سوريتنا | العدد السابع والتسعون | 28 تموز 2013

Page 1

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪1‬‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫�سوريا‪ :‬تدفق متزايد لالجئني وم�ساعدات‬ ‫�أوروبية جديدة للأردن‬ ‫ح��ذّر المف��وض الس��امي لش��ؤون‬ ‫الالجئي��ن ف��ي األمم المتح��دة‪ ،‬انطونيو‬ ‫غوتيريس‪ ،‬من احتم��ال تدفق الالجئين‬ ‫الس��وريين عل��ى ال��دول الغربي��ة‪ ،‬بم��ا‬ ‫فيها بريطاني��ا والوالي��ات المتحدة‪ ،‬بعد‬ ‫أن غم��روا الدول المجاورة وبش��كل فاق‬ ‫قدراتها على استيعابهم‪.‬‬ ‫وق��ال غوتيري��س‪ ،‬لصحيف��ة «ذي‬ ‫غارديان» يوم الخم��س‪ :‬أن «الوضع في‬ ‫س��وريا لم يعد مجرد أزمة إنسانية‪ ،‬وما‬ ‫ل��م يت��م ايجاد ح��ل للن��زاع الدائ��ر فيها‬ ‫ف��ي غضون أش��هر‪ ،‬فإن األم��م المتحدة‬ ‫تتطلع إلعادة توطين عشرات اآلالف من‬ ‫الالجئين الس��وريين في البل��دان األكثر‬ ‫ق��درة على تحمل تكاليف اس��تضافتهم‪،‬‬ ‫بما فيها بريطانيا»‪ ،‬مشيراً إلى أن ألمانيا‬ ‫«عرض��ت اس��تقبال خمس��ة آالف الج��ئ‬ ‫سوري فيما كانت عروض الدول الغربية‬ ‫األخرى مح��دودة للغاية»‪ .‬وأضاف‪« :‬نحن‬ ‫نواجه كارثة جديدة في الش��رق األوسط‬ ‫هي أكثر من مجرد أزمة انس��انية وأكثر‬ ‫من مج��رد أزمة إقليمي��ة‪ ،‬وصارت تمثل‬ ‫تهديداً حقيقيًا للس��لم واألمن الدوليين‪،‬‬ ‫ونش��هد بالفع��ل تصاع��داً كبي��راً ف��ي‬ ‫الح��وادث األمني��ة ف��ي الع��راق ولبنان‪،‬‬ ‫ف��ي حين يواجه األردن وضع��اً اقتصاديًا‬ ‫صعبًا»‪.‬‬ ‫وف��ي األردن وجه االتح��اد األوروبي‬ ‫‪ 96‬ملي��ون ي��ورو لمس��اعدة هذا البلد عل��ى مواجهة‬ ‫التدفق المتواصل لالجئين الس��وريين‪ ،‬ويسعى إلى‬ ‫إعداد حزمة جديدة تقدر ب ‪ 60‬مليون يورو لمساعدة‬ ‫الجماع��ات المس��تضيفة‪ ،‬وفق��ا لمذك��رة إعالمي��ة‬ ‫أصدرتها بعثة االتحاد األوروبي في األردن‪.‬‬ ‫ويلع��ب االردن دوراً حيوي��اً ف��ي تقدي��م الدعم‬ ‫لع��دد كبي��ر من الس��وريين الذين يلتمس��ون اللجوء‬ ‫في البالد‪ .‬وقد تم تس��جيل أكثر من ‪ 502.196‬الجئ‬ ‫أو الذي��ن م��ن المنتظر تس��جيلهم ل��دى المفوضية‬ ‫الس��امية لالجئين اعتبارا من ‪ 22‬يولي��و ‪ /‬تموز‪ ،‬من‬ ‫بينهم ‪ 132.176‬يقيمون في مخيم الزعتري ويتوزع‬ ‫‪ 370.020‬الجئ في مجموع األردن‪.‬‬ ‫وحت��ى اآلن‪ ،‬وجه��ت المفوضي��ة األوروبي��ة ‪96‬‬ ‫مليون ي��ورو إلى األردن من خالل آليات المس��اعدات‬ ‫اإلنس��انية واالس��تجابة لألزم��ات والتنمي��ة بتقديم‬ ‫مس��اعدات إنس��انية تركز على ميادين مثل الصحة‪،‬‬ ‫والمساعدات الغذائية‪ ،‬وتوفير المأوى‪ ،‬في حين تركز‬ ‫المس��اعدات اإلنمائي��ة على التعليم الذي يس��تهدف‬ ‫األطفال الس��وريين والمجتمعات المس��تضيفة على‬ ‫حد سواء‪.‬‬ ‫ويعم��ل االتح��اد األوروبي عل��ى تحضير حزمة‬ ‫جدي��دة بقيم��ة ‪ 60‬مليون ي��ورو لدع��م المجتمعات‬ ‫المحلية المس��تضيفة في األردن‪ :‬وسوف تسمح هذه‬ ‫المس��اهمة اإلضافية بتقديم دع��م لميزانية األردن‬ ‫ف��ي قط��اع التعلي��م (‪ 30‬ملي��ون ي��ورو)‪ ،‬والخدمات‬ ‫البلدي��ة‪ ،‬ودع��م القط��اع الصحي من خ�لال وكاالت‬ ‫األمم المتح��دة‪ ،‬وتعزيز الف��رص االقتصادية وخلق‬ ‫وظائف‪.‬‬ ‫ف��ي ي��وم ‪ 24‬يوني��و ‪ /‬حزي��ران أعل��ن رئي��س‬ ‫المفوضي��ة األوروبي��ة‪ ،‬خوس��يه مانوي��ل باروس��و‪،‬‬ ‫والممثلة الس��امية لالتحاد األوروبي‪ ،‬كاترين أشتون‬ ‫عن دعم إضاف��ي من االتحاد األوروب��ي بقيمة ‪400‬‬

‫مليون يورو موجه لالحتياجات اإلنسانية والتنمية في‬ ‫س��وريا والبل��دان المجاورة‪ .‬ورصد االتح��اد األوروبي‬ ‫والدول األعضاء حتى اآلن أكثر من ‪ 25 .1‬مليار يورو‬ ‫لالستجابة لألزمة في س��وريا وامتدادها إلى البلدان‬ ‫المج��اورة‪ .‬وف��ي حي��ن ت��م رص��د الج��زء األكبر من‬ ‫األموال للتدخالت اإلنس��انية داخل سوريا‪ ،‬خصصت‬ ‫كمية متزاي��دة من هذه االعتم��ادات المالية لتخفيف‬ ‫الضغط على الدول المجاورة‪ ،‬ال سيما األردن ولبنان‪.‬‬ ‫من جهة أخرى حذّر تقرير عالمي نشرته دورية‬ ‫"النسيت" الطبية الش��هر الفائت‪ ،‬وشارك في إعداده‬ ‫أس��تاذ العلوم الصحية ف��ي الجامع��ة األميركية في‬ ‫بيروت فؤاد فؤاد‪ ،‬من أن أزمة الالجئين السوريين قد‬ ‫تتحوّل كارثة إقليمية‪.‬‬ ‫وقد ورد في تقرير "النس��يت" الذي ش��ارك في‬ ‫إع��داده آدم كوت��س من جامعة كايمبري��دج‪" :‬يؤدّي‬ ‫تدف��ق الالجئين الذين قد يبل��غ عددهم ‪ 5 ،3‬ماليين‬ ‫نس��مة بحلول نهاية الس��نة الحالية‪ ،‬وف��ق تقديرات‬ ‫األمم المتحدة‪ ،‬إلى ش��ل منظومة الصحة العامة في‬ ‫البلدان المجاورة ويمكن أن يتسبّب بانهيارها"‪.‬‬ ‫أض��اف التقرير أن كل الخدمات العامة في لبنان‬ ‫تتع��رّض لضغ��وط ش��ديدة‪ .‬فعل��ى س��بيل المثال‪،‬‬ ‫تش��ير تقديرات األمم المتحدة إل��ى أنه بحلول نهاية‬ ‫‪ ،2013‬سيصل عدد التالمذة السوريين في المدارس‬ ‫الرسمية في لبنان إلى ‪ 450‬ألفًا في مقابل ‪ 350‬ألف‬ ‫لبناني فقط‪ ،‬كما جاء في التقرير‪.‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال ع��ن ذلك‪ ،‬تتراج��ع األجور واالس��تثمارات‬ ‫األجنبي��ة‪ ،‬وتعج��ز المراف��ق ف��ي الم��دن واإلمدادات‬ ‫المائية عن تلبية الحاجات‪ ،‬كما أن المدارس ومنشآت‬ ‫الرعاي��ة الصحي��ة تعان��ي االكتظاظ‪ .‬وعل��ى الرغم‬ ‫من توافر خدمات الرعاي��ة الصحية األولية والثانوية‬ ‫للس��وريين ف��ي لبن��ان‪ ،‬يج��د الالجئ��ون أنفس��هم‬ ‫مضطري��ن إل��ى دف��ع مبالغ نقدي��ة طائل��ة ّ‬ ‫تتخطى‬

‫اإلمكانات المادّية لعدد كبير منهم‪.‬‬ ‫وفي اإلطار عينه‪ ،‬حذّر موجز للسياس��ات صادر‬ ‫عن معهد عصام فارس للسياس��ات العامة والشؤون‬ ‫الدولي��ة م��ن التداعي��ات االقتصادي��ة الس��لبية التي‬ ‫يمك��ن أن تترتّ��ب على لبنان ج��راء اإلدارة الس��يئة‬ ‫ألزمة الالجئين السوريين‪.‬‬ ‫وقد اس��تعرض موج��ز السياس��ات النتائج التي‬ ‫توصّلت إليها دراسة أجريت عن تأثير اللجوء السوري‬ ‫القس��ري إلى لبنان وردود الفعل عليه‪ .‬ويس��تند في‬ ‫هذا اإلطار إلى عمل ميداني في قرية ببنين الس��نية‬ ‫وإلى اس��تطالع آراء عل��ى صعيد البالد ش��مل عيّنة‬ ‫تمثيلية من ‪ 900‬ش��خص‪ .‬والدراس��ة هي من إعداد‬ ‫المعهد النروجي للدراسات الدولية التطبيقية (‪)Fafo‬‬ ‫الذي يُصدر بحوثًا في السياسات مستندة إلى األد ّلة‪.‬‬ ‫وورد في الدراسة أن نحو ‪ 570‬ألف الجئ سوري‬ ‫كانوا قد تس��جّلوا رسميًا أو ينتظرون تسجيلهم لدى‬ ‫المفوضية الس��امية لألمم المتحدة لشؤون الالجئين‬ ‫بحل��ول نهاية حزيران ‪ ،2013‬م��ع العلم أن تقديرات‬ ‫الحكوم��ة اللبنانية التي تش��مل العمّ��ال المهاجرين‬ ‫تش��ير إلى وج��ود أكثر من مليون س��وري في لبنان‪.‬‬ ‫والجدي��ر ذكره أن الالجئين غير المس��جّلين ليس��وا‬ ‫مخوّلين الحصول على مساعدات من األمم المتحدة‪،‬‬ ‫م��ا يتس��بّب بمزي��د م��ن الضغ��وط عل��ى الخدمات‬ ‫والمجتمعات المحلية‪.‬‬ ‫وخلص��ت الدراس��ة إل��ى أن أوج��ه التف��اوت‬ ‫االقتص��ادي الناجمة عن عدم المس��اواة في الفرص‬ ‫المعيشية‪ ،‬تو ّلد اس��تياء لدى اللبنانيين من الالجئين‬ ‫الس��وريين ومواقف متناقضة تجاههم‪ ،‬مش��ير ًة إلى‬ ‫أن "اإلقص��اء االقتصادي وفقدان األمل بالمس��تقبل‬ ‫يمك��ن أن يؤدّي��ا إل��ى زي��ادة تجني��د الش��باب ف��ي‬ ‫المجموع��ات القتالية‪ ،‬بما يق��ود إلى ارتفاع احتماالت‬ ‫الحرب في لبنان"‪.‬‬


‫هيومن رايت�س ووت�ش‪:‬‬ ‫م�صر تعتقل الجئني‬ ‫�سوريني دون توجيه اتهام‬ ‫لهم وتهدد برتحيلهم‬

‫وقالت هيوم��ن رايتس ووتش التي مقرها نيويورك أن الش��رطة‬ ‫المصرية اعتقلت ‪ 72‬س��وريًا وتسعة فتية يومي ‪ 19‬و‪ 20‬تموز ‪ /‬يوليو‬ ‫فقط بينهم مسجلون من طالبي اللجوء وتسعة لديهم تأشيرات سارية‬ ‫أو تصاريح إقامة‪ .‬وتم تهديد ‪ 14‬على األقل بترحيلهم‪.‬‬ ‫وطالب��ت هيوم��ن رايت��س ووت��ش الس��لطات المصري��ة بوق��ف‬ ‫االعتق��االت الت��ي وصفتها بـ"التعس��فية" بحق الس��وريين وتهديدهم‬ ‫بالترحي��ل‪ .‬وأك��دت المنظمة‪ ،‬أن "على الس��لطات المصري��ة أن تطلق‬ ‫سراح المعتقلين السوريين‪ ،‬ما لم توجّه إليهم تهمًا بارتكابهم جريمة‬ ‫يعت��رف بها القانون المص��ري‪ ،‬وأن ال تقوم بترحيل الس��وريين الذين‬ ‫يحملون تأش��يرات دخ��ول أو طالبي اللجوء قبل إج��راء مراجعة حيادية‬ ‫ألوضاعهم"‪.‬‬ ‫وق��ال نديم ح��وري مدير إدارة الش��رق االوس��ط وش��مال افريقيا‬ ‫بهيوم��ن رايتس ووتش أن "المناخ السياس��ي المتوتر ليس ذريعة ألن‬ ‫يمسك ضباط الشرطة والجيش بعشرات الرجال والفتية السوريين من‬ ‫المواصالت العامة ويزجوا بهم في السجون دون اعتبار لحقوقهم‪" .‬‬ ‫وأعرب��ت المنظم��ة عن قلقه��ا من أن "يت��م ترحي��ل طالبي لجوء‬ ‫س��وريين من دون تدقيق ع��ادل بطلباتهم كما ينص القانون الدولي"‪،‬‬ ‫مشير ًة إلى أنه "على السلطات المصرية أن تسمح‪ ،‬على األقل لمحامين‬ ‫وموظفي��ن ف��ي الوكالة األممي��ة الوصول إل��ى الس��وريين المعتقلين‬ ‫لضمان إال يكون طالب لجوء بينهم"‪.‬‬

‫وكان الرئي��س المص��ري المع��زول قد أعلن الش��هر الماضي قطع‬ ‫العالقات الدبلوماس��ية مع سوريا وتحدث بعض أنصاره علنًا عن الجهاد‬ ‫ضد القوات الموالية للرئيس بشار األسد‪.‬‬ ‫لك��ن الحكومة الجدي��دة المدعومة م��ن الجيش نأت بنفس��ها عن‬ ‫موقف مرسي مشيرة إلى رغبتها في العودة إلى دور أكثر حيادية‪.‬‬ ‫وخالل حكم مرس��ي كان يس��مح للس��وريين بدخ��ول مصر بدون‬ ‫تأش��يرة لكن الوض��ع تغي��ر اآلن ورفضت الس��لطات دخ��ول مئات بعد‬ ‫وصولهم إلى المطار بدون تصاريح أمنية‪.‬‬ ‫وقال محمد الديري رئيس مكتب هيومن رايتس ووتش في مصر‬ ‫أن المنظمة طلبت من السلطات وقف الترحيل وحث مصر على مواصلة‬ ‫توفير الحماية للسوريين‪.‬‬

‫والحقيق��ة ه��ي أن العديد من الالجئين ل��ن يعودوا إلى ديارهم أب��داً‪ ،‬وحتى إن‬ ‫فعلوا‪ ،‬فسيكون ذلك بعد سنوات طويلة‪.‬‬ ‫هذا الواقع ينطبق بش��كل تدريجي على الدول التي تستضيف الجئين سوريين‪،‬‬ ‫في الوقت الذي يبدو فيه أن الحرب في س��وريا مستمرة وأن أفق انفراج األزمة في‬ ‫البالد مسدود‪.‬‬ ‫حت��ى اللحظة‪ ،‬ليس باس��تطاعة أي من الطرفين تحقيق الفوز الكلي‪ ،‬والش��يء‬ ‫الوحيد الواضح عن الصراع هو أنه س��وف يس��تمر بتش��ريد مئات اآلالف من الرجال‬ ‫والنساء واألطفال‪.‬‬ ‫نحو ربع سكان سوريا‪ ،‬فروا إلى مخيمات في البلدان المجاورة‪ ،‬أو تركوا منازلهم‬ ‫في مناطق الحرب المحفوفة بالمخاطر‪ ،‬إليجاد مالذ في مناطق يفترض أنها آمنة‪،‬‬ ‫إنما من المحتمل أن تتحول إلى جبهة في أي لحظة‪.‬‬

‫م�شكلة �إن�سانية‬

‫واعتب��رت صحيف��ة الـ «غاردي��ان» البريطاني��ة أن هذا الوضع يؤدي إلى مش��كلة‬ ‫إنس��انية صعبة تدمر أو على األقل تضر حياة الناس‪ ،‬ويفرض أزمة سياس��ية تلوح‬ ‫في األفق‪ ،‬حيث أن هذه التحوالت السكانية تهدد استقرار المنطقة المتوترة بالفعل‪.‬‬ ‫يقول المثل الفرنس��ي «ال ش��يء يط��ول أكثر من المؤقت»‪ ،‬وه��ذا ينطبق على‬ ‫سوريا ألن تطور الترتيبات الطارئة في العامين الماضيين أدى إلى مجتمعات هشة‪،‬‬ ‫حزينة ومختلة وظيفيًا‪.‬‬

‫الالجئون يف خمتلف الدول‬

‫مخيم الزعتري في األردن‪ ،‬الذي أنشئ قبل عام‪ ،‬هو اآلن من أكبر مدن البالد‪ ،‬أو‬ ‫بعبارة أخرى‪ ،‬يبدو وكأنه مدينة درعا التي يأتي منها معظم الالجئين‪.‬‬ ‫في أجزاء من تركيا‪ ،‬األس��ر السورية الالجئة تنجب المزيد من األطفال‪ ،‬وترسل‬ ‫المزي��د منهم إلى المدارس المحلية‪ ،‬في المناطق الحدودية ذات الكثافة الس��كانية‬ ‫المنخفض��ة‪ .‬في مصر‪ ،‬يواج��ه الالجئون من الطبقة المتوس��طة الذين وصلوا الى‬ ‫القاه��رة وغيرها من المدن الكثير من المضايقات‪ ،‬نتيجة االنقس��امات السياس��ية‬ ‫الخاصة في البالد وليس ألي شيء فعلوه‪.‬‬

‫كرم ال�ضيافة‬

‫واعتب��رت الغاردي��ان أن هذه المعان��اة ال تعني أن الترتيبات ف��ي البلدان المضيفة‬ ‫ليس��ت سخية‪ ،‬أو أن المنظمات الدولية مثل مفوضية األمم المتحدة لشؤون الالجئين‬ ‫(‪ )UNHCR‬لم تقم بعمل الئق‪ ،‬بل أن الحياة في هذا النوع من المنفى بائسة اساسًا‪.‬‬ ‫صحي��ح أن لجوء الس��وريين إل��ى دول مضيفة يعني أنهم ل��ن يجوعوا‪ ،‬إال أنهم‬ ‫ال يملك��ون وظائ��ف أو قيمة‪ ،‬وعلى الرغم من أن األمن الش��خصي أفضل في هذه‬ ‫الدول بعيدًا عن ساحات الصراع‪ ،‬إال أنه أبعد ما يكون عن الكمال‪.‬‬

‫اال�ستفادة من التجربة‬

‫لبن��ان تعل��م من تجربته الخاصة‪ ،‬فق��د أدرك أن الفلس��طينيين الذين لجأوا إلى‬ ‫أراضيه بدأوا بتشكيل تهديد على أمنه‪ ،‬بعد أن انخرطوا في أدوار سياسية أدت في‬ ‫جزء منها إلى اندالع الحرب األهلية‪.‬‬ ‫ع��ودة هذه الحرب صار هاجس��ًا للبنانيين الذين يتخوفون من تأثير العالقات الش��ائكة‬ ‫بين السنة والشيعة على بالدهم من جراء هذا التدفق‪ ،‬في األردن‪ ،‬هناك ذكريات مشابهة‬ ‫عن كيف أدت االشتباكات مع منظمة التحرير الفلسطينية إلى حرب داخلية مؤلمة‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي تواصل فيه إيران ودول الخليج تغذية الصراع السوري بالمال والسالح‪،‬‬ ‫هناك استنتاج ال مفر منه‪ :‬وجود الالجئين يتطلب خطة‪ ،‬لكن هذه الخطة غير موجودة‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫وأضاف "السوريون الذين يعيشون في مصر ليسوا مستهدفين بأي‬ ‫إجراءات خاصة ما عدا بضعة أش��خاص تم القب��ض عليهم النتهاكهم‬ ‫القانون بشكل واضح‪" .‬‬

‫ال عودة‬

‫أسبوعية‬

‫وقال مس��ؤول بالخارجية المصرية أن موق��ف مصر لم يتغير من‬ ‫السوريين الموجودين في البالد‪.‬‬

‫أدت األوضاع البائس��ة في المنطقة على مدى العامين الماضيين إلى نش��ر حالة‬ ‫حزن وعدم استقرار في المجتمعات‪ ،‬ومن المرجح أن يستمر حالها هذا لوقت طويل‬ ‫في ظل هذه الحرب المستعرة‪.‬‬ ‫ع��ودة الالجئين الس��وريين إلى ديارهم ه��ي واحدة من األس��اطير التي تتمنى‬ ‫الحكوم��ات أن تراه��ا تتحقق‪ ،‬ع ّله��ا تتحرر من ضغوط تكاليف مس��اعدة النازحين‪،‬‬ ‫والصراع مع الرأي العام الرافض لوجودهم‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫وتس��ببت تقارير إعالمية مكثفة وتأكيدات حكومية على أن أجانب‬ ‫تسللوا إلى مصر ويشاركون في أعمال العنف في إذكاء مشاعر انعدام‬ ‫الثقة بهؤالء على نطاق واسع‪.‬‬

‫الجئو �سوريا‬ ‫ال عودة �إىل الوطن‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫قالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق اإلنس��ان يوم‬ ‫الخمي��س أن مص��ر تعتقل الجئين س��وريين دون توجي��ه اتهام وتهدد‬ ‫بترحيلهم في مناخ من العداء المتزايد منذ عزل الجيش الرئيس محمد‬ ‫مرسي أوائل الشهر الحالي‪.‬‬ ‫ويش��كو كثيرون من بين نحو ‪ 90‬ألف سوري جاءوا إلى مصر هربُا‬ ‫م��ن الح��رب االهلية ف��ي بالدهم م��ن تعرضهم لمضايق��ات منذ عزل‬ ‫مرس��ي في الثالث م��ن تموز ‪ /‬يوليو ويخش��ون م��ن أن يكونوا ضحية‬ ‫لالضطرابات في مصر‪.‬‬

‫�أوجـاع وطـن‬

‫‪3‬‬


‫منظمة �إغاثة بريطانية‪:‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫عائ�لات �سوري��ة ال ت��رى اخلبز ل��ـ ‪� 6‬أيام‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫تس��تنفر منظمات وهيئات خيرية بريطانية من‬ ‫أج��ل إغاثة ماليين المنكوبين الس��وريين‪ ،‬في الوقت‬ ‫الذي تزداد فيه األوضاع االنس��انية سوءاً مع التدهور‬ ‫االقتصادي الس��ريع والمستمر في سوريا‪ ،‬والذي أدى‬ ‫إل��ى انهيار العمل��ة المحلية مع تضاعف في األس��عار‬ ‫ودفع بماليين السوريين إلى الهبوط دون خط الفقر‪،‬‬ ‫فض� ً‬ ‫لا عن أكث��ر من خمس��ة ماليين ترك��وا بيوتهم‬ ‫وهربوا منها‪.‬‬ ‫ووصف مس��ؤول ف��ي منظمة إغاثي��ة بريطانية‬ ‫تعم��ل من��ذ عش��رات الس��نين م��ا يجري في س��وريا‬ ‫بأن��ه "الكارثة اإلنس��انية األس��وأ التي يت��م التعامل‬ ‫معه��ا"‪ ،‬مش��يراً ف��ي حديث��ه لـ"العربية‪ .‬ن��ت" إلى أن‬ ‫"عم��ال اإلغاثة كانوا يصلون إلى عائالت في س��وريا‬ ‫لم تحصل على الخبز وال الماء لس��تة أو لس��بعة أيام‬ ‫متتالية"‪.‬‬ ‫وق��ال عثم��ان مقب��ل‪ ،‬المدي��ر الع��ام لمنظم��ة‬ ‫"هيومن أبيل إنترناشيونال" وهي منظمة بريطانية‬ ‫تطل��ق على نفس��ها بالعربية اس��م "هيئ��ة األعمال‬ ‫الخيرية"‪ ،‬قال أن "سوريا تشهد كارثة إنسانية وبيئية‬ ‫واقتصادي��ة"‪ ،‬مش��يراً إل��ى أن كل الهيئ��ات اإلغاثي��ة‬ ‫ف��ي العال��م أصبح��ت منش��غلة بتقدي��م المعون��ات‬ ‫والمس��اعدات للس��وريين‪ ،‬وم��ع ذل��ك ف��إن الحاجات‬ ‫المطلوبة أكبر بكثير مما يتم تأمينه بالفعل‪.‬‬ ‫وأض��اف مقبل ف��ي حديث��ه لـ"العربي��ة‪ .‬نت" أن‬ ‫الكارث��ة ف��ي س��وريا أس��وأ م��ن مجاع��ة الصومال‪،‬‬ ‫ومصيبة تس��ونامي‪ ،‬وزلزال باكس��تان‪ ،‬مؤكداً أن ما‬ ‫ش��اهده في سوريا لم يشاهده في كل تلك المناطق‬ ‫من قبل‪.‬‬ ‫وتابع‪" :‬هذه أسوأ كارثة إنسانية يواجهها العالم‪،‬‬ ‫وأس��وأ كارثة نتعامل معها في هيئة األعمال الخيرية‬ ‫منذ بدأنا قبل أكثر من ثالثين عاماً"‪.‬‬ ‫وبحس��ب مقبل ف��إن ثمة أمرين يمي��زان األزمة‬ ‫السورية‪ ،‬األول هو انعدام األمن‪ ،‬حيث أن كافة عمال‬ ‫اإلغاث��ة مهددون بالقتل أو التع��رض للقصف‪ ،‬وربما‬ ‫االعتق��ال خ�لال أداء مهامهم‪ ،‬أما األم��ر الثاني‪ ،‬فهو‬ ‫أن األزمة مس��تمرة ومتفاقمة وي��زداد حجمها يومياً‪،‬‬ ‫ولذل��ك ف��إن حجم المنكوبي��ن الجدد يومي��ًا أكبر من‬

‫حج��م من تصل إليه��م منظمات اإلغاث��ة والجمعيات‬ ‫الخيرية‪.‬‬ ‫وق��ال مقب��ل أن "هيئ��ة األعمال الخيري��ة" التي‬ ‫يديرها أطلقت أكبر حمل��ة إغاثية في تاريخها إلنقاذ‬ ‫من يمكن إنقاذه من الش��عب السوري‪ ،‬مشيراً إلى أنه‬ ‫في بداية ش��هر رمضان تم إرس��ال ‪ 43‬شاحنة إغاثة‪،‬‬ ‫تتضمن مليون كيلو من الطحين‪ ،‬من بريطانيا‪ ،‬وتم‬ ‫توزيعها على ‪ 15‬مدينة في سوريا‪.‬‬ ‫وأشار إلى أن القيمة االجمالية لما تم إرساله من‬ ‫مساعدات في أيام رمضان األولى بلغ ‪ 600‬ألف دوالر‪.‬‬ ‫فيم��ا يجري العمل عل��ى توزيع ‪ 40‬ألف س��لة غذائية‬ ‫على ‪ 40‬ألف عائلة س��ورية بقيمة إجمالية س��تبلغ ‪.1‬‬ ‫‪ 5‬مليون دوالر قبل نهاية رمضان الحالي‪.‬‬ ‫وفيما تتدفق المس��اعدات على المنكوبين داخل‬ ‫س��وريا‪ ،‬والالجئين في الخارج‪ ،‬فإن أحدث الدراس��ات‬ ‫تقول أن خس��ائر االقتصاد الس��وري منذ بدأت الثورة‬

‫الس��ورية وبدأ النظام معها عمليات القمع تجاوز ‪.84‬‬ ‫‪ 4‬ملي��ار دوالر‪ ،‬فيما تقول التقديرات أن النظام أنفق‬ ‫عل��ى الس�لاح والذخيرة التي اس��تخدمها ف��ي أعمال‬ ‫القمع أكثر من سبعة مليارات دوالر‪.‬‬ ‫وبحس��ب تقري��ر ص��ادر ع��ن "المركز الس��وري‬ ‫لبح��وث السياس��ات"‪ ،‬وه��و مركز دراس��ات قريب من‬ ‫النظام‪ ،‬فإن ‪ 7 .6‬مليون مواطن سوري أصبحوا تحت‬ ‫خ��ط الفقر في الوقت الراهن‪ ،‬من بينهم ‪ 6 .3‬مليون‬ ‫سوري يعيشون فقراً مدقعًا‪.‬‬ ‫يش��ار إل��ى أن الليرة الس��ورية فق��دت أكثر من‬ ‫‪ 70%‬م��ن قيمتها أم��ام العمالت األجنبي��ة األخرى‪ ،‬ما‬ ‫أدى إلى ارتفاع كبير في األس��عار‪ ،‬وتدهور في الحياة‬ ‫المعيشية للسكان في سوريا‪ ،‬كما أن مئات اآلالف من‬ ‫الس��وريين فقدوا وظائفه��م أو تعطل��ت أعمالهم ما‬ ‫زاد من المعاناة اإلنس��انية‪ ،‬ورف��ع من وتيرة التدهور‬ ‫االقتصادي في البالد‪.‬‬

‫تقرير �أممي‪� :‬أكرث من ‪� 100‬ألف ق�ضوا خالل النزاع يف �سوريا‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫قال األمي��ن العام لألمم المتح��دة بأن كي مون‬ ‫أن أحداث سوريا المستمرة منذ ‪ 28‬شهراً أوقعت أكثر‬ ‫من مائة ألف قتيل وشردت الماليين بين نازح والجئ‬ ‫ف��ي الدول المجاورة‪ ،‬داعيا إليج��اد حل عاجل للوضع‬ ‫في سوريا‪.‬‬ ‫ووص��ف بأن ال��ذي التقى ي��وم الخمي��س وزير‬ ‫الخارجي��ة األميركي ج��ون كيري الوضع في س��وريا‬ ‫بأن��ه مروع‪ ،‬مش��دداً على ضرورة العم��ل على وضع‬ ‫ح��د له��ذا الن��زاع ووقف أعم��ال العنف م��ن الجانبين‬ ‫المتحاربي��ن‪ ،‬كما أكد ضرورة عقد مؤتمر س�لام في‬ ‫جنيف في أسرع وقت‪.‬‬ ‫وجدد بأن والوزير األميركي الدعوة لعقد مؤتمر‬ ‫جنيف ‪ 2‬لحل األزمة السورية‪ ،‬وأعرب عن أمله بعقده‬ ‫في سبتمبر ‪ /‬أيلول المقبل‪.‬‬ ‫وق��ال بأن أن "أكثر من مائة ألف ش��خص قتلوا‪،‬‬ ‫وهن��اك ماليي��ن آخرون إم��ا هُجروا م��ن بيوتهم أو‬ ‫أصبحوا الجئين في ال��دول المجاورة‪ .‬ويجب علينا أن‬

‫نضع حداً لهذا األمر كما يجب على كال الطرفين وقف‬ ‫العملي��ات العس��كرية والعنف‪ ،‬ولهذا م��ن الواجب أن‬ ‫يُعقد مؤتمر سالم في جنيف في أسرع وقت ممكن"‪.‬‬ ‫وق��ال كيري بدوره أنه ال بديل للحل السياس��ي‬ ‫في س��وريا‪ ،‬إذ ال يمكن تس��وية األزمة في هذا البلد‬ ‫بطرق عسكرية‪.‬‬ ‫وأض��اف‪" :‬هن��اك حاج��ة إلجالس األط��راف إلى‬ ‫طاولة المفاوضات"‪ ،‬مؤكداً تمسك واشنطن باالتفاق‬ ‫مع روسيا على عقد مؤتمر "جنيف ‪."2 -‬‬ ‫وكان آخ��ر تقري��ر لألم��م المتحدة ذك��ر أن عدد‬ ‫القتلى في س��وريا بلغ ‪ 93‬ألف شخص‪ .‬ودأبت االمم‬ ‫المتح��دة عل��ى الق��ول أن االرقام التي تنش��رها عن‬ ‫اعداد الخسائر في سوريا أقل من االعداد الفعلية‪ ،‬إذ‬ ‫انها تعتقد أن الكثير من الوفيات لم يبلغ عنها‪.‬‬ ‫وبلغ عدد القتلى الذين س��قطوا في أعمال عنف‬ ‫ف��ي س��وريا منذ بدء ش��هر رمضان أكث��ر من ‪2000‬‬

‫ش��خص‪ ،‬غالبيتهم من حاملي الس�لاح من الطرفين‬ ‫المتقاتلي��ن‪ ،‬حس��بما ذكر المرصد الس��وري لحقوق‬ ‫اإلنسان الذي يتخذ من لندن مقراً له‪.‬‬ ‫وق��ال مدي��ر المرص��د رام��ي عب��د الرحمن في‬ ‫اتص��ال هاتفي م��ع وكال��ة الصحافة الفرنس��ية أن‬ ‫"‪ 2014‬ش��خصا قتل��وا ف��ي س��وريا من��ذ بدء ش��هر‬ ‫رمض��ان في ‪ 10‬تموز ‪ /‬يولي��و‪ ،‬وبيّن أن القتلى هم‬ ‫‪ 1323‬م��ن المقاتلي��ن ف��ي صف��وف المعارضة وفي‬ ‫صفوف القوات النظامية‪ ،‬و‪ 639‬مدنيًا‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫‪ 52‬جثة مجهولة الهوية‪.‬‬ ‫وأوضح أن عدد القتلى من الجانبين ارتفع أخيراً‬ ‫بس��بب ح��دة المع��ارك وتصعيده��ا‪ ،‬مش��يراً إلى أن‬ ‫مقاتل��ي المعارضة حصلوا على أس��لحة جديدة‪ ،‬في‬ ‫حين صعد النظام هجماته‪.‬‬ ‫وق��ال المرصد ومقره بريطاني��ا أن األعداد التي‬ ‫أوردها أقل من األعداد الفعلية "إذ ال يكش��ف أي من‬ ‫الطرفين عن أعداد الخسائر الفعلية"‪.‬‬


‫(اخلري يجمعنا)‬

‫تقرير‪ :‬ربا أبو العال‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫للتواصل مع وحدة تنسيق الدعم‪ ،‬يمكنكم‬ ‫المراسلة على البريد اإللكتروني‬ ‫‪info@acu - sy. org‬‬

