سوريتنا | العدد السابع والسبعون | 10 آذار 2013

Page 1

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪1‬‬


‫الجئ يف الدول‬ ‫ال�سوريون ي�صلون �إىل مليون ٍ‬ ‫املجاورة ن�صفهم من الأطفال‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫ً‬ ‫عاجزة �أمام ت�أمني امل�ساعدات‬ ‫الأمم املتحدة تقف‬ ‫الإن�سانية املطلوبة‬

‫"الوضع داخل س��وريا ال يقل س��و ًءا‬ ‫حي��ث يش��تد القت��ال‪ ،‬وأكثر م��ن أربعة‬ ‫ماليي��ن ش��خص نصفه��م عل��ى األقل‬ ‫من األطفال‪ ،‬بحاجة لمس��اعدة إنس��انية‬ ‫عاجلة" ديفد بول ‪ -‬األمم المتحدة‬ ‫أكد مسؤول أممي أن العنف المتزايد‬ ‫والفجوة الكبيرة في تمويل المس��اعدات‬ ‫يعترضان س��بيل تخفيف معاناة األطفال‬ ‫الس��وريين ال��ذي يهرب��ون م��ن الخط��ر‬ ‫المُحدق بهم كل يوم ويعانون من تبعات‬ ‫ما يجري‪ ،‬وأش��ار إل��ى أن ع��دد الالجئين‬ ‫الفاري��ن م��ن العن��ف هن��اك بل��غ مليونًا‬ ‫اآلن بع��د أن كان توقع مفوضية ش��ؤون‬ ‫الالجئي��ن أنهم قد يصلون إلى هذا العدد‬ ‫في حزيران‪ ،‬أي بعد ثالثة أشهر على أقل‬ ‫تقدير‪.‬‬ ‫والمُلف��ت للنظ��ر ح��ول ه��ذه‬ ‫األرق��ام لي��س الع��دد فقط‪ ،‬ب��ل الوتيرة‬ ‫العاليةللن��زوح بش��كل مضط��رد‪ ،‬فف��ي‬ ‫كانون األول من العام الفائت كانت األمم‬ ‫المتح��دة تتوقع بل��وغ رق��م المليون في‬ ‫حزيران القادم‪ ،‬فيم��ا أعلنت وكالة األمم‬ ‫المتحدة لالجئين في ‪ 27‬شباط المنصرم‬ ‫أن��ه كان هن��اك ‪ 953.310‬الجئاً س��وريا‬ ‫مس��ج ًال بس��جالت اللج��وء أو ينتظ��رون‬ ‫التسجيل‪ .‬وأوضحت أنه‪ ،‬وبوصول معدّل‬ ‫‪ 7000‬الج��ئ جديد من س��وريا كل يوم‪،‬‬ ‫سيتجاوز العدد رقم المليون بسهولة يوم‬ ‫‪ 8‬آذار الجاري‪.‬‬ ‫وق��ال المدي��ر التنفي��ذي لصن��دوق‬ ‫األمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ديفد‬ ‫بول‪" :‬إن الوص��ول لهذا العدد بعد عامين‬ ‫من بداية الص��راع مثال صارخ على هذه‬ ‫األزمة التي تجلب الخوف واأللم والمعاناة‬ ‫على نطاق واسع"‪.‬‬ ‫وأضاف بول أن الوضع داخل س��وريا‬ ‫ال يقل س��وءاً عن��ه في المخيم��ات‪ ،‬إذ أن‬ ‫القت��ال يش��تد وأكث��ر من أربع��ة ماليين‬ ‫ش��خص‪ ،‬نصفهم من األطف��ال‪ ،‬بحاجة‬ ‫إلى مس��اعدة إنسانية عاجلة‪ .‬وفي الدول‬ ‫المجاورة (األردن ولبن��ان وتركيا والعراق‬ ‫ومص��ر) تكاف��ح الحكوم��ات والمنظم��ات‬ ‫اإلنس��انية‪ ،‬بما فيها اليونيس��يف‪ ،‬لتلبية‬ ‫االحتياجات األكثر أهمية لالجئين‪.‬‬ ‫كم��ا بدا لـ ب��ول بعد زيارت��ه لمخيم‬ ‫الزعت��ري المكتظ ب��األردن بوضوح مدى‬ ‫المعان��اة الت��ي يتعي��ن عل��ى األطف��ال‬ ‫مكابدته��ا م��ن العن��ف ال��ذي يش��هدونه‬ ‫والمآس��ي الناجمة عنه ومعاناة الكثيرين‬ ‫م��ن حاالت الس��عال وااللتهاب��ات الرئوية‬ ‫والعدوى التنفسية‪.‬‬ ‫وأشار إلى أنه مع اقتراب هذه األزمة‬ ‫من عامه��ا الثالث‪ ،‬تزاي��د توافد الالجئين‬ ‫عبر الحدود‪ ،‬فصار العدد اليومي أكثر من‬ ‫سبعة آالف يسافرون تحت جنح الظالم‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫وعجز يف احللول‬ ‫تفاقمُ الأزمة‬ ‫و�إمكانات الإغاثة‬

‫"إذا لم تُس��د ثغرة التمويل المقدرة‬ ‫بنح��و ‪ 80%‬ف��ي القري��ب العاج��ل ف��إن‬ ‫اليونيسيف سوف تضطر لتقليصتدخالت‬ ‫اإلغاثة"‬ ‫وي��رى المس��ؤول األمم��ي أن حجم‬ ‫األزمة التي يواجهها أطفال سوريا تتطلب‬ ‫استجابة ضخمة من المنظمات اإلنسانية‬ ‫الدولية‪ ،‬وأش��ار إل��ى الجه��د الكبير الذي‬ ‫تبذله اليونيس��يف لتأمين المواد الغذائية‬ ‫والخدم��ات ألكث��ر م��ن عش��رة ماليي��ن‬ ‫شخص في سوريا‪.‬‬ ‫ولكنه��م رغم هذه الجه��ود الجبارة‬ ‫يواجه��ون عقبتي��ن خطيرتي��ن‪ ،‬إذا ل��م‬ ‫تعالج��ا عل��ى وج��ه الس��رعة فس��تزيد‬ ‫المعاناة ويستمر تدفق األطفال الالجئين‬ ‫البائسين‪.‬العقبة األولى هي تزايد العنف‬ ‫ف��ي س��وريا‪ ،‬حي��ث قت��ل س��بعون طف ًال‬ ‫ف��ي ح��وادث متفرق��ة الش��هر الماض��ي‬ ‫بس��بب الصواريخ التي ضرب��ت المناطق‬ ‫الس��كنية في حلب‪ ،‬ومات عشرون آخرون‬ ‫من انفجار قنبلة في مدرس��ة بدمش��ق‪.‬‬ ‫والعقب��ة الثاني��ة ه��ي النق��ص المزمن‬ ‫ف��ي التموي��ل ال��ذي يه��دد بت��رك الكثير‬ ‫م��ن األطف��ال الس��وريين ب��دون توفي��ر‬ ‫المساعدة الضرورية‪.‬‬ ‫ويعتقد المس��ؤول أنه إذا لم تُس��د‬ ‫ثغ��رة التمويل المق��درة بنح��و ‪ 80%‬في‬ ‫القري��ب العاجل فإن اليونيس��يف س��وف‬

‫تضطر لتقليص تدخ�لات اإلغاثة‪ .‬وعلى‬ ‫س��بيل المثال‪ ،‬س��تدوم إم��دادات الكلور‬ ‫لمياه الش��رب النظيفة في س��وريا لشهر‬ ‫واحد فق��ط ما لم تتوافر األموال لش��راء‬ ‫المزيد‪.‬‬ ‫وبرنام��ج التطعي��م المزم��ع لش��هر‬ ‫نيس��ان‪ ،‬لكي يصل إلى مليوني شخص‪،‬‬ ‫ق��د ال يصل إلى أولئ��ك الذين هم بحاجة‬ ‫إلي��ه‪ .‬وب��دون ه��ذه اإلم��دادات الحيوي��ة‬ ‫يمكن أن يتعرض ماليين األطفال لخطر‬ ‫األمراض القاتلة‪.‬‬ ‫ونب��ه المس��ؤول إل��ى أن��ه عقب أي‬ ‫كارث��ة مفاجئ��ة كزل��زال أو تس��ونامي‬ ‫يكون رد المجتمع الدولي س��ريعا وفعا ًال‪،‬‬ ‫ويُحش��د لمث��ل ه��ذه الك��وارث الس��خاء‬ ‫الشعبي وتتدفق األموال وتُتخذ القرارات‬ ‫السياسية الرفيعة لضمان وصول اإلغاثة‬ ‫إلى المحتاجين بأسرع وقت ممكن‪ .‬بينما‬ ‫الوضع في سوريا ليس كارثة طبيعية بل‬ ‫هو أزمة‪ ،‬ومعاناة األطفال هناك ليس��ت‬ ‫أقل شدة‪ ،‬لكن إنقاذ األرواح يتطلب عم ًال‬ ‫فوريًا‪.‬‬ ‫وعبّرالمنس��ق اإلقليم��ي لوكال��ة‬ ‫األمم المتحدة لش��ؤون الالجئين بانوس‬ ‫مومتزي��س في كانون الثان��ي المنصرم‬ ‫ع��ن قلق��ه قائ� ً‬ ‫لا‪" :‬ه��ذه أكث��ر األزم��ات‬ ‫اإلنس��انية س��رعة ف��ي تفاقمه��ا‪ ،‬وق��د‬ ‫تفاقم��ت بش��كل أسرع‪...‬أس��رع من أكثر‬ ‫توقعاتن��ا تش��اؤمًا‪ .‬إنه��ا مأس��اة درامي��ة‬ ‫متفجرة وخطيرة جداً"‪.‬‬ ‫وحس��ب المفوضيةالعلي��ا لالجئي��ن‬

‫التابع��ة لمنظمة األم��م المتح��دة ‪ ،‬فإنه‬ ‫يوج��د نح��و ‪ 200‬ألف الجئ مس��جل في‬ ‫لبن��ان وأكث��ر م��ن ‪ 153‬ألف��ا ف��ي تركيا‬ ‫و‪ 69‬ألف��ا في الع��راق و‪ 13‬ألفا في مصر‬ ‫وأكثر من خمسة آالف في شمال أفريقيا‪.‬‬ ‫أم��ا األردن فلديه��ا ‪ 176,600‬الج��ئ‬ ‫سوري‪ ،‬وتش��ير التقديرات إلى أنه ما زال‬ ‫باس��تطاعته اس��تقبال حوال��ي ‪ 280‬ألف‬ ‫الجئ جديد‪.‬‬ ‫وق��ال المتح��دث باس��م المفوضية‬ ‫أدري��ان إدواردز إن هذه الزيادة المرتفعة‬ ‫ف��ي أع��داد الالجئين تزي��د الضغط على‬ ‫مخيم��ات اللجوء التي يعاني س��كانها من‬ ‫الب��رد واألمراض‪ ،‬رغ��م االحتياطات التي‬ ‫اتخذت لمواجهة فصل الشتاء‪.‬‬ ‫وأض��اف أن األس��بوع األول من عام‬ ‫‪ 2013‬ش��هد "ارتفاع��ا كبي��را ف��ي ع��دد‬ ‫الوافدي��ن إل��ى األردن ال��ذي يعبر حدوده‬ ‫يومي��ا ‪ 1,100‬الج��ئ س��وري تقريب��ا‪،‬‬ ‫يكون��ون عادة حف��اة‪ ،‬ويرت��دون مالبس‬ ‫ملطخ��ة بأوح��ال الثل��وج‪ ،‬ويحتاج��ون‬ ‫مساعدات عاجلة‪.‬‬ ‫ويُذك��ر أن ثل��ث مجم��وع الالجئين‬ ‫الس��وريين المس��جلين غ��ادروا بالدهم‬ ‫منذ كان��ون الثاني فقط‪ ،‬وح��ذرت األمم‬ ‫المتح��دة ف��ي نش��رة له��ا م��ن أن ه��ذه‬ ‫األعداد قد ضغطت بش��دة على مواردها‬ ‫المخصص��ة لالجئي��ن الس��وريين وأدت‬ ‫إل��ى تده��ور األوض��اع كثيراً ف��ي بعض‬ ‫المخيمات‪.‬‬


‫اليوني�سيف‪� :‬أ�ضرار ج�سيمة حلقت‬ ‫بالعديد من املدار�س يف �سوريا‬ ‫ومعدالت االلتزام باحل�ضور يف تراجع عندما عربت احلياة‬ ‫�أوجـاع وطـن‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫يه��دد العنف المتصاعد والمس��تمر ف��رص التعليم لدى مئات اآلالف من األطفال الس��وريين بعد مرور‬ ‫حوالي عامين على الثورة حسب تقييم لليونيسيف‪.‬‬ ‫فق��د تغيّ��ب العديد من األطفال عن الدراس��ة لمدة ت��كاد تصل إلى عامين في المدن التي يش��تد فيها‬ ‫العنف بس��بب تعرُّض خُمس المدارس في س��وريا ألضرار مادية مباش��رة أو اس��تخدامها كمالجئ للعائالت‬ ‫النازحة‪.‬‬ ‫يقول الس��يد يوس��ف عبدالجليل‪ ،‬ممثل اليونيسيف في سوريا‪" :‬إن نظام التعليم في سوريا يرزح تحت‬ ‫وطأة العنف الدائر‪ ،‬فبعد أن كانت سوريا تفخر بجودة مدارسها‪ ،‬بدأت اآلن تفقد المكاسب التي حققتها على‬ ‫مدى السنوات‪".‬‬ ‫ويش��ير تقييم اليونيس��يف الذي أجري في كانون األول‪ ،2012‬إلى تردد الكثير من األهالي في إرس��ال‬ ‫أطفالهم إلى المدارس‪ ،‬خوفًا على س�لامتهم خاصة في مدارس إدلب وحلب ودرعاحيث اش��تد القتال بصفة‬ ‫خاصة‪ ،‬ونتيجة لذلك يتغيب الطلبة عن الدراسة‪ ،‬وبعضهم يحضر مرتين في األسبوع فقط‪.‬‬ ‫وفي المقابل‪ ،‬تكتظ الفصول الدراس��ية في المناطق التي تأوي أعداداً كبيرة من األس��ر النازحة لتضم‬ ‫‪ 100‬طالب أحياناً‪ .‬ويقول الس��يد عبدالجليل‪" :‬إن الحضور إلى المدرس��ة يش��عر األطفال باألمان ويجدد لدى‬ ‫الوالدي��ن األم��ل في مس��تقبل أبنائهم‪ ،‬لهذا ّ‬ ‫يرك��ز العديد من أولي��اء األمور على التعلي��م كأولوية قصوى‬ ‫بالنسبة لهم‪".‬‬ ‫ومن بين النتائج األخرى للتقييم‪:‬‬ ‫ تعرضت ما ال يقل عن ‪ 2,400‬مدرسة للضرر الجزئي أو الكلي‪ ،‬منها ‪ 772‬مدرسة في إدلب (‪ 50%‬من‬‫المجموع)‪ ،‬و ‪ 300‬في حلب‪ ،‬و‪ 300‬في درعا‪.‬‬ ‫ تستخدم ما يزيد على ‪ 1,500‬مدرسة إليواء النازحين‪.‬‬‫ قتل ما يزيد على ‪ 110‬معلم وموظف مدرس��ي‪ ،‬والعديد منهم لم يعد يحضر إلى العمل‪ .‬ففي إدلب‪،‬‬‫مث ًال‪ ،‬انخفضت نسبة حضور المعلمين إلى ‪.55%‬‬ ‫ انخفض معدل حضور الطلبة في حلب إلى ‪.6%‬‬‫ استخدمت بعض المدارس من قبل القوات المسلحة‪.‬‬‫وتعمل اليونيس��يف على تلبية احتياجات األطفال التعليمية في س��وريا‪ ،‬وعلى دعم ما يزيد على ‪170‬‬ ‫نادي مدرس��ي في حمص ودرعا وريف دمش��ق وطرطوس والالذقية وحماة والقنيطرة‪ّ .‬‬ ‫وتمكن هذه األندية‬ ‫‪ 40,000‬طفل من تلقي التعليم العالجي الضروري والمش��اركة في أنشطة ترفيهية‪ .‬كما تقدم اليونيسيف‬ ‫اللوازم التدريسية والتعليمية وتساهم في إعادة تأهيل المدارس المتضررة‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر أن اليونيسيف تحتاج إلى مليون دوالر لضمان استمرار األندية في عملها حتى نهاية‬ ‫أيار‪ .‬وسيكون نقص التمويل سببًا أساسياً في عدم توفير المزيد من الفصول الدراسية المجهزة‪ ،‬والحد من‬ ‫عمليات إعادة تأهيل األماكن التعليمية وتقليل اللوازم التعليمية‪.‬‬ ‫وعمومًا‪ ،‬فإن اليونيس��يف بحاجة إلى ‪ 20‬مليون دوالر لمواصلة برامج التعليم في س��وريا خالل األشهر‬ ‫الستة األولى من العام الحالي‪ ،‬لم تتلق منها سوى ‪ 3‬مليون دوالر حتى اآلن‪.‬‬

‫«طري��ق الموت» ه��و ذلك المتحلق الجنوب��ي الذي يلتف‬ ‫حول دمشق من غربها إلى شرقها مروراً بالجنوب‪ ،‬مشكأل‬ ‫النافذة التي تتصل من خاللها مع المدن السورية األخرى‪،‬‬ ‫فعبوره قد يكلفك حياتك بكل س��هولة أو يوقعك جريحاً‪،‬‬ ‫وعل��ى ه��ذا الطريق فقدت حي��اة حياتها لتلفظ أنفاس��ها‬ ‫األخيرة‪.‬‬ ‫حياة‪ ،‬مُدرس�� ٌة تجاوزت الخامس��ة والثالثي��ن من عمرها‪،‬‬ ‫تعي��ش م��ع والده��ا ذي األع��وام الثماني��ن وأخته��ا التي‬ ‫تصغرها سنًا في منزلهم الواقع على أطراف حي القابون‪،‬‬ ‫ق��رب المنطقة التي يتقاط��ع فيها المتحل��ق الجنوبي مع‬ ‫أوتوس��تراد دمش��ق‪-‬حمص الدولي‪ ،‬والتي تش��هد أعنف‬ ‫االشتباكات والمواجهات بين الجيش الحر وجيش النظام‪.‬‬ ‫والد حياة رفض الخروج م��ن المنزل رغم خطورة الوضع‬ ‫التي تزداد يومًا بعد يوم‪ .‬فالقذائف بدأت تنهال قريباً جداً‬ ‫منهم‪ ،‬ومنذ حوالي أس��بوع ألقت الطائ��رة الحربية قنابل‬ ‫حقده��ا وغضبه��ا على ب��اب منزلهم‪ .‬اهتز البيت وسُ��مع‬ ‫دوي انفجار هائل‪ ،‬فما كان من األب إال أن قال لها‪« :‬هناك‬ ‫من يطرق الباب‪ .‬افتحي له يا ابنتي» فربما لم تس��مح له‬ ‫أعوامه الثمانين بتخيل أن يصل حقد اإلنسان هذا الحد‪.‬‬ ‫«إنه فع ً‬ ‫ال ال يس��توعب أننا نعيش حرباً وأن علينا الخروج‬ ‫من المنزل‪ .‬حاولنا إقناعه بش��تى الوس��ائل إال أنه رفض‪.‬‬ ‫وأنا ال أس��تطيع أن أعارض رغبته‪ .‬الموت أصبح قريباً جداً‬ ‫راض عني‪ ،‬لذلك ق��ررت البقاء‬ ‫وأنا أري��د أن أموت وأب��ي ٍ‬ ‫مع��ه حتى النهاي��ة»‪ .‬هذا ما كانت تقول��ه لصديقاتها في‬ ‫حي القابون‪.‬‬ ‫كان��ت تذهب كل يوم إلى هناك س��يراً على األقدام‪ ،‬تعبر‬ ‫الحد الفاصل بي��ن الموت والحياة حيث يقبع قناص ال أحد‬ ‫يعلم متى س��يجعله مزاجه يطلق النار على حياة‪ ،‬أو على‬ ‫غيره��ا‪ ،‬وتذه��ب كي تدرس أطف��ا ًال ما ع��اد بمقدورهم‬ ‫الذه��اب إل��ى المدرس��ة‪ .‬الكثير م��ن أطفال حيه��ا فقدوا‬ ‫مدارس��هم‪ ،‬أو باتوا يخاف��ون الذهاب إلى تل��ك المدارس‬ ‫القريب��ة من القناص‪ ،‬فآثرت حياة أن تتحدى القناص وأن‬ ‫تذهب هي إليهم كي تس��اعدهم في الدراسة‪ ،‬ومع مرور‬ ‫الوقت تح��ول هؤالء األطفال إلى مصدر س��عادتها وباتت‬ ‫تنسى معهم حزنها وتعبها‪.‬‬ ‫ف��ي األس��بوع األخي��ر‪ ،‬وبعد ازدي��اد حاالت الوفاة بس��بب‬ ‫القناص بش��كل كبير‪ ،‬كان أحد الضحايا هو شقيق حياة‪،‬‬ ‫طل��ب أصدقاؤه��ا منها االنتق��ال إلى مكان أكث��ر أماناً‪ ،‬أو‬ ‫التوقف عن المجيء‪ ،‬إال أنه��ا رفضت كال الحلين‪ ،‬وأصرت‬ ‫على االس��تمرار في الخروج من منزلها‪ .‬وفي يوم األربعاء‬ ‫الس��ادس م��ن آذار‪ ،‬وهي عائ��دة إلى بيتها بع��د يوم من‬ ‫الم��رح والضح��ك مع أطفالها‪ ،‬لم ت��درك أن القناص اتخذ‬ ‫قراره اليوم‪ ،‬ولم يحتج ألكثر من رصاصة واحدة استقرت‬ ‫ف��ي صدره��ا‪ .‬لتصبح «حياة» إس��ماً لمدرس��ة زرعت في‬ ‫أطفالها فرحة رغم الموت المحيط‪.‬‬ ‫اس��تلقت حي��اة على طريق الم��وت‪ ،‬تنزف لس��اعاتٍ دون‬ ‫أن يتمك��ن أح��د من إنقاذها أو س��حب الجث��ة‪ ،‬فلم يكتف‬ ‫القناص بقتلها بل أراد حصار جس��دها في نزاعه األخير‪،‬‬ ‫مانع��اً أية محاولة لالقت��راب‪ ،‬ومع غروب الش��مس تمكن‬ ‫بعض ش��باب الحي من الوصول إليها وس��حب جثتها ليتم‬ ‫دفنها في المقبرة التي خصصها األهالي للشهداء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حكاية عن أهالي س��اراييڤو‬ ‫هو مش��هد أعاد إلى ذاكرتي‬ ‫المحاصرة الذين اعتادوا استخدام وسائل متعددة للتحايل‬ ‫عل��ى القن��اص‪ ،‬وكانوا يتداول��ون نصيح��ة للعابرين في‬ ‫ش��وارع يس��يطر عليه��ا قناص��ون‪ :‬إي��اك ان تك��ون ثالث‬ ‫العابري��ن في ش��ارع يقطع��ه قناص‪ .‬فالقناص يش��اهد‬ ‫العاب��ر األول‪ ،‬ويصوّب على الثاني‪ ،‬ويصيب الثالث‪ .‬وربما‬ ‫كانت حياة ثالث العابرين في ذلك اليوم‪.‬‬ ‫نشرت في المدن ‪ 8‬آذار ‪2013‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫سعاد يوسف‬

‫‪3‬‬


‫مبعدون ع��ن طري��ق القذف»عل��ى م�س�ؤوليتهم!‬ ‫زهورغادرتاملخيمال�صحراويلأنهاملجتد�أدنى ُ�سبلالعي�شفيه‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫زهور أم لطفلين والثالث على وشك‬ ‫اللج��وء! وكما يحمل اس��مها داللة الحياة‪،‬‬ ‫ل��م تطق قح��ط المخي��م وه��ي الحامل‬ ‫بشهرها الثامن‪.‬‬ ‫ل��م تتمكن زهور م��ن الصمود أكثر‬ ‫م��ن ‪ 20‬يوم��ا الجئة في مخي��م الزعتري‬ ‫لالجئين الس��وريين على الحدود األردنية‬ ‫الس��ورية‪ ،‬حيث فضلت كغيرها من مئات‬ ‫الس��وريين الع��ودة إل��ى س��وريا رغم ما‬ ‫تش��هده البالد من أح��داث على البقاء في‬ ‫هذا المخيم الصحراوي كما وصفته‪.‬‬ ‫ف��ي س��احة المخيم الرئيس��ة تجمع‬ ‫العش��رات م��ن الس��وريين أغلبه��م م��ن‬ ‫العائ�لات‪ ،‬كانوا ينتظ��رون مناداتهم من‬ ‫قب��ل ش��رطي أردن��ي يق��ف عل��ى بوابة‬ ‫حافل��ة خصص��ت لم��ن قدم��وا طلب��ات‬ ‫ووقع��وا على رغبته��م بالعودة لس��وريا‬ ‫على مسؤوليتهم‪.‬‬ ‫كان��ت زهور تجل��س عل��ى أمتعتها‬

‫مع طفليها الصغيري��ن أمام حافلة تنقل‬ ‫الراغبين بالعودة للحدود غير الرس��مية‪،‬‬ ‫وأك��دت أن الس��ببين وراء قرارها الرجوع‬ ‫إل��ى قريتها الح��راك بدرعا هم��ا «الجوع‬ ‫والبرد»‪« :‬ف��ي الليل والصباح البرد حورة‬ ‫(ش��ديد)‪ ..‬أطفال��ي مرض��وا ويعان��ون‬ ‫م��ن المراجعة واإلس��هال وت��م عالجهم‬ ‫بالمحالي��ل الطبي��ة‪ ..‬الوض��ع هن��ا ال‬ ‫يحتمل»‪.‬‬ ‫وعن الجوع تقول زهور «ال يعطوننا‬ ‫إال معلبات‪ ،‬كيف سأطعم أطفالي معلبات؟‬ ‫عندما طلبنا استالم حليب لألطفال قالوا‬ ‫لنا ال يوج��د وعلينا أن نش��تريه‪ ..‬ما معنا‬ ‫مصاري»‪.‬‬ ‫في أحد ش��وارع المخيم الذي يكتظ‬ ‫بنح��و ‪ 47‬أل��ف الج��ئ س��وري غالبيتهم‬ ‫يعيش��ون ف��ي خي��ام‪ ،‬فضال عن نس��بة‬ ‫تعي��ش ف��ي بي��وت جاه��زة بعضه��ا من‬ ‫الصفي��ح المق��وى (الكرافان��ات) قدمتها‬ ‫له��م الس��عودية‪ ،‬واألخرى م��ن الصفيح‬

‫الخفيف وهو من هيئة اإلغاثة النرويجية‬ ‫المسؤولة عن برنامج الشتاء في المخيم‪.‬‬ ‫أم أيمن ‪ -‬وهي سيدة سورية تجاوز‬ ‫عمره��ا الس��تين ‪ -‬حض��رت للمخيم منذ‬ ‫ثالثة أشهر مع ‪ 16‬من أفراد عائلتها‪ ،‬قالت‬ ‫إنها قدمت أربع طلبات للعودة إلى سوريا‬ ‫ول��م يج��ب عليها‪.‬وذكرت أن س��بب عدم‬ ‫إجابة طلبها ‪ -‬حس��بما أبلغها المسؤولون‬ ‫ف��ي المخيم ‪ -‬هو أن الطريق الذي طلبت‬ ‫الع��ودة منه‪ ،‬وهو طري��ق الطيبة بدرعا‪،‬‬ ‫«غير آمن»‪.‬‬ ‫وتابع��ت «جئن��ا قب��ل ثالث��ة أش��هر‬ ‫ونفدت أموالن��ا واألكل الذي ي��وزع علينا‬ ‫ال يكف��ي‪ ،‬نعاني من الجوع‪ ..‬ال نس��تطيع‬ ‫ش��راء كيلو بن��دورة‪ ،‬وفي الي��وم الواحد‬ ‫يعطون للفرد ثالث خبزات صغيرة وأحيانا‬ ‫كثيرة ال نأخذها نظراً للطابور الطويل»‪.‬‬ ‫كم��ا تحدث��ت بألم ع��ن الب��رد الذي‬ ‫«ينخر عظ��ام األطف��ال»‪ ،‬وأضافت «في‬

‫اللي��ل نضط��ر ألن نزي��ل األغطي��ة عن��ا‬ ‫ونضعه��ا عل��ى أوالد بنات��ي وأوالدي»‪.‬‬ ‫وتابع��ت «أيض��ا أوالدي وبنات��ي يخافون‬ ‫الع��ودة اآلن بعد أن بدأت األنباء تأتي عن‬ ‫احتمال استخدام األسلحة الكيماوية»‪.‬‬ ‫وحس��ب مس��ؤول بالهيئ��ة الخيرية‬ ‫األردني��ة المس��ؤولة ع��ن إدارة المخي��م‬ ‫فإن المطلوب مم��ن يرغبون بالعودة إلى‬ ‫سوريا أن يقدموا طلبات لمحافظ المفرق‬ ‫يوافق عليها وتنظم عملية العبور حسب‬ ‫وضع الحدود‪.‬‬ ‫ويُع��رف م��ن يرغب��ون بالع��ودة‬ ‫بهذه الطريقة بـ»المبعدين عن طريق‬ ‫القذف»‪ ،‬أي عبر الحدود غير الرس��مية‪،‬‬ ‫غي��ر أن الجئين وموظفاً بإدارة المخيم‬ ‫أك��دوا أن هن��اك تنس��يقاً مس��بقًا بين‬ ‫الق��وات األردني��ة وق��وى المعارض��ة‬ ‫الس��ورية لتأمين دخ��ول آمن للراغبين‬ ‫في العودة‪.‬‬

‫تقريـــر �إعالميـــة �أيــام احلـــرية‬ ‫الأ�سبوع الأول من �آذار ‪2013‬‬

‫إعداد‪ :‬نسيبة هالل‬ ‫«وهل هناك أعجب من أن يظهر قائد ال يدخل معركة إال خسرها‪ ،‬وال يرسم خطة‬ ‫إال أفس��دها‪ ،‬ويحكم بالمعتقالت والسجون والتعذيب ثم ينهزم هزيمة ساحقة ماحقة‬ ‫تضع أعداءه في صميم بالده وتس��لبها مقدساتها ثو يقال له بطل القرن‪ ،‬وعندما مات‬ ‫ش��يعت جنازت��ه بضعة ماليين تجهش بالب��كاء‪ ..‬هذه الكلمات‪ ،‬من كت��اب «كيف تفقد‬ ‫الشعوب المناعة ضد اإلستبداد» الذي اختارته «حركة وعي» في حملتها «كتاب بثورة»‬ ‫من تأليف «هشام علي حافظ» و»جودت سعيد» و»خالص جلبي»‪.‬‬ ‫قام��ت «أيام الحري��ة» بالتعاون مع «منظمة الحراك الس��لمي الس��وري» بإصدار‬ ‫منش��ور بعنوان «حقوق األس��رى» ويتضمن الواجبات األساس��ية في معاملة األس��رى‬ ‫مأخوذة من توجيهات الدين اإلسالمي‪ ،‬ومن هذه الحقوق‪ :‬حق المعاملة الحسنة‪ ،‬وحق‬ ‫الطعام والكساء وحق الحرية الدينية‪.‬‬ ‫و حي��ن نتعل��م من تجارب بقية الش��عوب في ثوراتها‪ ،‬نوفر على أنفس��نا ارتكاب‬ ‫األخطاء والكثير من الخس��ائر‪ ،‬فثورة تشيلي اس��تمرت ‪ 16‬سنة‪ ،‬كان حصيلتها ثالثون‬ ‫أل��ف قتيل‪ ،‬واآلالف األخ��رى من المعتقلي��ن والمعذبين والمغتصبين‪ ،‬وحين اس��تلمت‬ ‫الحك��م حكوم��ة مدني��ة‪ ،‬ش��كلت «اللجن��ة الوطني��ة للحقيق��ة‬ ‫والمصالحة» التي قدمت بعد ‪ 9‬شهور تقريرا تضمن توثيق حاالت‬ ‫القتل واالختفاء وانتهاكات حقوق اإلنس��ان‪ ،‬ووجهت التهم وتمت‬ ‫محاكمة المس��ؤولين‪ .‬هذه المعلومات طرحتها «أيام الحرية» في‬ ‫منشورها الرابع ضمن حملة «تجارب الشعوب والعدالة»‪.‬‬ ‫كما ص��در العدد األول من مجلة «طي��ارة ورق» وهي مجلة‬ ‫نصف ش��هرية جدي��دة مخصصة لألطفال من عم��ر ‪ 7‬وحتى ‪14‬‬ ‫س��نة‪ ،‬تصدره��ا «مجموع��ة الدعم النفس��ي وحماي��ة األطفال»‬ ‫بالتع��اون م��ع جري��دة «عنب بل��دي» و»منظمة الحراك الس��لمي‬ ‫السوري»‪.‬‬ ‫و ضم��ن منش��ورات «أي��ام الحري��ة» في مجموعته��ا «هذه‬ ‫حقوق��ي» تحدثت في منش��ورها ع��ن المادة األول��ى من حقوق‬ ‫اإلنسان‪ :‬يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق‪،‬‬ ‫واالس��تبداد والظلم ليس له ل��ون أو مذهب فهو مرفوض من اي‬ ‫جهة يمارس‪.‬‬ ‫و لتوثي��ق جرائم النظام‪ ،‬هناك العديد من األمور التي يجب‬ ‫االلت��زام به��ا‪ ،‬كي يصب��ح التوثي��ق احترافيا‪ ،‬ويكون م��ن األدلة‬ ‫المقبول��ة أثناء المحاكم��ات‪ ،‬لذلك ذكرت «أيام الحرية» ش��روط‬ ‫التوثي��ق الناج��ح في منش��ورها بعن��وان «كيفية توثي��ق جرائم‬ ‫النظام»‪.‬‬ ‫كما أصدرت منش��ورا بالتعاون مع جريدة س��وريتنا وجمعية‬

‫حماي��ة اآلثار الس��ورية يتحدث ع��ن متحف حمص األث��ري وكيف صار نهبة للعس��اكر‬ ‫وانتثرت قطعه األثرية الثمينة في الشوارع المحيطة به على قارعة الطريق‪.‬‬ ‫هذا المنش��ور هو ضمن سلس��لة من المناش��ير عن اآلثار والمتاحف السورية وما‬ ‫تتع��رض له من انتهاكات منذ بداية الثورة الس��ورية ولغاية اآلن‪ ،‬وهو مأخوذ من ملف‬ ‫خاص صدر في جريدة سوريتنا من إعداد فريق حماية اآلثار السورية‪.‬‬ ‫و بمناس��بة ي��وم الم��رأة العالمي‪ ،‬تحية من األعم��اق للمرأة الس��ورية التي كانت‬ ‫حاض��رة دوم��ا في كل لحظ��ة في الثورة الس��ورية‪ ،‬حيث ش��اركت في كل النش��اطات‬ ‫الثورية بكثافة‪ ،‬وكانت باإلضافة إلى ذلك داعمة للرجل الثائر‪ ،‬كانت أم الش��هيد‪ ،‬وابنة‬ ‫المعتقل‪ ،‬وأخت الجريح المصاب‪ ،‬كانت وما زالت منارة للثورة‪.‬‬ ‫شاركونا صنع الحضارة‪ ،‬بالثورة على ما في نفوسنا من أفكار أنتجت الطغيان‪.‬‬ ‫ثورتنا على أفكارنا أو ًال‪ ،‬ثورتنا على االستبداد في عقولنا وقلوبنا‪ ،‬وفي كل مكان‬ ‫آخر‪ ،‬فشاركونا الثورة نحو مجتمع يضمن حقوق الجميع‪.‬‬ ‫لنشارك بالثورة‪ ،‬و لنغرس كل ما نستطيع من الفسائل لنبني الوطن‪.‬‬ ‫الثورة السورية ثورة تاريخية عظيمة ‪ -‬مع أيام الحرية شاركنا الثورة‬


‫مات بعمر الواحدة والع�شرين‪ :‬ملاذا ال يفعل العامل �شيئ ًا؟‬ ‫مقاتل وجهادي بريطانيا‬

‫ت��م التأك��د من وجود جهاديين م��ن أصل هندي يقاتلون إل��ى جانب الثوار‬ ‫في الحرب العنيفة الدائرة في س��وريا‪" .‬هذا الس��بب الذي يدفعنا لالعتقاد بأنه‬ ‫على الهند أن تلعب دوراً أكثر فعالية‪ ،‬ألن هذا الصراع الممتد لن يترك أحداً دون‬ ‫أن يؤثر به"‪ ،‬هذا ما قالته بثينة ش��عبان‪ ،‬المستش��ارة السياس��ية للرئيس بشار‬ ‫األسد‪ ،‬في حديث مع "‪ ."TOI‬وأشارت لمبعوث األمم المتحدة األخضر االبراهيمي‬ ‫بقولها أنه يوجد مقاتلون من حوالي ‪ 38‬جنسية أجنبية اليوم في سوريا‪.‬‬ ‫وتوجد ش��عبان اآلن في الهند كبمعوثة خاصة لألس��د‪ ،‬لتنقل رس��الة منه‬ ‫لرئي��س الوزراء الهندي مانموهان س��ينغ‪ ،‬حيث أن س��وريا تأم��ل من الهند أن‬ ‫تأخ��ذ دوراً قيادي��اً ف��ي مؤتمر البريكس الق��ادم‪ ،‬وأن "تدعم" روس��يا والصين‬ ‫ف��ي موقفهما من الص��راع‪ .‬كال البلدين صوتا بالفيتو ض��د قرار مجلس األمن‬ ‫المعارض للنظام السوري‪.‬‬ ‫وتقول شعبان أن العديد من المقاتلين الهنود الموجودون اآلن في سوريا‬ ‫ج��اؤوا من المملك��ة المتح��دة‪ .‬وتضيف ش��عبان أن الرواية الغربي��ة لما يحدث‬ ‫في س��وريا خاطئة‪ ،‬وأن الحرب الدائرة هن��اك اآلن تغذيها كل من تركيا وقطر‬ ‫بمساعدة من المملكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫كم��ا تؤك��د ش��عبان بأنهم ال يري��دون بأن يتح��ول ذلك إلى ص��راع طائفي‪.‬‬ ‫وتضي��ف أنها أبلغت الوزير س��لمان خورش��يد بأنه على الهن��د أن تكون حذرة من‬ ‫البلدان التي تقوم بإنشاء مساجد هنا إذ أن دمشق تعيش اآلن نتائج أفعال كهذه‪.‬‬ ‫‪http://timesofindia.indiatimes.com/world/middle-east/‬‬ ‫‪Indian-origin-jihadis-fighting-in-Syria-against-Assad-regime/‬‬ ‫‪articleshow/18868094.cms‬‬

‫أسبوعية‬

‫وصلت بش��رى (‪ 19‬عام��ا) وطفالها‬ ‫حني��ن وس��لطان‪ ،‬مع عش��رين ف��ردا من‬ ‫عائل��ة زوجه��ا م��ن حمصإل��ى مدين��ة‬ ‫طرابلس بش��مال لبنان لتقيم في منزل‬ ‫شديد التواضع ال تتعدى مساحته عشرين‬ ‫مت��را مربعابمنطق��ة تعرف باس��م "حي‬ ‫التنك"‪ ،‬حيث س��قوف المنازل من الحديد‬ ‫المثبت بإطارات مطاطية‪ ،‬ومعالم األزقة‬ ‫تحددها حفر تغمرها المياه اآلسنة‪.‬‬ ‫أما حنين ‪ -‬التي تعاني من تشوهات‬ ‫خلقية ف��ي الفم واألن��ف يتطلب عالجها‬ ‫عملي��ات جراحي��ة ‪ -‬فهي تص��رخ بصوت‬ ‫ع��ال ط��وال اليوم‪ .‬وتس��عى بش��رى من‬ ‫ٍ‬

‫خالل مفوضية الالجئين لتوفير مساعدة‬ ‫نفس��ية لطفلته��ا التي قيل إنه��ا تغيرت‬ ‫جراء الجو الذي يعيشون فيه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫مجهول‬ ‫زوج بش��رى ب��ات منذ ع��ام‬ ‫المصي��ر‪ ،‬ومنزله��ا ف��ي حمصأكلت��ه‬ ‫الني��ران‪ ،‬األم��ر ال��ذي أجبره��ا عل��ى بيع‬ ‫ذهبه��ا لتنتقل إلى لبن��ان‪ ،‬لتصبح هناك‬ ‫"الالجئ��ة الس��ورية رق��م مليون"‪.‬حي��ن‬ ‫أخبرها مسؤولو المفوضية العليا لشؤون‬ ‫الالجئي��ن ف��ي طرابلس برقمه��ا‪ ،‬دمعت‬ ‫عيناها ألنها أدركت أن ثمة مليون سوري‬ ‫يعيشون التجربة نفسها‪ ..‬تعيش بشرى‬ ‫حاليا مع أه��ل زوجها‪ ،‬وهم والداه وثالثة‬

‫من أبنائهما أحدهم مصاب بإعاقة تلزمه‬ ‫الكرس��ي المتحرك‪ ،‬وأربع بنات متزوجات‬ ‫مع عائالتهن‪.‬‬ ‫وتدف��ع العائل��ة إيجاراً ش��هرياً قدره‬ ‫‪ 250‬دوالراً‪ ،‬يوف��ره االب��ن الراب��ع ال��ذي‬ ‫ال ي��زال يتنق��ل في ش��احنته بي��ن لبنان‬ ‫وس��وريا‪ ،‬بينم��ا تقي��م زوجت��ه وأبن��اؤه‬ ‫الثالث��ة في المن��زل الذي تغط��ي زواياه‬ ‫فرش��ات إس��فنجية تس��تخدم للنوم‪.‬فقد‬ ‫تس��ببت الرطوب��ة المرتفع��ة والرائح��ة‬ ‫الكريه��ة ف��ي داخل��ه بالتهاب��ات ح��ادة‬ ‫للطفل‪ ،‬ال حل لها سوى اإلقامة في منزل‬ ‫يتمتع بالحد األدنى من الشروط الصحية‪.‬‬

‫تش��كل حالة بش��رى وعائلتها مثا ًال‬ ‫عل��ى وضع الكثير من العائالت الس��ورية‬ ‫التي أجبرت عل��ى العيش بذات الظروف‪،‬‬ ‫لك��ن ه��ذه األم ‪ -‬التي تتولى مس��ؤولية‬ ‫طفلي��ن وهي م��ا زال��ت دون العش��رين‬ ‫ربيع��ًا ‪ -‬باتت تحمل رقم��ا رمزيا يذكرها‬ ‫بمعاناة شعبها‪.‬‬ ‫وتقول بشرى إن صفة "الالجئة رقم‬ ‫مليون" ال تعني لها الكثير على المستوى‬ ‫ٌ‬ ‫ودليل على‬ ‫الشخصي‪ ،‬بل هي رقم مؤذٍ‬ ‫أزم��ة صعبة‪ ،‬وتضيف أنه إذا بقي الوضع‬ ‫على ما هو عليه فهي تفضل العودة إلى‬ ‫سوريا‪ ،‬ألن الغربة مذلة‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ع�شرون �شخ�ص ًا يعي�شون على م�ساحة ع�شرين مرت ًا‪ ..‬وب�شرى‪ ،‬الالجئة رقم‬ ‫مليون‪ ،‬يح ّز يف نف�سها وي�ؤملها هذا الرقم‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬

‫جهاديون من �أ�صل هندي يقاتلون‬ ‫يف �سوريا �ضد نظام الأ�سد‬

‫دوناتيال روفيرا‪ .‬مسؤولة كوارث رفيعة المستوى في منظمة العفو الدولية‬ ‫ف��ي مش��فى ميداني‪ ،‬لن أقوم بذكر اس��مه لض��رورات أمنية‪ ،‬م��ع التذكير ب��أن الكثير من‬ ‫المش��افي الميدانية تم قصفها فيما س��بق‪ ،‬في ذلك المشفى كان عبد الحق‪ ،‬ولد له من العمر ‪7‬‬ ‫سنين‪ ،‬يرتجف كورقة خريف ويئن من األلم في بطنه وقدميه‪.‬‬ ‫ق��ام أقرب��اء عبد الحق بجمع أش�لاء أخيه نزار‪ 3 ،‬س��نين‪ ،‬من أج��ل دفنها‪ .‬أما أخي��ه الثالث‪،‬‬ ‫صبحي‪ 8 ،‬سنين‪ ،‬فقد كان مفقوداً حتى تلك اللحظة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫في نفس الغرفة‪ ،‬كان مصطفى (‪ 6‬سنين) مستلقيا في سرير‪ ،‬تغطي رأسه وعنقه وأكتافه‬ ‫ج��روح جراء ش��ظايا قنبلة أصابت��ه‪ .‬كان وحيداً في انتظ��ار أن يأتي أحد من عائلت��ه للبحث عنه‪.‬‬ ‫أخبرن��ي مصطفى أنه كان في زيارة ألقربائه عندما حدثت الغارة الجوية‪ ،‬وأفاد أحد الجيران بأن‬ ‫أقرباء مصطفى تأذوا بشكل كبير جراء الغارة وهو ال يعرف إن كانوا ال يزالون على قيد الحياة‪.‬‬ ‫وفي غرفة أخرى‪ ،‬رأينا فهد (‪ 9‬سنين) وقد أصيب بجروح في قدمه اليسرى بسبب الشظايا‪،‬‬ ‫وكان ال يفتأ يردد‪" :‬بابا‪ ،‬أنا ال أريد أن أموت‪ .‬أريد أن أعود إلى المنزل"‪ .‬إال أن فهد يعتبر محظوظًا‬ ‫إذ أن جروحه كانت طفيفة مقارنة باألطفال اآلخرين الذين رأيتهم‪.‬‬ ‫ه��ؤالء األطف��ال هم بعض ضحاي��ا الهجوم بالقناب��ل العنقودية الذي حدث صب��اح الجمعة ‪1‬‬ ‫آذار واس��تهدف تجمعًا س��كانيًا مكتظاً في حلب‪ .‬قُتل في ذلك الهجوم ‪ 19‬ش��خصًا على األقل وجرح‬ ‫أكثر من ‪ ،60‬ولن نعرف العدد النهائي للضحايا قبل مرور عدة أيام‪ ،‬وذلك بس��بب نزوح العديد من‬ ‫العائالت من المنطقة خوفًا من حدوث هجمات مشابهة‪ .‬تم إخالء المكان من الجرحى األكثر خطورة‬ ‫ونقلوا إلى مشافٍ في تركيا‪ ،‬أما البقية فتتم معالجتهم في عدة مشافٍ ميدانية حول المدينة‪.‬‬ ‫عندما حدث الهجوم‪ ،‬وكانت حينها الساعة حوالي الحادية عشرة والنصف صباحًا‪ ،‬كان الكثير‬ ‫من األطفال والذين وقعوا ضحايا الهجوم يلعبون في األزقة والحدائق في ذلك المجمع السكني‪.‬‬ ‫وصلتُ إلى حلب بعد ذلك بفترة قصيرة وذهبت إلى تلك المنطقة‪ ،‬مساكن هنانو‪ ،‬والتي تقع إلى‬ ‫الشرق من مركز المدينة‪ .‬كان الوضع أسوأ مما تحدثت عنه التقارير المبدئية‪.‬‬ ‫قام س�لاح الجو السوري بإلقاء تس��ع قنابل عنقودية روسية الصنع – كل واحدة منها تحمل‬ ‫‪ 150‬قنبلة – وس��ط مجمع س��كني كبير‪ .‬عث��رت على العديد منها هناك‪ :‬واح��دة على بعد ثمانية‬ ‫أمتار من باب أحد األبنية‪ ،‬ثالث في حديقة صغيرة بين األبنية‪ ،‬واحدة على أحد األس��طح‪ ،‬اثنتان‬ ‫في فسحة فارغة صغيرة بين األبنية‪ ،‬واحدة في منتصف أحد األزقة‪ ،‬وواحدة في حديقة أخرى‪.‬‬ ‫كم��ا عثرت أيضاً عل��ى قنابل لم تنفجر في جمي��ع أنحاء المكان‪ :‬على أس��طح األبنية‪ ،‬على‬ ‫األرصف��ة وفي األزقة والحدائق بين األبنية‪ .‬قام مقاتلو المعارضة المس��لحة الذين يس��يطرون‬ ‫على المنطقة سريعاً بتجميع القنابل الغير منفرة ووضعها في أكياس‪ .‬كانت جدران األبنية مليئة‬ ‫بالثقوب الصغيرة بسبب الشظايا‪ ،‬وكنت ترى هنا وهناك فجوات في الجدران بسبب اختراق تلك‬ ‫القنابل المميتة للجدران‪ ،‬منفجرة داخل منازل السكان‪.‬‬ ‫نورا‪ ،‬امرأة لها من العمر عش��رون عامًا رأيتها في أحد المشافي‪ ،‬أخبرتني أنها أصيبت داخل‬ ‫منزله��ا‪ .‬أخته��ا التي كانت إل��ى جابنها س��ألتني‪" :‬لماذا ال يفعل العالم ش��يئًا‪ ،‬فيما نس��تمر نحن‬ ‫بالتحول إلى أشالء داخل منازلنا كل يوم؟"‪ ..‬لم يكن لدي جواب‪.‬‬ ‫أي��ًا يك��ن ذاك الذي يأمر بش��ن تل��ك الهجمات القاس��ية والعش��وائية – ومن بينه��ا القنابل‬ ‫العنقودي��ة المحرمة دوليًا ‪ ،-‬وكذلك الطيارون الذين يقوم��ون بإلقاء تلك القنابل‪ ،‬هم يقومون‬ ‫بذل��ك وه��م يعلمون تمامًا أنه��م يقتلون ويؤذون ويش��وهون أطفا ًال ومدنيي��ن ال دخل لهم في‬ ‫الصراع الدائر‪.‬‬ ‫عليهم أيضًا أن يعلموا أنهم سوف يحاسبون يومًا ما على ارتكابهم جرائم الحرب هذه‪.‬‬ ‫‪http://livewire.amnesty.org/201302/03//why-is-the-world-doing-nothing‬‬‫‪cluster-bomb-attack-by-the-syrian-army-in-aleppo/‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫تحدث��ت صحيف��ة الصان��داي تايمز يوم األح��د عن مقتل أحد المس��لحين‬ ‫البريطانيين في س��وريا أثناء مش��اركته في القتال المس��لح ضد نظام بش��ار‬ ‫األسد‪.‬‬ ‫ابراهيم المزواجي كان معروفاً بين أصدقائه بحبه لالنغماس في األعمال‬ ‫واأللع��اب الخطرة‪ .‬وقد أمضى عطلته األخيرة التي أودت به نحو نهايته‪ ،‬يقاتل‬ ‫إلى جانب الجهاديين اإلسالميين في سوريا‪.‬‬ ‫تتح��دث الصحيفة عن المزواجي بقولها أنه ولد ش��مال غرب لندن ودرس‬ ‫في جامعة هيرتفوردشاير في هاتفيلد‪ ،‬وقد قتل في سوريا قبل أن يتم عامه‬ ‫الـ‪ 22‬وبذلك يكون أول مقاتل بريطاني يُكش��ف عن هويته من ضمن األجانب‬ ‫الذين استشهدوا وهم يقاتلون في سوريا‪.‬‬ ‫كذلك تش��ير الصحيفة إلى أن المزواجي كان معروف��ًا بلقب "أبي الفداء"‬ ‫وهو "واحد من نحو ‪ 80‬بريطانياً يعتقد أنهم س��افروا إلى س��وريا في العامين‬ ‫الماضيين للمش��اركة في القتال ض��د الحكومة الس��ورية‪ .‬إن وجود هذا العدد‬ ‫الكبير من الش��باب البريطانيين في منطقة حرب مش��تعلة مثل س��وريا شكل‬ ‫اهتماماً وتنبيهاً للسلطات البريطانية"‪.‬‬ ‫‪http://www.thesundaytimes.co.uk/sto/news/uk_news/National/‬‬ ‫‪Terrorism/article1224370.ece‬‬

