سوريتنا | العدد الثاني والسبعون | 2 شباط 2013

Page 1

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪1‬‬


‫نهر ال�شهداء‪ :‬تقريـر عن جمـزرة نهــر قويـق‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫إعداد‪ :‬ديمة عطار ونسرين منافيخي‬ ‫تاريخ الواقعة‪ :‬يوم الثالثاء ‪2013 - 1 - 29‬‬ ‫الساعة‪ :‬السابعة والنصف صباحًا‬ ‫الم��كان‪ :‬مدين��ة حلب – حي بس��تان القص��ر – نهر‬ ‫قويق عند جس��ر الس��نديانة ال��ذي يمر عب��ره المدنيين‬ ‫للتنق��ل ما بين حيي بس��تان القص��ر والزبدية‪ ،‬ويتضح‬ ‫موقع الحادثة كما موضح بالصورة وعلى الرابط التالي‪:‬‬ ‫تفاصيل الحادثة‪:‬‬ ‫حوال��ي الس��اعة الس��ابعة والنصف صباحًا ش��اهد‬ ‫أهال��ي الح��ي العدي��د من الجث��ث داخل مي��اه نهر قويق‬ ‫حي��ث كانت تجرفها مياه النهر‪ ،‬توج��ه األهالي إلى جامع‬ ‫صبحان المجاور لمكان الحادثة حيث تم إعالن الخبر عبر‬ ‫مذياع الجامع فتجمع األهالي وكتائب الجيش الحر وبدؤوا‬ ‫بعملية انتش��ال الجث��ث من النهر ووضعه��ا على ضفاف‬ ‫النهر‪ ،‬وقد قام بعض الش��بان بوضع ش��بكات في مجرى‬ ‫النهر ك��ي يتمكنوا من انتش��ال جثث الش��هداء ويوقفوا‬ ‫انجرافها بعيدا وفق ما يتضح في الفيديو‪:‬‬ ‫قام قناص متواجد في حي اإلذاعة المجاور بإطالق‬ ‫الرص��اص عل��ى األهالي الذي��ن يقوم��ون بعملية إجالء‬ ‫الش��هداء من النهر كما يتضح ف��ي نهاية الفيديو التالي‪،‬‬ ‫أدى ذلك لتوقف العملية حوالي الس��اعة ومن ثم معاودة‬ ‫انتشال الجثث من جديد عندما هدأت عملية القنص‪:‬‬ ‫ت��م نقل الجثث إلى مش��فى الزرزور وإلى مش��فى‬ ‫ميداني في بستان القصر حيث توجه أهالي المفقودين‬ ‫والمعتقلين للتعرف على الجثث كما يتضح بالفيديو‪:‬‬ ‫حال��ة الجثث‪ :‬كانوا جميع��اً مكبلي األيدي وبعضهم‬ ‫مقيد األرجل ومكممة األفواه‪ ،‬بينهم العديد من األطفال‬ ‫الكب��ار‪ ،‬تم إعدامهم ميدانياً برص��اص في الرأس أحيانا‬ ‫في العين و كان رؤوس البعض مغطاة بأكياس نايلونية‬ ‫وبعضهم قد تم وضع ش��ريط الصق على فمه وعينيه‪،‬‬ ‫الجثث أغلبها حديثة الوفاة حيث كان لون الدم الذي سال‬ ‫م��ن الجثث بلون أحمر قاني كما يتضح في الفيديوهات‪،‬‬ ‫وحس��ب تصريح أحد األطباء الذين قاموا بالكش��ف على‬ ‫الجثث أنه وفقا للعالمات التي ظهرت على الجثامين فإنه‬ ‫يق��در أقدم تاريخ وف��اة يعود لثمانية أي��ام قبل الحادثة‬ ‫فقط‪ ،‬هناك بعض الجثث المشوهة تمامًا و بعض الجثث‬ ‫عليه��ا آثار التعذيب كما أن بعض الجثث كان اصحابها ما‬ ‫يزالون يرتدون الحزام الجل��دي وخواتم الزواج مع وجود‬ ‫رباطات األحذي��ة وهذا دليل عدم وجودهم في المعتقل‬ ‫سابقًا‪.‬‬ ‫تبين بعد تسليم العديد من الشهداء لذويهم أن ‪15‬‬ ‫منه��م كانوا مفقودين من فترات متفاوتة أطولها ش��هر‬ ‫واح��د كم��ا تبين أن خمس��ة منهم كان��وا محتجزين لدى‬ ‫الفروع األمنية في مدينة حلب بعد اعتقالهم على حواجز‬ ‫ف��ي المناطق المحتلة‪ ،‬كما عرف اثنان من الش��هداء كان‬ ‫لديهم درجة من التخلف العقلي‪.‬‬ ‫يذكر الناش��طون في حيي بستان القصر والكالسة‬ ‫أن منس��وب المياه ف��ي النهر كان خالل فترة العش��رين‬ ‫يومًا ما قبل المجزرة مرتفع بالمقارنة مع اليوم الذي تم‬ ‫العثور فيه على الجثث‪ ،‬حيث انخفض منسوب المياه مما‬ ‫ي��دل على إيقاف الضخ ليُع��اد فتح المجرى وعودة المياه‬ ‫إلى النهر مرة أخرى في اليوم التالي‪.‬‬ ‫بحس��ب التخمينات األولية أن مكان إلقاء الجثث في‬ ‫النهر هو من حديقة الطالئع الثورية الواقعة في ش��مال‬ ‫بس��تان القصر حي��ث تطل على نهر قوي��ق‪ ،‬والتي تبعد‬ ‫ع��ن مكان العثور عل��ى الجثث حوال��ي ‪ 4 .1‬كم‪ ،‬وتعتبر‬ ‫ه��ذه النقطة أق��رب األماكن التي يس��يطر عليها النظام‬ ‫لمكان العثور على الجثث في النهر‪.‬‬ ‫عث��ر في المرحل��ة األولى النتش��ال الجثث على ‪59‬‬ ‫ش��هيد‪ ،‬ومن ثم تمكن األهالي من انتش��ال ‪ 21‬ش��هيداً‬ ‫آخر وبقيت ‪ 20‬جثة أخرى في مكان يصعب الوصول إليه‬ ‫لوج��ود القناصة‪ ،‬العدد الكلي حوالي ‪ 100‬ش��هيد بتاريخ‬ ‫األربعاء ‪ ،2013 - 1 - 29‬كما تم انتشال سبعة جثث في‬ ‫ي��وم الخميس التال��ي وكان الدم ينزف م��ن رؤوس تلك‬ ‫الجث��ث‪ ،‬وفي صب��اح الجمعة ت��م العثور على ش��هيدين‬ ‫آخرين مشوهين بشدة تم دفنهم فورا من دون تصوير‪،‬‬ ‫وبذلك يبلغ العدد اإلجمالي وفق المعلومات التي وصلتنا‬ ‫إل��ى ‪ 109‬ش��هداء وقد ع��رف من ه��ؤالء الش��هداء أربع‬ ‫وأربعون شهيداً‪.‬‬


‫�أوجـاع وطـن‬ ‫لينا أحمد عطفة‬ ‫القصيدة اآلن إلى كل الهاربين من المحتوم إلى المنتقى‪..‬‬ ‫من الذبح إلى الذبح‪ ..‬من الحصار إلى الحصار‪..‬‬ ‫إلى سلميّة‪ ..‬إلى سورية‪ ..‬إلى ّ‬ ‫كل األرواح المع ّلقة على حا ّفة الحقيقة‪..‬‬

‫الطبيب �أيهم غزول‬ ‫معتقل ا�ست�شهد حتت التعذيب‬ ‫تفا�صيل اعتقال ال�شهيد الدكتور �أيهم غزول‬

‫ف��ي ي��وم ‪ 2012 / 11 / 5‬خرجنا معًا من الكلية واتجه هو وزميلته إلى نفق اآلداب وبقينا نحن‬ ‫خلفه��م وعند خروجهما من باب الجامعة (باب اآلداب) أوقفه ش��بيحة االتحاد الوطني لطلبة س��وريا‬ ‫وعلى رأس��هم أش��رف صالح حيث أخذ منه أوراقه الشخصية والموبايل والالبتوب وطلب من زميلته‬ ‫أن تخرج من الجامعة بس��رعة وعندما س��أله الش��هيد من أنتم وماذا تريدون أجابه أش��رف "اتحرك‬ ‫قدام��ي من غير حكي أحس��ن ما أمس��ح فيك األرض"‪ ،‬ث��م أخذوه إلى مقر االعتقال والتش��بيح في‬ ‫الجامع��ة والموج��ود في كلية الطب البش��ري‪ ،‬وهذا المق��ر وفق كالم من دخل إلي��ه وخرج ظاهريًا‬ ‫هو مبنى لمدرجات الطب البش��ري وفيه غرفة للهيئة االدارية بينما هو في الحقيقة مقر لش��بيحة‬ ‫الجامعة حيث يوجد فيه غرف للتحقيق وغرف للسجن باإلضافة إلى كل وسائل التعذيب‪ ،‬ويوجد فيه‬ ‫أيضًا مكتب الشبيح أشرف صالح وهو المسؤول عن أغلب االعتقاالت التي تحصل ضمن الجامعة‪.‬‬ ‫أدخلوا أيهم إلى هذا المقر ودخل عدد كبير من الش��بيحة معه بينهم علي خير بك وس��وار نادر‪،‬‬ ‫وبعد إغالقهم الباب بخمس دقائق سمعنا صوت صراخه وصراخ طالب آخرين تم اعتقالهم قبله (حيث‬ ‫ت��م ف��ي ذلك اليوم اعتقال حوالي ‪ 6‬طالب )‪ ،‬وكانت أصواتهم مس��موعة إلى خارج البناء‪ .‬وبعدها أتى‬ ‫ع��دد من الش��بيحة وطلبوا منا الخروج من الجامع��ة فذهبنا وانتظرنا عند ب��اب الجامعة‪ ،‬وبعد حوالي‬ ‫الساعة دخلت سيارتان إلى الجامعة تابعتان ألحد األفرع األمنية (المخابرات الجوية أو األمن العسكري)‬ ‫وأخذت المعتقلين ومنهم الدكتور أيهم حيث حمل إلى إحدى السيارتين وكان فاقداً للوعي‪.‬‬

‫�شهادة عيان �أحد املعتقلني الذين كانوا مع ال�شهيد �أيهم يف‬ ‫املعتقل "يف فرع املخابرات اجلوية يف املزة"‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ف��ي ي��وم ‪ 2012/11/5‬أدخلوا إلينا معتق ًال آخ��ر محمو ًال ومنهكاً غير قادر على الوقوف وش��به‬ ‫فاقد للوعي‪ .‬نام لفترة قصيرة وعندما اس��تيقظ س��ألناه عن وضعه فأجاب‪" :‬تم اعتقالي من كلية‬ ‫طب االس��نان عند خروجي من باب الجامعة من قبل ش��بيحة االتحاد بقيادة الش��بيح أش��رف صالح‬ ‫واقتادوني إلى مقر االعتقال في كلية الطب البشري ثم انهالوا علي بالضرب المبرح وبعد ذلك دخل‬ ‫إياد طلب إلى الغرفة ومن ثم أحضروا خمسة معتقلين آخرين وجلبوا عصا حديدية وانهالو بالضرب‬ ‫المبرح علينا حيث كانو يضربوننا بها على رؤوسنا حتى فقدت الوعي ولم آحس بشيء إلى اآلن"‪.‬‬ ‫طالبنا كثيراً بنقل أيهم إلى المشفى ومعالجته لكن لم يتم تنفيذ الطلب بل كنا نتلقى جواباً‬ ‫بالش��تائم‪ ،‬وقالوا لنا‪" :‬بس يموت نادولنا"‪ ،‬وتابعوا التحقيق معه وبعد حوالي يومين ازرق جس��ده‬ ‫مستلق على قدم صديق‪...‬‬ ‫وغاب عن الوعي وفارق الحياة شهيداً وهو‬ ‫ٍ‬ ‫وحمل أصدقاء الش��هيد أيهم االتحاد الوطني لطلبة س��وريا وعلى رأس��ه عمار ساعاتي رئيس‬ ‫االتحاد وإياد طلب وأش��رف صالح مس��ؤولية استش��هاد أيهم‪ ،‬كما نوهوا بأن االتحاد الوطني بنفس‬ ‫األس��ماء المذكورة مس��ؤول عن استش��هاد الطالب عبد الغني محمود مس��بقًا‪ .‬وفي ش��هادات أخرى‬ ‫م��ن صفحات مختلف��ة ذكر بأن إياد طل��ب كان قائداً لمجموعة من الش��بيحة ف��ي الجامعة العربية‬ ‫الدولية (األوروبية س��ابقًا) وقام باعتقال وضرب عدد كبير من الطالب‪ ،‬كما أكدت بعض الش��هادات‬ ‫بأن أشرف صالح سلم العديد من الطالب إلى فروع األمن المختلفة بتهم متنوعة‪ ،‬وتمادى بالضرب‬ ‫على طالبات طب بش��ري من الس��نة الثالثة وتس��بب في اعتقالهن‪ ،‬كما اعت��دى على رئيس الهيئة‬ ‫الطالبية السابق وأرسل بعض الشبيحة لضرب بعض الطالب في حوادث متعددة‪ ،‬وحقق مع بعض‬ ‫الط�لاب في غرفة الهيئة اإلدارية‪ ،‬إضافة إلى أنه كان يس��ير حام ًال الس�لاح ف��ي حرم الكلية تباهيًا‬ ‫أمام رفاقه وترهيباً لطالب الكلية‪.‬‬ ‫وقد نوهت صفحة "اتحاد الطلبة األحرار لجامعة دمش��ق" بأنها لم تنش��ر كل المعلومات التي‬ ‫وصلت إليها وذلك لس�لامة الجهة التي سربت تلك المعلومات إال أنها وعدت بأنه سيتم إيصال كافة‬ ‫المعلومات والوثائق للجهات المختصة من الجيش الحر‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫نشرت يوم الجمعة صفحة "اتحاد الطلبة األحرار لجامعة دمشق" على موقع التواصل االجتماعي‬ ‫الفيسبوك تفاصيل عن اعتقال واستشهاد الطبيب أيهم غزول‪ ،‬وهو طالب دراسات عليا "ماجستير" في‬ ‫جامعة دمش��ق كلية طب األس��نان‪ ،‬اعتقل بتاريخ ‪ 5‬تشرين الثاني ‪ 2012‬من جامعة دمشق واستشهد‬ ‫تحت التعذيب‪ .‬لم تسلم جثته بعد لذويه وهناك معلومات أنه جثمانه موجود في مشفى ال ‪.601‬‬

‫هذي سيرة هرب علنيّ‪..‬‬ ‫و الموت نداء علنيّ‪ ..‬والصمت كذلك موت‬ ‫ها قد بدأ منامي‪..‬‬ ‫جدران متالصقة‪ ..‬وزجاج‪ ..‬ووجوه‪..‬‬ ‫رأيت رفاقي خلف حديد الزنزانات‪ ..‬رأيت أبي يوجعه الشريان األبهر‪..‬‬ ‫و رأيت معلمتي في الصف األول تمحي عن سبورة عمري ذاكرة للرفض‪..‬‬ ‫رأيت جيادا نافقة‪ ..‬ونعوشا تحمل اسمي في أكثر من لغة‬ ‫و رأيت جنودا معطوبين‪ ..‬وينشغلون عن الجرح بقضم أظافرهم‬ ‫و رأيت شيوخا يقتسمون مقدسنا بصكوك‪..‬‬ ‫رأيت رجاال مأخوذين بسنّ الشهوات‪..‬‬ ‫نساء ال يبغين سوى تلميع مكامنهنّ‪..‬‬ ‫رأيت هروبي‪..‬‬ ‫أشحط جيلي خلفي دون النظر إليه مخافة أن يمسكني الرعب‬ ‫أركض أركض والطين يغبّ خطاي ويبلع ساقيّ إلى الركبة‪ ..‬وأنا أبكي‬ ‫أتخبط في لون الطين المتعدد والورد المنثور عليه وأبكي‪..‬‬ ‫أركض ولهاثي يسبقني‬ ‫أسمع أمي تنهرني وتقول‪:‬‬ ‫اغتسلي في الماء ليذهب عنك الطين وتذهب عنك الوحشة‬ ‫أركض لمياه النهر وأقف على الجسر ألقفز في الماء‬ ‫لكنّ الجسر ترنح من رجس الطين‪..‬‬ ‫و مياه النهر اسودّت‪..‬‬ ‫(كانت دومًا سوداء)‬ ‫آه يا أمي ليس يطهرني حتى الماء‪..‬‬ ‫ها قد بدأ هروبي‪..‬‬ ‫قلبي طير الطنّان على وردة خوفٍ‪..‬‬ ‫و أرى الناس كغابة نخل قلعتها الريح بشطحة رمل‪..‬‬ ‫كان البحر بصمت يتلوّى ويجيء األرض ويذهب عنها‬ ‫و الناس لجو ٌء للبحر‪..‬‬ ‫شاهدت أبي يحتضن الكون بدفء عيونه‪..‬‬ ‫و الكون العدميّ ينوء‪..‬‬ ‫الناس اشتعلت كالصيف جنونا وعطش‪..‬‬ ‫إال رجال جرّحه الفقد‪ ..‬ويشبه ّ‬ ‫ظل الريح‪ ..‬حزينا كشتاء يبّسه البرد‪..‬‬ ‫تنام بمعطفه كل الخيبات وتصحو الغربة‪..‬‬ ‫و كأسوأ ميعاد للصدفةِ وجدَت يده كتف أبي‪..‬‬ ‫و انهال الصوت ليرصف درب العتمة‪:‬‬ ‫حزنت على أطفالك ذات الحزن على قطعي النقدية‪..‬‬ ‫إذ ضاعت مني في عتمة ذاك السجن القبر‪..‬‬ ‫جيبي مثقوب واألرض كهاوية في العدم‪..‬‬ ‫و ليس هناك بالط إال واحدة أقف عليها‪..‬‬ ‫أفقد كل الباقي عندي حتى تاريخي إذ أقف عليها‪ ..‬والباقي عدم‪..‬‬ ‫تهاوت في كلمات الرجل وفي عينيّ الدنيا‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫الدمعة‪..‬‬ ‫و أبي ذاب بصوته ملحا وابتلعت عينيه‬ ‫و أنا وحدي أرقب كيف يروح الناس فرادى وجماعات‬ ‫صوب البحر الساكن مثل رماد الحرب‪..‬‬ ‫أرقب كيف يموتون طواعية صوب البحر‪..‬‬ ‫أرقب كيف هنالك خلف غمام شرودي‬ ‫يبتلع البحر الناس فرادى وجماعات‪ ..‬ويسيرون‪..‬‬ ‫ال شيء أمام الناس سوى البحر‪..‬‬ ‫ال شيء وراء الناس سوى أسلحة الجند ومختبرات الموت‪..‬‬ ‫بكيت‪ ..‬بكيت‪ ..‬بكيت بحرقة قلب ذاق كمال اليأس‪..‬‬ ‫و صرخت ّ‬ ‫بكل الناس‪ ..‬رفاقي‪ ..‬جيراني‪ ..‬أهلي‪ ..‬أمتيَّ العصماء‪..‬‬ ‫اعتنقوا الماء وموتوا‪..‬‬ ‫موتوا في البحر فليس يطهّركم إال الماء‪..‬‬ ‫موتوا في البحر فليس ينجّيكم إال الماء‪..‬‬ ‫بكيت‪ ..‬صرخت‪ ..‬هذيت‪..‬‬ ‫رأيت على كتف الماء شجارات‪..‬‬ ‫أمّا تنهر طفال كي يمشي للبحر‪..‬‬ ‫تهدهده وتطمئنه والطفل يصيح‪..‬‬ ‫يرتجف الصوت أمام الموت‪..‬‬ ‫و األم تجرّ الطفل وتمضي صوب مصير الماء‪..‬‬ ‫يموت الطفل‪ّ ..‬‬ ‫تظل األم متابعة في خط الماء‪..‬‬ ‫و ممسكة بيد الطفل الطافي فوق البحر‪..‬‬ ‫و فوق العدم‪ ..‬وفوق اهلل‪..‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫�شطحة العدم‬

‫‪3‬‬


‫حـــراكنا (�شــارع �ســوريتنا)‬ ‫سوريتنا | شام داود ‪ -‬سعاد يوسف‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫املناطق املحررة‪ :‬منتديات ثقافية‬ ‫واجتماعية مل تخلو من �صدامات وم�شاكل‬ ‫ثقافة‪ ..‬بودار حياة‪:‬‬ ‫شهدت مدينة الباب قرب حلب مبادرة جديدة من نوعها‬ ‫وهي األس��بوع الثقافي‪ ،‬أطلقتها مجموعة من شباب مدينة‬ ‫حلب الفاعل منذ بداية الثورة تطلق على نفس��ها اس��م "مع‬ ‫بعض" وذلك بهدف نشر مفاهيم المجتمع المدني‪.‬‬ ‫وضمن محاوالت جريدة س��وريتنا تس��ليط الضوء قدر‬ ‫اإلم��كان على المب��ادرات المدنية التي تحص��ل داخل المدن‬ ‫السورية‪ ،‬قامت بحوار بعض من شباب هذه المجموعة‪.‬‬ ‫يتح��دث ش��باب المجموع��ة عن أنفس��هم لس��وريتنا‪:‬‬ ‫"شاركنا منذ انطالقة الثورة السورية بمختلف أشكال الحراك‬ ‫الث��وري‪ ،‬ولك��ن بعد اس��تمرار النظام الوحش��ي بممارس��ة‬ ‫مختل��ف أش��كال اإلرهاب‪ ،‬والذي س��اهم بتخل��ي الثورة عن‬ ‫سلميتها ودخولها ميدان العسكرة‪ ،‬وبسبب التخوفات الناتجة‬ ‫عن العن��ف المفرط الذي انتش��ر في س��وريا وجدنا أنه من‬ ‫الض��روري التمهيد لبناء مجتمع مدني خال من العنف ولكنه‬ ‫يملك المقدرة على مجابهة األنظمة الديكتاتورية"‪.‬‬

‫تهمي�ش متعمد �أم ظروف معي�شية ال حتتمل‬ ‫في ظل انعدام فرص العمل والبطالة ش��به التامة في‬ ‫مدن المناطق المحررة تعتبر مثل هذه المناطق بيئة خصبة‬ ‫لمث��ل ه��ذه الطروحات اذ تش��هد اقباال وفضوال من س��كان‬ ‫المدينة بش��كل كبير عل��ى حد تعبير أحد ش��باب الحركة إال‬ ‫أنها تعاني من تهميش متعمد ألية مشاريع مدنية خصوصًا‬ ‫في ظ��ل االحتياج��ات الكبرى عل��ى صعيد التدفئ��ة والغذاء‬ ‫في ه��ذه المناطق‪ ،‬أطلق ش��باب المجموعة فكرة األس��بوع‬ ‫الثقافي هادفين إلى أن يكون مش��روعاً متنق ًال بين مختلف‬ ‫الق��رى واألحياء في حلب إال أن الدعم كان العائق األساس��ي‬ ‫في وجه ذلك‪ " .‬ماديًا لم نتلق أي دعم باس��تثناء مس��اعدتنا‬ ‫ف��ي مصاريف التنقالت والمعدات م��ن قبل بعض األصدقاء‬ ‫والمش��روع تم بظروف س��يئة جداً‪ ،‬لكن م��ع كل الصعوبات‬ ‫فتقب��ل الفكرة لدى جمه��ور مدينة الباب كان جي��داً‪ .‬وقريبًا‬ ‫ستعاد التجربة في مدينة حلب"‪.‬‬ ‫أما عن محتوى األسبوع والمحاضرات التي جرت ضمنه‬ ‫يحدثن��ا ش��باب المجموعة‪" :‬التس��مية األفضل هي أس��بوع‬ ‫تثقيف��ي‪ ،‬وابتعدنا عن السياس��ة لس��ببين األول هو مراعاة‬ ‫الخالفات في الطروحات السياس��ية والوصول ألكبر شريحة‬ ‫من الن��اس والثاني حاجة المجتمع الس��وري لهذه المفاهيم‬ ‫في هذه المرحلة المفصلية في تاريخ س��وريا‪ .‬تم إلقاء عدة‬ ‫محاض��رات والمحاضرون كانوا من خارج المدينة‪ ،‬ومحاضرة‬ ‫المجتمع المدني هي أكثر المحاضرات التي أثارت النقاش��ات‬ ‫بي��ن المحاضر والجمهور‪ .‬التقبل وردود الفعل كانت إيجابية‬ ‫ومش��جعة‪ ،‬فس��كان مدين��ة الب��اب ككل المجتمع الس��وري‬ ‫مس��تعدون لس��ماع مختل��ف الطروح��ات‪ ،‬باس��تثناء بع��ض‬ ‫المتطرفين الذين اليسمعون إال أنفسهم"‪.‬‬ ‫من المحاضرات الالفتة للنظر كانت عن موضوع الالعنف‪،‬‬ ‫في منطقة تقع بشكل كامل تحت سيطرة كتائب الجيش الحر‪.‬‬ ‫وع��ن موق��ف الكتائ��ب االس�لامية والجي��ش الحر من‬ ‫موض��وع مبادرة من ه��ذا الن��وع‪ ،‬قالوا‪" :‬الجي��ش الحر كان‬ ‫متعاونًا جداً معنا ف��ي مختلف المبادرات التي قمنا بتنفيذها‬ ‫ول��م يحدث أن تعرضن��ا لمضايقات منهم ب��ل على العكس‬ ‫كانوا عوناً لنا‪ ،‬أما بالنس��بة للكتائب اإلسالمية فالغالب منها‬ ‫رفض التعاون معنا وبعضهم حاول تش��ويه المش��روع عن‬ ‫طري��ق إثارة بعض الش��ائعات حول المجموع��ة كالعلمانية‬ ‫والكفر وما إلى ذلك"‪.‬‬

‫الثقافة �أي�ضا عر�ضة للعنف‪:‬‬ ‫أم��ا عن س��راقب وما حصل ف��ي المنت��دى الثقافي‬ ‫األس��بوع الماض��ي‪ ،‬والرواي��ات الت��ي تناقلته��ا مواق��ع‬ ‫االنترنت ح��ول اقتحام بعض الملثمي��ن منتدى التكافل‬ ‫االجتماع��ي وأح��د المراك��ز اإلعالمية هناك وم��ا تداعى‬

‫عن��ه من طلب مغ��ادرة للصحفيين األجانب والناش��طات‬ ‫الس��وريات على حد س��واء‪ ،‬فقد حاولت سوريتنا تقصي‬ ‫الحقائق عن تلك الحادثة بشكل موضوعي من النشطاء‬ ‫هناك‪ ،‬وأفاد أحدهم بأن األيام األخيرة "س��جلت أكثر من‬ ‫حالة اعتقال بأش��كال مرعبة وممنهجة‪ .‬يقول الكثيرون‬ ‫إن ه��ذه االعتق��االت ل��م ته��دف لالعتقال بق��در هدفها‬ ‫إليصال رس��الة مفادها أن السلطة األمنية هي السلطة‬ ‫األعلى كما تعودنا في زمن النظام‪ ،‬ولكنها سلطة أمنية‬ ‫بنكهة جديدة لم نتذوقها من قبل"‪.‬‬ ‫وع��ن اللجن��ة األمنية المس��ؤولة عما يح��دث حدثنا‬ ‫الناشط بتفصيل أكثر‪" :‬اللجنة األمنية مؤلفة من معظم‬ ‫الكتائب بما فيها جبهة النصرة إال أن األخيرة تعتبر قيادية‬ ‫ف��ي اللجنة إلى حد ما‪ .‬إنها مصطل��ح جديد ضمن الثورة‬ ‫في س��راقب وقد تم تشكيلها منذ حوالي األسبوعين‪ ،‬إال‬ ‫أنه��ا لم تظهر بمظهر واضح حتى اليوم ولم يصدر عنها‬ ‫س��وى بيان واحد تعلن فيه اعترافه��ا بالمجلس المحلي‬ ‫ودعمه��ا له‪ ،‬وقد قمنا بالمطالب��ة بتوضيح أكبر لمهامها‪،‬‬ ‫وذل��ك رغم أنها تأسس��ت بق��رار من جهة تمث��ل الجناح‬ ‫السياس��ي للواء جبهة ثوار س��راقب‪ ،‬بهدف أن تكون قوة‬ ‫مش��ترك لدعم المحكمة والمجلس المحلي‪ .‬هذه اللجنة‬ ‫هي م��ن قامت باقتح��ام المنتدى الثقاف��ي‪ ،‬ونحن نلوم‬ ‫المجموعات اإلسالمية وغير اإلسالمية على ما حدث"‪.‬‬

‫ي�سقط البوط الع�سكري‪:‬‬ ‫إن أحد أهم اآلراء كان حول أهمية حدوث ما حدث‪ ،‬فهو‬ ‫حس��ب رأي الكثيري��ن كان جيداً وضروريًا ف��ي إعطاء الدافع‬ ‫إلب��داء ردات الفعل المناس��بة‪ ،‬وفتح المج��ال أمام الكثيرين‬ ‫للتكلم عن األخطاء التي تحصل باسم الثورة‪.‬‬ ‫وفي رد مباش��ر على ما حصل م��ن قبل اللجنة األمنية‬ ‫خرج نش��طاء سراقب في مظاهرة حملت عنوان ال للملثمين‬ ‫ف��ي مدينتن��ا‪ ،‬ثورتن��ا لجمي��ع الس��وريين‪ ،‬ال للتع��دي على‬ ‫الحري��ات‪ .‬رددت في ه��ذه المظاهرة هتاف��ات الثورة األولى‬ ‫وأعادت إحياء ألق الس��لمية واألهداف‬ ‫الت��ي خرج ألجله��ا أهل س��راقب منذ‬ ‫األيام األولى للثورة‪.‬‬ ‫ف��ي اص��رار منهم عل��ى التأكيد‬ ‫على مدني��ة الثورة وإط�لاق الحريات‬ ‫كمكس��ب أساس��ي ف��ي المناط��ق‬ ‫المحررة والتركيز على تجربة سراقب‬ ‫المميزة في الديمقراطية الناشئة‪.‬‬ ‫وبن��اء علي��ه دع��ي إل��ى اجتماع‬ ‫موس��ع تم فيه نقض س��لوك اللجنة‬ ‫األمني��ة والتق��دم بطل��ب إش��راك‬ ‫المدنيي��ن في��ه وتحت مظل��ة اإلدارة‬ ‫التنظيمية والقضاء‪.‬‬

‫الثقافة يف مواجهة التقاليد‪:‬‬

‫وكمثيلته��ا ف��ي مدينة الب��اب تل��ك المبادرات أيض��ًا تقع‬ ‫بدورها تحت تهميش بس��بب الشائعات التي تنتشر حول تناول‬ ‫بعض الصحفيين فيها الكحول مما يدعو سكان مدينة محافظة‬ ‫بتقاليدها مثل س��راقب إلى تجنبها وبالتالي إلى تحجيم عملها‬ ‫الداعي الهام في إثارة النقاشات وإلقاء المحاضرات حول الوضع‬ ‫السياسي واإلجتماعي وتفعيل العمل المدني‪.‬‬ ‫مدارس ضرورية‪ ..‬وممارسات فردية ينأى لها الجبين‪:‬‬ ‫ضمن نفس مبادرة التكافل االجتماعي أس��س نشطاء‬ ‫سراقب مدارس تطوعية لضم األطفال في حلقات دراسية‬ ‫حدثن��ا أح��د المؤسس��ين عنه��ا بقول��ه‪ .:‬قمنا بإنش��اء‬ ‫مدرس��ة باس��م المدرس��ة (الفاضلة)اليوم لدينا ‪ 100‬طالب‬ ‫وطالبة مرحلة الصف التاسع‪.‬‬ ‫ال��كادر يض��م ع��ددا م��ن الجامعيي��ن المتطوعي��ن‬ ‫والمؤمني��ن بالفكرة أغلبهم من خريجي الجامعات الذين لم‬ ‫يستفيدوا من فرصة عمل ومنهم من لم يكمل دراسته‪.‬‬ ‫باإلضاف��ة إلى قاعة تهت��م بدورات بالتنمية البش��رية‬ ‫لكل من الذكور واإلناث على التوالي‪.‬‬ ‫ال ت��زال تل��ك الديمقراطية الناش��ئة تحت��اج إلى كثير‬ ‫م��ن الدع��م بالرغم من ه��ذه التجرب��ة الممي��زة و"الهامة"‬ ‫على صعيد استعادة المؤسس��ات التعليمية وتأطير األطفال‬ ‫المنقطعون عن الدراسة بسبب تنامي وتيرة العمل المسلح‬ ‫وتهجي��ر الكثيري��ن‪ ،‬فقد حدثنا أح��د المؤسس��ين عن قيام‬ ‫أحد أف��راد كتيبة تابعة لجبهة النصرة ف��ي المركز المحاذي‬ ‫للمدرس��ة باس��تدعاء بعد األطفال الخارجين لش��راء بعض‬ ‫الحلوي��ات ل��دى البقالي��ة القريب��ة وتأديبه��م النزعاجه من‬ ‫ضحكهم‪ ،‬وذلك بدعوى سلوكهم السيئ‪.‬‬ ‫وق��د اس��تنكر الناش��ط تل��ك الممارس��ات ووصفه��ا‬ ‫بالمخجلة والالمقبولة ودعا بدوره للمشاركة في المظاهرة‬ ‫ض��د ه��ذه التصرف��ات واالس��تبداد الجديد على ح��د تعبيره‬ ‫"أول مظاه��رة خرج��ت ضد النظ��ام في س��راقب كانت ضد‬ ‫االستبداد‪ ..‬غداً تعود"‪.‬‬


‫تقريـــر �إعالميـــة �أيــام احلـــرية‬ ‫الأ�سبوع الأخري كانون الثاين ‪2013‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫إعداد‪ :‬نسيبة هالل‬ ‫ك��ي نتعلم م��ن تجارب بقية الش��عوب غير الناجحة‪ ،‬ونختصر على أنفس��نا‬ ‫الكثي��ر م��ن األخطاء الت��ي يمكن أن تذه��ب بدم الكثيري��ن‪ ،‬قامت أي��ام الحرية‬ ‫بإص��دار منش��ورها الثالث‪ ،‬م��ن حملة تجارب الش��عوب والعدالة‪ ،‬بعن��وان «لجنة‬ ‫اس��تجالء التاريخ» (غير ناجحة)‪ ،‬فقد ش��كل االتحاد الثوري الوطني في غواتيماال‬ ‫عام ‪ 1997‬تلك اللجنة‪ ،‬وقد عملت مدة ثمانية عش��ر ش��هراً‪ ،‬واس��تخدمت طاقم‬ ‫عمل يقارب مائتي موظف في أربعة عش��ر مكتبا‪ ،‬كان س��بب فشلها أنها لم تجر‬ ‫جلس��ات اس��تماع علنية‪ ،‬وأن توصياته��ا الخاصة بالتعويضات ل��م تكن جزءا من‬ ‫مه��ام الحكومة الجديدة‪ ،‬ولم تعلن أس��ماء الجناة األف��راد‪ ،‬ولم يتزامن مع عملها‬ ‫توجيه االتهام إلى كبار المسؤولين‪.‬‬ ‫وأص��درت أي��ام الحرية منش��ورها الجديد بعن��وان «كيف نفه��م العنف ضد‬ ‫النس��اء»‪ ،‬تحدث المنشور عن العنف الجنسي والتحرش والعنف المنزلي واإلكراه‬ ‫عل��ى الزواج‪ ،‬وكي��ف يمكن إيق��اف ذلك العنف عن طريق تش��كيل لج��ان أهلية‬ ‫متخصصة تضع آليات موثوقة وس��رية لتقبل شكاوي التعرض للعنف‪ ،‬مع توعية‬ ‫المجتمع بالمشكلة والتعامل مع الضحايا‪.‬‬ ‫وأصدرت منش��ورا آخر يتعلق بنقل األخبار غير السارة وطريقة النقل وفهم‬ ‫مراحل تعامل المتلقي مع الخبر السيئ‪.‬‬ ‫تس��تمر «حركة وعي» بحملتها «كتاب بثورة»‪ ،‬في نشر مقتطفات من كتاب‬ ‫«أمي��ن معل��وف»‪« :‬الهويات القاتل��ة»‪ ،‬وكيف نحتكر الصواب ألنفس��نا ونعتبر أن‬ ‫اآلخرين جميعا مخطئون‪ ،‬ونتش��دد ونصبح عنيفين ض��د من يخالفنا الرأي حتى‬ ‫لو كانوا من أهلنا‪.‬‬ ‫أيضا صدر منش��ور جديد أليام الحرية بعنوان «قواعد السلوك للعاملين في‬

‫مج��ال اإلغاثة» حيث توجه أي��ام الحرية بعض النصائح لم��ن يعمل في اإلغاثة‪،‬‬ ‫بالمحافظ��ة عل��ى الموارد المادي��ة‪ ،‬واالحتفاظ باإليصاالت والس��جالت للتبرعات‬ ‫والمصاريف وحجب قناعاتنا المس��بقة وآرائنا السياسية التي تقف في وجه أدائنا‬ ‫لواجبنا تجاه أخوتنا المنكوبين‪.‬‬ ‫خصصت أيام الحرية يوم األربعاء لتغطية خاصة لش��رح مفاهيم التفاوض‬ ‫والتوعية بأهمية إيجاد حل سياسي‪ ،‬يضمن تطلعات الثوار ويحقن الدماء‪ ،‬ناقشت‬ ‫رس��الة رئيس االئتالف الس��وري معاذ الخطيب‪ ،‬والذي ط��رح مبادرة تفاوض مع‬ ‫النظام السوري مقابل إخراج عدد من المعتقلين وضمن شروط‪.‬‬ ‫وف��ي ختامية حملة «امتحان الدم» تم تعليق ملصقات في الجامعة من قبل‬ ‫اتح��اد الطلب��ة األحرار‪ ،‬وإلصاق ما يقارب الخمس��مائة ملصق في أماكن مختلفة‬ ‫ضم��ن جامعة دمش��ق نذكر منه��ا‪ :‬كلية العل��وم وكلية االقتصاد ومبنى رئاس��ة‬ ‫جامعة دمش��ق‪ ،‬وكلية التربية والحقوق‪ ،‬وبعض س��يارات أساتذة الجامعة وعلى‬ ‫رأسهم عميد كلية االقتصاد‪ ،‬والحديقة الواصلة بين كلية العلوم وكلية الحقوق‪.‬‬ ‫وكالعادة في الثورة الس��ورية‪ ،‬فدور الم��رأة يأتي األبرز حيث أن «حبة قمح»‬ ‫في التل قامت بحملة نوعية بعنوان «ديننا فهم وممارس��ة وهو خاتمة األديان»‪،‬‬ ‫وزع��ت فيه لوحات تتح��دث عن نبذ الطائفي��ة والتقديس والتكفي��ر وتؤكد على‬ ‫مفاهيم الثورة األساس��ية في الثورة على الظل��م‪ ،‬والعيش بإخوة واحترام الرأي‬ ‫اآلخر‪.‬‬ ‫ثورتنا على أفكارنا أو ًال‪ ،‬ثورتنا على االستبداد في عقولنا وقلوبنا‪ ،‬وفي كل‬ ‫مكان آخر‪ ،‬فشاركونا الثورة نحو مجتمع يضمن حقوق الجميع‪.‬‬ ‫لنشارك بالثورة‪ ،‬و لنغرس كل ما نستطيع من الفسائل لنبني الوطن‪.‬‬ ‫الثورة السورية ثورة تاريخية عظيمة ‪ -‬مع أيام الحرية شاركنا الثورة‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪5‬‬


‫�سوريون حتت النار‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫ال�صحة النف�سية يف زمن احلرب‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫صرح��ت فالي��ري آموس المس��ؤولة‬ ‫عن اإلغاثة ف��ي األمم المتحدة‪ ،‬أن معظم‬ ‫المس��اعدات اإلنس��انية التي تأتي للشعب‬ ‫السوري هي من الش��عب السوري نفسه‪،‬‬ ‫وأضاف��ت أنا أعل��ن إعجابي بهذا الش��عب‬ ‫العظي��م ال��ذي يس��اعد بعض��ه بتكات��ف‬ ‫وتع��اون اجتماع��ي غي��ر مس��بوق ولم نر‬ ‫مثله ف��ي أي بلد في العالم‪ ،‬هذا الش��عب‬ ‫المتفان��ي لحماية بعض��ه بعضاً‪ ،‬هو أروع‬ ‫نموذج للتكاتف والتالحم والتفاني لحماية‬ ‫النازحين والمتضررين‪ .‬الش��عب الس��وري‬ ‫العظيم‪ ،‬بحسب تعبير آموس يترك وحيداً‬ ‫ف��ي المقتل��ة والعالم يتف��رج‪ ،‬ليصدق ما‬ ‫قاله نزار في أعماله الكاملة‪:‬‬ ‫حين دﺧﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻭالرئيس‬ ‫الصهيون��ي لعق��د اجتم��اع‪ ،‬وبعد س��اعات‬ ‫خ��رج االثنان‪ ..‬فس��ألتهم الصحاف��ة عن ما‬ ‫توصل��وا إليه‪ ،‬فق��ال الرئي��س الصهيوني‪..‬‬ ‫س��نقوم بقتل مليون عربي‪ ،‬وطبيب أس��نان‬ ‫واح��د‪ ..‬فس��أله الكثير نفس الس��ؤال الذي‬ ‫ي��دور فبأذهانكم اآلن‪ ..‬لماذا طبيب أس��نان‬ ‫واحد؟ فأمال ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ رأس��ه ﺗﺠﺎﻩ‬ ‫ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ األمريك��ي قائ�ل ًا له‪" :‬أل��م أقل لك‬ ‫أنهم لن يهتموا بالمليون عربي"‪.‬‬ ‫عام��ان والمقتلة الس��ورية مس��تمرة‬ ‫ال بل متصاعدة‪ ،‬وبات��ت األرواح والعذابات‬ ‫تنتظ��ر إمضاء الكب��ار لتنته��ي‪ ،‬واإلمضاء‬ ‫متري��ث حت��ى ي��رث الس��وريون ال��ركام‪،‬‬ ‫ف�لا ال��روس وال األمريكان ف��ي عجلةٍ من‬ ‫أمره��م‪ ،‬والضمي��ر العالمي ل��م يخرج من‬ ‫ثباته الش��توي والصيفي‪ ،‬وحدها إسرائيل‬ ‫يس��تيقظ العال��م م��ن أجله��ا ويس��تنفر‬ ‫ألمنها‪ ،‬وما انهمار التصريحات في األسبوع‬ ‫األخير‪ ،‬إال الستش��عار ربيبة العالم الحديث‬ ‫الخطر‪ ،‬أما الس��وريون فليتركوا للنسيان‪،‬‬ ‫فبع��د االنفج��ارات الكبي��رة الت��ي وقع��ت‬ ‫في مس��تودعات حزب اهلل مس��اء الس��بت‬ ‫الماض��ي‪ ،‬ف��ي وادي يفص��ل بي��ن بلدتي‬ ‫سحمر ومشغرة أو التلة البيضاء في البقاع‬ ‫الغرب��ي بلبن��ان‪ ،‬وبع��د أن أك��دت مصادر‬ ‫مطلعة وجود مستودعات ومعسكر تدريب‬ ‫لح��زب اهلل‪ ،‬ووجود أس��لحة صاروخية من‬ ‫بينها تلك التي “س��ربها” النظام الس��وري‬ ‫إل��ى الح��زب ف��ي أوق��ات س��ابقة‪ ،‬تداعت‬ ‫الصحف العبري��ة وعل��ى صفحاتها األولى‬ ‫لتنش��ر الهلع على مصير السالح الكيمائي‬ ‫الس��وري‪ ،‬وخصوصًا من انتقاله إلى أيدي‬ ‫ح��زب اهلل‪ .‬فعنون��ت صحيف��ة «هآرتس»‬ ‫«تخ��وف من تس��رب س�لاح كيميائ��ي إلى‬ ‫لبنان»‪ ،‬وهو العنوان نفس��ه الذي اختارته‬ ‫«يديع��وت أحرون��وت» لصفحته��ا األول��ى‬ ‫مستبدلة كلمة «لبنان» بكلمة «حزب اهلل»‬ ‫إلى جانب عناوين فرعية مثل «جبهة مواد‬ ‫متفجرة» و«الخط األحمر اإلسرائيلي»‪.‬‬ ‫وفيم��ا تص��درت الصفح��ة األول��ى‬ ‫لـ«معاري��ف» عب��ارة «إس��رائيل لروس��يا‪:‬‬ ‫امنع��وا نقل الس�لاح الكيميائي الس��وري‬ ‫إلى منظم��ات إرهابية» وإلى جانبه عنوان‬ ‫فرع��ي ه��و «ري��اح ح��رب»‪ ،‬وخصص��ت‬ ‫«إس��رائيل الي��وم» صفحته��ا األول��ى‬

‫للموض��وع نفس��ه تح��ت عن��وان «الخطر‬ ‫والتأه��ب» يعلوه ش��رح ع��ن أن المقصود‬ ‫م��ن الخطر هو انتقال الس�لاح الكيميائي‬ ‫السوري إلى حزب اهلل ومنظمات أخرى‪.‬‬ ‫لنع��ود بالذاكرة لكت��اب الكبير " فواز‬ ‫أم��ل ال ش��فاء من��ه "‬ ‫طرابلس��ي " " ع��ن ٍ‬ ‫الصفح��ة الس��ابعة‪ :‬مناحي��م بيغن يوجه‬ ‫نداء إلى شعوب العالم يشرح فيه أحداث "‬ ‫عملية الس�لامة للجليل " عام ‪ 1982‬يركز‬ ‫فيه على حق أطفال إس��رائيل في الذهاب‬ ‫إلى الم��دارس بأمان أس��و ًة بأطفال لندن‬ ‫وباريس ونيويورك‬ ‫الس�لامة ألطفال الجلي��ل وألطفالنا‬ ‫القناب��ل العنقودي��ة واالنش��طارية‬ ‫والفوسفورية‪.‬‬ ‫المدرس��ة ألطف��ال الجلي��ل واللع��ب‬ ‫المفخخ��ة واألق�لام المس��مومة ألطف��ال‬ ‫لبنان وفلسطين‪.‬‬ ‫إشعار‬ ‫حتى‬ ‫وهي‬ ‫بيغن‬ ‫ش��ريعة‬ ‫تلك‬ ‫ٍ‬ ‫آخر شريعة باريس ولندن ونيويورك‪.‬‬ ‫حتى ال��روس الذين اس��تغلوا الثورة‬ ‫الس��ورية وتراخ��ي البي��ت األبي��ض‪ ،‬أو‬ ‫باألص��ح ضع��ف ق��رارات إدارة أوبام��ا‪،‬‬ ‫وتآكل دور بالده خارجيًا‪ ،‬ليستعيدوا مجداً‬ ‫وهمي��ًا‪ ،‬تغيرت نبرتهم حي��ن يتعلق األمر‬ ‫بإس��رائيل‪ ،‬فمدفيدي��ف صرح بأن األس��د‬ ‫ً‬ ‫خط��أ فادح��ًا واحتم��ال بق��اءه في‬ ‫ارتك��ب‬ ‫الس��لطة بات ش��به مع��دوم‪ ،‬أم��ا الفروف‬ ‫فصرح علن��اً بأن الروس ل��م يكونوا يومًا‬ ‫معجبين بنظام األس��د‪ ،‬أما األشقاء العرب‬ ‫فتصدروا مقاعد المش��اهدين المهزومين‬ ‫المكلومين‪ ،‬يشاهدون كيف تجري عمليات‬ ‫القت��ل‪ ،‬وكيف تجمع أش�لاء األبرياء وكيف‬ ‫يدفن الموتى‪ ،‬وليس لديهم سوى عبارات‬ ‫األسف واإلدانة واالستنكار‪.‬‬ ‫ملفن��ا اليوم يب��دو من قبي��ل الترف‬ ‫فحين يتجاهل العالم بأس��ره الس��وريين‪،‬‬ ‫ينبغي على الس��وريين أنفسهم االهتمام‬ ‫بالصحة النفس��ية له��م وألبنائهم‪ ،‬كي ال‬ ‫ينم��و أطفالن��ا عل��ى الحقد‪ ،‬ولك��ي يعرف‬ ‫هذا الجيل الذي يحمل ندوب المعارك كيف‬ ‫يبن��ي حيا ًة جديدة ال أث��ر فيها للتمييز بين‬ ‫أطفالن��ا وكبارن��ا وأطفال العال��م وكباره‪،‬‬ ‫ولع��ل من أه��م الش��دائد النفس��ية التي‬ ‫يتعرض لها الس��وريون في غالبيتهم هي‬ ‫الضآلة " الشعور بانعدام القدرة "والخوف‬ ‫م��ن الم��وت والرك��ود والخس��ائر المادية‬ ‫والمعنوية والعدائي��ة والجنس‪ .‬في ملفنا‬ ‫اليوم س��نمر س��ريعًا على هذه العوارض‬ ‫النفس��ية ونت��رك ط��رق الع�لاج الذات��ي‬ ‫والجمعي لملفٍ الحق‪.‬‬ ‫يقول الدكتور محمد النابلسي‪:‬‬ ‫تش��كل الحرب وضعية م��ن الضغط‬ ‫واإلجه��اد المزمنين للجماع��ات المحاربة‪،‬‬ ‫ولك��ن أيضاً عل��ى مجم��وع الجماهير وراء‬ ‫خط��وط المع��ارك‪ .‬ونتيج��ة االحتمالي��ة‬ ‫المستمرة بفقد الحياة يتولد شعور مزمن‬ ‫بالك��رب‪ ،‬وفي أوق��ات معينة حي��ن يتركز‬

