تــــــــــــــــــــحولات مشرقية (1) نسخة الموقع

Page 1

‫ال���ع���دد رق����م ‪� - 11‬أي����ل����ول ‪2016 -‬‬

‫فـ�صـلــيـة فـكريـة ثـقافيـة تـعنى ب�شــ�ؤون امل�شــرق‬

‫هذا الشعر ثورة !‬

‫عدد خاص‬ ‫عن الكتابة الجديدة‬ ‫في المشرق‬



‫عدد خاص‬

‫الع��دد رقم ‪� - 11‬أيل��ول ‪2016 -‬‬

‫فـ�ص��ـلــيـة فـكريـ��ة ثـقافيـ��ة تـعنى ب�ش��ــ�ؤون امل�ش��ــرق‬

‫هذا الشعر ثورة!‬

‫عدد خاص عن الكتابة الجديدة في المشرق‬

‫املحتويات‬ ‫من ذاكرة حتوالت‬

‫"حتوالت" �أو ال�س�ؤال ال�شعري املقبل‬

‫املحور الفل�سطيني‬

‫‪3‬‬

‫االفتتاحية‬ ‫هذا ال�شعر‪.......‬ثورة!‬ ‫زيد قطريب‬

‫‪7‬‬

‫�إبداع ونقد‬ ‫املحور العراقي‬ ‫(جمموعة �أدباء و�شعراء من العراق)‬ ‫املحور ال�سوري‬ ‫(جمموعة �أدباء و�شعراء من �سوريا)‬

‫‪11‬‬

‫‪51‬‬

‫(جمموعة �أدباء و�شعراء من فل�سطني)‬

‫‪93‬‬

‫املحور اللبناين‬ ‫(جمموعة �أدباء و�شعراء من لبنان)‬

‫‪115‬‬

‫املحور الأردين‬ ‫(جمموعة �أدباء و�شعراء من الأردن)‬

‫‪153‬‬


‫حتوالت م�رشقية‬

‫ف�صلية‪ ،‬فكرية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬تعنى ب�ش�ؤون امل�شرق واملنطقة‬ ‫ال�شام‪ :‬زيد قطريب‪ ،‬مناهل ال�سهوي‬ ‫لبنان‪ :‬نعيم تلحوق‪� ،‬سرجون فايز كرم‬ ‫هيئة التحرير العامة‬

‫فاتن املر‬ ‫عاطف عطية‬ ‫ح�سن حماده‬ ‫ن�صري ال�صايغ‬

‫هيئة حترير هذا العدد‬

‫العراق‪ :‬مازن املعموري‪ ،‬كاظم خنجر‪ ،‬فل�سطني‪� :‬أني�س غنيمة‬ ‫علي ذرب‬ ‫الأردن‪� :‬إ�سالم �سمحان‬

‫�سعاده م�صطفى �أر�شيد‬ ‫�سليمان بختي‬ ‫�سركي�س �أبو زيد‬

‫�سكرتري التحرير التنفيذي ‪ :‬هنادي �شموط‬ ‫املدير امل�س�ؤول‪� :‬سركي�س �أبو زيد‬ ‫الربيد الإلكرتوين‪abouzeid@gmail.com :‬‬ ‫ت�صدر مبوجب قرار رقم ‪ 82‬تاريخ ‪1981/7/6‬‬ ‫�صادر عن وزارة االعالم يف لبنان‬ ‫هاتف‪)00961-1( 751541 :‬‬ ‫�صندوق بريد‪ 113-7179 :‬بريوت ‪ -‬لبنان‪.‬‬ ‫�شارع احلمرا‪ ،‬بناية ر�سامني ‪ ،‬الطابق الثالث ‪.‬‬

‫الربيد الإلكرتوين‪:‬‬ ‫املوقع الإلكرتوين‪www.tahawolat.net :‬‬

‫‪info@tahawolat.net‬‬

‫الإخراج الفني‪zaid mahdi :‬‬ ‫توزيع‪ :‬النا�رشون‬

‫بريوت ‪ -‬امل�شرفية‪� ،‬سنرت ف�ضل اهلل ‪ -‬طابق ‪4‬‬

‫هاتف وفاك�س‪:‬‬ ‫خلوي‪)00961-3( 975033 :‬‬

‫‪)00961-1( 277007 - 277088‬‬

‫ت�صدر بالتعاون مع م�ؤ�س�سة �سعاده للثقافة‬

‫بناية ر�سامني‪� ،‬شارع احلمرا‪ ،‬ر�أ�س بريوت‪،‬‬ ‫�صندوق بريد‪ 113-5557 :‬بريوت ‪ -‬لبنان‪.‬‬ ‫هاتف‪)00961-1( 753363 :‬‬ ‫فاك�س‪)00961-1( 753364 :‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين‪saadehcf@idm.net.lb :‬‬ ‫املوقع الإلكرتوين‪www.saadehcf.org :‬‬ ‫اال�شرتاك ال�سنوي ‪ -‬لبنان‬

‫للأفراد‪ 50 :‬دوالراً �أمريكياً‬ ‫للم�ؤ�س�سات‪ 100 :‬دوالر �أمريكي‬ ‫اال�شرتاك ال�سنوي ‪ -‬خارج لبنان‬ ‫للأفراد‪ 100 :‬دوالر �أمريكي‬ ‫للم�ؤ�س�سات‪ 200 :‬دوالر �أمريكي‬

‫املواد املن�شورة تعرب عن ر�أي كاتبها‬


‫من ذاكرة حتوالت‬

‫«حتوالت» �أو ال�س�ؤال ال�شعري املقبل‬ ‫ال�شعر والإبداع من اهتمامات "حتوالت" منذ انطالقتها‪ .‬وهنا نعيد ن�شر افتتاحية العدد‬ ‫الأول �صيف ‪ ،1983‬وهو ر�ؤية مازالت راهنية وتنب�ض جتدد ًا رغم الزمن العربي الرديء‪.‬‬

‫جملة �شعرية يف الزمن امليت؟ زمن احلروب والهزائم واالنتكا�سات واخليبات ال�سيا�سية‬ ‫واالجتماعية والثقافية؟ جملة �شعرية يف الزمن الالثقايف؟ يف الزمن الال�شعري؟ �إنها‬ ‫لنب�ض‬ ‫هام�ش �ضيقٍ حمدود ال يت�سع ٍ‬ ‫املفارقة املده�شة‪ .‬املفارقة الأخرى التي ُتولد على ٍ‬ ‫واحد �أو لعني مفتوحة واحدة �أو لكلمة واحدة‪ .‬املفارقة املده�شة ت�أخذ �شكل املغامرة‬ ‫امل�ضاعفة‪.‬‬ ‫مغامرة ال�س�ؤال املنبثق على م�سافة تكتظ بالأجوبة‪ .‬بالأجوبة التي ت�صوغ زمنها النهائي‬ ‫املغلق‪ .‬مغامرة ال�س�ؤال امللعون ليبقى �س�ؤا ًال ملعوناً‪� .‬س�ؤا ًال �شعرياً و�إن�سانياً مع َّلقاً على‬ ‫خارطة ال تنتهي من طقو�س القيلولة واالرتدادات واال�ست�سالمات الأبدية‪ .‬حلظة م�ضادة‬ ‫حتا�صرها ذاكرات معدنية‪ .‬لكنها تبقى‪ ،‬اللحظة امل�ضادة‪ ،‬من قطرة تنزف رقيقة على‬ ‫اخلزائن املعدنية‪ .‬خزائن الرمل‪� .‬س�ؤال من بني الأ�سئلة‪ ،‬ال�س�ؤال ال�شعري‪� .‬س�ؤال من‬ ‫كل الأ�سئلة‪ .‬لكنه ُيلقى كما تلقى الده�شة‪ ،‬رمبا‪ ،‬بال عتاد �أو حممول ثقيل منها‪ ،‬ورمبا‪،‬‬ ‫�أي�ضاً بال م�شروع ثقايف (�أو �سيا�سي �شامل)‪ ،‬ك�أمنا يبقى نقا�ؤه ك�س�ؤال نقي ومط ّهر‪ ،‬ورمبا‬ ‫بال نظام متما�سك (�أيديولوجي �أو دوغماتي �أو غيبي)‪ ،‬فال يح�صره غري ف�ضائه ال�شا�سع‪،‬‬ ‫غري ف�ضائه اجل�سدي الناب�ض‪.‬‬ ‫وهل هنا يكمن اخلطر؟ �أن ت�أتي "حتوالت" بال "ر�ؤيا" م�سبقة‪� ،‬أو بال بنية "ثقافية" �أو‬ ‫فكرية �أو ذهنية ت�ضبط �أفقها وتوجهاتها‪ ،‬ل ُتطل الن�صو�ص ال�شعرية عارية عارية �إال من‬ ‫حلظاتها اخلا�صة؟ وهل هنا يكمن اخلطر كذلك‪� ،‬أن تنك�سر هذه الن�صو�ص على تاريخيتها‬


