سوريتنا | العدد الواحد والسبعون | 27 كانون الثاني 2013

Page 1

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪1‬‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫الأمم املتحدة تعلن تراجع �إنتاج القطاع الزراعي ب�سوريا‬ ‫جمموع ال�سكان يف املناطق الريفية ‪% 46‬‬ ‫ويعتمد ‪ % 80‬منهم يف معي�شتهم على الزراعة‬ ‫أعلن��ت منظمة األغذي��ة والزراعة‬ ‫التابعة لألمم المتحدة أن إنتاج القطاع‬ ‫الزراع��ي الس��وري تراجع إل��ى النصف‬ ‫بسبب الحرب المستمرة منذ ‪ 22‬شهراً‪،‬‬ ‫ً‬ ‫داعية إلى "مس��اعدات عاجلة" في هذا‬ ‫المجال للمناطق الريفية‪.‬‬ ‫وذك��رت الفاو في بيان نش��ر على‬ ‫موقعه��ا اإللكتروني نقال عن بعثة من‬ ‫‪ 7‬وكاالت تابع��ة لألم��م المتحدة قامت‬ ‫أخيراً بزيارة إلى سوريا إن "النزاع الذي‬ ‫ط��ال أمده‪ ،‬في س��وريا خل��ف قطاعها‬ ‫الزراعي ف��ي حالة يرثى له��ا‪ ،‬حيث إن‬ ‫اإلنت��اج الزراع��ي تراج��ع إل��ى النصف‬ ‫تقريب��ا ملحقًا دماراً هائ� ً‬ ‫لا بنظم الري‬ ‫وغيرها من مرافق البنى التحتية"‪.‬‬ ‫وتفق��دت البعث��ة الدولي��ة الت��ي‬ ‫ضمت ممثلي��ن ع��ن ‪ 7‬وكاالت إنمائية‬ ‫وإنسانية تابعة لألمم المتحدة برئاسة‬ ‫مدير العمليات في مكتب األمم المتحدة‬ ‫لتنسيق الشؤون اإلنسانية جون جينج‪،‬‬ ‫العدي��د م��ن المناط��ق المتض��ررة في‬ ‫دمش��ق وكذلك في محافظتي حمص‪،‬‬ ‫ودرع��ا خ�لال الفت��رة م��ن ‪ 18‬إلى ‪22‬‬ ‫كانون الثاني‪.‬‬ ‫وذكر مدير شعبة الطوارئ وإعادة‬ ‫التأهي��ل ل��دى منظمة األم��م المتحدة‬ ‫لألغذي��ة والزراعة دوميني��ك بورجون‬ ‫الذي ش��ارك في المهمة ف��ي البيان أن‬ ‫"البعثة هالتها محنة الش��عب الس��وري‬ ‫الذي تقوضت قدراته على التحمل إلى‬ ‫أقصى الحدود تحت وطأة ‪ 22‬شهرا من‬ ‫األزمة"‪.‬‬

‫وبحس��ب البي��ان‪ ،‬ف��إن ‪ 46%‬م��ن‬ ‫مجموع الس��كان يقيمون في المناطق‬ ‫الريفي��ة ويعتم��د ‪ 80%‬منه��م ف��ي‬ ‫معيشتهم على الزراعة‪.‬‬ ‫وأض��اف الخبي��ر‪" ،‬المناقش��ات مع‬ ‫المنظمات غير الحكومية والمسؤولين‬ ‫التقنيين م��ن وزارة الزراعة واإلصالح‬ ‫الزراع��ي‪ ،‬تكش��ف ع��ن أن الظ��روف‬ ‫األمني��ة له��ا دور حاس��م ف��ي تمكي��ن‬ ‫المزارعين من المك��وث في أراضيهم‪،‬‬ ‫وتولي��د الدخل لتلبية أكث��ر االحتياجات‬

‫الماسة"‪.‬‬ ‫ونبه إلى أن المزارعين "في أمس‬ ‫الحاجة إلى الدعم الزراعي العاجل من‬ ‫البذور‪ ،‬واألس��مدة‪ ،‬والعل��ف الحيواني‪،‬‬ ‫والعقاقير البيطرية‪ ،‬والدواجن‪ ،‬وإعادة‬ ‫تأهيل بنى الري التحتية"‪.‬‬ ‫وأش��ار فري��ق البعثة إل��ى هبوط‬ ‫إنت��اج الش��عير والقمح م��ن أكثر من ‪4‬‬ ‫ماليي��ن طن ف��ي الس��نوات الطبيعية‬ ‫إل��ى اقل م��ن مليوني طن في الس��نة‬ ‫الماضية‪ ،‬مشيرا إلى أن "‪ 45%‬فقط من‬

‫المزارعين تمكنوا من حصاد محاصيل‬ ‫الحب��وب بالكامل‪ ،‬بينم��ا عجز ‪ 14%‬عن‬ ‫الحصد كليا "بسبب انعدام األمن وشح‬ ‫الوقود"‪.‬‬ ‫وأطلق��ت األم��م المتح��دة ن��داء‬ ‫لجم��ع ‪ 5 ،1‬مليار دوالر لتوفير التمويل‬ ‫الكاف��ي حت��ى يونيو‪/‬حزي��ران المقبل‬ ‫لمس��اعدة ما يص��ل إلى ملي��ون الجئ‬ ‫س��وري إلى جانب أربعة ماليين سوري‬ ‫تض��رروا في النزاع لكنه��م لم يغادروا‬ ‫بلدهم‪.‬‬

‫�سوريون يعي�شون يف كهوف و�سفوح اجلبال هرب ًا من الق�صف‬

‫�أماكن كانت ت�سكنها احليوانات حتولت �إىل م�أوى لعائالت ت�ضم ن�ساء و�أطفا ًال‬ ‫محمد عايش‬ ‫اضط��رت عائالت س��ورية للعيش‬ ‫ف��ي كهوف وعلى س��فوح الجبال‪ ،‬رغم‬ ‫برد الش��تاء القارس‪ ،‬وتس��اقط الثلوج‬ ‫بي��ن الحي��ن واآلخ��ر‪ ،‬وذلك هرب��ًا من‬ ‫جحيم قص��ف الطائرات ونيران المدافع‬ ‫التي أكلت األخضر واليابس في العديد‬ ‫من المدن والقرى والتجمعات السكانية‪.‬‬ ‫واكتش��فت جريدة "ديلي تلغراف"‬ ‫البريطانية‪ ،‬سفحًا ألحد الجبال الخطرة‬ ‫في شمال سوريا تسكن بداخله عشرات‬ ‫العائ�لات الفارة من جحيم القتال‪ ،‬حيث‬ ‫أشارت إلى أن نحو ‪ 100‬شخص وبينهم‬ ‫أطفال ونساء يسكنون في كهوف وبين‬ ‫الصخ��ور في الجب��ل الذي اتخ��ذوا منه‬ ‫ملج��أ‪ ،‬إال أن��ه يمث��ل خطراً بالغ��اً على‬ ‫حياتهم‪ ،‬حيث يمكن أن يشهد انزالقات‬ ‫ف��ي أي لحظ��ة‪ ،‬كما أن األطف��ال الذين‬

‫يتنقلون بداخله يمك��ن أن ينزلقوا إلى‬ ‫أسفل الجبل‪.‬‬ ‫وقال��ت الصحيف��ة البريطاني��ة إن‬ ‫المئة ش��خص الذين اكتشفتهم هربوا‬ ‫من القت��ال الدائر ف��ي بل��دة الحمامة‪،‬‬ ‫لكنهم ليس��وا مئة فقط م��ن بين ‪5 .2‬‬ ‫مليون س��وري تركوا منازلهم وتحولوا‬ ‫إل��ى الجئين داخ��ل بالدهم يس��كنون‬ ‫ف��ي أماك��ن مؤقت��ة‪ ،‬هربًا م��ن القتال‬ ‫والقص��ف العني��ف ال��ذي تتع��رض له‬ ‫العديد من المناطق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وقالت ش��يماء مص��ري (‪ 17‬عاما)‪،‬‬ ‫وهي واحدة من الذين يس��كنون س��فح‬ ‫الجبل الخطر‪" :‬أصبح مس��تحي ًال العيش‬ ‫هن��اك‪ ،‬وف��ي الوق��ت ذاته لي��س لدينا‬ ‫من األم��وال ما يكفي الس��تئجار منزل‬ ‫في قري��ة آمنة بس��وريا‪ ،‬أم��ا مخيمات‬ ‫الالجئي��ن ف��ي تركي��ا فه��ي ممتلئ��ة"‪،‬‬

‫مش��يرة إل��ى أن عائلته��ا عندم��ا قررت‬ ‫مغ��ادرة القري��ة ظلت عدة أي��ام تبحث‬ ‫عن مأوى لكنها ل��م تجد فاضطرت إلى‬ ‫اللجوء إلى هذا الجبل‪ ،‬وس��ط الصخور‬ ‫وفي هذه الكهوف الصغيرة‪.‬‬ ‫وتص��ف "ديل��ي تلغ��راف" ف��ي‬ ‫تقريرها الحياة التي يعيش��ها الالجئون‬ ‫الس��وريون في الجبل‪ ،‬حيث تش��ير إلى‬ ‫أن الكثير من العائالت تحاول بناء حدود‬ ‫لمنازله��ا‪ ،‬أم��ا م��ن البالس��تيك‪ ،‬أو من‬ ‫الحج��ارة المكومة ف��وق بعضها بعضاً‪،‬‬ ‫كم��ا أن الس��كان هي��أوا طرق��ًا للس��ير‬ ‫بين الكه��وف والمنازل البدائية رغم أن‬ ‫خطورة االنزالق تظل واردة‪.‬‬ ‫وتروي الصحيفة قصة أم س��الم‪،‬‬ ‫البالغة من العمر ‪ 40‬عامًا‪ ،‬والتي تعيش‬ ‫مع أطفالها في أحد الكهوف‪ ،‬حيث تقول‬ ‫أم س��الم إنه��ا أمضت يومه��ا األول في‬

‫تنظي��ف الكه��ف م��ن روث الحيوان��ات‪،‬‬ ‫حي��ث كان الرع��اة يس��تخدمونه ملج��أ‬ ‫للخ��راف واألغن��ام قب��ل أن يتحول اآلن‬ ‫إلى منزل لعائلة سورية‪.‬‬ ‫يش��ار إل��ى أن مفوضي��ة ش��ؤون‬ ‫الالجئي��ن تق��ول إن أع��داد الالجئي��ن‬ ‫الس��وريين المس��جلين لديه��ا في دول‬ ‫الجوار تجاوز ‪ 700‬ألفاً‪ ،‬لكن هناك أعداد‬ ‫أخ��رى ممن ل��م يتم تس��جيلهم بحكم‬ ‫ع��دم وجودهم في مخيمات‪ ،‬فض ًال عن‬ ‫أن الوضع األسوأ هو المتعلق بالالجئين‬ ‫في الداخل والذي��ن يزيد عددهم على‬ ‫مليونين و‪ 500‬ألف سوري‪ ،‬انتقلوا من‬ ‫م��كان إلى آخ��ر داخل الب�لاد‪ ،‬لكنهم ال‬ ‫يستطيعون تلقي المساعدات‪ ،‬ويعيش‬ ‫معظمهم ف��ي أوضاع صعب��ة‪ ،‬والكثير‬ ‫منه��م غادر مكانه األصل��ي ليفاجأ بأن‬ ‫مكان��ه الجديد يش��هد قت��ا ًال مس��تعراً‬ ‫ودمويًا‪.‬‬


‫تقرير �إعالمية �أيام احلرية‬

‫الأ�سبوع الرابع كانون الثاين ‪2013‬‬

‫ه�ؤالء من ي�ستحقون �أن ي�سموا‬ ‫فر�سان الأحالم‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫ق�صة من ثورة الكرامـة‬

‫محمد علوش‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬

‫هن��اك بجانب جدران العمري‪ ،‬حي��ث رحل الركب األول من الش��هداء‪ ،‬ودّع هــذا‬ ‫الشاب أخاه وعاهد نفسه أن ال يرجع عما بدؤوه‪..‬‬ ‫أتعبت رجال األمن تحركاته‪ ،‬ضرباته‪ ..‬كان من الق ّلة الذين يعرفون أين يدخل ومتى‬ ‫يضرب‪ ،‬يبتعد عن الحواجز بداخل المناطق السكنية‪ ،‬كانت ضرباته موجعه لألمن‪..‬‬ ‫لم يبقى طويال حتى عرف األمن اسمه‪ ،‬حمالت مداهمة واعتقاالت في حارتهم‪،‬‬ ‫لكن دون جدوى‪ ..‬فقد قام بإخراج عائلته من سوريا بعد أول شهيد من العائلة‪..‬‬ ‫« له أخت متزوجة مع عائله أخرى ‪ -‬هو يحبها أكثر من أي شخص في عائلته»‪..‬‬ ‫هكذا قال لهم مُّخبر الحي‪..‬‬ ‫في طريق السد ‪ -‬ذلك الحي الثائر في درعا‪ ،‬تبدأ الحكايا‪..‬‬ ‫و كوس��يلة وأداة للضغ��ط على هذا الش��اب تعتقل أخته المتزوج��ة وابنتها ذات‬ ‫األربعة أعوام‪ ..‬يتم نقلها مباش��رة إلى فرع المخابرات الجوية بدمشق‪ ،‬حيث يتم أخذ‬ ‫ابنتها منها‪.‬‬ ‫كانت قد بدأت مناوبة الضابط الش��اب ابن حمص ‪ -‬وصدق من أس��ماها العدية‬ ‫ ‪ ..‬يدخل الغرفة ليس��مع بكاء طفلة صغيرة‪ ،‬بعد الس��ؤال عرف قصة المعتقلة‪ ،‬في‬‫س��اعات الصباح األولى وقب��ل نهاية مناوبته يضع رقم هاتفه م��ع تلك المعتقلة‪ ،‬لم‬ ‫يخبرها بشيء ولكن في عيونه قال ما يعجز عنه اللسان‪ ،‬وضع رقمه وغادر مسرعاً‪،‬‬ ‫ليس باألمر السهل الدخول إلى مثل هذه الغرف‪..‬‬ ‫مض��ت أي��ام وتم نقل الم��رأة لوحدها إلى س��جن ع��ذرا المركزي‪ ،‬حيث س��تتم‬ ‫المحاكم��ة‪ ..‬عن��د دخولها وّج��د معها رقم هات��ف‪ ،‬تبّين في ما بعد أن��ه لضابط من‬ ‫حمص‪..‬‬ ‫ال يحت��اج أم��ر ه��ذا الضابط إلى تحقي��ق‪ ..‬فأن تك��ون من حمص «ه��ذه تهمة‬ ‫لوحدهــا»‪ ..‬بدأت المضايقات للضابط والمسائالت واالستجواب‬ ‫ف��ي ه��ذه األثناء كانت تلك الم��رأة المعتقلة من درعا‪ ،‬تبكي ابنتها ومس��تقبلها‬ ‫المجهول‪ ..‬مرت ‪ 9‬شهور منذ فراقها البنتها‪ .‬تجلس في زنزانتها وتفكر «ما هو الذنب‬ ‫الذي ارتكباه»‪.‬‬ ‫بع��د محاكمته��ا‪ ..‬تم العف��و عنها‪ ،‬لك��ن دون ابنته��ا الطفلة فال يوجد س��جالت‬ ‫باسمها‪ ..‬وليس من حقها أن تسأل «إن وجدت من تسأله»‪.‬‬ ‫عادت إلى درعا بين فرحة الحرية‪ ،‬والم الفراق‪ ..‬لم يُسمح لها بدخول بيت زوجها‬ ‫ فهي لم تعد تّحل له ش��رعاً‪ ،‬من س��مى نفس��ه رج ًال كان قد طلقها بعد اعتقالها‪..‬‬‫فنفس��ه المريضة وش��رفه النذل ال يس��مح له بأن تكون زوجته معتقله سابقة‪ ..‬تلك‬ ‫العقليات الزالت موجودة في مجتمع الثورة‪.‬‬ ‫إل��ى األردن‪ ،‬ذهب��ت محملة بخيبات تملئ القلب‪ ..‬إلى أمه��ا ‪ -‬إلى القلب الذي لن‬ ‫يتخل��ى عنه��ا‪ ..‬تبكي دموعها القه��ر‪ ،‬وتندب زمناً أخذ منها كل ش��يء‪ ..‬تبكي وتنوح‪،‬‬ ‫كورقة بالية ال تقوى على الحراك‪ ..‬يقترح أخوها أن تبدأ حملة بحث عن ابنتها‪ ..‬علهم‬ ‫يجدون من رآها من منشقين أو من دفنها‪.‬‬ ‫انتش��رت ص��ور تلك الطفل��ة على صفح��ات التواص��ل االجتماعي وتنس��يقيات‬ ‫درعــا‪ ..‬في مخيمات الضباط المنش��قين في األردن‪ ،‬يس��كن ضاب��ط من دير بعلبه‪،‬‬ ‫يبلغ من العمر ‪ 31‬عاماً‪ ..‬يرى تلك الصورة ويقرأ الخبر‪ ،‬وهو يالعب ابنته‪..‬‬ ‫يبح��ث عن أصح��اب الخبر‪ ،‬ليتصل به��م‪ ..‬مضى على لقائهم ف��ي المعتقل ‪11‬‬ ‫ش��هراً‪ ،‬يدخل بيتهم بنفس المالمح‪ ،‬ولكن بوجه كله أمل وطمأنينة وليس س��راً كما‬ ‫في الماضي‪ ،‬يدخل وبيده طفلة صغيرة تناديه بأبي‪..‬‬ ‫إنه��ا األمان��ة الت��ي أخذهــا من داخل س��جون الظ�لام‪ ،‬وهرب بها إل��ى مخيمات‬ ‫األردن معلنًا انشقاقه‪ ..‬احتضنها وانتظر أن تعود صاحبه األمانة لتأخذها‪ ،،‬أخرج هذه‬ ‫الطفلة من بين أنياب الوحوش الجائعة لتصبح ابنة له‪..‬‬ ‫ه��ي لحظات ع��ودة الروح لتلك األم البائس��ة‪ ..‬ال ش��كر وال كلم��ات تعبر له عن‬ ‫امتنانها لهذا الحّر‪..‬‬ ‫ه��ذه أمانتكم الت��ي أثقلت صدري‪ ..‬أما أن��ا فقد حان وقت الع��ودة‪ ،‬فهناك وطن‬ ‫يذبح ويس��تصرخ كل من يملك الضمير‪ ،‬هذه الطفل��ة هي من أخرجني من وطني‪..‬‬ ‫اليوم وقد ردت األمانة فال مكان لي هنا‪ ..‬قالها وغادر إلى أرض الوليد «حمص»‪.‬‬ ‫رأت��ه مرتي��ن في الحياة‪ ..‬ف��ي األولى أعطاه��ا «رقم‪ ،‬أدخل الس��كينة في قلبها‬ ‫للحظات»‪ ،‬وفي الثانية أعطاها «ابنتها‪ ،‬وأدخل الفرح في قلبها لدهــر كامل»‪..‬‬ ‫ه��ذه قص��ة وطن‪ ،‬بين ح��ي ثائر من درعا وح��ي أخر ال يقل نخ��وة وكرامة من‬ ‫حمص اجتمعت حبات الوطن الجريح‪..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫إعداد‪ :‬نسيبة هالل‬ ‫يع��ود النش��اط الث��وري‬ ‫المدن��ي ليظه��ر بق��وة على‬ ‫الس��احة الس��ورية بع��د كل‬ ‫الدم��ار ال��ذي لح��ق به��ا من‬ ‫قص��ف النظ��ام و تفجيراته‪،‬‬ ‫فهاه��م اتح��اد الطلب��ة‬ ‫األحرار م��ع مجموعة "وعد يا‬ ‫جامعت��ي" يطلقون سلس��لة‬ ‫م��ن النش��اطات االبداعي��ة‬ ‫ضمن حملة "امتح��ان الدم"‪،‬‬ ‫حي��ث قام��ت العدي��د م��ن‬ ‫التنسيقيات و الطلبة األحرار‬ ‫بصبغ ثمانية شوارع رئيسية‬ ‫من ش��وارع العاصمة دمشق‬ ‫بالل��ون األحم��ر بوق��ت واحد‬ ‫تح��ت عن��وان "دمك حلب صار بكل البلد"و ذلك تخليداً لذكرى ش��هداء جامعة حلب‬ ‫األح��رار الذي��ن آثروا أن يس��لكوا طري��ق العلم و التمس��وا نجاحه��م متحدين كل‬ ‫الصع��اب األمنية‪ .‬و ذلك في الش��وارع التالية‪ :‬طريق الزاه��رة القديمة و الجديدة‪،‬‬ ‫شارع كورنيش الميدان ذهاباً و إيابا‪ ،‬شارع المجتهد بالقرب من ساحة باب مصلى‬ ‫و فرع األمن الجنائي‪ ،‬ش��ارع البدوي‪ ،‬الش��ارع الواصل بين ساحة البرامكة و ساحة‬ ‫الحلبوني‪ ،‬شارع الصناعة‪ ،‬شارع ابن عساكر‪.‬‬ ‫كم��ا ق��ام الثوار بالصالة عل��ى أرواح ش��هداء الطالب في جامع��ة حلب بكلية‬ ‫الهندسة‪.‬‬ ‫أم��ا حملة "دقيقة صمت" ألرواح ش��باب وفتيات طلبوا العلم فنالوا الش��هادة‪،‬‬ ‫فق��د دع��ت إلى دقيق��ة صمت ي��وم الثالثاء المواف��ق ‪ 1 / 22‬الذي يص��ادف ذكرى‬ ‫مرور أس��بوع على حدوث مجزرة جامعة حلب كما ودعت أيام الحرية أحد ناش��طيها‬ ‫الش��هيد " أمجد الس��يوفي " و هو أول من أعلن انشقاقه عن جامعة دمشق‪ ،‬و كان‬ ‫يق��ول‪" :‬عن��دي أمل كتير كبير لتكون بلدي أحلى وإني عم��ر بلدي بإيدي‪ ..‬وتكون‬ ‫بدون فس��اد وبدون رش��وة وبدون محس��وبيات‪ ..‬نكون كلياتنا متساوين بالحقوق‬ ‫والواجب��ات ومانك��ون عبي��د فيه��ا "‪ .‬فالرحمة لك أيها الش��هيد و المج��د لكلماتك‪،‬‬ ‫والصبر و الثبات لنا و ألهلك من بعدك‪.‬‬ ‫و ضمن حملة مناش��ير الدعم النفسي صدر منشور جديد بعنوان "ما يمكنك‬ ‫فعله مع من فقد ش��خصا مقربا له"‪ ،‬و فيه توجيهات لمس��اعدة الفاقد على تجاوز‬ ‫محنته‪ ،‬بمصاحبته في زيارة لقبر الفقيد‪ ،‬أو التحدث عن طبيعة عالقته به‪،‬‬ ‫كم��ا أصدرت أيام الحرية منش��ورا لتجن��ب االصابة من ج��راء قذائف الهاون‪،‬‬ ‫يس��اعدنا في حماية انفس��نا و عائالتنا من القصف‪ ،‬و ذلك بقطع التيار الكهربائي‬ ‫عن المنزل عند القصف و إطفاء كل األنوار‪ ،‬و االتجاء إلى غرفة بعيدا عن النوافذ‬ ‫تجنبا من شظايا الزجاج المتطايرة‪.‬‬ ‫قل «ال» للتطوع في جيش األسد‬ ‫ق��ل «ال» للخدم��ة العس��كرية تحت إمرته ق��ل «ال» للموت دفاع��اً عن طاغية‬ ‫يبيعك ليشتري بدمك أيام حياته و حياة أبنائه قل «ال» لمن يرفض أن يكون ابنه‬ ‫مع��ك «يحمي الوطن» على ذات الحاجز أو في نفس الخندق هل حياة أبنائه أثمن‬ ‫من حياتك؟ و هل وجودهم أغلى من وجودك؟ ال تبع حياتك لمن يرفض دفع حياة‬ ‫أبنائه ثمنًا لها‬ ‫أيام الحرية نشرت هذا األسبوع ملفا بعنوان " دليل الخير"‪ ،‬و هو دليل عرّفت‬ ‫في��ه بكل الجمعي��ات و المنظم��ات التي تعمل عل��ى إغاثة المواطنين الس��وريين‬ ‫المتضررين‪ ،‬و س��يتم مراجع��ة هذا الدليل دوريا ألضافة الجمعيات التي تتش��كل‬ ‫وتتواجد إلعانة السوريين‪.‬‬ ‫مجموع��ة "دولتي" أنتجت فيديو بعنوان " المواطنة"‪ ،‬و فيه تبس��يط و ش��رح‬ ‫لمفاهي��م المواطنة منها الحقوق و الواجبات لكل المواطنين‪ ،‬و المس��اواة و حرية‬ ‫الرأي و عرضها بشكل جذاب‪.‬‬ ‫و ف��ي حمل��ة "كتاب بث��ورة" التي تصدره��ا "حركة وعي"‪ ،‬تحدث��ت عن كتاب‬ ‫"منزلة المرأة في اإلسالم"‪ ،‬الذي يشرح كيف كرم اإلسالم المرأة باعتبارها صانعة‬ ‫اإلنسان و مربيته‪ ،‬و بيدها عقول األجيال‪ ،‬و تقع عل عاتقها تربية وطن‪ ،‬فيا أيتها‬ ‫المرأة‪ :‬من سيبني هذه البلد إالك؟ من سيواسي الجراح سواك؟ من سيألف القلوب‬ ‫ويدواي األفئدة المكلومة؟‬ ‫لنشارك بالثورة‪ ،‬و لنغرس كل ما نستطيع من الفسائل لنبني الوطن‪.‬‬ ‫الثورة السورية ثورة تاريخية عظيمة ‪ -‬مع أيام الحرية شاركنا الثورة‬

