Women annexe 2014

Page 1

‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪1‬‬


‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪2‬‬

‫لم تنفصل المرأة الس��ورية ع��ن مجتمعها وتطور‬ ‫الحرك��ة فيه خ�لال التاري��خ‪ ،‬وكان لها األث��ر الواضح‬ ‫والفع��ال في كل مناح��ي الحياة‪ ،‬ولي��س كما صورته‬ ‫لنا بع��ض األعمال الدرامية التي ش��وهت دور المرأة‪،‬‬ ‫فعرف��ت س��وريا من أوائل الق��رن الفائ��ت العديد من‬ ‫النس��وة الالئي أس��همن في تطوير المجتمع السوري‬ ‫ونهضته‪ ،‬وكنّ من الرائدات حتى على الصعيد العربي‬ ‫ف��ي الح��ركات المدني��ة والنس��وية وحتى السياس��ية‬ ‫واالجتماعية‪.‬‬ ‫والي��وم وف��ي ظل الثورة الس��ورية‪ ،‬ب��رزت المرأة‬ ‫بش��كل كبير بال��دور الفاع��ل والمتفاعل م��ع الحراك‬ ‫الس��لمي‪ ،‬ولعبت ع��دداً من األدوار التي كانت تش��كل‬ ‫تحدي�� ًا في بع��ض المجتمعات المغلقة‪ ،‬فكان لنس��وة‬ ‫األري��اف والم��دن الصغي��رة كبي��ر األث��ر عل��ى الثورة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬م��ن خ�لال مس��اهمتهن ف��ي التنظي��م‬ ‫والتظاه��ر واإلس��عافات وجم��ع المعون��ات والتبرعات‬ ‫وحت��ى حماي��ة المتظاهرين من الرج��ال في كثير من‬ ‫األحي��ان أيض��اً‪ ،‬وقد س��بقن في عملهن نس��اء المدن‬ ‫الكب��رى أنفس��هن‪ ،‬والالئ��ي اعتدن أن ينظ��رن إليهن‬ ‫على أنهن نس��اء منغلقات أو أميات وغير قادرات على‬ ‫التفاع��ل م��ع المجتم��ع والتأثير به بأكث��ر من كونهن‬ ‫أمه��ات وزوجات‪ ،‬فك��نّ ه��نَ الحافز والقدوة لنس��اء‬ ‫المدن الكبرى لش��د عزائمهن وتحفيزهن‪ ،‬فش��اركت‬ ‫النس��اء السوريات بكافة أطيافهن في الثورة كاسراتٍ‬ ‫للص��ورة النمطية التي اعتاد المجتم��ع حصرهن بها‪،‬‬ ‫وتحدين أعتى أشكال العنف والقهر بشجاعةٍ تضاهي‬ ‫شجاعة الرجال وربما تتجاوزها في بعض األحيان‪..‬‬ ‫فالسوريات هنَّ الجميالت‪..‬‬ ‫فريق سوريتنا‬


‫الثورة مواطن قبل �أن تكون �أنثى‬ ‫ديمة ونوس‬

‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫عل��ى بعضهم اآلخ��ر‪ .‬لم يعد ابن دمش��ق‬ ‫ه��و مح��ور الك��ون‪ .‬وإب��ن إدلب ب��ات يفخر‬ ‫بمنطقت��ه‪ .‬س��اهمت الث��ورة بتضييق حيّز‬ ‫التنمي��ط‪ .‬لم يعد الدمش��قي مج��رّد تاجر‬ ‫انته��ازي والحموي ليس مج��رّد "اخونجي"‬ ‫واإلدلب��ي ليس مغتصب موتور والس��احلي‬ ‫لي��س ش��بيح والدرع��اوي لي��س "حوراني�� ًا‬ ‫متخلف��ًا‪ ،‬رجعي��اً"‪ .‬الثورة جعلت الس��وريين‬ ‫يعرفون بعضهم البعض عن قرب‪ .‬جعلتهم‬ ‫يتفاج��ؤون ببعضه��م البع��ض وكأنهم لم‬ ‫يعيشوا في البلد ذاته سنوات طويلة‪.‬‬ ‫الم��رأة ج��زء أساس��ي من ذل��ك التغيير‬ ‫ومن تلك الثورة‪ .‬وأقترح للملف هذا‪ ،‬محاور‬ ‫مختلف��ة‪ ،‬أكثر واقعي��ة‪ ،‬تتجنب الش��عارات‬ ‫المباشرة والخوض في اإليديولوجيا‪ .‬الثورة‬ ‫استطاعت في سنوات ثالث‪ ،‬أن تعيد للمرأة‬ ‫حقوقه��ا‪ ،‬في حين فش��لت تل��ك الجمعيات‬ ‫النس��ائية على مرّ سنوات طويلة في إعادة‬ ‫ول��و جزء بس��يط م��ن تل��ك الحق��وق‪ .‬في‬ ‫الث��ورة‪ ،‬المرأة لم تكن مج��رد تابع أو طرف‬ ‫ضعي��ف ومغل��وب على أم��ره‪ .‬ف��ي الثورة‪،‬‬ ‫عادت المرأة السورية إلى مكانها الطبيعي‪،‬‬ ‫كأم وأخت وصديقة وثائرة ومعيلة وسجينة‬ ‫ومختطف��ة ومطلوب��ة‪ .‬مثلها مث��ل الرجل‪،‬‬ ‫مثل معظم الش��عب الس��وري‪ .‬المرأة باتت‬ ‫ج��زءا من الكل‪ .‬مواطنة بي��ن مجموعة من‬ ‫المواطني��ن‪ .‬من غي��ر المنطق��ي أن نؤطر‬ ‫الم��رأة بعد س��نوات ث�لاث من ه��ذا الدمار‬ ‫والقت��ل اليومي والخس��ارات الفادحة دفاع ًا‬ ‫عن الحرية‪ .‬ليس��ت المرأة قضية س�لام وال‬ ‫مجرّد فطرة وال حتى استثمار‪ .‬المرأة كائن‬ ‫موج��ود مثلها مث��ل الرجل‪ .‬دفع��ت األثمان‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫عندم��ا وصلتن��ي المح��اور‬ ‫المخصص��ة لالحتفال بي��وم المرأة‬ ‫العالمي‪ ،‬والمرأة الس��ورية بش��كل‬ ‫خاص‪ ،‬أصابني ارتباك ونفور ربما‪.‬‬ ‫(فط��رة المرأة في صناعة الس�لام‪.‬‬ ‫دور المرأة ف��ي الثورات‪ .‬هل تحقق‬ ‫الث��ورات للم��رأة حقوقه��ا ودوره��ا‬ ‫كش��ريك ف��ي الوط��ن مثلم��ا كان‬ ‫دورها شريكًا في الثورة‪ .‬المرأة بين‬ ‫اس��ترجاع الحقوق واستثمارها‪.)....‬‬ ‫وجدت أن المح��اور تلك‪ ،‬ربما كانت‬ ‫تصل��ح قبل الث��ورة ولي��س بعدها‬ ‫بالتأكي��د‪ .‬ل��م يع��د ثم��ة متس��ع‬ ‫للشعارات والعبارات الرنانة‪ .‬لم تعد‬ ‫الم��رأة‪ ،‬قضية نقاش ف��ي الندوات‬ ‫والمؤتم��رات‪ .‬وربم��ا ه��ي لم تكن‬ ‫يوم�� ًا تلك القضية الت��ي يضعونها‬ ‫عل��ى طاول��ة مس��تديرة ف��ي قاعة‬ ‫فن��دق أو مرك��ز ثقاف��ي ويروحون‬ ‫يناقش��ون ش��ؤونها ويب��دون الرأي‬ ‫في مصيرها‪ ،‬ف��ي حين تكون تلك‬ ‫الم��رأة‪ ،‬غائبة وغير موج��ودة‪ .‬هذا‬ ‫م��ا كان يح��دث عل��ى م��رّ س��نوات‬ ‫ف��ي س��ورية‪ .‬تجتم��ع الجمعي��ات‬ ‫النسائية المكوّنة من نساء يعملن‬ ‫ف��ي "الش��أن الع��ام"‪ ،‬ويتح��اورن‬ ‫في ش��ؤون الم��رأة الس��ورية المس��حوقة‪،‬‬ ‫وبضرورة توعيته��ا وتمكينها‪ .‬ف��ي الواقع‪،‬‬ ‫كان يغي��ب ع��ن تل��ك الجمعي��ات وعن تلك‬ ‫النس��اء المدافع��ات بشراس��ة ع��ن حق��وق‬ ‫المرأة‪ ،‬أمران مهمّان ال يجوز تجاهلهما‪.‬‬ ‫األول‪ ،‬أن حق��وق الم��رأة المقموع��ة‬ ‫والمسحوقة‪ ،‬ال تتجزأ عن حقوق "المواطن"‬ ‫المقموع والمسحوق‪ .‬لم تكن المرأة مهمّشة‬ ‫ف��ي بل��د ديمقراط��ي وح��رّ‪ ،‬وال يمكنها أن‬ ‫تك��ون كذل��ك أص�ل ً‬ ‫ا ف��ي بل��د ديمقراط��ي‬ ‫يحترم حقوق اإلنس��ان‪ .‬في س��ورية‪ ،‬المرأة‬ ‫كانت مس��حوقة مثلها مثل الرجل‪ ،‬مثل كل‬ ‫"المواطني��ن"‪ .‬كان��ت تتع��رّض لعن��ف عام‬ ‫يصي��ب الجمي��ع‪ .‬كي��ف نس��تطيع المطالبة‬ ‫بحري��ة المرأة ف��ي الوقت ال��ذي نعيش فيه‬ ‫في بل��د ال نمتلك فيه الرصيف وال البيت وال‬ ‫الفضاء العام وال أنفسنا ربما‪.‬‬ ‫األم��ر الثاني‪ ،‬هو أن قضية المرأة كانت‬ ‫تناق��ش في ّ‬ ‫ظ��ل جهل خان��ق وقلة معرفة‬ ‫بتلك المرأة‪ .‬إذ ال يمكن للمرأة الس��ورية أن‬ ‫تختص��ر بقضية‪ .‬فات تل��ك الجمعيات ومن‬ ‫يرعاه��ا‪ ،‬معرفة المرأة الس��ورية عن قرب‪.‬‬ ‫وهذا أيض ًا لم يقتصر على المرأة‪ .‬بل على‬ ‫المجتمع السوري ككل‪ .‬إبن دمشق ال يعرف‬ ‫شيئًا عن إبن درعا أو حمص أو طرطوس أو‬ ‫الرقة أو الدير والعكس صحيح‪ .‬لكل مدينة‬ ‫ومنطقة س��ورية‪ ،‬خصوصيتها‪ .‬ولكل امرأة‬ ‫تعيش هناك‪ ،‬حاجاتها وطباعها ومش��اكلها‬ ‫وأحالمها‪.‬‬ ‫الث��ورة الس��ورية التي س��تبلغ بعد أيام‬ ‫عامه��ا الثال��ث‪ ،‬عرّفت الس��وريين بعضهم‬

‫ذاته��ا ودافعت ع��ن القضي��ة ذاتها‬ ‫وفق��دت إبن��اً ل��ه أب أيضاً‪ .‬ننس��ى‬ ‫ربما أن القتيل له أب وأم‪ .‬فنختصر‬ ‫القضية بأم ثكل��ى وبذلك ننتقص‬ ‫من قيمة المرأة في الواقع ونجعلها‬ ‫سلعة لتسويق قضيتنا وثورتنا‪.‬‬ ‫في الوقت ذاته‪ ،‬ال يمكن تجاهل‬ ‫أم��راً أساس��ياً وه��و أن الم��رأة في‬ ‫الثورة الس��ورية ل��م تفاجئ الرجل‬ ‫فحس��ب‪ ،‬ب��ل فاج��أت غيره��ا م��ن‬ ‫النساء وبعضهن حملوا في السابق‬ ‫راي��ة الدف��اع ع��ن حق��وق الم��رأة‪،‬‬ ‫ف��ي حين نراه��نّ الي��وم مختبئات‬ ‫ف��ي بيوته��ن‪ ،‬صامت��ات‪ ،‬عاج��زات‬ ‫ع��ن المش��اركة‪ .‬ثمة ام��رأة فقدت‬ ‫ابنه��ا المقاتل في صف��وف الجيش‬ ‫الحر أو الناش��ط المدني والس��لمي‬ ‫أو المداف��ع عن ش��عارات الث��ورة أو‬ ‫المغيث والمس��عف‪ .‬وثم��ة أم أخرى‬ ‫فق��دت ابنه��ا المقاتل ف��ي صفوف‬ ‫الجي��ش النظام��ي‪ ،‬المداف��ع ع��ن‬ ‫قضية بقاء‪ ،‬ال��ذي فقد حياته ألجل‬ ‫بقاء شخص واحد في منصبه‪ .‬األم‬ ‫أم‪ ،‬موالية كانت أم معارضة‪ .‬المرأة‬ ‫ال تتج��زأ مش��اعر األموم��ة لديه��ا‪،‬‬ ‫حرّة كانت أم مسحوقة‪ .‬هناك رزان زيتونة‬ ‫وس��ميرة الخلي��ل وغيره��ن كث��ر‪ .‬وهن��اك‬ ‫أيض�� ًا الش��بيحة التي اخت��ارت الوقوف على‬ ‫الحاجز مس��تخدمة سلطة السالح والتشبيح‬ ‫لترهي��ب المواطني��ن‪ .‬مثله��ا مث��ل الرجل‪،‬‬ ‫المرأة السورية اختارت وخاضت في خيارها‬ ‫حتى النهاية‪ .‬نس��اء دوما مث ً‬ ‫ال كن كرجالها‪.‬‬ ‫فتحن بيوتهن لحماية الثوار وش��اركن قدر‬ ‫اس��تطاعتهن في عمليات اإلغاثة وإس��عاف‬ ‫الجرح��ى رغماً عن أن��ف الحصار والتضييق‬ ‫والقصف والتدمير والقتل‪ .‬المرأة الس��ورية‬ ‫التي ش��اركت في الثورة وظ ّلت في الداخل‪،‬‬ ‫تخ ّلت عن مش��اعرها وقاس��ت لتتغلب على‬ ‫طبيعته��ا المرهف��ة والمس��المة‪ .‬لمح��ت‬ ‫الم��وت وعاش��ت مع��ه‪ .‬رأت لحم��اً متطايراً‬ ‫ودماء تنزف من ثقوب تمأل األجس��اد‪ .‬دفنت‬ ‫أحبابها وأش��خاص ًا ال تعرفه��م‪ ،‬لكنها تعرف‬ ‫أنه��م يمثلونه��ا وأنها تمثله��م‪ .‬تحولت إلى‬ ‫أم وأب وأخ ف��ي غياب معيل األس��رة‪ .‬فقدت‬ ‫بيته��ا وهجّ��رت من منطقتها وس��كنت في‬ ‫خيم��ة ورأت أوالده��ا يتكتك��ون م��ن البرد‪،‬‬ ‫وربما فقدت أحدهم بع��د التهاب رئوي حاد‬ ‫بسبب األمطار والثلوج وقلة المواد واألدوية‬ ‫الضرورية‪ .‬أو بسبب الجوع!‬ ‫ه��ذه هي المرأة الس��ورية‪ .‬وأي عبارات‬ ‫أخرى ليست سوى محاوالت ضحلة لتسويق‬ ‫الثورة والقضية‪ .‬ليس��ت الثورة أنثى كما أن‬ ‫المرأة ليس��ت مجرّد أنث��ى‪ .‬المرأة‪ ،‬مواطنة‬ ‫قبل أي شيء آخر‪ .‬وال يعيب الثورة أن تكون‬ ‫رج�ل ً‬ ‫ا‪ .‬الث��ورة وطن جديد لكل الس��وريين‪،‬‬ ‫رجا ً‬ ‫ال ونساء على السواء‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫املر�أة ال�سورية بني مطرقة النظام‬ ‫و�سندان اللجوء والإ�شاعات‬

‫زليخة سالم‬

‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪4‬‬

‫أس��اليب وممارس��ات عدي��دة اتبعه��ا‬ ‫النظ��ام وموالي��ه ف��ي الداخ��ل والخ��ارج‬ ‫لتش��ويه صورة الم��رأة الس��ورية الثائرة‪،‬‬ ‫لتخويفه��ا ودفعها للتراجع عن المش��اركة‬ ‫في الث��ورة‪ ،‬أو دعمه��ا‪ ،‬وتخوي��ف عائلتها‬ ‫وبيئته��ا‪ ،‬ودفعه��م لمنعها من المش��اركة‬ ‫حرصاً على ش��رف العائل��ة ‪ /‬الذي يقتصر‬ ‫في المجتمعات الشرقية على جسد المرأة‬ ‫‪./‬‬ ‫ول��م يكت��ف النظ��ام باعتقال النس��اء‬ ‫وقتله��ن تح��ت التعذي��ب ف��ي زنازين��ه‪،‬‬ ‫واغتصابه��ن‪ ،‬ومالحقته��ن وأس��رهن‪،‬‬ ‫واتهامه��ن بجه��اد الن��كاح وغي��ره م��ن‬ ‫األس��اليب القذرة‪ ،‬واس��تخدامهن كوسيلة‬ ‫ضغط عل��ى الثائرين‪ ،‬بمس��اعده الكتائب‬ ‫المتشددة الموالية له مثل داعش والنصرة‬ ‫أخواته��ا‪ ،‬ب��ل تعداه��ا إل��ى خ��ارج الحدود‬ ‫وتحدي��داً إلى مخيمات اللجوء‪ ،‬حيث س��لط‬ ‫إعالمه ومواليه على بث اإلشاعات الكاذبة‬ ‫والمضلل��ة ح��ول أوضاع الالجئ��ات‪ ،‬وحول‬ ‫تعرضهن لالغتصاب‪ ،‬وعملهن في الدعارة‬ ‫في الدول المجاورة التي لجأوا لها‪ ،‬وأضافت‬ ‫فت��اوى بع��ض مم��ن يس��مون أنفس��هم‬ ‫رجال دي��ن‪ ،‬والت��ي تدعو إلى ال��زواج من‬ ‫الفتيات السوريات لسترتهن‪ ،‬وكأنهن سلع‬ ‫معروضة للبيع‪ ،‬للصورة قتامة أكثر‪.‬‬ ‫بعد شهرين أو ثالثة من لجوء األهالي‬ ‫إل��ى تركي��ا أش��اع النظ��ام عب��ر وس��ائله‬ ‫اإلعالمي��ة (المخابراتي��ة) ع��ن والدات‬ ‫غي��ر ش��رعية ف��ي المخي��م‪ ،‬وأن األهالي‬ ‫يمارس��ون تج��ارة بي��ع بناته��م القص��ر‪،‬‬ ‫وغيره��ا من اإلش��اعات التي ال تختلف عن‬ ‫الهجمة الشرس��ة التي تتعرض لها النساء‬ ‫الس��وريات في مناط��ق اللجوء من��ذ أكثر‬ ‫من عام حول موضوع االستغالل الجنسي‬ ‫والتح��رش‪ ،‬ف��ي ظ��ل العج��ز الدول��ي‪،‬‬ ‫والمنظمات المعنية عن حماية الالجئين‪.‬‬ ‫ولم تقتصر معاناة النس��اء في الداخل‬ ‫على انتهاكات النظام‪ ،‬بل امتدت لتطالهن‬ ‫ف��ي المناط��ق التي م��ن المفت��رض أنها‬ ‫محررة حيث مارست كل من داعش وجبهة‬ ‫النص��رة ذراع��ا النظ��ام كل أن��واع القم��ع‬ ‫والمالحقة والخط��ف‪ ،‬وتقييد حريتهن في‬ ‫التعلي��م والعم��ل واللب��اس بحج��ج دينية‬ ‫مختلفة تعيدهن إلى العصور الظالمية‪.‬‬ ‫م��ا تواجه��ه النس��اء الس��وريات ف��ي‬ ‫الداخ��ل‪ ،‬وف��ي مخيمات اللج��وء في الدول‬ ‫المج��اورة‪ ،‬تنوء ع��ن حمله الجب��ال‪ ،‬وهن‬ ‫يتعرضن لص��ور متعددة من االس��تغالل‪،‬‬ ‫يت��م التعتي��م علي��ه بتضخي��م موض��وع‬ ‫االس��تغالل الجنسي والتحرش على الرغم‬ ‫من خطورته‪ ،‬وبش��اعته‪ ،‬وإبرازه كظاهرة‬

