سوريتنا | العدد السادس والسبعون | 3 آذار 2013

Page 1

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪1‬‬


‫ارتفاع عدد الالجئني ال�سوريني يف خميم‬ ‫الزعرتي �ضمن ظروف �إن�سانية �صعبة‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫ارتفع عدد الالجئين الس��وريين في‬ ‫مخي��م الزعتري إلى (‪ )105700‬الجئ في‬ ‫أعق��اب عبور أكث��ر من س��تة آالف الجئ‬ ‫س��وري جديد خ�لال األي��ام الماضية إلى‬ ‫األردن‪.‬‬ ‫وق��ال الناط��ق اإلعالم��ي لش��ؤون‬ ‫الالجئي��ن الس��وريين ف��ي األردن أنم��ار‬ ‫الحم��ود‪ ،‬أن تدف��ق الالجئين إل��ى األردن‬ ‫لم يعد بمق��دور الدول��ة التعامل معه ما‬ ‫يتطل��ب تضاف��ر جهود كافة المؤسس��ات‬ ‫الدولي��ة والعربي��ة لتخفي��ف انعكاس��اته‬ ‫الس��لبية التي تط��ال المملك��ة في كافة‬ ‫الجوانب‪.‬‬ ‫وأض��اف أن الحكوم��ة س��تعمد إل��ى‬ ‫اس��تخدام مخيم رب��اع الس��رحان ليكون‬ ‫مركز اس��تقبال لالجئين الس��وريين حال‬ ‫دخوله��م األردن بعدم��ا يت��م تجهي��زه‬ ‫م��ن قب��ل المفوضية الس��امية لش��ؤون‬ ‫الالجئين‪.‬‬ ‫وأشاد الحمود بدور القوات المسلحة‬ ‫األردني��ة من خالل تحمله��ا العبء األكبر‬ ‫ف��ي التعام��ل م��ع اللج��وء بعدم��ا يت��م‬ ‫اس��تقبالهم عل��ى الش��ريط الح��دودي‬ ‫وتأمين الغذاء والم��أوى لهم ونقلهم إلى‬ ‫مركز الترانزيت في المفرق على أن يتم‬ ‫توديعهم إلى مخيم الزعتري‪.‬‬ ‫ف��ي غضون ذلك صدر بي��ان حول "‬ ‫تجديد حملة إغاثة أطفال س��وريا بمخيم‬ ‫الزعتري ف��ي األردن "‪ .‬وجاء ف��ي البيان‪:‬‬ ‫" ضمن حمل��ة فلس��طين‪ ،‬إلغاثة أطفال‬ ‫مخيم الزعتري‪ ،‬يجدد "ش��باب التغيير" و‬ ‫"حَراك حيفا" و"باقة ش��باب " ومجموعات‬ ‫متطوعي��ن وناش��طين محليي��ن‪ ،‬حمل��ة‬ ‫التبرع��ات ألطف��ال والجئ��ي مخي��م‬ ‫الزعتري‪ ،‬مخيم الالجئين الس��وريين في‬ ‫األردن‪ ،‬وال��ذي يح��وي ما يزي��د عن مائة‬ ‫ألف الجئ‪ ،‬محاطون في مساحة صغيرة‪،‬‬ ‫في ظل ظروف تفوق طاقة البشر "‪.‬‬ ‫وأضاف البي��ان‪ " :‬وتأتي هذه الحملة‬ ‫لمد ي��د الع��ون م��ن منطلقات إنس��انية‬ ‫خالصة‪ ،‬ألطفال ونس��اء وش��يوخ وشباب‬ ‫باتوا ش��ظايا للممارس��ات الوحش��ية في‬ ‫وطنه��م‪ ،‬مئة ألف إنس��ان يعيش��ون في‬ ‫م��ا يش��به القفر‪ ،‬ف��ي الع��راء‪ ،‬ينقصهم‬ ‫الغذاء والدواء وماء الش��رب أحيانا‪ .‬تعبيراً‬ ‫منا وتحقيقًا إلنس��انيتنا وتماثلنا كشعب‬

‫فلس��طيني م��ع آالم الش��عب الس��وري‪،‬‬ ‫نتوج��ه بالنداء للتب��رع وجم��ع اكبر مبلغ‬ ‫ممكن‪ ،‬يقدم باس��م أبناء ش��عبنا ليخفف‬ ‫ول��و بالقليل من مأس��اة أطف��ال والجئي‬ ‫مخيم الزعتري‪.‬‬ ‫من أه��م الدواف��ع وراء الحملة‪ ،‬هو‬ ‫االهتم��ام الواس��ع ال��ذي القت��ه الحمل��ة‬ ‫األول��ى رغ��م تواضعه��ا‪ ،‬فقد اس��تطعنا‬ ‫إيص��ال ش��احنتين م��ن األجه��زة الطبية‬ ‫واألغطي��ة الدافئ��ة واألغذي��ة‪ ،‬ولمس��نا‬ ‫بأنفس��نا حج��م الكارث��ة اإلنس��انية في‬ ‫مخيم الزعتري‪ ،‬بال��ذات الناحية الصحية‬ ‫ونقص العالج واألدوية‪ .‬حيث ستخصص‬ ‫الحمل��ة الحالي��ة لتلبية حاج��ات ال تحمل‬ ‫التأخي��ر‪ ،‬مث��ل األدوي��ة واألدوات الطبية‬ ‫للمصابي��ن والمرض��ى ولم��ن فق��دوا‬ ‫أطرافهم‪ ،‬وف��ق قوائم تم تنس��يقها مع‬ ‫ناشطين ومتطوعين في المخيم "‪.‬‬ ‫وتاب��ع البي��ان‪ " :‬في أعق��اب الحملة‬ ‫األول��ى أب��دى الكثي��ر م��ن أبن��اء ش��عبنا‬ ‫الرغب��ة بالتب��رع والمس��اهمة‪ ،‬وقد بدأت‬

‫هذه التبرعات بالوصول‪ ،‬وستمتد الحملة‬ ‫خالل شهر آذار‪ ،‬وس��يصل الوفد المرافق‬ ‫للحمل��ة إلى األردن بع��د ذلك بأيام‪ ،‬حيث‬ ‫س��يتم ش��راء اإلعانات المطلوب��ة ونقلها‬ ‫وتوزيعها مباشرة لالجئين داخل المخيم‪.‬‬ ‫وكم��ا في الحملة الس��ابقة‪ ،‬س��يتم‬ ‫نش��ر أس��ماء جمي��ع المتبرعي��ن‪ ،‬ومبالغ‬ ‫التبرع إضافة لنش��ر الوص��والت وفواتير‬ ‫الش��راء في األردن كاملة‪ ،‬حيث ستقتصر‬ ‫التبرع��ات عل��ى النق��ود فق��ط‪ ،‬وذل��ك‬ ‫لصعوبة نقل المواد األخرى عبر الحدود‪.‬‬ ‫كونوا اليد التي تمتد ألبناء الش��عب‬ ‫السوري في محنته "‪.‬‬ ‫وف��ي الش��أن اإلنس��اني أيض��ًا في‬ ‫مخي��م الزعتري أصيب رج��ل أمن أردني‬ ‫وطف�لان س��وريان خ�لال تفري��ق قوات‬ ‫ال��درك األردن��ي أعم��ال ش��غب جدي��دة‬ ‫اندلعت مس��اء األحد بالمخيم‪ ،‬بحسب ما‬ ‫أفاد به مصدر رسمي‪.‬‬ ‫وقال المنسق العام لشؤون الالجئين‬

‫الس��وريين ف��ي األردن أنم��ار الحم��ود‬ ‫لوكالة األنباء الفرنسية إن "الدرك اضطر‬ ‫الس��تخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق‬ ‫حوالي مائتي الجئ س��وري قاموا بأعمال‬ ‫شغب جديدة"‪.‬‬ ‫وأوض��ح أن "رجل أم��ن أصيب جراء‬ ‫رش��ق هؤالء لقوات األمن بالحجارة‪ ،‬كما‬ ‫أصيب طفالنا بش��به حال��ة اختناق ونقال‬ ‫إلى المستشفى‪ ،‬وحالتهما جيدة اآلن"‪.‬‬ ‫وأش��ار الحم��ود إل��ى أن "أعم��ال‬ ‫الش��غب بدأت عقب دخول محس��ن عربي‬ ‫إل��ى المخي��م وتوزيعه مبال��غ مالية على‬ ‫الجئين‪ ،‬وتعرض��ه العتداء إثر نفاد المال‬ ‫منه‪ ،‬ولطمه ألحد الالجئين محاوال إبعاده‪،‬‬ ‫مما استدعى تدخل األمن"‪.‬‬ ‫إال أن الجئي��ن ف��ي مخي��م الزعتري‬ ‫(‪ 85‬كل��م ش��مال ش��رق عم��ان) ادع��وا‬ ‫أن الش��غب اندل��ع عل��ى خلفي��ة "تحرش‬ ‫رج��ل درك بالجئة أثن��اء محاولتها الفرار‬ ‫وعائلتها من المخيم"‪.‬‬ ‫ومن جهت��ه‪ ،‬قال المرصد الس��وري‬ ‫لحقوق اإلنسان ‪ -‬في بيان ‪ -‬إن "عددا من‬ ‫الالجئين أصيبوا بجروح خالل اش��تباكات‬ ‫م��ع الش��رطة األردنية‪ ،‬بع��د تظاهرهم‬ ‫احتجاجا على تحرش سائقين ورجال أمن‬ ‫أردنيين بالجئات سوريات"‪.‬‬ ‫لك��ن الحم��ود نفى تلك "الش��ائعات‬ ‫وش��ائعة أخ��رى تحدثت عن خ��روج ثالث‬ ‫فتيات من خيام عائالتهن بالمخيم وعدم‬ ‫عودتهن إليها"‪.‬‬ ‫ويق��ول األردن إن ع��دد الس��وريين‬ ‫الذي لجؤوا إليه هربا من النزاع الدائر في‬ ‫بلده��م تخط��ى ‪ 400‬ألف الج��ئ‪ ،‬يقطن‬ ‫حوالي ‪ 100‬ألف منهم في مخيم الزعتري‬ ‫بمحافظ��ة المفرق‪ ،‬ش��مال المملكة قرب‬ ‫الحدود السورية‪.‬‬


‫اليوني�سف تعلن تو�سيع نطاق‬ ‫عملياتها الإن�سانية ب�سوريا‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬

‫يح��دد محرك اتجاهات جوجل عدد الم��رات التي يدخل فيها‬ ‫مس��تخدمو محرك البحث (جوجل) عبارة معينة للبحث خالل زمن‬ ‫معي��ن‪ .‬ومع أن هذا المح��رك ال يعطي بالضرورة نتائج دقيقة إال‬ ‫أنه يس��اعد في كشف الطريقة التي ينظر الناس من خاللها إلى‬ ‫قص��ة معينة‪ .‬اس��تناداً إلى بيانات محرك البح��ث‪ ،‬يبدو أن العالم‬ ‫(أو باألح��رى المخط��ط البياني الذي يس��تخدمه جوجل) بات في‬ ‫طريقه العتبار الصراع في س��ورية‪ ،‬والذي م��ازال قائمًا منذ ‪21‬‬ ‫شهراً‪ ،‬على أنه "حرب أهلية" أكثر منه "ثورة" أو "انتفاضة"‪.‬‬ ‫خ�لال معظم مراحل الصراع في س��ورية‪ ،‬كان مس��تخدمو‬ ‫محرك البحث جوجل أكثر مي ًال للبحث عن عبارة "الثورة السورية"‬ ‫وليس "الصراع السوري" أو "الحرب األهلية السورية"‪ ،‬وربما كان‬ ‫ذلك إرثًا قدمته الثورتان السابقتان في مصر وتونس حيث طغى‬ ‫الطابع السلمي لالحتجاجات إلى حد كبير على مجرى األحداث في‬ ‫البلدين‪ .‬الحالة كانت مشابهة أيضاً في سورية لعدة أشهر‪ ،‬فمنذ‬ ‫انطالق االحتجاجات الش��عبية العارمة في سورية في أبريل من‬ ‫ع��ام ‪ ،2011‬مثلت كلمة "الثورة" ‪ 99‬في المئة من عمليات البحث‬ ‫بي��ن المصطلحات الثالثة الس��ابقة‪ .‬وبقي��ت حصتها من عمليات‬ ‫البح��ث عالية مقارن��ة بالكلمات المفتاحية األخ��رى خالل ‪،2011‬‬ ‫لكنه��ا بدأت تتراج��ع تدريجيًا مع لجوء أكثر الس��وريين إلى حمل‬ ‫السالح في أواخر العام الماضي‪.‬‬ ‫لقد ظلت عبارة "الثورة السورية" هي عبارة البحث السائدة‬ ‫حتى عندما قام نظام بش��ار األسد باستخدام أسلحة أكبر وأثقل‬ ‫لقم��ع االحتجاج��ات المتزايدة ضده‪ ،‬وحتى عندما تس��بب دباباته‬ ‫وطائراته ومدفعيته بمقتل اآلالف من الناس‪.‬‬ ‫لكن بع��د ذلك‪ ،‬وتحدي��داً ف��ي ‪ 18‬تموز‪/‬يوليو‪ ،‬ق��ام الثوار‬ ‫بعملية تفجير اس��تهدفت مقراً حكومياً في دمش��ق ما أسفر عن‬ ‫مقتل ثالثة من كبار مس��اعدي األس��د‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬اعتبرت‬ ‫ليز س�لاي وباباك ديغانبيشه من الواشنطن بوست هذه العملية‬ ‫بأنه��ا "لحظة محوري��ة" في الص��راع‪ ،‬ويبدو أن تصوراً مش��ابهًا‬ ‫كان قد بدأ يتش��كل في بقية أنح��اء العالم أيضًا‪ .‬عبارات "الحرب‬ ‫األهلية" و "الص��راع" ارتفعت معدالتها ف��ي عمليات البحث التي‬ ‫س��جلها مح��رك جوجل‪ ،‬وهو م��ا يظه��ر بوضوح ف��ي المخطط‬ ‫البياني‪ ،‬لكن "الثورة" بقيت مع ذلك العبارة المهيمنة‪.‬‬ ‫لي��س من الواضح تمامًا ما الذي ح��دث بالضبط في أيلول‪/‬‬ ‫س��بتمبر بحيث تج��اوزت عبارة "الح��رب األهلية" كلم��ة "الثورة"‬ ‫لتصب��ح العبارة األكث��ر بحثاً‪ ،‬س��يما وأن القتال بي��ن المتمردين‬ ‫والنظام كان قد سيطر لعدة أشهر قبلها على النشرات اإلخبارية‪.‬‬ ‫يبدو أن ثمة تسلس ًال سريعاً لألحداث كان يقود تحول الرأي العام‬ ‫تجاه الص��راع بهذه الطريقة‪ .‬في يوم ‪ 22‬س��بتمبر‪ ،‬قام الجيش‬ ‫الس��وري الحر بنق��ل مقر قيادته من تركيا إلى منطقة يس��يطر‬ ‫عليه��ا المتمردون في س��ورية‪ ،‬بعد ثالثة أيام من ذلك س��قطت‬ ‫قذيفة هاون سورية على جزء من هضبة الجوالن تسيطر عليها‬ ‫إس��رائيل‪ ،‬وهو ما عزز مخاوف إس��رائيل (غير المكتملة بعد) من‬ ‫الدخ��ول في ه��ذا الص��راع‪ ،‬كما أن القت��ال بدأ يصل إل��ى لبنان‬ ‫المجاورة‪ .‬وعلى الرغم من أن أيًا من هذه األحداث لم يكن كافيًا‬ ‫لوحده لتغيير االنطباع العام تجاه الصراع في سورية‪ ،‬إال أنه ثمة‬ ‫احتم��ا ًال من أن هذه األحداث أس��همت مجتمعة ف��ي توجيه الرأي‬ ‫العام في ذلك االتجاه‪.‬‬ ‫في الوقت الحال��ي‪ ،‬يفوق عدد من يبحثون عن كلمة "حرب‬ ‫أهلية" في محرك البحث جوجل بثالثة أضعاف عدد الذين يبحثون‬ ‫ع��ن عبارة "الث��ورة الس��ورية"‪ .‬وقد أعلن��ت المفوضة الس��امية‬ ‫لحقوق اإلنس��ان في األمم المتحدة منذ أس��بوع واحد‪ ،‬بأن البالد‬ ‫باتت في خطر وشيك للدخول في "حرب أهلية شاملة‪ " .‬قد تكون‬ ‫المفوضة السامية مؤهلة للحكم على ما يجري في سورية أكثر‬ ‫من المليار مس��تخدم الذين يبحثون في موقع جوجل‪ ،‬لكن وفقا‬ ‫للحكم��ة التي يراها هذا الحش��د الكبير من الن��اس تحديداً‪ ،‬فقد‬ ‫عبرت سوريا ذلك الخط بالفعل تجاه الحرب األهلية‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كتاب العدد لهذا الأ�سبوع‪:‬‬ ‫�سوريا ال خبز وال حرية‬ ‫الكاتب الربيطاين‪� :‬آلن جورج‬ ‫ترجمة الدكتور‪ :‬ح�صيف عبد الغني‬

‫كتبه ماكس فيشر في الواشطن بوست‬ ‫| ترجمه نورس مجيد‬

‫أسبوعية‬

‫أعلن��ت منظم��ة األمم المتحدة للطفولة (يونيس��ف) بأنه على الرغم م��ن تفاقم العنف‬ ‫في س��وريا‪ ،‬والنقص الكبير في التمويل‪ ،‬فقد تمكنت المنظمة من توس��يع نطاق عملياتها‬ ‫وزيادة إيصال المساعدات اإلنسانية‪ ،‬واستهداف أعداد متزايدة من المواطنين‪ ،‬تفوق األربعة‬ ‫ماليين شخص ممن يحتاجون للمساعدات اإلنسانية‪.‬‬ ‫وفي بيان لها حول عملياتها في س��وريا‪ ،‬أش��ارت اليونيسف إلى أن نصف إجمالي سكان‬ ‫الب�لاد المتضررين هم من األطفال‪ ،‬الذين نزح الكثيرون منهم عن ديارهم بس��بب النزاع‪،‬‬ ‫ويعيش��ون في مالج��يء جماعية م��ع القليل من أمتعته��م‪ ،‬وأضافت اليونيس��يف أن هؤالء‬ ‫األطفال غالبًا ما يفتقرون إلى أبسط المقومات األساسية‪.‬‬ ‫وقد تمكن��ت المنظمة من تقديم إم��دادات اإلغاثة الضرورية مث��ل البطانيات ومالبس‬ ‫األطفال ومستلزمات النظافة والبسكويت عالي الطاقة‪.‬‬ ‫وقال يوس��ف عبد الجليل‪ ،‬ممثل اليونيس��يف في س��وريا‪ :‬إن العديد من عمليات إيصال‬ ‫ً‬ ‫مضيفا‪ ،‬أن اليونيسيف‬ ‫المساعدات اإلنسانية قد تمت كجزء من عملياتها عبر خطوط القتال‪،‬‬ ‫كانت جز ًءا من البعثة المش��تركة من ثماني وكاالت لألمم المتحدة قامت في اآلونة األخيرة‬ ‫بإيص��ال أول دفع��ة من اإلمدادات الحيوي��ة والمنقذة للحياة إلى س��تة آالف نازح في منطقة‬ ‫الكرامة بشمال غرب سوريا‪.‬‬ ‫كما عبرت منظمة اليونيس��ف عن صدمتها العميقة واس��تيائها الش��ديد مما وردها من‬ ‫تقاري��ر مروع��ة حول مقتل م��ا ال يقل عن ‪ 70‬طف� ً‬ ‫لا نتيجة ضربات صاروخي��ة في مناطق‬ ‫سكنية في حلب في ‪ 18‬و ‪ 22‬من فبراير الحالي‪.‬‬ ‫وفي بيان صدر عن المنظمة الدولية‪ ،‬أدانت ماريا كاليفيس‪ ،‬المدير اإلقليمي لليونيسف‬ ‫لمنطقة الش��رق األوسط وشمال أفريقيا هذه الهجمات بأشد العبارات‪ ،‬وتكرر دعوتها لجميع‬ ‫األطراف من اجل ضمان حماية المدنيين وخصوص ًا األطفال‪ ،‬في كافة األوقات‪.‬‬ ‫وكان��ت أرب��ع هجم��ات بالصواريخ قد تس��ببت في مقت��ل مدنيين في أحي��اء جبل بدرو‬ ‫وطريق الباب وأرض الحمرا وتل رفعت في ضواحي حلب‪.‬‬ ‫وف��ي ‪ 21‬فبراي��ر انفجرت قنبلة كبيرة ف��ي منطقة المزرعة‪ ،‬إح��دى ضواحي العاصمة‬ ‫دمش��ق‪ ،‬متس��ببة في مقتل‪ 60‬ش��خصاً‪ ،‬بينهم ما ال يقل عن ‪ 20‬طف ً‬ ‫ال كانوا متواجدين في‬ ‫أحد فصول مدرسة عبداهلل بن الزبير االبتدائية‪.‬‬ ‫وتظهر هذه الهجمات المعاناة الش��ديدة التي يالقيها المدنيون‪ ،‬واألطفال منهم بش��كل‬ ‫خ��اص‪ ،‬نتيجة النزاع الدائر والحاجة الملحة لوضع حد لألزمة التي اندلعت قبل عامين والتي‬ ‫تمزق نسيج المجتمع تدريجيًا‪.‬‬ ‫ف��ي غضون ذلك قالت هيومن رايتس ووتش إن الحكومة الس��ورية أطلقت ‪ 4‬صواريخ‬ ‫باليستية على األقل فأصابت مناطق مأهولة بالسكان في مدينة حلب وبلدة بمحافظة حلب‬ ‫خالل أسبوع ‪ 17‬فبراير‪/‬شباط ‪ .2013‬قتلت الهجمات أكثر من ‪ 141‬شخصًا‪ ،‬بينهم ‪ 71‬طف ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫وأدت إلى دمار مادي واسع النطاق‪.‬‬ ‫يوح��ي م��دى الدمار الناجم عن الهجم��ة الواحدة‪ ،‬وغياب الطائرات ع��ن المنطقة وقتها‪،‬‬ ‫والتقاري��ر التي تفيد بانطالق صواريخ باليس��تية من قاعدة عس��كرية قريبة من دمش��ق‪،‬‬ ‫يوحى هذا كله على نحو ال يدحض بأن القوات الحكومية اس��تخدمت الصواريخ الباليس��تية‬ ‫ف��ي ضرب المنطقة‪ .‬زارت هيوم��ن رايتس ووتش مواقع الهجوم األربعة‪ ،‬وكلها في مناطق‬ ‫س��كنية‪ ،‬ولم تجد أثراً ألهداف عس��كرية ح��ول المواقع األربعة‪ ،‬مما يعن��ي أن الهجمات غير‬ ‫مشروعة‪.‬‬ ‫قال أوليه س��ولفانغ‪ ،‬باحث الطوارئ ف��ي هيومن رايتس ووتش الذي زار المواقع‪" :‬زرت‬ ‫العدي��د م��ن مواقع الهج��وم في س��وريا‪ ،‬لكنني لم أر مثل ه��ذا الدمار قط‪ .‬يظ��ن المرء أن‬ ‫األوض��اع ال يمك��ن أن تتدهور أكثر من هذا‪ ،‬فإذا بالحكومة الس��ورية تج��د طريقة لتصعيد‬ ‫تكتيكاتها العسكرية"‪.‬‬

‫حمرك اجتاهات جوجل‪:‬‬ ‫اللحظة التي حتولت فيها "الثورة"‬ ‫ال�سورية �إىل "حرب �أهلية"‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫والنظام ي�صعد بالهجمات ال�صاروخية‬

‫�أوجـاع وطـن‬

‫‪3‬‬


‫حراكنا ال�سلمي واملدين (�شارع �سوريتنا)‬ ‫سوريتنا | شام داود‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫‪ 171‬مظاهرة يف ‪ 137‬نقطة تظاهر‬ ‫أحصى المركز الس��وري المس��تقل إلحص��اء االحتجاج��ات ‪ 171‬مظاهرة في ‪137‬‬ ‫نقط��ة تظاه��ر في مختل��ف أنحاء س��ورية‪ ،‬في جمعة "أم��ة واحدة‪ ،‬راي��ة واحدة‪ ،‬حرب‬ ‫واحدة"‪.‬‬

‫مبادرات وتظاهر‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫ذكر مراسل شبكة شاهد من قلب الحدث أن سكان قرية "حريصون" التابعة لمدينة‬ ‫بانياس استيقظوا منذ مايقارب األسبوع ليجدوا بعض الشوارع مألتها صور لنقود من‬ ‫فئة األلف ليرة وقد شوهت صورة "حافظ" فيها وكتابات للحرية وإسقاط النظام ودعوة‬ ‫الش��باب للتعايش وااللتحام بصفوف الثورة وحملت توقيع "نحل الس��احل"‪ ،‬اس��تمراراً‬ ‫للحملة القائمة منذ أسبوعين‪.‬‬ ‫أم��ا في قرية "س��ربيون" التابعة لمحافظ��ة الالذقية فذكر مراس��لنا أنه تم إلقاء‬ ‫منشورات تدعو الشباب لعدم االلتحاق باالحتياط‪.‬‬ ‫قرية "قرفيص" حيث يوجد مزار ألحد ش��يوخ القرية "الش��يخ حس��ن الدرس��يني"‬ ‫وجد أهالي القرية البارحة حيطان المزار مملوءة بكتابات أمثال "يس��قط بشار‪ ،‬يسقط‬ ‫النظ��ام‪ ،‬حرية" األمر الذي هز أهالي القرية والقرى المجاورة لما يحمله هذا المزار من‬ ‫قيمة دينية‪.‬‬ ‫وف��ي مدنية الس��لمية وفي تكثي��ف للحراك الس��لمي في األس��بوع الماضي فقد‬ ‫خرج��ت ظهراً يوم الخميس مظاهرة طالبية بجانب فرن زعرور نادت بإس��قاط النظام‬ ‫وهتف فيها األحرار لنصرة المدن المنكوبة‪.‬‬ ‫وضم��ن مظاهرات يوم الجمعة خرجت مظاهرة مس��ائية ألحرار المدينة في حارة‬ ‫القدامس��ة قرب ساحة الحرية هتف فيها األحرار للحرية وإسقاط النظام ونصرة المدن‬ ‫المنكوبة‪.‬‬ ‫وعلى صعيد آخر وفي مدينة الس��ويداء فقد اعتص��م الكثيرين أمام دوار الزنبقة‬ ‫على روح الشهيد ناصر جمول وساروا في مظاهرة نحو مدرسة نايف جربوع‪ ..‬بهتافات‬ ‫وطنية تحي الش��هيد و شهداء الوطن أجمعين‪ ..‬و تكرّر شعار الثورة‪ :‬واحد واحد واحد‪..‬‬ ‫الشعب السوري واحد‬ ‫يذكر أن مدينة الس��ويداء قد خرجت في تش��ييع مهيب للش��هيد ناصرجمول يوم‬ ‫الثالث والعشرين من شباط الماضي‪.‬‬ ‫الش��هيد ناصر ع��ادل جمول‪ ،‬فتى في الصف الحادي عش��ر‪ ،‬كان ق��د اختطف منذ‬ ‫قرابة الش��هر على يد عصابة مجهولة‪ ،‬وقد طالبت العصابة مقابل إخالء سبيله بفدية‬ ‫مالية بلغت عشرة ماليين ليرة‪ .‬وعثر على جثمانه الحقًا‪.‬‬

‫ور�شة ر�سم وطيارة ورق‬ ‫ضم��ن مجموعة مش��اريع تعنى باألطف��ال والتنمية في المناط��ق المحررة‪ ..‬أقام‬ ‫تجمع نبض للش��باب المدني الس��وري ومنظمة س��وريات من اجل التنمية ورشة رسم‬ ‫ضم��ت قرابة ال‪ 100‬طفل في منطقة بس��تان القصر في مدين��ة حلب‪ ،‬كما تم توزيع‬ ‫الهداي��ا على األطفال‪ ،‬وكانت اغلب رس��وم األطف��ال تضم البيوت واألش��جار والنجوم‬ ‫وعلمي سوريا والثورة‪.‬‬ ‫وف��ي مب��ادرة الفتة ضمن مب��ادرات لخلق إعالم حر ومتجدد فقد أطلق ناش��طون‬ ‫ضمن مجموعة الدعم النفس��ي لألطفال بالتعاون مع الحراك السلمي السوري وجريدة‬ ‫عنب بلدي جريدة جديدة باسم طيارة ورق‪.‬‬ ‫يصدر العدد صفر من هذه المجلة األولى من نوعها منذ انطالقة الثورة الس��ورية‬ ‫وهي موجهة لألطفال بين سن السابعة والرابعة عشر‪ ،‬وتعمل على غرس قيم المساواة‬ ‫والعدال��ة واإلب��داع لدى األطفال منذ صغرهن‪ ،‬كما تس��عى المجلة أن تق��دم لقرائها ما‬ ‫يحقق الفائدة والمتعة لهم باعتماد مواد إبداعية جديدة من إنتاج فريق العمل‪.‬‬

‫ورشة رسم األطفال ضمن نشاط تجمع نبض للشباب المدني السوري وسوريات من أجل التنمية‬


‫مــن ال�صـــحافة الغـــربية‬ ‫ترجمة وإعداد‪ :‬سعاد يوسف‬

‫�سوريا‪ :‬خلف خطوط الثوار‬ ‫وثائقي من �سي بي �سي‬ ‫فيل��م م��ن إع��داد الصحفي��ة‬ ‫المخضرم��ة رانيا أبو زيد وت��م تصويره‬ ‫بطريقة سينما الواقع وذلك في محافظة‬ ‫إدل��ب‪ .‬وراني��ا كان��ت دوماً ف��ي الخطوط‬ ‫األمامي��ة لتغطي��ة االحتجاجات الس��ورية‬ ‫من��ذ بدايتها في العام ‪ .2011‬مع رحالتها‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬

‫بعد غالف مجلة االيكونوميس��ت بعنوان‬ ‫"س��وريا‪ :‬موت بل��د" والذي أثار ضج��ة كبيرة‪،‬‬ ‫حي��ث يصور س��وريا بأنه��ا تدم��رت واندثرت‪،‬‬ ‫عادت المجلة لتنش��ر رد الفنان السوري وسام‬ ‫الجزائري على غالفها السابق‪ .‬حيث قام الفنان‬ ‫بإضافة مرحلة إعادة إعمار س��وريا تظهر فيها‬ ‫بلداً جمي ًال ملونًا يبنى بأيدي أبنائه‪.‬‬ ‫وقالت المجلة‪:‬‬ ‫ال يتف��ق الجمي��ع م��ع غ�لاف المجلة‬ ‫ال��ذي نش��رناه األس��بوع الماض��ي والذي‬ ‫عك��س التدمير التدريجي لس��وريا نتيجة‬ ‫للحرب الدائرة بين الرئيس بش��ار األس��د‬ ‫والمتمردين الذي��ن يحاولون اإلطاحة به‪.‬‬ ‫إال أن جانبًا واحداً من البلد لم يتم تدميره‬ ‫وهو اإلبداع‪ .‬ففي ‪ 25‬شباط أخذ المصمم‬ ‫الس��وري وس��ام الجزائ��ري عل��ى عاتقه‬ ‫تغيير الص��ورة المذكورة‪ ،‬وق��ام بإضافة‬ ‫مرحلة إعادة إعمار البالد بعد انتهاء الحرب‬ ‫الدائ��رة‪" .‬الغ�لاف األساس��ي حم��ل فكرة‬ ‫قاتم��ة للغاي��ة ع��ن الوضع في س��وريا"‪،‬‬ ‫يق��ول الجزائري‪" .‬صحي��ح أن هناك قتال‬ ‫بين الناس ولكن هذه هي الحرب‪ ،‬والموت‬ ‫ه��و ضريبة ال��دم من أج��ل الوصول إلى‬ ‫مستقبل أفضل"‪ .‬وس��ام ال يزال متفائ ًال‪،‬‬ ‫ووذلك بسبب ما وصفه ب"سالم" الشعب‬ ‫السوري‪" .‬لقد بدأنا ثورتنا للحياة والحرية‬ ‫والعدال��ة والمس��اواة‪ "،‬يق��ول‪" .‬وكما قال‬ ‫الش��اعر أبو القاسم الش��ابي‪" :‬إذا الشعب‬ ‫يومًا أراد الحياة فال بد أن يستجيب القدر"‪.‬‬ ‫‪www.economist.com/blogs/‬‬ ‫‪economists-/02/pomegranate/2013‬‬ ‫‪syria-cover?fsrc=scn%2Ffb%2Fwl%2‬‬ ‫‪Fbl%2Famoreoptimisticversion‬‬

‫ت��م اعتقال الش��اب خال��د البيرقدار‬ ‫من��ذ حوال��ي ش��هر ف��ي دول��ة اإلم��ارات‬ ‫العربية المتحدة‪ .‬وتقول عائلة خالد (وهو‬ ‫سوري – ايرلندي الجنسية) بأن االعتقال‬ ‫ه��و نتيج��ة نش��اطه المع��ارض للنظام‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫وقد تم اس��تدعاء خال��د الذي يعيش‬ ‫في أبو ظبي‪ ،‬الستجوابه في كانون األول‬ ‫الماضي‪ .‬وس��ئل ع��ن األم��وال التى يتم‬ ‫إرسالها إلى سوريا وعن رأيه تجاه النظام‬ ‫الس��وري واالنتفاض��ة‪ ،‬وذل��ك كم��ا أفاد‬ ‫شقيقه محمد‪ ،‬الذي يعيش في بلفاست‪.‬‬ ‫وقال خال��د حينئذ بأنه يرس��ل المال إلى‬ ‫والده وأنه لن يتوقف عن دعم الثورة‪.‬‬ ‫وبعد أس��بوع‪ ،‬ت��م إيق��اف البيرقدار‬ ‫في المطار عندما كان مسافراً إلى إيرلندا‬ ‫ولم يس��مح له بمغادرة اإلمارات العربية‬ ‫المتحدة‪ .‬واستدعي مرة أخرى لالستجواب‬ ‫في ‪ 7‬شباط وبعد ذلك اختفى‪.‬‬ ‫يق��ول ش��قيقه "نح��ن قلق��ون جداً‬ ‫على س�لامته‪ .‬هن��اك ح��االت عديدة من‬ ‫الناش��طين الس��وريين الذي��ن ت��م إلقاء‬ ‫القبض عليهم في دولة اإلمارات العربية‬ ‫المتح��دة وأجب��روا عل��ى التوقي��ع عل��ى‬ ‫تعهدات بإيقاف نشاطهم المعارض"‪.‬‬ ‫ويبقى وضع خال��د أكثر تعقيداً ألنه‬ ‫ل��م يك��ن موجوداً ف��ي اإلم��ارات العربية‬ ‫المتحدة بجواز س��فره اإليرلندي وبالتالي‬ ‫ف��إن الس��لطات المحلي��ة غي��ر ملزم��ة‬ ‫بإعط��اء أي معلوم��ات عنه للمس��ؤولين‬ ‫االيرلنديين‪.‬‬ ‫‪www.irishtimes.com/newspaper/‬‬ ‫‪html.1224330607105/0228/ireland/2013‬‬