‫أسبوعية‬

‫للعائالت النازحة في إدلب (شنشراح وسرجيال)‪.‬‬ ‫ مؤسس��ة عطاء لإلغاثة والتنمية‪ 800 ،1 :‬سلة‬‫غذائية‪ ،‬و‪ 000 ،1‬س��لة من وحدة تنس��يق الدعم‪ ،‬تم‬ ‫توزيعها في دير الزور (الميادين‪ ،‬البوكمال)‪.‬‬ ‫ جمعي��ة أه��ل األثر‪ 000 ،1 :‬س��لة غذائية‪ ،‬و‪،1‬‬‫‪ 000‬س��لة من وحدة تنسيق الدعم‪ ،‬يتم توزيعها في‬ ‫دير الزور (هجين‪ ،‬عشارة‪ ،‬البصيرة)‪.‬‬ ‫ مؤسسة الرعاية اإلنسانية ‪ /‬سوريا‪ 750 :‬سلة‬‫غذائي��ة‪ ،‬و‪ 500‬س��لة من وح��دة تنس��يق الدعم‪ ،‬تم‬ ‫توزيعها في حلب (ريف المهندسين)‪ ،‬وحماه (الحمراء‪،‬‬ ‫كرنا‪ ،‬ريف المحردة‪ ،‬عقيربات)‪.‬‬ ‫ جمعية مس��رات اس��تلمت ‪ 100 ،1‬سلة غذائية‬‫من وحدة تنسيق الدعم‪ ،‬تم توزيعها في مدينة حلب‬ ‫(جبل بدرو‪ ،‬األنصاري‪ ،‬الفردوس‪ ،‬الصالحين وبستان‬ ‫القصر)‪.‬‬ ‫ اتح��اد الهيئات اإلغاثية ف��ي حلب وريفها‪500 :‬‬‫سلة غذائية من وحدة تنسيق الدعم‪ ،‬تم توزيعها في‬ ‫مدينة حلب (طريق الباب)‪.‬‬ ‫ منظم��ة وط��ن ‪ /‬مؤسس��ة‬‫س��وريا الخيرية (خير)‪ 500 :‬س��لة‬ ‫غذائي��ة‪ ،‬ت��م توزيعه��ا ف��ي حماه‬ ‫(سهل الغاب)‪.‬‬ ‫ منظم��ة فل��وكا الحرية‪،7 :‬‬‫‪ 300‬سلة غذائية‪ ،‬تم توزيعها في‬ ‫الالذقي��ة (جبل األكراد والتركمان)‬ ‫باإلضاف��ة للعائ�لات النازح��ة من‬ ‫ريف االذقية إلى تركيا‪.‬‬ ‫ جمعي��ة به��ار ب��ـ ‪000 ،1‬‬‫س��لة غذائي��ة‪ ،‬و‪ 500‬س��لة م��ن‬ ‫وحدة تنس��يق الدع��م‪ ،‬لتوزع في‬ ‫محافظة حلب (عفرين)‪.‬‬ ‫كما تم التوقي��ع على مذكرة‬ ‫تفاهم خاص��ة مع الهيئ��ة العامة‬ ‫للدف��اع المدن��ي في درع��ا بقيمة‬ ‫‪ 500 ،40‬أربعون ألف وخمس��مائة‬ ‫دوالر أمريكي‪ ،‬حي��ث بدأ توزيعها‬ ‫عل��ى ‪ 000 ،1‬عائلة م��ن العائالت‬ ‫األش��د ضعفاً في درعا البلد كبدل‬ ‫نقدي للسلة الغذائية‪ ،‬بمعدل ‪.40‬‬ ‫‪ 5‬دوالر أمريكي للعائلة‪.‬‬

‫تم أيضًا تس��ليم ‪ 000 ،25‬خمسة وعشرون ألف‬ ‫دوالر نق��داً ل��كل من المجلس��ين المحليي��ن في حي‬ ‫القابون وبرزة الدمش��قيين‪ ،‬ليتم صرفها عن طريق‬ ‫المكت��ب اإلغاث��ي التاب��ع لكل حي على ش��كل س��لل‬ ‫غذائية للعائالت‪.‬‬ ‫وفيم��ا يخ��ص المناطق المحاص��رة‪ ،‬والتي يمنع‬ ‫النظ��ام دخ��ول المس��اعدات العيني��ة إليه��ا والم��واد‬ ‫الغذائي��ة‪ ،‬والتصلها مس��اعدات األم��م المتحدة‪ ،‬يتم‬ ‫العمل في وحدة تنس��يق الدعم بالمساعدات النقدية‬ ‫وبشكل مباشر‪.‬‬ ‫حالياً يتم التحضي��ر للمرحلة الثانية من الحملة‪،‬‬ ‫حيث ستوزع وحدة تنسيق الدعم من خاللها ‪000 ،17‬‬ ‫سلة غذائية في مناطق أخرى‪ ،‬أو في المناطق األكثر‬ ‫احتياجًا‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫وحدة تنس��يق الدعم التي تسعى للعمل لسوريا‬ ‫آمن��ة ومس��تقرة‪ ،‬وتقدي��م المس��اعدات اإلغاثي��ة‬ ‫العاجل��ة للمناط��ق المتضررة‪ ،‬بش��كل مفصول عن‬ ‫العم��ل السياس��ي الذي يق��وم به االئت�لاف الوطني‪،‬‬ ‫والتزامًا منها بمبدأ التنس��يق وتفعيل عمليات اإلغاثة‬ ‫اإلنس��انية‪ ،‬أطلق��ت حمل��ة (الخير يجمعن��ا) اإلغاثية‪،‬‬ ‫وذل��ك بالتع��اون مع منظم��ات غير حكومي��ة محلية‪،‬‬ ‫ناش��طة عل��ى األرض ف��ي مج��ال اإلغاثة ف��ي أكثر‬ ‫م��ن قري��ة ومنطقة‪ ،‬ومن المش��هود لها بالش��فافية‬ ‫والكف��اءة‪ ،‬والتي هي‪ :‬مكتب كوباني لإلغاثة‪ ،‬جمعية‬ ‫ثوار ص�لاح الدين لإلغاث��ة‪ ،‬جميعة األب��رار لإلغاثة‪،‬‬ ‫جمعية الفرات الخيرية‪ ،‬إتحاد السوريين في المهجر‪،‬‬ ‫هيئ��ة اإلغاث��ة في مع��رة النعمان‪ ،‬جمعي��ة الفرقان‪،‬‬ ‫إدارة مخي��م اليمضي��ة‪ ،‬المكتب اإلغاث��ي الموحد في‬ ‫دير الزور‪ ،‬جمعية البر والخدمات اإلجتماعية‪ ،‬المكتب‬ ‫اإلغاثة في الطبقة‪ ،‬جمعي��ة أهل األثر‪ ،‬جمعية بهار‪،‬‬ ‫منظمة وطن‪ ،‬مؤسس��ة الرعاية اإلنس��انية ‪ /‬سوريا‪،‬‬ ‫فل��وكا الحري��ة‪ ،‬الهيئ��ة العام��ة للدف��اع المدني في‬ ‫درعا‪ ،‬مؤسس��ة مرام لإلغاثة‪ ،‬جمعية مسرات لإلغاثة‬ ‫والتنمية‪.‬‬ ‫وقامت المنظم��ات المش��اركة بالحملة مع وحدة‬ ‫تنس��يق الدعم بالتوقيع على مذكرات تفاهم تضمن‬ ‫تنفيذ أهداف الحملة‪ ،‬التي تتلخص بـ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬ايص��ال المس��اعدات اإلغاثية إل��ى المناطق‬ ‫األشد حاجة داخل األراضي السورية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الوص��ول إلى خارطة إغاثية توضح المناطق‬ ‫المس��تهدفة من كل منظمة‪ ،‬بحيث تقل نسبة تكرار‬ ‫الدعم في بعض المناطق وإهمال مناطق أخرى‪.‬‬ ‫‪ - 3‬االس��تفادة من المعلومات المقدمة من وحدة‬ ‫إدارة المعلوم��ات ف��ي وحدة تنس��يق الدع��م لضمان‬ ‫توزيع أمثل للموارد المتوفرة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬تمكي��ن المب��ادرات المدني��ة اإلغاثي��ة ف��ي‬ ‫المناطق المحاصرة‪.‬‬ ‫‪ - 5‬توحي��د صف��وف المنظم��ات غي��ر الحكومية‬ ‫المحلي��ة ف��ي س��وريا‪ ،‬وتنس��يق العم��ل فيم��ا بينها‬ ‫بالشكل الذي يزيد من فعاليتها‪.‬‬ ‫‪ - 6‬تعتب��ر الحمل��ة مفتوح��ة الس��تقبال جمي��ع‬ ‫المنظم��ات غير الحكومية المهتم��ة في حال موافاتها‬ ‫لشروط االنضمام إلى الحملة‪.‬‬ ‫وت��م التأكيد على عدم اس��تخدام الم��وارد التي‬ ‫تدخ��ل ضم��ن إط��ار الحمل��ة ألغ��راض سياس��ية أو‬ ‫عسكرية أو طائفية‪.‬‬ ‫تتلخص آليات عمل الحملة بـ‪:‬‬ ‫ تقديم س��لل غذائية ومساعدات مادية بحسب‬‫قدرة كل منظمة والنطاق الجغرافي الذي تغطيه‪.‬‬ ‫ توزيع الس��لل الغذائي��ة والمس��اعدات المادية‬‫ضم��ن النط��اق الجغرافي المح��دد‪ ،‬وااللتزام بخطط‬ ‫التوزيع التي تم التوافق عليها‪.‬‬ ‫ يح��ق ل��كل منظمة مش��اركة توزيع ج��زء آخر‬‫من المس��اعات خ��ارج إطار الحملة‪ ،‬ش��ريطة االلتزام‬ ‫بخطط توزيع الحملة لتفادي التكرار أو اإلهمال‪.‬‬ ‫وضمن المرحلة األولى من الحملة س��اهمت كل‬ ‫من المنظمات المشاركة على النحو التالي‪:‬‬ ‫ مؤسس��ة م��رام‪ 500 :‬س��لة غذائي��ة‪ ،‬و‪150‬‬‫س��لة من وحدة تنس��يق الدعم‪ ،‬تم توزيعها في ريف‬ ‫حماه (خفس��ين‪ ،‬محارتين‪ ،‬شعاتة‪ ،‬تمانعة) باإلضافة‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫حملــة وحــدة تن�ســيق الدعــم الإغــاثية‬

‫‪5‬‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫ي�سقط حكم الع�سكر‬ ‫قراءة يف تداعيات الثورة امل�صرية‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫"متعبناش متعبن��اش ثورة كاملة‬ ‫يا أما بالش"‬ ‫"يس��قط يس��قط حكم العسكر‪..‬‬ ‫إحنا الشعب الخط األحمر"‬ ‫هت��اف صدح��ت ب��ه الحناج��ر في‬ ‫مي��دان التحرير‪ ،‬وخرج��ت بعده الدعوة‬ ‫إلى العصي��ان المدني ف��ي ذكرى خلع‬ ‫الرئي��س مب��ارك‪ ،‬للمطالب��ة برحي��ل‬ ‫العسكر وتبكير انتخابات الرئاسة‪.‬‬ ‫ف��ي ه��ذه الفت��رة الحساس��ة من‬ ‫التاري��خ المصري‪ ،‬اعتمدت المؤسس��ة‬ ‫العس��كرية التي حكمت مص��ر انتقاليًا‬ ‫بعد س��قوط مبارك المماطلة وكس��ب‬ ‫الوقت طمعاً في فتور الحماس الشعبي‬ ‫مع تق��ادم األيام‪ ،‬وانش��غال الجماهير‬ ‫بالواقع االقتصادي واالجتماعي المتأزم‬ ‫وربط��ه باألم��ن‪ ،‬إلظه��ار المؤسس��ة‬ ‫العسكرية كحل لمش��اكل المصريين‪،‬‬ ‫عل��ى ض��وء ذل��ك انعدمت الثق��ة بين‬ ‫ائت�لاف ش��باب الث��ورة‪ ،‬والمجل��س‬ ‫العس��كري لتباطؤه مع مطال��ب الثورة‬ ‫ف��ي محاكم��ة الرئي��س المخل��وع‬ ‫والمس��ؤولين ف��ي النظ��ام الس��ابق‪،‬‬ ‫والح��زب الحاك��م المنحل ع��ن القتل‪،‬‬ ‫والتعذي��ب‪ ،‬والفس��اد وتطهي��ر الدولة‬ ‫منه��م‪ ،‬ومنع أعض��اء الح��زب الوطني‬ ‫المنح��ل من مزاولة العمل السياس��ي‪،‬‬ ‫وتحديد آجال زمنية لنقل الس��لطة إلى‬ ‫حكومة مدنية‪.‬‬ ‫ولم تكن إدارة المجلس العسكري‬ ‫ً‬ ‫ناصعة كما‬ ‫لشؤون المرحلة االنتقالية‪،‬‬ ‫ب��ات اإلعالم المصري ي��روج لها أخيراً‪،‬‬ ‫ففي ‪25‬ش��باط هاجمت قوات الشرطة‬ ‫العس��كرية المعتصمي��ن ف��ي مي��دان‬ ‫التحري��ر‪ ،‬الذي��ن رفض��وا الرحيل قبل‬ ‫اس��تكمال الث��ورة‪ .‬وم��ارس عناصرها‬ ‫ممارس��اتٍ مطابق��ة لتاريخها القمعي‬ ‫في عهد مبارك ضد المعتصمين‪ ،‬يومها‬ ‫خ��رج المجل��س العس��كري بالرس��الة‬ ‫رق��م ‪ 22‬وعنونه��ا "نعت��ذر‪ .‬ورصيدنا‬ ‫لديكم يس��مح"‪ .‬بعدها بأيام‪ ،‬وتحديداً‬ ‫ف��ي ‪ 9‬آذار‪ ،‬وقع أول ش��هيد على أيدي‬ ‫العس��كر‪ ،.‬في الي��وم التالي مباش��رة‪،‬‬ ‫وقع هجوم جدي��د على اعتصام ميدان‬ ‫التحرير‪ ،‬قبل أن تُنتهك الحقوق بأبشع‬ ‫الصور عبر كشف العذرية على الفتيات‬ ‫المعتصم��ات‪ ،‬والقبض عل��ى عدد من‬ ‫الث��وار وتعذيبه��م في مبن��ى المتحف‬ ‫المص��ري ف��ي التحري��ر‪ ،‬وبع��د حادثة‬ ‫ده��س المتظاهري��ن ف��ي ماس��بيرو‬ ‫والت��ي أوقعت زهاء ‪ 27‬ش��هيداً عقدت‬ ‫القوات المسلحة مؤتمراً صحافياً بررت‬ ‫فيه��ا جريمتها بأنه��ا كان��ت دفاعًا عن‬ ‫النفس من "المتظاهرين المسلحين"‪.‬‬ ‫وم��ع مخاض��ات الث��ورة واألكالف‬ ‫الت��ي بقي المصري��ون يدفعونها حتى‬

‫يومنا هذا‪ ،‬س��مح المصريون لإلس�لام‬ ‫السياس��ي ب��أن يخ��وض التجرب��ة ثم‬ ‫حاس��بته الميادين على فشله‪ .‬وسقط‬ ‫رئي��س منتخ��ب ف��ي تاريخ مصر‪،‬‬ ‫أول‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫مقول��ة طالم��ا حكمت‬ ‫وس��قطت مع��ه‬ ‫العال��م العرب��ي مفاده��ا أن الفوز في‬ ‫االنتخاب��ات بغض النظر ع��ن نزاهتها‬ ‫يمن��ح الحاك��م تفويضاً عام��اً ومطلقًا‬ ‫ويجيز ل��ه أن يفع��ل ما يش��اء بدعوى‬ ‫أن��ه منتخ��ب‪ ،‬وس��قط مرس��ي بعد أن‬ ‫فشل في بناء كتلة تغيير ثورية مدنية‬ ‫ق��ادرة على وضع أس��س دول��ة جديدة‬ ‫بعق��د اجتماع��ي جدي��د يحم��ي الدولة‬ ‫المدني��ة لعق��ود ويمنع عودة العس��كر‬ ‫للحكم ويختلف عن ما كان س��ائداً في‬ ‫دول حكم العس��كر قبل ث��ورات الربيع‬ ‫العربي وهو حكم دول��ة الغلبة بالقوة‬ ‫والمال‪.‬‬ ‫وبعي��داً ع��ن تحلي��ل ديمقراطية‬ ‫الميادين‪ ،‬وعن وجود مؤيدين لمرس��ي‬ ‫ال يس��تهان به��م‪ ،‬وع��ن ش��رعيةٍ أم‬ ‫انق�لاب يبقى الس��ؤال األكث��ر إلحاحاً‪،‬‬ ‫ما الذي دعى المش��اركين في اعتصام‬ ‫التحرير ض��د المجلس العس��كري إلى‬ ‫التجمع أمام وزارة الدف��اع‪ ،‬والهتاف "يا‬ ‫سيس��ي يا سيس��ي‪ ..‬أنا عاي��زك تبقى‬ ‫رئيس��ي" وم��ا ل��ذي دعاه��م تخاط��ف‬ ‫صور الفريق السيس��ي في طول البالد‬ ‫وعرضه��ا مقرونة بصور عب��د الناصر‬ ‫تأكي��داً لالس��تمرار التاريخ��ي لمرحلةٍ‬ ‫عليه��ا م��ا عليها ف��ي التاري��خ العربي‬ ‫الحديث‪.‬‬ ‫وم��ا ال��ذي دف��ع وس��ائل اإلعالم‬ ‫الغربي��ة إل��ى اإلش��ارة الحتمالي��ة أن‬ ‫يرش��ح القائ��د العام للقوات المس��لحة‬ ‫ً‬ ‫تجرب��ة كانت‬ ‫نفس��ه للرئاس��ة‪ ،‬ليعيد‬ ‫النقيض التام لمبادئ الثورة المصرية‪،‬‬ ‫وليس��تعيد المصريون م��ن دون وعي‬ ‫قاع��دة مؤس��س النظ��ام العس��كري‬ ‫الحاك��م جم��ال عب��د الناص��ر "ال حرية‬ ‫ألعداء الحري��ة"‪ .‬هذا النظام الذي أجبر‬ ‫المصريين بعد س��تة عق��ود فقط من‬ ‫اس��تالمه مقالي��د الحكم عل��ى النزول‬ ‫للش��ارع للمطالب��ة بالخب��ز والحري��ة‬ ‫والعدالة االجتماعية‪ .‬في داللة واضحة‬ ‫على الفشل الذريع لالنقالب كون هذه‬ ‫المطالب مثلت الش��عارات األساسية له‬ ‫كما للنظام العسكري االستبدادي الذي‬ ‫انبثق عنه واس��تمر لستين عام تقريبًا‬ ‫قب��ل أن يه��ب الش��عب المص��ري ثائراً‬ ‫ضده‪.‬‬ ‫ملفن��ا الي��وم ع��ن حكم العس��كر‬ ‫بش��كل‬ ‫ف��ي مص��ر والمنطقة العربية‬ ‫ٍ‬ ‫يقين بفش��ل حكم العس��كر‬ ‫ع��ام‪ ،‬مع ٍ‬ ‫وتعارض��ه م��ع بن��اء الدول��ة المدنية‪،‬‬ ‫ويقي��ن بفش��ل إقص��اء المؤسس��ة‬ ‫ٍ‬ ‫العس��كرية وإبعادها عن مراكز القرار‪،‬‬

‫وتب��دو المقارب��ة األق��رب للواق��ع تلك‬ ‫الت��ي اعتمدته��ا ال��دول المتقدمة في‬ ‫إدارة الحك��م‪ ،‬فم��ن ق��راءة لواقع صنع‬ ‫الق��رار ف��ي تلك ال��دول يب��دو جلياً أن‬ ‫البنتاغون والس��ي آي ايه يشاركان في‬ ‫حكم أميركا‪ ،‬والجيش الروس��ي وجهاز‬ ‫المخاب��رات االتحادي كذلك في روس��يا‬ ‫والمخاب��رات البريطاني��ة تش��ارك في‬ ‫حك��م المملكة المتح��دة "متحدة بقرار‬ ‫عس��كري" وكذل��ك تفع��ل المخاب��رات‬ ‫الفرنس��ية التي تحفظ سياق السياسة‬ ‫الفرنسية سواء كانت أغلبية الحكم من‬ ‫االش��تراكيين أو من اليمين الجمهوري‪.‬‬ ‫دون اإلخ�لال بدول��ة المؤسس��ات التي‬ ‫تحكم العالقة بين الش��عب وممثليه أو‬ ‫قادته‪ ،‬فالغرب الذي يصفق لالنقالبات‬ ‫العس��كرية في دول العال��م الثالث وقد‬ ‫يدعمه��ا‪ ،‬ب��ات م��ن المس��تحيل لدي��ه‬ ‫قبولها في بالده‪.‬‬ ‫ولع��ل اليون��ان أكبر تأكي��دٍ على‬ ‫كالمنا‪ ،‬حيث كش��فت نتائج اس��تطالع‬ ‫لل��رأي أج��رى حديثًا أن ثالث��ة من بين‬ ‫كل عش��رة يونانيين يرون أن األحوال‬ ‫خالل فت��رة حكم العس��كريين "‪1967‬‬ ‫– ‪ "1974‬كان��ت أفضل مم��ا هي عليه‬ ‫اآلن‪ .‬وأجرى االستفتاء لصالح صحيفة‬ ‫"الفثيروتيبيا" اليونانية الصادرة اليوم‬ ‫األحد بمناس��بة مرور الذكرى السادسة‬ ‫واألربعي��ن عل��ى االنقالب العس��كري‬ ‫ال��ذي وقع ف��ي الحادي والعش��رين من‬ ‫نيسان عام ‪.1967‬‬ ‫في المقاب��ل‪ ،‬أظه��رت النتائج أن‬ ‫‪ 63%‬م��ن اليونانيين ال ي��رون أن فترة‬ ‫حك��م الجن��راالت كان��ت أفض��ل م��ن‬ ‫األي��ام الحالية‪ .‬وأوضح االس��تطالع أن‬ ‫اليس��اريين أكث��ر انتقادا لفت��رة حكم‬ ‫العس��كر مقارن��ة بالمحافظي��ن‪ ،‬إذ أن‬ ‫‪ 46%‬م��ن األش��خاص الذي��ن أعط��وا‬ ‫صوتهم لحزب الحكومة "الديمقراطية‬ ‫الجدي��دة" المحاف��ظ ي��رون أن حقب��ة‬ ‫الديكتاتوري��ة كانت أفض��ل من األيام‬ ‫الحالي��ة فيم��ا لم يتبن ه��ذا الرأي بين‬ ‫أنصار التحالف اليساري (سيريزا) سوى‬ ‫‪ 24%‬وبي��ن الش��يوعيين س��وى ‪17%‬‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫وكان الجي��ش اليونان��ي حاص��ر‬ ‫في الحادي والعش��رين من أبريل عام‬ ‫‪ 1967‬قص��ر الملك ومكات��ب الحكومة‬ ‫ومحطة اإلذاع��ة وانتهى األمر بوصول‬ ‫الجن��رال جاورجي��وس بابادوبول��وس‬ ‫إل��ى الحك��م‪ ،‬واس��تمر حكم العس��كر‬ ‫حتى ‪ 1974‬ش��هدت البالد خالله تقييد‬ ‫للحري��ات ومن��ع أي نش��اط سياس��ي‬ ‫كم��ا وقعت اعتق��االت واس��عة النطاق‬ ‫وفرضت رقابة شديدة على الصحف‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬هل كان االتحاد‬ ‫األوروب��ي أو حل��ف ش��مال األطلس��ي‬

‫ليسمح بانقالب العسكر على الشرعية‬ ‫وع��زل الرئيس المنتخ��ب أو اختطافه‪،‬‬ ‫م��ع أن اليونانيي��ن نزل��وا إلى الش��ارع‬ ‫بالماليين‪.‬‬ ‫عل��ى الجان��ب اآلخ��ر يؤي��د‬ ‫الغربي��ون العس��كر ف��ي دول الجن��وب‬ ‫ب��ل ق��د يدعم��ون انقالباته��م‪ ،‬ولعل‬ ‫المث��ال األكث��ر وضوح��اً ه��و االنقالب‬ ‫العس��كري في تشيلي عام ‪ 1973‬حين‬ ‫تدخ��ل الرئيس "ريتش��ارد نيكس��ون"‬ ‫ومستش��اره ف��ي األم��ن القوم��ي‬ ‫"هنري كيس��نجر" ورئي��س المخابرات‬ ‫األمريكي��ة بمس��اعدة ديكتات��ور دولة‬ ‫البرازي��ل آنذاك في مخطط إلس��قاط‬ ‫الحكومة االشتراكية للرئيس المنتخب‬ ‫ديمقراطيا "سلفادور أليندي"‪..‬‬ ‫حيث قررت أمري��كا االنقالب على‬ ‫الش��رعية وذل��ك عب��ر تأزي��م الوض��ع‬ ‫االقتص��ادي وتصفية الجن��رال "روني‬ ‫ش��نايدر" قائ��د الجي��ش والمتمس��ك‬ ‫بش��رعية المؤسس��ات قب��ل االنق�لاب‬ ‫وكيف تم دع��م المعارضة وتنظيماتها‬ ‫العس��كرية الس��رية وصحفها وكتابها‬ ‫وإذاعاته��ا وخنق االقتص��اد بإضرابات‬ ‫أخطره��ا إض��راب أرب��اب الش��احنات‬ ‫الت��ي ش��لت الحركة التجاري��ة وتموين‬ ‫األس��واق‪ ..‬ومع نج��اح االنق�لاب بدأت‬ ‫التصفي��ة الجس��دية ل��كل المعارضين‬ ‫وإغالق كل الجرائد واإلذاعات المساندة‬ ‫للرئي��س "س��الفادور ألين��دي" وح��رق‬ ‫الكتب والمج�لات وتصفي��ة المثقفين‬ ‫والش��عراء والفناني��ن م��ن ضمنه��م‬ ‫المغني العالمي الثائر "فيكتور خارا"‪..‬‬ ‫أما في العالم العربي فقد فش��لت‬ ‫المؤسس��ة العس��كرية ف��ي تقني��ن‬ ‫وجوده��ا ففي مصر مث� ً‬ ‫لا تحول نظام‬ ‫حك��م مصر م��ن ملكي إل��ى جمهوري‬ ‫شكلياً فقط حيث فيه يحكم أحد رجال‬ ‫العس��كر مصر حت��ى وفات��ه ولم تكن‬ ‫جمهوري��ة بمعن��ى أن يخت��ار الش��عب‬ ‫حاكم��ه ويحاس��به إذا أخط��أ‪ ،‬فالق��رن‬ ‫العش��رين كان نصف��ه حك��م ملك��ي‬ ‫لألحف��اد أس��رة محم��د عل��ى ونصفه‬ ‫األخ��ر حك��م عس��كري فمص��ر جربت‬ ‫حكم العس��كر وذاق��ت مرارت��ه وأثبت‬ ‫حكم العسكر فشله في تحقيق التقدم‬ ‫والرخاء للمصر وللمصريين‪.‬‬ ‫كم��ا رب��ط العس��كر أنفس��هم‬ ‫باأللوهة حت��ى أنه وأم��ام دار الحرس‬ ‫الجمهوري‪ ،‬وقف أحد القادة العسكريين‬ ‫مخاطب��ا البلتاج��ي وصف��وت حج��ازي‬ ‫«نحن في رباط إلى يوم الدين»‪ ..‬وهو‬ ‫اس��تدالل متقط��ع م��ن حديث ش��ريف‬ ‫للنب��ي ‪ -‬صل��ى اهلل عليه وس��لم ‪ -‬عن‬ ‫أه��ل مصر‪ ،‬وه��و الحدي��ث الثاني بعد‬ ‫الحدي��ث الش��ريف‪ ،‬ال��ذي يص��ف جند‬ ‫مصر بأنهم خير أجناد األرض‪.‬‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫أسبوعية‬

‫خالل إع��داد المل��ف فاجئن��ا وزير‬ ‫الدف��اع المصري عبد الفتاح السيس��ي‬ ‫وه��و يدع��و الجماهي��ر للن��زول إل��ى‬ ‫الش��وارع والميادي��ن ي��وم الجمع��ة‪،‬‬ ‫لتعطي��ه تفويض��اً للوق��وف ف��ي وجه‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬في ظ��ل وجود رئيس للدولة‬ ‫وف��ي وج��ود رئي��س للحكوم��ة‪ ،‬وكان‬ ‫بوس��ع أي منهم��ا أن يخاط��ب الش��عب‬ ‫المصري ويش��رح لهم األزمة الراهنة‪،‬‬ ‫واإلج��راءات الت��ي س��تتخذها الحكومة‬ ‫ف��ي هذا الص��دد‪ ،‬على غ��رار ما حصل‬ ‫ف��ي تون��س بع��د اغتي��ال البرهم��ي‪،‬‬ ‫ولعل المثير لالستهجان احتكام الدولة‬ ‫والش��رعية للمي��دان‪ ،‬فالحكوم��ة التي‬ ‫تباش��ر س��لطاتها في أي بل��د ال تحتاج‬ ‫إلى تفويض لمواجه��ة مهمة من ذلك‬ ‫القبيل‪.‬‬ ‫بقي أن نذكر أن وزير الدفاع وفي‬ ‫حشد المصريين ضد بعضهم نسي أن‬ ‫من يطلق الشرارة األولى في مواجهات‬ ‫س��اخنة من ذلك القبي��ل يصعب عليه‬ ‫التحكم في الشرارة األخيرة‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫مالحظة‪:‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ولعل م��ن نافل��ة الق��ول التذكير‬ ‫ب��األب القائ��د الخال��د ف��ي س��وريا‪،‬‬ ‫والرئي��س المؤم��ن في مص��ر‪ ،‬وملك‬ ‫مل��وك أفريقيا في ليبي��ا وصالح الدين‬ ‫الجدي��د ف��ي الع��راق‪ ،‬ولع��ل المفارقة‬ ‫تكمن ف��ي أن الب�لاد العربي��ة تاريخيًا‬ ‫عاش��ت مفهوم��ًا ول��و نس��بيًا لدول��ة‬ ‫ً‬ ‫مؤهل��ة أكثر من غيرها‬ ‫مركزية كانت‬ ‫للتط��ور واالبتع��اد ع��ن تألي��ه الحاكم‬ ‫العس��كري ع��ادةً‪ ،‬وحت��ى ف��ي العصر‬ ‫لتعامل سياسي‬ ‫اإلسالمي ظهرت بوادر‬ ‫ٍ‬ ‫بعيداً عن اإلقصاء والتأليه ولنا أن نذكر‬ ‫تلك الكلمات التي أوصى بها الحجاج بن‬ ‫يوس��ف الثقفي لطارق بن عمرو حين‬ ‫واله مص��ر‪" :‬ل��و والك أمي��ر المؤمنين‬ ‫أم��ر مصر فعلي��ك بالع��دل‪ ،‬فهم قتلة‬ ‫الظلمة وهادمي األمم‪ ،‬وما أتى عليهم‬ ‫قادم بخير إال التقم��وه كما تلتقم األم‬ ‫رضيعه��ا‪ ،‬وما أت��ى عليهم قادم بش��ر‬ ‫إال أكل��وه كما تأكل الن��ار أجف الحطب‪،‬‬ ‫وه��م أهل ق��وة وصبر وجل��دة وحمل‪،‬‬ ‫واليغرن��ك صبره��م وال تس��تضعف‬ ‫قوتهم‪ ،‬فه��م أن قاموا لنصرة رجل ما‬ ‫تركوه إال والتاج على رأس��ه‪ ،‬وإن قاموا‬ ‫عل��ى رجل م��ا ترك��وه إال وق��د قطعوا‬ ‫رأس��ه‪ ،‬فاتق غضبهم وال تشعل ناراً ال‬ ‫يطفئها إال خالقهم‪ ،‬فانتصر بهم فهم‬ ‫خي��ر أجن��اد األرض واتق فيه��م ثالثاً‪،‬‬ ‫نساءهم فال تقربهن بسوء وإال أكلوك‬ ‫كما تأكل األسود فرائسها‪ ،‬أرضهم وإال‬ ‫حاربت��ك صخ��ور جباله��م‪ ،‬دينهم وإال‬ ‫أحرقوا عليك دني��اك‪ ،‬وهم صخرة في‬ ‫جبل كبري��اء اهلل‪ ،‬تتحطم عليها أحالم‬ ‫أعدائهم وأعداء اهلل"‪.‬‬ ‫وف��ي الحال��ة المصري��ة ب��رزت‬ ‫بوادر ديمقراطية ف��ي العصر الحديث‬ ‫منذ إنش��اء مجلس ش��ورى النواب في‬ ‫ع��ام ‪ ،1866‬ث��م المرحل��ة الليبرالي��ة‬ ‫الوفدية التي بدأت عق��ب ثورة ‪،1919‬‬

‫وم��ن بعده��ا برلم��ان ‪ ،1924‬ال��ذي‬ ‫ش��كل نوعاً م��ن التعددية السياس��ية‬ ‫الش��كلية‪ ،‬التي كانت طريقاً لتش��كيل‬ ‫ثقاف��ة ديمقراطية مترس��خة‪ .‬نس��فها‬ ‫ً‬ ‫فرصة‬ ‫انقالب عام ‪ 1952‬وفوتت مصر‬ ‫تاريخي��ة عام ‪ 1954‬حين خس��ر محمد‬ ‫نجيب الرهان أمام جمال عبد الناصر‪.‬‬ ‫بعدها أس��قطت الثورة اإليرانية‪،‬‬ ‫وعلى رأسها الخميني‪ ،‬إمكانية التوصل‬ ‫إل��ى بدي��ل عص��ري وديمقراطي عن‬ ‫نظام الش��اه كان يرمز إليه السياس��ي‬ ‫اإليراني ش��اهبور بختيار‪ ،‬وربما كانت‬ ‫السابقة التاريخية المشابهة لما حصل‬ ‫في إيران انقضاض البالش��فة الروس‬ ‫ف��ي ‪ 1917‬عل��ى الحكوم��ة االنتقالية‬ ‫أللكس��ندر كيرينس��كي ال��ذي أنه��ى‬ ‫الحكم القيص��ري‪ ،‬هكذا فوت��ت إيران‬ ‫الفرصة التي فوتتها روس��يا ثم فوتتها‬ ‫مصر‪.‬‬ ‫وإذا أردن��ا الحدي��ث ع��ن حك��م‬ ‫العس��كر في العال��م العرب��ي فقد بدأ‬ ‫ع��ام ‪ 1936‬ب��دأ االنقالب ف��ي العراق‬ ‫عل��ى ي��د الضابط بك��ر صدق��ي الذي‬ ‫ارتك��ب‪ ،‬قب��ل ثالث س��نوات فحس��ب‪،‬‬ ‫مج��زرة األش��وريّين‪ .‬تبع��ه انق�لاب‬ ‫‪" 1941‬المربّ��ع الذهب��يّ " ورش��يد‬ ‫عال��ي الكيالني‪ ،‬أمّا ف��ي ‪ 1958‬فكان‬ ‫االنق�لاب الجمهوريّ المس��مّى ثورة‪،‬‬ ‫ت�لاه انقالب��ان ف��ي ‪ 1963‬أوّلهما جاء‬ ‫بالبع��ث إل��ى الس��لطة والثان��ي أزاحه‬ ‫عنها‪ ،‬وص��و ًال إلى انق�لاب ‪ 1968‬الذي‬ ‫أعاد البعث وأنجب صدّام حس��ين الذي‬ ‫أغرق الب�لاد بالموت الذي لم يس��تثنه‬ ‫عام ‪.2003‬‬ ‫وف��ي س��وريّة بدأ حكم العس��كر‬ ‫بثالث��ة انقالبات جاءت‪ ،‬عل��ى التوالي‪،‬‬ ‫بحس��ني الزعي��م وس��امي الحنّ��اوي‬ ‫وأدي��ب الشيش��كلي‪ ،‬ث��مّ ق��ام األخير‬