‫قنابل عنقودية ي�ضربها اجلي�ش‬ ‫ال�سوري على حلب‪..‬‬

‫‪5‬‬


‫�سوريا و�أوهام التق�سيم‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫لن متر دولتكم الطائفية‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫استكما ًال لملفنا السابق عن تحديات‬ ‫ما بعد س��قوط النظام‪ ،‬ال��ذي ذهب أبعد‬ ‫فأبع��د ف��ي بناء ما س��ماه الباح��ث "نزيه‬ ‫األيوب��ي" الدولة الشرس��ة وهي بحس��ب‬ ‫الباح��ث ش��ديدة التعارض م��ع المجتمع‪،‬‬ ‫ال تس��تطيع التعامل معه إال عبر القس��ر‬ ‫والق��وة الخ��ام حتى غ��دا اس��تمراره في‬ ‫الحكم مس��اوياً لم��وت س��وريا بعد موت‬ ‫السوريين‪.‬‬ ‫عس��كري أردن��ي خبي��ر يق��ول في‬ ‫أداء جي��ش النظام إنه يتبع إس��تراتيجية‬ ‫عس��كرية اس��مها التطهي��ر والعق��اب‬ ‫الجماع��ي حيث يقص��ف كل قرية تطلق‬ ‫منه��ا رصاصة أو يلوذ بها منش��ق ال على‬ ‫التعيين وحيث عزلت المجموعات الس��نية‬ ‫م��ن الجيش النظامي تمامًا بال ذخيرة وال‬ ‫دعم لوجس��تي وبال س�لاح حديث يتجاوز‬ ‫متطلبات الغف��ارة فقط وتقصف مناطق‬ ‫كاملة على أساس طائفي‪ ..‬هذه عمليات‬ ‫جوي��ة ال يمكنه��ا أن تك��ون عس��كرية أو‬ ‫أمني��ة ب��ل طائفي��ة وتطهيري��ة بامتياز‬ ‫وفق��ا للخبير األردن��ي الذي س��بق له أن‬ ‫شاهد نفس التكتيك من قبل سالح الجو‬ ‫الصربي فقط ضد المس��لمين ومن قبل‬ ‫سالح الجو األمريكي ضد الفلوجة‪.‬‬ ‫ف��ي المقاب��ل ب��دأ الث��وار برف��ع‬ ‫راياته��م عل��ى األراضي المح��ررة‪ ،‬وبعد‬ ‫راي��ة الرق��ة س��يعتاد الس��وريون رف��ع‬ ‫الرايات‪ ،‬ونحن نعيش الس��فر األخير من‬ ‫الملحمة الس��ورية وم��ع اقت��راب النظام‬ ‫من النهاي��ة يتواتر الحديث عن تقس��يم‬ ‫س��وريا‪ ،‬وتنطلق جوق ٌة م��ن التصريحات‬ ‫والسيناريوهات للتقس��يم ويبدو النظام‬ ‫قائ��داً له��ذه الجوق��ة‪ ،‬ولن��ا الم��رور على‬ ‫بعض هذه التصريح��ات التي ننقلها من‬ ‫مصادرها‪.‬‬ ‫ففي حديثٍ له مع صحيفة األهرام‬ ‫سُ��ئل محمد حس��نين هيكل عن الوضع‬ ‫في سوريا‪ ،‬فأجاب‪ :‬هناك غير مقبول آخر‬ ‫يجري في سوريا بعد ما سبقته هو اآلخر‬ ‫مرحل��ة م��ن غي��ر المعق��ول‪ ،‬يكفي في‬ ‫س��وريا هذا الذي جري في عملية توريث‬ ‫رئاس��ة الدول��ة‪ ،‬وكان س��ابقة خطي��رة‪،‬‬ ‫كان اإلصرار علي التوريث مهينا للش��عب‬ ‫الس��وري بكل معيار‪ .‬بداية التوريث كان‬ ‫م��ن الرئيس 'حافظ' إلي ش��قيقه' رفعت‬ ‫األسد'‪ ،‬ثم وقع الش��قاق بين األخ وأخيه‪.‬‬ ‫وإذا إرث الرئاس��ة ينتقل بوضوح من األخ‬ ‫الش��قيق إلي االبن الكبير' باسل األسد'‪،‬‬ ‫ث��م تقع حادثة مؤلمة لـ' باس��ل األس��د'‪،‬‬ ‫وإذا إرث رئاس��ة الدول��ة ينتق��ل منه إلي‬ ‫األخ األصغر 'بشار'‪ .‬وهذا غير معقول في‬ ‫نظام جمهوري‪.‬‬ ‫المؤلم أن غي��ر المقبول فيما يجري‬ ‫في س��وريا بعد غير المعقول الذي سبقه‬ ‫معضلة كب��ري لألمة ذاته��ا‪ .‬التغيير في'‬ ‫س��وريا' مطل��وب‪ ،‬لك��ن تدخال عس��كريا‬

‫أجنبي��ا ف��ي س��وريا ف��ي ه��ذه اللحظ��ة‬ ‫مخي��ف‪ ،‬وصحي��ح أن النظ��ام أس��اء إل��ي‬ ‫ش��رعيته بقس��وة‪ ،‬لك��ن البدي��ل بالغزو‬ ‫األجنب��ي ف��ي ه��ذه الظ��روف يصع��ب‬ ‫تقدي��ر عواقب��ه‪ ،‬خصوص��ا بع��د ما جري‬ ‫ف��ي 'العراق' و'اليمن' و'الس��ودان' وأخيرا‬ ‫'ليبي��ا'‪ ،‬ال تتحم��ل المنطق��ة م��ن 'بغداد'‬ ‫إل��ي 'بني غازي' بالع��رض‪ ،‬وال من 'حلب'‬ ‫إلي 'ع��دن' بالط��ول‪ ،‬كل ه��ذا الذي يقع‬ ‫وبإلحاح وإص��رار علي أنه��ا اإلزاحة هنا‪،‬‬ ‫واآلن وبواس��طة تدخل جيوش وأساطيل‬ ‫أجنبية‪.‬‬ ‫المهم أن األزمة في 'سوريا' بالفعل‬ ‫أزم��ة نظام جاوز الالمعق��ول‪ ،‬لكن عالج‬ ‫الالمعق��ول ال يج��يء ب��دواء الالمقبول‪،‬‬ ‫وبع��ض ما يجري ف��ي 'س��وريا' مقصود‬ ‫ب��ه 'إي��ران' كه��دف أساس��ي ف��ي م��لء‬ ‫فضاء الش��رق األوسط‪ ،‬والذين يغامرون‬ ‫بالالمقب��ول ال تهمهم العواقب‪ ،‬وربما أن‬ ‫هذا سر غضب بعضهم‪ ،‬وبينهم الرئيس‬ ‫الفرنس��ي 'س��اركوزي' عل��ي البطريرك‬ ‫المارون��ي بش��ارة الراع��ي ألن��ه تحفظ‬ ‫تج��اه ما يمكن أن يجري في س��وريا علي‬ ‫مستقبل موارنة لبنان‪.‬‬ ‫ولم يكن 'ساركوزي' وحده هو الذي‬ ‫انتقد البطريرك الماروني‪ ،‬ولكن س��بقه‬ ‫بعض زعم��اء القبائ��ل الع��رب‪ ،‬الذين ال‬ ‫يهمه��م التاري��خ القدي��م في 'س��ايكس‬ ‫بيك��و' األول��ي وال يلفت نظره��م الجديد‬ ‫الكامن في 'س��ايكس بيك��و' الثانية‪ .‬هذا‬ ‫ه��و المش��روع الغرب��ي ف��ي م��لء فراغ‬ ‫المنطق��ة‪ ،‬ويج��يء بعد ذلك مش��روعان‬ ‫وشبح مشروع ال مستقبل له في ظني‪.‬‬ ‫هناك مش��روع إيران��ي وهو محدود‬ ‫ف��ي إط��اره ألس��باب عدي��دة‪ ،‬تضعه��ا‬ ‫الجغرافيا بالمس��افات‪ ،‬ويصنعها التاريخ‬ ‫بالثقاف��ات‪ ،‬إل��ي جانب أن هذا المش��روع‬ ‫تح��ت حص��ار‪ ،‬وعليه ف��إن إس��تراتيجيته‬ ‫اآلن دفاع‪ - ،‬وهناك أيضا مش��روع تركي‬ ‫لديه ح��ظ أكبر‪ ،‬ألن أساس��ه التاريخي ال‬ ‫يزال في الذاكرة‪ ،‬وال يزال في المواريث‪.‬‬ ‫وبمنته��ي األمان��ة فأن��ا لس��ت متحمس��ا‬ ‫لهذه اللهجات بالغم��ز واللمز علي تركيا‪،‬‬ ‫خصوصا في أعقاب زيارة رئيس وزرائها‬ ‫الطي��ب أردوغان‪ .‬كل منطق��ة في الدنيا‬ ‫أرض وم��وارد وأه��م م��ن ذل��ك فض��اء‬ ‫سياسي وثقافي وعس��كري‪ ،‬فضاء نفوذ‬ ‫وقدرة وهيبة وهذا الفضاء ال يقل أهمية‬ ‫عن األرض والموارد‪.‬‬ ‫وكان ظن��ي أن أفض��ل الخي��ارات‬ ‫المطروح��ة ه��ذه اللحظ��ة أن يس��تطيع‬ ‫الع��رب تأمي��ن ت��وازن ف��ي موقفه��م‬ ‫يص��ون مصالحه��م‪ ،‬وال يقم��ع طموحات‬ ‫مس��تقبلهم‪ ،‬وال يك��ون مقاولة 'تس��ليم‬ ‫مفت��اح'!!‪ ،‬وتأمي��ن الت��وازن ف��ي الحال��ة‬ ‫العربي��ة البد أن يتم بدرج��ة من التعاون‬ ‫م��ع الج��وار اإلقليمي اإلس�لامي‪ ،‬بصرف‬

‫النظر عن فرقة المذاهب‪ ،‬وأنا ال أحسبها‬ ‫فرق��ة‪ ،‬وإنم��ا رؤي مختلف��ة ف��ي التاريخ‬ ‫وفي الثقافة‪.‬‬ ‫لك��ن الظاهر من الخطاب الرس��مي‬ ‫العرب��ي الس��ائد‪ ،‬ه��و ع��داء إي��ران‪،‬‬ ‫والتش��كيك ف��ي تركي��ا‪ .‬والع��داء إليران‬ ‫بالتركي��ز علي مذاهب س��وف ي��ؤدي إلي‬ ‫كوارث في شبه الجزيرة العربية‪ ،‬بدايتها‬ ‫ما نري في 'اليمن' و'البحرين'‪ .‬والتشكيك‬ ‫في تركيا واس��تدعاء الجانب المظلم من‬ ‫التجربة العثمانية القديمة‪ ،‬قد يرفع تركيا‬ ‫لالنضمام إلي 'س��ايكس بيك��و' الجديدة‬ ‫شراكة مع الغرب األمريكي األوروبي في‬ ‫نصي��ب من الموارد والمواقع‪ .‬كانت تركيا‬ ‫العثماني��ة هي الضحية الت��ي توزع إرثها‬ ‫علي اآلخرين في 'سايكس بيكو' األولي‪.‬‬ ‫واآلن واإلرث العرب��ي القوم��ي‬ ‫ي��وزع علي األطراف في 'س��ايكس بيكو'‬ ‫الجديدة‪ ،‬فإن تركيا إم��ام إغراء أن تكون‬ ‫ش��ريكاً ف��ي اإلرث الجديد بع��د أن كانت‬ ‫ضحية في سابقه‪.‬‬ ‫كما حذر مدير مركز ديان لدراس��ات‬ ‫الش��رق األوس��ط بتل أبيب‪ ،‬عوزي رابي‪،‬‬ ‫من تفكك سوريا طائفيًا إلى دويالت بعد‬ ‫س��قوط الرئيس الس��وري‪ .‬وق��ال عوزي‬ ‫رابي في تصريح لإلذاعة اإلسرائيلية بأنه‬ ‫ق��د تقوم دويالت كردية وس��نية وعلوية‬ ‫بحي��ث يتدف��ق العلوي��ون إل��ى المناطق‬ ‫الساحلية مثل طرطوس والالذقية‪ ،‬بينما‬ ‫يتمس��ك الس��نّيون بالعاصم��ة دمش��ق‬ ‫ومدينة حلب"‪ .‬ولم يس��تبعد رابي من أن‬ ‫تخلف األس��د معارضة تحمل طرحاً جديًا‬ ‫الس��تقرار س��ورية ما بعد األسد‪ ،‬ويتوقع‬ ‫المزيد من س��فك الدم��اء وحالة من عدم‬ ‫االس��تقرار‪ ،‬ستنعكس س��لبًا على الدول‬ ‫المج��اورة وربم��ا على الش��رق األوس��ط‬ ‫برمته"‪.‬‬ ‫وف��ي ذات الس��ياق أع��دت دراس��ة‬ ‫إسرائيلية للباحثين "ألون لفين" و"يوفال‬ ‫بوستان" بمركز أبحاث "سيكور ميموكاد"‬ ‫مخطط��اً جدي��داً لتقس��يم س��وريا إل��ى‬ ‫دولتي��ن األول��ى علوي��ة والثاني��ة س��نية‬ ‫للحيلولة دون صعود الس��نة لسدة الحكم‬ ‫مثلما صعد اإلخوان المسلمون في مصر‪،‬‬ ‫وأش��ارت الدراس��ة إل��ى أن ع��دم اتف��اق‬ ‫الدول العظم��ى على التدخل العس��كري‬ ‫في س��وريا لوق��ف آلة القت��ل التي تعمل‬ ‫بشراس��ة هن��اك‪ ،‬يؤك��د النظري��ة الت��ي‬ ‫مفادها أن س��وريا أصبحت ساحة جديدة‬ ‫للحرب الباردة بين قطبين كالس��يكيين‪،‬‬ ‫القط��ب الديمقراط��ي بقي��ادة الوالي��ات‬ ‫المتح��دة واألوروبيي��ن وحلفائهم العرب‪،‬‬ ‫وقط��ب الممانعة بقيادة روس��يا والصين‬ ‫وحلفائه��م التقليديي��ن إي��ران وفنزويال‬ ‫وآخرين‪.‬‬ ‫وخلص��ت الدراس��ة إلى أن تقس��يم‬

‫س��وريا لدولتين علوية في الغرب وسنية‬ ‫ف��ي الش��رق يص��ب ف��ي مصلح��ة كافة‬ ‫العناص��ر الفاعلة بالمنطق��ة‪ ،‬مؤكدة أن‬ ‫الص��راع المحت��دم في س��وريا ه��و جزء‬ ‫من موج��ة الثورات التي اجتاحت الش��رق‬ ‫األوس��ط‪ ،‬مش��يرة إل��ى أن ه��ذا الصراع‬ ‫يجس��د ع��دة صراع��ات أخ��رى محتدم��ة‬ ‫في الش��رق األوس��ط‪ ،‬فمن ناحية يجسد‬ ‫الصراع بي��ن األتراك والع��رب ضد إيران‬ ‫واألس��د وح��زب اهلل‪ ،‬وك��ذا الص��راع بين‬ ‫السنة والشيعة‪ ،‬والعس��كر والعلمانيين‪،‬‬ ‫وحل��م الخالفة اإلس�لامية وحلم قوميات‬ ‫الدول العربية المختلفة‪.‬‬ ‫وقال نائب المتحدث باسم الخارجية‬ ‫الفرنسية فنس��ان فلورياني‪ ،‬في مؤتمر‬ ‫صحافي إن "النظام الس��وري متهم بنثر‬ ‫ب��ذور االنقس��ام بي��ن مختل��ف مكون��ات‬ ‫المجتم��ع الس��وري م��ن أجل البق��اء في‬ ‫الحكم"‪ ،‬مشيراً إلى أن "فرنسا والمجتمع‬ ‫الدولي متمس��كان للغاية بسالمة ووحدة‬ ‫سورية"‪.‬‬ ‫كما قال الكاتب البريطاني الش��هير‬ ‫روب��رت فيس��ك‪ ،‬ف��ي مق��ال بصحيف��ة‬ ‫"اإلندبندن��ت" البريطاني��ة إن الق��وى‬ ‫الغربية تستعين في تشخيصها لمناطق‬ ‫الصراع في سوريا لـ"معلوماتها الفقيرة"‬ ‫بشأن االنقس��امات الطائفية هناك‪ ،‬حيث‬ ‫إن المناط��ق الجبلي��ة التابع��ة للعلويين‬ ‫وباألخص بلدة "القرداحة" ‪ -‬منزل عائلة‬ ‫الرئيس الس��وري بش��ار األسد ‪ -‬تعد آخر‬ ‫معقل للطائفة العلوية هناك‪ ،‬مشيرا إلى‬ ‫أن الغرب يعي جيدا أن تلك المنطقة هي‬ ‫خط أحمر بالنسبة لألسد‪.‬‬ ‫واس��تطرد الكات��ب البريطان��ي‬ ‫متس��ائ ًال‪" ،‬ه��ل س��تكون تلك ه��ي آخر‬ ‫معاقل الطائفة العلوية التي تشكل نحو‬ ‫‪ 12‬بالمائ��ة م��ن إجمال��ي تعداد س��وريا‪،‬‬ ‫عندما يتمكن الثوار من بسط سيطرتهم‬ ‫عل��ى العاصم��ة دمش��ق وتحريره��ا من‬ ‫قبضة قوات األسد؟"‪.‬‬ ‫ورب��ط فيس��ك اإلجاب��ة ع��ن ه��ذا‬ ‫التس��اؤل بدالئ��ل تؤك��د رغب��ة الق��وى‬ ‫الغربي��ة الت��ي ته��دف دائم��ا إل��ى إحداث‬ ‫مث��ل هذه االنقس��امات في دول الش��رق‬ ‫األوس��ط‪ ،‬معي��دا إل��ى األذهان تقس��يم‬ ‫العراق إلى مناطق تقطنها أغلبية شيعية‬ ‫وأخ��رى كردي��ة وف��ى الوس��ط مناط��ق‬ ‫تقطنه��ا األغلبية الس��نية‪ ،‬وأيضا مثل ما‬ ‫حدث في لبنان فإن الش��يعة تسيطر على‬ ‫مناطق بعينها بينما الش��يعة في الشرق‬ ‫في حين تس��يطر الس��نة على طرابلس‬ ‫وصيدا والمسيحيون في شمال بيروت‪.‬‬ ‫وق��ال نصر اهلل ش��ريك النظام في‬ ‫المقتل��ة إن "اخط��ر ما تواجه��ه منطقتنا‬ ‫وأمتنا ف��ي هذه المرحل��ة وخصوصا في‬ ‫الس��نوات األخي��رة ه��و مش��روع إع��ادة‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫تقس��يم المنطقة إل��ى دوي�لات صغيرة‬ ‫على أس��اس طائفي أو مذهبي أو عرقي‬ ‫أو جهوي"‪.‬‬ ‫كم��ا أك��دت مؤسس��ة مابلكروف��ت‬ ‫البريطاني��ة المتخصص��ة ف��ي مج��ال‬ ‫االستش��ارات برس��م اس��تراتيجيات‬ ‫المخاط��ر بأنن��ا نش��هد تقس��يم للدول��ة‬ ‫السورية‪ :‬فاألكراد يتمركزون في الشمال‬ ‫والدروز ف��ي التالل الجنوبي��ة والعلويين‬ ‫في المناطق الش��مالية الغربي��ة الجبلية‬ ‫والساحلية أما الطائفة السنية ففي باقي‬ ‫المناطق‪.‬‬

‫تاريخ التق�سيم‪:‬‬

‫في مقابل��ة مع صحيف��ة "لوفيغارو‬ ‫الفرنسية " اتهم النائب السابق للرئيس‬ ‫الس��وري عبد الحليم خدام‪ ،‬رأس النظام‬ ‫أن��ه بص��دد محاول��ة تطبي��ق خط��ة ل��ـ‬ ‫"تقس��يم" البالد وأنه لهذا الغرض يقوم‬ ‫بحشد أسلحته الثقيلة واإلستراتيجية في‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬

‫النظام و�أحالم التق�سيم‪:‬‬

‫أسبوعية‬

‫م��ن وزارة الدفاع األمريكي��ة "البنتاجون"‬ ‫ب��دأ الم��ؤرخ "برن��ارد لوي��س" بوض��ع‬ ‫مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة‬ ‫الدس��تورية لمجموع��ة ال��دول العربي��ة‬ ‫واإلس�لامية جميعًا كال على حدة‪ ،‬ومنها‬ ‫العراق وس��وريا ولبنان ومصر والسودان‬ ‫وإي��ران وتركيا وأفغانس��تان وباكس��تان‬ ‫والس��عودية ودول الخليج ودول الش��مال‬ ‫اإلفريق��ي‪ ..‬إل��خ‪ ،‬وتفتي��ت كل منها إلى‬ ‫مجموع��ة م��ن الكانتون��ات والدوي�لات‬ ‫العرقية والديني��ة والمذهبية والطائفية‪،‬‬ ‫وقد أرفق بمش��روعه المفصل مجموعة‬ ‫م��ن الخرائط المرس��ومة تحت إش��رافه‬ ‫تش��مل جميع الدول العربية واإلس�لامية‬ ‫المرش��حة للتفتي��ت بوحي م��ن مضمون‬ ‫تصري��ح "بريجنس��كي" مستش��ار األمن‬ ‫القومي في عهد الرئيس "جيمي كارتر"‪.‬‬ ‫في ع��ام ‪1983‬م وافق الكونجرس‬ ‫األمريك��ي باإلجم��اع في جلس��ة س��رية‬ ‫على مش��روع الدكتور "برن��ارد لويس"‪،‬‬ ‫وبذلك تمَّ تقنين هذا المشروع واعتماده‬ ‫وإدراج��ه في ملفات السياس��ة األمريكية‬ ‫اإلستراتيجية لسنوات مقبلة‪.‬‬ ‫كما وفي الس��ياق ذاته نش��رت عام‬ ‫‪ 2002‬دراس��ة زاش��اري لطي��ف أي قب��ل‬ ‫االحتالل األمريكي للعراق‪ ،‬اقترحت هذه‬ ‫الدراس��ة السياس��ة التي طبقها "الحاكم‬ ‫المدن��ي بريم��ر" بحذافيره��ا والتي ورد‬ ‫فيه��ا تقس��يم الع��راق طائفي��ًا وإخ��راج‬ ‫بدائ��ل سياس��ية عرقي��ة ومذهبي��ة في‬ ‫كل من ش��مال ووس��ط وجن��وب العراق‪،‬‬ ‫وقد ش��ددت نفس الدراسة على ضرورة‬ ‫إع��ادة تش��كيل خريط��ة الع��راق وإيران‬ ‫والسعودية وتقسيمها إلى عدة دويالت‪.‬‬ ‫كم��ا ظهر ف��ي الثمانينيات مش��روع‬ ‫عودي��د عين��ون " إس��تراتيجية إس��رائيل‬ ‫ف��ي الثمانين��ات "‪ ،‬القائ��م على تقس��يم‬ ‫المنطق��ة إلى خمس��ة كيان��ات متناحرة‪،‬‬ ‫وأهمية الفكرة اإلسرائيلية حول تقسيم‬ ‫المنطقة وس��ورية‪ ،‬أنها تتوافق ومصالح‬ ‫اسرائيل القريبة والبعيدة وتلبي مصالح‬ ‫فئ��ات محلي��ة‪ .‬فإس��رائيل س��يعطيها‬ ‫التقسيم مبرراً لترسيخ دولتها الدينية‪.‬‬

‫مناطق العلويين التي تشمل جنوب غرب‬ ‫حم��ص وتمت��د صعوداً عبر حم��اة لتصل‬ ‫إل��ى الالذقية على الس��احل‪ ،‬كم��ا قاموا‬ ‫بتوزيع بنادق وأسلحة رشاشة في المدن‬ ‫والقرى التي تتمركز فيها األقلية العلوية‬ ‫التي تتحدر منها أسرة األسد‪ ،‬وتمثل "‪% 5‬‬ ‫" من عدد السوريين‪ ،‬ويطبق األسد اليوم‬ ‫– حس��ب خدام ‪ -‬خطة " ته��دف إلى إثارة‬ ‫ح��رب طائفية وأهلية " وق��د وقعت اآلن‪.‬‬ ‫وأضاف أن "القوة فش��لت ولم يبق أمامه‬ ‫س��وى تطبيق خط��ة زعزعة االس��تقرار‬ ‫وتقسيم س��وريا‪ ،‬والتي من شأنها تدمير‬ ‫الب�لاد "‪ .‬وهو م��ا يقوم به األس��د حرفيًا‬ ‫على األرض وكثير من التقارير وشهادات‬ ‫المراقبي��ن والس��كان تؤك��د أن تحضيراً‬ ‫واس��عاً لخل��ق منطق��ة آمن��ة وحصين��ة‬ ‫عس��كرياً ومالي��ًا في الس��احل الس��وري‬ ‫تجري على قدم وساق‪.‬‬ ‫وف��ي س��عي النظام إلقام��ة الدولة‬ ‫المزعوم��ة‪ ،‬وبحس��ب مص��ادر إعالمي��ة‪،‬‬ ‫فقد تمت سرقة الذهب واحتياطي العملة‬ ‫األجنبية الذي تملكه الدولة الس��ورية في‬ ‫البنك المركزي السوري والخزينة العامة‪،‬‬ ‫وج��رى نق��ل أطنان منه إل��ى مناطق في‬ ‫الس��احل الس��وري‪ ،‬وكأن األس��د يكرر ما‬ ‫فعله عمه رفعت الذي قام بنهب المصرف‬ ‫المركزي واألدي��رة في صيدنايا كمكافأةٍ‬ ‫لنهاي��ة الخدمة‪ ،‬كما تم نق��ل الكثير من‬ ‫المنش��آت الصناعي��ة و األس��لحة الثقيلة‬ ‫والصواريخ والقطعات الفعالة إلى الدولة‬ ‫المزعومة‪.‬‬ ‫كما أن الحملة التي يشنها "حزب اهلل"‬ ‫اللبناني حالي��ًا علي حمص وريفها‪ ،‬دعمًا‬ ‫للجي��ش النظام��ي‪ ،‬تأتي بقص��د تأمين‬ ‫مم��ر بري آمن ما بين المناطق الش��يعية‬ ‫ف��ي لبن��ان بمنطق��ة بعلب��ك ‪ -‬الهرمل‪،‬‬ ‫والدولة العلوية المتوقعة‪ ،‬والتي س��تمتد‬ ‫من لواء اإلسكندرون التركي شما ًال حتى‬ ‫حدود لبنان الش��مالية‪ ،‬حت��ى أن صحافيًا‬ ‫إس��رائيلياً كش��لومو أفنيري كتب تحلي ًال‬ ‫قب��ل أش��هر ف��ي صحيفة هآرت��س‪ ،‬قال‬ ‫فيه إنه إذا س��قط األس��د فال يمكن نفي‬ ‫س��يناريو " اجتماع العلويين في حصنهم‬ ‫الجبلي "‪ .‬ويزيد موقع س��وري مقرب من‬ ‫الحكوم��ة أن اس��م الدولة العتي��دة يجب‬ ‫أن يك��ون "دولة س��ورية العلمانية" لكي‬ ‫تجتذب "األقليات األخرى غير السنية" فال‬ ‫تعطي لنفسها صبغة مذهبية‪.‬‬ ‫وبعيداً عن أوه��ام رأس النظام في‬ ‫مملك��ةٍ علوية تعوض خس��ارته للعرش‬ ‫الس��وري‪ ،‬تظهر تحديات الواقع‪ ،‬فلو تمت‬ ‫المعج��زة وواف��ق العلوي��ون عل��ى إقامة‬

‫دول��ةٍ لهم في الس��احل‪ ،‬هل س��يقبلون‬ ‫باألس��د ونظامه القمعي رئيسًا لدولتهم‬ ‫العلماني��ة‪ ،‬وم��ا ه��و المب��رر الش��رعي‬ ‫ال��ذي س��تطلقه أب��واق النظ��ام بع��د أن‬ ‫س��قطت ش��عارات أمة عربية واحدة ذات‬ ‫رس��الة خالدة وس��قطت الوحدة والحرية‬ ‫واالشتراكية‪.‬‬ ‫كم��ا يب��رز تح��دٍ آخ��ر أم��ام الكيان‬ ‫المزع��وم فالعلوي��ون ال يس��يطرون‬ ‫ديموغرافياً على أي منطقة جغرافية في‬ ‫سوريا‪ ،‬أسوة باألكراد‪ ،‬أو الدروز‪ ،‬وبالتالي‬ ‫س��يتم العمل على تحقيق هذه السيطرة‬ ‫بعملياتٍ من التطهير والتهجير سيقابلها‬ ‫تطهيرٌ من الجانب اآلخر ستدفع الطائفة‬ ‫فيه الثمن األكبر بحكم االختالل العددي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫إضاف��ة إلى أن الدولة المقترحة س��تكون‬ ‫ً‬ ‫محاط��ة بمحي��طٍ س��ني عدائ��ي ش��ما ًال‬ ‫وش��رقًا وجنوب��ًا‪ ،‬أم��ا اقتصادي��اً فكي��ف‬ ‫لهذه الدولة النه��وض في منطقةٍ طالما‬ ‫ً‬ ‫عزب��ة ألعمامه‬ ‫أهمله��ا النظ��ام وتركها‬ ‫وأخوال��ه‪ ،‬فبعي��داً ع��ن المرف��أ وتهري��ب‬ ‫األس��لحة التي لزمه��ا النظ��ام لعائلته ال‬ ‫تمل��ك المنطقة الس��احلية مقومات دولة‬ ‫مستقلة عن الداخل السوري‪.‬‬ ‫عوائ��ق وتحدي��ات ضخم��ة تاريخية‬ ‫ووطني��ة وإقليمية وغيرها س��تحبط هذا‬ ‫المش��روع وس��يكون مصي��ره مش��ابهًا‬ ‫للدول��ة العلوي��ة األول��ى‪ ،‬كم��ا أن زخ��م‬ ‫الحالة الثورية الش��عبية في سوريا والتي‬ ‫ل��م تكن يوم��ًا ث��ور ًة س��نية لن تس��مح‬ ‫بتمري��ر هذا المش��روع الطائف��ي‪ .‬و لعل‬ ‫التح��دي األكبر الذي يواج��ه رأس النظام‬ ‫أن علوي��ي س��وريا اليوم ه��م أحفاد من‬ ‫رفض االنس�لاخ عن الوطن األم تاريخيًا‬ ‫وهو حفيد من طرق أبواب المستعمر في‬ ‫سبيل دولته الطائفية‪.‬‬ ‫في الختام نحن اليوم بأش��د الحاجة‬ ‫لحكوم��ة ترس��خ مب��دأ الش��رعية ف��ي‬ ‫مواجه��ة الح��راك المس��لح‪ ،‬فالش��رعية‬ ‫مفهوم مدن��ي يتصل باإلرادة الش��عبية‬ ‫كم��ا تعب��ر عن نفس��ها في زمن س��لمي‬ ‫تعريفًا فض ًال عن اتصالها الوثيق بسلطة‬ ‫معين��ة تبلوره��ا وتجلوه��ا ف��ي دولةٍ ما‬ ‫وألن ه��ذا كل��ه ينتف��ي ف��ي حال��ة حدث‬ ‫الثورة‪ ،‬حيث يعط��ل العنف تلك العناصر‬ ‫بوصفها معايير يحتكم إليها ليحل محلها‬ ‫الخي��ار اإليديولوج��ي‪ ،‬أو األهل��ي المموه‬ ‫إيديولوجيًا‪ ،‬الذي يس��تقي ش��رعيته من‬ ‫تقدي��ره لما ه��و صواب وما ه��و خطأ أما‬ ‫أماني التقس��يم فقد ردت عليها س��وريا‬ ‫بش��عار الجمعة الفائتة "ل��ن تمر دولتكم‬ ‫الطائفية"‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫م��ع مطال��ع الث��ورة ح��ذرت بثين��ة‬ ‫ش��عبان من مؤامرةٍ تس��تهدف تقس��يم‬ ‫س��وريا‪ ،‬وحلم الدويلة العلوي��ة له جذور‬ ‫تاريخية عن��د بعض أبن��اء الطائفة وهو‬ ‫ٌ‬ ‫متأصل عند آل األس��د ال��ذي كان جدهم‬ ‫س��ليمان م��ن الموقعي��ن عل��ى عريضةٍ‬ ‫تطال��ب فرنس��ا بحماي��ة الكي��ان الوليد‪،‬‬ ‫فف��ي نهاية الح��رب العالمي��ة األولى تم‬ ‫تقس��يم أراضي اإلمبراطورية العثمانية‬ ‫ف��ي الش��رق األوس��ط‪ .‬واحتل��ت فرنس��ا‬ ‫س��وريا في ع��ام ‪ .1920‬وكانت المنطقة‬ ‫الساحلية منطقة حكم ذاتي تحت الحكم‬ ‫الفرنس��ي‪ ،‬وفي ع��ام ‪ 1922‬ت��م ضمها‬ ‫إل��ى س��وريا الفرنس��ية‪ .‬باتح��اد فدرالي‬ ‫فضف��اض بي��ن ث�لاث دويالت "دمش��ق‬ ‫وحل��ب والعلويي��ن" تح��ت اس��م “االتحاد‬ ‫الس��وري”‪ ،‬واتخ��ذ علم له��ذا االتحاد كان‬ ‫عبارة عن شريط عرضي أبيض يتوسط‬ ‫خلفية خضراء‪.‬‬ ‫وف��ي ع��ام ‪ ،1923‬أعلن��ت دول��ة‬ ‫العلويي��ن وعاصمته��ا مدين��ة الالذقي��ة‪،‬‬ ‫وف��ي الش��هر األخير من ع��ام ‪ 1924‬قرر‬ ‫الفرنسيون إلغاء االتحاد السوري وتوحيد‬ ‫دولت��ي دمش��ق وحلب ف��ي دول��ة واحدة‬ ‫هي دول��ة س��ورية‪ ،‬وأما دول��ة العلويين‬ ‫فقد فصلت مجدداً وعادت دولة مس��تقلة‬ ‫بعاصمتها في الالذقية‪ .‬عام ‪ ،1925‬وفي‬ ‫‪ 22‬أيلول من عام ‪ ،1930‬أعيد تس��ميتها‬ ‫باس��م س��نجق الالذقي��ة‪ .‬وص��ل ع��دد‬ ‫سكانها في ذلك الوقت ‪ 000 .278‬نسمة‪.‬‬ ‫وفي ع��ام ‪1937‬تم ضمه��ا بالكامل إلى‬ ‫سوريا‪ ،‬بسبب الرفض الشعبي للتقسيم‬ ‫واتفاقهم على القومية السورية‪.‬‬ ‫وبعيداً عن أحالم أفراد من الطائفة‬ ‫العلوية فإن مخططات التقسيم للمنطقة‬ ‫لم تهدأ منذ التقس��يم األول مطلع القرن‬ ‫الماض��ي فس��ورية في حدوده��ا الحالية‬ ‫ليس��ت وحدة تاريخية أو عرقية متجانسة‬ ‫ب��ل ه��ي ثم��رة تس��ويات اس��تعمارية‬ ‫انكليزية فرنس��ية حددت على أثر الحرب‬ ‫العالمي��ة األولى حدود الدول التي نش��أت‬ ‫عل��ى أنق��اض الدول��ة العثماني��ة‪ ،‬وكان‬ ‫الب��د لهذا الكي��ان الجديد م��ن أن يتحول‬ ‫إلى دول��ةٍ أمة تملك معطي��ات اجتماعية‬ ‫وثقافي��ة للحي��اة‪ ،‬وفع� ً‬ ‫لا بدأت مؤسس��ة‬ ‫الدولة بالنضوج وصو ًال إلى حكم العسكر‬ ‫ال��ذي أعاد النس��يج االجتماعي الس��وري‬ ‫لل��وراء تحت ش��عاراتٍ ضدي��ة تعرف عن‬ ‫مناه��ض لالس��تعمار‬ ‫الدول��ة ككي��انٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واإلمبريالية والصهيونية‪..‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪1980‬م ص��رح مستش��ار‬ ‫األمن القوم��ي األمريكي "بريجنس��كي"‬ ‫بقوله‪" :‬إن المعضلة التي س��تعاني منها‬ ‫الوالي��ات المتح��دة م��ن اآلن ه��ي كي��ف‬ ‫يمكن تنش��يط حرب خليجية ثانية تقوم‬ ‫على هامش الخليجية األولى التي حدثت‬ ‫بي��ن العراق وإيران تس��تطيع أمريكا من‬ ‫خاللها تصحيح حدود "س��ايكس ‪ -‬بيكو"‪،‬‬ ‫وعقب إط�لاق ه��ذا التصري��ح وبتكليف‬

‫‪7‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫ال�ش��عب واحلكومة والوطن‬ ‫خالد كنفاني‬ ‫يح��ار المرء عند الوقوف أمام ما يحدث‬ ‫في سوريا وخارجها بش��أن النكبة السورية‬ ‫والمأس��اة المتنقلة بين الم��دن والقرى في‬ ‫كل أرج��اء المعم��ورة حي��ث ل��م يع��د مكان‬ ‫ف��ي ه��ذه األرض يخلو من الج��ئ أو هارب‬ ‫أو مختب��ئ أو منش��ق أو متوار من س��وريا‪.‬‬ ‫انقلبت س��وريا جحيماً مسعوراً لهواة الموت‬ ‫والتدمي��ر يضي��ع بينه��م ع��دد مح��دود من‬ ‫الث��وار الحقيقيي��ن الش��رفاء الذي��ن حملوا‬ ‫أرواحه��م على أكفه��م وانطلق��وا في وجه‬ ‫الظل��م غي��ر آبهي��ن بالمجال��س والهيئ��ات‬ ‫والتحالف��ات والمؤتمرات التي ال تبيع س��وى‬ ‫الكالم وال تتاجر إال بأرواح البشر‪.‬‬ ‫يش��ترط رئيس االئتالف على النظام‬ ‫الس��وري "الالشرعي" تجديد جوازات السفر‬ ‫للسورين في الخارج كشرط للحوار‪ ،‬يسقط‬ ‫بعده��ا آالف القتلى قب��ل أن "يقبل" النظام‬ ‫بتجديد جوازات السفر رغم دعوات االئتالف‬ ‫نفسه لالس��تيالء على الس��فارات السورية‬ ‫في الخارج‪ ،‬وهو م��ا حدث فع ًال في الدوحة‪.‬‬ ‫وق��د أي��د العال��م خط��وة تجديد الج��وازات‬ ‫من قبل نظ��ام تعتبره ما ال يق��ل عن مائة‬ ‫دولة في العالم "غير ش��رعي"‪ .‬يعود بعدها‬ ‫الع��رب ليعلن��وا أن االئت�لاف الوطن��ي ه��و‬ ‫الممثل الش��رعي والوحيد للش��عب السوري‬ ‫(دون استشارة هذا الش��عب بطبيعة الحال)‬ ‫وتقرر الجامعة العربية تسليم مقعد سوريا‬ ‫لالئت�لاف وحض��ور القمة العربي��ة المقررة‬ ‫في الدوحة (أيضًا)‪.‬‬ ‫إذا اس��تطعنا اليوم اس��تجالب سقراط‬ ‫للزم��ن الحاض��ر ووضعن��ا أمام��ه المعادلة‬ ‫الس��الفة الذكر فإنني أعتقد جازم��ًا أنه إما‬ ‫س��يتراجع عن نظريته الفلس��فية الشهيرة‬ ‫المتعلق��ة بمنطق النتيجة‪ ،‬أو أنه س��يفضل‬ ‫(وه��و الغال��ب) الع��ودة إلى زم��ن اإلغريق‬ ‫ال��ذي كان في��ه الكثي��ر م��ن اإلنس��انية‬ ‫والقلي��ل م��ن النف��اق والغباء السياس��يين‪.‬‬ ‫كيف يك��ون النظ��ام ال ش��رعيًا بينما يكون‬ ‫ه��و الوحيد المخول بتجديد جوازات الس��فر‬ ‫والمصادق��ة عليه��ا وعل��ى كل الوثائ��ق‬ ‫الرسمية الس��تخدامها داخل وخارج سوريا؟‬ ‫ال بل ويطلب منه االئتالف "الممثل الشرعي‬ ‫والوحيد" والذي يطالب بتسلم السلطات في‬ ‫س��وريا بأن يق��وم بتجديد جوازات الس��فر‪.‬‬ ‫مفارقة من العي��ار الثقيل ال يريد الكثيرون‬ ‫اليوم أن يدخلوا في تفاصيلها ألنها ستظهر‬ ‫م��دى س��فاهة المعارض��ة الس��ورية ومدى‬ ‫نفاق "أصدقائهم" العرب وغيرهم‪.‬‬ ‫ل��م يتوقف موض��وع المغارق��ات هنا‪،‬‬ ‫فالمعارضون السوريون الذي يتباكون نهاراً‬ ‫ألج��ل الديمقراطي��ة والحري��ة ويتس��ولون‬ ‫لي� ً‬ ‫لا الهب��ات الخليجية للحف��اظ على معدل‬ ‫س��فريات ثابت ل��م يجدوا في أنفس��هم أية‬ ‫غضاضة ف��ي التباحث فيما بينه��م واختيار‬ ‫رئيس حكومة لي��س لالئتالف وإنما للوطن‬ ‫بأكمل��ه‪ .‬وإذا كانت أنظمة الحكم في العالم‬ ‫تنقس��م إلى عدة أقس��ام كالملكي المطلق‬ ‫أو الملكي الدس��توري والجمهوري السيادي‬ ‫والجمه��وري البرلمان��ي وغيره��ا‪ ،‬فإننا لم‬ ‫نس��مع عن حكوم��ة يقوم بضعة عش��رات‬ ‫م��ن األش��خاص باختي��ار رئيس��ها دون أن‬ ‫يعرض هذا األمر على الش��عب الذي يدعي‬ ‫الجمي��ع صداقته والدفاع عن��ه‪ .‬تتجه األمور‬ ‫في سوريا بش��كل معاكس تماماً لما يحدث‬ ‫ل��دى أي بلد‪ ،‬فالعالم هو م��ن يختار رئيس‬ ‫االئت�لاف‪ ،‬ولكل طرف أو دولة نصيبها داخل‬ ‫االئت�لاف أو المجلس لضم��ان عملية "فرق‬ ‫تسد" (ال كما يوحي البعض بأنه حفاظ على‬

‫مصال��ح أو غيرها فال��دول الداعمة ليس��ت‬ ‫بحاج��ة إل��ى بضع��ة ناش��طين ف��ي حقوق‬ ‫اإلنسان ليضمنوا مصالحهم)‪ ،‬ومن ثم تبدأ‬ ‫المس��اومات على اختيار رئيس حكومة من‬ ‫هؤالء وبطريق��ة اعتباطية داخ��ل االئتالف‬ ‫ومدروس��ة خارجه‪ ،‬وبعده��ا علينا أن نتوقع‬ ‫اختي��ار أعض��اء الحكوم��ة ومجل��س النواب‬ ‫دون أن يكون لكل هؤالء موطئ قدم داخل‬ ‫سوريا ودون أن يكون لهم أي امتداد شعبي‬ ‫في الداخل‪.‬‬ ‫م��ا ال��ذي يتغي��ر الي��وم ف��ي حي��اة‬ ‫الس��وريين من الناحية السياسية؟ ال شيء‪،‬‬ ‫هي ذاتها العقلية اإلقصائية المتطرفة في‬ ‫كل ش��يء والتي تبقي عل��ى بعض الوجوه‬ ‫واألسماء لذر الرماد في العيون وإثبات "عدم‬ ‫طائفي��ة" االئت�لاف أو التكت��ل أو المجلس‪.‬‬ ‫هن��اك الكثير م��ن "تبوي��س الدق��ون" في‬ ‫عملي��ات االختيار والتعيين والمش��اركة في‬ ‫المؤتم��رات وكأن ه��ؤالء يتوارث��ون أمالك‬ ‫آبائهم‪ .‬اختي��ار االئتالف "الممثل الش��رعي‬ ‫والوحيد" هو تجس��يد لعقلية الحزب الواحد‬ ‫وال��رأي الواح��د ويظه��ر تعط��ش أعضائه‬ ‫للمناص��ب والس��لطات والش��هرة رغ��م أننا‬ ‫نعتق��د جازمي��ن أن أيًا من ه��ؤالء لن يجرؤ‬ ‫على دخول س��وريا بعد تحريرها على أيدي‬ ‫أبطالها الحقيقيين ألنهم س��يعرفون يومها‬ ‫مقدار ش��عبيتهم ومكانته��م الحقيقية بين‬ ‫الن��اس‪ .‬وسيتش��دقون يومها ب��أن مهمتهم‬ ‫"االنتقالية" قد انتهت وآن أوان البناء والعمل‬ ‫الفعليين ولكن ذلك سيقوم به أبناء سوريا‬ ‫في الداخل‪ ،‬وهكذا يعود كل منهم إلى البلد‬ ‫ال��ذي منح��ه جنس��يته فيما مض��ى (غالبية‬ ‫أعض��اء االئت�لاف لديه��م جنس��يت أجنبية‬ ‫معتبرة رغم إنكار بعضهم لذلك) ويتركون‬ ‫العم��ل الحقيقي لغيرهم بعد أن اس��تفادوا‬ ‫وانتفعوا طوال سنين الثورة‪.‬‬ ‫وتب��دو األم��ور أس��وء ل��دى االط�لاع‬ ‫على أس��ماء المرش��حين لرئاس��ة الحكومة‬ ‫"االفتراضي��ة"‪ ،‬وقد ذكرنا في مقال س��ابق‬ ‫أن غالبية الس��وريين س��ترفض قطعيًا أية‬ ‫ش��خصية سياس��ية كانت جزءاً م��ن النظام‬ ‫الحال��ي في س��وريا‪ ،‬وخاص��ة إذا كانت هذه‬ ‫الش��خصية مم��ن ش��غلوا مناص��ب رفيع��ة‬ ‫وهام��ة‪ ،‬إذ ل��م يكت��ف ه��ؤالء بم��ا نهب��وه‬