‫لل��دول األكث��ر بؤس��ًا ف��ي العال��م وحلت‬ ‫سوريا في المرتبة العاشرة‪ .‬وذكر الموقع‬ ‫أن اقتصاد س��وريا يس��ير نحو األسوأ منذ‬ ‫بداي��ة األزم��ة ف��ي الع��ام ‪ .2011‬كما أن‬ ‫مؤش��ر الناتج المحل��ي اإلجمالي انكمش‬ ‫بس��بب العقوب��ات االقتصادي��ة وخفض‬ ‫الناتج واالس��تهالك المحل��ي‪ .‬إضافة إلى‬ ‫ارتفاع معدل البطالة (والذي ازداد حوالي‬ ‫‪ 3%‬ف��ي الع��ام ‪ )2012‬والتضخ��م الكبير‬ ‫الذي يعاني منه االقتصاد السوري بسبب‬ ‫انهيار الليرة‪.‬‬ ‫يذك��ر أن النات��ج المحل��ي اإلجمالي‬ ‫هو مؤش��ر اقتص��ادي يس��تعمل لقياس‬ ‫االنتاج المحلي في دولة معينة خالل مدة‬ ‫محددة‪.‬‬ ‫بعض األرقام المذكورة‪:‬‬ ‫مؤشر البؤس‪51.7 :‬‬ ‫معدل التضخم ‪% 33.7‬‬ ‫نسبة البطالة‪18% :‬‬ ‫‪money.ca.msn.com/‬‬ ‫‪savings-debt/gallery/the‬‬‫‪most-miserable-places-in-the‬‬‫‪world?page=17‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫مقابلة جملة االيكونومي�ست مع‬ ‫الفنان ال�سوري و�سام اجلزائري‬

‫اعتقال �شاب �سوري ‪ -‬ايرلندي قائمة البلدان الأكرث ب� ً‬ ‫ؤ�سا يف العامل‬ ‫يف الإمارات العربية املتحدة‬ ‫نشر موقع "بيزنس انسايدر" قائمة‬

‫المتكررة إلى سوريا قالت إنها عملت على‬ ‫تقارير ليس فقط م��ن جبهات المعركة‪،‬‬ ‫ولك��ن أيض��اً عل��ى قص��ص ش��خصية‬ ‫للمقاتلي��ن المتمردي��ن والمدنيين الذين‬ ‫يحاولون جاهدين البقاء على قيد الحياة‪.‬‬ ‫والفيلم الوثائقي ت��م تصويره في‬ ‫محافظة إدلب والتي كانت وال زالت ساحة‬ ‫قتال رئيس��ية بين النظ��ام والمتمردين‪،‬‬ ‫وعلى الرغم من أن العديد من مدنها هي‬ ‫اآلن ف��ي أيدي المتمردي��ن‪ ،‬فإنها ال تزال‬ ‫في متن��اول مدفعي��ة النظ��ام وطائراته‬ ‫الحربية‪.‬‬ ‫ي��روي الوثائق��ي قص��ة المتمردين‬ ‫السورية وراء خط الجبهة‪ .‬لماذا يقاتلون‪،‬‬ ‫وما ه��و مص��در أس��لحتهم وذخائرهم‪،‬‬ ‫وكيفي��ة تفاعلهم مع بعضه��م البعض‪.‬‬ ‫ويتكل��م ع��ن معرك��ة ج��رت لدح��ر م��ا‬ ‫تبق��ى من الق��وات النظام ف��ي محافظة‬ ‫األنبار الشاس��عة بش��مال إدل��ب‪ .‬إن كتب‬ ‫للمتمردين النجاح‪ ،‬س��يكونون قد أسسوا‬ ‫أول محافظة "محررة" في س��وريا‪ ،‬وهي‬ ‫ف��ي الواق��ع "منطق��ة آمن��ة"‪ ،‬م��ن دون‬ ‫مساعدة دولية مباشرة‪.‬‬ ‫تلتق��ي راني��ا وفريق العم��ل بعضًا‬ ‫م��ن ه��ؤالء الرج��ال‪ ،‬بما في ذل��ك وحدة‬ ‫م��ن كتائب الف��اروق الش��هيرة‪ .‬يقضون‬ ‫بع��ض الوق��ت ف��ي قاعدتهم‪ ،‬يمش��ون‬ ‫بي��ن أنق��اض منازله��م‪ ،‬ويتحدثون عن‬ ‫أسرهم ومخاوفهم‪ .‬يرافقونهم إلى خط‬ ‫المواجهة‪ ،‬ويعيش��ون معهم ف��ي الوقت‬ ‫الذي يس��تعدون لمعرك��ة يأملون في أن‬ ‫تكون مث��ا ًال لآلخرين عندم��ا ينوي الثوار‬ ‫نقل المعركة عميقاً إلى دمشق‪.‬‬ ‫‪www.cbc.ca/doczone/‬‬ ‫‪episode/syria-behind-rebel‬‬‫‪lines.html‬‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪5‬‬


‫الأمل يف عيون ال�سوريني‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫�سوريا‪ ..‬ما بعد �سقوط النظام‬

‫ياسر مرزوق‬

‫ع��ن الكبي��ر زكري��ا تام��ر أنق��ل‪ :‬ال‬ ‫تحظ��ى اإلب��ادة الحالي��ة للس��وريين إال‬ ‫بالحكي من قبل المعارضة السورية ودول‬ ‫الوطن العربي والعالم‪ ..‬حكي مس��تنكر‪..‬‬ ‫حكي مندد‪ ..‬حكي متعاطف‪ ..‬حكي مهدد‪..‬‬ ‫حكي يقطر دموعًا‪ ..‬حكي يولول‪ ..‬ال شيء‬ ‫غي��ر الحك��ي بينما الس��وريون المطالبون‬ ‫بحريته��م يب��ادون إبادة منظمة وحش��ية‬ ‫تنتقل من انتصار إلى انتصار‪.‬‬ ‫كان ملفن��ا الي��وم بعن��وان "كل‬ ‫الطرق ت��ؤدي إل��ى روما" لإلض��اءة على‬ ‫مؤتمر أصدقاء الش��عب السوري المنعقد‬ ‫في العاصم��ة اإليطالي��ة‪ ،‬وبالحديث عن‬ ‫األصدقاء عدت بالذاكرة لعام ‪ 1982‬حين‬ ‫تعرضت بيروت ألعنف قصف بري وبحري‬ ‫وجوي قب��ل االجتياح اإلس��رائيلي‪ ،‬يومها‬ ‫سُ��ئل وليد جنبالط عن موقف األصدقاء‬ ‫فق��ال‪" :‬أس��ألو األصدق��اء‪ ،‬نح��ن لي��س‬ ‫عندنا أصدقاء‪ ،‬عندنا أنفسنا وكفى"‪ ،‬وال‬ ‫يختلف الحال في س��وريا اليوم عما ذكره‬ ‫جنبالط إذ يبدو أن س��اكن البيت األبيض‬ ‫اكتف��ى بجائ��زة نوب��ل للس�لام ولم يعد‬ ‫مهتم��اً بإنجازه في أي رقع��ة من العالم‪،‬‬ ‫وس��اكن الكرملي��ن يبح��ث عن اس��تعادة‬ ‫مجدٍ ضائ��ع وبين هذا وذاك تبدو ظاهرة‬ ‫ً‬ ‫كالمية بامتياز‪.‬‬ ‫أصدقاء سوريا‬ ‫وبعي��داً ع��ن الحك��ي واألصدق��اء‬ ‫آث��رت أن يكون ملفنا عن س��وريا ما بعد‬ ‫س��قوط األس��د وليس ممن باب التفاؤل‬ ‫أو التمن��ي اعتب��ار النظ��ام س��اقطًا‪ ،‬فهو‬ ‫ساقط أو ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫آيل للس��قوط حتى قبل اندالع‬ ‫الث��ورة‪ ،‬فطبيعت��ه تفق��ده الق��درة على‬ ‫البق��اء واالس��تمرار‪ ،‬وهذا ما كان يش��ي‬ ‫ب��ه انحص��اره المتعاظم في دول��ة أمنية‬ ‫وانف��راط العق��د االجتماع��ي تمام��اً بين‬ ‫المواطني��ن والدول��ة‪ ،‬فليس��ت الوطني��ة‬ ‫الجامع��ة الت��ي تغن��ى بها النظام س��وى‬ ‫رابط��ة تربط العبي��د بأس��يادهم‪ .‬إال أن‬ ‫طبيع��ة النظام أيض��ًا تضع الث��ورة أمام‬ ‫جب��ال متراكمة من المش��كالت‪ ،‬التي لم‬ ‫يحاول النظ��ام وعلى مدى عقود أن يحل‬ ‫أي��ًا منها ح ًال جديًا‪ ،‬ب��ل تركها تتعفن في‬ ‫الخفاء علها تحل ذاتيًا‪.‬‬ ‫النظ��ام الي��وم يعان��د التاري��خ‪ ،‬وال‬ ‫يوجد من هو قادر عل��ى معاندة التاريخ‪،‬‬ ‫تس��تطيع أن تع��ارض م��ن تش��اء‪ ،‬ولكن‬ ‫عندم��ا تواج��ه التاري��خ الب��د أن تتجاوب‬ ‫معه‪ ،‬وعندما يس��ألك التاريخ سؤا ًال ال بد‬ ‫أن ترد على الس��ؤال‪ ،‬والش��عب السوري‬ ‫يواص��ل عب��وره إل��ى العص��ر العالم��ي‬ ‫للش��عوب الحي��ة والح��رة والق��ادرة على‬ ‫اإلمس��اك بمصائرها‪ ،‬ال تتركه للقياصرة‬ ‫أو الس�لاطين أو الطغ��اة‪ ،‬وه��و الي��وم‬ ‫يستكمل مسيرته الطويلة نحو الحرية‪.‬‬ ‫وعل��ى الرغ��م م��ن أن الث��ورات‬ ‫واالنتفاض��ات تضع الش��عوب والجماعات‬ ‫أمام مس��ؤوليتها عن ذاته��ا وعن بلدانها‪،‬‬ ‫إال أن الثورة قد تقف عاجز ًة عن إنتاج قيم‬

‫تتجاوز إس��قاط النظام بوصفه هدفًا تامًا‬ ‫مكتم� ً‬ ‫لا بذاته‪ ،‬فالحال��ة الثورية ال تكفي‬ ‫بالض��رورة وبمقتض��ى األح��وال لتحقيق‬ ‫اله��دف‪ ،‬فهي تق��ف عند مش��ارف الهدف‬ ‫وإزاءه‪ ،‬فف��ي فرنس��ا مث� ً‬ ‫لا كان اقتح��ام‬ ‫ً‬ ‫أيقونة لطلب‬ ‫سجن الباس��تيل عام ‪1789‬‬ ‫الحري��ة‪ ،‬هذا الحدث الذي دش��ن انطالقة‬ ‫الثورة الفرنس��ية‪ ،‬ل��م يكن كافي��اً لبلوغ‬ ‫الديمقراطي��ة المس��تقرة‪ ،‬فقد اضطررت‬ ‫فرنس��ا للم��رور بدكتاتوري��ة روبس��بير‬ ‫وإرهابه ثم إمبراطوري��ة نابليون وعودة‬ ‫الملكي��ة ث��م الجمهورية انته��ا ًء بحكومة‬ ‫فيشي‪ ،،‬فالحرية الحق الطبيعي المشترك‬ ‫ٌ‬ ‫ش��رط الزم غير‬ ‫بي��ن كل الكائن��ات‪ ،‬هي‬ ‫كاف��ي لبناء الديمقراطي��ة‪ ،‬وقد تتعارض‬ ‫األخي��رة م��ع األول��ى فالديمقراطي��ة ق��د‬ ‫تعمل على الحد من الحرية بأن تمأسسها‬ ‫وتقننه��ا‪ ،‬فه��ي المعني��ة بالتوفي��ق بين‬ ‫الحريات كي ال تتحول اس��تبداداً يمارس��ه‬ ‫البعض على اآلخر‪.‬‬ ‫كل الث��ورات تم��ر بث�لاث مراح��ل‬ ‫وال��كالم هن��ا للكبي��ر "محم��د حس��نين‬ ‫هيكل"‪:‬‬ ‫المرحل��ة األول��ى‪ :‬وه��ي م��ا يمكن‬ ‫تس��ميتها "حال��ة الث��ورة" ومعه��ا فإن أي‬ ‫وطن يبدأ ف��ي معاناة القل��ق من أحواله‬ ‫وضع��ف الثق��ة ف��ي مس��تقبله‪ ،‬بمعن��ى‬ ‫إحساس��ه المتزايد مع كل يوم بأن أموره‬ ‫لم تع��د تتفق م��ع آمال��ه‪ ،‬وأن واقعه لم‬ ‫يعد متس��قًا مع أمانيه‪ ،‬وأن التغيير أصبح‬ ‫مطلب��ًا ي��زداد إلحاح��ه كل ي��وم‪ ،‬ث��م إن‬ ‫الغضب يس��اوره واالس��تفزاز يس��تثيره‪،‬‬ ‫وأن مشاعره تتحول إلى شحناتٍ مكبوتة‬ ‫تبحث عن منفذ‪ ،‬تكس��ر به قيدها وتحرر‬ ‫إرادتها‪.‬‬ ‫المرحلة الثاني��ة‪" :‬حدث الثورة" تلك‬ ‫اللحظ��ة التي يق��ع فيها االنفجار‪ ،‬س��واء‬ ‫بتخطي��طٍ دقي��ق ومحك��م أو بمفاج��أةٍ‬ ‫على غي��ر انتظار‪ ،‬ف��إذا القيود تتكس��ر‪،‬‬ ‫وإذا الس��لطة القائمة تعجز عن المواجهة‬ ‫بوس��ائلها التقليدي��ة‪ ،‬ث��م يب��دأ نظامها‬ ‫بالتداعي وبعدها التساقط والوقوع‪.‬‬ ‫المرحل��ة الثالث��ة‪" :‬فع��ل الث��ورة"‬ ‫المرحل��ة األهم في عم��ر الثورات مرحلة‬ ‫"فعل الث��ورة" حي��ن يتم انهي��ار القديم‬ ‫وقي��ام البدي��ل‪ ،‬فيتق��دم م��ن يمث��ل‬ ‫الثورة ويتحمل مس��ؤولية هندس��ة رؤاه‬ ‫وتصورات��ه‪ ،‬ويض��ع األس��س ويقي��م‬ ‫األعم��دة لبن��اء ق��وي يتحم��ل مطالب��ه‪،‬‬ ‫ويتسع ألشواقه‪.‬‬ ‫وفي العادة وباس��تقراء التاريخ فإن‬ ‫الوص��ول م��ن "حال��ة الثورة" إل��ى "حدث‬ ‫الث��ورة" يس��تغرق فت��رة طويل��ة‪ ،‬لك��ن‬ ‫الوص��ول م��ن "ح��دث الثورة" إل��ى "فعل‬ ‫الث��ورة" ال يس��تحق أن يس��تغرق زمن��ًا‬ ‫طوي ًال‪.‬‬ ‫وفي حدي��ث للعالمة "هاني فحص"‬ ‫عن الربي��ع العربي مف��اده‪" :‬فيما يخص‬

‫الثورة المصرية والتونسية فإن الحق لم‬ ‫ينتصر بل سقط الباطل‪ ،‬واآلن بدأ البناء"‬ ‫وم��ا يص��ح ف��ي الثورتي��ن المذكورتين‬ ‫ال يص��ح ف��ي الح��ال الس��ورية‪ ،‬ألنه من‬ ‫غي��ر المقب��ول وبعد عامين م��ن المقتلة‬ ‫أن يت��رك الس��وريون ف��ي مرحل��ة حدث‬ ‫الثورة‪ ،‬وأن يبدأ فعل الثورة بعد السقوط‬ ‫الحتمي للنظام‪.‬‬ ‫المعارض��ة المس��لحة الي��وم ف��ي‬ ‫كب��رى الس��احتين األه��م ف��ي العاصمة‬ ‫دمش��ق وعلى بعد ثالث��ة كيلومترات من‬ ‫القصر الرئاسي‪ ،‬أما المعارضة السياسية‬ ‫فترتك��ب خطيئته��ا المعه��ودة بالتأخ��ر‬ ‫دائمًا عن ركب الش��عب‪ ،‬ه��ذه المعارضة‬ ‫التي أخ��ذت قراب��ة العامي��ن لتتوحد في‬ ‫تش��كيل مؤتلف‪ ،‬ليس لها أن تقف اليوم‬ ‫ٍ‬ ‫دون تقدي��م برام��ج محددة لبناء س��وريا‬ ‫المس��تقبل على الصعد كاف��ة اقتصاديًا‬ ‫واجتماعيًا ودبلوماس��يًا وسياس��يًا‪ ،‬بعيداً‬ ‫ع��ن الش��عارات الفضفاضة‪ ،‬وه��ي أكثر‬ ‫ما يتقن��ه معارض��و الفنادق‪ ،‬ف��ي ملفنا‬ ‫اليوم س��نتعرض للتحدي��ات التي تواجه‬ ‫الس��وريين بع��د رحي��ل النظ��ام عل��ى‬ ‫الصعيدي��ن االقتص��ادي واألمني على أن‬ ‫نستكمل التحديات في الملف المقبل‪.‬‬

‫يف االقت�صاد‪:‬‬ ‫ش��هدت س��وريا ف��ي الثمانيني��ات‬ ‫تض��اؤال ف��ي االس��تثمارات‪ ،‬وارتفاعً��ا‬

‫في مع��دل النم��و الس��كاني‪ ،‬وانخفاضًا‬ ‫ف��ي ف��رص العمل بس��بب ضع��ف النمو‬ ‫االقتص��ادي‪ ،‬مم��ا جع��ل الدول��ة عاج��زة‬ ‫عن توفي��ر الخدم��ات لمواطنيه��ا‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أن اكتش��اف النف��ط الخام و ّلد‬ ‫دخ ًال جدي��دًا‪ ،‬فإن الحكومة لم تس��تثمر‬ ‫عائداته في إنعاش اقتصادها‪ ،‬بل قررت‬ ‫ب��دال من ذل��ك جم��ع احتياطي��ات العملة‬ ‫األجنبي��ة‪ ،‬وف��ي التس��عينيات وبعد حرب‬ ‫الخليج تحس��ن الوضع االقتصادي نسبيًا‬ ‫إال أن هذا التحس��ن لم يصب كل ش��رائح‬ ‫المجتم��ع لغي��اب المؤسس��ات وخط��ط‬ ‫التنمية الشاملة‪.‬‬ ‫وف��ي عه��د الرئيس بش��ار األس��د‪،‬‬ ‫أطل��ق برنامجً��ا جدي��دًا للتحري��ر‬ ‫االقتص��ادي‪ ،‬رافعً��ا العقب��ات التي تقيد‬ ‫التج��ارة‪ ،‬وفاتحً��ا النواف��ذ االقتصادي��ة‬ ‫أمام االس��تثمارات األجنبية‪ .‬ولكن أهمل‬ ‫األس��د الزراع��ة وقطاع��ات التصنيع‪ ،‬مما‬ ‫اضط��ر المناط��ق الصناعي��ة الكب��رى‬ ‫لإلغالق بسبب التدفق المباغت للمنتجات‬ ‫األجنبية‪ ،‬وبس��بب هجرة مليون ش��خص‬ ‫من العاملين ف��ي القطاع الزراعي الهش‬ ‫إلى المدن‪.‬‬ ‫أم��ا بعد ان��دالع الث��ورة وفي الوقت‬ ‫ال��ذي اس��تهدفت في��ه العقوب��ات قط��اع‬ ‫النفط على وجه الخصوص‪ ،‬توقف قطاع‬ ‫الصناع��ات التحويلي��ة وقط��اع الس��ياحة‬ ‫ع��ن العمل أيضًا‪ ،‬كم��ا أن قطاع الزراعة‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫يف الأمن‪:‬‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ق��د يك��ون الس�لاح المنتش��ر بي��ن‬ ‫المدنيي��ن ه��و التح��دي األمن��ي األكب��ر‬ ‫الذي تواجهه أي حكوم��ة تأتي بعد ثورةٍ‬ ‫مس��لحة‪ ،‬قال محمد ش��لبي الذي يشتهر‬ ‫بلقب "أبو س��ياف" أحد الق��ادة المقاتلين‬ ‫ف��ي حل��ب‪ ،‬لوكال��ة رويت��رز لألنب��اء إن‬ ‫المقاتلين اإلس�لاميين في جماعات مثل‬ ‫جبه��ة النص��رة الت��ي أدرجته��ا الواليات‬ ‫المتح��دة على قائمة المنظمات اإلرهابية‬ ‫رفض��وا عروض��اً لالنضمام إل��ى الجيش‬ ‫السوري الحر مقابل الحصول على المال‬ ‫والس�لاح‪ .‬وق��ال لرويت��رز إنه ف��ي حالة‬ ‫اإلطاح��ة باألس��د ف��إن الجيش الس��وري‬ ‫الحر أو عناصر بداخله تعادي أفكار جبهة‬ ‫النصرة ستطلب من الجماعات اإلسالمية‬ ‫عل��ى الف��ور إلقاء س�لاحها‪ ،‬وق��ال‪" :‬راح‬ ‫يصي��ر صدام وهن��ا الخس��ائر راح تكثر‪..‬‬ ‫ال نستطيع أن نقول كيف حتى ال نستبق‬ ‫األحداث"‪.‬‬ ‫ولجمع الس�لاح وحصره بي��د الدولة‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬

‫كان األكث��ر تضررًا بس��بب انعدام األمن‬ ‫ونق��ص الوق��ود مم��ا أفضى إل��ى نزوح‬ ‫ً‬ ‫إضافة إل��ى تجريف‬ ‫العم��ال إلى الم��دن‪،‬‬ ‫النق��د األجنبي الذي عان��ى منه المصرف‬ ‫المركزي‪ ،‬لتمويل معركة النظام‬ ‫وأم��ام ه��ذه الحال��ة تتجل��ى أهمية‬ ‫الش��فافية‪ ،‬والتركي��ز عل��ى االحتياج��ات‬ ‫المحلية للحيلولة دون إهدار موارد سوريا‬ ‫المحدودة على مش��اريع غير ضرورية أو‬ ‫غير فعالة‪ ،‬فإعادة اإلعمار في سوريا البد‬ ‫أساس اقتصادي مدروس‬ ‫وأن تبنى على‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الحري��ري‪ ،‬أو النهج‬ ‫بعي��داً ع��ن مقام��رة‬ ‫الفاسد إلعادة إعمار العراق‪.‬‬ ‫كما البد م��ن توجيه الدع��م المالي‬ ‫إل��ى هيئ��ة اقتصادي��ة ذات مصداقي��ة‬ ‫تتولى اإلش��راف على األم��وال الموعودة‬ ‫إلعادة اإلعمار ومتابعة األموال الس��ورية‬ ‫المنهوب��ة‪ ،‬ومعالج��ة الدي��ون الس��ورية‬ ‫ً‬ ‫خاص��ة أن مجموعة العم��ل المنبثقة عن‬ ‫«أصدق��اء الش��عب الس��وري» المؤلف��ة‬ ‫من ‪ 56‬دول��ة كانت قد أبدت اس��تعدادها‬ ‫للعم��ل م��ع الحكوم��ة الس��ورية المقبلة‬ ‫"بعد س��قوط نظام دمشق" لحل مشكلة‬ ‫الديون الس��ورية في إط��ار نادي باريس‬ ‫للدول الدائنة‪.‬‬ ‫األولوية اليوم لخطة إنقاذ لالقتصاد‬ ‫والش��عب الس��وري ش��عارها التنمي��ة‬ ‫المتوازنة‪ ،‬ومحاربة الفساد بكل أشكاله‪.‬‬

‫أط��رٌ قانوني�� ٌة معروف��ة‪ ،‬لك��ن التعقيد‬ ‫األه��م ف��ي الحال الس��ورية ه��و الوجود‬ ‫اإليران��ي المتفاقم ف��ي الداخل‪ ،‬فقد أكد‬ ‫خامنئي لقادة النظام س��ابقًا أن "س��وريا‬ ‫تش��كل الخ��ط األمام��ي االس��تراتيجي‬ ‫للنظام‪ .‬لذل��ك ورغم صعوب��ات الموقف‬ ‫وتعقي��دات األوض��اع علين��ا أن ال ني��أس‬ ‫ويجب أن ندعم األسد حتى آخر األنفاس"‪.‬‬ ‫وقد نقلت صحيفة واش��نطن بوست‬ ‫عن مس��ؤول عربي رفيع أن إستراتيجية‬ ‫إي��ران تقوم عل��ى مس��ارين‪ :‬األول دعم‬ ‫األس��د‪ ،‬والثاني تحضير مس��رح إذا انهار‬ ‫النظ��ام وتفس��خت س��وريا إل��ى جي��وب‬ ‫عرقية وطائفية منفصلة‪.‬‬ ‫وذكرت الصحيفة نقال عن مس��ؤول‬ ‫رفي��ع باإلدارة األميركية أن إيران تس��اند‬ ‫مليش��يات قوامه��ا ‪ 50‬أل��ف مقاتل داخل‬ ‫س��وريا حاليا‪ .‬وق��ال المس��ؤول "إن هذه‬ ‫عملي��ة كبيرة والنية المباش��رة هي دعم‬ ‫النظ��ام الس��وري إال أن األه��م بالنس��بة‬ ‫إلي��ران ه��و الحص��ول عل��ى ق��وة داخل‬ ‫سوريا تكون موضع ثقة ويمكن االعتماد‬ ‫عليها فيما يعد"‪.‬‬ ‫كم��ا ذك��رت صحيف��ة "االندبندنت"‬ ‫البريطاني��ة الص��ادرة الي��وم (أن عملي��ة‬ ‫تق��دم ق��وات المعارض��ة الس��ورية تجاه‬ ‫العاصم��ة "دمش��ق" ع��ززت التح��ركات‬ ‫داخل خطوط القتال الراكدة في الش��هور‬ ‫الماضي��ة وس��ط تقارير تفيد ب��أن إيران‬ ‫تش��كل ميلش��يات في الداخل اس��تعدادا‬ ‫لس��قوط نظام الرئيس الس��وري بش��ار‬ ‫األسد)‪.‬‬ ‫وبالحديث عن إيران البد من الحديث‬ ‫عن ربيبه��ا الطائفي األكثر رعونة "حزب‬ ‫اهلل" ال��ذي ب��ات ُ‬ ‫يحتل ق��رى حدودية في‬ ‫الريف الحمصي‪ ،‬فقد قال الش��يخ صبحي‬ ‫الطفيلي األمين العام السابق لحزب اهلل‪،‬‬ ‫أن مَ��نْ يُقتل من حزب اهلل في س��وريا‬ ‫ذاهب إلى جهنم وال يعتبر شهيداً‪ ،‬مؤكداً‬ ‫أن الح��زب يحارب في س��وريا‪ ،‬ونفى "أن‬ ‫يك��ون الش��يعة هناك بحاج��ة لمن يدافع‬ ‫عنه��م"‪ ،‬وش��دّد عل��ى أن "الش��يعة في‬ ‫س��وريا ليس��وا بحاجة لم��ن يدافع عنهم‬ ‫ونحن مَنْ سبب لهم المشاكل‪ ،‬فالسيدة‬ ‫زين��ب ليس��ت بحاج��ة لمن يحميه��ا ألنها‬ ‫أيض��اً محبوب��ة م��ن الطائف��ة السّ��نية‪،‬‬ ‫لكن كل ما يحص��ل هناك هو الدفاع عن‬ ‫النظام وعن اإلجرام وقتل شعبه وهو لم‬ ‫يقصف فلسطين يوماً"‪.‬‬ ‫وأكد الطفيلي أن "حزب اهلل يتحمل‬ ‫مس��ؤولية كل قتيل ش��يعي في سوريا"‪،‬‬

‫محذراً من أن "المستفيد األكبر من النزاع‬ ‫هناك ه��و العدو اإلس��رائيلي ألن��ه يريد‬ ‫هزيم��ة الفريقي��ن"‪ .‬وس��أل‪" :‬لم��اذا هذا‬ ‫الفعل المنكر بإرس��ال خيرة ش��بابنا في‬ ‫الحزب إلى سوريا ومقتلهم هناك عوض‬ ‫المقاومة ضد إسرائيل؟"‪.‬‬ ‫وق��ال‪" :‬س��أقف م��ع المظلومي��ن‬ ‫واألطفال السوريين في الوقت المناسب‪،‬‬ ‫وس��أفعل م��ا ف��ي وس��عي لمن��ع الفتنة‬ ‫الس��نية – الش��يعية‪ ،‬ومن يقتل األطفال‬ ‫ويروّع األهالي ويدمر المنازل في سوريا‬ ‫وهو م��ن حزب اهلل ذاهب إل��ى جهنم وال‬ ‫يعتبر شهيداً"‪.‬‬ ‫أما عن إس��رائيل فهي تن��وي إقامة‬ ‫منطق��ة عازل��ة ف��ي األراضي الس��ورية‬ ‫لمن��ع الجماعات المتش��ددة م��ن االقتراب‬ ‫من الحدود إذا انهار نظام الرئيس بش��ار‬ ‫األس��د كم��ا أف��ادت مص��ادر أمني��ة‪ ،‬وقد‬ ‫أوضح��ت مص��ادر عس��كرية أن "القيادة‬ ‫العس��كرية للش��مال لديها خط��ة "اليوم‬ ‫التال��ي" الت��ي تفترض أن األس��د لم يعد‬ ‫رئيس��ًا لسورية وأن هناك خوفًا من رؤية‬ ‫عناصر إرهابية تس��عى إلى االقتراب من‬ ‫السياج"‪.‬‬ ‫وأضاف��ت ه��ذه المص��ادر "يريدون‬ ‫عنده��ا إقامة ن��وع من المنطق��ة العازلة‬ ‫في األراضي الس��ورية وإخطار الكل بها‪،‬‬ ‫وذلك لمنع اقتراب إرهابيين من الس��ياج‬ ‫م��ن دون أن نتمك��ن م��ن منعه��م أو من‬ ‫رؤيتهم"‪ ،‬وأوضحت أنها ستكون "منطقة‬ ‫عازلة تابعة لسورية‪ ،‬لن نجتاح األراضي‬ ‫السورية"‪ ،‬مشيرة إلى أن هذه الخطط ال‬ ‫تزال في المرحلة األولية بدون أن توضح‬ ‫عمق هذه المنطقة العازلة‪.‬‬ ‫إال أن التخوف األكبر هو أن تس��تغل‬ ‫إس��رائيل حالة الضع��ف واالرتباك ما بعد‬ ‫رحيل األس��د لتقتطع ج��زءاً من األراضي‬ ‫السورية بحجة المنطقة العازلة‪.‬‬ ‫كم��ا يب��رز أم��ام الحكوم��ة الجديدة‬ ‫تحدي الس�لاح الكيماوي وتأمينه‪ ،‬إذ قال‬ ‫رئي��س لجنة االس��تخبارات ف��ي مجلس‬ ‫الن��واب األمريكي ماي��ك روجرز لـ بي بي‬ ‫س��ي إنه "إذا لم يجر التوص��ل إلى خطة‬ ‫إقليمية للتعامل مع األس��لحة الكيميائية‪،‬‬ ‫فإنه��ا قد تش��كل خطرا يته��دد المنطقة‬ ‫بأس��رها‪ ،‬فمن الممكن أن تنتش��ر داخل‬ ‫األراض��ي اللبناني��ة‪ ،‬وق��د تقع ف��ي أيدي‬ ‫جماع��ات تصن��ف عل��ى أنه��ا منظم��ات‬ ‫إرهابية"‪.‬‬ ‫وقال روجرز‪" :‬أعتقد أن أمامنا الكثير‬

‫لنقوم به حتى نتأكد من أن جامعة الدول‬ ‫العربية وتركي��ا وحلفاءنا من األوروبيين‬ ‫يقف��ون معن��ا بخط��ة تس��مح بالتأمي��ن‬ ‫الفوري ألنظمة التسليح تلك"‪.‬‬ ‫وأض��اف‪" :‬إذا ل��م يحدث ذل��ك‪ ،‬فإننا‬ ‫س��نكون ف��ي مواجه��ة ح��دث من ش��أنه‬ ‫أن يتس��بب ف��ي اضط��راب كبي��ر يحدث‬ ‫ف��ي المنطقة‪ ،‬وقد يتس��بب ف��ي زعزعة‬ ‫اس��تقرار الحكومات على مستوى الشرق‬ ‫األوسط برمته"‪.‬‬ ‫كم��ا ق��ال الجن��رال ريمون��د أديرنو‬ ‫رئي��س أركان الجيش األميركي في ندوة‬ ‫ألقاه��ا ف��ي معه��د بروكين��ز للدراس��ات‬ ‫بواش��نطن إن الجيش األميركي في حالة‬ ‫جهوزي��ة كاملة للتدخّل في س��وريا بعد‬ ‫أن تمّ تأمين أس��لحة الدمار الشامل التي‬ ‫يمتلكها النظام‪.‬‬ ‫الب��د من اإلش��ارة إلى أن��ه في حال‬ ‫فش��ل الس��وريون ف��ي تأمي��ن منظومة‬ ‫الس�لاح الكيماوي ف��إن البدي��ل المقبول‬ ‫هو قواتٌ أممي��ة للمحافظة عليه وليس‬ ‫قوات أمريكية تنزل ب��إرادة منفردة على‬ ‫األرض السورية دون أي غطاء شرعي أو‬ ‫قانوني‪.‬‬ ‫في الختام نكرر س��قوط النظام هو‬ ‫البداي��ة‪ ،‬فبعد رحيله يب��دأ البناء والعمل‪،‬‬ ‫أودعكم م��ع أبياتٍ لمحمود درويش ومن‬ ‫قصيدت��ه "أيه��ا الم��ارون بي��ن الكلم��ات‬ ‫العابرة"‪:‬‬ ‫أيها المارون بين الكلمات العابرة‬ ‫منكم السيف ‪ -‬ومنا دمنا‬ ‫منكم الفوالذ والنار ‪ -‬ومنا لحمنا‬ ‫منكم دبابة أخرى ‪ -‬ومنا حجر‬ ‫منكم قنبلة الغاز ‪ -‬ومنا المطر‬ ‫وعلينا ما عليكم من سماء وهواء‬ ‫فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا‬ ‫وادخلوا حفل عشاء راقص‪ ..‬و انصرفوا‬ ‫وعلينا‪ ،‬نحن‪ ،‬أن نحرس ورد الشهداء‬ ‫و علينا‪ ،‬نحن‪ ،‬أن نحيا كما نحن نشاء‬ ‫أيها المارون بين الكلمات العابرة‬ ‫كالغبار المر مروا أينما شئتم ولكن‬ ‫ال تمروا بيننا كالحشرات الطائرة‬ ‫خلنا في أرضنا ما نعمل‬ ‫و لنا قمح نربيه و نسقيه ندى أجسادنا‬ ‫و لنا ما ليس يرضيكم هنا‬ ‫حجر‪ ..‬أو خجل‬

