سوريتنا | العدد الثالث والسبعون | 10 شباط 2013

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪1‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫بعد االختفاء الق�سري‪ ،‬والتعذيب يف ال�سجون‬ ‫وانتهاكات حقوق الإن�سان‪..‬‬

‫املعتقلون ال�سوريون ميوتون جوع ًا‬

‫كشفت الرابطة الس��ورية للدفاع‬ ‫عن حق��وق اإلنس��ان أن الش��اب ماجد‬ ‫فيصل الدملجي توف��ي صباح يوم ‪18‬‬ ‫‪ 2013 / 1 /‬ف��ي مقر المخابرات الجوية‬ ‫في حل��ب نتيجة عملية تجويع ممنهجة‬ ‫س��بقها ممارس��ات تعذي��ب وحش��ية‬ ‫تع��رض لها منذ اعتقال��ه بتاريخ ‪8 / 1‬‬ ‫‪ 2012 /‬واحتج��ازه بمعزل ع��ن العالم‬ ‫الخارجي في سجن الجوية‪.‬‬ ‫وذك��رت الرابطة في بي��ان لها أن‬ ‫جث��ة الدملخ��ي اب��ن مدينة الب��اب في‬ ‫ري��ف حلب حملت آثاراً واضحة للتعذيب‬ ‫وخاص��ة الح��روق الناتجة ع��ن أعقاب‬ ‫السجائر في منطقة الظهر‪.‬‬ ‫ووص��ف البي��ان ف��رع المخاب��رات‬ ‫الجوي��ة ف��ي مدين��ه حل��ب بأن��ه أح��د‬ ‫أس��وأ األجهزة األمنية متهم��اً عناصره‬ ‫بارتكاب مجزرة بس��تان القصر مؤخراً‬ ‫الت��ي راح ضحيتها عش��رات المعتقلين‬ ‫بعد إعدامهم ميدانيا ورمي جثثهم في‬ ‫نهر قويق‪.‬‬ ‫وأش��ارت الرابط��ة إلى أن س��كان‬ ‫حل��ب عثروا م��رات عديدة ف��ي مناطق‬ ‫قريبة من مقر الجوية على جثث مقيدة‬ ‫اليدي��ن ومجهول��ة الهوي��ة ف��ي مرات‬ ‫س��ابقة‪" ،‬األمر الذي يشير بوضوح إلى‬ ‫الطبيع��ة الممنهج��ة لعمليات التصفية‬ ‫الجس��دية التي تجري بحق المعتقلين‬ ‫ف��ي ه��ذا الف��رع" وأوض��ح البي��ان أن‬ ‫الفرع المذكور يحت��وي عدداً كبيراً من‬ ‫المعتقلين الذين يعيش��ون في ظروف‬ ‫مروع��ة ف��ي ظ��ل حرم��ان كام��ل من‬ ‫الرعاية الطبية والغذائية والتي أفضت‬ ‫للعدي��د م��ن ح��االت الوفاة داخ��ل هذا‬ ‫الفرع السيئ الصيت‪.‬‬ ‫و أدانت الرابطة الس��ورية للدفاع‬ ‫ع��ن حق��وق اإلنس��ان" ه��ذا الس��لوك‬ ‫اإلجرام��ي والوحش��ي للمخاب��رات‬ ‫الس��ورية"‪ ،‬وحمّل��ت الس��لطات‬ ‫المس��ؤولية الكامل��ة ع��ن حي��اة آالف‬ ‫المعتقلين في سجون المقرات األمنية‬ ‫الذين يتهددهم الموت نتيجة لسياسة‬ ‫اإلهمال والتجويع المتعمد التي تتبعها‬ ‫الس��لطات األمني��ة كسياس��ة عقابي��ة‬ ‫وانتقامية م��ن المعتقلين على خلفية‬ ‫مناهضتهم لنظام بشار األسد‪.‬‬ ‫كم��ا ناش��دت الرابطة ف��ي بيانها‬ ‫المجتم��ع الدول��ي بض��رورة التدخ��ل‬ ‫العاجل وبكافة الوسائل الممكنة لوقف‬ ‫المجازر التي ترتكبها القوات الحكومية‬ ‫والميليشيات المسلحة التابعة لها بحق‬ ‫السوريين‪.‬‬ ‫وج��ددت مطالب��ة مجل��س األم��ن‬ ‫بإحال��ة المل��ف الس��وري إل��ى محكمة‬ ‫الجناي��ات الدولي��ة بالس��رعة القصوى‬ ‫بس��بب تمادي النظام السوري المجرم‬ ‫ف��ي إمعان��ه باس��تخدام آل��ة القت��ل‬

‫والترويع بحق الشعب السوري المطالب‬ ‫بحريت��ه وكرامته‪ ،‬والبحث عن إجراءات‬ ‫أكث��ر حزم��اً وصرام��ة بح��ق النظ��ام‬ ‫الس��وري لوق��ف حم�لات اإلب��ادة التي‬ ‫تتع��رض لها مختل��ف الم��دن والبلدات‬ ‫السورية الثائرة‪.‬‬ ‫وينتهج النظام السوري منذ بداية‬ ‫الثورة سياسة االعتقال التعسفي لقمع‬ ‫المحتجي��ن بس�لاح الخ��وف‪ ،‬ويت��داول‬ ‫الس��وريون ف��ي مجالس��هم الخاص��ة‬ ‫رواي��ات التعذيب الذي يمارس��ه النظام‬ ‫لنش��ر الذعر في المجتم��ع بهدف منعه‬ ‫من التجرؤ على معارضته‪.‬‬ ‫ومنذ انطالق المظاهرة األولى في‬ ‫دمش��ق قبل أكثر من ‪ 20‬ش��هرا‪ ،‬س��ارع‬ ‫عناصر األمن المتخفون بمالبس مدنية‬ ‫العتقال عدد من المتظاهرين وتعذيبهم‬ ‫بالضرب منذ لحظة اعتقالهم‪ ،‬ثم صعّد‬ ‫النظام سياسته في االعتقال العشوائي‬ ‫من األحياء والقرى الثائرة‪ ،‬وفي أساليب‬ ‫التعذي��ب الت��ي تنته��ي ف��ي كثي��ر من‬ ‫األحيان بالموت‪.‬‬ ‫وتؤكد الش��بكة الس��ورية لحقوق‬ ‫اإلنسان أن عدد المعتقلين خالل الثورة‬ ‫قد بلغ ‪ 194‬ألف مواطن سوري‪ ،‬بينهم‬ ‫‪ 9‬آالف معتقل دون سن الثامنة عشر‪.‬‬ ‫وتأت��ي حل��ب عل��ى رأس قائم��ة‬ ‫المحافظ��ات الس��ورية م��ن حي��ث عدد‬ ‫المعتقلي��ن‪ ،‬حيث يبلغ عددهم نحو ‪40‬‬ ‫ألف��ا‪ ،‬ثم تأتي حمص برق��م يزيد عن‬ ‫‪ 35‬ألف��ا‪ ،‬تليه��ا محافظة ريف دمش��ق‬ ‫بنح��و ‪ 30‬ألفا‪ ،‬ثم حم��اة وإدلب بأرقام‬ ‫تزيد عن ‪ 20‬ألفا‪ ،‬ودمشق برقم يناهز‬ ‫‪ 18‬ألف معتقل‪.‬‬

‫خمتفون ق�سري ًا‬

‫ويبل��غ عدد المختفين قس��ريًا في‬ ‫س��وريا نح��و ‪ 60‬ألف ش��خص‪ ،‬وتقول‬ ‫الشبكة الس��ورية لحقوق اإلنسان إنها‬ ‫تمكنت من توثيق قوائم بأس��ماء نحو‬ ‫‪ 32‬ألف��ا منهم‪ .‬وهي تح��اول االتصال‬ ‫بأهالي الكثير م��ن المفقودين لكنهم‬ ‫يرفض��ون التحدث بس��بب الخوف على‬ ‫حياة المعتقلين من االنتقام‪.‬‬ ‫ويقص��د باالختف��اء القس��ري‬ ‫لألش��خاص إلق��اء القب��ض عليه��م أو‬ ‫احتجازهم أو اختطافهم من قبل دولة‬ ‫أو منظم��ة سياس��ية‪ ،‬أو ب��إذن أو دعم‬ ‫منه��ا أو بس��كوتها عن��ه‪ ،‬ث��م رفضها‬ ‫اإلق��رار بحرم��ان ه��ؤالء األش��خاص‬ ‫م��ن حريته��م أو إعط��اء معلومات عن‬ ‫مصيره��م أو ع��ن أماك��ن وجوده��م‬ ‫به��دف حرمانهم م��ن حماي��ة القانون‬ ‫لفترة زمنية طويلة‪.‬‬ ‫وحس��ب الم��ادَّة الس��ابعة م��ن‬ ‫الب��اب الثاني في نظام روما األساس��ي‬

‫للمحكم��ة الجنائي��ة الدولي��ة‪ ،‬يع��د‬ ‫االختفاء القسري جريمة ضد اإلنسانية‬ ‫متى ما ارتكب في إطار َّ‬ ‫خطة أو سياسة‬ ‫عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة‬ ‫النطاق‪.‬‬

‫تعذيب وانتهاكات‬

‫ويتع��رض المعتقلون في س��وريا‬ ‫إل��ى ش��تى أل��وان التعذي��ب المعروفة‬ ‫لدى سجون األنظمة االستبدادية‪ ،‬وقد‬ ‫وثقت الشبكة السورية لحقوق اإلنسان‬ ‫عشرات األس��اليب لوضعيات التعذيب‪،‬‬ ‫ومن أكثرها اس��تخداما وضعية الشبح‬ ‫الت��ي تربط فيها يدا المعتقل من خلف‬ ‫ظهره‪ ،‬ثم يعلق منهما بالس��قف بحيث‬ ‫يالمس األرض برؤوس أصابع قدميه‪،‬‬ ‫وف��ي بعض الح��االت يعلق م��ن إحدى‬ ‫قدميه لألعلى‪ ،‬وقد تتورم أطرافه مما‬ ‫يتسبب في قطعها‪.‬‬ ‫وهن��اك أيض��ا وضعي��ة الصل��ب‪،‬‬ ‫حيث يصلب المعتقل ليتلقى الضربات‬ ‫عل��ى جس��ده وبخاصة عل��ى األعضاء‬ ‫التناس��لية‪ ،‬وكذلك وضعيات عدة على‬ ‫الكرسي الكهربائي والكرسي األلماني‬ ‫الذي يتس��بب بآالم ش��ديدة في الرقبة‬ ‫والعمود الفقري‪.‬‬ ‫ومن أكثر ألوان التعذيب استخداما‬ ‫الض��رب عل��ى مختل��ف أنحاء الجس��م‬ ‫وب��أدوات مختلف��ة كالعص��ي وكابالت‬ ‫الكهرب��اء‪ ،‬واقت�لاع األظاف��ر ونت��ف‬ ‫الشعر وانتزاع اللحم بمالقط معدنية‪،‬‬

‫وتقطي��ع األعض��اء والطع��ن‪ ،‬وح��رق‬ ‫الجلد باألحماض‪.‬‬ ‫ويؤك��د العدي��د م��ن المعتقلي��ن‬ ‫الس��ابقين أن من أشد أصناف التعذيب‬ ‫إيالما تعرضهم لالغتصاب أو إجبارهم‬ ‫على اغتصاب زمالئهم في االعتقال‪.‬‬ ‫كم��ا يتعم��د الس��جانون تعريض‬ ‫المعتق��ل للب��رد الق��ارس وحرمان��ه‬ ‫م��ن الرعاي��ة الطبي��ة ومن اس��تخدام‬ ‫المرحاض وتجويعه‪ ،‬فضال عن حش��د‬ ‫أعداد كبيرة من المعتقلين في زنازين‬ ‫ضيقة جدا‪.‬‬ ‫أم��ا أس��اليب التعذي��ب النفس��ي‬ ‫فتتنوع بين أش��كال عدة‪ ،‬ومن أكثرها‬ ‫ممارس��ة إجبار المعتقل على مشاهدة‬ ‫زميل��ه وه��و يتع��رض لالغتص��اب‬ ‫والتعذيب والقت��ل‪ ،‬وتهديده باغتصابه‬ ‫أو باغتص��اب إحدى محارم��ه مع إجباره‬ ‫على رؤية معتقالت عاريات‪.‬‬ ‫وتوث��ق العدي��د م��ن الش��هادات‬ ‫التهدي��د المس��تمر بالقت��ل والذب��ح‪،‬‬ ‫واإلس��اءة المس��تمرة لعائل��ة المعتقل‬ ‫وعقيدت��ه مع أم��ره باالعتق��اد بعقيدة‬ ‫الس��جان والس��جود لص��ورة الرئي��س‬ ‫بشار األسد‪.‬‬ ‫وإلى جانب إجب��اره على االعتراف‬ ‫بأمور ل��م يرتكبه��ا‪ ،‬يم��ارس البعض‬ ‫سياسة إيهام المعتقل باإلفراج عنه ثم‬ ‫يعاد للتعذيب مرة أخرى‪ ،‬وقد يؤخذ إلى‬ ‫طبيب بالس��جن للعالج فيقوم الطبيب‬ ‫بضربه على موضع األلم مع إهانته‪.‬‬

‫ت�صاعد ظاهرة اختطاف الن�ساء‬ ‫ال�سوريات وتعذيبهن‬

‫�أوجـاع وطـن‬ ‫حسان عباس‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كتاب العدد لهذا الأ�سبوع‪:‬‬ ‫با�سم الأب‪ :‬ب�شار الأ�سد ال�سنوات‬ ‫الأوىل يف احلكم‬ ‫الكاتب الإ�سرائيلي‪� :‬أيال زي�ســار‬

‫أسبوعية‬

‫دق��ت الش��بكة الس��ورية لحق��وق اإلنس��ان‬ ‫ناق��وس الخط��ر بش��أن تصاعد ظاه��رة اختطاف‬ ‫النساء السوريات واعتقالهن وتعذيبهن على أيدي‬ ‫النظام بهدف الضغط على ذويهن من الناش��طين‬ ‫أو م��ن عناص��ر الجيش الس��وري الح��ر وإذاللهم‪.‬‬ ‫ودعت الش��بكة العالم للضغط على النظام لوقف‬ ‫تلك األساليب "الهمجية"‪.‬‬ ‫ووثق��ت الش��بكة مقت��ل ‪ 17‬ام��رأة بس��بب‬ ‫التعذيب مما يزيد عل��ى ‪ 6400‬معتقلة أو مختفية‬ ‫قس��ريا ف��ي المحافظ��ات الس��ورية كاف��ة‪" ،‬حيث‬ ‫عُذبن بأساليب بدائية تعود للقرون الوسطى"‪.‬‬ ‫وم��ن الضحايا ‪ -‬حس��ب بي��ان الش��بكة الذي‬ ‫وصل��ت الجزيرة نت نس��خة منه ‪ -‬طفل��ة عمرها‬ ‫أربعة أش��هر هي عفاف سراقبي من حمص‪ ،‬حيث‬ ‫"عذب��ت أمام والديها بهدف الضغط عليهما وماتت‬ ‫إثر ذلك التعذيب في ‪ ،2012/1/10‬وسلم جثمانها‬ ‫لعمه��ا‪ ،‬وعليها آث��ار التعذيب‪ ،‬وبق��ي والداها في‬ ‫المعتقل حتى اآلن"‪.‬‬ ‫وتحدث��ت الش��بكة ع��ن آالف م��ن ح��االت‬ ‫االغتصاب والتحرش الجنس��ي داخ��ل المعتقالت‪.‬‬ ‫ووثق��ت حال��ة معتق��ل وزوجته ‪ -‬من ح��ي الرمل‬ ‫الجنوب��ي ف��ي الالذقي��ة ‪ -‬حي��ث أجب��رت ق��وات‬ ‫المخابرات بقي��ه المعتقلين على اغتصاب الزوجة‬ ‫أمام زوجها"‪.‬‬ ‫ونوهت الشبكة إلى أنها لم تتمكن من توثيق‬ ‫"عش��رات بل مئ��ات" من حاالت االختفاء القس��ري‬ ‫الذي تتعرض له النساء السوريات من قبل النظام‬ ‫وش��بيحته "بس��بب امتن��اع كثير م��ن األهالي عن‬ ‫التع��اون في ه��ذا الموضوع ب��ل إنكار العش��رات‬

‫منهم العتقال ابنتهم خوفا من أن يسيء ذلك إلى‬ ‫سمعتها‪ ،‬من قبيل تعرضها لالغتصاب أو التحرش‬ ‫أو الصعق في مناطق حساسة أو التعري‪ ،‬مما يعد‬ ‫وصمة عار"‪.‬‬ ‫ورص��دت الش��بكة ‪ 6‬حاالت قتل��ت فيها الفتاة‬ ‫المغتصَب��ة‪ ،‬م��ن قب��ل األب أو األخ "للتخلص من‬ ‫العار"‪ ،‬وفي حالتين أخريين "قتل الوالد نفسه بعد‬ ‫قت��ل بناته وف��ي حاالت متعددة هرب��ت الفتاة من‬ ‫منزل األس��رة لمدينة أخ��رى أو خارج البالد لتواجه‬ ‫مصيرا مجهوال"‪.‬‬ ‫وحملت الش��بكة الس��ورية لحقوق اإلنس��ان‬ ‫المس��ؤولية ع��ن كل تل��ك االنته��اكات الخطي��رة‬ ‫لـ"رئيس النظام الس��وري والقائ��د العام للجيش‬ ‫والقوات المسلحة بش��ار األسد باعتباره المسؤول‬ ‫األول عن إصدار األوامر بتلك األفعال"‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫أركان الحكومة الس��ورية إضافة إل��ى "الحكومات‬ ‫الداعم��ة للنظ��ام الس��وري كالحكوم��ة الروس��ية‬ ‫والصينية واإليرانية وكتائب حزب اهلل"‪.‬‬ ‫ويضي��ف التقري��ر أن عل��ى تلك الجه��ات أن‬ ‫"تتحم��ل كاف��ة ردات الفع��ل المترتب��ة على ذلك‬ ‫والتي قد تصدر من أبناء الشعب السوري وبخاصة‬ ‫ذوي الشهيدات وذوي النساء المغتصبات"‪.‬‬ ‫ودعت الش��بكة مجلس األمن واألمم المتحدة‬ ‫والدول األعضاء وكل المنظمات التي تعنى بش��أن‬ ‫الم��رأة ح��ول العالم إل��ى العمل بس��رعة قصوى‬ ‫بضرورة الضغط على الحكومة السورية من أجل‬ ‫الكشف عن مصير المعتقلين والمعتقالت وأماكن‬ ‫احتجازهم السرية‪.‬‬

‫المش��هد األول‪ :‬رجالن اّ‬ ‫يحتلن كرسيين من المقعد العريض‬ ‫ف��ي مؤخّر حافل��ة متجهة من مدينة س��احلية إلى دمش��ق‪.‬‬ ‫الرجالن في العقد الثالث‪ ،‬أو الرابع من العمر‪ .‬ثيابهما مدنيّة‪،‬‬ ‫عمليّة‪ ،‬ال تنمّ عن س��عة حال‪ ،‬وال عن فقر‪ .‬يحمل وجهاهما‬ ‫تعابير متناقضة ومتداخلة‪ :‬ش��يء من الفخ��ر المبالغ به‪ ،‬بل‬ ‫ربما من الغطرس��ة‪ ،‬شيء من العنفوان‪ ،‬شيء من الوحشية‪،‬‬ ‫وكثير من الخوف المقنّع‪.‬‬ ‫الرج�لان يله��وان بهاتفيهم��ا المحمولي��ن‪ ،‬يق ّلب��ان ص��وراً‬ ‫محفوظ��ة فيهم��ا‪ ،‬ويتبادالنهما لي��رى كل منهما م��ا يظهره‬ ‫عال يُس��مع حتى ثالثة صفوف من‬ ‫اآلخر له‪ .‬يتك ّلمان بصوت ٍ‬ ‫المقاعد الخلفية‪.‬‬ ‫ انظ��ر! ه��ذا م��ن االقتحام األخي��ر لقرية‪ ...‬ه��ل ترى جثث‬‫«الخنازير» الخمس��ة هذه‪ .‬لقد قتلته��ا بيدي‪ .‬وانظر في هذه‬ ‫الصورة كيف أش��عل بها النار‪ ...‬وانظر أيض��ًا ما بقي منها‪...‬‬ ‫فح��م‪ ...‬كتلة فحم‪ .‬واهلل ال��ذي ال إله إال هو‪ ،‬لوال العميد الذي‬ ‫أمرنا بالتوقّف‪ ،‬لحرقت كل أهل القرية بهذا الشكل‪.‬‬ ‫خُ��ذ!‪ِّ ،‬‬ ‫ ْ‬‫قل��بْ في ه��ذه الص��ور‪ ...‬تجد ثالث عش��رة صورة‬ ‫لقحب��ات اغتصبته��نّ حت��ى اآلن‪ .‬لق��د ن��ذرت أن يصلن إلى‬ ‫الخمسين‪ ،‬ربي ال تموّتني قبل أن أفي بنذري‪.‬‬ ‫المشهد الثاني‪ :‬في بيت بضاحية من ضواحي العاصمة‪ .‬عدد‬ ‫من األش��خاص يشربون الشاي جلوس��ًا على األرض‪ّ .‬‬ ‫يشكل‬ ‫الجمي��ع دائ��رة تناث��ر حولها بع��ض األطف��ال‪ .‬وهناك بعض‬ ‫النساء المنزويات في ركن من الغرفة يصغين بانتباه‪ .‬البيت‪،‬‬ ‫رغم ضيقه‪ ،‬يستضيف أسرتين نازحتين‪.‬‬ ‫ثمة بين الجالسين زائر من أهل البلدة ّ‬ ‫يلقب بأبي أحمد‪ ،‬كان‬ ‫س��جيناً بتهمة تهريب قبل س��نتين وخرج بعد أن شمله العفو‬ ‫الرئاسي‪.‬‬ ‫حُفر في البس��اتين‪ .‬كلما‬ ‫بحف��ر‬ ‫قمنا‬ ‫لقد‬ ‫أحم��د‪:‬‬ ‫أبو‬ ‫يق��ول‬ ‫ٍ‬ ‫أمس��كنا بواح��د منه��م نذبحه ذب��ح النعاج ونلقي��ه في هذه‬ ‫الحف��رة لتأت��ي الوحوش أو الكالب الش��اردة وتأكله‪ .‬كان هذا‬ ‫ف��ي البداية‪ ،‬ألننا كنا رحماء معهم‪ .‬أما اليوم فقس��ما باهلل يا‬ ‫شباب! نش��دّ أيديهم خلف ظهرهم ونقيّدهم ونرميهم في‬ ‫الحف��رة لتأكله��م الكالب وهم أحي��اء‪ .‬منذ يومين م��رّ أخ لنا‬ ‫قرب حفرةٍ عند الفجر وس��مع أحدهم يصرخ ألماً وقد نهشته‬ ‫تقض عليه‪ .‬اقترب منه‪ ،‬فش��رع اآلخر يس��تغيث‪،‬‬ ‫الكالب ولم ِ‬ ‫وأخذت الرأف��ة بقلب أخينا‪ .‬فأهال الت��راب فوقه حتى امتألت‬ ‫الحفرة‪ .‬ثم قرأ الفاتحة على روحه وتابع مسيره‪.‬‬ ‫ال يمضي يوم دون أن تس��مع روايات من ه��ذا النوع يتناقلها‬ ‫الن��اس‪ ،‬بانبه��ار ل��دى بعضهم‪ ،‬لك��ن باش��مئزاز وقرف لدى‬ ‫الغالبية‪ .‬لكنّ التس��اؤالت ذاته��ا تنطلق لدى الجميع‪ :‬أين كنّا‬ ‫وأين صرنا؟ كيف أصبحنا هكذا؟ من أين ظهر هذا الوحش؟‬ ‫يطرح الس��وريّون أس��ئلتهم وكأن أولئك الم��روي عنهم من‬ ‫طبيعة أخرى غير طبيعة هؤالء الراوين أو المنصتين للرواية‪.‬‬ ‫فالوح��ش‪ ،‬ليس عند الس��وريين فحس��ب بل لدى البش��رية‬ ‫جمعاء‪ ،‬ليس منّا‪.‬‬ ‫الوح��ش كائ��ن له معالم��ه الخاصة ول��ه عالم��ه الخاص‪ .‬قد‬ ‫يش��به اإلنس��ان أحيانًا لكنّه غالبًا ما يكون ذا س��حنة قميئة‪،‬‬ ‫ويعي��ش في عوالم غير تلك التي اعتادها اإلنس��ان‪ .‬الوحش‬ ‫يحتج��ب ع��ن األعي��ن‪ ،‬أو يختف��ي أغل��ب األوق��ات‪ ،‬إذ لي��س‬ ‫بمقدوره احتمال عالم البش��ر ذوي العق��ل واإلدراك‪ ،‬والذين‬ ‫يعج��زون عن فهم طبيعة الوحوش‪ .‬الوحوش تقتل‪ّ ،‬‬ ‫وتقطع‪،‬‬ ‫وتغتصب‪ ،‬وتأكل األطفال‪ ،‬وتحرق‪ ،‬وتدمّر‪ ،‬وتش��رب الدماء‪.‬‬ ‫إنّه��ا تنتمي إل��ى عالم خيالي لم يع��رف الحضارة ولم يعش‬ ‫فيه إنس��ان‪ .‬هذا العالم نراه ربما في الس��ينما أو نسمع عنه‬ ‫في حكايات الجدّات‪.‬‬ ‫الف��نّ واألدب والحض��ارة والثقاف��ة تجع��ل الوح��ش نقيضًا‬ ‫لإلنسان‪ ،‬والوحش��ية نقيضًا لإلنسانية‪ .‬إنها ّ‬ ‫تنظف اإلنسان‪،‬‬ ‫تطهّ��ره‪ ،‬تجعله كائنًا يش��به المالئكة‪ .‬ف��إن حاد عن صورته‬ ‫البرّاقة هذه‪ ،‬طردته من فردوس��ها الخيالي ورمته في خانة‬ ‫الوحوش‪.‬‬ ‫ينص��ت الس��وريون الي��وم إلى رواي��ات العن��ف المتناثرة في‬ ‫فض��اء بالدهم ويتس��اءلون‪ :‬من أين جاءنا ه��ذا الوحش؟ أم‬ ‫تراه كان فينا؟‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫الوح�ش فينا‬

‫‪3‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫الآالف يفرون يومي ًا من �سوريا‬ ‫تلوث املياه وانت�شار للأمرا�ض املعدية‬

‫قالت المفوضية العليا لشؤون الالجئين التابعة لألمم‬ ‫المتحدة اليوم الجمعة إن حوالي ‪ 5‬آالف سوري يفرون من‬ ‫بالدهم يوميًا ويعبرون الحدود إلى دول مجاورة‪.‬‬ ‫وقال أدريان ادواردز المتحدث باس��م المفوضية في‬ ‫إفادة صحافية في جنيف إن هذه أزمة كاملة‪.‬‬ ‫وأضاف‪" :‬كانت هناك زي��ادة ضخمة في يناير وحده‪.‬‬ ‫نح��ن نتحدث عن زي��ادة بنس��بة ‪ 25‬في المئة ف��ي أعداد‬ ‫الالجئين المسجلين خالل شهر واحد"‪.‬‬ ‫وذك��ر أن أكث��ر م��ن ‪ 787‬أل��ف س��وري إم��ا س��جلوا‬ ‫أس��ماءهم كالجئين أو ينتظ��رون إجراءات ف��ي المنطقة‬ ‫خاصة في لبن��ان والعراق واألردن وتركي��ا وذلك منذ بدء‬ ‫الصراع في سوريا قبل عامين‪.‬‬ ‫وح��ذر صندوق األمم المتحدة للطفولة "يونيس��يف"‬ ‫اليوم من تفاقم نقص المياه في سوريا وتلوث اإلمدادات‬ ‫في بعض األحيان مما يعرض األطفال إلى خطر اإلصابة‬ ‫باألمراض بشكل متزايد‪.‬‬ ‫وكش��ف أول تقيي��م للصندوق في عموم س��وريا أن‬ ‫إم��دادات المياه في المناط��ق المتضررة من الصراع تمثل‬ ‫ثلث مستويات ما قبل األزمة‪.‬‬ ‫وقال��ت ماريكس��ي مي��ركادو المتحدث��ة باس��م‬ ‫"يونيس��يف"‪" :‬يش��ير هذا إل��ى تعطيل جس��يم للخدمات‬ ‫وض��رر لحق بش��بكات المي��اه والص��رف الصح��ي وتوفر‬ ‫مح��دود للخدمات الصحية األساس��ية مم��ا يجعل األطفال‬ ‫أكثر عرضة لخطر اإلصابة باألمراض"‪.‬‬ ‫وفي تركيا يش��ارك آالف الس��وريين الذين يعيشون‬ ‫ف��ي مخيم لالجئي��ن بجنوب تركي��ا في انتخاب��ات الختيار‬ ‫زعم��اء للمخيم ومجلس إداري في تجربة تقول تركيا إنها‬ ‫تهدف اإلى إطالع المواطنين السوريين على الديمقراطية‪.‬‬ ‫فق��ط غط��ت الملصق��ات والالفت��ات ج��دران مخيم‬ ‫كيليس لالجئين الس��وريين في تركيا‪ ،‬لتشجيع المقيمين‬ ‫فيه على التصويت للمرشحين لزعامة المخيم‪.‬‬ ‫الالجئ��ون الذين تج��اوزوا ‪ 18‬من عمرهم سيس��مح‬ ‫له��م بالتصويت الختيار الزعماء الذي��ن من المفترض أن‬ ‫يديروا شؤون ‪ 13‬ألف الجئ يقيمون في المخيم خصوصا‬ ‫فيما يتعلق بقضايا األمن والصحة والتعليم‪.‬‬ ‫يُذك��ر أن من ش��روط االنتخابات وج��ود امرأة واحدة‬ ‫عل��ى األقل في المجلس‪ ،‬لذل��ك تطمح "ملكة" أن تحصل‬ ‫على م��ا يكفي من األصوات لتس��اعد س��كان المخيم في‬ ‫تسيير أمورهم خصوصا أنها تتقن اللغة التركية‪.‬‬ ‫وسيختار الالجئون زعماء لقطاعات مختلفة وأعضاء‬ ‫مجلس إداري مؤلف من ‪ 18‬عضواً في تجربة ديمقراطية‬ ‫سيعيشها بعض السوريين للمرة األولى منذ أكثر من ‪40‬‬ ‫عامًا‪.‬‬ ‫أم��ا في مجال اإلغاثة وعلى الرغ��م من الجهود التي‬ ‫تبذله��ا الس��لطات التركية في إغاثة الالجئين الس��وريين‬ ‫فإن��ه من المالح��ظ تركيز الجمعي��ات والمنظمات التركية‬ ‫في دعمها على الالجئين المس��جلين لديها فقط‪ ،‬ما يلقي‬ ‫بع��بء إغاثة بقي��ة النازحين غير النظاميي��ن على كاهل‬ ‫المنظمات السورية‪ ،‬خاصة من تعذر عليهم جلب أوراقهم‬ ‫الثبوتية لدى مغادرتهم لسوريا‪.‬‬ ‫م��ن ناحي��ة أخ��رى‪ ،‬تكتف��ي المستش��فيات التركية‬ ‫بإج��راء العملي��ات الجراحي��ة الت��ي تتطلبها حال��ة الجريح‬ ‫الس��وري فيما ال تتكف��ل بإقامته وإيوائه بل يتم إرس��اله‬ ‫بعد ذلك إلى المخيمات أو إعادته إلى سوريا‪ .‬معظم أولئك‬ ‫المصابي��ن يكون��ون بحاجة إل��ى متابعة طبي��ة ومعالجة‬ ‫فيزيائي��ة وأدوي��ة لفت��رات ق��د تدوم ع��دة أش��هر‪ ،‬لذلك‬ ‫عمل��ت المنظمات الس��ورية على إنش��اء دور لالستش��فاء‬ ‫تقوم بإي��واء الجرحى وتوفر لهم مراكز للعالج الفيزيائي‬ ‫باعتب��ار أن المخيمات غير صالحة الس��تقبال هذه النوعية‬ ‫من الحاالت‪.‬‬ ‫أم��ا في األردن فقد ناش��د رئي��س الحكومة األردنية‬ ‫عب��داهلل النس��ور المجتمع الدولي واألم��م المتحدة للقيام‬ ‫بواجبه��ا اإلنس��اني تجاه تدف��ق الالجئين الس��وريين إلى‬

‫األردن‪ .‬وقال إن المملكة غير قادرة على اس��تقبال المزيد‬ ‫م��ن الالجئي��ن إذا لم تقدم لها المس��اعدات الكافية لس��د‬ ‫احتياجاتهم‪.‬‬ ‫ولوح ب��أن األردن في حالة الضرورة س��يغلق حدوده‬ ‫مع سوريا أمام الالجئين السوريين‪.‬‬ ‫وأض��اف النس��ور أنه يمك��ن لالجئين الس��وريين أن‬ ‫ينزحوا إلى جزء آخر من س��وريا‪ ،‬مؤك��داً‪" :‬ليس عملنا أن‬ ‫نحدد" إلى أي مكان يمكنهم أن ينزحوا إليه‪.‬‬ ‫وأض��اف أن األردن‪ ،‬جيش��ًا وأجه��زة مدني��ة‪ ،‬دائم��ًا‬ ‫سيساعد‪ ،‬ولكن ليس كعمل عس��كري‪ ،‬مؤكداً أن بالده ال‬ ‫تتدخل باألعمال العس��كرية السورية إطالقًا‪ ،‬لكن األردن‬ ‫سيساعد على استقرار النازحين في بالدهم‪.‬‬ ‫لك��ن‪ ،‬وفي س��ياق آخ��ر‪ ،‬اش��تد الخناق على األس��ر‬ ‫المهج��رة يوم��اً بع��د ي��وم‪ ،‬بس��بب الظ��روف المعيش��ية‬ ‫القاس��ية‪ ،‬ما دفع مجموع��ة من الفتي��ات المتطوعات في‬ ‫مش��روع لألعمال اليدوية يؤمّن‬ ‫العمل اإلغاثي إلى تنفيذ‬ ‫ٍ‬ ‫قوت يوم عائالتٍ ال معيل لها‪.‬‬ ‫محاكاة الفنون الش��رقيّة القديم��ة كتطريز لوحاتٍ‬ ‫وال��دقُ على النَّول الخش��بي‬ ‫إس�لاميّة وحياك��ة الصوف‬ ‫ّ‬ ‫كسب‬ ‫القديم‪ ،‬أعمال تقوم بها النس��اء المهجرات لتحقيق ٍ‬ ‫يس��د حاجته��م ويحميهن من العوز‪ ،‬هذا م��ا تطلعنا عليه‬ ‫إح��دى المتطوع��ات في ه��ذا المش��روع‪ ،‬والت��ي تؤكد أن‬ ‫رؤيتهم الجدي��دة تقوم على مبدأ كونفوش��يوس بأن «ال‬ ‫تعطه س��مكة بل ع ّلمه صيد الس��مك»‪ ،‬حيث شهد العمل‬ ‫اإلغاثي في س��وريا تطوراً سريعاً‪ ،‬ويعود ذلك إلى تسارع‬ ‫األحداث وتفاقمها‪ ،‬وحاجة الناس الملحة‪.‬‬ ‫وبينم��ا يح��اول النظام تضيي��ق الخناق على األس��ر‬ ‫والعائ�لات المهج��رة‪ ،‬نج��د أن الفئة المس��تفيدة من هذا‬ ‫المش��روع هم أس��ر الش��هداء والمعتقلي��ن والمهجّرين‪،‬‬ ‫وتوض��ح الناش��طة أن بداية العمل كانت من��ذ عام تقريبًا‬ ‫في ريف دمش��ق ألمانها في تل��ك الفترة‪ ،‬ومن ٍ‬ ‫ثمّ انتقل‬ ‫إل��ى القاب��ون وب��رزة ودوم��ا وما لب��ث أن تس��ارع اإلنتاج‬ ‫وتزايدت األعداد حيث امتدَّ إلى درعا والس��ويداء ومناطق‬ ‫من حمص وإدلب‪.‬‬ ‫وعلى الرغم م��ن التضييق األمني والتكاليف العالية‬ ‫قام��ت المتطوع��ات بتأمين الم��واد األولي��ة الخاصة بهذا‬ ‫العمل ومن ثم أحدثت ورشات متخصصة لتدريب النساء‪،‬‬ ‫وفق ما تشير الناشطة «م‪ .‬س»‪ ،‬مؤكد ًة أن الهدف ديمومة‬ ‫العمل وليس آنيته‪.‬‬ ‫ومع ازدياد عدد المهجرين اتس��عت رقعة المش��روع‬

‫لتغط��ي حاجة ما يقارب ‪ 200‬أس��رة‪ ،‬وفق األرقام األولية‪،‬‬ ‫وع��ن آلية تنفيذ المش��روع تطلعنا الناش��طة «س‪ .‬و» أن‬ ‫النس��اء تقوم بالحياكة‪ ،‬ومن ثم تؤخ��ذ المنتجات وتطبق‬ ‫قطع‬ ‫بمس��اعدة أح��د الخياطي��ن ومح��ل للجلدي��ات عل��ى ٍ‬ ‫خش��بيّة وحقائ��ب بمختل��ف المقاس��ات‪ ،‬وكذل��ك أحذي��ة‬ ‫بس��يطة وشراشف لألس��رّة والمناضد وغيرها الكثير من‬ ‫اإلبداعات الفنيّة التي تستخدم في المنازل‪.‬‬ ‫وربما أكثر األس��ئلة إلحاحاً تلك المتعلقة بالتس��ويق‬ ‫والذي يتم عن طريق المش��اركة في المعارض األوروبيّة‬ ‫والعربية الخاصّة بالفنون الش��رقيّة باس��م نساء الثورة‬ ‫السّ��ورية حي��ث وصل إنتاجه��م إلى مختل��ف دول العالم‬ ‫ً‬ ‫وخاصة (فرنسا إنكلترة‪ ،‬كندا‪ ،‬الكويت‪ ،‬واإلمارات العربية‬ ‫المتح��دة)‪ ،‬ويع��ود ريع المش��روع بالدرجة األولى للنس��اء‬ ‫العام�لات فيه والذي خ ّفف عنهنّ الكثي��ر من أعباء الحياة‬ ‫وس��دّ احتياجاتهم فض ًال عن إحساسهنّ بالثقة بأنفسهن‬ ‫بأنه عل��ى الرغم من الدمار المحيط به��نّ مازلن قادرات‬ ‫على اإلنتاج ولس��ن بحاجة لإلغاثة من أحد‪ ،‬كما يخصصن‬ ‫جزءاً م��ن الربح لتغطي��ة المواد األوليّة وتأمينها بش��كل‬ ‫بأن األسواق‬ ‫دائم ولفترات طويلة (ويعود السبب في ذلك ّ‬ ‫ق��د تغلق أثن��اء تدهور األوض��اع)‪ ،‬في حين يرص��د مبلغًا‬ ‫للقيام بنش��اطات مدنيّ��ة متعددة خاصة بأطف��ال الثورة‬ ‫كتأمين احتياجاتهم المدرس��يّة ودورات تعليمية بالمجان‬ ‫باإلضاف��ة إل��ى محاول��ة تدريبه��م ع��ن طريق المس��رح‬ ‫للتخلص من أزماتهم النفس��ية بوج��ود متخصصين في‬ ‫ذل��ك‪ ،‬وفق م��ا تؤكد إح��دى الناش��طات‪ ،‬التي تش��ير إلى‬ ‫أن ه��ذا العمل مازال بالنس��بة للناش��طات القيّمات عليه‬ ‫َّ‬ ‫عم ًال تطوعيًا‪ ،‬لكنّه يحمل أحالمًا مس��تقبلية كبيرة لهنّ‬ ‫وللنساء العامالت فيه‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي تس��تغل فيه حاجة األسر والعائالت‬ ‫النازحة‪ ،‬تجد النس��اء في هذا المشروع مالذاً يحميهن من‬ ‫س��وء ظروف التهجير‪ ،‬ولعل أم محمد المهجرة من حمص‬ ‫واحدة من اللواتي يحققن دخ ًال يقارب ‪ 9000‬ليرة ش��هريًا‬ ‫عمل يدوي ال مشقة فيه‪ ،‬حيث تقول‪ :‬أعمل في‬ ‫من خالل ٍ‬ ‫هذا المش��روع منذ ٍأش��هر أنا وبناتي الثالث��ة‪ ،‬حيث يصل‬ ‫دخلنا منه إلى ‪ 27‬ألف ليرة‪ ،‬نستطيع من خاللها أن نعيش‬ ‫دون مس��اعدة م��ن أحد‪ ،‬فنح��ن بطبيعة الح��ال كنا نقوم‬ ‫بأعمال الصوف والحياكة‪.‬‬ ‫ويأت��ي هذا المش��روع وف��ق القيمين عليه تكريس��ًا‬ ‫لهت��اف الش��عب المنتفض «خب��ز وكرامة وحري��ة»‪ ،‬فكما‬ ‫عمل مش��ترك عبّر عن سوريا‬ ‫وحدة الدم اتحدوا اآلن في ٍ‬ ‫في مختلف أنحاء العالم‪.‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫الأ�سبوع الأول من �شباط ‪2013‬‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫إعداد‪ :‬نسيبة هالل‬ ‫كت��ب أحد الديكتاتوريي��ن كتابا س��ماه «كيف تقضي على ث��ورة في بالدك‬ ‫بع��دة خط��وات»‪ ،‬أولها قم بحص��ار وطرد واعتق��ال العقول المفك��رة المعارضة‬ ‫لك‪ ،‬واس��تبدل العاقل بالعاطفي المتهور‪ ،‬واستغل ضعف خبرة الثائرين‪ ،‬ودعهم‬ ‫يتقاتل��ون فيما بينه��م‪ ،‬ويدعون للث��أر واالنتقام لتتجول ثورته��م من ثورة حق‬ ‫إل��ى ثورة عصبية وجه��ل‪ .‬هذا ما بدأت به أيام الحرية منش��ورها حول طرق وأد‬ ‫الثورات‪.‬‬ ‫كما نش��رت مجموعة س��نابل الحري��ة صورتها ع��ن المبادرة بعن��وان «كن‬ ‫مبادراً»‪ ،‬فحين يتخاذل المتخاذلون ويتقاعس الكسالى‪ ،‬كن أنت المنقذ‪.‬‬ ‫و بالتعاون مع الحراك السلمي السوري أصدرت أيام الحرية منشورها الجديد‬ ‫بعنوان «حقوق األسرى» والذي تحدثت فيه عن حق األسرى في المعاملة الحسنة‬ ‫وحق الطعام والكساء والحرية الدينية لألسرى‪.‬‬ ‫و ضم��ن حمل��ة «امتحانات الدم» في أرج��اء حلب‪ ،‬تم صب��غ الطريق باللون‬ ‫األحمر بين كليتي الميكانيك والمعلوماتية‪.‬‬ ‫كما أعادت أيام الحرية نش��ر إعالنه��ا عن خدمة الطوارئ التي توفرها يوميًا‬ ‫على مدار الساعة لتجيب فيها عن أسئلة السوريين حول الدفاع المدني‪.‬‬ ‫و أص��درت أيام الحرية منش��ورها الجديد ضمن حمل��ة «هذه حقوقي»‪ ،‬عن‬ ‫حق اإلنس��ان األول والذي ضمنته له كل الديانات وكل دس��اتير العالم‪ :‬المساواة‬ ‫بين الجميع في الكرامة والحقوق‪.‬‬ ‫حركة وعي أصدرت منش��ورات بعنوان «ال لإلشاعات»‪ ،‬شعارها كفى بالمرء‬ ‫كذبا أن يحدث بكل ما سمع‪.‬‬ ‫أم��ا جدي��د أي��ام الحرية ف��كان منش��ورا يحتوي توجيه��ات هامة تل��زم عند‬ ‫تصوير ونش��ر مقاطع لليوتوب لتوثيق أحداث الثورة السورية‪ ،‬منها الحفاظ على‬ ‫مصداقي��ة الثورة وع��دم المبالغة أو التهوي��ل فالحقيقة وحده��ا تكفي‪ ،‬وبما أن‬ ‫المقط��ع المصور يمكن أن يكون دليال قانونيا على جرائم النظام فيجب االلتزام‬ ‫باألعداد والتوصيف الذي يظهر في الصورة‪.‬‬ ‫حمل��ة «كتاب بث��ورة» التي تصدره��ا حركة وعي تتحدث هذا األس��بوع عن‬ ‫كتاب «ش��روط النهضة» ال��ذي ألفه الكاتب الباحث االجتماع��ي «مالك بن نبي»‪،‬‬ ‫يعرض الكاتب مجموعة من المواضيع المترابطة التي يبين فيها شروط قيام أي‬ ‫حضارة عبر التاريخ‪ ،‬ثم يقوم بتحليل واقع المجتمعات اإلس�لامية في ضوء هذه‬ ‫الش��روط‪ ،‬مع اقتراح بعض الحلول لهذه المشاكل حتى تستأنف األمم اإلسالمية‬

‫والعربية دورها الحضاري‪.‬‬ ‫ش��اركونا صن��ع الحض��ارة‪ ،‬بالثورة عل��ى ما في نفوس��نا من أف��كار أنتجت‬ ‫الطغيان‪.‬‬ ‫ثورتنا على أفكارنا أو ًال‪ ،‬ثورتنا على االستبداد في عقولنا وقلوبنا‪ ،‬وفي كل‬ ‫مكان آخر‪ ،‬فشاركونا الثورة نحو مجتمع يضمن حقوق الجميع‪.‬‬ ‫لنشارك بالثورة‪ ،‬و لنغرس كل ما نستطيع من الفسائل لنبني الوطن‪.‬‬ ‫الثورة السورية ثورة تاريخية عظيمة ‪ -‬مع أيام الحرية شاركنا الثورة‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫تقريـــر �إعالميـــة �أيــام احلـــرية‬

‫‪5‬‬

‫مبادرة معاذ اخلطيب‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫واعت�صموا بحبل اهلل جميع ًا وال تفرقوا‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سُ��أل المفك��ر الس��وري " ص��ادق‬ ‫جالل العظ��م " في ح��وار لمجلة اآلداب‬ ‫عن مدى تفاؤله بنجاح الثورة السوريّة‬ ‫كنقل��ةٍ تاريخيّ��ةٍ تعيش��ها س��وريا‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫متفائ��ل عل��ى العم��وم‪.‬‬ ‫فأج��اب‪ " :‬أن��ا‬ ‫ً‬ ‫س��ابقا فإنن��ا عن��د نقطةٍ‬ ‫وكم��ا قل��تُ‬ ‫معيّنةٍ س��نصل إلى صندوق االنتخاب‪،‬‬ ‫وس��يصلني ّ‬ ‫حق��ي كمواط��ن‪ .‬أيُّ ثورةٍ‬ ‫تحم��ل مخاوفَ على المس��تقبل‪ ،‬وعلى‬ ‫القوى التي ستفرزها‪ .‬ولكنْ في سوريا‬ ‫أن الث��ورة تفرز قياداتٍ جديد ًة‬ ‫يبدو لي ّ‬ ‫ً‬ ‫وشبابيّة‪ ،‬على العكس مثلاً ممّا حصل‬ ‫في لبنان حيث بقي الذين قاموا بالحرب‬ ‫بعده��ا " آل الجمي��ل وآل ش��معون وآل‬ ‫جنبالط واألس��ماء المعروف��ة األخرى"‪.‬‬ ‫وم��ن الطبيعيّ أن يحص��ل بعد انتصار‬ ‫الث��ورة ن��وعٌ م��ن االنتخ��اب الطبيعيِّ‬ ‫أن الث��ورة الس��وريّة‬ ‫لألصل��ح‪ .‬كم��ا ّ‬ ‫إل��ى اآلن "تق ّلع ش��وكها بيديه��ا"؛ ففي‬ ‫حي��ن أت��ت المعارض��ة العراقيّ��ة مث�ًل�اً‬ ‫باألمري��كان لك��ي يزيح��وا صدّامً��ا‪،‬‬ ‫تخوض الثورة الس��وريّة معركتها ضدَّ‬ ‫الطغيان بقواها الذاتيّة‪ ،‬مع أنها بحاجةٍ‬ ‫إل��ى مس��اعدة الخارج‪ ،‬ألن��ه ك ّلما طالت‬ ‫األزمة ّ‬ ‫تحقق األسوأ‪.‬‬ ‫قد يتفق الجميع مع ما ذكره العظم‪،‬‬ ‫لكن التساؤل األهم عن الثمن والطريق‬ ‫لصن��دوق االقت��راع‪ ،‬فم��ع دخ��ول الثورة‬ ‫مرحل��ة " الكف��اح المس��لح " واضط��رار‬ ‫الس��وريين إل��ى تش��كيل مجموع��ات‬ ‫عس��كرية وكتائ��ب‪ ،‬بات��ت تش��مل كل‬ ‫المناطق الس��ورية تقريبًا تحت مس��مى‬ ‫" الجي��ش الح��ر " يتأرج��ح س��لوكها بين‬ ‫ميثولوجيا ونس��ق أخالق��ي مبهر‪ ،‬وبين‬ ‫تج��اوزاتٍ لمواثي��ق حق��وق اإلنس��ان‬ ‫وممارس��ات ترق��ى لممارس��ات النظام‪،‬‬ ‫فليس كل من س��مى نفسه بـ " الجيش‬ ‫الح��ر " ينتم��ي للحري��ة‪ ،‬فكم��ا انض��وى‬ ‫الكثي��رون تحت لواء النظ��ام من مبدأ ما‬ ‫دون الوطني س��واء كان نفعياً أو طائفياً‪،‬‬ ‫انض��وى البع��ض تح��ت ل��واء المعارضة‬ ‫المس��لحة لألس��باب عينها‪ ،‬لتس��ود لغة‬ ‫الرصاص‪ ،‬وأمام التخاذل العالمي واألفق‬ ‫السياس��ي المس��دود‪ ،‬تدوي صرخة معاذ‬ ‫الخطيب عن الحوار حقناً للدماء لتكس��ر‬ ‫الصمت السياسي الذي طال‪.‬‬ ‫يقول نيلس��ون ماندي�لا في كتابه‬ ‫الش��هير «رحلت��ي الطويلة ف��ي طريق‬ ‫الحري��ة»‪« :‬عندم��ا خرجت من الس��جن‬ ‫ماش��يًا عل��ى قدم��اي‪ ،‬كان��ت مهمت��ي‬ ‫تتمثل ف��ي تحري��ر الظال��م والمظلوم‬ ‫معً��ا‪ .‬لق��د مش��يت ف��ي تل��ك الطريق‬ ‫الطويل��ة من أجل بل��وغ الحرية‪ ،‬محاولاً‬ ‫أن أحاف��ظ على رباطة جأش��ي‪ .‬صحيح‬ ‫أنن��ي ارتكبت بعض األخطاء في تقدير‬ ‫خطواتي أحيانًا‪ ،‬لكني اكتش��فت س��رًا‬ ‫مفاده أن المرء ما إن ينتهي من تس��لق‬ ‫تل شامخ‪ ،‬إال ويتبين له أن هناك العديد‬ ‫من التالل األخرى بانتظاره»‪.‬‬ ‫سُجن الرجل نحو ‪ 28‬عامًا من أجل‬ ‫قضية ش��عبه المطالب بالمساواة والحق‬ ‫في الحرية والحياة الكريمة على أرضه‪،‬‬ ‫وخ��رج بع��د ه��ذا الزم��ن الطوي��ل من‬

