ ‫واحدة فقط‪.‬‬ ‫واش��تكت أمه��ات في المخي��م من أنهن‬ ‫يحصلن على كمية قليلة من الطعام‪ .‬وذكرن‬ ‫أن اإلفطار لم يوزع حتى الساعة ‪ 12‬ظهراً‪.‬‬ ‫وم��ع ع��دم وج��ود م��اء س��رت رائحة‬ ‫كريه��ة م��ن دورات المي��اه قرب المس��جد‬ ‫بسبب القمامة والصرف الصحي‪.‬‬ ‫وقال��ت أم علي وهي أم الثني عش��ر‬ ‫طف ًال‪" :‬قولوا لهم إن ش��عب س��وريا أصبح‬ ‫مرتع��ا للقمل"‪ .‬ووضعت أوراق هويتها في‬ ‫كيس بالستيكي لحمايتها من األمطار على‬ ‫أمل استخدامها للحصول على إمدادات من‬ ‫سلطات المخيم من أجل أطفالها‪.‬‬ ‫ويحاول بع��ض الالجئين في المخيم‬ ‫ايج��اد وس��يلة للحياة وس��ط ه��ذا البؤس‪.‬‬ ‫وأق��ام البع��ض أكش��اكا لبي��ع الس��جائر‬ ‫ويرك��ض األطف��ال بين الخي��ام يخطفون‬ ‫الحلوى والشوكوالتة‪.‬‬

‫وتدي��ر مجموعة إغاث��ة تركية تدعى‬ ‫(آي‪ .‬اتش‪ .‬اتش) المخيم‪.‬‬ ‫وق��ال ش��وكت جوكم��ان منس��ق‬ ‫المجموع��ة ف��ي ب��اب الس�لامة إن المخيم‬ ‫يضم نحو ‪ 870‬خيمة وس��تة آالف ش��خص‬ ‫وإن نحو ‪ 200‬ش��خص يفدون عليه يوميا‪.‬‬ ‫وأضاف أن المجموعة لم تكن مسؤولة عن‬ ‫المخي��م بش��كل كام��ل حتى وق��ت قريب‪.‬‬ ‫وقال إنه تم توزيع نحو خمس��ة آالف حذاء‬ ‫على األطفال‪.‬‬ ‫وذك��ر أن األوض��اع الصعبة مثل عدم‬ ‫وج��ود مياه وال كهرباء جعلت إعداد الطعام‬ ‫وتوزيع��ه ينط��وي على تحد م��ن نوع نحو‬ ‫خ��اص‪ .‬وق��ال‪" :‬يمك��ن أن تس��تمر األزمة‬ ‫لس��نوات‪ .‬األم��ر لي��س واضح��ًا‪ ،‬لكنها قد‬ ‫تبقى لوقت أطول"‪.‬‬ ‫وم��ع اس��تمرار قص��ف ق��وات النظام‬ ‫للمناط��ق الت��ي يس��يطر عليه��ا الجي��ش‬ ‫الحر يتوقع أن يفر المزيد من الس��وريين‪.‬‬ ‫وتش��ير أح��دث التقدي��رات إل��ى أن الع��دد‬ ‫اإلجمال��ي للس��وريين الذي��ن ف��روا م��ن‬ ‫العملي��ات العس��كرية والقص��ف تخط��ى‬ ‫بالفع��ل ‪ 700‬ألف الجئ‪ ،‬وه��و الرقم الذي‬ ‫توقعته المفوضية العليا لشؤون الالجئين‬ ‫ف��ي األم��م المتحدة بحل��ول نهاي��ة العام‪.‬‬ ‫ويعتق��د أن ‪ 5 .2‬ملي��ون س��وري أو أكث��ر‬ ‫نزحوا إلى أماكن أخرى داخل سوريا‪.‬‬ ‫وقال��ت أم أحم��د‪ ،‬وه��ي أم لخم��س‬ ‫بن��ات وولدين‪ ،‬إنها انتقل��ت إلى مخيم باب‬ ‫الس�لامة قبل أربعة أش��هر قادمة من حي‬ ‫هنانو في حلب‪.‬‬ ‫وقالت في خيمته��ا الصغيرة‪" :‬عندما‬ ‫جئنا كنا نن��ام في أول األم��ر تحت إطارات‬ ‫الشاحنات‪ .‬أحرقتنا الش��مس"‪ .‬وأشعلت أم‬ ‫أحم��د نارا في خيمته��ا وراحت تطهو بص ًال‬ ‫قالت إنه سيساعد أطفالها على الشفاء من‬ ‫أمراضهم‪.‬‬ ‫وأضاف��ت أنه��ا كانت تؤيد األس��د في‬ ‫بداي��ة الص��راع المس��تمر منذ ‪ 21‬ش��هرا‪.‬‬ ‫وأضاف��ت‪" :‬ق��ال إنه لن تس��قط قطرة دم‬

‫واآلن س��ال نه��ر م��ن الدماء‪ .‬لذا فأنا أش��د‬ ‫معارضي األسد بعدما رأيت بعيني"‪.‬‬ ‫ومثله��ا مثل الجئين آخري��ن كثيرين‬ ‫يعانون في ظل الظروف القاس��ية‪ ،‬حاولت‬ ‫أم أحمد أن تضع أيًا من لمسات المنزل في‬ ‫خيمتها‪ .‬وفي جه��د بال طائل للحفاظ على‬ ‫جفاف خيمتها وضع��ت قطعة من القماش‬ ‫عل��ى أرض الخيمة وعلقت علم االنتفاضة‬ ‫السورية على الخيمة‪.‬‬ ‫واش��تكت أم أحمد من مش��اهد فوضى‬ ‫عند توزيع اإلمدادات‪ .‬وقالت‪" :‬نحن أولو عزة‬ ‫وكرام��ة" ال يمكنه��م التداف��ع‪ .‬وأضافت‪" :‬ال‬ ‫نري��د ماال وال غ��ذاء وال ماء‪ ..‬فق��ط نريد أن‬ ‫تتوقف المذبحة‪ ..‬نحلم بالعودة إلى ديارنا"‪.‬‬

‫املزيد من الالجئني �إىل تركيا‬

‫م��ن جهة أخرى‪ ،‬وصل نحو ثالث آالف‬ ‫س��وري إلى تركيا خالل األسبوع الماضي‪،‬‬ ‫أغلبه��م م��ن بل��دة حلفايا في حم��اة حيث‬ ‫استشهد العش��رات أمام مخبز جراء قصف‬ ‫جوي‪ ،‬وفق مصدر دبلوماسي تركي‪.‬‬ ‫وق��ال المص��در‪" :‬ه��ؤالء النازح��ون‬ ‫وبينه��م عدد كبير م��ن النس��اء واالطفال‬ ‫معظمهم م��ن بلدة حلفايا" وس��ط البالد‪،‬‬ ‫حيث قتل ‪ 60‬مدنيا في القصف"‪.‬‬ ‫وأعل��ن المص��در الس��وري لحق��وق‬ ‫االنس��ان ان الطائ��رات الحربية الس��ورية‬ ‫قصف��ت الحش��د المتجم��ع للحص��ول على‬ ‫الخب��ز‪ ،‬ولك��ن النظام الس��وري زع��م أنه‬ ‫قواته نفذت عملية ضد "مجموعة ارهابية‬ ‫مس��لحة" ف��ي بل��دة حلفاي��ا‪ ،‬متهم��ًا هذه‬ ‫المجموعة بالمسؤولية عن مقتل العشرات‬ ‫في البلدة‪ ،‬بحس��ب ما أف��ادت وكالة االنباء‬ ‫(س��انا)‪ ،‬من دون االشارة إلى الغارة الجوية‬ ‫التي استهدفت المخبز‪.‬‬ ‫ودخ��ل النازح��ون إلى تركي��ا من بلدة‬ ‫ريهانل��ي في محافظة هاتاي‪ .‬وبذلك يرتفع‬ ‫عدد الالجئين السوريين في تركيا إلى أكثر‬ ‫من ‪ 148‬الفا يتوزعون على عدة مخيمات‪.‬‬

‫النظام ال�سوري ت�سبب بـ ‪270‬‬ ‫�ألف حالة �إعاقة دائمة‬

‫كما أفادت مصادر س��ورية عاملة في‬ ‫المج��ال اإلغاثي واإلنس��اني لألنباء بوجود‬ ‫«أكث��ر م��ن ‪ 270‬أل��ف حال��ة إعاق��ة دائمة‬ ‫بين الس��وريين منذ انط�لاق الثورة» قبل‬ ‫‪ 21‬ش��هراً‪ ،‬وأش��ارت إلى أن هذا العدد غير‬ ‫نهائي وقابل لالرتفاع‪.‬‬ ‫وحذّرت المصادر من خطورة «المأساة‬ ‫اإلنسانية الناتجة عن العدد الكبير والمتزايد‬ ‫م��ن المعاقي��ن المصابي��ن خ�لال الث��ورة‬ ‫السورية‪ ،‬وأ ّكدت أنهم سيشكلون عبئًا ماليًا‬ ‫حقيقياً» على أي حكومة سورية مقبلة‪.‬‬ ‫والمصادر التي جالت في معس��كرات‬ ‫لجوء السوريين في األردن ولبنان وتركيا‪،‬‬ ‫واطلعت على وضع المستشفيات الميدانية‬ ‫فيها‪ ،‬وتواصلت مع المسؤولين عن اإلغاثة‬ ‫اإلنس��انية في داخل س��ورية‪ ،‬أش��ارت إلى‬ ‫«استحالة الحصول على رقم دقيق لحاالت‬ ‫اإلعاقة الدائمة التي تس��ببها الحل األمني‬ ‫ال��ذي اتبعه النظام لقم��ع الثورة‪ ،‬لكن عبر‬ ‫المعلومات التوثيقية األولية والمش��اهدات‬ ‫والعاملين في اإلغاثة واألطباء والقياس��ات‬ ‫المش��ابهة‪ ،‬توصّل��وا إل��ى أن ع��دد الذين‬ ‫تسبب لهم الحل الحربي بإعاقات دائمة قد‬ ‫يصل إلى ‪ 270‬ألفًا» وقد يتجاوز ذلك‪.‬‬ ‫ورأت المصادر أن هذا العدد ال يش��مل‬ ‫اإلعاق��ات المؤقتة أو اإلصاب��ات التي يمكن‬ ‫معالجتها بشكل أو بآخر‪ ،‬ومن بين اإلعاقات‬ ‫المش��ار إليه��ا بت��ر األط��راف بأنواعه��ا‪،‬‬ ‫التش��وهات الخطرة‪ ،‬الشلل‪ّ ،‬‬ ‫تعطل وظائف‬ ‫حيوية‪ ،‬إصابات دماغية وعينية وغيرها‪.‬‬ ‫ونبّهت المص��ادر إلى أن جميع حاالت‬ ‫اإلعاق��ة الدائمة يجب أن تكون من أولويات‬ ‫أي حكوم��ة س��ورية مقبل��ة‪ ،‬وأن الغالبي��ة‬ ‫الساحقة من المصابين هم من المدنيين‪،‬‬ ‫ويج��ب ضم��ان حي��اة المصابين به��ا على‬ ‫اعتب��ار أنه��م «ضحاي��ا للحرب التي ش��نها‬ ‫النظام ضد الشعب» في سوريا‪.‬‬


‫�سوريا يف ر�سومات الأطفال‪:‬‬

‫ف�شكر ًا للأطباء الذين غادروا �سوريا‬ ‫رزان زيتونة‬

‫األقدام وطيرانًا لكي ننتقم ألهلنا الثوار" يتوعد‬ ‫صاحب اللوحة الرئيس بشار األسد‪.‬‬ ‫"األطف��ال تأثروا كثيراً بما يحدث في س��وريا‬ ‫إال أنه��م ال يظه��رون ذل��ك دوماً‪ ".‬تقول ناش��طة‬ ‫مناهض��ة للحكوم��ة‪" .‬لق��د نس��وا كي��ف له��م أن‬ ‫يعيش��وا حياة طبيعية وص��ارت كل أحاديثهم عن‬ ‫الطي��ارات والدبابات التي تقص��ف المدن‪ .‬أصبحوا‬ ‫يلعبون "ثوار وشبيحة"‪ ،‬وحتى عندما نطلب منهم‬ ‫أن يرس��موا ش��يئًا معينًا فهم غالبًا ما يستخدمون‬ ‫اللوني��ن األخض��ر واألحم��ر وهم��ا لون��ا العل��م‬ ‫األساس��يين"‪ .‬نجد علم الثورة وهو أخضر وأبيض‬ ‫وأس��ود مع ثالث��ة نجوم خض��راء (بينم��ا في علم‬ ‫النظام نرى األحمر عوضاً عن األخضر مع نجمتين‬ ‫فق��ط) ف��ي الكثير من الرس��ومات‪ ،‬بين األش��جار‬ ‫والورود‪ .‬في رسمة واحدة فقط نرى علمًا مختلفًا‪:‬‬ ‫خط��ًا أحمر م��ع ثالث نج��وم‪ ،‬في ما يب��دو أنه حل‬ ‫وس��ط بين العلمين‪ .‬لم تغب الش��مس عن فضاء‬ ‫األطفال الدمش��قيين‪ ،‬نراها في منتصف السماء‪،‬‬ ‫س��اطعة‪ ،‬تختب��ئ وراء الغي��وم وسالس��ل الجبال‪.‬‬ ‫هؤالء هم من سيقومون بإعادة بناء هذا البلد‪.‬‬ ‫كتبتها‪ | Viviana Mazza :‬ترجمتها‪ :‬سعاد يوسف‬ ‫نشرت في صحيفة ‪Corriere della Serra‬‬ ‫بتاريخ ‪ 5‬كانون الثاني ‪2013‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫عص��ر يوم األربع��اء ‪ ،2013/1/2‬كان رت�لان طويالن ينتظ��ران أمام كازية‬ ‫النورس‪ .‬رتل للس��يارات وآخر ألشخاص حملوا «البيدونات» لملئها بالبنزين الالزم‬ ‫لتشغيل المولدات‪ .‬الكهرباء مقطوعة معظم األحيان وكذلك البنزين‪ .‬يقول سكان‬ ‫المنطقة أن الكازية لم يكن قد وصلها وقود قبل ذلك اليوم منذ مدة طويلة‪.‬‬ ‫المنطقة نصف س��كنية‪ ،‬مقابل الكازية منزل وخلفها مجموعة فيالت‪،‬‬ ‫وتبعد عن بلدة المليحة نحو مئتي متر‪ .‬يوجد فيها العديد من محالت النجارة‬ ‫والمستودعات وورش��ات الميكانيك‪ .‬معظم المتواجدين من أهالي المنطقة‬ ‫والنازحين إليها وأصحاب سيارات النقل الصغيرة «البيك آب»‪.‬‬ ‫الحكي��م أحمد أحد األطباء الميدانيين ف��ي الغوطة‪ ،‬مرّ من هناك قبل‬ ‫دقائ��ق من حص��ول االنفجار‪ .‬يق��ول إنّه م��ا أن تجاوز المكان حتى س��قط‬ ‫صاروخ من طائرة الميغ على الكازية‪.‬‬ ‫تب��دو الكلم��ات محايدة بش��كل كومي��دي‪ ،‬حين تتحدث ع��ن «صاروخ»‬ ‫من «طائرة حربية» س��قط على «كازية» مكتظة بالناس‪ .‬يقول الحكيم إن‬ ‫األمر ليس صدفة شريرة‪ ،‬فبالكاد كانوا قد استوعبوا ما حصل حين سقطت‬ ‫قذيفتان في المكان نفسه‪.‬‬ ‫النيران تطال بأطرافها الس��ماء‪ .‬أشباح أجس��اد كانت قبل قليل تتحرك‬ ‫وتعط��س وتتذمر من طيلة الوقوف‪ ،‬تفحم��ت على نفس وضعيتها في قلب‬ ‫النار والدخان‪ .‬من لم يش��اهد فيديو الشخص الذي كان يطل علينا من بين‬ ‫ألسنة اللهب وقد تفحم على دراجته النارية؟!‬ ‫الحكي��م وص��ل إلى الم��كان وكانت أجس��اد الناس التزال تش��تعل‪ .‬بدأ‬ ‫بإس��عاف عدد منهم وإرسالهم للمش��فى الميداني‪ .‬يقول إنّه لن ينسى أبداً‬ ‫مش��هد ش��خص في الخمس��ينيات من عمره‪ ،‬كان جس��ده محروق��ًا بالكامل‬ ‫ولونه كلون الجمر‪ .‬وهو ال يس��تطيع فعل شيء له‪ ،‬حتى لم يتمكن من فتح‬ ‫وري��ده‪ ..‬ألن��ه لم يتبين له وريدا! بقي الش��خص يصارع آالمه طيلة س��اعة‬ ‫كاملة وأسلم الروح بعدها‪.‬‬ ‫علي‪ ،‬مُس��عف ميداني‪ ،‬كان على طريق المليحة على بعد نحو ستمائة‬ ‫متر من الكازية حين س��مع صوت الميغ وهي ترمي هدفها‪ .‬أس��رع إلى موقع‬ ‫الحدث‪ .‬السيارات مشتعلة‪ ،‬أش�لاء الناس متناثرة‪ ،‬وأصحاب المحال المجاورة‬ ‫أس��رعوا يحاولون إطفاء الحريق بوس��ائل بدائي��ة‪ ،‬وكل همهم أن ال ينفجر‬ ‫خ��زان الوقود‪ .‬يقول إن رائحة الموت كانت تطغى على رائحة الدخان وأغلب‬ ‫الموجودين تحولوا إلى «هياكل من الفحم» في ظرف دقائق‪.‬‬ ‫ب��دأ علي بمحاولة إس��عاف من يمك��ن إنقاذه‪ .‬تفاجأ بأنه لم يس��بق له‬ ‫طيلة الثورة رؤية مش��هد مش��ابه‪ .‬لدرجة أن معظم من تواجدوا في المكان‬ ‫لم يستطيعوا في البداية المساعدة في انتشال المصابين من هول ما رأوا‪.‬‬ ‫أول م��ن أس��عفهم علي‪ ،‬مصاب كان في وضعي��ة االنبطاح‪ ،‬جرى نقله‬ ‫بالوضعية نفسها لشدة حروقه‪ ،‬لدى وصوله إلى النقطة الطبية أفاد الطبيب‬ ‫أنه توفي‪ .‬بعد نحو س��اعة ونصف‪ ،‬علم علي أن الش��هيد هو ابن عمه الذي‬ ‫كان يبح��ث عنه من��ذ وصوله إلى الكازية‪ .‬وقد اس��تطاع أخ��وه التعرف عليه‬ ‫فقط من بقايا مالبسه‪.‬‬ ‫ي��روي ناش��ط ميدان��ي آخر‪ ،‬أنه��م عثروا عل��ى نحو ثالثي��ن جثة فوق‬ ‫بعضه��ا البعض‪ ،‬بعد س��حبهم للس��يارات المحترقة‪ ،‬وكأن الش��هداء احتموا‬ ‫ببعضهم وبالس��يارات لدى قصف المكان‪ ،‬ويروي أن أقس��ى ما في األمر هو‬ ‫عدم ّ‬ ‫تمكنهم من التمييز بين ش��هيد وش��هيد‪ ،‬جميعه��م من غير مالمح‪ ،‬لم‬ ‫يعرف ابن المليحة من ابن زبدين من النازحين‪.‬‬ ‫ف��ي المش��فى الميداني ب��دأ العش��رات بالتوافد‪ ،‬مصابين وش��هداء‪ .‬ال‬ ‫يمك��ن لنقطة طبية واحدة اس��تيعاب هذه األعداد وتلك الح��االت‪ .‬خاصة أن‬ ‫معظمه��ا حروق م��ن الدرجة األخيرة‪ .‬وكالعادة‪ ،‬معظ��م األطباء المتواجدين‬ ‫من ط�لاب كلية الطب‪ ،‬كحال��ة الحكيم أحمد وزمالئه‪ .‬ش��كرا لمعظم أطباء‬ ‫س��وريا الذين نأوا بأنفس��هم ع��ن الثورة أو غ��ادروا البالد‪ ،‬وترك��وا الطالب‬ ‫يتحملون مسؤولية آالف األرواح بمفردهم!‬ ‫ب��دؤوا بإرس��ال المصابين إلى مش��افي الغوطة الميداني��ة األقرب إلى‬ ‫المنطق��ة‪ .‬خاص��ة أن برمي�لا متفجرا ألقي عل��ى عدد من األبني��ة بعد نحو‬ ‫س��اعتين ما أدى إلى وقوع مزيد من الضحايا ف��ي منطقة مكتظة بأكثر من‬ ‫عش��رة آالف الجئ‪ ،‬نحو ‪ 1800‬عائلة من حمص والغوطة الشرقية ومناطق‬ ‫أخرى‪ .‬معظمهم اآلن نزحوا من جديد‪.‬‬ ‫المليح��ة أكمل��ت دائ��رة جميع أش��كال الم��وت الس��وري‪ .‬احترقوا وهم‬ ‫أحي��اء‪ ،‬ول��م تتحول النيران برداً وس�لاماً‪ ،‬ول��م تترك لنا حتى م��ا يدل على‬ ‫هوي��ة معظم من رحلوا‪ .‬النار ال قلب لها أو ضمير‪ ،‬لكن ليس إلى درجة ذلك‬ ‫الكائن المس��مى كابتن الطائرة الحربية‪ .‬من رمى مع سبق اإلصرار والتعمد‬ ‫بالقذائف والصواريخ‪ ،‬طوابير المصطفين من أجل عدة لترات من البنزين‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫بعضهم يتحدث عن قتل األسد بحقد يخيف‬ ‫المدرس��ين‪ ،‬ف��ي وق��ت أزهق��ت فيه الح��رب ما‬ ‫يقارب الستين ألف روح‪.‬‬ ‫حذاء كبير معلق فوق رأس رجل‪ ،‬وشفاهه‬ ‫ق��د خيط��ت‪ .‬إل��ى جانب��ه كت��ب بقل��م رصاص‪:‬‬ ‫"الش��عب الس��وري قب��ل طل��ب الحري��ة"‪ .‬عل��ى‬ ‫النصف اآلخر من الورقة رجل آخر‪ ،‬ودبابة تطلق‬ ‫الن��ار على ش��خص أع��زل‪ ،‬وقد كت��ب إلى جانب‬ ‫ذلك‪" :‬الش��عب الس��وري بعد طلب الحرية"‪ .‬وفي‬ ‫الزاوية‪ ،‬كتب س��ؤال‪" :‬ف��أي الحالتين أفضل؟ أن‬ ‫يبق��ى فمك مغلقًا وتعيش مذل��و ًال أو أن تعيش‬ ‫حراً كريمًا وتموت من أجل وطنك"‪.‬‬ ‫ه��ذه الرس��ومات‪ ،‬والتي أنجزه��ا أطفال لهم‬ ‫من العمر ما بين الستة أعوام واالثنتي عشر عاماً‪،‬‬ ‫يعيش��ون في إحدى ضواحي مدينة دمشق‪ ،‬تصف‬ ‫الص��راع الدائ��ر في س��وريا منذ حوالي أحد عش��ر‬ ‫ش��هراً‪ ،‬والذي راح ضحيته س��تين ألف قتيل حسب‬ ‫تقديرات األمم المتح��دة‪ ،‬تصفه أفضل مما تفعل‬ ‫الكلمات‪ .‬س��وريا بلد ش��اب‪ ،‬حيث أن ‪ 50‬بالمئة من‬ ‫س��كانه هم م��ا دون الثمانية عش��ر عام��ًا‪ .‬الكثير‬ ‫م��ن األطفال فقدوا أفراداً م��ن عائالتهم‪ ،‬ويعانون‬ ‫االكتئ��اب وتوتر ما بعد الصدم��ة‪ ،‬وهو ما ال يمكن‬ ‫له��م أن يترك��وه وراء ظهوره��م حت��ى وإن عبروا‬ ‫الحدود إلى بلد آخر‪ ،‬كما أن معاناة أحد أفراد العائلة‬ ‫تنتق��ل له��م بش��كل مباش��ر‪ .‬في مخي��م لالجئين‬ ‫الس��وريين في لبنان‪ ،‬وحيث تعيش عائالت موالية‬ ‫للث��وار وأخ��رى موالي��ة للنظ��ام‪ ،‬يرس��م األطفال‬ ‫زهوراً وألعابًا لكنهم ال يرسمون أجساداً أبداً‪ ،‬يقول‬ ‫مصور الس��ي إن إن "أكي اريكس��ون"‪ .‬في مدرسة‬ ‫لالجئين في تركيا‪ ،‬يقول أحد المعلمين إن األطفال‬ ‫يرس��مون دوم��ًا باللون األحم��ر‪ ،‬وغالباً م��ا تحتوي‬ ‫الرس��ومات على وج��وه مدماة‪ ،‬كم��ا يتحدثون عن‬ ‫قتل األسد بحقد يخيف حتى المعلمين‪.‬‬ ‫رس��ومات أطفال دمشق ملونة‪ ،‬لكنها أيضاً‬ ‫عنيف��ة‪ .‬في واح��دة منها ن��رى دباب��ة وقد كتب‬ ‫فوقه��ا "اهلل أكب��ر"‪ ،‬ون��رى عنصراً م��ن الجيش‬ ‫الحر يطلق الرصاص عل��ى موقع للحكومة‪ .‬في‬ ‫أخ��رى نرى عملي��ة إطالق للرص��اص‪ ،‬قناصين‬ ‫على س��طح أحد األبنية‪ ،‬ضحيتي��ن على األرض‬ ‫وهجوماً إلحدى الس��يارات‪" .‬يا بشار سوف نصل‬ ‫إلي��ك ب��أي طريق��ة كان��ت‪ ،‬زحف��اً ومش��يًا على‬

‫هذه ق�صة جمزرة املليحة‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫دم و�سالح و�أعالم‬

‫�أوجـاع وطـن‬

‫‪3‬‬


‫حـــراكنا (�شــارع �ســوريتنا)‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫سوريتنا | شام داود‬ ‫لبى الس��وريون ف��ي أنح��اء مختلفة من‬ ‫س��وريا ن��داء محافظ��ة حم��ص المحاص��رة‪،‬‬ ‫فتظاهروا في جمعة استمدت اسمها من حصار‬ ‫حمص التي يطلقون عليها "عاصمة الثورة"‬ ‫فقد وثقت لجان التنس��يق المحلية في‬ ‫سوريا في جمعة "حمص تنادي األحرار لفك‬ ‫الحصار" ‪ /271/‬مظاهرة خرجت في مختلف‬ ‫الم��دن والمناط��ق الس��ورية كان أكبره��ا‬ ‫والالسبوع الثاني على التوالي في دير الزور‬ ‫تلتها حماة وحلب وباقي المدن السورية‬ ‫كما نعت بستان القصر في واحدة من‬ ‫اه��م مظاهرات حلب لهذه الجمعة الناش��ط‬ ‫صالح صادق أحد أحرار ثورة الكرامة وشاب‬ ‫من خيرة ش��باب محافظة الس��ويداء‪ ،‬صالح‬ ‫يحي��ى ص��ادق البال��غ م��ن العم��ر ‪ 23‬عامًا‬ ‫استشهد بعد أن تم نقله إلى تركيا على إثر‬ ‫إصابته في حلب أثناء مش��اركته في اعمال‬ ‫إغاثة أهلنا النازحين في حلب‪.‬‬

‫حراك العا�صمة‬

‫التي خرج بها إتحاد طلبة سوريا األحرار‬ ‫بدمشق في مظاهرة سوق الطويل ‪ -‬مدحت‬ ‫باش��ا بدمش��ق وهت��ف فيه��ا المتظاه��رون‬ ‫إلخوته��م الفلس��طينيين وأك��دو على وحدة‬ ‫دم الش��عبين الس��وري والفلس��طيني كم��ا‬ ‫هتفوا فيها للمعتقلين والش��هداء والنازحين‬ ‫والمهجرين وحيوا الجيش الحر‬ ‫ق��ام الش��باب الس��وري الثائ��ر بحمل��ة‬ ‫(تكبي��رات رأس الس��نة الجدي��دة) انتش��رت في‬ ‫كل ركن الدين وش��ارك فيها بابا نويل مؤكدين‬ ‫بذلك على وحدة الشعب السوري وعلى استمرار‬ ‫الث��ورة ف��ي العام الجدي��د ردت عليه��ا عصابات‬ ‫األسد باطالق العيارات النارية في الهواء‪.‬‬ ‫وأيض��ًا ف��ي ركن الدي��ن‪ ،‬خرج الش��باب‬ ‫السوري الثائر بمظاهرة مسائية حاشدة رغم‬ ‫انتش��ار عصابات األس��د ف��ي المنطق��ة تحت‬ ‫عن��وان (‪ 2012‬س��نة الصمود ‪ 2013 ....‬س��نة‬ ‫االنتصار ) شارك فيها بابا نويل بتوزيع الهدايا‬ ‫للمتظاهري��ن و األطف��ال المتواجدي��ن ف��ي‬ ‫المنطقة وهت��ف فيها المتظاهرين للش��هداء‬ ‫و المعتقلي��ن كم��ا حي��وا المناط��ق الصام��دة‬ ‫والجيش الحر وغنوا فيها األغاني الثورية‪..‬‬ ‫خرج ث��وار وثائرات دمش��ق بمظاهرات‬ ‫حاش��دة تحت عنوان (مظاهرة رأس الس��نة)‬ ‫أمام مجمع أبو النور وسط سوق الشيخ محي‬ ‫الدين ف��ي منطقة الصالحي��ة ترحيبًا بالعام‬ ‫الجدي��د ولتكون بدايت��ه بمظاهرة فريدة من‬ ‫نوعها احتف��ل فيها الثوار بع��ام ثاني مضى‬ ‫على الثورة حيث ارتدى األحرار قبعات وأقنعة‬ ‫بابا نويل وقام��و بإهداء المارة ظروف تحوي‬ ‫على مناش��ير وعبارات تفائل بالنصر بالعام‬ ‫الجديد ومواصل��ة الطريق حتى نيل الحرية‪،‬‬ ‫كما قام األطفال بإعطاء بابا نويل رسالة لما‬ ‫يريده أطفال سوريا كهدية العيد‬ ‫من هتافات المتظاهرين‪:‬‬ ‫شو جابك يا بابا نويل ‪ /‬قصف قصف طول‬ ‫الليل ‪ /‬واوعا تنسا الهوية ‪ /‬في حواجز امنية‬ ‫تحت عن��وان (ألجلك يا حلب الش��هباء‬ ‫س��نخرج) خ��رج اتح��اد تنس��يقيات مدارس‬ ‫دمش��ق بمظاهرة نوعية في ش��رقي ركن‬ ‫الدي��ن أمام الهج��رة والج��وازات خلف جامع‬ ‫صالح الدين طالبوا فيها بالمعتقين وهتفوا‬ ‫لحل��ب والم��دن المنكوبة وطالبوا باس��قاط‬ ‫النظام وقاموا بالقاء العديد من المناشير‬

‫ال�سويداء‬

‫ف��ي ليلة رأس الس��نة‪ ،‬في قري��ة القريا‬ ‫ف��ي محافظ��ة الس��ويداء وفي مب��ادرة الفتة‪،‬‬ ‫ن��زل الكثيرين للمش��اركة في حمل الش��موع‬ ‫الت��ي كانت تبكي معان��اة وطن وآلمه وجرحه‪،‬‬ ‫الموال��ي والمعارض نزلوا س��ويًا إلى الش��ارع‬ ‫ورفع��وا رايـــ��ة وط��ن واح��د‪ ،‬الدم��وع كانت‬ ‫نصي��ب الجمي��ع‪ ..‬بك��وا ف��راق احبائه��م التي‬ ‫غيبته��م رصاص الغ��در مهم��ا كان مصدره‪..‬‬ ‫الجمي��ع كان��وا ف��ي نف��س الطري��ق ونف��س‬ ‫االتج��اه‪ ،‬االتج��اه الذي يس��ير كل الس��وريين‬ ‫الجله‪ ..‬انه طريق سوريا‪ ..‬سوريا فقط ال غير‪.‬‬ ‫وعل��ى صعي��د آخر ف��ي ظ��ل تصاعد‬ ‫القلق من نزاع طائفي ومعلومات متضاربة‬ ‫ع��ن حوادث خطف متبادلة بين الجيش الحر‬ ‫وبعض المجموعات المحسوبة على النظام‬ ‫الس��وري وتصاعد وتيرة االعتق��االت‪ ،‬نعت‬ ‫الس��ويداء االسبوع الفائت الناشطين (باسل‬ ‫وخلدون شقير) صباح ‪2012/12/28‬‬ ‫ذكر موقع سوريا فوق الجميع‬ ‫"الش��هيدين باس��ل وخل��دون تم��ت‬ ‫تصفيتهم��ا بعد يوم واحد م��ن لقاء قام به‬ ‫بع��ض العق�لاء بالتنس��يق م��ع مجموعات‬ ‫الس��لم االهل��ي حي��ث ت��م التواص��ل م��ع‬ ‫نش��طاء ووجه��اء من درع��ا واالتف��اق على‬ ‫اع��ادة المخطوفين وهو االمر الذي ال يعجب‬ ‫النظ��ام بالطب��ع‪ ..‬فتم��ت عملي��ة االغتي��ال‬ ‫والص��اق التهم��ة بمس��لحين مجهولين من‬ ‫درعا مع العلم ان الش��هيدين من الناشطين‬ ‫والمطلوبي��ن لالعتق��ال والداعي��ن لع��دم‬ ‫االلتحاق باالحتياط والخدمة االلزامية‪ ..‬اكثر‬ ‫من ذلك فان النظام هو من قام بتشييعهما‬ ‫رسميا وبحضور محافظ السويداء‪..‬‬ ‫ويذكر بأن باس��ل هو ش��قيق الناش��ط‬ ‫صف��وان ش��قير ال��ذي ت��م اغتيال��ه بتفخيخ‬ ‫سيارته مع الناشط معين رضوان في ظروف‬ ‫ت��كاد تك��ون متطابقة خ�لال ازم��ة الخطف‬ ‫المتبادل منذ عدة اشهر بين المحافظتين"‬

‫�سوريا احلرة‬

‫ألول م��رة من��ذ ب��دء الثورة الس��ورية‬ ‫تحتفل محافظة إدلب وريفها بصدور جريدة‬ ‫زيت��ون الت��ي تتكل��م بلس��ان زيت��ون إدلب‬ ‫وثواره��ا وثائراتها‪ .‬واذا يص��در العدد األول‬ ‫م��ع بداية الع��ام الجدي��د يتحدث لس��وريتنا‬ ‫أحد ش��باب فري��ق العمل " نتمن��ى أن تكون‬ ‫زيت��ون مكاناً لتبادل األف��كار ومنبراً لنا نحن‬ ‫أهل الريف الممزوج بأغصان الزيتون وحلم‬ ‫المس��تقبل لس��وريا"‪ .‬ه��ذه التجرب��ة ه��ي‬ ‫األولى من نوعها في إدلب هي بادرة ثقافية‬ ‫فكرية أولى لشباب مهمش عانى على عقود‬ ‫من االهمال واإلبعاد من المكون السوري‬ ‫"زيتون يكتب فيها شباب ثائر من مختلف‬ ‫التوجه��ات واالطي��اف يجمعه��م أم��ل الحرية‬ ‫وس��وريا لجميع الس��وريين‪ ،‬مع مراعاة سوريا‬ ‫الحرية والعدل والمس��اواة التي نريدها جميعا‬ ‫لس��وريا" يضيف أحد النشطاء نرغب أن نكون‬ ‫صوت ادل��ب االعالم��ي وننقل معان��اة الناس‬ ‫بقلم سوري كما نريد أن يمارس االعالم دروه‬ ‫كرقي��ب في بقع��ة من س��وريا يتزايد هامش‬ ‫الحرية فيها كونها تحت سيطرة الثوار وبعيدة‬ ‫نسبيا عن بطش النظام‪.‬‬ ‫كرقي��ب على عمل المجال��س المحلية‬ ‫والفئات المختلف��ة التي تقوم بتنظيم حياة‬ ‫الناس اليومية ومنبراً لهم أيضا‪.‬‬ ‫زيتون تسجل حضورها اآلن‪.‬‬


‫يف العمل املدين‬ ‫(طابات احلرية)‬ ‫�سوريون يبتكرون حلو ًال‬ ‫ب�سيطة وعملية للتدفئة‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫النش��ارة بعد غربلتها لتصبح ناعمة‪ ،‬ومن‬ ‫ثم خلطها مع مادة زي��ت الفرام المحروق‪،‬‬ ‫وه��و متوفر ب��كل م��كان‪ ،‬بمقدار س��طل‬ ‫بحجم ‪ 10‬لتر نشارة يخلط مع ‪ 2‬كيلو زيت‬ ‫ف��رام‪ ،‬ويت��م عجنه��ا لدرجة التماس��ك ثم‬ ‫تدويره��ا على ش��كل ك��رات‪ ،‬ويمكن لهذه‬ ‫الكمية أن تنتج حوالي ‪ 25 – 20‬كرة‪.‬‬ ‫يمك��ن تركه��ا حت��ى تنش��ف قلي� ً‬ ‫لا‪،‬‬ ‫وتتماس��ك أكثر‪ ،‬ويمكن اس��تعمالها بشكل‬ ‫ف��وري‪ ،‬حيث توضع في مدف��أة الحطب بعد‬ ‫اش��عال كمية بس��يطة م��ن ال��ورق حولها‪،‬‬ ‫ثم تش��عل من تلقاء نفس��ها‪ ،‬وتبقى بحالة‬

‫الجمر لمدة تزيد عن الساعتين‪.‬‬ ‫حت��ى أنه في ح��االت المدافئ العادية‪،‬‬ ‫يمك��ن وض��ع لوح ص��اج صغير ف��وق فتحة‬ ‫المدفأة من الداخل بحيث تفصل المدفئتين‪،‬‬ ‫بحي��ث ال تض��ر بالمدف��أة وال تؤث��ر عليه��ا‪.‬‬ ‫ولتدفئ��ة غرف��ة ‪ 4 × 4‬متر نحت��اج لكرتين‬ ‫في المدفأة‪ ،‬تجعل منها دافئة ومريحة لمدة‬ ‫ساعتين على األقل‪.‬‬ ‫وع��ن المالحظ��ات ع��ن ه��ذه الك��رات‬ ‫أضاف شكيب بأن هذه الكرات ال يصدر عنها‬ ‫أي رائحة أو دخان‪ ،‬على عكس تخوف الناس‬ ‫منها‪ ،‬حيث أن مجرد إشعالها يجعل من الكرة‬