‫تتعرض لها كل النساء‪.‬‬ ‫وكثر الحدي��ث ع��ن زواج قاصرات من‬ ‫الالجئ��ات ف��ي المخيم��ات عبر وس��طاء أو‬ ‫الخاطب��ات اللوات��ي ازده��ر عمله��ن هذه‬ ‫األيام‪ ،‬وهي أش��به بصفقات بي��ع ألثرياء‬ ‫م��ن ال��دول العربي��ة‪ ،‬دفع��ت الناش��طين‬ ‫إل��ى تنظي��م حملة عب��ر مواق��ع التواصل‬ ‫االجتماع��ي بعن��وان (الجئ��ات ال س��بايا)‬ ‫لنش��ر الوعي بي��ن األهال��ي وإليقاف هذه‬ ‫التصرف��ات التي تعتبر من أبش��ع وس��ائل‬ ‫االس��تغالل‪ ،‬ألنها تس��تغل ظ��روف الفتاة‬ ‫أو عائلته��ا المادي��ة‪ ،‬علم��اً أن العدي��د من‬ ‫الناشطين أن الموضوع برمته مبالغ فيه‪.‬‬ ‫وللوق��وف على حقيقة أوضاع النس��اء‬ ‫ف��ي مخيمات اللج��وء قالت ‪ /‬ريم رش��اد ‪/‬‬ ‫من مرك��ز توثيق االنتهاكات في س��ورية‬ ‫لجري��دة س��وريتنا‪ :‬حول أه��م الصعوبات‬ ‫الت��ي تواجهها المرأة ف��ي مخيمات اللجوء‪:‬‬ ‫مجرد الس��كن في خيمة هو ش��عور كامل‬ ‫بالقه��ر ينته��ك كل خصوصي��ة وأم��ان‬ ‫واس��تقرار فالخيم��ة ال ت��زرع أي ش��عور‬ ‫بال��دفء واالس��تقرار‪ ،‬وقل��ة المي��اه وعم‬ ‫وجود صنابير تس��هل عملية اس��تخدامها‪،‬‬ ‫ما يف��رض على النس��اء غس��ل المالبس‬ ‫باليدين‪ ،‬واالس��تعانة باألس��اليب البدائية‬ ‫لعملية الغسيل والجلي‪.‬‬ ‫وع��ادة الخيم��ة العش��وائية تض��م‬ ‫عائلتي��ن‪ ،‬وه��ذا يقضي عل��ى كل معاني‬ ‫الخصوصي��ة‪ ،‬بالرغ��م من أنه��م ينتمون‬ ‫لعائل��ة واح��دة كم��ا ل��و كان��ت العائلت��ان‬ ‫تتكون��ان من أخان وزوجتاهم��ا وأبنائهما‪،‬‬ ‫إضاف��ة إل��ى اضط��رار النس��اء للطب��خ‬ ‫المش��ترك بينه��ا وبي��ن باق��ي المخي��م‪،‬‬ ‫وتعرضه��ا لبعض األمراض بس��بب مرور‬ ‫الص��رف الصحي ف��ي بع��ض األحيان من‬ ‫جانب المخيم‪ ،‬وتعرضها للروائح الكريهة‬ ‫وأضاف��ت‪ :‬الغالبية الكبرى من النس��اء‬ ‫يبحث��ن ع��ن أي عمل‪ ,‬كالعم��ل في خدمة‬ ‫البي��وت‪ ،‬أو تعبئ��ة البضائع ف��ي المعامل‪،‬‬ ‫والت��ي تتقاض��ى مقابل��ه أجراً زهي��داً‪ ،‬ال‬ ‫يكف��ي لس��د رمق الج��وع‪ ،‬هذا م��ع وجود‬ ‫أعداد كبيرة منهن ال يجدن عمال‪ ،‬مع العلم‬ ‫أن المخيم��ات العش��وائية ليس��ت مجانية‪،‬‬ ‫وإنم��ا يق��وم الالج��ئ القاطن فيه��ا بدفع‬ ‫أجرة األرض ودفع تكلف��ة الخيمة‪ ،‬إضافة‬ ‫إل��ى فواتير الكهرباء‪ ،‬والمول��د الكهربائي‬ ‫كما ه��ي العادة ف��ي لبنان بس��بب نقص‬ ‫الكهرب��اء فيه��ا‪ ،‬ودف��ع تكلفة اس��تهالكه‬ ‫للمياه والمصروف اليومي‪ ،‬عدا عن صعوبة‬ ‫ال��والدة والنفاس في خيم��ة قد تحوي في‬ ‫بعض األحيان الفئران والحشرات‪.‬‬

‫وحول صور االس��تغالل التي تتعرض‬ ‫لها النساء قالت رشاد‪ :‬يؤسفني أن أخبرك‬ ‫بحقيقة مرة وهي أول صورة لالس��تغالل‬ ‫تنبع من األهالي أنفس��هم‪ ،‬حيث يقومون‬ ‫بتزوي��ج بناته��م الصغي��رات في الس��ن‪،‬‬ ‫ألي ش��خص مقت��در مهما بلغ م��ن العمر‪،‬‬ ‫وبأغل��ب األحيان تعود الفت��اة مطلقة بعد‬ ‫فت��رة قصيرة‪ ،‬وبكثير من األحيان ال يكون‬ ‫زواجها نظاميا لدى المحكمة‪ ،‬الن القاضي‬ ‫يك��ون قد رف��ض ال��زواج لعدم التناس��ب‬ ‫والتوافق‪.‬‬ ‫الص��ورة األخرى اس��تغاللها بالعمالة‪،‬‬ ‫حي��ث يت��م تش��غيلها بخدم��ة البي��وت أو‬ ‫الزراعة مقابل مبالغ مادية بسيطة جدا ال‬ ‫تس��د رمق الجوع‪ ،‬باإلضاف��ة إلى تعرضها‬ ‫للتحرش ببعض األحيان‪.‬‬ ‫وحول س��بل مواجهة اس��تغالل النساء‬ ‫قال��ت‪ :‬التوعي��ة ب��رأي ه��ي أهم وس��يلة‬ ‫وطريقة لمواجهة استغالل النساء‪ ،‬القيام‬ ‫بحم�لات توعي��ة للحف��اظ عل��ى حق��وق‬ ‫الم��رأة وعدم التخلي عنه��ا‪ ،‬ويجب تحميل‬ ‫المسؤولين عن المخيمات‪ ،‬تلك المسؤولية‬ ‫لتقصي��ره باإلش��راف عليه��ا‪ ،‬ألن��ه أصبح‬ ‫في موقع يش��به موقع المخت��ار فيجب أن‪،‬‬ ‫يتول��ى التقصي عن أمور اإلس��اءة للمرأة‬ ‫وعدم السماح بذلك‪ ،‬وربما ببعض األحيان‬ ‫يتوجب عليه التبليغ عن أي اضطهاد ضدها‬ ‫حتى لو كان من األهل أنفسهم‪.‬‬ ‫واختتمت ريم رش��اد بدعوة المنظمات‬ ‫الت��ي تعن��ى بحق��وق الم��رأة للتح��رك‬ ‫بسرعة‪ ،‬وتقديم الدعم النفسي والروحي‬ ‫واالجتماعي للنساء الالجئات‪.‬‬ ‫ورغم محدودية الحاالت التي وثقت في‬ ‫مجال التحرش الجنسي من قبل المنظمات‬ ‫الدولي��ة‪ ،‬حي��ث أوردت منظم��ة هيوم��ن‬ ‫رايت��س ووتش ف��ي تقرير س��ابق لها ‪12‬‬ ‫ش��هادة لنس��اء أك��دن تعرضه��ن لتحرش‬ ‫ومالحق��ات وضغ��وط للقي��ام بعالق��ات‬ ‫جنس��ية‪ ،‬وإنهن لم يتقدمن بشكوى لعدم‬ ‫ثقتهن بأن السلطات المحلية ستقدم على‬ ‫أي ش��يء إزاء هذا الوض��ع‪ ،‬ولخوفهن من‬ ‫االعتقال ألنه��ن ال يملكن أوراق��ا ثبوتية‪،‬‬ ‫ف��إن بعض الناش��طين المدنيين يؤكدون‬ ‫أن ح��االت كثي��رة م��ن التح��رش ال تعل��ن‬ ‫النس��اء عنها خوف ًا على س��معتها في بيئة‬ ‫اجتماعية ال ترحم‪.‬‬ ‫وحول هذه النقطة قال اإلعالمي مالك‬ ‫أبو خير لسوريتنا‪:‬‬ ‫هناك اس��تغالل جنس��ي يحصل بحق‬ ‫النس��اء ف��ي المخيم��ات وهذا أم��ر يحدث‪،‬‬ ‫لك��ن ال يمكن إحصائ��ه‪ ،‬وال تقديم دالئل‬


‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫واضحة‪ ،‬ألن النس��اء ال يتحدثن عما يحدث‬ ‫معهن بس��بب طبيعة مجتمعنا الش��رقي‪،‬‬ ‫وإذا تحدث��ت إحداه��ن عن ه��ذا الموضوع‬ ‫فه��ي تقول��ه بش��كل خجول ولي��س أمام‬ ‫اإلعالم بالرغم من أنها ضحية‪.‬‬ ‫المؤلم في هذا الموضوع هو استخدام‬ ‫بعض الجمعيات لحاجات النساء من طعام‬ ‫ألطفاله��م بإجبارهم عل��ى التصوير أمام‬ ‫الكاميرا مقابل الحصول على الغذاء‪،‬‬ ‫ورأى اإلعالم��ي أبو خير‪ :‬أن الوس��ائل‬ ‫الممكن��ة لحماي��ة النس��اء ف��ي مخيم��ات‬ ‫اللجوء هو تواف��ر الضمير العالمي لحماية‬ ‫الس��وريين م��ن القت��ل‪ ،‬ووق��ف تدفقهم‬ ‫إل��ى المخيم��ات‪ ،‬وإيج��اد ح��ل لم��ا يحدث‬ ‫في س��وريا أوال‪ ،‬وثانيا إش��راف المنظمات‬ ‫الدولي��ة المعت��رف به��ا عالمي��اً على وضع‬ ‫المخيم��ات وإنهاء حالة اإلهمال المقصودة‬ ‫م��ن المجتم��ع الدول��ي تج��اه النازحي��ن‬ ‫وتركهن لذئاب الجمعيات التي منها لألسف‬ ‫إس�لامية‪ ،‬تعم��ل عل��ى المتاج��رة بق��وت‬ ‫الالجئي��ن وحاجاته��م‪ ،‬وطبعا ه��ذا الكالم‬ ‫ال يش��مل كل الجمعيات فمنه��ا من يقوم‬ ‫بعمله بشكل أفضل من منظمات المجتمع‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫ومن جان��ب آخ��ر أثيرت ظاه��رة زواج‬ ‫القاص��رات م��ن الالجئ��ات الس��وريات من‬ ‫رج��ال مس��نين ف��ي الوس��ائل اإلعالمية‪،‬‬ ‫التي س��لطت الضوء عليها بطرق مختلفة‬ ‫منها أشبه بالتشهير‪ ،‬وكثير منها كمشكلة‬ ‫تس��توجب تضافر الجه��ود‪ ،‬وأطلقت عليها‬ ‫صحيفة ديلي تلغ��راف البريطانية صفة ‪/‬‬ ‫دعارة ‪ /‬و‪ /‬بيع تحت غطاء الزواج ‪./‬‬ ‫وتناول��ت الوس��ائل اإلعالمي��ة قصص ًا‬ ‫مؤلمة عن استغالل حاجة السوريات‪ ،‬حيث‬ ‫نقل��ت إحداها عن المجلس القومي للمرأة‬ ‫ف��ي مصر‪ ،‬الذي س��جل ‪ 12‬ألف حالة زواج‬ ‫خ�لال ع��ام بين الجئ��ات س��وريات ورجال‬ ‫مصريي��ن‪ ،‬أن من��ادي يق��ف في المس��جد‬ ‫ليدع��و الرجال المس��لمين مم��ن يحب أن‬ ‫يت��زوج فت��اة س��ورية‪ ،‬بمه��ر قيمت��ه عدة‬ ‫جنيهات‪ ،‬ش��رط توفير المس��كن والمأكل‬ ‫والملبس وضرورات الحياة لها‪.‬‬ ‫وف��ي األردن تق��ف ث�لاث الجئ��ات‬ ‫أم��ام العريس األردن��ي ليخت��ار إحداهن‪،‬‬ ‫ويختار األصغر س��ناً‪ ،‬ويدفع الثمن للوالد‪،‬‬

‫وللسمس��ار نصيب��ه‪ ،‬ويغادر مع عروس��ه‬ ‫المراهقة دون أي طقوس‪.‬‬ ‫ونقل��ت وس��ائل اإلع�لام ع��ن الناطق‬ ‫الرسمي باسم شؤون الالجئين السوريين‬ ‫قول��ه‪ :‬إن ح��االت زواج األردنيي��ن م��ن‬ ‫س��وريات خ�لال النص��ف األول م��ن العام‬ ‫الماض��ي كانت بمس��توى ‪ 189‬حالة وتمت‬ ‫وف��ق األحكام الش��رعية األردنية‪ ،‬حس��ب‬ ‫دائ��رة قاض��ي القض��اة األردني��ة‪ ،‬وأن��ه‬ ‫ضم��ن المع��دل الطبيع��ي نظ��راً لوج��ود‬ ‫روابط القرابة والمصاهرة بين األردنيين‬ ‫والس��وريين بحكم المجاورة‪ ،‬مؤكداً عدم‬ ‫رص��د أي��ة حال��ة اس��تغالل داخ��ل مخيم‬ ‫الزعتري وفي المخيمات األخرى‪.‬‬ ‫وف��ي تقري��ر مص��ور لوكال��ة األنب��اء‬ ‫األلماني��ة‪ ،‬تظه��ر ثالث فتي��ات الجئات في‬ ‫بيت وسيطة زواج أو خطبة كما يسمونها‪،‬‬ ‫وتخير الفتيات بالزواج من س��عودي عمره‬ ‫‪ 70‬عام��اً‪ ،‬وتوافق الفتاة البالغ��ة ‪ 14‬عام ًا‬ ‫على الزواج‪ ،‬لتضحي بحياتها من أجل أمها‬ ‫وأخواتها كما تقول‪.‬‬ ‫وفي لبنان نقلت وكالة أنباء األناضول‬ ‫ع��ن القاضي محمد هان��ي الجوزو رئيس‬ ‫محكم��ة جبل لبن��ان قوله‪ :‬رغ��م صعوبة‬ ‫إحص��اء كل أع��داد الزيج��ات‪ ،‬ف��إن زواج‬ ‫لبنانيين من س��وريات تضاعف عدة مرات‬ ‫منذ ب��دء الثورة‪ ،‬وربعهن م��ن القاصرات‪،‬‬ ‫معتب��راً أن ش��روط ومتطلب��ات الم��رأة‬ ‫الس��ورية قليلة جداً مقارنة باللبنانية في‬ ‫ظل ظروف النزوح‪ ،‬هي السبب األهم في‬ ‫ارتفاع أعداد الزيجات‪.‬‬ ‫ويوضح القاضي ج��وزو‪ :‬أن هناك من‬ ‫يس��تغل وض��ع الالجئ��ات الس��وريات في‬ ‫لبن��ان تح��ت غطاء المس��اعدة اإلنس��انية‬ ‫والش��هامة‪ ،‬حيث وقع ع��دد ال بأس به من‬ ‫الالجئات ضحية االستغالل الجنسي‪ ،‬جراء‬ ‫وج��ود البع��ض منهن دون معي��ل في بلد‬ ‫اللج��وء‪ ،‬ما جعلهن فريس��ة س��هلة المنال‬ ‫بعيون بعض الرجال االستغالليين‪ ،‬محذراً‬ ‫من س��لبيات مثل هذه الزيجات التي يؤدي‬ ‫بعضه��ا إل��ى الط�لاق بعد فت��رة قصيرة‪،‬‬ ‫ألن معظمها قائم على أس��س غير متينة‬ ‫بسبب سهولتها‪.‬‬ ‫كما نقل��ت الوكالة ع��ن روال المصري‬ ‫مس��ؤولة برنامج المس��اواة بين الجنسين‬