‫السجن ليتولى حكم البالد لفترة رئاسية‬ ‫واحدة‪ ،‬أرس��ى خاللها األس��س السليمة‬ ‫الراس��خة لقيام دول��ة ديمقراطية‪ ،‬تكاد‬ ‫أن تك��ون الوحيدة في الق��ارة اإلفريقية‬ ‫بأس��رها‪ ،‬ليس��لم الراية بعد ذلك لجيل‬ ‫آخر ليق��ود دفة الب�لاد وس��فينتها التي‬ ‫أحس��ن صنعها‪ ،‬ولتش��هد جنوب إفريقيا‬ ‫توال��ي ثالث��ة رؤس��اء على حك��م البالد‬ ‫خ�لال عقدين من الزمن فقط‪ ،‬وهو أمر‬ ‫ال ينافس��ها فيه إال ع��دد قليل من الدول‬ ‫الغربية الديمقراطية العريقة‪.‬‬ ‫ماندي�لا ه��و أيضًا م��ن ق��ال‪ :‬إننا‬ ‫نقتل أنفسنا عندما نضيّق خياراتنا في‬ ‫الحي��اة‪ ،‬ولندع مانديال األيقونة ونتوغل‬ ‫في تاريخن��ا وتراثنا اإلس�لامي‪ ،‬لنصل‬ ‫صلح الحديبية الذي يخبرنا عنه الدكتور‬ ‫راغب السرجاني قائ ًال‪:‬‬ ‫م��ن المؤك��د أن قريشً��ا ال يمك��ن‬ ‫ً‬ ‫وس��يطاً‪ ،‬س��وا ٌء أكان من‬ ‫لها أن ترس��ل‬ ‫خزاع��ة أو م��ن ثقي��ف أو م��ن أي قبيلة‬ ‫أخرى؛ إذ إن رس��ول الصلح س��يعبر عن‬ ‫قري��ش‪ ،‬وس��يفاوض في بنود س��تتأثر‬ ‫به��ا قريش تأثرًا مباش��رًا‪ ،‬ف�لا بد إذن‬ ‫أن يك��ون رس��ول الصلح منها نفس��ها‪.‬‬ ‫وم��ن هنا فقد أرس��لت قريش رج ًال من‬ ‫الحمائ��م هو س��هيل ب��ن عم��رو‪ ،‬ذلك‬ ‫ال��ذي كان��ت له حي��اة هادئة ف��ي مكة‪،‬‬ ‫ولم يكن في سيرته مصادمات مباشرة‬ ‫م��ع المس��لمين‪ ،‬األمر ال��ذي يمكنه من‬ ‫التفاوض مع المس��لمين به��دوء‪ ،‬وهذا‬ ‫عين ما تريده قريش‪.‬‬ ‫وبالفع��ل كان س��هيل كذلك‪ ،‬حتى‬ ‫إن رس��ول اهلل ‪ r‬حين رآه قادمًا استبشر‬ ‫َ‬ ‫سَهُل َل ُكمْ‬ ‫وبشر المؤمنين وقال‪َ " :‬قدْ‬ ‫الصُ ْلحَ‬ ‫مِنْ أَمْ ِر ُك��مْ[‪ ،]1‬أَرَادَ ا ْل َقوْمُ ّ‬

‫هَ��ذا الرَّ َ‬ ‫حِينَ بَعَ ُثوا َ‬ ‫جُل"[‪ .]2‬والفأل‬ ‫حسنٌ في اإلسالم‪.‬‬ ‫وفي تجس��يد لهذا الدور فقد جلس‬ ‫القرش��يون مع ما لهم م��ن تاريخ وقوة‬ ‫وجن��ود وأح�لاف‪ ،‬جلس��وا م��ع الجماعة‬ ‫الضعيف��ة المس��تضعفة‪ ،‬تل��ك الت��ي‬ ‫كان��ت تعيش عندهم‪ ،‬ث��م هاجرت من‬ ‫ديارهم إلى المدينة المنورة‪ ،‬وقد جاءت‬ ‫تري��د العُمْرة وهي بس�لاح المس��افر‪.‬‬ ‫جلس الفريقان ليبرموا صلحًا من أجل‬ ‫مصلحتهما معًا‪ ،‬ويلتقوا ‪ -‬كما يقولون‬ ‫ في منتصف الطريق‪.‬‬‫بع��د أع��وام م��ن الصل��ح العتي��د‬ ‫ٍ‬ ‫المس��لمون لفت��ح مك��ة‪ ،‬وانتقل‬ ‫دخ��ل‬ ‫اإلس�لام م��ن الدع��وةِ إل��ى الدولة‪ ،‬ثم‬ ‫اإلمبراطوري��ة‪ ،‬وبقي��ت قري��ش وبقي‬ ‫اإلسالم حتى يومنا هذا‪.‬‬

‫املبادرة‪:‬‬ ‫أعل��ن مع��اذ الخطي��ب اس��تعداده‬ ‫المشروط "للجلوس مباشرة مع ممثلين‬ ‫ع��ن النظ��ام"‪ ،‬قائال "نحن س��نمد يدينا‬ ‫ألجل مصلحة الش��عب وألجل أن نساعد‬ ‫النظام عل��ى الرحيل بس�لام‪ .‬المبادرة‬ ‫اآلن عند النظام إما أن يقول نعم أو ال"‪.‬‬ ‫ثم طلب من النظام السوري انتداب‬ ‫نائب الرئيس فاروق الش��رع للتحاور مع‬ ‫المعارضة‪ .‬وهو الذي اس��تبعد قبل أكثر‬ ‫من ش��هر وعبر جريدة األخب��ار إمكانية‬ ‫حس��م الوضع في سوريا بالقوة‪ ،‬مطالبًا‬ ‫بـ"تسوية تاريخية" لألزمة‪ .‬والشرع الذي‬ ‫يبلغ الثالثة والس��بعين من العمر‪ ،‬تسلم‬ ‫وزارة الخارجي��ة طيل��ة ‪ 22‬عاما قبل أن‬

‫يصب��ح نائب��ا للرئيس ع��ام ‪ .2006‬هو‬ ‫م��ن مواليد درعا في جنوب س��وريا التي‬ ‫انطلقت منها ف��ي آذار ‪ 2011‬االنتفاضة‬ ‫ض��د نظ��ام األس��د‪ ،‬وبس��بب انتمائ��ه‬ ‫إل��ى منطق��ة درع��ا ع��رض من��ذ بداية‬ ‫األح��داث القيام ب��دور الوس��اطة‪ .‬إال أن‬ ‫دبلوماسيين أوروبيين كانوا يعملون في‬ ‫العاصمة السورية‪ ،‬أكدوا أن المتشددين‬ ‫ف��ي قل��ب النظ��ام وعلى رأس��هم ماهر‬ ‫األس��د شقيق الرئيس الس��وري رفضوا‬ ‫بقوة دور الوساطة هذا‪.‬‬ ‫كما اش��ترط الخطيب لبدء الحوار‬ ‫مع النظام الس��وري اإلف��راج عن ‪160‬‬ ‫أل��ف معتقل في الس��جون الس��ورية‪،‬‬ ‫وتجدي��د ج��وازات س��فر الس��وريين‬ ‫الموجودين في الخارج‪.‬‬ ‫وف��ي مداخلته مع قن��اة "الجزيرة "‬ ‫قال الخطيب‪ " :‬أنا أقول يا بش��ار األس��د‬ ‫انظر في عي��ون أطفالك وحاول أن تجد‬ ‫ح�ل ًا وس��تجد أنن��ا سنتس��اعد لمصلحة‬ ‫البل��د"‪ .‬وأض��اف أن " النظ��ام علي��ه أن‬ ‫يتخ��ذ موقفًا واضحاً‪ .‬نحن س��نمد أيدينا‬ ‫ألجل مصلحة الش��عب وألجل أن نساعد‬ ‫النظام عل��ى الرحيل بس�لام‪ .‬المبادرة‬ ‫اآلن عند النظام‪ :‬إما أن يقول نعم أو ال"‪.‬‬ ‫وتابع الخطيب أن " النظام إذا أراد أن‬ ‫يحل األمور يس��تطيع أن يشارك (‪ )..‬ولن‬ ‫يلق��ى إذا كان جاداً وصادق��اً‪ ،‬إال الترحيب‬ ‫م��ن قب��ل المعارض��ة‪ ،‬وق��ال‪ " :‬إذا أراد‬ ‫النظام إخراج الش��عب من ه��ذه األزمة‪،‬‬ ‫سنتس��اعد كلنا لمصلحة الشعب ورحيل‬ ‫النظام بشكل يضمن اقل خسائر ممكنة‬ ‫في األرواح والخراب والتدمير"‪.‬‬ ‫ووجه «رس��الة» إلى بش��ار األس��د‬ ‫قائ�ل ًا " أقول للنظ��ام‪ :‬كفى اس��تخدام‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫ردود الفعل على املبادرة‪:‬‬ ‫هيئة التن�سيق‪:‬‬

‫رحب��ت هيئ��ة التنس��يق الوطني��ة‬ ‫لقوى التغيي��ر "المعارضة في س��وريا"‬ ‫بالمب��ادرة الت��ي أطلقها رئي��س ائتالف‬ ‫الدوح��ة مع��اذ الخطي��ب‪ ،‬معتب��رة أنها‬ ‫"خط��وة إيجابي��ة م��ن حي��ث المب��دأ‪" .‬‬ ‫وقال أمين س��ر المكتب التنفيذي لهيئة‬ ‫التنس��يق رجاء الناصر "إن الهيئة تعتبر‬ ‫هذه مبادرة وتس��ير باتج��اه ما طرحناه‬ ‫ع��ن ض��رورة اعتم��اد الحل السياس��ي‬ ‫السلمي"‪.‬‬ ‫وأع��رب الناص��ر ف��ي تصريح��ات‬ ‫لصحيف��ة الوطن الس��ورية عن ترحيب‬ ‫الهيئة بكل توجه يدعم العمل السياسي‬ ‫الال عنفي‪ ..‬مش��يرا إل��ى أن الهيئة تريد‬ ‫أن تنتظر نتائج طروحات معاذ وتريد أن‬ ‫تكون أرضية عامة لكل قوى المعارضة‪.‬‬

‫االئتالف ال�سوري املعار�ض‪:‬‬

‫املجموعة الدولية‪:‬‬

‫رح��ب األمري��كان واألوروبي��ون‬ ‫بالمبادرة‪ ،‬رغم تحفظ اإلدارة األمريكية‬ ‫ع��ن منح حصانةٍ لألس��د‪ ،‬وف��ي الوقت‬ ‫عين��ه رف��ض البي��ت األبي��ض توصية‬ ‫الخارجية األمريكية ووكالة االستخبارات‬ ‫المركزي��ة بتس��ليح المعارض��ة ف��إدارة‬ ‫أوبام��ا تتمه��ل ليص��ل ع��داد األرواح‬ ‫المزهقة إل��ى المئة ألف وهو الحد الذي‬ ‫يعتبر اإلع�لام الغربي أنه الخط األحمر‬ ‫لدى اإلدارة هناك‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وبش��كل أكثر خج ًال تعامل الروس‬ ‫واإليرانيون مع المبادرة‪ ،‬وقال صالحي‪:‬‬ ‫" لق��د أجرين��ا محادث��ات اس��تمرت ‪45‬‬ ‫دقيق��ة إلى س��اعة‪ ،‬وكانت مثم��رة جداً‬ ‫وقررن��ا مواصل��ة ه��ذه المحادث��ات "‪،‬‬

‫النظام ال�سوري‪:‬‬

‫اعتب��رت صحيفة الوط��ن المقربة‬ ‫م��ن الس��لطة مب��ادرة رئي��س االئتالف‬ ‫الوطن��ي لق��وى الث��ورة والمعارض��ة‬ ‫الس��ورية أحمد مع��اذ الخطي��ب إلقامة‬ ‫حوار مع نظام دمشق "مناورة سياسية"‬ ‫جاءت متأخرة "رغم أهميتها السياسية"‪.‬‬ ‫وذك��رت أن "تصريح��ات الخطيب تبقى‬ ‫منقوصة وال تكفي لتجعل منه مفاوضا‬ ‫أو مح��اورا مقب��وال ش��عبيا‪ ،‬عل��ى أق��ل‬ ‫تقدي��ر"‪ .‬وأضاف��ت أن��ه "يمك��ن وصف‬ ‫تلك التصريح��ات بالمناورة السياس��ية‬ ‫لتصحي��ح خطأ الدفاع عن جبهة النصرة‬ ‫والتبرير المس��تمر لجرائ��م ترتكب كل‬ ‫س��اعة بحق س��ورية"‪ .‬وأش��ارت إلى أن‬ ‫دع��وة الخطي��ب ج��اءت متأخ��رة قرابة‬ ‫سنتين "خس��رنا خاللهما الكثير والكثير‬ ‫نتيج��ة تعن��ت المعارض��ة ورفضه��ا‬ ‫للح��وار"‪ .‬وتابعت أن "الكرة ليس��ت في‬ ‫ملعب الدولة السورية كما يقول الشيخ‬ ‫الخطي��ب‪ .‬فالدولة س��بق لها أن س��ددت‬ ‫الك��رة منذ األس��ابيع األول��ى في مرمى‬ ‫الح��وار لك��ن دون أن تج��د م��ن يلب��ي‬ ‫دعوتها"‪.‬‬ ‫م��ن المثير أن المعن��ي بالحوار هو‬ ‫النظام الذي أتى رده مراوغًا هش��اً عبر‬ ‫الوط��ن ث��م بتصريحات " عل��ي حيدر "‬ ‫وبعده��ا " وزي��ر اإلعالم "‪ ،‬لك��ن المثير‬ ‫أيض��ًا أن مبادر ًة ش��خصية من الش��يخ‬ ‫مع��اذ الخطي��ب‪ ،‬تداعت للتعلي��ق عليها‬ ‫ودعمها دبلوماس��ية العال��م‪ ،‬بينما حين‬ ‫ط��رح رأس النظ��ام مبادرت��ه تجاهلها‬ ‫الجميع إال حليفه الفارسي‪.‬‬ ‫إنه��ا الش��رعية ش��رعية الث��ورة‬ ‫وسقوطها عن النظام‪..‬‬

‫أسبوعية‬

‫انتق��د رئي��س المجل��س الوطن��ي‬ ‫جورج صب��را الخطيب‪ ،‬واصف��ًا مبادرته‬ ‫بأنه��ا "كعك��ة قدم��ت للنظ��ام"‪ ،‬بينم��ا‬ ‫أش��ار عض��و االئت�لاف الوطني هش��ام‬ ‫م��روة إل��ى أن المب��ادرة ال ت��زال تحتاج‬ ‫إلى إقرارها م��ن الهيئة العامة لالئتالف‬ ‫"حتى تكتسب مشروعية ودستورية"‪ .‬و‬ ‫قال المتحدث باسم االئتالف وليد البني‬ ‫«إن الكرة اآلن في الملعب الروس��ي‪ ،‬إذا‬ ‫كان االتحاد الروسي ينظر إلى مصلحته‬ ‫الحقيقية في المستقبل في المنطقة»‪.‬‬ ‫وأضاف «نحن نعتق��د أن عليه أن ينحاز‬ ‫إل��ى جان��ب المطال��ب العادل��ة للش��عب‬ ‫الس��وري ولي��س إل��ى جانب م��ن يقتل‬ ‫الش��عب الس��وري»‪ .‬وعب��ر البن��ي ع��ن‬ ‫أمل��ه بأن تضغط موس��كو على حليفها‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫وم��ن جانب��ه ق��ال هيث��م المال��ح‬ ‫عض��و االئت�لاف إن ما طرح��ه الخطيب‬ ‫هي وجه��ة نظر تخ��ص "الش��يخ معاذ‬ ‫الخطي��ب" لكنه��ا غير ملزم��ة لالئتالف‪،‬‬ ‫مش��يراً إل��ى أن "الخطي��ب أطل��ق هذه‬ ‫المب��ادرة به��دف تحريك المي��اه الراكدة‬ ‫ف��ي الثورة الس��ورية‪ ،‬خاص��ة بعد حالة‬

‫تركيا‪:‬‬

‫اعتب��ر وزي��ر الخارجي��ة الترك��ي‬ ‫احم��د داود أوغلو أن ح��واراً بين النظام‬ ‫الس��وري والمعارضة لن يتيح إيجاد حل‬ ‫للنزاع في سورية‪ ،‬وقال داود أوغلو في‬ ‫اليوم األخير للمؤتمر الدولي حول األمن‬ ‫في ميوني��خ أمس " يق��ول البعض انه‬ ‫يج��ب أن يكون هناك ح��وار بين النظام‬ ‫والمعارض��ة‪ .‬لكن ذلك طريق خاطئ‪ .‬ال‬ ‫يمكن أن يكون ذلك ح ًال "‪ .‬وتساءل وزير‬ ‫الخارجية التركي " ل��و حصلت انتخابات‬ ‫غداً في ظل رئاسة األسد‪ ،‬من يمكنه أن‬ ‫يضم��ن أن قادة المعارضة س��يتمكنون‬ ‫من الترش��ح" معتبراً أنه س��يكون على‬ ‫الرئي��س الس��وري بش��ار األس��د أو ًال‬ ‫«تحم��ل مس��ؤولياته عن المج��ازر التي‬ ‫وقعت في س��ورية»‪ .‬وأضاف داود أوغلو‬ ‫أن النظام السوري «يدمر بالده‪ ،‬الشعب‬ ‫يم��وت والمجموع��ة الدولي��ة تتف��رج»‬ ‫كم��ا فعل��ت في مطل��ع التس��عينات في‬ ‫البوسنة‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫بحوار مع النظام‪ ،‬فكل األنهار تؤدي إلى‬ ‫ٍ‬ ‫روما‪ ،‬ورداً عل��ى كل المخونين من هنا‬ ‫أو هناك أتت تس��مية الجمعة الماضية "‬ ‫واعتصموا بحبل اهلل جميعًا وال تفرقوا "‬

‫الجم��ود التي أصاب��ت الموق��ف الدولي‬ ‫تج��اه الثورة‪ ،‬فهو أراد منه تحريك الرأي‬ ‫الع��ام العالمي‪ ،‬وأعتقد أنها لن تلقى أي‬ ‫رد فع��ل إيجابي من العصاب��ة الحاكمة‬ ‫في س��وريا التي ليس لها طريق س��وى‬ ‫طريق القتل وتدمير البلد"‪.‬‬ ‫وق��ال المال��ح "نحن غي��ر ملزمين‬ ‫داخ��ل االئتالف به��ذه المبادرة‪ ،‬وس��بق‬ ‫وأصدرن��ا بيان��ا م��ن الهيئة السياس��ية‬ ‫رحبنا فيها بأي مبادرة تنهى شالل الدم‪،‬‬ ‫لكننا لن نعفى ه��ذا النظام القاتل مما‬ ‫ارتكبه من جرائم ضد الشعب"‪.‬‬

‫واجتماع الس��بت الماض��ي بين صالحي‬ ‫والخطيب ه��و أول اجتماع رس��مي بين‬ ‫مسؤول إيراني والمعارضة السورية‪.‬‬ ‫وبالحدي��ث ع��ن إي��ران نتوج��ه‬ ‫بالش��كر لإلخوة في مصر وفي المؤتمر‬ ‫اإلس�لامي ففش��ل زيارة نجاد على كل‬ ‫الصع��د الش��عبية والدينية والرس��مية‪،‬‬ ‫ه��و انتص��ارٌ للس��وريين وعذاباته��م‪،‬‬ ‫مواطنٌ س��وري أو مصري ال فرق حاول‬ ‫االعت��داء عل��ى نج��اد بالضرب‪ ،‬وش��يخ‬ ‫األزهر صرح بمحاربته للتشيع في بالد‬ ‫السنة‪ ،‬وتدخل الفرس بالخليج العربي‪،‬‬ ‫وهو يقف جنبًا إل��ى جنب مع نجاد قاتل‬ ‫الس��وريين واإليرانيين‪ ،‬ع��ل الصفعات‬ ‫المتتالي��ة تظه��ر لألخي��ر الثم��ن ال��ذي‬ ‫ستدفعه إيران عن كل قطرة دم سوري‬ ‫ٍ‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ه��ذه العقلي��ة الفوقية المتكب��رة على‬ ‫الشعب‪ .‬أنا أقول لك يا دكتور بشار هذا‬ ‫البلد معرض للخطر الشديد‪ ،‬ابتعد عن‬ ‫توحش��ك ولو قلي ًال‪ .‬قب��ل أن تنام انظر‬ ‫في عيون أطفالك وسيعود لك جزء من‬ ‫إنسانيتك‪ ،‬وسنجد ح ًال "‪.‬‬ ‫وتوجه إلى الشعب السوري بالقول‬ ‫«األميركي��ون وال��روس واإليراني��ون‬ ‫واألوروبي��ون ال يمل��ك أي واح��د منهم‬ ‫تصوراً للحل‪ .‬والش��عب الس��وري وحده‬ ‫هو من س��يقرر الحل‪ .‬لذلك نحن نقول‬ ‫لقيادة النظام السوري‪ ،‬دعونا نبحث عن‬ ‫مخرج للبلد قبل أن تخرب أكثر"‪.‬‬ ‫وتوج��ه إل��ى النظ��ام قائ�ل ًا " إذا‬ ‫أحببت��م أن توجهوا رس��الة واضحة إلى‬ ‫الش��عب الس��وري بأنكم تريدون توفير‬ ‫المزي��د م��ن الدم��اء‪ ،‬اب��دؤوا م��ن اآلن‬ ‫بإط�لاق س��راح األس��رى كم��ا طلبت"‪،‬‬ ‫مضيفًا‪" :‬أنا ال امزح‪ ،‬وهذه ليس��ت نكتة‬ ‫سياس��ية‪ ،‬اطل��ب م��ن النظ��ام التعامل‬ ‫بجدية ولو مرة»‪.‬‬ ‫ولف��ت الخطي��ب إلى ان��ه "ال يجب‬ ‫تخوين" م��ن يتكلم بالتف��اوض‪ .‬وقال‪:‬‬ ‫" العقلي��ة البعثية ع��ودت الناس أن كل‬ ‫كالم عن التفاوض هو نوع من التخوين‪.‬‬ ‫النب��ي عليه الصالة والس�لام جلس مع‬ ‫كفار قريش العت��اة ليفاوضهم‪ .‬القيادة‬ ‫الفيتنامية جلس��ت س��نوات في باريس‬ ‫تتفاوض مع األميركيين وش��عبها تحت‬ ‫القص��ف‪ .‬لم يخون اح��د القيادة وال احد‬ ‫اعتبر ذلك نوعًا من التنازل‪ .‬هذه عقيدة‬ ‫بعثي��ة فيروس��اتها دخل��ت ف��ي بعض‬ ‫المعارضين لألسف "‪.‬‬ ‫ه��ذه مب��ادرة الخطي��ب الت��ي حدد‬ ‫أولوياتها عب��ر قناة الجزي��رة‪ ،‬ربما كان‬ ‫الخطيب الشيخ والداعية يخاطب الضمير‬ ‫العالم��ي بعي��داً عن وحل السياس��ة‪ ،‬أو‬ ‫أن الخطي��ب سياس��ي دمش��قي تدعمه‬ ‫البرجوازي��ة الس��نية الت��ي تواط��أت مع‬ ‫النظ��ام حتى الي��وم لحماي��ة مملكتها‪،‬‬ ‫أو أن��ه سياس��يٌ بارع يمتل��ك ضماناتٍ‬ ‫من أولي األمر عالمي��اً‪ ،‬والتصور األخير‬ ‫يدعم��ه ارتف��اع اللهج��ة ف��ي مواجه��ة‬ ‫النظ��ام الذي راوغ وس��وّف كعادته فمع‬ ‫صدور عددنا الي��وم يكون النظام أضاع‬ ‫المهل��ة الممنوحة م��ن الخطيب لإلفراج‬ ‫عن الس��جينات الس��وريات تح��ت طائل‬ ‫سحب المبادرة‪.‬‬ ‫كل االحتم��االت واردة إال التخوي��ن‬ ‫فهو المحظور والمحرم على المعارضين‬ ‫جميعًا‪ ،‬ثور ٌة قامت الحترام الرأي والرأي‬ ‫اآلخ��ر أول��ى به��ا احت��رام االخت�لاف ال‬ ‫الخالف بين أبناءها‪ ،‬وما طرحه الخطيب‬ ‫طرح��ه عب��د العزي��ز الخي��ر قب��ل عام‬ ‫ٍ‬ ‫الوطنية‬ ‫تقريباً وطرحته هيئة التنسيق‬ ‫م��راراً وتك��راراً وس��واء كان��ت المبادرة‬ ‫ش��خصية أم جماعي��ة فالتعام��ل معه��ا‬ ‫يك��ون بالتقييم اإليجابي‪ ،‬وفي معرض‬ ‫التقييم نرى أن الخطيب قفز في الهواء‪،‬‬ ‫وكان األول��ى به جمع ضماناتٍ روس��ية‬ ‫إيراني��ة غربي��ة وأممي��ة أو ًال وتحدي��د‬ ‫هام��ش زمن��ي لقط��ع الطري��ق عل��ى‬ ‫ٍ‬ ‫النظ��ام الم��راوغ‪ ،‬وعدم حص��ر مطالب‬ ‫الث��ورة بالتفاصيل‪ ،‬لكن للمب��ادرة أنها‬ ‫شهر‬ ‫أعادت الخبر السوري للواجهة بعد ٍ‬ ‫تقريباً م��ن التراج��ع‪ ،‬وانحس��ار الحدث‬ ‫بأعداد الشهداء‪.‬‬ ‫أي��اً كانت النتائج فالثورة مس��تمرة‬ ‫وال ضير من أن يتوازى الكفاح المس��لح‬ ‫م��ع المبادرات السياس��ية‪ ،‬فالس��وريون‬ ‫ماض��ون ف��ي طريقه��م والمجال��س‬ ‫المحلي��ة تتش��كل إلدارة المناط��ق‬ ‫المحررة‪ ،‬في ريف دمشق وحلب شرطة‬ ‫ٌ‬ ‫وس��جل مدني ومحاكم‬ ‫وش��رطة مرور‬ ‫السوريون أسقطوا النظام وبدأوا بإدارة‬ ‫س��وريا الجدي��دة‪ ،‬أم��ا إعالن الس��قوط‬ ‫فليك��ن بمب��ادرةٍ داخلي��ة أو أممي��ة أو‬

‫‪7‬‬

‫تقرير فريق جمعية حماية الآثار ال�سورية‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫اثنا ع�شر متحف ًا �سوري ًا تعر�ضوا لل�سرقة والق�صف‬

‫واقع املتاح��ف ال�سورية لعامي ‪ 2011‬و‪2012‬‬ ‫إعداد‪ :‬شام داود‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫المتاحف هي مؤسس��ات دائمة ال‬ ‫تتوخ��ى الربح تعم��ل لخدمة المجتمع‬ ‫وتطويره وهي مفتوحة أمام الجمهور‬ ‫وبإمكانه��ا امتالك اإلثبات��ات المادية‬ ‫للس��كان وبيئته��م وحفظه��ا وإجراء‬ ‫البح��وث بش��أنها ونقله��ا وعرضه��ا‬ ‫ألغ��راض خاص��ة باألبح��اث والتعليم‬ ‫والترفي��ه"‪ .‬وه��ي تب��رز كعالق��ة‬ ‫بالماض��ي‪ ،‬حي��ث تولي قيم��ة كبيرة‬ ‫لآلثار الملموس��ة التي تركها أسالفنا‪،‬‬ ‫وتهدف المتاحف إلى حمايتها وجعلها‬ ‫عنصراً أساسياً لسير المجتمع البشري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتشكل هذه المجموعة جنباً إلى جنب‬ ‫مع الت��راث األثري الج��زء الرئيس مما‬ ‫يُعرف عالمياً بالتراث العالمي‪ ،‬هذا هو‬ ‫تعريف "اليونيسكو"‪.‬‬ ‫تش��كل مركزاً‬ ‫ّ‬ ‫"بم��ا أن المتاحف‬ ‫للحفظ والدراسات والتأمل في التراث‬ ‫والثقاف��ة والتراث الحض��اري‪ ،‬لم يعد‬ ‫بإمكانه��ا البقاء بمعزل ع��ن القضايا‬ ‫األساس��ية المرتبط��ة بعصرن��ا"‪ ،‬بل‬ ‫أصبح��ت الض��رورة حمايته��ا م��ن‬ ‫المخاط��ر الت��ي تنج��م ع��ن النزاعات‬ ‫المس��لحة وهذا ليس فقط من واجب‬ ‫جميع المؤسس��ات الوطنية والدولية‪،‬‬ ‫ب��ل من واج��ب الش��عوب‪ .‬ضمن هذا‬ ‫اإلط��ار نح��اول كفري��ق ف��ي "جمعية‬ ‫حماية اآلثار الس��ورية" لفت النظر إلى‬ ‫هذا الجانب الهام من التراث والتاريخ‬ ‫األث��ري الس��وري‪ ،‬المه��ددة بالنهب‬ ‫والتخريب والضياع‪.‬‬ ‫يوجد في س��وريا ثمانية وثالثين‬ ‫متحفاً (متاحف أثرية‪ ،‬ومتاحف للتقاليد‬ ‫الش��عبية‪ ،‬ومتاحف تخصصية)‪ ،‬تتوزع‬ ‫ه��ذه المتاح��ف عل��ى غالبي��ة المدن‬ ‫والمحافظ��ات‪ ،‬وتض��م ف��ي خزائنه��ا‬ ‫مئات اآلالف من اللقى والتحف األثرية‬ ‫والتراثي��ة التي تع��ود ألزمنة مختلفة‪،‬‬ ‫كما تضم أيض��ا أعما ًال نحتية ولوحات‬ ‫لفنانين سوريين معاصرين‪.‬‬ ‫تفتقر المتاحف الس��ورية لوسائل‬ ‫الحماي��ة الالزم��ة وبالتال��ي أصبح��ت‬ ‫معرض��ة لخط��ر النه��ب والس��رقة‬ ‫والتخري��ب‪ ،‬من��ذ ‪ 15‬آذار ‪.2011‬‬ ‫وف��ي ظل حالة الفوض��ى األمنية التي‬ ‫ش��هدتها بعض المدن الس��ورية تم‬ ‫سرقة وتخريب‬ ‫بع��ض المتاح��ف‪ ،‬كم��ا تعرضت‬ ‫متاح��ف أخ��رى للقص��ف وه��ذا االمر‬ ‫يجعلها اليوم مهددة بكوراث شبيهة‬ ‫بكارثة المتاحف العراقية التي تعرضت‬ ‫للتخري��ب والس��رقة حيث ضاع قس��م‬ ‫كبي��ر م��ن ث��روات الع��راق التاريخية‬ ‫والثقافية‪.‬‬

‫اثنا ع�شر متحفا �سوريا‬ ‫تعر�ضوا لل�سرقة والق�صف‪:‬‬

‫طوال اثنان وعشرون شهرا شكلت‬ ‫بع��ض المتاح��ف الس��ورية‪ ،‬كم��ا ه��و‬ ‫الحال لباق��ي القطاعات‪ ،‬إحدى الضحايا‬ ‫الت��ي عان��ت م��ن التخريب‪ ،‬والس��رقة‪،‬‬ ‫والقص��ف‪ ،‬حي��ث تش��ير المعلوم��ات‬ ‫المؤكدة التي وردتنا‪ ،‬في جمعية حماية‬ ‫اآلثار الس��ورية‪ ،‬حت��ى تاريخ إعداد هذا‬ ‫التقري��ر ‪ 6‬كانون ثان��ي ‪ /‬يناير ‪،2012‬‬ ‫إل��ى تع��رض ع��دة متاح��ف النتهاكات‬ ‫مختلف��ة‪ ،‬موزع��ة وف��ق التقس��يم‬ ‫الجغرافي على الشكل التالي‪:‬‬

‫حمافظة حم�ص‬ ‫متحف حمص األثري‪:‬‬ ‫وه��و أحد أه��م األبني��ة ذات الطابع‬ ‫الفرنس��ي حي��ث بُني المبن��ى على ثالث‬ ‫مراحل‪ :‬الدور األرضي بُني عام ‪1922‬م‪.‬‬

‫وبُن��ي ال��دور األول ع��ام ‪1949‬م‪ .‬بينما‬ ‫بُني ال��دور الثاني ع��ام ‪1963‬م‪ .‬ويضم‬ ‫هذا المتح��ف مجموعة من القطع األثرية‬ ‫من محافظة حمص تعود لعصور ما قبل‬ ‫التاريخ وحتى العصر العثماني‪.‬‬ ‫تع��رض متح��ف حم��ص األث��ري‬ ‫لمجموع��ة م��ن االنتهاكات نتيج��ة النزاع‬ ‫المس��لح المس��تمر ف��ي حم��ص خاص��ة‬ ‫أن المتح��ف يش��كل خ��ط تم��اس بي��ن‬ ‫ق��وات الجيش الح��ر والجي��ش النظامي‪.‬‬ ‫بن��اء عل��ى تقري��ر أعد من قب��ل صحفي‬ ‫يعم��ل في قن��اة "بي بي س��ي" ذكر بأن‪:‬‬ ‫"الكن��وز التاريخي��ة كله��ا ملق��اة عل��ى‬ ‫األرض أو محطمة‪ ،‬جداريات قليلة تمكن‬ ‫المس��ؤولين ع��ن المتحف م��ن تغطيتها‬ ‫قبل إغالقه‪ ،‬وقب��ل أن يتحول إلى نقطة‬ ‫قتال ومخبأ للعس��كريين السوريين‪ ،‬لكن‬ ‫كل التح��ف والمقتنيات الكبيرة ملقاة في‬ ‫الطريق الذي سأسلكه ألخرج إلى الشارع‬ ‫اآلخ��ر"‪ .‬ربما تختص��ر هذه العب��ارة واقع‬ ‫المتحف األثري في حمص والذي تعرض‬

‫لعدة انتهاكات وثقتها الجمعية خالل فترة‬ ‫التقرير‪ .‬أش��ار إلى عدة ك��وات فتحت في‬ ‫ج��دران المتحف‪ ،‬واألبواب كانت مفتوحة‪،‬‬ ‫وبالتال��ي ف��إن جمي��ع اللق��ى األثرية في‬ ‫المتح��ف مه��ددة بالس��رقة أوالكس��ر‬ ‫والتخريب‪.‬‬ ‫رغ��م س��يطرة الجي��ش الس��وري‬ ‫النظام��ي على المتحف حت��ى يومنا هذا‪،‬‬ ‫ال يوج��د أي معلوم��ات جدي��دة ع��ن حالة‬ ‫المتحف وحالة اللقى الت��ي يحتويها‪ ،‬كما‬ ‫لم تق��م وس��ائل االع�لام الرس��مية وال‬ ‫المديري��ة العامة لآلثار والمتاحف بنش��ر‬ ‫أي تقاري��ر تتن��اول الوض��ع الحال��ي لهذا‬ ‫المتحف الهام‪.‬‬ ‫متحف التقاليد الشعبية – (قصر‬ ‫الزهراوي) في حمص‪:‬‬ ‫متح��ف التقالي��د الش��عبية‪ ،‬ثان��ي‬ ‫متح��ف ف��ي حم��ص ويع��رف بـ(قص��ر‬ ‫الزه��راوي)‪ ،‬وق��د اس��تخدم المتحف من‬ ‫قب��ل ق��وات النظ��ام الس��وري كثكن��ة‬ ‫عس��كرية حيث تمركزت وح��دات مقاتلة‬

‫)متحف التقاليد الشعبية في حمص (قصر الزهراوي قبل وبعد القصف‬ ‫أثار الدمار الذي تعرض له متحف حمص األثري‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫متحف حماة األثري‪:‬‬ ‫م��ن االنته��اكات الت��ي وقع��ت على‬ ‫هذا المتحف هو اختفاء تمثال إلله أرامي‬ ‫مصن��وع من البرون��ز ومطل��ي بالذهب‪،‬‬ ‫يع��ود للق��رن الثام��ن قبل المي�لاد‪ ،‬وقد‬ ‫س��جل االختفاء في ش��هر أب ‪ /‬أغسطس‬ ‫ع��ام ‪ ،2011‬وبحس��ب الوثائ��ق المتوفرة‬ ‫فإن عملية االختفاء تمت إما بتسهيل من‬ ‫عامل ف��ي مديرية آثار حم��اة أو من قبل‬ ‫أح��د العاملين‪ ،‬والس��بب أن العملية تمت‬ ‫دون أي اقتح��ام أو خل��ع ألبواب أو لخزائن‬ ‫المتحف والتي بقيت سليمة بينما اختفى‬ ‫التمثال الذهبي وبناء عليه‪ ،‬فقد نش��رت‬ ‫ع��دة مواق��ع الكتروني��ة خب��ر مف��اده إن‬ ‫مخابرات النظام الس��وري قامت باعتقال‬

‫متحف إدلب األثري‪:‬‬ ‫ال توج��د أي معلوم��ات دقيق��ة ع��ن‬ ‫متحف إدل��ب األث��ري‪ ،‬علماً ب��أن المدينة‬ ‫تش��هد نزاعاً عس��كريا ومع��ارك طاحنة‬ ‫بي��ن قوات الجيش النظام��ي والمعارضة‬ ‫المسلحة‪.‬‬ ‫متحف معرة النعمان‪:‬‬ ‫خالف��ًا لم��ا ذك��ره تقري��ر المديرية‬ ‫العامة لآلثار والمتاحف الذي ال يستند ألي‬ ‫وقائع حقيقية‪ ،‬فقد تعرض متحف مدينة‬ ‫معرة النعمان والذي يضم أكبر مجموعة‬ ‫للموزاييك في الش��رق األوس��ط‪ ،‬لخطر‬ ‫التدمي��ر نتيج��ة القصف الج��وي اليومي‬ ‫ال��ذي يصي��ب المدين��ة الت��ي تع��د تحت‬ ‫سيطرة قوات الجيش الحر‪.‬‬ ‫استخدم المتحف القديم الذي يعرف‬ ‫باس��م خان القش��لة‪ ،‬والذي يق��ع بجانب‬ ‫المتحف الحالي‪ ،‬كثكنة عس��كرية لقوات‬ ‫الجي��ش النظام��ي حت��ى منتص��ف أب ‪/‬‬ ‫أغس��طس ‪ ،2011‬وبعد ذلك تم اقتحامه‬ ‫م��ن قب��ل ق��وات الجي��ش الس��وري الحر‬ ‫وأصبح المتح��ف الحالي ومبن��ى المتحف‬ ‫القدي��م مق��راً لمقاتل��ي كتيبة "ش��هداء‬ ‫مع��رة النعم��ان" الت��ي تقوم بحراس��ته‪.‬‬ ‫ويق��ول مقاتل��ون أن بع��ض القط��ع‬ ‫المعروض��ة س��رقها عناصر ف��ي الجيش‬ ‫النظامي‪ ،‬مش��يرين إلى أن مدير المتحف‬ ‫أجرى جرد للقطع المسروقة‪ .‬وأشاروا إلى‬ ‫فق��دان مجموعة من القطع النقدية التي‬ ‫تع��ود إل��ى بداي��ة العصر اإلس�لامي من‬

‫متحف حلب الوطني‪:‬‬ ‫بحس��ب المعلومات التي أعلنت عنها‬ ‫المديري��ة العام��ة لآلث��ار والمتاحف فقد‬ ‫تع��رض متح��ف حل��ب الوطن��ي ألضرار‬ ‫مادي��ة حيث س��قط الس��قف المس��تعار‬ ‫وكسرت النوافذ الزجاجية‪ ،‬كما جرح أمين‬ ‫المتح��ف وعاملين ف��ي المتح��ف‪ ،‬نتيجة‬ ‫االنفجار اإلرهابي الذي حصل في ساحة‬ ‫س��عد اهلل جابري بتاريخ ‪ 3‬تشرين األول‬ ‫‪ /‬أكتوب��ر ‪ .2012‬وذكرت المديرية العامة‬ ‫لآلث��ار أنها قامت فيما بع��د‪ ،‬بنقل القطع‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫حمافظة حماة‬

‫حمافظة �إدلب‬

‫حمافظة حلب‬

‫أسبوعية‬

‫في المتحف وأقيمت متاريس من أكياس‬ ‫الرمل يتمركز خلفها القناصة‪.‬‬ ‫وقع��ت ع��دة مع��ارك عل��ى المتحف‬ ‫ومنها بتاريخ ‪ 26‬ش��باط ‪ /‬فبراير ‪،2012‬‬ ‫حيث اش��تبكت ق��وات النظام م��ع كتائب‬ ‫الجيش الس��وري الحر‪ ،‬وسيطرت األخيرة‬ ‫عل��ى المبن��ى وقام��ت بنش��ر العديد من‬ ‫األفالم التي توضح حالة األذى والتخريب‬ ‫الذي تعرض له المتحف‪ ،‬وبحسب الصور‬ ‫والفيديوهات فقد تعرضت القسم األكبر‬ ‫م��ن القطع المعروضة في المتحف للتلف‬ ‫والكس��ر كم��ا ق��ام مجهول��ون بتخري��ب‬ ‫المدافن الموجودة في قبو المتحف‪.‬‬ ‫أدت سيطرة كتائب الجيش السوري‬ ‫الح��ر عل��ى مبن��ى المتحف إل��ى تعرضه‬ ‫للقصف من قبل قوات النظام بتاريخ ‪17‬‬ ‫أيلول ‪ /‬س��بتمبر ‪ ،2012‬ما تسبب بتهدم‬ ‫جزء من واجهة الطابق األول‪.‬‬ ‫ويق��ع قص��ر "الزه��راوي" ف��ي‬ ‫ح��ي "الحميدي��ة"‪ ،‬ويع��ود بن��اؤه للعهد‬ ‫"المملوك��ي"‪ ،‬م��ن القرن الثالث عش��ر‬ ‫المي�لادي ويعتبر من أهم بيوت حمص‬ ‫األثرية التي تقع وسط المدينة القديمة‬ ‫ويحم��ل طابع��ًا فري��داً م��ن نوع��ه في‬ ‫س��ورية‪ ،‬من حيث خصوصية البناء في‬ ‫العهد المملوكي‪ ،‬الذي تَركَ أثراً ضخمًا‬ ‫يَمت��ازُبزخرف��ةٍ فني��ة عالي��ة المهارة‪.‬‬ ‫يُقس��م القصر إلى خمس��ة أقسام دلت‬ ‫عليه��ا التحري��ات األثري��ة الت��ي أُجريت‬ ‫للقص��ر عام ‪ ،1990‬أس��فرت عن وجود‬ ‫مدف��ن بيزنطي تحت األقبية في الجناح‬ ‫الجنوب��ي من القصر‪ ،‬كم��ا يوجد قبوان‬ ‫تح��ت األرض وفوقها قب��وان آخران في‬ ‫الجه��ة الجنوبي��ة الش��رقية والجنوبي��ة‬ ‫الغربية بناؤهما من العهد البيزنطي‪.‬‬

‫أمين سر متحف حماة وعدد من العاملين‪،‬‬ ‫من أج��ل التحقيق ولكن ل��م تعلن نتائج‬ ‫التحقيق��ات ال م��ن قب��ل المخاب��رات أو‬ ‫الصح��ف المقربة منه��ا وال نتائج تحقيق‬ ‫مديرية اآلثار العامة إذا قامت بالتحقيق‪،‬‬ ‫حت��ى تاري��خ إع��داد ه��ذا التقري��ر بأقل‬ ‫تقدير‪.‬‬ ‫متحف أفاميا‪:‬‬ ‫ذكرت ع��دة مواقع الكترونية أنه تم‬ ‫سرقة تمثال يعود للفترة الكالسيكية من‬ ‫خان المضيق الذي يعود للقرن الس��ادس‬ ‫عش��ر المي�لادي‪ ،‬بينما ذك��رت المديرية‬ ‫العامة لآلثار في تقري��ر صادر عنها بأنه‬ ‫ت��م س��رقة قطع��ة حجري��ة رخامية من‬ ‫متح��ف أفاميا الذي ك��رس لعرض اللقى‬ ‫األثري��ة م��ن ش��واهد للقب��ور والتماثيل‬ ‫ولوح��ات الفسيفس��اء المكتش��فة ف��ي‬ ‫منطق��ة أفاميا‪ .‬والجدي��ر بالذكر بأن هذا‬ ‫المتحف يفتقر ألبس��ط وس��ائل الحماية‬ ‫والتي سنذكرها بنهاية هذا التقرير‪.‬‬

‫إحدى واجهات العرض‪.‬‬ ‫وف��ي بداية تش��رين األول ‪ /‬أكتوبر‬ ‫‪ 2012‬س��قطت قذيف��ة أطلقته��ا إح��دى‬ ‫مقات�لات الميغ التابع��ة للجيش النظامي‬ ‫على بع��د أمتار م��ن المتحف‪ ،‬ما تس��بب‬ ‫بتهدم عدد من األبنية السكنية‪ .‬وتناثرت‬ ‫قط��ع زج��اج النواف��ذ وأعال��ي األب��واب‬ ‫الخشبية في المتحف نتيجة تلك القذيفة‪.‬‬ ‫كما تس��اقطت المعروض��ات التي ال‬ ‫تقدر بثم��ن من على بعض الرفوف‪ ،‬كما‬ ‫تحول��ت قطع خزفية تع��ود إلى نحو ألفي‬ ‫ع��ام إلى قط��ع متناث��رة وتحطم��ت عدة‬ ‫لقى حجرية كان��ت معروضة في حديقة‬ ‫المتحف‪.‬‬ ‫ال ب��د من اإلش��ارة إل��ى أن المعارك‬ ‫الت��ي دارت بين ق��وات الجيش الس��وري‬ ‫الحر والجيش الس��وري النظامي أدت إلى‬ ‫تض��رر لوحت��ان م��ن الفسيفس��اء‪ ،‬حيث‬ ‫اخترقت عدة رصاصات لوحات الموزاييك‪.‬‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫أثار الدمار الذي تعرض له متحف معرة النعمان‬

