007 نعمة السعادة

Page 1


‫المعرفة بعد ‪ 42‬عام ًا‬ ‫يحظى �شهر دي�سمرب مبكانة خا�صة يف قلوب �أهل الإمارات‪ ،‬بل وميتد ت�أثريه‬ ‫لي�صل املنطقة العربية والعامل �أجمع‪ .‬ففي الثاين من هذا ال�شهر �أعلن عن‬ ‫قيام احتاد بالدنا قبل ‪� 42‬سنة‪ ،‬ومن تابع تطور املعرفة والعلوم يف بالد‬ ‫زايد‪ ،‬ارت�سمت على وجهه كربى عالمات التعجب واال�ستفهام؛ فما جرى‬ ‫يف هذه الدولة الفتية �أ�شبه ما يكون باملعجزة‪� .‬أربعة عقود فقط كانت كفيلة‬ ‫بتعليم اجلاهل وت�أمني اخلائف و�إطعام اجلائع والنهو�ض بالأمة حتى �أ�صبح‬ ‫�شعب الإمارات؛ ال�شعب الأ�سعد‪.‬‬ ‫نحن ال ندعي ما لي�س فينا‪ ،‬بل وال نتجمل‪ ،‬فالقا�صي والداين �شهد لبالدنا‬ ‫مبنجزاتها‪ ،‬و�أثنى على تطلعاتها‪ ،‬بل ومتنى �أن يحظى و�أترابه يف بالده‬ ‫مب�ستوى ال�سعادة التي يحظى بها املواطن الإماراتي‪ ،‬بل واملقيم وكل زائر لهذه‬ ‫الأر�ض الطيبة‪ .‬فال�سعادة �أمر ال ت�شرتيه الأموال بل ت�صنعه العقول النا�ضجة‬ ‫والر�ؤية ال�صحيحة‪ .‬والنجاح ال يتحقق بالتمني بل يحتاج لر�ؤية عظماء‬ ‫كال�شيخ زايد وال�شيخ را�شد طيب اهلل ثراهما‪ ،‬وعزمية حكام ا�ستثنائيني‬ ‫كال�شيخ خليفة وال�شيخ حممد حفظهما اهلل ورعاهما‪ .‬ومبنا�سبة اليوم الوطني‬ ‫الثاين والأربعني‪ ،‬ونتيجة لنجاح الإمارات و�سعادة �شعبها فقد ارت�أينا �أن‬ ‫نطرح ملخ�صاتنا لتتمحور حول ال�سعادة والطاقة الإيجابية والنجاح وكلها‬ ‫عنا�صر نعي�شها يف دولة الإمارات العربية املتحدة‪.‬‬ ‫ولذا ف�إن خال�صاتنا الثالث لهذا ال�شهر �ستكون‪:‬‬ ‫‪ u‬كتاب نعمة ال�سعادة‪ :‬املبادىء ال�سبعة للطاقة الإيجابية التي حتقق النجاح‬ ‫وتعظم الأداء‪ ،‬من ت�أليف‪� :‬شون �آكور‪ ،‬ويرى الكاتب من خالله �أن الطاقة‬ ‫الإيجابية تنتج من تفعيل الإيجابيات ال من ت�سكني ال�سلبيات‪ ،‬و�أن ال�سعادة‬ ‫ت�أتي قبل النجاح‪ ،‬وكيف متنحنا ال�سعادة ميزات تناف�سية �شخ�صية وم�ؤ�س�سية‪.‬‬ ‫‪ u‬كتاب �إدمان الإلتهاء‪ :‬كيف تتوا�صل مع العامل دون �أن تهمل �أ�سرتك �أو‬ ‫ت�ؤرق زمالءك �أو تتعب بالك‪ ،‬من ت�أليف‪� :‬ألك�س �سوجاجن كيم باجن‪ ،‬والكتاب‬ ‫يبني كيف يكون الإن�سان �أكرث عر�ضة مل�شاعر الر�ضا وال�سعادة حني ينهمك‬ ‫يف العمل وميار�س الأن�شطة واملهمات ال�صعبة‪ ،‬مبقارنة بالنجاحات الب�سيطة‬ ‫واملتقطعة‪.‬‬ ‫‪ u‬كتاب اال�ستب�صار‪ :‬كيف ي�صل القادة باالبتكار �إلى حد الإبهار‪ ،‬من ت�أليف‪:‬‬ ‫ج‪� .‬شون هانرت‪ ،‬ويعطي امل�ؤلف من خالله تعريف ًا جديد ًا للميزة التناف�سية‪،‬‬ ‫وي�شرح الفرق بني الإبداع واالبتكار‪ ،‬ويو�ضح ت�أثري االبتكار على الثقافة‬ ‫امل�ؤ�س�سية‪ ،‬وكيفية التمتع بعقلية ابتكارية‪.‬‬ ‫وبهذه املنا�سبة نتمنى لكم �سعادة دائمة وقراءات ممتعة‪.‬‬ ‫جمال بن حويرب ‬

‫الع�ضو املنتدب مل�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم‬ ‫‪1‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫ال�سعادة قبل النجاح‬ ‫يظن معظم النا�س يف كل العامل �أنّ ال�سعادة هي �إحدى‬ ‫املخرجات املبا�شرة للنجاح‪ .‬فمن يعمل ويجتهد ويحقق كل‬ ‫�أهدافه �أو حتى بع�ضها‪� ،‬سيكون �سعيد ًا ال حمالة‪ .‬فنحن‬ ‫نحدث �أنف�سنا دائم ًا يف الال�شعور ب�أننا �إن جنحنا‪� ،‬سن�شعر‬ ‫حتما بال�سعادة‪ ،‬وهذا يعني �أنّ النجاح لي�س هدف ًا‪ ،‬بل هو‬ ‫حمفز ومن�شط لل�سعادة‪ .‬كثري ًا ما نقول لأنف�سنا مث ًال‪� :‬إذا‬ ‫ح�صلت على تلك الوظيفة املرموقة‪� ،‬أو متتعت ب�أعلى زيادة يف‬ ‫الراتب‪ ،‬و�إذا ما حققنا هدفنا البيعي‪� ،‬أو فزنا ب�إحدى جوائز‬ ‫التميز‪� ،‬أو خ�سرنا ب�ضعة كيلوجرامات من وزننا‪ ،‬ف�إننا �إذن‬ ‫�سعداء‪ .‬وهذا يعني بب�ساطة �أنّ النجاح يجب �أنّ ي�أتي �أو ًال‪ ،‬ثم‬ ‫تلحق به ال�سعادة!‬ ‫لكن املعادلة وال�شروط ال�سابقة غري �صحيحة‪ ،‬بل هي مقلوبة‪:‬‬ ‫فلو كان النجاح ‪ -‬حق ًا ‪ -‬هو �سبب ال�سعادة‪ ،‬ف�سين�ضم كل‬ ‫موظف يح�صل على ترقية‪ ،‬وكل طالب يقبل يف اجلامعة التي‬ ‫يحلم بها‪� ،‬أو كل من حقق هدف ًا �آني ًا �أو بعيد ًا‪� ،‬إلى م�صاف‬ ‫ال�سعداء‪ .‬فكلما وفق �أحدنا وحقق بع�ض �أو معظم ما ي�صبو‬ ‫�إليه‪ ،‬كلما ارتفع �سقف توقعاته‪ ،‬وت�صاعدت طموحاته‪ ،‬وراح‬ ‫يكدح لتحقيق ما هو �أعلى و�أ�صعب و�أكرب‪ ،‬وما هو فوق طاقاته؛‬ ‫مما يجعل ال�سعادة هدف ًا متحرك ًا و�أمر ًا ي�صعب �أو يتعذر‬ ‫حتقيقه يف كثري من الأحيان‪.‬‬ ‫املهم يف هذه املعادلة �أنها ال تعمل يف اجتاهني متقابلني‪ ،‬بل‬ ‫هي مقلوبة متاما‪ .‬فبعد ما اكت�شف الباحثون يف جماالت‬ ‫“علم النف�س الإيجابي” و “ت�شريح املخ والأع�صاب” ما يثبت‬ ‫�أنّ ال�سعادة ت�سبق النجاح‪� ،‬أدركوا �أنها تبث طاقة �إيجابية‬ ‫قوية تقود �إلى النجاح‪ ،‬لأنها تعظم م�ستوى الأداء‪ ،‬وتدفع‬ ‫نحو الإجناز‪ ،‬وتوفر ميزة تناف�سية ا�ستثنائية ت�سمى‪“ :‬نعمة‬ ‫ال�سعادة”‪ .‬ف�إذا �أردت �أن حتقق جناح ًا مرموق ًا يف عملك‪،‬‬ ‫عليك �أو ًال بتوفري مناخ ي�سوده الأمل يف بيئة العمل‪.‬‬