‫�أوجـاع وطـن‬

‫‪3‬‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫الثورة ال�سورية‬ ‫والعـــدالة الغائبــــة‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫ف��ي مس��رحية " الذب��اب " الت��ي تمثل‬ ‫أكث��ر من غيرها‪ ،‬موقف س��ارتر م��ن القدر‬ ‫والحرية‪ ،‬فاإلنس��ان عند س��ارتر حر وليس‬ ‫ألعوب�� ًة ف��ي يد أية ق��وة تأتيه م��ن خارجه‪،‬‬ ‫أية قوة منفصلة عنه‪ ،‬فاإلنس��ان حر طليق‬ ‫مستقل اإلرادة‪ ،‬ومن ثم فالمستقبل أمامه‬ ‫مفتوح يش��كله كما يش��اء‪ ،‬ولو كانت هناك‬ ‫ق��وة أخرى تقرر ل��ه من أمر مس��تقبله كل‬ ‫ش��يء‪ ،‬وتع��رف عن مس��تقبله كل ش��يء‪،‬‬ ‫ألغلق أمامه هذا المس��تقبل وأصبح الوجود‬ ‫بالنسبة إليه كشبكة الصائد‪.‬‬ ‫وتق��وم مس��رحية الذب��اب عل��ى‬ ‫األس��طورة الكالسيكية الش��هيرة " أورست‬ ‫في أرجوس " حيث يقدم أروس��ت مع مربيه‬ ‫فيج��د المدين��ة غارق��ة في الن��دم والذباب‪،‬‬ ‫ويح��اول مربي��ه وآخر ه��و " جوبيتي��ر كبير‬ ‫اآللهة "‪ ،‬أن يقنع��اه بمغادرتها‪ ،‬ولكنه يقرر‬ ‫البق��اء ألنها مدينت��ه‪ ،‬وألن علي��ه أن يفعل‬ ‫ش��يئاً ما يمنحه حق االنتماء إليها من جديد‪،‬‬ ‫وكان إيجس��ت قاتل والد أورس��ت وزوج أمه‬ ‫يحكم المدينة تحت س��طوة الشعور بالندم‪،‬‬ ‫وكان��ت الكترا أخت أروس��ت غير الش��قيقة‪،‬‬ ‫تكف��ر وحده��ا به��ذا الدين‪ ،‬وتح��اول نصح‬ ‫مواطنيه��ا‪ ،‬ويرتاع جوبيتي��ر لذلك‪ ،‬ويظهر‬ ‫بع��ض المعج��زات لتخويفه��م‪ ،‬ويلتق��ي‬ ‫أورس��ت بالكترا الت��ي حلمت ط��وال حياتها‬ ‫بعودة أخيها يوماً لالنتقام من قاتلي أبيهما‪،‬‬ ‫ويكش��ف لها عن حقيقته‪ ،‬ويعدها بتحقيق‬ ‫حلمها‪ ،‬ويعود جوبيتير فيظهر من معجزاته‬ ‫م��ا ظنه يقنع أورس��ت بالرحيل دون جدوى‪،‬‬ ‫وعندئذ يحذر أيجس��ت من أن أورست ينوي‬ ‫قتله‪ ،‬ويس��أله هذا األخير لم��اذا ال يمنع هو‬ ‫سر‬ ‫هذه الجريمة‪ ،‬فيكش��ف له جوبيتير عن ٍ‬ ‫رهي��ب‪ ،‬ه��و أن البش��ر أحرار وال يس��تطيع‬ ‫أح��دٌ حتى ل��و كان إلهًا أن يقف في س��بيل‬ ‫حريته��م‪ ،‬وم��ن ثم يمضي أورس��ت فيقتل‬ ‫أيجس��ت‪ ،‬وتص��دم ألكترا بالنتيج��ة فتقتنع‬ ‫بالن��دم أم��ام حج��ج جوبيتي��ر‪ ،‬أما أورس��ت‬ ‫فيتمس��ك بحريته في اختيار الس��لوك الذي‬ ‫يرتضيه هو‪ ،‬ال اآللهة‪ ،‬ويضطلع بمسؤولية‬ ‫أمر ال يعتبره خطأً‪،‬‬ ‫عمله ويرفض الندم عن ٍ‬ ‫ويغادر أرجوس مرفوع الرأس‪.‬‬ ‫أورس��ت صنع حريته بنفسه حين حرر‬ ‫الجمي��ع وقتل الطاغية‪ ،‬بل إن��ه حرر الجميع‬ ‫ليجد لنفس��ه الحرية‪ ..‬إنه��ا حرية الذات قبل‬ ‫كل ش��يء‪ ،‬والثائر الس��وري أورست العصر‬ ‫الحدي��ث المنتصر لحريته‪ ،‬مهم��ا كان الثمن‬ ‫ومهما تخاذل العالم ع��ن نصرته وبالحديث‬ ‫كملحق لملفنا‬ ‫ع��ن التخاذل ثمة خب��رٌ أورده‬ ‫ٍ‬ ‫الس��ابق‪ " ،‬المظلومون ف��ي التاريخ " مفاده‬ ‫إقدام النازح الس��وري "محمد ملس��ي "على‬ ‫االنتح��ار بعدم��ا دخ��ل األراض��ي اللبناني��ة‪.‬‬ ‫هارباً من مخيم اليرموك الذي تد ّكه طائرات‬ ‫النظام بالحمم لينتحر في مخيم عين الحلوة‬ ‫الذي لجأ إليه مع عائلته هارباً من الموت إلى‬ ‫الم��وت‪ ،‬ليلفّ عنقه بحبل ويش��نق نفس��ه‬ ‫على سطح الغرفة التي آوته وعائلته‪.‬‬ ‫ف��ي المقابل يلعب النظ��ام كل أوراقه‬ ‫ال دفاع��اً عن ش��رعيةٍ فقدها من��ذ عامين‪،‬‬ ‫ب��ل ليت��رك الس��وريين يلعق��وا جراحه��م‬

‫طوي� ً‬ ‫لا فال دف��اع وال هجوم ب��ل انتقام من‬ ‫األحرار وس��وريا الكيان والمس��تقبل‪ ،‬ولعل‬ ‫أخطر األوراق وأش��دها مضا ًء على س��وريا‬ ‫المس��تقبل‪ ،‬ورق��ة االقتت��ال الطائفي الذي‬ ‫بش��ر به النظام مع إرهاص��ات الثورة وروج‬ ‫ل��ه إعالميًا واليوم‪ ،‬ومع فش��ل قوات النخبة‬ ‫لدى النظام في حرب العصابات‪ ،‬قرر إنش��اء‬ ‫"جي��ش الدف��اع الوطن��ي" ليض��م اللج��ان‬ ‫الش��عبية الموالية له والمؤلفة من مدنيين‬ ‫والتي نش��أت مع تطور النزاع إلى العس��كرة‬ ‫بهدف حماي��ة األحياء من هجمات المقاتلين‬ ‫المعارضي��ن بحس��ب الموالي��ن إنم��ا م��ع‬ ‫توس��يعها وفي ظل هيكلية جديدة وتدريب‬ ‫أفض��ل‪ ،‬وأف��راد ه��ذا الجيش س��يتقاضون‬ ‫رواتب ش��هرية‪ ،‬وس��يكون لهم زي موحد‪ ،‬و‬ ‫لفت المنسق السياس��ي واإلعالمي للجيش‬ ‫الس��وري الحر لؤي المق��داد‪ ،‬إلى أن "جيش‬ ‫الدفاع الوطني السوري الذي تتجه السلطات‬ ‫الس��ورية إل��ى انش��ائه ه��و تس��مية أخرى‬ ‫لميليش��يات الش��بيحة"‪ ،‬الفتًا إل��ى أن "هذه‬ ‫الميليش��يات يج��ري إنش��اؤها على أس��اس‬ ‫طائفي"‪.‬‬ ‫وكش��ف المق��داد في حدي��ث صحفي‪،‬‬ ‫أن "النظام الس��وري‪ ،‬أفرج مؤخراً عن دفعة‬ ‫م��ن المجرمي��ن المدانين بجرائم الس��رقة‬ ‫والقتل والمخدرات وأنش��أ له��م كيانًا يقاتل‬ ‫إلى جانب��ه ويقتل المواطنين الس��وريين"‪،‬‬ ‫مش��يراً إل��ى أن "اإلف��راج عن ه��ذه الدفعة‬ ‫تزامن مع تشكيل دفعةٍ من الفتيات للقتال‬ ‫إلى جانبه"‪ .‬ورأى المقداد أن "النظام يحاول‬ ‫إيجاد تس��ميات قانونية للشبيحة بعد موجة‬ ‫االنش��قاقات الهائل��ة ف��ي صف��وف الجيش‬ ‫السوري"‪ ،‬فالنظام لم يعد قادراً على ضبط‬ ‫الجيش‪ ،‬وبات مضطراً إليجاد كيانات رديفة‬ ‫موالي��ة ل��ه‪ ،‬يج��د له��ا تس��ميات مختلفة"‪،‬‬ ‫والالفت في التس��ميات التماهي المطلق مع‬ ‫الطاغية‪ ،‬فالميليشيا النسائية المقاتلة إلى‬ ‫جانب األس��د أتت تحت عنوان "لبؤات الدفاع‬ ‫الوطن��ي"‪ ،‬واللبؤة في مملكة الغاب هي من‬ ‫تحترف الصيد بينما يرغد األسد في عرينه‪،‬‬ ‫ولعل أولى النس��اء والفتي��ات اللواتي حملن‬ ‫السالح واس��تلمن عدة حواجز تفتيشية في‬ ‫س��وريا هن الكرديات في كل من الحس��كة‬ ‫وري��ف حلب‪ ،‬إضاف�� ًة إلى فتي��ات من هوية‬ ‫طائفي��ة محددة في مدين��ة حمص‪ ،‬حمص‬ ‫الت��ي أعل��ن النائ��ب ف��ي االئت�لاف الوطني‬ ‫المعارض " ج��ورج صبرا " تعرضها لحمالت‬ ‫تطهي��ر عرق��ي‪ ،‬وهي الجريم��ة التي نصت‬ ‫عليه��ا الم��ادة " ‪ " 11‬م��ن قان��ون المحكمة‬ ‫الجنائي��ة الدولي��ة‪ ،.‬لتض��اف إل��ى سلس��لة‬ ‫الجرائ��م المرتكبة بحق س��وريا‪ ،‬والجنائية‬ ‫الدولية‪ ،‬التي تم��ارس والئها القضائي عن‬ ‫طريق االدعاء العام لدى المحكمة الذي يبدأ‬ ‫باتخاذ اإلج��راءات القضائية إما بمبادرة منه‬ ‫أو بإحال��ة من قبل الدول��ة العضو في نظام‬ ‫روم��ا أو بإيع��از من مجلس األم��ن‪ ،‬وبغياب‬ ‫الس��بيل القانون��ي إلحال��ة الملف الس��وري‬ ‫للجنائية الدولية‪ ،‬فس��ورية ل��م تنضم إلى‬ ‫نظام روما األساس��ي الذي أنشئت المحكمة‬ ‫الجنائي��ة عل��ى أساس��ه‪ ،‬ل��ذا ف��إن إحال��ة‬ ‫القضي��ة تتطلب ق��راراً من مجل��س األمن‪،‬‬

‫وه��و أمر متعذر باعتب��ار أن أبواب المجلس‬ ‫مقفل��ة أم��ام أي ق��رار يتخ��ذ ض��د النظام‬ ‫كيف ال والروس يعتبرون األس��د خطًا أحمر‬ ‫واألمري��كان ينتظ��رون عداد ال��دم وميالن‬ ‫الكفة ليقولوا كلمتهم‬ ‫كم��ا أن م��ا يميّ��ز عم��ل المحكم��ة‬ ‫الجنائي��ة الدولي��ة ه��و أن عمله��ا مكمّ��ل‬ ‫للقض��اء المحلي‪ ،‬وليس بدي� ً‬ ‫لا عنه‪ ،‬لذا إن‬ ‫نظ��ام التكامل هذا يفرض عل��ى المحكمة‬ ‫أن تطل��ب التع��اون م��ن قب��ل ال��دول لكي‬ ‫تق��وم بالمه��ام المطلوبة منه��ا‪ ،‬والتحقيق‬ ‫ف��ي القضايا التي تنظ��ر فيها‪ ،‬فالمحكمة ال‬ ‫تمل��ك األدوات التنفيذي��ة الت��ي ّ‬ ‫تمكنها من‬ ‫اعتقال المتهمي��ن‪ ،‬أو الحصول على األدلة‪،‬‬ ‫بل تعتمد بش��كل كامل عل��ى تعاون كامل‬ ‫وفعّ��ال م��ن قب��ل ال��دول‪ ،‬وه��ذا التكامل‬ ‫المش��روط بالتعاون يعني أن��ه يعود للدول‬ ‫األطراف س��لطة القرار في تمكين المدّعي‬ ‫العام للمحكم��ة من إج��راء تحقيقات جدية‬ ‫وفعّال��ة في أقاليمها‪ ،‬وإتاحة المجال لفريق‬ ‫المحكم��ة م��ن الحص��ول عل��ى الوثائ��ق‪،‬‬ ‫ومعرف��ة األص��ول الت��ي يحوزه��ا المته��م‬ ‫ومصادرته��ا‪ ،‬وإج��راء التحري��ات وضب��ط‬ ‫األدلة‪ ،‬والبحث عن الش��هود وتوفير الحماية‬ ‫له��م‪ ،‬والقب��ض عل��ى األش��خاص الذي��ن‬ ‫تتهمه��م المحكم��ة بارت��كاب جرائم تدخل‬ ‫في اختصاصها وتقديمه��م إليها بالتالي إذا‬ ‫تعاونت الدولة السورية مع المحكمة وهو ما‬ ‫ينافي المنطق القانوني الس��ليم‪ ،‬فستكون‬ ‫هي الخصم والحكم في آنٍ واحد‪.‬‬ ‫وف��ي غياب اإلحالة حالي��اً إلى الجنائية‬ ‫الدولية دعونا نس��تقرأ ما س��يحتويه الملف‬ ‫الس��وري م��ن جرائ��م ن��ص عليه��ا قانون‬ ‫المحكمة‪:‬‬ ‫جريمة اإلب��ادة الجماعية‪ :‬والتي تعني‬ ‫أي فعل يرتكب بقصد إهالك جماعة قومية‬ ‫أو إثني��ة أو عرقي��ة أو دينية إه�لاكاً كليًا أو‬

‫جزئي��ًا "دون االخذ بعي��ن االعتبار الجماعات‬ ‫االجتماعي��ة والسياس��ية "‪ ،‬أي قت��ل أف��راد‬ ‫الجماعة‪ ،‬إلحاق ضرر جسدي أو عقلي بهم‪،‬‬ ‫إخضاعه��م عم��داً ألحوال معيش��ية مزرية‪،‬‬ ‫فرض تدابير لمنع االنجاب‪ ،‬أو نقل االطفال‬ ‫لجماعات اخرى‪.‬‬ ‫الجرائم ضد االنسانية‪ :‬والتي تعني أي‬ ‫فعل ارتكب ضمن إطار هجوم واسع النطاق‬ ‫موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين‬ ‫كالقتل عم��داً‪ ،‬اإلبادة‪ ،‬االس��ترقاق‪ ،‬اإلبعاد‬ ‫القسري للسكان‪ ،‬السجن والحرمان الشديد‬ ‫من الحرية البدني��ة‪ ،‬التعذيب‪ ،‬االغتصاب أو‬ ‫االستعباد الجنسي‪ ،‬أو االكراه على البغاء‪ ،‬أو‬ ‫الحمل القس��ري‪ ،‬أو التعقيم القسري‪ ،‬أو أي‬ ‫شكل من أش��كال العنف الجنسي‪ ،‬اضطهاد‬ ‫أي��ة جماع��ة ألس��باب سياس��ية أو عرقية أو‬ ‫قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية أو متعلقة‬ ‫بنوع الجنس‪ ،‬اإلختفاء القسري لألشخاص‪،‬‬ ‫جريم��ة الفص��ل العنص��ري‪ ،‬األفع��ال ال�لا‬ ‫إنس��انية األخرى ذات الطاب��ع المماثل التي‬ ‫تتس��بب عمداً في معاناة ش��ديدة أو أي آذى‬ ‫خطير يلحق بالجس��م أو بالصحة العقلية أو‬ ‫البدنية‪.‬‬ ‫جرائ��م الح��رب‪ :‬ويك��ون للمحكم��ة‬ ‫اختص��اص فيم��ا يتعل��ق بجرائ��م الح��رب‪،‬‬ ‫وال س��يما عندم��ا ترتكب في إط��ار خطة أو‬ ‫سياس��ة عام��ة أو في إط��ار عملي��ة ارتكاب‬ ‫واسعة النطاق لهذه الجرائم وتعنى " جرائم‬ ‫الحرب "‪:‬‬ ‫االنتهاكات الجس��يمة التفاقيات جنيف‬ ‫المؤرخ��ة ‪ 12‬آب‪ 1949‬أي فع��ل من األفعال‬ ‫التالي��ة ضد األش��خاص أو الممتلكات الذين‬ ‫تحميهم أح��كام اتفاقية جني��ف ذات الصلة‬ ‫مثل‪:‬‬ ‫القت��ل العم��د‪ ،‬التعذي��ب أو المعامل��ة‬ ‫الالإنس��انية بم��ا ف��ي ذل��ك إج��راء تج��ارب‬ ‫بيولوجي��ة‪ ،‬القي��ام عم��داً بإح��داث معان��اة‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ش��ديدة أو إصاب��ات خطي��رة بالجس��م أو‬ ‫بالصح��ة‪ ،‬الح��اق تدمي��ر واس��ع النط��اق‬ ‫بالممتلكات واالس��تيالء عليها دون أن تكون‬ ‫ض��رورة عس��كرية تب��رر ذل��ك وبالمخالفة‬ ‫للقان��ون وبطريقة عابثة‪ ،‬اإلبع��اد أو النقل‬ ‫غير المش��روعين أو الحبس غير المشروع‪،‬‬ ‫أخ��ذ الرهائ��ن‪ ،‬تعم��د توجيه هجم��ات ضد‬ ‫الس��كان المدنيي��ن بصفتهم تل��ك وكذلك‬ ‫ضد األف��راد المدنيي��ن الذين ال يش��اركون‬ ‫مباش��رة في األعمال الحربية‪ .‬تعمد توجيه‬ ‫هجمات ضد منشآت مدنية ال تشكل أهدافا‬ ‫عس��كرية‪ .‬تعمد شن هجمات ضد موظفين‬ ‫أو منش��آت أو م��واد أو وح��دات أو مركب��ات‬ ‫ف��ي مهمة من مهام المس��اعدة اإلنس��انية‬ ‫أو حف��ظ الس�لام عم�لا بميث��اق األم��م‬ ‫المتح��دة ويس��تحقون الحماية الت��ي يتمتع‬ ‫به��ا المدني��ون أو المواقع المدني��ة بموجب‬ ‫القانون الدولي للمنازعات المس��لحـة‪ .‬تعمد‬ ‫ش��ن هجوم م��ع العل��م ب��أن ه��ذا الهجوم‬ ‫سيس��فر عن خس��ائر تبعية ف��ي األرواح أو‬ ‫إصاب��ات بي��ن المدنيين أو ع��ن إلحاق ضرر‬ ‫بأهداف مدنية أو إحداث ضرر واس��ع النطاق‬ ‫وطوي��ل األج��ل وش��ديد للبيئ��ة الطبيعي��ة‬ ‫يكون إفراط��ًا واضحًا بالقي��اس إلى مجمل‬ ‫المكاس��ب العسكرية الملموس��ة والمباشرة‬ ‫المتوقعة‪ .‬مهاجمة أو قصف المدن أو القرى‬ ‫أو المس��اكن أو المبان��ي الع��زالء والت��ي ال‬ ‫تكون أهدافاً عس��كرية بأية وس��يلة كانت‪.‬‬ ‫قتل أو جرح مقاتل ألقى س�لاحه أو لم تعد‬ ‫لدي��ه وس��يلة للدف��اع أو أستس��لم مختاراً‪.‬‬ ‫إس��اءة اس��تعمال علم الهدنة أو علم العدو‬ ‫أو ش��ارته العس��كرية أو زي��ه العس��كري أو‬ ‫عل��م األم��م المتح��دة أو ش��اراتها وأزيائها‬ ‫وكذلك الش��عارات المميزة التفاقيات جنيف‬ ‫مما يسفر عن قتل األفراد أو إلحاق إصابات‬ ‫بالغ��ة بهم‪ .‬قيام الدولة القائمة باالحتالل ‪-‬‬ ‫على نحو مباشر أو غير مباشر ‪ -‬بنقل أجزاء‬ ‫من سكانها إلي األرض التي تحتلها أو إبعاد‬ ‫أو نق��ل كل س��كان األرض المحتلة أو أجزاء‬ ‫منه��م داخل ه��ذه األرض أو خارجها‪ .‬تعمد‬ ‫توجي��ه الهجمات ض��د المبان��ي المخصصة‬ ‫لألغ��راض الديني��ة أو التعليمية أو الفنية أو‬ ‫العلمي��ة أو الخيري��ة أو المعال��م التاريخية‪،‬‬ ‫أو المستش��فيات أو أماك��ن تجم��ع المرضى‬ ‫والجرحى‪ ،‬ش��ريطة أال تك��ون تلك األماكن‬ ‫مستخدمة آنذاك ألغراض عسكرية‪ .‬إخضاع‬ ‫األش��خاص الموجودين تحت سلطة الطرف‬ ‫الخص��م للتش��ويه البدن��ي أو ألي ن��وع من‬ ‫التج��ارب الطبية أو العلمي��ة التي ال تبررها‬ ‫المعالج��ة الطبي��ة أو معالج��ة األس��نان أو‬ ‫المعالجة في المستشفى للشخص المعنى‬ ‫والت��ي ال تجرى لصالحه والتي تتس��بب في‬

‫وفاة ذلك الش��خص أو أولئك األش��خاص أو‬ ‫في تعريض صحتهم للخطر‪.‬‬ ‫نه��ب أي بل��دة أو م��كان حت��ى ل��و تم‬ ‫االس��تيالء علي��ه عنوة‪ .‬اس��تخدام الس��موم‬ ‫أو األس��لحة المس��ممة‪ .‬اس��تخدام الغ��ازات‬ ‫الخانق��ة أو الس��امة أو غيره��ا م��ن الغازات‬ ‫وجميع ما في حكمها من الس��وائل أو المواد‬ ‫أو األجهزة‪ .‬استخدام الرصاصات التي تتمدد‬ ‫أو تتسطح بسهولة في الجسم البشرى مثل‬ ‫الرصاص��ات ذات األغلف��ة الصلبي��ة التي ال‬ ‫تغطى كامل جسم الرصاصة أو الرصاصات‬ ‫المح��ززة الغ�لاف‪ .‬اس��تخدام األس��لحة أو‬ ‫القذائف أو المواد أو األس��اليب التي تس��بب‬ ‫بطبيعته��ا أضرارا زائ��دة أو آالما ال لزوم لها‬ ‫أو تك��ون عش��وائية بطبيعته��ا بالمخالف��ة‬ ‫للقانون الدولي للمنازعات المسلحة‪.‬‬ ‫االعت��داء عل��ي كرام��ة الش��خص‪،‬‬ ‫وبخاص��ة المعامل��ة المهين��ة والحاط��ة‬ ‫بالكرامة‪ .‬االغتصاب أو االس��تعباد الجنسي‬ ‫أو اإلكراه علي البغاء أو الحمل القس��ري‪ ،‬أو‬ ‫التعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال‬ ‫العنف الجنسي يشكل أيضاً‬ ‫ً‬ ‫انتهاكا خطيرًا‬ ‫التفاقيات جنيف‪.‬‬ ‫‪ .‬اس��تغالل وج��ود ش��خص مدن��ي أو‬ ‫أش��خاص آخرين متمتعي��ن بحماية إلضفاء‬ ‫الحصان��ة م��ن العملي��ات العس��كرية علي‬ ‫نقاط أو مناطق أو قوات عس��كرية معينة‪.،‬‬ ‫تعمد توجي��ه هجمات ضد المبان��ي والمواد‬ ‫والوحدات الطبية ووس��ائل النق��ل واألفراد‬ ‫من مس��تعملي الش��عارات الممي��زة المبينة‬ ‫في اتفاقيات جنيف طبقا للقانون الدولي‪.‬‬ ‫‪ .‬تعم��د تجوي��ع المدنيي��ن كأس��لوب‬ ‫من أس��اليب الح��رب بحرمانهم م��ن المواد‬ ‫الت��ي ال غن��ي عنه��ا لبقائهم‪ ،‬بم��ا في ذلك‬ ‫تعم��د عرقلة اإلم��دادات الغوثية علي النحو‬ ‫المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف‪.‬‬ ‫أم��ام وف��رة الجرائ��م المرتكب��ة م��ن‬ ‫قبل النظام‪ ،‬قالت س��هير بالحس��ن‪ ،‬رئيسة‬ ‫الفدرالية الدولية لحقوق اإلنس��ان‪" ،‬فش��ل‬ ‫المجتم��ع الدولي ف��ي وضع حد إل��ى دوامة‬ ‫العن��ف والجرائ��م الوحش��ية اليومي��ة التي‬ ‫تق��ع ف��ي س��وريا خ�لال العامي��ن الماضي‬ ‫والبد أن تنكس��ر هذه الحلق��ة الدامية التي‬ ‫تشهد جرائم بدون أي محاسبة‪ .‬إن المبادرة‬ ‫السويس��رية يمكن أن تس��تتبع موقف رادع‬ ‫ولذلك البد أن تدعمه أكبر عدد من الدول"‪.‬‬ ‫كما ح��ذرت اللجنة الدولية المس��تقلة‬ ‫للتحقي��ق في انتهاكات حقوق اإلنس��ان في‬ ‫س��ورية التابع��ة لمجل��س حقوق اإلنس��ان‬ ‫لألمم المتح��دة منذ أيلول ‪ 2011‬على وقوع‬ ‫جرائ��م ض��د اإلنس��انية م��ن قب��ل القوات‬

‫الحكومي��ة ومنذ ذل��ك تقع جرائم جس��يمة‬ ‫ضد الشعب الس��وري وتدريجيًا ازداد العنف‬ ‫م��ن قب��ل القوات المناهضة لبش��ار األس��د‬ ‫وفي يوم ‪ 15‬آب ‪ ،2012‬أكدت اللجنة الدولية‬ ‫المس��تقلة للتحقي��ق في انته��اكات حقوق‬ ‫اإلنس��ان على ارتكاب جرائ��م حرب وجرائم‬ ‫ضد اإلنسانية‪.‬‬ ‫كما دعت نافي بي�لاي‪ ،‬مفوضة األمم‬ ‫المتح��دة لحق��وق اإلنس��ان مجل��س األمن‬ ‫إل��ى الطلب م��ن المحكمة الجنائي��ة الدولية‬ ‫التحقي��ق ف��ي جرائم الح��رب في س��وريا‪.‬‬ ‫وتأتي دعوتها لتض��اف إلى طلب تقدمت به‬ ‫‪ 57‬دول��ة يدعو إل��ى بدء النظ��ر في قضية‬ ‫جرائ��م الح��رب ف��ي س��وريا‪ .‬إال أن بي�لاي‬ ‫صرح��ت للصحافيي��ن بع��د اجتم��اع مغل��ق‬ ‫لمجل��س األم��ن أنه��ا ال ت��رى مؤش��راً على‬ ‫اس��تعداد المجل��س ال��ذي يض��م ‪ 15‬عضوا‬ ‫والمنقس��م بش��دة بش��ان األزمة السورية‬ ‫المس��تمرة منذ ‪ 22‬ش��هراً على اتخ��اذ قرار‬ ‫بهذا الشأن‪.‬‬ ‫ورداً عل��ى س��ؤال عما تأم��ل تحقيقه‬ ‫على صعيد إحالة الوضع الس��وري للمحكمة‬ ‫الجنائي��ة الدولي��ة‪ ،‬خصوصا وأنه��ا كان قد‬ ‫س��بق له��ا أن تقدم��ت بالطل��ب ذات��ه إل��ى‬ ‫مجل��س األم��ن الدولي في تم��وز الماضي‪،‬‬ ‫أجاب��ت بيالي "أبلغت مجل��س األمن الدولي‬ ‫بأنن��ي كمفوضة س��امية لحقوق اإلنس��ان‪،‬‬ ‫فإن جزءاً من التفويض المخول لي هو لفت‬ ‫االنتب��اه إلى الكيفية الت��ي يرى بها الضحايا‬ ‫الوضع‪ ،‬ومن المؤكد أنهم يرون الوضع على‬ ‫ان األمم المتحدة ال تقوم بمس��ؤوليتها في‬ ‫حماية الضحايا"‪.‬‬ ‫وأك��دت انها س��تواصل "الدعوة إلحالة‬ ‫الوض��ع للمحكم��ة الجنائي��ة الدولي��ة ألن‬ ‫األمم المتحدة ال تدع��م اإلفالت من العقاب‬ ‫عن االنتهاكات الجس��يمة لحقوق اإلنس��ان‪،‬‬ ‫وارت��كاب جرائم خطيرة مث��ل الجرائم ضد‬ ‫اإلنسانية"‪.‬‬ ‫أغلق��ت أب��واب الجنائي��ة الولي��ة ف��ي‬ ‫وجه المجرمين مؤقتاً‪ ،‬إال أنها س��تعاود فتح‬ ‫أبوابه��ا قريباً وفي االنتظار يبقى من واجب‬ ‫الناش��طين والحقوقيين في العالم وخاص ًة‬ ‫المقيمي��ن ف��ي االتح��اد األوروب��ي اللج��وء‬ ‫للقضاء الوطني ورفع دعاوى شخصية على‬ ‫رم��وز النظام حيث تس��مح أغل��ب القوانين‬ ‫األوروبي��ة‪ ،‬به��ذا النوع من الدع��اوى‪ ،‬ولعل‬ ‫آخرها كان الدعوى المرفوعة على ش��ارون‬ ‫أمام القضاء البلجيكي‪ ،‬ولعل التس��اؤل عن‬ ‫إمكاني��ة تنفي��ذ األح��كام يبقى مش��روعاً‪،‬‬ ‫والج��واب أن ماكان متعذراً من��ذ عامين بات‬ ‫متاحاً اليوم فحرك��ة التاريخ لألمام‪ ،‬ومجرد‬