‫الخط��ر في وقت ومكان مح��دد بكل ما له‬ ‫من ش��دة وس��رعة وخروج ع��ن المألوف‪،‬‬ ‫كالقص��ف الجوي مث� ً‬ ‫لا‪ ،‬يمك��ن لالنفعال‬ ‫النفس��ي الش��ديد خالل الح��رب أن يتبدى‬ ‫أما بش��كل تصرفات مهتاجة دون روية‪ ،‬أو‬ ‫بالعكس يبدو على شكل ذهول انفعالي‪،‬‬ ‫وف��ي كال الحالتي��ن ق��د يح��دث بع��ض‬ ‫االخت�لال في الوعي‪ .‬وتس��تعاد المش��اعر‬ ‫بالخطر ع��ن طريق األحالم ‪ /‬فرط التذكر‬ ‫االنفعال��ي‪ ،‬كم��ا يمك��ن أن تصاحب هذه‬ ‫االنفعاالت‪ ،‬ولو نادرا هالوس زائفة‪.‬‬ ‫وف��ي موقعه الخاص يتحدث الدكتور‬ ‫" محمد النابلس��ي " ع��ن ردود الفعل إزاء‬ ‫االنفجارات ويصنفها إلى‪:‬‬ ‫‪ )1‬ردود الفع��ل األولي��ة‪ :‬التخدي��ر‬ ‫الحس��ي عند س��ماع االنفجار ثم االنتقال‬ ‫إلى مرحلة عدم اس��تيعاب الح��دث يتبعها‬ ‫مرحلة الهستيريا من الصراخ والبكاء‪.‬‬ ‫‪ )2‬ردود الفع��ل قريب��ة األم��د‪ :‬وهي‬ ‫صعوب��ات التفكي��ر وحال��ة م��ن القل��ق‬ ‫واالضطرابات‪.‬‬ ‫‪ )3‬ردود الفعل متوس��طة األمد‪ :‬فيها‬ ‫يبدأ اإلنس��ان بالش��عور بع��دم االطمئنان‬ ‫وأحيان��ًا اإلحس��اس بالذن��ب لع��دم قدرته‬ ‫عل��ى تقديم المس��اعدة وق��د تنتابه حالة‬ ‫م��ن الغضب الناتج ع��ن العجز وهذا يؤدي‬

‫إلى انتكاسات نفسية وجسدية‪.‬‬ ‫‪ )4‬ردود الفعل الطويلة األمد‪ :‬تعتمد‬ ‫عل��ى ق��درة اإلنس��ان عل��ى التكي��ف م��ع‬ ‫األحداث‬ ‫أم��ا الموس��وعة العربي��ة فعرف��ت‬ ‫االكتئ��اب وهو الكلمة األكثر ش��يوعاً على‬ ‫لسان السوريين اليوم‪:‬‬ ‫بأن��ه حال��ة م��ن الح��زن الش��ديد‬ ‫والمس��تمر ويبدو الشخص المصاب وكأنه‬ ‫ف��ي ح��داد دائ��م والكآب��ة واضح��ة عل��ى‬ ‫قس��مات وجه��ة نتيج��ة ظروف��ه المحزنة‬ ‫األليم��ة‪ ،‬وق��د ال يع��ي المري��ض المصدر‬ ‫الحقيق��ي لحزنه‪ ،‬وقد يخيل له أنه مصاب‬ ‫بأمراض فاتكة ال أمل له في الش��فاء منها‬ ‫أو أنه ارتكب خطيئة ال أمل له في المغفرة‬ ‫أو الغف��ران‪ ،‬وق��د ينتهي ب��ي المرض إلى‬ ‫قطع أحد أعضائه وقد يصل إلى االنتحار‪..‬‬ ‫أو هو حاله تش��مل أو تصيب الجس��م كله‬ ‫باإلضاف��ة إل��ى الذهن والمزاج والس��لوك‬ ‫ف��ه يؤثر علي الش��هية ف��ي األكل والنوم‬ ‫وانطباعاتك عن نفس��ك أو ع��ن اآلخرين‬ ‫وكل من حولك‪..‬‬ ‫وق��د تتط��رق العلم��اء الع��رب إل��ى‬ ‫تعري��ف االكتئ��اب فقال��وا عنه‪ :‬ه��و دليل‬ ‫على التحس��ر على الماضي والتفكير فيه‬ ‫وتأمل تارة أو هو التحرق شوقا إلي معرفة‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫الت��ي يعيش��ها المريض‪ ،‬وم��ن أجل ذلك‬ ‫يوص��ي األطب��اء مرضاه��م باالبتعاد عن‬ ‫االنفعاالت النفس��ية‪ ،‬ال س��يما المصابين‬ ‫بالقل��ب أو الضغط أو الس��كر أو المعدة أو‬ ‫القول��ون وغيره��ا‪ ،‬ألن العام��ل النفس��ي‬ ‫ي��ؤدي دورًا مهمً��ا ف��ي تهدئ��ة مثل هذه‬ ‫األمراض والشفاء منها‪ ،‬أو إثارتها والحدّة‬ ‫في آثارها‪.‬‬ ‫‪ – 5‬يؤث��ر الضغ��ط النفس��ي س��لبًا‬ ‫عل��ى اإلنت��اج ف��ي العم��ل واإلب��داع ف��ي‬ ‫الحي��اة‪ ،‬ألن��ه ْ‬ ‫يُفق��د صاحبه الت��وازن في‬ ‫التعامل مع األش��ياء‪ ،‬وكذلك يش��تت عنده‬ ‫الطاق��ات واإلمكانات‪ ،‬فض ًال عن االس��تياء‬ ‫م��ن الوصول إل��ى تحقيق الغاي��ات وبلوغ‬ ‫األهداف‪.‬‬ ‫أم��ا ع��ن األزم��ات النفس��ية الت��ي‬ ‫يتع��رض له��ا العس��كريون ننق��ل ع��ن‬ ‫الدكتور‪ .‬لطفي الشربيني‬ ‫وم��ن المع��روف أن االضطراب��ات‬ ‫النفس��ية ت��ؤدى إل��ي فق��د الكثي��ر م��ن‬ ‫الطاق��ات البش��رية ف��ي وقت الس��لم‪ ،‬أما‬ ‫ف��ي وقت الح��رب فإنها تؤدى ع�لاوة علي‬ ‫ذلك إلي زيادة الخسائر وفقد األرواح ومن‬ ‫هنا كانت الحاجة إل��ى االهتمام بالنواحي‬ ‫النفس��ية وكل ما يتعلق بالوقاية من آثار‬ ‫الحروب‪ ،‬وتقديم الرعاية النفسية‪ ،‬وعالج‬ ‫وتأهي��ل الح��االت بع��د الحرب‪ ،‬وه��ذا هو‬ ‫مج��ال تخصص طبي مس��تقل هو الطب‬ ‫النفسي العسكري‬ ‫ودور الط��ب النفس��ي أثن��اء الحروب‬ ‫لي��س ش��يئًا كمالي��ًا أو ترف��ًا كم��ا يتصور‬ ‫البعض‪ ،‬ف��إذا علمن��ا أن ‪ 25%‬من إصابات‬ ‫الح��روب ه��ي ح��االت اضطراب نفس��ي‪،‬‬ ‫بمعن��ي أن حال��ة واح��دة بي��ن كل أرب��ع‬ ‫إصاب��ات يت��م إخالؤها أثن��اء المعارك هي‬ ‫اضط��راب نفس��ي يحت��اج إل��ي التدخ��ل‬ ‫العاجل‪ ،‬وتزيد نسبة اإلصابة في الخطوط‬ ‫األمامية خصوصا بين العس��كريين الذين‬ ‫يعيش��ون األجواء الحقيق��ة للقتال‪ ،‬وتزيد‬ ‫أيض��ا بصورة ملحوظة ف��ي األفراد الذين‬ ‫تتعرض أماكنهم إلصابات مباش��رة ينشأ‬ ‫عنه��ا أع��داد من القتل��ى والجرح��ى‪ ،‬وقد‬ ‫ثبت أن األش��خاص الذين يتعاملون معهم‬ ‫الجثث واألشالء للقتلى والجرحى يتأثرون‬ ‫نفس��يا بصورة تفوق غيره��م من الذين‬ ‫ال ي��رون مثل هذه المش��اهد‪ .‬ويدعو ذلك‬ ‫إلي االهتم��ام بالنواحي النفس��ية لحماية‬ ‫التوازن النفس��ي للعس��كريين في جبهات‬ ‫القتال والمدنيين خلف الجبهة أيضا‪ ،‬ولعل‬ ‫الس��بب في ذلك هو ما تتضمنه العمليات‬ ‫القتالي��ة وظ��روف الح��رب م��ن ضغ��وط‬ ‫انفعالي��ة هائل��ة تف��وق طاق��ة االحتمال‬ ‫المعت��ادة لكثي��ر من الناس‪ ،‬وم��ن دواعي‬

‫االهتم��ام باألمور النفس��ية أنها قد تؤدى‬ ‫إلي إعاقة يترت��ب عليها اإلخالء من ميدان‬ ‫القتال‪ ،‬وخسارة للطاقات البشرية‪.‬‬ ‫وتب��دأ مقدم��ات الح��االت النفس��ية‬ ‫المرتبط��ة بالصراع��ات والقت��ال والحرب‬ ‫ف��ي الظهور قب��ل نش��وب القت��ال نتيجة‬ ‫للتوتر والقلق الذي يصاحب فترة االنتظار‬ ‫والترق��ب‪ ،‬وم��ن األعراض النفس��ية التي‬ ‫تنش��أ عن ذلك الضجر والعصبية الزائدة‪،‬‬ ‫ومش��اعر الخ��وف والرهب��ة‪ ،‬كم��ا تظه��ر‬ ‫الكثير من األعراض المرضية مثل الرعدة‬ ‫والغثيان وخفق��ان القلب واضطراب النوم‬ ‫والصداع واله��زال‪ ،‬وكل هذه االضطرابات‬ ‫نتيجة للحالة االنفعالية في فترة االنتظار‬ ‫التي تسبق المعارك‪.‬‬ ‫ويالح��ظ أن طول ه��ذه الفترة تحت‬ ‫تهدي��د هج��وم متوق��ع للع��دو أو احتم��ال‬ ‫التع��رض لغارات جوية له تأثير س��يئ من‬ ‫الناحية النفس��ية‪ ،‬ويالحظ ذلك من خالل‬ ‫ما يبدو عل��ي األفراد من مظاهر اإلحباط‪،‬‬ ‫وفق��دان روح المرح ليح��ل محلها التجهم‬ ‫والكآبة‪ ،‬وتزداد هذه المظاهر مع احتماالت‬ ‫اس��تخدام الغازات السامة أو أسلحة الدمار‬ ‫الشامل‪.‬‬ ‫ومن أمثلة الحاالت النفسية المرتبطة‬ ‫بالصراع المسلح والقتال حاالت االضطراب‬ ‫النفس��ي المصح��وب بالخ��وف والرع��ب‬ ‫الت��ي تصي��ب الجنود والمدنيي��ن خصوصا‬ ‫عند حدوث خس��ائر بش��رية‪ ،‬ومن الحاالت‬ ‫الغريب��ة التي تصيب بع��ض الجنود توقف‬ ‫الحرك��ة في أح��د الذراعين وه��و ما يعرف‬ ‫بالش��لل الهس��تيري وغالب��ًا م��ا يحدث في‬ ‫الذراع األيمن بحي��ث ال يقوى الجندي علي‬ ‫حمل الس�لاح ومواصل��ة القت��ال‪ ،‬ويصاب‬ ‫البعض بحاالت من الذهول فيتصرف دون‬ ‫وعي بما حوله‪ ،‬وتذك��ر التقارير أن الجنود‬ ‫األمريكيي��ن كان��ت تتجم��د أطرافه��م في‬ ‫الحرب الكورية ليس بس��بب البرد الشديد‬ ‫ولكن ألس��باب نفس��ية‪ ،‬كما أصيب الكثير‬ ‫منه��م بأزم��ات تنف��س خانقة أثن��اء حرب‬ ‫فيتنام نتيجة للتوتر النفسي‪.‬‬ ‫وهناك بعض الفئات من العسكريين‬ ‫والمدنيي��ن أكث��ر عرض��ة لإلصاب��ة‬ ‫باالضطراب��ات النفس��ية الش��ديدة وق��ت‬ ‫الح��رب دون س��واهم‪ ،‬م��ن ه��ؤالء جنود‬ ‫المؤخ��رة الذي��ن ال يش��اركون فعلي��ا في‬ ‫القت��ال لكنه��م يعيش��ون حال��ة التأه��ب‬ ‫تحت تهديد هجوم متوق��ع للعدو‪ ،‬وكذلك‬ ‫أسرى الحرب‪ ،‬والذين يمكثون طويال تحت‬ ‫الحصار تحيط بهم قوات معادية‪ ،‬كما تزيد‬ ‫حاالت االضطراب النفسي في العسكريين‬ ‫الذي��ن ينتقلون من وحداتهم األصلية إلى‬ ‫أماك��ن جديدة ل��م يألفوه��ا‪ ،‬وكذلك عند‬

‫صدور األوامر باالنسحاب السريع‪ ،‬وهناك‬ ‫عوامل أخ��رى لها عالقة بفق��دان التوازن‬ ‫النفسي مثل مستوى التعليم المنخفض‪،‬‬ ‫وعدم اس��تكمال التدريب واإلع��داد الجيد‪،‬‬ ‫ووجود تاريخ س��ابق الضطرابات انفعالية‬ ‫حي��ث يؤث��ر ذل��ك س��لبيا عن��د التع��رض‬ ‫لمواقف الحرب العصيبة‪.‬‬ ‫ولعل من أبس��ط العالج��ات المتاحة‬ ‫لالضطراب النفس��ي عند األطفال‪ ،‬العالج‬ ‫باللع��ب‪ ،‬وال��ذي تعرف��ه الدكت��ورة فادي��ا‬ ‫حطي��ط‪ :‬إنه تقنية تس��تخدم ش��تى أنواع‬ ‫األلع��اب من أج��ل بناء تواص��ل مع الطفل‬ ‫وفه��م الصعوب��ة الت��ي يمر به��ا والتي ال‬ ‫يس��تطيع التعبير عنها باللغة أو بأش��كال‬ ‫التواصل المباش��رة‪ .‬وهي تس��مح للطفل‬ ‫بالقيام بما يأتي‪:‬‬ ‫ التعبي��ر ع��ن أف��كاره ومش��اعره‬‫وتجاربه‪.‬‬ ‫ اس��تعادة األحداث ف��ي أثناء اللعب‬‫وحل الصعوبات‪.‬‬ ‫ رؤي��ة وجه��ة نظر الطف��ل وليس‬‫األهل أو الكبار المحيطين به‪.‬‬ ‫ مش��اركة الطفل بنفسه في إجراء‬‫أي تغيير‪.‬‬ ‫وطرائ��ق الع�لاج باللع��ب متع��ددة‪،‬‬ ‫منها م��ا يتعامل مع الطف��ل إفرادياً ومنها‬ ‫م��ا يتعامل مع الطفل من خالل أس��رته أو‬ ‫جماعة الرفاق‪.‬‬ ‫يش��كل اللعب أداة تعبي��ر هامة لدى‬ ‫األطف��ال‪ ،‬خصوصاً وان ه��ؤالء ال يجيدون‬ ‫امت�لاك اللغ��ة للتعبي��ر عما يش��عرون به‬ ‫ويفك��رون في��ه‪ .‬وكذل��ك األمر بالنس��بة‬ ‫إل��ى الذي��ن يعان��ون من أمراض نفس��ية‬ ‫(المتوح��دون مثال) أو اولئك الذين يكونون‬ ‫في حالة من عدم التوازن االنفعالي بحيث‬ ‫يعج��ز ال��كالم ع��ن نقل مش��اعرهم‪ .‬من‬ ‫هنا نشأت محاوالت عديدة لتوظيف اللعب‬ ‫لغ��رض التواصل مع األطفال‪ ،‬ونش��أ عن‬ ‫ذلك مدارس متعددة في العالج باللعب‪.‬‬ ‫أخي��راً لع��ل الع�لاج الناج��ع للش��دة‬ ‫النفس��ية هو األمل بغدٍ أفضل‪ ،‬وتناس��ي‬ ‫اآلالم ال نس��يانها‪ ،‬فم��ع تفهمن��ا للحاج��ة‬ ‫النفس��ية الجمعي��ة الت��ي تدف��ع الن��اس‬ ‫لتناس��ي أه��وال الحرب بوصفه��ا لونًا من‬ ‫ألوان المقاومة لإلحباط واليأس وتصميمٌ‬ ‫على االس��تمرار في الحياة إال أن التناس��ي‬ ‫يكون باالعتراف بوقوع األخطاء والجرائم‬ ‫م��ن الطرفي��ن وإن اختلف��ت النس��بة‪ ،‬ال‬ ‫بإن��كار حدوثها أص� ً‬ ‫لا‪ ،‬هك��ذا نتصالح مع‬ ‫أنفسنا مقدمة ألن نتصالح مع اآلخر‬ ‫نتذكر لننسى‪ ،‬ننسى المجازر لنتذكر‬ ‫الدروس‪..‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫المجه��ول والبحث ع��ن العلل واألس��باب‪،‬‬ ‫وه��و الف��راغ األعظم ف��ي تولي��د المزاج‬ ‫الس��وداوي وينبغي أن يعالج هذا المرض‬ ‫باألشغال فان لم يتهيأ فالصيد والشطرنج‬ ‫وبعض األلعاب‪.‬‬ ‫أما عوارض االكتئاب فهي‪:‬‬ ‫(‪ )1‬االنقب��اض والي��أس والقن��وط‬ ‫وهبوط ال��روح المعنوية والح��زن العميق‬ ‫والب��كاء دونم��ا س��بب يظهر مع التش��اؤم‬ ‫والتب��رم بأوضاع الحياة والنظرة الس��وداء‬ ‫لها‪..‬‬ ‫(‪ )2‬بط��ؤ التفكي��ر واالس��تجابة له��ا‬ ‫والحركة ثم االنطواء واالنسحاب والوحدة‬ ‫واالنع��زال والصمت والس��كون والش��رود‬ ‫والذهول‪..‬‬ ‫(‪ )3‬ع��دم االهتمام والالمباالة بالبيئة‬ ‫وم��ن حول��ه وقص��ور الدواف��ع والمي��ول‬ ‫واإلهمال العام في األسرة والعمل‪..‬‬ ‫(‪ )4‬الش��عور بانعدام الج��دوى وعدم‬ ‫القيمة واحتق��اره للذات والش��عور باآلثام‬ ‫والخطاي��ا والذنوب وطلب العقاب ومحاولة‬ ‫االنتحار‪..‬‬ ‫(‪ )5‬الش��عور بالضي��ق وانقب��اض‬ ‫النف��س وفقدان الش��هية للطعام ونقص‬ ‫الوزن واإلمساك‪..‬‬ ‫(‪ )6‬الص��داع والتع��ب وضم��ور الهمة‬ ‫وضعف النشاط العام‪..‬‬ ‫(‪ )7‬األرق وقل��ة الن��وم وإذا ن��ام فإنه‬ ‫يستيقظ مبكرا‪..‬‬ ‫(‪ )8‬توه��م المرض واالنش��غال على‬ ‫الصح��ة واالعتق��اد ب��ان مرض��ه عض��ال‬ ‫وميؤوس منه‪..‬‬ ‫(‪ )9‬نقص الشهوة الجنسية والضعف‬ ‫الجنسي والبر ود الجنسي‪..‬‬ ‫(‪ )10‬بع��ض الهلوس��ات واله��ذاءت‬ ‫وانعدام الجدوى والتفكير باالنتحار‪..‬‬ ‫ويش��رح الدكت��ور فال��ح ب��ن محم��د‬ ‫الصغير أعراض الضغط النفسي قائ ًال‪:‬‬ ‫إن الضغوط النفس��ية تضع صاحبها‬ ‫ف��ي كثي��ر م��ن األحيان ف��ي ح��االت غير‬ ‫متزن��ة‪ ،‬األمر الذي يؤدي ف��ي النهاية إلى‬ ‫ظه��ور آث��ار ونتائ��ج س��لبية عل��ى حياته‬ ‫ومجتمعه‪ ،‬ومن أهم هذه اآلثار‪:‬‬ ‫‪ – 1‬يو ّل��د الضغط النفس��ي – أحيانًا‬ ‫ ف��ي نف��س صاحب��ه نوعً��ا م��ن العنف‬‫والتطرف والنقمة على الواقع والنظر إليه‬ ‫بس��وداوية قاتم��ة‪ ،‬أم� ً‬ ‫لا في الخ��روج من‬ ‫أزمته وتخفيف وطأة المسؤوليات عليه‪ ،‬ال‬ ‫س��يما إذا لم يجد من يقف بجانبه ويحمل‬ ‫عنه بعض أعبائه وآالمه‪.‬‬ ‫‪ – 2‬ي��ؤدي الضغ��ط النفس��ي إل��ى‬ ‫االنعزالي��ة عن الحياة‪ ،‬والبع��د عن الواقع‪،‬‬ ‫بل يجعل صاحبه يس��بح في عالم الخيال‪،‬‬ ‫فيضطرب عنده منه��ج التفكير والتحليل‪،‬‬ ‫فت��راه يناقش موضوعً��ا مألوفًا بتحليالت‬ ‫فلس��فية غامضة‪ ،‬أو تفس��يرات ش��اذة ال‬ ‫يقبلها العقالء واألسوياء‪.‬‬ ‫‪ – 3‬الضغ��ط النفس��ي يؤث��ر ف��ي‬ ‫التعامل مع اآلخرين أو بناء عالقات معهم‪،‬‬ ‫حي��ث يصع��ب عل��ى اإلنس��ان المضغوط‬ ‫نفس��يًا بن��اء عالق��ات م��ع الجي��ران‪ ،‬أو‬ ‫صداقات مع زمالء العمل‪ ،‬أو مع الطالب إن‬ ‫ً‬ ‫موظفا‪،‬‬ ‫كان مدرسًا‪ ،‬ومع الجمهور إذا كان‬ ‫ومع الموظفين إذا كان مس��ؤو ًال أو مديرًا‪،‬‬ ‫وهك��ذا م��ع جميع الش��رائح والمس��تويات‬ ‫ف��ي المجتمع‪ ،‬وه��و تهديد لبن��اء المجتمع‬ ‫واألفراد والمؤسس��ات في التقدم والرقي‬ ‫واالزدهار‪.‬‬ ‫‪ – 4‬للضغ��ط النفس��ي آث��ار س��لبية‬ ‫كثي��رة عل��ى الجوان��ب العضوي��ة ف��ي‬ ‫اإلنس��ان‪ ،‬فكثير من األم��راض العضوية‬ ‫ه��ي إف��رازات حقيقي��ة للحالة النفس��ية‬

‫‪7‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫�ســـــقوط النظــــام‬

‫خالد كنفاني‬

‫إن م��ا يح��دث في مصر ه��ذه األيام‬ ‫يج��ب أن يك��ون موض��ع تأم��ل م��ن قبل‬ ‫أولئك الحالمين بحكم سوريا بعد سقوط‬ ‫النظام مباشرة وتأسيس الدولة "المدنية"‬ ‫على أنقاض التعصب والكراهية والحقد‬ ‫الدموي والعنف المتزايد‪.‬‬ ‫والس��بب في ذلك يعود إل��ى اعتبار‬ ‫أن الث��ورة المصري��ة كان��ت بالفعل ثورة‬ ‫"ياس��مين" حيث وقف الجي��ش إلى جانب‬ ‫الش��عب وق��دم الحماي��ة للبل��د والث��ورة‬ ‫والش��عب وتم��ت بع��د ذل��ك العملي��ة‬ ‫السياس��ية وإن بكثي��ر م��ن النق��اش‬ ‫والمح��اورات واألخ��ذ وال��رد ولكنها تبقى‬ ‫في النهاية في موضع السياسة ال موضع‬ ‫العنف الحيواني الغريزي‪.‬‬ ‫ث��ورة ناعم��ة كه��ذه الث��ورة كان��ت‬ ‫كافية إلطالق طاقات وقدرات المصريين‬ ‫ب��كل األش��كال‪ ،‬والطاق��ات هن��ا لم تكن‬ ‫عل��ى ال��دوام إيجابي��ة‪ ،‬وانطلق الش��عب‬ ‫يكس��ر كل القي��ود‪ ،‬فل��م تع��د تردع��ه‬ ‫دباب��ة وال يقف في طريق��ه مخبر ببذلة‬ ‫رخيص��ة وجهاز الس��لكي ال يعرف كيفية‬ ‫استخدامه‪.‬‬ ‫ال ت��زال األح��داث المتالحق��ة ف��ي‬ ‫مصر تكش��ف حج��م القم��ع والكبت الذي‬ ‫كان يعيش��ه هذا الش��عب ول��م تكن آخر‬ ‫طاقات��ه المتفج��رة تحدي حظ��ر التجول‬ ‫وكأن��ه ل��م يك��ن حي��ث خ��رج اآلالف في‬ ‫شوارع محافظات اإلسماعيلية وبورسعيد‬ ‫والس��ويس س��اخرين من حظ��ر التجول‬ ‫دون أن يج��رؤ عس��كري واح��د عل��ى‬ ‫المساس بهم‪.‬‬ ‫نق��ول أن ه��ذه األح��داث وغيره��ا‬ ‫يجب أن تكون درس��ًا عميق��ًا لمن يدعون‬ ‫اليوم قيادة الش��عب وتمثيله في الفنادق‬ ‫والمنتجع��ات وم��ن يرطنون بالفرنس��ية‬ ‫واالنكليزي��ة ف��ي ص��االت المؤتم��رات‬ ‫والمنتدي��ات الراقية بينما يموت الش��عب‬ ‫يوميًا دون أدنى وازع من ضمير‪.‬‬ ‫الش��عب الس��وري ال��ذي تعرض وال‬ ‫ي��زال إلى واح��دة من أقس��ى المحن في‬ ‫تاريخ��ه س��يخرج بع��د س��قوط النظ��ام‬ ‫مش��بعاً بالكراهي��ة والعن��ف واالنتق��ام‬ ‫وخاص��ة بع��د اعتي��اده التعاي��ش م��ع‬ ‫غريزة البقاء كمحرك أساس��ي لتوجهاته‬ ‫وتحركاته‪ ،‬وكل علوم االجتماع على وجه‬ ‫األرض (وهو علم مهمل بالمناس��بة في‬ ‫بالد العرب) تقول ب��أن إعادة تحويل هذا‬ ‫الشعب إلى المدنية والحضارة هي مهمة‬ ‫شاقة وطويلة وليست أمراً مرتبطًا بحدث‬ ‫ما كسقوط النظام من عدمه‪.‬‬ ‫إن أوه��ام هيئ��ات المعارض��ة التي‬ ‫تتضخ��م يوم��اً بعد ي��وم بق��در تضخم‬ ‫بطونه��م م��ن كث��رة األكل وال��دالل في‬ ‫الفن��ادق المختلف��ة زائل��ة حكم��ًا وه��م‬ ‫يعرف��ون ح��ق المعرفة أنه��م ال يملكون‬ ‫الكلم��ة أو األم��ر عل��ى أصغ��ر طفل في‬ ‫الداخل الس��وري فما بالك بحملة السالح‬ ‫من كل األطراف؟‬ ‫إن نداءاتن��ا المختلف��ة لالئت�لاف‬ ‫الوطن��ي بالب��دء بالدخول إل��ى المناطق‬ ‫الت��ي يزعمون "تحريرها" لم تجد صداها‬ ‫لدى أي منهم حت��ى اآلن‪ ،‬ألنهم يعرفون‬

‫حق المعرفة أنه ال ولن يوجد من يس��تمع‬ ‫إليه��م بع��د أن ص��ار الرص��اص س��يد‬ ‫الموقف‪ .‬بل إنهم يستبدلون ذلك بالمزيد‬ ‫من السفريات والرحالت المكوكية والتي‬ ‫ته��دف إم��ا إل��ى اس��تجداء األم��وال ألن‬ ‫مصاريف الس��فر كبيرة كما هو معلوم أو‬ ‫للظهور اإلعالمي خوفًا من هروب أضواء‬ ‫الكاميرات وبالتالي هروب دفاتر الشيكات‬ ‫الت��ي يتم صرفها بع��د كل مقابلة يكون‬ ‫رأس م��ال المع��ارض فيه��ا الكثي��ر م��ن‬ ‫الصي��اح والش��تائم والقلي��ل م��ن الفكر‬ ‫السياسي أو االجتماعي أو حتى الغذائي‪.‬‬ ‫ترف��ض دول الخليج وف��ي مقدمتها‬ ‫الس��عودية والكوي��ت والبحري��ن دخ��ول‬ ‫الس��وريين إلى أراضيها حت��ى ولو بهدف‬ ‫العم��رة‪ ،‬فق��د بات بي��ت اهلل حك��راً على‬ ‫جنس��يات معينة بينم��ا تق��رر "المملكة"‬ ‫أحقي��ة م��ن يدخ��ل بي��ت اهلل باعتبارها‬ ‫أرض اهلل‪ .‬ول��م ين��س "خ��ادم الحرمين"‬ ‫أن يرس��ل ألف��ي كرفان��ة إل��ى مخي��م‬ ‫الزعت��ري بس��بب موس��م األمط��ار‪ .‬وال‬ ‫يزيد األمر عجباً س��وى تبجح ش��خصيات‬ ‫معارض��ة كممثل االئتالف ف��ي الخليج أو‬ ‫رئيس��ة منظمة نس��وة بالدع��م "الهائل"‬ ‫الذي يقدمه الخليج للثورة مستش��هدين‬ ‫بتصريح��ات بع��ض المس��ؤولين‬ ‫الس��عوديين الذي��ن خرج��وا م��ن التاريخ‬ ‫ودخلوا عصور المومياء منذ زمن بعيد‪.‬‬ ‫إذا ل��م يفه��م أعض��اء االئت�لاف‬ ‫الوطني الموقرون وأش��باههم من هيئة‬ ‫التنسيق وغيرها أن هذا الشعب ال يمكن‬ ‫حكم��ه وال بأي ش��كل من األش��كال بعد‬ ‫اليوم فإن عليهم أن يعودوا إلى فنادقهم‬ ‫ويغلقوا األب��واب ويق��رؤوا بعض مبادئ‬ ‫عل��م السياس��ة واالجتم��اع‪ ،‬فبن��اء األمم‬ ‫ف��ي التاريخ لم يكن بي��ن ليلة وضحاها‪.‬‬ ‫احتاجت فرنس��ا إل��ى مائة وس��تين عامًا‬ ‫بعد الثورة الفرنس��ية إلق��رار حق المرأة‬ ‫ف��ي التصوي��ت! وأرج��و م��ن المتكلمين‬ ‫والمتفلس��فين أن ال يغن��وا معلوماتن��ا‬ ‫بأن الس��وريين اليوم أكث��ر تقدمًا وأن ال‬ ‫يصدع��وا رؤوس��نا بحضارة عش��رة آالف‬ ‫ع��ام فكل ذلك ترهات فق��دت بريقها وال‬ ‫تصلح إال لسياس��ة إعالمية فوقية تشابه‬ ‫تماماً سياس��ة البعث في تصوير الجيش‬ ‫الخ��ارق والش��عب المتفوق والش��وفينية‬ ‫الوطنية الهالمية‪.‬‬ ‫أط��ل علين��ا الس��يد مع��اذ الخطيب‬ ‫بتغريدة أثارت حوله من الزوابع ما يكفي‬ ‫له��دم ناطح��ة س��حاب‪ .‬ولم يك��ن فحوى‬ ‫التغري��دة س��وى بع��ض ال��كالم العاقل‬ ‫ف��ي زمن الجن��ون‪ ،‬فق��د كان يتحدث عن‬ ‫"مقدم��ات" للح��وار م��ع "بع��ض" ممثلي‬ ‫النظام حقناً للدماء في س��وريا وبشروط‬ ‫مس��بقة أهمه��ا اإلفراج ع��ن المعتقلين‪.‬‬ ‫وهن��ا رأى بع��ض "أش��اوس" المجل��س‬ ‫الوطن��ي أن ماليي��ن الدوالرات س��تصبح‬ ‫ف��ي خطر وس��يتوقف ش�لال األموال في‬ ‫ح��ال بدء مفاوضات فعلية ترس��م مالمح‬ ‫أمل في إنهاء المش��هد الدموي السوري‪،‬‬ ‫فثارت ثائرته��م وقرروا "باإلجماع" التبرؤ‬ ‫م��ن الخطي��ب وتصريحات��ه وتغريدات��ه‬ ‫واعتبروها نش��ازاً مؤكدين على استمرار‬ ‫"المقاومة" من فنادقهم وعبر الشاش��ات‬

‫الذهبية والسكايب‪.‬‬ ‫ال يريد السوريون أن يقرؤوا التاريخ‬ ‫وإن ق��رؤوه فه��م ال يري��دون أن يفهموا‪.‬‬ ‫ف��ي كل الث��ورات والنزاع��ات والصراعات‬ ‫والح��روب وغيرها كان القت��ال يصل إلى‬ ‫مراحل متقدم��ة ويصب��ح الطرفان على‬ ‫مس��افة واح��دة أو يمتل��كان أج��زاء م��ن‬ ‫األرض والمواق��ع ثم يب��دأ التفاوض من‬ ‫موق��ع القوة لدى أح��د الطرفي��ن أو لدى‬ ‫كليهم��ا‪ .‬أم��ا أن تس��تمر الحال��ة الدموية‬ ‫التدميرية المش��بعة باالنتقام والكراهية‬ ‫والسلب والنهب وتقاس��م "الغنائم" التي‬ ‫دفع ثمنها الش��عب عب��ر عقود من الظلم‬ ‫والتع��ب فهذا مم��ا نعتبر وب��كل صراحة‬ ‫وج��ود مصلح��ة م��ا لبع��ض األط��راف‬ ‫باستمرار الصراع ألن المعلوم أن الحروب‬ ‫ه��ي أه��م مص��در لألم��وال والتج��ارة‬ ‫واإلث��راء‪ ،‬ناهي��ك ع��ن حال��ة التدمي��ر‬ ‫الممنه��ج للدول��ة ب��كل مقدراتها س��واء‬ ‫من ش��بيحة النظام أو م��ن مئات الكتائب‬ ‫والفصائل المنتشرة في كل مكان (أطلق‬ ‫أهل الريف الحلبي اس��م "كتائب ش��هداء‬ ‫النحاس" على إح��دى الكتائب التي قامت‬ ‫بنه��ب معم��ل كاب�لات حل��ب ع��ن بكرة‬ ‫أبي��ه وتهري��ب النحاس الموج��ود بداخله‬ ‫إلى تركي��ا وبيعه بأبخس األثم��ان بينما‬ ‫"استش��هد" أحد أف��راد الكتيبة أثناء حمله‬ ‫إحدى بكرات النحاس وعبوره الحدود!)‬ ‫تب��رع "المانح��ون" بم��ا يق��ارب‬ ‫‪ 900‬ملي��ون دوالر أمريك��ي لمس��اعدة‬ ‫"الالجئين" الس��وريين‪ ،‬وهكذا يتم وكما‬ ‫توقعن��ا تماماً تكريس حالة اللجوء كحالة‬ ‫ش��به مستديمة ولتتحول شيئًا فشيئًا إلى‬ ‫مورد رزق وتس��ول للدول المس��تضيفة‬ ‫بينما تصبح وس��يلة إراح��ة ضمير للدول‬ ‫المانحة إرضاء للرأي العام‪ .‬لم نفهم مث ًال‬ ‫كيف يتم اس��تبعاد سوريا كلياً من مؤتمر‬ ‫للتنمية العربية تعقده "مملكة اإلنسانية"‬ ‫في الرياض بينما ش��عار المؤتمر "توفير‬ ‫تنمية مس��تدامة للشعوب العربية"‪ ،‬فهل‬ ‫يتم إخراج الس��وريين من دائرة الشعوب‬ ‫العربي��ة لمجرد وجود مجموع��ة مجانين‬ ‫عل��ى رأس الحك��م؟ ل��م يك��ن مطلوب��ًا‬ ‫اس��تضافة أية ش��خصية رسمية من قبل‬ ‫النظ��ام الس��وري ولك��ن كان باإلم��كان‬ ‫اس��تضافة أي��ة ش��خصية "وطني��ة" ولو‬

‫بصفة مس��تمع‪ ،‬أما أن يت��م الحكم على‬ ‫الس��وريين بالتخلف بينما يبحث أقرانهم‬ ‫التنمي��ة فه��ذا ظل��م إضافي يض��اف إلى‬ ‫قائم��ة "االمتي��ازات" الت��ي تمنحه��ا دول‬ ‫البت��رول للس��وريين‪ .‬وإذا كان مبلغ ‪900‬‬ ‫مليون س��يذهب إلى الالجئين عن طريق‬ ‫الحكوم��ات فتلك مصيبة معروفة المدى‪،‬‬ ‫وإذا كان��ت ه��ذه الماليي��ن س��تذهب إلى‬ ‫الالجئي��ن عن طري��ق االئت�لاف الوطني‬ ‫أو المجل��س الوطن��ي فالمصيب��ة أعظم‬ ‫وس��يتحول محدث��و الث��ورة إل��ى محدثي‬ ‫ثروة وسيش��كلون م��ع الفرق المس��لحة‬ ‫ثنائيًا جدي��داً يكرر س��يناريو البعث الذي‬ ‫زاوج بين السلطة والثروة ونجح في قمع‬ ‫السوريين على مدى عقود طويلة‪.‬‬ ‫ال نعل��م نهاية النف��ق المظلم الذي‬ ‫دخلت��ه س��وريا ويب��دو أن ال أح��د يعل��م‬ ‫فالس��فير روب��رت فورد آمن ب��اهلل قائ ًال‪:‬‬ ‫"أن اهلل وح��ده يعل��م مت��ى سيس��قط‬ ‫النظام" وهكذا انتش��ى الس��لفيون فهم‬ ‫ي��رون أن هداي��ة فورد أهم من س��قوط‬ ‫النظام‪ ،‬ودرجاته في الجنة أهم من أدراج‬ ‫أقبية المخابرات المظلمة العفنة‪ .‬سيأتي‬ ‫يوم وتش��رق الش��مس من جدي��د ولكن‬ ‫الثم��ن س��يكون غالي��ًا ج��داً وخاصة في‬ ‫ظل السياس��ات "الحكيم��ة والملهمة" من‬ ‫"قادتنا" في االئت�لاف الوطني والمجلس‬ ‫الوطني وهيئة التنسيق وكتيبة أبو عبدو‬ ‫وفيلق الضباب ولواء القبعات السود‪.‬‬ ‫آخ��ر ال��كالم‪ ،‬يق��ول الش��اعر أحمد‬ ‫مطر‪:‬‬ ‫َق ْل جا َءنا ُّ‬ ‫الط ُ‬ ‫غيان‪ ،‬بالصُّد َفةِ‪ ،‬مِنْ َغيمَهْ‬ ‫و َق ْل معَ األمطار‬ ‫الط ْ‬ ‫جاءتْ ِبذر ُة ُّ‬ ‫غـمَة‬ ‫ُقلها ودعني بَعدها أسألكَ ِّ‬ ‫بالذمةْ‬ ‫ل��و ل��مْ يُس��اعِدهُ َّ‬ ‫الث��رى‪ ،‬والشَّ��مسُ‪،‬‬ ‫والن ْ‬ ‫َّسمَة‬ ‫كيفَ نَما ُّ‬ ‫الط ُ‬ ‫غيان؟‬ ‫كيفَ التَهَمَتْ َقلبَ َّ‬ ‫الثرى‬ ‫أنيابهُ الض ْ‬ ‫َّخْمَة‬ ‫وكيفَ تحتَ ظِله‬ ‫ماتَ الهَوا مُختَ ِنقاَ‬ ‫ً‬ ‫منْ شِدَّةِ الز ْ‬ ‫َّحمَة‬


‫خالد قنوت‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أندري��ه غروميكو دبلوماس��ي ورجل‬ ‫دولة وش��خصية سياسية س��وفيتية تولى‬ ‫في الفترة من ‪ 1957‬وحتى ‪ 1985‬منصب‬ ‫وزي��ر خارجي��ة االتح��اد الس��وفيتي أطلق‬ ‫عليه الغرب لقب "السيد‪ ..‬ال" بسبب صالبة‬ ‫مواقفه وعناده في المفاوضات‪.‬‬ ‫تذكرت هذه الش��خصية االسطورية‬ ‫م��ن تاريخ االتح��اد الس��وفيتي اليوم عند‬ ‫س��ماعي ل��كالم أطلق��ه وزي��ر الخارجي��ة‬ ‫الروس��ي س��يرغي الف��روف ع��ن األزم��ة‬ ‫الس��ورية وع��ن حلوله السياس��ية لها في‬ ‫مؤتم��ر صحف��ي في موس��كو وق��د تأبط‬ ‫األخض��ر اإلبراهيمي الذين رس��ما طريق‬ ‫الخالص السوري إما بحل سياسي روسي‬ ‫وإما الجحيم‪.‬‬ ‫لفه��م سياس��ة الخارجي��ة الروس��ية‬ ‫الحالي��ة تجاه الربيع الس��وري والعربي‪ ،‬ال‬ ‫ب��د من ع��رض تاريخي لسياس��ية االتحاد‬ ‫السوفيتي السابق تجاه القضايا العربية‪.‬‬ ‫في عشرينيات وثالثينيات وأربعينيات‬ ‫الق��رن الماض��ي وعندم��ا كان��ت ح��ركات‬ ‫التح��رر الوطني في آس��يا وأفريقيا‪ ،‬ومنها‬ ‫ح��ركات التح��رر العربي��ة الت��ي اس��تمرت‬ ‫حتى الستينات‪ ،‬تخوض حروباً طاحنة ضد‬ ‫االستعمار األوروبي‪ ،‬البريطاني والفرنسي‬ ‫واإليطال��ي والبرتغال��ي والبلجيكي‪ ،‬وقفت‬ ‫موس��كو تتف��رج! كان��ت ح��ركات التح��رر‬ ‫الوطني ف��ي أمس الحاجة إلى حليف دولي‬ ‫يق��ف إلى جانبها‪ ،‬لكن موس��كو كانت ترى‬ ‫أن المعرك��ة الحقيقي��ة ض��د اإلمبريالي��ة‬ ‫يجب أن يتم خوضه��ا في داخل المتروبول‬ ‫األوروب��ي وتقوده��ا الطبق��ة العاملة ضد‬ ‫الرأس��مالية المحلي��ة الت��ي ْإن انهارت فإن‬ ‫اإلمبريالي��ة واالس��تعمار الخارجي س��وف‬ ‫ينه��اران‪ .‬كانت نتيجة ذل��ك الموقف‪ ،‬الذي‬ ‫تبدل ببطء الحق��ًا‪ ،‬إن حركات تحرر كثيرة‬ ‫اضط��رت إل��ى الوص��ول إلى صفق��ات مع‬ ‫المستعمر ال تلبي كل الطموحات الوطنية‪.‬‬ ‫كان للقضي��ة العربي��ة المركزي��ة‪،‬‬ ‫قضية فلس��طين العامل األكبر الذي لجأت‬ ‫أو اضط��رت إليه الدول العربية األكثر قربًا‬ ‫من الص��راع العرب��ي االس��رائيلي لقبول‬ ‫أيديولوجي��ة اش��تراكية ضم��ن نضاله��ا‬ ‫الوطني والقوم��ي حيث وجدت في االتحاد‬ ‫الس��وفيتي الحليف‪ ،‬ضد الدعم الالمحدود‬ ‫للقوى العظمى للدولة الصهيونية الناشئة‬ ‫من بريطانيا وفرنس��ا والوالي��ات المتحدة‬ ‫األمريكي��ة طبع��اً‪ ،‬كان��ت هن��اك مواق��ف‬ ‫مؤي��دة للحق العربي في كثير من األزمات‬ ‫في األمم المتحدة ولكنها كانت خجولة في‬ ‫الميادين األخرى‪.‬‬ ‫لكن الشكل األيدولوجي االستبدادي‬ ‫الس��تاليني انتقل إلى تل��ك الدول العربية‬ ‫عل��ى أنه الش��كل المثالي لالش��تراكية أو‬ ‫للش��يوعية وتس��ابقت األحزاب الشيوعية‬ ‫واالش��تراكية العربي��ة ف��ي إضف��اء روح‬ ‫القداس��ة على هذه األيديولوجيا متناسين‬ ‫المب��ادئ واألف��كار والمفاهي��م الت��ي‬ ‫عم��ل عليه��ا كبار مؤسس��ي االش��تراكية‬ ‫ف��ي العالم ف��ي حك��م الش��عوب الكادحة‬ ‫وامتالكها لوس��ائل اإلنتاج كحل إنس��اني‬ ‫وعلمي للمشاكل االجتماعية واالقتصادية‬ ‫المستفحلة‪.‬‬

‫من أهم ما نقلته االنظمة االشتراكية‬ ‫العربي��ة م��ن الس��تالينية الس��وفيتية هو‬ ‫العناد والصالبة في المواقف ضد شعوبها‪،‬‬ ‫فتعلمت من أجهزة األمن السوفيتية ودول‬ ‫أوربا الشرقية دروس��ًا دموية في التعامل‬ ‫م��ع السياس��يين المعارضي��ن وكذلك مع‬ ‫المواطنين بشكل عام‪.‬‬ ‫إن إنهي��ار االتح��اد الس��وفيتي ل��م‬ ‫ي��ؤدي إل��ى انهي��ار العقلي��ة الس��تالينية‬ ‫بالمطل��ق بل عل��ى العكس فق��د أضافت‬ ‫إليها العقلية المافيوية عندما خرج أعضاء‬ ‫من األجهزة الحزبية واألمنية الس��وفيتية‬ ‫وفي أرصدتهم أموال نهبوها طوال عقود‬ ‫ليع��ودوا للس��لطة من خالل تل��ك األموال‬ ‫وليعيدوا بناء اإلمبراطورية الروسية على‬ ‫أسس جديدة وليمسك اإلمبراطور الجديد‬ ‫بوتين بروسيا دون منازع‪.‬‬ ‫السياسة الخارجية الروسية لم تخرج‬ ‫من عباءة العناد والصالبة السوفيتية بعد‬ ‫أن أدت لتفكك االتحاد السوفيتي وتراجعه‬ ‫المخزي أمام توحش االمبريالية األمريكية‬ ‫ف��ي دول كان��ت تعتب��ر حصون��اً متقدمة‬ ‫لموسكو فس��كتت عن حرب الخليج األولى‬ ‫ضد صدام واحت�لال أفغانس��تان والعراق‬ ‫وحت��ى ع��ن محاصرته��ا ف��ي دول االتحاد‬ ‫السوفيتي السابق‪.‬‬ ‫الظ��روف العالمية الت��ي أدت الرتفاع‬ ‫أس��عار النف��ط أدت إل��ى إع��ادة الحياة إلى‬ ‫السياس��ة الخارجي��ة الروس��ية م��ن جديد‬ ‫ولك��ن هل غيرت م��ن عقليته��ا وهذا هو‬ ‫السؤال؟‬ ‫م��ع بداي��ة الربي��ع العرب��ي‪ ،‬وقف��ت‬ ‫السياس��ة الروس��ية مواق��ف مريب��ة تجاه‬ ‫الش��عوب العربي��ة الطامح��ة للحري��ة‬ ‫والعدالة‪.‬‬ ‫وقف��ت مع القذاف��ي في ليبي��ا لكنها‬ ‫خس��رت ليبي��ا لألبد ألن القاص��ي والداني‬ ‫يع��رف أن للدب الروس��ي دية وم��ن يريد‬ ‫المس��اومة فأروقة األم��م المتحدة جاهزة‬ ‫وحسابات األرصدة الروسية معروفة‪.‬‬ ‫أما عن��د الربيع الس��وري‪ ،‬فقد كانت‬ ‫السياس��ة الروس��ية ه��ي األكث��ر عن��اداً‬ ‫وصالب��ة ف��ي دع��م سياس��ي وعس��كري‬