‫“هارفارد” والفردو�س املفقود‬ ‫حني �سطر “جون ميلتون” ق�صيدته امل�شهورة “الفردو�س‬ ‫املفقود” منذ حوايل ثالثة قرون‪ ،‬كانت جامعة “هارفارد”‬ ‫العريقة قد ت�أ�س�ست‪ .‬رمبا يثري هذا بع�ض اللب�س �أو يجعلنا‬ ‫نت�ساءل عن العالقة بني الق�صيدة واجلامعة‪ .‬مل يكن “ميلتون”‬ ‫يتوقع �أنه يف ق�صيدته قد تخيل ما �سيحدث يف “هارفارد”‪ ،‬التي‬ ‫يعترب الطلبة ‪ -‬يف البداية ‪� -‬أنّ جمرد وجودهم فيها �إجناز ًا‬ ‫وامتياز ًا‪ .‬ولكن ما �أن مت�ضي على بدء درا�ستهم فيها ب�ضعة‬ ‫�أ�سابيع‪ ،‬حتى يبد�أوا بال�ضجر وال�شكوى‪ ،‬ويعانوا من قلة النوم‪،‬‬ ‫ب�سبب ال�ضغوط النف�سية التي تفر�ضها عليهم �شدة املناف�سة‬ ‫وكرثة الأبحاث العلمية‪.‬‬ ‫جند كثريين من طالب “هارفارد” ي�صابون بالإحباط ال�شديد ب�سبب �إخفاق ب�سيط‪ ،‬بد ًال من التطلع �إلى امل�ستقبل الزاهر والفر�ص ال�سانحة‬ ‫�أمامهم‪ .‬وبدرا�سة حاالت ه�ؤالء الطالب‪ ،‬خ ُل�ص الباحثون �إلى �أنّ ن�سبة كبرية منهم ت�صاب باالكتئاب‪ ،‬وي�سارع بع�ضهم �إلى الإنقطاع عن‬ ‫الدرا�سة �أو التحول �إلى جامعات �أخرى ب�سبب تردي �أدائهم الدرا�سي‪� .‬أماطت الطروحات ال�سابقة اللثام عن الكثري من احلقائق التي �أخفتها‬ ‫�إمكانات “هارفارد” وبريقها‪ ،‬فرغم امتالء قاعاتها بخرية الطالب‪ ،‬جند �أنّ معظم ه�ؤالء يعانون من االكتئاب املزمن‪.‬‬

‫الطاقة الإيجابية تنتج من تفعيل الإيجابيات‬ ‫ال من ت�سكني ال�سلبيات‬ ‫وجد الباحثون �أي� ًضا �أنّ عالج االكتئاب يتحقق ب�إ�سعاد النا�س‪ .‬ف�إن كانت ال�سعادة ذات �أ�صول‬ ‫متجذرة يف �أعماق الإن�سان‪ ،‬ف�إنه �سيتحمل التوتر‪ ،‬ويرى يف ال�ضغوط حتديات يرتقي تلقائي ًا‬ ‫ب�أدائه �إلى معانقتها وحتقيقها‪ .‬وهكذا اكت�شفنا من درا�ستنا للطاقة الإيجابية �أنّ معاجلة‬ ‫ال�سلبي �أو التقليل منه‪ ،‬وتقوية نقاط ال�ضعف فقط‪ ،‬حت�سن �أداءنا �إلى م�ستوى متو�سط �أو‬ ‫“عادي”‪ .‬مع �أنّ بلوغ �أعلى م�ستويات الأداء والتميز‪ ،‬يقت�ضي �أنّ نبد�أ من م�ستوى جيد‪ .‬فمن‬ ‫املهم �أنّ نبني على القوي ومنتنه‪ ،‬ونحفز ال�سعادة الكامنة فينا ونحركها‪ .‬فمن ي�سعى ‪ -‬فقط‬ ‫ �إلى حتييد ال�سلبي �أو �إخفائه‪ ،‬ال ي�ستطيع �أن يتجاوز العادي �إلى اال�ستثنائي‪ ،‬واملقبول �إلى‬‫املمكن‪ ،‬مهما بذل من جهد وا�ستهلك من موارد‪.‬‬

‫ملاذا ندر�س الب�ؤ�س وال�شقاء ونتجاهل ال�سعادة والهناء؟‬ ‫يف درا�سة �إح�صائية لأبحاث علم النف�س �أجريت عام ‪ ،1998‬تبني �أنّ هناك ‪ 17‬درا�سة نف�سية تتوجه‬ ‫لبحث امل�شكالت ونقاط ال�ضعف واحلاالت ال�سلبية‪ ،‬مقابل درا�سة واحدة فقط تبحث يف التفا�ؤل وتركز على‬ ‫مواطن القوة واحلاالت الإيجابية‪ .‬بعبارة �أدق‪ :‬مقابل كل درا�سة تتناول �سعادة الب�شر ورخاءهم وعوامل‬ ‫ازدهارهم‪ ،‬هناك ‪ 17‬درا�سة تركز على ك�آبتهم و�إحباطهم و�أ�سباب ف�شلهم‪ .‬هذا يدل على �أنه من ال�سهل‬ ‫�أن يغرق �أي جمتمع يف غياهب احلزن والتعا�سة‪ ،‬بد ًال من التطلع نحو الإجناز‪ .‬كما يقودنا هذا نحو نتيجة‬ ‫حتمية م�ؤداها �أنّ ‪ :‬حتقيق الأحالم ال يت�أتى من الإ�صرار فقط على �إمتام املهام‪ ،‬ب�أي �شكل وب�أية تكاليف‪.‬‬ ‫فالرتهيب لي�س مثل الرتغيب‪ ،‬ونتائج الإجناز والإعجاز ال تتحق �إال بالتحفيز والتوجه الإيجابي‪ ،‬وحتريك القوي‬ ‫وغ�ض الطرف عن ال�ضعيف يف داخل كل �إن�سان‪ ،‬كائن ًا من كان! وهكذا متخ�ضت جتارب علم النف�س الإيجابي‬ ‫عن نتائج غيرّ ت مفاهيم ومعاين ال�سعادة على ال�صعيدين الأكادميي والتطبيقي‪ .‬فكانت النتيجة �أن تو�صل‬ ‫علماء علم النف�س الإيجابي �إلى �سبعة مبادىء �أو مداخل تقود الإن�سان نحو النجاح وحتقيق الأهداف‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪2‬‬


‫‪ u‬نعمة ال�سعادة وميزتها التناف�سية؛‬ ‫‪ u‬الرافعة (�أي الإمكانات والطاقات الب�شرية) وحمور االرتكاز (�أي عقلية الإن�سان)؛‬ ‫‪ u‬املعامل الإيجابي للعبة “ترتي�س” (الرتكيز على ما هو �إيجابي)؛‬ ‫‪ u‬حتويل ال�صدمات �إلى حتديات و�إجنازات؛‬ ‫‪ u‬حتويل العادات ال�سلبية �إلى عادات �إيجابية؛‬ ‫‪ u‬ا�ستثمار التالحم املجتمعي (لأنك �إن مل ت�ستعن ب�أهلك‪� ،‬ستهلك)‬