‫�أو على مفاهيمها "الأولية" التي تدعو �إىل توجيه تياراتها حتى التقنني؟ وماذا نقول‬ ‫عن كل ال�شعارات واملفاهيم والنظريات التي �سبقت ن�صو�صنا ال�شعرية وغري ال�شعرية‪،‬‬ ‫فوقعت هي يف غربة و�أوقعت الن�صو�ص يف غربة �أعمق و�أ�شد‪ .‬وما الذي بقي من جممل‬ ‫ما اقترُ ح �أو ُفر�ض على امتداد املراحل ال�سابقة‪ ،‬وما كانت النتائج يف امل�ستويات املختلفة‪:‬‬ ‫ال�شعرية والأدبية وال�سيا�سية‪ ،‬بعد كل هذه احلروب؟ بل ماذا بقي من كل ما ارتفع بعد‬ ‫كل هذه احلروب؟ بل ماذا بقي من كل تلك امل�شاريع "الثقافية" التي تهاوت عند‬ ‫�أول هزة حقيقية و�سقطت عند �أول احتكاك بالواقع؟ وهل ن�سمح لأنف�سنا بالقول �إن‬ ‫ا�ستعجال طرح امل�شاريع واملفاهيم امل�سقطة على الواقع الثقايف‪� ،‬أوقعها بنوع من االقتالع‬ ‫�أدى �إىل هذا الت�شتت اخلطري الذي ن�شهده يف جمتمعنا؟ و�أوقعها بنوع من "التعايل"‬ ‫عجل يف جميء الهزمية الكربى؟ لن نقول �إننا بتنا يف نقطة ال�صفر‪ .‬ولكن يحق لنا �أن‬ ‫َّ‬ ‫ن�س�أل‪ :‬من �أين ي�أتي ال�س�ؤال الثقايف الإبداعي وال�سيا�سي واالجتماعي؟ من �ضمن‬ ‫الن�ص‪� ،‬أو من خارجه؟ من �ضمن املفهوم املجرد (التجريبي اخلال�ص)‪� ،‬أم من �ضمن‬ ‫املعي�ش؟ ما هو الثابت وما هو املتحول يف املفاهيم؟ بل من ُيحدد "الثابت" ومن يحدد‬ ‫"املتحول"؟ احلزب؟ الطائفة؟ الأيديولوجيا؟ الع�شرية؟ الدين؟ �أو لي�ست كل هذه‬ ‫التحديدات �أنواعاً ق�سرية تخ�ضع �أو ًال و�أخرياً ل�سلطة تاريخية ولتقلبات خارجية ومعينة؟‬ ‫وكيف ال يقع املثقف يف "ال�سلطة"‪ ،‬حني يهج�س يف هذا النوع من امل�صادر للتاريخ‬ ‫ولظواهره الثقافية والإبداعية؟ وهل ينبغي �أن نقع حيث وقع �سوانا حني �أراد �إك�ساب‬ ‫تاريخية مفهومية جاهزة للن�ص‪ ،‬ف�أوقع الن�ص يف ال تاريخية تعي�سة‪ .‬وهل ينبغي �أن نفرز‬ ‫اللحظات الإبداعية عن مدلولها الداخلي والكلي‪ ،‬بفر�ض ت�أويالت طائفية �أو �سيا�سية �أو‬ ‫�أيديولوجية‪ ،‬لتقع هذه اللحظات يف الت�أويل الأحادي واجلزئي؟ وهل ينبغي �أن نقع يف‬ ‫�أيديولوجيا تختار ن�صو�صها ق�سرياً‪ ،‬يف حني حتتاج هذه الأيديولوجيا (كمعطيات �سابقة)‪،‬‬ ‫ملن يتحقق من فاعليتها و�أ�صالتها (مبا هي افرتا�ض يرتبط بواقع معني)؟ �أو لي�س هذا هو‬ ‫اخلط�أ الأ�سا�سي‪ :‬افرتا�ض �أوال ّيات �صاحلة لكل زمان ومكان‪ .‬ولكل تعبري وظاهرة ونوع‪،‬‬ ‫�أو افرتا�ض جمموعة �أوال ّيات ع�شوائية يلهث وراءها ال�ساعون �إىل دوغماتية ما ويتقلبون‬ ‫يف متنافراتها ومتناكراتها با�سم "التجاوز" �أو "التخطي" �أو حتى القلق؟ وهنا �أي�ضاً‬