‫‪7‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫ومــاذا بعـــد؟‬ ‫خالد كنفاني‬ ‫بدءاً من ش��جار كالمي بين شرطي‬ ‫م��رور ومواط��ن في أح��د أحياء دمش��ق‬ ‫ووص��و ًال إلى اس��تخدام صواريخ س��كود‬ ‫لقصف المدن السورية بواسطة "الجيش‬ ‫العربي الس��وري" العقائ��دي الذي تمتلئ‬ ‫الشاش��ات بتمجيده وتقدي��س بطوالته‪،‬‬ ‫يسأل السوريون‪" :‬وماذا بعد؟"‪.‬‬ ‫س��يقاطع االئت�لاف مؤتم��ر روم��ا‪،‬‬ ‫سيش��ارك االئت�لاف ف��ي مؤتم��ر روم��ا‪،‬‬ ‫وبين المش��اركة والمقاطعة يموت يوميًا‬ ‫مئات الس��وريين ويفر اآلالف من بيوتهم‬ ‫وقراه��م ومدنهم إلى المجه��ول حيث ال‬ ‫حياة وال كرامة وال مستقبل‪.‬‬ ‫لم يع��رف االئت�لاف الوطن��ي حتى‬ ‫اليوم أن قراراته لي��س لها أي تأثير على‬ ‫الس��وريين‪ ،‬وم��ا تجديد جوازات الس��فر‬ ‫إال ج��زء م��ن مناورة يع��رف الجمي��ع أنها‬ ‫ب�لا فائ��دة‪ ،‬فكيف يطل��ب االئت�لاف من‬ ‫نظ��ام "فاقد الش��رعية" أن يقوم بتجديد‬ ‫جوازات الس��فر عبر سفاراته التي يطالب‬ ‫االئتالف باالس��تيالء عليها وقد قام بذلك‬ ‫بالفعل ف��ي الدوحة‪ .‬كما أن الجميع يعلم‬ ‫أن ه��ذه الجوازات لم تعد مقبولة أساس��ًا‬ ‫ف��ي كثير من ب�لاد الدني��ا الت��ي ال تريد‬ ‫أن ترى س��وريًا واحداً يط��أ أراضيها‪ .‬هذا‬ ‫التناق��ض الصارخ ف��ي المواقف يعكس‬ ‫حالة التخبط السياسي والفكري الرهيب‬ ‫ال��ذي تعان��ي من��ه المعارضة الس��ورية‬ ‫عل��ى اخت�لاف أطيافه��ا ويعك��س حال��ة‬ ‫النفاق العالمي تجاه الس��وريين وس��وريا‬ ‫كوط��ن يفقد يومي��ًا كل مقومات وجوده‬ ‫وكيانه الواحد باتجاه التشرذم والطائفية‬ ‫والتقسيم المحتوم‪.‬‬ ‫يجتم��ع ممثل��و أكثر م��ن ‪ 100‬دولة‬ ‫في العالم تدعي صداقة الشعب السوري‬ ‫لتنته��ي االجتماع��ات الفخم��ة ووجب��ات‬ ‫البيت��زا اإليطالي��ة والمكرون��ة "بضرورة‬ ‫زي��ادة الضغط على األس��د لوقف قصف‬ ‫الم��دن الس��ورية"! وزادت الوالي��ات‬ ‫المتح��دة م��ن جرع��ة النف��اق بموافقتها‬ ‫على إرسال "أس��لحة غير قاتلة" وسترات‬ ‫مض��ادة للرص��اص إل��ى الجي��ش الح��ر‪،‬‬ ‫ونترك لفقهاء اللغة وعلمائها التفس��ير‪،‬‬ ‫فمصطلح "أس��لحة غير قاتلة" لم نسمع‬ ‫به إال في زمان الثورة السورية أما تزويد‬ ‫المقاتلي��ن بس��ترات مقاوم��ة للرصاص‬ ‫أم��ام نظام يس��تخدم صواريخ الس��كود‬ ‫فه��و كم��ن يعطي نمل��ة صغي��رة مظلة‬ ‫شمسية لتحتمي بها من خطوات الفيل!‬ ‫ت��م جمع أكث��ر من ملي��ار وثالثمائة‬ ‫ملي��ون دوالر أمريكي في جلس��ة "أنس"‬ ‫واح��دة ف��ي مؤتم��ر "مانح��ي الش��عب‬ ‫الس��وري"‪ ،‬ل��م يصل منها ش��يء حس��ب‬ ‫معلوماتنا حيث لم تقم بعض الدول بدفع‬ ‫االلتزام��ات الت��ي تعهدت بها باألس��اس‪.‬‬ ‫ال يري��دون وص��ول األس��لحة واألم��وال‬ ‫"للمتطرفين" بينما تقوم واحدة من أكثر‬ ‫ال��دول تطرفاً في المنطقة وهي "مملكة‬ ‫اإلنس��انية" بالدع��م اإلعالم��ي والمادي‬ ‫والمعنوي والعسكري للجماعات المسلحة‬ ‫األكث��ر تش��دداً وللقن��وات التلفزيوني��ة‬ ‫"الس��لفية" العمياء والتي يتزعم منابرها‬ ‫ش��يخ جاهل ال هم له س��وى إقحام لفظ‬ ‫الجاللة في علم االس��تقالل‪ ،‬حتى وصل‬ ‫األم��ر بالبع��ض بطل��ب عدم رف��ع العلم‬

‫أساس��اً واالكتف��اء بالراية الس��وداء التي‬ ‫"توحد اهلل‪" .‬‬ ‫وبينما يدخ��ل حزب اهلل وإيران على‬ ‫خط دعم النظام تدخل السعودية وقطر‬ ‫وتركيا والقاعدة عل��ى خط دعم الكتائب‬ ‫المس��لحة‪ ،‬ولكنه دعم أعمى وعش��وائي‬ ‫ف��ي الحال��ة األخي��رة بدليل ع��دم توحد‬ ‫هذه الكتائب حتى على مس��توى األعمال‬ ‫القتالية‪ ،‬كما أن الجميع يريد نسبة النصر‬ ‫إلى نفسه ولوائه بينما يضيع الوطن في‬ ‫المجهول‪ .‬ال تحمل أي��ة كتيبة أو لواء في‬ ‫ثنايا اسمها أية إشارة إلى سوريا‪ ،‬الوطن‬ ‫ال��ذي يدع��ي الجمي��ع تحري��ره م��ن نير‬ ‫االس��تبداد‪ .‬وبين المجال��س المحلية في‬ ‫مناطق األك��راد وغيرها في مناطق حلب‬ ‫وريفه��ا وحم��ص ودرعا وإدلب ينقس��م‬ ‫الوط��ن ش��يئاً فش��يئًا ويتول��ى إدارت��ه‬ ‫مجموعات بشرية مختلفة ومتباعدة كثير‬ ‫منها ال يملك أية خلفيات فكرية أو ثقافية‬ ‫أو حت��ى إداري��ة للس��ير بالمناط��ق إل��ى‬ ‫األم��ام‪ .‬وبينما تخلى كل المعارضون عن‬ ‫مواقعهم األمامي��ة وارتضوا الظهور في‬ ‫الشاش��ات والفنادق والمنتجعات انحس��ر‬ ‫معه��م كل الفكر ال��ذي تش��دقوا به في‬ ‫الماضي لصالح بعض اإلبداعات اإلدارية‬ ‫المحلي��ة الت��ي ابتكرها س��كان المناطق‬ ‫المختلف��ة ليس��يروا أمور حياته��م والتي‬ ‫بال��كاد تكفيهم ش��ر الفوض��ى والتخبط‬ ‫وأتاح��ت المجال أم��ام مئ��ات االنتهازيين‬ ‫والوصوليين والمتس��لقين الذين تدافعوا‬ ‫عل��ى اقتس��ام الغنائ��م وتدافع��وا أم��ام‬ ‫الشاش��ات من جديد ليزي��دوا هذه الثورة‬ ‫مأساة وهذا الشعب بؤساً وفاقة‪.‬‬ ‫كم م��ن المؤتم��رات ال ي��زال أمامنا‬ ‫حتى ينجو هذا الشعب؟ جاب المعارضون‬ ‫معظ��م دول العال��م ألجل "دع��م الثورة‬ ‫السورية" بينما تعاني هذه الثورة المزيد‬ ‫والمزي��د م��ن الس��قطات واالس��تغالل‬ ‫والضياع‪ ،‬ذات ال��دول التي تدعي صداقة‬ ‫الش��عب الس��وري ومعاداة النظ��ام اليوم‬ ‫كان��ت فيم��ا مض��ى صديق��ة للنظ��ام‬ ‫ومعادية للش��عب‪ ،‬ولكن ما يختلف اليوم‬ ‫ه��و التب��ادل ف��ي المس��ميات ال األدوار‪،‬‬ ‫فالنظ��ام يزداد شراس��ة والش��عب يزداد‬ ‫ألماً‪ ،‬وال ضوء في آخر النفق سوى ألسنة‬ ‫اللهب التي أحرقت األخضر واليابس‪.‬‬ ‫اعت��رض االئت�لاف الوطن��ي‬ ‫"بش��دة" عل��ى المس��اعدة الهزيل��ة التي‬ ‫قدمته��ا الوالي��ات المتح��دة عل��ى ي��دي‬ ‫وزي��ر خارجيته��ا "الحن��ون" ج��ون كيري‪،‬‬ ‫وبينم��ا كان االئت�لاف يعل��م مس��بقًا أن‬ ‫مؤتم��رات األصدقاء ال عالق��ة لها بأجهزة‬ ‫االستخبارات التي تعمل في الخفاء واتخذ‬ ‫موقف��اً حازماً (لعل��ه األول منذ إنش��ائه)‬ ‫بمقاطع��ة مؤتمر أصدقاء س��وريا وحتى‬ ‫مقاطع��ة زي��ارات واش��نطن وموس��كو‪،‬‬ ‫وكان له��ذا الموقف ص��داه الحقيقي بين‬ ‫كثير من الس��وريين الذين رأوا أن بعض‬ ‫قادة المعارضة ب��دؤوا يتصرفون ببعض‬ ‫المسؤولية بعد أن ظهر كثير منهم بغاية‬ ‫الس��خف والس��طحية وهم يتنقلون بين‬ ‫عواص��م الدني��ا وفنادقه��ا حاملين صور‬ ‫أطفال س��وريا ونس��ائها ليتس��ولوا على‬ ‫اس��مهم ماليين ال��دوالرات بينما ال يصل‬ ‫إلى الس��وريين سوى النزر اليسير‪ .‬ولكن‬

‫االئتالف نفس��ه لم يخيب ظننا‪ ،‬فقد قرر‬ ‫بعد "التشاور" بين أركانه وأعضائه عدم‬ ‫تفويت فرصة الس��فر إل��ى إيطاليا (يبدو‬ ‫أن بعضهم لم يس��بق له زيارة هذا البلد‬ ‫الجمي��ل) وارت��أوا أن المش��اركة في هذا‬ ‫المؤتمر الفخم س��يدعم الثورة السورية‬ ‫وأنهم عندما يخرجون منه حاملين سترات‬ ‫واقية للرصاص فإن الثورة ستنتصر في‬ ‫اليوم التالي وستدحر االستبداد إلى األبد‪.‬‬ ‫وهن��ا أثبت االئتالف مرة أخ��رى أنه ليس‬ ‫على مس��توى طموحات السوريين الذين‬ ‫وص��ل بعضهم إلى مراح��ل متقدمة من‬ ‫اليأس وصار جل أمله هدنة مؤقتة يسمع‬ ‫فيها غير أصوات القذائف والصواريخ في‬ ‫سماء مدينته أو قريته‪.‬‬ ‫وتزداد أم��ور المعارض��ة طرافة مع‬ ‫نش��ر العش��رات من الوس��ائل اإلعالمية‬ ‫المعارض��ة خب��راً منق��و ًال عل��ى لس��ان‬ ‫الدكت��ور فيص��ل الحم��د عض��و األمان��ة‬ ‫العام��ة لمجل��س األم��ة الكويت��ي والذي‬ ‫يذكر فيه أن هناك سيناريو عربي غربي‬ ‫إس��رائيلي إلجه��اض الث��ورة الس��ورية‬ ‫ووأده��ا في مهدها‪ .‬ويؤك��د هذا الدكتور‬ ‫أن هن��اك اجتماعات موس��عة بين ضباط‬ ‫اس��تخبارات عرب وغربيين م��ع قادة من‬ ‫الجي��ش الح��ر والكتائب المس��لحة يهدف‬ ‫ظاهرها لدعم الث��ورة ولكنها في الواقع‬ ‫تهدف إلى ضرب الثوار ببعضهم البعض‪.‬‬ ‫عندم��ا تحدثنا فيما مض��ى أن األزمة في‬ ‫س��وريا ه��ي أزم��ة فك��ر وثقاف��ة اعتبر‬ ‫البع��ض ذك حط��اً من ق��در الس��وريين‬ ‫ومع��اداة للث��ورة‪ ،‬ولك��ن مع تزاي��د هذه‬ ‫النوعية من األخبار والمقاالت كالمذكورة‬ ‫س��ابقًا نفه��م كي��ف أن الجمي��ع نظام��ًا‬ ‫ومعارضة يلعبون بنفس الخطة‪ :‬نظرية‬ ‫مؤامرة وطعن أعمى في الخصم وصياح‬ ‫وش��تائم‪ .‬وق��د أثب��ت كاف��ة الس��وريين‬ ‫الذي��ن تم��ت اس��تضافتهم ف��ي برام��ج‬ ‫حواري��ة (كبرنام��ج االتج��اه المعاك��س‬ ‫مث� ً‬ ‫لا) كيف أنهم يفك��رون جميعًا بنفس‬ ‫الطريق��ة الس��لطوية المتعالي��ة ضيق��ة‬ ‫األفق والس��وقية في الطرح والس��طحية‬ ‫في التفكي��ر‪ .‬إذا كان االئتالف وغيره من‬ ‫هيئ��ات المعارض��ة ومجالس��ها يروجون‬

‫لمث��ل هذه األقاويل ويؤمن��ون بها فلماذا‬ ‫ال يزال��ون يص��رون عل��ى الس��فر إل��ى‬ ‫كل عاصم��ة ف��ي الدني��ا الهثي��ن وراء‬ ‫مؤتم��ر صحف��ي أو مقابل��ة تلفزيوني��ة‬ ‫أو نظ��رة حنان م��ن أردوغ��ان أو هوالند‬ ‫الذي اس��تطاع وخ�لال أقل من ش��هرين‬ ‫م��ن اس��تالمه الس��لطة توجي��ه الجيش‬ ‫الفرنس��ي بكام��ل طاقت��ه الهجومي��ة‬ ‫للقضاء على اإلرهابيين في مالي وس��ط‬ ‫تعتيم إعالمي ش��ديد وس��كوت سعودي‬ ‫مري��ب مع أن مالي بلد مس��لم وكل أهله‬ ‫مس��لمون ولكن يبدو أن بع��د المكان لم‬ ‫يعد يس��مح "لحماة الس��لفية في العالم"‬ ‫بسماع ما يحدث هناك‪.‬‬ ‫م��ع كام��ل احترامن��ا للش��يخ مع��اذ‬ ‫الخطيب فإننا نرى أنه لم يضف إلى هذه‬ ‫الثورة وقضيتها أي ش��يء بتوليه رئاس��ة‬ ‫االئت�لاف الوطني الذي يض��م بين ثناياه‬ ‫حيتان اإلخوان وجهابذة المجلس الوطني‬ ‫ورم��وز المنش��قين الفاس��دين الذين ما‬ ‫ش��بعوا م��ن أم��وال الناس طوال س��نين‬ ‫خدمته��م للنظ��ام ويتقدم��ون الصفوف‬ ‫م��ن جدي��د ليواصل��وا جمع م��ا يجمعونه‬ ‫ولك��ن على الضف��ة األخرى ه��ذه المرة‪.‬‬ ‫هذه البيئ��ة القذرة ليس��ت مكانًا لنظيف‬ ‫كالش��يخ الخطيب الذي ستؤول به األمور‬ ‫ألن يصبح ش��ماعة أخطاء الثورة وأخطاء‬ ‫من يدعون قيادتها‪.‬‬ ‫في س��ؤال الس��وريين "وم��اذا بعد"‬ ‫الكثير من الخوف والقلق من المس��تقبل‬ ‫الذي ال ي��زال يزداد ظالم��ًا بينما يتقاذف‬ ‫ال��كل ه��ذه الك��رة المس��كينة المس��ماة‬ ‫الش��عب السوري تارة باس��م المساعدات‬ ‫وتارة باس��م األمن القومي وتارة باس��م‬ ‫أصدقاء سوريا‪ .‬وتبقى الحقيقة بين أيدي‬ ‫الس��وريين على األرض‪ ،‬فهم من وهبوا‬ ‫األرض دماءهم وهم من يستحقون ثمار‬ ‫ما سيكبر فيها من شجر‪.‬‬ ‫آخر الكالم‪ :‬يقول غسان كنفاني‪:‬‬ ‫الث��ورة وحده��ا ه��ي المؤهل��ة‬ ‫الس��تقطاب الم��وت‪ ..‬الث��ورة وحدها هي‬ ‫الت��ي توجه الموت‪ ..‬و تس��تخدمه لتش��ق‬ ‫سبال للحياة‪.‬‬


‫صبحي حديدي‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫'الممان��ع المعاص��ر' ه��و‪ ،‬ف��ي تعريف‬ ‫مبسّ��ط‪ ،‬ذاك الذي يس��اند النظام السوري‬ ‫ألن األخي��ر 'ممانع' بدوره‪ ،‬حتى إذا كان أودى‬ ‫ّ‬ ‫بحياة أكثر من ‪ 70‬ألف مواطن س��وري‪ ،‬بين‬ ‫طفل وشيخ وامرأة ورجل؛ وحتى إذا استخدم‬ ‫ّ‬ ‫كل صنوف أس��لحة 'الجي��ش الممانع'‪ ،‬ليس‬ ‫ض��دّ الع��دو اإلس��رائيلي‪ ،‬بل ضدّ الش��عب‬ ‫الس��وري‪ ،‬وحده وحصري��ًا؛ وحت��ى إذا ألحق‬ ‫الخراب باقتصاد سورية وزراعتها وصناعتها‬ ‫وتجارته��ا‪ ،‬ودمّ��ر معم��ار البل��د‪ ،‬وبنيت��ه‬ ‫التحتي��ة‪ ،‬والكثي��ر م��ن معالم��ه التاريخية‪.‬‬ ‫ورغم كل ما تكشّف‪ ،‬ويتكشف‪ ،‬عن حقائق‬ ‫الموقف األمريكي‪ ،‬الذي يس��كت عن خيارات‬ ‫األسد العنفية الوحش��ية‪ ،‬وينتهي عمليًا إلى‬ ‫تشجيعه في المضيّ إلى خيارات أشدّ إيغا ًال‬ ‫بأن‬ ‫فإن إيمان 'الممانع المعاصر' ّ‬ ‫في العنف؛ ّ‬ ‫م��ا يتعرّض له النظام الس��وري هو مؤامرة‬ ‫أمريكي��ة ـ صهيوني��ة ـ وهابي��ة ـ قطري��ة‪..‬‬ ‫راسخ ال يتزحزح!‬ ‫وألن��ه عربي غالب��اً‪ ،‬وأكث��ر حضوراً‬ ‫عل��ى الس��احة م��ن نظرائ��ه الس��وريين‬ ‫ف��إن هذا 'الممانع‬ ‫أتب��اع النظام ومواليه‪ّ ،‬‬ ‫المعاصر' يساند أيضاً انخراط 'حزب اهلل'‬ ‫اللبنان��ي في القتال مع النظام الس��وري؛‬ ‫لي��س 'دفاعًا ع��ن المواطني��ن اللبنانيين‬ ‫داخ��ل الق��رى الحدودي��ة المحاذية'‪ ،‬وهو‬ ‫التعبير ّ‬ ‫الملطف الذي ينوب عن المسمّى‬ ‫الفعل��ي‪ :‬ك��وادر الحزب في ه��ذه القرى‪،‬‬ ‫فحس��ب؛ بل ف��ي العم��ق الس��وري الذي‬ ‫يتجاوز مناط��ق القصي��ر وتخوم حمص‬ ‫المحاذي��ة لق��رى طرط��وس‪ ،‬ليبلغ ريف‬ ‫دمشق‪ ،‬وقلب العاصمة السورية ذاتها‪.‬‬ ‫وإ ْذ يجد بع��ض الحرج في الموافقة‬ ‫على 'لمّ ش��مل ممانع' يمك��ن أن يضمّ‬ ‫ن��وري المالك��ي‪ ،‬صنيع��ة االحت�لال‬ ‫األمريك��ي‪ ،‬والوج��ه الطائف��ي البغيض‬ ‫ف��إن‬ ‫ل��والدات‪ ،‬وم��آالت ذل��ك االحت�لال؛ ّ‬ ‫صاحبنا‪' ،‬الممانع المعاصر' نفس��ه‪ ،‬يلهج‬ ‫بالدع��اء لم��ا يُس��مّى 'مح��ور الممانعة'‬ ‫الممت��د من طه��ران الوال��ي الفقيه‪ ،‬إلى‬ ‫بغداد النوري‪ ،‬ودمشق األسد‪ ،‬وصو ًال إلى‬ ‫ضاحية حس��ن نصر اهلل‪ ،‬ليس دون إلقاء‬ ‫التحية على أحمد جبريل!‬ ‫ثم��ة‪ ،‬إلى هذا‪ ،‬تط��ورات دراماتيكة‬ ‫ش��هدتها مؤخراً هضبة الجوالن السورية‬ ‫المحتلة‪ ،‬ال ينفع معها سكوت صاحبنا‪ ،‬إال‬ ‫ب��أن 'الممانعة'‬ ‫بمعنى تس��ليمه الصامت ّ‬ ‫يمكن أن تكتسب صفة الخيانة الوطنية‪،‬‬ ‫وتبقى مع ذلك مما ِنعة مقا ِومة مناهضة‬ ‫لإلمبريالية والصهيونية والرجعية‪ ..‬على‬ ‫إن األسد‬ ‫سبيل المثال‪ ،‬يقول تطوّر أوّل ّ‬ ‫س��حب معظم وح��دات الفرقة الخامس��ة‬ ‫المدرعة‪ ،‬وخاصة سرايا المدفعية الثقيلة‪،‬‬ ‫من مناطق انتشارها في الجوالن‪ ،‬ليُعاد‬ ‫نش��رها على خطوط المواجهة مع كتائب‬ ‫'الجيش الس��وري الحرّ' في ريف دمشق‪،‬‬ ‫وف��ي حم��ص‪ ،‬وطرط��وس‪ .‬تط��وّر آخر‬ ‫إن سبعة جنود سوريين جُرحوا في‬ ‫يقول ّ‬ ‫الج��والن‪ ،‬وانس��حبت وحداتهم من أرض‬ ‫المعرك��ة مع مقاتل��ي الجيش الحرّ‪ ،‬دون‬ ‫أن توفّر لهم اإلس��عاف الطب��ي‪ ،‬فتدخلت‬ ‫قوات االحتالل اإلس��رائيلية ونقلتهم إلى‬ ‫مشفى في صفد‪.‬‬

‫أن مث��ل ه��ذه التط��ورات‬ ‫صحي��ح ّ‬ ‫فاضح��ة‪ ،‬وفاقع��ة‪ ،‬ويتوج��ب أن تفق��أ‬ ‫أن‬ ‫األعي��ن قب��ل أن تلج��م األلس��نة؛ إال ّ‬ ‫لصاحبن��ا 'الممان��ع المعاص��ر' س��وابق‬ ‫كثيرة ف��ي تمرير الفاق��ع والفاضح‪ ،‬هذا‬ ‫ع��دا ع��ن التغنّي ّ‬ ‫ب��كل ما ه��و غوغائي‬ ‫ديماغوج��ي‪ ،‬ص��در ويص��در عن األس��د‬ ‫نفسه‪ ،‬رأس هذا النظام 'المما ِنع'‪ ،‬وعلى‬ ‫مراحل متتالي��ة متعاقبة‪ ،‬لعلها بدأت منذ‬ ‫األش��هر األول��ى لتوريثه‪ ،‬بعد وف��اة أبيه‪،‬‬ ‫في حزيران (يونيو) س��نة ‪ .2000‬وهكذا‪،‬‬ ‫تعيدنا سابقة أولى إلى قمّة عمّان‪ ،‬ربيع‬ ‫‪ ،2001‬ول��م يك��ن آنذاك قد أكمل س��نته‬ ‫األولى في وراثة السلطة‪ ،‬حين استفاض‬ ‫األس��د في تقريع أخوته أصحاب السيادة‬ ‫والجاللة والسموّ‪ ،‬ألنهم يسيرون باألمّة‬ ‫العربي��ة م��ن ضع��ف إل��ى ضع��ف‪ .‬ولقد‬ ‫ح ّثه��م‪ ،‬وكان أصغره��م س��نًّا وأحدثهم‬ ‫عهداً بالحكم‪ ،‬على 'زيادة اإليجابيات على‬ ‫حس��اب الس��لبيات‪ ،‬وتعزيز نق��اط القوّة‬ ‫مقاب��ل تقليص نق��اط الضع��ف التي ما‬ ‫تزال كثيرة‪ ،‬وعلى رأس��ها س��وء التقدير‬ ‫وعدم قراءة األحداث بشكلها الصحيح'‪.‬‬ ‫م��ا ال��ذي كان بدي��ل األس��د؟ ه��ذا‬ ‫االقتراح‪ ،‬بالحرف‪' :‬نح��ن ثالثمائة مليون‬ ‫عرب��ي‪ ،‬وعندم��ا نتخ��ذ الق��رار الج��ريء‬ ‫والواضح فالثالثمائة مليون س��يدعموننا‬ ‫مادي��اً ومعنويًا‪ ،‬وعدا ذل��ك لن يقف معنا‬ ‫ال عرب��ي وال غي��ر عربي‪ ،‬وس��ننتقل من‬ ‫ضع��ف إل��ى ضعف‪ .‬ف��إذاً يج��ب أن نكون‬ ‫واعين لعدم الوقوع فى فخّ ربط مواقفنا‬ ‫وسياس��اتنا تجاه قضايانا باألشخاص فى‬ ‫إس��رائيل‪ ،‬بل يج��ب ربط ه��ذه المواقف‬ ‫والسياس��ات بالش��ارع اإلس��رائيلي الذي‬ ‫يظه��ر يوماً بعد ي��وم أنه ضدّ الس�لام‪.‬‬ ‫نربط هذه المواقف بالش��ارع اإلسرائيلي‬ ‫وهذا يعن��ى أن ّ‬ ‫كل إس��رائيلي مس��ؤول‬ ‫ع��ن ّ‬ ‫كل ش��بر م��ن األرض العربي��ة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كل إس��رائيلي مس��ؤول ع��ن روح كل‬ ‫مواط��ن عرب��ي أو ع��ن روح ّ‬ ‫كل مواطن‬ ‫عرب��ي يمك��ن أن تزهق أو تزه��ق اآلن‪.‬‬ ‫بالتالي ف��ان الربط‪ ،‬ربط ه��ذه المواقف‬ ‫باألشخاص‪ ،‬هو ربط مؤقت‪ ،‬وهذا يعنى‬ ‫أنه كلما أتى شخص نختلف على تقييمه‬ ‫وبالتالي علينا أن نلتقي أو نفترق حس��ب‬ ‫تب��دل الحكوم��ات واألش��خاص‪ ،‬وه��ذا ال‬ ‫يجوز'‪.‬‬ ‫ل��م يكن يج��وز‪ ،‬بالفعل‪ ،‬م��ع فارق‬ ‫أن��ه كان ينطب��ق عل��ى القائ��ل قب��ل‬ ‫وأن أش��هر معدودات‬ ‫الس��امعين‪ ،‬س��يّما ّ‬ ‫كان��ت قد س��بقت رهان النظام الس��وري‬ ‫عل��ى حكوم��ة إيهود ب��اراك‪ ،‬ف��ي البيت‬ ‫األبي��ض كم��ا في جني��ف؛ قب��ل أن ينزل‬ ‫باألخير عقاب الشارع اإلسرائيلي‪ ،‬فيأتي‬ ‫بجن��رال مجزرة صب��را وش��اتيال‪ ،‬بيروت‬ ‫‪1982‬؛ على حساب جنرال مجزرة فردان‪،‬‬ ‫بيروت ‪ .1973‬ولم تكن الماليين العربية‬ ‫الثالثمئة‪ ،‬وهي اآلن تقارب نصف المليار‬ ‫بحمد اهلل‪ ،‬تنتظر أمراً قدر انتظارها ذلك‬ ‫'الق��رار الج��رىء' من نظام ّ‬ ‫أحل الس�لام‬ ‫ّ‬ ‫المحتل وهضابه‪ ،‬حتى‬ ‫في بطاح الجوالن‬ ‫قبل‪ ،‬ودون‪ ،‬توقيع اتفاقية سالم نهائية!‬ ‫أن خطب��ة األس��د كان��ت أقرب‬ ‫بي��د ّ‬

‫إل��ى كلم��ة ح��قّ يُ��راد منه��ا ذرّ الرماد‬ ‫ف��ي العيون‪ ،‬كما برهنت األش��هر القليلة‬ ‫االحق��ة‪ ،‬حي��ن ذهب��ت المف��ردات أدراج‬ ‫الرياح‪ ،‬أسرع ممّا انتظر أصحاب السيادة‬ ‫والجالل��ة والس��موّ‪ ،‬الذي��ن أنصت��وا إلى‬ ‫الوري��ث الش��ابّ يتل��و عليه��م مزامي��ر‬ ‫س��معوها م��ن قب��ل‪ ،‬وم ّل��وا م��ن اختراع‬ ‫أمثاله��ا أو اجتراره��ا‪ .‬لقد ب��دأ بمزيد من‬ ‫إضع��اف الداخل الس��وري‪ ،‬أو ما تس��مّيه‬ ‫عقي��دة ح��زب البع��ث 'الجبه��ة الداخلية'‪،‬‬ ‫فبط��ش بـ'ربيع دمش��ق' وزجّ العش��رات‬ ‫ف��ي المعتقالت‪ ،‬قبل إحالتهم إلى محاكم‬ ‫‪ /‬مهازل قضائية؛ وأعاد طرائق القمع إلى‬ ‫أطوار بلغ بعضها في السوء درجات أشدّ‬ ‫ممّ��ا كانت عليه أثناء حك��م أبيه؛ وأطلق‬ ‫الذئاب الكاس��رة‪ ،‬وليس القطط السمان‬ ‫وحدها‪ ،‬كي تعيث في البلد فس��اداً ونهبًا‪.‬‬ ‫أمّ��ا على صعي��د 'الجبهة الخارجي��ة'‪ ،‬إذا‬ ‫فإن‬ ‫جاز االشتقاق من المصطلح البعثي‪ّ ،‬‬ ‫مسلس��ل المفاوضات الس��رّية والعلنية‪،‬‬ ‫المباش��رة أو غير المباش��رة أو عن طريق‬ ‫الوس��طاء‪ ،‬كان أكث��ر وضوح��ًا م��ن أن‬ ‫يحتجب أو يُحجب‪.‬‬ ‫بع��د ثمان��ي س��نوات‪ ،‬وف��ي قمّ��ة‬ ‫الدوح��ة الت��ي خُصّص��ت للع��دوان‬ ‫اإلس��رائيلي على غ��زّة‪ ،‬ورغم عش��رات‬ ‫'األق��وال المأث��ورة' الت��ي ابتدعه��ا والده‬ ‫حاف��ظ األس��د ح��ول الص��راع العرب��ي ـ‬ ‫اإلسرائيلي ومسائل الحرب والسالم‪ ،‬شاء‬ ‫األس��د االبن الذهاب إل��ى ميراث الرئيس‬ ‫المص��ري الراح��ل جم��ال عب��د الناص��ر‪،‬‬ ‫واختار العبارة األش��هر واألكثر جريًا على‬ ‫األلس��ن‪' :‬ما أُخذ بالقوّة ال يُس��ترد بغير‬ ‫الق��وّة'! وقب��ل عبد الناص��ر‪ ،‬كان قد لجأ‬ ‫إلى الحديث النب��وي ('المؤمن القوي خير‬ ‫وأح��ب إلى اهلل م��ن المؤم��ن الضعيف')‪،‬‬ ‫ثمّ إلى س��فر 'الخروج' في العهد القديم‬ ‫('العين بالعين والسنّ بالسنّ')‪ ،‬مشدّداً‬ ‫أن البادىء أظلم‪ ..‬فبأيّ قوّة‪ ،‬يسأل‬ ‫على ّ‬ ‫الم��رء أوّ ًال‪ ،‬كان يمكن للنظام الس��وري‬ ‫ّ‬ ‫المحتل‪ ،‬ويتخذ صفة‬ ‫أن يس��تردّ الجوالن‬ ‫'المؤم��ن القوي'‪ ،‬ويقتلع من العدوّ س��نًّا‬ ‫بعد عين؟‬ ‫لم تكن القوّة العسكرية‪ ،‬بالتأكيد‪،‬‬ ‫إال إذا كان األس��د يس��تغفل ماليي��ن‬ ‫الس��وريين ب��ادىء ذي ب��دء‪ ،‬ث��مّ مئ��ات‬ ‫ماليين الع��رب من المحيط إل��ى الخليج‪،‬‬ ‫وه��ذه تع��رف البئر وغطاءه ح��ول ما ّ‬ ‫حل‬ ‫بالجي��وش العربي��ة عموم��اً‪ ،‬والجي��ش‬ ‫الس��وري خاص��ة‪ ،‬عل��ى أي��دي أنظم��ة‬ ‫االستبداد والوراثة والفساد‪.‬‬ ‫وف��ي ّ‬ ‫كل ح��ال‪ ،‬لقد خضع��ت 'قوّة'‬ ‫النظام العس��كرية إل��ى امتحانات عديدة‬ ‫بعدئ��ذ‪ :‬قص��ف القافل��ة العس��كرية‬ ‫المتوجهة إلى ترسانة 'حزب اهلل' مؤخراً‪،‬‬ ‫وقبله��ا اإلن��زال األمريكي داخ��ل العمق‬ ‫الس��وري في منطق��ة البوكمال‪ ،‬وقصف‬ ‫موقع 'الكبر' العس��كري‪ ،‬تحليق القاذفات‬ ‫اإلسرائيلية فوق االستراحة الرئاسية في‬ ‫الالذقية‪ ،‬قصف معس��كر 'عين الصاحب'‬ ‫غرب دمشق‪ ،‬لكي ال يعود المرء بالذاكرة‬ ‫أبعد‪..‬‬ ‫أم كان��ت 'ق��وّة' سياس��ية‪ ،‬عمادها‬

‫أوراق النظ��ام 'المما ِنع��ة' تحديداً‪ ،‬خاصة‬ ‫العالق��ة م��ع إي��ران و'ح��زب اهلل'‪ ،‬فض ًال‬ ‫عن الورق��ة األهمّ المتمثل��ة في حرص‬ ‫إس��رائيل‪ ،‬والوالي��ات المتح��دة أساس��اً‪،‬‬ ‫على عدم المس��اس بما كانوا يس��مّونه‬ ‫'االس��تقرار المجتمع��ي' ف��ي س��ورية‪،‬‬ ‫تفادي��ًا لفت��ح س��احة صراع جدي��دة؟ ثمّ‬ ‫أليس��ت ه��ذه األوراق‪ ،‬جميعه��ا‪ ،‬للنظام‬ ‫م��رّة‪ ،‬مثلما هي عليه م��رّة أخرى‪ ،‬طبقًا‬ ‫لما يس��تجدّ أو يتبدّل م��ن موازين قوى‬ ‫ومع��ادالت جي��و ـ سياس��ية؛ خاص��ة وأن‬ ‫السياس��ة ف��ي الش��رق األوس��ط‪ ،‬وف��ي‬ ‫إط��ارات إقليمي��ة أوس��ع نطاق��ًا‪ ،‬لم تعد‬ ‫تقبل الكثير م��ن اإلصطفافات القصوى‪،‬‬ ‫البيضاء أو السوداء فقط؟‬ ‫كذل��ك ب��دا ثابت��ًا‪ ،‬ف��ي المنط��ق‬ ‫الحس��ابي البس��يط قبل ذاك السياس��ي‬ ‫أن م��ا تجني��ه إي��ران أو 'حزب‬ ‫الذرائع��ي‪ّ ،‬‬ ‫اهلل' م��ن مغانم تكتيكية أو س��تراتيجية‬ ‫ج��رّاء ه��ذه أو تل��ك م��ن آث��ار االحتقان‬ ‫أو المقاوم��ة أو الوف��اق ف��ي المنطق��ة‪،‬‬ ‫ل��ن يص��بّ إال جزئي��اً في رصي��د النظام‬ ‫الس��وري؛ أو‪ ،‬باألحرى‪ ،‬ل��ن تكون حصّة‬ ‫النظ��ام من��ه إال ثانوية‪ ،‬الحق��ة وجانبية‬ ‫بالقي��اس إل��ى الحص��ص األصلي��ة التي‬ ‫تصنعها األطراف بنفسها‪ ،‬لنفسها‪ .‬وتلك‬ ‫حصة ال تقيم أود النظام إال مؤقتًا‪ ،‬واقعة‬ ‫بواقع��ة‪ ،‬واصطفاف��ًا باصطفاف‪ ،‬وما هو‬ ‫مطل��وب لم يك��ن ّ‬ ‫يقل البت��ة عن ضمان‬ ‫أمن النظام في المدى البعيد‪ ،‬وعلى نحو‬ ‫راس��خ ال توفّره جه��ة إقليمية أفضل من‬ ‫إس��رائيل‪ ،‬وال قوّة كونية سوى الواليات‬ ‫المتحدة (ومن هنا إصرار األس��دَين‪ ،‬األب‬ ‫واالبن‪ ،‬عل��ى أن تكون أمريكا هي راعية‬ ‫المفاوضات السورية ـ اإلسرائيلية)‪.‬‬ ‫أن يك��ون الم��رء عل��ى درجة‬ ‫وال ب��دّ ّ‬ ‫أن‬ ‫اس��تثنائية في الس��ذاجة لك��ي يصدّق ّ‬ ‫األس��د‪ ،‬المؤم��ن بمب��دأ 'ما أخ��ذ بالقوّة ال‬ ‫يُس��تردّ إال بالقوّة' في قمّة الدوحة تلك؛‬ ‫هو نفس��ه األسد‪ ،‬الذي س��وف يقول‪ ،‬بعد‬ ‫أيام قليلة فقط‪ ،‬إنّه يبني مع اإلسرائيليين‬ ‫'عمارة سالم'‪ .‬ففي مؤتمر صحفي مشترك‬ ‫مع الرئيس الكرواتي‪ ،‬قال األس��د بالحرف‪:‬‬ ‫'من الطبيعي أن ننتقل‪ ،‬في مرحلة الحقة‪،‬‬ ‫إل��ى المفاوض��ات المباش��رة‪ .‬فنح��ن ليس‬ ‫بوس��عنا تحقيق الس�لام عب��ر المفاوضات‬ ‫غير المباشرة فقط‪ ' .‬وشبّه عملية السالم‬ ‫بمش��روع إش��ادة مبنى‪ ،‬قائ ًال إن إس��رائيل‬ ‫وس��ورية 'تضعان اآلن األس��اس للس�لام‬ ‫من خ�لال المحادث��ات غير المباش��رة عبر‬ ‫الوسيط التركي'! أو هو األسد نفسه‪ ،‬الذي‬ ‫يدكّ‪ ،‬الي��وم‪ ،‬قرى وبلدات وم��دن ومخابز‬ ‫ومس��اجد وكنائس الس��وريين؛ ويس��حب‬ ‫جيش��ه الموالي من الجوالن المحتل‪ ،‬تاركَا‬ ‫إس��رائيل تعربد هناك‪ ،‬معرب��داً من جانبه‬ ‫ف��ي دمش��ق وحل��ب وحمص وحم��اة ودير‬ ‫الزور‪.‬‬ ‫فإذا ل��م يكن الم��رء س��اذجًا هكذا‪،‬‬ ‫فإنه أغلب الظن من فئة صاحبنا 'الممانع‬ ‫المعاصر'‪ :‬أصمّ وأبكم وأعمى‪ ،‬ال س��بيل‬ ‫في ضميره الفتضاح المفتضَح!‬ ‫القدس العربي ‪2013 / 2 / 28‬‬

‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬

‫النظام ال�سوري و(املمانع املعا�صر)‪:‬‬ ‫ال افت�ضاح َ‬ ‫ملفت�ضح!‬

‫‪9‬‬


‫حادثة مدر�سة املدفعية بحلب ‪1979‬‬ ‫بالل سالمة‬

‫حبر ناشف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫ف��ي حوال��ي الس��اعة السادس��ة‬ ‫والنص��ف من مس��اء يوم الس��بت ‪16‬‬ ‫حزي��ران ‪ 1979‬غادر النقي��ب المناوب‬ ‫ابراهي��م اليوس��ف (ضاب��ط التوجي��ه‬ ‫المعنوي والسياسي بمدرسة المدفعية‬ ‫ف��ي منطقة الراموس��ة بحلب ورئيس‬ ‫الفرقة الحزبية في المدرسة) مدرسة‬ ‫المدفعي��ة مس��تخدماً س��يارة زي��ل‬ ‫عس��كرية يقودها العريف عبد الراشد‬ ‫الحس��ين متوجهًا إلى مكان قريب من‬ ‫المدرس��ة‪ ،‬حيث كان ينتظره مجموعة‬ ‫م��ن مقاتل��ي الطليع��ة المقاتل��ة كان‬ ‫أبرزه��م حس��ني عابو قائ��د التنظيم‬ ‫العس��كري ف��ي حل��ب وعدن��ان عقلة‬ ‫نائب��ه وزهي��ر قلوط��ة ورامز عيس��ى‬ ‫وأيم��ن الخطي��ب‪ ،‬وأعطاه��م ألبس��ة‬ ‫ورت��ب عس��كرية وأدخلهم المدرس��ة‬ ‫ونش��رهم حول مبن��ى الن��دوة (قاعة‬ ‫الطعام) وطلب منهم انتظار إش��ارته‪.‬‬ ‫بعد ذلك قام النقيب ابراهيم اليوسف‬ ‫بجمع كل الط�لاب الضباط في الكلية‬ ‫بحجة االجتم��اع إلى مدير الكلية وكان‬ ‫عدده��م حوال��ي ‪ 300‬طال��ب ضابط‪.‬‬ ‫ف��ي حوال��ي الس��اعة الثامن��ة إال ثلث‬ ‫أعط��ى الضاب��ط ابراهي��م اليوس��ف‬ ‫لرفاق��ه بإط�لاق النار ورم��ي القنابل‬ ‫على الطالب‪ ،‬فاستشهد على الفور ‪32‬‬ ‫طال��ب وجرح ‪ 54‬منهم حس��ب الرواية‬ ‫الرسمية السورية‪ .‬استهدفت المجزرة‬ ‫ط�لاب الضب��اط العلويي��ن‪ ،‬لكن وزير‬ ‫اإلعالم الس��وري أحمد اس��كندر أحمد‬ ‫صرح بأن من بين الضحايا مس��يحيين‬ ‫ومسلمين سنة‪.‬‬ ‫اته��م وزي��ر الداخلي��ة الس��وري‬ ‫عدن��ان دب��اغ في بي��ان رس��مي صدر‬ ‫بتاري��خ ‪ 22‬حزي��ران ‪ 1979‬اإلخ��وان‬ ‫المسلمين بالتورط في هذه المجزرة‪،‬‬ ‫حي��ث ج��اء ف��ي البي��ان‪" :‬وكان��ت آخر‬ ‫جريم��ة له��م تل��ك الت��ي حدث��ت في‬ ‫مدرس��ة المدفعي��ة ف��ي حل��ب‪ .‬لق��د‬ ‫تمكنوا من ش��راء عنصر م��ن عناصر‬ ‫القوات المس��لحة هو النقيب ابراهيم‬ ‫يوس��ف من مواليد تادف واس��تخدموا‬ ‫وجوده في المدرس��ة ونفوذه في يوم‬ ‫كان في��ه ه��و الضاب��ط المن��اوب في‬ ‫المدرس��ة‪ .‬واستطاع مساء يوم السبت‬ ‫الواق��ع في الس��ادس عش��ر م��ن هذا‬ ‫الش��هر أن يدخ��ل إلى المدرس��ة عدداً‬ ‫م��ن المجرمي��ن م��ن جماع��ة اإلخوان‬ ‫المسلمين ويدعو الطالب الضباط إلى‬ ‫اجتم��اع عاجل يعقد في الندوة وعندما‬ ‫هرعوا م��ن مهاجعه��م تنفي��ذاً ألمره‬ ‫وأصبحوا في قاعة الندوة الطالبية أمر‬ ‫أعوانه م��ن المجرمي��ن الذين أدخلهم‬ ‫من خ��ارج المدرس��ة بفتح الن��ار على‬ ‫الط�لاب الش��باب الع��زل ف��ي القاع��ة‬ ‫المغلقة وذل��ك بالرشاش��ات والقنابل‬ ‫اليدوية وسقط خالل دقائق معدودات‬ ‫اثنان وثالثون شهيداً وأربعة وخمسون‬ ‫جريحاً"‪.‬‬ ‫نفى اإلخوان المس��لمون أي صلة‬ ‫له��م بهذه المج��زرة في بي��ان وزعوه‬ ‫بتاري��خ ‪ 24‬حزيران ‪ 1979‬تحت عنوان‬ ‫(بي��ان من اإلخ��وان المس��لمين للواقع‬ ‫والتاريخ حول حادثة مدرسة المدفعية‬ ‫بحل��ب) وأك��دوا أن ابراهيم اليوس��ف‬ ‫والمجموعة الت��ي قامت بهذه المجزرة‬

‫معروف��ة للس��لطة ف��ي س��ورية وال‬ ‫صلة لها باإلخوان المس��لمين‪ .‬جاء في‬ ‫البيان‪" :‬إن اإلخوان المس��لمين فوجئوا‬ ‫كما فوجئ غيرهم بالحملة التي شنها‬ ‫عليه��م عدن��ان دب��اغ وزي��ر الداخلية‬ ‫الس��وري متهم��ًا إياه��م بالعمال��ة‬ ‫والخيان��ة وغي��ر ذلك‪ ،‬ومحم� ً‬ ‫لا إياهم‬ ‫مس��ؤولية أمور هو أكث��ر الناس دراية‬ ‫أنهم براء منها‪ ،‬لقد حملهم مس��ؤولية‬ ‫المذبح��ة الت��ي حدث��ت ف��ي مدرس��ة‬ ‫المدفعي��ة كم��ا حمله��م مس��ؤولية‬ ‫االغتي��االت التي ج��رت وال زالت تجري‬ ‫في س��وريا‪ .‬ونحن نذكر وزير الداخلية‬ ‫السوري أنه باألمس القريب كان يتهم‬ ‫الع��راق بهذه االغتياالت‪ ،‬فلماذا تغيرت‬ ‫النغمة اليوم؟‬ ‫إن النقيب ابراهيم اليوس��ف الذي‬ ‫نفذ حادثة مدرس��ة المدفعية معروف‬ ‫أن��ه عض��و عام��ل ف��ي ح��زب البع��ث‬ ‫الس��وري‪ ،‬وليس له أي صلة باإلخوان‬ ‫المس��لمين‪ ،‬فلم��اذا ينس��ب عمله إلى‬ ‫اإلخ��وان المس��لمين؟ ثم إن الس��لطة‬ ‫تع��رف أن هناك أوراق��ًا خلفها أصحاب‬ ‫الحادثة تبين هويتهم وأن ال صلة لهم‬ ‫باإلخوان المسلمين‪.‬‬ ‫إن اإلخوان المسلمين يتحدون أن‬ ‫تثب��ت أي جه��ة في العال��م عن طريق‬ ‫تحقي��ق نزي��ه أن تك��ون قيادته��م أو‬ ‫عناصره��م ق��د س��ارت ف��ي طري��ق‬ ‫العن��ف‪ ،‬علم��ًا بأن الحكم الس��وري قد‬ ‫أوج��د له كثي��راً م��ن الخص��وم الذين‬ ‫يؤمنون باستخدام العنف"‪.‬‬ ‫وقد نفى حس��ني عابو (مس��ؤول‬ ‫الطليع��ة المقاتل��ة ال��ذي اعتقل بعيد‬ ‫المج��زرة وأع��دم ف��ي الس��جن) ع��ام‬ ‫‪ 1980‬قبل إعدامه في لقاء أجراه معه‬ ‫التلفزيون العربي السوري في السجن‬ ‫ع��ام ‪ ،1980‬أن يك��ون ق��د وافق على‬ ‫هذه العملية‪ .‬كما يذكر أن عبد الستار‬ ‫الزعيم الذي قتلته السلطة عام ‪1979‬‬ ‫قد تحفظ على فكرتها‪ ،‬وهو الذي آلت‬ ‫إليه قي��ادة الطليعة بعد م��روان حديد‬ ‫ال��ذي قتل ف��ي الس��جن ع��ام ‪.1975‬‬ ‫بينما أص��ر عدنان عقل��ة عليها‪ ،‬وقام‬ ‫بالتخطي��ط له��ا ونفذه��ا بالتعاون مع‬ ‫النقيب ابراهيم اليوسف‪.‬‬ ‫أما عن رد الس��لطة السورية على‬ ‫هذه العملية فكان أن زادت االعتقاالت‬ ‫الت��ي بدأته��ا م��ن قب��ل الس��تئصال‬ ‫اإلخ��وان المس��لمين‪ ،‬حت��ى بل��غ عدد‬ ‫المعتقلين حوال��ي ‪ 6000‬معتق ً‬ ‫ال‪ ،‬كما‬ ‫س��ارعت محكمة أمن الدولة العليا إلى‬ ‫إصدار حك��م على ‪ 15‬ش��خصاً اعتقل‬ ‫بعضه��م ع��ام ‪ 1977‬وال عالق��ة لهم‬ ‫بكل ما حصل‪ ،‬وأعدموا في ‪ 27‬حزيران‬ ‫‪ .1979‬وبذل��ك صدق قول اإلخوان في‬ ‫بيانهم الس��ابق أن السلطة ستستغل‬ ‫ه��ذه المج��زرة لتتخل��ص م��ن بعض‬ ‫اإلخ��وان المعتقلين الذين ليس��ت لهم‬ ‫أية عالق��ة بحادثة مدرس��ة المدفعية‬ ‫"إن هن��اك كثيري��ن من ق��ادة اإلخوان‬ ‫المس��لمين وأفراده��م معتقل��ون منذ‬ ‫أش��هر وبعضه��م منذ س��نين‪ ،‬فهل ما‬ ‫أعل��ن باألم��س كان مؤام��رة إلدان��ة‬ ‫هؤالء بشيء لم يفعلوه؟"‪.‬‬ ‫اعتبرت الس��لطة الس��ورية هذه‬ ‫المج��زرة مدعومة من نظ��ام الرئيس‬

‫مروان حيدر‬

‫المص��ري أن��ور الس��ادات والمعارضة‬ ‫الخارجي��ة لس��ورية بس��بب رف��ض‬ ‫النظام الس��وري التوقيع على اتفاقية‬ ‫س�لام م��ع الكي��ان الصهيون��ي عل��ى‬ ‫غ��رار ما فعل الس��ادات‪ .‬وفي ذلك جاء‬ ‫في بيان وزير الداخلية الس��وري اآلنف‬ ‫الذك��ر م��ا يلي‪" :‬قد تح��رك هؤالء بعد‬ ‫اتفاقي��ة س��يناء مباش��رة وتصاع��دت‬ ‫أعمالهم اإلجرامية بعد زيارة الس��ادات‬ ‫للق��دس ثم بعد توقي��ع اتفاقيات الذل‬ ‫والع��ار مع الع��دو الصهيون��ي‪ .‬وبدؤوا‬ ‫بمسلس��ل االغتياالت في بعض المدن‬ ‫الس��ورية وف��ي حلب وفي حم��اة وفي‬ ‫دمش��ق‪ .‬وكان م��ن ضحاياه��م أبرياء‬ ‫يعملون في ش��تى األعم��ال الوظيفية‬ ‫وف��ي مؤسس��ات الدول��ة المختلف��ة"‪.‬‬ ‫ف��رد عليه��ن اإلخ��وان‪" :‬إن اإلخ��وان‬ ‫المس��لمين‪ ،‬وه��م أكثر الن��اس إدراكًا‬ ‫للوض��ع الدقيق الذي تم��ر به بالدهم‬ ‫في ه��ذه المرحلة‪ ،‬يحب��ون أن يضعوا‬ ‫النقاط على الحروف في األمور التالية‪:‬‬ ‫إن نغم��ة عمال��ة اإلخ��وان المس��لمين‬ ‫لشرق أو لغرب نغمة أصبحت معروفة‬ ‫ممجوج��ة‪ ،‬وأن ما القوه من عنت وأذى‬ ‫من عم�لاء الش��رق والغ��رب إنما كان‬ ‫م��ن أج��ل مطالبته��م بتحكي��م كتاب‬ ‫اهلل ف��ي واقع الحياة‪ .‬وم��ن العجيب أن‬ ‫يتهم اإلخوان بالعمالة إلس��رائيل في‬ ‫الوقت ال��ذي يعلم الجميع قتالهم على‬ ‫أرض فلس��طين بينما يتحمل غيرهم‬ ‫عار الهزائم المتالحقة‪ .‬أما أن اإلخوان‬ ‫يعمل��ون لصال��ح أصح��اب اتفاقيت��ي‬ ‫كام��ب ديفيد فهذا يدحض��ه أنهم هم‬ ‫الجه��ة الوحي��دة التي ترف��ض بصدق‬ ‫وإصرار أن يكون لليهود دولة ولو على‬ ‫ش��بر واحد من فلس��طين‪ .‬ومن الغني‬ ‫عن القول أن اإلخوان المسلمين كانوا‬ ‫قد أدانوا بش��دة ما أقدم عليه الرئيس‬ ‫المصري أنور السادات في تعامالته مع‬ ‫الكيان الصهيوني"‪.‬‬ ‫وم��ن الجدي��ر بالذك��ر أن عناصر‬ ‫المخابرات والش��رطة العسكرية وجدوا‬ ‫عبارة كانت مكتوبة على سبورة الندوة‬ ‫كان��ت تق��ول‪( :‬اإلخ��وان المس��لمون ‪-‬‬ ‫الطليع��ة المقاتل��ة) باعتباره��ا الجهة‬ ‫التي نفذت العملية كما تركت الطليعة‬ ‫خلفه��ا أوراق��ًا تؤك��د مس��ؤوليتها عن‬ ‫مج��زرة مدرس��ة المدفعي��ة ودوافعها‬ ‫الرت��كاب مثل ه��ذه المج��زرة‪ ،‬وكانت‬ ‫ه��ذه الم��رة األول��ى الت��ي تعل��ن فيها‬

‫الطليعة المقاتلة عن نفسها‪ .‬كما كتب‬ ‫عدن��ان عقلة ف��ي رس��الة مطولة بعد‬ ‫عام من المجزرة في ‪ 11‬حزيران ‪1980‬‬ ‫مس��ؤولية الطليع��ة ع��ن كل األعمال‬ ‫العس��كرية بما فيها مدرسة المدفعية‬ ‫بقول��ه‪( :‬الطليعة المقاتل��ة لها قيادتها‬ ‫المس��تقلة من��ذ نش��أتها ع��ام ‪1395‬‬ ‫ه��ـ المواف��ق ع��ام ‪ 1975‬م‪ .‬الطليع��ة‬ ‫المقاتل��ة وحدها فقط المس��ؤولة عن‬ ‫قرار المواجهة التاريخي مع الجاهلية)‪.‬‬ ‫جاء في كتاب اإلخوان (المش��روع‬ ‫السياسي لس��ورية المس��تقبل) رؤية‬ ‫جماعة األخوان المس��لمين في سورية‬ ‫صفحة ‪ 40 - 39‬تاريخ اإلصدار ‪:2005‬‬ ‫"‪ ..‬كل ذل��ك دف��ع ثل��ة م��ن الش��باب‬ ‫مح��دودة العدد‪ ،‬ال صل��ة لها بجماعتنا‪،‬‬ ‫أعلن��وا عن أنفس��هم باس��م (الطليعة‬ ‫المقاتل��ة) إل��ى االنخراط ف��ي عمليات‬ ‫عن��ف ضد رم��وز النظام‪ ،‬وق��د قوبلت‬ ‫تل��ك األعم��ال بترحي��ب ش��عبي بعيد‬ ‫المدى نظراً لحالة االحتقان السياس��ي‬ ‫والفك��ري ال��ذي كان يعيش��ه المجتمع‬ ‫الس��وري وتوج��ت تل��ك المجموع��ات‬ ‫عملياته��ا بالمج��زرة الت��ي اس��تهدفت‬ ‫طالباً في مدرس��ة المدفعية بحلب في‬ ‫حزيران ‪ .1979‬ومع أن جماعتنا بادرت‬ ‫إلى اس��تنكار ه��ذه العملية‪ ،‬ونفت في‬ ‫بيان رس��مي أي صلة بمنفذيها‪ ،‬إال أن‬ ‫النظام أصر على تحميلنا المس��ؤولية‬ ‫عنها وعن أعمال العنف التي س��بقتها‪،‬‬ ‫وتوعد م��ن خالل بيان وزي��ر الداخلية‬ ‫بمالحق��ة أبن��اء الجماعة ف��ي الداخل‬ ‫والخ��ارج ومنذ ذلك الحين اس��تخدمت‬ ‫الحكوم��ة سياس��ة األرض المحروق��ة‬ ‫ضد الجماعة وأنصارها"‪.‬‬ ‫ف��ي تش��رين الثان��ي ‪ 1979‬ألقى‬ ‫األمن العس��كري القبض على حس��ني‬ ‫عابو وأعدمته‪ .‬وفي الثالث من حزيران‬ ‫‪ 1980‬حاص��رت القوى األمني��ة النقيب‬ ‫ابراهيم اليوس��ف في حلب وقتلته بعد‬ ‫اش��تباك ش��ديد‪ ،‬وقيل أن جثت��ه نقلت‬ ‫إل��ى مدرس��ة المدفعي��ة وم��ررت أمام‬ ‫صف��وف الطالب الضب��اط الذين حاولوا‬ ‫تقطي��ع الجثة‪ .‬ف��ي الع��ام ‪ 1982‬ألقت‬ ‫قوات األمن القب��ض على عدنان عقلة‬ ‫وأحي��ل إلى محكم��ة أمن الدول��ة العليا‬ ‫(فُص��ل من جماعة اإلخوان المس��لمين‬ ‫ع��ام ‪ 1974‬أو عام ‪ 1977‬بس��بب آرائه‬ ‫في المواجهة المسلحة مع السلطة في‬ ‫سورية)‪.‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أص��در رئي��س الجمهوري��ة القانون‬ ‫رقم ‪ 35‬القاضي بتحديد الموازنة العامة‬ ‫للدولة للسنة المالية ‪ 2013‬بمبلغ إجمالي‬ ‫قدره ألف وثالثمئة وثالثة وثمانون مليار‬ ‫لي��رة س��ورية‪ .‬عل��ى األقس��ام والف��روع‬ ‫واألبواب وفق ما هو وارد في جدول بيان‬ ‫النفقات المرافق لهذا القانون‪.‬‬ ‫وق��درت إي��رادات الموازن��ة العام��ة‬ ‫للدولة للسنة المالية ‪ 2013‬بمبلغ إجمالي‬ ‫ق��دره ‪ 1383‬ملي��ار ليرة س��ورية فقط ‪/‬‬ ‫أل��ف وثالثمئ��ة وثالث��ة وثمان��ون ‪ /‬مليار‬ ‫ليرة س��ورية ال غير وفق جدول اإليرادات‬ ‫المرافق لهذا القانون‪.‬‬ ‫كم��ا ن��ص القان��ون عل��ى ص��رف‬ ‫االعتم��ادات المرص��دة لمس��اهمة الدولة‬ ‫في تثبيت األس��عار "الدع��م االجتماعي"‬ ‫المخصصة‪..‬‬ ‫أ ‪ -‬لصن��دوق دعم اإلنت��اج الزراعي‬ ‫بق��رار من وزي��ر المالية وبموج��ب أوامر‬ ‫تصفية وصرف تص��در عن وزير الزراعة‬ ‫واإلصالح الزراعي‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬للصن��دوق الوطن��ي للمعون��ة‬ ‫االجتماعي��ة بق��رار م��ن وزي��ر المالي��ة‬ ‫وبموجب أوامر تصفية وصرف تصدر عن‬ ‫وزير الشؤون االجتماعية والعمل‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬للمؤسسة العامة لحلج وتسويق‬ ‫األقط��ان بقرار من وزير المالية وبموجب‬ ‫أوامر تصفية وصرف توقع من قبله‪.‬‬ ‫د ‪ -‬لدع��م المش��تقات النفطي��ة‬ ‫والطاق��ة الكهربائي��ة بق��رار م��ن وزي��ر‬ ‫المالي��ة وبموج��ب أوام��ر تصفية وصرف‬ ‫توق��ع م��ن قبل��ه بش��كل قي��دي دون أن‬ ‫يترت��ب عل��ى ذل��ك أي تأدية نقدي��ة بناء‬ ‫عل��ى محاضر معتم��دة أصوال م��ن وزير‬ ‫المالي��ة ‪/‬وزير النفط والث��روة المعدنية ‪/‬‬ ‫وزير الكهرباء‪.‬‬ ‫هـ ‪ -‬لدعم المواد التموينية ‪ /‬س��كر‬ ‫‪ /‬رز ‪ /‬دقي��ق ‪ /‬بق��رار م��ن وزي��ر المالية‬ ‫وبموجب أوام��ر تصفية وصرف توقع من‬ ‫قبله‪.‬‬ ‫واس��تثناء م��ن القواني��ن واألنظمة‬ ‫النافذة للجهات العامة ذات الطابع اإلداري‬ ‫الت��ي تعتب��ر وحدات حس��ابية مس��تقلة‬ ‫وترتب��ط بالموازن��ة العام��ة للدولة وفق‬ ‫مب��دأ الصواف��ي ‪/‬اعان��ات‪ /‬ت��م إظه��ار‬ ‫موازن��ات ه��ذه الوح��دات ف��ي الموازن��ة‬ ‫العامة للدولة بكام��ل نفقاتها وإيراداتها‬ ‫عل��ى أن تبقى ط��رق تحصي��ل إيراداتها‬ ‫وفق��ا لما ورد ف��ي صك��وك إحداثها‪ .‬كما‬ ‫يص��در وزي��ر المالي��ة بع��د ص��دور هذا‬ ‫القانون قرارات يحدد فيها مبالغ اإلعانات‬ ‫المخصص��ة له��ذه الجه��ات ‪/‬الف��رق بين‬ ‫إيراداته��ا ونفقاتها‪/‬ويتم صرفها بموجب‬ ‫أوام��ر تصفية وص��رف ربعي��ة توقع من‬ ‫قبله‪.‬‬ ‫وتعتب��ر نفق��ات البري��د والب��رق‬ ‫والهات��ف واس��تهالك الق��درة الكهربائية‬ ‫والمياه م��ن النفقات اإللزامي��ة وال يجوز‬ ‫النقل منها وتص��رف خالل مدة ال تتجاوز‬ ‫خمس��ة أيام من تاريخ تقديم مس��تندات‬

‫الصرف العائدة لها‪.‬‬ ‫كم��ا تس��دد الس��لف الممنوح��ة من‬ ‫أموال الخزين��ة الجاهزة خالل عام ‪2012‬‬ ‫وم��ا قب��ل للجه��ات العام��ة ذات الطاب��ع‬ ‫اإلداري اس��تنادا إل��ى نص��وص قانوني��ة‬ ‫ناف��ذة بموج��ب أوام��ر تصفي��ة وص��رف‬ ‫محس��وبة عل��ى وف��ور أقس��ام وف��روع‬ ‫الموازنة العام��ة لعام ‪ 2013‬بعد موافقة‬ ‫وزير المالية‪.‬‬ ‫تحتف��ظ الجهات العام��ة ذات الطابع‬ ‫االقتصادي واإلنش��ائي بفائض السيولة‬ ‫المقدر الس��تخدامه في تمويل مش��اريع‬ ‫االس��تبدال والتجديد وجزء من مشاريعها‬ ‫االس��تثمارية وذلك في ض��وء االعتمادات‬ ‫المرص��دة في الموازن��ة العام��ة للدولة‪.‬‬ ‫ويقوم صندوق الدين العام بمنح الجهات‬ ‫العام��ة ذات الطاب��ع االقتص��ادي قروضا‬ ‫لتمويل مشاريعها االستثمارية المرصدة‬ ‫اعتماداتها في الب��اب الثالث من الموازنة‬ ‫العام��ة للدولة وف��ق إمكانيات��ه المالية‪،‬‬ ‫وعليه��ا وضع خط��ة زمني��ة موزعة على‬ ‫أش��هر الس��نة وإرس��الها إل��ى صن��دوق‬ ‫الدين العام خالل ش��هر من تاريخ صدور‬ ‫ه��ذا القان��ون يحدد فيها بص��ورة خاصة‬ ‫تقدي��رات اإلنف��اق االس��تثماري وف��ق‬ ‫النموذج المعتمد من قبل وزارة المالية‪.‬‬ ‫وتصرف بن��اء عل��ى موافقة رئيس‬ ‫مجلس ال��وزراء بقرارات تصدر عن وزير‬ ‫التعليم العالي مكافآت تش��جيعية بحدود‬ ‫مبلغ ال يتجاوز خمسمئة ألف ليرة سورية‬ ‫من اعتمادات البند ‪ 18‬المكافآت المرصدة‬ ‫ف��ي موازن��ة وزارة التعلي��م العالي لعام‬ ‫‪ 2013‬ألعض��اء الهيئ��ات التعليمي��ة بمن‬ ‫في ذل��ك المتفرغ��ون منه��م والعاملون‬ ‫في الجامعات والمعاهد وطالب الدراسات‬ ‫العلي��ا وغيره��م م��ن الذي��ن يقوم��ون‬ ‫بالعمل إلنجاز قبول الطالب المستجدين‬ ‫ف��ي الجامع��ات والمعاه��د وتس��جيلهم‬

‫بواس��طة الحاس��ب االلكترون��ي للع��ام‬ ‫الدراسي ‪ 2013 - 2012‬وتستثنى المبالغ‬ ‫المصروفة بموجب أحكام هذه المادة من‬ ‫الحدود القصوى للتعويض��ات والمكافآت‬ ‫المنصوص عليها في القوانين واألنظمة‬ ‫النافذة‪.‬‬ ‫كم��ا تص��رف اعتم��ادات مخصص��ة‬ ‫لإلعم��ار واع��ادة التأهيل‪/‬بق��رار م��ن‬ ‫وزي��ر المالي��ة بناء عل��ى اقت��راح اللجنة‬ ‫المش��كلة بق��رار رئيس مجل��س الوزراء‬ ‫رق��م ‪ /13387/‬م‪ .‬وتاريخ ‪/2012/9/23/‬‬ ‫وبموج��ب أوام��ر تصفية وص��رف صادرة‬ ‫عن وزي��ر المالية وتحول لحس��اب اللجنة‬ ‫ويك��ون رئيس اللجن��ة المذك��ورة عاقدا‬ ‫للنفقة وأمرا للتصفية والصرف‪.‬‬ ‫يس��مح لصندوق الدي��ن العام بمنح‬ ‫المؤسس��ة العامة لإلس��كان قرضا بدون‬ ‫فائ��دة بمع��دل ال يتج��اوز ‪ 30‬بالمئة من‬ ‫التكلف��ة الس��نوية المعتم��دة لمش��روع‬ ‫تنفي��ذ وحدات س��كنية صغيرة ‪/‬الس��كن‬ ‫الشبابي‪./‬‬ ‫يس��مح لصن��دوق الدي��ن الع��ام‬ ‫بمن��ح المؤسس��ة العام��ة للمواص�لات‬ ‫الطرقي��ة قروضا خالل ع��ام ‪ 2013‬بدون‬ ‫فائ��دة لتمويل مش��اريعها االس��تثمارية‬ ‫المخصص��ة بالموازن��ة العام��ة للدول��ة‬ ‫وتعتبر تمويال نهائيا‪.‬‬ ‫ويؤج��ل س��داد إس��ناد الخزين��ة‬ ‫الموضوع��ة ف��ي التغطية النقدي��ة لقاء‬ ‫العج��وز التراكمي��ة الناش��ئة ع��ن تثبيت‬ ‫األس��عار وفوائده��ا والعج��وز التراكمية‬ ‫الس��ابقة للموازن��ة العام��ة للدول��ة‬ ‫وفوائده��ا المس��تحقة وغي��ر المس��ددة‬ ‫لغاي��ة عام ‪ 2013‬وتقس��ط على عش��رة‬ ‫أقس��اط س��نوية متس��اوية يبدأ تس��ديد‬ ‫القسط األول منها في ‪.2028 - 10 - 1‬‬ ‫واس��تثناء م��ن أح��كام المرس��وم‬ ‫التش��ريعي رقم ‪ 60‬لع��ام ‪ ..2007‬يقوم‬

‫مص��رف س��ورية المرك��زي بمن��ح وزارة‬ ‫المالية " صن��دوق الدين الع��ام " قروضًا‬ ‫وس��لفًا لتس��ديد العج��ز التمويني وعجز‬ ‫الموازنة العامة للدولة لعام ‪.2013‬‬ ‫وأعل��ن الدكت��ور محم��د الجليالت��ي‬ ‫وزي��ر المالي��ة أن ال��وزارة قام��ت بإصدار‬ ‫التعليم��ات التنفيذي��ة الالزم��ة لتطبي��ق‬ ‫الموازن��ة العام��ة للدول��ة لع��ام ‪2013‬‬ ‫اعتب��ارا من ‪ 2013 - 1 - 1‬وقرارات توزيع‬ ‫اعتماداتها‪.‬‬ ‫وبي��ن الجليالت��ي ف��ي تصري��ح‬ ‫لوكال��ة س��انا أن وزارة المالي��ة س��تعمل‬ ‫خالل ع��ام ‪ 2013‬عل��ى تش��ديد الرقابة‬ ‫ف��ي تنفي��ذ الموازن��ة العام��ة للدول��ة‬ ‫بالتنس��يق مع الجهات الرقابية المختصة‬ ‫وضب��ط األنف��اق وترش��يده والس��يما‬ ‫النفقات اإلدارية التي بنيت على أس��اس‬ ‫االعتمادات المعدل��ة بعد تخفيضها خالل‬ ‫الع��ام الحال��ي‪ .‬وأوضح الوزي��ر أن المبلغ‬ ‫اإلجمالي للموازنة البالغ ‪ 1383‬مليار ليرة‬ ‫يتوزع إلى اعتم��ادات جارية بمبلغ ‪1108‬‬ ‫مليارات ليرة منها ‪ 512‬مليارا لقاء الدعم‬ ‫االجتماعي‪ ،‬واعتمادات اس��تثمارية بمبلغ‬ ‫‪ 275‬مليار ليرة‪.‬‬ ‫وتتضم��ن موازن��ة ‪ 2013‬زي��ادة‬ ‫قدره��ا ‪450‬ر‪ 56‬ملي��ار لي��رة وبنس��بة‬ ‫‪25‬ر‪ 4‬بالمئة عن موازنة عام ‪ 2012‬التي‬ ‫بلغ��ت ‪550‬ر‪ 1326‬مليار ليرة حيث أش��ار‬ ‫الوزي��ر الجليالت��ي في هذا الس��ياق إلى‬ ‫انه ت��م تطوير تبوي��ب الموازن��ة العامة‬ ‫للدولة من خالل إعادة النظر في أس��لوب‬ ‫عرض اإلي��رادات والنفق��ات وفق معايير‬ ‫الش��فافية واإلفص��اح وتطبي��ق المبادئ‬ ‫الحديث��ة في إعداده��ا وإظه��ار الوحدات‬ ‫اإلداري��ة المس��تقلة موزعة عل��ى أبواب‬ ‫وبن��ود وفقرات الموازن��ة بكامل نفقاتها‬ ‫وإيراداتها عمال بمبدأ شمول الموازنة‪.‬‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫القانون رقم ‪ 35‬لتحديد املوازنة‬ ‫العامة لعام ‪2013‬‬

‫‪11‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫ر�سالة �إىل خم ّيم الريموك‬ ‫إياد عاطف حياتله‬