‫نعمة ال�سعادة يف بيئة العمل‬ ‫من املده�ش حق ًا �أنّ جند �أرباب البنوك وامل�ؤ�س�سات املالية هم �أول من حاولوا ا�ستثمار‬ ‫“ميزة ال�سعادة” رغم ال�ضربة القا�صمة التي ت ّعر�ض لها االقت�صاد العاملي عام‬ ‫‪ ،2008‬حيث راح خرباء املال والأعمال يدر�سون ت�أثري املنحى الإيجابي يف حتويل‬ ‫بيئة عملهم من حافة اخلطر اململوءة بالإحباط �إلى حالة مفعمة بالإيجابية وال�سعادة‬ ‫والنجاح‪.‬‬

‫حت�صن نف�سك من ال�ضغوط‬ ‫كيف ّ‬ ‫�أجرى الباحثون درا�سة جتميعية �شملت ‪ 200‬بحث وعينة �ضمت ‪� 275000‬شخ�ص من جميع �أنحاء العامل‪� .‬أثبتت الدرا�سة �أنّ ال�سعادة تقود‬ ‫الإن�سان نحو النجاح يف كل مناحي احلياة‪ :‬فى العمل‪ ،‬وال�صداقة‪ ،‬وال�صحة‪ ،‬والتفاعل املجتمعي‪ ،‬واالبتكار‪ ،‬والطاقة‪ .‬من هنا �أدركنا �أنّ مبد�أ‬ ‫“نعمة ال�سعادة” يح�ضنا على الثقة ب�إمكاناتنا ومتتني مواطن قوتنا‪ ،‬وغر�س منحى فكري و�سلوكي �إيجابي يف داخلنا وداخل غرينا‪ ،‬لنحقق نتائج‬ ‫باهرة و�إجنازات عظيمة يف املناحي املذكورة‪ .‬فنعمة �أو ميزة ال�سعادة لي�ست فكرة �أو مبد�أ فل�سفي ًا فح�سب‪ ،‬بل هي ممار�سات يجب �أن تتجلى‬ ‫وتنعك�س يف �أخالقيات و�سيا�سات العمل ويف لوائح امل�ؤ�س�سات‪ ،‬ثم تطبيقها بكل جدية‪ .‬فلي�ست ال�سعادة �أن ن�صدق ب�أننا ال نحتاج �إلى التغيري‪،‬‬ ‫بل �أن نعرتف ب�أننا ن�ستطيع حتقيق هذا التغيري ب�أريحية و�إيجابية فردية وجمتمعية على حد �سواء‪.‬‬

‫�إمكانية التغيري‬ ‫“�أنا تعي�س بطبعي”‬

‫“بع�ض النا�س �سلبيون بطبيعتهم‪ ،‬ولن يتغريوا”‬

‫�شخ�صا خفيف الظل ولن �أكون”‬ ‫“ل�ست‬ ‫ً‬

‫هكذا ي�سري الن�سق الفكري الذي ُغر�س يف عقول بع�ضنا بفعل العادات والثقافات‪ .‬لكن لهذا الن�سق خطورته‪ :‬فهو يجعلنا ن�صدق عجزنا‬ ‫عن تغيري �أنف�سنا‪ :‬ف�إمكاناتنا اجل�سمانية �أو احليوية املحدودة والقول ب�أنّ املخ ي�صل �إلى متام ن�ضجه بو�صول ال�شخ�ص �سن املراهقة‪ ،‬فال‬ ‫ي�ستطيع �أحد تغيريه‪ ،‬و�أنه من غري املجدي �أن نحاول ذلك‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يرى املت�شائمون �أنّ ال�سعادة �ستفقد جدواها يف التحفيز على النجاح‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫فمن ال ي�ستطيع تغيري خمه‪ ،‬لن ي�ستطيع حتويل حالته النف�سية من‬ ‫التعا�سة �إلى ال�سعادة‪ .‬لكننا نعترب هذا املنحى الفكري من الأوهام‬ ‫التي غر�ستها احل�ضارة احلديثة يف عقولنا‪ ،‬مع �أن علماء ت�شريح‬ ‫املخ اكت�شفوا ما ي�سمى “املرونة الع�صبية” �أو “ال�سمة املطاطية‬ ‫للمخ” التي تعني قابليته للتغري والتطور طبق ًا لنمط حياة الإن�سان‪.‬‬ ‫لقد ح ًولت هذه املعلومة تفكري العلماء املتم�سكني مببد�أ ثبات املخ‬ ‫وعدم قابليته للتغيري وو�ضعتهم �أمام حتديني رئي�سيني‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬يتمتع بع�ض النا�س بجذع مخ كبري لأنهم يعي�شون ويقودون‬

‫�سياراتهم يف �شوارع و�أزقة �ضيقة ت�شبه املتاهة؛ مثل �سائقي التاك�سي‬ ‫يف “لندن” الذين يجوبون �شوارعها �شديدة ال�شبه مبتاهات‬ ‫الق�صور البيزنطية الطراز‪ ،‬ذات احلدائق هند�سية ال�شكل‪ ،‬التي‬ ‫ت�شبه متاهات ي�صعب اخلروج منها‪ ،‬مما يتطلب متتُّع من ي�سوق �أو‬ ‫مي�شي فيها بذاكرة مكانية غري عادية‪.‬‬ ‫الثاين‪ :‬يتمتع جذع املخ بقابلية للنمو واالمتداد يف احلجم نتيجة‬ ‫ممار�سة ن�شاط بعينه كقيادة ال�سيارة يف �أماكن وعرة‪� ،‬أو ب�سرعة‬ ‫فائقة حتتاج لرتكيز �شديد وجر�أة يتك ّيف معها املخ حتى ي�ألفها‪.‬‬

‫حالة‪ :‬روجر والتغيري‬ ‫روجر �شاب عا�ش حياة عادية جد ًا حتى فقد ب�صره ب�سبب تعر�ض عينيه لر�شة من مادة‬ ‫كيميائية �سامة يف معمل املدر�سة الثانوية‪ .‬ومل يعد �أمام روجر �إال �أن يتعلم القراءة‬ ‫بطريقة “بريل” التي ي�ستخدم فيها �سبابته الي�سرى ليتح�س�س احلروف‪ ،‬فيقر�أ الكلمات‪.‬‬ ‫لقد ر�أى �أطباء املخ والأع�صاب املهتمني مب�س�ألة تغري �شكل املخ‪ ،‬يف روجر حالة ت�ستحق‬ ‫الدرا�سة‪ ،‬فو�ضعوه على جهاز الرنني املغناطي�سي‪ ،‬لريوا العجب العجاب‪ :‬فحني �سلطوا‬ ‫الأ�شعة ال�ضوئية الرنانة على يد روجر غري امل�ستخدمة يف القراءة‪� ،‬أ�ضاء جزء �صغري‬ ‫من املخ‪ .‬ولكن حني عر�ضوا �سبابته القارئة حلروف “بريل”‪ ،‬بزغ �ضوء قوي من جزء‬ ‫كبري من الق�شرة املخية لروجر‪� ،‬ضوء باهر كالذي ينبلج عن م�صباح “الهالوجني” ‪.‬‬ ‫وقد ف�سر العلماء هذا بطريقتني‪:‬‬ ‫�أو ًال‪ :‬يتمتع الب�شر بجينات �شديدة الذكاء‪ ،‬فمنذ ولد روجر كغريه من النا�س‪ ،‬كان‬ ‫م�ستعد ًا لأن يفقد ب�صره‪ ،‬وبالتايل رتبت له �سبابته املدربة قدرة فائقة على قراءة‬ ‫حروف “بريل”‪.‬‬ ‫ثاني ًا‪� :‬أنّ املخ يتكيف ثم يتغري ا�ستجابة لتغري ظروف الب�شر و�أحوالهم‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬يخطئ من يعتقد �أنّ املخ ال يتغري‪ ،‬خا�صة بعد �أن �أثبت العلم هذه احلقيقة بالدليل‬ ‫القاطع والربهان ال�ساطع‪ .‬بل يتمتع املخ مبرونة فطرية غري عادية‪ ،‬مما ميكن كل منا‬ ‫من تطويع قدراته الذهنية و�إمكاناته لتحقيق املزيد من الأهداف وتفعيل الكثري من‬ ‫املبادئ الأخالقية القومية‪ ،‬التي تبد�أ با�ستثمار مبد�أ “نعمة ال�سعادة”‪.‬‬

