ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 /
أسبوعية
تصدر عن شباب سوري مستقل
1
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل 2
لم تنفصل المرأة الس��ورية ع��ن مجتمعها وتطور الحرك��ة فيه خ�لال التاري��خ ،وكان لها األث��ر الواضح والفع��ال في كل مناح��ي الحياة ،ولي��س كما صورته لنا بع��ض األعمال الدرامية التي ش��وهت دور المرأة، فعرف��ت س��وريا من أوائل الق��رن الفائ��ت العديد من النس��وة الالئي أس��همن في تطوير المجتمع السوري ونهضته ،وكنّ من الرائدات حتى على الصعيد العربي ف��ي الح��ركات المدني��ة والنس��وية وحتى السياس��ية واالجتماعية. والي��وم وف��ي ظل الثورة الس��ورية ،ب��رزت المرأة بش��كل كبير بال��دور الفاع��ل والمتفاعل م��ع الحراك الس��لمي ،ولعبت ع��دداً من األدوار التي كانت تش��كل تحدي�� ًا في بع��ض المجتمعات المغلقة ،فكان لنس��وة األري��اف والم��دن الصغي��رة كبي��ر األث��ر عل��ى الثورة الس��ورية ،م��ن خ�لال مس��اهمتهن ف��ي التنظي��م والتظاه��ر واإلس��عافات وجم��ع المعون��ات والتبرعات وحت��ى حماي��ة المتظاهرين من الرج��ال في كثير من األحي��ان أيض��اً ،وقد س��بقن في عملهن نس��اء المدن الكب��رى أنفس��هن ،والالئ��ي اعتدن أن ينظ��رن إليهن على أنهن نس��اء منغلقات أو أميات وغير قادرات على التفاع��ل م��ع المجتم��ع والتأثير به بأكث��ر من كونهن أمه��ات وزوجات ،فك��نّ ه��نَ الحافز والقدوة لنس��اء المدن الكبرى لش��د عزائمهن وتحفيزهن ،فش��اركت النس��اء السوريات بكافة أطيافهن في الثورة كاسراتٍ للص��ورة النمطية التي اعتاد المجتم��ع حصرهن بها، وتحدين أعتى أشكال العنف والقهر بشجاعةٍ تضاهي شجاعة الرجال وربما تتجاوزها في بعض األحيان.. فالسوريات هنَّ الجميالت.. فريق سوريتنا
الثورة مواطن قبل �أن تكون �أنثى ديمة ونوس
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية
عل��ى بعضهم اآلخ��ر .لم يعد ابن دمش��ق ه��و مح��ور الك��ون .وإب��ن إدلب ب��ات يفخر بمنطقت��ه .س��اهمت الث��ورة بتضييق حيّز التنمي��ط .لم يعد الدمش��قي مج��رّد تاجر انته��ازي والحموي ليس مج��رّد "اخونجي" واإلدلب��ي ليس مغتصب موتور والس��احلي لي��س ش��بيح والدرع��اوي لي��س "حوراني�� ًا متخلف��ًا ،رجعي��اً" .الثورة جعلت الس��وريين يعرفون بعضهم البعض عن قرب .جعلتهم يتفاج��ؤون ببعضه��م البع��ض وكأنهم لم يعيشوا في البلد ذاته سنوات طويلة. الم��رأة ج��زء أساس��ي من ذل��ك التغيير ومن تلك الثورة .وأقترح للملف هذا ،محاور مختلف��ة ،أكثر واقعي��ة ،تتجنب الش��عارات المباشرة والخوض في اإليديولوجيا .الثورة استطاعت في سنوات ثالث ،أن تعيد للمرأة حقوقه��ا ،في حين فش��لت تل��ك الجمعيات النس��ائية على مرّ سنوات طويلة في إعادة ول��و جزء بس��يط م��ن تل��ك الحق��وق .في الث��ورة ،المرأة لم تكن مج��رد تابع أو طرف ضعي��ف ومغل��وب على أم��ره .ف��ي الثورة، عادت المرأة السورية إلى مكانها الطبيعي، كأم وأخت وصديقة وثائرة ومعيلة وسجينة ومختطف��ة ومطلوب��ة .مثلها مث��ل الرجل، مثل معظم الش��عب الس��وري .المرأة باتت ج��زءا من الكل .مواطنة بي��ن مجموعة من المواطني��ن .من غي��ر المنطق��ي أن نؤطر الم��رأة بعد س��نوات ث�لاث من ه��ذا الدمار والقت��ل اليومي والخس��ارات الفادحة دفاع ًا عن الحرية .ليس��ت المرأة قضية س�لام وال مجرّد فطرة وال حتى استثمار .المرأة كائن موج��ود مثلها مث��ل الرجل .دفع��ت األثمان
تصدر عن شباب سوري مستقل
عندم��ا وصلتن��ي المح��اور المخصص��ة لالحتفال بي��وم المرأة العالمي ،والمرأة الس��ورية بش��كل خاص ،أصابني ارتباك ونفور ربما. (فط��رة المرأة في صناعة الس�لام. دور المرأة ف��ي الثورات .هل تحقق الث��ورات للم��رأة حقوقه��ا ودوره��ا كش��ريك ف��ي الوط��ن مثلم��ا كان دورها شريكًا في الثورة .المرأة بين اس��ترجاع الحقوق واستثمارها.).... وجدت أن المح��اور تلك ،ربما كانت تصل��ح قبل الث��ورة ولي��س بعدها بالتأكي��د .ل��م يع��د ثم��ة متس��ع للشعارات والعبارات الرنانة .لم تعد الم��رأة ،قضية نقاش ف��ي الندوات والمؤتم��رات .وربم��ا ه��ي لم تكن يوم�� ًا تلك القضية الت��ي يضعونها عل��ى طاول��ة مس��تديرة ف��ي قاعة فن��دق أو مرك��ز ثقاف��ي ويروحون يناقش��ون ش��ؤونها ويب��دون الرأي في مصيرها ،ف��ي حين تكون تلك الم��رأة ،غائبة وغير موج��ودة .هذا م��ا كان يح��دث عل��ى م��رّ س��نوات ف��ي س��ورية .تجتم��ع الجمعي��ات النسائية المكوّنة من نساء يعملن ف��ي "الش��أن الع��ام" ،ويتح��اورن في ش��ؤون الم��رأة الس��ورية المس��حوقة، وبضرورة توعيته��ا وتمكينها .ف��ي الواقع، كان يغي��ب ع��ن تل��ك الجمعي��ات وعن تلك النس��اء المدافع��ات بشراس��ة ع��ن حق��وق المرأة ،أمران مهمّان ال يجوز تجاهلهما. األول ،أن حق��وق الم��رأة المقموع��ة والمسحوقة ،ال تتجزأ عن حقوق "المواطن" المقموع والمسحوق .لم تكن المرأة مهمّشة ف��ي بل��د ديمقراط��ي وح��رّ ،وال يمكنها أن تك��ون كذل��ك أص�ل ً ا ف��ي بل��د ديمقراط��ي يحترم حقوق اإلنس��ان .في س��ورية ،المرأة كانت مس��حوقة مثلها مثل الرجل ،مثل كل "المواطني��ن" .كان��ت تتع��رّض لعن��ف عام يصي��ب الجمي��ع .كي��ف نس��تطيع المطالبة بحري��ة المرأة ف��ي الوقت ال��ذي نعيش فيه في بل��د ال نمتلك فيه الرصيف وال البيت وال الفضاء العام وال أنفسنا ربما. األم��ر الثاني ،هو أن قضية المرأة كانت تناق��ش في ّ ظ��ل جهل خان��ق وقلة معرفة بتلك المرأة .إذ ال يمكن للمرأة الس��ورية أن تختص��ر بقضية .فات تل��ك الجمعيات ومن يرعاه��ا ،معرفة المرأة الس��ورية عن قرب. وهذا أيض ًا لم يقتصر على المرأة .بل على المجتمع السوري ككل .إبن دمشق ال يعرف شيئًا عن إبن درعا أو حمص أو طرطوس أو الرقة أو الدير والعكس صحيح .لكل مدينة ومنطقة س��ورية ،خصوصيتها .ولكل امرأة تعيش هناك ،حاجاتها وطباعها ومش��اكلها وأحالمها. الث��ورة الس��ورية التي س��تبلغ بعد أيام عامه��ا الثال��ث ،عرّفت الس��وريين بعضهم
ذاته��ا ودافعت ع��ن القضي��ة ذاتها وفق��دت إبن��اً ل��ه أب أيضاً .ننس��ى ربما أن القتيل له أب وأم .فنختصر القضية بأم ثكل��ى وبذلك ننتقص من قيمة المرأة في الواقع ونجعلها سلعة لتسويق قضيتنا وثورتنا. في الوقت ذاته ،ال يمكن تجاهل أم��راً أساس��ياً وه��و أن الم��رأة في الثورة الس��ورية ل��م تفاجئ الرجل فحس��ب ،ب��ل فاج��أت غيره��ا م��ن النساء وبعضهن حملوا في السابق راي��ة الدف��اع ع��ن حق��وق الم��رأة، ف��ي حين نراه��نّ الي��وم مختبئات ف��ي بيوته��ن ،صامت��ات ،عاج��زات ع��ن المش��اركة .ثمة ام��رأة فقدت ابنه��ا المقاتل في صف��وف الجيش الحر أو الناش��ط المدني والس��لمي أو المداف��ع عن ش��عارات الث��ورة أو المغيث والمس��عف .وثم��ة أم أخرى فق��دت ابنه��ا المقاتل ف��ي صفوف الجي��ش النظام��ي ،المداف��ع ع��ن قضية بقاء ،ال��ذي فقد حياته ألجل بقاء شخص واحد في منصبه .األم أم ،موالية كانت أم معارضة .المرأة ال تتج��زأ مش��اعر األموم��ة لديه��ا، حرّة كانت أم مسحوقة .هناك رزان زيتونة وس��ميرة الخلي��ل وغيره��ن كث��ر .وهن��اك أيض�� ًا الش��بيحة التي اخت��ارت الوقوف على الحاجز مس��تخدمة سلطة السالح والتشبيح لترهي��ب المواطني��ن .مثله��ا مث��ل الرجل، المرأة السورية اختارت وخاضت في خيارها حتى النهاية .نس��اء دوما مث ً ال كن كرجالها. فتحن بيوتهن لحماية الثوار وش��اركن قدر اس��تطاعتهن في عمليات اإلغاثة وإس��عاف الجرح��ى رغماً عن أن��ف الحصار والتضييق والقصف والتدمير والقتل .المرأة الس��ورية التي ش��اركت في الثورة وظ ّلت في الداخل، تخ ّلت عن مش��اعرها وقاس��ت لتتغلب على طبيعته��ا المرهف��ة والمس��المة .لمح��ت الم��وت وعاش��ت مع��ه .رأت لحم��اً متطايراً ودماء تنزف من ثقوب تمأل األجس��اد .دفنت أحبابها وأش��خاص ًا ال تعرفه��م ،لكنها تعرف أنه��م يمثلونه��ا وأنها تمثله��م .تحولت إلى أم وأب وأخ ف��ي غياب معيل األس��رة .فقدت بيته��ا وهجّ��رت من منطقتها وس��كنت في خيم��ة ورأت أوالده��ا يتكتك��ون م��ن البرد، وربما فقدت أحدهم بع��د التهاب رئوي حاد بسبب األمطار والثلوج وقلة المواد واألدوية الضرورية .أو بسبب الجوع! ه��ذه هي المرأة الس��ورية .وأي عبارات أخرى ليست سوى محاوالت ضحلة لتسويق الثورة والقضية .ليس��ت الثورة أنثى كما أن المرأة ليس��ت مجرّد أنث��ى .المرأة ،مواطنة قبل أي شيء آخر .وال يعيب الثورة أن تكون رج�ل ً ا .الث��ورة وطن جديد لكل الس��وريين، رجا ً ال ونساء على السواء.