‫كتلة من الجمر‪ ،‬وتدفئ أكثر من المازوت‪.‬‬ ‫وعن التكاليف قال شكيب تتراوح كلفة‬ ‫الكرة الواحد بحدود ‪ 10‬ليرات سورية‪ ،‬أو أل‪،‬‬ ‫تبعًا لحساباته على تكاليف ما يصنع بشكل‬ ‫يوم��ي‪ ،‬فكيلو الزيت المح��روق بحوالي ‪50‬‬ ‫ليرة‪ ،‬وكيلو نشارة الخشب يكلف ‪ 25‬ليرة‪.‬‬ ‫وعن سبب تس��ميتها بهذا االسم‪ ،‬قال‬ ‫ش��كيب بأن هذا االسم مستوحى من إصرار‬ ‫المواطن الس��وري على العي��ش برغم كل‬ ‫الظ��روف وكل الحص��ار المف��روض عل��ى‬ ‫الشعب السوري‪.‬‬

‫تقرير �إعالمية �أيام احلرية الأ�سبوع‬ ‫الأخري �سنة ‪2012‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫إعالمية أيام الحرية االسبوع االول‬ ‫كانون الثاني ‪ - 2013 /‬شام داود‬ ‫وإذ تدخ��ل الث��ورة الس��ورية ع��ام‬ ‫‪ 2013‬وت��ودع الع��ام الماض��ي الدم��وي‬ ‫بامتياز ووس��ط تنام��ي الدعوات إليقاف‬ ‫العنف الدائر ومحاول��ة تخفيف الظروف‬ ‫المعيشية السيئة التي يرزح تحتها أهلنا‬ ‫في سوريا‪.‬‬ ‫ختم��ت أي��ام الحرية الع��ام الفائت‬ ‫بالعديد من المب��ادرات التي تمهد للعام‬ ‫الجديد وتؤك��د على ضروة اس��تمرارية‬ ‫الث��ورة وال��زرع ب��ذور األم��ل بس��وريا‬ ‫أفضل‪.‬‬ ‫يس��تمر برنام��ج حرك��ة وعي على‬ ‫إذاع��ة بلدنا بالتعاون م��ع فريق صوتية‬ ‫«من حقك تعرف»‪.‬‬ ‫«برنام��ج م��ن حق��ك تع��رف» هو‬ ‫برنامج توعية نحو الوطن الذي نستحق‬ ‫برنام��ج يوم��ي يس��تهدف التوعي��ة في‬ ‫مجموع��ة م��ن المواضي��ع السياس��ية‬ ‫واالجتماعي��ة واالقتصادي��ة والثوري��ة‪،‬‬ ‫ويس��عى لتعري��ف الش��باب الس��وري‬ ‫بمعان��ي أه��م المفاهي��م الت��ي تتعلق‬ ‫بمجاالت الحياة اليومية‪.‬‬ ‫كم��ا أطلق��ت حركة وعي منش��ور‬ ‫المس��اواة التعني العدال��ة‪ ،‬ثورتنا قامت‬ ‫لتحقي��ق العدل فكل األص��وات يجب أن‬ ‫تس��مع وكل الفرص س��تمنح‪ ،‬ال أكثرية‬ ‫وال أقلية‪ ،‬كلنا س��وريون نس��ع لتحقيق‬ ‫العدال��ة الت��ي س��توصلنا للوط��ن الذي‬ ‫نستحق‪.‬‬ ‫كما تتابع مبادرة «وعد يا جامعتي»‬ ‫دع��م الط�لاب ف��ي مرحل��ة التحضي��ر‬ ‫لالمتحان��ات ومحاولة تأمين المحاضرات‬

‫في ظ��ل الظروف الس��يئة الت��ي يعاني‬ ‫منها طالب الجامعات في سوريا‪.‬‬ ‫وبمناس��بة رأس الس��نة وف��ي‬ ‫رغب��ة من ش��باب الحراك الث��وري بزرع‬ ‫االبتس��امات على وج��وه األطفال‪ ،‬قامت‬ ‫بع��ض المجموع��ات بتوزي��ع الهداي��ا‬ ‫والحلويات في بعض المدن السورية‪.‬‬ ‫كم��ا قام��ت مجموعة من الش��باب‬ ‫بتوزي��ع أج��راس الحري��ة ف��ي مناط��ق‬ ‫التج��ارة وحي القص��ور الدمش��قي وما‬ ‫حولها‪.‬‬ ‫ضم��ن حملة الميالد ورأس الس��نة‬ ‫ق��ام ش��باب م��ن تجم��ع نبض للش��باب‬ ‫المدن��ي وش��باب وش��ابات م��ن مدين��ة‬ ‫حم��ص بتوزي��ع الهداي��ا عل��ى أطف��ال‬ ‫الحري��ة ف��ي م��دراس النازحي��ن بح��ي‬ ‫الوعر‪.‬‬ ‫كما قام التجمع وبمش��اركة ثائرات‬ ‫الزبدان��ي وأهال��ي المدين��ة بتاريخ ‪30‬‬ ‫‪ 2012 / 12 /‬بتوزي��ع هداي��ا المي�لاد‬ ‫عل��ى األطف��ال النازحي��ن م��ن المدينة‬ ‫ف��ي بلودان وقام��وا ببعض النش��اطات‬ ‫المرافق��ة للح��دث ل��زرع البس��مة ف��ي‬ ‫وج��وه األطف��ال ومحاول��ة التخفيف من‬ ‫أثر العن��ف المتزايد الواقع على س��وريا‬ ‫بشكل يومي‪.‬‬ ‫في ظ��ل االنتش��ار المتزاي��د على‬ ‫صفح��ات اإلنترن��ت ومواق��ع التواص��ل‬ ‫لص��ور لمش��اهد مؤلم��ة تنق��ل حقيقة‬ ‫الواق��ع الذي يعيش��ه الس��وريون يوميا‪.‬‬ ‫تؤك��د أي��ام الحري��ة عل��ى االنتب��اه إلى‬ ‫األع��راض الجانبية الخفي��ة التي تتالزم‬ ‫مع نش��ر هذه الصور والتعرض لها‪ ،‬مما‬ ‫قد يمن��ع تحقيق األه��داف المرجوة من‬ ‫عملية النشر‪.‬‬

‫أع��ادت ايام الحرية إصدار منش��ور‬ ‫خاص يوضح كيفي��ة التعامل مع العنف‬ ‫النفس��ي الناج��م ع��ن التع��رض له��ذه‬ ‫المشاهد والحد من آثاره‪.‬‬

‫ش��ارك ف��ي صن��ع الث��ورة‪..‬‬ ‫ليشبهك التغيير‬ ‫أي��ام الحري��ة | تجم��ع لمجموعات‬ ‫الحراك السلمي والمدني في سوريا‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫في ظل إنقط��اع أغلب وس��ائل العيش‬ ‫البس��يطة ل��دى الس��وريين ف��ي الداخل‪ ،‬من‬ ‫كهرباء ومازوت وغيرها م��ن متطلبات الحياة‬ ‫األساس��ية‪ ،‬يبتكر الكثير من الش��باب وسائل‬ ‫وحلول لهذه المشاكل‪ ،‬ومنها مشكلة التدفئة‪.‬‬ ‫تعتم��د حلول هذه المش��اكل بش��كل‬ ‫أساس��ي على أشياء بس��يطة ومتوافرة بأي‬ ‫مكان‪ ،‬يمك��ن لها أن تكون س��نداً لهم على‬ ‫البرد القارس الذي يعانون منه في الشتاء‪.‬‬ ‫أح��د ه��ذه االبت��كارات ه��و (طاب��ات‬ ‫الحري��ة)‪ ،‬وه��ي عب��ارة ع��ن ك��رات مكونة‬ ‫بش��كل أساس��ي من نشارة الخش��ب وزيت‬ ‫المحرك المستهلك (زيت الفرام المحروق)‪.‬‬ ‫س��وريتنا التق��ت بأح��د القائمين على‬ ‫هذا المشروع‪ ،‬الذي عرفنا على نفسه باسم‬ ‫شكيب‪ ،‬وشرح لنا آلية صنع هذه الكرات‪:‬‬ ‫الك��رات مكونة بش��كل أساس��ي من‬ ‫نش��ارة خش��ب الـ(‪ ،)MDF‬حي��ث يمكن لنا‬ ‫الحص��ول عليه��ا من أي ورش��ة نج��ارة‪ ،‬أو‬ ‫يمكن استخدام ألواح هذا النوع من الخشب‬ ‫التالفة والغير مس��تعملة بنشرها وإحضار‬

‫‪5‬‬


‫الثورةال�سورية‪�..‬إىل�أين؟‪.‬‬ ‫الملف ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫في عامها األول كانت الثورة الس��ورية‬ ‫مازال��ت عن��د فجره��ا‪ ،‬وكان األف��ق م��ازال‬ ‫معتماً م��ن حولها‪ ،‬ولم يكن الخيط األبيض‬ ‫قد استبان بعد من الخيط األسود فيها‪ ،‬كان‬ ‫نجاح الث��ورة وارداً وكان ضربها وارداً أيضاً‪،‬‬ ‫مض��ى الع��ام األول وترس��خت القناعة بأن‬ ‫"الث��ورة الش��عبية " بالمعن��ى الحرفي لهذا‬ ‫التعبي��ر قد ف��ات زمانها‪ ،‬فالثورة الش��عبية‪،‬‬ ‫ثورة الجماهير العزالء‪ ،‬لم تس��تطع مواجهة‬ ‫وجيش ترعاه وتؤيده واحدة من أعتى‬ ‫نظام‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫القوى العس��كرية في العال��م‪ ،‬ويمده ربيبه‬ ‫الطائف��ي بكتائ��ب مس��لحة أدمن��ت القت��ل‬ ‫والتقطي��ع‪ ،‬م��ع ذلك فقد النظ��ام في عامه‬ ‫األول كل شرعيةٍ قانونيةٍ أو أخالقية‪.‬‬ ‫ف��ي عامه��ا الثان��ي انتقل��ت الث��ورة‬ ‫إل��ى العم��ل الدفاع��ي المس��لح‪ ،‬لتتوإل��ى‬ ‫االنش��قاقات ف��ي جي��ش النظ��ام ويتلق��ى‬ ‫الضربات يوم��ًا بعد يوم‪ ،‬وإذا ما اس��تعملت‬ ‫التعبي��ر العس��كري لتصوي��ر وض��ع الثورة‬ ‫ف��ي عامها الثان��ي‪ ،‬فإن س�لاح اإلرادة الذي‬ ‫استخدمه السوريون استطاع أن يقوم بدور‬ ‫المدفعي��ة بعيدة الم��دى‪ ،‬وأن يهدم النظام‬ ‫الجائر فوق رؤوس أصحابه‪.‬‬ ‫اليوم وعلى أبواب عامها الثالث حسمت‬ ‫ثورتن��ا المباركة المعرك��ة‪ ،‬وبات الثوار قاب‬ ‫قوس��ين أو أدن��ى م��ن القص��ر الجمهوري‪،‬‬ ‫وزوال النظام بات حتمي��اً‪ ،‬وفي ملفنا اليوم‬ ‫نلقي الضوء على الس��يناريوهات المتداولة‬ ‫في الدوائر العالمية إلعالن إسقاط النظام‪.‬‬

‫مبادرة الأخ�ضر االبراهيمي‪:‬‬

‫المب��ادرة التي وأدت من��ذ ولدت‪ ،‬والتي‬ ‫تواط��ؤ دولي إلعطاء األس��د‬ ‫أت��ت صنيع��ة‬ ‫ٍ‬ ‫الوق��ت إلخم��اد الث��ورة‪ ،‬فش��لت كما فش��ل‬ ‫األخي��ر وتحول��ت موازي��ن الق��وى لصال��ح‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬ ‫إحدى مظاهرات التشييع في مدينة دوما‬ ‫‪2012 / 1 / 1‬‬

‫الث��وار عل��ى األرض‪ ،‬فه��رع العال��م للبحث‬ ‫ع��ن مخرج‪ ،‬ه��ي إال أيام حتى يك��ون الثوار‬ ‫ق��د أس��قطوا مط��ارات من��غ وتفتن��از ودير‬ ‫ال��زور‪ ،‬وفرضوا حظ��راً جويًا بحك��م الواقع‬ ‫عل��ى ش��مال س��وريا‪ ،‬ليدخ��ل االبراهيمي‬ ‫س��باق مع الحل العس��كري بين الجيش‬ ‫في‬ ‫ٍ‬ ‫الس��وري النظام��ي والجيش الحر‪ ،‬س��باقٌ‬ ‫ه��زم في��ه االبراهيم��ي مقدم��ًا فرح�لات‬ ‫المبع��وث العرب��ي والدول��ي إل��ى دمش��ق‬ ‫فموس��كو فالقاهرة‪ ،‬لم تدفع باإلبراهيمي‬ ‫خط��وة واحد ًة إلى األمام‪ ،‬س��وى أنها أنقذت‬ ‫مهمته من النس��يان‪ ،‬فخالل لقائه بالرئيس‬ ‫السوري لم يقدم اإلبراهيمي سوى ما أتاحه‬ ‫له هامش التقارب الروس��ي ـ األميركي في‬ ‫لق��اءي جنيف ودبل��ن‪ ،‬بجس نبض األس��د‬ ‫ومدى استعداده للدخول في عملية سياسية‬ ‫تراكمي��ة‪ ،‬تب��دأ بحكوم��ة انتقالية واس��عة‬ ‫الصالحي��ات وتنتهي بإخراجه من المش��هد‬ ‫السياس��ي قب��ل أن تط��رح ملف��ات أخرى ال‬ ‫تزال تحت الطاولة‪ ،‬كملف المحكمة الدولية‬ ‫ال��ذي س��يظل ملفاً مؤج ًال إل��ى حين نضوج‬ ‫الظ��روف السياس��ية والدولي��ة والحقوقي��ة‬ ‫الضروري��ة لطرحه‪ ،‬باعتب��ار أن طرح جميع‬ ‫الملفات دفعة واحدة س��يؤدي إلى المخاطرة‬ ‫بإس��قاط كل احتماالت التسوية السياسية‪،‬‬ ‫وفض� ً‬ ‫لا ع��ن ع��رض م��ا اعتب��ره اتصاالت‬ ‫دولي��ة وعربي��ة تدع��م م��ا جاء ب��ه‪ ،‬عرض‬ ‫اإلبراهيم��ي حكوم��ة انتقالية واف��ق عليها‬ ‫األسد‪ ،‬وبصالحيات موس��عة‪ ،‬وطالب بوقت‬ ‫لدراسة مطالب أخرى والرد عليها‪.‬‬ ‫لك��ن اإلبراهيمي نفس��ه ل��م يأت إلى‬ ‫االجتم��اع القصي��ر في دمش��ق إل��ى جوهر‬ ‫المهم��ة التي جعل��ت األميركيي��ن يوافقون‬ ‫على ابتعاث��ه مع ال��روس‪ :‬الصالحيات التي‬ ‫تجعل م��ن الحكومة االنتقالي��ة قادرة على‬ ‫إج��راء إع��ادة هيكلة الجي��ش واألمن‪ ،‬وهما‬

‫عص��ب النظ��ام الس��وري‪ ،‬وهو م��ا يرفضه‬ ‫الرئيس الس��وري‪ .‬أما تحدي��د موعد واضح‬ ‫لخ��روج األس��د من الس��لطة‪ ،‬فه��و ملف لم‬ ‫يفاتح به اإلبراهيمي مضيفه الس��وري في‬ ‫أي لحظة من اللقاء بينهما‪.‬‬ ‫وقدم الديبلوماسي الجزائري فكرتين‬ ‫لتجاوز االستعصاء الرئاسي‪ ،‬وتفادي تفجير‬ ‫مهمته بمطالبة األس��د بالتنحي في س��ياق‬ ‫تش��كيل الحكومة االنتقالية‪ :‬تقصير والية‬ ‫الرئيس الس��وري بإج��راء انتخاب��ات مبكرة‬ ‫في األش��هر المقبلة‪ ،‬أو تحويل س��وريا نحو‬ ‫النظام البرلماني‪ ،‬لنسف صالحيات الرئيس‬ ‫من الخ��ارج‪ ،‬بعد تحصنه به��ا داخلياً للبقاء‬ ‫في منصبه‪ .‬ورفض الرئيس السوري فكرة‬ ‫اإلبراهيمي األولى تقديم موعد االنتخابات‬ ‫من ربي��ع الع��ام ‪ 2014‬إلى منتص��ف العام‬ ‫المقبل‪.‬‬ ‫وكان طم��وح اإلبراهيم��ي هو تقصير‬ ‫والي��ة األس��د عام��اً كام� ً‬ ‫لا لتجاوز مش��كلة‬ ‫مطالبت��ه بالتنحي وبقائه عل��ى رأس البالد‬ ‫عام��اً ونصف الع��ام‪ ،‬وإيجاد ظ��روف مؤاتية‬ ‫لوق��ف القت��ال ونش��ر ق��وات مراقب��ة وقف‬ ‫إط�لاق الن��ار‪ ،‬وإع��ادة الجيش إل��ى ثكناته‬ ‫وإط�لاق المعتقلي��ن‪ ،‬وتنفيذ أجن��دة جنيف‬ ‫كاملة‪.‬‬ ‫وفي موس��كو أبل��غ اإلبراهيم��ي مرة‬ ‫ثاني��ة م��ن الجان��ب الروس��ي أن الرئي��س‬ ‫الس��وري إذ يواف��ق عل��ى حكوم��ة انتقالية‬ ‫إال ان��ه يرف��ض اس��تبعاده خ�لال المرحل��ة‬ ‫االنتقالي��ة م��ن مناصبه‪ ،‬م��ع موافقته على‬ ‫نقل صالحياته‪ ،‬م��ن دون أن يصل النقاش‬ ‫إلى التفاصي��ل‪ .‬كما أن اإلبراهيمي ابلغ في‬ ‫موس��كو وفي دمش��ق أن الرئيس السوري‬ ‫يعتزم خ��وض غم��ار االنتخابات الرئاس��ية‬ ‫ربي��ع الع��ام ‪ ،2014‬أي أن أيًا م��ن المطالب‬

‫الجوهرية التي يحملها والتي تعطي مهمته‬ ‫معناها الخاص لم تحقق أي اختراق‪.‬‬ ‫وي��روج اإلبراهيم��ي‪ ،‬من��ذ أن غ��ادر‬ ‫موس��كو‪ ،‬لفكرت��ه الثانية بتحوي��ل النظام‬ ‫ف��ي س��وريا إل��ى نظ��ام برلمان��ي‪ ،‬إلفراغ‬ ‫المنصب الرئاس��ي والصالحي��ات الممنوحة‬ ‫للرئي��س من أي معنى‪ ،‬وتجاوز عقبة تنحي‬ ‫األس��د‪ ،‬منذ اآلن‪ ،‬فيصبح بقاء األسد رئيسًا‬ ‫وترشحه إلى الرئاس��ة ربيع عام ‪ 2014‬غير‬ ‫ذي شأن‪.‬‬ ‫وكان اإلبراهيم��ي كرر‪ ،‬ف��ي القاهرة‪،‬‬ ‫تحذي��ره من «صوملة وجحيم» في س��وريا‬ ‫إذا ل��م يتم إيجاد حل سياس��ي قريبًا لألزمة‬ ‫يس��تند عل��ى «اتف��اق جني��ف»‪ ،‬موضحًا أن‬ ‫لدي��ه «مقترح��اً يمك��ن أن يتبن��اه المجتمع‬ ‫الدولي» إلنهاء األزمة «يتضمن وقف إطالق‬ ‫الن��ار وتش��كيل حكومة كامل��ة الصالحيات‬ ‫وخط��وات تؤدي إل��ى انتخابات إما رئاس��ية‬ ‫أو برلماني��ة‪ ،‬وأرجح أن تك��ون برلمانية ألن‬ ‫السوريين سيرفضون النظام الرئاسي»‪.‬‬ ‫وأعل��ن وزي��ر الخارجي��ة الروس��ي‬ ‫س��يرغي الف��روف‪ ،‬خ�لال مؤتم��ر صحافي‬ ‫م��ع اإلبراهيم��ي ف��ي موس��كو‪ ،‬أن «هناك‬ ‫إجماعًا على القول ب��أن فرص التوصل إلى‬ ‫حل سياس��ي م��ا زال��ت متواف��رة»‪ .‬وأوضح‬ ‫«قال األس��د مراراً إنه ال ين��وي الذهاب إلى‬ ‫أي م��كان‪ ،‬وإنه س��يبقى ف��ي منصبه حتى‬ ‫النهاية‪ ،‬ولي��س ممكنًا تغيير هذا الموقف»‪.‬‬ ‫وأض��اف «عندما تق��ول المعارضة إن رحيل‬ ‫األسد هو وحده الذي سيسمح لها ببدء حوار‬ ‫حول مس��تقبل بلده��ا فإننا نعتق��د أن هذا‬ ‫خطأ‪ ،‬بل ويؤدي إلى نتائج عكس��ية‪ .‬تكلفة‬ ‫هذا الش��رط المس��بق هو أرواح المزيد من‬ ‫المواطنين السوريين»‪.‬‬ ‫ولما كانت مبادرة االبراهيمي قد نعيت‬


‫سابقًا على صفحات سوريتنا‪ ،‬ليس لنا اليوم‬ ‫تغيي��ر من الخ��ارج فالمواقف‬ ‫أن نأم��ل بأي‬ ‫ٍ‬ ‫الدولية على حالها‪ ،‬والدبلوماس��ية الروسية‬ ‫تثبت فش��لها يومًا بعد ي��وم‪ ،‬وحدهم الثوار‬ ‫هم من سيفرضون التغيير‪.‬‬

‫االنقالب الع�سكري‪:‬‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫الطائف ال�سوري‪:‬‬

‫أم��ا الس��يناريو الثالث المت��داول لحل‬ ‫األزمة الس��ورية‪ ،‬فهو مش��روعٌ يتم تداوله‬ ‫باس��م " الطائف السوري " وتقول تسريبات‬ ‫إعالمي��ة أن المفاوض��ات األميركي��ة –‬ ‫الروس��ية الدائ��رة منذ أمد غي��ر قريب حول‬ ‫ال��درع الصاروخ��ي والمصال��ح السياس��ية‬ ‫واالقتصادي��ة ل��كال البلدي��ن خصوصاً حول‬ ‫مص��ادر ومنابع النفط والمس��تجد منه على‬ ‫الخ��ط اللبنان��ي القبرص��ي – اإلس��رائيلي‬ ‫وغيره��ا من الملف��ات انتهت إلى التس��ليم‬ ‫بالمصال��ح الروس��ية على الجبه��ة الممتدة‬ ‫م��ن بيروت إلى دمش��ق وطه��ران وقبرص‬ ‫حيث بدأت ش��ركات روسية عمليات التنقيب‬ ‫إضاف�� ًة إل��ى التواف��ق عل��ى مخ��رج لألزمة‬ ‫السورية ش��بيه لمخرج حل األزمة اللبنانية‬ ‫ويقوم على‪:‬‬ ‫‪ - 1‬إجراء تعديل دستوري يكرس حق‬ ‫الرئاسة للطائفة العلوية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬إعطاء صالحيات رئيس الجمهورية‬ ‫إلى مجلس الوزراء ورئيسه السني‪.‬‬ ‫‪ - 3‬تش��كيل حكوم��ة جديدة برئاس��ة‬ ‫شخصية من المعارضة مقبولة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬إجراء انتخابات نيابية مبكرة‪.‬‬ ‫‪ - 5‬ينتخب المجلس الجديد في فترة ال‬ ‫تتعدى السنتين رئيسًا جديداً للبالد‪.‬‬ ‫ويبدو للق��ارئ أن هذا الس��يناريو من‬ ‫قبي��ل الهرطق��ة‪ ،‬فالث��ورة الس��ورية الت��ي‬ ‫نادت منذ يومها األول بدولةٍ مدنية تحكمها‬ ‫مبادئ القانون والمواطنة‪ ،‬لن يقبل أبناؤها‬ ‫برئي��س عل��وي أو آخ��ر س��ني‪ ،‬الرئي��س‬ ‫ٍ‬ ‫السوري العتيد سيكون سوريًا بغض النظر‬ ‫عن انتمائه العرقي أو الطائفي‪.‬‬

‫التدخل الع�سكري‪:‬‬

‫م��ع نش��ر صواري��خ الباتري��وت عل��ى‬ ‫الحدود الس��ورية التركية‪ ،‬يتصاعد الحديث‬ ‫تدخ��ل دولي أكث��ر حزمًا‪ ،‬بال��ذات تحت‬ ‫عن‬ ‫ٍ‬

‫احل�سم الداخلي‪:‬‬

‫م��ع ش��ح الم��وارد والعت��اد وتخ��اذل‬ ‫المجتم��ع الدول��ي ع��ن إغاث��ة الس��وريين‪،‬‬ ‫اس��تطاع الجيش الس��وري الحر الس��يطرة‬ ‫عل��ى الك��م األكبر م��ن األرض الس��ورية‪،‬‬ ‫وقريباً س��يحاصر الث��وار القصر الجمهوري‪،‬‬ ‫ليقبضوا عل��ى المجرمين والقتلة‪ ،‬أما رأس‬ ‫النظ��ام فابتع��ث من يق��دم طلب��اتٍ للجوء‬ ‫له وألس��رته الصغرى ‪ -‬بقية أفراد األس��رة‬ ‫هاج��روا وتوزعوا بين اس��بانيا وبيالروس��يا‬ ‫واإلم��ارات العربي��ة المتح��دة‪ ،‬ومنهم والدة‬ ‫رأس النظام ‪ -‬لكل من كوبا وفنزويال اللتين‬ ‫تجاهلت��ا الطل��ب‪ ،‬وحده��ا اإلك��وادور قبلت‬ ‫باستضافته‪ ،‬طمعاً‬ ‫بأموال سوريةٍ منهوبة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫لكن ف��ي النهاية وحده��ا المحكمة الجنائية‬ ‫الدولية هي من سيتكفل بالضيافة‪.‬‬ ‫في الختام تتوإلى الحلول والمقترحات‬ ‫والسوريون وحدهم يدفعون ثمن حريتهم‪،‬‬ ‫وف��ي كل ي��وم‪ ،‬وأكث��ر م��ن أي وقت مضى‬ ‫تحق��ق حرك��ة التغيي��ر المس��تعرة ف��ي‬

‫وإال ف�لا يُرج��ى نه��وضٌ ألمّ��ةٍ‬ ‫تق��وم عل��ى ه��ذا األس��اس المه��دَّد‬ ‫وم��اذا تُرَجِّ��ي م��ن ب�لاد بش��عرة‬ ‫تُق��اد‪ ،‬وشَ��عب بالمض ِّللي��ن يَهتدى‬ ‫يجذب��ون وراءهُ��م‬ ‫أق��ول ل َق‬ ‫��وم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أمث��ال البَعي��ر المعبَّ��د‬ ‫مس��اكين‬ ‫ِ‬ ‫اقام��وا عل��ى األنف��اس يحتكرونه��ا‬ ‫س��بيل يس��لك الم��ر ُء يُط��ردَ‬ ‫ف��أيَّ‬ ‫ٍ‬ ‫وم��ا منه��مُ اال ال��ذي ْإن صَ َف��تْ ل��ه‬ ‫يَبْط��ر‪ ،‬او َ‬ ‫َليالي��ه َ‬ ‫يُعرب��د‬ ‫تُك��دِّرْ ِ‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫ورعاية "اإلرهاب" على حد زعمه‪.‬‬ ‫وحذر زادة من أن ترك س��وريا لتنزلق‬ ‫ف��ي مزيد من الفوضى يع��د أمرا يصب في‬ ‫صالح إيران‪ ،‬مضيفا أن تخوف واشنطن من‬ ‫االن��زالق في حرب ف��ي المنطق��ة يعد غير‬ ‫مب��رر‪ ،‬فالوالي��ات المتحدة س��بق أن دعمت‬ ‫المحاربي��ن األفغ��ان ضد الغزو الس��وفياتي‬ ‫دون أن تت��ورط في حرب مباش��رة في تلك‬ ‫المنطقة‪.‬‬

‫مظلة البند السابع في قانون األمم المتحدة‪،‬‬ ‫الذي يجيز اس��تخدام القوة المس��لحة إذا ما‬ ‫اس��تدعى األمر‪ .‬الظ��روف المحيطة باألزمة‬ ‫الس��ورية تدعو بإلحاح إلى اس��تخدام القوة‬ ‫العس��كرية‪ ،‬ألن األطراف المتصارعة ميالة‬ ‫الس��تخدام الق��وة المفرط��ة ض��د بعضه��ا‬ ‫البع��ض‪ .‬م��دن بكامله��ا ق��د تُمس��ح م��ن‬ ‫الوجود الفعلي‪ ،‬إذا م��ا أُطلقت أيدي النظام‬ ‫في اس��تخدام الجي��ش بغي��ة التخلص من‬ ‫خصوم��ه السياس��يين‪ .‬ي��رى النظ��ام أن‬ ‫المعارض��ة مس��لحة‪ ،‬تتخ��ذ م��ن التجمعات‬ ‫المدني��ة أمكن�� ًة لالختب��اء واالنقض��اض‬ ‫على قوى األم��ن الموالية للنظ��ام‪ .‬التدخل‬ ‫العس��كري له من يؤيده وم��ن يعارضه‪ ،‬له‬ ‫س��لبياته وإيجابياته‪ .‬بالدرجة األولى‪ ،‬يفتح‬ ‫الباب على مصراعيه لنش��ر األزمة سياس��يًا‬ ‫وعسكرياً‪ ،‬خارج الحدود السورية‪.‬‬ ‫والتدخل العس��كري بات من منس��يات‬ ‫الث��ورة الس��ورية‪ ،‬ولع��ل تصري��ح رئي��س‬ ‫االئت�لاف الوطني المعارض لقن��اة الجزيرة‬ ‫األربع��اء الماض��ي ع��ن رفض الس��وريين‬ ‫ش��كل من أش��كال التدخل العسكري أو‬ ‫ألي‬ ‫ٍ‬ ‫اإلمالءات الغربية‪ ،‬خاص ًة مع اقتراب الحسم‪،‬‬ ‫فالثورة السورية انتصرت بأيدي السوريين‬ ‫وحده��م‪ ،‬أما التدخ��ل الخارجي العس��كري‬ ‫فكان سنة النظام وسلوكه فأبناؤنا يقتلون‬ ‫بس�لاح روسي‪ ،‬وعلى يد مقاتلين من إيران‬ ‫ٍ‬ ‫وحزب اهلل‪.‬‬

‫س��وريا المزيد م��ن االنتصارات العس��كرية‬ ‫والسياس��ية واإلعالمية‪ .‬لينكفأ النظام على‬ ‫نفس��ه م��ع ب��دء تخلي أق��وى الحلف��اء عنه‬ ‫روسيا والصين كالعادة‪ .‬واألسد يساوم على‬ ‫بقائ��ه مقابل االس��تمرار بالقت��ل والتهجير‬ ‫والترويع‪.‬‬ ‫الث��ورة الس��ورية منتص��رة‪ ،‬والث��ورة‬ ‫تختص��ر المراح��ل‪ ،‬لك��ن ال الث��ورة وال أي‬ ‫ش��يء آخر‪ ،‬بمق��دوره أن يلغ��ي الزمان وأن‬ ‫ينقل ش��عبًا أو أمة م��ن التخلف إلى التقدم‪،‬‬ ‫وأن يخل��ق الموارد الطبيعية والبش��رية من‬ ‫اله��واء‪ ،‬وأن يحتك��م للتنظي��م والتخطي��ط‬ ‫والعل��م والتكنولوجيا‪ ،‬وأن يعطي الس��يادة‬ ‫لقيم الحرية والعدل السياسي واالجتماعي‪،‬‬ ‫سينجز السوريون ذلك كله في طرفة عين‪،‬‬ ‫أو في عددٍ من السنين هي بحساب التاريخ‬ ‫طرفة عين‪.‬‬ ‫أودعكم بأبياتٍ من قصيدة الجواهري‪:‬‬ ‫" سبيل الجَماهير"‬ ‫ل��و َّأن مقالي��دَ الجَماهي��ر ف��ي ي��دي‬ ‫َ‬ ‫س��بيل التم��رُّدِ‬ ‫سَ�� َلكتُ بأوطان��ي‬ ‫َ‬ ‫إذن عَلِمَ��تْ ْأن ال حي��اة ألمّ��ةٍ‬ ‫ُ‬ ‫تُح��اول أن تَحي��ا بغي��ر التج��دُّد‬ ‫ل�� ِو األم��رُ ف��ي َك ِّف��ي لجهَّ��زتُ قوّ ًة‬ ‫تُع��وِّدُ ه��ذا الش��عبَ ما ل��م يُعوَّد‬ ‫ل��و األم��رُ ف��ي ِّ‬ ‫كف��ي ألعلن��تُ ث��ور ًة‬ ‫َ‬ ‫عل��ى ِّ‬ ‫كل ه��دّام بألف��ي مش��يِّد‬ ‫منُاه��ض‬ ‫عل��ى ُك ِّل رجع��يٍّ بأل َف��ي‬ ‫ٍ‬ ‫يُ��رى اليوم مس��تا ًء فيبكي عل��ى الغد‬ ‫فإمّ��ا حي��ا ٌة ح��رّ ٌة مس��تقيم ٌة‬ ‫شَ��عب ذي كي��ان وس��ؤدُد‬ ‫تَلي��قُ ِب‬ ‫ٍ‬ ‫وإمّ��ا مم��اتٌ ينتهَي الجه��دُ عِندَهُ‬ ‫َ‬ ‫فتُع��ذرُ‪ ،‬فاخت��ر أيَّ َثوْبيَ��ك ترت��دي‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫تتداول الصح��ف الغربية صيغ ًة أخرى‬ ‫للحل في سوريا عن طريق انقالب عسكري‬ ‫م��ن ش��أنه أن يمهّ��د الطريق أم��ام تحوّل‬ ‫الديكتاتورية البعثية الحالية المُسَ��يرة من‬ ‫قبل العلويي��ن إلى أخرى ذات قاعدة أوس��ع‬ ‫نس��بيًا ولديه��ا اس��تعداد لتبنّ��ي اصالحات‬ ‫سياس��ية جذري��ة تفض��ي إلى س��وريا أكثر‬ ‫ديمقراطي��ة‪ ،‬وفرضية كهذه م��ن المحتمل‬ ‫فص��ول دموي��ة حيث أنه‬ ‫أن تنط��وي عل��ى‬ ‫ٍ‬ ‫من غير المتوقّع للنظ��ام الحالي أن يتنحّى‬ ‫طوع��ًا‪ ،‬وم��ن المنطق��ي أن ال ينتظ��ر م��ن‬ ‫األس��د والمحيطين به توقيع أحكام موتهم‬ ‫بأنفس��هم! وليس لديهم ما يدفعهم لفعل‬ ‫وأن أفضل ما يمكنهم توقّع‬ ‫ذل��ك‪ ،‬خصوصًا ّ‬ ‫الحصول عليه هو حبسهم‪ ،‬أو إعدامهم في‬ ‫توقع أسوء إنّما أكثر أوفر ّ‬ ‫حظًا في التحقّق‪.‬‬ ‫وبعد كل هذه الجرائم التي ارتكبها النظام‪،‬‬ ‫ف��إن حكماً باإلع��دام للرئي��س والعديد من‬ ‫ّ‬ ‫معاوني��ه العس��كريين واألمنيي��ن س��يكون‬ ‫مسألة طبيعي ًة في سوريا‪.‬‬ ‫والشروع باالنقالب يكون عبر ضبّاطٍ‬ ‫علويي��ن م��ن داخ��ل النظ��ام‪ ،‬ربّم��ا بدئوا‬ ‫يشعرون بالحرج من سلوكه‪ ،‬بعيدون قلي ًال‬ ‫عن مركز الق��رار وغير متورطين مباش��ر ًة‬ ‫بال��دم‪ ،‬إال أن فرص نج��اح االنقالب ضئيلة‬ ‫فالنظام الس��وري يملك خب��رة تمتد لعقود‬ ‫في منع حصول انقالب كهذا‪.‬‬ ‫وق��د اعتبرت مجلة "فورين بوليس��ي"‬ ‫االميركي��ة‪ ،‬إن��ه ال ح��ل لألزم��ة الس��ورية‬ ‫س��وى االنق�لاب العس��كري عل��ى نظ��ام‬ ‫الرئيس بش��ار االسد‪ ،‬واش��ارت المجلة في‬ ‫مقال للس��فير األميركي السابق لدى األمم‬ ‫المتحدة "زلماي خليل زاده"‪ ،‬إلى أنه ال سبيل‬ ‫أمام الوالي��ات المتحدة إلنهاء األزمة س��وى‬ ‫التعاون مع أشخاص داخل النظام السوري‪،‬‬ ‫وذل��ك من أج��ل القي��ام بانقالب وإس��قاط‬ ‫األس��د‪ ،‬وتس��ليح "المعتدلي��ن" واالهتم��ام‬ ‫بسوريا الجديدة وعدم ترك البالد تغرق في‬ ‫الفوضى‪ .‬وحذر "زادة" واش��نطن من تكرار‬ ‫غلطتها في افغانس��تان‪ ،‬في سوريا‪ ،‬عندما‬ ‫تركت الساحة أمام المتطرفين بعد انسحاب‬ ‫االتحاد السوفيتي‪.‬‬ ‫وقال إن زيادة أمد الصراع في س��وريا‬ ‫والتحريض على الفتنة الطائفية في البالد‬ ‫وتمكي��ن المتطرفي��ن وانهي��ار مؤسس��ات‬ ‫الدولة الت��ي تعد ضرورية الس��تقرار البالد‬ ‫ف��ي مرحل��ة ما بع��د س��قوط األس��د‪ ،‬كلها‬ ‫عوامل تصب في صالح من وصفها بالقوى‬ ‫المتطرف��ة ف��ي المنطق��ة‪ ،‬وأض��اف أن��ه ال‬ ‫ينبغي لواش��نطن المجازفة به��ذه المخاطر‬ ‫وترك الحبل على الغارب لألزمة السورية‪.‬‬ ‫ودعا "زادة" في مقاله الواليات المتحدة‬ ‫وحلفاءه��ا إلى ضرورة العمل مع المعتدلين‬ ‫في المعارضة السورية وتزويدهم بالسالح‬ ‫والمعدات الضروري��ة األخرى‪ ،‬وإلى ضرورة‬ ‫تش��جيع االنش��قاقات م��ن داخ��ل النظ��ام‬ ‫السوري‪ ،‬وإلى التش��جيع على انقالب يؤدي‬ ‫في نهاية المطاف إلى إسقاط "األسد"‪ ،‬وإلى‬ ‫استقطاب تأييد كل مكونات الشعب السوري‬ ‫وتهميش دور المتطرفين في البالد‪.‬‬ ‫ورأى الدبلوماس��ي االميرك��ي أن‬ ‫مصالح الوالي��ات المتحدة في س��وريا باتت‬ ‫على المحك‪ ،‬وإنه ينبغي لواشنطن تخليص‬ ‫هذا البلد المحوري في الش��رق األوسط من‬ ‫القبض��ة اإليراني��ة‪ ،‬وأوضح أن إي��ران تتخذ‬ ‫م��ن نظ��ام "األس��د" وكي�لا عنها ف��ي دعم‬