‫أن��ا الرجل الطوي��ل العريض‪،‬‬ ‫متّسع من‬ ‫الذي غادرت المخيّم في‬ ‫ٍ‬ ‫نه��ار خريفي‪ ،‬وحزمتُ‬ ‫الوقت ذات‬ ‫ٍ‬ ‫حقائب��ي عل��ى تفاصيل��ه الت��ي ال‬ ‫أقفال‬ ‫تموت وأغلقتُ قلبي بسبعة‬ ‫ٍ‬ ‫دونه��ا‪ ،‬أنا ال��ذي مارس��تُ رفاهية‬ ‫تودي��ع ّ‬ ‫كل زاوي��ةٍ ب��ه بس��اديّة‬ ‫القتل��ى‪ ،‬من أثاثِ بيت��ي إلى صور‬ ‫الراحلين المطبوعة على الجدران‪،‬‬ ‫إل��ى حكاي��ا الغ��رف الحيّ��ةِ أب��داً‬ ‫فالب��اب فالعتبة‪ ،‬وتأمّل��تُ حاراته‬ ‫وش��وارعه وش��غبَ بن��ات وأوالد‬ ‫الم��دارس ووجوه ختايرته وحجّاته‬ ‫البلس��ميّة ونع��وات الراحلين على‬ ‫جدران بيوته المتّكئة على بعضها‬ ‫طوي� ً‬ ‫لا قبي��ل الس��فر‪ ،‬أن��ا ال��ذي‬ ‫عب��ق المخيّم‬ ‫أش��بعتُ رئتاي من‬ ‫ِ‬ ‫عندما ّ‬ ‫تنفستُ عميق ًا روائح أيّامي‬ ‫الس��الفة بي��ن صباي��اه وش��بابه‬ ‫وتعليالتِ أعراس��ه وحبس��تها في‬ ‫زنزانة صدري المنفردة‪ ..‬وتَركتهُ‬ ‫لقدرهِ وهَربت‬ ‫أنا الرجل الطويل العريض‪ ..‬ال‬ ‫أملكُ م��ا أقوله للذين غادروه على‬ ‫عجل نج��ا ًة بأرواحهم من رصاصة‬ ‫ٍ‬ ‫قنّاص أو قذيفة دبّابةٍ عشوائيّة‬ ‫ٍ‬ ‫موجّه��ةٍ بدقّ��ةٍ ال تخطئ الهدف‪..‬‬ ‫أن��ا الرجل الطوي��ل العريض‪ ..‬ولو‬

‫اس��تجمعتُ ّ‬ ‫كل ش��جاعة محارب��ي‬ ‫ّ‬ ‫س��أظل أصغرَ‬ ‫األس��اطير القدماء‪،‬‬ ‫أصغ��ر‬ ‫م��ن أن أنظ��ر ف��ي عي��ون‬ ‫ِ‬ ‫طفلةٍ خبّأت سالمتها في حقيبتها‬ ‫المدرس��يّة وحمَلت أحالم أمس��ها‬ ‫تبقى من جلدها‪َّ ..‬‬ ‫ونفذت بما ّ‬ ‫وأقل‬ ‫من أن أتس��اءل أمام خوفها معاتب ًا‪:‬‬ ‫لماذا؟‬ ‫أن��ا الرجل الطوي��ل العريض‪،‬‬ ‫ال��ذي اجت��ررتُ الن��دم طوي� ً‬ ‫لا في‬ ‫منف��اي اإلختي��اري الب��ارد‪ ،‬وال��ذي‬ ‫كنتُ ق��د أقس��متُ أ ّ‬ ‫ال أنظر ورائي‬ ‫وأ ّ‬ ‫ال أعود‪ ،‬وقبل انتهاء ليلتي األولى‬ ‫كتبت دموعي قصائد الشوق ألمّي‬ ‫ورائحة أنفاسها الصباحيّة‪ ،‬وغنّى‬ ‫لس��اني الذي ع ّلمته قسوة المخيّم‬ ‫س��ليط ال��كالم مواوي��ل الحني��ن‬ ‫لبس��اطةِ ناسِ��ه وطيب��ةِ أياديهم‬ ‫الخش��نة‪ ،‬أنا الذي يذبحن��ي الوجد‬ ‫للرجوع ولو لس��اعةٍ ال تتكرّر أقفُ‬ ‫به��ا على قدم واح��دةٍ راكياً قدمي‬ ‫ٍ‬ ‫األخرى وظهري إلى حائطٍ متهالكٍ‬ ‫يس��ند أيّام��ي األخي��رة هن��اك‪ ،‬أنا‬ ‫ال��ذي خاصم��تُ الحل��م م��راراً في‬ ‫المخيّ��م‪ ،‬وآدمنتُ الحل��م به كثيراً‬ ‫ف��ي الغربة وبالص�لاة في جوامعه‬ ‫الت��ي لم ترك��ع للقص��ف وتمنيّتُ‬ ‫الموت في زواريبه الضيّقة والنوم‬

‫طوي� ً‬ ‫س��رير تراب��يّ نصف‬ ‫لا على‬ ‫ٍ‬ ‫مفرد في مقبرته القديمة‬ ‫أنا الرجل الطوي��ل العريض‪..‬‬ ‫ليس لديّ م��ا أنصح به القابضين‬ ‫عل��ى جم��رات أرواحه��م ثبات��اً في‬ ‫وج��ه الحص��ار والم��وت البط��يْ‬ ‫الس��ريع هناك‪ ..‬أنا الرجل الطويل‬ ‫ِ‬ ‫العري��ض‪ ..‬أع��رف تمام��ًا ق��دري‪،‬‬ ‫فلو وقف��تُ عل��ى رؤوس أصابعي‬ ‫ُّ‬ ‫س��أظل عاج��زاً ع��ن‬ ‫وتطاول��ت‪،‬‬ ‫أصغ��ر ولدٍ‬ ‫أق��دام‬ ‫إل��ى‬ ‫الوص��ول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اختار الصمود في أتعس حارةٍ في‬ ‫المخيّ��م‪ ..‬ومهم��ا نفخ��تُ صدري‬ ‫ُّ‬ ‫سأظل أوضعَ من أن أرسم‬ ‫الخاوي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بالستيكيّة‬ ‫ابتس��امة‬ ‫على شفتيّ‬ ‫ً‬ ‫مواربة وأقول له‪ :‬أحسنتْ‬ ‫أن��ا الرجل الطوي��ل العريض‪،‬‬ ‫نديمُ األراكيل واألغنيات والسّهر‪،‬‬ ‫خلي��ل بي��وت القصي��د وش��ياطين‬ ‫الش��عر‪ ،‬صديق الكآب��ةِ والمرض‪،‬‬ ‫أن��ا الحاق��دُ أب��داً على ّ‬ ‫كل ش��يء‪،‬‬ ‫الف��رحُ دوماً بأيّ ش��يء‪ ،‬الغاضبُ‬ ‫ِ‬ ‫بسبب ومن دون سبب‪،‬‬ ‫الوالدةِ‬ ‫منذ‬ ‫ٍ‬ ‫أن��ا القاس��ي المالمح قص��داً وعن‬ ‫غير قص��د‪ ،‬وال��ذي يحم��رُّ وجهي‬ ‫حيا ًء وأرتب��ك إذا ما صافحتني فتاة‬ ‫على حاف��ة األربعين‪ ،‬أنا المتجهّمُ‬ ‫القس��مات كب��دويٍّ فق��دَ جَمَل��ه‬

‫الوحي��د في صحراء ال حدود لها‪ ،‬أنا‬ ‫الذي ال أضحك أحياناً كثير ًة للرغيف‬ ‫الس��اخن‪ ،‬وال��ذي يَ ِب��شُّ ف��ؤادي‬ ‫ويطيرُ فرح��ًا أحايينًا أكثر للرغيف‬ ‫ُ‬ ‫وطفل‬ ‫الجاف��ر‪ ،‬أن��ا س��يّد الح��زنِ‬ ‫ُ‬ ‫حامل‬ ‫الب��راءةِ والن��كات البذيئ��ة‪،‬‬ ‫همّ الس��نوات الخوالي والمقبالت‪،‬‬ ‫الذي لم أعرف مرّة ما الذي أنتظره‬ ‫بالضب��ط‪ ،‬وال��ذي أع��رفُ تمامًا ما‬ ‫الذي ينتظرني بالضبط‬ ‫أنا الرجل الطوي��ل العريض‪..‬‬ ‫مغرمُ الجن��ازات والتعازي‪ ،‬صديقُ‬ ‫المقاب��ر ف��ي ب�لاد الم��وت وغربة‬ ‫األموات‪ ،‬أسافر معَ ِّ‬ ‫كل صالة جنازةٍ‬ ‫ف��ي مس��جد مدين��ة الصقي��ع إلى‬ ‫مقابر المخيّم األربعة‪ ،‬أمسحُ على‬ ‫قب��ور أب��ي وأخي وأحبّائ��ي براحة‬ ‫ِ‬ ‫ي��دي المرتجف��ة‪ ،‬وأنظر بحس��رةٍ‬ ‫مدافن الش��هداء‪ ،‬وأصمت‪ ..‬أنا‬ ‫إلى‬ ‫ِ‬ ‫الرجل الطوي��ل العريض‪ ..‬الذي ال‬ ‫يف��ارقُ الدع��اء قلبي‪ ،‬أع��رف أنّي‬ ‫ُّ‬ ‫أق��ل م��ن أن أق��رأ الفاتح��ة عل��ى‬ ‫أرواح م��ن قضوا ألجلي‪ ..‬أنا الرجل‬ ‫الطويل العريض‪ ..‬تأخذني الغربة‬ ‫وج��ع فأكبُ��ر ف��ي كل‬ ‫عل��ى حي��ن‬ ‫ٍ‬ ‫سنة‪ ..‬ولكنّني ّ‬ ‫لحظةٍ ً‬ ‫أظل أصغرَ‬ ‫من أن أترحّم على شهيد‪.‬‬


‫سيرفضون تصويب بنادقهم وأسلحتهم‬ ‫التي دفع الشعب ثمنها من دمائه‪ ..‬وكانت‬ ‫خيبة أملهم كبي��رة ألنهم قتلوا وأبنائهم‬ ‫عل��ى أي��دي حماة الدم��ار متناس��ين أنك‬ ‫ووال��دك بنيتما جيش��اً لحماية كرس��يكما‬ ‫وعصابتمكا وليس الوطن‪.‬‬ ‫ارحل ألن��ك فككت األس��رة الواحدة‬ ‫وحول��ت أفراده��ا إل��ى مخبري��ن عل��ى‬ ‫بعضه��م وعل��ى أهله��م وأصدقائه��م‬ ‫وجيرانه��م‪ ،‬ألن��ك قتل��ت روح المب��ادرة‬ ‫ل��دى أوالدن��ا وش��بابنا وقتل��ت مواهبهم‬ ‫وروح اإلب��داع لديه��م وحولتهم إلى عبيد‬ ‫يس��بحون بحمدك‪ ..‬ألنك قلبت الموازين‬ ‫والمفاهيم واألخالقيات والقيم وكرس��ت‬ ‫ثقافة الفساد واإلفس��اد والرشوة والعهر‬ ‫ب��كل معانيه ف��ي الوزارات والمؤسس��ات‬ ‫واإلدارات ف��ي المدارس والجامعات وفيما‬ ‫يخ��ص حياة المواطن ومعيش��ته وحولت‬ ‫مس��احة الوط��ن إل��ى مع��رض لصورك‬ ‫وصور عائلتك وأصنامهم‪.‬‬ ‫أردت اختزال وطن عظيم كس��ورية‬ ‫في شخصك وعائلتك لذلك قالها الشعب‬ ‫الس��وري بكل أطياف��ه وألوان��ه‪ ..‬ارحل‪..‬‬ ‫ودعّنا نلمل��م جراحنا ونداويها‪ ،‬لنغس��ل‬ ‫قلوبن��ا مم��ا أل��م به��ا م��ن وج��ع وحقد‪،‬‬ ‫لنس��تعيد أنفاس��نا وأرواحن��ا‪ ،‬لنحتض��ن‬ ‫أطفالن��ا ونعي��د له��م طفولته��م‪ ،‬لنعيد‬ ‫لحمتن��ا التي كان��ت عبر التاري��خ نموذجًا‬ ‫للعي��ش المش��ترك‪ ،‬لنتعل��م الف��رح من‬ ‫جدي��د و لنبن��ي س��وريتنا الت��ي دمرته��ا‬ ‫وطننًا لكل السوريين‪.‬‬ ‫بدون��ك س��ننهض من جدي��د ألنك‬ ‫وعصابتك القاتل والفاسد الوحيد‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬

‫وشبابنا وش��يوخنا ألنك لم ترحم صغيراً‬ ‫أو كبي��راً‪ .‬ألن��ك اس��تخدمت كل أن��واع‬ ‫األس��لحة الفتاك��ة ض��د ش��عبك‪ .‬ألن��ك‬ ‫سرقت ودمرت البلد ألنك أفلتت عصابتك‬ ‫وعائلتك لتأكل األخضر واليابس‪ ..‬وتعيد‬ ‫البلد إلى العصور الحجرية‪.‬‬ ‫س��ورية الخي��ر والعط��اء المليئ��ة‬ ‫بالم��وارد‪ ..‬أم اليتي��م وحاضنة األش��قاء‬ ‫والجي��ران‪ ..‬س��ورية التاري��خ والحض��ارة‬ ‫احتلت ف��ي عهدك وعهد أبي��ك من قبلك‬ ‫المرات��ب العلي��ا ف��ي الفس��اد والفق��ر‬ ‫والبطال��ة والتعذي��ب وانته��اك حق��وق‬ ‫اإلنسان ضمن المؤشرات العالمية‪.‬‬ ‫ارحل‪:‬ألن��ك هج��رت الماليي��ن م��ن‬ ‫أهلن��ا وش��ردتهم ف��ي أصق��اع الدني��ا‪..‬‬ ‫ألنك حولت س��وريتنا إلى مزرعة وشعبها‬ ‫العري��ق إلى عبي��د في وطنه��م‪ ،‬هجرت‬ ‫أبنائن��ا وعلمائن��ا ومثقفين��ا وكفاءاتن��ا‬ ‫وكوادرنا‪ ..‬ألنك قحل��ت التربية والتعليم‬ ‫وزورت التاري��خ واس��تبدلت عمالقتن��ا‬ ‫بأقزامك وصبيان��ك المدللين ليعيثوا في‬ ‫األرض فسادا ونهبا‬ ‫‪ ،‬ألن��ك زرع��ت الفتن��ة بي��ن أبن��اء‬ ‫الش��عب الواح��د وحاول��ت أن��ت وأذناب��ك‬ ‫تحوي��ل الثورة إلى ح��رب طائفية‪ ..‬إال أن‬ ‫وعي الش��عب الس��وري العظيم حال دون‬ ‫تحقيق غايات��ك رغم بع��ض التصرفات‬ ‫النادرة هنا وهناك وه��ي بالتأكيد مبررة‬ ‫ف��ي ظ��ل القت��ل الممنه��ج والهمجي��ة‬ ‫والبربرية التي تستخدمها ضد الشعب‪.‬‬ ‫ارح��ل ألنك غيب��ت العدال��ة وحولت‬ ‫القض��اء إل��ى وك��ر للفس��اد والرش��وة‬

‫واالبت��زاز وجَي��رت وش��رعت القواني��ن‬ ‫التي تخ��دم مصالح زبانيتك والتي تصب‬ ‫بالنهاية في خزائنك‪ ،‬ألنك ظلمت البريء‬ ‫وبرئ��ت الظال��م والقاتل والمج��رم ألنك‬ ‫أفرج��ت ع��ن آالف القتل��ة والمجرمي��ن‬ ‫وس��لحتهم لقت��ل أهله��م وس��رقتهم‬ ‫وخطفه��م وابتزازه��م تح��ت ما يس��مى‬ ‫باللجان الشعبية‪..‬‬ ‫ارح��ل ألن��ك دم��رت اقتص��اد البل��د‬ ‫ّ‬ ‫وس��لطت الحيت��ان م��ن أهل��ك وأقارب��ك‬ ‫والمقربي��ن م��ن عصابتك لس��رقة القطاع‬ ‫الع��ام والنفط واآلث��ار واحتكار المش��اريع‬ ‫االقتصادية االستثمارية واألسواق والتحكم‬ ‫بالمواط��ن ال��ذي أمضى حياته الهث��ًا وراء‬ ‫تأمين أبس��ط حقوقه اإلنسانية من تأمين‬ ‫لقمة عيش ومس��كناً يأوي عائلته‪ .‬بالديون‬ ‫والق��روض الت��ي أثقلت كاهل��ه‪ ..‬وتكفلت‬ ‫صواريخك وبراميلك بهدمها‪.‬‬ ‫ألنك نشرت ثقافة الفساد واإلفساد‬ ‫وس��لطت فروعك األمني��ة لتحصي على‬ ‫الناس أنفاس��ها وتترك أم��ن وحدود البلد‬ ‫إل��ى لص��وص عصابتك وتجار األس��لحة‬ ‫والمخدرات‪،‬‬ ‫ألن��ك حول��ت اإلع�لام الرس��مي‬ ‫والخ��اص إل��ى مافي��ات وأب��واق ت��روج‬ ‫إلنجازات��ك الوهمي��ة والكاذب��ة وتتبج��ح‬ ‫بمقاومتك وممانعتك التي كشفت الثورة‬ ‫العظيمة النقاب عنها‪.‬‬ ‫ظ��ن الس��وريون بداي��ة أن الجيش‬ ‫س��يقف إلى جان��ب الش��عب ويحميه كما‬ ‫فع��ل الجي��ش التونس��ي الوطن��ي وأن‬ ‫م��ن كانوا يطلق��ون عليهم حم��اة الديار‬

‫زليخة سالم‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫هرمن��ا بانتظ��ار ه��ذه اللحظ��ة‬ ‫التاريخي��ة‪ ..‬كلم��ات قاله��ا المواط��ن‬ ‫التونس��ي (أحم��د الحفن��اوي) لتصل إلى‬ ‫روح وقل��وب وعق��ول ماليي��ن الع��رب‬ ‫والس��وريين الذي��ن يس��كنهم قهر دفين‬ ‫تراكم عبر س��نوات ليتفجر مع نزيف أول‬ ‫قطرة دماء روت تراب مدينة درعا األبية‪.‬‬ ‫أطف��ال درعا األبطال ش��رارة الثورة‬ ‫الذين س��طروا في مثل ه��ذه األيام قبل‬ ‫س��نتين عب��ارات أس��قطت األقنع��ة عن‬ ‫نظام مس��تبد دموي قات��ل‪ ..‬اقتلع أظافر‬ ‫األطف��ال وم��ارس عل��ى أجس��ادهم كل‬ ‫أن��واع التعذيب م��ن حرق وتهش��يم ألنه‬ ‫رأى فيهم الخروج عن الطاعة في عبارات‬ ‫أس��تلهمها األطفال من ش��عارات الثورات‬ ‫الت��ي هزت كيانات االس��تبداد من تونس‬ ‫إلى مصر وليبيا واليمن‪.‬‬ ‫أطف��ال خط��وا بأنامله��م الصغيرة‬ ‫عب��ارات زلزلت كيان النظ��ام الدكتاتوري‬ ‫الش��مولي ال��ذي كان على يقي��ن من أن‬ ‫أح��داً ل��ن يرفع رأس��ه في مزرعت��ه التي‬ ‫دجّ��ن أهله��ا عل��ى التصفي��ق والتهليل‬ ‫والس��جود للقائد المق��اوم والممانع فأراد‬ ‫أن يقم��ع هذه الظاه��رة المباغتة بالقتل‬ ‫والتعذيب لردع اآلخرين‬ ‫اخترق��وا األطف��ال الممنوع��ات‬ ‫والمحظورات التي كبلت الس��وريين أكثر‬ ‫من نصف قرن وتجاوزوا جي ًال كام ًال عاش‬ ‫قحط��ًا وجفاف��ًا سياس��يًا ظه��رت نتائجه‬ ‫جلي��ة في مواق��ف المعارض��ة المتخبطة‬ ‫والمشتتة والمتناكفة رغم إجماعها على‬ ‫ه��دف واح��د وهو إس��قاط النظ��ام وفي‬ ‫األمراض االجتماعية التي أصابت نفوس‬ ‫الس��وريين ج��راء القهر وال��ذل واإلقصاء‬ ‫والتهميش‪.‬‬ ‫تظاه��ر األهال��ي س��لمياً احتجاج��اً‬ ‫على اعتق��ال أبنائهم فقوبلوا بالرصاص‬ ‫الحي‪ ..‬نزفت درعا ونزف الس��وريون من‬ ‫أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب لتكون‬ ‫بداية النهاية لحكم الطاغية‪.‬‬ ‫ارح��ل‪ ..‬صرخ��ة عانق��ت عن��ان‬ ‫الس��ماء‪ ..‬أطلقه��ا ش��باب درع��ا من قلب‬ ‫مجروح نازف ثار على الظلم واالس��تبداد‬ ‫والقتل وتدحرجت ككرة الثلج من منطقة‬ ‫إل��ى منطقة حت��ى عمت أنحاء س��وريتنا‬ ‫وأس��قطت القن��اع ع��ن نظ��ام المقاومة‬ ‫والممانع��ة الذي رد على ش��عبه المطالب‬ ‫بالحري��ة والعدالة بالقتل في الوقت الذي‬ ‫ينتظ��ر فيه الس��وريين منذ س��نوات الرد‬ ‫على انتهاكات العدو اإلسرائيلي المتكررة‬ ‫لألج��واء الس��ورية وص��وال إل��ى القص��ر‬ ‫الجمهوري وضربه لمواقع داخل األراضي‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫مئ��ات وآالف األس��باب وراء مطال��ب‬ ‫الشعب الس��وري بكل مكوناته برحيلك‪..‬‬ ‫ألن��ك قتل��ت واعتقل��ت أطفالنا ونس��ائنا‬

‫ارحـــــل‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫�أطفال درعا الأبطال خطوها على حيطان‬ ‫مدار�سهم وال�شعب قالها‪:‬‬

‫‪13‬‬


‫ترجمات ‪. .‬‬

‫احلــرب‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫رالف والدو إمرسون | ترجمة نورس مجيد‬ ‫في مارس ‪ /‬آذار ‪ - 1838‬بوسطن‬

‫ً‬ ‫غاي��ة‬ ‫الس�لام‬ ‫أن يب��دوَ مش��روعُ‬ ‫ِ‬ ‫بعيدة المنال لفئة كبيرة من العقالء؛ وأن‬ ‫تجده مجموع�� ٌة أخرى من الن��اس مدعا ًة‬ ‫للس��خرية والضح��ك؛ أو يعتب��ره صاحب‬ ‫الوق��ار وحَسَ��نُ الخُ ُلق س��بي ًال محفوفًا‬ ‫بالمصاع��ب العملية؛ فذل��ك أمر طبيعي‬ ‫ج��داً‪ .‬يقولون‪" :‬ه��وذا مجتمعك البائس‪،‬‬ ‫ولن يتمخض عنه خير قط‪ .‬السالم! عمّ‬ ‫تتحدث؟ نحن جميعاً في حال سالم أص ًال‪.‬‬ ‫ولك��ن إن تعمّ��دت أمة إهانتن��ا أو تجرأت‬ ‫عل��ى نهب قوافلنا أو‪ ،‬في أس��وأ األحوال‪،‬‬ ‫أوعزت لس��فنها بأن ترسو على شواطئنا‬ ‫لتنهب وتسلب وتقتل‪ ،‬فلن تجد بيننا من‬ ‫س��يقعد تحت وابل الس��رقة والذبح؟ إنك‬ ‫بذل��ك تخلط األزمن��ة وتبالغ ف��ي تقدير‬ ‫أن‬ ‫فضائ��ل الرجال‪ .‬ولعمري أنك تنس��ى ّ‬ ‫المس��الم الذي ين��ام قريراً ف��ي مدينته‪،‬‬ ‫ويرق��د ف��ي مزرعته ت��اركًا عربت��ه دون‬ ‫قفل‪ ،‬فهو إنما يفعل‬ ‫حراسة‬ ‫وكوخَه دون ٍ‬ ‫ذلك ً‬ ‫أن‬ ‫متكأ على مبدأ قبله كافة الرجال‪َّ :‬‬ ‫بارودَ البندقية َ‬ ‫وقضبان‬ ‫وحبل المش��نقة‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫متأهب��ة دومًا‬ ‫الس��جن س��تكون هن��اك‪،‬‬ ‫ستسو ُل‬ ‫وعلى أتم استعداد‪ ،‬لمعاقبة من‬ ‫ِّ‬ ‫له نفس��ه تعكير هذا الصف��و‪ُّ .‬‬ ‫الكل يقرُّ‬ ‫بأن سياسة السّ��لم هي الفضلى‪ ،‬ولكن‬ ‫فقط لو كان العالم بأكمله كنيسة‪ ،‬وكان‬ ‫الرجال فيه جميعاً خيرة الرجال‪ ،‬ولو أذعن‬ ‫س��وادهم األعظ��م لهذه القاع��دة‪ ،‬ولكن‬ ‫م��ن العبث ألم��ة واحدة أن تس��عى لبلوغ‬ ‫ذلك لوحدها"‪.‬‬ ‫في المقام األول‪ ،‬نجيب على ما سبق‬ ‫اعتراض‬ ‫بأننا ال نول��ي بالغ اهتم��ام ألي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يحترم فحس��ب الحالة الحقيقي��ة لعالمنا‬ ‫ف��ي اللحظ��ة الراهن��ة من الزم��ن‪ ،‬وإنما‬ ‫لتل��ك المواقف التي تعت��رف بصالح هذا‬ ‫المش��روع في عمومه‪ ،‬وتقرّ بتفوق هذه‬ ‫الرؤية في ش��كلها الدائ��م‪ .‬فما هو نافعٌ‬ ‫ًَ‬ ‫حقيق��ة‪ ،‬والحقيقية‬ ‫يصير ف��ي النهاي��ة‬ ‫بدوره��ا– أي م��ا ه��و ف��ي صال��ح الناس‬ ‫ويقبله س��واد القوم ‪ -‬يجب أن تسود في‬ ‫نهاية المط��اف‪ ،‬وتتفوق عل��ى العراقيل‬ ‫خير ينعمُ‬ ‫واالعتراضات كافة‪ .‬فليس من ٍ‬ ‫ب��ه المجتمع الي��ومَ‪ ،‬إال وكان يوماً مدعاة‬ ‫للجدل ومعرضًا للحوار والتفكير كما هي‬ ‫وإن الميل‬ ‫الحال مع مشروع السالم هذا‪ّ ،‬‬ ‫لتحقي��ق المصلح��ة الحقيقية لإلنس��ان‬ ‫هو م��ا يجعل ه��ذه المصلح��ة غاية هذا‬ ‫اإلنسان وهدفه األسمى‪.‬‬ ‫وعل��ى ذلك‪ ،‬فإن��ه ل��درسٌ يعلِّمهُ‬ ‫التاري��خُ للحكماء من الرج��ال أن يضعوا‬ ‫ثقته��م في األفكار‪ ،‬ال ف��ي الظروف‪ .‬لقد‬ ‫نش��أنا جميع��ًا على مش��هدٍ لفرقاطةٍ أو‬ ‫وجزر‬ ‫ثكن��ة عس��كرية؛ لحصونٍ منيع��ة ٍ‬ ‫حصينة؛ ولترس��انات وميليشات‪ .‬ويكفي‬ ‫أن تستعلم من أي مكتب خارجية ليحدّثك‬ ‫ع��ن آالف بل ماليي��ن الرجال تس��وقهم‬ ‫ً‬ ‫خدم��ة للمصالح‬ ‫أقداره��م إل��ى الجندية‬ ‫االس��تعمارية لإلمبراطوري��ة البريطانية‬ ‫أو روس��يا أو النمسا أو فرنسا‪ ،‬فالمرء إذن‬

‫يتهيب من التفكي��ر في الكلفة الحقيقية‬ ‫للحف��اظ عل��ى الس�لام في ه��ذا العالم‪.‬‬ ‫هذا الجهازُ الهائل من العَتاد واألساطيل‬ ‫والمعاق��ل الحجري��ة والخنادق واألس��وار‬ ‫ُ‬ ‫األزليّ��ة لخطى‬ ‫المنيع��ة؛ وتل��ك الوتيرة‬ ‫الفيال��ق العس��كرية؛ والتلويح المتواصل‬ ‫للرّايات الوطنية؛ ونفير اس��تيقاظ الجند‬ ‫في الفجر؛ وهدير مدف��ع انصرافهم في‬ ‫اللي��ل؛ وموس��يقى الحرس الت��ي تصدح‬ ‫دون توقف؛ والمس��يرات العسكريّة التي‬ ‫ال ت�لأى؛ واألغاني الحربيّ��ة التي ال ّ‬ ‫تكل؛‬ ‫كل ذل��ك يب��دو وكأنه فريض�� ٌة ال مناص‬ ‫عنها‪ ،‬وواقعٌ لن يحيد عن مس��اره لقرون‬ ‫قادم��ة أمام بع��ض أصوات االس��تهجان‬ ‫الخافتة لحفنةٍ قليلةٍ من دعاة السالم‪.‬‬ ‫وهك��ذا‪ ،‬فلطالم��ا كن��ا نتهي��ب من‬ ‫المظاهر فال نرى أن قيمتها إنما تس��تقر‬ ‫هن��اك ف��ي القع��ر‪ ،‬ف��ي غيه��ب الحال��ة‬ ‫الذهني��ة‪ .‬إن م��ا ش��يّد ه��ذه المؤسس��ة‬ ‫الحربيّ��ة العتي��دة كان مح��ض فك��رة‪،‬‬ ‫والفك��ر ُة أيض��ًا ه��ي م��ا س��يكون كفي ًال‬ ‫بإزالته��ا م��ن الوجود‪ .‬والح��ال أن كل أمة‬ ‫وكل إنس��ان إنّما يحاصر نفسه مباشرة‬ ‫م��ادي يتطابق وحالت��ه األخالقية‬ ‫بجه��از‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫أن ِّ‬ ‫لكل حقيقةٍ أو‬ ‫والذهني��ة‪ .‬تأمَّ ْل كيف ّ‬ ‫خطأ ٌ‬ ‫أصل لفكرةٍ في ذهن إنسان‪ ،‬فكر ٌة‬ ‫تلبس ذاتها لب��وس المجتمعات والمنازل‬ ‫والم��دن واللغ��ة والمناس��بات والصحف‪.‬‬ ‫تأمّل في األفكار السائدة في زماننا هذا‪:‬‬ ‫من العقيدة‪ ،‬والشك‪ ،‬والتباشير‪ ،‬والتعليم‬ ‫العام‪ ،‬واالعت��دال‪ ،‬والمناه��ج المناهضة‬ ‫للماس��ونيّة والرق‪ ،‬وانظر كيف جسّدت‬ ‫ٌّ‬ ‫كل من هذه المفاهيم التجريدية نفسها‬ ‫جهاز فرض ذاته في بنيان المجتمع‪،‬‬ ‫ف��ي‬ ‫ٍ‬ ‫وكي��ف تدفّقَ الخش��بُ والطوب والصخر‬ ‫ً‬ ‫وطاعة‬ ‫والجير في الشكل المناسب سمعًا‬ ‫لفك��رة ش��املةٍ وج��دت مس��تقرّهَا في‬ ‫أذهان العديد من الناس‪.‬‬ ‫فق��د تس��مع ذات يوم ع��ن خاطرةٍ‬ ‫عبرت خيا ًال جامحًا إلنس��انٍ ما في خضم‬ ‫وحي قس��م سرّي‬ ‫تأمّالته الس��رية‪ ،‬من ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ش��ائن‪ .‬إرج��ع م��رة ثاني��ة‪ ،‬بع��د ع��ام أو‬ ‫اثنين‪ ،‬ولس��وف ترى كي��ف تمخضت هذه‬ ‫الخاطرة عن أبنيةٍ عظيمةٍ من الخش��ب‬ ‫الصّلب ّ‬ ‫والطوب والمالط‪ ،‬ولسوف تشهد‬ ‫مائة من المطابع تص��در مليون صفحة‪،‬‬ ‫ولس��وف ت��رى رج��ا ًال وجي��اداً وعج�لات‬ ‫مس��خّر ًة لتمش��ي وتج��ري وتَ��درُج في‬ ‫س��بيلها‪ :‬لقد رُص��د هذا البني��ان المادي‬ ‫العظي��م ك ّلهُ لخدمة هذه الفكرة العتيدة‬ ‫الواحدة لهذا اإلنس��ان‪ .‬ه��ذا األمر يحدث‬ ‫بينن��ا يوميًا‪ ،‬وس��نوياً‪ ،‬يح��دث مع أنصاف‬ ‫بكذب‬ ‫ٍ‬ ‫أف��كار غالب��ًا ما تك��ون مصحوب��ة ٍ‬ ‫أش��ر‪ ،‬أو جز ٍء من سياسةٍ أو فرضيّةٍ ما‪.‬‬ ‫ومع رعايةٍ جديّة‪ ،‬قد تصمد هذه أعوامًا‬ ‫ثالث��ة أو أربع��ة قب��ل أن تختف��ي دونما‬ ‫أدن��ى أث��ر‪ .‬ولكن عندم��ا تتج ّل��ى حقيق ٌة‬ ‫م��ا ‪ -‬ش��أن تلك الرؤي��ا الت��ي بَرَقت في‬ ‫ذه��ن كولومبوس حول جزيرةٍ في البحر‬

‫الغربي‪ ،‬فكان وحده من بين سائر الرجال‬ ‫من آمن بها ‪ -‬فإن هذه الرؤيا سوف تبني‬ ‫سفناً وأس��اطيل تحمل على متنها نصف‬ ‫بحارتها من إس��بانيا والنص��ف اآلخر من‬ ‫ً‬ ‫فدولة‪ ،‬ثم‬ ‫بريطانيا‪ ،‬ثم تغدو مستعمرةً‪،‬‬ ‫أمماً‪ ،‬ث��م تتحول إلى نصف ك��رةٍ جديدٍ‬ ‫يعجُ ببني البشر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إننا لنحاصرُ أنفس��نا دوماً‪ ،‬بقدر ما‬ ‫نمل��ك م��ن قدرة وم��ا نحوزه م��ن حرية‪،‬‬ ‫بص��ور حقيقي��ةٍ ألنفس��نا في األش��ياء‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫س��واء كان��ت س��فناً أو كتب��اً أو مداف��ع أو‬ ‫كنائس‪ .‬فالجيش المستنفر‪ ،‬والترسانة‪،‬‬ ‫والمخيمات‪ ،‬والمش��انق‪ ،‬كلها ليس��ت ذات‬ ‫صلةٍ مباشرة باإلنسان‪ ،‬فهي ليست سوى‬ ‫مؤش��ر يرينا أين هو اإلنسان اليوم‪ ،‬وكم‬ ‫ٍ‬ ‫بلغ مزاجه من الجلف والجموح‪ ،‬وكم صار‬ ‫أي درجةٍ أحجمت‬ ‫قبيحاً بين جيرانه‪ ،‬وإلى ِّ‬ ‫أي دركٍ تدنّت‬ ‫أوصاله عن المحبة‪ ،‬وإلى ِّ‬ ‫آما ُلهُ‪ .‬فمَ��نْ يهوى ح��دَّ الحربةِ ال يرى‬ ‫في شعاعها إال ما كان يشعرُ به من ُ‬ ‫قبل‬ ‫ف��ي خفاقةِ قلبه‪ :‬إنه ذل��ك ّ‬ ‫الطمعُ وتلك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المرتعشة‪،‬‬ ‫الكراهية‪ ،‬وهي تلك الش��فاهُ‬ ‫وتل��ك النظ��رات الحاقدة الب��اردة‪ ،‬هي ما‬ ‫مخازن األسلحة وعنابر البارود‪.‬‬ ‫بنى‬ ‫َ‬ ‫تغيير يصيب المرء‬ ‫أدنى‬ ‫أن‬ ‫والح��ق‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يس��تتبعه بالضرورة تح��ول في ظروفه‪،‬‬ ‫س��واء كان ذلك َّ‬ ‫نمو يمكن سبره في‬ ‫أقل ٍّ‬ ‫اهتزاز يصيب مش��اعره‬ ‫أف��كاره‪ ،‬أو أدنى‬ ‫ٍ‬ ‫تلهمَهُ‬ ‫ف��ي صالته م��ع بقية الن��اس‪ .‬أَ ْن ِ‬ ‫عل��ى س��بيل المث��ال شِ��غافُ رحم��ةٍ أو‬ ‫رأفةٍ تبرُّ بها أرواح البش��ر‪ ،‬فيش��عر بأن‬ ‫كل إنس��انٍ بات بالنس��بة له ذاته األخرى‬ ‫التي بمقدوره أن يلتحم معها كما تلتحم‬ ‫أيَ درجة من‬ ‫اليد اليس��رى مع اليمنى‪ .‬إن ّ‬ ‫درجات ارتقاء هذه المشاعر سوف يقابلها‬ ‫بالض��رورة تغييرٌ صارخٌ في الظاهر من‬ ‫األش��ياء‪ :‬عندها س��وف تُض��ربُ الخيام‬ ‫ويتق��ادم الس��ن برج��ال الح��رب عل��ى‬ ‫ُ‬ ‫األس��لحة من الصّدأ‪،‬‬ ‫الشطآن‪ ،‬وستتلفُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تماثي��ل عل��ى‬ ‫وتتح��وّل المداف��ع إل��ى‬ ‫رم��اح لصيد‬ ‫إلى‬ ‫والحرب��اتُ‬ ‫النّواص��ي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الس��مك‪ ،‬وأفواجُ الجنودِ الزّاحفةِ تغدو‬ ‫َ‬ ‫قوافل من المهاجرين ورواد السالم تعبر‬ ‫مناهل الواباش وميس��وري‪ .‬هذا ما يجب‬ ‫أن يحدث وهذا ما لس��وف يكون‪ :‬الحرابُ‬ ‫والس��يوفُ عليها ف��ي البدء أن تنس��حب‬ ‫قلي� ً‬ ‫تس��مها‬ ‫لا من حال��ةِ‬ ‫االختي��ال التي ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليومَ إلى أن تختفي بعدئذٍ عن األنظار‪،‬‬ ‫لتفسح المجال لدعوة األصدقاء واألقارب‬ ‫فق��ط‪ ،‬وبعده��ا‪ ،‬وف��ي نهاي��ة المطاف‪،‬‬ ‫َ‬ ‫تُنق ُل إلى المتاحف ُ‬ ‫الفضوليُ‬ ‫ليَنْظرَها‬ ‫ّ‬ ‫الس��م والتعذيب في‬ ‫كما ننظر إلى أدوات‬ ‫ِّ‬ ‫متاحفنا اليوم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يص��وغ الح��ربُ والس��لم‬ ‫وهك��ذا‬ ‫ذاتيهم��ا ف��ي ه��ذه الحال��ة الزئبقيّة من‬ ‫اإلنس��ان في مرحلةٍ من مراحل‬ ‫التخَ ُّلق‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫القتال متاعًا‬ ‫تط��وره يقاتل إذا امتلك إلى‬ ‫ِ‬ ‫من قوةٍ أو فطنة‪ .‬ث��مّ في مرتبة أعلى‪،‬‬ ‫يت��ورّعُ عن المبادرة بالهج��وم على أنّه‬