‫بانقالب ثانٍ عزّز فيه س��لطاته‪ ،‬حتّى‬ ‫إذا أطيح‪ ،‬أواس��ط الخمسينات‪ ،‬ويبقى‬ ‫انق�لاب الحن��اوي والشيش��كلي األول‬ ‫انقالبًا إلعادة الش��رعية بوجود رئيس‬ ‫وحكوم��ة منتخبي��ن م��ن الش��عب أم��ا‬ ‫االنقالب األكب��ر في الحياة السياس��ية‬ ‫الس��ورية كان ع��ام ‪ 1958‬حين قدمت‬ ‫طغم�� ٌة م��ن الضب��اط وقي��ادات البعث‬ ‫الديمقراطي��ة الس��ورية المتعث��رة‬ ‫قربانًا عل��ى محراب الفراعنة ثم تتالت‬ ‫االنقالب��ات‪ ،‬حتى انقلب حافظ األس��د‬ ‫ع��ام ‪ 1970‬على باقي رفاق��ه لتتحول‬ ‫سوريا إلى مملكةٍ يؤرثها البنه‪.‬‬ ‫وليس��ت الح��ال ف��ي الجزائ��ر أو‬ ‫الس��ودان بأفض��ل ح��ا ًال‪ ،‬ب��ل وحت��ى‬ ‫ف��ي لبن��ان ورغم��اً م��ن الديمقراطية‬ ‫المش��وهة التي يعيش��ها والتي حافظ‬ ‫عليه��ا من��ذ تأس��يس الجمهوري��ة لم‬ ‫يس��تطع الحف��اظ عليه��ا ف��ي مواجهة‬ ‫عسكر الفيلق اإليراني الذي بات قائده‬ ‫الحاكم الفعلي للبلد‪..‬‬ ‫وبالعودة إلى مصر تبرز المشكلة‬ ‫األكبر م��ا بعد حكم العس��كر للمرحلة‬ ‫االنتقالي��ة التي س��يحددها‪ ،‬أي ما بعد‬ ‫انتهاء خارطة الطريق التي سيقترحها‬ ‫الجي��ش‪ ،‬وكي��ف س��يتم التعام��ل م��ع‬ ‫التي��ار اإلس�لامي ف��ي ح��ال أعادت��ه‬ ‫صناديق االقتراع للس��لطة‪ ،‬هل ستلجأ‬ ‫المؤسس��ة للنم��وذج الناص��ري القائم‬ ‫عل��ى الفبرك��ة والتضخي��م والعب��ث‬ ‫إعالمي��ًا‪ ،‬واالس��تئصال والتصفي��ة‬ ‫والقمع سياس��ياً واجتماعياً‪ ،‬أم ستعتمد‬ ‫النم��وذج الجزائ��ري المطاب��ق تقريب��ًا‬ ‫للحال��ة المصري��ة عندما ف��ازت جبهة‬ ‫اإلنق��اذ الجزائري��ة ديمقراطي��اً لك��ن‬ ‫الكثي��ر مم��ن انتخبوها نكاي��ة بجبهة‬ ‫التحري��ر الجزائري��ة الت��ي ل��م تحقق‬ ‫آماله��م أي أن كثيري��ن صوت��وا لجبهة‬ ‫اإلنق��اذ الجزائري��ة نكاي��ة بخصومها‪.‬‬

‫ول��م يك��ن فوزه��ا يومها إال اس��تدعا ًء‬ ‫للعسكر لالنقالب على الحكم ولتعيش‬ ‫الجزائ��ر بعده��ا عق��داً م��ن اإلره��اب‬ ‫واإلره��اب المض��اد‪ ،‬ليخلف��ه عقدٌ من‬ ‫الفس��اد والقمع يدفع الجزائريون ثمنه‬ ‫حتى اليوم‪.‬‬ ‫ف��ي الختام تجدر اإلش��ارة إلى أنه‬ ‫في أحداثٍ تاريخية على هذا المستوى‬ ‫يبق��ى الحك��م لمك��ر التاري��خ‪ ،‬وعل��ى‬ ‫الرغم من السيناريوهات السوداء التي‬ ‫ذكرته��ا ق��د يفاجئنا الش��عب المصري‬ ‫ً‬ ‫تجربة ونموذج��اً يليق بحضارة‬ ‫وينجز‬ ‫مص��ر وطي��ب أهله��ا‪ ،‬وتبق��ى مصرنا‬ ‫ً‬ ‫محروسة بعيد ًة عن طبول الحرب‪..‬‬

‫‪7‬‬


‫�سوريا التي �ستنت�صر‪..‬‬

‫ملف خاص ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫وب�شار لي�س �أكرث من ديكور يف اللعبة االيرانية‬ ‫الياس س الياس‬ ‫إذا كانت مصر على مدى ‪ 3‬أسابيع تصدرت األخبار‪،‬‬ ‫وخصوصا في ظل إعالم أس��دي ال يعترف بوجود شيء‬ ‫في س��وريا س��وى "المؤامرة" التي وصلت حي القصور‬ ‫والتج��ارة والعدوي‪ ،‬فمن الطبيع��ي جدا أن يظن الحكم‬ ‫الفاشي وعصاباته المحلية والمستوردة بأنه قادر على‬ ‫فع��ل ما يرغ��ب بتغييب اإلعالم المحل��ي واإلقليمي لما‬ ‫تقدم علي��ه آلته التدميرية‪ .‬هك��ذا كان العقل الكارثي‬ ‫االنكاري يش��تغل حين كانت مظاهرات الثورة السورية‬ ‫تخرج بش��كل س��لمي في حيي المي��دان والمزة (ليس‬ ‫للحص��ر بل ألنهما في قلب العاصمة) فكان يقدم األمر‬ ‫على أنه "ال شيء يحدث" وإن اضطر لالعتراف فصيغته‬ ‫" بضعة مصلين هتفوا للشهيد وتفرقوا"! بكل بساطة‬ ‫كان يظ��ن‪ ،‬وربما ما يزال من بقي عصابات الحكم في‬ ‫دمشق‪ ،‬بأن غياب الصورة يعني غياب الفعل الثوري‪..‬‬ ‫يذكرن��ي األم��ر بوقاحة رجاالت مافيا األس��د ومن‬ ‫بينهم عمران الزعبي حين يدع��ون "المهجرين للعودة‬ ‫إلى منازلهم بدل المكوث في معس��كرات اللجوء"‪ ..‬أية‬ ‫بي��وت؟ ال أحد يش��رح له��ؤالء الماليين م��ن المهجرين‬ ‫الذي��ن بعضهم قصفت طائرات بش��ار الم��دارس التي‬ ‫آوتهم كما المس��اجد (خذ على س��بيل المث��ال حين تم‬ ‫قصف م��دارس مخي��م اليرموك ومس��جد عب��د القادر‬ ‫الحس��يني في ‪ 16‬ديسمبر ‪ )2012‬بل ذهب هو بنفسه‬ ‫في مشهد هزلي يكرره كل ديكتاتور إلى بابا عمرو في‬ ‫حم��ص معلنا أمام "عمود كهربائ��ي" بأن إعادة اإلعمار‬ ‫وعودة الناس قد بدأت‪..‬‬ ‫وه��ا نحن نرى ف��ي حمص تدمي��را لتاريخ طويل‬ ‫بقص��ف األحياء القديمة ومس��جد وقبر خالد بن الوليد!‬ ‫لعل التفكير الرغبوي ظل مسيطرا على عقول عصابة‬ ‫الحكم في دمشق حتى يومنا هذا‪ ..‬فمن مقولة " قنوات‬ ‫س��فك الدم الس��وري" إلى " مؤامرات حم��د وأردوغان"‬ ‫استمر المش��هد الكاذب على الذات بأنه لو توقف هؤالء‬ ‫عن "التآمر" وإظهار ما يجري في س��وريا لما كان هناك‬ ‫ثمة حاجة لطائرات وصواريخ سكود وأرض ‪ -‬أرض وال‬ ‫اس��تيالد فاش��ية "جيش الدفاع الوطني" واس��تيراد من‬ ‫حدود باكس��تان مرورا بإيران وبغ��داد ولبنان لعصابات‬ ‫تساند تحت راية " الحسين"‪..‬‬ ‫لي��س األمر ف��ي العق��ل الكارثي الذي ق��ادت فيه‬ ‫عصابة دمش��ق على الصعيد الداخلي فحس��ب‪ ،‬بل في‬ ‫االس��تمرار بإط�لاق صف��ة "الممانعة" عل��ى الذات في‬ ‫نف��س الوقت الذي كانت القنوات مفتوحة مع الصهاينة‬ ‫ومنذ البداية بش��كل رس��ائل غير مباش��رة مع أعتى ما‬ ‫قدم��ه العقل العصابات��ي الصهيوني ممث�لا بأفيغدور‬ ‫ليبرمان وغيره في مس��ائل متعلقة بكيان يحلم بش��ار‬ ‫(ليس شخصيا فحسب بل بمن حوله من مافيا قد تكون‬ ‫عاب��رة للطوائ��ف) إلقامته في الس��احل الس��وري بعد‬ ‫اس��تكمال التطهير الذي يتم في حمص‪ ..‬إلى السكوت‬ ‫عن مسح الس��يادة "األس��دية" باألرض بقصف متكرر‬ ‫ممت��د من الش��مال إل��ى العاصمة بطائ��رات صهيونية‬ ‫يدعي أنه ممانع لها‪..‬‬

‫ا�ستجداء "املفاو�ضات"‬

‫تق��ف منظوم��ة العصاب��ة الحاكم��ة بق��وة األم��ر‬ ‫الواقع مندهش��ة‪ ،‬ومصدومة ربم��ا‪ ،‬بأنها ورغم كل ما‬ ‫تق��دم من تغطية عل��ى مجازره وتدمي��ره لمدن وقرى‬ ‫الس��وريين إقليميا وبحماية روسية وتقديم كل وسائل‬ ‫الدعم وبأس��اليب نص��ب واحتيال داخلية على الش��عب‬ ‫الثائ��ر في مح��اوالت تفكيك ثورته باصطناع ما يش��به‬ ‫ميكيافيلية فاشلة وخطى إنكليزية تستند على سياسة‬ ‫فرق لتسد بين مكونات الشعب وحتى القوى السياسية‬ ‫بتصنيفات تتصاعد وتهبط حس��بما يؤش��ر بارموميتر‬

‫االنهي��ار الش��امل الذي تس��نده عصابات غ��زو خارجي‬ ‫وسعي حثيث لتطييف المواجهة في سوريا‪..‬‬ ‫فلي��س غريبا مثال أن نراه يس��تجدي األكراد (وهو‬ ‫النظ��ام ذات��ه الذي همش من��ذ عهد أبيه مئ��ات اآلالف‬ ‫منهم وحملهم أوراق مؤقتة باعتبارهم غير س��وريين)‬ ‫بتقوي��ة مواق��ف بع��ض ه��ؤالء السياس��يين األك��راد‬ ‫المعروفين في عالقاته��م التاريخية كديكور في حكم‬ ‫الديكتاتورية األسدية‪..‬‬ ‫وإن حس��ب البع��ض نفس��ه عل��ى "المعارض��ة"‬ ‫ف��ي هيئ��ة التنس��يق التي بلع��ت الءات ث�لاث وضعتها‬ ‫ف��ي حلبون ‪ ،2011‬كما تبلع لس��انها أمام س��يل الدماء‬ ‫والمذابح المتنقلة بين الس��وريين في قراهم ومدنهم‬ ‫بارتباك يش��ير إلى ورط��ة القوى واألح��زاب التقليدية‬ ‫التي تش��به غيرها في العالم العربي في زمن الثورات‬ ‫التي سبقتها فلهثت وراءها وركبت موجتها بل وبعضها‬ ‫يعتبر ‪ /‬من يس��ار ويمين وليبرالي��ة وعلمانية ودينية ‪/‬‬ ‫بأنها مفجرة تلك الثورات‪..‬‬ ‫المش��هد واضح ال لبس فيه‪ ،‬بع��د أن كانت الثورة‬ ‫الس��ورية مجرد " حثاالت" و" عصابات تروع اآلمنين" و"‬ ‫تحالف بين القاعدة واألميركيين وبندر والحريري ألخ"‬ ‫ص��ارت العصابة الحاكمة التي وعدت مؤيديها مرة‬ ‫بالرد على االعت��داءات الصهيونية فانبطحت أكثر تحت‬ ‫س��ماء تغطيها طائرات االس��تطالع اإلس��رائيلية يوميا‬ ‫وتفاه��م متبادل في الج��والن غير المحتل ليس��تكمل‬ ‫بشار تدمير سوريا وجيش��ها‪ ،‬ووعدتهم باستعادة حلب‬ ‫خالل أي��ام منذ أكثر من عام مثلما وعدتهم باس��تعادة‬ ‫الرق��ة‪ ..‬ومثلما تتخبط ف��ي سياس��ة اقتصادية ناهبة‬ ‫تمارسها عبر جناحها المافيوي في قصة ارتفاع الدوالر‬ ‫وهبوط��ه بع��د أن تصب��ح قيم��ة العملة الس��ورية في‬ ‫مس��توى يؤشر إلى الجشع الذي تصطبغ به أية عصابة‬ ‫تعتبر وطنها رأسمالها وليس وطن الشعب‪..‬‬ ‫بعد كل ذلك وغيره كثير بدأنا نس��مع من أصحاب‬ ‫تس��مية الس��وريين الثائري��ن بمس��ميات سيس��جلها‬ ‫التاري��خ على طحالب الفاش��ية التي تفش��ل يوميا في‬ ‫تبرير وتس��ويق أكاذيبها حتى أم��ام هؤالء المصفقون‬ ‫للصواري��خ وللطائ��رات م��ن األتباع الذي��ن غيب إعالم‬ ‫األسد عقولهم منذ اللحظة األولى‪ ..‬هؤالء صاروا اليوم‬ ‫أكث��ر وهما بانتص��ارات وهمية ومضحك��ة في تفكيك‬ ‫عبوة هنا وقتل مئات اآلالف وتدمير مثلها من الدوش��كا‬ ‫فتش��عر بأن ه��ؤالء ال يس��تجدون المفاوض��ات و" باب‬ ‫سوريا مفتوح لمن يريد الحوار الوطني"‪..‬‬

‫ما الذي يجري؟‬

‫س��واء اعترف عالنية أم لم يعترف بش��ار وصحبه‬ ‫فهو أصبح مفعول به وليس الفاعل‪ ..‬تم رهن س��وريا‬ ‫إليران‪ ،‬وحتى العامل الروس��ي لم يعد س��وى بطريقة‬ ‫تبادلية بين مافيا دمش��ق وموسكو في مسائل السالح‬ ‫ليس إال‪ ،‬ومن يقرر ما يجري في معس��كر بش��ار ليس‬ ‫ه��و أبداً بل تحول ه��و إلى مجرد ديك��ور في منظومة‬ ‫تسير المعارك العسكرية والسياسية إيرانيا وبعصابات‬ ‫مستوردة ومحلية‪..‬‬ ‫لنأخذ مثال ما كتبته نيويورك تايمز عن الشخصية‬ ‫الطائفية رفيق لطف (وهو بالمناس��بة يحمل الجنسية‬ ‫األميركي��ة مع زوجت��ه جمانة التي تحول��ت من برنامج‬ ‫دردش��ة عل��ى االنترنت لتصبح مراس��لة قن��اة طائفية‬ ‫دينية كالكوثر وما يش��بهها) فهو يجمع ش��باب س��وري‬ ‫(م��ن الش��يعة) وبأعمار أطفال ليرس��لهم إل��ى طهران‬ ‫ليتلقوا التدريبات هناك ثم يعادون إلى س��وريا ليموتوا‬ ‫ف��ي س��بيل مش��روع طه��ران تحت حج��ة "الدف��اع عن‬ ‫المقامات"!‬

‫وحي��ن يص��ل األمر حس��بما نقل��ت الصحيفة إلى‬ ‫مس��توى أن ش��خصية مثل رفيق لطف يج��وب األحياء‬ ‫الدمش��قية القديمة موزعا السالح (وعلى فكرة بإمكان‬ ‫الجمي��ع أن ي��راه صحفي��ا ف��ي مؤام��رات ولي��د المعلم‬ ‫والزعبي والمقداد‪ ) ..‬بحجة الدفاع عن أحياء الش��يعة‪..‬‬ ‫فقط لتثبيت نظرة ذكرناها س��ابقا ال تهدف إلى تقديم‬ ‫الث��ورة الس��ورية على أنها ث��ورة طائفي��ة وقامت ضد‬ ‫مقام الس��يدة زينب وسكينة ‪ /‬تماما مثلما يفعل حسن‬ ‫نص��ر اهلل بأكاذيب��ه المفضوحة ‪ /‬بل أيضًا في س��ياق‬ ‫توس��عة الش��رخ بين مكونات المجتمع السوري تقدمة‬ ‫لما يحلم به اإليراني من تقسيم سوريا‪..‬‬ ‫دع عن��ك الكالم ع��ن حرص هؤالء ف��ي خطابهم‬ ‫اإلعالمي الدعائي عن "وحدة س��وريا" وراجع ممارسات‬ ‫العصاب��ات المقننة وغير المقننة ف��ي نهبها لممتلكات‬ ‫السوريين وتدمير ما تبقى في المناطق التي لن تكون‬ ‫ج��زءا من دويل��ة طهران في س��وريا‪ ..‬وراجع الس��يادة‬ ‫الوطنية في مناورات تحييد األكراد عبر أحزاب معروفة‬ ‫الوالءات وممن س��اهمت بقمع الش��باب الكردي الثائر‪..‬‬ ‫بل وساهمت بقتل القائد الوطني الكردي مشعل تمو‪..‬‬ ‫فع��ن أي ح��وار يتح��دث هؤالء؟ ح��وار ولي��س تفاوض‬ ‫تق��وده عقلي��ة صالح��ي اإليراني وبخطى ش��امير‪ ..‬أي‬ ‫بوه��م جرجرة الث��ورة الس��ورية نحو دهالي��ز حوارات‬ ‫ال أس��اس له��ا وال نهايات تصل إليها س��وى في تفكيك‬ ‫قوى الثورة (ولي��س المعارضة وش��خصياتها المفككة‬ ‫والمهلهلة باألصل والتي لم يكن لها الفضل في انطلق‬ ‫ه��ذه الثورة أبداً ولو ادعى حتى ميش��يل كيلو أو هيثم‬ ‫مناع أو شيوخ وكهنة بأنهم وراء الثورة)‪..‬‬ ‫طه��ران التي وضعت بش��ار جانبا واس��تولت على‬ ‫الق��رار ف��ي أروق��ة السياس��ة ال يهمه��ا أن قام بش��ار‬ ‫بمس��رحية هزيل��ة ف��ي ح��زب البع��ث‪ ..‬وال يهمه��ا أن‬ ‫يثرث��ر كل محي��ط بش��ار ع��ن " الس��يادة الوطنية" وال‬ ‫يهمها كل هيئة التنس��يق وش��عاراتها الت��ي بلعتها عن‬ ‫رفض التدخ��ل الخارجي رغم معرفة حتى كوادر هيئة‬ ‫التنس��يق سياس��ة الباس��يج داخل العاصمة الس��ورية‬ ‫وحواجزها التي تريد للناس أن يكفروا بالثورة ويقبلوا‬ ‫باألمر الواقع‪..‬‬ ‫ما يهم طهران التي تتدخل كقوة غازية وبش��كل‬ ‫منظم مع حس��ن نصر اهلل وميليشيات شيعية طائفية‬ ‫ف��ي الع��راق نمت ف��ي حضن الغ��زو األميرك��ي هناك‬ ‫إعداد مسرح التقس��يم‪ ..‬تدخل عناصر عربية أو دينية‬ ‫س��نية في الشمال السوري وعلى عكس ما يشاع ليس‬ ‫باألم��ر الذي كان منظم��ا وبمباركة ال��دول التي يجيء‬ ‫منها هؤالء أكان من الخليج أو أوروبا أو حتى الشيش��ان‬ ‫وغيرها من الجنس��يات التي يعتبر هيث��م مناع مهمته‬ ‫األساس��ية كحقوق��ي لي��س متابع��ة خروق��ات فظيعة‬ ‫لحقوق شعبه بل عد عدد الجنسيات في شمال سوريا‪..‬‬ ‫وال ي��رى ف��ي الباس��يج وق��وة بغ��داد والضاحي��ة‬ ‫الجنوبي��ة إش��كالية‪ ..‬وال أكاد ش��خصيا أن أفه��م كيف‬ ‫يصم��ت ه��ذا العلمان��ي ومثل��ه كثي��رون عن س��خافة‬ ‫تش��كيل وارس��ال ميليش��يات تح��ت بن��د "الدف��اع عن‬ ‫المقدس��ات" ‪ /‬وهي بالمناسبة أيضًا حجة تبنتها روسيا‬ ‫بلسان الفروف حين علق على تدخل عصابات حزب اهلل‬ ‫‪ /‬لكنن��ا وبمعرفتنا البس��يطة بتوزع ما يس��مى مقامات‬ ‫ليس في القصير وال حلب وال ريف دمشق ما يستدعي‬ ‫كل هذا الواجب "الجهادي" الكذبة الكبرى المتحولة إلى‬ ‫ورطة حقيقية‪ ..‬لكل هؤالء بمن فيهم القوى السورية‬ ‫الليبرالي��ة والقومي��ة والعلماني��ة الصامت��ة ع��ن أقذر‬ ‫ممارس��ات مباشرة وغير مباش��رة بحق السوريين على‬ ‫الحواج��ز وفي أحي��اء المدن التي بقيت تحت س��يطرة "‬ ‫نظام" العصابة‪..‬‬


‫على ماذا يراهن ال�سوريني يف ثورتهم؟‬

‫ملف خاص ‪. .‬‬

‫ه��ذه المرة برعاي��ة طهران وليس بش��ار المتحول إلى‬ ‫ديكور)‪ ..‬التكافل الوطني والوعي بالذات وباللعبة جعل‬ ‫السوريين في معس��كر الثورة يدركون بأن انتصارهم‬ ‫ف��ي ثورته��م اليتيم��ة ل��ن يتحق��ق س��وى باالعتم��اد‬ ‫عل��ى ال��ذات التي حاول��ت عوائل الحكم ش��طبها ومحو‬ ‫ش��خصيتها لمصلحة حضور " البان��ي والمعلم والقائد‬ ‫الخالد وسيد الوطن"‪..‬‬

‫مالحظتني يف ال�سياق‬

‫أسبوعية‬

‫• تم مؤخرا وبسالح إيراني قصف مخيم اليرموك‬ ‫جن��وب العاصم��ة الس��ورية‪ ..‬صواري��خ أرض ‪ -‬أرض‪..‬‬ ‫س�لاح ممانع��ة ومقاومة يدمر مخيمات الفلس��طينيين‬ ‫ب��ذات الوق��ت الذي يمعن في��ه هؤالء بالمتاجرة باس��م‬ ‫فلسطين ومعهم مرتزقة فلسطينيون من أحمد جبريل‬ ‫إلى أصغر حامل قلم كرش��اد أبو ش��اور ولسان يدعي "‬ ‫اليس��ارية" كليلى خال��د‪ ..‬صور الدمار الت��ي فرحت لها‬ ‫صفحات "الممانعة" لم تظهر لنا س��وى أطفال ونس��اء‬ ‫يت��م قتله��م بحجة " تحري��ر المخيم"‪ ..‬يج��ري هذا في‬ ‫الوق��ت الذي يقوم فيه وفد من س��لطة رام اهلل بزيارة‬ ‫إلى دمش��ق متنقال من مس��ؤول أمني إلى آخر‪ ..‬وعلي‬ ‫ممل��وك يصدر المزي��د من األوامر لدك الفلس��طينيين‬ ‫بالصواري��خ والكيم��اوي بأوام��ر اس��ياده اإليرانيي��ن‪..‬‬ ‫ه��ذا ل��م يثر ما يس��مى "الفصائ��ل الفلس��طينية" ولو‬ ‫بإدانة ونح��ن نرى صور األطفال الت��ي تدمي القلوب‪..‬‬ ‫هل يس��تحق األمر التذكير به وكل س��وريا تدمر؟ نعم‬ ‫يستحق من زاوية اإلفالس األخالقي عند تلك الفصائل‬ ‫هذا إذا لم ن��أت على الوطني وضياع الضمير عند كتبة‬ ‫واب��واق فلس��طينيين يرتضون ألنفس��هم التحول إلى‬ ‫ج��زم في أحذية عصابات بش��ار عند " معاب��ر" المخيم‬ ‫والتنكي��ل بالفلس��طينيين والفلس��طينيات ف��ي نفس‬ ‫الوق��ت الذي ت��ذرف فيه اآللة الدعائية لبش��ار وحس��ن‬ ‫نصر اهلل دموع التماس��يح على قضية فلسطين وبأنها‬ ‫تتعرض " لمؤامرة كونية" بسبب مواقفها الممانعة‪..‬‬ ‫• ف��ي المش��هد المص��ري يرتب��ك اآلن الممانعون‬ ‫بعد االنقالب العس��كري الذي رحبوا به نكاية بمرس��ي‬ ‫واالخ��وان‪ ،‬فه��ا ه��ي غزة تصب��ح محاصرة م��رة أخرى‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫مرة �أخرى ال بد من الوحدة‬

‫في الكتابات الس��ابقة حين كنت أكتب عن ضرورة‬ ‫توحد الق��وى الثورية‪ ،‬عل��ى اختالف مش��اربها‪ ،‬بقيادة‬ ‫موحدة وغرفة تنس��يق مشتركة فقد كان األمر استنادا‬ ‫إلى أن أحد في هذا العالم لن يحرر س��وريا والسوريين‬ ‫سوى أنفسهم‪ ..‬وبقوتهم الذاتية‪ ..‬وبعيدا عن نرجسية‬ ‫بعض الشخصيات التي تظن أنها تملك الحل والطريق‬ ‫وحده��ا ما تزال الثورة الس��ورية العصية على الكس��ر‬ ‫بعد عام��ان من التجذر إل��ى مزيد من الوحدة سياس��يا‬ ‫وعس��كريا وإعالميا‪ ..‬هذه ثورة تنحت في المستحيالت‬ ‫وكل تس��لق وانتهازي��ة ومتاج��رة فيها تؤذيه��ا وتؤخر‬ ‫النص��ر وانهاء معان��اة الماليين‪ ..‬وباقتن��اع كامل أقول‬ ‫بأن نظام العصابة الفاشية إلى زوال مهما بدت أوهامه‬ ‫بإمكاني��ة االنتص��ار على ش��عب ل��م يعد بحاج��ة إلى "‬ ‫وس��ائل إعالم سفك الدم الس��وري" لتقول له الحقيقة‬ ‫التي يلمس��ها يوميا بجس��ده على حواجز تحيط بأحياء‬ ‫دمشق حيث يحاصر نظام العصابة نفسه‪..‬‬

‫وصف��ق البع��ض للحمل��ة العنصرية الهس��تيرية بحق‬ ‫الفلس��طينيين نكاي��ة بحم��اس وكأن غزة لي��س فيها‬ ‫س��وى رجال حماس وليس فلسطينيون بشر لهم الحق‬ ‫ف��ي الخروج والدخول تحت ش��عار " العروبة"‪ ..‬أخطر ما‬ ‫ف��ي األمر أن ه��ؤالء بلعوا ألس��نتهم حين يت��م توجيه‬ ‫تهم��ة لرئيس منتخب من الماليين ول��م يأتي بالدبابة‬ ‫وال التوري��ث‪ :‬التخاب��ر مع حم��اس! وبغ��ض النظر عن‬ ‫موق��ف البعض من حم��اس إال أننا أمام مش��هد مخزي‬ ‫وعار عل��ى القوى العروبي��ة والديمقراطي��ة في مصر‬ ‫وهي ترى وتس��مع هذه الهيستيريا اإلعالمية الموجهة‬ ‫إلى الس��وريين في مصر والفلسطينيين عموما وقيام‬ ‫عمرو أدي��ب بتحية اإلس��رائيليين على اله��واء لقتلهم‬ ‫الفلس��طينيين‪ ..‬فتم الس��كوت عن األمر من معسكر "‬ ‫الممانعة البيروتي والطهراني والدمش��قي"‪ ..‬والغريب‬ ‫أن البع��ض ف��ي رام اهلل يف��رك يديه فرح��ا لتهديدات‬ ‫باجتي��اح مص��ري لغ��زة! هذه ه��ي بركة تأيي��د ركوب‬ ‫العس��كر في مصر لموجة غضب ش��عبي طبيعي على‬ ‫حكم محمد مرس��ي‪ ..‬ومن حمدي��ن صباحي إلى القوى‬ ‫الديمقراطي��ة والوطنية يتراكم عار المواقف التي ترى‬ ‫في أرجوز السيس��ي تقليدا س��خيفا وفاشال لجمال عبد‬ ‫الناص��ر‪ ..‬فصناعة الزعامات ال تتم بهذه الكاريكاتورية‬ ‫وال بش��يطنة اآلخ��ر وقتله ث��م االدعاء بأن��ه " إرهابي‬ ‫يس��تحق القت��ل بتفويض ش��عبي"‪ ..‬ه��ذه اللعبة تمت‬ ‫في س��وريا حين كان بش��ار يسير مس��يراته في السبع‬ ‫بحرات وس��احة األمويين ويخرج على قنواته "محللين"‬ ‫ومواطني��ن بالصدف��ة يصرخ��ون بش��كل هيس��تيري‬ ‫ليلب��س بش��ار البدلة العس��كرية‪ ..‬أي ليقص��ف ويدمر‬ ‫بتفوي��ض المصفقي��ن والمهللين للمج��ازر التي يبدو‬ ‫أن جي��وش العرب ال تتقن س��واها مع ش��عوبها وعنترة‬ ‫فارغة مع الع��دو الحقيقي‪ ..‬كما لم يث��ر هؤالء ومنهم‬ ‫قوى مصرية ومعس��كر األكاذيب الممانع��ة ذلك المال‬ ‫الخليج��ي ال��ذي تدف��ق فج��أة عل��ى مص��ر‪ ..‬ول��م يثر‬ ‫اش��مئزازهم تهديدات أحمد ش��فيق عبر يوتيوب عن "‬ ‫أصبح��ت ايامكم وس��اعاتكم معدودة!"‪ ..‬كم��ا يثيرهم‬ ‫مثال أن يقول غاضب على االنقالب العس��كري سنبقى‬ ‫نعتص��م ل��و كلفن��ا ذل��ك حياتنا‪ ..‬كم��ا كل��ف ذات يوم‬ ‫الس��وريين حياته��م ف��ي اعتصام س��احة الس��اعة في‬ ‫حمص‪..‬‬ ‫ما ج��رى في مصر ل��ن يجري في س��وريا ألنه لم‬ ‫يعد أصال من "حماة ديار" بعد أن تحول الجيش السوري‬ ‫ال��ذي كان يفتخ��ر ب��ه القومجي��ون إلى عصاب��ات نهب‬ ‫ملحقة بأوامر قاس��م س��ليماني وميليش��يا حزب اهلل‪..‬‬ ‫لك��ن ما يمكن أن يح��دث هو أن نرى بع��د انجاز الثورة‬ ‫الس��ورية ألهدافها هؤالء الذين يركب��ون موجة الثورة‬ ‫ويريدون س��رقتها لتعيد انتاج نظ��ام مافيا بوجه آخر‪..‬‬ ‫لكن األمر لن يكون بتلك السهولة‪..‬‬ ‫كانت مالحظتي األخيرة ألن البعض يس��تخف في‬ ‫قراءة انعكاسات ما جرى ويجري في مصر على الثورات‬ ‫العربية‪ ..‬رغم أني متأكد بأن عقارب الس��اعة لن تعود‬ ‫إلى الوراء‪ ،‬فقد كان عيدي أمين وكان بول بوت والخمير‬ ‫الحمر وكان بينوشيه وكل ديكتاتوريي أميركا الالتينية‬ ‫وأفريقي��ا‪ ..‬ولم تبقهم جرائمهم ب��ل بالعكس غرقهم‬ ‫في دماء الش��عوب أدى بتلك الش��عوب إلى تحوالت البد‬ ‫أنها آتي��ة رغم كل قوى الظالم العربية المتحالفة فيما‬ ‫بينها على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء‪..‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ل��م يعد هناك من فائ��دة للتذكير ب��أن " المؤامرة‬ ‫الكوني��ة" ف��ي مخيل��ة بش��ار بداي��ة وتردادها بش��كل‬ ‫ببغائ��ي داخليا وإقليمي��ا يعرف الس��وريون بأنها كذبة‬ ‫كبرى كش��فتها مجموعة من السياس��ات الدولية وحتى‬ ‫اإلس��رائيلية التي تبتهج يوميا لتفكك المجتمع السوري‬ ‫وتدمير بنية سوريا التحتية بخردة األسلحة الروسية‪..‬‬ ‫لي��س قص��ة التس��ليح ه��ي الكذبة الوحي��دة‪ ،‬بل‬ ‫تعطي��ل القان��ون الدولي اإلنس��اني عند حدود س��وريا‬ ‫يكش��ف مدى النفاق الذي وصلت إليه سياس��ات الغرب‬ ‫في الثورة الس��ورية ‪ /‬وكما قال أحدهم‪ :‬األمم المتحدة‬ ‫يجب أن يتغير اس��مها إلى منظمة عد الضحايا والتعبير‬ ‫عن القل��ق ‪ .. /‬من غير المفهوم مث�لا أن تقف منظمة‬ ‫الصلي��ب األحمر الدول��ي عاجزة عن النفاذ إلى س��وريا‬ ‫ولو من الحدود التي ال تس��يطر عليها عصابات الحكم‪..‬‬ ‫فكارثة الس��وريين التي س��ببتها أس��لحة روسيا ال تقل‬ ‫ع��ن كارث��ة زل��زال هايتي واي��ران وكاترين��ا التي هب‬ ‫العرب لتقديم مساعدات للمتضررين بعده‪..‬‬ ‫ه��ي كارثة ال تق��ل عن أية كارث��ة حصلت في أي‬ ‫م��كان في العالم س��واء كانت كارثة طبيعي��ة أو كارثة‬ ‫إب��ادة جماعية ف��ي افريقيا وغيره��ا‪ ..‬فبالرغم من كل‬ ‫ما اش��يع ع��ن تل��ك المؤام��رة الكونية حضر مس��ؤول‬ ‫منظمة الصليب األحمر مبتس��ما في لقاءاته مع األس��د‬ ‫ومس��ؤولين س��وريين آخري��ن ومن��ذ عامين يس��تمر "‬ ‫جيشنا الباسل" في مالحقة "المشافي الميدانية" ويدمر‬ ‫ويقتل كل م��ن يحاول خرق حصار عل��ى هذه المدينة‬ ‫وتلك القرية ولم يسلم حتى الالجئون من قتلهم وهم‬ ‫يحاولن عبور الحدود إلى خارج سوريا‪..‬‬ ‫أكثر من مرة أُعلنت مناطق سورية عديدة كمناطق‬ ‫منكوبة وأكثر من مرة تم توجيه نداء استغاثة بدون أن‬ ‫تتح��رك المنظم��ات الدولية ال غير الحومي��ة وال التابعة‬ ‫لألم��م المتح��دة س��وى بإص��دار تقارير ع��ن الماليين‬ ‫الت��ي تحتاج المس��اعدة‪ ..‬وعن ك��رم الضيافة في دول‬ ‫كاألردن التي تلقى ملكها مئات ماليين الدوالرات لدعم‬ ‫الالجئين وما يزال التس��ول جاري��ا‪ ..‬عدا عن المالحقات‬ ‫التي تعرض لها الس��وريون بشكل منظم ومنهجي في‬ ‫مصر بعد ‪ 30‬يونيو بالضد من مبادئ ثورة يناير‪..‬‬ ‫إل��ى جان��ب ذل��ك لنالحظ كي��ف يتص��رف بعض‬ ‫اللبنانيون مع الالجئ الس��وري لنكتشف تلك "المؤامرة‬ ‫الكوني��ة التي تتعرض له��ا الممانعة"‪ .‬الس��وريون في‬ ‫واقع األم��ر يعتمدون على ارثهم الحضاري وتحضرهم‬ ‫الذي حاولت حثاالت العصابات الحاكمة مس��حها باعتبار‬ ‫س��وريا لم تكن موجودة س��وى منذ انقالب حافظ اسد‬ ‫وتسمية س��وريا على اس��م عائلته‪ ..‬واعتبار كل من ال‬ ‫يخضع لتل��ك الحثاالت التي يعرف أهل الس��احل وأهل‬ ‫دمشق وحماة كل معاني التشبيح التي تم اكار وجودها‬ ‫بلسان أبواق بشار منذ مارس ‪..2011‬‬ ‫لقد فشلت العصابة الحاكمة في خلق نزاعات بين‬ ‫حوران والس��ويداء كما تتالشى كذبة " حماية األقليات"‬ ‫بتفجي��ر أماكنه��ا والب��كاء عليها عب��ر اآلل��ة الدعائية‪..‬‬ ‫فش��لت العصابة في ض��رب الحاضنة الش��عبية للثورة‬ ‫الس��ورية بالرغم من أن نصف الشعب السوري مهجرا‬ ‫ومئ��ات اآلالف من الش��هداء والمعتقلين والجرحى وفي‬ ‫مس��الخ معاتيه األس��د بمن فيهم خيرة ش��باب وصبايا‬ ‫الش��عب الس��وري ممن قاوم��وا حتى س��لميا‪ ..‬الحظوا‬ ‫مثال االعتقاالت األخيرة بح��ق فنانين ومثقفين وحملة‬ ‫تخوين تطال كل من ال يقدم فرض العبودية‪..‬‬ ‫حت��ى عبد العزي��ز الخير ورفاقه ل��م يكترث نظام‬ ‫العصاب��ة لمصيره��م ويقف اإلنس��ان مدهوش��ا أمام‬ ‫انش��غاالت هيئ��ة التنس��يق ف��ي تمييع قص��ة التدخل‬ ‫الخارج��ي بينم��ا أثبتت األيام أي��ة كذبة كبرى عاش��ها‬ ‫ه��ؤالء الذين عطل��وا وأعطوا روس��يا وغيره��ا الذرائع‬ ‫بش��أن القان��ون الدولي اإلنس��اني بحجة س��اقوها في‬ ‫‪ 2011‬عن رفضهم ألي تدخل خارجي وش��كروا روس��يا‬ ‫والصي��ن على الفيت��و المتتالي قائلين لن��ا جميعا‪ :‬هل‬ ‫تريدون أن تدمر س��وريا ويقتل ‪ 50‬ألف س��وري! أثبتت‬ ‫األي��ام بأن��ه لم يقت��ل فقط ‪ 50‬الف س��وري وس��ورية‬ ‫ب��ل مئات اآلالف ودمرت مدن وق��رى وبنية تحتية كانت‬ ‫قائمة قبل والدة بش��ار ومنها مس��اجد وكنائس وقالع‬ ‫وجسور بسالح الخردة الروسي األعمى‪..‬‬ ‫ولم يراجع هؤالء مواقفهم بل يمعنون في البحث‬ ‫ع��ن أي��ة طريق��ة للتجاوب م��ع مهزل��ة "الح��وار" (لكن‬