‫‪7‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬

‫الربيع العربي يف اخلليج‪ ،‬و�سيا�سة‬ ‫اخلليج من الثورة ال�سور َّية‬ ‫عمار منال حسن‬ ‫ِّ‬ ‫المضلل‬ ‫عل��ى الرغم م��ن المظه��ر‬ ‫للموق��ف السياس��ي لبع��ض دول الخليج‬ ‫الت��ي تترأس��ه عل��ى م��ا يب��دو المملك��ة‬ ‫العربيَّة الس��عوديَّة‪ ،‬حي��ث يوحي بدعم‬ ‫الث��ورة الس��وريَّة والش��عب الس��وري‬ ‫المنتفض بكافَّة أش��كال ووسائل الدعم‬ ‫أن ه��ذا المظه��ر يخف��ي‬ ‫المطروح��ة‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ومخططاتٍ من ش��أنها‬ ‫خلف��ه تحالف��اتٍ‬ ‫تغيير النظ��رة العامة للموق��ف الخليجي‬ ‫بشكل جذري بالنسبة للشعب السوري‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫الربيع العربي يف اخلليج (اخلريف‬ ‫اخلليجي) ‪2012 - 2011‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫لم تكن قوى المعارضة السياس��يَّة‬ ‫بمع��زل عمَّا‬ ‫والش��عبية ف��ي دول الخليج‬ ‫ٍ‬ ‫يحصل في الوطن العربي من احتجاجات‬ ‫وثورات‪ ،‬حيث اندلعت احتجاجاتً مختلفة‬ ‫الكثاف��ة والزخ��م ف��ي ٍّ‬ ‫كل م��ن‪ :‬الع��راق‬ ‫ً‬ ‫س��لطنة‬ ‫(‪،)2011/5/6 - 2011/2/14‬‬ ‫عمَّ��ان (‪،)2011/5/6 - 2011/1/17‬‬ ‫البحري��ن (‪ - 2011/2/14‬ل��م تنت��ه‬ ‫بشكل تام حتَّى تاريخ كتابة‬ ‫االحتجاجات‬ ‫ٍ‬ ‫المق��ال)‪ ،‬المملك��ة العربيَّة الس��عوديَّة‬ ‫(‪ - 2011/3/3‬لم تش��هد نهاي��ةٍ واضحة‬ ‫إلاَّ أنَّه��ا انحص��رت بمظاه��ر احتج��اج‬ ‫فرديَّة من��ذ بداية ع��ام ‪ ،)2012‬الكويت‬ ‫(‪.)2011/12/28 - 2011/2/18‬‬ ‫كان التعام��ل م��ع االحتجاج��ات في‬ ‫العراق مرتبطاً بآث��ار االحتالل األمريكي‬ ‫عل��ى المنطق��ة م��ن النف��وذ اإليران��ي‬ ‫والتأثي��ر اإلقليم��ي ممَّ��ا جع��ل الموقف‬ ‫السياس��ي العراق��ي بعيداً عن السياس��ة‬ ‫الخليجيَّة إلى حدٍّ ما‪ ،‬كما تمَّ التعامل مع‬ ‫بنوع من‬ ‫االحتجاجات في س��لطنة عمَّان ٍ‬ ‫الحذر‪ ،‬حيث كانت الق��رارات واإلصالحات‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ناجح��ة لمن��ع‬ ‫محاول��ة‬ ‫الص��ادرة خالله��ا‬ ‫تحولها لثورة ش��عبيَّة تجت��اح البالد‪ ،‬أمَّا‬ ‫االحتجاج��ات ف��ي الكوي��ت فق��د دفع��ت‬ ‫المل��ك للتعام��ل معها على محم��ل الجد‬ ‫حي��ث تمَّت االس��تجابة للمطال��ب بتغيير‬ ‫الحكوم��ة‪ ،‬كم��ا يذكر حض��ور المعارضة‬ ‫بش��كل ِّ‬ ‫مؤثر خالل‬ ‫السياس��يَّة الكويتيَّة‬ ‫ٍ‬ ‫تلك االحتجاجات‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫حمل��ت االحتجاج��ات ف��ي كل م��ن‬ ‫السعوديَّة والبحرين طابعًا مختلفًا تماماً‪،‬‬ ‫وكذلك كان تجاوب النظامين معها‪ ،‬حيث‬ ‫كان��ت بعض المظاهرات في الس��عودية‬ ‫تحم��ل طابع��اً طائفيًَّا (محتجون ش��يعة‬ ‫للمطالبة بمعتقلين ش��يعة) وقد جوبهت‬ ‫بعضه��ا بإط�لاق الرص��اص الح��ي على‬ ‫المتظاهرين أو اعتقال بعضهم‪ ،‬أمَّا في‬ ‫البحري��ن فتطوَّرت االحتجاجات لتش��مل‬ ‫مختل��ف فئ��ات المجتم��ع وتتح��ول إل��ى‬ ‫اعتصامات كبيرة في س��احاتٍ رئيس��يَّة‬ ‫ف��ي العاصم��ة البحرينيَّ��ة (صنع��اء)‬ ‫يذك��ر منه��ا دوَّار اللؤلؤة‪ ،‬حي��ث جوبهت‬ ‫االحتجاجات بمختلف أش��كال العنف‪ ،‬كما‬ ‫ش��هدت اشتباكاتٍ بين معارضين وقوَّات‬ ‫األمن أسفرت عن قتلى من الجانبين‪.‬‬

‫ً‬ ‫منعطفا يف الربيع‬ ‫الثورة ال�سوريَّة‬ ‫ُّ‬ ‫والتدخل ال�سعودي يف اخلليج‬ ‫العربي‪،‬‬

‫بعد س��قوط النظام التونس��ي الذي‬ ‫وق��ف خالل��ه المجتم��ع الدول��ي موق��ف‬ ‫المتاب��ع المتفاج��ئ‪ ،‬أصب��ح التعام��ل مع‬ ‫باقي الثورات العربيَّة مختلفًا‪ ،‬ففي حين‬ ‫اس��تمرت موجة الحي��اد النس��بي الدولي‬ ‫خ�لال الث��ورة المصرية التي ش��هدت ما‬ ‫يمك��ن وصفه باالنقالب العس��كري على‬ ‫ش��خص الرئيس المخلوع مبارك ال على‬ ‫نظام��ه‪ ،‬أصب��ح التدخُّل واضح��ًا وضوح‬ ‫الشمس في ِّ‬ ‫كل من ليبيا واليمن‪.‬‬ ‫لك��نَّ ه��ذا التدخُّ��ل ق��د نج��ح في‬ ‫س��وريا بالتأثير على ط��ول الثورة مؤخراً‬ ‫أجل غير‬ ‫انتهاءه��ا بهزيمةٍ أو‬ ‫نص��ر إلى ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مس��مَّى‪ ،‬ممَّا دفع االحتجاجات في باقي‬ ‫واألردن والخليج‬ ‫ال��دول العربيَّة كلبن��ان‬ ‫ّ‬ ‫إل��ى االنتظ��ار لمعرف��ة نتيج��ة الث��ورة‬ ‫السوريَّة‪ ،‬أي ممَّا دفع الربيع العربي إلى‬ ‫دخ��ول في حالة س��باتٍ مؤقَّ��ت إلى حين‬ ‫انتهاء الثورة في سوريا‪.‬‬ ‫كان التدخل الس��عودي باالحتجاجات‬ ‫الت��ي بلغ��ت ح��دَّا م��ن الخط��ورة ف��ي‬ ‫الخلي��ج العرب��ي واضحًا ومباش��راً‪ ،‬فكان‬ ‫للس��عوديَّة الكلم��ة األخي��رة ف��ي كتابة‬ ‫تفاصيل تسليم السلطة في اليمن وذلك‬ ‫من خ�لال المب��ادرات الخليجيَّة من جهة‬ ‫والتف��اوض مع الرئي��س اليمني المخلوع‬ ‫بش��كل مباش��ر من جهةٍ أخرى‪ ،‬أمَّا في‬ ‫ٍ‬ ‫البحرين فكان التدخُّل عس��كريًَّا مباشراً‬ ‫م��ن خالل ق��وَّات درع الخلي��ج‪ ،‬التي كان‬ ‫الجتياحها البحري��ن الجزء األكبر من قمع‬ ‫االحتجاجات الش��عبيَّة كم��ا قامت بتدمير‬ ‫دوَّار اللؤلؤة الذي بات رمزاً لمحتجِّين‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫تش��كل المملك��ة العربيَّ��ة‬ ‫حي��ث‬ ‫الس��عوديَّة بدوره��ا الركي��زة الكب��رى‬ ‫لنظام الحك��م الملكي في المنطقة‪ ،‬ولم‬ ‫تكن لتس��مح ب��أيِّ لحظةٍ م��ن اللحظات‬ ‫لش��بح الربي��ع العربي من االقت��راب من‬ ‫ه��ذا النظ��ام الس��ائد ف��ي الخلي��ج‪ ،‬فقد‬ ‫حارب��ت رياح الربي��ع العربي في البحرين‬ ‫وقمعتها في الس��عوديَّة ذاتها وس��اهمت‬ ‫في تفريغ محتواها ف��ي الثورة اليمنيَّة‪،‬‬ ‫وحين كان مصير الثورة السوريَّة ِّ‬ ‫سيأثر‬ ‫على مجريات الربي��ع العربي بأكمله‪ ،‬لم‬ ‫تتوانى الس��عوديَّة للحظ��ةٍ من التدخُّل‬ ‫في س��بيل إجهاض أو تش��ويه الثورة في‬ ‫سورية‪.‬‬

‫التدخل اخلليجي ال�سعودي‬ ‫يف �سوريا‬

‫عل��ى الرغ��م من الخ�لاف الظاهري‬ ‫بي��ن النظام الس��وري والس��عوديَّة الذي‬ ‫أن هذا الخالف‬ ‫يرسمه إعالم الدولتين‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫أش��به ما يك��ون بخالف النظام الس��وري‬ ‫م��ع إس��رائيل إذ أنَّه مجرَّد غط��ا ٍء علني‬ ‫لعالقاتٍ تس��لك اتجاه��ًا معاكس��ًا تمامًا‬ ‫تحت ه��ذا الغط��اء‪ ،‬حيث قام��ت المملكة‬

‫العربيَّ��ة الس��عوديَّة جنباً إل��ى جنب مع‬ ‫اإلم��ارات بدعم اقتصاد النظام الس��وري‬ ‫بملغ‬ ‫خ�لال االش��هر األول��ى م��ن الث��ورة ٍ‬ ‫يقدَّر بثمانية مليارات دوالر أمريكي تمَّ‬ ‫إيداعه إلى المصرف المركزي في سوريا‪.‬‬ ‫لك��نَّ التدخُّ��ل الس��عودي كان ل��ه‬ ‫منحاً آخر من��ذ البداية غير الدعم المالي‪،‬‬ ‫حي��ث أوجدت الس��عوديَّة إعالماً س��وريًَّا‬ ‫ س��عوديَّا معارض��اً للنظ��ام الس��وريّ‪،‬‬‫يحمل طابعًا طائفيًَّا شديداً وعنيفاً حاول‬ ‫أن يصوِّر ما يحدث في س��وريا على أنَّه‬ ‫حرب أهل الس��نَّة ضدَّ َّ‬ ‫الكفار والمارقين‬ ‫والنصيري��ن وغيره��ا م��ن التعابير التي‬ ‫تف��رِّغ الث��ورة م��ن مضامينه��ا وقيمها‪،‬‬ ‫أن ه��ذا اإلع�لام قد‬ ‫وعل��ى الرغ��م م��ن َّ‬ ‫باس��تنكار شديدٍ من فئاتٍ واسعةٍ‬ ‫قوبل‬ ‫ٍ‬ ‫أن تأثيره كان‬ ‫م��ن الش��عب الس��وري‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫المس��لحة في‬ ‫جليًَّا عند ظهور المعارضة‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫كانت الخطوة التالية من السعوديَّة‬ ‫وبش��كل ممنه��ج وغي��ر كافٍ‬ ‫أن تدع��م‬ ‫ٍ‬ ‫إلس��قاط النظ��ام بع��ض الجماع��ات‬ ‫ذات المي��ول اإلس�لامي ف��ي المعارض��ة‬ ‫َّ‬ ‫المس��لحة في س��وريا‪ ،‬دافع��ُا إيَّاها إلى‬ ‫المزي��د من التط��رُّف الدين��ي والعرقي‪،‬‬ ‫ممَّ��ا دف��ع العديد من الكتائ��ب رفض أي‬ ‫منتس��بين من األقليَّات الدينيَّة أو حتَّى‬ ‫أحيان��اً القوميَّ��ة‪ ،‬وتبع��ت ه��ذه الخطوة‬ ‫بدف��ع المملك��ة بالعدي��د م��ن الجهاديين‬ ‫المتنوعي الجنس��يَّات للدخول إلى سوريا‬ ‫وذل��ك بش��ي ٍء من التنس��يق م��ع النظام‬ ‫حين إذٍ‬ ‫الس��وري نفس��ه إذ كانت الحدود ٍ‬ ‫تحت سيطرته الكاملة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫كل ه��ذا دفع الثورة في س��وريا إلى‬

‫أن تأخذ في بع��ض المناطق وفي بعض‬ ‫َّ‬ ‫مس��لح‪ ،‬ممَّا‬ ‫نزاع طائفيٍّ‬ ‫األحي��ان طابع ٍ‬ ‫م��ن ش��أنه أن يدفع العديد من الش��عوب‬ ‫العربيَّة إلى التفكير مجدَّداً قبل عودتها‬ ‫إل��ى غمار الربيع العرب��ي‪ ،‬وخصوصاً في‬ ‫دول الخلي��ج التي تس��عى إل��ى ُّ‬ ‫التخلص‬ ‫م��ن الحكم الملكي اإلس�لامي األصولي‪،‬‬ ‫حيث يصبح واقع الثورة في س��وريا نذير‬ ‫ش��ؤم بالنس��بة إليهم فيفضِّل بعضهم‬ ‫التعاي��ش م��ع الواق��ع على الدخ��ول في‬ ‫متاه��ات الصراع الطائفي ال��ذي ال تحمد‬ ‫عقباه في أحسن األحوال‪.‬‬

‫اخللفية الدول َّية للموقف‬ ‫ال�سعودي اخلليجي‬

‫ب��أن ه��ذا‬ ‫م��ن الواض��ح قطع��ًا َّ‬ ‫الس��يناريو المرس��وم ف��ي الخلي��ج‬ ‫إلفش��ال الثورة الس��وريَّة أو تش��ويهها‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫المخطط اإلس��رائيلي‬ ‫يتوافق قطع��اً مع‬ ‫واألمريكي والغربي‪ ،‬كم��ا يالقي معظم‬ ‫المصال��ح الصينيَّة الروس��يَّة‪ ،‬لذلك فال‬ ‫َّ‬ ‫المخط��ط عن الموقف‬ ‫يمك��ن فصل هذا‬ ‫الدول��ي ككل‪ ،‬وإن كان للملك��ة العربيَّة‬ ‫الس��عوديَّة بش��كل خ��اص ودول الحكم‬ ‫بش��كل ع��ام مصالح‬ ‫الملكي في الخليج‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫المخطط‪.‬‬ ‫مباشرة وقطعيَّة من هذا‬ ‫كم��ا يبقى موقف الش��عب الخليجي‬ ‫الذي تبرَّع بعشرات الماليين من الرياالت‬ ‫والدراهم لدعم الشعب السوري المنكوب‬ ‫بش��تَّى أن��واع الم��واد اإلغاثيَّ��ة موقف��ًا‬ ‫مشهوداً له‪ ،‬كما ال يتعارض مع َّ‬ ‫مخططات‬ ‫حكومات��ه التي ال ت��رى للم��واد اإلغاثيَّة‬ ‫تأثيراً على المشهد السياسي والعسكري‬ ‫في سوريا!‪.‬‬


‫ياسر مرزوق‬ ‫يحت��اج عقد اإليجار‪ ،‬ش��أنه في ذلك‬ ‫ش��أن كل العقود‪ ،‬إلى أركان العقد بوجه‬ ‫عام‪ ،‬وه��ي‪ :‬التراضي والمحل والس��بب‪.‬‬ ‫وال يمك��ن إضاف��ة أي جدي��د ف��ي رك��ن‬ ‫الس��بب ف��ي عقد اإليج��ار‪ ،‬عل��ى ما قيل‬ ‫فيه ف��ي النظرية العامة في الس��بب في‬ ‫العقد بوجه عام‪ ،‬ونحيله بالتالي إلى هذه‬ ‫النظري��ة‪ ،‬ويبقى بعد ذلك ركنا التراضي‬ ‫والمحل‪ .‬وسنقصر بحثنا اليوم على ركن‬ ‫التراض��ي إذ يحت��اج التراض��ي بوصف��ه‬ ‫ركنًا من أركان عقد اإليجار‪ ،‬إلى ش��روط‬ ‫انعقاد‪ ،‬وشرط صحة‪.‬‬

‫�شروط االنعقاد‪:‬‬

‫فيجوز إثبات عقد اإليجار بالشهادة‪.‬‬

‫�شروط ال�صحة‪:‬‬ ‫يش��ترط لصحة التراض��ي في عقد‬ ‫اإليجار ما يش��ترط لصح��ة التراضي في‬ ‫أي عق��د آخ��ر من ش��روط‪ ،‬وه��ي توافر‬ ‫األهلية الواجبة وسالمة الرضا من عيوب‬ ‫اإلرادة‪ .‬و تختل��ف األهلية الواجبة لصحة‬ ‫التراضي في عق��د اإليجار من طرف إلى‬ ‫آخر ف��ي ه��ذا العق��د‪ ،‬ويج��ب أن تتوافر‬ ‫األهلية المطلوبة لدى أي من طرفي عقد‬ ‫اإليجار‪ ،‬وقت انعقاد هذا العقد‪.‬‬ ‫يش��ترط‪ ،‬لصحة التراضي في عقد‬ ‫اإليج��ار أن تتواف��ر األهلي��ة المطلوب��ة‬ ‫ل��دى كل من المؤج��ر والمس��تأجر‪ ،‬وقت‬ ‫انعقاد العقد ويبقى عقد اإليجار صحيحًا‬ ‫إذا تواف��رت األهلي��ة المطلوب��ة لصح��ة‬ ‫التراض��ي ف��ي عقد اإليجار ل��دى كل من‬ ‫المؤج��ر والمس��تأجر وقت انعق��اد العقد‪،‬‬ ‫ول��و زالت هذه األهلية عن أحدهما أو عن‬ ‫كليهما قبل بدء مدة اإليجار‪ ،‬أو بعد بدئها‬ ‫وإثناءها‪ ،‬أو بعد امتدادها‪.‬‬

‫عيوب الر�ضا يف عقد الإيجار‪:‬‬ ‫يش��ترط‪ ،‬لصحة التراضي في عقد‬ ‫اإليج��ار‪ ،‬أن يك��ون رض��ا المؤج��ر ورضا‬

‫فقص��ة آرام كرابيت‪ ،‬التي نُش��رت‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ ،2009‬تجعلنا نحي��ط بطبيعة‬ ‫النظام الذي أرساه حافظ األسد‬ ‫ً‬ ‫إحاط��ة أوفى‬ ‫وآل إل��ى ابن��ه بش��ار‬ ‫بكثير مما يمكن أن تتيحه دراس��ة بارعة‬ ‫في العلوم السياسية‪.‬‬ ‫إنه��ا تبيِّن لنا الس��بب ال��ذي يجعل‬ ‫الس��وريين‪ ،‬الذين عانوا م��ن هذا النظام‬ ‫ألكثر من أربعين عاماً‪،‬‬ ‫يجودون من��ذ آذار‪/‬م��ارس الماضي‬ ‫بهذا القدر من التضحي��ات‪ ،‬ويبذلون هذا‬ ‫القدر من الطاقة‪.‬‬

‫ويتب��ارون ف��ي الش��جاعة والك��رم‬ ‫والفطنة لك��ي َّ‬ ‫يتخلصوا من��ه‪ .‬والمؤ ِّلف‪،‬‬ ‫الشيوعي واألرمني‪.‬‬ ‫ال ينس��ى أب��داً م��ا قاس��اه أصحاب��ه‬ ‫في المحن��ة‪ ،‬بتن��وِّع انتماءاته��م اإلثنية‬ ‫والطائفية والسياسية‪.‬‬ ‫وبم��ن فيهم اإلخ��وان المس��لمون‪،‬‬ ‫الذين كانوا األكث��ر مكابدة للقمع وكذلك‬ ‫القوميون العرب والكرد أيضًا‪.‬‬ ‫فه��و ال يق��دِّم نفس��ه بط� ً‬ ‫لا‪ ،‬ب��ل‬ ‫يعت��رف بهناته وش��كوكه‪ ،‬لكنه ال يرضخ‬ ‫وال يراوغ وحاله هي بالضبط‪.‬‬

‫ح��ال كل أولئ��ك الرج��ال والنس��اء‬ ‫العاديين الذين ِّ‬ ‫يسطرون اآلن في سوريا‬ ‫تاريخ بلدهم بحروف من ذهب ‪.‬‬ ‫مؤلف الكتاب‪ :‬آرام كرابيت‬ ‫نوع الكتاب‪ :‬دراسة‬ ‫دار النشر‪ :‬جدار للثقافة والنشر‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الرحيل �إىل املجهول (يومياتي يف ال�سجون ال�سورية) �آرام كرابيت‬

‫المس��تأجر خاليي��ن م��ن عي��وب اإلرادة‪،‬‬ ‫وه��ي الغلط والتدليس واإلك��راه والغبن‬ ‫االس��تغاللي‪ ،‬ويك��ون عقد اإليج��ار قاب ًال‬ ‫لإلبطال لمصلحة من شاب إرادته العيب‪،‬‬ ‫إذا ش��اب رضا المؤجر أو رضا المس��تأجر‬ ‫عي��ب من ه��ذه العيوب‪ .‬كم��ا يكون عقد‬ ‫اإليج��ار قاب ًال لإلبط��ال أو قاب ًال لإلنقاص‬ ‫ف��ي الغب��ن االس��تغاللي وفق��اً للقواعد‬ ‫المقررة في الغبن االستغاللي‪.‬‬ ‫وال يعدّ كل ذلك إال تطبيق للقواعد‬ ‫العام��ة في عيوب اإلرادة ف��ي العقد‪ ،‬ألن‬ ‫عقد اإليجار ش��أنه في عيوب الرضا شأن‬ ‫س��ائر العق��ود وال يوجد جدي��د يقال في‬ ‫عق��د اإليجار بصدد عي��وب اإلرادة‪ ،‬فيتبع‬ ‫بش��أنها القواع��د المقررة ف��ي النظرية‬ ‫العام��ة ف��ي العقد فيم��ا يتعل��ق بعيوب‬ ‫اإلرادة‪ .‬ويك��ون للغب��ن االس��تغاللي في‬ ‫تطبيقه على عق��د اإليجار‪ ،‬أحكام خاصة‬ ‫ف��ي ه��ذا العقد‪ ،‬ف�لا تصح إج��ارة العين‬ ‫الموقوف��ة بالغب��ن الفاح��ش‪ ،‬إال إذا كان‬ ‫المؤج��ر ه��و المس��تحق الوحي��د الذي له‬ ‫والي��ة التصرف في الوقف‪ ،‬فتجوز إجارته‬ ‫بالغبن الفاحش في حق نفسه ال في حق‬ ‫من يليه من المستحقين (المادة ‪ 598‬من‬ ‫القانون المدني)‪ ،‬وس��يأتي بيان ذلك عند‬ ‫البحث في األجرة بوصفها مح ًال اللتزامات‬ ‫المستأجر في عقد اإليجار‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫تخض��ع ش��روط انعق��اد التراض��ي‬ ‫ف��ي عقد اإليجار إل��ى القواعد العامة في‬ ‫انعق��اد العقد بوجه عام‪ ،‬وال يش��ترط أي‬ ‫شكل خاص النعقاد هذا العقد‪ ،‬ولكن‪ ،‬إذا‬ ‫كان اإليجار ال يتطلب في انعقاده ش��كل‬ ‫خاص‪ ،‬فإن��ه يثبت وفق��ًا للقواعد العامة‬ ‫في إثبات التصرفات القانونية‪.‬‬ ‫أو ًال‪ :‬تطبي��ق القواع��د العامة‪ :‬ال بد‪،‬‬ ‫النعقاد عقد اإليجار‪ ،‬من أن يصدر إيجاب‬ ‫م��ن المؤج��ر أو المس��ـتأجر وقب��ول م��ن‬ ‫اآلخر‪ ،‬وأن يتطابق اإليجاب والقبول‪ ،‬وأن‬ ‫يتم التطابق عل��ى عناصر اإليجار‪ ،‬وهي‬ ‫طبيعة العقد (أي اإليجار) والشيء المؤجر‬ ‫وم��دة اإليجار واألج��رة‪ .‬ويخضع كل ذلك‬ ‫للقواعد العامة المقررة في نظرية العقد‬ ‫بوجه عام‪:‬‬ ‫فيج��وز التعبير عن اإليجاب باللفظ‬ ‫وبالكتاب��ة وباإلش��ارة المتداول��ة عرف��اً‪،‬‬ ‫ويجوز التعبي��ر عنه أيض��اً باتخاذ موقف‬ ‫ال ت��دع ظ��روف الح��ال ش��كاً ف��ي داللته‬ ‫على حقيقة المقص��ود ويلتزم الموجب‪،‬‬ ‫إذا عي��ن ميعاداً للقبول‪ ،‬ب��أن يبقى على‬ ‫إيجابه إل��ى أن ينقضي هذا الميعاد‪ .‬وقد‬ ‫يس��تخلص الميعاد من ظ��روف الحال أو‬ ‫من طبيعة المعاملة‪.‬‬ ‫وإذا صدر اإليجاب في مجلس العقد‬ ‫دون أن يعي��ن ميع��اداً للقب��ول‪ ،‬يتحل��ل‬ ‫الموجب من إيجاب��ه إذا لم يصدر القبول‬ ‫ف��وراً‪ ،‬ويك��ون الحك��م نفس��ه إذا ص��در‬ ‫اإليج��اب من ش��خص إل��ى آخ��ر بطريق‬

‫اإلنترنت أو التلفون أو بأي طريق مماثل‪.‬‬ ‫ويت��م العقد عل��ى الرغم من ذل��ك‪ ،‬ولو‬ ‫ل��م يصدر القب��ول فوراً‪ ،‬إذا ل��م يوجد ما‬ ‫يدل على عدول الموج��ب عن إيجابه في‬ ‫الفت��رة ما بي��ن اإليجاب والقب��ول‪ ،‬وكان‬ ‫القب��ول قد صدر قبل أن ينقضي مجلس‬ ‫العقد‪ .‬ويعدّ التعاق��د بين غائبين قد تم‬ ‫ف��ي المكان وف��ي الزم��ان اللذين يصدر‬ ‫فيه��ا القبول‪ ،‬ما لم يوج��د اتفاق أو عرف‬ ‫أو ن��ص يقض��ي بغي��ر ذل��ك‪ .‬وإذا كانت‬ ‫طبيعة المعاملة أو العرف أو غير ذلك من‬ ‫الظ��روف ت��دل على أن الموج��ب لم يكن‬ ‫لينتظر تصريحًا بالقبول‪ ،‬فإن العقد يعدّ‬ ‫ق��د تم إذا ل��م يرفض اإليج��اب في وقت‬ ‫مناسب‪ ،‬ويعدّ السكوت عن الرد قبو ًال إذا‬ ‫كان هناك تعامل س��ابق بين المتعاقدين‬ ‫واتص��ل اإليج��اب به��ذا التعام��ل‪ .‬وق��د‬ ‫يكون اإليج��ار بالمزايدة العلنية‪ ،‬فال يتم‬ ‫إال باإلحال��ة القطعي��ة‪ ،‬ويس��قط العطاء‬ ‫بعطاء يزيد عليه ولو كان باط ًال‪.‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬ش��كل عقد اإليجار‪ :‬يعدّ عقد‬ ‫اإليجار من عقود التراضي‪ ،‬ال من العقود‬ ‫الش��كلية‪ ،‬ف�لا يش��ترط النعقاده ش��كل‬ ‫خاص كورقة رسمية أو ورقة عرفية‪ .‬وال‬ ‫تع��دّ خاصية الرضائية ف��ي عقد اإليجار‬ ‫خاصي��ة مطلقة ل��ه‪ ،‬فقد يتف��ق المؤجر‬ ‫والمس��تأجر على ش��كل معي��ن لإليجار‪،‬‬ ‫فق��د يتفق��ان عل��ى أن يكت��ب باإليج��ار‬ ‫ورقة رس��مية أو ورقة عرفية‪ ،‬ويقصدان‬ ‫باتفاقهما مجرد مش��روع إيجار على أن ال‬ ‫يتم اإليجار إال عند كتابة الورقة الرسمية‬ ‫أو العرفي��ة‪ ،‬ف�لا ينعقد اإليج��ار في هذه‬ ‫الحالة إال باستيفاء الشكلية المطلوبة وال‬ ‫يكفي مجرد الرضا النعقاده‪.‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬إثبات عقد اإليجار‪ :‬يخضع عقد‬ ‫اإليج��ار ف��ي إثبات��ه للقواع��د العامة في‬ ‫إثب��ات التصرفات القانوني��ة‪ ،‬وتعدّ قيمة‬ ‫اإليجار بمقدار البدل الس��نوي‪ ،‬أي األجرة‬ ‫الس��نوية وبن��ا ًء على ذل��ك‪ ،‬إذا زاد البدل‬ ‫السـنوي على خمس��مائة ليرة سورية‪ ،‬أو‬ ‫كان غير محدد القيمة‪ ،‬فال تجوز الشهادة‬ ‫في إثبات عقد اإليجار‪ ،‬ما لم يوجد اتفاق‬ ‫أو ن��ص يقض��ي بغي��ر ذل��ك وإذا لم يزد‬ ‫بدل اإليجار الس��نوي عن خمسمائة ليرة‬ ‫س��ـورية أو زاد عنها وكان اإليجار تجارياً‪،‬‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫الرتا�ضي فـي عقد الإيجار‬

‫تاريخ النشر‪2010 :‬‬ ‫مكان النشر‪ :‬االسكندرية ‪ -‬مصر‬

‫‪9‬‬


‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬

‫رحلة «اجلحيم»‪:‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫رو�سيا و�أمريكا تطلقان يد النظام‬ ‫عبدالوهاب بدرخان‬

‫لم��اذا اندف��ع ال��روس واألخض��ر‬ ‫االبراهيم��ي إل��ى «حل سياس��ي» م��ا لبثوا‬ ‫أن أفش��لوه بإدارتهم الس��يئة والمكش��وفة‬ ‫األه��داف؟ ولم��اذا ل��م يتص��رف المبع��وث‬ ‫الدولي – العربي بأس��لوبه واختار الطريقة‬ ‫الالفروفي��ة؟ إن��ه التفاه��م االميرك��ي –‬ ‫الروس��ي‪ ،‬أو تفاه��م هي�لاري كلينت��ون –‬ ‫سيرغي الفروف في ‪ 2012/12/7‬في دبلن‪.‬‬ ‫االميركيون يريدون أن يس��تبعدوا مس��بقًا‬ ‫أي تط��وّر قد يضطرهم الحقًا إلى التدخل‪.‬‬ ‫حت��ى «الخط األحمر» الكيم��اوي ليس جديًا‬ ‫على رغ��م أن باراك اوباما نبّ��ه اليه مراراً‪،‬‬ ‫واذا تج��اوزه النظام الس��وري فل��ن تتدخل‬ ‫الوالي��ات المتحدة وال حلف األطلس��ي‪ ،‬وقد‬ ‫فه��م النظام أن ف��ي إمكانه اس��تخدام هذا‬ ‫الس�لاح ش��رط أال ّ‬ ‫يتخطى نطاق��اً جغرافيًا‬ ‫معين��ًا‪ ،‬وإال ف��إن واش��نطن و «النات��و»‬ ‫سيعتمدان على تدخل اسرائيلي‪.‬‬ ‫يتبيّ��ن اآلن أن م��ا أوح��اه االميركيون‬ ‫للمعارض��ة م��ن اعتم��اد عليها وم��ا أغدقوه‬ ‫من وع��ود بالمس��اعدات المالية واألس��لحة‬ ‫النوعي��ة‪ ،‬قب��ل اس��تيالد «االئت�لاف» ف��ي‬ ‫الدوحة وبعده‪ ،‬كان مجرد كالم‪ .‬وما ال يريده‬ ‫االميركيون يُحجم عنه «أصدقاء س��ورية»‬ ‫اآلخ��رون‪ ،‬بدليل أن كل مص��ادر المعارضة‬ ‫تجزم بأن الدعم المالي والعسكري تضاءل‬ ‫منذ أواخر آب (اغسطس) الماضي ثم توقف‬ ‫كليًا منذ اعالن «االئتالف»‪ .‬فواشنطن بحثت‬ ‫دائمًا عن حل سياس��ي‪ ،‬صيغت��ه المثلى أن‬ ‫ينخرط في��ه الجزء «المقب��ول» من النظام‬ ‫وأن يتنحّى بش��ار األسد فوراً أو بعد بضعة‬ ‫ش��هور‪ ،‬ألنها لم تعد تستطيع التعامل معه‪.‬‬ ‫لكن موس��كو حاججت باستحالة الشروع في‬ ‫أي حل اذا لم يكن االسد جزءاً منه ومتعاونًا‬ ‫في��ه‪ ،‬خصوص��ًا أن المطل��وب عاج� ً‬ ‫لا اعادة‬ ‫هيكل��ة الجي��ش واألمن‪ .‬بعد ت��ردد طويل‪،‬‬ ‫س�� ّلم االميركي��ون المهم��ة إل��ى ال��روس‬ ‫ليعالجوا األمر مع النظام طالما أنه حليفهم‪.‬‬ ‫اش��ترط ال��روس التحرك في اط��ار «اتفاق‬ ‫جنيف» الذي ال يقارب مس��ألة تنحي االس��د‬ ‫ولو تلميحاً‪ ،‬ووافق��وا على تعديل «طفيف»‬ ‫في س��ياق التطبيق ومن خ��ارج النص‪ .‬هذا‬

‫التعديل تمثل في عب��ارة «حكومة انتقالية‬ ‫بصالحيات كاملة»‪ ،‬ما عنى أن االس��د مدعو‬ ‫إل��ى التوقي��ع على تفوي��ض صالحياته‪ ،‬أي‬ ‫على «نقل الس��لطة» إل��ى رئيس الحكومة‬ ‫الذي يُفترض أن يكون نائبه فاروق الشرع‪.‬‬ ‫اذا ص��حّ ذل��ك‪ ،‬فإنه��ا صيغ��ة متقدم��ة بل‬ ‫باق في‬ ‫اختراقي��ة‪ ،‬حتى لو عَنَت أن االس��د ٍ‬ ‫الصورة لبعض الوقت‪ .‬وسواء أكانت حقيقة‬ ‫أم وهمًا‪ ،‬فإنها تعطي األولوية لوقف القتل‬ ‫والتدمي��ر وإلغاث��ة المنكوبي��ن وفتح األفق‬ ‫تغيير في النظام‪ ،‬أما محاس��بة القتلة‬ ‫أم��ام ٍ‬ ‫والمجرمين فتأتي الحقًا‪.‬‬ ‫ما الذي حصل؟ انه الس��يناريو نفسه‪:‬‬ ‫ج��اء االبراهيم��ي‪ .‬قاب��ل االس��د‪ .‬س�� ّلمه‬ ‫«المقترح»‪ .‬استُمهل للجواب‪ .‬وفي االنتظار‬ ‫مأل بعض وقته بلقاء مع «معارضة الداخل»‬ ‫التي يعرف مس��بقًا أنها ال تق��دّم وال تؤخر‬ ‫شيئًا في تحركه‪ .‬ثم علم أن فيصل المقداد‬ ‫ط��ار إل��ى موس��كو‪ .‬أي أن االس��د اخت��ار أن‬ ‫يناقش جوابه مع روس��يا‪ .‬اذاً‪ ،‬فاالبراهيمي‬ ‫دُع��ي أيض��ًا للذه��اب اليها ليتب ّل��غ أن رأس‬ ‫النظ��ام يرف��ض نق��ل الصالحي��ات‪ ،‬وأن��ه‬ ‫مصمم عل��ى البقاء حتى نهاي��ة واليته في‬ ‫‪ 2014‬وعلى ترش��يح نفس��ه للرئاس��ة في‬ ‫االنتخاب��ات المقبل��ة‪ .‬وطالم��ا أن المبع��وث‬ ‫الدول��ي – العرب��ي ج��اءه بصفت��ه رئي��س‬ ‫الدول��ة‪ ،‬فليس له أن يتدخل في صالحياته‪،‬‬ ‫فهو م��ن يعيّن رئيس الحكوم��ة ويحدد له‬ ‫مهمّت��ه‪ ..‬وللغرابة ها هي موس��كو‪ ،‬وعلى‬ ‫هامش استقبالها المقداد‪ ،‬توجّه دعوة إلى‬ ‫ائتالف المعارضة للحضور والتباحث بش��أن‬ ‫الح��وار‪ .‬أي ح��وار‪ ،‬م��ع مَ��ن‪ ،‬وكي��ف‪ ،‬وبأي‬ ‫أجندة‪ ،‬ووفقًا ألي شروط؟‬ ‫ل��م تك��ن موس��كو تمكن��ت بع��د من‬ ‫تس��ويق «الحل» لدى النظام‪ ،‬فإذا بها تقفز‬ ‫إلى تسويقه عند االئتالف‪ .‬كانت هذه خطوة‬ ‫غير ديبلوماسية قابلها رئيس االئتالف بردّ‬ ‫غير ديبلوماس��ي‪ .‬ل��م يكتفِ بأن موس��كو‬ ‫المتماهي��ة مع النظ��ام ال تُ��زار‪ ،‬بل يطلب‬ ‫منه��ا االعت��ذار عم��ا ارتكبته بحق الش��عب‬ ‫الس��وري‪ ،‬لكن��ه لم يرف��ض مب��دأ الحوار‪،‬‬ ‫وه��ذا ما تلقفه ميخائي��ل بوغدانوف ليقول‬