‫يبق��ى متأهب��اً لص��د الع��دوان بعزيم��ة‬ ‫وش��جاعة‪ .‬ثم يصل في مرتبة أعلى إلى‬ ‫حالة من القداس��ةِ تبارحُهُ معها نوازعُ‬ ‫الشّ��غفِ‪ ،‬وتتحول طبيعته المحاربة إلى‬ ‫حال��ة عالجية نش��طة‪ ،‬فيضحي بنفس��ه‬ ‫بابتهاج إلى تقبل المهام الجسام‬ ‫ويسارع‬ ‫ٍ‬ ‫التي لإلنكار واإلحس��ان؛ وعندما يتعرض‬ ‫للهج��وم‪ ،‬يصب��ر‪ ،‬ويدي��ر خ��ده اآلخ��ر‬ ‫للمعتدي‪ ،‬فه��و بذلك مجاه��دٌ من خالل‬ ‫وج��وده ذاته‪ ،‬لي��س لخدمة ف��ردٍ بعينه‪،‬‬ ‫وإنما للروح الجامعة لسائر بني البشر‪.‬‬ ‫منذ أن طرحت مس��ألة الس��لم أمام‬ ‫الوع��ي الع��ام‪ ،‬قُو ِب َل أولئ��ك الذين آمنوا‬ ‫بح��قّ وعدال��ةِ ه��ذا المب��دأ باعتراضات‬ ‫متباينة الشدة‪َ .‬‬ ‫فثمّة قضايا لطالما تذرع‬ ‫بها الفضوليون ‪ -‬قضايا أخالقية شبيهةٍ‬ ‫بمس��ائل الرياضيات التي يعصر السذّجُ‬ ‫س��بيل حلها أدمغتهم خالل أمس��يات‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫الش��تاء الطويلة ‪ . -‬فيق��ال عمومًا‪ :‬إما أن‬ ‫تقبل بهذا المبدأ على حس��ناته وسيئاته‬ ‫وتتمس��ك ب��ه حت��ى النهاي��ة فتصطدم‬ ‫بنتائجه المزعجة‪ ،‬وإال فإنك إن آثرت بأن‬ ‫ترس��م لنفس��ك خطًا افتراضي��اً فتقول‪:‬‬ ‫"إل��ى ه��ذا الحد ولي��س أبعد م��ن ذلك"‪،‬‬ ‫فعلي��ك إذاً أن تحي��د ع��ن ه��ذه الس��بيل‬ ‫وتتحرى الحدّ الذي قبل به عموم البشر‪،‬‬ ‫والذي ي��رى في الح��رب الهجومية جرماً‪،‬‬ ‫وف��ي الحرب الدفاعية ّ‬ ‫حق��اً‪ .‬أمّا لو قررت‬ ‫االلت��زام بالمبدأ‪ ،‬فس��يكون لزام��اً عليك‬ ‫إذن أن تتبع منهجًا متس��قاً فتتخلى ً‬ ‫كليّة‬ ‫عن الدفاع ع��ن النفس في طريقك‪ ،‬في‬ ‫عقر دارك‪ .‬فهل لك الجَ َلدُ على المضيّ‬ ‫إل��ى هذا الح��د؟ هل لك أن تبق��ى قابضًا‬ ‫على إيمانك بالالمقاومة عندما يتعرّض‬ ‫صندوق��ك الصل��ب للخلع والفت��ح‪ ،‬وحين‬ ‫تتع��رض زوجت��ك وأطفال��ك لإلهان��ة أو‬ ‫الذب��ح على مرأىً من��ك؟ إذا أجبت بنعم‪،‬‬ ‫فلكأنّ��ك تدع��و اللص��وص والقتل��ة إلى‬ ‫ص��در بيت��ك‪ ،‬وحينه��ا ستس��حق ثلة من‬ ‫َ‬ ‫المتبقية من األخيار من‬ ‫المجرمين الق ّل َة‬ ‫الرجال‪.‬‬ ‫ولل��رد على الس��ذاجة الت��ي تنطوي‬ ‫عل��ى ه��ذه الفرضي��ة المتطرفة للس��لم‬ ‫كما يظهر من نتائجها المفترضة‪ ،‬أجدني‬ ‫أقول إن خالصة كهذه إنما تالمس ش��طر‬ ‫الحقيقة فحسب‪ ،‬إذ أنها ترى الوجه السلبي‬ ‫لصاحب الس��لم وتعجز ع��ن إدراك دريئة‬ ‫الح��ري بنا أن نعتقد‬ ‫نش��اطه وعمله‪ .‬من‬ ‫ِّ‬ ‫أَ ْن ليس من إنس��انٍ اعتن��ق يوماً مذهب‬ ‫السالم واإلحس��ان هذا وغايتُهُ القصوى‬ ‫ومَرْضاتُ��هُ أن يتع��رّض للذبح والنهب‪،‬‬ ‫فاإلنس��ان ال ينشُ��دُ مرتب��ة الش��هادة ما‬ ‫ُ‬ ‫لم يملك غاي��ة حقيقية أو دافعاً موازيًا أو‬ ‫محبة متقدة‪ .‬لو قدّر لك بأن تجد ً‬ ‫أمة بلغ‬ ‫رجالها هذه المرتب��ة األخالقية التي تنأى‬ ‫به��م عن إع�لان الحرب أو حمل الس�لاح‪،‬‬ ‫رجال ش��حّت رؤوسهم من هذا العبء‬ ‫من ٍ‬ ‫الثقيل من الجنون‪ ،‬فستكون تلك ً‬ ‫أمة من‬ ‫المحبي��ن والمحس��نين‪ ،‬م��ن ذوي القدرة‬


‫ترجمات ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫والمج��د‪ .‬إبح��ث عن أم��ة كهذه ولس��وف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خانع��ة تدل��ت فيها‬ ‫خاضع��ة‬ ‫ل��ن تجده��ا‬ ‫األذرع من على جانبي الجس��د‪ ،‬بل ستجد‬ ‫فيه��ا رج��ا ًال يك��رزون بالمحبة والش��رف‬ ‫والحقيقة؛ رجا ًال ذوي صنعة هائلة؛ رجا ًال‬ ‫بل��غ أثره��م تخ��وم األرض كاف��ة؛ رجا ًال‬ ‫حملوا في صدى أصواتهم وعلى جباههم‬ ‫سيماء الحشمة والشرف‪ ،‬فتسخّرت جميع‬ ‫الق��وى لخدم��ة طاقاتهم وحكمته��م‪ .‬إننا‬ ‫عل��ى ثقة م��ن أن أيّ أمة تج��ودُ بمذهب‬ ‫الس�لام لن تكون أمة مس��تباحة‪ ،‬بل تلك‬ ‫الت��ي و ّثق��ت أواصر صداقته��ا في صميم‬ ‫كل إنس��ان عل��ى األرض كان عنيف��اً أو‬ ‫وضيع��ًا؛ أم��ة ال يزدهر ف��ي مواجهتها أي‬ ‫سالح‪ ،‬وينظر إليها على أنها مالذ للجنس‬ ‫البش��ري برمته‪ ،‬فاس��تحقت بذلك بركات‬ ‫وأدمع كل الناس‪.‬‬ ‫وف��ي المق��ام الثاني‪ ،‬وفيم��ا يتعلق‬ ‫بطبيع��ة رد فع��ل الم��رء ف��ي األزم��ات‬ ‫والمواقف الصعبة‪ ،‬نج��رؤ على القول إن‬ ‫امتحاناً كهذا نادراً ما يواجه إنسانًا صالحًا‬ ‫وع��اد ًال‪ ،‬وال نت��ورع في المق��ام ذاته عن‬ ‫القول‪ ،‬أو حتى معرف��ة‪ ،‬ما ينبغي القيام‬ ‫ب��ه للنجاة م��ن هذا النوع م��ن المحن‪ .‬إن‬ ‫يرتهنُ مس��تقبله وردوده أبداً‪،‬‬ ‫الحكيم ال ِ‬ ‫وال يقرر مس��بقاً ما ينبغي القيام به في‬ ‫س��اعة الكرب‪ ،‬فالطبيعة وال��رب كفيالن‬ ‫بإرشاده في تلك الساعة‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يطرح نفسه بطبيعة‬ ‫الح��ال‪ :‬كيف لهذا الطموح الجديد والواعد‬ ‫للعقل البش��ري أن يصي��ر جلياً وحقيقيًا؟‬ ‫وم��ا هي الس��بيل إذن لتمرير األفكار إلى‬ ‫جوهر األشياء؟‬ ‫ً‬ ‫بداي��ة‪ ،‬أن ذل��ك ل��ن يكون‬ ‫وأج��زم‪،‬‬ ‫بس��لوك طري��ق الروتي��ن والش��كليات‬ ‫الس��ائدة ‪ -‬وهي الوس��يلة األكثر شيوعًا‬ ‫ف��ي السياس��ة الحديثة؛ ول��ن يكون ذلك‬ ‫بتنظي��م المجتم��ع وإط�لاق الق��رارات‬ ‫والبيان��ات العام��ة ليتم اعتمادها رس��ميًا‬ ‫م��ن قب��ل الن��اس وإدراجه��ا تباع��اً ف��ي‬

‫النشرات الصحفية؛ لقد جربنا هذه اللعبة‬ ‫حتى السقم‪ .‬ففي بعض مدننا يختارون‬ ‫مبارزاً مش��هوراً ليصبح رئيسًا أو ضابطًا‬ ‫ف��ي مجتمع ال يأب��ه بالمبارزين‪ .‬والرجال‬ ‫الذي��ن يمجدون ه��ذا الغ��رور المتضخم‬ ‫المسمى بالرأي العام‪ ،‬لسان حالهم يقول‬ ‫إن كل ش��يء س��يكون على خي��ر ما يرام‬ ‫ما أن تُط��رَحَ تُرَّهاتهم خالل ما يكفي‬ ‫م��ن االجتماعات والخطابات‪ ،‬في واحدة أو‬ ‫اثنتين أو ثالثة من الجلسات العامة‪ ،‬لكأن‬ ‫في وس��عهم القيام بأي شيء‪ :‬يصوتون‬ ‫م��راراً وتكراراً‪ ،‬ويصيح��ون (مرحى) لهذا‬ ‫الجانب ث��م لذاك‪ .‬ليس هناك من يتحمل‬ ‫أدنى مس��ؤولية‪ ،‬وليس هن��اك من يهتم‬ ‫قي��د أنملة‪ .‬وفي الموس��م التال��ي‪ ،‬يندلع‬ ‫ن��زاع هنا م��ع الهن��ود‪ ،‬وتتع��رض تجارة‬ ‫هن��اك لغارةٍ من قب��ل الماالوي‪ ،‬أو يكون‬ ‫الح��زب الذي يصوت لصالح��ه هذا الرجل‬ ‫ف��ي مع��رض طرح مش��روع جدي��د أمام‬ ‫مجل��س الش��يوخ‪ :‬وعل��ى الف��ور يش��يح‬ ‫برأسه في االتجاه اآلخر مناديًا‪ :‬الفوضى‪،‬‬ ‫الحرب!!‪.‬‬ ‫وهك��ذا فلن يكون ذل��ك إذن بمعيّة‬ ‫ال��رأي العام‪ ،‬وإنما عل��ى العكس بجريرة‬ ‫الوع��ي الخ��اص‪ ،‬والقناع��ات الخاص��ة‪،‬‬ ‫وبتفش��ي المحب��ة الخاص��ة وأواصره��ا‬ ‫ُ‬ ‫فاألم��ل في إنقاذ هذه‬ ‫الجادة والصادقة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حقيقة عل��ى تعزيز‬ ‫الغاي��ة إنم��ا يرتك��ز‬ ‫ُ‬ ‫وس��بيل ذلك إنم��ا يكمنُ في‬ ‫البصي��رة‪،‬‬ ‫التعليم العفوي للروح في خفايا تجاربها‬ ‫وتأمالته��ا‪ :‬أَ َّن الوق��ت ق��د ح��ان لالنتقال‬ ‫م��ن حال��ة الوح��ش إل��ى حالة اإلنس��ان؛‬ ‫أوان اإلنص��اتِ إل��ى ن��داء الرّب‬ ‫لق��د َ‬ ‫آن ُ‬ ‫يطردُ الش��ياطينَ التي نخرت في بنيان‬ ‫اإلنس��ان ومزقت أش�لاءه‪ ،‬لتغ��ادره حا ًال‪،‬‬ ‫وتعَا َف��هُ يرت��دي كس��ا َءهُ ويس��يرَ على‬ ‫ص��راط وعي��هِ الصّ��ادق‪ .‬وف��ي المقام‬ ‫الثان��ي‪ ،‬فإن فريضة الس�لام ل��ن تصير‬ ‫واقع��اً ب��وا ِز ِع الخ��وف‪ ،‬وم��ن المح��ال أن‬ ‫يداف��ع عنها أو يوَ َفّقَ ف��ي أدائها الجبناء‪.‬‬ ‫بروح‬ ‫فالغاي��ات العظيمة ال ت��رى النور إال ٍ‬

‫من المج��د والعظم��ة‪ ،‬واإلنس��انية التي‬ ‫رقدت طوي ًال في س��باتها‪ ،‬عليها أن تجهد‬ ‫لتحقيق غاية الس�لام‪ ،‬فتفقد الحرب في‬ ‫النهاي��ة س��حرها‪ ،‬ويصير الس�لام مبج ًال‬ ‫بين البشر‪.‬‬ ‫عل��ى أن غاية الس�لام ليس��ت َ‬ ‫غاية‬ ‫الجَبَان��ةِ‪ ،‬ول��و أن الحفاظ على الس��لم‬ ‫والذود عن��ه كان لحماية المترف وصاحب‬ ‫العظم الخرع لكان الس�لام ش��ينًا‪ ،‬ولكان‬ ‫ف��ي كينونته زائف��اً ومهين��اً‪ .‬الحربُ في‬ ‫الحال أفضل‪ ،‬والسّ�لامُ لن يس��لم‬ ‫هذه ِ‬ ‫من الكسر‪ .‬وإذا قُدِّرَ للسلم بأن يستقر‪،‬‬ ‫فقدره أن يس��تقر بعزيمة الش��جعان من‬ ‫الرج��ال الذي��ن س��مت عزائمه��م لمرتبة‬ ‫األبطال إذ أقبلوا طوعًا على حمل األرواح‬ ‫على األك��ف وبذلها‪ ،‬ف��ي كل لحظة‪ ،‬في‬ ‫س��بيل غايته��م‪ ،‬ب��ل ممن ترفّع��وا فوق‬ ‫مرتب��ة األبطال بدرجة إضافية إذ أحجموا‬ ‫ٌ‬ ‫رج��ال أدركوا‬ ‫عن س��لب حياة رجل آخر ‪-‬‬ ‫قيمتهم الذاتية‪ ،‬س��واء بما اكتس��بوه من‬ ‫بصيرة أو بما بلغوه من سمو روحي‪ ،‬فهم‬ ‫ال يعتب��رون أمالكهم أو حتى أجس��ادهم‬ ‫متاعًا قيماً يتوجب الذود عنه باللجوء إلى‬ ‫مبدأ منحط كهذا الذي يتعامل مع الرجال‬ ‫كالخراف‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫العالميّ��ة‬ ‫الصيح��ة‬ ‫ف��إن كان��ت‬ ‫لإلصالح ضدَّ هذه الوفرةِ من اإلس��اءاتِ‬ ‫ِ‬ ‫المترسخةِ التي يدور في كنفها المجتمع‪،‬‬ ‫وكان س��عيُ طائفةٍ كبيرةٍ من الش��باب‬ ‫بحثًا عن مرابع اإليمان واألمل‪ ،‬من معين‬ ‫فكر أو بئ ِر عقيدةٍ‪ ،‬س��عياً أوشك على أن‬ ‫ٍ‬ ‫خير‬ ‫يبلغ غايت��ه ‪ -‬إذا كان كل ذلك بارقة ٍ‬ ‫يمكن االستبش��ار به��ا؛ وإذا واصلنا البناء‬ ‫ف��ي بحثنا وعملنا عل��ى األغوار الخصيبة‬ ‫َّ‬ ‫المُرَكب‬ ‫الت��ي ل��م تُس��بَر بَع��دُ له��ذا‬ ‫اإلنس��اني‪ ،‬وعززنا جهودنا للكش��ف عن‬ ‫الس��نن التي تكتنف األخ�لاق‪ ،‬وارتيادَنَا‬ ‫للمناه��ل الغني��ة التي تنبث��ق عن األمل‬ ‫والثق��ة‪ ،‬ف��ي اإلنس��ان ب��د ًال م��ن بطون‬ ‫الكت��ب‪ ،‬وف��ي الحاض��ر ب��د ًال م��ن تخوم‬

‫الماض��ي؛ وإذا نجحنا ف��ي تحفيز األجيال‬ ‫الش��ابة عل��ى التفكير ف��ي عبث الخوض‬ ‫ف��ي رجس الماض��ي‪ ،‬ووُفِ ْ‬ ‫ّقنا في ح ّثهم‬ ‫على ت��ذوّق الغنائم الس��خية التي تعود‬ ‫بها مكارم التقش��ف والفضيلة؛ إذا نجحنا‬ ‫َ‬ ‫محالة‬ ‫الح��رب ال‬ ‫ف��ي ذلك ف��إن ش��مسَ‬ ‫ِ‬ ‫ستغربُ قريباً‪ ،‬والدم سيحجم في النهاية‬ ‫عن التدفق‪.‬‬ ‫بأمر ذي ش��أن أن ندرك بأي‬ ‫ولي��س‬ ‫ٍ‬ ‫وس��يلة‪ ،‬ومن خالل أي أجهزة‪ ،‬سيتس��نى‬ ‫لعقي��دة الرحم��ة والقداس��ة ه��ذه أن‬ ‫تتحقق‪ ،‬فمقترح مجلس األمم هو ال شك‬ ‫النقطة التي يلتقي فيها النس��يج الحالي‬ ‫لمجتمعنا والمسار الراهن لألحداث‪ .‬على‬ ‫أن الوعيَ‪ ،‬حين ينصاع لسلطان المبادئ‪،‬‬ ‫لن يعجز عن إيجاد الوس��ائل للتعبير عن‬ ‫إرادت��ه‪ .‬تل��ك ه��ي أعل��ى نقط��ة التقاء‬ ‫ف��ي الم��كان والزم��ان حيث س��تبدأ هذه‬ ‫المؤسس��ة عمله��ا‪ .‬ليس ف��ي إحدى تلك‬ ‫الزواي��ا النائية‪ ،‬وال في أوروبا اإلقطاعية‪،‬‬ ‫وال ف��ي المواري��ث العتيقة الت��ي ال تتيح‬ ‫الس��ير خطو ًة واحد ًة لألم��ام دونما تمرد‪،‬‬ ‫س��وف تنغ��رس بذرة الس�لام ه��ذه في‬ ‫تربتها‪ ،‬وت��روى بدموع األم��ل؛ وإنما في‬ ‫مراب��ع أمريكا الرب واإلنس��ان الواس��عة‪،‬‬ ‫حي��ث الوريق��ات الصفر ب��دأت للتو تعلن‬ ‫ع��ن خري��ف غاباته��ا‪ ،‬واألرض الخضراء‬ ‫تشرع أبوابها الستقبال الخلق من براري‬ ‫القهر والذنب‪ .‬هنا‪ ،‬لن تكون عائلة واحدة‬ ‫وال حتى مجموعة من الناس‪ ،‬بل البشرية‬ ‫بأس��رها‪ ،‬من س��يعلن عما س��يصير بين‬ ‫الن��اس واقع��ًا؛ وهنا س��وف نس��أل‪ :‬هل‬ ‫ستكون الحرب؟ أم سيكون السالم؟‬ ‫* ترجم��ة لمق��ال "الح��رب" ل��ـ رالف‬ ‫والدو إمرس��ون كما ورد في كتاب هوارد‬ ‫زين‪" :‬س��لطان الالعن��ف‪ ،‬أطروحات دعاة‬ ‫الس�لام"‪The Power of Nonviolence .‬‬ ‫اس��تثنى هوارد زين بع��ض المقاطع من‬ ‫المق��ال األصلي ولم يورده��ا في كتابه‪،‬‬ ‫ولم ترد ترجتمها هنا (المترجم)‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫حازم �صاغية‪ :‬هجاء ال�سالح‪..‬‬ ‫املقاومات كحروب �أهلية‬

‫ياسر مرزوق‬

‫كتابن��ا الي��وم الص��ادر ع��ام ‪2011‬‬ ‫للكات��ب اللبناني "ح��ازم صاغية" قد يكون‬ ‫ً‬ ‫بداي��ة لسلس��لةٍ من المؤلف��ات التي تدور‬ ‫حول فكرة الش��رعية ف��ي العصر الحديث‪،‬‬ ‫ش��رعية المقاومة التي تس��تمد من وجود‬ ‫اآلخر‪ ،‬لتبقى هذه الشرعية حتى بعد غياب‬ ‫الخص��م‪ ،‬وه��ذه الفك��رة وإن م��رت مروراً‬ ‫ف��ي كتابنا اليوم إال أنها ش��كلت جل مؤلف‬ ‫صاغية الالح��ق "االنهيار المدي��د" الصادر‬ ‫عن دار الساقي أيضًا عام ‪..2013‬‬ ‫واس��تهل صاغية كتابه بالقولً‪" :‬ندر‬ ‫أن حظيت كلمة ما بالتقديس الذي حظيت‬ ‫ب��ه‪ ،‬وتحظ��ى‪ ،‬كلم��ة «مقاوم��ة»‪ .‬وهو ما‬ ‫يمك��ن رده إل��ى مصادر ع��دة ال تختصرها‬ ‫جالف��ة الس��لوك الكولونيال��ي وعنجهيت��ه‬ ‫المؤكدتان‪ .‬ذاك أن التقديس‪ ،‬على ما يدل‬ ‫عدي��د التج��ارب‪ ،‬يعي��ش أطول كثي��راً من‬ ‫الكولونيالية وجالفتها‪ ،‬كما يتحول أساس��ًا‬ ‫لش��رعية ثوري��ة تعم��ل‪ ،‬لتبري��ر نفس��ها‬ ‫واس��تمرارها‪ ،‬عل��ى اس��تحضار الماض��ي‬ ‫الكولونيالي‪ ،‬رمزي��اً إن لم يكن فعلياً‪ ،‬من‬ ‫خالل سياسات راديكالية وصدامية‪.‬‬ ‫والح��ال أن بعض مص��ادر التقديس‬ ‫يتصل بضعف إنجازية األنظمة التي تلدها‬ ‫المقاوم��ات وبميله��ا‪ ،‬م��ن ثم‪ ،‬إل��ى حرف‬ ‫األنظ��ار عنها في ص��ورة متواصلة‪ .‬إال أنه‬ ‫يتصل‪ ،‬كذلك‪ ،‬وهو أهمّ وأبعد أثراً‪ ،‬بقيم‬ ‫سياسية حديثة وقديمة معًا‪ ،‬أوالها تزدهر‬ ‫ف��ي بيئة النُخب‪ ،‬كمثل رفض االس��تعمار‬ ‫واالحتالل وح��ق تقرير المصي��ر‪ ،‬والثانية‬ ‫موصول��ة بالرجول��ة والكرام��ة والش��رف‪،‬‬ ‫مم��ا تتش��ارك في��ه الجمه��رات العريض��ة‬ ‫والزعام��ات التقليدية والمراتبية‪ ،‬المدينيّ‬ ‫منها والريفي"‪.‬‬ ‫وعلى عكس ما تقوله المقاومات من‬ ‫أنه��ا توحّد بلدانها في وج��ه عدوّ أجنبيّ‪،‬‬ ‫تدل التجارب على كونها هي نفسها تعبيراً‬ ‫ّ‬ ‫عن ن��زاع أهليّ محت��دم‪ .‬فإيرلن��دا‪ ،‬مث ًال‪،‬‬ ‫بوصفها البلد األس��بق عه��داً بالمقاومات‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫مثال واضح على تس��اوي الح��رب األهليّة‬ ‫والمقاومة‪ .‬وفي فرنس��ا‪ ،‬زُيِّنت المقاومة‬ ‫بم��ا يخف��ي االنقس��ام الداخل��يّ حوله��ا‪.‬‬ ‫وم ّثل��ت المقاوم��ة ف��ي الجزائ��ر مص��در‬ ‫الش��رعيّة للدولة المس��تق ّلة‪ ،‬ما أدّى إلى‬ ‫اس��تعصاء الجزائر‪ ،‬منذ االس��تقالل‪ ،‬على‬ ‫الشرعيّة الدستوريّة‪.‬‬ ‫ي��رى المؤ ّل��ف أن المقاوم��ات ال تزيد‬ ‫النزاعات احتداماً فحسب‪ ،‬بل إن انتصارها‬ ‫يقض��ي تمام��ًا على إم��كان أن تنش��أ حياة‬ ‫أن‬ ‫سياس��ية وأن يُعم��ل بموجبه��ا‪ .‬ذاك ّ‬ ‫الش��رعيّة في ّ‬ ‫ظل المقاوم��ات تنبثق من‬ ‫المقاومات نفس��ها‪ ،‬وهذام��ا يجعل البلدان‬ ‫التي تنتصر فيها المقاومات تُنكب بأنظمة‬ ‫استبداديّة تضاف إلى نكبتها باالحتالالت‪.‬‬ ‫والمقاوم��ات بحس��ب صاغي��ة ف��ي‬ ‫معظمها تشرع األبواب للتدخالت االجنبية‪.‬‬ ‫ولمناص��رة فريق ضد فريق أخ��ر‪ .‬ان هذه‬ ‫النتائ��ج ليس��ت حك��را عل��ى المقاوم��ات‬ ‫المسلحة‪ ،‬المقاومة الهندية ضد بريطانيا‪،‬‬

‫والتي لم تحل رغم س��لميتها‪ ،‬دون نشوب‬ ‫ح��رب أهلية شرس��ة‪ ،‬انتهت بتفت��ت الهند‬ ‫الكبرى إلى دولتي الهند وباكس��تان‪ .‬ولكن‬ ‫صاغي��ة يس��تدرك معلق��ا‪" :‬ان االنش��قاق‬ ‫الطائفي المزم��ن والعميق‪ ،‬بين الهندوس‬ ‫والمسلمين‪ ،‬كان لينفجر بعنف أكبر بكثير‬ ‫م��ن العن��ف‪ ،‬الكبي��ر حق��ا‪ ،‬الذي ش��هدته‬ ‫حرب ‪ ،1947‬فيما ل��و كانت مقاومة الهنود‬ ‫للبريطانيي��ن عنيف��ة ومس��لحة‪ ،‬وفيما لو‬ ‫كان توافر السالح في أيديهم معمماً"‪.‬‬ ‫ويؤك��د صاغية أن تركيب��ة المقاومة‬ ‫بأجمعه��ا تجاه��د وتكاب��د للحف��اظ عل��ى‬ ‫حياته��ا‪ ،‬فال تتعرض للحل أو التس��ريح إال‬ ‫متى أصبحت هي نفس��ها الس��لطة‪ ،‬كما ال‬ ‫تتوقف مرة عن تعميم تضحياتها وتحويلها‬ ‫م��اد ًة للمقايض��ة الضمني��ة م��ع المجتمع‪،‬‬ ‫هك��ذا تنتزع م��ن األخير حريته وس��لطته‬ ‫وتس��تولي عل��ى إدارة ش��ؤونه‪ ،‬يضاع��ف‬ ‫االحتم��ال هذا أن المقاومين أكثر تعطش��ًا‬ ‫إلى الس��لطة بس��بب صدورهم عن بيئات‬ ‫مقص��اة تاريخيًا عنه��ا‪ ،‬وأما إلح��اح متعدد‬ ‫المصادر كه��ذا تضعنا المقاوم��ة الظافرة‬ ‫أم��ام احتمالين أحالهما مر‪ :‬إم��ا أن تحكم‬ ‫وينش��أ االس��تبداد‪ ،‬وإما أال تحك��م وتندلع‬ ‫الح��رب األهلي��ة"‪ .‬ويوضح أنه ف��ي الحالة‬ ‫األول��ى‪ ،‬يش��كل التعويل عل��ى المقاومة‪،‬‬ ‫بوصفها شرعية لحياة مستقبلية‪ ،‬تأسيسا‬ ‫لالس��تبداد بحق جزء من الشعب‪ ،‬لم يأخذ‬ ‫بعين االعتبار رأي الط��رف المقاوم‪ .‬وهذه‬ ‫الش��رعية المزعومة‪ ،‬تطالب لنفسها بثمن‬ ‫باه��ظ لل��دم ال��ذي دفعت��ه‪ ،‬ذل��ك بعد أن‬ ‫حققت االنتصار المنش��ود‪ ،‬وغالبا ما يكون‬ ‫التعوي��ض مض��ادا للطبيع��ة‪ ،‬وال تق��وى‬ ‫تركيبة البلد على منحهم إياه‪.‬‬ ‫وفي الحالة الثانية‪ ،‬فإن نش��وب حرب‬ ‫أهلية أمر متوق��ع‪ ،‬وذلك ‪ -‬طبقا لما يقوله‬ ‫المؤل��ف‪ ،‬مت��ى كان الطرف المق��اوم‪ ،‬أقل‬ ‫بلوغ��ًا لس��وية الدولة األم��ة والوعي الذي‬ ‫يالزمه��ا‪ ،‬تركزت الهوية في س��مار وخانة‬ ‫تشكلها وانس��جامها في وجهة تكون معها‬ ‫هوي��ة جماع��ة بعينه��ا‪ ،‬ومن ث��م وصوال‪،‬‬ ‫وبمقتضي��ات تلك العلمي��ة والمبادرة‪ ،‬إلى‬ ‫حمل الس�لاح‪ ..‬والذي مصي��ره أن يتحول‪،‬‬ ‫في ظل ه��ذه التوجهات واألج��واء‪ ،‬إلى أن‬ ‫يك��ون أداة تنبيه إلى تماي��ز الهويات داخل‬ ‫البلد الواحد‪ ،‬ومن ثم أداة احتراب أهلي‪.‬‬ ‫وي��رى صاغي��ة‪ ،‬وعن تتبع م��ا يتعلق‬ ‫بالمقاومات في تاريخها وفعلها واآلثار التي‬ ‫خلفتها‪ ،‬أن المقومات حروب أهلية مموهة‬ ‫أو مقنع��ة‪ ،‬ويضي��ف إذا كان المؤرخ��ون‬ ‫والباحثون السياس��يون ه��م المتروك لهم‬ ‫أن يق��رروا م��ا إذا كان��ت ه��ذه المقاوم��ة‬ ‫تقدمي��ة أو رجعية‪ ،‬تواكب خ��ط التقدم أو‬ ‫تجافيه‪ ،‬محق��ة أو غير محقة‪ ،‬ف��إن كتابنا‬ ‫ه��ذا يتحرك ف��ي رقعة معرفي��ة ضيقة ال‬ ‫يتوخى منها اس��تخالص أحكام سجالية أو‬ ‫التحري��ض عل��ى إتب��اع دروب معينة يقال‬ ‫إنها وحدها الموصلة إلى أهداف مرغوبة‪.‬‬ ‫ضم��ن صاغي��ة كتاب��ه ف��ي خم��س‬

‫فص��ول أت��ى األول تح��ت عن��وان "صناعة‬ ‫المقاوم��ة الفرنس��ية" ويعتب��ر أن أهمي��ة‬ ‫المقاوم��ة الفرنس��ية تنب��ع م��ن أهمي��ة‬ ‫المقاوم��ة ذاته��ا‪ ،‬وأن ما هو منس��وب إلى‬ ‫المقاوم��ة وليد ضع��ف أهميته��ا الفعلية‪،‬‬ ‫لكن��ه ولي��د االضطرار إل��ى التوفي��ق بين‬ ‫ذاك البل��د وصورت��ه ع��ن نفس��ه‪ ،‬كحجم‬ ‫سياس��ي واقتصادي مؤثر وك��وزن ثقافي‬ ‫ضخم‪ ،‬الس��يما ف��ي الفت��رة الممت��دة من‬ ‫نهايات الحرب العالمي��ة الثانية حتى بداية‬ ‫الثمانينيات‪.‬‬ ‫وبعن��وان "مقاوم��ة المقاوم��ات‬ ‫الجزائرية" يقول صاغية‪ :‬شكلت المقاومة‬ ‫مصدر الش��رعية لدولة الجزائر المستقلة‬ ‫عل��ى تعاق��ب حكامه��ا‪ ،‬وبات بل��د المليون‬ ‫شهيد نموذجًا ملحميًا لثورات العالم الثالث‬ ‫االس��تقاللية‪ ،‬والراه��ن أن ح��رب التحرير‬ ‫الفرنس��ية الجزائري��ة احت��وت ثالث حروب‬ ‫على األق��ل في داخله��ا‪ ،‬حرب��ًا أهلية بين‬ ‫جبه��ة التحرير والقوى الوطنية المنافس��ة‬ ‫لها‪ ،‬وحرب عصابات بي��ن الجبهة والجيش‬ ‫الفرنس��ي‪ ،‬وحرب��ًا ثقافية وسياس��ية في‬ ‫م��ا بي��ن الفرنس��يين السياس��يين منه��م‬ ‫والمثقفين‪.‬‬ ‫وعن أيرلندا‪ :‬مع��ادل الحرب األهلية‪:‬‬ ‫"قد ال ينطب��ق وصف المقاوم��ة‪ ،‬بالمعنى‬