‫الحصول عل��ى أحكام قضائية ٌ‬ ‫كفيل بزيادة‬ ‫الضغط على النظ��ام وزبانيته‪ ،‬و في غياب‬ ‫الع��دل والعدال��ة ع��ن حاضرن��ا أودعكم مع‬ ‫الكبير " أحمد مطر " وقصيدته " يحيا العدل‬ ‫" مع كل اليقين بعدالةٍ تعم أرضنا قريبًا‪:‬‬ ‫أدع إلى دينـك بالحسـنى‬ ‫ودع الباقـي للديّـان‪.‬‬ ‫أمّـا الحكـم‪ ..‬فأمـرٌ ثـان‪.‬‬ ‫أمـرٌ بالعـدل تعـادلـه‬ ‫ال بالعـمّة والقفطـان‬ ‫توقـن أم ال توقـن‪ ..‬ال يعنـيني‬ ‫مـن يدريـني‬ ‫أن لسـانك يلهـج باسـم اهلل‬ ‫ّ‬ ‫وقلبك يرقـص للشيطـان!‬ ‫أوجـز لـي مضمـون العـدل‬ ‫وال تـفـلـقــني بالعنـوان‪.‬‬ ‫لـن تقـوى عنـدي بالتّقـوى‬ ‫ويقينك عنـدي بهتـان‬ ‫إن لم يعتـدل الميـزان‪.‬‬ ‫شعـرة ظلـم تنسـف وزنـك‬ ‫ٍ‬ ‫أن صـالتك أطنـان!‬ ‫لـو ّ‬ ‫اإليمـان الظالـم كـفرٌ‬ ‫والكفـر العادل إيمـان!‬ ‫هـذا ما كتب الرحمـان‪.‬‬ ‫(قال ٌ‬ ‫فـالن عـن عـال نٍ‬ ‫عن فلتـا ٌن عـن علتـان)‬ ‫ٌ‬ ‫أقـوال فيهـا قوالن‪.‬‬ ‫ال تعـدل ميـزان العـدل‬ ‫وال تمنحـني االطمئنان‬ ‫د ع أقـوال األمـس وقـل لي‪..‬‬ ‫ماذا تفعـل أنت اآلن؟‬ ‫هـل تفتـح للديـن الدّنيـا‪..‬‬ ‫أم تحبسـه في د ّكان؟!‬ ‫هـل تعطينا بعـض الجنّـة‬ ‫أم تحجـزها لإلخـوان؟!‬ ‫قـل لي اآلن‪.‬‬ ‫فعلى مختلـف األزمـان‬ ‫والطغيـان‬ ‫يذبحني باسم الرحمان فدا ًء لألوثان!‬ ‫هـذا يذبـح بالتّـوراة‬ ‫وذلك يذبـح باإلنجيـل‬ ‫وهـذا يذبـح بالقـرآن!‬ ‫ال ذنب ّ‬ ‫لكل األديـان‪.‬‬ ‫الذنب بطبـع اإلنسـان‬ ‫وإنّـك يا هـذا إنسـان‪.‬‬ ‫كـن ما شـئت‪ ..‬رئيسـاً‪ ،‬ملكـاً‪ ،‬خانـاً‪،‬‬ ‫شيخـاً دهـقـاناً‪ ،‬كـن أيّـاً كان‬ ‫من جنس اإلنـس أو الجـان‬ ‫ال أسـأل عـن شـكل السّلطـة‬ ‫أسـأل عـن عـدل السّلطان‪.‬‬ ‫هـات العــدل‪..‬‬ ‫وكـن طـرزان‬

‫‪5‬‬


‫داريو�ش �شايغان‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫ما الثورة الدينية؟‬ ‫احل�ضارات التقليدية يف مواجهة احلداثة‬

‫كتابن��ا الي��وم " م��ا الث��ورة الديني��ة "‬ ‫للفيلس��وف الفرنس��ي اإليران��ي داري��وش‬ ‫ش��ايغان‪ ،‬صاح��ب المفهوم الخ��اص “حوار‬ ‫الحض��ارات”‪ .‬والمؤم��ن بأن��ه ال توج��د إال‬ ‫حضار ٌة واح��دةٌ‪ :‬تلك هي الحضارة الحديثة‪،‬‬ ‫ش��ئنا أم أبين��ا‪ .‬إنه��ا عالمي�� ٌة وتُحي��ط بن��ا‬ ‫مِ��ن كل جان��ب‪ .‬وليس هناك مِ��ن هوياتٍ‬ ‫خالصةٍ – جميعنا لديه هوياتٌ مُتعددة‪.‬‬ ‫ال يس��عى كاتبن��ا إل��ى تعري��ف الثورة‬ ‫الديني��ة‪ ،‬الت��ي تطم��ح إل��ى تج��اوز الفجوة‬ ‫التاريخي��ة بقف��زة ارتدادية إل��ى الوراء‪ ،‬بل‬ ‫إل��ى نقض هذا التعريف وتبيان مدى زيفه‪.‬‬ ‫فالث��ورة برأي��ه‪ ،‬تحيل وبش��كل بديهي إلى‬ ‫م��ا هو علم��ي‪ ،‬تغيي��ري‪ ،‬دني��وي‪ ،‬قانوني‪،‬‬ ‫إنس��اني‪ ..‬ف��ي حين يحي��ل الدي��ن بصورة‬ ‫عام��ة إلى ما هو س��رمدي‪ ،‬متعالي‪ ،‬حتمي‪،‬‬ ‫ال دخ��ل ل�لإرادة اإلنس��انية في��ه‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فالحديث عن ثورة دينية أمر ال يس��تقيم مع‬ ‫المنطق العلمي ولكنه يتماش��ى ويتسق مع‬ ‫بني��ة إيديولوجية زائفة طرحته��ا وبلورتها‬ ‫بقوة‪ ،‬الث��ورة اإليرانية منذ أكثر من ثالثين‬ ‫عامًا‪ ،‬بش��عارات دينية ثورية أرادت احتكار‬ ‫األرض والس��ماء معً��ا‪ .‬كت��اب ش��ايغان‬ ‫الذي ج��اء بعد الث��ورة اإليراني��ة أتى ليضع‬ ‫تعريف��اً لال ث��ورة الدينية‪ ،‬باحث��اً في الدين‬ ‫واإليديولوجية‪ ،‬الحداثة والتأخر‪ ،‬المجتمعات‬ ‫الحداثية والمجتمعات التقليدية‪.‬‬ ‫كم��ا يض��يء عل��ى المس��افة التي لم‬ ‫يُحس��ن االنس��ان التأمل فيها بعد وال سبر‬ ‫جغرافيته��ا النفس��ية وال توصّل إلى القطع‬ ‫المعرف��ي ال��ذي يفض��ي ع��ادة إل��ى إراحة‬ ‫المتأم��ل بالخل��وص إل��ى نتيج��ة ترض��ي‬ ‫فضول��ه‪ ،‬وه��و بي��ن نقيضي��ن ادّعيا على‬ ‫م��رّ العص��ور أن القطيع��ة الحاصلة بينهما‬ ‫تعود إلى أصول تاريخية كان فيها إنسانان‪،‬‬ ‫أحدهما اتخذ العقل وحده وس��يلة لتفس��ير‬ ‫ظواه��ر الحي��اة‪ ،‬ثم الك��ون‪ ،‬وأدت بحس��ب‬ ‫المؤل��ف إل��ى العدمي��ة‪ ،‬وآخ��ر اتخ��ذ الروح‬ ‫س��لوكاً أوح��د فيه كل ش��يء‪ ،‬م��ا خال اهلل‪،‬‬ ‫باط��ل‪ ،‬وأفضت بحس��ب ما نراه ف��ي أيامنا‬ ‫هذه إلى أصولية باهتة‪.‬‬ ‫ه��ذه الفج��وة الت��ي يعي��ش العال��م‬ ‫ب��ل يكابد نتائجه��ا التي تطال االنس��انين‪،‬‬ ‫العدم��ي – وإن اختلفن��ا م��ع الكات��ب ح��ول‬ ‫أسس فلسفية لم تتوصل عملياً إلى تحديد‬ ‫أبعاده��ا ومفاعالتها على صعيد المجتمعات‬ ‫الغربي��ة – واآلخر الذي اتخذ الروح "اإليمان"‬ ‫مطيّ��ة س��يدخل عل��ى ظهره��ا الجنّ��ة‪.‬‬ ‫الفج��وة‪“ :‬ال نح��س فيه��ا ال بحماس��ة جالل‬ ‫الدين الرومي الصوفية وال بالش��عور القلق‬ ‫بالعبثية الذي يثيره نقد كافكا الالذع”‪.‬‬ ‫كما يؤكد ش��ايغان على النظرية التي‬ ‫يؤمن به��ا ويرى أنها طريق الخالص‪ ،‬وهي‬ ‫المبني��ة عل��ى ض��رورة التح��اق الحضارات‬ ‫التقليدي��ة العالمثالثي��ة بزم��ن الحض��ارة‬ ‫الغربي��ة الحديث��ة‪ ،‬حت��ى تخ��رج م��ن عنق‬ ‫الزجاج��ة الت��ي وضع��ت نفس��ها فيه��ا‪ .‬وال‬ ‫من��اص له��ذه الحض��ارات الديني��ة الت��ي‬ ‫بقي��ت خ��ارج إط��ار تاري��خ الغ��رب‪ ،‬من أن‬ ‫تخض��ع لقواني��ن الفكر الغربي ومس��لماته‬

‫واش��تراطاته‪ .‬وان تنف��ض يديها من كل ما‬ ‫علق بها من موروثاتها التي كدستها بمرور‬ ‫األزمن��ة‪ .‬وأن تتحرر من وهم ما انتجته في‬ ‫األزمنة الحديثة‪ ،‬في س��عيها الالمجدي إلى‬ ‫التماهي مع العصر‪ ،‬عبر التداخل والتشابك‬ ‫بين مس��تويات ثقافية متناف��رة‪ .‬ومحاولتها‬ ‫خل��ق مطابقات وتماثالت زائف��ة‪ ،‬وتوازنات‬ ‫ومعادالت مغلوطة‪ ،‬مثل مس��اواة الش��ورى‬ ‫بالديموقراطية‪ ،‬والصالة بالرياضة البدنية‪،‬‬ ‫والوضوء بالوقاية الصحية‪.‬‬ ‫أم��ا االتجاه ال��ذي يدلنا عليه ش��ايغان‬ ‫لبلوغ عتبة الدول الراقية‪ ،‬فيتقاطع بطريقة‬ ‫عجيبة مع الدعوة <<الش��رق أوسطية>>‬ ‫الت��ي ظهرت بع��د ظه��ور الكت��اب بطبعته‬ ‫الفرنس��ية بأكث��ر من ثالثة عش��ر عاما‪ .‬أي‬ ‫بسلوك مسار التصويب التربوي والتعليمي‪،‬‬ ‫وتعدي��ل المناهج والكت��ب‪ ،‬وتبديل طرائق‬ ‫التعليم والتفكير في كافة الدول اإلسالمية‬ ‫والشرقية‪.‬‬ ‫ويتقاط��ع كالم ش��ايغان أيض��ا‪ ،‬م��ع‬ ‫منط��ق العدي��د م��ن المثقفي��ن الع��رب‬ ‫والمس��لمين المتنوري��ن والنهضويي��ن‬ ‫الذي��ن س��عوا منذ بداي��ة القرن العش��رين‬ ‫حت��ى اليوم‪ ،‬إلى حلول ناجع��ة لمأزق الفكر‬ ‫التقلي��دي وعثرات��ه وقص��وره ع��ن مواكبة‬ ‫العصر‪ ،‬أثمرت أحيانا مراجعة عميقة إلعادة‬ ‫تجديد المعاني والقيم اإلسالمية‪ ،‬في ضوء‬ ‫استراتيجية الدولة الحديثة‪ ،‬وأخفقت أخرى‪.‬‬ ‫وإزاء م��ا حملته اش��كالية الحداثة من‬ ‫آليات فكري��ة ومفاهيم ومنظ��ورات جديدة‬ ‫للك��ون والتاري��خ‪ ،‬وم��ن اس��تحداث تي��ارات‬ ‫وصور أدبية وفني��ة‪ .‬وقف المفكرون العرب‬ ‫والمسلمون وقفات متفاوتة ومتعارضة من‬ ‫ه��ذه الفتوح��ات العقلية‪ .‬بيد انه��م اجمعوا‬ ‫عل��ى ان مس��يرة التاري��خ آيل��ة إلى اتس��اع‬ ‫وش��مولية‪ ،‬وإل��ى تب��دالت وتح��والت عل��ى‬ ‫كل الصع��د‪ .‬وه��ي ال محالة س��تطاول كل‬ ‫األط��ر والمعايي��ر والقواني��ن والمنظومات‬ ‫العقلية‪ .‬وباتت الحداثة في هذه المجتمعات‬ ‫اإلسالمية أمراً مفروغاً منه‪ ،‬وال رجوع عنه‪.‬‬ ‫المعضل��ة ل��م تع��د ف��ي ه��ذه اآلونة‬ ‫االقرار به��ذه الحداثة باللس��ان او القلب‪ ،‬او‬ ‫االعتراف العلن��ي او الضمني بها‪ .‬المعضلة‬ ‫ف��ي اكتش��اف الوس��يلة والطري��ق األكث��ر‬ ‫نجاع��ة إل��ى انت��اج حداثة كونية مش��تركة‬ ‫إنس��انية الطابع‪ ،‬ومتعددة األطياف‪ ،‬تراعي‬ ‫الخصوصي��ات الحضارية لكل المس��اهمين‬ ‫والمتعاوني��ن ف��ي بنائه��ا ومس��ارها‪ .‬بدل‬ ‫ف��رض ه��ذه الحداث��ة القهري��ة التطويعية‬ ‫التي يدعو إليها شايغان‪.‬‬ ‫في ضوء ما تقدم عن حتمية المس��ار‬ ‫التحديثي‪ ،‬يصبو ش��ايغان إلى فصم سياق‬ ‫الحضارتي��ن التقليديتي��ن اللتي��ن تمث�لان‬ ‫الحض��ارة اإلس�لامية والحض��ارة الهندي��ة‪،‬‬ ‫ع��ن الس��ياق الحدي��ث للفك��ر الغرب��ي‪.‬‬ ‫وتج��ري عملي��ة القط��ع ه��ذه عب��ر تفكيك‬ ‫المماثالت المتس��رعة والمطابق��ات الزائفة‬ ‫والتلفيق��ات المش��بوهة الت��ي تتس��ارع‬ ‫وتيرته��ا ف��ي مجتمعاتنا‪ ،‬مع تس��ارع وتيرة‬

‫الحداث��ة‪ .‬ومحصلة ه��ذه المطابقات هيمنة‬ ‫فكر أيديولوج��ي ديني‪ ،‬بكل م��ا في البنية‬ ‫االيديولوجية من عيوب‪ ،‬إال أنه ينبغي أن ال‬ ‫ننسى أن شايغان قد عاصر نموذجًا مشوهًا‬ ‫لثورة الخميني التي أتت تحت شعار االصالح‬ ‫بصيغ دينية من هنا يفهم القارىء الموقف‬ ‫اإلقصائ��ي‪ ،‬أو الفصل الحتمي الذي ينتهجه‬ ‫" ش��ايغان " وه��و م��ا ق��د يصح ف��ي الحالة‬ ‫االيرانية بالذات دون غيرها‪..‬‬ ‫يق��ول ش��ايغان عن اي��ران الي��وم “إن‬ ‫تحوّل عولمي واس��ع‪.‬‬ ‫إي��ران تمُرّ بعملي��ة‬ ‫ٍ‬ ‫فاإليراني��ون قد وصلوا إل��ى إدراكٍ وجودي‬ ‫بأنه م��ن الض��روري أن نفص��ل الدين ٍ‬ ‫عن‬ ‫الدول��ة‪ ،‬وبهذه الطريقة يتم تمهيد الطريق‬ ‫نح��و الديمقراطية‪ .‬فالعملي��ة الديمقراطية‬ ‫في البلدان اإلس�لامية تعتم��د على قدرتها‬ ‫على التعامل م��ع التعدّدية اإلثنية والدينية‬ ‫والسياس��ية؛ وهي ال تعني بأن الناس يجب‬ ‫أن ال يكونوا مسلمين أو مُتديّنين‪ ،‬وهي ال‬ ‫تتعارض مع إقام��ة دولةٍ علمانيةٍ‪ ،‬بل هي‬ ‫تتع ّلق بإخالء اإلس�لام وإفراغ��ه عن ميدان‬ ‫ّ‬ ‫فمُفك��رون ب��ارزون مث��ل‬ ‫الحي��اة العام��ة‪.‬‬ ‫عب��د الكريم س��وروش ومحس��ن قاديفار‪،‬‬ ‫الذين لع��ب كالهما أدواراً مهم ًة في الحركة‬ ‫الخض��راء‪ ،‬يقول��ون الش��يء نفس��ه‪ ،‬وهُم‬ ‫مس��لمون يمارس��ون ش��عائرهم الدينية”‪،‬‬ ‫يق��ول فيلس��وفنا‪ ،‬مُضيفًا بأنه ه��و اآلخر‬ ‫يعتقد بأن إيران ستنجح في ذلك "‪.‬‬

‫أخي��راً ال ب��د م��ن الق��ول أن " الربي��ع‬ ‫العربي " س��يجيب على تس��اؤالت شايغان‪،‬‬ ‫وينق��ض حتمية الفصل بي��ن الحضارتين‪،‬‬ ‫فخمس��ة ق��رون م��ن الحداثة ل��ن تكون بال‬ ‫فائ��دة هذا مؤكد‪ ،‬رغ��م أن الحداثة الغربية‬ ‫تعيش أزماتها الكبيرة وتسعى إلى تجاوزها‬ ‫بحيويته��ا المعه��ودة وإن غي��ر المؤك��دة‬ ‫حاليً��ا‪ ،‬وم��ع ذل��ك فإن ثم��ة ص��دى مؤثرًا‬ ‫وفاع� ً‬ ‫لا وجدي��دًا للص��وت الغرب��ي يتمث��ل‬ ‫حاليًا بالثورات الش��عبية في البالد العربية‪،‬‬ ‫تون��س‪ ،‬مصر‪ ،‬ليبيا وغيره��ا‪ ،‬واآلفاق التي‬ ‫س��تنفتح عليه��ا ه��ذه الث��ورات لي��س على‬ ‫الصعي��د العرب��ي فق��ط ولكن‪ ،‬وال أخش��ى‬ ‫المبالغ��ة‪ ،‬عل��ى الصعي��د العالم��ي‪ .‬والفكر‬ ‫الغرب��ي الذي كان قادرًا على إنتاج الثورات‪،‬‬ ‫وعن إنت��اج الترياق لنفس��ه وللعالم‪ ،‬وربما‬ ‫ك��فَّ الي��وم تقريبًا عن ذلك‪ ،‬ف��إن الثورات‬ ‫العربي��ة الحالية تجرب��ة يمكن اس��تلهامها‬ ‫والنظر إليها بجدية ُّ‬ ‫وتفكر كبيرين من قبل‬ ‫الغربيين أنفس��هم‪ ،‬لي��س ألنها نمط جديد‬ ‫بالنس��بة للغربيين‪ ،‬وهي ليست كذلك‪ ،‬بل‬ ‫ألنها تدين بج��زء كبير من بنيته��ا وواقعها‬ ‫ونضوجها إل��ى تراث الغ��رب التنويري الذي‬ ‫بدا أن الغرب نفسه في الكثير من اللحظات‬ ‫ق��د نس��يه أو تناس��اه‪ ،‬وألنها أيضً��ا‪ ،‬يمكن‬ ‫أن تمث��ل رافدًا في الش��رق يؤازر ويس��اند‬ ‫األص��وات الحرة التي طالم��ا افتقدها الغرب‬ ‫فيه‪.‬‬


‫مر�ض املوت يف الت�شريع ال�سوري (‪)1‬‬

‫تظه��ر أهمية اإلثب��ات هنا بوصفه‬ ‫ال��درع الواقي للحقوق واألداة الفعالة في‬ ‫تحقي��ق العدل‪ ،‬ويعدّ إثبات مرض الموت‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬

‫الإثبات يف بيع املري�ض مر�ض املوت‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫ال�شروط املو�ضوعية ملر�ض املوت‬

‫تنحص��ر ش��روط م��رض الم��وت‬ ‫المتعلقة بالمرض ذاته في شرطين هما‪:‬‬ ‫أو ًال‪ :‬انته��اء الم��رض بالم��وت فع ًال‪:‬‬ ‫ال ب��د‪ ،‬حتى يك��ون المرض م��ن أمراض‬ ‫الم��وت‪ ،‬م��ن أن ينته��ي ه��ذا الم��رض‬ ‫بالم��وت فع ًال‪ ،‬وتجدر اإلش��ارة إلى أنه قد‬ ‫يكون المرض اآلخر ال��ذي انتهى بالموت‬ ‫فع ًال مرض الموت إذا توافرت فيه شروط‬ ‫مرض الموت‪.‬‬ ‫ثاني��ًا‪ :‬ع��دم امت��داد الم��رض ألكثر‬ ‫من س��نة‪ :‬ال بد‪ ،‬حت��ى يكون المرض من‬ ‫أمراض الموت‪ ،‬م��ن أن ال يمتد ألكثر من‬ ‫س��نة‪ .‬وتحسب مدة السنة من وقت وقوع‬ ‫المرض إلى وقت الم��وت‪ ،‬إذا كانت كامل‬ ‫م��دة الم��رض ال تمت��د ألكث��ر من س��نة‪.‬‬ ‫وتحس��ب مدة الس��نة م��ن وقت اش��تداد‬ ‫الم��رض إلى وقت الم��وت إذا كانت كامل‬ ‫مدة المرض تمتد ألكثر من س��نة وكانت‬ ‫حال��ة المري��ض تتغير فيه��ا‪ ،‬وأكدت هذا‬ ‫الحك��م محكم��ة النقض الس��ورية حيث‬ ‫قض��ت ب��أن مرض الم��وت‪ " :‬يم��وت فيه‬ ‫صاحبه قبل مرور س��نة ف��إذا امتد ألكثر‬ ‫من س��نة يك��ون ف��ي حك��م الصحيح ما‬ ‫ل��م تتغي��ر حال��ه‪ ،‬فتعتبر حال��ه من وقت‬ ‫التغير إلى الوفاة مرض موت ضمن حدود‬ ‫السنة"‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫هناك ثالث��ة حالت ليك��ون المرض‬ ‫م��رض م��وت‪ ،‬وكله��ا أم��ور موضوعي��ة‬ ‫من ش��أنها أن تقيم ف��ي نفس المريض‬ ‫حال��ة نفس��ية ه��ي أن��ه مش��رف عل��ى‬ ‫الم��وت‪ .‬فيفس��ر تصرفه في ض��وء هذه‬ ‫الحال��ة‪ ،‬ويفت��رض أن��ه إنم��ا يوص��ي‪،‬‬ ‫فجعل لتصرفه حك��م الوصية‪ .‬وال حاجة‬ ‫بع��د ذلك إلى التفتي��ش عن خفايا نفس‬ ‫المريض واستكناه ما يضمره‪ ،‬ويكفي أن‬ ‫تقوم هذه العالم��ات المادية امارات على‬ ‫حالت��ه النفس��ية فنقف عندها‪ .‬وش��روط‬ ‫مرض الموت هي‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ الم��رض يقع��د المري��ض ع��ن‬ ‫قضاء مصالحه‪:‬‬ ‫يج��ب أن يجع��ل الم��رض المريض‬ ‫عاج��زاً ع��ن قض��اء مصالح��ه العادي��ة‬ ‫المألوف��ة التي يس��تطيع األصح��اء عادة‬ ‫مباش��رتها‪ .‬وليس واجب��ًا ليكون المرض‬ ‫م��رض موت أن يل��زم المريض الفراش‪.‬‬ ‫فق��د ال يلزمه ويبقى م��ع ذلك عاجزاً عن‬ ‫قضاء مصالحه‪.‬‬ ‫وال عب��رة بانتق��ال المريض مرض‬ ‫الم��وت نفس��ه إل��ى المحكم��ة للتصديق‬ ‫عل��ى العق��د الص��ادر عن��ه‪ ،‬ألن الكات��ب‬ ‫المخت��ص بالتصدي��ق غير مقي��د بإثبات‬ ‫حالة البائع‪ .‬وق��د يجازف المريض مرض‬ ‫الم��وت بالخروج من بيت��ه للقيام ببعض‬ ‫أعمال فردية‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ ويغلب في المرض خوف الموت‪:‬‬ ‫ال يكف��ي أن يقعد الم��رض المريض عن‬ ‫قض��اء مصالحه‪ ،‬بل يج��ب أيضاً أن يغلب‬ ‫فيه خوف الم��وت‪ ،‬فيكون مرض��ًا خطيراً‬ ‫م��ن األمراض التي تنته��ي عادة بالموت‪،‬‬ ‫أو يكون مرضاً بدأ بسيطاً ثم تطور حتى‬ ‫أصبحت حالة المريض سيئة يخشى فيها‬ ‫علي��ه من الموت‪ .‬أم��ا إذا كان المرض لم‬ ‫يصل إل��ى هذا الحد من الخط��ورة‪ ،‬فإنه‬ ‫ال يعتب��ر مرض موت‪ ،‬ولو أعجز المريض‬ ‫عن قضاء مصالحه‪.‬‬ ‫وق��د يك��ون المرض م��ن األمراض‬ ‫التي يشفى منها المريض عادة وال يغلب‬ ‫فيه��ا عادة خ��وف الم��وت‪ .‬فهن��ا ال يعتبر‬ ‫المريض في مرض الموت‪ ،‬وإن عجز عن‬ ‫قضاء مصالحه‪ ،‬ألن المرض ال يغلب فيه‬ ‫الهالك‪.‬‬ ‫وكذلك األم��راض المزمنة إذا طالت‬ ‫بحيث يطمئن المري��ض إلى ابتعاد خطر‬ ‫الموت العاجل‪ .‬وهن��اك رأي يقول بأنه ال‬ ‫يكفي أن يغلب في المرض خوف الموت‪،‬‬ ‫بل يجب أيضاً أن يش��عر المريض بذلك‪،‬‬ ‫وقع��وده ع��ن قض��اء مصالح��ه ليس إال‬ ‫وضعًا ماديًا يدل على شعوره بذلك‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ أن ينته��ي المرض بالموت فع ًال‪:‬‬ ‫وأخي��راً يج��ب أن ينتهي الم��رض بالموت‬ ‫فع ًال‪ ،‬ولو لم يكن الموت بسبب المرض‪،‬‬ ‫كان قت��ل المري��ض أو غ��رق‪ .‬ذل��ك أن‬ ‫المريض وقت أن تصرف كان يشعر بدنو‬ ‫أجل��ه‪ ،‬ولو لم يمت بهذا الس��بب العارض‬ ‫لمات بسبب المرض‪.‬‬ ‫ونرى من ذلك أن المريض بمرض‪،‬‬ ‫يقع��د ع��ن قض��اء المصالح‪ ،‬يغل��ب فيه‬ ‫خ��وف الم��وت إذا تص��رف في مال��ه أثناء‬ ‫هذا الم��رض كان تصرفه به حال حياته‪،‬‬ ‫وال يج��وز للورثة االعت��راض عليه ما دام‬ ‫المريض حياً‪ .‬فإذا انتهى المرض بالموت‬ ‫تعي��ن عن��د ذل��ك أن التص��رف وق��ع في‬