‫إن الح��وار ممك��ن ف��ي أي عاصم��ة اخرى‪.‬‬ ‫طبعًا دار نقاش س��اخن في مختلف أوساط‬ ‫المعارض��ة حول ردّ مع��اذ الخطيب‪ ،‬تحديداً‬ ‫حول مس��ألة «االعتذار» والذهاب في العداء‬ ‫مع روس��يا إلى هذا الحدّ‪ ،‬لك��ن «االئتالف»‬ ‫ش��عر ب��أن ال��روس واالبراهيم��ي تعمّدوا‬ ‫تهميش��ه وأنه��م ال يقدّم��ون ل��ه أكثر من‬ ‫كرس��ي إلى طاولة حوار مع النظام يعرفون‬ ‫مسبقاً أنه يرفضه‪.‬‬ ‫ه��ي جول��ة أول��ى خاضته��ا روس��يا‪،‬‬ ‫وس��ط صمت اميركي مطبق‪ ،‬وخرجت منها‬ ‫بتهديدات واضحة أطلقها الفروف كما لو أنه‬ ‫يتوجّ��ه بها إلى الطرفي��ن‪ ،‬لكنه كان يعني‬ ‫المعارض��ة‪ .‬وس��اهم االبراهيم��ي ب��دوره‬ ‫ف��ي التخويف من «الجحي��م» و «الصوملة»‬ ‫واحتمال سقوط مئة ألف قتيل‪ ،‬مع علمه أن‬ ‫النظام ال يكترث وأن المعارضة ال تس��تطيع‬ ‫الع��ودة إل��ى ال��وراء‪ .‬وإذ يس��تعد ال��روس‬ ‫واالميركيون لمعاودة التشاور قريباً لتقويم‬ ‫ما حصل ف��ي ضوء واقع أظه��ر بوضوح أن‬ ‫الطرفي��ن غير جاهزي��ن لعقد تس��وية‪ ،‬ما‬ ‫يوجب تركهم��ا ليحرق أحدهم��ا اآلخر‪ ،‬لعل‬ ‫االكت��واء بالنار يُنضج «الح��ل»‪ .‬ماذا يعني‬ ‫ذلك واقعيًا؟ في الجانب السياس��ي ستطلب‬ ‫موس��كو‪ ،‬طالما أن واش��نطن أطلقت يدها‪،‬‬ ‫أن يب��ادر االميركي��ون إل��ى الضغ��ط عل��ى‬ ‫المعارض��ة وضب��ط «أصدقائها» وال س��يما‬ ‫تركيا الت��ي كان واضحًا أنه��ا لم توضع في‬ ‫صورة ما تحاوله روس��يا واالبراهيمي‪ .‬لكن‬ ‫األس��وأ س��يكون في الجان��ب الميداني‪ ،‬ألن‬ ‫النظ��ام تلقى من التحرك الروس��ي رس��الة‬ ‫تطل��ق ي��ده إلش��عال «الجحي��م» غي��ر آبهٍ‬ ‫باالس��تنكارات الدولي��ة أو العربي��ة التي لم‬ ‫يسمع ش��يئًا منها بعد مجزرتي حلفايا ودير‬ ‫بعلبة (اس��تخدمت فيها صواري��خ «الفاتح»‬ ‫االيراني��ة‪ ،‬ول��م يش��ر «النات��و» اليه��ا على‬ ‫رغم أنها أقوى من صواريخ «س��كود»)‪ .‬في‬ ‫المرحلة الوش��يكة سيخوض النظام معركة‬ ‫روسيا‪ ،‬التي باتت اآلن تحضّه على الحسم‪،‬‬ ‫وتدعم اعتماده على خب��رات ايران و «حزب‬ ‫اهلل»‪ ،‬ألنه��ا تري��د وضع��ًا ميداني��ًا مختلف��ًا‬ ‫تمام��ًا حين تعود إلى طرح الحل السياس��ي‬

‫بعد أس��ابيع قليلة‪ .‬وفي الوق��ت الذي كانت‬ ‫المعارض��ة تنتظ��ر مدّها بأس��لحة نوعية‪،‬‬ ‫صار المتوقع أن يحصل النظام على أسلحة‬ ‫كهذه‪ .‬فموس��كو تريد منه أن يظهر قدراته‬ ‫وأن يذه��ب إلى أقصى ما يس��تطيعه‪ .‬لذلك‬ ‫يش��عر النظام راهنًا بأنه في صدد اكتساب‬ ‫الصمت الدولي الذي ّ‬ ‫مكنه قبل ثالثين عامًا‬ ‫من ارتكاب مجازر حماه‪ ،‬اذ تتحدّث مصادره‬ ‫عن آالف القتلى في «مفاجآت مروّعة» في‬ ‫ريف دمشق‪.‬‬ ‫ل��م تك��ن واش��نطن وحده��ا صامت��ة‬ ‫طوال االس��بوع الديبلوماس��ي بين دمش��ق‬ ‫وموس��كو‪ ،‬فهل تركت الروس واالبراهيمي‬ ‫يحاولون لتق��ول كلمتها من بعد؟ ال‪ ،‬األرجح‬ ‫أنها قالت ما عنده��ا يوم ‪ 2012/12/11‬في‬ ‫العشية المباشرة لمؤتمر «أصدقاء سورية»‬ ‫ف��ي مراك��ش‪ ،‬عندم��ا أعلنت وض��ع «جبهة‬ ‫النصرة» عل��ى قائمتها لل��دول والتنظيمات‬ ‫االرهابية‪ .‬فه��ذا الموقف أفصح عن حقيقة‬ ‫الموق��ف االميرك��ي بأكث��ر مم��ا عبّ��ر عنه‬ ‫االعت��راف بائت�لاف المعارض��ة ف��ي الي��وم‬ ‫التال��ي‪ .‬ف��ي النهاية ل��م تفصل واش��نطن‬ ‫مقاربتها للوضع الس��وري ع��ن العقدة التي‬ ‫ورثته��ا من تجربته��ا العراقية‪ ،‬كم��ا لو أنها‬ ‫بلغ��ت ف��ي مراجعتها ليس ح��دّ الندم على‬ ‫اس��قاط نظام ص��دّام حس��ين فق��ط‪ ،‬بل‬ ‫أيض��اً حدّ الحرص على اإلبق��اء على نظام‬ ‫بش��ار االس��د‪ .‬أم��ا الصم��ت غي��ر الطبيعي‬ ‫فيبدو أش��به بالفس��حة الضرورية الفاصلة‬ ‫بي��ن موقفين ووجهي��ن‪ ،‬فليس مس��تبعداً‬ ‫ّ‬ ‫تس��تهل أمي��ركا ‪ 2013‬بوج��ه آخر يقول‬ ‫أن‬ ‫إنها تقف وراء المس��اعي الروسية من خالل‬ ‫مس��اندتها مهمة االبراهيم��ي‪ ،‬وأنها تعتقد‬ ‫أن الحل المقت��رح جيد بالنظر إلى الفوضى‬ ‫التي غرقت فيها سورية‪ .‬وفي أي حال أمكن‬ ‫المعارضة‪ ،‬في االس��ابيع االخيرة‪ ،‬أن تلمس‬ ‫انكماش��ًا ف��ي تعام��ل «االصدق��اء» معها‪..‬‬ ‫فتّش عن اميركا!‬ ‫كاتب وصحافي لبناني‬ ‫جريدة الحياة اللندنية ‪2013 / 1 /3‬‬


‫عام �سوري جديد‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫منكم يا أش��باه المثقفي��ن والمفكرين‬ ‫أن عمر المخت��ار وعبد القادر الجزائري‬ ‫ومصطف��ى كام��ل وس��عد زغل��ول‬ ‫ويوسف العظمة وإبراهيم هنانو وعبد‬ ‫القادر الحسيني وعز الدين القسام لم‬ ‫يناضلوا أعداءهم من فنادق أوروبا وال‬ ‫ج��زر الكاريب��ي‪ ،‬وإنما ش��اركوا الناس‬ ‫آالمه��م وآماله��م وبق��وا معه��م حتى‬ ‫النهاية‪..‬‬ ‫هذا ع��ام جديد على ه��ذا الوطن‬ ‫الممزق المتعب‪..‬‬ ‫ورغ��م جراحن��ا وآالمنا وش��هدائنا‬ ‫ومعتقلينا سنبقى على هذه األرض‪..‬‬ ‫فإم��ا نحي��ا ونعمره��ا أو نم��وت‬ ‫ونختلط بترابها‪..‬‬ ‫ولن يبقى للمنافقين والمتسلقين‬ ‫مكان ها هنا‪..‬‬ ‫فه��ذا م��كان األطهار وال يس��تحق‬ ‫األنجاس حتى أن يدفنوا فيه‪..‬‬ ‫آخر الكالم‪ :‬يقول الش��اعر فاروق‬ ‫جويدة‪:‬‬ ‫أهف��و ألرض ال تس��اوم فرحت��ي‬ ‫ال تس��تبيح كرامت��ي وعن��ادي‬ ‫أش��تاق أطف��ا ًال كحب��ات الن��دى‬ ‫يتراقص��ون م��ع الصب��اح النادي‬ ‫أهف��و ألي��ام ت��وارى س��حرها‬ ‫صخ��ب الجي��اد وفرح��ة األعي��اد‬ ‫أش��تقت يوم��ا أن تع��ود بالدي‬ ‫غاب��ت وغبن��ا و انته��ت ببع��اد‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫األعوام في س��وريا ليس��ت كبقية‬ ‫األعوام في بقية البلدان‪..‬‬ ‫كل عام في سوريا "كألف سنة مما‬ ‫تعدون"‪ ،‬وعذراً لالقتباس ولكن طاقتنا‬ ‫على االحتمال لم تعد تستجيب‪..‬‬ ‫تحولت أرقام الضحايا إلى عدادات‬ ‫تع��د الم��وت وتحصيه ف��ي دورة رتيبة‬ ‫وكان هؤالء حب��ات رمل ينثرها الهواء‪،‬‬ ‫وكأنه��م ذرات من األوكس��جين الزائد‬ ‫عن حاجة األرض فامتصته السماء‪..‬‬ ‫كان ل��كل رق��م من ه��ؤالء حياته‬ ‫وأحالمه‪..‬‬ ‫كان ل��كل منه��م أم��ل ف��ي حياة‬ ‫أفضل‪..‬‬ ‫فاخت��ار المتالعبون بمصيره له ما‬ ‫ش��اؤوا من ذل وإهانة وتش��ريد وجوع‬ ‫وب��رد وموت وه��م ال يزال��ون يعلقون‬ ‫األوسمة ويخطبون في المؤتمرات‪..‬‬ ‫يتباه��ى النظ��ام بأن لدي��ه "حماة‬ ‫الدي��ار" وأن كل ه��ذه األرقام كذب وما‬ ‫صح منها فهو إرهابي وعرعوري‪..‬‬ ‫ويفخ��ر االئتالف الوطن��ي بتعيين‬ ‫الس��فير تلو اآلخر ويصدر يومي��ًا بيانًا‬ ‫يعد فيه ذات األرقام‪..‬‬ ‫يقترب رئي��س االئتالف من حدود‬ ‫وطنه برفقة ولي النعمة العثماني دون‬ ‫أن تطأ قدمه سوريا‪ ،‬ويوزع االبتسامات‬ ‫والتحي��ات وألعاب األطفال المس��تعملة‬ ‫ثم يعود إل��ى فندقه في مكان آخر من‬ ‫هذا العالم‪..‬‬ ‫هل نذكر زي��ارات "القائد الملهم"‬

‫الفتتاح معمل؟ هل نذكر الهتافات التي‬ ‫كان ما يذكر فيها من دماء كافيًا إلحياء‬ ‫دول��ة كامل��ة؟ ما ال��ذي تغي��ر في هذه‬ ‫الممارسة؟‬ ‫أن��ا ذل��ك الرق��م ال��ذي يصن��ع‬ ‫مجدكم‪..‬‬ ‫وأنا ذلك الرقم الذي تتس��ولون به‬ ‫في المؤتمرات‪..‬‬ ‫م��ن أعطاك��م ح��ق اس��تخدام‬ ‫صورتي في المزادات العلنية‪..‬‬ ‫من ق��ال أنن��ي أري��د أن تنش��روا‬ ‫صورة ابني المريض في مؤتمراتكم؟‬ ‫م��ن أذن لكم بأن تنش��روا صورة‬ ‫ابنت��ي الجائعة وه��ي تبحث في قمامة‬ ‫المخيمات التركية واألردنية عن كسرة‬ ‫خبز؟‬ ‫كلنا أرقام تبنون عليها مناصبكم‬ ‫ومراتبكم‪..‬‬ ‫ولكنني عائد يومًا ما‪..‬‬ ‫وحين أنتهي ممن ش��ردني وقتل‬ ‫أوالدي سألتف عليكم مجدداً‪..‬‬ ‫وسأالحقكم حتى وأنتم في أفخم‬ ‫المنتجعات وتحت أشد الحراسات‪..‬‬ ‫ولن أرحم أحداً منكم‪..‬‬ ‫س��آخذ ثأر أطفالي وزوجتي وأمي‬ ‫وأبي من رقابكم جميعاً‪..‬‬ ‫فق��د تاجرت��م باس��مي إل��ى أن‬ ‫أتخمتكم الرفاهية‪..‬‬ ‫ً‬ ‫من يمثلني حقا هو من بقي معي‬ ‫هنا‪..‬‬

‫وعان��ى معي وجاع مع��ي ومد لي‬ ‫يده لما احتجتها‪..‬‬ ‫أما أنتم ف��ي الفنادق والشاش��ات‬ ‫فلم يصلني منكم شيء‪..‬‬ ‫أقس��م أنني سأحاسبكم على كل‬ ‫قرش وضعتموه في جيوبكم باس��مي‬ ‫واسم أطفالي‪..‬‬ ‫ألم تحرروا ثالثة أرباع سوريا؟؟‬ ‫فأين أنتم عنا؟‬ ‫ادخل��وا البلد الذي تدع��ون الدفاع‬ ‫عنه‪..‬‬ ‫أم تخافون الموت؟‬ ‫يرقص الش��بيحة عل��ى جثثنا هنا‬ ‫وترقصون أنتم على صورنا هناك‪..‬‬ ‫تس��اعدون كل م��ن انتفع��وا من‬ ‫النظ��ام عش��رات الس��نين ليهربوا مع‬ ‫عائالتهم وتتركوني أنا وعائلتي أذوق‬ ‫األمري��ن إما تحت القص��ف والحصار أو‬ ‫في مخيمات اللجوء الوضيعة‪..‬‬ ‫ركب��وا عل��ى ظهورن��ا كل تل��ك‬ ‫الس��نوات ث��م يحصدون العن��ب مجدداً‬ ‫بينما نتمنى نحن الشوك وال نجده‪..‬‬ ‫ابق��وا أنت��م وإياهم هن��اك بعيداً‬ ‫عنا‪..‬‬ ‫فه��ذا الوط��ن ال يس��تحقه إال من‬ ‫شقي ألجله وعمل ألجله ومات ألجله‪..‬‬ ‫أم��ا من كان الوطن ل��ه علماً يلفه‬ ‫على رقبته أو صفحة على الفيس بوك‬ ‫فهذا ليس وطنياً‪..‬‬ ‫أنا البس��يط المتواض��ع أعلم أكثر‬

‫خالد كنفاني‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪11‬‬ ‫حرية | عمل للفنان‪ :‬ماهر الشيخ خضر‬


‫وع ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـدت �سـائحة‬ ‫خرجـت مواطنـة ُ‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫هنـــا دم�شــــق‬ ‫بع��د غي��اب إرادي لثالث��ة أش��هر‪،‬‬ ‫عادت الزميلة فرح الس��يّد إلى مدينتها‬ ‫دمش��ق حيث أمض��ت أس��بوعًا اختبرت‬ ‫فيه الحي��اة الجديدة في ظل التطوّرات‬ ‫األمنيّة والحياتيّة األخيرة‬ ‫عند عب��ورك الح��دود إلى س��وريا‬ ‫تش��عر بالجفاء‪ ،‬حيث الصقيع يرتس��م‬ ‫عل��ى وج��وه رج��ال األمن المنتش��رين‬ ‫هن��اك‪ .‬تحمل ج��واز س��فرك‪ ،‬وتخبّئ‬ ‫هاتفك‪ .‬تأخذ نفسًا عميقًا‪ .‬تتوجّه إلى‬ ‫الش��خص الجالس خلف الزجاج‪ ،‬يحدّق‬ ‫بك وبكل المتواجدين في المكان‪ ،‬تمدّ‬ ‫ي��دك‪ ،‬تنظر إل��ى صديقك ف��ي الصف‬ ‫المجاور‪ .‬لن تنتظ��ر كثيراً‪ ،‬فالمغادرون‬ ‫اليوم هم األكثريّة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فتتنف��س‬ ‫يُختَ��م ج��واز س��فرك‬ ‫الصع��داء‪ ،‬وتخرج مس��رعاً‪ .‬تقف بعيداً‬ ‫قلي� ً‬ ‫لا ف��ي انتظ��ار صديق��ك‪ ،‬يخ��رج‪،‬‬ ‫تركب��ان الس��يّارة وتبتس��مان‪ .‬لق��د‬ ‫تجاوزتم��ا المرحل��ة األول��ى وه��ا ه��ي‬ ‫الطريق إلى دمشق مفتوحة أمامكما‪.‬‬ ‫نش��وة عارم��ة تصيبك م��ا إن تطأ‬ ‫قدم��اك األراضي الس��وريّة‪ ،‬وتس��تمر‬ ‫إلى أن يس��توقفك الحاجز األوّل‪ .‬شاب‬ ‫صغير يب��دو أنه بلغ الحل��م قبل قليل‪.‬‬ ‫ش��ارباه لم ينبتا بعد‪ .‬يطلب هويتيكما‬ ‫ويفت��ح صن��دوق الس��يّارة‪ ،‬يفت��ش‬ ‫الس��يّارة‪ّ ،‬‬ ‫وينظ��م الم��رور‪ .‬تبتس��مان‬ ‫بتأهّب‪ .‬بعد ‪ 100‬كيلومتر‪ ،‬يس��توقفك‬ ‫حاج��ز آخر‪ :‬رجل ف��ي الـ‪ 50‬م��ن العمر‬ ‫مالمحه لطيفة تس��تغرب وج��وده هنا‪،‬‬ ‫تس��أل نفس��ك‪" :‬أل��م يتقاع��د بع��د؟"‪،‬‬ ‫يش��ير بيده كي تمرّا م��ن دون أن يرى‬ ‫الهوي��ة‪ .‬وبع��د ‪ 50‬كيلومت��راً‪ ،‬حاج��ز‬ ‫مختل��ف يتمركز بجانبه رج��ل ثالثيني‬ ‫قاس��ي المالمح يحمل في يده سيجارة‬ ‫يدخنه��ا بـ"عن��ف"‪ ،‬عل��ى غ��رار مالمح‬ ‫وجهه‪ .‬يطلب منك التوقف ويحدّق في‬ ‫وجهيكما‪ .‬كأنه التقط فريسته‪ .‬يفتش‬ ‫بدوره الس��يّارة ويدقّ��ق بالهويات وقد‬ ‫فاح��ت منه رائح��ة تبغ عف��ن‪ .‬يعطيك‬ ‫اإليعاز بالمغادرة‪.‬‬ ‫تح��اول تجاهل كل ه��ذه الحواجز‬ ‫ووجه الرجل الجالس خلف الزجاج وهو‬ ‫يحرّك ي��ده على الحاس��وب للتأكد من‬ ‫هويّتك‪ ،‬وعين العس��كري النهمة وهو‬ ‫ينفث الدخان ويحدّق بكما‪.‬‬ ‫وأخيراً‪ ،‬هنا دمش��ق‪ .‬تفترقان كلّ‬ ‫إلى وطنه داخل الوطن‪.‬‬ ‫صراع المشاعر في "الشام" يوازي‬ ‫أصوات القصف المنبعثة من قاس��يون‪.‬‬ ‫رغب��ة ملحّة بالتمسّ��ك بفك��رة امتياز‬

‫الم��كان بصم��ود وصبر ش��عبه تهزّها‬ ‫بين لحظة وأخرى عيون أهلها المتأهّبة‬ ‫والمتعب��ة‪ .‬الن��اس في دمش��ق يجولون‬ ‫ف��ي الش��وارع متجاهلين بحك��م العادة‬ ‫الطائرات المتوجّهة نحو هدف جديد‪.‬‬ ‫سماء المدينة يعمّها ضباب رمادي‬ ‫تُفضّل أن تنس��به إلى حالة الطقس‪،‬‬ ‫في حي��ن تبرّر لنفس��ك ع��دم قدرتك‬ ‫على االتصال بمعظم األرقام المسجّلة‬ ‫على هاتفك (معتقل ‪ -‬مس��افر ‪ -‬منفي‬ ‫ مهجر ‪ -‬مي��ت)‪ .‬تحاول أن تلتقي بمن‬‫بق��ي منه��م والذي��ن بنفس��ك فيهم‪.‬‬ ‫تشعر بثقلك أمامهم وأنت تجلد نفسك‬ ‫ب��كل أس��باب هروب��ك‪ ،‬غياب��ك عنهم‪،‬‬ ‫تح��اول تجميله��ا وتغليفه��ا فتصفعك‬ ‫ابتس��اماتهم أثن��اء التحدث ع��ن كيفية‬ ‫االعتي��اد عل��ى الحياة اليومي��ة الجديدة‬ ‫عل��ى إيقاع الوضع الحال��ي والذي تغيّر‬ ‫بشكل كبير في األشهر الثالثة االخيرة‪.‬‬ ‫التقي��ت بأصدقائي في بيت جمعنا‬ ‫كثي��راً قبل الث��ورة وخاللها‪ .‬بدأ س��باق‬ ‫األحادي��ث ع��ن أخبارهم وعمّ��ا يجري‪،‬‬ ‫وكي��ف أصبح��ت "ربط��ة" الخب��ز هدية‬ ‫هذه األيام‪ .‬عن الش��وارع التي علينا أن‬ ‫نس��لكها وما قُطع منها‪ ،‬وموعد العودة‬ ‫إل��ى المن��زل لي ًال‪ ،‬وأوق��ات قضوها معًا‬ ‫أثن��اء ارتفاع حدة القص��ف والمداهمات‬ ‫واالعتقاالت‪.‬‬ ‫هل سأكون هنا ليلة رأس السنة؟‬ ‫س��ألني صديق‪ ،‬لتقطع حوارنا إجراءات‬ ‫االس��تعداد النقطاع الكهرب��اء واقتراب‬ ‫موعد المغ��ادرة‪ .‬حضنته بقوّة‪ .‬حاولت‬ ‫أن أجف��ف دموعي قبل أن تس��قط كما‬ ‫فعل هو‪ .‬وافترقنا‪.‬‬ ‫لقاءات كثيرة كهذه‪ ،‬كانت حميميّة‬ ‫وموجعة‪ ،‬وش��عور بالذن��ب ال يفارقك‪،‬‬ ‫ورغبة بالبق��اء ال يمنعك منها س��واك‪.‬‬ ‫تح��اول المضي ف��ي زيارت��ك تلك وإن‬ ‫كنت تمتعض من ش��عور أنك "سائح"‪.‬‬ ‫إنه��ا حقيق��ة‪ ،‬فأن��ت ل��م تع��د تعيش‬ ‫تفاصي��ل ما يم��ر به مَن بق��ي هناك‪،‬‬ ‫يصدمك ارتفاع أس��عار المواد الغذائية‬ ‫وغيره��ا‪ ،‬إغالق ط��رق جدي��دة‪ ،‬ازدياد‬ ‫الحواج��ز‪ ،‬قط��ع الكهرب��اء المس��تمر‪،‬‬ ‫ورحيل آخرين‪.‬‬ ‫كل ه��ذا وأكث��ر‪ ،‬فأن��ت ل��م تع��د‬ ‫تش��اركهم حياته��م‪ ،‬أن��ت أصبحت في‬ ‫الخارج‪ ،‬تعلن حزنك‪ ،‬ش��وقك‪ ،‬غضبك‪،‬‬ ‫وحب��ك ع��ن طري��ق وس��ائل االتصال‬ ‫كأي مغترب آخر‪ .‬تس��تمع إلى أحاديثهم‬ ‫وتخ ِّبئ األحداث الت��ي تمر بها في البلد‬ ‫المجاور خج ًال‪ ،‬صديقك ما زال معتق ًال‪،‬‬ ‫وآخر رغم خط��ورة بقائه هناك ما زال‬

‫متمسكًا بالبقاء وإن كانت نهاية تعنّته‬ ‫مقتله‪.‬‬ ‫الصب��اح ف��ي دمش��ق س��باق م��ع‬ ‫َّ‬ ‫يح��ل المس��اء وتن��ام‬ ‫الزم��ن قب��ل أن‬ ‫الش��وارع‪ .‬معظ��م الط��رق مقفل��ة‬ ‫ّ‬ ‫يش��كل زحمة‬ ‫بمتاري��س وحواج��ز‪ ،‬ما‬ ‫س��ير خانق��ة‪ .‬علي��ك أن تس��ير عل��ى‬ ‫قدميك لتتجنب الوقوف ساعات قبل أن‬ ‫تصل إلى الشارع المقابل‪.‬‬ ‫األصدق��اء هن��اك… أو م��ن تبقى‬ ‫منه��م م��ا زال��وا يش��ربون القه��وة‬ ‫الصباحية في المكان المعتاد‪ ،‬يذهبون‬ ‫إل��ى أعماله��م‪ ،‬ويلتق��ون في المس��اء‬ ‫حتى س��اعة محددة‪ ،‬فاللي��ل ليس آمنًا‬ ‫كم��ا النهار‪ ،‬لكن الضوء في هذه الحالة‬

‫فرح السيد‬

‫يكشف السماء‪.‬‬ ‫العالق��ات االجتماعي��ة أصبح��ت‬ ‫حميمة أكث��ر‪ ،‬التكاتف من أج��ل البقاء‬ ‫في الداخ��ل يخلق حال��ة مختلفة تمامًا‬ ‫في العالقات البشرية االعتيادية‪.‬‬ ‫لي ًال‪ ،‬في دمشق‪ ،‬يُعلن حظر خفي‬ ‫للتجوّل‪ ،‬وإن خرقه البعض‪ ،‬فالغالبيّة‬ ‫تلتزم به‪ .‬تغيب الش��مس وتغيب معها‬ ‫الحي��اة ف��ي ش��وارع المدينة‪ .‬م��اذا ّ‬ ‫حل‬ ‫بمدينت��ي خالل ‪ 3‬أش��هر؟ ربما لم يكن‬ ‫عليّ المغادرة مجدداً‪.‬‬ ‫ربما كان علي أن أبقى‪ .‬أن ال أغادر‬ ‫هذه ُ‬ ‫األلفة‪.‬‬ ‫نشرت في موقع‪now.mmedia.me :‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫�أتناثر‬ ‫كما‬ ‫الغبار‬ ‫عمل للفنانة‪ :‬بيسان الشريف‬

‫‪-1‬‬‫وما كان لشيء أن يحول دون تفتتي‪..‬‬ ‫كنت أ راقب أعضائي موزعة على البالط‪..‬‬ ‫تلك اليد أعرفها جيدا وأعرف أصابع القدم اليس��رى‬ ‫المبعث��رة وأع��رف الش��امة الس��وداء في أعل��ى الظهر‪،‬‬ ‫الشامة التي كنت ابرزها دائما كلما نسيت اسمي‪ ..‬أ‬ ‫عرف بقعة الدم أسفل الجدار وأعرف السرة الملقاة‬ ‫تحت السرير كمنديل عتيق‪..‬‬ ‫وحده الرأس ب��كل تفاصيله‪ ..‬ال��رأس المعلق أمام‬ ‫الشاشة السوداء كمسمار في فراغ الحائط‬ ‫كان غريبا عني‪..‬‬

‫‪-2-‬‬

‫‪-3‬‬‫على البالط‪..‬‬ ‫على الوسادة‪..‬‬ ‫على السرير‪..‬‬ ‫على الكنبة‪..‬‬ ‫على لوحة الكيبورد‪..‬‬ ‫في فنجان القهوة‪..‬‬ ‫كيفما التفت أعثر على شَعري المتساقط‪..‬‬

‫وخلفها تماما ثمة خرائب تراقبها بشماتة واضحة‪..‬‬

‫‪-4‬‬‫وكنت أراقبهم‪..‬‬ ‫يأتون إلي من أول الليل‪..‬‬ ‫يقتحمون صمتي كما الحجيج‪..‬‬ ‫أعرفهم من أحزمتهم البيضاء‪..‬‬ ‫من الحناء الكالح على أجسادهم‪..‬‬ ‫أمي��ز ظ��ل الخ��وف ف��ي عيونه��م و الذه��ول على‬ ‫أفواههم الفاغرة‪..‬‬

‫ال يقفون!!‬ ‫ناديتهم بأعلى صوتي‪..‬‬ ‫قرأت لهم قصة الجميلة والوحش‪..‬‬ ‫أخبرتهم حكمة الهندي العتيق‪..‬‬ ‫فردت لهم ما خبأته من الدالئل واالشارات‪..‬‬ ‫لكنهم كمثل نمل يسير في طريق مستقيم‬ ‫مروا أمامي‬ ‫تاركين لي خطا طويال من التمتمات أالحقها‬ ‫كي ال أسقط في موتي‬ ‫الوحيد‬

‫يأتون إلي من أول الليل‪..‬‬ ‫ال ش��يء معهم غير ترجبع طقطقة عظامهم وهي‬ ‫تئن تحت الركام‬ ‫وغير مفاتيح لغرف يخبئون فيها مؤونتهم‬ ‫من الموت‬

‫‪-7‬‬‫أمشي في الشوارع‪..‬‬ ‫أعبر المدن المقطعة‪..‬‬ ‫أقرأ أسماء القرى التي أعرفها‪..‬‬

‫‪-5‬‬‫قلت‪:‬‬ ‫سأفتح النوافذ‪..‬‬ ‫سأشعل كل ما لدي من الشموع‪..‬‬ ‫س��ـأرفع صوت الموسيقا التي أحب‪ ..‬سأوقد العطور‬ ‫في المباخر‪..‬‬ ‫لكنني‪،‬‬ ‫ما أن هممت بالوقوف حتى تفككت‬ ‫كدمية بالستيكة‬

‫أجلس على األرصفة المخربة‪..‬‬ ‫أدخل بسهولة في زواريب البلدات الموحشة‪..‬‬ ‫هنا البحر المحايد‬ ‫وتلك هي البادية‪..‬‬ ‫أصعد في جبل متوسط االرتفاع‬ ‫ثم أهبط سهال يمتد نحو السماء‪..‬‬ ‫لكنني ما ان رمشت بعينيي لم أجد غير ظل يتمايل‬ ‫على الجدار‬ ‫في غرفتي شبه المعتمة‬

‫متروكة قرب جدار تهدم‬ ‫للتو‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ثم كنت أحاول أن أستنبت حياة هنا‪..‬‬ ‫عزّقت أرضا ورششت بها التفاصيل كما البذار‪..‬‬ ‫وكل صب��اح أفرد ما بي من الرطوبة على مس��احة‬ ‫الم��كان وأطل��ق األس��ماء عل��ى أجزائه��ا لعله��ا تصدق‬ ‫أسماءها مثلي‪..‬‬ ‫الي��وم‪ ..‬الي��وم تماما انتبه��ت كيف تميل ش��تالني‬ ‫القزمة باتجاه واحد فقط‪..‬‬ ‫المقبرة‬

‫لكنن��ي حي��ن أنظر ف��ي الم��رآة أرى قنف��ذة تخفي‬ ‫رأسها‬

‫‪-6-‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫رشا عمران‬

‫مقاطع من نص طويل بعنوان (بانوراما الموت)‬

‫‪13‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫عن الثورة والفن‬

‫يامن المغربي‬

‫ج��اء مش��روعي الس��ينمائي للع��ام‬ ‫الفائت في المعهد العالي للسينما ‪ -‬قسم‬ ‫االخراج الس��ينمائي ‪ -‬حام� ً‬ ‫لا عنوان هذا‬ ‫المق��ال ورغم ان الفيلم ل��م يبصر النور‬ ‫كم��ا أردت��ه أن يك��ون ‪ -‬نتيج��ة تقصي��ر‬ ‫واضح مني شخصيًا ‪ -‬إال أنني كنت سعيداً‬ ‫بأنني حاولت أن أنتج عم ًال بسيطًا للثورة‪.‬‬ ‫رص��د الفيلم القصي��ر الفنانين في‬ ‫كل م��ن الثورتي��ن الس��ورية والمصرية‬ ‫وأهمية دور الفن في هذه الثورات وماهو‬ ‫التغيي��ر الذي أدّت إلي��ه هذه الثورات عند‬ ‫الفنانين المستقلين الشباب‪.‬‬ ‫للفن دور كبير في الثورة السورية‪،‬‬ ‫يب��دو واضح��ًا من خ�لال األهازي��ج التي‬ ‫ردده��ا الش��باب الس��وري طوي� ً‬ ‫لا ف��ي‬ ‫مظاهراتهم‪ ،‬أغاني القاش��وش‪ ،‬س��ميح‬ ‫ش��قير وأغنية يا حيف الت��ي انطلقت في‬ ‫بدايات الثورة السورية‪.‬‬ ‫والفن في الثورة السورية ال يقتصر‬ ‫على األغاني وحس��ب‪ ،‬بل إنطلق ليشمل‬ ‫الرس��ومات عل��ى الج��دران (الغرافيت��ي)‬ ‫والش��عر وحتى اللوح��ات الفنية القصيرة‬ ‫الت��ي ت��م إنتاجه��ا ‪ -‬منه��ا حري��ة وبس‬ ‫وثالثية الكرز للمخرج هفال قاسو‪ ..‬الخ‪.‬‬ ‫ويبدو بامتياز الطاب��ع الفني للثورة‬ ‫الس��ورية وك��م ه��و مغروس ه��ذا الفن‬ ‫ف��ي نف��س الش��عب العظي��م‪ ،‬ال يمك��ن‬ ‫أن نتخي��ل أن ش��عبًا عظيماً كش��عبنا قد‬ ‫يحكم��ه ديكتاتور بعد اليوم ‪ -‬س��واء كان‬ ‫هذا الديكتاتور دينياً أم عسكرياً!‪.‬‬ ‫إن الف��ن هو طريق واضح نحو دولة‬ ‫مدني��ة ش��املة ل��كل مكونات ش��عبنا وال‬ ‫يمكن لهذه الدولة أن تبصر النور‪.‬‬ ‫والفن ليس أحد مكوناتها األساسية‪.‬‬ ‫وإن كان��ت الدرام��ا الس��ورية عل��ى‬ ‫س��بيل المث��ال حقق��ت كل نجاحاتها عن‬ ‫طري��ق روادها والذي وق��ف العديد منهم‬ ‫م��ع الث��وار‪( ،‬هيث��م حق��ي) على س��بيل‬ ‫المث��ال ال الحص��ر‪ ،‬وه��ي تح��ت س��لطة‬ ‫الديكتاتور فلنتخيل أي فكر سينير العالم‬ ‫بعد ذلك عندما تصبح بلدنا العظيم حرة‬ ‫تمام��ا بكل م��ا تحمله الحري��ة من معنى‬ ‫ومسؤولية‪.‬‬ ‫إن الف��ن ه��و طري��قٌ لخدم��ة هذه‬ ‫الثورة‪ ..‬ولتحطيم أي أصنام ستظهر بعد‬

‫رحيل الطاغية والفن سيكون إحدى أهم‬ ‫الطرق التي نستطيع من خاللها أن نبني‬ ‫دولتن��ا العظيمة الش��املة ل��كل مكونات‬ ‫الشعب الس��وري وإلعادة أمجاد غابت عن‬ ‫سوريا طوي ًال على جميع الصعد‪ ،‬سيكون‬ ‫الفن السوري المقبل والذي بدأت صورته‬ ‫تتش��كل منذ األي��ام األولى للث��ورة منبراً‬ ‫حقيقياً لصوت الس��وريين ال مجرد ‪ -‬إبرة‬ ‫مورفي��ن ‪ -‬لتخدي��ر الن��اس وال مج��رد ‪-‬‬ ‫تنفيس��ة ‪ -‬إلس��كات المواطنين ومنعهم‬ ‫عن ال��كالم!و إن كان ه��ذا الفن الذي بدأ‬ ‫يبصر النور بطريقة أكث��ر إحترافية بعد‬ ‫ما يقرب العامين من الثورة سيبصر النور‬ ‫بالطريق��ة الت��ي نتمناها فعلي��ه بالنقد‪،‬‬ ‫ونقد الجميع دون استثناء‪.‬‬ ‫على هذا الف��ن أن يكون هدامًا ألي‬ ‫صنم سيظهر‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الف��ن يجمعن��ا جميع��ًا كس��وريين‬

‫بأنواعه المختلفة ومذاهب الفن كافة‪.‬‬ ‫إن هذا الفن هو طريق نحو التخلص‬ ‫من أي ظالمية ف��ي افكارنا وهو الخطوة‬ ‫األولى للثورة الثقافية ‪ -‬إن الشاملة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وإن أردنا كسوريين أن نكمل حقا ما‬ ‫بدأناه ف��ي ثورتنا األولى فنحن محتاجين‬ ‫لثورة أخ��رى‪ ،‬ثورة ثقافي��ة تحرر عقولنا‬ ‫وننهي فكرة التبعية ألي شخص وتطلق‬ ‫العنان لحرية عقولنا كاملة!‪.‬‬ ‫الثورة السياس��ية وحده��ا ال تكفي‪،‬‬ ‫ويج��ب أن تتبعها ثورة ثقافية س��يقطف‬ ‫أطفالن��ا وحدهم ثمارها‪ ،‬قد تطول نتائج‬ ‫الثورتي��ن‪ ،‬لكنن��ا حتما يومًا ما س��نعرف‬ ‫قيمتهما بشكل واضح‪.‬‬ ‫إن الث��ورة الثقافية‪ ،‬والتي س��تكون‬ ‫نت��اج الث��ورة الحالي��ة‪ ،‬ه��ي الخط��وة‬ ‫المكملة‪ ،‬دونها س��تكون الث��ورة ناقصة‪،‬‬ ‫وبه��ا نس��تطيع معالج��ة كل جروحن��ا‬ ‫النفس��ية الت��ي اصابتنا جراء ما يعيش��ه‬ ‫الشعب السوري اليوم‪.‬‬ ‫أهمي��ة ه��ذا الف��ن ‪ -‬ف��ن الث��ورة ‪-‬‬ ‫تأتي من خالل إمكانياته البس��يطة التي‬ ‫اس��تطاعت ان تنت��ج أعم��ا ًال هام��ة على‬ ‫جميع الصعد‪.‬‬ ‫ش��كراً لكل من سخر فنه في خدمة‬ ‫هذه الثورة ولكل من سيسخر فنه لخدمة‬ ‫سوريا ما بعد الثورة‪.‬‬ ‫ش��كراً ل��كل من ق��دم مس��رحية أو‬ ‫لوح��ة تلفزيوني��ة أو قصي��دة ش��عر أو‬ ‫رقصة أو فيلماً قصيراً‪.‬‬ ‫ش��كراً للثوار الس��وريين جميعهم‪،‬‬ ‫ش��كراً أبناء ش��عبي الذين علموا وأعطوا‬ ‫العالم أجمع طرق��اً جديد ًة ليرى الفن من‬