‫وجمع��وه طوال عق��ود من التمل��ق والنفاق‬ ‫في حك��م البع��ث‪ ،‬ب��ل يبحثون الي��وم عن‬ ‫م��ورد جديد ونبع جديد ينهل��ون منه وبذات‬ ‫الطريقة‪ :‬التمل��ق والنفاق والمزايدة‪ ،‬ولكن‬ ‫مع اخت�لاف الم��كان والزمان والش��خصيات‬ ‫واألطراف التي يتم التملق لها‪.‬‬ ‫كي��ف يمك��ن للس��وريين ان يقبلوا أن‬ ‫ي��رأس حكومتهم القادم��ة رجل عاش أكثر‬ ‫من عقدين يرعى في حظيرة البعث ويجمع‬ ‫الثروات من جيوب الناس باسم االشتراكية؟‬ ‫وهل خلت س��وريا م��ن الرج��ال؟ هل قامت‬ ‫ه��ذه الث��ورة لتنق��ل ذات الش��خصيات من‬ ‫اليمي��ن إل��ى الش��مال؟ ومن يق��وم باختيار‬ ‫الش��خصيات الي��وم؟ ومن أعط��ى االئتالف‬ ‫توكي ًال للتحدث باسم الشعب السوري؟‬ ‫هن��اك ثواب��ت رئيس��ية ف��ي ه��ذه‬ ‫الثورة يج��ب أن ال يحيد عنه��ا أحد‪ :‬ال رجوع‬ ‫إل��ى زم��ن العق��ل الواح��د والقائ��د الملهم‬ ‫والجه��ة والوحي��دة وكل ما ه��و واحد‪ ،‬يجب‬ ‫أن يك��ون التع��دد عن��وان المرحل��ة المقبلة‬ ‫عل��ى كل المس��تويات‪ ،‬ولذل��ك يمي��ل كثير‬ ‫من الس��وريين إلى فكرة النظام البرلماني‬ ‫الدس��توري الذي يحك��م البالد في��ه أغلبية‬ ‫مجل��س الن��واب ال الرئي��س أو الملك فقط‪.‬‬ ‫ألن الس��وريين تعبوا من ق��رون طويلة من‬ ‫اإلجبار على الرأي الواحد وحان الوقت ليقول‬ ‫كل إنس��ان رأي��ه الخاص ب��ه ال رأي "الواحد‬ ‫األح��د" و"حكي��م األم��ة" وملهمه��ا ومبدئها‬ ‫ومنتهاه��ا وشمس��ها وقمره��ا‪ .‬وس��أعيدها‬ ‫م��راراً وتك��راراً‪ :‬لن نقب��ل بعد الي��وم بمن‬ ‫يتم فرضه علينا حتى ولو كان من الس��ماء‪،‬‬ ‫وس��نقرر مصيرنا وممثلينا بأنفس��نا وليبق‬ ‫من يرفض ذل��ك خارج التاري��خ وإن أصرت‬ ‫قط��ر او الس��عودية أو تركي��ا أو بريطاني��ا‬ ‫على حشوه في أنوفنا‪ ،‬فسوف نلفظه خارج‬ ‫عقولن��ا وقلوبنا ووطننا ال��ذي ترتوي أرضه‬ ‫اليوم بدماء عش��رات آالف الش��هداء وتمتلئ‬ ‫س��ماؤه بصرخات مئات اآلالف م��ن األمهات‬ ‫الثكإلى والملتاعين لفقد أحبتهم‪.‬‬ ‫إن تعريف الحكومة لدى كل المفكرين‬ ‫السايس��يين واالقتصاديي��ن ف��ي العال��م‬ ‫ينطل��ق م��ن أنها مؤسس��ة تنفيذي��ة تقوم‬ ‫عل��ى تنفي��ذ م��ا يت��م فرض��ه م��ن قوانين‬

‫ومراس��يم وغيره��ا ص��ادرة ع��ن مجل��س‬ ‫للنواب أو أيًا كانت تسميته‪ ،‬كما أن الحكومة‬ ‫ال ب��د وأن تكون من رح��م األغلبية النيابية‬ ‫(كالنظ��ام البريطان��ي) أو يختارها الرئيس‬ ‫ال��ذي ت��م انتخاب��ه باألغلبي��ة (كالنظ��ام‬ ‫الفرنس��ي واألمريك��ي)‪ ،‬أم��ا أن يتم فرض‬ ‫رئيس حكومة من خارج الوطن وفجأة ودون‬ ‫مقدم��ات‪ ،‬بل واألس��وأ وأن يكون مس��ؤو ًال‬ ‫رفيع المستوى في النظام السابق فالمسألة‬ ‫بحاجة إلى إعادة نظر بشكل جوهري‪ ،‬فمثل‬ ‫هذا الرجل مكانه قفص االتهام في محكمة‬ ‫الش��عب ال أن يعود إلى ذات المنصب وبحلة‬ ‫جدي��دة (مهداة عل��ى الغالب من الس��لطان‬ ‫العثمان��ي أو ملك اإلنس��انية)‪ .‬هن��اك كثير‬ ‫م��ن المفارق��ات في األلم الس��وري المزمن‬ ‫والجرح النازف ولكن عقولنا لن تهدأ قبل ان‬ ‫نقضي على النظام وعلى المتاجرين بدماء‬ ‫السوريين والمتسولين على اسمهم في كل‬ ‫أرجاء الدنيا‪.‬‬ ‫وإلحق��اق الح��ق‪ ،‬وبينم��ا نكت��ب هذه‬ ‫الس��طور‪ ،‬فقد أعل��ن رياض حجاب س��حب‬ ‫ترش��يحه لرئاس��ة الحكومة وبق��ي أن نراه‬ ‫في محكمة الش��عب لمحاس��بته على كل ما‬ ‫اقترف��ه وكل م��ا جمع��ه فيما مضى باس��م‬ ‫النظ��ام والبع��ث‪ ،‬وقب��ل ذل��ك ال مس��اومة‬ ‫على حق من حقوق الس��وريين والثأر لدماء‬ ‫ش��هداء سوريا في الخمس��ين عامًا الماضية‬ ‫وليس فقط خالل الثورة‪.‬‬ ‫االئت�لاف يعوي والث��ورة تس��ير‪ ،‬ولن‬ ‫يحول بينها وبين النصر "حجاب"‪.‬‬ ‫آخ��ر ال��كالم‪ :‬يق��ول الش��اعر محمود‬ ‫الزبيري‬ ‫يا شَ��عْبَنا نصفَ قرنٍ في عبادتــــــهمْ‬ ‫رضيتَهُ��مْ أنتَ أرباباً وعش��تَ لــــــهم‬ ‫َقضَيْ��تَ عُمْرَكَ ملدوغ��اً‪ ،‬وهأنـــــــذا‬ ‫ُ‬ ‫مُبتعث الشْـ‬ ‫تش��كو لهُ ما تُالقي وَهْو‬ ‫ل��م يقبل��وا من��كَ ُقربان��اً تُؤدّـــــي��هِ‬ ‫تُني ُله��م َّ‬ ‫تقدي��س‪ ،‬وتَأليـــــــ��هِ‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫أرى بحضن��كَ ُثعبان��اً تُربّيـــــ��هِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫وأص��ل البَ�لا فيم��ا تُالقي��هِ‬ ‫ــك��وى‬


‫التحليل ال�سيا�سي يف الثورة ال�سورية (‪)1‬‬ ‫خالد قنوت‬

‫وجهة نظر ‪. .‬‬

‫يع��د التحلي��ل السياس��ي الي��وم م��ن‬ ‫المسلمات في الحياة السياسية‪ ،‬سواء لرجل‬ ‫السياسة والدولة أو المهتمين بتحليل الشأن‬ ‫السياسي من المفكرين والباحثين من ذوي‬ ‫المعرف��ة والخب��رة وس��عة األف��ق لفهم ما‬ ‫ي��دور في الواقع السياس��ي‪ ،‬ويع��د التحليل‬ ‫بمثابة الوقاية من جهة والتحسب للظواهر‬ ‫الس��لبية الزاحف��ة والعالج من جه��ة أخرى‬ ‫ومعالج��ة األس��باب المش��ابهة الت��ي تؤدي‬ ‫إلى وصول األحداث المضطربة إلى مس��رح‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬

‫�أهمية التحليل ال�سيا�سي‪:‬‬

‫أسبوعية‬

‫االحتم��االت ويك��ون لدي��ه معرف��ة بالعلوم‬ ‫االقتصادية)‪.‬‬ ‫باإلضافة لما قاله الراحل فإن التحليل‬ ‫السياس��ي يحتاج إلى ملكة التفكير‪ ،‬وبدوره‬ ‫يحت��اج إلى فه��م السياس��ة‪ ،‬وه��و أمر في‬ ‫غاي��ة التعقي��د‪ ،‬ويق��ول “روب��رت دال” في‬ ‫كتاب��ه التحلي��ل السياس��ي الحدي��ث “إن أي‬ ‫ف��رد يس��تطيع أن يفه��م السياس��ية بقدر‪،‬‬ ‫ولكن السياس��ة موضوع غاية في التعقيد‪،‬‬ ‫بل وربما ه��ي أكثر المواضيع التي يواجهها‬ ‫اإلنس��ان تعقي��داً‪ .‬وتكم��ن الخط��ورة ف��ي‬ ‫حقيق��ة أن��ه م��ع افتق��اد الخب��رة الالزم��ة‬ ‫للتعام��ل مع تعقيدات السياس��ة ف��إن المرء‬ ‫ينزع إلى تبسيطها بصورة مخلة"‪.‬‬ ‫أيضاً‪ ،‬البد أن يمتاز المحلل السياس��ي‬ ‫باإلدراك‪ ،‬وهو المقدرة العالية على تفسير‬ ‫الظواه��ر وتحليله��ا وفهمها ث��م تحديد رد‬ ‫الفع��ل المناس��ب‪ ،‬وعمليّ��ة اإلدراك تتأث��ر‬ ‫بمجموع��ة كبيرة م��ن العوام��ل التي تلعب‬ ‫دوراً هاماً في الطريقة التي يتم بها تفسير‬ ‫وتحليل الظواهر وأبرزها هي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬الحواس وقدرتها على االستقبال‬ ‫‪ - 2‬الخب��رات الس��ابقة والمعلوم��ات‬ ‫المختزنة لدى الفرد‬ ‫‪ - 3‬البيئة الحضاريّة التي يعيش فيها‬ ‫‪ - 4‬الدور الوظيفي‬ ‫‪ - 5‬الدور االجتماعي الذي يعيشه‬ ‫‪ - 6‬الدور الفكري‬ ‫‪ - 7‬القيم الدينيّة التي يؤمن بها‬ ‫‪ - 8‬المستوى الثقافي والتعليمي‬ ‫‪ - 9‬توقعات الفرد لما س��يتم استقباله‬ ‫من مثيرات‬ ‫‪ - 10‬المش��اعر واالتجاه��ات والحاجات‬ ‫الكامنة لدى الفرد‪.‬‬

‫الحراك السياسي في حالة عدم تحليلها إلى‬ ‫عوامله��ا األولية ومعرف��ة مخرجاتها‪ ،‬ولعل‬ ‫من أبرز فوائد التحليل السياسي هي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬البع��د ع��ن األح��كام المطلق��ة‪،‬‬ ‫والبح��ث ف��ي كاف��ة االحتم��االت الممكن��ة‪،‬‬ ‫ودرج��ة الق��وة في ه��ذه االحتم��االت ومدى‬ ‫تأثيرها‪ ،‬ومن ثم ترك المجال لتعدد وجهات‬ ‫النظر وقبول الرأي األخر‬ ‫‪ - 2‬معالجة القضايا والمواقف بش��كل‬ ‫أكث��ر وعي��ًا وعمق��ًا‪ ،‬والبع��د ع��ن المعالجة‬ ‫العاطفية أو التي ال تس��تند إلي أدلة واضحة‬ ‫يمكن أن يقبل بها الطرف األخر‬ ‫‪ - 3‬عدم الوقوف عند رأى واحد وإغالق‬ ‫الباب أمام آراء اآلخرين حتى وإن كانت أكثر‬ ‫قناع��ة أو موضوعي��ة‪ ،‬وبالتالي القدرة على‬ ‫مناقش��ة اآلراء وتفنيدها‪ ،‬ومراجعة النفس‬ ‫إن وج��دت الص��واب أكث��ر ف��ي رأى غيرها‪،‬‬ ‫والتعود علي احترام الرأي اآلخر‬ ‫‪ - 4‬المش��اركة ف��ي صناع��ة الق��رار‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫تتع��دد م��دارس التحلي��ل السياس��ي‪،‬‬ ‫ولكل مدرسة مبرراتها ومسوغاتها وآلياتها‬ ‫بش��كل ع��ام‪ ،‬وتبرز ف��ي هذا الص��دد عدة‬ ‫مدارس‪ ،‬منها‬ ‫أـ المدرس��ة األيديولوجي��ة‪ :‬هناك من‬ ‫المحللي��ن م��ن يتن��اول الح��دث السياس��ي‬ ‫تحليال في ضوء مدرسة أيديولوجية محددة‬ ‫ورؤي��ة يؤمن به��ا ويعتقده��ا وتتباين بين‬ ‫أيديولوجي��ة ديني��ة (تعتبر جوه��ر الصراع‬ ‫ه��و ص��راع دين��ي أو طائف��ي أو مذهب��ي)‬ ‫أو قومي��ة (حي��ث تطب��ع حقيق��ة الص��راع‬ ‫النزاع��ات القومي��ة) أو اقتصادي��ة (و هن��ا‬ ‫العام��ل االقتصادي هو الجوهر في التحليل‬ ‫السياسي)‪.‬‬ ‫ب ـ المدرس��ة الواقعي��ة‪ :‬المدرس��ة‬ ‫الواقعي��ة‪ ،‬تؤم��ن ب��أن الواقع ه��و المصدر‬ ‫األول واألخير في التحليل السياس��ي‪ ،‬فنحن‬ ‫ال نرك��ن إلى س��بب واحد ف��ي التحليل‪ ،‬بل‬ ‫هن��اك جملة عوام��ل واقعية تفس��ر وتعلل‬ ‫وتكش��ف‪ ،‬فال نس��تبعد دور المزاج والتاريخ‬ ‫ف��ي اتخ��اذ الق��رار السياس��ي‪ ،‬وف��ي فهم‬ ‫الح��دث السياس��ي‪ ،‬والظاه��رة السياس��ية‪،‬‬ ‫وغيره��ا من موضوعات التحليل السياس��ي‬ ‫المطروح��ة‪ ،‬وال نس��تبعد دور الذكري��ات‬ ‫بي��ن الدول والش��عوب والقومي��ات واألديان‬ ‫والمذاهب المس��ؤولة عن الحدث السياس��ي‬ ‫وتعميقه‪.‬‬

‫م��ن أه��م عوام��ل نج��اح التحلي��ل‬ ‫السياس��ي هي البعد ع��ن التخمي��ن واتباع‬ ‫أس��لوب االستقراء واالس��تنتاج في تكوينه‪،‬‬ ‫حي��ث أن التخمين ال يس��تند إلى أي أس��س‬ ‫أو مؤش��رات ولك��ن فق��ط تهي��ؤات‪ ،‬بينم��ا‬ ‫االستقراء هو أحد أش��كال االستدالل تكون‬ ‫في��ه معطي��ات وعناص��ر الحج��ج المقدم��ة‬ ‫تدع��م االس��تدالل النهائي ولكنه��ا ال تؤيده‬ ‫مئة بالمئة وهو نوع م��ن تعميم المالحظة‬ ‫المتك��ررة بش��دة لصياغة ما يش��به قانون‬ ‫وضع��ي يخض��ع للتمحي��ص والفح��ص‬ ‫والتجربة م��رات ومرات‪ ،‬أما االس��تنتاج فهو‬ ‫عملي��ة ذهنية تس��تخلص منها اس��تخالصًا‬ ‫دقيق��ًا م��ن قضي��ة أو ع��دد م��ن القضاي��ا‬ ‫تدعى مقدمات‪ ،‬قضي��ة أخرى تدعى نتيجة‬ ‫تنت��ج عنها بالض��رورة كم��ا تقتضي قواعد‬ ‫المنطق‪ ،‬حيث يبدو االستنتاج حركة فكرية‬ ‫تمض��ي من ح��دس إل��ى ح��دس‪ ،‬مرتبطة‬ ‫بسلس��لة م��ن القضايا التي أخ��ذت بطريق‬ ‫االستقراء‪ ،‬مما يش��ير إلى أن االستقراء هو‬ ‫أساس االستنتاج‪.‬‬ ‫القص��د هن��ا أن ال يك��ون التحلي��ل‬ ‫السياس��ي قطع��ي ونهائي بقدر م��ا يكون‬ ‫مرتب��ط بعدد االحتماالت الممكنة الحصول‪،‬‬ ‫يق��ول ونس��تون تشرش��ل‪( :‬إن السياس��ي‬ ‫الجي��د ه��و ذاك ال��ذي يمتلك الق��درة على‬ ‫التنب��ؤ‪ ،‬والق��درة ذاتها على تبري��ر لماذا لم‬ ‫تتحقق نبؤته)‪.‬‬ ‫مما تقدم وبمناس��بة الذك��رى الثانية‬ ‫لقي��ام الث��ورة الس��ورية‪ ،‬كن��ت أح��اول أن‬ ‫أضع األس��س األولية لمشروع فكري علمي‬ ‫ع��ن الث��ورة الس��ورية يتن��اول بالتحلي��ل‬ ‫السياس��ي األس��باب الموضوعي��ة والذاتية‬ ‫لقيامه��ا وتحلي��ل عناصرها والس��تمرارها‬ ‫والمنعطف��ات األساس��ية الت��ي حدث��ت بها‬ ‫والم��آالت المحتمل��ة له��ا وتأثيراته��ا عل��ى‬ ‫الكيان الس��وري وعل��ى المواطن الس��وري‬ ‫الفرد وعلى الجوار اإلقليمي والدولي‪.‬‬ ‫س��يكون م��ن المفي��د لهذا المش��روع‬ ‫مش��اركة م��ن جمي��ع المهتمي��ن باألزم��ة‬ ‫السورية وخاصة أصحاب المصلحة الوطنية‬ ‫على اختالف انتماءاتهم السياس��ية‪ ،‬متمنيًا‬ ‫مشاركة واسعة‪.‬‬ ‫سيكون المشروع على ثالث أقسام‪:‬‬ ‫‪ - 1‬أسباب قيام الثورة السورية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أش��كال وعوام��ل اس��تمرار الثورة‬ ‫السورية على مدار عامين‪.‬‬ ‫‪ - 3‬مآالت الثورة السورية‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫يتفق الباحثون في العلوم السياس��ية‬ ‫عل��ى أن التحليل السياس��ي ال يتوقف على‬ ‫كون��ه علماً بح��د ذاته بل هو ف��ن وموهبة‬ ‫أيضاً‪ ،‬يعتمد على عدد من المهارات والجهد‬ ‫الذهن��ي العال��ي ف��ي عملي��ة البح��ث ع��ن‬ ‫االحتم��االت الممكن��ة لمس��ارات التفاعالت‬ ‫في الواقع السياس��ي والقوى السياسية في‬ ‫المجتمع وتفس��يرها بش��كل علمي وعملي‬ ‫ومنطقي وتحديد ش��كل العالقات بين تلك‬ ‫القوى السياسية الداخلية والخارجية‪ ،‬وهي‬ ‫الطريق��ة الت��ي نحكم به��ا عل��ى الظواهر‬ ‫واألحداث السياسية محلياً وإقليميًا وعالميًا‪.‬‬ ‫والتحليل السياس��ي يتضمن قس��مين‬ ‫أساسيين‪:‬‬ ‫القسم األول‪ :‬هو الفهم الدقيق لمسار‬ ‫األحداث‪ ،‬بمعنى التعمق بالحدث السياس��ي‬ ‫وعدم الوقوف عند حد المعرفة الس��طحية‪،‬‬ ‫فق��د يتحم��ل الح��دث السياس��ي أكث��ر من‬ ‫معن��ى‪ ،‬فق��د يك��ون ظاهره ش��يء وباطنه‬ ‫ش��يء آخر‪ .‬ال يعني ذلك الوقوف عند لحظة‬ ‫الحدث بقدر م��ا المعرفة واإللم��ام بالجانب‬ ‫التاريخ��ي ل��ه وارتباطها بوقائ��ع أخرى ذات‬ ‫صلة وبطبيعة الشخصيات والجهات والدول‬ ‫الفاعلة بذاك الحدث‪.‬‬ ‫القس��م الثان��ي‪ :‬ه��و إدراك األس��باب‬ ‫الدافع��ة للح��دث‪ ،‬بداي��ة بالظاه��ر منه��ا‬ ‫ث��م الخف��ي‪ ،‬الت��ي ربم��ا ال يدركه��ا غي��ر‬ ‫المتخصصين بأصول التحليل السياسي‪.‬‬ ‫يت��م التحليل السياس��ي وف��ق معايير‬ ‫وقواع��د وأس��س ومنهجيات مح��ددة تعتمد‬ ‫عل��ى اس��تخدام أدوات التحلي��ل بش��كل‬ ‫يتطابق مع حجم المشكلة موضوع التحليل‬ ‫وتعتمد بالدرج��ة األولى على مهارة المحلل‬ ‫وقدرات��ه عل��ى االس��تنتاج والتنب��وء لواقع‬ ‫األحداث ومساراتها المختلفة‪.‬‬ ‫إن التفكير اإلنس��اني هو ذلك النشاط‬ ‫العقل��ي ال��ذي يواجه به اإلنس��ان مش��كلة‬ ‫م��ا تصادف��ه ف��ي حيات��ه‪ ،‬ونس��تطيع أن‬ ‫نقس��م مراحل التفكير من التطور الفكري‬ ‫والحض��اري لإلنس��انية إل��ى ثالث��ة مراحل‬ ‫أساسية‪:‬‬ ‫ مرحلة التفس��ير‪ :‬في ه��ذه المرحلة‬‫يس��تخدم الف��رد قدراته في فه��م ومعرفة‬ ‫األحداث وتفسير المواقف التي واجهته‬ ‫ المرحل��ة الس��بر‪ :‬يح��اول اإلنس��ان‬‫التفكي��ر والتأمل ف��ي الظواهر واألس��اليب‬ ‫األخ��رى التي ال يس��تطيع فهمها أو معرفتها‬ ‫عن طريق حواسه المجردة المعروفة‬ ‫ المرحل��ة العلمي��ة التجريبي��ة حي��ث‬‫يس��تخدم الفرد المخ��زون المعرفي العلمي‬ ‫والحرفية العملية لتطويع المعطيات وصوال‬ ‫إلى التفسير المنطقي‪.‬‬ ‫في أح��د لقاءاتنا م��ع المفك��ر الراحل‬ ‫إلي��اس مرق��ص‪ ،‬س��ألنا عن ج��ذر الناقص‬ ‫واح��د؟ ونحن كط�لاب هندس��ة كان جوابنا‬ ‫رياض��ًا مجرداً‪ .‬لك��ن المفاجأة الت��ي اعترت‬ ‫وجوهن��ا أنه أعتب��ر أن الج��ذر ناقص واحد‬ ‫ه��و تعبي��ر فلس��في باألص��ل وانطلق من‬ ‫هذا الس��ؤال لش��رح الف��راغ اإلقليدي وعلم‬ ‫المثلث��ات ونظري��ة فيثاغ��ورث كمس��ائل‬ ‫فلس��فية‪ ،‬لينتقل وبش��كل سلس لموضوع‬ ‫التحليل السياسي منتقداً الخطاب السياسي‬ ‫العرب��ي البعي��د عن ه��ذا العل��وم وقصوره‬ ‫بش��كل ع��ام‪ .‬أذك��ر كلمات��ه المنفعلة وهو‬ ‫يتس��اءل‪( ،‬كي��ف يدع��ي البع��ض أنه��م‬ ‫محللون سياس��يون ولديهم قصور معرفي‬ ‫قب��ل الموهبة؟) وأض��اف (ال يمكن أن يكون‬ ‫المرء محل ًال سياس��ياً وهو ال يعرف الفلسفة‬ ‫والتاري��خ والجغرافي��ا والرياضي��ات وعل��م‬

‫‪9‬‬


‫عماد ن�صر ذكري‪� :‬آيات علمانية‬ ‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫كتابن��ا الي��وم "آي��ات علماني��ة"‬ ‫للكات��ب الصحف��ي الدكت��ور عم��اد نصر‬ ‫ذك��ري‪ ،‬بتقدي��م الكات��ب الكبي��ر د‪ .‬خالد‬ ‫منتصر‪ ،‬وعن الكتاب يقول الناش��ر أحمد‬ ‫س��عيد‪ :‬في حين يش��هد العال��م العربي‬ ‫صراعًا بين الهُويَّ��ات‪ ،‬يقوم فيه بعض‬ ‫المتصارعي��ن بتش��ويه اآلخ��ر ووصم��ه‬ ‫وتخوي��ف المجتمع منه بتكفيره‪ ،‬ويش��تد‬ ‫السُ��لطة والحُكم فتش��تد‬ ‫الصراع على ّ‬ ‫المنافس��ة وتش��تعل ح��روب التش��ويه‬ ‫والتش��ويش‪ ،‬ويصي��ر كل دن��يء مُباحًا‬ ‫ألجل حسم المعركة‪.‬‬ ‫يُحتِّم هذا المش��هدُ علينا أن نقوم‬ ‫بدورن��ا الثقاف��ي والمعرف��ي ف��ي ه��ذه‬ ‫المرحلة بتوضيح الحقائق التي يس��عون‬ ‫لتغيـيـب عقول الناس عنها‪.‬‬ ‫آي��ات علماني��ة‪ ..‬عن��وان يحمل في‬ ‫طيَّات��ه الدليل إلى العلماني��ة‪ ،‬كما هي‪،‬‬ ‫يُصوره��ا كارهوه��ا وأعداؤه��ا‪،‬‬ ‫ال كم��ا ِّ‬ ‫نُقدِّمه للق��ارئ العربي في أحلك أوقات‬ ‫المعرك��ة‪ .‬نرج��و أن يك��ون مرجعًا لجيل‬ ‫س��عى للعي��ش بُحرية وكرامة إنس��انية‬ ‫وعدالة اجتماعي��ة‪ ،‬وبذل فلم يبخل حتى‬ ‫بالدم‪.‬‬ ‫ونأمُ��ل أن يُحقق الكت��اب ما نصبو‬ ‫إليه من تعريف الناس بالعلمانية وكشف‬ ‫اللبس الحاص��ل لديهم بينها وبين الكفر‬ ‫واإللحاد بفعل تعمُّد تش��ويهها من قِبل‬ ‫المستبدين باسم الدين‪.‬‬ ‫ويق��ول د‪ .‬خالد منتصر في مقدمته‬ ‫"الجري في المكان"‪:‬‬ ‫«الج��ري في المكان» تمرين ش��هير‬ ‫يعرفه ويُتقنه ُّ‬ ‫كل م��ن التحق بالجيش‪،‬‬ ‫ه��ذا التمري��ن يُلخِّ��ص حالن��ا العقل��ي‬ ‫والفك��ري ف��ي المرحل��ة االنتقالية‪ ،‬قبل‬ ‫وبعد الث��ورة‪ ،‬تمرين الج��ري في المكان‬ ‫يُزيح الرِّم��ال‪ ،‬لكنه يغرس قدميك أكثر‬ ‫فيه��ا‪ ،‬ال تتحرك ملل��ي مت��رًا واحدًا عن‬ ‫مكان��ك‪ ،‬لكن��ك تب��ذل كل الجه��د في اَّأل‬ ‫تغادر مكانك‪ ،‬تستنفذ العرق والجهد في‬ ‫ُّ‬ ‫والتكلس والتحنُّط ف��ي المكان‪،‬‬ ‫الثب��ات‬ ‫وهكذا كانت ثورتن��ا‪ ،‬أزاحت رمال مبارك‬ ‫لكنه��ا لم تُ ِزح أف��كار عصر مبارك وزمن‬ ‫مب��ارك‪ ،‬بذل ش��بابُنا كل الجه��د والعرق‬ ‫والدم لكي نقف في مكاننا ونسلم الثورة‬ ‫ألكث��ر التي��ارات رجعيَّة‪ ،‬تمري��ن ثورتنا‬ ‫ُ‬ ‫التقهقر في المكان‪ ..‬وليس‬ ‫يستحق لقب‬ ‫الجري في المكان‪.‬‬ ‫الكت��اب ال��ذي تتصفحون��ه اآلن فيه‬ ‫ُ‬ ‫التقهقر في الم��كان‪ ،‬قراءة‬ ‫رصد لفت��رة‬ ‫لعقل مص��ر في هذه الفت��رة‪ ،‬يؤكد فيه‬ ‫المؤل��ف د‪ .‬عم��اد نص��ر ذِك��ري على أن‬ ‫ب��ذور ُّ‬ ‫التخل��ف والرَّجعي��ة زُ ِرعَ��ت ف��ي‬ ‫زم��ن مب��ارك وبمباركة مباركي��ة! جنين‬ ‫الس��لفية الوهابي��ة كان ف��ي رحم عصر‬ ‫مب��ارك ورجاله‪ ،‬كان��ت ذقونهم تنبت إلى‬ ‫الداخ��ل‪ ،‬ولذلك لم تكن مفاجأة أن هؤالء‬ ‫هم الرابح الوحيد في برنامج من سيربح‬ ‫الميدان!‬ ‫فرج فودة اغتيل في عهده‪ ،‬نصر أبو‬ ‫زيد نُفي في عهده‪ ،‬أمن الدولة استخدم‬ ‫التيار الس��لفي في عه��ده‪ ،‬المرة الوحيدة‬ ‫ف��ي عهده الت��ي انتُقِ��د فيه��ا وزير من‬ ‫الحزب الوطن��ي كانت ألنه انتقد الحجاب!‬ ‫الفاترينة ليبرالية والبضاعة سلفية‪.‬‬

‫المؤل��ف مُداف��ع جَس��ور ع��ن‬ ‫العلماني��ة‪ ،‬ال يرض��ى بأنص��اف الحل��ول‬ ‫وال يُمس��ك العصا م��ن المنتصف‪ ،‬يعرف‬ ‫أن العلماني��ة هي الح��ل‪ ،‬حتى لمن يُريد‬ ‫أن يُحافظ على دينه ويمارس��ه بحُرية‪،‬‬ ‫العلماني��ة ض��د الفاش��ية والعنصري��ة‬ ‫وليس��ت ضد الدين‪ ،‬هي ضد ُّ‬ ‫تحكم رجال‬ ‫الدين في السياسة‪.‬‬ ‫س��تتعرف م��ن خ�لال الكت��اب أنه ال‬ ‫عِلم ف��ي ظِل دول��ة ديني��ة‪ ،‬ال فنَّ في‬ ‫ظِ��ل دولة دينية‪ ،‬ال إب��داع في ظِل دولة‬ ‫ديني��ة‪ ،‬مواطنو الدولة الدينية ببس��اطة‬ ‫أعداء حياة‪ ..‬أعداء خيال‪ ..‬أعداء بهجة‪ ،‬وال‬ ‫يمكن لهؤالء األع��داء أن يُنتجوا عِلمًا أو‬ ‫يُبدعوا فنًّا‪.‬‬ ‫المؤ ِّل��ف م��ن ُكتَّ��اب كتيب��ة التنوير‬ ‫المصري��ة‪ ،‬وق��د منحت��ه دراس��ة ِّ‬ ‫الط��ب‬ ‫ً‬ ‫مشرطا للتشريح والتحليل‪ ،‬ورؤية ثاقبة‬ ‫وق��درة زرق��اء اليمامة على االستش��راف‬ ‫والتنب��ؤ‪ ،‬فرغ��م أن هناك مق��االت ُكتبت‬ ‫قب��ل الث��ورة إال أن��ك تح��س أن توقُّعاته‬ ‫قد حدثت‪ ،‬وكأنه يكتب س��يناريو س��ابق‬ ‫التجهيز‪ ،‬عماد نصر ذِكري طبيب يُحاول‬ ‫أن يُج��ري جراح��ة للوط��ن ويرف��ض‬ ‫أن يك��ون حانوتيًّ��ا يدف��ن جثت��ه‪ ،‬مُحب‬ ‫عاش��ق صبابة لمصر المحروس��ة‪ ،‬يكتب‬ ‫بدم��ع المآق��ي وحبر الش��ريان عن مصر‬ ‫الت��ي يتمناه��ا والت��ي تس��تحق أفض��ل‬ ‫م��ن خفافيش الظ�لام‪ ،‬تس��تحق تغريد‬ ‫العندلي��ب وش��جن الك��روان وتحلي��ق‬ ‫النوارس‪.‬‬ ‫ه��ل س��نظل نج��ري ف��ي الم��كان؟‬ ‫حُس��مَت منذ ألف سنة‪،‬‬ ‫نطرح بَديهيات ِ‬ ‫نجترُّ أفكارًا تجاوزها الزمن منذ القرون‬ ‫الوس��طى‪ ،‬نش��رح الش��روح ونهم��ش‬ ‫الهوام��ش ونكتب عن المكتوب وعليه وال‬ ‫نتق��دَّم خطوة واحدة في س��بيل إبداع أو‬ ‫نقد أو تجاوز أو جنون مشروع؟!‬ ‫الكت��اب يط��رح أس��ئلة وعالم��ات‬ ‫اس��تفهام مثله مثل أي عم��ل ثوري جاد‪،‬‬ ‫أم��ا اإلجابة فهي ف��ي رحم الزم��ن الذي‬ ‫نرجو اَّأل يلد سرابًا‪.‬‬ ‫أول فصول الكتاب‪" :‬في البدء كان"‪،‬‬ ‫وفي��ه تعري��ف للعلماني��ة‪" :‬العلماني��ة"‬ ‫ه��ي ترجم��ة لكلم��ة "س��يكوالريزم‬ ‫اإلنجليزي��ة‪ ،‬وه��ي مش��تقة م��ن كلم��ة‬ ‫التيني��ة "س��يكولوم‪ ،‬وتعن��ي العال��م أو‬ ‫الدني��ا وتوضع في مقابل الكنيس��ة‪ ،‬وقد‬ ‫اس��تخدم مصطلح "س��يكوالر " ألول مرة‬ ‫مع توقيع صلح وستفاليا (عام ‪1648‬م) ‪-‬‬ ‫الذي أنهى أتون الحروب الدينية المندلعة‬ ‫في أورب��ا ‪ -‬وبداية ظهور الدولة القومية‬ ‫الحديثة (أي الدولة العلمانية) مشيرًا إلى‬ ‫"علمنة" ممتلكات الكنيس��ة بمعنى نقلها‬ ‫إلى س��لطات غير دينية أي لسلطة الدولة‬ ‫المدنية‪ .‬وقد اتسع المجال الداللي للكلمة‬ ‫على يد جون هو ليوك (‪1906 - 1817‬م)‬ ‫ال��ذي ع��رف العلماني��ة بأنه��ا‪" :‬اإليم��ان‬ ‫بإمكاني��ة إصالح حال اإلنس��ان من خالل‬ ‫الط��رق المادي��ة دون التص��دي لقضي��ة‬ ‫اإليمان سواء بالقبول أو الرفض"‪.‬‬ ‫و تميز بع��ض الكتابات بين نوعين‪:‬‬ ‫العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة‪.‬‬ ‫العلمانية الجزئية‪ :‬هي رؤية جزئية‬ ‫للواق��ع ال تتعام��ل م��ع األبع��اد الكلي��ة‬

‫والمعرفية‪ ،‬ومن ثم ال تتس��م بالشمول‪،‬‬ ‫وتذهب ه��ذه الرؤي��ة إلى وج��وب فصل‬ ‫الدين عن عالم السياسة‪ ،‬وربما االقتصاد‬ ‫وهو م��ا يُعبر عنه بعب��ارة "فصل الدين‬ ‫ع��ن الدولة"‪ ،‬ومثل ه��ذه الرؤية الجزئية‬ ‫تلزم الصمت حي��ال المجاالت األخرى من‬ ‫الحياة‪ ،‬وال تنكر وج��ود مطلقات أو كليات‬ ‫أخالقية أو وجود ميتافيزيقا وما ورائيات‪،‬‬ ‫ويمكن تسميتها "العلمانية األخالقية" أو‬ ‫"العلمانية اإلنسانية"‪.‬‬ ‫العلماني��ة الش��املة‪ :‬رؤي��ة ش��املة‬ ‫للواقع تحاول ب��كل صرامة تحييد عالقة‬ ‫الدي��ن والقي��م المطلق��ة والغيبيات بكل‬ ‫مج��االت الحياة‪ ،‬ويتفرع ع��ن هذه الرؤية‬ ‫نظريات ترتكز عل��ى البعد المادي للكون‬ ‫وأن المعرف��ة المادي��ة المص��در الوحي��د‬ ‫لألخالق وأن اإلنس��ان يغلب عليه الطابع‬ ‫الم��ادي ال الروح��ي‪ ،‬ويطلق عليه��ا أيضًا‬ ‫"العلماني��ة الطبيعي��ة المادية"(نس��بة‬ ‫للمادة والطبيعة)‪.‬‬ ‫ويعتبر الف��رق بين م��ا يطلق عليه‬ ‫"العلمانية الجزئية" وما يسمى "العلمانية‬ ‫الش��املة" هو الفرق بين مراحل تاريخية‬ ‫لنف��س الرؤية‪ ،‬حي��ث اتس��مت العلمانية‬ ‫بمحدوديته��ا وانحصاره��ا ف��ي المجالين‬ ‫االقتصادي والسياس��ي حين كانت هناك‬ ‫بقايا قيم مسيحية إنسانية‪ ،‬ومع التغلغل‬ ‫الش��ديد للدولة ومؤسس��اتها ف��ي الحياة‬ ‫اليومي��ة للفرد انفردت الدول��ة العلمانية‬ ‫بتش��كيل رؤي��ة ش��املة لحياة اإلنس��ان‬ ‫بعي��دة ع��ن الغيبي��ات‪ ،‬واعتب��ر بع��ض‬

‫الباحثين "العلمانية الش��املة" هي تجلي‬ ‫لم��ا يطل��ق علي��ه "هيمن��ة الدول��ة على‬ ‫الدين"‪.‬‬ ‫وف��ي الفص��ل الثان��ي "مع��ارك‬ ‫علماني��ة" يط��رح المؤل��ف قضاي��ا م��ن‬ ‫أهمه��ا‪ :‬هوام��ش عل��ى دفت��ر الخالف��ة‪،‬‬ ‫مب��ادئ الش��ريعة اإلس�لامية والحاكمية‬ ‫هلل وتعارضه��ا م��ع الديمقراطية‪ ،‬عالقة‬ ‫اإلخوان واإلرهاب والنظام السياسي‪ ،‬كما‬ ‫يوضح عالقتهم مع غير المسلمين‪ ،‬البابا‬ ‫ش��نودة والزواج الثان��ي‪ ،‬التمييز الديني‪،‬‬ ‫التميي��ز الطبق��ي‪ ،‬االس��تقواء بالخ��ارج‪،‬‬ ‫عفوًا د‪ .‬عمارة‪.‬‬ ‫الفص��ل الثال��ث "العلمانية والمرأة"‬ ‫وفي��ه ط��رح أله��م قضاي��ا الم��رأة ف��ي‬ ‫المجتمع كتعدد الزوجات‪ ،‬زواج المس��لمة‬ ‫من الكتابي‪ ،‬الحجاب وكرامة المرأة‪ ،‬ختان‬ ‫اإلناث‪ ،‬الخُلع والنظام األبوي‪.‬‬ ‫أما الفص��ل الرابع "رم��وز علمانية"‬ ‫فيعطي نماذج علمانية َّأثرت في الشعوب‬ ‫وأث��رت الحضارة اإلنس��انية ف��ي مجاالت‬ ‫مختلف��ة‪ :‬ف��رج ف��ودة‪ ،‬س�لامة موس��ى‪،‬‬ ‫بناظير بوتو‪ ،‬نزار قباني‪.‬‬ ‫الكات��ب يتح��دث ع��ن علماني��ة‪،‬‬ ‫متح��ررة‪ ،‬عقالني��ة‪ ،‬ال أث��ر لألصولي��ة‬ ‫الدينية فيه��ا" وعن التح��دي الكبير الذي‬ ‫تواجه��ه مجتمعاتن��ا الت��ي بع��د إنجازها‬ ‫ف��ي الربي��ع العرب��ي تق��ف عل��ى أعتاب‬ ‫ثورة علمية وروحية ف��ي تاريخها‪ ،‬لتعود‬ ‫للمسار الطبيعي في حضارتها‪.‬‬


‫�إهداء �إىل علي ال�شهابي الفل�سطيني‪ ،‬ال�سوري �أكرث من �سوريني كرث‬

‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬

‫رومان�سية ال�شموع واحلطب‬ ‫وم�صابيح الكريو�سني‬ ‫بكر صدقي‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫كاجي��ت‪ ،‬واكتف��وا بق��راءة الق��رآن أو‬ ‫اإلنجي��ل أو األلياذة وحفظها على ضوء‬ ‫الش��موع‪ .‬ثم��ة انقط��اع ثقاف��ي هائل‬ ‫سيعيش��ه المولودون في القرن الواحد‬ ‫والعش��رين عن "العصور الغابرة" التي‬ ‫ربما س��تبدأ بالنس��بة لهم من ستينات‬ ‫الهيبي��ز وألفيس بريس��لي رجوعًا إلى‬ ‫ال��وراء‪ ،‬ناهيك��م عن الش��اطر حس��ن‬ ‫أو كليل��ة ودمن��ة‪ .‬ومن��ذ اآلن تب��دو‬ ‫ً‬ ‫تجرب��ة آركيولوجية موغلة‬ ‫الش��يوعية‬ ‫ف��ي التاريخ وخ��ارج التجربة المعاش��ة‬ ‫بالنس��بة للغالبية العظمى من ش��بان‬ ‫العالم وشاباته الذين تكونت تجربتهم‬ ‫السياس��ية والثقافي��ة عل��ى أرضي��ة‬ ‫العولمة ومناهضتها‪ .‬هل كان ثمة في‬ ‫برلين حقًا جدار يقس��مها إلى قسمين‬ ‫كما تروي الجدات؟‬ ‫لك��ن س��يزار ل��ن ينس��ى عل��ى‬ ‫األرجح ش��يئًا كان يس��مى بشار األسد‪.‬‬ ‫فقد ع��اش هذا الطفل تجارب قاس��ية‬ ‫ارتبط��ت ف��ي ذاكرت��ه به��ذا االس��م‪.‬‬ ‫وقبل كل شيء سبب له تمزقًا عاطفيًا‬ ‫وضميريًا قاسيًا بين تأليهه الذي لقنوه‬ ‫في المدرسة‪ ،‬وكراهية أبويه له‪ .‬ففي‬ ‫زمن ما اندلعت ثورة "ضد النظام" كما‬ ‫كانوا يقولون‪ ،‬لم تعجب سيزار المشبع‬ ‫بحب بش��ار األس��د‪ .‬لكن أبوي��ه اللذين‬

‫يحبهم��ا س��يزار ربم��ا أكث��ر م��ن حبه‬ ‫لبش��ار‪ ،‬كانا يعبران ع��ن كرههما لهذا‬ ‫األخي��ر وتعاطفهما الصري��ح مع الثورة‬ ‫ضده و"ض��د نظامه"‪ .‬إزاء هذا التمزق‪،‬‬ ‫اتخذ سيزار سياس��ة الصمت الحكيمة‪،‬‬ ‫من غي��ر أن يعني ذلك أن��ه غير مهتم‬ ‫بم��ا يجري‪ ،‬أو ال يتاب��ع األخبار واألفكار‬ ‫المتداول��ة‪ ،‬وأس��ماء ي��وم الجمعة التي‬ ‫يتظاه��ر فيها معارض��و النظام‪ .‬أخبره‬ ‫أب��وه ذات ي��وم أن بش��ار هو م��ن أمر‬ ‫باعتقال أمه وحرمانه منها سنة وبضع‬ ‫أش��هر‪ ،‬ولم يكن بحاجة لوشاية أخرى‬ ‫من أي ش��خص ليعرف أن حياة الجحيم‬ ‫التي بات يعيش��ها بنفس��ه ف��ي البيت‬ ‫إنما س��ببها تمس��ك بش��ار بالس��لطة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خط��ة النتقال‬ ‫وقد اقت��رح‪ ،‬ذات م��رة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫براعة عن خطة كوفي‬ ‫السلطة‪ ،‬ال تقل‬ ‫أن��ان‪ ،‬وال تقل في خياليته��ا عن أفكار‬ ‫"معارضة الداخل"‪ .‬بل إن س��يزار الذي‬ ‫ض��اق ذرعًا بغياب التلفزيون والنزهات‬ ‫من حياته‪ ،‬انضم إل��ى جوقة العرافين‬ ‫والمنجمين فقال إن النظام سيس��قط‬ ‫م��ع نهاية الع��ام الدراس��ي الحالي في‬ ‫حزيران ‪.2013‬‬ ‫بركاتك يا شيخ سيزار!‬ ‫جريدة المستقبل ‪2013 / 3 / 3‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫اشترينا أخيراً‪ ،‬بعد ممانعة طالت‪،‬‬ ‫مصباح الكيروسين‪ ،‬وأمضينا سهرتنا‪،‬‬ ‫مس��اء البارح��ة‪ ،‬عل��ى ض��وء الله��ب‬ ‫المتراق��ص لفتيل��ه القطن��ي‪ ،‬ورائحة‬ ‫االحتراق اللطيفة تمأل الغرفة المغلقة‬ ‫در ًء لب��رد مطلع الش��تاء‪ .‬نام الطفالن‪،‬‬ ‫وعش��نا أمه��م وأنا س��هر ًة رومانس��ية‬ ‫رائقة ّ‬ ‫ذكرتنا بليالي الش��تاء في القرى‬ ‫السورية في الستينات‪ .‬أصوات القذائف‬ ‫المدفعي��ة القليل��ة القادمة م��ن أحياء‬ ‫بعيدة‪ ،‬لم تعكر علينا الجو الرومانسي‬ ‫الذي منحنا إي��اه ضيفنا الجديد مصباح‬ ‫الكيروس��ين‪ .‬بل إن أجمل ما في األمر‬ ‫أن خط��ي الهات��ف األرض��ي والخل��وي‬ ‫مقطوعان‪ ،‬فلم يش��وش علينا خلوتنا‬ ‫رنين ج��رس أي هاتف ف��ي البيت‪ .‬دار‬ ‫الحدي��ث بينن��ا بسالس��ة ال يقاطعن��ا‬ ‫ش��يء‪ .‬من نعم انقطاع الكهرباء أيضًا‬ ‫أن التليفزي��ون‪ ،‬بالع��دد الالمحدود من‬ ‫قنوات��ه الفضائية بكل لغ��ات األرض‪،‬‬ ‫قد ك��ف عن إش��غال أحدنا ع��ن اآلخر‪.‬‬ ‫حق��اً مض��ى وق��ت طويل ل��م نحصل‬ ‫فيه على فس��حة لتبادل الحديث‪ .‬يقال‬ ‫إن��ه إذا اجتمع الرجل والم��رأة معًا‪ ،‬كان‬ ‫الش��يطان ثالثهما‪ .‬الواقع أن الثالث في‬ ‫زماننا كان دائماً التلفزيون أو االنترنت‬ ‫أو التليفون‪ ،‬وليس الش��يطان‪ .‬لحس��ن‬ ‫حظنا في س��هرة البارحة‪ ،‬أن الشيطان‬ ‫األصل��ي أيض��ًا كان ف��ي إج��ازة‪ ،‬فل��م‬ ‫يقطع علينا صفو سمرنا أي شيء‪.‬‬ ‫لك��ن االحتف��ال الحقيق��ي األكثر‬ ‫صخب��اً بدخ��ول مصب��اح الكيروس��ين‬ ‫بيتنا‪ ،‬إنما جاء من س��يزار وديانا‪ .‬تركا‬ ‫كل ألعابهم��ا ودباديبهم��ا وش��ؤونهما‪،‬‬ ‫والتفا ح��ول هذا الكائ��ن العجيب الذي‬ ‫م�لأ الغرفة المعتمة ضوءاً أصفر خافتًا‬ ‫لم يألفاه س��ابقاً‪ .‬ابتهجا بصخب وسيل‬ ‫األسئلة يتدفق على لسانيهما عن اسم‬ ‫ه��ذا الجه��از الغري��ب‪ ،‬وكيف يش��عل‪،‬‬ ‫وكيف يطف��أ‪ ،‬ولماذا لم نقم بش��رائه‬ ‫م��ن قبل‪ ،‬وه��ل يملك اآلخ��رون مثله‪،‬‬ ‫وما الس��ائل الذي يحترق في��ه‪ ،‬ولماذا‬ ‫الزجاجة المحيطة باللهب‪ ...‬إلخ‪ .‬وقرّبا‬ ‫أيديهم��ا الباردة من القس��م الزجاجي‪،‬‬ ‫فأحس��ا بال��دفء‪ .‬وق��ال س��يزار‪" :‬لقد‬ ‫أصبحت لدينا مدفأة جديدة يا بابا"‬ ‫ولد ابني س��يزار ف��ي العام ‪2003‬‬ ‫في وق��ت كان نص��ف الس��وريين فيه‬ ‫يحملون أجهزة الهات��ف الخليوي‪ ،‬وفي‬ ‫معظ��م البيوت خط��وط هاتف أرضية‪،‬‬