3
املر�أة ال�سورية بني مطرقة النظام و�سندان اللجوء والإ�شاعات
زليخة سالم
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل 4
أس��اليب وممارس��ات عدي��دة اتبعه��ا النظ��ام وموالي��ه ف��ي الداخ��ل والخ��ارج لتش��ويه صورة الم��رأة الس��ورية الثائرة، لتخويفه��ا ودفعها للتراجع عن المش��اركة في الث��ورة ،أو دعمه��ا ،وتخوي��ف عائلتها وبيئته��ا ،ودفعه��م لمنعها من المش��اركة حرصاً على ش��رف العائل��ة /الذي يقتصر في المجتمعات الشرقية على جسد المرأة ./ ول��م يكت��ف النظ��ام باعتقال النس��اء وقتله��ن تح��ت التعذي��ب ف��ي زنازين��ه، واغتصابه��ن ،ومالحقته��ن وأس��رهن، واتهامه��ن بجه��اد الن��كاح وغي��ره م��ن األس��اليب القذرة ،واس��تخدامهن كوسيلة ضغط عل��ى الثائرين ،بمس��اعده الكتائب المتشددة الموالية له مثل داعش والنصرة أخواته��ا ،ب��ل تعداه��ا إل��ى خ��ارج الحدود وتحدي��داً إلى مخيمات اللجوء ،حيث س��لط إعالمه ومواليه على بث اإلشاعات الكاذبة والمضلل��ة ح��ول أوضاع الالجئ��ات ،وحول تعرضهن لالغتصاب ،وعملهن في الدعارة في الدول المجاورة التي لجأوا لها ،وأضافت فت��اوى بع��ض مم��ن يس��مون أنفس��هم رجال دي��ن ،والت��ي تدعو إلى ال��زواج من الفتيات السوريات لسترتهن ،وكأنهن سلع معروضة للبيع ،للصورة قتامة أكثر. بعد شهرين أو ثالثة من لجوء األهالي إل��ى تركي��ا أش��اع النظ��ام عب��ر وس��ائله اإلعالمي��ة (المخابراتي��ة) ع��ن والدات غي��ر ش��رعية ف��ي المخي��م ،وأن األهالي يمارس��ون تج��ارة بي��ع بناته��م القص��ر، وغيره��ا من اإلش��اعات التي ال تختلف عن الهجمة الشرس��ة التي تتعرض لها النساء الس��وريات في مناط��ق اللجوء من��ذ أكثر من عام حول موضوع االستغالل الجنسي والتح��رش ،ف��ي ظ��ل العج��ز الدول��ي، والمنظمات المعنية عن حماية الالجئين. ولم تقتصر معاناة النس��اء في الداخل على انتهاكات النظام ،بل امتدت لتطالهن ف��ي المناط��ق التي م��ن المفت��رض أنها محررة حيث مارست كل من داعش وجبهة النص��رة ذراع��ا النظ��ام كل أن��واع القم��ع والمالحقة والخط��ف ،وتقييد حريتهن في التعلي��م والعم��ل واللب��اس بحج��ج دينية مختلفة تعيدهن إلى العصور الظالمية. م��ا تواجه��ه النس��اء الس��وريات ف��ي الداخ��ل ،وف��ي مخيمات اللج��وء في الدول المج��اورة ،تنوء ع��ن حمله الجب��ال ،وهن يتعرضن لص��ور متعددة من االس��تغالل، يت��م التعتي��م علي��ه بتضخي��م موض��وع االس��تغالل الجنسي والتحرش على الرغم من خطورته ،وبش��اعته ،وإبرازه كظاهرة
تتعرض لها كل النساء. وكثر الحدي��ث ع��ن زواج قاصرات من الالجئ��ات ف��ي المخيم��ات عبر وس��طاء أو الخاطب��ات اللوات��ي ازده��ر عمله��ن هذه األيام ،وهي أش��به بصفقات بي��ع ألثرياء م��ن ال��دول العربي��ة ،دفع��ت الناش��طين إل��ى تنظي��م حملة عب��ر مواق��ع التواصل االجتماع��ي بعن��وان (الجئ��ات ال س��بايا) لنش��ر الوعي بي��ن األهال��ي وإليقاف هذه التصرف��ات التي تعتبر من أبش��ع وس��ائل االس��تغالل ،ألنها تس��تغل ظ��روف الفتاة أو عائلته��ا المادي��ة ،علم��اً أن العدي��د من الناشطين أن الموضوع برمته مبالغ فيه. وللوق��وف على حقيقة أوضاع النس��اء ف��ي مخيمات اللج��وء قالت /ريم رش��اد / من مرك��ز توثيق االنتهاكات في س��ورية لجري��دة س��وريتنا :حول أه��م الصعوبات الت��ي تواجهها المرأة ف��ي مخيمات اللجوء: مجرد الس��كن في خيمة هو ش��عور كامل بالقه��ر ينته��ك كل خصوصي��ة وأم��ان واس��تقرار فالخيم��ة ال ت��زرع أي ش��عور بال��دفء واالس��تقرار ،وقل��ة المي��اه وعم وجود صنابير تس��هل عملية اس��تخدامها، ما يف��رض على النس��اء غس��ل المالبس باليدين ،واالس��تعانة باألس��اليب البدائية لعملية الغسيل والجلي. وع��ادة الخيم��ة العش��وائية تض��م عائلتي��ن ،وه��ذا يقضي عل��ى كل معاني الخصوصي��ة ،بالرغ��م من أنه��م ينتمون لعائل��ة واح��دة كم��ا ل��و كان��ت العائلت��ان تتكون��ان من أخان وزوجتاهم��ا وأبنائهما، إضاف��ة إل��ى اضط��رار النس��اء للطب��خ المش��ترك بينه��ا وبي��ن باق��ي المخي��م، وتعرضه��ا لبعض األمراض بس��بب مرور الص��رف الصحي ف��ي بع��ض األحيان من جانب المخيم ،وتعرضها للروائح الكريهة وأضاف��ت :الغالبية الكبرى من النس��اء يبحث��ن ع��ن أي عمل ,كالعم��ل في خدمة البي��وت ،أو تعبئ��ة البضائع ف��ي المعامل، والت��ي تتقاض��ى مقابل��ه أجراً زهي��داً ،ال يكف��ي لس��د رمق الج��وع ،هذا م��ع وجود أعداد كبيرة منهن ال يجدن عمال ،مع العلم أن المخيم��ات العش��وائية ليس��ت مجانية، وإنم��ا يق��وم الالج��ئ القاطن فيه��ا بدفع أجرة األرض ودفع تكلف��ة الخيمة ،إضافة إل��ى فواتير الكهرباء ،والمول��د الكهربائي كما ه��ي العادة ف��ي لبنان بس��بب نقص الكهرب��اء فيه��ا ،ودف��ع تكلفة اس��تهالكه للمياه والمصروف اليومي ،عدا عن صعوبة ال��والدة والنفاس في خيم��ة قد تحوي في بعض األحيان الفئران والحشرات.
وحول صور االس��تغالل التي تتعرض لها النساء قالت رشاد :يؤسفني أن أخبرك بحقيقة مرة وهي أول صورة لالس��تغالل تنبع من األهالي أنفس��هم ،حيث يقومون بتزوي��ج بناته��م الصغي��رات في الس��ن، ألي ش��خص مقت��در مهما بلغ م��ن العمر، وبأغل��ب األحيان تعود الفت��اة مطلقة بعد فت��رة قصيرة ،وبكثير من األحيان ال يكون زواجها نظاميا لدى المحكمة ،الن القاضي يك��ون قد رف��ض ال��زواج لعدم التناس��ب والتوافق. الص��ورة األخرى اس��تغاللها بالعمالة، حي��ث يت��م تش��غيلها بخدم��ة البي��وت أو الزراعة مقابل مبالغ مادية بسيطة جدا ال تس��د رمق الجوع ،باإلضاف��ة إلى تعرضها للتحرش ببعض األحيان. وحول س��بل مواجهة اس��تغالل النساء قال��ت :التوعي��ة ب��رأي ه��ي أهم وس��يلة وطريقة لمواجهة استغالل النساء ،القيام بحم�لات توعي��ة للحف��اظ عل��ى حق��وق الم��رأة وعدم التخلي عنه��ا ،ويجب تحميل المسؤولين عن المخيمات ،تلك المسؤولية لتقصي��ره باإلش��راف عليه��ا ،ألن��ه أصبح في موقع يش��به موقع المخت��ار فيجب أن، يتول��ى التقصي عن أمور اإلس��اءة للمرأة وعدم السماح بذلك ،وربما ببعض األحيان يتوجب عليه التبليغ عن أي اضطهاد ضدها حتى لو كان من األهل أنفسهم. واختتمت ريم رش��اد بدعوة المنظمات الت��ي تعن��ى بحق��وق الم��رأة للتح��رك بسرعة ،وتقديم الدعم النفسي والروحي واالجتماعي للنساء الالجئات. ورغم محدودية الحاالت التي وثقت في مجال التحرش الجنسي من قبل المنظمات الدولي��ة ،حي��ث أوردت منظم��ة هيوم��ن رايت��س ووتش ف��ي تقرير س��ابق لها 12 ش��هادة لنس��اء أك��دن تعرضه��ن لتحرش ومالحق��ات وضغ��وط للقي��ام بعالق��ات جنس��ية ،وإنهن لم يتقدمن بشكوى لعدم ثقتهن بأن السلطات المحلية ستقدم على أي ش��يء إزاء هذا الوض��ع ،ولخوفهن من االعتقال ألنه��ن ال يملكن أوراق��ا ثبوتية، ف��إن بعض الناش��طين المدنيين يؤكدون أن ح��االت كثي��رة م��ن التح��رش ال تعل��ن النس��اء عنها خوف ًا على س��معتها في بيئة اجتماعية ال ترحم. وحول هذه النقطة قال اإلعالمي مالك أبو خير لسوريتنا: هناك اس��تغالل جنس��ي يحصل بحق النس��اء ف��ي المخيم��ات وهذا أم��ر يحدث، لك��ن ال يمكن إحصائ��ه ،وال تقديم دالئل
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل
واضحة ،ألن النس��اء ال يتحدثن عما يحدث معهن بس��بب طبيعة مجتمعنا الش��رقي، وإذا تحدث��ت إحداه��ن عن ه��ذا الموضوع فه��ي تقول��ه بش��كل خجول ولي��س أمام اإلعالم بالرغم من أنها ضحية. المؤلم في هذا الموضوع هو استخدام بعض الجمعيات لحاجات النساء من طعام ألطفاله��م بإجبارهم عل��ى التصوير أمام الكاميرا مقابل الحصول على الغذاء، ورأى اإلعالم��ي أبو خير :أن الوس��ائل الممكن��ة لحماي��ة النس��اء ف��ي مخيم��ات اللجوء هو تواف��ر الضمير العالمي لحماية الس��وريين م��ن القت��ل ،ووق��ف تدفقهم إل��ى المخيم��ات ،وإيج��اد ح��ل لم��ا يحدث في س��وريا أوال ،وثانيا إش��راف المنظمات الدولي��ة المعت��رف به��ا عالمي��اً على وضع المخيم��ات وإنهاء حالة اإلهمال المقصودة م��ن المجتم��ع الدول��ي تج��اه النازحي��ن وتركهن لذئاب الجمعيات التي منها لألسف إس�لامية ،تعم��ل عل��ى المتاج��رة بق��وت الالجئي��ن وحاجاته��م ،وطبعا ه��ذا الكالم ال يش��مل كل الجمعيات فمنه��ا من يقوم بعمله بشكل أفضل من منظمات المجتمع الدولي. ومن جان��ب آخ��ر أثيرت ظاه��رة زواج القاص��رات م��ن الالجئ��ات الس��وريات من رج��ال مس��نين ف��ي الوس��ائل اإلعالمية، التي س��لطت الضوء عليها بطرق مختلفة منها أشبه بالتشهير ،وكثير منها كمشكلة تس��توجب تضافر الجه��ود ،وأطلقت عليها صحيفة ديلي تلغ��راف البريطانية صفة / دعارة /و /بيع تحت غطاء الزواج ./ وتناول��ت الوس��ائل اإلعالمي��ة قصص ًا مؤلمة عن استغالل حاجة السوريات ،حيث نقل��ت إحداها عن المجلس القومي للمرأة ف��ي مصر ،الذي س��جل 12ألف حالة زواج خ�لال ع��ام بين الجئ��ات س��وريات ورجال مصريي��ن ،أن من��ادي يق��ف في المس��جد ليدع��و الرجال المس��لمين مم��ن يحب أن يت��زوج فت��اة س��ورية ،بمه��ر قيمت��ه عدة جنيهات ،ش��رط توفير المس��كن والمأكل والملبس وضرورات الحياة لها. وف��ي األردن تق��ف ث�لاث الجئ��ات أم��ام العريس األردن��ي ليخت��ار إحداهن، ويختار األصغر س��ناً ،ويدفع الثمن للوالد،
وللسمس��ار نصيب��ه ،ويغادر مع عروس��ه المراهقة دون أي طقوس. ونقل��ت وس��ائل اإلع�لام ع��ن الناطق الرسمي باسم شؤون الالجئين السوريين قول��ه :إن ح��االت زواج األردنيي��ن م��ن س��وريات خ�لال النص��ف األول م��ن العام الماض��ي كانت بمس��توى 189حالة وتمت وف��ق األحكام الش��رعية األردنية ،حس��ب دائ��رة قاض��ي القض��اة األردني��ة ،وأن��ه ضم��ن المع��دل الطبيع��ي نظ��راً لوج��ود روابط القرابة والمصاهرة بين األردنيين والس��وريين بحكم المجاورة ،مؤكداً عدم رص��د أي��ة حال��ة اس��تغالل داخ��ل مخيم الزعتري وفي المخيمات األخرى. وف��ي تقري��ر مص��ور لوكال��ة األنب��اء األلماني��ة ،تظه��ر ثالث فتي��ات الجئات في بيت وسيطة زواج أو خطبة كما يسمونها، وتخير الفتيات بالزواج من س��عودي عمره 70عام��اً ،وتوافق الفتاة البالغ��ة 14عام ًا على الزواج ،لتضحي بحياتها من أجل أمها وأخواتها كما تقول. وفي لبنان نقلت وكالة أنباء األناضول ع��ن القاضي محمد هان��ي الجوزو رئيس محكم��ة جبل لبن��ان قوله :رغ��م صعوبة إحص��اء كل أع��داد الزيج��ات ،ف��إن زواج لبنانيين من س��وريات تضاعف عدة مرات منذ ب��دء الثورة ،وربعهن م��ن القاصرات، معتب��راً أن ش��روط ومتطلب��ات الم��رأة الس��ورية قليلة جداً مقارنة باللبنانية في ظل ظروف النزوح ،هي السبب األهم في ارتفاع أعداد الزيجات. ويوضح القاضي ج��وزو :أن هناك من يس��تغل وض��ع الالجئ��ات الس��وريات في لبن��ان تح��ت غطاء المس��اعدة اإلنس��انية والش��هامة ،حيث وقع ع��دد ال بأس به من الالجئات ضحية االستغالل الجنسي ،جراء وج��ود البع��ض منهن دون معي��ل في بلد اللج��وء ،ما جعلهن فريس��ة س��هلة المنال بعيون بعض الرجال االستغالليين ،محذراً من س��لبيات مثل هذه الزيجات التي يؤدي بعضه��ا إل��ى الط�لاق بعد فت��رة قصيرة، ألن معظمها قائم على أس��س غير متينة بسبب سهولتها. كما نقل��ت الوكالة ع��ن روال المصري مس��ؤولة برنامج المس��اواة بين الجنسين
ف��ي مؤسس��ة أبع��اد قوله��ا أن النس��اء الس��وريات وقع��ن ضحي��ة مرتي��ن ،فهن ضحايا اللجوء وضحايا الواقع ،وهناك عدة تحديات وضغوطات تواجهها الالجئات على صعي��د المجتم��ع ،متمثلة في التحرش��ات وزواج القاص��رات ,وبع��ض النازح��ات القاص��رات واجهن ف��ي لبنان أش��كا ً ال من العنف عبر إرغامه��ن على الزواج من قبل أهلهن تح��ت ضغط األعب��اء االقتصادية، بجانب كونه تدبيرًا وقائيًا لعدم وقوعهن ضحية التحرشات في بلد اللجوء. وأش��ارت إلى دراس��ة أعدتها مؤسسة أبعاد ع��ن وضع الالجئات الس��وريات تفيد ب��أن “األدوار تبدل��ت ،فبع��د أن كان الرجل هو المعيل لعائلته ،باتت المرأة تلعب هذا الدور ما شكل ضغطا إضافيا عليها. قص��ص كثي��رة تدم��ي القل��وب لم��ا تعرض��ت ل��ه النس��اء الس��وريات اللوات��ي فق��دن كل ش��يء ،وحت��ى ل��و كان��ت تلك القص��ص صحيح��ة فه��ي باطل��ة وف��ق الش��رع ألنه زواج باإلك��راه ،إكراه الظروف الصعبة للعائالت ف��ي المخيمات ،ومخالف ل��كل القوانين الت��ي تمن��ع زواج القاصر، وه��ي بالغالب تكون مؤقتة ،ألن من يقدم على مثل ه��ذا الزواج ،تكون بالنس��بة له نزوة لرجل مس��ن ،تنتهي بعد فترة ،ومن يري��د أن يفعل خيراً ،مم��ن يتذرعون بهذا الس��بب ،ال يكون بقبض الثمن من أجساد الفتيات الصغار. ويتحم��ل االئتالف ال��ذي يدّعي تمثيل الشعب السوري المسؤولية كاملة عما آلت إلي��ه أوضاع الالجئين الس��وريين ،وخاصة النس��اء واألطف��ال ،إضافة إلى مس��ؤولية المنظم��ات الدولي��ة المعني��ة بحماي��ة الالجئين ،والتي دائماً ما تشحذ على مأساة الس��وريين ،وتت��ذرع بع��دم قدرته��ا على تلبية احتياجات الجميع. والمس��ؤولية األكبر تقع على تجمعات نس��اء الثورة في نش��ر الوعي بين النساء لكيفي��ة مواجه��ة الواق��ع المري��ر ال��ذي يعيش��ونه ،ودعمهن في تأسيس مشاريع صغي��رة تع��ود عليهن بإي��رادات ولو كانت بس��يطة تكفيه��ن الحاج��ة والتع��رض لالستغالل.
