العدد السابع 7شباط 2012
الدول الغربية والحرية االستعمار الداخلي والخارجي لحظة سقوط النظام هكذا استيقظت حمص الخصائص الدونكيشوتية لبشار األسد نبذة عن حركة حطين ملخص بيان اندماج حركة حطين مع التيار الوطني السوري
اضحك مع سيريتيل مصطلح «الشبيحة» ومؤسسيها آل األسد «الديموقراطية» من قاموس سورية ما بعد األسد هل نحن متكافلون؟
الدول الغربية والحرية
قد تك َّبلت أيدي البرشية بقيود النظام العاملي الجديد ،الذي ما زال طوقه يضيق الخناق عىل الفرد مبنعه من كثري من مامرساته الشخصية باسم محاربة اإلرهاب تارة ،وبذريعة األمن القومي تارة أخرى ،وباسم معاداة السامية تارة ثالثة !..والذرائع صارت ال تنتهي. ومع انتشار مفهوم الدولة الحديثة برؤيتها الغربية ت َّم انتهاك حرية الفرد ،الذي ح َّولته الدولة إىل رقم وطني ،ود َّجنته باسم النظام ،حتى ارتبط بالدولة أكرث من ارتباطه بالوطن والثقافة ،وهذه الثقافة قضمتها مفاهيم الوطنية ،فأخرجتها من اإلنسانية إىل القُطرية ،فتقلصت مساحة الفرد من امتداده اإلنساين ،إىل بديل ال يتجاوز حدود الوطن ،وتقطعت صلة اإلنسان باإلنسان ،وصار من املمكن أن يحارب أخاه ،ملجرد أن النظام السيايس يف وطنه أعلن الحرب عىل النظام السيايس لوطن مجاور !.وأصبحت مفاهيم الحرب والسلم ال ترتبط بالعدوان أو الغصب أو االحتالل ،بل مبجرد اختالف مصالح األنظمة السياسية. حقاً لقد تغ َّولت الدولة املعارصة عىل حساب الفرد. ويف بدايات القرن العرشين أصبحت الدولة املعارصة التي ولدت من رحم الرأساملية موضع انتقاد كثري من املثقفني؛ ألنها عىل الرغم من إعالنها حرية الفرد ومبالغتها يف ذلك تق ِّيده مبا يجعله حجرا ً يف رقعة الدولة ،فضالً عن تحول النموذج الغريب للدولة إىل دولة استعامرية. ولكن خفَّف عنها أن دولة جديدة ولدتها الثورة البلشفية يف روسية يف ذلك الوقت قد أعلنت ذوبان الفرد يف املجتمع متاماً من أجل مجتمع إنساين ،األمر الذي جعل املثقفني ينظرون إىل الدولة الرأساملية عىل أنها تحمي حرية الفرد ،وزاد من رواج هذه النظرة مامرسات دولة الثورة الوليدة التي سحقت الفرد وغيبت ظهوره ،اللهم إال مبقدار خدمته فكر الثورة ،وهذه املامرسات تحديدا ً قد شوهت ما تحمله الثورة من مفاهيم قد تكون إيجابية. وبعد أن سقطت دولة الثورة البلشفية وبقيت الدولة الغربية بفكرها ومامرستها يف الساحة عادت إىل األذهان االنتقادات السابقة ،والسيام أن تطور هذه الدولة أفرز نوعاً من النخبة السياسية االنتهازية ،التي شكلت بورجوازية جديدة مل تولد طبيعياً ،بل سياسياً ،مام جعلها شخصانية ،ال تهتم إال مبصالحها االقتصادية ونحوها ،خالفاً للبورجوازية الوطنية التي صنعت كل مظاهر النهضة الغربية يف عرص التنوير ،مبا فيها الدولة املعارصة .فرتاجعت حرية الفرد كام ذكرت بداية ،وتدنت مستويات مراعاة حقوق اإلنسان يف الغرب صانع الدولة املعارصة ،وتحولت األنظمة الحاكمة إىل دوائر تشبه العصابات ،أو الرشكات عىل أحسن اعتبار ،واتجهت الدوائر الحاكمة نحو قرس العامل عىل نظام عوملي يس ِّهل لها قيادة العامل نحو تحقيق مصالحها الخاصة فحسب، ولو عىل حساب األفواه املكممة ،أو الجائعة يف العامل. إنني أعترص أملاً عىل ما تعانيه البرشية اليوم من استبداد واحتالل وعدوان بسبب سياسات هذه الدوائر.. إنني أشعر بالخيبة واإلحباط من كون شعارات الحرية التي تبجح بها دعاة الفكر الغريب مل تكن سوى حقنات من املورفني تخفي أوهاماً بددها املبرشون بدميقراطية القرن الحادي والعرشين يف كل من أفغانستان تعج بها معظم املدن األوربية لتتابع مواطنيها باسم مكافحة اإلرهاب والعراق ،وكذبتها كامريات التصوير التي ُّ واملحافظة عىل األمن القومي. إنني أحس باإلهانة من ات ِّجار النخبة السياسية العاملية اليوم بقيم الحرية والعدالة وحقوق اإلنسان التي يحرتمها البرش جميعاً ،وتدعو إليها كل الرشائع الدينية. ومام يزيد األمر مأساة تراجع عدد املثقفني يف العامل يف هذه اللحظة التاريخية التي تتكشف فيها حقيقة الحرية وحقوق اإلنسان يف الدولة املعارصة؛ ألنهم املِ َج ُّس الذي يكشف قدرة األمة عىل التغيري والتطور، ومحطة اإلنذار املبكر ملشكالتها ،واملخترب الذي تصنع فيه عقاقري شفائها وعافيتها. إنني أدعو املشتغلني بالفكر والسياسة إىل إعادة النظر يف مفهوم الدولة املعارصة ،ورضورة إيجاد صيغة للدولة اليوم تكون فيها أكرث قدرة عىل الدفاع عن نفسها وحقوقها من املعتدين ،وأوسع رشيحة برشية من الدولة الوطنية ،وأحكم وأرصن ترتيباً ملنع استبداد النخبة الحاكمة ،وأشد احرتاماً لحرية الفرد وحقوق اإلنسان. ويف املنطقة العربية أرى أن شعارات الوحدة التي طرحت يف القرن املايض ،سواء الوحدة العربية أو الوحدة اإلسالمية ميكن أن تكون مدخالً صحيحاً لنشوء هذه الدولة. أسأل الله أن يرحم ضعفنا ،ويحمي هذا املخلوق من رعوناته يف حق نفسه وأبناء جنسه ،إنه خري مسؤول. عامد الدين الرشيد -مدير املكتب السيايس