‫وف��ي كل بي��ت تقريبًا جه��از تلفزيون‬ ‫مزود بالقط فضائي‪ ،‬ولدى قس��م من‬ ‫الس��وريين أجه��زة كمبيوت��ر وإمكانية‬ ‫الدخ��ول إلى ش��بكة االنترن��ت‪ .‬وحين‬ ‫ول��دت أخته ديانا‪ ،‬بعده بثالث س��نوات‪،‬‬ ‫كان الشبان والش��ابات في سوريا‪ ،‬من‬ ‫أبن��اء الطبق��ات الوس��طى وم��ا فوق‪،‬‬ ‫يتنافسون على امتالك أجهزة الخليوي‬ ‫األح��دث واألكث��ر إبه��اراً ف��ي المظهر‬ ‫والوظائ��ف‪ .‬حت��ى أبوه��ا ل��م يتمالك‬ ‫نفس��ه عن شراء الب توب بعدما قضى‬ ‫حاس��وبه الثابت بعد عم��ر طويل‪ ،‬وإذا‬ ‫كان قد صمد طوي ً‬ ‫ال أم��ام إغراء اقتناء‬ ‫خ��ط خليوي‪ ،‬فق��د انهار صم��وده بعد‬ ‫عامين على والدة ديانا‪ ،‬فاش��ترى جهاز‬ ‫نوكي��ا ب�لا كامي��را م��ا زال يخدمه إلى‬ ‫اليوم بال أي خذالن‪.‬‬ ‫كان بوس��ع جيلن��ا المول��ود ف��ي‬ ‫الس��تينات أن يفهم أدب القرن التاس��ع‬ ‫عشر ويتخيل ش��روط الحياة ومستوى‬ ‫التط��ور التكنولوج��ي لذل��ك العص��ر‬ ‫ب�لا صعوبة تذك��ر‪ .‬تط��ورت الطائرات‬ ‫الحربية وغير الحربية كثيراً منذ الحرب‬ ‫العالمي��ة األولى‪ ،‬لكن م��درك الطائرة‬ ‫المطل��ق ل��م يتغي��ر‪ ،‬ومنذ الس��تينات‬ ‫عايش��نا غ��زو الفض��اء‪ ،‬أم��ا التليفون‬ ‫فنعرف��ه منذ وقت طويل‪ ،‬فلم نش��عر‬ ‫بغرب��ة فلكية في االنتق��ال من الثابت‬ ‫إل��ى المحم��ول‪ .‬حتى الس�لاح األبيض‬ ‫ال��ذي كان الوس��يلة القتالي��ة الوحيدة‬ ‫قب��ل بضعة ق��رون‪ ،‬ل��م يندث��ر تمامًا‬ ‫بعد اخت��راع األس��لحة الناري��ة‪ .‬ما زال‬ ‫األتراك ف��ي القرن الواحد والعش��رين‬ ‫يتداول��ون المث��ل الش��عبي القائ��ل إن‬ ‫"المروءة انتهت بع��د اختراع البندقية"‪.‬‬ ‫قال المتش��ائمون إن من ش��أن انتشار‬ ‫التلفزي��ون أن يقض��ي عل��ى الس��ينما‬ ‫والصحاف��ة الورقي��ة‪ ،‬وإن م��ن ش��أن‬ ‫انتش��ار االنترنت والكت��اب االلكتروني‬ ‫أن يقضيا على الكت��اب المطبوع‪ ،‬لكن‬ ‫ه��ذا وذاك لم يتحققا‪ ،‬وما زلنا قادرين‬ ‫إل��ى الي��وم عل��ى ق��راءة المخطوطات‬ ‫اليدوية في المتاحف‪ ،‬إلى جانب الكتاب‬ ‫المطبوع الذي يتدف��ق من المطابع بال‬ ‫توقف‪.‬‬ ‫ال يتخي��ل جيل س��ن العش��رينات‬ ‫الي��وم الحي��اة ب�لا س��يارة أو تليفون‪،‬‬ ‫وال يمك��ن ألطف��ال الي��وم أن يفهم��وا‬ ‫أطف��ال الق��رن التاس��ع عش��ر الذي��ن‬ ‫ل��م يعرف��وا ت��وم وجي��ري والمفت��ش‬

‫‪11‬‬


‫عن الرقة العريقة‪ ..‬الرقة اخلالدة‬ ‫بالل سالمة‬

‫حبر ناشف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫تق��ع محافظ��ة الرق��ة ف��ي أقص��ى‬ ‫الش��رق من سوريا‪ ،‬وتعتبر من أقدم مدن‬ ‫بالد الشام وأكبر مدن المنطقة الشرقية‪،‬‬ ‫تق��ع عل��ى الضفة اليس��رى لنه��ر الفرات‬ ‫قبل التقائه بنه��ر البليخ بنحو ‪10‬كم في‬ ‫الضفة نفس��ها‪ ،‬مما جع��ل موقعها يتميز‬ ‫بالخص��ب ووف��رة المي��اه‪ .‬وتعتب��ر الرقة‬ ‫من أهم المحط��ات التجارية وأكبر مراكز‬ ‫تجمع المحاصي��ل وتب��ادل البضائع‪ .‬منها‬ ‫عبر هوالكو مع جيش��ه الغازي إلى المدن‬ ‫القريبة‪ ،‬وفيها أقام هارون الرشيد فترات‬ ‫طويل��ة‪ .‬تبعد ع��ن مدينة حل��ب ‪190‬كم‪،‬‬ ‫وعن دير الزور من الشرق ‪140‬كم‪ .‬بناها‬ ‫اإلمبراط��ور اليونان��ي س��لوقس نيكاتور‬ ‫وأس��ماها نيكتوري��وم وذلك ف��ي العصر‬ ‫الهيلين��ي ع��ام ثالث��ة آالف قب��ل الميالد‪،‬‬ ‫وف��ي عهد اإلمبراط��ور البيزنطي (‪- 457‬‬ ‫‪474‬م) عرفت باس��م ليونتوبوليس‪ ،‬وفي‬ ‫عام ‪639‬م حرره��ا القائد العربي عياض‬ ‫بن غنم من الحكم البيزنطي‪ .‬في العصر‬ ‫األم��وي تابع��ت مدين��ة الرق��ة ازدهارها‬ ‫فبنى فيها الخليفة هش��ام بن عبد الملك‬ ‫(‪743 - 724‬م) س��وقًا تجاريًا وشق قنوات‬ ‫وترع��اً للمي��اه (الهني والمري) فانتش��رت‬ ‫زراع��ة الك��روم واألش��جار المثم��رة على‬ ‫ضفاف الفرات‪ .‬كما بنى مقابل الرقة على‬ ‫الضف��ة الغربي��ة قصرين نش��أت حولهما‬ ‫واس��ط الرقة‪ ،‬وكذلك أنش��أ جس��راً على‬ ‫نهر الفرات عند هذا الواسط‪ .‬وفي العصر‬ ‫العباس��ي وفي عهد الخليفة الرشيد (‪786‬‬ ‫ ‪809‬م) توس��عت المدينة ش��رقاً وشما ًال‬‫وازدهرت حت��ى أن الخليفة الرش��يد نقل‬ ‫إدارته إليها مدة عش��ر س��نوات كانت فيها‬ ‫مرك��زاً إلعداد الجيوش لقتال البيزنطيين‬ ‫ويقال إن الطريق كانت تظله األشجار من‬ ‫الرقة حتى بغداد واس��تمر ازدهارها حتى‬ ‫يوم خرابها على يد هوالكو ‪1258‬م‪.‬‬ ‫قسّ��م الجغرافيون الع��رب الجزيرة‬ ‫اس��تناداً إلى هيمنة القبائل العربية عليها‬ ‫إل��ى‪ :‬دي��ار ربيع��ة (ومركزه��ا الموصل)‪،‬‬ ‫وديار مض��ر (مركزها الرق��ة)‪ ،‬وديار بكر‬ ‫(مركزه��ا آم��د)‪ ،‬وكان��ت الرق��ة وفق هذا‬ ‫التقس��يم (دي��ار مض��ر) الذين اس��تقروا‬ ‫فيه��ا منذ ما قبل الفتح اإلس�لامي إلقليم‬ ‫الجزيرة بقرون عديدة‪.‬‬ ‫كان إعم��ار محافظ��ة الرق��ة متأخراً‬ ‫نس��بيًا عن عمران محافظ��ة دير الزور‪ ،‬إذ‬ ‫بدأ التحول من الس��كن في بيوت الش��عر‬ ‫إل��ى بناء أول بيت طيني‪-‬حجري في العام‬ ‫‪1880‬م ‪.‬تجمع المتحضرون األوائل الذين‬ ‫أسس��وا المدينة في اتحادين محليين هما‬ ‫األكراد والعش��اريون (نس��بة إلى العشارة‬ ‫جنوب الميادين)‪ .‬قدموا إلى الرقة ألسباب‬ ‫اقتصادي��ة أو وظيفي��ة أو ألس��باب النزاع‬ ‫العش��ائري‪ ،‬ولكن بصف��ة عائالت وليس‬ ‫بصف��ة عش��ائر‪ .‬كان هن��اك ع��دد م��ن‬ ‫العائالت العربية في حلف األكراد المنحدر‬ ‫من طي والمليين والدليم‪ .‬وش��كل وجود‬ ‫مخفر الدرك‪ ،‬وتحس��ن حال��ة األمن جاذبًا‬ ‫لهم لالستقرار وللجمع بين نمطي الحياة‬ ‫الزراعية في الش��تاء والرعوية في الربيع‬ ‫والخريف‪.‬‬ ‫كما أح��دث إقبال تج��ار أورفة وحلب‬ ‫على ش��راء األراضي ف��ي واديَ��ي البليخ‬ ‫األسفل واألعلى منذ العام ‪1881‬م تغييراً‬ ‫كبي��راً ف��ي تحوي��ل الزراع��ة م��ن زراعة‬ ‫االكتف��اء الذات��ي المعاش��ية إل��ى زراع��ة‬ ‫تجارية موجهة إلى التصدير‪ ،‬وبات ارتباط‬ ‫الرق��ة أكثر تش��ابكاً مع أورف��ة من خالل‬ ‫تحسين الحكومة لطرق العربات من منبج‬

‫إل��ى أورفة‪ ،‬وافتتاح الطري��ق الجديد عام‬ ‫‪1907‬م‪ .‬ط��وّرت الحكومة فض��اء البلدة‪،‬‬ ‫فافتتح��ت ف��ي أواخر عهد الس��لطان عبد‬ ‫الحميد الثان��ي بعض المدارس االبتدائية‬ ‫فيها‪ .‬وفي العام ‪1912‬م وصل عدد سكان‬ ‫الرقة إل��ى حوالي (‪ )300‬عائلة مس��تقرة‬ ‫حضريًا‪.‬‬ ‫ف��ي أواخ��ر العه��د العثمان��ي كانت‬ ‫مدين��ة الرق��ة تتمي��ز بتنوعه��ا األثن��ي‬ ‫المركب‪ ،‬وتش��ير أصول العائ�لات األولى‬ ‫التي أسس��ت نواة المدينة‪ ،‬كم��ا الهجرات‬ ‫الت��ي اس��توعبتها‪ ،‬إل��ى أن س��كان الرقة‬ ‫كان��وا مؤلفي��ن م��ن ع��رب منحدرين من‬ ‫عدة عش��ائر عربية (بو ب��دران‪ ،‬عقيدات‪،‬‬ ‫مصاليخ ش��مر‪ ،‬موالي‪ ،‬ط��يّ‪ ،‬دليم) وقد‬ ‫قدم��وا م��ن نواح��ي الموصل وم��ن بلدة‬ ‫العش��ارة ومن نواحي أورف��ة‪ ،‬ومن أكراد‬ ‫ينح��درون من عش��يرة المليّة في نواحي‬ ‫أورفة وشرقي ديار بكر‪ ،‬وأتراك ينحدرون‬ ‫من براجيك‪ ،‬وشراكسة وشيشان وأرمن‪.‬‬ ‫مع بدء عهد االنتداب الفرنس��ي كان‬ ‫هناك ع��دة قنوات ري كبي��رة على امتداد‬ ‫بضع��ة كيلومت��رات عن البلي��خ ‪.‬وبفضل‬ ‫ذل��ك وصل ع��دد قرى الرق��ة في غضون‬ ‫عقدين ونيف إلى (‪ )148‬قرية‪.‬‬ ‫أقف��رت الرقة بس��بب عوامل ش��تى‬ ‫كال��زالزل واألمراض الجائح��ة‪ ,‬والعوامل‬ ‫السياس��ية كالح��روب والفت��ن‪ ,‬فأصبحت‬ ‫الرقة منفى إجباريًا للمنش��قين والعصاة‬ ‫والمعارضي��ن‪ .‬وع��ن ه��ذا كت��ب آرتي��ن‬ ‫مادوي��ان (أح��د ق��ادة الح��زب الش��يوعي‬ ‫السوري اللبناني الذي يذكر في مذكراته‬ ‫قصة نفيه إل��ى الرقة في عه��د االنتداب‬ ‫الفرنس��ي مع زمالئه في العام ‪1926‬م)‪:‬‬ ‫"وصلن��ا إل��ى الرق��ة ف��ي س��اعة متأخرة‬ ‫أخذونا إلى مركز للش��رطة بقيادة ضابط‬ ‫فرنس��ي س��لمنا بدوره إلى رئيس بلدية‬ ‫الرقة الذي قادنا إلى خان الشيوخ ووضعنا‬ ‫في غرف��ة تع��ج بالعناك��ب قائ� ً‬ ‫لا (دبروا‬ ‫أنفس��كم)‪ ,‬أخذن��ا نتج��ول ف��ي المدين��ة‬ ‫فتعرفنا إلى بعض األرمن‪ ,‬وبمساعدتهم‬ ‫اس��تأجرنا غرف��ة لتمضية فت��رة الصيف‬ ‫لحين ع��ودة أصحابه��ا‪ ,‬وكنا ن��زور يوميًا‬ ‫مكتب المسؤول الفرنسي لتأكيد وجودنا‪,‬‬ ‫وبدأن��ا نعاني صعوبات مالي��ة‪ ,‬خاصة مع‬ ‫تقل��ص المبل��غ المتواضع ال��ذي كنت قد‬ ‫حملت��ه‪ ,‬طعامن��ا األساس��ي كان اللبن مع‬ ‫المقثى (القثاء)‪ ,‬قدمنا رسالة احتجاج إلى‬ ‫المفوض الس��امي الفرنسي طالبين منه‬ ‫أن يؤمن لنا وسيلة العيش‪ .‬وبعد انقضاء‬ ‫شهرين بدأنا نتسلم من السلطة المحلية‬ ‫في الرقة ستين قرشًا يوميًا لكل شخص‪,‬‬ ‫من هذا المبلغ كنا نقتصد ش��هرياً خمس‬ ‫لي��رات وندفعه��ا لصندوق الح��زب"‪ .‬وعن‬ ‫تعاون أهل الرقة يقول‪" :‬في الواقع كانت‬ ‫رقابة الفرنسيين شبه معدومة‪ ,‬أما مركز‬ ‫البريد فقوامه غرفة واحدة بإدارة موظف‬ ‫واحد متقدم في السن وال يلم بالفرنسية‪,‬‬ ‫وكان بحاج��ة لمس��اعدتنا ك��ي نق��رأ ل��ه‬ ‫عناوين الرس��ائل المكتوبة بالفرنس��ية‪,‬‬ ‫ولم يكن محبًا لفرنسا‪ .‬وبفضل صداقتنا‬ ‫له كنا نعرف موعد وصول البريد ونتسلم‬ ‫جمي��ع الرس��ائل والصح��ف والمطبوعات‬ ‫الموجهة إلينا لحظة وصولها إلى المركز‪،‬‬ ‫يت��ردد العج��وز أحيان��اً لكنه ف��ي النهاية‬ ‫يسلمنا المطبوعات كلها"‪.‬‬ ‫وم��ن األحداث الهام��ة التي جرت في‬ ‫الرق��ة م��ع بداية الق��رن الماض��ي صدور‬ ‫أع��داد جريدة س��بارتاك األولى من الرقة‪,‬‬

‫وعن ذلك يقول مادويان‪" :‬بعد أن تسلمنا‬ ‫ورقاً للطباع��ة الجالتينية أصدرنا عددين‬ ‫م��ن جري��دة س��بارتاك‪ ,‬ص��در األول ف��ي‬ ‫كانون الثاني عام‪1927‬م بمناسبة ذكرى‬ ‫الث��ورة الروس��ية األول��ى ع��ام ‪1905‬م‪,‬‬ ‫و ص��در الثاني ف��ي أواخر كان��ون الثاني‬ ‫م��ن العام نفس��ه بمناس��بة ذك��رى وفاة‬ ‫ليني��ن وكان عن��وان الع��دد الثان��ي "مات‬ ‫لينين فلتحيا اللينينية"‪ ،‬ونش��رت الجريدة‬ ‫مق��ا ًال مكتوبًا بع��ث به الرفيق فوس��فان‬ ‫هوفانس��يان م��ن بي��روت‪ ,‬ومق��ا ًال حول‬ ‫إضراب عمال النس��يج ف��ي حمص وحلب‪,‬‬ ‫أرسلنا جميع أعداد سبارتاك إلى حلب‪ ,‬كما‬ ‫استطعنا إرسال قسم منها إلى بيروت"‪.‬‬ ‫تش��تهر الرق��ة بأس��وارها وآثاره��ا‪،‬‬ ‫حي��ث يبل��غ امت��داد أس��وارها خمس��ة‬ ‫كيلومت��رات وكان س��ورها مزدوج��ًا بي��ن‬ ‫طرفي��ه فصيل‪ ،‬وتدعمه أبراج بلغ عددها‬ ‫‪ 74‬برجًا لم يبقى منه س��وى س��تة أبراج‬ ‫تم ترميمه��ا ويبلغ محي��ط كل منها ‪-15‬‬ ‫‪16‬م‪ .‬ومن أهم آثار الرقة نذكر‪:‬‬ ‫ب��اب بغ��داد‪ :‬من أه��م آثار س��وريا‪،‬‬ ‫ويق��ع ف��ي الزاوي��ة الجنوبي��ة الش��رقية‬ ‫عل��ى الس��ور الخارجي‪ ،‬وع��رض الواجهة‬ ‫‪ 7.57‬م‪ ،‬بارتف��اع ‪ 5.20‬م‪ ،‬محاذي��اً لب��رج‬ ‫متَّصل بالس��ور‪ ،‬وفتح��ة الب��اب بارتفاع‬ ‫‪ 2.5‬م‪ ،‬تعلوها قنطرة ذات قوس مكسور‪.‬‬ ‫وعل��ى جانبي الب��اب‪ ،‬حنيت��ان زخرفيتان‪،‬‬ ‫ويعلو هذه الواجه��ة أفريز عريض مؤ َّلف‬ ‫من صفين من الحنيات الس��فلى‪ ،‬تتلوها‬ ‫أق��واس نصف دائرية‪ .‬والحنيات الس��فلى‬ ‫تعلوها أق��واس مفصصة ثالثية‪ ،‬ويحيط‬ ‫باألفري��ز إط��ار ب��ارز‪ .‬وينفت��ح الباب من‬ ‫الداخ��ل إل��ى دركاه ضمن صي��وان بعمق‬ ‫متر‪ ،‬كانت تعلوه قبة‪.‬‬ ‫قصر البنات‪ :‬يقع في الجهة الشرقية‬ ‫الجنوبية م��ن الرافقة وضمن أس��وارها‪،‬‬ ‫لم يب��قَ منه إال األط�لال الضخمة‪ ،‬يعود‬ ‫أن األطالل‬ ‫إلى القرن الثاني عشر‪ ،‬ويبدو َّ‬ ‫في ذل��ك الوقت كان��ت أكث��ر ارتفاعًا بما‬ ‫يقرب من عش��رة أمت��ار‪ .‬ابت��دِئ بأعمال‬ ‫التنقيب والترميم ف��ي هذا القصر ضمن‬ ‫نطاق المش��روع االس��تثنائي ف��ي الرقة‪.‬‬ ‫ومنذ العام ‪َّ ،1976‬‬ ‫تأكد من خالل دراس��ة‬ ‫الخ��زف ال��ذي عث��ر علي��ه‪ ،‬أنه يع��ود إلى‬ ‫القرني��ن الثاني عش��ر والثالث عش��ر‪ ،‬أي‬ ‫إل��ى العص��ر األيوبي‪ ،‬وهذا ِّ‬ ‫يؤك��د ما جاء‬ ‫أن هذا القصر لم‬ ‫على لس��ان المؤرخين؛ َّ‬ ‫يس��كن بعد العصر األيوبي‪ ،‬ومن َّ‬ ‫المؤكد‬ ‫أن��ه هج��ر بع��د حري��ق هائل ش��بَّ فيه‪.‬‬ ‫يتأ َّلف هذا القصر من باحة مركزية ُّ‬ ‫تطل‬ ‫عليها أواوي��ن أربعة‪ ،‬ويفت��ح في الجنوب‬

‫مدخل رئيس��ي يقابله في أقصى الشمال‬ ‫صالة خلفها حجرة إل��ى جانبيها حجرتان‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫وتط��ل الصال��ة عل��ى باح��ة ورواقي��ن‪،‬‬ ‫ويمتدُّ القصر ش��رقاً وغرباً تحت الشوارع‬ ‫القائمة‪ ،‬ولم تكتمل عمليات الكشف لهذا‬ ‫الس��بب‪ .‬لقد أصبح القصر واضح المعالم‬ ‫بعد أن أعيدت الجدران والفتحات واألروقة‬ ‫إلى وضعها األصلي‪.‬‬ ‫قلعة جعبر‪ :‬تقع في منطقة الجزيرة‬ ‫الس��ورية عل��ى الضف��ة اليس��رى لنه��ر‬ ‫الفرات على بعد خمس��ين كيل��و متراً من‬ ‫الرقة‪ .‬وتقوم القلعة على هضبة مشرفة‬ ‫عل��ى بحيرة األس��د ‪1974‬م‪ .‬وه��ي قلعة‬ ‫ذات س��ورين يضمَّ��ان عدداً م��ن األبراج‬ ‫تزيد على خمس��ة وثالثي��ن برجًا‪ ،‬بعضها‬ ‫مض ّل��ع والبع��ض نصف دائ��ري‪ .‬وأكثرها‬ ‫مهدم أو زائل‪ .‬وفي وس��ط القلعة مسجد‬ ‫بقيت منه مئذن��ة‪ .‬وتضمُّ أيضًا عدداً من‬ ‫المباني لم يبقَ إال أثرها‪ .‬تنس��ب القلعة‬ ‫إل��ى جعبر س��ابق القش��يري‪ ،‬أخذها منه‬ ‫الس��لطان الس��لجوقي ملكش��اه ب��ن ألب‬ ‫إن القلعة‬ ‫أرس�لان ‪379‬هـ‪986 /‬م‪ .‬ويقال َّ‬ ‫كان��ت مس��بوقة بقلع��ة أنش��أها دوس��ر‬ ‫غ�لام النعمان بن المنذر ملك الحيرة قبل‬ ‫اإلس�لام‪ .‬ولقد تمَّ ترميم مداخل القلعة‬ ‫الت��ي أصبحت ف��وق جزيرة وس��ط بحيرة‬ ‫سد الفرات‪ ،‬وتبلغ أبعادها ‪320‬م×‪170‬م‬ ‫ويحي��ط بها س��وران‪ .‬وفي وس��ط القلعة‬ ‫شُ��يِّد الجام��ع‪ ،‬ومازالت مئذنته ش��امخة‬ ‫بع��د أن تمَّ ترميمها‪ .‬وفي أقصى الجنوب‬ ‫م��ازال هن��اك ب��رج ت��مَّ ترميم��ه وحوّل‬ ‫إل��ى متحف آلث��ار القلع��ة‪ .‬وأصبح يضمُّ‬ ‫االكتشافات التي تمَّ اكتشافها في القلعة‬ ‫وف��ي منطقة الغم��ر م��ن أوانٍ وكتابات‪.‬‬ ‫وبع��ض اآلث��ار المنقولة الت��ي عثر عليها‬ ‫في القلعة نقل��ت إلى متحف حلب‪ .‬ويذكر‬ ‫أن ن��ور الين زنكي اغتيل في هذه القلعة‬ ‫أيضًا‪.‬‬ ‫ونذك��ر أخي��راً أه��م الش��خصيات‬ ‫الت��ي قدم��ت ال��ى الرق��ة أو ول��دت فيها‪:‬‬ ‫(مس��لمة ب��ن عب��د المل��ك) ول��ه حصن‪,‬‬ ‫و(اب��ن تيمي��ة) الفقيه المع��روف المولود‬ ‫في باجدة (س��لوك) حاليًا‪ ,‬و(ربيعة الرقي‬ ‫الش��اعر المعروف)‪ ,‬و(عبد الحميد الكاتب)‬ ‫وهو كات��ب الدولة العباس��ية األهم فقد‬ ‫ولد ف��ي الرقة الحم��راء (الحم��رة اليوم)‪,‬‬ ‫و(محمد ابن أبي الحس��ن الشيباني) حيث‬ ‫كان يراف��ق الرش��يد كرئي��س للقض��اء‬ ‫وهو تلمي��ذ أبي حنيف��ة النعمان ومطور‬ ‫مذهبه‪ ,‬وقد زار الرقة أبو تمام والبحتري‬ ‫والصنوب��ري ش��اعر الطبيع��ة األهم في‬ ‫الشعر العربي‪.‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫يع��د االتجار باألش��خاص أكب��ر تجارة‬ ‫غير ش��رعية في العالم‪ ،‬حيث تقدر منظمة‬ ‫العم��ل الدولي��ة أرب��اح اس��تغالل النس��اء‬ ‫واألطف��ال جنس��يًا بحوالي ‪ 28‬ملي��ار دوالر‬ ‫س��نوياً‪ ،‬كما تق��در أرباح العمال��ة اإلجبارية‬ ‫بحوال��ي ‪ 32‬ملي��ار دوالر س��نويًا‪ .‬وتج��در‬ ‫اإلشارة إلى أن الالجئين عرضة بوجه خاص‬ ‫لالتجار بالبشر» وأضافت‪ :‬إن الهجرة طويلة‬ ‫األمد والغموض الذي يكتنف وضع الالجئين‬ ‫إضاف��ة إلى الضغط المال��ي المتزايد يمكن‬ ‫أن يؤث��ر س��لباً عل��ى م��دى وش��دة العن��ف‬ ‫الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس‬ ‫وع��ادة م��ا يجه��ل ضحاي��ا االتج��ار‬ ‫مش��اركتهم بهذا الجرم‪ ،‬وهن��اك خلط بين‬ ‫الدع��ارة واالتج��ار باألش��خاص‪ ،‬وفرق بين‬ ‫التب��رع باألعض��اء واالتج��ار باألعضاء‪ ،‬بين‬ ‫العمل المنزلي المشروع والعبودية المنزلية‬ ‫الالإرادي��ة‪ ،‬حي��ث يق��ع خ��دم المن��ازل في‬ ‫ش��باك العبودي��ة من خالل اس��تعمال القوة‬ ‫أو اإلك��راه‪ ،‬وم��ن الصع��ب اكتش��اف حاالت‬ ‫العبودي��ة المنزلي��ة ألنها تح��دث في منازل‬ ‫خاصة ال تخض��ع في أحيان كثي��رة لتنظيم‬ ‫من جان��ب الس��لطات العامة‪ ،‬وبه��ذا يكون‬ ‫وضع خادمات المنازل أكثر صور هذا االتجار‬ ‫نمواً وانتشاراً‪.‬‏‬ ‫كما أنه من المؤكد أنه ليس هناك من‬ ‫يطلب أن يصبح عبداً أو ضحية لالتجار‪ ،‬لكن‬ ‫ه��ؤالء الضحايا كثيراً ما يجندون بواس��طة‬ ‫إعالن��ات زائف��ة تع��د بوظائ��ف مش��روعة‬ ‫كمضيفي��ن أو خ��دم وعمال ف��ي الصناعات‬ ‫الزراعي��ة‪ ،‬ويأتي ضحايا هذه التجارة بجميع‬ ‫أش��كالهم من أماكن ريفي��ة وحضرية ومن‬ ‫ضواحي المدن بحثاً عن أمل‪.‬‬ ‫ويهدف هذا المرسوم التشريعي إلى‪:‬‬ ‫‪ - 1‬منع ومكافحة االتجار باألش��خاص‬ ‫وإي�لاء اهتم��ام خ��اص للنس��اء واألطف��ال‬ ‫ضحايا هذا االتجار‪.‬‬ ‫‪ - 2‬حماية ضحايا االتجار ومساعدتهم‬ ‫وتقدي��م الرعاي��ة المناس��بة له��م واحترام‬ ‫كامل حقوقهم اإلنسانية‪.‬‬ ‫‪ - 3‬تعزيز التعاون الدولي في مواجهة‬ ‫مرتكبي جرائم االتجار باألشخاص‪.‬‬ ‫‪ - 4‬إيج��اد أس��اس تش��ريعي لثقاف��ة‬ ‫اجتماعي��ة تس��هم ف��ي الوقاي��ة م��ن هذه‬ ‫الجريمة وتحسن التعامل مع آثارها‪.‬‬ ‫أما عن التجريم والعقاب‪:‬‬ ‫‪ - 1‬يعد اتجارا باألش��خاص اس��تدراج‬ ‫أشخاص أو نقلهم أو اختطافهم أو ترحيلهم‬ ‫أو إيوائهم أو اس��تقبالهم الس��تخدامهم في‬ ‫أعمال أو لغايات غير مشروعة مقابل كسب‬ ‫م��ادي أو معنوي أو وعد ب��ه أو بمنح مزايا أو‬ ‫سعيا لتحقيق أي من ذلك أو غيره‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ال يتغير الوص��ف الجرمي لألفعال‬ ‫المذكورة آنفا س��واء كانت باستعمال القوة‬ ‫أو بالتهديد باستعمالها أو باللجوء إلى العنف‬ ‫أو اإلقناع أو اس��تغالل الجه��ل أو الضعف أو‬ ‫باالحتي��ال أو الخ��داع أو باس��تغالل المرك��ز‬ ‫الوظيف��ي أو بالتواطؤ أو تقديم المس��اعدة‬ ‫ممن له سلطة على الشخص الضحية‪ .‬وفي‬ ‫جميع الحاالت ال يعتد بموافقة الضحية‪.‬‬ ‫و يع��د بحك��م االتج��ار باألش��خاص‬ ‫االس��تخدام الجنسي للطفل بأي من أشكال‬

‫الممارس��ة أو بتصوير أعضائه الجنس��ية أو‬ ‫بالع��روض الداع��رة اإلباحية لقاء أيش��كل‬ ‫من أش��كال العوض مباش��راً أو غير مباشر‬ ‫ويعاق��ب بالعقوبة ذاته��ا المنصوص عليها‬ ‫في المادة (‪ )7‬من هذا المرس��وم التشريعي‬ ‫مع التشديد المقرر في المادة (‪ )8‬أيضًا‪.‬‬ ‫الم��ادة (‪ :)6‬يكون الجرم ذا طابع دولي‬ ‫إذا‪:‬‬ ‫‪ - 1‬ارتكب في أكثر من دولة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ج��رى اإلع��داد أو التخطي��ط له أو‬ ‫توجيهه أو اإلش��راف عليه في دولة وارتكب‬ ‫في دولة أخرى‪.‬‬ ‫‪ - 3‬ارتك��ب ف��ي دول��ة واش��تركت في‬ ‫ارتكاب��ه جماعة إجرامية تمارس أنش��طتها‬ ‫في أكثر من دولة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬ارتك��ب في دولة وله آثار في دولة‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫‪ - 5‬ارتكب��ه أش��خاص م��ن جنس��يات‬ ‫مختلفة‪.‬‬ ‫المادة (‪:)7‬‬ ‫‪ - 1‬ال تخ��ل أح��كام ه��ذا المرس��وم‬ ‫التشريعي بتوقيع أي عقوبة أشد منصوص‬ ‫عليها في القوانين النافذة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬يعاق��ب باالعتق��ال المؤقت لمدة ال‬ ‫تقل عن س��بع س��نوات وبغرامة من مليون‬ ‫إلى ثالثة ماليين ليرة سورية كل من‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬ارتك��ب أي��ا م��ن جرائ��م االتج��ار‬ ‫باألش��خاص المعرفة في المادة الرابعة من‬ ‫هذا المرسوم التشريعي‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬أنش��أ أو نظ��م أو أدار جماع��ة‬ ‫إجرامي��ة تعمل على ارت��كاب جرائم االتجار‬ ‫باألش��خاص أو تول��ى دوراً فيه��ا أو دع��ا‬ ‫لالنضمام إليها‪.‬‬ ‫‪ - 3‬يحكم بمصادرة‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬العائ��دات المتأتي��ة م��ن الجرائ��م‬ ‫المشمولة بهذا المرسوم التشريعي‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬الممتل��كات أو المع��دات أو األدوات‬ ‫الت��ي اس��تخدمت أو أعدت الس��تخدامها في‬ ‫تنفي��ذ جرائ��م مش��مولة به��ذا المرس��وم‬ ‫التشريعي‪.‬‬ ‫المادة (‪ :)8‬مع مراعاة حاالت التش��ديد‬

‫ال��واردة ف��ي النص��وص الجزائي��ة الناف��ذة‬ ‫تش��دد العقوب��ات وفق��ا ألح��كام التش��ديد‬ ‫ال��واردة في قانون العقوب��ات العام في كل‬ ‫من الحاالت التالية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬إذا ارتكبت الجريمة ضد النس��اء أو‬ ‫األطف��ال أو بح��ق أحد م��ن ذوي االحتياجات‬ ‫الخاصة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬إذا استخدم مرتكب الجريمة سالحا‬ ‫أو هدد باستخدامه‪.‬‬ ‫‪ - 3‬إذا كان مرتك��ب الجريم��ة زوج��ا‬ ‫للمجن��ي عليه أو أحد أصوله أو وليه أو كانت‬ ‫له س��لطة عليه أو كان موظفاً من موظفي‬ ‫إنفاذ القانون‪.‬‬ ‫‪ - 4‬إذا ارتك��ب الجريم��ة أكث��ر م��ن‬ ‫ش��خص أو كان الفاعل عض��وا في جماعية‬ ‫إجرامية‪.‬‬ ‫‪ - 5‬إذا كانت الجريمة ذات طابع دولي‪.‬‬ ‫الم��ادة (‪ :)9‬يعاقب بالحبس من س��تة‬ ‫أش��هر إلى سنتين وبغرامة من مئة ألف إلى‬ ‫مئتي ألف ليرة سورية كل من‪:‬‬ ‫‪ - 1‬علم بارت��كاب جريمة من الجرائم‬ ‫المنص��وص عليه��ا ف��ي ه��ذا المرس��وم‬ ‫التشريعي ولو كان مس��ؤو ًال عن المحافظة‬ ‫على الس��ر المهني أو حصل على معلومات‬ ‫أو إرشادات تتعلق بها بصفة مباشرة أو غير‬ ‫مباش��رة ولم يعل��م الجه��ات المختصة في‬ ‫الوقت المناسب مقابل تحقيق منفعة مادية‬ ‫أو معنوية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬علم بواقعة االتجار وانتفع ماديا أو‬ ‫معنويا من خدمات الضحية‪.‬‬ ‫كم��ا يعاق��ب بالحب��س من س��نة إلى‬ ‫ث�لاث س��نوات وبالغرامة من مئ��ة ألف إلى‬ ‫مئتي ألف ليرة س��ورية كل م��ن انضم إلى‬ ‫جماعة إجرامية هدفه��ا أو من بين أهدافها‬ ‫ارتكاب جرائم االتجار باألش��خاص مع علمه‬ ‫بأغراضها‪.‬‬ ‫و يعاق��ب بالحبس من س��نة إلى ثالث‬ ‫سنوات وبالغرامة من مئة ألف إلى ثالثمائة‬ ‫ألف ليرة س��ورية كل من تدخل للتأثير على‬ ‫الش��هود أو أي ش��خص معني بإنفاذ أحكام‬ ‫هذا المرس��وم التش��ريعي س��واء كان ذلك‬ ‫باستخدام القوة أو التهديد بها أو وعد بمزية‬

‫أو منحها للتحريض على اإلدالء بشهادة زور‬ ‫أو تدخ��ل للتأثير في تقديم األدلة المتعلقة‬ ‫بارتكاب أي من الجرائ��م المنصوص عليها‬ ‫في هذا المرسوم التشريعي‪.‬‬ ‫و يعاق��ب بعقوب��ة الفاع��ل كل م��ن‬ ‫المح��رض والش��ريك والمتدخ��ل ف��ي أي‬ ‫م��ن الجرائ��م المنص��وص عليها ف��ي هذا‬ ‫المرس��وم التش��ريعي‪ .‬كم��ا يعاق��ب عل��ى‬ ‫الش��روع بعقوب��ة الجريم��ة التام��ة في أي‬ ‫م��ن الجرائ��م المنص��وص عليها ف��ي هذا‬ ‫المرسوم التشريعي‪ .‬و يعفى من العقوبات‬ ‫المقررة للجرائم المنصوص عليها في هذا‬ ‫المرسوم التشريعي كل من بادر من الجناة‬ ‫أو الش��ركاء أو المتدخلي��ن إلى إبالغ الجهات‬ ‫المختص��ة بمعلوم��ات م��ن ش��أنها تمكين‬ ‫الس��لطات اإلدارية أو القضائية من اكتشاف‬ ‫الجريم��ة قبل الب��دء بتنفيذه��ا أو الحيلولة‬ ‫دون إتمامها‪ .‬و تخف��ف العقوبة وفق أحكام‬ ‫قانون العقوبات إذا تمت الجريمة وأدت تلك‬ ‫المعلومات إلى ضبط مرتكبيها اآلخرين‪.‬‬ ‫هذا وتتخذ الس��لطات المعنية التدابير‬ ‫الكفيل��ة بتوفير الحماية المناس��بة لضحايا‬ ‫االتجار وتؤمن لهم متطلبات المساعدة على‬ ‫التعاف��ي الجس��دي والنفس��ي واالجتماعي‬ ‫بالتع��اون عن��د المقتض��ى مع المؤسس��ات‬ ‫الرس��مية والمنظم��ات الش��عبية والنقابات‬ ‫والجمعيات األهلية ذات الصلة‪ .‬و يراعى في‬ ‫هذه التدابير‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬تواجد العنصر النس��ائي عند إجراء‬ ‫التحقيق��ات الخاص��ة بضحاي��ا االتج��ار من‬ ‫النساء‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬ع��دم احتجازه��م في منش��آت ال‬ ‫تتناسب مع وضعهم كضحايا جرائم‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬حصوله��م عل��ى الرعاي��ة الطبية‬ ‫الجسدية والنفسية وما يلزم من المساعدة‬ ‫المادية‪.‬‬ ‫د ‪ -‬الس��رية وعدم الكش��ف عن أسماء‬ ‫الضحاي��ا وأماكن رعايتهم وع��دم اإلفصاح‬ ‫ع��ن المعلوم��ات التي تعرف به��م أو بأفراد‬ ‫أسرهم‪.‬‬ ‫ه��ـ ‪ -‬تقدي��م المش��ورة والمعلوم��ات‬ ‫خصوص��ًا فيما يتعلق بحقوقه��م القانونية‬ ‫وبلغة مفهومة للضحية‪.‬‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫املر�سوم الت�شريعي رقم ‪ 3‬القا�ضي‬ ‫مبنع االجتار بالأ�شخا�ص‬

‫‪13‬‬


‫دندنات اندساسية ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫ر�سالة �إىل جبهة الن�صرة‬ ‫د‪ .‬جمال صبح‬ ‫(كتب��ت ه��ذه الرس��الة من��ذ‬ ‫أس��ابيع طويل��ة‪ ،‬ول��م يق��در لي‬ ‫نشرها ألس��اب متعددة‪ ،‬ولم أغيّر‬ ‫فيها شيء)‬ ‫إل��ى الس��ادة ف��ي جبه��ة النص��رة‬ ‫األكارم‪ ،‬أسعد اهلل أوقاتكم‪:‬‬ ‫أن أعرفكم بنفسي بشكل‬ ‫بداية أودّ ّ‬ ‫مقتض��ب‪ :‬أنا أخصائي ف��ي علم النفس‪،‬‬ ‫أعتبر نفس��ي من أبناء هذا الش��عب الذي‬ ‫قرر الثورة على اإلس��تبداد األس��دي بعد‬ ‫عق��ود م��ن اإلره��اب الممنهج‪ ،‬ال��ذي لم‬ ‫يس��لم من��ه أحد‪ ،‬حت��ى لو ب��دت الصورة‬ ‫عكس ذلك‪ .‬ال أعتبر نفسي ناشطا ثوريا‬ ‫ولست أتبع أليّ حزب أو تنظيم أو جماعة‬ ‫سياس��ية أيا كانت وال يبدو أنني سألتحق‬ ‫بأي تنظيم سياسي ما حتى ترجع النفس‬ ‫إل��ى مؤتمنها‪ .‬لم أكن يوم��ا من األيام ال‬ ‫بعثيا وال إخوانيا‪ ،‬ال ش��يوعيا وال ليببراليا‪،‬‬ ‫وم��ا كن��ت ألخج��ل إن كنت أتب��ع لتنظيم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عش��ر‬ ‫سياس��ي ما‪ .‬أقي��م في ألمانيا منذ‬ ‫س��نوات وأعمل ف��ي العالج النفس��ي مع‬ ‫مرضى األذيات الدماغية وضحايا الحروب‬ ‫والصدمات النفس��ية التي تخ ّلفها‪ .‬أتكلم‬ ‫ٍ‬ ‫مبدئي‬ ‫م��ن موقع��ي المتواض��ع كداع��م‬ ‫لثورة الشعب الس��وري العظيمة‪ ،‬وأعمل‬ ‫ما أستطيع للدفاع عنها وعن المتضررين‬ ‫م��ن بط��ش السّ��فاح وزبانيت��ه اللئ��ام‪،‬‬ ‫خاصّة من النس��اء واألطف��ال والمعاقين‬ ‫وذوي اإلحتياجات الخاصّة‪ .‬ورسالتي هذه‬ ‫لكم هي جزء من واجب إنس��اني ووطني‬ ‫أماله عليّ ضميري والشيء سوى ذلك‬ ‫أصارحكم الحديث بأن هناك مشكلة‬ ‫تتع ّلق بالتواصل معكم‪ ،‬فأنتم لم تعلنوا‬ ‫ع��ن والدتك��م بطريق��ة واضح��ة وليس‬ ‫لديكم صفحة أو س��بيل معين لتتواصلوا‬ ‫مع جمهور في أرض تتواجدون وتعملون‬ ‫أن لديكم فريق‬ ‫حيث يقي��م‪ ،‬مع أنه يبدو ّ‬ ‫إعالمي على قدر ال بأس به من المهارات‪.‬‬ ‫كثير من المهتمين بالثورة يتابع أخباركم‬ ‫بكل ش��غف وأنا واحد من هؤالء‪ .‬المسألة‬ ‫ليس��ت ف��ي التواص��ل فحس��ب ب��ل هي‬ ‫أبع��د من ذل��ك‪ .‬من��ذ اإلعالن ع��ن أوّلى‬ ‫عملياتك��م العس��كرية ض��د أح��د أجهزة‬ ‫أم��ن النظ��ام حت��ى يومن��ا ه��ذا‪ ،‬ال يبدو‬ ‫أنّكم تعي��رون أمثالي إهتماما بالتواصل‬ ‫واإلعالم‪ ،‬وه��ذا ما يزيد م��ن أزمة الثقة‬ ‫عريض من متابعيكم وبينكم‬ ‫بين قطاع‬ ‫ٍ‬ ‫م��ن جه��ة‪ ،‬ويغ��ذّي جملة من اإلش��اعات‬ ‫والتكهن��ات التي رافق��ت والدة تنظيمكم‬ ‫ودوركم الفاعل في الثورة الس��ورية من‬ ‫جه��ة أخرى‪ .‬أمثالي مث� ً‬ ‫لا ال يعرفون مث ًال‬ ‫من أنتم وماهو مش��روعكم السّياس��ي‬ ‫وأهدافك��م بالضب��ط‪ ،‬وم��ا يرش��ح م��ن‬ ‫معلوم��ات ال يفي��د إال في زي��ادة الصورة‬ ‫َغبَش��اً حول تنظيمكم وبشكل قد يلحق‬ ‫أذىً كبي��را بصورتك��م التي ب��دأت تلمع‬ ‫في س��ماء مضطربة م��ن الروايات‪ .‬وكما‬ ‫بأن العقود األخيرة من اإلستبداد‬ ‫تعلمون ّ‬ ‫والطغيان حرم قطاعات كبيرة من شعبنا‬ ‫م��ن التواص��ل مع بعض��ه البعض إال من‬ ‫خالل نش��اطات وهياكل "خشبية" ال همّ‬ ‫لها إال ضمان اس��تمرار أحاس��يس الخوف‬ ‫والرعب م��ن النظام وأجهزت��ه باإلضافة‬ ‫إلى تلميع صورة الدكتاتور الطاغية‪ ،‬األب‬ ‫واإلب��ن‪ ،‬من أج��ل ضمان ال��والء والركوع‬

‫باإلجب��ار واإلكراه‪ .‬تج��ارب التاريخ تع ّلمنا‬ ‫ب��أن كل التنظيمات والح��ركات المنغلقة‬ ‫الت��ي ال تعرّف عن نفس��ها تثي��ر الكثير‬ ‫من الحذر والريبة والش��ك‪ ،‬بغض النظر‬ ‫عن طبيعة األهداف التي يمكن أن تكون‬ ‫سامية ال شك‬ ‫ب��أن أطراف��ا عدي��دة ق��د‬ ‫تصّ��ورا ّ‬ ‫إتهمتكم بأنكم "عم�لاء" للنظام وبأنكم‬ ‫مخترق��ون م��ن قب��ل أجهزت��ه األمني��ة‪،‬‬ ‫أو م��ن قب��ل أط��راف ثالث��ة ع��ل عالق��ة‬ ‫بالنظ��ام‪ .‬أصحاب ه��ذه الحج��ة يقولون‬ ‫ب��أن النظ��ام المج��رم كان ف��ي ورط��ة‬ ‫كبي��رة وكان لزاماً علي��ه أن يدعم روايته‬ ‫ح��ول وج��ود العصاب��ات المس�� ّلحة التي‬ ‫أصبحت "إرهابية" وتتبع لتنظيم القاعدة‬ ‫"المع��روف" وه��و ال يق��وم إال بمحاربتها‬ ‫نيابة عن الجميع‪ .‬ال أش��ك أنّكم تعلمون‬ ‫م��دى الحساس��ية الت��ي يثيره��ا كل م��ا‬ ‫يتعل��ق بتنظي��م القاع��دة والجماع��ات‬ ‫اإلس�لامية لدى صانعي الق��رار العالمي‪،‬‬ ‫خاصّ��ة عند ال��دول الغربية‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫تل��ك ال��دول واألنظمة التي ال تك��نّ ودّاً‬ ‫لألسد ونظامه‪ .‬وهكذا يحاججون أصحاب‬ ‫ه��ذه الفرضي��ة ب��أن ظهورك��م إرتب��ط‬ ‫بسعي النظام إلى اللعب على ورقة خطر‬ ‫التنظيمات اإلسالمية المتطرفة كمسعىً‬ ‫أخير إلنقاذ رأسه من لهيب الثورة العاتي‬ ‫والممتد يوما بعد ي��وم‪ .‬بالمقابل‪ ،‬هناك‬ ‫م��ن يداف��ع عنك��م ويق��ول ب��أن هن��اك‬ ‫"جبهتي��ن نصرتي��ن"‪ ،‬واح��دة أسّس��ها‬ ‫ورعاه��ا وإخترقها النظام لألس��باب التي‬ ‫ذكرته��ا‪ ،‬واألخ��رى ه��ي التنظي��م الذي‬ ‫أنُش��أ في ظروف خاصّة من عمر الثورة‪،‬‬ ‫وه��ذه األخي��رة ه��ي التي أصبح��ت اآلن‬ ‫الق��وة الضارب��ة األكبر في مس��ار الثورة‬ ‫العس��كري‪ .‬ال أخفيكم بأنه في غياب تام‬ ‫لكم ع��ن التواصل م��ع الن��اس واإلعالم‬ ‫تبدو الصورتين أق��رب إلى الواقع بنفس‬ ‫الدرج��ة‪ ،‬على األق��ل عند متابع بس��يط‬ ‫مثل��ي‪ .‬ه��ذه نقطة يج��ب عليك��م إعادة‬ ‫النظر فيها على أية حال‬ ‫هن��اك الكثي��ر م��ن األخبار ال��واردة‬ ‫م��ن الوط��ن تفيد ب��أن "جبه��ة النصرة"‬ ‫ه��و التنظيم األكثر إلتزام��ا وثباتا وأمانة‬ ‫في كثير من األم��ور‪ ،‬أهمّها فيما يتع ّلق‬ ‫بإحتياج��ات أهلنا م��ن المدنيين في ظل‬ ‫تردي األوضاع اإلنس��انية إلى مس��تويات‬ ‫كارثي��ة‪ .‬فرج��ال "النص��رة" له��م صي��ت‬ ‫حس��ن في مناطق ع��دّة م��ن ريف حلب‬ ‫وإدل��ب ودمش��ق ف��ي تأمين م��ا يحتاجه‬ ‫بع��ض المحاصري��ن م��ن غ��ذاء ودواء‬ ‫ووق��ود‪ .‬نظافة ّ‬ ‫كفك��م ورتابة تنظيمكم‬ ‫أشعر الكثير بالراحة في ظل شيوع حاالت‬ ‫كثيرة عن س��رقات ولصوصية وإنتهاكات‬ ‫تق��وم بها كتائب محس��وبة على الجيش‬ ‫الح��ر لألس��ف‪ .‬إال أن الصّ��ورة األكث��ر‬ ‫رواجا عند المتابعين هي قوّة الش��كيمة‬ ‫واإلق��دام الت��ي يتمتّ��ع به��ا رجالك��م‪.‬‬ ‫فعملياتك��م العس��كرية توص��ف بأنه��ا‬ ‫األقوى واألصعب واألكث��ر إيالماً للنظام‪،‬‬ ‫رغم بع��ض المآخذ عل��ى الطابع العنيف‬ ‫بأن‬ ‫لبع��ض ما نس��بت إليكم منه��ا وقيل ّ‬ ‫مدنيين أبرياء قد أزهقت أرواحهم خاللها‪.‬‬ ‫ورغم هذه الصورة اإليجابية هناك أيضا‬ ‫بالمقابل ما يدحّضها أو يشوهها بقدر أو‬ ‫بآخر‪ .‬ففي بع��ض المناطق يقال بأنّكم‬