‫يحق لنا �أن ن�س�أل‪ :‬من يلحق الآخر‪ :‬الن�ص �أم الأيديولوجيا؟ (نطرح مثل هذه الأفكار‬ ‫اجلاهزة با�سم رف�ض اجلاهز)‪ .‬وهنا بالتحديد الفخ املن�صوب‪ :‬ال�صوت الواحد‪ .‬النربة‬ ‫الواحدة‪ .‬ويف النهاية املوت الواحد‪.‬‬ ‫على هذا الأ�سا�س ت�أتي "حتوالت" ل ُتبقي الأ�سئلة مفتوحة على احتماالتها الالنهائية‪،‬‬ ‫وعلى جمهولها الدائم وم�ستقبلها القادم‪ .‬على هذا الأ�سا�س ترى �إىل طليعية غري‬ ‫ُمقننة وغري ُم�س َّيجة بذاكرة دوغماتية �أو مدر�سية‪ ،‬وغري مم�صو�صة و ُميب�سة يف قنوات‬ ‫ثابتة وحمدودة �سلفاً‪ ،‬ت�ستمد حيويتها من اختباريات متعددة حتى التناق�ض‪ ،‬هذه‬ ‫االختباريات التي جتعل من ديناميتها اجلماعية ك�سراً ل�سلطة ال�صوت الثقايف الواحد‬ ‫وحماولة لتجديد مالمح ما ي�ضيء يف املوروث ال�شعري العربي القدمي واحلديث يف لقاء‪،‬‬ ‫�أبهى ما فيه �أنه �سر �إىل االفرتاق‪.‬‬ ‫افرتاق دائمان يف حركة تت�سع �إىل ال�شعري يف ف�ضائه ال�شا�سع‪ ،‬ويف جتاربه الأكرث حميمية‬ ‫واختالفاً‪ :‬من بناء الق�صيدة املغلقة �إىل ال�شعر املتحرر �إىل الن�ص املفتوح �إىل االغتذاء من‬ ‫"الكتابة" املتداخلة يف ن�صية تاريخية تتجاوز الأنواع‪ .‬كما تقرتح نف�سها جما ًال ملجمل‬ ‫النربات ال�شعرية احلية التي تعرب عنها الأنفا�س ال�شابة واجلديدة والرا�سخة يف لبنان ويف‬ ‫العامل العربي‪" .‬حتوالت"‪ ،‬يف ما ال تدعيه �أي يف ما تتجنبه من �شعارات و�إ�سقاطات‬ ‫و�شروط اعت�سافية‪ُ ،‬ت ْق ُبل بن�صو�ص حتمل مفاتيحها "النقدية" وغري النقدية معها‪ .‬حتملها‬ ‫فيها‪ .‬يف داخلها‪ .‬و"حتوالت" يف ذلك مل "ت�صن ْع" ن�صو�صها‪ ،‬بل ت�صنع ن�صو�صها‪.‬‬ ‫وهي مل ت�سبق ن�صو�صها‪ ،‬كما مل ت�سبقها ن�صو�صها‪ ،‬و�إمنا جتيء ن�صو�صها معها‪ ،‬من دون‬ ‫ذاكرة ف�ضفا�ضة �أو �شعارات �أو ادعاءات �أو جلبة �أ�صداء‪" .‬حتوالت" ت�صدر لتبقى دائماً‬ ‫ُمقبلة‪ .‬لتبقى دائماً ناق�صة‪ .‬قلقة‪ .‬ال ت�سعى �إىل تكري�س � ٍ‬ ‫أحد وال تريد �أن ي�سعى �أحد‬ ‫�إىل تكري�سها‪ .‬وال حتلم ب�أي زمن اجتماعي �أو فولكلوري ُيدخلها قيلولة "املتكلمني"‪،‬‬ ‫وال يف نهاية املكر�سني‪ ،‬كما �أنها ترف�ض �أن تتحول "�سلطة" ما �أو موقعاً ثقافياً مغلقاً‪� ،‬أو‬ ‫حتزباً �أو تع�صباً‪� .‬إنها املجال املفتوح على ال�ضمري ال�شعري العربي وغري العربي املختلف‪.‬‬ ‫وعلى احل�سا�سيات ال�شعرية العربية املتفتحة واملتجددة والهاج�سة ب�شعر يكون من بني‬


‫الإ�شارات الأوىل التي تدل على متلمل �إن�ساين ووجودي و�إبداعي لبناين وعربي‪.‬‬ ‫و"حتوالت" ت�صدر يف بريوت‪ ،‬لت�صل �إىل حيث يجب �أن ت�صل‪ ،‬وي�صل �إليها من يجب‬ ‫�أن ي�صل �إليها‪ ،‬حتلم بعبور الأر�ض املفتوحة على كل املدن والد�ساكر العربية‪ ،‬لتحقق‬ ‫حلمها ال�شعري اخلا�ص‪ .‬حلمها امل�ستقل‪ .‬حلمها الطالع كنبتة خ�ضراء من بني �أنقا�ض‬ ‫الهزائم واحلروب‪.‬‬ ‫افتتاحية "حتوالت"‪ -‬العدد الأول‪� -‬صيف ‪1983‬‬


‫االفتتاحية‬

‫هذا ال�شعر‪ ..‬ثورة!‬ ‫زيد قطريب‬ ‫اقتفاء �أثر الإبداع ال�شعري يف امل�شرق العربي‪ ،‬رمبا يكون خطوة نادرة يف مراحل االفتئات‬ ‫والت�شظي‪ ،‬فهذه القطع املتناثرة من �سايك�س بيكو‪ ،‬مازالت قادرة على حماكاة احللم‬ ‫و�إعادة تدويره ب�شكل جديد وقابل للتحقق‪ .‬و�إذا كان من ال�صعب �أن ن�صنع �شيئاً على‬ ‫�صعيد اجلغرافيا والإن�سان الذي �سميناه زمناً طوي ًال باملجتمع‪ ،‬ف�إن �أ�ضعف اخلذالن اليوم‬ ‫�أن نفعل �شيئاً على �صعيد الكتابة اجلديدة التي تت�شكل يف الأفق جراء احلرب وقيامة‬ ‫الأ�سئلة امل�ؤجلة تاريخياً من كل حدب و�صوب‪ .‬هو ما ي�سمونه امل�شرق العربي‪ ،‬ومرات‬ ‫�أخرى ال�شرق الأو�سط‪� ،‬أو القطعة النيئة من اجل�سد امليت واملثخن بالطعنات والأديان‬ ‫واجلهل‪ .‬القطعة ّ‬ ‫تال�ش �سوف ت�ص ُري بعد انق�ضاء‬ ‫املقطعة التي ال يعرف �أحد �إىل �أي ٍ‬ ‫املعارك بكامل طائفيتها و�أقاليمها ورقعات �شطرجنها العاملية‪.‬‬ ‫الن�ص ال�شعري اليوم‪ ،‬يعيد �شحذ �أدواته ويب�شر بانعطافات كبرية يف الأفق‪ ،‬هي لي�ست‬ ‫انعطافات تتعلق بطارئية العناوين التي فر�ضتها �سادية القتال على جبهات الر�صا�ص‬ ‫واللغة و�سفك ال�صور‪ ،‬بل هي عملية هدم كبرية جتري بثقة يف الظل دون قرارات م�سبقة‬ ‫مهن �صناعة الكتابة‪ ،‬عمليات ن�سف‬ ‫من طرابي�ش اللغة والعروبة و�شيوخ الدين والكار يف ِ‬ ‫هائلة يرتكبها اللوغو�س ال�سوري الذي ظل لأمد بعيد م�ستقراً يف البحريات الآ�سنة‬ ‫التي فر�ضت كتابة �سوريا ملوية العنق بالتاء املربوطة مع �أن الإطالق يف الألف العالية‬ ‫هو �أهم ميزات الآرامية �أو ال�سريانية‪� .‬إنها الأيديولوجيا البائدة التي عقدت حلفاً تاريخياً‬ ‫مع رجال الدين و�أ�صحاب الذهنية املا�ضوية‪ ،‬عندما قرر اجلميع الدفاع عن خامتة اللغة‬ ‫وخامتة التفكري وخامتة الر�ساالت ال�سماوية‪� ،‬أولئك �أن�صار اخلامتات بكل �أنواع لن يبطلوا‬ ‫ن�سف املقدمة املنطوية على احتماالت انقالب امل�شهد‪ ،‬منذ املرحلة التي �أبيدت فيها‬ ‫ن�صو�ص ال�شعراء ال�سوريني يف مراحل ما قبل امليالد‪� ،‬إىل اللحظة التي �س ّوق النقاد فيها‬