‫‪9‬‬


‫ثورة �أم حرب �أهلية‬ ‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫خالد كنفاني‬ ‫ه��ل ال ي��زال ل��دى أحد ش��ك ف��ي قي��ام الحرب‬ ‫األهلية؟‬ ‫هذا ليس يأسًا ولكنه واقعية‪ ،‬والفارق كبير‪.‬‬ ‫اش��تباكات بي��ن األك��راد وعناص��ر القاع��دة‪،‬‬ ‫اش��تباكات بي��ن فصائل كردية وعناص��ر من الجيش‬ ‫الح��ر‪ ،‬منازعات بين ثالثة كتائب للس��يطرة على أحد‬ ‫المخافر‪ ،‬إعالن كتيب��ة "كذا" باالنفصال عن لواء "أبو‬ ‫ف�لان"‪ ،‬نهب المعامل والمصانع في كافة أرجاء البالد‬ ‫عل��ى أيدي الجميع‪ ،‬دولة العراق والش��ام تش��تبك مع‬ ‫كتائب الجيش الحر في إدلب‪.‬‬ ‫العناوين الس��ابقة هي جزء بس��يط مما يتسرب‬ ‫عب��ر نش��رات األخب��ار التي ال ت��زال تص��ر على عدم‬ ‫المهني��ة وعدم الحيادية اإلعالمي��ة في تغطية الثورة‬ ‫السورية‪ .‬فهناك عش��رات األخبار التي ترد يوميًا عن‬ ‫الصراعات الداخلية واالقتتال على الغنائم والمكاسب‬ ‫بي��ن الفصائ��ل المتقاتل��ة عل��ى األرض إال أن قناتي‬ ‫الجزي��رة والعربية بال��ذات تصران عل��ى تجاهل كل‬ ‫ذل��ك بينما يتم الحدي��ث عن مجموع القتل��ى متبوعًا‬ ‫بالجمل��ة التقليدية "بنيران قوات النظام" لتغطية كل‬ ‫ما يحدث تحت بند واحد هو الثورة فقط‪.‬‬ ‫يتح��دث كل الس��وريين الخارجي��ن م��ن الجحيم‬ ‫الس��وري عن عش��رات آالف المس��لحين المنتش��رين‬ ‫في كل أرجاء البالد تحت مس��ميات وشعارات وأهداف‬ ‫واس��تراتيجيات مختلفة‪ .‬وبي��ن المتعصبين المجانين‬ ‫والمتحمس��ين األحرار توجد مئات األطياف التي تريد‬ ‫فرض رؤيتها على ما يقع تحت س��يطرتها من أراض‪.‬‬ ‫وقد بدأ ذلك مع انتش��ار "هيئات أمر بالمعروف ونهي‬ ‫ع��ن المنكر" إلى وجود "محاكم ش��رعية" ال أحد يعلم‬ ‫من أوجده��ا وال صالحياتها‪ ،‬ناهيك عن فرض أتاوات‬ ‫وطل��ب فديات من الن��اس إلرجاع أبنائه��م أو بدعوى‬ ‫الحصول على تسليح لقتال النظام‪.‬‬ ‫تس��يطر بعض الكتائ��ب على حواجز عس��كرية‬ ‫ومدنية مهمة ثم تجد الناس ال تزال تعاني الفاقة وال‬ ‫تصل إليهم أية مس��اعدات‪ .‬يتم إعدام الناس ميدانيًا‬ ‫وهناك أحاديث عن معتقالت سرية وتعذيب لمعتقلين‬ ‫يت��م القبض عليهم لدى الكتائب وهم ليس��وا جنوداً‬ ‫في جيش النظ��ام وال عناصر أمني��ة وإنما مواطنون‬ ‫عادي��ون اخت��ار بعضهم معارضة العن��ف أو معارضة‬ ‫النهب والسلب واالستيالء على األموال العامة‪.‬‬ ‫وع��ودة إلى مس��ألة الحيادية اإلعالمي��ة‪ ،‬فبينما‬ ‫تق��وم العربي��ة بالحدي��ث مط��و ًال عن ع��دم وصول‬ ‫األس��لحة إلى "األي��ادي الخطأ" تقوم ف��ي الوقت ذاته‬ ‫بع��رض صور لملثمي��ن أو ملتحين حليقي الش��وارب‬ ‫يعتم��رون عصائب س��وداء تحم��ل ش��عارات دينية ال‬ ‫تبش��ر ب��أي مس��تقبل أبي��ض‪ ،‬فع��ن أي "أي��اد خطأ"‬ ‫نتحدث؟‬ ‫ف��ي كل النش��رات اإلخبارية للجزي��رة والعربية ال‬ ‫توج��د أية أرقام أو أخب��ار عن ضحاي��ا أو قتلى للجيش‬ ‫الحر أو أي من الكتائب المتصارعة في س��وريا وكأنهم‬ ‫ال يموت��ون أو ال يجرحون‪ ،‬وفيما ع��دا خبر الكمين الذي‬ ‫تعرض له خمس��ون من عناص��ر الجيش الحر في عدرا‬ ‫والذي لم تس��تطع العربية إخفاءه بس��بب انتشار الخبر‬ ‫بش��كل كثي��ف ف��ي كل مكان‪ ،‬ل��م تتم إذاع��ة أية خبر‬ ‫يتعل��ق بأض��رار أو خس��ائر مادي��ة أو ف��ي األرواح في‬ ‫صف��وف الجيش الحر وغيره من الكتائب المتقاتلة وهو‬ ‫أمر يثير االنتباه بس��بب استحالة قيام حرب دون ضحايا‬ ‫إال إذا كان لدى محرري أخبار العربية والجزيرة رأي آخر‪.‬‬ ‫هن��اك ف��ارق كبير بين دعم الث��ورة (أو ما تبقى‬ ‫منه��ا) وبي��ن الحيادي��ة اإلعالمي��ة‪ .‬وأكب��ر األمثل��ة‬ ‫الصارخ��ة عل��ى ذل��ك ما يح��دث الي��وم م��ن تغطية‬

‫ألح��داث مص��ر‪ .‬فبينما تتح��دث العربية ع��ن "الثورة‬ ‫الثاني��ة" تتحدث الجزيرة وتركز على تظاهرات "إعادة‬ ‫الش��رعية"‪ ،‬وبينما تطلق العربية على محمد مرسي‬ ‫لق��ب "الرئيس المخلوع" تس��ميه الجزي��رة "الرئيس‬ ‫المع��زول"‪ .‬وهك��ذا ب��ان واضح��اً تغي��ر "الحيادي��ة"‬ ‫و"المهنية" مع تغير السياس��ات وتغي��ر المحاور‪ ،‬وهو‬ ‫ما نخش��ى أن يتفاق��م مع تدهور الوضع في س��وريا‬ ‫وتدحرجه نحو الحرب األهلية الشاملة‪.‬‬ ‫إن مس��ار األح��داث ف��ي س��وريا ل��م يع��د يترك‬ ‫مجا ًال للش��ك في انفجار حرب أهلية ش��املة ستجعل‬ ‫مما حصل ف��ي الحرب األهلي��ة اللبنانية مجرد نكتة‪.‬‬ ‫فالحقد والكراهية المتراكمان عبر عش��رات الس��نين‬ ‫وج��دا فرصتهما الس��انحة لالنفج��ار الي��وم والتعبير‬ ‫الحقيق��ي ع��م يجي��ش ف��ي ص��دور الن��اس ط��وال‬ ‫عق��ود طويل��ة‪ .‬والحديث عن تعاي��ش ووحدة وطنية‬ ‫ومصطلحات براقة لم يعد صالحاً س��وى لالس��تهالك‬ ‫الفلس��في الكالمي أو للتسويق للحصول على أموال‬ ‫جدي��دة لالئت�لاف الوطني والصرف على س��فرياتهم‬ ‫و"متطلب��ات" المناص��ب الجدي��دة التي ل��م تعد تليق‬ ‫بمناضلي��ن أو ثائري��ن وإنم��ا بسياس��يين متأنقي��ن‬ ‫يلبس��ون أفخر الثياب وينزلون في أفخم الفنادق ولم‬ ‫تعد حياة الش��ظف التي عاش��ها بعضه��م في الداخل‬ ‫مناسبة للمواقع الجديدة‪.‬‬ ‫إن الث��ورة الت��ي ب��دأت نقي��ة وس��لمية وعفوية‬ ‫تتحول اليوم إلى حرب أهلية طاحنةيثف‪5‬عتوينزلون‬ ‫في أفخم الفنادق ولم تعد حياة الش��ظف التي عاشها‬ ‫بعضهم في الداخل مناسبة للمواقع الجديدة‪.‬‬ ‫إن الثورة التي بدأت نقية وسلمية وعفوية تتحول‬ ‫اليوم ش��يئًا فش��يئاً إلى حرب أهلية طاحنة لن تبقي‬ ‫ولن ت��ذر‪ ،‬ويتم ذل��ك بأيدي س��ورية خالصة وبدعم‬ ‫عربي وأجنبي متعدد االتجاهات واألطياف والتوجهات‬ ‫والخطط المس��تقبلية والحالية والتي تس��اهم يوميًا‬ ‫ف��ي تمزي��ق م��ا تبق��ى م��ن أش�لاء الوط��ن الجريح‬ ‫النازف ال��ذي تكالب عليه الجميع‪ ،‬أبن��اؤه قبل أعداؤه‬ ‫ووق��ف الجميع أمام لحظ��ة الحقيقة التي تضعنا أمام‬ ‫مسؤولية تاريخية يبدو أننا لسنا أه ً‬ ‫ال لها بعد أن أثبت‬ ‫رموز معارضتنا أهليتهم التاريخية والسياس��ية الفذة‬ ‫للقيام بمس��ؤوليتهم التاريخية الحقيقية وظهر جليًا‬ ‫عجزهم على كل المستويات الشخصية واالجتماعية‬

‫والسياس��ية والفكري��ة والثقافية وس��اهموا بش��كل‬ ‫فع�لا ف��ي س��قوط ص��ورة المعارضة بش��كل خاص‬ ‫وصورة السوريين بش��كل عام وخاصة بعد القرارات‬ ‫االنفرادية والنزاعات اإلعالمية والمناوشات الصحفية‬ ‫السخيفة والتي أبدت بجالء كيف يسعى معظم هؤالء‬ ‫الهثي��ن وراء المناص��ب والمراك��ز والش��هرة تاركين‬ ‫معان��اة الناس وآالمهم للصور واإلخ��راج التلفزيوني‬ ‫وتسول األموال‪.‬‬ ‫إن م��ن يتعيش على دماء الناس هم من يجرون‬ ‫البالد إلى الحرب األهلية الشاملة‪ ،‬ومن يدعون حماية‬ ‫الوح��دة الوطنية ه��م أول من يقوضه��ا بمهاجمتهم‬ ‫لطوائ��ف معينة تح��ت دعوى محاربة الظل��م أو قتال‬ ‫النظام‪ .‬بينما يقوم داعموه��م من الخارج و"أصدقاء‬ ‫الش��عب السوري" بإش��عال ما تبقى من فتيل انفجار‬ ‫األزمة لتدمير الوطن وإعادته للعصور الوس��طى من‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫إن تكرار نقد األخطاء المريعة التي يسقط فيها‬ ‫كل من السياس��يين والعس��كريين ال يعني بحال من‬ ‫األح��وال تبرئ��ة النظام م��ن خطيئته األول��ى بتدمير‬ ‫المجتمع والحياة والمس��تقبل‪ ،‬ولك��ن علينا أن تعترف‬ ‫الي��وم بأن أصدق��اء وحلفاء النظام كان��وا حتى اليوم‬ ‫عل��ى يد واح��دة‪ ،‬بينما كث��رت أيادي أصدقاء الش��عب‬ ‫السوري وكثرت حبالهم التي تجذب كل طرف وفصيل‬ ‫إلى حيث ال نهاية سوى الدم وال مخرج سوى القبر‪.‬‬ ‫إن المراحل القادمة من عمر هذا الوطن خطيرة‬ ‫ج��داً وه��ي تنبئ بتالش��ي ه��ذه البقعة م��ن األرض‬ ‫تح��ت س��نابك الخيل الت��ي ال ترحم‪ ،‬وعندما تنقش��ع‬ ‫هذه الغمامة س��يكون الوطن ق��د أصبح أوطانًا ولكن‬ ‫لألش��باح وليس للبش��ر‪ ،‬وإن م��ن س��يعيدون بناء ما‬ ‫ته��دم س��يكونون أجي��ا ًال أخرى أكث��ر تفتح��ًا وأعمق‬ ‫تفكيراً وأكثر تحرراً من أفكار متخش��بة وبالية كالتي‬ ‫تدع��ي قيادتنا اليوم‪ .‬إن من س��يبني س��وريا القادمة‬ ‫ل��ن يكون جيلنا وال الجيل القادم بكل تأكيد‪ ،‬إنه جيل‬ ‫آخر مختل��ف كليًا ومتحرر من كل العوالق التي دمرت‬ ‫حياتنا وحطمت آمالنا‪ ،‬ولكن كل بذرة سنزرعها اليوم‬ ‫قد تكون غرسة لثمار الغد‪ .‬من يدري؟‬ ‫آخر الكالم‪ :‬يقول طرفة بن العبد‪:‬‬ ‫س���ت���ب���دي ل����ك األي�������ام م����ا ك�����ان خ��اف��ي��اً‬ ‫وس���ي���أت���ي���ك ب���األخ���ب���ار م����ن ل����م ت����زود‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫والس��ؤال ال��ذي يطرح نفس��ه الي��وم في ظل‬ ‫كل هذا الخراب والذل والقمع وللش��هداء والمغيبين‬ ‫والمعتقلين والوطن المتهاوي‪.‬‬ ‫ماهو الحل؟!‬ ‫لربم��ا ال يوجد ح��ل واضح س��ريع يمكنه انقاذ‬ ‫س��وريا‪ ،‬خاصة مع تخلي الكثير من السوريين عم‬ ‫مبدا الس��لمية وتغلغل الكثير من العناصر االجنبية‬ ‫ف��ي الداخ��ل الس��وري ب��ل واص��رار النظ��ام على‬ ‫االستمرار في ممارس��ة قذارته باعتقال من تبقى‬ ‫من الش��باب او المثقفين القادرين بش��كل او باخر‬ ‫على اعطاء الحلول وغياب معارضة وطنية حقيقية‬ ‫قادرة على معرفة التاريخ السوري ومعرفة الحاضر‬ ‫وق��راءة المس��تقبل والمصالح الس��ورية واالوراق‬ ‫التي يمتلكها من يدعم هذا الطرف او ذاك‪..‬‬ ‫أن ل��م يك��ن الحل س��وريا واح��دة موحدة‪ ،‬فال‬ ‫حل وان لم يعد الس��وريين لشعاراتهم االولى‪ ،‬فال‬ ‫ح��ل وان لم يوجد قوة وطني��ة حقيقية من الداخل‬ ‫السوري ال من ثوار الفنادق في الدوحة واسطنبول‬ ‫ال تراه��ن عل��ى ق��وى خارجي��ة وال عل��ى النظ��ام‬ ‫السوري فال حل!‪..‬‬ ‫ومع معرفتنا بتعنت النظام الس��وري وبانه لن‬ ‫يس��مح بتش��كيل قوة كتل��ك ولن يس��مح لها حتى‬ ‫بأن تك��ون بذرة في ارض الوطن ومع معرفتنا بأن‬ ‫ث��وار الفنادق في الخارج وقفوا في وجه الثورة إلى‬ ‫جانب النظام‪ ،‬وبان الحس��م العس��كري ال احد قادر‬ ‫على تحقيقه‪ ،‬وفي ظل غي��اب األمل‪ ،‬وانتهاء زمن‬ ‫المعج��زات‪ ،‬لي��س للس��وري إال الس��وري‪ ،‬االلتفاف‬ ‫على عود الوطن‪ ،‬واالعتصام بحبل سوريا‪ ،‬والعمل‬ ‫بس��ياية الي��د الواح��دة‪ ،‬للتخلص م��ن األخطر تلو‬ ‫األخط��ر‪ ،‬لنجد يوما صباحا هادئا آخرا‪ ،‬يتظاهر فيه‬ ‫أه��ل درعا ألنهم م ّللوا الحرية أو أن س��عر البندورة‬ ‫ق��د انخفض كثيرا‪ ،‬أو لربما ألنهم ال يجدون عاط ً‬ ‫ال‬ ‫عن العمل جالسا على المقهى‪..‬‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫إح��دى الصباح��ات الهادئة ف��ي محافظة درعا‪،‬‬ ‫درعا ابنة النظام‪ ،‬والتي حضنت أكبر قيادات الجيش‬ ‫الس��وري‪ ،‬منها‪ ،‬من حضن النظ��ام‪ ،‬انطلقت أولى‬ ‫المظاه��رات التي في هذه المرة لم تدعوا للرئيس‬ ‫بالعم��ر المديد‪ ،‬ولم تتضرع إل��ى اهلل لحمايته وآله‬ ‫أجمعين‪ ،‬مظاهرة هتف فيها الش��عب بصوت واحد‪،‬‬ ‫الش��عب يريد إسقاط النظام‪ ،‬وما لبثت أخوات درعا‬ ‫أن س��معت اس��تغاثتها‪ ،‬ورن��ت حب��ال الكرام��ة في‬ ‫آذانهم‪ ،‬حتى صرخت سوريتهم في داخلهم يا درعا‬ ‫حنا معاك��ي للم��وت‪ ،‬الكثير من الم��دن الكثير من‬ ‫األص��وات‪ ،‬صف واحد ريف دمش��ق‪ ،‬حماة‪ ،‬حمص‪،‬‬ ‫إدل��ب وكثير مم��ن حلموا بإنتفاضة الش��عب أخيراً‪،‬‬ ‫وبقي��ام الثورة ش��بانًا كان��وا أم ش��يبانًا‪ ،‬وربما لم‬ ‫يصدقوا آذانهم وهي تسمع تلك الشعارات المدنية‬ ‫الرائع��ة الت��ي خرجت من أفواه ش��عب ت��م تجهيله‬ ‫سياس��يًا وتوجيهه ثقافيًا من��ذ الطفولة وعلى مدى‬ ‫عقود‪.‬‬ ‫وف��ي الظ��روف التي تعيش��ها ال��دول العربية‬ ‫م��ن تون��س إل��ى مص��ر واليم��ن تحدي��داً‪ ،‬واألمل‬ ‫الكبير التي عاش��ته تلك الش��عوب وباقي الشعوب‬ ‫العربية كان البد للش��عب السوري أن يحلم باعادة‬ ‫تش��كيل نفس��ه كما يريد‪ ،‬وبان يع��ود هو بثقافته‬ ‫ومكانت��ه‪ ،‬وأن تصب��ح للحرية في قاموس��ه مكان‪،‬‬ ‫ع��دوى الحل��م لم يبقى له��ا حدوداً مرس��ومة‪ ،‬كما‬ ‫ح��دود الطغيان الذي رس��متها الديكتاتوريات‪ ،‬وألن‬ ‫في س��وريا من وص��ل الجهل بهم ح��د العُمي‪ ،‬لم‬ ‫يرق ذلك للكثيرين‪ ،‬س��وا ًء في الداخل الس��وري أو‬ ‫من األنظمة الداعمة لذلك النظام‪ ،‬فكان الرصاص‬ ‫ه��و الح��ل بالنس��بة لمافيا‪ ،‬ضرب��ت جذوره��ا بالـ‬ ‫البوط العسكري‪ ،‬خالل عقود‪ ،‬بالتاكيد ال ينكر أحد‬ ‫قوة النظام الس��وري سياسياً وعس��كرياً‪ ،‬فهو وليد‬ ‫نفس��ه‪ ،‬ك��ون كيونونت��ه بأظافره‪ ،‬لعب ب��األوراق‬ ‫على مزاجه‪ ،‬طرح الحل أ للخطة ب‪ ،‬وعالج المرحلة‬ ‫م بع�لاج أ‪ ،‬مم��ا أدى إلى ظهور أس��وأ جملة كررها‬ ‫الش��عب‪ ،‬غباؤه��م ينصرن��ا‪ ،‬إذ لم‬ ‫يكن م��ا حدث غب��ا ًء‪ ،‬ب��ل كان رؤيا‬ ‫وبعد نظر‪ ،‬واس��تراتيجية شيطانية‬ ‫بأصاب��ع آل األس��د‪ ،‬أي��ن نحن منه‪،‬‬ ‫اليوم ليس للسوري سوى الذكرى‪،‬‬ ‫وبع��ض م��ن األمل‪ ،‬لي��س له يوى‬ ‫أل��م في حبال��ه الصوتي��ة وارتجاف‬ ‫في أطرافه حنينا أليام كانت تدعى‬ ‫ـ سلمية سلمية‪..‬‬ ‫نج��ح النظ��ام الس��وري وبع��د‬ ‫أشهر بإثبات كل ماقاله‪ :‬تكفيريون‪،‬‬ ‫س�لاح‪ ،‬عناص��ر غربية‪ ،‬شيش��ان‪،‬‬ ‫أفغانس��تانات‪ ،‬إقليمي��ة‪ ،‬دولي��ة‪،‬‬ ‫وغيره��ا‪ ،‬بغض النظ��ر عن كيفية‬ ‫اثباته إال أنه تم إثباته وش��ن حربه‬ ‫الش��عواء‪ ،‬الت��ي يخوضه��ا طرفين‬ ‫أو أكث��ر‪ ،‬وح��وّل الث��ورة األجم��ل‬ ‫في تاريخ س��وريا‪ ،‬إل��ى حرب وكالة‬ ‫بأيدي القوى الكبرى في العالم‪.‬‬ ‫أين هو الشعب السوري اليوم؟‬ ‫تش��ريد ولجوء ون��زوح‪ ،‬لينجح‬ ‫النظ��ام وبعض الكتائب المس��لحة‬ ‫والنص��رة وأخواته��ا إل��ى تحوي��ل‬

‫الش��عار األول ف��ي منطق��ة الحريق��ة في دمش��ق‬ ‫"الش��عب الس��وري م��ا بين��ذل" إلى ش��عار وهمي‬ ‫وليذوق الش��عب الس��وري أنواع الذل عب��ر التاريخ‬ ‫أن��واع جديدة لل��ذل لممارس��ته على‬ ‫ب��ل واخت��راع‬ ‫ٍ‬ ‫الس��وريين في الداخل والخارج من عناصر سورية‬ ‫أم من غيرها!‪..‬‬ ‫وإعالم ال يريك سوى زاويته‪ ،‬يدّعي اإلنسانية‬ ‫وي��داه ش��ريكتان بقتل الس��وريين جس��داً وروحًا‪،‬‬ ‫س��وا ًء من إعالم النظام إلى القن��وات األخرى التي‬ ‫تدعي المحبة والش��فافية‪ ،‬والموضوعية‪ ،‬ومساندة‬ ‫ث��ورة‪ ،‬نزف��ت س��وريا م��ن أجله��ا كل مخزونه��ا‬ ‫االحتياط��ي من الدماء‪ ،‬كل تقري��ر من هؤالء يزيد‬ ‫المغت��رب ف��ي الخارج جنون��ًا وغضبًا وحزن��ًا وربما‬ ‫نواحاً‪ ،‬من العصابات االرهابية التي روعت االمنين‬ ‫إل��ى المجاهدي��ن او الثوار‪ ،‬كل حس��ب م��ا يريد أن‬ ‫يسمي هؤالء‪ ،‬وكل حسب توجهه وما تريده الدولة‬ ‫الداعمة لهذه المحط��ة او تلك‪ ،‬اهتف للعرعور وإال‬ ‫ل��ن تبث المظاهرة على الهواء مباش��رة‪ ،‬وأدى هذا‬ ‫التش��ويش إال أخالق��ي عل��ى األح��داث إل��ى ظهور‬ ‫اعالم شبابي ـ بديل ـ من هاتف نقال اصبح عالمة‬ ‫وطريق��ة جدي��دة يتعلمه��ا ط�لاب كلي��ات االعالم‬ ‫في انح��اء العالم‪ ،‬إل��ى فتاوى العلم��اء بالجهاد في‬ ‫سوريا‪ ،‬بالجسد او بالمال او حتى بالنكاح والدعوات‬ ‫الصريح��ة الرس��ال الفتي��ات إلى هناك لمس��اعدة‬ ‫الث��وار وقض��اء حاجتهم الجنس��ية حت��ى وان كانت‬ ‫بالم��داورة‪ ،‬وليتن��ا راينا واح��دا من ه��ؤالء العلماء‬ ‫ينفذ ما افتاه ونراه واقفا في ساحات القتال‪ ،‬وكانما‬ ‫اصبحت مهمته التضحية بهؤالء الش��باب وارسالهم‬ ‫إلى الموت‪ ،‬لينطلق الشعب السوري من مظاهرات‬ ‫تحمل الماء والورود يش��ارك فيها الس��وري بجميع‬ ‫طوائف��ه وإنتماءاته‪ ،‬الس��وري بإنس��انيته‪ ،‬ليصل‬ ‫إلى معبر يقس��م حلب إلى ش��رقية وغربية ولربما‬ ‫س��تبقى هذه التسمية حتى وان عادت سوريا اجمل‬ ‫مما كانت!‪..‬‬

‫يامن المغربي‬

‫وجهة نظر ‪. .‬‬

‫من �أظافر اطفال درعا‬ ‫�إىل الن�صرة و�أخواتها!‬

‫‪11‬‬


‫من ذاكرة العتمة ‪. .‬‬

‫تاريــخ مــن ال تاريـخ لهـم‬ ‫يوميــات �ســجني‬

‫أحمد سويدان‬ ‫‪1994 - 1991‬‬

‫اليوم ال�سابع ‪2 / 7‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫يمر األس��بوع خلف األس��بوع والش��هر وراء الش��هر‬ ‫كمث��ل الحل��م‪ ،‬واألح��داث حولن��ا كثي��رة‪ ..‬متتابع��ة تمر‬ ‫وتخل��ف ضجيجاً ونقاش��ًا‪ .‬تم��ر نوبات من البرد الش��ديد‬ ‫ونرى من وراء الش��بابيك نتف الثلج‪ ،‬ونسمع عواء الرياح‬ ‫يت��ردد‪ ،‬فيقطع تسلس��ل الحدي��ث والنق��اش‪ ..‬أن هناك‬ ‫نزق داخل��يٍّ لدى كل واحد منا وتؤازر الطبيعة الس��جن‬ ‫فالجلوس المتواصل في ه��ذا المهجع هو الدفاع الوحيد‬ ‫ض��د الب��رد وض��د هذا الس��جن‪ .‬إنن��ا نح��اول الحياة ضد‬ ‫أسباب الفناء المحيطة بنا‪ .‬يعمل الصقيع من الجسد إلى‬ ‫النفس يالحقهما يمزقهما ويس��د طري��ق الحياة‪ .‬يحاول‬ ‫منع التنفس‪.‬‬ ‫ورغم ذلك نالحق اإلذاعات‪ ،‬نستمع إلى إذاعة لندن‬ ‫ونق��ول‪ :‬إنه��ا – مذ وج��دت – تخدم الدولة االس��تعمارية‬ ‫األع��رق في العالم‪ ،‬فهي مضللة تبدو كأنها مع قضاياك‬ ‫وه��ي ضدها‪ .‬أما إذاعة "مون��ت كارلو" فهي أكثر حرارة‪،‬‬ ‫وتبدو أنه��ا مع الع��رب ولكنها مع الثقافة االس��تعمارية‪.‬‬ ‫و"ص��وت أمريكا" تحاول أن تش��رح وتع ّلم الديمقراطية‪.‬‬ ‫ربم��ا توجد في هذه الدولة التي تح��اول أن تكون وريثة‬ ‫االس��تعمار بعض مالمح الديمقراطي��ة في القضاء‪ ،‬في‬ ‫البلديات‪ ،‬ولكنها تكذب على العالم أنها ضد الدكتاتوريات‬ ‫في العالم‪ .‬إنها تدعم مصالحها وال يهمها النظام‪.‬‬ ‫لقد كانت داعمة لنور السعيد وشاه إيران وماركوس‬ ‫وضياء الحق ضد ش��عوبهم‪ ،‬وهي مع النظام الس��عودي‬ ‫وهي مع حافظ األس��د‪ .‬ومع مبارك وليست ضد القذافي‬ ‫وال ضد األنظمة األخرى ولكنها ضد الشعوب‪ .‬هذا العالم‬ ‫الحضاري الذي نهضت به الطبقة الوس��طى والتي كانت‬ ‫وراء الدول��ة المدنية والفكر الحر والحوار الفكري وتقدم‬ ‫العقل وانحسار المؤثر الديني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هذا العالم ظل فوقيًا واستعمارا تجاه األمم األخرى‬ ‫وغي��ر إنس��اني‪ ،‬وكأن الحض��ارة والتق��دم العلمي يبرر‬ ‫االعت��داء على األم��م األخرى وس��حقها وإلغ��اء وجودها‬ ‫وحضارتها من هن��ا نفهم حرب الخليج ونفهم ماذا تريد‬ ‫أمري��كا وانكلترا المؤيدة والغ��رب المتباكي وهذا يقودنا‬ ‫إلى فهم الدور المنوط بإس��رائيل الجالسة على صدورنا‬ ‫وقلوبنا‪.‬‬

‫اليوم الثامن ‪2 / 8‬‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫حياتنا م�لأى بالقلق واالضطراب والعطب‪ ،‬لقد نخر‬ ‫الس��جن أعماقنا وعندما يقيّض إلنس��ان من الخارج أن‬ ‫يس��تمع إلينا يخيل إليه أنه يس��تمع إلى أناس غرباء من‬ ‫عصر غير هذا العصر‪ .‬لقد س��خنا وساخ السجن وتطاول‬ ‫الص��دأ على األب��واب‪ ،‬وعرّش ف��وق القضب��ان والزوايا‬ ‫واأللسنة‪.‬‬ ‫عندم��ا نرى عصف��وراً ن��زداد عجباً‪ ،‬وعندما أش��عة‬ ‫الش��مس تتس��لل إلين��ا نش��هق ونس��تيقظ م��ن موتنا‪.‬‬ ‫الس��جين طف��ل يضح��ك ب�لا س��بب‪ ،‬ويبكي بال س��بب‪،‬‬ ‫ويغضب بال س��بب‪ .‬محاوالت لدى الس��لطة لمحو الذاكرة‬ ‫ومحو الت��وازن ومحو الرأي‪ ،‬وقد حقق��ت هذه المحاوالت‬ ‫جل أهدافها‪ .‬ولك��ن الكواكبي رحمه اهلل صاحب " طبائع‬ ‫االس��تبداد " ال��ذي ق��ارع اس��تبداد عبد الحمي��د يؤكد أن‬ ‫االس��تبداد ينه��ك البالد وال ب��د من رحيله والش��عب هو‬ ‫الباقي‪.‬‬ ‫إننا منطرحون على األرض ومتكومون كما الفواكه‬ ‫ف��ي الب��رادات‪ .‬صحي��ح أن الفواكه ال تفقد ش��كلها لكن‬ ‫مذاقها يذهب وطزاجته��ا تزول‪ .‬نحن مثل هذه الفواكه‪.‬‬ ‫مظل��م ه��ذا الس��جن‪ ،‬وكل الس��جون التي م��رت علينا‪.‬‬ ‫لكن متى كان الس��جن منوَّراً ومش��رقاً وخاصة " شرقي‬