‫ف��ي مؤسس��ة أبع��اد قوله��ا أن النس��اء‬ ‫الس��وريات وقع��ن ضحي��ة مرتي��ن‪ ،‬فهن‬ ‫ضحايا اللجوء وضحايا الواقع‪ ،‬وهناك عدة‬ ‫تحديات وضغوطات تواجهها الالجئات على‬ ‫صعي��د المجتم��ع‪ ،‬متمثلة في التحرش��ات‬ ‫وزواج القاص��رات‪ ,‬وبع��ض النازح��ات‬ ‫القاص��رات واجهن ف��ي لبنان أش��كا ً‬ ‫ال من‬ ‫العنف عبر إرغامه��ن على الزواج من قبل‬ ‫أهلهن تح��ت ضغط األعب��اء االقتصادية‪،‬‬ ‫بجانب كونه تدبيرًا وقائيًا لعدم وقوعهن‬ ‫ضحية التحرشات في بلد اللجوء‪.‬‬ ‫وأش��ارت إلى دراس��ة أعدتها مؤسسة‬ ‫أبعاد ع��ن وضع الالجئات الس��وريات تفيد‬ ‫ب��أن “األدوار تبدل��ت‪ ،‬فبع��د أن كان الرجل‬ ‫هو المعيل لعائلته‪ ،‬باتت المرأة تلعب هذا‬ ‫الدور ما شكل ضغطا إضافيا عليها‪.‬‬ ‫قص��ص كثي��رة تدم��ي القل��وب لم��ا‬ ‫تعرض��ت ل��ه النس��اء الس��وريات اللوات��ي‬ ‫فق��دن كل ش��يء‪ ،‬وحت��ى ل��و كان��ت تلك‬ ‫القص��ص صحيح��ة فه��ي باطل��ة وف��ق‬ ‫الش��رع ألنه زواج باإلك��راه‪ ،‬إكراه الظروف‬ ‫الصعبة للعائالت ف��ي المخيمات‪ ،‬ومخالف‬ ‫ل��كل القوانين الت��ي تمن��ع زواج القاصر‪،‬‬ ‫وه��ي بالغالب تكون مؤقتة‪ ،‬ألن من يقدم‬ ‫على مثل ه��ذا الزواج‪ ،‬تكون بالنس��بة له‬ ‫نزوة لرجل مس��ن‪ ،‬تنتهي بعد فترة‪ ،‬ومن‬ ‫يري��د أن يفعل خيراً‪ ،‬مم��ن يتذرعون بهذا‬ ‫الس��بب‪ ،‬ال يكون بقبض الثمن من أجساد‬ ‫الفتيات الصغار‪.‬‬ ‫ويتحم��ل االئتالف ال��ذي يدّعي تمثيل‬ ‫الشعب السوري المسؤولية كاملة عما آلت‬ ‫إلي��ه أوضاع الالجئين الس��وريين‪ ،‬وخاصة‬ ‫النس��اء واألطف��ال‪ ،‬إضافة إلى مس��ؤولية‬ ‫المنظم��ات الدولي��ة المعني��ة بحماي��ة‬ ‫الالجئين‪ ،‬والتي دائماً ما تشحذ على مأساة‬ ‫الس��وريين‪ ،‬وتت��ذرع بع��دم قدرته��ا على‬ ‫تلبية احتياجات الجميع‪.‬‬ ‫والمس��ؤولية األكبر تقع على تجمعات‬ ‫نس��اء الثورة في نش��ر الوعي بين النساء‬ ‫لكيفي��ة مواجه��ة الواق��ع المري��ر ال��ذي‬ ‫يعيش��ونه‪ ،‬ودعمهن في تأسيس مشاريع‬ ‫صغي��رة تع��ود عليهن بإي��رادات ولو كانت‬ ‫بس��يطة تكفيه��ن الحاج��ة والتع��رض‬ ‫لالستغالل‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫املر�أة ال�سورية �شريك‪..‬‬ ‫يف الثورة ولي�س يف الوطن!‬

‫هنادي زحلوط‬

‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪6‬‬

‫لقد شكلت الثورة الس��ورية أفقا جديدا‬ ‫لواقع المرأة الس��ورية‪ ،‬فهي الت��ي غالبا ما‬ ‫كان س��قفها المطالب��ة بتعدي��ل القواني��ن‬ ‫ورفع س��قف الحريات العامة‪ ،‬اندفعت بقوة‬ ‫لتكون من أوائل المطالبين بالحرية وتغيير‬ ‫النظام في سوريا دفعة واحدة‪.‬‬ ‫ومن نساء بانياس اللواتي خرجن لقطع‬ ‫الطريق الدولي مطالب��ات بحرية أزواجهن‪،‬‬ ‫إل��ى نس��اء س��وريات أخ��ذن عل��ى عاتقهن‬ ‫مس��ؤوليات اإلغاث��ة والصح��ة والتعلي��م‬ ‫واإلعالم‪.‬‬ ‫رزان زيتونة وخول��ة دنيا وريما فليحان‬ ‫وغيره��ن العش��رات أس��ماء تع��رف عليه��ا‬ ‫اإلنسان السوري العادي في الثورة‪ ،‬عايشن‬ ‫معاناة شعبهن لحظة بلحظة‪ ،‬وعرفن مثله‬ ‫مآسي النظام جميعها‪.‬‬ ‫آالف من النس��اء قتلن‪ ،‬وعشرات اآلالف‬ ‫يقبعن خلف القضب��ان‪ ،‬منهن من تعرضت‬ ‫للتعذيب والجل��د والصع��ق بالكهرباء‪ ،‬وقد‬ ‫وثق��ت ح��االت لم��وت فتي��ات ونس��اء تحت‬ ‫التعذيب مرارا‪ ،‬دون أن يمس��ك ذلك القاتل‬ ‫عن تكرار جريمته‪.‬‬ ‫وف��ي غياب الزوج بح��ال االعتقال كثيرا‬ ‫ما وج��دت المرأة الس��ورية نفس��ها عرضة‬ ‫للتغري��ب واالرتحال م��ع أطفالها تحت وابل‬ ‫القصف والنار‪.‬‬ ‫أما المرأة في الغوط��ة المحاصرة‪ ،‬فقد‬ ‫ماتت م��رات عديدة وقد قت��ل أطفالها أمام‬ ‫ناظريها‪ ،‬حش��رجة بالكيم��اوي‪ ،‬أو موتا من‬ ‫الجوع‪ ،‬ودموعهن الدامية ستبقى عارا على‬ ‫جبين البشرية لن يمحي بسهولة‪.‬‬ ‫ونح��ن في الق��رن الحادي والعش��رين‪،‬‬ ‫نتطل��ع إلى خارط��ة الوطن الس��وري وإلى‬ ‫خارطة العالم‪ ،‬نساء وأطفال نازحون‪ ،‬وفي‬ ‫المخيم��ات‪ ،‬معتقالت في الس��جون‪ ،‬نس��اء‬ ‫قتلن لم يعلم ذووهم بعد أين وكيف قتلن‪،‬‬ ‫نس��اء يمتن كل يوم ألف م��رة مقابل لقمة‬ ‫خبز ألبنائهن‪.‬‬ ‫وفي المقابل ل��م تبقى قناة تلفزيونية‬ ‫في أقاص��ي األرض‪ ،‬م��ع النظ��ام أو ضده‪،‬‬ ‫ل��م تبث كل هذه الص��ور‪ ،‬تحالف دولي قام‬ ‫باس��م "أصدقاء س��وريا"‪ ،‬لك��ن الصور من‬ ‫الغوطة ومن الزعتري‪ ،‬كما الصور المسربة‬ ‫لتعذيب المعتقلين الخمس وخمس��ين ألفا‪،‬‬ ‫لم تحرك س��اكنا في هذه الكوم��ة الجوفاء‬ ‫المسماة "المجتمع الدولي"‪..‬‬ ‫لق��د بذل��ت النس��اء كل جهوده��ن‪،‬‬ ‫وبشكل اختياري‪ ،‬ليكن رائدات في مساعدة‬ ‫عائالته��ن‪ ،‬ب��ل وحت��ى المغم��ورات منهن‪،‬‬ ‫دفعهن األل��م والمعاناة ليش��اركن في دفع‬ ‫القتل عنهن وعن وس��طهن‪ ،‬وليكن فاعالت‬

‫في صناعة مستقبل بالدهن‪ ،‬وليس خافيا‬ ‫أن جهودا بارزة ومتميزة تس��جل لنساء في‬ ‫الثورة السورية‪ ،‬كماً ونوعًا‪..‬‬ ‫غي��ر أن تمثي��ل النس��اء ف��ي الهيئ��ات‬ ‫السياسية الناشئة بعد قيام الثورة السورية‬ ‫لم يكن على مس��توى مش��اركتها وأعبائها‬ ‫على أرض الواقع‪ ،‬من هيئة التنس��يق حيث‬ ‫ال توج��د احصائ��ات ع��ن مش��اركة النس��اء‬ ‫فيه��ا‪ ،‬إلى المجلس الوطني الس��وري الذي‬ ‫بلغت نس��بة مش��اركة النس��اء فيه أقل من‬ ‫‪ ،7%‬وص��وال إل��ى االئت�لاف الوطن��ي لقوى‬ ‫الث��ورة والمعارض��ة في س��وريا حيث بقيت‬ ‫نسبة تمثيل النس��اء ما دون ‪ 20%‬حتى بعد‬ ‫توسيعه والحديث عن زيادة تمثيل النساء‪.‬‬ ‫أما في المجالس المحلية على مس��توى‬

‫س��وريا فإننا لن نجد إمرأة واحدة ممثلة في‬ ‫“مجلس محافظة حل��ب‪ ،‬أو الرقة” ولن نجد‬ ‫أي تمثل في باقي مجالس المدن السورية‪،‬‬ ‫ومجالس النواحي أو القرى‪.‬‬ ‫فيما عل��ى أرض الواقع يؤكد المتابعون‬ ‫أن الح��رب كان لها تأثي��ر مدمر على حقوق‬ ‫الس��وريات وعرضت الماليي��ن منهن لخطر‬ ‫االتج��ار بهن أو ال��زواج القس��ري أو تزويج‬ ‫القاصرات أو العنف الجنسي‪.‬‬ ‫ليبدو جليا أن النساء في سوريا هنّ من‬ ‫يدفع��ن الكلفة الباهظة م��ن آثار ما يجري‪،‬‬ ‫م��ع أطفاله��ن‪ ،‬ويتراف��ق ذلك م��ع التعدي‬ ‫المضط��رد عل��ى حقوقه��ن االجتماعي��ة‬ ‫واالقتصادية والسياسية‪.‬‬ ‫وتلك مفارقة‪ ،‬بل عار‪ ،‬لمن يدرك‪.‬‬


‫لي�س ب�سخاء الرثاء والتعاطف‪ ،‬بل بالعدل‬ ‫د‪ .‬سماح هدايا‬

‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫خصوص��ا المغتصب��ة‪ ،‬أو المعرض��ة لعن��ف‬ ‫جنس��ي قه��ري ف��ي الح��رب الدائ��رة‪ .‬ه��و‬ ‫إلزام��ي‪ .‬رد الح��ق للنس��اء كضحاي��ا ح��رب‬ ‫أوال‪ ،‬وكضحاي��ا جرائ��م إنس��انية ثانيا‪ ،‬ثم‬ ‫كنس��اء ف��ي منظوم��ة المطالب��ة بحق��وق‬ ‫إن العدل هو أساس الشرع والقانون‬ ‫المرأة‪ّ .‬‬ ‫ومنظومة الحقوق؛ فال يكفي االس��تناد إلى‬ ‫الرحم��ة البش��رية العاب��رة وطمأن��ة المرأة‬ ‫بصح��وة الضمير‪ .‬البد من وضع خطة عمل‬ ‫قانونية واجتماعية لح��ل القضايا المتعلقة‬ ‫باالغتصاب وإعالء صوت الحق والعدل‪.‬‬ ‫هن��اك معوق��ات كثي��رة تقف ف��ي وجه‬ ‫التعاط��ي م��ع إنص��اف المغتصب��ات ورد‬ ‫حقهنّ‪ .‬ليس الدين اإلس�لامي‪ ،‬كما يعتقد‬ ‫بعض المثقفين والمثقفات االستشراقيين‪،‬‬ ‫ه��و المع��وق الحقيق��ي له��ذا األم��ر‪ ،‬وإنما‬ ‫القواني��ن الحاكم��ة ف��ي أغل��ب المجتمعات‬ ‫العربي��ة واإلس�لامية‪ ،‬الت��ي يس��هم فيه��ا‬ ‫موروث التش��ريعات المس��تندة إل��ى الدين‬ ‫وإل��ى الع��ادات والتقالي��د وإل��ى األف��كار‬ ‫الراس��خة التقليدي��ة الواف��دة والمحليّ��ة‪.‬‬ ‫قضية االغتصاب السياسي مرتبطة بالوعي‬ ‫اإلنس��اني واالجتماع��ي وب��إدراك مفاهيم‬ ‫العدل وتطبيقاتها؛ فحت��ى المجتمع الدولي‬ ‫المتقدم مدنيا وقانونيا في منظومة حقوق‬ ‫الم��رأة‪ ،‬ل��م يقم بتطوي��ر قان��ون تاريخي‬ ‫جدي في في موضوع ضحايا االغتصاب في‬ ‫الحروب‪ ،‬إال في نهاية القرن العشرين‪.‬‬ ‫األم��ر بحاج��ة لرؤيته من ع��دة جوانب‪:‬‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫لم تكن تل��ك لحظات تذكارية‬ ‫عذب��ة حتى تع ّلقها المرأة في ملف‬ ‫الذكري��ات والصور‪..‬كان��ت عذاب��ا‬ ‫ش��ديداً وقهراً‪ ،‬وقد تستمر كابوسًا‬ ‫مرعبا‪ .‬وربما من الصعب نسيانها‪.‬‬ ‫كي��ف يمك��ن التعوي��ض ع��ن‬ ‫التعذي��ب؟ كيف يمك��ن التعويض‬ ‫عن اآلالم؟‬ ‫كيف يمكن تعويض المرأة عن‬ ‫آثار المهانة واإلذالل واالحتقار؟‬ ‫وبس��ؤال أدق‪ :‬كي��ف يمك��ن‬ ‫تعوي��ض الم��رأة ع��ن إنس��انيتها‬ ‫المسلوبة عندما يصبح االغتصاب‬ ‫ف��ي الح��روب وانته��اك جس��دها‬ ‫س�لاحا فت��اكا باالنته��اك الف��ردي‬ ‫والتّحطي��م االجتماع��ي والتدمير‬ ‫اإلنساني؟‬ ‫كيف يمكن التعايش مع الحدث‬ ‫ونتائج��ه وم��ا رافق��ه م��ن أضرار‬ ‫جس��يمة‪..‬في ش��ريط طوي��ل من‬ ‫جرائم مروّعة سجلتها على الواقع‬ ‫وف��ي الذاكرة وحش��يّة العصابات‬ ‫األمنية وعصابات الحقد بتفويض‬ ‫النظام الطاغي على امتداد خارطة‬ ‫الثورة؟‬ ‫حق��وق المغتصب��ة وحق��وق‬ ‫عائلته��ا أمر ف��ي غاي��ة األهميّة‪،‬‬ ‫والعمل عليه جزء حيوي من حماية‬ ‫المجتمع واإلنس��ان والم��رأة ة في‬ ‫مس��عى العدال��ة والح��ق الكرام��ة‪ .‬لكنْ‪ ،‬ال‬ ‫يكف��ي أن تعم��ل المرأة بمفرده��ا عليه‪ ،‬أو‬ ‫يقتص��ر على منظم��ات حقوقية إنس��انية؛‬ ‫ألن جمعي��ات المجتم��ع المدن��ي والهيئ��ات‬ ‫الحقوقي��ة‪ ،‬عل��ى الرغم من دوره��ا الكبير‬ ‫ف��ي ه��ذا المج��ال؛ ال تس��تطيع‪ ،‬منعزل��ة‪،‬‬ ‫تغيي��ر الواق��ع أو إصالح��ه وبن��اء العدال��ة‬ ‫والس��لم األهلي وإنج��اح المصالحة‪ .‬كذلك‬ ‫ال يس��تطيع الفقه��اء فع��ل ذل��ك وحدهم‪.‬‬ ‫ألن المس��ائل الفقهية معق��دة وتحتاج إلى‬ ‫ّ‬ ‫اجتهادات علم��اء الدين وطريق عمل طويل‬ ‫مرتب��ط باإلصالح الديني قب��ل االجتماعي‪.‬‬ ‫صحيح أن بعض الفقه��اء يحاولون الخروج‬ ‫بفت��اوى جي��دة لدع��م حق��وق المغتصب��ة؛‬ ‫لكنه��ا ال تكف��ي؛ فه��ي مح��دودة ومرتبطة‬ ‫بم��زاج رج��ال الدي��ن ورؤاه��م ومواقفهم‬ ‫غير الثابتة؛ فالدولة الس��لطوية تس��تخدم‬ ‫المؤسس��ة الدينيّ��ة لحماي��ة مصالحه��ا‪.‬‬ ‫موضوع االغتصاب يرتبط بش��راكات أخرى‬ ‫واس��عة؛ فالب��د م��ن التع��اون المجتمع��ي‬ ‫والتش��ارك الثقافي واعتماد إصالح القانون‬ ‫المدني كمدخل لعملية التغيير وإدخاله في‬ ‫حال��ة الثورة‪ ،‬إللغ��اء كل الفصول القانونية‬ ‫الظالمة للمرأة‪.‬‬ ‫ال يكفي تقديم س��خاء الرثاء والتعاطف‬ ‫اللفظ��ي والوجدان��ي م��ع المغتصب��ات‬ ‫والنس��اء المظلومات‪ ،‬وال تكف��ي المكرمات‬ ‫االس��تثنائية للرجال األح��رار القادمين إلى‬ ‫الحك��م بعد الث��ورات؛ ف��رد اعتب��ار المرأة‪،‬‬