‫وهماً يقول �إن امرء القي�س وطرفة بن العبد �أو ال�شنفرى هم الأجداد ال�شرعيون لأبناء‬ ‫دجلة والفرات و�ساحل املتو�سط‪� ..‬إنها �سوريا املنتهكة على �صعيد ن�صو�صها الإبداعية‬ ‫من كل اجلبهات واجلهات واملعادين لأي جتديد يف الن�ص!‪ .‬فاللغة التي حمت اخلامتات‬ ‫التي حتدثنا عنها‪ ،‬دعمت ب�شكل حثيث الطغاة عرب ا�ستخدام املعجم نف�سه ودعم اللغة‬ ‫نف�سها‪ ،‬وكان طبيعياً �أن تتورط تلك املو�سيقا ال�صحراوية القادمة من �شبهة اجلزيرة‬ ‫العربية‪ ،‬بت�سويق كل �أنواع الت�صحر التي ت�ؤجل انتعا�ش اللوغو�س ال�سوري الذي كان‬ ‫يف كل مرحلة يتعر�ض لإبادة تعيده للنوم‪ .‬ملاذا مل تتورط �إال تلك اللغة املمو�سقة على‬ ‫وقع �أقدام الناقة يف دعم الرداءة واال�ستبداد الديني وال�سيا�سي؟‪ .‬هو احللف التاريخي‬ ‫الذي قد عقد بني هذه الأطراف منذ �أكرث من �ألف و�أربعمئة عام ومازال العمل ببنوده‬ ‫م�ستمراً حتى اليوم!‪.‬‬ ‫نب�شّ ر اليوم بحركات حترر جديدة على �صعيد الكتابة ال�سورية و�إعادة �صياغة اخللق‬ ‫املوازي‪� ،‬سواء عرب تدمري املعجم و�إعادة ت�أ�سي�سه ب�شكل خمتلف وجديد‪� ،‬أم عرب اقرتاف‬ ‫كل �أنواع اجلر�أة يف الأفكار وال�صور ون�شر تراكيب الكالم على نوا�صي ال�شوارع التي‬ ‫مازالت تردد العبارات نف�سها منذ �أربعة ع�شر قرناً وتع�شق بالطريقة نف�سها وتلقي التحية‬ ‫بذات اجلملة امل�ستهلكة للأ�سف!‪.‬‬ ‫مرات كثرية كنت �أفكر مثل حممد املاغوط‪ ،‬ملاذا كان ال�سياب يخطف �أثناء م�شيته‬ ‫يف ال�شارع ويحتاج �أن ي�سنده �أو يثبته �أحد!‪ .‬تلك النكتة التي �ساقها �صديقه املاغوط‬ ‫عندما قال �إنه دخل االجتاه الي�ساري ب�سبب هذه احلالة الغريبة من االنعطاف غري املربر!‪.‬‬ ‫تبدو على عالقة كبرية مع ق�صيدته مطر التي كتبها منت�صف القرن املا�ضي باعتبارها‬ ‫انعطافاً حتررياً من انعطافات ال�سياب ال�شهرية‪ ،‬فهو �سليل حركات �شعرية حتررية ن�ش�أت‬ ‫�سابقاً قادها املعري واملتنبي و�أبو نوا�س وغريهم كثري‪ ،‬لكن اجها�ض الثورة كان يتم يف‬ ‫كل مرحلة عرب احللف الذي �أ�شرنا �إليه و�ضم دائماً الن�ص الغيبي ورجاالته‪ ،‬والن�ص‬ ‫اال�ستبدادي يف اعتماده نوعاً معيناً من اللغة احلليفة‪ ،‬واملعجم الذي كان الأداة التي‬ ‫كر�ست �سطوة هذه الأطراف حتى اليوم!‪.‬‬ ‫ما نحن ب�صدده اليوم‪ ،‬هو اقتفاء �أثر الإبداع يف امل�شرق العربي ككل‪ ،‬فالوا�ضح �أن‬


‫انقالبات جذرية على �صعيد الن�ص ال�شعري يف الطريق‪ ،‬وال يرتبط هذا باحلرب من‬ ‫ناحية جدة املوا�ضيع املتناولة‪ ،‬بل من جهة اجلدل التي �سببته هذه احلرب عندما ف ّيقت‬ ‫كل الأمرا�ض والأ�سئلة واالحتماالت‪ ..‬لقد �أ�صبح االجرتاء على املقد�سات �أمراً‬ ‫الن�صي والب�شري هو من ُيطبق على الرقاب بال�سكاكني‬ ‫م�شروعاً مادام هذا املقد�س ّ‬ ‫ويقطع الر�ؤو�س بال�سيف نف�سه الذي ا�ستله كي يجرب النا�س على نوع معني من الذهنية‬ ‫والثقافة والكتابة‪ ..‬ما ن�شهده اليوم هو تبا�شري حركات حترر هائلة تتمحور يف ال�شام‬ ‫والعراق ولبنان وفل�سطني والأردن بن�سب خمتلفة بني تلك املناطق ور�ؤى مغايرة ح�سب‬ ‫اخل�صو�صية املحلية التي ن�ش�أت جراء احلدود الكيانية التي مل تلغها �إال التنظيمات‬ ‫املتطرفة التكفريية يف حني ك ّر�سها ما ن�سميه بالأيديولوجيات وم�ؤ�س�ساتها العلمانية‬ ‫وال�سيا�سية املختلفة‪ ..‬هذه الن�صو�ص التي يكتبها اليوم �شعراء �شا�ؤوا تخطي عقدة‬ ‫اخلوف من هدم املعبد على ر�ؤو�س اجلميع‪ ،‬لأن الواقع �أثبت عدم وجود معبد �إال من‬ ‫اخلرافات املفرو�ضة باخلناجر واخليانات امل�ستوردة من وراء �صحراء النفوذ عندما �ساد‬ ‫مفهوم القبائل على بال ٍد كامل ٍة �صاغت �أول �شريعة للب�شرية يف التاريخ‪ ،‬واكت�شفت �أول‬ ‫�أبجدية وكتبت �أول ق�صيدة �شعر‪.‬‬ ‫ما يظهر يف الن�صو�ص التي ي�ضمها هذا العدد من "حتوالت م�شرقية"‪ ،‬هو كل ما حتدثنا‬ ‫عنه هنا‪ ،‬من حيث الأ�ساليب والأفكار واملقاربات املختلفة وامليل نحو االحتماالت‪،‬‬ ‫جتارب عراقية �شاءت الذهاب �إىل �أماكن املوت من �أجل قراءة ال�شعر وت�أليفه بدءا من‬ ‫مقابر ال�سيارات املفخخة �إىل حقول الألغام وثالجات املوتى‪ ،‬يف حني �شاء �شعراء من‬ ‫ال�شام القول بن�سف كبري للمعجم العربي والعودة طوعياً �إىل ت�أ�سي�س معجم جديد‬ ‫ت�شرتك فيه الآرامية وال�سريانية مع عربية اليوم من �أجل �إطالق �إمكانية التطور اللغوي‬ ‫والذهني من قمقمها املحكم الإغالق لأن اللغة احلالية متورطة باالتفاقية التي �أ�شرنا‬ ‫�إليها مع الن�ص الغيبي والن�ص اال�ستبدادي يف وقت واحد‪ ..‬يف فل�سطني والأردن‬ ‫مقاربات خمتلفة الحتماالت الن�ص‪ ،‬مثلما هو الأمر يف بريوت التي �أ�س�ست جمموعة‬ ‫�شهرياد وقوامها �شعراء يقرتفون تلك االجرتاءات بكثري من اجلر�أة واالختالف التي‬ ‫حت�ضر يف هذا العدد �أي�ضاً‪..‬‬ ‫�إذا اعتربنا ق�صيدة ال�سياب ونازك املالئكة املخت�صة مبا يعرف بق�صيدة التفعيلة واحلروف‬