‫وأمن��ي واقتصادي روس��ي للنظ��ام لقمع‬ ‫الشعب الس��وري الثائر واقتالع ثورته من‬ ‫جذورها‪.‬‬ ‫لقد فرضت السياس��ة الروسية على‬ ‫العال��م إيقاع��ات مدروس��ة وصارم��ة في‬ ‫المحاف��ل الدولي��ة‪ ،‬هن��ا ال نس��تبعد فكرة‬ ‫تب��ادل أدوار بي��ن الق��وى العظم��ى غي��ر‬ ‫الجاهزة للمغامرات العسكرية حتى اليوم‬ ‫في س��ورية‪ ،‬كم��ا فتحت مخازن أس��لحتها‬ ‫الفتاكة لكي يس��تخدمها النظام الس��وري‬ ‫في قمع ثورة الش��عب في حين كانت قطع‬ ‫التبديل لألسلحة الروسية في سورية حلم‬ ‫ال يدركه السوريين في أشد األوقات حاجة‬ ‫له‪.‬‬ ‫صفق��ات األس��لحة‪ ،‬المن��اورات‬ ‫العس��كرية‪ ،‬طباع��ة األوراق النقدي��ة‬ ‫الس��ورية ب��دون أرص��دة‪ ،‬غرف��ة عمليات‬ ‫عس��كرية وأمنية واس��تخباراتية روس��ية‬ ‫إيراني��ة أس��دية مش��تركة‪ ،‬ع��روض‬ ‫سياس��ية ومهل‪ ،‬تصاري��ح متضاربة بين‬ ‫ق��ادة عس��كريين وق��ادة سياس��يين ع��ن‬ ‫األوض��اع وع��ن مصي��ر النظ��ام والثورة‪،‬‬ ‫اللع��ب عل��ى الورق��ة الطائفي��ة واإلثني��ة‬ ‫كوجود المس��يحيين الش��رقيين (السكان‬ ‫األصليون لس��ورية) والشركس (الهاربين‬ ‫من بطش الستالينية)‪ ،‬ليقف اليوم رئيس‬ ‫الدبلوماس��ية الروس��ية العني��دة والصلبة‬ ‫ليقول أن الحل بين الشعب السوري الثائر‬ ‫وه��ذا النظ��ام هو ح��ل سياس��ي وبوجود‬ ‫األس��د‪ ،‬بحج��ة أن ال مون��ة لل��روس على‬ ‫األسد العنيد الصلب‪ ،‬أيضًا‪.‬‬ ‫يضي��ف ف��ي س��ياق دبلوماس��ي‬ ‫سياسي‪ ،‬عنيد وصلب أيضًا‪ ،‬أن البديل هو‬ ‫مزيد من الخراب والموت والحرب الطائفية‬ ‫وقد شد يده إلى يد موفد الجامعة العربية‬ ‫واألم��م المتحدة الس��يد المخملي األخضر‬ ‫االبراهيمي بأن الجحيم هو البديل‪.‬‬ ‫ك��م لك م��ن الخبرة ي��ا اس��تاذ معاذ‬ ‫الخطيب في السياس��ة والحنكة السياسية‬ ‫حت��ى ترفض ه��ذا العرض الروس��ي من‬ ‫دبلوماس��ي خبي��ر يمث��ل أعن��د وأصل��ب‬ ‫سياس��ية ف��ي العالم س��ليلة عند وصالبة‬ ‫غروميكو‪ ،‬قدس اهلل سره؟‪.‬‬

‫كان م��ن المف��روض منك يا ش��يخنا‬ ‫الجليل وقد تناسوا أنك تحمل درجة علمية‬ ‫عالية‪ ،‬أن تنس��ى ‪ 0000 ،45‬شهيد سوري‬ ‫و‪ 000 ،150‬معتق��ل‪ 000 ،000 ،3 ،‬ن��ازح‬ ‫خارج وداخل الوطن ومئ��ات آالف الجرحى‬ ‫من أطفال ونس��اء وشيوخ وشباب وشابات‬ ‫س��ورية‪ ،‬و‪ 000 ،000 ،2‬منزل مدمر حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬لتفت��ح ذراعي��ك للعظي��م الف��روف‬ ‫وتركض إليه مطأطئ الرأس لتقبل بحله‬ ‫السياس��ي العنيد والصلب‪ ،‬فقد يسمح لك‬ ‫بمقابل��ة زعي��م المافيا الروس��ية وممكن‬ ‫أيض��اً أن يمن عليك بمقابلة زعيم المافيا‬ ‫الس��ورية إذا ل��م تعت��رض على ترش��حه‬ ‫لوالية جديدة في ‪.2014‬‬ ‫ل��م ينتظ��ر النظ��ام الخائ��ن يوم��اً‬ ‫واحداً إضافياً ليثب��ت تهديد الفروف العنيد‬ ‫والصلب‪ ،‬فيرس��ل حيوانته وش��بيحته إلى‬ ‫دير بعلبة بحمص ليكتب في كتب التاريخ‬ ‫أعلى عدد للشهداء السوريين‪ 400 ،‬شهيد‬ ‫قت ًال وحرقًا وتنكي ًال‪.‬‬ ‫من اآلخر‪..‬‬ ‫الس��يد الفروف العنيد والصل��ب‪ ،‬يبدو‬ ‫أن��ك ل��م تقرأ التاري��خ ولم تع��رف عن عناد‬ ‫وصالبة الشعب السوري شيئاً‪ ،‬خاصة اليوم‪.‬‬ ‫القادمون من الداخل السوري يروون‬ ‫قصصاً وأحاديث عن الس��وريين هناك‪ ،‬ما‬ ‫ال يمكن وصفه وكتابته في كلمات وأسطر‬ ‫قليل��ة‪ .‬الس��وريون يس��طرون بدمائه��م‬ ‫وجراحه��م وعذابه��م وم��ن بي��ن ركام‬ ‫بيوتهم وجوع أطفاله��م‪ ،‬قصيدة ملحمية‬ ‫إنس��انية تص��ل إلى حد القداس��ة عنوانها‬ ‫صم��ود وإص��رار‪ ،‬صب��ر واجته��اد واألهم‬ ‫عن��اد وصالبة حتى تحقي��ق نصر ثورتهم‬ ‫عل��ى كامل التراب الس��وري ومن أجل كل‬ ‫السوريين‪.‬‬ ‫الس��يد الفروف العنيد الصلب‪ ،‬سليل‬ ‫غروميك��و العني��د الصل��ب‪ ،‬لق��د دخلت��م‬ ‫الش��رق األوس��ط عندم��ا دخلت��م عق��ول‬ ‫وقلوب الس��وريين لما دافعتم عن قضاياه‬ ‫وحقوق��ه واليوم س��تخرجون من الش��رق‬ ‫األوس��ط ألنكم خرجتم من عقول وقلوب‬ ‫الس��وريين عندم��ا دافعت��م ع��ن طغات��ه‬ ‫وشاركتم في سفك دمائهم‪.‬‬

‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬

‫الفروفوعودةاالبنال�ضال‬

‫‪9‬‬


‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫املرحلة الأخطر‬ ‫فـي الثورة ال�سورية‬ ‫ُلمح��ت قب��ل نهاي��ة ‪ 2012‬مجموعة‬ ‫عالمات تسوغ الكالم على مرحلة جديدة‪،‬‬ ‫ق��د تك��ون األخط��ر‪ ،‬ف��ي مس��ار الث��ورة‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫أول��ى ه��ذه العالم��ات ض��رب م��ن‬ ‫المراوحة في المكان على صعيد المواجهة‬ ‫المس��لحة التي تتصدر أنشطة الثورة منذ‬ ‫منتص��ف الصيف الماضي‪ .‬عدا الس��يطرة‬ ‫على مطار تفتناز في العاش��ر من الشهر‬ ‫الج��اري‪ ،‬ل��م يتحقق للمقاومة المس��لحة‬ ‫تقدم مهم‪ ،‬بل إن هناك ش��كوى متواترة‬ ‫من نقص الذخيرة في أوساط المقاتلين‪،‬‬ ‫والنظ��ام هو مَ��نْ يتخذ وضع��ًا هجوميًا‬ ‫في مناطق من دمش��ق الكب��رى (الغوطة‬ ‫الغربية‪ :‬داريا والمعضمية) وحمص‪.‬‬ ‫العالم��ة الثاني��ة تصاعُ��د دور‬ ‫مجموعات إسالمية س��لفية في المقاومة‬ ‫المس��لحة‪ ،‬تع��رض مق��داراً أكب��ر م��ن‬ ‫االنضب��اط والكف��اءة القـتالي��ة‪ ،‬لك��نّ‬ ‫لهـ��ا أهـداف��اً مـغاي��رة عما يفت��رض أنه‬ ‫التـطـلعات المؤسـس��ـة للثـورة‪ .‬وهـي إن‬ ‫كانت ال تمارس انتهاكات بحق الممتلكات‬ ‫ف��ي المناطق التي تنش��ط فيه��ا‪ ،‬فإن لها‬ ‫نس��ق انتهاكاتها المغاي��ر‪ :‬محاولة فرض‬ ‫نمطه��ا االعتق��ادي واالجتماع��ي عل��ى‬ ‫الس��كان‪َ .‬‬ ‫األشْ��هر بين ه��ذه المجموعات‬ ‫«جبه��ة النص��رة ألهل الش��ام»‪ .‬والصفة‬ ‫الطائفي��ة المبدئية للمجموعة الس��لفية‬ ‫تُغ��رِّب جمي��ع غي��ر الس��نّيين‪ ،‬ويُغرّب‬ ‫نهجها اإلكراهي أكثرية السنّيين أيضًا‪.‬‬ ‫العالم��ة الثالث��ة انتش��ار س��لوكيات‬ ‫ومظاه��ر «فلت��ة الحك��م»‪ ،‬أي غي��اب أي‬ ‫س��لطة في المناطق الخارجة عن سيطرة‬ ‫النظام‪ ،‬من س��لب ونهب‪ ،‬وتوسل السالح‬ ‫في تصفية حسابات شخصية أو عشائرية‬ ‫قديمة‪ .‬هذا منتش��ر ف��ي مناطق الجزيرة‬ ‫الس��ورية بخاص��ة‪ ،‬لكن��ه غي��ر مقتص��ر‬ ‫عليها‪ ،‬وليس بعيداً منه اعتداء مس��لحين‬

‫محسوبين على «الجيش الحرّ» على بلدة‬ ‫رأس العي��ن ذات الغالبي��ة الكردية‪ ،‬حيث‬ ‫تتداخل مظاه��ر الفلتان مع توتر عربي ‪-‬‬ ‫كردي عمره عقود في محافظة الحس��كة‪.‬‬ ‫يسهل األمر امّحاء الحدود بين مجموعات‬ ‫المقاومة المس��لحة ومجموعات زعران أو‬ ‫«مش��لحين»‪ ،‬مع العلم أن الفلتان وامّحاء‬ ‫الحدود ه��ذا هما مصدر القوة األساس��ي‬ ‫لجبهة النصرة وأشباهها‪.‬‬ ‫في المق��ام الرابع يب��دو أن محصلة‬ ‫تأثير الق��وى الدولية الفاعل��ة‪ ،‬المنتظمة‬ ‫في تجم��ع «أصدقاء الش��عب الس��وري»‪،‬‬ ‫تتواف��ق كذلك م��ع المراوحة ف��ي المكان‬ ‫عبر االمتناع عن دعم المقاومة المس��لحة‬ ‫بم��ا ّ‬ ‫يمكنه��ا م��ن كس��ب المعرك��ة‪ ،‬م��ع‬ ‫كونها غير قادرة عل��ى التأثير في النظام‬ ‫بوس��ائل أخرى‪ .‬النظام ارتد في المرحلة‬ ‫الس��ابقة (ابت��دأت منتص��ف صي��ف العام‬ ‫الماض��ي) إل��ى نواته الصلبة ف��ي الداخل‬ ‫ّ‬ ‫(المرك��ب السياس��ي األمن��ي أو «الدول��ة‬ ‫الباطنة»)‪ ،‬وإل��ى تحالفه اإلقليمي الصلب‬ ‫(إي��ران و «ح��زب اهلل»)‪ ،‬ول��م يع��د قاب ًال‬ ‫للتأثر بالمس��توى الحالي للرفض الدولي‬ ‫لسلوكه‪.‬‬ ‫خامس��اً‪ ،‬اس��تمرار ضع��ف ال��دور‬ ‫القي��ادي للمعارضة المنظم��ة‪« .‬االئتالف‬ ‫الوطني لقوى الثورة والمعارضة» ال يبدو‬ ‫ق��ادراً أو حائزاً على المقدرات التي ّ‬ ‫تمكنه‬ ‫م��ن التأثير في س��ير األمور ف��ي الداخل‪.‬‬ ‫وهو واقع بين ضغوط متعددة االتجاهات‬ ‫م��ن الداخل وضغ��وط الخ��ارج التي يبدو‬ ‫أنه��ا متع��ددة االتجاه��ات أيضاً‪ .‬ويش��كو‬ ‫االئتالف نقصاً في الموارد على مس��توى‬ ‫اإلغاثة‪ ،‬وعلى مس��توى الدعم العسكري‪،‬‬ ‫فض ًال عن مشكالت ضعف تماسكه الذاتي‬ ‫أيضًا‪ .‬لن يس��مع منه أحد م��ا إذا كان غير‬ ‫ق��ادر على أن يحل مش��كلة ألحد أو يقدم‬ ‫ألحد شيئًا‪.‬‬

‫ويمكن أن نضيف التفاقم المتسارع‬ ‫للمل��ف اإلنس��اني للح��رب األس��دية‪ ،‬مع‬ ‫تج��اوز عدد الالجئين في البلدان المجاورة‬ ‫‪ 600‬ألف‪ ،‬ومليوني��ن ونصف مليون على‬ ‫األقل من النازحين في الداخل‪.‬‬ ‫تسجل هذه المرحلة الجديدة اختالفًا‬ ‫مهم��ًا عن أية مرحلة س��ابقة عرضت في‬ ‫مس��ار الثورة المتموج خ�لال نحو عامين‪.‬‬ ‫ف��ي المراح��ل الس��ابقة كان��ت الث��ورة‬ ‫صراعاً بي��ن قطبين‪ ،‬يواج��ه النظامَ فيه‬ ‫طي��فٌ ضعي��ف التجان��س‪ ،‬لك��ن توحده‬ ‫قضية عام��ة‪ ،‬التخلص من النظام‪ .‬اليوم‬ ‫انكمش النظام إلى نواته الصلبة وتوسع‬ ‫أكثر ف��ي حربه اإلجرامي��ة‪ ،‬بينما يعرض‬ ‫الطي��ف الثائ��ر تش��تتًا كبي��راً‪ ،‬ويش��كل‬ ‫بعض المجموعات المحس��وبة عليه عبئًا‬ ‫يثق��ل كاهل��ه‪ ،‬س��واء لتش��ددها الديني‪،‬‬ ‫أو بالعك��س النحالله��ا وانفالته��ا من أية‬ ‫ضوابط‪ .‬في الوقت ذاته يتقدم مس��توى‬ ‫تدويل الصراع الس��وري‪ ،‬مع تعذر حسمه‬ ‫داخلي��اً‪ ،‬وهذا على رغ��م إحجام «أصدقاء‬ ‫الش��عب الس��وري» ع��ن دع��م الثائري��ن‬ ‫الس��وريين‪ ،‬ومع سخاء وقوة قلب أصدقاء‬ ‫النظام السوري في دعمه‪.‬‬ ‫ويب��دو أن النظام أول المس��تفيدين‬ ‫من سير األمور في هذه المرحلة الجديدة‪.‬‬ ‫كان خطاب بش��ار األس��د ف��ي دار األوبرا‬ ‫في الس��ادس من الش��هر الجاري مؤش��راً‬ ‫إل��ى ذل��ك‪ .‬النظ��ام ال��ذي تص��رف حيال‬ ‫البل��د كما ال تتصرف ق��وة احتالل أجنبي‪،‬‬ ‫والمتيق��ن أكثر م��ن أي وق��ت‪ ،‬بحصانته‬ ‫من العق��اب على رغم تفننه في اإلجرام‪،‬‬ ‫لم��اذا ال يمعن في التفنن؟ يناس��به كثيراً‬ ‫أيض��ًا أن تنتش��ر ظاهرة جبه��ة النصرة‪،‬‬ ‫ألن ذل��ك يفيد في تغريب قطاعات أوس��ع‬ ‫م��ن الس��وريين عن الث��ورة‪ ،‬ويُـس��ـهّل‬ ‫له بيع س��ـردية الحرب عل��ى اإلرهاب إلى‬ ‫قوى غربية راغبة في الش��راء‪ .‬ويس��عده‬ ‫بالمق��دار ذات��ه وأكث��ر أن تش��يع مظاهر‬

‫ياسين الحاج صالح‬

‫«فلتة الحكم» ف��ي المناطق الخارجة عن‬ ‫نف��وذه‪ ،‬ألن الثائرين هم من س��يُالمون‬ ‫على ذل��ك‪ ،‬وألنه يضفي الش��رعية على‬ ‫مبدأ أساسي في فلسفة االستبداد‪ :‬الناس‬ ‫وحوش وأشرار وال ذمَم لهم‪.‬‬ ‫يناسب الس��ير الحالي جبهة النصرة‬ ‫ذاتها‪ .‬فمثل ش��بيهاتها تكون في أحس��ن‬ ‫حال كلما كانت األوضاع العامة أسوأ‪ ،‬ومن‬ ‫ش��أن إمعان النظ��ام في توحش��ه‪ ،‬وتعثر‬ ‫أي��ة قوى وطنية معتدل��ة‪ ،‬كما هو حاصل‬ ‫الي��وم‪ ،‬أن يضفي عليها مق��داراً أكبر من‬ ‫الصدقية‪.‬‬ ‫وال تب��دو متعجّلة لطي صفحة هذه‬ ‫المرحل��ة‪ ،‬أية ق��وى غربية تقارب الش��أن‬ ‫الس��وري م��ن مدخ��ل مواجه��ة اإلره��اب‬ ‫(ل��ن تدعم المعارض��ة) أو حماية األقليات‬ ‫(تتخ��وف م��ن الحاضن��ة الس��نّية للثورة)‬ ‫أو «أم��ن» إس��رائيل (النظ��ام أفض��ل‬ ‫البدائ��ل‪ ،‬وإال فالفلت��ان)‪ ،‬أو ه��ي تلح��ق‬ ‫الصراع الس��وري بإيقاع��ات المنازعة مع‬ ‫إي��ران وملفها الن��ووي‪ .‬آخ��ر همّها حرية‬ ‫السوريين وحياتهم‪.‬‬ ‫المتضرر األكبر من األفق الجديد هو‬ ‫ماليين السوريين من الذين تأذوا مباشرة‬ ‫ويتطلع��ون إل��ى الع��ودة إل��ى مواطنهم‬ ‫وترمي��م حياته��م‪ ،‬وكذل��ك ماليي��ن‬ ‫المتطلعي��ن إلى أوضاع سياس��ية جديدة‪.‬‬ ‫كذلك أية قوة سياسية منظمة‪ ،‬بمقدار ما‬ ‫تحاول التأثير في س��ير األوضاع السورية‬ ‫في اتجاهات أكثر تحرراً وعدالة‪.‬‬ ‫في المحصل��ة‪ ،‬على أعتاب س��نتين‬ ‫من تفجّره��ا‪ ،‬تبدو الثورة الس��ورية في‬ ‫وضع ه��و األش��د حراجة‪ :‬ف��وق ‪ 100‬من‬ ‫الس��وريين يقتلون كل يوم‪ ،‬والنظام آمن‬ ‫ج��داً في إجرام��ه‪ ،‬وأكثر من حم��اة واحدة‬ ‫رأينا ورأى العالم‪ ،‬والقريب والبعيد شهود!‬ ‫الحياة اللندنية ‪2013 / 1 / 27‬‬


‫مر�ض املوت يف الت�شريع ال�سوري (‪)2‬‬ ‫الإثبات يف بيع املري�ض مر�ض املوت‬

‫تظهر أهمي��ة اإلثبات هنا بوصف��ه الدرع الواقي‬ ‫للحقوق واألداة الفعالة في تحقيق العدل‪ ،‬ويعدّ إثبات‬ ‫مرض الموت من أكثر الموضوع��ات القانونية تطبيقًا‬ ‫وأش��دها حيوية‪ ،‬إذ يتوقف عليها ميزان العدل وإحقاق‬ ‫الحق‪ .‬وتقتضي دراسة اإلثبات في بيع المريض مرض‬ ‫الموت‪ ،‬تحديد عبئه ومضمونه‪.‬‬ ‫أو ًال‪ :‬عبء اإلثبات في بيع المريض مرض الموت‪:‬‬ ‫يق��ع على عاتق الورثة عبء اإلثب��ات في بيع المريض‬ ‫م��رض الم��وت‪ ،‬ألنهم ه��م الذي��ن يطعنون ف��ي بيع‬ ‫مورثه��م بأن��ه صادر في م��رض الم��وت‪ ،‬واألصل أنه‬ ‫ليس صادراً في مرض الم��وت‪ ،‬ويجب على من يدعي‬ ‫خالف األصل إثبات ذلك‪.‬‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫ثاني ًا‪ :‬م�ضمون الإثبات يف بيع املري�ض‬ ‫مر�ض املوت‬

‫طالق املري�ض مر�ض املوت‬

‫أسبوعية‬

‫طالق المريض مرض الموت وهذا ما نصت عليه‬ ‫المادة ‪ 116‬من قانون األحوال الش��خصية في القانون‬ ‫الس��وري‪ .‬وإذا تس��اءلنا ع��ن م��رض الموت نج��د بأن‬ ‫القان��ون المدني لم يأت بتعري��ف لمرض الموت لذلك‬ ‫وجب الرجوع إلى الشريعة اإلسالمية التي استمد منها‬ ‫الشارع أحكام تصرفات المريض مرض الموت لمعرفة‬ ‫ماهية مرض الموت وأحكامه‪.‬‬ ‫وبالرجوع إلى الش��ريعة اإلس�لامية نجد أن المادة‬ ‫‪ 1595‬من مجلة األح��كام العدلية عرفت مرض الموت‬ ‫بقوله��ا‪( :‬م��رض الموت ه��و المرض ال��ذي يخاف فيه‬ ‫الموت في األثر الذي يعجز المريض عن رؤية مصالحه‬ ‫الخارجية عن داره إن كان من الذكور‪ ،‬ويعجز عن رؤية‬ ‫المصال��ح الداخلة في داره إن كان م��ن اإلناث‪ ،‬ويموت‬ ‫عل��ى ذلك الحال‪ ،‬قبل مرور س��نة صاح��ب فراش كان‬ ‫أو ل��م يكن‪ ،‬وإن امت��د مرضه دائمًا عل��ى حال ومضى‬ ‫عليه س��نة يكون في حكم الصحي��ح وتكون تصرفاته‬ ‫كتصرف��ات الصحيح ما لم يش��تد مرض��ه ويتغير حاله‬ ‫ولك��ن لو اش��تد مرض��ه وتغير حال��ه ومات يع��د حاله‬ ‫اعتباراً من وقت التغير إلى الوفاة مرض الموت)‪.‬‬ ‫وجاء في الفتاوى الهندية الجزء الرابع ص‪ 176‬إذا‬ ‫كان الغال��ب منه الموت كان مرض الموت‪ ،‬س��واء أكان‬ ‫صاحب فراش أم لم يكن‪.‬‬ ‫وف��ي حك��م ط�لاق المري��ض م��رض الم��وت ال‬ ‫نتعرض ألحكام تصرف��ات المريض مرض الموت في‬ ‫المعامالت المالية‪ ،‬إنما نبي��ن مدى تأثير مرض الموت‬ ‫في الطالق والميراث باعتباره من آثار الزواج‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫البيع‪ ،‬فيما يجاوز الثلث‪ ،‬ال يسري في حقّ الورثة إال إذا‬ ‫أقروه‪ ،‬أو ردّ المشتري للتركة ما يفي بتكملة الثلثين‪.‬‬ ‫أن كل عمل‬ ‫كم��ا نصَّت الم��ادة ‪ 877‬مدني عل��ى َّ‬ ‫قانوني يصدر من ش��خص في م��رض الموت‪ ،‬ويكون‬ ‫مقصوداً ب��ه التبرع‪ ،‬يعتبر تصرفًا مضاف��اً إلى ما بعد‬ ‫الموت‪ ،‬وتسري عليه أحكام الوصية‪ ،‬أيًا كانت التسمية‬ ‫التي تعطى لهذا التص��رف‪ .‬وعلى ورثة من تصرف أن‬ ‫أن العمل القانوني قد ص��در من مورثهم وهو‬ ‫يثبت��وا َّ‬ ‫في مرض الموت‪ ،‬ولهم إثبات ذلك بجميع الطرق‪ .‬فإذا‬ ‫أن التصرف صدر من مورثهم في مرض‬ ‫أثبت الورث��ة َّ‬ ‫الموت‪ ،‬اعتبر التصرف صادراً على سبيل التبرع‪ ،‬ما لم‬ ‫يُثبت من صدر له التصرف عكس ذلك‪ .‬كل هذا ما لم‬ ‫توجد أحكام خاصة تخالفه‪.‬‬

‫إذا طلق المريض مرض الموت زوجته ومات وهو‬ ‫ف��ي مرضه ف��إن كان الطالق رجعي��ًا فالزوجة ترثه ما‬ ‫دام��ت في العدة ألنها ال تزال زوجه‪ .‬أما إذا كان الطالق‬ ‫بائن��ًا فاألفض��ل أن ال ترث ألن الزوج��ة تبين بالطالق‬ ‫البائن فال ميراث‪.‬‬ ‫إال أن أكث��ر الفقهاء الحظ��وا أن من يطلق زوجته‬ ‫ب��دون رضاها وه��و مريض مرض الم��وت إنما يقصد‬ ‫بذل��ك التهرب م��ن ميراثها لذلك س��موه ط�لاق الفار‬ ‫وردوا علي��ه قصده وذلك بتوريثها من��ه رغم البينونة‬ ‫الت��ي حصلت بالطالق ألن إيقاع��ه الطالق صحيح إنما‬ ‫قالوا بميراثها منه على خالف فيما بينهم‪.‬‬ ‫قال الظاهرية‪ :‬ط�لاق المريض كطالق الصحيح‬ ‫ف��إذا طلق ال��زوج زوجته ثم مات ف��ي مرضه فال ترثه‬ ‫زوجته إن كان الطالق بائنًا‪.‬‬ ‫ولدى الشافعية روايتان أصحها أن طالق المريض‬ ‫مرض كطالق الصحيح والرواية الثانية يعتبر المريض‬ ‫فيها فاراً وترث زوجته‪.‬‬ ‫أم��ا األحناف‪ :‬فقالوا ترث زوج��ة الفار ما دامت في‬ ‫العدة ولو كان الطالق بائناً خالفاً لألصل‪.‬‬ ‫وذه��ب الحنابل��ة‪ :‬إل��ى أن الزوجة ت��رث زوجها ما‬ ‫دامت في الع��دة بدون خالف بين جمه��ور الفقهاء ألن‬ ‫ال��زوج ال يرث زوجته إذا ماتت وهي ف��ي العدة إن كان‬ ‫طالقه فار‪ ،‬واختلف��وا فيما لو انتهت العدة هل ترث أم‬ ‫ال عل��ى روايتي��ن ـ الصحيح من المذهب أنه��ا ترثه ما‬ ‫دامت لم تتزوج‪.‬‬ ‫وقال مال��ك‪ :‬إن حق الزوجة في الميراث ال ينقطع‬ ‫ول��و تزوجت قبل الموت ألن القص��د اآلثم مردود على‬ ‫صاحبه‪ ،‬وق��د قصد حرمانه��ا من المي��راث فيرد عليه‬ ‫قصده وذلك بتوريثها كما لو لم يطلقها‪.‬‬ ‫وذه��ب الجعفري��ة إل��ى أن زوج��ة المريض ترث‬ ‫زوجه��ا ما دامت في العدة فإذا مض��ت العدة فإنها ترث‬ ‫أيضاً ما لم تمضي سنة على طالقها فحينئذ ال ترثه‪.‬‬ ‫وخالصة م��ا جاء ف��ي أراء الفقه��اء‪ :‬أن الرجل إذا‬ ‫تعس��ف في ط�لاق زوجت��ه فطلقها في م��رض موته‬ ‫اعتبر الش��ارع هذا ف��راراً من ميراث زوجت��ه فرد عليه‬ ‫قصده بتوريثها منه‪.‬‬ ‫وجاء في قرار لمحكمة النقض الس��ورية ـ إذا كان‬ ‫ال��زوج ال��ذي طلق زوجت��ه طالقًا بائناً صحيح الجس��م‬ ‫حي��ن ايقاع��ه الطالق‪ ..‬ترثه زوجت��ه إن مات وهي في‬ ‫عدة الطالق‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪ - 1‬إثب��ات حالة المرض‪ :‬يجب عل��ى الورثة إثبات‬ ‫حالة م��رض الموت‪ ،‬ويثبت الورث��ة حالة مرض الموت‬ ‫بإثبات ش��روط مرض الم��وت المتقدمة‪ ،‬فيثبت الورثة‬ ‫ن��وع الم��رض‪ ،‬وغلبة خ��وف الموت في��ه وقت حصول‬ ‫التص��رف‪ .‬وال يغن��ي بيان نوع المرض م��ن بيان غلبة‬ ‫اله�لاك في��ه وإقامة الدلي��ل على ذلك‪ ،‬ويثب��ت الورثة‬ ‫أيضاً عج��ز المريض عن رؤي��ة مصالحه في المرض‪،‬‬ ‫ويثبت��وا كذل��ك أن الم��رض ق��د انتهى بالم��وت فع ًال‪،‬‬ ‫وأن أم��ده لم يطل عن الس��نة‪ ،‬وتج��در المالحظة إلى‬ ‫أن إثب��ات حص��ول الم��رض أو نفي��ه هو مس��ألة واقع‬ ‫تس��تخلصه محكمة الموض��وع من وثائ��ق وتحقيقات‬ ‫القضي��ة وال رقابة عليها من محكمة النقض متى كان‬ ‫قضائها مبنيًا على أس��باب س��ائغة‪ ،‬وأكدت هذا الحكم‬ ‫محكم��ة النقض الس��ورية حي��ث قال��ت‪ « :‬إن حصول‬ ‫هذا المرض وتوفر ش��روطه مس��ألة واقع تستخلصه‬ ‫محكمة الموضوع»‪.‬‬ ‫ويت��م إثب��ات حال��ة مرض الم��وت بجمي��ع طرق‬ ‫اإلثب��ات ألن��ه واقعة مادي��ة‪ ،‬ويثبت الورثة ع��ادة حالة‬ ‫مرض الموت باالستش��هاد بأقوال األطباء الذين كانوا‬ ‫يعالجون المريض باالس��تناد إلى الش��هادات المقدمة‬ ‫منهم‪ ،‬وال تتوقف دعوة األطباء إلى المحكمة الستكمال‬ ‫التحقي��ق على طلب أو رضاء الخص��وم‪ .‬ويثبت الورثة‬ ‫حالة مرض الموت أيضًا بشهادة الشهود‪.‬‬ ‫‪ - 2‬إثبات صدور البيع في مرض الموت‪:‬‬ ‫ال يكفي الورث��ة أن يثبتوا حالة مرض الموت‪ ،‬وال‬ ‫ب��د من أن يثبتوا أيضًا صدور البي��ع في مرض الموت‪،‬‬ ‫ويت��م إثبات ص��دور البيع من الم��ورث وهو في مرض‬ ‫الم��وت بإثب��ات أن تاري��خ البي��ع كان وق��ت المرض ال‬ ‫قبل��ه‪ ،‬ويكون لهم اإلثبات بجميع طرق اإلثبات‪ ،‬ويكون‬ ‫تاري��خ البيع العرف��ي حجة على الورثة كم��ا كان حجة‬ ‫على مورثه��م‪ ،‬ألنهم يعدّون خلفًا لمورثهم وليس��وا‬ ‫غي��راً من حيث ثب��وت التاريخ‪ ،‬وبنا ًء عل��ى ذلك لو كان‬ ‫البي��ع مؤرخ��ًا تاريخاً عرفي��اً في وقت ثب��ت أن المورث‬ ‫ل��م يكن في��ه مريض��اً‪ ،‬فيكون ه��ذا التاري��خ العرفي‬ ‫حج��ة عليهم‪ ،‬ولك��ن لهم أن يثبتوا أن ه��ذا التاريخ قد‬ ‫قُ��دِّم عمداً إلخفاء أن البيع قد صدر في مرض الموت‪،‬‬ ‫وأن التاري��خ الذي ص��در فيه البيع متأخ��راً عن التاريخ‬ ‫الصوري المذكور في التصرف ويقع في وقت كان فيه‬ ‫الم��ورث في مرض موته‪ ،‬ف��إذا أثبتوا ذل��ك ـ ولهم أن‬ ‫يثبتوه بجميع طرق اإلثبات ألنهم يثبتون غشاً وواقعة‬ ‫مادية ـ يصبحون من الغير من حيث س��ريان البيع‪ ،‬وال‬ ‫يعود البيع الصادر من المورث يسري في حقهم إال في‬ ‫الح��دود التي أقرها القانون‪ .‬ف��إذا باع المريض مرض‬ ‫الموت‪ ،‬لوارث أو لغير وارث‪ ،‬بثمن ّ‬ ‫يقل عن قيمة المبيع‬ ‫فإن البيع يسري في حقّ الورثة‪ ،‬إذا كانت‬ ‫وقت الموت‪َّ ،‬‬ ‫زي��ادة قيم��ة المبيع على الثمن ال تتج��اوز ثلث التركة‪،‬‬ ‫داخ ًال فيها المبيع ذاته‪.‬‬ ‫فإن‬ ‫أم��ا إذا كانت هذه الزيادة تج��اوز ثلث التركة‪َّ ،‬‬

‫‪11‬‬


‫خطــــاب التغييـــر‬

‫وجهة نظر ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫خطابجديد�أم�إعادة�إنتاجللقدمي؟‬ ‫خلود الزغير‬ ‫باحثة في جامعة السوربون الجديدة ‪ -‬باريس ‪3‬‬ ‫ل��و انطلقنا من المقدمة المعرفية التي تقول أن‬ ‫الخط��اب هو كل ما يحمل داللة ما‪ ،‬لوجدنا أن عمليات‬ ‫التغيير والتبادل والتنافس والصراع هي األغنى بحثيًا‬ ‫لدراسة خطاباتها والسياقات التي تتكون فيها‪ ،‬وذلك‬ ‫لمعرفة ما إذا كانت القوى الجديدة التي تتبنى عملية‬ ‫الهدم للنظ��م والق��وى القديمة به��دف التغيير تنتج‬ ‫وتبن��ي خطابات جدي��دة‪ ،‬أم أنها تعيد إنت��اج الخطاب‬ ‫القديم لألنظمة والقوى السابقة؟‬ ‫فالخط��اب هو س��احة تناف��س تتنازع��ه مصالح‬ ‫الق��وى واالس��تراتيجيات المتصارعة أيض��ًا‪ ،‬وال يتأثر‬ ‫فق��ط بالعوام��ل الخارجي��ة "الس��ياق" الت��ي تمارس‬ ‫فيه��ا الس��لطة لعبته��ا م��ن خ�لال إج��راءات المن��ع‬ ‫والتضليل واإلقصاء والقهر عبر المؤسس��ات وخاصة‬ ‫في األنظمة االس��تبدادية‪ ،‬حيث تعمل الس��لطة على‬ ‫تنظيم وهيكلة مجال الخطاب في سعيها نحو التحكم‬ ‫والضب��ط بحيث يكون إنت��اج الخطاب مراقب ومنتقى‬ ‫ّ‬ ‫ومنظ��م على حس��ب تعبير فوك��و في كتاب��ه نظام‬ ‫الخط��اب‪ .‬وبنفس الوقت هي عملية دفاع عن مصالح‬ ‫تعتمد إج��راءات تالعبية تقوم بها مؤسس��ات النظام‬ ‫أو مؤسس��ات المعارضة عبر وسائل المنع‪ ،‬التضليل‪،‬‬ ‫المراقبة‪ ،‬اإلقص��اء واالنتقاء بهدف تقديم "الحقيقة"‬ ‫بالشكل الذي يخدم مصالح كل فريق‪.‬‬ ‫أن الخطاب ليس‬ ‫لك��نّ فوكو نفس��ه يرى أيض��ًا ّ‬ ‫فق��ط م��ا يظه��ر وم��ا يترج��م الصراع��ات أو أنظمة‬ ‫الس��يطرة‪ ،‬لكنه هو ما نصارع م��ن أجله‪ ،‬وما نصارع‬ ‫به‪ ،‬وهو الس��لطة التي نحاول االستيالء عليها (فوكو‪،‬‬ ‫نظ��ام الخط��اب‪ ،‬ص‪ .)10‬أي أن الخط��اب ليس فقط‬ ‫انعكاس��ًا مباشراً للس��ياقات االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪،‬‬ ‫السياس��ية والمعرفية التي يتك��ون ضمنها أو لصراع‬ ‫المصالح التي تتبن��اه‪ ،‬لكن يمكنه أن يكون غاية هذا‬ ‫الصراع وأداة فيه تس��اعد على حس��مه لصالح طرف‬ ‫معي��ن‪ ،‬وهي مس��ألة تعتمد على بني��ة "النص" فيه‬ ‫والمقادي��ر المعرفي��ة الت��ي يمتلكه��ا كل خطاب في‬ ‫موازاة اآلخر‪ ،‬كذلك مس��توى التنظيم وتوزيع وإعادة‬ ‫إنت��اج ه��ذه المعرفة داخ��ل كل خطاب‪ .‬فم��ن امتلك‬ ‫الخطاب امتلك السلطة‪.‬‬ ‫هذا يعني أنّه لفهم إستراتيجية الخطاب كنظام‬ ‫للمعرفة ال يكفي تحليل الس��لطة الخارجية المُنتجة‬ ‫له "الس��ياق"‪ ،‬بل أيض��ًا ما يتعلق بس��لطته الداخلية‬ ‫"النص" أي إجراءات التصنيف والتنظيم والتوزيع التي‬ ‫ت��وزع الخطابات والنص��وص وف��ق لتراتبيات تخضع‬ ‫ألنظمة المعرفة‪ .‬فال يكفي ل "قول" معين أن يمتلك‬ ‫انتظام خاص ليصبح "نصّاً"‪ ،‬بل يتطلب إضافة لذلك‬ ‫أن يص��در عن‪ ،‬أو يع��ود إلى قائل يق��ع عليه اإلجماع‬ ‫على أنه حجة‪ .‬حينئذ يكون النص كالمًا مش��روعاً أي‬ ‫يمتلك مش��روعية "س��لطة"‪ .‬فف��ي كل مجتمع هناك‬ ‫نظ��ام للمعرفة يقرر الخطاب��ات التي يمكن اعتبارها‬ ‫أن ذلك‬ ‫"نص��َا" وتلك التي تحرم من هذه القيمة‪ ،‬كما ّ‬ ‫يتغي��ر مع الزم��ن كونه محكوم بع��دة عوامل ثقافية‬ ‫ومعرفية وسياقات أيديولوجية وتاريخية‪.‬‬ ‫بالتالي المعايير التي تميز بين إنتاج خطاب جديد‬ ‫أو إع��ادة إنتاج لخطاب قدي��م هو امتالك هذا الخطاب‬

‫أو ذاك للمقادير المعرفية والسلطوية ومدى حداثتها‬ ‫وقطعها مع ممارس��ات المفاهيم السابقة التي يقوم‬ ‫عليها الخطاب األول‪ .‬س��واء على مس��توى المفاهيم‬ ‫والمصطلح��ات‪ ،‬النظري��ة واأليديولوجي��ة‪ ،‬الكثاف��ة‬ ‫ومس��تويات الرؤية‪ ،‬المستندات واألدلة‪ ،‬األسس التي‬ ‫يقوم عليها‪ ،‬الش��عارات‪ ،‬التص��ورات‪ ،‬العالقة الفعلية‬ ‫بالواق��ع والتحليل الملموس له‪ .‬كذلك على مس��توى‬ ‫الموضوعي��ة واالبتعاد ع��ن أحكام القيم��ة والذاتوية‬ ‫في الرؤية لألحداث‪.‬‬ ‫فم��ن الطبيع��ي مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أن يش��ترك خط��اب نظام‬ ‫سابق مع خطاب تغيير وثورة ب"المواضيع"‪ ،‬فالقضايا‬ ‫التي يتم تناولها في الخطابين قد تكون مشتركة‪ ،‬أما‬ ‫الغير طبيعي من المبدأ الثوري أن يش��تركان بالرؤية‬ ‫للواقع وأس��لوب التعاطي معه والوعي به واللغة‪ .‬من‬ ‫الفق��ر المعرف��ي أن ينكمش خطاب التغيي��ر والثورة‬ ‫ف��ي موقع "رد الفع��ل" على خطاب النظ��ام االتهامي‬ ‫والترهيب��ي والتضليل��ي‪ ،‬ب��دل أن يف��رض مصالحه‬ ‫بالث��ورة والتغيير ويكتفي بدل ذل��ك بخطاب دفاعي‪،‬‬ ‫تبري��ري‪ ،‬إنش��ائي‪ ،‬متناق��ض وش��عبوي‪ .‬أو أن يعيد‬ ‫الخطاب الجديد إنتاج ميكانيزمات السلطة واالستبداد‬ ‫واإلقص��اء في خطاب م��ن يثور علي��ه‪ ،‬أو أن يهاجمه‬ ‫بنف��س لغت��ه عب��ر تحويل��ه لمنح��ل أخالقي��ًا بكونه‬ ‫"خص��م" وه��و منطق خطاب الس��لطة التي تس��عى‬

‫لترذي��ل الخص��وم السياس��يين وتس��فيههم أخالقيًا‬ ‫لعجزها عن المقارعة بالحجة والمنطق والدليل‪.‬‬ ‫إن مس��ألة إنتاج خطاب جديد أعقد من اس��تبدال‬ ‫ّ‬ ‫المصطلحات اللغوية والمفاهيم‪ ،‬إنها عملية ممارسة‬ ‫ووعي وبن��اء أثناء إنج��از عملية التغيي��ر ذاتها‪ .‬لذلك‬ ‫أن خطابات "ثوري��ة" تبنّت مصطلحات‬ ‫الحظنا كي��ف ّ‬ ‫جدي��دة تتعل��ق بالديمقراطي��ة والحري��ة والتعددي��ة‬ ‫والدول��ة المدني��ة وتب��ادل الس��لطة والمواطن��ة‬ ‫وحق��وق اإلنس��ان‪ ،‬لكنّ البع��ض من ه��ؤالء توقف‬ ‫عن��د المفاهيم ولم يصل للممارس��ة له��ا‪ ،‬في داللة‬ ‫على تغل��ب األيديولوجي ‪ /‬الش��عاراتي عل��ى الجانب‬ ‫السياس��ي ‪ /‬العملي لدى ه��ذه األحزاب والتكتالت من‬ ‫أقص��ى اليس��ار إلى أقص��ى اليمين‪ .‬بينم��ا ارتد عنها‬ ‫قس��م آخر وبدأ بتحريفه��ا وتأويلها حت��ى قبل إنجاز‬ ‫الث��ورة‪ ،‬ف��ي داللة أخرى هن��ا على ع��دم أصالة مثل‬ ‫هكذا مبادئ في وعي وأيديولوجيا هذه التيارات‪.‬‬ ‫يبق��ى للتاريخ والبحث العلم��ي أن يرصد ويحلل‬ ‫إمكاني��ة كل تجرب��ة تغيي��ر على إنتاج خط��اب جديد‬ ‫يقط��ع معرفياً مع الخطاب الس��ابق أو أن يعيد إنتاجه‬ ‫بمصطلحات جديدة‪ ،‬وذلك بقدر ما يتشارك أو يتباين‬ ‫مع��ه في المالمح العامة وأس��اليب الوعي وتأس��يس‬ ‫المجتمع بقوانينه وحرياته‪.‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫يجم��ع بي��ن الترجمتي��ن اللتي��ن حلتا ضيوف��اً على‬ ‫زاويتن��ا اليوم اله��م األدبي والنس��وي المش��ترك‪ ،‬رغم‬ ‫الف��ارق الزمني بينهم��ا‪ ،‬ولما كانت المعلوم��ات المتاحة‬ ‫عن األديبة "ماري عبدو ش��قرا" ش��ديدة الندرة فقد آثرنا‬ ‫جمعها م��ع األديبة الرائدة "مريانا مراش" ويعود الفضل‬ ‫في الم��ادة العلمي��ة المتاحة عن ماري ش��قرا إلى موقع‬ ‫"حمص" االلكتروني‪..‬‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫ماري عبده �شقرا ‪1987 – 1901‬‬ ‫مريـــانا مـــرا�ش ‪1819 – 1849‬‬ ‫ماري عبده �شقرا‬

‫مريانا مرا�ش‬

‫وُلدت مريانا مراش في حلب عام ‪ 1849‬لبيت أدبي‬ ‫مرم��وق‪ .‬والدها فتح اهلل مرّاش المثقف الحلبي الكبير‪،‬‬ ‫وأخوها األديب الش��اعر "فرنسيس مراش" الذي درّسها‬ ‫اللغة العربية‪ ،‬ثمّ درست الفرنسية في مدرسة راهبات‬ ‫م��ار يوس��ف‪ ،‬وأتقنت فن��ون العربي��ة من نح��و وصرف‬ ‫وع��روض على ي��د أبيها‪ .‬كما درس��ت الموس��يقا فكانت‬ ‫عازفة بارعة‪.‬‬ ‫لتنتق��ل فيم��ا بع��د إل��ى لبن��ان وتدخل المدرس��ة‬ ‫اإلنجيلية لتتقن اللغ��ة اإلنكليزية‪ ،‬وتعود إلى حلب حيث‬ ‫أخ��ذت تكتب في الصح��ف والمج ّالت فكتب��ت في جريدة‬