‫األثرية م��ن متحف حلب ليتم حفظها في‬ ‫مناطق آمنة‪.‬‬ ‫تش��ير المعلوم��ات ال��واردة لجمعية‬ ‫حماي��ة اآلثار من الناش��طين في الداخل‪،‬‬ ‫ب��أن المتحف تعرض ألضرار أخرى نتيجة‬ ‫انفجار سيارة مفخخة بالقرب منه بتاريخ‬ ‫‪ 2‬كانون الثاني ‪ /‬يناير ‪.2013‬‬ ‫متحف الطب والعلوم‬ ‫(البيمارستان األرغوني) في حلب‪:‬‬ ‫بن��ا البيمارس��تان األرغون��ي آرغ��ون‬ ‫الكامل��ي س��نة (‪755‬ه��ـ) وهو بيمارس��تان‬ ‫عظيم ال نظير له في العالم من جهة سعته‬ ‫وإتق��ان عمارت��ه وزخرفته‪ ،‬وللبيمارس��تان‬ ‫مدخ�لان أحدهم��ا رئيس��ي واآلخ��ر فرعي‪،‬‬ ‫وعل��ى جانب��ي المدخ��ل الرئيس��ي ج��دران‬ ‫يعلوهم��ا مقرنص��ة ويغل��ق بب��اب ذي‬ ‫مصراعين من الخشب المكسو بصفائح من‬ ‫النحاس المزين بأش��رطة متقاطعة تشكل‬ ‫بتقاطعاتها أش��كا ًال هندس��ية رائعة‪ ،‬وفيها‬ ‫حج��رة وفتحات ف��ي جدرانه��ا لألدوية وإلى‬ ‫يمين الرده��ة حجرتان لالنتظار والمعاينات‬ ‫الخارجية ويتوس��ط البيمارستان األرغوني‬ ‫بركة كبيرة مع نافورة ماء‪.‬‬ ‫تع��رض مبن��ى البيمارس��تان‬ ‫األرغوني والذي بني في عهد الس��لطان‬ ‫المملوك��ي المل��ك الناص��ر محم��د ب��ن‬ ‫ق�لاوون س��نة ‪ 1354‬م‪ .‬ألض��رار نتيجة‬ ‫المع��ارك الت��ي حصل��ت بين الجيش��ين‬ ‫النظامي والحر‪ ،‬ويتك��ون مبنى المتحف‬ ‫من خمس��ة أقسام رئيس��ية أولها قسم‬ ‫الصيدل��ة الخ��اص بتاريخ عل��م األدوية‬ ‫واألعشاب الطبية‪ ،‬وقسم علوم وأعالم‪،‬‬ ‫والطب والعل��وم‪ ،‬والطب النبوي الخاص‬ ‫بعرض ش��روحات ع��ن الجان��ب العلمي‬ ‫م��ن الق��رآن الكري��م والس��نة النبوي��ة‬ ‫إضافة للقسم األخير الذي يبين وظيفة‬ ‫البيمارس��تان األرغون��ي األساس��ية‬ ‫كمشفى للطب النفسي‪.‬‬ ‫متحف التقاليد الشعبية في حلب‪:‬‬ ‫أف��ادت المعلوم��ات ال��واردة ف��ي‬ ‫تقري��ر نش��رته المديري��ة العام��ة لآلثار‬ ‫والمتاحف‪ ،‬ب��أن "دار أجقباش" الذي يعود‬ ‫إلى العه��د العثماني (بني عام ‪1757‬م‪،).‬‬ ‫الذي ك��رس كمتح��ف للتقاليد الش��عبية‬ ‫ف��ي مدينة حل��ب‪ ،‬تعرض أيض��ا ألضرار‬ ‫نتيجة المعارك الدائرة بين قوات الجيش‬ ‫النظام��ي وق��وات الجيش الح��ر‪ .‬ال يوجد‬ ‫حت��ى اآلن تقري��ر مفصل ع��ن حالة هذا‬ ‫المتح��ف الهام الذي يق��ع بالقرب من دار‬ ‫غزالة وخان الوزير‪.‬‬ ‫ودار أجقب��اش تتمي��ز بأنه��ا مزدانة‬ ‫بروائع المنحوتات والخش��بيات والسقوف‬ ‫الت��ي اش��تهرت به��ا حل��ب‪ .‬ويض��م هذا‬

‫‪9‬‬ ‫أثار الدمار الذي تعرض له متحف التقاليد الشعبية في دير الزور‬

‫أثار التخريب الذي تعرض له متحف دورا أوربوس (البيت الروماني)‬

‫المتحف أكثر من ألف قطعة من النفائس‬ ‫الش��عبية الحلبي��ة كالمالب��س واألزي��اء‬ ‫وأدوات الزينة واألث��اث الملبس بالصدف‬ ‫والس��جاد واألدوات المنزلي��ة واألس��لحة‬ ‫وآالت النسيج الخشبية‪.‬‬

‫حمافظة الرقة‬

‫ملف العدد ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫متحف الرقة األثري‪:‬‬ ‫المعلوم��ات ال��واردة م��ن س��وريا‬ ‫تش��ير إلى أن المتحف ل��م يصب بأي أذى‬ ‫وتعدي��ات حتى اآلن‪ ،‬لك��ن نظرا لألحداث‬ ‫والمع��ارك التي تج��ري اآلن في محافظة‬ ‫الرق��ة‪ ،‬ف��إن المتح��ف مه��دد بالنه��ب‬ ‫والتخري��ب إن ل��م تتخذ وس��ائل الحماية‬ ‫الالزم��ة والت��ي تش��مل قب��ل كل ش��يء‬ ‫تركيب أب��وب حديدية وأجهزة إنذار مبكر‬ ‫لحماية المبنى واللقى األثرية المحفوظة‬ ‫في الخزائن والمستودعات‪.‬‬ ‫متحف التقاليد الشعبية في الرقة‪:‬‬ ‫ال ب��د م��ن اإلش��ارة إل��ى أن متح��ف‬ ‫التقاليد الش��عبية في الرق��ة مهدد أيضا‬ ‫بأخط��ار مش��ابهة لمتحف الرق��ة األثري‬ ‫بس��بب ع��دم تأمي��ن وس��ائل الحماي��ة‬ ‫الكافية‪ .‬يتك��ون هذا المتح��ف من مبنى‬ ‫ريفي مشيد من اللبن المجفف وله أبواب‬ ‫خشبية بسيطة‪.‬‬ ‫متحف قلعة جعبر‪:‬‬ ‫أنش��ئ المتحف ع��ام ‪ 1973‬في أحد‬ ‫أبراج القلع��ة التاريخية وه��و (برج عليا)‬ ‫التي أنشئت في العهد السلجوقي ويضم‬ ‫متحف الكثير من اآلثار التي اكتشفت في‬ ‫القلعة وبع��ض المواقع التي غمرها مياه‬ ‫سد الفرات‪.‬‬ ‫وقد نش��رت ع��دة مواق��ع الكترونية‬ ‫خب��راً يش��ير إل��ى تع��رض متح��ف قلعة‬ ‫جعب��ر للس��رقة حي��ث ت��م نه��ب ‪/ 17 /‬‬ ‫دم��ى أثرية تع��ود إلى األل��ف الثالث قبل‬ ‫المي�لاد‪ ،‬اكتش��فت خالل حم�لات اإلنقاذ‬ ‫لموقعي إيمار وتل الس��لنكحية قبل بناء‬ ‫س��د الفرات عام ‪ .1973‬بينما ذكر تقرير‬ ‫المديري��ة العام��ة لآلث��ار المقتضب بأنه‬ ‫"سُ��رقت ‪ 17‬قطع��ة من المدف��ن األثري‬ ‫ف��ي قلع��ة جعب��ر"‪ ،‬ول��م يش��ير التقرير‬ ‫إل��ى أي تفاصي��ل تتضم��ن طبيع��ة هذه‬ ‫اللقى المس��روقة وال أسماء المواقع التي‬ ‫اكتش��فت فيها وال حتى صور لهذه اللقى‬ ‫والتي يمكنها ان تساعد األنتربول الدولي‬ ‫من البحث عنها في مزادات اآلثار‪.‬‬

‫حمافظة دير الزور‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫متحف دير الزور األثري‪:‬‬ ‫تش��ير المعلوم��ات ال��واردة من قبل‬ ‫النش��طاء وكذل��ك بع��ض األف�لام التي‬ ‫نش��رت عل��ى اإلنترني��ت‪ ،‬بأن ق��وات من‬ ‫الجي��ش النظام��ي تمرك��زت ف��ي مبنى‬ ‫المتح��ف والحديق��ة المحيط��ة ب��ه من��ذ‬ ‫ب��دء الحمل��ة العس��كرية الشرس��ة التي‬ ‫يش��نها النظام على المدينة‪ .‬كما تش��ير‬ ‫المعلوم��ات الت��ي وردتن��ا ع��ن اعت�لاء‬ ‫القناصة لسطح المتحف وانتشار الحواجز‬ ‫حوله‪ ،‬مما جعله عرضة لعدة هجمات من‬ ‫قبل قوات الجيش السوري الحر حيث أشار‬ ‫تقرير مقتض��ب للمديري��ة العامة لآلثار‬ ‫والمتاح��ف إل��ى تعرض المتح��ف لبعض‬ ‫األض��رار المادي��ة نتيجة "الضغ��ط الذي‬ ‫س��ببه تفجير وقع في كنيس��ة تبعد ‪500‬‬ ‫م عن المتحف‪ ،‬إذ تهدم السقف المستعار‬ ‫في بهو صاالت العرض وتهشمت معظم‬ ‫النوافذ واألبواب الزجاجية"‪.‬‬ ‫إن تمرك��ز ق��وات الجي��ش النظامي‬ ‫في هذا المتحف‪ ،‬يجع��ل مصير أكثر من‬

‫‪ 24‬ألف قطعة أثرية موجودة فيه برس��م‬ ‫المجهول‪ ،‬وهنالك خش��ية م��ن أن تواجه‬ ‫مقتنيات هذا المتحف مصيراً مش��ابهاً لما‬ ‫واجهته مقتنيات متحف حمص األثري‪.‬‬ ‫متحف التقاليد الشعبية في دير‬ ‫الزور‪:‬‬ ‫تع��رض متح��ف التقالي��د الش��عبية‬ ‫في مدين��ة دير الزور إلى أض��رار كبيرة‪،‬‬ ‫حيث تم تدمير بوابته الرئيس��ية وخزائن‬ ‫العرض وسرقة بعض األدوات التي كانت‬ ‫تحتويه وكس��ر بعض التماثيل الحديثة‪،‬‬ ‫كم��ا يظهر التقرير المصور األضرار التي‬ ‫لحقت باللوحات الفنية التي تعود لفنانين‬ ‫معاصرين من محافظة دير الزور‪.‬‬ ‫متحف موقع دورا أروبوس‬ ‫(صالحية الفرات)‪:‬‬ ‫قام��ت مجموع��ة م��ن اللص��وص‬ ‫بحفري��ات س��رية ف��ي الموق��ع وكذل��ك‬ ‫بتكس��ير خزائن العرض والنسخ الحديثة‬ ‫للق��ى التي ت��م عرضها ف��ي متحف دورا‬ ‫أروب��وس (البي��ت الروماني)‪ .‬كم��ا قاموا‬ ‫بس��رقة عدة نماذج مخصص��ة للعرض‪،‬‬ ‫وخل��ع األب��واب والنواف��ذ وت��م العب��ث‬ ‫بمحتويات بيت البعثة األثرية الفرنس��ية‬ ‫وسرقة قسم كبير من محتوياته‪.‬‬ ‫تش��ير المعلوم��ات الت��ي وردتن��ا‬ ‫مؤخراً‪ ،‬عن تعرض مبنى المتحف (البيت‬ ‫الرومان��ي) لعملية نهب جديدة‪ ،‬حيث قام‬ ‫اللصوص بسرقة األعمدة الخشبية التي‬ ‫تحمل سقف البيت الروماني‪.‬‬

‫النتائج‪:‬‬

‫نتائ��ج ه��ذا التقرير تش��ير بش��كل‬ ‫واضح إلى‪:‬‬ ‫‪ .1‬تعرض اثنا عش��ر متحفًا س��وريًا‬ ‫ألضرار مختلفة ش��ملت في أغلب األحيان‬ ‫حاالت القصف‪ ،‬والتكسير والسرقة‪.‬‬ ‫‪ .2‬في ظل األوضاع الحالية‪ ،‬نتساءل‬ ‫الي��وم عن عمليات النقل المزعومة للقى‬ ‫األثرية التي كانت محفوظة في عدد من‬ ‫المتاح��ف‪ ،‬مث��ل متحف دمش��ق الوطني‪،‬‬ ‫ومتح��ف حل��ب الوطن��ي‪ ،‬ومتحف حمص‬ ‫األثري‪ ..‬الخ‪ .‬حيث تشير تقارير مقتضبة‬ ‫للمديري��ة العامة لآلث��ار‪ ،‬والتي ال تتجاوز‬ ‫في أفضل األحوال الس��طرين‪" ،‬بأنها قد‬ ‫نقل��ت العديد من القط��ع واللقى األثرية‬

‫الهام��ة من المتاحف إلى أماكن أمنة ليتم‬ ‫حفظه��ا"‪ ،‬ولكن ه��ذه التقارير ال تش��ير‬ ‫أب��دا إلى حيثيات نقل اللقى‪ ،‬وأرش��فتها‪،‬‬ ‫اإلشراف على عملية النقل‪ ،‬شروط حفظ‬ ‫اللق��ى وبش��كل خ��اص تل��ك المعرضة‬ ‫للتلف بس��بب درج��ات الح��رارة واإلضاءة‬ ‫ونسبة الرطوبة‪ ..‬الخ‪.‬‬ ‫‪ .3‬األم��ر األكث��ر أهمية‪ ،‬ه��و إعالن‬ ‫المديري��ة العامة لآلث��ار والمتاحف‪ ،‬أكثر‬ ‫من مرة على الموقع االلكتروني الرسمي‬ ‫العائ��د له��ا‪ ،‬وكذلك عبر وس��ائل اإلعالم‬ ‫الرس��مية‪ ،‬بأنه��ا اتخذت كاف��ة اإلجراءات‬ ‫الالزمة لحماي��ة المتاحف المنتش��رة في‬ ‫مختل��ف الم��دن والمحافظات الس��ورية‪.‬‬ ‫بالمقاب��ل ف��إن المعلوم��ات الت��ي تصلنا‬ ‫من نش��طاء في الداخل‪ ،‬تش��ير بأن هذه‬ ‫االدع��اءات ه��ي عارية ع��ن الصحة‪ ،‬ألنه‬ ‫ل��م تتخذ اإلج��راءات الالزم��ة لحماية كل‬ ‫المتاح��ف الس��ورية‪ ،‬وكمث��ال عل��ى ذلك‬ ‫نش��ير إل��ى التقرير المصور ال��ذي يوثق‬ ‫حالة متحف أفاميا‪ ،‬حيث نرى بكل وضوح‬ ‫أن أبواب المتح��ف موصدة بأقفال بدائية‬ ‫وكأن المتحف هو عب��ارة عن بقالية لبيع‬ ‫الخضروات!!!‪ ،‬بحيث يستطيع أي شخص‬ ‫كسر القفل بواسطة فأس‪.‬‬ ‫‪ .4‬ف��ي ظ��ل ه��ذا التس��ييب‬ ‫والالمس��ؤولية م��ن قب��ل الس��لطات‬ ‫األثري��ة الحكومي��ة الس��ورية الممتنع��ة‬ ‫عن القي��ام بواجباته��ا المتمثل��ة بتأمين‬ ‫كاف��ة وس��ائل الحماي��ة الالزم��ة لضمان‬ ‫أم��ن المتاحف (مث��ل األب��واب الحديدية‪،‬‬ ‫أجه��زة إنذار مبك��ر‪ ..‬الخ‪ ،‬ل��كل المتاحف‬ ‫الس��ورية)‪ ،‬كذلك عدم تدخلها بالش��كل‬ ‫الالزم‪ ،‬لمخاطبة ق��وات الجيش النظامي‬ ‫بض��رورة التوق��ف ع��ن القي��ام بعمليات‬ ‫القصف الجوي لعدد من المباني القديمة‬ ‫وبض��رورة االبتعاد ع��ن المتاحف والقالع‬ ‫والمباني األثري��ة التي تحولت إلى ثكنات‬ ‫عس��كرية ومراكز للقناص��ة (مثال‪ :‬قلعة‬ ‫حمص‪ ،‬قلعة حماة‪ ،‬المئذنة الس��لجوقية‬ ‫للجامع األم��وي في حلب وكذل��ك القلعة‬ ‫األثري��ة ف��ي حل��ب اللوات��ي تحول��ن إلى‬ ‫متاري��س للقناص��ة)‪ ،‬فإننا نتس��اءل عن‬ ‫الوضع الذي ستشهده متاحف بعينها مثل‬ ‫متحف دير ال��زور األثري‪ ،‬ومتاحف الرقة‪،‬‬ ‫حل��ب‪ ،‬إدل��ب ودرعا‪ ،‬حي��ث تش��تد وتيرة‬ ‫المعارك بين الجيشين النظامي والحر‪.‬‬

‫التو�صيات‪:‬‬

‫بناء على المعطيات الس��الفة الذكر‪،‬‬ ‫وف��ي ظ��ل تقاع��س الس��لطات األثري��ة‬ ‫السورية ممثلة بوزارة الثقافة والمديرية‬ ‫العام��ة لآلث��ار والمتاح��ف‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫تقاع��س المؤسس��ات الدولي��ة المعني��ة‬ ‫(مثل اليونسكو – اإليكروم – اإليكوموس‬ ‫ الدرع األزرق – اتح��اد اآلثاريين العرب)‬‫للقي��ام بواجباتها في ممارس��ة الضغوط‬ ‫الالزمة على طرف��ي النزاع‪ ،‬لمنع تحويل‬ ‫المواق��ع األثري��ة واألواب��د مثل مس��اجد‬ ‫وكنائ��س وق�لاع ومتاح��ف‪ ،‬إل��ى ثكنات‬ ‫عس��كرية ومراك��ز للقناص��ة ألي ط��رف‬ ‫كان‪ ،‬ألنه��ا بذل��ك تتح��ول إل��ى س��احات‬ ‫معارك بين طرفي النزاع‪.‬‬ ‫إن واج��ب هذه المؤسس��ات يقتضي‬ ‫بض��رورة حماي��ة اآلث��ار والت��راث‪ ،‬لك��ن‬ ‫لألسف يبدو دورها الحالي ال يتعدى حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬دور المراق��ب ال��ذي يق��وم بإصدار‬ ‫بع��ض البيان��ات الخجول��ة الت��ي تن��دد‬ ‫بالنهب والتخريب التي يتعرض لها اإلرث‬ ‫الحضاري السوري‪.‬‬ ‫ف��إن فري��ق جمعي��ة حماي��ة اآلث��ار‬ ‫الس��ورية‪ ،‬يناش��د أبناء الش��عب السوري‬ ‫كافة‪ ،‬من مدنيين وعسكريين‪:‬‬ ‫‪ .1‬بضرورة تش��كيل لجان من وجهاء‬ ‫كل مدينة‪ ،‬والتنسيق مع السلطات األثرية‬ ‫من أجل العمل على تأمين وسائل الحماية‬ ‫الالزمة للمتاحف‪ ،‬كما هو الحال في مدينة‬ ‫معرة النعمان‪ ،‬حيث قام األهالي بالتنسيق‬ ‫مع الس��لطات األثرية وقوات الجيش الحر‪،‬‬ ‫بحماية المتحف وحراسته‪.‬‬ ‫‪ .2‬نهي��ب بأبن��اء س��وريا م��ن خالل‬ ‫جمعي��ة حماية اآلث��ار الس��ورية للحفاظ‬ ‫عل��ى ه��ذا الت��راث الم��ادي‪ ،‬الثاب��ت منه‬ ‫والمنقول‪ ،‬ونناشد جميع اإلخوة واألخوات‪،‬‬ ‫بتزويدنا بأية وثائ��ق في حوزتهم والتي‬ ‫تش��ير إل��ى ت��ورط أش��خاص أو أي جهة‬ ‫كانت بالقيام بتعديات أو بعمليات تخريب‬ ‫أو حفر س��ري أو تهريب للقى األثرية من‬ ‫أجل توثيقها والعم��ل على تأمين أفضل‬ ‫السبل للحفاظ على تراث وآثار سوريا من‬ ‫التخريب والضياع وتجنب كوراث مشابهة‬ ‫لتلك التي عصفت بمتاحف ومواقع أثرية‬ ‫عراقية عديدة خالل السنوات الماضية‪.‬‬ ‫فريق جمعية حماية اآلثار السورية‬ ‫‪www.facebook.com / apsa2011‬‬

‫�إنهم يحا�صرون الثورة ال�سورية‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫من المؤسف القول إن األجواء الدولية‬ ‫والعربي��ة واإلقليمي��ة قد بات��ت تصب في‬ ‫صال��ح النظ��ام الس��وري أكث��ر بكثير من‬ ‫الثورة‪ ،‬ف��ي ظل عجز عرب��ي تركي‪ ،‬وفي‬ ‫ظل عجز مماثل لق��وى الثورة والمعارضة‬ ‫ع��ن إنتاج معادل��ة مقنعة تبش��ر بانتصار‬ ‫قريب‪ ،‬أو حتى بحل سياسي مقنع‪.‬‬ ‫وم��ا ينبغ��ي أن يق��ال هن��ا إن بعض‬ ‫الخطاب الذي نس��معه عن انتص��ار الثورة‬ ‫بعضالته��ا الذاتية ال يبدو مقنعا‪ ،‬ال س��يما‬ ‫بع��د أن تحول��ت إلى حرب فعلي��ة‪ ،‬إذ ليس‬ ‫ثمة ثورة مس��لحة يمكنه��ا االنتصار إذا ما‬ ‫أحك��م الحصار حوله��ا‪ ،‬مهما قوي��ت إرادة‬ ‫القائمي��ن عليها‪ ،‬فضال ع��ن أن تعاني مما‬ ‫عان��ت وتعان��ي منه الث��ورة الس��ورية من‬ ‫تفكك وشرذمة‪.‬‬ ‫وفي حين يمكن القول إن مراهنة‬ ‫النظام على عس��كرة الث��ورة وتقريبها‬ ‫من المش��هد األفغاني ق��د أربكه ردحا‬ ‫م��ن الزمن وجعله يترن��ح ويقترب من‬ ‫الس��قوط‪ ،‬فقد جاءت جمل��ة التطورات‬ ‫التالية لتغير المسار‪ ،‬وتجعله أقرب إلى‬ ‫القناعة بإمكاني��ة بقائه‪ ،‬أقله كنظام‪،‬‬ ‫إن لم يكن كرئيس وعائلة حاكمة‪.‬‬ ‫نفتح قوس��ا هن��ا لنش��ير إل��ى عبثية‬ ‫الخطاب القومي واليساري (بعضه طائفي)‪،‬‬ ‫ومعه خط��اب إيران وحلفائه��ا الذي يتحدث‬ ‫دون كلل أو ملل عن المؤامرة التي يتعرض‬ ‫له��ا نظ��ام المقاوم��ة والممانع��ة م��ن قبل‬ ‫الهجم��ة اإلمبريالية الغربي��ة والصهيونية‪،‬‬ ‫وه��ي هجم��ة لم يعد هن��اك ما يش��ير إلى‬ ‫وجودها‪ ،‬مع أن دعم العالم للثورة السورية‬ ‫ل��م يك��ن ليس��جل بوصف��ه إدانة له��ا‪ ،‬ألن‬ ‫السوريين حين خرجوا إلى الشوارع يطلبون‬ ‫الحرية لم يكون��وا تبعا ألي أحد‪ ،‬بل فاجؤوا‬ ‫العالم أجمع شرقه وغربه‪.‬‬ ‫الي��وم ال يمك��ن لمنط��ق أن يقول إن‬ ‫النظ��ام يتعرض فع�لا لمؤام��رة‪ ،‬بقدر ما‬ ‫يتمتع بتواطؤ دولي‪ ،‬ويبدو أن الفكرة التي‬ ‫اش��تغل عليها ممثال في تخويف العالم من‬ ‫الحالة الجهادية اإلس�لامية قد بدأت تؤتي‬ ‫أكله��ا‪ ،‬ال س��يما أنها ج��اءت معطوفة على‬ ‫مخاوف من الدول التي نجحت فيها الثورات‬ ‫بعد نجاح اإلسالميين الالفت في انتخاباتها‬ ‫األولى‪ ،‬وال تس��أل أيضا عن حادثة بنغازي‬ ‫الت��ي كان��ت عالم��ة فارق��ة في المش��هد‪،‬‬ ‫والي��وم يضاف إليه ما يجري في مالي‪ ،‬وما‬ ‫ينطوي عليه م��ن توافق دولي على الحالة‬ ‫اإلس�لامية "الجهادي��ة" هن��اك‪ ،‬م��ع رب��ط‬ ‫م��ا يجري في س��وريا به��ا‪ ،‬خاصة في ظل‬ ‫التركيز على جبهة النصرة‪ ،‬لكأنها الوحيدة‬ ‫الموج��ودة ف��ي س��وريا‪ ،‬أو لكأنه��ا عنوان‬ ‫الثورة األول واألخير‪.‬‬ ‫ال ش��ك أن جبه��ة النصرة قد س��جلت‬ ‫نجاح��ات كبي��رة العام الماضي في س��ياق‬ ‫مواجه��ة النظ��ام‪ ،‬وكان��ت له��ا بصماته��ا‬ ‫الواضحة في الثورة‪ ،‬وهو ما زاد من قوتها‬ ‫وتأثيره��ا‪ ،‬لكن ذلك ال ينف��ي أن األطراف‬ ‫األخرى في الثورة ما زالت تشكل الغالبية‪،‬‬ ‫فضال ع��ن أصل الثورة ممثال في الش��عب‬ ‫الذي ال يمكن القول بحال إنه ينتس��ب إلى‬ ‫الس��لفية الجهادي��ة وفكره��ا وطرحها في‬ ‫الس��ياق السياس��ي واالجتماع��ي‪ ،‬حتى لو‬ ‫احترمها كحال��ة جهادية في مواجهة نظام‬ ‫مجرم‪ ،‬بل طاعن في اإلجرام‪.‬‬ ‫اليوم يمكن الق��ول إن لعبة التخويف‬ ‫م��ن الث��ورة الس��ورية قد حقق��ت نجاحات‬ ‫كبيرة‪ ،‬ومن يتابع وس��ائل اإلعالم الغربية‬

‫ال ي��كاد يعث��ر إال عل��ى جبه��ة النص��رة‬ ‫والجهاديي��ن اإلس�لاميين‪ ،‬بينما تغيب عن‬ ‫عمد غالبية ش��عبية صنعت الثورة ودفعت‬ ‫عش��رات اآلالف من الشهداء قبل العسكرة‬ ‫الت��ي ج��اءت الحقا بس��بب إج��رام النظام‪،‬‬ ‫فضال عن حقيقة أن الغالبية الساحقة من‬ ‫أعضاء جبهة النصرة نفس��ها ق��د أصبحوا‬ ‫من السوريين أنفسهم‪.‬‬ ‫ف��ي ظ��ل ه��ذه األج��واء بات مش��هد‬ ‫الش��كوك يحي��ط بالث��ورة م��ن كل جانب‪،‬‬ ‫فيما يتمتع النظام بقدر كبير من اإلس��ناد‬ ‫الروس��ي واإليران��ي الذي يقنع��ه بالقدرة‬ ‫على البقاء‪ ،‬ال س��يما أنن��ا إزاء نظام ما زال‬ ‫يتمتع بدعم طائفة متماسكة إلى حد كبير‬ ‫(قام مؤخرا بتسليحها وعسكرتها بالكامل‬ ‫عبر ما يس��مى جيش الدفاع الوطني)‪ ،‬إلى‬ ‫جان��ب أقلي��ات خائفة م��ن الث��ورة وزادتها‬ ‫الحالة الجهادية خوفا على خوفها‪ ،‬مع بقايا‬ ‫نخبة س��نية ما زال��ت تعتق��د أن مراهنتها‬ ‫عل��ى النظام ه��ي أفض��ل للحف��اظ على‬ ‫مكتس��باتها‪ ،‬وال ننس��ى هنا ق��ادة األكراد‬ ‫الذي��ن يركزون عل��ى مكاس��بهم الخاصة‬ ‫بعيدا عن مسار الثورة بشكل عام‪.‬‬ ‫وحين يتحدث بشار األسد في خطابه‬ ‫األخي��ر عن بل��د رأس العين باالس��م دون‬ ‫س��واها‪ ،‬فه��و إنم��ا كان يتالعب بمش��اعر‬ ‫األكراد‪ ،‬فيم��ا كانت قواته تخلي مناطقهم‬ ‫ع��ن قص��د ك��ي يتمتع��وا فيها بما يش��به‬ ‫حكم��ا ذاتيا‪ ،‬األمر الذي أدخلهم في نزاعات‬ ‫مسلحة مع عدد من قوى الثورة‪.‬‬ ‫وف��ي ظ��ل بق��اء أغل��ب الم��دن تحت‬ ‫س��يطرة النظ��ام مقاب��ل س��يطرة الثورة‬ ‫عل��ى األري��اف‪ ،‬ف��إن مهم��ة الث��ورة تب��دو‬ ‫بالغ��ة الصعوب��ة في تحقي��ق االنتصار‪ ،‬ال‬ ‫س��يما أن هامش التنسيق بين قواها يبدو‬ ‫ضعيف��ا‪ ،‬بينما تبدي بعض القوى ش��كوكا‬ ‫ف��ي ش��قيقاتها‪ ،‬ويص��ل األمر ح��د تبادل‬ ‫االتهام��ات‪ ،‬مع حديث متواصل من البعض‬ ‫عن مشروعه المستقبلي بما يشي باقتتال‬ ‫عل��ى جل��د ال��دب قبل صي��ده‪ ،‬وبم��ا يعزز‬ ‫النزاعات اآلنية التي تعيق االنتصار‪.‬‬ ‫يح��دث ذل��ك ف��ي ظ��ل غي��اب الف��ت‬ ‫لق��وى المعارضة‪ ،‬بما فيه��ا االئتالف الذي‬ ‫حصل على ش��رعية دولية كبي��رة ما لبثت‬ ‫أن تالش��ت إثر عجزه عن تش��كيل حكومة‬ ‫انتقالية رغم أسابيع طويلة من المحاوالت‪،‬‬ ‫وفي ظل عجزه أيضا عن التواصل مع قوى‬ ‫الداخل وبلورة صيغة تنسيق حقيقية فيما‬

‫بينها‪ ،‬من دون أن نغفل عامال مهما يتعلق‬ ‫بمطال��ب غربية منه عنوانه��ا تبني خطاب‬ ‫تصالحي واض��ح حيال الكي��ان الصهيوني‬ ‫من الصعب على أحد قبوله‪.‬‬ ‫المش��هد العربي واإلقليم��ي والدولي‬ ‫يبدو بال��غ الصعوبة‪ ،‬فتركي��ا تقدم للثورة‬ ‫الكثي��ر‪ ،‬لك��ن الس��قف م��ا زال خاضع��ا‬ ‫لمتطلبات عضويتها في حلف الناتو‪ ،‬فضال‬ ‫وه��و األه��م عن تداعي��ات توس��يع دورها‬ ‫عل��ى الوض��ع الداخل��ي ف��ي ظ��ل مواقف‬ ‫األك��راد والعلويي��ن‪ ،‬وه��و مل��ف تلعب به‬ ‫إيران والنظام السوري في آن‪.‬‬ ‫عربيا‪ ،‬ب��ات واضح��ا أن بعض القوى‬ ‫الت��ي تس��اند الث��ورة ق��د أخذت تتل��كأ في‬ ‫الدعم بس��بب الموقف الدول��ي الجديد من‬ ‫جهة‪ ،‬وبسبب مخاوفها من القوى الجهادية‬ ‫م��ن جه��ة أخ��رى‪ ،‬وحي��ن يدع��م بعضه��ا‬ ‫التدخل الفرنس��ي في مالي بالمال‪ ،‬وربما‬ ‫أكث��ر من ذلك‪ ،‬فهذا يعكس حجم مخاوفها‬ ‫مم��ا يج��ري في س��وريا‪ ،‬وهي تبع��ا لذلك‬ ‫أصبح��ت أقرب إل��ى الموق��ف الغربي الذي‬ ‫يسعى لتس��وية في سوريا ال تعطي مجاال‬ ‫لتمدد اإلس�لاميين‪ ،‬بمن فيهم المعتدلون‬ ‫منهم‪ ،‬فضال عن المتشددين‪.‬‬ ‫وف��ي حي��ن ال تت��ردد روس��يا وإيران‬ ‫في م��د النظ��ام بكل أس��باب البق��اء‪ ،‬فإن‬ ‫الموق��ف الغرب��ي أصبح واضح��ا في دعمه‬ ‫لتسوية سياسية ال تمنح الثورة حتى نصف‬ ‫انتصار‪ ،‬فضال عن انتصار كامل‪ ،‬وال ش��ك‬ ‫أن الموقف اإلس��رائيلي يب��دو األكثر تأثيرا‬ ‫كما كان من قبل‪ ،‬هو الذي يدعم اس��تمرار‬ ‫الح��رب لمزي��د م��ن التدمي��ر‪ ،‬وص��وال إلى‬ ‫تس��وية تصنع وضعا س��وريا بالغ الضعف‬ ‫بصرف النظر عمن يتصدره‪.‬‬ ‫وق��د ح��دث ذل��ك بع��د االطمئن��ان‬ ‫لمصي��ر الس�لاح الكيم��اوي بوج��ود ف��رق‬ ‫جاه��زة للس��يطرة علي��ه‪ ،‬فضال ع��ن بناء‬ ‫ج��دار مكهرب ف��ي الجوالن يحم��ي الكيان‬ ‫الصهيوني من أي تداعيات غير محسوبة‪.‬‬ ‫ف��ي ضوء ذل��ك كله‪ ،‬ال ب��د من وقفة‬ ‫قوية م��ن قبل قوى المعارضة بالتنس��يق‬ ‫م��ع تركي��ا والقلة م��ن الع��رب المخلصين‬ ‫ف��ي دع��م الث��ورة‪ ،‬إذ عل��ى ه��ؤالء جميعا‬ ‫أن يتقدم��وا خطوة إلى األم��ام عبر تدخل‬ ‫مباش��ر وأكثر ق��وة في ترتيب بي��ت الثورة‬ ‫وص��وال إل��ى لملمة وض��ع المعارض��ة‪ ،‬مع‬ ‫قدر من الضغوط للجم القوى العس��كرية‬ ‫بحيث تكف عن االس��تعراض والحديث عما‬

‫بعد األسد بروحية السيطرة‪ ،‬ألن أمرا كهذا‬ ‫يه��دد بضرب الث��ورة برمتها‪ ،‬وال يس��تفيد‬ ‫من هذه الفوضى أي أحد‪ ،‬ال س��يما أننا إزاء‬ ‫ثورة حرية وتعددية وليس انقالبا عسكريا‬ ‫حتى ل��و تحولت بحكم االضطرار إلى ثورة‬ ‫مسلحة‪.‬‬ ‫إن تلك��ؤ تركي��ا والع��رب الداعمي��ن‬ ‫للثورة عن التق��دم خطوة كبيرة إلى األمام‬ ‫على طريق توحيد الجهود من أجل إسقاط‬ ‫النظام‪ ،‬أو فرض تس��وية مقبولة‪ ،‬سيعني‬ ‫مزيدا من س��فك الدم��اء‪ ،‬وربما أفضى إلى‬ ‫قب��ول ال��دول المذك��ورة‪ ،‬بم��ا فيه��ا تركيا‬ ‫لتسوية سيئة إذا يئست من إصالح الموقف‪.‬‬ ‫ليست هناك قوى على األرض إال ولها‬ ‫مرجعتيه��ا ومص��ادر دعمه��ا‪ ،‬ويمك��ن تبعا‬ ‫لذلك التفاهم معها على كلمة س��واء تجنب‬ ‫الثورة هزيمة سيئة‪ ،‬وتجنب الوضع العربي‪،‬‬ ‫وكذل��ك تركي��ا هزيمة أمام إي��ران‪ ،‬بدل أن‬ ‫تكون ثورة سوريا محطة لتحجيمها وفرض‬ ‫تسوية إقليمية وجوار متوازن عليها‪.‬‬ ‫ال ب��د م��ن اإلش��ارة هن��ا إل��ى البع��د‬ ‫الش��عبي للث��ورة‪ ،‬وه��و بعد غ��اب إلى حد‬ ‫كبي��ر ف��ي الش��هور الماضية‪ ،‬األم��ر الذي‬ ‫أراح النظ��ام‪ ،‬وف��ي اعتقادي أن اس��تعادة‬ ‫الزخ��م الش��عبي للث��ورة في الم��دن التي‬ ‫يس��يطر عليها النظام عبر فعاليات سلمية‬ ‫ومبتكرة س��يربك النظام ويشتت تركيزه‪،‬‬ ‫ب��ل يمك��ن بم��رور الوق��ت تجري��ب نظام‬ ‫اإلضراب��ات وص��وال إلى عصي��ان مدني‪ ،‬ال‬ ‫س��يما أن اقتحام المدن عس��كريا س��يعني‬ ‫على األرجح تدميرها وتهجير الس��كان كما‬ ‫حصل في حمص‪.‬‬ ‫إننا على ثقة كاملة من انتصار الثورة‬ ‫مهم��ا طال أمدها في ظل حاضنة ش��عبية‬ ‫جيدة‪ ،‬وفي ظ��ل إصرار من الثوار‪ ،‬واألهم‬ ‫في ظ��ل القناع��ة باس��تحالة الع��ودة إلى‬ ‫حكم آل األس��د‪ ،‬فضال ع��ن تدهور الوضع‬ ‫االقتص��ادي للنظ��ام‪ ،‬وعج��ز إي��ران ع��ن‬ ‫مزيد من اإلس��ناد بس��بب وضعها الداخلي‬ ‫المرتبك سياسيا واقتصاديا‪.‬‬ ‫لكن ذل��ك ال يمنع م��ن النصح لجميع‬ ‫المعنيين بانتصار الثورة من قوى سياسية‬ ‫وعس��كرية‪ ،‬بحي��ث تجع��ل بوصلته��ا هي‬ ‫إس��قاط النظام بعي��دا عن ج��دل المرحلة‬ ‫التالي��ة‪ ،‬والذي يفضي إلى نزاع وفش��ل ال‬ ‫يستفيد منه غير النظام‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬المعرفة ‪ -‬وجهات نظر | الجزيرة‬

‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬

‫ياسر الزعاترة‬

‫‪11‬‬

‫الثورة ووهم الوحدة الوطنية‬ ‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫خالد كنفاني‬ ‫دخ��ل ميش��يل كيل��و م��ع وف��د من‬ ‫المرافقي��ن إلى رأس العي��ن عبر الحدود‬ ‫التركي��ة ف��ي محاول��ة لرأب الص��دع بين‬ ‫الجيش الح��ر وقوات االتحاد الديمقراطي‬ ‫ولكن��ه ترك خلف��ه ألغاماً بي��ن الطرفين‬ ‫أكثر مما كان موجوداً سابقًا‪.‬‬ ‫أعلنت بعض الكتائب تحرير خمسة‬ ‫مس��توطنات نصيري��ة كاف��رة ف��ي ريف‬ ‫الالذقية‪.‬‬ ‫تأس��يس الكتيب��ة التركماني��ة ف��ي‬ ‫حلب‪.‬‬ ‫تأس��يس كتيبة صدام حسين بهدف‬ ‫القض��اء على المد الش��يعي ث��م تعديلها‬ ‫إل��ى قادم��ون ي��ا ش��ام لمراع��اة ش��عور‬ ‫األكراد!‬ ‫يعاني المجتمع الس��وري من أمراض‬ ‫اجتماعي��ة ال تنته��ي‪ ،‬ومن المبال��غ فيه أن‬ ‫نطلق على ه��ذا المجتمع تس��مية موحدة‬ ‫ألنه باألساس ليس موحداً ولم يكن كذلك‬ ‫في معظ��م مراحله التاريخي��ة‪ ،‬ولعل هذا‬ ‫هو السر الذي دفع رئيس الوزراء الفرنسي‬ ‫ميلران عام ‪ 1920‬أن يرس��ل برقية سرية‬ ‫إل��ى الجن��رال غ��ورو مقترح��ًا لتقس��يم‬ ‫س��وريا إل��ى ثمان��ي مناطق أطل��ق عليها‬ ‫"مستلحقيات" وهي بمعنى أو بآخر دويالت‬ ‫أو كانتون��ات ش��به مس��تقلة ع��ن بعضها‪.‬‬ ‫يق��ول ميل��ران ف��ي رس��الته‪" :‬يُمك��ن ْأن‬ ‫نتصور منذ اآلن ثماني مجموعات مستقلة‬ ‫(‪ )Groupes autonomies‬ه��ي مِ��نْ‬ ‫الجنوب‪ :‬سنجق االسكندرون‪،‬‬ ‫الش��مال إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مُســـتلحقة (‪)Municipe‬حلب‪ ،‬مُستلحقة‬ ‫حمص‪ ،‬مُس��تلحقة طرابلس‪ ،‬مس��تلحقة‬ ‫دمش��ق‪ ،‬وأخيراً حوران"‪ ،‬وق��د تمت إضافة‬ ‫كل من دولة جب��ال العلويين وجبل الدروز‬ ‫إلى القائمة فيما بعد‪ .‬ولكن القرار النهائي‬ ‫كان بتقس��يم سوريا إلى أربع دويالت على‬ ‫الشكل التالي‪:‬‬ ‫دولة دمشق (تشرين الثاني‪/‬نوفمبر‬ ‫‪.)1920‬‬ ‫دولة حلب (أول أيلول‪/‬س��بتمبر سنة‬ ‫‪.)1920‬‬ ‫دولة العلويين (صدر قرار المفوض‬ ‫الس��امي للجمهورية الفرنس��اوية بشأن‬ ‫دول��ة العلويين في محافظة الالذقية في‬ ‫‪ 14‬أيار‪/‬مايو ‪.)1930‬‬ ‫دول��ة جب��ل العرب‪/‬وتع��رف أيض��اً‬ ‫بدول��ة "الدروز"(ص��در ق��رار الجن��رال‬ ‫غ��ورو المف��وض الس��امي للجمهوري��ة‬ ‫الفرنس��اوية عدد ‪ 3114‬الم��ؤرخ في ‪14‬‬ ‫أيار‪/‬مايو ‪ 1930‬بنش��ر القانون األساسي‬ ‫لحكومة جبل العرب‪.).‬‬ ‫ويذك��ر أن الجن��رال غ��ورو ه��و من‬ ‫رف��ض بقاء قضاء طرابل��س تابعًا لدولة‬ ‫دمش��ق مقترح��اً إنش��اء ما س��ماه "دولة‬ ‫لبنان الكبير" بحيث تكون طرابلس تابعة‬ ‫لهذه الدولة‪.‬‬ ‫ومن هنا فإن الق��ول بوجود دولتين‬ ‫س��ورية ولبنانية مناف أساس��ًا للجغرافيا‬ ‫والتاري��خ ولكن المس��ألة ت��م فرضها مع‬ ‫وجود مكام��ن االنفصال والتقس��يم ألن‬ ‫كل التجمع��ات البش��رية داخ��ل س��وريا‬ ‫بحدوده��ا المعروفة اليوم ل��م تكن يومًا‬ ‫بل��داً موح��داً ذلك أنه��ا ال تنتمي أساس��ًا‬ ‫لقومية واح��دة وال عرق واحد ناهيك عن‬ ‫تتال��ي الحك��م الديكتات��وري ذي التوجه‬ ‫الواح��د عل��ى حكم س��وريا عب��ر مختلف‬ ‫القرون‪ ،‬والمس��ألة لم تب��دأ (كما أنها لن‬

‫تنته��ي) مع حك��م ح��زب البع��ث‪ ،‬فحزب‬ ‫البع��ث أو الطائف��ة العلوي��ة لم يمارس��ا‬ ‫ما ه��و غريب ع��ن المجتم��ع العربي من‬ ‫تعصب واس��تئثار بالحك��م وإقصاء لآلخر‬ ‫بدءاً من عصر القبائل والرومان والفرس‬ ‫ومروراً بالحكم األموي والعباس��ي ودول‬ ‫الممال��ك والطوائ��ف وأخيراً ولي��س آخراً‬ ‫عص��ر الظ�لام العثمان��ي ال��ذي ك��رس‬ ‫الفرقة والتشرذم في المجتمع وإن وحده‬ ‫ظاهري��ًا‪ ،‬ولم تك��ن فرنس��ا بأرحم (كما‬ ‫ذكرنا)‪.‬‬ ‫ورث الس��وريون دول��ة رس��مها‬ ‫س��ايكس وبيكو ع��ام ‪ 1916‬ف��ي لحظة‬ ‫صف��اء فأمس��كوا بالح��دود المرس��ومة‬ ‫واعتبروها ق��دراً ال مفر من��ه‪ ،‬وصار من‬ ‫س��خرية القدر أن يعيش أوالد العم على‬ ‫جانب��ي حدود الخط��وط ذاته��ا ولكن ك ًال‬ ‫منه��م يحم��ل جنس��ية وهوي��ة مختلفة‬ ‫عن اآلخر‪ ،‬وهو ما يش��هد له الواقع اليوم‬ ‫لدى عش��رات األلوف من سكان المناطق‬ ‫الحدودية‪.‬‬ ‫كان التعاي��ش المزع��وم عل��ى‬ ‫ال��دوام رهن��اً للدكتاتوري��ة وف��رض‬ ‫القوة‪ ،‬ول��م يكن بالتس��امح الحقيقي إال‬ ‫عل��ى مس��تويات نخبوي��ة متعالية فقدت‬ ‫باألس��اس قاعدته��ا الش��عبية من��ذ زمن‬ ‫بعيد‪ ،‬وهو ما يفسر انتشار شعبية رجال‬ ‫الدين كالنار في الهش��يم بينما انحسرت‬ ‫كل التي��ارات الوطني��ة والقومي��ة وحتى‬ ‫الش��يوعية لمصلح��ة مش��اريع محلي��ة‬ ‫ضيقة األفق ال ترى أبعد من الطائفة وال‬ ‫تنظر خارج أسوار المدينة‪.‬‬ ‫وإذا عدن��ا إلى التراث الش��عبي لدى‬ ‫أبن��اء الطوائ��ف المختلف��ة أو ل��دى أبناء‬ ‫الم��دن واألري��اف وجدن��ا آالف األمث��ال‬ ‫الش��عبية والقص��ص التراثي��ة والعادات‬ ‫التقليدي��ة التي إما تش��تم اآلخر بش��كل‬ ‫مباش��ر أو تحكم عليه باإلقصاء أو الكفر‬ ‫أو الس��خرية من معتقدات اآلخر والتقليل‬ ‫من قيمتها‪ .‬كان المعيار وال يزال االنتماء‬ ‫العش��ائري والقبل��ي والطائف��ي ولي��س‬ ‫الوطن��ي‪ ،‬وم��ن يرف��ض ه��ذه الفك��رة‬ ‫عليه أن يع��ود بذاكرته إلى أيام طفولته‬ ‫ف��ي حارت��ه أو قريت��ه ويتذك��ر أحادي��ث‬ ‫الكب��ار آن��ذاك وعلي��ه أن يعود إل��ى أيام‬ ‫المدرس��ة عندما كانت طائفة أو عش��يرة‬ ‫الم��درس كافية ألن ينال أس��وء الس��باب‬ ‫أو التحري��ض‪ ،‬وعلي��ه أن يع��ود إلى أيام‬ ‫الجامع��ة عندم��ا كان��ت التجمع��ات ف��ي‬ ‫غالبيته��ا منكفئة عل��ى األقليات أو المدن‬ ‫أو األري��اف أو غيره��ا م��ن المعايير التي‬ ‫سيكون آخرها الوطن‪.‬‬ ‫من أهم العل��وم التي أهملها العرب‬ ‫علم��ا التاريخ واالجتم��اع‪ ،‬األول يقرؤونه‬ ‫وال يفهمون��ه والثان��ي ال يقرؤون��ه وال‬ ‫يفهمون��ه‪ .‬وتكم��ن الطام��ة الكبرى في‬ ‫أنه��م مص��رون بأنهم "خير أم��ة أخرجت‬ ‫للن��اس"‪ ،‬بينم��ا يعش��ش التعص��ب‬ ‫والكراهية في عقولهم وقلوبهم بش��كل‬ ‫عميق‪.‬‬ ‫ال يمك��ن مقارن��ة الس��وريين مث�ل ًا‬ ‫بالقوميات األخرى والتي تعيش انسجامًا‬ ‫اجتماعي��ًا وتاريخي��ًا مس��تمراً كالصي��ن‬ ‫والياب��ان وكوري��ا والس��ويد والدانم��ارك‬ ‫والنرويج مث�ل ًا‪ ،‬ففي تل��ك البلدان يوجد‬ ‫تنوع عرقي وديمغرافي ولكن السياسات‬ ‫الوطني��ة وعلى مدى أعوام كثيرة صهرت‬ ‫الجمي��ع ف��ي قال��ب الوط��ن ول��م تتعمد‬

‫اإلقص��اء‪ ،‬بينما كان الع��رب على عصور‬ ‫تاريخه��م وال يزالون يمارس��ون اإلقصاء‬ ‫ورفض اآلخر ولو حتى بالفكر‪.‬‬ ‫ق��د يكون ه��ذا ال��كالم جريئ��ًا أو ال‬ ‫محل له اليوم في ظل شالل الدم الجاري‬ ‫في س��وريا منذ عامين وأكث��ر‪ ،‬ولكن بال‬ ‫علم اجتماع ال مس��تقبل‪ ،‬وهذه حقيقة ال‬ ‫مفر منه��ا‪ .‬بقيت أوروبا عل��ى الصراعات‬ ‫والقت��ل قرون��اً عدي��دة قبل قي��ام علماء‬ ‫االجتماع والسياس��ة والفك��ر بتولي زمام‬ ‫األم��ور والق��وا في ذلك ما الق��وا من كل‬ ‫م��ن الس��لطة والجمه��ور ألن كليهم��ا ال‬ ‫يريد للمفكري��ن أن يكونوا في المقدمة‪،‬‬ ‫ولك��ن هؤالء لم يهربوا من بالدهم رغم‬ ‫كل األه��وال ول��م يجلس��وا ف��ي فن��ادق‬ ‫بعي��دة يرس��لون التغري��دات والتنظيرات‬ ‫والتعليم��ات الجوف��اء للن��اس والش��تائم‬ ‫والصراخ على الشاشات‪ ،‬بل على العكس‬ ‫عاشوا وماتوا بين الناس ولقوا الكثير من‬ ‫المصاع��ب والتهميش ولك��ن إصرارهم‬ ‫وصبره��م وإيمانه��م بمكان��ة علومه��م‬ ‫جع��ل منه��ا من��ارة ومؤسس��ًا لحضارة ال‬ ‫تزال مستمرة حتى اليوم‪.‬‬ ‫انتقل��ت أوروب��ا م��ن حك��م‬ ‫االمبراطوري��ات إل��ى الحك��م اإلقطاع��ي‬ ‫إل��ى عه��د القوميات وم��ن ثم إل��ى االتحاد‬ ‫األوروبي ال��ذي يعتبر "أرقى اتحاد بش��ري‬ ‫عبر التاريخ" بحس��ب تعبي��ر المفكر جودت‬ ‫س��عيد‪ ،‬أما قيام الس��وريين الي��وم بالقفز‬ ‫على حقائق التاريخ والمجتمع بدعوى "عدم‬ ‫إثارة النع��رات الطائفية" و"حماي��ة الثورة"‬ ‫فإنهم يكررون مقوالت البعث ومحاكم أمن‬ ‫الدول��ة التي حكمت البالد والعباد على مدى‬ ‫خمس��ين عام��اً‪ ،‬ولن تقودن��ا إال إلى المزيد‬ ‫من غض النظ��ر عن اإلعدام��ات الميدانية‬ ‫وعمليات االنتقام والتشفي‪.‬‬ ‫إن اس��تحضار بع��ض األمثل��ة‬ ‫التاريخي��ة م��ن هن��ا وهناك ف��ي بعض‬ ‫الم��دن الس��ورية لي��س ذا ش��أن‪ ،‬فه��ذه‬ ‫األمثلة وغيرها جرت ضمن حكم األنظمة‬ ‫الش��مولية ولم يكن أصحابها في الغالب‬ ‫يخت��ارون مواقفهم‪ ،‬وال ننك��ر هنا وجود‬ ‫البع��ض من نس��اء ورجال النخب��ة الذين‬ ‫كان��ت له��م بع��ض المح��اوالت الخجولة‬ ‫لتوحيد المجتمع وضرب المثل على وحدة‬ ‫وطنية لم تكن موجودة سوى في كتبهم‬ ‫ومخيلته��م وف��ي أنديته��م وصالوناتهم‬ ‫الثقافي��ة‪ ،‬أما ع��دا ذلك وعلى المس��توى‬