‫زاويةٍ أخرى وليثبتوا أن الفن للجميع حقًا‬ ‫ال لطلب��ة معهد معي��ن وال ُكليةٍ جامعيةٍ‬ ‫بعينها‪.‬‬ ‫ش��كراً لفنانين��ا الثوار الج��دد منهم‬ ‫والقدامى‪ ،‬جميعهم‪..‬‬ ‫ليكن الفن منبرنا وسالحنا في وجهِ‬ ‫أي تط��رفٍ ق��ادم‪ ،‬وأي صنم يت��م بناؤه‬ ‫ٍ‬ ‫اليوم‪.‬‬ ‫وليك��ن الف��ن متنفس��نا وروحن��ا‬ ‫القادمة ولنذكر دائما صورة الش��اب الذي‬ ‫يحمل آلة الجيتار وسالحه على كتفه‪..‬‬ ‫و لنذكر جميعنا مقولة قائد الجيش‬ ‫الفيتنام��ي عندم��ا س��أله صحف��ي‪ :‬كيف‬ ‫انتص��رت على دول��ة كالوالي��ات المتحدة‬ ‫فقال‪ :‬إنها الموس��يقى‪ ..‬ش��عبٌ ال يتقن‬ ‫الغناء ال ينتصر!‪..‬‬ ‫الف��ن ث��ورة والث��ورة الس��ورية‬ ‫بفسيفساء شعبها ثور ٌة فنية بامتياز‪.‬‬ ‫ويس��تحق فننا العظي��م الموحد لنا‬ ‫كس��وريين أن نطل��ق على ثورتنا إس��م‪:‬‬ ‫ثورة الكرامة والفن!‪..‬‬ ‫ألن الثورة السورية تستحق التخليد‬ ‫وال يوجد أجمل من الفن بمختلف مذاهبه‬ ‫أن يخل��د ه��ذه الث��ورة وأس��ماء مبدع��ي‬ ‫هذه الث��ورة‪ ،‬ومبدعوا ه��ذه الثورة ليس‬ ‫فنانوها فقط بل كل من ش��ارك بها ولو‬ ‫بكلمة أو وردة أو فكرة‪.‬‬ ‫الف��ن ش��امل‪ ،‬والفن جام��ع‪ ،‬والفن‬ ‫س��يكون ف��ي المرحل��ة المقبل��ة منب��ر‬ ‫السوريين وموحدهم‪..‬‬ ‫ع��اش الش��عب الس��وري العظي��م‪،‬‬ ‫عاش الفن السوري العظيم!‪...‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫ أطروحته عن نمو الغشاء البشري‬‫المش��يمي في اإلنسان ‪ -‬طبع في فرنسا‬ ‫بالفرنسية من عام ‪.1925‬‬ ‫ معج��م األلف��اظ و المصطلح��ات‬‫الفنية ألمراض الجملة العصبية‪.‬‬ ‫ معج��م األلف��اظ و المصطلح��ات‬‫الفنية لألمراض اإلنتانية و الطفيلية‪.‬‬ ‫ معج��م األلف��اظ و المصطلح��ات‬‫الفنية ألمراض جهاز التنفس‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫الهيئة التدريسية في كلية الطب في الجامعة السورية عام ‪ :1946‬الصف األول من اليمين‪ :‬الدكتور ممدوح الصباغ ‪-‬‬ ‫الدكتور غزت مريدن (عميد الكلية ‪ - )1965-1957‬الدكتور انسطاس شاهين (عميد الكلية (‪ - )1954-1949‬الدكتور‬ ‫نظمي قباني (وزير الصحة ‪ - )1954-1953‬الدكتور حسني سبح رئيس الجامعة (‪ - )1949-1943‬الدكتور مرشد خاطر‬ ‫(وزير الصحة ‪ - )1953-1952‬الدكتور شوكت الجراح ‪ -‬الدكتور شوكت القنواتي (رئيس الجامعة ‪ - )1954-1953‬الدكتور‬ ‫منير شورى ‪ -‬الدكتور بشير العظمة رئيس الوزارة عام ‪( 1962‬الصورة من أرشيف صفحة التاريخ السوري)‬

‫س��بح يؤمن بأن اللغ��ة العربية هي لغة‬ ‫أدب وعل��م وأنها تس��توعب علوم العصر‬ ‫ولذل��ك كان م��ن رواد تعريب كتب الطب‬ ‫وقد وض��ع مؤلفات طبي��ة متنوعة نذكر‬ ‫منه��ا‪ :‬فلس��فة الطب‪ ،‬نظ��رة في معجم‬ ‫المصطلح��ات الطبي��ة‪ ،‬عل��م األم��راض‬ ‫الباطني��ة في مجلدي��ن‪ ،‬ومعجم األلفاظ‬ ‫والمصطلح��ات الفنية ألم��راض الجملة‬ ‫العصبية‪.‬‏‬ ‫طيلة مس��يرته حصد الدكتور سبح‬ ‫الجوائ��ز والتكريم��ات "ففي ع��ام ‪1939‬‬ ‫نال نيشان المعارف المصري من الدرجة‬ ‫الثاني��ة‪ .‬ث��م وس��ام االس��تقالل‪ .‬و ف��ي‬ ‫عام ‪ 1940‬منح نوط الش��رف الس��وري‪،‬‬ ‫وفي عام ‪ 1955‬نال وس��ام االس��تحقاق‬ ‫الس��وري من الدرج��ة الممتازة‪ ،‬ووس��ام‬ ‫المع��ارف اإليراني م��ن الدرج��ة األولى‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ ،1945‬و في عام ‪ 1958‬نال وس��ام‬ ‫جمهورية مص��ر من المرتبة الثانية‪ .‬كما‬ ‫نال وس��ام الكوكب األردن��ي من الدرجة‬ ‫الثاني��ة"‪ .‬كما كرمته الحكومة الس��ورية‬ ‫بنش��ر صورته على طابع بريدي تذكاري‬ ‫عام ‪2007‬‬ ‫وف��ي ي��وم وفات��ه ظه��ر األربع��اء‬ ‫‪ 1986/12/31‬أنهى دوامه الوظيفي في‬ ‫مجم��ع اللغة وقبل أن يغادر المجمع دخل‬ ‫إلى غرف��ة الدكتور عدنان الخطيب أمين‬ ‫عام مجمع اللغة العربية بدمشق واقترح‬ ‫عليه إعادة نش��ر كتابه "المجمعيون في‬ ‫خمس��ين عامًا" في طبع��ة جديدة فأبدى‬ ‫الدكت��ور الخطي��ب موافقت��ه عل��ى هذا‬ ‫االقتراح ثم ركب سيارته إلى منزله حيث‬ ‫أسلم الروح وهو في الطريق ولم يشعر‬ ‫سائقه بوفاته إال حين نزل كعادته ليفتح‬ ‫له باب السيارة أمام مدخل عمارته‪.‬‏‬

‫من �أهم م�ؤلفاته‪:‬‬

‫ مبادئ األمراض الباطنية‪.‬‬‫ موجز مبادئ علم األمراض ‪ -‬طبع‬‫ست مرات‪.‬‬ ‫ مبح��ث األعراض و التش��خيص ‪-‬‬‫طبع خمس مرات‪.‬‬ ‫ فلسفة الطب ‪ -‬طبع مرتين‪.‬‬‫ علم األمراض الباطنية في سبعة‬‫أج��زاء كبيرة و كل ج��زء منها في مرض‬ ‫معين‪.‬‬ ‫ موجز علم األمراض الباطنية في‬‫جزئين‪.‬‬ ‫ موجز أم��راض الجملة العصبية ‪-‬‬‫طبع مرتين‪.‬‬ ‫ أم��راض الغ��دد الص��م و التغذية‬‫والتسممات ‪ -‬طبع ثالث مرات‪.‬‬ ‫ نظ��رة ف��ي معج��م المصطلح��ات‬‫الطبية‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ول��د حس��ني يحيى الس��بح في حي‬ ‫س��اروجا الدمش��قي عام ‪ .1900‬في دارة‬ ‫األس��رة الميس��ورة الح��ال‪ ،‬المحبة لألدب‬ ‫وفنون��ه وللعلوم العصري��ة‪ .‬القريبة من‬ ‫قص��ر آل العاب��د المترب��ع عل��ى أط��راف‬ ‫الح��ي‪ ،‬وكان أحد توأمين لوالده الذي كان‬ ‫يعمل في الجيش العثماني‪ .‬تلقى علومه‬ ‫األولي��ة ف��ي مدارس دمش��ق الت��ي كان‬ ‫التعليم فيها باللغ��ة التركية‪ ،‬عدا بعض‬ ‫دروس خصصت للعربي��ة وللغةٍ أجنبية‪.‬‬ ‫ولك��ن اهلل حباه في أثناء دراس��ته معلماً‪،‬‬ ‫ه��و األمير عارف الش��هابي‪ ،‬نذر نفس��ه‬ ‫لتعليم العربي��ة تطوعًا‪ ،‬فحببه بها ومهد‬ ‫له طريق التعمق فيها‪ .‬عام ‪ 1913‬انتسب‬ ‫إلى المدرس��ة الطبية العثمانية بدمشق‪.‬‬ ‫تعلم التركية و الفرنس��ية و اإلنكليزية و‬ ‫األلمانية‪ .‬وفي الع��ام ‪ 1919‬تخرج طبيبًا‬ ‫من المدرس��ة الطبية العربي��ة‪ ،‬ثم عين‬ ‫معاوناً ف��ي المعهد الطب��ي العربي كلية‬ ‫الط��ب‪ .‬فمس��اعد ف��ي ذات المعه��د عام‬ ‫‪ ،1923‬لينتقل بعدها إلى سويسرا لينال‬ ‫ش��هادة الدكت��وراه م��ن جامعة "ل��وزان"‬ ‫وكان موض��وع األطروح��ة الت��ي قدمها‪:‬‬ ‫"نمو الغشاء المشيمي في اإلنسان"‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1932‬عمل أس��تاذاً لألمراض‬ ‫الباطني��ة و س��ريريتها‪ .‬و في عام ‪1938‬‬ ‫انتخب عميداً لكلية الطب‪.‬‬ ‫أص��در ع��ام ‪ 1933‬أول مؤلفات��ه‬ ‫لتلمي��ذات القبال��ة والتمري��ض وه��و‬ ‫«موج��ز مبادئ عل��م األم��راض» وعدله‬ ‫ف��ي طبعة ثاني��ة ليصبح مالئم��اً لطالب‬ ‫ط��ب األس��نان‪ .‬وف��ي ع��ام ‪ 1934‬أصدر‬ ‫كت��اب «مبح��ث األعراض والتش��خيص»‬ ‫لطالب الطب البش��ري‪ .‬وف��ي عام ‪1935‬‬ ‫باشر بإصدار مجموعته الكبيرة المسماة‬ ‫«علم األمراض الباطنة» التي تألفت من‬ ‫س��بعة أجزاء ضخم��ة اخت��ص كل واحد‬ ‫منها بش��عبة من ش��عب الطب الباطني؛‬ ‫وقضى في تأليفها نحو اثنين وعش��رين‬ ‫عاماً‪ ،‬بدأها بأمراض «الجملة العصبية»‬ ‫وأنهاها بأمراض «الغدد الصم والتغذية‬ ‫والتس��ممات» ع��ام ‪ .1956‬وف��ي ه��ذه‬ ‫الحقبة أصدر عام ‪ 1939‬كتاب «فلس��فة‬ ‫الط��ب أو عل��م األم��راض الع��ام»‪ .‬ولم‬ ‫يقتص��ر نش��اطه العلم��ي عل��ى تألي��ف‬ ‫الكتب‪ ،‬بل نش��ر عدداً كبيراً من المقاالت‬ ‫الطبية وغير الطبية ف��ي «مجلة المعهد‬ ‫الطب��ي العرب��ي» و«مجلة مجم��ع اللغة‬ ‫العربية» و«المجلة الطبية العربية»؛ كما‬ ‫أس��هم في إلقاء بحوث علمية في العديد‬

‫م��ن المؤتمرات الطبي��ة والتعليمية التي‬ ‫شارك فيها‪.‬‬ ‫وكان م��ن تأثي��ر جه��وده اللغوي��ة‬ ‫ومش��اركاته العلمي��ة أن انتخ��ب عض��واً‬ ‫عام ًال في المجمع العلمي العربي "مجمع‬ ‫اللغ��ة العربي��ة بدمش��ق الي��وم" س��نة‬ ‫‪ 1946‬ثم رئيس��ًا له عام ‪ 1968‬واس��تمر‬ ‫يرأس��ه حت��ى واف��اه األجل في دمش��ق‪.‬‬ ‫كم��ا انتخب عضواً في عدة مجامع علمية‬ ‫ولغوي��ة أخ��رى‪ ،‬كمجم��ع اللغ��ة العربية‬ ‫ف��ي القاهرة‪ ،‬ومجمع اللغ��ة العربية في‬ ‫األردن‪ ،‬والمجمع الملكي لبحوث الحضارة‬ ‫واإلس�لام ف��ي األردن‪ ،،‬وكوف��ئ بمنحه‬ ‫عدة أوس��مة من س��ورية واألردن ومصر‬ ‫وإيران‪.‬‬ ‫وكان��ت ل��ه نش��اطات اجتماعي��ة‬ ‫ووطني��ة‪ ،‬منه��ا تطوع��ه ف��ي موقع��ة‬ ‫ميس��لون إلس��عاف الجرح��ى‪ ،‬وفحص��ه‬ ‫جثم��ان يوس��ف العظمة بعد استش��هاده‬ ‫وتأكيد إصابته بش��ظية مزق��ت طحاله‪،‬‬ ‫وكتابته مقاالت يظه��ر فيها غاية بعض‬ ‫المستشرقين‪ ،‬وعمله الدؤوب في رئاسة‬ ‫جمعية المواس��اة التي أسست مستشفى‬ ‫المواس��اة‪ ،‬وانتخاب��ه رئيس��ًا لها من عام‬ ‫‪ 1943‬إلى ‪.1975‬‬ ‫في ع��ام ‪ 1946‬س��رّح من رئاس��ة‬ ‫الجامع��ة و م��ن عم��ادة كلي��ة الط��ب و‬ ‫م��ن التدريس‪ .‬ث��م أعيد تعيينه رئيس��ًا‬ ‫للجامع��ة الس��ورية للم��رة الثاني��ة عام‬ ‫‪1947‬و اس��تقال بعد س��نتين‪ .‬و في عام‬ ‫‪ 1951‬عيّن أس��تاذاً لألمراض الباطنية و‬ ‫في كلية الطب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عام ‪ 1969‬انتخب عضوا مؤازرا في‬ ‫المجم��ع العلمي العراق��ي‪ .‬ثم عضواً في‬ ‫االتحاد الدولي لداء الس��كري عام ‪1980‬‬ ‫و عض��واً في أكاديمي��ة نيويورك للعلوم‬ ‫ع��ام ‪ ،1982‬و عض��واً لمجل��س األمن��اء‬ ‫لجه��از التعاون الدول��ي لتنمي��ة الثقافة‬ ‫العربي��ة اإلس�لامية ف��ي تون��س ع��ام‬ ‫‪ .1983‬و ‪ -‬في ع��ام ‪ 1984‬منح عضوية‬ ‫الش��رف ف��ي الجمعي��ة الس��ورية لتاريخ‬ ‫العلوم في جامعة حلب‪.‬‬ ‫ف��ي عام ‪ 1986‬انتخب عضواً عامالً‬ ‫في مجمع اللغة العربية في القاهرة‪ ،‬ثم‬ ‫انتخب عضواً في المجمع العلمي الهندي‪.‬‬ ‫كت��ب ع��دداً م��ن المق��االت الطبية‬ ‫التي نشر بعضها في المجالت الفرنسية‬ ‫و ف��ي مجل��ة المعه��د الطب��ي العربي و‬ ‫مجل��ة مجمع اللغة العربي��ة‪ ،‬كان الراحل‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫ال�سبح ‪1986 - 1900‬‬ ‫ح�سني ّ‬

‫‪15‬‬


‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫من�شقي الوقت بدل ال�ضائع‬

‫شيرين الحايك‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫دبابيــــ�س‬

‫نكاشة الببور‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫منذ شهور كثيرة قام العقالء من أهل‬ ‫المدين��ة ب��دق ناق��وس الخطر تجاه س��لب‬ ‫وتخري��ب وح��رق المنش��آت العام��ة وقالوا‬ ‫للن��اس م��راراً‪ :‬إن هذه المنش��آت هي ملك‬ ‫للشعب‪..‬‬ ‫مل��ك لن��ا ولي��س للنظ��ام وحت��ى لو‬ ‫كانت للنظام ما الذي يضر لو اس��تعملناها‬ ‫نح��ن؟ وما ال��ذي يضر لو انطلقن��ا في بناء‬ ‫الدول��ة من الدرجة س��تين أو س��بعين بد ًال‬ ‫م��ن أن ننطل��ق ف��ي بنائه��ا م��ن الدرج��ة‬ ‫صف��ر أو خمس��ة تح��ت الصف��ر؟؟ ومع كل‬ ‫التنبيه��ات والتحذي��رات التي لم تج��د آذانًا‬ ‫صاغية وبُعيد بدء القصف اس��تيقظ أعداء‬ ‫الشعب ضعاف النفوس من اللصوص ومن‬ ‫المتاجري��ن بالث��ورة وبدماء الن��اس وبدأوا‬ ‫حملتهم الممنهجة في تخريب البلدة فبدأوا‬ ‫بس��لب البلدي��ة وإتالف محتوي��ات ومن ثم‬ ‫إحراقها بحق��د ال حدود له كما أحرق نيرون‬ ‫روما في ي��وم من األيام مع أن��ه يوجد في‬ ‫البلدية تاريخ المدينة وتراثها‪..‬‬

‫وفئ��ة أخ��رى م��ن اللص��وص قام��ت‬ ‫باالنتق��ام م��ن بش��ار بس��رقة االرش��ادية‬ ‫فأصبحت خاوية على عروشها بعد أن كانت‬ ‫مكاناً يق��دم خدماته للن��اس‪ ..‬أما ما أصاب‬ ‫المركز الثقافي فش��يء يندى ل��ه الجبين‪..‬‬ ‫تحطيم لزجاج النوافذ وسرقة لألثاث ورمي‬ ‫للكت��ب في الطري��ق كما رم��ى التتار كتب‬ ‫بغداد في نهر الفرات‪!!..‬‬ ‫أما س��رقة أس�لاك التي��ار الكهربائي‬ ‫فش��يء إن دل على ش��يء فإنم��ا يدل على‬ ‫قلة الدين والضمي��ر والناموس‪ ،‬وما أصاب‬ ‫مرك��ز البري��د والهاتف فل��م يكتف أصحاب‬ ‫الضمير الميت بما أص��اب المبنى من ضرر‬ ‫القصف حتى قاموا باإلجهاز عليه فسرقوه‬ ‫وكأن��ه مل��ك لع��دو ل��دود وهو ال��ذي كلف‬ ‫مئ��ات الماليين التي أخذت من دم الش��عب‬ ‫البائس‪!!..‬‬ ‫أم��ا الحدي��ث ع��ن الم��دارس فه��و‬ ‫حدي��ث ذو ش��جون‪ ..‬وكأن��ه ال يكف��ي حزنًا‬ ‫وألم��اً أنها خالية م��ن التالميذ حت��ى نراها‬

‫عمل للفنان‪ :‬خالد بركة‬

‫دعون��ا نتف��ق‪ ،‬قب��ل الب��دء بالحديث‪،‬‬ ‫ب��أن من ينش��ق ع��ن النظام األس��دي اآلن‬ ‫ّ‬ ‫ال ينش��ق بداف��ع المحافظه عل��ى الدماء أو‬ ‫بصح��وةٍ ضمي��رٍ ما ع��اد يتس��عُ للقمامة‪،‬‬ ‫إنما ينشق ألس��بابٍ شخصيّة مهما تنوعت‬ ‫و اختلفت بين منش��قٍ و منش��قّ‪ .‬بعدَ ّ‬ ‫كل‬ ‫المجازر و الموت الذي سكنَ حتّى أعشاشَ‬ ‫عصافير الصباح في سوريا‪ ،‬ما باتّ للحديث‬ ‫ع��ن تحرّك ضمير ه��ؤوالء أنّ يهزّ غصنَ‬ ‫سنديان‪ ،‬بشكلٍ خاص عندما يأتي هذا من‬ ‫ش��خصياتٍ كانت‪ ،‬و حتّى فترةٍ قريبة جدّا‬ ‫ً‪ ،‬تدافعُ بإس��تماتة و تش��اركُ عنفَ النظام‬ ‫عنفاً بإعطائه ش��رعيّة اإلجرام‪ ،‬و بش��كلٍ‬ ‫أكثر خصوصية ّأن إنشقاق هذه الشخصيات‬ ‫ال يك ّلفه��ا ف��ي ّ‬ ‫كل ما يكلفها س��وى تذكرة‬ ‫سفرٍ إلى دولةٍ ما‪ ،‬فتنتقل من كونها كانت‬ ‫شريكاً مباشراً في قمع الثورة وجهاً لوجه‪،‬‬ ‫إلى إسماء في قائمة أسماء المعارضين في‬ ‫دول الج��وار‪ .‬كانَ لديّ صدي��قٌ يردد دائما‬ ‫ً عب��ارة ّأن البندقيّ��ة عل��ى الكتف اليس��رى‬ ‫ال تش��بهها عل��ى الكت��ف اليمن��ى‪ ،‬و هذا ما‬ ‫يختصر جدليّة اإلنشقاق اليوم‪.‬‬ ‫ط�لاس و حج��اب و أيّ م��ن ه��ذه‬ ‫الش��خصيات الت��ي كان��ت ف��ي الصف��وف‬ ‫األمامية و المقربة للنظام السوري قبلَ أن‬ ‫تنشق بشكلٍ مفاجئ‪ ،‬تجعل من االنشقاق‬ ‫مفهوم��اً ال يمك��ن أن يش��فع بحفظ حتّى‬ ‫ماء الوجه أمام الش��عب الذي يعايش الموت‬ ‫معايشةً مرّةً‪.‬‬ ‫ه��ذه االنش��قاقات تفي��دُ‪ ،‬ف��ي أكث��ر‬ ‫م��ا تفي��د‪ ،‬بأنه��ا تتص��در عناوي��ن األخبار‬ ‫الرئيس��ية‪ ،‬أمّا عن الشعب‪ ،‬عن ذلك الرجل‬ ‫ال��ذي ذاقَ طع��م الجوع و الم��وت في أحياء‬ ‫حم��ص القديم��ة و ش��وارع حل��ب المدمّرة‬ ‫سوف لن يقتنعُ بأن أيّ من هذه الشخصيات‬ ‫التي كانت ّ‬ ‫تطل عليه من منابر النظام التي‬

‫ثارت ضدّه‪ ،‬س��تقفُ بصفّ��ه اليوم و تدافع‬ ‫ب��أن الش��خص الذي كان‬ ‫عن��ه‪ .‬لن يصدّق ّ‬ ‫يعتبر صديقاً مقرّباً من بش��ار األس��د قرر‬ ‫أن يت��رك صديق��هُ و ينضمّ للث��ورة بدافعٍ‬ ‫ضميريّ بحت‪ .‬الش��عب استيقظ و ال يمكن‬ ‫خداع��هُ ثاني��ةً‪ ،‬هذا ما يغفل عنه منش��قي‬ ‫الوقت بدل الضائع‪.‬‬ ‫ماذا نفعل بالمنشقين اذا؟‬ ‫الث��ورة لم تكن يوماً حك��راً على أحد‬ ‫ك��ي يقف أيّ كان بوجه من يريد اإلنضمام‬ ‫إليه��ا‪ ،‬لك��نّ ه��ذا ال يعن��ي ّأن يعامل جميع‬ ‫المنش��قين من المبدأ النبيل لإلنش��قاق‪ .‬ما‬ ‫ال يمك��نُ الم��رور عنه هو اإلنته��اكات الذي‬ ‫مارس��ها هؤوالء "المنش��قين الج��دد" بحقّ‬ ‫ه��ذه الثورة و ش��عب الثورة عل��ى مدى ّ‬ ‫كل‬ ‫هذه األش��هر‪ .‬ف��إذا كانت الث��ورة ال ترفض‬ ‫أحداً هذا ال يعني بأنها القشّة األخيرة التي‬ ‫يلج��أ إليها ّ‬ ‫كل من لم يعد يج��د النظام فيه‬ ‫دمي��ةً متحرّك��ةً مطيع��ة‪ ،‬و ال ّ‬ ‫كل من لم‬ ‫يعد يجدُ لنفس��ه مكاناً في النظام ألسبابه‬ ‫الش��خصيّة‪ .‬المنش��قين الجدد الذين كانوا‬ ‫على م��دى الثورة و س��نين م��ن قبلها جزئا‬ ‫ً م��ن الفس��اد و بدرج��ات أخ��رى جزئ��اً من‬ ‫التكوين السياسي المجرم يضعفون النظام‬ ‫بانشقاقهم من ّ‬ ‫كل بد‪ ،‬يهزون الصورة التي‬ ‫يح��اول أن يمنحها لنفس��هِ بأنّهُ متماس��ك‬ ‫تمام��اً و ق��ويّ و ّ‬ ‫كل م��ن في��ه يمتلكُ من‬ ‫ال��والء له م��ا ال يمتلكهُ الخون��ة ممن تخلوا‬ ‫عنه‪ ،‬لكن ما ال يس��تطيع هذا االنش��قاق أن‬ ‫يمحيه هو تاريخ هذا المنشق‪.‬‬ ‫ل��ن ترفض الث��ورة أيّ منش��قٍ يدقّ‬ ‫بابه��ا حتّى لو كان هرباً من بطش النظام‬ ‫ل��ه‪ ،‬لك��نّ ما ال تس��تطيع الث��ورة فعلهُ هو‬ ‫مصافح��ة ش��خص كان منذ أس��بوع أو أقل‬ ‫يصاف��حُ أي��ادٍ ملطخ��ةٍ بدمائن��ا‪ّ .‬‬ ‫فج��ل ما‬ ‫يجب أن يطلبه المنش��قون هو األمان بحدّه‬

‫األدن��ى‪ ،‬أمّـ��ا م��ا عدا ذل��ك م��ن مناصب أو‬ ‫امتي��ازات فكرية فهذا يجب أن يكون بديهي‬ ‫الرفض‪.‬‬

‫المنش��قين ع��ن النظ��ام الي��وم هربا‬ ‫ً بحث��اً ع��ن القشّ��ة األخي��رة ه��م بمثاب��ة‬ ‫الالجئيين السياسيين إلى الثورة ليس أكثر‪.‬‬

‫مس��لوبة مدم��رة وكأنه��ا خِرب��ة قديم��ة‬ ‫قد عشش��ت فيه��ا األفاع��ي والطيور وهي‬ ‫الت��ي من المفترض أن تك��ون منبعاً للعلم‬ ‫والتربي��ة والحضارة‪!!..‬؟وفي جولة لي على‬ ‫الم��دارس رأي��ت ما يج��رح القل��ب ويصدع‬ ‫الرأس‪ ..‬النوافذ مكسرة‪ ..‬األثاث والحواسب‬ ‫كلها مس��لوبة‪ ،‬وس��ائل اإليض��اح‪ :‬خرائط‬ ‫ومجسمات مرمية على األرض‪..‬‬ ‫رأيت بأم عيني جهاز اإلس��قاط والذي‬ ‫ثمنه أكثر من س��تين ألفًا قد كسر من أجل‬ ‫بض��ع غرام��ات من النح��اس الت��ي بداخله‬ ‫ثمنها عش��ر لي��رات‪ !!..‬هذا الصف حبيس��ة‬ ‫للحم��ام وهذا الص��ف حبيس��ة لألرانب‪،!!..‬‬ ‫وأكث��ر م��ا آل��م ومزق كب��دي العق�لاء كان‬ ‫م��ا تعرضت ل��ه البل��دة في اآلون��ة األخيرة‬ ‫م��ن إج��رام و وحش��ية فاقت كل م��ا رأيناه‬ ‫م��ن همجي��ة و بربري��ة أزالم النظ��ام إنها‬ ‫جريم��ة ق��ص األش��جار به��دف التج��ارة ال‬ ‫به��دف التدفئة‪ !!..‬هذه ش��جرة عمرها مئة‬ ‫وخمس��ين س��نة‪ ..‬وه��ذه ش��جرة عمره��ا‬ ‫س��نة واحدة فقط كلها أت��ت عليها يد الغدر‬ ‫والتخلف فغ��دت كومة من الخش��ب بلمحة‬ ‫بصر وأصبحت البلدة ومداخلها وكأنها بلدة‬ ‫في وس��ط صحراء قاحلة وه��ي التي كانت‬ ‫كالروضة الغناء‪..‬‬ ‫ق��ال ل��ي أح��د المتخلفي��ن المجرمين‬ ‫أق��ص ش��جرة بدقيقة وأكس��ب إثنا عش��ر‬ ‫ألفاً بدقيق��ة‪ ..‬ولكن من الذي تحرك ووقف‬ ‫أمام أنص��اف الحمير الذين فعل��وا فعلتهم‬

‫في منش��آت البل��دة وأش��جارها؟؟ إن الكثير‬ ‫من الم��دارس بحاجة فق��ط لجنزير وقفل‬ ‫لكي تغلق أمام اللصوص الذين سيحولون‬ ‫المقاع��د إل��ى وقود تدفئة في الش��تاء ومع‬ ‫ذل��ك ل��م يتح��رك ضمي��ر مدير المدرس��ة‬ ‫ليلملم ما تبقى من مدرسته‪..‬؟؟‬ ‫ترى هل سرق بشار المدارس؟هل دمر‬ ‫ت��راث البلدة؟ هل قص أش��جارها؟هل س��لب‬ ‫دوائرها؟أقس��م أنه لم يفع��ل!! إذاً أليس من‬ ‫األولى أن نحارب المئات من أمثال بشار والذين‬ ‫يدعون الثورية ويتاجرون بدماء الشهداء؟ أما‬ ‫اآلن فقد احتجنا كل ما خربه الس��فهاء إضاءة‬ ‫البل��دة‪ ..‬الم��دارس‪ ..‬المس��توصف والبلدي��ة‬ ‫والمرك��ز الثقاف��ي والبري��د والهات��ف‪ ..‬ولكن‬ ‫ليس منها شيء جاهز‪.‬‬ ‫اآلن عرفن��ا م��ا كنا نجه��ل‪ :‬أن الناس‬ ‫كان��وا خائفي��ن م��ن النظ��ام عندم��ا كان‬ ‫قائم��ا‪ ..‬م��ن مف��رزة األمن ومن الش��رطة‬ ‫وم��ن العقوبة وعندم��ا زال كل هؤالء ولم‬ ‫يب��ق إال اهلل تأكدنا أنه ال أح��د منهم خائف‬ ‫م��ن اهلل‪ .!..‬واآلن نحن أمام خيارين ال ثالث‬ ‫لهما‪ :‬إما أن نبكي كالنس��اء مُل��كًا مُضاعًا‬ ‫ل��م نحافظ عليه كالرج��ال‪ ،‬وإما أن نتعامل‬ ‫مع الواقع كما هو وننطلق منه لبناء الدولة‬ ‫الحديث��ة معتمدين على أصح��اب الكفاءات‬ ‫والضمي��ر الح��ي مخلفين وراءن��ا كل رموز‬ ‫التخل��ف واللصوصي��ة فأمامن��ا الكثي��ر من‬ ‫العمل والقليل من الوقت و اهلل المستعان‪..‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كتابنا اليوم عن المشترك بين روسيا‬ ‫والمش��رق العرب��ي ‪ ,‬للباح��ث المخت��ص‬ ‫بالح��وار الروس��ي العربي د‪ .‬س��هيل فرح‬ ‫‪ ,‬وروس��يا المقصودة في كتابنا ‪ ,‬لروس��يا‬ ‫االنسان والمكون الثقافي والمعرفي بعيداً‬ ‫عن مواقفها السياس��ية األخي��رة ‪ .‬يوضح‬ ‫ف��رح العالق��ة بي��ن الحض��ارات‪ ،‬ويضعها‬ ‫ضمن ثالثة خطوط أساسيَّة‪:‬‬ ‫أوّ ًال‪ّ :‬‬ ‫خ��ط الصّراع م��ا بين الحضارة‬ ‫األقوى والحضارة األضعف‪.‬‬ ‫ثاني��ًا‪ :‬التَّفاع��ل والح��وار والتّالقي‬ ‫والتَّعاون ا ّلذي يتمّ عن طريق االستنتاج‪..‬‬ ‫لقد أُعط��ي هنتنغتون ف��ي كتابه (صدام‬ ‫الحض��ارات) أكث��ر مم��ا يس��تحقّ‪ ،‬ولك��ن‬ ‫عمليّاً‪ ،‬هو كان يعك��س ً‬ ‫حالة من الحاالت‬ ‫ا ّلت��ي وص��ل إليها الغ��رب ف��ي عالقته مع‬ ‫الثقاف��ات األضع��ف‪ ،‬إال أنّ��ه أعطاها بعداً‬ ‫َّ‬ ‫دينيّ��ًا‪ .‬س��ابقاً‪ ،‬كان��ت الصّراع��ات عل��ى‬ ‫أيّ��ام االتح��اد الس��وفياتي وغيره��ا تأخذ‬ ‫طابع��ًا اجتماعيّ��ًا أكث��ر‪ ،‬أو كان��ت تأخ��ذ‬ ‫طابع��ًا حضاريّ��ًا‪ ،‬ولك��ن م��ا أري��د قوله‪،‬‬ ‫إن الحض��ارات ج��زء ال يتجزّأ م��ن تركيبة‬ ‫ّ‬ ‫اإلنس��ان‪ ،‬م��ن هنا نش��أت نظريَّات تقول‬ ‫إن األق��وى ه��و ا ّل��ذي ينتص��ر‪ ،‬وم��ن هنا‬ ‫َّ‬ ‫كانت النّظريّ��ة الداروينيّ��ة االجتماعيّة‬ ‫ا ّلت��ي أخذت م��ن داروي��ن فك��رة الصّراع‬ ‫لألق��وى‪ ،‬بعدها أتى سبنس��ين بفلس��فة‬ ‫اس��مها فلس��فة الدّاروينيّة االجتماعيّة‪،‬‬ ‫وهذه تغذي دائم��اً الصّراعات بين األديان‬ ‫والحروب وغيرها‪.‬‬ ‫ثالث��اً‪ :‬الفلس��فة البراغماتي��ة ا ّلت��ي‬ ‫تق��ول الغاية تب��رّر الوس��يلة‪ ،‬معنى ذلك‬ ‫أنّ��ه م��ن الممك��ن أن أفتع��ل حرب��ًا أو أن‬ ‫يص��ار إل��ى تعمي��م رس��التي الدّينيّة أو‬ ‫الحضاريّ��ة؛ الغ��رب أتوا الس��تعباد العرب‬ ‫وبعض الشّ��عوب األخ��رى‪ ،‬بحجّ��ة أنهم‬ ‫يري��دون إدخاله��م تح��ت راي��ة الحضارة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وكل م��ا فعل��وه أنّهم س��رقوا ثروات هذه‬ ‫الشّ��عوب تح��ت أس��ماء حضاريّ��ة‪ ،‬ولكن‬ ‫ف��إن هذه‬ ‫هذه لغ��ة الصّ��راع‪ ،‬وبالتّالي‪ّ ،‬‬ ‫الجدليّ��ة موج��ودة دائم��ًا بي��ن األق��وى‬ ‫واألضع��ف‪ ،‬فاألق��وى عس��كريًّا‪ ،‬واألقوى‬ ‫بالمعرف��ة والمال والسّ��لطة‪ ،‬يح��اول أن‬ ‫يمل��ي ظروفه على األضع��ف‪ ،‬وهذه لعبة‬ ‫مدمّ��رة جدّاً‪ ،‬فأنت بمج��رّد أن تدخل في‬ ‫لعبة الحرب‪ ،‬س��واء كنت ظالماً أو مظلوماً‪،‬‬ ‫حاكماً أو محكوم��اً‪ ،‬فإنّك تدخل بذلك في‬ ‫لعبة النّار والعدوان‪.‬‬ ‫لكنّ البش��ر ينس��ون الجان��ب ال ّثاني‬ ‫من الش��خصيّة اإلنس��انيّة‪ ،‬الجانب ا ّلذي‬ ‫يدع��و إل��ى التّفاع��ل والح��وار والتّالقي‬ ‫والتّع��اون على أس��س وقواعد إنس��انيّة‬ ‫مش��تركة‪ ،‬وهذا عنصر من العناصر ا ّلتي‬ ‫م��ن المفت��رض أن تعم��ل علي��ه الطاقات‬ ‫ا ّلت��ي فيه��ا مس��احة الع��دل والسّ�لام‬ ‫وال ّثقافة‪ ،‬فهناك أناس خيرون موجودون‪،‬‬ ‫وه��م موج��ودون ف��ي ّ‬ ‫كل الق��ارّات وفي‬ ‫كل األدي��ان‪ ،‬فف��ي داخ��ل ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل حض��ارة‬ ‫وكل عرق ّ‬ ‫وكل ثقاف��ة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكل ش��عب‪ ،‬هناك‬ ‫إن‬ ‫جماع��ات تحم��ل الخير في داخله��ا‪ .‬بل ّ‬