5
املر�أة ال�سورية �شريك.. يف الثورة ولي�س يف الوطن!
هنادي زحلوط
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل 6
لقد شكلت الثورة الس��ورية أفقا جديدا لواقع المرأة الس��ورية ،فهي الت��ي غالبا ما كان س��قفها المطالب��ة بتعدي��ل القواني��ن ورفع س��قف الحريات العامة ،اندفعت بقوة لتكون من أوائل المطالبين بالحرية وتغيير النظام في سوريا دفعة واحدة. ومن نساء بانياس اللواتي خرجن لقطع الطريق الدولي مطالب��ات بحرية أزواجهن، إل��ى نس��اء س��وريات أخ��ذن عل��ى عاتقهن مس��ؤوليات اإلغاث��ة والصح��ة والتعلي��م واإلعالم. رزان زيتونة وخول��ة دنيا وريما فليحان وغيره��ن العش��رات أس��ماء تع��رف عليه��ا اإلنسان السوري العادي في الثورة ،عايشن معاناة شعبهن لحظة بلحظة ،وعرفن مثله مآسي النظام جميعها. آالف من النس��اء قتلن ،وعشرات اآلالف يقبعن خلف القضب��ان ،منهن من تعرضت للتعذيب والجل��د والصع��ق بالكهرباء ،وقد وثق��ت ح��االت لم��وت فتي��ات ونس��اء تحت التعذيب مرارا ،دون أن يمس��ك ذلك القاتل عن تكرار جريمته. وف��ي غياب الزوج بح��ال االعتقال كثيرا ما وج��دت المرأة الس��ورية نفس��ها عرضة للتغري��ب واالرتحال م��ع أطفالها تحت وابل القصف والنار. أما المرأة في الغوط��ة المحاصرة ،فقد ماتت م��رات عديدة وقد قت��ل أطفالها أمام ناظريها ،حش��رجة بالكيم��اوي ،أو موتا من الجوع ،ودموعهن الدامية ستبقى عارا على جبين البشرية لن يمحي بسهولة. ونح��ن في الق��رن الحادي والعش��رين، نتطل��ع إلى خارط��ة الوطن الس��وري وإلى خارطة العالم ،نساء وأطفال نازحون ،وفي المخيم��ات ،معتقالت في الس��جون ،نس��اء قتلن لم يعلم ذووهم بعد أين وكيف قتلن، نس��اء يمتن كل يوم ألف م��رة مقابل لقمة خبز ألبنائهن. وفي المقابل ل��م تبقى قناة تلفزيونية في أقاص��ي األرض ،م��ع النظ��ام أو ضده، ل��م تبث كل هذه الص��ور ،تحالف دولي قام باس��م "أصدقاء س��وريا" ،لك��ن الصور من الغوطة ومن الزعتري ،كما الصور المسربة لتعذيب المعتقلين الخمس وخمس��ين ألفا، لم تحرك س��اكنا في هذه الكوم��ة الجوفاء المسماة "المجتمع الدولي".. لق��د بذل��ت النس��اء كل جهوده��ن، وبشكل اختياري ،ليكن رائدات في مساعدة عائالته��ن ،ب��ل وحت��ى المغم��ورات منهن، دفعهن األل��م والمعاناة ليش��اركن في دفع القتل عنهن وعن وس��طهن ،وليكن فاعالت
في صناعة مستقبل بالدهن ،وليس خافيا أن جهودا بارزة ومتميزة تس��جل لنساء في الثورة السورية ،كماً ونوعًا.. غي��ر أن تمثي��ل النس��اء ف��ي الهيئ��ات السياسية الناشئة بعد قيام الثورة السورية لم يكن على مس��توى مش��اركتها وأعبائها على أرض الواقع ،من هيئة التنس��يق حيث ال توج��د احصائ��ات ع��ن مش��اركة النس��اء فيه��ا ،إلى المجلس الوطني الس��وري الذي بلغت نس��بة مش��اركة النس��اء فيه أقل من ،7%وص��وال إل��ى االئت�لاف الوطن��ي لقوى الث��ورة والمعارض��ة في س��وريا حيث بقيت نسبة تمثيل النس��اء ما دون 20%حتى بعد توسيعه والحديث عن زيادة تمثيل النساء. أما في المجالس المحلية على مس��توى
س��وريا فإننا لن نجد إمرأة واحدة ممثلة في “مجلس محافظة حل��ب ،أو الرقة” ولن نجد أي تمثل في باقي مجالس المدن السورية، ومجالس النواحي أو القرى. فيما عل��ى أرض الواقع يؤكد المتابعون أن الح��رب كان لها تأثي��ر مدمر على حقوق الس��وريات وعرضت الماليي��ن منهن لخطر االتج��ار بهن أو ال��زواج القس��ري أو تزويج القاصرات أو العنف الجنسي. ليبدو جليا أن النساء في سوريا هنّ من يدفع��ن الكلفة الباهظة م��ن آثار ما يجري، م��ع أطفاله��ن ،ويتراف��ق ذلك م��ع التعدي المضط��رد عل��ى حقوقه��ن االجتماعي��ة واالقتصادية والسياسية. وتلك مفارقة ،بل عار ،لمن يدرك.
لي�س ب�سخاء الرثاء والتعاطف ،بل بالعدل د .سماح هدايا
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية
خصوص��ا المغتصب��ة ،أو المعرض��ة لعن��ف جنس��ي قه��ري ف��ي الح��رب الدائ��رة .ه��و إلزام��ي .رد الح��ق للنس��اء كضحاي��ا ح��رب أوال ،وكضحاي��ا جرائ��م إنس��انية ثانيا ،ثم كنس��اء ف��ي منظوم��ة المطالب��ة بحق��وق إن العدل هو أساس الشرع والقانون المرأةّ . ومنظومة الحقوق؛ فال يكفي االس��تناد إلى الرحم��ة البش��رية العاب��رة وطمأن��ة المرأة بصح��وة الضمير .البد من وضع خطة عمل قانونية واجتماعية لح��ل القضايا المتعلقة باالغتصاب وإعالء صوت الحق والعدل. هن��اك معوق��ات كثي��رة تقف ف��ي وجه التعاط��ي م��ع إنص��اف المغتصب��ات ورد حقهنّ .ليس الدين اإلس�لامي ،كما يعتقد بعض المثقفين والمثقفات االستشراقيين، ه��و المع��وق الحقيق��ي له��ذا األم��ر ،وإنما القواني��ن الحاكم��ة ف��ي أغل��ب المجتمعات العربي��ة واإلس�لامية ،الت��ي يس��هم فيه��ا موروث التش��ريعات المس��تندة إل��ى الدين وإل��ى الع��ادات والتقالي��د وإل��ى األف��كار الراس��خة التقليدي��ة الواف��دة والمحليّ��ة. قضية االغتصاب السياسي مرتبطة بالوعي اإلنس��اني واالجتماع��ي وب��إدراك مفاهيم العدل وتطبيقاتها؛ فحت��ى المجتمع الدولي المتقدم مدنيا وقانونيا في منظومة حقوق الم��رأة ،ل��م يقم بتطوي��ر قان��ون تاريخي جدي في في موضوع ضحايا االغتصاب في الحروب ،إال في نهاية القرن العشرين. األم��ر بحاج��ة لرؤيته من ع��دة جوانب:
تصدر عن شباب سوري مستقل
لم تكن تل��ك لحظات تذكارية عذب��ة حتى تع ّلقها المرأة في ملف الذكري��ات والصور..كان��ت عذاب��ا ش��ديداً وقهراً ،وقد تستمر كابوسًا مرعبا .وربما من الصعب نسيانها. كي��ف يمك��ن التعوي��ض ع��ن التعذي��ب؟ كيف يمك��ن التعويض عن اآلالم؟ كيف يمكن تعويض المرأة عن آثار المهانة واإلذالل واالحتقار؟ وبس��ؤال أدق :كي��ف يمك��ن تعوي��ض الم��رأة ع��ن إنس��انيتها المسلوبة عندما يصبح االغتصاب ف��ي الح��روب وانته��اك جس��دها س�لاحا فت��اكا باالنته��اك الف��ردي والتّحطي��م االجتماع��ي والتدمير اإلنساني؟ كيف يمكن التعايش مع الحدث ونتائج��ه وم��ا رافق��ه م��ن أضرار جس��يمة..في ش��ريط طوي��ل من جرائم مروّعة سجلتها على الواقع وف��ي الذاكرة وحش��يّة العصابات األمنية وعصابات الحقد بتفويض النظام الطاغي على امتداد خارطة الثورة؟ حق��وق المغتصب��ة وحق��وق عائلته��ا أمر ف��ي غاي��ة األهميّة، والعمل عليه جزء حيوي من حماية المجتمع واإلنس��ان والم��رأة ة في مس��عى العدال��ة والح��ق الكرام��ة .لكنْ ،ال يكف��ي أن تعم��ل المرأة بمفرده��ا عليه ،أو يقتص��ر على منظم��ات حقوقية إنس��انية؛ ألن جمعي��ات المجتم��ع المدن��ي والهيئ��ات الحقوقي��ة ،عل��ى الرغم من دوره��ا الكبير ف��ي ه��ذا المج��ال؛ ال تس��تطيع ،منعزل��ة، تغيي��ر الواق��ع أو إصالح��ه وبن��اء العدال��ة والس��لم األهلي وإنج��اح المصالحة .كذلك ال يس��تطيع الفقه��اء فع��ل ذل��ك وحدهم. ألن المس��ائل الفقهية معق��دة وتحتاج إلى ّ اجتهادات علم��اء الدين وطريق عمل طويل مرتب��ط باإلصالح الديني قب��ل االجتماعي. صحيح أن بعض الفقه��اء يحاولون الخروج بفت��اوى جي��دة لدع��م حق��وق المغتصب��ة؛ لكنه��ا ال تكف��ي؛ فه��ي مح��دودة ومرتبطة بم��زاج رج��ال الدي��ن ورؤاه��م ومواقفهم غير الثابتة؛ فالدولة الس��لطوية تس��تخدم المؤسس��ة الدينيّ��ة لحماي��ة مصالحه��ا. موضوع االغتصاب يرتبط بش��راكات أخرى واس��عة؛ فالب��د م��ن التع��اون المجتمع��ي والتش��ارك الثقافي واعتماد إصالح القانون المدني كمدخل لعملية التغيير وإدخاله في حال��ة الثورة ،إللغ��اء كل الفصول القانونية الظالمة للمرأة. ال يكفي تقديم س��خاء الرثاء والتعاطف اللفظ��ي والوجدان��ي م��ع المغتصب��ات والنس��اء المظلومات ،وال تكف��ي المكرمات االس��تثنائية للرجال األح��رار القادمين إلى الحك��م بعد الث��ورات؛ ف��رد اعتب��ار المرأة،