‫املبد�أ الأول‪ :‬نعمة ال�سعادة‬ ‫كيف متنحنا ال�سعادة ميزات تناف�سية �شخ�صية وم�ؤ�س�سية‬ ‫يف عام ‪ ،1543‬ن�شر “كوبرنيكو�س” كتاب “حركة الأجرام ال�سماوية”‪ .‬حتى ذلك احلني كان العامل يعتقد �أنّ الأر�ض هي مركز الكون‪ ،‬و�أنّ‬ ‫ال�شم�س تدور حولها‪ .‬لكن “كوبرنيكو�س” �أثبت �أنّ العك�س هو ال�صحيح‪ ،‬و�أنّ الأر�ض هي التي تدور حول ال�شم�س‪ ،‬وهو اكت�شاف علمي غيرّ نظرة‬ ‫الب�شرية �إلى الكون ب�شكل كبري‪.‬‬ ‫وقيا� ًسا على هذا املنطق‪ ،‬حدثت طفرة يف علم النف�س‪ :‬فلطاملا اعتقد العلماء �أنّ النجاح �أ�سا�س ال�سعادة‪ ،‬وك�أنّ النجاح �شم�س وال�سعادة كوكب‬ ‫يدور يف فلكه؛ ولكن بف�ضل التقدم املذهل يف علم النف�س الإيجابي تعلمنا �أنّ العك�س هو ال�صحيح‪ .‬فحني ن�شعر بال�سعادة‪ ،‬ن�شعر بالقوة‪ ،‬فتنفتح‬ ‫عقولنا ويتح�سن مزاجنا‪ ،‬ون�صبح �أكرث ذكاء ًا‪ ،‬وحما� ًسا‪ ،‬وبالتايل �أكرث جناح ًا‪.‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫‪4‬‬


‫كيف ُيع ِّرف العلماء ال�سعادة؟‬ ‫ال�سعادة خربة مير بها الإن�سان حني ميتلئ عقله‪ ،‬وقلبه‪ ،‬ووجدانه مبزيج متوازن من امل�شاعر الإيجابية‬ ‫واملتعة الذهنية املعززة باملقا�صد واملعاين املثالية والأخالقية‪ .‬من هذا املنطلق‪ ،‬ت�صبح ال�سعادة م�ساوية‬ ‫يف املعنى حل�سن املزاج و�إيجابية امل�شاعر يف احلا�ضر‪ ،‬وتو ّقع اخلري والرخاء يف امل�ستقبل‪.‬‬

‫�أيهما �أو ًال‪( :‬ال�سعادة بذرة �أم ثمرة؟)‬ ‫�أثبتت �أبحاثنا �أنّ املوظفني التع�ساء ي�أخذون �إجازات مر�ضية �أكرث‪ ،‬ويلزمون‬ ‫الفرا�ش مبعدل يوم وربع اليوم كل �شهر‪� ،‬أو ‪ 15‬يوم ًا فوق �إجازاتهم كل �سنة‪ .‬كما‬ ‫تبينّ �أنّ ال�سعادة هي ال�سبب يف حت�سن احلالة ال�صحية‪ ،‬ولي�س النتائج فقط‪ .‬يف‬ ‫�إحدى الدرا�سات التي �أُجريت لقيا�س معدالت ال�سعادة‪ ،‬مت حقن جمموعة من‬ ‫عينة الدرا�سة بفريو�س الربد‪ .‬وبعد مرور �أ�سبوع‪ ،‬ثبت �أنّ الأفراد الأكرث �سعادة‬ ‫كانوا �أكرث قدرة على مقاومة الفريو�س رغم عدم حت�سنهم ب�سرعة؛ غري �أنّ‬ ‫�أعرا�ض الربد التي ظهرت عليهم كانت �أقل حدة من املجموعة الأقل �سعادة‪ .‬فقد‬ ‫وجد الأطباء �أنهم يعانون من �سعال‪ ،‬والتهاب‪ ،‬واحتقان �أقل من نظرائهم‪ .‬وهذا‬ ‫يعني �أنّ قادة امل�ؤ�س�سات ومديريها الذين يبذلون كل ما يف و�سعهم لغر�س ثقافة‬ ‫ال�سعادة‪� ،‬سيجدون موظفني �أكرث اجتهاد ًا وجدارة‪ ،‬ف�ض ًال عن تراجع معدالت‬ ‫الغياب وانخفا�ض تكاليف الت�أمني ال�صحي‪.‬‬

‫ا�ستثمار النعمة‬ ‫نعر�ض فيما يلي طرق ًا جمربة لرفع الروح املعنوية‪ ،‬وحت�سني احلالة املزاجية‪ ،‬ورفع م�ستوى ال�سعادة يف حياتنا اليومية‪� :‬إذ ت�ساهم الأن�شطة‬ ‫التالية يف �إعطاء دفعة قوية للم�شاعر الإيجابية‪ ،‬وحت�سني م�ستويات الأداء والرتكيز يف املهام‪:‬‬ ‫‪ u‬الت�أمل‪ :‬تو�صل �أطباء املخ والأع�صاب �إلى �أن من يق�ضون فرتات طويلة يف الت�أمل‪ ،‬ين ّمون الق�شرة املخية الأمامية يف �أدمغتهم وهي امل�س�ؤولة‬ ‫عن ال�سعادة‪ .‬فق�ضاء خم�س دقائق يومي ًا يف الت�أمل ينظم �شهيقك وزفريك وي�ساعدك على التذرع بال�صرب ويخل�صك من الت�شتت الذهني‬ ‫ويجعلك ت�ستعيد تركيزك بهدوء‪.‬‬ ‫‪ u‬تطلع �إلى كل ما هو �إيجابي واملأ بيئتك املحيطة بالإيجابية‪.‬‬ ‫‪ u‬قم ب�أعمال اخلري بق�صد‪ :‬فالإيثار ي�ؤدي �إلى تخفي�ض ال�ضغط‪ ،‬وحت�سني احلالة الذهنية والنف�سية‪.‬‬ ‫‪ u‬مار�س الريا�ضة‪.‬‬ ‫‪� u‬ش ًغل مواطن قوتك‪ :‬عندما ُنف ِّعل �أحد مواطن قوتنا‪ ،‬ن�شعر بفي�ض من الطاقة الإيجابية يغمرنا وينتقل �إلى من حولنا‪.‬‬

‫املبد�أ الثاين‪ :‬الرافعة وحمور االرتكاز‬ ‫غي �أداءك بتغيري تفكريك‬ ‫رِّ‬ ‫يقوم تعزيز �إمكاناتنا هنا على عاملني �أ�سا�سيني‪:‬‬ ‫‪ -1‬تعرب الرافعة عن �إمكاناتنا‪ ،‬فكلما زاد طولها‪ ،‬كلما زادت قوتنا وقدراتنا‪.‬‬ ‫‪ -2‬ميثل حمور االرتكاز عقليتنا‪ :‬فعندما ننظر �إلى الأمور من زاوية �إيجابية‪� ،‬سنتمكن من توليد قوى‬ ‫التغيري وحتريكها للتفاعل والإجناز من داخلنا‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫غري عقليتك لتغيرّ واقعك (اجلمال وجهة نظر)‬ ‫طبق ًا لنظرية الن�سبية لآين�شتاين‪ :‬جميع القوانني وامل�سلمات التي‬ ‫نظنها ثابتة قابلة للتغيري‪ ،‬مبا فيها تلك التي تبدو للوهلة الأولى‬ ‫غري قابلة للتحدي‪ .‬ففي عاملنا الذي نعرفه حدثت �أمور كانت‬ ‫تبدو م�ستحيلة‪ .‬فكل ثانية من حياتنا ال تقا�س �إال بعقولنا �شديدة‬ ‫اخل�صو�صية والن�سبية على حد �سواء‪ .‬بعبارة �أدق‪ :‬ال ُيعد واقعنا‬