‫االجتماع��ي والجماهي��ري فه��ذه كلها لم‬ ‫تك��ن س��وى تعالياً م��ن أصح��اب الثقافة‬ ‫والفكر والفلس��فة وخروج��ًا عن المألوف‬ ‫ف��ي بعض األحي��ان وخروج��ًا على الدين‬ ‫في أحيان أخرى‪.‬‬ ‫لم أجد ف��ي أف��كار وأحاديث أعضاء‬ ‫المجلس الوطن��ي واالئتالف الوطني من‬ ‫يرقى إلى مرتبة مراهق في السياس��ة أو‬ ‫الفكر‪ ،‬وإنما الكثير من الصراخ والس��باب‬ ‫والقلي��ل القلي��ل م��ن الرؤية السياس��ية‬ ‫واالس��تراتيجية لو حت��ى ليومين قادمين‬ ‫وهو ما يجعلهم غي��ر مقنعين ويفقدون‬ ‫بقاي��ا ش��عبيتهم كبذور قي��ادة مجتمعية‬ ‫تس��ير بالوط��ن أو ما تبقى من��ه نحو بر‬ ‫األمان‪.‬‬ ‫آخ��ر ال��كالم‪ :‬يق��ول الش��اعر ناصر‬ ‫أحمد عبد القوي‬ ‫قالوا لنا قياده‬ ‫قيادة عتيقة‬ ‫قديمة‬ ‫أكل عليها الدهر‬ ‫وشرب الزمان‬ ‫عقولها متحجرة‬ ‫ال تفطن الكالم‬ ‫وال تؤخذ بالزمام‬ ‫ال تفقه السياسة‬ ‫وال لها مواقف مشرفه‬ ‫فحقدها كبير‬ ‫على بعضها‬ ‫على الجميع‬ ‫ال همها غير السرير‬ ‫بعيدة عن الجريح‬ ‫وأسرة الشهيد‬ ‫بعيدة‬ ‫عن المعدم و الفقير‬ ‫ومبعده‬ ‫عن الهموم‬ ‫عن المواطن‬ ‫الذي يفترش االرض‬ ‫وفي أحسن االحوال‬ ‫يفترش الحصير‬

‫االنتلجن�سيا ال�سورية و�سراب احلل ال�سيا�سي‬ ‫خالد قنوت‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫االنتلجن�سيا ال�سورية‬

‫ف��ي مق��ال س��ابق‪ ،‬ورد ش��رح كام��ل‬ ‫ع��ن األنظمة الش��مولية وحاجته��ا للقاعدة‬ ‫الش��عبية والش��ريحة المثقف��ة لتثبي��ت‬ ‫شرعيتها وش��رعية أس��اليبها القمعية أمام‬

‫وجهة نظر ‪. .‬‬

‫املثقف وال�سلطة احلاكمة‬

‫ال يمك��ن ألي نظام أن يقوم ويس��تمر‬ ‫دون وض��ع سياس��ة عام��ة للحقيق��ة الت��ي‬ ‫يضف��ي به��ا الش��رعية عل��ى مؤسس��اته‬ ‫وأجهزت��ه وممارس��اته وباألخ��ص خطاب��ه‬ ‫والمثق��ف يمتلك اإلمكاني��ات العالية لتوفير‬ ‫وإنتاج ن��وع من أنواع الخط��اب حيث يمتلك‬ ‫س��لطة ال��كالم والرم��ز وه��و بذل��ك يملك‬ ‫سلطة االس��تقطاب التي تخترق الوعي إلى‬ ‫م��ا وراء الوعي‪ .‬فيملك الق��درة على فرض‬ ‫أساليب معينة أو طرح األسئلة واإلشكاليات‬ ‫ومحاكمتها والدعوة للتغيير أو التعديل‪.‬‬ ‫الس��لطة ه��ي أيض��ًا نظ��ام يتطل��ب‬ ‫المعرف��ة لقب��ول اآلخري��ن واقتناعه��م به‬ ‫والمعرف��ة هن��ا تق��دم وس��ائل الضب��ط‬ ‫والرقاب��ة لتثبيت االقتناع والهيمنة‪ ،‬فينش��أ‬ ‫م��ن ذل��ك عالق��ة عضوي��ة بي��ن النظ��ام‬ ‫والمعرفة والسلطة‪.‬‬ ‫تتمثل عالقة المثقفين بالس��لطة بعدة‬ ‫أش��كال فإم��ا الالمب��االة أو عالق��ة الوصاي��ة‬ ‫واالضطه��اد أو عالقة المش��اركة الحرة التي‬ ‫قد تصل إلى عالقة التحالف العضوي بينهما‪.‬‬ ‫المثق��ف الراف��ض لم��ا ه��و س��ائد ال‬ ‫يقب��ل بالعالق��ات الثقافي��ة واالجتماعي��ة‬ ‫واالقتصادية السائدة فيواجه هذه العالقات‬ ‫الراسخة والمترسبة في الالوعي االجتماعي‬ ‫ويطالب بتغييرها‪.‬‬ ‫يس��تطيع أي نظ��ام بم��ا يملك��ه م��ن‬ ‫أسباب السلطة واإلمكانيات المتعددة من أن‬ ‫يضم العديد من العناص��ر المثقفة لحاجته‬ ‫له��ا في صياغة خطابه وفي ضبط وس��ائل‬ ‫النظ��ام نفس��ه بخل��ق توازن��ات وقواني��ن‬ ‫لضبط المجتمع‪.‬‬ ‫إن أغلبي��ة المثقفين ال يمكن أن يكونوا‬ ‫إال داخل الس��لطة يترعرعون في مؤسساتها‬ ‫ويعيش��ون ويموتون فيه��ا‪ .‬فالمثقفون غالبًا‬ ‫ما يقدموا أنفسهم على أنهم ضحايا للسلطة‬ ‫لكنهم نادراً ما يتنازلون عما تمنحهم السلطة‬ ‫من امتيازات وعطاي��ا‪ ،‬ال يمنعهم ذلك من أن‬ ‫يصلوا أنفسهم للسلطة ذاتها‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫ق��د يذكرك��م عن��وان المقال��ة بكت��اب‬ ‫(غارودي وسراب الحل الصوفي) للدكتور ياسر‬ ‫ش��رف متقصداً هنا أترك لكم حرية استنباط‬ ‫م��ا أرم��ي إلي��ه أو ما تفك��رون به‪ ،‬ف��ي البعد‬ ‫الثالث للمقالة األكثر أهمية وعمقًا‪ ،‬من األبعاد‬ ‫السطحية التي يمكن مالحظتها مباشرة‪.‬‬ ‫ف��ي البداي��ة ال ب��د م��ن الوق��وف عند‬ ‫التعري��ف األكاديمي لكلمة أنتلجنس��يا‪ ،‬فما‬ ‫هي االنتلجنسيا؟‬ ‫‪ :Intelligentsia‬اس��تخدم ه��ذا‬ ‫المصطل��ح من قب��ل األوربيين الش��رقيين‬ ‫(البولونيي��ن) وهو يعن��ي المفكرين الذين‬ ‫يهتمون أساساً بنقد السلطة ويلعبون أدواراً‬ ‫رئيسية في الحركات الثورية‪ ،‬وكذلك يعني‬ ‫أيض��ًا المثقف��ون وه��و مصطلح نش��أ من‬ ‫أدباء فرنسا عام ‪ 1894‬م‪ .‬يترادف المعنيان‬ ‫لتوصي��ف الفئة من المفكري��ن ذوي النزعة‬ ‫النقدية التقدمية لتكون ش��ريحة اجتماعية‬ ‫من الناس الذين يمتهن��ون العمل الذهني‪،‬‬ ‫المعق��د واإلبداعي في معظمه ويش��تغلون‬ ‫بإدارة االنتاج وبتطوير الثقافة ونشرها‪.‬‬

‫المجتم��ع‪ ،‬والنظ��ام الس��وري ال��ذي ح��ول‬ ‫مفه��وم الدول��ة ومفه��وم الس��لطة إل��ى‬ ‫متالزم��ة‪ ،‬فكم��ا هو معروف الدولة س��لطة‬ ‫ولك��ن الس��لطة ليس��ت دولة‪ ،‬لك��ن النظام‬ ‫الس��وري وخالل خمس��ين سنة اس��تطاع أن‬ ‫يمزج بين السلطة والدولة مراهنًا بسقوط‬ ‫الدولة عند سقوط السلطة‪.‬‬ ‫ق��د يك��ون االنهي��ار الوش��يك له هو‬ ‫الخطر األكبر على الدولة التي هي بالنتيجة‬ ‫فق��دت أسس��ها وأصابه��ا الفس��اد والترهل‬ ‫والشخصانية‪.‬‬ ‫إن أكب��ر األخط��ار والك��وارث التي قام‬ ‫به��ا النظام ه��و المص��ادرة الكامل��ة للحالة‬ ‫السياس��ية واالقتصادي��ة والثقافي��ة ف��ي‬ ‫س��ورية فكان م��ن الضروري ل��ه أن يقصي‬ ‫ك��وادر وأجي��ال متالحقة م��ن االنتلجنس��يا‬ ‫الس��ورية ويقمعه��ا ويعتقله��ا ويحاصره��ا‬ ‫ف��ي حياته��ا ومعيش��تها حت��ى يص��ل إل��ى‬ ‫تخوينه��ا ومحاكمته��ا ف��ي محاك��م صورية‬ ‫أمنية وعس��كرية‪ ،‬ف��ي الوقت نفس��ه يبني‬ ‫شريحة مثقفة مرتبطة به عضوياً وعقائديًا‬ ‫ومصلحيًا وحتى طائفياً في وعي تام لحتمية‬ ‫وجودهم تثبيتاً لوجوده واستمراريته‪.‬‬ ‫الث��ورة الس��ورية‪ ،‬رغ��م كل مقومات‬ ‫قيامه��ا الموضوعي��ة‪ ،‬كادت أن تص��ل‬ ‫بالمفاج��أة إل��ى ح��د الصدم��ة بالنس��بة‬ ‫لألنتلجنس��يا الس��ورية بش��كل ع��ام‪ .‬هذه‬ ‫الصدمة سرعان ما كشفت الحقيقة العارية‬ ‫لكل شكل من أشكال هذه االنتلجنسيا‪.‬‬ ‫ الرافض��ة منها انقس��مت إلى واحدة‬‫انخرط��ت بالث��ورة وتص��دت لمس��ؤولياتها‬ ‫التاريخي��ة والوطنية وتعرضت لكل أش��كال‬ ‫التنكي��ل م��ن قب��ل النظام م��ن اغتي��ال أو‬ ‫اعتق��ال أو مالحقة وحتى خروج خارج حدود‬ ‫الوط��ن‪ ،‬بينما ان��زوت الواح��دة األخرى في‬ ‫أبراجها العاجية صامت ًة حيناً ومشككة أحيانًا‬ ‫أخرى بالثورة وبمكوناتها وأهدافها‪.‬‬ ‫ المرتبط��ة كان��ت األكث��ر ارتب��اكاً‬‫ومحدودي��ة ف��ي العم��ق حي��ث صدمته��ا‬ ‫جعلته��ا أكث��ر عنفًا فكرياً م��ن عنف النظام‬ ‫نفس��ه فظهرت على حقيقتها المصلحية أو‬ ‫االنتمائية الضيقة‪.‬‬ ‫الكثي��ر م��ن المثقفي��ن الس��وريين‬ ‫والعرب واألجانب تناولوا الطبيعة األساسية‬ ‫لتكوين��ات النظ��ام األس��رية والعش��ائرية‬ ‫والطائفي��ة والتحالف��ات الت��ي أب��دع ف��ي‬ ‫تش��ابكها م��ن تحال��ف م��ع طبق��ات رج��ال‬ ‫األعم��ال واالقتص��اد الس��وريين والتحال��ف‬ ‫العض��وي م��ع دول وق��وى إقليمي��ة ودولية‬ ‫على حس��اب الس��يادة الوطنية والمكاس��ب‬ ‫االقتصادية التي استفاد منها أبناء الطبقات‬ ‫الس��ورية المتوس��طة والفقيرة خالل حقب‬ ‫زمني��ة س��ابقة‪ ،‬لكن القلي��ل منهم تعرض‬ ‫لطبيعت��ه العنفية الدموية ف��ي التعامل مع‬ ‫الش��عب الس��وري التي ظهرت عل��ى العلن‬ ‫م��ع بداي��ة الثورة ولك��ن الس��وريين عرفوا‬ ‫ه��ذه الطبيع��ة وش��ربوا م��ن كأس��ها من��ذ‬ ‫الثمانينيات مش��كلة حالة ثورية مستعصية‬ ‫لكل من خرج ثائ��راً ألنه يملك في الالوعي‬ ‫رصيد كبيراً من ذاكرة العنف والهمجية لهذا‬ ‫النظام جعلت طرق العودة إلى بيت الطاعة‬ ‫حالة انتحار مهين وقاتل‪.‬‬ ‫تتكشف يوماً بعد يوم‪ ،‬اعترافات رموز‬ ‫النظام بأن الثورة بدأت سلمية ومدنية رغم‬ ‫خروجه��ا الفعلي من الريف الس��وري ونحن‬ ‫نع��رف أن الث��ورات الت��ي تخرج م��ن الريف‬ ‫تنح��و دائم��ًا إلى العنف والس�لاح‪ .‬الش��عب‬ ‫الس��وري الريفي الثائر كان لديه من الوعي‬ ‫ما جعله يقبض على جمر غرائزه الطبيعية‬

‫ويس��تمر أكث��ر م��ن س��تة ش��هور يتظاهر‬ ‫س��لمياً قابله تصعيد عنفي ودموي من قبل‬ ‫النظ��ام وقاعدت��ه الش��عبية الميليش��ياوية‬ ‫ضمن إستراتيجية أمنية تراكمت من تجارب‬ ‫سابقة له مع الشعب السوري والفلسطيني‬ ‫واللبناني وحتى العراقي‪.‬‬ ‫النظ��ام الذي قول��ب الدولة الس��ورية‬ ‫وأجهزته��ا وجيش��ها لمعركة يعرف مس��بقًا‬ ‫أنه��ا قادم��ة ول��و ط��ال الزمن مع الش��عب‬ ‫الس��وري‪ ،‬م��ارس خبرات��ه العنفي��ة ب��كل‬ ‫منهجي��ة وذكاء وخب��ث تحت غط��اء إعالمي‬ ‫وثقاف��ي يقوده مثقفي��ن متدربين وخبراء‪،‬‬ ‫ه��م أبن��اء ه��ذا النظ��ام وموظفي��ه البررة‬ ‫يصلون إلى مرتبة ش��بيحة مثقف��ة‪ ،‬إبتداءاً‬ ‫من رجال دين وإعالميين وأس��اتذة جامعات‬ ‫وصو ًال لمحللين سياسيين لبنانيين وعرب‪.‬‬ ‫التح��والت الكب��رى للث��ورة الس��ورية‬ ‫كانت مع الحالة القس��رية لحمل السالح في‬ ‫حالة دفاع طبيعي بش��ري عن النفس وعن‬ ‫األرزاق واألع��راض حيث اعتبر النظام أن ما‬ ‫س��عى إليه طوال شهور قد حقق له مبررات‬ ‫عنف��ه ودمويت��ه لك��ن انتش��ار العملي��ات‬ ‫العس��كرية وبس��الة الث��وار أفقدت��ه الكثير‬ ‫من التوازن والقوة وجعلته يتراجع عن الزج‬ ‫بالقوات البرية ليترك العنان للقوات الجوية‬ ‫والمدفعية مهمة التدمير العش��وائي للبنى‬ ‫التحتية للمكونات االجتماعية السورية دفعًا‬ ‫للفص��ل بي��ن الحاضن��ة الش��عبية والقوات‬ ‫العس��كرية الثائ��رة ولكن��ه خس��ر الره��ان‬ ‫أيضاً ألن الش��عب قرر عدم الرجوع إلى بيت‬ ‫الطاعة األسدي‪.‬‬ ‫الق��وات الثائرة باتت أق��رب إلى مركز‬ ‫القرار السياسي والعسكري واألمني وأخذت‬ ‫تدك حصون النظام وهذا ما اس��تدعى قيام‬ ‫طبق��ة مثقف��ة كان��ت تفضل االن��زواء في‬ ‫األبراج العاجية عن الخوض في غمار ثورة‪،‬‬ ‫لم تستش��رهم ف��ي قيامه��ا‪ ،‬للتقاطع في‬ ‫طروحاته��ا م��ع طروحات من داخ��ل النظام‬ ‫وطروح��ات إقليمية ودولية باتت تستش��عر‬ ‫الخطر على النظام نفس��ه وعلى مصالحها‬ ‫في منطقة حيوية ف��ي العالم‪ .‬هنا ال أربط‬ ‫تصنيف��ي له��ذه الطبقة المثقف��ة بمفهوم‬ ‫التخوي��ن المرفوض وطني��ًا وأخالقياً والتي‬ ‫م��ن حقها ط��رح أفكاره��ا وهواجس��ها من‬ ‫البديل القادم للنظام‪.‬‬ ‫إن أي محلل سياسي وعسكري يمتلك‬ ‫المعلومات والمعرفة عن طبيعة هذا النظام‬ ‫يدرك أنه ال يملك أدنى أش��كال المرونة في‬ ‫التعامل مع ش��عبه‪ ،‬رغم مرونت��ه الهالمية‬ ‫أمام ضغوط الدول اإلقليمية والعظمى على‬ ‫حساب السيادة الوطنية فكلنا يذكر مواقفه‬ ‫المتخاذلة مع الحش��ود التركي��ة بعد قضية‬ ‫أوجالن وخروجه المذل من لبنان بعد تهديد‬ ‫الواليات المتحدة وتوعده الفارغ إلس��رائيل‬ ‫بعد ض��رب منطقة الكبر وتحلي��ق طيرانها‬ ‫فوق القصر الجمهوري‪.‬‬ ‫النظام يعرف منذ قيام الثورة السوري‬ ‫أن انس��حاب عنص��ر مخاب��رات واح��د م��ن‬ ‫الش��ارع يعني س��قوطه لذلك استرسل في‬ ‫حلول��ه األمنية العس��كرية وزج الجيش في‬ ‫حرب مع الش��عب وهذا يؤش��ر وبوضوح أنه‬ ‫نظام ال يملك حلو ًال سياسية داخلية‪.‬‬ ‫مما تقدم‪ ،‬ومع تق��دم الثوار يوماً بعد‬ ‫ي��وم من س��اعة س��قوط النظ��ام يمكن أن‬ ‫نعتب��ر أن أي حل سياس��ي ه��و مجرد وهم‬ ‫وس��راب فق��د تج��اوزت األح��داث والفواجع‬ ‫منطق الحل السياسي مع هذا النظام‪.‬‬ ‫هل هناك حل سياسي مع هذا النظام‬ ‫وحجم التدمي��ر الذي أصاب الس��وريين في‬

‫أنفس��هم وحياته��م ومس��تقبلهم المنظور‬ ‫يبلغ حد الكارثة الحقيقية؟‬ ‫ال أعتق��د أن عاق�ل ًا يمك��ن أن يقب��ل‬ ‫ب��أي ش��كل م��ن األش��كال أن يجل��س إلى‬ ‫طاولة وعل��ى الطرف اآلخ��ر مصاصي دماء‬ ‫ومهوسين وخونة‪.‬‬ ‫حتى فكرة التفاوض مع بعض رموزه‬ ‫الت��ي ل��م تش��ارك فعلي��اً باس��تباحة ال��دم‬ ‫الس��وري باتت تبتع��د أكثر فأكث��ر وهذا ما‬ ‫يثير الحزن واألسى ألن كل يوم يعني مزيداً‬ ‫من سفك الدم السوري الطاهر‪.‬‬ ‫الث��ورة ستس��تمر إلى تحقي��ق هدفها‬ ‫المرحل��ي األساس��ي وه��و إس��قاط النظام‬ ‫ب��كل رم��وزه ومؤسس��اته وأجهزت��ه وهن��ا‬ ‫تب��رز مهمة وطنية وإنس��انية لألنتلجنس��يا‬ ‫الس��ورية ب��كل أش��كالها ف��ي التص��دي‬ ‫لمسؤولياتها التاريخية‪.‬‬ ‫مالذي تس��تطيع أن تؤديه االنتلجنسيا‬ ‫السورية في هذه المرحلة؟‬ ‫دور االنتلجنس��يا هن��ا يحت��م عليه��ا‬ ‫الن��زول من أبراجها والتوجه للش��باب الثائر‬ ‫مخاطب ًة لهم وبلغتهم البسيطة والمفهومة‬ ‫دون تكلف واس��تعالء وبكل إنسانية وبخلق‬ ‫آليات عمل وطنية وتجسيد هذه اآلليات على‬ ‫أرض الواقع‪.‬‬ ‫ممارسة دور أساسي في كشف العابثين‬ ‫بالوحدة الوطنية وبالتالحم التاريخي للنس��ج‬ ‫الس��ورية وم��ن ورائه��م تلك األط��راف التي‬ ‫تدعمهم س��واء باإلعالم أو بالمال أو بالسالح‬ ‫الذي يحمل أجندات الوطنية وطائفية وعنفية‬ ‫اتجاه السوريين األبرياء‪.‬‬ ‫دور االنتلجنس��يا الس��ورية مه��م في‬ ‫أن تبش��ر بمس��تقبل أفض��ل بع��د انتصار‬ ‫الثورة وسد أبواب التشاؤم والسوداوية التي‬ ‫ترسمها بعض األطراف‪.‬‬ ‫إش��اعة المفاهيم واألهداف الحضارية‬ ‫والديمقراطي��ة األساس��ية الت��ي قام��ت من‬ ‫أجله��ا الث��ورة عن طري��ق الدع��م والتنظيم‬ ‫لمنظمات المجتمع المدن��ي التي ينتظر منها‬ ‫الكثير‪ ،‬وعن طريق وس��ائل اإلعالم المتاحة‬ ‫وتتجل��ى هذه المفاهيم واألهداف في ش��رح‬ ‫مبسط وواضح لتعابير الحرية والديمقراطية‬ ‫والمدني��ة والتعددي��ة والعدال��ة االجتماعي��ة‬ ‫والعدال��ة االنتقالي��ة متراف��ق مع نش��ر قيم‬ ‫التس��امح واحترام الثقاف��ات المغايرة والرأي‬ ‫وال��رأي اآلخر وحقوق المرأة والطفل وحماية‬ ‫البيئة والح��رص عليها‪ ،‬يضاف إلى ذلك نقل‬ ‫التقنيات والمعرفة العلمية‪.‬‬ ‫إن ممارس��ة النقد هو من أهم األدوار‬ ‫الت��ي يمك��ن أن تق��وم به��ا األنتلجنس��يا‬ ‫السورية في هذا الوقت‪ ،‬نقد يصل إلى أبعد‬ ‫مدى وأن يحدد ويحلل ويعمل من خالل ذلك‬ ‫على المس��اهمة ف��ي تج��اوز العوائق التي‬ ‫تق��ف أم��ام بلوغ مجتم��ع أكثر إنس��انية مع‬ ‫الح��رص عل��ى أن يكون في ح��وار عقالني‬ ‫غير غرائزي وسوقي كوسيلة أو كلغة بديلة‬ ‫لما خلفه النظام من إرث عنفي‪.‬‬ ‫إن إع��ادة بن��اء لس��ورية‪ ،‬سياس��يًا‬ ‫واقتصادي��ًا واجتماعي��ًا وثقافياً س��تكون أكثر‬ ‫صعوبة من الثورة وإس��قاط النظام وستكون‬ ‫تحدي��اً وطني��ًا كبي��راً س��يكون لألنتلجنس��يا‬ ‫الس��ورية ال��دور األكب��ر فيه��ا واألكث��ر تأثيراً‬ ‫ولذلك س��يكون على هذه االنتلجنس��يا مهمة‬ ‫إعادة إنت��اج ذاتي لها قبل كل ش��يء بالخروج‬ ‫من وهمها وضعفها المستوطن منذ عقود في‬ ‫ضميره��ا وأن تكون ش��جاعة في تقبل عملية‬ ‫نقد ذاتي يؤس��س شعاراً قديماً حديثًا بعد كل‬ ‫ثورة أال وهو نحو أنتلجنسيا سورية جديدة‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫ركن الدين (حي الأكراد)‬ ‫مدن الثورة ‪. .‬‬

‫إعداد سعاد يوسف‬ ‫عن صفحة (ركن الدين مع الحراك الشعبي السلمي)‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫يقع حي األكراد على امتداد العاصمة‬ ‫دمش��ق مش��ك ًال أكبر تجمع لألك��راد في‬ ‫المدين��ة من مئات الس��نين‪ .‬ويعود تاريخ‬ ‫هذا الحي ونشوئه إلى ما بعد بدء الهجرة‬ ‫األيوبي��ة في ع��ام ‪ 1149‬للمي�لاد عندما‬ ‫ق��دم كل من ش��يركوه وأخيه نجم الدين‬ ‫ولدي ش��ادي ب��ن مروان الك��ردي لنصرة‬ ‫الخليفة العاضد بأمر اهلل الفاطمي حاكم‬ ‫مص��ر ولتوحيد مصر وبالد الش��ام وذلك‬ ‫لصد جيوش أوروب��ا‪ ،‬وأحرز النصر عليها‬ ‫بفضل حنك��ة الس��لطان المل��ك الناصر‬ ‫صالح الدين وبطولة جيشه الذي كان قد‬ ‫عين أكثر قواده بنفسه‪.‬‬ ‫للح��ي تاري��خ نضال��ي ال يتجزأ عن‬ ‫نضاالت الش��عب الس��وري‪ ،‬فوقف أبناؤه‬ ‫ف��ي وجه الحم�لات الصليبي��ة والمغولية‬ ‫يتص��دون له��ا ويقدمون في س��بيل ذلك‬ ‫قوافل الشهداء‪ ،‬وقد شاركوا بقية شعوب‬ ‫السلطنة العثمانية في حروبها الالعادلة‬ ‫في األناضول والبوسنة والهرسك واليمن‬ ‫كما ش��اركوا الشعب العربي في مقاومته‬ ‫االستعمار الفرنسي حيث برز العديد من‬ ‫قادة الث��ورة ورجالها الوطنين األكراد في‬ ‫داخل الح��ي الكردي وخارج��ه في مدينة‬ ‫دمش��ق وغيرها وعلى رأسهم قائد ثورة‬ ‫الشمال المناضل إبراهيم هنانو والشهيد‬ ‫أحم��د البارافي وأبو دي��اب البرازي وأحمد‬ ‫المال ومس��لم وردة وحمو جم��و ورفاعي‬ ‫قش��مة وأحمد أش��يتي‪ ،‬وحم��اة البرلمان‬ ‫مثل الش��هيد أحمد أومري وواصف هيتو‪،‬‬ ‫كما نذكر ش��هداء من أكراد الحي سقطوا‬ ‫صرع��ى عل��ى هض��اب أرض فلس��طين‬ ‫مثل‪ :‬أبو حسين كلعو وأبو محمد البوطي‬ ‫في ثورة شعب فلسطين عام ‪1936‬م‪.‬‬ ‫ومن الشهداء األكراد من حي األكراد‬ ‫في مدينة دمش��ق نذكر أبو دياب البرازي‬ ‫وأحم��د الم�لا الك��ردي وعي��د آله رش��ي‬

‫وموسى ش��يخو آله رش��ي ويوسف أحمد‬ ‫ظاظا وس��عدو رناية ومحمد خير إيزولي‬ ‫وأحم��د باراف��ي وجمعة إيزولي وحس��ين‬ ‫ياس��ين ملل��ي وابراهي��م ملل��ي وأحم��د‬ ‫أومري وعلي خسرف وتوفيق عليكو‪.‬‬ ‫وال ينس��ى أبناء دمش��ق عربًا وكرداً‬ ‫المناضل محمود الب��رازي المعروف بأبي‬ ‫دي��اب الذي ح��اول اغتيال الجن��رال غورو‬ ‫قائ��د الق��وات الفرنس��ية الغازي��ة س��نة‬ ‫‪.1925‬‬ ‫وم��ا يثير االهتم��ام ذل��ك التعاطف‬ ‫الالمح��دود م��ع الش��خصيات السياس��ية‬ ‫العربي��ة الت��ي قدمت وس��كنت ف��ي ذلك‬ ‫الحي الذي كان كردي��ًا خالصاً حتى وقوع‬ ‫نكب��ة ‪ 1948‬ولج��وء فلس��طينيي صف��د‬ ‫والجليل األعلى إلى س��وريا ولبنان فأقام‬ ‫ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية‬ ‫الحالي في بيت يملكه المرحوم األس��تاذ‬ ‫س��ليم األيوبي لفترة ثالثة أش��هر وذلك‬ ‫عام ‪ ،1964‬وكان فاروق القدومي يعيش‬ ‫ه��و وعائلته ق��رب ثانوي��ة اب��ن العميد‪،‬‬ ‫وأيضًا المرحوم خليل الوزير‪.‬‬ ‫ق��د عاصر ه��ذا الح��ي العدي��د من‬ ‫الشخصيات الكوردية السياسية والدينية‬ ‫البارزة منهم البرفس��ور "عصمت شريف‬ ‫وانلي" والمناضل الكردي "عثمان صبري"‬ ‫والدكت��ور "ن��ور الدي��ن ظاظا" والش��اعر‬ ‫"جك��ر خوي��ن" والعالم��ة الش��يخ "أحم��د‬ ‫كفت��اروه" والمناضل "محم��د خير وانلي"‬ ‫وغيره��م من الش��خصيات الب��ارزة بهذا‬ ‫الحي‪.‬‬ ‫يوج��د في ه��ذا الحي مقام الش��يخ‬ ‫خالد نقش��بندي ومقبرة ملحقة به وفيها‬ ‫رفاة األمير جالدت بدرخان والشاعر قدري‬ ‫جان والعديد من الشخصيات البارزة بهذا‬ ‫الحي وأيضًا هنالك مقبرة األيوبية وعدد‬ ‫من أولياء اهلل حسب ما يطلق عليهم‪.‬‬

‫وتم تغيير اس��م الحي عقب الوحدة‬ ‫الس��ورية المصري��ة بس��بب السياس��ة‬ ‫الش��وفينية إللغاء كلمة االكراد وس��ميت‬ ‫بركن الدين نسبة لركن الدين منكورس‬ ‫الموجود مقامه بس��احة ش��مدين بجامع‬ ‫الركنية‪.‬‬ ‫يس��كن هذا الحي عائ�لات انحدرت‬ ‫م��ن مناط��ق التواج��د التارخ��ي لألكراد‬ ‫في الش��رق األوس��ط من ش��مال العراق‬ ‫(كرس��تان الع��راق) ومن مناطق انتش��ار‬ ‫الكرد في تركيا وس��ميت حسب المناطق‬ ‫المنح��درة منه��ا مث��ل‪ :‬وانل��ي وديرك��ي‬ ‫ومللي ودقوري وأومري وبارافي وباراوي‬ ‫ومالط��ه لي وظاظا دي��ار بكر لي واورفه‬ ‫لي وكيك��ي وايوبي واله رش��ي وميقري‬ ‫وش��يخاني ونعمو وجرموكلي ومارديني‬ ‫ومتين��ي م�لا رس��ول وعباس��ي وبوطي‬ ‫وب��رازي والم�لا وكفت��ارو وغيره��م من‬ ‫العائالت الكوردية‪.‬‬

‫ركن الدين والثورة ال�سورية‪:‬‬

‫خرج��ت أول مظاهرة ف��ي حي ركن‬ ‫الدي��ن بتاري��خ ‪ 2011 - 4 - 15‬من جامع‬ ‫سعيد باش��ا العريق الواقع في شارع أسد‬ ‫الدين نص��رة لدرعا وهتف الث��وار يومها‬ ‫بال��روح بال��دم نفديك ي��ا درع��ا‪ .‬وكانت‬ ‫هذه أول مظاه��رة عملت على إعدادها و‬ ‫تنظيمها تنسيقية ركن الدين‪ ،‬وذلك بعد‬ ‫عدة محاوالت فردية ألش��خاص للتظاهر‬ ‫في كل من مس��جد صالح الدين ومسجد‬ ‫الركنية باءت بالفشل‪.‬‬ ‫وبعد هذه المظاهرة تحول مس��جد‬ ‫س��عيد باش��ا إلى نقطة انطالق رئيسية‬ ‫ورم��ز للتظاهر في الح��ي‪ .‬وخرجت ثاني‬ ‫مظاه��رة ف��ي الح��ي ف��ي جمع��ة آزادي‬ ‫وكان��ت عل��ى درج��ة عالية م��ن التنظيم‬ ‫حيث اس��تطاع الثوار حش��د عدد كبير من‬

‫المتظاهرين في ذلك اليوم ورفعوا شعار‬ ‫(أزادي) وال��ذي يعن��ي باللغ��ة الكوردي��ة‬ ‫الحري��ة‪ ،‬وهتفوا للمدن الس��ورية الثائرة‬ ‫في عموم أرجاء الوطن‪.‬‬

‫�شهداء ومعتقلي احلي يف‬ ‫الثورة ال�سورية‪:‬‬

‫الش��هيد البطل زردش��ت وانلي أول‬ ‫ش��هداء الحراك الس��لمي ف��ي الحي‪ .‬وقد‬ ‫وافته المنية في ليلة الخامس عش��ر من‬ ‫تموز أثناء مظاهرة جمعة أسرى الحرية‪،‬‬ ‫حيث طالب الثوار باإلفراج عن المعتقلين‬ ‫في ذل��ك اليوم وأب��دوا صموداً لس��اعات‬ ‫طوال في مواجهة األمن‪ .‬وكان تش��ييعه‬ ‫ف��ي الي��وم التالي عرس��اً ثوري��ًا بامتياز‪.‬‬ ‫وكذلك نذكر الشهيد فايز ابن عرب مللي‬ ‫الذي س��قط ش��هيداً إثر إطالق الرصاص‬ ‫عل��ى س��يارته أثن��اء عودته م��ن األردن‬ ‫ب��راً م��روراً بدرع��ا وذل��ك إب��ان الحصار‬ ‫الحان��ق ال��ذي كان��ت تش��هده المدين��ة‪،‬‬ ‫وخ��رج حينها األحرار بتش��ييع عارم يليق‬ ‫بالش��هيد البط��ل هتف��وا في��ه للش��هيد‬ ‫ورفعوا شعارات مناوئة للنظام‪ .‬كما شهد‬ ‫الحي حم�لات اعتق��ال واس��عة ومتكررة‬ ‫وتج��اوز عدد المعتقلي��ن الموثقين األلف‬ ‫معتقل‪ ،‬بينما يتج��اوز العدد الفعلي ذلك‬ ‫الرقم بكثير‪ .‬كما يبلغ عدد ش��هداء الحي‬ ‫الموثقين باألسماء أكثر من ‪ 50‬شهيداً‪.‬‬ ‫وقد ب��رزت بع��ض األس��ماء الفنية‬ ‫المهمة من أبن��اء الحي ممن انضموا إلى‬ ‫ثوار الحي‪ ،‬أمثال الفنان الممثل محمد آل‬ ‫رش��ي نجل الفنان عبد الرحمن آل رش��ي‬ ‫ال��ذي أعلنه��ا مدوية في تظاه��رات ركن‬ ‫الدين بهتافه المش��هور (عاش��ت س��وريا‬ ‫ويس��قط بش��ار األس��د) بلفت��ة جريئ��ة‬ ‫وش��جاعة منه‪ ،‬باإلضافة إلى السينارست‬ ‫والممثل الشاب محمد أوسو‪.‬‬

‫اجلهات التي يحق لها اال�ستمالك‬ ‫لق��د أعط��ى المش��رع الح��ق ف��ي‬ ‫االس��تمالك لجميع األش��خاص المعنوية‬ ‫العامة أي��ا كانت مركزي��ة أم ال مركزية‪،‬‬ ‫وس��واء أكان��ت الالمركزي��ة مرفقي��ة أم‬ ‫محلي��ة‪ ،‬وس��واء أكان��ت الجه��ة العام��ة‬ ‫المستملكة ذات طابع إداري أم اقتصادي‪،‬‬ ‫حيث نصت المادة ‪ 2‬من قانون االستمالك‬ ‫المذك��ور عل��ى أن��ه " يج��وز لل��وزارات‬ ‫ولإلدارات والمؤسس��ات العام��ة والجهات‬ ‫اإلداري��ة ولجهات القطاع الع��ام أن تقوم‬ ‫باس��تمالك العق��ارات "‪ .‬ودون ش��ك فإن‬ ‫هذا التوسع ال مبرر له‪ ،‬وكان من األفضل‬ ‫لو أن المشرع الس��وري قد حصر عمليات‬ ‫االس��تمالك بإدارة مركزية على مستوى‬ ‫القط��ر‪ ،‬تحش��د ف��ي س��بيلها اإلمكانات‬ ‫الفنية والمالي��ة‪ ،‬وتعمل في النهاية على‬ ‫التنس��يق في عملي��ات االس��تمالك على‬ ‫مس��توى القط��ر‪ ،‬مم��ا يعك��س ويحقق‬ ‫الوجه الحقيقي للنفع العام‪ ،‬الذي تتطلبه‬ ‫الحاج��ات العام��ة‪ ،‬ومم��ا يمن��ع م��ن بناء‬ ‫عملي��ات اس��تمالكية تبن��ى على أس��س‬ ‫عش��وائية ال تعك��س المنفع��ة العام��ة‬ ‫بشكل كاف ودقيق‪.‬‬ ‫ي��كاد يك��ون هن��اك اتف��اق فقه��ي‬ ‫وقضائ��ي عل��ى الش��روط الت��ي ينبغ��ي‬

‫أم��ا المنق��والت فيمك��ن أن تك��ون مح ًال‬ ‫لالس��تيالء ال االس��تمالك‪ .‬وال ف��رق بين‬ ‫أن تك��ون هذه العق��ارات مبنيّ��ة أو غير‬ ‫مبنيّة‪ " ،‬كاألراض��ي الخالية أو المزروعة‬ ‫أو العرص��ات المعدة للبن��اء " كما ال فرق‬ ‫بين أن تكون مملوكة ملكًا صرفًا أو ملكًا‬ ‫للوق��ف‪ .‬ناهيك عن أن وعاء االس��تمالك‬ ‫يش��مل كاف��ة الحقوق العيني��ة التي تقع‬ ‫على العقار كحق االرتفاق وكافة الحقوق‬ ‫الشخصية عليه كحق المستأجر‪ ،‬واألصل‬ ‫أن االس��تمالك ال ي��رد إال عل��ى العقارات‬ ‫العائ��دة ملكيته��ا ألش��خاص القان��ون‬ ‫الخاص‪ ،‬أما تلك التي تملكها األش��خاص‬ ‫المعنوي��ة العام��ة (كالهيئ��ات العام��ة‬ ‫والمؤسس��ات العام��ة ووح��دات اإلدارة‬ ‫المحلي��ة) فقد ج��رى الفق��ه بخصوصها‬ ‫عل��ى التفرقة بي��ن العق��ارات المملوكة‬ ‫من قبل تلك األش��خاص المعنوية العامة‬ ‫ملكي��ة خاص��ة‪ ،‬والعق��ارات المملوك��ة‬ ‫من قبله��ا ملكية عامة‪ ،‬فأجاز اس��تمالك‬ ‫األولى‪ ،‬ولم يجز استمالك الثانية‪.‬‬

‫التعوي�ض يف الت�شريع ال�سوري‬ ‫ن��ص الدس��تور الس��وري عل��ى أن‬ ‫ن��زع الملكية ال يج��وز إال للمنفعة العامة‬ ‫ومقاب��ل تعويض ع��ادل وفق��ًا للقانون‪،‬‬ ‫وله��ذا لقد تضمن قانون االس��تمالك في‬ ‫س��وريا الص��ادر بالمرس��وم التش��ريعي‬ ‫رق��م ‪ 20‬لع��ام ‪ 1983‬األح��كام الخاص��ة‬ ‫بالتعويض والضمان��ات الكفيلة بتقديره‬ ‫تقدي��راً ع��اد ًال متوازن��اً مع قيم��ة العقار‬ ‫المس��تملك‪ .‬وقد أكد االجته��اد القضائي‬ ‫اإلداري الس��وري على موضوع التعويض‬ ‫العادل في أكثر من مناسبة‪ ،‬حيث جاء في‬ ‫أحد ق��رارات محكمة القضاء اإلداري أن‪" :‬‬ ‫االس��تمالك نزع جب��ري للملكي��ة مقابل‬ ‫تعويض عادل‪ ،‬وقد ش��رع أص ًال من أجل‬ ‫تنفي��ذ المش��اريع ذات النفع الع��ام " وإذا‬ ‫وجد هناك ن��زاع حول موضوع التعويض‬ ‫نتيجة عملية االستمالك‪ ،‬فإن هذا الخالف‬ ‫قد يكون حول عدال��ة هذا التعويض‪ ،‬أي‬ ‫حول حجمه ومقداره‪ ،‬ال حول وجوبه‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫االستمالك هو نزع الملكية للمنفعة‬ ‫العامة عن طري��ق إجراء إداري يقصد به‬ ‫نزع مال عقاري قهرا عن مالكه بواسطة‬ ‫اإلدارة لتخصيص��ه للنف��ع الع��ام مقابل‬ ‫تعوي��ض ع��ادل يدف��ع ل��ه‪ ،‬ويالحظ من‬ ‫التعريف الس��ابق أن االس��تمالك يتطلب‬ ‫توافر ثالثة شروط‪:‬‬ ‫الش��رط األول ويتعل��ق بالمح��ل أو‬ ‫الموض��وع‪ ،‬فاالس��تمالك ينص��ب عل��ى‬ ‫العق��ارات المادية دون غيرها من األموال‬ ‫وبالتال��ي فالمنقوالت والعقارات الحكمية‬ ‫" كحق االنتفاع وح��ق االرتفاق "ال يمكن‬ ‫أن تكون محال لالس��تمالك‪ ،‬هذا ما أكدته‬ ‫الم��ادة ‪ 2‬م��ن قانون االس��تمالك الصادر‬ ‫بالمرس��وم رق��م ‪ 20‬لع��ام ‪ 1983‬النافذ‬ ‫حاليًا‪.‬‬ ‫أما الشرط الثاني فيتعلق بالغرض‬ ‫فال يجوز االس��تمالك إال للمنفعة العامة‪،‬‬ ‫وبالتالي ال يجوز لإلدارة أن تستخدم هذا‬ ‫الحق من أجل تحقيق غاية سوى المنفعة‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫وأم��ا الش��رط الثال��ث فيخ��ص‬ ‫حق��وق األف��راد حي��ث يج��ب تعويضهم‬ ‫تعويض��ا ع��ادال مقاب��ل ن��زع ملكيتهم‪،‬‬ ‫ويستمد الش��رطان األخيران من القواعد‬ ‫الدستورية حيث نصت الفقرة األولى من‬ ‫المادة ‪ 15‬من دستور الجمهورية العربية‬ ‫الس��ورية لعام ‪ 1973‬على أن��ه " ال تنزع‬ ‫الملكي��ة الفردي��ة إال للمنفع��ة العام��ة‪،‬‬ ‫ومقابل تعويض عادل وفقا للقانون"‪.‬‬ ‫االعتبارات التي تبرر االستمالك‪:‬‬ ‫تحت��اج الدولة عن��د قيامه��ا بتنفيذ‬ ‫مهامه��ا‪ ،‬وتقديمه��ا الخدم��ات العام��ة‬ ‫لمواطنيه��ا‪ ،‬وبن��اء المراف��ق العام��ة‬ ‫به��دف إش��باع حاج��ات المواطني��ن إل��ى‬ ‫مقوم��ات أساس��ية تضط��ر معه��ا أحيانا‬ ‫إلى المس��اس بالملكي��ة الخاصة لألفراد‪.‬‬ ‫ف�لا يمك��ن للدول��ة باعتباره��ا القوام��ة‬ ‫على أم��ر المصلح��ة العام��ة‪ ،‬أن تنهض‬ ‫بع��بء المه��ام الموكل��ة إليه��ا إال إذا كان‬ ‫له��ا الم��وارد الكافية والالزمة لممارس��ة‬ ‫نش��اطها‪ ،‬وذل��ك حت��ى ال يصاب نش��اط‬ ‫اإلدارة بالش��لل والجمود‪ ،‬ومن ثم يتوقف‬ ‫س��ير المرف��ق الع��ام ال��ذي يفت��رض أن‬

‫يس��ير بانتظام واضطراد‪ ،‬ولكي تنهض‬ ‫اإلدارة بالمه��ام الموكل��ة إلي��ه أيضا فقد‬ ‫أعطيت امتيازات ال يتمتع بها األش��خاص‬ ‫القانوني��ة األخرى‪ ،‬ه��ذه االمتيازات التي‬ ‫تتس��م بالفعالية والس��رعة‪ ،‬والتي يجب‬ ‫أن تس��تخدم من ناحية أخ��رى في حدود‬ ‫الضواب��ط الت��ي ن��ص عليه��ا القان��ون‪،‬‬ ‫ومن أهم هذه الميزات الممنوحة لإلدارة‬ ‫حرمان األفراد م��ن عقاراتهم عن طريق‬ ‫نزع ملكيتها‪.‬‬ ‫لذل��ك ق��ام المش��رع بإلق��اء قي��ود‬ ‫خطيرة على حق الملكية الخاصة تس��مح‬ ‫بإرغ��ام األفراد على النزول عن ملكيتهم‬ ‫الخاص��ة تلبي��ة للحاجات العام��ة ولتنفيذ‬ ‫المش��اريع ذات النف��ع الع��ام‪ ،‬وم��ن هن��ا‬ ‫ظه��رت الحاج��ة إلى مب��دأ ن��زع الملكية‬ ‫للمنفعة العامة " االستمالك "‪.‬‬

‫توافرها ليكون االستمالك مشروعاً‪ ،‬وقد‬ ‫حاول الفقه المقارن إجمال هذه الشروط‬ ‫بالنقاط األساسية التالية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬وجود أساس قانوني لالستمالك‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أن يرد على عقار‪.‬‬ ‫‪ - 3‬أن يك��ون بقص��د تحقيق النفع‬ ‫العام‪.‬‬ ‫‪ - 4‬أن يق��وم ب��ه ش��خص م��ن‬ ‫أش��خاص القان��ون العام بم��ا يملكه من‬ ‫امتيازات السلطة العامة‪.‬‬ ‫‪ - 5‬أن يحصل مالك العقار المنزوعة‬ ‫ملكيته على تعويض عادل‪.‬‬ ‫وانطالق��ًا م��ن مب��دأ المش��روعية‬ ‫ينبغي أن يكون قرار االس��تمالك مستنداً‬ ‫إل��ى أس��اس قانون��ي يح��دد الش��روط‬ ‫واإلجراءات التي ينبغي على اإلدارة التقيد‬ ‫به��ا عندما تريد نزع ملكية عقار ما للنفع‬ ‫الع��ام‪ .‬والمقص��ود باألس��اس القانوني‬ ‫هنا ه��و القانون بالمعنى الش��كلي الذي‬ ‫تس��نه السلطة التش��ريعية‪ .‬وقد حرصت‬ ‫أغلب دس��اتير دول عالمن��ا المعاصر على‬ ‫مبدأ حماي��ة حق الملكي��ة الخاصة وعدم‬ ‫االعت��داء علي��ه والمس��اس ب��ه إال ضمن‬ ‫ش��روط وقيود يحددها المش��رع بقانون‪.‬‬ ‫وقد نص الدس��تور السوري على أنه‪ " :‬ال‬ ‫تن��زع الملكية الفردية إال للمنفعة العامة‬ ‫ومقاب��ل تعويض عادل وفق��ًا للقانون "‪،‬‬ ‫وق��د جاء نص المادة ‪ / 771 /‬من القانون‬ ‫المدن��ي الس��وري لع��ام ‪ 1949‬متفقًا مع‬ ‫النص الدس��توري الحال��ي عندما حرمت‬ ‫ن��زع ملكي��ة أح��د إال ف��ي األح��وال التي‬ ‫يقررها القانون ومقاب��ل تعويض عادل‬ ‫وبنا ًء على ذلك‪ ،‬فإن قي��ام اإلدارة باتخاذ‬ ‫قرار إداري الس��تمالك عقار م��ا للمنفعة‬ ‫العام��ة إنما ينبغي أن يكون مس��تنداً إلى‬ ‫الش��روط التي تضمنها قانون االستمالك‬ ‫ال��ذي س��نته الس��لطة التش��ريعية بم��ا‬ ‫ينس��جم مع اإلذن الدس��توري‪ ،‬وإذا فعلت‬ ‫اإلدارة ذل��ك دون مس��تند قانون��ي يع��د‬ ‫قرارها االس��تمالكي معدوم��ًا وال يترتب‬ ‫عليه أي أثر قانوني‪.‬‬ ‫نزع الملكية مقصور على العقارات‪:‬‬ ‫ال يرد االس��تمالك إال على العقارات‪،‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫م�شــروعية اال�ســتمالك‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪15‬‬