‫م��رض الموت‪ ،‬وج��واز الطع��ن فيه على‬ ‫هذا األساس‪.‬‬ ‫عل��ى أن��ه يمت��د المرض م��ن وقت‬ ‫ص��دور التص��رف إلى وق��ت الم��وت‪ ،‬فإذ‬ ‫انته��ى بم��رض آخ��ر‪ ،‬ه��و ال��ذي انتهى‬ ‫بالم��وت‪ ،‬ل��م يكن الم��رض األول مرض‬ ‫الموت‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ األم��راض المزمن��ة واش��تداد‬ ‫المرض‪ :‬ق��د يطول الم��رض‪ ،‬بأن يكون‬ ‫من األمراض المزمنة كالش��لل والس��ل‪،‬‬ ‫ثم ينتهي بالموت ولكن بعد مدة طويلة‪.‬‬ ‫والقاع��دة ف��ي ه��ذه األم��راض المزمنة‬ ‫أنه��ا ال تعتبر للوهل��ة األولى مرض موت‬ ‫إذا طال��ت دون أن تش��تد بحي��ث يطمئن‬ ‫المري��ض إلى أن المرض قد وقف س��يره‬ ‫ولم يع��د هناك م��ن خطر داه��م‪ ،‬وهذا‬ ‫حتى ولو كان الم��رض قد أقعد المريض‬ ‫ع��ن قض��اء مصالح��ه وألزم��ه الفراش‪،‬‬ ‫م��ا دام ل��م يعد يغل��ب فيه خط��ر الموت‬ ‫العاجل‪.‬‬ ‫ولك��ن إذا اش��تد المرض بع��د ذلك‬ ‫وساءت حالة المريض حتى أصبحت تنذر‬ ‫بدنو األجل‪ ،‬واستمر المرض في االشتداد‬ ‫حت��ى انته��ى بالموت فع� ً‬ ‫لا‪ ،‬فإن��ه يعتبر‬ ‫مرض موت من الوقت الذي اشتد فيه‪.‬‬ ‫وهن��اك رأي ف��ي الفقه اإلس�لامي‪،‬‬ ‫أخ��ذت به المجلة‪ ،‬يقدر المدة التي يطول‬ ‫فيها المرض ويس��تقر فال يعود يخش��ى‬ ‫منه خطر عاجل بسنة‪ .‬فإذا طال المرض‬ ‫المزمن س��نة دون أن يش��تد‪ ،‬ل��م يعتبر‬ ‫مرض موت‪ .‬وإذا اشتد المرض بعد ذلك‪،‬‬ ‫حت��ى انتهى بالم��وت فع ًال قب��ل انقضاء‬ ‫السنة من اشتداده‪ ،‬اعتبر في هذه الفترة‬ ‫مرض موت‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ أصح��اء تقوم بهم حالة نفس��ية‬ ‫تجعله��م ف��ي حك��م المرض��ى بم��رض‬ ‫الموت‪ :‬أن أية حالة مادية تجعل اإلنس��ان‬ ‫يعتق��د بدنو أجل��ه‪ ،‬يكون من ش��أنها أن‬ ‫تثي��ر ف��ي نفس��ه ه��ذه الحالة بال��ذات‪،‬‬ ‫وتك��ون لتصرفات��ه حك��م تصرف��ات‬ ‫المري��ض م��رض الم��وت‪ ،‬ول��و أن��ه لم‬ ‫يكن مريض��اً أص ًال‪ .‬مث��ل المحكوم عليه‬ ‫باإلع��دام ال��ذي ينتظر التنفي��ذ‪ ،‬من كان‬ ‫ف��ي س��فينة على وش��ك الغ��رض‪ ،‬ومن‬ ‫داهم��ه حريق ال س��بيل للنجاة منه‪ ،‬ومن‬

‫حوص��ر في حرب وأيقن أنه مقتول‪ ،‬ومن‬ ‫عقد نيته على االنتحار‪.‬‬ ‫وأكدت هذا الحك��م محكمة النقض‬ ‫الس��ورية حيث قضت بأنه‪ " :‬عندما يكون‬ ‫اإلنس��ان عاج��زاً ع��ن قض��اء مصالحه ال‬ ‫بسبب مرض معين فال يعتبر ذلك بحالة‬ ‫مرض الموت‪ ،‬ألن اإلنس��ان قد يصل إلى‬ ‫سن عالية في شيخوخته تجعله غير قادر‬ ‫عل��ى مباش��رة األعمال المألوف��ة ويكون‬ ‫بحاج��ة إلى من يعاون��ه وليس به مرض‬ ‫وإنم��ا ه��ي الش��يخوخة‪ ،‬فه��ذا ال يك��ون‬ ‫بحالة مرض موت‪ ،‬ويكون لتصرفه حكم‬ ‫تصرفات األصحاء "‪.‬‬

‫م��ن أكثر الموضوع��ات القانونية تطبيقًا‬ ‫وأش��دها حيوية‪ ،‬إذ يتوق��ف عليها ميزان‬ ‫الع��دل وإحق��اق الحق‪ .‬وتقتضي دراس��ة‬ ‫اإلثب��ات في بيع المري��ض مرض الموت‪،‬‬ ‫تحديد عبئه ومضمونه‪.‬‬ ‫أو ًال‪ :‬عبء اإلثب��ات في بيع المريض‬ ‫م��رض الم��وت‪ :‬يقع عل��ى عات��ق الورثة‬ ‫ع��بء اإلثب��ات ف��ي بيع المري��ض مرض‬ ‫الموت‪ ،‬ألنهم هم الذين يطعنون في بيع‬ ‫مورثه��م بأن��ه صادر في م��رض الموت‪،‬‬ ‫واألص��ل أن��ه لي��س ص��ادراً ف��ي مرض‬ ‫الم��وت‪ ،‬ويج��ب عل��ى م��ن يدع��ي خالف‬ ‫األصل إثبات ذلك‪.‬‬ ‫ثاني��ًا‪ :‬مضم��ون اإلثب��ات ف��ي بي��ع‬ ‫المريض مرض الموت‪:‬‬ ‫‪ - 1‬إثب��ات حالة الم��رض‪ :‬يجب على‬ ‫الورث��ة إثبات حالة م��رض الموت‪ ،‬ويثبت‬ ‫الورثة حالة مرض الموت بإثبات ش��روط‬ ‫م��رض الم��وت المتقدمة‪ ،‬فيثب��ت الورثة‬ ‫ن��وع الم��رض‪ ،‬وغلب��ة خوف الم��وت فيه‬ ‫وقت حص��ول التص��رف‪ .‬وال يغن��ي بيان‬ ‫نوع الم��رض من بيان غلب��ة الهالك فيه‬ ‫وإقام��ة الدليل على ذل��ك‪ ،‬ويثبت الورثة‬ ‫أيض��ًا عجز المريض ع��ن رؤية مصالحه‬ ‫في الم��رض‪ ،‬ويثبتوا كذل��ك أن المرض‬ ‫قد انتهى بالموت فع ًال‪ ،‬وأن أمده لم يطل‬ ‫عن السنة‪ ،‬وتجدر المالحظة إلى أن إثبات‬ ‫حصول المرض أو نفيه هو مس��ألة واقع‬ ‫تس��تخلصه محكمة الموضوع من وثائق‬ ‫وتحقيق��ات القضي��ة وال رقاب��ة عليه��ا‬ ‫م��ن محكمة النق��ض مت��ى كان قضائها‬ ‫مبني��اً على أس��باب س��ائغة‪ ،‬وأك��دت هذا‬ ‫الحك��م محكم��ة النقض الس��ورية حيث‬ ‫قال��ت‪ " :‬إن حص��ول هذا الم��رض وتوفر‬ ‫شروطه مس��ألة واقع تستخلصه محكمة‬ ‫الموضوع"‪.‬‬ ‫ويت��م إثب��ات حال��ة م��رض الم��وت‬ ‫بجميع ط��رق اإلثبات ألن��ه واقعة مادية‪،‬‬ ‫ويثب��ت الورثة ع��ادة حالة م��رض الموت‬ ‫باالستش��هاد بأق��وال األطب��اء الذي��ن‬ ‫كانوا يعالج��ون المريض باالس��تناد إلى‬ ‫الش��هادات المقدم��ة منه��م‪ ،‬وال تتوق��ف‬ ‫دع��وة األطباء إل��ى المحكمة الس��تكمال‬ ‫التحقي��ق عل��ى طلب أو رض��اء الخصوم‪.‬‬ ‫ويثب��ت الورث��ة حالة مرض الم��وت أيضًا‬ ‫بشهادة الشهود‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫حني قالت يل مع ّلمتي‪:‬‬ ‫"حافظ الأ�سد كما اهلل ال ميوت"‬

‫فرح السيد‬

‫"عهُدن��ا أن نتص��دّى لإلمبريالية‬ ‫والصهيوني��ة والرجعي��ة وأن نس��حق‬ ‫أداته��م المجرم��ة عصاب��ة اإلخ��وان‬ ‫المسلمين العميلة"‪.‬‬ ‫أم��ام الم��رآة رح��تُ أُردّد ه��ذه‬ ‫العب��ارة ألحفظه��ا م��ن دون أن أفك��ر‬ ‫بفحواه��ا‪ .‬هك��ذا ُطل��ب منّ��ا‪ .‬ردّدتها‬ ‫طوي ً‬ ‫ال وأنا أقصّ "كنزتي" العس��كرية‬ ‫ليبقى منها ياقة أرتديها تحت الس��ترة‬ ‫العسكرية‪.‬‬ ‫ف��ي صب��اح كل ي��وم كن��ت ألملم‬ ‫دفات��ري الس��وفييتية التي اس��تُبدِلت‬ ‫فيه��ا ص��ورة س��تالين بص��ورة "قائ��د‬ ‫مس��يرة التصحي��ح"‪ ،‬وأجم��عُ بع��ض‬ ‫الكتب بما فيها كت��اب القومية العربية‬ ‫المش��بّعة بأقوال "القائد الرمز" حافظ‬ ‫األس��د‪ ،‬والحقاً بأقوال"الس��يد الرئيس‬ ‫الدكت��ور بش��ار األس��د"‪ ،‬وأتّج��ه إل��ى‬ ‫المدرسة‪.‬‬ ‫هك��ذا نش��أنا نح��ن تح��ت قبع��ة‬ ‫"البعث" بإش��راف "األب القائد"‪ ،‬مشاريعَ‬ ‫صغار منذ عمر السنوات السبع‪ .‬إذ‬ ‫جنودٍ‬ ‫ٍ‬ ‫من ذاك العمر كان واجبًا علينا اإلنتساب‬ ‫لمنظمة "طالئع البعث" مروراً بـ"ش��بيبة‬ ‫الثورة"‪ ،‬وصو ًال إلى الحزب "العمالق"‪.‬‬ ‫الس��اعة الس��ابعة صباح��ًا‪ ،‬ف��ي‬ ‫طاب��ور المدرس��ة نصط��ف جميعن��ا‬ ‫بانتظام‪ ،‬نرتدي قبعات الزي الرس��مي‬ ‫(السيدارة)‪ ،‬تكشف الطالبات المحجّبات‬ ‫ع��ن ش��عرهن‪ ،‬ف�لا حج��اب مس��موح‬ ‫داخل المدارس‪ .‬عل��ى خواصرنا ع ّلقنا‬ ‫"الح��زام الزيت��ي" كالرج��ال (المعروف‬ ‫بإس��م النطاق)‪ ،‬يت��م التأك��د من خلو‬ ‫مالمحن��ا م��ن أي تب��رّج عب��ر إمس��اك‬ ‫رموش��نا ّ‬ ‫وحفه��ا بين أصاب��ع المدرِّبة‬ ‫"العسكرية"‪ .‬في بعض الحاالت تمسك‬ ‫المدرب��ة ب��رأس إحدان��ا وتضعه تحت‬ ‫الم��اء وتفرك الوجه بيديها الغليظتين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫س��يعكر‬ ‫حت��ى تتأك��د من أن ال ش��يء‬ ‫الوجه البعث��ي في الطاب��ور المقدّس‬ ‫الذي تشرف عليه‪.‬‬ ‫نأخذ اإليعاز‪ ،‬نرفع رؤوس��نا باتجاه‬ ‫العل��م الس��وري المرفرف عل��ى حافة‬ ‫الحائ��ط الحج��ري الج��اف مس��تعدّين‬ ‫لألوام��ر العس��كرية‪ ،‬وأمامن��ا يق��ف‬ ‫أس��اتذتنا بزيّهم المدن��ي‪ ،‬ثم يصدح‬ ‫النشيد الوطني‪.‬‬ ‫المناسبات الوطنية‪ ،‬ما أكثرها في‬ ‫ظ��ل انتصارات األس��د العدي��دة‪ :‬ميالد‬ ‫الح��زب‪ ،‬ذك��رى الحرك��ة التصحيحي��ة‬ ‫المجيدة‪ ،‬وحرب تش��رين التي انتصرت‬ ‫فيها إرادة "الجيش السوري على العدو‬ ‫الغاش��م"‪ ،‬بحس��ب أق��وال "الرئي��س‬ ‫الخالد حافظ األس��د" التي غزت جدران‬ ‫المدرس��ة كله��ا والت��ي تتراف��ق م��ع‬ ‫رسومات تصور "قواتنا الباسلة"‪.‬‬ ‫وكنا نحن نستعد لهذه المناسبات‪،‬‬ ‫كما اعت��ادت ان تتحضر لها كل الدوائر‬ ‫والمؤسس��ات الحكومي��ة والخاص��ة‪،‬‬

‫وكان يس��بق هذا الي��وم المجيد عطلة‬ ‫للتحضي��ر للرقص��ات والع��روض‬ ‫المس��رحية والهتافات واألناش��يد التي‬ ‫تمج��د القائ��د وتبجّل القائ��د وتحتفي‬ ‫بالقائ��د‪ .‬وكنّ��ا نق��ف جميعن��ا "رعاي��ا‬ ‫األس��د" مس��تعدين‪ ،‬ويب��دأ األطف��ال‬ ‫مرتدي��ن زيّ الطالئ��ع بالغن��اء أم��ام‬ ‫ص��ورة الرئي��س‪" :‬للبع��ث ي��ا طالئ��ع‬ ‫للنص��ر‪ ،‬ي��ا طالئ��ع أقدامن��ا حق��ول‪،‬‬ ‫طريقن��ا مصان��ع‪ ،‬وتلم��ع الراي��ات في‬ ‫مواكب الطالئع‪ ،‬يا راية الحرية يا شعلة‬ ‫القضي��ة‪ ،" ..‬وهكذا يتحول الطفل إلى‬ ‫عس��كري‪ ،‬ويبدأ بتع ّل��م أن يكون جزءاً‬ ‫م��ن القطيع‪ ،‬والتبعي��ة الخالصة للقوة‬ ‫األكبر‪ ،‬ويعتاد على ترداد ما يقال له‪.‬‬ ‫ويهج��م "أش��بال األس��د" ش��بيبة‬ ‫الث��ورة‪ ،‬برقصة عس��كرية عل��ى وقع‬ ‫أنغام نش��يد "تسلم للش��عب يا حافظ‪،‬‬ ‫أم��ل الماليين ي��ا حافظ‪ ،‬ع ّلي��ت الراية‬ ‫يا حاف��ظ‪ ،" ..‬فيما يجهِّ��ز رجال "حزب‬ ‫البع��ث" م��ن طلب��ة الثانوي��ة عرضهم‬ ‫المس��رحي ف��ي محاولة إلع��ادة تمثيل‬ ‫منج��زات وانتص��ارات الح��زب بقي��ادة‬ ‫األس��د‪ .‬وتختت��م االحتف��االت ويش��بع‬ ‫النظ��ام غريزت��ه ف��ي الس��لطة برؤية‬ ‫الجيل الجديد خاضعاً له‪.‬‬ ‫أنت كس��وري مراهق مُجبَر على‬ ‫االنتس��اب لشبيبة الثورة ومن ثم حزب‬ ‫البع��ث‪ ،‬خيارك فيهما أن تنتس��ب أو أن‬ ‫تنتس��ب‪ .‬أما أن تك��ون مراهق��اً كرديًا‬ ‫س��ورياً‪ ،‬فعلي��ك أن��ت غي��ر العربي أن‬ ‫تقول‪ ،‬عل��ى نحو ما حصل مع زميلتي‪:‬‬ ‫"أمّة عربية واحدة ذات رس��الة خالدة"‪،‬‬ ‫فه��ذه مفارق��ة ال تعنيه��م‪ .‬علي��ك أن‬ ‫تق��ول ذلك‪ ،‬حتى لو لم تكن مؤمناً به‪.‬‬ ‫ق ُله وغادر إلى منزلك ونم‪.‬‬ ‫ألول م��رة تش��عر ب��أن لس��انك‬ ‫تخدر‪ ،‬وأن أطرافك بدأت ترتجف‪ ،‬وهنا‬ ‫تتعلم االنصياع ألوامر النظام وتش��عر‬ ‫بالخ��وف للم��رة األول��ى على نفس��ك‬ ‫وعل��ى أس��رتك‪ ،‬تتعلم الصم��ت تحت‬ ‫قسم االنتساب وفق الفساد الدستوري‬ ‫للمدرسة والقائمين عليها‪ ،‬فيما يتعلم‬ ‫الطلب��ة في بالد أخ��رى كيفية التعامل‬ ‫مع مرحلة البلوغ‪.‬‬ ‫‪ 10‬حزي��ران ‪ 2000‬م��ات حاف��ظ‬ ‫األس��د‪ ،‬وكان موت��ه معجزة س��ماوية‪،‬‬ ‫كنّ��ا نظ��ن أن الديكتات��ور "األب" ال‬ ‫يم��وت‪ ،‬فتمجيده اليومي أثن��اء تع ّلمي‬ ‫للنطق‪ ،‬جع��ل موته عصي��ًا حتى على‬ ‫اآللهة‪.‬‬ ‫حينما استلم بشار الرئاسة دخلتُ‬ ‫إل��ى المدرس��ة بع��د عطل��ة صيفي��ة‬ ‫توزّعت بين الحزن على موت "الخالد"‪،‬‬ ‫والتهلي��ل بتعيين االب��ن‪ ،‬كنا مرتبكين‬ ‫ح��ول ما س��نردّده م��ن ش��عارات‪ ،‬وإذ‬ ‫به��ا لم تختل��ف إال بإضاف��ة كلمة خالد‬ ‫مالزم��ة الس��مه‪ ،‬بق��ي قائدن��ا إل��ى‬ ‫األب��د األمي��ن (الخال��د) حافظ األس��د‪،‬‬

‫و"استرح"‪..‬‬ ‫دخل الجميع إلى صفوفهم‪ ،‬دفعني‬ ‫فضول��ي المراه��ق إلى الرك��ض نحو‬ ‫المديرة‪ .‬أخذتُ نفس��اً عميقاً ووضعت‬ ‫رأسي في األرض (بحسب العادة) وقلت‬ ‫لها‪" :‬بما إنو حافظ مات واس��تلم بشار‪،‬‬ ‫لي��ش ما بنقول قائدنا إلى األبد األمين‬ ‫بشار األسد"‪ ،‬أمسكتني من شعري في‬ ‫حينه��ا وأدخلتني إلى مكتبه��ا وأغلقت‬ ‫الب��اب‪ ،‬وقالت بصوت خاف��ت‪" :‬الرئيس‬ ‫حافظ األسد ما بيموت‪ ،‬متل اهلل"‪.‬‬ ‫فتحَ��ت الب��اب‪ ،‬وضعَ��ت يده��ا‬ ‫الثقيل��ة عل��ى كتف��ي الصغي��ر‪ ،‬نادت‬ ‫مدربة "العسكرية" وقالت لها‪" :‬نزّليها‬ ‫لتح��ت خ ّليه��ا تزح��ف كل الس��احة‪،‬‬ ‫وبعدي��ن توقف على رج��ل وحدة طول‬ ‫النهار"‪ .‬لم تسألها عن السبب ولم يكن‬ ‫يحق لي االعتراض آنذاك‪.‬‬ ‫ذاك الي��وم أصابن��ي إره��اق قوي‬ ‫بم��ا يريدونن��ي أن أك��ون‪ ،‬مراهق��ة‬ ‫تم��ارس بعثهم ب��كل استس�لام‪ ،‬إلى‬ ‫أن ت��م تس��ريحي م��ن المدرس��ة بعد‬ ‫الثانوي��ة‪ ،‬وب��دأتُ مرحلة أخ��رى أركل‬ ‫فيها كل م��ا في داخلي م��ن نظامهم‪،‬‬ ‫بحذر‪ ..‬عبر غزة ومص��ر وليبيا‪ ،‬إلى أن‬

‫أت��ت اللحظة ألفجّر كما فعل الكثيرون‬ ‫الخ��وف م��ن األب الخالد واالب��ن‪ ،‬ومن‬ ‫نظ��ام المخاب��رات الذي ألصق نفس��ه‬ ‫على نضوجي‪ ،‬وكانت الوالدة الحقيقية‬ ‫والبل��وغ الطبيعي ألجيال ع��دّة تربّت‬ ‫كالعس��كر الخاضع لتخدم األس��د‪ ،‬بأن‬ ‫تلعن روح��ه وتثور ضده وضد ‪ 40‬عامًا‬ ‫من تاريخهم معه‪.‬‬ ‫الس��اعة الواح��دة ظه��راً ف��ي أحد‬ ‫أي��ام آذار ‪ 2012‬خرجَ��ت ‪ 3‬فتي��ات في‬ ‫وس��ط دمش��ق‪ ،‬حملن الفتات الحرية‪،‬‬ ‫وتوجّه��ن نحو المدرس��ة الت��ي ّ‬ ‫تلقين‬ ‫فيه��ا تعليمه��ن‪ .‬وقف��ن أمامه��ا‪ ،‬على‬ ‫رغم وج��ود رج��ال الش��رطة وعناصر‬ ‫األمن في كل ثقوب الشارع‪ .‬على مرأى‬ ‫من كل العابري��ن‪ ،‬رفعن الفتاتهن في‬ ‫وجه ‪ 18‬عامًا‪.‬‬ ‫لقد ّ‬ ‫نف��ذت هؤالء الفتي��ات الثالث‬ ‫ثورته��ن الخاص��ة ف��ي وج��ه النظ��ام‬ ‫وانتقمن لطفولة دمّرها نظام"البعث"‪.‬‬ ‫صحيح أن لكل س��ببه ك��ي ينخرط في‬ ‫الثورة على النظام‪ ،‬لكن كل السوريين‬ ‫تعرض��وا لتش��ويه واح��د ف��ي مدارس‬ ‫"البعث" العسكرية‪.‬‬ ‫عن موقع لبنان اآلن‬


‫ياسر مرزوق‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫هنانو خارجًا من السجن عندما برأه فتح اهلل صقال‬

‫الفرنس��ي واستحلفه بش��رفه العسكري لو‬ ‫كان مكان��ه من يخت��ار للدفاع عن��ه‪ ،‬فتردد‬ ‫النائب العام ف��ي اإلجابة ولكن إلحاح هنانو‬ ‫جعله يقول لو كنت مكانك الخترت فتح اهلل‬ ‫الصق��ال‪.‬؟ جلس الصق��ال مع هنان��و أيامًا‬ ‫وس��اعات وقصّ علية قصة كفاحه ونضاله‬ ‫في س��بيل أمته وب�لاده‪ ..‬فقال الصقال عن‬ ‫هنانو‪ ،‬إنه رجل ذك��ي‪ ،‬صلب العقيدة‪ ،‬قوي‬ ‫اإلرادة‪ ،‬عيناه تش��عّان بنور غريب‪ ،‬وتكادان‬ ‫تقذفان شرراً‪.‬‬ ‫وما إن أعلنت براءة الزعيم الكبير حتى‬ ‫أضح��ى األس��تاذ الصقال من أكب��ر محامي‬ ‫سوريا رغم حداثة سنه‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،1929‬تس ّلم مقاليد مشاريع‬ ‫الكلم��ة الخيري��ة م��ن مؤسّس��ها الفاض��ل‬ ‫األب بول��س قوش��اقجي‪ ،‬ال��ذي رح��ل إل��ى‬ ‫أمريكا الش��مالية‪ ،‬والذي كان قد أنش��أ هذه‬ ‫المش��اريع في ش��هر حزي��ران ‪ ،1924‬وفي‬ ‫عام ‪ 1929‬أصدر مج ّلة الكلمة ‪ -‬وكانت قبل‬ ‫ذلك جريدة أس��بوعية ‪ -‬وكان يتو ّلى رئاسة‬ ‫تحريرها‪ .‬وقد أصدر منها أربعين مجموعة‪.‬‬ ‫في ‪ 18‬تش��رين األوّل ‪ 1931‬شيّد دار‬ ‫العجائ��ز على قطعة أرض وهبها لمش��اريع‬ ‫الكلمة‪ .‬وس��عى إلى إقامته��ا بماله وبأموال‬ ‫المحسنين‪.‬‬ ‫وف��ي ‪ 25‬نيس��ان ‪ 1935‬عُق��د قرانه‬ ‫على اآلنس��ة كيتّا كريمة المحس��ن الكبير‬ ‫الس��يّد ألبي��ر حمص��ي‪ ،‬وحفي��دة العالم��ة‬ ‫قسطاكي الحمصي‪.‬‬ ‫في ‪ 26‬آذار ‪ ،1944‬وضع السيّد شكري‬ ‫القوّتل��ي‪ ،‬رئي��س الجمهوري��ة الس��ورية‬ ‫يومئ��ذٍ‪ ،‬حج��رَ األس��اس ف��ي مستش��فى‬ ‫الكلمة ف��ي احتفال رائع‪ .‬وف��ي ‪ 17‬حزيران‬ ‫‪ 1951‬انتهى بناء مش��فى الكلمة‪ ،‬ودُشّنَ‬ ‫برعاي��ة الس��يّد هاش��م األتاس��ي‪ ،‬رئيس‬ ‫الجمهورية السورية وقتذاك‪.‬‬ ‫وقد شغل الصقّال في حكومة الزعيم‬ ‫حس��ني الزعي��م وزارة االقتص��اد الوطن��ي‬ ‫م��ن ‪ 16‬نيس��ان ‪ 1949‬ولغاي��ة ‪ 26‬حزيران‬ ‫‪ ،1949‬أي استمرّت الوزارة شهرين وعشرة‬

‫أيّ��ام‪ .‬وش��غل ف��ي حكومة رئي��س الوزراء‬ ‫محس��ن البرازي وزارة األش��غال العامّة من‬ ‫‪ 26‬حزي��ران ‪ 1949‬ولغاي��ة ‪ 14‬آب ‪ 1949‬أي‬ ‫اس��تمرّت ش��هراً واحداً وثمانية عشر يومًا‪.‬‬ ‫وله الفض��ل األوّل في جرّ مياه الفرات إلى‬ ‫مدينة حلب‪.‬‬ ‫في ع��ام ‪ 1955‬اعتزل صقال المحاماة‬ ‫ليتفرغ للعم��ل الخيري واألهل��ي‪ ،‬وللكتابة‬ ‫ليت��رك ثمانية مؤلفات ه��ي‪" :‬من ذكرياتي‬ ‫ف��ي حكوم��ة حس��ني الزعي��م‪ ،‬خط��رات‬ ‫ونظ��رات‪ ،‬م��ن ذكرياتي ف��ي المحاماة (في‬ ‫جزأي��ن كبيرين)‪ ،‬ثالثون س��نة ف��ي خدمة‬ ‫اإلنس��ان‪ ،‬ف��ي العال��م الجديد‪ ،‬إنس��انيّون‬ ‫وأوروبا أمس واليوم"‪.‬‬ ‫ف��ي ‪ 18‬ش��باط ‪ 1960‬وض��ع الرئيس‬ ‫جم��ال عب��د الناص��ر‪ ،‬رئي��س الجمهوري��ة‬ ‫العربية المتّحدة‪ ،‬حجرَ األساس لدير كرمل‬ ‫س��يّدة عذراء س��ورية في احتفال رس��مي‬ ‫ش��عبي بلغ منتهى الروعة‪ .‬وق��د بُنيَ هذا‬ ‫الدي��ر‪ ،‬بم��ال األس��تاذ فت��ح اهلل الصقّ��ال‪،‬‬ ‫وبأموال أسرته الكريمة التي قدّمت األرض‬ ‫أيض��ًا‪ ،‬ويُعَدُّ ه��ذا الدير أح��د وأكبر أديرة‬ ‫الكرمل في العالم‪ .‬يذكر الصحفي "فيكتور‬ ‫كال��وس" ف��ي مذكرات��ه والت��ي ج��اء فيها‪:‬‬ ‫«انته��ز المحامي "فتح اهلل صقّ��ال" فرصة‬ ‫وجود الرئيس "جمال عبد الناصر" في حلب‬ ‫لوض��ع حج��ر األس��اس لدير "كرمال س��يدة‬ ‫عذراء س��ورية" بأن قدم له ورقة طلب فيها‬ ‫عفواً عن س��جناء سياس��يين أوقفهم اللواء‬ ‫"عفيف البزري"»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ف��ي ‪ 3‬كان��ون األوّل ‪ 1966‬أصي��ب‬ ‫بم��رض عج��ز ع��ن دفعه الط��بّ وال��دواء‪.‬‬ ‫وتوف��ي عام‪ ،1970‬شُ��يّع جثمان��ه بموكب‬ ‫مهيب رسمي وشعبي‪ ،‬ونعته ّ‬ ‫محطة اإلذاعة‬ ‫ّ‬ ‫ومحط��ة إذاع��ة حلب‪ ،‬كم��ا نعته‬ ‫العربي��ة‪،‬‬ ‫كبري��ات الصحف‪ .‬وكرمته الدولة الس��ورية‬ ‫إذ حاز وس��ام االستحقاق السوري‪ ،‬ولدى نبأ‬ ‫وفاته أرس��ل الدكتور "نور الدين األتاس��ي"‬ ‫رئيس الدولة برقية تعزية ألسرة الفقيد‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬

‫ول��د فتح اهلل بن ميخائي��ل صقّال في‬ ‫مدينة حلب عام ‪1893‬م‪ .‬تلقَّى دروس��ه في‬ ‫مدرسة األرض المقدَّسة في حلب‪ .‬وقضى‬ ‫س��نوات الحرب العالمية ُ‬ ‫األولى في القاهرة‪،‬‬ ‫حي��ث درس المحام��اة‪ .‬وف��ي أثناء دراس��ته‬ ‫عمل ف��ي جري��دة "األه��رام" المصرية في‬ ‫تحري��ر المق��االت الحقوقي��ة واالجتماعي��ة‪.‬‬ ‫توجه بعدها إلى فرنس��ا‪ ،‬حيث قدّم امتحان‬ ‫الحقوق‪ ،‬ونال ش��هادة المحاماة بتفوُّق من‬ ‫جامعة "إكس آن بروفنس "‪.‬‬ ‫وف��ي ع��ام ‪ 1919‬ع��اد إل��ى حل��ب‪،‬‬ ‫وم��ارس مهنة المحاماة‪ ،‬حي��ث تو ّلى الدفاع‬ ‫عن الزعيم إبراهي��م هنانو‪ ،‬أمام المحكمة‬ ‫العسكرية الفرنسية‪ ،‬وانتزع له البراءة ممّا‬ ‫نُس��ب إليه م��ن تهم‪ .‬كما تو ّل��ى الدفاع في‬ ‫أش��هر القضايا الجنائي��ة والحقوقية‪ ،‬ومنها‬ ‫قضية غزالة‪ ،‬وقضايا وقف العثمانية‪.‬‬ ‫ولعل محاكمة الزعيم الوطني إبراهيم‬ ‫هنان��و م��ن أه��م المحاكم��ات التاريخي��ة‬ ‫المش��رفة في تاري��خ الجه��اد الوطني‪ ،‬ولم‬ ‫يس��بق ف��ي تاريخ الث��ورات الوطني��ة مثيل‬ ‫لها‪ ..‬فقد حُكم على إبراهيم هنانو الزعيم‬ ‫الوطني زمن االنتداب الفرنسي أربع أحكام‬ ‫غيابي��ة باإلعدام من قب��ل محكمة الجنايات‬ ‫العس��كرية التابعة للمس��تعمر الفرنس��ي‪،‬‬ ‫مم��ا اضطره لمغ��ادرة معاقله إل��ى القدس‬ ‫حي��ث قب��ض علي��ه اإلنجليز هن��اك في ‪13‬‬ ‫أغس��طس ‪1921‬م وس��لموه إلى المستعمر‬ ‫الفرنسي‪.‬‬ ‫و بع��د القب��ض على هنان��و قُدّم إلى‬ ‫محكم��ة الجناي��ات العس��كرية الفرنس��ية‬ ‫بتهم��ة اإلخ�لال باألم��ن والقي��ام بأعم��ال‬ ‫إجرامي��ة‪ ،‬وعقدت المحاكمة أولى جلس��اتها‬ ‫في ‪ 15‬آذار ‪1922‬م‪ ،‬في ظل إجراءات أمنية‬ ‫مش��ددة لم تش��هدها حلب من قبل‪ ،‬وترافع‬ ‫فت��ح اهلل الصقال أبرز محام��ي حلب للدفاع‬ ‫عن هنان��و‪ ..‬حيث أظه��ر أن التهم��ة باطلة‬

‫كون هنان��و خصمًا سياس��ياً وليس مجرماً‪،‬‬ ‫بدليل أن الفرنس��يين قبلوا بالتفاوض معه‬ ‫مرتي��ن ووقع��وا مع��ه هدن��ة‪ ..‬وعندما قال‬ ‫رئيس المجلس العرفي العس��كري للزعيم‬ ‫هنانو‪ :‬إن الش��عب الس��وري لم يطلب منك‬ ‫إع�لان الث��ورة؟‪ ..‬وب��دون إذن م��ن الرئيس‬ ‫وقف س��عد اهلل الجاب��ري وق��ال‪« :‬إننا نحن‬ ‫الذين طلبنا من الزعي��م هنانو مقاتلتكم‪..‬‬ ‫ونحن لن نتخل��ى عن مقاتلتكم‪ ،‬مادام فينا‬ ‫وطني واحد‪ ،‬حتى تخرجوا من بالدنا»‪.‬‬ ‫ف��ي ‪ 25‬آذار ‪1922‬م طال��ب النائ��ب‬ ‫الع��ام الفرنس��ي بإعدام��ه قائ� ً‬ ‫لا‪ " :‬ل��و أن‬ ‫لهنانو سبعة رؤوس لطلبت قطعها جميعاً"‪.‬‬ ‫لكن القاضي الفرنس��ي أطلق سراح هنانو‬ ‫معتبراً ثورته ثورة سياسية مشروعة‪ ،‬معلنًا‬ ‫استقاللية السلطة القضائية الفرنسية عن‬ ‫السلطة العسكرية‪.‬‬ ‫في منتصف شهر آب عام ‪ 1921‬وصل‬ ‫هنان��و إل��ى حل��ب موقوف��اً وأودع الس��جن‬ ‫العس��كري‪ ،‬وكان يومئذ في الخان المعروف‬ ‫ب (خ��ان اس��تانبول العس��كري) وفي صباح‬ ‫الي��وم الراب��ع والعش��رين من ش��هر أيلول‬ ‫ع��ام ‪ ،1921‬وردت إل��ى المحام��ي فتح اهلل‬ ‫الصق��ال‪ ،‬مذك��رة بإمض��اء النائ��ب الع��ام‬ ‫العس��كري الفرنس��ي‪ ،‬وفيها أنه يس��مح له‬ ‫بمقابل��ة المته��م إبراهي��م هنان��و بصفته‬ ‫وكي ًال عنه‪ ..‬استغرب الصقال هذه المذكرة‪،‬‬ ‫ألنه ال يعرف هنانو ولم يس��بق له أن التقاه‬ ‫في أي مكان أو مناس��بة ولم يطلب منه أحد‬ ‫أن يك��ون وكي ًال عن هنان��و‪.‬؟ ورأى الصقال‬ ‫أن يتوج��ه إل��ى الس��جن‪ ،‬ليتح��رى األم��ر‬ ‫بنفس��ه‪ ..‬ذهب الصقال إلى السجن والتقى‬ ‫هنان��و وتبيّن ل��ه أن هنانو أيض��ًا ال يعرف‬ ‫فس��أله عن س��رِّ اختياره ل��ه للدف��اع عنه‪،‬‬ ‫فق��ال هنان��و‪ :‬إن العش��رات م��ن المحامين‬ ‫في س��ورية تطوع��وا للدفاع عن��ه وقبل أن‬ ‫يختار واح��داً منهم التفت إل��ى النائب العام‬

‫وجوه من وطني‪. .‬‬

‫فت��ح اهلل �صقال ‪1970 - 1893‬‬

‫‪9‬‬


‫دندنات اندساسية ‪. .‬‬

‫جردون باملدينة‬ ‫هادا‬ ‫يوم استلمت بإيدي أول ورقة إجازة‬ ‫بنص دورة "األغرار‪" ،‬‬ ‫كنت عم ف ِرك عيوني‬ ‫ماسكها ومو مصدق‪ :‬أسبوع إجازة كامل!!‬ ‫العما!!‬ ‫كرفتة‬ ‫نزلت ع كراجات مصياف‪،‬‬ ‫ونطيت بالهوب ‪ -‬هوب ع الشام نط‪،‬‬ ‫وكل��ي تصمي��م إن��ي إرج��ع بن��ي آدم ‪ -‬ول��و لمدة‬ ‫هاألسبوع!!‬

‫***‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫وطوال هالطريق‪،‬‬ ‫مغمض عيوني‪ ،‬وعم إفتل براسي‬ ‫كل احتم��االت الروحات والجيات ‪ /‬ش��وارع الش��ام ‪/‬‬ ‫القه��اوي واألراكي��ل ‪ /‬الرفقات ‪ /‬صندويش��ات الش��يش‬ ‫طاووق عند "أونو" ‪ /‬برتيات التريكس يللي بدي إربحها‪،‬‬ ‫كرت كرت عم خططلها‪،‬‬ ‫كل شي‪ ،‬كل شي ‪-‬‬ ‫بما في ذلك ريحة بنات الشام يللي اشتقتللها‪.‬‬

‫***‬

‫من الكراجات‬ ‫ع الميكرو‬ ‫ع البيت ‪-‬‬ ‫ما فيه حدا بالبيت‪.‬‬ ‫بوشي ع الحمام فوراً‪ ،‬نقعت حالي‪،‬‬ ‫بعدين طلعت‬ ‫ولبست لبس بني آدمين‪ ،‬نضيف‪،‬‬

‫وحطيت البارفان‪ ،‬بقا سيدي‬ ‫وقلت بدي إطلع وقف ع زاوية الحارة‪،‬‬ ‫شوف الناس‬ ‫وشِم ريحة اهلل‪ ،‬بفرنكين‪.‬‬

‫***‬

‫فتحت باب الزقاق‪،‬‬ ‫وبدي إطلع‪،‬‬ ‫وإذ‬ ‫مخلوقة حلوة‪ ،‬ناعمة‪ ،‬واقف��ة عم تتصفن بواجهة‬ ‫محل الكنادر النسواني يللي بلزقنا‪.‬‬ ‫هلق‪ ،‬هي ما كانت حلوة كتير‪،‬‬ ‫ب��س بهدي��ك اللحظ��ة ‪ -‬حس��يتها أجم��ل مخلوقة‬ ‫بالتاريخ‪.‬‬ ‫وقفت‪ ،‬وابتسمت‬ ‫مو تطبيق‪ ،‬وال شي‬ ‫بل مجرد اس��تمتاع بحالة األنوثة يللي صرلي زمان‬ ‫مستفقدلها‪.‬‬ ‫هي البنت‬ ‫شي إنها خلصِت صفن بالواجهة‪ ،‬وبدها تمشي‬ ‫رفعِت نظرها‪ ،‬قام أجت عينها بعيني‪ ،‬وأنا مبتس��م‬ ‫وعم طلِع صوبها‪.‬‬ ‫بس‪،‬‬ ‫النقزة يللي نق ِزتها لما شافتني‬ ‫نق ِزتني إلي ‪-‬‬ ‫كأنو لدغها عقرب‪ ،‬أو شافتلها جردون‪،‬‬ ‫نطت من أربعتها‪،‬‬ ‫وركدِت ركد ع تاني رصيف!!‬

‫***‬

‫جمال منصور‬

‫العما!!‬ ‫وأنا عم شوفها عم تركد ركد‪،‬‬ ‫قمت مشيت شوي ناح المحل‪،‬‬ ‫وصفنت بحالي ببللور الواجهة‪.‬‬ ‫بس لما شفتني‪،‬‬ ‫عرفت إنو كان معها حق‪.‬‬ ‫فع ًال‪ ،‬يللي شافتو بينقِز تمام ‪-‬‬ ‫شي متل لدغة العقرب‪،‬‬ ‫أو شوفة جردون‪.‬‬

‫***‬

‫إلنو‬ ‫كل صوابين وحمامات الكوكب‪،‬‬ ‫كل لبس وبارفانات الكون‪،‬‬ ‫ما ممكن تزيح ريحة العسكرية ‪-‬‬ ‫ريحة الذل والعفن والخرا‪.‬‬ ‫هاي بتبقى معلمة عليك‬ ‫متل الدمغة‪.‬‬

‫***‬

‫فتل كل هاد براسي‪،‬‬ ‫وقمت احترمت "ما تبقى" مني‪،‬‬ ‫وفتت ع البيت‪،‬‬ ‫انضبيت‬ ‫أعمل بويا لبوطي العسكري‪.‬‬ ‫أحسن شي‪.‬‬

‫***‬

‫[عسكرية‪ ،‬عسكرية ‪ -‬جردون بالمدينة]‬


‫حادثة �سوق الأحد‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬

‫وأراد حزب الكتل��ة الوطنيّة التخ ّلص من‬ ‫هذا الح��زب فقام باتهامه بأش��ياء كثيرة‬ ‫بالتفري��ق الدين��ي وإل��ى م��ا هن��اك من‬ ‫اتهام��ات ال أس��اس لها‪ ،‬ولم يك��ن لـه أي‬ ‫اتصال مع الس��لطات الفرنسيّة المنتدبة‬ ‫إن ح��زب الش��ارة‬ ‫أب��داً ول��م يس��اعدوه‪َّ .‬‬ ‫البيضاء كان حزباً غايته السالم والمحبّة‬ ‫بين المواطنين وكان يتماشى مع تعاليم‬ ‫اإلنجيل وه��ي المحبّة األخويّة والتعاون‬ ‫مع األخوة وال فرق بين مس��لم ومسيحي‬ ‫إن الحزب الوطني‬ ‫والجميع مخلوقات اهلل‪َّ .‬‬ ‫إذ أراد السيطرة خلق مشكلة حادثة سوق‬ ‫األح��د المقصود منها إلغاء حزب الش��ارة‬ ‫البيضاء وتهمته بتدبير الخالفات"‪.‬‬ ‫أم��ا الرواية األقوى فهي أن فرنس��ا‬ ‫م��ن كان��ت وراء ه��ذا االعت��داء لتك��ون‬ ‫الفوض��ى والطائفية ه��ي الدافع لبقائها‬ ‫ف��ي س��وريا‪ ،‬وعن ذل��ك كت��ب الصحفي‬ ‫فكتور كالوس في الحادث مشيراً إلى أنه‬ ‫"مؤامرة حاكتها السلطات المنتدبة لتبرّر‬ ‫ضرورة بقائها في البالد"‪.‬‬ ‫أما ع��ن نتيجة ه��ذه الحادث��ة‪ ،‬فإن‬ ‫الكثي��ر م��ن األس��ر المس��يحيّة نزح��ت‬ ‫م��ن األحي��اء الت��ي كان يتعاي��ش فيه��ا‬ ‫المسيحيّون والمس��لمون بسالم ومحبة‬ ‫وأخ��وة طيل��ة ق��رون‪ .‬ج��اء ف��ي يوميّات‬ ‫الخوري ايالريون عبجي في ‪ 28‬تش��رين‬ ‫األول ‪" 1936‬مراجع��ات م��ن أهال��ي‬ ‫المسجونين من أعضاء (الشارة البيضاء)‬ ‫والس��عي متواصل من قبلي بهذا الشأن‪،‬‬ ‫وأعض��اء الكتل��ة الوطنيّ��ة يس��اعدون‬ ‫ج��داً إلطالق س��راح المس��جونين‪ .‬ذهبت‬ ‫إل��ى المجل��س المختلط من مس��يحيّين‬ ‫ومس��لمين في بيت األمّة وج��رى البحث‬ ‫ف��ي إرج��اع بع��ض المس��يحيّين إل��ى‬ ‫دكاكينهم ودور س��كنهم الت��ي غادروها‬ ‫في األحياء اإلسالمية"‪.‬‬ ‫الطائفية م��رض مزم��ن‪ ،‬تلجأ إليه‬ ‫منذ القدي��م حكوماتنا ل��زرع الفتنة بين‬ ‫الناس ولتبرير بقائها وأعمالها اإلجرامية‪.‬‬ ‫هي عاد ٌة اتخذتها لتس��هل بها الس��يطرة‬ ‫عل��ى الناس‪ ،‬فإن ه��ي ألهته��م بالتنازع‬ ‫فيما بينهم‪ ،‬س��هل عليه��ا تبرير أي جرم‬ ‫تقوم به وأي اعتداء تمارس��ه على أي من‬ ‫الطرفي��ن‪ .‬هنا تبدأ مهم��ة الجيل الواعي‬ ‫بنش��ر ثقافة التآخي الطائفي بين الناس‬ ‫والوق��وف ف��ي وج��ه التناح��رات الدينية‪،‬‬ ‫ومنع الهوة من االزدياد‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫تش��كل العالق��ة بي��ن المس��لمين‬ ‫والمس��يحين الس��وريين مص��در ج��دل‬ ‫ونقاش منذ القديم‪ ،‬بعضهم من يُشعل‬ ‫الله��ب بينهم��ا وبعضهم اآلخر يس��تطيع‬ ‫استيعاب االختالفات الصغيرة دون أن يقع‬ ‫في مصيدة الطائفية‪.‬‬ ‫خالل فترة حكم االحتالل الفرنس��ي‬ ‫لسوريا لم يتغير الحال كثيراً‪ ،‬فقد عملت‬ ‫بعض الجماعات على إشعال النار وزيادة‬ ‫اله��وّة بي��ن الطائفتي��ن اللتي��ن اعتادتا‬ ‫عل��ى الحياة بتناغ��م وتآخ��ي‪ .‬ومن هذه‬ ‫القصص الت��ي تناقلها الناس خالل فترة‬ ‫االنت��داب‪ ،‬حادثة س��وق األحد التي وقعت‬ ‫عام ‪ 1936‬وكانت س��ببًا حينها لتعكير جو‬ ‫التفاهم بين المس��لمين والمسيحين في‬ ‫الحي‪.‬‬ ‫يق��ول الخ��وري ايالري��ون عبج��ي‬ ‫ف��ي يوميّات��ه ع��ن ه��ذه الحادث��ة "يوم‬ ‫األح��د ‪ 11‬تش��رين األول ‪ ،1936‬في هذا‬ ‫اليوم الس��اعة الحادية عشرة قبل الظهر‬ ‫حدثت فتن��ة عظيم��ة بين المس��يحيّين‬ ‫والمس��لمين في س��وق األحد‪ ،‬وينسبون‬ ‫ه��ذه الفتن��ة إل��ى مص��ادر ش��تّى‪،‬‬ ‫والمسلمون يتمسّكون بمصدر واحد وهو‬ ‫(الش��ارة البيضاء)‪ ،‬ويرى القارئ تفاصيل‬ ‫هذه الحادث��ة المريعة ف��ي الجرائد‪ .‬عدد‬ ‫القتل��ى ثالث��ة‪ ،‬اثنان مس��يحيّان وش��اب‬ ‫مس��لم وع��دد الجرح��ى يقدّر بس��تين‪،‬‬ ‫مس��يحيّين وإس�لامًا‪ .‬وبقي��ت الث��ورة‬ ‫تش��تعل بنيرانها إلى الساعة الثانية بعد‬ ‫الظه��ر لطف اهلل بعباده‪ .‬وس��اد التخوّف‬ ‫في األحياء الش��عبيّة المس��يحيّة لفترة‪.‬‬ ‫وأذاع الرؤس��اء الروحيّ��ون ف��ي الي��وم‬ ‫الثاني بياناً نفوا فيه نس��بة (فتنة س��وق‬ ‫األح��د) إلى النع��رات الدينيّ��ة‪ .‬وكانت قد‬ ‫نش��بت بي��ن المس��لمين والمس��يحيّين‬ ‫ألس��باب فجائي��ة تافهة ودامت س��اعتين‬ ‫وذهب ضحيّتها ثالثة أش��خاص‪ .‬وتبادل‬ ‫الزيارات السادة األساقفة وأعضاء الكتلة‬ ‫الوطنيّ��ة‪ .‬واعتق��ل ع��دد م��ن (الش��ارة‬ ‫البيضاء) وغيرهم قيد التحقيق"‪.‬‬ ‫إن محرض��ي الفتن��ة ه��م دائم��ا‬ ‫مجموع��ات ف��ي ظاهره��ا تداف��ع ع��ن‬ ‫األقلي��ات‪ ،‬وف��ي باطنها تح��رك الطائفية‬ ‫وتش��علها‪ ،‬وذلك غالباً ألس��باب سياس��ية‬ ‫ولتحقي��ق مصال��ح ومآرب غير ش��رعية‪.‬‬ ‫يعرّف عبد الرحمن كيّالي حزب الش��ارة‬ ‫البيض��اء وي��روي ع��ن أحداث ه��ذا اليوم‬ ‫من وجهة نظره ف��ي كتابه (المراحل في‬ ‫االنتداب الفرنس��ي وفي نضالنا الوطني‬ ‫م��ن ع��ام ‪ 1939 - 1936‬الج��زء الراب��ع)‬ ‫"إن جمعيّ��ة (الش��ارة البيض��اء)‬ ‫فيق��ول َّ‬ ‫جمعيّ��ة دينيّة كاثوليكيّة‪ ،‬غذّاها بعض‬ ‫رجال المفوّضيّة‪ ،‬ودوائر االس��تخبارات‪.‬‬ ‫أُسّس��ت في حلب‪ ،‬وف��ي الجزيرة‪ ،‬واتّخذ‬ ‫أعضاؤها إش��ارة لهم القميص األبيض‪،‬‬ ‫والس��روال األزرق‪ ،‬وكان��وا ك ّله��م م��ن‬ ‫المس��يحيّين الكاثوليك‪ ،‬ومن الس��ريان‬ ‫الكاثوليك في الجزيرة‪ ،‬يرأسهم المطران‬ ‫(حبي)‪ .‬أمّا غايتهم الظاهرة فالدفاع عن‬ ‫حق��وق المس��يحيّين‪ ،‬وتنظيم وحدتهم‪،‬‬ ‫ولك��ن غايته��م الخفيّ��ة كم��ا ثب��ت هي‬ ‫تحري��ك الطائفيّ��ة‪ ،‬وتهيئ��ة مجزرة بين‬ ‫المس��لمين والمس��يحيّين تس��يل فيه��ا‬ ‫دماء الطرفي��ن‪ ،‬كي تُنش��ر أخبارها في‬ ‫العال��م‪ ،‬وتعي��د ذك��رى واقعة (الس��تين)‬ ‫في دمش��ق‪ ،‬وتضطرّ فرنس��ا للمداخلة‬ ‫وإبق��اء جيش��ها‪ ،‬وإبط��ال معاهدته��ا‪،‬‬ ‫وهذا م��ا تريده الفئة األولى التي أش��رنا‬

‫إليه��ا‪ .‬وكان ي��رأس الجمعيّ��ة بحل��ب‬ ‫المدع��و (عب��ود قنب��از ش��قيق جبرائيل‬ ‫غ��زال م��ن والدت��ه) وه��و م��ن ّ‬ ‫موظفي‬ ‫الجيش الفرنسي س��ابقاً‪ ،‬ورئيس فرقة‬ ‫الجواس��يس أيّ��ام الجن��رال (دو الموط)‬ ‫بحلب‪ ،‬ثمّ أحالته الس��لطة على التقاعد‪،‬‬ ‫ففتح لنفس��ـه مكتبًا لالس��تخدام‪ ،‬وبقـي‬ ‫متّص ًال بدوائ��ر المندوبيّة‪ .‬ولمّا اش��تدّ‬ ‫ساعد الجمعيّة وكثر عدد المنتسبين لها‪،‬‬ ‫وعلمن��ا بخطرها‪ ،‬وأنّها تعم��ل لمقاومة‬ ‫الح��رس الوطني‪ ،‬وتهيّئ الج��وّ لفتن ال‬ ‫يعل��م مداه��ا‪ .‬أخبرنا الحكوم��ة المحليّة‬ ‫ونبّهناها إلى الخطر فلم تكترث‪.‬‬ ‫وفي ‪ 11‬تشرين األوَّل سنة ‪،1936‬‬ ‫بدأت الفتنة في س��وق األحد باعتداء أحد‬ ‫المسيحيّين على امرأة كانت تبيع البرغل‪،‬‬ ‫وعلى ما قيل شتمها‪ ،‬فتدخّل الحاضرون‪،‬‬ ‫وكان فيه��م المس��لم والمس��يحي‪،‬‬ ‫وتالس��نوا وتش��اتموا‪ ،‬ثمّ اشتدّ الخصام‬ ‫بينه��م‪ ،‬ولمّ��ا ل��م تعم��د الش��رطة حا ًال‬ ‫على خن��ق الفتنة لج��أ المتخاصمون إلى‬ ‫الس�لاح‪ ،‬وأخ��ذوا يطلق��ون الن��ار‪ ،‬فقتل‬ ‫اثنان من المس��لمين وثالثة من األرمن‪،‬‬ ‫وجرح خمسة وعشرون شخصًا‪.‬‬ ‫وعل��ى إثره��ا احتش��دت جم��وع‬ ‫المس��لمين وتراكض��ت م��ن ّ‬ ‫كل مح ّل��ة‬ ‫متس�� ّلحين‪ ،‬وتوجّه��ت إل��ى مح� ّ‬ ‫لات‬ ‫المس��يحيّين في الشرعسوس‪ ،‬وقسطل‬ ‫الحرام��ي‪ ،‬وأقي��ول‪ .‬وتراك��ض أيض��ًا‬ ‫المس��يحيّون وهم مس�� ّلحون لمالقاتهم‬ ‫من الحميديّة‪ ،‬والجابريّة‪ ،‬والسليمانيّة‪،‬‬ ‫وكادت المج��زرة تح��دث‪ ،‬ل��وال أن ركبتُ‬ ‫أن��ا‪ ،‬والدكتور حس��ن فؤاد‪ ،‬والش��يخ عبد‬ ‫القادر الس��رميني‪ ،‬ومعنا بعض األخوان‬ ‫في العربة‪ ،‬وأس��رعنا إلى مح ّلة الحادثة‪،‬‬ ‫ووقفنا نصدّ الطرفين وننادي‪ :‬أجس��امنا‬ ‫أوّ ًال ث��مّ هجومكم‪ .‬ارجع��وا‪ ،‬وال تزيدوا‬ ‫الفتنة ناراً‪ .‬فرجع الطرفان‪.‬‬ ‫ث��مّ جاءت ق��وى الدرك والش��رطة‪،‬‬ ‫وفرّق��ت المتظاهري��ن‪ ،‬وألق��ت القبض‬ ‫على المتّهمين وس��اقتهم إلى الس��جن‪،‬‬ ‫ورابطت في الطرق‪ ،‬والس��احات‪ ،‬وانتهت‬ ‫الفتنة‪.‬‬ ‫ولدى التحقيق تبيّن حقيقة ما قلناه‬ ‫عن الجمعيّة‪ ،‬إذ داهمت الش��رطة مراكز‬ ‫جمعيّة الشارة البيضاء‪ ،‬وجمعت األوراق‬ ‫والوثائ��ق وأرس��لتها إلى العدليّ��ة‪ ،‬التي‬