‫�سوى انعكا�س ملا ت�ستوعبه عقولنا‪ .‬الأهم من ذلك كله �أن نظرتنا‬ ‫�إلى نف�س احلدث قد تتغري �أكرث من مرة‪ ،‬وبالتايل تتغري نظرتنا �إلى‬ ‫العامل املحيط بنا‪ .‬وهكذا يتحرك حمور االرتكاز املتمثل يف عقلياتنا‬ ‫ونظرتنا �إلى الأ�شياء املحيطة بنا‪ .‬فلي�ست عقلياتنا �أو نظراتنا‬ ‫�إلى الأمور م�ساحات من التحجز والثبات‪ ،‬بل هي يف تغيرّ وتطور‪.‬‬

‫عندما تثق بنف�سك يحدث التغري الإيجابي‬ ‫جمرد االقتناع ب�أننا ن�ستطيع تفعيل التغيري الإيجابي يف حياتنا يزيد من حما�سنا‪ ،‬ويرتقي‬ ‫ب�أدائنا املهني‪ ،‬حموال النجاح �إلى نبوءة �أو �أ�سطورة ذاتية التحقيق‪ .‬فقد �أثبتت درا�سة‬ ‫�أجريت على ‪ 112‬حما�سب ًا �أنّ الذي كان واثق ًا �أنه ي�ستطيع �إنهاء مهمته يف وقتها متكن‬ ‫من �إمتامها يف موعدها‪ ،‬واحل�صول على �أف�ضل تقييم للأداء من ر�ؤ�سائه‪ .‬ثقتك بقدرتك‬ ‫على فعل �شيء ما حتقق لك جودة ومتيز ًا �أكرب بكثري من املهارة احلقيقية التي تتمتع بها‪،‬‬ ‫ومن التدريب الذي قد حت�صل عليه‪ .‬لأن القدرات والإمكانات املوجودة يف عقل الإن�سان‬ ‫هي مواطن قوة كامنة ميكن متتينها و�صقلها باال�ستخدام والتجريب والتدريب‪� .‬أما نقاط‬ ‫ال�ضعف‪ ،‬فال ميكن حتويلها �إلى نقاط قوة �أو حتييد �آثارها ال�سلبية بالتدريب وباملحفزات‬ ‫الأخرى‪ .‬و�أق�صى ما ميكن عمله هو حتريكها من منطقة �ضعيف �أو فا�شل‪� ،‬إلى منطقة مقبول‬ ‫�أو عادي‪.‬‬

‫املبد�أ الثالث‪ :‬ت�أثري لعبة “ترتي�س” (م�سح ال�صور ال�سلبية من العني والعقل)‬ ‫تدريب العقل على ا�ستثمار الإمكانات‬ ‫تُعد لعبة “ترتي�س” من �أ�سهل الألعاب الإلكرتونية و�أكرثها ت�ضلي ًال للعقل‪ :‬حيث جتد على �شا�شة حا�سبك‬ ‫الآيل �أربعة �أنواع من الأ�شكال الهند�سية تت�ساقط من �أعلى �إلى �أ�سفل‪ ،‬وعلى الالعب �أن يحركها �أو يجعلها‬ ‫تدور حتى ت�صطدم ب�أ�سفل ال�شا�شة‪ .‬ولكن هذه الأ�شكال �سرعان ما تختفي حني ت�صطف يف خط �أفقي‪.‬‬ ‫هدف اللعبة هو ترتيب تلك الأ�شكال املت�ساقطة بطريقة تكون �أكرب عدد من اخلطوط امل�ستقيمة على‬ ‫ال�شا�شة‪ .‬قد تبدو اللعبة مملة‪ ،‬لكن‪ ،‬من املثري للده�شة‪� ،‬أن الكثريين يدمنونها‪ .‬وال�سبب هو �أنّ الت�أثري‬ ‫ال�سلبي للعبة ينتج عن عملية بدنية طبيعية ي�ستنفرها تكرار اللعب داخل املخ‪� ،‬إذ يلت�صق ب�أدمغتهم ما‬ ‫ي�سميه العلماء “ال�صورة الذهنية الثابتة” التي ت�شبه تلك النقط اخل�ضراء �أو الزرقاء التي تخ ّيم على‬ ‫ثوان معدودة بعد التقاط �صورة فوتوغرافية لك‪ .‬يحدث هذا الت�أثري بفعل �ضوء الكامريا الذي‬ ‫عينيك ملدة ٍ‬ ‫يثبت �صورة م�ؤقتة يف ذاكرتك الب�صرية التي جتعلك حني تنظر حولك ترى ال�صورة يف كل مكان‪.‬‬

‫ت�أثري “الترتي�س” يف بيئة العمل‬ ‫كل منا يعرف �شخ�ص ًا �أو �أكرث يعاين من �أحد �أ�شكال “ت�أثري الترتي�س”‪ .‬ما نعنيه هنا هو �أننا نعرف �شخ�ص ًا ال ي�ستطيع اخلروج من �إطار ن�سق‬ ‫معني من التفكري �أو ال�سلوك‪ .‬حتى يف امل�ؤ�س�سات الكربى والناجحة جند مثل ه�ؤالء من ذوي النمطية الأحادية يف التفكري ال يركزون وال يرون �إال‬ ‫الأمور ال�سلبية‪ ،‬فهم يبحثون عن ال�ضغوط ويتذكرونها‪ ،‬وعن املتاعب ويثريونها ويرتكونها تدور يف حلقات متتابعة ت�شغل دوائر وب�ؤر تركيزهم‪.‬‬ ‫لكن ثمة �أخبار ًا �سارة يطالعنا بها علم النف�س الإيجابي‪� .‬إذ ي�ستطيع كل �إن�سان تدريب خمه على البحث والرتكيز يف كل ما هو �إيجابي وب ّناء‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪6‬‬


‫وقوي‪� .‬إذ حتمل جميع املواقف ‪ -‬حتى ال�سلبية منها ‪� -‬إيجابيات كامنة ميكننا ا�ستثمارها حتى ن�صبح خرباء يف ا�ستثمار ر�أ�سمال ال�سعادة‪.‬‬ ‫فمث ًال يف �شركة “كي بي �إم جي” املتخ�ص�صة يف اال�ست�شارات املالية‪ ،‬يق�ضي املوظفون من ‪� 8‬إلى ‪� 14‬ساعة يف مراجعة الك�شوف والقوائم‬ ‫ال�ضريبية‪ ،‬بحث ًا عن الأخطاء التي قد حتتويها‪ .‬ولهذا تت�شكل عقولهم وتركز كل انتباهها على البحث عن ال�سلبيات‪ .‬هذا طبع ًا يجعلهم‬ ‫متميزين يف عملهم الذي يعني التميز فيه �أن تكت�شف �أكرب عدد من الأخطاء‪ ،‬لكن اخلربة التي يكت�سبونها يف التنقيب عن الأخطاء واملخالفات‬ ‫وامل�شكالت اخلفية �أو املد�سو�سة يف ثنايا الأرقام تتحول �إلى عادة �سرعان ما تت�سرب �إلى خمتلف مناحي حياتهم لتقلبها ر�أ� ًسا على عقب‪.‬‬

‫حتويل معامل “ترتي�س” �إلى قوة �إيجابية‬ ‫حني تبحث عقولنا عن الإيجابيات وتركز عليها‪ ،‬ف�إننا جنني ثمار ثالث �أدوات متاحة لنا وهي‪ :‬ال�سعادة‪ ،‬والر�ضا‪ ،‬والتفا�ؤل‪ .‬لن�أخذ التفا�ؤل‬ ‫مث ً‬ ‫اال‪ :‬كلما بحث عقلك عن �أ�شياء �إيجابية‪ ،‬ف�إنك لن تنفك تكرر نف�س ال�سلوك‪ ،‬فتزداد تفا�ؤ ًال‪ .‬هذا‪ ،‬و ُيعد التفا�ؤل من �أقوى م�ؤ�شرات ارتفاع‬ ‫م�ستوى الأداء الوظيفي‪ .‬فاملتفائلون ي�ضعون �أهداف ًا �أكرث ورمبا �أ�صعب من التي ي�ضعها املت�شائمون‪ ،‬ثم يبذلون جهد ًا كبري ًا لتحقيقها‪ .‬كما‬ ‫يزداد ان�شغالهم بتحقيق �أهدافهم رغم ما يقابلهم من �صعوبات‪ ،‬لأنهم يتخطون ال�صعوبات بكل �سهولة‪.‬‬