القانوني واالجتماعي والمجتمعي إن تطوي��ر الثقاف��ة واإلنس��انيّ . االجتماعية وتحويله��ا من تلقائية إل��ى إنتاجي��ة وإص�لاح المجتم��ع، والتغيي��ر القانون��ي والدس��توري كيان واحد اليتج��زّأ .القانون ينتج العالق��ة وه��ذه العالق��ة تتبل��ور لتتحكم بالقواني��ن .ولعل التغيير الج��ذري ف��ي مفاهي��م قان��ون األحوال الشخصية هو نقطة مهمة في بداية مس��يرة التغيير وتطوير المفاهي��م االجتماعي��ة وترقي��ة األدوار المطلوب��ة م��ن الجمي��ع. وه��ذا س��ينعكس ،حتم��ًا ،إيجاب��ا عل��ى كرامة الم��رأة وإنس��انيتها، وعل��ى تمكينه��ا وتعزي��ز دوره��ا سياس��ا واجتماعي��ا .إذن المعرك��ة ه��ي معرك��ة اجتماعي��ة وقانونية وسياس��ية .والمسألة في جوهرها معركة حق وتحرر وعدالة. البداية تكون من التشريعات... فعل��ى الم��رأة أن تكون ج��زءا من عملي��ة التش��ريع ،وإال فستس��تمر عقلية المش��رع مرتبط��ة بعقلية المتس ّلط الناظم للواقع السياسي واالجتماع��ي والثقاف��ي ،الت��ي تس��تغل الم��رأة ،به��دف تعزي��ز مواقعه��ا الس��لطوية ومصالحه��ا االمتيازيّ��ة .وبالمقاب��ل عل��ى الجمعي��ات النس��ائية والح��ركات الناش��طة لحق��وق الم��رأة متابع��ة النضال إلص�لاح الثقاف��ة االجتماعي��ة وتبدي��د المفاهي��م الرجعي��ة والمطالب��ة بالتغيي��ر القانون��ي .وإال سيس��تمرّ اضه��اد الم��رأة بتسويغات اجتماعيّة. قضي��ة االغتص��اب متعلق��ة بالقم��ع والعنف واإلرهاب بكل أش��كالها المجتمعية والثقافي��ة والتاريخيّ��ة .وف��ي أج��واء غي��ر س��ويّة ،يمك��ن تزوير أي قضية ش��خصية للمرأة تحت اس��م الش��رف والعار ،لتس��ويغ إبقاء الهميمنة وقمع المرأة ،ثم قمع المجتمع واضطهاده ..كثيرة هي القضايا التي كانت مائعة قب��ل الثورة ،وذلك بس��بب غوغائية الدولة وفسادها وعدم شرعيتها المستقلة. أما اآلن بعد نضال الش��رعية الثوريّة وبعد دف��ع الثم��ن الكبي��ر الس��تحقاق المطال��ب التحرّريّة ،فلن يعود التقاعس مقبوال في اس��تمرار الوضع المهين للمرأة .األمر ليس قضية شخصية وفردية وفئوية ،بل قضية أن اجتماعي��ة ومجتمعية تن��ال الجميع ،ومع ّ الم��رأة تعاني أكث��ر وتتحمل الثق��ل األكبر لش��خصها ولرمزيتها االجتماعية واألسرية، وبالتحدي��د بم��ا يتعل��ق بمفاهي��م الع��ار، خصوصا في البيئ��ات الجاهلة التي تمارس القت��ل تحت عن��وان الحفاظ على الش��رف، لك��نّ االغتصاب كس�لاح مخيف اس��تخدمه العدو لقهرها وإهانتها وتعذيبها واعتقالها، ه��و إهان��ة ألهله��ا وللرج��ال المقاتلي��ن للحري��ة ،و للمجتمع والوط��ن والدولة .ولم
7
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل 8
يعد ينف��ع مع تط��ور الوعي التح��رري ،تطبيق الحل��ول الترقيعيّ��ة بحج��ة األم��ن االجتماعي؛ كتزوي��ج المغتصب��ة من المغتص��ب الذي ألحق به��ا اإلهانة .أو إخفاء عارها بعزلها أو تزويجها. صحيح أن هناك سوريين يتعهدون بالزواج من فتيات تعرضن لالغتصاب؛ لكنّ الموضوع ليس أن الرحمة خلق عظيم، مجرد ش��فقة .وصحيح ّ لكنّ عص��ر الحرية ليس ألف��راده البقاء ضمن منظومة العبودية ،حت��ى لوكانت بأقفاص من ذهب. ماه��و الس��ياق المف��روض أن توض��ع فيه قضايا المغتصبات؛ سواء فيما يتعلق برد الظلم عنه��ن أو رد اعتبارع��ن أو فيم��ا يتعلق بحاالت اإلنج��اب أو حاالت الحمل أو الزواج؟ الس��ياق هو تغيير القوانين ووضع وسائل التنفيذ بجوارها. االغتصاب ليس مجرد أمر عش��وائي فردي .هو حالة ممتدة ممنهجة عس��كريا وأمنيا مش��حونة بالكراهي��ة والحق��د واالحتقار واالنتق��ام والثأر ول��ه آثار طويل��ة المدى .الموض��وع ليس امرأة عاب��رة تعرّض��ت لالغتصاب وتُرك��ت حامال ،أو قتل��ت .هو أكب��ر من ذل��ك؛ لذلك يج��ب القيام بخط��وات جريئة ،لكي تك��ون الحلول القانونية تاريخي��ة .يجب مراجعة القوانين...يجب تحديث النص��وص التش��ريعية الديني��ة والنص��وص المدنية ،وتتنويرالعقلية؛ لكي نرفع الظلم عن المرأة والمجتمع .وخصوصا فيما يتعلق بقضية االغتص��اب وم��ا ي��دور ح��ول مفاهيم الش��رف والعار. س��يكون لقضي��ة المغتص��اب متعلق��ات كثي��رة بحاجة إلى متابعة وحل��ول :أعداد كبيرة م��ن المغتصب��ات المريضات نفس��يا وجس��ديا. أحيان��ا ال معيل .أطف��ال حرب مولودون قس��را نتيج��ة االغتصاب ..األمراض المنقولة جنس��يا. ح��االت تهمي��ش .ح��االت ث��أر .وبالتال��ي هناك مطالب التعويضات والرعاي��ة الصحية والمالية والنفس��ية ..مالحقة رجال ميليش��يات الحروب األهلي��ة .رد االعتب��ار رمزي��ا وواقعي��ا .العدالة والمصالح��ة .كله يصب ف��ي مفاهيم تحصين الم��رأة وتمكينه��ا؛ لك��ي تمتلك الثقة بنفس��ها وبأدائها وتندمج في المجتمع الجديد إيجابيّا. بع��د كل م��ا حص��ل في س��وريا م��ن ظلم وانتهاك واضطهاد ومقاومة لن تعود المرأة إلى ال��وراء .لكنّ عملية االستش��فاء من االغتصاب مهم��ة صعب��ة وبحاج��ة لتوحيد جه��ود الجميع: لها بعد اجتماعي متعل��ق باإلرهاب اإلجتماعي، وبعد نفس��ي في الدعم ،وبع��د تربوي وقيمي ف��ي تغيي��ر الرؤى ومناه��ج التفكي��ر والتعليم، وبعد سياس��ي في التس��لط واالستبداد والقمع. وبعد قانون��ي في إيجاد الحل��ول القانونية ،ثم ف��ي البع��د التوثيقي..وه��و مهم ج��دا لتحديد الضحايا والجناة من أجل إحالل األمن والعدل. أخي��را صحي��ح أن العال��م يحتف��ل بعي��د ألن من الم��رأة العالم��ي لك��ن احتفاله مزي��ف؛ ّ التناقض األخالقي واإلنساني أن يحتفل العالم بعي��د الم��رأة ويق��ف عاجزا ع��ن نص��رة المرأة الس��ورية الت��ي تواجه عب��ر حرب إب��ادة جرائم ض��د اإلنس��انية وجرائم ح��رب ومج��ازر تنالها وتنال أطفاله��ا ورجالها .ال يكفي إنصاف المرأة اعتذاري��ا وعاطفي��ا بالم��دح واإلط��راء والطبل والتزمي��ر والش��عارات ،يك��ون اإلنص��اف عمليا وواقعي��ا بإنجازه واقعيا ونجدته��ا .وال يكون رد اعتباره��ا بتقديم مس��اعدات إغاثي��ة والتباكي عليها والرثاء ولثم الجراح ،بل بتغيير المفاهيم من خالل تغيير القوانين وسن قوانين جديدة.
ن�ضال املر�أة ال�سوريّة الأ�سطوري
دلير يوسف
أذك��ر أنّ��ه ف��ي الذكرى األول��ى لعيد المرأة بع��د بدء الثورة الس��ورية ،أي بعد م��رور حوالي ع��ام على بدء الث��ورة ،في الثامن من آذار م��ن العام 2012انطلقت حملة سُ��ميت آنذاك " 8آذاء عي��دٌ للمرأة بأن الحملة وليس عيداً للبع��ث" كما أذكر ّ قد لقت صدىً جمي ً ال وواسعاً لدى الشارع الس��وري .أم��ا الي��وم فبع��د م��رور ثالث سنوات من عمر الثورة السوريّة ،ما الذي طرأ على دور المرأة الس��وريّة في الحياة اليومية وخاصة الناشطات ممن عملوا في خدمة قضاياهم منذ ما قبل بدء الثورة؟ رزان زيتونة وس��ميرة الخليل ،إسمان يطفوان على الس��طح حي��ن يتم الحديث عن المرأة في الثورة الس��ورية .أيقونتان مختطفتان في مدينة دوما "المحررة" لم تشفع لهما أعمالها في الدفاع عن اإلنسان قبل الثورة وبعدها ف��ي تجنب االختطاف في منطقة حُررت من نظام بش��ار األسد واغتصبت من قبل نظام زهران علوش. أما في الشمال الس��وري ،فإنّك ترى الكثير من الناش��طات المقيمات في حلب مث ً ال أو آخريات مقيمات خارج البالد يجتزن الحدود التركية السورية كلما سنحت لهن الفرص��ة ليمارس��ن نش��اطهن الثوري أو ليقدم��ن من خبراتهن في س��بيل قضية تحرير الوطن .يقدمن هؤالء النساء فع ً ال أس��طوريًا في مواجه ذكوريّة مجتمعيّة وثوريّ��ة قد تكون قاتلة في كثير األحيان وقد تكون اختطاف "من قبل داعش على
سبيل المثال" في أحيان أخرى. ه��ذا الفع��ل األس��طوري المقدم من النس��اء أف��رز العدي��د من النتائج س��أورد اثني��ن منها هنا ،أولهما ه��و الجوائز التي تقدم إلى النس��اء الس��وريات حول العالم كمثل الت��ي حازت عليه��ا رزان زيتونة أو تل��ك التي ح��ازت عليه��ا هن��ادي زحلوط ولي��س آخرها جائزة "ال س�لام بال عدالة" الت��ي اس��تلمتها ع�لا رمض��ان كجائ��زة تقديرية تقدم للنس��اء السوريات تقديراً على ش��جاعتن في الخروج إلى الش��وارع لالحتجاج على نظام األس��د و مواجهتهن المباشرة لعنف الحرب. أم��ا ثان��ي النتائ��ج فه��و التط��رف الزائ��د ل��دى بع��ض النس��اء ف��ي الدفاع ع��ن النس��اء .فالذكر المداف��ع عن حقوق الم��رأة في مجتمع ذكوري كالذي نعيش��ه يعي��ش نفس حالة االضطهاد الممارس��ة ض��د النس��اء العام�لات في ه��ذا الحقل، فالمش��كلة هنا ليس��ت مش��كلة امرأة لم تأخ��د حقوقها ،ب��ل هي مش��كلة مجتمع يحارب كل من ش�� ّذ عن قاعدته .فكما لم تأخذ الم��رأة حقوقها ف��ي المجتمع هناك الكثير من الفئات المظلومة في المجتمع. يبق��ى الحدي��ث ع��ن دور الم��رأة في س��وريا مهم��ا كثر قلي�ل ً ا أمام م��ا قدمته وتقدم��ه ،وس��يبقى النض��ال طوي�ل ً ا للوصول إلى اتخاذ المرأة دورها المساوي لدور الرجل في المجتمع السوري.