‫ّ‬ ‫حقق��ت فانجلت لها أم��ور ال تحمد (تبيّن‬ ‫أن المس��يو دافين في المفوّضيّة العليا‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وبعض الضبّاط في دائرة االس��تخبارات‬ ‫في الجيش الفرنسي‪ ،‬كانوا من الموحين‬ ‫بتش��كيل ه��ذه الجمعيّ��ة‪ ،‬وه��م الذين‬ ‫مدّوها بالمال والمس��اعدة‪ ،‬وهي تش��به‬ ‫تمام الش��به بأصحاب القمص��ان البيض‬ ‫ف��ي لبن��ان‪ ،‬والت��ي س��مّيت فيم��ا بع��د‬ ‫"بالكتائ��ب اللبنانيّة")‪ .‬وبقي الموقوفون‬ ‫في السجن واألوراق لدى العدليّة إلى أن‬ ‫تو ّلتها وزارة العدليّة‪.‬‬ ‫وكان ق��د صدر قرار ّ‬ ‫بح��ل الجمعيّة‬ ‫فانح ّل��ت‪ ،‬وانح ّلت دعايته��ا‪ ،‬ولم يبقَ لها‬ ‫أثر‪ ،‬فأصدرت عفواً عن الجميع‪ ،‬واحتفظنا‬ ‫باألوراق تحاشيًا من إثارتها‪ ،‬وإيراد أسماء‬ ‫من كان من أركانها ومتزّعميها"‪.‬‬ ‫م��ن وجه��ة نظر أخ��رى كت��ب عبود‬ ‫قنباز رداً على عبد الرحمن الكيالي جوابًا‬ ‫عُث��ر عليه ف��ي األوراق الت��ي تركها بعد‬ ‫وفاته‪ ،‬وفي هذا الرد يبين قنباز األسباب‬ ‫التي دعت إلى تأس��يس جمعيّة الش��ارة‬ ‫البيض��اء حس��ب رأي��ه ويب��رّء الجمعيّة‬ ‫"إن‬ ‫مم��ا نس��ب إليه��ا‪ .‬ويق��ول في ذل��ك َّ‬ ‫المسيحيّين كانوا متفقين مع المسلمين‬ ‫ويعمل��ون معه��م ي��داً بي��د ف��ي النضال‬ ‫الوطني‪ ،‬ممّا أزعج الفرنسيّين فحرّكوا‬ ‫بع��ض الدسّاس��ين والمخرّبي��ن إليقاع‬ ‫الفتنة‪ .‬فأخذوا يتحرّش��ون بالمسيحيّين‬ ‫في س��وق الجدي��دة‪ .‬ولم ّ‬ ‫يتمك��ن زعماء‬ ‫الكتل��ة الوطنيّ��ة من ردعهم‪ .‬فتأسّ��س‬ ‫حزب الشارة البيضاء‪.‬‬ ‫إن ش��عار الح��زب كان علم��ًا أبيض‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫وتش��كل هذا الحزب‬ ‫وهو إش��ارة السالم‪.‬‬ ‫لحماية المس��يحيّين في ش��هر أيّار عام‬ ‫‪ ،1936‬للدف��اع عن النفس م��ن التفرقة‬ ‫الدينيّ��ة وكان الح��زب مرخص��ًا بقانون‪،‬‬ ‫وقد ضمّ مسلمين منفصلين عن الكتلة‬ ‫إضاف��ة للمس��يحيّين‪ ،‬ول��م يك��ن يرغب‬ ‫بالتفرق��ة الدينيّ��ة أب��داً وال الطائفيّ��ة‬ ‫وهذا خالف لم��ا ذكره كتاب (المراحل في‬ ‫االنتداب الفرنس��ي وفي نضالنا الوطني‬ ‫م��ن ع��ام ‪ 1939 - 1936‬الج��زء الرابع)‪.‬‬ ‫إن ح��زب الكتلة الوطنيّ��ة كان يرغب أن‬ ‫َّ‬ ‫يك��ون حزبه فقط المس��يطر على البالد‬ ‫وله الس��لطة المطلقة عل��ى البالد وكان‬ ‫حزب الشارة البيضاء يطلب ّ‬ ‫االطالع على‬ ‫س��ير أعمال الكتلة الوطنيّة ولكن الحزب‬ ‫رفض وهنا حصل خالف ما بين الحزبين‪.‬‬

‫بالل سالمة‬

‫‪11‬‬


‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫االنقــــالبات الع�ســــكرية‬ ‫فـي �سوريا (‪)4‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫حماولة انقالب جا�سم علوان‪:‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫ف��ي ‪ 18‬تم��وز ع��ام ‪ 1963‬عندم��ا‬ ‫تس��لل العقيد جاس��م علوان من س��وريا‬ ‫س��رًا إل��ى لبنان وم��ن لبنان ق��ام بزيارة‬ ‫س��رية لمص��ر قاب��ل خاللها جم��ال عبد‬ ‫الناص��ر واضع��اً بي��ن يديه خط��ة القيام‬ ‫بانقالب عس��كري في س��وريا إال أنه أكد‬ ‫أن نس��بة نجاحها ال يتعدى ‪ 30%‬ومع ذلك‬ ‫طل��ب جم��ال عبد الناص��ر من��ه تنفيذها‬ ‫وكان عبد الناصر ينوي إعالن وحدة مصر‬ ‫وس��وريا مرة أخري في خطاب عيد الثورة‬ ‫يوم ‪ 23‬تموز عام ‪ 1963‬في حالة نجاحها‬ ‫أما في حالة الفشل فانه سيعلن انسحابه‬ ‫م��ن اتفاقية الوحدة الثالثي��ة التي وقعها‬ ‫م��ع كل من العراق وس��وريا بعد ان أدرك‬ ‫عبد الناص��ر أن حزب البع��ث في كل من‬ ‫س��وريا والع��راق يحاول كس��ب مزيد من‬ ‫الوقت إلقصاء الناصريين في كال البلدين‬ ‫من أية مناصب قيادية‪ .‬وبالفعل فش��لت‬ ‫تلك العملية وأعلن عبد الناصر انس��حابه‬ ‫م��ن الوح��دة وزج بمئ��ات الناصريين في‬ ‫سجن المزة بدمشق‪.‬‬ ‫وتقرر إعدام ما يفوق عن عش��رين‬ ‫ضابط��ًا ناصريً��ا بع��د محاكم��ة صورية‬ ‫جرت ف��ي دقائق‪ .‬فرفض لؤي األتاس��ي‬ ‫التصديق على قرارات اإلعدام واس��تقال‬ ‫نجاة بنفس��ه من مس��ؤولية الدم المراق‬ ‫فس��ارعت اللجن��ة العس��كرية بتعيي��ن‬ ‫عضوه��ا المس��تجد وغير األصي��ل أمين‬ ‫الحاف��ظ رئيس��ا لمجل��س الث��ورة وقائداً‬ ‫عامًا وحاكمًا عرفياً بل واحتفظ برئاس��ة‬ ‫األركان الت��ي تواله��ا خلف��ًا للحري��ري‬ ‫المطرود قبلها بأيام‪.‬‬

‫حماولة جادو عز الدين‪:‬‬

‫ف��ي ‪ 1964/7/27‬عندم��ا طلب عبد‬ ‫الناص��ر من الضابط الس��وري ج��ادو عز‬ ‫الدي��ن االس��تعداد ألداء عملية عس��كرية‬ ‫داخ��ل س��وريا انطالق��ا م��ن األراض��ي‬ ‫العراقية وكانت تل��ك العملية تتكون من‬ ‫ثالث مراحل‪:‬‬ ‫العملية األولي تس��تهدف المنطقة‬ ‫الشرقية من األراضي السورية " دير الزور‬ ‫ومنطق��ة الجزي��رة إضافة إل��ى المنطقة‬ ‫الشمالية حلب وتوابعها "‪ ،‬العملية الثانية‬ ‫تستهدف دمشق مباشرة‪ ،‬العملية الثالثة‬ ‫تس��تهدف المنطق��ة الوس��طي " تدم��ر‪،‬‬ ‫حماة‪ ،‬حمص وتوابعهم"‪.‬‬ ‫وق��د تم وض��ع ه��ذا التخطيط علي‬ ‫افتراض أن وضع القوات الجوية السورية‬ ‫يومئذ ال يؤهلها للتعامل بنجاح مع القوات‬ ‫الجوية المخصصة لتغطية الهجوم اال ان‬ ‫عبد الناصر استدعي فجأة جادو عز الدين‬ ‫ليخبره بأنه صرف النظر عن تلك العملية‬ ‫ولم يعرف أحد أسرار تلك العملية اال بعد‬ ‫مرور خمس��ة وعشرين عاما من موعدها‬ ‫االفتراضي‪ ،‬كما رواها بالوثائق جادو عز‬

‫الدي��ن حينم��ا أذاع ان اللواء فؤاد ش��هاب‬ ‫رئي��س الجمهوري��ة اللبناني��ة يوم��ذاك‬ ‫المتعاط��ف م��ع عب��د الناص��ر نق��ل اليه‬ ‫معلومات بتس��رب خبر تل��ك العملية الي‬ ‫الوالي��ات المتح��دة وان االخي��رة تعد فخًا‬ ‫للجيش المصري ش��بيهًا لما حدث له في‬ ‫ح��رب اليمن وبن��اء علي ذل��ك ألغي عبد‬ ‫الناصر تلك العملية‪.‬‬

‫انقالب ‪� 23‬شــباط ‪1966‬‬

‫أط��اح هذا االنق�لاب بالحكومة التي‬ ‫عينتها القيادة القومية‪ ،‬بعد قرارها بحل‬ ‫القي��ادة القطري��ة " وكان��ت الحكومة قد‬ ‫ضمت ص�لاح الدين بيطار رئيس الوزارة‬ ‫ـ أمي��ن الحافظ رئيس مجلس الرئاس��ة ـ‬ ‫محمد عمران وزير الدفاع والقائد األعلى‬ ‫للق��وات المس��لحة‪ ،" ..‬وصع��د حاف��ظ‬ ‫األس��د ليصب��ح وزي��راً للدف��اع‪ ،‬وأصب��ح‬ ‫صالح جدي��د‪ ،‬األمي��ن المس��اعد للقيادة‬ ‫القطري��ة‪ ،‬الرجل رقم واحد في س��وريا‪.‬‬ ‫وقد تم إيقاف العمل بالدس��تور الس��ابق‬ ‫بقرار القيادة القطرية رقم ‪ ./1/‬أما قرار‬ ‫القي��ادة القطري��ة رقم ‪ /2/‬وه��و بمثابة‬ ‫الدس��تور فقد أع��اد إقرار مب��ادئ القيادة‬ ‫القطرية ف��ي آذار ‪ .1965‬حيث تم توزيع‬ ‫السلطة بين‪:‬‬ ‫السـلطة السياسية‪ :‬وتمثلها القيادة‬ ‫القطرية نفس��ها "في دستور ‪ 1964‬كان‬ ‫يمثلها مجل��س قيادة الثورة "‪ ،‬وهي التي‬ ‫تعي��ن رئي��س الدول��ة ورئي��س ال��وزراء‬ ‫والوزراء‪ ،‬ولها قبول استقالتهم وإقالتهم‪.‬‬ ‫الس��ــلطة اإلدارية‪ :‬ويمثلها رئيس‬ ‫الدول��ة ومجل��س الوزراء‪ ،‬وهي تس��اهم‬ ‫ف��ي التش��ريع حي��ث تص��در المراس��يم‬ ‫التش��ريعية بتوقي��ع رئي��س الدول��ة بعد‬ ‫إقرارها في مجلس الوزراء‪.‬‬ ‫أما رئي��س الدولة فهو األمين العام‬ ‫للقي��ادة القطرية‪ ،‬وهو صلة الوصل بين‬ ‫السلطتين السياسية واإلدارية‪ ،‬وقد عين‬ ‫الدكتور نور الدين األتاسي رئيساً للدولة‪.‬‬ ‫وقد ش��هدت الفترة الالحقة عمليات‬ ‫تأميم وإصالح زراعي‪ ،‬وإقامة بنى تحتية‬ ‫كش��بكة الط��رق وس��كك الحدي��د وس��د‬ ‫الفرات وتش��غيل حقول النفط بمساعدة‬ ‫س��وفييتية‪ ،‬وب��دأ التق��رب م��ن االتح��اد‬ ‫الس��وفييتي وبح��ث فك��رة االش��تراكية‬ ‫العلمي��ة م��ن قب��ل ص�لاح الدي��ن جديد‬ ‫وزم�لاءه‪ " ،‬وش��رع نظام جدي��د يضفي‬ ‫عل��ى البل��د طابع��ه التطهي��ري الحنبلي‬ ‫المتش��دد‪ ،‬فخفض روات��ب رئيس الدولة‬ ‫وال��وزراء وكب��ار الضب��اط والموظفي��ن‬ ‫الحكوميي��ن‪ ،‬واس��تبدل المرس��يدس‬ ‫والليموزي��ن الس��وداء بس��يارات أكث��ر‬ ‫تواضع��اً مث��ل الفولكس واغ��ن والبيجو‬ ‫‪ ،404‬وتم قمع الفس��اد ورفضه باحتقار‪،‬‬ ‫بينما أصبح الصراع الطبقي ضيق األفق‬ ‫وانتقامياً " كما يذكر باتريك سيل‪.‬‬

‫ويقول س��امي الجندي‪" :‬وقد يجهل‬ ‫الناس أن حركة ‪ 23‬ش��باط أحلت األستاذ‬ ‫األرس��وزي أبا روحيا للحزب بدل األس��تاذ‬ ‫ميش��يل عفلق تنفيذا لخط��ة قديمة بعد‬ ‫تمهي��د طويل ب��دا قليال بع��د ‪ 8‬آذار عام‬ ‫‪." 1963‬‬

‫�صالح جديد‪:‬‬

‫ولد ف��ي محافظة الالذقية في قرية‬ ‫اس��مها دوي��ر بعب��دة وهي قري��ة فقيرة‬ ‫م��ن قرى ريف جبلة ما ت��زال قائمة حتى‬ ‫اآلن وقد ش��هدت اآلن تطورا كبيرا وأغلب‬ ‫س��كانها متعلمون‪ .‬انتس��ب في أول األمر‬ ‫إلى الحزب الس��وري القومي االجتماعي‪،‬‬ ‫وبعدها انض��م إلى حزب البع��ث العربي‬ ‫االشتراكي‪ .،‬بعد اكماله دراسته الثانوية‬ ‫انتسب إلى كلية الطب في جامعة دمشق‪،‬‬ ‫ولكنه غادرها ليلتحق بالكلية العسكرية‬ ‫ف��ي حم��ص ع��ام ‪ ،1949‬تلبي��ة لرغبات‬ ‫رفاقه‪ ،‬وتنفيذاً لتعليمات قيادته الحزبية‪،‬‬ ‫حيث كان قد انتمى لحزب البعث وهو في‬ ‫المرحل��ة الثانوي��ة‪ .‬وبعد تخرج��ه برتبة‬ ‫مالزم اختص��اص مدفعية ميدان‪ ،‬انضم‬ ‫إل��ى الكتلة الحزبية الت��ي كانت متواجدة‬ ‫ف��ي الجي��ش آن��ذاك بقي��ادة مصطف��ى‬ ‫حمدون‪ ،‬وعبد الغني قنوت وغيرهما‪ .‬هذا‬ ‫وقد أمضى خدمته العس��كرية قبل نقله‬ ‫إلى مصر بع��د قيام الوح��دة متنق ًال بين‬ ‫معس��كرات قطنا والقطيف��ة والقنيطرة‪،‬‬ ‫وقد ساهم في هذه الفترة بأهم حدثين‬ ‫سياسيين جريا في الجيش هما‪ :‬االنقالب‬ ‫ض��د أدي��ب الشيش��كلي ع��ام ‪،1954‬‬ ‫وعصي��ان قطنا عام ‪ 1957‬دعماً للضباط‬ ‫الوطنيين التقدميين في قيادة الجيش‪.‬‬ ‫س��جن في مصر لفترة قصيرة بعد‬ ‫انفصال س��وريا ع��ن الجمهورية العربية‬ ‫المتحدة عام ‪ ،1961‬كان من المشاركين‬ ‫في انق�لاب البع��ث ف��ي آذار ‪ ،1963‬كما‬ ‫أن��ه ق��اد انق�لاب ‪ 23‬ش��باط ‪ 1966‬الذي‬ ‫عزل أمين الحافظ من رئاسة الجمهورية‬ ‫الس��ورية‪ .‬أصبح نور الدين األتاسي رأسًا‬

‫للدولة في ما استلم جديد منصب مساعد‬ ‫األمين العام لحزب البعث‪.‬‬ ‫‪ .‬ليس لصالح جدي��د أية مؤلفات أو‬ ‫أف��كار حزبية مطبوعة أو أبعاد سياس��ية‬ ‫متداول��ة‪ ،‬وه��و ل��م يقاب��ل ط��وال فترة‬ ‫سيطرته على مقاليد الحكم أي صحفي‪،‬‬ ‫إذ كان يح��اول تجنب الكتّاب والصحفيين‬ ‫واألدب��اء‪ ،‬حت��ى ال تط��رح علي��ه أس��ئلة‬ ‫توضح حقيقة آرائه وأفكاره‪ ،‬لذلك عُرف‬ ‫بالشخصية البعثية الصامتة‪.‬‬ ‫كان جديد يمثل اليس��ار الماركسي‬ ‫المتط��رف ف��ي قي��ادة الح��زب‪ ،‬ويطل��ق‬ ‫الش��عارات اليس��ارية المتطرف��ة‪ ،‬وق��د‬ ‫مهد لص��دور قرار التأمي��م عام ‪1965‬م‪،‬‬ ‫واس��تطاع أن يقل��ب معركة الح��زب بين‬ ‫الجناحين العسكري والمدني‪ ،‬ولكن تحت‬ ‫شعار الصراع بين اليسار واليمين‪ ،‬وبذلك‬ ‫استطاع كس��ب المعركة لمصلحته‪ ،‬وبدأ‬ ‫يفرض إرادته على الحكم ضمن شرعية‬ ‫حزب البعث ونظامه الداخلي‪ ،‬وكان ينادي‬ ‫باالش��تراكية العلمي��ة والح��زب القائ��د‬ ‫والجيش العقائدي‪.‬‬ ‫لقد أقصي أمين الحافظ‪ ،‬الذي سمي‬ ‫رئيس��ًا لمجلس الرئاس��ة واألمي��ن العام‬ ‫للقي��ادة القطرية والقائ��د العام للجيش‬ ‫ورئي��س ال��وزراء‪ ،‬بعد أن انح��از هذا إلى‬ ‫عفل��ق وتخل��ى ع��ن اللجنة العس��كرية‪،‬‬ ‫في لعب��ة الص��راع على الس��لطة‪ ،‬وهي‬ ‫خطوة وضعته فوراً على طريق المجابهة‬ ‫مع ص�لاح جدي��د‪ ،‬الذي كان س��يد القرار‬ ‫في الش��ؤون الس��ورية من��ذ أواخر صيف‬ ‫‪1965‬م‪ ،‬حيث اس��تطاع أن يبني لنفس��ه‬ ‫قاع��دة ش��خصية هام��ة‪ ،‬عندم��ا ق��ام‬ ‫بمراقب��ة الجه��از الحكوم��ي م��ن خ�لال‬ ‫صديقه "يوسف زعيّن" الذي عينه رئيسًا‬ ‫لل��وزراء‪ ،‬وكذل��ك التنق�لات والترفيعات‬ ‫العس��كرية بواس��طة وزي��ر الدف��اع حمد‬ ‫عبي��د‪ ،‬وأخيراً من خالل رفيقه في اللجنة‬ ‫العسكرية حافظ األس��د وجهازه الحزبي‬ ‫في القوات المس��لحة‪ .‬كان جديد مطمئنًا‬ ‫إل��ى والء هذه القوات‪ .‬وهك��ذا كان جديد‬


‫تجمعت حول جديد‪،‬‬ ‫و خ�لال المؤتمر قامت قوات األس��د‬ ‫باحت�لال مراك��ز إس��تراتيجية هامة في‬ ‫دمش��ق وضواحيه��ا‪ ،‬وانته��ى المؤتم��ر‬ ‫بم��أزق واس��تمرت ازدواجي��ة الس��لطة‬ ‫المذكورة آنفاً‪ :‬احتفظ األس��د بسيطرته‬ ‫عل القوات المس��لحة السورية بينما نجح‬ ‫جديد إل��ى حد كبي��ر في إح��كام قبضته‬ ‫على جهاز الحزب المدني السوري‪ .‬وقبيل‬ ‫انعقاد المؤتمر القطري االستثنائي بوقت‬ ‫قصي��ر ق��ام أنصار األس��د العس��كريون‬ ‫بمحاصرة مقر قي��ادة العقيد عبد الكريم‬ ‫الجندي "مؤيد مخل��ص لجديد" الذي كان‬ ‫يش��غل منص��ب رئي��س األم��ن الوطني‬ ‫ورئي��س إدارة المخاب��رات العامة‪ ،‬وقاموا‬ ‫باختط��اف عدد م��ن مس��اعديه وأنصاره‬ ‫ومصادرة الس��يارات الخاصة بمكتبه‪ ،‬أما‬ ‫بالنسبة لعبد الكريم الجندي فقد انتحر‪.‬‬ ‫وبم��وت الجندي انته��ت الفت��رة التي تم‬ ‫فيه��ا إم��ا تحيي��د أو تصفية أب��رز أنصار‬ ‫جدي��د العس��كريين غير العاديي��ن‪ ،‬بمن‬ ‫فيهم أحمد سويداني وأحمد المير‪.‬‬ ‫وف��ي أواخ��ر تش��رين األول ‪1970‬‬ ‫انعق��د المؤتم��ر القوم��ي االس��تثنائي‬ ‫العاش��ر لحزب البع��ث بدمش��ق لمحاولة‬ ‫إيجاد حل ألزم��ة الحزب المتجددة بيد أنه‬ ‫قبيل ذلك بوقت قصير قام األس��د بنقل‬ ‫بعض أنصار جديد العسكريين استعداداً‬ ‫ألي ح��دث محتم��ل‪ ،‬وليكون ق��ادراً على‬ ‫ف��رض إرادته على خصومه السياس��يين‬ ‫إذا ما صار المؤتمر في غير صالحه وأثناء‬ ‫المؤتمر بات واضحًا أن األسد وأهم مؤيد‬ ‫عس��كري ل��ه مصطفى ط�لاس‪ ،‬كادا أن‬ ‫يكون��ا معزولين تمام��ًا‪ ،‬بينما تمتع جديد‬ ‫وحلف��اؤه بتأييد غالبية أعض��اء المؤتمر‪،‬‬ ‫أم��ا ف��ي الق��وات المس��لحة فق��د كان��ت‬ ‫العالق��ات بين المعس��كرين السياس��يين‬ ‫الرئيس��يين عل��ى عك��س ذل��ك تمام��اً‪،‬‬ ‫وعندم��ا أصدر معظ��م أعض��اء المؤتمر‬ ‫في النهاية قراراً غي��ر واقعي بإعفاء كل‬ ‫م��ن وزير الدفاع األس��د‪ ،‬ورئيس األركان‬ ‫ط�لاس م��ن منصبيهم��ا العس��كريين‬ ‫وتكليفهم��ا بمهام في الحزب‪ ،‬حس��ب ما‬ ‫تقرره قيادة الحزب فقد اس��تطاع االثنان‬ ‫اتخ��اذ إج��راءات مضادة فعال��ة على وجه‬ ‫السرعة‪.‬‬ ‫وف��ي ‪ 13‬تش��رين الثان��ي ‪1970‬‬

‫أمر األس��د العس��كريين باحت�لال مكاتب‬ ‫القسم المدني للحزب‪ ،‬وكذلك المنظمات‬ ‫الش��عبية البعثي��ة‪ ،‬باإلضاف��ة إل��ى إلقاء‬ ‫القبض على أب��رز قادة الحزب المدنيين‪،‬‬ ‫بم��ن فيهم ص�لاح جدي��د والرئيس نور‬ ‫الدين األتاسي‪ ،‬وقد فر الكثير من أعضاء‬ ‫المؤتم��ر إلى لبنان بغية تفادي االعتقال‪،‬‬ ‫واس��تمروا في معارضة النظام الس��وري‬ ‫الجدي��د من هن��اك ولم يحصل القس��م‬ ‫المدن��ي لح��زب البعث تحت نظ��ام حكم‬ ‫األسد مرة أخرى على المركز القوي الذي‬ ‫حظي به لبعض الوقت‪.‬‬ ‫مع انقالبه بقي األس��د متردداً على‬ ‫عتب��ة المنصب األول‪ ،‬فأقنع نفس��ه بادئ‬ ‫األمر بمنص��ب رئيس الوزراء‪ ،‬ووضع في‬ ‫منصب الرئاس��ة معلم مدرسة سني غير‬ ‫مع��روف هو " أحمد الخطي��ب "‪ ،‬ولجأ إلى‬ ‫صديقه القديم الشيعي المتنفذ " موسى‬ ‫الصدر"‪ ،‬رئيس المجلس الشيعي األعلى‬ ‫في لبنان‪ ،‬الذي أصدر فتوى بأن العلويين‬ ‫طائفة من المسلمين الش��يعة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫أصب��ح الطريق إل��ى القص��ر الجمهوري‬ ‫مفتوحاً أمامه‪.‬‬ ‫وب��دأ األس��د باس��تكمال مخطط��ه‬ ‫لتصفية كل صوت رافض أو معارض له‪،‬‬ ‫فاغتي��ل اللواء العلوي محم��د عمران في‬ ‫‪ 4‬آذار ‪ 1972‬ف��ي طرابل��س بلبنان‪ ،‬حيث‬ ‫كان يعيش في المنف��ى منذ عام ‪.1967‬‬ ‫وق��د دلت اآلث��ار التي خلفه��ا القتلة على‬ ‫احتمال تورط جهاز المخابرات الس��ورية‪.‬‬ ‫وق��د يكون عمران اس��تمر ف��ي االتصال‬ ‫ببعض أنصاره العس��كريين في سوريا‪،‬‬ ‫على أم��ل الع��ودة للحياة السياس��ية في‬ ‫المس��تقبل‪ ،‬وفي كان��ون األول‪ 1972‬تم‬ ‫اعتق��ال المزيد من أنص��ار وحلفاء جديد‬ ‫العسكريين والمدنيين بتهمة التآمر ضد‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫وبع��د أن أحس ب��أن حركته أخرجت‬ ‫ح��زب البع��ث ع��ن معادلت��ه الحزبية لم‬ ‫يؤي��ده فيها م��ن القيادات الحزبية س��وى‬ ‫عب��د الحلي��م خ��دام ومصطف��ى طالس‬ ‫وعب��د اهلل األحمر‪ ،‬وبالرغ��م من أن هذه‬ ‫المعادل��ة لم تكن لتقلقه كثي��راً‪ ،‬بعد أن‬ ‫غي��ب معظ��م أعض��اء القي��ادة القطرية‬ ‫البعثي��ة في الس��جن‪ ،‬إال أنه ل��م يهملها‪،‬‬ ‫ولكنه خف��ف من وتي��رة إع��ادة تأهيلها‪،‬‬ ‫ملتفت��ا إل��ى "دائ��رة الطائف��ة"‪" ،‬الت��ي‬