‫المتوسط "‪ .‬طرح أحد الشباب أن‬ ‫المستفيد األول من حرب الخليج‬ ‫هذه هي إسرائيل قائ ًال‪ :‬يرفض‬ ‫الع��رب المتعامل��ون م��ع أمريكا‬ ‫رب��ط ح��رب الخلي��ج بالص��راع‬ ‫العربي اإلس��رائيلي‪ ،‬وكان هذا‬ ‫الربط يعقر ظهورهم‪.‬‬ ‫لق��د ظه��روا وكأنه��م‬ ‫أبط��ال تحري��ر‪ .‬ه��ؤالء أصحاب‬ ‫التوازن م��ع العدو وه��م –واهلل‬ ‫ العائ��ق لش��عوبهم لخ��وض‬‫معركة التحري��ر‪ .‬لقد بدأ يطفو‬ ‫عل��ى الس��طح الحل��ف العرب��ي‬ ‫– اإلس��رائيلي األمريك��ي ض��د‬ ‫الع��راق وش��عبه‪ .‬وق��د انضمت‬ ‫انكلت��را له��ذا الحل��ف للس��طو‬ ‫عل��ى نف��ط الع��راق ث��م التحق‬ ‫كل الغ��رب به��ذا الحل��ف‪ .‬وأم��ا‬ ‫االتحاد السوفييتي فيبدو عاجزاً‬ ‫بس��بب "رس��ن" إع��ادة البن��اء‬ ‫والديمقراطية‪.‬‬

‫اليوم التا�سع ‪2 / 9‬‬

‫اليوم زارتني الصديقة القديمة والزوجة المخلصة‬ ‫افرنجية بوجهها الشاحب وثباتها وتطلعها الحزين‪ .‬كانت‬ ‫ترتجف برداً وغيظاً‪ ،‬لقد انتظرت عند الباب األس��ود أكثر‬ ‫من س��اعتين ونصف‪ ،‬ثم مشت مسافة نصف كيلو متراً‪،‬‬ ‫وصع��دت أكث��ر من عش��رين درج��ة حتى وصل��ت غرف‬ ‫الزيارات في جو بارد‪ .‬س��ألتها عن الحال‪ ،‬أجابت‪ :‬ال بأس‪.‬‬ ‫وفهمت من نظرتها وحرك��ة حاجبيها أن التعليمات تؤكد‬ ‫على التكلم فقط في الصحة والعافية واألمور البيتية‪.‬‬ ‫قال��ت‪ - :‬أن م��واداً كثيراً ق��د منعوا دخوله��ا كاللبن‬ ‫والمكدوس‪ ،‬س��ألتها عن األوالد‪ ،‬أجابت‪ - :‬أن رجل البيت‬ ‫ه��و قصي البالغ من العمر خمس��ة وعش��رين عامًا وهو‬ ‫يعمل ووأن خزامى قد س��جلت بالمعه��د الرياضي وتمت‬ ‫خطوبتها لشاب من دير الزور يدعى مازن العاني‪.‬‬ ‫أما ريما التي تركتها ذات تس��عة أعوام فهي تستعد‬ ‫لتقدي��م امتحان الثانوية‪ .‬وع��ن البيت قالت‪ :‬أنه خال من‬ ‫المستأجرين لكننا عندما نش��عر بالضيق نؤجر غرفتين‬ ‫منه أجراً س��ياحياً لمدة معلومة‪ ،‬س��ألتها‪ :‬هل تذهب إلى‬ ‫الضيع��ة؟‪ ..‬قالت‪ :‬يعان��ي الريف من الع��وز‪ .‬عندما قرأوا‬ ‫إس��مي كي أس��تعد للزيارة كنت أق��رأ كتابًا يق��ارن بين‬ ‫تولس��توي ودوستوفس��كي‪ ،‬والفرق االجتماع��ي بينهما‬ ‫وما الفرق بي��ن رؤيتهما‪ ،‬عنوان الكتاب‪" :‬الفن والمجتمع‬ ‫عب��ر التاريخ"‪ .‬أم��ا الثاني ألرنولد ه��اوزر ترجمة د‪ .‬فؤاد‬ ‫زكريا‪ ..‬يا له من تحليل مشوق‪ ،‬هذه الكتب تخرجني من‬ ‫السجن‪.‬‬

‫اليوم العا�شر ‪2 / 10‬‬

‫أن انتق��ال األخبار بين المهاجع يتم بش��كل مثير‪..‬‬ ‫أحدن��ا ق��ال‪ - :‬أن الموقف الس��وري منضو تح��ت الخيمة‬ ‫األمريكية‪ ،‬آخر قال‪ :‬ليس ذلك غريبًا‪ ،‬فحافظ األسد جاء‬ ‫إلى س��دة الحكم بتفويض أمريك��ي‪ ،‬ودخوله إلى لبنان‬ ‫كان بض��وء أخضر أمريكي‪ ،‬وللقضاء على حركة التقدم‬ ‫التي تش��كلت من الح��زب التقدمي االش��تراكي والحزب‬ ‫الش��يوعي والحزب القومي الس��وري‪ ،‬بالتعاون مع ياسر‬ ‫عرفات لدحر الكتائب‪.‬‬ ‫لي��س غريباً أن يس��كت اإلع�لام األمريك��ي ومعه‬

‫اإلعالم األوربي إال ما ندر عن مجازر حماه ومجازر سجن‬ ‫تدمر‪ ..‬أظن أن اإلذاعات التي تؤيد العراق وتش��جعه هي‬ ‫إذاعات مش��بوهة‪ ،‬ما يثير كذلك هو الس��كوت التام عن‬ ‫ممارس��ات النظام السوري‪ .‬لقد تكلم تقرير لجنة حقوق‬ ‫اإلنس��ان عن هذا النظام وأدرجه في القائمة الس��وداء‪..‬‬ ‫البع��ض ي��رى أن العراق يق��ود حربًا ثوري��ة ضد النفط‬ ‫الخليجي والسعودي وضد أمريكا وضد أعوانها‪.‬‬

‫اليوم احلادي ع�شر ‪2 / 11‬‬

‫ف��ي ه��ذه األي��ام حياتن��ا مضطرب��ة قلق��ه م�لأى‬ ‫بالترقب‪ ،‬وكذلك مألى باليأس‪ .‬عندما اعتقلنا في نيسان‬ ‫‪ 1982‬كنا نعتقد أن هذا النظام س��يفرج عنا قريبًا‪ ،‬وكما‬ ‫قال المحققون أننا لن نتجاوز األربع أو الخمس س��نوات‪،‬‬ ‫وهك��ذا مض��ت آالف األي��ام واآلن تج��اوزت الثالث��ة آالف‬ ‫يومًا‪ .‬ومنذ جرى احتالل الكويت وضمه‪ ،‬اس��تقر رأينا أن‬ ‫س��جننا يمتد لألبد‪ ،‬فالنظام ال يتعرض للضغوط وحرب‬ ‫الخليج قوَّت من عضده‪ .‬والش��رق مع الغرب صامت على‬ ‫ممارسات النظام في لبنان‪.‬‬ ‫البع��ض الزال يتكلم عن الع��راق الثوري والبعض‬ ‫يق��ول أن��ه لو تبي��ن ألمري��كا واح��د بالمئة أنها تخس��ر‬ ‫الح��رب لما خاضته��ا بمس��اعدة أوربا وأكث��ر دول العالم‬ ‫م��ع عرب الخلي��ج ونفط��ه والمملكة العربية الس��عودية‬ ‫وم��ؤازرة مصر‪ .‬الذي��ن يدافع��ون عن النظ��ام العراقي‬ ‫ويعتبرون��ه قيادة صالحة للثورة كوضع وثورية هوش��ي‬ ‫مين في الفيتنام‪ ،‬أو ماوتس��ي تونغ في الصين ينس��ون‬ ‫أن كال النظامين انتصرا على االس��تعمار بفعل التالحم‬ ‫المصيري بين الشعب وبين قيادته‪.‬‬ ‫هذا األمر ليس لدى صدام حس��ين وال حافظ األسد‬ ‫ذرة من��ه إنهم��ا نظام��ان ج��اءا بموافق��ة أمريكي��ة وقد‬ ‫دعمهم��ا المال النفط��ي المرتبط بالبورص��ة األمريكية‬ ‫وأقام��ا ‪ -‬كالهم��ا ‪ -‬س��داً منيع��ًا بينهم��ا وبين الش��عب‪.‬‬ ‫النظ��ام الس��وري ف��ي ش��باط ‪ 1982‬قتل م��ا ينوف عن‬ ‫ثالثي��ن ألفًا دون أن يرف ل��ه جفن لكي يبقى في الحكم‬ ‫وينج��ز برنامج��ه المعادي للقمة العي��ش وللوطن‪ ،‬وهو‬ ‫يف��رض بالحديد وبالنار أن يخ ّلد الش��عب ذكراه وحكمته‬ ‫وعقالنيته‪ .‬هذه األنظمة الفردية والش��مولية والقاهرة‬ ‫والمدم��رة ألرض وطنها وش��عبها‪ ،‬ال��ذي ال يزال يعيش‬ ‫عل��ى الت��واكل‪ ،‬ال يمك��ن له��ا أن تخوض حربًا ش��ريفة‬ ‫لصالح الشعب والوطن‪.‬‬


‫المس��تفيد من هذا غير االحتالل اإلسرائيلي وحلفائه‬ ‫من الحكام العرب‪.‬‬ ‫عملي��ات القرصن��ة عل��ى اآلثار واألمالك ليس��ت‬ ‫محص��ورة فيما بعد الثورة وإنم��ا بدأت منذ بداية عهد‬ ‫آل األس��د وتحول عائلته إلى غي�لان يتحكمون بالعباد‬ ‫وبمق��درات البل��د‪ ،‬وتخري��ب المواقع األثري��ة وهدها‬ ‫للنب��ش عن الكن��وز والذهب بداخله��ا واألمثلة كثيرة‬ ‫بع��دد المناطق الس��ورية‪ ،‬والمثل الماث��ل أمامي اآلن‬ ‫هي بلدة براق الجنوبية في محافظة الس��ويداء والتي‬ ‫كانت تنتصب على قم��ة جرف صخري بمحاذاة الوادي‬ ‫الجاف الذي هو فرع صغي��ر من وادي راجل‪ ،‬كان فيها‬ ‫أسوار وبرجين متصلين باألبنية السكنية‪ ،‬واحد منهما‬ ‫بني بأحجار مش��ذبة وجدرانه مزين��ة بالنحت والحلي‬ ‫الحرارية‪ ،‬واآلخر بني في الفترة المسيحية المتأخرة‪.‬‬ ‫البلدة الت��ي تطل على المناطق المجاورة‪ ،‬وكتب‬ ‫عنه��ا الكثير من الرحال��ة وعلماء اآلث��ار أصبحت أثراً‬ ‫بع��د عين وكومة من الحجار بع��د أن غزاها أحد أبناء‬ ‫األس��د وأقام فيها مخيمًا مغلقاً منع حتى األهالي من‬ ‫االقتراب‪ ،‬حتى انتهت البلدوزارات واآلليات الثقيلة من‬ ‫نبش المنطقة وإحالتها إلى خراب وكومة أحجار‪.‬‬ ‫بلدة براق ليس��ت البلدة الوحيدة في الجبل التي‬ ‫تعرضت للتخري��ب والنهب كم��ا كل المناطق األثرية‬ ‫ف��ي س��ورية‪ ،‬وس��رقة كنوزه��ا‪ ،‬وإخف��اء مالمحه��ا‪،‬‬ ‫وإحالتها إلى ركام‬ ‫وإنما كان��ت حملة ممنهجة طال��ت جميع مناطق‬ ‫سورية‪ ،‬ألن هذه العصابة تعاملت مع سورية بكاملها‬ ‫وكأنها مزرع��ة لها‪ ،‬تصول وتجول فيها‪ ،‬تبيعها تنهب‬ ‫خيراته��ا تهجر أهله��ا‪ ،‬في ظل الصم��ت المطبق من‬ ‫الش��عب الذي حي��ده الخوف من القم��ع واإلجرام الذي‬ ‫طال الصغير قبل الكبير‪.‬‬ ‫هذا الوقت انتهى واستفاق السوريون على مدى‬ ‫فداح��ة خطأهم في الصمت ع��ن الجرائم التي كانت‬ ‫تحصل‪ ،‬ونح��ن اآلن ندفع ثمن صمتن��ا وخوفنا‪ ،‬ثمن‬ ‫غال ومرتفع‪ ،‬إال أنه الخيار أمامنا‪ ،‬وإال س��تحكمنا هذه‬ ‫العصابة مئات السنوات‪.‬‬ ‫كل القت��ل والدم��ار والس��لب والنه��ب والتهجير‬ ‫ل��ن يثنينا عن االس��تمرار في ثورتن��ا أو ثوراتنا ألننا‬ ‫أصبحن��ا بحاجة إلى ث��ورات وأهمها ث��ورة على الذات‬ ‫والسير قدمًا‪.‬‬ ‫والنصر لثورتنا‪..‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫ممارس��ات النظ��ام وأتباع��ه ف��ي س��رقة اآلثار‪،‬‬ ‫والكن��وز التاريخي��ة‪ ،‬وتهريبه��ا‪ ،‬واالس��تيالء عل��ى‬ ‫األراضي‪ ،‬واس��تمالكها لمش��اريعهم الخاصة‪ ،‬ولزرع‬ ‫كانتون��ات له��م ف��ي المناط��ق المس��تهدفة‪ ،‬تحولت‬ ‫بع��د الثورة إلى عمليات ممنهجة تش��ارك فيها بعض‬ ‫الكتائب المتشددة‪ ،‬التي استقدمها النظام لدعمه في‬ ‫القضاء عل��ى الث��ورة والتعاون معًا في قتل الش��عب‬ ‫السوري وتهجيره وتدمير ممتلكاته وسرقتها وإحراق‬ ‫أكث��ر م��ن ‪ 1450‬مس��جداً وخاص��ة التاريخي��ة منها‪،‬‬ ‫واستهداف أهم المواقع األثرية من الجانبين‪.‬‬ ‫وأراد النظ��ام به��ذا أن يبي��ن للس��وريين أوالً‬ ‫وللعال��م أن البديل س��يكون دكتاتوري��ة دينية التقل‬ ‫إجرامًا عنه‪ ،‬وهذا ما بدا واضحًا في المناطق المحررة‬ ‫التي اس��توطنتها الكتائب المتشددة بعد تحريرها من‬ ‫الجيش الح��ر‪ ،‬وعاثت فيها فس��اداً وتنكي ً‬ ‫ال باألهالي‪،‬‬ ‫ما دف��ع أهال��ي الرقة وحل��ب ومناطق ف��ي إدلب إلى‬ ‫التظاهر احتجاجا على هذه التصرفات‪.‬‬ ‫نحن نتعامل اآلن مع احتالل وغزاة جدد يدمرون‬ ‫تاري��خ س��ورية وينالون م��ن رموزه��ا‪ ،‬بهدف طمس‬ ‫هويته��ا وثقافته��ا وجذوره��ا وتغيي��ر ديمغرافيتها‪،‬‬ ‫خدم��ة لمش��روع أس��يادهم اإليرانيي��ن ف��ي إع��ادة‬ ‫اإلمبراطورية الفارسية‪.‬‬ ‫ل��م يع��د خافيًا على أح��د دور ه��ذه الكتائب كما‬ ‫النظ��ام تماماً ف��ي تدمير س��ورية وتاريخها‪ ،‬وما كان‬ ‫يفعله ش��بيحة النظ��ام باألمس والي��وم‪ ،‬تفعله هذه‬ ‫الكتائب‪ ،‬وبصورة أبش��ع واألمثلة كثي��رة نذكر بأهم‬ ‫المناطق التي استهدفت من الجانبين‪:‬‬ ‫ تدمي��ر س��وق حل��ب القديمة في ش��هر أيلول‬‫من العام الماضي‪ ،‬أكبر س��وق ش��رقي مس��قوف في‬ ‫العال��م بمس��احة ‪ 16‬هكت��ارا وبطول يص��ل إلى ‪16‬‬ ‫كيلو مت��را ويعود بنائه إلى القرن الرابع قبل الميالد‪،‬‬ ‫حيث شيدت معظم أجزاءه وأطلق عليها أسماء المهن‬ ‫والحرف المزاولة فيها مثل س��وق الصوف‪ ،‬والصاغة‪،‬‬ ‫والتواب��ل‪ ،‬والعطارين وغيرها‪ ،‬باإلضافة إلى الخانات‬ ‫المتواجدة ح��ول والتي كانت منذ ذل��ك التاريخ محط‬ ‫ترحال التجار والزوار‪.‬‬ ‫ تدمي��ر جس��ر دي��ر ال��زور المعل��ق ال��ذي بناه‬‫االحتالل الفرنس��ي على نهر الفرات في العش��رينات‬ ‫م��ن الق��رن العش��رين وهدمه األس��د في ش��هر أيار‬ ‫الماض��ي من الق��رن الواحد والعش��رين‪ ،‬وه��و ثاني‬

‫جسر في العالم مبني باألسلوب الغربي لبناء الجسور‬ ‫ومن أهم معالم مدينة دير الزور‪.‬‬ ‫ تدمير مسجد القائد العربي الصحابي خالد بن‬‫الوليد درة مس��اجد حمص العدية وال��ذي يعود بنائه‬ ‫إلى القرن الس��ابع هجري‪ ،‬القرن الثالث عشر ميالدي‬ ‫أي��ام الظاهر بيبرس‪ ،‬وأعيد بنائه في القرن التاس��ع‬ ‫عشر أيام السلطان عبد الحميد الثاني‪ ،‬هدمه النظام‬ ‫خالل الشهر الماضي‪.‬‬ ‫ تدمير مئذنة الجامع العمري في درعا وهو أحد‬‫الجوامع األثرية‪ ،‬ويعود إلى بداية الفترة اإلس�لامية‪،‬‬ ‫وأم��ر الخليف��ة عمر بن الخط��اب ببنائه أثن��اء زيارته‬ ‫للمدينة‪ ،‬وتم قصف مئذنته في شهر نيسان الماضي‬ ‫بع��د العدي��د من أفع��ال التخري��ب التي قام ش��بيحة‬ ‫النظ��ام من��ذ بداية الث��ورة‪ ،‬انتقام��ًا‪ ،‬ألن الجامع كان‬ ‫منطلق ألولى مظاهرات درعا‪.‬‬ ‫ قطع رأس تمثال الش��اعر والفيلسوف واألديب‬‫العرب��ي أب��و العالء المع��ري في ش��باط الماضي من‬ ‫قب��ل جماعة متش��ددة في القرن الواحد والعش��رين‪،‬‬ ‫في حين اش��تهر المعري في العصر العباس��ي بآرائه‬ ‫وفلس��فته المثيرة للجدل ومهاجمته لألديان وترجمت‬ ‫كثيراً من أعماله إل غير العربية‪.‬‬ ‫ ولن تكون جريمة إحراق الس��جل العقاري في‬‫حم��ص األخيرة لتنفيذ مخططهم في إحداث تغييرات‬ ‫ديمغرافية المدينة‪ ،‬فحرق كل الوثائق والمس��تندات‬ ‫الت��ي تثبت ملكي��ة أهالي حم��ص لممتلكاتهم تهدف‬ ‫إلى طمس هوية المدينة‪ ،‬واالس��تيالء على العقارات‬ ‫لتوطين عناصرهم المشبوهة من حزب اهلل وإيران‪،‬‬ ‫وه��ي مفارقة أخ��رى أن االنتداب الفرنس��ي هو من‬ ‫نظم وحدد الملكيات وحددها‪ ،‬واألسد هو من أحرقها‪.‬‬ ‫ ويت��م حالياً محاولة تنفيذ نفس المخطط في‬‫الس��ويداء من خالل منح عناصر حزب اهلل الجنس��ية‬ ‫السورية وبأسماء من عائالت المحافظة‪.‬‬ ‫في فلس��طين نس��مي مثل هذه األفعال بتهويد‬ ‫االحتالل اإلس��رائيلي للق��دس والمدن الفلس��طينية‬ ‫األخرى‪ ،‬ونحن ماذا سنس��ميها وه��ي تتم بأيدي أبناء‬ ‫البل��د أو هك��ذا كن��ا نظنهم؟ هل نس��ميها أس��دنة أو‬ ‫فرس��نة؟ أو ماذا؟ ألن كل المصطلح��ات القذرة تعجز‬ ‫عن وصفهم‪.‬‬ ‫ولمصلح��ة من تتم عملية طمس اآلثار والتاريخ‬ ‫والهوي��ة ف��ي كل م��ن س��ورية وفلس��طين؟ وم��ن‬

‫زليخة سالم‬

‫دندنات اندساسية ‪. .‬‬

‫ما �أ�شبه اليوم بالأم�س‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪13‬‬


‫�إح�سان اجلابري ‪1980 - 1879‬‬ ‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫ولد إحسان اهلل بن عبد القادر لطفي الجابري‪،‬‬ ‫في مدينة حلب عام ‪ 1879‬آلل الجابري أكثر األس��ر‬ ‫ً‬ ‫وجاهة ونفوذاً " راجع‪ ،‬س��وريتنا‪ ،‬سعد اهلل‬ ‫الحلبية‬ ‫الجاب��ري‪ ،‬والده الحاج عب��د الق��ادر الجابري مفتي‬ ‫حلب‪.‬‬ ‫تلقى إحس��ان اهلل دراس��ته األول��ى في مدينة‬ ‫حلب‪ ،‬ثم انتقل إلى األستانة فدرس العلوم اإلدارية‬ ‫والسياس��ية وعم��ل مع ش��باب العرب فيها وس��جن‬ ‫م��راراً‪ ،‬وتخ��رج من كلي��ة الحق��وق حام ً‬ ‫ال ش��هادة‬ ‫الدكتوراه برتب��ة " علي األعل��ى "‪ .‬اتصل بالهيئات‬ ‫السياس��ية والجمعيات الوطنية العربية التي تنادي‬ ‫باس��تقالل البالد العربية‪ ،‬فأدخل السجن ثانية عام‬ ‫‪ 1902‬وقضى فيه س��تة أشهر بتهمة تلقيه رسائل‬ ‫من عب��د الرحم��ن الكواكبي‪ .‬م��ارس المحاماة في‬ ‫اس��تانبول م��ن ‪1902‬ـ ‪ ،1904‬ونال في هذه األثناء‬ ‫جائزة الشعر بالتركية‪.‬‬ ‫تزوج إحس��ان الجابري كريمة " ش��فيق باش��ا‬ ‫الكوراني " وزير األمن العام " الضابطة " في العهد‬ ‫العثماني‪ ،‬الذي ساعده في الدخول لسلك الوظيفة‬ ‫ف��ي الدولة العثماني��ة‪ ،‬حيث عُين ترجمان��اً لوزارة‬ ‫الضابطة ث��م كاتباً أو ًال‪ ،‬وترقى ف��ي الوظيفة إلى‬ ‫أن أصب��ح رئي��س ومفت��ش تنس��يقات وتنظيمات‬ ‫الش��رطة العام��ة‪ ،‬ث��م أمين س��ر الس��لطان محمد‬ ‫الخامس فمحمد الس��ادس‪ .‬وف��ي عام ‪ 1913‬حضر‬ ‫مؤتم��ر باريس ال��ذي وضع ق��رارات هامة تضمنت‬ ‫مطال��ب وحق��وق الع��رب ف��ي ظ��ل اإلمبراطورية‬ ‫العثمانية‪.‬‬ ‫رزق الجاب��ري بابنتي��ن وغالم توف��ي صغيراً‪،‬‬ ‫وتزوج��ت ابنت��ه الكب��رى بالزعي��م الفلس��طيني‬ ‫المشهور " موس��ى العلمي " الذي افترقت عنه بعد‬ ‫عه��دٍ طويل م��ن الزوجية وتزوج��ت بوصفي التل‬ ‫رئيس الوزارة األردني وظلت في األردن بعد مقتله‬ ‫واستوطنتها‪ ،‬بينما تزوجت كريمته الثانية بقريبها‬ ‫المهن��دس " مجد الدين الجابري " الذي تولى بلدية‬ ‫حلب‪ ،‬ف��وزارة األش��غال العامة‪ ،‬وانتخ��ب نائباً عن‬ ‫حلب‪ ،‬ومع انقالب الثامن من آذار عام ‪ 1963‬غادرت‬ ‫وزوجها إلى الكويت واستقرت هناك‪.‬‬ ‫مع االنقالب على السلطان عبد الحميد الثاني‪،‬‬ ‫وفي عهد السلطان محمد رشاد توسط‬ ‫ل��ه أخ��وه نافع باش��ا لدى ح��كام العهد‬ ‫فعينوه كاتب��ًا رابعًا في الديوان الملكي‬ ‫وارتق��ى ف��ي الوظيف��ة إل��ى الدرج��ة‬ ‫الثانية‪.‬‬ ‫ع��اد إل��ى س��ورية بدع��وة المل��ك‬ ‫فيصل حي��ث عُين رئيس��اً لبلدية حلب‬ ‫س��نة ‪ ،1919‬ث��م اختي��ر عض��واً ف��ي‬ ‫مجلس الش��ورى‪ ،‬فاش��ترك في إعالن‬ ‫اس��تقالل س��ورية بصفته كبير األمناء‬ ‫ورئيس ديوان الملك فيصل‪.‬‬ ‫حض��ر الجاب��ري معركة ميس��لون‬ ‫ع��ام ‪ 1920‬فخ��رج م��ع المل��ك فيصل‬ ‫من س��ورية‪ ،‬وحكم عليه الفرنس��يون‬ ‫باإلع��دام وحج��زوا أمالك��ه‪ ،‬فأقام في‬ ‫سويس��را م��ع األمير ش��كيب أرس�لان‬ ‫وغي��ره يعمل الس��تقالل ب�لاده‪ .‬وكان‬ ‫نوري الس��عيد على رأس م��ن يعينهم‬ ‫ف��ي نفقاته��م‪ ،‬دع��اه الجن��رال غ��ورو‬ ‫بكتاب رس��مي م��ؤرخ ‪1920 / 11 / 20‬‬ ‫للمفاوضة معه‪ ،‬لك��ن لم يتم الوصول‬ ‫إل��ى اتف��اق‪ ،‬فاضطر لمغ��ادرة باريس‬ ‫إل��ى جني��ف حيث انتخ��ب عض��واً دائمًا‬ ‫في المؤتمر " الس��وري ـ الفلس��طيني"‬

‫للدف��اع ع��ن القضي��ة‪ ،‬وقد اش��ترك في‬ ‫ه��ذا المؤتم��ر ح��زب االس��تقالل والوفد‬ ‫الفلس��طيني وممثلون ألمريكا الشمالية‬ ‫والجنوبي��ة م��ن الع��رب ف��ي المهاج��ر‬ ‫األمريكية‪ ،‬وتألف المؤتمر من " إحس��ان‬ ‫الجاب��ري‪ ،‬وش��كيب أرس�لان‪ ،‬وس��ليمان‬ ‫كنعان وبعد وفات��ه انتدب رياض الصلح‬ ‫"‪ .‬وبق��ي الوفد يعمل بكل م��ا أوتي من‬ ‫قوة حتى كانون األول عام ‪ 1923‬أي بعد‬ ‫أن حضر مؤتمر لوزان‪.‬‬ ‫سافر إحسان اهلل عام ‪ 1923‬بدعوة‬ ‫م��ن الش��ريف حس��ين إلى عمّ��ان حيث‬ ‫حض��ر المؤتم��ر العرب��ي فيه��ا‪ ،‬وتمكن‬ ‫من دخول س��ورية وهناك أسس جمعية‬ ‫حقوق اإلنسان فأقبل األلوف من الشبان‬ ‫في المدن الس��ورية عل��ى االنخراط في‬ ‫عضويته��ا‪ ،‬ومنه��ا انبثق حزب الش��عب‬ ‫وبع��ده الكتل��ة الوطنية‪ .‬وعل��ى أثر هذا‬ ‫النش��اط حاول��ت الس��لطة الفرنس��ية‬ ‫إلق��اء القب��ض علي��ه إال أن��ه تمكن من‬ ‫اله��رب إل��ى تركي��ا‪ ،‬فحكمت��ه الس��لطة‬ ‫الفرنسية للمرة الثانية باإلعدام‪ ،‬وغادر‬ ‫تركي��ا إلى سويس��را ومك��ث هناك حتى‬ ‫ع��ام ‪ ،1926‬حي��ث دعي إلى باري��س مع لطف اهلل‬ ‫وش��كيب أرس�لان لعقد معاهدة‪ ،‬وفع ً‬ ‫ال تم االتفاق‬ ‫ووقع باألحرف األول��ى‪ ،‬ولكن مجيء بوانكاريه إلى‬ ‫الحكم سبب تأخير األمر‪ ،‬فعاد إلى سويسرا وأصدر‬ ‫ف��ي جنيف مع األمير ش��كيب أرس�لان مجلة باللغة‬ ‫الفرنس��ية بعن��وان " الش��عب العرب��ي" للدفاع عن‬ ‫حقوق العرب والدفاع عن سورية‪.‬‬ ‫بعد عقد معاهدة ‪ 1936‬بين الحكومة السورية‬ ‫وفرنس��ا‪ ،‬وصدور العفو العام عاد إحس��ان اهلل إلى‬ ‫س��ورية‪ ،‬وبعد شهرين أجبرته الحكومة على قبول‬ ‫محافظ��ة الالذقية‪ ،‬وبقي هناك ما يقرب الس��نتين‬ ‫بمصارع��ة االنتداب الفرنس��ي‪ ،‬وف��ي نهاية العهد‬ ‫الوطن��ي اعتق��ل وحددت إقامته ف��ي عينطورة في‬ ‫لبنان مدة أربع سنوات‪.‬‬ ‫ث��م عاد إلى حل��ب‪ ،‬وبعد وفاة أخيه س��عد اهلل‬ ‫الجاب��ري‪ ،‬انتخ��ب نائب��ًا عن حل��ب وت��رأس قائمة‬

‫الوطنيي��ن‪ ،‬كم��ا انتخ��ب رئيس��ًا للجن��ة الش��ؤون‬ ‫الخارجي��ة فبقي فيها طيلة نيابت��ه‪ ،‬وأعيد انتخابه‬ ‫ع��ام ‪ ،1954‬وت��رأس التجمع القومي إل��ى أن تمت‬ ‫الوح��دة بي��ن مصر وس��ورية فترأس اتح��اد الدول‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫وبعد اعتزاله السياس��ة أقام في القاهرة حيث‬ ‫توفاه اهلل ونقل جثمانه بالطائرة إلى عمّان في ‪11‬‬ ‫‪ ،1980 / 3 /‬ومنها جواً إلى حلب حيث دفن هناك‪.‬‬ ‫وُه��ب إحس��ان اهلل ذاك��رة ف��ذة‪ ،‬وكان يكتب‬ ‫مذكرات��ه يومًا بيوم‪ ،‬وبلغ م��ن أهميتها أنه عرض‬ ‫عليه مبلغ ستين ألف دوالر في عام ‪ 1935‬فرفض‪.‬‬ ‫لكن ه��ذه المذك��رات تلفت ف��ي منزل��ه بالقاهرة‬ ‫أثن��اء غيابه في حلب وتح��ت ضغط أصدقائه حاول‬ ‫كتابته��ا م��ن جديد‪ ،‬فوصل فيها حت��ى عام ‪،1927‬‬ ‫ومرة أخرى سُ��رقت من��ه وهو ق��ادم بالباخرة من‬ ‫بيروت إلى االسكندرية‪.‬‬ ‫له مؤلفات باللغة التركية‪:‬‬ ‫(موق��ع اقت��دار)‪( ،‬االش��تراكية‬ ‫المثلى)‪.‬‬ ‫نال إحس��ان الجابري عدّة أوس��مة‬ ‫وميداليّات‪ ،‬أبرزها؛ "الوس��ام المجيدي‬ ‫األوّل"‪" ،‬الوس��ام العثمان��ي األوّل"‪،‬‬ ‫"وسام كورون ديروس األلماني األوّل"‪.‬‬ ‫يبق��ى إحس��ان الجاب��ري نموذج��ًا‬ ‫لطيفٍ من الساس��ة الس��وريين الذين‬ ‫دخل��وا معت��رك الحي��اة السياس��ية من‬ ‫ب��اب القراب��ة وال��والء العائل��ي‪ ،‬ولعل‬ ‫التاريخ يعيد نفس��ه ف��ي وجوهٍ تتنكب‬ ‫لواء المعارضة الس��ورية تحت مس��مى‬ ‫العائالت الوطنية دون أن تضيف لتاريخ‬ ‫هذه العائالت ومواقفها الوطنية‪.‬‬ ‫ق��ال عن��ه الدكتور " عب��د الرحمن‬ ‫الكيال��ي‪ ،‬ف��ي مذكرات��ه التي نش��رها‬ ‫باس��م المراحل " أنه لم��ا تولى منصب‬ ‫محاف��ظ الالذقية‪ ،‬أس��اء اإلدارة وأس��اء‬ ‫السياس��ة وبذر األم��وال ومثل الروايات‬ ‫وادعى االدع��اءات التي تصدر عن رجل‬ ‫سياسة في تلك الظروف الحرجة "‪.‬‬


‫زياد رائد‬ ‫اخلع ثيابكَ‪ ،‬كي ال َ‬ ‫تلوث بنبضكَ مهرجان الدمْ‪.‬‬

‫نكبّر‪ ،‬نك ّفر‪ ،‬نقتل‪ ،‬نُعُبد الذات و(نقتل)‬

‫مرحب بكَ في عرزالنا األحمرْ‪ ،‬كمن معك من أرواح‪( .‬نبضُ حارتنا) (لنا)‬ ‫غيرُ‬ ‫ٍ‬ ‫(كقطيعْ)‪.‬‬ ‫لِدم الجُمهوريةِ المَلكية‪.‬‬ ‫اخّلع ِبنزاقةٍ َكعبَ الطهارةِ وتَقدم‪( .‬هُنا) نَركع ِ‬

‫طقوسُ الحياةِ (رَسمنا) َفوقها (المِدفعْ)‬

‫ادخل مملكتي بأحم ِر كتلتك‪ ،‬وانّضح معنا‪ِ .‬بسرّكَ المُقزز (دمْ)‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫احتفال مر ّقعٌ‪( ،‬لنا) (نحنُ) عبيدَ الشخصْ‪.‬‬

‫ْ‬ ‫(واحتفل)‪.‬‬ ‫المصنوع من جلدتنا وانحدر (معنا) أيّها األرتعْ‪.‬‬ ‫اخلع حذائِك‬ ‫ِ‬ ‫(بالجَمع المُبين)‪.‬‬ ‫ب َقتلنا إياكَ‪( ،‬بأخيكَ) (بأبيكَ) (بعمكَ)‬ ‫ِ‬