‫كل إنس��ان يوجد عنده مس��احات للسالم‪،‬‬ ‫ومساحات للعدوانيّة‪ ،‬ومساحات لالنغالق‬ ‫والبغ��ض والتّناف��ر‪ ،‬وأيّ مجموعة داخل‬ ‫أيّ حضارة‪ ،‬إذا عملت على عناصر المحبّة‬ ‫والسّ�لام واالحت��رام والتحال��ف المبنيّ��ة‬ ‫على قواعد إنسانيّة مشتركة‪ ،‬فلن يبقى‬ ‫هناك حروب وال مشاكل حقيقيّة‪ .‬هذا في‬ ‫نهاية األمر يعود إلى اإلنسان‪.‬‬ ‫كم��ا يع��دد العوامل الداعم��ة للحوار‬ ‫ال��ذي ال يجوز حصره بين الغرب والش��رق‬ ‫بل يمكن أن يتم بين شرقين ‪:‬‬ ‫أو ًال ‪ -‬ان ثقاف��ة العال��م العرب��ي –‬ ‫االسالمي والعالم السالفي – االرثوذكسي‬ ‫والت��ي تكون��ت تاريخيًا من خ�لال تفاعل‪،‬‬ ‫مس��الم حين��اً وقس��ري حين��اً آخ��ر‪ ،‬بي��ن‬ ‫الجماع��ات الحضاري��ة واإلثني��ة والدينية"‬ ‫نؤكد على ان حالة التنوع هذه مصدر غنى‬ ‫وتطور لهاتي��ن المجموعتين الحضاريتين‬ ‫الكبيرتين‪.‬‬ ‫ثاني��اً ‪ :‬ان العال��م العرب��ي –‬ ‫االسالمي وروس��يا يش��كالن مختبراً غنيًا‬ ‫وس��اخنًا للثقاف��ات واالف��كار واالدي��ان‬ ‫وااليديولوجيات‪ .‬وفي اس��تمرارية التحليل‬ ‫وتعميق افع��ال العقل النقدي الحكيم في‬ ‫دراس��ة هذي��ن النموذجين‪ ،‬فائ��دة كبرى‬ ‫ليس لس��كان هاتي��ن المنطقتي��ن فقط‪،‬‬ ‫ب��ل لس��كان المعم��ورة بأس��رها‪ .‬فف��ي‬ ‫روس��يا والعال��م العرب��ي هناك مس��احات‬ ‫واس��عة للتط��رف والكراهية والتس��امح‪،‬‬ ‫للرفض والقبول‪ ،‬للص��دام واللقاء‪ .‬وعلى‬ ‫مصير رحج��ان هذا العامل‪ ،‬او ذاك يتوقف‬ ‫مصير العالم العربي واالس�لامي والعالم‬ ‫السالفي واالرثوذكسي‪.‬‬ ‫ثالث��ًا‪ :‬ان الم��كان‪ ،‬ال��ذي ول��دت فيه‬ ‫الديان��ات الس��ماوية الث�لاث‪ :‬اليهودي��ة‬ ‫والمس��يحية واالس�لام‪ ،‬س��يبقى س��اخنا‬ ‫لم��دة طويلة‪ ،‬م��ا دام اتباع ه��ذه الديانات‬ ‫وتفرعاته��ا م��ن مذاه��ب وطوائ��ف‪ ،‬ل��م‬ ‫يتمكنوا حتى اآلن م��ن ايجاد لغة عقالنية‬ ‫هادئ��ة لح��وار طوي��ل ومثمر يط��ل على‬ ‫الحي��اة بفوائد ونتائ��ج ايجابية‪ .‬فان ارض‬ ‫القداس��ة فلسطين س��تبقى مجروحة في‬ ‫العمق‪ ،‬وستبقى مصدر قلق وتوتر وعنف‪.‬‬ ‫وما دامت فلس��طين ساخنة فمعها تسخن‬ ‫عق��ول المس��يحيين والمس��لمين واليهود‬ ‫في العال��م‪ .‬فالش��عب الفلس��طيني الذي‬ ‫يعي��ش على درب اآلالم من��ذ مدة طويلة‪،‬‬ ‫ل��م يحصل على حقوق��ه العادلة‪ .‬وما دام‬ ‫الصراع الدموي يج��ري على هذه االرض‪،‬‬ ‫فه��ذا يغذي احتمال اس��تمرار الصدام بين‬ ‫االديان والشعوب والحضارات‪.‬‬ ‫رابع��ًا‪ :‬ان المنش��طين إلع�لاء صوت‬ ‫العق��ل والحوار بي��ن الحض��ارات واالديان‬ ‫يدقون ناق��وس الخطر حيال ما يجري من‬ ‫مح��اوالت لتأجي��ج الصراعات ف��ي كل من‬ ‫روسيا والعالم العربي‪ .‬ففي استمرار هذه‬ ‫الصراعات والح��روب الدموية تتجزأ االمم‬ ‫وتصب��ح عرضة لتس��لط االقوي��اء عليها‪.‬‬ ‫كما ان تعلق الش��عوب والثقافات االخرى‪،‬‬ ‫التي تأخذ من النموذج الروس��ي في بعده‬

‫االرثوذكسي والعربي في بعده االسالمي‪،‬‬ ‫مثاال يقتدى به‪ ،‬يخ��ف ويجعلها تتجه نحو‬ ‫نماذج اخ��رى اكث��ر انفتاحا او تس��امحا او‬ ‫عدالة‪.‬‬ ‫خامس��اً‪ :‬ان الوع��ي العمي��ق له��ذه‬ ‫المخاط��ر والعمل على تقليص مس��احتها‬ ‫ومحاول��ة حله��ا بط��رق عقالني��ة وهادئة‬ ‫يدفع الباحث واي انس��ان متحمس لنهضة‬ ‫العرب وروس��يا‪ ،‬الن يعمل من اجل تطوير‬ ‫لغة الح��وار بين الش��عوب والنخب وجميع‬ ‫الفاعلي��ات الديني��ة والدنيوي��ة‪ .‬وه��ذا‬ ‫يس��توجب التع��اون الخ�لاق بي��ن الروس‬ ‫انفسهم وداخل البيت العربي نفسه مغلبا‬ ‫لغة الكش��ف الدائ��م للوس��ائل العقالنية‬ ‫الفعال��ة والخالق��ة م��ن اج��ل التغلب على‬ ‫نق��اط الضع��ف ف��ي البني��ة الذهني��ة‬ ‫والس��لوكية الروس��ية والعربية‪ .‬ويتوجب‬ ‫هذا ان يس��تحدث من جهة اخ��رى االدوات‬ ‫واآللي��ات والخط��ط والمش��اريع م��ن اجل‬ ‫توحي��د اواصر التعاون المثم��ر بين العالم‬ ‫العرب��ي – االس�لامي والعالم الروس��ي –‬ ‫السالفي – االرثوذكسي‪.‬‬ ‫سادس��ًا‪ :‬ان البش��رية تعي��ش ام��ام‬ ‫منعطف��ات مهم��ة ل��م تش��هدها ف��ي كل‬ ‫تاريخها على جميع المس��تويات النفس��ية‬ ‫واالجتماعي��ة والثقافي��ة وااليكولوجي��ة‬ ‫والديموغرافي��ة‪ :‬فأم��ا االنهي��ار الش��امل‬ ‫ف��ي ح��ال تأجي��ج الصراعات بي��ن االديان‬ ‫والحضارات ومحور دول الشمال والجنوب‪،‬‬ ‫وام��ا االزده��ار ف��ي ح��ال ت��آزر الجمي��ع‬ ‫لخلق ظ��روف مالئم��ة للش��راكة العادلة‪.‬‬ ‫والمس��ؤولية ال تق��ع عل��ى الحكوم��ات‬ ‫ومتخذي الق��رار في أمكنة مركز القرارات‬ ‫وحس��ب‪ ،‬ب��ل ايضا على عاتق كل انس��ان‬ ‫عل��ى ه��ذا الكوك��ب‪ .‬فداخ��ل كل حضارة‬ ‫او ش��عب‪ ،‬وداخ��ل كل دي��ن ومذه��ب‬ ‫وح��زب وعقي��دة وخط��اب‪ ،‬ال ب��ل داخ��ل‬ ‫كل ش��خص هن��اك مس��احات م��ن الخلق‬ ‫والجم��ود‪ ،‬م��ن الوداع��ة والتط��رف‪ ،‬م��ن‬ ‫العقالني��ة واالنفعال‪ ،‬م��ن الديموقراطية‬ ‫والديكتاتوري��ة‪ ،‬م��ن البن��اء واله��دم‪ ،‬من‬ ‫السالم والحرب‪ ،‬من االنانية ونكران الذات‪،‬‬ ‫من األن��ا في اآلخر واآلخر ف��ي األنا‪ ،‬االمر‬ ‫ال��ذي يجعل الص��راع الجماع��ي والفردي‪،‬‬ ‫الص��راع الكون��ي والوج��ودي يتمحور بين‬ ‫هذا وذاك على مستوى العالم بأسره‪.‬‬ ‫س��ابعاً ‪ :‬رغ��م ان ص��ورة الص��دام‬ ‫والح��رب تطف��و عل��ى س��طح االح��داث‬ ‫وتدف��ع ش��رائح واس��عة م��ن البش��ر الى‬ ‫التش��اؤم حول حاضر الحضارة االنس��انية‬ ‫ومس��تقبلها‪ ،‬فان هناك ص��ورة أخرى حية‬ ‫تعيش الى جانب تلك الصورة المتش��ائمة‬ ‫الرمادي��ة‪ ،‬وه��ي التي تح��رص على خلق‬ ‫الظ��روف الموضوعي��ة والذاتي��ة لرجحان‬ ‫كف��ة التف��اؤل بالمس��تقبل‪ ،‬وه��ي الت��ي‬ ‫يعم��ل عليها بتأن وبأمل كبي��ر قادة الرأي‬ ‫والنش��طاء والحكم��اء م��ن كل القطاعات‪،‬‬ ‫والتي تس��عى لبن��اء عالم يؤس��س عمليا‬ ‫لتواص��ل مرتك��ز على التعاون والش��راكة‬ ‫واللق��اء والتفاعل االيجاب��ي بين الثقافات‬

‫البش��رية‪ .‬وهاجس دعاة التف��اؤل والتنوع‬ ‫هو ارس��اء خط��اب االحت��رام حي��ال اآلخر‬ ‫محل خطاب الكراهية‪ ،‬والس��عي لتأسيس‬ ‫وتأصيل ثقافة أخالقية عالمية جديدة بين‬ ‫الشعوب‪.‬‬ ‫وإذا كان التن��وع الدين��ي س��مة‬ ‫مش��تركة بين المشرق العربي والروسي‪،‬‬ ‫ف��إن هذين العالمي��ن محكوم��ان بالحوار‬ ‫والتواص��ل والتع��ارف ضم��ن األخالقي��ات‬ ‫التي تحكم هذا الح��وار كمنظومة للقيم‪،‬‬ ‫أبرزه��ا العيش المش��ترك للمكونات التي‬ ‫تشكل نسيجها الوطني‪.‬‬ ‫الح��وار قيمة مطلقة بذاته ومكس��ب‬ ‫من مكتس��بات الثقافة المعاصرة‪ ،‬وغايته‬ ‫ه��ي معرف��ة ال��ذات واآلخ��ر عل��ى قاعدة‬ ‫االعت��راف به وقبوله كما هو‪ ،‬واحترام حق‬ ‫االختالف كقيمة إنس��انية وكحق أساسي‪.‬‬ ‫وهو دعوة إلى الصدق مع الذات ومع اآلخر‬ ‫وال يمك��ن اختص��اره بحس��ب المعاش��رة‬ ‫والتكذيب ف��ي التعاطي والقول الحس��ن‪،‬‬ ‫وحتى التس��امح والس��طحية في التعارف‬ ‫والتق��ارب ب��ل هو "ح��وار يراعي مش��اعر‬ ‫األفراد والجماعات المختلفة"‪.‬‬ ‫ش��كلت العالق��ات الروس��ية–العربية‬ ‫المحور األكثر استقطابًا ألقالم الباحثين‪:‬‬ ‫فمنه��م مَ��ن اس��تعرض تاري��خ ه��ذه‬ ‫العالق��ات؛ ومنهم مَن ح��اول أن يرصدها‬ ‫في الحقبة المعاص��رة؛ ومنهم مَن توقف‬ ‫عند وجوه الحوار المختلفة بين الثقافتين‪،‬‬ ‫وعرض المشكالت التي تعيق هذا الحوار‪.‬‬ ‫وق��د ح��اول الجميع اس��تقراء المس��تقبل‬ ‫وعرضوا االقتراحات لتفعيل الحوار‪.‬‬ ‫لق��د أظه��رت األبح��اث المقدَّم��ة أن‬ ‫عوامل كثيرة تجمع بين الحضارتين‪ ،‬منها‬ ‫الثقافي والسياسي واالقتصادي والروحي‪.‬‬ ‫ففي المجال السياسي‪ ،‬رأى فوروبيوف أن‬ ‫ك ًال من روس��يا والبلدان العربية يوحِّدها‬ ‫التضام��ن ض��د هيمنة ق��وة واح��دة على‬ ‫العال��م‪ .‬ولع��ل الموقف الروس��ي المعادي‬ ‫للح��رب على الع��راق‪ ،‬المع��ارض للموقف‬ ‫األمريك��ي‪ ،‬إنما يأتي الي��وم ليبرهن على‬ ‫صحة هذا الرأي‪ .‬وعل��ى الصعيد الروحي‪،‬‬ ‫تش��كل األرثوذكسية مساحة للقاء َّ‬ ‫يتجلى‬ ‫كذل��ك ف��ي التم��ازج الروسي–اإلس�لامي‬ ‫في آس��يا الوس��طى‪ ،‬كما يالح��ظ المفكر‬ ‫السوري جورج جبور‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫تُظهر "تفهمًا معقو ًال (وأفضل من‬ ‫روسيا ِ‬ ‫تفهم الغ��رب) لمعضلة الص��راع العربي–‬ ‫اإلسرائيلي"‪.‬‬ ‫ف��ي المقاب��ل‪ ،‬ثم��ة مش��كالت‬ ‫وعوائ��ق تعت��رض الح��وار‪ ،‬منها تش��ويه‬ ‫الص��ورة العربي��ة في ذهن الروس��ي من‬ ‫جانب وس��ائل اإلع�لام‪ ،‬وخصوصً��ا التي‬ ‫تدعمها وس��ائل اإلعالم الغرب��ي‪ ،‬وبالذات‬ ‫اإلس��رائيلية‪ ،‬والتقصي��ر الكبي��ر لإلعالم‬ ‫العرب��ي في تصحيح ه��ذه الصورة‪ .‬يقول‬ ‫المستش��رق فوروبي��وف‪ :‬إن البل��دان‬ ‫العربي��ة تبذل الح��دَّ األدنى من الجهد من‬ ‫أج��ل إعط��اء ص��ورة واقعية ع��ن تاريخها‬ ‫وثقافتها‪.‬‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫د‪� .‬سهيل فرح‪:‬‬ ‫حوار الثقافات‪ :‬جتربة رو�سيا وامل�شرق العربي‬

‫‪17‬‬


‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟‬ ‫ميالد �صقر‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫نعل��م جميع��اً أن النظ��ام طائف��ي والصراع طائف��ي والدعم‬ ‫الدول��ي لصالح حكم األقليات لكن ال يمكننا أن نجابه كل ذلك‬ ‫إال بوطنية س��ورية‪ .‬وأي ردة فعل تأخذ ش��كل الفعل سنكون‬ ‫في المربع األول وسيكون الطرف اآلخر الحقًا في موقعنا ولن‬ ‫ننتهي‪ .‬وال أعتقد أننا نريد ألبنائنا حمل الس�لاح ضد بعضهم‬ ‫البعض مستقب ًال‪.‬‬

‫‪�‎‬سعاد جرو�س‪‎‬‬

‫وس��ط مدينة مدججة باإلس��منت وأكياس الرمل والرصاص‪..‬‬ ‫يحصل أن تجلس في المقهى‪ ..‬مع صديق يؤلف الوجد بينكما‬ ‫حكاي��ات بلد جري��ح‪ ..‬ويحصل أن ترش��ف من فنج��ان القهوة‬ ‫دمع��اً حاراً كال��دم الطازج‪ ..‬يحصل ويحص��ل أن تصمت وج ًال‬ ‫عل��ى وقع القصف وخفق��ان القلب رهبة وأل��م‪ ..‬حين ينتفي‬ ‫الخوف ويحضر الحزن‪..‬‬

‫و�سيم اجلزايريل‬

‫‪ ‎1400‬عامًا عاش المس��يحيون مع المسلمون بجميع أطيافهم‬ ‫في سوريا دون حروب طائفية تذكر‪ ،‬لم يكن هذا من فضائل‬ ‫الحركة التصحيحية أو بسبب قلق كلينتون على األقليات‪.‬‬

‫م�صطفى اجلرف‬

‫ال يمكن لطائفة ‪ -‬أية طائفة ‪ -‬أن تكون مجرمة‪ ..‬كما ال يمكن‬ ‫لطائفية ‪ -‬أية طائفية ‪ -‬إال أن تكون مجرمة!‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫خليل يون�س‬

‫مسطرة بالستيك خضراء صغيرة‬ ‫اب��ن خالت��ي العزيز كان س��اكن بمخيم فلس��طين‪ ،‬مرة رحنا‬ ‫زي��ارة لعندو أن��ا وأمي وقت كنت صغير ونمنا ش��ي أس��بوع‪،‬‬ ‫كان بيت��و على ما أذكر طابق أرض��ي ببناية وكان في مواجه‬ ‫البناي��ة بيوت عربي��ة قديمة‪ ،‬فمرة كنت واق��ف بدرج الطابق‬ ‫التان��ي وع��م أتفرج من ش��باك ال��درج يلي بيط��ل عالحارة‪،‬‬ ‫مواج��ه مدخ��ل البناية تمام��ًا كان في بيت قديم س��اكنة فيه‬ ‫عائلة فلس��طينية وكان في شباب عم يفوتوا ويطلعوا بعتقد‬ ‫كانو أخوة ألنو أعمارهن متقاربة‪ .‬أجا أول شب طالع من جيبة‬ ‫بنطلونو أداة ما عرفت ش��و هية بالضبط ودخلها بالباب وفتح‬ ‫الب��اب وفات‪ ،‬إجا األخ التاني بعد ش��وي وعم��ل نفس القصة‪،‬‬ ‫األداة يلي عم يدخلوها بالباب ما كانت مفتاح وكانو يدخلوها‬ ‫بي��ن درفات الب��اب مو بالقفل‪ .‬تحرقص��ت وصرت بدي أعرف‬ ‫شو هاألداة السحرية يلي عم يستعملوها!! نزلت لعند مدخل‬ ‫البناي��ة ووقفت بحي��ث أنو صار ب��اب بيتهن مواجه��ي تماماً‪،‬‬ ‫بعد ش��وي أج��ا األخ التالت وقلو ألخوه يل��ي كان بالحارة معك‬ ‫مفتاح؟؟ قام طالع االخ من جيبتو مس��طرة بالس��تيك خضراء‬ ‫صغيرة وعطاه ياها‪ ،‬راح هداك دخلها بين درفات الباب ودفش‬ ‫لس��ان القفل وفتح الباب‪ .‬تقنية بسيطة وغير آمنة بس يبدو‬ ‫أنو الفلس��طينيين طلعو فهمانين اللعب��ة من زمان وبيعرفوا‬ ‫عن خب��رة أنو في مليون طريقة تروحلك بيتك غير الس��رقة‬ ‫فما عاد كتير آمنو بموضوع االقفال والمفاتيح‪.‬‬

‫ندى �صبح‬

‫في عيد رأس السنة القادمة‪ ..‬سأغرس على الحدود وطنا ّ‬ ‫عل‬ ‫وعسى في العيد الذي يليه ينمو ويكبر وأبيت فيه‪!..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫خلود زغري‬

‫حلب‪ ..‬يا حلب أرس��لت لك الس��ويداء أغلى الش��باب وأجملهم‬ ‫تامر العوام وصالح صادق‪ ..‬ليكن ترابك دافئاً وحنوناً‪..‬‬

‫أكتر ش��ي بتمناه بس��وريا بعد األس��د هو نقدر ندرس بالمدارس اس��لوب البحث والتقصي «علمياً» ونقدر‬ ‫نشجع االطفال على النقد وطرح االسئلة وعدم األخذ بالمسلمات والخروج من ثقافة البصم‪ ،‬وتعلم النقد اإليجابي‬ ‫ووضع��ه باطاره الصحيح وضمن ظروفه‪ .‬ال يزال ينقصنا الحوار الذي يش��جع على التفكير واعادة التقييم للفكرة‬ ‫واطرها ونتائجها‪ ..‬ال يزال ينقصنا الكثير‪ ..‬أتمنى أن نستطيع أن نربي جي ًال من نوع آخر‪ ..‬جي ًال سورياً حقاً‬

‫مهندسة عمارة مغتربة‬

‫ر�شا عمران‬ ‫العلويي��ن والش��يعة بيعرفوا ش��ويعني (عيوش الحمرا) والس��نة‬ ‫بيعرفوا شو يعني (بابا حسن وعلي ما مات خلف بنات) فمشان اهلل‬ ‫ما عاد حدا يقول انو الطائفية وليدة العنف هالس��نتين‪ !!..‬ونفس‬ ‫الش��ي بخصوص باقي الطوائف والمذاهب وحتى القوميات‪ .،‬في‬ ‫كره حقيقي بين العرب واالكراد‪ ،،‬اس��بابو بتحتاج لفضح وكش��ف‬ ‫مو للتعامي والمداراة‪ ..‬فضح المس��تور والمخبى وتس��مية االشيا‬ ‫بمس��مياتها بيس��اعد البل��د اكتر بكتير م��ن الحديث ال��وردي عن‬ ‫محبتنا لبعض‪ .‬حطوا االش��يا ف��وق الطاولة وافردوه��ا وخلوا كل‬ ‫العف��ن يطلع وخلونا نش��م ريحتو كلنا س��وا ونش��م روايحنا نحن‬ ‫في��ه‪ ..‬أي ألن��ك طائفي ما ق��ادر تميز بي��ن العل��وي القاتل وغير‬ ‫القات��ل وتحط الكل م��ع بعض وأي ألني طائفية م��ا بقدر اتحمل‬ ‫حكيك عن العلويين وبرتاح لما بش��وف س��ني قات��ل وبدور لحتى‬ ‫القيه وفوكس عليه‪ ..‬نحن ببس��اطة مانا مواطنين س��وريين‪ ،،‬ما‬ ‫وصلن��ا لهي المرحلة لس��ا‪ ..‬يمكن على دورنا م��ا نوصل بس عار‬ ‫علينا إذا منخلي والدنا يكونوا متلنا‪ ..‬بيكفي ورثناهن بلد مريض‬ ‫بس��بب جبنا وتواطؤنا وخرسنا وعملوا انبل ثورة بالتاريخ البشري‬ ‫الزم نس��اعدهن على التنضيف مو نغرقهن معنا بأوساخنا وندمر‬ ‫ثورتهن ومس��تقبلهن‪ ..‬نظام ابن س��تين الف كلب عم ينتقم من‬ ‫اوالدنا‪ ..‬من جيل كامل بغض النظر معارض او مؤيد الو‪ ..‬ش��باب‬ ‫مت��ل الورد عم تموت وتصير تراب‪ ..‬مس��تقبل س��وريا عم يصير‬ ‫تراب‪ ..‬والدنا عم يقتلوا بعضهن‪ ..‬ونحن الس��بب‪ ..‬تعوا نحكي كل‬ ‫ش��ي بصراح��ة ونعترف ب��كل امراضنا وحاج نته��م بعض ونبرئ‬ ‫حالنا‪ ..‬كلنا متهمين‪ ..‬كلنا متهمين‪..‬‬

‫نورا مراد‬

‫يهنئ الس��وريون بعضهم بالعام الجديد آملين أن يحمل لهم‬ ‫أيام��ا أفض��ل‪ ..‬لكننا نس��تطيع أن نحقق األفضل بأنفس��نا‪..‬‬ ‫نحن السوريون‪ ..‬فلنجعل السنة الجديدة أفضل‪ ..‬و كل سنة‬ ‫ونحنا مليئين باألمل والعمل‪..‬‬

‫روزا يا�سني ح�سن‬

‫س��يأتي يوم وتتحول كل التفاصيل والقصص التي نعيش��ها‬ ‫إلى جمل في كتب التاريخ الرس��مي‪« :‬حدثت ثورة‪ ،‬ومات هذا‬ ‫الع��دد من الس��وريين»‪ .‬ويتحول الحديث من ث��م إلى مواقف‬ ‫ال��دول وألع��اب السياس��ة والتحالف��ات‪ .‬مثلما تحول��ت ثورات‬ ‫البشرية وحروبها‪ .‬التفاصيل والقصص تخلق التاريخ السري‬ ‫لإلنس��انية‪ .‬ب��دون التاريخ الس��ري ه��ذا تتحول أرواح البش��ر‬ ‫إلى أخش��اب جافة‪ .‬إحدى هذه القصص عن ش��اب كان يكتب‬ ‫الش��عارات على الجدران‪ .‬يخاطر بحياته كل ليلة ليكتب جملة‬ ‫ق��د يقرؤها بع��ض الناس‪ .‬يأتي رجال النظ��ام ويمحونها في‬ ‫الصب��اح‪ .‬ويعود ليكت��ب غيرها في الليل‪ .‬قال ل��ي يومًا جملة‬ ‫تصل��ح أن تحفر عل��ى األيقونات‪( :‬كنت أتمن��ى كل حياتي أن‬ ‫أكت��ب‪ .‬اآلن أنا أكت��ب لكن على الجدران ولي��س على الورق‪..‬‬ ‫يقرأ الجميع كلماتي وليس المثقفون فحس��ب)‪ ..‬ذاك الش��اب‬ ‫استش��هد قبل ش��هور‪ .‬ولكن��ه علمني كيف تتح��ول اللغة إلى‬ ‫فع��ل ديمقراطي علني عل��ى الجدران‪ ،‬ب��دل أن تبقى خبيئة‬ ‫الصفحات‪ . .‬اليوم ثمة تحدٍ حقيقي واختبار صعب يقف أمامه‬ ‫المبدعون‪..‬‬

‫ندى �أراكيلي‬ ‫أي جحيمٍ ذاك الذي تهدد به؟؟ لو سنحت لك الفرصة أن تسأل‬ ‫ثامر الش��رعي الطفل ذي األربعة عش��ر عاماً الذي مات تحت‬ ‫التعذي��ب بع��د حفر دماغ��ه بالمثقاب لعدة م��رات لحدثك عن‬ ‫الجحيم‪ ..‬لو تس��نى للرضيعة‪ ..‬الرضيعة عفاف التي أرس��لت‬ ‫لعائلته��ا بع��د موتها تح��ت التعذي��ب بالكهرباء أم��ام ناظري‬ ‫والديه��ا لوصفت لك الجحيم‪ ..‬لو عاد أطفال الحولة من الجنة‬ ‫وتحلقوا حول رأس��ك وأخذوا يصفون لك لمَ كانت سراويلهم‬ ‫مبتل��ة قب��ل أن يُذبح��وا و‪ ..‬كي��ف كان��وا يش��اهدون رؤوس‬ ‫بعضهم البعض تفتح‪ ..‬لو اس��تطعت تحمل ساعة واحدة في‬ ‫أقبي��ة المخابرات الس��ورية لتعرف��ت إلى معن��ى الجحيم‪ ..‬لو‬ ‫جربت أن تس��تيقظ لي ًال وأنت تفت��رش الطريق وتجد بجابنك‬ ‫الحمى تلتهم جس��د طفل��ك الجائع وتتكال��ب بجانبها (بردية)‬ ‫ظمآى لروح��ه‪ ..‬ال (البردية) تطفىء الحمى وال الحمى تدفىء‬ ‫(البردية) ضدان يجتمعان ويتفقان على إنهاء تلك الحياة التي‬ ‫لم يتس��نَ لها رؤية الربي��ع بعد‪ ..‬تلك التجرب��ة هي الجحيم‬ ‫بذاته‪ ..‬لو حاولت يومًا بعد قصفٍ سافل أن تنتشل ذراع ابنتك‬ ‫ال لشيء إال ألن تكون تلك الذراع حج ًة لك في زيارة ما يمكن‬ ‫أن تس��ميه قبراً لها‪ ..‬لتستطيع النحيب عليه‪ ..‬عندها قد تلتق‬ ‫ِ الجحي��م‪ ..‬عندما يظل الش��عور بالذنب يالحقك ألنك عمدت‬ ‫للتكاس��ل ورفضت أن تذهب لشراء خبز الصباح وأرسلت بد ًال‬ ‫عن��ك أخيك الصغير وب��دل أن يعود حام ًال الخب��ز عاد محمو ًال‬ ‫بس��بب قصف األفران الذي لم يس��بق حتى إلسرائيل أن تلجأ‬ ‫إلي��ه‪ ..‬عندها قد تتح��ول كل صباحاتك إلى جحي��م‪ ..‬ال تهدد‬ ‫س��وريا بالجحيم‪ ..‬فالجحيم الذي عاش��ته وتعيشه لم تعرفه‬ ‫أرض سطعت عليها الشمس من قبل‬

‫�أنور البني‬

‫الش��عب الس��وري األس��طوري الذي يقلب المع��ادالت ويغيّر‬ ‫المفاهي��م العالمي��ة بثورت��ه‪ .‬س��يغير مفهوم رمز التش��اؤم‬ ‫للرق��م ‪ 13‬إل��ى رمز التفاؤل في عالم ما بع��د الثورة الثورية‪.‬‬ ‫‪ .‬الحرية والسالم لسوريا والسوريين الطيبين‪..‬‬

‫زهرمان با�شا بخاري‬

‫يعاب على البعض أنهم يدعون تمثيل اهلل على األرض (االستخالف)‪،‬‬ ‫صغي��رة هذه الدعوى أمام من يدعي أنه إله على األرض (إلهه هواه‬ ‫الش��خصي)‪ ،‬بعد س��قوط اس��تبداد السلطة س��تكون معركة مؤلمة‬ ‫السقاط االستبداد بالرأي (ما يعبر عنه انو كل واحد زعيم)‪.‬‬

‫را�شد عي�سى‬

‫فلس��طينيو س��وريا ليس��وا جالية‪ ،‬ه��م س��وريون غصبًا عن‬ ‫الراض��ي والزعالن‪ ،‬لو وُجدوا بأمريكا كان صار معهم عش��ر‬ ‫جنس��يات أمريكي��ة‪ .‬وبالتالي لي��س عليهم "الن��أي بالنفس"‪،‬‬ ‫إنهم مظلومون بالتس��اوي مع الس��وريين‪ ،‬بل وأكثر حبتين‪..‬‬ ‫ليس عليهم النأي بالنفس‪ ،‬وال أن يستهان بدمهم كذلك‪..‬‬

‫يحيى جابر‬

‫حين أقف من أصل لبناني كهوية أو أصل ش��يعي كمذهب مع‬ ‫ثورة شعبك التنظر إلي شزرا‪ ..‬خلي نظرك بعيد‪ ..‬كل جزرا‪..‬‬

‫ك ّلم��ا رأي��ت س��وري أو س��وريّة أرتم��ي عل��ى صدر‬ ‫المس��افاتْ‪ ..‬ال أري��د أن أع��رف أن كان معارضة أو‬ ‫ْ‬ ‫أحضان‬ ‫م��واالة‪ . .‬رائحة الظل��مْ والدّمْ ال ص��در وال‬ ‫وال دموع وال مس��افاتْ لها‪ْ . .‬‬ ‫القاتل‪ ..‬اخترع السجون‬ ‫ليقتل فيها المس��افاتْ التي نرتمي فيها في حرّية‬ ‫التعبي��ر عن هويتن��ا وأفراحنا وحضارتن��ا وثقافاتنا‬ ‫المتوارث��ة والالحق ْة والحاليّ�� ْة‪ . .‬والطائفيّة تخترع‬ ‫ممنوعات تح ّلل وتحرّمْ المسافاتْ‪.‬‬ ‫الس��وري حضن السّ��وري‪ ..‬ف��ي هذا الصّب��اح أقول‪..‬‬ ‫إنن��ي ل��م أتخيّ��ل أن يجرؤ س��وري عل��ى محاولة قتل‬ ‫س��وريا‪ .‬ال يضرّ المعارضة الس��ورية أنها كانت فاشل ْة‬ ‫وأحيان��ًا متواضعة ف��ي األداء‪ ..‬ال أحد يص��ل إلى قامة‬ ‫س��وريا‪ ..‬ال أحد يصل إلى قامة الش��عب السّوري الذي‬ ‫يعمّر المس��افاتْ وعمّرها بالعمل واألفراحْ‪ ..‬واألحزان‬ ‫واألمل الحقًا‪ .‬ال أحد‪ ..‬ال أحد‪ ..‬هذا مُحال‪ ..‬هذا حلم‪..‬‬ ‫س��وريا دولة مدنيّة ال عسكرية وال دينية تتح ّقق فيها‬ ‫المواطنة المتساوية والعدال ْة هي ْ‬ ‫األمل‪ .‬اهلل للجميع‪..‬‬ ‫كما سوريا‪ّ ..‬‬ ‫كل عام وأنتِ بخير‪ ..‬سوريّا أثقُ بكِ‪.‬‬ ‫هاال محمد‬

‫حال �سئ �أو�صلنا �إليه الأ�سد؟!‬ ‫�أي ٍ‬

‫ العل��ويّ ممن هو ض��د النظام‪ ..‬يس��ارع عند ّ‬‫كل‬ ‫فيديو طائفيّ لتبرئة نفس��ه وكأن��ه ملزم أو متّهم‬ ‫بأن أمّه ولدته علويًا‪ ،‬فال يصدقه اآلخرون‪ ،‬وال يرحمه‬ ‫من تبقى من الطائفة الذين يتهمونه بالخيانة!!‬ ‫ المسيحيّ يناضل لنشر فيديوهات تدمير الكنائس‬‫واستش��هاد العديد من المس��يحيين وتوضيح الدور‬ ‫اإلغاث��ي الكبير لمس��يحيي س��وريا‪ ..‬فق��ط ليقول‬ ‫للجميع بأن النظام ال يفرق بين طائفة وأخرى!!‬ ‫ ال��درزيّ يقس��م بأن��ه ال عالقة لل��دروز باختطاف‬‫شباب من درعا‪ ،‬وكأنه متهم بخطفهم في حال كان‬ ‫ٍ‬ ‫الخاطف درزيًا!!‬ ‫ الش��يعيّ يحل��ف بأنه زيديّ ال إثنى عش��ريّ وهو‬‫ضدّ نصر اهلل والخامنائي وسياسة إيران في سوريا‪..‬‬ ‫ اإلس��ماعيليّ األوفر حظًا من بينك ّ‬‫كل أولئك‪ ،‬ألن‬ ‫معتقلي مصياف وس��لمية كان��وا أكثر عدداً‪ ..‬وعمل‬ ‫شبابهم على توثيق ذلك ّ‬ ‫بكل إجتهاد‪.‬‬ ‫ المرشديّ أيضًا هو مستثنى «قلي ًال» من الحسابات‬‫الماضية لما لعبه المرشديون من دور إغاثيّ كبير‪،‬‬ ‫ولكن هذا ال ينفي وقوعهم في ورطةٍ في أي لحظة‬ ‫يش��بّح فيها مرش��ديّ ما ويتم التسويق لهذا األمر‬ ‫بخبث من قبل النظام‪.‬‬ ‫ الكرديّ عليه أن يحلف بكل المقدس��ات أنه ليس‬‫إنفصاليًا وال يؤمن بمش��روع تقس��يم سوريا‪ ،‬ورغم‬ ‫ذلك لن يصدقوه لمجرد أن أمّه ولدته كرديًا!!‬ ‫ والس��نيّ هو الضحية األكبر في هذه اللعبة‪ ،‬الذي‬‫يرى نفس��ه محاصراً من الجمي��ع‪ ،‬ويفقد اليوم تلو‬ ‫اآلخ��ر المزيد من أهل��ه وأصدقائه في اس��تهدافٍ‬ ‫واضح من النظام له لتكتمل اللعبة‪.‬‬ ‫ والعلمان��يّ عليه أن يش��رح مفص ًال ف��ي ّ‬‫كل مرةٍ‬ ‫أن��ه ليس كافراً وليس ضدّ اهلل واألديان‪ ،‬ولكن هذا‬ ‫توجهه السياسيّ الذي يقتنع به‪.‬‬ ‫ متى سينتهي هذا التقييم الخاطئ يا اهلل؟؟‬‫ متى نعل��م أن ال ذنب المرئ في الطائفة التي ولد‬‫فيها فحُسبت عليه؟‬ ‫ مت��ى س��يصبح التقييم‪ :‬أن��ت مع حرية الش��عب‬‫السوري ‪ -‬أنت ضد حرية الشعب السوري؟‬ ‫ متى سيكفّ ابن األقليات عم تمنّي استشهاد أحد‬‫أبناء طائفته ليصرخ باس��مه عالي��ًا‪ :‬نحن مع الثورة‪،‬‬ ‫ونحن سوريون‪.‬‬ ‫تح��ل علينا الرّحم��ة من ّ‬ ‫ مت��ى ّ‬‫كل تل��ك القوالب‬ ‫الفكريّة القاتلة‪.‬‬ ‫عروة األحمد‬


‫�ساحة �شهدائنا ‪� -‬ساحة املرجة‬ ‫بالل سالمة‬

‫جامع يبلغا‬ ‫في عام ‪1347‬م أمر والي الشام األمير‬ ‫المملوكي سيف الدين يلبغا ببناء جامع كبير‬ ‫في ساحة المرجة هو جامع يلبغا وذلك على‬ ‫الهضبة الش��مالية (وهي عبارة عن تل كان‬ ‫يشنق عليه المجرمون حينها)‪.‬‬ ‫ظل جامع يلبغا قائمًا حتى السبعينيات‬ ‫م��ن الق��رن العش��رين‪ ،‬عندما ادع��ت دائرة‬ ‫األش��غال الس��ورية أن جدران��ه متصدع��ة‬ ‫وعمل��ت على إزالته كلي��ًا ليحل محله مجمع‬ ‫ضخم يحمل نفس االسم‪.‬‬ ‫وعندما أراد الباب العالي في األس��تانة‬ ‫أن يدخ��ل التعليم إلى م��دارس العثمانيين‬ ‫أحدث في دمشق عدة مدارس منها المدرسة‬ ‫اإلعدادية العسكرية في جامع تنكز ومكتب‬ ‫الصنائع ف��ي جامع البطيخ (يلبغا)‪ ،‬والمكتب‬ ‫الرشدي العسكري في جامع يلبغا‪.‬‬

‫لآلس��ف إلى الي��وم وبعد م��ا يزيد عن‬ ‫األربعي��ن عامًا‪ ،‬لم يكتم��ل بناء مجمع يلبغا‬ ‫ويعود السبب في ذلك حسب زعم القائمين‬ ‫عل��ى أعمال البناء إلى عدم اس��تواء األرض‬ ‫وصعوب��ة امتص��اص المي��اه المتدفقة في‬ ‫أساس��ات الجامع من األنه��ر المحيطة به‪ ،‬و‬ ‫مازال��ت بعض زخارف المجمع محفوظة في‬ ‫المتح��ف الوطني بدمش��ق‪ .‬كم��ا كان يضم‬ ‫مكتبة عظيمة نقلت محتوياتها إلى المكتبة‬ ‫الظاهرية والمتحف التاريخي‪.‬‬ ‫م��ر هذا المجمع بع��دة مراحل متنوعة‬ ‫نذكر منها أنه كان منصة لش��نق الخارجين‬ ‫عن القانون في العهـد المملوكي‪ ،‬ثم مقرَّاً‬ ‫لجامع يلبغا‪ ،‬ثم مركزاً لش��يخ اإلس�لام ابن‬ ‫تيمي��ة‪ ،‬وبعدها مق��راً لتجمّ��ع المتطوعين‬ ‫لقت��ال التتار ليصبح معم ًال للبس��كويت في‬ ‫عهد ابراهيم باشا‪ ،‬ثم المدرسة السلطانية‬ ‫الثانية في عهد الش��ريف فيصل‪ ،‬ثم هُدِّم‬ ‫أول الس��بعينيات ليطل��ق مكان��ه مش��روع‬ ‫(مجمع ديني وجامع يلبغا) ثم (مجمع تجاري‬ ‫وجامع يلبغا) ثم مجمع وجامع الشهيد باسل‬ ‫األس��د‪ ،‬ثم اختفت اللوحة التي كانت تش��ير‬ ‫إلى اس��مه لتنتص��ب لوحات إعالني��ة كبيرة‬ ‫تابعة لشركة الخليوي (سيرياتيل)‪.‬‬