عامالت �أم جواري يف النظام ال�شمويل الذكوري
جاد الرمالوي
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل
من��ذ بدئت البش��رية وحت��ى تنته��ي المرأة هي نصف اإلنس��انية تأخذ منه��ا وتعطيها بكل األش��كال والط��رق الت��ي تس��اهم ف��ي رف��ع أو وض��ع المجتمعات الموج��ودة والتي اندثرت ،فلم تق��م الحض��ارات ول��م تنته��ي بدون مس��اهمة للمرأة فيها بتنوع أش��كال المس��اهمات والقدرة عل��ى التأثي��ر ،ومن يقع في إلق��اء اللوم على أي نص��ف دون اآلخ��ر س��يقع في خطأ يش��كك في حياديت��ه لتحليل أي واقع ،فعندما يكون المجتمع ف��ي حالة تق��دم وازدهار يكون ذلك بمس��اهمة م��ن النصفي��ن ،والعك��س صحيح فحي��ن يكون المجتم��ع يعاني م��ن االنحط��اط والتخلف يكون ذلك بمساهم النصفين أيضًا ،فال وجود لمجتمع نصفه متحضر والنصف اآلخر متخلف. عندم��ا نتكل��م ع��ن الم��رأة العربي��ة فإنن��ا نتكل��م عن مجتمعات عانت وم��ا تزال تعاني من الكثي��ر من التجهيل واإلفق��ار الممنهج والمنظم في كل نواح��ي الحياة ..وال يخف��ى على المتابع أن م��ا تعانيه المرأة في معظ��م البلدان العربية متش��ابه من حي��ث تأثيرها وتأثرها بما تعيش��ه هذه المجتمعات في وصفن��ا القادم عن الم��رأة ال ندخل في المطلق ب��ل نتحرى في العموم ،وما يس��عى له النظ��ام الش��مولي االس��تبدادي ف��ي اقح��ام الم��رأة في��ه ،م��ع ذك��ر امثلة ع��ن كيفي��ة تطبي��ع ه��ذه االش��كال عل��ى النس��اء ،فالمرأة ف��ي ظل هذه االنظمة االستبدادية هي إما عامالت أو جواري ،تتعد االشكال ولكنها تتخذ بالنهاي��ة أحدها ،فهي م��ن العامالت عندم��ا تكون ممن لدي��ه عمل يؤديه في داخل المنزل ليتفرغ الرجل لدوره خارج��ه ،او خارج��ه لتأت��ي بالنق��ود الكافي��ة لتأمي��ن مس��تلزمات الحي��اة ومتطلب��ات االوالد ويق��وم الرج��ل بالمش��اركة فيه ،فهي بالنتيجة لديها عم��ل تؤديه لي��س لمتع��ة العمل أو تحقي��ق ال��ذات او للقي��ام بواجباته��ا تجاه إح��داث تغير ف��ي المجتمع الذي تعي��ش فيه ،بل باالكتف��اء في األمل بالجيل الق��ادم دون اعطائ��ه القدوة الحس��نة ف��ي ذل��ك حت��ى ،فالعم��ل لض��رورة العمل وألهمي��ة العائد من هذا العمل بغ��ض النظر عن اهميته ف��ي ال��دور الموك��ول إليه��ا كنص��ف المجتمع ،فيكون التركيز على أهمية عم��ل الم��رأة كمي��ًا ال نوعي��اً في كل وس��ائل اإلعالم والهيئات المعدة من قب��ل النظام والت��ي تدافع عن حقوق المرأة بالش��كل الذي يناس��به ،وعند خ��روج إحداه��ن ع��ن الس��رب يقوم باإلحاطة بها بكل عناية ظاهرة وكل
وس��ائل التحطيم في الباطن ،االمثلة على ذلك ت��كاد ال تحص��ى فمنه��ا الرياضي ومنه��ا الفني ومنها اإلداري فما تكد تلمع إحداهن حتى تنتهي بعد فترة من الزمن منسية وفي مكان ال يمكنها فعل ش��يء وال حتى اإلعتراض ،لس��نا في مكان ذكر أس��ماء لكي ال نقع بالتش��هير ،لكن س��أذكر مثال على شكل الخطاب الموجه للمرأة في كتاب صادر عن االتحاد العام النسائي: " كت��اب الم��رأة ف��ي ظ��ل مس��يرة التحديث و التطوي��ر :تح��ت ش��عار ((تحية وفاء من نس��اء س��وريا للوطن وقائد الوطن)) أقام اإلتحاد العام النس��ائي ن��دوة إلط�لاق كت��اب الم��رأة في ظل مس��يرة التحدي��ث والتطوي��ر بمناس��بة الذكرى الحادي��ة واألربعي��ن لقيام الحرك��ة التصحيحية المجيدة وقد تضمن الكتاب اس��تعراضاً تفصيليًا لمس��اهمة المرأة ف��ي النش��اط االقتصادي في عه��د التحدي��ث والتطوي��ر وق��د تن��اول الباح��ث الدكت��ور حي��ان س��لمان معالم تط��ور االقتصاد السوري والوسائل التي اتبعتها القيادة السورية لتمكين المرأة كما ذكر المؤسس��ات االقتصادية الداعم��ة للمرأة ف��ي العمل االقتص��ادي كما أكد على أهمية عمل اإلناث في سورية مقارنة بعدد الس��كان وتوزيع النس��اء العامالت في القطاعات
االقتصادي��ة كم��ا نب��ه إل��ى البطال��ة النس��ائية وخطورة تزايدها " ويذكر الكتاب ويش��دد على ض��رورة تواجد المرأة في المناصب بحيث يتم مشاهدتها: " كم��ا أدرج بيان��ات تدل على تواج��د المرأة في المواقع اإلدارية ومجلس الش��عب والس��لطة القضائي��ة والمنظم��ات الش��عبية والس��لك الدبلوماسي" األم��ر ال��ذي يأخذنا إلى الش��كل الثاني وهو الجواري وبالتحدي��د جواري الزينة ،حيث التحقت بع��ض دول االس��تبداد الخليجية مؤخ��را بالدول التي تمنح المرأة مراك��ز " قيادية " طبعا مازالوا خجولي��ن ج��داً مقارن��ة باألنظم��ة الش��مولية " العلماني��ة " األخرى في المنطق��ة العربية ،فمن الض��روري وج��ود المرأة ف��ي االماك��ن الظاهرة لإلعالم و للعالم خارج البالد ،وطبعا هذا لضرورة الديك��ور والزينة ال أكثر ،فش��اغر هذا النوع من المناص��ب هو أكي��د ليس صاحب ق��رار او تأثير، ووج��ود الم��رأة فقط إلضاف��ة لون أنث��وي على صورة النظام ،بالتأكيد ال مجال لذكر ش��خصيات بعينه��ا م��ن ه��ذا النم��وذج ،القارئ��ة والق��ارئ العزيزين سيحضر ألذهانهم الكثير من األمثلة، تماثي��ل الزينة موج��ودة في كل نواح��ي الحياة حتى ف��ي المجتمعات األكث��ر تحضراً من مجتمعاتنا العربية واألقل تحضرا أيضًا ،لكن في تلك المجتمعات عندما تظهر ام��رأة بين الرج��ال يكون ذلك لتفوقها عليهم والستحقاقها للمكانة الت��ي وصل��ت اليه��ا فتك��ون بالمكان المؤث��ر والفاعل ف��ي مجتمعها ،وفي ه��ذا خير دليل أن له��ذه االنظمة من الخصوصية ما يمنع المرأة خاصة من تمكينها ألخذ مكانها الصحيح وإظهار الرجل بمظهر المسيطر ،وهذا الخلل يع��ود علي��ه بالفائ��دة لصال��ح زيادة سيطرته على الدولة والمجتمع. الس��يدة االول��ى ه��ي دائما على رأس اله��رم االنث��وي ف��ي تطلع��ات الحركة النسائية في مجتمعات القائد الخال��د ،والملفت للنظ��ر انهن جميعا يطبق��ن نظرية م��اري انطوانيت في الصورة النمطية للس��يدة األولى األم األول��ى الت��ي ترع��ى الف��ن والفقراء وتدعم مش��اريع الزين��ة لتظهر مدى تطور البلد ،بينما الوضع على حقيقته س��يئ إلى درجة بالخيال ،وهي دائما في كنف زوجه��ا القائد األعظم الذي يدعمه��ا ويرعاها بعقله الكبير ،فهي لم تك��ن لتفعل ل��و لم تك��ن زوجته وتضرب بس��يفه ،فإذا كان المرأة أن يكون لها نفوذ او س��لطة تنافس بها التابعي��ن االق��رب للقائ��د األعلى في
9
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل 10
كل شيء ،فهي زوجته والمستخدمة السمه. وجود الجمال في حياة أي انس��ان تساوي وجود حاس��ة البصر ،لك��ن إذا كان لبع��ض الجمال أوجه قبيح��ة خلفه من تخلف وجوع وقم��ع ،فال أظن أننا يمكن لنا احترام ش��كل الجواري ف��ي هذا النظام، على عك��س الش��كل االول الذي يعطي م��ا يحتاج ويأخذ ما ال يريد. في ظ��ل كل هذا االهتمام بالش��كل الخارجي للم��رأة تفقد المرأة أبس��ط حقوقها وهو مس��اواة الم��رأة بالرجل بكل الحقوق والواجبات في االحوال المدني��ة واالختيار الطوعي في االحوال الش��رعية كح��االت ال��زواج أو ح��ق الم��رأة بإعطاء جنس��يتها ألطفاله��ا مهم��ا كان وض��ع ال��زوج ،وإليكم عرض لمقت��رح االتح��اد النس��ائي الع��ام بخص��وص هذا الموضوع حيث هذا ما يأملون به: ":يعتبر عربيًا سوريًا حكمًا: أ -كل من ولد في القطر أو في خارجه من والد عربي سوري" ،ب -من ولد ألم سورية وأب مجهول أو ال جنس��ية ل��ه أو مجه��ول الجنس��ية ،د -من ولد في القط��ر ،ولم يحق له أن يكتس��ب بصلة البنوة جنس��ية أجنبية ،هـ -من ينتمي بأصله للجمهورية العربي��ة الس��ورية ول��م يكتس��ب جنس��ية أخ��رى ولم يتقدم الختيار الجنس��ية الس��ورية في المهل المحددة بموجب القرارات والقوانين السابقة" ال يمكن ذك��ر مثال عن وجود ح��االت لمحاولة تعدي��ل وضع المرأة في الحقوق الش��رعية باعتبار أن األنظم��ة يعجبه��ا الوضع على ما ه��و عليه وال تري��د تغيي��ره ،ه��ي حتى ال تس��مح بخ��روج حوار به��ذا الخص��وص مع انها تق��دم نفس��ها على انها "علمانية". بالرغم من احترامنا لوج��ود آراء اخرى لتأخّر دور الم��رأة والمجتم��ع عموم��ا كالدي��ن أو ذكورية المجتم��ع بعادات��ه وتقالي��ده التي تمن��ع المرأة من أخذ مكانتها التي تس��تحق ،و نظرة المجتمع للمرأة على انها ضل��ع قاصر وهي دائما بحاجة إلى وصي أو ولي أمر زوجا كان أم قريب ،هو الذي بحاجة إلى تغيير ليتحس��ن وضع المرأة ولك��ي تكون متحررة م��ن قيودها التي تكبلها ،بالرغم من كل هذا فأننا نؤمن أن ما سبق هو نتيجة وليس السبب ،فالدين موجود منذ آالف السنين واألمثلة على بروز أسماء نسائية مؤثرة وفاعلة في ظل وجود هذه االديان ال يمكن نكرانها ،والع��ادات والتقاليد البالية واألفكار المريضة عن محدودية المرأة في ثقافة مجتمعاتنا موجودة ،ولكنها لم تمنع من ظهور نس��اء كان لهم وج��ود وحضور في مجتمعاتنا ف��ي التاريخ القريب الذي س��بق ظه��ور وتوغ��ل االنظمة االس��تبدادية الشمولية. ال يس��تطيع أح��د أن ينك��ر وج��ود صعوب��ات ومش��اكل تواجه المرأة دون الرجل في أخذ مكانها الحقيق��ي في المجتمع بما يتناس��ب م��ع ما قدمته ومازالت في االفراح واألحزان ،في الجبهة االمامية والخطوط الخلفية في الظل وفي الضوء ،مستعدة للتضحية كم��ا اعتادت دائمًا ،والرج��ل ال يقل عنها ف��ي العطاء وال يزيد ،له من الميزات وعليه واجبات ويطبق عليه النظام الحاكم نفس القمع والتجهيل واإلفق��ار ،فال يحم��ل الرجل العبء وح��ده بل على الم��رأة مس��اعدته ف��ي ذلك ال لش��يء فق��ط ألنه وحده ال يس��تطيع ،لسنا هنا لنطلب منها الراحة بل العكس ،فنحن دخلنا مرحل��ة التغيير بغض النظر ع��ن االتجاه ف��ي التغي��ر فالجهد مضاع��ف والتعب أكب��ر ،لكن ما نطلبه منها أقل مما تس��تطيع عمله هذه الم��رأة الت��ي عرفناها طوال حياتنا وس��نظل نؤمن بها.
�أوىل �إ�صدارات �سوريتنا
ل�ست وحدك
كتيب لدعم �ضحايا االغت�صاب ال�سيا�سي يف الثورة ال�سورية "لستِ وحدكِ" هو عنوان الكتيب الفريد ال��ذي س��يصدر قريب��ًا به��دف دع��م ضحايا االغتصاب السياس��ي ف��ي الثورة الس��ورية، ويتوج��ه مباش��رة إل��ى الضحايا من النس��اء الالتي قاس��ين من ه��ذه التجرب��ة المرعبة، ويحاك��ي عموم��اً كاف��ة الش��رائح وكل م��ن ل��ه اهتم��ام بالموض��وع .وأعد الكتي��ب الذي ستقوم جريدة سوريتنا على طباعته ونشره، مجموعة من األخصائيين والناش��طين الذين ارت��أوا محاكاة الجرح ال��ذي أُبتليت فيه اآلالف من النس��اء من دون ذنب س��وى مش��اركتهن بالث��ورة أو ارتباطه��ن بصل��ة قرب��ة بالثوار، ومحاول��ة لألخ��ذ بي��د الضحاي��ا المعروف��ات وغي��ر المعروفات لمس��اعدتهن ف��ي االطالع بشكل ش��امل وداعم على ظاهرة االغتصاب ف��ي أزمن��ة الح��روب والصراع��ات ،وتقدي��م المعلوم��ات الت��ي يحتجنه��ا وقد تس��اعدهن على تلمس دروب التعافي النفس��ي والبدني الصعبة الموجعة. يتضم��ن الكتيّ��ب ال��ذي يق��ع ف��ي 80 صفح��ة ف��ي الفص��ل األول /الجان��ب الطبي/ وفيه معلومات قيمة حول األعراض والعالمات واإلرش��ادات التي تخص الجسد بعد التعرض لح��وادث عل��ى ق��در كبي��ر م��ن العن��ف مث��ل االغتص��اب واالعت��داءات الجس��دية ،والتدابير العالجي��ة بعد االعتداء مباش��رة وفي المراحل الالحق��ة ،وكيفي��ة التعامل معها م��ن الناحية الطبية .قدمه الدكتور ياسر نديم سعيد. والفصل الثاني يتناول /الجانب النفسي / الذي يش��رح ظاهرة االغتصاب من وجهة نظر نفس��ية ،واآلثار واألس��ئلة واالضطرابات التي تراف��ق الضحية فترات طويل��ة مما يؤثر على قدرتها على التكيف والتوازن النفس��ي العام، وعدد من اإلرش��ادات والخط��وات العملية التي من شأنها مساعدة الضحايا في تخفيف اآلالم والمصاع��ب النفس��ية الت��ي قد تتب��ع صدمة االغتصاب .قدمه الدكتور جمال خليل صبح. والفصل الثالث يتناول /الجانب االجتماعي /ويتع��رض لآلث��ار االجتماعي��ة لحادث��ة االغتص��اب ولحجم الضغوط التي تتعرض لها الضحي��ة وعائلتها القريب��ة والبعيدة ،وكيفية التعام��ل مع ه��ذه االنتهاكات الحسّاس��ة في مجتمعاتن��ا العربي��ة واإلس�لامية ومعالجتها. قدمته الدكتورة خولة حسن الحديد. ويتن��اول الفص��ل الراب��ع م��ن الكتي��ب / الجان��ب الدين��ي والش��رعي /ويع��رض جملة م��ن اآلراء الدينية ،وذلك ف��ي محاولة لإللمام بكاف��ة الجوان��ب المتعلق��ة بالموضوع ضمن اإلطار الثقاف��ي والروحاني-الديني الذي يميز مجتمعاتنا ،من وجهتي نظر نسائية وذكورية. قدمهما الس��يدة نوال السباعي والسيد الشيخ محمد النجار. والفص��ل الخام��س يتن��اول /الجوان��ب القانوني��ة والحقوقي��ة /الت��ي تتعل��ق بفعل االغتص��اب كحادث��ة جرمية وكانته��اك خطير
لحق��وق اإلنس��ان ،إضاف��ة إل��ى الحق��وق الشخصية التي تس��تطيع الضحية من خاللها مالحقة الجن��اة و تقديمهم للعدالة ،وذلك في ظ��ل دولة القانون التي نحلم بها في س��ورية الح��رة .ق��دم ه��ذا الفص��ل المحامي��ان مي��را بشراقي وياسر مرزوق. وفي الفصل الس��ادس وقفة أدبية تخص موضوع أليم بكلم��ات ملؤها الدفء والواقعية والدع��م الغي��ر محدودي��ن ،موجه��ة للضحية لتذكيره��ا دائم��ا بالقيم��ة اإلنس��انية لروحها ولجس��دها ،كلمات نابعة م��ن القلب بال تك ّلف وال تحوير لعلها تكون فاتحة مطمئنة تبدء بها رحلة األمل في اس��تعادة الثقة بالنفس وحب الحي��اة .قدم��ت هذا الجان��ب الدكتورة س��ماح هدايا. وينطلق معدو هذا المش��روع من حسّهم اإلنس��اني وإيمانهم العميق بضرورة الوقوف مع ضحاي��ا االغتص��اب السياس��ي ،ودعمهن، والدفاع عن قضيتهن بش��تى الطرق والسبل، ولي��س لهم من هذا العمل أي هدف سياس��ي أو ارتب��اط ب��أي جهة أو تنظيم أي��ا كان ،فقط يريدون مس��اعدة الضحايا ع��ن طريق تقديم أكب��ر وأص��دق ق��در م��ن المعلوم��ات ح��ول الموضوع. واعتب��روا أن ه��ذا الموض��وع ال يتعل��ق بالجانب اإلنس��اني فحس��ب ،بل يتعداه ليأخذ حي��زاً وطنيًا أيضاً ،ألننا لس��نا بص��دد معالجة حالة اغتصاب عاديّة ،ب��ل أمام حالة اغتصاب من نوع خ��اص ،وهي حالة "االغتصاب لدوافع سياسية" كون الضحايا تعرضنّ لما تعرضنّ ل��ه ألس��باب سياس��ية مرتبط��ة بالطبيع��ة العدواني��ة وغير األخالقية لمثل هذا النوع من األنظم��ة الديكتاتوري��ة ،والتي تس��تخدم من ضمن ما تس��تخدم االعتداءات الجنسيّة كنوع م��ن العق��اب لقم��ع ّ كل من يقف ف��ي وجهها، مدركة أكبر إدراك تأثيره النفس��ي والجسدي العميقين.