‫تحتك��رون توزي��ع بع��ض الم��واد األولية‬ ‫كالطحي��ن والوق��ود وبأنك��م تحصل��ون‬ ‫علي��ه بط��رق عديدة‪ ،‬س��وا ًء م��ن بعض‬ ‫داعميكن في الخارج‪ ،‬أو من خالل عمليات‬ ‫الس��يطرة عل��ى أماك��ن كان��ت خاضع��ة‬ ‫لقوات النظام‪ ،‬وبأنكم تقومون بالضغط‬ ‫عل��ى مدنيين وعس��كريين ف��ي مناطق‬ ‫وجودك��م وذل��ك للحص��ول عل��ى الوالء‬ ‫والب��راء لكم‪ .‬مرة أخ��رى‪ ،‬عندما ال يكون‬ ‫هن��اك مجاال للحص��ول عل��ى المعلومات‬ ‫من قبلكم بش��كل مباش��ر‪ ،‬س��وف ترتع‬ ‫الروايات واألحادي��ث هنا وهناك‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ق��د يزيد من تناقض��ات الواقع ويزيد من‬ ‫اإلتجاهات السلبية ّ‬ ‫بحقكم‪ ،‬بغض النظر‬ ‫عن صدقية األمور الحاصلة على األرض‬ ‫أصبحتم وباقي المجموعات القتالية‬ ‫في س��وريا مالئي الدنيا وشاغلي الناس‪،‬‬ ‫خاصّة ف��ي العال��م الغربي حي��ث أقيم‪،‬‬ ‫إذ غالب��ا م��ا تص��ل أخباركم ع��ن طريق‬ ‫فيديوهات منتش��رة عل��ى اليوتيوب عن‬ ‫العملي��ات الت��ي تقوم��ون به��ا أو الت��ي‬ ‫"يُقال" أنكم تقوم��ون بها وهي غالبا ما‬ ‫تبدو عنيفة بش��كل غير مس��بوق‪ ،‬ويتم‬ ‫إبرازه��ا عل��ى أنه��ا عملي��ات "إرهابي��ة"‬ ‫تس��تهدف مدنيين ألسباب سياسية‪ ،‬حتى‬ ‫ولو كان جزء كبير منها ضد قوات النظام‬ ‫المج��رم‪ .‬غالب��ا م��ا تترافق ه��ذه الصور‬ ‫مع أعالم س��وداء مكت��وب عليها عبارة "ال‬ ‫إل��ه إال اهلل‪ ،‬محمدٌ رس��ول اهلل"‪ .‬وبغض‬ ‫النظر ع��ن داللة هذه العب��ارة في تراثنا‬ ‫الدين��ي ومعناه��ا ال��ذي يب��دو "بديهي��اً"‬ ‫إال أنّه��ا ترتب��ط إتباط��ًا وثيق��ا بتنظيم‬ ‫"القاع��دة" ذائع الصيت‪ .‬لك��م الحق طبعا‬ ‫ف��ي رفع الرايات الت��ي تتفق مع أفكاركم‬ ‫وإتجاهاتك��م‪ ،‬ولنا الحق ف��ي قول "كلمة‬ ‫حق" فيما نراه عمال يس��توجب المسائلة‪،‬‬ ‫خاصّة بعد التضحي��ات الكبيرة التي دفع‬ ‫أكالفه��ا ش��عبنا‪ ،‬وأنت��م جزء من��ه‪ ،‬بكل‬ ‫تأكي��د‪ .‬في ه��ذا العال��م المعول��م تلعب‬ ‫الص��ورة دورا كبي��را ومهم��ا ف��ي تثبيت‬ ‫المعلوم��ات عن أي حدث أو س��ياق‪ ،‬ولهذا‬ ‫فالص��ور ال يمك��ن تجاهله��ا‪ ،‬حت��ى وإن‬ ‫بدت ال أهداف لها‪ .‬أق��ول لكم بكل تأكيد‬ ‫ب��أن رفعكم للرايات الس��ود هذه قد أضر‬ ‫بقضيتك��م وقضي��ة الش��عب الس��وري‬ ‫العادل��ة ف��ي صراع��ه المري��ر م��ع نظام‬ ‫ش��رس وعني��ف كالنظ��ام األس��دي‪ .‬ل��ن‬ ‫أس��ائلكم عن عدم رفعك��م أعالم الثورة‬ ‫السورية التي إرتضاها آالف المتظاهرين‬ ‫ف��ي مواجهته��م رصاص الغدر األس��دي‬ ‫بكل ش��جاعة وإق��دام على إمت��داد كامل‬ ‫الت��راب الس��وري‪ ،‬فه��ذا يبق��ى ش��أنكم‬ ‫ويمك��ن تفه��م أس��بابه الت��ي أجهلها‪ ،‬إال‬ ‫أنن��ي أجد م��ن واجب��ي تنبيهك��م إلى أن‬ ‫تذكي��ر العالم برم��وز تنظي��م "القاعدة"‬ ‫ولو عن غير قصد‪ ،‬قد أضر كثيرا بسمعة‬ ‫الث��ورة الس��ورية المجي��دة‪ ،‬وأذه��ب بما‬ ‫تبقى من تضامن ش��عبي عالمي نحتاجه‬ ‫دائم��ا‪ ،‬حت��ى ول��و كان ضئي� ً‬ ‫لا‪ ،‬في ظل‬ ‫تجاه��ل مريب لمعاناة الش��عب الس��وري‬ ‫في ثورته اليتيمة هذه‬ ‫رغم كل ماجرى‪ ،‬ال أعتقد بأن تنظيم‬ ‫القاع��دة وقضاي��اه ه��ي جزء م��ن القيم‬ ‫والمب��ادىء التي خ��رج به��ا المتظاهرون‬ ‫األوائ��ل وأتمّه��ا الثوار ومقاتل��و الجيش‬ ‫الحر على مدار الثورة الس��ورية المجيدة‪.‬‬

‫لس��ت في وارد سرد األخطاء القاتلة التي‬ ‫وق��ع فيها التنظيم في أكثر من بقعة من‬ ‫العالم‪ ،‬إال أنن��ي ال أجد بدّا من تذكيركم‬ ‫ب��أن التجرب��ة لم تحمل س��وى المآس��ي‬ ‫ّ‬ ‫ألعضائها وللمجتمعات التي كانت مسرحا‬ ‫لنشاطاتها القتالية‪ ،‬بما فيها العراق‪ .‬ولم‬ ‫تس��فر هذه التجربة إال ع��ن زيادة كبيرة‬ ‫ف��ي تش��ويه ص��ورة الدي��ن اإلس�لامي‬ ‫والمسلمين في أربع جهات األرض‪ ،‬فض ًال‬ ‫عن زيادة التوتّرات المذهبية والسياسية‬ ‫في المجتمعات اإلسالمية‪ ،‬التي لم تسلم‬ ‫هي األخرى من تبع��ات المضيّ في هذا‬ ‫الطري��ق‪ ،‬وص��ل بعضه��ا ح��د اإلحت�لال‬ ‫العسكري المباشر من قوى غربية عاتية‬ ‫أنت��م أعلم بها‪ .‬من جه��ة أخرى ليس من‬ ‫مصلحتنا مع��اداة أي طرف أو دولة كانت‪.‬‬ ‫وأق��ول لكم بكل صدق بأنن��ا بحاجة إلى‬ ‫كل دول العال��م م��ن أج��ل الق��درة على‬ ‫إعادة بناء ما دمّرته اليد الغاشمة وهذا ال‬ ‫بأن ألمانيا‬ ‫يعيبنا بش��يء‪ .‬يكفي أن أذكر ّ‬ ‫بكل جبروتها قد أعي��د بنائها بأموال من‬ ‫الوالي��ات المتح��دة األمريكي��ة وحلفائها‬ ‫الغربيي��ن الذين دمّروها عش��ية الحرب‬ ‫العالمية الثانية (مشروع مارشال)‬ ‫واآلن آتي إلى مس��ألة مهمّة للغاية‬ ‫أود طرحها عليكم‪ .‬الص��ورة الغائمة عن‬ ‫مشروعكم السياسي وأهدافكم شجّعت‬ ‫عل��ى التكهن��ات والقي��اس عل��ى تجارب‬ ‫أخ��رى يبدو الع��راق أقربها‪ ،‬بالنس��بة لي‬ ‫أن من‬ ‫عل��ى األقل‪ .‬س��معت كثي��را ع��ن ّ‬ ‫يلتقيك��م يؤكد س��عيكم إلى قي��ام دولة‬ ‫إس�لامية في س��وريا تحكمها الش��ريعة‬ ‫الت��ي ترونه��ا ّ‬ ‫الحق��ة وبأنّك��م تس��عون‬ ‫إل��ى إع��ادة منه��ج "الخالفة" اإلس�لامية‪.‬‬ ‫ه��ذه النقط��ة إن صحّت يج��ب أن تعالج‬ ‫من قبلك��م بطريقة أكث��ر إقترابا للواقع‬ ‫الذي نعيش فيه م��ع األخذ بعين اإلعتبار‬ ‫تجارب الش��عوب والدول الت��ي حولنا في‬ ‫هذا العالم‪ .‬فيما يخص الدولة اإلسالمية‬ ‫يحضرن��ي أمثلة صارخة ف��ي التناقض‪،‬‬ ‫الس��ودان‪ ،‬المملك��ة الس��عودية وإي��ران‬ ‫من جهة‪ ،‬تركيا‪ ،‬ماليزيا وإندونيس��يا من‬ ‫جه��ة أخ��رى‪ .‬ف��ي األول��ى قيل لن��ا أيضا‬ ‫أنه��م أش��أوا دوال إس�لامية تطب��ق فيها‬ ‫أن تجارب هذه الدول تشير‬ ‫الش��ريعة‪ ،‬إال ّ‬ ‫إلى أنّها لم تس��تطيع تحقيق شيئا مهمّا‬ ‫ف��ي مجاالت عدّة الداع��ي لذكرها‪ ،‬بينما‬ ‫غاب عن قادتها ش��يء غاية في األهمية‪،‬‬ ‫أعن��ي "المقاصد العليا للش��ريعة" وأولها‬ ‫العدل ب��كل طبقاته‪ .‬ورغ��م تقدّم هذه‬ ‫الدول في بعض المجاالت (إيران مثال) إال‬ ‫أنها ما تزال ترزخ تحت إس��تبداد سياسي‬ ‫ودين��ي وإجتماعي كبير‪ ،‬يحرم فيه قطاع‬ ‫واس��ع من أبنائها من حقه��م في التوزيع‬ ‫أن هن��اك إضطهادا‬ ‫الع��ادل للثروة‪ ،‬كم��ا ّ‬ ‫كبيرا تعاني منه بعض الطوائف الدينية‬ ‫التي تش��كل نس��بة ال بأس بها من هذه‬ ‫المجتمع��ات (الش��يعة ف��ي الس��عودية‪،‬‬ ‫الس��نّة في إي��ران مث� ً‬ ‫لا)‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫ّ‬ ‫س��جل ال يفخ��ر ب��ه بالنس��بة للحري��ات‬ ‫والحق��وق اإلنس��انية التي ل��م تعد حكراً‬ ‫عل��ى دين أو مجتمع معين‪ .‬بالمقابل نجد‬ ‫بأن األمثلة األخرى من البلدان اإلسالمية‬ ‫فيه��ا قدر كبي��ر من التط��ور‪ ،‬وفي جميع‬ ‫المج��االت‪ ،‬إبت��دا ًء بالتصني��ع وإنته��ا ًء‬ ‫بالنظم السياس��ية التي وصلت إليها هذه‬


‫دندنات اندساسية ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫المجتمعات‪ .‬خذوا تركيا مث ًال‪ ،‬فقد حققت‬ ‫طفرة إقتصادية خالل عقدين من الزمن‬ ‫وأصبحت دولة تبلغ فيها مس��تويات النمو‬ ‫درجات مثيرة‪ ،‬إس��تفاد منه��ا قطاع كبير‬ ‫من الشعب التركي الذي يبلغ تعداده أكثر‬ ‫من ‪ 80‬مليون نس��مة‪ .‬ماليزيا خطت هي‬ ‫األخرى إقتصاديا وسياسيا‪ ،‬خطوات مليئة‬ ‫بالنجاحات‪ ،‬وأعلت من مس��تويات التعليم‬ ‫والصح��ة بدرجة أبهرت العال��م‪ .‬أرى بأن‬ ‫ف��ي ه��ذه البل��دان قد ت��مّ العم��ل على‬ ‫المقاصد العليا للش��ريعة اإلس�لامية من‬ ‫ٍ‬ ‫"نفي للضرر ورفعه وقطعه" ومن "حفظ‬ ‫للدين والنفس والعقل والنس��ل والمال"‪،‬‬ ‫دون اإلضط��رار إل��ى اإلجب��ار واإلك��راه‪،‬‬ ‫وف��رض التص��ورات الديني��ة للش��ريعة‬ ‫بالق��وّة‪ ،‬فيم��ا تزدهر فيه��ا بيوتات اهلل‬ ‫بالمؤمني��ن وغيرهم‪ ،‬كذل��ك ينعم فيها‬ ‫أبنائه��ا من غي��ر المس��لمين بإس��تقرار‬ ‫ودرج��ات الب��أس بها م��ن الحري��ات‪ ،‬في‬ ‫العقيدة والممارسة‬ ‫أنتق��ل اآلن إلى موض��وع "الخالفة"‬ ‫و"الخلف��اء"‪ .‬من خ�لال قرائت��ي للمراجع‬ ‫المعتمدة في تراثنا اإلس�لامي والعربي‪،‬‬ ‫لم أعثر عل��ى خلفاء مس��لمين "عادلين"‬ ‫قدّم��وا لمجتمعاتهم مافيه خي��رٌ للعباد‬ ‫إال اس��تثناءات قليل��ة‪ّ ،‬‬ ‫لع��ل أب��ي بك��ر‬ ‫وعم��ر أبرزه��ا‪ .‬أغل��ب م��ن ق��رأت عنهم‬ ‫ج��اء إمّ��ا بالتوريث أو بالق��وة ونحّى من‬ ‫قبل��ه وعمل م��ا عمل‪ .‬بغ��ض النظر عن‬ ‫بأن مفهوم‬ ‫إختالف الزم��ان والمكان‪ ،‬أجد ّ‬ ‫"الخليفة" ليس مفهوم��ا ثابتا وجامداً وال‬ ‫يعتب��ر إعطاء ه��ذا اللقب ألح��د ما مجرد‬ ‫ّ‬ ‫والتحك��م بمقدرات العباد‬ ‫"صك" للبراءة‬ ‫من المجتمع‪ ،‬سوا ًء كانوا مسلمين أم غير‬ ‫مس��لمين‪ .‬بعض الخلف��اء قتلوا بعضهم‬ ‫البع��ض‪ ،‬وكان هن��اك صحاب��ة رس��ول‬ ‫اهلل بينه��م‪ .‬ال أعتقد ب��أن طلحة والزبير‬ ‫كان��ا أق��ل تدينًا من علي ب��ن أبي طالب‪،‬‬ ‫ومع ذل��ك فقد قتال في موقع��ة راح فيها‬ ‫الكثير من المسلمين‪ .‬فيما ال تزال أصداء‬ ‫معارك عل��ي ومعاوية يرجع صداها حتى‬ ‫يومنا هذا‪ ،‬مع أن األول حبيب رسول اهلل‪،‬‬ ‫والثان��ي أحد كتب��ة الوحي المش��هودين‪.‬‬ ‫لقد كان هن��اك صراعًا دنيوياً‪-‬سياس��ياً‪،‬‬ ‫لم يك��ن الجانب الديني منّه إال الهامش‪.‬‬ ‫وال أنكر عليكم ش��دّة إندهاشي وحزني‬ ‫عندم��ا أع��رف أن ّ‬ ‫مك��ة نفس��ها كانت قد‬ ‫أحرق��ت وقصف��ت بالمنجنيق��ات أكث��ر‬ ‫من م��رة‪ ،‬وذل��ك ف��ي صراع��ات الخلفاء‬ ‫المس��لمين‪ ،‬أبن��اء الصحاب��ة األوائ��ل‬ ‫وغيرهم (قصة يزيد وعبد اهلل بن الزبير‬ ‫مث�لا)‪ .‬طبعا ال أريد أن أطول وأس��رد من‬ ‫األمثل��ة عن عصور وفت��رات الحقة تؤكد‬ ‫ب��أن "أزمن��ة الخلفاء" لم تك��ن على تلك‬ ‫الص��ورة م��ن البه��اء الت��ي اعتدن��ا على‬ ‫حفظها ف��ي الذاك��رة دون تمحيص‪ .‬من‬ ‫أن هن��اك أيضًا‬ ‫المه��م هن��ا التأكيد على ّ‬ ‫أمثل��ة ناصع��ة على فت��رات ذهبي��ة كان‬ ‫فيه��ا بع��ض الخلف��اء المس��لمين أقرب‬ ‫لروح العصر وأكثر إنفتاحاً على إحتياجات‬ ‫المجتمع��ات (أس��تذكر هن��ا الرش��يد‬ ‫والمأمون وربما محمد علي باش��ا بدرجة‬ ‫م��ا)‪ .‬أصارحك��م الق��ول‪ ،‬بأنن��ي أعتق��د‬ ‫بأن س��وريا الغد والمس��تقبل التي ننشد‬ ‫بع��د زوال حك��م الطاغية بش��ار وأزالمه‬ ‫ليس��ت بحاجة إل��ى "خليفة للمس��لمين"‬ ‫بالطريقة التي ش��هدتها مجتمعاتنا على‬ ‫م��دى القرون الماضية‪ ،‬رغم عدم ّ‬ ‫ش��كي‬ ‫بأن من يملك هك��ذا تصورات وقد تكون‬ ‫"جبه��ة النص��رة" بينه��م‪ ،‬لديه��م حسّ‬ ‫ع��ال بصعوب��ات الواقع المع��اش وهدف‬ ‫ٍ‬ ‫س��ام يتمثل في البحث عن الصيغة التي‬ ‫تضم��ن لمجتمعاتن��ا ّ‬ ‫حكاما ليس��وا آلهة‪،‬‬ ‫يخضعون للمحاسبة والمسائلة‪ ،‬وبشكل‬ ‫يضمن ع��دم تحوّلهم لطغ��اة جدد‪ ،‬بعد‬ ‫هذه األزمنة المرّة التي عاشها شعبنا‬ ‫إخوت��ي في جبهة النص��رة‪ ،‬تعلمون‬ ‫ب��أن نظام األس��د الطائفي‬ ‫عل��م اليقين ّ‬

‫أج��اد لعب ورقة الطائفي��ة وقام بتوريط‬ ‫أغل��ب أبن��اء الطائفة العلوي��ة في حكمه‬ ‫المستبد واس��تند إليهم في تثبيت ركائز‬ ‫جبروته األمني والعس��كري‪ ،‬مع اإلش��ارة‬ ‫إلى اس��تعانته بكثير من أبن��اء الطوائف‬ ‫األخرى في س��وريا‪ّ ،‬‬ ‫لعل رجاالت "السنّة"‬ ‫م��ن أبرزهم‪ .‬وتعلمون أيضا بأن ما حدث‬ ‫ف��ي الثمانيني��ات وقبله��ا ومايح��دث اآلن‬ ‫من حقد طائفي يس��تهدف أبن��اء طائفة‬ ‫بعينه��ا في أغل��ب الحاالت ه��و أيضا أحد‬ ‫األس��اليب الت��ي إتبعه��ا "المقب��ور" األب‬ ‫وأورثها للصعل��وك اإلبن من أجل تفتيت‬ ‫المجتم��ع الس��وري وتدمي��ره‪ ،‬ماديّ��ًا‬ ‫ّ‬ ‫المتنقلة بحق‬ ‫ومعنوياً‪ .‬وهاه��ي المجازر‬ ‫أبناء الوطن من "السّ��نة" تكمل المسرح‬ ‫الدم��وي ف��ي كل أرجاء الوطن الس��وري‬ ‫الذبي��ح‪ .‬بع��ض الصفح��ات التي تش��يع‬ ‫أخباركم وعملياتك��م ال تكفّ عن وصف‬ ‫العلويي��ن "جميع��اً" بالق��ردة والخنازي��ر‬ ‫وبالنصيريين والمجوس‪ .‬قد يجوز أنكم ال‬ ‫توافقونهم الرأي ولكن بما أنّهم ينقلون‬ ‫أخباركم وال نجد تعليقًا لكم عليها فهناك‬ ‫ج��زء م��ن المس��ؤولية الت��ي تتحملونها‬ ‫ف��ي جبه��ة النصرة ع��ن ه��ذه األقاويل‪.‬‬ ‫السؤال الذي ينبغي علينا طرحه في هذا‬ ‫الس��ياق‪ ،‬هل تق��وم مليش��يات الطاغية‬ ‫بالقت��ل والتروي��ع فقط ألنه��م علويون؟‬ ‫والس��ؤال اآلخر‪ ،‬ه��ل كل العلويون قتلة‬ ‫بالفط��رة وال همّ لهم س��وى قت��ل أبناء‬ ‫السّ��نة الثائري��ن ض��د األس��د؟ ال أعتقد‬ ‫ذلك ولكم أس��بابي‪ .‬عندما قامت القوّات‬ ‫الياباني��ة قبيل الح��رب العالمي��ة الثانية‬ ‫بقت��ل اآلالف م��ن الصينيي��ن وإغتص��اب‬ ‫اآلالف من النساء (‪ 25‬ألف إمرأة على مدار‬ ‫‪ 6‬أس��ابيع) لم يفعلوا ذلك ألنّهم مجوس‬ ‫ونصيريين‪ .‬عندما قامت القوات األلمانية‬ ‫النازي��ة بقتل اآلالف في بولونيا وروس��يا‬ ‫وإغتص��اب أل��وف الفتي��ات والنس��اء‪ ،‬لم‬ ‫يفعلوا ذل��ك ألنهم علويين أو نصيريين‪.‬‬ ‫عندما قام الجيش األحمر بإغتصاب ألوف‬ ‫األطف��ال والنس��اء والعجائ��ز أثن��اء وبعد‬ ‫إجتي��اح ألماني��ا ل��م يفعل��وا ذل��ك ألنهم‬ ‫علوي��ون ونصيريون‪ .‬لقد قام��ت القوات‬ ‫العثماني��ة بقت��ل آالف النس��اء والرج��ال‬ ‫واألطف��ال من األرم��ن وكانوا مس��لمين‬ ‫س��نّة ولم يكون��وا علوي��ون أو نصارى‪،‬‬ ‫بينم��ا قام��ت الق��وات الصربي��ة بقت��ل‬ ‫وإغتص��اب اآلالف م��ن النس��اء والرج��ال‬ ‫بحق مسلمي البوس��نة ولم يكونوا أيضا‬ ‫علوي��ون ومج��وس‪ .‬ه��ذه بضع��ة أمثلة‬ ‫أن المجازر الوحش��ية بحق البشر ال‬ ‫على ّ‬ ‫ترتب��ط دومًا بالعقي��دة الدينية ّ‬ ‫لمنفذيها‬ ‫الجبن��اء‪ ،‬هن��اك جي��وش م��ن المالح��دة‬ ‫وأخرى من المؤمنين باهلل قامت بإرتكاب‬ ‫فظاع��ات يندى له��ا الجبي��ن فقط ألنهم‬ ‫يعتقدون بأن لهم السطوة والقوّة بفعل‬ ‫ما يري��دون بضحاياهم األضع��ف‪ .‬طبعًا‬ ‫هن��اك أفكار وإيديولوجي��ات وتواريخ من‬ ‫الحق��د واإلنتق��ام والتص��ورات الصارمة‬ ‫ربي��ت عليها هذه الوح��وش اآلدمية‪ ،‬هي‬ ‫التي س��محت لها بإقتراف ما إقترفته دون‬ ‫أدنى إحساس بالخجل والضمير والرأفة‪.‬‬ ‫أن الكثير من أبن��اء الطائفة العلوية‬ ‫أرى ّ‬ ‫قد جُعِل منهم "وحوشاً" آدمية كغيرهم‬ ‫م��ن الوح��وش الذي��ن إرتكب��وا فظاعات‬ ‫ف��ي كل جه��ات األرض‪ .‬ه��ل يعفي ذلك‬ ‫من المحاس��بة؟ طبعا ال‪ ،‬أنا ش��خصيا مع‬ ‫محاس��بة كل قاتل أزه��ق أرواح األبرياء‬ ‫م��ن الش��هداء اآلالف‪ ،‬س��وا ًء كان "علويا"‬ ‫أم "س��نيّا"‪ ،‬ال فرق‪ .‬ليس م��ن العدل أن‬ ‫يبق��ى ّ‬ ‫"س��فاحاً" واح��داً ح��رٌ طليق على‬ ‫ه��ذه األرض‪ .‬بالمقاب��ل‪ ،‬أع��رف الكثي��ر‬ ‫م��ن "العلويين" الذين يقف��ون مع الثورة‬ ‫ويحاول��ون دعمه��ا بالم��ال والكلم��ة إن‬ ‫أمك��ن‪ .‬بعضه��م أصبح طريدا وش��ريدا‪،‬‬ ‫يح��ارب من أهله ألنه وقف وقفة حق في‬ ‫أم��ام النظام الباطل‪ .‬بعضهم قتل ودفن‬ ‫بصم��ت والبعض اآلخر تم قتل أحد أفراد‬

‫عائلته إنتقام��اً وإقتصاص��اً منه (أظنكم‬ ‫علمت��م قص��ة الفتاة العلوي��ة التي قتلت‬ ‫أمها على يد أبوها بسبب تأييدها للثورة)‬ ‫الحظ��ت ب��أن بع��د كل مج��زرة‬ ‫يق��وم فيه��ا النظام يكون هن��اك أصوات‬ ‫عالي��ة تصدح بالعب��ارة التالي��ة‪ :‬يا جبهة‬ ‫النصرة أغيثونا! ف��ي الحقيقة هذا النداء‬ ‫يمكن تفس��يره عل��ى ش��كلين‪ :‬األول قد‬ ‫يش��ير إل��ى الثق��ة العالي��ة الت��ي يوليها‬ ‫لك��م جمهور الث��ورة ودورك��م المتعاظم‬ ‫خالله��ا عل��ى درب تخلي��ص الوط��ن من‬ ‫نظ��ام البط��ش اإلرهاب��ي الجاث��م على‬ ‫الصدور‪ .‬فالن��اس العاديين بحاجة لش��د‬ ‫العزائ��م ف��ي لحظ��ات الضع��ف وق ّل��ة‬ ‫الحيل��ة والغض��ب الكبي��ر والعج��ز األكبر‬ ‫أمام ه��ول المجازر الت��ي ترتكبها كتائب‬ ‫الم��وت الطائفية أينما ح ّلت‪ .‬أمّا الش��كل‬ ‫الثان��ي فه��ذا م��ا أخش��اه ويبدو ل��ي وأنا‬ ‫المتاب��ع الدقي��ق لمس��ار الث��ورة وكأنّ��ه‬ ‫دعوة لك��م‪ ،‬أنتم رجال النص��رة بمبادلة‬ ‫النظ��ام بالمج��ازر وتحريضك��م عل��ى‬ ‫التصرّف أس��وة بكتائب الم��وت المجرمة‬ ‫من إنتهاك للحرم��ات وقتل لألطفال ضد‬ ‫األحي��اء والق��رى "العلوية" الت��ي مازالت‬ ‫ترفد الطاغية بالدعم والتأييد‪ .‬الش��هادة‬ ‫هلل أنّك��م إل��ى اآلن أثبتّ��م وغيركم من‬ ‫كتائ��ب الجيش الح��ر المقاتلة أن وعيكم‬ ‫الوطني واإلنس��اني يش��هد ل��ه المثل‪ ،‬إذ‬ ‫بحسب معلوماتي‪ ،‬أنكم حتى اللحظة لم‬ ‫تتورطوا بأية أعم��ال "طائفية" ضد قرى‬ ‫أو أحياء علوية مؤيدة‪ ،‬ولو أردتم ذلك لما‬ ‫اس��تصعب عليكم ذلك‪ ،‬موفيت الفرصة‬ ‫على النظام وأس��ياده في إي��ران وغيرها‬ ‫ك��ي يش��علوها حرب��ًا طائفي��ة ال تبق��ي‬ ‫ب��أن بع��ض‬ ‫وال ت��ذر‪ .‬أودّ أن أصارحك��م ّ‬ ‫مؤيديك��م ه��م جماعة م��ن المتطرفين‬ ‫المس��عورين والذين يحاول��ون بكل جبن‬ ‫س��وقكم للقي��ام بأعم��ال ق��ذرة ه��م ال‬ ‫يستطيعون القيام بها‬ ‫إخوتي في جبه��ة النصرة‪ ،‬حتى اآلن‬ ‫تحدث��ت ع��ن بع��ض النق��اط ولكن��ي لن‬ ‫أغف��ل مس��ألة غاية ف��ي األهمي��ة تتعلق‬ ‫بالوض��ع الداخل��ي ف��ي س��وريا وبباق��ي‬ ‫الفئ��ات من المنخرطين بالثورة أو غيرهم‬ ‫والذين قد ال يش��اطروكم نفس المبادىء‬ ‫وال��رؤى‪ .‬كم��ا تعلم��ون بأنن��ا نعيش في‬ ‫وطن غن��ي ومتعدد بالثقاف��ات والطوائف‬ ‫واألديان والقومي��ات‪ .‬حقيقة ال أعرف بلداً‬ ‫يعيش فيه عرب وأكراد وأرمن‪ ،‬مس��لمين‬ ‫ومسيحيين‪ ،‬سنّة‪ ،‬علويين‪ ،‬دروز‪ ،‬شيعة‪،‬‬ ‫اس��ماعيليين‪ ،‬يزيديين وصابئة منذ مئات‬ ‫إن ل��م نق��ل آالف الس��نين‪ .‬ه��ذا التن��وع‬ ‫الغري��ب والغن��ي يج��ب أن يؤخ��ذ بعي��ن‬ ‫اإلعتب��ار عندم��ا نفك��ر كلنا ح��ول الوطن‬ ‫ال��ذي نتمناه بعد رحي��ل الطاغية وزبانيته‬ ‫ومحاكمة كل من تورّط في الدم السوري‬ ‫كائا من كان‪ .‬ف��ي تنوّع كهذا من الصعب‬ ‫ف��رض صيغ��ة عل��ى ش��كل دول��ة دينية‬ ‫تحكمها ش��ريعة إسالمية متش��ددة‪ ،‬حتى‬ ‫ولو كان هذا المش��روع مرغوبًا لدى نسبة‬ ‫ال بأس بها من الش��عب‪ .‬أودّ التشديد على‬ ‫أن هناك أفرادا وجماعات متعددة ش��اركوا‬ ‫ّ‬ ‫ف��ي الث��ورة م��ن أبن��اء طوائ��ف المجتمع‬ ‫السوري حتى ولم تكن مشاركة الطوائف‬ ‫األم واضحة أو قوية‪ .‬هؤالء وغيرهم حتى‬ ‫ممن ش��اركوا في الثورة له��م الحق أيضًا‬ ‫في المساهمة في بناء الدولة التي ننشد‪،‬‬ ‫دولة الحرية والقانون والعدالة اإلجتماعية‬ ‫والمس��اواة‪ .‬وبه��ذا فإن ف��رض نوع معين‬ ‫م��ن الملبس أو الطريقة ف��ي إدارة األمور‬ ‫مبنية على رؤية جماعة أو جماعات معيّنة‬ ‫حتى ل��و كانت "جبهة النص��رة"‪ ،‬لن يكتب‬ ‫له النجاح وس��وف يؤدي إلى ظهور توترات‬ ‫مجتمعي��ة نح��ن بالغنى عنها ف��ي مرحلة‬ ‫تالي��ة تتطلب منّا جميعًا مس��ؤولية كبيرة‬ ‫لتخفيف جراح أهلنا م��ن آالف المنكوبين‪.‬‬ ‫أورد بديهية بأن الدين اإلس�لامي هو جزء‬ ‫خاص ومتميز من الشخصية السورية وال‬

‫بأن س��وريا بحاجة إلى "فتح" جديد‪،‬‬ ‫أعتقد ّ‬ ‫ال عل��ى ي��د "النصرة" وال على ي��د غيرها‪.‬‬ ‫نعرف م��ن تاريخن��ا القريب وم��ن تجارب‬ ‫تصور أو‬ ‫بأن ف��رض‬ ‫غيرن��ا من الش��عوب ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ش��كل للمجتمع بالق��ورة واإلكراه ليس له‬ ‫ٍ‬ ‫فرص��ة للحي��اة وس��وف يؤدي إل��ى تأجيل‬ ‫مفعّالت اإلنفجار فقط (م��اذا فعل البعث‬ ‫مث� ً‬ ‫لا)‪ .‬أنا من األش��خاص الذي��ن يتمنّون‬ ‫ل��و إنخ��رط الجمي��ع‪ ،‬بع��د زوال الطاغي��ة‬ ‫ف��ي عملي��ة سياس��ية كبيرة‪ ،‬بم��ن فيهم‬ ‫رج��ال "جبه��ة النص��رة"‪ .‬ول��مَ ال التفكير‬ ‫في إنش��اء حزب سياس��ي مث� ً‬ ‫لا يعبّر عن‬ ‫طموحاتك��م وأهدافكم‪ ،‬والنموذج التركي‬ ‫المتم ّثل ب"الحرية والعدالة" ماثل للعيان‪.‬‬ ‫أمّ��ا رف��ض الواقع واإلص��رار على أهداف‬ ‫تنظيمي��ة أو أخ��رى إقليمي��ة‪ ،‬أو حت��ى‬ ‫التحوّل إلى نم��وذج "حزب اهلل" فهذا ما ال‬ ‫ليس بحاجة له قطاع كبير من ش��عبنا بعد‬ ‫المرحل��ة العصيب��ة المدمّرة التي عاش��ها‬ ‫في ظل عقود اإلستبداد الطاغي وما خ ّلفه‬ ‫من آالم‬ ‫أنه��ي رس��التي لك��م بش��يء ع��ن‬ ‫طبيعة عملي كأخصائي ومعالج نفس��ي‬ ‫م��ع مرضى األذي��ات الدماغي��ة واألطفال‬ ‫واليافعين من ضحاي��ا الحروب والنزاعات‬ ‫المس ّلحة‪ .‬ال أخفيكم بأن جميعنا ينتظره‬ ‫عمل ش��اقٌ في مرحلة البن��اء القادمة ال‬ ‫محال��ة‪ ،‬س��واء على المس��توى النفس��ي‬ ‫الف��ردي أم عل��ى المس��توى الجمع��يّ‬ ‫ف��ي إع��ادة إعم��ار الب�لاد الت��ي دمّرتها‬ ‫كتائ��ب الطاغي��ة بكل خسّ��ة‪ .‬أعرف من‬ ‫خ�لال عملي اليومي وإطالع��ي الميداني‬ ‫البس��يط بأن اآلالف من أطفالنا ويافعينا‬ ‫ش��هدوا وي�لات الح��رب المدمّ��رة الت��ي‬ ‫ش��نّها النظام المجرم على ش��عبنا ورأوا‬ ‫األه��وال م��ن قت��ل لأله��ل واألصدق��اء‬ ‫واألق��ارب والمعارف‪ ،‬وم��ن تدمير للبيوت‬ ‫ومن تش��رّد وجوع ولجوء‪ .‬وال أش��ك بأن‬ ‫قس��ما كبيرا منهم ق��د تعرّض لصدمات‬ ‫نفس��ية متك��ررة‪ ،‬تس��توجب الع�لاج‬ ‫والتأهي��ل فيما بعد‪ .‬بعضهم كان ضحيّة‬ ‫تعذيب وحش��ي وبعضهم اآلخر تعرّض‬ ‫إلصابات شديدة فقد فيها أطرافه‪ .‬هؤالء‬ ‫هم جيل المس��تقبل الذي س��تبنى عليه‬ ‫سوريا الغد وتتابع مسيرتها رغم الجراح‪،‬‬ ‫وهم بأمسّ الحاجة لنا لمس��اعدتهم في‬ ‫التخفيف من اآلالم التي قاسوها وتخطي‬ ‫الطفول��ة التي حرموا منه��ا‪ .‬كل منّا كان‬ ‫لديه عمل ما قبل الثورة‪ ،‬قد يكون منكم‬ ‫العامل والس��ائق والمهن��دس والممرض‬ ‫والخبّ��از والدهّ��ان والطبي��ب والتاج��ر‪،‬‬ ‫وربما بعض رجالكم عنده أطفال وزوجة‬ ‫وأس��رة قد هجرها طوع��ا من أجل خدمة‬ ‫الث��ورة ف��ي القتال ض��د الطاغي��ة‪ .‬نحن‬ ‫بأم��س الحاج��ة ل��كل الجه��ود وأطفالن��ا‬ ‫ويافعينا س��وف يكونون أمانة في أعناقنا‬ ‫ماحيينا‪ .‬قد يكون أحد أطفالكم‪ ،‬أو طفل‬ ‫أح��د معارفكم قد صدم بما رأى أو س��مع‬ ‫وقد يحتاج لتأهيل نفسي قصير أو مديد‬ ‫وق��د أك��ون أنا أحد ه��ؤالء الذي��ن يمكنه‬ ‫تقديم مس��اعدة ما‪ .‬بالمقاب��ل قد أحتاج‬ ‫أحدك��م يوم��ا م��ا في ش��يء ال أس��تطيع‬ ‫القي��ام به ف��ي مجال ما‪ .‬لق��د كتب علينا‬ ‫أن نحي��ا ونعي��ش ه��ذه المأس��اة‪ ،‬بغض‬ ‫النظ��ر عمّ��ن إقتضت ظ��روفٌ معينة أن‬ ‫يكون خارج الوطن‪ ،‬وسيكتب علينا جميعًا‬ ‫المضيّ متماس��كين حتى لو إختلفنا في‬ ‫محاول��ة بن��اء ما دمّ��ر من حجر وبش��ر‪،‬‬ ‫مقتفين س��يرة األوائل في الجهاد بجميع‬ ‫درجاته‪ ،‬رفعاً للظلم واألذى‬ ‫وأخيراً أختم من الذّكر الحكيم‬ ‫(ادْ َف��عْ ِبالتِ��ي هِ��يَ أَحْسَ��نُ َفِإ َذا‬ ‫الذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَ ٌة َكَأنهُ وَلِي‬ ‫حَمِيمٌ * وَمَا يُ َلقاهَا إِال الذِينَ صَبَرُوا‬ ‫وَمَا يُ َلقاهَا إِال ُذو حَظ عَظِيم)‬ ‫(سورة فصلت‪)35 / 34 :‬‬ ‫والسالم عليكم‬

‫‪15‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫ثورة املر�أة ال�سورية مزدوجة يف مواجهة دكتاتورية‬ ‫وا�ستبداد ال�سلطة واملجتمع الذكوري‬ ‫حتية �إىل ن�ساء �سوريا الثائرات يف عيدهن وثورتهن‬ ‫زليخة سالم‬ ‫اجمعوا أشالء بناتي وأحفادي ترددها‬ ‫بذه��ول اللحظات التي فقدت فيها ابنتاها‬ ‫وأحفاده��ا الثالثة في قذيف��ة واحدة‪ ..‬لم‬ ‫تكن تدري أم وليد التي نزحت من حرستا‬ ‫إل��ى برزة لتحمي أوالده��ا من القصف أن‬ ‫الم��وت بانتظارهم��ا هن��اك وأن قذائ��ف‬ ‫الموت ال تفرق بين منطقة وأخرى‪.‬‬ ‫كل مواس��اة البش��ر ال تخف��ف عنها‬ ‫لحظ��ات األل��م والوج��ع وال تنس��يها هول‬ ‫منظر أش�لاء فلذات أكباده��ا وقد تناثرت‬ ‫إلى قطع صغي��رة يصعب تمييزها إال من‬ ‫قطعة ثياب متبقية‬ ‫أم ولي��د ليس��ت األول��ى ول��ن تكون‬ ‫األخي��رة بي��ن خنس��اوات س��وريا اللواتي‬ ‫فقدن أوالدهن وعائالتهن كاملة ويكملن‬ ‫الطريق‪ ..‬هي المرأة السورية التي دفعت‬ ‫وتدف��ع الثم��ن األغلى ف��ي ث��ورة الحرية‬ ‫والعدالة‪.‬‬ ‫فك��م م��ن أم عظيمة دفع��ت أبنائها‬ ‫إل��ى س��احات التظاهر وهي تعل��م بأنهم‬ ‫قد ال يعودون إلى حضنها أيام الس��لمية‪،‬‬ ‫وبعد أن دفع الالنظ��ام إلى تحويل الثورة‬ ‫إلى مس��لحة باعت كل ما تمل��ك لتمكين‬ ‫أوالده��ا أو زوجها أو أخوها لش��راء قطعة‬ ‫سالح يدافع بها عن أهله وناسه ووطنه‪.‬‬ ‫المرأة ه��ي رحم الوطن والحياة هي‬ ‫نب��ع العطاء والحب والحن��ان والجمال هي‬ ‫األم واألخ��ت والزوجة واالبنة هي الحضن‬ ‫الدافئ ألوالدها وأسرتها ولكل من حولها‬ ‫ه��ي مربي��ة األجي��ال وهي ب��كل فخر أم‬ ‫الثائ��رات والثوار الس��لميين والمس��لحين‬ ‫وبكل أسف هي نصف المجتمع المُعطل‪.‬‬ ‫آالف قصص البطولة واأللم سيرويها‬ ‫الس��وريون ألبنائهم وأحفادهم لس��نوات‬ ‫طويلة قادمة عن بطولة وش��موخ وصبر‬ ‫المرأة السورية وتضحياتها‪ ..‬قصص أكثر‬ ‫م��ن ‪ 5000‬ش��هيدة و‪ 1500‬مغتصبة في‬ ‫الس��جون والمعتق�لات وآالف المعتق�لات‬ ‫وماليي��ن النازحات والمهج��رات حتى اآلن‬ ‫واألع��داد مرش��حة الزدي��اد مع اس��تمرار‬ ‫النظ��ام في حملت��ه اإلجرامية الوحش��ية‬ ‫ووحدها السنين القادمة ستكشف عذابات‬ ‫المرأة الحقيقية وتفاصيل حكاياتها‪.‬‬ ‫ألن العي��د تكري��م أو تذكي��ر ب��دور‬ ‫أو مس��يرة م��ا ف��إن عي��د الم��رأة العالمي‬ ‫وللس��نة الثاني��ة عل��ى التوال��ي ه��و عيد‬ ‫الم��رأة الس��ورية بامتي��از الت��ي دفع��ت‬ ‫(الغال��ي والغال��ي) نص��رة لث��ورة الحرية‬ ‫والح��ق والكرامة على الظلم واالس��تبداد‬ ‫وتحَ��ول م��ن وردة حم��راء إل��ى دم أحمر‬ ‫حيث تعرضت للقت��ل واالعتقال والخطف‬ ‫والتعذيب واالغتصاب والتهجير والتشريد‬ ‫والن��زوح وكابدت اآلم فق��دان االبن واألب‬ ‫واألخ وال��زوج من الش��هداء‪ ،‬واآلم انتظار‬ ‫عودتهم من االعتق��ال أو الخطف‪ ،‬ورؤية‬ ‫آالم الجرحى منهم‪ ..‬وتأمين لقمة العيش‬ ‫ألس��رتها في ه��ذه الظ��روف الخانقة في‬ ‫الداخل وفي مخيمات النزوح‪.‬‬

‫ث��ورة الحري��ة والح��ق ه��ي ث��ورة‬ ‫مزدوج��ة للم��رأة الس��ورية الت��ي عان��ت‬ ‫باإلضاف��ة إل��ى ظل��م النظام واس��تبداده‬ ‫م��ن عبودي��ة المجتم��ع الذك��وري ال��ذي‬ ‫يحك��م العال��م بدرج��ات مختلف��ة منذ أن‬ ‫تخلت المرأة ف��ي غابر األزمان عن دورها‬ ‫في حكم األس��رة بانتق��ال زراعة األرض‬ ‫واإلنتاج للرج��ل وانصرافها إل��ى اإلنجاب‬ ‫وتربي��ة األوالد وإدارة ش��ؤون المن��زل‬ ‫م��ا ح��ط م��ن مكانته��ا وألزمه��ا بالتبعية‬ ‫االقتصادية إلى الرجل إلى يومنا هذا‪.‬‬ ‫صوت الصواريخ والقذائف والبراميل‬ ‫والرص��اص ال��ذي ع�لا عل��ى ص��وت‬ ‫التظاه��رات الس��لمية التي ش��اركت فيها‬ ‫الم��رأة فيها بق��وة عل��ى األرض ومازالت‬ ‫أس��هم ف��ي تغيي��ب دوره��ا األساس��ي‬ ‫واإلنس��اني على الس��احة اإلعالمية حتى‬ ‫وصلت في بعض األحيان إلى إنكار دورها‬ ‫متناس��ين خروجها ف��ي أول��ى مظاهرات‬ ‫الحميدي��ة واالعتصام أمام وزارة الداخلية‬ ‫وف��ي درعا مه��د الثورة امت��دادا إلى باقي‬ ‫المحافظات‪..‬‬ ‫ليس المطلوب م��ن المرأة أن تحمل‬ ‫الس�لاح وتقات��ل م��ع أنه��ا س��تفعل ل��و‬ ‫استوجب األمر وهي تفعل ذلك في بعض‬ ‫المناط��ق‪ ،‬ذل��ك الن ف��ي الحي��اة وظائف‬ ‫موزع��ة ومتكامل��ة بين نصف��ي المجتمع‬ ‫المرأة والرجل ول��كل منهما دوره المكمل‬ ‫لآلخر‪..‬‬ ‫اغتص��اب النس��اء ال��ذي أثي��ر بق��وة‬ ‫إعالمي��ا وكتب عن��ه الكثيرون بأن��ه إذالل‬ ‫ل�لأب واألخ والزوج ال��ذي اغتصبت ابنته أو‬ ‫أخت��ه أو زوجته ومع صعوبة هذا الموضوع‬ ‫وكارثيته عليهم وفق المفاهيم االجتماعية‬ ‫الس��ائدة إال أن أحداً لم يركز على اغتصاب‬ ‫وقتل روح المرأة واآلثار النفسية لمثل هذا‬ ‫االنتهاك بمثل م��ا ركز على انتهاك عرض‬ ‫األس��رة وش��رفها ال��ذي يترك��ز في جس��د‬ ‫المرأة في مجتمعنا لألسف‪.‬‬ ‫س��وريا أنثى واألرض أنث��ى والثورة‬ ‫أنث��ى والحري��ة والكرام��ة والعدال��ة أنثى‬ ‫واألنث��ى ه��ي الم��رأة الت��ي ش��اركت‬ ‫بالتظاه��رات وعملت في ع�لاج المرضى‬ ‫وتضمي��د الجرح��ى ونق��ل األدوي��ة وفي‬ ‫الدفاع عن المعتقلين والعمل مع منظمات‬ ‫حقوق اإلنس��ان ونقل األحداث ومتابعتها‬ ‫وتوثيقها وف��ي إغاثة أهلن��ا الذين نزحوا‬ ‫م��ن محافظاته��م إل��ى مناطق أكث��ر أمنا‬ ‫وفي إيصال المس��اعدات والسلل الغذائية‬ ‫وتأمي��ن أماك��ن إي��واء وجم��ع التبرعات‪..‬‬ ‫كم��ا عملت ف��ي خياطة األع�لام والرايات‬ ‫وكتابته��ا وتوزيع المناش��ير وبخ الجدران‬ ‫وف��ي مس��اعدة الجي��ش الحر وف��ي نقل‬ ‫األس��لحة وبعضه��ن ف��ي حمل��ه‪ ،‬وكانت‬ ‫كاتبة وش��اعرة وقاصة ومدون��ة ومعلمة‬ ‫وأبدعت في مختلف أنواع الفنون الثقافية‬ ‫داخل سوريا وخارجها‪.‬‬ ‫فأي دور للمرأة وأية حقوق ستحصل‬ ‫عليه��ا في س��وريا الح��رة؟ س��ؤال يطرح‬