‫املبد�أ الرابع‪ :‬ال�سقوط �إلى �أعلى‬ ‫ا�ستثمار الإخفاقات وحتويلها �إلى حتديات‬ ‫عقل الإن�سان ي�شبه اخلريطة املق�سمة �إلى طرق‪ ،‬و�شوارع‪ ،‬وميادين‪ .‬وحني يت ّعر�ض الب�شر لأزمات �أو حمن‪ ،‬جند‬ ‫خريطتهم العقلية تنق�سم �آلي ًا �إلى ثالثة طرق رئي�سية‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬طريق يدور فيه الإن�سان حول نف�سه‪ ،‬مركز ًا على م�شكلته بحيث توقفه النتيجة ال�سلبية عن احلركة لينتهي‬ ‫به الأمر حيث بد�أ‪ ،‬وهذا هو طريق “حملُّك �سر”‪.‬‬ ‫ا لثا ين ‪ :‬يقودك الطريق الثاين �إلى ما هو �أ�سو�أ من ذلك‪ ،‬فرغم بعده عن احلدث ال�سلبي‪ ،‬جتده يقودك نحو ال�شلل واخلوف من جمابهة‬ ‫�أي �صراع �أو حتدِّ ‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬طريق ي�أخذك من حيث �سقطت ليفتح �أمامك املزيد من الطرق اجلديدة امل�ؤدية �إلى “�شارع القوة” و“ميدان التحفيز”‪.‬‬ ‫ُيعد الو�صول �إلى الطريق الثالث من �أ�صعب الأمور حني يقع الب�شر يف امل�آزق‪ .‬فحني نواجه �أزمة مالية �أو �أية �أزمة �أخرى‪ ،‬ت�شرع عقولنا يف ر�سم‬ ‫خرائط غري كاملة‪ ،‬وللأ�سف ال نتمكن �سوى من ر�ؤية الطرق الوعرة‪ ،‬ال الطرق املمهدة‪.‬‬

‫ال�ضربة التي ال تق�صم ظهري تقويني‬ ‫تُعد الفواجع والكوارث و�أمرا�ض ال�سرطان والأمرا�ض املزمنة والأزمات القلبية واحلروب من‬ ‫�أ�سو�أ ما مير به الب�شر من حمن‪ .‬لكن تبينّ لنا �أنّ تلك ال�شدائد تُعد مبثابة حمفزات تدفعنا‬ ‫نحو النمو واالزدهار‪ .‬فقد �أثبت علماء النف�س �أنّ معظم الن�ساء الالئي �أُ�صنب ب�سرطان‬ ‫الثدي متكنّ من تخطي حمنهن والنمو ب�شكل ملحوظ‪ .‬لقد ازددن �شفافية وتعاطف ًا مع‬ ‫الآخرين‪ ،‬وانفتاح ًا على العامل اخلارجي‪ ،‬ور�ضاء ًا عن حياتهن ب�شكل عام‪ .‬وقد �أكد بع�ض‬ ‫من تعر�ضوا ل�صدمات عنيفة �أنهم اكت�سبوا قوى نف�سية عظيمة‪ ،‬ومزيد ًا من الثقة بالنف�س‪.‬‬

‫“لقد فشلت كثيرًا في حياتي‪ ،‬ولهذا‬ ‫حققت نجاحات باهرة”‬ ‫مايكل جوردان‬

‫‪7‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫“الذين يجرؤون على الفشل‬ ‫العظيم بقوة هم من يحققون‬ ‫أعظم النجاحات”‬ ‫روبرت كينيدي‬


‫املبد�أ اخلام�س‪ :‬دائرة �أ�سطورة “زورو”‬ ‫العالقة بني الرتكيز على دائرة �أهدافك ال�صغرية و�إدارتها وبني تو�سيع دائرة ت�أثريك‬ ‫(كن متفاني ًا يف القليل لتقدر على الكثري)‬ ‫تروي الق�صة �أن بط ًال م ّقنعا يدعى “زورو” جاب الواليات الأمريكية اجلنوبية ليقاتل مع الأبطال امل�شردين ويدافع‬ ‫عن املقهورين الذين ال ي�ستطيعون احل�صول على حقوقهم من �أ�صحاب ورعاة البقر يف ال�سهول الأمريكية‪.‬‬ ‫احلكاية ال تذكر مواطن قوة “زورو” فح�سب‪ ،‬وال تر ًكز على خفة حركته ومهارته يف دحر ع�شرة رجال‬ ‫ب�ضربة واحدة‪ ،‬بل تذكر نقاط �ضعفه �أي�ض ًا‪ .‬ففي بداية الأمر مل يكن با�ستطاعته �أن يقوم بكل تلك‬ ‫اخلوارق التي �أده�شت النا�س؛ فكلما حاول الطريان �سقط‪ ،‬ولطاملا خانته �شجاعته ب�سبب كرثة حماربيه‪.‬‬ ‫لقد ظل “زورو” هكذا �إلى �أن خارت قواه‪ ،‬و�أنهكه الي�أ�س والف�شل‪ .‬وهنا‪ ،‬جاء معلم املبارزة العجوز “دون دييجو”‬ ‫ليحيد الآثار ال�سلبية لنقاط �ضعف “زورو” ومينت مواطن قوته ويجعل منه بط ًال مغوار ًا‪ .‬لقد علمه �أن الن�صر ال يتحقق‬ ‫�سوى بالتفاين و�إدارة الوقت والذات يف الزمان واملكان؛ فقد ر�سم “دون دييجو” للبطل “زورو” دائرة �صغرية‬ ‫على الأر�ض‪ ،‬وطلب منه �أن يتدرب على فنون القتال داخل هذه الدائرة فح�سب‪ .‬ومبرور الوقت‪ ،‬ومع كرثة املران‪،‬‬ ‫و�إمعان الرتكيز �سمح “دون دييجو” له باال�ضطالع مبهمات �أكرب و�أكرث‪ .‬وهكذا �صار بط ًال‪ :‬لقد بد�أ بتحقيق‬ ‫الأهداف الب�سيطة‪ ،‬ثم انطلق لي�صنع اخلوارق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬م�شكلة العقل البدائي‬

‫دائرة الت�أثري‬

‫تُعد �أ�سطورة “زورو” رمز ًا قوي ًا لقدرتنا على حتقيق �أعظم‬ ‫الأهداف يف حياتنا ال�شخ�صية واملهنية على حد �سواء‪ .‬ويعترب‬ ‫الرتكيز يف �سلوكياتنا من �أهم حمفزات النجاح؛ �إذ �أنّ �إمياننا‬ ‫ب�أننا ن�ستطيع ال�سيطرة على م�ستقبلنا وت�شكيله ميكننا من حتقيق‬ ‫الأهداف والإجنازات‪ .‬ال�شعور بال�سيطرة على مقاليد الأمور هو‬ ‫مفتاح كل �شيء‪ ،‬فال يجب الرتكيز يف �أ�شياء كثرية يف �آن واحد‪،‬‬ ‫بل الأف�ضل �أن نكثف ونركز جهودنا يف حتقيق �أهداف ب�سيطة‬ ‫�أو ًال‪ ،‬كي نكت�سب الإح�سا�س الإيجابي باملواقف ثم نطورها‪ .‬فحني‬ ‫نوجه جهودنا نحو حتقيق عدد حمدد من الأهداف‪ ،‬ثم نرى‬ ‫ثمار تلك اجلهود‪ ،‬جند �أنف�سنا منتلك اخلربة واملعلومات ونتمتع‬ ‫بالثقة‪ ،‬وهي �أمور من �ش�أنها تو�سيع دائرة ت�أثرينا‪ ،‬وتوجيه طاقاتنا‬ ‫املتنامية لتحقيق �أهداف �أعظم‪.‬‬