‫الكالس��يكي للكلمة‪ ،‬على أيرلندا نظراً إلى‬ ‫أن تاريخه��ا على مدى قرون تخلله مس��ار‬ ‫مق��اوم‪ ،‬فض ًال ع��ن أن مقاومته��ا ال يمكن‬ ‫أن تكون من الصنف المفضي ال نظرياً وال‬ ‫عملياً إلى اإلمساك بالسلطة بعد التحرير‪،‬‬ ‫أو بعد االس��تقالل‪ ،‬نظراً لالنقسام الديني‬ ‫المتجذر‪.‬‬ ‫يتاب��ع صاغي��ة وبثقاف��ة تاريخي��ة‬ ‫وسياس��ية واس��عة‪ ،‬عناوين ح��روب األهل‬ ‫ف��ي أوروب��ا الجنوبية‪ ،‬جنوب ش��رق آس��يا‬ ‫أي انتص��ارات‪ ،‬أفريقي��ا المقاومة كنقيض‬ ‫للشرعية‪.‬‬ ‫حازم صاغية كاتب سياس��يّ ومع ّلق‬ ‫ف��ي جري��دة "الحي��اة"‪ .‬أص��در ع��دداً م��ن‬ ‫الكتب في السياس��ة والثقافة السياس��يّة‬ ‫العربيّتي��ن‪ ،‬منه��ا "بع��ث العراق‪ :‬س��لطة‬ ‫ص��دام قيامًا وحطام��اً"‪" ،‬العرب بين الحجر‬ ‫والذرة‪ :‬فس��وخ ف��ي ثقافة س��ائدة"‪" ،‬وداع‬ ‫العروب��ة"‪" ،‬هذه ليس��ت س��يرة"‪" ،‬نواصب‬ ‫وروافض"‪" ،‬نانسي ليست كارل ماركس"‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫"مذك��رات رن��دا التران��س"‪ " ،‬قضايا قاتلة‬ ‫"‪" ،‬أن��ا كوم��اري م��ن س��ريالنكا"‪" ،‬البعث‬ ‫الس��وري"‪" ،‬االنهي��ار المدي��د‪ :‬الخلفي��ة‬ ‫التاريخي��ة النتفاض��ات الش��رق األوس��ط‬ ‫العربي"‪.‬‬


‫�صاحب املهماز‪ :‬زكـــريا تامـــر‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫ومخطط��ات ذهني��ة‪ ،‬وتق��ع فريس��ة آللي��ة‬ ‫تتنافى وبديهيات الخلق الفني‪ ،‬آلية تش��نق‬ ‫الفن باسم الفكر المتطور المتقدم"‪.‬‬ ‫وع��ن القص��ة القصي��رة‪" :‬القص��ة‬ ‫القصي��رة ه��ي بح��ق الغرف��ة األنيق��ة التي‬ ‫تحت��اج إل��ى ذوق رفي��ع وحساس��ية مرهفة‬ ‫لتأثيثها بعناية فائقة‪ ،‬وهي شكل من أشكال‬ ‫التعبير األدبي القادر على التطور والتجديد"‪.‬‬ ‫وف��ي الثمانين م��ن العمر بق��ي تامر‬ ‫مبدعًا متحرراً من كل القيود‪ ،‬يمتلك ناصية‬ ‫الشعر والرمز وكثافة الكلمة‪..‬‬ ‫رئيسنا المقبل‪" :‬الشعب السوري غاضب‬ ‫يطال��ب رئيس��ه بالتنح��ي والرحيل‪ ،‬والس��يد‬ ‫الرئيس راغب في تقديم استقالته واالختفاء‪،‬‬ ‫لكن تأخرّه يرجع إلى أس��باب إنسانية‪ ،‬فابنه‬ ‫البال��غ من العمر تس��ع س��نوات عومل منذ أن‬ ‫كان يحبو على أنه سيصبح رئيسًا‪ ،‬وسيعدّل‬ ‫الدس��تور حتى يتاح له أن يتسلم الرئاسة في‬ ‫س��ن العاش��رة‪ ،‬ولو قيل للطفل اليوم إنه لن‬ ‫يصبح رئيس��ًا لبكى وصاح‪ :‬جدي كان رئيس��ًا‬ ‫وأبي كان رئيس��اً‪ .‬ومن المؤكد أنه س��يصاب‬ ‫بعقد نفس��ية ال عالج لها‪ ،‬وه��ذا أمر ال يقبله‬ ‫أي إنسان شريف"‪.‬‬ ‫بقايا رئيس‪" :‬يس��تطيع كل سوري ذي‬ ‫عيني��ن أن يالح��ظ أن م��ا يس��مى بالرئيس‬ ‫السوري يزداد هزاله وتكبر أذناه‪ ،‬وهو هزال‬ ‫ليس س��ببه قلة التغذية أو سوء التغذية‪ ،‬وال‬ ‫سبب له س��وى الرعب من شعبه‪ ،‬وهو رعب‬ ‫يلته��م لحم��ه على مه��ل‪ ،‬وإذا اس��تمر ذلك‬ ‫الرع��ب في عمل��ه الخالق‪ ،‬فل��ن يتبقى مما‬ ‫يسمى بالرئيس ما يصلح ألن يدفن في قبر‪،‬‬ ‫وس��يختفي من دون إراقة دماء‪ ،‬وسيس��ميه‬ ‫خدم��ه بالرئي��س الغائب‪ ،‬وس��ينتظر القتلة‬ ‫واللص��وص عودت��ه‪ ،‬وس��يطول انتظارهم‬ ‫ألنهم ينتظرون عودة من لن يعود"‪.‬‬ ‫ويقول أيضًا‪" :‬ابتس��م الرئيس‪ ،‬وقال‬ ‫للمرآة الت��ي كان يحدق إليه��ا بإعجاب‪ :‬أرى‬ ‫رؤوس��اً أينع��ت وح��ان قطافها‪ ،‬ولك��ن يده‬ ‫اليمنى لمست رأسه بأصابع مرتعشة"‪.‬‬ ‫ال تحظى اإلبادة الحالية للس��وريين إال‬ ‫بالحكي من قبل المعارضة الس��ورية ودول‬ ‫الوطن العربي والعالم‪..‬‬ ‫حكي مستنكر‪..‬‬ ‫حكي مندد‪..‬‬ ‫حكي متعاطف‪..‬‬ ‫حكي مهدد‪..‬‬ ‫حكي يقطر دموعاً‪..‬‬ ‫حكي يولول‪..‬‬ ‫ال ش��يء غير الحكي بينما الس��وريون‬ ‫المطالب��ون بحريتهم يب��ادون إبادة منظمة‬ ‫وحشية تنتقل من انتصار إلى انتصار‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ول��د زكري��ا تام��ر ف��ي ح��ي البحص��ة‬ ‫الدمش��قي ع��ام ‪ ،1931‬وه��و ف��ي األص��ل‬ ‫من قري��ة الس��لمية التي انجب��ت العديد من‬ ‫المبدعي��ن ف��ي س��وريا‪ ،‬وبس��بب األوض��اع‬ ‫االقتصادي��ة المتردي��ة اضط��ر إل��ى ت��رك‬ ‫الدراس��ة ع��ام ‪ ،1944‬والعم��ل ف��ي مهن��ة‬ ‫الحدادة‪ ،‬قال محمد الماغوط‪" :‬بدأ زكريا تامر‬ ‫حياته حداداً شرسًا في معمل‪ ،‬وعندما انطلق‬ ‫من حي البحصة في دمشق بلفافته وسعاله‬ ‫ّ‬ ‫يتخ��ل عن‬ ‫المعهودي��ن ليصب��ح كاتب��ًا‪ ،‬ل��م‬ ‫مهنته األصلية‪ ،‬بل بقي حداداً وشرساً ولكن‬ ‫ف��ي وطن م��ن الفخار‪ ،‬ل��م يترك فيه ش��يئًا‬ ‫قائم��ًا إال ّ‬ ‫حطمه‪ ،‬ولم يقف في وجهه ش��يء‬ ‫سوى القبور والسجون ألنها بحماية جيدة!"‪..‬‬ ‫وق��ال عنه أيض��ًا‪" :‬إنّ��ه الح��داد‪ ،‬مرة‬ ‫يط��رق الصالبة الخرس��اء‪ ،‬فتنبجس أزهار‬ ‫الجمر‪ ،‬وم��راراً يخبط‪ ،‬ثمّة‪ ،‬ش��وارع وأزقة‬ ‫وأقبي��ة وأس��اطير تنفت��ح على مش��اهدها‬ ‫الدموية‪ .‬وفي الوس��ط‪ ،‬في وضح النهار‪ ،‬أو‬ ‫عتم��ة الليل‪ ،‬يرقص الكائن "المذل المهان"‬ ‫من الجوع واأللم والقهر والغضب على إيقاع‬ ‫التعاويذ والشتائم واللعنات"‪.‬‏‬ ‫خالل شبابه كانت القراءة هاجسًا لدى‬ ‫زكري��ا‪ ،‬وقد ق��ال في حدي��ثٍ صحفي وهو‬ ‫من ق��ال‪" :‬وأزعم أني قبل أن أحاول الكتابة‬ ‫ق��رأت معظ��م م��ا تش��تمل علي��ه المكتبة‬ ‫العربي��ة من كت��ب مؤلف��ة أو مترجمة‪ ،‬ولم‬ ‫أق��رأ الكت��ب األدبي��ة فقط ب��ل ق��رأت كتبًا‬ ‫متنوع��ة الموضوع��ات‪ ..‬سياس��ية وفكرية‬ ‫واقتصادي��ة وعس��كرية‪ .‬حت��ى الكت��ب ذات‬ ‫الموضوع��ات المتعلقة بالزراعة وش��ؤونها‬ ‫لم أهملها وحظيت بقدر كبير من اهتمامي‪.‬‬ ‫لك��ن قراءاتي كانت ق��راءة من يمتلك معدة‬ ‫س��ليمة قادرة على هضم كل م��ا يفد إليها‬ ‫من طعام وتحويله إلى مادة تقوي الجس��م‬ ‫وتنميه‪ ،‬وكان ما قرأته هو األرض الصخرية‬ ‫الت��ي انطلقت منه��ا كي أكتب عل��ى الورق‬ ‫رؤيتي لإلنس��ان والحياة محاو ًال التعبير عن‬ ‫صوتي الخ��اص ال أن أكون ص��دى ألصوات‬ ‫اآلخرين معتقداً أن األديب حين يكون مجرد‬ ‫صدى‪ ،‬يفقد مس��وغ وجوده كأديب‪ ،‬ويصبح‬ ‫اس��تمراره ف��ي الكتابة نوعًا م��ن جرأة غير‬ ‫مستحسنة ال تخلو من وقاحة وغباوة‪.‬‬ ‫وعندما بدأت كتابة القصص لم أحاول‬ ‫التقليد أو الخضوع ألس��اليب سائدة‪ .‬كتبت ما‬ ‫أطم��ح إلى قوله مؤمنًا بأن ما يُظن بأنه غير‬ ‫واقع��ي هو الواقعي بح��ق‪ .‬وكنت حين أكتب‬ ‫قص��ة م��ا‪ ،‬أتمتع بحري��ة أفتقدها ف��ي عالم‬ ‫الحي��اة اليومية‪ ،‬فتح��اول قصصي أال تعترف‬ ‫بأي��ة حدود بي��ن مختلف العوال��م‪ ،‬فال حدود‬ ‫بين الموت والحي��اة والوهم والتخيل والحلم‬ ‫والخيال والواقع الشديد القسوة‪ .‬وهذا اإللغاء‬ ‫لتلك الحدود هو في رأيي من أهم ما حققته‬ ‫ف��ي قصص��ي ألن��ه األص��دق ف��ي تصوي��ر‬ ‫األعم��اق الخفية لتل��ك المخلوقات البش��رية‬ ‫التي تعيش على سطح األرض العربية‪.‬‬ ‫ف��ي مطلع الخمس��ينيات انتس��ب تامر‬ ‫للحزب الشيوعي الس��وري‪ ،‬وفي منزله في‬ ‫البحصة ارتأى الشيوعيون أن تكون مطبعة‬ ‫حزبهم في مرحلة العمل السري زمن أديب‬ ‫الشيش��كلي‪ ،‬إال أنه ما لب��ث أن ترك الحزب‪،‬‬ ‫كيف ال وهو الكاره لكل القيود والس��لطات‪،‬‬ ‫وق��د تجلى ذلك بوضوح ف��ي أعماله األولى‬ ‫حي��ث يحاص��ر الف��رد الصغي��ر بالس��لطات‬ ‫المختلف��ة بدءاً م��ن الس��لطة الدكتاتوريّة‬ ‫ل�لأب ف��ي المنزل‪ ،‬كم��ا في قص��ص‪" :‬ثلج‬ ‫آخ��ر اللي��ل‪ ،‬الب��دوي‪ ،‬وج��ه القم��ر‪ ،‬عرس‬ ‫ش��رقي"‪ ،‬وانته��اء بس��لطة الدول��ة ممثل��ة‬ ‫برجال الشرطة‪ ،‬والمحقّقين‪ ،‬والقضاة‪ ،‬كما‬ ‫في قصص‪" :‬الس��جن‪ ،‬المتّهم‪ ،‬الذي أحرق‬ ‫الس��فن‪ ،‬مغامرتي األخيرة‪ ،‬الجريمة‪ ..‬إلخ"‪.‬‬

‫وهذه السلطات المدعّمة على أرض الواقع‬ ‫بقوّة األخالق‪ ،‬والدين‪ ،‬والقانون‪.‬‬ ‫الح��ق تامر حلم��ه بالكتاب��ة‪ ،‬وهو من‬ ‫ق��ال في "دمش��ق الحرائ��ق"‪" :‬الحل��م راية‬ ‫بيض��اء منح��ت ظ� ً‬ ‫لا ندي��اً ألي��ام طفولتي‪.‬‬ ‫الرايات البيض محطمة في قعر المدينة"‪.‬‬ ‫ع��ام ‪1960‬ص��درت أول��ى مجموعاته‬ ‫القصصي��ة وكان��ت بعنوان "صهي��ل الجواد‬ ‫االبيض" ليتف��رغ نهائياً للكتابة والعمل في‬ ‫مديرية التأليف والنش��ر ف��ي وزارة الثقافة‬ ‫الس��ورية‪ .‬ولق��د س��اهم زكري��ا تام��ر في‬ ‫تأس��يس اتح��اد الكتاب بس��وريا ف��ي اواخر‬ ‫عام ‪ 1969‬وكان رئيس��ًا للجنة سيناريوهات‬ ‫أفالم القطاع الخاص في مؤسس��ة السينما‬ ‫في س��وريا‪ .‬ش��ارك في مؤتم��رات وندوات‬ ‫عق��دت في بقاع ش��تى م��ن العال��م‪ .‬وكان‬ ‫رئيس��ا للجن��ة التحكي��م ف��ي المس��ابقة‬ ‫القصصي��ة الت��ي اجرتها جريدة "تش��رين"‬ ‫الس��ورية ع��ام ‪ ،1981‬والمس��ابقة الت��ي‬ ‫أجرته��ا جامع��ة الالذقية ع��ام ‪ ،1979‬وكان‬ ‫عض��وا بلجنة المس��ابقة القصصية بمجلة‬ ‫"التضامن" بلندن‪.‬‬ ‫عام ‪ 1981‬هاجر ليستقر في بريطانيا‪،‬‬ ‫وعن س��بب انتقاله إلى بريطانيا يقول تامر‪:‬‬ ‫"السبب الظاهر لتركي دمشق هو منعي من‬ ‫النش��ر داخل س��وريا وخارجها‪ ،‬ولكن السبب‬ ‫األعم��ق واألساس��ي ه��و أن معرك��ة دامية‬ ‫نش��بت قرب بيتي بي��ن رجال االس��تخبارات‬ ‫وعض��و مطلوب م��ن اإلخ��وان المس��لمين‪،‬‬ ‫وعندم��ا نفدت ذخيرت��ه‪ ،‬أقدم عل��ى تفجير‬ ‫جس��ده بقنبلتي��ن يدويتين‪ ،‬وظلت أش�لاؤه‬ ‫أكثر من ساعتين مرمية على أرض الشارع‪،‬‬ ‫ورأي��ت أطفا ًال يلعبون بقط��ع اللحم الممزق‬ ‫ويتقاذفونه��ا بأقدامهم‪ ،‬عندها ش��عرت أني‬ ‫أعيش ف��ي عالم أعجز ع��ن فهمه‪ ،‬وال صلة‬ ‫ل��ي به‪ ،‬وأفض��ل ما أفعل��ه هو الف��رار منه‪.‬‬ ‫وهذا ما أقدمت عليه غير آسف أو نادم"‪.‬‬ ‫تنق��ل تامر بي��ن كبري��ات المطبوعات‬ ‫العربي��ة‪ ،‬فعم��ل رئيس��ًا لتحري��ر جري��دة‬ ‫"الموق��ف العرب��ي" الس��ورية‪ ،‬ث��م رئيس��ًا‬ ‫لتحري��ر مجلت��ي "رافع" و"أس��امة" لألطفال‬ ‫السورية‪ .‬ثم مديراً لتحرير مجلة "لدستور"‬ ‫لن��دن‪ .‬ومجلت��ي "التضام��ن" و"الناق��د"‬ ‫اللندنيتين‪.‬‬ ‫أثب��ت تام��ر أن الطاقة الش��عرية تكمن‬ ‫في سائر الموجودات‪ ،‬وهي ليست حكرًا على‬ ‫الش��عر وح��ده‪ ،‬وإن القصة القصي��رة لتتضح‬ ‫فيها س��مة الش��عرية على نحو ب��ارز يجعلها‬ ‫أق��رب الفن��ون النثرية إل��ى الش��عر الغنائي‪.‬‬ ‫ولق��ب "ش��اعر القص��ة القصي��رة" ق��ال عنه‬ ‫الناق��د صبري حافظ‪ ":‬إن زكريا تامر قصاص‬ ‫تفي��ض أقاصيصه بطاقة ش��عرية كثيفة لم‬ ‫تعرفها األقصوصة العربية من قبل‪."..‬‬ ‫ومن عالم الواقعية الس��حرية يستدعي‬ ‫تام��ر خال��د ب��ن الولي��د والحس��ين ب��ن علي‬ ‫وط��ارق ب��ن زي��اد وه��ارون الرش��يد وكافور‬ ‫اإلخش��يدي وجنكيز خ��ان وتيمورلنك وصالح‬ ‫الدي��ن ونابلي��ون بوناب��رت وكليب��ر وهن��ري‬ ‫غ��ورو وس��ليمان الحلب��ي والخدي��وي عباس‬ ‫وعمر المختار ويوس��ف العظمة ومحمد عبده‬ ‫والكواكب��ي‪ ..‬و عنترة بن ش��داد والش��نفرى‬ ‫وأب��ي نواس والمتنبي وعمر الخيام وعبد اهلل‬ ‫بن المقفع وأبي حيان التوحيدي وابن س��كرة‬ ‫وأحمد شوقي وأمل دنقل وخليل حاوي وكامل‬ ‫الكيالن��ي‪ ..‬و ش��هريار وش��هرزاد والس��ندباد‬ ‫وجحا‪ ..‬و عباس بن فرناس وأبي الحس��ن بن‬ ‫الهيثم‪ .‬ضيوفًا في مملكته القصصية‬ ‫و في عالمه القصص��ي لم يعمد تامر‬ ‫إلى التغنّي بأخالقيّات اإلنس��ان البس��يط‪،‬‬ ‫وال التفجّ��ع علي��ه بقدر ما ع��رّى مرتكزات‬

‫القب��ح عن��ده مم ّثل��ة بالس��لطات‬ ‫المختلف��ة‪ ،‬ودورها في إعادة صنع‬ ‫اإلنسان على شاكلتها‪.‬‬ ‫قص��ص زكري��ا تام��ر تلغي‬ ‫الفواص��ل بي��ن الواق��ع والمتخيل‪،‬‬ ‫وف��ي قصص��ه تنب��ؤ بما آل��ت إليه‬ ‫األح��وال ف��ي بل��ده س��ورية‪ ،‬ومن‬ ‫خ��او» الت��ي‬ ‫بينه��ا قص��ة «قب��ر ٍ‬ ‫تتح��دث عن جن��رال يتح��ول ضبعًا‬ ‫يأكل عائلته‪ ،‬فيقتله أحد حراس��ه‪،‬‬ ‫م��ن دون أن ي��دري أن الضب��ع هو‬ ‫الجنرال‪ ،‬بعدما انكش��فت حقيقته‬ ‫الدموية‪.‬‬ ‫ترك زكريا تامر بصمة بارزة‬ ‫ف��ي األدب العرب��ي الحديث جعلت‬ ‫بعضه��م يس��مونه «تش��يخوف‬ ‫العرب»‪ ،‬و«شاعر القصة العربية»؛‬ ‫إذ تتق��ارب تجربت��ه م��ع تجرب��ة‬ ‫تشيخوف في بساطة اللغة واألداء‪،‬‬ ‫وف��ي وض��ع الي��د الماه��رة عل��ى الجوان��ب‬ ‫اإلنس��انية الضعيف��ة‪ ،‬ق��ال عن��ه الدكت��ور‬ ‫حس��ين جمع��ة‏‪ ..‬إن زكريا تامر «ال يش��عل‬ ‫الحرائق في العالم العفن‪ ،‬ولكنّه يخلق في‬ ‫نفس اإلنس��ان ض��رورة الخ�لاص من ذلك‬ ‫العالم العفن»‪.‬‬ ‫أعماله‪:‬‬ ‫ـ صهيل الجواد االبيض‪( :‬قصص) ‪1960‬م‪.‬‬ ‫ـ ربيع في الرماد (قصص) ‪1963‬م‪.‬‬ ‫ـ الرعد‪( :‬قصص) ‪1970‬م‪.‬‬ ‫ـ دمشق الحرائق‪( :‬قصص) ‪1973‬م‪.‬‬ ‫ـ لماذا سكت النهر‪ ( :‬قصص لألطفال) ‪1973‬م‪.‬‬ ‫ـ النمور في اليوم العاشر‪( :‬قصص) ‪1978‬م‪.‬‬ ‫ـ قالت الوردة للسنونو‪( :‬أطفال) ‪1978‬م‪.‬‬ ‫ـ نداء نوح‪( :‬قصص) ‪1994‬م‪.‬‬ ‫ـ سنضحك‪( :‬قصص) ‪1998‬م‪.‬‬ ‫ـ أف!‪( :‬مختارات قصصية) ‪1998‬م‪.‬‬ ‫ـ الحصرم‪( :‬قصص) ‪2000‬م‪.‬‬ ‫ـ ‪ 37‬قصة لألطفال نشرت في كتيبات‬ ‫مصورة ‪2000‬م‪.‬‬ ‫ترجم��ت أعمال��ه إلى اللغة الفرنس��ية‬ ‫والروسية واالنجليزية وااللمانية وااليطالية‬ ‫والبلغارية‪ ،‬واالسبانية «كتابان» والصربية‬ ‫(ثالثة كتب)‪ .‬كتب ‪ 27‬قصة لألطفال تشرف‬ ‫ف��ي كتيبات مص��ورة وفي ع��ام ‪ 1985‬كان‬ ‫يع��د صفحتي��ن اس��بوعيتين لألطف��ال في‬ ‫جري��دة «القب��س» الكويتي��ة‪ ،‬وكذل��ك كان‬ ‫يقوم باإلشراف على صفحات االطفال لمدة‬ ‫س��نتين بجريدة «االخب��ار» االردنية‪ ،‬فضال‬ ‫عن الزوايا االس��بوعية واليومية والش��هرية‬ ‫في عدد م��ن المج�لات الس��ورية والعربية‬ ‫بش��كل ع��ام‪ .‬وأعدت عن قصصه دراس��ات‬ ‫ورس��ائل ماجستير ودكتوراه في العديد من‬ ‫الجامعات العربية واالوروبية‪.‬‬ ‫م��ع انطالق��ة الثورة الس��ورية أنش��أ‬ ‫صفح��ة "المهماز" على موقع "الفيس بوك"‬ ‫ليكتب فيه��ا "جريدته اليومية من دون عين‬ ‫رقي��ب"‪ .‬يكت��ب ع��ن الحري��ة الت��ي اقتربت‬ ‫شمس��ها‪ ،‬وعن تضحيات الش��عب الس��وري‬ ‫العظيم‪ ،‬وهو القائل‪" :‬أثبت الشعب السوري‬ ‫بتضحياته أنه شعب خارق ال يالم المبدع إذا‬ ‫تفاخر بانتمائه إليه"‪.‬‬ ‫يق��ول تام��ر ع��ن النق��د ف��ي عالمن��ا‬ ‫العرب��ي‪" :‬معظ��م الذي��ن يكتب��ون نق��داً‪،‬‬ ‫ينطلقون من العواطف التي ال يقف وراءها‬ ‫رصيد فكري صل��ب وواضح‪ ،‬فيأتي نتاجهم‬ ‫تعابير س��طحية عن انفعاالت مائعة‪ .‬وحتى‬ ‫المح��اوالت التي توه��م الق��راء بأنها تملك‬ ‫الخلفي��ة الفكرية المنش��ودة‪ ،‬هي محاوالت‬ ‫س��جينة ألط��ر جام��دة‪ ،‬وكليش��ات جاهزة‪،‬‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪17‬‬


‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟‬

‫�سنفورة حرة‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫ع فكرة ال النظام بيس��قط بالشلي‪ ،‬وال أخطاء الثورة رح‬ ‫تتصحح بالشلي كمان‪ ..‬أوقفوا الشلي‪..‬‬

‫متام تالوي‬

‫فقط أولئ��ك الطائفيون الق��ذرون‪ ..‬فقط المهجوس��ون‬ ‫بالطائفية‪ ..‬هم من يؤوّلون كل ما تقول وتفعل بشكل‬ ‫طائف��ي‪ ..‬ه��م ال يس��تطيعون التفكير بأي ش��يء خارج‬ ‫حدود الطائفة‪ ..‬حتى القصيدة يفس��رونها طائفياً‪ ..‬حتى‬ ‫الوردة يستفس��رون عن طائفتها‪ ..‬حتى النكتة يشعرون‬ ‫أنها تستهدف طائفتهم‪ ..‬الطائفية ليست موجودة إال في‬ ‫أذهان من يفكرون بها‪..‬‬

‫ف�ؤاد حمرية‬

‫من ال يريد الحرية فليفس��ح الطريق أمام عشاقها‪ ،‬دون‬ ‫ضجيج وصخب‪.‬‬

‫زياد ماجد‬

‫لِروح ياسين بقّوش سالمات بعدد الضحكات‪..‬‬

‫حممد الطويل‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬

‫رس��الة الس��وريين إلى رب العالمين‪ ..‬ي��ا اهلل إن طلبتني‬ ‫إليك فلتس��تقبلني كجس��د واحد‪ ،‬فأنا اخجل من الصعود‬ ‫إليك أشالء‪!!..‬‬

‫خ�ضر الآغا‬

‫خالل الثورة الس��ورية الكبرى بُحّ صوت س��لطان باش��ا‬ ‫األطرش وهو يقول للس��وريين إن الثورة ليست طائفية‬ ‫وإنها لجميع السوريين وإن الفرنسيين ال يحمون األقليات‬ ‫كما يروجون‪ ،‬بل يقتلون الجميع‪..‬‬

‫عمار �سرك�س‬

‫في األمس بعد أن دفن الس��كود ف��ي طريقه عدة أرواح‬ ‫صن��ع حفرة‪ ،‬الي��وم كان أطفال الحي يس��بحون بها فقد‬ ‫حولوها إلى مسبح‪ ..‬هكذا يعبر السوريون فوق جراحهم‬ ‫ليعيشوا أحالمهم‪..‬‬

‫غ�سان جباعي‬

‫ش��يء رائع أن يكون هذا الفارق بين ‪ 15‬و‪ 18‬آذار‪ ،‬فجدار‬ ‫الخوف الذي اخترقه الس��وريون كانت سماكته ثالثة أيام‬ ‫فقط‪.‬‬

‫ح�سان عبا�س‬

‫اعتن جيدا بجملتك التي س��تكتبها اليوم‪ ،‬فقد تُنشر غداً‬ ‫ِ‬ ‫تحت عنوان "آخر ما كتبه الشهيد"‪.‬‬

‫منيا ح�سون‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫س��ماء الدي��ر‪ ،‬لم��ن ال يعرفه��ا‪ ،‬ه��ي أجمل س��ماء على‬ ‫اإلطالق‪ ..‬كنت استغل زياراتي المتباعدة كي أسرح فيها‬ ‫نجم ًة نجمة‪ ،‬فهي وحدَها م��ن كانت تناديني لي ًال‪ ،‬وهي‬ ‫وحدَها من كنت ألبّي دون سواها‪ ..‬كان لها صفاء ب ّلورةٍ‬ ‫وت��أن جيئة وذهاباً على‬ ‫رقيقة نظيفة‪ ،‬ممس��وحة برفق ٍّ‬ ‫ع��دد نجومها‪ ..‬أذكر نجم ًة كانت تلتمع األكثر‪ ،‬وتبدو دومًا‬ ‫وحي��دةً‪ ،‬منفردة بذاتها‪ ،‬كنت أس��ميها نجمتي‪ ،‬وأبتس��م‬ ‫حي��ن تلتقطها عيناي مهما كانت��ا حزينتين‪ ..‬لم أرها منذ‬ ‫افترقنا تحت س��ماء الدير‪ ..‬كانت تب��دو لي دومًا أبعد من‬ ‫سماء أية بقعة أخرى‪ ،‬وكان ذلك البعد يغريني‪ ،‬ألقترب‪..‬‬ ‫لم تكن تلك سما ًء‪ ،‬كانت سماءات‪..‬‬

‫أنا مس��يحي‪ ،‬وبحب والدي يلتزمو بتعاليم المس��يح‪ ،‬يلي بتنادي بالمحبة والس�لام وقبول كل‬ ‫الناس‪ ،‬وكل عمرن بيعرفوا أنو كل األديان هني دين واحد‪ ،‬وللحكمة اإللهية تقسموا هيك‪ ..‬الحرية‬ ‫يلي بدي ياها أنو هالوالد يشوفوا هالشي بالشارع‪ ،‬بالمدرسة‪ ،‬مع رفقاتن يلي من غير دين‪ ،‬ويعرفوا‬ ‫مني��ح إنو نحنا واحد‪ ،‬ودمنا واحد‪ ،‬وأهل رغم كل ش��ي‪ ..‬هيك أن��ا تربيت‪ ،‬هيك ربوني أبي وأمي بين‬ ‫جيران��ا ووالد حارتن��ا‪ ،‬يلي زرع فينا الطائفية والكره لبعض ويل��ي زرع الخوف بجواتنا من بعض الزم‬ ‫يسقط‪ ..‬الحرية يلي بدي ياها‪ ،‬نرجع نعيش أهل وحبايب متل ما كنا زمان‪.‬‬

‫ميشيل‪ ،‬صيدلي من دوما‬

‫فادي ديوب‬ ‫ل��م أتح��ول بع��د إلى حج��ر‪ ..‬ما بع��رف إذا الزم انبس��ط‬ ‫وال أزع��ل! بعد كل ش��ي ش��فناه‪ ،‬فكرت أن��و صار صعب‬ ‫أبكي‪ ..‬صارلي زمان م��ا نزلتلي دمعة‪ ..‬اليوم رجع الدمع‬ ‫ليزورن��ي‪ ..‬الحقيقة ما بعرف ليش‪ ..‬قصدي بعرف‪ ،‬بس‬ ‫م��ا فهمت ليش هالمرة‪ ..‬علماً أنو الفيديو مو أكتر فيديو‬ ‫أل��م وال فظاع��ة‪ ..‬هو صبي‪ ..‬ما عم يبك��ي‪ ..‬عم يحاول‬ ‫م��ا يبكي‪ ..‬ع��م يحكي‪ ..‬بلهجته الحلبي��ة‪ ..‬يمكن لهجته‪،‬‬ ‫يمكن دمعته إلي عم يمس��كها‪ ..‬يمكن طريقة حكيه عن‬ ‫قرايبينه‪ ..‬عن جيرانه إلي محاهن الس��كود‪ ..‬بس دمعته‬ ‫إلي حبسها نزلتلي دمعتي إلي كانت متخباية‪..‬‬ ‫و يمك��ن ألن��و الدم��وع ال تأت��ي ف��رادى‪ ،‬فيدي��و تان��ي‪..‬‬ ‫بالفارس��ي‪ ..‬يعني ما فهمت الحكي‪ ..‬عن تبادل "األسرى"‬ ‫عن عيون المعتقلين‪ ..‬عن إذاللهن ألخر لحظة‪ ..‬خلوهون‬ ‫يترادف��و (ذك��رى من ماض��ي بم��دارس الفت��وة) ويهتفو‬ ‫"بالروح بالدم" لس��جانهن‪ ..‬سجان س��وريا‪ ..‬هالحاجة الي‬ ‫عند س��جانينهن ألنو يذلوهن بلحظة إطالق س��راحهن‪..‬‬ ‫ع��ن مفارقة اإليرانيي��ن إلي صافحوا رج��ال الجيش الحر‬ ‫بحمومية واضحة‪ ..‬واهلل ما بعرف!‪ ..‬قصدي واهلل ما فهمت‬ ‫ليش رجعت الدمعة‪ ..‬أكيد في ش��ي كتير بيستاهل الدمع‬ ‫أكت��ر‪ ..‬ما بعرف ليش‪ ..‬بس في ش��ي بعرفه ومتأكد منه‬ ‫مت��ل تأكدي أني ما صرت حج��ر‪ ..‬هالصبي‪ ..‬هالمعتقلين‬ ‫إل��ي عيونهن نطق��ت اإلذالل والوجع إلي عاش��وه‪ ..‬هدول‬ ‫سوريا‪ ..‬هدول شعبي‪ ..‬هدول حافزي لعيش منشان يجي‬ ‫اليوم إلي فيه رح نقدر نقول لهالصبي‪ :‬أل مو حكم القوي‬ ‫عالضعيف إل��ي انتصر‪ ..‬لهالمعتقلين إل��ي انجبرو يهتفو‬ ‫لس��جانهن‪ :‬اليوم بدن��ا نهتف س��وا ومن قلبن��ا‪ ..‬للحياة‪..‬‬ ‫للحري��ة‪ ..‬للكرام��ة‪ ..‬و رح نوص��ل‪ ..‬رح نوص��ل‪ ..‬م��ا رح‬ ‫نصير حجار‪ ..‬رح نبقى بش��ر‪ ..‬ورح نضل ننادي بالحرية‪..‬‬ ‫بالمحبة‪ ..‬بالكرامة‪ ..‬وغصبن عن النظام والعالم كله‪..‬‬

‫ندى كرامي‬

‫يس��قط الدين وتسقط الطوائف وتس��قط اللغة والعرق‬ ‫والقومي��ة‪ ،‬عندم��ا تك��ون الع��ذر ليقت��ل اإلنس��ان جاره‬ ‫وش��ريك طعامه ومجلس��ه‪ ،‬عندما تُبرر تحول اإلنس��ان‬ ‫إلى وحش‪.‬‬

‫حممود ال�شرا‬

‫س��قوط النظام ال يعني س��قوط االس��تبداد‪ ،‬بل سقوط‬ ‫العائق أمام البدء بمرحلة إسقاط االستبداد‪.‬‬

‫طريف اخلياط‬

‫حري��ة‪ ..‬حرية‪ ..‬حرية‪ ..‬هي مبتدأ الثورة‪ ،‬ويجب أن تكون‬ ‫منتهاها‪ ..‬ش��اء النظام أو أبى وش��اءت الثورة المضادة أم‬ ‫أبت‪ ،‬فهذا الشعب حر يكلل رأسه بهالة الكرامة‪..‬‬

‫‪�‎‬سعاد جرو�س‪‎‬‬

‫مجالس��تي للمثقفي��ن ص��ارت قليل��ة ج��دا‪ ،‬ولك��ن كلما‬ ‫التقيته��م في جلس��ات نقاش مطولة‪ ،‬ترس��خت قناعتي‬ ‫أن تب��ادل حديث عابر مع أي ش��خص عادي في الش��ارع‪،‬‬ ‫يمك��ن أن تمنح فهم واضح للواقع أكثر بكثير مما يمنحه‬ ‫مثقف جهبذ‪ .‬ال أعرف سر إرهاق المثقف نفسه واآلخرين‬ ‫بتعقيد البسيط‪ ،‬وتبسيط المعقد‪!!..‬‬