‫أسبوعية‬

‫الخصيب فيتفيّأ بظاللها القريب والغريب»‪.‬‬ ‫وكتب��ت ف��ي افتتاحي��ة الع��دد الثاني بعن��وان "أيها‬ ‫العامل"‪« :‬قلبكَ تعبٌ ألنه في القلب اإلنساني‪ ،‬روحُكَ‬ ‫تأبى القس��اوة وتطلب المساواة واإلخاء‪ .‬على يديكَ أثرُ‬ ‫الغبار‪ ،‬وإنه ألثر خالد يشهدُ برفعة روحِكَ المتواضعة‪.‬‬ ‫إن��ه ليقول‪ :‬هذه ه��ي أيدي المجاهدين‪ .‬إنه ليش��ير إلى‬ ‫العزة واإلباء والكرم في روح العاملين‪ .‬قصورُكَ مشيدة‬ ‫القلوب العارفة بكَ وفي السماء فال تيأس»‪.‬‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫لقي��تْ "دوح��ة الميماس" صدىً مس��تحبّاً لدى ِّ‬ ‫كل‬ ‫م��ن وصلت إليه وأحبَّه��ا الناس‪ ،‬وكتبَ عنه��ا كثيرٌ من‬ ‫ّ‬ ‫والمفكرين مقاالتٍ مش��جّعة زخ��رت باإلعجاب‬ ‫األدب��اء‬ ‫والتقدي��ر لدوح��ة الميم��اس ولصاحبته��ا‪ ،‬ف��كان منهم‬ ‫المط��ران "أبيفاني��وس زائ��د" (‪ )1982–1890‬مط��ران‬ ‫"عكار" وتوابعها الذي َ‬ ‫ّ‬ ‫قال عنها‪« :‬هكذا الشجرة الباسقة‬ ‫العظيم��ة تبتدئ من نواة تس��تقرّ في الثرى‪ ،‬ثم تضرب‬ ‫جذوره��ا ف��ي األرض وفروعها في الس��ماء‪ ،‬فتأتي إليها‬ ‫ّ‬ ‫ويس��تظل األحي��اء بأغصانها الوارفة‪ ،‬فعس��ى‬ ‫األطيار‪،‬‬ ‫أن تصي��رَ هذه المجلة الصغيرة إلى ما سُ��مّيت به‪ ،‬إلى‬ ‫دوحةٍ ميّاس��ة تتد ّلى منها ثمرات األدب الصحيح وتعبق‬ ‫في جوانبها نسمات العلم الراقي والفنّ الجميل»‪.‬‬ ‫وحيّا الش��اعر "ميخائيل بط��رس" ‪/1976–1895/‬‬ ‫ً‬ ‫األدب النضير‬ ‫"ماري ش��قرا" باألبي��ات التالية‪" :‬يا‬ ‫دوح��ة ِ‬ ‫س�لامُ‪ ..‬بس��متْ لكِ األيامُ واألع��وامُ‪ ..‬ال َ‬ ‫زال نفحُكِ‬ ‫َ‬ ‫تزاي��ل نفسَ��نا اآلالمُ‪ ..‬جَهِـلوا‬ ‫منعش��اً آمالن��ا‪ ..‬حتّ��ى‬ ‫مكانة ربَّةِ اللطفِ التي ال ترتقي إال بها األقوامُ‪ ..‬حتى‬ ‫س��فرتِ على رُبا العاصي البهيّ‪ ..‬وبراحتيكِ العش��قُ‬ ‫واإللهامُ‪ ..‬تبغينَ للوطن الكري��م معزَّة‪ ..‬حتى يخادنَه‬ ‫صفًا وسالمُ"‪.‬‬

‫"لس��ان الحال" وفي مج ّل��ة "الجنان" الت��ي كان يصدرها‬ ‫المع ّلم بطرس البستاني‪.‬‬ ‫ولع��ل األث��ر األكبر لم��راش ف��ي التاريخ الس��وري‬ ‫كان صالونه��ا األدب��ي ال��ذي يعتبر األوّل م��ن نوعه في‬ ‫الش��رق‪ ،‬قب��ل أن تفتت��ح األديب��ة م��يّ زي��ادة صالونها‬ ‫أن رحلتها إلى‬ ‫األدب��ي الذائ��ع الصيت في مص��ر‪ .‬ويب��دو ّ‬ ‫أوروبا ومشاهدتها للكثير من تلك الصالونات في الغرب‬ ‫كصالون مدام دي س��تايل وغيرها‪ ..‬شجّعها على إقامة‬ ‫هذا الصالون الذي أرسى دعائم األدب الحديث في شرقنا‬ ‫العرب��ي‪ .‬وكان صالونه��ا األدب��ي يحوي ف��ي رحابه كبار‬ ‫األدب��اء في مدينة حلب آنذاك مثل قس��طاكي الحمصي‪،‬‬ ‫وجبرائيل الد ّالل‪ ،‬وكامل الغزّي وغيرهم‪..‬‬ ‫ق��ال عنها األدي��ب والمفكر "قس��طاكي الحمصي"‪:‬‬ ‫"كان��ت مريان��ا مليح��ة الق��دّ‪ ،‬رقيق��ة الش��مائل‪ ،‬عذبة‬ ‫المنط��ق‪ ،‬فكه��ة األخ�لاق طيّب��ة العش��رة‪ ،‬تمي��ل إلى‬ ‫الم��زاح‪ .‬وكان منزله��ا مثابة الفضالء وملتق��ى الظرفاء‬ ‫والنبهاء‪ .‬وكان لنا عندها منزلة ترتدّ عنها أعين الحسّاد‬ ‫كليل��ة‪ ،‬لما كان بيننا وبين ش��قيقها عبد اهلل من المودّة‬ ‫الجزيل��ة"‪ .‬جمعت ش��عرها في ديوان س��مّته "بنت فكر"‬ ‫تنوعت موضوعاته بين المدح والرثاء واإلنسانيات بلغةٍ‬ ‫بسيطةٍ جزلة‪.‬‬ ‫فعندم��ا توفّي أخوها فرنس��يس س��نة ‪ 1873‬رثته‬ ‫بحرارة بالغة قائلة‪:‬‬ ‫ما لي أرى أعينَ األزهار قد ذبلتْ‬ ‫َ‬ ‫رَب‬ ‫ما لي أرى الروض مكموداً وفي ك ٍ‬ ‫ما لي أرى الوُرْقَ تنعى وهي نادبة‬ ‫نعم لقد سابقَ األحيا َء أجمعها‬ ‫أدب‬ ‫من َف ّقه الناسَ في‬ ‫علم وفي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أبدى من الفضل ضوء ال خُبوَّ له‬ ‫وإنّه بحرُ عِلم ال قرارَ له‬ ‫هذا الذي جابت األقطار شهرتُه‬ ‫صخر بكته حينما نظرت‬ ‫خنساء ٍ‬ ‫في لجّةِ الحزن نفسي ضاق مسكنها‬ ‫ع��ام ‪ 1875‬تزوج��ت م��ن الس��يد "حبي��ب الغضبان‬ ‫الحلبي" ورزقت منه بابنتها "أسماء" والدة الوزير والنائب‬ ‫الحلب��ي "فت��ح اهلل أس��يون"‪ ،‬توفي��ت مراش ف��ي نهاية‬ ‫الح��رب العالمي��ة ُ‬ ‫ص��راع مرير مع‬ ‫األولى عام ‪ 1919‬بعد‬ ‫ٍ‬ ‫مرض عصبي منهك‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫ماري عبده شقرا‬

‫مريانا مراش‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ولدت "ماري ش��قرا" في ح��ي الحميدي��ة أحد أحياء‬ ‫"حم��ص" القديمة ع��ام ‪ ،1901‬وتلقت دراس��تَها األولى‬ ‫في المدرس��ة اإلنجيلية "بحم��ص" ثمَّ انتقلت إلى لبنان‬ ‫والتحقت بمدرس��ة "الشويفات" ونالت ش��هادتها العالية‪،‬‬ ‫وأتقنت اللغتين اإلنكليزية والفرنسية‪ ،‬عام ‪1921‬التقى‬ ‫بها األديب والصحفي "نس��يب ش��اهين" مؤسس جريدة‬ ‫"ص��دى س��ورية" وصاح��ب المؤلف��ات التالي��ة‏ "القل��ب‬ ‫المنس��حق ‪ -‬ضحايا الجهل ووحوش االنسانية ‪ -‬فلسفة‬ ‫الحي��اة"‏وتمَّ ال��زواج بينهما في ع��ام ‪ ،/1929/‬وهو أول‬ ‫من شجَّعها وساعدها على متابعة العمل الصحفي‪.‬‬ ‫أص��درت مجلة "دوحة الميماس" في ش��هر نيس��ان‬ ‫ع��ام ‪ ،/1928/‬وه��ي مج ّل��ة تُعنَ��ى ب��األدب والف��نّ‬ ‫واالجتماع‪ ،‬وتخصصت بقضايا المرأة‪ .‬ولم يخل عدد من‬ ‫أع��داد المجلة م��ن رأي واضح وصريح يدع��و المرأة إلى‬ ‫التطور اجتماعياً وثقافيًا عن طريق أفضل الس��بل التي‬ ‫تحفظ كرامتها وتصون عفافها وتدفعها إلى النجاح‪.‬‬ ‫احتجب��ت مجلة "دوحة الميماس" ف��ي أيار ‪،/1929/‬‬ ‫وكان مجموع أعدادها اثني عش��ر عدداً‪ ،‬ولألديبة "شقرا"‬ ‫كتاب مخطوط بعنوان "عثرات نهضوي" تحدثت فيه عن‬ ‫أهم القضاي��ا التي تعيق تقدّم الم��رأة العربية‪ ،‬توفيت‬ ‫"ماري ش��قرا" ع��ام ‪ /1987/‬مخلفة تراث��اً أدبيًا وصحفيًا‬ ‫هام��ًا يدل عل��ى أنها أول��ى الرائدات اللوات��ي حملن لواء‬ ‫حرية المرأة‪.‬‬ ‫قال عنه��ا األديب "محمد غ��ازي التدمري" عن هذه‬ ‫األديب��ة والصحفي��ة الحمصي��ة ف��ي كتابه "م��ن أعالم‬ ‫حمص"‪:‬‬ ‫في الوقت ال��ذي كانت فيه المرأة حبيس��ة الجدران‬ ‫الصمّ��اء‪ ،‬مس��خرة لخدم��ة الرجل ورعايت��ه‪ ،‬وأي حديث‬ ‫يتناول حريتها ومس��اواتها مع الرجل يعد جريمة يحاسب‬ ‫عليه��ا المجتمع‪ ،‬ف��ي مثل ه��ذه األج��واء المهيمنة على‬ ‫الحياة االجتماعية في عش��رينات القرن العش��رين كانت‬ ‫األديب��ة الحمصي��ة "ماري عبده ش��قرا" تم��ارس دورها‬ ‫الريادي على صفحات مجلتها الش��هيرة "دوحة الميماس"‬ ‫الت��ي تعتب��ر أول مجلة عربي��ة مختصة بقضاي��ا المرأة‬ ‫العامة‪ ،‬واألدب النسائي بشكل خاص‪.‬‬ ‫كم��ا ذكرها األديب "يوس��ف عبد األح��د" في إحدى‬ ‫مقاالته المنش��ورة في جريدة "حمص"‪« :‬أول سيدة من‬ ‫"حمص" أقدمت على إصدار مجلة نسائية عام ‪،/1928/‬‬ ‫كم��ا أنه��ا أول س��يدة حمصية دافع��ت عن حري��ة المرأة‬ ‫وبحثت القضايا التي تعيق تقدُّم المرأة العربية‪ ،‬وكانت‬ ‫تنش��ر مقاالتها في مجلتها "دوحة الميماس" وفي بعض‬ ‫الصحف العربية األخرى»‪.‬‬ ‫كتبت "ماري" في افتتاحي��ة العدد األول من "دوحة‬ ‫الميماس" بعنوان "إلى األرواح"‪:‬‬ ‫«إلى ال��روح التي ترفُّ في دوح اإلخالص والواجب‪،‬‬ ‫إل��ى الروح الجميلة التي تعش��ق العاصي وأهليه عش��قًا‬ ‫مبرح��ًا‪ .‬إلى الروح التعبة التي تهجر عالم الكفاح والنزاع‬ ‫إلى زاوية التفكير والس��كينة لتستريحَ قلي ًال على ضفة‬ ‫ودالل بي��ن الرياض واألحراج‪.‬‬ ‫العاصي المنس��اب بهدو ٍء ٍ‬ ‫إل��ى الروح التي ت��ودّ االنعتاق من قي��ود العالم البالي‪..‬‬ ‫أق��دّم نبت��ة أف��كاري لع ّلها تنم��و في حض��ن الصحافة‬

‫‪13‬‬


‫الصفحة االقتصادية ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫الأنظمة ال تنهار اقت�صادي ًا‪..‬‬ ‫االنهيار االقت�صادي ال ي�سقط �إال ال�شعوب‬ ‫زيد الخوري‬

‫ب��دأ الرهان قبل عامي��ن من بعض‬ ‫رجال األعمال السوريين أن انهيار النظام‬ ‫إن لم يكن سياس��يا فس��يكون اقتصاديا‪،‬‬ ‫وأن الس��لطة إن ل��م تخض��ع لضغ��ط‬ ‫التظاهرات فستس��قط حين تهبط الليرة‬ ‫إل��ى نصف قيمته��ا وحدث ذل��ك بعد أقل‬ ‫م��ن ثمانية أش��هر حين انخفض��ت الليرة‬ ‫بس��اعات قليلة وأصبح الدوالر في سوريا‬ ‫يعادل ‪ 100‬ليرة لكن لم يس��قط النظام‬ ‫حينها وعاودت اللي��رة ارتفاعها بعد فترة‬ ‫وجيزة وتراوح س��عر ال��دوالر بعدها بين‬ ‫‪ 60‬و‪ 80‬لي��رة لل��دوالر الواح��د م��ع أخذه‬ ‫منحى عام متزايد‪.‬‬ ‫تبدأ القصة من فرضية هامة وهي‬ ‫أن الديكتاتوري��ات مكون��ة م��ن أنظم��ة‬ ‫هش��ة‪ ،‬لكن ه��ل يمك��ن له��ذه األنظمة‬ ‫أن تحك��م ش��عوبا تفوقه��ا؟ وإن كان��ت‬ ‫الس��لطات هي ج��زء م��ن مجتمعاتها فما‬ ‫م��دى ق��وة مجتمعات تولد س��لطات بهذه‬ ‫الهشاشة؟‬ ‫منطقيا الديكتاتوري��ات هي أنظمة‬ ‫هش��ة تولد ش��عوبا أكثر هشاش��ة بحيث‬ ‫تهبط ه��ذه الش��عوب تلقائي��ا إذا حاولت‬ ‫اإلطاحة بأنظمته��ا‪ ،‬وهذا تماما ما حصل‬ ‫في سورية‪ ،‬وس��نحاول أن نتناول أثر كل‬ ‫مؤش��ر من مؤش��رات االنهيار االقتصادي‬ ‫الت��ي صف��ق له��ا الكثي��رون‪ ،‬لك��ن قبل‬ ‫الب��دء ال ب��د من ش��رح فك��رة مفادها أن‬ ‫الس��لطة في س��وريا هي نتاج تحول من‬

‫منه��ج دول��ة اش��تراكية إلى منه��ج دولة‬ ‫مختلط��ة تتجه نحو الفك��ر الليبرالي وأن‬ ‫الث��ورة قام��ت أثناء مرحل��ة االنتقال نحو‬ ‫الرأس��مالية‪ .‬وف��ي معظ��م ال��دول التي‬ ‫اتبع��ت النهج االش��تراكي والت��ي انتقلت‬ ‫فيما بعد إلى النهج الرأسمالي كان هناك‬ ‫أح��د طريقي��ن‪ ،‬إما أن تس��قط الس��لطة‬ ‫قبل االنتقال وبالتال��ي تنتقل الدولة إلى‬ ‫الليبرالية االقتصادية والديمقراطية في‬ ‫آن واح��د كما حدث (في ألمانيا الش��رقية‬ ‫س��ابقا) أو أن تبق��ى الس��لطة القائم��ة‬ ‫وتقود عملية االنتقال إلى الليبرالية وهنا‬ ‫يظهر نوع جديد من الديكتاتورية وتظهر‬ ‫برجوازية الس��لطة حيث تجتمع الس��لطة‬ ‫والمال بيد قلة م��ن المجتمع ويصبح من‬ ‫الصع��ب اإلطاحة بالس��لطة لدخولها في‬ ‫نس��يج المجتم��ع االقتصادي والسياس��ي‬ ‫وحت��ى االجتماعي معا (و هذا ما حدث في‬ ‫روس��يا على س��بيل المثال وف��ي معظم‬ ‫الدول التي اتبعت النهج االشتراكي) وهنا‬ ‫يكون على المجتمع التعامل مع الس��لطة‬ ‫ك (مافي��ا) ولي��س كنظ��ام مهمت��ه إدارة‬ ‫الدولة‪ ،‬وتصبح ممارس��ة الس��لطة مهنة‬ ‫مربح��ة لما يرافقها من مال صودر بفعل‬ ‫االنتقال الهمجي نحو الليبرالية‪.‬‬ ‫أب��رز معال��م الس��قوط االقتصادي‬ ‫وأش��دها وط��أة ه��ي التضخ��م وه��ي‬ ‫الظاه��رة الت��ي تعن��ي ارتف��اع األس��عار‬ ‫بمع��دل أكبر من ارتف��اع الدخل وبالتالي‬

‫انخفاض ما يمكن للمس��تهلك أن يحصل‬ ‫عليه بدخله‪ ،‬وتوصف حس��ب أحد حكماء‬ ‫االقتص��اد بأنها (ضريب��ة يدفعها الفقراء‬ ‫إل��ى األغني��اء)‪ ،‬فارتف��اع القي��م البيعية‬ ‫للسلع ينتقل من المنتج األول الذي يرفع‬ ‫س��عر منتجاته إلى البائع األول الذي يرفع‬ ‫س��عر بيع ما اش��تراه من المنتج‪ ،‬ثم إلى‬ ‫البائ��ع الثان��ي والثالث هك��ذا حتى تصل‬ ‫إلى المس��تهلك‪ ،‬وخالل السلس��لة يمكن‬ ‫لكل ج��زء من السلس��لة أن يق��وم برفع‬ ‫الس��عر بما يالئم االرتفاع في المس��توى‬ ‫العام لألس��عار حت��ى تصل الس��لعة إلى‬ ‫المس��تهلك النهائي ال��ذي يكون مضطرا‬ ‫إل��ى تحمل ع��بء التضخم كام�لا خاصة‬ ‫في ح��ال كونه م��ن ذوي الدخل المحدود‬ ‫(موظ��ف) وبالتال��ي ال يملك س��لعة يرفع‬ ‫سعرها بما يناسب التضخم‪.‬‬ ‫و هكذا مع كون السلطة هي الممسكة‬ ‫بزمام اإلنتاج س��تكون ه��ي الرابحة من أي‬ ‫أث��ر تضخمي في الب�لاد مع ع��دم التزامها‬ ‫بتقديم أي مس��اعدات إلى مواطنيها حسب‬ ‫قواعد اقتصاد الس��وق الرأسمالي وسيكون‬ ‫الخاس��ر األكب��ر ه��و األف��راد العاديين غير‬ ‫القادرين على إنتاج أي سلعة‪.‬‬ ‫و م��ن أه��م أس��باب التضخ��م ف��ي‬ ‫سورية انخفاض قيمة الليرة حيث ازدادت‬ ‫قيمة كل س��لعة مس��توردة أو كل سلعة‬ ‫محلية يدخل في إنتاجها مادة مس��توردة‬ ‫ضعفا واحدا على األقل‪ ،‬والس��بب الثاني‬

‫والب��ارز أيضا هو انخف��اض اإلنتاج حيث‬ ‫أش��ارت تقارير نشرتها الصحف الرسمية‬ ‫أن ‪ 70%‬م��ن رج��ال األعم��ال ف��روا خارج‬ ‫الب�لاد‪ ،‬مم��ا يعك��س أثرا عل��ى التضخم‬ ‫م��ن وج��ه انخف��اض اإلنت��اج وبالتال��ي‬ ‫يصب��ح الطل��ب كبي��را عل��ى ع��دد قليل‬ ‫من المنتج��ات‪ ،‬ومن جهة أخ��رى يعكس‬ ‫انخفاض اإلنتاج مؤشرا مستقال بحد ذاته‬ ‫من مؤشرات االنهيار االقتصادي‪.‬‬ ‫تكم��ن المعضل��ة ف��ي انخف��اض‬ ‫اإلنت��اج بفع��ل هج��رة رؤوس األم��وال _‬ ‫وهي الظاه��رة التي تكافحها كافة األمم‬ ‫_ أنه��ا تؤدي بالدرجة األول��ى إلى ارتفاع‬ ‫البطال��ة وزي��ادة نس��ب التس��ول وهو ما‬ ‫ب��ات واضحا في المحافظ��ات الكبرى‪ ،‬ثم‬ ‫انخف��اض الص��ادرات مما ينعكس س��لبا‬ ‫عل��ى قيم��ة العمل��ة المحلي��ة‪ ،‬وبالدرجة‬ ‫األخي��رة ينعك��س عل��ى كام��ل منظومة‬ ‫قيم المجتمع ويزيد من هشاشته ويسرع‬ ‫ظهور كافة مؤشرات انهيار المجتمع‪.‬‬ ‫كل ما يمكن بحثه من آثار اقتصادية‬ ‫ل��ن نج��د ل��ه أي أث��ر عل��ى األنظم��ة بل‬ ‫س��يكون أثره واضحا على األفراد‪ ،‬واألثر‬ ‫الوحي��د الذي يمكن إيجاده على الس��لطة‬ ‫نتيج��ة أي انهيار اقتص��ادي هو انخفاض‬ ‫ش��عبيتها وه��و أث��ر ال قيمة له بالنس��بة‬ ‫للديكتاتوري��ات‪ .‬إلى كل من يراهن على‬ ‫انهي��ار النظام اقتصادي��ا أوقفوا رهانكم‬ ‫وحدها الشعوب تنهار اقتصاديا‪.‬‬


‫نكبات دم�شق يف العهد العثماين‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫"وف��ي الزلزلة األول��ى وقعت صخرة‬ ‫عظيمة في نه��ر القنوات فس��دّت النهر‪،‬‬ ‫وانقط��ع الماء ع��ن البلد أحد عش��ر يوماً‪،‬‬ ‫وبقيت ق ّ‬ ‫ُطاع األحج��ار يقطعون فيها أحد‬ ‫عش��ر يوماً‪ ،‬فص��ارت الناس ف��ي َغمَّين‪:‬‬ ‫غمّ الزلزلة وغمّ قلة الماء"‪.‬‬ ‫"وف��ي ليل��ة االثني��ن س��ادس ربي��ع‬ ‫الثاني في الس��اعة الخامسة صارت زلزلة‬ ‫عظيم��ة أعظم من األول��ى بدرجات‪ .‬وقد‬ ‫صارت معه��ا رجّة مهولة أس��قطت غالب‬ ‫بقي��ة الم��آذن‪ ،‬ورمت قب��ة الجامع األموي‬ ‫الكبي��رة وال��رواق الش��مالي جميع��ه من‬ ‫مدرسة الكالسة وباب بريد وأبراج القلعة‬ ‫وغال��ب دور دمش��ق‪ ،‬وال��ذي س��لم م��ن‬ ‫الوقوع تناث��ر من بعضه البع��ض‪ ،‬وقُتل‬ ‫خلق كثي��ر خصوصاً ف��ي القرايا‪ ،‬ورحلت‬ ‫الخالئق للبس��اتين وللجبال والتُرب وإلى‬ ‫المرج��ة‪ ،‬ونصبوا به��ا وبالب��راري الخيام‬ ‫ونام��وا بعيالهم وأوالده��م‪ ،‬ومع ذلك لم‬ ‫ته��دأ الزلزل��ة والرجفان ال لي� ً‬ ‫لا وال نهاراً‪.‬‬ ‫ثم أمر عبد اهلل باشا الشتجي والي الشام‬ ‫وفقه اهلل تعإل��ى مناديًا ينادي بالناس أن‬ ‫يصوموا ثالثة أيام وأن يخرجوا في اليوم‬ ‫الرابع إل��ى جامع المص ّلى‪ ،‬فإنه مش��هور‬ ‫بإجاب��ة الدعاء في��ه‪ ،‬فخرج��ت الناس من‬ ‫كل فج عميق إلى المص ّلى‪ ،‬وخرج حضرة‬ ‫الوزي��ر معهم وجمي��ع األعي��ان والمفتي‬ ‫والقاضي‪ ،‬وخرج��ت العلماء وأهل الطرق‬ ‫والصوفي��ة والنس��اء واألوالد‪ ،‬والزم��وا‬ ‫الدع��اء ف��ي المصلى ثالثة أي��ام بضجيج‬ ‫وبكاء وخش��وع كيوم عرفات‪ ،‬بل كموقف‬ ‫القيام��ة‪ ،‬فرحمه��م أرح��م الراحمي��ن‪،‬‬ ‫وعامله��م باللط��ف والتخفي��ف‪ ،‬فصارت‬ ‫األرض تختل��ج اختالجًا خفيف��اً‪ ،‬ولم تزل‬ ‫الناس في البساتين والبراري خائفة حتى‬ ‫نزل عليهم الثلج والمطر وصار الجليد إلى‬ ‫أن خفّت الزلزلة ورجعت الناس خائفين‪" .‬‬ ‫وج��د الش��عب العرب��ي نفس��ه تحت‬ ‫حك��م عس��كري مع��اد‪ ،‬وكان��ت س��نوات‬ ‫الح��رب عس��يرة عل��ى الن��اس‪ ،‬ومدم��رة‬ ‫للبالد التي كانت مس��رح عمليات الجيش‬ ‫الرابع العثماني‪ ،‬بقيادة أحمد جمال باش��ا‪،‬‬ ‫ولم يدّخ��رْ هذا وس��يلة للتنكيل بالقوى‬ ‫والش��خصيات الوطني��ة‪ ،‬أو االعتداء على‬ ‫الس��كان ونه��ب ممتلكاته��م وأرزاقه��م‪،‬‬ ‫وتس��خيرهم ف��ي األعم��ال اإلجباري��ة‪.‬‬ ‫ولسنين طويلة‪ ،‬ظلت ذكريات أيام الحرب‬ ‫الس��ود‪ ،‬مح��ور أحادي��ث الن��اس‪ ،‬وأصبح‬ ‫«س��فر برل��ك» (التجني��د واالنتق��ال إلى‬ ‫خطوط قتال بعيدة) مرادفًا للظلم والجوع‬ ‫والمرض والمطاردة والنهب والخراب‪.‬‬

‫وق��د عس��كر الجي��ش الراب��ع ف��ي‬ ‫ب�لاد الش��ام‪ ،‬التي ل��م تكنْ مهي��أة لذلك‬ ‫اقتصادي��اً‪ ،‬فقاس��ى س��كانها األمرَّي��ن‬ ‫م��ن نزول ه��ذا الجيش بي��ن ظهرانيهم‪،‬‬ ‫ولتموين��ه ص��ادرت الس��لطات الم��واد‬ ‫الغذائية والمواش��ي والمحاصيل وللوقود‬ ‫الالزم له‪ ،‬قُطعت األشجار‪ ،‬حتى المثمرة‪،‬‬ ‫وألعم��ال الس��خرة سُ��حب الفالحون من‬ ‫قراهم إلى خطوط الجبهة لحفر الخنادق‬ ‫وغيره��ا م��ن األعم��ال‪ .‬فس��اءت أوض��اع‬ ‫الب�لاد االقتصادي��ة‪ ،‬واختف��ت البضائ��ع‬ ‫م��ن األس��واق‪ ،‬وانتش��رت أعمال الس��وق‬ ‫الس��وداء‪ ،‬وصو ًال إلى المجاع��ة واألوبئة‪،‬‬ ‫وخ�لال أعوام الح��رب األربعة‪ ،‬هلك مئات‬ ‫اآلالف م��ن الن��اس جوع��اً ومرض��ًا ف��ي‬ ‫بالد الش��ام والعراق وتم إعدام عش��رات‬ ‫الوطنيين في دمشق وبيروت‪.‬‬ ‫ولم تكن آخر النكبات الفكرية سوى‬ ‫سياس��ة التتري��ك التي فرضها الس��لطان‬ ‫عب��د الحميد وأجب��ر جميع الوالي��ات على‬ ‫أن تك��ون المراس�لات الرس��مية والتعليم‬ ‫باللغ��ة التركي��ة مما س��اهم في توس��يع‬ ‫الهوة بين العرب واألتراك‪ ،‬ورغم مناشدة‬ ‫العديد من العلماء للس��لطان عبد الحميد‬ ‫للع��دول ع��ن الفكرة إلى درج��ة أن جمال‬ ‫الدي��ن األفغاني ذهب إلى أبع��د من ذلك‬ ‫فطال��ب ب��ـ "تع��رب" الدول��ة العثماني��ة‪،‬‬ ‫و"تع��رب" األمة التركي��ة‪ ،‬وكان يعتقد أنه‬ ‫"ال س��بيل إل��ى تميي��ز أمة عن أخ��رى إال‬ ‫بلغته��ا‪ .‬واألمة العربية ه��ي "عرب" قبل‬ ‫كل دين ومذهب‪ .‬وهذا األمر من الوضوح‬ ‫والظه��ور للعي��ان بم��ا ال يحت��اج معه إلى‬ ‫دليل أو برهان‪" ،‬فالمس��لم أو المسيحي‪،‬‬ ‫واليه��ودي ف��ي مص��ر والش��ام والعراق‪،‬‬ ‫يحاف��ظ كل منه��م قبل كل ش��يء‪ ،‬على‬ ‫نس��بته العربية فيق��ول (عربي) ثم يذكر‬ ‫جامعته الدينية"‪ ،‬مش��يرا إلى أنه "ينبغي‬ ‫لكل أمة أن تتمسك بجامعتها القومية في‬ ‫صدور أبنائها‪ ،‬وأن ذلك ال ينافي اإلسالم"‪.‬‬ ‫إال أن الس��لطان عب��د الحمي��د ضرب بكل‬ ‫ذلك ع��رض الحائط وأصر عل��ى التتريك‬ ‫الذي ش��كل قطيعة تاريخي��ة بين جيلين‬ ‫وبين قوميتين وآلخر الزمان‪.‬‬ ‫لم يكن العه��د العثماني مضيئاً كما‬ ‫يحل��و لبع��ض المتديني��ن والمتحمس��ين‬ ‫تصوي��ره‪ ،‬ول��م تل��ق الب�لاد العربي��ة‬ ‫وباألخ��ص دمش��ق الت��ي بق��ي فيه��ا‬ ‫العثمانيون أطول فترة إال الفاقة والتخلف‬ ‫والظالم‪ ،‬ودمشق التي تنفض عنها اليوم‬ ‫غب��ار الطغي��ان ل��ن تقبل بع��د ذلك بمن‬ ‫يسومها المذلة والهوان‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫بدأت قصة العه��د العثماني المظلم‬ ‫في دمش��ق م��ع خروج الس��لطان س��ليم‬ ‫األول بجي��ش م��ن مائ��ة وخمس��ين ألف‬ ‫مقات��ل مس�� ّلح بأحدث أس��لحة زمانه من‬ ‫بنادق ومدافع‪ ،‬كما خ��رج جيش المماليك‬ ‫من القاهرة والتقى مع جيش العثمانيين‬ ‫ف��ي معركة م��رج دابق ش��مال حلب يوم‬ ‫‪ 24‬آب ‪ ،1516‬وبنتيج��ة المعرك��ة حق��ق‬ ‫العثماني��ون نص��راً حاس��مًا فت��ح أمامهم‬ ‫أبواب بالد الش��ام‪ ،‬فدخل الس��لطان حماه‬ ‫وحمص ثم دمشق يوم‪ 26‬أيلول ‪،1516‬‬ ‫وكان م��ن فاتح��ة أعماله أن أم��ر بترميم‬ ‫الجامع األموي‪ .‬وقد مكث الس��لطان سليم‬ ‫في دمشق قس��طًا من الزمن ثم غادرها‬ ‫إل��ى مص��ر فملكها‪ ،‬ث��م عاد إلى دمش��ق‬ ‫لتنظيم الشؤون اإلدارية وأصبحت دمشق‬ ‫بموج��ب التقس��يمات الس��لطانية مرك��ز‬ ‫والية تشمل جنوب سوريا الكبرى وتضم‬ ‫س��ناجق نابلس والكرك وبي��روت وصيدا‬ ‫وتدمر وطرابل��س والقدس وصفد وغزة‪،‬‬ ‫وأق��رّ ج��ان ب��ردي الغزال��ي والي��ًا عليها‪،‬‬ ‫وكذل��ك أم��ر الس��لطان بتش��ييد التكي��ة‬ ‫السليمانية وترميم حي الصالحية‪ ،‬اللذين‬ ‫ال ي��زاال ماثلين إلى الي��وم‪ ،‬كأحد منجزات‬ ‫العثمانيين المعمارية المبكرة في سوريا‪،‬‬ ‫في عام ‪ 1571‬تم الش��روع ببناء مس��جد‬ ‫درويش باش��ا في الش��ارع المستقيم ثم‬ ‫مسجد س��نان باش��ا عام ‪ 1588‬ويذكر أن‬ ‫ح��ي المي��دان كان قل��ب المدين��ة آنذاك‪،‬‬ ‫مع نهاية القرن الس��ادس عش��ر كان عدد‬ ‫س��كان المدين��ة حوالي ‪ 000 ،57‬نس��مة‬ ‫وبل��غ الع��دد خ�لال القرن الس��ابع عش��ر‬ ‫حوالي ‪ 000 ،80‬نسمة‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1520‬توف��ي الس��لطان‬ ‫س��ليم وخلف��ه ابن��ه س��ليمان القانون��ي‬ ‫فانتهز الغزالي الفرصة وأعلن اس��تقالله‬ ‫م��ن الجام��ع األم��وي وخل��ع على نفس��ه‬ ‫لقب "الملك األش��رف" فأرس��ل الس��لطان‬ ‫س��ليمان حمل��ة عس��كرية بقي��ادة وزيره‬ ‫فرحات باش��ا ف��ي تش��رين الثاني ‪،1520‬‬ ‫واش��تبك الطرف��ان في القاب��ون يوم ‪27‬‬ ‫كان��ون الثان��ي ‪ ،1521‬وه��زم بنتيج��ة‬ ‫معرك��ة القاب��ون الغزال��ي وقت��ل معظم‬ ‫قواده وقطعت رأسه في القدم‪ ،‬ودمر ثلث‬ ‫دمش��ق وقراها وسُ��رّح كبار الموظفين‬ ‫الدمشقيين وأس��ندت مهامهم إلى أتراك‪،‬‬ ‫كم��ا فصل��ت طرابلس عن والية دمش��ق‬ ‫وأصبحت والية قائمة بذاتها‪.‬‬ ‫لم يك��ن اس��تقرار الوالة من ش��يم‬ ‫العه��د العثمان��ي‪ ،‬وهك��ذا تعاق��ب عل��ى‬ ‫دمش��ق ف��ي الس��نين المائ��ة واألرب��ع‬ ‫والثماني��ن األول��ى من حك��م العثمانيين‬ ‫فيه��ا ما ال ّ‬ ‫يق��ل عن مائة ثالث��ة وثالثين‬ ‫واليً��ا ولم ي��دم منهم ف��ي وظيفته مدة‬ ‫س��نتين إال ثالث��ة وثالثون‪ ،‬وبي��ن عامي‬ ‫‪ 1815‬و‪ 1895‬توإل��ى ‪ 61‬وال��ي بمع��دل‬ ‫والي ف��ي كل س��نة‪ ،‬وكان ال��والة دائمي‬ ‫النزاع مع الواليات المجاورة‪ ،‬فعلى س��بيل‬ ‫المثال نش��بت الح��رب بين والي دمش��ق‬ ‫ووالي طرابلس الش��ام بين عامي ‪1664‬‬ ‫و‪.1667‬‬ ‫أم��ا الق��رن الس��ابع عش��ر فتمي��ز‬ ‫بالركود وتقلص��ت الحركة العمرانية ولم‬ ‫يقم في ذلك القرن بناء يستحق الذكر إال‬ ‫جامع العس��الي بـالقدم‪ .‬وقد يفس��ر فترة‬ ‫الرك��ود هذه الوضع الداخل��ي ألن الثورات‬ ‫تتابع��ت من��ذ ع��ام ‪( 1517‬أي بع��د س��نة‬ ‫من الفت��ح) حيث قامت ثورة اإلنكش��ارية‬

‫(وكلمة إنكشارية تعني «الجيش الجديد»‬ ‫«ييني تش��ري») فعاثوا فساداً في دمشق‬ ‫ونهبوه��ا وأحرقوه��ا وزاد الطي��ن بل��ة‬ ‫انتش��ار األوبئة والمجاعة في تلك الس��نة‬ ‫فكانت بالفعل سنة هائلة‪ .‬وبعد ذلك قام‬ ‫المتس��لمون بجباية الضرائب بأس��لوبهم‬ ‫الش��نيع فكان��وا يجمعونها ب��دون أي حق‬ ‫وكان اله��م األوحد للوالة م��لء جيوبهم‪،‬‬ ‫وكانوا يبدلون باس��تمرار بحيث ال تتجاوز‬ ‫والي��ة الواح��د منه��م الس��نة الواح��دة‪.‬‬ ‫وقس��مت س��ورية إلى ‪ 3‬واليات (دمش��ق‬ ‫وحل��ب وصيدا) وكانت والي��ة صيدا تضم‬ ‫بيروت وأحيان��ًا ينتقل مرك��ز الوالية إلى‬ ‫بيروت‪ .‬وكانت هناك متصرفيات مستقلة‬ ‫مرتبط��ة مباش��رة بالس��لطان والصدارة‬ ‫العظم��ى والس��يما دي��ر ال��زور والقدس‬ ‫مع فلس��طين‪ .‬أم��ا والية س��وريا ومقرها‬ ‫دمش��ق فكانت تضم ‪3‬متصرفيات‪ :‬حماه‬ ‫(وتض��م أيض��ًا قض��اء حم��ص) وحوران‬ ‫والك��رك‪ ،‬كما تض��م باإلضاف��ة إلى ذلك‬ ‫عشرة أقضية منها النبك ودوما والزبداني‬ ‫واألقضية األربعة التي سلخت من سوريا‬ ‫ف��ي عه��د االنت��داب الفرنس��ي وضم��ت‬ ‫إلى لبن��ان الكبير (وهي بعلب��ك والبقاع ـ‬ ‫ومركزها معلقة زحلة ـ وحاصبيا وراشيا)‬ ‫فكانت هذه المساحة الواسعة تتبع دمشق‬ ‫وكان وال��ي دمش��ق باس��تمرار ه��و الذي‬ ‫يراق��ب أمراء لبن��ان الذين ينزع��ون دائمًا‬ ‫إل��ى االس��تقالل والس��يما المعني��ون في‬ ‫عهد فخر الدين الثاني‪ .‬وقد حاولت الدولة‬ ‫اس��تمالته بأن عينته هو أيضًا واليًا للشام‬ ‫فترة من الزمن ثم قضت عليه‪ .‬وفي أيام‬ ‫الش��هابيين كان والة الش��ام ه��م الذي��ن‬ ‫يراقبون باس��تمرار أمير لبنان ويقاومونه‬ ‫عند االقتض��اء‪ .‬وعندما تولى أحمد باش��ا‬ ‫الج��زار والي��ة صيدا وبي��روت وعكا ونقل‬ ‫مقر والية س��ورية إلى عكا مدة ‪ 5‬سنوات‬ ‫وكان حكم��ه م��ن أش��نع الفت��رات الت��ي‬ ‫مرت على ه��ذا البلد‪ ،‬واش��تهر بمقاومته‬ ‫لنابلي��ون وانتص��اره علي��ه ف��ي معرك��ة‬ ‫جب��ل طاب��ور‪ .‬فخ�لال ه��ذه الفت��رات لم‬ ‫يزدهر العمران في دمش��ق ولكن الحركة‬ ‫التجارية استمرت بش��كل واسع جداً وفي‬ ‫مطلع القرن الثامن عشر اشتهرت األسرة‬ ‫العظمية في والية الشام‪ .‬قدم آل العظم‬ ‫م��ن قوني��ة وأقام��وا فت��رة في حم��اه ثم‬ ‫انتقلوا إلى دمشق وتولوا والية متصرفية‬ ‫حماه وكان أول من اشتهر منهم اسماعيل‬ ‫باش��ا الذي بنى المدرس��ة القائمة بسوق‬ ‫الخياطي��ن ع��ام ‪ 1736‬ثم تبعه س��ليمان‬ ‫وأقام الخان القائم في س��وق مدحت باشا‬ ‫عل��ى الطريق المس��تقيم‪ ،‬ث��م تبعه ابنه‬ ‫أسعد باش��ا فبنى عام ‪ 1749‬الخان الرائع‬ ‫المعروف باس��مه قصر العظم الذي أقيم‬ ‫على أنقاض قص��ر األمير تنكز الذي كان‬ ‫قائم��اً ق��رب البزوري��ة‪ .‬وبعد ذل��ك أيضًا‬ ‫جاء محمد باش��ا وهو الذي س��قف س��وق‬ ‫الحميدي��ة بعد أن ردم الخن��دق الذي كان‬ ‫يحيط بالقلعة من جهتها الجنوبية وسقف‬ ‫قسمه الغربي الممتد من العصرونية إلى‬ ‫باب النصر وتبعه ابنه عبد اهلل فأقام عام‬ ‫‪ 1759‬المدرس��ة القائم��ة بع��د الحريق��ة‬ ‫باتجاه قص��ر العظم‪ .‬فكان لهذه األس��رة‬ ‫آثار رائعة‪.‬‬ ‫واكتملت النكبات الدمشقية بالزلزال‬ ‫العظيم ع��ام ‪ 1759‬حيث ننق��ل ما ذكره‬ ‫الش��يخ أحم��د البديري الحالق ف��ي كتابه‬ ‫"حوادث دمش��ق اليومية" لسنة ‪ 1172‬هـ‬ ‫‪ 1759 /‬م‪:‬‬

‫إحدى معارك العثمانيين في الشام‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫بالل سالمة‬

‫‪15‬‬


‫حوار مع املهند�س نزار �صمادي‬ ‫حوار العدد ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫املن�سق العام مل�ؤمتر جتمع قوى املعار�ضة‬ ‫(الغوطة ال�شرقية)‬

‫خاص سوريتنا | أجرت الحوار شام داود‬ ‫ت��رزح غوط��ة دمش��ق الش��رقية تحت‬ ‫وطأة حملة عس��كرية قاس��ية من��ذ ما يزيد‬ ‫عن األربعة أشهر‪ .‬انقطاع شبه تام لخدمات‬ ‫الحياة األساس��ية‪ ،‬ونزوح ألغلب السكان هو‬ ‫المش��هد المس��يطر في جميع بلدات ومدن‬ ‫الغوط��ة‪ .‬إال أن م��ا تبق��ى من س��كان هذه‬ ‫المدن‪ ،‬وبالتعاون مع ناشطي الثورة وعناصر‬ ‫الجي��ش الح��ر أخذوا عل��ى عاتقهم تس��يير‬ ‫ش��ؤون المواطنين وتأمين كل ما يمكنهم‬ ‫تأمينه من مس��تلزمات الحياة‪ ،‬وشيئاً فشيئاً‬ ‫بدأت هذه الجه��ود بالتنظيم والتوحد‪ ،‬جنباً‬ ‫إلى جنب مع الجهود السياسية والعسكرية‪.‬‬ ‫وفي هذا الس��ياق‪ ،‬أعلن ي��وم األحد ‪27‬‬ ‫كان��ون الثان��ي من ع��ام ‪ 2013‬ف��ي الغوطة‬ ‫الش��رقية‪ ،‬وبحضور ما يق��ارب المائتي ممثل‬ ‫ع��ن المناطق والجيش الحر ع��ن قيام التجمع‬ ‫الوطن��ي لقوى الث��ورة في الغوطة الش��رقية‪،‬‬ ‫ويعتب��ر هذا التجمع الناطق الرس��مي باس��م‬ ‫القوى الثوري��ة المنضوية ضمنه‪ ،‬وهو الهيئة‬ ‫السياس��ية واإلدارية الفاعلة حالياً في الغوطة‬ ‫الشرقية‪ .‬وقد تم عقد المؤتمر التأسيسي في‬ ‫التاري��خ المذكور في مدينة دوم��ا وأعلن عن‬ ‫تشكيل التجمع وصدر البيان الختامي للمؤتمر‬ ‫محدداً مالمح التجمع وأساسيات عمله‪.‬‬ ‫ويعتب��ر ه��ذا لتجمع الناطق الرس��مي‬ ‫باس��م القوى الثورية المنطوي��ة ضمنه في‬ ‫الغوط��ة الش��رقية وه��و الهيئة السياس��ية‬ ‫واإلدارية في الغوطة الشرقية‪.‬‬ ‫قام��ت جري��دة س��وريتنا بإج��راء لقاء‬ ‫مع المهن��دس نزار صمادي المنس��ق العام‬ ‫للتجمع‪ ،‬مستوضحة منه عن ظروف وأسباب‬ ‫نش��وء التجم��ع ومكونات��ه‪ ،‬ورؤيت��ه للعمل‬ ‫السياس��ي والميدان��ي ف��ي ظ��ل الظ��روف‬ ‫الحالية‪ ،‬وفي سوريا المستقبل‪.‬‬ ‫| بداية‪ ،‬هذه المبادرة من المبادرات األوائل‬ ‫في دمش��ق ريفها من ه��ذا النوع‪ ،‬ما هي‬ ‫الظروف واألس��باب للدعوة لهذا المؤتمر‬ ‫وتأسيس هذا الكيان السياسي؟‪.‬‬ ‫| | بعد مرور ما يقارب العامين على‬ ‫ث��ورة الحق والحري��ة والكرامة وبعد هول‬ ‫الجرائ��م التي ترتكبه��ا العصابة الحاكمة‬ ‫بحق الشعب السوري البطل ألنه جعل كل‬ ‫الشعب عدوه الرئيسي وبعد كل التجاذبات‬ ‫الدولية وتخلي المجتمع الدولي عن الشعب‬ ‫الس��وري وكذل��ك تخاذل ال��دول اإلقليمية‬ ‫والعربي��ة وتقدي��م مصالحه على حس��اب‬ ‫الش��عب الس��وري وكذلك عجز العالم عن‬ ‫تقديم أي حل لوقف شالل الدم النازف في‬ ‫س��وريا هذا إذا أحس��نا الظن بأنه يريد أن‬ ‫يوقفه فعال وكذلك لجوء بعض شخصيات‬ ‫المعارض��ة عن حل سياس��ي ف��ي الخارج‬ ‫عب��ر بعض ش��خصيات المعارضة عن حل‬ ‫سياس��ي في الخارج عبر بعض شخصيات‬ ‫المعارضة عن حل سياسي في الخارج عبر‬ ‫بعض ال��دول ورهنت نفس��ها لتلك الدول‬

‫وتركت الداخل يعاني ما يعانيه حتى أنهم‬ ‫جمعوا التبرعات لمساعدة أهلنا المهجرين‬ ‫ف��ي الداخل دون التنس��يق مع قوى الثورة‬ ‫الفاعلة في الداخل‪.‬‬ ‫فبات من الض��روري أن يكون للثورة‬ ‫ممثلين حقيقيين لها وكذلك إيجاد مشروع‬ ‫توافق��ي يعم��ل عل��ى إس��قاط العصاب��ة‬ ‫الحاكمة بأس��لوب موحد يرتقي لمس��توى‬ ‫تضحي��ات ش��عبنا البط��ل لذلك ت��م دعوة‬ ‫قوى الث��ورة والثوار ويهي��ئ إلدارة األزمة‬ ‫في الم��دن والقرى والبل��دات المحررة في‬ ‫المرحل��ة الراهنة وذلك لقطع الطريق عن‬ ‫كل من تسول له نفس��ه بالمتاجرة بدماء‬ ‫الشهداء واستقالل معاناة الناس‪.‬‬ ‫| م��ن ه��ي الجه��ات والفعاليات المش��كلة‬ ‫لهذه الكيان (مع أماكن تواجدها)؟‪.‬‬ ‫| | كل ق��وى وفعالي��ات الث��ورة التي‬ ‫على إدارة ش��ؤون المدن والقرى والبلدات‬ ‫المح��ررة باإلضاف��ة إل��ى ممثلي��ن ع��ن‬ ‫اإلدارات والمجال��س المحلي��ة والمدني��ة‬ ‫ومجال��س الم��دن والناش��طين والعاملين‬ ‫ف��ي المج��ال الخدم��ي والطب��ي واإلغاثة‬ ‫وتنتشر في الغوطة الشرقية من أقصاها‬ ‫ألقصاها أكثر من ‪ 58‬قرية وبلدة ومدينة‪.‬‬ ‫| ه��ل هناك أي تمايز مذهب��ي أو عرقي في‬ ‫تشكيل هذا التكتل؟‪.‬‬ ‫| | كان هنال��ك تمثيل للوطنين دون‬ ‫تمييز مذهبي أو عرقي‪.‬‬ ‫| هل ستسعون لضم مناطق أخرى (محررة)‬ ‫من خارج الغوطة الشرقية؟‪.‬‬ ‫| | التجم��ع ضم أغلب المدن والقرى‬ ‫والبل��دات المح��ررة في الغوطة الش��رقية‬ ‫والباب مازال مفتوحا أما أي مدينة أو قرية‬ ‫حي��ث يوجد فقط مدينتي��ن لم تمثل ألنها‬ ‫لم تحرر بعد بشكل كامل‬ ‫| ه��ل هن��اك م��ن دع��م سياس��ي ألي من‬ ‫الجه��ات المعارض��ة (االئت�لاف الوطني‪،‬‬ ‫المجلس الوطني‪ ،)..‬وفي حال وجوده كيف‬ ‫سيكون مؤثراً على القرار في المبادرة؟‪.‬‬