‫انقس��مت هذه إلى شطرين‪ ،‬شطر يؤيده‬ ‫وش��طر يؤيد صالح جديد"‪ ،‬حيث أعطاها‬ ‫جل اهتمامه‪ ،‬محاو ًال أن يستوعب قياداتها‬ ‫المدنية والعس��كرية‪ ،‬التي اس��تنكرت ما‬ ‫قام به ضد صالح جديد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وقد جعل ج��ل اهتمامه منصبا على‬ ‫الجي��ش‪ ،‬إلدراك��ه أنه بيض��ة القبان في‬ ‫لعبة الحكم في س��ورية‪ ،‬مبتدئا بالصف‬ ‫الثان��ي من ضب��اط الطائف��ة‪ ،‬الذين هم‬ ‫أدن��ى منه رتبة‪" ،‬كان عمر حافظ األس��د‬ ‫أربعي��ن عاما عندم��ا اس��تلم الحكم في‬ ‫س��ورية " فقدمهم وأغراهم بالمناصب‪،‬‬ ‫و جع��ل هيكلي��ة الجي��ش تعتم��د ف��ي‬ ‫قياداتها عليهم‪ .‬فإضافة إلى حصر قيادة‬ ‫الفرق العس��كرية الخمس التي تم إعادة‬ ‫تش��كيلها بعد حرب ‪1973‬م ‪ -‬في يد من‬ ‫كان يث��ق بهم من ضب��اط الطائفة‪ ،‬فقد‬ ‫جع��ل قي��ادة الوح��دات الخاص��ة وأجهزة‬ ‫األم��ن بيد ضب��اط منه��ا مقربي��ن منه‪،‬‬ ‫مث��ل الوحدات الخاصة التي أوكل قيادتها‬ ‫إل��ى "عل��ي حي��در" ووض��ع "عل��ي دوبا"‬ ‫عل��ى رأس المخابرات العس��كرية‪ ،‬وكان‬ ‫لهذين الضابطين–إضافة إلى وجود أخيه‬ ‫"رفع��ت" على رأس س��رايا الدف��اع ‪ -‬دور‬ ‫كبير في سياسة القمع الدموي التي واجه‬ ‫بها معارضيه من اإلسالميين‪.‬‬ ‫وزيادة في سياس��ة الحيطة‪ ،‬وسّ��ع‬ ‫حاف��ظ األس��د ألوي��ة "س��رايا الدف��اع"‪،‬‬ ‫والتي أنش��أها "محمد عمران" إثر انقالب‬ ‫‪1963‬م ‪ -‬ووضعه��ا تح��ت قيادة ش��قيقه‬ ‫األصغر "رفعت"‪ ،‬وأطلق يده‪ ،‬وفتح أمامه‬ ‫خزين��ة الدول��ة‪ ،‬لينفق منها عل��ى "هذه‬ ‫الس��رايا"‪ ،‬ويش��تري الضمائر الرخيصة‪،‬‬ ‫وليوط��د بها س��يطرتهما عل��ى مقدرات‬ ‫البالد‪ .‬فعاث "رفعت" في الحرمات فسادا‪،‬‬ ‫وول��غ في الدماء‪ ،‬وارتكب مجزرة "س��جن‬ ‫تدمر"‪ ،‬وذلك عندما أرس��ل مجموعة من‬ ‫ك��وادر "س��رايا الدفاع" في لي��ل ‪27 - 26‬‬ ‫حزيران عام ‪1980‬م‪ ،‬حيث قامت بإيقاظ‬ ‫المعتقلي��ن اإلس�لاميين‪ ،‬وفتحت عليهم‬ ‫الني��ران‪ ،‬وهم محص��ورون داخل جدران‬ ‫الس��جن‪ ،‬في مج��زرة من أبش��ع الجرائم‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬فقتلوا أكثر من ألف شهيد‪.‬‬ ‫دخل��ت س��وريا مع حكم األس��د األب‬ ‫عهد جمهورية الصمت الذي أورث لألس��د‬ ‫االبن‪ ،‬وانتهى في ‪ 15‬آذار عام ‪.2012‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫في ع��ام ‪ 1969‬انحصر الصراع بين‬ ‫األس��د وجديد‪ ،‬ففي ش��باط ع��ام ‪1969‬‬ ‫عندم��ا ح��اول أنصار جديد المس��يطرون‬ ‫عل��ى فرع الح��زب بالالذقية التخلص من‬ ‫تأثي��ر األس��د ع��ن طري��ق تصفي��ة أبرز‬ ‫أنص��اره فقد تل��ى ذلك إج��راءات مضادة‬ ‫عنيف��ة‪ ،‬حيث أصدر حافظ األس��د أوامره‬ ‫باعتق��ال قي��ادة ف��رع الح��زب بالالذقي��ة‬ ‫واس��تبدال أعضائه��ا بأنص��اره الذين تم‬ ‫فصله��م من قب��ل‪ .‬كما فرض��ت اإلقامة‬ ‫الجبرية على محافظ الالذقية‪ ،‬وهو أيضًا‬ ‫في قي��ادة ف��رع الحزب المحل��ي‪ ،‬في ‪27‬‬ ‫من الش��هر نفسه ‪ 1969‬ومُنع من دخول‬ ‫مكتبه أو المقر الرئيسي المحلي للحزب‪،‬‬ ‫وت��م أيض��اً اإلغ��ارة على مكات��ب الحزب‬ ‫بطرط��وس والش��عب المحلية م��ن قبل‬ ‫كتيبة المغاوير التي كانت مكلفة بحراسة‬ ‫المنش��ئات الحيوية في المحافظة‪ ،‬وذلك‬ ‫بقصد اعتقال أعض��اء فرع قيادة الحزب‪،‬‬ ‫وفي طرطوس تم اعتقال عادل ناعس��ة‬ ‫أمين عام فرع الالذقية وأحد أنصار جديد‪،‬‬ ‫وق��د أجبر على مغ��ادرة المحافظ��ة فوراً‬ ‫تحت حراسة عس��كرية‪ .‬وقد أصدر األسد‬ ‫تعليماته للمخابرات العس��كرية بمختلف‬ ‫المحافظات بمنع أعضاء قيادة الحزب من‬ ‫االتص��ال بالجهاز المدن��ي لفروع الحزب‪،‬‬ ‫وذل��ك عن طريق تحذيره��م وتهديدهم‬ ‫باالعتق��ال‪ ،‬وقد اتخذت أعن��ف اإلجراءات‬ ‫في محافظت��ي الالذقية وطرطوس وفي‬ ‫الواقع كانت ه��ذه اإلجراءات التي اتخذها‬ ‫األس��د أش��به ما تكون بانقالب عسكري‪،‬‬ ‫ونتيج��ة لذل��ك فق��دت القي��ادة القطرية‬ ‫السورية معظم قوتها‪ ،‬بغض النظر عن‬ ‫اس��تمرارها رس��مياً وتواجدها بمنصبها‪،‬‬ ‫وق��د احتل��ت ق��وات األس��د مبن��ى إذاعة‬ ‫دمش��ق ومبن��ى إذاع��ة حل��ب‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إل��ى مكات��ب أكب��ر جريدتين س��وريتين‬ ‫وهم��ا البع��ث والث��ورة‪ ،‬وت��م ف��رض‬ ‫الرقابة العس��كرية على نش��رات األخبار‬ ‫والتعليق��ات السياس��ية وجمي��ع البرام��ج‬ ‫السياسية والثقافية واإلعالمية‪.‬‬ ‫وبن��اء على طل��ب القي��ادة القطرية‬ ‫الس��ورية ت��م انعق��اد مؤتم��ر قط��ري‬ ‫اس��تثنائي في آذار ‪ 1969‬بدمش��ق‪ ،‬حيث‬ ‫بُذلت الجهود للتوصل إلى حل وسط بين‬ ‫الكتل التي تجمعت حول األسد وتلك التي‬

‫الرئيسين شكري القوتلي وجمال عبد الناصر أثناء توقيع الوحدة‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬

‫انقالب حافظ الأ�سد ‪:1970‬‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫يحك��م الجي��ش باس��م الحزب ويتس��لط‬ ‫على الحزب باسم الجيش‪.‬‬ ‫ب��دأ التص��ادم بين��ه وبي��ن حاف��ظ‬ ‫األس��د قبل حرب حزي��ران ‪ ،1967‬وظهر‬ ‫الص��راع جلي��اً بين��ه وبي��ن األس��د ف��ي‬ ‫المؤتمر القط��ري الرابع عام ‪ .1968‬فيما‬ ‫تكت��ل االتح��اد االش��تراكي العرب��ي م��ع‬ ‫االش��تراكيين الع��رب وحرك��ة القوميين‬ ‫الع��رب والبع��ث العراق��ي ف��ي جبه��ة‬ ‫معارض��ة لحكم صالح جدي��د‪ .‬وفي فترة‬ ‫القالقل في األردن في بداية السبعينات‪،‬‬ ‫تدخلت القوات البرية السورية في األردن‬ ‫بأم��ر من ص�لاح جدي��د‪ ،‬لكنه��ا تعرضت‬ ‫لهجمات الطي��ران األردني واإلس��رائيلي‬ ‫فطل��ب ص�لاح جديد م��ن حافظ األس��د‬ ‫إرسال مس��اندة جوية لكن األخير رفض‬ ‫وبالنتيج��ة فش��لت العملي��ة‪ ،‬فدعا صالح‬ ‫جديد إلى مؤتمر ط��ارئ للقيادة القومية‬ ‫ف��ي ‪ 30‬تش��رين األول لمحاس��بة وزي��ر‬ ‫الدف��اع حافظ األس��د‪ ،‬ولكن األس��د وفي‬ ‫‪ 16‬تش��رين الثاني ‪ 1970‬قام بما يسمى‬ ‫الحرك��ة "التصحيحي��ة"‪ ،‬واعتق��ل صالح‬ ‫جديد وكافة القيادات البعثية المناوئة له‪،‬‬ ‫تم س��جنه في س��جن المزة حوالي ثالث‬ ‫وعش��رون س��نة‪ ،‬وتوفي في السجن في‬ ‫‪ 19‬آب ‪ 1993‬بطريقة غامضة‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟‬ ‫هو�شنك �أو�سي‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫هكذا علمونا!‬ ‫ع ّلمون��ا أن األعداء نمور م��ن ورق‪ ،‬وان األحزاب التي‬ ‫تخالفنا‪ ،‬كرتون وزبالة وحثالة وعمالء!‪.‬‬ ‫ع ّلمونا أن اآلخ��ر‪ ،‬يتحيّن الفرص لالنقضاض علينا‬ ‫وافتراسنا‪.‬‬ ‫ع ّلمون��ا أنن��ا المالئك��ة واآلخ��رون ه��م الش��ياطين‬ ‫والكوابيس والقبور‪.‬‬ ‫ع ّلمون��ا ان��ه يجوز في الث��ورة فعل أيّ ش��يء‪ّ ،‬‬ ‫وكل‬ ‫شيء‪ ،‬ألجل شيء!‪ ،‬هو أكبر وأنبل وأعظم‬ ‫من أيّ شيء!؟‪.‬‬ ‫ع ّلمون��ا أن الحزب هو الش��عب والوطن واإلنس��انية‬ ‫والكون‪ .‬وأن القائد هو الحزب‪ ،‬وان الحزب هو القائد‪.‬‬ ‫ع ّلمونا أننا قادة التحرر وسادة الحريّة‪ ،‬وباعة األرواح‬ ‫ألجل التحرر والحريّة‪.‬‬ ‫ع ّلمونا انه حرامٌ علينا قتل طير‪ ،‬أو قطع ش��جرة‪ ،‬أو‬ ‫دهس نملة… وفي الوقت عينه‪ ،‬ع ّلمونا كيف نعشق‬ ‫الموت وحمل البنادق‪.‬‬ ‫ع ّلمون��ا أن الجحيم أهون من االس��تعباد واالضطهاد‬ ‫والقمع…‪ ،‬وع ّلمونا كيف نستسهل التخوين‪.‬‬ ‫ع ّلمون��ا أننا مركز الك��ون‪ ،‬وان أفكارن��ا كونيّة‪ ،‬وان‬ ‫المؤامرات التي تستهدفنا‪ ،‬هي أيضًا‪ ،‬كونيّة‪.‬‬ ‫ع ّلمون��ا انه ال مثيل لنا‪ ،‬وال بديل عنّا‪ ،‬وال يحقّ ألحد‬ ‫أن يضاهين��ا أو يوازين��ا أو يجارينا في القول والفعل‬ ‫والتفكير‪.‬‬ ‫ع ّلمون��ا أنن��ا األح��رار‪ ،‬واآلخ��رون ه��م العبي��د‬ ‫والتخ ّل��ف والرجعيّ��ة… والبرجوازيّ��ة والرأس��مالية‬ ‫واالمبرياليّة… والحداثة وما بعد الحداثة‪.‬‬ ‫ع ّلمون��ا أننا منبوذون ألننا األج��ود واألفضل واألكثر‬ ‫تجديداً وتحرراً‪.‬‬ ‫ع ّلمون��ا أن عنفن��ا بلس��م ومره��م وحري��ر… وان‬ ‫سِلمَهم‪ ،‬متواطئ وخسيس وحقير وخطير‪.‬‬ ‫ع ّلمون��ا أن هراوة األخ عل��ى رأس األخ‪ ،‬أو في ظهره‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ح�لال زالل‪ ،‬ألجل الثورة والحريّة والوطن والش��عب‬ ‫والقائ��د‪ .‬ع ّلمونا كيف نك��ون قطعان من المصفّقين‬ ‫أو الهتّافي��ن أو المهاجمي��ن أو المدافعي��ن…‪ ،‬دون‬ ‫أن نس��اءل أنفس��نا؛ م��اذا نح��ن فعال��ون بأنفس��نا‬ ‫واآلخرين؟!‪.‬‬ ‫ع ّلمون��ا أن االس��تيقاظ م��ن أفكارنا هو ن��وم يودي‬ ‫بالمرء إلى أس��فل الس��افلين‪ ،‬وان النوم في ٍملكوت‬ ‫هذه األفكار‪ ،‬قمّة اليقظة وأوجُ االستيقاظ‪.‬‬ ‫وما زالوا يعلموننا‪ ،‬ومازلنا نتع ّلم المزيد والكثير‪.‬‬

‫‪‎‬وئام عما�شة‪‎‬‬

‫م��ره من زم��ان قلنا بان��وا "رح يضل يص��رخ للغلط‬ ‫غلط بعين��و "‪ ..‬ول��ك ك��ذاااااااااااب‪ ..‬والمداحين يلي‬ ‫متلك رايحي��ن على مزبلة التاريخ‪ ..‬طبعا الحكي عن‬ ‫دريد لحام‪ ..‬أحس��ن ميطلعلي ش��ي واحد بيس��واش‬ ‫فرن��ك مصدي وما حدى ش��ايلو م��ن أرضو ال هو وال‬ ‫مواقفوا يفكر الحكي عنو‪ ،‬مثل ما صار قبل يومين‪..‬‬

‫لبنى زاعور‬

‫صب��اح ص��وت القصف‪ ..‬صب��اح أجرة المك��رو صارت‬ ‫‪ ٢٠‬ليرة‪ ..‬صباح التش��بيح المؤي��د‪ ..‬وتجحيش جبهة‬ ‫النص��رة المع��ارض‪ ..‬صب��اح ربطة الخب��ز إذا لقيتا‪..‬‬ ‫صباح الصوبيا إلي ملحوشة عالسقيفة‪ ..‬صباح البرد‬ ‫بال مازوووت‪ ..‬صباح الب��رد بال غاز وال كهربا‪ ..‬صباح‬ ‫القه��وة المرة وعيونك‪ ..‬صباح ش��و‪ ..‬خجالنة قلكون‬ ‫صباح الخير‪ ..‬صباحكون حشيش‪..‬‬

‫ما بدي منظر الجيش والشرطة يخوفني‪ ،‬ما بدي حس حالي متهم بدون ما كون عامل شي أو مساوي شي‪،‬‬ ‫حس حالي مرتاح وش��وف هدول الناس حس أنو هدول أخوتي وعم يحموني عنجد‪ ..‬مو موجودين لحتى يذلوني‬ ‫ويصادروا حقي بالحياة وبالعيش الكريم‪ ..‬هني أساس��اً راتبن من الضرايب يلي عم أدفعا أنا وأنتو كلكن‪ ،‬هدول‬ ‫هني حماتنا‪ ..‬منا وفينا‪ ..‬مو السيوف يلي على رقابنا بسبب وبال سبب‪.‬‬

‫واحد كتير عايف حالو من الحواجز‬

‫ف�ؤاد حقي‬ ‫أن��ا ضد القت��ل أي��ًا كان الس��بب‪ ..‬القضاء ف��ي دولة‬ ‫ح��رّة ديمقراطية يتو ّلى أمر كل مجرم تثبت إدانته‪..‬‬ ‫بالمقاب��ل الطوفان يجرف كل م��ا يقابله ومن الغباء‬ ‫وق��وف الفرد في طريقه‪ ..‬رغم التنبيهات العديدة له‬ ‫باالبتع��اد‪ ..‬فالعاق��ل إما أن يبتع��د أو يبقى مكانه إن‬ ‫كان بعيداً وينتظره حتى يهدأ ويستقر‪..‬‬

‫‪�‎‬أبو عبدو‪‎‬‬

‫ثورتكم ستنتصر عند إسقاط النظام‪ ..‬أما الثورة التي‬ ‫عقل ومنزل‬ ‫أحلم به��ا‪ ،‬فتبدأ فقط عندئذٍ‪ ..،‬ف��ي كل ٍ‬ ‫ومدرس��ة ومؤسس��ة‪ ..‬ولن أعلن انتصاره��ا حتى أرى‬ ‫قمراً اصطناعياً سوري الصنع يحلق في سماء الوطن‪..‬‬

‫ممدوح عزام‬

‫كان قد لجأ منذ يومين إلى هنا‪ ،‬مع زوجته وبناته‪ .‬جلسنا‬ ‫معا على الش��رفة المطل��ة نراقب القنابل التي تس��قط‬ ‫على بلدته‪ ..‬قال لي وهو يش��ير إلى إحداها‪ :‬ش��وف! إنها‬ ‫ته��دم بيت أب��و إبراهيم‪ ،‬والثاني��ة تهدم بي��ت الدكتور‪،‬‬ ‫وبيت أم حامد (هذه أرملة يا رجل تربي ثالث بنات) وبيت‬ ‫أب��و س��الم‪ ،‬وبيت أبو عدنان‪ ،‬والسادس��ة ته��دم بيت أبو‬ ‫طالب‪ .‬أما حين انفجرت الس��ابعة‪ ،‬فقد طأطأ رأسه‪ ،‬وهو‬ ‫يضع كفه فوق عينيه ويقول‪ :‬هذه المرة هذا بيتي!‪..‬‬

‫عهد زرزور‬

‫الله��م أس��قط األقنعة التي لم تس��قط بعد‪ ،‬قبل ما‬ ‫نخلص!‬

‫مي �سكاف‬

‫كان دور المخاب��ز بعدي��ن ص��ار الكازي��ات وه�لأ‬ ‫الجامعااااات‪ ..‬شو هالسوريا كلها إرهابييين!!‬

‫�إبراهيم اجلبني‬

‫هل نزل في القرآن الكريم أن على اإلسالم أن يكون‬ ‫إخوانياً‪ ..‬طالبانياً‪ ..‬قاعدياً؟!!‬

‫ف�ؤاد املداد‬

‫فقط في س��وريا‪ ..‬يمكن أن تجد طبيب��ًا يبكي لعدم‬ ‫قدرته على فعل ش��يء لمريضه‪ ..‬يس��تطيع ويريد‪..‬‬ ‫لكنه ال يجد ما يمكنه أن يفعل ما يريد‪!!..‬‬ ‫هذا م��ا يفعله الطبي��ب بزمالئه األطب��اء‪ ..‬كم يذكرني‬ ‫هذا بالطبي��ب المالزم في رواية القوقع��ة‪ ..‬الذي يقتل‬ ‫كل زم�لاءه ال‪ 14‬الذي��ن تص��ادف وجودهم في س��جن‬ ‫تدم��ر فقط ألنهم ش��هدوا على رفض زميل��ة له‪ !!..‬هو‬ ‫اليوم يكرر ما فعله ذاك الطبيب ألنهم كانوا شهوداً على‬ ‫رفض سوريا له‪ ..‬ألنها لم تعد تريد لها زوجًا نذ ًال‪!!..‬‬

‫ر�شا عمران‬ ‫أعترف أنني أو ًال شعرت بالغيظ إزاء صور النساء اللواتي‬ ‫جُنّ��دن للقتال‪ ،‬لكن لم يمض وق��ت طويل‪ ،‬وخصوصًا‬ ‫حين رحت أمعن في وجوههن‪ ،‬حتى ش��عرت باإلشفاق‪،‬‬ ‫حقاً باإلشفاق‪ .‬لمس��ت حقًا كم هن معذّبات‪ ،‬وفقيرات‪،‬‬ ‫وبال حول‪ .‬إنهن تلخيص آخر للمأساة السورية‪.‬‬

‫‪‎‬حممود حممود‪‎‬‬

‫مش��كلتي كعلماني م��ع أي قوة ظالمية متطرفة ليس��ت‬ ‫أن له��ذه الق��وة أيديولوجيا وفك��ر مختلفة ع��ن تفكيري‬ ‫العلمان��ي‪ ،‬ب��ل ألنها تعتق��د أن بإمكانها ف��رض وتعميم‬ ‫فكره��ا على اآلخ��ر ولو باإلك��راه والقوة‪ .‬فل��و كانت هذه‬ ‫القوى علمانية وتدعوا لفرض علمانيتها وتعميمها بالقوة‬ ‫لكان لي معها ذات المشكلة ولكان لي منها ذات الموقف‪.‬‬

‫ليلى العودات‬

‫س��ورية ليست في حرب أهلية هي فقط تعيش منذ‬ ‫س��نتين الوج��ه المؤلم للحمل��ة حافظ بش��ار حافظ‬ ‫األسد االنتخابية‪..‬‬

‫ميخائيل �سعد‬

‫هن��اك م��ن يصل��ي‪ ،‬رغ��م ع��دم إيمان��ه‪ ،‬أن يحدث‬ ‫انفج��ار‪ ،‬أو يت��م خطف اح��د المدنيي��ن‪ ،‬أو اغتصاب‬ ‫عاهرة‪ ،‬كي يقول‪ :‬شفتو‪ ،‬من شان هيك أنا كنت ضد‬ ‫هذه الفوضى‪ ،‬أنا ضد التخريب‪ .‬وينس��ى أو يتجاهل‬ ‫إكمال الجملة‪ :‬انه مع نظام القتل‪.‬‬

‫عبود �سعيد‬

‫وقبل أن تقصف الطائرة \ نظرت إلى أدونيس نظرة‬ ‫فخر واعتزاز‪ ،‬وقالت له‪ :‬أنا لم أخرج من الجامع‪..‬‬

‫ملى قنوت‬

‫يقول المهمش‪:‬أنا البطل ثرت على أعتى طاغية في‬ ‫العالم وسأنتصر‪..‬‬

‫جورج ن�صار‬

‫من كان م��ع الثورة قبل النصرة بق��ي معها بعدها‪..‬‬ ‫من كان ضد الثورة قبل النصرة بقي ضدها بعدها‪..‬‬ ‫الباقي تلفيق‪..‬‬

‫خولة دنيا‬

‫الرعب يزور مدينتي‪ ..‬قتلى وجرحى‪ ..‬والمدنيون هم‬ ‫الضحايا المهمش��ون كما في كل الحروب‪ ..‬للخالفات‬ ‫سطوتها‪ ..‬للس�لاح سطوته‪ ..‬وللناس اهلل وقلي ًال من‬ ‫الحظ‪..‬‬

‫من��ذ األيام األول��ى النطالق الث��ورة الس��ورية أراد‬ ‫النظ��ام أن يُصبغها صبغة طائفية‪ .‬وعندما فش��ل‬ ‫ب��دأ بإبادة طائفة معينة بأيدي ش��بيحة من طائفة‬ ‫معروف��ة‪ ،‬إال أنه ورغ��م القمع والتقتي��ل والتهجير‬ ‫والذبح والسلخ الذي مارسه مسوخه المعاتيه‪ ،‬فشلوا‬ ‫في حرف مس��ار الثورة إلى المستنقع الطائفي الذي‬ ‫جرّ المعتوه الشعب إليه‪ ،‬وأبى الشعب والثوار إال أن‬ ‫تكون الثورة ثورة كرامة ضد نظام لم يشهد التاريخ‬ ‫إجرامًا كإجرامه‪ ،‬وأرادها الش��عب أن تبقى ثورة لكل‬ ‫الس��وريين‪ .‬فالثائرين م��ن كل مكونات الش��عب‪،‬‬ ‫والمؤيدي��ن أيضًا من كافة مكونات الش��عب‪ ،‬عمد‬ ‫النظ��ام الفئوي إلى دس (أنوه هنا بأن كلمة مندس‬ ‫ه��ي المحببة للنظ��ام) أفراد بين صف��وف الجيش‬ ‫الحر ليش��كلوا كتائب وجبهات ‪ -‬وال أريد اإلشارة هنا‬ ‫إيّ هم الكتائب ‪ -‬يقتل بهم جيش��ه ليثبت للشعب‬ ‫والءهم للوطن وعداءهم للنظ��ام‪ .‬فما همّ النظام‬ ‫أن يضح��ي بجيش��ه وبالمنش��آت العام��ة والخاصة‬ ‫بتفجيرها باسم الجيش الحر من أجل البقاء وتشويه‬ ‫الثورة وإخماده��ا‪ ،‬وهو الذي بادل أس��رى إيرانيين‬ ‫بأسرى س��وريين غير آبه بأولئك األسرى من ضباط‬ ‫ومجندين سوريين لدى الجيش الحر‪ .‬فانه يلجأ حتى‬ ‫لقت��ل أخاه من أج��ل البقاء‪ ،‬وله في وال��ده المقبور‬ ‫وعمه المنبوذ أسوة حسنة عندما رفع عمه المسدس‬ ‫بوجه أبيه المقبور وأحاط دمش��ق بالمدرعات‪ ،‬ونشر‬ ‫س��رايا الدفاع الموالية له في شوارع دمشق‪ ،‬إلى أن‬ ‫اتفق��وا فيما بينهم بأن يأخذ رفعت أموال الش��عب‬ ‫والبلد إل��ى خارج القط��ر‪ .‬لذلك ليس م��ن الصعب‬ ‫على المعتوه أن يش��كل تلك الكتائب ويدسها بين‬ ‫صفوف الجيش الحر مس��ميًا إياها بأس��ماء توش��م‬ ‫الثورة بوش��م القاع��دة والتطرف‪ .‬حي��ث باتت هذه‬ ‫التش��كيالت تج��ر الثورة إل��ى ذات المس��تنقع الذي‬ ‫خُطط ل��ه منذ البداية‪ ،‬من تفجيرات ال تضر النظام‬ ‫بشيء‪ ،‬والتي على أثرها يتضرر الشعب األعزل‪ ،‬وآخر‬ ‫ش��اهد على ذلك ما قاموا به من عملية إجرامية في‬ ‫مدينة الس��لمية التي كانت المأوى والوطن للكثير‬ ‫من المشردين والمهجرين من بيوتهم من حمص‬ ‫وريفها وحم��اة وريفها حي��ث كان أهلها أهل كرم‬ ‫وسخاء‪.‬‬ ‫كم��ا أن نظام اإلجرام عمد ع��ن طريق تلك الكتائب‬ ‫وكتائ��ب ال ب ب ك إل��ى نش��ر الفتنة بي��ن العرب‬ ‫واألك��راد ف��ي المناط��ق الش��رقية الش��مالية من‬ ‫الجغرافية الس��ورية حيث فت��ح جبهة حرب في رأس‬ ‫العين المدينة التي كانت أيضًا مالذاً آمنا للكثير من‬ ‫المهجّري��ن‪ .‬وال يمكن ألي عاق��ل أن ال يقرأ ما وراء‬ ‫هذه األحداث التي تتفجّ��ر هنا وهناك بقصد ضرب‬ ‫الس��لم األهلي والتعايش بين الس��وريين‪ ،‬ووحده‬ ‫نظام الطغمة المس��تفيد من كل هذا‪ ..‬لكن ليست‬ ‫هنا المش��كلة فالعصابة معروفة وستبقى عصابة‪.‬‬ ‫المش��كلة في هؤالء المحس��وبين على الثوار الذين‬ ‫ينبرون للدف��اع عن التطرف وعن األحداث الطائفية‬ ‫والعرقية بحجة أنهم تعرضوا لممارس��ات عنصرية‬ ‫وطائفي��ة‪ .‬واألص��ل أنه��م يتجاهل��ون حت��ى قيم‬ ‫اإلس�لام التي يدّعون أنهم يتمثلونها‪ .‬ويس��ببون‬ ‫الضرر الكبير لإلسالم وللثورة وللبلد‪ ..‬هؤالء الثورة‬ ‫منهم براء‪ ..‬أو أنهم باتوا يشكلون عبئا على الثورة‬ ‫هم ومن يش��جعون م��ن جماعات متطرف��ة دخيلة‬ ‫عل��ى مجتمعنا‪ ..‬والش��ك أن مجتمعنا س��يلفظهم‬ ‫ويحاربه��م‪ .‬وق��د الحت تباش��ير ه��ذا الرفض في‬ ‫جمع��ة األمس في مدينة س��راقب وقبله��ا في أكثر‬ ‫من منطقة بمدينة حلب‪ ..‬وسنسمع الحقا عن كثير‬ ‫مناطق أخرى تتصدى لهم ألنهم كالسرطان والورم‬ ‫الخبيث الغريب عن الجسم والذي سرعان ما يلفظه‬ ‫رغم أنه خرج من خالياه ذاتها‪..‬‬ ‫شحود طه‬