‫ترجمات ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫�إنقاذ �سورية ممكن من خالل ال�سري‬ ‫يف طريق الت�سوية‬ ‫ترجمة‪ :‬نورس مجيد‬ ‫إن الخيار الذي يواجه العالم‬ ‫اليوم ليس بين نظام األسد‬ ‫والمعارضة‪ ،‬وإنما بين نوعين من‬ ‫المعارضة‪.‬‬ ‫تشارلز غالس – صحيفة‬ ‫الغارديان ‪ 29 -‬تموز‪/‬يوليو‬ ‫‪.2012‬‬ ‫ف��ي األس��بوع الماض��ي‪ ،‬أص��درت‬ ‫أطي��اف المعارض��ة الس��ورية نداءي��ن‬ ‫متناقضي��ن للمجتم��ع الدول��ي‪ .‬في يوم‬ ‫الس��بت‪ 28 ،‬تموز‪/‬يوليو‪ ،‬طالب المجلس‬ ‫الوطن��ي الس��وري عل��ى لس��ان رئيس��ه‬ ‫عبد الباس��ط س��يدا خالل مؤتمر صحفي‬ ‫ف��ي أبو ظب��ي المجتم��ع الدول��ي بتوفير‬ ‫أس��لحة جدي��دة ذات ق��درات أكب��ر للثوار‬ ‫الذي��ن يقاتلون ضد نظام بش��ار األس��د‪.‬‬ ‫وأض��اف "نحتاج أس��لحة تس��تطيع إيقاف‬ ‫الدبابات والمقاتالت النفاثة"‪ .‬قبل يومين‬ ‫فقط من ذلك‪ ،‬وفي مقر جماعة س��انتي‬ ‫جيدي��و ف��ي روم��ا‪ ،‬طال��ب ممثلو عش��ر‬ ‫جهات معارضة العالمَ بمس��اعدة سوريا‬ ‫بطريق��ة أخ��رى‪ :‬إجب��ار الطرفي��ن على‬ ‫التوصل إلى حل سلمي للصراع‪ .‬وخلص‬ ‫البيان المشترك لهذه الجهات إلى ما يلي‪:‬‬ ‫"نرف��ض أن تتحول س��ورية إلى س��احة‬ ‫للصراع��ات الدولية واإلقليمي��ة‪ ،‬ونعتقد‬ ‫أن المجتمع الدولي يتمتع بالقوة والقدرة‬ ‫الالزمتين لتحقيق توافق دولي يؤس��س‬ ‫لمخرج سياس��ي من األوضاع المأس��اوية‬ ‫الراهن��ة"‪ .‬إن الخي��ار الذي يواج��ه العالم‬ ‫اليوم ليس بين نظام األسد والمعارضة‪،‬‬ ‫وإنم��ا بين نوعين م��ن المعارضة‪ ،‬واحدة‬ ‫تعمل لحش��د التدخل العس��كري الدولي‬ ‫إلس��قاط النظام‪ ،‬وأخرى تس��عى للتغيير‬ ‫م��ن خ�لال العصي��ان المدن��ي والح��وار‪،‬‬ ‫وترف��ض التدخ��ل العس��كري م��ن قبل‬ ‫الق��وى األجنبي��ة الت��ي س��بق عداؤه��ا‬ ‫لسورية اكتشا َفها للمشكالت التي يعاني‬ ‫منها هذا البلد‪.‬‬ ‫ولد هذا الصراع على أثر تمرد سلمي‬ ‫تط��ور فيما بعد إل��ى ثورة ش��عبية‪ ،‬حيث‬ ‫دف��ع القم��ع العني��ف للمتظاهري��ن العزل‬ ‫بعضَ المعارضين إلى حمل السالح دفاعًا‬ ‫ع��ن حق التظاهر وطلباً ف��ي التغيير‪ .‬كان‬ ‫المس��لحون أقلية بين معارضين انتفضوا‬ ‫ض��د انته��اك بالده��م‪ ،‬إال أن المقاوم��ة‬ ‫المسلحة سرعان ما اكتسبت زخمها نتيجة‬ ‫لق��وة المس��لحين والدع��م الدول��ي الذي‬ ‫حصلوا عليه جراء اختيارهم للبندقية في‬ ‫مقابل الشعارات والرايات‪.‬‬ ‫هيم��ن دع��اة الحل العس��كري على‬ ‫الس��احة من ط��رف النظ��ام والمعارضة‬ ‫فيم��ا تزايدت أعداد الضحاي��ا‪ .‬في النهاية‬ ‫لم يصم��د المركز‪ ،‬وس��رعان م��ا امتدت‬ ‫المع��ارك إلى بقي��ة أنحاء الب�لاد بعد أن‬ ‫كان��ت تقتصر عل��ى المناط��ق الحدودية‬ ‫وتحص��ل على دعمها م��ن تركيا واألردن‬ ‫ولبن��ان‪ .‬في األس��ابيع الثالث��ة الماضية‪،‬‬

‫تحولت مدينتا دمش��ق وحلب إلى مس��رح‬ ‫حقيق��ي لمواجه��ة دامي��ة‪ ،‬بع��د أن كان‬ ‫غالبية سكان المدينتين يدعمون النظام‬ ‫أو يعارضونه دون اللجوء إلى السالح‪.‬‬ ‫ب��دأ الث��وار المس��لحون بمحاول��ة‬ ‫احتالل أحياء دمش��ق بنصيحة من ضباط‬ ‫مخابرات الدول الغربية العاملة في لبنان‬ ‫وتركيا‪ ،‬وج��اء رد النظام س��ريعًا فوظف‬ ‫كل م��ا ف��ي جعبته من أس��لحة لطردهم‬ ‫واس��تعادة تل��ك المناطق‪ .‬اله��دف التالي‬ ‫ضم��ن اس��تراتيجية المقاومة المس��لحة‬ ‫كان مدين��ة حل��ب حيث تك��رر األمر ذاته‪:‬‬ ‫تحص��ن الث��وار ف��ي الضواح��ي التي الذ‬ ‫س��كانها بالفرار‪ ،‬فرد النظ��ام بمدرعاته‬ ‫ومش��اته وسالحه الجوي "الستعادة" هذه‬ ‫المناطق‪ .‬أثناء ذلك‪ ،‬قدرت األمم المتحدة‬ ‫أن ما ال يقل عن ‪ 150‬ألفًا من الس��وريين‬ ‫ف��روا من الب�لاد‪ ،‬فيم��ا تصاع��دت أعداد‬ ‫الضحاي��ا إلى قرابة ‪ 20‬ألفًا من الجانبين‪.‬‬ ‫معظ��م الضحايا الذين علقوا وس��ط هذا‬ ‫الصراع كانوا يلعنون الطرفين‪.‬‬ ‫كي��ف بلغ��ت س��ورية ه��ذه الحالة؟‬ ‫وإل��ى أي��ن يتجه ه��ذا البل��د؟ ال يملك أي‬ ‫من الطرفين حق ادعاء الش��رعية بغياب‬ ‫انتخاب��ات تأت��ي بتفوي��ض ش��عبي‪ .‬ل��م‬ ‫يص��وت أحد في انتخاب��ات نزيهة الختيار‬ ‫بش��ار األسد الذي ورث عباءة والده كما لو‬ ‫كانت س��وريا دولة ملكية‪ ،‬كما لم يصوت‬ ‫أحد لصالح ميليش��يات الجيش الس��وري‬ ‫الحر والمجلس الوطني السوري‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هناك ح��روب‪ ،‬وهناك أيض��ا حروب‬ ‫أهلي��ة‪ .‬قب��ل انس��حاب منظم��ة الصليب‬ ‫األحمر من سوريا األسبوع الماضي أعلنت‬ ‫أن ما يحدث في س��ورية هو حرب أهلية‪،‬‬ ‫وه��و ما يعني ضمنيًا بأن��ه لم يعد هناك‬

‫ثورة بل صراع على السلطة بين فصائل‬ ‫متناح��رة‪ .‬ال يعت��رف كل م��ن الجي��ش‬ ‫السوري الحر والحكومة بشرعية أحدهما‬ ‫اآلخ��ر وكالهم��ا يرفض��ان الح��وار‪ ،‬فيما‬ ‫يواص��ل "الداعمون" الخارجيون (روس��يا‬ ‫وإي��ران والعراق الذي��ن يدعمون النظام‪،‬‬ ‫ث��م تركي��ا والمملكة العربية الس��عودية‬ ‫وقط��ر والوالي��ات المتح��دة وفرنس��ا‬ ‫وبريطاني��ا الذي��ن يدعم��ون المعارضة)‬ ‫تعزيز هذه القطيعة‪.‬‬ ‫بالنس��بة للغرب��اء الذين ل��ن تكون‬ ‫بالده��م رقع��ة الش��طرنج الت��ي تلع��ب‬ ‫فوقها هذه اللعبة‪ ،‬تملك الحرب رأس��مال‬ ‫سياسي أكثر مما يملكه طريق التفاوض‬ ‫والتس��وية األكثر حكمة‪ .‬لكننا نتس��اءل‪:‬‬ ‫أي الطريقي��ن أكث��ر ق��درة عل��ى حماية‬ ‫س��ورية وحماي��ة علمانيته��ا واقتصادها‬ ‫والروابط الس��ليمة بي��ن طوائفها؟ أهي‬ ‫الح��رب األهلي��ة‪ ،‬كما ف��ي حالة إس��بانيا‬ ‫ولبنان ويوغوسالفيا؟ أم أسلوب نيلسون‬ ‫مانديال في صراعه ضد سياس��ة الفصل‬ ‫العنصري؟ لقد انته��ت الحرب في ايرلندا‬ ‫الش��مالية فق��ط بع��د أن اس��تطاعت‬ ‫الحكومة البريطانية والجيش الجمهوري‬ ‫االيرلندي ابتالع كبريائهما ورغبتهما في‬ ‫النص��ر‪ ،‬من أجل بلوغ حالة من التفاوض‬ ‫الجدي إلنهاء الصراع‪.‬‬ ‫النظام يقول بأن الثوار المس��لحين‬ ‫يتلقون دع��م الدول األجنبي��ة وصناديق‬ ‫األس��لحة والعتاد‪ ،‬بينما تقول المعارضة‬ ‫ب��أن ي��دي النظ��ام ملطخت��ان بدم��اء‬ ‫السوريين‪ .‬إذن مع من سيتحاور الطرفان‬ ‫إن ل��م يكن مع بعضه��ا البعض؟ كالهما‬ ‫يدع��ي بأن��ه س��وري ويقات��ل م��ن أجل‬ ‫س��ورية‪ ،‬إذن أثبت��وا ذل��ك فع�ل ًا‪ :‬فلتجبر‬

‫روس��يا األس��د على الجلوس إل��ى طاولة‬ ‫المفاوض��ات‪ ،‬ولتعم��ل الوالي��ات المتحدة‬ ‫وحلفاؤه��ا الش��يء ذاته م��ع المعارضة‪.‬‬ ‫هل هذه الطريق حقًا أقل واقعية وفائدة‬ ‫لسورية من طريق الحرب الشاملة؟‬ ‫اس��تمعوا‪ ،‬للحظة واحدة على األقل‪،‬‬ ‫إل��ى أولئ��ك الذين وقعوا عل��ى بيان روما‪،‬‬ ‫بم��ن فيهم المع��ارض ميش��يل كيلو من‬ ‫الجبه��ة الديمقراطية‪ ،‬وه��و كاتب محترم‬ ‫من ش��مال س��وريا جرب حظه في سجون‬ ‫األس��د األب ألول مرة قبل ‪ 30‬عامًا‪ .‬عندما‬ ‫عاد كيلو من المنفى بعد سنوات ألقي مرة‬ ‫أخرى في السجون‪ ،‬ومع ذلك فهو يتمسك‬ ‫بالالعن��ف ويعتبر بأنه كفي��ل بإنقاذ حلب‬ ‫وغيره��ا من الم��دن من الدم��ار‪ .‬معارض‬ ‫آخر وهو رياض ضرار من التيار اإلسالمي‬ ‫الديمقراط��ي‪ ،‬قض��ى خم��س س��نوات‬ ‫في س��جون األس��د بتهم��ة "ب��ث النزعات‬ ‫الطائفي��ة"‪ ،‬و"نش��ر أخب��ار كاذب��ة" لك��ن‬ ‫ذل��ك لم يدفع��ه للجوء إل��ى العنف‪ .‬يملك‬ ‫ه��ؤالء وبقي��ة الموقعين على بي��ان روما‬ ‫مصداقي��ة بين الس��وريين الذين يدركون‬ ‫مس��اوئ وعيوب النظام والثوار المسلحين‬ ‫على حد س��واء‪ .‬جملة واحدة في بيان روما‬ ‫تلقى ص��دى بالنس��بة للس��وريين الذين‬ ‫طردوا من منازلهم أو الذين شهدوا مقتل‬ ‫أحبتهم على طرفي الصراع‪" :‬يحتجز الحل‬ ‫العسكري الشعب السوري رهينة دون حل‬ ‫سياسي يحقق مطالبه"‪.‬‬ ‫المقال األصلي‪:‬‬ ‫‪Syria can be preserved by the‬‬ ‫‪subtle route of compromise‬‬ ‫‪http://www. guardian. co. uk/‬‬ ‫ ‪commentisfree/2012/jul/29/syria‬‬‫‪route - of - compromise‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫ف��ي (صب��اح الخير‪ ..‬أيه��ا الح��زن)‪ .‬وتارة‬ ‫ينق��ل جهده إلى جزي��رة "أرواد" ويحاصر‬ ‫الصيادين في س��اعات ترميمهم الشباك‪،‬‬ ‫ويقنصهم في أوضاع جلساتهم الغريبة‪،‬‬ ‫ويحل��و ل��ه الركن ف��ي مقه��ى "القصر"‪،‬‬ ‫ف�لا يت��رك الباع��ة الصغ��ار دون اهتمام‬ ‫فيرصدهم في أكثر أعماله‪ ،‬وإنما التعبير‬ ‫عن المضامين اإلنسانية وبؤس اإلنسان‬ ‫الحزي��ن التي ترتبط بالمعاني النفس��ية‬ ‫والمتصلة بالحزن واأللم بوجه عام"‪.‬‬ ‫الفنان والناقد التشكيلي طاهر البني‪:‬‬ ‫"لم يكن لؤي كيالي نجم الستينيات‬ ‫ف��ي حركة التش��كيل في حلب وحس��ب‪،‬‬ ‫فق��د كان وم��ا زال رغ��م رحيل��ه نج��م‬ ‫الحرك��ة التش��كيلية الس��ورية‪ ،‬ال لكونه‬ ‫الفنان األكث��ر إبداعا واألغ��زر إنتاجا‪ ،‬بل‬ ‫ألنه الفن��ان الذي اس��تطاع انتزاع إعجاب‬ ‫الجمه��ور الفن��ي بأعمال��ه‪ ،‬وش��خصه‬ ‫ومس��يرته اإلبداعي��ة‪ ،‬الت��ي ق��دم فيه��ا‬ ‫أعما ًال تتس��م بالواقعي��ة التعبيرية التي‬ ‫تخاطب الجمهور بلغة بسيطة تحمل في‬ ‫مفرداتها نبرة شاعرية حزينة"‪.‬‬ ‫كيال��ي وج��هٌ ن��ادر م��ن الوج��وه‬ ‫السورية قتلته النكس��ة كما قتلت صالح‬ ‫جاهين في مص��ر والرئيس القوتلي في‬ ‫س��وريا‪ ،‬قتلته النكس��ة وأنص��اف النقاد‬ ‫والعائلة العريقة وحلب وخلده السوريون‬ ‫وذاكرتهم التشكيلية‪.‬‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ربم��ا تكون حاجتنا ل�لآداب والفنون‬ ‫الي��وم أكثر م��ن أي يوم مض��ى‪ ،‬لتخفف‬ ‫ٍ‬ ‫من ثقل أيامنا‪ ،‬وحدها الفنون قادرة على‬ ‫مواز‪ ،‬وعلى تش��ييد تفاصيل‬ ‫خل��ق‬ ‫عالم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يومي��ة لكنه��ا ليس��ت بيومي��ة‪ ،‬وعل��ى‬ ‫استقدام شخصيات حقيقية لكنها ليست‬ ‫بحقيقية‪ ،‬وحده��ا القادرة على نقلنا إلى‬ ‫عال��م رم��زي‪ ،‬غن��ي متعدد ومل��ون بدل‬ ‫ٍ‬ ‫أحادية كل ما يحيط بنا‪.‬‬ ‫كان االنتق��ال ف��ي زاوي��ة وجوه من‬ ‫وطني من عالم السياس��ة والمجتمع إلى‬ ‫فضاءاتٍ أوس��ع‪ ،‬قراراً مؤج ًال ومع حاجتنا‬ ‫المتزاي��دة للجم��ال يح��ل " ل��ؤي كيالي "‬ ‫ضيف��ًا على صفح��ات س��وريتنا‪ ،‬كيف ال‬ ‫وه��و رائد التش��كيل الس��وري وهو الذي‬ ‫ارتبط��ت حيات��ه بحي��اة س��وريا الوط��ن‬ ‫واالنكسار واالنتصار‪.‬‬ ‫ول��د الفنان التش��كيلي "لؤي كيالي"‬ ‫ف��ي "حل��ب" س��نة ‪ ،1934‬آلل الكيال��ي‬ ‫األس��رة الحلبي��ة العريق��ة الت��ي أنجب��ت‬ ‫وجوه��ًا كان له��ا حض��ور عل��ى صفحات‬ ‫زاويتن��ا هذه‪ ،‬انتس��ب إلى كلي��ة الحقوق‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ ،1954‬و في ع��ام ‪ 1957‬أوفد‬ ‫لدراس��ة الرس��م ف��ي أكاديمي��ة الفنون‬ ‫الجميل��ة بروما‪ .‬و في ع��ام ‪ 1961‬حصل‬ ‫على شهادة أكاديمية الفنون الجميلة في‬ ‫روما قس��م الزخرفة‪ ،‬عاد إلى س��ورية و‬ ‫عمل مدرس��ًا للتربية الفنية في ثانويات‬ ‫دمش��ق‪ ،‬ثم أستاذاً في قسم الديكور في‬ ‫كلية الفنون الجميلة بدمشق‪.‬‬ ‫ أق��ام عدد من المع��ارض الفردية‬‫في دمش��ق و حمص و حلب و حماة و دير‬ ‫الزور‪.‬‬ ‫في عام ‪ 1967‬أصيب بأزمة نفسية‬ ‫عل��ى أثر ع��دوان حزيران فأتل��ف لوحات‬ ‫معرضه‪ ،‬وهن��ا تتجلى عالق��ة كيالي مع‬ ‫الوطن فكيالي يش��به ال��رواد األوروبيين‬ ‫فان كوخ في الفن وكافكا في األدب وفي‬ ‫نفس العام بدأت تظهر عليه بوادر ش��دة‬ ‫نفسية حادة وأخذ يرسم بالفحم لوحاتٍ‬ ‫ً‬ ‫صارخة تم ّثل عذاب اإلنسان ونضاله‪.‬‬ ‫ليقي��م ف��ي ‪ 24‬نيس��ان‪ :‬معرض��ه‬ ‫الس��ابع ف��ي المرك��ز الثقاف��ي العرب��ي‬ ‫بدمش��ق‪ ،‬تح��ت عن��وان «ف��ي س��بيل‬ ‫القضي��ة»‪ ،‬قدّم في��ه ‪ 30‬لوحة فنية من‬ ‫تلك اللوحات الصارخ��ة المنفذّة بالفحم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تنق��ل المعرض بين حمص وحماه وحلب‬ ‫والالذقية‪ .‬أقيمت‪ ،‬في ّ‬ ‫ظل هذا المعرض‪،‬‬ ‫ندوة ح��ول فنّه‪ ،‬في صال��ة المركز وفي‬ ‫خض��م النكس��ة اإلنس��انية التي عاش��ها‬ ‫المشهد الثقافي العربي‪ ،‬وفي ظل غياب‬ ‫نق��د أكاديم��ي حقيقي جوب��ه المعرض‬ ‫بموج��ة انتق��ادات م��ن أنص��اف النق��اد‬ ‫وأنصاف الفانين‪ ،‬فاقمت الحالة النفس��ية‬ ‫لكيال��ي وأقدم على إح��راق لوحاته تلك‪،‬‬ ‫لتخس��ر الذاكرة التشكيلية السورية كنزاً‬ ‫لن يعوض‪.‬‬ ‫وتنقسم فترات اإلبداعية "للكيالي"‬ ‫إل��ى ث�لاث مراحل كم��ا ذكره��ا الدكتور‬ ‫"كم��ال مح��ي الدين حس��ين" وه��و ناقد‬ ‫وفنان تش��كيلي في كتابه "مس��ائل في‬ ‫الفن التشكيلي"‪.‬‬ ‫المرحل��ة األول��ى‪ :‬هي ال��ذي تناول‬ ‫به��ا "الكيال��ي" موضوع��ات إنس��انية‬ ‫مش��حونة بالعواطف والشاعرية بأسلوب‬

‫تعبيري رومنس��ي وأهم لوحاته في تلك‬ ‫الفت��رة (معلوال ‪ -‬ماس��ح األحذية ‪ -‬البائع‬ ‫المتجول)‪« .‬وفي ه��ذه الفترة كان يتربع‬ ‫"الكيال��ي" على ع��رش الش��هرة المحلية‬ ‫ويق��ف في طليع��ة الفن الس��وري»‪ ،‬كما‬ ‫ذكر الدكتور "كمال" في كتابه‪.‬‬ ‫المرحل��ة الثاني��ة‪ :‬م��ن ع��ام ‪1967‬‬ ‫إل��ى ‪ 1970‬وه��ي تعتب��ر منعطف��ًا حاداً‬ ‫ف��ي أس��لوبه الفن��ي‪ ،‬ويتح��ول فجأة من‬ ‫موضوعات إنس��انية مشحونة بالعواطف‬ ‫والرومنس��ية والتزيني��ة إل��ى موضوعات‬ ‫س��وداوية مش��حونة بالمأس��اة والغضب‬ ‫والش��ؤم والخ��وف‪ ،‬التي أف��رزت في تلك‬ ‫الفت��رة معرض��ه المع��روف ‪ -‬في س��بيل‬ ‫القضي��ة ‪ ، -‬وأه��م لوح��ات تل��ك الفترة‬ ‫(ث��م م��اذا؟ ‪ -‬الخ��وف ‪ -‬الثكال��ى) وكانت‬ ‫تعب��ر مجم��ل لوحاته عن ص��راع العربي‬ ‫االس��رائيلي وهم��وم وطني��ة‪ ،‬إال أن هذا‬ ‫المعرض هز وس��طه الفني بشدة جعله‬ ‫يعكف عن الرس��م لعدد س��نوات بس��بب‬ ‫تهج��م النق��اد ال�لا موضوعي عل��ى فنه‬ ‫وشخصيته وأسلوبه الجديد المغاير تمامًا‬ ‫ألس��لوبه المع��روف‪ ،‬مما دف��ع "الكيالي"‬ ‫اإلتالف جميع لوحاته‪.‬‬ ‫أم��ا الفت��رة الثالثة‪ :‬فه��ي تأتي بعد‬ ‫انقطاع��ه عن العمل إث��ر مرضه ودخوله‬ ‫مصح��ات للمعالجة وتب��دأ من عام ‪1973‬‬ ‫وحت��ى وفات��ه‪ ،1978‬وف��ي ه��ذه الفترة‬ ‫يتن��اول "الكيال��ي" موضوع��ات قديم��ة‬ ‫عالجه��ا س��ابقًا رغ��م بع��ض الف��روق‬ ‫األس��لوبية بي��ن الفترتي��ن وتتمي��ز‬ ‫أعمال��ه في ه��ذه الفترة بتراج��ع اللهجة‬ ‫الرومنسية‪..‬‬ ‫‪ :1968‬تفاقم��ت أزمت��ه النفس��ية‪،‬‬ ‫وانقط��ع ع��ن التدريس‪ ،‬واعتك��ف وحيداً‬ ‫ف��ي بيت��ه المس��تأجر بح��يّ العفي��ف‬ ‫بدمش��ق‪ ،‬قبل أن يغ��ادره إلى حلب‪ ،‬وفي‬ ‫‪ 1969‬صَحِبَه بعضُ أهله من حلب إلى‬ ‫بي��روت لمعالجت��ه عند الطبيب الس��وري‬ ‫األستاذ بالجامعة األمريكية الدكتور عالء‬ ‫الدين الدروبي‪ ،‬فاستردّ صحته النفسية‪.‬‬ ‫و ف��ي مطلع الع��ام الدراس��ي ‪– 69‬‬ ‫‪ :70‬ع��اد إلى التدريس ف��ي كلية الفنون‬ ‫الجميل��ة بدمش��ق‪ ،‬ث��م ما لبث��ت صحته‬ ‫النفس��ية أن ت��ردّتْ‪ .‬بع��د أن ألغ��ي أحد‬ ‫معارضه في األردن بسبب خطأ تقني‬

‫وفي عام ‪ 1971‬في ‪ 26‬شباط‪:‬‬ ‫أحيل على التقاعد ألس��باب صحية‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1976‬ف��ي كانون الثاني‪:‬‬ ‫أس��همت مجل��ة «العال��م العرب��ي‬ ‫ف��ي كندا» باش��تراكها ب��ـ ‪ 42‬لوحة‬ ‫لل��ؤي كيال��ي وفات��ح الم��درس في‬ ‫"األس��بوعين للثقافة العربية " الذي‬ ‫ّ‬ ‫نظمتْ��ه «مؤسس��ة األول��ف» ف��ي‬ ‫مونتريال‪.‬‬ ‫اعت��زل الن��اس‪ .‬وأدم��ن عل��ى‬ ‫تعاط��ي حب��وب مهدّئ��ة مخ��دّرة‪،‬‬ ‫فذوى ش��يئًا فش��يئاً‪ ،‬حت��ى‪ :‬احترق‬ ‫وه��و في س��ريره‪ .‬في لي��ل ‪10 - 9‬‬ ‫أيلول من العام ‪ 1978‬فنُقل بطائرة‬ ‫عمودية من مستشفى جامعة حلب‬ ‫إلى المستش��فى العسكري بحرستا‬ ‫في دمش��ق‪ ،‬و ف��ي ‪ 26‬كانون األول‬ ‫م��ن العام نفس��ه ف��ارق الحياة في‬ ‫مستشفى حرستا‪ .‬وفي اليوم التالي‬ ‫ووري الثرى ف��ي «مقبرة الصالحين» في‬ ‫حلب‪.‬‬ ‫قال عنه التشكيلي سعد يكن‪:‬‬ ‫"ل��ؤي كان صديق��ي ب��كل معن��ى‬ ‫الكلم��ة‪ ،‬وال يمك��ن التس��اهل مع��ه في‬ ‫الحوار أو الس��لوك أو في العمل‪ ،‬استطاع‬ ‫من خالل موقفه أن يترك بصمة واضحة‬ ‫في تاريخ حركة الفن التشكيلي السوري‪،‬‬ ‫بصم��ة إنس��انية وش��خصية م��ن خ�لال‬ ‫مجم��ل العالقات الت��ي مرت ف��ي حياته‪،‬‬ ‫بالرغ��م من قلتها نس��بيا‪ .‬وخالل تواجده‬ ‫ف��ي حلب بع��د ع��ام ‪ 1969‬م��ا كان لؤي‬ ‫هو نفس��ه ال��ذي كان في دمش��ق بداية‬ ‫الس��تينيات في مرس��مه ف��ي الروضة أو‬ ‫العفيف‪ .‬لقد تحول إلى شخص منزو حاد‬ ‫الطباع‪ ،‬ش��فاف وعنيف وهادئ في الوقت‬ ‫نفس��ه‪ .‬وتعتمد ثقافة ل��ؤي على الثقافة‬ ‫االجتماعية والتجربة الشخصية أكثر من‬ ‫الثقافة الفكري��ة التي تعتمد على البحث‬ ‫والتاريخ والتراث"‪.‬‬ ‫الروائي فيصل خرتش‪:‬‬ ‫"لق��د تمي��ز ل��ؤي بالجه��د ال��دؤوب‬ ‫والعم��ل الج��دي المس��تمر ف��ي البح��ث‬ ‫الفن��ي‪ ،‬فتارة يتخذ قري��ة "معلوال" مركز‬ ‫بحثه‪ ،‬ف�لا يترك منها زاوي��ة إال ويتأملها‬ ‫بخط��وط س��وداء ومس��احات رمادي��ة‬ ‫أو زرق��اء‪ ،‬أو أل��وان ضبابي��ة متداخل��ة‪،‬‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫لــ�ؤي كيــايل ‪1978 - 1934‬‬

‫‪17‬‬

‫مقتطف من مقالة ن�ساء يف املعتقل‬ ‫من ذاكرة العتمة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫روزا ياسين حسن‬

‫تجربة لينا الوفائي ‪ -‬فرع فلسطين‬ ‫لينا وفائي من مواليد حمص ‪،1959‬‬ ‫من معتقالت حزب العمل الش��يوعي من‬ ‫س��نة ‪ 1987‬وحت��ى ‪ - 1990‬مهندس��ة‬ ‫مدنية‪.‬‬

‫قبو حتت الأر�ض‬ ‫سقفه أرض لس��احة الفرع‪ ،‬ونوافذ‬ ‫التهوية غينات إنكليزية مفتوحة بش��بك‬ ‫معدن��ي عل��ى األرض فوق��ه‪ .‬تنقض��ي‬ ‫الس��نوات هناك وأنت تنتظر نصف ساعة‬ ‫للتنفس‪ ،‬وتمر الشهور وقد ال تطالك وال‬ ‫نصف ساعة‪ .‬ولس��خرية القدر ستساهم‬ ‫كم��ا الجمي��ع في مح��اوالت جهيدة لس��د‬ ‫فوه��ات التهوي��ة التي تضخ األكس��جين‬ ‫في الهواء الفاسد المعتم‪ ،‬ألن برد الشتاء‬ ‫الالإنس��اني يجعلك تفضل الهواء الفاسد‬ ‫والدافئ على صقيع الهواء النقي‪.‬‬ ‫كان وج��ه لينا هادئًا وه��ي تتحدث‪:‬‬ ‫حين فت��ح ب��اب الزنزانة بتل��ك الطريقة‬ ‫الهمجي��ة‪ ،‬ونظ��رة الش��ماتة عل��ى وجوه‬ ‫العناص��ر الثالثة‪ ،‬تيقنت أن ش��يئًا س��يئًا‬ ‫للغاي��ة قد حص��ل‪ .‬ش��دّوني بق��وة إلى‬ ‫فوق‪ ،‬سحبوني على األدراج‪ ،‬وكان هناك‬ ‫أكثر من خمس��ة عش��ر ضابطاً يتحلقون‬ ‫ح��ول رج��ل ملق��ىً عل��ى األرض بوجه‬ ‫مدمى ويدين مربوطتين في الهواء‪ ..‬كان‬ ‫هو عدنان محفوض زوجي‪.‬‬ ‫كان يص��رخ‪ :‬ال تخاف��ي لين��ا م��ا‬ ‫بيخوفو‪..‬‬

‫م�سالخ التحقيق‬ ‫حين دخلت إلى فرع فلسطين ساعة‬ ‫اعتقال��ي كان��ت حوالي الثامن��ة والنصف‬ ‫لي ًال‪.‬‬ ‫كنت قد عدت من عند زوجي عدنان‬ ‫في مخبئه وق��د كان مالحقاً ومتخفيًا في‬ ‫تلك الفترة إل��ى البيت ألرى مجموعة من‬ ‫العناص��ر تنتظرني ف��ي البيت‪ ،‬وأخذوني‬ ‫بع��د أن طمش��وني إلى فرع فلس��طين‪.‬‬ ‫هن��اك أخ��ذوا من��ي الج��زدان والس��اعة‪،‬‬ ‫ألبس��وني بنطلون بيجاما تحت الفستان‬ ‫ال��ذي أرتدي��ه‪ ،‬وب��دأ التحقي��ق‪ .‬ال أعرف‬ ‫ك��م اس��تمر التحقي��ق‪ ..‬لس��اعات ربم��ا‪،‬‬ ‫طمش��وني بعصبة س��وداء‪ ،‬واستخدموا‬ ‫(الدوالب) في تعذيبي وهو دوالب س��يارة‬ ‫يجلس��ون المرء في��ه ويضربونه بالكابل‬ ‫عل��ى أقدامه‪ ،‬كانوا يريدون معرفة مكان‬ ‫زوج��ي عدنان‪ ،‬وحي��ن رح��ت أختنق من‬ ‫الدوالب‪ ،‬قلت س��أدلكم على مكانه‪ ،‬حين‬ ‫أخرجون��ي صح��ت‪ :‬ال أعرف مكان��ه لماذا‬ ‫ال تصدق��ون! اس��تبدلوه بدوالب ش��حن‪،‬‬ ‫ولما لم أخبرهم اس��تخدموا الكهرباء في‬ ‫تعذيبي وقد وصلوا أشرطتها إلى ساقيّ‪.‬‬ ‫كانوا متيقنين من معرفتي لمكانه‪.‬‬ ‫ط��وال اثن��ا عش��ر يوم��اً ف��ي غرف‬ ‫التحقيق في الطاب��ق األرضي من الفرع‬ ‫وأنا ال أش��عر إال بأني في مسلخ‪ ،‬وأصوات‬ ‫المعتقلي��ن حولي‪ ،‬تحيطن��ي‪ ،‬وتجلدني‪.‬‬ ‫وصرخات التعذيب تج��ن في كوريدورات‬ ‫الفرع وبين الزنازين‪ .‬كنت أقضي الوقت‬ ‫ف��ي محاول��ة لمعرفة الرف��اق والرفيقات‬ ‫م��ن أصواتهم‪ ..‬اثنا عش��ر يوم��ًا ال أعرف‬

‫كي��ف م��روا‪ ،‬كان��وا مس��تميتين ليعرفوا‬ ‫مكان عدنان‪.‬‬

‫عامل املنفردات‪ :‬عامل‬ ‫الأحذية والأقدام‬ ‫أنزلون��ي بعد ذل��ك إل��ى المنفردة‪،‬‬ ‫ووضعون��ي م��ع رفيقة ل��ي لم��دة ثالثة‬ ‫وثالثي��ن يوماً‪ .‬مس��احة تتأل��ف من ‪X 70‬‬ ‫‪ 180‬سنتيمتر‪ .‬كنا ننام عقب ورأس‪ ،‬كل‬ ‫من��ا تنام وه��ي تحتضن أق��دام األخرى‪.‬‬ ‫عالم المنف��ردة‪ :‬عالم كامل من األحذية‪،‬‬ ‫ألنن��ا كن��ا نقض��ي الوق��ت منبطحتي��ن‬ ‫نراق��ب من تح��ت الب��اب‪ ،‬المرتف��ع قلي ًال‬ ‫عن األرض‪ ،‬أق��دام المارة ف��ي كوريدور‬ ‫الفرع‪ .‬ولي ًال عندما ينام السجانون ويغدو‬ ‫الس��كون س��يد المكان نتكلم مع بعضنا‪:‬‬ ‫س��اكنات المنفردات‪ .‬كانت المنفردات من‬ ‫حولنا مليئ��ة برفيقاتنا‪ ،‬وكنا نتعرف على‬ ‫بعض بأصواتنا‪.‬‬ ‫في الوقت الذي قضيته في المنفردة‬ ‫اعتقل عدنان‪.‬‬ ‫أصوات تعذيب عدنان كانت تصلني‪،‬‬ ‫تدخلن��ي حال��ة م��ن الجن��ون‪ ،‬وأن��ا ف��ي‬ ‫المنف��ردة متقوقع��ة على نفس��ي ودون‬ ‫ح��راك‪ .‬كان واضح��ًا أنه��م يتقص��دون‬ ‫س��ماعي لصوت��ه وصراخ��ه‪ ،‬ألن أب��واب‬ ‫غرف��ة التعذيب كان��ت مفتوحة على غير‬ ‫العادة وتسمح لكل ما يجري بالخروج إلى‬ ‫أسماعنا‪.‬‬ ‫بع��د أيام م��ن الع��ذاب أنزل��وه إلى‬ ‫المزدوج��ة في الثانية عش��ر لي ًال‪ ،‬عرفته‬ ‫من صوته‪ ،‬وهو يس��اق ف��ي الكوريدور‪.‬‬ ‫دققت على باب المنفردة‪ .‬صاح الس��جان‬ ‫أحمد‪ :‬ش��و ب��دك ي��ا أربع��ة؟ وه��و رقم‬ ‫المنفردة‪ .‬طلب��ت منه الخروج إلى الحمام‬ ‫في آخ��ر الكوري��دور‪ ،‬كنت أري��د أن أخبر‬ ‫عدن��ان أني هن��ا‪ ،‬وأني بخي��ر‪ .‬وأنا أقفل‬ ‫عائدة إل��ى زنزانتي صحت بأعلى صوتي‬ ‫كي يس��معني عدنان في زنزانته‪ :‬تصبح‬ ‫على خير ي��ا أحمد‪ .‬وكأن الس��جان أحس‬ ‫باللعبة‪ ،‬فصاح ب��ي متبرمًا وهو يدفعني‬ ‫إلى داخ��ل الزنزانة‪ :‬فوت��ي فوتي اهلل ال‬

‫يسلم فيك وال عضمة‪.‬‬ ‫تفاصيل‪ ..‬تفاصيل‪ ..‬كيف س��يكون‬ ‫الح��ال لس��نوات تح��ت األرض دون كتاب‬ ‫أو جري��دة‪ ،‬دون رادي��و وبالطب��ع دون‬ ‫تليفزيون‪ ..‬ليس ثمة أي صوت إال أصوات‬ ‫المعتقالت أنفس��هن وصراخ الس��جانة‪..‬‬ ‫ص��وت الصم��ت ال��ذي كان أفض��ل بما ال‬ ‫يق��اس م��ن آه��ات التعذيب وه��ي تصم‬ ‫جدران الزنازين‪ ..‬خواء كامل‪" .‬‬

‫املعتقل �أو ال�سجن‪ :‬عامل الأ�شياء‬ ‫ال�صغرية وال�صغرية فقط‪..‬‬ ‫تضح��ك لين��ا وهي تخبرن��ي أنها ال‬ ‫تس��تطيع رؤية مجلة العربي حتى اليوم‪،‬‬ ‫بع��د مضي س��نوات طويلة عل��ى إطالق‬ ‫س��راحها من ف��رع فلس��طين‪ ،‬رغم أنهم‬ ‫حصل��وا عليه‪ ،‬عل��ى مجل��ة العربي‪ ،‬في‬ ‫المعتق��ل بع��د إضرابي��ن ع��ن الطع��ام‪،‬‬ ‫األول تحذيري استمر يوماً واحداً‪ ،‬والثاني‬ ‫كان إضراب��ًا مفتوح��ًا‪ ،‬ن��زل في��ه مدي��ر‬ ‫الس��جن إلى المعتقالت في األقبية‪ ،‬وراح‬ ‫يضربه��ن بالكرب��اج‪ ،‬يرفس��هن بيدي��ه‬ ‫وقدميه وكأنه ينتش��ي به��ذا الضرب‪ .‬ثم‬ ‫أخي��راً اس��تطاع اللعب على وت��ر األنوثة‪،‬‬ ‫أخذ ش��عر إحدى المعتقالت‪ ،‬وكان طوي ًال‬ ‫وفاحمًا وجمي ًال للغاية‪ ،‬لفه حول س��اعده‬ ‫وهم بجزه كصوف الخراف‪ ،‬حينئذ انتهى‬ ‫اإلض��راب ولكنهم س��محوا بدخول مجلة‬ ‫العربي إلى غياهب الفرع‪.‬‬

‫االنتقال �إىل املزدوجة‬ ‫"بع��د خمس��ة وأربعي��ن يوم��ًا م��ن‬ ‫االعتق��ال انتقل��ت إلى الس��جن الجماعي‬ ‫ث��م إلى المهجع رق��م ‪ 6‬ثم من جديد إلى‬ ‫المزدوج��ة‪ .‬وهي عبارة ع��ن أربع زنازين‬ ‫مزدوج��ة حوالي ‪ 160‬س��م بـ ‪ 180‬بينهم‬ ‫الكوري��دور وفي نهايته محرك الس��جان‬ ‫والحمام��ات‪ .‬الزنزان��ة بط��ول اإلنس��ان‬ ‫واقفاً وفتحتها العلوية ‪ X 60 15‬سم ولها‬ ‫س��قف‪ .‬والزنازي��ن األربعة كان��ت تبقى‬ ‫مفتوح��ة عل��ى بعضها فيما يغل��ق الباب‬

‫الخارجي‪.‬‬ ‫مرت أكثر من تس��عة أش��هر قبل أن‬ ‫نرى الش��مس للمرة األولى حيث سمحوا‬ ‫لن��ا بالخ��روج إل��ى الش��مس ف��ي الباحة‬ ‫لنصف ساعة فحسب‪.‬‬ ‫وبما أن زيارات األهل كانت ممنوعة‬ ‫فإن الطعام والنقود القادمين من الخارج‬ ‫قليلي��ن للغاي��ة‪ .‬االعتم��اد الكل��ي كان‪،‬‬ ‫ولع��دم وجود مواد أولي��ة أو غاز أو‪ ،..‬كان‬ ‫على طعام الس��جن‪ ،‬طعام سيئ للغاية‪:‬‬ ‫يكتف��ون صباح��ًا ببيضة مس��لوقة لكل‬ ‫معتقل��ة أو ملعقة لبنة حامضة أو ملعقة‬ ‫مرب��ى مع عش��ر حب��ات زيتون‪ .‬والش��اي‬ ‫يأتي بارداً في تنكات قذرة‪ .‬أما الغذاء فهو‬ ‫دائم��اً برغل م��ع فاصولياء ح��ب أو زهرة‬ ‫مع مرقة حمراء‪ .‬والعش��اء صحن شوربا‪،‬‬ ‫وحين يكون بطاطا مسلوقة فحظنا طيب‬ ‫للغاي��ة‪ ،‬وحينئذ كنا نقض��ي الليل ونحن‬ ‫نغن��ي‪ :‬ع البطاط��ا البطاطا‪ ..‬ي��ا عيني ع‬ ‫البطاطا‪.‬‬ ‫كان اللحم يقدم مرتين باألس��بوع‪،‬‬ ‫ثم أصبح بعد فترة م��رة واحدة وبكميات‬ ‫ج��د قليل��ة‪ .‬أم��ا الن��وم فعل��ى الع��وازل‪:‬‬ ‫وهي بطانية مخيط إليها قماش مش��مّع‬ ‫سميك‪ .‬لم يكن عدد العوازل كعددنا‪ ،‬لذا‬ ‫كان عل��ى كل فتاتين أحياناً أن يتش��اركا‬ ‫الع��ازل نفس��ه عقب ورأس‪ .‬ل��كل واحدة‬ ‫وس��ادتها الخاصة تحش��وها ثياب الشتاء‬ ‫ف��ي الصيف وثي��اب الصيف في الش��تاء‪،‬‬ ‫وتحملها معها أينما نامت‪ ..‬على أي عازل‪.‬‬ ‫السجن في فرع التحقيق كان يعني‬ ‫أن التوقي��ف مؤق��ت‪ ،‬أي ريثم��ا تنتقلي��ن‬ ‫إلى س��جن دوما مث�ل ًا‪ ،‬كان توقيفنا نحن‬ ‫معتق�لات الف��رع مؤقتاً‪ ..‬لم��دة تزيد عن‬ ‫الثالث سنوات!‬ ‫أذك��ر أيام��ًا طويل��ة قضيته��ا وأن��ا‬ ‫أس��ترق النظر من قفل الب��اب الحديدي‪،‬‬ ‫ألن عدن��ان‪ ،‬ال��ذي كان م��ا ي��زال ف��ي‬ ‫المنفردة‪ ،‬س��يخرجه الس��جان ثالث مرات‬ ‫في اليوم إلى الحمام‪ ،‬وبالتالي أس��تطيع‬ ‫أن أراه لث��وان ف��ي ذهاب��ه وإياب��ه‪ .‬كان‬ ‫يشعر هو بوجودي خلف الباب‪ ،‬ألن القفل‬ ‫كان يهتز من الخ��ارج‪ ،‬وفي كل مرة كان‬

‫�آلة ت�سخني املياه عرب البلوعة‬

‫تفا�صيل الأنثى‬

‫واحد وثالثون عام ًا من االنتظار‬

‫(ق�صة واقعية من ذاكرة حماة امل�أ�سوية التي ال تن�سى)‬ ‫جواد أسود‬

‫أسبوعية‬

‫أن��ا ما زلت أبحث عن أبي‪ ..‬ثالث��ون عاماً صوته لم يغادر‬ ‫أذن��ي‪ .‬كأنه اآلن يقول لي‪ :‬ي��ا ابني زد في ميزانك وال تنقص‬ ‫أن اهلل ش��اهد علين��ا‪ ،‬وه��ذا ما دأب��ت عليه‪ ،‬عن��د كل ظهيرة‬ ‫أتخيل��ه عائدا إلى البيت يحمل بيدي��ه إلينا الخضار والفاكهة‪..‬‬ ‫لم يس��بق لوالدي ط��وال حياته أن حمل بندقي��ة حتى أنه لم‬ ‫يلتحق بالخدمة العسكرية كونه وحيدا لجدتي المريضة‪ ،‬كان‬ ‫رجال حنونا يبكي لبكاء طفل ويلزم س��ائق الس��يارة بالوقوف‬ ‫طويال حتى تعبر قطة عرجاء الطريق من رصيف إلى رصيف‬ ‫ثالثون عاما ونحن ننتظر هذا الرجل الذي جمع مع الطيبة‬ ‫والحنان ش��موخ السوري برأس��ه المرفوعة وهامته العالية لم‬ ‫أك��ن بالبيت حينها كنت جنديا على جبهة باردة أس��فل س��فح‬ ‫جبل الشيخ عندما اقتحم عدد من الجنود البواسل حينها حماة‬ ‫وأمطروا س��كانها الوي�لات قيل لي أن أبي خ��رج ليمنع دخول‬ ‫الجن��ود بطريق��ة همجية إلى منزل جارتن��ا حرصا على بناتها‬ ‫الث�لاث حي��ث ال أب وال أخ له��ن وعندما تصدى له��م اعتقلوه‪،‬‬ ‫عدت س��ريعا بع��د أن وصلني الخبر س��ألت أية جه��ة اعتقلته‬ ‫قال سرايا الدفاع‪ ،‬قلت أي دفاع هذا‪ ..‬نحن قوات الدفاع مكاننا‬ ‫على الجبهة لم نس��مع أن عدو أصب��ح خلفنا وفي مدينتي وال‬ ‫يمكن ألبي أن يكون عدو البنه فينحاز إلى جيش األعداء نحن‬ ‫جنود الدفاع من هؤالء قيل لي أنهم قد جمعوا آالف المعتقلين‬ ‫في مخ��ازن الحبوب أس��رعت وأن��ا مازلت ببدلتي العس��كرية‬ ‫م��ررت بس��هوله بين الح��رس فأن الرقي��ب المظل��ي المغوار‬ ‫ببدلت��ي المموهة ش��اهدت أالف بالعراء يجلس��ون القرفصاء‬ ‫تح��ت ب��رد كانون الق��ارص أكثرهم ينادي برتبت��ي كنت بين‬ ‫ضاحك وباكي اس��مع م��ن يناديني يا س��يادة الرقيب متضرعا‬ ‫ومتوس�لا أن أنقذه مم��ا هو فيه ومن يعرفني ينادي باس��مي‬ ‫فاغلبه��م أبن��اء حارتي لم يكن بوس��عي س��وى أن أوزع لهم‬ ‫إش��ارات االطمئنان الفارغة وأنا عيناي تبحث بين تلك الجموع‬ ‫ع��ن والدي أخي��را وجدته يجلس وحوله مجموعه من الش��بان‬ ‫يواس��ونه كان م��ازال بس��رواله األبي��ض الطوي��ل وقميصه‬ ‫الداخل��ي نظرا ل��ي طويال وق��ال‪ :‬الحمد هلل على الس�لامة يا‬ ‫أب��و احمد ماذا تفع��ل هنا قلت له تعال معي ي��ا أبي جئت كي‬ ‫أعود بك إلى البيت فقال‪ :‬وهؤالء قالت له متفائال‪ :‬سيخرجون‬