‫| | إنن��ا نم��د أيادين��ا لكاف��ة ق��وى‬ ‫المعارض��ة المنحازة للث��ورة والمعبرة عن‬ ‫أهدافها‪.‬‬ ‫| كي��ف ترون أن هذا الكيان يعبر عن الثورة‬ ‫سياسياً؟‪.‬‬ ‫| | عندما يكون ممثلي هذا الكيان أو‬ ‫التجمع هم من الثوار والعاملين والفاعلين‬ ‫على األرض إذن يعبر عن الثورة سياسيًا‪.‬‬ ‫| م��ا الذي يجع��ل من ه��ذه التجربة ناجحة‬ ‫ومقبول��ة لدى الش��ارع الس��وري (المدني‬ ‫والعس��كري)؟‪ .‬م��ع العل��م ان بع��ض‬ ‫المبادرات ذات الطابع الثقافي والسياسي‬ ‫ت��م التعتيم عليه��ا أو مضايقتها من قبل‬ ‫كتائب الجيش الحر وخصوصا في ش��مال‬ ‫سوريا المحرر‪.‬‬ ‫| | أغل��ب الممثلي��ن ف��ي ه��ذا‬ ‫الكي��ان ه��م ممن ش��اركوا بالثورة س��واء‬ ‫بالمظاه��رات أو العم��ل الطب��ي واإلغاثي‬ ‫أو الخدم��ي وه��م مم��ن اختاره��م أهالي‬ ‫منطقتهم وقد تم التوافق غليهم من فيل‬ ‫المدنيين والعسكريين‪.‬‬ ‫| م��ا هي الصيغة التي س��تجمع المنضمون‬ ‫له��ذا الكي��ان للتواف��ق عل��ى العم��ل‬ ‫السياسي؟‪.‬‬ ‫| | من خ�لال المؤتمرات في مختلف‬ ‫المناطق واللقاءات تم التوافق على شكل‬ ‫الكي��ان الذي يجم��ع كل قوى الث��ورة وهو‬ ‫المجتمع الوطني لقوى الثورة في الغوطة‬ ‫الشرقية‪.‬‬ ‫| عن��د التواف��ق عل��ى التكت��ل السياس��ي‬ ‫وتس��ميته‪ ،‬كيف ت��رون الطريقة األفضل‬ ‫لكسب التأييد الشعبي له؟‬ ‫| | بم��ا أن ممثل��ي التجمع وهو ممن‬ ‫يعملون ف��ي خدمة المواطني��ن ويعملون‬ ‫عل��ى تخفي��ف معان��اة الن��اس ويقدم��ون‬ ‫الخدم��ات لهم فهم س��وف ينال��ون التأييد‬ ‫الشعبي‪.‬‬ ‫| هن��اك ض��رورة حتمي��ة للتح��ول للعم��ل‬ ‫السياس��ي والمدني لدى الشعب السوري‪،‬‬

‫كي��ف ت��رون تطبيق ه��ذه المب��ادرة في‬ ‫مناطق أخرى من س��وريا ف��ي ظل الحصار‬ ‫األمني وآلة القمع المستمرة؟‪.‬‬ ‫| | ه��ذه التجرب��ة س��وف تطبق في‬ ‫أغلب المناطق التي تم تحريرها‪.‬‬ ‫| ه��ل سيش��كل ه��ذا التكت��ل بدي� ً‬ ‫لا عن‬ ‫الس��لطات المدنية مس��تقب ًال بعد سقوط‬ ‫النظ��ام‪ ،‬أم س��يقتصر فقط عل��ى الجانب‬ ‫السياسي من العمل؟‪.‬‬ ‫| | س��يكون ه��ذا التجم��ع ه��و اح��د‬ ‫المكون��ات الت��ي س��تعمل عل��ى حماي��ة‬ ‫المؤسس��ات وتقدي��م الخدم��ات وأم��ا أن‬ ‫يتح��ول إلى العم��ل السياس��ي فقط فهذا‬ ‫متروك لكل ممثل في التجمع‪.‬‬ ‫| فيم��ا يخص إدارة األزم��ة‪ ،‬كيف تتعاملون‬ ‫م��ع النقص في الم��واد اإلغاثية للمناطق‬ ‫المنكوبة في أغلب الريف الدمش��قي‪ ،‬وما‬ ‫هي الموارد المتاحة لذلك؟‪.‬‬ ‫| | يت��م توزيع الم��واد اإلغاثية على‬ ‫األس��ر المهجرة المحتاجة أكثر والناس في‬ ‫هذه األزمة تتكافل مع بعضها‪.‬‬ ‫| في ظل سطوة السالح لدى الكثيرين ممن‬ ‫يدّعون انتمائهم للجيش الحر‪ ،‬ويقومون‬ ‫بأعمال الس��لب والنهب والخطف في كثير‬ ‫من المناطق‪ ،‬هل س��تكون كتائب الجيش‬ ‫الحر هي المعنية بمتابعة هذه القضايا أم‬ ‫سيتم تشكيل شرطة ثورية مدنية؟‪.‬‬ ‫| | بدأ تش��كيل شرطة ثورية مدنية‬ ‫لحماية المنشآت العامة والخاصة ومعاقبة‬ ‫من يقوم بالسرقة والنهب والسلب‪.‬‬ ‫| هل س��يكون الدس��تور والقانون السوري‬ ‫(الحالي) هو مصدر التشريع واالحتكام في‬ ‫الحي��اة المدنية في الفت��رة الحالية‪ ،‬وفي‬ ‫ح��ال القواني��ن التي كانت من مس��ببات‬ ‫قيام الثورة كيف ستتعاملون معها؟‪.‬‬ ‫| | ال ل��ن يك��ون الدس��تور والقانون‬ ‫الس��وري الحال��ي هو المصدر التش��ريعي‬ ‫لك��ن م��ن الممك��ن الع��ودة لدس��تور‬ ‫االستقالل‪.‬‬


‫حوار العدد ‪. .‬‬ ‫الصور خاصة بس��وريتنا من عدس��ة س��ام‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫وطننا الي��وم يمر بمرحلة أقل ما يقال‬ ‫عنها إنها حاس��مة وهي مرحلة تتطلب منا‬ ‫جميعاً أفع��ا ًال ال أقوا ًال‪ .‬وف��ي ظل محاوالت‬ ‫عدي��دة في مناطق متع��ددة لقوى مختلفة‬ ‫من المعارض��ة‪ ،‬نحن ننتظر من تجمع قوى‬ ‫الثورة ف��ي الغوطة أفعا ًال تليق بحساس��ية‬ ‫المرحلة وبجس��امة المهم��ات الملقاة على‬ ‫عاتق��ه‪ ،‬وذلك كي ال يبقى تأسيس��ه مجرد‬ ‫حبر على ورق‪ ،‬وال تظل الشعارات والبيانات‬ ‫مجرد كالم ال يسمن وال يغني من جوع‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫(واعتصموا بحبل اهلل جميعا وال تفرقوا‬ ‫واذكروا نعمة اهلل عليكم إذ كنتم أعداء‬ ‫فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)‬ ‫نح��ن ق��وى وفعالي��ات الث��ورة ف��ي‬ ‫الغوط��ة الش��رقية وبحض��ور ممثلين عن‬ ‫اإلدارات والمجال��س المحلي��ة والمدني��ة‬ ‫ومجال��س الم��دن وكاف��ة ق��وى وفعاليات‬ ‫الثورة التي تعمل على ادارة شؤون المدن‬ ‫والقرى والبلدات المحررة‪.‬‬ ‫وبع��د أن عقدنا مؤتمرنا التأسيس��ي‬ ‫لقوى الثورة في الغوطة الش��رقية بتاريخ‬ ‫‪ ،2013 / 1 / 27‬نعل��ن ع��ن تش��كيل‬ ‫التجمع الوطني لقوى الث��ورة في الغوطة‬ ‫الش��رقية‪ .‬وبع��د تثبي��ت عضوي��ة الهيئة‬ ‫العامة التي تضم فعاليات قوى الثورة في‬ ‫مناطق الغوطة الشرقية‪ ،‬وانتخاب األمانة‬ ‫العام��ة المؤلفة من ‪ 45‬عض��واً‪ .‬والتي قد‬ ‫ش��كلت مكتبها التنفي��ذي المؤلف من ‪15‬‬ ‫عضو التالية أسمائهم‪:‬‬ ‫‪ - 1‬المنس��ق الع��ام‪ :‬المهن��دس ن��زار‬ ‫الصمادي‬ ‫‪ - 2‬النائب األول‪ :‬منذر عبد العال‬ ‫‪ - 3‬النائب الثاني‪ :‬محمود شاكر‬ ‫‪ - 4‬أمانة السر‪ :‬خالد العمر‬ ‫‪ - 5‬المكت��ب المال��ي‪ :‬المحاس��ب قانون��ي‬ ‫محمد فليطاني‬ ‫‪ - 6‬المكتب المالي‪ :‬المهندس احمد خليل‬ ‫‪ - 7‬المكتب المالي‪ :‬المهندس أدم كرنبة‬ ‫‪ - 8‬مدي��ر مكت��ب االرتب��اط العس��كري‪:‬‬ ‫المقدم أبو المعتصم‬ ‫‪ - 9‬عالقات عامة‪ :‬حسام نمور‬ ‫‪ - 10‬عضو‪ :‬نعمان الفوال‬ ‫‪ - 11‬عضو‪ :‬أحمد األحمد النووي‬ ‫‪ - 12‬عضو‪ :‬تميم الفاروق‬ ‫‪ - 13‬عضو‪ :‬عدنان عز الدين‬ ‫‪ - 14‬عضو‪:‬محمد أحمد قسومة‬ ‫ويعتب��ر هذا لتجمع الناطق الرس��مي‬ ‫باسم القوى الثورية المنطوية ضمنه في‬ ‫الغوطة الش��رقية وهو الهيئة السياس��ية‬ ‫واإلداري��ة ف��ي الغوط��ة الش��رقية‪ .‬وه��و‬ ‫تجمع مس��تقل ال ينتم��ي ألي حزب أو تيار‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫| م��ا هي طبيع��ة العالقة بين ه��ذا الكيان‬ ‫السياس��ي وكتائب الجيش الحر المنتشرة‬ ‫في مناطق الغوطة الشرقية؟‪.‬‬ ‫| | هن��اك عالق��ات جي��دة ألنه يوجد‬ ‫ممثلين للكتائب في هذا التجمع وفد حضر‬ ‫المؤتمر ممثلين عن المجالس العس��كرية‬ ‫الثورية في الغوطة الشرقية وفي دمشق‬ ‫وريفها‪.‬‬ ‫| يت��داول الكثير من الناش��طين فيديوهات‬ ‫في أكثر من منطقة‪ ،‬تعلن وبشكل صريح‬ ‫انحي��از بع��ض الكتائ��ب لمنط��ق الجهاد‬ ‫الدين��ي‪ ،‬وي��رون في الث��ورة بأنه��ا ثورة‬ ‫طائفة ضد طائفة أخرى‪ ،‬كيف ستتعاملون‬ ‫مع هذه القضية؟‪.‬‬ ‫| | نعمل على تعزيز الوحدة الوطنية‬ ‫بي��ن مكون��ات الش��عب الس��وري العرقية‬ ‫واإلثنية والطائفية والمذهبية وعدم حرف‬ ‫الثورة عن مس��ارها وأهدافه��ا وجر البالد‬ ‫إلى نزاع��ات محلية أو أهلية التي يس��عى‬ ‫النظام األسدي إليها بكل السبل‪.‬‬ ‫| كيف ترون تش��كيل جيش س��وريا‬ ‫في المستقبل؟‪.‬‬ ‫| | نعمل من خالل التنسيق ومكاتب‬ ‫االرتب��اط م��ع مختل��ف المجال��س وكتائب‬ ‫الجي��ش الح��ر للمس��اهمة ف��ي توحي��د‬ ‫التشكيالت العس��كرية هي أساس وطني‬ ‫مس��تقل عن السياسة وتجاوزاتها‪ ،‬مهمته‬ ‫حماية الوطن والدفاع عن حدوده‪.‬‬ ‫| سوريا للجميع‪ ،‬ولكل السوريين‪ ،‬كيف سيتم‬ ‫تجسيد هذا الشعار وترسيخه بشكل عملي‪،‬‬ ‫بعيداً عن ما يسمى بـ(طمأنة األقليات)؟‪.‬‬ ‫| | إنن��ا ن��رى ف��ي التن��وع اإلثن��ي‬ ‫والعرق��ي والطائف��ي عامل غن��ى وليس‬ ‫عامل انقس��ام وإننا كتجم��ع نقدم ميثاق‬ ‫شرف للعيش المش��ترك مع كافة مكونات‬ ‫الشعب السوري‪.‬‬ ‫| س��وريا وط��ن واح��د‪ ،‬يجم��ع كل مكونات‬ ‫الش��عب الس��وري العرقي��ة والمذهبي��ة‪،‬‬ ‫والكثي��ر م��ن الس��وريين بات��وا بهاجس‬ ‫التقس��يم‪ ،‬كي��ف س��تعملون عل��ى حماية‬ ‫وحدة سوريا أرضاً وشعباً؟‪.‬‬ ‫| | إنن��ا نعم��ل على تعزي��ز الوحدة‬ ‫الوطني��ة ونعم��ل على حماية االس��تقالل‬ ‫الوطني ووحدة البالد أرضاً وش��عباً وسوف‬ ‫نقف بوجه كل مح��اوالت ودعوات التجزئة‬ ‫والتقسيم‪.‬‬

‫البيان اخلتامي للم�ؤمتر الت�أ�سي�سي‬

‫سياسي‪ ،‬ووفق المبادئ التالية‪:‬‬ ‫أو ًال‪ :‬نحن جزء من ثورة الحق والحرية‬ ‫والكرامة‪ ،‬ونعتقد من خالل التجارب ونحن‬ ‫عل��ى أبواب االنتص��ار أن خطوتنا ال يمكن‬ ‫له��ا أن تثم��ر إال من خالل وحدة التنس��يق‬ ‫عل��ى مس��توى القط��ر م��ن اجل إس��قاط‬ ‫العصابة األس��دية‪ ،‬ولهذا نحن نمد األيادي‬ ‫لفعالي��ات وممثل��ي الث��ورة ف��ي كل أنحاء‬ ‫البالد عامة وفي الريف الدمش��قي خاصةً‬ ‫من اجل تشكيل تجمع وطني لقوى الثورة‬ ‫الس��ورية موح��د يدي��ر الص��راع وش��ئون‬ ‫الث��ورة ويصون مبادئ الث��ورة على امتداد‬ ‫األرض السورية كافة‪.‬‬ ‫ثاني��ًا‪ :‬نعلن االلتزام بأه��داف ثورتنا‬ ‫وبالعم��ل مع اآلخرين من أبناء ش��عبنا من‬ ‫أج��ل إقامة النظ��ام التعددي الح��ر البديل‬ ‫لنظام التسلط واالس��تبداد ودولة العدالة‬ ‫والمس��اوة والقان��ون والمؤسس��ات والتي‬ ‫تعتبر اإلسالم الحامل األساسي لحضارتها‬ ‫وتاريخه��ا وه��و مص��در مب��ادئ عمله��ا‬ ‫والقائم على عدم التميي��ز بين مواطنيها‬ ‫على أساس العرق أو الدين أو المذهب‪.‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬العمل على حش��د كل الطاقات‬ ‫المدني��ة والعس��كرية والسياس��ية ل��دى‬ ‫الش��عب الثائر من اج��ل إنجاز هدف الثورة‬ ‫في إس��قاط العصابة األسدية بكل رموزه‬ ‫ومرتكزات��ه‪ ،‬وتقديم م��ن تلوثت أياديهم‬ ‫بالدماء والمال الحرام لقضاء نزيه عادل‪.‬‬ ‫رابع��ًا‪ :‬العم��ل من خ�لال التنس��يق‬ ‫ومكات��ب االرتب��اط م��ع مختل��ف مجالس‬ ‫وكتائب الجيش الس��وري الحر للمساهمة‬ ‫في بن��اء وتوحيد التش��كيالت العس��كرية‬ ‫على أس��اس وطن��ي حديث مس��تقل عن‬ ‫السياس��ية وتجاذباته��ا‪ .‬مهمت��ه حماي��ة‬ ‫الوطن والدفاع عن حدود‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬العمل السياسي واالجتماعي‬ ‫ال��دؤوب من أج��ل تعزيز الوح��دة الوطنية‬ ‫بين كل مكونات الش��عب السوري العرقية‬ ‫واإلثني��ة والطائفي��ة والمذهبي��ة وع��دم‬ ‫الس��ماح بأي��ة محاول��ة لحرف الث��ورة عن‬ ‫مس��ارها وأهدافها وجر البالد إلى نزاعات‬ ‫محلية أو أهلية تس��عى العصابة األسدية‬ ‫إليها بكل السبل‪.‬‬ ‫سادسُا‪ :‬العمل على حماية االستقالل‬ ‫الوطن��ي ووح��دة الب�لاد أرض��ا وش��عبًا‬ ‫والوق��وف بوج��ه كل مح��اوالت ودع��وات‬ ‫التجزئة والتقسيم‪.‬‬

‫س��ابعًا‪ :‬نرحب بأي تح��رك دولي من‬ ‫أجل وق��ف القت��ل والدمار ال��ذي يتعرض‬ ‫له ش��عبنا يضمن تحقيق مب��ادئ وأهداف‬ ‫الث��ورة التي ذكرن��اه في متن ه��ذا البيان‬ ‫ونرحب بأي مس��اعدات للش��عب الس��وري‬ ‫المنك��وب الغي��ر المش��روطة سياس��يا أو‬ ‫اقتصاديا‪،‬‬ ‫ثامن��اً‪ :‬نؤكد للعالم أجم��ع أن أي حل‬ ‫سياس��ي ال يمكن له أن يم��ر وأن يكتب له‬ ‫النجاح إال عبر تأييد الداخل له ونؤكد على‬ ‫ان الحل السياس��ي يكون مبني��ًا أوال على‬ ‫تنحي المجرم بش��ار األس��د عن الس��لطة‬ ‫ونقل السلطة للثوار وتس��ليم المجرمين‬ ‫م��ن رم��وز العصاب��ة األس��دية لمحاك��م‬ ‫وطني��ة نزيهة فالش��عب قالها س��ابقا " ال‬ ‫حوار مع القتلة والمجرمين "‬ ‫تاسعاً‪ :‬نؤكد على أن هذا التجمع يرى‬ ‫أن التنوع اإلثني والعرقي والطائفي عامل‬ ‫غن��ى وليس عامل انقس��ام ويقدم ميثاق‬ ‫شرف للعيش المش��ترك مع كافة مكونات‬ ‫الشعب السوري‪.‬‬ ‫كانت الغوطة الشامية وال زالت قلعة‬ ‫من ق�لاع الوطن الكب��رى ومنبعا للوطنية‬ ‫والشهامة والبطوالت واالعتدال والتسامح‬ ‫فبزنود ش��بابها ونس��ائها إل��ى جانب اخوة‬ ‫لهم في سوريا أنجزوا االستقالل األول‪.‬‬ ‫اليوم يسعى ثوار الغوطة وأبنائها مع‬ ‫أخوة لهم على امتداد البالد لدحر االحتالل‬ ‫أألسدي وانجاز االستقالل السوري الثاني‪.‬‬ ‫الرحمة والمغفرة لش��هدائنا والحرية‬ ‫ألسرانا والشفاء لجرحانا‪.‬‬ ‫ريف دمشق ‪ -‬الغوطة الشرقية ‪-‬‬ ‫الواقع في ‪ 15‬ربيع األول ‪ 1434‬الموافق‬ ‫لـ ‪ 27‬كانون األول ‪2013‬‬

‫‪17‬‬


‫ازدراء الأنوثة‪ ..‬املر�أة ك�إحدى �أدوات التوح�ش وتفتيت املجتمع‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫ا�ستنها�ض دور املحر�ضة واملقاتلة والقاتلة‬ ‫آكاسيا العاصي‬

‫م��ع أن انخ��راط الم��رأة الس��ورية ف��ي العم��ل‬ ‫المسلح ليس جديدا‪ ،‬إال أن ما بثته قنوات النظام من‬ ‫تقارير مصورة عن تش��كيل كتيبة عسكرية نسائية‬ ‫أطل��ق عليها "لبؤات الدفاع الوطني" أثارت الكثير من‬ ‫ردود الفعل التي إن كش��فت عن شيء‪ ،‬فهي تكشف‬ ‫عن نظرة دونية للمرأة‪ ،‬م��ازال مجتمعنا يحتفظ بها‬ ‫ويعب��ر عنها بين فت��رة وأخرى‪ .‬فالهج��وم الذي طال‬ ‫نس��اء مليش��يات النظام‪ ،‬ركز عل��ى تعهيرهن ونزع‬ ‫الصف��ات األخالقية عنهن‪ ،‬مع أن إع�لان النظام عن‬ ‫تش��كيل كتيبة نسائية س��بقته عدة مقدمات أهمها‬ ‫ظهور فيديوهات عن تشكيل كتائب نسائية التحقت‬ ‫بالجي��ش الحر‪ ،‬في حم��ص ودير ال��زور وآخرها في‬ ‫النب��ك‪ ،‬باإلضافة إلى مقابالت مع ام��رأة قناصة في‬ ‫حل��ب تقاتل إلى جانب زوجها‪ ،‬وس��يدة أخرى في دير‬ ‫الزور‪ ،‬قالت إنها تتنكر بزي رجال وتقاتل في صفوف‬ ‫الجيش الحر‪ .‬تلك الفيديوهات‪ ،‬تجاهلها الناش��طون‬ ‫المعارضون او قاربها بعضهم بمديح حذر‪ ،‬او بتخوف‬ ‫من أن يش��كل ذلك ذريع��ة للنظام لتش��ديد الخناق‬ ‫عل��ى المرأة‪ .‬وكان الفتا صم��ت المؤيدين تقريبا عن‬ ‫انخراط المرأة في العمل المس��لح إلى جانب الجيش‬ ‫الحر‪ ،‬ليأتي الرد الحقا في حملة إعالمية عن تشكيل‬ ‫(لب��ؤات الدف��اع الوطن��ي) بالتزامن م��ع اإلعالن عن‬ ‫تش��كيل (جيش الدفاع الوطني) وال��ذي يعني تجنيد‬ ‫المدنيين لمساندة جيش النظام في حربه الضروس‬ ‫من اجل البقاء‪ .‬معنى آخر مؤسس��ة التشبيح‪ ،‬واكبه‬ ‫بث فيديوهات تظهر نس��اء مس��لحات عل��ى الحواجز‬ ‫في احد أحياء حمص‪.‬‬ ‫حيال تلك المعطيات‪ ،‬فإن المعارض الذي صمت‬ ‫عن تس��لح المرأة والتحاقها بالجيش الحر‪ ،‬ال يحق له‬ ‫تعهير المرأة (الش��بيحة) إذا تسلحت للدفاع عن بقاء‬ ‫النظ��ام‪ .‬فكما يحق للمرأة (الح��رة) الدفاع عن الثورة‬ ‫يح��ق للمرأة (الش��بيحة) الدف��اع عن النظ��ام‪ ،‬ولكل‬ ‫منهم��ا قناعت��ه الخاصة‪ .‬لكن هنا تجدر اإلش��ارة إلى‬ ‫الفارق بين التحاق النساء بشكل فردي أو مجموعات‬ ‫صغيرة غير منظمة بالعمل المس��لح‪ ،‬وبين مأسسته‬ ‫كتشكيالت مقاتلة‪ .‬إذ ال يمكن المقارنة بين رد فعل‬ ‫على العنف‪ ،‬ال يش��كل ظاهرة‪ ،‬وبين إنشاء تنظيمات‬ ‫من ش��أنها تش��ويه العالقات في البني��ة االجتماعية‪.‬‬ ‫ومع هذا فإن انتقاد تسلح المرأة ال تكون عبر الطعن‬ ‫بش��رفها واتهامها بالعه��ر‪ ،‬وازدراء أنوثتها‪ .‬بل النقد‬ ‫هنا ينصب بش��كل أساسي على العنف الهمجي الذي‬ ‫اس��تخدمه النظام‪ ،‬فدفع نساء الثورة المدنيات لحمل‬ ‫الس�لاح‪ ،‬وأيضا انته��اك النظام للم��رأة (األم ـ األخت‬ ‫ـ الزوج��ة ـ الحبيب��ة) وزجه��ا في أتون ح��رب "أهلية"‬ ‫يس��عى إليها بكل جهده ويريدها أن تكون متوحشة‬ ‫إلى ابعد حد‪.‬‬ ‫ف��إذا كان النظ��ام يريد م��ن ذلك بعث رس��ائل‬ ‫مفادها "ان النساء قبل الرجال سيدافعون عن بقاءه‬ ‫" بحسب ما ذكرته صفحات المؤيدين‪ ،‬فهو من جانب‬ ‫آخر‪ ،‬وجه ضربة قاس��ية للمرأة الس��ورية المناضلة‪،‬‬ ‫ولتاريخه��ا العريق في العمل الوطن��ي والمجتمعي‪،‬‬ ‫إذ جعله��ا إح��دى أدوات التوحش ف��ي صراعه العنيف‬ ‫إلخماد الثورة‪.‬‬ ‫ومع أن المرأة السورية سبق وشاركت في العمل‬ ‫المس��لح ضد إس��رائيل س��واء في صفوف المقاومة‬ ‫الوطني��ة العربي��ة‪ ،‬أو م��ن خالل األحزاب السياس��ية‬ ‫الس��ورية والعربي��ة‪ ،‬وتواجده��ا أيض��اً ف��ي صفوف‬ ‫الش��رطة والجيش النظام��ي‪ .‬يمكن الق��ول إنه دور‬ ‫مشرّف بوصفه انخراطًا في حماية الوطن والمجتمع‪،‬‬ ‫لكن انخراطها اليوم‪ ،‬وكما ظهرت في صور التقارير‬ ‫اإلعالمية التي بثه��ا النظام يبدو مختلفا وخطيرا‪ ،‬إذ‬ ‫يأتي في سياق تجييش المجتمع وتقليب بعضه على‬ ‫بعض‪ ،‬وتفتيت الوطن والمجتمع‪ .‬ففي ظل المآس��ي‬

‫التي يعيشها الس��وريون عموما بشقيهما المعارض‬ ‫والمؤي��د‪ ،‬ووج��ود آالف األمه��ات الثكال��ى واألرامل‪،‬‬ ‫والمحزوني��ن‪ ،‬م��ن الطبيع��ي أن تجي��ش النف��وس‬ ‫ال س��يما نف��وس الرجال وتن��زع للثأر‪ ،‬كم��ا تقتضي‬ ‫الطبيع��ة أن يك��ون للم��رأة دورا في الحن��و والعطف‬ ‫وتهدئ��ة النف��وس‪ ،‬ال أن تخالف طبيعته��ا وتتخذ دور‬ ‫المحرض بكل ما في أنوثتها من سطوة على الرجل‪،‬‬ ‫مع ض��رورة التذكي��ر بان ه��ذا الدور الس��لبي لعبته‬ ‫المرأة عب��ر التاريخ‪ ،‬في حاالت كان��ت عالمات فارقة‬ ‫ف��ي القدرة على التحري��ض وإذكاء الفتن‪ ،‬لمهاراتها‬ ‫العاطفية وقدراتها الفائقة في تأجيج المشاعر‪.‬‬ ‫ما نراه اليوم‪ ،‬بل منذ نحو عامين‪ ،‬في ممارسات‬ ‫النظام هو استنهاض الدور السلبي للمرأة المحرضة‪،‬‬ ‫بل للمرأة المقاتلة القاتل��ة المجرمة‪ ،‬بكل ما تحمله‬ ‫الكلم��ة م��ن معان��ي تحقي��ر األنوث��ة والرجولة‪ ،‬بل‬ ‫واإلنس��انية‪ ،‬فعندما تقول المرأة أنها حملت الس�لاح‬ ‫لعدم وجود رجال‪ ،‬هي ال تحتقر الرجل المتخاذل عن‬ ‫حمل السالح‪ ،‬بل اعتراف بدونيتها‪ .‬وفي هذا تخريب‬ ‫للصورة المشرفة للمرأة السورية الحرة والتي ظهرت‬ ‫بكامل أنوثتها وإنس��انيتها خالل الث��ورة في الميدان‬ ‫كمناضل��ة سياس��ية وكناش��طة في الح��راك الثوري‬ ‫السلمي‪ ،‬وكمسعفة ومغيثة وإعالمية ميدانية‪ ..‬الخ‪.‬‬ ‫وال يمك��ن تجاهل أن المرأة في درعا وريف دمش��ق‬ ‫ودمش��ق وحمص وحلب ودير الزور والسويداء‪ ..‬الخ‪،‬‬ ‫حافظت على الطابع المدني واإلنساني للثورة ونادراً‬ ‫ما ظهرت في اإلع�لام الثوري كمحرضة على القتل‪.‬‬ ‫وغالية النماذج الت��ي قدمها اإلعالم الميداني الثوري‬ ‫كانت األم الثكلى الصابرة الفخورة بش��هادة أبنائها‪،‬‬ ‫والتي تشكو الظالم هلل‪ ،‬في حين كانت خالل سنتين‬ ‫كانت وس��ائل اإلعالم الرس��مي والصفحات المؤيدة‬ ‫للنظ��ام تقدم نموذج الم��رأة المحرض��ة على القتل‬ ‫واالنتقام األعمى‪ ،‬وفي أول مس��يرات ش��عبية رعاها‬ ‫النظام خرجت س��يدات المجتمع م��ن محدثات النعمة‬ ‫يناش��دن الجيش الس��وري بـ"الضرب بيد من حديد"‬ ‫وسحق (الفوار) بالبصطار!! وتطورت تلك المناشدات‬ ‫من الطلب إلى صيغة األمر ومؤخرا إلى تشجيع حمل‬ ‫الس�لاح والمش��اركة في القتال والقتل‪ .‬كما يالحظ‬ ‫أن اغل��ب الدع��وات الموجه��ة للنظام ف��ي الصفحات‬ ‫المؤي��دة لتنفي��ذ إعدامات ميداني��ة وتعذيب وخوزقة‬ ‫المعارضين تأتي من النس��اء‪ .‬وال ننس��ى أن أول من‬

‫دعا إلى "قتل المعارضين أينما ثقفتموهم" منذ نحو‬ ‫عام ونصف كانت سيدة صاحبة مطعم‪ ،‬تحولت الحقا‬ ‫إل��ى زعيم حزب سياس��ي "معارض" محس��وب على‬ ‫النظ��ام!! ومؤخرا أتحفتنا أس��تاذة جامعية بمناش��دة‬ ‫للرئي��س بتذلل وتوس��ل أن يضرب بيد م��ن حديد!!‬ ‫فكتبت على صفحتها‪" :‬س��يدي أنا خادمتك‪ ..‬أتوس��ل‬ ‫إليك باس��مي وباسم ‪ 23‬مليون سوري أن تذهب إلى‬ ‫غرفتك وترتدي البدلة العس��كرية‪ ..‬أنا وكل محبيك‬ ‫مس��تعدون لتقبي��ل حذائك العس��كري ووضعه على‬ ‫رؤوسنا‪ ..‬نتوس��ل إليك بحق طولك وشبابك وعيناك‬ ‫الزرقاوتين التي يخش��اهما الجميع أن تجعل جيشك‬ ‫المغوار منتشرا في شوارع سوريا‪ ..‬ارحمنا يا سيدنا‪..‬‬ ‫نرك��ع عند أصابع قدميك متوس��لين طالبين منك أن‬ ‫تضرب بيد من حديد‪ ..‬أخرج أينما كنت سواء بسفينة‬ ‫كما يقولون آو بس��قيفة كما يدع��ون آو من قصرك‬ ‫الشامخ كما عهدناك‪ ..‬هيا اخرج ليخافون ويهربون‪..‬‬ ‫تعبنا يا س��يادة الرئيس‪ ..‬فأن��ا ال أنام الليل من كثرة‬ ‫الكوابيس‪ ..‬أرجوك أرجوك أرجوك"‬ ‫لك��ن اللوات��ي يحمل��ن الس�لاح اآلن ف��ي كتيبة‬ ‫اللبؤات لس��ن م��ن محدث��ات النعمة وال من أس��اتذة‬ ‫الجامع��ات المس��تفيدات م��ن عط��اءات النظ��ام‪ ،‬بل‬ ‫ه��ن وبحس��ب الصور الت��ي بثته��ا األجه��زة األمنية‬ ‫من العام�لات الفقيرات‪ ،‬الوافدات م��ن القرى النائية‬ ‫المهمشة‪ ،‬ويسكن في العشوائيات المحيطة بالمدن‪،‬‬ ‫من اللواتي نجح النظام بتخويفهن من حكم إسالمي‬ ‫مزعوم س��يقضي عليهن في حال س��قوطه‪ ..‬النساء‬ ‫اللوات��ي ظهرن يتدربن على حمل الس�لاح كن على‬ ‫مدى أربعين عاما أدوات النظام للتغلغل في مفاصل‬ ‫المجتم��ع ومؤسس��اته عب��ر وظائف ومه��ن صغيرة‪،‬‬ ‫واآلن ال يتوان��ى ع��ن اس��تخدامهن ف��ي تدمي��ر هذا‬ ‫المجتمع‪ ،‬مس��تغال فقرهن وذعره��ن وحزنهن على‬ ‫فق��د أوالدهن وأخوتهن وآبائهن من المنخرطين في‬ ‫الجيش وقوات األمن والشبيحة‪.‬‬ ‫لقد نجح النظام نجاح��ا منقطع النظير بتحويل‬ ‫فقراء مواليه من الرجال والنساء إلى وحوش يحركها‬ ‫الذعر والحق��د‪ ،‬في أتون صراع من اج��ل بقاء نظام‬ ‫فاقد للش��رعية‪ .‬وهو ال ي��أكل هؤالء الفق��راء بقدر‬ ‫م��ا يخلف ندوب��ا في المجتمع الس��وري عل��ى المدى‬ ‫الطويل‪ ،‬احدها تشويه دور المرأة السورية التاريخي‬ ‫في مسيرة النضال الوطني‪.‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫عـــن الرجـــال‬ ‫سمر يزبك‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الجميلون‪.‬‬ ‫الرجال‪.‬‬ ‫النائمون على ضفة النهر‪ ،‬الذين ولدوا من بطون أمهات تش��به بطون أمهات‬ ‫القتلة‪.‬‬ ‫القتلة الذين حملوا الجميلين المائة واألربعة عشر‪ ،‬وألقوا بهم في مجرى نهر‬ ‫ضحل‪ .‬هل خرجوا من بطون األمهات؟ تسأل النساء بقلق‪ ،‬عرافة النهر المستقرة‬ ‫في القاع‪.‬‬ ‫التاركون وجوههم للس��ماء‪ ،‬وأصابعهم للطين‪ .‬الذين تيمموا بالوحل‪ ،‬وغفوا‬ ‫في األبدية‪.‬‬ ‫الجميلون‪ .‬الس��ابحون في رس��وم مالح��م عتيقة عن زمن البطول��ة الغادرة‪.‬‬ ‫المقضومة قلوبهم‪.‬‬ ‫الع��راة‪ ،‬الذي��ن ل��م تتغضن أجس��ادهم بع��د‪ ،‬أصاب��ع أقدامهم المتفس��خة‪،‬‬ ‫الموحلة‪ ،‬ما زلت تحتفظ بنسغ الشباب‪ .‬لكن أيديهم المقيدة وراء ظهورهم‪ ،‬كانت‬ ‫قد أخطأت موضع اللم��س‪ .‬أصابع الرجال للعمل‪ ،‬وااللتفاف على الخصر‪ .‬األصابع‪،‬‬ ‫كيف تتشابك في العتمة مع الوحل والدم؟‬ ‫ه��ذا ما قالت��ه العرافة لنس��اء حلب‪ :‬ال تقترب��ن من عالم الظلمات الس��فلي‪،‬‬ ‫األدراج موحلة‪ ،‬والطريق نهر جاف ذو رائحة عطنة‪ .‬أشِحنَ النظر بعيداً عن الدرج‪،‬‬ ‫حتى ال يتحول الرجال إلى حجر‪.‬‬ ‫وح��ده الح��ب كفيل بعودة العش��اق من أوحاله��م‪ .‬هيا انبطح��ن واغرقن في‬ ‫األعماق‪.‬‬ ‫انظ��رن هنا‪ .‬قالت العرافة لألجس��اد الملق��اة على الحافة الق��ذرة‪ .‬إن الرجال‬ ‫كانوا رجا ًال‪ ،‬ثم صاروا صوراً وحس��رات تخرج على ش��كل قذى أحمر‪ ،‬ثم أضافت‪:‬‬ ‫إن وحوشًا س��كنت بيننا‪ ،‬وغزت شوارعنا‪ ،‬ولوثت دمنا‪ .‬وحوش ربطت أكفّ الرجال‬ ‫الصلب��ة‪ ،‬اقتادته��م من عتمة الزنازين‪ ،‬ومش��ت به��م أرتا ًال تحت الظالم‪ .‬مش��وا‬

‫به��دوء‪ ،‬مكبلي األي��دي‪ ،‬ونزلوا من ش��احنات مغب��رة‪ ،‬ثم اصطفوا أم��ام الواجهة‬ ‫المقابلة للنهر‪ .‬وربما يا سيداتي ـ تتابع العرافة ـ لم يحدث هذا‪ ،‬ربما تكوموا فوق‬ ‫بعضه��م البعض‪ ،‬كأكياس بالية‪ ،‬وقُتلوا في زنازينه��م‪ ،‬قبل أن يُرموا في النهر‪.‬‬ ‫ربما لم يشموا رائحته العطنة! لكنّ أن تتخيلن الفرق‪ ،‬قبل أن تخترق الرصاصات‬ ‫رؤوس��هم وأفخاذهم وتغتال رجولتهم‪ .‬ثم إن هذه النقاط المنتشرة على جثثهم‪،‬‬ ‫ليس��ت ب��ذاراً للزرع‪ ،‬وال بيوض��اً للنطاف‪ ،‬بل مجرد ثقوب تدخ��ل الجلد وتخرج من‬ ‫القلب‪ ،‬ثم تسترخي مع صمت النهر الموحل‪.‬‬ ‫الجميلون‪ :‬مائة جميل وجميل‪ ،‬لن يصغوا الليلة! س��يرتاحون من عناء السمع‪،‬‬ ‫مسحوا الوحل عن وجناتهم‪ ،‬وقرروا تحميص أجسادهم وتلويحها بشمس بخيلة‪.‬‬ ‫س��وف ينزلقون للعب بالماء‪ ،‬بعد أن تندلق محيطات العالم في أوردتهم‪ ،‬وس��يجر‬ ‫النهر الصغير أوحال المدينة‪ ،‬وس��يلعبون فيه‪ ،‬بعد تنظيفه‪ ،‬ثم يتناثرون في مياه‬ ‫التكون األولى‪ ،‬مثل وحيدات الخاليا! الرجال ليسوا بحاجة لكنّ بعد اآلن‪.‬‬ ‫انتظرن يا صبايا‪.‬‬ ‫الجس��د يعود إلى تشكله األول‪ ،‬من الصلصال وإليه‪ .‬وعلى ضفة النهر يصير‬ ‫الجسد خبزاً‪.‬‬ ‫ال عدالة على هذه األرض‪ .‬السعي نحوها جزء منها‪.‬‬ ‫ليس صحيحًا أن القاتل ينجو بفعلته‪ .‬العين بالعين‪ ،‬والسن بالسن‪.‬‬ ‫تتابع العرافة‪:‬‬ ‫هكذا قالت الحجارة يومًا‪ ،‬ألمّ الطين‪ ،‬بعد أن ابتلعتها حارات الذكورة‪.‬‬ ‫وهك��ذا رددت من بعدها عاش��قة لمح��ت خصر حبيها بين أوح��ال النهر‪ ،‬ولم‬ ‫تتعرف على أصابعه‪،‬‬ ‫قب��ل أن تغل��ق نافذة الخبر‪ :‬مجزرة في حي بس��تان القص��ر‪ 114 .‬جثة ملقاة‬ ‫في نهر قويق‪..‬‬ ‫ثم تذهب‪ ،‬تحت ضوء الشموع إلعداد خبز‪ ،‬لمعتقلين جدد‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫عمل للفنان‪ :‬عدنان راوي‬

‫‪19‬‬


‫�شــــموع دم�شــــق‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كما ينتهي ٌّ‬ ‫كبير بدمعهْ‬ ‫كل ٍ‬ ‫حب ٍ‬ ‫تنتهي‪..‬‬ ‫تنتهي كل شمعهْ‬ ‫ولكنني في دمشقَ‬ ‫أكتبُ شعراً وحب ًا وحرباً‬ ‫على ضوء شمعهْ‬ ‫وأعرفُ‪..‬‬ ‫الحروب تموتُ بسرعهْ‬ ‫شموع‬ ‫بعض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لكنني في دمشقَ‬ ‫الدموع‬ ‫وشمعُ دمشقَ عزيزُ‬ ‫ِ‬ ‫وكل الشموع التي في دمشقَ تحبُّ‬ ‫وتعرفُ كيفَ تحبُّ‬ ‫وكيفَ تعيشُ‬ ‫تقاتل نار الغُزاةِ وتسهرْ‬ ‫وكيفَ تضي ُء لحبري طريق ًا على صدر دفترْ‬ ‫وكيفَ تقاومُ زحفَ الحرائقِ فيها ألكتُب أكثرْ‬ ‫ولكنني في دمشقَ‬ ‫وأعرفُ أني بدونِ سالحٍ‬ ‫سوى قلم يا دمشقُ‬ ‫إذا نسي الحبر فيه فلسطينَ‪ ،‬نادي دمشقْ‪.‬‬ ‫نعم يا دمشقُ‬ ‫أراكِ مسافر ًة في دمائي‬ ‫حب‪ ..‬بمليون شعلهْ‬ ‫بمليون ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫رجال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫طفل وأجمل طفلهْ‬ ‫نسا ٌء‪ ..‬وأجمل‬ ‫ٍ‬ ‫يغسلون دمائي‬ ‫جميعهُم‬ ‫َ‬ ‫المذلة‬ ‫أتعَبَتْهُ‬ ‫الذي‬ ‫العربي‬ ‫أنا‬ ‫ْ‬ ‫يغسلون دمائي‬ ‫جميعهُم‬ ‫َ‬ ‫بأجمل ضو ٍء‬ ‫حب‬ ‫وأبسَطِ ٍ‬ ‫قلب‬ ‫وأطهر ٍ‬ ‫فماذا أقول لهم يا دمشق بهذي القصائد ْ؟‬ ‫دمائي سيول من الحبِّ‬ ‫كيف أوزعُ حبي‬ ‫سوى في الجرائدْ؟‬ ‫وداعاً دمشقُ‬ ‫شموعُكِ رَغمَ الحرائقِ‬ ‫بل في الحرائق‪ ،‬أصبحنَ أكثرْ‬ ‫وأصبحن أروعَ ضوءاً‬ ‫وأكثرَ صبراً‬ ‫والحرب‬ ‫والشعر‬ ‫على الحب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أصبحنَ اكبرْ‬ ‫نعم يا دمشقُ‬ ‫سيزدادُ فيك ضياء جميع الشموع الكبيرهْ‬ ‫وتكبُرُ كل الشموعِ الصغيرهْ‬ ‫وكل شموعكِ أكبرُ منّي‪..‬‬ ‫كان حبكِ أكبرْ‪.‬‬ ‫ولكنَ حبي كبير‪ ،‬وإن َ‬ ‫ترى كيفَ أيامَ حر ِبك‪ ..‬أيام حبكِ‬ ‫حتى الحجارة ا ّلفنَ شعراً وحباً‬ ‫يقرأن كتباً‬ ‫وأصبحنَ‬ ‫َ‬ ‫وحتى المرار ُة صارت كقطعةِ َّ‬ ‫سكر‪.‬‬

‫نعم يا دمشق‬ ‫تجعل حتى المرارةِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫سكرْ‪.‬‬ ‫شموعكِ‬ ‫وداعاً دمشقُ‬ ‫أحبكِ أم ًا‬ ‫أحبكِ أخت ًا‬ ‫أحبكِ طفال‪ ،‬أحبكِ طفلهْ‬ ‫أحبك شعراً يذيبُ جميعَ الشفاه ليطبَعَ ُقب َله‬ ‫ويصهر كل اللغاتِ‬ ‫ليكتُبَ في وصف حبك جملهْ‬ ‫نعم يا دمشقُ‬ ‫أحبكِ يا أجمل الحبِّ لكنْ‬ ‫أنا فيكِ صرتُ أعيشُ بسرعهْ‬ ‫وبعض الشموعِ تموتُ من الحبِّ‬ ‫تبقي من الحبِّ دمعهْ‬ ‫الشموع تسافرُ‬ ‫وبعض‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫لكن تظل دمشقُ‬ ‫شموع دمشقَ‬ ‫وتكبُرُ كل‬ ‫ِ‬ ‫وداع ًا‬ ‫وداعاً دمشقُ‬ ‫إلهيَ‬ ‫كيفَ خلقتَ جمال دمشقَ‬ ‫نضال دمشقَ ‪ -‬وحب دمشقْ‬ ‫عمل للفنان منير الشعراني‬

‫‪20‬‬

‫راشد حسين‬ ‫شاعر فلسطيني استشهد في ‪1977 / 2 / 2‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ممـانعٌ ومقــاوم‬ ‫لصراخ نسائنا وأطفالنا سامع‬ ‫ِ‬ ‫هو ذاكَ الذي بأرواحنا يقاسم‬ ‫تعدد ُ‬ ‫القتل لديه والجرائم‬ ‫ليس ٌ‬ ‫قاتل فحسب‪ ..‬بل إنه في المجاز ِر مساهم‬ ‫يجلسُ على طاولةٍ مستديرة وبأرضنا يساوم‬ ‫يقطعُ ويدمرُ و يناثر األشالء‬ ‫هل هو الجزار؟؟‬ ‫ُ‬ ‫أم يحسبُ أنه يقاتل التتار‬ ‫ُ‬ ‫ويخطط في أي بقعةٍ سيكون الدمار‬ ‫يدرسُ إحداثيات الصواريخ‬ ‫ُ‬ ‫الطفل كضربة المسمار‬ ‫رأس‬ ‫هل‬ ‫ستسقط على ِ‬ ‫ِ‬ ‫أم أنها فقط ستودي باألرض لالنهيار‬ ‫هل سيموت بها األطفال أم الكبار‬ ‫أيستطيع بها قطفَ الثمار‬ ‫ويغلق أفواه الحريةِ إلى الال استمرار‬ ‫وماذا هو فاعل؟؟‬ ‫وماذا نحن سنقول كمشاعل؟؟‬ ‫عذراً منك يا سورية‬ ‫فهو ليس إال ٌ‬ ‫قاتل بوحشية‬ ‫عذراً منك يا سورية‬ ‫فهو ابن بلدٍ يدمرُ ويكسرُ بغير إنسانية‬ ‫عذراً منك‬ ‫فنحنُ اليوم كتب على جباهنا ان نموت بهمجية‬ ‫لماذا نحن‪..‬؟؟‬ ‫صرخ الطفل‪ ،‬ضاع الطفل‪ ،‬وبدأت القضية‬ ‫باألمس كان يمسك ألوانه الزهرية‬