‫بق��وة ف��ي هذه األي��ام في ظ��ل تهميش‬ ‫وجودها وإقصائها وتجريدها من حقوقها‬ ‫السياس��ية ف��ي أول تجرب��ة انتخابي��ة‬ ‫للمجلس المحلي لمدينة حلب الذي تزامن‬ ‫م��ع عيد الم��رأة‪ ..‬على الرغ��م من تواضع‬ ‫طل��ب ثائرات حل��ب بثالث مقاع��د فقط‪..‬‬ ‫وهذا ما كان ف��ي أغلب المجالس المحلية‬ ‫للمناطق المح��ررة‪ ..‬إضافة إلى انخفاض‬ ‫تمثيله��ا في االئت�لاف والمجلس الوطني‬ ‫نظراً لهيمنة تيار معين ال يعترف بحقوق‬ ‫الم��رأة وخاصة السياس��ية منه��ا علماً أن‬ ‫التاريخ يش��هد على دور المرأة الس��ورية‬ ‫ف��ي صنع حض��ارة وطنه��ا وعل��ى دورها‬ ‫المؤثر في جميع األحداث الوطنية‪.‬‬ ‫حاج��ة الم��رأة الس��ورية إل��ى الثورة‬ ‫مزدوج��ة فهي من جه��ة تثور على الظلم‬ ‫واالس��تبداد الس��لطوي ومن جه��ة أخرى‬ ‫على اس��تبداد وعبودية المجتمع الذكوري‬ ‫له��ا ولتحصي��ل حقوقه��ا ف��ي المس��اواة‬ ‫ال��ذي ن��ص عليه ميث��اق األم��م المتحدة‬ ‫الذي أقر عام ‪ 1945‬وأعلن فيه المس��اواة‬ ‫بين الجنس��ين كحق أساس��ي من حقوق‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫اس��تمرار اإلنس��ان ف��ي عبوديت��ه‬ ‫للش��رائع والقوانين واألعراف التي ورثها‬ ‫عن أبائ��ه وأجداده والتي ل��م تعد مالئمة‬ ‫لعص��ره التق��ل ض��راوة ع��ن عبوديت��ه‬ ‫لقواني��ن الدكتاتور الجائرة‪ ،‬وال يقل جورا‬ ‫عن قبول النس��اء باس��تمرار تهميش��هن‬ ‫واستعبادهن واختصار دورهن في تربية‬ ‫األوالد (م��ع ما له��ذا الموضوع من أهمية)‬ ‫واألعم��ال المنزلي��ة واعتباره��ن ع��ورة‬ ‫تح��ت ذرائع وأع��راف متخلفة باس��تخدام‬ ‫النصوص المقدسة بشكل خاطئ لتخدم‬ ‫أغراضاً معينة‪..‬‬ ‫المرأة وحدها القادرة على االنتفاض‬ ‫عل��ى واقعها واثبات ذاتها وامتالك قرارها‬ ‫وتفعي��ل دوره��ا ف��ي الحي��اة السياس��ية‬ ‫واالقتصادي��ة واالجتماعي��ة والثقافي��ة‬ ‫وتحصي��ل حقوقه��ا لتبن��ي م��ع الرج��ل‬ ‫ش��ريكها في الوطن والحياة دولة القانون‬

‫والعدال��ة والح��ق‪ ،‬ألنه ال يمك��ن التوصل‬ ‫إلى نهض��ة مجتمع وتنميته دون إش��راك‬ ‫المرأة نصف المجتمع‬ ‫وتفعي��ل قدراته��ا وإمكانياته��ا‬ ‫المعطلة وتمكينها الكامل من المش��اركة‬ ‫ف��ي صنع القرار ولنا في التاريخ عبرة من‬ ‫مئ��ات النس��اء اللواتي حكمن ف��ي دولهم‬ ‫وفي سوريا‪ ،‬الملكة زنوبيا مثا ًال‪.‬‬ ‫وأنا أدعو نس��اء س��وريا إلى تشكيل‬ ‫تجمع نسائي فاعل من كافة االختصاصات‬ ‫للعم��ل عل��ى تحقي��ق المس��اواة بي��ن‬ ‫الجنس��ين وإجب��ار أي حكوم��ة انتقالي��ة‬ ‫على إش��راك المرأة في صياغة الدس��تور‬ ‫والنصوص القانونية والتشريعية والعمل‬ ‫على تعدي��ل المواد القانوني��ة التي تعزز‬ ‫التمييز بين المرأة والرجل وتعديل قانون‬ ‫األحوال الش��خصية ومنح جنس��ية المرأة‬ ‫ألبنائها‪ ،‬وتش��كيل لج��ان تصل إلى جميع‬ ‫المناطق السورية لتوعية المرأة بحقوقها‬ ‫القانونية واإلنسانية والتعليمية وتدريبها‬ ‫عل��ى كيفي��ة إنش��اء مش��اريع صغي��رة‬ ‫تس��اهم في تحسين معيش��تها وأسرتها‬ ‫وتحقيق استقاللها االقتصادي وفي تنمية‬ ‫البلد وإخراجها م��ن قوقعتها التي فرضها‬ ‫عليه��ا مجتم��ع متخل��ف ومفاهي��م بالية‬ ‫تخال��ف كل الش��رائع والقيم اإلنس��انية‪،‬‬ ‫إضاف��ة إل��ى دورات للتوعي��ة الصحي��ة‬ ‫والقانوني��ة وغيره��ا وصو ًال إل��ى تحرير‬ ‫عقلها وبالتالي قرارها‪.‬‬ ‫سنس��تمر ف��ي نضالن��ا لتحصي��ل‬ ‫حقوقن��ا كامل��ة دون نقص��ان‪ ،‬وأي‬ ‫إقصاء م��ن الحكوم��ات القادمة س��تكون‬ ‫الساحات والش��وارع سبيلنا إلى االعتصام‬ ‫والتظاه��ر‪ ..‬فق��د كس��رت الث��ورة الخوف‬ ‫داخلن��ا وعلمتن��ا أن ال يضي��ع ح��ق وراءه‬ ‫مطالب‪.‬‬ ‫تحي��ة إل��ى أم الش��هيد إلى خنس��اء‬ ‫ديرالزور وخنس��اوات سوريا في كل بقعة‬ ‫من بقاع سوريتنا الطاهرة‪.‬‬ ‫تحي��ة إل��ى نس��اء س��وريا والعال��م‬ ‫الثائرات ضد اغتصاب حقوقهن‪.‬‬


‫منيا حسون‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬

‫حي��ن ب��دأ وعيي يتفتّ��ح في عمر‬ ‫ّ‬ ‫مبك��ر‪ ،‬أخ��ذت أراق��ب التفاصي��ل م��ن‬ ‫حولي‪ ،‬وأتس��اءل بصوت ب��دأ عاليًا‪ ،‬ثم‬ ‫خف��ت على مهل��ه‪ ،‬ليصبح مهموس��اً ال‬ ‫تس��معه سوى ذاتي المتس��ائلة التي ال‬ ‫ّ‬ ‫تمل التفكير‪ ،‬ثم التفكير مجدداً‪.‬‬ ‫ولطالم��ا أدرتُ أحاديث��ًا بين��ي‬ ‫وبين��ي عن أبس��ط األش��ياء وأعقدها‪،‬‬ ‫كان��ت إح��دى أكثره��ا إمتاعاً بالنس��بة‬ ‫ل��ي‪ :‬العالق��ات اإلنس��انية‪ :‬الحق��وق‬ ‫والواجبات‪..‬‬ ‫ولكوني فت��ا ًة ربما‪ ،‬أخ��ذت المرأة‬ ‫الحيّز األكبر من تفكيري‪ :‬عالقة المرأة‬ ‫بالم��رأة‪ ،‬عالقته��ا المتبادلة مع الرجل‪،‬‬ ‫عالقته��ا م��ع المجتم��ع الذي خ��رج من‬ ‫رحمها وخرجت من صلبه‪ ..‬وكنت أدرك‬ ‫بالفط��رة أن ظلمًا ما يق��ع هنا‪ ،‬لكنني‬ ‫لم أكن دومًا أملك التفسير‪.‬‬ ‫لعبَ��ت نش��أتي ف��ي دي��ر ال��زور‬ ‫دوراً‪ ،‬المدين��ة الصغي��رة الت��ي تضجّ‬ ‫بالنقائ��ض‪ ،‬المدين��ة الممتلئة حكايات‬ ‫ً‬ ‫مختبئ��ة وراء أب��واب وج��دران البي��وت‬ ‫والقلوب‪ .‬المدينة التي تصلح عالقاتها‬ ‫ّ‬ ‫المعقدة ‪ -‬رغم الطابع العام‬ ‫اإلنسانية‬ ‫البسيط ألهلها ‪ -‬أن تكون مادّة لخيال‬ ‫روائيٍّ مبدع لتلد قبيلة من الروايات‪.‬‬ ‫عُرف��ت الم��رأة «الديري��ة» بقوة‬ ‫شخصيتها‪ ..‬وأذكر حين سكنت دمشق‬ ‫ف��ي س��ني الجامع��ة‪ ،‬كان أول تعلي��ق‬ ‫أس��معه حين انتهي م��ن التعريف عن‬ ‫نفس��ي‪« :‬الديري��ات قواي��ا»‪ ،‬وكن��ت‬ ‫أبتس��م‪« :‬صيت غن��ى وال صيت فقر»‪،‬‬ ‫رغم أنن��ي أدرك في العم��ق أنه ليس‬ ‫صي��ت غن��ىً‪ ،‬ب��ل نظ��رة المجتم��ع‬

‫التراكمي��ة الظالمة الت��ي تقيّم المرأة‬ ‫عل��ى أنّه��ا متلقّ دوم��ًا‪ ،‬ال يص��حّ أن‬ ‫يُس��مع صوتها‪ ،‬ويُعاب عليها أن يكون‬ ‫له��ا أي وج��ه تح��رري كأن تك��ون ذات‬ ‫ش��خصية مس��تقلة غير منق��ادة‪ ،‬وإلاّ‬ ‫كان��ت (قوي��ة) في أحس��ن األحوال من‬ ‫النعوت‪..‬‬ ‫وتعدّدت مشاهد االضطهاد‪ ..‬أذكر‬ ‫بينها مش��هداً لطالما ترك في نفس��ي‬ ‫أثراً عميقًا لم أعتده رغم تكراره مراتٍ‬ ‫وم��رات‪ ..‬زوجٌ يتق��دّم زوجته المثقلة‬ ‫ب��األوالد في الش��ارع الع��ام‪ ،‬كنوع من‬ ‫حمق‬ ‫ممارسة دور‪« :‬س��ي السيّد» في ٍ‬ ‫عجيب‪.‬‬ ‫كب��رت قلي� ً‬ ‫لا ألع��رف أن الظل��م‬ ‫المم��ارس ف��ي حال��ة المرأة الس��ورية‬ ‫لم يكن اجتماعيًا فحس��ب‪ ،‬بل سياسيًا‬ ‫أيضاً‪ ،‬ممث� ً‬ ‫لا بنظام البع��ث الذي حرم‬ ‫أمي (حاملة الش��هادة العليا) من أبسط‬ ‫حقوقه��ا ف��ي العم��ل وخدم��ة وطنها‪،‬‬ ‫وإحساسها بإنس��انيتها (ألسباب أمنية)‬ ‫َ‬ ‫المواطنة‪،‬‬ ‫فأس��قط عنها حقوقها ف��ي‬ ‫وحبس��ها داخل الحدود لتبقى ممنوعة‬ ‫من الس��فر عل��ى مدى أربع وعش��رين‬ ‫ً‬ ‫سنة‪ ،‬دون أي ذنب يُذكر‪.‬‬ ‫ث��م أصبح��ت أدرك أن الم��رأة في‬ ‫مفهوم النظام‪ :‬أداة يس��تخدمها إلذالل‬ ‫الرج��ل و(كس��ر عين��ه) وقهره بش��كل‬ ‫رخي��ص ممنهج‪ ،‬ش��هدت علي��ه أجيال‬ ‫متعاقبة تناقل��ت آالف الحكايات وأكثر‪،‬‬ ‫عن ق��ذارة صرفة ال أظنه��ا تتكرر عبر‬ ‫التاريخ‪.‬‬ ‫بقيت أس��مع تلك الحكايات وألعب‬ ‫فيها دور المصغي��ة المنصتة حتى جاء‬

‫ي��وم وكنت أنا جزءاً م��ن الحكاية‪ ،‬حين‬ ‫قامت الثورة‪ ،‬وامتدّ رحيقها إلى الدير‪.‬‬ ‫أذك��ر موقفين حفرا ف��ي ذاكرتي‬ ‫عميق��ًا بحي��ث ال تفوتن��ي أيٌّ م��ن‬ ‫تفاصيلهما‪ ،‬وتس��ري في جس��دي َّ‬ ‫كل‬ ‫م��رة ذات المش��اعر الت��ي انتابتني في‬ ‫تلك اللحظة‪..‬‬ ‫بع��د اقتح��ام الدي��ر األول ي��وم‬ ‫‪ 2011/07/28‬ازدحم��ت المدين��ة‬ ‫بالجن��ود والحواجز‪ ،‬وفي أول خروج لي‬ ‫بعد عشرين يومًا من السجن المنزلي‪..‬‬ ‫بعد ليالي الرصاص ونهارات المدافع‪.‬‬ ‫بي��ن مش��اهد الحرائ��ق والخرائب‬ ‫عل��ى الجانبي��ن‪ ،‬واإلس��فلت المش��وّه‬ ‫بالمجنزرات‪ ،‬أوقف الس��يار َة حاجزٌ أخذ‬ ‫القائد فيه وضعية الديك‪ ،‬جالس��ًا على‬ ‫كرس��يّ واط��ئ‪ ،‬حام� ً‬ ‫لا بي��ده قوائ��م‬ ‫الـ(مطلوبي��ن)‪ .‬وبينم��ا كان المجنّ��د‬ ‫الضئي��ل يتق��دّم من��ا‪ ،‬س��أله بصوت‬ ‫مرتجف مخذول‪( :‬ناخذ هواوي النسوان‬ ‫س��يدي؟) أجاب الديك ناظراً إليّ بعين‬ ‫جوفاء فارغة وس��حنة مستفزّة‪ ،‬شامتًا‬ ‫بنجيبه��ن‬ ‫بغضب��ي‪( :‬أل‪ ..‬النس��وان‬ ‫ِ‬ ‫بعدين)‪.‬‬ ‫ل��م ينب��س أخ��ي‪ ..‬ربما خ��اف أال‬ ‫يأجّلو (النس��وان)‪ ،‬فيأخذوهن «اآلن»‪..‬‬ ‫مع الهواوي‪..‬‬ ‫بعدها بفت��رة قريبة‪ ،‬وعلى حاجز‬ ‫مختلف‪ ،‬وقفت التاكسي التي كنت فيها‬ ‫برفقة أخي األصغر‪ ،‬وبدأت سلسة من‬ ‫المضايق��ات‪ ،‬التي ربّم��ا كان تعاطيَّ‬ ‫الح��ادُّ الحان��ق معها س��بباً ف��ي إذكاء‬ ‫نارها‪.‬‬ ‫وم��ا إن ابتعدن��ا ع��ن الحاج��ز‬

‫بخطوات‪ ،‬حتى س��معت نحيب الشوفير‬ ‫الخمسيني‪ ..‬كان يبكي بحرقة ويضرب‬ ‫بيدي��ه على المقود ث��م يجفف دموعه‬ ‫بأكمام��ه‪ ،‬ويدم��دم بأل��م وصلن��ي‬ ‫إل��ى المقع��د الخلف��ي‪( :‬بدك��م تذ ّلونا‬ ‫بأعراضنا‪ ..‬أجا يومكم‪ ..‬قريب‪)..‬‬ ‫تمني��ت لحظتها لو أنن��ي لم أخرج‬ ‫م��ن المنزل كي ال أكون س��ببًا في قهر‬ ‫ذاك الرجل البس��يط طيب القلب‪ ،‬الذي‬ ‫ربّما اعتبرني ابنته‪..‬‬ ‫ولكنن��ا خرجنا ي��ا وال��دي‪ ..‬خرجنا‬ ‫ومألنا الش��وارع والس��ماء‪ ..‬خرجنا كي‬ ‫يك��ون ال��ذي ضايقن��ي بحضرتك في‬ ‫مكانه المناس��ب خلف القضبان‪ ،‬وليس‬ ‫في بدلة عسكرية مطرّزٌ عليها شرف‬ ‫الوط��ن ال��ذي انتهك��وه بالتزام��ن مع‬ ‫انته��اك أعراضك��م‪ ..‬خرجنا بأجس��ادنا‬ ‫وأرواحنا‪ ..‬فحملت السورية عبء الثورة‬ ‫كتف��ًا إل��ى كتف م��ع الس��وري‪ ،‬وكانت‬ ‫الش��هيدة وأم الش��هيد‪ ،‬والمعتقلة وأم‬ ‫المعتقل‪ ،‬والمهجّ��رة وأم المهجّرين‪..‬‬ ‫وكانت أساطيرَ كثيرةً‪..‬‬ ‫خرج��ت لترس��م الحري��ة عل��ى‬ ‫الج��دران‪ ،‬وتهت��ف له��ا م��لء الحناج��ر‬ ‫فال يع��ودُ صوتها ع��ورة‪ ..‬خرجت تردّ‬ ‫اعتبارها الذي أُس��قط عمداً ال س��هواً‪..‬‬ ‫خرجت بروحها التي تاهت منها عشرات‬ ‫السنين‪ ،‬ثم طرقت بابها منذ سنتين‪..‬‬ ‫وغداً‪ ..‬س��تنتصر الثورة‪ ..‬وستأخذ‬ ‫َ‬ ‫فيكتمل النصر‪ .‬تأخذ حقو َقها‬ ‫حقوقها‪،‬‬ ‫بع��د أن تك��ون ق��د أدّت واجباتها على‬ ‫أتمّ صورة وأجزلت العطاء لثورةٍ كانت‬ ‫شهقة خلق جديد‪ ..‬ثورةٍ أنثى‪.‬‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫الثـــــورة �أنثــــــى‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪17‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫ْ‬ ‫البيت‬ ‫�ستعود �سوريا �إىل‬ ‫هاال محمد‬ ‫ال أعرف في عيد المرأة‪ ..‬لمن أهدي باقة الزّهر في خيالي‪.‬‬ ‫ال أعرف إن كانت من زهر أم من ماءٍ أزرق‪ ..‬دموع السّما ْء‪.‬‬ ‫على حدود ّ‬ ‫ْ‬ ‫السّ��لميّة والسالحْ‪ ،‬بين أمّ شهيدٍ من الثورة وأمّ‬ ‫الخط الفاصل بين‬ ‫شهيد من الجيش النظامي‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫القات��ل‪ .‬ش��ريط زهر ب��رّي عنيد يرفض االستس�لام‬ ‫كالهم��ا ضحيّ��ة النظ��امْ‬ ‫س��وى الختالط صوت َ‬ ‫الفرحْ‪ .‬س��وى للتعايش الس��لمي بين اإلخ��وة ولصوت المواطنة‬ ‫ْ‬ ‫المتساوية‪.‬‬ ‫المواطنة المتساوية‪ :‬األمّ التي تلمّ‪.‬‬ ‫هنا شباب سوريا وهنا شباب سوريا‪.‬‬ ‫ال أعرف‪ ..‬تلك القبور التي تناثرت‪ ،‬هل هيَ س��ماد أرض سوريا المستقبل‪ ،‬سماد‬ ‫الفرح!‬ ‫وال أع��رف‪ ..‬دموع األمهات والحبيبات واألخوات‪ ..‬والزوجاتْ والثائرات الس��ورياتْ‪..‬‬ ‫وأمهات جنود الجيشين الخائفات على أوالدهنّ من أن يعودوا على خشبة!‬ ‫ماذا تسقي ّ‬ ‫كل هذه الدموع!‪.‬‬ ‫ه��ل تدعو هذه األمه��ات ألوالدها بالنص��ر! أم تدعو على الظالم ال��ذي يعتقد أن‬ ‫اقتتال اإلخوة يعزّز عرش األبد الذي يحتمي به من الشعب!‬ ‫نعم القاتل يسخر من الجميع‪..‬‬ ‫وربما يندهش من قدرته على إقناع طرفٍ على االقتتال من أجله‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫الضحيّة‪ .‬ضحيّتهُ‪ .‬ويرى أنه يس��تحقّ أن تموت سوريا‬ ‫هو يعرف أن س��وريا هي‬ ‫ليحيا!‪.‬‬ ‫حقل زهر‪ ..‬عطره‬ ‫إلى‬ ‫العالم‬ ‫يتح��ول‬ ‫لكي‬ ‫تكفي‬ ‫عامين‬ ‫منذ‬ ‫س��وريا‬ ‫أمهات‬ ‫دموع‬ ‫ِ‬ ‫يصيب بإغماءة الحزن‪.‬‬ ‫ال أعرف كيف تصبر األمهاتْ على ّ‬ ‫كل هذا األلمْ‪ ..‬أمهات الشهداء أيقونة صبر‪.‬‬ ‫حبّ سوريا‪ ،‬بحدّ ذاته يحمي من األحقاد‪ ،‬هو وعي الحبّ للحبّ‪ ..‬والحبّ يحمي‪.‬‬ ‫حين يخرج اإلنسان من وطنه يحمله معه‪ ..‬يصير هو الوطن واألحباب والعائلة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫المنفيّة‪ ..‬عائل��ة ذاتهِ ف��ي المنفى وف��ي التراب وفي‬ ‫يصي��ر الف��رد عائلة ذات��ه‬ ‫ْ‬ ‫المعتقل‪.‬‬ ‫التشرّد وفي‬

‫اختلطت المساحات‪ ..‬المرأة السورية‪ ..‬صارت سوريا‪.‬‬ ‫والرجل الس��وري‪ ..‬فتح صدر عواطفه‪ ..‬ش��فّ‪ ..‬وبانت االبتسامة تلك التي تحمي‬ ‫كأنها ابتسامة امّ‪ ..‬تلمّ الزّهر في ذلك ّ‬ ‫الخط الفاصل بين السلميّة والسالحْ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫خشبة الموت‪..‬‬ ‫وتدعو‪ ..‬أن ينهدم عرش المستبدّ كي يترجّل االبن عن‬ ‫ويعود إلى البيتْ‪ ..‬بيت الحياةْ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫بالمستقبل‪.‬‬ ‫نساء سوريا‪ ..‬بنات هذه األرض‪ ..‬وخصوبة الحضارة واألمل والثقة‬ ‫بعد عمر من الدموع‪ ..‬التي أنبتت أم ًال‪..‬‬ ‫هل سيأتي عمر دموع الفرح التي ستنبت‪ ..‬حياة ْ‬ ‫األمل‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫محالة‪.‬‬ ‫أثق أنه آتِ ال‬ ‫ّ‬ ‫في آذار‪ ..‬في كل آذار‪..‬‬ ‫سيبقى قبر الطاغية بال زوّار‪ ..‬لن ّ‬ ‫تحط على قبره نحلة‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫الفارغ‪.‬‬ ‫سينهكه األبد الخاوي‪..‬‬ ‫سينهكه صنمُ األبدْ على قبرهِ‪.‬‬ ‫ستنتصر ثورة األمهات والحبيبات والزوجات واألخوات على أحزانهن من أجل حرّية‬ ‫سوريا‪ ..‬سينتصر الصّبر‪..‬‬ ‫وستعود سوريا إلى البيتْ‪.‬‬ ‫سوريا الدولة المدنيّة الالدينية والالعسكرية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سأش��كل باق��ة الزّه��ر هذا الع��امْ بالسّوس��ن والبنفس��جْ‪ ..‬والنّرج��س البرّيْ‬ ‫والياسيمينْ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الغسيل في رياح سوريا األربعة‪..‬‬ ‫السوريّة دموع سوريا على حبال‬ ‫تنشر المرأة‬ ‫ِ‬ ‫لكي ّ‬ ‫تجفف أحزان سوريا‪..‬‬ ‫وتشمّس األمهاتُ أحزانها‪ ..‬بانتظار ْ‬ ‫األمل‪.‬‬ ‫نساء سوريا‪..‬‬ ‫سوسن‪..‬‬ ‫‪..‬‬ ‫سوريا أثقُ بكِ‪.‬‬


‫آية األتاسي‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫س��ؤال طرحه مجموعة من الرجال‬ ‫المدافعي��ن عن حرية الم��رأة ونزلوا إلى‬ ‫الش��ارع بأحذية نسائية ذات كعب عالي‪،‬‬ ‫ف��ي مس��يرة تضام��ن م��ع النس��اء في‬ ‫يوم الم��رأة‪ ..‬ب��دت أجس��ادهم مترنحة‬ ‫وخطواته��م ثقيل��ة‪ ..‬ف�لا يكف��ي أيه��ا‬ ‫الرج��ل أن تلبس ثوبها وتحش��ر قدميك‬ ‫في حذائه��ا لت��رى العالم بعي��ون امرأة‬ ‫وليعزف قلبك الش��جن األنث��وي وتتكور‬ ‫أحش��اؤك لتتسع لجنين يبدأ بذرة ليصير‬ ‫العالم كله‪..‬‬ ‫تب��دأ الرحل��ة االس��تثنائية للم��رأة‬ ‫ف��ي بالدنا من الي��وم ال��ذي يصبح فيه‬ ‫جس��دها مش��كلة وع��ورة‪ ..‬تت��م حله��ا‬ ‫غالب��ًا بحجب الم��رأة أو تحجيبه��ا‪ ..‬وتبدأ‬ ‫في��ه الفتاة بتعلم أن جس��دها ال تمتلكه‬ ‫وحده��ا بل صك��وك ملكيت��ه تعود لألب‬ ‫واألخ وم��ن ث��م للزوج واالب��ن‪ ..‬فتحمله‬ ‫كع��بء أكث��ر مم��ا يحملها‪ ..‬وتج��وب به‬ ‫بالدا ال تستطيع شوارعها أن تحميها من‬ ‫تحرش الي��د والكلمة والعين‪ ..‬فتعتاد أن‬ ‫تبتلع لمس��ة اليد الشبقة ووقاحة الكلمة‬ ‫النابي��ة وغمزة العي��ن المتطفلة‪ ..‬كنوع‬ ‫م��ن ضريبة عليها أن تدفعها في مجتمع‬ ‫ذك��وري ه��ي في��ه مواطن م��ن الدرجة‬ ‫الثانية!‬ ‫إلى أي حد نجحت الحركات النسوية‬ ‫بتحري��ر الم��رأة وإل��ى أي م��دى يمكننا‬ ‫الحديث عن المساواة بين الجنسين؟‬ ‫بعي��داً ع��ن الش��عارات الرنان��ة‬ ‫والبروبوغان��دا الكالمي��ة‪ ..‬الواق��ع يثبت‬ ‫أنن��ا وقعنا ضحاي��ا لكذبه كبيرة اس��مها‬ ‫" المس��اواة"‪ ..‬خلق��وا لنا نم��وذج "المرأة‬ ‫الخارق��ة" الق��ادرة عل��ى العم��ل داخ��ل‬ ‫البيت وخارجه جنباً إلى جنب مع الرجل‪..‬‬ ‫والق��ادرة بنف��س الوقت عل��ى أن تكون‬ ‫أم مثالية وزوج��ه كاملة األوصاف‪ ..‬تلك‬ ‫الم��رأة عل��ى أرض الواقع هي إنس��انة‬ ‫منهك��ة ومس��تنفزة‪ ،‬تح��اول أن تك��ون‬ ‫بهلواني��ة تمس��ك بمئ��ة عص��ا وتس��ير‬ ‫متوازن��ة عل��ى خي��ط رفي��ع معلق فوق‬ ‫الخس��ارات‪ ..‬تت��رك الكثير م��ن العصي‬ ‫تس��قط في الوادي السحيق لتبقي على‬ ‫توازنه��ا ويس��تمر بها المس��ير رغم كل‬ ‫االحباطات والخيبات‪ ..‬فتجد نفس��ها في‬ ‫النهاية محاصرة بالواجبات المنزلية التي‬ ‫تبق��ى غالباً من نصيبها‪ ..‬وتجد نفس��ها‬ ‫تتقاضى أجوراً أقل بالمقارنة مع الرجل‬ ‫في سوق العمل‪ ..‬وغالبًا ما تبقى أنوثتها‬ ‫مركونة على الرف وال تجد الوقت الكافي‬ ‫لالهتمام بنفسها‪ ..‬وتكتشف في النهاية‬ ‫أن مصطل��ح " الم��رأة الخارق��ة" القادرة‬ ‫على كل ش��يء م��ا هو غير وه��م‪ ،‬وأنه‬ ‫ال ب��د بالنهاية بالتس��ليم بالحيز الضيق‬ ‫المتاح لها داخل مجتم��ع تحكمه العادات‬ ‫والتقاليد والذهنية الذكورية‪.‬‬ ‫ربما المس��اواة بين الم��رأة والرجل‬ ‫ف��ي مجتمعن��ا الس��وري المحك��وم‬

‫بالديكتاتوري��ة تتحق��ق – بالمس��اواة‬ ‫ بالقم��ع واالضطه��اد‪ ..‬ف�لا س��جون‬‫االس��تبداد وال س��ياط الجالد تفرق بين‬ ‫ام��رأة ورج��ل‪ ،‬وكأن ال هوي��ة وال جنس‬ ‫للع��ذاب الس��وري‪ ..‬عندما عل��ت صرخة‬ ‫الحرية لتس��قط جدران الس��جن الكبير‪،‬‬ ‫كان��ت صرخ��ة مجتم��ع كام��ل بنس��ائه‬ ‫ورجال��ه‪ ..‬لم تحت��ج المرأة كثي��راً لتتبع‬ ‫الص��دى‪ ،‬فبين الحري��ة والم��رأة عالقة‬ ‫س��رية خاص��ة‪ ،‬فيه��ا تفاه��م‪ ،‬تواط��ؤ‬ ‫ومش��اريع‪ ..‬ونزلت المرأة للتظاهر جنبًا‬ ‫بجن��ب م��ع الرج��ل وتعرض��ت لالعتقال‬ ‫والتعذي��ب‪ ..‬وانتهكت روحها‪ ،‬كما انتهك‬ ‫جس��دها‪ ،‬لإلمعان ف��ي إذالل المرأة كما‬ ‫الرجل في مجتمع يرى في جس��د المرأة‬ ‫رم��زا لش��رف العائل��ة وكرامته��ا‪ ..‬فلم‬ ‫يك��ن عبثاً أن ي��ذل الناش��طين وتمتهن‬ ‫كرامته��م من خالل التعرض لنس��ائهم‬ ‫وأمهاته��م بالعبارات الجنس��ية النابية‪..‬‬ ‫وكلن��ا يذك��ر الرجل المس��حول من قبل‬ ‫قطع��ان الش��ببيحة ف��ي ش��وارع إحدى‬ ‫الم��دن الس��ورية‪ ،‬ففي س��كرة م��ا قبل‬ ‫الموت يطلب الرج��ل أن يرى أوالده قبل‬ ‫أن يس��لم الروح‪ ..‬عنده��ا يعرض عليه‬ ‫الش��بيح أن يت��رك له زوجت��ه يفعل بها‬ ‫ما يش��اء مقابل أن يرى أوالده‪ .‬يقول له‬ ‫الرجل جملته الشهيرة وربما األخيرة في‬ ‫حيات��ه‪ ":‬أعوذ باهلل مرتي تاج رأس��ي"‪..‬‬ ‫ف��ي أجمل إعالن للحب الس��وري يقدمه‬ ‫رج��ل لزوجته عل��ى المأل‪ ..‬رج��ل يدخل‬ ‫عتبة الم��وت ولكنه ال يتوانى عن حماية‬ ‫أم أوالده‪ ..‬فيرفعها عن العيون ويبعدها‬ ‫عن األيدي ويضعها تاج فوق رأسه!‬ ‫ورغم قسوة تجربة السجن األسدي‬ ‫ومرارت��ه إال أن المعتق�لات خرجن وهن‬ ‫أش��د قوة وتصميما على بل��وغ الحرية‪..‬‬

‫وكان هن��اك نق��د ش��ديد لحمل��ة س��تر‬ ‫ع��رض الس��جينات اللوات��ي تعرض��ن‬ ‫لالغتصاب في السجون السورية‪ ..‬حيث‬ ‫أعرب بعض النش��طاء ع��ن رغبتهم في‬ ‫ال��زواج منه��ن والس��تر عليه��ن‪ ..‬وكان‬ ‫رد المعتق�لات الس��ابقات أنه��ن ث��رن‬ ‫ألنه��ن يردن حريتهن ال عرس��ان وزواجا‬ ‫مفب��ركا‪ ..‬فحل��م المرأة الس��ورية اليوم‬ ‫ص��ار بوس��ع وط��ن ح��ر ال بضي��ق بيت‬ ‫زوجية!‬ ‫ل��م تزع��زع الثورة الس��ورية بنيان‬ ‫االس��تبداد السياس��ي ب��ل زع��زت بنيان‬ ‫اإلنس��ان الس��وري كل��ه‪ .‬كي��ف لمجتمع‬ ‫أن يتح��رر م��ن االس��تبداد السياس��ي‬ ‫دون أن يتح��رر م��ن االس��تبداد الثقافي‬ ‫واالجتماع��ي‪ ..‬فتح��ت الث��ورة النواف��ذ‬ ‫الموصدة‪ ،‬وطرحت كل األسئلة المؤجلة‬ ‫ح��ول الدين والم��وروث الثقافي ومكانة‬ ‫المرأة في المجتمع‪ ..‬أسئلة ربما سيحتاج‬ ‫مجتمعنا المنهك من طول س��نين القمع‬ ‫لكثير من الوقت لإلجابة عليها وسيحتاج‬ ‫لكثي��ر من الج��رأة ومواجهة ال��ذات قبل‬ ‫األخر إليج��اد الحلول لها‪ ..‬يحضرني هنا‬ ‫الج��دل واللغ��ط الكثي��ر ال��ذي دار حول‬ ‫الناش��طة دانا بقدونس ونزعها لحجابها‬ ‫بعد الث��ورة وقد كتبت الفت��ه تعلن فيها‬ ‫أنه��ا م��ع انتفاض��ة الم��رأة ألنه��ا كانت‬ ‫محرومة من أن يالمس الهواء جس��دها‬ ‫وش��عرها‪ .‬وبغ��ض النظ��ر ع��ن اتفاقنا‬ ‫أو اختالفن��ا مع الطريقة االس��تعراضية‬ ‫واالس��تفزازية لصاحبتها‪ ،‬لكنها طرحت‬ ‫مش��كلة تعيش��ها الكثير من الفتيات مع‬ ‫الحج��اب وحقهن ف��ي ارتدائ��ه أو خلعه‪.‬‬ ‫هن��اك الكثي��ر م��ن الفتي��ات يمارس��ن‬ ‫النف��اق االجتماع��ي ويرتدي��ن الحج��اب‬ ‫كقناع م��ن دون قناع��ة فيصبح الحجاب‬

‫كس��تار يتخفي��ن ورائ��ه ليس��مح له��ن‬ ‫بممارس��ة الكثير من األم��ور في الخفاء‬ ‫وتح��ت حمايت��ه‪ ..‬طبعًا ه��ذا ال ينفي إن‬ ‫الكثي��ر من النس��اء ارتدي��ن الحجاب عن‬ ‫قناعة ويش��عرن بوجوده��ن وبحريتهن‬ ‫أكثر وه��ن محجبات‪ ،‬هؤالء يجب احترام‬ ‫خيارهن ووفائهم لقناعاتهن‪ ..‬فالمجتمع‬ ‫الس��وي هو الذي يسمح للجميع بالتعبير‬ ‫ع��ن أنفس��هن وع��ن اختالفاته��ن بكل‬ ‫حري��ة‪ ..‬مجتمع ال نحتاج في��ه لمئة قناع‬ ‫وقناع لنواجه اآلخرين!‬ ‫في النهاية علينا أن نحترم اختالفنا‬ ‫وتش��ابهنا وأن ال نطلق أحكام مس��بقة‬ ‫على البش��ر حس��ب مظهرهم الخارجي‬ ‫فليس��ت كل محجبة قديسة وليست كل‬ ‫س��افرة فاس��قه‪ ،‬ويجب أن نتخلص عن‬ ‫ربط ش��رف وأخالق المرأة بكمية اللحم‬ ‫الذي تظهره ونتوقف عن اعتبار الجسم‬ ‫المكشوف هو بطاقة دعوة للتحرش به‪.‬‬ ‫الملف��ت للنظ��ر حقًا إن نس��بة التحرش‬ ‫في مص��ر ارتفعت ف��ي اآلون��ة األخيرة‬ ‫اطراداً م��ع ارتفاع نس��بة الحجاب‪ ..‬فلم‬ ‫تس��لم المحجبات وال حتى المنقبات من‬ ‫التحرش مما يؤكد أن المش��كلة هي في‬ ‫ال��رؤوس وف��ي التربية الخاطئ��ة ال في‬ ‫درجة تحجب المرأة أو سفورها‪.‬‬ ‫سيسقط االس��تبداد السياسي في‬ ‫النهاية وس��تنتصر الثورة ولكن س��يبدأ‬ ‫بعدها ث��ورة أخرى‪ ..‬ثورة إلس��قاط كل‬ ‫الديكتاتوريات المعشعشة في العقول‪..‬‬ ‫ثورة على أنفس��نا وعل��ى األخر‪ ..‬وفقط‬ ‫عندما ستصبح المرأة مواطنة متساوية‬ ‫م��ع الرج��ل‪ ،‬ف��ي الحق��وق والواجبات‪..‬‬ ‫عندها فقط س��تنتصر الث��ورة‪ ..‬فبدون‬ ‫حرية المرأة ستبقى حريتنا عرجاء!‪..‬‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫ج�سد املر�أة بني العورة وال�شرف واحلجاب‬ ‫كيف يحيا الإن�سان يف ج�سد �أنثى؟‬

‫‪19‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫ال�سيمفونية الناق�صة‬

‫رشا عمران‬

‫لم ينتبه أحد إلى وجودي‬ ‫لم يصغ إلى انسياباتي أحد‬ ‫لم يوقظني أحد من الس��بات الطويل الذي لفني‬ ‫كما تلف كرة متداخلة‬ ‫لم يهتد الحب الس��اكن في خالياي إلى اس��تمالة‬ ‫خطوات الصدى الواثقة‬ ‫لم يتلقفني أحد كما لو كنت شهوة صاخبة‬ ‫لم يعرف بي أحد‬ ‫أربعون عامًا وأنا مركونة كما تركن التمتمة في‬ ‫األسواق الضاجة‬ ‫ال الباعة يحررونني‬ ‫وال العابرون يدلهم توقهم إلي‬

‫***‬

‫أربعون عاماً وأنا في المساحة بين خطوتين‬ ‫أفكك أعضائي عني‬ ‫وأخلع عن جسمي شبهة التشابه‬ ‫وأرتب التناغم في خالياي المتضادة‬

‫***‬

‫أربعون عاماً وأنا حبيسة تردد اآلخرين‬ ‫أول ما بدوت‬ ‫أطلقني شوبرت كرنين فكرة وغاب‬ ‫ث��م التقطني هوتنبرنر وقادن��ي نحو مرآته كي‬ ‫أرى نفسي‬ ‫وحين اكتفيت أعادني إلى سجني الطويل‬ ‫إلى المساحة بين خطوتين‬ ‫كيما أصبح أنا مرآتي‬ ‫وال أرى في نفسي غير نفسي‬

‫***‬

‫أربعون عاماً‪..‬‬ ‫أتنقل في حركتين‬ ‫تارة أدخل في ظلمة ليلي كبومة تائهة‬ ‫وتارة أدخل في هذياني ألكشف من نفسي أكثر‬ ‫ما ينبغي‪:‬‬ ‫غابات حزني‬ ‫سواد روحي‬ ‫ذلك األلم المبهم الذي بي‬ ‫عذاباتي‬ ‫وانتظاري ما يئست حدوثه!!‬ ‫وألنني أعرف عن نفسي ما ال يعرفه احد‬ ‫وألنني‬ ‫أنتقل‬ ‫في خطوتين واهيتين إلى نفسي‬ ‫كي أنزع الليل عن أعضائي المتكاثرة‬ ‫وأف��رج س��اقي كي أجذب كل ما يلمع من س��حب‬ ‫الضوء حولي‬ ‫ثم أتكور وأنفرد‬ ‫وأتكور وأنفرد‬

‫قبل أن أطلق فراشات الفرح المتشبثة بي‬ ‫وأنثر فوق المحتضرين‬ ‫ورد الحياة!‬

‫***‬

‫أربعون عامًا‬ ‫وأنا أتدرب على خطواتي‬ ‫وأعيد ذات الحدث‬ ‫يوما وراء يوم‬ ‫أهلكني أنني أنا من يصغي إلي‬ ‫وأنني في كينونتي لست غير جزء مني‬ ‫أهلكني الغبار‪..‬‬ ‫ذلك الغبار‬ ‫رابطي الوحيد مع الزمن!‬

‫***‬

‫أربعون عامًا‬ ‫وأنا أنتقل بين حركتين اثنتين فقط‬ ‫لكنني في انتقالي المتمهل‬ ‫كنت أصوغ عوالم لم يعرفها أحد‬ ‫وأكمل من نقصاني نفسي‬ ‫كي اظهر ذات يوم كاملة‬ ‫وحين بعد أربعين عاما ظهرت‬

‫وانجلت عني ظاللي القديمة‬ ‫نفثت غضب السنين الكامن في عروقي‬ ‫نفثت الشحوب العالق في غموضي ‬ ‫صرخت كما لو كنت الموت في قرية وادعة‬ ‫ثم هدأت‬ ‫وتهاديت‬ ‫وحزنت‬ ‫وفرحت‬ ‫ثم فرجت ساقي أمامكم‬ ‫كي تتناسل مني الحياة‬

‫***‬

‫أربعون عامًا وأنا أحيا‬

‫خمسون عاما وأنا أحيا‬ ‫مائة عام أحيا‬ ‫مئات السنين سأحيا‬ ‫ال الزمن يطفئ صوتي‬ ‫وال كتلته ستوقف تجددي في أذهانكم‬ ‫لكنني سأبقى ناقصة‬ ‫أتنقل إلى األبد بين حركتين وحيدتين‬ ‫وأشهر اكتمالكم بالموت‪..‬‬


‫محمد مُعِز‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫(مع أنني أعلم مسبقا أنني على حد‬ ‫قول أحدهم‪ :‬ما جادلت جاهال إال وغلبني‪،‬‬ ‫وما أكثر أنصاف العقول والكيانات التي ال‬ ‫تفهم قولي‪)..‬‬ ‫ه��ل كان��ت الث��ورة الس��ورية ف��ي‬ ‫البداية ثورة‪ ..‬أم مؤامرة خارجية‪..‬؟‬ ‫بل��ى كانت ث��ورة‪ ..‬وه��ي اآلن ثورة‬ ‫مختطفة في منتصف طريق الحلم‪ ..‬كما‬ ‫األمر في تونس مع اختالف الوس��ائل وال‬ ‫فائدة م��ن تذكير بعض من لم يهبه اهلل‬ ‫القدرة عل��ى التمييز بين األلوان فال يرى‬ ‫منه��ا إال األبي��ض واألس��ود أن هذا كالم‬ ‫من يعرف رهان المقاومة واستراتيجيات‬ ‫الهيمن��ة ورهاناته��ا المض��ادة كما يعرف‬ ‫أيض��ا آالم ش��عب ح��ي ‪ -‬مي��ت أو مي��ت‬ ‫بالحياة منذ عقود تحت سياط نظام الجلد‬ ‫"الممانع" وش��عارات القومجة التي باعت‬ ‫ص��دام حس��ين قب��ل غيره��ا‪ ..‬وال علينا‬ ‫م��ن تاريخ يرتس��م في العق��ول ترهات‬ ‫وخي��االت ومواق��ف معلقة أبع��د ما يكون‬ ‫ع��ن المقارب��ة النقدية الش��مولية‪ ..‬فهو‬ ‫ش��أن أنصاف األعراب بأنص��اف العقول‪..‬‬ ‫مدى الزمن‪..‬‬ ‫حم��ل الش��عب الس��وري حلم��ه في‬ ‫الش��فاه كما حملته ش��فاه التونس��يين‪:..‬‬ ‫الش��عب يري��د إس��قاط النظ��ام"‪ ..‬وج��اء‬ ‫من واش��نطن رجل يس��عى أيام سقوط‬ ‫رأس النظ��ام هن��ا‪ ..‬يدع��ى جيف��ري‬ ‫فيلتم��ان فوضع لش��يوخ القبائل الحزبية‬ ‫خارطة طريق وقس��مة‪ ..‬في حق ش��عبنا‬ ‫المنتفض وليس في حقهم‪ ..‬ومن يومها‬ ‫ونحن نعاني‪ ..‬ونكابد‪..‬‬ ‫الشيخ حس��ن نصر اهلل يوم ‪ 25‬من‬ ‫جانفي يحذر التونس��يين من هذا األفاك‬ ‫المتخصص في س��رقة أحالم الش��عوب‪،‬‬ ‫يقول عنه‪ :‬إنه حبيب بعض أرباب الفتنة‬ ‫ف��ي لبن��ان فاحذروا أيه��ا التونس��ييون "‬ ‫العظام" من وجوده ومخططاته وأدواته‪..‬‬ ‫س��يدوس جراح أهلكم ويريق على دماء‬ ‫ش��هدائكم م��اء الخديعة‪ ..‬فما س��معه إال‬ ‫من كان قد سمعه‪..‬‬ ‫وأما في س��وريا كان الش��يخ وال زال‬ ‫إلى جانب بشار األسد ونظامه‪ ..‬وهو أعلم‬ ‫بحس��اب الموازنات والرهانات ولكنني مع‬ ‫ذلك شأني مع هؤالء المقاومين العظام‪،‬‬ ‫أجلهم وال أخلع عليهم ثوب النبوة‪ ،..‬أفهم‬ ‫مخاوفهم ولكنني أتحرى " العقل الذي ال‬ ‫يعرى من المبدإ والقيمة ما وسعني‪،.." ..‬‬ ‫ورج��وت في ق��رارة نفس��ي أن ال يخذلنا‬ ‫من يحمل لواء المقاومة وأن يؤيد الشيخ‬ ‫الثورة السورية يحميها من الهوام ودواب‬ ‫األرض‪ ..‬وأن ال يس��عى في إجهاض حلم‬ ‫ش��عب‪ ..‬فهو يعل��م أن الج��والن ال يمكن‬ ‫أن يحرره "نظ��ام الممانع��ة" وأنه يمكن‬ ‫أن يك��ون حليف��ًا مرحلياً لك��ن ال صدقية‬ ‫ف��ي حلف��ه االس��تراتيجي عل��ى طري��ق‬ ‫التحري��ر وأن ه��ذا ليس أس��اس التحرير‬ ‫الفعل��ي ال��ذي ترنو إلي��ه أنظ��ار األحرار‬ ‫المعلق��ة قلوبه��م بفلس��طين‪ ..‬وأن هذا‬ ‫األفق العروبي المتلحف بالقطرية باطنا‬ ‫والوحدوي��ة علن��ا ق��د ص��ار إل��ى انتهاك‬ ‫اإلنس��ان‪ ..‬وأن اإلنسان الذي يكون حرا ال‬

‫يحرر األوطان‪..‬‬ ‫وثمة أطراف تود وضع س��وريا تحت‬ ‫التدويل‪ ،‬والمصالح العليا للدول الخارجية‬ ‫متقاطع��ة م��ع مصال��ح أغبي��اء القل��وب‬ ‫والعق��ول ب��كل أش��كالهم في س��وريا‪..‬‬ ‫فزادتن��ا هما وغم��ا وعبثت بالث��ورة التي‬ ‫انتقلت من أيدي حمل��ة كتاب الحرية إلى‬ ‫حملة سالح األعاراب واألسلمة المجنونة‪..‬‬ ‫ب�لا قيمة أو معرفة‪ ..‬وكان أحرى بالجهلة‬ ‫أن يكون��وا مس��لمين ثوريي��ن‪ ..‬ال غير‪..‬‬ ‫رحمة بأنفس��هم وبغيرهم‪ ..‬فهناك على‬ ‫األقل أمل في النجاة‪..‬‬ ‫ولألسف ومن البداية كان المؤيدون‬ ‫هم فقط أع��داء الث��ورة المزعومة وهم‬ ‫فقط م��ن وضعت أس��مائهم على قوائم‬ ‫العار‪..‬‬ ‫حيث س��جل دري��د لحام ف��ي قائمة‬ ‫الع��ار ووضع روبرت فورد وس��مير جعجع‬ ‫في قائمة الشرف‪..‬‬ ‫ولكن اآلن وبعد ظهور أصوات التيار‬ ‫الثال��ث ال��ذي يرف��ض أي نوع م��ن أنواع‬ ‫التدخل العسكري أو محاولة السطو على‬ ‫قرار السيادة الوطنية‪..‬‬ ‫أصبح أيضا أعضاء التيار الوس��طي‬ ‫المحايد من أعداء الثورة وباتوا يُهاجمون‬ ‫كما يهاجم المؤيد وأكثر‪..‬‬ ‫ميش��يل كيل��و تح��ول فج��أة بنظ��ر‬ ‫الثورة من األعمدة إلى بوق‪..‬‬ ‫وهيث��م من��اع أصبح جماع��ة الثورة‬ ‫يخش��ون ظهوره على اإلع�لام خوفًا من‬ ‫فضحه‬ ‫وف��ي األثناء وعلى غرار ما حدث في‬ ‫الع��راق‪( ..‬حي��ث مزقوا وحدت��ه المقاومة‬ ‫لألمريكي ومذهبوها‪ ..)..‬جاء الجهاديون‬