‫إن ش��اء اهلل رف��ض إن يخرج معي و يتركه��م ولكنهم أصروا‬ ‫علي��ه أن يخرج معي كنت ارغب بمعانقته ولكن ال وقت لنخرج‬ ‫أوال اس��توقفني ضابط ليس��ألني ماذا تفعل قلت س��يدي هذا‬ ‫والدي هز برأس��ه وتركني أمر متجاهال م��ا افعله عند البوابة‬ ‫الرئيسية اس��توقفني ضابط آخر ليقول من أنت وماذا تفعل‪:‬‬ ‫قلت له أن من القوات الخاصة وهذا والدي ووصلت من الجبهة‬ ‫الساعة وأريد أن أعود بوالدي إلى البيت‬ ‫أجابن��ي‪ :‬ه��ذا والدك إن كل ش��عرة بيض��اء بلحيته يقبع‬ ‫تحته��ا ألف عفريت وعفري��ت يقاوم الجنود وم��ن ثم يريد أن‬ ‫يقي��م مس��جدا هنا بالمعتق��ل ي��ؤذن ويريد أن يصل��ي إماما‬ ‫أرجع��ه إلى الداخل والتفت إلى وال��دي قائال‪ :‬ارجع أيها العجوز‬ ‫الشيطان‬ ‫التف��ت إلى الضاب��ط المغرور برجاء اطلب أن يس��مح لي‬ ‫باصطح��اب والدي انه رجل كبير ومريض أجابني بغطرس��ة‪:‬‬ ‫اترك هذا الش��يطان وارجع إلى وحدتك وإال اعتقلتك معه قلت‬ ‫له يا س��يدي أنا جن��دي مقاتل بالجيش الس��وري وهذا والدي‪:‬‬ ‫ق��ال أنت��م‪ ،‬كالب التفت فل��م أجد والدي كان ق��د عاد واختفى‬ ‫بين الجموع وكأنه ال يريد أن يحرجني أمام هذا الضابط تقدم‬ ‫مني ضابط أخر وقال ارجع إلى وحدتك وان ش��اء اهلل س��يرجع‬ ‫الجميع اليوم إلى بيوتهم وال تجعل القائد يغضب أكثر‬ ‫خرجت من معس��كر االعتقال هذا وكأنني جندي يجر أذيال‬ ‫الهزيم��ة والخيبة خلفه مر ذلك اليوم ثقيال ولم يعد والدي عدت‬ ‫ف��ي الي��وم الثان��ي احمل معي بعض��ا من مالب��س الصوف كي‬ ‫يتقي بها برد الش��تاء كان المعسكر فارغا ال حرس وال معتقلين‬ ‫وقفت اسأل من بالجوار قالوا البارحة جاءت شاحنات من الجيش‬ ‫حملتهم ولكن ال ندري إلى أين‪ ،‬واحد وثالثون عاما والس��ؤال بال‬ ‫إجاب��ة أين والدي وم��ن كان معه لماذا أخذتموه��م وماذا فعلتم‬ ‫بهم‪.‬‬ ‫هل جاء اليوم الذي نرغم الس��جان والسفاح على الجواب‬ ‫وه��ل يمكنن��ا أن نجتم��ع بوال��دي أو ننق��ل رفاته إل��ى مكان‬ ‫معلوم؟‪ ،‬وإذا قررت الثأر فبمن ابدأ‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫حت��ى النوم س��يغدو مش��كلة كبرى‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الماء البارد لالس��تحمام صيفاً شتاء‬ ‫كانت مش��كلة حقيقية‪ ،‬خاصة في أوقات‬ ‫الصقي��ع الوحش��ي‪ .‬كانت تمر أس��ابيع ال‬ ‫نجرؤ فيها على الولوج تحت المياه الباردة‬ ‫حد الجنون‪ .‬المياه الساخنة ممنوعة‪.‬‬ ‫ف��ي الش��تاء الثان��ي لس��جننا‬ ‫س��معنا طرق��اً ملحًا ف��ي الحمام��ات آخر‬ ‫الكوري��دور‪ ،‬وكان��ت حماماتن��ا مالصقة‬ ‫بالحائط لحمامات الش��باب الفلسطينيين‬ ‫(العرفاتيي��ن)‪ ،‬وهن��اك بالوعة تصل بين‬ ‫الحمامي��ن‪ .‬ص��رخ أحدهم عب��ر البلوعة‬ ‫وقال أنهم س��يبعثون لنا بش��يء يسخّن‬ ‫المي��اه‪ .‬وبالفعل أوصلت لنا المياه كيس��ًا‬ ‫م��ن النايل��ون األس��ود يحت��وي عل��ى آلة‬ ‫م��ن صنع ي��دوي لتس��خين المي��اه‪ :‬علبة‬ ‫ط��ون معدنية مقصوصة م��ن منتصفها‬ ‫كصفيحت��ي مع��دن‪ ،‬بينهم��ا قطع��ة‬ ‫بورس�لان مخاطة إليهم��ا وموصولة إلى‬ ‫أش��رطة كهرب��اء‪ ،‬كانت تعم��ل كمكثفة‪.‬‬ ‫وصلناه��ا إلى أش��رطة الني��ون الموجود‬ ‫في المزدوجة ووضعناها في برميل الماء‬ ‫الذي نستحم فيه‪ ،‬نعمنا للمرة األولى بعد‬ ‫أكثر من سنة بحمام ساخن‪.‬‬ ‫هذه اآللة البس��يطة وهبتنا متعة ما‬ ‫بعده��ا متعة‪ ،‬جعلتنا قادرات على ش��رب‬ ‫القه��وة بعد س��نة وثالث��ة أش��هر دونها‪.‬‬ ‫سخنا الماء في وعاء بالستيكي‪ ،‬ووضعنا‬ ‫فيه��ا القه��وة التي فاح��ت رائحتها كعبير‬ ‫ف��ي المزدوجات‪ .‬جلس��نا كدائ��رة نغني‪:‬‬ ‫دارت القهوة وعنين بدها تدور دارت علي‬ ‫وفنجاني مكسور‪" .‬‬ ‫ً‬ ‫ف��ي الس��اعة الثالث��ة ليال فت��ح أحد‬ ‫الس��جانين‪ ،‬وكان يُطل��ق علي��ه لق��ب‪:‬‬ ‫الحم��ام الزاجل ألنه س��اهم م��راراً بنقل‬ ‫الرس��ائل بي��ن المعتقلي��ن والمعتقالت‪،‬‬ ‫ب��اب المزدوج��ة‪ ،‬كان��ت المعتق�لات‬ ‫نائم��ات س��اعتها‪ ،‬قال للين��ا أن تطلع إلى‬ ‫س��قف المزدوجة ث��م أقفل الب��اب‪ .‬كانت‬ ‫س��قيفة المزدوج��ة المنخفض��ة تط��ل‬ ‫بفتحة ضيقة من الش��بك المعدني على‬ ‫كوريدور الس��جن‪ .‬حين انطلقت لينا من‬ ‫فورها لتتس��لق القضبان الحديدية لباب‬ ‫المزدوجة إلى فوق كان السجان قد انتظر‬ ‫فراغ الس��جن م��ن الس��جانين والدوريات‬ ‫وأخرج عدنان زوجها إل��ى الكوريدور من‬ ‫المنف��ردة التي قضى أش��هراً فيها‪ .‬فجأة‬ ‫س��ترى لين��ا عدن��ان قبالتها بعد ش��هور‬ ‫طويل��ة دون لق��اء كان��ت صدم��ة كبيرة‪.‬‬ ‫الصبايا في المزدوجة صعدن بمعظمهن‬ ‫إلى الس��قيفة وصرن يحادث��ن رفيقهن‪،‬‬ ‫فيم��ا لين��ا تس��مرت دون أن تس��تطيع‬ ‫ال��كالم‪ ،‬وال هو تكلم معه��ا‪ ،‬وحده صوت‬ ‫بثينة كان الش��اهد والواصل بينهما وهو‬ ‫يص��دح بأغني��ة فيروزي��ة رقيقة‪ :‬لش��و‬ ‫الحكي طالل علينا قمر‪.‬‬ ‫ربم��ا كان الفت��ًا أن تن��ده الدواخ��ل‬ ‫اإلنس��انية في قلب السجان‪ ،‬أن تستيقظ‬ ‫ف��ي تلك العتمة‪ ،‬وأن يك��ون صوت بثينة‬ ‫الفيروزي الش��اهد والمؤرخ على لحظات‬ ‫الس��جن القاس��ية حي��ن يرم��ى معتق��ل‬ ‫مدمى م��ن التعذيب ف��ي زنزانته‪ ،‬وعلى‬ ‫اللحظات الجميلة كتلك اللحظة‪.‬‬

‫ صباح سندويشات اللبنة‪.‬‬‫ صباح كوي الصدرية‪.‬‬‫هك��ذا كنا نلقي تحي��ة الصباح على‬ ‫بعضن��ا‪ .‬صباحات محمل��ة برائحة الحنين‬ ‫واألطفال‪ .‬كنا س��بع أمهات من أصل اثنتا‬ ‫عش��رة معتقلة‪ .‬إحس��اس جارح بفقدان‬ ‫األطفال وش��عور بالذنب قاس‪ ،‬يتنازعك‬ ‫أم��ران‪ :‬إحساس��ك بقدس��ية األمومة من‬ ‫جهة‪ ،‬وقدس��ية عملك الحزب��ي من جهة‬ ‫أخ��رى‪ .‬ه��ل كان كل ذل��ك جدي��راً بترك‬ ‫أطفالنا لسنوات يتامى خارجًا؟ كان هناك‬ ‫رفيق��ات مضى على اعتقاله��ن أكثر من‬ ‫ثالث سنوات دون أن يرين أطفالهن!‬ ‫كانت ابنتي ن��وارة تأتيني في المنام‬ ‫دوماً مش��عثة الش��عر ممزقة الثياب باكية‬ ‫تسألني‪ :‬لماذا تركتيني؟ كانت في الرابعة‬ ‫م��ن عمرها حين اعتقل��ت‪ ،‬وعندما خرجت‬ ‫بعد أكثر من ثالث سنوات كانت قد تجاوزت‬ ‫الس��ابعة وأضحت فتاة مغايرة تمامًا‪ .‬ظلت‬ ‫لش��هور ترافقني حتى حي��ن أدخل الحمام‬ ‫مخاف��ة أن أتركها مج��دداً‪ ،‬وإذا طالت فترة‬ ‫دخولي الحمام تدق علي ألخرج‪.‬‬

‫من ذاكرة العتمة ‪. .‬‬

‫يتابع القفل بنظره دون أن يراني‪ ..‬كانت‬ ‫لحظ��ات رائع��ة أن أس��تطيع رؤيت��ه ولو‬ ‫دقائق كل يوم ودون أن يراني‪.‬‬ ‫أعتقد أني قضيت الس��جن بش��كل‬ ‫أقل إيالم��اً من بقية رفيقاتي‪ ،‬ألني كنت‬ ‫غنية عاطفية بس��بب إحساسي بوجوده‪،‬‬ ‫ول��و باعدتنا الج��دران الباردة والس��جانة‬ ‫والقضبان‪.‬‬

‫�أمهات يف املعتقل‬

‫هناك‪ .‬كن��ت أعاني من مش��كلة الصرير‬ ‫الليلي‪ ،‬يحتك ف��كاي ببعضهما مصدرين‬ ‫صوت��ًا يمنع من قربي من النوم‪ ،‬وكنت ال‬ ‫أستطيع الثبات على وضعية النوم نفسها‬ ‫طيل��ة اللي��ل‪ ..‬إذاً؟! ستس��تميت الفتي��ات‬ ‫كي ال تن��ام أية واحدة منه��ن قربي‪ ،‬كن‬ ‫يتناوب��ن عل��ى ذل��ك وويل للتي س��يأتي‬ ‫دوره��ا‪ .‬ع�لاوة عل��ى ذلك كن��ت أرفض‬ ‫تن��اول الفوس��تان الذي ق��د يريحني‪ .‬لم‬ ‫أكن ق��ادرة عل��ى الم��وت أكثر م��ن ذلك‬ ‫الموت‪" .‬‬ ‫ستمر سنة ونصف قبل أن نستطيع‬ ‫اس��تعمال أي أداة م��ن أدوات النس��اء‪.‬‬ ‫ألن الم��رأة س��تظل امرأة حت��ى لو قضت‬ ‫سنوات تحت األرض دون شمس أو هواء‪.‬‬ ‫وألننا كنا صغيرات‪ ،‬تت��راوح أعمارنا بين‬ ‫الخامسة والعشرين والخامسة والثالثين‪،‬‬ ‫فق��د كن��ا نت��وق إل��ى تل��ك األدوات‪ .‬كنا‬ ‫نوص��ي أختي وق��ت الزي��ارات المتباعدة‬ ‫المسموح بها على علب كبيرة من العلك‪،‬‬ ‫وننزع شعر أقدامنا وتحت إبطنا بمضغات‬ ‫العلك المعلوك‪ .‬بعد فترة استطعنا إدخال‬ ‫عقيدة السكر لنزع الشعر بها‪.‬‬ ‫بعد س��نة وعدة أش��هر من اعتقالي‬ ‫استطاعت أختي أيضًا تهريب ملقط شعر‬ ‫وم��رآة صغيرة إلى الداخ��ل مع األغراض‬ ‫األخ��رى‪ .‬اس��تطعنا بذلك أن نزيل ش��عر‬ ‫حواجبنا الذي تُرك طوي ًال دون تشذيب‪..‬‬

‫وبس��بب من أن إدارة الس��جن كانت‬ ‫تق��وم بتوزي��ع المح��ارم النس��ائية فقد‬ ‫حررنا ذلك من ع��بء مادي إضافي‪ ،‬على‬ ‫الرغم م��ن أن المحارم كانت تتأخر أحيانًا‬ ‫كثيرة‪ ،‬والسجان يأتي من أول الكوريدور‬ ‫وه��و يصيح‪ :‬جبتلكون المحارم‪ ..‬إي ش��و‬ ‫بتاكلوه��ون! هذا يعني أن يعرف كل من‬ ‫في الفرع أن إح��دى معتقالت المزدوجات‬ ‫أتتها الدورة الشهرية‪.‬‬ ‫كنا نتس��اءل مازحات قبل أن نخرج‪،‬‬ ‫هل من المعقول أنن��ا أضحينا مجنونات!‬ ‫ألنن��ا ل��ن نكتش��ف جنوننا طالم��ا نعاني‬ ‫من��ه جميعًا‪ .‬الجنون العام كان س��خريتنا‬ ‫الدائم��ة‪ ،‬وربم��ا خوفنا الدائ��م‪ .‬قد يكون‬ ‫ذل��ك بس��بب وج��ود رفيق��ات عانين من‬ ‫مش��اكل عصبية ش��ديدة ف��ي المعتقل‪.‬‬ ‫كان وضعه��ن ضاغط��ًا للغاي��ة وعل��ى‬ ‫الجميع‪.‬‬ ‫في المعتقل ليس��ت السياس��ة هي‬ ‫المس��ألة األه��م‪ ،‬رغم أن أي��ة واحدة منا‬ ‫نح��ن معتق�لات ح��زب العمل ل��م توافق‬ ‫أو توق��ع عل��ى تعه��د أو تخل��ي أو أي‬ ‫تن��ازل آخ��ر‪ ..‬لكن الس��ر كان في العيش‬ ‫المش��ترك (القس��ري) لمجموعة بش��رية‬ ‫تس��عى أن تخ��رج من هذا الس��جن بأقل‬ ‫األضرار اإلنس��انية الممكنة‪ ..‬وكان مجرد‬ ‫تحقيق ذلك إنجاز حقيقي‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫�أيال زي�سار‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫با�سم الأب‪ :‬ب�شار الأ�سد ال�سنوات الأوىل يف احلكم‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫هل يكبر بشار حتى يصبح زعيمًا جديراً‪ ،‬وينظر‬ ‫إلي��ه بتقدي��ر ويش��ع قوة وصالب��ة – لم يك��ن لوالده‬ ‫كذل��ك الكثير م��ن الجاذبي��ة الكاريزم��ا – أم أن فترة‬ ‫واليته س��تكون فص ً‬ ‫ال عابراً في تاريخ سوريا‪ ،‬وبذلك‬ ‫تحل نهاية الس�لالة األس��دية التي أسسها والده "وإن‬ ‫لم تكن بالض��رورة نهاية نظام البع��ث‪ ،‬وبكل تأكيد‬ ‫ليست نهاية الدولة الس��ورية" األيام ستقول كلمتها‪،‬‬ ‫بهذا التساؤل أنهى "أيال زيس��ار" الكاتب اإلسرائيلي‬ ‫كتابه "باس��م األب‪ :‬بشار األسد الس��نوات األولى في‬ ‫الحكم"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الي��وم وبعد أن بات واضحا أن بش��ار األس��د من‬ ‫مري��دي الماضي‪ ،‬وه��و في نفس الوقت أس��يرٌ بين‬ ‫يديه‪ ،‬وهو مشاركٌ نشط في الحفاظ على الماضي‪،‬‬ ‫وف��ي تخلي��ده‪ ،‬حتى أنه يمنح��ه قداس��ة‪ ..‬إن النظام‬ ‫الذي يمثله بش��ار‪ ،‬ليس عديم الق��درة على التطور‪،‬‬ ‫وإدخال التحديث والتغييرات واإلصالحات وحس��ب‪ ،‬بل‬ ‫بس��بب طبيعته هو ضد أي تغيير ه��و ضد أي تغيير‪،‬‬ ‫ويمقت كل فك��رة للتغيير واإلص�لاح‪ ،‬البد من قراءة‬ ‫ه��ذا الكت��اب لمعرف��ة بداي��ات النهاية لنظام األس��د‬ ‫االبن‪ .‬وكل ادعاءات اإلصالح للمراوغة‪ ،‬وهذا ويؤكده‬ ‫كارس��تين ويالن��د ف��ي كتاب��ه "س��وريا الرصاص أم‬ ‫االقتراع" بقوله‪" :‬إن األفعال تفقد قيمتها السياس��ية‪،‬‬ ‫عندما تنجز في اللحظة األخيرة‪ ،‬أو تحت الضغط"‪.‬‬ ‫والكت��اب باألص��ل باللغة العبري��ة ومترجم لدى‬ ‫مكتب��ة مدبول��ي العريق��ة في مص��ر إال أن ال��دار لم‬ ‫ً‬ ‫محاولة إسرائيلية‬ ‫توفق في تقديم الكتاب إذ اعتبرته‬ ‫للتأليب على دور الرئيس األسد اإلصالحي‪ ،‬كما نبهت‬ ‫ال��دار المذكورة لضرورة قراءة الكتاب بحذر ش��ديد إذ‬ ‫أن أغلب مواده توظف ضد سوريا‪ ،‬واليوم وبعد ثماني‬ ‫س��نواتٍ تقريب��اً على نش��ر الكتاب‪ ،‬نؤك��د أن تقديم‬ ‫الكتاب على النحو سابق الذكر يتنافى مع أدبيات الدار‬ ‫العريقة التي نش��رت أجرأ العناوين في مصر والعالم‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫ج��اء في مقدم��ة الكتاب أن وفاة حافظ األس��د‪،‬‬ ‫يوم الس��بت العاش��ر من حزيران‪/‬يوني��و ‪ ،2000‬في‬ ‫الس��بعين من عمره‪ ،‬ش��كلت نهاية حقب��ة في تاريخ‬ ‫س��وريا الحديث‪ ،‬وقد وصف األس��د من قبل كثيرين‪،‬‬ ‫وهم محقون في ذلك‪ ،‬على أنه األب المؤس��س لهذه‬ ‫الدولة‪ ،‬أو على األقل‪ ،‬الرئيس األكثر تأثيراً في حياتها‬ ‫منذ حظيت باس��تقاللها‪ ،‬إذ ت��رك أثره على الكثير من‬ ‫مجاالت الحياة إلى درجة أنه يمكن أن تقرن س��ورية‪،‬‬ ‫في عهده‪ ،‬به شخصيًا‪.‬‬ ‫وقد ش��غل مكان حافظ األس��د ابنه بش��ار‪ ،‬ولم‬ ‫تك��ن في هذا أي��ة مفاجأة‪ ،‬ذلك أنه وخالل الس��نوات‬ ‫األخيرة من حياته بذل األس��د األب كل ما في وس��عه‬ ‫م��ن أج��ل أن يتأك��د م��ن أن ابنه هو من س��يرته في‬ ‫كرس��يه‪ .‬وم��ع ذلك‪ ،‬فإن نقل الس��لطة م��ن األب إلى‬ ‫ابن��ه‪ ،‬ومهما كان سلس��ًا وبعيداً عن اله��زات‪ ،‬قد أثار‬ ‫الكثي��رون إلى أن طريق بش��ار باتجاه الس��لطة بدأت‬ ‫في الحادي والعشرين من كانون الثاني‪/‬يناير ‪،1994‬‬ ‫عقب وفاة شقيقه الكبير باسل في حادثة طرق‪ ،‬وقد‬ ‫كان باسل حتى وفاته االبن المختار‪ ،‬الذي أعد لتحمل‬ ‫األعباء الجسام‪.‬‬ ‫إذ كان اختيار بش��ار كوري��ث خيار الغفلة أو حتى‬ ‫ً‬ ‫وخاص��ة لجهة الس��يرة الش��خصية لبش��ار‬ ‫"حادث��ة"‬ ‫نفس��ه‪ ،‬والت��ي ترك��زت حتى تل��ك الفت��رة على طب‬ ‫العيون وليس على السياس��ة والعمل السياسي‪ ،‬لقد‬ ‫جاء صعود بشار إلى الس��لطة في الوقت الذي وقفت‬ ‫في��ه س��ورية عند نفت��رق ط��رق ‪ -‬إن لم نق��ل عند‬ ‫طريق مسدود ‪ -‬مقابل سلسلة من التحديات‪ ،‬بعضها‬ ‫وجودية‪ ،‬على صعيد السياس��ة الداخلية واالجتماعية‬

‫واالقتصادية‪ .‬وبطبيعة األمر‪ ،‬فقد وضع هذا الواقع‬ ‫عالمة اس��تفهام على قدرة نظام البعث الس��وري‪،‬‬ ‫من��ذ أن اس��تولى الحزب على الس��لطة ف��ي الثامن‬ ‫من آذار ‪ ،1963‬على االستمرار والبقاء على صيغته‬ ‫الراهن��ة‪ ،‬وكذل��ك ف��ي الح��دّ األدن��ى‪ ،‬عل��ى قدرة‬ ‫الس�لالة األس��دية‪ ،‬الت��ي حكمت الدول��ة على مدى‬ ‫العقود الثالثة األخيرة‪ ،‬على البقاء واالس��تمرار في‬ ‫الحكم‪ ،‬وذلك بعد أن رحل مؤسس الساللة‪.‬‬ ‫أت��ى الكت��اب في ثالثة أقس��ام‪ ،‬وتح��ت عنوان‬ ‫"س��وريا بقي��ادة بش��ار" أت��ت الفص��ول األولى عن‬ ‫قضي��ة الوراث��ة‪ ،‬والقف��ز إلى القمة‪ ،‬ثم االس��تيالء‬ ‫على الس��لطة‪ ،‬فبشار األس��د‪ ،‬طبيب العيون الشاب‬ ‫من دمش��ق‪ ،‬والذي كان يعم��ل على اختصاصه في‬ ‫مستش��فى طب العيون "ويس��تر مون" ف��ي لندن‪،‬‬ ‫كان م��ن الممك��ن أن يكون يوم مقتل أخيه باس��ل‬ ‫في حادث��ة الطريق‪ ،‬مثل أي يوم عادي‪ ،‬إال أن طلب‬ ‫إلي��ه ترك لن��دن ومغادرتها إلى دمش��ق على جناح‬ ‫الس��رعة‪ ..‬يقول الدكت��ور "ادموند ش��ولبنرغ" عن‬ ‫بش��ار ذلك الي��وم "إن وجهه كان كالكت��اب المغلق‪،‬‬ ‫وتص��رف بضب��ط كبي��ر للنف��س ول��م يظه��ر أي‬ ‫تعبير عن مشاعره وأحاسيس��ه"‪ .‬وفي نهايات عقد‬ ‫التس��عينات م��ن القرن الماض��ي بدأ وال��ده بمنحه‬ ‫صالحيات س��لطوية وكش��فه أكثر فأكثر لوس��ائل‬ ‫اإلعالم وأن اس��تمر على إحجامه ع��ن اإلعالن عنه‬ ‫كوريث‪ ..‬وقد ّ‬ ‫ركز األس��د األب وأبن��ه جهودهما في‬ ‫مجال العالقات الخارجية‪.‬‬ ‫يب��دو أن األس��د قرر ف��ي الش��هور األخيرة من‬ ‫حياته تسريع الخطوات استعداداً للتتويج ابنه‪ ،‬فقد‬ ‫دف��ع باتجاه أو واف��ق على طرد ثلة من الش��خصيات‬ ‫الكبيرة من النخبة السياس��ية والعس��كرية واألمنية‪،‬‬ ‫الت��ي كان م��ن المحتم��ل أن تعل��ن تحديه��ا لمكان��ة‬ ‫االب��ن‪ ،‬باإلضاف��ة لذلك ق��رر عقد المؤتم��ر القطري‬ ‫لح��زب البعث ف��ي ‪ 17‬حزيران ‪ ،2000‬وق��د حدد عقد‬ ‫المؤتم��ر من أجل الموافقة على تعيين بش��ار عضواً‬ ‫ف��ي المؤسس��ات القيادية للح��زب‪ .‬وربما أيض��اً نائبًا‬ ‫للرئي��س إال أن األس��د توف��ي قبل عش��رة أي��ام من‬ ‫المؤتمر المذكور‪.‬‬ ‫في القس��م الثان��ي وتحت عنوان "أم��ل لطريق‬ ‫جديد"‪ :‬يتتبع المؤلف س��يرة بش��ار ورغبته في إدخال‬ ‫التغي��رات االجتماعية واالقتصادية في س��وريا ويقف‬ ‫عند خطواته اإلصالحية في مجاالت الثقافة واإلعالم‬ ‫والحاس��وب والمعلوماتي��ة‪ ..‬كم��ا ّ‬ ‫رك��ز عل��ى التحدي‬ ‫االقتص��ادي أيام حكمه األولى المتمثلة بضعف البنية‬ ‫التحتية وش��بكة الخدمات االجتماعية‪ ،‬والنمو السلبي‬ ‫لالقتصاد‪ ،‬والهجرة المتسارعة من الريف إلى المدينة‬ ‫والبطالة المستشرية‪.‬‬ ‫وتح��ت عن��وان التس��عينات ضربة ح��ظ يفصل‬ ‫الكات��ب المش��اكل العضوي��ة لالقتص��اد الس��وري‪،‬‬ ‫وتفاقمها في عهد بشار وسياسة االنفتاح االقتصادي‬ ‫دون السياس��ي والتي أودت بالب�لاد إلى حافة الهاوية‬ ‫اقتصاديًا‪.‬‬ ‫"يمك��ن االفت��راض أن كب��ار الموظفي��ن وق��ادة‬ ‫الجيش يمتلك��ون مصادر دخل أخ��رى قانونية وغير‬ ‫قانوني��ة أمن��ت له��م الحي��اة الكريمة‪ ،‬لك��ن جمهور‬ ‫العاملين في س��وريا من الحاجب في ال��وزارة‪ ،‬مروراً‬ ‫بالموظ��ف الصغي��ر وحت��ى المدي��ر الع��ام مصنفون‬ ‫ضم��ن طبقة الكادحين الذي��ن يتقاضون راتب الجوع‬ ‫وبالكاد يؤمنون خبزهم"‪.‬‬ ‫القس��م الثالث أتى بعنوان "السياس��ة الخارجية‬ ‫ف��ي عهد بش��ار" ويقس��م الكات��ب س��لوك الخارجية‬

‫السورية في سنوات بشار األولى إلى قسمين ما قبل‬ ‫سقوط بغداد وما بعده‪ ،‬فبعد سقوط بغداد أخذ األسد‬ ‫الخيارات التالية بحسب الكاتب‪:‬‬ ‫‪ .1‬الوق��وف ف��ي المعس��كر المع��ارض للح��رب‬ ‫وحس��ب االدعاءات األميركية ش��مل الدعم الس��وري‬ ‫إرس��ال متطوعين إلى الع��راق واغم��اض العين عن‬ ‫تهريب األسلحة عبر أراضيها‪.‬‬ ‫‪ .2‬أن السياس��ة الس��ورية دفعت واش��نطن إلى‬ ‫اتخ��اذ لغة تتس��م بالتهدي��د تجاه دمش��ق‪ ..‬لكن من‬ ‫الواضح أن واش��نطن لم تغلق الباب أمام دمش��ق إذا‬ ‫م��ا أرادت األخيرة تغييّر سياس��تها وإرض��اء الواليات‬ ‫المتحدة‪..‬‬ ‫‪ .3‬لقد وض��ع وجود القوات األميركية في العراق‬ ‫واق��ع اس��تراتيجي معّقد ألزم دمش��ق‬ ‫س��وريا أم��ام‬ ‫ٍ‬ ‫بحذر ش��ديد أكثر مما كان عليه الحال في‬ ‫بالتصّرف ٍ‬ ‫الماضي تجاه الواليات المتحدة‪..‬‬ ‫في المحصلة لم ينجح بش��ار في الحصول على‬ ‫ثق��ة مواطني��ه‪ ،‬وعالمات االس��تفهام ال زال��ت تحوم‬ ‫فوق قضية أهليته لحكم س��وريا‪ ،‬يع��زز هذا الوضع‬ ‫عزلته ف��ي القيادة‪ ،‬وغي��اب برنامج العم��ل والرؤية‪،‬‬ ‫وهما الصفتان اللتان أبقتاه على الكرسي دون قناعة‬ ‫حقيقية من مواطنيه‪.‬‬ ‫ومهم��ا يكن من أمر فإنه من المهم أن نوضح أن‬ ‫نظرة الش��ارع السوري والس��احة السياسية السورية‬ ‫لبش��ار بقي��ت على حالها كم��ا كانت ف��ي اليوم األول‬ ‫لصعوده إلى الس��لطة‪ ،‬عندها أجاب الس��وريون على‬ ‫الس��ؤال لماذا أصبح بش��ار رئيس��ًا بالكلم��ات "ما في‬ ‫غي��رو" وهو تعبيرٌ ع��ن حقيقة أن صعود بش��ار إلى‬ ‫الس��لطة كان خي��ار الفش��ل وال��ذي ل��م يك��ن هناك‬ ‫مناص من قبوله من أجل المحافظة على االس��تقرار‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫بعد ستة أعوام على نشر الكتاب نبذ أطفال درعا‬ ‫خيار الفشل‪..‬‬

‫الأزمة ال�سيا�سية بعد معاهدة ‪1936‬‬ ‫بالل سالمة‬

‫حبر ناشف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫المتح��دة)‪ ،‬وكانوا يرون أن ه��ذه المعاهدة‬ ‫بعي��دة ع��ن تحقي��ق األمان��ي القومية وال‬ ‫تحق��ق االس��تقالل‪ ،‬وق��د رد عليهم فارس‬ ‫الخ��وري ف��ي خط��اب عل��ى م��درج جامعة‬ ‫دمش��ق‪ ،‬ومما قاله في الخطاب‪" :‬ليس في‬ ‫المعاه��دة الت��ي كتب��ت بدماء الش��هداء ما‬ ‫يمس استقالل س��ورية‪ ،‬معاهدتنا معاهدة‬ ‫الن��د للند وهي تؤيد اس��تقاللنا االقتصادي‬ ‫والسياس��ي وحري��ة التعاقد م��ع الحكومات‬ ‫العربية األجنبية"‪.‬‬ ‫والجدي��ر بالذكر أن الحزب الش��يوعي‬ ‫الس��وري ق��ال ف��ي المعاه��دة‪" :‬لق��د أحرز‬ ‫الش��عب انتصاراً وطنيًا كبيراً في عقد هذه‬ ‫المعاهدة‪ ،‬وحقق الش��عب مطالبه الوطنية‬ ‫الكب��رى مثل ض��م جبل ال��دروز والعلويين‬ ‫إل��ى أمهم��ا س��وريا"‪ .‬ه��ذا باإلضاف��ة إلى‬ ‫الشعب السوري برمته الذي خرج عن بكرة‬ ‫أبيه مهل ًال فرحًا بالمعاهدة‪.‬‬ ‫بع��د توقي��ع المعاه��دة وع��ودة الوفد‬ ‫المف��اوض‪ ،‬ج��رت االنتخاب��ات كم��ا س��بق‬ ‫ذكره‪ ،‬واستُبعد الشهبندر عن الوزارة التي‬ ‫كان يتحرق ليكون فيها‪ ،‬مما زاد في توجيه‬ ‫نيران نقده للمعاهدة على صفحات الجرائد‬ ‫القاهرية‪ .‬ولما عاد الش��هبندر إلى دمش��ق‬ ‫بدأ بتحريض أتباعه الش��هبندريين للقيام‬ ‫بمظاهرات االحتجاج‪.‬‬ ‫في الوقت ال��ذي تعرضت له الحكومة‬ ‫المردمية والحكم الكتلوي الوطني لهجمات‬ ‫المعارضة الداخلي��ة‪ ،‬كانت الدوائر اليمينية‬ ‫الفرنس��ية تح��اول الرج��وع ع��ن المعاهدة‬ ‫والتملص منها‪ ،‬والتس��ويف في المصادقة‬ ‫عليه��ا‪ .‬ول��م يب��ق مؤي��داً لتوقيعه��ا إال‬ ‫أقصى اليس��ار الفرنس��ي‪ .‬ومع تأخر توقيع‬ ‫المعاه��دة ازداد نش��اط المعارضين للحكم‬ ‫الوطني الكتلوي وانقسم الشعب إلى ثالثة‬ ‫أقسام‪ ،‬األول‪ :‬الرجعية الداخلية الراغبة في‬ ‫بقاء الحكم اإلمبريالي الفرنس��ي المباش��ر‬ ‫للحفاظ عل��ى مواقعه��ا‪ .‬الثان��ي‪ :‬العناصر‬ ‫الوطني��ة الش��ابة‪ .‬الثال��ث‪ :‬الش��هبندريون‬ ‫الذي��ن كان��وا يتمن��ون المعاه��دة ولما تم‬ ‫التوقيع عليها انقلبوا معترضين عليها‪.‬‬ ‫تعرض��ت حكوم��ة جمي��ل م��ردم بك‬ ‫لالنتق��اد‪ ،‬وب��دأ أعداء البالد من فرنس��يين‬ ‫وإنكلي��ز (الذين دعم��وا المعارض��ة لعلهم‬ ‫يح ّلون محل فرنس��ا في س��وريا) بالهجوم‬

‫عل��ى الحكوم��ة واتهامه��ا بالتقصي��ر‪ ،‬كما‬ ‫دبّ الخ�لاف داخل الكتل��ة الوطنية‪ ،‬ووضع‬ ‫رئيس الجمهورية هاشم األتاسي العراقيل‬ ‫في وجهه��ا‪ ،‬وبدأت الثقة بالحكومة تضعف‬ ‫بع��د توقي��ع م��ردم ب��ك اتفاقي��ة تجدي��د‬ ‫امتي��از البن��ك الس��وري ومن��ح الش��ركات‬ ‫الفرنس��ية حق اس��تثمار البترول الس��وري‬ ‫والتنقي��ب عن��ه‪ ،‬وس��ميت ه��ذه المعاهدة‬ ‫"بون��ه ـ مردم بك" (وبون��ه هو جورج بونه‬ ‫وكي��ل وزارة الخارجي��ة الفرنس��ية)‪ .‬أثارت‬ ‫ه��ذه االتفاقية الكثير من التس��اؤل واتهم‬ ‫جمي��ل ب��ك بالتس��اهل م��ع الفرنس��يين‪،‬‬ ‫وتعرضت الحكومة إلى انتقاد شديد وقامت‬ ‫المظاهرات الطالبية في أنحاء س��وريا مما‬ ‫دفع جميل بك الس��تقالة وزارته المش��كلة‬ ‫من أقط��اب الزعام��ة النضالية ف��ي البالد‪:‬‬ ‫جمي��ل مردم بك رئيس��اً ووزي��راً لالقتصاد‬ ‫ـ س��عد اهلل الجاب��ري للداخلي��ة والش��ؤون‬ ‫الخارجية ـ ش��كري القوتلي للمالية والدفاع‬ ‫ـ عب��د الرحمن الكيالي للعدلي��ة والمعارف‪.‬‬ ‫وكان على مردم بك أن يثبت للمأل أنه ليس‬ ‫في سوريا رجال يقبلون التفاهم مع فرنسا‬ ‫على األس��س التي حضر المفوض السامي‬ ‫لتنفيذه��ا‪ ،‬أي تعدي��ل المعاه��دة‪ ،‬أو ما رآه‬ ‫المف��وض الس��امي م��ن حيث تغيي��ر بنود‬ ‫المعاه��دة لتحقيق الغاي��ة التي هي اإلبقاء‬ ‫على الوجود العسكري الفرنسي‪.‬‬ ‫وق��د طل��ب المف��وض الس��امي م��ن‬ ‫جميل بك أن يس��تقيل من الحكم‪ ،‬ألنه لن‬ ‫يكون هناك تفاهم أو انس��جام بين سلوك‬ ‫الحكوم��ة وبين السياس��ة الت��ي أعلن عنها‬ ‫المفوض الس��امي‪ .‬وعلى أثر استقالة هذه‬ ‫الحكومة اجتمع مجلس الكتلة الوطنية في‬ ‫‪ 20‬آذار ‪ 1939‬وأيد كتاب اس��تقالة الحكومة‬ ‫واعتب��ر "األزمة القائمة اآلن أزمة سياس��ة‬ ‫قومية"‪ ،‬واتخذ قراراً هاماً كان نقطة تحول‬ ‫في سياس��ة الكتلة الوطني��ة كمجموع إزاء‬ ‫االنت��داب‪ ،‬أعلن في��ه "عدم جواز اس��تمرار‬ ‫الكتل��ة الوطني��ة في الحكم ال��ذي يجب أن‬ ‫يق��وم على أس��اس تنفيذ معاه��دة ‪1936‬‬ ‫ودع��ا إلى ع��دم تأييد أية حكوم��ة ال تقوم‬ ‫على هذا األس��اس‪ .‬كما دعا الشعب لتوحيد‬ ‫صفوفه"‪.‬‬ ‫تفاقم��ت األزم��ة ف��ي آذار إل��ى درجة‬ ‫أن هاشم األتاس��ي رئيس الكتلة كلف في‬

‫‪ 5‬نيس��ان ‪ 1939‬نص��وح البخ��اري بتألي��ف‬ ‫ال��وزارة وضم��ت خال��د بك العظم وحس��ن‬ ‫الحكي��م وس��ليم جنبرت‪ ،‬ول��م تصمد هذه‬ ‫الوزارة طوي ًال واستقالت في ‪ 5‬أيار ‪.1939‬‬ ‫ب��دأت الس��لطات الفرنس��ية تحي��ك‬ ‫المؤام��رات وتش��ن الهج��وم عل��ى رئي��س‬ ‫الجمهوري��ة والمجل��س النيابي‪ ،‬وس��رعان‬ ‫م��ا أص��در المفوض الس��امي ف��ي ‪ 8‬تموز‬ ‫‪ 1939‬ق��رار رقم ‪ 144‬أوقف بموجبه العمل‬ ‫بالدس��تور وحل المجلس النيابي‪ ،‬وانتقلت‬ ‫س��وريا إلى الحكم االس��تعماري المباش��ر‪،‬‬ ‫في الوقت الذي كانت غيوم الحرب العالمية‬ ‫الثانية تتلبد في س��ماء العالم منذرة بحرب‬ ‫ضروس‪ .‬وأص��در المفوض الس��امي قراراً‬ ‫بإقالة رئيس الجمهورية جاء فيه ما يلي‪:‬‬ ‫"‪ - 1‬يوق��ف مؤقت��اً تطبيق الدس��تور‬ ‫الس��وري فيم��ا يتعل��ق بتنظي��م الس��لطة‬ ‫التنفيذي��ة والتش��ريعية‪ 2 .‬ـ يح��ل مجلس‬ ‫الن��واب ويح��دد فيما بعد تاري��خ االنتخابات‬ ‫الجديدة‪3 .‬ـ يعهد بتأمين السلطة التنفيذية‬ ‫تحت مراقبة المفوض السامي إلى مجلس‬ ‫يؤلف من مديري المصالح العامة برئاس��ة‬ ‫مدي��ر الداخلي��ة"‪ ،‬وبذلك تش��كلت حكومة‬ ‫المديري��ن برئاس��ة بهي��ج الخطي��ب مدير‬ ‫الداخلي��ة وح��ل مجل��س المديري��ن مح��ل‬ ‫مجلس الوزراء‪.‬‬ ‫وبهي��ج الخطيب هو م��ن أصل لبناني‬ ‫مس��لم س��ني غير متعصب عارف بالرجال‬ ‫خبي��ر بجميع المناط��ق الس��ورية‪ ،‬وبحكم‬ ‫انتمائ��ه إلى الماس��ونية فإن ل��ه صالت مع‬ ‫مختل��ف رج��ال األح��زاب إل��ى جان��ب كونه‬ ‫م��ن رج��ال االنت��داب وق��د أعل��ن الدكت��ور‬ ‫عب��د الرحم��ن الش��هبندر تأيي��ده للخطيب‬ ‫ل��دى مقابلته له‪ .‬وهكذا فق��د كان مجلس‬ ‫المديرين في دمشق يعالج األمور اليومية‪،‬‬ ‫وكانت قراراته ترسل إلى المندوب السامي‬ ‫الذي يواف��ق أو ال يوافق عليها‪ .‬وهكذا نجد‬ ‫أن س��وريا صارت تحكم في ه��ذه المرحلة‬ ‫من قبل رجال م��ن ورق‪ ،‬تنفذ وال يحق لها‬ ‫أن تعت��رض‪ .‬وخ�لال حكم ه��ذه الحكومة‬ ‫قامت بمنع النش��اط السياس��ي وعاد نفوذ‬ ‫المستش��ارين واعتقل وطنيون وصحفيون‬ ‫وفت��ح منف��ى أرواد م��ن جدي��د وارتفع��ت‬ ‫األسعار ارتفاعاً حاداً وساد التذمر بين أفراد‬ ‫الشعب‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫صادق المجلس النيابي في ‪ 22‬كانون‬ ‫األول م��ن عام ‪ 1936‬على معاهدة التحالف‬ ‫والصداق��ة م��ع فرنس��ا وأبرم��ت بنوده��ا‬ ‫بقانون تم نشره في السابع والعشرين من‬ ‫ذات الش��هر‪ .‬وأصدر المندوب السامي عفواً‬ ‫عاماً عن المساجين والمبعدين السياسيين‪،‬‬ ‫وع��اد إل��ى الب�لاد الدكت��ور عب��د الرحم��ن‬ ‫الشهبندر وس��لطان باشا األطرش وإحسان‬ ‫الجابري وغيرهم‪.‬‬ ‫يق��ول الدكت��ور نجي��ب األرمنازي في‬ ‫كتابه (س��ورية من االحتالل حت��ى الجالء)‪:‬‬ ‫"تقب��ل الش��عب الس��وري ه��ذه المعاه��دة‬ ‫بقب��ول حس��ن‪ ،‬وأعرب ع��ن ثقت��ه بالذين‬ ‫ٍ‬ ‫عقدوها‪ ،‬بتأيي��ده المطلق ف��ي االنتخابات‬ ‫الت��ي جرت عل��ى أثرها‪ .‬فحم��ل رجالها إلى‬ ‫الحكم راضيًا مختاراً فرحًا مس��روراً‪ ،‬وأنشأ‬ ‫بذل��ك الجمهوري��ة الجدي��دة‪( :‬جمهوري��ة‬ ‫المعاهدة) التي تتمتع بمزايا ال يستهان بها‬ ‫من الحرية واالستقالل"‪.‬‬ ‫عل��ى الرغم من الفوز الس��احق الذي‬ ‫حققته الكتلة الوطنية والذي أدى إلى تربّع‬ ‫قادتها على جميع كراس��ي الس��لطة‪ ،‬حاول‬ ‫المعارضون للكتل��ة تنظيم صفوفهم على‬ ‫شكل هيئات ش��عبية على أنقاض جمعيات‬ ‫وأح��زاب س��ابقة‪ ،‬وكان أبرز ه��ذه الهيئات‬ ‫(الهيئة الش��عبية) التي ترأسها الدكتور عبد‬ ‫الرحمن الش��هبندر واشترك معه بعض من‬ ‫انشق عن الكتلة أمثال زكي الخطيب ومنير‬ ‫العجالني‪ .‬وألقى الشهبندر في مقر الكتلة‬ ‫الوطنية بدمش��ق ف��ي ‪ 15‬حزي��ران ‪1937‬‬ ‫خطابًا هاجم فيه الكتلة بقوله‪" :‬إنني أرمي‬ ‫إل��ى توحيد الصف��وف‪ ،‬وال أري��د أحزاباً وال‬ ‫أعنى بالشخصيات"‪ ،‬ففهم رجال الكتلة أنه‬ ‫ش��نَ منير‬ ‫يع�� ِّرض بالكتلة وقادتها‪ .‬كذلك ّ‬ ‫العجالن��ي هجوم��اً على الكتل��ة وحكومتها‬ ‫ومعاهدتها‪.‬‬ ‫كما قام الشهبندربوضع كتاب بعنوان‬ ‫(القضاي��ا االجتماعي��ة الكبرى ف��ي العالم‬ ‫العرب��ي) وه��و مجموعة مق��االت رأى فيها‬ ‫حاج��ة الب�لاد الضروري��ة إل��ى التجان��س‪،‬‬ ‫وأن حكوم��ة النخبة هي الس��بب في طحن‬ ‫الجماهي��ر العربي��ة وجعله��ا متجانس��ة‪،‬‬ ‫وي��رى أنه من الخطأ الوه��م بإمكان تأليف‬ ‫حكوم��ة عربية مركزية ديمقراطية‪ ،‬ويؤيد‬ ‫إقام��ة حل��ف عرب��ي‪ ،‬ويطال��ب باالتحاد مع‬ ‫الع��راق‪ .‬ول��م يُلق الش��هبندر ض��وءاً على‬ ‫العام��ل الدين��ي‪ ،‬فق��د طغ��ى عل��ى ذل��ك‬ ‫إيمان��ه بالقومي��ة القائم��ة عل��ى مرتك��ز‬ ‫البقعة األرضية المتجانس��ة ووحدة النسب‬ ‫والتقالي��د العام��ة‪ .‬وطالب بمس��اواة المرأة‬ ‫مع الرجل‪ ،‬وحمل حملة ش��ديدة على حجاب‬ ‫المرأة‪ ،‬وكانت زوجته في مقدمة من رفعوا‬ ‫الحج��اب ف��ي دمش��ق‪ .‬ورد في كت��اب (عبد‬ ‫الرحمن الش��هبندر) للدكت��ور عبد اهلل حنا‪:‬‬ ‫"ل��م يكن الدكت��ور عبد الرحمن الش��هبندر‬ ‫في عداد الوفد السوري المفاوض في باريز‬ ‫حي��ث كان مبع��داً ومحكوماً علي��ه باإلعدام‬ ‫من��ذ ث��ورة ‪ .1925‬م��ن هنا تعمق��ت جذور‬ ‫الخالف بين��ه وبي��ن الكتلة الوطني��ة‪ ،‬فقد‬ ‫كان يعتبر نفس��ه أَوْلى من الجميع بترؤس‬ ‫الوفد الس��وري المفاوض في باريز"‪ ،‬علمًا‬ ‫بأن وفد الكتلة في باريز كان دائم االتصال‬ ‫به عن طريق فارس الخوري‪.‬‬ ‫إل��ى جان��ب الش��هبندر كان م��ن‬ ‫المعارضين زكي الخطيب ومنير العجالني‪،‬‬ ‫وق��د س��موا أنفس��هم (الجبه��ة الوطني��ة‬

‫‪21‬‬

‫ال�سمه رنني‪ ..‬حل�ضوره رنني ل�صمته رنني ولغيابه رنني‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫عام‪ ..‬وعام‬ ‫ُع َم ْر‪ ..‬بعد ٍ‬ ‫عندما تراني أمشي مُسرعًا أو مُبطئًا‬ ‫ثمَ أضحكُ فجأة‪ .‬ثم أصمُتُ وأهزُّ رأسي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أك��ون‪ ..‬أتكل��مُ م��ع عُمَ��رْ‪ ..‬أراه‬ ‫ُ‬ ‫وأسمعُه‪.‬‬ ‫يكون هو من يتكلم اآلن فأضحك‪.‬‬ ‫يكون عُمر قد اكتش��ف بع��داً آخر في‬ ‫األش��ياء هَ��زَّ س�� ْل َطتَها وهزَّأه��ا فبَدَتْ‬ ‫مُضحكة‪.‬‬ ‫الضحك مع عمر متع��ة‪ُ .‬‬ ‫متعة حقيقةٍ‬ ‫جديدة ْ‬ ‫تُدَغ ُ‬ ‫دِغك فتضحك‪.‬‬

‫يَدخل الكواج الف��رن‪ .‬تأتي الكهرباء‪..‬‬ ‫فيلعلع الصحاف‪.‬‬ ‫يَتَنَحَى‬ ‫منذ ذلك اليوم صار أبو النور‬ ‫ّ‬ ‫بحب‬ ‫ع��ن الس��لطة ُكلما جئن��اه‪ ..‬فيبتس��م ٍ‬ ‫لعمر ويش��ير إلى البالط الممسوح واألواني‬ ‫المَجليّة والسكاكين النظيفة‪.‬‬ ‫اكتس��ح النبأ القرية‪ .‬يمرّ نبي الكواج‬ ‫في السوق فيتفرج السوق ويرتعد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫دَخَ��ل عُمَرْ‬ ‫بعد انج��ازه المرحلة (أ)‬ ‫َ‬ ‫السَاسَ��ة‬ ‫المرحلة (ب)‪ ..‬وكان عاد ًال فعامل‬ ‫مثلما عامل اللحامين‪.‬‬