‫على البيت الواحد‪ ،‬هي حركة حترر هامة يف تاريخ الكتابة ال�سورية والعربية‪ ،‬ف�إن الأب‬ ‫ال�شرعي لق�صيدة النرث حممد املاغوط كان �صاحب الثورة الثانية �أو حركة التحرر الثانية‬ ‫عرب بلورة وت�أ�سي�س ق�صيدة النرث التي قطعت ب�شكل نهائي مع �أقدام البعري ومو�سيقا‬ ‫حادي العي�س‪ ..‬تلك الق�صائد التي كتبها املاغوط تبدو �شبيهة جداً مبا كتبه ال�شاعر‬ ‫ال�سوري الهيلين�ستي ميلياغرو�س قبل امليالد مبئتي �سنة تقريباً‪ ،‬ورغم �أن املاغوط مل‬ ‫يقر�أ ميلياغرو�س على الأرجح لأن ترجمته قد متت منذ فرتة قريبة‪� ،‬إال �أن ما �سميناه‬ ‫باللوغو�س ال�سوري هو ما حترك ب�شكل فطري كي يكتب املاغوط بهذه العفوية التي‬ ‫دفعت �صاحبها لالعرتاف ب�أنه مل يقر�أ جتارب ال�شعر العاملي واملرتجم وال يعرف معظم‬ ‫رواد احلداثة يف الغرب وال�شرق على حد �سواء!‪ .‬هي القدرية نف�سها التي تعود للتحرك‬ ‫اليوم يف ن�صو�ص �شعراء ال�شام والعراق ولبنان وبقية اجل�سد ال�سوري املنهك بالطعنات‬ ‫كي تطلق حركات حترر جديدة ورمبا تكون �أكرث م�ضاء من ال�سابق‪ ،‬لأن اخلربات قد‬ ‫�شق ع�صا الطاعة ب�شكل نهائي ثقافة "خط الرمل" الذي‬ ‫تراكمت مبا يكفي من �أجل ّ‬ ‫مل ي�شاهده �ساطع احل�صري يف �صحراء النفوذ‪ ،‬فاملنظرون العرب والعروبيون‪ ،‬غ ّلبوا يف‬ ‫كل مرة عامل االنفعال والدبكة وال�شوبا�ش على العقل وانفتاح الذهنية و�ضرورة ترك‬ ‫الأجيال تبحث عن معاجمها ولغاتها وتبني حركات حتررها من هذا اال�ستبداد الذهني‬ ‫الهائل!‪.‬‬ ‫يف الر�سم والبحث التاريخي‪ ،‬هناك حمطات حداثوية ال تقل �ش�أنا عم يجري على �صعيد‬ ‫الن�ص‪ ،‬تلك الأ�صابع التي نحتت متثال امللكة زنوبيا‪ ،‬قادرة اليوم على �صياغة فرادة‬ ‫التلوين ال�سوري والنحت يف �صخور ال�صوان والبازلت مالمح الذائقة اجلديدة‪ ..‬هي‬ ‫النظرة اجلديدة للحياة والكون والفن التي ت�سببت مبقتل كل من نادى بها يف مراحل‬ ‫�سابقة‪ ،‬تعود اليوم عرب العامل الثقايف لتنع�ش االجتاهات الأخرى ّ‬ ‫امل�سكرة على الذهنية‬ ‫عن �سابق ق�صد وت�صميم من قبل كل �أنواع املا�ضويني‪..‬‬ ‫من يدري‪ ،‬رمبا نحاول �أن ن�ش ّرع بوابات االحتماالت‪ ،‬ورمبا �ضقنا ذرعاً بكل هذا الهراء‬ ‫املفرو�ض تاريخياً بكامل رداءته الق�سرية على عقولنا التي تبد�أ اليوم بك�سر الطوق!‪.‬‬




‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫الطلوع و�سط انهيار اليقينيات‬

‫�أجيال الثمانينيات والت�سعينيات والألفية الثالثة؟‬ ‫عبا�س عبد جا�سم ‪-‬ناقد وروائي من العراق‬

‫والت�صدعات الناجمة عنها‪ ،‬طلعت �أجيال مقموعة مقهورة‪ ،‬تك ّونت‬ ‫و�سط انهيار اليقينيات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بال �أب ّوة �شعرية يف ع�صر تكري�س اخلراب والت�ضخم والبطالة والكفاف االقت�صادي‪ ،‬وقد �صاغ‬ ‫قانون ت�أثري هذه اللحظة ّ‬ ‫الت�شكالت ال�شخ�صية واملعرفية لها يف الوعي و�أ�ساليب الكتابة‪.‬‬ ‫‪ ‬وقد امتازت هذه اللحظة يف �أنها حلظة ت�صادم �سياقي بني ق�صيدة النرث التي حتولت من‬ ‫هام�ش �إىل مركز‪ ،‬وهي تتجه نحو تقوي�ض �آخر ماتبقى من نظام الوزن‪ ،‬وق�صيدة التفعيلة التي‬ ‫ت�شغل قلب املركز‪ ،‬وهي حتتفظ بوحدة التفعيلة بو�صفها �آخر بنية حتمي ال�سياج العرو�ضي من‬ ‫االنهيار املتدرج ( )‪.‬‬ ‫و�إن كان كتاب �سوزان برنار الدليل النظري لق�صيدة النرث التي كتبها جيل الر ّواد‪ ،‬ف�إنه مل‬ ‫فقد‬ ‫يعد مرجعية معيارية لق�صيدة النرث التي كتبتها �أجيال ما بعد مرحلة الر ّواد‪ ،‬لي�س لأنه َ‬ ‫مفعول مركزيته املعيارية فقط‪ ،‬و�إمنا لأن وعي هذه الأجيال ّ‬ ‫ت�شكل ب�صيغ جديدة مغايرة له‪.‬‬ ‫مل تلج�أ هذه الأجيال �إىل كتابة ق�صيدة النرث بو�صفها �أحد �أهم �أ�شكال التعوي�ض عن (ركود‬ ‫ال�شعر احلر وانح�سار وهج ر ّواده)( ) فقط‪ ،‬و�إمنا بو�صفها �أي�ضاً �أحد �أهم �أ�شكال التم ّرد على‬ ‫نق�ص الواقع وف�ساده ب�صيغة التعوي�ض عن ا�ستحالة حت ّرر الن�سق االجتماعي من الإرث‬ ‫ال�سيا�سي لتاريخ اال�ستبداد العربي‪.‬‬ ‫‪ ‬و�سط �إنهيار هذه اليقينيات‪� ،‬أخذت هذه الأجيال حترث يف مناطق‪ ‬الاليقني‪ ،‬وذلك‬ ‫باملراهنة على (الأبدي) بقوة (اليومي)( ) حتى ذهبت هذه الأجيال �إىل (تفكيك القدا�سة‬ ‫املعطاة لق�صيدة الر�ؤيا التي جتد يف اللغة بنيتها ال�شكلية)( ) ل ُتعنى بامل�سكوت عنه واملهمل‬ ‫واملن�سي والعر�ضي والهام�شي والراهن واملعي�ش والعادي واملغفول عنه‪.‬‬ ‫وهناك َمن يالحظ من داخل هذه الأجيال (�إن اخلروج من ال�شعرية بد�أ بانتهاك الوعي‬ ‫جت�سدات اال�شياء‬ ‫املتعايل والإعالء من تفتيت املركز والك�شف عن �‬ ‫ألعابه املحتملة يف ّ‬ ‫()‬ ‫ال�صغرية خارج �سطوة املنظور والنزعة الإن�سانية برمتها) ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪13‬‬