‫وأخذوا المش��عل بمبارك��ة أرباب البترو ‪-‬‬ ‫دع��ارة خليجية ‪ -‬أمريكية‪ ..‬ولم تترس��خ‬ ‫قي��م الثورة في بع��د تحري��ري مواطني‬ ‫ب��ل ف��ي بعد طائفي لمش��روع إس�لامي‬ ‫غالب عل��ى طبيعة المقاومة المس��لحة‪..‬‬ ‫ألن مصال��ح ال��دول هي مصال��ح الدول‪،‬‬ ‫ال عواط��ف آو قيم إنس��انية له��ا‪ .‬مصالح‬ ‫ال��دول أوقعت فتن بين اإلس�لام والدروز‬ ‫م��ن جه��ة‪ ،‬وال��دروز والمس��يحيين م��ن‬ ‫جهة أخرى منتصف القرن التاس��ع عش��ر‬ ‫في س��وريا ولبنان‪ .‬في صب��اح األول من‬ ‫تم��وز ‪ 1860‬وخالل ثالثة أي��ام تم حذف‬ ‫مس��يحيي دمشق البالغة نس��بتهم ‪30%‬‬ ‫م��ن ع��دد الس��كان ال ‪ 110000‬نس��مة‬ ‫به��دف تغيي��ر الديموغرافيا السياس��ية‪،‬‬ ‫فذبح ‪ 15000‬منهم برعاية تركية وهجر‬ ‫‪ 15000‬أخر إلى بيروت برعاية فرنس��ية‬ ‫انكليزية‪ ،‬وهكذا خسرت دمشق تنوعها‪،‬‬ ‫وغي��رت بي��روت تنوعها ك��ي تذهب إلى‬ ‫أحض��ان المصال��ح الفرنس��ية‪ .‬بعد قرن‬ ‫وعقدين من ه��ذه الح��وادث‪ ،‬وفي العام‬ ‫‪ 1984‬سلحت إس��رائيل الدروز والموارنة‬ ‫وانسحبت فجأة بدون أي عمليات مقاومة‬ ‫أو أي ضغ��ط دول��ي خ�لال ‪ 8‬س��اعات‪،‬‬ ‫فوقع��ت مجازر ال تحصى بي��ن الطرفين‬ ‫العزيزي��ن عل��ى قل��ب بعضهم��ا‪ ،‬وطبعا‬ ‫تبعه��ا بيان��ات اس��تنكار وتندي��د وقل��ق‬ ‫دول��ي وأممي وو وو الخ‪ .‬س��لحت الواليات‬ ‫المتحدة الش��يعة في الع��راق عام ‪2002‬‬ ‫والس��نة في أفغانستان قبل ذلك‪ .‬أميركا‬ ‫شيعية في العراق وسنية في أفغانستان‪،‬‬ ‫وتدعم وتغطي وتبارك إلسرائيل بطشها‬ ‫بالعباد في فلس��طين ولبنان‪ .‬أما تقنيات‬ ‫تدوي��ل أزمات ال��دول والتدخ��ل فعليكم‬ ‫بس��ؤال الخوري الذي فتح طاقة في جدار‬ ‫الباب الش��رقي لدمش��ق للفاتحين البدو‬

‫العرب المس��لمين ليح��رروه وينقذوه من‬ ‫ظلم أهله في الشام‪..‬‬ ‫الحل��م ف��ي مه��ب ري��ح الطوائف‪..‬‬ ‫والث��ورة في منتصف طري��ق القتل على‬ ‫الهوي��ة الديني��ة‪ ..‬ه��ل كان��ت ف��ي غير‬ ‫وقتها‪ ..‬في غير سياقها‪..‬‬ ‫ه��ل كان��ت ف��ي س��ياق الجه��ل‬ ‫والمؤامرات وبذل��ك ال يمكن أن تكون إال‬ ‫جرحا إضافي��ا‪ ..‬أم أن أمال ممكنا من وراء‬ ‫كل ه��ذا الظالم‪ ..‬ربما س��ينقذ س��ورية‬ ‫وينق��ذ تون��س وه��ذه األوط��ان وه��ذه‬ ‫الشعوب من هذا العذاب‪..‬‬ ‫من قدر االستقواء بالخارج أو إهدار‬ ‫الحلم‪ ..‬في التحرر‪..‬‬ ‫ما أشد مآسينا‪ ..‬وأولها هذا الجهل‪..‬‬ ‫الجه��ل‪ ..‬ل��م يهلكن��ا غي��ره‪ ..‬ومعه‬ ‫آف��ات أخرى ال تُحص��ى‪ ..‬لتجعلنا في هذا‬ ‫الوض��ع‪ ..‬تتداعى علينا األمم ونحن فتات‬ ‫عل��ى موائد اللئام‪ ..‬ويطعنك فيه القريب‬ ‫قبل البعيد‪..‬‬ ‫و أُنهي بهذه الكلمات المقتبس��ة من‬ ‫كت��اب التاو تي تش��ينغ – إنجي��ل الحكمة‬ ‫التاوي��ة ف��ي فضيل��ة الصم��ت‪ ..‬كتمان��ا‬ ‫للجرح الذي ال تصفه الكلمات‪:‬‬ ‫كلمات��ي تأت��ي م��ن نب��ع الكلم��ات‬ ‫القديم‪،‬‬ ‫ولك��ن الن��اس ف��ي جهله��م ال‬ ‫يفهمونني‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وقلة منهم تفقه قولي‪.‬‬ ‫سألبس الثوب البالي الخشن‪،‬‬ ‫الذي يستر تحته حجراً كريمًا‪.‬‬ ‫(عن مؤلفي‪ :‬كتاب التاو تي تشينغ ‪-‬‬ ‫إنجيل الحكمة التاوية)‪.‬‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫ّ‬ ‫املتمدد من هنا �إىل �سوريا‬ ‫كلمات يف اجلرح‬ ‫يف حلم الثورة الغائر حتت ركام اجلهل واالنتهازية‬

‫‪21‬‬


‫حكايا الثورة ‪. .‬‬

‫حكاية مقاتل (‪)1‬‬ ‫النصوص المشاركة‪ :‬الجزء األول‬ ‫النص األول‪( :‬أحمد شوال‪ :‬أستاذ الشريعة ومصير السالح)‬ ‫بقلم‪ :‬عمار أبو خالد‪.‬‬ ‫الن��ص الثاني‪( :‬مالذ‪ :‬أح��ارب الديكتاتور‪ ،‬الذي يس��رق حاضرنا‪ ،‬ويحاول أن‬ ‫يطفئ المستقبل بإجرامه)‬ ‫بقلم‪ :‬محمود الشامي‪.‬‬ ‫النصوص المشاركة‪ :‬الجزء الثاني‬ ‫النص الثالث‪( :‬حكاية مجد‪ :‬أخو الشهيد وعهد األخوّة)‬ ‫بقلم‪ :‬أبو عمير الكفرسوسي‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪22‬‬

‫النص الرابع‪( :‬شهادة المنشق عن دوما ودرعا)‬ ‫شهادة‪ :‬أحمد مسعود‬ ‫صياغة‪ :‬محمد نور كبة‪.‬‬ ‫تحرير النصوص‪ :‬عالء رشيدي‪.‬‬

‫إن اآلراء الواردة في الملف‪ ،‬قد ال تعبر عن وجهة نظر الصحيفة‪ .‬وهي مرتبطة‬ ‫بالكتاب وراء هذه النصوص والشهادات‪.‬‬ ‫ينشر هذا الملف على جزأين‪ ،‬بالتزامن بين جريدة "سوريتنا"‪ ،‬وجريدة "حنطة"‪.‬‬ ‫ هذه النصوص األربعة‪ ،‬ثمرة تدريب لمجموعة من المواطنين – المراس��لين‪،‬‬‫عل��ى الكتاب��ة والصياغة الصحفي��ة‪ .‬وألن أغل��ب المتدربين‪ ،‬هم م��ن المواطنين –‬ ‫المراسلين‪ ،‬إما في مناطق النزاعات المسلحة‪ ،‬أو مرافقين لمجموعات مسلحة‪ ،‬اتفق‬ ‫على موضوعة "حكاية مقاتل"‪ ،‬كموضوع مشترك لكل المتدربين‪.‬‬ ‫قدمت النصوص‪ ،‬وتم اختيار ‪ 4‬منها‪ ،‬لتشكل ملفًا صحفيًا يرفد وسائل اإلعالم‪،‬‬ ‫بفكرة مختلفة‪ ،‬عن صورة "المقاتل"‪ .‬غالباً‪ ،‬ما يصور المقاتلون اليوم في س��ورية‪،‬‬ ‫عبر وس��ائل اإلعالم‪ ،‬كمحاربين‪ ،‬يطلقون النار من فس��حة جدار‪ ،‬أو يداهمون مواقع‬ ‫عس��كرية بعمليات عنيفة‪ .‬ملف "حكاية مقاتل"‪ ،‬يضم ‪ 4‬نصوص‪ ،‬تس��عى لتسليط‬ ‫الضوء على اإلنساني في حياة المقاتل‪ ،‬على اليومي‪ ،‬وعلى الرحلة الطويلة والشاقة‬ ‫لبعضهم‪ ،‬من االنشقاق بين جيشين‪.‬‬ ‫"حكاي��ة مقاتل" هو ملف يس��عى ال��رواة من خالله ألن يلطفوا من أثر الس�لاح‬ ‫والعنف على حياتهم‪ .‬رواة أرادوا أن يأنس��نوا ص��ورة المقاتل الذي أصبح جزءاً يوميًا‬ ‫م��ن حياتهم‪ .‬ملف كتبه أش��خاص يرغبون أن ينقلوا إلى العال��م صورة مختلفة عن‬ ‫المقاتل في سورية‪.‬‬ ‫إنها حكايات اختارها كاتبوها أن يقولوا أن المس��تقبل كامن في اإلنسانية التي‬ ‫البد من استخراجها من أعماق المقاتل‪ ،‬رغم كل كم العنف المفقد لآلمال‪.‬‬

‫�أحمد �شوال‪� :‬أ�ستاذ ال�شريعة وم�صري ال�سالح‬ ‫بقلم‪ :‬عمار أبو خالد‪.‬‬ ‫ف��ي ظ��ل النزاع��ات المس��لحة‬ ‫بي��ن مقاتل��ي الجيش الحر م��ن جهة‪،‬‬ ‫ومقاتلي جيش النظام من جهة أخرى‪،‬‬ ‫وبعيداً ع��ن الحروب وأص��وات المدافع‬ ‫والرص��اص‪ ،‬وف��ي أح��د المن��ازل التي‬ ‫لقي��ت نصيبها م��ن قذائ��ف وصواريخ‬ ‫النظ��ام التقين��ا مع اح��د عناصر كتيبة‬ ‫القوات الخاصة بريف الالذقية والمدعو‬ ‫(أحمد شوال)‪ ،‬التقينا به لنعرف من هو‬ ‫اإلنس��ان الذي بداخله‪ ،‬والذي تحول مع‬ ‫هذه األحوال إلى مقاتل فكان معه هذه‬ ‫اللقاء‪:‬‬ ‫دخلنا الغرفة وكانت ش��به مظلمة‬ ‫يدخله��ا القليل من نور الش��موع التي‬ ‫تض��يء الم��كان‪ ،‬جلس��نا عل��ى إحدى‬ ‫الف��رش التي تم وضعه��ا على األرض‬ ‫بجان��ب المدف��أة وس��ألت (أحمد)‪(:‬كيف‬ ‫حال��ك؟)‪ ،‬فأج��اب‪( :‬الحم��د هلل)‪ ،‬م��ع أن‬ ‫وجهه رسمت عليه آثار التعب واإلنهاك‪.‬‬ ‫(أحمد) رج��ل نحيل‪ ،‬ذو عزم قوي‪ ،‬أكل‬ ‫الشيب ش��عره‪ ،‬وله لحية بيضاء تناهز‬ ‫ال‪ 45‬من العم��ر‪ .‬كان يلقب بين جميع‬ ‫ً‬ ‫بداية‬ ‫الناس "أس��تاذ أحمد"‪ ،‬فخطر لي‬ ‫أن أس��ئلة لم��اذا ين��ادوه به��ذا اللقب‪،‬‬ ‫فأجابن��ي قائ�لا‪( :‬ينادون��ي هكذا ألني‬ ‫كنت أستاذ (مدرس) أدرس مادة الديانة‬ ‫اإلس�لامية للطالب ُ‬ ‫عمل طالما أحببته‬ ‫رغم مش��اقه ولكن يكفيني اجري عند‬ ‫اهلل)‬ ‫(أس��تاذ!!؟ لماذا حملت الس�لاح؟)‪،‬‬

‫ق��ال‪( :‬نع��م أس��تاذ‪ ،‬وحمل��ت الس�لاح‬ ‫ألني أس��تاذ‪ ،‬وأنا قدوة لطالبي‪ .‬وثانيا‬ ‫ه��ذا واجبي هلل وللوط��ن‪ ،‬وعلي تلبية‬ ‫الواج��ب‪ ،‬فبع��د كل ه��ذا الظل��م الذي‬ ‫تعرضن��ا له‪ ،‬ونحن نقول س��لمية‪ ،‬إلى‬ ‫متى؟ إلى أن أال يبقى أحد كما يرددون‪:‬‬ ‫"ال أحد إال بشار األسد"؟؟)‪ ،‬وتابع‪( :‬لذلك‬ ‫لم نحمل الس�لاح حباً بالعنف‪ ،‬بل ألنه‬ ‫ف��رض علينا كما تع��رف‪ ،‬فنحن نعرف‬ ‫بس��ماحة دين اإلس�لام‪ ،‬ولكن بنفس‬ ‫الوقت نحن أش��داء عل��ى الكفار‪ .‬أنهى‬ ‫كالم��ه‪ ،‬وب��دا عل��ى (أحمد) ش��ي ُء من‬ ‫االنفع��ال والغضب‪ ،‬فرش��ف من كأس‬ ‫الشاي‪ ،‬حين سألته‪(:‬أحمد أنت مدرس‪.‬‬ ‫كي��ف وصلت إلى ه��ذا الطريق‪ ،‬طريق‬ ‫الس�لاح؟)‪ ،‬فأجاب‪( :‬أخ��ي الكبير طارق‬ ‫أس��س كتيب��ة‪ ،‬وه��و من األش��خاص‬ ‫المتدينين والمطلوبين من قوى األمن‬ ‫النظامي��ة بش��دة‪ .‬كان أخي ف��ي بداية‬ ‫الثورة يقول لي هذا النظام لن يسقط‬ ‫إال بقوة الس�لاح‪ .‬كنت من األش��خاص‬ ‫المعارضي��ن لرأيه ف��ي البداية‪ ،‬ولكن‬ ‫عندما وصلنا لمرحلة لم يعد أي إنسان‬ ‫قادر على الس��كوت‪ ،‬ذهبت لعند أخي‪،‬‬ ‫وهن��ا كان الق��رار‪ .‬صارحت��ه بقراري‪،‬‬ ‫وأنني أريد االنضم��ام للكتيبة‪ .‬وهكذا‬ ‫كان��ت بداي��ة طريقي بحمل الس�لاح‪.‬‬ ‫اخترت حمل الس�لاح بوجه هذا النظام‬ ‫حتى إسقاطه)‪.‬‬ ‫وحي��ن استفس��ر م��ن (أحم��د) إن‬


‫بقلم‪ :‬محمود الشامي‪.‬‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫عندم��ا تختل��ط البس��اطة م��ع‬ ‫البطولة نقع في عالقة رائعة تجسّد‬ ‫مالم��ح األبط��ال وبعيداً ع��ن ضجيج‬ ‫الم��وت وبالقرب من إنس��انية مقاتل‬ ‫يعش��ق حلمه ويناضل من أجل حياةٍ‬ ‫كريمة ألبناء بلده‪.‬‬ ‫كان للمصافحة القوية‪ ،‬والسالم‬ ‫الحار الواقع الذي يعبّر عن الثقة التي‬ ‫يتمتع بها (مالذ سلوم)‪ ،‬قائد المجلس‬ ‫العس��كري لمنطقة الهامة الذي أنهى‬ ‫‪ 32‬ربيع��اً‪ .‬مت��زوج‪ ،‬وله فت��اة واحدة‪.‬‬ ‫كان يتقن مهنته ف��ي مجال الكهرباء‬ ‫الصناعي��ة‪ ،‬حت��ى خ��رج ليتظاهر مع‬ ‫بداية الثورة‪ .‬لم يكن من أجهزة األمن‬ ‫إال أن تالحق��ه‪ ،‬ووضعت اس��مه تحت‬ ‫قائم��ة "اإلرهابيي��ن"‪ .‬تعرضت إحدى‬ ‫المظاه��رات‪ ،‬التي كان قد ش��ارك بها‬ ‫في بلدته الهامة‪ ،‬والتي تقع في ريف‬ ‫دمشق‪ ،‬فيش��ق بردى بيوتها الدافئة‬ ‫ويغ��رق الياس��مين رائح��ة أزقته��ا‬ ‫الريفي��ة‪ ،‬تعرض��ت المظاهرة لهجوم‬ ‫م��ن قب��ل األجه��زة األمنية فس��قط‬ ‫ضحايا‪.‬‬ ‫م��ن هن��ا ق��رر م�لاذ تش��كيل‬ ‫مجموع��ة لحماي��ة المتظاهرين‪ ،‬ولم‬ ‫يكن يملك س��وى القليل من الس�لاح‬ ‫الخفيف‪ ،‬مثل البومب أكشن الذي كان‬ ‫يستخدمه لممارسة هواية الصيد‪.‬‬ ‫وم��ع تزاي��د المعان��اة وس��قوط‬ ‫الضحاي��ا‪ ،‬اتفق مع مجموعة من أبناء‬ ‫بلدته وبعض الناش��طين في الثورة‪،‬‬ ‫على تشكيل كتيبة (شهداء العاصمة)‬ ‫لحماي��ة المتظاهرين الس��لميين من‬

‫بط��ش األجه��زة األمني��ة وم��ا يعرف‬ ‫(بالنظام الطاغية البعثي)‪.‬‬ ‫يق��ول مالذ‪( :‬الخ��وف غريزة لدى‬ ‫اإلنس��ان‪ ،‬لكن نحن كث��وار معرضين‬ ‫ف��ي كل لحظ��ة للم��وت‪ .‬ال نخاف��ه‬ ‫ومس��تعدين ألجل��ه ألنن��ا مؤمن��ون‬ ‫ب��اهلل‪ .‬لك��ن أتمن��ى البنت��ي وأبن��اء‬ ‫وطن��ي أن يتحرروا من هكذا عبودية‪.‬‬ ‫وأن يتخلص��وا م��ن لديكتات��ور ال��ذي‬ ‫يس��رق حاضرهم ويح��اول أن يطفئ‬ ‫المستقبل بإجرامه)‬ ‫ً‬ ‫قصة‬ ‫ويتابع مالذ‪ ،‬وعيونه تحكي‬ ‫واقع مرير‪( :‬ننتصر عندما نصبح‬ ‫ع��ن ٍ‬ ‫أح��راراً‪ .‬ننتص��ر عندم��ا يك��ون ل��كل‬ ‫مواطن حقوق يحصل عليها وواجبات‬ ‫يؤديها‪ ،‬بعيداً ع��ن انتمائه المذهبي‪.‬‬ ‫ننتص��ر عندما تتحقق أه��داف ثورتنا‬ ‫بالحري��ة‪ ،‬والعدال��ة‪ .‬وعندم��ا ننحرف‬ ‫ع��ن ه��ذه البوصل��ة يك��ون مصيرنا‬ ‫الهزيم��ة ال محال‪ .‬وله��ذا أمثلة كثيرة‬ ‫أوضحه��ا الطائفية الممل��ة التي يريد‬ ‫أن يوقعن��ا هذا الديكتاتور بها ويعمل‬ ‫على زراعتها)‬ ‫ويعد (أبو إس��ماعيل) وهو ينظر‬ ‫إلى دخان السيجارة التي بين أصابعه‪:‬‬ ‫(إن ق��در اهلل تعال��ى ل��ي أن أحيا بعد‬ ‫س��قوط النظ��ام‪ ،‬س��أعود لحيات��ي‬ ‫الطبيعية س��أعود البنت��ي الصغيرة‪،‬‬ ‫سأعود لزوجتي التي أعشقها‪ .‬سأترك‬ ‫الس�لاح لنبدأ بإعمار بلدنا باإلنس��ان‬ ‫الذي همّش على مدى عقود‪ ،‬بالقلم‬ ‫الذي كان مكبّ ً‬ ‫ال لسنين)‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬

‫مالذ‪� :‬أحارب الديكتاتور‪ ،‬الذي ي�سرق‬ ‫حا�ضرنا‪ ،‬ويحاول �أن يطفئ امل�ستقبل ب�إجرامه‬

‫حكايا الثورة ‪. .‬‬

‫كان يعني أن الجميع س��وف يس��لمون‬ ‫الس�لاح عند إس��قاط النظ��ام‪ ،‬أجابني‬ ‫بوضوح‪(:‬الس�لاح ل��ن يس��لمه الجميع‪.‬‬ ‫فس��يبقى عل��ى البعض حمل الس�لاح‬ ‫لحماي��ة الدولة الجديدة‪ .‬وال أخفيك أنه‬ ‫هناك بعض األش��خاص لن يس��لموه‪،‬‬ ‫وسيس��تخدمونه لمصالحه��م‪ ،‬يج��ب‬ ‫أن تك��ون هناك ق��وة رادعة له��م‪ .‬أما‬ ‫بالنس��بة لي‪ ،‬فإن كتب اهلل لي الحياة‪،‬‬ ‫فل��ن احم��ل الس�لاح‪ .‬ألن مهمت��ي‬ ‫كمقاتل تنتهي‪ ،‬وتبدأ مهمتي الجديدة‪،‬‬ ‫وه��ي مهمة المس��اهمة ببناء س��وريا‬ ‫المس��تقبل‪ .‬خصوص��ًا أن مهنت��ي هي‬ ‫المدرس‪ ،‬يعني مهنة بناء األجيال)‬ ‫قلت عل��ى عجل‪( :‬بم��ا أنك ذكرت‬ ‫األجي��ال‪ ،‬يعن��ي األوالد‪ .‬لقد ش��اهدت‬ ‫قب��ل قليل الولد الصغي��ر الذي قدم لنا‬ ‫الش��اي‪ .‬هل ه��و ابنك؟ وه��ل عائلتك‬ ‫مع��ك؟)‪ ،‬ق��ال (أحمد ش��وال) األب هذه‬ ‫المرة‪( :‬نعم هو ابني األوسط‪ ،‬وزوجتي‬ ‫وأوالدي معي أما والدي‪ ،‬فهما مايزاالن‬ ‫في المدينة‪ ،‬أي تحت سيطرة النظام)‪،‬‬ ‫أخذ نفس��ًا عميق��اً وأض��اف وهو ينظر‬

‫ف��ي عين��ي‪( :‬ال تس��ألني إن كنت أخاف‬ ‫عليهم‪ .‬فزوجتي وأوالدي مثلهم كمثل‬ ‫الجميع‪ ،‬ل��ن يحصل لهم إال ماكتب اهلل‬ ‫لهما‪ .‬أم��ا والدي فأنا خائف عليهما لكن‬ ‫يأبون الخروج من منزلهم‪.‬‬ ‫بدت على وجه (أحمد) عالمة حزن‬ ‫على والديه‪ ،‬فسألته‪( :‬أتخاف الموت أم‬ ‫تخاف من الهزيمة؟)‪ ،‬أجاب بعفوية‪( :‬يا‬ ‫أخي اس��مع‪ .‬إن كنا نخاف من الموت لما‬ ‫خرجنا وحملنا السالح يعتقد الكثير أننا‬ ‫نخاف م��ن الموت لك��ن بالعكس يوجد‬ ‫لدينا الكثير من الش��باب تريد الشهادة‬ ‫وأن��ا ممن يطلبون الش��هادة‪ ..‬ال أعلم‪،‬‬ ‫لك��ن أنا أؤم��ن بأن الظلم ل��ن ينتصر‪،‬‬ ‫وأن الحق هو المنتصر دائما‪ .‬واستشهد‬ ‫بما ق��ال (عمر المخت��ار)‪ ،‬نحن النهزم‪،‬‬ ‫فإما أن ننتصر أو نموت)‪.‬‬ ‫وقال أحم��د رأيه صراح��ة بأولئك‬ ‫الذين لم يحملوا الس�لاح في س��ورية‪:‬‬ ‫(المشكلة أنه أصبح ينظر للشعب بعدة‬ ‫فئات؛ مس��لح وغير مس��لح‪ .‬يا أخي أنا‬ ‫بس�لاح أو بدون سالح أبقى مواطن‪ .‬ال‬ ‫ف��رق بيني وبين الذي ال يحمل س�لاح‪.‬‬

‫جميعن��ا أوالد وطن واحد‪ ،‬أو إذ لم نكن‬ ‫أوالد مدينة أو ح��ارة واحدة‪ .‬أنت تعرف‬ ‫طبيع��ة األلفة بين الش��عب الس��وري‪.‬‬ ‫عندم��ا حملن��ا الس�لاح‪ ،‬أصب��ح علين��ا‬ ‫للمدنيي��ن حقوق‪ ،‬وعليه��م لنا حقوق‪.‬‬ ‫وج��ب علينا قي��ام خدم��ات الدولة التي‬ ‫فق��دت كاألمن والحماية وه��ذا واجبي‬ ‫كمواطن حامل سالح أما المواطن يلي‬ ‫ما حام��ل س�لاح فلديه خدم��ات أخرى‬ ‫ومتعددة كطبيب وسائق ووو غيره من‬ ‫المهن‪ .‬أنت تعرف‪ ..‬وهناك من يرى أن‬ ‫كل شخص مسلح هو شخص ال يوجد‬ ‫بقلبه رحمة او ال يوجد لديه قلب انتزع‬ ‫منه العطف والحنين‪.‬‬ ‫س�لاحي ال أس��تخدمه إال ف��ي‬ ‫المع��ارك وال أظهره أمام أطفالي‪ .‬نحن‬ ‫بش��ر بالنهاي��ة‪ ،‬لمن نأتي م��ن كوكب‬ ‫آخر‪ .‬ونحن من هذا الش��عب لكن القدر‬ ‫حتم علينا وأجبرنا بحمل هذا الس�لاح‬ ‫للدفاع عن أنفس��نا وأعراضنا)‪ ،‬ثم تابع‬ ‫وه��و ش��ير بيده إل��ى الس��احة المليئة‬ ‫بالثل��ج أمامن��ا‪( :‬الب��د أن��ك رأي��ت قبل‬ ‫قليل قائ��د الكتيبة‪ .‬وكيف يلعب بالثلج‬

‫م��ع أف��راد المجموع��ة المقاتلة‪ .‬لس��نا‬ ‫بتلك الش��خصية التي ترس��م بذهون‬ ‫البعض أننا أشخاص نزعت الرحمة من‬ ‫قلوبهم‪.‬‬ ‫ول��م اس��تطع الرحيل وت��رك حياة‬ ‫الم��درس (أحم��د ش��وال) ال��ذي تحول‬ ‫مقات ً‬ ‫ال‪ ،‬دون أن اس��أله‪( :‬هل أنت سعيد‬ ‫بهذه الحي��اة التي تواجهها اآلن؟)‪ ،‬أجاب‬ ‫دون أن تخف��ى ع��ن وجه��ه عالم��ات‬ ‫تع��ب‪( :‬حياتن��ا رغ��م صعوبته��ا لكنها‬ ‫جميل��ة‪ .‬نقض��ي اليوم بمه��ام يوزعها‬ ‫لن��ا قائد الكتيب��ة‪ ،‬ونجتمع م��ع بعضنا‬ ‫عن��د كل ص�لاة‪ .‬وف��ي نهاي��ة النه��ار‪،‬‬ ‫نجتمع س��وية بس��هرة جماعي��ة‪ .‬لدينا‬ ‫هن��ا أح��د المقاتلين ذو حنج��رة عذبة‪،‬‬ ‫فيبدأ لنا باإلنش��اد‪ .‬ونم��ارس الرياضة‬ ‫يومي��اً للحفاظ عل��ى اللياق��ة البدنية‪.‬‬ ‫وللترفيه ع��ن النفس‪ .‬أتع��رف؟ هناك‬ ‫دوري كرة قدم‪ .‬ونقس��م بعضنا لفرق‬ ‫لنلعب بالكرة‪ .‬علنا نستعيد روح المرح‬ ‫والمزاح)‪ ،‬ويضحك (أحم��د) وهو ينهي‬ ‫اللقاء بيننا‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫مشاركات سوريتنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪24‬‬

‫حتتاج �إىل فيتو‬ ‫كاترينا ال‬ ‫ُ‬ ‫إياد غسان المغوش‬

‫(‪ )1‬انطفاء‬ ‫كانت في الخريف وبعده بقليل‬ ‫تشبه العشب وال تشبهني‪ ،‬وكنت أنت‬ ‫مثل الريح التي قلبت طاولتي الفارغة‬ ‫سمعتك‪ .‬سمعتك‪ .‬أقعدت طاولتي‬ ‫و بأظافري‬ ‫عليها كتبت اسمك‬

‫رأيت في وجهك وجه كاترينا‬ ‫كنت هناك تقفين شامخة مثل‬ ‫شعاع‬ ‫والسماء فوقك‬ ‫قوس نصر‬ ‫عبثا أبحث اآلن عنك‬ ‫عبثا أحاول رسم اسمك من جديد‬ ‫فأظافري اقتلعت وطاولتي‬ ‫صارت رماد‬

‫***‬

‫(‪ )2‬احت�ضار‬ ‫ألست القائلة ‪ :‬األشياء ترتبط معاً؟‬ ‫تلك السلسلة المجدولة من الالنهاية‬ ‫تتحطم بين يديك‬ ‫لتصنعي منها‬ ‫خبزا ربما‬ ‫أو حديدا ربما أو ربما فقط!‬

‫***‬

‫أي ليلة حمراء أغمضت جفنك‬ ‫وأي أفيون هذا الذي نوم األرض تحت سماء الخدر‬ ‫تشرين ٌ‬ ‫فصل في السنة‬ ‫لكنه كان آخر الغناء أو كان الغصن األخير‬

‫(‪ )3‬غجرية‬ ‫خطواتك المائعة ورأسك الذي يعكس األشياء ذابلة ميتة‬ ‫إلى أين؟ إلى أين؟‬ ‫بينما كان تشرين يحتفل بخشخشة األوراق المتساقطة‬ ‫كنت تقضمين صوتك شيئا فشيئا‬ ‫أعاد صوتك اآلن‬ ‫إلى الحنجرة الحديدية ؟‬ ‫اصمتي‬ ‫أنا اآلن بنكهة أخرى‬ ‫ولم أعد أفهم لغة الحديد وال لغة الخريف‬

‫***‬

‫اصمتي‬ ‫جمالك لم يعد يعنيني‬ ‫اصمتي‬ ‫عيناك صارت من زجاج‬ ‫ولم تعد ترقص فيها النجوم‬ ‫اصمتي‬ ‫وجهك وجدته يتدحرج بين شظايا البلور على جسدي‬ ‫مثل غجرية‬ ‫ال تأبه إال بالذهب‬ ‫وأنا ما عندي ذهبٌ‬ ‫عندي بعض العشب وبعض العنب‬ ‫والكثير من الغجر‬

‫***‬

‫وداعا‬ ‫مياهك الباردة هناك‬ ‫وداعا‬ ‫جليدك الطافي على البحر هناك‬ ‫لديك ما لديك وتملكين الصوت العالي‬ ‫وأنا أملك إرادتي وصوتي‬ ‫صوتي الذي صار مثل موج البحر‬ ‫ومثل سنا الجبال‬ ‫ومثل شعاع القمر‬ ‫فهل ستخنقين البالبل في حنجرتي‬ ‫أم ستشربين ماء البحر؟‬


‫فاتـح املـدر�س ‪1999 - 1922‬‬

‫"إنِ الف��ن عن��د‬ ‫محمد جمعة حمادة‪ّ :‬‬ ‫فات��ح المدرّس يم ّثل حال��ة أرق دائم مثلما‬ ‫الكتابة"‪.‬‬ ‫نزي��ه أبو عفش‪" :‬الذين يعرفون فاتح‬ ‫الم��درّس يعرف��ون أن��ه‪ ،‬لش��دة م��ا قدس‬ ‫الحي��اة‪ ،‬آلمته الحياة‪ .‬ولش��دّة ما تألم‪ ،‬تألم‬ ‫كمسيح‪ ،‬لكن دون أن يأمل بيوم ثالث يقوم‬ ‫في��ه‪ ،‬تأل��م لحس��اب أن تخلد قيم��ة الجمال‬ ‫ويعلو ش��أن ال��روح‪ ،‬ألن��ه بفط��رة الحكيم‬ ‫البدائي‪ ،‬اس��تطاع أن يميز بين العدالة وبين‬ ‫الطني��ن الزائف للش��عار الخبي��ث‪ ،‬وبالتالي‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬

‫قالوا عن املدر�س‪:‬‬

‫أسبوعية‬

‫تظهر إل��ى جانب عدد م��ن الفنانين الرواد‪،‬‬ ‫كما ظهرت مس��اهماته األدبية في الش��عر‬ ‫والقص��ة الت��ي كان ينش��رها ف��ي الصحف‬ ‫والمجالت الس��ورية‪( ،‬قصيدة األمير ‪ -‬مجلة‬ ‫القيثارة ‪ -‬الالذقية ‪ ،)1946‬وتعززت عالقته‬ ‫بالش��عراء واألدب��اء مث��ل‪ :‬عم��ر أبو ريش��ة‬ ‫وأدوني��س والمخرج س��ليم قطاي��ة والناقد‬ ‫سلمان قطاية‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1952‬ش��ارك بمع��رض‬ ‫بالوالي��ات المتح��دة وآخ��ر بالس��ويد‪ .‬وفي‬ ‫ع��ام ‪ 1952‬نال��ت لوحته "كفرجن��ة" جائزة‬ ‫المع��رض الثال��ث للفن��ون التش��كيلية في‬ ‫المتح��ف الوطني بدمش��ق‪ .‬كما ن��ال جائزة‬ ‫االستحقاق من المعرض الدولي في جامعة‬ ‫ليكالند ‪ -‬فلوريدا‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1957‬تاب��ع دراس��ته ف��ي‬ ‫أكاديمي��ة الفن��ون الجميلة ف��ي روما‪ ،‬وفي‬ ‫ع��ام ‪ 1960‬نال الجائزة األولى من أكاديمية‬ ‫الفن��ون الجميل��ة بروما‪ .‬ليعي��ن عام ‪1961‬‬ ‫عيّ��ن معي��دا ف��ي كلي��ه الفن��ون الجميل��ة‬ ‫بدمش��ق‪ .‬عام ‪ 1963‬أصبح أس��تاذاً مساعداً‬ ‫في قس��م التصوير ث��م التحق بالمدرس��ة‬ ‫العلي��ا للفن��ون ف��ي باري��س وح��از عل��ى‬ ‫الدراسات العليا بالتصوير‪.‬‏‏‏‬ ‫انتس��ب إلى المدرس��ة العلي��ا للفنون‬ ‫الجميلة في باريس‪ ،‬وتخرج منها عام ‪1972‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1977‬ن��ال جائ��زة الغط��اء‬ ‫الذهب��ي ف��ي المع��رض الخام��س للفنانين‬ ‫الع��رب الذي أقيم ف��ي الكوي��ت‪ .‬وبين عامي‬ ‫(‪1981‬م ـ ‪1991‬م) تولى (فاتح) منصب نقيب‬ ‫الفنون التش��كيلية‪.‬‏‏‏وقد خ ّلف لن��ا (المدرّس)‬ ‫باإلضاف��ة إل��ى اللوح��ات‪ ،‬ع��دداً كبي��را م��ن‬ ‫الكتابات‪ ،‬ومن أبرز مؤلفات (المدرّس)‪ ،‬نذكر‪:‬‬ ‫دراس��ات في النقد الفني المعاصر‪( ،‬دراس��ة)‬ ‫حلب ‪1954‬م‪ .‬وتاري��خ الفنون في اليمن قبل‬ ‫الميالد ـ (دراس��ة)‪ .‬ومجموع��ة محاضرات عن‬ ‫فلس��فة الفنون ونظرياته ع��ام (‪ 600‬ق‪ .‬م)‪.‬‬ ‫وأعمال تشكيليه ودراسة لفاتح المدرّس‪ ،‬مع‬ ‫دراس��ة عن الكلمة‪ .‬الصورة‪ .‬دمشق ـ باريس‬ ‫(بالتع��اون م��ع معهد العال��م العربي باريس)‬ ‫‪1994‬م‪ .‬ول��ه مجموعة قصصي��ة‪ ،‬بعنوان‪« :‬‬ ‫ع��ود النعنع »‪ ،‬دمش��ق ـ ‪1985‬م‪ .‬وفي س��نة‬ ‫‪1962‬م صدر له ديوان ش��عر بعنوان‪ « :‬القمر‬ ‫الش��رقي على شاطئ الغرب »‪ ،‬باالشتراك مع‬ ‫ش��ريف خزندار ‪( -‬بالعربية والفرنس��ية)‪ .‬في‬ ‫س��نة ‪1985‬م صدر له ديوان« الزمن الش��يء‬ ‫»‪ ،‬باالش��تراك م��ع الش��اعر حس��ين راج��ي‪،‬‬ ‫أخرجت الس��ينما الس��ورية ثالث قصص في‬ ‫ثالثية له بعنوان العار‪.‬‬ ‫يؤك��د الم��درس‪ ،‬أن لوحت��ه ال تش��رح‬ ‫األس��اطير‪ ،‬وال ت��روي خباياه��ا المثي��رة‪،‬‬ ‫بق��در ما تعي��ش نبضها اليوم��ي من خالل‬ ‫مجتم��ع الري��ف ف��ي مدن��ه الحيَّ��ة مث��ل‬

‫مدين��ة (معل��وال) اآلرامي��ة المحف��ورة ف��ي‬ ‫الصخ��ر‪ ،‬الس��افرة حجيراتها أمام الش��مس‬ ‫والصباغات الكلس��يّة‪ .‬في مثل هذه المدن‬ ‫تحديدًا‪ ،‬يبحث الفن��ان المدرس عن كائنات‬ ‫إبداعي��ة تتكاثر ف��ي ع��رق األرض‪ .‬تتجذر‬ ‫م��ع أش��جارها‪ ،‬حتى أن��ه ط��رد المدينة من‬ ‫لوحاته‪ ،‬وتمس��ك به��ذه البي��وت الطينية أو‬ ‫الحجرية التي نُحتت فيها الوجوه التعبيرية‪،‬‬ ‫كم��ا نُحتت في ألواح ورقم آث��ار الحضارات‬ ‫الس��ورية اآلرامي��ة ‪ -‬البابلي��ة ‪ -‬الكنعاني��ة‬ ‫ الفينيقي��ة‪ ،‬ف��ي ممالك م��اري وأوغاريت‬‫وتدمر‪ ..‬وغيرها‪.‬‬ ‫وبصراح��ة متناهي��ة‪ ،‬يُعل��ن أن��ه‬ ‫يرس��م ليك��ون س��عيدًا‪ ،‬فه��و ب�لا معرفة‬ ‫لي��س س��عيدًا‪ ،‬وف��ي تعرفه على الرس��م‬ ‫واألل��وان‪ ،‬يش��عر بملكيّة مطلقة لألش��ياء‬ ‫ف��ي الوجود‪ ،‬ومن هنا يأتي مصدر ش��عوره‬ ‫الدائ��م بالفرح‪ ،‬ولهذا يرس��م بيده وبعينيه‬ ‫وبحركت��ه‪ ،‬ليتع��رف عل��ى الموج��ودات‪،‬‬ ‫فالمعان��اة ف��ي التج��ارب تجعله الس��يد إزاء‬ ‫جم��ال الوج��ود الخ��ارق‪ ،‬أم��ا ع��ن الجوائ��ز‬ ‫الت��ي حصدها الم��درس جائ��زه كرومباكر‬ ‫في جامع��ه كليفالند فلوريدا ف��ي الواليات‬ ‫المتح��دة األميركي��ة‪ ،‬الجائ��زة األول��ى م��ن‬ ‫أكاديمية الفن��ون الجميلة في روما‪ .‬الجائزة‬ ‫األول��ى م��ن وزارة المع��ارف الس��ورية‪ .‬في‬ ‫ع��ام ‪ 1962‬نال الميدالي��ة الذهبية لمجلس‬ ‫الشيوخ اإليطالي‪ .‬في عام ‪ 1963‬نال جائزة‬ ‫ش��رف م��ن بينال��ي س��او باولو‪ .‬وف��ي عام‬ ‫‪ 1968‬ن��ال جائزة الدولة الس��ورية للفنون‪.‬‬ ‫جائزة اس��تحقاق من المع��رض الدولي في‬ ‫جامع��ة كليفالند ‪ -‬فلوريدا‪ .‬جائزة الش��راع‬ ‫الذهب��ي م��ن مع��رض الكوي��ت الخام��س‬ ‫للفنانين التشكيليين العرب‪ .‬في عام ‪2006‬‬ ‫نال وس��ام االستحقاق الس��وري من الدرجة‬ ‫الممت��ازة الذي منحه الس��يد الرئيس بش��ار‬ ‫األسد تقديراً ألعماله في الفن التشكيلي‪.‬‬ ‫توف��ي الم��درس ف��ي دمش��ق ع��ام‬ ‫‪1999‬وه��و من قال عن الم��وت‪" :‬إن آخر ما‬ ‫يموت في غابة الدهشة هو اللون"‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ول��د فات��ح الم��درس ع��ام ‪ 1922‬في‬ ‫قرية حريتا الواقعة شـمالي سورية بالقرب‬ ‫م��ن مدين��ة حلب‪ ،‬ف��ي بيئة قروي��ة يمتزج‬ ‫فيه��ا العرب والكرد والتركم��ان‪ ،‬وكان والده‬ ‫عب��د الق��ادر عربيًا ينتمي إل��ى آل المدرّس‬ ‫األس��رة اإلقطاعي��ة المعروف��ة‪ ،‬بنفوذه��ا‬ ‫اإلقطاع��ي وكان��ت والدت��ه كردي��ة‪ ،‬عاش‬ ‫معه��ا طفولة ش��قيّة محروم��ة‪ ،‬بعد مقتل‬ ‫وال��ده عن س��تة وعش��رين عام��ًا‪ ،‬وكان لم‬ ‫يزل في الشهر الثاني والعشرين من عمره‪،‬‬ ‫ولذلك لم يتعرّف على قيم األب وس��طوته‬ ‫كما يقول هو نفس��ه فيما بعد‪« :‬كانت األم‬ ‫هي كل ش��يء‪ ..‬الح��ب العمي��ق واألمومي‪.‬‬ ‫المطر والثلج‪ .‬المبعدة التي عاش��ت ش��بابها‬ ‫تق��ف بصالب��ة وق��وّة أم��ام أه��ل زوجه��ا‬ ‫اإلقطاعيي��ن» الذي��ن رفض��وا وجودها في‬ ‫مجتمعه��م‪ ،‬والمقاتل��ة التي حم��ت أوالدها‬ ‫وربّتهم وعاشت ألجلهم‪.‬‏‬ ‫كما قال المدرس عن البيئة التي نش��أ‬ ‫فيها‪« :‬بداية تعرفي على األشكال المحيطة‬ ‫بي كانت رائعة‪ .‬ألنني عش��ت طفولتي في‬ ‫ريف الش��مال‪ .‬إن ه��ذا المكس��ب التجريبي‬ ‫في طفولت��ي كان الزاد الذي ال ينتهي للغد‪.‬‬ ‫وعندما بدأت أرس��م كنت كأي طفل سوري‬ ‫يرسم ليقابل بالمعارضة من أهله‪ ..‬وعندما‬ ‫أصبح��ت ف��ي الثانوية قيض��ت لن��ا األقدار‬ ‫أس��تاذاً تخرج في أكاديمية روما وكان اسمه‬ ‫(غالب س��الم) فراح يحببنا بالرس��م ويقول‬ ‫لنا‪ :‬انك لو رس��مت ورقة شجر جيدة لعلمت‬ ‫لت��وك كم تعب��ت به��ا الطبيع��ة أو اهلل‪ .‬ثم‬ ‫تعلمت األناقة في الرسم وكيفية النظر إلى‬ ‫األش��ياء باحترام ومجاراتها بشكل يتناسب‬ ‫م��ع نظام الكون الدقي��ق وكان هذا على يد‬ ‫المهندس (وهبي الحريري)‪ .‬ثم س��رت قدمًا‬ ‫ارس��م وأكت��ب وأع��زف الموس��يقا وأمارس‬ ‫الرياض��ة الصعبة وكان الرس��م وحده الذي‬ ‫يق��ف أمام عيني‪ .‬لكن أهل��ي ظلوا وحدهم‬ ‫الج��دار بيني وبين كل ش��يء جميل‪ ،‬ماعدا‬ ‫أم��ي وهي من الريف‪ .‬لق��د كانت تنظر إلي‬ ‫من تحت اللحاف في الشتاء كيف أرسم على‬ ‫ضوء الشمعة كيال أوقظ أخي الصغير ومرة‬ ‫رس��مت والدي م��ن الذاكرة وكن��ت ال أعرفه‬ ‫ألنه قت��ل وعمري اقل من س��نتين‪ ،‬فجاءت‬ ‫عمت��ي في الي��وم الثاني ومزق��ت الصورة‪،‬‬ ‫وم��رة رس��مت عاري��ة نقلتها م��ن قاموس‬ ‫فج��اءت ابن��ة عمت��ي وعضت على ش��فتها‬ ‫وركضت تنادي أمها ‪ -‬عمتي ‪ -‬فجاءت وعلى‬ ‫رأس��ها غطاء الصالة وكش��فت ع��ن اللوحة‬ ‫ومزقته��ا‪ ..‬ف��ي تل��ك اللحظة ش��عرت أنني‬ ‫انتصرت وأني يجب أن ارسم أكثر‪.» ..‬‬ ‫غادر الم��درّس حياة الري��ف وهو في‬ ‫الثامنـ��ة من عمره‪ ،‬ليقيم عند أعمامه بحي‬ ‫الفراف��رة بحل��ب االرس��تقراطي ف��ي حلب‪،‬‬ ‫إال أن��ه فض��ل اإلقامة م��ع والدت��ه في حي‬ ‫باب النصر الش��عبي‪ .‬وحين دخل المدرس��ة‬ ‫االبتدائية‪ ،‬اكتش��ف أس��تاذ الرس��م شريف‬ ‫بيرقدار موهبة الرس��م لديه‪ ،‬وفي مدرسـة‬ ‫التجهي��ز األول��ى (ثانوي��ة المأم��ون) تعرَّف‬ ‫أس��اتذة الفن��ون‪ :‬منيب النقش��بندي وغالب‬ ‫س��الم ووهبي الحريري وأخذ عنهم المبادئ‬ ‫المدرسية لفن الرسم والثقافة الفنية‪.‬‬ ‫وف��ي مطل��ع األربعيني��ات م��ن القرن‬ ‫العش��ـرين‪ ،‬غادر المدرّس حل��ب إلى لبنان‬ ‫ليتاب��ع دراس��ته في الكلي��ة األمريكية‪ ،‬وقد‬ ‫درس اللغة اإلنكليزية‪ ،‬وتعرف على ثلة من‬ ‫المثقفي��ن اللبنانيين مثل مارون عبود الذي‬ ‫أسهم في تحرير وعـيه الثقافي‪،‬‬ ‫وحين عاد إلى حلب عمل مدرس��اً للغة‬ ‫اإلنكليزي��ة والتربي��ة الفني��ة ف��ي ثانويات‬ ‫حلب‪ ،‬وبدأت مش��اركاته الفنية في الرس��م‬