‫ُّ‬ ‫يُطِ��ل‬ ‫ي��رن الج��رس فيفت��ح عم��ر‪..‬‬ ‫بابتسامته العميقة‪ " .‬أه ًال"‬ ‫ثم��ة م��ن يرمي��ك ب"أه�ل ًا " خاطف��ة‬ ‫رنان��ة‪ ..‬تُرَحِ��بُ وتُرسِ��ل ف��ي آنٍ أنها ال‬ ‫تنتظرك‪.‬‬ ‫وثمة م��ن يفتح لك "أه�ل ًا" ثم يخطو‬ ‫نحوك ليسدَّ الباب‪.‬‬ ‫تلك ُلغة الجَسَدِ ونوتاتُه‪ .‬مُتَعَدِدَ ُة‬ ‫الرسائل‪.‬‬ ‫حي��ن يَفتح عُم��ر الب��اب‪ .‬يتنحى عنه‬ ‫فوراً‪ .‬يكش��ف الداخ��ل ويقدمهُ ل��ك‪ .‬ويبدأ‬ ‫اللعب الجمي��ل‪ .‬ينفخ ص��دره ويرفع كتفيه‬ ‫العريضي��ن ويس��تجمع العُ��رَبَ فينط��ق‬ ‫الهوى من الصدر والرئة والجمجمة والحَ ْلقْ‬ ‫أحهالاااااااااان ْن"‪.‬‬ ‫"‬ ‫ّْ‬ ‫س��وف تجلس عل��ى الدي��وان العربي‬ ‫ويجلس مقابلك ينظر في عينيك ويضحك‬ ‫كأنما بال إرادة " هههه ههه"‪.‬‬ ‫ف��ي الس��ينما أو السياس��ة‪ ..‬يخش��ى‬ ‫َ‬ ‫يُرْسِ��ل إش��ارتٍ توح��ي بالتواطؤ‬ ‫عمر أن‬ ‫فيزمُ فمه‪ .‬يمس��ك ذقن��ه بكفه ويُبحر في‬ ‫ّ‬ ‫االستماع‪ ..‬في رسالة مفتوحة على الجدل‪..‬‬ ‫تدعو للبحث والصداقة‪.‬‬

‫املنازلة الثانية "امل�ضافة"‪:‬‬

‫الباب‪:‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪22‬‬

‫أسامة محمد‬

‫ال�شارع‪:‬‬

‫يأتي متأخراً و ال يش��رح‪ .‬و‪ ..‬س��تعرف‬ ‫أن��ه جل��س مقاب��ل والدت��ه ك��ي ال تتناول‬ ‫الطعام وحي��دةً‪ .‬أو أنها أوقفت��ه على الدرج‬ ‫أموميّ خوفًا منهُ عليه‪.‬‬ ‫تحقيق‬ ‫في‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ي��رن هاتف��ي بع��د قلي��ل‬ ‫ولس��وفَ ُّ‬ ‫لتهمس لي‪ :‬هو معك؟‬ ‫في الش��ارع‪ .‬يخط��و واثقاً‪ ..‬ولس��وف‬ ‫يخط��ف نظ��ره إل��ى األعل��ى يتوق��ف فجأ ًة‬ ‫ويس��تمتع ب (الن��ون الفارس��ية وال��كاف‬ ‫الديوان��يّ و راء الرُقْعَة)‪" .‬‬ ‫الكوفي��ة و ي��اء‬ ‫ْ‬ ‫شوف شوف ْ‬ ‫"يَفتَحُ َك َفّهُ‪ .‬يفردها ويغلقها‬ ‫ويف��رح للجمال في ما تبق��ى من ّ‬ ‫الخطاط "‬ ‫بدوي"على جَسَدِ دِمَشْق‪.‬‬ ‫"ش��وف ش��وف" تمر قطة بيضاء تحت‬ ‫س��يارة فيضحك "جميل" القط كائن جميل‬ ‫"شوف شوف" يبتس��م لبقايا شرفة خشبية‬ ‫خضراء في الصالحية‪.‬‬ ‫"ش��وف ش��وف" يهم��س ه��ذه المرّة‬ ‫يتأمل أناقة المحجبات وخروجهن من سجن‬ ‫النمط إل��ى إش��اراتهن الش��خصية‪ .‬ويفرح‬ ‫لتنفس الحريّة‪.‬‬ ‫"كوك��ب جمي��ل"‪" ..‬األرض " يق��ول‪" .‬‬ ‫شوف" " شو هاأللوان"‪" ..‬بديع"‪.‬‬

‫الطوفان‪:‬‬

‫في البيك آب ال " س��كودا" التي تتسع‬ ‫لش��خصين‪ ..‬ترح��ب ال��روض بن��ا قاصدين‬ ‫الفرات‪.‬‬ ‫"مول��ي‪ ..‬مُليم��ي ال تس��ل عن��ي‪" ..‬‬

‫أُدندن‪ " ..‬الااااا تس��ل عني" ْ‬ ‫فيُكمِل " آآآآآآآآآ‬ ‫ال ااا تس��ل عن��ي" أجيب��ه‪ " ..‬آآآآآآآ" َفيُحَ�� ِّرر‬ ‫صوتَ��هُ عريضاً جمي ًال وأتعلق في العالمات‬ ‫العالية ونغني " الآآآآآآآآآآ تسل عَ ِنّيْ ي ي ي"‬ ‫ثمّ نسقط في هاوية الضحك‪.‬‬ ‫ش��جر الل��وز عل��ى هض��اب اليمي��ن‬ ‫يُرحِبّ من‬ ‫والزيتون على اليسار‪ .‬وصدّام‬ ‫ْ‬ ‫راديو ال "س��كودا" باألمري��كان ويتوعدهم‬ ‫بالفناء والتيه في صحراء البطولة العربية "‬ ‫خليهم‪ ..‬تاكلهم الديابه‪ ..‬ههه هه" يضحك‬ ‫مثل فانتوماس في فيلم فرنسي قديم‪.‬‬ ‫يضحك صّ��دام من زجاج "الس��كودا"‬ ‫وينف��ث ضحكه على المع��رّة و حلب ومنبج‬ ‫وتماثيل حافظ األسد‪.‬‬ ‫نقترب من الفرات في رحلةٍ عكس��ية‬ ‫ف��ي "د‪ .‬ن‪ .‬أ" عُمَ��رْ الفيلمي��ة هنا حيث بدأ‬ ‫محاولته البصرية الفريدة عن سَدِّ ُ‬ ‫الفراتْ‬ ‫وهن��ا حي��ث كت��ب معلقت��ه األول��ى "الحياة‬ ‫اليومية" هنا حيث اخترع لغ ًة أميرااليية في‬ ‫البحث والصوت والصورة والمقاومة‪.‬‬ ‫هنا حكاية الحضارة وهنا مدفنها‪ .‬هنا‬ ‫تَمَدَّ َن اإلنس��ان وبدأ الزراع��ة‪ .‬هنا معالم‬ ‫‪11000‬عامًا قب��ل الميالد‪ .‬وهنا تختنق ك ُّلها‬ ‫غرقًا تحت بحيرة اصطناعية‪.‬‬ ‫األمّ ووعدت‬ ‫بحي��رة دفن��ت حضارتن��ا ْ‬ ‫األبّ‪.‬‬ ‫بحضارة ْ‬ ‫"ح��ول بحيرة األس��د يمتّد الي��وم بلد‬ ‫اسمُه سورية األسد"‬

‫الطوفان‪:‬‬

‫طوف��ان من وَحْ��ل‪ ..‬م��ن األفق حتى‬ ‫َ‬ ‫"مَسْ��كنَه"‪ .‬كأننا‬ ‫األف��ق‪ .‬في بلدة اس��مها‬ ‫نقف داخل لقطات من أرشيفٍ صوره عُمَرْ‬ ‫من��ذ ‪ 38‬عامًا في الحي��اة اليومية‪ ..‬هنا على‬ ‫بُع��د عصفور م��ن البحيرة المقدس��ة‪ .‬في‬ ‫َ‬ ‫مَسْكنَهْ ستريت"‪.‬‬ ‫‪"5th‬‬ ‫ي��زمُ عمر َفمَهُ ويهتز رأسُ��ه ويمتنع‬ ‫ّ‬ ‫عن تصوير ّ‬ ‫كل هذه الغواية البصرية‪.‬‬ ‫اليوم ‪ 5‬شباط‪ .‬يوم رحل عمر‪.‬‬ ‫الي��وم أروي عُمَر‪ .‬أس��ائل ندرته عن‬ ‫يَق ْ‬ ‫كل اإلغواءات التي لم ْ‬ ‫بَل أن يصورها‪.‬‬ ‫غرفة وحيدة من طين‪ .‬في جوفها كل‬ ‫صف��وف االبتدائي��ة وثالث��ون روحاً وأس��تاذ‬ ‫واح��د وخ�لاء وه��واء وب��رد وعزل��ة‪ .‬عال��م‬ ‫صاع��ق وصارخ‪ .‬جعل رأس عمر يَهْتَّزْ و ال‬ ‫يصور‪ ..‬ال يصوره‪.‬‬ ‫لم يشأ عمر توريط العواطف والذاكرة‬ ‫الجمعية بأبجدية جاهزة وناصعة فعارضها‪.‬‬

‫خاف من س��كون اللغة‪ .‬كان نداً ُ‬ ‫لِك ِّل ش��يء‬ ‫ولنفسه قبل كل شيء‪.‬‬ ‫ل��م يُغْ�� ِوهِ فوتوغ��راف اله�لاك‪ .‬كان‬ ‫يبحث عن خاليا الهالك‪ .‬عن لحظة نشوئِها‬ ‫وانش��طارها ونُمُ ِّوه��ا ف��ي الحي��اة‪ .‬وب��دا‬ ‫َ‬ ‫الحكم��ة أوصَ َل��تْ هذا المُعَل��مَ الكبير‬ ‫َّأن‬ ‫للعدس��ة والتكوي��ن وال��كادر إل��ى الصب��ر‬ ‫المجهريّ‪ .‬فاختار التوقف هنا‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫هنا حيث قرية الماش��ي حيث المدرسة‬ ‫النموذجية(س��تة غرف وإدارة وباحة) وعضو‬ ‫مجلس الشعب والحزب واإلسفلت والهاتف‪.‬‬ ‫سُ جَسَ��دَ الحي��اة و خالئط‬ ‫يَج ّ‬ ‫هن��ا ِ‬ ‫البعث في نسيجها‪.‬‬ ‫البع��ث! نعم وال‪ ..‬هو االس��م الحركي‬ ‫قات��ل متع��دد األني��اب والظهورات‪.‬‬ ‫لوحش ٍ‬ ‫يبتلع اسمه عندما يريد ويتقيأه عندما يريد‪.‬‬

‫املُفت�ش العام‪:‬‬

‫في المنازلة األولى‪ ..‬بدأ عمر اكتس��اح‬ ‫البنية التحتية لقلعة البعث‪ ..‬فسَ��حَرَ باعة‬ ‫البسطات والخضرجية و الحلونجية‪.‬‬ ‫هن��ا حيث تنقط��ع الكهرب��اء فتنطفئ‬ ‫الصحَاف من‬ ‫ح��رب الخلي��ج وتأت��ي فيأت��ي‬ ‫ّ‬ ‫الشاشة المتسخة في مطعم أبو النور‪.‬‬ ‫"بتساوي كواج؟" يسأل عُمر‪.‬‬ ‫"كواج! هههه "يسخر ا َّللحام أبو النور"‬ ‫إنتو من الش��ام؟ ليش بتعرفو الكواج ههه "‬ ‫هن��ا عاصمة الكواج يقول أبو النور‪ .‬هنا بيغ‬ ‫بن الكواج‪.‬‬ ‫حين تمتد يَدُهُ وس��كيّنُه إلى العجل‬ ‫المُعَ َّل��ق يصعق��ه عُمر " هي��ك َ‬ ‫بتْنْقّصْ‬ ‫اللحم��ه؟!"‪" ..‬ابْتَعِ��دْ عنه��ا‪ ..‬ش��لون رَحْ‬ ‫تشوفها وإنت فا ِيت فيها"‪.‬‬ ‫يصيب اللحامَ بالشلل ويبدأ يقوده‪.‬‬ ‫" ارْجَ��عْ نص��ف خطوة لل��وراء‪ ..‬انظر‬ ‫جيداً إلى اللقطة العامَّة للعجل‪ .‬هنا ليس��ت‬ ‫لحم��ة ك��واج‪ ..‬إنها هناك"‪ .‬ثم يب��دأ يُخْ ِرجُ‬ ‫َ‬ ‫الجُمَل م��ن إنفه قصير ًة حاس��مه " قِصّ‬ ‫ه��ون " و" ه��ون" "او ِزنْه��ا" ْ‬ ‫"نَظ ْفه��ا م��ن‬ ‫العروق "‬ ‫تُصب��ح اللحمة ه��ي الم��ادة الفيلمية‬ ‫"ال راشِ��ز"‪ .‬ويب��دأ عُمَ��رْ مونتاجها وحذف‬ ‫زوائدها‪ .‬لتأخذ صيغة َكوَاجْ‪.‬‬ ‫وفج��أة يُشَ��مِّر أمي��راالي األني��ق‬ ‫ويصوب��ن و يتفح��ص و يقط��ع البن��دورة‬ ‫ويدقُ التوم‪ .‬وقبل أن تدخل الصينية الفرن‬ ‫ّ‬ ‫" يس��أله أب��و الن��ور " مني��ح هيك إس��تاذ؟ "‬ ‫فيبتسم االستاذ‪.‬‬

‫كان الش��يخ الماش��ي"عضو مجل��س‬ ‫الش��عب لألب��د" يتص��در مضافته‪ .‬يمس��ك‬ ‫س��ماعة الهات��ف مجيب��ا تظلمات عش��يرته‬ ‫بكلمة "انشاهلل"‬ ‫بدا ل��يْ وكأن عم��ر يخاط��ر بفيلمه‪..‬‬ ‫فلقد ه��زَّ "وقبل اللقطة األول��ى" مُخَيّ َل َة‬ ‫المَضَا َف��ة وش��يخَها ف��ي قراءت��ه ال "‪15‬‬ ‫آذاري��ة" لبُنْيَ��ةِ الس��لطة الحاكم��ة ف��ي‬ ‫سورية‪ ..‬فتوقف الحاضرون عن البلع‪.‬‬ ‫م��ا زل��ت أتعج��ب كي��ف قب��ل الرج��ل‬ ‫بالتصوي��ر مع عُمَرْ‪ٌ .‬‬ ‫رج��ل يُصَ ّليْ مراتٍ‬ ‫خم��س و يدع��و للرئي��س والنظام عش��رة‬ ‫مرّات‪ .‬وسينمائي ال يركع ألحد‪.‬‬ ‫ل��م ي��رض عُمَ��رْ أن تك��ون اللحظة‬ ‫وسيلة للفيلم كان واضحًا وصريحًا َف َلمَسَ‬ ‫انس��انية الماش��ي ومنحه الترياق المفقود‪.‬‬ ‫(الماش��ي الذي كان يدرك بقلبه أن سلطته‬ ‫ال تتعدى استجداء ضابطٍ في األمن‪).‬‬ ‫كان��ت كل جمل��ة م��ن مداخ�لات عمر‬ ‫ف��ي المضافة تكفي ال ّلجن��ة الفكرية لتمنع‬ ‫التصوير‪.‬‬

‫�أ ّم املنازالت‪:‬‬

‫س��يطر عُمَرْ على المضافة‪َ .‬كسَ��رَ‬ ‫قفل الخوف والمخيلة وصار شيخها الجديد‪.‬‬ ‫ويوم��اً بع��د ي��وم‪ .‬ازداد مري��دوه‪ .‬كان��وا‬ ‫مقهوري��ن عاطلي��ن ع��ن العم��ل وال��زواج‬ ‫مشردين في مطاعم بيروت واألردن وإذالل‬ ‫يُدَغ ُ‬ ‫الموافق��ة األمنيّة‪ .‬كان الصحّ��اف ْ‬ ‫دِغ‬ ‫وَوَهْ��م‬ ‫العروب��يّ‬ ‫عنفه��م بالتعص��ب‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫القوَّة فيتدغدغ��ون ويضحكون‪ .‬نازل عُمر‬ ‫الصحَاف‪َ ..‬ف َّك َكهُ وأزال عنه صبغة الش��عر‬ ‫ّ‬ ‫فضحكوا‪ .‬انهار الصحاف أمام س��خرية عمر‬ ‫العميقة المُحَررة‪ .‬سقط تمثال صدام‪.‬‬ ‫كان جمه��ور المضاف��ة مداوم��اً عل��ى‬ ‫مسلسل أميراالي المسائي‪.‬‬

‫قوّة ال َق َد ْر "فريدي"‪:‬‬

‫�ضرورة ولي�ست �شعار‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫على بناء وطن حقيقي لكل السوريين‪.‬‬ ‫علين��ا البدء ببن��اء أنفس��نا من جدي��د واس��تعادة احترامنا‬ ‫لذواتن��ا واحت��رام اآلخرين وان ال نقبل لهم ما ال نقبله ألنفس��نا‬ ‫وان نش��ذب كل ما لحق بنا من عادات سيئة واليات تعامل يومية‬ ‫اقل ما يقال فيها أنها قذرة تراكمت عبر أكثر من خمس��ين سنة‬ ‫لتتحول إلى عرف وعلينا أن نستعيد ثقتنا بأنفسنا وبقدرتنا على‬ ‫اس��تعادة تاريخنا وحضارتنا وأخالقياتنا وان نعّود أنفس��نا على‬ ‫الحوار فيما بيننا للتوصل إلى قواس��م مش��تركة في التفاصيل‬ ‫طالما أن الهدف األساسي هو مطلب الجميع‪.‬‬ ‫ما أحوجنا اآلن إلى إعادة التوازن داخلنا لنتمكن من التمييز‬ ‫بي��ن الح��ق والباطل بين الص��ح والخطأ والتخلص من مش��اعر‬ ‫الحقد والكراهية واالنتقام وأن نتعلم كيف نحب أنفس��نا ونحب‬ ‫اآلخري��ن وان نس��تعيد أرواحنا ونعالجها م��ن كل األمراض التي‬ ‫علق��ت به��ا وندربها عل��ى المحبة والتس��امح واالحت��رام وقبول‬ ‫اآلخر وس��ماعه والبحث عن كل ما هو جميل داخلنا وداخل غيرنا‬ ‫والتعامل معه‪.‬‬ ‫اإلنسان يتعود التعامل مع عبوديته وإقصائه ومع كل أنواع‬ ‫وطرق الفس��اد والفاس��دين ضمن مناخ ومنظومة ال تقبل بغير‬ ‫ذل��ك بديال رغ��م رفضه الداخلي له��ا إال أنها ال تصب��ح جزأ منه‬ ‫الن اغل��ب الناس يرفضون هذا ف��ي داخلهم ولكنهم مضطرون‬ ‫للتعامل به كمنهج متبع لتسيير األمور‪..‬‬ ‫الثورة الس��ورية العظيمة كسرت حاجز الخوف داخلنا أزالت‬ ‫حاج��ب الرؤية وكش��فت عن وعي ش��بابنا وإبداعه��م الذي كان‬ ‫مكبوت��ا نتيجة سياس��ات القمع والتهمي��ش والتدجين والتجهيل‬ ‫والتفقير‪ ..‬ونحن الذي��ن هرمنا بانتظار هذه اللحظة نعول على‬ ‫الشباب الثائر إلنجاز الثورة وتحقيق أهدافها في الحرية والعدالة‬ ‫وبناء دول��ة القانون األمر ال��ذي يتطلب تضافر جه��ود الثائرين‬ ‫عل��ى األرض من المدنيين والعس��كريين وتوحيدها والتنس��يق‬ ‫فيم��ا بينها لقيادة الثورة وإنجازها بعد أن تخلى المجتمع الدولي‬ ‫عن مس��ؤولياته بذرائ��ع صنعها بنفس��ه إن في تموي��ل كتائب‬ ‫بعينه��ا دون غيرها على األرض أو ف��ي خرق صفوف المعارضة‬ ‫لتشتيتها أكثر ما هي مشتتة‪.‬‬ ‫ث��ورة الحرية س��تنتصر ب��إرادة أبنائها ودماء ش��هدائها‪ ،‬إال‬ ‫أن الحري��ة مس��ؤولية‪ ،‬وإرادة التغيير يلزمه��ا المثابرة واإلصرار‬ ‫والتع��اون بي��ن جميع أطياف الش��عب للمضي قدم��ا في تحقيق‬ ‫أهدافه��ا والعم��ل عل��ى كش��ف عمالء النظ��ام من السياس��يين‬ ‫والعس��كريين وأصحاب األجندات الذين يحاولون تش��ويه الثورة‬ ‫وجره��ا إل��ى تجاه آخر ومحاربته��م ألنهم ال يقل��ون عن النظام‬ ‫س��وءاً‪ ،‬واالتفاق على قواعد عامة موحدة أو ميثاق وطني ينبثق‬ ‫منه الحقا الدستور والقوانين والتشريعات وغيرها‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الش��عب الس��وري واحد‪ ،‬اهلل سورية‬ ‫حرية وبس‪ .،.‬يا اهلل ما إلنا غيرك يا اهلل‪،‬‬ ‫واعتصم��وا بحب��ل اهلل‪ ..‬ش��عارات رددها‬ ‫المتظاه��رون في هتافاتهم وكتبوها في‬ ‫الفتاتهم وأطلقوها على أيام الجمعة منذ‬ ‫بداي��ة الث��ورة على أم��ل أن تتوحد جهود‬ ‫الجمي��ع للخ�لاص م��ن نظام اس��تبدادي‬ ‫قمعي شمولي اس��تولى على كل مناحي‬ ‫الحياة السياس��ية واالقتصادية والثقافية‬ ‫واالجتماعي��ة ويرف��ض الرحي��ل قبل أن‬ ‫يقتل الش��عب ويدمر البلد في ظل تخاذل‬ ‫دولي س��اهم ف��ي تحوي��ل س��ورية إلى‬ ‫س��احة للصراعات الدولية تصب كلها في‬ ‫اس��تمرار دع��م النظام ال��ذي حافظ على‬ ‫أمن إسرائيل وإبقاء جبهة الجوالن هادئة‬ ‫ألكثر من أربعين عامًا‪.‬‬ ‫الدول التي س��عت لتشكيل المجلس‬ ‫الوطني ثم تجاهلته لتدفع باتجاه تشكيل‬ ‫االئت�لاف الوطني ب��دون أي دعم لكليهما‬ ‫أرادت أن تضع عدة تش��كيالت للمعارضة‬ ‫تتصارع مع بعضها البعض لتعود إلى تكرار الموشح الذي لعبت‬ ‫عليه ألشهر عديدة حول توحيد المعارضة كما دفعوا بالمثل إلى‬ ‫تش��كيل مجلس عس��كري أو مجالس عس��كرية لتتص��ادم فيما‬ ‫بينه��ا وبين الجيش الحر وبدال من أن يكون العس��كر يدا واحدة‬ ‫أصبح��وا أي��ادي وكل منهم يتصرف على هواه باس��تثناء بعض‬ ‫الكتائب الموحدة التي تعمل بالتنسيق فيما بينها‪.‬‬ ‫علين��ا أن نع��ي أننا لعب��ة بيد عدد م��ن ال��دول التي ترغب‬ ‫بتدمي��ر س��ورية وإنهاكها لفرض ش��روطها بالنهاي��ة على من‬ ‫تبقى من الش��عب ولهذا تمول بعض الكتائب التي تعمل جاهدة‬ ‫لحرف الثورة عن مسارها‪.‬‬ ‫وبدأن��ا ن��رى النتائ��ج عل��ى األرض حي��ث تس��للت الرايات‬ ‫واألعالم الس��وداء والصفراء بعد أن كان عل��م الثورة هو الراية‬ ‫الخفاقة والجامعة للثوار لتكش��ف بشكل واضح عن االنقسامات‬ ‫بين الثوار على األرض وهذا ما يدفعنا إلى التس��اؤل‪ :‬هل دخلت‬ ‫ه��ذه الكتائ��ب بأعالمه��ا وذقونه��ا الطويلة ووجوهه��ا المخفية‬ ‫لتعط��ي ذريعة للعالم بأن الحرب أهلي��ة وبأن الثورة قامت فعال‬ ‫إلنش��اء دولة الخالفة وهذا ما يعف��ي المجتمع الدولي من تحمل‬ ‫مس��ؤولياته تج��اه الش��عب الس��وري ألن��ه غير معن��ي في هذه‬ ‫الحال��ة وخاصة بعد مش��اهد القتل المقزز الذي مارس��ته بعض‬ ‫ه��ذه الكتائب وبثته عب��ر فيديوهات لتثبت للداخ��ل قبل الخارج‬ ‫أن القادم ال يختلف عن الموجود خدمة للنظام بالدرجة األولى‪.‬‬ ‫ثورتنا يتيمة بكل ما للكلمة من معنى تخلى عنها ما يسمى‬ ‫بالش��قيق قبل الصديق وهذا ما يحتم توحيد جهود الس��وريين‬ ‫في الداخل والخارج ومكافحة الفتنة الطائفية التي حاول النظام‬ ‫إش��عالها من��ذ بداي��ة الث��ورة‪ ،‬واالبتعاد ع��ن ذك��ر الطائفية الن‬ ‫التكرار يؤدي إلى التكريس وهذا ما ال نريده لوطن الس��وريين‪،‬‬ ‫والتوقف عن مناش��دة الدول لدعمنا الن الثورة وببساطة كشفت‬ ‫زي��ف السياس��ات والعالقات الدولية وخاصة فيم��ا يتعلق بعالقة‬ ‫إيران بإسرائيل وأميركا وعالقة روسيا بإسرائيل وإيران وأميركا‬ ‫وتظاهرهما بالعداء والمنافس��ة فوق الطاول��ة وحجم المصالح‬ ‫المتبادلة فيما بينهما من تحت الطاولة‪.‬‬ ‫س��وريتنا لوحة فسيفساء في تلونها جميلة وغنية بتنوعها‬ ‫وعاش��ت عبر تاريخها بتالحم أبنائها باس��تثناء الخمس��ين سنة‬ ‫الماضي��ة الت��ي زرع فيها النظام ب��ذور الفتنة الس��تخدامها في‬ ‫الوق��ت المناس��ب وعل��ى الرغم من بع��ض األص��وات الطائفية‬ ‫والمتش��ددة إال أن الش��عب السوري العظيم أثبت أنه اكبر من أن‬ ‫يجر إلى تقاتل أهلي ال يستفيد منه سوى النظام‪ ،‬وإعادة بنائها‬ ‫يحت��اج جهود كل فرد منا وهذا يف��رض علينا اليوم أكثر من أي‬ ‫وق��ت مضى تحمل مس��ؤولياتنا كل حس��ب اختصاص��ه وخبرته‬ ‫وعلمه وتجربت��ه ومهنته وحرفته وقدرته وإمكانياته للعمل معا‬

‫زليخة سالم‬

‫أسبوعية‬

‫اجتمعت العائلة الصغيرة في بيتنا رُال‬ ‫و مُنى وعِصْمَتْ وعُمَر‪ ..‬وأنا و نعمى‪.‬‬ ‫كان عُمر شديد الرعاية لنا جميعًا‪.‬‬ ‫كان أول م��ن اعترف��تُ ل��هُ ِبحُبّ��يْ‬ ‫لنُعم��ى‪ ..‬وأش��تعل فض��و ًال لمعرف��ة‬ ‫"الحس��ناء التي أخرج��ت الذئب م��ن الغابة"‬ ‫وص��ارا يخوض��ان مع��ًا ف��ي الموس��يقى و‬ ‫الغناء‪ .‬ويص��ف صوتها بالبدي��ع وعالماتِها‬ ‫المنخفض��ة العريض��ة بالن��ادرة‪ .‬فأش��عر‬ ‫بالسعادة‪.‬‬ ‫امت��دَّت جلس��ة الغداء حت��ى الليل في‬ ‫حميميّ وناري ساخر والذع‪.‬‬ ‫طقس‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫حاصَرَتْهُ نُعم��ى ودفعت به ليُغني‬ ‫وفعلن��ا جميع��ًا‪" ..‬جب��ان" صَرَخَ��تْ روال‪.‬‬ ‫و"ياهلل بق��ى عاد" قال��ت مُن��ى‪ .‬و‪ ..‬وتمنّع‬ ‫وب��رر ث��م احْمَّ��رَ وجْهُ��هُ فج��أة وفعله��ا‬ ‫وغنّى"ق��وّ َة َ‬ ‫الق��دَرْ " تفرجن��ا على صوته‬ ‫خَج َل‪.‬‬ ‫يوسع الفراغ ويسحرنا‪ .‬ثم صمت و ِ‬ ‫َ‬ ‫تَك ّ‬ ‫شَ��فَ عُمَ��ر ع��ن "باريت��ون "‬ ‫حقيقيّ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫المتع��ة والس��عادة‪ .‬فأفصح‬ ‫َغمَرَت��هُ‬ ‫عن ج��رأة نادرة‪ .‬وتعاهد ونُعمى على حفل‬ ‫أمام الجمهور‪.‬‬ ‫ه��ذا لي��سَ مُجَ��رَدْ جرأة‪ .‬إنّه س��رّ‬ ‫حُ��بُ‬ ‫حُ��بُ اآلخري��ن‪ّ .‬‬ ‫عم��ر‪ .‬إن��ه الحُ��بْ ّ‬ ‫التواصل والمواجَهة والعطاء‪.‬‬ ‫تلك كانت مفاجئتنا المخبأة لدمشق‪.‬‬ ‫حين خرجوا لي�ل ًا‪ ..‬انهارت نُعمى بكا ًء‬ ‫عَجيب��ًا وصَرَخَ��تْ"ال تموت��وا" " ُق ُّل��ن ال‬ ‫يموتو"‬ ‫وأعادت عمر من باب المصعد‪ ..‬وطلبت‬ ‫منه أال يموت‪.‬‬ ‫نَعّ��ومْ‪ ..‬هه��ه "‬ ‫فق��ال معاتب��اً " ْ‬ ‫وابتسم‪ ..‬فلم تقبل‪.‬‬ ‫و قبل ْأن يُغادر تعهد أمامنا "أال يموت"‬ ‫إلسمه رنين‪.‬‬ ‫صفقنا ل��هُ‪ ..‬طائراً فوق َ‬ ‫األ ُّكفِ‪ ..‬قوّ َة‬ ‫القدَرْ‪.‬‬ ‫رح��ل "عُمَرُن��ا" َق َ‬ ‫بْ��ل ْأن ي��رى‬ ‫مُخَيّ َلتَهُ‪.‬‬ ‫ه��ذا ال��ذي اس��مه الش��عب الس��وري‬ ‫الس��احر الش��جاع الذك��ي المُب��دع الكري��م‬ ‫اإلنساني الحرّْ‪.‬‬ ‫كل هؤالء الذين في مكانٍ ما يُكملون‬ ‫حَديثًا كنتَ َقدْ بدأت‪.‬‬ ‫لغيابه رنين‪ .‬عُمَرْ أميراالي‪.‬‬

‫ال�شعب ال�سوري واحد‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫كان يُحْيي‬ ‫وف��ي تغريبته الس��ورية‪َ ..‬‬ ‫إنس��انيتهم َفيَسْ��قطُالنظام في أرواحهم‬ ‫فيتنهدون الذروة‪ .‬و بعد قليل يضحكون‪.‬‬ ‫َل��مْ ُ‬ ‫تَك��نْ الحي��اة وس��يل ًة للفيلم وال‬ ‫الفيلم غاية‪ .‬كان��ت َذرَّات العُمْ ِر واحد ًة في‬ ‫ضمير هذا األميراالي‪ .‬يرسم بها صُورَتَهُ‬ ‫إنسانًا حراً فريداً‪.‬‬ ‫(بع��د ع��رض الطوفان أعتق��ل عمر على‬ ‫ح��دود األردن وأوق��فَ في س��جن درع��ا ووقع‬ ‫ثمَ‬ ‫الس��جان في غرامه وس��أله عن باري��س‪ّ .‬‬ ‫مُ ِنعَ َلفظ اسمه في الصحف والتلفزيون وصارَ‬ ‫يُسَه ُل المرور على حواجز السينما)‬ ‫شَتْمُهُ‪ِّ ..‬‬

‫‪23‬‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪24‬‬

‫�شـــــــهادة الـــــدم‬

‫هالة نجاري‬

‫ُ‬ ‫جامعة الثورة‪..‬‬ ‫ببساطة ألنها‬ ‫ولىنها مهدُ الثورة في مدينةِ حلب‪..‬‬ ‫باطن‬ ‫مازال��ت هتافاتُه��م تَعلو في أج��وا ِء المدينة‪ ..‬عندم��ا كانوا‬ ‫َ‬ ‫يخرج��ون من ِ‬ ‫األرض ويُفتح الكتاب ليخرُجَ منه علمٌ يلوحُ خالل دقائق في أرجا ِء المكان‪.‬‬ ‫لحظة البداية)‪َ ..‬‬ ‫ُ‬ ‫يُفقدُ الشعورُ بالوعي‬ ‫اإلشارات كانت بعيونهم تضرخُ (تلك هي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والسؤال الذي يدقُ بابَ الجميع‪ّ .‬‬ ‫هل أنت معي أمّ‬ ‫تتجول في كل االتجاهات‬ ‫والنظراتُ‬ ‫ُ‬ ‫ويطل بصوته العالي للبداية‪..‬‬ ‫ضدي؟ وأحدهم يصعدُ إلى قمةِ السماء‬ ‫هتفنا‪ ..‬وصرخنا‪ ..‬وبدأنا‪ ،‬ومن هنا انطلقَ حراكُ حلب‪.‬‬ ‫من هنا مروا بأجسادهم وعبروا طريق الحرية‪..‬‬ ‫َ‬ ‫خطوط الشمس بالسماء‪..‬‬ ‫من هنا رسموا‬ ‫من هنا قتلوا وضربوا وعذبوا‪ ..‬من هنا تم اعتقالهم‪..‬‬ ‫من هنا صعدَ األمن إلى الطابق العلوي للسكن الجامعي ورمى بهم‪..‬‬ ‫من هنا ُكتِبت كل كلمات األلم والحب‪ ..‬والصرخة الثائرة‪..‬‬ ‫كل بدايةٍ جديدة‬ ‫مازلتُ أذك��رُ كل تفاصيل وجوههم عندَ الصرخةِ األولى وفي ِ‬ ‫كل يوم جديد‪.‬‬ ‫وفي‬ ‫ِ ٍ‬ ‫مازلتُ أذكرُ أش��كال أيديهم التي رفعوها عالياً مع لوحاتهم التي خطوا بها أجملَ‬ ‫الكلمات‪.‬‬ ‫مازلتُ أذكرُ نقدهم ومحبتهم‪ ..‬قوتهم وخوفهم‪ ..‬اِحمرارَ واِصفرارَ وجوههم‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫كل تل��كَ التفاصيل ما زالت في رأس��ي‪ ..‬لن أنس��ى تلك الس��رعة الت��ي تَرتفِعُ‬ ‫يرس��مون بأجس��ادهم َ‬ ‫بها َ‬ ‫خالل دقائق ُّ‬ ‫أجمل الرس��ومات على‬ ‫كل اللوحات وكيف كانوا‬ ‫َ‬ ‫األرض‪( ..‬عل��وا الص��وت عل��وا الص��وت علوا عل��وا الصوت‪ ..‬ي��ا منعيش بكرام��ة يا أما‬ ‫مس��امع ُ‬ ‫الظ اّ‬ ‫�ّل�م‪ ..‬قد كانوا‬ ‫ويرن في‬ ‫بنم��ووت) وبدأ الصوتُ ي��دجُ في صدى الجدران ُ‬ ‫ِ‬ ‫أن يكونوا جسداً واحداً ال يفترقُ عن بعضهم البعض‪..‬‬ ‫يتراصون في مشيهم ويحاولن ّ‬ ‫هناك قد ابتعدَ احدهم وها هو اآلن يركض بش��كل أسرع ليواكب المسير مر ًة أخرى‪..‬‬ ‫وه��م قدّ انته��ى بهم الخوف‪ ..‬ق��دّ كانوا منذ قلي��ل يخافون النظ��رة واآلن يضحكون‬ ‫ويهتفون بأعلى ما لديهم‪ ..‬وماذا بعد؟‪..‬‬ ‫َ‬ ‫ويقطعون وصل األغاني بصوتِ‬ ‫يركضون نحوهم باألس��لحةِ والقناب��ل‬ ‫أما همّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الرصاص‪..‬‬ ‫َ‬ ‫همست البندقية وتوقفَ صوتهم وتحولت ُ‬ ‫المكان‬ ‫الحرية إلى مكانٍ ال يشبه‬ ‫ساحة‬ ‫َ‬ ‫بكل الكلمات‪.‬‬ ‫أعين الجميع‬ ‫َ‬ ‫السابق‪ ..‬الخوفُ والذعرُ في ِ‬ ‫ويطلقون النارَ ويشتِمُونَهم ِ‬ ‫ويتدربون‬ ‫يطلقون النارَ وكأنهم يحس��بوهم قطعٌ من األخش��اب‬ ‫يا اهلل ما بالهم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كان‬ ‫عل��ى إس��قاط اله��دف‪ ..‬يا اهلل أليس��و بش��راً مثلنا‪ ..‬لم اص��دق ولن اصدق كي��فَ َ‬ ‫مظهره��م وكيفَ كان��وا يركضون‪ ..‬لن أنس��ى وَجهَ��هُ وهو يطلقُ الن��ارَ ويركضُ‬ ‫خلفهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫واآلن دعون��ا نتعلم العدّ‪ 10 ..3 ،2 ،1 ..‬وانتهت المس��رحية وخرجَ البطل ش��هيدَ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫المدنية‪..‬‬ ‫والحرية‪ ..‬من�� ُذ دقائقَ كان بينهم يهتفُ بالكرامةِ والعدال��ةِ والدولةِ‬ ‫العل��م‬ ‫ِ‬ ‫مثل األطفال‪ ..‬واآلن َ‬ ‫وكان يبتسمُ َ‬ ‫ً‬ ‫بالبندقية وأصبح الشهيد‪.‬‬ ‫قتل‬ ‫كان يطالبُ بحقوقه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جامعية أمّ أنك��م حَوَلتمُوه‬ ‫م��اذا فعلتم؟؟ م��ا اعرفه عن هذا المكان ان��هُ حرمٌ‬ ‫َ‬ ‫البشرية؟؟‬ ‫ولست ادري إلى مكانٍ لسفكِ دمِّ‬ ‫و ثمَّ ماذا‪.‬؟ ش��يّعَ ش��هيدُ اليوم ودفنَ بين أصدقاءه وسجلتُ اسمه بين األسماء‬ ‫التي كنت اكتبها على حائطِ غرفتي وبدأ اليوم التالي‪..‬‬ ‫ما أتعس��نا وما اشد قلوبنا‪ ..‬اعتدنا الموت واليوم ش��هيد وغداً تشيّع وفي التشيّع‬ ‫ُ‬ ‫يسقط شهيداً جديد وهكذا تمر بنا األيام‪..‬‬ ‫ولكن هل تعلمون؟‪ ..‬كنا ‪ 20‬وأصبحنا ‪ 200‬واآلن ‪ 2000‬وأكثر وأكثر‪..‬‬ ‫يقتلون بنا في كل يوم ونحن نزيد في اللحظة التالية‪..‬‬ ‫أال تشعرون بالخيبة في قتلكم؟‪..‬‬ ‫لن أكمل في نقدكم‪ ..‬فمظاهرة اليوم كانت األجمل‪..‬‬ ‫خرجوا وحملوا بأيديهم (اقصفونا ولكن اتركوا حمص)‪..‬‬ ‫يريدون القتل‬ ‫وهتافه��م كان لحمص وأهل حمص فهم أخ��وة في كل الوطن وال‬ ‫َ‬ ‫أن يستجيبَ لمطالبنا؟‬ ‫ألهلهم في كل األرض‪ ..‬ولكن هل يعقل ّ‬ ‫نع��م قدّ فعله��ا ولكن ليس ب��كل المطلب ّ‬ ‫بل إن��ه أخ َذ منه الش��طرَ األول ودمرَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫القذيفة األولى التي أرهبت نفوسهم وتالها الثانية‬ ‫واختلط الحبرُ بالدم وكانت‬ ‫المكان‬ ‫التي خطفت أرواحهم‪.‬‬ ‫باألحمر لونوا وجهونا‪ ..‬وقتلوا أصدقائنا‪..‬‬ ‫دُم��ر الم��كان بطريقة ال يمك��ن وصفها والجثث واألش�لاء في كل م��كان‪ ..‬اآلالم‬ ‫والص��راخ قد فاض في األرض ووجوه باهتة تنظر بش��رود وال تصدق الفعل‪ّ ..‬‬ ‫بل إنها‬ ‫ال تمتلك اليوم ردَّ الفعل‪..‬‬ ‫تَل وانتم س��تتصورن‪ ..‬نعم َق َ‬ ‫ه��ل أكم��ل لكم أمّ أقول إن��ه َق َ‬ ‫تَ��ل األبرياء َّ‬ ‫وخط‬ ‫بجثمانهم ذكريات س��تبقى على جدران ذلك المبنى‪ ..‬أعطاهم ش��هادة الحرية ورس��م‬ ‫الحزن بالفرح‪..‬‬ ‫على مباسم أهلهم‬ ‫َ‬ ‫التخرجَ باأللم‪..‬‬ ‫الشهاد َة بالدم‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫أن اكمل أكثر‪ ..‬فقد دمر ذاكرتي‪..‬‬ ‫لنّ استطيعَ ّ‬ ‫ولكن دعوني اسّ��رُ لكم أنّه زاد فينا قوة وإننا رس��منا تلك الذكرى وخرجنا لنلون‬ ‫جدران المكان بالدم‪..‬‬ ‫نعم‪..‬‬ ‫اليوم نحن خرجنا ورسمنا لوحاتنا باللون األحمر في كل أرجاء جامعة الثورة‪..‬‬ ‫قدّسنا الشهيد‪ ..‬وأعلناها ذكرى ليومه‪ ..‬واعدنا المشهد بصورةٍ أخرى‪..‬‬ ‫لترون أكثر من معانينا‪ ..‬ولتعلمون إننا باقون‪ ..‬وللرواية بقية‪..‬‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫هـذا املخ ّيـم �ضـحكتي‬

‫إياد حياتلة‬ ‫إلى مخيّم اليرموك وكل المخيّمات‬

‫وعرائسٌ ترنو لبح ِر عيونها األعماقْ‬ ‫ً‬ ‫فرحانة جذلى‬

‫وطفول ٌة تشتاقُ خِ ّفة روحها اآلفاقْ‬ ‫تَسمو إلى األعلى‬ ‫وبنادقٌ وعِناقْ‬ ‫والقلبُ كمْ ص ّلى‬ ‫لِمخيّم خ ّلى‬ ‫ٍ‬ ‫لِحجارةٍ أحداقْ‬ ‫اهلل يا َ‬ ‫ْ‬ ‫جميل‬ ‫ليل المخيّم كمْ‬ ‫ْ‬ ‫مستحيل‬ ‫الرّوح قهركَ‬ ‫كمْ يا حبيبَ‬ ‫ِ‬

‫املر�أة يف �سوريا‪ ..‬ثورتها م�ضاعفة‬

‫سعاد يوسف‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫«عامان مرا على الثورة السورية‪ ،‬وال‬ ‫تزال المرأة في س��وريا مهمشة ولم تأخذ‬ ‫سوى جزء بس��يط من حقوقها الضائعة‪.‬‬ ‫بعد انتهاء هذه الث��ورة علينا بثورة أخرى‬ ‫على المجتمع‪ ،‬إن بقينا أحياء نرزق‪ .‬علينا‬ ‫نحن النس��اء أن نصنع ثورتنا بحق»‪ .‬هذا‬ ‫م��ا كان يدور في خل��د «أم محمود» وهي‬ ‫تروح جيئة وذهاباً في شوارع حيها الواقع‬ ‫في ريف دمشق الشرقي‪.‬‬ ‫«أم محم��ود»‪ ..‬أم وزوج��ة وثائ��رة‪..‬‬ ‫ليس��ت ناش��طة وإنم��ا ثائرة ب��كل معنى‬ ‫الكلم��ة‪ ..‬ثائرة عل��ى نفس��ها ومجتمعها‬ ‫وحتى على الثورة نفس��ها‪ ..‬انخرطت في‬ ‫صفوف الثورة السورية منذ بداياتها (كما‬ ‫تحب ه��ي أن تق��ول)‪ ،‬وكان ذل��ك عندما‬ ‫رأت جث��ة لرج��ل س��قط ش��هيداً نتيج��ة‬ ‫اس��تهدافه بني��ران قناص غ��ادر‪ ..‬دفعها‬ ‫ذلك لتخ��رج مع جموع الن��اس المطالبين‬ ‫بالحري��ة هاتف��ة «اهلل أكب��ر عالظالم»‪..‬‬ ‫ش��اركت ف��ي جمي��ع نش��اطات الح��راك‬ ‫الس��لمي ف��ي منطقتها‪ ،‬وعندم��ا تحولت‬ ‫الث��ورة للعم��ل المس��لح كانت م��ن أوائل‬ ‫من ساعد ش��باب الجيش الحر (وابنها من‬ ‫ضمنهم) في مختل��ف األمور التي تطلبت‬ ‫منه��ا المس��اعدة‪ .‬كان الرج��ال ف��ي حيها‬

‫يكلفونه��ا بالكثير من األمور التي تتطلب‬ ‫ش��جاعة وحذراً‪ ،‬و»أم محمود» مقدامة ال‬ ‫تهاب ش��يئًا‪« ..‬وال بمية رجال» كما يقول‬ ‫عنها الكثير من شباب الحي‪ .‬إال أنها اليوم‬ ‫تشكو عدم المساواة واإلنصاف مع هؤالء‬ ‫الرجال وذلك بس��بب تأخره��م عن تلبية‬ ‫بع��ض طلباتها التي يرون فيها ما يس��ئ‬ ‫إلى عادات وتقاليد المجتمع‪.‬‬ ‫«بدأت الخروج ف��ي المظاهرات بعد‬ ‫مرور حوالي ش��هرين على انطالق الثورة‬ ‫الس��ورية‪ .‬ل��م أفك��ر بأنني امرأة وس��ط‬ ‫حش��د من الرج��ال ولم يمنعن��ي ذلك من‬ ‫الس��ير والهت��اف معهم‪ .‬كنا مزيج��ًا واحداً‬ ‫وكان هدفن��ا وطموحنا واح��د‪ .‬ولم أتأخر‬ ‫ع��ن المش��اركة ف��ي جمي��ع النش��اطات‬ ‫السلمية‪ .‬كنت أشارك في خياطة األعالم‬ ‫وتجهي��ز الالفتات‪ ،‬كما س��اعدت كثيراً في‬ ‫األعم��ال اإلغاثية وإعانة أهالي الش��هداء‬ ‫والمعتقلين»‪ .‬تقول «أم محمود»‪.‬‬ ‫لم تتأخر المنطقة التي تقطن فيها‬ ‫في التحول للعمل المسلح بعد كل العنف‬ ‫ال��ذي جوبهت ب��ه مظاهراتها الس��لمية‪،‬‬ ‫وس��رعان م��ا ب��دأت كتائ��ب ومجموع��ات‬ ‫الجي��ش الحر ف��ي التش��كل‪ .‬وكان ل»أم‬ ‫محم��ود» دور ه��ام وفع��ال في مس��اندة‬

‫وتأمي��ن متطلب��ات ه��ذه المجموع��ات‪.‬‬ ‫م��ن نق��ل األدوي��ة وإس��عاف الجرح��ى‪،‬‬ ‫إلى المس��اعدة في المش��افي الميدانية‪،‬‬ ‫والعمل على تأمين الكثير من االحتياجات‬ ‫اليومي��ة م��ن طعام ولب��اس‪ ،‬كان��ت «أم‬ ‫محم��ود» ال تهدأ ليل نهار‪ ،‬تعمل أكثر من‬ ‫ست عشرة س��اعة متواصلة دون أن ينال‬ ‫منه��ا التع��ب‪ ،‬وتع��ود إلى المن��زل لتقوم‬ ‫على رعاية أوالدها وأحفادها‪.‬‬ ‫«من��ذ حوالي أس��بوعين‪ ،‬طلبت من‬ ‫ش��باب الجيش الح��ر هنا تزوي��دي بجهاز‬ ‫«السلكي» كي يسهل لي مهامي ويخفف‬ ‫تحركات��ي‪ ،‬إذ أنن��ي أس��تطيع م��ن خالله‬ ‫إنج��از بع��ض المه��ام دون االضط��رار‬ ‫للذه��اب م��ن م��كان إل��ى آخ��ر وإضاع��ة‬ ‫الوق��ت‪ ،‬إال أنهم رفض��وا بحجة أنه «عيب‬ ‫أنو المرا يكون عندا السلكي!»‪..‬‬ ‫تس��تغرب «أم محمود» كيف تحولت‬ ‫فج��أة ل»مرا» بنظرهم‪ ،‬وهي التي كانت‬ ‫تق��وم بمهمات يعج��ز أعت��ى الرجال عن‬ ‫القيام به��ا‪ ،‬وهم كان��وا يعاملونها كفرد‬ ‫منهم ومثلهم فقط عندما يحتاجون منها‬ ‫خدمة ما‪..‬‬ ‫«أتعلمين؟ نحن اآلن في زمن بش��ار‬