‫ً‬ ‫كجُمهورية (للدم)‬ ‫(نحنُ)‬ ‫ُ‬ ‫نحتفل اآلن‬

‫والنم‬ ‫الذبح والقذفِ‬ ‫لسنا عسكرٌ وال تبّعٌ للشعب‪ ،‬نحنُ أساطيرُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫الدم (بَلدنا)‬ ‫ادخل ب ِربعكَ الخالي من ِ‬ ‫فقدْ عينّا على عرشِنا أزيز الرصاص‬

‫ً‬ ‫(جمهورية من رصاص)‬ ‫لنا ذاتنا‬ ‫مرحب بكْ‪ ،‬ال تَنظر‪ ،‬ال تَرفع‪ ،‬ال تَدقع‪.‬‬ ‫غيرُ‬ ‫ٍ‬

‫الرأس و(اذبح)‬ ‫اعُبد ملكنا الجمهوري الواحد وترجل من على‬ ‫ِ‬

‫كل رصاصةٍ حفرنا اسمَ قاتلنا‬ ‫عَ َلمُنا أحمرٌ‪ ،‬وعلى ِ‬ ‫(سَطل) من دمكَ رمينا اصبع‬ ‫وفي كل‬ ‫ٍ‬ ‫حَجر (رأس)‪ ،‬في منتصفِ حارتنا‬ ‫خذ موضِعك على ٍ‬

‫لنرسم بورتريه لذاتكَ (لذاتنا) بدمكَ المخضّب بالكذب‬

‫اياكَ إال تعبدَ قِدرَ (الجُمهوريةِ) االحمرْ‬ ‫مذبح للدمْ‬ ‫أتعلم؟ لقد حفرناكَخاروفاً على‬ ‫ٍ‬

‫َ‬ ‫أرض بلدنا األحمر‬ ‫انتبه إال‬ ‫تنقط من انسانيتكَ على ِ‬ ‫ْ‬ ‫واحتفل‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫فنحنُ‪ ..‬هنا‪( ..‬جمهوري ٌة للدمْ)‬ ‫نَصنعُ من ذاتِنا رماداً لنا‪ ،‬ونعبدُ (الشخص)‬ ‫األبيض (بدّلنا) َ‬ ‫ّ‬ ‫و(ذبحنا) الصوتَ بأزي ِز الرد‬ ‫على حائِطنا‬ ‫ِ‬

‫وباألقربينَ منك (نرتع)‬

‫مشاركات سوريتنا ‪. .‬‬

‫جمهورية الدم الأحمر‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪15‬‬


‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫كرمي �أوكتم‪:‬‬

‫�أمة غا�ضبة‪ :‬تركيا منذ عام ‪1989‬‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫تركي��ا الحديث��ة ه��ي موض��وع كتابنا الي��وم الذي‬ ‫يع��رض له الباح��ث التركي كري��م أوكتم‪ ،‬األس��تاذ في‬ ‫المعه��د الش��رقي‪ ،‬والحائز على ش��هادة الدكت��وراه من‬ ‫جامعة أكسفورد‪ ،‬وقد اختار الباحث عام ‪ 1989‬كانعطافٍ‬ ‫تاريخ��ي لتركي��ا الت��ي ب��رزت بع��د زوال اإلمبراطورية‬ ‫العثمانية في نهاية الحرب األولى‪ ،‬كدولة ‪ -‬أمة‪.‬‬ ‫يعط��ي الكتاب صورة متكامل��ة منصفة لتركيا منذ‬ ‫آخ��ر أيام الدول��ة العثمانية حت��ي عهد الحكوم��ة الثانية‬ ‫للعدال��ة والتنمية‪ .‬ويركز علي أس��اليب الدولة الحارس��ة‬ ‫وجرائمه��ا الت��ي ظلت غامض��ة لفترات طويل��ة حتي تم‬ ‫كش��ف تورط قيادة القوات المسلحة والمخابرات فيها مع‬ ‫مرور األيام‪.‬‬ ‫ويح��اول فهم الدور الغام��ض لالتحاد األوروبي في‬ ‫العمليات التي ش��كلت تركيا ف��ي العقود الثالثة األخيرة‪،‬‬ ‫ويتن��اول الكت��اب االنقطاع��ات والتدخ�لات الكثي��رة في‬ ‫التاريخ الحديث للبالد‪ ،‬التي ش��كلت فعليا السير الحياتية‬ ‫لكل مواطن تركي‪.‬‬ ‫كما يؤكد على أن هناك في تركيا باس��تمرار ثنائية‬ ‫على خلفي��ة طابعها النزاع بين الحكوم��ة "المنتخبة من‬ ‫جه��ة" وبي��ن ح��رّاس الجمهوري��ة غي��ر المنتخبين‪ ،‬أي‬ ‫العس��كر والس��لطة القضائية خاصة م��ن ممثلي الدولة‬ ‫العميقة‪.‬‬ ‫وق��د اختار المؤل��ف ع��ام ‪ 1989‬باعتب��اره منعطفًا‬ ‫حاسماً على المس��رح اإلقليمي للشرق األوسط‪ .‬وكذلك‬ ‫على الصعيد العالمي‪ ،‬ذلك أنه في ذلك العام‪ ،‬انهار جدار‬ ‫برلين لتبدأ مسيرة تفكك المنظومة االشتراكية‪ ،‬وصولاً‬ ‫إل��ى نهاية االتحاد الس��وفييتي "الس��ابق"‪ .‬وعودة ظهور‬ ‫عدد من الجمهوريات المس��تقلة " الس��وفييتية سابقًا "‪،‬‬ ‫في آس��يا الوس��طى‪ ،‬وغيرها من مناط��ق اإلمبراطورية‬ ‫السابقة‪.‬‬ ‫مع انهيار المعس��كر االش��تراكي عادت تركيا بقوّة‬ ‫إلى المس��رح الدولي‪ .‬ه��ذا بعد أن كان يت��م النظر إليها‬ ‫غالب��ًا‪ ،‬منذ قيامها بعد الحرب العالمي��ة الثانية‪ ،‬كـ"زائدة‬ ‫غريبة" ع��ن الغرب‪ ،‬واقع��ة على تخوم أوروبا والش��رق‬ ‫األوس��ط‪ ،‬حس��ب التوصيف ال��ذي يقدمه المؤل��ف‪ .‬هذا‬ ‫فض ًال عن اعتباره��ا بالداً متخ ّلف��ة اقتصاديًا‪ ،‬ومنطوية‬ ‫على نفس��ها‪ ،‬وتعاني من العنف السياس��ي واالضطراب‬ ‫الداخلي‪ ،‬بسبب المسألة الكردية خاصة‪.‬‬ ‫بع��د قيام المؤل��ف بنوع م��ن الق��راءة "التاريخية"‬ ‫لتركي��ا الحديث��ة ومس��ار تطوره��ا‪ ،‬يدخ��ل ف��ي صل��ب‬ ‫موضوع��ه لمعالجة مجموعة من المس��ائل الراهنة التي‬ ‫أخ��ذت أبعاداً كبي��رة‪ ،‬بع��د منعطف ع��ام ‪ .1989‬وهكذا‬ ‫يتعرض لمس��ائل‪ :‬العالق��ة بين الدي��ن والدولة‪ ،‬النزعة‬ ‫االنفصالية الكردية‪ ،‬العالقات األوروبية ‪ -‬التركية‪ ،‬تركيا‬ ‫في المحيط اإلقليمي للشرق األوسط‪.‬‬ ‫تتمث��ل إح��دى األفكار األساس��ية الت��ي ّ‬ ‫يؤكد عليها‬ ‫المؤلف‪ ،‬في القول أنه من��ذ نهاية الحرب الباردة‪ ،‬أعيدت‬ ‫صياغ��ة النظ��ام الدولي بالتزام��ن مع قي��ام العديد من‬ ‫البل��دان ف��ي نوع م��ن إعادة التف��اوض حول سياس��اتها‬ ‫الخارجي��ة والداخلية أيضاً‪ .‬وهكذا قام��ت تركيا بقطيعة‬ ‫كبي��رة عل��ى العدي��د م��ن المس��تويات االقتصادي��ة‬ ‫السياس��ية‪ .‬فعل��ى االقتص��ادي صعدت تركي��ا من دولة‬ ‫هامش��ية إلى مصاف الق��وى الصاع��دة‪ ،‬وفي خصوص‬ ‫السياس��ي الخارجي أصبحت ق��وة إقليمية لها كلمتها في‬ ‫مجمل قضايا المنطقة‪.‬‬ ‫كم��ا س��عت بوض��وح إل��ى أن يك��ون له��ا دور ف��ي‬

‫المس��ائل الدولية‪ .‬أم��ا على الصعي��د الداخلي فتتلخص‬ ‫الفك��رة األساس��ية للمؤل��ف ف��ي الق��ول أن العقدي��ن‬ ‫األخيرين المنصرمين‪ ،‬ش��هدا "زيادة سيطرة الدولة على‬ ‫المجتم��ع المدني"‪ .‬وتتمثل النتيج��ة التي يصل إليها في‬ ‫ه��ذا الس��ياق‪ ،‬في اإلع��راب عن أمني��ة أن تنته��ج تركيا‬ ‫مقاربة أكثر ليبرالية‪.‬‬ ‫م��ا يؤك��ده المؤل��ف أيض��اً ه��و أن اإلس�لاميين‬ ‫المعتدلي��ن‪ ،‬المنضوين في إطار ح��زب العدالة والتنمية‬ ‫الحاكم‪ ،‬عرفوا كيف يجرون تحولاً سياس��ياً‪ ،‬اس��تطاعوا‬ ‫بواسطته البقاء في الحكم عدة دورات انتخابية‪ ،‬وفرض‬ ‫س��يطرتهم‪ .‬ه��ذا مع اإلش��ارة إلى أن هن��اك مي ًال واضح‬ ‫المعالم باتج��اه األخذ بنوع من النظام الرئاس��ي وتبنيه‬ ‫تح��ت عنوان المحافظ��ة على "الديمقراطية الس��يادية"‪،‬‬ ‫على ش��اكلة المنظومة التي سادت في األسلوب الروسي‬ ‫ال��ذي ت��مّ اعتم��اده من��ذ وص��ول فالديمير بوتي��ن إلى‬ ‫الس��لطة ع��ام ‪ .2000‬أم��ا الترجم��ة العملي��ة لمثل هذا‬ ‫التوج��ه فيحددها المؤلف بقدر أقل من الحرية بالنس��بة‬ ‫للمواطنين األتراك‪.‬‬ ‫أن تركيا حققت بعد ع��ام ‪ ،1989‬كما يرى المؤلف‪،‬‬ ‫نجاح��ًا اقتصاديًا كبيراً ذا طاب��ع ليبرالي جديد‪ .‬وأصبحت‬ ‫أحد أكثر القوى نفوذاً في منطقة الش��رق األوس��ط‪ .‬مع‬ ‫ذل��ك لم تنج��ح في الوقت نفس��ه بإيجاد حلول حاس��مة‬ ‫ونهائي��ة للنزاع��ات اإلثني��ة والعقائدي��ة والتاريخي��ة‬ ‫الموروثة من حقب ماضية‪ .‬لكن في جميع الحاالت يبقى‬ ‫التمسّك قائمًا باإلرث الجمهوري "األتاتوركي" وبالتأكيد‪،‬‬ ‫باالنتماء القومي‪.‬‬ ‫ف��ي الخت��ام يص��ف المؤلف تركي��ا‪ ،‬عل��ى أنها بالد‬ ‫معروفة أكثر باالس��تعارات المجازية التي يتم توصيفها‬ ‫بها أكثر مما هي معروفة بسياساتها التي تميل باألحرى‬ ‫نحو التعقيد وبمجتمعها وبتاريخها‪ .‬والتأكيد خاصة على‬ ‫أن الصراعات العنيفة على الس��لطة ساهمت كثيراً حتى‬ ‫اآلن بصياغ��ة تركيا حتى الي��وم‪ .‬ذلك مهما كان الخطاب‬ ‫ال��ذي تتبن��اه الس��لطة القائم��ة‪ ،‬ومهم��ا كان��ت هويتها‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫أم��ا ع��ن األح��داث األخي��رة ف��ي تركي��ا‪ ،‬فيق��ول‬ ‫أوكت��م في مقاالتٍ تعتبر اس��تكما ًال لكت��اب اليوم‪ " :‬في‬ ‫الحقيق��ة م��ا يح��دث اآلن أزم��ة سياس��ية تتعلق بس��وء‬ ‫اس��تخدام الس��لطة‪ ،‬والرقابة اإلعالمية‪ ،‬ومس��ار النظام‬ ‫االقتص��ادي النيوليبرالي‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬أش��ارت هذه‬ ‫األزم��ة بوضوح إلى غطرس��ة ذاتية عن��د رئيس الوزراء‬ ‫أردوغ��ان‪ ،‬وتجاهله ألنماط الحياة المختلفة داخل البالد‪،‬‬ ‫وعدم قدرته على مواجهة أي ش��كل م��ن االنتقاد‪ .‬أن ما‬ ‫يحدث م��ن احتجاجات هدفها المطالبة بحياة تحمل قيمة‬ ‫حقيقية‪ ،‬وخلق التآزر بين الشعب التركي بكافة خلفياته‬ ‫وتنوعاته السياس��ية والدينية والعرقية‪ ،‬فض ًال عن إيجاد‬ ‫ضوابط وتوازنات رقابية للسلطة المطلقة "‪.‬‬ ‫ويضي��ف‪ " :‬حكوم��ة العدال��ة والتنمية عل��ى الرغم‬ ‫من قصة نجاحها االقتصادية‪ ،‬إال أنّها فش��لت في إدراك‬ ‫أن المجتم��ع الذي تعرّض لصدم��ات عميقة في تاريخه‬ ‫الحديث يحتاج إلى الش��فاء من ج��روح الماضي‪~ .‬كانت‬ ‫هناك بعض الخطوات األولية المش��جعة في هذا الشأن‪،‬‬ ‫لكن في بضع الس��نوات األخيرة‪ ،‬تمت��ع أردوغان بالكثير‬ ‫م��ن النف��وذ‪ ،‬وج��اء ليتص��رف كما لو أن��ه كان س��لطانًا‬ ‫عثمانياً‪ ،‬ناس��يًا في غمرة ذلك أيضًا أن النفوذ السياسي‬ ‫للس�لاطين العثمانيي��ن كان ق��د تقل��ص من��ذ منتصف‬ ‫الق��رن التاس��ع عش��ر‪ .‬لذل��ك الغض��ب متأج��ج‪ ،‬لكن مع‬ ‫كل ش��يء‪ ،‬فإن ميدان تقس��يم أظه��ر أن الغضب يمكن‬

‫أن يتح��ول إل��ى تآزر وتعاط��ف عميقين‪ ،‬عندم��ا تتوقف‬ ‫الش��رطة عن التدخل‪ ،‬ويكفّ أردوغان عن إثارة الشعب‪.‬‬ ‫في ليلة اإلس��راء والمعراج أحياه��ا المحتجون في ميدان‬ ‫تقس��يم بم��ا يتناس��ب مع طقس��ها الدين��ي‪ ،‬على خالف‬ ‫األي��ام األخرى‪ ،‬فل��م يكن هناك مش��روبات كحولية‪ ،‬بل‬ ‫كان هن��اك الكعك التركي المعروف ب “كانديل س��ميد”‪،‬‬ ‫كما أن مجموعة من “المس��لمين المعادين للرأس��مالية”‬ ‫ص ّلوا فيها معاً بش��كل جماعي‪ .‬وإلى جانبهم‪ ،‬كان الكرد‬ ‫والكمالي��ون يحتفلون معاً أيضاً‪ .‬هذا هو ش��كل الش��فاء‬ ‫من جروح الماضي الذي نس��عى إليه‪ ،‬وهو ما تحتاج إليه‬ ‫تركيا حقًا‪ .‬أن الرئيس عبداهلل غول ونائب رئيس الوزراء‬ ‫بولن��ت أرينج يح��اوالن معاً التوصل إلى ح��ل مع ممثلي‬ ‫االحتجاج��ات‪ .‬إذا م��ا اتخ��ذ أردوغ��ان خطوة إل��ى الوراء‪،‬‬ ‫وألقى كلمة سمحة إلى المحتجين‪ ،‬ربما يستعيد شعبيته‬ ‫مع ذلك‪ .‬وإذا ما عاد إلى لغة التجاهل واالستقطاب‪ ،‬فإنه‬ ‫سوف يفقد دعم حزبه وشعبه معًا‪.‬‬

‫كرمي �أكتم‪:‬‬

‫باح��ث وبروفيس��ور تركي بارز في كلي��ة القديس‬ ‫أنطون��ي وعضو بارز في الدراس��ات األوربي��ة الجنوبية‬ ‫الش��رقية ف��ي جامع��ة أكس��فورد‪ ،‬وكذلك عض��و هيئة‬ ‫التدري��س ف��ي معه��د أورينت��ال ف��ي الجامعة نفس��ها‪،‬‬ ‫التي حصل منها على ش��هادة الدكت��وراه‪ .‬يدرّس المواد‬ ‫المتع ّلق��ة بسياس��ات ومجتمعات دول الش��رق األوس��ط‬ ‫وتركيا على وجه الخصوص‪ ،‬وتتراوح اهتماماته البحثية‬ ‫من تاريخ القوميات والسياس��ات اإلثنية إلى جداالت حول‬ ‫التاريخ والذاكرة واإلنكار‪ ،‬باإلضافة إلى عالقات تركيا مع‬ ‫أرمينيا واليونان‪ ،‬وأنظمة الحكم الش��مولية في الش��رق‬ ‫األوس��ط‪ .‬له العدي��د من الكت��ب منها‪“ :‬األم��ة الغاضبة‪:‬‬ ‫تركي��ا منذ ‪“ ،”1989‬االندماج التركي م��ع الحداثة”‪“ ،‬في‬ ‫الظ��ل الطويل ألوروبا‪ :‬األتراك واليونان في فترة ما بعد‬ ‫القومي��ة”‪ ،‬ومؤخراً مع كتاب آخري��ن “إمبراطورية أخرى‪:‬‬ ‫عق��د من السياس��ة الخارجي��ة تحت قيادة ح��زب العدالة‬ ‫والتنمي��ة”‪ ،‬كم��ا يكتب بش��كل مس��تمر ف��ي العديد من‬ ‫ّ‬ ‫المحكمة‪.‬‬ ‫الصحف والمواقع والمجالت العالمية‬


‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪17‬‬


‫ق��راءة يف �صفح��ات الذاكرة‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫لقاء مع معتقل �سيا�سي �سابق (‪)2‬‬

‫همام يوسف‬ ‫كان��ت لطروحات ج��ودت س��عيد ومالك بن‬ ‫نب��ي ومفكرين آخرين كمحمد عابد الجابري‬ ‫ومحمد ش��حرور ومعظ��م المفكرين الذين‬ ‫كانوا يش��يرون إلى أن الخل��ل حقيقة ليس‬ ‫في الس��لطة السياس��ية من حيث الجذر‪ ،‬بل‬ ‫باألفكار والعقل المريضين الذين س��ينتجا‬ ‫م��رة بع��د األخ��رى جمي��ع األم��راض التي‬ ‫نعان��ي من��ه كمجتمعات مس��لمة بما فيها‬ ‫الدكتاتوري��ة والفرق��ة الداخلي��ة والقابلية‬ ‫لالس��تعمار الداخلي والخارجي‪ ،‬األثر الكبير‬ ‫على تفكيري الجاد باالنسحاب‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫| | هل غادرت الحزب قبل أو بعد االعتقال؟‬ ‫كيف‪ ،‬ولماذا؟‬ ‫| الحقيق��ة ال أدري أن كان إنهاء عالقتي الدراس��ية‬ ‫مع الحزب يمكن وصفها على أنها مغادرة‪ ،‬فحقيقة األمر‬ ‫أن صلت��ي بالحزب –رغم إيماني وحماس��تي له وألفكاره‬ ‫وأهدافه في البداية ‪ -‬لم تتعد المرحلة التي يطلق عليها‬ ‫المرحل��ة التثقيفي��ة وخاللها اليعتبر الش��خص –رجال أو‬ ‫امرأة بالمناس��بة ‪ -‬حزبيا ويطلق عليه تس��مية "دارس"‪،‬‬ ‫فمن الناحية التنظيمية هذا الشخص مازال غير منتسب‬ ‫رس��ميا إل��ى الحزب ويحق له أن ينس��حب ف��ي أي لحظة‬ ‫يراها هو مناسبة‪ ،‬ولم يس��بق أن كان النسحابات كهذه‬ ‫تداعيات أو إشكاليات على ما أعلم‪.‬‬ ‫أما إنهاء عالقتي مع الحزب فكانت في عام ‪ ،1991‬إذ‬ ‫أبلغت "مدير الحلقة" (الش��خص الذي يقوم على تثقيف‬ ‫الدارس��ين) آنذاك بقراري إنهاء الصلة‪ ،‬طبعا كان هناك‬ ‫اضطراب بسيط من طرفه إال أنه كان نوعا ما يتوقع هذا‬ ‫األم��ر‪ ،‬خاصة وأن نقاش��ات كثيرة حول أفكار تأسيس��ية‬ ‫لح��زب التحرير كانت تجري بش��كل متك��رر‪ ،‬وكنت أعبر‬ ‫فيه��ا ع��ن تغير قناعت��ي تجاهه��ا؛ وأذكر أنه هي��أ للقاء‬ ‫مع ش��خص آخر لم يس��بق لي أن التقيت��ه قبل ذلك في‬ ‫محاولة لمناقش��ة قراري ومحاولة إقناعي بالعدول عنه‪.‬‬ ‫ه��ذا اللقاء لم يغير أو يؤثر على عزم��ي بإنهاء العالقة‪،‬‬ ‫فق��د كانت األفكار التي جدّتْ ل��دي وكنت أحملها وأومن‬ ‫بها بما يتعلق بالتغيير االجتماعي والسياس��ي‪ ،‬ال يمكن‬ ‫لها أن تتوافق أو تتعايش مع أفكار صميمية وتأسيس��ية‬ ‫يعيشها الحزب بشكل عمالني‪.‬‬ ‫بع��د أن ش��رحت لممثل��ي الحزب موقف��ي وأفكاري‬ ‫الجدي��دة الت��ي أومن بها ش��عرا بجدية وص��دق خطابي‬ ‫لهما‪ ،‬واس��تطعت أن أبين لهما حقيقة امتناني واعترافي‬ ‫بالفضل لحزب التحرير في توسيع أفق تفكيري وتزويدي‬ ‫بمفاهميم وإضاءة زواي��ا من العمل والحراك االجتماعي‬ ‫السياسي لم يكن لي أن أصل إليها بمفردي‪ ،‬إال أن هذا ال‬ ‫يعني استمرار صلتي بهم فاألمر بالنسبة لي هو مفترق‬ ‫طري��ق‪ .‬عندها قال لي‪ :‬حس��نا‪ ..‬يب��دو أن قرارك نهائي‪،‬‬ ‫على كل حال‪ ..‬أدعُ اهلل لنا بالتوفيق؟ فأجبته‪ :‬من طرفي‬ ‫سأدعو لكم‪ ..‬لكن ظني أن اهلل لن يوفقكم‪ .‬وصافحتهما‬ ‫مودعاً‪ .‬كان هذا قبل اعتقالي بحوالي تس��ع سنوات على‬ ‫ذمة تلك الصلة القديمة!!‬ ‫نأتي اآلن لإلجابة عن لماذا؛ بش��كل أساس��ي ودون‬ ‫الخ��وض ف��ي التفاصي��ل‪ ،‬كان الش��يئين أو المفهومين‬ ‫األساسيين الذين تغيرت قناعتي تجاههما ومن ثم بناءا‬ ‫عليه قراري باالنس��حاب هما "العمل الس��ري" وما يطلق‬ ‫علي��ه "طلب النص��رة"‪ ،‬وق��د كان الحتكاك��ي ومتابعتي‬ ‫للمفك��ر ج��ودت س��عيد وطروحات��ه األثر األساس��ي في‬ ‫تغيير ه��ذه القناع��ات‪ ،‬باإلضاف��ة إلى إدراك��ي لحقيقة‬ ‫أن تغيي��ر الواقع ال��ذي نعمل على إصالحه وتحس��ينه ال‬ ‫يأتي بتغيير ش��كل الس��لطة أو باإلتيان إلى رأس الهرم‬

‫وتغييره على أمل أن تعكس القاعدة هذا التغير بش��كل‬ ‫أوتوماتيك��ي‪ ،‬وكان لطروح��ات جودت س��عيد ومالك بن‬ ‫نب��ي ومفكرين آخري��ن كمحم��د عابد الجاب��ري ومحمد‬ ‫ش��حرور ومعظم المفكري��ن الذين كانوا يش��يرون إلى‬ ‫أن الخلل حقيقة ليس في الس��لطة السياس��ية من حيث‬ ‫الجذر‪ ،‬بل باألفكار والعقل المريضين الذين سينتجا مرة‬ ‫بعد األخرى جمي��ع األمراض التي نعاني منه كمجتمعات‬ ‫مسلمة‪ ،‬بما فيها الدكتاتورية والفرقة الداخلية والقابلية‬ ‫لالس��تعمار الداخلي والخارجي األثر الكبير على تفكيري‬ ‫الج��اد باالنس��حاب‪ .‬ووصلت إل��ى النتيجة الت��ي تقول أن‬ ‫الخلل هو في العقل وبنية العقل لدى األمة‪ ،‬أما السلطة‬ ‫السياس��ية فما هي إال انعكاس لما تحمله األمة وثقافتها‬ ‫من أفكار ومن ثم تعكس��ها طبيعة هذه السلطة مجددا‬ ‫على األم��ة‪ ،‬ورغم أن الجدل (الديالكتيك) موجود ما بين‬ ‫قطبي األمة والس��لطة‪ ،‬إال أن التغيير الجوهري يجب أن‬ ‫يحدث في األمة‪.‬‬ ‫والح��ال كذلك ف��إن "طلب النصرة" ال��ذي يمكن أن‬ ‫أشرحه ببساطة بأنه طلب دعم مراكز القوة في الهيكل‬ ‫السياس��ي للمجتم��ع الذي ينش��ط به الح��زب‪ ،‬وهو بناءا‬ ‫على قناع��ة الحزب يكمن في القوة العس��كرية للجيش‬ ‫وجنراالت��ه في معظ��م البلدان التي يتواج��د بها الحزب؛‬ ‫وهذا يعني بساطة أن الحزب يهدف وينشط عمليا –رغم‬ ‫أن الح��زب يولي أهمية لعملية تثقي��ف األمة ‪ -‬في طلب‬ ‫الس��لطة عن طري��ق االنقالبات العس��كرية‪ ،‬أي احتمال‬ ‫العنف الداخلي موجود بش��كل كبي��ر ومتوقع‪ ،‬وهذا كان‬ ‫مرفوضا بالنسبة لي‪ ،‬ألنه في النهاية يعيد تكرار مأساة‬ ‫فرض أنماط األفكار والحياة على المجتمع بقوة الس�لاح‬ ‫والعس��كر ال بق��وة األف��كار والمباديء وهذا س��بيله إلى‬ ‫الزوال‪ .‬وكل ما س��بق يترافق مع "العمل السري" بشكل‬ ‫الزم‪ ،‬األمر الذي تعيه الس��لطة الحاكمة بش��كل متيقظ‬ ‫دائم التحفز‪ ،‬ال بل وتس��تخدمه للصيد في المياه العكرة‬ ‫ففي الظالم يس��هل اتهام أي ناشط بجرائم ضد الدولة‬ ‫والمجتم��ع دون أن يكون له القدرة أو الس��ند االجتماعي‬ ‫الذي يعينه على ضحد ما يمكن أن ينس��ب إليه‪ ،‬ويحرمه‬ ‫من احت��واء المجتمع له ولنش��اطه بما يضمن اس��تمرار‬ ‫تأث��ره ب��ه‪ ،‬إضافة أنه قد س��بق لمح��اوالت إنقالبية قام‬ ‫بها الحزب أن باءت بالفش��ل باعترافه‪ ،‬وهذا كان طريقا‬ ‫مسدودا بل جدارا أصر الحزب على أن يحطم نفسه عليه‬ ‫مرة تلو المرة دون جدوى!‬ ‫وأذكر م��ن مقابلتي األخيرة لعضو ح��زب التحرير‪،‬‬ ‫عندم��ا س��ألني أن كان هن��اك أم��ر يمك��ن أن يق��وم به‬ ‫الح��زب ويجعلن��ي أع��دل عن ق��راري ياالنس��حاب؟ أنني‬ ‫أجبت��ه‪ :‬نع��م‪ ..‬هن��اك‪ ،‬أن أعلن حزب التحري��ر في جميع‬ ‫الوس��ائل اإلعالمية الممكنة أنه تخلى عن طلب السلطة‬ ‫وأنه س��يخرج من العمل السري إلى العلنية فسأعود عن‬ ‫قراري!‬ ‫مقت��ل ح��زب التحري��ر هو ف��ي طلب الس��لطة عن‬ ‫طري��ق االنقالب��ات العس��كرية أي العن��ف‪ ،‬وف��ي العمل‬ ‫الس��ري‪ .‬وأن��ا لم أكن مس��تعدا لالس��تمرار بالس��ير في‬ ‫طريق نهايته الفشل حتى أن واتته رياح ما ونجح!‬ ‫ال��دوالب تس��مية معروفة لكل الس��وريين‬ ‫بفضل الثقافة اإلرهابية الرسمية‪ ،‬وكانت له‬ ‫رهبة وغموض أسود خاص به‪ ،‬ورغم معرفتي‬ ‫ويقين��ي التاميين أن المحق��ق يعرف تماما‬ ‫من يسأل عنهما ورغم يقيني أنني بإمكاني‬ ‫تجنب "الدوالب" فقط بإق��راري بمعرفتهما‬ ‫قبل أن أغادر الغرفة! إال أنني كنت أريد لقاء‬ ‫هذا الغول الغام��ض ومجابهته وجها لوجه‪،‬‬

‫وهك��ذا لذت بالصمت منتظ��را هذا الدوالب‬ ‫البعبع‪.‬‬ ‫| | حدثنا عن فترة اعتقالك‪ ،‬مع المجموعة‬ ‫التي اعتقلت معها‪ ،‬عددالمعتقلين‪ ،‬ظروف‬ ‫التحقيق‪ ،‬مكانه ومكان السجن‪ ،‬ظروف‬ ‫السجن‪ ،‬مدى احتكاكك بسجناء من خلفيات‬ ‫أخرى‪ ،‬عالقتك بأعضاء الحزب المعتقلين‬ ‫أثناء السجن‪ ،‬المحاكمة أن وجدت؟‬ ‫| اعتقل��ت بتاريخ ‪ 1999 / 12 / 29‬حوالي العاش��رة‬ ‫لي�لا فيما يش��به االختطاف ال��ذي نعرفه م��ن القصص‬ ‫واألفالم‪ .‬يومها كانت مكالمة غريبة من والدتي قد أثارت‬ ‫لدي توجس��ا عميقا‪ ،‬فق��د أخبرتني أن هناك من يدّعون‬ ‫أنه��م أصدقائي من أيام خدمة العلم (!!) يريدون رؤيتي‬ ‫وأنهم يحملون رس��الة لي‪ ،‬وعندما س��ألت ما أس��ماؤهم‬ ‫وما أعمارهم تعجبت أكث��ر مما وصفت‪ ،‬ولما قلت لها أن‬ ‫تستلم الرسالة بدال عني أخبروها أنني يجب أن أستلمها‬ ‫بي��دي‪ ،‬هنا طلبت منها أن تحصل على رقم هاتف منهم‬ ‫علن��ي أتصل به��م فيما بعد‪ ..‬وبعد قلي��ل تلقيت اتصاال‬ ‫م��ن أحدهم يق��ول لي أن��ه أبو ثائ��ر (؟؟) وأن��ه يجب أن‬ ‫يسلمني الرس��الة‪ ..‬وألح في معرفة عنوان منزلي بدقة‬ ‫إال أنني استطعت إقناعه بأنني سألتقيه في مكان يسهل‬ ‫على كلينا الوصول إليه‪.‬‬ ‫كل م��اكان يجري كان يؤكد لي أن هناك أمرا مريبا‬ ‫وأن احتم��ال وش��اية أو تقرير إلى األجه��زة القمعية (وال‬ ‫أقول األمنية) قد يكون وراء مس��رحية بوليس��ية كهذه‪،‬‬ ‫وقد تأكدت من ذلك عندما اس��تطعت الوصول إلى مكان‬ ‫اللق��اء بحي��ث أرى م��ن ينتظرن��ي وال يران��ي‪ ،‬وأبصرت‬ ‫الب��اص الصغي��ر المحم��ل بالعناص��ر المس��لحة وكذلك‬ ‫س��يارة الضاب��ط الت��ي كان محركها يدور رغ��م أنوارها‬ ‫المطفأة‪ ،‬في هذه األثناء وصل أخي إلى مكان يس��تطيع‬ ‫منه مراقبة مايح��دث دون أن يتدخل كما طلبت منه عبر‬ ‫الهات��ف قبل أن أغادر المنزل ألنني ل��م أكن مطمئنا لما‬ ‫ق��د يحدث ف��ي خضم كل ه��ذا الغموض‪ .‬ت��رددت قليال‬ ‫وتباط��أت خطوات��ي وكان بإمكان��ي التراج��ع والت��واري‬ ‫ف��ي الظ�لام إال أن ال��ذي كان يحيرني هو التس��اؤل عما‬ ‫ق��د يكون الس��بب في هذا‪ ،‬وإليماني الكبي��ر أنه ال مبرر‬ ‫للقلق ويقيني أنني كن��ت أقول في العلن ما أضمره في‬ ‫نفس��ي قررت المتابعة ومواجهة األم��ر كائنا ماكان بدال‬ ‫من الهرب الذي يثبت علي أية تهمة وإن كانت كاذبة‪.‬‬ ‫وم��ا أن وصلت إلى الرج��ل ال��ذي ينتظرني (علمت‬ ‫فيما بع��د أنه عقيد ف��ي المخابرات الجوية اس��مه األول‬ ‫مطانيوس) ومددت يدي مصافحا ومعرفا بنفس��ي حتى‬ ‫تش��بث بذراعي بشدة وأحاط بي العساكر تحسبا أن ألوذ‬ ‫بالفرار (؟!)‬ ‫أخبره��م الضاب��ط إال يزعجونن��ي ‪ -‬ألنن��ي عل��ى‬ ‫مايبدو محترم‪ ،‬على ح��د تعبيره (!!) ‪ -‬وفعال لم أتعرض‬ ‫ألي إزع��اج!!‪ ،‬إال أن هذا لم يغير من إجراءات تكبيل يدي‬ ‫خل��ف ظهري ووض��ع عصبة عل��ى عين��ي باإلضافة إلى‬ ‫إلزامي بخفض رأسي ليالمس ظهر الكرسي األمامي‪.‬‬ ‫وبعد أن أكد الضابط ألخي ‪ -‬الذي كانوا قد أمسكوا‬ ‫ب��ه ‪ -‬أنن��ي مطلوب للس��ؤال فق��ط ولن يط��ول الوقت‬ ‫حت��ى أعود‪ ،‬انطل��ق الب��اص الصغير (ندعوه س��رفيس‬ ‫في س��ورية) في ظلمات تلك الليل��ة يقودني في رحلته‬ ‫نحو المجهول وقد تجاوزت الس��اعة الحادية عش��رة ليال‬ ‫ودماغ��ي ي��كاد يتم��زق لتس��ارع األف��كار وتزاحمها في‬ ‫محاولة اكتشاف ماذا؟ ومن؟ ولماذ؟ا وإلى أين؟‬ ‫يمر الوقت بتسارعات مختلفة بل ومتناقضة‬