‫الن�صب التذكاري لالت�صاالت‬ ‫أقي��م ع��ام ‪ 1907‬النص��ب الت��ذكاري‬ ‫البرونزي الفخم لالتصاالت في وسط ساحة‬ ‫المرجة‪ ،‬ويتألف من‬ ‫عمود برونزي ضخ��م وبه أربع لوحات‬ ‫رخامي��ة مكتوبة بالخط النس��خي على أربع‬ ‫جه��ات القاعدة المربع��ة الحاملة للنصب ما‬ ‫نصه��ا‪( :‬أمي��ر المؤمنين خليفة رس��ول رب‬ ‫العالمي��ن ش��وكتلو مهاتبلو الس��لطان ابن‬ ‫الس��لطان الغ��ازي عب��د الحميد خ��ان ثاني‬ ‫افن��د مزحض��ر نلرنيك حجاز خط��ة مباركة‬ ‫س��نة تمدي��د ام��ر وفرم��ان بي��ور دفل��ري‬ ‫تلغ��راف خطن��ك خاطرة فاخره س��يد) وهي‬ ‫عبارات باللغة التركية تمجد أمير المؤمنين‬ ‫الس��لطان الغازي عب��د الحميد خ��ان الثاني‬ ‫وذلك بمناس��بة مد الخ��ط البرقي لالتصال‬

‫بي��ن دمش��ق والمدين��ة المن��ورة ف��ي عهد‬ ‫الوالي العثماني المصلح حسين ناظم باشا‪.‬‬ ‫ق��ام بتصميمه الفن��ان اإليطالي (الس��نيور‬ ‫دارونكو باش��ا)‪ .‬بعد ث��ورة االتحاديين على‬ ‫الس��لطان عبد الحميد الثاني‪ ،‬حاولوا طمس‬ ‫ه��ذه التواري��خ المنقوش��ة كيال يُ��رى فيها‬ ‫اسم السلطان لكنهم لم يفلحوا في ذلك‪.‬‬ ‫يعل��و القاع��دة حام��ل العم��ود وعليها‬ ‫نقش لشعار الدولة العثمانية العلية (الهالل‬ ‫والنجم��ة بداخله)‪ ،‬ومتوج بمجس��م ألصغر‬ ‫جامع في العالم‪ ،‬وهو جامع (الس��راي يلدز)‬ ‫ف��ي اس��تانبول والخ��اص بالس��لطان عب��د‬ ‫الحميد الثاني‪.‬‬ ‫تلت��ف ح��ول العم��ود أس�لاك رم��زاً‬ ‫لالتصال البرقي بين دمش��ق وبين المدينة‬ ‫المن��ورة ودعم��ًا لعمليات مد س��كك الحديد‬ ‫للخط الحديدي الحجازي‪ .‬وتم تزويد جهاته‬ ‫األربع��ة بنوافير مياه للش��رب تم جرها من‬ ‫عين الفيجة‪.‬‬

‫الرتامواي والأتوموبيل‬ ‫والبو�سطة‬ ‫في أواخر العهد العثماني كانت س��احة‬ ‫المرج��ة مقراً لعرب��ات التنق��ل التي تجرها‬ ‫الخي��ول والت��ي كان��ت تق��ف ف��ي الجان��ب‬ ‫الش��رقي وه��ي مع��دة لنق��ل الن��اس بين‬ ‫األحياء‪ .‬وفيما بعد تحولت المرجة إلي مكان‬ ‫النط�لاق حافالت النقل الجماعي إلي المدن‬ ‫السورية وإلى حارات دمشق وريفها‪.‬‬ ‫دخ��ل التراموي (الحافل��ة الكهربائية)‬ ‫إل��ى س��احة المرجة ف��ي ع��ام ‪1907‬م ثم‬ ‫دخل��ت الس��يارة إليه��ا عقب انته��اء الحرب‬ ‫العالمية األولى ‪1918‬م‪ ،‬وكان الدمشقيون‬ ‫يس��مونها أتوموبي��ل‪ ،‬إلى جانب س��يارات‬ ‫األج��رة الكبيرة الت��ي كانت تؤمن الس��فر‬ ‫إل��ي خ��ارج المدين��ة وكانت تس��مى حينها‬ ‫البوس��طة‪ ،‬وس��يارات القاطرة والمقطورة‬ ‫للنق��ل عبر الصحراء (ش��ركة ني��رن)‪ .‬كما‬ ‫انتش��رت حاف�لات النق��ل الداخل��ي ضمن‬ ‫المدينة التي بدأت بالسير منذ نهاية الحرب‬

‫العالمية الثانية سنة ‪1945‬م‪.‬‬ ‫ف��ي خمس��ينيات الق��رن العش��رين‬ ‫أصبحت المرجة المكان الرئيس��ي النطالق‬ ‫حاف�لات الس��فر الجماعي إلى باق��ي المدن‬ ‫الس��ورية‪ ،‬ف��كان الس��وريون القادمون إلى‬ ‫العاصمة دمشق يحطون رحالهم في ساحة‬ ‫المرج��ة قب��ل انتقالهم إل��ى وجهتهم داخل‬ ‫المدين��ة‪ .‬وق��د انته��ي دور المرجة بش��كل‬ ‫نهائي كمرآب رئيس��ي مع س��بعينات القرن‬ ‫الماض��ي عندم��ا تأسس��ت مراك��ز انطالق‬ ‫حديثة في مناطق أخرى من المدينة‪.‬‬

‫مقاهي �ساحة املرجة وفنادقها‬ ‫ودور ال�سينما واملباين احلكومية‬ ‫أما عن فنادق الساحة وأبنيتها القديمة‬ ‫ومقاهيها‪ ،‬فقد بُدئ بتأسيس فنادق دمشق‬ ‫الحديثة فيها منذ أوائل القرن الماضي وذلك‬ ‫بعد انته��اء دور الخان��ات المعروفة كأماكن‬ ‫لنوم زوار دمش��ق‪ .‬كما عرف��ت المرجة أول‬ ‫دور السينما في دمشق ومنها سينما (زهرة‬ ‫دمشق) عام ‪ 1918‬التي أغلقت عام ‪،1928‬‬ ‫وسينما (اإلصالح خانة) عام ‪ ،1921‬وسينما‬ ‫(الكوزموغراف)‪ ،‬وسينما (غازي) و(سنترال)‬ ‫و(ف��اروق) و(النصر)‪ ،‬كما ش��هدت تأس��يس‬ ‫ع��دة مس��ارح منها مس��رح (زهرة دمش��ق)‬ ‫و(مس��رح القوتلي) الذي تأسس في بدايات‬ ‫القرن العشرين وانتهي بحريق عام ‪.1928‬‬ ‫كذلك انتش��رت المقاهي في الس��احة ومن‬ ‫أقدمها (مقه��ي ديمتري) و(مقه��ي الكمال)‬ ‫و(علي باشا) و(الورد)‪.‬‬ ‫في عهد الس��لطان عبد الحميد أقيمت‬ ‫ف��ي المرج��ة مب��ان حكومي��ة عدي��دة وفق‬ ‫أس��اليب العم��ارة األوربية الحديث��ة‪ ،‬ومنها‬ ‫مق��ر دار الحكوم��ة ودائ��رة البلدي��ة وإدارة‬ ‫الترام��واي وإدارة البري��د ودائ��رة العدلي��ة‬ ‫والثكن��ة الحميدي��ة ومس��تودع الذخائ��ر‬ ‫الحربية جبخانة ودائرة األمالك الس��لطانية‬ ‫ودائرة البريد والبرق وثكنة التلغراف ومبني‬ ‫العابد الذي ما زال قائمًا إلى اليوم‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ف��ي ع��ام ‪1317‬م بن��ى نائب الش��ام‬ ‫األمير سيف الدين تنكز جامعًا على الهضبة‬ ‫الجنوبي��ة المس��ماة س��ابقًا بحكر الس��ماق‬ ‫(ش��ارع النصر حالياً) والمطلة على الجزيرة‬ ‫الخض��راء وس��مي بجام��ع تنكز‪ ،‬ث��م تحول‬ ‫الجام��ع ف��ي عهد ابراهيم باش��ا ب��ن محمد‬ ‫عل��ى باش��ا والي مص��ر إلى مدرس��ة لصف‬ ‫الضباط وذلك إب��ان الحكم العثماني ‪1832‬‬ ‫ـ ‪1840‬م‪.‬‬ ‫أثن��اء االحت�لال الفرنس��ي اس��تغل‬ ‫الفرنسيون هذا الجامع وحولوه إلى مدرسة‬ ‫عس��كرية في نصفه الجنوبي المطل على‬ ‫ش��ارع النصر‪ .‬بينما ش��غل نصفه الشمالي‬ ‫المطل على ساحة المرجة مدرسة (الجمعية‬ ‫الغ��راء) الت��ي تأسس��ت ع��ام ‪1924‬م وبها‬ ‫معهد العلوم الش��رعية الذي تخرج منه عدد‬ ‫كبير من العلماء‪.‬‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫جامع تنكز‬

‫ساحة المرجة ‪1887‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫زيّن��وا المرج��ة والمرج��ة لين��ا‬ ‫ش��ـــامنا فرج��ة وه��ي مزين��ة‬ ‫س��احة المرج��ة‪ ،‬أول س��احة عام��ة‬ ‫تش��يد في دمش��ق في القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫ورمزه��ا القومي الذي ش��هد أفظ��ع جريمة‬ ‫ترتكب بحق نخبة من رجاالت العلم والفكر‬ ‫والسياسة في س��وريا في السادس من أيار‬ ‫‪ 1916‬عل��ى يد جمال باش��ا الس��فاح لتعرف‬ ‫باسمها (ساحة الشهداء)‪.‬‬ ‫ش��هدت هذه الساحة الكثير من أحداث‬ ‫سوريا التاريخية المهمة ومنها إعدام أبطال‬ ‫الثورة الس��ورية الكبرى ‪ ،1925‬الذين كانت‬ ‫ق��وات الفرنس��يين تلقي بجثثه��م في هذه‬ ‫الساحة بغية نشر الرعب في نفوس الناس‪.‬‬ ‫كان��ت ه��ذه المنطقة عب��ارة عن مرج‬ ‫أخض��ر يمت��د من م��رج ن��ور الدي��ن زنكي‬ ‫األتابكي مكان معرض دمشق الدولي سابقًا‬ ‫إلى ساحة المرجة حالياً‪ ،‬كان يمر بهذا المرج‬ ‫نهر بردى ونهر العقرباني المتفرع عن نهر‬ ‫ب��ردى‪ .‬كم��ا كان ي��وازي نهر بردى ش��ما ًال‬ ‫فرع من نه��ر تورا‪ ،‬ويم��ر بطرفها الجنوبي‬ ‫نه��ر باني��اس‪ ،‬و لذل��ك أطل��ق عليها اس��م‬ ‫(الجزيرة الخضراء)‪ .‬وكانت ممتلئة باألشجار‬ ‫والم��روج‪ ،‬كم��ا كان فيه��ا عدة ينابي��ع مياه‬ ‫تصب في نهر بردى أيضاً‪ ،‬وكان الصباغون‬ ‫يغس��لون عليها األقمشة وينش��رونها على‬ ‫العشب األخضر‪ ،‬وهذا سبب تسميتها باسم‬ ‫(المرجة) أو (بين النهرين)‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫حبر ناشف‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫االنقــــالبات الع�ســــكرية‬ ‫فـي �سوريا (‪)1‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫الي��وم أح��ل ضيف��ًا عل��ى زاوي��ة "حب��ر‬ ‫ناشف"‪ ،‬بعد أن دأبت على جمع المادة العلمية‬ ‫وتوثيقه��ا لصفح��ة "وج��وه من وطن��ي" منذ‬ ‫األع��داد األولى لس��وريتنا‪ ،‬ولطالم��ا ثار ٌ‬ ‫جدل‬ ‫بي��ن مح��رري الع��دد ح��ول ش��خصياتٍ يتم‬ ‫اختياره��ا للزاوي��ة المذك��ورة‪ ،‬كونه��ا زاوية‬ ‫تكريمي��ة لذا ال يج��وز إدراج ق��ادة االنقالبات‬ ‫فيه��ا‪ ،‬مع بال��غ أثرهم ف��ي التاريخ الس��وري‬ ‫الحديث س��لبًا أو إيجابًا‪ ،‬م��ع العلم بأن الزميل‬ ‫جواد أب��و المنى ق��د أنجز ملف��ًا مختصراً من‬ ‫جزئي��ن ع��ن مرحل��ة االنقالبات ف��ي األعداد‬ ‫الس��ابقة‪ ،‬لك��ن ارتأت أس��رة التحري��ر إدراج‬ ‫االنقالبيين في سلس��لةٍ من المقاالت‪ ،‬ضمن‬ ‫زاوي��ة "حبر ناش��ف"‪ ،‬بحيث يتم تن��اول هذه‬ ‫الشخصيات بالتفصيل‪.‬‬ ‫بقيت س��وريا وس��تبقى م��رآ ًة للمصالح‬ ‫المتنافسة على المستوى الدولي‪ ،‬مما يجعلها‬ ‫جدي��ر ًة بعناية خاص��ة‪ ،‬والحقيقة أن ش��ؤون‬ ‫س��وريا الداخلية تب��دو وكأنها فاق��دة المعنى‬ ‫تقريب��ًا مالم تعز إلى القرينة األوس��ع‪ ،‬وهي‬ ‫جاراته��ا العربي��ات أو ًال‪ ،‬والق��وى األخرى ذات‬ ‫المصال��ح ثانياً‪ ،‬وليس من قبي��ل الصدفة أن‬ ‫تعكس سوريا في تركيبها السياسي الداخلي‬ ‫منافس��ات جيرانها وخصوماته��م‪ ،‬والذين لم‬ ‫يتورعوا عن دعم العس��كر دائم��اً‪ ،‬مما أصاب‬ ‫الديمقراطي��ة الس��ورية بنكس��اتٍ ش��ديدة‪،‬‬ ‫توجت بانعدامها عام ‪.1970‬‬ ‫فف��ي منتص��ف الق��رن الماض��ي‪ ،‬حيث‬ ‫اجتاح��ت الوطن العربي سلس��لة ت��كاد تكون‬ ‫ش��به منظمة من انقالبات عس��كرية‪ ،‬غيرت‬ ‫مجري��ات الش��كل السياس��ي لبع��ض الدول‪.‬‬ ‫وكان��ت انطالقته��ا تحدي��دا في س��وريا عام‬ ‫‪ 1949‬ثم مص��ر عام ‪ 1952‬ثم العراق ‪1958‬‬ ‫وف��ي اليم��ن ‪ 1962‬وف��ي ليبي��ا ع��ام ‪،1969‬‬ ‫و ب��رزت خ�لال ه��ذه المرحل��ة قيادات ش��ابة‬ ‫متح��درة من الطبقات المتوس��طة أو الريفية‬ ‫اس��تولت على الس��لطة‪ ،‬محدثة بذلك انقالبًا‬ ‫على النظ��ام القائم‪ .‬س��واء كان ملكيًا كحالة‬ ‫مص��ر والع��راق‪ ،‬أو برلماني��ًا ديمقراطياً في‬ ‫الحالة السورية‬ ‫واالنقالب العس��كري كما ي��راه البعض‬ ‫ه��و من ج��راء توس��يع الق��ادة الش��بابية في‬ ‫الجيش‪ ،‬بيد أن الخبير في المجال العس��كري‬ ‫"ف��راد ريغ��ز"‪ ،‬ال يش��اطر القائلي��ن بظاهرة‬ ‫االنقالب العس��كري‪ .‬فهو ال يعتقد أن العسكر‬ ‫بطبيع��ة تكوينهم وواج��ب الخضوع عندهم‪،‬‬ ‫نجده��م متعجرفي��ن ومدفوعي��ن بالطم��وح‬ ‫ليس��تولوا عل��ي الس��لطة ويطردوا الس��لطة‬ ‫المدني��ة‪ .‬نراه يرف��ض هذه الفكرة ويش��رح‬ ‫موقفه ه��ذا بقوله‪ :‬حس��ب رأي��ي‪ ،‬اعتقد أن‬ ‫رؤية األشياء بهذا الشكل هي رؤية تبسيطية‬ ‫وتخف��ي الدينامي��ة المؤسس��اتية لالنق�لاب‬ ‫العس��كري‪ .‬بداي��ة‪ ،‬ليس الجيش كمؤسس��ة‬ ‫ه��و ال��ذي يس��تولي عل��ي الس��لطة‪ .‬ذلك أن‬ ‫االنقالب��ات العس��كرية تنظمه��ا مجموع��ات‬ ‫صغي��رة م��ن أع��وان الدول��ة‪ ،‬بضع��ة ضباط‬ ‫فق��ط‪ .‬وبع��ض أعض��اء ه��ذه المجموع��ات‬ ‫يعبئون في س��بيل االنقالب العسكري وحدات‬ ‫تق��ع تحت إمرته��م‪ ،‬ولكن في أغل��ب األحيان‬ ‫يرف��ض ذل��ك الضب��اط اآلخ��رون‪ .‬ويتع��اون‬ ‫بعض م��ن الموظفين المدنيي��ن مع الضباط‬

‫بهدف االستيالء علي السلطة ويشتركون في‬ ‫إدارة البالد عندما ينجح االنقالب‪.‬‬ ‫والمتصف��ح لتاريخ س��وريا الحديث منذ‬ ‫استقاللها وحتي اليوم يروعه كثرة االنقالبات‬ ‫العس��كرية والتصفي��ات بي��ن كب��ار الضباط‬ ‫وبالذات بين العناصر الوطنية الشريفة‪ .‬ولقد‬ ‫بلغ ع��دد هذه االنقالبات الظاهرة التي وقعت‬ ‫في س��وريا وتغيرت أنظمة وأشخاص الحكم‬ ‫نتيجة لها إحدى عشر انقالباً على التوالي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬انقالب حس��ني الزعيم الذي ‪ 30‬آذار‬ ‫سنة ‪.1949‬‬ ‫‪ - 2‬انق�لاب س��امي الحن��اوي في ‪14‬آب‬ ‫سنة ‪.1949‬‬ ‫‪ - 3‬انق�لاب أديب الشيش��كلي األول في‬ ‫‪ 19‬كانون األول سنة ‪.1949‬‬ ‫‪ - 4‬انقالب أديب الشيش��كلي الثاني ‪29‬‬ ‫تشرين الثاني سنة ‪.1951‬‬ ‫‪ - 5‬االنق�لاب ض��د أدي��ب الشيش��كلي‬ ‫في‪ 25‬شباط سنة ‪.1954‬‬ ‫‪ - 6‬انقالب الثامن والعش��رين من أيلول‬ ‫عام ‪" 1961‬االنفصال"‪.‬‬ ‫‪ - 7‬انقالب ‪ 28‬آذار عام ‪.1962‬‬ ‫‪ - 8‬انق�لاب ‪ 8‬أذار عام ‪ 1963‬وجاء على‬ ‫أث��ره نظام الحك��م التركيبة ال��ذي ضم حزب‬ ‫البعث والحريري والناصريين‪.‬‬ ‫‪ - 9‬انقالب ‪ 23‬ش��باط ع��ام ‪ 1966‬الذي‬ ‫أبدل أشخاصًا وفئات بغيرها ضمن إطار حزب‬ ‫البعث‪.‬‬ ‫‪ - 10‬محاولة انقالب ‪ 8‬أيلول عام ‪1966‬‬ ‫الفاش��لة والت��ي كان م��ن نتائجها إبع��اد فئة‬ ‫معينة ن حزب البعث‪ ،‬سليم حاطوم وأنصاره‪.‬‬ ‫‪ - 11‬انقالب "حافظ األسد" عام ‪.1970‬‬

‫انقالب ح�سني الزعيم‬ ‫هو حسني ابن الشيخ رضا بن محمد بن‬ ‫يوس��ف الزعيم‪ .‬ولد في حلب عام ‪ ،1897‬كان‬ ‫والده مفتياً في الجيش العثماني‪ ،‬وكان فاض ًال‬ ‫م��ن رج��ال العلم‪ ،‬استش��هد في هج��وم على‬ ‫قناة السويس في الحرب العالمية األولى سنة‬ ‫‪ .1915‬أما والدته فكردية‪ ،‬وله شقيقان‪ :‬األول‬ ‫الشيخ صالح الزعيم والثاني بشير الزعيم‪.‬‬ ‫درس حس��ني الزعي��م ف��ي المدرس��ة‬ ‫الحربي��ة األس��تانة‪ ،‬وقب��ل أن يت��م دراس��ته‬ ‫جُع��ل من ضب��اط الجيش العثمان��ي‪ ،‬اعتقله‬ ‫البريطاني��ون ف��ي الح��رب العالمي��ة األول��ى‪.‬‬ ‫ثم تط��وع في الجي��ش الفيصل��ي الذي دخل‬ ‫دمشق وحارب العثمانيين‪ ،‬وفي عهد االنتداب‬ ‫الفرنس��ي تط��وع ف��ي الجي��ش الفرنس��ي‪،‬‬ ‫وتاب��ع علوم��ه العس��كرية ف��ي باري��س‪ .‬بعد‬ ‫وصول قوات فيش��ي إلى س��ورية انقلب على‬ ‫الديغوليي��ن‪ ،‬وحارب ضدهم‪ ،‬وفي عام ‪1941‬‬ ‫اعتقله الديغوليون‪ ،‬وأُرس��ل إلى سجن الرمل‬ ‫ف��ي بي��روت حت��ى ‪ 17‬آب ‪ ،1943‬حي��ث أُفرج‬ ‫عنه‪ ،‬وسُ��رح من الجيش وهو برتبة كولونيل‬ ‫(عقيد)‬ ‫من��ذ ع��ام ‪ 1945‬ظ��ل يت��ردد عل��ى‬ ‫السياس��يين وأعض��اء مجلس الن��واب إلعادته‬

‫حسني الزعيم‬

‫إل��ى الجي��ش‪ ،‬فتع��رف عل��ى رئي��س تحري��ر‬ ‫صحيف��ة "ألف باء" نذير فنصة‪ ،‬الذي توس��ط‬ ‫له وأعاده إلى الجيش‪ ،‬فعين رئيس��ًا للمحكمة‬ ‫العسكرية في دير الزور‪ ،‬ثم انتقل إلى دمشق‬ ‫مديراً لق��وى األمن‪ .‬وفي أيل��ول ‪ 1948‬أصدر‬ ‫رئي��س الجمهورية مرس��ومًا بتعيي��ن الزعيم‬ ‫قائداً للجيش بعد ترفيعه إلى رتبة زعيم‪.‬‬ ‫يعتب��ر حس��ني الزعي��م‪ ،‬صاح��ب أول‬ ‫انقالب عس��كري في تاريخ س��ورية المعاصر‪،‬‬ ‫فف��ي ليلة ‪ 30‬آذار ‪ 1949‬ق��ام بانقالبه متفقًا‬ ‫مع بعض الضباط‪ ،‬فاعتقل رئيس الجمهورية‬ ‫ش��كري القوتل��ي‪ ،‬ورئي��س وزرائ��ه وبع��ض‬ ‫رجال��ه‪ ،‬وح��ل البرلم��ان‪ ،‬وقبض عل��ى زمام‬ ‫الدولة وتلقب بالمش��ير‪ .‬وأ ّلف وزارة‪ ،‬ودعا إلى‬ ‫انتخاب��ه رئيس��اً للجمهوري��ة‪ ،‬فانتخبه الناس‬ ‫خوفًا في ‪ 26‬حزيران ‪.1949‬‬ ‫بع��د كارث��ة الح��رب و إقام��ة الكي��ان‬ ‫الصهيون��ي عام ‪ 1948‬اس��تقال وزي��ر الدفاع‬ ‫أحمد الش��رباتي وتبعته استقالة قائد الجيش‬ ‫الجنرال عبداهلل عطفة ثم س��قطت الحكومة‬ ‫كله��ا الت��ي كان يرأس��ها جميل م��ردم بعد أن‬ ‫وضعتها التظاهرات الشعبية والصحافة الحرة‬ ‫في قفص اإلتهام‬ ‫كانت المخابرات المركزية األمريكية قد‬ ‫اتصل��ت بالزعيم وأقنعته بضرورة االس��تيالء‬ ‫عل��ى الس��لطة بواس��طة الملحق العس��كري‬ ‫في الس��فارة األمريكية "مايلز كوبالند" الذي‬ ‫اعت��رف بصراح��ة بصن��ع ه��ذا االنق�لاب في‬ ‫كتابه لعبة األمم ‪ -‬اس��تيقظ س��كان دمش��ق‬ ‫صبيحة ‪ 30‬آذار ‪ 1949‬على صوت الموس��يقى‬ ‫العس��كرية من اإلذاعة والبيانات المعتادة ضد‬ ‫الفساد والمتآمرين على الوطن وقيام الجيش‬ ‫بواجبة لحماية الوطن والشعب‪..‬‬ ‫دفع حس��ني الزعيم ثمن��ًا للدول الكبرى‬ ‫العترافه��ا ب��ه‪ ،‬اتفاقياتٍ تخوله��ا إقامة نفوذ‬ ‫ومصال��ح لها في س��ورية‪ ،‬فف��ي ‪ 30‬حزيران‬ ‫سُمح لش��ركة التابالين األمريكية أن تمارس‬ ‫عملها‪ ،‬وأن تنش��ئ المطارات وس��كك الحديد‬ ‫وأن تش��تري البضائع وتقيم المنشآت المعفاة‬ ‫من الرس��وم والضرائب مقابل حصول سوريا‬ ‫على مبلغ ‪20‬ألف إسترليني سنويًا‪.‬‬

‫كم��ا ص��ادق عل��ى االتف��اق الموق��ع‬ ‫بي��ن س��وريا وش��ركة المصاف��ي المح��دودة‬ ‫البريطاني��ة‪ ،‬بش��أن المص��ب ف��ي باني��اس‬ ‫لتصدير البت��رول العراقي‪ ،‬ونص��ت االتفاقية‬ ‫حص��ول الش��ركة على امتي��از لمدة س��بعين‬ ‫عاما إلنش��اء وصيانة مصف��اة أو مصافي في‬ ‫األراض��ي الس��ورية‪ ،‬على أن ت��ؤول ممتلكات‬ ‫الش��ركة في س��ورية إلى الحكومة الس��ورية‬ ‫بعد أن تنتهي م��دة االمتياز‪ ،‬وتتعهد الحكومة‬ ‫الس��ورية لقاء العائ��دات بإعفاء الش��ركة من‬ ‫الضرائب والرسوم وعدم انتزاع األراضي التي‬ ‫تمتلكها طول مدة االمتي��از‪ .‬وتتعهد الحكومة‬ ‫بإعطاء الشركة أفضلية في الموانئ السورية‬ ‫كم��ا له��ا الحق ف��ي إنش��اء وصيانة مين��اء أو‬ ‫موان��ئ في س��ورية ألغراض المش��روع‪ ،‬وأن‬ ‫تضع عوامات لربط الس��فن وتنش��ئ إشارات‬ ‫وأضواء على الش��اطئ وحواج��ز لصد األمواج‪.‬‬ ‫ولها حق إنش��اء الس��كك الحديدي��ة‪ ،‬والطرق‬ ‫البرية وإنشاء وصيانة شبكات هاتفية وبرقية‬ ‫والسلكية‬ ‫وتتعهد الحكومة بمنح موظفي الشركات‬ ‫األجانب تسهيالت خاصة لتنقالتهم عبر مراكز‬ ‫الحدود‪ .‬وتحصل الحكومة على عائدات نسبية‬ ‫(‪ 6‬مليون جنيه عن ‪ 2‬مليون طن نفط األولى‪،‬‬ ‫و‪ 10‬ملي��ون عن ‪ 4‬مليون األول��ى و‪ 13‬مليون‬ ‫جنيه عن ‪ 6‬ماليين طن فما فوق)‪.‬‬ ‫كما صادق حسني الزعيم على االتفاقية‬ ‫بين الحكومة السورية وشركة خطوط أنابيب‬ ‫الش��رق األوس��ط المحدودة البريطانية‪ ،‬لنقل‬ ‫النف��ط العراقي عبر أنابيب مارة في س��ورية‬ ‫إل��ى البح��ر األبيض المتوس��ط‪ .‬وق��د حصلت‬ ‫هذه الش��ركة على امتياز لمدة س��بعين س��نة‬ ‫أيض��ًا لم��د وصيانة خ��ط أو خط��وط األنابيب‬ ‫م��ن الحدود الس��ورية ـ العراقية ش��رقًا وحتى‬ ‫البحر األبيض غربًا‪ .‬وتضمنت االتفاقية بنوداً‬ ‫مش��ابهة لبنود االتفاقية الموقعة مع ش��ركة‬ ‫المصافي المحدودة‪.‬‬ ‫وف��ي ‪ 7‬تم��وز ‪ 1949‬س��لم الزعي��م‬ ‫الحكوم��ة اللبناني��ة (أنط��ون س��عادة) زعي��م‬ ‫الح��زب القوم��ي الس��وري االجتماع��ي‪ ،‬الذي‬ ‫التجأ إليه وكان محكوم��ًا عليه باإلعدام‪ ،‬ليتم‬


‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫انقالب �سامي احلناوي‬ ‫الش��عب معظ��م المناص��ب الوزاري��ة الهامة‪،‬‬ ‫واش��ترك ميش��يل عفل��ق وأك��رم الحوران��ي‬ ‫في ه��ذه ال��وزارة اليميني��ة‪ .‬كممثلين لحزب‬ ‫البعث العرب��ي‪ ،‬والحزب العربي االش��تراكي‪.‬‬ ‫ولعل اش��تراكهما للفت األنظ��ار إلى حزبيهما‬ ‫الجديدين‪.‬‏‬ ‫ودل��ت االنتخاب��ات النيابي��ة "تش��رين‬ ‫الثاني ‪ "1949‬على ازدياد حزب الشعب نفوذاً‬ ‫وتراج��ع الحزب الوطن��ي‪ .‬ولم تح��ل األحزاب‬ ‫اليسارية الجديدة محله‪ ،‬بل ازداد عدد النواب‬ ‫المستقلين المؤيدين لفكرة الهالل الخصيب‪.‬‏‬ ‫وبعد انتخاب هاش��م األتاس��ي للرئاسة‬ ‫المؤقت��ة للدولة ف��ي ‪ 1949/12/14‬بالحقوق‬ ‫والصالحي��ات المنوط��ة برئي��س الجمهورية‬ ‫في دس��تور ‪ ،1928‬أثارت صيغة القسم الذي‬ ‫يتلوه مش��كلة ش��ائكة في المجلس النيابي‪،‬‬ ‫كانت مش��كلة مس��تقبل س��ورية‪ .‬وهل يجب‬ ‫أن تحاف��ظ عل��ى النظام الجمه��وري أم يفتح‬ ‫الطري��ق لالتح��اد مع الع��راق‪ .‬واقت��رح حذف‬ ‫التعه��د بالمحافظ��ة على النظ��ام الجمهوري‬ ‫وأن تتضم��ن العم��ل لتحقيق وح��دة األقطار‬ ‫العربية‪ .‬واصطدم التعديل بمعارضة شديدة‬ ‫ألن حزب الشعب لم يكن متفقاً على موضوع‬ ‫الهالل الخصيب واليقب��ل بالتضحية بالنظام‬ ‫الجمهوري والبس��ريان المعاه��دة البريطانية‬ ‫العراقية على س��ورية‪ .‬ويرى بعض أعضائه‬ ‫أن يقتص��ر االتح��اد م��ع الع��راق عل��ى اتحاد‬ ‫جمرك��ي وبرلم��ان فدرالي‪ .‬ونفى بش��دة أن‬ ‫يكون حزب الش��عب من أنصار الهاشميين‪ .‬إال‬ ‫أن المجل��س أقر الصيغ��ة المقترحة ولم يبق‬ ‫إال تالوتها من قبل الرئيس‪.‬‬ ‫استمرت الوزارة برئاسة هاشم األتاسي‬ ‫م��ن دون أن يحص��ل تبدي��ل بي��ن أعضائها‪،‬‬ ‫وكان من بين الموضوعات التي عالجتها‪:‬‬ ‫‪1‬ـ اس��تمرار العم��ل باألح��كام الصادرة‬ ‫في عهد حسني الزعيم‪ :‬فقد أعلنت الحكومة‬ ‫احترامه��ا لالتفاقي��ات المعق��ودة ف��ي عه��د‬ ‫الزعي��م وأبرزه��ا اتف��اق ش��ركة التابالي��ن‬ ‫لتمرير النفط الس��عودي عبر سورية‪ ،‬واتفاق‬ ‫ش��ركة أنابيب العراق لتمري��ر الزيت العراقي‬ ‫عب��ر س��ورية‪ ،‬واتفاقيات التصفية للمس��ائل‬ ‫المعلق��ة بي��ن س��ورية وفرنس��ا‪ ،‬ويأتي في‬ ‫مقدمتها االتفاق النق��دي‪ .‬اضطرت الحكومة‬ ‫التخ��اذ هذا الموقف بعد اتص��االت مع الوزراء‬ ‫المفوضين لكل من الواليات المتحدة وفرنسا‬ ‫وبريطاني��ا الذي��ن أك��دوا موق��ف حكوماتهم‬

‫بع��دم االعتراف باالنقالب الجديد ما لم يعتبر‬ ‫تلك االتفاقيات نافذة‪.‬‬ ‫‪2‬ـ تطهي��ر الجه��از الحكوم��ي‪ :‬فبع��د‬ ‫أس��بوع م��ن تولي حكوم��ة األتاس��ي مهامها‬ ‫تلق��ت مجموعة م��ن المراس��يم بعزل بعض‬ ‫الموظفين وإحالة البعض اآلخر على التقاعد‬ ‫موقعة من الزعيم س��امي الحن��اوي ومؤرخة‬ ‫بتاري��خ ‪ 13‬آب‪ .1949/‬وج��رت م��داوالت بين‬ ‫الحكوم��ة وصاحب االنق�لاب الحن��اوي‪ ،‬لكنه‬ ‫أصر عل��ى عزلهم ألن وزراء حزب الش��عب ال‬ ‫يميلون إليهم‪.‬‬ ‫‪3‬ـ انتخ��اب جمعي��ة تأسيس��ية لوض��ع‬ ‫دس��تور جديد للبالد‪ ،‬وهدف حزب الشعب من‬ ‫ذلك هو استبعاد عودة السيد شكري القوتلي‬ ‫الس��تالم منص��ب رئي��س الجمهوري��ة‪ ،‬لهذا‬ ‫أقرت الوزارة المراس��يم التي أصدرها حسني‬ ‫الزعيم ومن ضمنها مرس��وم قبول اس��تقالة‬ ‫القوتلي وحل مجلس النواب‪.‬‬ ‫نجحت حكومة حزب الشعب في الحقلين‬ ‫المالي واالقتصادي عندما أقر مجلس الوزراء‬ ‫الس��ماح بتصدي��ر القطن فارتفعت أس��عاره‪،‬‬ ‫وكذلك س��مح بتصدير كمية من الحنطة إلى‬ ‫الخارج فحققت أرباحًا تحولت نحو شراء كمية‬ ‫م��ن الذهب فازدادت نس��بة التغطية الذهبية‬ ‫للعملة السورية‪.‬‬ ‫وبعد النكسات التي أصابت جهود زعامة‬ ‫حزب الشعب إلقرار الصيغ الدستورية الكفيلة‬ ‫بإعالن االتحاد مع العراق‪ ،‬اتفق أقطاب الحزب‬ ‫مع اللواء "س��امي الحناوي" على قيام الجيش‬ ‫باعتب��اره الورقة األخيرة المتاحة في أيديهم‪،‬‬ ‫بالتح��رك لتحقي��ق ه��ذا اله��دف‪ ،‬وبتاري��خ‬ ‫‪ 16‬كان��ون األول‪ 1949 /‬وج��ه اللواء س��امي‬ ‫الحناوي دعوة إلى خمس��ة م��ن كبار الضباط‬ ‫لالجتماع به لمناقشة موضوع االتحاد السوري‬ ‫ـ العراقي‪ ،‬فشعر هؤالء بأن حضورهم يعني‬ ‫وضعهم تحت س��لطة قائ��د الجيش فيفرض‬ ‫عليه��م ما يري��د‪ ،‬فاتخ��ذوا التدابي��ر الالزمة‬ ‫العتقال��ه‪ ،‬وبالفع��ل اعتقل الحناوي وأس��عد‬ ‫طل��س وآخري��ن م��ن أنصارهم��ا‪ ،‬وكان هذا‬ ‫االنقالب الثالث بقيادة أديب الشيشكلي‪.‬‬ ‫سُ��جن الحناوي مدة ثم أُطلق س��راحه‪،‬‬ ‫فغ��ادر دمش��ق إلى بي��روت‪ ،‬وهن��اك ترصده‬ ‫محم��د أحم��د هرش��و الب��رازي فاغتال��ه‬ ‫بالرصاص في ‪ 30‬تشرين أول‪ 1950/‬انتقامًا‬ ‫لمحسن البرازي ونقل جثمانه من بيروت إلى‬ ‫دمشق فدفن فيها‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫هو محمد سامي حلمي الحناوي‪ ،‬ولد في‬ ‫مدينة إدلب س��نة ‪ 1898‬وتخرج من مدرس��ة‬ ‫دار المعلمي��ن بدمش��ق س��نة ‪ 1916‬ودخ��ل‬ ‫المدرس��ة العس��كرية ف��ي اس��طنبول فأقام‬ ‫س��نة‪ .‬خاض معارك قفقاسيا وفلسطين في‬ ‫الح��رب العالمية األول��ى‪ ،‬ثم دخل المدرس��ة‬ ‫الحربية بدمش��ق سنة ‪ 1918‬وتخرج بعد عام‬ ‫برتبة م�لازم ثان‪ ،‬وأُلحق بال��درك الثابت في‬ ‫سنجق االسكندرونة‪ ،‬وكان من قوات الجيش‬ ‫الس��وري في معركة فلس��طين س��نة ‪1948‬‬ ‫حيث رقي إلى رتبة عقيد‪.‬‬ ‫عندما ثار حس��ني الزعيم على ش��كري‬ ‫القوتل��ي وأبعده ع��ن الحكم‪ ،‬أب��رق الحناوي‬ ‫يؤيد االنقالب ويعلن والءه لحس��ني الزعيم‪،‬‬ ‫فجعل��ه ه��ذا زعيم��اً (كولونيل) وقائ��داً للواء‬ ‫األول‪ ،‬وكان أن اتف��ق الحناوي مع جماعة كان‬ ‫بينهم ثالثة من حزب أنطون سعادة فاعتقلوا‬ ‫الزعي��م ورئي��س وزرائ��ه محس��ن الب��رازي‪،‬‬ ‫وأعل��ن الحناوي أن مهمته الوطنية المقدس��ة‬ ‫ق��د انتهت وأن الجيش ل��ن يتدخل في األمور‬ ‫السياس��ية وأنه س��يترك األمور إل��ى حكومة‬ ‫وطنية تمثل حرية الش��عب الس��وري وعزّته‬ ‫وكرامته‪ ،‬وأنه سيعود إلى الجيش‪.‬‬ ‫ويذك��ر أن الحن��اوي تلق��ى أم��وا ًال م��ن‬ ‫الع��راق‪ ،‬كم��ا أن الصحف البريطاني��ة بادرت‬ ‫إلى الترحيب بحركت��ه‪ .‬بينما وصفت الصحف‬ ‫الفرنس��ية الحركة بأنها مؤامرة اشتركت في‬ ‫تدبيره��ا كل م��ن بريطاني��ا وحكوم��ة نوري‬ ‫السعيد‪ .‬فقد قلقت فرنسا أيضًا بقيام انقالب‬ ‫الحناوي وعودة فكرة اتحاد س��ورية والعراق‪.‬‬ ‫وانتظ��رت الصح��ف المصري��ة حت��ى ب��دأت‬ ‫المباحثات م��ع العراق فوصفته��ا بأنها تهدف‬ ‫إلى بيع اس��تقالل س��ورية‪ ،‬ويذكر العظم أن‬ ‫أمريكا وفرنس��ا اشترطتا لالعتراف بالحكومة‬ ‫الس��ورية أن تق��ر اتفاقيتي النقد مع فرنس��ا‬ ‫والتابالين األمريكية‪.‬‏‬ ‫وس��لم الحن��اوي الحك��م للمدنيين ولم‬ ‫يتخ��ذ أي إج��راء لتحقي��ق مش��روع اله�لال‬ ‫الخصي��ب بل أفس��ح المجال للسياس��يين من‬ ‫مختلف األحزاب لالش��تراك في حكومة مؤقتة‬ ‫ريثم��ا تج��ري االنتخاب��ات لجمعية تأسيس��ية‬ ‫يناط بها رس��م مس��تقبل الب�لاد‪ .‬ولعل ذلك‬ ‫طبق��ًا للخطة الت��ي كان يميل إليه��ا االنجليز‬ ‫ونوري الس��عيد‪.‬‏ وكانت األح��زاب قد أجمعت‬ ‫عل��ى إس��ناد رئاس��ة ال��وزارة إل��ى هاش��م‬ ‫األتاس��ي في فترة انتقالية ريثما تعود الحياة‬ ‫الدس��تورية فقبل ذلك ولما تش��كلت الوزارة‬ ‫برئاس��ة هاشم األتاسي‪ ،‬ش��غل أعضاء حزب‬