‫ويرسمُ على لوحته الصغيرة إشكا ًال سحرية‬ ‫باألمس كان يلعبُ في حديقة األزبكية‬ ‫بالشوراع الدمشيقة‬ ‫ويغني‬ ‫ِ‬ ‫باألمس كان مع يصلي بجوامع اإلسالم والمسيحية‬ ‫يرقص فرحاً بين األزقة‬ ‫باألمس كان طف ًال وكان هدية‬ ‫كان يمسك ألعابه ويرميها بالسماء ثم يلتقطها بحنية‬ ‫واليوم‬ ‫أصبح ضحية‬ ‫شعب طالب بالحرية‬ ‫ابن‬ ‫وذنبه إنه‬ ‫ٍ‬ ‫أما أمه الصبية‬ ‫تصرخ داخل الدار سلمية‪ ..‬سلمية‪ ..‬قتل بالسلمية‬ ‫قتلوه‪ ..‬ابني الصغير و اتهم بالسلفية‬ ‫سرقوا مني األرض ولكن تركوا الهوية‬ ‫أين انتم يا أهل الحمية؟؟‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ويقول فينا طائفية‬ ‫ويقتل ويدمرُ ويذبحُ‬ ‫يتهمُ‬ ‫أين زوجي الذي اتُهم باإلرهابية‬ ‫أهازيج حورية‬ ‫تصرخ بروحها القوية‬ ‫أين وأين وأين‪.‬؟؟‬ ‫أين أنت أيها الطاغية‬ ‫أتحسب أنك تقتل فينا الحبَ والشعرَ والقافية‬ ‫أتحسب أننا سنقعُ في الهاوية‬ ‫ال تحلم أيها المقاوم‬ ‫فكلنا أبناء الوطن سواسية‪ ..‬نموت ألجل كرامتنا‪..‬‬ ‫والنفس ال ترضى المذلة أو الرجعية‬

‫هالة النجاري‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫ممـــانع ومقــــاوم‬ ‫ٌ‬

‫‪21‬‬


‫ال�شيخ‪ ..‬وال�شعب‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪22‬‬

‫منير الريس‬ ‫من من��ا ال يحلم بي��وم نعود فيها‬ ‫ٍ‬ ‫إلى شوارعنا وأحيائنا لنعيش فيها كما‬ ‫اعتدنا‪ ..‬وأكثر؟‬ ‫من من��ا ال يرغ��ب بالوص��ول إلى‬ ‫مخرج صريح للنفق العميق الذي دخلنا‬ ‫ٍ‬ ‫فيه‪ ..‬وأكثر؟‬ ‫م��ن م��ن الجماهي��ر العريض��ة‬ ‫س��عيدة بالح��ال ال��ذي وصلن��ا إليه وال‬ ‫تنتظر ح ً‬ ‫ال‪ ..‬وأكثر؟‬ ‫وهل هناك من لديه ش��بيه نهايةٍ‬ ‫لهذه األزمة‪ ،‬دون تقديم أقل التنازالت‪،‬‬ ‫أو أكثر؟‬ ‫ً‬ ‫حقيق��ة نج��د التصري��ح األخي��ر‬ ‫للش��يخ معاذ الخطيب‪ ،‬رئيس االئتالف‬ ‫الوطن��ي الس��وري المع��ارض‪ ،‬غريب��ًا‬ ‫بع��ض الش��يء عم��ا اعتدن��اه ف��ي‬ ‫تصريح��ات وكلمات أقط��اب المعارضة‬ ‫الخارجي��ة منه��ا والداخلي��ة عب��ر أم��د‬ ‫الثورة السورية المجيدة‪.‬‬ ‫ليس��ت الغراب��ة اس��تنكاراً أو‬ ‫اس��تهجانًا لهذا التصري��ح‪ ،‬بل نجد عبر‬ ‫اس��تطالع آلراء اآلالف م��ن المواطنين‬ ‫الس��وريين عب��ر غ��رف الدردش��ة‬ ‫والمجموع��ات االلكتروني��ة استحس��انًا‬ ‫عظيم��اً له��ذه الفك��رة‪ ،‬ب��ل وإعجاب��ًا‬ ‫بالرج��ل الوحيد الذي تجرأ على الخروج‬ ‫عن النص الذي اعتادت أن تكتبه أقالم‬ ‫األقالي��م الت��ي تأبى وأن تت��رك الثورة‬ ‫لتقطف ثمارها بنفسها‪.‬‬ ‫نع��م‪ ،‬لق��د عم��ل الش��يخ مع��اذ‬ ‫الخطي��ب بم��ا ل��م يعمل ب��ه جميع من‬ ‫س��بقوه قب� ً‬ ‫لا‪ ،‬فرص��د رأي الش��ارع‪،‬‬ ‫تحاور م��ع مختلف الفئات الفاعلة وغير‬ ‫الفاعل��ة ف��ي الث��ورة الس��ورية‪ ،‬وضع‬ ‫مصلحة الوطن والش��عب نصب عينيه‪،‬‬ ‫وانطلق مما يفرضه الواقع ويستقرئه‬

‫الوعي رامياً خلف ظهره مهاترات جميع‬ ‫السياس��يين الحمق��ى الذي��ن يجيدون‬ ‫رصف الكلم��ات وإطالق الفت��اوى التي‬ ‫تتماش��ى م��ع مصلحته��م الش��خصية‬ ‫وتتالق��ى م��ع أجن��دة الممولين األش��د‬ ‫حمقًا منه��م‪ ،‬العاجزين عن اس��تيعاب‬ ‫فك��رة الوطني��ة الخالصة الت��ي يعمل‬ ‫على نهجها الشيخ معاذ الخطيب‪.‬‬ ‫بالتأكيد هي ليس��ت مقالة مأجورة‬ ‫لصال��ح رئي��س االئتالف كما س��يذهب‬ ‫بعضه��م بالتأكي��د‪ ،‬وه��و بالتأكي��د لم‬ ‫يسمع باس��مي من قبل‪ ،‬ولكن ال أعتقد‬ ‫أن أي وطني خال��ص ذي بصيرة ووعي‬ ‫يس��تطيع انكار أهمية الفكرة التي كان‬ ‫الش��يخ مع��اذ أول م��ن يطلقه��ا عكس‬ ‫التيار (المأجور) الذي اعتاد التغريد خارج‬ ‫سرب الجماهير والثوار على حدٍ سواء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خط��أ عل��ى‬ ‫لي��س التف��اوض‬ ‫اإلطالق‪ ،‬بل هو بال ش��ك الحل األمثل‬ ‫واألجدر بالدراس��ة والنق��اش‪ ،‬وإن كنا‬ ‫سنختلف حول تعريف مفهومي الحوار‬ ‫والتفاوض‪ ،‬فنحن نعطي المجال واسعًا‬ ‫دمع‬ ‫له��در أنه��ار‬ ‫دم جدي��دة‪ ،‬وس��يول ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وفيرة تذرفها عيون السوريات الثكإلى‪.‬‬ ‫فليس هذا وقت التنظير والتفلس��ف‪..‬‬ ‫الواق��ع عل��ى األرض الس��ورية واضح‬ ‫لكل ذي عين‪ ،‬وهو على الشكل التالي‪:‬‬ ‫‪ .1‬ال الجي��ش الح��ر‪ ،‬وال ق��وات‬ ‫النظ��ام لقادرين على حس��م المعركة‬ ‫عل��ى األرض‪ ،‬حيث بات من الواضح أن‬ ‫كال الطرفين اس��تنفذ كامل قوته‪ ،‬ولم‬ ‫يعد قادراً على ب��ذل المزيد‪ .‬وإن كانت‬ ‫بعض القوى الدولية قد قررت وقف مد‬ ‫الثوار بالس�لاح والذخيرة‪ ،‬فإن روس��يا‬ ‫تعلن دائمًا عن دعمها المطلق للنظام‪،‬‬ ‫وبالتالي فاإلمداد اللوجس��تي مس��تمر‬ ‫كما هو بما يتعلق بقوات األسد‪ ،‬إن لم‬

‫يكن أفضل‪ ،‬في حين ينحس��ر بالنسبة‬ ‫للثوار تدريجيًا‪ ،‬إن لم يكن أسوأ‪.‬‬ ‫‪ .2‬إذا رصدنا آراء الش��ارع السوري‬ ‫ً‬ ‫رغب��ة عارم��ة ل��دى‬ ‫عموم��ًا‪ ،‬لوجدن��ا‬ ‫الغالبي��ة الس��احقة بالوص��ول إلى حل‬ ‫ج��ذري ونهائي‪ ،‬ومهما تك��ن التكاليف‪.‬‬ ‫وهذا بالتأكيد يش��تمل عل��ى احتماالت‬ ‫التف��اوض والتح��اور مع بع��ض أركان‬ ‫النظ��ام‪ ،‬ولكل متع��ام عل��ى الحقيقة‬ ‫ٍ‬ ‫أق��ول ب��أن التف��اوض هو نقط��ة قوة‬ ‫وارتق��اء وليس نقطة ضع��ف وتنازل‪،‬‬ ‫ومن يعتقد بأن أحد على األرض لقادر‬ ‫عل��ى إعط��اء ج��دول زمن��ي وتكتيكي‬ ‫للمنتص��ر ‪ -‬أيًا كان ‪ -‬ف��ي هذه الحرب‪،‬‬ ‫فهو واهم بال شك‪.‬‬ ‫‪ .3‬اعت��اد مجل��س الدم��ى عل��ى‬ ‫التصريح��ات‪ ،‬ه��و في الحقيق��ة ماهر‬ ‫ج��داً ف��ي إلق��اء الخطاب��ات مما يش��ي‬ ‫بتخرج تالميذ نجباء من مدرسة البعث‬ ‫التي لم تفعل شيئًا طوال سني حياتها‬ ‫سوى رسم الش��عارات‪ .‬وبعد التصريح‬ ‫األخي��ر (الحاد) للمجل��س الوطني الذي‬ ‫يعتب��ر تصري��ح الخطيب ش��خصي وال‬ ‫يمثل المجل��س أو الثورة‪ ،‬يقول غالبية‬ ‫الس��وريين وبلهج��ةٍ ح��ادة‪ :‬تصري��ح‬ ‫المجل��س الوطن��ي ش��خصي وال يمثل‬ ‫الس��وريين‪ .‬فكفاك��م حديث��ًا بلس��اننا‬ ‫ومتاجر ًة بدمائن��ا‪ .‬وإنتم كنتم قادرين‬ ‫على تحقيق نتيجةٍ أفضل مما سيأتي‬ ‫ب��ه التفاوض مع النظام فلماذا عجزتم‬ ‫عن اإلتيان بها إلى اآلن؟‬ ‫كان يتوق��ع الش��يخ مع��اذ وب��كل‬ ‫تأكي��د الحملة الجهنمية التي سيش��نها‬ ‫متمولوا الثورة عليه‪ ،‬بل هم ينتظرون‬ ‫من��ه تصريح��اً كه��ذا من��ذ زم��ن حتى‬ ‫يبدأوا بدق اإلس��فين في مركب قيادته‬ ‫لالئت�لاف‪ ،‬والتش��كيك بقدرت��ه عل��ى‬

‫تمثيل جم��وع الس��وريين ف��ي الثورة‪.‬‬ ‫وطالما أنه ليس هناك أي شك بوطنية‬ ‫الش��يخ معاذ ورغبته األكيدة بمساعدة‬ ‫الشعب الس��وري والوصول به – بكافة‬ ‫أطيافه ‪ -‬إلى بر الس��كينة‪ ،‬فإنني أتجرأ‬ ‫وأطل��ب من��ه أن يتمس��ك بش��خصنة‬ ‫تصريحات��ه وموقف��ه‪ ،‬فه��و الموق��ف‬ ‫الذي يقف الكثير من الس��وريين وراءه‬ ‫ويدعمونه‪ ،‬وهو الممثل الحقيقي آلمال‬ ‫وتطلعات النسبة الغالبة من الشعب في‬ ‫الوصول إلى صيغة نهائية لما يمكن أن‬ ‫تكون عليه س��وريا ضمن األمد القريب‬ ‫والمتوسط للثورة السورية‪.‬‬ ‫المجل��س الوطن��ي يمثل نفس��ه‪،‬‬ ‫هذه الحقيقة ليس��ت جدي��دة وندركها‬ ‫من��ذ زم��ن‪ ،‬أم��ا االئت�لاف‪ ،‬ف��إن خرج‬ ‫بتصري��ح مماث��ل لتصري��ح المجل��س‬ ‫الوطن��ي‪ ،‬فإنن��ي أتوس��ل من الش��يخ‬ ‫الخطي��ب التنص��ل م��ن كل م��ا يم��ت‬ ‫لالئتالف بصلة‪ ،‬واالنطالق منفرداً –أو‬ ‫م��ع القوى التي تتالقى مع رؤيته ‪ -‬في‬ ‫الس��ير ضمن ه��ذه الرؤي��ة‪ ،‬ألنه يعلم‬ ‫أنه يس��ير مدعوماً برأي أهم من يؤخذ‬ ‫رأيه فيما يتعلق بمسار الثورة‪ ،‬أال وهو‬ ‫الشعب السوري بكل أطيافه وفئاته‪.‬‬ ‫الشيخ معاذ الخطيب يمثلني‪ ،‬وهو‬ ‫الوحي��د الذي اس��تطاع التكلم بلس��ان‬ ‫المواط��ن الس��وري المكل��وم ف��ي كل‬ ‫يوم وفي كل لحظة‪ ،‬وأتمنى أن يحصد‬ ‫الدع��م الش��عبي الكاف لت��رى مبادرته‬ ‫النور‪ .‬فمب��ادرة التفاوض هي الوحيدة‬ ‫الت��ي قد تثمر في نهاي��ة المطاف‪ ،‬بعد‬ ‫أن دخلن��ا – ومنذ زم��ن – مرحلة تذري‬ ‫كاف��ة الحل��ول الت��ي كان��ت واردة فيما‬ ‫س��بق‪ ،‬وبع��د أن أصب��ح ش��بح الح��رب‬ ‫األهلية جاثماً بكل ثقله على المش��هد‬ ‫السوري الراهن‪.‬‬

‫تصريحك‬

‫الشخصي‬ ‫يمثلني‬


‫الق�صيدة الكوردية‬

‫***‬

‫الكورديّ صديقي‬ ‫من قبل مجي ِء السّلطانِ‬ ‫السّلطان‬ ‫وبعد سقوط‬ ‫ْ‬ ‫الشمس إلى مخدعه‬ ‫سفح مشتركٍ نرفع قرن‬ ‫ِ‬ ‫نحنُ على ٍ‬ ‫نشعل في آذار نجوم النّورو ِز‬ ‫النّيران‬ ‫ونرقص حول‬ ‫ْ‬ ‫النارُ األولى األولى‬ ‫تحرقُ أشواكَ الشكّ‬ ‫اإليمان‬ ‫وتومضُ مل َء بيوت‬ ‫ْ‬ ‫الكورديّ أخي‬ ‫وأصابعه فوق األوتا ِر تؤسس لي بيتًا للروح‬ ‫وتفتح باباً ال بوّاب عليهِ وال حرّاسْ‬ ‫الكورديّ يضمّ ّ‬ ‫الحنّان كعاشقةٍ ال حدّ يحدّ لياليها‬ ‫الطنبورَ‬ ‫َ‬ ‫قزح‬ ‫على‬ ‫تمنّ‬ ‫تجنّ‬ ‫تحنّ‬ ‫تئنّ‬ ‫ترن‬ ‫حين‬ ‫ال س��و ِر يسوّرها‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫الحب بكل األقواسْ‬ ‫ِ‬ ‫يبني من إيقاع أصابعهِ أحالمًا كنتُ حلمت بها من ُ‬ ‫قبل‬ ‫يعمّر " نهاوندَ " ويسكن فيها ثاني ًة‬ ‫يستحضر " زريابَ " وكأس الغسق ّ‬ ‫الطافح في كرمنشاهْ‬ ‫الكورديّ أخي‪ ..‬وأنا والكورديّ ُ‬ ‫وتر أوّاهْ‬ ‫نسيل على ٍ‬

‫***‬

‫للكورديّ نبوء ُة وقتٍ يأتي‬ ‫وله بيتي حتى لو ضاق على وردته بيتي‬ ‫للكورديّ سما ٌء في قلب سمائي‬ ‫وله ما ٌء ممزوجٌ في جوهر مائي‬ ‫هاتِ إذاً هذا البزقَ الباذخَ‬ ‫نرمي فيه بقايانا ونفوحُ روائحَ شرق‬ ‫باب الغابةِ‬ ‫قمر ع ّلقناه على ِ‬ ‫يجمعنا في ٍ‬ ‫هاتِ َ‬ ‫الغابة من جيب قميصكَ يا كورديُّ‬ ‫غزالن الزرقةِ‬ ‫وهاتِ مع الغابةِ‬ ‫َ‬ ‫الشمس الشَّمْسا ِء‬ ‫أمام‬ ‫الصبح‬ ‫في‬ ‫نرفعه‬ ‫األسمى‬ ‫القربان‬ ‫هاتِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العنب وحبرَ الشعرا ِء‬ ‫هات عصيرَ اللوز رحاقَ ِ‬ ‫لندوّن فوق يديّ وفوق يديكَ جميعَ األسما ِء‬

‫أسبوعية‬

‫***‬

‫***‬

‫ورأيت كذلكَ جسراً في آخر ما يمكن أن يبلغه ٌ‬ ‫هيمان‬ ‫جوّال‬ ‫ْ‬ ‫ورأيتُ غيومًا تتحرك فوق رؤوس النّسوةِ‬ ‫عطر‬ ‫ومناديل تعوم على بحرة ٍ‬ ‫وخصوراً حمّاالتٍ لجرار ينابيع‬

‫***‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫عنق النّه ِر‬ ‫البنتُ السمرا ُء تع ّلمني جرسًا يتد ّلى من ِ‬ ‫مشلوح‬ ‫بيتٍ‬ ‫فأبدأ بالتلويح لنهديها تتبعني حتى أول‬ ‫ٍ‬ ‫تحت نداء الشمسْ‬ ‫ُ‬ ‫األجمل من ذاكرتي‬ ‫البنتُ‬ ‫تحفر في دفترها وطناً تدعوني لزيارته‬ ‫حين ّ‬ ‫تحط المذبح ًة هراوتها تحت الشجر ْة‬ ‫وأقول لها سوف أزورُ ضفائرها‬ ‫بعد سقوط الرّعب عن األحصنةِ العجفا ْء‬ ‫ُ‬ ‫سنعمل أعما ًال زرقا ًء زرقا ًء زرقا ْء‬ ‫وهناك‬ ‫تخطف قلبَ اللوز‬ ‫تحيكُ عباءاتٍ لألشجار‬ ‫ديوان التّربةِ من حيواناتٍ نافقةٍ‬ ‫تنقّحُ َ‬ ‫ونعيدُ الثورَ إلى ثورتهِ‬ ‫والحبَّ إلى طاحونته الخرسا ْء‬ ‫أرواح غيومْ‬ ‫في‬ ‫الصّاعدِ‬ ‫الجبل‬ ‫عشّاق‬ ‫ونعيدُ كتاب الشمس إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القلب‬ ‫وجنوبَ‬ ‫يا بنتَ الشرق شما ًال‬ ‫ِ‬ ‫النّبع‬ ‫أحبكِ خابي ًة تخدشُ فجرَ ِ‬ ‫حنين‬ ‫وتمأل قلبي أقواس ٍ‬ ‫ً‬ ‫ه��ل آنس��تِ على مطل��ع قلب��ي غي��رَ الحنطةِ غارق��ة في‬ ‫موسيقاكِ؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الرّقص الحمرا ْء؟‬ ‫أما أبصرتِ دروبا ذاهبة بين جالبيب‬ ‫ِ‬ ‫هل ناديتِ وراء مآذنِ قريتكِ الشاعرَ يتلو جزءاً من سورةِ‬ ‫كوردستان‬ ‫َ‬ ‫يل نجوماً ُ‬ ‫تتألأل في أذنيكِ؟‬ ‫فجا َء يضيفُ إلى ال ّل ِ‬ ‫أحبكِ صوتاً أوسعَ من وادي الما ْء‬ ‫يعزف��هُ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫أرباب‬ ‫جبل يرفع��هُ قمرٌ يحضن��هُ ربّ أجمل م��ن ِ‬ ‫الحرب‬ ‫ِ‬ ‫وحفّاري قب ِر األجدادِ مع األبنا ْء‬

‫للكورديّ حفاوتهُ البيضا ُء بزائرهِ‬ ‫الفرح المضيافِ‬ ‫يرسل قبل يديهِ رحيقَ ِ‬ ‫يرسم حولكَ قبل مجيئكَ هاالتِ الحبّ‬ ‫ويحضنُ فيكَ صداكَ قبيل الصّوتِ الحافي‬ ‫الك��ورديّ رأي��تُ قصائ��ده تتمشّ��ى بين حقول ُ‬ ‫ت��أكل من‬ ‫رجليهِ‬ ‫وتشربُ من عينيهِ الدّمعَ‬ ‫وتتركه يغرورقُ في دهشتهِ‬ ‫الزّرع‬ ‫أطرافِ‬ ‫على‬ ‫األقمارَ‬ ‫حتى إن أكملها أخرجتِ‬ ‫ِ‬ ‫وعبّأتِ األكياسَ سما ًء خلف سما ْء‬ ‫وأكلتُ مع الكورديّ رغيفاً وخريفًا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫حكاية‬ ‫المثقلة بألف‬ ‫وشربتُ الشّايَ‬ ‫حدّثني عن ماضيه اآلتي‬ ‫مستقبلهِ المذعو ِر الدّاش ِر خلفَ شظايا الشّهدا ْء‬ ‫َ‬ ‫الضّحكة تخرجُ من بئر مآسيهِ صافي ًة‬ ‫لكنْ لم ينسَ‬ ‫لم ينسَ غنا َء أناشيد الجدّ العاش ِر‬ ‫لم ينس حقائب أحالم خبّأها تحت سري ِر األحفادْ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ق��ال تع��ال انظ��رْ كيف ت��ذوبُ الشّ��مسُ هنا عل��ى أذيال‬ ‫فساتين العذراواتِ‬ ‫المنحوتاتِ من اللؤلؤ في نشوتهِ‬ ‫وتعال نريكَ حدودَ مباهجنا‬ ‫هل تبصر ذاكَ َ‬ ‫الجبل األبعدَ؟ هذا في ذروته سوف نضي ُء‬ ‫الليل‬ ‫كؤوسَ نبيذٍ تلهبُ‬ ‫َ‬ ‫فرسان ِ‬ ‫ومن تربتهِ نعجنُ خبزاً كرديّ النّكهةِ‬ ‫الميّال إلينا‬ ‫نطعمه لألفق‬ ‫ِ‬ ‫ونحفّ خصورَ النسوة بالباقي من ماء الزّه ِر‬ ‫َ‬ ‫تعال إلى هضباتِ الموسيقى‬ ‫الجمع الفردِ الصّمدِ‬ ‫تبصرْ أخواتِ الوردِ الكردِ ِ‬ ‫يح ّلقنَ رفوف بالبل بين شهيق نسيم‬ ‫ٍ‬ ‫العرسان‬ ‫تبصرْ أيضًا كيف تغيّرُ رائحة الموسيقى أنفاسَ‬ ‫ْ‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫تبصرْ كيف تضيف الموسيقى بعضَ إلهٍ في قلب‬ ‫ْ‬

‫رأيتُ ينابيعَ تفجّرُ بين أـصابعهنَّ‬ ‫األرض صدى‬ ‫الحلق‬ ‫األبيض يلقي في ِ‬ ‫ِ‬ ‫سمعتُ رنينَ ِ‬ ‫البستان‬ ‫فيحرّكُ ذاكرة‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الجدران‬ ‫وسمعتُ بقلبي المغمض آياتٍ تتمايل خلف‬ ‫ْ‬ ‫بأن هنا َ‬ ‫أوّل ما خلقت راء الرحمنْ‪.‬‬ ‫فشهدتُ ّ‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫حوار من ضو ٍء‬ ‫للكورديّ‬ ‫ِ‬ ‫الحالم بضعُ ٍ‬ ‫جبال تدخل عرس ٍ‬ ‫ً‬ ‫قمصان‬ ‫يقطف من أش��جار الصّمتِ عروس��ا خجلى تلبسُ‬ ‫َ‬ ‫القم ِر الريّان‬ ‫يهزّ لها غصن اللؤل ِؤ بين يديها‬ ‫ُ‬ ‫منثور بين وريق��ات خريفٍ يأخذ روحَ‬ ‫مغيب ٍ‬ ‫يسّ��اقط وقت ٍ‬ ‫األرض إلى أجمل ذكرى‬ ‫عرسٌ يلتمّ على رقصته ربّ الشّمس منيراً عالمه األعلى‬ ‫ُ‬ ‫الهائم‬ ‫يحمل من فيض هداياهُ حنين الجسدِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫نوّرن حقول النّسرينْ‬ ‫خلف غزاالتٍ َ‬ ‫قاربنَ رؤوسَ األشجا ِر الزّرقا ِء‬ ‫عشب ّ‬ ‫الطينْ‬ ‫قرون‬ ‫وأحنينَ َ‬ ‫ِ‬ ‫الشبق إلى ِ‬ ‫األرض العشّاقُ‬ ‫طوّفَ في ِ‬ ‫وحينَ انعطفوا نحو الشّرق‬ ‫تعالت نهداتُ خريفٍ كوردستانيّ الصّمتِ‬ ‫مضي ٍء بين نجوم تلبسُ خلخا ًال‬ ‫ٍ‬ ‫الحلم‬ ‫َ‬ ‫رن بأفيا ِء ِ‬ ‫ً‬ ‫المغرب يعلو خلف قميص البنتِ السمرا ِء‬ ‫فأعطى جبال في‬ ‫ِ‬ ‫مع ّلمةِ الموسيقى واألصدا ِء‬ ‫عرس قادمْ‬ ‫وقال لها كوني زهر َة ٍ‬ ‫نبتت فوق جديلتها بضعُ عصافيرَ‬ ‫األطفال الحربَ‬ ‫تردّ عن‬ ‫ِ‬ ‫وتمتدّ إلى جفناتِ قرى هائمةٍ خلف خطى الماع ِز والشعرا ْء‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫عالء الدين عبد المولى‬

‫‪23‬‬


‫حتميـــة ال�ســــالم‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪24‬‬

‫نورس مجيد‬ ‫‪"‎‬إن ك��ون اإلنس��انِ عاشَ م��ع العنف ردح��ًا طوي ًال‬ ‫م��ن الدهر‪ ،‬ال يجوز أن نس��تنتج منه أن العنف من لوازم‬ ‫الوج��ود اإلنس��انيّ‪ ،‬ب��ل يجب النظ��رُ إليه كم��ا هو في‬ ‫التّـقدم اإلنس��انيّ‪ ،‬تمامًا‬ ‫حقيقت��ه باعتباره عائقًا أمام‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫التقدم‬ ‫أمام‬ ‫ا‬ ‫عائق‬ ‫باعتباره��ا‬ ‫مثلم��ا ننظر لألميّة اليوم‬ ‫ِ‬ ‫اإلنسانيّ" د‪ .‬محمد العمار‬ ‫ش��هد المش��هد الثقاف��ي والسياس��ي ف��ي العص��ر‬ ‫الحديث ثورات ش��عبية كب��رى أحدثت تغيرات ملموس��ة‬ ‫على المش��هد العالمي‪ ،‬وواكبَ ه��ذه الثورات مدٌّ ثقافي‬ ‫واس��ع يرى كثي��راً من الج��دوى في المقاومة المس��لحة‬ ‫تحدي��داً وفي قدرتها على تحقي��ق أهدافها بل يرى فيها‬ ‫نم��اذج كبرى للتغيير االجتماع��ي‪ .‬وتبنى كبار المثقفين‬ ‫مثل س��ارتر هذا النموذج متغنين بالمالحم الثورية التي‬ ‫كان��ت إح��دى الس��مات المميزة للعص��ر بدءاً م��ن الثورة‬ ‫البلشفية في ‪ ،1847‬والثورة الصينية وانتصار ماوتسي‬ ‫تون��غ على جيش القوميين النظامي في ‪ ،1949‬وفيديل‬ ‫كاس��ترو ف��ي كوبا ع��ام ‪ ،1959‬وصم��ود الفيتكونغ في‬ ‫فييتن��ام في وجه أمريكا وإحراجه��ا‪ ،‬والجيش الجمهوري‬ ‫األيرلندي‪ ،‬وجبهة التحرير الفلس��طينية‪ ،‬ونمور التاميل‬ ‫ف��ي س��ريالنكا‪ ،‬وحرك��ة إيت��ا االنفصالي��ة ف��ي إقلي��م‬ ‫الباسك بإسبانيا‪ ،‬وهجمات حزب اهلل على األمريكان في‬ ‫الثمانينيات وغيرها الكثير من حركات المقاومة‪ .‬الشعوب‬ ‫المس��ت جدوى العنف السياسي وبمجرد أن اعتبر مجديًا‬ ‫بات باإلمكان التغاضي عن تكاليفه البشرية العالية‪.‬‬ ‫بيد أن رومانسية االنتصارات الملحمية أخفت بشكل‬ ‫َ‬ ‫دموية النتائج القصيرة والمتوسطة لهذه الحروب‪،‬‬ ‫متقن‬ ‫ٍ‬ ‫وبقي الشارع الثقافي العالمي مخموراً برؤية دكتاتوريات‬ ‫تطرد وحكومات تتغير وجيوش تهزم وحدود يعاد رسمها‪:‬‬ ‫على الس��طح كان من السهل رؤية المالمح الدرامية لهذا‬ ‫التغيي��ر‪ ،‬إال أن تحري م��ا يخفيه في أعماق��ه كان بمثابة‬ ‫الس��هل الممتن��ع‪ ،‬فلم يتنب��ه العقل الجمع��ي كيف جرى‬ ‫اس��تبدال دكتات��ور بآخ��ر‪ ،‬وكي��ف تواصلت ب��ل تعاظمت‬ ‫االنتهاكات لحقوق اإلنسان‪ ،‬وكيف تزايد سقوط الضحايا‬ ‫بأع��داد أكبر‪ ،‬فض ًال عن االنهي��ار االجتماعي واالقتصادي‬ ‫والديمقراطي في الدول التي تبنته‪.‬‬ ‫ش��كل كل مث��ال تقريب��ًا من ه��ذه األمثلة مأس��اة‬ ‫إنس��انية مازال الكثيرون يتغاضون عن ربطها بوس��ائل‬ ‫التغيي��ر الت��ي ق��ادت إليها ف��ي البداية‪ .‬أس��همت حمالت‬ ‫ماوتس��ي تون��غ‪ ،‬ذاك ال��ذي يداف��ع أنص��اره ع��ن جدوى‬ ‫العنف السياس��ي‪ ،‬بشكل مباش��ر وغير مباشر في مقتل‬ ‫قرابة س��تين مليون إنس��ان في الصين‪ .‬أدبي��ات الثورة‬ ‫البلش��فية بدورها أخفت انتهاكات صارخة تغاضى عنها‬ ‫الكثي��رون‪ ،‬ويذك��ر أن ش��تينبرغ‪ ،‬مف��وض العدلي��ة في‬ ‫حكوم��ة لينين البلش��فية‪ ،‬اعت��رض على أوام��ر النظام‬ ‫بتصفية (جميع أعداء الثورة والمخربين وقتلهم مباشرة‬ ‫عن��د العث��ور عليهم)‪ ،‬وس��خر م��ن القانون أم��ام لينين‬ ‫نفس��ه قائ ًال‪" :‬لم��اذا نحتاج إلى المفوضي��ة العدلية إذن‪،‬‬ ‫لماذا ال ندعوها ببس��اطة مفوضي��ة التطهير االجتماعي‬ ‫وننته��ي م��ن األم��ر؟!!"‪ ،‬عندها أجاب��ه لينين‪" :‬أحس��نت‬ ‫الق��ول‪ ،‬ه��ي كذل��ك إذن لكنن��ا ال نس��تطيع أن نعلنه��ا‬ ‫هك��ذا"‪ .‬الفيتناميون الذي��ن يتفاخ��رون بنصرهم على‬ ‫نص��ف ملي��ون جندي أمريك��ي مدجج بالس�لاح‪ ،‬يعانون‬ ‫إلى اليوم من تبعات الحرب الدامية التي س��قط ضحيتها‬ ‫أكثر من مليون ومئة ألف شخص ولم تحقق إال انقسامًا‬ ‫ودماراً وتفككًا مازالت آثاره تحصد األرواح إلى اليوم بعد‬ ‫س��تين عاماً على اندالعها‪ ،‬وكوبا الت��ي يتغني الكثيرون‬ ‫بمالحم انتصاراتها الثورية عايش��ت وما تزال واحدة من‬ ‫أطول حاالت االس��تبداد في الحكم في القرن العش��رين‪،‬‬ ‫س��ريالنكا من أكثر الدول في العالم التي عانت وما تزال‬ ‫م��ن الحرب األهلية التي كانت أهدافها عادلة تماماً لكنها‬ ‫ارتكس��ت إلى ص��راع طوي��ل ضاعت تحت رح��اه حقوق‬ ‫الضحايا والقتلى بعش��رات اآلالف‪ .‬حركة إيتا في إسبانيا‬ ‫كان��ت تس��عى لتحقي��ق عدال��ة افتقدها إقليم الباس��ك‬ ‫لقرون طويلة مع تعاقب (المحتلين) والمس��تبدين‪ ،‬لكن‬

‫أهدافها العادلة لم تش��فع لوس��ائلها المخ ّلة التي دفعت‬ ‫نصف مليون إنس��ان من س��كان اإلقليم ف��ي ‪ 1997‬إلى‬ ‫الخروج للش��ارع وه��م يصرخون "كفى‪ ،‬كف��ى" إليقاف‬ ‫عن��ف االنفصاليين‪ ،‬فيما يمكن وصفه بالثورة الس��لمية‬ ‫على الثورة المسلحة‪.‬‬ ‫وفي ظل اإليمان الواس��ع بهذه "الج��دوى" بدى من‬ ‫العص��ي التنب��ه لح��ركات المقاومة الس��لمية التي قادت‬ ‫إل��ى اس��تقالل الهن��د وحق��وق متس��اوية لألمريكيي��ن‬ ‫الس��ود‪ ،‬وللس��ود في جنوب أفريقيا‪ ،‬وأس��همت في بناء‬ ‫ديمقراطي��ة في بولندة والتخلص م��ن الدكتاتورية في‬ ‫األرجنتي��ن والتش��يلي والفلبي��ن ودول أوروبا الش��رقية‬ ‫وغيرها من الدول‪ ،‬فيما ب��دت نتائج هذا التغيير إيجابية‬ ‫جداً على مستوى العيش والديمقراطية وحقوق اإلنسان‬ ‫والصحافة والتعبير والتنمية البشرية في هذه الدول‪.‬‬ ‫بدورها‪ ،‬فقد تغيرت طبيع��ة الحرب الحديثة اليوم‪،‬‬ ‫فلم تعد تعتمد على الشجاعة بقدر ما تعتمد على العتاد‬ ‫الذي تملكه قوى بعينها تتبرع به حيناً أو تغله أو تبسطه‬ ‫أو توقفه نهائيًا فتضغط به أو تفاوض أو تقاتل أعداءها‬ ‫(الذين هم ليس��وا بالضرورة أعداء المقاوم نفسه)‪ .‬ومع‬ ‫بقاء حق النقض المخزي في مجلس األمن‪ ،‬الذي يدوس‬ ‫ببس��طاره العس��كري على مبادئ الديمقراطية ويعطي‬ ‫الح��ق ألحد أعضائه‪ ،‬ض��د رغبة األغلبي��ة‪ ،‬بمنع التدخل‬ ‫لحماية المدنيين في كل مكان وليس في س��وريا فقط‪،‬‬ ‫ومع االمت�لاك الحصري للعتاد المتط��ور في حوزة نخبة‬ ‫م��ن ال��دول‪ ،‬فإن الح��رب من أج��ل الحرية ليس��ت اليوم‬ ‫أكثر من مع��ارك بالوكالة لتحقيق "مكاس��ب" سياس��ية‬ ‫لي��س ألصح��اب الحقوق ب��ل ألصح��اب الم��دد‪ .‬الجندي‬ ‫البائ��س الذي يناضل اليوم في ال��دول النامية بات بيدقًا‬ ‫تحركه إرادة ال يس��تطيع دائم��ًا‪ ،‬بل غالبًا‪ ،‬إدراك أهدافها‬ ‫الحقيقية‪ ،‬تبت��زه لينفذ أوامرها‪ ،‬بعد أن ابتزته ليقع في‬ ‫شراكها‪ ،‬وتمده فقط بما يكفي من العتاد إلبقاء الصراع‬ ‫مستعراً لكن متوازنًا‪ ،‬فال يجب أن ينتصر طرف على آخر‬ ‫إال باتفاق الممولين بين بعضهم‪ ،‬والمش��هد بات متكرراً‬ ‫لدرج��ة الغثي��ان لتل��ك القرابي��ن البش��رية الت��ي مازلنا‬ ‫ندفعه��ا ف��ي أتون ح��رب ال تملك في ذاته��ا القدرة على‬ ‫تحقيق أي نصر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫لك��ن تح��وال ش��هده الق��رن الماض��ي م��ازال يمنح‬ ‫بصيص��ًا م��ن األم��ل للمس��تضعفين والمؤمني��ن بحق‬ ‫اإلنس��ان في الحياة والحرية‪ ،‬ويتمثل في اكتشاف القوة‬

‫التي تملكها الشعوب بعد أن كانت حصرية في يد بعض‬ ‫القادة (أو األفراد)‪ :‬قوة تنتش��ر بش��كل أفقي سريع عامًا‬ ‫تل��و اآلخ��ر‪ ،‬وتحتل آثارُه��ا العق��ل الجمع��ي العقد تلو‬ ‫اآلخ��ر‪ ،‬وتفرض رؤي��ة جديدة للتاري��خ والواقع تأخذ في‬ ‫اعتبارها ارتباط وس��ائل النضال باألهداف والنتائج التي‬ ‫تترتب عليها‪ ،‬فيما تنحس��ر عدوى الس�لاح على خريطة‬ ‫العالم بشكل متدرج لكل من يتابعها‪ ،‬وتنحسر معها كل‬ ‫تجلي��ات العنف بدءاً من الحروب العالمية الكبرى ووصو ًال‬ ‫إل��ى الحروب الصغي��رة والجرائم والتعذي��ب واالغتياالت‬ ‫والعنصرية والتمييز والعنف ضد المرأة والطفل‪ .‬الحروب‬ ‫القديم��ة بين الدول العظم��ى أصبحت جزءاً من الماضي‬ ‫وربما لن نرى آثارها بعد اليوم إال في المتاحف ولن نقرأ‬ ‫أخبارها إال في كتب التاري��خ‪ ،‬أما هذه المعارك الصغيرة‬ ‫الطويل��ة المتواصلة الت��ي تجتاح هذا الج��زء من العالم‬ ‫بين العق��د واآلخر‪ ،‬فس��تكون نهايتها قرينة االكتش��اف‬ ‫الذات��ي لس��نن التغيير والتطور البش��ري قبل أي ش��يء‬ ‫آخر‪ ،‬وستحس��م بانحس��ار الوه��م بجدوى الس�لاح بين‬ ‫خ��داع الق��وي وجهل الضعيف‪ :‬هذا المخ��اض فيه ما في‬ ‫أي مخاض آخر من األلم والعذاب‪ ،‬وسواء فشل أو انتصر‬ ‫م��اض في وضع رواية التاري��خ الحقيقية بعيداً عن‬ ‫فهو‬ ‫ٍ‬ ‫كذب المنتصر ومغاالة الضحايا‪.‬‬ ‫إن الطري��ق لتحقيق غاية الس�لام في ه��ذا العالم‬ ‫م��ازال طوي� ً‬ ‫لا ج��داً‪ ،‬والطري��ق للحف��اظ على م��ا تبقى‬ ‫منه في س��ورية بات أقرب للحلم‪ ،‬وربم��ا أصبح الحديث‬ ‫عن وق��ف القتل والعقاب الجماعي الس��افر واالس��تبداد‬ ‫والقص��ف واالغتي��االت‪ ،‬ومع��ه عل��ى الط��رف المقاب��ل‬ ‫الحديث عن االلتزام بالمدنية والس��لم ورفض االنتقام‪،‬‬ ‫ربم��ا يك��ون خطابًا أق��رب للتمني منه للواقع في ش��ارع‬ ‫يرف��ض طرفاه أي إش��ارة للتعق��ل والتفكي��ر أو التنازل‬ ‫أو التف��اوض ناهي��ك ع��ن التوق��ف من طرف واح��د‪ .‬أما‬ ‫اإلنس��انية المكلومة ف��ي كل مكان‪ ،‬ش��ئنا أم أبينا‪ ،‬فإن‬ ‫تطورها يقود باتجاه س�لام بات يمكن قياسه ودراسته‪،‬‬ ‫لكن على الرغم من االنتصارات الكثيرة التي حققتها‪ ،‬إال‬ ‫أنه��ا قد ال تملك ما يكفي من الوقت لتحقيق هذه الغاية‬ ‫إن واصل��ت إيمانها بحتمية العنف ليس لجدواه أو عدالته‬ ‫وأثره بل لس��يطرة فكرة خاطئة عل��ى عقولنا تمامًا كما‬ ‫س��يطر وهم دوران الش��مس ح��ول األرض على فكرنا‬ ‫لقرون طويلة‪ .‬فهل نعتبر بغيرنا أم كتب علينا أن نكون‬ ‫نحن العبرة لمن سيأتي بعدنا؟!‪.‬‬


‫حكـــــاية نـــــزوح‬

‫***‬

‫بع��د كل وداع‪ ،‬كان��وا ينتظرونها‪.‬‬ ‫يدركون أنها ذهبت اليوم مرة أخرى مع‬ ‫ابنه��ا‪ ،‬لكنهم س��ينتظرونها في اليوم‬ ‫التال��ي‪ ،‬لتكم��ل طق��وس الجي��رة في‬ ‫حارتها الجديدة‪ ،‬ساحة المدرسة!‬ ‫المدرس��ة الي��وم ش��به خالي��ة‪،‬‬

‫***‬

‫لم ولن تنتهي الحكاية‪..‬‬ ‫يذه��ب األه��ل ويأخ��ذون ف��ي‬ ‫حقائبه��م الموضب��ة على عج��ل أجزاء‬ ‫من أحيائه��م كيال يطاله��ا الدمار‪ .‬في‬ ‫قصصه��م تخلق الحكاي��ة كل يوم من‬ ‫جديد‪ ،‬تعتن��ق أبطالها الج��دد‪ ،‬تهمس‬ ‫للراوي بم��ا عرفت عنهم‪ ،‬عن ش��وارع‬ ‫تنتظره��م ويش��تاقونها‪ .‬وتنتقل لحي‬ ‫جديد‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫هنا تبدأ الحكاية‪..‬‬ ‫جلس��ت إل��ى جانبي عل��ى المقعد‬ ‫الخش��بي لمدرس��ة أصبح��ت بيته��ا‪،‬‬ ‫ف��ي وجهها عالم��ات س��نين تزيد على‬ ‫الثماني��ن بقليل‪ .‬من ثني��ة مخفية في‬ ‫طيات ثوبها الفضف��اض أخرجت ورقة‬ ‫صغي��رة‪ ،‬مطوي��ة بعناي��ة‪ ،‬ناولتن��ي‬ ‫الورق��ة وطلبت مني االتص��ال بالرقم‬ ‫المدون يعلوه اسم َّ‬ ‫خُط على عجل‪.‬‬ ‫كانت المرة األولى التي أراها بها‪،‬‬ ‫هنا ب��دأت حكايت��ي أم��ا حكايتها فهي‬ ‫أقدم بكثي��ر‪ .‬فضولي والنظرة الغريبة‬ ‫ف��ي عينيه��ا دفعتني للس��ؤال محاولة‬ ‫لملمة الحكاية‪.‬‬ ‫بيته��ا يبع��د ع��ن المدرس��ة‬ ‫كيلومت��رات قليل��ة‪ ،‬ترك��ت أش��يائها‪،‬‬ ‫تفاصيله��ا اليومية‪ ،‬وحارتها‪ ،‬في غمرة‬ ‫موت ال تفهم سببها‪ ،‬مشت مع جيرانها‬ ‫حت��ى وصل��وا للمنطق��ة اآلمن��ة‪َّ ،‬‬ ‫ع��ل‬ ‫جدران المدرس��ة تحفظ لهم حياتهم‪.‬‬ ‫ذهبَتْ مع الذاهبين‪.‬‬ ‫تمض��ي يومه��ا ف��ي المدرس��ة ‪-‬‬ ‫الم��أوى‪ ،‬متنقلة من كرس��ي إلى آخر‪،‬‬ ‫م��ن ش��خص آلخ��ر‪ ،‬تقتل مل��ل النهار‬ ‫الطوي��ل‪ ،‬وحده��ا ف��ي غال��ب الوق��ت‪.‬‬ ‫عرفت أن ال أحد من أفراد عائلتها هنا‪.‬‬ ‫أعطتن��ي الورقة بي��د ترتجف من‬

‫ثقل الس��نين‪ ،‬أخبرتني أنه رقم ابنها‪.‬‬ ‫س��ألتها إن كان��ت ت��ود من��ه الق��دوم‬ ‫ألخذه��ا‪ ،‬جوابه��ا كان هزة من رأس��ها‬ ‫وقال��ت "فقط قول��ي له أم��ك بخير"‪..‬‬ ‫ورفضت أن تحادثه هي‪ .‬الرقم المقفل‬ ‫أغلق باباً في وجهي‪.‬‬ ‫لعدة أيام متتالية كان اسمها يظهر‬ ‫أو يغي��ب أمامي ف��ي قوائ��م مراجعي‬ ‫النقطة الطبية داخل المدرسة‪ ،‬وكانت‬ ‫تغي��ب مع��ه ع��ن التج��ول ف��ي باح��ة‬ ‫المدرسة‪.‬‬ ‫ي��وم غيابه��ا األول س��ألت عنه��ا‬ ‫مستغربة ش��طب اس��مها في السجل‪،‬‬ ‫أخبرون��ي أن ابنه��ا‪ ،‬ال��ذي رفض��ت أن‬ ‫تنزح معه قب ً‬ ‫ال وآث��رت البقاء في بيتها‬ ‫بين أهل حارته��ا‪ ،‬كان قد عرف بوجود‬ ‫أمه في المدرسة‪ ،‬فاصطحبها إلى بيته‬ ‫المؤق��ت‪ ،‬عادت في الي��وم التالي تكرر‬ ‫له "بدي ضل مع جيراني‪." ..‬‬

‫س��كانها الجدد نزحوا م��رة أخرى‪ ،‬بحثًا‬ ‫ع��ن ج��دران آمن��ة‪ .‬وه��ي ذهب��ت مع‬ ‫الذاهبين‪.‬‬ ‫لم يعد البيت آمنًا بالنسبة للعائلة‬ ‫الصغي��رة‪ ،‬كان ال ب��د ف��ي لحظ��ة من‬ ‫االنتقال لبيت أقرباء على بعد ش��وارع‬ ‫قليلة‪.‬‬ ‫في كل صباح‪ ،‬تذهب أم أمجد إلى‬ ‫الشارع الذي يقع فيه بيتها‪ ،‬تمشي فيه‬ ‫كمن يتفقد عزيزاً‪ ،‬تس��لم على زواياه‪،‬‬ ‫على م��ا تبقى من وج��وه صامدة فيه‪،‬‬ ‫وتعود إلى بيت مضيفها‪.‬‬ ‫بع��د أيام قليلة‪ ،‬وصل الخطر بيت‬ ‫عائلة األقرب��اء‪ ،‬كان عليهم أن ينزحوا‬ ‫هم أيضًا‪ ،‬التج��أ أوالد أم أمجد ٌّ‬ ‫كل إلى‬ ‫من��زل صديق‪ ،‬وه��ي ذهبت إل��ى أحد‬ ‫مراك��ز اإليواء في منطق��ة أبعد وأكثر‬ ‫أمنًا‪.‬‬ ‫لم يعد الطريق يس��تهلك خطوات‬ ‫قليل��ة‪ ،‬س��اعة أو أكثر ه��ي المدة التي‬ ‫كان��ت تحتاجه��ا أم أمج��د ف��ي رحلتها‬ ‫اليومية لتقول لشارعها صباح الخير‪.‬‬ ‫تصل إلى بداية الش��ارع‪ ،‬تس��حب‬ ‫من حقيبتها الصغيرة سيجارة‪ ،‬تشعلها‬ ‫لتعل��ن ب��دء الجول��ة اليومي��ة؛ خط��وة‬ ‫خطوة بهيئته��ا الواثقة‪ ،‬تلقي نظراتها‬ ‫على المكان‪ ،‬باحثة في وحش��ة الشارع‬