‫�أثبت عامل النف�س “دانييل جوملان” �صاحب نظرية الذكاء العاطفي‬ ‫وم�ؤلف كتاب “الرتكيز”‪� ،‬أثبت �أن قرع طبول احلرب العاطفية‬ ‫ت�شتت تركيزنا يف حياتنا املهنية‪ .‬فحني ترتاكم ال�ضغوط‪ ،‬وخا�صة‬ ‫يف بيئة العمل‪ ،‬ال نحتمل امل�ضايقات و�سرعان ما نفقد ال�سيطرة‬ ‫على �أع�صابنا‪ ،‬فنثور وننفجر يف وجه �أول من يقابلنا‪ .‬وهذا هو ما‬ ‫يفعله عقلنا البدائي بالتحديد‪ :‬فهو يتحكم فينا ليجعلنا نت�صرف‬ ‫برعونة‪� ،‬أو ن�شعر بالإحباط واالنهيار‪ ،‬وتذهب طاقتنا �أدراج‬ ‫الرياح‪ .‬وهنا تكون النتيجة احلتمية هبوط ًا حاد ًا يف القدرة على‬ ‫اتخاذ القرارات والإنتاجية والفعالية؛ وبعبارة �أدق‪ :‬ي�صاب العقل‬ ‫املفكر باالنهيار‪ ،‬مما يهدد الأفراد‪ ،‬وفرق العمل‪ ،‬بل وامل�ؤ�س�سات‬ ‫يف بع�ض الأحيان بعواقب وخيمة‪.‬‬

‫مواجهة العقل البدائي املتوح�ش‬ ‫يف �إحدى ال�شركات الكربى‪ ،‬وجد الباحثون �أنً املديرين الذين يعانون من �ضغوط العمل يخفقون يف �إدارة‬ ‫مر�ؤو�سيهم‪ ،‬وبالتايل يف حتقيق م�ستويات الأداء املطلوبة‪ ،‬مما ي�ؤدي �إلى انخفا�ض ربحية �أو �أداء امل�ؤ�س�سة‪.‬‬ ‫فالعقل البدائي يهاجم امل�ؤ�س�سات حتى الكربى منها‪ ،‬وي�سقطها من عليائها ب�سبب الت�شوي�ش وتراكم ال�ضغوط‪.‬‬ ‫ويرى علماء املخ والأع�صاب �أن اخل�سائر املالية تنبع من نف�س املكان الذي يطلق �إ�شارات “حارب �أو اهرب”‬ ‫داخل املخ الب�شري‪ ،‬وبعبارة �أدق‪ :‬من العقل البدائي الذي ينزع نحو تف�ضيل العواطف على املنطق‪ .‬فنحن‬ ‫ن�ستجيب النخفا�ض الربحية‪� ،‬أو �أر�صدتنا يف البنوك بنف�س الطريقة التي كان الإن�سان الأول يواجه بها منر ًا‬ ‫مفرت� ًسا‪� .‬أما تو�سيع دائرة “زورو” فرتى �أننا ما دمنا قد و�صلنا �إلى حميط الدائرة‪ ،‬فعلينا �أنّ نو�سعها‬ ‫ونواجه النمر املفرت�س ونحدق يف عينيه ونقتحم ال�صعاب دون خوف �أو ارتياب وبال تراجع �أو ان�سحاب‪.‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪8‬‬


‫املبد�أ ال�ساد�س‪ :‬قاعدة الع�شرين ثانية‬ ‫كيف حتول العادات ال�سلبية �إلى �إيجابية؟‬ ‫تبدو العبارة ال�سابقة �أ�سهل يف القول من الفعل‪ .‬فكيف يت�سنى لنا غر�س تلك‬ ‫العادات يف املقام الأول؟ و�ضع عامل النف�س “وليام جيم�س” عدد ًا من القواعد‬ ‫التي ت�ؤهلنا لذلك و�أطلق عليها ا�سم “منظومة اجلهد اليومي”‪ .‬رمبا نقول ب�أنّ‬ ‫“جيم�س” ف�سر املاء بعد اجلهد باملاء وك�أنه �أراد �أن يقول ب�أنّ “التدريب ي�صنع‬ ‫الكمال”‪ .‬لكن “جيم�س” كان يفكر مبا مل يفكر فيه من �سبقوه‪ ،‬وعليه‪ ،‬فقد‬ ‫كتب يقول‪“ :‬النزوع نحو �سلوك ما ال يتجذر وير�سخ يف داخلنا‪� ،‬إال �إذا مل يقطع‬ ‫انتظامه قاطع �أو مانع‪ ،‬ومل يعطله معطل‪ .‬وهكذا يتعود املخ على تفعيل و�إعادة‬ ‫ت�شغيل ذلك الت�صرف‪� .‬أي �إنّ العادات تتكون بحكم تغيري املخ ا�ستجابة لكرثة‬ ‫املران حتى ولو ا�ستغرق ع�شرين ثانية يومي ًا‪”.‬‬ ‫والننا نواجه كل يوم جتارب جديدة‪ ،‬ونتعلم �أ�شياء جديدة‪،‬‬ ‫وندرك حقائق جديدة‪ ،‬ونقوم ب�أداء مهمات جديدة‪ ،‬وندخل يف‬ ‫مناق�شات جديدة‪ ،‬ف�إنّ عقولنا تتغري با�ستمرار لتعك�س ما ي�ستجد‬ ‫عليها من خربات‪� .‬إذ يحتوى املخ الب�شري على باليني اخلاليا‬ ‫الع�صبية التي تت�شابك‪ ،‬وتتوا�صل بكل �صورة ممكنة مكونة يف كل‬ ‫حلظة جمموعة جديدة ومعقدة من امل�سارات الع�صبية‪ .‬هذا‪،‬‬ ‫وتنتقل التيارات الكهربائية عرب هذه امل�سارات من خلية �إلى‬ ‫�أخرى‪ ،‬ناقلة الر�سائل التي تك ّون الأفكار والت�صرفات‪ .‬وكلما‬ ‫كررنا نف�س الت�صرف وبنف�س الأ�سلوب‪ ،‬كلما زاد عدد الروابط‬ ‫بني الو�صالت الع�صبية‪ .‬و�أي� ًضا كلما ازدادت تلك الروابط قوة‬ ‫ومتانة‪ ،‬ازدادت �أي�ضا �سرعة و�صول الر�سائل عرب امل�سارات‬

‫الع�صبية‪ ،‬مما يخلع على ال�سلوك ال�صورة الآلية �أو �شكل العادة‪.‬‬ ‫هذه هي الطريقة التي جتعلنا �أكرث مهارة يف ممار�سة �أحد الأن�شطة‪.‬‬ ‫فهل جربت مث ًال قذف ثالث ك ّرات يف الهواء وتدربت على هذه‬ ‫املهارة؟ يف البداية كانت امل�سارات الع�صبية املعنية بذلك غري‬ ‫ُم�ستخدمة‪ ،‬وكانت الر�سائل تنتقل بينها ببطء‪ .‬ومع كرثة املران‪،‬‬ ‫تقوى تلك امل�سارات وتت�سع‪� .‬ستالحظ �أنك كلما مار�ست اللعبة‪،‬‬ ‫كلما �صارت �أ�سهل‪ ،‬وحتتاج �إلى �أقل قدر من الرتكيز‪ ،‬و�ستلعب �أ�سرع‬ ‫من ذي قبل‪ .‬و�سينتهي بك الأمر �أن تتحدث �إلى الآخرين‪ ،‬وت�أكل‪،‬‬ ‫وت�شرب‪ ،‬بينما تتطاير تلك الك ّرات يف الهواء دون �أدنى جمهود‪ .‬لقد‬ ‫حتول الأمر �إلى عادة جت ّذرت يف خمك من خالل بناء �شبكة قوية من‬ ‫امل�سارات الع�صبية‪.‬‬