‫م�صطفى اجلرف‬ ‫أكثر من يعتبرون أنفس��هم مثقفين ديمقراطيين‪ ،‬ممّن‬ ‫يملك��ون معرف��ة معتدل��ة يعتق��دون أنه��ا تم ّكنهم من‬ ‫الحك��م على األش��ياء بيقين مطلق‪ ،‬ومنه��م حتى زعيم‬ ‫الشبيحة نفس��ه‪ ..‬يعيبون على الثورة السورية افتقارها‬ ‫إل��ى األهداف الواحدة الواضحة والرؤية الواحدة الواضحة‬ ‫والتنظيم الواحد الواضح والقيادة الواحدة الواضح‪ ..‬وإلى‬ ‫كل م��ا يمت إل��ى الوض��وح والوحدة بصل��ة‪ ..‬ويته ّكمون‬ ‫عليه��ا قائلي��ن إنها ث��ورة ّ‬ ‫"كل يغني على لي�لاه" أو ثورة‬ ‫"كل مين إيدو إلو"‪..‬‬ ‫ال ي��رى هؤالء أن المجتمعات الت��ي قادت ثوراتها جماعات‬ ‫موح��دة منظم��ة ذات فكر واح��د وقيادة واح��دة وأهداف‬ ‫واضح��ة‪ ،‬قد عانت من العبودية الش��مولية البغيضة بعد‬ ‫انتص��ار تلك الثورات في ظل حكم القادة الثوريين‪ ..‬ولو‬ ‫أنه��م امتلكوا ش��يئا من البصي��رة لرأوا أن م��ا يعتبرونه‬ ‫نقيص��ة كبيرة في هذه الثورة‪ ،‬ه��و في الحقيقة ميزتها‬ ‫الكبرى‪ ..‬وه��و الضمانة الواقعية الوحي��دة للجميع‪ ،‬التي‬ ‫ال توج��د بعدها وال قبلها ضمانة‪ ،‬بأن ما س��تؤدي إليه لن‬ ‫يكون في النهاية شيئا آخر‪ ..‬غير الديمقراطية!‪..‬‬

‫�سمري �سعيفان‬

‫بمناس��بة أن هذا حدث ويحدث بش��ار األس��د علوي ومعمر‬ ‫القذافي س��ني وصدام حسين س��ني والخميني والخامنئي‬ ‫ش��يعة وعمر البش��ير س��ني وميلوس��وفيتش أرثوذكسي‬ ‫وق��ادة إس��رائيل يه��ود وس��تالين أرثوذوك��س‪ ،‬وجمي��ع‬ ‫ه��ؤالء وأمثالهم كثيرون ارتكبوا مجازر وحش��ية بحق من‬ ‫عارضه��م‪ ،‬وم��ن يقتل المس��لمين ف��ي مينم��ار بوذيين‪،‬‬ ‫وبتاريخ الكاثوليك والبروتستانت مذابح ال تعد وال تحصى‪.‬‬ ‫وعندما كتب عب��د الرحمن الكواكبي كتابة عن االس��تبداد‬ ‫كان يقص��د االس��تبداد العثمان��ي "الس��ني" ورغ��م هيك‬ ‫يتنطح البعض ليفس��ر الس��لوك الوحش��ي اإلجرامي لهذا‬ ‫المس��تبد أو ذاك بتفس��يرات طائفي��ة أو ديني��ة مذهبية أو‬ ‫عرقية‪ .‬بينما ببس��اطة المستبد هو المس��تبد‪ ،‬واالستبداد‬ ‫هو االس��تبداد‪ ،‬سواء اس��تبداد العسكر‪ ،‬او اس��تبداد باسم‬ ‫الدين أو بأي مس��مى آخر‪ .‬االس��تبداد بال دي��ن‪ ،‬بال هوية‪،‬‬ ‫بال وطن‪ ،‬وإذا كان الس��وريون قد ثاروا ضد االس��تبداد بعد‬ ‫نص��ف قرن ومن أج��ل بناء الدول��ة الديمقراطي��ة القائمة‬ ‫على قيم المواطنة و"واحد‪ ..‬واحد‪ ..‬واحد‪ ..‬الشعب السوري‬ ‫واح��د" فعليهم أال يقع��وا في حبال التفس��يرات الطائفية‪،‬‬ ‫وردود الفع��ل الطائفية التي تض��ل طريقهم عن هدفهم‬ ‫المنش��ود‪ ،‬وأال يقعوا في الفخ الذي نصبه لهم النظام منذ‬ ‫الي��وم األول‪ .‬عليه��م أال يحققوا الغاية الت��ي تخدم النظام‬ ‫وعم��ل م��ن أجلها‪ ،‬عليه��م أال يتصرفوا ب��رد فعل مذهبي‬ ‫طائفي يؤدي في النهاية إلى اس��تبدال اس��تبداد باستبداد‪،‬‬ ‫وتكون كل هذه التضحيات قد ذهبت هباءاً منثوراً‪.‬‬

‫عمر حداد‬

‫الثورات مراهقة األوطان و كما يعيد الفرد اكتش��اف ذاته‬ ‫و تكوين ش��خصيته ف��ي المراهقة كذلك ه��و الوطن و‬ ‫كم��ا تبرز أزمة الهوي��ة لدى الفرد ف��ي مرحلة المراهقة‬ ‫كذل��ك تكون أزمة الهوية الوطنية في أعلى أطوارها في‬ ‫المراح��ل الثورية من التاريخ وكما أن الفرد ال يس��تقر إال‬ ‫ف��ي حال تحقي��ق الهوية الذاتية كذلك علين��ا اإلدراك أن‬ ‫وطننا لن يستقر إال بتحقيق هويته الوطنية‪.‬‬

‫كن��ت أرى بريق ًا من عيني��ه يكتب ال تطفئوا‬ ‫الش��موع‪ ،‬زينوا عالمكم النحاس��ي ببعض منا‪..‬‬ ‫نحن الواقفين على أرصفة عالم الزحام والعجلة‬ ‫والس��باق التكنولوجي ودخان عوادم الس��يارات‬ ‫ونف��اق مجل��س األم��ن وأبحاث تس��مين دجاج‬ ‫كنتاكي الوحش��ية!!‪ ..‬ال تقتلون��ا!! نحن نرجس‬ ‫عالمك��م المتصحر‪ ،‬نحن م��ا تبقى من نجومكم‬ ‫ي��ا عالم ًا أدمن إطفاء النجوم وإش��عال الحرائق‪،‬‬ ‫نحن س��حابات المطر الرقيق ف��ي دنياكم التي‬ ‫جرفه��ا طغيان اليورانيوم المش��بع والتخصيب‬ ‫والتج��ارب والمناورات!!‪ ..‬كان بحش��رجة صوته‬ ‫يستحضر أنغام ًا قدسيه من عوالم بعيدة آسرة‪،‬‬ ‫كان يهوي كأنه الحق والمطلق والخير والجمال‬ ‫كان يقول‪ :‬اتركوا دانيال دي لويس وأوس��كاره‬ ‫فهو يمث��ل (المزيفون)‪ ،‬تعال��وا‪ ..‬اآلن هنا في‬ ‫العس��الي يس��تحضر الس��ؤال األب��دي عن كنه‬ ‫الوجود‪ ،‬هنا ‪ -‬تعالوا ‪ -‬فتشوا عن غراب قابيل‪..‬‬ ‫عن موس��ى الهارب تحت جنح الليل‪ ،‬عن وحشة‬ ‫البئ��ر وتس��اؤالت الطفل البريء ع��ن ذنبه‪ ،‬عن‬ ‫المنتشي بذلك التناغم بين حرق المدينة وعزف‬ ‫القيثار‪ ،‬عن محاك��م التفتيش‪ ،‬عن صراخ رضيع‬ ‫ح��ول جثة أم قرب النواعي��ر‪ ..‬عن وعن وعن!! ‪..‬‬ ‫عن اللغز العظيم الذي ما زال يتنقل عبر عربات‬ ‫التاريخ‪ :‬اإلنسان الوحش‪ ..‬ذلك المجهول!!‬ ‫ياس��ين أيها البس��يط الطيب اإلنس��ان‪،‬‬ ‫م��ن يفوح مس��ك ًا وعنبراً وبخ��وراً من كفين‬ ‫حانيتين‪ ،‬لعيينيك وقلبك وروحك الرحمة!!‬ ‫ولقاتلك اللعنات األبدية!!‬ ‫‪‎‬ديانا الجابري‪‎‬‬

‫حجر دم�شقي �آخر‪�( ..‬إعالن حرب)‬ ‫تردّدتُ كثيرا أن أروي س��يرة قلبك‪ ..‬كان‬ ‫ال بدّ أن تتمالك نفسك‪ ..‬وأنت تنشج المدينة‬ ‫بمرث��ى حزين طويل كمن يس��تعد القتالعها‬ ‫م��ن زمنه��ا األم��وي‪ ..‬ه��ذا التأ ّل��م ال ّالمبرر‬ ‫يجعل��ك ممتنّ ًا لألليف الذي فيك أيها الوحش‬ ‫الصغير‪ ..‬يجعلك عاب��راً في الكالم والقصيدة‬ ‫واللغة‪ ..‬مبدداً مثل دخان سجائرك أمام البيان‬ ‫األنثوي للفك��رة‪ .‬األمكنة لك بكل طنافس��ها‬ ‫وآجره��ا ومواثيقها وكتبته��ا وكمائنها التي‬ ‫تتض��ح معالمها في عب��ورك‪ ..‬ولضجرك أيضا‬ ‫ه��ذا اله��واء المدحور ف��ي المعرك��ة وتراجع‬ ‫العاشق مخذو ًال خلف دريئة إيروسية الحروب‪..‬‬ ‫ولك أيض ًا كل هؤالء الجرحى الذين يتوسلون‬ ‫الضربة األخيرة من الموتى‪.‬‬ ‫كنت على ش��فا ضفة قلب‪ .‬تنبعث بشهقة‬ ‫بائدة‪ .‬تلج مدن ًا تبحث عن حروبها فال تجدها‬ ‫فتلده��ا في كل ح��رف بيننا‪ ..‬تش��هرها من‬ ‫وم��ض خباي��اك المعدة لالنفج��ار‪ ..‬في علبة‬ ‫تبغك‪ ..‬ف��ي الظالل الفضية لمرآتي الصغيرة‬ ‫وأن��ت تلمع خلفها وعند أق��دام ريح متعثرة‪..‬‬ ‫في التفاف الس��اق فوق الس��اق‪ ..‬في قبعات‬ ‫البخار والحدائق المهملة والقطعان الشاردة‬ ‫والمقاب��ر الذي تدل الموت��ى على عظامهم‪..‬‬ ‫والمذنبات الشاردة على مداراتها‪..‬‬ ‫بي��ن كل لفاف��ة ولفاف��ة‪ ..‬يتصاع��د هذا‬ ‫الغمام حولك وتتوالى التجليات والرؤى لتروي‬ ‫لي سيرة قلبك األقحواني الصغير كحبة خوخ‬ ‫طري‪ ..‬في المهب األشد للكمال يروي ويروي‬ ‫على قطرات ش��معة ذابلة يروي كي نح ّلق مع‬ ‫أول عبوة تتألق موت ًا لننجو كما كل سوء ظن‬ ‫من الموت الذي ال يميت‪.‬‬ ‫ميرال صيداوي‬


‫صبارتنا حيث ال أحد فوق النقد‪..‬‬ ‫باب ناقد ساخر يتناول مواضيع سوريتنا‪..‬‬ ‫مجتمعنا وثورتنا‪..‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪Free Syrian‬‬

‫توضيح‪:‬‬

‫المحشش السوري االلكتروني‬ ‫‪-1‬‬‫ق��ال جماع��ة مؤتمر روم��ا بدهن يعطونا مس��اعدات غير‬ ‫قاتلة‪ ،‬ومساعدات تانية لالجئين‪ ..‬انه ليش ما يعطونا مساعدات‬ ‫تمن��ع القتل‪ ،‬وبالتالي تخفف عدد الالجئين؟‪ ..‬يعني اليمت بدهن‬ ‫يضلو يعالجو النتائج وليس األسباب‬ ‫‪-2‬‬‫بخصوص موضوع صواريخ الس��كود والخالف عليها‪ ،‬يعني في شي‬ ‫فع� ً‬ ‫لا مضحك مبكي‪ ..‬بتقع��د بتناقش احد ما انه ي��ا أخي معقول نظام‬ ‫يقصف مدنه بصواريخ س��كود يلي عم تش��يل الش��وارع م��ن مكانها‬ ‫وتدمر مدن وش��وارع كامل��ة على أصحابها‪ ،‬بيجي ب��كل جرأة وثقة‬

‫برعاية التيار الصهيوصليبي العلماني الليبرالي اليساري‬ ‫الماسوني الغربي السوري‬

‫المعارضة السورية‬

‫بالنفس بيقول انه القص��ة كلها كذبة ومافي‬ ‫إط�لاق لصواري��خ س��كود واص�لا صواري��خ الس��كود‬ ‫مخصص��ة لقتال إس��رائيل والموض��وع إعالمي بح��ت وصاروخ‬ ‫السكود هيك طوله وهيك عرضه وبيعملك درس عسكرية ليثبتلك‬ ‫انه هاد مو صاروخ سكود وبيضحك عليك انه كيف مصدق هالقصة‪..‬‬ ‫يعن��ي هيك نماذج بتذكرن��ي بالنكتة تبع يلي قالول��و مرتك عم تخونك‬ ‫بالغابة قام راح ورجع قلون حكيكون غلط كلهن شجرتين ما اسمهن غابة‬ ‫لك حبيبي هاد مو صاروخ سكود هاد صاروخ اسمو التحميلة منيح؟؟‬ ‫المهم ليش عم ينزل على حلب وشمال سوريا ويشيل أحياء بكاملها‬ ‫بحجة قصف كم ارهابي؟‬ ‫تركتلي المصيبة يلي عم تصير والدمار والشهداء ولحقتلي اسم‬ ‫الصاروخ انه نوعو مو سكود؟ إي هو مو سكود بس انت سكوت‪..‬‬

‫‪-2‬‬‫الوالي��ات المتح��دة تري��د الحف��اظ عل��ى وجوده��ا‬ ‫بالشرق األوسط‬ ‫روس��يا تريد الحف��اظ على وجودها ف��ي البحور‬ ‫الدافئة‪..‬‬ ‫الصي��ن تري��د الحف��اظ عل��ى‬ ‫وجوده��ا عل��ى ش��واطئ ش��رق‬ ‫المتوسط‬ ‫أوروب��ا تريد الحف��اظ على‬ ‫موطئ قدم شرق المتوسط‬ ‫الدول اإلقليمية تريد الحفاظ‬ ‫على وجودها في سوريا‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪-1‬‬‫النظام ب��دو يض��ل معلق «صورة الكرس��ي»‬ ‫على كل شي في حيطان بالبلد‪..‬‬ ‫والمعارضة بدها تعلق «سورة الكرسي» على كل‬ ‫شي بقيان حيطان بالبلد‪..‬‬ ‫ما بي��ن الس��ورة والص��ورة بيطلع مع��ك بأخر‬ ‫النهار إنو كل مشاكلنا من ورا الكرسي‪..‬‬ ‫وبنفس الوقت الحل بالكرسي‪..‬‬ ‫كيف يعني؟؟‬ ‫يعني بس يجي الوقت اللي نقهدهن‬ ‫لهالمجاني��ن عل��ى كرس��ي االعت��راف‪،‬‬ ‫ويعترفوا ويقرّوا بكل جرائمهن دفاعاً عن‬ ‫الكرسي‪ ..‬ونحاسبهن كلهن‪..‬‬ ‫س��اعتها بس كرس��ي االعتراف بصير‬ ‫كرسي هزاز‪ ،‬وبتهدى البلد وبتروء‪..‬‬ ‫وقته��ا بتس��تريح الحيطان‬

‫من كل السور والصور والكراسي‪..‬‬ ‫ومنحافظ على حيطاننا‪ ،‬ومنعمّر حيطان جديدة‪..‬‬

‫الدول العربية تبح��ث تعزيز وجودها‬ ‫في الغطر الشغيغ السوري‪..‬‬ ‫هلق الش��عب السوري يحافظ على وجوده أو ما‬ ‫يحافظ هون بقى موضوع ثانوي‪ ..‬الحضارة الس��ورية‬ ‫تحافظ على وجودها أو ما تحافظ‪ ..‬كمان مو مشكلة‬ ‫المجتم��ع الس��وري‪ ..‬آآآآخ��ر همن��ا‪ ،‬المه��م الدول‬ ‫ومصالحها‪..‬‬ ‫خيو نحنا الشعب السوري رح نحمل حالنا ووجودنا‬ ‫ونترك البلد‪..‬‬ ‫ألنو وجودنا على وجودكن عم يعمل مشكلة‪..‬‬ ‫وبحك��م أنو وجودك��ن «حق مش��روع» وقضايا‬ ‫عادلة» و»ومصالح إس��تراتيجية»‪ ..‬بقى يبدو‬ ‫المشكلة بوجودنا‪ ..‬بتوصونا شي؟‬ ‫* لوين رايحين؟‬ ‫ رايحي��ن نحاف��ظ عل��ى‬‫وجودنا‪..‬‬

‫أسبوعية‬

‫ال تشــلشــنا مشـــلوشــين‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬

‫بخصوص البوس��ت يلي تساوا فيه مقارنة بين جرائم عائلة األسد‬ ‫وجرائم إسرائيل بحق سوريا والشعب السوري‪..‬‬ ‫م��ن الواض��ح انو في ج��زء كبير فه��م انو هاد البوس��ت كان دعوة‬ ‫للتطبيع مع إسرائيل وعدم اعتبارها دولة عدوة‪..‬‬ ‫بح��ب أك��د باس��مي وباس��م كل ادمني��ة الصفح��ة والمش��اركين‬ ‫بالصفحة ويلي هنن جزء أساس��ي فيها انو البوست كان مجرد استعارة‬ ‫بالغية ونقد س��اخر وما كان بيهدف بأي شكل األشكال الدعوة للتطبيع‬ ‫م��ع إس��رائيل يلي هي��ة بالنهاي��ة كيان قائم ومتمس��ك بالممارس��ات‬ ‫العنصرية والعدوانية واإلجرامية المعادية لكل معاني اإلنس��انية‬ ‫والسالم تجاه سوريا وفلسطين ولبنان‪..‬‬ ‫وبالمناس��بة هاد األسبوع هو األس��بوع العالمي لمقاطعة‬ ‫إس��رائيل العنصري��ة‪ ..‬ويدعو الكل ليش��ارك في��ه وخصوصا‬ ‫المغتربي��ن بأوروبا وأمريكا عن طريق توعية الش��ارع الغربي‬ ‫لممارسات إسرائيل المعادية للقيم اإلنسانية‪.‬‬

‫صبارة سوريتنا ‪. .‬‬

‫فلسفة‪:‬‬

‫ل��و لم توج��د إس��رائيل لكنا أوجدناه��ا بأيدينا لك��ي نعلق عليها فش��لنا‬ ‫وخيباتنا واحباطاتنا‪..‬‬ ‫كفانا من شماعة إسرائيل والغرب‪..‬‬ ‫دعونا ننظر لمصائبنا السياس��ية واالجتماعية واالقتصادية بشيء من‬ ‫الموضوعي��ة والعقالنية ألننا إذا اس��تمرينا في ترديد اس��طوانة المؤامرات‬ ‫المش��روخة وتعليق فشلنا عليها فلن نتمكن من مواجهة الفشل وسنبقى‬ ‫فاشلين‪..‬‬

‫رسالة إلى األمير أبو القاسم الجوالني حفظه اهلل ومجاهدي جبهة‬ ‫النصرة ومن لف لفها‪..‬‬ ‫تحي طيبة وبعد‬ ‫(تح��ي ولي��س تحي��ة‪ ..‬فتحية أنث��ى واألنثى ع��ورة والعورة فتن��ة والفتنة‬ ‫معصية والمعصية تدخلنا النار جميعا وخود على شوي وشلوطة)‬ ‫بم��ا أنكم عاق��دون العزم على تطبيق حد الردة وذب��ح المرتدين‪ ..‬نرى‬ ‫أن تقوموا بتفخيخ أنفس��كم وأن تطبقوا الحد والحامض على أول زنديق‬ ‫تصادفون��ه وبذل��ك نض��رب عصفورين بحج��ر‪ ..‬نكون ق��د تخلصنا من‬ ‫زنديق أوال وتكونون قد فزتم جميعكم بجنان الخلد وما أعظمه من فوز!‬ ‫رسالة من مسلم (على أبواب االرتداد بفضلكم وفضل أمثالكم)‬

‫‪19‬‬


‫ُهنا ِد َم�شق‬ ‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 3 | )76‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫سيامند حسين‬ ‫(يوميات ومشاهدات) ‪ 23‬شباط ‪2013‬‬

‫كان العمي��د المس��ؤول الي��وم ع��ن إطالق‬ ‫الص��اروخ األول‪ ،‬م��ا ي��زال ف��ي غرفة ال��رادار‪،‬‬ ‫في الل��واء ‪ ،155‬ينتظر وص��ول إحداثيات مبنى‬ ‫يس��تخدمه اإلرهابي��ون كمخ��زن للس�لاح ف��ي‬ ‫الش��مال‪ -‬بحس��ب تقاري��ر جه��از االس��تخبارت‬ ‫المُستحدثِ على الفيسبوك‪ .-‬راح العميد ّ‬ ‫يفكر‬ ‫في قرارة نفسه‪" :‬هل استولى اإلرهابيون على‬ ‫الريف الحلبي بالفعل‪ ،‬بحيث لم يعد باستطاعة‬ ‫أحد م��ن المخبرين ُ‬ ‫الكثر إرس��ال تقرير ميداني‬ ‫من هناك؟"‪ .‬ليس لدى العميد فيس��بوك‪ّ ،‬‬ ‫لتكذب‬ ‫عين��اه جاهدتان مئ��ات الصور ومقاط��ع الفيدو‬ ‫الت��ي تُصنّف أحي��اء ومناطق ته��وي واحدة تلو‬ ‫األخرى من خرائط نظام األس��د رسمياً‪ ،‬بتواقيع‬ ‫ال يش��به أحده��ا اآلخر ق��ط‪" :‬انهي��ار كوميديّ‬ ‫لرم��ز القبضة الفوالذية‪ :‬تماثيل األب المعجونة‬ ‫في ورش��ات الهواة من انتهازيّ النظام؛ تماثيل‬ ‫للرجل كام� ً‬ ‫لا بالطق��م وربطة العن��ق؛ بعضها‬ ‫مبتور بال يدين‪ ،‬اختلت فيها النِّس��ب في‬ ‫بج��ذع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حج��م ال��رأس؛ أخرى ه��ي رؤوس فق��ط برقبة‬ ‫ثخينة وقصيرة‪ .‬تماثيل ما زال عددُها الحقيقيّ‬ ‫ّ‬ ‫يتع��ذرُ عل��ى الس��وريين حص��رُه‪ .‬ال ش��كّ أن‬ ‫ٌ‬ ‫أقبية‪،‬‬ ‫هن��اك مس��تودعاتٌ ملئي��ة به��ا‪ ،‬هن��اك‬ ‫وب��راداتٌ‪ ،‬وصناديقُ وحزائ��نُ ال زالت تضيقُ‬ ‫بها"‪ .‬قبضة نظام األس��د التي كان��ت تمتدّ إلى‬ ‫داخ��ل بقالي��ات الح��يّ‪ ،‬وتتلصّصُ عل��ى حياة‬ ‫زوجات الضباط الحميميّة‪ ،‬وتضجرُ في روضات‬ ‫األطفال‪ ،‬وتُبحر في قوارب الصيادين المهترئة‬ ‫في س��واحل الالذقية‪ ،‬وتتنصّتُ على اجتماعات‬ ‫األحزاب الكردية المحظورة‪ ،‬وتتصنّعُ االستمتاع‬ ‫ّ‬ ‫وتتنكرُ‬ ‫في مهرجانات الشراكس الفلوكلورية‪،‬‬ ‫في مجالس مشايخ الدُّروز المغلقة‪ ،‬وتنامُ ليلة‬ ‫القدر في مسجد صغير في قرية طينية متاخمة‬ ‫ً‬ ‫ش��معة في عيد‬ ‫لنهر دجلة الحدوديّ‪ ،‬وتس��رقُ‬ ‫طريق وعرةٍ إلى‬ ‫دَيْر منس��يّ على‬ ‫ٍ‬ ‫الميالد من ٍ‬ ‫جبل سمعان‪...،‬‬ ‫تصله أخيراً‬ ‫ُ‬ ‫رس��الة ال��ـ‪ SMS‬على موبايله‬ ‫ذي الشاشة الضخمة‪ ،‬يقرأها مُستنكراً شيئ ًا مّا‬ ‫ُ‬ ‫يتصل متوتراً بقائد اللواء‪:‬‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫ «س��يدي وصلتني اإلحداثي��ات لكن بدون‬‫كسور!»‪.‬‬ ‫ «ه��اد الموج��ود‪ ،‬أص� ً‬‫لا المعل��م م��ا بحب‬ ‫الكس��ور»‪ .‬يردُّ الضاب��ط اللواء بنب��رةٍ ّ‬ ‫مُنكهة‬ ‫بس��خريةٍ خفيف��ة ت��كادُ ال تُلتم��س‪ .‬تنته��ي‬ ‫المكالمة‪ .‬يس��تغرقُ العميد ف��ي حيرة ال تطول‬ ‫كثي��راً‪ ،‬يتذك��ر كي��ف كان الضب��اط الس��وفييت‬ ‫يركزون على دقة اإلحداثيات آنذاك‪ ،‬مُتفاخرين‬ ‫بدق��ة الس�لاح الوطن��ي الفتّ��اك‪ ،‬عندم��ا ذهب‬ ‫قبل أكثر من عقدين‪ ،‬إلى مدس��ة عسكرية في‬ ‫لينينغ��راد‪ ،‬التّب��اع دورة مكثف��ة ع��ن منظومة‬ ‫س��كود‪ .‬أنهت رسالة أخرى صمته‪ .‬كان محتواها‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫أسوأ مما توقّع‪" :‬يال‪ ..،‬أطلق"‪.‬‬ ‫أعط��ى أمر اإلطالق‪ ،‬بعد أن م��رّرَ البيانات‬ ‫ف��ي عجل��ة‪ .‬ألوّل مرة أح��سّ بعرق ب��ارد أخذ‬ ‫يُب ّلل ظهره بسرعة ملحوظة‪ّ .‬‬ ‫تذكر الميالنوما‪،‬‬ ‫الس��رطان الذي حدّثه ابنه الطبيب عن س��رعة‬ ‫انتش��اره في الجس��م‪ .‬في س��احة الل��واء الواقع‬ ‫بالق��رب من بل��دة القطيف��ة‪ ،‬كان الغ��روب في‬ ‫وج��ه‪ ،‬يك��وي بأخر ش��عاعات الش��مس الباردة‬ ‫أَ ِ‬ ‫صدغي��ه المبللي��ن‪ ،‬قب��ل أن يعك��س وجهُ��هُ‬ ‫احمرارَ الوهج المنبعث من منصّة اإلطالق‪.‬‬ ‫تش��تعل القاع��دة ويدفع المح��رّك الطلقة‬ ‫الروس��ية العمالق��ة المخصّصة لقت��ل الحارات‬ ‫ً‬ ‫مترنح��ة في الهواء بس��رعة‬ ‫والق��رى‪ ،‬تصع��دُ‬ ‫منخفض��ة نس��بي ًا‪ ،‬مب��دد ًة ب��ذات الب��طء يقينَ‬ ‫العمي��د بالعل��وم العس��كرية‪ ،‬وبأبدي��ة البارود‬ ‫والحدي��د حي��ن كان يق��ول لجن��وده مازح��ًا‪ :‬إن‬ ‫الس��كود ليس كالونسروة التي تستسلم للزمن‬ ‫أخيراً‪.‬‬ ‫قب��ل أن تكتم��ل الدقيق��ة الثاني��ة تضغط‬ ‫بخبر‬ ‫عش��رات األصاب��ع مفت��اح ‪ Enter‬لتق��ذفَ‬ ‫ِ‬ ‫اإلط�لاق "بوس��تات" عاجل��ة عل��ى صفح��ات‬ ‫ِ‬ ‫اإلنترنت الزرقاء‪" :‬تم اآلن رصد صاروخ س��كود‬ ‫فوق سماء رنكوس متجه ًا إلى الشمال السوري‪،‬‬ ‫الس��اعة ‪ 5،45‬م الرجاء النشر على أوسع نطاق‪،‬‬ ‫جزاكم اهلل خيراً"‪ ،‬وهكذا ينش��طر الخبر آالالف‬ ‫المرات منتق ً‬ ‫ال من صفحة إلى أخرى‪ ،‬ومن هاتف‬ ‫إلى آخر‪ ،‬وقد يصعد سيارة أو دراجة ليصل الهث ًا‬ ‫–أو ال‪ -‬إل��ى ق��رى ترزحُ بال كهرب��اء أو اتصاالت‬ ‫تحت وطأة عقوبات القصر الملكيّ في دمشق‪.‬‬ ‫عيون لتس��نّى ل��ه رؤية‬ ‫ل��و كان للس��كود‬ ‫ٌ‬ ‫العائ�لات الت��ي صع��دت عل��ى أس��طح المنازل‪:‬‬ ‫يُش��يرُ الش��بان بأصابعهم إليه وهم يتلفظون‬ ‫بكلم��ات ال يس��معونها ه��م أنفس��هم‪ ،‬ويُغلق‬ ‫ُ‬ ‫األطفال آذانهم ّ‬ ‫يضغط‬ ‫بأكفه��م‪ ،‬حيث هديرُه‬ ‫ً‬ ‫كثيفة‬ ‫طبق��ات اله��واء فتنبس��ط عل��ى البل��دة‬ ‫ومَهيبة‪ .‬لرأى كيف توقفتِ الس��يارات‪ ،‬والناس‪،‬‬ ‫أن الحياة توقفت‬ ‫والقطط في الش��وارع‪ ،‬كما لو ّ‬ ‫للحظاتٍ‪ ،‬بانتظار أن تُستأنف من جديد بجرعةٍ‬ ‫أخرى من الحزن والتحسّر‪.‬‬ ‫فوق يبرود‪ ،‬البلدة المجروفة بصقيع شُباط‪:‬‬ ‫كان سيرى انفراط الناش��طين المُتجمعين في‬ ‫إحدى الس��احات‪ ،‬كنمل يهرب من ّ‬ ‫ظل قدم على‬ ‫ٍ‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)51025‬‬ ‫دمشق‪3765 :‬‬ ‫ريف دمشق‪11292 :‬‬ ‫حمص‪8317 :‬‬ ‫درعا‪4445 :‬‬ ‫إدلب‪6239 :‬‬ ‫حلب‪7884 :‬‬

‫دير الزور‪3438 :‬‬ ‫الرقة‪448 :‬‬ ‫السويداء‪42 :‬‬ ‫حماة‪3840 :‬‬ ‫الالذقية‪716 :‬‬ ‫طرطوس‪74 :‬‬ ‫الحسكة‪280 :‬‬ ‫القنيطرة‪133 :‬‬

‫وش��ك أن تنزل فوق��ه‪ ،‬يهرعُون إل��ى منازلهم‬ ‫ليكتبوا عنه الس��طر الثاني‪" :‬سكود فوق يبرود‪،‬‬ ‫الس��اعة ‪ 5،46‬م"‪ ،‬بينما في الحي الشمالي على‬ ‫أط��راف البلدة س��يرى الصبيّ ال��ذي توقف عن‬ ‫إطار حديديٍّ بواس��طة عصا رافعاً إياها‬ ‫دحرجة ٍ‬ ‫في وجهه متوعداً‪.‬‬ ‫س��يتجنّبُ‪ ،‬بالطب��ع‪ ،‬رؤي��ة دم��ار حم��ص‬ ‫في األس��فل على يس��اره‪ ،‬ولن يمتدحَ كثيراً ما‬ ‫فعلت��ه أخواته الصغيرات‪ :‬القذائ��ف العنقودية‪،‬‬ ‫وحش��وات مدافع اله��اون والدباب��ات‪ ،‬وصواريخ‬ ‫الطائرات؛ وس��يُؤَاثِرُ النظرَ أبع��دَ إلى بحيرة‬ ‫قِطينة‪ ،‬دون أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتمكن من رؤية األسماكِ التي‬ ‫طفتْ على السطح وكأنها ٌ‬ ‫ميتة تتبّعهُ بعيونها‬ ‫ذات الرؤي��ة المُحدّبة الواس��عة‪ ،‬أو رؤية فئرانِ‬ ‫الحقول المجاورة التي تتمس��ك باألرض‪ ،‬وهي‬ ‫تشعرُ بموجات االهتزاز تصعد منها‪...‬‬ ‫سيرى بصعوبةٍ مدينة سَلميّة على يمينه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫المرصوصة‬ ‫قب��ل أن تبتلعَ��هُ الغي��وم الداكن��ة‬ ‫كقطن ُغ َ‬ ‫ُ‬ ‫س��يلحظ نشاط‬ ‫س��ل بما ٍء عكر‪ .‬بالكاد‬ ‫ٍ‬ ‫حرك��ة الدراجات الناري��ة الكثي��رة‪ ،‬وهي تتركُ‬ ‫خلفها خطوطاً حمراء وصفراء رسمتها بأضوائها‬ ‫ُ‬ ‫األحادي��ة على بداي��ات العتمة‪ .‬س��يُضيفُ أهل‬ ‫سَ��لميّة الس��طر الثال��ث‪" :‬مش��اهدة خ��ط من‬ ‫الدخان يُرجّح أنه عائدٌ لصاروخ س��كود‪5،48 ،‬‬ ‫م الرجاء التأكيد والنشر فوراً"‪.‬‬ ‫بع��د ذلك ل��م تصل أيّ تقاري��ر جديدة عن‬ ‫مصير الس��كود‪ ،‬لق��د اختفى ع��ن األنظار فوق‬ ‫جميع قرى ريف حماة الش��رقي‪ ،‬بعد أن بلغ ذروة‬ ‫مس��اره المداريّ ف��وق الغيوم‪ ،‬التي احتش��دت‬ ‫أيض ًا عل��ى ارتفاع منخفضٍعل��ى طول ُ‬ ‫الطرق‬ ‫ٍ‬ ‫المفضي��ة إلى س��ماء بل��دات ريف حل��ب‪ .‬جميع‬ ‫منْ علم��وا بالخبر م��ن أهل المنطق��ة‪ ،‬خرجوا‬ ‫من بيوته��م‪ ،‬بعضه��م إلى مالج��ئ المدارس‪،‬‬ ‫أراض مفتوح��ة ال طوابق‬ ‫وبعضهم األخ��ر إلى‬ ‫ٍ‬ ‫أو ج��دران فيها‪ .‬كنّا نحن‪ ،‬منْ أصبحنا في أمانٍ‬ ‫خ ّل َفهُ ُّ‬ ‫خط الدخان كطعنةٍ في عيوننا المُثخنةِ‬ ‫بأسى قديم‪ ،‬ننتظرُ حدوث معجزة أُخرى‪.‬‬ ‫ف��ي إحدى حق��ول الريف الحلب��يّ المُمعن‬ ‫في قلقه‪ ،‬تتراجعُ ّ‬ ‫كل مس��اء‪ ،‬إلى باحات البيوت‬ ‫والغُرف الفارغة‪ ،‬ضح��كاتُ وانفعاالتُ صِبيَةٍ‬ ‫كانوا يلعبون حتّ��ى الغروب‪ ،‬في حفرةٍ قطرها‬ ‫عشرون متراً‪ ،‬وعمقها خمسة أمتار‪.‬‬ ‫‪ 3726‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 1649‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 3388‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 9660‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 41365‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2013 / 3 / 2‬‬ ‫‪http://vdc-sy.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.