‫عن أيام ماضية‪.‬‬ ‫لدقائق قليلة تستمتع بكونها هنا‪،‬‬ ‫حيث اعتادت أن تكون‪ .‬تمش��ي خطوات‬ ‫قليل��ة بالمدة الت��ي تس��تغرقها إلنهاء‬ ‫س��يجارتها‪ .‬ليس للزي��ارة هدف محدد‬ ‫إال تفق��د أح��وال الحي‪ ،‬حت��ى أنها في‬ ‫غال��ب األي��ام ال تصل ح��د بيتها‪ .‬تنفث‬ ‫آخ��ر دفعة م��ن الدخان وت��دوس عقب‬ ‫السيجارة بطرف حذائها‪ ،‬وتقفل راجعة‬ ‫إلى مسكنها الجديد المؤقت‪.‬‬ ‫الن��اس القالئ��ل الباق��ون هن��ا‬ ‫يعرفونها‪ ،‬يرونها كل يوم في تجوالها‬ ‫القصير؛نزهته��ا الصباحي��ة أصبح��ت‬ ‫روتينًا يعيش��ه الحي المنك��وب‪ ،‬موعداً‬ ‫ألبنائه��ا ليلتق��وا بها‪ ،‬ومنف��ذاً لها كيال‬ ‫تعتاد الغياب‪.‬‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫جنى يوسف‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪25‬‬


‫الهتافات ال�سورية حرية للأبد‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪26‬‬

‫مهند الحسامي‬

‫قبي��ل ان��دالع الثورة في س��وريا‪،‬‬ ‫الت��ي ي��ؤرخ له��ا بالخامس عش��ر من‬ ‫آذار ‪ ،2011‬خرج��ت تظاه��رة ل��م تكن‬ ‫في حس��بان أحد‪ ،‬إن كان على مستوى‬ ‫الم��كان الذي انطلقت من��ه التظاهرة‪،‬‬ ‫أو عل��ى مس��توى نوعية المش��اركين‪،‬‬ ‫وطبعًا التوقيت الذي لم يكن محس��وبًا‬ ‫بالم��رة‪ ،‬فق��د كان األمر برمت��ه مجرد‬ ‫حادث‪.‬‬ ‫في ش��باط م��ن ذلك الع��ام أهان‬ ‫ش��رطي م��رور س��ائق س��يارة‪ ،‬وكم��ا‬ ‫يح��دث في أي مش��اجرة‪ ،‬كلمة من هنا‬ ‫وكلم��ة من هن��اك إل��ى أن وصل األمر‬ ‫ح��دّ االعتداء عل��ى الس��ائق ومرافقه‬ ‫بالض��رب‪ .‬ولك��ن م��ا ح��دث تالي��ًا ال‬ ‫يحدث ع��ادة في هذي الب�لاد‪ ،‬لقد أدى‬ ‫االعت��داء الصري��ح إلى تظاه��رة ألبناء‬ ‫ح��ي الحريقة الدمش��قي‪ ،‬وه��و الحي‬ ‫المع��روف كس��وق لتج��ار األقمش��ة‬ ‫الش��وام‪ .‬ه��اج الن��اس وماج��وا هناك‪،‬‬ ‫نص��رة الب��ن التاجر الكبي��ر الذي جرى‬ ‫االعت��داء علي��ه‪ .‬وهن��اك‪ ،‬ف��ي ح��ي‬ ‫الحريق��ة‪ ،‬ول��د أش��هر هت��اف للث��ورة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬التي س��تبرعم بع��د حوالي‬ ‫الشهر‪" :‬الشعب السوري ما بينذل"‪.‬‬ ‫وبالطبع كان الش��عب السوري قد‬ ‫تج��رّع الذل م��راراً وتك��راراً على مدى‬ ‫أكثر م��ن أربعي��ن عامًا‪ ،‬لكنه��م كانوا‬ ‫يرمون إل��ى القول إنه لن يس��مح بعد‬ ‫اآلن أن ّ‬ ‫ي��ذل الش��عب الس��وري‪ .‬وق��د‬ ‫أثبتت األيام والش��هور التالية أنهم لم‬ ‫يكون��وا يمزح��ون‪ ..‬لقد مات��وا وذبحوا‬ ‫واقتلع��ت حناجرهم وعيونهم من أجل‬ ‫ذل��ك‪ .‬أما الهت��اف‪ ،‬فراح يكب��ر ويتلون‬ ‫ويظه��ر بحلة جديدة في كل مرة‪ ،‬لكن‬ ‫أجملها كان "الموت وال المذلة"‪.‬‬ ‫ب��راءة تظاه��رات األي��ام األول��ى‪،‬‬ ‫وطفوليتها دفع��ت المتظاهرين طوي ً‬ ‫ال‬ ‫ألن يبق��وا عن��د كلمتي��ن "حري��ة"‪،‬‬ ‫"س��لمية"‪ .‬وق��د ش��هدت بل��دات كثيرة‬ ‫نقاشًا مستفيضًا متردداً في حسم أمر‬ ‫الهتاف الذي بات الزم��ة للربيع العربي‬ ‫"الش��عب يريد إس��قاط النظ��ام"‪ ،‬مث ً‬ ‫ال‬ ‫كانت مدينة حمص م��ن البراءة بحيث‬ ‫إنه��ا اكتف��ت بـ"الش��عب يريد إس��قاط‬ ‫المحاف��ظ"‪ ،‬هو الذي كان��ت تروى عنه‬ ‫قص��ص وحكاي��ا ف��ي الظل��م والنهب‬ ‫والفساد‪.‬‬ ‫لكنه��ا قيلت أخيراً‪ ،‬ف��ي كل قرية‬ ‫ومدينة وش��ارع "الش��عب يريد إسقاط‬ ‫النظ��ام"‪ ،‬ولما ل��م تفد ه��ذه الصيغة‬ ‫المهذب��ة الفصيحة األنيق��ة راح الناس‬ ‫يطلقون من قهرهم صرخات وشتائم‬ ‫ال تلت��زم بالض��رورة بإيق��اع ولح��ن‪.‬‬ ‫يكفي أن نعود مث ً‬ ‫ال إلى تظاهرات بلدة‬ ‫الكس��وة في ريف دمش��ق لنتذكر أنها‬ ‫كانت تصرخ‪ ،‬وتش��تم‪ ،‬أكثر من كونها‬ ‫تلحن هتافًا‪.‬‬ ‫الهتاف الس��وري كان يريد لنفسه‬ ‫أن يكون نداء س��حرياً‪ ،‬أن يكون ش��يئًا‬ ‫مش��ابها لـ"افتح يا سمس��م"‪ ،‬أن يقول‬

‫"الش��عب يري��د"‪ ،‬فيج��ري ف��ي الح��ال‬ ‫تحقيق مطلبه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الهت��اف غالب��ا م��ا يأت��ي حس��ب‬ ‫الحاج��ة‪ ،‬ه��و قب��ل كل ش��يء مطلب‪،‬‬ ‫وبي��ان‪ ،‬وتضام��ن‪ .‬كان��ت هتاف��ات‬ ‫التضام��ن م��ع الم��دن األخ��رى أول‬ ‫الصرخات التي انطلقت‪ ،‬أساس��اً كانت‬ ‫ه��ي مب��رر ان��دالع االحتجاج��ات ف��ي‬ ‫المدن األخرى‪ ،‬وطالما ش��اع هتاف من‬ ‫قبيل "يا درعا دوم��ا معاك للموت"‪ ،‬ثم‬ ‫ي��روح الهتاف يتدح��رج "يا دوما حمص‬ ‫مع��اك للموت"‪" ،‬يا حم��ص ادلب معاك‬ ‫للم��وت"‪ ،‬وهك��ذا إل��ى أن دارت الدائرة‬ ‫على كل مدينة وش��ارع‪ .‬لكن الش��ارع‬ ‫ف��ي ما بعد ص��ار يقرأ السياس��ة أكثر‪،‬‬ ‫يق��رأ حركة الداخ��ل‪ ،‬كما يق��رأ حركة‬ ‫المجتم��ع الدول��ي تجاه س��وريا‪ ،‬فصار‬ ‫الهاتف��ون يأمرون بصيغة أو بأخرى‪ .‬أو‬ ‫يستجيبون لندءات ومبادرات بعينها‪ .‬إذا‬ ‫أوح��ى المجتمع الدول��ي بأنهم يريدون‬ ‫وح��دة المعارضة‪ ،‬طال��ب المتظاهرون‬ ‫بوحدته��ا‪ ،‬وإذا طال��ب بإط��ار تمثيل��ي‬ ‫مح��دد‪ ،‬قال الش��ارع إن فالن��ا يمثلني‪،‬‬ ‫من هن��ا ول��دت الصيغة األكث��ر تداو ًال‬ ‫في الفتات الش��ارع‪" :‬المجلس الوطني‬ ‫يمثلني"‪" ،‬هيئة التنس��يق ال تمثلني"‪،‬‬ ‫"الجي��ش الح��ر يمثلني"‪ ..،‬إل��ى حد أن‬ ‫هذه العبارة أخذت طريقها إلى يوميات‬ ‫السوريين حتى على سبيل الفكاهة‪.‬‬ ‫كذل��ك ردّت الهتاف��ات دائماً على‬ ‫افت��راءات النظام وممثليه من إعالميي‬ ‫القن��وات الخاصة‪ ،‬أولئك الذين صوّروا‬ ‫الث��ورة باعتبارها فتن��ة طائفية‪ ،‬وكان‬ ‫الرد بأن يُرفع المعارضون المتحدرون‬

‫من طوائف وأقليات إثنية على األكتاف‪.‬‬ ‫هكذا أخ��ذت هتافات الوح��دة الوطنية‬ ‫حي��زا كبي��راً ومثاله��ا األب��رز "إس�لام‬ ‫ومسيحية سورية بدها حرية"‪.‬‬ ‫الهتاف��ات خ�لال عامي��ن كب��رت‪،‬‬ ‫اشتد عودها‪ ،‬وقس��ا قلبها‪ .‬بدأت تقول‬ ‫"س��لمية"‪ ،‬ثم راحت تقول‪ :‬مع التدخل‬ ‫الخارج��ي‪ ،‬الحظر الج��وي‪" ،‬اهلل محيي‬ ‫الجي��ش الح��ر"‪ ..،‬المتظاه��رون الذين‬ ‫ب��دأوا س��لميين إلى حد ش��هدت أماكن‬ ‫عديدة تظاه��رات لهم مع وردة وقنينة‬ ‫ماء لعس��كر الجي��ش النظامي‪ ،‬صارت‬ ‫العس��كرة لهم مطلبًا حين رأوا قس��وة‬ ‫النظام االستثنائية‪.‬‬ ‫بين ه��ذه المطالب الهاتفة بأعلى‬ ‫صوتها كان المتظاهرون يتجولون هنا‬ ‫وهن��اك‪ ،‬راجت ف��ي حم��ى التظاهرات‬ ‫كلم��ات مث��ل "ي��ا أهال��ي الش��ام‪ ،‬عنّا‬ ‫بحماه س��قط النظام"‪ .‬وم��ع طول أمد‬ ‫الثورة‪ ،‬راح الس��وريون يس��خرون في‬ ‫هتافاتهم‪ ،‬يشتمون مرة‪ ،‬ويستلهمون‬ ‫الرس��ائل االلكتروني��ة المخترق��ة‬ ‫ليطلق��وا عل��ى أقط��اب النظام ش��تى‬

‫التسميات الساخرة‪.‬‬ ‫كان كل حدث ملهم��اً بهتاف جديد‬ ‫ومختل��ف‪ .‬فاس��م رئيس��هم‪ ،‬مثلم��ا‬ ‫س��اعد من قبل عل��ى اخت��راع هتافات‬ ‫لتخليده‪ ،‬من قبي��ل "إلى األبد يا حافظ‬ ‫األس��د"‪ ،‬و"األس��د أو نحرق البلد"‪ ،‬كان‬ ‫م��ن الس��هل أيضًا أن يس��تخدم الناس‬ ‫اإليقاع��ات نفس��ها‪ ،‬فاالس��م "لبّيس"‬ ‫أيضاً "حرية لألبد‪ ،‬غصبًا عنك يا أسد"‪.‬‬ ‫"عاشت سوريا‪ ،‬ويسقط بشار األسد"‪.‬‬ ‫مختص��ر الق��ول ف��ي الهتاف��ات‬ ‫كله��ا ثالثة أح��رف‪" :‬ارح��ل"‪ .‬قيلت في‬ ‫ط��ول الب�لاد وعرضه��ا‪ ،‬تحول��ت إل��ى‬ ‫أغ��ان ومقطوع��ات موس��يقية‪ ،‬م��ن‬ ‫بينه��ا تلك األغني��ة الش��هيرة للمغني‬ ‫الحموي إبراهيم القاش��وش "يال ارحل‬ ‫يا بش��ار"‪ .‬لكن ال ش��يء يتس��ع لس��رد‬ ‫هتافات الس��وريين في س��نتين‪ ،‬فهم‬ ‫ص��اروا يهتف��ون ويخترع��ون الهتافات‬ ‫كم��ا يتنفس��ون‪ .‬ال��كل يهت��ف‪ ،‬والكل‬ ‫يغن��ي‪ ،‬وال��كل يكت��ب الفت��ات‪ ،‬كما لو‬ ‫أنهم يكتبون بقهر الس��نوات األربعين‬ ‫الماضية‪.‬‬

‫كتاب العدد لهذا الأ�سبوع‪:‬‬ ‫�أحداث مدينة حماة يف �صور‬ ‫�شباط ‪1982‬‬


‫سيامند حسين‬ ‫(يوميات ومشاهدات) ‪ 28‬كانون الثاني ‪2013‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫حش��د كبي��ر م��ن الن��اس‪ ،‬ش��تائم‬ ‫وأصوات صراخ وعبارات تهديد بالس��جن‬ ‫والس��حق والقت��ل ش��حنت الصب��اح منذ‬ ‫بدايت��ه‪ .‬يبدو أن الش��جار قد ه��دأ قلي ًال‪،‬‬ ‫ولك��ن الناس ما زالوا متجمهرين؛لم ينته‬ ‫األمر بعد‪ ،‬ال بد أنه يعنيهم‪.‬‬ ‫الس��وريّ‪ ،‬بال شك‪ ،‬عثر على صوته‬ ‫المبت��ور على يد نظام األس��د‪ ،‬ملقىً به‬ ‫ف��ي حج��رات معتم��ة كان��ت أيض��ًا تعجّ‬ ‫ب��رؤوس؛ وأصاب��ع؛ وأق�لام؛ وفئ��ران؛‬ ‫وأزه��ار؛ وش��واهد قب��ور‪ .‬النظ��ام الذي‬ ‫اعتقل الحياة السورية حتى رمقها األخير‬ ‫وأبقى ل��ـ "الوط��ن" الصورة المش��وهة‪،‬‬ ‫الخانعة أب��داً أمام ص��ورة القائد والعلم‪،‬‬ ‫ونح��ت ب��أدوات س��وداء وصلب��ة وج��ود‬ ‫"المواطن" المهزوم المستعدّ لكل خيانة‪.‬‬ ‫بالفع��ل لم يت��رك أح��د مكانه حتى‬ ‫وصلت س��يارة المخاب��رات الجوية وفتحت‬ ‫الطري��ق‪ ،‬بي��ن الحش��د مس��رعة‪ ،‬وكأن��ه‬ ‫س��ائقها لم يكن ليأبه إن صدم شخصًا أو‬ ‫دهس طف ًال أو اثنين أو عشرة‪ ،‬لطالما كان‬ ‫األمر س��يّان‪ ،‬فاليوم أُطلق��ت يدُ الجريمة‬ ‫ف��ي أرض غادرها حتّى ش��رطي المرور‪،‬‬ ‫وجه الس��لطة وممثلها األصغر في األمان‬ ‫المُحتفى به س��ابقًا‪ .‬الموت هذه األيام لم‬ ‫يعد يس��تلزم حتى تصديق ش��هادة الوفاة‬ ‫ً‬ ‫صدقة قسرية تُلصق‬ ‫ومنحها ألهل الميت‬ ‫على جدار التابوت أو على الكفن مباش��رة؛‬ ‫ربم��ا ال وقت عند أحد ليكتبه��ا‪ ،‬أو لم تبق‬ ‫أق�لام أو أنام��ل ش��اغرة ف��ي مؤسس��ات‬ ‫األس��د‪ .‬لقد فق��دت األش��ياء ضرورتها إثر‬ ‫ً‬ ‫وقاحة‪،‬‬ ‫اغتي��ال نظام الش��بيحة‪ ،‬المُعل��ن‬ ‫الرث أص ًال‪ ،‬فجفّ��ت الحقوق حبراً‬ ‫للقانون ّ‬ ‫ف��ي ُكتيب��ات دس��تور البع��ث المجيد على‬ ‫رفوف الدولة التي تنهش في ذاتها‪.‬‬ ‫فُتح��ت األبواب األربع��ة‪ ،‬ونزل منها‬ ‫عناص��ر مس��عورون كم��ا يحل��و له��م أن‬ ‫يكونوا دائمًا‪ ،‬يصرخون بالناس‪ ،‬والش��رّ‬ ‫المعه��ود يتق��دّم أيديه��م الت��ي تقبض‬

‫على البنادق والمسدس��ات؛ تك ّلم أحدهم‬ ‫باقتض��اب م��ع الش��اب صاح��ب س��يارة‬ ‫المرس��يدس ووق��ف يتف��رّج‪ ،‬بينم��ا راح‬ ‫األربعة الباقون يوس��عون شرطي المرور‬ ‫ضربًا بأعقاب البن��ادق‪ ،‬ويجرونه كخرقة‬ ‫وسخة باتجاه السيارة‪ .‬صاحب الجاللة ابن‬ ‫ف�لان بن فالن ب��ن آل العصابة الحاكمة‪،‬‬ ‫أحد منْ في رقابهم اآلن‪ ،‬أرواح سوريين‬ ‫قض��وا في رحل��ة بحثهم ع��ن مفقودٍ أو‬ ‫مسلوب من صوت‬ ‫مطالبة في اس��ترجاع‬ ‫ٍ‬ ‫وكرامة ولقمة وهوية وتاريخ وحلم‪.‬‬ ‫الش��رطي‪ ،‬موظ��فُ الحكوم��ة‬ ‫البائ��س‪ ،‬الذي كنّا نكره��ه ونحقد عليه‬ ‫ألن��ه كان يلمّ مرتب��ًا إضافيًا كل ش��هر‪،‬‬ ‫س��واء كان ليس��دّ به ثقوب جيوب بذلته‬ ‫الرسمية المتشربة كرئتيه بدخان الوقود‬ ‫الس��ام‪ ،‬فيَصمُدُ فيها ثمن خبز ينقصُ‬ ‫ع��ن أطفاله‪ ،‬أو ليبن��ي لعائلته المهاجرة‪،‬‬ ‫ربما كداللة على ترف حص ّله من وظيفة‬ ‫حكومي��ة صغيرة كهذه‪ ،‬بيت��ًا صغيراً في‬ ‫إح��دى مناط��ق المخالف��ات؛ الش��رطي‪،‬‬ ‫المس��الم إلى حد كبي��ر‪ ،‬الذي لطالما كان‬ ‫يقف جَلوداً تحت الش��مس والمطر يلوّح‬ ‫بعص��اه المخطط��ة‪ ،‬كان هدف��اً لع��دد ال‬ ‫يُحص��ى م��ن نظ��رات ازدراء يرمقه بها‬ ‫المشاة وس��ائقو الس��يارات‪ ،‬وكبش فدا ٍء‬ ‫أخرسَ ألوالد الضباط وأعوان النظام كي‬ ‫يلكم��وه ويبصقوا عليه م��راراً في إثبات‬ ‫لس��طوتهم‪ ،‬حاملين أبداً‪ ،‬الضمان بأن ال‬ ‫جرأة ألحد في الدفاع عن نفس��ه أمامهم‪،‬‬ ‫لحظة يُبرزون عالماتهم الفارقة‪.‬‬ ‫الش��رطي‪ ،‬ف��ي ه��ذا الصب��اح‪ ،‬أراد‬ ‫مخالفة س��ائق المرس��يدس بالقرب من‬ ‫ساحة النجمة في دمشق‪ ،‬ألن األخير كان‬ ‫يقود س��يارته ف��ي عكس الس��ير‪ .‬حاول‬ ‫الرجل األربعينيّ النحيل‪ ،‬مرتّب الهندام‪،‬‬ ‫الدفاع عن نفس��ه بع��د أن تلقى اللطمة‬ ‫األول��ى على خ��ده‪ ،‬لك��ن الن��اس تدخلوا‬ ‫وحالوا دون ذلك‪ ،‬ش��ي ٌء م��ا كان ليحصل‬

‫قبل عامين‪ .‬ما زال عدم الرضوخ‪ ،‬على ما‬ ‫بدا عليه‪ ،‬غير مستحسن أحياناً‪ ،‬فالجميع‬ ‫شعر بتورط الشرطي وتخيّل‪ ،‬في ثانية‪،‬‬ ‫العواق��ب التي تنتظره‪ .‬ل��م يكن أقل من‬ ‫المتوقع أن يُجنّ جنون الشبيح الذي كان‬ ‫ال يس��مع س��وى صراخ الش��رطي يدخل‬ ‫ج��وف أذني��ه كالس��هام‪ ،‬غير ق��ادر على‬ ‫إس��كاته أو انت��زاع اعت��ذاره العميق؛ ولم‬ ‫يكن أحد ينتظر غير أن يُخرج ذاك هاتفه‬ ‫ّ‬ ‫واس��تل مس��دس‬ ‫النق��ال بع��د أن س��بق‬ ‫الني��كل ذا اللون الفض��ي الالمع‪ ،‬فأحسّ‬ ‫لحظتها بالجُبن‪ ،‬وحيداً في مبارزة عادلة‬ ‫مع الش��رطي‪ ،‬الذي وضع بدوره يده على‬ ‫مس��دس كان يحمله على خصره‪ .‬كان ال‬ ‫بدّ له من االستعانة بفرع الجوية ليطفئ‬ ‫رغبته في إذالل الرجل المسكين‪ ،‬بعد أن‬ ‫خُدش��تْ أمام جمع الن��اس المتواطئين‪.‬‬ ‫كان قد وصل المكان ضابطان في شرطة‬ ‫الم��رور عل��ى دراجتيهم��ا‪ ،‬ترج�لا عل��ى‬ ‫الفور‪ ،‬خلعا خوذيتهما واتجا نحو الش��بيح‬ ‫ال��ذي ما إن حاوال تهدأته‪ ،‬حتى انفجر في‬ ‫وجهيهما مهدداً‪:‬‬ ‫ «يال من هون إنت وياه أحس��ن ما‬‫اشحطكم معو‪» ..‬‬ ‫ «ي��ا س��يدي ط��ول بال��ك‪ ،‬وازرعا‬‫بهالدقن‪ .‬الزلمة غلط وحقك علينا‪ ،‬نحن‬ ‫منحاس��بو بالقسم‪ ،» ..‬س��رعان ما أردف‬ ‫اآلخر‪« :‬حاضر سيدي‪ ..‬يلي بدك ياه»‪.‬‬ ‫عبارات لم تكن جديدة على مس��امع‬ ‫الس��وريين‪ ،‬لكن قب��ل الث��ورة كان أهل‬ ‫الشرطي يعلمون أنه س��يعود إليهم بعد‬ ‫أن يُع��ذّب ويُفصل أو يُنق��ل من عمله‪،‬‬ ‫ولم يك��ن من الس��هل أن يعدموه‪ ،‬فقط‬ ‫ألنهم بحاجة لنصف مت��ر مربّع إضافيّ‬ ‫كي يشغله معتقل جديد يصل غداً!‬ ‫بالطب��ع ال س��لطة في هذا الش��ارع‬ ‫لقان��ون درس��ه ضابط ش��رطة أو قاض‬ ‫أو نائ��ب ع��ام‪ ،‬القان��ون في ظ��ل الثورة‬ ‫أصبح كلياً تحت حذاء الشبيح الموشومةِ‬

‫ذراعُه بص��ورة أبو حافظ‪ .‬كما س��قطت‬ ‫ّ‬ ‫المصفقين‬ ‫"س��وريا" من هتافات جحافل‬ ‫ف��ي دار األوب��را‪ ،‬يُس��قط الش��بيحة أي‬ ‫اعتبار لسلطة عسكرية أو مدنية‪ .‬انحالل‬ ‫الدولة يتجلى واضحًا في سرعة من يتخذ‬ ‫إصبع��ه قرار الضغط على الزناد أو ًال‪ .‬أيُّ‬ ‫مالحقة قضائية لش��بيحة أعدموا ميدانًا‬ ‫عش��رة مدنيين م��ن داري��ا‪ ،‬اعتقلوا على‬ ‫أحد الحواجز فاريّ��ن من جحيم القصف‪،‬‬ ‫ورم��وا بهم وض��ح النهار مقي��دي األيدي‬ ‫في قارعة الطريق؟ عن أيّ محاسبة كان‬ ‫يهذي ضابط المرور؟‬ ‫بالفعل استدار الضابطان مبتعدين‬ ‫وهما يرتديان خوذيتهما‪ ،‬ركب كل منهما‬ ‫دراجته وانس��حبا بعيداً‪ .‬الشفقة لم تكن‬ ‫يوم��ًا مرهماً لجراح إنس��ان‪ .‬في س��وريا‪،‬‬ ‫كان��ت الش��فقة ش��عوراً بغيض��ًا اعت��اده‬ ‫الس��وريّ‪ ،‬يليه يقي��ن‪ ،‬يُد َفنُ في أظلم‬ ‫بقع��ة داخل العقل‪ ،‬بأن الجريمة أصبحت‬ ‫جماعية اآلن‪ ،‬وبمش��يئة قانون العشيرة‪،‬‬ ‫ينتصّل جميع القتلة من العقاب‪.‬‬ ‫لق��د س��حلوا الش��رطي عل��ى زفت‬ ‫الطري��ق بهمجي��ة‪ .‬وجه��ه المدمّى كان‬ ‫يص��رخ بص��وت مش��جوج ومخي��ف‪ .‬كان‬ ‫الن��اس يصرخ��ون متوس��لين أولئ��ك‬ ‫األوغ��اد أن يترك��وه وش��أنه‪ ،‬لك��ن األمر‬ ‫قُضيَ أخي��راً برصاصة أطلقها الش��بيح‬ ‫ف��ي الهواء فأس��كتتهم للحظ��ة‪ ،‬قبل أن‬ ‫تُقل��ع س��يارته وتنطل��ق وراءها س��يارة‬ ‫األمن‪ .‬تفرّق الن��اس وبعضهم يدعوا له‬ ‫بالف��رج‪ ،‬وبعضهم اآلخ��ر يلتفت متقفيًّا‬ ‫دخان الس��يارتين بنظ��رات حاقدة‪ ،‬كمن‬ ‫ّ‬ ‫استحقها طوال أكثر من‬ ‫يردّ النظرة لمن‬ ‫أربعين عامًا‪ .‬على الزفت بقيت آالم جسد‬ ‫الش��رطيّ؛ ونظرات منْ أطل��وا حائرين‬ ‫برؤوسهم من الشرفات المحيطة؛ وبضع‬ ‫قط��رات من ال��دم؛ وقبّعة زيتيّ��ة اللون‬ ‫مُزينّ��ة بنس��ر ذهب��يّ ص��دئ‪ ،‬رم��وزاً‬ ‫ّ‬ ‫المتفككة‪.‬‬ ‫لجمهورية األسد‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫ُهنــا ِد َم�شــــق‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪27‬‬


‫مـن ذاكـرة العتـمة‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫يتوافدون على سعيد لرؤيتهم وسعيد‬ ‫يرمقهم بنظرات غاضبة‪.‬‬ ‫بعد أكثر من س��اعتين على هذا‬ ‫الوضع جاءت آخر دفعة من الزوار إلى‬ ‫زاوية سعيد وطلبوا منه رؤية الصور‪،‬‬ ‫فأجابهم س��عيد الذي ضاق بهم ذرعًا‪:‬‬ ‫واهلل خلص��وا‪ ،‬أكلوه��ن الش��باب‪،‬‬ ‫الزيارة الجاية بحس��ب حسابكن بكم‬ ‫وحدة!‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫المنسيون في الظالم لن ننساكم | عمل لوسام الجزايرلي‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪28‬‬

‫كان س��عيد مهندس��ًا ف��ي مط��ار‬ ‫دمشق الدولي‪ ،‬أتمّ دراسته في االتحاد‬ ‫الس��وفيتي وت��زوج م��ن فتاة روس��ية‬ ‫وأنجب منها صبياً ثم انفصل عنها‪.‬‬ ‫ال ينتم��ي س��عيد إل��ى أي ح��زب‬ ‫سياس��ي‪ ،‬السياس��ة ليس��ت م��ن‬ ‫اهتمامات��ه أساس��اً‪ ،‬ويعان��ي م��ن‬ ‫البارانويا (جنون االرتياب)‪.‬‬ ‫ف��ي أواخ��ر الثمانيني��ات وأثن��اء‬ ‫حملة االعتقاالت التي شهدتها سوريا‬ ‫ألعضاء حزب العمل الش��يوعي وعدة‬ ‫أحزاب أخرى‪ ،‬تم اعتقال زميل لسعيد‬ ‫من م��كان عمله‪ ،‬فارتاب س��عيد بأنه‬ ‫مطل��وب أيضًا خصوص��ًا وأنه كان قد‬ ‫ت��م اعتقال الكثير من ش��باب عائلته‪،‬‬ ‫فغ��ادر إلى وادي اليرم��وك واختبأ في‬ ‫مغارة هناك‪.‬‬ ‫بعد مض��ي أكثر من ش��هر على‬ ‫اختبائه أصاب س��عيد الملل وأيقن أنه‬ ‫لم يك��ن مطلوباً‪ ،‬فغ��ادر مخبأه وعاد‬ ‫إل��ى عمل��ه‪ ،‬بع��د يومين ت��م اعتقال‬ ‫س��عيد بسبب وش��اية من أحد زمالئه‬ ‫في العمل مبنية على اختفائه المريب‬ ‫ونقل إلى سجن صيدنايا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ازدادت حال��ة س��عيد س��وءا ف��ي‬ ‫المعتقل‪ ،‬فازداد انعزا ًال وبدأ تعاطيه مع‬ ‫اآلخرين يتسم بالعدوانية والفوقية‪.‬‬

‫بعد عدة أش��هر س��محت الزيارات‬ ‫لسعيد‪ ،‬فأتى أهله برفقة ابنه لزيارته‬ ‫جالبي��ن له بعض الصور التي التقطها‬ ‫أيام دراسته في االتحاد السوفيتي وفي‬ ‫يوم زفافه وخالل حياته المشتركة مع‬ ‫زوجته قبل االنفصال‪ ،‬وفي جميع هذه‬ ‫الصور تظهر زوجته الش��قراء الجميلة‬ ‫معه وفي بعضها يظهر إبنهما الصغير‬ ‫الذي يشبه أمه كثيرا‪ ،‬وقد جرت العادة‬ ‫في ظ��ل التعطش ألي خبر من الخارج‬

‫أن يتجمع الش��باب بع��د كل زيارة عند‬ ‫المعتق��ل صاح��ب الزي��ارة لس��ماع أي‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫ل��م يصدق الش��باب عندم��ا رأوا‬ ‫الصور أن هذه أسرة سعيد‪ ،‬فلكثرة ما‬ ‫كان يتصرف معه��م بفوقية ويتحدث‬ ‫بتع��ال ظن��وا جميع��ًا‬ ‫ع��ن إنجازات��ه‬ ‫ٍ‬ ‫أن��ه كان يك��ذب‪ ،‬ب��دأ الش��باب بإخبار‬ ‫بعضهم عن موض��وع الصور‪ ،‬وأخذوا‬

‫جوليا شحادة‬

‫يف حب �سوريا‬ ‫سامر الحموي‬ ‫أكتب إليك بمداد من الحب‪..‬‬ ‫رسالة كبيرة من الوداد والشوق‪..‬‬ ‫أنت من تضيق الكلمات قاصرة في وصفك‪..‬‬ ‫أنت الود والعشق والصفاء واإليمان واألفكار‪..‬‬ ‫وكل ما اشتملت عليه الروح والمشاعر‪..‬‬ ‫شعاع النور يتمدد بين جنباتك مستأذناً كما الخاطب في حضرة المخطوبة‪..‬‬ ‫أنت بسمة الطفل لحظة انطلقت قدماه‪..‬‬ ‫أنت األلم العظيم يصبح صاغراً تحت أركان العظمة والصبر الجميل‪..‬‬ ‫أنت صوت اهلل أكبر تشق أسماع من حاربها‪..‬‬ ‫حكاية حب تمتد من األزل إلى األبد بفصول من األلم واألمل الكبير‪..‬‬ ‫أنت المزن يهمي يسقي الفؤاد واألنام‪..‬‬ ‫سوريا شوق اإلنسانية للعدالة والحرية على مر الزمان‪..‬‬ ‫ماذا أكتب في حبك وأنت الحب والشوق عامراً‪..‬‬ ‫ستبقين يا سوريا مهوى العاشقين على مر الزمان المتلهفين للعدل واألمل‪..‬‬ ‫الحرية قادمة يا سوريا العظيمة‪..‬‬ ‫ال تبكي يا حبيبتي‪ ،‬األلم ساعة واحدة واألمل إلى قيام الساعة‪..‬‬ ‫ستبقين يا طاقة الورد‪ ،‬فواحة على مر الزمان‪..‬‬ ‫النصر لك يا سوريا العظيمة‪..‬‬

‫بـــالد‬ ‫الرا صبرا‬ ‫بطائر يحرس فتات خبز على نافذتك‪ ،‬بضوء مئذنة أخضر وتسبيح مصلوب‪ ،‬بتلك‬ ‫السهولة كانت البالد‪..‬‬ ‫وم��ا تبق��ى منها يمأل ال��دواة دما ًء ويرس��م حدود أكب��ر لها لتض��م الالجئين على‬ ‫قارعتها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫والبالد هناك‪ ..‬حيث الهدوء هو األوفر حظا في النُّدرة‪.‬‬ ‫وهناك ايضاً‪..‬‬ ‫م�لأ صراخ القذائف أذنيه‪ ،‬وذكره بصراخ والدته ي��ومَ حمل لها قطة إلى المنزل‪،‬‬ ‫وأمضى ساعاتٍ محاو ًال إقناعها بأن تلك القطة أنجبته على غفلةٍ من الزمن‪.‬‬ ‫وق��ف ناظ��راً منزله المحترق وغارس��اً أصابعه ف��ي التراب ـ إنه‪ ..‬إنه��ا ـ هكذا رأى‬ ‫والديه من بعيد يبتسمان له‪ ..‬اقترب منهما وجارى خياله فرحهما‪..‬‬ ‫اقترب ليس��تغل الخدع��ة وتلتقط له القذيفة المتجهة إل��ى المنزل المجاور صورة‬ ‫تذكارية‪.‬‬ ‫وأيضا تذكر ليال الحصاد‪ ،‬لم يكن يدري من تخلف عن اآلخر هي أم هو‪..‬‬ ‫أتعب��ه التفكير حقًا وأغلب الظ��ن أنها من تخ ّلفت‪ ،‬فهو ال يزال يجيد الغِناء وتأنيث‬ ‫الخريف‪..‬‬ ‫ليال لطيفة على الرغم من‬ ‫حال كانت ٍ‬ ‫أما هي فربما وجدت من يُجيدها‪ ،‬على كل ٍ‬ ‫أنها تركت له عباءة الفقاعة‪.‬‬ ‫وعندما اكتس��ى الليل نجومه‪ ،‬داعبت قطرات المطر وجهه وأيقظت رائحة الحاضر‬ ‫المدفون تحت التراب وفوقه‪.‬‬ ‫جثا على ركبتَيه وقال في سرّه‪ :‬لون وطعم ورائحة اكتمل المشهد أخيراً!‪..‬‬


‫د‪ .‬جابر ع�صفور‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫بمبادئ الحرية في س��بيل فرض الوحدة‬ ‫القمعية‪ ،‬وتأس��يس التراتب بين القيادات‬ ‫والمؤسس��ات بوصف��ه الوج��ه العام��ر‬ ‫للنظ��ام البطريركي ال��ذي يفرض طاعة‬ ‫األعل��ى عل��ى األدن��ى ف��ي كل األحوال‪.‬‬ ‫وطبيع��ي أن تق��وم ش��رعية الحك��م في‬ ‫هذه الدولة االس��تبدادية على اس��تعمال‬ ‫العن��ف واإلرهاب أكثر م��ن االعتماد على‬ ‫الشرعية التقليدية‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى‬ ‫عدم وج��ود انتخاب��ات لها معن��ى‪ ،‬وإلغاء‬ ‫الدس��اتير أو تعطيله��ا‪ ،‬وتجمي��د الحقوق‬ ‫المدني��ة المقترن��ة بحق��وق اإلنس��ان أو‬ ‫تعليقها‪.‬‬ ‫وال تنفص��ل األس��باب االجتماعي��ة‬ ‫ع��ن دواف��ع العن��ف م��ن ه��ذا المنظ��ور‬ ‫خصوصًا حين تغل��ب البنية البطريركية‬ ‫على المجتمع مقترنة بأنواع من أش��كال‬ ‫التمييز القس��ري الذي يمايز بين ما يعده‬ ‫المجتم��ع أو تعده المجموع��ة االجتماعية‬ ‫أعلى أو أدنى وذلك على أساس من تبرير‬ ‫أفضلية األعل��ى على األدن��ى بموروثات‬ ‫من معتقدات وع��ادات وتقاليد‪ ،‬موروثات‬ ‫تؤص��ل التمايز على أس��اس من اللون أو‬ ‫الجنس أو العمر أو الطاقة أو الثروة‪.‬‬ ‫والكت��اب ف��ي مجمله يحم��ل خطابا‬

‫ثقافي��ا جدي��دا ويرس��م تقدم��ًا واضح��ًا‬ ‫للمجتم��ع‪ ،‬مما ي��ؤدي إلى تس��ريع عجلة‬ ‫التقدم‪ ،‬عبر آلي��ات التفتيش عن الثقافة‬ ‫الت��ي أف��رزت ه��ذا الواق��ع المت��ردي‪،‬‬ ‫فالثقافة قد تكون عملية عقلية وإبداعية‬ ‫وتس��امحية‪ ،‬وق��د تك��ون إتباع��اً وإرهابا‬ ‫وقمع��ا ومصادرة‪ ،‬أي أنها إما ثقافة تقدم‬ ‫أو ثقاف��ة تخلف‪ ،‬وهي ف��ي كلتا الحالتين‬ ‫قوة‪ ،‬فثقافة التقدم هي قوة في المعرفة‬ ‫والتط��ور‪ ،‬بينما ثقافة التخل��ف هي قوة‬ ‫في هدم المجتمع‪ ،‬وقد شرح عصفور في‬ ‫كتابه كيف نش��أت ثقافة التخلف وتحولت‬ ‫من كونه��ا نتيج��ة للوضع المت��ردي إلى‬ ‫أداة لالس��تمرار في��ه‪ ،‬وه��ي ذات حصانة‬ ‫ض��د التغيي��ر‪ ،‬وعل��ى زواج كاثوليك��ي‬ ‫م��ع العيش ف��ي الماضي وع��دم اعتراف‬ ‫باآلخ��ر أو الطرف المختل��ف‪ ،‬وهناك مثل‬ ‫صين��ي يق��ول «إذا كانت أدات��ك الوحيدة‬ ‫هي المطرقة فكل األش��كال تأخذ ش��كل‬ ‫المس��امير»‪ ،‬والمطرق��ة هنا ه��ي ثقافة‬ ‫التخلف والمس��امير هي اإلبداع‪ ،‬الفنون‪،‬‬ ‫اآلداب‪ ،‬والمرأة ووضعها في المجتمع‪.‬‬ ‫كتاب «نقد ثقاف��ة التخلف» كتاب ال‬ ‫يضع إجابات بقدر ما يطرح أسئلة‪ ،‬وهذه‬ ‫هي مهمة المفكر والناقد الحقيقي‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كتابن��ا الي��وم "نقد ثقاف��ة التخلف"‬ ‫للناق��د المص��ري الدكتور جاب��ر عصفور‪.‬‬ ‫بح��وث وأوراق كتب��ت عب��ر س��نوات قليلة‬ ‫تدعو ‪ -‬بحسب تعبير المؤلف ‪ -‬إلى المزيد‬ ‫من الكش��ف عن كل ما ال ي��زال في حاجة‬ ‫إلى الكش��ف‪ ،‬في م��ؤازرة تحرير وتطوير‬ ‫العق��ل النق��دي ف��ي المجتم��ع العرب��ي‪.‬‬ ‫والدكت��ور جاب��ر عصف��ور يدع��و في هذا‬ ‫الكت��اب إلى بن��اء ثقافة جدي��دة تنمو في‬ ‫ظلها حري��ة الفكر واالبت��داع‪ ،‬حيث يؤمن‬ ‫ب��أن حرية الفكر الس��بيل األوح��د للتقدم‬ ‫والرق��ى الحض��اري مدل�لا عل��ى ذلك بأن‬ ‫الحضارة العربية اإلس�لامية لم تزدهر إال‬ ‫بمدى ما حققت من حرية فكرية س��اعدت‬ ‫على نمو طاق��ات اإلبداع الفكري‪ ،‬كما أنها‬ ‫لم تع��رف طريقه إلى االنح��دار إال عندما‬ ‫اس��تبدلت التقلي��د باالجته��اد‪ ،‬والتعص��ب‬ ‫بالتس��امح‪ ،‬والتس��لط الظالم بالمس��اواة‬ ‫في العدل‪ ،‬فكان��ت النتيجة ازدياد معدالت‬ ‫االنهي��ار الذي اقت��رن بس��جن المختلفين‬ ‫فكريا وسياس��يا وتفكي��را دينيا والتصاعد‬ ‫المطرد في اضطهادهم وتعذيبهم وإعدام‬ ‫البع��ض منه��م مم��ا أدى إل��ى االنحباس‬ ‫في الم��دار المعرفي المغل��ق الذي اقترن‬ ‫بانغ�لاق الم��دار نفس��ه على التس��لطية‬ ‫السياس��ية والديني��ة واالجتماعية‪ ،‬فكانت‬ ‫النتيج��ة الحتمي��ة الت��ي اقترن��ت بتوق��ف‬ ‫الحلم العربي واتس��اع م��دى الهزيمة في‬ ‫مواجه��ة المغ��ول والتتار ث��م الصليبيين‪،‬‬ ‫واالنح��دار إلى ق��رارة القرار م��ن التخلف‪.‬‬ ‫وكان ذل��ك ف��ي الوق��ت ال��ذي ب��دأت فيه‬ ‫النهض��ة األوربي��ة من حيث انته��ى أمثال‬ ‫ابن سينا وابن رشد والتقدم العربي بوجه‬ ‫عام‪ ،‬فتس��ارعت خط��ى الصعود األوروبي‬ ‫ف��ي الحضارة والتقدم بق��در تصاعد طي‬ ‫االنحدار العربي في كل مجال‪.‬‬ ‫كم��ا يؤك��د أن الدول��ة التس��لطية‬ ‫الت��ي تقوم على احتكار الس��لطة والقوة‬ ‫والث��روة لصالح النخبة أو العائلة الحاكمة‬ ‫تولد ثقاف��ة التخلف وهى ثقاف��ة اإلتباع‬ ‫الفكري وقمع الرأي والخوف من الحكومة‬ ‫والس��لطة والدولة‪ ،‬وهى احتكار السلطة‬ ‫ع��ن طري��ق اخت��راق المجتم��ع المدني‪،‬‬ ‫مشيرا إلى أن النظام السياسي متسلط‪،‬‬ ‫وقائال بأن خطأ الس��ادات في التحالف مع‬ ‫اإلخوان المسلمين‪.‬‬ ‫وي��رى عصف��ور أن تطوي��ر التعليم‬ ‫مفت��اح توليد العقل النقدي لدى الش��باب‬ ‫المص��ري‪ ،‬وهو أس��اس التطور‪ ،‬مش��يرا‬ ‫بكلمت��ه خ�لال الن��دوة إل��ى أن عص��ور‬ ‫االنح��دار تق��وم على النق��ل وليس على‬ ‫النق��د وهن��اك إش��كاليات تحت��اج للتأمل‬ ‫وتدعو إلعادة التفكر في مفهوم التقدم‪.‬‬ ‫و مف��ردات ثقاف��ة التخل��ف بحس��ب‬ ‫الكات��ب ه��ي أو ًال االنكف��اء عل��ى م��اض‬ ‫متخي��ل وه��ذا الماضي ال أس��اس له في‬ ‫الواق��ع‪ ،‬وهذا ه��و حال المجتم��ع العربي‬ ‫ككل‪ ،‬ثاني��اً التعص��ب للقدي��م وع��دم‬ ‫اإليم��ان بالجديد‪ ،‬ثالثًا الدولة التس��لطية‬ ‫الت��ي تقوم على احتكار الس��لطة والقوة‬ ‫والثروة لصالح النخبة أو العائلة الحاكمة‪.‬‬