‫القانوني واالجتماعي والمجتمعي‬ ‫إن تطوي��ر الثقاف��ة‬ ‫واإلنس��اني‪ّ .‬‬ ‫االجتماعية وتحويله��ا من تلقائية‬ ‫إل��ى إنتاجي��ة وإص�لاح المجتم��ع‪،‬‬ ‫والتغيي��ر القانون��ي والدس��توري‬ ‫كيان واحد اليتج��زّأ‪ .‬القانون ينتج‬ ‫العالق��ة وه��ذه العالق��ة تتبل��ور‬ ‫لتتحكم بالقواني��ن‪ .‬ولعل التغيير‬ ‫الج��ذري ف��ي مفاهي��م قان��ون‬ ‫األحوال الشخصية هو نقطة مهمة‬ ‫في بداية مس��يرة التغيير وتطوير‬ ‫المفاهي��م االجتماعي��ة وترقي��ة‬ ‫األدوار المطلوب��ة م��ن الجمي��ع‪.‬‬ ‫وه��ذا س��ينعكس‪ ،‬حتم��ًا‪ ،‬إيجاب��ا‬ ‫عل��ى كرامة الم��رأة وإنس��انيتها‪،‬‬ ‫وعل��ى تمكينه��ا وتعزي��ز دوره��ا‬ ‫سياس��ا واجتماعي��ا‪ .‬إذن المعرك��ة‬ ‫ه��ي معرك��ة اجتماعي��ة وقانونية‬ ‫وسياس��ية‪ .‬والمسألة في جوهرها‬ ‫معركة حق وتحرر وعدالة‪.‬‬ ‫البداية تكون من التشريعات‪...‬‬ ‫فعل��ى الم��رأة أن تكون ج��زءا من‬ ‫عملي��ة التش��ريع‪ ،‬وإال فستس��تمر‬ ‫عقلية المش��رع مرتبط��ة بعقلية‬ ‫المتس ّلط الناظم للواقع السياسي‬ ‫واالجتماع��ي والثقاف��ي‪ ،‬الت��ي‬ ‫تس��تغل الم��رأة‪ ،‬به��دف تعزي��ز‬ ‫مواقعه��ا الس��لطوية ومصالحه��ا‬ ‫االمتيازيّ��ة‪ .‬وبالمقاب��ل عل��ى‬ ‫الجمعي��ات النس��ائية والح��ركات‬ ‫الناش��طة لحق��وق الم��رأة متابع��ة النضال‬ ‫إلص�لاح الثقاف��ة االجتماعي��ة وتبدي��د‬ ‫المفاهي��م الرجعي��ة والمطالب��ة بالتغيي��ر‬ ‫القانون��ي‪ .‬وإال سيس��تمرّ اضه��اد الم��رأة‬ ‫بتسويغات اجتماعيّة‪.‬‬ ‫قضي��ة االغتص��اب متعلق��ة بالقم��ع‬ ‫والعنف واإلرهاب بكل أش��كالها المجتمعية‬ ‫والثقافي��ة والتاريخيّ��ة‪ .‬وف��ي أج��واء غي��ر‬ ‫س��ويّة‪ ،‬يمك��ن تزوير أي قضية ش��خصية‬ ‫للمرأة تحت اس��م الش��رف والعار‪ ،‬لتس��ويغ‬ ‫إبقاء الهميمنة وقمع المرأة‪ ،‬ثم قمع المجتمع‬ ‫واضطهاده‪ ..‬كثيرة هي القضايا التي كانت‬ ‫مائعة قب��ل الثورة‪ ،‬وذلك بس��بب غوغائية‬ ‫الدولة وفسادها وعدم شرعيتها المستقلة‪.‬‬ ‫أما اآلن بعد نضال الش��رعية الثوريّة وبعد‬ ‫دف��ع الثم��ن الكبي��ر الس��تحقاق المطال��ب‬ ‫التحرّريّة‪ ،‬فلن يعود التقاعس مقبوال في‬ ‫اس��تمرار الوضع المهين للمرأة‪ .‬األمر ليس‬ ‫قضية شخصية وفردية وفئوية‪ ،‬بل قضية‬ ‫أن‬ ‫اجتماعي��ة ومجتمعية تن��ال الجميع‪ ،‬ومع ّ‬ ‫الم��رأة تعاني أكث��ر وتتحمل الثق��ل األكبر‬ ‫لش��خصها ولرمزيتها االجتماعية واألسرية‪،‬‬ ‫وبالتحدي��د بم��ا يتعل��ق بمفاهي��م الع��ار‪،‬‬ ‫خصوصا في البيئ��ات الجاهلة التي تمارس‬ ‫القت��ل تحت عن��وان الحفاظ على الش��رف‪،‬‬ ‫لك��نّ االغتصاب كس�لاح مخيف اس��تخدمه‬ ‫العدو لقهرها وإهانتها وتعذيبها واعتقالها‪،‬‬ ‫ه��و إهان��ة ألهله��ا وللرج��ال المقاتلي��ن‬ ‫للحري��ة‪ ،‬و للمجتمع والوط��ن والدولة‪ .‬ولم‬

‫‪7‬‬


‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪8‬‬

‫يعد ينف��ع مع تط��ور الوعي التح��رري‪ ،‬تطبيق‬ ‫الحل��ول الترقيعيّ��ة بحج��ة األم��ن االجتماعي؛‬ ‫كتزوي��ج المغتصب��ة من المغتص��ب الذي ألحق‬ ‫به��ا اإلهانة‪ .‬أو إخفاء عارها بعزلها أو تزويجها‪.‬‬ ‫صحيح أن هناك سوريين يتعهدون بالزواج من‬ ‫فتيات تعرضن لالغتصاب؛ لكنّ الموضوع ليس‬ ‫أن الرحمة خلق عظيم‪،‬‬ ‫مجرد ش��فقة‪ .‬وصحيح ّ‬ ‫لكنّ عص��ر الحرية ليس ألف��راده البقاء ضمن‬ ‫منظومة العبودية‪ ،‬حت��ى لوكانت بأقفاص من‬ ‫ذهب‪.‬‬ ‫ماه��و الس��ياق المف��روض أن توض��ع فيه‬ ‫قضايا المغتصبات؛ سواء فيما يتعلق برد الظلم‬ ‫عنه��ن أو رد اعتبارع��ن أو فيم��ا يتعلق بحاالت‬ ‫اإلنج��اب أو حاالت الحمل أو الزواج؟ الس��ياق هو‬ ‫تغيير القوانين ووضع وسائل التنفيذ بجوارها‪.‬‬ ‫االغتصاب ليس مجرد أمر عش��وائي فردي‪ .‬هو‬ ‫حالة ممتدة ممنهجة عس��كريا وأمنيا مش��حونة‬ ‫بالكراهي��ة والحق��د واالحتقار واالنتق��ام والثأر‬ ‫ول��ه آثار طويل��ة المدى‪ .‬الموض��وع ليس امرأة‬ ‫عاب��رة تعرّض��ت لالغتصاب وتُرك��ت حامال‪ ،‬أو‬ ‫قتل��ت‪ .‬هو أكب��ر من ذل��ك؛ لذلك يج��ب القيام‬ ‫بخط��وات جريئة‪ ،‬لكي تك��ون الحلول القانونية‬ ‫تاريخي��ة‪ .‬يجب مراجعة القوانين‪...‬يجب تحديث‬ ‫النص��وص التش��ريعية الديني��ة والنص��وص‬ ‫المدنية‪ ،‬وتتنويرالعقلية؛ لكي نرفع الظلم عن‬ ‫المرأة والمجتمع‪ .‬وخصوصا فيما يتعلق بقضية‬ ‫االغتص��اب وم��ا ي��دور ح��ول مفاهيم الش��رف‬ ‫والعار‪.‬‬ ‫س��يكون لقضي��ة المغتص��اب متعلق��ات‬ ‫كثي��رة بحاجة إلى متابعة وحل��ول‪ :‬أعداد كبيرة‬ ‫م��ن المغتصب��ات المريضات نفس��يا وجس��ديا‪.‬‬ ‫أحيان��ا ال معيل‪ .‬أطف��ال حرب مولودون قس��را‬ ‫نتيج��ة االغتصاب‪ ..‬األمراض المنقولة جنس��يا‪.‬‬ ‫ح��االت تهمي��ش‪ .‬ح��االت ث��أر‪ .‬وبالتال��ي هناك‬ ‫مطالب التعويضات والرعاي��ة الصحية والمالية‬ ‫والنفس��ية‪ ..‬مالحقة رجال ميليش��يات الحروب‬ ‫األهلي��ة‪ .‬رد االعتب��ار رمزي��ا وواقعي��ا‪ .‬العدالة‬ ‫والمصالح��ة‪ .‬كله يصب ف��ي مفاهيم تحصين‬ ‫الم��رأة وتمكينه��ا؛ لك��ي تمتلك الثقة بنفس��ها‬ ‫وبأدائها وتندمج في المجتمع الجديد إيجابيّا‪.‬‬ ‫بع��د كل م��ا حص��ل في س��وريا م��ن ظلم‬ ‫وانتهاك واضطهاد ومقاومة لن تعود المرأة إلى‬ ‫ال��وراء‪ .‬لكنّ عملية االستش��فاء من االغتصاب‬ ‫مهم��ة صعب��ة وبحاج��ة لتوحيد جه��ود الجميع‪:‬‬ ‫لها بعد اجتماعي متعل��ق باإلرهاب اإلجتماعي‪،‬‬ ‫وبعد نفس��ي في الدعم‪ ،‬وبع��د تربوي وقيمي‬ ‫ف��ي تغيي��ر الرؤى ومناه��ج التفكي��ر والتعليم‪،‬‬ ‫وبعد سياس��ي في التس��لط واالستبداد والقمع‪.‬‬ ‫وبعد قانون��ي في إيجاد الحل��ول القانونية‪ ،‬ثم‬ ‫ف��ي البع��د التوثيقي‪..‬وه��و مهم ج��دا لتحديد‬ ‫الضحايا والجناة من أجل إحالل األمن والعدل‪.‬‬ ‫أخي��را صحي��ح أن العال��م يحتف��ل بعي��د‬ ‫ألن من‬ ‫الم��رأة العالم��ي لك��ن احتفاله مزي��ف؛ ّ‬ ‫التناقض األخالقي واإلنساني أن يحتفل العالم‬ ‫بعي��د الم��رأة ويق��ف عاجزا ع��ن نص��رة المرأة‬ ‫الس��ورية الت��ي تواجه عب��ر حرب إب��ادة جرائم‬ ‫ض��د اإلنس��انية وجرائم ح��رب ومج��ازر تنالها‬ ‫وتنال أطفاله��ا ورجالها‪ .‬ال يكفي إنصاف المرأة‬ ‫اعتذاري��ا وعاطفي��ا بالم��دح واإلط��راء والطبل‬ ‫والتزمي��ر والش��عارات‪ ،‬يك��ون اإلنص��اف عمليا‬ ‫وواقعي��ا بإنجازه واقعيا ونجدته��ا‪ .‬وال يكون رد‬ ‫اعتباره��ا بتقديم مس��اعدات إغاثي��ة والتباكي‬ ‫عليها والرثاء ولثم الجراح‪ ،‬بل بتغيير المفاهيم‬ ‫من خالل تغيير القوانين وسن قوانين جديدة‪.‬‬

‫ن�ضال املر�أة ال�سوريّة‬ ‫الأ�سطوري‬

‫دلير يوسف‬

‫أذك��ر أنّ��ه ف��ي الذكرى األول��ى لعيد‬ ‫المرأة بع��د بدء الثورة الس��ورية‪ ،‬أي بعد‬ ‫م��رور حوالي ع��ام على بدء الث��ورة‪ ،‬في‬ ‫الثامن من آذار م��ن العام ‪ 2012‬انطلقت‬ ‫حملة سُ��ميت آنذاك "‪ 8‬آذاء عي��دٌ للمرأة‬ ‫بأن الحملة‬ ‫وليس عيداً للبع��ث" كما أذكر ّ‬ ‫قد لقت صدىً جمي ً‬ ‫ال وواسعاً لدى الشارع‬ ‫الس��وري‪ .‬أم��ا الي��وم فبع��د م��رور ثالث‬ ‫سنوات من عمر الثورة السوريّة‪ ،‬ما الذي‬ ‫طرأ على دور المرأة الس��وريّة في الحياة‬ ‫اليومية وخاصة الناشطات ممن عملوا في‬ ‫خدمة قضاياهم منذ ما قبل بدء الثورة؟‬ ‫رزان زيتونة وس��ميرة الخليل‪ ،‬إسمان‬ ‫يطفوان على الس��طح حي��ن يتم الحديث‬ ‫عن المرأة في الثورة الس��ورية‪ .‬أيقونتان‬ ‫مختطفتان في مدينة دوما "المحررة" لم‬ ‫تشفع لهما أعمالها في الدفاع عن اإلنسان‬ ‫قبل الثورة وبعدها ف��ي تجنب االختطاف‬ ‫في منطقة حُررت من نظام بش��ار األسد‬ ‫واغتصبت من قبل نظام زهران علوش‪.‬‬ ‫أما في الشمال الس��وري‪ ،‬فإنّك ترى‬ ‫الكثير من الناش��طات المقيمات في حلب‬ ‫مث ً‬ ‫ال أو آخريات مقيمات خارج البالد يجتزن‬ ‫الحدود التركية السورية كلما سنحت لهن‬ ‫الفرص��ة ليمارس��ن نش��اطهن الثوري أو‬ ‫ليقدم��ن من خبراتهن في س��بيل قضية‬ ‫تحرير الوطن‪ .‬يقدمن هؤالء النساء فع ً‬ ‫ال‬ ‫أس��طوريًا في مواجه ذكوريّة مجتمعيّة‬ ‫وثوريّ��ة قد تكون قاتلة في كثير األحيان‬ ‫وقد تكون اختطاف "من قبل داعش على‬

‫سبيل المثال" في أحيان أخرى‪.‬‬ ‫ه��ذا الفع��ل األس��طوري المقدم من‬ ‫النس��اء أف��رز العدي��د من النتائج س��أورد‬ ‫اثني��ن منها هنا‪ ،‬أولهما ه��و الجوائز التي‬ ‫تقدم إلى النس��اء الس��وريات حول العالم‬ ‫كمثل الت��ي حازت عليه��ا رزان زيتونة أو‬ ‫تل��ك التي ح��ازت عليه��ا هن��ادي زحلوط‬ ‫ولي��س آخرها جائزة "ال س�لام بال عدالة"‬ ‫الت��ي اس��تلمتها ع�لا رمض��ان كجائ��زة‬ ‫تقديرية تقدم للنس��اء السوريات تقديراً‬ ‫على ش��جاعتن في الخروج إلى الش��وارع‬ ‫لالحتجاج على نظام األس��د و مواجهتهن‬ ‫المباشرة لعنف الحرب‪.‬‬ ‫أم��ا ثان��ي النتائ��ج فه��و التط��رف‬ ‫الزائ��د ل��دى بع��ض النس��اء ف��ي الدفاع‬ ‫ع��ن النس��اء‪ .‬فالذكر المداف��ع عن حقوق‬ ‫الم��رأة في مجتمع ذكوري كالذي نعيش��ه‬ ‫يعي��ش نفس حالة االضطهاد الممارس��ة‬ ‫ض��د النس��اء العام�لات في ه��ذا الحقل‪،‬‬ ‫فالمش��كلة هنا ليس��ت مش��كلة امرأة لم‬ ‫تأخ��د حقوقها‪ ،‬ب��ل هي مش��كلة مجتمع‬ ‫يحارب كل من ش�� ّذ عن قاعدته‪ .‬فكما لم‬ ‫تأخذ الم��رأة حقوقها ف��ي المجتمع هناك‬ ‫الكثير من الفئات المظلومة في المجتمع‪.‬‬ ‫يبق��ى الحدي��ث ع��ن دور الم��رأة في‬ ‫س��وريا مهم��ا كثر قلي�ل ً‬ ‫ا أمام م��ا قدمته‬ ‫وتقدم��ه‪ ،‬وس��يبقى النض��ال طوي�ل ً‬ ‫ا‬ ‫للوصول إلى اتخاذ المرأة دورها المساوي‬ ‫لدور الرجل في المجتمع السوري‪.‬‬


‫عامالت �أم جواري يف النظام‬ ‫ال�شمويل الذكوري‬

‫جاد الرمالوي‬

‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫من��ذ بدئت البش��رية وحت��ى تنته��ي المرأة‬ ‫هي نصف اإلنس��انية تأخذ منه��ا وتعطيها بكل‬ ‫األش��كال والط��رق الت��ي تس��اهم ف��ي رف��ع أو‬ ‫وض��ع المجتمعات الموج��ودة والتي اندثرت‪ ،‬فلم‬ ‫تق��م الحض��ارات ول��م تنته��ي بدون مس��اهمة‬ ‫للمرأة فيها بتنوع أش��كال المس��اهمات والقدرة‬ ‫عل��ى التأثي��ر‪ ،‬ومن يقع في إلق��اء اللوم على أي‬ ‫نص��ف دون اآلخ��ر س��يقع في خطأ يش��كك في‬ ‫حياديت��ه لتحليل أي واقع‪ ،‬فعندما يكون المجتمع‬ ‫ف��ي حالة تق��دم وازدهار يكون ذلك بمس��اهمة‬ ‫م��ن النصفي��ن‪ ،‬والعك��س صحيح فحي��ن يكون‬ ‫المجتم��ع يعاني م��ن االنحط��اط والتخلف يكون‬ ‫ذلك بمساهم النصفين أيضًا‪ ،‬فال وجود لمجتمع‬ ‫نصفه متحضر والنصف اآلخر متخلف‪.‬‬ ‫عندم��ا نتكل��م ع��ن الم��رأة العربي��ة فإنن��ا‬ ‫نتكل��م عن مجتمعات عانت وم��ا تزال تعاني من‬ ‫الكثي��ر من التجهيل واإلفق��ار الممنهج والمنظم‬ ‫في كل نواح��ي الحياة‪ ..‬وال يخف��ى على المتابع‬ ‫أن م��ا تعانيه المرأة في معظ��م البلدان العربية‬ ‫متش��ابه من حي��ث تأثيرها وتأثرها بما تعيش��ه‬ ‫هذه المجتمعات‬ ‫في وصفن��ا القادم عن الم��رأة ال ندخل في‬ ‫المطلق ب��ل نتحرى في العموم‪ ،‬وما يس��عى له‬ ‫النظ��ام الش��مولي االس��تبدادي ف��ي‬ ‫اقح��ام الم��رأة في��ه‪ ،‬م��ع ذك��ر امثلة‬ ‫ع��ن كيفي��ة تطبي��ع ه��ذه االش��كال‬ ‫عل��ى النس��اء‪ ،‬فالمرأة ف��ي ظل هذه‬ ‫االنظمة االستبدادية هي إما عامالت‬ ‫أو جواري‪ ،‬تتعد االشكال ولكنها تتخذ‬ ‫بالنهاي��ة أحدها‪ ،‬فهي م��ن العامالت‬ ‫عندم��ا تكون ممن لدي��ه عمل يؤديه‬ ‫في داخل المنزل ليتفرغ الرجل لدوره‬ ‫خارج��ه‪ ،‬او خارج��ه لتأت��ي بالنق��ود‬ ‫الكافي��ة لتأمي��ن مس��تلزمات الحي��اة‬ ‫ومتطلب��ات االوالد ويق��وم الرج��ل‬ ‫بالمش��اركة فيه‪ ،‬فهي بالنتيجة لديها‬ ‫عم��ل تؤديه لي��س لمتع��ة العمل أو‬ ‫تحقي��ق ال��ذات او للقي��ام بواجباته��ا‬ ‫تجاه إح��داث تغير ف��ي المجتمع الذي‬ ‫تعي��ش فيه‪ ،‬بل باالكتف��اء في األمل‬ ‫بالجيل الق��ادم دون اعطائ��ه القدوة‬ ‫الحس��نة ف��ي ذل��ك حت��ى‪ ،‬فالعم��ل‬ ‫لض��رورة العمل وألهمي��ة العائد من‬ ‫هذا العمل بغ��ض النظر عن اهميته‬ ‫ف��ي ال��دور الموك��ول إليه��ا كنص��ف‬ ‫المجتمع‪ ،‬فيكون التركيز على أهمية‬ ‫عم��ل الم��رأة كمي��ًا ال نوعي��اً في كل‬ ‫وس��ائل اإلعالم والهيئات المعدة من‬ ‫قب��ل النظام والت��ي تدافع عن حقوق‬ ‫المرأة بالش��كل الذي يناس��به‪ ،‬وعند‬ ‫خ��روج إحداه��ن ع��ن الس��رب يقوم‬ ‫باإلحاطة بها بكل عناية ظاهرة وكل‬