الدكتورة خولة احلديد ل�سوريتنا
الثورة �أحدثت تغيري ًا جوهري ًا يف بنية تفكري املجتمع ال�سوري جتاه ق�ضايا املر�أة
حوار :زليخة سالم
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية
بي��ن مطرقة وس��ندان ال مفر منهم��ا ،بالمُجمل يمك��ن الق��ول أن الثورة الس��ورية أب��رزت الدور الحيوي البارز للمرأة في الحياة الس��ورية بشكل ال يمكن ألحد تجاهله. ورداً عل��ى س��ؤال (هل تعتقدي��ن أن الثورة س��تنصف الم��رأة أم يلزمه��ا ثورة ثاني��ة؟) قالت الدكت��ورة الحديد :أعتقد أن الثورة أحدثت تغييراً جوهري��ا ف��ي بني��ة تفكي��ر المجتمع الس��وري، أفراداً وجماعات ،وال ش��ك أن ذل��ك طال التفكير والموقف تجاه قضايا المرأة ،وخاصة في الشهور األولى للثورة التي أبرزت حضوراً وموقعاً متميزاً للم��رأة ،إال أننا ال يمكن أن ننكر أن دخول بعض الجماعات المُتطرفة على خط الثورة الس��ورية، وف��رض هيمنتها عل��ى بعض بيئاته��ا أدّى إلى تراج��ع دور الم��رأة ،وضيّ��ق عليه��ا ،وأصبح��ت النظ��رة لقضاياه��ا وقضاي��ا حريته��ا موض��ع إش��كاليات كثيرة ،إال أنه يبق��ى فكر غالبية هذه الجماع��ات غريب عن المجتمع الس��وري تقاليده وعادات��ه ،وس��يبقى أمامنا الكثي��ر للتخلص منه وم��ن حامليه ،وعل��ى المقلب اآلخر ل��م تُنصف التجمع��ات الليبرالي��ة والعلماني��ة -إال م��ا ندَر- المرأة وحضورها المتميز في المجتمع الس��وري، ونش��اطاتها العدي��دة المؤث��رة فع ً ال ف��ي تغيير الواق��ع ،لذل��ك أظن أن مش��وارنا طوي��ل ولكنها البداية ،ولن يعود الزمن إلى الوراء أبدا. وح��ول س��بب تقليص حج��م تمثي��ل المرأة ف��ي الهيئ��ات والمجال��س والحكوم��ة المؤقت��ة والمفت��رض أنها ثورية؟ قال��ت :أعتقد أن قضية التمثي��ل الباهت للمرأة ف��ي التجمعات المذكورة ه��و جزء من قضي��ة أكبر له��ا عالق��ة بالتمثيل الحقيق��ي للس��وريين عموماً ،ولألس��ف فش��لت تلك التجمعات والتيارات بتمثيل الثورة السورية الت��ي تجري على األرض بش��كل حقيقي ،وكان حض��ور الم��رأة الخجول ج��زء من هذه المس��ألة عموم��ًا ،إضافة إل��ى النظ��رة المس��بّقة للمرأة
وهيمنة الذكورة والحضور الطاغي للنرجس��يات والمصالح الش��خصية ،وأحادي��ة الرؤية وتغليب االيديولوجيات الت��ي تجاوزها الزمن على حركة الواق��ع الحقيق��ي ،كل ذل��ك جع��ل م��ن حضور المرأة مجرد صورة ،أو كمزهرية لتجميل المكان وادّعاء أنهم ديموقراطي��ون ،مع غياب الفاعلية الحقيقية حتى لحضورها الباهت ذاك ،ومن جهة أخ��رى أيضاً تعك��ف كثير من النس��اء وأنا واحدة منهن عن االنضمام للتيارات السياسية بسبب ما ذكرته مُسبقا ،وبسبب فشلها الذريع في تقديم شيء حقيقي على األرض في بيئات الثورة ،هذا الفش��ل الذي دف��ع كثير من الس��وريات لينظرن بريبة وخيبة أمل إلى تلك التيارات ومن ثم النأي بأنفس��هن عنها ،إضافة إلى م��ا يطال المرأة من قصص التشهير اإلعالمي وعلى مواقع التواصل االجتماعي عند وجودها ضمن أي كتلة سياسية، كل ذلك يجعلها تبتعد عن هذا المُعترك. وفيم��ا يتعل��ق ب��دور تجم��ع نس��اء الث��ورة، والتجمعات النسائية في دعم الثورة ،وفي تغيير المفاهيم االجتماعية السائدة عن المرأة؟ قال��ت الدكت��ور خول��ة :بالبداي��ة كن��ت ضد تأسيس تجمعات على أساس الجنس ،أي خاصة بالمرأة ،وكنت أفضل أن تكون المرأة جزء من أي مؤسسة مدنية أو سياسية تمثل عموم المجتمع، ولكن لألس��باب المذكورة س��ابقا ،كان ال بدّ من االعتراف بأهمية تأسيس تجمعات وتيارات تمثل قضاي��ا المرأة وتتاب��ع االنته��اكات التي تتعرض له��ا ،وتح��اول تقديم المس��اعدة لها عل��ى أكثر م��ن صعيد ،خاصة بعد ظهور مش��كالت وأزمات عاصف��ة تلم بها خالل الثورة كقضية االغتصاب مث�لا ،وغيرها مما بات معروف��ًا ،لذلك جاء تجمع نس��اء الثورة الس��ورية كمؤسس��ة عم��ل مدني نجحنا في تس��جيلها رس��ميا في فرنسا لتسهيل آلي��ة عملنا مُلبياً ل�لأدوار الغائب��ة التي تحتاجها المرأة.
تصدر عن شباب سوري مستقل
قي��ل وكت��ب الكثي��ر ع��ن التضحي��ات التي قدمتها المرأة الس��ورية للث��ورة العظيمة ،وهذه حقيق��ة ال يس��تطيع أح��داً بع��د اآلن نكرانها ،أو تجاهله��ا ،أو االلتفات عليه��ا ،فقد كانت ومازالت مش��اركة بفعالي��ة كبي��رة ف��ي جمي��ع أح��داث ومس��ارات الث��ورة ،ودفع��ت ومازالت تدف��ع ثمنًا باهظ��اً يصعب تحمله من خ�لال تقديم أبنائها، وأخوته��ا ،وزوجه��ا ،ووالداها ،ش��هداء على درب الحرية ،وكانت ش��هيدة ،وشهيدة تحت التعذيب، ومعتقلة ،ومغتصب��ة ،ومهجرة ،والجئة ،ومعيلة أليتام ومدبرة ألمور حياتهم. فهل س��تنصف الث��ورة الم��رأة ،وتغير نظرة المجتم��ع لدورها كش��ريكة فاعلة ،وأن تس��هم ف��ي اس��تعادتها لقرارها ،وتحريره��ا من عادات بالي��ة متراكمة مكبلة ومقي��دة ،على الرغم من أن البوادر األولية ممن يدّعي تمثيل الثورة ،من هيئات ومجال��س وتجمعات ،ال تبش��ر بالتفاؤل، ألنه��م جميع��ًا همش��وا الم��رأة ،وقلصوا نس��ب تمثيله��ا إل��ى الح��دود الدنيا ،وكان م��ن الممكن أن يس��تبعدوها تمام��ًا ل��وال الضغ��ط الدول��ي، واالنتقادات التي وجهت لهم. بالتأكيد إعتاق المرأة من القيود التي تكبلها، والحواجز االجتماعية التي تعيق اندماجها ،يلزمه ث��ورات قادمة ،إال أن ما حصل ف��ي الثورة يعتبر خطوة ف��ي تغيير نمط التفكي��ر والتعاطي ،بعد بروز دور المرأة الهام والفاعل على أرض الواقع في دعم الثورة واستمرارها. ولإلجاب��ة عل��ى كل ه��ذه األس��ئلة قال��ت الدكت��ورة خول��ة حس��ن الحدي��د /دكت��وراه في علم االجتماع ،ومن مؤسس��ي تجمع نساء الثورة الس��ورية /لجريدة س��وريتنا /فيما يتعلق بدور المرأة السورية في الثورة؟ ً ً الش��ك أن المرأة لعب��ت دورا بارزا في الثورة الس��ورية ،ودفعت الكلفة األكب��ر والثمن الذي ال يمكن تخيله من تبعات ه��ذه الثورة،من اعتقال واغتص��اب وتش��رد ،وفق��دان مُعي��ل عائلته��ا وتوليه��ا مس��ؤولية ذلك..ال��خ ،وأُج��زم أنه لوال صمود المرأة لما استمرت الثورة ،فضمن ظروف الحصار ،والقصف ،وغياب الرجال بش��كل ش��به كامل أحياناً ع��ن تدبير أمور المعيش��ة لماليين ُ األسر ،كانت المرأة هي الرأس المُدبر لذلك. وش��اركت الم��رأة عل��ى امت��داد المناط��ق الثائ��رة من��ذ البداي��ة ف��ي العم��ل المدن��ي من مظاهرات وفعاليات مدني��ة كاإلعالم والتصوير وكتاب��ة الش��عارات المُعارض��ة ،وتجهي��ز األع�لام والبوس��ترات وغيرها ،وإس��عاف جرحى المظاهرات ،وقد تحولت مئات النس��اء من خارج الحق��ل الطبي إلى مُس��عفات وطبيب��ات ،كما ال يُمكن تجاهل دور الناش��طات إعالميًا وسياس��يًا وفي مج��ال اإلغاثة والمجاالت الحقوقية ،وهناك مئات الناشطات والحقوقيات واإلعالميات اللواتي تعرض��ن لالعتق��ال والمُالحق��ة ،ومنهن ما زلن يُمارسن دورهن متخفيات ،والمؤسف أن بعض الجماع��ات اإلس�لامية المتطرف��ة أيض��ا تالحق هؤالء وتضيق عليهن ،لتُصبح المرأة الس��ورية
11
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل 12
نح��ن ف��ي التجم��ع نعمل في مج��ال اإلغاثة اإلنس��انية بالتركيز عل��ى الم��رأة والطفل ،وف��ي مجال التعلي��م أيض��ا ،م��ن خ�لال دع��م مش��اريع التعلي��م ،وإنش��اء حلقات تعلي��م مفت��وح تديره��ا نس��اء ف��ي المناط��ق الت��ي ال يوج��د فيها مدارس،إضاف��ة إل��ى تأس��يس مشاريع عمل صغيرة لبعض النساء اللوات��ي فق��دن أعماله��ن ومعي��ل عائالته��ن ،وتنظي��م ورش العمل المدن��ي ف��ي المجتمع��ات المحلية لتعري��ف الن��اس بأس��س العم��ل المدن��ي وأهميته وكون المرأة جزء منه ،واألهم هو العمل على قضايا التثقي��ف والتوعية بحق��وق المرأة والطفل واإلنس��ان عموما ،وأعتقد أن ع��دة تيارات ومؤسس��ات مجتمع مدني خاص��ة بالمرأة ب��رزت خالل الث��ورة ،منها اس��تمر ومنه��ا انتهى بس��بب قضاي��ا التمويل م��ن جهة، وبس��بب ترهلها ودخول مؤسسيها ف��ي أم��راض التي��ارات السياس��ية المدني��ة األخ��رى المعروفة ،وحتى اآلن ل��م يب��رز جس��م كبي��ر ومهم ممث��ل للم��رأة وقضاياه��ا بش��كل حقيقي ،وألس��باب متعددة ال مجال لش��رحها ،وم��ا زلن��ا نحت��اج الكثير لألسف. وح��ول كيفي��ة حماية النس��اء الالجئ��ات ف��ي المخيم��ات م��ن االستغالل أوضحت الدكتورة الحديد أن المرأة السورية الالجئة تعرضت لكثي��ر م��ن الضغوط��ات وحم�لات التشهير اإلعالمي المُنظمة بشكل مُمنه��ج للنيل م��ن كرامتها ،والتي ربما كان��ت تلك أكث��ر القضايا ألمًا للمرأة الس��ورية الالجئة ،ولذلك ال بدّ من مواجهة هذه الحمالت بوعي ومُكاش��فة وبتقدي��م معلوم��ات حقيقي��ة ع��ن أوضاعه��ا ،وأكثر ما يحمي الالجئة هو تأمين احتياجاتها واالكتف��اء االقتص��ادي مم��ا يمن��ع اس��تغاللها مادي��ًا ،وال يتم هذا عبر التبرع��ات فقط ،بل من خالل إيجاد مشاريع عمل صغيرة تديرها المرأة وتكون جزءا منها. وقال��ت :إن ه��ذه المش��اريع ستش��غل أوقاته��ن وتحق��ق له��ن حضور مميز في مجتمعهن ،واألهم تحقق الكفاي��ة المادية لعائالتهن، إضاف��ة إل��ى تقديم برام��ج الدعم النفس��ي واالجتماع��ي لتتج��اوز الم��رأة وأطفاله��ا كل الصدم��ات واآلالم النفس��ية الت��ي تعرضت لها خالل رحل��ة لجوئها ،وما ترتب على فقدانه��ا لمنزله��ا ،وبيئتها األصلية وأحيان��ا كثي��رة أفراد م��ن عائلتها، وم��ن المه��م أيضا القي��ام بحمالت توعية بخصوص الصحة اإلنجابية وتحديد النسل ،وقضايا التعامل مع األطفال ومش��كالتهم وغيرها مما تحتاج��ه العائلة ع��ادة ،وما نتج من مشكالت عديدة ترتبت على اللجوء نفس��ه ،وهذا يحتاج عمل مؤسسي منظ��م ومتواص��ل ،ولي��س مجرد مبادرات فردية ال تفي بالغرض.