‫‪ ‬وهناك َمن يعتقد من هذه الأجيال بوجود �أزمة ذهنية (لدى جيل يائ�س مقموع ومقطوع‬ ‫اجلذور)( ) وينطلق من فر�ضية وجود بع�ض ال�سمات امل�شرتكة لهذا اجليل �أو ذاك (منها‬ ‫�سيطرة الأنا‪ ،‬وال�صراع الداخلي فيها‪ ،‬والفردانية البعيدة عن الأدجلة‪ ،‬والقلق والإح�سا�س‬ ‫بالغربة داخل �أوطانها التي ُتطرد منها)( )‪ ،‬بل وهناك �أزمة فعلية (لي�ست يف الأدوات بل يف‬ ‫احلراك ال�سيا�سي واالجتماعي وماينتجه من حراك ثقايف م�أزوم)( )‪.‬‬ ‫‪ ‬نالحظ ثمة �سمات م�شرتكة جتمع بني هذه الأجيال يف العراق وم�صر ولبنان واملغرب‬ ‫العربي( ) و�إن اختلفت من حيث النيات والتوجهات يف الكتابة‪ ،‬فجيل ال�سبعينيات كان‬ ‫يتحرك حتت هيمنة الأب ّوة ال�ستينية يف العراق‪ ،‬و�إن مت ّرد البع�ض منه على الأب ّوة املهزومة يف‬ ‫م�صر‪ ،‬ومل يخرج هذا اجليل عن ال�سياق الآيديولوجي من حيث املو�ضوع �إ ّال با�ستحياء‬ ‫وب�صيغ مراوغة‪ ،‬ولكنه �سعى تدريج ّياً �إىل التح ّرر من ال�صيغ ال�شعرية التي �أملتها ال�ضرورات‬ ‫الوزنية‪ ،‬ومن ثم انتقل تدريج ّياً �أي�ضاً من وحدة الق�صيدة �إىل وحدة اجلملة ال�شعرية‪ ،‬غري �أن‬ ‫غالبية هذا اجليل ترعرع يف احلا�ضنة امل�ؤ�س�ساتية‪ ،‬و�إن مت ّرد البع�ض عليها‪ ،‬لكنه حقق حيازة‬ ‫جديدة بامتالك الق�صيدة اليومية �أو ق�صيدة التفا�صيل‪.‬‬ ‫‪ ‬وينفرد جيل الثمانينيات‪ -‬بو�صفه �أكرث الأجيال التي طحنتها احلرب والت�ضخم‬ ‫االقت�صادي‪� ،‬إنه جيل بال �أب ّوة �شعرية‪ ،‬ولد وهو يحمل بذرة التم ّرد يف داخله‪ ،‬وبذا كان‬ ‫(جيل �شتات بامتياز)( ) وقد اجته مع غياب الأب ّوة والتح ّلل من االلتزام الآيديولوجي نحو‬ ‫(كتابة حرة التقيدها ت�أثريات‪ ،‬والتخ�ضع للإكراه الأيديولوجي‪ ،‬وال لغريها من ال�شروط التي‬ ‫كانت نوعاً من االلتزام الأخالقي عند جيل ال�ستينيات وال�سبعينيات)( )‪.‬‬ ‫‪ ‬وقد ا�شتغل بع�ض �شعراء هذا اجليل على الدوال احلافة يف مناكدة ال�سلطة امل�ؤ�س�ساتية‪،‬‬ ‫كاملحذوف واملحذوف بالتكرار والتطري�س والفراغ املنقوط‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن جيل الت�سعينيات امتداد جليل الثمانينيات من حيث غياب الأب ّوة وعدم‬ ‫االلتزام الآيديولوجي‪ ،‬فقد طلع و�سط احل�صار والفو�ضى يف بالدنا‪ ،‬والعوملة والت�شظي يف‬ ‫العامل‪ ،‬وكانت (الفو�ضى جزء من حركة التغيري‪ ،‬لكنها حركة مبعرثة ال اجتاه معيناً لها)( )‪.‬‬ ‫وقد ا�ستعار جيل الت�سعينيات ال�صعلكة وال�سخرية والتهكم من جهة‪ ،‬وا�ستثمر الرموز‬ ‫امليثولوجية ب�صيغ مبا�شرة (غيابة يو�سف‪ /‬طفوف كربالء‪� /‬أهل الكهف‪ /‬امل�سكوت عنه) من‬ ‫جهة �أخرى‪ ،‬حتى (�صار هاج�س ال�شكل (عنده) �أو التحزب له �أكرب من هاج�س ال�شعرية)( )‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن ك ّتاب الت�سعينيات الي�شبهون بع�ضهم البع�ض‪ ،‬ف�إن ما جتمعهم العزلة‬ ‫الفردانية ب�أو�صافها ال�شخ�صية‪ ،‬والتمركز حول الذات‪ ،‬ويختزل هذا اجليل تفكري اجليل الذي‬ ‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫‪11‬‬

‫‪12‬‬

‫‪13‬‬

‫‪14‬‬


‫املرتدة �إىل ذاتها‪ ،‬والقائمة بذاتها‪ ،‬مثلما ذهبت �إىل‬ ‫�سبقه واجليل الذي �أعقبه بفكرة الكتابة ّ‬ ‫ذلك ال�شاعرة الكويتية �سعدية املفرح على نحو مفارق من التفكري بالقول‪ :‬‬ ‫(الكتابة عن الق�ضايا الكربى �أ�صبحت �شيئاً م�ضحكاً كاركاتريياً منف� ً‬ ‫صال عن واقعنا‪ ،‬حيث‬ ‫ال توجد لدينا ق�ضايا كربى حتى نكتب عنها‪ ،‬وبالتايل ف�إن ق�ضايانا ال�صغرى يجب �أن تتح ّول‬ ‫�إىل ق�ضايا كربى)( )‪.‬‬ ‫تلك هي واحدة من �إ�شكاليات الوعي املتم ّرد لهذا اجليل‪ ،‬وهو يتحرك بح�سا�سية م�ضادة‪ ‬‬ ‫لكل ما ميت‪ ‬ب�صلة �إىل الهوية‪ ،‬ولكن �أهو جيل بال هوية �أم جيل بال‪ ‬ق�ضية؟‬ ‫ومن بني ك ّتاب جيل الت�سعينيات من كان �أكرث مت ّرداً وفو�ضى يف انتهاك املح ّرم وخرق املقد�س‬ ‫(كما �سنالحظ ذلك يف �سياق �آخر)‪.‬‬ ‫لهذا كان االنتماء �إىل الكتابة بد ًال من الهوية من العالمات الفارقة جليل الت�سعينيات‬ ‫وخا�صة على م�ستوى االن�شغال بالدوال والبحث عن جماليات جديدة لق�صيدة النرث‪ ،‬فقد‬ ‫ظهرت �أواخر الثمانينيات جماعة تنتمي �إىل الت�سعينيات‪ ،‬لكنها �أكرث نزوعاً نحو التفكك‬ ‫والالترابط والالمعنى‪ ،‬حيث اجتهت نحو ا�ستثمار �أ�سلوب (البوب) وثقافة (الروك) وفن‬ ‫(الفيديو كليب) وفن (املونتاج ال�سينمائي) يف نرثنة احلياة اليومية باملعنى (املبتذل) للكلمة‪،‬‬ ‫وذلك با�ستخدام جمالية ال�صورة بد ًال من جمالية اللغة( )‪.‬‬ ‫كما ظهرت جمموعة من ال�شعراء الفل�سطينيني ُ�سم ّيت بـ(�ضيوف النار الدائمون) عام‬ ‫‪ ) (1999‬يقول عنهم عز الدين املنا�صرة‪:‬‬ ‫"�إن ه�ؤالء ال�شباب اختاروا ال�سائد العربي‪ ،‬على موا�صلة تطوير احلداثة ال�شعرية الفل�سطينية‬ ‫ لكن اخلطر يف هذا اخليار هو ا�ستبدال �سائد فل�سطيني ب�سائد عربي دون �إن يعرتف ال�سائد‬‫بهم ‪ -‬فرعاً جديداً)( ) غري �أن هذه املجموعة لي�ست (نتاج ثقافة ال�سالم) فقط‪ ،‬و�إمنا هي نتاج‬ ‫مرحلة جديدة من التخ ّلي عن االلتزام ال�سيا�سي والآيديولوجي بـ(ثقافة املقاومة)‪.‬‬ ‫‪� ‬أ ّما جيل الألفية الثالثة‪ ،‬فقد تزامن ظهوره مع (الفو�ضى اخلالقة) التي رافقت ن�شر‬ ‫الدميقراطية بالقوة الع�سكرية امل�سلحة يف �أفغان�ستان والعراق وباك�ستان‪ ،‬ولأنها فو�ضى‬ ‫ت�صدعات عميقة يف البنى التحتانية التي تع ّر�ضت �إىل احلرب‬ ‫غري بناءة‪ ،‬فقد �أف�ضت �إىل ّ‬ ‫والتفكك واالحتالل‪.‬‬ ‫مت�صدعة‬ ‫‪ ‬لهذا ولد جيل الألفية من رحم الفو�ضى غري اخلالقة‪ ،‬وقد خرج منها بذات ّ‬ ‫وحوا�س م�ش ّو�شة مرتبكة‪� ،‬إنه جيل فو�ضوي قلق‪ ،‬متوتر‪ ،‬راف�ض من دون طرح �أي بديل‪ ،‬وبذا‬ ‫‪14‬‬