‫وس��ائل التحطيم في الباطن‪ ،‬االمثلة على ذلك‬ ‫ت��كاد ال تحص��ى فمنه��ا الرياضي ومنه��ا الفني‬ ‫ومنها اإلداري فما تكد تلمع إحداهن حتى تنتهي‬ ‫بعد فترة من الزمن منسية وفي مكان ال يمكنها‬ ‫فعل ش��يء وال حتى اإلعتراض‪ ،‬لس��نا في مكان‬ ‫ذكر أس��ماء لكي ال نقع بالتش��هير‪ ،‬لكن س��أذكر‬ ‫مثال على شكل الخطاب الموجه للمرأة في كتاب‬ ‫صادر عن االتحاد العام النسائي‪:‬‬ ‫" كت��اب الم��رأة ف��ي ظ��ل مس��يرة التحديث‬ ‫و التطوي��ر‪ :‬تح��ت ش��عار ((تحية وفاء من نس��اء‬ ‫س��وريا للوطن وقائد الوطن)) أقام اإلتحاد العام‬ ‫النس��ائي ن��دوة إلط�لاق كت��اب الم��رأة في ظل‬ ‫مس��يرة التحدي��ث والتطوي��ر بمناس��بة الذكرى‬ ‫الحادي��ة واألربعي��ن لقيام الحرك��ة التصحيحية‬ ‫المجيدة وقد تضمن الكتاب اس��تعراضاً تفصيليًا‬ ‫لمس��اهمة المرأة ف��ي النش��اط االقتصادي في‬ ‫عه��د التحدي��ث والتطوي��ر وق��د تن��اول الباح��ث‬ ‫الدكت��ور حي��ان س��لمان معالم تط��ور االقتصاد‬ ‫السوري والوسائل التي اتبعتها القيادة السورية‬ ‫لتمكين المرأة كما ذكر المؤسس��ات االقتصادية‬ ‫الداعم��ة للمرأة ف��ي العمل االقتص��ادي كما أكد‬ ‫على أهمية عمل اإلناث في سورية مقارنة بعدد‬ ‫الس��كان وتوزيع النس��اء العامالت في القطاعات‬

‫االقتصادي��ة كم��ا نب��ه إل��ى البطال��ة النس��ائية‬ ‫وخطورة تزايدها "‬ ‫ويذكر الكتاب ويش��دد على ض��رورة تواجد‬ ‫المرأة في المناصب بحيث يتم مشاهدتها‪:‬‬ ‫" كم��ا أدرج بيان��ات تدل على تواج��د المرأة‬ ‫في المواقع اإلدارية ومجلس الش��عب والس��لطة‬ ‫القضائي��ة والمنظم��ات الش��عبية والس��لك‬ ‫الدبلوماسي"‬ ‫األم��ر ال��ذي يأخذنا إلى الش��كل الثاني وهو‬ ‫الجواري وبالتحدي��د جواري الزينة‪ ،‬حيث التحقت‬ ‫بع��ض دول االس��تبداد الخليجية مؤخ��را بالدول‬ ‫التي تمنح المرأة مراك��ز " قيادية " طبعا مازالوا‬ ‫خجولي��ن ج��داً مقارن��ة باألنظم��ة الش��مولية "‬ ‫العلماني��ة " األخرى في المنطق��ة العربية‪ ،‬فمن‬ ‫الض��روري وج��ود المرأة ف��ي االماك��ن الظاهرة‬ ‫لإلعالم و للعالم خارج البالد‪ ،‬وطبعا هذا لضرورة‬ ‫الديك��ور والزينة ال أكثر‪ ،‬فش��اغر هذا النوع من‬ ‫المناص��ب هو أكي��د ليس صاحب ق��رار او تأثير‪،‬‬ ‫ووج��ود الم��رأة فقط إلضاف��ة لون أنث��وي على‬ ‫صورة النظام‪ ،‬بالتأكيد ال مجال لذكر ش��خصيات‬ ‫بعينه��ا م��ن ه��ذا النم��وذج‪ ،‬القارئ��ة والق��ارئ‬ ‫العزيزين سيحضر ألذهانهم الكثير من األمثلة‪،‬‬ ‫تماثي��ل الزينة موج��ودة في كل نواح��ي الحياة‬ ‫حتى ف��ي المجتمعات األكث��ر تحضراً‬ ‫من مجتمعاتنا العربية واألقل تحضرا‬ ‫أيضًا‪ ،‬لكن في تلك المجتمعات عندما‬ ‫تظهر ام��رأة بين الرج��ال يكون ذلك‬ ‫لتفوقها عليهم والستحقاقها للمكانة‬ ‫الت��ي وصل��ت اليه��ا فتك��ون بالمكان‬ ‫المؤث��ر والفاعل ف��ي مجتمعها‪ ،‬وفي‬ ‫ه��ذا خير دليل أن له��ذه االنظمة من‬ ‫الخصوصية ما يمنع المرأة خاصة من‬ ‫تمكينها ألخذ مكانها الصحيح وإظهار‬ ‫الرجل بمظهر المسيطر‪ ،‬وهذا الخلل‬ ‫يع��ود علي��ه بالفائ��دة لصال��ح زيادة‬ ‫سيطرته على الدولة والمجتمع‪.‬‬ ‫الس��يدة االول��ى ه��ي دائما على‬ ‫رأس اله��رم االنث��وي ف��ي تطلع��ات‬ ‫الحركة النسائية في مجتمعات القائد‬ ‫الخال��د‪ ،‬والملفت للنظ��ر انهن جميعا‬ ‫يطبق��ن نظرية م��اري انطوانيت في‬ ‫الصورة النمطية للس��يدة األولى األم‬ ‫األول��ى الت��ي ترع��ى الف��ن والفقراء‬ ‫وتدعم مش��اريع الزين��ة لتظهر مدى‬ ‫تطور البلد‪ ،‬بينما الوضع على حقيقته‬ ‫س��يئ إلى درجة بالخيال‪ ،‬وهي دائما‬ ‫في كنف زوجه��ا القائد األعظم الذي‬ ‫يدعمه��ا ويرعاها بعقله الكبير‪ ،‬فهي‬ ‫لم تك��ن لتفعل ل��و لم تك��ن زوجته‬ ‫وتضرب بس��يفه‪ ،‬فإذا كان المرأة أن‬ ‫يكون لها نفوذ او س��لطة تنافس بها‬ ‫التابعي��ن االق��رب للقائ��د األعلى في‬

‫‪9‬‬


‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪10‬‬

‫كل شيء‪ ،‬فهي زوجته والمستخدمة السمه‪.‬‬ ‫وجود الجمال في حياة أي انس��ان تساوي وجود‬ ‫حاس��ة البصر‪ ،‬لك��ن إذا كان لبع��ض الجمال أوجه‬ ‫قبيح��ة خلفه من تخلف وجوع وقم��ع‪ ،‬فال أظن أننا‬ ‫يمكن لنا احترام ش��كل الجواري ف��ي هذا النظام‪،‬‬ ‫على عك��س الش��كل االول الذي يعطي م��ا يحتاج‬ ‫ويأخذ ما ال يريد‪.‬‬ ‫في ظ��ل كل هذا االهتمام بالش��كل الخارجي‬ ‫للم��رأة تفقد المرأة أبس��ط حقوقها وهو مس��اواة‬ ‫الم��رأة بالرجل بكل الحقوق والواجبات في االحوال‬ ‫المدني��ة واالختيار الطوعي في االحوال الش��رعية‬ ‫كح��االت ال��زواج أو ح��ق الم��رأة بإعطاء جنس��يتها‬ ‫ألطفاله��ا مهم��ا كان وض��ع ال��زوج‪ ،‬وإليكم عرض‬ ‫لمقت��رح االتح��اد النس��ائي الع��ام بخص��وص هذا‬ ‫الموضوع حيث هذا ما يأملون به‪:‬‬ ‫‪":‬يعتبر عربيًا سوريًا حكمًا‪:‬‬ ‫أ‪ -‬كل من ولد في القطر أو في خارجه من والد‬ ‫عربي سوري"‪ ،‬ب‪ -‬من ولد ألم سورية وأب مجهول‬ ‫أو ال جنس��ية ل��ه أو مجه��ول الجنس��ية‪ ،‬د‪ -‬من ولد‬ ‫في القط��ر‪ ،‬ولم يحق له أن يكتس��ب بصلة البنوة‬ ‫جنس��ية أجنبية‪ ،‬هـ‪ -‬من ينتمي بأصله للجمهورية‬ ‫العربي��ة الس��ورية ول��م يكتس��ب جنس��ية أخ��رى‬ ‫ولم يتقدم الختيار الجنس��ية الس��ورية في المهل‬ ‫المحددة بموجب القرارات والقوانين السابقة"‬ ‫ال يمكن ذك��ر مثال عن وجود ح��االت لمحاولة‬ ‫تعدي��ل وضع المرأة في الحقوق الش��رعية باعتبار‬ ‫أن األنظم��ة يعجبه��ا الوضع على ما ه��و عليه وال‬ ‫تري��د تغيي��ره‪ ،‬ه��ي حتى ال تس��مح بخ��روج حوار‬ ‫به��ذا الخص��وص مع انها تق��دم نفس��ها على انها‬ ‫"علمانية"‪.‬‬ ‫بالرغم من احترامنا لوج��ود آراء اخرى لتأخّر‬ ‫دور الم��رأة والمجتم��ع عموم��ا كالدي��ن أو ذكورية‬ ‫المجتم��ع بعادات��ه وتقالي��ده التي تمن��ع المرأة من‬ ‫أخذ مكانتها التي تس��تحق‪ ،‬و نظرة المجتمع للمرأة‬ ‫على انها ضل��ع قاصر وهي دائما بحاجة إلى وصي‬ ‫أو ولي أمر زوجا كان أم قريب‪ ،‬هو الذي بحاجة إلى‬ ‫تغيير ليتحس��ن وضع المرأة ولك��ي تكون متحررة‬ ‫م��ن قيودها التي تكبلها‪ ،‬بالرغم من كل هذا فأننا‬ ‫نؤمن أن ما سبق هو نتيجة وليس السبب‪ ،‬فالدين‬ ‫موجود منذ آالف السنين واألمثلة على بروز أسماء‬ ‫نسائية مؤثرة وفاعلة في ظل وجود هذه االديان ال‬ ‫يمكن نكرانها‪ ،‬والع��ادات والتقاليد البالية واألفكار‬ ‫المريضة عن محدودية المرأة في ثقافة مجتمعاتنا‬ ‫موجودة‪ ،‬ولكنها لم تمنع من ظهور نس��اء كان لهم‬ ‫وج��ود وحضور في مجتمعاتنا ف��ي التاريخ القريب‬ ‫الذي س��بق ظه��ور وتوغ��ل االنظمة االس��تبدادية‬ ‫الشمولية‪.‬‬ ‫ال يس��تطيع أح��د أن ينك��ر وج��ود صعوب��ات‬ ‫ومش��اكل تواجه المرأة دون الرجل في أخذ مكانها‬ ‫الحقيق��ي في المجتمع بما يتناس��ب م��ع ما قدمته‬ ‫ومازالت في االفراح واألحزان‪ ،‬في الجبهة االمامية‬ ‫والخطوط الخلفية في الظل وفي الضوء‪ ،‬مستعدة‬ ‫للتضحية كم��ا اعتادت دائمًا‪ ،‬والرج��ل ال يقل عنها‬ ‫ف��ي العطاء وال يزيد‪ ،‬له من الميزات وعليه واجبات‬ ‫ويطبق عليه النظام الحاكم نفس القمع والتجهيل‬ ‫واإلفق��ار‪ ،‬فال يحم��ل الرجل العبء وح��ده بل على‬ ‫الم��رأة مس��اعدته ف��ي ذلك ال لش��يء فق��ط ألنه‬ ‫وحده ال يس��تطيع‪ ،‬لسنا هنا لنطلب منها الراحة بل‬ ‫العكس‪ ،‬فنحن دخلنا مرحل��ة التغيير بغض النظر‬ ‫ع��ن االتجاه ف��ي التغي��ر فالجهد مضاع��ف والتعب‬ ‫أكب��ر‪ ،‬لكن ما نطلبه منها أقل مما تس��تطيع عمله‬ ‫هذه الم��رأة الت��ي عرفناها طوال حياتنا وس��نظل‬ ‫نؤمن بها‪.‬‬

‫�أوىل �إ�صدارات �سوريتنا‬

‫ل�ست وحدك‬

‫كتيب لدعم �ضحايا االغت�صاب ال�سيا�سي يف الثورة ال�سورية‬ ‫"لستِ وحدكِ" هو عنوان الكتيب الفريد‬ ‫ال��ذي س��يصدر قريب��ًا به��دف دع��م ضحايا‬ ‫االغتصاب السياس��ي ف��ي الثورة الس��ورية‪،‬‬ ‫ويتوج��ه مباش��رة إل��ى الضحايا من النس��اء‬ ‫الالتي قاس��ين من ه��ذه التجرب��ة المرعبة‪،‬‬ ‫ويحاك��ي عموم��اً كاف��ة الش��رائح وكل م��ن‬ ‫ل��ه اهتم��ام بالموض��وع‪ .‬وأعد الكتي��ب الذي‬ ‫ستقوم جريدة سوريتنا على طباعته ونشره‪،‬‬ ‫مجموعة من األخصائيين والناش��طين الذين‬ ‫ارت��أوا محاكاة الجرح ال��ذي أُبتليت فيه اآلالف‬ ‫من النس��اء من دون ذنب س��وى مش��اركتهن‬ ‫بالث��ورة أو ارتباطه��ن بصل��ة قرب��ة بالثوار‪،‬‬ ‫ومحاول��ة لألخ��ذ بي��د الضحاي��ا المعروف��ات‬ ‫وغي��ر المعروفات لمس��اعدتهن ف��ي االطالع‬ ‫بشكل ش��امل وداعم على ظاهرة االغتصاب‬ ‫ف��ي أزمن��ة الح��روب والصراع��ات‪ ،‬وتقدي��م‬ ‫المعلوم��ات الت��ي يحتجنه��ا وقد تس��اعدهن‬ ‫على تلمس دروب التعافي النفس��ي والبدني‬ ‫الصعبة الموجعة‪.‬‬ ‫يتضم��ن الكتيّ��ب ال��ذي يق��ع ف��ي ‪80‬‬ ‫صفح��ة ف��ي الفص��ل األول ‪/‬الجان��ب الطبي‪/‬‬ ‫وفيه معلومات قيمة حول األعراض والعالمات‬ ‫واإلرش��ادات التي تخص الجسد بعد التعرض‬ ‫لح��وادث عل��ى ق��در كبي��ر م��ن العن��ف مث��ل‬ ‫االغتص��اب واالعت��داءات الجس��دية‪ ،‬والتدابير‬ ‫العالجي��ة بعد االعتداء مباش��رة وفي المراحل‬ ‫الالحق��ة‪ ،‬وكيفي��ة التعامل معها م��ن الناحية‬ ‫الطبية‪ .‬قدمه الدكتور ياسر نديم سعيد‪.‬‬ ‫والفصل الثاني يتناول ‪ /‬الجانب النفسي ‪/‬‬ ‫الذي يش��رح ظاهرة االغتصاب من وجهة نظر‬ ‫نفس��ية‪ ،‬واآلثار واألس��ئلة واالضطرابات التي‬ ‫تراف��ق الضحية فترات طويل��ة مما يؤثر على‬ ‫قدرتها على التكيف والتوازن النفس��ي العام‪،‬‬ ‫وعدد من اإلرش��ادات والخط��وات العملية التي‬ ‫من شأنها مساعدة الضحايا في تخفيف اآلالم‬ ‫والمصاع��ب النفس��ية الت��ي قد تتب��ع صدمة‬ ‫االغتصاب‪ .‬قدمه الدكتور جمال خليل صبح‪.‬‬ ‫والفصل الثالث يتناول ‪ /‬الجانب االجتماعي‬ ‫‪ /‬ويتع��رض لآلث��ار االجتماعي��ة لحادث��ة‬ ‫االغتص��اب ولحجم الضغوط التي تتعرض لها‬ ‫الضحي��ة وعائلتها القريب��ة والبعيدة‪ ،‬وكيفية‬ ‫التعام��ل مع ه��ذه االنتهاكات الحسّاس��ة في‬ ‫مجتمعاتن��ا العربي��ة واإلس�لامية ومعالجتها‪.‬‬ ‫قدمته الدكتورة خولة حسن الحديد‪.‬‬ ‫ويتن��اول الفص��ل الراب��ع م��ن الكتي��ب ‪/‬‬ ‫الجان��ب الدين��ي والش��رعي ‪ /‬ويع��رض جملة‬ ‫م��ن اآلراء الدينية‪ ،‬وذلك ف��ي محاولة لإللمام‬ ‫بكاف��ة الجوان��ب المتعلق��ة بالموضوع ضمن‬ ‫اإلطار الثقاف��ي والروحاني‪-‬الديني الذي يميز‬ ‫مجتمعاتنا‪ ،‬من وجهتي نظر نسائية وذكورية‪.‬‬ ‫قدمهما الس��يدة نوال السباعي والسيد الشيخ‬ ‫محمد النجار‪.‬‬ ‫والفص��ل الخام��س يتن��اول ‪/‬الجوان��ب‬ ‫القانوني��ة والحقوقي��ة ‪ /‬الت��ي تتعل��ق بفعل‬ ‫االغتص��اب كحادث��ة جرمية وكانته��اك خطير‬