اكتفاء
أنفضُ الصال َة عن جسدي المُعبَّأ بالشهواتِ، آتيكِ مُنتَعِ ً ال رذا َذ طفولتي، الغيم تحتي إلاّ حيرَتي ال أُبصِرُ مِنَ ِ َ واحتِفال الهاويَة. كالريح، المُتمايل خَصركِ أحبو إلى ِ ِ ِ ُّ فيَنسَل مِنّي المَطر أرتَدي الغيمَ عبا َء ًة ويَصعَدُ صَوبَكِ مُمتلئًا َل ً هفة وشَبَق. أُلقي بظِلي في حُض ِنكِ حينَ يجتاحُكِ َ القمحُ، ُ الحُلم وحدكِ وأحمِل عنكِ عنا َء المضيّ إلى ِ في َليلةٍ غابَ عنها َ القمرُ.
*** ُ أنفضُ الصال َة عَن جَسدي المُعبّأ بالشهواتِ، ٌ واكتِساب الخُلود، العتِناق األلوهَةِ حاجَة بي ال ِ ِ ً المَشي مُدرَّبَة على ما دامَت أصابعي ِ
ياسر خنجر
َ شَهقتِكِ. إلى أسرا ِر صَدركِ، أكتَفي بالمَبيتِ عُمراً واحداً على ِ ُ حيث تَرعى الظِبا ُء الكالمَ وتَقفِزُ مِن صَخرَةٍ إلى شَفتي، بالرماح تَحنُّ إلى َثق ِبها. غيرُ آ ِبهَةٍ ِ وأنا رَفيقُ الرُعاةِ، ُ ُ حيث اتّكأتُ أضا َء ليَ األفقُ حَرف ًا َ ُ المُتعَبَة، ومالت على روحيَ ٌ َغ ٌ مُتعِبَة، يمَة ُ أبحَث عَن عُش��بَةٍ ألفيء فتِهتُ كم��ا الغَي��مُ إليها ُ عالِقةٍ في َ َ شَفتَيكِ. وما وَجَدتُ غيرَ أغنيَةٍ ُ األماكِن مَهجورَ ٌة وخرابُ، "ك ُّل ِ َ َ َ َّ ُ غركِ". إن لم تُؤثث بقبلةٍ مِن حمائِم ث ِ ِ ً أكتَفي بالمَبيتِ عُمراً صَدركِ، على ا واحِد ِ ُ حَيث ترعى الظِبا ُء الكالمَ، ُ وتَف َلتُ مِن َ فق السُنونوات. زُرقةِ األ ِ
املحامي �أنور البني ل�سوريتنا
املر�أة ال�سورية م�شارك حقيقي و�أ�سا�سي يف الثورة و�سيكون لها الدور الأ�سا�سي والفاعل يف بناء �سوريا اجلديدة حوار :زليخة سالم
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل
الث��ورة أنثى ،والحياة أنثى ،ومن رحمها تولد الحياة ،وهي األج��در بحياة تليق بتضحياتها منذ والدته��ا وحت��ى مماته��ا ،الم��رأة الس��ورية التي قدم��ت الكثير الكثير للثورة ،ب��دءاً من التظاهر، ولي��س انته��ا ًء بالم��وت تح��ت التعذي��ب ،وقت��ل أوالده��ا أمام أعينها ،ه��ي اآلن تتحمل فوق كل ه��ذا أعباء كبيرة ف��ي النزوح الداخل��ي ،واللجوء إلى مخيمات الدول المجاورة ،في لعب دور المرأة والرجل لحماية عائلتها وتأمين معيش��تهم ،بعد أن فقدت الكثيرات منهن معيل أسرتها. تناق��ض كبير في مواقف الث��وار من المرأة، فمنهم م��ن آمن بدورها ليس ف��ي الثورة فقط بل ف��ي دوره��ا كش��ريكة فاعلة ف��ي المجتمع، ومنهم من يعلن ش��يء ويمارس��ه خ�لال حياته ش��يئاً آخر ،والبعض م��ن مدّعي الث��ورة ،مازال يرى في المرأة مجرد جارية في المنزل ،إال أن ما حققته المرأة السورية في الثورة كخطوة مميزة لحضورها الفاعل ،لن يستطيع أحداً إعادتها إلى ال��وراء على الرغم من أنها تحت��اج ثورات قادمة للوصول إلى حقوقها كاملة ،كما ال يمكن العودة عن الثورة تمامًا. وحول دور الم��رأة بالثورة ،وم��ا تعرضت له م��ن انته��اكات ،وكيفي��ة حمايتها قانوني��اً ،وفي مخيمات اللجوء ،ودورها المجتمعي الالحق ،قال المحام��ي /أنور البني /رئيس المركز الس��وري للدراس��ات واألبحاث القانونية :للمرأة كان الدور األساس��ي ب��ل األهم بنض��وج وانط�لاق الثورة بس��وريا .ويتوزع دورها بالثورة الس��ورية لعدة مح��اور ،س��أذكرها دون الدخ��ول بتفاصيلها ألن ه��ذا ال��دور يحتاج لمجل��دات كبيرة ودراسة معمقة. قام��ت الم��رأة الس��ورية بدور والمحرض��ة والموجه��ة المربي��ة ِ ِ والملهمة والمش��ا ِركة والمساعِدة، ِ وقامت بهذا الدور بمختلف أش��كاله ب��كل اندف��اع وحم��اس م��ع كل ما خ ّلفت��ه ه��ذه الث��ورة م��ن آالم كان للم��رأة النصي��ب األكبر منه��ا ألنها األكث��ر حساس��ية وعاطف��ة ،وكان الع��بء األكبر من لملم��ة اآلثار يقع على كاهله��ا ،إن كان في المناطق الثائرة ،أو المناطق التي انحس��رت عنها قوات النظام. ويختل��ف دور الم��رأة حس��ب موقعه��ا كأم وأخ��ت وابن��ة وزوجة وحبيب��ة ،وف��ي كل مواقعه��ا كان للم��رأة الدور األساس��ي المش��ارك بفاعلي��ة و الداع��م والملهم ،وكما قلت س��تحتاج لمجلدات كبيرة لتفي الم��رأة الس��ورية حقها ف��ي تاريخ الثورة السورية. وأض��اف المحام��ي البن��ي :كما الرج��ال تعرض��ت المرأة الس��ورية لالعتقال ،والتنكيل ،والتعذيب بكل أنواعه من الضرب ،والجلد ,والشبح،
والكهرب��اء ,ب��ل كان لالعتق��ال آث��ار مضاعف��ة على المرأة نس��بة إلى طبيعة جس��مها الجسمية والفيزيولوجي��ة ،باإلضافة لموض��وع االغتصاب بممارس��ته أو التهديد به ،وعانت المعتقالت من ظ��روف ،االعتق��ال الس��يئة حيث ال يت��م تقديم أي احتياج��ات إنس��انية أو طبي��ة للمعتقالت ،بل يتم حرمانهن منها بش��كل مقص��ود خاصة وأن للمعتقالت احتياجات تتعلق بكيانهم كأنثى أكثر من الرج��ال ،وأحيانا يكون م��ع المعتقلة أطفال ورضَ��ع مع ما يرت��ب ذلك من معان��اة إضافية ال تحتمل وتنتقل هذه المعاناة مع المعتقالت حتى عندما يتم نقلهن لس��جون مدني��ة حيث ظروف الس��جن أفضل قلي�لا ،فيكون وض��ع المعتقلين حينه��ا أفضل من وضع المعتقالت حيث تس��تمر معاناتهن بكل أش��كالها م��ع االحتياجات الخاصة واللباس واألطفال. ليس لدين��ا أرقام دقيقة ألع��داد المعتقالت ف��ي س��وريا ،ولك��ن وحس��ب ش��هادات المف��رج عنه��ن م��ن الف��روع األمني��ة وأماك��ن االحتجاز والس��جون حول أع��داد المعتقالت ف��ي األماكن الت��ي كانوا فيه��ا نقدر العدد بما يتج��اوز الثالثة آالف معتقل��ة ،وأتكلم هنا عن العدد في منطقة دمشق وس��جونها ومعتقالتها وليس لدينا أرقام عن المعتقالت ف��ي المحافظات األخرى ،وإن كنا نقدر أرقامهم بما يوازي العدد الموجود بدمشق ومنطقتها. وقال :أعتقد أن الثورة ومنذ أيامها األولى قد حققت آثارها بالبني��ة المجتمعية وحررت المرأة السورية من كثير من القيود التي كبلتها لعقود،
من خ�لال مش��اركتها بفاعلية كبيرة وأساس��ية بالثورة جان��ب الرجل وبموازات��ه وبأحيان كثيرة متفوقة عليه ،وأكد دوره��ا وعزز مكانتها ونقل مكانه��ا إلى مس��توى عال من المس��اواة الفعلية فكان��ت المتظاه��رة ف��ي الصف��وف األمامي��ة، واإلعالمي��ة الكفؤة ،وناش��طة اإلغاث��ة الحنونة، والممرض��ة الرائع��ة ،وقناة االتص��ال المأمونة، وحتى عندما أصبح السالح هو الوسيلة األساسية للدف��اع ع��ن النف��س ش��اركت المرأة الس��ورية بفاعلية وإن لم يكن ذلك بالقتال المباشر. وأعتق��د أنه مهما حاول البعض إعادة فرض س��يطرة المجتم��ع الذك��وري ،أو الدين��ي ،عل��ى المجتم��ع الس��وري ،ف��إن ذلك س��يبوء بالفش��ل ألن الم��رأة حققت مكان��ا لم يعد يمك��ن العودة عنه ول��م يعد بإم��كان المجتمع الذك��وري إعادة فرض س��يطرته على المرأة بالش��كل الس��ابق ألنه��ا تح��ررت م��ن القي��د ول��م يع��د باإلم��كان إع��ادة تقييدها من جدي��د فالثورة قلب��ت البنية المجتمعية وغيرت المفاهي��م لألفضل ولم يعد هناك مجال للعودة للوراء أبدا. وأض��اف المحام��ي البني :حماي��ة أي عنصر بالمجتم��ع يحت��اج لبيئ��ة قانوني��ة ،والمش��كلة ف��ي مخيم��ات النزوح ال توج��د البيئ��ة القانونية والمرجعي��ة القضائي��ة للحماي��ة ،فف��ي ظروف المخيم��ات في البل��دان المج��اورة غالبا ال تطبق الحماية القانونية للبل��د المضيف على النازحين لصعوب��ة ذلك م��ن كل النواحي ،وأساس��ا لعدم وجود المناف��ذ واألذرع والس��لطات الكاملة للبلد المضيف على المخيمات ،وتقتصر هذه السلطات على األمن خارج المخيم ولهذا يقع العبء أساسا على منظمات المجتمع المدن��ي ،ومنظم��ات اإلغاث��ة التي تدخل المخيم��ات ولديها اإلمكانيات للوجود الحقيقي فيه��ا على القيام بم��ا يمكنها م��ن حماي��ة النازحين وخاص��ة األطف��ال والنس��اء من أي اعت��داء ويس��توجب ذل��ك تعاون��ا جدي��ا من س��لطات البل��د المضيف للتح��رك تنفيذي��ا وقضائي��ا عن��د طلب المنظمات ذلك وضبط حاالت االنته��اكات أو الجرائ��م التي تحدث هناك تحت أي مسمى. بالمحصل��ة الم��رأة الس��ورية ارتق��ت به��ذه الثورة م��ن مفهوم / النسوان /االجتماعي الذي يعبر عن ضيق باألفق وتفاه��ة االهتمامات، إلى مفه��وم المرأة ال��ذي يعبر عن مفه��وم قانون��ي اجتماع��ي لكيان يتمتع ب��كل الحقوق ويقوم بكل ما يتوج��ب عليه ليثب��ت وأثبت للجميع أنه أكثر من نصف المجتمع فاعلية، وأنه مش��ارك حقيقي وأساسي في الثورة وس��يكون له الدور األساسي والفاعل ف��ي بناء س��وريا الجديدة الت��ي ل��ن تك��ون أب��دا ب��دون هذا الوجود الحقيقي والفاعل.