‫سامي الحناوي‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫إعدامه في ‪ 8‬تموز‪ ،‬مما أثار سخط السياسيين‬ ‫وعام��ة المواطني��ن عليه‪ .‬كما نش��ر حس��ني‬ ‫الزعيم قانون العقوبات بالمرسوم التشريعي‬ ‫رق��م ‪ 148‬ف��ي ‪ 22‬حزي��ران‪ ،‬وبموجب��ه ت��م‬ ‫اس��تحداث الجرائ��م الواقعة على أم��ن الدولة‬ ‫ذوي العقوب��ات القاس��ية جدا‪ .‬ه��ذا القانون ال‬ ‫زال س��اريًا حتى اآلن‪ ،‬و هو يعتبر من أقس��ى‬ ‫قواني��ن العقوب��ات في العالم حي��ث يتضمن‪،‬‬ ‫مم��ا يتضمن‪ ،‬عل��ى ‪ 13‬جريم��ة معاقب عليها‬ ‫باإلعدام‬ ‫رف��ض الس��يد ف��ارس الخ��وري رئيس‬ ‫الوزراء الس��ابق التعاون مع الديكتاتور عندما‬ ‫عرض عليه رئاس��ة الوزارة قائ ّال‪" :‬لقد فتحت‬ ‫باب��اّ م��ن الصع��ب أغالق��ه بع��د اآلن" إال أن��ه‬ ‫تراج��ع ع��ن موقف��ه األول وص��رح لصحيف��ة‬ ‫النه��ار اللبناني��ة بتاري��خ ‪ 1940 - 4 - 2‬بم��ا‬ ‫يل��ي‪" :‬الش��كّ أن الحرك��ة االنقالبي��ة غي��ر‬ ‫دس��تورية ولكنه��ا وقعت‪ ..‬س��واء كانت حركة‬ ‫ح��ق أو باطل ال يصح الوقوف في وجهها‪ ..‬لئال‬ ‫تصب��ح البالد ف��ي حالة فوضى‪ .‬أما الدس��تور‬ ‫والحياة الدس��تورية فحياة األمة فوق الدستور‬ ‫و أش��كاله"‪ ،‬كم��ا رف��ض ن��واب حل��ب الذي��ن‬ ‫انش��قوا عن الح��زب الوطن��ي وش��كلوا حزب‬ ‫الش��عب التعاون مع الديكتاتور ودعوا الجيش‬ ‫للعودة إلى ثكناته وكان من أبرزهم‪ :‬رش��دي‬ ‫الكيخيا ‪ -‬ناظم القدس��ي ‪ -‬رشاد برمدا ‪ -‬رزق‬ ‫اهلل أنطاك��ي ‪ -‬عبد الوه��اب حومد‪ ..‬خصوصًا‬ ‫بأن حزب الش��عب هذا كانت عواطفه مع حلف‬ ‫بغداد وبريطانيا‪.‬‬ ‫ش��كل الزعي��م أول حكوم��ة برئاس��ته‬ ‫ضمت الوزراء‪ :‬عادل أرسالن ‪ -‬أكرم الحوراني‬ ‫ فيضي األتاس��ي ‪ -‬حس��ن جب��ارة ‪ -‬فتح اهلل‬‫صقّ��ال ‪ -‬ن��وري اإليب��ش _ ثم عين محس��ن‬ ‫البرازي رئيسا للوزراء‬ ‫يق��ول خال��د العظ��م‪" :‬إن األس��باب‬ ‫الحقيقي��ة لالنقالب تنحصر ف��ي كونها حركة‬ ‫طائشة قام بها رجل أحمق متهور‪ ،‬هو حسني‬ ‫الزعي��م‪ ،‬أراد أن يحم��ي نفس��ه م��ن الع��زل‬ ‫والمحاكم��ة‪ ،‬بتهم��ة االش��تراك ف��ي صفقات‬ ‫مريب��ة وخاس��رة‪ ،‬تعاق��دت عليه��ا مصلح��ة‬ ‫التموي��ن في الجي��ش‪ ،‬مع بع��ض المتعهدين‬ ‫الذين قدم��وا بضاعة فاس��دة‪ ،‬وقبضوا ثمنها‬ ‫مضاعفًا"‪.‬‬ ‫ويتاب��ع العظ��م الرواي��ة بقول��ه‪" :‬وفي‬ ‫جلس��ة الن��واب ف��ي ‪ 17‬آذار‪ /‬م��ارس ‪1949‬م‬ ‫ش��نّ النائ��ب فيص��ل العس��لي حمل��ة عنيفة‬ ‫على حسني الزعيم‪ ،‬مندداً بأعماله ومواقفه‪،‬‬ ‫وطال��ب بإحالته عل��ى المحاكمة وعندما أحس‬ ‫الزعي��م بالخط��ر بدأ يجتم��ع بكب��ار الضباط‬ ‫لتدبي��ر االنق�لاب‪ ،‬وق��د اكتش��ف القوتلي أن‬ ‫هنالك اتصاالت بين الملك عبد اهلل وحس��ني‬ ‫الزعيم وأش��ار إل��ى ذلك فيصل العس��لي في‬ ‫هجومه على حسني الزعيم"‪.‬‬ ‫يق��ول خالد العظم ف��ي مذكراته‪" :‬ربما‬ ‫نظ��رت الواليات المتح��دة بتعاطف إلى أي فرد‬ ‫يتعه��د ب��زوال المعارضة ف��ي البرلمان‪ ،‬ونيل‬ ‫التصدي��ق على اتفاقي��ة التابالين‪ ،‬وقد تكون‬ ‫ش��جعت حس��ني الزعيم على تنفيذ انقالبه"‪.‬‬ ‫وقد بن��ى العظم اس��تنتاجه عل��ى أن الزعيم‬ ‫سرعان ما صدق االتفاقية في ‪/16‬أيار‪،1949/‬‬ ‫قب��ل انقض��اء أق��ل من ش��هرين عل��ى وقوع‬ ‫االنقالب‪ .‬وأكد ذل��ك مايلز كوبالند في كتابه‪:‬‬ ‫"لعبة األم��م" حيث قال‪" :‬كان انقالب حس��ني‬ ‫الزعي��م م��ن إعدادن��ا وتخطيطن��ا‪ ،‬فق��د قام‬ ‫فري��ق العمل السياس��ي ب��إدارة "الرائد ميد"‪،‬‬ ‫وم��ن خالل صداقته مع الزعي��م‪ ،‬بإيحاء فكرة‬ ‫االنق�لاب العس��كري‪ ،‬حي��ث وضعت الس��فارة‬ ‫األمريكية في دمشق كامل الخطة‪.‬‬ ‫ول��م يكن الزم��ن ليس��عف الزعي��م‪ ،‬إذ‬ ‫عاجل��ه أع��ز أصدقائه وأق��رب معاونيه العميد‬ ‫س��امي الحن��اوي بانق�لاب ثان في الس��ادس‬ ‫عش��ر من آب عام ‪ 1949‬وق��ام بإعدام الزعيم‬ ‫ورئي��س وزرائ��ه الدكت��ور محس��ن الب��رازي‬ ‫الساعة السابعة من صباح ذات اليوم‪.‬‬ ‫أم��ا عن موقف حزب البعث من االنقالب‪،‬‬ ‫يقول س��امي الجندي عضو قيادة حزب البعث‬

‫الس��وري "من يقرأ الكت��ب الموجهة من قيادة‬ ‫الح��زب إل��ى قائ��د االنق�لاب يلم��س احتراما‬ ‫وتف��اؤال كبيرين‪ .‬يقول األس��تاذ عفل��ق‪ :‬أيها‬ ‫اإلخوان ليس ما حدث في س��وريا انقالبا وهو‬ ‫ف��ي الواقع خطوة نحو االنقالب إننا نستبش��ر‬ ‫به��ذا الح��ادث ونعلق عليه اآلم��ال ولكن علينا‬ ‫أن نوس��ع أفقن��ا وننظ��م صفوفن��ا وأن ننظر‬ ‫دوما إلى األمام إلى العال فاالنقالب الذي يجب‬ ‫أن نس��عي إلي��ه دائما وأن نجعل م��ن انقالبنا‬ ‫الحاض��ر وس��يلة وخط��وة نحوه ه��و االنقالب‬ ‫الذي يحقق للش��عب العربي في جميع أقطاره‬ ‫االشتراكية العربية والوحدة العربية"‪.‬‬ ‫ويضيف الجندي‪:‬‬ ‫"واتخذ الحزب من حسني الزعيم موقف‬ ‫المرش��د" ولك��ن حس��ني الزعي��م انقلب على‬ ‫الح��زب وقبض عل��ى غالبية األعض��اء وأنهار‬ ‫ميش��يل عفل��ق وكت��ب مذك��رة إل��ى حس��ني‬ ‫الزعي��م يتعه��د فيه��ا بالتخلي عن السياس��ة‬ ‫وق��د نش��رت هذه المذك��رة ف��ي الصحف بعد‬ ‫سقوط حس��ني الزعيم موقعة باسم ميشيل‬ ‫عفلق وقد نظر شباب الحزب إلى هذه الوثيقة‬ ‫عل��ى أنها وثيقة تخ��اذل وعندما خ��رج عفلق‬ ‫من سجنه أجمع الحزب على ضرورة محاكمته‬ ‫وق��رروا أن يك��ون عميداً للحزب م��كان عفلق‬ ‫الدكتور "وهيب الغان��م" ولكن الدكتور وهيب‬ ‫الغائم رفض‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫من ذاكرة العتمة‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪22‬‬

‫ق�ص�ص ر�أ�س ال�سنة‬

‫جوليا شحادة‬

‫‪-1‬‬‫ اليوم عيد ميالد ابنة أبو ديمة‪ ،‬من‬‫مع توزيع سيجارة إضافية للمدخنين؟‬ ‫ إجماع!‬‫ الي��وم ذك��رى زواج أب��و ن��وارة‪،‬‬‫بهالمناس��بة بدن��ا نص��وت عل��ى توزي��ع‬ ‫سيجارة إضافية اليوم‪ ،‬شو رأي الشباب؟‬ ‫ موافقين باإلجماع!‬‫ف��ي الس��جن ‪ -‬ولكي تكف��ي كمية‬ ‫الدخ��ان الموج��ودة لجمي��ع المدخني��ن‬ ‫ألط��ول فت��رة نتيج��ة الش��ح ‪ -‬كان يت��م‬ ‫التصويت على الحصة اليومية مع التقيد‬ ‫بنظ��ام ص��ارم ال يس��مح بتج��اوزه ف��ي‬ ‫هذا الخص��وص‪ ،‬وتتابعه لجن��ة تحتفظ‬ ‫بالدخ��ان المتوفر وتق��وم بتوزيع الحصة‬ ‫اليومي��ة منه عل��ى المدخني��ن‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ابتدع��ت طرق عجيبة لتدخين الس��يجارة‬ ‫على دفعات مع محاولة استغاللها ألقصى‬ ‫ح��د‪ ،‬أو االش��تراك بحص��ص الدخان بين‬ ‫كل ثالث��ة س��جناء مث ًال لك��ي يحصل كل‬ ‫منهم على تسع سجائر في اليوم حتى لو‬ ‫كان نصيبه منها "ش��حطة" واحدة فقط‪،،‬‬ ‫والب��أس أحيانًا من التجم��ع تحت بطانية‬ ‫ليق��وم أحد الس��جناء بتدخين س��يجارته‬ ‫وينع��م الباقون بتنش��ق الدخان المنفوث‬ ‫(تدخي��ن س��لبي)‪ ..‬وغيره��ا م��ن الطرق‬ ‫المبتدع��ة التي تس��مح بالتدخين ألطول‬ ‫مدة ممكنة‪.‬‬ ‫وألن الحال كذلك وجد الس��جناء أنه‬ ‫ال بأس من اس��تغالل أي مناس��بة ممكنة‬ ‫للتصوي��ت عل��ى إمكاني��ة الحصول على‬ ‫سيجارة إضافية لكل سجين‪.‬‬ ‫أعي��اد المي�لاد الش��خصية وأعي��اد‬ ‫مي�لاد الزوج��ة واألطف��ال‪ ،‬عيد ال��زواج‪،‬‬

‫والمناسبات الس��عيدة المخترعة‪ ،‬هطول‬ ‫المطر‪ ،‬تساقط الثلوج‪ ،‬سماع خبر مفرح‪،‬‬ ‫وجبة دسمة من الطعام على غير العادة‪،‬‬ ‫كلها مناس��بات تس��تدعي التصويت على‬ ‫توزيع سيجارة إضافية‪.‬‬ ‫ورغ��م معرف��ة كل الس��جناء أن‬ ‫الق��رار فعلي��اً ه��و قراره��م جميع��اً وأن‬ ‫كمية الدخان مح��دودة والتوزيع االضافي‬ ‫س��ينقص م��ن حص��ص األي��ام القادمة‬ ‫كانت هذه المناسبات تتعدد‪ ،‬ربما لعيش‬ ‫التجرب��ة الديمقراطي��ة ال أكث��ر‪ ،‬وربم��ا‬ ‫لإلحساس بفرادة األيام‪.‬‬ ‫ومن البديهي أن س��هرة رأس السنة‬ ‫مناس��بة س��يكون لها حصته��ا االضافية‬ ‫من الس��جائر‪ ،‬وربما تكون حصة اضافية‬ ‫كاملة تكمل متعة السهرة واالحتفال‪.‬‬

‫‪-2‬‬‫يب��دأ انتق��اء وجب��ة العن��ب األفضل‬ ‫لتخميره��ا اس��تعداداً لس��هرة رأس من��ذ‬ ‫بداية ق��دوم العن��ب في وجبات الس��جن‬ ‫(حتى لو كان هذا في شهر كانون الثاني)‪،‬‬ ‫ويت��م إخفاؤها بحرص ش��ديد خوفاً من‬ ‫مصادرتها‪ ،‬ودائماً كان��ت الرواية المتفق‬ ‫عليه��ا في حال تم كش��ف اإلن��اء الخاص‬ ‫بالتخمير ه��و أنه إناء خ��ل‪ ،‬فعمومًا كان‬ ‫الخل كثير االس��تهالك في السجن‪ ،‬حيث‬ ‫كانت تتم إضافته ألغلب الوجبات لتغطية‬ ‫مذاقه��ا الس��يء‪ ،‬وكان الس��جناء أحيان��ًا‬ ‫وف��ي حال عدم وجود خل يمضغون بذور‬ ‫الفواكه مع الوجبات (حتى التي قد تعرف‬ ‫علمياً بأنها س��امة) إلضفاء طعوم جديدة‬ ‫وإعادة إحياء حليمات الذوق التي وئدت‪.‬‬ ‫في إحدى سهرات رأس السنة فوجئ‬ ‫الش��باب بأن إن��اء تخمي��ر الخ��ل (تخمير‬

‫هوائي) قد أنتج نبيذاً‪ ،‬وإناء تخمير النبيذ‬ ‫(تخمير الهوائ��ي) أعطى خ ًال‪ ،‬ونظراً ألن‬ ‫األم��ر علمي��اً غي��ر مفهوم‪ ،‬فق��د أمضى‬ ‫الش��باب الس��هرة ف��ي محاول��ة التوصل‬ ‫للمعادلة الكيميائية العجائبية التي قامت‬ ‫بتبديل محتويات اإلنائين‪.‬‬

‫‪-3‬‬‫كان االحتف��ال بالس��نة الجدي��دة ما‬ ‫زال ف��ي بدايت��ه‪ ،‬عن��د الس��اعة الحادية‬ ‫عشرة سمعوا صوت خطوات تقترب‪ ،‬ساد‬ ‫الصم��ت‪ ،‬لقد تم كش��فهم‪ ،‬س��يعاقبون‬ ‫جميعًا أو على األقل رئيس المهجع نتيجة‬ ‫تطاولهم على قوانين السجن واالحتفال‬ ‫بليلة رأس السنة‪.‬‬ ‫أخفوا ما استطاعوا إخفاءه وعيونهم‬ ‫تراق��ب الب��اب‪ ،‬دقيق��ة دقيقت��ان‪ ،‬فتحت‬ ‫الطاقة الموجودة في الباب بهدوء وبطء‪،‬‬ ‫م��د أحد العناصر رأس��ه وتلفت حوله‪ ،‬ثم‬ ‫همس لهم‪:‬‬ ‫ بعرف إنكن س��هرانين ومحتفلين‪،‬‬‫بس حبي��ت خبركن إنو مناوبتي بتخلص‬ ‫بعد س��اعة‪ ،‬معكن س��اعة ب��س وبعدها‬ ‫رح يج��ي حدا تاني غي��ري‪ ،‬خدوا راحتكن‬ ‫بهالس��اعة‪ ،‬بس يا ريت ما تعلوا صوتكن‬ ‫كتير مشان ما نتبهدل‪.‬‬ ‫انس��حب بهدوء كما أتى‪ ،‬نظروا إلى‬ ‫بعضه��م‪ ،‬البع��ض غلبته��م دموعه��م‪،‬‬ ‫تجاوزوا الموقف سريعاً وتابعوا احتفالهم‪.‬‬ ‫بعد ساعة فتح الباب مرة أخرى‪ ،‬كان‬ ‫العنصر نفسه‪:‬‬ ‫ بس حبي��ت ذكركم إن��و مناوبتي‬‫خلصت‪ ،‬كل عام وإنتو بخير وحرية!‬

‫‪-4‬‬‫جميع سهرات رأس السنة كانت تتم‬ ‫بشكل س��ري‪ ،‬حيث أنه كان من الممنوع‬ ‫أن يق��ام أي ن��وع م��ن أن��واع االحتفاالت‬ ‫ف��ي المهاجع‪ ،‬أي مناس��بة للس��عادة كان‬ ‫مصيره��ا الوأد قبل أن ت��رى النور‪ ،‬لذلك‬ ‫كان يتم اختي��ار أكثر الزواي��ا بعداً ليقام‬ ‫فيه��ا االحتف��ال‪ ،‬ويت��م تجهي��ز جمي��ع‬ ‫األغ��راض بحي��ث يك��ون إخفاؤها س��ه ًال‬ ‫في ح��ال حصل تفتي��ش (وه��و غالبُا ما‬ ‫يحصل)‪.‬‬ ‫وغالب��ًا م��ا تق��وم إدارة الس��جن‬ ‫باستباق االحتفال لتنغيص مزاج الجميع‪،‬‬ ‫فمث ًال كان يتم نقل أحد المهاجع إلى جناح‬ ‫جديد قبل منتصف الليل بس��اعات قليلة‪،‬‬ ‫أو نق��ل بعض الس��جناء إل��ى المنفردات‬ ‫ليقضوا ليلتهم هناك‪ ،‬أو القيام بتفتيش‬ ‫شامل مفاجئ‪.‬‬ ‫وم��ع ذل��ك ح��رص الس��جناء عل��ى‬ ‫التحضير للس��هرة ومحاولة التمتع بشيء‬ ‫يعيد لهم بعض الس��عادة واألمل باأليام‬ ‫القادمة‪.‬‬ ‫ف��ي أحد األي��ام أتى خبر استش��هاد‬ ‫أح��د األصدق��اء المعتقلين ف��ي واحد من‬ ‫فروع تحقيق المخاب��رات‪ ،‬ورغم أنه كان‬ ‫قد استشهد قبل رأس السنة بعدة إيام إال‬ ‫أن إدارة السجن حرصت على تمرير الخبر‬ ‫لزمالئه في يوم السهرة‪.‬‬ ‫عم الحداد المهاجع وألغيت الس��هرة‬ ‫دون إعالن وبشكل عفوي‪.‬‬ ‫ف��ي الس��اعة الثاني��ة عش��رة تمامًا‬ ‫زار مدير الس��جن مهجع أصدقاء الش��هيد‬ ‫وبادرهم مبتس��ماً‬ ‫ً‬ ‫ابتس��امة صفراء‪ :‬شو‬ ‫ما في حفلة هالسنة يا شباب؟؟‬


‫صبارتنا حيث ال أحد فوق النقد‪..‬‬ ‫باب ناقد ساخر يتناول مواضيع سوريتنا‪..‬‬ ‫مجتمعنا وثورتنا‪..‬‬ ‫ ‬

‫ ‬

‫ ‬

‫صهيوصليبيات‬ ‫لو‪ ..‬ل��و بهالثورة ّ‬ ‫كل خبّاز انعطى خبزو كان يمكن م��ا انقصفت األفران‪ ،‬ولو‬ ‫ّ‬ ‫كل واحد عرف حدّو ووقف عنده يمكن ما كان طال رقبتنا حد السكين‪.‬‬ ‫لو ما حطينا «نحنا هالدراويش» ثقتنا بكومة تحزبات وائتالفات وقس��م من‬ ‫الجيش الحرّ اللي بيقاتل للدعم والش��هرة م��و للوطن والحرية يمكن كان الحال‬ ‫غي��ر ح��ال‪ . .‬لو تخلصنا من م��رض البروظة والفهم بكلش��ي وتس��بيع الكارات‬ ‫والتش��خيص بالمنجزات الثوري��ة على مبدأ «الحركة التصحيحية» ومتسلس��لة‬ ‫نحنا أول عالم‪ . .‬يمكن كان خف عدد الدراويش اللي صفيانين بالشارع‪.‬‬

‫وفي صفحة التعاريف تقرأ‪:‬‬ ‫حلفايا‪ :‬هي المكان الذي يتحول فيه الخبز إلى أشالء طفل مغموس بدم‪.‬‬ ‫كفرنبل وعامودا‪ :‬هي العبارة حين تتسع وتضيق عليها الجغرافيا‪.‬‬ ‫وفي تعريف السوري تقرأ‪:‬‬ ‫هو م��ن كانت ذاكرته مقبرة جماعية‪ .‬في المنفى تك��ون غرفته البيضاء زنزانة‬ ‫انفرادية‪ ،‬وفي الوطن تكون األرض هي الزنزانة الجماعية‪.‬‬ ‫وتقرأ‪:‬‬ ‫هو من التجأ إليه من شاء من عباد اهلل‪ ،‬ولم يلجأ هو إلى أحد‪.‬‬

‫صديقة غالية وبعرفها شخصيا»‪ :‬معقول غسان تختار‬ ‫هاالسم؟ أنا بدك يصيرو يقولو عني بنت شوارع‪ ..‬ايمبوسبل‪..‬‬ ‫(صرلها ‪ 5‬تيام عم تطلب اضافتها‪ ..‬وأنا مو حابب (وسخلها؟؟) اسمها)‪..‬‬ ‫صديق غالي وداعم للثورة من أولها‪ :‬قلت لحالي مستحيل‬ ‫يرضى يقولو عنو ابن شوارع‪ ..‬تفاجأت بطلبو‪ ..‬إن بعض الظن إثم‪..‬‬ ‫شوارعجية‪ :‬ولك صرت أنا بنت شارع‪ ..‬ألف شكر خال‪ ..‬كل عمرهن‬ ‫أهلي قافلين الباب علي‪ ..‬وهلق يهدو إذا بيهدو‪ ..‬بأول كلمة منطلع‬ ‫مظاهرة ضدهن‪..‬‬ ‫ولك يلي بيعرفو قيمة والد الشوارع بهالثورة بيتشرفو يكونو‪ ..‬والد‬ ‫شوارع‪ ..‬قولو اهلل‪.‬‬ ‫الخال غسان سلطانة‬

‫تيار‬ ‫والد‬ ‫الشارع‬

‫سؤال‪ :‬شو مشان‪ ..‬اللي صار وقت خدمه العلم؟‬ ‫منهم هربو لخارج سوريا‪ ،‬ومنهم رفضو يخدمو بهالوضع‪،‬‬ ‫ومنهم مابدو يروح‪ ،‬ومنهم أصر يكمل دراستو حتى ما يخدم‪ ،‬شو‬ ‫رح يصير فيهم بعد الثورة؟؟‬ ‫تعريف السوري‪:‬‬ ‫مكروه دوليًا ‪ -‬مظلوم وطنيًا ‪ -‬محروق صيفياً ‪ -‬مثلج شتويًا ‪ -‬محروم‬ ‫نفطيًا ‪ -‬ممنوع كهربائيًا ‪ -‬مفخخ يومياً ‪ -‬مفلس سنوياً ‪ -‬تعبان نفسياً‪..‬‬ ‫ومرفوع الراس باذن اهلل أبديًا‬ ‫حياوي حياوي‬

‫‪-1‬‬‫اليوم وأثناء مارات��ون بمعامالت الدولة طلعتلي‬ ‫موظفة شلش��تني ش��لش‪ ..‬تخيلو كانت طول الوقت‬ ‫عم تناديني «أس��تاذ»‪ ..‬وأن��ا أتلفت ورايي‪ ..‬معقول‬ ‫ع��م تحكي معي؟ وآخر ش��ي لما س��ألتا اذا خلصنا‬ ‫هيك قالتلي‪ :‬خالصين وراقك أس��تاذ‪ ..‬بالتوفيق‬ ‫انشاهلل‪..‬‬ ‫هأل إذا حدا بيخطرلو أنو حاكتني هيك‬ ‫ألنها موظفة وأنا زلمة ع وجهي ضو بتكونو‬ ‫غلطاني��ن‪ ..‬خاص��ة أن��ي كنت ع��م أقضي‬ ‫ش��غلي ع البس��كليتة‪ ..‬وفلت معي الجنزير‬ ‫بالطريق‪ ..‬وتعفّرت وتعبّيت شحم وشحوار‬ ‫لبينم��ا تص ّلح‪ ..‬ووصلت لعندا ش��به بهلول‪..‬‬ ‫ومع هيك نادتلي أس��تااااااذ‪ ..‬طلعت من عندا‬ ‫عيني ع��م تدمع‪ ..‬وبهالمناس��بة ما بعرف‬ ‫ليش بدي وجّه تحية لألستاذ مجد‪..‬‬

‫‪-2‬‬‫عسكري بعسكري‪..‬‬ ‫مدني بمدني‪..‬‬ ‫تفجير بتفجير‪..‬‬ ‫عملية بعملية‪..‬‬ ‫مخبز بمخبز‪..‬‬ ‫كازية بكازية‪..‬‬ ‫عل��ى مب��دأ العي��ن بالعي��ن‬ ‫والسن بالسن‪..‬‬ ‫يعن��ي على هالحس��بة ما‬ ‫في حدا عم يستعمل المخ‪..‬‬ ‫ألنو ل��و حدا عم يس��تعمل‬ ‫المخ كان التاني قال‪ :‬المخ بالمخ‪..‬‬ ‫و هون بكون البادي أعظم‪..‬‬

‫‪-2‬‬‫ط��ول ما أبو ش��اكر عم يعص��ر‪ ،‬وأبو العبد‬ ‫ع��م يعم��ل «عينات» ش��اورما خ��اروف‪ ،‬وب��ار أبو‬ ‫ج��ورج بباب ش��رقي مفت��وح‪ ،‬وبك��داش عم يدق‬ ‫بوظة بالحميدية‪ ،‬وريحة سيروب معبية الصالحية‪،‬‬ ‫ومحمص��ة نظ��ام بمدح��ت باش��ا ش��غالة‪ ،‬والبازار‬ ‫شغال بمكتب شورى بالمهاجرين‪ ،‬وريحة تواليتات‬ ‫جنينة تشرين معبية الدنية‪ ،‬وبسطات المعترين‬ ‫بش��ارع الثورة ش��غّالة‪ ،‬والش��باب الطبقجية‬ ‫الغ�لاظ بالش��عالن واقفي��ن‪ ،‬وعلى كيفك‬ ‫بالمزة موجود‪...‬‬ ‫معنات��ا ّ‬ ‫تأك��دوا واتطمّن��وا‪ ،‬رغم‬ ‫الح��زن والدم��ار والم��وت وأص��وات‬ ‫المداف��ع والرشاش��ات والخط��ف‬ ‫والسلب‪ ..‬الشام لساتا عايشة‪..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ال تشــلشــنا مشـــلوشــين‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬

‫ب��دون‪ ..‬ب��دون األك��راد والتركم��ان واألرم��ن والش��ركس والع��رب‬ ‫واآلشوريين والسريان والفلسطينيين سوريا لن تكون سوريا‪..‬‬ ‫بدون الكاثوليك واألرثوذكس والبروتس��تانت واليس��وعيين واإلنجيليين‬ ‫س��وريا لن تكون سوريا‪ ..‬بدون مذاهب حنفية وحنبلية وشافعية والجعفرية‬ ‫والظاهرية والباطنية واالس��ماعيلية واليزيدية والش��يعية والعلوية (كالزية‬ ‫وحيدرية) سوريا لن تكون سوريا‪..‬‬ ‫بدون دمش��ق وحلب وحمص والالذقي��ة والرقة وادلب وجب��ل الزاوية وجبل‬ ‫األكراد وطرطوس ودرعا والسويداء والقامش��لي والحسكة ودير الزور والبوكمال‬ ‫والسلمية وحماه ومصياف والجوالن والقنيطرة سوريا لن تكون سوريا‪..‬‬ ‫بدون المعتدلين والعلمانيين والسلفيين واليساريين واليمينيين‬ ‫والقوميي��ن واإلخ��وان والليبراليي��ن وال�لا متحزبي��ن والحياديي��ن‬ ‫والوس��طيين والصامتين‪ ،‬أيضًا س��وريا لن تكون سوريا‪ .‬وستبقى‬ ‫سوريا هي س��وريا بدون اإليرانيين والروس واألفغان واالمريكان‬ ‫والخليجيين والفنزويليين واألوروبيين‪..‬‬ ‫أصحاب نظرية السورنة الصافيّة يكفي غز ًال على قرون العنزة‪.‬‬ ‫(أكيد الطشا ومو أنا يللي كاتبا)‬

‫برعاية التيار الصهيوصليبي العلماني الليبرالي اليساري الماسوني‬ ‫الغربي السوري | بقلم آدمن ما إلو اسم‬

‫‪23‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 6 | )68‬كانون األول ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪24‬‬

‫عندما‬ ‫هزم‬ ‫ال�سوريون‬ ‫املوت‬ ‫سعاد يوسف‬ ‫اس��توقفتني منذ ع��دة أيام صور التقطتها عدس��ة‬ ‫"س��ام"‪ ،‬لرجل عج��وز يصلح باب بيته ال��ذي يبدو أنه لم‬ ‫يع��د قاب ًال لإلغالق بش��كل طبيع��ي بعد إح��دى الغارات‬ ‫العنيفة التي ش��نتها طائ��رة الميغ الحربي��ة على مدينة‬ ‫دوما‪ ،‬والتي باتت تقليداً شبه يومي ال يمنعه سوى تواجد‬ ‫الغيوم الكثيفة في س��ماء المدينة والتي يس��ميها أهالي‬ ‫ريف دمش��ق "حظ��ر جوي رباني"‪ .‬س��ت ص��ور عنونتها‬ ‫الصفحة بـ‬ ‫"إصالح باب فتحته الميج‪.‬‬ ‫المكان‪ :‬دوما‪.‬‬ ‫الزمان‪."2012 / 12 / 30 :‬‬ ‫وكتب��ت تح��ت العن��وان "كل النظريات ض��د حرية‬ ‫اإلرادة‪ ،‬أما الخبرات فمعها‪ .‬صمويل جونسون"‪.‬‬ ‫ف��ي وجه ذلك العجوز‪ ،‬وتجاعيده إصرار غريب على‬ ‫الحي��اة‪ .‬ليس تمس��كاً بالحي��اة بقدر ما ه��و حرص على‬ ‫ع��ودة الحياة إلى أكب��ر قدر ممكن م��ن الطبيعية‪ ،‬وذلك‬ ‫بع��د أن مر الم��وت قريبًا جداً لكن اختي��اره اليوم لم يقع‬ ‫على س��كان هذا المنزل‪ .‬الموت س��يأتي غ��داً‪ .‬قد يختار‬ ‫ه��ذا العجوز وق��د يختار جاره‪ .‬وفي انتظ��ار قدوم الموت‬ ‫علي��ه أن يصلح ما خرب��ه ذلك المرور العاب��ر‪ ،‬كي يعود‬ ‫إلى تفاصيل حياته الصغيرة‪ .‬ينحني العجوز باحثًا ضمن‬ ‫علب��ة صغيرة عن األداة المناس��بة إلص�لاح الباب‪ ،‬يبحث‬ ‫ب��كل تأنٍ وعناية‪ ،‬فاختي��ار األداة الخاطئة قد يمنعه من‬ ‫إص�لاح الباب بالش��كل الصحيح‪ ،‬يتطوع بعض الش��بان‬ ‫من الحي لمس��اعدته‪ ،‬وبعد انته��اء المهمة بنجاح يصور‬ ‫لنا "س��ام" بعدسته الباب بعد عملية اإلصالح‪ :‬باب أخضر‬ ‫مليء بالثقوب المختلف��ة األحجام‪ ،‬وحائط مجاور حاولت‬ ‫اختراق��ه على ما يبدو عدة رصاصات وقذائف‪ ،‬ليبقى هو‬ ‫أيضاً صامداً يأبى السقوط‪.‬‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫إص��رار ذل��ك العج��وز ذكرن��ي بوال��د ووال��دة أح��د‬ ‫أصدقائي‪ .‬عجوزان جداً حتى أنهما ال يذكران اليوم الذي‬ ‫بدأت فيه حياتهما المش��تركة معًا‪ ،‬فهو يوم أصبح خارج‬ ‫إط��ار الذاكرة‪ .‬أنجب��ا الكثير من األوالد‪ ،‬واليوم يعيش��ان‬ ‫في منزلهما في إحدى بلدات الغوطة الش��رقية لدمشق‪.‬‬ ‫يرفض��ان الخ��روج منه رغم وج��ود الكثير م��ن األماكن‬ ‫اآلمنة والتي باس��تطاعتهما الذهاب إليها‪" .‬لم يعد الموت‬ ‫مقتص��راً على م��كان دون غي��ره‪ .‬وإن كان الم��وت يريد‬ ‫اختي��ار أحد أف��راد عائلت��ي فليخترني أن��ا أو ًال‪ ،‬وإن كنت‬ ‫س��أموت فأنا أريد الموت هنا‪ ،‬في منزل��ي‪ ،‬بجانب مدفأة‬ ‫الحط��ب‪ .‬أريد الموت قرب أحج��ار أعرفها وتعرفني‪ ،‬قرب‬ ‫أشجار قضيت عمري وأنا أعتني بها‪ ،‬وفي مكان أستطيع‬ ‫أن أضع رأس��ي فيه للحظة األخيرة وأموت بسالم"‪ ..‬هذا‬ ‫م��ا قاله الحجي "أبو محمود" في آخر مرة رأيته فيها‪ ،‬منذ‬ ‫حوالي أسبوعين‪..‬‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)40128‬‬ ‫دمشق‪2639 :‬‬ ‫ريف دمشق‪8580 :‬‬ ‫حمص‪7373 :‬‬ ‫درعا‪3625 :‬‬ ‫إدلب‪5371 :‬‬ ‫حلب‪5009 :‬‬

‫دير الزور‪2931 :‬‬ ‫الرقة‪265 :‬‬ ‫السويداء‪32 :‬‬ ‫حماة‪3261 :‬‬ ‫الالذقية‪674 :‬‬ ‫طرطوس‪57 :‬‬ ‫الحسكة‪199 :‬‬ ‫القنيطرة‪110 :‬‬

‫لم يعد للموت س��طوة في حضور السوريين‪ ..‬فهذا‬ ‫ه��و ح��ال الس��وريين اليوم‪ ..‬هزم��وا الموت حي��ن أحبوا‬ ‫الحي��اة‪ ..‬وحي��ن رفع��وا رؤوس��هم عالي��اً‪ ،‬هاتفين بملء‬ ‫حناجرهم "الموت وال المذلة"‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫الفنون جميعُها‪.‬‬ ‫"هَزَمَتْكَ يا موتُ‬ ‫هزمتك يا موتُ األغاني في بالدِ‬ ‫َّ‬ ‫مِسَل ُة المصري‪ ،‬مقبر ُة الفراعنةِ‪،‬‬ ‫الرافدين‪.‬‬ ‫النقوشُ على حجارةِ معبدٍ هَزَمَتْكَ‬ ‫وانتصرتْ‪َ ،‬‬ ‫وأ ْف َلتَ من كمائنك‬ ‫الخُ ُلودُ …‬ ‫فاصنع بنا‪ ،‬واصنع بنفسك ما تريدُ‪" ..‬‬ ‫‪ 2914‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪1261‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 2649‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 7204‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 32924‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2013 / 1 / 5‬‬ ‫‪http://vdc-sy.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.