‫‪15‬‬

‫‪16‬‬

‫‪17‬‬

‫‪15‬‬


‫ي�سعى �إىل حتويل الق�صيدة �إىل كتابة‪ -‬المركز لها والنهاية‪ ،‬كتابة بال قيا�س وال قانون‪ ،‬وذلك‬ ‫�إيذاناً مبرحلة جديدة من االنتقال �إىل ما بعد ق�صيدة النرث ( )‪.‬‬ ‫ومن نزعات هذه الكتابة‪ ،‬رد الفعل العبثي يف الت�صوف‪ ،‬وذلك بتجريده من املتعايل و�إنزاله‬ ‫�إىل �أر�ض الواقع( )‪.‬‬ ‫ويلخ�ص الناقد امل�صري حممد توفري كتابة ق�صيدة النرث اليوم بق�صيدة كتبها حممد �آدم عن‬ ‫حقيقة الكائن وعزلته‪:‬‬ ‫‪� ‬أ�سري يف �شوارع العتمة‬ ‫‪ ‬و�أنا �أحدق بعيني املمتلئتني بعناكب الفراغ‬ ‫‪ ‬و�أتوقف �أمام جنمة �ضالة‪ ،‬و�أقول‬ ‫( )‬ ‫‪ ‬تلك �أ�شالئي املنب�سطة‬ ‫لقد كانت حركة التح ّول و�سرعة التغيري تفوق درجة ا�ستيعاب هذه الأجيال‪ ،‬كما كانت‬ ‫الروا�سب التحتانية للواقع العربي تفوق قدرتها على االحتمال‪ ،‬و�إ ّال كيف كان مبقدور‬ ‫الأجيال الطالعة و�سط اخلراب وانهيار اليقينيات ‪ -‬مواجهة العوملة وحاالت الت�شظي العربية‬ ‫مهم�شة؟‪ ‬‬ ‫بنزعة �إن�سانية ّ‬ ‫�إذاً هذه الأجيال كانت بحاجة �إىل نزعة جديدة من الرف�ض ال�سلبي للواقع والتم ّرد عليه‪،‬‬ ‫وهذا ما جعل الوعي بالتم ّرد عند بع�ض كتاب الثمانينيات والت�سعينيات‪ ،‬وخا�صة عند‬ ‫جيل الألفية الثالثة‪ -‬يرتد نحو الذات بال �صفات‪ ،‬ويرتد نحو الواقع بال دالالت‪ ،‬ويرتد نحو‬ ‫الكتابة بال م�ستندات‪ ،‬حتى خرجت ق�صيدة النرث ن�سبياً من جن�س الق�صيدة‪ ،‬فانزلقت نحو‬ ‫تف�ض �إىل نظام بعد‪.‬‬ ‫فو�ضى مل ِ‬ ‫‪18‬‬

‫‪19‬‬

‫‪20‬‬

‫�إحاالت و�إ�شارات‬

‫من ال�صعب علينا �أن نتعامل ح�صرياً مع �أ�سماء الأجيال التي ظهرت يف الثمانينيات‬ ‫والت�سعينيات‪ ،‬و�إىل حد ما يف الألفية الثالثة‪ ،‬وذلك ل�سببني‪ :‬‬ ‫ �أولهما‪ :‬كرثة الأ�سماء التي الميكن ح�صرها يف هذا املجال‪ .‬‬‫ ثانيهما‪ :‬انتقال �أغلب �شعراء التفعيلة �إىل كتابة ق�صيدة النرث خالل الثمانينيات والت�سعينيات‬‫والألفية الثالثة‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫احلوا�شي‬

‫(‪ )1‬ملزيد من التف�صيل ينظر كتابنا‪ :‬رماد العنقاء– �شعراء اللحظة احلرجة من الهام�ش �إىل‬ ‫املركز‪ /‬من�شورات الغ�سق للطباعة‪ /‬بابل‪ /‬ط‪ / 2001 /1‬الف�صل الأول (�شعراء‪ ‬اللحظة‬ ‫احلرجة‪ ..‬وحتوالت الكتابة ال�شعرية اجلديدة)‪.‬‬ ‫(‪ )2‬حممد اجلزائري‪ /‬الرتكيب الغرائبي يف ق�صيدة النرث‪ /‬جريدة الزمان العراقية‪ /‬ع (‪)1506‬‬ ‫يف ‪.2003 /5 /17‬‬ ‫(‪� )3‬سلمان داود حممد‪ /‬االقت�صا�ص من ال�ضحايا‪ /‬جريدة الأديب الثقافية العراقية‪ /‬ع‬ ‫(‪ )127‬يف ‪ /12‬متوز‪.2006 /‬‬ ‫(‪� )4‬صالح دياب‪ /‬جيل ال�سبعينيات هو الأ�سا�س‪ /‬موقع كيكا‪ /‬انرتنت‪.‬‬ ‫(‪ )5‬حممد �سمريعبد ال�سالم‪ /‬طفرة اخلروج‪ /‬التجاوز والتجديد يف ق�صيدة النرث املعا�صرة‪/‬‬ ‫انرتنت‪.‬‬ ‫(‪� )6‬أزمة ال�شعر العربي من منظور ال�شعراء ال�شباب‪ /‬ملف من �إعداد وتقدمي عبد الوهاب‬ ‫ع ّزاوي‪ /‬جملة الآداب البريوتية‪ /‬ع (‪.2008 )7،9‬‬ ‫(‪� )7‬أزمة ال�شعر العربي من منظور ال�شعراء ال�شباب‪ /‬مرجع‪� ‬سابق‪.‬‬ ‫(‪� )8‬أزمة ال�شعر العربي من منظور ال�شعراء ال�شباب‪ /‬مرجع‪� ‬سابق‪.‬‬ ‫(‪ )9‬البد من الإ�شارة �إىل �أن ق�صيدة النرث يف املغرب (هذا ال�شكل اجلديد‪ -‬مل يتبلور �إ ّال مع‬ ‫�أواخر ال�سبعينيات‪ ،‬على الرغم من املحاوالت املحدودة التي ظهرت من قبل)‪.‬‬ ‫ينظر‪:‬عبداهلل �شريف‪ /‬يف �شعرية ق�صيدة النرث‪ /‬من�شورات احتاد كتاب املغرب‪ /‬ط‪2003/ 1‬‬ ‫‪� /‬ص‪ /28 /‬الهام�ش‪.‬‬ ‫(‪� )10‬صالح �أبو �سريف‪ /‬مايمُ عن يف اخلفاء ‪/‬موقع العلم الثقايف يف ‪� /14‬أبريل‪.2009 /‬‬ ‫(‪� )11‬صالح �أبو �سريف‪ /‬مايمُ عن يف اخلفاء‪ /‬مرجع �سابق‪.‬‬ ‫(‪ )12‬رعد فا�ضل‪ /‬ال�شاعر‪ ..‬وفو�ضى املكان‪ /‬حداثة الثقافة وحداثة الفو�ضى‪ /‬جريدة‬ ‫الأديب الثقافية العراقية‪ /‬ع (‪ )4‬يف ‪ .2004 /1 /7‬‬ ‫(‪ )13‬ملف �أزمة ال�شعر ال�سوري اجلديد‪ /‬جيل الت�سعينيات‪ /‬جملة الآداب البريوتية‪ /‬ع‬ ‫(‪.2008 )9 – 7‬‬ ‫‪17‬‬