13
�إىل ال�سوريات الرائعات رأيتهن هن ووجوههن الزرقاء المموهة والكدمات المخفية بين سيقانهن هن وكلماتهن الخرساء ,وأحالمهن المسجونة هن وابتساماتهن الواهنة وأيديهن المرتجفة. رأيت تلك النساء يعبرن الشارع كأرواح حافية األقدام يلتفتن إلى الوراء خائفات أن تلحقهن أقدام العاصفة
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل 14
كسارقات القمر يعبرن متنكرات بنساء عاديات ال يثرن الشبهات سوى لمن يشبههن.. بكي عليك يا إمرأة المليئة قمراً المليئة ماءاً المليئة انهاراً المليئة حقو ًال وأشجاراً أبكي على الماء الذي يملؤك على الريح التي تهب في صدرك على النيران التي تتأجج في خيالك أبكي على حنانك على رقتك أبكي على سذاجتك أبكي توقك للحرية أريد أن أكون امرأة عالمتها الفارقة ابتسامة أبدية على شفتيها
قبالت عذبة تقطر من شفاهها أريد أن أكون امرأة ال تجمع ال تطرح ال تضرب ال تقسم ال تكسر ال تمحى
مرام المصري
عدال ْة.. ّ ذهب و�سن ْ هاال محمد مع ّل ٌ قة في الزَّمنْ يا أمي. هذه الحرب ذوّبتْ قلبيْ. ال أثر ليْ سوى ما ّ تبقى منْ دُعائك في الرّوحْ. دعاؤك.. الذي ك ّلما متُّ أيقظني دعاؤك الذي بال انتباهٍ بال قصدٍ بعنايةٍ إلهيّةٍ بمحض صُدفة الرأفة بقلبي تتمرّغ حروفهُ.. حرفاً حرفًا تَتَمرّى حُروفهُ حَرف ًا حَرف ًا بسنّك الذّهبْ. ك ّلما لمحتُ ذهبًا مرميًّا على صُدور النّساء منسيّاً في األصابع مُشرّداً في واجهات المَحلاّ ت مُشلش ً ال.. كأجراس الكنائس.. كال ّثريات في الجوامع الفقيرة يَتيماً في صُرر األعراس أد ّلهُ على شفاه األمهاتْ. هناكَ.. ستسبكهُ الشفاهُ ً عدالة يا أمّي.
األقصّى من األرض ،أو ربما ف��ي المغرب ْ في الشَّ��رق ْ األقصّى منها .وفي إحدى س��هولها ووديانه��ا ،أو ربما على إح��دى جبالها وهضابها .نش��أت امرأة لم ٍ ً ً خشبي صغير ،تلبس ما كوخ تُحدث أحدا ولم يُس��مع صوتها يوما .ترعرعت في ٍ قصر رخامي كبير ،ترتدي أنعم في ش��وهدت أنها قيل وقد الصوف، من خشِّ��ن ٍ ولسبب ما يجهله الجميع .لقد الدهر، أبد حتى تصْمت أن اختارت قد كانت الحرير. ْ ٍ جابت بقاع األرض من مش��رقها إلى مغربها ،ومن ش��مالها إلى جنوبها .فاختبرت برد الش��تاء القارص ولهيب الصيف الحارق ،والتقت باإلنسان األبيض واإلنسان األس��ود ،وتعرفت على آلهة الحاضر وآلهة الماض��ي .وكانت كلما وصلت ً قرية أو
مدينة ،تنطق حروفاً في كفيها ثم تحيكها بأصابعها لِتُمسي بذوراً تزرعها. ولمّا حانت س��اعة موتها ،سقط من السماء وعلى كل بذرة زرعتها قطر ُة ٌ بثمار شفافة كالزُّجاج ال لون لها ،ومكللة ما ٍء واحد ٌة فقط ،فخرج منها أشجارٌ ٍ أن يأكل أحدهم منها حتى يُمس��ي الصِّدق صديق��ًا له ال يفارقه أبداً .لقد ما ْ فارق��ت الحي��اة بعد أن زرعت أش��جار الصِّدق في ُك ِّل مكان ،ف��ي مدنِ وقرى األرض جميعها ،وبعملها فقط دون أن تحدث عن نفسها بشراً. ِ سوريا /ريف حلب 2012 / نصوص وتصوير :باسل حسو دقق النص :سيما نصّار
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 /
�أحـــرف
أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل كاريكاتير العدد | الفنان عبد المهيمن بدوي
15
�أم يا�سني و�أم جعفر عامر محمد مبنية على أحداث جرت في الواقع مع بعض التعديل في األسماء
ملحق خاص بيوم المرأة السورية | / 8آذار 2014 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل 16
تص��ل أم جعف��ر إل��ى القص��ر الجمه��وري ُ وجم��ل رنانة فك��رت بها بدمش��ق ،أف��كار كثير أثن��اء الطريق الش��اق م��ن قل��ب العاصمة حتى قم��ة الجبل ،كان��ت وصلت العاصم��ة قادمة من طرط��وس قبل يوم واح��د ،أم جعفر لم تعد أمٌ لجعف��ر بعد الي��وم ،بل أصبحت ثكل��ى الضابط ال��ذي قضى في معارك الب�لاد ،قضى في درعا، كان م��ن الممك��ن أن ال تفكر في زي��ارة القصر الجمه��وري حتى لو كان جعف��ر هو ولدها الثاني بعد س��ليم الذي يس��قط أيضَا في آتون الحرب، لك��ن ما دفعها للتوجه إلى العاصمة وإلى القصر الجمهوري هو أن ش��عبة تجنيد "الشيخ مسكين" أبلغت ابنه��ا الثالث بض��رورة التحاق��ه بالجيش ف��وراً ،كان ال بد لها من أن تتص��رف ،فقررت أن تقابل أنيس��ة األس��د ،قالت أم جعف��ر لمقربين منها "لق��د فقدت هي أيضًا ولدين وس��تفهمني وتريحني من احتمال فقدان الثالث". في ظهيرة اليوم نفس��ه كان��ت أم آخرى قد وصل��ت إلى فرع األمن الج��وي في المزة ،هذه ال تعل��م تماماً إن كان ولدها "ياس��ين" حيًا أم ميتاً، وال تعلم ً أص�لا إن كان في هذا الفرع ام ال ،فقد ق��ررت زيارته بعد أن نش��رت تنس��يقيات قائمة أس��ماء كامل��ة قال��ت إنهم ش��وهدوا ف��ي الفرع منذ أي��ام وكتب ضمن القائمة "ياس��ين مجهول الكني��ة" أخبرته��ا ابن��ة اخيها فتوجه��ت إلى فرع الجوية تنتظر على بابه. عل��ى باب القصر الجمه��وري أبلغت أم جعفر الح��راس عن موعدها مع أنيس��ة األس��د ،الموعد دبر عب��ر قراب��ات ش��تى أوصلته��ا لموافقة على المقابل��ة ،الثكل��ى تدخل مترنحة لكن بش��يء ما م��ن األمل ،لديها الكثير لتقولها للس��يدة األخرى، أُجلس��ت في به��و كبير وفاره ،رس��م على بالطه لوح��ات وزخارف بش��كل يدوي ،كان��ت قد تعرفت على نافورة الب��ركان ،فقد تحدث عنها التلفزيون كثي��راً حين مات حافظ األس��د ،هي تنتظر لحظة المقابلة مع الس��يدة التي أصرت أن تبقى األولى، كانت قد بدأت تطمئن أن ولدها س��ينجو وستنجو هي به ،تأملت أم جعفر البهو ،وذكرها ببهو بيتها نسبياً فأم جعفر تنتمي لعائلة ميسورة ،لم تعرف العوز وتملك من األراضي والمواشي الكثير. عل��ى باب الجوي��ة كان النهار قد انتصف ،أم ياسين ال تعرف من تسأل سوا جندي يكلمها من خل��ف متراس ،تحكي له قص��ة ولدها فيقاطعها وال يود المتابعة ،تكرر اسمه فيشيح بيده لها أن تنصرف ،تبدأ رويداً رويداً بالدعاء له ثم الترجي، ف��ي لحظة يغضب الجن��دي ويرتبك ويطلب منه
اإلبتع��اد ،تُفت��ح األب��واب المصفح��ة وينتش��ر جن��ود كثر م��ا كان للناظ��ر من خ��ارج المتاري��س أن يع��ي عدده��م خلف��ه ،ته��رول أم ياس��ين قلي�ل ً ا وال تس��عفها س��رعتها على االبتعاد بالقدر الكاف��ي ،تخ��رج س��يارات بزج��اج أس��ود ،ه��و ضابط كبي��ر خ��رج للتو من الفرع ،لم يعد أحد ينتبه ألم ياس��ين التي وقعت أرض��ًا ،يم��رّ الموكب ويع��ود الجنود إل��ى الفرع الذي بات ثكنة ،وتكرر أم ياسين التراتبية ذاتها، رواية القص��ة للجندي الذي تغير ،تكرار األس��م ثم الدعاء فالترجي والبكاء. في القص��ر ،تصل صبية أنيقة وممش��وقة القوام إلى البهو حيث تنتظر أم جعفر ،الموظفة تنق��ل خطاه��ا بالكثير م��ن الرصان��ة واألنوثة، ال وتهبط قلي ً تنورته��ا ترتف��ع قلي ً ال كاش��فة عن ركبتيه��ا ،أم جعف��ر تنظ��ر ف��ي عيونه��ا وه��ي مقبلة إليها والثانية تقوم بالمثل ،إلى أن تصبح المس��افة جيدة لكليهما لب��دء الحديث ،الموظفة تبتس��م ألم جعف��ر وترح��ب بها ،ث��م تخبرها ما ل��م يكن متوقع��اً ،الس��يدة األولى لن تس��تطيع مقابلته��ا ،وهذه الصبي��ة األنيقة أًرس��لت لنقل ش��كواها ،ترفض أم جعفر ه��ذا التحول ،وتصر عل��ى مقابل��ة األولى ،الموظفة تح��اول أن تكرر الفكرة ،لن تقابلي الس��يدة األولى بل ستقابلين مندوبة عنها. طالما تغنت أم ياس��ين بحدسها النادر ،فهي تق��ول عن نفس��ها أنها تش��عر بما ه��و آت ،يوم غاب ياس��ين شعرت صباحًا بانقباض في القلب، انقب��اضُ ال يصيبه��ا إال قب��ل المصائب ،فكانت مصيبة ،اعتقل الفتى ابن الس��ابعة عش��رة من قه��وة في دمش��ق القديمة ،علم��ت فيما بعد أن زميل��ه دسّ علي��ه ،ولم تعلم بعد مضي أش��هر أربع��ة عنه أي خب��ر ،والي��وم أمام ف��رع الجوية تشعر بانقباض مماثل لذاك ،هل يكون قد مات؟ ه��ل تفصلها ه��ذا الجدران العالي��ة عنه؟ أو عن جثته؟ ه��ي لم تأتي لتراه الي��وم ،تدرك أن ذلك مستحيل بل أتت فقط لتعرف إن كان حيًا فيه. ف��ي القص��ر ع��ادت الموظف��ة إلى الس��يدة
األول��ى م��ن جدي��د لتبلغه��ا برغب��ة أم جعف��ر بمقابلته��ا ،أم جعفر في البهو وق��د بدأ الغضب يعتريها ،تعود الموظفة حاملة بشرى ألم جعفر، "هذه ورقة ،أكتبي رس��الة للسيدة" كان صبر أم جعف��ر ق��د نفذ ولم تع��د تفكر في ابنه��ا الثالث بل بش��هيديها اللذان قضيا ،أل��م يموتا من أجل من في ه��ذا القصر؟ قالت أم جعفر هذه العبارة ف��دوّت في عموم القصر ،لمن ماتا؟ أال اس��تحق خم��س دقائق من وق��ت معاليه��ا؟ الموظفة لم تنبس ببنت ش��فة ،فيما فاضت أم جعفر بما في قلبها حين مُنعت عن ما قال التلفزيون الرسمي إنه حقها كأم لشهيديين ،لم ترد عليها الموظفة وقدم��ت عرضًا جدي��داً "أمرت الس��يدة لك بمبلغ ملي��ون لي��رة" كان��ت أم جعفر هادئ��ة حتى تلك اللحظة ،وفي ما قبلها كانت تبحث عن التقدير ال عن اإلهانة كما فس��رت العرض األخير ،صرخت وبكت وقالت م��ا ال يُنجي في القصر الكبير ،ثم سيقت خارجه ورميت إال قليال. ً على باب الجوي��ة ال يختلف الدمع كثيرا لكن ال صراخ مس��موع فيه ،هو مكب��وت تملئه حرقة المظل��وم" ،فق��ط أري��د أن أع��رف إذا كان حيّاً" تقول أم ياس��ين للجندي الذي ب��دل النوبة وحل محل الس��ابق "أكشف لي عن اسمه في الداخل، أعلمني هل أقيم مجلس عزاء". يق��ال أن أم جعف��ر هرّب��ت ولده��ا الثال��ث إل��ى لبن��ان ومنه إل��ى بل��د غربي ،ويق��ال أيضَا أن أم ياس��ين زارت الجوي��ة والسياس��ية واألمن العس��كري ومكتب المصالح��ة الوطنية ومجلس الش��عب ،فيم��ا زارت أم جعف��ر بش��كل منتظم قبر جعفر وس��ليم وص ّلت لهم��ا ،متمتعة بنعمة امت�لاك قبر لولد حملته صغي��راً ولم يحملها في كبرها ،أم ياس��ين ال تزال تبحث عن ياسين ،وأم جعفر ال تزال تسأل لماذا مات ولديّ معًا.