‫لحق��وق اإلنس��ان‪ ،‬إضاف��ة إل��ى الحق��وق‬ ‫الشخصية التي تس��تطيع الضحية من خاللها‬ ‫مالحقة الجن��اة و تقديمهم للعدالة‪ ،‬وذلك في‬ ‫ظ��ل دولة القانون التي نحلم بها في س��ورية‬ ‫الح��رة‪ .‬ق��دم ه��ذا الفص��ل المحامي��ان مي��را‬ ‫بشراقي وياسر مرزوق‪.‬‬ ‫وفي الفصل الس��ادس وقفة أدبية تخص‬ ‫موضوع أليم بكلم��ات ملؤها الدفء والواقعية‬ ‫والدع��م الغي��ر محدودي��ن‪ ،‬موجه��ة للضحية‬ ‫لتذكيره��ا دائم��ا بالقيم��ة اإلنس��انية لروحها‬ ‫ولجس��دها‪ ،‬كلمات نابعة م��ن القلب بال تك ّلف‬ ‫وال تحوير لعلها تكون فاتحة مطمئنة تبدء بها‬ ‫رحلة األمل في اس��تعادة الثقة بالنفس وحب‬ ‫الحي��اة‪ .‬قدم��ت هذا الجان��ب الدكتورة س��ماح‬ ‫هدايا‪.‬‬ ‫وينطلق معدو هذا المش��روع من حسّهم‬ ‫اإلنس��اني وإيمانهم العميق بضرورة الوقوف‬ ‫مع ضحاي��ا االغتص��اب السياس��ي‪ ،‬ودعمهن‪،‬‬ ‫والدفاع عن قضيتهن بش��تى الطرق والسبل‪،‬‬ ‫ولي��س لهم من هذا العمل أي هدف سياس��ي‬ ‫أو ارتب��اط ب��أي جهة أو تنظيم أي��ا كان‪ ،‬فقط‬ ‫يريدون مس��اعدة الضحايا ع��ن طريق تقديم‬ ‫أكب��ر وأص��دق ق��در م��ن المعلوم��ات ح��ول‬ ‫الموضوع‪.‬‬ ‫واعتب��روا أن ه��ذا الموض��وع ال يتعل��ق‬ ‫بالجانب اإلنس��اني فحس��ب‪ ،‬بل يتعداه ليأخذ‬ ‫حي��زاً وطنيًا أيضاً‪ ،‬ألننا لس��نا بص��دد معالجة‬ ‫حالة اغتصاب عاديّة‪ ،‬ب��ل أمام حالة اغتصاب‬ ‫من نوع خ��اص‪ ،‬وهي حالة "االغتصاب لدوافع‬ ‫سياسية" كون الضحايا تعرضنّ لما تعرضنّ‬ ‫ل��ه ألس��باب سياس��ية مرتبط��ة بالطبيع��ة‬ ‫العدواني��ة وغير األخالقية لمثل هذا النوع من‬ ‫األنظم��ة الديكتاتوري��ة‪ ،‬والتي تس��تخدم من‬ ‫ضمن ما تس��تخدم االعتداءات الجنسيّة كنوع‬ ‫م��ن العق��اب لقم��ع ّ‬ ‫كل من يقف ف��ي وجهها‪،‬‬ ‫مدركة أكبر إدراك تأثيره النفس��ي والجسدي‬ ‫العميقين‪.‬‬


‫الدكتورة خولة احلديد ل�سوريتنا‬

‫الثورة �أحدثت تغيري ًا جوهري ًا يف بنية تفكري املجتمع‬ ‫ال�سوري جتاه ق�ضايا املر�أة‬

‫حوار‪ :‬زليخة سالم‬

‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫بي��ن مطرقة وس��ندان ال مفر منهم��ا‪ ،‬بالمُجمل‬ ‫يمك��ن الق��ول أن الثورة الس��ورية أب��رزت الدور‬ ‫الحيوي البارز للمرأة في الحياة الس��ورية بشكل‬ ‫ال يمكن ألحد تجاهله‪.‬‬ ‫ورداً عل��ى س��ؤال (هل تعتقدي��ن أن الثورة‬ ‫س��تنصف الم��رأة أم يلزمه��ا ثورة ثاني��ة؟) قالت‬ ‫الدكت��ورة الحديد‪ :‬أعتقد أن الثورة أحدثت تغييراً‬ ‫جوهري��ا ف��ي بني��ة تفكي��ر المجتمع الس��وري‪،‬‬ ‫أفراداً وجماعات‪ ،‬وال ش��ك أن ذل��ك طال التفكير‬ ‫والموقف تجاه قضايا المرأة‪ ،‬وخاصة في الشهور‬ ‫األولى للثورة التي أبرزت حضوراً وموقعاً متميزاً‬ ‫للم��رأة‪ ،‬إال أننا ال يمكن أن ننكر أن دخول بعض‬ ‫الجماعات المُتطرفة على خط الثورة الس��ورية‪،‬‬ ‫وف��رض هيمنتها عل��ى بعض بيئاته��ا أدّى إلى‬ ‫تراج��ع دور الم��رأة‪ ،‬وضيّ��ق عليه��ا‪ ،‬وأصبح��ت‬ ‫النظ��رة لقضاياه��ا وقضاي��ا حريته��ا موض��ع‬ ‫إش��كاليات كثيرة‪ ،‬إال أنه يبق��ى فكر غالبية هذه‬ ‫الجماع��ات غريب عن المجتمع الس��وري تقاليده‬ ‫وعادات��ه‪ ،‬وس��يبقى أمامنا الكثي��ر للتخلص منه‬ ‫وم��ن حامليه‪ ،‬وعل��ى المقلب اآلخر ل��م تُنصف‬ ‫التجمع��ات الليبرالي��ة والعلماني��ة ‪ -‬إال م��ا ندَر‪-‬‬ ‫المرأة وحضورها المتميز في المجتمع الس��وري‪،‬‬ ‫ونش��اطاتها العدي��دة المؤث��رة فع ً‬ ‫ال ف��ي تغيير‬ ‫الواق��ع‪ ،‬لذل��ك أظن أن مش��وارنا طوي��ل ولكنها‬ ‫البداية‪ ،‬ولن يعود الزمن إلى الوراء أبدا‪.‬‬ ‫وح��ول س��بب تقليص حج��م تمثي��ل المرأة‬ ‫ف��ي الهيئ��ات والمجال��س والحكوم��ة المؤقت��ة‬ ‫والمفت��رض أنها ثورية؟ قال��ت‪ :‬أعتقد أن قضية‬ ‫التمثي��ل الباهت للمرأة ف��ي التجمعات المذكورة‬ ‫ه��و جزء من قضي��ة أكبر له��ا عالق��ة بالتمثيل‬ ‫الحقيق��ي للس��وريين عموماً‪ ،‬ولألس��ف فش��لت‬ ‫تلك التجمعات والتيارات بتمثيل الثورة السورية‬ ‫الت��ي تجري على األرض بش��كل حقيقي‪ ،‬وكان‬ ‫حض��ور الم��رأة الخجول ج��زء من هذه المس��ألة‬ ‫عموم��ًا‪ ،‬إضافة إل��ى النظ��رة المس��بّقة للمرأة‬

‫وهيمنة الذكورة والحضور الطاغي للنرجس��يات‬ ‫والمصالح الش��خصية‪ ،‬وأحادي��ة الرؤية وتغليب‬ ‫االيديولوجيات الت��ي تجاوزها الزمن على حركة‬ ‫الواق��ع الحقيق��ي‪ ،‬كل ذل��ك جع��ل م��ن حضور‬ ‫المرأة مجرد صورة‪ ،‬أو كمزهرية لتجميل المكان‬ ‫وادّعاء أنهم ديموقراطي��ون‪ ،‬مع غياب الفاعلية‬ ‫الحقيقية حتى لحضورها الباهت ذاك‪ ،‬ومن جهة‬ ‫أخ��رى أيضاً تعك��ف كثير من النس��اء وأنا واحدة‬ ‫منهن عن االنضمام للتيارات السياسية بسبب ما‬ ‫ذكرته مُسبقا‪ ،‬وبسبب فشلها الذريع في تقديم‬ ‫شيء حقيقي على األرض في بيئات الثورة‪ ،‬هذا‬ ‫الفش��ل الذي دف��ع كثير من الس��وريات لينظرن‬ ‫بريبة وخيبة أمل إلى تلك التيارات ومن ثم النأي‬ ‫بأنفس��هن عنها‪ ،‬إضافة إلى م��ا يطال المرأة من‬ ‫قصص التشهير اإلعالمي وعلى مواقع التواصل‬ ‫االجتماعي عند وجودها ضمن أي كتلة سياسية‪،‬‬ ‫كل ذلك يجعلها تبتعد عن هذا المُعترك‪.‬‬ ‫وفيم��ا يتعل��ق ب��دور تجم��ع نس��اء الث��ورة‪،‬‬ ‫والتجمعات النسائية في دعم الثورة‪ ،‬وفي تغيير‬ ‫المفاهيم االجتماعية السائدة عن المرأة؟‬ ‫قال��ت الدكت��ور خول��ة‪ :‬بالبداي��ة كن��ت ضد‬ ‫تأسيس تجمعات على أساس الجنس‪ ،‬أي خاصة‬ ‫بالمرأة‪ ،‬وكنت أفضل أن تكون المرأة جزء من أي‬ ‫مؤسسة مدنية أو سياسية تمثل عموم المجتمع‪،‬‬ ‫ولكن لألس��باب المذكورة س��ابقا‪ ،‬كان ال بدّ من‬ ‫االعتراف بأهمية تأسيس تجمعات وتيارات تمثل‬ ‫قضاي��ا المرأة وتتاب��ع االنته��اكات التي تتعرض‬ ‫له��ا‪ ،‬وتح��اول تقديم المس��اعدة لها عل��ى أكثر‬ ‫م��ن صعيد‪ ،‬خاصة بعد ظهور مش��كالت وأزمات‬ ‫عاصف��ة تلم بها خالل الثورة كقضية االغتصاب‬ ‫مث�لا‪ ،‬وغيرها مما بات معروف��ًا‪ ،‬لذلك جاء تجمع‬ ‫نس��اء الثورة الس��ورية كمؤسس��ة عم��ل مدني‬ ‫نجحنا في تس��جيلها رس��ميا في فرنسا لتسهيل‬ ‫آلي��ة عملنا مُلبياً ل�لأدوار الغائب��ة التي تحتاجها‬ ‫المرأة‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫قي��ل وكت��ب الكثي��ر ع��ن التضحي��ات التي‬ ‫قدمتها المرأة الس��ورية للث��ورة العظيمة‪ ،‬وهذه‬ ‫حقيق��ة ال يس��تطيع أح��داً بع��د اآلن نكرانها‪ ،‬أو‬ ‫تجاهله��ا‪ ،‬أو االلتفات عليه��ا‪ ،‬فقد كانت ومازالت‬ ‫مش��اركة بفعالي��ة كبي��رة ف��ي جمي��ع أح��داث‬ ‫ومس��ارات الث��ورة‪ ،‬ودفع��ت ومازالت تدف��ع ثمنًا‬ ‫باهظ��اً يصعب تحمله من خ�لال تقديم أبنائها‪،‬‬ ‫وأخوته��ا‪ ،‬وزوجه��ا‪ ،‬ووالداها‪ ،‬ش��هداء على درب‬ ‫الحرية‪ ،‬وكانت ش��هيدة‪ ،‬وشهيدة تحت التعذيب‪،‬‬ ‫ومعتقلة‪ ،‬ومغتصب��ة‪ ،‬ومهجرة‪ ،‬والجئة‪ ،‬ومعيلة‬ ‫أليتام ومدبرة ألمور حياتهم‪.‬‬ ‫فهل س��تنصف الث��ورة الم��رأة‪ ،‬وتغير نظرة‬ ‫المجتم��ع لدورها كش��ريكة فاعلة‪ ،‬وأن تس��هم‬ ‫ف��ي اس��تعادتها لقرارها‪ ،‬وتحريره��ا من عادات‬ ‫بالي��ة متراكمة مكبلة ومقي��دة‪ ،‬على الرغم من‬ ‫أن البوادر األولية ممن يدّعي تمثيل الثورة‪ ،‬من‬ ‫هيئات ومجال��س وتجمعات‪ ،‬ال تبش��ر بالتفاؤل‪،‬‬ ‫ألنه��م جميع��ًا همش��وا الم��رأة‪ ،‬وقلصوا نس��ب‬ ‫تمثيله��ا إل��ى الح��دود الدنيا‪ ،‬وكان م��ن الممكن‬ ‫أن يس��تبعدوها تمام��ًا ل��وال الضغ��ط الدول��ي‪،‬‬ ‫واالنتقادات التي وجهت لهم‪.‬‬ ‫بالتأكيد إعتاق المرأة من القيود التي تكبلها‪،‬‬ ‫والحواجز االجتماعية التي تعيق اندماجها‪ ،‬يلزمه‬ ‫ث��ورات قادمة‪ ،‬إال أن ما حصل ف��ي الثورة يعتبر‬ ‫خطوة ف��ي تغيير نمط التفكي��ر والتعاطي‪ ،‬بعد‬ ‫بروز دور المرأة الهام والفاعل على أرض الواقع‬ ‫في دعم الثورة واستمرارها‪.‬‬ ‫ولإلجاب��ة عل��ى كل ه��ذه األس��ئلة قال��ت‬ ‫الدكت��ورة خول��ة حس��ن الحدي��د ‪ /‬دكت��وراه في‬ ‫علم االجتماع‪ ،‬ومن مؤسس��ي تجمع نساء الثورة‬ ‫الس��ورية ‪ /‬لجريدة س��وريتنا ‪ /‬فيما يتعلق بدور‬ ‫المرأة السورية في الثورة؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الش��ك أن المرأة لعب��ت دورا بارزا في الثورة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬ودفعت الكلفة األكب��ر والثمن الذي ال‬ ‫يمكن تخيله من تبعات ه��ذه الثورة‪،‬من اعتقال‬ ‫واغتص��اب وتش��رد‪ ،‬وفق��دان مُعي��ل عائلته��ا‬ ‫وتوليه��ا مس��ؤولية ذلك‪..‬ال��خ‪ ،‬وأُج��زم أنه لوال‬ ‫صمود المرأة لما استمرت الثورة‪ ،‬فضمن ظروف‬ ‫الحصار‪ ،‬والقصف‪ ،‬وغياب الرجال بش��كل ش��به‬ ‫كامل أحياناً ع��ن تدبير أمور المعيش��ة لماليين‬ ‫ُ‬ ‫األسر‪ ،‬كانت المرأة هي الرأس المُدبر لذلك‪.‬‬ ‫وش��اركت الم��رأة عل��ى امت��داد المناط��ق‬ ‫الثائ��رة من��ذ البداي��ة ف��ي العم��ل المدن��ي من‬ ‫مظاهرات وفعاليات مدني��ة كاإلعالم والتصوير‬ ‫وكتاب��ة الش��عارات المُعارض��ة‪ ،‬وتجهي��ز‬ ‫األع�لام والبوس��ترات وغيرها‪ ،‬وإس��عاف جرحى‬ ‫المظاهرات‪ ،‬وقد تحولت مئات النس��اء من خارج‬ ‫الحق��ل الطبي إلى مُس��عفات وطبيب��ات‪ ،‬كما ال‬ ‫يُمكن تجاهل دور الناش��طات إعالميًا وسياس��يًا‬ ‫وفي مج��ال اإلغاثة والمجاالت الحقوقية‪ ،‬وهناك‬ ‫مئات الناشطات والحقوقيات واإلعالميات اللواتي‬ ‫تعرض��ن لالعتق��ال والمُالحق��ة‪ ،‬ومنهن ما زلن‬ ‫يُمارسن دورهن متخفيات‪ ،‬والمؤسف أن بعض‬ ‫الجماع��ات اإلس�لامية المتطرف��ة أيض��ا تالحق‬ ‫هؤالء وتضيق عليهن‪ ،‬لتُصبح المرأة الس��ورية‬

‫‪11‬‬


‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪12‬‬

‫نح��ن ف��ي التجم��ع نعمل في‬ ‫مج��ال اإلغاثة اإلنس��انية بالتركيز‬ ‫عل��ى الم��رأة والطفل‪ ،‬وف��ي مجال‬ ‫التعلي��م أيض��ا‪ ،‬م��ن خ�لال دع��م‬ ‫مش��اريع التعلي��م‪ ،‬وإنش��اء حلقات‬ ‫تعلي��م مفت��وح تديره��ا نس��اء‬ ‫ف��ي المناط��ق الت��ي ال يوج��د فيها‬ ‫مدارس‪،‬إضاف��ة إل��ى تأس��يس‬ ‫مشاريع عمل صغيرة لبعض النساء‬ ‫اللوات��ي فق��دن أعماله��ن ومعي��ل‬ ‫عائالته��ن‪ ،‬وتنظي��م ورش العمل‬ ‫المدن��ي ف��ي المجتمع��ات المحلية‬ ‫لتعري��ف الن��اس بأس��س العم��ل‬ ‫المدن��ي وأهميته وكون المرأة جزء‬ ‫منه‪ ،‬واألهم هو العمل على قضايا‬ ‫التثقي��ف والتوعية بحق��وق المرأة‬ ‫والطفل واإلنس��ان عموما‪ ،‬وأعتقد‬ ‫أن ع��دة تيارات ومؤسس��ات مجتمع‬ ‫مدني خاص��ة بالمرأة ب��رزت خالل‬ ‫الث��ورة‪ ،‬منها اس��تمر ومنه��ا انتهى‬ ‫بس��بب قضاي��ا التمويل م��ن جهة‪،‬‬ ‫وبس��بب ترهلها ودخول مؤسسيها‬ ‫ف��ي أم��راض التي��ارات السياس��ية‬ ‫المدني��ة األخ��رى المعروفة‪ ،‬وحتى‬ ‫اآلن ل��م يب��رز جس��م كبي��ر ومهم‬ ‫ممث��ل للم��رأة وقضاياه��ا بش��كل‬ ‫حقيقي‪ ،‬وألس��باب متعددة ال مجال‬ ‫لش��رحها‪ ،‬وم��ا زلن��ا نحت��اج الكثير‬ ‫لألسف‪.‬‬ ‫وح��ول كيفي��ة حماية النس��اء‬ ‫الالجئ��ات ف��ي المخيم��ات م��ن‬ ‫االستغالل أوضحت الدكتورة الحديد‬ ‫أن المرأة السورية الالجئة تعرضت‬ ‫لكثي��ر م��ن الضغوط��ات وحم�لات‬ ‫التشهير اإلعالمي المُنظمة بشكل‬ ‫مُمنه��ج للنيل م��ن كرامتها‪ ،‬والتي‬ ‫ربما كان��ت تلك أكث��ر القضايا ألمًا‬ ‫للمرأة الس��ورية الالجئة‪ ،‬ولذلك ال‬ ‫بدّ من مواجهة هذه الحمالت بوعي‬ ‫ومُكاش��فة وبتقدي��م معلوم��ات‬ ‫حقيقي��ة ع��ن أوضاعه��ا‪ ،‬وأكثر ما‬ ‫يحمي الالجئة هو تأمين احتياجاتها‬ ‫واالكتف��اء االقتص��ادي مم��ا يمن��ع‬ ‫اس��تغاللها مادي��ًا‪ ،‬وال يتم هذا عبر‬ ‫التبرع��ات فقط‪ ،‬بل من خالل إيجاد‬ ‫مشاريع عمل صغيرة تديرها المرأة‬ ‫وتكون جزءا منها‪.‬‬ ‫وقال��ت‪ :‬إن ه��ذه المش��اريع‬ ‫ستش��غل أوقاته��ن وتحق��ق له��ن‬ ‫حضور مميز في مجتمعهن‪ ،‬واألهم‬ ‫تحقق الكفاي��ة المادية لعائالتهن‪،‬‬ ‫إضاف��ة إل��ى تقديم برام��ج الدعم‬ ‫النفس��ي واالجتماع��ي لتتج��اوز‬ ‫الم��رأة وأطفاله��ا كل الصدم��ات‬ ‫واآلالم النفس��ية الت��ي تعرضت لها‬ ‫خالل رحل��ة لجوئها‪ ،‬وما ترتب على‬ ‫فقدانه��ا لمنزله��ا‪ ،‬وبيئتها األصلية‬ ‫وأحيان��ا كثي��رة أفراد م��ن عائلتها‪،‬‬ ‫وم��ن المه��م أيضا القي��ام بحمالت‬ ‫توعية بخصوص الصحة اإلنجابية‬ ‫وتحديد النسل‪ ،‬وقضايا التعامل مع‬ ‫األطفال ومش��كالتهم وغيرها مما‬ ‫تحتاج��ه العائلة ع��ادة‪ ،‬وما نتج من‬ ‫مشكالت عديدة ترتبت على اللجوء‬ ‫نفس��ه‪ ،‬وهذا يحتاج عمل مؤسسي‬ ‫منظ��م ومتواص��ل‪ ،‬ولي��س مجرد‬ ‫مبادرات فردية ال تفي بالغرض‪.‬‬