‫كما يتناول المؤل��ف في كتابه أيضًا‬ ‫الخطاب المعرف��ي وكيف أن هذا الخطاب‬ ‫يتعرض للرقابة م��ن ناحية والعقاب من‬ ‫ناحي��ة أخ��رى وأش��ار إلى أهمية دراس��ة‬ ‫المس��كوت عن��ه ف��ي الخط��اب‪ ،‬وكيفية‬ ‫مواجه��ة ثقاف��ة التخلف حي��ث أن الحلول‬ ‫الجزئي��ة لم تعد تجدي فنح��ن في حاجة‬ ‫لنظرة إس��تراتيجية فالعال��م اآلن يتحدث‬ ‫عن ‪ 2020‬ونح��ن ليس لدينا هذه الرؤية‬ ‫وف��ى حاج��ة إلى رس��م خرائ��ط معرفية‬ ‫جديدة‪ ،‬والقضاء على التفكير الخرافي‪.‬‬ ‫من يقرأ الكتاب يس��تطيع الحصول‬ ‫على س��يناريو تفصيلي وأجندة تقريرية‬ ‫عن ح��ال تده��ور العقل العرب��ي والردة‬ ‫الحضاري��ة الت��ي تمكن��ت م��ن افت��راس‬ ‫روح��ه‪ ،‬فقتل��ت فيه��ا البهج��ة والتم��رد‬ ‫واإلب��داع‪ ،‬وتغيي��ر س��لوكياته فطبعته��ا‬ ‫بالطاب��ع المظهري الش��كلي ال��ذي يهتم‬ ‫بالطقوس على حساب الضمير والجوهر‪.‬‬ ‫هذا وتحتل حري��ة التعبير في كتاب‬ ‫د‪ .‬عصفور معظم الكتاب‪ ،‬س��واء بطريق‬ ‫مباش��ر أو غي��ر مباش��ر‪ ،‬فه��و ال يكل وال‬ ‫يمل من المطالبة بهذه الحرية ويعتبرها‬ ‫مفتاح النج��اح والحل‪ ،‬وه��ى حرية تفرز‬ ‫نفس��ها وتصل��ح أخطاءه��ا بمزي��د م��ن‬ ‫الحري��ة‪ ،‬وانطالق��ًا من هذا المانيفس��تو‬ ‫الح��ر يهاج��م فوبي��ا الفن‪ ،‬التي س��كنت‬ ‫عقولنا‪ ،‬فيناقش رقابة فيلم آالم المسيح‬ ‫التي وصل صداها لمجلس الش��عب الذي‬ ‫حاكمه دينيًا بد ًال من مناقشته فنيًا‪.‬‬ ‫ويؤكد الدكتور جاب��ر عصفور على‬ ‫أن شيوع خطاب العنف الثقافي يرجع إلى‬ ‫أس��باب سياس��ية واجتماعية واقتصادية‬ ‫وفكري��ة ودينية‪ ،‬وم��ن الممكن أن نقرن‬ ‫ه��ذه األس��باب‪ ،‬ف��ي نتائجه��ا المباش��رة‬ ‫وغي��ر المباش��رة‪ ،‬بالكبت الطوي��ل الذي‬ ‫انفجر ً‬ ‫عنيف��ا محتدمًا قامعً��ا ومقموعًا‬ ‫ف��ي االتس��اع النس��بي لهوام��ش حري��ة‬ ‫التعبي��ر التي ال ت��زال مح��دودة‪ ،‬والعنف‬ ‫ال��ذي ال تفارق��ه دالة على أش��كال القمع‬ ‫السياس��ي واالجتماع��ي والثقافي الغالب‬ ‫على األقطار العربية‪.‬‬ ‫لك��ن م��اذا ع��ن أه��م األس��باب‬ ‫السياس��ية التي تدف��ع إلى العن��ف يؤكد‬ ‫عصف��ور أنها تتصل باآلث��ار الناتجة عن‬ ‫حض��ور الدول��ة التس��لطية ف��ي توزعها‬ ‫الغالب على األقطار العربية‪ ،‬وهي الدولة‬ ‫الت��ي تحتك��ر مص��ادر الق��وة والس��لطة‬ ‫ف��ي المجتمع لصال��ح الطبق��ة أو النخبة‬ ‫الحاكم��ة‪ ،‬معتمدة في ذل��ك على اختراق‬ ‫المجتم��ع المدن��ي وتحوي��ل مؤسس��اته‬ ‫المس��تقلة إل��ى تنظيم��ات تابع��ة تعمل‬ ‫بوصفها امتدادا ألجه��زة الدولة‪ ،‬ويقترن‬ ‫ذل��ك بالهيمن��ة على النظ��ام االقتصادي‬ ‫وتحويله إلى خدمة النخبة الحاكمة وذلك‬ ‫عل��ى نحو يق��رن االقتصاد بالسياس��ة أو‬ ‫العكس ف��ي الم��دى األيديولوج��ي لهذه‬ ‫الدولة التي تسعى أجهزتها اإليديولوجية‬ ‫إلى تأكيد معنى اإلجماع ورمزية القيادة‪.‬‬ ‫ويترت��ب عل��ى ذل��ك التضحي��ة‬

‫حوار العدد ‪. .‬‬

‫نقــــد ثقــــافة التخلــــف‬

‫‪29‬‬


‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟‬ ‫حممد عبد الكرمي‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫إل��ى ّ‬ ‫كل الطواغيت ف��ي العالم‪ :‬اس��تهاللكم خطاباتكم‬ ‫بعبارة (أيها الشعب العظيم‪ )..‬ال يعني السماح لكم ببقية‬ ‫ما ورد فيه من طغيان!‪..‬‬

‫ليلى العودات‬

‫أقل األقليات ه��م المرفوضون ف��ي جماعاتهم الرافضون‬ ‫لتوجهاته��ا‪ ،‬تق��ع عليه��م عنصري��ة الجماع��ات األخ��رى‬ ‫بالتعري��ف ويرافقه��ا اضطه��اد ورف��ض وتخوي��ن م��ن‬ ‫جماعته��م‪ ..‬ه��ذه المجموع��ات تبقى بال وطن س��قط من‬ ‫س��قط وحكم من حك��م‪ ،‬ولكنه��ا هي بالذات من س��يقف‬ ‫حارسا على باب وطن الباقين وشوكة في حلق كل مشروع‬ ‫مستبد‪ .‬هم ضماننا الوحيد‪ ..‬فلنبق لهم مساحة للتنفس‪.‬‬

‫�إميان جان�سيز‬

‫ي��ا س��ورية العفيفة‪ ..‬رم��وك بحج��ارة صمته��م‪ ..‬وهم‬ ‫يعلمون أن قميصك ُقدَّ من دُبُر‪ ..‬ذنبكِ بهاؤكِ‪ ..‬والحق‬ ‫بيّن‪ ..‬لكنهم قطعوا أصابعهم‪ ..‬فض ّلت اإلشارة‪..‬‬

‫�صبحي حديد‬

‫م��ا ب��دي يضيع حقي بوالدي‪ ،‬مهما كانت الظروف‪ ،‬ويكون إلن متلن مت��ل أي طفل بهالبلد‪ .‬ألني أنا‪ ،‬األم‪،‬‬ ‫سورية‪.‬‬

‫‪‎‬عمر �إدلبي‪‎‬‬ ‫الدول الداعمة تخش��ى وص��ول دعمها المزع��وم إلى جبهة‬ ‫النص��رة و"الكتائ��ب المتش��ددة" حس��ب وصفه��م‪ ..‬وه��ذه‬ ‫الكتائب وفق ما يراه الجميع أمورها جيدة جداً دعمًا وتنظيماً‬ ‫وتس��ليحًا‪ ..‬من دون دعم ومنيّ��ة هذه الدول‪ ..‬أال يعني هذا‬ ‫أن ال��دول الداعم��ة بامتناعه��ا عن دعم بقي��ة كتائب الثوار‬ ‫تساهم جديًا في انفراد جبهة النصرة وغيرها من "الكتائب‬ ‫المتشددة" بساحة العمل المسلح ضد النظام؟‬

‫‪‎‬رائد وح�ش‪‎‬‬

‫هل يعقل أن رياض سيف‪ ،‬نائب رئيس االئتالف‪ ،‬ما يزال‬ ‫حتى الساعة يطلق على المجرم األسد صفة "الرئيس"؟‬ ‫أتضيفون اإلهانة على جراح السوريين؟‬

‫إلى مخيم خان الشيح‪:‬‬ ‫ف��ي علم نح��و المخي��م‪ :‬البي��وت مبنيّة للغي��اب‪ ،‬ونحن‬ ‫مبنيّ��ون للمجه��ول‪ .‬ظ��ل العالم يح��اول إقن��اع أدمغتنا‬ ‫العني��دة أن البي��ت الحقيقي ه��و القب��ر والباقي محطات‬ ‫ليس إال‪ ،‬ولم نكن لنقتنع بأقل من حرب‪.‬‬

‫بع��د أن ضحى اآلالف بحياتهم من أنا ألقول عبث‪ ،‬من أنا‬ ‫ألقول ال جدوى‪ ،‬من أنا ألنعي الربيع‪ ،‬من أنا ألعلن قدوم‬ ‫الخري��ف‪ ،‬من أنا ألخاف‪ ،‬من أنا‪ ..‬أنا ال أؤمن إال باإلنس��ان‬ ‫في روح الشعب وال شيء يفوق إيماني بذلك‪..‬‬

‫أوس��خ حزب ببلدنا هو حزب (ما دخلنا يصطفلوا)‪ ..‬يلعن‬ ‫رواحكن انتو كمان‬

‫فدوى روحانا‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪30‬‬

‫بدي أتزوج يلي بحبو‪ ،‬ش��و ما كانت جنس��يتو‪ ،‬وبدي أعطي الجنس��ية لوالدي‪ ،‬وياخدو الحقوق يلي باخدو‪،‬‬ ‫ويكون عليون الواجبات يلي عليي‪ ،‬طالما أنا أمن‪ ،‬سورية‪ ،‬فالزم يكونو هني كمان سوريين‪.‬‬

‫�أحمد الأحمد‬

‫أحلق الذّقنَ بالوجع‪ ،‬أستحمّ بالخجل‪ ،‬أرتدي العار‪ ،‬أصبّ‬ ‫قه��وة التّبكي��ت‪ ،‬أدير مح��رّك الضّعة‪ ،‬وأنطل��ق باتّجاه‬ ‫اللعنة‪( .‬ملخّص الحياة اليومية لسوريٍّ في الخارج)‬

‫نا�صر عبو‬

‫اإلخوان المس��لمون بش��كل عام حركة محافظة وليست‬ ‫متطرف��ة وإضعافه��ا رح يعطي مس��احة اكتر للس��لفية‬ ‫السياس��ية الجدي��دة يل��ي فيني ق��ول عنه��م متطرفين‬ ‫بغالبيتهم‪ ..‬القصد ال يعني السكوت على أخطاء اإلخوان‬ ‫لك��ن لنحاول نك��ون موضوعيين بنق��د أخطائهم نحاول‬ ‫يك��ون نقدنا بناء وال نحس��بهم عل الس��لفيين والعكس‬ ‫صحي��ح وبالنهاية الج��وز مننا وفين��ا والزم نحاول نتعلم‬ ‫كي��ف نتعامل معه��م أو حتى كي��ف نخاصمه��م لما فيه‬ ‫المصلح��ة العامة وياريت ش��وف العلمانيي��ن عم يرفعو‬ ‫ش��عار يلي ما بيج��ي معك تعال معو ويحسس��وني فعال‬ ‫أنه��م أكث��ر نض��ج وعقالني��ة بالتعامل مع الش��أن العام‬ ‫ب��س لهأل ماني ش��ايف غير بع��ض المح��اوالت الفردية‬ ‫م��ن بع��ض المثقفي��ن العلمانيي��ن مثل بره��ان غليون‬ ‫وعزمي بش��ارة ومنصف المرزوقي وصادق جالل العظم‬ ‫مع حفظ األلقاب لنس��ج أس��لوب تقاليد تعامل غير حاد ة‬ ‫مع اإلس�لاميين ممك��ن ترتقي لحد الش��راكة كما بحالة‬ ‫الغليون والمرزوقي‪ ..‬هما يالحظان ويستنتجان‪..‬‬

‫�شام و�سوف‬

‫هاين عبا�س‬

‫تح��ت الرصاص‪ ..‬يس��توي اللذي��ن يعلم��ون‪ ..‬واللذين ال‬ ‫يعلمون‪..‬‬

‫ندى كرامي‬

‫النظ��ام والمعارض��ة‪ ،‬الغ��رب والع��رب‪ ،‬الصامتي��ن‬ ‫والناش��طين‪ ،‬الديني��ن والملحدي��ن‪ ،‬كله��م اتفقوا على‬ ‫االس��تقالة‪ ،‬اتفقوا عل��ى تتويج جبهة النصرة‪ .‬الش��هداء‬ ‫والقتلى وحدهم مازالوا مستمرين‪..‬‬

‫عمر قدور‬

‫يب��رر جورج صب��را‪ ،‬في حوار على الجزي��رة اليوم‪ ،‬قدوم‬ ‫مجاهدي��ن م��ن دول أخ��رى إل��ى س��وريا بتعاطفهم مع‬ ‫مأس��اتنا‪ ..‬من جهتي‪ ،‬أحترم أي شخص يأتي ليقاتل حقًا‬ ‫من أجل سوريا‪ ،‬أما من يأتي ليجاهد في سبيل اهلل فهذا‬ ‫شأن مختلف؛ سوريا وطن‪ ،‬وليست معبراً إلى الجنة‪.‬‬

‫�أحمد �صبح‬

‫عل��ى المس��توى الرس��مي ال يوجد م��ا يس��مى " أصدقاء‬ ‫الشعب السوري" وإنما هناك فقط أعداء الشعب السوري‪..‬‬ ‫أما على المستوى الشعبي فاألصدقاء كثر ولكنهم يعانون‬ ‫من متالزمة " العين بصيرة واليد قصيرة"‪!!..‬‬

‫أم سورية مغتربة‬

‫ب�سمة حداد‬ ‫الطائف��ي العنص��ري‪ ،‬يش��به كي��س القمام��ة المل��يء‬ ‫بالقاذورات‪ ..‬مجرد أن تنكشه تفوح رائحته ويبدأ بنثرها‬ ‫ف��ي كل االتجاهات‪ ،‬وال يهم ن��وع الكيس إن كان علمانيأ‬ ‫أو يساريأ أو قوميأ أو دينيأ‪..‬‬

‫ن�ضال حمفو�ض‬

‫عندما أرى رب عائلة يُحمِّل س��يارة (س��وزوكي) ببعض‬ ‫ما تيس��ر من حطام أثاث أو بقايا خب��ز ومالبس‪ ،‬ويغادر‬ ‫منزل��ه المدمر‪ ،‬أش��عر أن كل ما كتب وس��يكتب ال يرقى‬ ‫لدمعة متحجرة في عينه‪ ،‬أو آهة قهر حبيسة ضلوعه‪.‬‬

‫ب�شري كفاح‬

‫الثورة لعنة‪ ..‬نارها تصيب المتسترين بظلها وال يحملون‬ ‫مبادئه��ا قبل أولئك الذي��ن ناصبوها الع��داء‪ ..‬ثورة قيم‬ ‫وكرامة‪..‬‬

‫فادي ديوب‬

‫تحدي حقيقي انك تحافظ على حسك اإلنساني أمام كل‬ ‫هالوحش��ية‪ ..‬يا ترى ش��و كان صار بأي��وب لو كان عيش‬ ‫بسوريا هأل؟‪ ..‬رح يذكر التاريخ صبر السوريين‪ ..‬في عنا‬ ‫ماليين إلي فاقو أيوب‪ ..‬يا سوريا! يا صبر!‬

‫عهد زرزور‬

‫األش��قاء الغير سوريين لمن بتقولوا‪ :‬اهلل ينصركم‪ ،‬اهلل‬ ‫يصبركم‪ ،‬إيمتى رح يسقط رئيسكم؟ وغيرها‪ ..‬القضية‬ ‫ليست قضيتنا وحدنا على اإلطالق‪ ،‬إنها قضية كل كائن‬ ‫حي ولديه انتماء ولو بس��يط ألي دين أو عرق أو قومية‪..‬‬ ‫إنه��ا قضي��ة العالم الس��اقط أجمع وعلي��ه مقياس مدى‬ ‫انتماء أي كائن حي لإلنسانية‪ ..‬ال ليس قضية السوريين‬ ‫وحدهم كل هذا الموت‪..‬‬

‫�سلمى كركوتلي‬

‫هناك ث��ورة كرامة وحري��ة‪ ..‬وعدل‪ ..‬وهناك بلد اس��مها‬ ‫س��وريا ضائع��ة الرج��اء مد ي��د الع��ون في البح��ث عنها‬ ‫وإيجادها‪ ..‬فقد تموت عطشا للحياة في أي لحظة‪..‬‬

‫ر�شا دباغ‬ ‫جامع��ه الش��هداء‪ ..‬مخابز الش��هداء‪ ..‬مدارس الش��هداء‪..‬‬ ‫واآلن نه��ر الش��هداء‪ ..‬حل��ب الش��هداء ترح��ب بأرواحكم‬ ‫الطاهرة‪..‬‬

‫أمنيت��ي الوحي��دة اآلن‪ ..‬أن تصب��ح كل مناص��ب‬ ‫الرئاسة في الشركات والمؤسس��ات بيد النساء وأن‬ ‫يكون كل ربات العمل من النساء حتى يذوق الجنس‬ ‫«اآلخ��ر جداً» ما تذوقه اإلناث م��ن أرباب العمل من‬ ‫قهر وإذالل‪ ..‬فال ترضى بتس��ليمه العمل إال إذا قام‬ ‫ٍ‬ ‫بمصاحبته��ا‪ ..‬أو مث� ً‬ ‫لا أن تأمره ب��أن يجلب لها أي‬ ‫ش��يء فقط لتأمل قوامه الممش��وق‪ ..‬ولربما ترمي‬ ‫بقلمها على األرض وتأمره بجلبه لتتمعن بعضالت‬ ‫مؤخرته المشدودة‪ ..‬المشكلة هي بأنني أعلم تمامًا‬ ‫أن هذا الكالم لن يزيد عليكم سوى بعض الخياالت‬ ‫المثي��رة بام��رأةٍ خارق��ة الجم��ال ترت��دي قميصًا‬ ‫أبيض وتنورة س��وداء قصيرة وتحمل السوط بيدها‬ ‫وتمارس س��اديتها عليكم‪ ..‬أجل من قد ال يتمنى أن‬ ‫تتحقق هذه األمنية!‬ ‫دعونا إذاً ندخل بالتفاصيل‪ :‬ستكون ربة العمل على‬ ‫س��بيل المثال ذات كرش كبير جداً‪ ..‬ضخمة كمارد‪..‬‬ ‫ش��نيعة الهيئ��ة‪ ..‬برائحة نفس كريهة‪ ..‬وس��تطلب‬ ‫من موظفها المس��كين أن يخرج معها بموعد وربما‬ ‫يعد له��ا القهوة كل ي��وم‪ ..‬أو ربما س��يترتب عليه‬ ‫أن يقبّلها ويمس��د عضالتها المتصلبة بين الحين‬ ‫واآلخر فق��ط ألنها تملك الس��لطة‪ ..‬ومن يمنعها!‪..‬‬ ‫وق��د ترمي بهذا الموظف خ��ارج المكتب في حال لم‬ ‫يلبي رغباتها أو في حال توفر موظف آخر أكثر وسام ًة‬ ‫وطواعي�� ًة من��ه متذرع�� ًة بمرؤوس��يها الوهميين‪..‬‬ ‫أو بالعفري��ت الصغير الذي زار فراش��ها ف��ي الليلة‬ ‫الس��ابقة وأمره��ا بالتخلص من موظفه��ا أو يقوم‬ ‫بشق حلقها‪ ..‬والكثير الكثير من األلم قد يأتي بعد‪..‬‬ ‫قد تكون نسبة الموظفات في العالم أكبر من نسبة‬ ‫الموظفين‪ ..‬لكن المناصب وبالتأكيد في الغالب بيد‬ ‫قلةٍ من الذكور المس��تبدين‪ ..‬إذ أنني لم أسمع قط‬ ‫بموظفٍ ُطرد ألنه لم يرضي مديرته‪ ..‬لكنني سمعت‬ ‫كثيراً عن إناثٍ ُطردن ألنهن لم يفعلن‬ ‫‪‎‬رباب البوطي‪‎‬‬ ‫نق��ل الحرب ضد النظام لتصبح ف��ي مواجهة األكراد‬ ‫ف��ي رأس العين‪ ،‬أي��ًا كانت المب��ررات‪ ،‬وبـ ‪ 48‬كتيبة‬ ‫إسالمية مقاتلة!!‪ ..‬إنشاء الجيش (الوطني)‪ ،‬أو كتائب‬ ‫الدف��اع (الوطني)‪ ،‬الموالية لألس��د في الس��احل!!‪..‬‬ ‫التهجي��ر القس��ري‪ ،‬أو الطوع��ي‪ ،‬لجموع الس��وريين‬ ‫م��ن مناطق إلى مناط��ق!! ومحاول��ة اإلرهاب المعد‬ ‫له بالمجازر الطائفية المتالحق��ة!!‪ ..‬الصمت الدولي‬ ‫الجل��يّ والواض��ح‪ ،‬ح��د الوقاحة‪ ،‬على م��ا يحدث في‬ ‫سوريا‪ ،‬فيما يتكالبون على الحرب في مالي!!‬ ‫كل ذل��ك وغيره م��ن تفاصيل أخ��رى ال تجعلني إال‬ ‫أزداد اقتناعًا بأن تقس��يم س��وريا مصلح��ة للكثير‬ ‫من الق��وى الدولية والعربي��ة باإلضافة إلى النظام‬ ‫الس��وري‪ ،‬وهذه التواطؤات واأللع��اب القذرة‪ ،‬ودفع‬ ‫الثورة باتجاه التطرف اإلسالمي بالمال الذي يهشّم‬ ‫وحدة المقاتلين‪ ،‬وانقسام المعارضة المثير للريبة‪،‬‬ ‫واألجن��دات اإلعالمية وهلمجرا‪ ..‬ما هو إال تفصيالت‬ ‫في سيناريوهات يبدو أنها أعدت منذ وقت‪..‬‬ ‫ثورة م��ن أجل الديمقراطية والحرية ليس��ت ال من‬ ‫مصلح��ة النظ��ام وال أعوانه وال م��ن مصلحة بعض‬ ‫الق��وى اإلقليمية والدولية عل��ى ما يبدو‪ .‬فبلد قوي‬ ‫موحد حر وديمقراطي ليس ال من مصلحة تركيا وال‬ ‫إس��رائيل وال إيران وال روس��يا وال أميركا وال الدول‬ ‫العربي��ة المحيط��ة وال كل م��ن هو راغ��ب بالعبث‬ ‫والسيطرة والغنيمة‪..‬‬ ‫وحدهم الس��وريون من يس��تطيعون إنقاذ سوريا‪..‬‬ ‫وحده��م‪ .‬بترفعه��م ع��ن الصغائ��ر‪ ،‬وبوحدته��م‪،‬‬ ‫وبنبذهم للغل الطائفي‪ ،‬الذي يحاولون تأجيجه كل‬ ‫يوم فينا‪ ،‬وبإصرارهم على أهداف ثورتهم ال حرفها‬ ‫وال ليه��ا عل��ى مقاس��ات األش��خاص والمجموعات‬ ‫والدول!!‪ ..‬وإال سيأتي يوم يُسائلنا أبناؤنا‪ ..‬لماذا؟‬ ‫‪‎‬روزا ياسين حسن‪‎‬‬


‫صبارتنا حيث ال أحد فوق النقد‪..‬‬ ‫باب ناقد ساخر يتناول مواضيع سوريتنا‪..‬‬ ‫مجتمعنا وثورتنا‪..‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫ ‬

‫قصة قصير جداً جزي ًال‬ ‫ً‬ ‫وزي��ر الخارجي��ة الياباني «مامورو شيجميتس��و» ال��ذي كان مرتديا قبعة‬ ‫ويعرج بعد فقدانه لس��اقة في هجوم في الصي��ن‪ ،‬وقّع نيابة عن االمبراطور‬ ‫الذي كان قد التقى به في اليوم السابق وكان قد أخبره‪:‬‬ ‫«علين��ا أن نجعل من يوم الحداد هذا أول يوم من مولد اليابان الجديدة‬ ‫بتلك الطريقة يمكننا الذهاب إلى المراسم ورؤوسنا مرفوعه»‪..‬‬

‫المحشش السوري االلكتروني‬

‫‪-2-‬‬

‫‪-1‬‬‫عفكرة إس��رائيل عرفت تمامًا ايمت تض��رب ضربتها يلي هدفها‬ ‫إعالمي أكثر مما هو حقيقي‪ ..‬اختارو وقت ما حدا فاضي يحك راس��و أو‬ ‫يفكر بالبلد ومصايبها‪..‬‬ ‫يعني إضافة للصراع السوري سوري داخل البلد‪ ،‬اختاروه وقت مباراة‬ ‫ريال مدريد وبرشلونة‪..‬‬ ‫م��ن كل عقلك��ون متوقعين حدا يدافع ضد الهج��وم؟؟‪ ..‬يلي ما عندو‬ ‫كهربا عم يحارب بعضو ويلي عندو عم يحضر اللعبة‪..‬‬

‫هل��ق دعوة غي��ر مباش��رة للحوار م��ع النظ��ام بهدف‬ ‫االنتق��ال الس��لمي ص��ارت خيان��ة للث��ورة‪ ،‬وجبهة النص��رة تعلن‬ ‫رس��ميًا تبنيه��ا لعملية بنص الس��لمية تحط ‪ 5‬طن متفجرات بس��يارة‬ ‫بنص العجقة بالس��لمية مشان تستهدف كم شبيح أم راحو قتلو (بالغلط‬ ‫عأس��اس) اكت��ر من ‪ 30‬مدن��ي ببيوتن ما دخل��ون بس استش��هدو من قوة‬ ‫االنفج��ار منهن ‪ 12‬طفل صورهن موجودين على صفحة تنس��يقية الس��لمية‬ ‫استشهدو باالنفجار تبع النصرة هاد معليش وممنوع انتقاده واذا انتقدناه منكون‬ ‫ضد الدين وهاد مو خيانة للثورة وال لدماء الشهداء وأهداف الثورة؟؟‬ ‫إص�لاح أخطاء الثورة هو الباب الوحيد النتصارها‪ ،‬أما النظام فموضوع‬ ‫تان��ي ألنه مت��ل الحم��ام العربي ما بيتصل��ح غير لينش��ال كلو من‬ ‫مكانو‪..‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪-1‬‬‫إنو أنت يا س��مير يا حبيبي مو صحّلك شغل مرتب‬ ‫بالمملشة‪ ،‬و ما فيزولك ألنك سوري؟‬ ‫مو قدمت مليون طلب س��فر ألوروب��ا و أمريكا و‬ ‫رفضولك ياهن ألنك سوري؟ مو السوري تبهدل بكل‬ ‫مكان بالعالم بس ألنو سوري؟‬ ‫س��ووووري منك س��مير‪ ،‬بس ليش كل‬ ‫ما ينعقد مؤتمر أصدقاء الش��عب الس��وري‬ ‫بتتأم��ل و بتاب��ع و بتصف��ن و بتنط��ر‬ ‫عالفاضي؟ فظيع أنت يا س��مير ش��و بالك‬ ‫طوي��ل و ش��و بحس��ك بال إحس��اس‪ ،‬خيو‬ ‫هدول م��و أصدقائك و ال أصدقاء للش��عب‬ ‫الس��وري‪ ..‬هدول عاملي��ن مؤتمر األصدقاء‬ ‫أعداء الشعب السوري‪..‬‬ ‫س��مير هل��ق أكث��ر صداق��ة‬ ‫الس��وري بحاجتها ه��ي صداقة‬

‫الس��وري‪ ..‬طب ش��و رأيك نعمل مؤتمر نسميه‪ :‬مؤتمر‬ ‫الس��وريين أصدقاء الش��عب الس��وري؟ هاد المؤتمر في‬ ‫من��و كل يوم‪ ،‬بس بصير بالكازيات مو باألوتيالت‪ ..‬في‬ ‫بيدون��ات م��و مكرفون��ات‪ ..‬في ناس متل��ي متلك بدها‬ ‫تعيش‪ ،‬مو وزراء خارجية و مجالس و ائتالفات‪ .‬س��مير‪..‬‬ ‫سمير شو شردت!‪..‬‬ ‫ سمير‪ :‬آه؟ مين سمير؟‬‫‪-2‬‬‫منحبك!‬ ‫وي��ن ما درت وش��ك‪ ،‬منحبك‪..‬‬ ‫بمؤسس��ات الدول��ة‪ ،‬بال��وزارات‪،‬‬ ‫عالكش��وكة‪ ،‬عبل��ور س��يارات‬ ‫مفيم��ة‪ ،‬عل��ى كنزات البس��ينها‬ ‫شباب معترين‪ ..‬منحبك‪..‬‬ ‫نحنا التجار و المس��تفيدين و‬ ‫المس��ؤولين‪ ،‬و قرايبينهن‪ ،‬و رفقات‬ ‫قرايبينهن‪ ،‬و قرايبين رفقات قرايبين‬

‫قرايبينهن‪ ..‬منحبك!‬ ‫منحب��ك! ي��ا مي��ن؟‪ ..‬منحب��ك يا ممش��يها‪،‬‬ ‫منحبك يا مزبطها‪ ..‬منحبك يا مكشكشنا‪ ،‬يا ضامنلنا‬ ‫تجارتنا‪ ،‬و مصارينا‪ ،‬و شركاتنا‪ ،‬و محالتنا‪ ،‬و كراسينا‪..‬‬ ‫طب تفضل ش��وف ش��و في محبة بالبلد‪ ،‬ليك ش��و في‬ ‫اس��تعداد للح��ب‪ ..‬طب يا أخ��ي‪ ،‬ما زال ف��ي كل هالحب‬ ‫الدفين‪ ،‬معقول قدرانين نكره بعض هالقد؟‬ ‫م��و أحلى ل��و كل هالمخ��زون من الحب نس��تغلو‬ ‫بش��ي أفيد‪ ..‬المف��روض نبلش نكش��كش بعض‪ ،‬و‬ ‫نس��اعد بعض‪ ،‬و ندير بالنا عبعض‪ ،‬بما إنو بوقت‬ ‫الشدائد الناس بتضب على بعض‪..‬‬ ‫منق��وم منصير منحبكجي��ة لبعض‪ ،‬و‬ ‫كل واحد بصير يقول للمقابيلو‪ :‬منحبك‪..‬‬ ‫أي و بعدي��ن فقت م��ن المنام‪ ،‬و‬ ‫اس��تغفرت رب��ي‪ ،‬و نزل��ت عالكازية‬ ‫مشان لحق الدور‪..‬‬

‫أسبوعية‬

‫ال تشــلشــنا مشـــلوشــين‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫ليش؟؟‬ ‫ليش القوى االقليمية والدولية بدا الوضع الس��وري يس��تمر ال غالب‬ ‫وال مغلوب؟‬ ‫أمريكا والخليج بدهون س��وريا س��احة تصفية حس��اب مع الصين‬ ‫وروسيا وإيران‪.‬‬ ‫تركيا بدها سوريا ساحة تصفية حساب مع حزب العمال الكردستاني‪.‬‬ ‫اسرائيل بدا سوريا تتمزق بالحروب الداخلية مشان تضعف وبدا سوريا‬ ‫بالمستقبل تتقسم لدول دينية مشان تبرر وجودا كدولة يهودية صافية‪.‬‬ ‫اللبنانية بدهون سوريا ساحة تصفية حسابات بين بعضون‪.‬‬ ‫األردن بدو سوريا ساحة إلبعاد أنظار شعبو عن همومون الداخلية‪.‬‬ ‫العراق بدو س��وريا س��احة تلتهي فيها الجماعات المتطرفة‬ ‫عنو‪ ..‬لو القوى االقليمية ب��دا النظام ينتصر فيها تقطع الدعم‬ ‫عن المعارضة المس��لحة‪ ..‬ول��و بدا الثورة تنتصر فيها تس��لح‬ ‫المعارضة المسلحة بالسالح النوعي المتطور‪.‬‬ ‫بس كلون بدهون الوضع الحالي يستمر‬ ‫يعني بالمحصلة إذا كبّرنا راسنا نحنا السوريين فالوضع هاد‬

‫رح يستمر ألجل غير مسمى إلنو‬ ‫الكل مبس��وط والكل رح يربح على حس��ابنا ونحنا الوحيدين يلي رح‬ ‫نكون خسرانين‪.‬‬ ‫مشان هيك انا مع كل مبادرة تنهي الصراع بحل سياسي عادل وشامل عن‬ ‫طريق الحوار والتفاوض لينقذ ما تبقى من سوريا ومن مستقبل سوريا‪..‬‬ ‫كعكة‬ ‫بح��ب من هون م��ن موقعي التنظيري إنو ق��ول إلخواننا المعارضين‬ ‫الل��ي رافضين حوار حقن الدماء اللي عم يطرحو الش��يخ معاذ الخطيب‬ ‫إنو حبيباتي هي بلد مو كعكة‪ ...‬بلد مو كعكة‪ ...‬بلد مو كعكة‪.‬‬ ‫أن نس��بة العالك والمخ��اوف والخالفات تتناس��ب طرداً مع‬ ‫حي��ث ّ‬ ‫طول المسافة الفاصلة بين البني آدم والثورة‪.‬‬ ‫برعاية التيار الصهيوصليبي العلماني الليبرالي اليساري الماسوني الغربي‬ ‫السوري | بقلم آدمن ما إلو اسم‬

‫‪31‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬

‫يف (نزوح‬ ‫اهلل)‬ ‫وال�شعب‬ ‫الوحيد‬ ‫نبراس شحيد‬ ‫عمل للفنان‪ :‬وسيم غريوي‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وحيد وحيد‪..‬‬ ‫وحيد‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 2 | )72‬شباط ‪2013 /‬‬

‫الفت�� ٌة م��ا‪ ،‬رفعه��ا متظاه��رٌ ما‪،‬‬ ‫ف��ي مكانٍ م��ا‪ ،‬ليقول كل ش��يء ً‬ ‫دفعة‬ ‫واح��دة‪" :‬وحي��دٌ وحي��دٌ وحيد‪ ،‬الش��عب‬ ‫الس��وري وحيد"! جمالية ه��ذه الصرخة‬ ‫الجارح��ة ال تكم��ن فق��ط ف��ي فهمه��ا‬ ‫العمي��ق لغرب��ة ش��عبنا‪ ،‬بل أيض��اً في‬ ‫براع��ة لعبها اللغوي عل��ى معنيي كلمة‬ ‫"الوح��دة"‪ :‬االتحاد واليُتم‪ .‬تعبّر الالفتة‬ ‫ه��ذه عن يت��م الث��ورة الس��ورية‪ ،‬وفي‬ ‫الوق��ت ذاته‪ ،‬نراها توقظ فينا الش��عارَ‬ ‫ّ‬ ‫اش��تُقت ("واحد واحد‬ ‫األصليّ الذي منه‬ ‫واحد‪ ،‬الشعب الس��وري واحد")‪ ،‬فتحمي‬ ‫ف��ي ذاكرته��ا‪ ،‬عل��ى الرغم مم��ا تعبّر‬ ‫عنه من تمزق‪ ،‬رغبة ش��عب وحيد يريد‬ ‫أن يك��ون واحداً في معركت��ه الوجودية‬ ‫ض��د الع��دم‪ :‬عدمية النظام المس��تعدة‬ ‫إلفناء البلد من أجل البقاء ("األس��د أو ال‬ ‫أح��د" كما تقول بص��دق "غريزة النظام‬ ‫أو ال ش��عوره السياس��ي" المتمثالن في‬ ‫ظاهرة الش��بيحة)؛ وعدمية التشكيالت‬ ‫المتطرف��ة الت��ي تتبنى منط��ق النظام‬ ‫ذات��ه‪" ،‬نح��ن أو الع��دم" (ياس��ين الحاج‬ ‫صال��ح)‪ .‬من المس��افة إذاً بي��ن "وحدة"‬ ‫االتح��اد و"وح��دة" اليت��م ف��ي مقارع��ة‬ ‫العدمية‪ ،‬تعبّر الالفتة هذه عن اإلرهاق‬ ‫الوجودي المتس�� ّلل من الش��رخ الفاضح‬ ‫بي��ن الحل��م والواق��ع العبث��ي‪ ،‬وفي��ه‬ ‫س��وريون يبي��دون س��وريين‪ ،‬والعال��م‬ ‫يطيل التصفيق ليمتد أمد الموت‪.‬‬

‫يف الغياب �أو ما ي�شبهه‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪32‬‬

‫بين العدمي��ة والعبثية‪ ،‬قد يتعمّق‬ ‫ش��عور الوح��دة ه��ذا عن��د اإلنس��ان‬ ‫السوري ليأخذ أحيانًا شك ًال وجودياً أكثر‬ ‫ً‬ ‫كثاف��ة حي��ن تنقط��ع انس��يابية العالم‬ ‫القدي��م الذي علي��ه اعتدنا‪ ،‬بمس�� ّلماته‬ ‫ومعتقدات��ه‪ ،‬فيظه��ر غريب��اً جامح��اً ال‬ ‫يمكن حصره في مصطلحات ونظريات‬ ‫ورؤى‪ ،‬عاري��اً وقد مزّق ما ألبس��ناه من‬ ‫حلل وأف��كار‪ .‬أمام جثة محمد الملس��ي‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫المع ّلقة على الس��لك‪ ،‬وأمام جوع بناته‬ ‫اللوات��ي فارقه��ن منتحراً ألن��ه لم يجد‬ ‫له��ن طعامًا‪ ،‬ق��د تتزل��زل مجموع ٌة من‬ ‫ثواب��ت فهمن��ا لوجودنا وأش��كال حياتنا‬ ‫الموروثة‪ .‬أمام الجثة المع ّلقة‪ ،‬قد تهتزّ‬ ‫نظرياتنا الماورائية كلها‪ ،‬ليصير حضور‬ ‫اهلل سؤا ًال يطرح ذاته على بعضنا‪" :‬أين‬ ‫هو اإلله مما يجري اليوم في س��وريا؟"‪،‬‬ ‫يتس��اءل أحد األصدقاء‪ ،‬لتجيب صديق ٌة‬ ‫أخ��رى بيأس‪" :‬ل��و كان اهلل موجوداً‪ ،‬لما‬ ‫م��ات أطفالنا!"‪ .‬تأخذ الوحدة هنا ش��ك ًال‬ ‫جذرياً‪ ،‬فاإلنس��ان المتألم ق��د يجد ذاته‬ ‫وحيداً‪ ،‬حتى من اهلل الذي به آمن سابقاً‪،‬‬ ‫حين يقارب ألمه انطالقًا من التناقض‪،‬‬ ‫أو ما يشبه التناقض‪ ،‬بين عدمية الواقع‬ ‫العبثي من جهةٍ أولى والمفهوم السائد‬ ‫عن إلهٍ يعتني بخليقته من جهةٍ ثانية‪:‬‬ ‫"إذا أراد اهلل ان يمن��ع الش��ر‪ ،‬لكن��ه ال‬ ‫يقدر‪ ،‬فهو ليس بقدير‪ ،‬وهذا ال يتناسب‬ ‫وطبيعته‪ .‬وإذا كان يق��در لكنه ال يريد‪،‬‬ ‫حينئذ يكون ش��ريراً‪ ،‬وه��ذا أمرٌ غريبٌ‬ ‫عن طبيعته‪ ..‬أما إذا أراد اهلل إلغاء الش��ر‬ ‫وكان يق��در على ذلك‪ ،‬وهذا ما يناس��ب‬ ‫طبيعته‪ ،‬فمن أين يأتي الشر؟" (أبيقور‪،‬‬ ‫بتصرّف)‪.‬‬ ‫أي��اً تك��ن األجوب��ة الفلس��فية‬ ‫والالهوتي��ة عل��ى المعضلة ه��ذه‪ ،‬وأيًا‬ ‫تك��ن تصوراتنا عن احت��رام اهلل لحرية‬ ‫اإلنس��ان إلى حدٍّ يصير فيه هذا األخير‬ ‫قادراً على الش��ر بأنواعه ً‬ ‫كافة‪ ،‬ستبقى‬ ‫األجوب��ة كلها‪ ،‬عل��ى الرغم م��ن متانة‬ ‫ً‬ ‫هزيلة أمام صرخة طفل متألم‬ ‫بعضها‪،‬‬ ‫أب عل��ى‬ ‫نحي��ب‬ ‫أو‬ ‫ثكل��ى‬ ‫ٍّ‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫دم��وع‬ ‫أو‬ ‫ٍ‬ ‫أطفال��ه الذين قضوا في مجزرة حلفايا‪.‬‬ ‫أمام عمق المأساة‪ ،‬تبدو األجوبة سخيفة‬ ‫على أنواعه��ا‪ ،‬ألن اإلجابة النظرية عن‬ ‫األل��م‪ ،‬مهم��ا قوي��ت حبكته��ا‪ ،‬ال يمكن‬ ‫أن تلح��م ش��فاه جراحن��ا! ل��ذا س��يبقى‬ ‫"غي��اب اإلل��ه"‪ ،‬أو م��ا يش��بهه‪ ،‬ه��و ًة ال‬ ‫يمكن ردمها‪ ،‬وال يمكن االس��تخفاف بها‬ ‫واللجوء إلى األجوب��ة الجاهزة لتفاديها‪.‬‬ ‫الهوة س��حيقة‪ ،‬وال إجابة نظرية تشفي‬ ‫أل��م الصرخة الوجودية وما تتجرعه من‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)43387‬‬ ‫دمشق‪2877 :‬‬ ‫ريف دمشق‪9350 :‬‬ ‫حمص‪7853 :‬‬ ‫درعا‪3890 :‬‬ ‫إدلب‪5690 :‬‬ ‫حلب‪5654 :‬‬

‫س��كرات الغياب‪ ،‬بل ربما "ش��به إجابة"‬ ‫بحض��ور جديد‪:‬‬ ‫حياتي��ة تقاوم الغي��اب‬ ‫ٍ‬ ‫الحضور لضحايا العدمية‪ ،‬لهؤالء الذين‬ ‫مات أهلهم وشُ��رّدت عائالتهم وس��خر‬ ‫الزمان م��ن وجودهم! ال إجابة تش��في‬ ‫الجرح بل التزام به حتى النهاية‪..‬‬

‫يف "نزوح اهلل"‬ ‫م��ع تنامي الس��ؤال اإلش��كالي عن‬ ‫عالق��ة اإلله مع العالم وم��ا يترتب عليه‬ ‫م��ن نتائ��ج نقدي��ة عل��ى المعتق��دات‬ ‫الدينية الس��ائدة‪ ،‬نش��هد ف��ي المقابل‬ ‫تناميًا عميقًا للشعور الديني عند غالبية‬ ‫الس��وريين‪ .‬أمام الوحدة السحيقة التي‬ ‫نعيش��ها اليوم‪ ،‬أمام العبثية والعدمية‪،‬‬ ‫وأمام انهي��ار التوازنات القديمة‪ ،‬ينقلب‬ ‫الدي��ن‪ ،‬أكثر من أيّ وق��تٍ مضى‪ً ،‬‬ ‫ملجأ‬ ‫يقصده الكثير من المتعبين أو الباحثين‬ ‫عن المعن��ى أو الراجين خالص��ًا يتجاوز‬ ‫قتامة حاضرنا وال عدالته‪ .‬لذا‪ ،‬ال يمكننا‬ ‫فصل تعاظم الظاهرة الدينية اليوم‪ ،‬أو‬ ‫تعاظم الش��ك فيها‪ ،‬ع��ن ظاهرة القلق‬ ‫أم��ام كثافة حضور الم��وت حولنا‪ ،‬على‬ ‫نحو تصي��ر فيه الصرخ��ة التي يطلقها‬ ‫ٍ‬ ‫بعض الش��باب عن حضور اهلل تس��اؤ ًال‬ ‫عميقاً قد يدفع بعضنا‪ ،‬خارجاً عن آليات‬ ‫الدفاع عن النفس‪ ،‬إلى مزيدٍ من البحث‬ ‫الوج��ودي الص��ادق‪ :‬ه��ل "اإلل��ه" الذي‬ ‫نؤم��ن به ه��و الوجه اآلخ��ر لحاجاتنا أم‬ ‫هو اآلخ��ر؟ بكلماتٍ ثاني��ة‪ :‬هل نعيش‬ ‫كتعويض ينكر الوحدة‬ ‫التجربة الدينية‬ ‫ٍ‬ ‫التي تخترق وجودنا‪ ،‬أم يُعاش "اإللهي"‬ ‫من ألم الش��وق الذي يقب��ل الوجود بما‬ ‫غياب‪ ،‬ليجد ربما نوراً "إلهيًا"‬ ‫يحمل��ه من ٍ‬ ‫جديداً في أعم��اق الهاوية؟ بمعنى آخر‪،‬‬ ‫هل تتح��دّد عالقتنا مع "اإللهي" كخبرة‬ ‫انفتاح عل��ى المجهول الذي قد يس��كن‬ ‫كتقوق��ع على الذات‬ ‫صمت الس��ماء‪ ،‬أم‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫تجربة‬ ‫تنقل��ب مع��ه التجرب��ة الديني��ة‬ ‫مرآتي��ة ال يجد فيها اآلخر مكانًا‪ ،‬فيصير‬ ‫"اإللهي" مجرد امتداد لذواتنا؟‪.‬‬ ‫يتنام��ى خط��ر االنغ�لاق الدين��ي‬ ‫دير الزور‪3081 :‬‬ ‫الرقة‪304 :‬‬ ‫السويداء‪34 :‬‬ ‫حماة‪3476 :‬‬ ‫الالذقية‪690 :‬‬ ‫طرطوس‪62 :‬‬ ‫الحسكة‪234 :‬‬ ‫القنيطرة‪119 :‬‬

‫في لحظ��ات الوح��دة مع تعاظم فش��ل‬ ‫المؤسس��ات الديني��ة‪ ،‬غالبيته��ا‪ ،‬ف��ي‬ ‫مواكب��ة حل��م الث��ورة‪ ،‬أو ًال بس��بب‬ ‫ارتباطاته��ا التاريخي��ة ال ب��ل حت��ى‬ ‫البنيوية بأنظمةٍ ديكتاتورية سلطوية؛‬ ‫ثانيًا بس��بب اختزالها الثور َة‪ ،‬في غالبية‬ ‫ح��ال طائفي��ة‪ ،‬أق ّلوية أو‬ ‫األحي��ان‪ ،‬إلى ٍ‬ ‫أكثري��ة؛ ثالث��ًا‪ ،‬ألنه��ا ظلت غي��ر قادرة‬ ‫بش��كل عام‪ ،‬حت��ى لو نجح��ت في فكّ‬ ‫ٍ‬ ‫ارتباطاته��ا القديم��ة مع النظ��ام‪ ،‬على‬ ‫الخروج من أطره��ا التقليدية الموروثة‬ ‫لتتجاوب مع ديناميكية اللحظة السورية‬ ‫وم��ا تصوغه من إش��كاليات عن الوجود‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫معتدل‬ ‫جلي��ل‬ ‫والعدم‪ .‬لذا يكرّر ش��يخٌ‬ ‫على مس��امعنا‪" :‬ينبغ��ي أن نعلم أن ما‬ ‫يصيب العالم اإلس�لامي اليوم إنما هو‬ ‫م��ن معصيت��ه هلل‪ ،‬ول��و أنه أط��اع اهلل‬ ‫ل��كان ه��و قائ��د الدني��ا"‪ ،‬ومثل��ه يقول‬ ‫كاهن نبيل ليختزل مأس��اتنا الس��ورية‬ ‫في مفهوم "الخطيئة"‪ .‬يعبّر هذا النوع‬ ‫م��ن الحجج الجاهزة عن المس��افة التي‬ ‫تفص��ل الخط��اب الدين��ي الس��ائد عن‬ ‫عمق الصرخ��ة الوجودية الثائ��رة فينا‪،‬‬ ‫وم��ا تحمله من ألم الغي��اب‪ ،‬ليبقى هذا‬ ‫الخط��اب هزي� ً‬ ‫لا أم��ام أجس��اد األبرياء‬ ‫المكوّمة‪ ،‬وأم��ام جثة محمد مع ّل ً‬ ‫قة في‬ ‫مخيم عين الحلوة وف��ي ضمائرنا حتى‬ ‫النف��س األخي��ر‪" .‬أين ه��و اهلل؟" تتكرر‬ ‫الصرخ��ة اليوم‪ ،‬وال إجابة تش��في‪ ،‬ألن‬ ‫إله��اً ال يقدر عل��ى الغياب ال يمكن إال أن‬ ‫يك��ون وهم��ًا يناقض واقعن��ا المحكوم‬ ‫بالوحدة‪ ،‬أو صنم��ًا ميتًا يختزل "اإللهي"‬ ‫ُ‬ ‫يُختَزَل توقنا‬ ‫في صورتنا عن��ه‪ ،‬ومعه‬ ‫الالمتناه��ي إل��ى الحري��ة‪ .‬ل��ذا‪ ،‬يتاب��ع‬ ‫"اإلله��ي" انفالته من س��جن المفاهيم‬ ‫والمنظوم��ات المغلق��ة الت��ي اعتدن��ا‬ ‫مقاربت��ه من خاللها‪ ،‬فيكمل نزوحه من‬ ‫معابدنا‪ ،‬من تعالي��م الكثير من كهّاننا‬ ‫وش��يوخنا‪ ،‬من جب��ب المتطرفي��ن منا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫خيم��ة ما‪ ،‬ف��ي مخيم ما‪،‬‬ ‫ليس��كن ربما‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫أطف��ال صغارٌ م��ن البرد‬ ‫حي��ث يرتجف‬ ‫القارس‪.‬‬ ‫نشر أيضاً النهار اللبنانية ‪2013 / 1 / 23‬‬ ‫‪ 3192‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 1418‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 2947‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 8138‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 35249‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2013 / 2 / 1‬‬ ‫‪http://vdc-sy.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.