‫رسالة سجين | عمل للفنان وسام الجزائري‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أما كيف جرت األمور بعدها فهي مشابهة كثيرا لما‬ ‫كتب في هذا الشأن من قبل معتقلين سياسيين سابقين‪،‬‬ ‫ش��تائم وإهانات صفع��ات وخالفه‪ ،‬وه��ذا حصل بعد أن‬ ‫اجتزت مرحلة الديوان حيث سجلت كافة المعلومات عني‬ ‫وتم التقاط صور لي كما األفالم األمريكية وتم تجريدي‬ ‫من كل شيء ما عدا مالبسي وحذائي الذي نزعت سيوره‬ ‫تلبية لطلبهم‪ .‬وبعد أن تم تفتيش��ي مرة ثانية‪ ،‬وضعت‬ ‫في زنزان��ة "إفرادية" تبلغ أبعادها (‪180X220‬س��م) مع‬ ‫أربعة أشخاص آخرين كنت أتقاسم معهم طعام اإلفطار‬ ‫والس��حور (كنا في األي��ام األخيرة من رمض��ان) وعلمت‬ ‫منهم فيما بعد أنهم كانوا عناصر أمن تابعين للمخابرات‬ ‫الجوية موقوفين لمخالفات مس��لكية بس��يطة‪ ،‬هذا في‬ ‫الي��وم األول من اعتقالي‪ ..‬إذ بقيت أنتظر يومين أو أكثر‬ ‫قبل بداية التحقيق معي‪ ،‬وطيلة اليومين أو الثالثة كنت‬ ‫مازلت ال أعلم س��بب اعتقالي‪ ،‬قد أخبروني أثناءها أنني‬ ‫موجود في فرع التحقيق التابع للمخابرات الجوية‪ .‬وفيما‬ ‫عدا االستقبال الذي قام به السجانون عندما دخلت مبنى‬ ‫الس��جن (الذي كان فوق األرض) فإنني لم أتعرض ألية‬ ‫إساءات أخرى‪ ،‬ويبدو أن توجيها بعدم اإلزعاج أو االعتداء‬ ‫البدني على الموقوفين قد عمم عليهم‪.‬‬ ‫في صب��اح أحد األيام ت��م اس��تدعائي للتحقيق‪ ،‬إذ‬ ‫ت��م فتح المزالج المعدني في باب الزنزانة مصدرا صوتا‬ ‫كريه��ا‪ ،‬ووقف الس��جان مخاطبا إياي طالب��ا مني التوجه‬ ‫إلى التحقيق‪ :‬هيا بس��رعة إل��ى التحقيق‪ ..‬إنزع حذاءك‪..‬‬ ‫ال تبق ش��يء على جسدك ماعدا البنطال! وهكذا خرجت‬ ‫عاري النصف األعلى من جس��دي (علمت من المعتقلين‬ ‫اآلخري��ن أنني كنت محظوظا‪ ..‬فف��ي الفترة األولى كان‬ ‫التحقي��ق يتم والس��جين ع��ار إال من الس��روال الداخلي‬ ‫فق��ط) في ثاني أي��ام كان��ون الثاني الب��ارد أخطو على‬ ‫األرض الرطبة بجاربي الذين ل��م يخطر ببالي نزعهما‪،‬‬ ‫وأنا أحاول تلمس مواقع قدمي بجهد وحذر ألن الس��جان‬ ‫كان ق��د عصب عيني ووضع قيدا أحاديا في كال معصمي‬ ‫الذين أمرت أن أضعهما وراء ظهري‪ ،‬ومن ثم كان يمسك‬ ‫بعضدي مرشدا لي في أي اتجاه أسير وأية درجات أهبط‬ ‫أو أصعد‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫احيان��ا‪ ،‬إذ يطي��ر الوقت بس��رعة البرق بعد‬ ‫الس��اعة الثامنة أو التاس��عة مس��اءاً وهكذا‬ ‫إلى ب��زوغ الصباح‪ .‬ثم يتباطأ بش��دة مميتة‬ ‫من��ذ االس��تيقاظ حوالي الس��ابعة والنصف‬ ‫صباحا ‪ -‬موعد بدأ الدوام الرسمي وممارسة‬ ‫الضب��اط والعس��اكر مهامه��م الرس��مية‬ ‫الوظيفي��ة بجلد المواطني��ن المعتقلين أو‬ ‫تعذيبهم والتحقيق معهم ‪ -‬إلى أن ينتصف‬ ‫النهار ويهل وقت الغداء في االثانية عش��رة‬ ‫والنصف أو الواحدة؛ خالل هذه الفترة تكون‬ ‫أعصاب المعتقلين ف��ي الزنازين من التوتر‬ ‫والتحفز والهلع بحيث يمكن أن تتقصف كما‬ ‫لو أنها أغصان شجرة جافة‪.‬‬

‫وأت��ت اللحظة التي كن��ت أنتظرها‪ ..‬الس��ؤال الذي‬ ‫طرق أذناي مبددا كل حيرتي وتخبطي في معرفة سبب‬ ‫اعتقال��ي‪ ،‬فبع��د أن قدم��ت نفس��ي يالطريق��ة التي تم‬ ‫تعليمي إياها "الموقوف همام يوسف سيّدي المحقق"‪..‬‬ ‫س��ألني الضابط (عرفت أنه كان برتب��ة عقيد فيما بعد‪،‬‬ ‫وأن اسمه "عامر العشي")‪ :‬ما عالقتك بحزب التحرير؟‬ ‫وتنفس��ت الصعداء‪ ..‬وحدثت نفسي‪" ..‬إذن هذا هو‬ ‫السبب‪ ..‬يا لهذه المشكلة التافهة‪ ..‬هذا أمر قديم والشك‬ ‫أنهم عندما يعرفون أنني منقطع عن الحزب منذ حوالي‬ ‫السنوات العشر‪ ،‬سيدركون تفاهة المسألة"‪ .‬أجبت‪ :‬ليس‬ ‫ل��ي عالقة معه��م اآلن‪ ..‬كان لي عالق��ة قديمة وانتهت‪.‬‬ ‫وتابع أس��ئلته مستفسرا عمن كان معي في الحلقة؟ وما‬ ‫كان اسم مدير الحلقة؟ وكيف ومتى كنا نجتمع؟ ماذا كنا‬ ‫نق��رأ؟ وعن المبل��غ المالي الذي كنت أس��هم به للحزب‪..‬‬ ‫الخ‪ ،‬أس��ئلة تن��م عن معرفة ش��املة ومفصل��ة بدقائق‬ ‫األم��ور‪ ،‬مما أكد لي احتمال صحة ظني أن أحدا من أفراد‬ ‫حلقت��ي القديمة قد تم القبض عليه لس��بب أو آلخر‪ ،‬إال‬ ‫أن ه��ذا لم يزعجن��ي كثيرا ألن جميع الذي��ن كانوا معي‬ ‫ف��ي الحلقة كانوا ق��د أنهو عالقتهم بالح��زب في الوقت‬ ‫ذات��ه ولألس��باب ذاتها‪ .‬كن��ت أجيب على أس��ئلة المحقق‬ ‫بالقدر الذي يكفيه وال يورطني في أس��ئلة أخرى بشكل‬ ‫مقنع‪ ،‬فطوال الوقت كن��ت هادئا متوازنا و"متجاوبا" فما‬ ‫كان منه إال أن ق��ال لي‪ :‬إذهب واكتب تقريرا بالذي قلته‬ ‫لي اآلن‪.‬‬ ‫وبع��د أن كتبت التقرير الذي يب��دأ بالعبارة‪" :‬تقرير‬ ‫الموق��وف ف�لان الفالن��ي‪ ..‬س��يّدي المحق��ق‪ " ..‬والذي‬ ‫لم يتج��اوز نص��ف الصفحة (األم��ر الذي أثار اس��تغراب‬ ‫واستهجان السجان الذي حذرني من إغفال أي شيء؛) تم‬ ‫إيصاله إلى المحقق وتم��ت إعادتي إلى الزنزانة ألنتظر‬ ‫هن��اك يومين آخري��ن قبل اس��تدعائي للتحقي��ق للمرة‬ ‫الثانية عصر أحد األيام‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذه المرة خلع��ت جواربي ألنني ل��م أرد أن‬ ‫تتس��خ بمي��اه األمط��ار المختلط��ة باألتربة واألوس��اخ‪..‬‬ ‫قادن��ي الس��جان إل��ى غرف��ة تحقي��ق مختلفة بحس��ب‬ ‫تقدي��ري (ألنني كنت معص��وب العينين كالع��ادة‪ )،‬وفي‬ ‫ه��ذه الم��رة كان األمر س��ريعا فبع��د أن قدمت نفس��ي‬ ‫"الموقوف همّام يوس��ف سيّدي المحقق (كم كنت أكره‬ ‫كلمة "س��يّدي" وكنت أبذل جهدا لقولها) سألني المحقق‬ ‫بشكل مباشر ومباغت من هما فالن وفالن؟!!‬ ‫لحظته��ا ش��عرت أن جبال قد انهار فوق رأس��ي وأن‬ ‫نارا قد اش��تعلت في صدري وجففت الدماء في عروقي‪،‬‬ ‫وأدركت أن األمر أكبر وأكثر اتساعا مما ظننت سابقاً‪ ،‬وأن‬ ‫األمر سوف يس��تمر باالتساع وسوف يصل إلى أشخاص‬ ‫ليس من المهم أو األساس��ي بالنسبة للجهات األمنية أن‬ ‫تعرفهم‪ ،‬وهم لن يقدموا أو يؤخروا في شيء باإلضافة‬ ‫إل��ى حقيقة أنهم أيضاً كانوا ق��د أنهوا عالقتهم بالحزب‬ ‫بش��كل مؤكد‪ ،‬وهم يعيشون حيواتهم بهدوء وسالم مع‬ ‫زوجاتهم وأبنائهم! كيف وصلت أسماؤهم إلى المحقق؟!‬

‫من ه��و الذي تبرع بهذه األس��ماء علما أن��ه من الممكن‬ ‫عدم ذكرها؟!! كيف سألتف حول الموضوع دون تعريض‬ ‫آخرين لهذا الذل وهذه األساليب المتخلفة القميئة؟!!‬ ‫كل هذا احتشد بتسارع تجاوز الزمن مخلفا احتقانا‬ ‫عال��ي الضغط ف��ي دماغي الذي غاب لفت��رة ال تزيد عن‬ ‫الثانيتي��ن!! وهن��ا ق��ررت أن أجي��ب بتس��اؤل عل��ي أتيح‬ ‫لنفس��ي التفكير لث��وان أخرى‪ :‬من فالن وفالن س��يدي؟‬ ‫(وكان قد ذكر فقط اسميهما فقط دون لقبي عائلتيهما‪.‬‬ ‫) هنا انقلب عالمي رأسا على عقب‪ ،‬إذ ما أن سمع كلماتي‬ ‫حتى قام باس��تدعاء السجان بصوت الجرس الكريه وهو‬ ‫يقول‪" :‬ما بتعرف مين هنّن لكن‪ ..‬هأل منش��وف ش��لون‬ ‫رح خليك تعرف‪ ..‬خدو عالدوالب"‪.‬‬ ‫الدوالب تس��مية معروف��ة لكل الس��وريين بفضل‬ ‫الثقافة اإلرهابية الرس��مية‪ ،‬وكانت ل��ه رهبة وغموض‬ ‫أس��ود خاص ب��ه‪ ،‬ورغم معرفت��ي ويقين��ي التاميين أن‬ ‫المحقق يعرف تماما من يسأل عنهما (وإال كيف ذكرهما‬ ‫به��ذا التحدي��د وس��ألني أن��ا عنهم��ا‪ ،‬فهو ل��م يقل‪ :‬هل‬ ‫تع��رف‪..‬؟ ب��ل قال‪ :‬م��ن هم��ا‪..‬؟ أي أن��ه كان يختبر مدى‬ ‫طواعيت��ي‪ ،‬وربما كان يريد زيادة تأكيد معلوماته ‪ -‬وهو‬ ‫م��ا تبين لي صحت��ه فيما بعد ‪ -‬ويريد من��ي إقرار صحة‬ ‫م��ا لديه‪ )،‬ورغ��م يقيني أنني بإمكان��ي تجنب "الدوالب"‬ ‫فق��ط بإقراري بمعرفتهما قبل أن أغادر الغرفة! إال أنني‬ ‫كنت أريد لقاء هذا الغول الغامض ومجابهته وجها لوجه‪،‬‬ ‫وهكذا لذت بالصمت منتظرا هذا الدوالب البعبع‪.‬‬ ‫لم يك��ن لقاءا جي��دا‪ ..‬فبعد أن جرني الس��جان من‬ ‫عنق��ي خارجا‪ ،‬وقادن��ي إلى زاوية ما ال أع��رف مكانها أو‬ ‫جهته��ا‪ ،‬أمرني متلفظا بأش��نع األلف��اظ ‪ -‬التي تجود بها‬ ‫ألس��نة أقذر مخيلة بش��رية يمكن تخيلها ‪ -‬باالس��تلقاء‬ ‫عل��ى بطني وثني ركبتيّ رافع��ا قدماي إلى أعلى بحيث‬ ‫يصبح باطنيهما متجها إلى أعلى‪ ،‬مما سهل عليه االنهيار‬ ‫(كانهيار الجبال) عليهما بعدد فقدت القدرة على إحصائه‬ ‫من الصواعق الخيزرانية التي كان أصوات حفيفها وهي‬ ‫تش��ق اله��واء تختل��ط بأصواته��ا وهي تصط��دم بلحم‬ ‫قدمي��ي (العاريتي��ن المبللتي��ن بمياه الوح��ول) وتمتزج‬ ‫بصراخي وجعيري (لم أكن أتخيل أن اإلنس��ان يمكن أي‬ ‫يصدر أصوات��ا كوحوش الغابات قبل ذلك‪ )،‬ويتخلل ذلك‬ ‫كله أش��نع الش��تائم النابية التي ال يمكن إلنس��ان له أم‬ ‫أو إخوة أو أخوات أن يرضى بس��ماعها عن ش��خص آخر‪،‬‬ ‫فكيف عن نفسه؟!!‬ ‫ل��م يكن دوالبا كما تخيلت��ه‪ ..‬إال أنني بعد أن فقدت‬ ‫الق��درة على إحص��اء العدد‪ ،‬قررت االستس�لام فأخبرته‬ ‫باكي��ا (وهذا أم��ر يصعب االعتراف به عادة) لش��دة األلم‬ ‫أنني أعرف الشخصين الذين سُألت عنهما‪ .‬فنهرني آمرا‬ ‫بالوقوف فلم أس��تطع وضع قدماي على األرض بالكامل‬ ‫لش��دة األلم‪ ،‬فسرت متباطئا أمش��ي على جانبي قدميّ‬ ‫كالكس��يح عائدا إل��ى الزنزانة‪ ،‬فعلى مايب��دو أن المهمة‬ ‫ق��د أنجزت‪ ..‬ولم يك��ن مهما أن يس��مع الضابط تأكيدي‬ ‫بمعرفتهما في تلك اللحظة!‬

‫‪19‬‬


‫فـي املعتقــل‬ ‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫لم أكن أش��عر أن عقارب الس��اعة تتحرك وأنا انتظر عودتها‪ ..‬قبل ربع ساعة‬ ‫طلبها الضابط لجولة تحقيق في منتصف الليل!‬ ‫كنا نعرف السناريو جيداً‪ ..‬ونحفظه جميعًا!‬ ‫اس��تجمع بع��ض عب��ارات المواس��اة وتخفي��ف األلم الت��ي نتبادله��ا في تلك‬ ‫المواقف‪ ..‬حتى ال أنساها كعادتي لهول الموقف‪..‬‬ ‫جلس��ت القرفصاء‪ ،‬ذراعيَّ تش��دُّ على بطني وأهز رأس��ي بتوت��ر وأنا أردد‬ ‫الفرج قريب الفرج قريب‪..‬‬ ‫أرقب بعض الجرذان وهي تعبث بالبطانية الملقاة على اآلرض‪ ،‬لشدة توتري‬ ‫وخوفي وشعوري بتشنج أعضائي أعجز حتى عن إصدار صوت يخيفها فترحل‬ ‫أسندت ظهري للجدار بصمت مرة أخرى‪ ..‬دمعة صادقة مع مناجاة‪ ..‬ياااارب‪..‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫ش��يء من قلبي كان يخرج معها‪ ..‬ش��يء من روحي كان يخرج خارج أس��وار‬ ‫الزنزان��ة‪ ..‬تلح��ق في الس��ماء‪ ..‬أتذكر وجه أم��ي عندما أخذوني أمامه��ا‪ ..‬دمعها‪..‬‬ ‫توس�لاتها رجاءها لهم أن يتركوني وهم يقولون‪ :‬فقط أيام‪ ..‬وستعود!! ابتسمت‬ ‫له��ا ألش��عرها أن األمر عادي جداً " س��أكون بخير" وأمضي معه��م‪ ..‬كم هو الخير‬ ‫ال��ذي تحمله لنا القضبان خلفها! لعلها ل��م تحمل لنا الخير‪ ..‬لكنها حوت الكثير من‬ ‫الخيرين ممن نتقاسم معهم الجوع والوجع‪ ..‬وعتمة الليل‪ ..‬أنات السياط‪ ..‬وجوالت‬ ‫التحقيق‪ ..‬وتفاصيل صغيرة ال يدركها إال من سكن هنا‪..‬‬ ‫دموعي على وشك االنهيار ورغبة جامحة باختضان أمي اآلن‪..‬‬ ‫أتذكر بعض وس��ائل التخفيف من التوتر‪ ..‬أحاول أخذ نفس عميق‪ ..‬تتس��رب‬

‫لبابة الهواري‬

‫لرئتي رائحة العفن العالق في الزنزانة‪ ..‬أحاول جاهدة أن أخرج زفيراً متمه ً‬ ‫ال على‬ ‫مراحل‪ ..‬يخرج الهواء‪ ..‬ويعلق العفن بالذاكرة‪..‬‬ ‫ال أدري كم مرَّ من الوقت وأنا على هذه الحال‪ ..‬دقائق‪ ..‬ثواني‪ ..‬ساعات‪ ..‬لم‬ ‫أكن أشعر بشيء‪ ..‬كان دهراً من االنتظار‪..‬‬ ‫أردد بص��وت أعلى ي��ااااارب‪ ..‬ي��ااارب‪ ..‬يختنق صوت��ي وأنا أس��مع وقع أقدام‬ ‫يقترب‪ ،‬وقفت بسرعة بجانب باب الزنزانة انتظر‬ ‫فت��حَ الب��اب ورمى بها للداخل مع س��يل من األلفاظ النتنة مث��ل رائحته‪ ..‬ثم‬ ‫أغلق الباب ومضى‬ ‫اقترب��ت منها على عجل‪ ،‬كان جس��دها يفضح ما حدث معه��ا آثار الدماء على‬ ‫وجهه��ا‪ ..‬وانتف��اخ في رقبتها‪ ..‬ثوبه��ا الممزق وذراعها المتورم��ة‪ ..‬لم أكن بحاجة‬ ‫ألس��ألها كم عانت‪ ..‬احتفظت بالسؤال لنفس��ي‪ ،‬ساعدتها على النهوض وأسندتها‬ ‫إل��ى الحائ��ط‪ ،‬جلس��ت بجانبها‪ ،‬كان الذه��ول مس��يطر عليها‪ ،‬مالمحه��ا جامدة ال‬ ‫تتح��رك‪ ..‬لم تكن تبكي‪ ..‬وال تتح��دث‪ ..‬كان صمتها أقوى وقعاً من عتمة الليل في‬ ‫زنزانة ال ترحم‪..‬‬ ‫اس��تجمعت قوتي ألبدأ عبارات المواساة‪ ،‬أسندتْ رأسها على كتفي وهمستْ‪:‬‬ ‫أريد أمي‪..‬‬ ‫‪ ..‬ش��عرت بدموعها وهي تبلل مالبس��ي‪ ،‬كنت أمس��ح على رأس��ها ونتقاسم‬ ‫الدمع‪ ،‬كان القمر يرقبنا من بعيد‪ ،‬لكن السماء شاركتنا البكاء!‬ ‫كانت ليلة!‬


‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫عام ‪ 2013‬يص��در رأس نظام البعث‬ ‫العلمان��ي مرس��ومًا للحث عل��ى فريضة‬ ‫الزكاة‪ ،‬وم��ن عاش فت��رة الثمانينات في‬ ‫س��وريا عاي��ش االعتق��االت الت��ي كانت‬ ‫جامع للزكاة‬ ‫تمارس��ها الس��لطات على أي ٍ‬ ‫ب��دون ترخي��ص م��ن وزارة الش��ؤون‬ ‫االجتماعي��ة والعم��ل علم��ًا أن ال��وزارة‬ ‫المذكورة امتنع��ت ولفترة طويلة وبقرار‬ ‫أمن��ي ع��ن إعط��اء أي رخ��ص لجمعياتٍ‬ ‫خيرية‪.‬‬ ‫وف��ي خض��م المع��ارك الت��ي تجتاح‬ ‫س��وريا يبدو غريب��ًا مثل هذا المرس��وم‬ ‫وال��ذي ن��ص عل��ى أن الهدف من إنش��اء‬ ‫صندوق الزكاة هو‪:‬‬ ‫‪ - 1‬تعظي��م فريضة ال��زكاة وإحيائها‬ ‫من خالل تقديم الخدمة المثلى للمزكين‬ ‫والتوزي��ع الع��ادل ألم��وال ال��زكاة عل��ى‬ ‫المس��تحقين‪ - 2 .‬تذكي��ر المس��لمين‬ ‫بحكم��ة فريض��ة ال��زكاة ومش��روعيتها‬ ‫وحثه��م عل��ى وج��وب أدائه��ا وتعريفهم‬ ‫بمقاصدها‪.‬‬ ‫‪ - 3‬مس��اعدة األس��ر ذات الحاج��ة‬ ‫وتقدي��م الع��ون الم��ادي أو العين��ي لهم‬ ‫وفق مقتضيات الحالة االجتماعية ووضع‬ ‫الزكاة في مصارفها الصحيحة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬مس��اعدة الفق��راء م��ن ط�لاب‬ ‫العلم واأليتام والعجزة وذوي االحتياجات‬ ‫الخاص��ة والمرض��ى والمؤسس��ات الت��ي‬ ‫ترعاهم من جمعيات خيرية وغيرها‪.‬‬ ‫‪ - 5‬المس��اهمة ف��ي تأمي��ن الرعاية‬ ‫الصحي��ة للفق��راء والمحتاجي��ن وإيج��اد‬ ‫فرص العمل للمحتاجين‪.‬‬ ‫‪ - 6‬المس��اهمة في مش��اريع تنموية‬ ‫ذات نف��ع ع��ام وف��ق أح��كام الش��ريعة‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪ - 7‬الوص��ول إل��ى مجتم��ع متكاف��ل‬ ‫اجتماعي��ا ومتالحم إنس��انيا ينش��ط في‬ ‫مج��ال تنمي��ة العم��ل الخي��ري وخدم��ة‬ ‫المحتاجي��ن والمعوزي��ن وف��ق أس��س‬ ‫الشريعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫م��ن خ�لال ه��ذه العب��ارات الغامضة‬ ‫والفضفاضة يس��تمر النظ��ام في مماألة‬ ‫رج��ال الدي��ن التابعي��ن ل��ه‪ ،‬وتع��ود بنا‬ ‫الذاك��رة إل��ى الصنادي��ق الت��ي أنش��أها‬ ‫النظام السوري خالل حكمه لبنان مكافأة‬ ‫لزعيم سياسي أو جهة من مناصريه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ولع��ل األغ��رب ف��ي ه��ذا المرس��وم‬ ‫عدم اإلش��ارة إلى أي جه��ة رقابية تنظم‬ ‫العمليات المالية‪ ،‬وعدم اإلش��ارة إلى آلية‬ ‫جمع الزكاة والهبات وهل س��يتم حصرها‬ ‫في الصندوق المذكور كوس��يلة للضغط‬ ‫وتجفيف منابع الدعم الذاتي للسوريين‪،‬‬ ‫وفيما يلي نص القانون‬ ‫المادة (‪)4‬‬ ‫يمول الصندوق من المصادر اآلتية‪..‬‬ ‫‪ - 1‬أم��وال ال��زكاة الت��ي يؤديه��ا‬ ‫المسلمون إليه‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الصدق��ات المادية الت��ي يقدمها‬ ‫المسلمون‪.‬‬ ‫‪ - 3‬المنح والوصايا والهبات والتبرعات‬ ‫والنذور التي يقبلها مجلس اإلدارة‪.‬‬

‫‪ - 4‬ري��ع األم��وال الت��ي يس��تثمرها‬ ‫الصندوق‪.‬‬ ‫‪ - 5‬الوف��ر المدور من موازنة الس��نة‬ ‫المالية السابقة‪.‬‬ ‫‪ - 6‬أي��ة م��وارد أخ��رى تس��مح به��ا‬ ‫القوانين واألنظمة النافذة‪.‬‬ ‫المادة(‪)5‬‬ ‫أ ‪ -‬ت��ودع أم��وال الصن��دوق م��ن‬ ‫غير ال��زكاة في حس��اب خاص ل��دى أحد‬ ‫المص��ارف اإلس�لامية الس��ورية الت��ي‬ ‫يحددها مجلس اإلدارة‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬يخصص حساب مستقل ألموال‬ ‫ال��زكاة وال يج��وز أن يت��م الص��رف منها‬ ‫إال ف��ي المصارف الش��رعية لل��زكاة وفق‬ ‫أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫المادة(‪)6‬‬ ‫يتولى إدارة الصندوق‪..‬‬ ‫‪ - 1‬مجلس اإلدارة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬المدير العام‪.‬‬ ‫المادة(‪)7‬‬ ‫أ ‪ -‬يتألف مجلس إدارة الصندوق على‬ ‫النحو اآلتي‪..‬‬ ‫الوزير‪ ..‬رئيسًا‬ ‫أحد أعض��اء اتحاد علماء بالد الش��ام‬ ‫من سورية‪ ..‬عضواً ونائبَا للرئيس‬ ‫أحد معاوني الوزير‪ ..‬عضواً‬ ‫مع��اون وزي��ر الش��ؤون االجتماعي��ة‬ ‫يقترح��ه وزي��ر الش��ؤون االجتماعي��ة‪..‬‬ ‫عضواً‬ ‫خمسة من كبار العلماء في سورية‪..‬‬ ‫أعضاء‬ ‫اثنان من مفتي المحافظات‪ ..‬أعضاء‬ ‫ممثل عن اتحاد غرف التجارة يقترحه‬ ‫رئيس االتحاد‪ ..‬عضواً‬ ‫ممث��ل ع��ن اتح��اد غ��رف الصناع��ة‬ ‫يقترحه رئيس االتحاد‪ ..‬عضواً‬ ‫المدير العام‪ ..‬عضوًا‬ ‫أحد العاملين في ال��وزارة من مرتبة‬ ‫مدير على األقل‪ ..‬مقررا‬ ‫ب ‪ -‬يس��مى أعض��اء مجل��س اإلدارة‬ ‫بق��رار م��ن رئيس مجل��س ال��وزراء بناء‬ ‫على اقتراح الوزير‪.‬‬ ‫المادة (‪)8‬‬ ‫أ ‪ -‬يجتم��ع مجل��س اإلدارة م��رة كل‬ ‫ثالث��ة أش��هر عل��ى األق��ل وكلم��ا دع��ت‬ ‫الحاج��ة لذلك بدعوة من رئيس��ه وتكون‬ ‫االجتماع��ات قانوني��ة بحض��ور أكثري��ة‬ ‫األعض��اء بم��ن فيه��م الرئي��س أو نائبه‬ ‫بتكليف منه وتتخذ الق��رارات بالتصويت‬ ‫بإجم��اع أو بأغلبي��ة األعض��اء الحاضرين‬ ‫وفي حال تس��اوي األص��وات يرجح جانب‬ ‫رئيس الجلسة‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬لرئيس مجل��س اإلدارة أن يدعو‬ ‫من ي��راه مناس��با لحض��ور اجتماعاته أو‬ ‫لع��رض م��ا ي��راه المجل��س ضروريا من‬ ‫بيان��ات أو إيضاح��ات عل��ى أن يثبت ذلك‬ ‫في جدول أعمال المجلس ودون أن يكون‬ ‫للمدعو الحق في التصويت‪.‬‬

‫ج ‪ -‬لمجلس اإلدارة تشكيل لجان من‬ ‫بي��ن أعضائه وغيرهم لدراس��ة موضوع‬ ‫معي��ن وتقدي��م االقتراح��ات الالزم��ة أو‬ ‫لمساعدة المجلس على أداء مهامه‪.‬‬ ‫المادة (‪)9‬‬ ‫مجلس اإلدارة هو السلطة المختصة‬ ‫برس��م السياس��ة العام��ة للصن��دوق‬ ‫والخطط التي يس��ير عليها والتي تحقق‬ ‫أهدافه وج��ودة الخدم��ات المقدمة ويعد‬ ‫مس��ؤوال ع��ن إقراره��ا ومتابع��ة حس��ن‬ ‫تنفيذه��ا ويم��ارس جميع األعم��ال التي‬ ‫ت��ؤدي إل��ى تحقي��ق اله��دف م��ن إحداثه‬ ‫ويتول��ى على وجه خ��اص‪ ..‬اقتراح جميع‬ ‫األنظمة الت��ي تقتضيها أعمال الصندوق‬ ‫وتصدر ه��ذه األنظمة بقرار من الوزير‪..‬‬ ‫وضع األسس والضوابط الكفيلة بتوزيع‬ ‫أم��وال ال��زكاة والصدق��ات ف��ي وجوهها‬ ‫المقررة ش��رعا وتحديد أولوياتها وتحديد‬ ‫أوج��ه صرفها وفق األس��س الش��رعية‪..‬‬ ‫تشكيل هيئة رقابة ش��رعية على أعمال‬ ‫الصن��دوق م��ن أعض��اء مجل��س اإلدارة‬ ‫وغيره��م وتحديد األس��س الكفيلة بأداء‬ ‫أعمالها‪.‬‬ ‫تش��كيل لجان لجم��ع الزكاة‬ ‫ ‬‫وتحدي��د أس��س عمله��ا وتعويض��ات‬ ‫القائمين عليها‪.‬‬ ‫اقت��راح إح��داث ف��روع‬ ‫ ‬‫للصن��دوق ف��ي مديري��ات األوق��اف ف��ي‬ ‫المحافظات وإقرار أنظمتها وتحدث بقرار‬ ‫من الوزير‪.‬‬ ‫اقت��راح الموازن��ة الس��نوية‬ ‫ ‬‫للصندوق‪.‬‬ ‫قب��ول الهب��ات والوصاي��ا‬ ‫ ‬‫والتبرعات واإلعانات المقدمة للصندوق‪.‬‬ ‫وضع اآلليات الالزمة لتنمية‬ ‫ ‬‫موارد الصندوق واستثمار أمواله‪.‬‬ ‫تصدي��ق الميزانية الختامية‬ ‫ ‬‫السنوية للصندوق‪.‬‬ ‫تعيي��ن مدق��ق حس��ابات‬ ‫ ‬‫قانون��ي لمراجع��ة حس��ابات الصن��دوق‬ ‫وتحديد أتعابه‪.‬‬ ‫مناقش��ة التقري��ر الس��نوي‬ ‫ ‬‫المقدم من المدير العام‪.‬‬ ‫الموافق��ة عل��ى إش��غال‬ ‫ ‬‫بعض الوظائ��ف الالزمة لعمل الصندوق‬ ‫عن طري��ق التعاقد وتص��دق العقود من‬ ‫الوزير‪.‬‬ ‫التفويض ببعض صالحيات‬ ‫ ‬‫مجلس اإلدارة إلى الوزير‪.‬‬ ‫المادة (‪)10‬‬ ‫أ ‪ -‬يعي��ن المدير الع��ام بقرار يصدر‬ ‫ع��ن رئيس مجل��س ال��وزراء بن��اء على‬ ‫اقت��راح الوزير من حملة اإلجازة الجامعية‬ ‫في الشريعة اإلسالمية على األقل‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬في حال تسمية المدير العام من‬ ‫غير العاملين في الدولة يتقاضى المكلف‬ ‫األجر الذي يحدده مجلس اإلدارة ويصرف‬ ‫من موازنة الصندوق‪.‬‬ ‫المادة (‪)11‬‬ ‫يتول��ى المدي��ر العام اإلش��راف على‬

‫جمي��ع أعم��ال الصن��دوق م��ن النواح��ي‬ ‫اإلداري��ة والمالي��ة ويص��در التعليم��ات‬ ‫واألوام��ر اإلداري��ة ويتابع تنفي��ذ قرارات‬ ‫مجلس اإلدارة ويش��رف بصورة مباش��رة‬ ‫على س��ير العمل فيه بما ال يتعارض مع‬ ‫أحكام هذا المرس��وم التشريعي ويتولى‬ ‫على األخص المهام اآلتية‪..‬‬ ‫‪ - 1‬تمثي��ل الصندوق في عالقاته مع‬ ‫الغير‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تنفيذ السياسة العامة للصندوق‬ ‫التي يقرها مجلس اإلدارة لتحقيق مهام‬ ‫الصندوق‪.‬‬ ‫‪ - 3‬تنفيذ خطة عمل الصندوق‪.‬‬ ‫‪ - 4‬إعداد مش��روع الموازنة السنوية‬ ‫والحسابات الختامية للصندوق‪.‬‬ ‫‪ - 5‬تقدي��م التقري��ر الس��نوي إل��ى‬ ‫مجل��س اإلدارة متضمن��ا الوض��ع المالي‬ ‫واإلداري للصندوق‪.‬‬ ‫‪ - 6‬ي��وزع األعم��ال الوظيفي��ة عل��ى‬ ‫المكلفين بالعمل في الصندوق‪.‬‬ ‫‪ - 7‬اإلشراف على لجان جمع الزكاة‪.‬‬ ‫‪ - 8‬أي��ة مهام أخرى يكلفه بها الوزير‬ ‫أو مجلس اإلدارة‪.‬‬ ‫المادة (‪)12‬‬ ‫المدي��ر الع��ام ه��و آم��ر الص��رف‬ ‫للصندوق‪.‬‬ ‫المادة (‪)13‬‬ ‫أ ‪ -‬لمجل��س اإلدارة أن يس��تثمر جزءا‬ ‫م��ن األم��وال الفائض��ة ف��ي الصن��دوق‬ ‫م��ن غير أم��وال الزكاة ضم��ن الضوابط‬ ‫والحدود التي يقررها‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬لمجل��س اإلدارة أن يق��رر صرف‬ ‫مكاف��آت وتعويض��ات للعاملي��ن ف��ي‬ ‫الصندوق من غير أموال الزكاة وتستثنى‬ ‫ه��ذه المكافآت والتعويض��ات من الحدود‬ ‫القصوى المقررة في القوانين واألنظمة‬ ‫النافذة‪.‬‬ ‫المادة (‪)14‬‬ ‫أ ‪ -‬يعف��ى الصندوق والمس��تفيدون‬ ‫م��ن المن��ح أو اإلعانات الت��ي يقدمها من‬ ‫جميع الضرائب والرسوم تحت أي تسمية‬ ‫كانت‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬يعف��ى الصندوق م��ن الضرائب‬ ‫والرس��وم الت��ي ت��رد عل��ى أي عق��ود أو‬ ‫عملي��ات يجريه��ا بم��ا فيها رس��م الطابع‬ ‫كم��ا يعفى من جميع الرس��وم الجمركية‬ ‫والبلدي��ة والتكاليف العام��ة على اختالف‬ ‫أنواعه��ا عما يرد إليه من من��ح أو إعانات‬ ‫أو هب��ات أو ق��روض ويعفى م��ن تقديم‬ ‫الكفاالت والرسوم والتأمينات القضائية‪.‬‬ ‫المادة (‪)15‬‬ ‫لدافع ال��زكاة أو المتصدق أو المتبرع‬ ‫تحدي��د أوجه ص��رف المبالغ الت��ي دفعها‬ ‫للصندوق ش��ريطة عدم تعارض ذلك مع‬ ‫أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫المادة (‪)16‬‬ ‫تعتب��ر أم��وال الصن��دوق م��ن أموال‬ ‫الدول��ة العامة في معرض تطبيق قانون‬ ‫العقوبات االقتصادي‪.‬‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫املر�س��وم الت�شريعي رقم "‪ "51‬لعام ‪ 2013‬القا�ضي‬ ‫ب�إحداث �صندوق الزكاة وال�صدقات يف وزارة الأوقاف‬