‫اكتفاء‬

‫أنفضُ الصال َة عن جسدي المُعبَّأ بالشهواتِ‪،‬‬ ‫آتيكِ مُنتَعِ ً‬ ‫ال رذا َذ طفولتي‪،‬‬ ‫الغيم تحتي إلاّ حيرَتي‬ ‫ال أُبصِرُ مِنَ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫واحتِفال الهاويَة‪.‬‬ ‫كالريح‪،‬‬ ‫المُتمايل‬ ‫خَصركِ‬ ‫أحبو إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫فيَنسَل مِنّي المَطر‬ ‫أرتَدي الغيمَ عبا َء ًة‬ ‫ويَصعَدُ صَوبَكِ مُمتلئًا َل ً‬ ‫هفة وشَبَق‪.‬‬ ‫أُلقي بظِلي في حُض ِنكِ‬ ‫حينَ يجتاحُكِ َ‬ ‫القمحُ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الحُلم وحدكِ‬ ‫وأحمِل عنكِ عنا َء المضيّ إلى‬ ‫ِ‬ ‫في َليلةٍ غابَ عنها َ‬ ‫القمرُ‪.‬‬

‫***‬ ‫ُ‬ ‫أنفضُ الصال َة عَن جَسدي المُعبّأ بالشهواتِ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫واكتِساب الخُلود‪،‬‬ ‫العتِناق األلوهَةِ‬ ‫حاجَة بي‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫المَشي‬ ‫مُدرَّبَة على‬ ‫ما دامَت أصابعي‬ ‫ِ‬

‫ياسر خنجر‬

‫َ‬ ‫شَهقتِكِ‪.‬‬ ‫إلى أسرا ِر‬ ‫صَدركِ‪،‬‬ ‫أكتَفي بالمَبيتِ عُمراً واحداً على‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫حيث تَرعى الظِبا ُء الكالمَ‬ ‫وتَقفِزُ مِن صَخرَةٍ إلى شَفتي‪،‬‬ ‫بالرماح تَحنُّ إلى َثق ِبها‪.‬‬ ‫غيرُ آ ِبهَةٍ‬ ‫ِ‬ ‫وأنا رَفيقُ الرُعاةِ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حيث اتّكأتُ أضا َء ليَ األفقُ حَرف ًا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫المُتعَبَة‪،‬‬ ‫ومالت على روحيَ‬ ‫ٌ‬ ‫َغ ٌ‬ ‫مُتعِبَة‪،‬‬ ‫يمَة‬ ‫ُ‬ ‫أبحَث عَن عُش��بَةٍ ألفيء‬ ‫فتِهتُ كم��ا الغَي��مُ‬ ‫إليها‬ ‫ُ‬ ‫عالِقةٍ في َ‬ ‫َ‬ ‫شَفتَيكِ‪.‬‬ ‫وما وَجَدتُ غيرَ أغنيَةٍ‬ ‫ُ‬ ‫األماكِن مَهجورَ ٌة وخرابُ‪،‬‬ ‫"ك ُّل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫غركِ"‪.‬‬ ‫إن لم تُؤثث بقبلةٍ مِن‬ ‫حمائِم ث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫أكتَفي بالمَبيتِ عُمراً‬ ‫صَدركِ‪،‬‬ ‫على‬ ‫ا‬ ‫واحِد‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫حَيث ترعى الظِبا ُء الكالمَ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وتَف َلتُ مِن َ‬ ‫فق السُنونوات‪.‬‬ ‫زُرقةِ األ ِ‬


‫املحامي �أنور البني ل�سوريتنا‬

‫املر�أة ال�سورية م�شارك حقيقي و�أ�سا�سي يف الثورة و�سيكون‬ ‫لها الدور الأ�سا�سي والفاعل يف بناء �سوريا اجلديدة‬ ‫حوار‪ :‬زليخة سالم‬

‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫الث��ورة أنثى‪ ،‬والحياة أنثى‪ ،‬ومن رحمها تولد‬ ‫الحياة‪ ،‬وهي األج��در بحياة تليق بتضحياتها منذ‬ ‫والدته��ا وحت��ى مماته��ا‪ ،‬الم��رأة الس��ورية التي‬ ‫قدم��ت الكثير الكثير للثورة‪ ،‬ب��دءاً من التظاهر‪،‬‬ ‫ولي��س انته��ا ًء بالم��وت تح��ت التعذي��ب‪ ،‬وقت��ل‬ ‫أوالده��ا أمام أعينها‪ ،‬ه��ي اآلن تتحمل فوق كل‬ ‫ه��ذا أعباء كبيرة ف��ي النزوح الداخل��ي‪ ،‬واللجوء‬ ‫إلى مخيمات الدول المجاورة‪ ،‬في لعب دور المرأة‬ ‫والرجل لحماية عائلتها وتأمين معيش��تهم‪ ،‬بعد‬ ‫أن فقدت الكثيرات منهن معيل أسرتها‪.‬‬ ‫تناق��ض كبير في مواقف الث��وار من المرأة‪،‬‬ ‫فمنهم م��ن آمن بدورها ليس ف��ي الثورة فقط‬ ‫بل ف��ي دوره��ا كش��ريكة فاعلة ف��ي المجتمع‪،‬‬ ‫ومنهم من يعلن ش��يء ويمارس��ه خ�لال حياته‬ ‫ش��يئاً آخر‪ ،‬والبعض م��ن مدّعي الث��ورة‪ ،‬مازال‬ ‫يرى في المرأة مجرد جارية في المنزل‪ ،‬إال أن ما‬ ‫حققته المرأة السورية في الثورة كخطوة مميزة‬ ‫لحضورها الفاعل‪ ،‬لن يستطيع أحداً إعادتها إلى‬ ‫ال��وراء على الرغم من أنها تحت��اج ثورات قادمة‬ ‫للوصول إلى حقوقها كاملة‪ ،‬كما ال يمكن العودة‬ ‫عن الثورة تمامًا‪.‬‬ ‫وحول دور الم��رأة بالثورة‪ ،‬وم��ا تعرضت له‬ ‫م��ن انته��اكات‪ ،‬وكيفي��ة حمايتها قانوني��اً‪ ،‬وفي‬ ‫مخيمات اللجوء‪ ،‬ودورها المجتمعي الالحق‪ ،‬قال‬ ‫المحام��ي ‪ /‬أنور البني ‪ /‬رئيس المركز الس��وري‬ ‫للدراس��ات واألبحاث القانونية‪ :‬للمرأة كان الدور‬ ‫األساس��ي ب��ل األهم بنض��وج وانط�لاق الثورة‬ ‫بس��وريا‪ .‬ويتوزع دورها بالثورة الس��ورية لعدة‬ ‫مح��اور‪ ،‬س��أذكرها دون الدخ��ول بتفاصيلها ألن‬ ‫ه��ذا ال��دور يحتاج لمجل��دات كبيرة‬ ‫ودراسة معمقة‪.‬‬ ‫قام��ت الم��رأة الس��ورية بدور‬ ‫والمحرض��ة‬ ‫والموجه��ة‬ ‫المربي��ة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والملهمة والمش��ا ِركة والمساعِدة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وقامت بهذا الدور بمختلف أش��كاله‬ ‫ب��كل اندف��اع وحم��اس م��ع كل ما‬ ‫خ ّلفت��ه ه��ذه الث��ورة م��ن آالم كان‬ ‫للم��رأة النصي��ب األكبر منه��ا ألنها‬ ‫األكث��ر حساس��ية وعاطف��ة‪ ،‬وكان‬ ‫الع��بء األكبر من لملم��ة اآلثار يقع‬ ‫على كاهله��ا‪ ،‬إن كان في المناطق‬ ‫الثائرة‪ ،‬أو المناطق التي انحس��رت‬ ‫عنها قوات النظام‪.‬‬ ‫ويختل��ف دور الم��رأة حس��ب‬ ‫موقعه��ا كأم وأخ��ت وابن��ة وزوجة‬ ‫وحبيب��ة‪ ،‬وف��ي كل مواقعه��ا كان‬ ‫للم��رأة الدور األساس��ي المش��ارك‬ ‫بفاعلي��ة و الداع��م والملهم‪ ،‬وكما‬ ‫قلت س��تحتاج لمجلدات كبيرة لتفي‬ ‫الم��رأة الس��ورية حقها ف��ي تاريخ‬ ‫الثورة السورية‪.‬‬ ‫وأض��اف المحام��ي البن��ي‪ :‬كما‬ ‫الرج��ال تعرض��ت المرأة الس��ورية‬ ‫لالعتقال‪ ،‬والتنكيل‪ ،‬والتعذيب بكل‬ ‫أنواعه من الضرب‪ ،‬والجلد‪ ,‬والشبح‪،‬‬

‫والكهرب��اء‪ ,‬ب��ل كان لالعتق��ال آث��ار مضاعف��ة‬ ‫على المرأة نس��بة إلى طبيعة جس��مها الجسمية‬ ‫والفيزيولوجي��ة‪ ،‬باإلضافة لموض��وع االغتصاب‬ ‫بممارس��ته أو التهديد به‪ ،‬وعانت المعتقالت من‬ ‫ظ��روف‪ ،‬االعتق��ال الس��يئة حيث ال يت��م تقديم‬ ‫أي احتياج��ات إنس��انية أو طبي��ة للمعتقالت‪ ،‬بل‬ ‫يتم حرمانهن منها بش��كل مقص��ود خاصة وأن‬ ‫للمعتقالت احتياجات تتعلق بكيانهم كأنثى أكثر‬ ‫من الرج��ال‪ ،‬وأحيانا يكون م��ع المعتقلة أطفال‬ ‫ورضَ��ع مع ما يرت��ب ذلك من معان��اة إضافية ال‬ ‫تحتمل وتنتقل هذه المعاناة مع المعتقالت حتى‬ ‫عندما يتم نقلهن لس��جون مدني��ة حيث ظروف‬ ‫الس��جن أفضل قلي�لا‪ ،‬فيكون وض��ع المعتقلين‬ ‫حينه��ا أفضل من وضع المعتقالت حيث تس��تمر‬ ‫معاناتهن بكل أش��كالها م��ع االحتياجات الخاصة‬ ‫واللباس واألطفال‪.‬‬ ‫ليس لدين��ا أرقام دقيقة ألع��داد المعتقالت‬ ‫ف��ي س��وريا‪ ،‬ولك��ن وحس��ب ش��هادات المف��رج‬ ‫عنه��ن م��ن الف��روع األمني��ة وأماك��ن االحتجاز‬ ‫والس��جون حول أع��داد المعتقالت ف��ي األماكن‬ ‫الت��ي كانوا فيه��ا نقدر العدد بما يتج��اوز الثالثة‬ ‫آالف معتقل��ة‪ ،‬وأتكلم هنا عن العدد في منطقة‬ ‫دمشق وس��جونها ومعتقالتها وليس لدينا أرقام‬ ‫عن المعتقالت ف��ي المحافظات األخرى‪ ،‬وإن كنا‬ ‫نقدر أرقامهم بما يوازي العدد الموجود بدمشق‬ ‫ومنطقتها‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬أعتقد أن الثورة ومنذ أيامها األولى قد‬ ‫حققت آثارها بالبني��ة المجتمعية وحررت المرأة‬ ‫السورية من كثير من القيود التي كبلتها لعقود‪،‬‬

‫من خ�لال مش��اركتها بفاعلية كبيرة وأساس��ية‬ ‫بالثورة جان��ب الرجل وبموازات��ه وبأحيان كثيرة‬ ‫متفوقة عليه‪ ،‬وأكد دوره��ا وعزز مكانتها ونقل‬ ‫مكانه��ا إلى مس��توى عال من المس��اواة الفعلية‬ ‫فكان��ت المتظاه��رة ف��ي الصف��وف األمامي��ة‪،‬‬ ‫واإلعالمي��ة الكفؤة‪ ،‬وناش��طة اإلغاث��ة الحنونة‪،‬‬ ‫والممرض��ة الرائع��ة‪ ،‬وقناة االتص��ال المأمونة‪،‬‬ ‫وحتى عندما أصبح السالح هو الوسيلة األساسية‬ ‫للدف��اع ع��ن النف��س ش��اركت المرأة الس��ورية‬ ‫بفاعلية وإن لم يكن ذلك بالقتال المباشر‪.‬‬ ‫وأعتق��د أنه مهما حاول البعض إعادة فرض‬ ‫س��يطرة المجتم��ع الذك��وري‪ ،‬أو الدين��ي‪ ،‬عل��ى‬ ‫المجتم��ع الس��وري‪ ،‬ف��إن ذلك س��يبوء بالفش��ل‬ ‫ألن الم��رأة حققت مكان��ا لم يعد يمك��ن العودة‬ ‫عنه ول��م يعد بإم��كان المجتمع الذك��وري إعادة‬ ‫فرض س��يطرته على المرأة بالش��كل الس��ابق‬ ‫ألنه��ا تح��ررت م��ن القي��د ول��م يع��د باإلم��كان‬ ‫إع��ادة تقييدها من جدي��د فالثورة قلب��ت البنية‬ ‫المجتمعية وغيرت المفاهي��م لألفضل ولم يعد‬ ‫هناك مجال للعودة للوراء أبدا‪.‬‬ ‫وأض��اف المحام��ي البني‪ :‬حماي��ة أي عنصر‬ ‫بالمجتم��ع يحت��اج لبيئ��ة قانوني��ة‪ ،‬والمش��كلة‬ ‫ف��ي مخيم��ات النزوح ال توج��د البيئ��ة القانونية‬ ‫والمرجعي��ة القضائي��ة للحماي��ة‪ ،‬فف��ي ظروف‬ ‫المخيم��ات في البل��دان المج��اورة غالبا ال تطبق‬ ‫الحماية القانونية للبل��د المضيف على النازحين‬ ‫لصعوب��ة ذلك م��ن كل النواحي‪ ،‬وأساس��ا لعدم‬ ‫وجود المناف��ذ واألذرع والس��لطات الكاملة للبلد‬ ‫المضيف على المخيمات‪ ،‬وتقتصر هذه السلطات‬ ‫على األمن خارج المخيم ولهذا يقع‬ ‫العبء أساسا على منظمات المجتمع‬ ‫المدن��ي‪ ،‬ومنظم��ات اإلغاث��ة التي‬ ‫تدخل المخيم��ات ولديها اإلمكانيات‬ ‫للوجود الحقيقي فيه��ا على القيام‬ ‫بم��ا يمكنها م��ن حماي��ة النازحين‬ ‫وخاص��ة األطف��ال والنس��اء من أي‬ ‫اعت��داء ويس��توجب ذل��ك تعاون��ا‬ ‫جدي��ا من س��لطات البل��د المضيف‬ ‫للتح��رك تنفيذي��ا وقضائي��ا عن��د‬ ‫طلب المنظمات ذلك وضبط حاالت‬ ‫االنته��اكات أو الجرائ��م التي تحدث‬ ‫هناك تحت أي مسمى‪.‬‬ ‫بالمحصل��ة الم��رأة الس��ورية‬ ‫ارتق��ت به��ذه الثورة م��ن مفهوم ‪/‬‬ ‫النسوان ‪ /‬االجتماعي الذي يعبر عن‬ ‫ضيق باألفق وتفاه��ة االهتمامات‪،‬‬ ‫إلى مفه��وم المرأة ال��ذي يعبر عن‬ ‫مفه��وم قانون��ي اجتماع��ي لكيان‬ ‫يتمتع ب��كل الحقوق ويقوم بكل ما‬ ‫يتوج��ب عليه ليثب��ت وأثبت للجميع‬ ‫أنه أكثر من نصف المجتمع فاعلية‪،‬‬ ‫وأنه مش��ارك حقيقي وأساسي في‬ ‫الثورة وس��يكون له الدور األساسي‬ ‫والفاعل ف��ي بناء س��وريا الجديدة‬ ‫الت��ي ل��ن تك��ون أب��دا ب��دون هذا‬ ‫الوجود الحقيقي والفاعل‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫�إىل ال�سوريات الرائعات‬ ‫رأيتهن‬ ‫هن‬ ‫ووجوههن الزرقاء المموهة‬ ‫والكدمات المخفية بين سيقانهن‬ ‫هن‬ ‫وكلماتهن الخرساء‪ ,‬وأحالمهن المسجونة‬ ‫هن‬ ‫وابتساماتهن الواهنة وأيديهن المرتجفة‪.‬‬ ‫رأيت‬ ‫تلك النساء‬ ‫يعبرن الشارع كأرواح حافية األقدام‬ ‫يلتفتن إلى الوراء‬ ‫خائفات أن تلحقهن أقدام العاصفة‬

‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪14‬‬

‫كسارقات القمر‬ ‫يعبرن متنكرات‬ ‫بنساء عاديات‬ ‫ال يثرن الشبهات‬ ‫سوى لمن‬ ‫يشبههن‪..‬‬ ‫بكي عليك‬ ‫يا إمرأة‬ ‫المليئة قمراً‬ ‫المليئة ماءاً‬ ‫المليئة انهاراً‬ ‫المليئة حقو ًال‬ ‫وأشجاراً‬ ‫أبكي‬ ‫على الماء الذي‬ ‫يملؤك‬ ‫على الريح التي تهب‬ ‫في صدرك‬ ‫على النيران التي‬ ‫تتأجج في خيالك‬ ‫أبكي على حنانك‬ ‫على رقتك‬ ‫أبكي على سذاجتك‬ ‫أبكي توقك للحرية‬ ‫أريد أن أكون امرأة‬ ‫عالمتها الفارقة‬ ‫ابتسامة أبدية على‬ ‫شفتيها‬

‫قبالت‬ ‫عذبة تقطر من‬ ‫شفاهها‬ ‫أريد أن أكون امرأة‬ ‫ال تجمع‬ ‫ال تطرح‬ ‫ال تضرب‬ ‫ال تقسم‬ ‫ال تكسر‬ ‫ال تمحى‬

‫مرام المصري‬

‫عدال ْة‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ذهب‬ ‫و�سن ْ‬ ‫هاال محمد‬ ‫مع ّل ٌ‬ ‫قة في الزَّمنْ‬ ‫يا أمي‪.‬‬ ‫هذه الحرب‬ ‫ذوّبتْ قلبيْ‪.‬‬ ‫ال أثر ليْ‬ ‫سوى ما ّ‬ ‫تبقى منْ دُعائك‬ ‫في الرّوحْ‪.‬‬ ‫دعاؤك‪..‬‬ ‫الذي ك ّلما متُّ‬ ‫أيقظني‬ ‫دعاؤك الذي بال انتباهٍ‬ ‫بال قصدٍ‬ ‫بعنايةٍ إلهيّةٍ‬ ‫بمحض صُدفة الرأفة بقلبي‬ ‫تتمرّغ حروفهُ‪..‬‬ ‫حرفاً حرفًا‬ ‫تَتَمرّى حُروفهُ‬ ‫حَرف ًا حَرف ًا‬ ‫بسنّك الذّهبْ‪.‬‬ ‫ك ّلما لمحتُ ذهبًا‬ ‫مرميًّا على صُدور النّساء‬ ‫منسيّاً في األصابع‬ ‫مُشرّداً في واجهات المَحلاّ ت‬ ‫مُشلش ً‬ ‫ال‪..‬‬ ‫كأجراس الكنائس‪..‬‬ ‫كال ّثريات في الجوامع الفقيرة‬ ‫يَتيماً في صُرر األعراس‬ ‫أد ّلهُ على شفاه األمهاتْ‪.‬‬ ‫هناكَ‪..‬‬ ‫ستسبكهُ الشفاهُ‬ ‫ً‬ ‫عدالة‬ ‫يا أمّي‪.‬‬


‫األقصّى من األرض‪ ،‬أو ربما ف��ي المغرب ْ‬ ‫في الشَّ��رق ْ‬ ‫األقصّى منها‪ .‬وفي‬ ‫إحدى س��هولها ووديانه��ا‪ ،‬أو ربما على إح��دى جبالها وهضابها‪ .‬نش��أت امرأة لم‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خشبي صغير‪ ،‬تلبس ما‬ ‫كوخ‬ ‫تُحدث أحدا ولم يُس��مع صوتها يوما‪ .‬ترعرعت في ٍ‬ ‫قصر رخامي كبير‪ ،‬ترتدي أنعم‬ ‫في‬ ‫ش��وهدت‬ ‫أنها‬ ‫قيل‬ ‫وقد‬ ‫الصوف‪،‬‬ ‫من‬ ‫خشِّ��ن‬ ‫ٍ‬ ‫ولسبب ما يجهله الجميع‪ .‬لقد‬ ‫الدهر‪،‬‬ ‫أبد‬ ‫حتى‬ ‫تصْمت‬ ‫أن‬ ‫اختارت‬ ‫قد‬ ‫كانت‬ ‫الحرير‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫جابت بقاع األرض من مش��رقها إلى مغربها‪ ،‬ومن ش��مالها إلى جنوبها‪ .‬فاختبرت‬ ‫برد الش��تاء القارص ولهيب الصيف الحارق‪ ،‬والتقت باإلنسان األبيض واإلنسان‬ ‫األس��ود‪ ،‬وتعرفت على آلهة الحاضر وآلهة الماض��ي‪ .‬وكانت كلما وصلت ً‬ ‫قرية أو‬

‫مدينة‪ ،‬تنطق حروفاً في كفيها ثم تحيكها بأصابعها لِتُمسي بذوراً تزرعها‪.‬‬ ‫ولمّا حانت س��اعة موتها‪ ،‬سقط من السماء وعلى كل بذرة زرعتها قطر ُة‬ ‫ٌ‬ ‫بثمار‬ ‫شفافة كالزُّجاج ال لون لها‪ ،‬ومكللة‬ ‫ما ٍء واحد ٌة فقط‪ ،‬فخرج منها أشجارٌ‬ ‫ٍ‬ ‫أن يأكل أحدهم منها حتى يُمس��ي الصِّدق صديق��ًا له ال يفارقه أبداً‪ .‬لقد‬ ‫ما ْ‬ ‫فارق��ت الحي��اة بعد أن زرعت أش��جار الصِّدق في ُك ِّل مكان‪ ،‬ف��ي مدنِ وقرى‬ ‫األرض جميعها‪ ،‬وبعملها فقط دون أن تحدث عن نفسها بشراً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫سوريا ‪ /‬ريف حلب ‪2012 /‬‬ ‫نصوص وتصوير‪ :‬باسل حسو دقق النص‪ :‬سيما نصّار‬

‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬

‫�أحـــرف‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫كاريكاتير العدد | الفنان عبد المهيمن بدوي‬

‫‪15‬‬


‫�أم يا�سني و�أم‬ ‫جعفر‬ ‫عامر محمد‬ ‫مبنية على أحداث جرت في الواقع مع‬ ‫بعض التعديل في األسماء‬

‫ملحق خاص بيوم المرأة السورية | ‪ / 8‬آذار ‪2014 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪16‬‬

‫تص��ل أم جعف��ر إل��ى القص��ر الجمه��وري‬ ‫ُ‬ ‫وجم��ل رنانة فك��رت بها‬ ‫بدمش��ق‪ ،‬أف��كار كثير‬ ‫أثن��اء الطريق الش��اق م��ن قل��ب العاصمة حتى‬ ‫قم��ة الجبل‪ ،‬كان��ت وصلت العاصم��ة قادمة من‬ ‫طرط��وس قبل يوم واح��د‪ ،‬أم جعفر لم تعد أمٌ‬ ‫لجعف��ر بعد الي��وم‪ ،‬بل أصبحت ثكل��ى الضابط‬ ‫ال��ذي قضى في معارك الب�لاد‪ ،‬قضى في درعا‪،‬‬ ‫كان م��ن الممك��ن أن ال تفكر في زي��ارة القصر‬ ‫الجمه��وري حتى لو كان جعف��ر هو ولدها الثاني‬ ‫بعد س��ليم الذي يس��قط أيضَا في آتون الحرب‪،‬‬ ‫لك��ن ما دفعها للتوجه إلى العاصمة وإلى القصر‬ ‫الجمهوري هو أن ش��عبة تجنيد "الشيخ مسكين"‬ ‫أبلغت ابنه��ا الثالث بض��رورة التحاق��ه بالجيش‬ ‫ف��وراً‪ ،‬كان ال بد لها من أن تتص��رف‪ ،‬فقررت أن‬ ‫تقابل أنيس��ة األس��د‪ ،‬قالت أم جعف��ر لمقربين‬ ‫منها "لق��د فقدت هي أيضًا ولدين وس��تفهمني‬ ‫وتريحني من احتمال فقدان الثالث"‪.‬‬ ‫في ظهيرة اليوم نفس��ه كان��ت أم آخرى قد‬ ‫وصل��ت إلى فرع األمن الج��وي في المزة‪ ،‬هذه ال‬ ‫تعل��م تماماً إن كان ولدها "ياس��ين" حيًا أم ميتاً‪،‬‬ ‫وال تعلم ً‬ ‫أص�لا إن كان في هذا الفرع ام ال‪ ،‬فقد‬ ‫ق��ررت زيارته بعد أن نش��رت تنس��يقيات قائمة‬ ‫أس��ماء كامل��ة قال��ت إنهم ش��وهدوا ف��ي الفرع‬ ‫منذ أي��ام وكتب ضمن القائمة "ياس��ين مجهول‬ ‫الكني��ة" أخبرته��ا ابن��ة اخيها فتوجه��ت إلى فرع‬ ‫الجوية تنتظر على بابه‪.‬‬ ‫عل��ى باب القصر الجمه��وري أبلغت أم جعفر‬ ‫الح��راس عن موعدها مع أنيس��ة األس��د‪ ،‬الموعد‬ ‫دبر عب��ر قراب��ات ش��تى أوصلته��ا لموافقة على‬ ‫المقابل��ة‪ ،‬الثكل��ى تدخل مترنحة لكن بش��يء ما‬ ‫م��ن األمل‪ ،‬لديها الكثير لتقولها للس��يدة األخرى‪،‬‬ ‫أُجلس��ت في به��و كبير وفاره‪ ،‬رس��م على بالطه‬ ‫لوح��ات وزخارف بش��كل يدوي‪ ،‬كان��ت قد تعرفت‬ ‫على نافورة الب��ركان‪ ،‬فقد تحدث عنها التلفزيون‬ ‫كثي��راً حين مات حافظ األس��د‪ ،‬هي تنتظر لحظة‬ ‫المقابلة مع الس��يدة التي أصرت أن تبقى األولى‪،‬‬ ‫كانت قد بدأت تطمئن أن ولدها س��ينجو وستنجو‬ ‫هي به‪ ،‬تأملت أم جعفر البهو‪ ،‬وذكرها ببهو بيتها‬ ‫نسبياً فأم جعفر تنتمي لعائلة ميسورة‪ ،‬لم تعرف‬ ‫العوز وتملك من األراضي والمواشي الكثير‪.‬‬ ‫عل��ى باب الجوي��ة كان النهار قد انتصف‪ ،‬أم‬ ‫ياسين ال تعرف من تسأل سوا جندي يكلمها من‬ ‫خل��ف متراس‪ ،‬تحكي له قص��ة ولدها فيقاطعها‬ ‫وال يود المتابعة‪ ،‬تكرر اسمه فيشيح بيده لها أن‬ ‫تنصرف‪ ،‬تبدأ رويداً رويداً بالدعاء له ثم الترجي‪،‬‬ ‫ف��ي لحظة يغضب الجن��دي ويرتبك ويطلب منه‬

‫اإلبتع��اد‪ ،‬تُفت��ح‬ ‫األب��واب المصفح��ة‬ ‫وينتش��ر جن��ود كثر‬ ‫م��ا كان للناظ��ر من‬ ‫خ��ارج المتاري��س‬ ‫أن يع��ي عدده��م‬ ‫خلف��ه‪ ،‬ته��رول أم‬ ‫ياس��ين قلي�ل ً‬ ‫ا وال‬ ‫تس��عفها س��رعتها‬ ‫على االبتعاد بالقدر‬ ‫الكاف��ي‪ ،‬تخ��رج‬ ‫س��يارات بزج��اج‬ ‫أس��ود‪ ،‬ه��و ضابط‬ ‫كبي��ر خ��رج للتو من‬ ‫الفرع‪ ،‬لم يعد أحد ينتبه ألم ياس��ين التي وقعت‬ ‫أرض��ًا‪ ،‬يم��رّ الموكب ويع��ود الجنود إل��ى الفرع‬ ‫الذي بات ثكنة‪ ،‬وتكرر أم ياسين التراتبية ذاتها‪،‬‬ ‫رواية القص��ة للجندي الذي تغير‪ ،‬تكرار األس��م‬ ‫ثم الدعاء فالترجي والبكاء‪.‬‬ ‫في القص��ر‪ ،‬تصل صبية أنيقة وممش��وقة‬ ‫القوام إلى البهو حيث تنتظر أم جعفر‪ ،‬الموظفة‬ ‫تنق��ل خطاه��ا بالكثير م��ن الرصان��ة واألنوثة‪،‬‬ ‫ال وتهبط قلي ً‬ ‫تنورته��ا ترتف��ع قلي ً‬ ‫ال كاش��فة عن‬ ‫ركبتيه��ا‪ ،‬أم جعف��ر تنظ��ر ف��ي عيونه��ا وه��ي‬ ‫مقبلة إليها والثانية تقوم بالمثل‪ ،‬إلى أن تصبح‬ ‫المس��افة جيدة لكليهما لب��دء الحديث‪ ،‬الموظفة‬ ‫تبتس��م ألم جعف��ر وترح��ب بها‪ ،‬ث��م تخبرها ما‬ ‫ل��م يكن متوقع��اً‪ ،‬الس��يدة األولى لن تس��تطيع‬ ‫مقابلته��ا‪ ،‬وهذه الصبي��ة األنيقة أًرس��لت لنقل‬ ‫ش��كواها‪ ،‬ترفض أم جعفر ه��ذا التحول‪ ،‬وتصر‬ ‫عل��ى مقابل��ة األولى‪ ،‬الموظفة تح��اول أن تكرر‬ ‫الفكرة‪ ،‬لن تقابلي الس��يدة األولى بل ستقابلين‬ ‫مندوبة عنها‪.‬‬ ‫طالما تغنت أم ياس��ين بحدسها النادر‪ ،‬فهي‬ ‫تق��ول عن نفس��ها أنها تش��عر بما ه��و آت‪ ،‬يوم‬ ‫غاب ياس��ين شعرت صباحًا بانقباض في القلب‪،‬‬ ‫انقب��اضُ ال يصيبه��ا إال قب��ل المصائب‪ ،‬فكانت‬ ‫مصيبة‪ ،‬اعتقل الفتى ابن الس��ابعة عش��رة من‬ ‫قه��وة في دمش��ق القديمة‪ ،‬علم��ت فيما بعد أن‬ ‫زميل��ه دسّ علي��ه‪ ،‬ولم تعلم بعد مضي أش��هر‬ ‫أربع��ة عنه أي خب��ر‪ ،‬والي��وم أمام ف��رع الجوية‬ ‫تشعر بانقباض مماثل لذاك‪ ،‬هل يكون قد مات؟‬ ‫ه��ل تفصلها ه��ذا الجدران العالي��ة عنه؟ أو عن‬ ‫جثته؟ ه��ي لم تأتي لتراه الي��وم‪ ،‬تدرك أن ذلك‬ ‫مستحيل بل أتت فقط لتعرف إن كان حيًا فيه‪.‬‬ ‫ف��ي القص��ر ع��ادت الموظف��ة إلى الس��يدة‬

‫األول��ى م��ن جدي��د لتبلغه��ا برغب��ة أم جعف��ر‬ ‫بمقابلته��ا‪ ،‬أم جعفر في البهو وق��د بدأ الغضب‬ ‫يعتريها‪ ،‬تعود الموظفة حاملة بشرى ألم جعفر‪،‬‬ ‫"هذه ورقة‪ ،‬أكتبي رس��الة للسيدة" كان صبر أم‬ ‫جعف��ر ق��د نفذ ولم تع��د تفكر في ابنه��ا الثالث‬ ‫بل بش��هيديها اللذان قضيا‪ ،‬أل��م يموتا من أجل‬ ‫من في ه��ذا القصر؟ قالت أم جعفر هذه العبارة‬ ‫ف��دوّت في عموم القصر‪ ،‬لمن ماتا؟ أال اس��تحق‬ ‫خم��س دقائق من وق��ت معاليه��ا؟ الموظفة لم‬ ‫تنبس ببنت ش��فة‪ ،‬فيما فاضت أم جعفر بما في‬ ‫قلبها حين مُنعت عن ما قال التلفزيون الرسمي‬ ‫إنه حقها كأم لشهيديين‪ ،‬لم ترد عليها الموظفة‬ ‫وقدم��ت عرضًا جدي��داً "أمرت الس��يدة لك بمبلغ‬ ‫ملي��ون لي��رة" كان��ت أم جعفر هادئ��ة حتى تلك‬ ‫اللحظة‪ ،‬وفي ما قبلها كانت تبحث عن التقدير ال‬ ‫عن اإلهانة كما فس��رت العرض األخير‪ ،‬صرخت‬ ‫وبكت وقالت م��ا ال يُنجي في القصر الكبير‪ ،‬ثم‬ ‫سيقت خارجه ورميت إال قليال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫على باب الجوي��ة ال يختلف الدمع كثيرا لكن‬ ‫ال صراخ مس��موع فيه‪ ،‬هو مكب��وت تملئه حرقة‬ ‫المظل��وم‪" ،‬فق��ط أري��د أن أع��رف إذا كان حيّاً"‬ ‫تقول أم ياس��ين للجندي الذي ب��دل النوبة وحل‬ ‫محل الس��ابق "أكشف لي عن اسمه في الداخل‪،‬‬ ‫أعلمني هل أقيم مجلس عزاء"‪.‬‬ ‫يق��ال أن أم جعف��ر هرّب��ت ولده��ا الثال��ث‬ ‫إل��ى لبن��ان ومنه إل��ى بل��د غربي‪ ،‬ويق��ال أيضَا‬ ‫أن أم ياس��ين زارت الجوي��ة والسياس��ية واألمن‬ ‫العس��كري ومكتب المصالح��ة الوطنية ومجلس‬ ‫الش��عب‪ ،‬فيم��ا زارت أم جعف��ر بش��كل منتظم‬ ‫قبر جعفر وس��ليم وص ّلت لهم��ا‪ ،‬متمتعة بنعمة‬ ‫امت�لاك قبر لولد حملته صغي��راً ولم يحملها في‬ ‫كبرها‪ ،‬أم ياس��ين ال تزال تبحث عن ياسين‪ ،‬وأم‬ ‫جعفر ال تزال تسأل لماذا مات ولديّ معًا‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.