‫ياسر مرزوق‬

‫ع��رف كي��ف يعث��ر عل��ى إجاب��ات األس��ئلة‬ ‫الكبيرة‪ ،‬دون لجوء إلى القواميس"‪.‬‬ ‫محم��د مل��ص‪" :‬الم��درّس ش��خصية‬ ‫ثقافي��ة كبي��رة عالية األهمي��ة‪ ،‬ليس فقط‬ ‫عل��ى صعي��د التش��كيل ب��ل عل��ى أصعدة‬ ‫ثقافية متعددة ومتنوعة كاألدب والموسيقا‬ ‫والفلسفة ـ فلسفة اللون والضوء"‪.‬‬ ‫سعد القاس��م‪" :‬كان (المدرّس) رمزاً‪،‬‬ ‫وكان يمتل��ك حالة من القدس��ية بالنس��بة‬ ‫لط�لاب كليّة الفنون الجميل��ة آنذاك‪ ،‬فكان‬ ‫أكث��ر من كون��ه مجرّد أس��تاذ‪ ،‬وه��و الذي‬ ‫أعط��ى للف��ن الس��وري هويت��ه الحقيقية‪،‬‬ ‫وق��د اختص��ر في ذات��ه روح الفن الس��وري‬ ‫وكل مفه��وم التجدي��د‪ ..‬إن ميزت��ه أن��ه لم‬ ‫يكن يحكي عن المصادر األساس��ية إلبداعه‬ ‫التش��كيلي‪ ،‬خاص��ة وأن ثقافت��ه البصري��ة‬ ‫كان��ت األبرز ف��ي لوحات��ه التي تب��دو فيها‬ ‫التلقائية والعفوية"‪.‬‬ ‫إدوار ش��هدا‪" :‬إن (الم��درّس) يردد أن‬ ‫الهوي��ة ال تُعطى وإنما تُصنَ��ع صنعاً‪ ،‬وأن‬ ‫المع��ارف الكثي��رة تفقد ال��ذات‪ ،‬والمطلوب‬ ‫مكنس��ة س��حرية إلزالة كل أسباب المعرفة‬ ‫إليجاد الهوية التي كانت أساس��اً لمعرفته‪..‬‬ ‫وقد بدأ باالشتغال على سطح ثنائي األبعاد‪،‬‬ ‫وهو بذل��ك ألغى مفهوم المنظور‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ألغى الزمن والمس��افة لصالح المكان‪ ،‬وقد‬ ‫أصبح الش��كل والم��كان أمراً واح��داً ال فرق‬ ‫بينهما‪ ،‬حيث الش��كل منسجم ومتفاعل مع‬ ‫المكان"‪.‬‬ ‫عبد الهادي الش��ماع‪" :‬فاتح المدرّس‪،‬‬ ‫كائ��ن ش��مولي‪ ،‬فق��د كان قاصّ��اً وش��اعراً‬ ‫وفيلس��وفًا ورسّ��امًا‪ ،‬وهو ذو أسلوب ساخر‬ ‫عمي��ق (الكوميدي��ا الس��وداء) ف��ي القصّ‪،‬‬ ‫والذي تلوّن بألوانه كلوحاته التي رس��مها‪،‬‬ ‫أم��ا (الم��درّس‪ ،‬الش��اعر) فق��د أس��س لما‬ ‫يُس��مى باللوحة التي تتضمّن شعراً والتي‬ ‫اعتمده��ا فنانون كبار فيم��ا بعد مثل (عمر‬ ‫حمدي‪ ،‬ويوسف عبد لكي)"‪.‬‬ ‫بول��س س��ركو‪" :‬إن النت��اج الفن��ي‬ ‫الملت��زم لفاتح المدرّس وغي��ره من الرواد‬ ‫ق��د عبر عن ش��خصية فنية قوية مس��تقلة‬ ‫محلي��ة مرنة ومنفتحة على س��ائر الثقافات‬ ‫ومعترفة بالتبادل بينها ومحترمة لالختالف‬ ‫معها‪ ،‬مم��ا يجعلنا ال نتردد ف��ي اعتبار ذلك‬ ‫النت��اج أكث��ر حضاري��ة وتط��وراً ورقي��ًا من‬ ‫الفلس��فة الجمالي��ة المدعي��ة لتل��ك القيم‬ ‫ظاهري��ًا والقائم��ة حقيق��ة عل��ى اإلقصاء‬ ‫لثقافات الغير"‪.‬‬ ‫س��عيد حورانية‪" :‬الذين يعرفون فاتح‬ ‫المدرس يعرفون أنه‪ ،‬لشدة ما قدس الحياة‪،‬‬ ‫آلمته الحياة‪ .‬ولش��دّة ما تألم كمسيح‪ ،‬لكن‬ ‫دون أن يأم��ل بي��وم ثالث يقوم في��ه‪ ،‬تألم‬ ‫لحس��اب أن تخل��د قيمة الجمال ويعلو ش��أن‬ ‫الروح‪ ،‬ألنه بفطرة الحكيم البدائي‪ ،‬استطاع‬ ‫أن يميز بي��ن العدالة وبي��ن الطنين الزائف‬ ‫للش��عار الخبيث‪ ،‬وبالتالي ع��رف كيف يعثر‬ ‫على إجابات األسئلة الكبيرة‪ ،‬دون لجوء إلى‬ ‫القواميس"‪.‬‬ ‫طاهر البني‪" :‬لقد عاش "فاتح" طفولة‬ ‫ش��قية ومحرومة متنق ًال م��ع أمه في القرى‬ ‫الش��مالية عند أخواله بعد أن س��لبه أعمامه‬ ‫حقه في المي��راث الكبير بعد أن قتلوا والده‬ ‫خشية انتقال الميراث إلى أخواله وقد تركت‬ ‫تل��ك الفترة من حيات��ه أثره��ا الواضح في‬ ‫وجدانه وس��لوكه االجتماعي وإنتاجه الفني‬ ‫واألدب��ي‪ ،‬وكأي طفل م��ن أبن��اء الفالحين‬ ‫أخذت مظاهر الحياة الريفية تدور من حوله‬ ‫وباتت الطبيعة تشكل المعالم األولى لوعيه‬ ‫وتنساب في ذاكرته الفتية"‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟‬ ‫فا�ضل ال�سباعي‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫(أغل��ى الث��ورات)‪ ..‬ل��م يق��ع ّأن ثورة ش��عبية الق��ت عقوقًا من‬ ‫المجتم��ع الدولي مثلم��ا يقع لث��ورة قامت تطال��ب بالتحرّر من‬ ‫حك��م ما زال يقصف ش��عبه في منازلهم ويتاب��ع القصف حيث‬ ‫يجدون الملجأ والمأوى‪ .‬ونخصّ في ذلك بعض المعارضين في‬ ‫مصر المحروسة‪ ،‬الذين نَرُدّ استهتارهم إلى النكاية بزعيمهم‬ ‫ال��ذي يقولون إنه يتهمّم لرفع راية ال يريدونها‪ .‬ومثلهم مؤيدو‬ ‫النظام في الجزائر‪ ،‬الذي كان قد ن ّكل بشعبه قت ًال وإبادة واتّهم‬ ‫معارضي��ه ف��ي ه��ذه األفعال‪ .‬أغل��ى الث��ورات هدفً��ا وتكلفةً‪..‬‬ ‫ُّ‬ ‫واألحط تأييدًا في عالم كشف عن وجه الخداع والنفاق‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫و�سام بدرك�سان‬

‫نح��ن بقاي��ا ضمي��ر اإلنس��انية خلف مخال��ب الحص��ار والقتل‬ ‫والدم‪ ..‬نحن حيوانات السيرك الحمصي الذي طالما أضحككم‪..‬‬ ‫نح��ن وصمة ذل لجباهكم المتخاذل��ة عن قتلنا المجاني‪ ..‬نحن‬ ‫الطيب��ون الذين لن ننس��اكم كم��ا تفعلون اآلن بن��ا تحت هذا‬ ‫القصف‪ ..‬نحن هذا الصدى النازف الذي يهز سريركم لتغمضوا‬ ‫أعينك��م عن دمائن��ا التي لم تت��رك حجرا أس��ودا إال وخضبته‬ ‫بأش�لائها‪ ..‬هل يجب أن نتوس��ل كثيرا حتى آخر شظية لتهزوا‬ ‫من أجلنا أي شيء؟ لتنقذوا أي شيء سيبقى من رائحتنا‪..‬؟‬

‫رو�شان قا�سم‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬

‫على س��يرة االحتفاء بالمرأة السورية‪ ..‬مجرد اقتراح‪ ..‬استبدال‬ ‫جميع أعضاء االئتالف الذي اكتس��ب شرعيته مؤخراً في مؤتمر‬ ‫روما ومن ضمنه المجلس الوطني الذي اكتس��ب ش��رعيته في‬ ‫مؤتمر سابق وتحت نفس العنوان‪ ،‬بنساء من مخيم الزعتري‪..‬‬ ‫نعم فلنس��تبدل جميع األعضاء رجالهم ونساءهم‪ ..‬بالنازحات‬ ‫السوريات فدمعتهن تؤرخ حقبة التاريخ األسود في سوريا وفي‬ ‫ابتس��امتهم تجد ك��م هذا الزمن منحط ه��ن يدركن مرارة أن‬ ‫تحكم من قبل المس��تبد هن اللواتي لن يساومن على انتهاك‬ ‫عرض الوطن هن فقط لن يقبلوا بصفقة مع المغتصب‪ ،‬ولن‬ ‫يس��محوا بمرور أجندات ال��زواج العرفي ال م��ع المحور فالن أو‬ ‫المح��ور عليتان‪ ..‬نع��م س��يتخذن القرار س��يحتضن أطفالهن‬ ‫وسيمضون سيعدن براءة الثورة المسلوبة‪..‬‬

‫�أمرية �أبو احل�سن‬

‫شَعري ليس عورة‪ ،‬ومن يثيره شَعر أي امرأة ال على التعيين‬ ‫فالعلة في عقله هو‪.‬‬

‫علي ديوب‬

‫الث��ورة أنثى‪ ،‬لذا كان الش��يخ معاذ الخطيب معني��ًا بالتوضيح‬ ‫لمي س��كاف‪ .‬والثورة أنثى‪ ،‬لذا تف��ردت رزان زيتونة‪ ،‬بالطلب‬ ‫إلى الش��يخ معاذ بأن يك��ون حازمًا فيما يتصل بتس��مية أيام‬ ‫جمع الثورة‪ .‬الثورة أنثى‪ ،‬واألنثى هي ائتالفنا‪ .‬واألنثى وطننا‪،‬‬ ‫ويومن��ا الجامع‪ ..‬وصَالة الحرية التي ترقص فراش��ات قلوبنا‬ ‫حولها‪ ..‬فنموت ونحيا سعداء!‪..‬‬

‫‪�‎‬إ�سالم �أبو �شكري‪‎‬‬

‫الفنانون المبدعون‪ ..‬اقتراح بجمع األحذية التي لطمت وجه حافظ‬ ‫األسد اليوم‪ ،‬ليصنع منها نصب تذكاري يرفع في المكان نفسه‪..‬‬

‫عهد زرزور‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪26‬‬

‫صب��اح الخير يا حمص‪ ،‬كي��ف الجو عندك الي��وم؟ الجو عندي‬ ‫كثيف��اً جمي ًال كما أحبه‪ ..‬آدمات وحواءات يتناثرون من الس��ماء‬ ‫بخفّ��ة على وجه��ي‪ ،‬وال أثر لقنص الش��مس‪ ،‬ح ّلقت مروحية‬ ‫فوق��ي من��ذ قليل ورم��ت خوفكم عل��يّ ثم انس��ابت وعادت‬ ‫ول��م ترم الموت ولو حش��رجة واحدة فق��ط!‪ ،‬الناس جميعهم‬ ‫مبتس��مون لهذا الجو الكئي��ب مع أنهم ينتحرون في الس��ويد‬ ‫طقس ينتحر بسببه المترفون فقط؟‬ ‫بسببه!‪ ..‬وأنتِ؟ أال من ٍ‬

‫نحن��ا طالب جامعة‪ ،‬بكلي��ات مختلفة‪ ،‬يلي بدي ياه أنو ما يكون ف��ي طالب مميزين عن غيرون‬ ‫بعالم��ات إضافي��ة إو معاملة خاصة لمجرد أنو هني من فئة معين��ة‪ ،‬أو منتميين لحزب معين أو ألنو‬ ‫عندن حدا قريب مسؤول‪ ..‬بدي نكون كلنا متل بعض‪ ،‬كلنا بنفس السوية‪ ،‬بدي المدرسين يتعاملوا‬ ‫معن��ا بغض النظر عن أي اعتبارات تانية غير اعتبارات ال��درس والتحصيل العلمي‪ ،‬وكل مين بيتعب‬ ‫بيالقي‪ ،‬وما حدا ياخد فرصتي ومكاني يلي أنا أحق فيها منو‪.‬‬

‫غانم‪ ،‬طالب جامعي بكلية التجارة‬

‫لينا حممد‬

‫جنم ال�سمان‬

‫يلي ما بيعرف النساء الحامالت المشافي الميدانية على أكتافهن‪..‬‬ ‫م��ا بيعرف ش��ي ع��ن نس��اء س��وريا‪ ..‬أكت��ر ش��غلة بتزع��ج‪ ..‬أنو‬ ‫النس��اء يلي عم تش��تغل من قلب ورب‪ ..‬ما منقدر نحكي عنهن‪..‬‬ ‫ونمجدّهن أس��ما ًء وصوراً‪ ..‬ليش!! ألنهن بنص المعركة‪ ..‬فـ حاج‬ ‫(يا صفحات الفيس البوك المدنية) تعملولي فيها بطالت وتوزعوا‬ ‫صور يمين وش��مال‪ ..‬عي��ب‪ ..‬عيييب بحق هالث��ورة‪ ..‬األنثى على‬ ‫أساس‪ ..‬مع احترامي طبعًا لكل الشخصيات االعتبارية‪..‬‬

‫السوريون ِب ُك ِّل أطيافِهم‪..‬‬ ‫بالمشرمحي الس��وري‪ ..‬الالطائفي‪:‬‬ ‫َ‬ ‫هُم مَن حَمَوا مرقد السيدة زينب في دمشق‪َ ..‬‬ ‫طوال أكثرَ مِن‬ ‫ُ‬ ‫وتشكيل عصابةٍ من الشبّيحة اإليرانيين واللبنانيين‬ ‫ألفِ عام‪.‬‬ ‫بذرائع االس��تعمار الفرنس��ي لس��وريا‬ ‫لحمايته��ا‪ ..‬ه��و أش��بهُ ِ‬ ‫وكنائِس�� ِهم‬ ‫ولبنان‪ِ ..‬بحُجَّةِ حمايةِ المس��يحيينَ الس��وريينَ ِ‬ ‫الوادِعَةِ المُطمئِنّة‪ .‬الس��يدة زينب‪ ..‬تَخُصُّ َّ‬ ‫كل السوريين‪..‬‬ ‫وليس��ت لطائفةٍ ِبعَي ِنهَا‪ ..‬كما يوحنا المعمدان‪ ..‬وكما الس��يدة‬ ‫عائشة‪ .‬ارفعوا اليدَ‪ ..‬غير السوريَة عن مُقدَّساتِنَا‪..‬‬

‫أخ��اف فقط م��ن الصّ��راع عل��ى المناص��بْ فيما بع��دْ‪ .‬بين‬ ‫الق��وى األقوى‪ ..‬بالقوة‪ ..‬أخاف من دوري س��وريا في مباريات‬ ‫ك��رة الق��دم بي��ن األط��راف المنتص��رة بالقوّ ْة التي تش��وط‬ ‫الديمقراطي��ة وتح��رز آالف األهداف قبل تحقيقه��ا‪ ..‬الباقي‪..‬‬ ‫أشعر بثقةْ‪.‬‬

‫التمك��ن م��ن إس��قاط التمث��ال بالحبال فق��ط‪ ..‬الحب��ال التي‬ ‫ربطتها ثم ش��دتها أيدي وعضالت ش��باب الرق��ة ورجالها فيه‬ ‫إعادة اعتبار للمقاومة السلمية مهيك؟‪..‬‬

‫هاال حممد‬

‫ر�شا عمران‬

‫لع��ل التغيي��ر السياس��ي واالقتصادي ه��و اله��دف األول ألي‬ ‫ثورة وه��و المحرك األول لها أيضا‪ ،‬على أن ثورة ال تهدف إلى‬ ‫تغيي��ر اجتماعي يعيد المرأة إلى واجه��ة المجتمع والحياة بعد‬ ‫عقود طويلة جدا من اإلقصاء والتهميش والتغييب وس��يطرة‬ ‫البطريركية الذكورية س��تكون ثورة ناقصة وس��تنتج ثورات‬ ‫ارتدادية حتما‪ ،‬ال أظن أن المرأة الس��ورية س��ترضى أن تكون‬ ‫ملحق��ة ب‪ ..‬ثانية‪ ،‬لن يكون هذا قريب��ا في ظل كل ما يحدث‬ ‫ولكنه لن يطول كثيرا‪ ،‬أمتلئ ثقة بهذا‪.‬‬

‫�سعاد جرو�س‬

‫اإلحب��اط والقن��وط والي��أس والح��زن وكل ما يتص��ل بها من‬ ‫مش��اعر كئيب��ة ترف ال وقت له��ا وال بد من تأجيله��ا مهما بدا‬ ‫ذلك صعب��ًا‪ .‬التف��اؤل؛ واجب وطني‪ ،‬وحاجة إنس��انية ماس��ة‬ ‫للس��وريين لعب��ور البرزخ‪ ..‬طوب��ى لكل من يبث بابتس��امته‬ ‫األمل‪ ..‬وفي مقدمتهم الحماصنة‪ ..‬سالم يا حمص‪.‬‬

‫ع�صام العطار‬

‫يكون إ ّال حُرّاً ولو أ ْثقَلتْهُ أُلوفُ القُيودِ‬ ‫ال يس��تطيعُ الحُرُّ ْأن َ‬ ‫أو انْتُ ِزعَتْ منهُ الحياة‬

‫‪‎‬وئام عما�شة‪‎‬‬

‫إليك��م يا من تنتصرون لقيمة اإلنس��ان في س��وريا‪ ..‬لن يبق‬ ‫من الظالم س��وى فس��حة للنج��وم‪ ..‬ولن يبق م��ن القيود إال‬ ‫فتاة حديد‪ ،‬والغد المش��رق سيفوز به من تزين جبينه بالعرق‬ ‫والغبار‪..‬‬

‫‪�‎‬سهى رحال‪‎‬‬

‫الش��هيدة أم الشهيد أخت الشهيد زوجة الشهيد حبيبة الشهيد‬ ‫المعتقل��ة أم المعتق��ل أخ��ت المعتقل زوج��ة المعتقل حبيبة‬ ‫المعتق��ل الالجئ��ة الثائ��رة المتظاه��رة الناش��طة المس��عفة‬ ‫المغيثة المقاتلة‪ ..‬إنها أكثر من نصف الثورة وأكثر من نصف‬ ‫المجتمع‪..‬‬

‫هاال العبد اهلل‬

‫‪�‎‬سحر عبد اهلل‪‎‬‬

‫اس��تمعتُ البارح��ة لع��زف صبي��ة س��ورية على آل��ة القانون‬ ‫الحرون والصعبة‪ ..‬عزفًا مبه��راً الحقيقة‪ ..‬تذكرت جملة قالها‬ ‫عب��د الكريم اليافي من س��نوات بعيدة بأن��ه ال يجد أجمل من‬ ‫الس��وريات‪ .‬ف��ي العالم كل��ه‪ ..‬كانت مايا يوس��ف تنبش أوتار‬ ‫الرافدي��ن وس��وريا القديمة وتراق��ص معه��ا كل اآللهة بين‬ ‫ش��عرها األس��ود المس��دل حول وجهها وانحناء جس��دها نحو‬ ‫اآللة وأصابعه��ا المتوترة ودق��ة تصويبها نغم��ات‪ ..‬أصباتين‬ ‫بالرعشة وسرت بي لقصر العضم ُ‬ ‫حيث كنا نستمتع بأمسيات‬ ‫موس��يقية لعازفين س��وريين وغير س��وريين‪ ..‬س��وريا‪ ..‬مو‬ ‫غريب يكون معنى الكلمة بلغات الش��رق القديمة الش��مس‪..‬‬ ‫سوريا تسري في الروح كجينات متناسلة ال تموت‪..‬‬

‫عبد البا�سط فهد‬

‫‪"‎‬ف��ي حم��ص تخ��رج م��ن بيت��ك فيودع��ك الجمي��ع‪ ..‬تع��ود‬ ‫ليس��تقبلونك بلهفة تش��به الحرص على ال��وداع‪ .‬في حمص‬ ‫تتش��اهد قبل قطع الطريق‪ ..‬في حمص تحتار أي السبل أقل‬ ‫هلعا لتصل منه إلى الجامعة فتوصل فلذة كبدك‪ .‬في حمص‬ ‫وح��ده القناص يتلذذ بممارس��ة س��اديته في القت��ل وذئبيته‬ ‫باختي��ار ضحاي��اه‪ ..‬أما اله��اون فال يأبه من يصي��ب المهم أن‬ ‫يكون دم��ار‪ .‬الرجل والخبز الطفل والخبز الجميع واس��طوانة‬ ‫الغ��از والدور على المازوت‪ .‬هذه الهم��وم صارت عادية‪ .‬اليوم‬ ‫أصبح الح��ال نكون أو ال نكون‪ .‬في حم��ص وحده األمل ينمو‬ ‫ويزداد في حمص يعشقون الحرية والنكتة والحياة"‪.‬‬

‫نوار زريق‬

‫بعض الناس يعتقدون إن الديانة عبارة عن س��يارة‪ ..‬نختارها‬ ‫ألنه��ا األجمل أو األفض��ل أو ربما األس��رع أو األكثر اقتصادية‬ ‫وحتى محبة للطبيعة‪ ..‬األس��هل‪ ..‬للقي��ادة‪ ..‬يمضون حياتهم‬ ‫وه��م يحدثون��ك عنه��ا‪ ..‬ينظفونه��ا ويخاف��ون عليه��ا م��ن‬ ‫االس��تعمال‪ ..‬ينفق��ون ما بوس��عهم ليعرفوا أصله��ا وفصلها‬ ‫وكل التفاصي��ل عنه��ا‪ ..‬موديله��م ه��و األفظع م��ا قبله كان‬ ‫تجارب وما بعده تجاري‪ ..‬حتى نس��وا الغرض من شرائها‪ ..‬أن‬ ‫تقلهم م��ن ميالدهم إلى مماتهم برفق��ة طيبة إذا أمكن‪ ..‬آه‬ ‫يا سيارتي الحزينة‪..‬‬

‫كان��ت هي آخر وج��ه حبيب ودّعت��ه قبل أن‬ ‫أترك س��وريا‪ .‬أنفقنا آخر اللحظ��ات في الضحك‬ ‫والتوصيات بأن نبقى بخير حتى اللقاء‪ ،‬وارتكبنا‬ ‫مغام��رة صغيرة خبيث��ة كآخر طقس لن��ا مع ًا‪،‬‬ ‫ثم ضممن��ا بعضن��ا بكثير من الحب والش��وق‬ ‫المس��تبَق‪ ،‬وقليل من الخوف‪ ..‬ل��م نكن ندرك‬ ‫لحظتها في الحقيقة تلك المسافة التي ستحول‬ ‫بيننا بمئات الكيلومترات‪..‬‬ ‫خالل سنة وشهرين وثالثة عشر يوم ًا‪ ،‬كانت‬ ‫دوم�� ًا أق��وى مني بع��د أن أنهكن��ي البعد منذ‬ ‫اللحظة األولى‪ ..‬تمدّني باإليمان‪ ،‬وتؤكد لي أن‬ ‫الغد أجمل‪ ،‬وأننا سنلتقي قريب ًا‪..‬‬ ‫اليوم على سكايب سألتني في وجل رجف به‬ ‫قلبها‪ ،‬أحسستُ به رغم صوتها الهادئ الثابت‪:‬‬ ‫يعن��ي رح يقصف الرقة بالطيران؟‪ ..‬لم أس��تطع‬ ‫إال أن أصمت‪..‬‬ ‫رأي��ت دموعه��ا لحظتها من خ�لال الكاميرا‬ ‫الباردة‪ ،‬وأحسست بحرارتها تلسعني على وجهي‬ ‫وعلى قلبي وعلى أصابعي‪ ..‬دموع القهر والخوف‬ ‫على أهلها الذين نزحوا من الدير إلى الرقة‪ ،‬ثم‬ ‫ُقصف بيته��م ‪ -‬الذي أُخ ِرجوا منه ‪ -‬وهم في دار‬ ‫الن��زوح‪ ..‬مرّت في رأس��ي كل األفكار التي مرت‬ ‫في رأسها لحظتها‪ ،‬وكل المشاعر التي خفق بها‬ ‫قلبها الذي لم أعرف يوم ًا أصدق منه‪..‬‬ ‫صديقتي الت��ي لم أس��تطع أن أحضنها في‬ ‫لحظة التعب هذه‪ ..‬س��نلتقي في س��وريا الحرة‬ ‫يوم ًا ما‪ ،‬وس��تغنين لي كما في الماضي‪« :‬بيني‬ ‫وبي ِنك تس��ع جبال‪ ،‬وعرب وصح��را وغيبة يوم‪..‬‬ ‫«‪ ..‬وس��نبكي مع ًا مرة واح��دة كثيراً‪ ،‬ثم نضحك‬ ‫دون سبب يُذكر‪ ..‬نضحك ألننا مع ًا وألننا عدنا‪..‬‬ ‫نضحك ألن س��وريا ع��ادت إلينا وعدن��ا إليها‪..‬‬ ‫نضحك حتى نهزم كل ه��ذا الوجع الذي تغلغل‬ ‫فينا ودوّخنا‪..‬‬ ‫س��نقف على بلكون��ة بيتكم الت��ي التهمتا‬ ‫القذيفة‪ ،‬نش��رب الش��اي األخضر من دون سكر‪،‬‬ ‫شاردتين في المزارع والبساتين أمامنا على مدّ‬ ‫البصر‪ ،‬وتحتنا النهر صامت ًا يص ّلي‪..‬‬ ‫منيا حسون‬ ‫هن��اك من يعزو تخوّف التيّ��ار «العلماني»‬ ‫في الثورة من تطرّف اإلس�لاميين إلى أس��باب‬ ‫طبقية ويب��رّر أي انتقاد موجّه إل��ى انتهاكات‬ ‫الجّيش الحر والكتائب اإلسالمية لوجود نزعات‬ ‫طائفية واضطرابات نفس��ية مصدرها انحس��ار‬ ‫الدعم ال ّذي كان يؤمّنه النظام خاصّة من خالل‬ ‫المحس��وبيات واالمتيازات التّي اس��تفاد منها‬ ‫علماني��و و»مث ّقفو» الطبقة الوس��طى ويختلق‬ ‫حجج ًا عائ��دة باعتقاده إلى ع��دم وجود تواصل‬ ‫بينه��م وبي��ن البيئ��ات الثائرة التّي س��تت ّقلد‬ ‫مس��تقب ًال المناصب وتمس��ك زمام السلطة أي‬ ‫س��توّلد‪ ،‬بفك��ره الخبي��ث‪ ،‬دكتاتوري��ة جديدة‬ ‫وفرص للتشبّيح المضاد واالنتقام‪.‬‬ ‫على الجميع أن يعل��م أن من ثار على نظام‬ ‫األس��د المجرم‪ ،‬ال ترهبه لحي��ة وال بندقية‪ ،‬ألن‬ ‫الث��ورة الحقيقي��ة وُجدت لتس��قط الموتورين‬ ‫ذوي العق��ول المريض��ة م��ن االنتهازيين من‬ ‫يتحيّنون الف��رص ويطمع��ون بالحصول على‬ ‫صالحيات معيّنة لمجرد انتماءاتهم المذهبية‪..‬‬ ‫أنت��م جبناء ال تختلف عقلياتك��م المتحجّرة عن‬ ‫األس��ديين‪ ..‬ل��ن تنجح��وا في خلق فك��ر بعثي‬ ‫جديد تح��ت غط��اء الدّين‪ ..‬إن من ش��ارك في‬ ‫ثورة الكرامة آم� ً‬ ‫لا بتحقق العدالة لكا ّفة أطياف‬ ‫الش��عب‪ ،‬لم ولن ّ‬ ‫يفكر يوم ًا بالتراجع أو العدول‬ ‫عن مبادئ المس��اواة والحري��ة مهما ك ّلف األمر‬ ‫من تضحيات وخسائر على مختلف األصعدة‪.‬‬ ‫‪Gorgon Succubi Beer‬‬


‫صبارتنا حيث ال أحد فوق النقد‪..‬‬ ‫باب ناقد ساخر يتناول مواضيع سوريتنا‪..‬‬ ‫مجتمعنا وثورتنا‪..‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫بقلم سامر مصفي‬

‫ما بنعرف بعض‪..‬‬

‫ما أجمل هذه الصورة الحضارية الرائعة!‬ ‫كتب المنشور بثالث لغات العربية و الكردية و السريانية‬ ‫هي هية الحرية يلي بدنا ياها‪ ..‬حرية االحترام‪ ..‬حرية التنوع‪..‬‬ ‫سوريا ليست للعرب وحدهم! و لغة سوريا ليست العربية وحدها‪..‬‬ ‫س��وريا للعرب و األكراد و التركمان و الس��ريان و األرمن و الش��ركس و‬ ‫كل مواطن سوري‪..‬‬ ‫الديمقراطي��ة ال تعن��ي اس��تبداد األكثري��ة ب��ل تعن��ي المواطن��ة‬ ‫المتساوية!‬ ‫سوريا لكل السوريين‪..‬‬ ‫توقيع سوري عربي‬ ‫(منشور عن يوم المرأة السورية)‬

‫برعاية التيار الصهيوصليبي العلماني الليبرالي اليساري‬ ‫الماسوني الغربي السوري‬

‫لك الكل قاعدين يعملو حجج للنظام وانه ليش لهلق‬ ‫ما عمل أي إصالحات وحاطين الحق على الثورة والسلفيين‬ ‫والفضائيين والمؤامرة الكونية‪..‬‬ ‫لك ل��و هالنظام بدو يعم��ل إص�لاح كان عالقليلة بلش‬ ‫م��ن المواقع المحجوبة عاإلنترنت‪ ..‬لك كان فتحلنا الويكيبيديا‬ ‫عالقليلة مشان نتعلم ونشوف ونقرا تاريخ غير تاريخ البعث‪..‬‬ ‫مش��ان على س��بيل المثال نعرف انه س��د الفرات هو ليس‬ ‫مش��روع من مش��اريع الحركة التصحيحية وه��و بلش قبل ما‬ ‫يس��تلم حافظ األسد الس��لطة ومع ذلك تمت تسمية البحيرة‬ ‫التي تشكلت خلفه ببحيرة األسد‪..‬‬

‫كأن��و عالقليل��ة طالع��و عف��و ع��ن‬ ‫المعارضي��ن يل��ي برا مش��ان يرجع��وا وعملوا‬ ‫مؤتم��ر حوار بم��ن حضر مو اش��ترطوا ان��ه معارضين‬ ‫يروحو يوقفوا الجيش الحر لحتى يعملولن حوار‪..‬‬ ‫يعن��ي ما في أي معارض بالعالم عندو س��يطرة على كل‬ ‫كتائب الجيش الحر أساس��اً ما فيك تطلب منهن يرموا س�لاحن‬ ‫وهن��ن تحت القصف اليوم��ي بدون ما تعطيه��ن ضمانات وتعمل‬ ‫هدنة للتفاوض‪..‬‬ ‫م��و أنت وموجه الجيش عليهن بدك ياهن يرمو الس�لاح وبدون‬ ‫أي ضمانات وبدون حتى إفراج عن المعتقلين وبدون أي محاسبات‬ ‫على مدار س��نتين ألي من مس��ؤولي النظام يلي غلطوا بحق‬ ‫الشعب‪.‬‬

‫‪-2‬‬‫| شو عامل بعد بكرا؟‬ ‫| | بعد بكرا!! مو عامل شي؟‬ ‫| ما بدك تحتفل بعيد الثورة؟‬ ‫| | أي ثورة خالو؟‬ ‫| ل��ك ال‪ ،‬ال ي��روح فك��رك لبعي��د‪..‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪-1‬‬‫شوية ذكريات بمناسبة يوم المرأة العالمي‪:‬‬ ‫فتوى يحرم فيها على النس��اء والفتيات مالمسة‬ ‫بعض أنواع الخضراوات والفاكهة مثل الموز والخيار‬ ‫بدعوى أنها ربما تؤدي إلى إغوائهن‪ ،‬ما دامت تشبه‬ ‫العضو الذكري! وأج��از لها أكل ذلك عند الضرورة‬ ‫ش��ريطة أن يقطعها للمرأة محرمها إلى شطائر‬ ‫أو يحولها إلى عصائر!‪..‬‬ ‫داعي��ة يمني يح��رم فيه��ا جلوس‬ ‫النس��اء عل��ى الكرس��ي والكنب��ات‬ ‫لتعرضهن لنكاح الجن‪..‬‬ ‫في الس��عودية أص��در عضو هيئة‬ ‫تدري��س بجامع��ة المل��ك خال��د فت��وى‬ ‫لتحري��م رياضة اليوج��ا‪ .‬كما أصدر زميل‬ ‫له فت��وى تح��رم عل��ى النس��اء والفتيات‬ ‫الجلوس أمام جه��از كومبيوتر مزود‬ ‫بخدمة اإلنترني��ت بدون محرم‬

‫خشية أن تتم غوايتها في الدردشة‪.‬‬ ‫رئيس لجنة الدعوة اإلس�لامية باألزهر الش��يخ‬ ‫عمرو س��طوحي أفتى بعدم ج��واز تزويج أي مصري‬ ‫ابنته من أعضاء الحزب الوطني «الفاسدين»‪..‬‬ ‫يبدولي يا مشلوشين أنو صار الزمنا ثورة‪ ..‬ال متل‬ ‫ثورة ‪ 8‬آذار‪ ،‬وال متل ثورة ‪ 15‬آذار‪ ..‬طالما نحنا عايش��ين‬ ‫بهالجهل يلعن فخامة ‪ 8‬آذار بعزا سيادة ‪ 15‬آذار‪..‬‬ ‫كل عام والمرأة نص��ف المجتمع‪ ..‬و أم‬ ‫النصف اآلخر‪ ..‬وأخت هيك مجتمع‪..‬‬

‫ثورة البعث‪ ..‬ثورة ‪ 8‬آذار‬ ‫| | اهلل يصلح��ك‪ ..‬ه��ذا كان زم��ان‪..‬‬ ‫هل��ق بعد اإلصالحات والدس��تور الجديد صار عنا‬ ‫تعددية‪ ..‬لك انلعى قلبهن عاألرضية وهنن يقولوا‬ ‫تعددية‪ ..‬شكلك مو متابع آخر التطورات‪!..‬؟‬ ‫| خيو مبال متابع‪ ..‬بس أنت مو فهمان التعددية‪..‬‬ ‫التعددي��ة واختالف اآلراء‪ ..‬ان��ك تحتفل ب‪ 8‬آذار إيمت‬ ‫ما ب��دك‪ ،‬وكيف ما بدك‪ ،‬ووين ما بدك‪ ..‬عرفت عليي‬ ‫شلون‪ ..‬حر تمامًا‪ ..‬بس بطريقة االحتفال‪..‬‬ ‫| | طيب ويلي بده يحتفل ب‪ 15‬آذار؟؟‬ ‫| خائ��ن وعمي��ل ومتآم��ر ومن��دس‬ ‫وغبي مو شايف أبعد من أنفه ومو فهمان‬ ‫طبيعة الصراع و‪..‬‬ ‫| | أه��اااا‪ ..‬هي��ك طل��ع مع��ك‬ ‫لكان‪ ..‬ابقى لكان سلملي عاإلصالح‬ ‫ّ‬ ‫وعطل يا معطل‪ ..‬وال تشلشني‬ ‫مشلوش خلقة‪..‬‬

‫أسبوعية‬

‫ال تشــلشــنا مشـــلوشــين‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬

‫ملطوش‬

‫الطف��ل عمار‪ .‬الذي لم يس��تطع األس��د تمييز جنس��يته‪..‬‬ ‫بالرغم م��ن العالمات الفارقة الواضحة (ي��د ورجل مقطوعة‪..‬‬ ‫خمسة قتلى من أهله‪ ..‬جراء القصف‪..‬‬

‫المحشش السوري االلكتروني‬

‫صبارة سوريتنا ‪. .‬‬

‫سكود‪:‬‬

‫وطنيات‬ ‫مكان الوالدة أو القومية أو العرق أو الطائفة أو النس��ب هي أشياء يفخر‬ ‫به��ا الفارغ��ون‪ ..‬إذا كان هناك من ش��يء يج��ب أن نفخر به فه��و ما نقدمه‬ ‫ألوطاننا و إنسانيتنا بغض عن كل تلك األشياء!‬

‫ويعي��ش في مخي��م اللجوء) أي أحمق ال يس��تطيع أن يعرف انه‬ ‫سوري‪ ..‬سيما وأننا في العصر الحديث‪..‬‬ ‫عمار اآلن في فرنس��ا حيث تبنت قضيته جمعي��ة خيرية‪ ..‬لتركيب يد‬ ‫وس��اق اصطناعيتين‪ ..‬فحبذا يا س��يادة الرئيس لو تجري عش��ر مقابالت كل‬ ‫يوم‪.‬‬ ‫ونس��تطيع لو أردت أن نضمك إلى إحدى ورش��ات اإلغاثة‪ ..‬ليس مطلوبًا‬ ‫منك سوى هذا الغباء‪ ..‬بالضبط‪..‬‬

‫‪27‬‬


‫ُهنا ِد َم�شق‬ ‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 10 | )77‬آذار ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪28‬‬

‫سيامند حسين‬ ‫(يوميات ومشاهدات) ‪ 8‬آذار ‪2013‬‬

‫في السنة األولى من الجامعة أَسَرَّ لي على‬ ‫مضض‪ ،‬أحد زم�لاء حصص الدروس العملية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بعد أن اس��تأمنني‪ ،‬بأنه يحسدني ألنني لستُ‬ ‫بأمل‬ ‫بعثياً‪ .‬س��ألته عن السبب مبتسم ًا ومفعماً ِ‬ ‫م��نْ وجد في العاصمة أول "غري��ب عن الم ّلة"‬ ‫ينتقد البعث على األقل‪ ،‬فأجابني‪ :‬ألنك لس��تَ‬ ‫مضطراً لدفع اشتراكات الحزب الشهرية‪ .‬كانت‬ ‫في حدود الثالثين ليرة‪ ،‬أقل أو أكثر قلي ً‬ ‫ال ربما‪.‬‬ ‫ثالث��ون مليون�� ًا إذاً – كونه بل��د المليون بعثي‪،‬‬ ‫بتحوي��ر اللقب الجزائريّ‪ -‬كان��ت تدخل جيوب‬ ‫مقرات الحزب وطوابقه وغرفه شهرياً‪ ،‬لتنتهي‬ ‫ً‬ ‫محاصص��ة غي��ر عادلة بين نفق��ات الزينة من‬ ‫أعالم وصور الرفيق األب‪ ،‬وكرم ضيافة رؤساء‬ ‫فروع الح��زب الصغار‪ ،‬األغ��وات المزيّفون في‬ ‫ُقراهم‪ ،‬وأرصدة إضافية تختنقُ أرقام ًا معقدة‬ ‫في أفواه الجشعين الكبار‪ ،‬المقامرين على أول‬ ‫قطع��ة نقود في جيب غن��يٌّ‪ ،‬وآخر رغيف خبز‬ ‫فقي��ر‪ .‬أُحبطتُ كمن ق��رأ فنجانه‬ ‫عل��ى طاولة‬ ‫ٍ‬ ‫ألول م��رة ولم يحدث ش��يء إال القليل الس��يء‬ ‫ال��ذي ظهر فيه‪ .‬وفي الح��ال َطفتْ على وجهي‬ ‫ّ‬ ‫يُجف��ف الكلمات‬ ‫مالمح صف��راء‪ ،‬وأخذ صوتي‬ ‫الت��ي تقشّ��رتْ عنه��ا تدريجي��اً‪ ،‬أيّ رغبة في‬ ‫الظه��ور إل��ى العلن‪ .‬بعد أن رس��مت ابتس��امة‬ ‫ً‬ ‫مصطنع��ة وس��ريعة ف��ي حدقتَ��يّ عيني��ه‬ ‫المتوس��عتين‪ ،‬التف��تُ إلى ال��وراء‪ ،‬ليس فقط‬ ‫خوف ًا من أحد المخبرين المنتمين التحاد الطلبة‬ ‫(حي��ث أخبرني بعض األصدق��اء‪ ،‬أنهم ُكثر في‬ ‫الجامع��ة وذووا نف��وذ)‪ ،‬إنم��ا بحث��اً ع��ن مخرج‬ ‫م��ن موقفٍ بدأ لحظتها يمت��صُّ طاقتي‪ ،‬التي‬ ‫ُ‬ ‫س��أبدّدُ آخرها بعد س��نوات مُخت��اراً الهزيمة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قدرا‪ ،‬وخادعا نفس��ي بادّعاء الهرب المُرخّص‬ ‫من مواجهة كل ه��ؤالء‪ ،‬الذين اختارهم البعث‬ ‫إما مُريدي��ن أو ضحايا أو انتهازيين أو ّ‬ ‫مغفلين‬ ‫أوش��ركاء قذري��ن‪ .‬ش��عورٌ بالغثي��ان أضرم��ه‬ ‫انفعالي في معدتي الخاوية‪ ،‬ظهيرة ذلك اليوم‬ ‫م��ن آخر أي��ام أيلول ال��ذي كان م��ا زال يخضع‬ ‫لسطوة الصيف وصخبه‪ّ .‬‬ ‫فكرتُ‪" :‬ال مخرج‪ .‬هنا‬ ‫وادٍ آخر‪ ،‬عليك أن تقطعه ربما زحفاً‪ ،‬ال مش��ي ًا‬ ‫فاستَعِدّ"‪.‬‬ ‫حتى‪.‬‬ ‫ْ‬

‫***‬

‫ع��ام ‪ ،2004‬بعد عام م��ن إنتاجه‪ ،‬حصلتُ‬ ‫على نسخة من فيلم "الطوفان في بالد البعث"‬ ‫للراح��ل المب��دع عمر أمي��رالي وُزّعَ��تْ على‬ ‫ثالث��ة أقراص‪ ،‬كانت ج��ودة الصورة منخفضة‬ ‫وص��وت الش��خصيات بال��كاد يُس��مع بوضوح‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يص��ل كومضاتٍ من‬ ‫رغ��م ذل��ك‪ ،‬كان الفيلم‬ ‫ّ‬ ‫المُحقق والخيال‬ ‫حل��م يتع ّثر ضائع ًا بين الواقع‬ ‫ٍ‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫المستس��لم الس��اخر الملتقي بالخيال المندفع‬ ‫الكامن‪ .‬لقد اس��تطاع أميرالي إنس��اناً ومخرج ًا‬ ‫مبدع ًا‪ ،‬طباعة تاريخ حزب البعث وممارس��اته‪،‬‬ ‫كم��ؤرخ يعمل بزُهد المتصوّف‪ ،‬على ش��ريط‬ ‫س��ينمائيّ وسِعَ في جيب سترته‪ ،‬ليعبر بذكاء‬ ‫حواج��ز الدول��ة األمني��ة‪ ،‬إل��ى شاش��ة تعكس‬ ‫كم��رآةٍ حيا َة الجالس أمامه��ا مصغر ًة أو مكبرة‬ ‫ف��ي دول��ة الح��زب الواح��د‪ ،‬أيقون��ة نموذجية‬ ‫اس��مها قرية الماش��ي‪ .‬التالميذ الصغار‪ ،‬جنود‬ ‫القائ��د المس��تقبليون بحس��ب عُ��رف الح��زب‬ ‫واتباعاً لتعاليم األساتذة‪-‬األعضاء‪ ،‬لم يُحرموا‬ ‫حتى ف��ي دروس القراءة من إبداع��ات الحزب‪،‬‬ ‫الذي عسُ��رَ عليه فيما يب��دو إيجاد نصّ جدير‬ ‫ف��ي األدب العربي‪« :‬في ب�لادي يغيرون تاريخ‬ ‫حي��اة نه��ر‪ ....‬إنني أفه��م حزن األنه��ار عندما‬ ‫تُجب��ر عل��ى ت��رك مالع��ب طفولته��ا‪ ،‬أماك��ن‬ ‫حبها القدي��م‪ ،‬صداقاتها مع الطير والش��جر‪...‬‬ ‫ف��ي الخامس من تم��وز دخل نهر الف��رات إلى‬ ‫المدرس��ة الجديدة ليتعلم كيف يق��رأ‪ ...‬وعلى‬ ‫باب المدرس��ة ن��زع الرئيس حافظ األس��د من‬ ‫الفرات عباءته الطينة وقصّ له شعره األشعث‬ ‫وأظافره الطويل��ة وأعطاه قلماً ودفتراً‪...‬ليكتب‬ ‫يومياته كنهر متحضر»‪.‬‬ ‫بينم��ا ف��ي دول أخ��رى‪ ،‬يتعل��م األطف��ال‬ ‫ُ‬ ‫يخت��زل ه��ذا الف��ن‬ ‫الموس��يقى‪ ،‬كان البع��ث‬ ‫بأناش��يد وطني��ة وقومي��ة يُردّده��ا التالمي��ذ‬ ‫برفقة أس��تاذ الموس��يقى مغني ًا أو برفقة عودٍ‬ ‫أو أوكوردي��ون‪ ،‬في بعض الح��االت‪ ،‬آالت تُثير‬ ‫َ‬ ‫غريبة‬ ‫فضوله��م فحس��ب‪ ،‬وتبق��ى صنادي��قَ‬ ‫األطوار في ذاكرتهم‪...‬‬ ‫ف��ي أح��د مش��اهد الفيل��م‪ ،‬يظه��ر عضو‬ ‫مجلس الش��عب في غرفة أليفة من بيت قروي‬ ‫متمدداً على س��جادة لصق الج��دار‪ ،‬في قيلولة‬ ‫الظهي��رة‪ ،‬تحت ص��ورة ورقيّة لألس��د الراحل‬ ‫باألس��ود واألبيض ملصقة عل��ى الجدار‪ .‬بهذه‬ ‫ُ‬ ‫البعث القيلولة والنوم واألعراس‬ ‫الصيغة فرض‬ ‫والمآتم والحفالت واألعياد وكل أنش��طة الحياة‬ ‫صدّقهُ نبي�� ًا َ‬ ‫َ‬ ‫وق ِب َل‬ ‫ش��عب‪-‬في معظم��ه‪-‬‬ ‫على‬ ‫ٍ‬ ‫بأسدِهِ إله ًا‪.‬‬ ‫بعد اس��تئصال البعث‪ ،‬سيبدأ آذار‪ ،‬كما كان‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)51895‬‬ ‫دمشق‪3850 :‬‬ ‫ريف دمشق‪11450 :‬‬ ‫حمص‪8421 :‬‬ ‫درعا‪4518 :‬‬ ‫إدلب‪6365 :‬‬ ‫حلب‪8031 :‬‬

‫دير الزور‪3481 :‬‬ ‫الرقة‪526 :‬‬ ‫السويداء‪42 :‬‬ ‫حماة‪3873 :‬‬ ‫الالذقية‪721 :‬‬ ‫طرطوس‪76 :‬‬ ‫الحسكة‪287 :‬‬ ‫القنيطرة‪139 :‬‬

‫يحل��م أميرالي‪ ،‬بوالدة الربيع كم��ا العادة‪ ،‬لكن‬ ‫سيمرّ هذه المرة بعيد المرأة وحدها‪ ،‬وبذكرى‬ ‫ثورة ش��عب أُثخنَ التاريخ بجراحه‪ ،‬وذكرى أول‬ ‫صرخ��ة "حري��ة" و‪ ..‬وعي��د الن��وروز‪ ،‬وذكريات‬ ‫أخرى مُفرح��ة ومؤلمة‪ ،‬وأيام ش��اغرة بينهم‪،‬‬ ‫وسينتهي بتوافدِ األزهار إلى قبور آالالف ممن‬ ‫يرق��دون بثيابهم المُغب��رّة يُمعنون‪ ،‬من بين‬ ‫ال��ذرات الرطبة‪ ،‬النظ��رَ في وجوهن��ا وأيدينا؛‬ ‫نحن من بقينا شهوداً على حرية تبادلت المكان‬ ‫مع أسمائهم‪ ،‬فصعدت فوق التراب‪.‬‬

‫***‬

‫أك��د الي��وم حزب البع��ث العربي اإلش��تراكي‬ ‫بمناسبة الذكرى الخمسين على استالمه للسلطة‬ ‫أن س��وريا أكثر تمس��كاً بمبادئ الث��ورة والحزب‪.‬‬ ‫حزبٌ استلم السلطة فلم يعتقها‪ ،‬ألن دستوره ال‬ ‫يسمح له بالتنحي‪ ،‬فمكث وطال به المكوث‪.‬‬ ‫استطراداً على س��بيل الذكر ال الحصر في‬ ‫عهد الحزب المديد‪ ،‬اس��تولت الجرائد الرس��مية‬ ‫الث�لاث عل��ى س��احة الصحاف��ة بالكام��ل‪ ،‬في‬ ‫خط��وة أول��ى مُمنهج��ة لط��رد الثقاف��ة ع��ن‬ ‫صباح��ات الس��وريين مقاب��ل "خم��س لي��رات‬ ‫س��ورية فقط ال غير"‪ .‬انحس��ر حضور المجالت‬ ‫واألف�لام والمس��رح وباق��ي الفن��ون‪ ،‬فمُن��ع‬ ‫بعضه��ا وحُوص��ر أو اس��تقام بعضه��ا اآلخ��ر‬ ‫ً‬ ‫طاعة لمقص��ات هيئة الرقابة ومصالح الحزب‪.‬‬ ‫أُوقفتْ الصحف العربية على الحدود مراراً‪ ،‬إما‬ ‫َ‬ ‫لتدخل‬ ‫لتُتلفَ الحق ًا في مستودعات المعابر أو‬ ‫ً‬ ‫خفيف��ة الوزن يقف��زُ فيها رق��م الصفحة من‬ ‫‪ 10‬إل��ى ‪ 15،‬باعتباره ً‬ ‫خطأ مطبعياً بحق الدولة‬ ‫البعثية‪ .‬أُ َ‬ ‫حدِث اتحاد الكتاب العرب في س��ورية‬ ‫ع��ام ‪ 1966،‬ليبق��ى إل��ى الي��وم وجه��اً ثقافي ًا‬ ‫ميت�� ًا للح��زب الحاكم‪ ،‬لم يُحصّل خالل عش��ر‬ ‫ِّ‬ ‫المُؤلف رفعت األسد المالية‬ ‫سنوات اش��تراكات‬ ‫المتراكم��ة‪ ،‬فقرّر ف��ي نهاية ‪ 2012‬فصله من‬ ‫عضوية االتحاد "طِبقاً للنظام الداخلي"!‪.....‬‬ ‫اشتراكات‪ ،‬نهب‪ ،‬استغالل‪ ،‬سطو واستيالء‪،‬‬ ‫تعصب‪ ،‬إقصاء‪ ،‬حزب حاكم وحيد‪....‬‬ ‫البعث‪.‬‬ ‫‪ 3804‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 1674‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 3446‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 10002‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 41893‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2013 / 3 / 9‬‬ ‫‪http://vdc-sy.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.