‫تكوين عادات �صحية يف ‪ 20‬ثانية‬ ‫ميكن تطبيق قاعدة الثواين الع�شرين على اكت�ساب �أي عادة �صحية جيدة‪ .‬لقد �أثبتنا ونحن‬ ‫نعد بحثنا �أنه ميكن تقلي�ص معدالت ا�ستهالك “الآي�س كرمي” �إلى الن�صف مبجرد �إغالق‬ ‫غطاء ثالجة “الآي�س كرمي”‪ .‬فقد ا�ضطر جمهور عينة البحث �إلى �شراء �أنواع من احللوى‬ ‫تتطلب الوقوف يف �صفوف طويلة‪ ،‬مما �أدى �إلى تقليل عدد مرتادي �أماكن بيع احللويات‪.‬‬ ‫والفكرة هنا ب�سيطة؛ فكلما احتجنا وقت ًا �أكرث وجهد ًا �أكرب للح�صول على ما نريد‪ ،‬كلما‬ ‫اعرتانا امللل وتغيرّ �سلوكنا‪ ،‬والعك�س �صحيح‪ .‬من هذا املنطلق‪ ،‬يو�صي �إخ�صائيو التغذية‬ ‫�أن جنهز �أطعمة �صحية ومفيدة ون�ضعها يف الثالجة‪ ،‬مما يحفزنا على ا�ستخراجها ب�سرعة‬ ‫وا�ستخدامها بد ًال من انتظار و�صول الوجبات ال�سريعة امل�شبعة بالدهون‪.‬‬

‫املبد�أ ال�سابع‪ :‬ا�ستثمار العالقات الإن�سانية والروابط االجتماعية‬ ‫يواجه الب�شر يف حياتهم اليومية الكثري من ال�ضغوط والتحديات‪ ،‬وبخا�صة يف جمال العمل‪ ،‬لكنهم ال يدرون �أنّ �أول و�أهم حافز على مواجهة‬ ‫هذه وتلك هو ر�أ�س املال الب�شري املتمثل يف العائلة‪ ،‬ويف الزمالء املحرتفني‪ ،‬والأ�صدقاء الأ�صيلني الذين هم بحق �أغلى و�أثمن الأ�صول‪ .‬لكن‬ ‫بقاء نري �ضغوط العمل فوق ر�ؤو�سنا يعمي �أعيننا عن تلك احلقيقة‪ ،‬فنندفع �إلى االنطواء واالنغالق والإمعان يف جترع مرارة الف�شل يف العمل‬ ‫وحدنا؛ فنجد �أنف�سنا حتم ًا يف طريق م�سدود‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫التالحم املجتمعي والدعم امل�ؤ�س�سي‬ ‫يف مواجهة الأزمات‬ ‫حني اهتز االقت�صاد العاملي وانهارت البور�صات‪ ،‬ترك الكثري من �أ�صحاب‬ ‫الأعمال فرقهم يف ي�أ�س وراحوا يجوبون ردهات �شركاتهم يف حاالت من ال�صمت‬ ‫املطبق‪ .‬ففي الوقت الذي كانوا يحتاجون فيه �إلى الرتابط‪ ،‬والتما�سك‪ ،‬والت�آزر‬ ‫لبناء ما انهدم‪ ،‬جتاهلوا ذلك و�أغلقوا �أبوابهم �أمام التالحم والدعم املجتمعي‬ ‫وامل�ؤ�س�سي‪ .‬يف تلك الفرتة ال�صعبة‪� ،‬أحجمت ال�شركات عن تنفيذ خططها‬ ‫التدريبية‪ ،‬وقل�صت امتيازات موظفيها‪ ،‬ومل تطلب م�شاركتهم وم�شورتهم‪،‬‬ ‫وجتاهلت الروح املعنوية لفرق العمل‪ ،‬بحجة التفرغ ملا هو “�أكرث �أهمية”‪ ،‬مع �أنه‬ ‫مل يكن هناك �أهم مما �أهملوه‪.‬‬ ‫ولكن لي�ست الأزمات االقت�صادية هي �أهم ما يجب �أنّ ينبهنا �إلى ا�ستثمار‬ ‫عالقاتنا االجتماعية‪ .‬ف�أكرث النا�س جناح ًا هم من ينتهجون نهج ًا معاك� ًسا متام ًا‪ .‬فبد ًال من االنطواء‪ ،‬جتدهم ي�سرعون �إلى �أ�صدقائهم‬ ‫طالبني الدعم املعنوي‪ ،‬وبد ًال من جتريد �أنف�سهم من املميزات والتخلي عن التدريب‪ ،‬يلج�ؤون �إلى طرح املزيد من املبادرات مع تنفيذ اجلديد‬ ‫من ا�سرتاتيجيات اال�ستثمار الب�شري‪ .‬فه�ؤالء لن يكونوا �أكرث �سعادة فح�سب‪ ،‬بل و�أكرث �إنتاجية‪ ،‬ومرونة‪ ،‬والتزام ًا بالعمل؛ فهم يدركون �أنّ‬ ‫عالقاتهم هي �أعظم ا�ستثماراتهم يف بنك ال�سعادة‪.‬‬ ‫حني ن�شرع يف ا�ستثمار ر�أ�س مال ال�سعادة �أو “نعمة ال�سعادة” يف حياتنا‪� ،‬سنجد الإيجابيات تهطل علينا كاملطر‪ .‬وهذا ما جعل علم النف�س‬ ‫الإيجابي اجلديد من �أكرث العلوم قوة وت�أثري ًا‪ .‬فاجلمع بني املبادئ ال�سبعة ال�سابقة ي�شعل يف داخلنا جذوات ال�سعادة ويوقد �شرارات النجاح‪.‬‬ ‫فتت�ضاعف مكا�سبنا املعنوية واملادية على ال�سواء‪ ،‬وال تلبث تلك املكا�سب �أن تعم كل من حولنا لينعم بها اجلميع‪ :‬فتتغري طريقتهم يف العمل �إلى‬ ‫الأف�ضل وتتحول امل�ؤ�س�سات �إلى �أماكن �أكرث �سعادة وجناح ًا وازدهار ًا‪.‬‬ ‫المؤلف‪:‬‬ ‫شون أكور‪ :‬خبير عالمي في الطاقة اإليجابية‪ .‬أسس شركة “آسبيرانت” للبحوث واالستشارات‬ ‫المتخصصة في تطبيقات علم النفس اإليجابي في التنمية البشرية وتحقيق اإلنجازات في كافة‬ ‫المجاالت‪ ،‬وتحويل بيئات عملية إلى أماكن سعيدة ومنتجة‪.‬‬

‫كتب مشابهة‪:‬‬ ‫‪1. Before Happiness‬‬ ‫‪The 5 Hidden Keys to Achieving Success, Spreading Happiness, and Sustaining Positive‬‬ ‫‪Change. By Shawn Achor, 2013‬‬ ‫قبل السعادة‪ .‬المفاتيح الخمسة ألبواب النجاح ونشر السعادة واستدامة التغيير اإليجابي‪ .‬تأليف شون أكور‪2013 .‬‬ ‫‪2. What Is Your WHAT‬‬ ‫‪Discover The One Amazing Thing You Were Born To Do.‬‬ ‫‪By Steve Olsher. 2013‬‬ ‫ما هو أخص ما يخصك‪ :‬اكتشف أروع ما خلقك اهلل لتبدعه‪ .‬تأليف‪ :‬ستيف أولشر‪2013 .‬‬ ‫‪3. Eat Move Sleep‬‬ ‫‪How Small Choices Lead to Big Changes.‬‬ ‫‪By Tom Rath. 2013.‬‬ ‫كل وتحرك ونم‪ :‬كيف تقود الخيارات الصغيرة إلى تطورات كبيرة‪ .‬تأليف‪ :‬توم راث‪2013 .‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪10‬‬


‫“الذين يجر�ؤون على الف�شل‬ ‫العظيم بقوة هم من يحققون‬ ‫�أعظم النجاحات”‪.‬‬

‫روبرت كينيدي”‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.