‫األس��د ال نمل��ك أدن��ى ق��در م��ن حقوقنا‬ ‫كنس��اء‪ .‬وغ��داً عندم��ا سيس��قط النظام‬ ‫س��وف نبدأ ثورتنا الثاني��ة‪ .‬على مجتمعنا‬ ‫الذك��وري وعادات��ه وتقاليده‪ .‬أري��د أنا أن‬ ‫أصب��ح ممثلة للنس��اء ف��ي منطقتي وأن‬ ‫يصب��ح لي مقعد ف��ي مجلس��ها المحلي‪،‬‬ ‫وه��و الذي ال يزال حكراً على الرجال حتى‬ ‫اليوم‪« .‬‬ ‫آخر م��رة التقيت فيه��ا «أم محمود»‬ ‫منذ عدة أيام‪ ،‬كانت خارجة من المش��فى‬ ‫الميدان��ي‪ .‬التعب يكس��و وجهه��ا والحزن‬ ‫يم�لأ عينيها‪« .‬أخ��ي تص��اوب أول مبارح‬ ‫بالقصف‪ .‬صرلي ليلتين بال نوم‪ .‬الجرحى‬ ‫بالعش��رات بالمش��فى وم��ا لحقن��ا ننقذ‬ ‫الكل‪ .‬اهلل يفرج»‪.‬‬ ‫نس��يت «أم محم��ود» مطالبه��ا في‬ ‫األي��ام األخيرة وع��ادت لتتوحد م��ع أهلها‬ ‫ف��ي مواجه��ة عدوه��م األوح��د‪ :‬نظ��ام‬ ‫بش��ار األس��د‪ .‬حين تنتصر الثورة ستأخذ‬ ‫اس��تراحة مح��ارب لتع��ود وتب��دأ ثورته��ا‬ ‫هي‪ .‬ثورته��ا على أهلها وعل��ى المجتمع‬ ‫والتقاليد البالية الت��ي حان وقت مواراتها‬ ‫الثرى‪ ،‬لتحل محلها مفاهيم تليق بنس��اء‬ ‫ك��ـ»أم محم��ود»‪ ،‬ورجال كأبط��ال الثورة‬ ‫السورية‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫لِمُخيّم في صدرهِ تتوافدُ ّ‬ ‫الطلقاتْ‬ ‫ٍ‬ ‫في ظه ِرهِ تتوالدُ ّ‬ ‫الطعنات‬ ‫هذي القصائدُ وال ُق ْ‬ ‫بل‬ ‫هذي األناشيدُ التي تَعدو‬ ‫ْ‬ ‫األمل‬ ‫خُيو ًال نحو ساحات‬ ‫حُر ْ‬ ‫بطل‬ ‫لِمُخيّم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أخي َلتي‬ ‫أسرَجتُ ِ‬ ‫وَشحذتُ قافيتي‬ ‫وَكتبتُ أغنيتي‬ ‫لهيب أنفاسي‬ ‫ِب ِ‬ ‫ومدادِ أوردتي‬ ‫هذا المخيّمُ ضِحكتي‬ ‫حُرّيتي‬

‫وَفضا ُء أغنيتي‬ ‫ُ‬ ‫وَرائحة الذينَ أحبّهمْ‬ ‫َذهبوا ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫وظل القلبُ مشدوداً إلى خطواتهمْ‬ ‫; َ‬ ‫وحْل األز ّقةِ والنّدى‬ ‫والرّوحُ مدّت جُنحها وَهَمَتْ على َقسَماتهمْ‬ ‫َلثمتْ تسابيحَ الهُدى‬ ‫اهلل يا َ‬ ‫ْ‬ ‫جميل‬ ‫المخيّم كمْ‬ ‫ليل‬ ‫ِ‬ ‫قمرٌ ّ‬ ‫لكل زُقاقْ‬ ‫عُرسٌ وال أحلى‬ ‫ُ‬ ‫يختال في ترديدها العشّاقْ‬ ‫وقصائدٌ‬ ‫وحكاي ٌة تُتلى‬ ‫وعجائزٌ ينسابُ من كلماتها الترياقْ‬

‫ومواسمٌ حُبلى‬

‫‪25‬‬

‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟‬ ‫كنان خوجة‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫الجمهور الطائفي للنظ��ام ‪ 3‬أنواع‪ - 1 :‬الطائفي الصريح‬ ‫الص��ادق مثال��ه العقي��د عل��ي خ��زام وخطابه ه��ي حرب‬ ‫قديمة عمرها ‪ 1500‬عام وس��نقاتل السنة‪ - 2 .‬الطائفي‬ ‫الغشيم الس��اذج يحس��ب أنه علماني ألنه يحب أصدقائه‬ ‫الس��نة ويعاش��رهم وال يضم��ر األذية ألح��د ولكنه يؤمن‬ ‫أن أغلبهم س��لفيين يضم��رون له األذي��ة ويأتمرون بأمر‬ ‫ش��يخ الجامع وهم أحف��اد البدو المتخلفين وه��ذا النظام‬ ‫يمنعهم م��ن أذيته وهكذا يفترض أنه علماني ولكن هم‬ ‫الطائفيون دون أن ينتبه أن أخسّ أنواع الطائفية تعميم‬ ‫صف��ة الجهل والكره على غيرهم‪ - 3 ،‬الطائفي المتذاكي‬ ‫المتحذل��ق البهل��وان ال��ذي م��ن الممكن أن يك��ون ملحداً‬ ‫ولكن��ه واعي للتماي��زات الطائفية وتح��رك وعيه الثقافي‬ ‫يلج��أ هذا الن��وع للكذب الس��فيه ف��ي فرضي��ة الممانعة‬ ‫والوطنية كستار دخاني لطائفيته ويعمم أفكار عن جهل‬ ‫وتخلف المجتمع كمبرر الس��تبداد وفس��اد الحاكم‪ ..‬هناك‬ ‫ش��رائح توالي النظام ألس��باب غير طائفية بالطبع تتعلق‬ ‫بشبكات مصالح وخوف من التغيير ولكنها ال تقاتل ألجله‪.‬‬

‫عبد حكواتي‬

‫بع��د المناورة األولى للطائرة‪ ،‬س��قط مبنى بكامل س��كانه‬ ‫وتحول لرماد وبقايا أطفال وعجوز وزوجها ملتحفين ببقايا‬ ‫ج��دار‪ ،‬وصديقي الذي ارتميت أمامه كك��رة رماه طفل كان‬ ‫يلع��ب م��ع أصدقائه ق��رب المبنى‪ ،‬ل��م اس��تطع أن أحضن‬ ‫المش��هد بص��ورة‪ ،‬كانت العدس��ة عمياء كمن ل��م يحضروا‬ ‫المشهد‪ .‬ألطفال منبج الجاثمين على قلوبنا السالم‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫حازم العظمة‬

‫أع��رفُ‪ ..‬ليس س��ه ًال أن تكتب عن العزل��ة والموت‪ ..‬عن‬ ‫الب��كاء وخ��واء الكائن��ات‪ ..‬عن فس��اد العال��م‪ ..‬عن األلم‬ ‫والص��داع‪ ..‬عن يدك التي ترتجف من ش��دة الرهف‪ ..‬عن‬ ‫التضحي��ات والضحايا‪ ..‬عن صليبك وحوارييك‪ ..‬مع هذا‪..‬‬ ‫الضحايا ل��م ترهم‪ ..‬والجدران تعي��د ضحكاتك األعلى‪..‬‬ ‫ب��ورع‪ ..‬متى انتبهت إلى المراس��لين‪ ..‬أنت‬ ‫الت��ي تخفيها ٍ‬ ‫الش��هيد‪ ..‬م��ا أس��هل أن تكتب ع��ن البكاء وخ��واء العالم‬ ‫والكائنات‪ ..‬عن العزلة والموت‪..‬‬

‫ن�ضال معلوف‬

‫لم��ن يبحث عن الحل‪ ..‬أقول قبل أن ترى قش��ة الطائفية‬ ‫ف��ي عين غيرك يج��ب أن تش��عر بعصاه��ا الغليظة في‬ ‫عين��ك‪ ..‬إن أكثر الناس طائفية ه��ؤالء الذين يقولن لك‬ ‫على الدوام أنهم يخشون منها‪..‬‬

‫‪�‎‬سعاد جرو�س‪‎‬‬

‫وزي��رة ثقافتنا بال صغرة مصرحة لـ(س��انا) اليوم‪ :‬انه من‬ ‫أولويات خطة وزراتها "إيصال الثقافة إلى كل زاوية وركن‬ ‫في س��وريا"!!‪ .‬يعني الثقافة دليفري عالمنازل والحارات‪..‬‬ ‫أو ما بقي من المنازل والح��ارات‪ ..‬زكاتك‪ ..‬ناقصنا ديوان‬ ‫ش��عر لصابر فلحوط‪ ،‬وكتاب (البعث) تأليف فايز إسماعيل‬ ‫ما بدي غيره‪ ..‬يا ريت تبعتيها بسرعة متل الصاروخ‪ ..‬ألن‬ ‫صاير عنا تجفاف بالثقافة واإلرشاد القومي‪..‬‬

‫ملى قنوت‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪26‬‬

‫م��ا فائدة مالينك��م وطحينكم ومالبس��كم وأنت��م تحمونه من‬ ‫السقوط‪ ..‬ارفعوا أيديكم عن ثورتنا ونحن كفيلون بانتصارها‪..‬‬

‫عمي‪ :‬متل ما بقلك بتكتب‪ ...‬عرفت عليي شلون؟؟‬ ‫اإلس�لام فيو كل ش��ي‪ ،‬وبيناسب كل العصور‪ ،‬وكل األوقات‪ ،‬وفيه كل التش��اريع يلي ممكن يحتاجا اإلنسان‬ ‫بحياتو‪ ،‬وحتى مماتو كمان‪ ،‬يعني اإلرث وحضانة الوالد‪ ،‬وغيرو وغيراتو‪ ..‬عرفت علي شلون؟؟‬ ‫المهم‪ ،‬أخي أنا هاد مبدئي بالحياة‪ ،‬بس ما بيعني أني عممو عالكل‪ ..‬دير بالك هااا‪ ..‬ترا يلي ما بيتوافق معي‬ ‫ماني ضدو أنا‪ ،‬بالعكس تماماً‪ ،‬طول ما هو ماش��ي معي دغري أنا ماش��ي معو دغري‪ ،‬وطول ما أنا معو دغري‪ ،‬هو‬ ‫مع��ي دغري‪ ،‬عمي نحنا بدن��ا دولة مدنية‪ ،‬حرة وديمقراطية وتعددية‪ ...‬يعني كل مين بدينيو‪ ،‬بس يلي بيجمعني‬ ‫فيه هو سوريا‪ ..‬هي البلد الوحدة‪ ..‬يلي الكل قلب واحد‪ ،‬شو ما كان انتمائن أو تفكيرن‪ ..‬عرفت عليي شلون؟؟‬

‫حجي أبو محمد‪ ،‬صاحب بقالية بالشاغور‬

‫مروان زكريا‬ ‫‪"‎‬التفكي��ر األقل��وي" ليس إال أحد أش��كال تعبير اإلنس��ان‬ ‫ع��ن خوفه م��ن المجه��ول (الم��وت‪ ،‬أو اآلخ��ر المجهول)‬ ‫ومع��ه الحاج��ة إل��ى الحماي��ة م��ن ذل��ك المجه��ول عن‬ ‫طريق "التكاتف"‪ .‬وال ّ‬ ‫تُحل المش��كلة بـ"حماية األقليات"‬ ‫المزعوم��ة‪ ،‬إنّم��ا بمعرفة اآلخ��ر والتواص��ل معه‪ .‬وفي‬ ‫بُعد ما‪ :‬يعاني معظم البش��ر من ش��كل من أشكال هذا‬ ‫"التفكي��ر األقل��وي" ال��ذي ال ّ‬ ‫يُحل من جذوره اّإل بكش��ف‬ ‫المجهول الكامن ‪ -‬ك ّله ‪ -‬في العقل البشري ذاته‪.‬‬

‫جالل عمران‬

‫السّياسة الخطيبية‪ :‬صفّي النيّة ونام بالبريّة‪.‬‬

‫ن�صري حجاج‬

‫أعتق��د ب��أن البالد التي يرف��ع فيها علم الثورة الس��ورية‬ ‫ب��كل فخر ومحبة وهي بحاجة إلى من يحمل علمها بكل‬ ‫فخر ومحبة هي فلسطين‪.‬‬

‫با�سم �صباغ‬

‫هنا مخيم اليرموك‪ ..‬هنا وطن كامل دون نفاق‪..‬‬

‫�سامل نا�صيف‬

‫الثائ��ر صفة ال تعني بالضرورة االنحي��از لكل من يقاوم‬ ‫النظ��ام‪ ،‬ه��و فعل الرف��ض للنهج االس��تبدادي أي��ًا كان‬ ‫مصدره‪ .‬هنا ال بد من الوقوف على حوادث الخطف واتخاذ‬ ‫موق��ف منها ومن الجهات التي تقترفها س��واء كان جيش‬ ‫حر أو فصائل محس��وبة على الجناح المس��لح‪ .‬من يقوم‬ ‫بالخطف‪ ..‬بالس��لب‪ ..‬باالعتقال‪ ..‬بالقتل التعسفي كلهم‬ ‫في كفة ميزان واحد كله��م مجرمون في العرف الثوري‪.‬‬ ‫وعل��ى فصائل الثورة اتخ��اذ موقف منه��م جميعًا وعدم‬ ‫االكتفاء بخصومتها مع النظام وحده‬

‫علي قطيفان‬

‫اته��ام ومعاقبة األش��خاص تح��ت بند "وه��ن نفس��ية األمة" ما‬ ‫كانت مجرد مادة بالقانون‪ ،‬هي منهجية أو نمط تفكير لش��ريحة‬ ‫واس��عة من أفراد هاألمة‪ ..‬هي ما بتخص البعث وال فينا بأي حال‬ ‫نعتبرها من منطلقاته ومخرجاته بس‪ ،‬يا سبحان مين بعثكن‪!..‬‬

‫�أحمد جوالن‬

‫اقتصاد األردن يعتمد على‪ :‬السياحة‪ ..‬ومخيم الزعتري‪):‬‬

‫هاال مراد‬

‫عين أم كفاية؟ أين النخوة يا عرب؟‪..‬‬ ‫النخوة!‪ ..‬هل هي فرضُ ٍ‬

‫ح�سام القطلبي‬ ‫لم يبن من المس��اجد والجوامع في تاريخ سوريا كما بني‬ ‫في عهد األس��د األب وابنه‪ .‬ولم يهدم ويقصف ويستباح‬ ‫مس��جد أو جامع كما في عهد األس��د وابن��ه‪ .‬كما أن أهب ًال‬ ‫ال يصدق أن س��بب األولى هو إيمان وتقى أس��ديين‪ .‬فإن‬ ‫الثانية ال تفضي الستنتاج مزاجي بأن آل األسد يحاربون‬ ‫اإلس�لام والمس��لمين اآلن ف��ي س��وريا‪ .‬عل��ى م��ا تريد‬ ‫مجموعات متش��ددة وأصولية تسويقه وتوزيعه إعالميًا‪.‬‬ ‫ول��م يك��ن تحال��ف األس��د األب مع االتح��اد الس��وفييتي‬ ‫رومانسية أس��دية ش��يوعية لخير (البروليتاريا الكادحة)‬ ‫ول��م يكن تحوله لجزء أساس��ي من المعرك��ة األميركية‬ ‫ضد (اإلرهاب) ليبرالية أس��دية معادية لألممية الثالثة!‪..‬‬ ‫أعرب آل األس��د أس��ديًا‪ ..‬س��وى ذلك ف��إن وجهات نظرك‬ ‫الحماسية والعبقرية هي أشبه بهوارة آالن مرعب‪..‬‬

‫رزان غزاوي‬ ‫في عصر الميغ‪ ،‬الكالشينكوف سالح سلمي‪.‬‬

‫م�صطفى عنتبلي‬ ‫عندما يقول ملك األردن‪" :‬تفكك س��وريا وتقس��يمها إلى‬ ‫دول صغيرة هو أمر كارثي وسنعاني منه لعقود قادمة"‪.‬‬ ‫ال يذكرني ذلك ‘ال بقول الس��اكن الجديد لصاحب البيت‪:‬‬ ‫"مجاري الصرف الصحي هنا في منتهى السوء‪ ..‬وأخشى‬ ‫ان تفي��ض علينا"‪ ..‬أبو جدّك وس��ميّك‪ ..‬عبد اهلل األول‪..‬‬ ‫أخذ من الحلفاء دولة ترضية‪ ..‬هي عبارة عن ش��قفة من‬ ‫سوريا تقع شرقي النهر‪ ..‬ال أعلم تماما مقدار التطمينات‬ ‫أو التحذيرات التي تأتيك من أصحابك في المحفل‪ ..‬بس‬ ‫يعني‪ ..‬أبوك على جدك على ستك التركية زوجة طالل‪..‬‬ ‫على نجمة العلم الس��باعية وعلى سايكس بيكو الكبير‪.‬‬ ‫وعلى غب��ار ووحل الزعتري‪ ..‬لس��تم إال نقطة في قذارة‬ ‫النظ��ام المقاوم الممانع‪ ..‬الذي أفس��ح لكم ف��ي البيت‪..‬‬ ‫وم ّكنكم فيه من بابه لمحرابه‪.‬‬

‫زياد ال�صويف‬ ‫مس��ك أيد أختو الصغي��رة وركض فيها هرب��ان من باب‬ ‫البي��ت الوراني‪ ..‬صوت والدتو ع��م يضعف مع كل خطوة‬ ‫خ��وف وهية عم تص��رخ الرحم��ة‪ ..‬ما ع��م يقطع صوت‬ ‫األم إال ص��وت أبوه اللي رابطينو عم يتفرج كيف الحثالة‬ ‫عم يغتصبوها‪ ..‬اختفى الصوت ورجع الس��كون‪ ..‬حامل‬ ‫أخت��و النايمة على ص��درو‪ ،‬وراجع فيها ليس��تفقد أهلو‪..‬‬ ‫الكالب عم تنهش بلحم والدتو‪ ..‬بعد ‪ 31‬س��نة تماما من‬ ‫هالقص��ة‪ ..‬من الالدقية بقلك‪ :‬حماة س��امحينا تركناكي‬ ‫وق��ت اللي طلبتين��ا‪ ،‬وكنتي أول مين رد عل��ى نداءنا لما‬ ‫احتجناكي‪ ..‬حماة‪ ..‬ما حدا نسيكي‪ ..‬بس كنا أندال‪..‬‬

‫األخوة األع��زاء معاذ الخطيب ورياض س��يف‬ ‫وج��ورج صب��را‪ ،‬أتعرفون ما ال��ذي يميز قائد‬ ‫لواء التوحيد عبد الق��ادر الصالح (حجي مارع)‬ ‫عنك��م جميع��ا‪ ،‬ويجعل منه أكثركم ش��عبية‬ ‫ومصداقية وتأثيرا عل��ى االرض وفي صفوف‬ ‫المقاتلي��ن والن��اس العادي��ن في الش��مال‬ ‫الس��وري المح��رر؟‪ ..‬أكيد أن��ه ال يحمل ذات‬ ‫الش��هادات وال يتكل��م مثلكم لغ��ات أجنبيه‬ ‫وال يتقن فنون السياس��ة وأص��ول العالقات‬ ‫الدبلوماس��ية‪ ،‬ال بل أن مفاهيمه عن الدولة‬ ‫المدنية والش��ريعة اإلسالمية والديمقراطية‬ ‫والعدالة جدّ مشوشة وملتبسة وضبابية‪..‬‬ ‫ما يمي��زه عنكم جميعا بكل بس��اطة الكلمة‬ ‫وفجاعتها‪ ،‬أنه ال يعيش في الخارج‪ ،‬بل يعيش‬ ‫في الداخل المحرر على خط النار بين الناس‪،‬‬ ‫يقاتل إل��ى جان��ب مقاتليه ويتع��رض لذات‬ ‫المخاطر ويصاب ويتعاف��ي ويعود من جديد‬ ‫ليكون في صفوف مقاتليه‪.‬‬ ‫أع��رف أن جميعك��م دفع أف��دح األثمان ذات‬ ‫يوم في الداخل السوري‪ ،‬وأجبر أن يغادر على‬ ‫مضض‪ ،‬لكن من اللحظ��ة التي قبلتم تحمل‬ ‫المسؤولية وتنطحتم للقيادة‪ ،‬لم يعد مقبوال‬ ‫أن تقيموا في الخارج‪.‬‬ ‫هن��اك أكث��ر م��ن ‪ % 60‬م��ن عاصم��ة البالد‬ ‫االقتصادي��ة حل��ب مح��ررة وه��ي تنتظركم‬ ‫لتقيم��وا فيها وتفتح��وا مكاتبك��م وتقودوا‬ ‫شعبكم وتتقاس��موا معه لقمة الموت واأللم‬ ‫واألمل والحياة‪ .‬وهكذا ننتصر‪..‬‬ ‫علي األتاسي‬ ‫حول الثورة‪ .‬ال تنتظروا حال من الخارج‪ ،‬ال نفط‬ ‫الخليج وال وعود أمريكا‪ ،‬فالثورة السورية اكبر من‬ ‫أن يجري النظ��ر إليها وكأنها تتس��ول االنتصار‪،‬‬ ‫ممن ل��م يؤم��ن يوما بح��ق العرب ف��ي الحياة‬ ‫الكريمة‪ .‬الش��عب السوري س��ينتصر ألنه استحق‬ ‫ذلك بتضحياته الهائلة‪ .‬وحين ستعود سورية إلى‬ ‫السوريات والسوريين سوف تبدأ مسيرة المشرق‬ ‫العربي نحو استعادة صوته وحضوره‪.‬‬ ‫إلياس خوري‬ ‫إذا كان مِ��ن فضيلة لوج��ودي هذي األيام‬ ‫تحت االحتالل اإلس��رائيلي‪ ،‬إضافة لكوني‪ ،‬ويا‬ ‫لس��خرية القدر‪ ،‬بمأمن من آلة القتل األسدية؛‬ ‫فهو وضعي‪ ،‬ولحسن حظيّ‪ ،‬في موقع يستحيل‬ ‫فيه عل��يّ المزايدة على دماء ش��عبي وجراحه‬ ‫وعذاباته‪ .‬مبادرة معاذ الخطيب‪ ،‬على حسناتها‬ ‫أو عالتها‪ ،‬سمّها أو صفها بما شئت؛ دفعت بنا‬ ‫إلى غير مأزق‪ :‬هي‪ ،‬بالدرجة األولى‪ ،‬جاءت أوضح‬ ‫مح��ك الختب��ار كم نح��ن مخصيون سياس��يا‪.‬‬ ‫والثاني��ة‪ ،‬واألهم‪ ،‬أنها تضعنا وجها لوجه أمام‬ ‫اختب��ار أخالقي مِن العي��ار الثقيل‪ ،‬ليس مِن‬ ‫الس��هل اجتيازه مِن غير أعطاب‪ .‬أتساءل‪ ،‬وأنا‬ ‫في هذا الترف؛ بعي��د عن الجحيم الذي يلحقه‬ ‫النظام بشعبي‪ ،‬لو كنت أنا المرشّح للقتل غدا‬ ‫أو أم��ي وأبي أو أحد أخوت��ي‪ ،‬أو كان بيتي على‬ ‫قائمة أه��داف التدمير‪ ،‬هل كنت ألعتبر مبادرة‬ ‫الخطيب عبقرية في مكانها؟ أم هي فذلكة؟ أم‬ ‫قد تكون تهوّرا؟ أو ربما خيانة؟‬ ‫ما يخ ّفف مِن وط��أة حرجي األخالقي أمام‬ ‫نفس��ي وهروب��ي مِ��ن اإلجابة‪ ،‬ه��و قناعتي‬ ‫المطلق��ة أن لمن هم في الداخ��ل‪ ،‬وحدهم‪،‬‬ ‫الح��ق الحصري في القب��ول والرفض والحكم‬ ‫والب��ت والفص��ل‪ ،‬وأني لم أم��ش على خطى‬ ‫الكثيري��ن ممّن يش��اركوني البعد عن أرض‬ ‫المأساة والفجيعة‪ ،‬لكنهم حوّلوا صفحاتهم‪،‬‬ ‫ب�لا رادع أو وازع‪ ،‬إل��ى ما يش��به محاكم أمن‬ ‫الدول��ة‪ ،‬ومقاص��ل ودور إفت��اء وهيئ��ات أمر‬ ‫بالمعروف ونهي عن المنكر!؟‬ ‫حسن شماس‬

‫صبارتنا حيث ال أحد فوق النقد‪..‬‬ ‫باب ناقد ساخر يتناول مواضيع سوريتنا‪..‬‬ ‫مجتمعنا وثورتنا‪..‬‬ ‫ ‬

‫ ‬

‫ ‬

‫المحشش السوري االلكتروني‬

‫بوست خيالي من وحي بعض صفحات رفع المعنويات‬ ‫القناة العاش��رة االس��رائيلية‪ :‬صفحة المحش��ش االلكتروني تطلق بوستات‬ ‫تخت��رق أج��واء حيفا وت��ل ابيب وال أنباء عن أض��رار ولكن هذه العملي��ة أظهرت ان‬ ‫المحشش ال يمزح وانه قادر على اذاللنا اينما أراد‬ ‫المحل��ل األمريك��ي العالمي والكات��ب في كل صح��ف العالم روبرت سلفس��تر‪:‬‬ ‫لق��د حاولت الواليات المتح��دة على مدى عصور اغالق صفحة المحش��ش ولكن تركيبة‬ ‫الصفح��ة وعظمة صاحبها اذهلت الجميع وأعتقد ان اوبام��ا اخطأ باتخاذ قرار العبث بامن‬ ‫الصفحة‬ ‫صحيفة لوس انجلوس تايمز الش��هيرة‪ :‬دهاء المحش��ش األلكتروني ومحبة أعضاء‬ ‫صفحت��ه له أوقعت اكبر رجال السياس��ة االمريكيين واالوروبيين في ش��رّ أعمالهم وهم‬ ‫اآلن يحاولون التفاوض معه ولكنه يرفض النه لن يتوقف حتى النصر الذي سيذ ّلهم‬ ‫عري��ف صف ضباط بكتلة المدرعات ‪ 487‬الصيني��ة الذي كان له الدور األعظم‬

‫اكتشاف‬ ‫حسب اسماء السوريين على الفيس بوك‬ ‫اكتشفت انو أكبر عيلتين بسوريا هنن آل ‪ Syr‬و آل ‪Syrian‬‬ ‫برعاية التيار الصهيوصليبي العلماني الليبرالي اليساري‬ ‫الماسوني الغربي السوري‬

‫في الحرب العالمية الثالثة‪ :‬كل قوى العالم تسعى أن تسقط‬ ‫صفحة المحش��ش ولكن اس��تخباراتنا أكدت س��يطرة المحش��ش على‬ ‫صفحته والغرب اآلن يبحثون عن مهرب غير ّ‬ ‫مذل للورطة التي اوقعو نفسهم فيها‬ ‫جريدة يعنينس��ون معتارون االسرائيلية الش��هيرة نق ًال عن اخو جوز خالة نتنياهو‪:‬‬ ‫ال أحد في العالم كان يتوقع ان يصمد المحش��ش بهذا الش��كل‪ ،‬لقد أخطئنا وأنا اغيّر لباسي‬ ‫الداخلي ‪ 4‬مرات في اليوم بس��بب الوضع المعوي نتيجة الخوف من رد المحش��ش خصوصاً بعد‬ ‫قبضه على نائبي وهو يوزّع اقراص فالفل محشية بالحشيش المضروب على معارضي صفحته‬ ‫الديالي الما األب الروحي للبوذيين في العالم‪ :‬بعد البوس��ت األخير للمحشش احسست بأن‬ ‫كل روحانية البش��ر ال تكفي لفهم دهاء وذكاء وفطرة المحش��ش‪ ،‬انه فريد من نوعه في كل شيء‬ ‫وعلى العالم ان يكون س��عيداً لوجود شخص مثله ونتع ّلم جميعاً منه وننهل من علمه الناتج عن‬ ‫سنين طويلة من خبرته وخبرة عائلته في إدارة البالد والعباد‬ ‫أينشتاين من قبرو‪ :‬أخاف ان يعرف العالم كمية ذكاء المحشش فامحى أنا من الذاكرة‬ ‫مالحظة‪ :‬كل خبر من هدول بيجي عليه شي ‪ 500‬اليك لحالو عادة‬

‫من ‪ 5000‬س��نة‪ ،‬رس��الة سوريا‬ ‫للعالم و للتاريخ ولإلنسانية‪..‬‬ ‫يمكن لسا ما وصلت لكل‬ ‫السوريين‪..‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪-1‬‬‫وزير سابق‪ ،‬مدري ثقافة مدري اعالم‪..‬‬ ‫طل��ع عبرنام��ج حواري م��دري مبارح م��دري من ‪3‬‬ ‫ايام‪..‬‬ ‫طل��ع بنتيجة مبهرة خارقة حارق��ة متفجرة‪ ..‬قال‬ ‫سوريا مو بلد متنوع‪ ..‬طجججججج مقالية‬ ‫تخيلو هيك ش��خص كان اعلى سلطة ثقافية‬ ‫بس��وريا مدري اعلى سلطة اعالمية‪ ..‬وليييي‬ ‫ه��ي لحاله��ا بدها ش��ي ال��ف ث��ورة و‪500‬‬ ‫انتفاض��ة ومدري ك��م ملي��ون مظاهرة‪..‬‬ ‫وحوالي ‪ 10‬مجرات‬ ‫هيك نوع من العقول االلغائية منحب‬ ‫نقل��ه‪ ..‬ريييييييي��ح حالك وش��كرا لجمالك‬ ‫حاج��ة تخبيص وتبرير لخمس��ين س��نة من‬ ‫حك��م ح��زب ل��ون واح��د حابب يقن��ع حاله‬ ‫ان��و البلد لون واحد‪ ..‬متل االس�لامي‬ ‫يلي جاي��ة يقنع حال��ه هلق انو‬

‫البلد ل��ون واحد‪ ..‬انت��و االتنين روحو تح��اورو‪ ..‬يا طلعو‬ ‫بنتيجة وغيرو الكوليات‪ ..‬يا ال بقى تطلعو عالتلفزيون‪..‬‬ ‫عيييييييييييب يا اصالح عيب‪..‬‬ ‫هلق كم ش��ب صغار وكم مش��لوش وكم سكران‬ ‫ممك��ن يقعدو يتناقش��و عن الموضوع‪ ..‬ب��س انو وزير‪،‬‬ ‫ي��اهلل وزير‪ ،‬يحكي هيك‪ ..‬أل ومبس��وطين فيه وجايبينه‬ ‫على برنامج حواري‪ ..‬أل وقاعد عم يبرهن‪ ..‬هون بتذكر‬ ‫العالم��ة زياد وقت ق��ال «حاج تحلل بحياتك‪ ..‬تس��لملي‬ ‫تحليالتك»‬ ‫من وقت ما سمعته وانا ضغطي‬ ‫‪ ..18/10‬شلشناها عليكن‬ ‫‪-2‬‬‫ أنا مؤبد للعضم‪..‬‬‫=و أنا معارض للعضم‪..‬‬ ‫«المؤي��د و المع��ارض‬ ‫للعضم»‪ :‬و إنت شو؟‬

‫*أنا برجي التور‪..‬‬ ‫«المؤيد و المعارض للعضم»‪ :‬حلبو‬ ‫‪-3-‬‬

‫أسبوعية‬

‫ال تشــلشــنا مشـــلوشــين‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬

‫متى يسقط النظام؟‬ ‫هل سقوط النظام يعني سقوط المؤسسات الحكومية؟‬ ‫ماذا سيحصل باالسلحة الكيميائية؟‬ ‫ما المصير الذي يواجه بش��ار االس��د و كيف ستتم محاكمة المسؤولين‬ ‫عن القمع بظل عدم وجود قضاء؟‬ ‫هل من يقاتل مع النظام س��وف يترك الس�لاح بمجرد س��قوط بشار‬ ‫االسد؟‬ ‫ه��ل يوجد ش��يء اس��مه جيش ح��ر ام مج��رد كتائب مس��تقلة غير‬ ‫خاضعة لقيادة سياسية؟‬ ‫ما مستقبل القضية الكردية؟‬ ‫ما مس��تقبل المناطق الس��احلية و جبل العرب؟ هل س��وف يدخلها‬ ‫الجيش الحر ام سوف تبقى تحت سيطرة لجان الحماية؟‬ ‫هل سوف يحصل تقسيم على اساس طائفي او عرقي؟‬ ‫هل الجماعات االصولية القوية على االرض س��وف تحكم س��وريا‬ ‫على الغرار االفغاني او االيراني؟‬ ‫هل الجماعات االصولية سوف تقبل بالديمقراطية؟‬ ‫و ف��ي حال لم تقبل الجماعات االصولية بالديمقراطية هل س��وف‬ ‫تتخلى عن السالح طواعية؟‬ ‫و ماذا س��يفعل المجاه��دون األجانب بعد س��قوط النظام؟‬ ‫هل س��وف يبقون في س��وريا ام س��وف يعودون و من س��وف‬ ‫يجبرهم علي العودة؟‬ ‫هل س��وف تتخلى الكتائب المسلحة عن السالح طواعية؟‬ ‫و اذا رفضت من سوف يجبرها؟‬ ‫هل س��وف يتم اعادة بناء الجيش على اس��اس وطني؟ اما‬ ‫على اساس طائفي؟‬

‫صبارة سوريتنا ‪. .‬‬

‫أسئلة لن تجد لها إجابة!‬

‫ما هو الجيش الحر؟ و من يموله؟ و بأي ثمن؟‬ ‫بفرض االجابة عن كل تلك االس��ئلة و حص��ول الديمقراطية هل‬ ‫س��وف تصمد امام االنقس��امات الطائفية و العرقية؟ ام س��وف تتدخل في‬ ‫مراحل انتكاسات طويلة؟‬ ‫هل سوف يحصل تدخل دولي ضد بشار االسد او ضد الجماعات االصولية ام ال؟‬ ‫هل هل هل هل هل هل‪..‬‬

‫‪27‬‬

‫ُهنا ِد َم�شق‬ ‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )73‬شباط ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪28‬‬

‫سيامند حسين‬ ‫(يوميات ومشاهدات) ‪ 5‬شباط ‪2013‬‬

‫عبرت ش��ارع القيمري��ة من أوّله آلخ��ره‪ ،‬تتأمل‬ ‫البيوت والدكاكين فيه‪ ،‬وتمعن النظر في وجوه الناس‬ ‫مصرّة على قراءتها‪ ،‬قادمة من جهة باب توما باتجاه‬ ‫الجامع األموي‪ .‬كانت خالتها‪ ،‬المرأة الشابة‪ ،‬بانتظارها‬ ‫ف��ي دكان زوجها الذي ورثه عن أبيه‪ .‬لقد مرّت إحدى‬ ‫وعشرون س��نة والرجل‪ ،‬الذي بدأ مراهقًا‪ ،‬يقبع على‬ ‫ذات الكرس��يّ في الدكان يحرس تراث عائلته ومهنة‬ ‫أجداده‪ .‬هذه كانت الحجة التي يقدمها لكل من يسأله‬ ‫لم��اذا ال يعمل في اختصاصه‪ ،‬كفيزيائيّ‪ .‬على أبواب‬ ‫الدكان الخش��بية المفتوحة نح��و الخارج مازال الرجل‬ ‫يع ّلق كل صباح بضاعته وينفض عنها غبار األمس‪.‬‬ ‫على جانبي الطريق‪ّ :‬‬ ‫محل ربيب الحزب‪ ،‬صاحبه‬ ‫الذي كنا لوهلة نش��عر بأنه ينحدر من س�لالة زعيم‬ ‫الح��زب؛ لقد كان مزعجاً أن نضط��رّ –نحن الحاقدون‬ ‫على الزعيم وأسياده ‪ -‬للعبور من أمام المحل وسماع‬ ‫صرخ��ات جولي��ا بط��رس المتهدّج��ة حماس��اً‪ ،‬ولتقع‬ ‫أعينن��ا في كل مرة على ص��ور جديدة لزعيم مُريدي‬ ‫العل��م األصف��ر ذو النق��ش األخضر ال��رديء‪ ،‬وأخرى‬ ‫لألس��د ونجاد وجيف��ارا ويس��وع المس��يح‪ ،‬باإلضافة‬ ‫لص��ور في��روز ومرس��يل وزي��اد ودروي��ش أحيان��اً‪،‬‬ ‫وأعالم الوطن وفلس��طين ولبن��ان وغيرها من الدول‬ ‫الصديقة؛ كان مح�ل ً‬ ‫ا يبيع الهوات��ف النقالة وتوابعها‬ ‫بشكل أساس��ي‪ ،‬موسيقى وإكسس��وارات ميتالجيّة‪،‬‬ ‫أغان��ي وديع وزي��اد وغيرها مم��ا كان يقب��ل التأويل‬ ‫بتعاليم المقاومة وشُ��روح المالحم‪ .‬حانوت أش��رطة‬ ‫الط��رب القدي��م‪ ،‬كان مفتوح��ًا أيضًا‪ ،‬لم تلم��ح أحداً‬ ‫في الداخل‪ ،‬ربم��ا كان صاحبه الوَدود في زيارة جاره‬ ‫المج��اور ل��ه‪ .‬بعد أن اجتازت��ه‪ ،‬تذكرت أنه��ا لم تنتبه‬ ‫يوم��ًا إن كان صوت أم كلث��وم ما زال يصدح عاليًا في‬ ‫معظ��م األوقات‪ ،‬كما كان قبل الثورة دائماً‪ .‬ابتس��مت‬ ‫للكهل الجالس أمام دكانه‪ ،‬البقالية الضيقة المشبعة‬ ‫برائح��ة وحيدة‪ ،‬هي خالصة س��نين مم��ا ذرّه الجُبن‬ ‫ِّ‬ ‫المعطرة‬ ‫وصاب��ون الغار والزيت��ون وباقي المنتج��ات‬ ‫م��ن أبخ��رة‪ .‬أغض��ت عندما نظ��ر إليها رج��ال خرجوا‬ ‫لتوّهم من المس��جد الصغير الذي تتوس��ط أش��جارٌ‬ ‫به��وَه المكش��وف؛ مس��جد ال ينتبه الغري��ب لوجوده‪،‬‬ ‫فلبابه المغلق في معظم األحيان‪ ،‬أُلفة بيت دمشقي‬ ‫قدي��م‪ .‬إمرأة تحمل رضيعًا‪ ،‬توقفت لتمأل زجاجة بماء‬ ‫ّ‬ ‫مح��ل ألفالم ال��ـ ‪ ،DVD‬مكتبة‬ ‫م��ن صنبور الس��بيل‪.‬‬ ‫بقلي��ل من الكتب ومحالت أخرى خلت من الزبائن في‬ ‫ذلك العص��ر‪ .‬المخبز القديم ما يزال يعمل‪ ،‬الخبازون‬ ‫متوقفون عن العمل‪ ،‬يش��ربون الشاي ويحدّقون في‬ ‫المارّة‪ ،‬كانت رائحة الخبز السميك المرشوش بالحبة‬ ‫ً‬ ‫خفيف��ة إلى األنوف‬ ‫الس��وداء‪ ،‬تُهادن اله��واء وتنزلق‬ ‫فتثي��ر لع��اب البع��ض‪ ،‬وتُهيّ��ج معدات آخري��ن أكثر‬ ‫جوعاً‪ .‬في محل اللوحات الرديئة نوعاً مّا‪ ،‬كان الرسام‬ ‫المُوكل بالعمل‪ ،‬يجلس على كرس��يّ خشبي ويضع‬ ‫لوحة بيضاء فوق ركبتيه ممسكًا بقلم الفحم‪ ،‬ينتظر‬ ‫لحظة انطالق ّ‬ ‫الخط األوّل‪.‬‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫كل الوجوه التي ش��اهدتها في عبورها المتمهّل‬ ‫كان يدفعه��ا‪ ،‬قبل وصولها ل��دكان زوج خالتها‪ ،‬باتجاه‬ ‫الع��دول عن رأيها‪ .‬ف��ي الصباح كانت ق��د اتصلت بها‬ ‫صديقة لتدعوه��ا إلى تناول القه��وة والكيك بصحبة‬ ‫أخريات ف��ي مركز المدينة؛ لكنها اعت��ذرت‪ ،‬وربما بدا‬ ‫ف��ي اعتذراه��ا انزعاج لم تخف��ه لش��دة تألمها‪ ،‬فهي‬ ‫تفضّ��ل على ذل��ك‪ ،‬أل��ف مرّة‪ ،‬المش��ي وحي��دة في‬ ‫ش��وارع دمش��ق بحثًا عن أيّ جديد‪ ،‬تدرك جيداً أنه قد‬ ‫ال يكون ‪ -‬كيوم أمس مث ًال ‪ -‬سوى اكتشاف المزيد من‬ ‫عائالت نجت بنفس��ها من قصف م��ا كانت متهيّئة له‪،‬‬ ‫فوجدت نفسها بغتة تستجدي بصمت مآوىً ألطفالها‪.‬‬ ‫سبب مّا لم تدركه ّ‬ ‫تلقفها من شرودها وتأملها لتنظر‬ ‫في ساعتها وتقرّر اللحاق بصديقاتها‪ .‬وصلت الدكان‬ ‫حي��ث كانت خالته��ا تنتظره��ا وحيدة‪ ،‬تبادل��ت معهما‬ ‫بع��ض العبارات‪ ،‬وعلمت منه��ا أن زوجها كان بدأ قبل‬ ‫أسبوع بإعطاء دروس الفيزياء‪ ،‬في معهد يأمُّه طالب‬ ‫أخبره��م آباؤه��م ذات صب��اح أن مدرس��تهم دُم��رت‬ ‫بالكامل‪ .‬أبلغتها معتذرة بضرورة ذهابها‪ .‬وخرجت‪.‬‬ ‫الوج��وه مصقولة بالتعب‪ ،‬ثم التعب مرات ومرات‪،‬‬ ‫وكأنها طبقات تيبّست فوق بعضها‪ .‬في الميكروباص‬ ‫صباح��ًا وج��وه موظفين وط�لاب وعم��ال متعبين من‬ ‫ساعات ‪ -‬يجهلون عددها اليوم ‪ -‬ستقتات عليها حواجز‬ ‫ُ‬ ‫صَلِفون‪ .‬مع ذلك‪ ،‬ت��رى أحدهم يقرأ‬ ‫يرأس��ها ضباط‬ ‫كتاب��ًا وآخر يبتس��م‪ .‬ظهراً في الس��وق وج��ه منتعش‬ ‫لصاحب مح��ل الحلويات في القصاع‪ ،‬يطلب بلطف من‬ ‫صبيّ فقير الحال أن يذهب بما طلبه ويخبره أن ال حاجة‬ ‫لدفع أي مبلغ‪ .‬وجهان صامتان لزوجين غنيين يسكنان‬ ‫ي��رن جرس الباب‬ ‫في ح��يّ المزة في�لات‪ ،‬يرتاحان آن ّ‬ ‫معلن��ًا وصول المك ّلفة بنقل التبرع��ات المالية والثياب‬ ‫الت��ي قدّماه��ا وجمعاه��ا أيضًا م��ن بع��ض الجيران‪،‬‬ ‫إلى مراكز النازحين‪ .‬س��ائق التكس��ي المتجهّم‪ ،‬يدفع‬ ‫بأسطوانة لفيروز أخيراً عندما يفهم تأفف الراكب من‬ ‫نافر قبل أن يُعيد‬ ‫أخبار الراديو‪ ،‬فينفرج ووجه برضىً ٍ‬ ‫للراك��ب البقية ويربت على كتف��ه‪ :‬وفقك اهلل‪ .‬المجند‬ ‫ذو الثامن��ة عش��رة على حاج��ز تعرّض م��راراً لهجوم‬ ‫مقاتلي الجيش الحر‪ ،‬يقف بوجه منهك ينمّ عن حاجة‬ ‫ملحّ��ة إلجازة قصي��رة قد ال يعود بعده��ا‪ ،‬يُعير إمرأة‬ ‫هاتف��ه لتك ّلم أحداً من عائلتها بعد أن نس��يت بطاقتها‬ ‫الشخصية في البيت؛ تشكره فيبتسم‪.‬‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)47574‬‬ ‫دمشق‪3294 :‬‬ ‫ريف دمشق‪10505 :‬‬ ‫حمص‪8059 :‬‬ ‫درعا‪4137 :‬‬ ‫إدلب‪6065 :‬‬ ‫حلب‪6915 :‬‬

‫دير الزور‪3249 :‬‬ ‫الرقة‪386 :‬‬ ‫السويداء‪38 :‬‬ ‫حماة‪3708 :‬‬ ‫الالذقية‪704 :‬‬ ‫طرطوس‪69 :‬‬ ‫الحسكة‪245 :‬‬ ‫القنيطرة‪124 :‬‬

‫تتنقل أسارير الوجه في تعبيرها عن الفرح تارة‬ ‫وعن الحزن تارة أخرى‪ ،‬بحسب الوجه المقابل‪ ،‬وغالبًا‬ ‫ما تلعب المفاتيح المتفق عليها ضمنياً‪ ،‬دوراً في إبداء‬ ‫سعادة خجولة أو غضب مصرّح به‪ .‬أمّا رتابة تناسي‬ ‫الموت التي يتش��ارك به��ا الجميع‪ ،‬فتضي��ف كل يوم‬ ‫على الوجوه تعباً فوق آخر‪.‬‬ ‫وصل��ت (ر) الكافيتيريا حيث اللق��اء‪ ،‬وقد تأخرت‬ ‫رب��ع س��اعة‪ .‬كان النادل الوحي��د يمأل الطاول��ة‪ ،‬التي‬ ‫اجتمعت عليها ثالث فتي��ات‪ ،‬بصحون صغيرة‪ ،‬ويضع‬ ‫كؤوس��ًا فارغة وزجاجة ماء‪ .‬رحب الشاب بها وقدم لها‬ ‫كرس��ياً لتجلس‪ .‬كان��ت الكافيتيريا الت��ي درجت على‬ ‫ارتياده��ا كثي��راً‪ ،‬خاصة في حر الصي��ف بعد خروجها‬ ‫من عمله��ا القريب لتناول العصير أوالمثلجات‪ ،‬ش��به‬ ‫خالي��ة‪ .‬بقي��ت طاولة واحدة ش��اغرة بع��د أن نهضت‬ ‫إمرأت��ان كانتا تش��غالن الطاولة الثاني��ة‪ .‬بالرغم من‬ ‫موقع ه��ذه الكافتيري��ا المميز وس��ط العاصمة‪ ،‬فإن‬ ‫س��اعة المغيب اقتربت‪ ،‬وليس بالحظ السيء أن يجد‬ ‫أصحاب المطاعم طاولتين ش��اغرتين في هذا الوقت‪.‬‬ ‫كانت الفتيات يتحدّثن بتس��ارع عن مجريات األسبوع‬ ‫األخي��ر‪ ،‬يقاطعه��نّ الش��اب باقتراب��ه م��رة ليحض��ر‬ ‫القه��وة أو الحلوي��ات‪ ،‬أو م��رات أخ��رى ليس��ألهن عن‬ ‫شيء ينقصهن‪ .‬كان وجه الشاب جديداً على (ر) فهي‬ ‫كانت تعرف كل الذين كان��وا يعملون هنا‪ .‬في لحظة‬ ‫كانت صديقاتها يش��اهدن بع��ض الصور على هاتف‬ ‫إحداه��ن‪ ،‬أطرق��ت (ر) تُفك��ر بمصير أولئك الش��بان‬ ‫الذي��ن اختفوا اآلن‪ ،‬ربمّا بع��د انطالق الثورة‪ ،‬منذ أن‬ ‫أحجم��ت عن المجيء إلى هذا الم��كان‪ .‬قبل أن تلتفت‬ ‫إل��ى صديقته��ا الجالس��ة بجانبها التي توجه��ت إليها‬ ‫بسؤال‪ ،‬رفعت بصرها‪ ،‬فرأت الشاب ذا الوجه المريح‪،‬‬ ‫الواقف إزاء الباب يُح��دّق فيها ويداه منعقدتان خلف‬ ‫ظه��ره‪ .‬بعد قليل‪ ،‬طلبن الحس��اب‪ ،‬فجاء به الش��اب‪،‬‬ ‫وراح يش��كرهنّ طوي�ل ً‬ ‫ا‪ ،‬يبتس��م ويش��كرهنّ وهو‬ ‫يرافقه��نّ إلى الب��اب‪ ،‬ش��كرهنّ أكثر من عش��رين‬ ‫م��رة‪ ،‬كما فعل مع االمرأتين قبل ذلك‪ .‬قبل خروج (ر)‬ ‫وكانت األخيرة التي خرجت‪ ،‬رفعت نظرها إلى الشاب‬ ‫الطوي��ل الممس��ك بدرفة الب��اب‪ ،‬فرأته يهزّ برأس��ه‬ ‫وكأنه يريد أن يقول ش��يئًا‪ .‬أغمضت عينيها مبتسمة‪،‬‬ ‫وهزّت له برأسها ممتنة‪ .‬وخرجت‪.‬‬ ‫‪ 3424‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 1496‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 3145‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 8681‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 38893‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2013 / 2 / 9‬‬ ‫‪http://vdc-sy.org‬‬