‫‪21‬‬


‫حممد عطار‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫اس��تيقظنا اليوم على ارتجاج البيت‪ ،‬الطائرة تقصف‬ ‫بس��تان القصر‪ ،‬س��قط الصاروخ على بعد عش��رات‬ ‫األمت��ار‪ .‬ال يمك��ن لحي أن يك��ون "س��كنيًا" أكثر من‬ ‫ه��ذا الح��ي!! الطابقي��ن األخيري��ن ف��ي بن��اء قديم‬ ‫سُحقا تمامًا بقاطنيهما‪ ،‬وتهشمت األبنية المحيطة‪،‬‬ ‫مشاهد استخراج األطفال الشهداء مفجع‪ ،‬وما يدمي‬ ‫القلب أن أحد ش��باب النقطة الطبية الرائعين والذين‬ ‫أكرم��وا اس��تضافتنا البارحة قضى بالقص��ف أيضاً‪،‬‬ ‫ش��اب في ربيعه ال‪ .22‬بعد دقائق والغبار مازال يلف‬ ‫المكان‪ ،‬يستعيد س��وق بستان القصر تقريبًا حركته‬ ‫الطبيعي��ة فيم��ا على بع��د أمتار فقط‪ ،‬هن��اك رجال‬ ‫ونس��اء ينتحبون‪ ..‬جالس��ًا مع شباب متش��حين بغبار‬ ‫الركام‪ ،‬على رصيف متسخ قرب بسطة لبيع البصل‪،‬‬ ‫ين��ادي صاحبه��ا بال كلل عل��ى المارة ليش��تروا منه‪،‬‬ ‫قاس التعود على الموت واإلصرار‬ ‫أفك��ر كم هو فعل ٍ‬ ‫على مواصل��ة الحياة!!! وأده��ش أن الحياة ال تتوقف‬ ‫بالكامل في العالم بأسره بعد قصف حي سكني!!‪..‬‬

‫عمر فليحان‬

‫س��يارات بنمر امريكي��ة بالقاب��ون‪ ،‬بالعالمة مكتوب‬ ‫عليها‪..Don't follow me engaged :‬‬

‫فادي زيدان‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫الش��يخ مع��اذ الخطي��ب بع��د م��ا ق��رأ محن��ة العرب‬ ‫باألندل��س وبع��د ما بيّت كم اس��تخارة اكتش��ف إنو‬ ‫مافي وال علماني وطني ومحايد بالمعارضة‪ ،‬الظاهر‬ ‫شيخنا خافة عندو نسبة الاليكات وما عم يعرف ينام‬

‫خليل يون�س‬

‫مع��اذ الخطيب مبع��وص ألنو العلمانيي��ن مفطرين‬ ‫وهو صايم‪.‬‬

‫ريان هربا‬

‫(الجناح العس��كري) لح��زب اهلل؟ على أس��اس هوّي‬ ‫باألصل نادي لركوب الخيل‪.‬‬

‫عروة االحمد‬

‫العرص��ة بض��ل عرصة ولو طل��ع س��تين مظاهرة‪..‬‬ ‫واﻵدمي بضل آدمي ولو أيد س��تين نظام‪ ..‬وال تقول‬ ‫شق الصف أحسن ما شقلك حنكك‪..‬‬

‫ب�سمة القوتلي‬

‫ما أكثر البعثيون في المعارضة السورية‪..‬‬

‫با�سل حافظ‬

‫على حب اهلل اللي بيعرف سرافيس داالس ديترويت‬ ‫حرستا القابون من وين بيطلعو يدلنا‪..‬‬

‫طارق حمدان‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪22‬‬

‫ثورت��ي هذي عروس م��ن الزنج‪ ..‬عليه��ا كتائب من‬ ‫الشيش��اني‪ ..‬ه��رب الن��وم فيها عن جفون��ي‪ ..‬هرب‬ ‫الوطنية عن عيون العلماني‪..‬‬ ‫الشيخ معاذ‪ ..‬الحمداني‬

‫شكل آخر من أشكال االحتالل المتعددة‪ ،‬عندما تُسيّس األديان وتتحول ألدوات سطو‬ ‫على مس��تقبل البشر وحاضرهم‪ ،‬ووس��يلة للهيمنة على حياتهم وحكم مصائرهم‪ ،‬وعندما‬ ‫تُصوّر أي محاولة لمعارضة هذا التسييس البخس على أنها كفر ال يرد إال بحد السيف!‪..‬‬ ‫تتضاع��ف الخطورة عندما يطفوا أصحاب هذا النهج االحتاللي على س��طح الثورات بعد‬ ‫أن أفس��دوا ما أمكن من مبادئ الثورة المناهضة في أساسها لفرضية حكمهم وتسلطهم‬ ‫وانتهجوا لهم نهجاً بات معروفاً جيداً مفاده (نحن أو ال أحد‪ ،‬نحن أو نحرق البلد)‪..‬‬

‫‪‎‬محمود محمود‪‎‬‬

‫م�صطفى علو�ش‬ ‫لو فكرنا جيداً لما اس��تكثرنا ما ج��رى رغم فداحته‪..‬‬ ‫نحن الس��وريين‪ ..‬كان أحدنا يفني حياته في س��بيل‬ ‫الحص��ول على بيت‪ ..‬فك��م بنا وقد قررن��ا الحصول‬ ‫على وطن؟!‪..‬‬

‫با�سل احلريري‬

‫عب��د الفت��اح تس��ي تس��ي‪ ،‬يري��د أن يردي الش��عب‬ ‫المصري في غيبوبة " مبارك(ة)" جديدة‪!!..‬‬

‫فادي جومر‬

‫قل��ي‪" :‬إن��ت علمان��ي ملح��د بال أخ�لاق وم��ا بتفهم‬ ‫وعايش بس لش��هواتك‪ ..‬وأص ًال ما رح ناقشك ألنك‬ ‫بتكره اإلس�لام"‪ ..‬طبعاً أنا وقته��ا انتبهت قديش هو‬ ‫بيعشق اإللحاد وقررت ناقشه‪ ..‬بالكريك‪..‬‬

‫�أحمد مارديني‬

‫ لك انا حاربت بتشرين‪..‬‬‫‪ -‬لك اي شو الفايدة إذا خنتنا بآذار‪..‬‬

‫ناجي الغ�ضبان‬

‫القناص اإلدلبي ما بيصيب الواحد غير بطيزو‪..‬‬

‫لقمان ديركي‬

‫ـ ليش أنت مع الثورة السورية؟!‬ ‫ـ ألني كوردي‬ ‫ـ وليش هايشين عليك اللي مسمِّين حالهن ثوار؟!!‬ ‫ـ كمان ألني كوردي!!‬

‫مهند فخر الدين‬

‫بائع األسلحة بحلب‪ :‬القنبلة الما بتفجر بتاخد بداال‪..‬‬

‫با�سل وطفة‬

‫ال يُقال لزياد الرحبان��ي‪ :‬كول خرى‪ ..‬بل يُقال‪ :‬زياد‬ ‫الرحباني أيمت رح تشبع من أكل الخرى؟؟‪..‬‬

‫عائ�شة عبد الوهاب‬

‫م��و الزم تكون عميل لحتى تس��اعد ع��دوك‪ ..‬بكفي‬ ‫أنك تكون غبي‪..‬‬

‫دارا عبد اهلل‬

‫ع��ام ‪ ،1982‬أُثن��اء االجتي��اح اإلس��رائيلي‪ ،‬كان ف��ي‬ ‫مكت��وب على أحد ج��دران الضاحي��ة الجنوبية «أه ًال‬ ‫بالعدو الصهيوني الغاشم»‪..‬‬

‫عروة كو�ستا‬ ‫يلي بلش يفقد الثقة بالثورة وبحتمية التغيير‪ ،‬يتابع‬ ‫يس��را ع التلفزيون‪ ،‬بكل ثقة عم تسهب بالشرح عن‬ ‫أنوثتها (وقت كانت يس��را تس��تخدم انوثتها مع عادل‬ ‫ام��ام كنت أنا صف ثالث ابتدائ��ي)‪ ،‬ونحنا بأقل من ‪3‬‬ ‫سنين عم يهاجمنا اليأس‪.‬‬

‫حازم العظمة‬

‫هذا الهج��وم المتكرر على (مثقفين) أو (المثقفين)‪..‬‬ ‫ال��ذي م��ا زال يتكرر‪ ..‬ب��دون تحديد م��ن هم هؤالء‬ ‫(المثقفي��ن)‪ ..‬أق��ل ما يق��ال فيه أنه مدي��ح للجهل‪..‬‬ ‫فالجهل هو عكس الثقافة‪ ..‬وما من ش��ك في ذلك‪..‬‬ ‫الهج��وم الش��عبوي ‪ -‬أيض��ًا الش��عبوي أكي��د ‪ -‬على‬ ‫الثقاف��ة والمثقفي��ن‪ ..‬يح��وز على إعجاب��ات كثيرة‪..‬‬ ‫أيضاً أكيد‪ ..‬لكنها إعجابات من يناس��بهم أو يعجبهم‬ ‫الجهل والعماء‪ ..‬وهذا أفظع‪..‬‬

‫عبود �سعيد‬

‫ما أس��خفك حي��ن تقولين‪ :‬اهلل محي��ي الجيش وأنت‬ ‫مازل��ت تدفعين فاتورة الماء وتش��ترين الطوابع ولم‬ ‫يسقط في مدينتك أي شهيد‪..‬‬

‫خالد ن�صار‬

‫بحترم س��امر رضوان وما بتمناله غير كل خير‪ ..‬بس‬ ‫إنو هيك خطرلي شو ساوي‪ :‬هأل اعتقاله األخير جزء‬ ‫من سيناريو المسلسل وال مادخل؟‪..‬‬

‫طالل مظهر‬

‫مل��ك بلجي��كا الجدي��د يقس��م بلغ��ات ث�لاث "الفرنس��ية‬ ‫واأللمانية والهولندية" للحفاظ على وحدة أراضي الوطن‪..‬‬ ‫في سوريا يقسمون وبلغة وحيدة (األسد أو نحرق البلد)!!‪..‬‬

‫جمد جدعان‬

‫الش��يء الوحي��د ال��ذي وحدونا ب��ه‪ ..‬هو الوج��ع ودماء‬ ‫األبرياء‪ ..‬سيناريو مرعب سالحه نفس أساليب محاربة‬ ‫اإلرهاب‪ ..‬ص��ار الوجع وجعين‪ ..‬وجهاز إدارة البس��طار‬ ‫واحد‪ ..‬يا رب رحمتك‪ ..‬ما عاد في محل بالرأس يتس��ع‬ ‫لضربات أكثر‪ ..‬يا رب رحمتك‪ ..‬يا رب رحمتك‪..‬‬

‫نائل حريري‬

‫حاس��بوا م��ن دف��ع ش��بابكم للقت��ل‪ ..‬حاس��بوا م��ن‬ ‫تبايعون حذائه صباح مس��اء‪ ..‬حاسبوا إعالمكم الذي‬ ‫بقي يقول أن البواس��ل نفذوا وأقاموا كمينا‪ ..‬وقتلوا‬ ‫أبو ف�لان األفغاني وأبو عالن الس��عودية في عملية‬ ‫ناجحة‪ ..‬حاسبوهم‪ ..‬فقد أعادوكم إلى انتصارات ‪67‬‬ ‫على إذاعتي القاهرة ودمشق يوم باع كل قائد جيش‬ ‫جنوده واكتفى بالهروب‪.‬‬

‫كيف تنت�صر الثورة‬ ‫ال�سوريّة؟!!‬

‫في الجانب الذاتي‪..‬‬ ‫حرف ثورة الربيع الس��وري (و الذي هو امتداد لثورة‬ ‫الربيع العربي ‪ 2011‬كما يعلم الجميع) عن مس��ارها‬ ‫الوطن��ي الديمقراطي‪ ،‬وعن مضامينها السياس��يّة‬ ‫واالجتماعي��ة والحقوقيّة الحقيقيّ��ة األولى‪ ،‬باتّجاه‬ ‫ص��راع عل��ى «هويّات «م��ا قب��ل وطنيّ��ة (دينيّة‬ ‫وطائقيّة ومناطقيّة وعشائريّة‪ ..‬الخ) على يد القوى‬ ‫الس��وريّة األصوليّة االنتهازيّة ؛ هو ما أعاق تقدّم‬ ‫الث��ورة وأخّ��ر انتصاره��ا‪ ..‬وهذا بالضب��ط ما يجب‬ ‫العمل على تصحيحه اليوم‪ ،‬وعلى نحو حاسم‪..‬‬ ‫لتتف��ق الق��وى السياس��يّة الوطنيّ��ة الس��وريّة‬ ‫المعارضة اليوم‪ ،‬على «ثوابتنا «الوطنيّة كسوريّين‬ ‫نلتزم به��ا جميعاً أفراداً ومؤسّس��ات ؛ وتعمل على‬ ‫الع��زل النهائ��ي لمن يش��ذ ع��ن اإلجم��اع الوطني‬ ‫خطاب��اً‪ ،‬أو ممارس��ات عل��ى األرض‪ ..‬وأوّل تل��ك‬ ‫الثوابت‪ ،‬مدنيّة الدولة الس��وريّة وديمقراطيّتها‪..‬‬ ‫وحدة سوريا أرضاً وش��عباً‪ ..‬أمن حدودها واستقالل‬ ‫قرارها الوطني‪ ..‬السّ��لم األهلي واألمن االجتماعي‬ ‫للس��وريّين‪ ..‬حقها في اس��تعادة أرضها واألراضي‬ ‫العربيّة المحت ّلة ك ّله��ا‪ ،‬وفق ما نصّت عليه قرارات‬ ‫الش��رعيّة الدوليّ��ة ذات الصلة‪ ..‬تش��كيل جماعات‬ ‫مس ّلحة « ميليش��يات « خارج نطاق جيشها الوطني‬ ‫بما يُهدّد أمن مواطنيها ويعرّض مصالح س��وريا‬ ‫العُلي��ا للخطر‪ ،‬وتحت أي مب��رّر أو عنوان‪ّ ،‬‬ ‫خط أحمر‬ ‫وقضيّة من قضايا السيادة الوطنيّة أيضاً‪.‬‬ ‫ه��ذا هو نصف الطريق إلى انتصار حاس��م وس��ريع‬ ‫على النظام‪ ،‬س��تصبح بعدها بقيّة القضايا تحصيل‬ ‫حاص��ل‪ ..‬باعتق��ادي‪ .‬إح��راز اإلجم��اع الوطني على‬ ‫الثورة ؛ وكس��ب تأييد الرأي الش��عبي العام العربي‬ ‫والعالم��ي‪ ،‬لثورة ش��عبيّة وطنيّ��ة ديمقراطيّة في‬ ‫سوريا ؛ هو أقصر ّ‬ ‫الطرق إلى انتصارها‪.‬‬ ‫أنس العربي‬

‫عائد على الوعد يا فرات‬

‫لم تكن تتجمل كالفتيات‪ ،‬ال تضع مساحيق التجميل‪،‬‬ ‫تربط ش��عرها حيثم��ا اتفق‪ ..‬وكتفها االس��مر الذي‬ ‫يأبى الحش��مة‪ ،‬ما ينفك يقتلني‪ ،‬في لمعة الشمس‬ ‫والقمر‪ ..‬تضع عطرا خفيفا‪ ..‬ال تستطيع أن تشمه إال‬ ‫إذا اقتربت‪ ..‬ومن يجرأ على االقتراب؟!؟!‬ ‫كانت أجمل من كل الفتيات‪ ،‬فهذا العنفوان‪ ..‬يجعل‬ ‫منها شهية‪ ..‬جميلة‪ ..‬ألبعد الحدود‪..‬‬ ‫ـ فهل لي بغمرة «بسيطة» قبل أن أسافر؟؟‬ ‫نظرت إلي‪ ..‬واكتفت بترك وجهها دون مالمح‪..‬‬ ‫لم أفهم يومها‪ ،‬ما تعنيه هذه النظرة‪ ،‬فنحن الشبان‬ ‫ال نفهم من الفتيات الطاهرات شيئاً‪ ..‬دناوة افكارنا‬ ‫ال تفهم خجلهن أبداً‪..‬‬ ‫فاعتبرتها‪ ..‬رفضتني‪..‬‬ ‫ثم وف��ي الطائرة‪ ،‬فكرت‪« ..‬هل كنت أنتظر منها أن‬ ‫تقفز على صدري مثال؟! آه كم أنا غبي!! «‬ ‫وأصبح��ت تبتع��د عني‪ ،‬كم��ا يبتعد قاس��يون‪ ..‬بعد‬ ‫أن اكتف��ت بهذا الوداع البارد‪ ،‬مع أن كل ش��ي كان‬ ‫يغلي‪ ..‬النار والمدافع‪ ..‬اس��عار الخبز والبانزين‪ ..‬كل‬ ‫ش��يء يغلي‪ ..‬إال عينيها‪ ..‬كانتا باردتين حد الموت‪..‬‬ ‫ث��م أدركت ـ بع��د أن قتلتها بغبائ��ي ـ بأنها تمنت‬ ‫الموت في لحظة وداعي األخير‪ ..‬إال أني لم أكن أرى‬ ‫أبعد من حدود أنفي‪..‬‬ ‫أقسمت في الطائرة‪ ..‬سأعود صغيرتي‪..‬‬ ‫ولن يغمرك غيري‪..‬‬ ‫فاحذريني‪ ..‬احذري شوقي لك‪..‬‬ ‫ضحى عزام الفياض‬


‫حكايا المسافر ‪. .‬‬

‫وقف المس��افر عند أعلى تلة حين وص��ل نهاية مطاف ترحاله‬ ‫ف��ي أرض المهد‪ ،‬وتنهد ألم ًا وحزن ًا وهو ينظر األفق الذي ينحس��ر‬ ‫فوق تل��ك األرض‪ .‬لكن ريح ًا هبت في أقصى الش��مال ومرت عبر‬ ‫فت��اة كان ينط��ق قلبها بما آن��س الريح وأسَّ��رها وجعلها ترقص‬ ‫ً‬ ‫حاملة رسالة من رقصت‬ ‫ولعدة أزمان حولها‪ .‬ثم واصلت مس��يرها‬ ‫حولها حتى أدركت أقصى الجنوب حيث تلك التلة‪ ،‬وحيث كان يقف‬

‫المس��افر عاجزاً هناك لتس��معه ما حملت إليه‪ .‬ثم خَطى المسافر‬ ‫خُط��ى الترح��ال تارة أخرى ليعم��ل بما تعلم من قل��ب الفتاة‪ ،‬بأن‬ ‫يكون مرآة الخير للناس تعكس ما خفي عنهم من طِيبهم‪.‬‬ ‫سوريا ‪ /‬ريف حلب ‪2012 /‬‬ ‫نصوص وتصوير‪ :‬باسل حسو‬ ‫دقق النصوص‪ :‬ميمونة العمار‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬

‫الطـــــيب‬ ‫مـــــر�آة ِ‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫كاريكاتير العدد | الفنان عبد المهيمن بدوي‬

‫‪23‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬

‫ُهنا ِد َم�شق‬ ‫سيامند حسين‬ ‫(يوميات ومشاهدات) ‪ 26‬تموز ‪2013‬‬

‫(يف الدولة الثانية)‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 28 | )97‬تموز ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪24‬‬

‫ف��ي ص��در الخيم��ة كان بضعة رج��ال يرت��دون أزياء‬ ‫ال تنتم��ي لفلك��ور المنطق��ة‪ ،‬وال حت��ى ألي منطق��ة أخرى‬ ‫في الب�لاد‪ ،‬واحدٌ كان يخط��ب واقفاً وينهال على الحش��د‬ ‫بابتسامة الذكيّ يس��تعطف الوقت ويتصدّق بالشروحات‪.‬‬ ‫على وجوه الرجال القليلين كانت طبقات من القلق الممزوج‬ ‫بالملل تهيم تحت ظالل المساء المتحدة في وجه الشمس‬ ‫اآليل��ة لمخدعه��ا األزل��ي‪ .‬وكان لهوُ الصِّبي��ة وضحكهم‬ ‫المكتوم يصفع حرج المس��تمعين من البالغين‪ ،‬وبيد أقوى‬ ‫يصفعُ رجولة ومطامح أولئك الصامتين في صف واحد تحت‬ ‫الخيمة الكاكيّة‪ .‬ثالث ٌة انزلقت أجسادهم قلي ًال لتغوص في‬ ‫كراس��ي البالس��تيك البيضاء‪ ،‬وتبرز بطونهم المنتفخة في‬ ‫دالل��ة مُفتعلة على الرفعة والمنص��ب‪ ،‬خلف طاولة ّ‬ ‫غطتها‬ ‫نُس��خٌ من صفحة الدستور الوحيدة‪ ،‬المَوسُومة بعبارتين‬ ‫وحيدتي��ن‪ .‬أح��د الحراس عل��ى األطراف يهم��س ألحدهم‬ ‫باس��ماً‪ ،‬بينما يُومِئ ذاك برأس��ه موافق��اً دون أن يلتفت‪.‬‬ ‫المنصوب‬ ‫كان الصبي��ة أكثر من الرجال ف��ي ذلك االجتماع‬ ‫ِ‬ ‫عل��ى هامش حياة آخرين من س��كان الح��يّ‪ ،‬يظهرون في‬ ‫المشهد البعيد وهم يُطاردون شؤوناً يومية عادية‪.‬‬ ‫اقت��رب ابراهيم من جم��ع الن��اس المحيطين بنصف‬ ‫ّ‬ ‫وانس��ل بي��ن األوالد‬ ‫الخيم��ة المس��تطيلة ف��ي الس��احة‪،‬‬ ‫والنس��اء ممن بقوا واقفين في الخلف بعد أن ش��غل الرجال‬ ‫والش��بّان وصبي ٌة آخرون الكراس��ي‪ .‬كان يبحث عن والده‪،‬‬ ‫ول��م يكن قد ج��اء مجذوباً بالفضول كما ف��ي اليوم األول‪.‬‬ ‫ش��اهد أباه متكتفاً يُنصت للشاب رشيق الحركة‪ ،‬الذي كان‬ ‫من وقت آلخر‪ ،‬وليُوقظ الناعس��ين‪ ،‬يُرس��ل أصابع التكرار‬ ‫إلى مس��امعهم‪ ،‬فتهبّ حناجر الصبية اليقظة بصياح حادّ‬ ‫هاتف ًة وراءه‪ ،‬وتخفق الرايات الس��وداء فوق رؤوس الش��بان‬ ‫والرجال‪ ،‬فيعتدلون ويرفعون رؤوسهم مُحملقين بانتباهٍ‪،‬‬ ‫منصتين‪.‬‬ ‫بعد انفراط االجتماع –وكان الخامس عش��ر‪ ،-‬جُمعت‬ ‫الكراس��ي وأُخل��ي المكان ف��ي غضون دقائ��ق‪ ،‬بينما التمّ‬ ‫بعض الرج��ال حول المتربّعين تح��ت الخيمة‪ ،‬وما لبث أن‬ ‫رحلوا جميعاً‪ .‬كان األب ينتظر ابنه ليذهبا معاً إلى الس��وق‪.‬‬ ‫وق��ف ابراهيم أمام أبيه‪ ،‬القصير نس��بياً‪ ،‬وق��د جاوزه طو ًال‬ ‫وسأله بعد أن صافحه‪:‬‬ ‫ «متى س��يعود أخي الكبير؟ مضى على غيابه س��تة‬‫أشهر‪ .‬هل استشهد؟»‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫بكس��ل وقد ألقى من عينيه‬ ‫ «ال أعرف»‪ .‬يجيب األب ٍ‬‫الموش��كتين على الخروج م��ن محجريهما بنظرةٍ رنت نحو‬ ‫كنسر سطح كتف ابنه األيسر‪.‬‬ ‫البعيد‪ ،‬مالمس ًة ٍ‬ ‫ «وما ال��ذي يريدونه هؤالء يا أب��ي؟»‪ -‬قال ابراهيم‬‫مُشيراً برأسه في حركة مائلة إلى الخلف‪.‬‬ ‫لم يجب األب‪ ،‬وصمت ش��ارداً كمن لم يس��مع‪ .‬خطى‬ ‫نص��ف خطوة إلى اليس��ار ثم غادر تاركاً ابن��ه‪ ،‬خلف ظهره‪،‬‬ ‫لمتاهات المراهقة تشغله بجدرانها المتشابهة‪.‬‬ ‫«‪ ...‬هن��اك انتخاب��ات في بعض البل��دات‪– .‬يصمت‬‫لث��وانٍ‪ -‬الن��اس غاضب��ون منك��م‪ .‬الن��اس يموت��ون في‬ ‫كل م��كان‪ ،‬حت��ى في المخيم��ات‪ .‬ث��م إن الناس م��ا زالوا‬ ‫يخرجون‪ -»...‬س��كت ابراهيم‪ .‬فقد تو ّقف والده عن المشي‬ ‫ّ‬ ‫الظ��ل الغارب للرجل طوي ًال‬ ‫دون أن يس��تدير أو يلتفت‪ .‬بدا‬ ‫ب�لا نهاي��ة‪ ،‬حاذى ف��ي عب��وره إلى الخل��ف قدم��يّ الفتى‬ ‫غض��ب تخيّله يحتقن‬ ‫المتالصقتي��ن‪ .‬لقد زعزعه خوف من‬ ‫ٍ‬ ‫س��ريعاً في وجه أبيه وكفيّ يديه اللتين انغلقتا قلي ًال‪ .‬لكن‬ ‫الرجل استأنف س��يره ش��احذاً‪ ،‬بتناوب ثقيل‪ ،‬كعبي خُفيّه‬ ‫الصيفيّين باألرض الترابية‪.‬‬ ‫انتظر الفتى أن ابتع��دت الدراجة النارية التي اخترقت‬ ‫الس��احة الفارغة راس��م ًة ضجيجه��ا موج��اتٍ بغيضة على‬ ‫ِوحدهما‪ ،‬ثم أخذ نفساً عميقاً اقتحم رئتيه المرتعشتين من‬ ‫خفق قلبه المُتهيّج‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ «عندما يعود أخي س��أخبره أنّك تض��رب أمّي‪ .‬لن‬‫يسمح لك بذلك‪.»..‬‬ ‫هرب راكضاً باتج��اه البيوت وهو يتمتم بصوتٍ خنقه‬ ‫البكاء في حنجرته قبل أن يتذوّق الهواء‪ « :‬لن أس��مح لك‪.‬‬ ‫ال»‪.‬‬

‫(�صورة ناق�صة)‬

‫التقطنا مئات الص��ور الفوتوغرافية في مدينة الرّقة‪.‬‬ ‫عصف��ور‪ ،‬والنقط‬ ‫رصدن��ا الفج��ر المتقدم تح��ت جناح��ي‬ ‫ٍ‬ ‫الذهبية الملتمعة على جناحي ذكر النحل‪ ،‬الذي أقلق زهرات‬ ‫الريحان البيضاء الصغيرة‪ ،‬في ظهيرة شديدة الحرّ–رويتُ‬ ‫لصديقت��ي ريما‪ ،‬المصورة‪ ،‬كيف ُكنّ��ا نصطاد ذكور النحل‬ ‫عل��ى صنبور المياه في فناء ال��دار‪ ،‬ننصب لها قطرات الماء‬ ‫فخاخ��اً بخيل ًة في جحيم العصر‪ ،‬حيث يختفي الكبار وتختفي‬ ‫القطط والفراش��ات والعقارب في هدنة القيلولة مع الحرّ‪-‬‬ ‫‪ ،‬ورصدن��ا غيم��ة وحيدة ناصع��ة تجمدت طوي� ً‬ ‫لا مُحتفل ًة‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)67624‬‬ ‫دمشق‪5132 :‬‬ ‫ريف دمشق‪15296 :‬‬ ‫حمص‪10537 :‬‬ ‫درعا‪5899 :‬‬ ‫إدلب‪7750 :‬‬ ‫حلب‪10824 :‬‬

‫دير الزور‪4223 :‬‬ ‫الرقة‪804 :‬‬ ‫السويداء‪48 :‬‬ ‫حماة‪4832 :‬‬ ‫الالذقية‪799 :‬‬ ‫طرطوس‪303 :‬‬ ‫الحسكة‪484 :‬‬ ‫القنيطرة‪307 :‬‬

‫بغي��اب الريح –على األرجح بقيت هناك حتى ابتلعها س��واد‬ ‫اللي��ل الحق��اً‪ .-‬والتقطنا ابتس��امات الناس‪ ،‬ودهش��تهم‪،‬‬ ‫وتعبه��م‪ ،‬واحتجاجه��م‪ ،‬وحتّ��ى أرقه��م‪ .‬راقبن��ا المب��االة‬ ‫األوالد‪ ،‬وألعابهم‪ ،‬الش��قيّ منهم والمس��كين‪ .‬وأمس��كنا‬ ‫بلحظات المس��اء األخيرة تس��طو على الطمأنينة‪ ،‬وتُشرّع‬ ‫ُطرق الس��ماء للخفافيش المتحررة من حجورها في ش��قوق‬ ‫الجدران واألسطح‪ .‬و ّثقنا الكثير من العبارات المكتوبة على‬ ‫ج��دران المصانع والمدارس وعلى س��تائر إغالق الدكاكين‬ ‫المعدنية؛ والعديد من الرس��ومات والغرافيتي المنس��وخة‬ ‫على أسطح مهدمة‪.‬‬ ‫رحن��ا نُقلب الص��ور ونُع ّلق عليها بي��ن الحين واآلخر‬ ‫مُس��تدعين األص��وات والروائح الت��ي كوّن��ت‪ ،‬إلى جانب‬ ‫الضوء والم��ادّة‪ ،‬محتوياتها‪ .‬في المجموع��ة األخيرة التي‬ ‫ضمّت صوراً أخذتها ريما في مدرس��ة ثانوية ُقصفت أجزاء‬ ‫منها بعد انس��حاب الجيش من المدين��ة‪ ،‬وقفنا عند صورة‬ ‫للسبورة الكالس��يكية في إحدى قاعات الصفوف وقد تدلى‬ ‫فوقها إطار خش��بيّ فارغ‪ .‬كان الل��وح األخضر نظيفاً تماماً‪،‬‬ ‫بينما عل��ى الجدران كانت تتن��ازع عبارات مُس��يئة وأخرى‬ ‫يفوح منه��ا التهديد لجن��ود ُقدام��ى‪ ،‬وردود تطغى عليها‬ ‫اللغ��ة الدينية وعب��ارات الوعيد لجنود جُدد ط��ردوا أولئك‬ ‫ّ‬ ‫المحطمة‬ ‫السابقين‪ .‬في ركن القاعة الخلفي بجانب النوافذ‬ ‫نجتْ بعض المقاعد س��ابقاً من محرقة الخش��ب في مواقد‬ ‫الش��تاء؛ اتجهنا صوبها نرفع عنها الحجارة وش��بك النافذة‬ ‫المعدن��ي الذي س��قط عليها‪ .‬د ّققنا النظر بعد أن مس��حنا‬ ‫عن س��طحها الغبار المتراكم‪ ،‬فعثرن��ا على كلمات وعبارات‬ ‫ت��دور ف��ي معانيها حول الث��ورة والنض��ال‪ ،‬حفرها الطالب‬ ‫ب��أدوات حادّة تار ًة وكتبوها بأق�لام الحبر تارة أخرى‪ .‬بدأنا‬ ‫فج��أ ًة نُميّ��ز مقاط��ع وقصائد ُكتب��ت ّ‬ ‫بخط أصغ��ر‪ .‬كانت‬ ‫قصيدة للشاعر الراحل سالم جبران‪( :‬كما تُحبّ أمّ طفلها‬ ‫المش��وّه‪ /‬أحبُّها‪ /‬حبيبتي بالدي)‪ .‬فاجأنا أيضاً‪ ،‬ما كان غير‬ ‫متو ّق��ع أبداً‪ ،‬فقد تأكدنا الحقاً أنه��ا قصائد هايكو يابانية‪،‬‬ ‫كان هن��اك الكثير منه��ا‪( :‬المق��صّ يتردّد‪/‬للحظةٍ‪ /‬أمام‬ ‫األقحوان األبي��ض)‪( ،‬يا له من قمر‪ /-‬الل��صّ يتو ّقف‪ /‬كي‬ ‫يُغني)‪( ،‬عددٌ ال يُحصى من البشر‪ /‬يكتبون في نار هائلة‪/‬‬ ‫جحيمَ هيروشيما)‪... ،‬‬ ‫بع��د أن عدنا إلى بيوتنا‪ ،‬كتبنا عل��ى حيطان غرفنا ما‬ ‫عجل‪ ،‬وأضفنا أسماء الطالب الذين رحلوا بعد‬ ‫س��ج ّلناه على ٍ‬ ‫ذلك القصف الذي استهدف مدرستهم‪ .‬قيل لنا أن بعضهم‬ ‫َ‬ ‫الدراسة‬ ‫نزح إلى القرى المجاورة‪ ،‬فيما هجر قسمٌ آخر منهم‬ ‫نهائياً‪.‬‬ ‫‪ 5023‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 2232‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 4623‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 16234‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 51390‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2013 / 7 / 27‬‬ ‫‪http://www.vdc-sy.info/‬‬

‫مت���ت ط��ب��اع��ة وت���وزي���ع ه���ذا ال���ع���دد م���ن ق��ب��ل م��ط��ب��ع��ة ���س��م��ارت ���ض��م��ن م�����ش��روع دع���م الإع���ل��ام ال�����س��وري احل��ر‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.