العدد الثاني عشر 24آذار 2012
سوريا أم صربيا بركة البط عام على الثورة ما إلنا غير اهلل فقط في سورية بيان ائتالف قوى من المعارضة وصايا البغل مؤشرات على الطريق قال ابن خلدون في المقدمة الثورة السورية المباركة نحن المسلمين
سورية أم صربيا
يف مثل هذه األيام قبل ثالثة عرشعاماً وتحديدا ً يف 24آذار 1999بدأ هجوم حلف الناتو عىل رصبيا، الحليف األقرب لروسيا ،واللذان تجمعهام معاً الكثري من صالت القرىب والدين والتاريخ املشرتك واملصالح، متجاهالً تحذيرات روسيا وتهديداتها. لقد كانت رصبيا املكون األهم يف يوغوسالفيا السابقة ،العضو البارز يف حلف وارسو ،والتي يغلب عليها العرق الساليف كالكثري من الروس ،وغالبية سكانها من املسيحيني األرثوذوكس ،مثل معظم مسيحيي روسيا وتحتل موقعاً اسرتاتيجياً هاماً يف قلب أوروبا املهم جدا ً ملصالح روسيا الحيوية واالسرتاتيجية. رغم كل هذه الحقائق تدخل حلف الناتو متجاهالً روسيا ومن دون قرار دويل لوقف املجازر التي كانت واقعة عىل املسلمني يف رسبرينيتشا وكوسوفو والبوسنة والهرتسك وغريها. فعندما اشتعلت الحرب األهلية يف إقليم كوسوفو بني الرصب واأللبان وجه (الناتو) إنذارا ً إىل الحكومة الرصبية برضب بلغراد واملدن األخرى من دون االستناد إىل قرار خاص من األمم املتحدة؛ ألن أطراف الحلف الرئيسية واألعضاء يف مجلس األمن يدركون أن بحث أي هجوم عىل رصبيا سوف يواجه بالرفض «الفيتو» من روسيا أو الصني. عندما أنشئ حلف شامل األطليس (الناتو) عام 1949كان هدفه مواجهة االتحاد السوفيتي السابق، ومواجهة (حلف وارسو) ،وتطور الحلف من حيث التنظيم واالستعدادات الفنية خالل مدة «الحرب الباردة»، وعندما انهار االتحاد السوفيتي وتفككت جمهورياته ونالت استقاللها ،ظلت روسيا االتحادية الوريث لرتكة االتحاد املنهار وانحل حلف وارسو ،وباملقابل كان املفروض أن يتم حل حلف شامل األطليس (الناتو) النتفاء السبب والدافع الذي أُنشئ بسببه وملواجهته. ولكن الواليات املتحدة التي تشكل عصب الحلف العسكري ،حرصت عىل إبقائه وتعزيزه وتطوير مهامه الدفاعية والهجومية ،وتجاوز ما تم االتفاق عليه يف معاهدة الحلف املوقع عليها يف واشنطن عام ،1949إذ نصت املادة الخامسة من املعاهدة عىل أن «كل هجوم ضد أي دولة أو عدد من الدول األعضاء يعترب هجوماً موجهاً ضد الحلف ،الذي يجب أن يتخذ كل اإلجراءات التي يعتربها رضورية ،مبا فيها القوة العسكرية من أجل إعادة وضامن األمن يف منطقة األطليس» ،إال أن منطقة تحركات الحلف توسعت لتشمل معظم أرجاء العامل. فام رس فشل الواليات املتحدة وحلف الناتو واملجتمع الدويل باتخاذ قرار مامثل بشأن سورية رغم تجاوز املجازر حدود املعروف ،بل أصبحت تصنف من قبل معظم املنظامت الحقوقية عىل أنها جرائم ضد اإلنسانية؟ إذا كان االفرتاض أن ما يعطلهم هو الفيتو الرويس ،فإن هذا االفرتاض ميكن إثبات عدم صحته بأن رصبيا كانت أهم لروسيا بأطوار عديدة من سورية ورغم ذلك تم تجاوزها وتحييدها ،ومع كل التسويقات واملربرات فإن روسيا اآلن اقتصادياً وعسكرياً أضعف ما تكون من تحدي اإلرادة األمريكية وحلف الناتو فيام لو صدقوا. إذا ً ما الذي مينع أمريكا من القيام بواجبها اإلنساين تجاه الشعب السوري املظلوم ،بل ماذا مينع حتى الدول الفاعلة اإلقليمية التي أصدرت الكثري من األقوال دومنا أفعال؟ وما خصوصية امللف السوري؟ الكثري من الظروف متشابهة بني ملفي سورية ورصبيا ،إال املوقع الجغرايف ،إذا ال بد أن الخصوصية تأيت من هذا املوقع ...إنها إرسائيل أيها السادة التي تستميت بالدفاع عن أخلص كالب حراستها وتحاول ما بوسعها ملنع أي تحرك ضده ...فلقد سقطت األقنعة وحجج املامنعة السخيفة. لقد أدرك الشعب السوري هذه الحقيقة ورأى الوجوه القبيحة بعد سقوط أقنعتها ،وعقد العزم بعد االتكال عىل الله أن يخلص بالده من هذه األوبئة بدعم من الخارج أو من دونه ،فالسؤال املطروح اآلن ليس فيام إذا كان النظام الفاسد سيسقط أم ال ،بل متى سيسقط ،وعندها سيفرح املؤمنون بنرص الله ،وستفتح الدفاتر ليعاد تصنيف األصدقاء وخالفهم بناء عىل مواقفهم مام يجري اآلن. كامل الحميص