‫صبارتنا حيث ال أحد فوق النقد‪..‬‬ ‫باب ناقد ساخر يتناول مواضيع سوريتنا‪..‬‬ ‫مجتمعنا وثورتنا‪..‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫ ‬

‫المحشش السوري االلكتروني‬

‫أكثرية وأقليّة مع شوية ركب عالثورة‬ ‫• هي مش��ان العبرة‪ ،‬مشان ش��و؟؟ مش��ان العبرة‪ .‬إنتو أكثرية‬ ‫وهنن أقلية والباقي والدين حرام!!!‬ ‫يبل��غ عدد األغنام الموجودة في نيوزيلندا نح��و ‪ 70‬مليون في حين ّأن‬ ‫عدد السكان ال يتجاوز ‪ 4‬ماليين‪ ..‬معقول ممكن األغنام يمسكوا حكم البلد!!!!‬ ‫• يلي عم نش��وفو بس��ري كانيه «راس العي��ن» وبعدة مناطق‬ ‫تانية من س��وريا هو نتيجة متوقعة للعمل العسكري يلي أخد هوية دينية‬ ‫مذهبي��ة بدال الهوية الوطنية الجامعة‪ ،‬لك حت��ى علم الثورة تقريبًا انكب‬ ‫بالزبالة وانرفعت بدالو الرايات السودا‪.‬‬ ‫ل��ك م��ا بدنا نضح��ك على حالن��ا‪ ..‬إذا م��ا في علم س��وري وطني‬ ‫يمث��ل الكل‪ ،‬وإذا ما في جي��ش وطني يمثل الكل‬

‫وبيش��تغل بهوي��ة وطنية تمثل ال��كل‪ ،‬بعمر ما‬ ‫رح يجتم��ع ُ‬ ‫الكردي والعربي والعلوي والس��ني والدرزي‬ ‫والمسيحي ووووو الخ‪ ،‬ورح يصير في عنّا ألف ألف راس العين‪.‬‬ ‫• الجماع��ة الل��ي كان��وا يقول��وا «ه��ي م��و ث��ورة» هن��ي‬ ‫نفس��ون اللي صارو يقولو «هي ما عاد اسمها ثورة» وهني نفسون اللي‬ ‫بيركبو عالثورة كلما بيصحلون‪.‬‬ ‫أص� ً‬ ‫لا ي��ا جحش منك إلو ل��و كنت مآم��ن بهالثورة ولو كنت اب��ن هالثورة‬ ‫بحياتك ما بتتخلى عنها وبتضل عم تش��تغل مش��انها لتوصل لحريتك‪ ،‬ولحتى ما‬ ‫تخلي غيرك يركبها‪.‬‬ ‫بالثورة بيصي��ر في أخطاء؟؟ أي بيصير وبننقده��ا لتصير ثورتنا مثالية‪،‬‬ ‫بس ما بنوقف ضدها‪ ،‬هي الثورة ثورتنا‪ ،‬والحرية اللي جاية هي حريتنا‪.‬‬ ‫ويلعن روحك على روح حافظ يا حق‪.‬‬

‫‪-1‬‬‫الش��عب عنده مش��كلة‪« ..‬الم��ازوت قلي��ل ومو‬ ‫متوف��ر»‪ ..‬الحكومة بتحل المش��كلة هي��ك‪« ..‬بترفع‬ ‫سعر المازوت‪ ،‬بدل ما تزيد كميته»‪ .‬الشعب بيصير‬ ‫عن��ده مش��كلتين‪« ..‬م��ازوت قلي��ل وم��و متوفر‪..‬‬ ‫ومازوت غالي»‬ ‫يفض��ح ع��رض هي��ك بل��د بتج��ي‬ ‫الحكومة لتحل مشكلة للشعب بتخلقله‬ ‫مشكلتين‪..‬‬ ‫بحي��اة الغوالي يا وزرائنا ترتاحو‪..‬‬ ‫نحن��ا امورن��ا بخي��ر كله��ا بخي��ر انت��و‬ ‫ارتاح��و‪ ..‬واذا حدا قلكن انو في مش��كلة‬ ‫بدي قصله لسانه‪ ..‬هس وال حرف‪..‬‬ ‫من اليوم وبطلوع‪ ..‬اي حدا مسؤول‬ ‫بتسمعوه عم يقول «حل لالزمة»‬ ‫بتقتل��وه‪ ..‬دمه مه��دور‪ ..‬هذا‬

‫عم يخلق أزمتين‪ ..‬وجررررر‬ ‫تحي��ة م��ن المش��لوش ل��كل المتطرفي��ن على‬ ‫اختالف مواقعهم‪ ..‬صحيح انتو مش��كلة بحد ذاتكن‪..‬‬ ‫ب��س غيركن «عادي» بس صار خالق ألف مش��كلة‪..‬‬ ‫شلشناها عليكن‪..‬‬ ‫‪-2‬‬‫خواطر مس��تقاة م��ن دور الكازية (عجبتني هي‬ ‫مستقاة) ما علينا‬ ‫أول ش��ي عل��ى دور الكازي��ة‬ ‫طائفت��ي بنزيني ويمك��ن بوقت‬ ‫تان��ي مازوت��ي أو كهربائ��ي أو‬ ‫خبزي يعني الهم واحد يا عالم‬ ‫ياناس يا زبالة‬ ‫تاني ش��ي طل��ع معي في‬ ‫خضم النطرة عالدور كوكبة من‬ ‫األقوال المأثورة وهي‪:‬‬

‫‪ - 1‬واستعينو على قضاء حوائجكم‬ ‫بالدخان ويفضل حمرا طويلة‬ ‫‪ - 2‬إني أرى في البنزين حياة‬ ‫‪ - 3‬السيارة بال بنزين جدول الماء فيه‬ ‫‪ - 4‬الفرق بين مرسيدس وكيا ريو إال بالبنزين‬ ‫تالت ش��ي اللي بيحاول يتحي��ون بالدور بيلتعن‬ ‫سماه نظامي الن الناس له بالمرصادي‬ ‫رابع ش��ي رغم كل شي صاير فينا لسه الناس‬ ‫عن��دا خل��ق تضح��ك فع�لا كم ان��ت كبي��ر أيها‬ ‫السوري‬ ‫خامس شي الفرحة في العالم تعادل‬ ‫فرح��ة إن��ك توص��ل عالطرنب��ة ويجي‬ ‫العامل يشكو بقفا السيارة وأووووه‪..‬‬ ‫ييييييه‬ ‫وأخي��را لل��ي صب��ر وق��را‬ ‫هالتفاهات لألخير شكرا‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ال تشــلشــنا مشـــلوشــين‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬

‫جمعة "قائدنا لألبد‪ ..‬سيدنا محمد"‬ ‫• اليوم قائدنا لألبد بش��ار حافظ األس��د يحتفل بعيد مولد قائدنا لألبد س��يدنا‬ ‫محمد‪ .‬ويلعن روحك يا حافظ‪.‬‬ ‫• «يلي مو عاجبه اس��م الجمعة يتفضل على األرض ويسمي الجمعة (قائدنا‬ ‫لألب��د‪ ..‬س��يدنا غيفارا)‪ .‬مو ش��اطرين غير بالتنظي��ر وأكل الخ��رى‪ ،‬وتقعدوا ورا‬ ‫شاشة الكمبيوتر وتنظروا على هالعالم»‪ .‬كنت متوقع حدا يقولها اليوم‪.‬‬ ‫جبهة النصرة‬ ‫• المثقف السوري المحتضن لجبهة النصرة يوازي تمامًا المثقف اليساري‬ ‫في تمسكه بالمجرم خوفاً من اإلسالم‪.‬‬ ‫• أبدٌ يأتي وأبدٌ يرحل‪ ..‬فال أبدٌ كان مؤبداً إلى أبد اآلبدين‪.‬‬ ‫• كل من يناصر النظام أو جبهة النصرة هو عدوٌ للبيئة‪.‬‬ ‫• تسقط جبهة النصرة‪ ..‬إذا موافق على هالكالم سمعنا صوتك‪ ،‬ال تخاف‪.‬‬ ‫نحنا منشتغل ثورة وما بنشتغل سياسة‪ ،‬خلي السياسيين يتملقولهن‪،‬‬ ‫أما أنا وأنت بنقولها وبالصوت العالي‪« :‬تسقط جبهة النصرة» وما رح نس ّلم‬ ‫مدننا وأريافنا للقادمين من وراء التاريخ‪.‬‬ ‫أكثرية وأقليّة مع شوية ركب عالثورة‬ ‫• هي مشان العبرة‪ ،‬مشان شو؟؟ مشان العبرة‪ .‬إنتو أكثرية وهنن أقلية‬ ‫والباقي والدين حرام!!‬ ‫يبل��غ عدد األغن��ام الموجودة في نيوزيلن��دا نحو ‪ 70‬مليون في‬ ‫حي��ن ّأن عدد الس��كان ال يتجاوز ‪ 4‬ماليي��ن‪ ..‬معقول ممكن األغنام‬ ‫يمسكوا حكم البلد!!!‬ ‫• يلي عم نش��وفو بسري كانيه «راس العين» وبعدة مناطق‬ ‫تانية من سوريا هو نتيجة متوقعة للعمل العسكري يلي أخد هوية‬ ‫ديني��ة مذهبية بدال الهوية الوطني��ة الجامعة‪ ،‬لك حتى علم الثورة‬ ‫تقريبًا انكب بالزبالة وانرفعت بدالو الرايات السودا‪.‬‬

‫لك م��ا بدنا نضحك عل��ى حالنا‪ ..‬إذا‬ ‫م��ا في علم س��وري وطني يمثل ال��كل‪ ،‬وإذا ما في جيش وطن��ي يمثل الكل‬ ‫وبيشتغل بهوية وطنية تمثل الكل‪ ،‬بعمر ما رح يجتمع ُ‬ ‫الكردي والعربي والعلوي‬ ‫والسني والدرزي والمسيحي ووووو الخ‪ ،‬ورح يصير في عنّا ألف ألف راس العين‪.‬‬ ‫• الجماع��ة اللي كانوا يقولوا «هي مو ثورة» هني نفس��ون اللي صارو يقولو‬ ‫«هي ما عاد اسمها ثورة» وهني نفسون اللي بيركبو عالثورة كلما بيصحلون‪.‬‬ ‫أص ًال يا جحش منك إلو لو كنت مآمن بهالثورة ولو كنت ابن هالثورة بحياتك ما بتتخلى‬ ‫عنها وبتضل عم تشتغل مشانها لتوصل لحريتك‪ ،‬ولحتى ما تخلي غيرك يركبها‪.‬‬ ‫بالثورة بيصير في أخطاء؟؟ أي بيصير وبننقدها لتصير ثورتنا مثالية‪،‬‬ ‫ب��س ما بنوقف ضدها‪ ،‬هي الثورة ثورتنا‪ ،‬والحرية اللي جاية هي حريتنا‪.‬‬ ‫ويلعن روحك على روح حافظ يا حق‪.‬‬ ‫برعاية التيار الصهيوصليبي العلماني الليبرالي اليساري الماسوني الغربي‬ ‫السوري | بقلم آدمن ما إلو اسم‬

‫‪15‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 27 | )71‬كانون الثاني ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫ُهنــا‬ ‫ِد َم�شــــق‬

‫سيامند حسين‬ ‫(يوميات ومشاهدات) ‪ 25‬كانون الثاني ‪2013‬‬

‫ف��ي تقري��ر مصوّر ع��ن الوضع المعيش��ي ف��ي حلب‬ ‫يظهر متطوعان أعدّا وجبة طعام كبيرة وسط أحد الشوارع‬ ‫ف��ي مدينة حلب‪ ،‬وم��ن حولهما عم��ارات ودكاكين متضرّرة‬ ‫ومحترقة جرّاء القصف الذي طالها‪ ،‬عش��رات األطفال تمتدّ‬ ‫أيديهم ممس��كة بصحون معدني��ة جائع��ة‪ ،‬يتح ّلقون حول‬ ‫القِدر الكبي��ر أمام الكاميرا‪ ،‬يتدافع��ون ويضحكون ويدهم‬ ‫األخرى ترفع عالمة النصر‪ .‬كان الرجل يتكلم مناشداً العالم‬ ‫بتأمين ما ينقصهم إلطعام مئات العائالت الفقيرة في الحي‪،‬‬ ‫طلب م��ن المصور أن يصور قعر الق��در وهو يحفّ بملعقة‬ ‫كبي��رة ما تبقى من طع��ام محروق التصق ب��ه‪ ،‬كان يقول‪:‬‬ ‫لم يبقَ ش��يء‪ ،‬الناس يأكلون فتات��ًا محروقًا‪ .‬كانت هتافات‬ ‫األطفال الثورية تمتزج بصوت الرجل‪ .‬مأساة الكبار مختلفة‬ ‫وربما من حسن حظ الصغار أنهم ال يفهمون الشيء الكثير‬ ‫مم��ا ي��دور حولهم‪ .‬فك��رّتُ‪ ،‬أنه رغ��م الخوف ال��ذي تجلبه‬ ‫القذائ��ف والطائ��رات الحربية كل يوم على رؤوس��هم‪ ،‬فإن‬ ‫قلوبهم لن تعرف أبداً رعب أقبية ومعسكرات األسد‪.‬‬ ‫الءات كثيرة س��ينعم بها أولئك األطفال الذين صرخوا‬ ‫باس��م الحري��ة‪ .‬ال اس��تفتاء يُخ��وّن مَ��نْ يتحاش��ى اإلدالء‬ ‫بصوت��ه‪ ،‬وال صور تجع��ل الواحد يفرّ مذع��وراً‪ ،‬وال نظارات‬ ‫س��وداء تُخفي حقداً خلفها‪ ،‬وال س��يارات ستيش��ن يُحش��ر‬ ‫فيه��ا م��ن وُش��يَ به��م ضرب��اً ورك ًال‪ ،‬وال س��جون يُوغ��ل‬ ‫فيه��ا المحقق��ون تعذيباً وقت� ً‬ ‫لا‪ ،‬وال مخبرون ف��ي المقاهي‬ ‫أوالجامعات أوالمس��اجد يجعلون السوريّ يرتاب بأصدقائه‪،‬‬ ‫وال انتهازي��ون وعناصر أمن يفرضون جزية على قمح الجدّ‬ ‫كل صيف‪ .‬ال رحالت هروب من الخوف‪.‬‬

‫***‬

‫منتص��ف الظهيرة‪ ،‬حرّ ش��ديد في الخ��ارج ورائحة غبار‬ ‫م��ا بعد الحص��اد كانت ما ت��زال معتقّ��ة في اله��واء األصفر‪.‬‬ ‫كن��ا نجلس ف��ي الغرفة الطينيّة الواس��عة الت��ي بناها جدّي‬ ‫مؤخراً في باحة البيت‪ ،‬وقد تجاوز الخامس��ة والسبعين وقتها‪،‬‬ ‫ليس��كن فيها دائمًا‪ ،‬ويلعب الداما مع أصدق��اء يزورونه أحيانًا‬ ‫في المس��اء‪ .‬كان ما يزال يعمل ف��ي الزراعة وتجارة الحبوب‪،‬‬ ‫وكان يُح��ب أن يمض��ي بعضاً من وقته المتبقي يس��تمع فيه‬ ‫إل��ى مذياعه القدي��م يابانيّ الصنع‪ ،‬الذي اش��تراه من مدينة‬ ‫إزمير التركية في الس��تينيات بحسب ما يذكر‪ .‬مروحة السقف‬ ‫ت��دور برويّة‪ ،‬والح��رارة داخل الحجرة ذات الجدران الس��مكية‬ ‫والس��قف المرتف��ع كان��ت مقبولة؛ كن��ت أجلس ف��ي الزاوية‬ ‫القريب��ة من الباب‪ .‬بينما كان جدّي في الوس��ط ينتظر غداءه‬ ‫الخالي من الملح على مش��مّع فرشَ��تهُ عمت��ي الكبيرة‪ ،‬راح‬ ‫يحدّثني عن مس��رحية تس��ليم الس��لطة قبل أيام وكيف أن‬ ‫االب��ن لن يجلب للش��عب إال مزي��داً من الظل��م‪ ،‬وكيف أنه لن‬ ‫يق��دم لنا‪ ،‬نحن األكراد‪ ،‬إال الوع��ود كوالده‪ .‬بعد العصر‪ ،‬عدت‬ ‫إلى جدّي فكان أبي جالساً بجانبه يتنقّل بتوتر بين المحطات‪:‬‬ ‫«وقد استقبل الس��يد الرئيس الدكتور‪ ،« ..‬أغان وصراخ على‬ ‫محطة مجهولة‪ ،‬لقاء مع أحدهم على صوت الش��عب‪ ..‬وهكذا‪.‬‬ ‫كان ج��دّي ن��ادراً م��ا يغيي��ر موجة الرادي��و عن إذاع��ة لندن‪،‬‬ ‫التي بات من الصعب اس��تقبالها بصفاء في الس��نوات األخيرة‬ ‫إال بواس��طة الراديوه��ات القديمة‪ .‬في ذل��ك الحين‪ ،‬كنت قد‬ ‫التقط��ت صفح��ة مطويّة من جري��دة تش��رين كانت تغطي‬ ‫زاوية ل��م تصلها الس��جادة بجانب العتب��ة المرتفعة‪ ،‬نفضت‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫الغبار عنها قلي ًال وفتحتها‪ ،‬كان تاريخها يعود للسنة الماضية‪،‬‬ ‫‪ ،1999‬فوقع��ت عين��ي على خب��ر صغير في األس��فل‪ ،‬قرأت‬ ‫عنوانه بصوت مرتفع معلقًا باس��تهزاء على سياسة الحكومة‬ ‫الس��رطانية‪« :‬الجيش التركي يقصف بالطائرات معاقل حزب‬ ‫العمال الكردس��تاني»‪ ،‬هزّ جدّي‪ ،‬الشيخ المسنّ‪ ،‬رأسه العنًا‬ ‫الحكومتين‪ ،‬بينما كانت الخشخش��ة م��ا تزال ّ‬ ‫تتقطع متطايرة‬ ‫م��ن الرادي��و حت��ى توقفتْ أخي��راً‪ ،‬وس��اد فيه س��كون نقيّ‬ ‫للحظ��ات‪ ،‬عندما رفع أبي يده إلى أذنه في حركة مش��يراً إليّ‬ ‫كي أصمتَ منصتًا‪ .‬أتى صوت المذيع رخيمًا‪« :‬هنا لندن‪.»..‬‬

‫***‬

‫كان ش��هر أيار من ع��ام ‪ 2007‬حين أصبحت العاصمة ‪-‬‬ ‫بالنس��بة لي ولكثري��ن ‪ -‬ال تُطاق‪ .‬عش��رات اآلالف من صور‬ ‫بش��ار األس��د في تجدي��د البيعة فاض��ت بها ج��دران وزجاج‬ ‫وأس�لاك وأعمدة وشرفات دمشق‪ .‬الرئيس المتزن في صورة‬ ‫عفوي��ة هائل��ة مقابل جامعة دمش��ق يض��مّ إصبعيه برقّة‬ ‫وكأنه يمس��ك بش��عرة ال تُرى وهو يش��رح ش��يئًا مهماً على‬ ‫األرجح‪ .‬واحدة له ولزعيم حزب اهلل عُن ِونت بـ»أُسود العرب»‪.‬‬ ‫أخ��رى بالزّي العس��كري وبالنظارات الس��وداء وتعبير الوجه‬ ‫العاب��س المبالغ فيه لحدّ الس��خرية‪ ،‬بعد معالجة رديئة على‬ ‫خلفي��ة داكنة‪ .‬عائ��داً من المركز فوق جس��ر الرئيس باتجاه‬ ‫الجامعة‪ ،‬استولى عليّ‪ ،‬من جديد‪ ،‬خوفٌ لحظة وجدت نفسي‬ ‫محاطاً بكثير من الناس بدوا ال مبالين بما يحدث‪ ،‬وبالبائعين‬ ‫الذين فرش��وا سياج الجامعة والشارع حتى نهايته عند وكالة‬ ‫س��انا‪ ،‬باألعالم وصور األس��د‪ .‬كانت لوحات حمشو اإلعالنية‬ ‫التي تتصدر الجهات األربع عند التقاطعات‪ ،‬وقد تفرغت شهراً‬ ‫كام ًال دعمًا للحملة الترويجية للرئيس الوحيد الذي سيحكم‪،‬‬ ‫تُقصيني من المكان وتتهمني بالخيانة‪ .‬أحسست لوهلة بأن‬ ‫كل الس��وريين أصبح��وا عبيداً وأن أيّ واحد اآلن سيكتش��ف‬ ‫أمري ويس��لمني لرجال األمن المتنكرين‪ ،‬أنا ُ‬ ‫الكردي الذي إن‬ ‫تك ّلم ستفضحه خفقات قلبه الساخط قبل لكنته‪.‬‬ ‫قبل ذل��ك بيومين‪ ،‬عندما كنت عائداً إلى الش��قة التي‬ ‫أس��تأجرها م��ع عمّ��ي وصديقي��ن آخري��ن في ح��يّ المزة‬ ‫جب��ل‪ ،‬عند نهاية خط الميكروباصات ف��ي الطريق المهجور‬ ‫المحاذي لس��ور مرتفع لمنشأة أمنية أو عسكرية ‪ -‬لم نعرف‬ ‫ذلك ‪ ، -‬بي��ن العديد من األوراق واألكي��اس وألواح الكرتون‬ ‫الت��ي رُميت بي��ن الحجارة وبقايا البلوك المكس��ور‪ ،‬دُس��ت‬ ‫عل��ى صورة يب��دو أنها س��قطت من يد أحدهم ف��ي الغرفة‬ ‫الصغي��رة المرتفع��ة كب��رج مراقب��ة خلف الس��ور‪ .‬توقفت‪.‬‬ ‫اللعنة! لم أعرف ماذا أفعل‪ .‬نظرت حولي وسرعان ما أدركت‬ ‫أن��ي ارتكبت ً‬ ‫خط��أ بتوقفي‪ ،‬فاآلن إن ل��م أُنقذ صورة القائد‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)42498‬‬ ‫دمشق‪2770 :‬‬ ‫ريف دمشق‪9163 :‬‬ ‫حمص‪7744 :‬‬ ‫درعا‪3825 :‬‬ ‫إدلب‪5609 :‬‬ ‫حلب‪5423 :‬‬

‫دير الزور‪3043 :‬‬ ‫الرقة‪302 :‬‬ ‫السويداء‪34 :‬‬ ‫حماة‪3433 :‬‬ ‫الالذقية‪687 :‬‬ ‫طرطوس‪60 :‬‬ ‫الحسكة‪221 :‬‬ ‫القنيطرة‪687 :‬‬

‫سأتهم بالدوس عليها عمداً‪ .‬لحسن الحظ أني لم أفكر أكثر‬ ‫وركض��ت كالمُطارَد حاس��مًا أم��ري‪ .‬كانت صفقة ش��جاعة‬ ‫دفع��ت ثمنه��ا أس��بوعًا وأن��ا أس��لك الطريق اآلخ��ر الطويل‬ ‫والش��اقّ‪ ،‬متفادي��ًا الخ��وف ال��ذي يكمُ��نُ لي ف��ي الطريق‬ ‫القصير‪ .‬قبل ثالثة أيام من موعد االستفتاء‪ ،‬شعرت بضيق‬ ‫لم أحتمله‪ ،‬فقررت الس��فر إلى القرية حيث ال دمشق هناك‪.‬‬ ‫وضّب��ت حقيبة صغيرة كيفما اتّف��ق‪ ،‬واتجهت لي ًال‪ ،‬دون أن‬ ‫أخبر أحداً‪ ،‬إلى كراجات البولمان في حرستا‪.‬‬ ‫كن��ا خمس��ة ركاب فق��ط‪ .‬بع��د أن خرجنا من دمش��ق‪،‬‬ ‫ذه��ب المع��اون لينام في ص��ف المقاع��د األخيرة ويس��تريح‬ ‫قلي� ً‬ ‫لا‪ ،‬انضمم��ت م��ع ش��ابين آخرين نس��تمع إل��ى القصص‬ ‫الممتع��ة التي دارت بي��ن راكب‪ ،‬جلس في كرس��ي المعاون‪،‬‬ ‫وبين الس��ائق الذي كان يعرفه معظم من يسافر في باصات‬ ‫ش��ركة دجلة بين العاصمة ومدن الجزيرة‪ .‬كان علي مهندسًا‬ ‫زراعي��اً‪ ،‬سِ��يقَ إل��ى الخدمة االلزامي��ة بعد أن قبض��وا عليه‬ ‫أخي��راً وقد اس��تنفذ كل الس��بل للتأجيل‪ ،‬كان ش��عره قصيراً‬ ‫وبش��رته قاتمة من الش��مس‪ .‬روى قص��ة طريفة عن العقيد‬ ‫قائ��د الكتيبة ف��ي قطعتهم في بلدة قطن��ا‪ ،‬حيث أن الضابط‬ ‫ذات ي��وم صرخ بهم في اجتماع الصب��اح نصف مازح‪« :‬أليس‬ ‫عن��د واحد منكم أمٌّ قحب ٌة ترس��ل لي زيتون��اً أو جبنًا بد ًال من‬ ‫الج��وارب الت��ي تحضرونها؟» يضح��ك علي‪ ،‬معقب��ًا‪« :‬أصبح‬ ‫جمي��ع العس��اكر يحضرون ل��ه الج��وارب عندما يع��ودون من‬ ‫اإلج��ازة التي تكرّم بها عليهم‪ ،‬بعد أن ش��اع بينهم أن العقيد‬ ‫كان يُسرّ كثيراً بهذه الهدية»‪ .‬يضيف‪« :‬ضحكنا بدورنا عاليًا‬ ‫بينما استمرّ يش��تمنا‪ .‬ونحن أيضاً شتمناه‪ ،‬في أعماقنا»‪ .‬في‬ ‫الخامس��ة فجراً اس��تيقظنا على صوت زم��ور الباص‪ ،‬كان أبو‬ ‫آالن يكاد ال يرفع يده عنه وهو يدور حول الساحة الكبيرة في‬ ‫مدخل الحس��كة‪ .‬دار ثالث مرات ساحباً خلفه الرجال الملثمين‬ ‫المتهيئين لل��رزق على درجاتهم النارية‪ ،‬فق��د كانوا يعملون‬ ‫عليها لنقل المس��افرين الذين ينزل��ون‪ ،‬خاصة على الطريق‬ ‫قبل الكراج‪ ،‬في تلك الصباحات المقفرة‪ .‬أخذ أبو آالن يضحك‬ ‫عالياً وهو يستمتع بالمنظر‪ ،‬ضحكنا أيضاً‪ ،‬ربما لجنونه أيضاً‪،‬‬ ‫حين اعت��دل علي وانحنى نحوه قائ ًال‪« :‬ح��رام عليك‪ ..،‬هؤالء‬ ‫المس��اكين‪ « ..‬لم يأبه أبو آالن لكالم��ه وتابع الدورة األخيرة‪،‬‬ ‫وعندم��ا توق��ف‪ ،‬كان الرج��ال قد التمّ��وا على الب��اب وأزاحوا‬ ‫الش��ماخ الذي كانوا يتلثم��ون به عن أفواهه��م‪ ،‬لينادوا علينا‬ ‫نحن الركاب‪« :‬تكس��ي‪ ،‬تكس��ي‪ .« ..‬في الحس��كة‪ ،‬نزل راكب‬ ‫واحد فقط‪ ،‬قاطعهم وهو ينزل درجات الباص‪« :‬ال‪ ،‬ال‪ ،‬شكراً‪،‬‬ ‫ها هو أخي ينتظريني في الس��يارة»‪ .‬صمت الرجال‪ ،‬ثم حيّوا‬ ‫الس��ائق يتبادلون المزاح معه‪ ،‬وكان بعضهم يعاتبه مبتسمًا‪.‬‬ ‫أُغلِ��ق الباب وانطلق الباص‪ .‬التفت إلينا أبو آالن وقال بصوت‬ ‫جاد‪« :‬أرأيتم سعادتهم؟ هذه لعب ٌة نلعبها سويّة»‪.‬‬ ‫‪ 3123‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 1376‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 2894‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 7858‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 34640‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2013 / 1 / 26‬‬ ‫‪http://vdc-sy.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.