‫(‪ )14‬حوار مع ال�شاعرة الكويتية �سعدية املفرح‪ /‬حاورتها‪ :‬مرمي جمعة فرح‪ /‬موقع بيان الثقافة‬ ‫ع (‪ )69‬يف ‪/ 5‬مايو‪.2001 /‬‬ ‫(‪ )15‬يو�سف بزي‪ /‬ق�صيدة النرث والفنون الب�صرية‪ /‬ورقة مقدمة �إىل م�ؤمتر ق�صيدة النرث‬ ‫العربية‪ /‬بريوت– ‪.2006‬‬ ‫ينظر �أي�ضاً‪ :‬ن�ص الورقة من�شوراً يف ملحق نوافذ‪ /‬جريدة امل�ستقبل اللبنانية يف ‪� / 21‬أيار‪/‬‬ ‫‪ .2006‬وت�ضم هذه اجلماعة‪ :‬يو�سف بزي‪ /‬فادي �أبو خليل‪ /‬ا�سكندرحب�ش‪� /‬شبيب الأمني‪/‬‬ ‫يحيى جابر‪� /‬شارل �شهوان‪.‬‬ ‫أعدها غ�سان زقطان‪/‬‬ ‫(‪ )16‬ينظر‪�( :‬ضيوف النار الدائمون) خمتارات �شعرية لك ّتاب �شباب‪ّ � /‬‬ ‫من�شوات بيت �شعر‪ /‬رام اهلل‪ ،‬فل�سطني‪.1999 /‬‬ ‫(‪ )17‬ملزيد من التف�صيل ينظر‪ :‬عز الدين املنا�صرة‪� /‬إ�شكاليات ق�صيدة النرث‪ /‬مرجع �سابق‪/‬‬ ‫�ص ‪ 174‬ومايليها‪.‬‬ ‫(‪� )18‬أحمد عبد الزهرة الكعبي‪ /‬تو�ضيح‪ /‬نرث الق�صيدة‪ /‬منوذج (فخاخ) جريدة ال�صباح‪/‬‬ ‫ثقافة يف ‪ /15‬ني�سان‪.2009 /‬‬ ‫(‪� )19‬أ�سعد اجلبوري‪ /‬يف جمموعته (املالك ال�شهواين)‪.‬‬ ‫(‪ )20‬م�شهد ق�صيدة النرث امل�صرية – ‪ /2‬من �إعداد وتقدمي‪ :‬حممد احلمام�صي‪ /‬انرتنت يف‬ ‫‪.2008 /5/ 6‬‬

‫‪18‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫حني يكون القاتل �شاعراً‪!..‬‬ ‫مازن املعموري‬

‫يف كل مرة �أتكلم فيها عن املجتمع الذي نعي�ش معه تظهر لنا ظاهرة (القتل) دالة حمورية‪،‬‬ ‫حيث ال تبدو الكلمة (قتلة) �صادمة �إال يف حدود ثقافتنا امل�ستعارة من الغرب‪ ،‬حني نتحدث‬ ‫عن �سمات اجتماعية وفردية ت�صبح كلمة (قتلة) �سمة اجتماعية لها تاريخ طويل ملت�صقة بنا‬ ‫نحن "العرب"!‪ .‬التلذذ بالقتل ي�ستدعي �شهوة احليازة على �سمة البطولة الذكورية حد‬ ‫الهو�س‪ ،‬كقيمة اعتبارية لوجود البطل اليوتوبي‪ ،‬حيث يكون كل �شيء مباحاً له دون غريه‪،‬‬ ‫و�أنا هنا ال �أحتدث عني كبطل‪ ،‬بل كقاتل هاوٍ‪ ،‬يرى من حوله قتلة م�أجورين يف و�سط ظالمي‪،‬‬ ‫لكنني ك�شاعر �أريد �أن �أعي�ش �صفة القتلة‪� ،‬أ�ستخدم اللغة للتوا�صل مع ال�صور الكثرية التي‬ ‫تواجهني باعتباري قات ًال حمرتفاً ذا مغزى جمازي ال يقبل االنف�صال عن كينونته القدمية لقتل‬ ‫املختلف الآخر‪ ،‬بكل تفا�صيله االجتما�سيا�سية‪ ،‬ومنه �إىل الت�آلف مع �أفراد جتمعها الع�صبية‬ ‫الفكرية للتمثيل امل�شعرن لكلمة (قتل‪ -‬قتلة)‪.‬‬ ‫القتل ظاهرة ن�ستفيد منها براغماتياً للح�صول على حجاب �آخر للوقوف �أمام تيار قوي ومدمر‬ ‫من العدمية املح�ض يف املجتمع العراقي‪ ،‬ومنا نحن بالتحديد (ميلي�شيا الثقافة) لنكون يف‬ ‫�صورة واحدة من�سجمني مع املجموع الكلي للهوية‪ ،‬حيث ال�شعر مل يعد مكاناً ليوتوبيات‬ ‫م�ستهلكة ونائمة على حجارة املخيلة الوهمية التي ا�ستعارتها احلداثة العربية من الغرب‬ ‫بطريقة م�شوهة‪ ،‬لتعميم فكرة القانون الإن�ساين وحقوق الإن�سان وغريها‪ ،‬فالعامل هنا ت�سوقه‬ ‫القوة التي تقتل كل �شيء‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫الداعم الوحيد الذي ن�ستمد منه �شرعية القتل هو التاريخ‪ ،‬كل رموزنا التاريخية قتلة من‬ ‫‪ -1‬ميلي�شيا الثقافة‪ :‬جمموعة �شعراء عراقيني ك�سروا امل�ألوف عرب الذهاب بال�شعر �إىل �أماكن املوت احلا�ضر يومياً يف‬ ‫العراق‪ ،‬فقر�ؤوا الق�صائد يف حقول الألغام ومقابر ال�سيارات املفخخة وامل�شايف والطائرات احلربية‪ ،‬وذلك انطالقاً من‬ ‫�ضرورة التماهي مع الواقع للو�صول �إىل ن�ص �صادق و�صادم بعيداً عن �أقنعة املنابر‪.‬‬ ‫‪19‬‬


‫الطراز الرفيع‪ ،‬ميثلون باجلثث وميت�صون دماء الآخرين‪ ،‬يف ج ّو من القدا�سة الدينية التي حتكم‬ ‫وجودنا ال�شرقي املتدين متاماً دون ا�ستثناء‪ ،‬حتى بالن�سبة ملن �ألحْ دوا‪ ،‬ففي كل مرحلة من‬ ‫حركة ال�صراع جند حتوالت القتلة ذات بعد فكري و�أيديولوجي يربر قتل الآخر‪.‬‬ ‫القتلة هم الأيديولوجيون‪ ..‬كل قاتل يحمل كتابه معه لي�ؤكد �أن ما فعله �صحيح ومقد�س‪،‬‬ ‫وه�ؤالء لي�سوا غريبني عن املجتمع‪ ،‬بل هم خال�صاته امل�ستمرة‪ ،‬وعلينا �أن نرى بو�ضوح ر�ضا‬ ‫النا�س عن القتلة وان�ضمامهم لهم وموافقتهم على القتل �أياً كان الفعل والظاهرة �أو ال�صورة‬ ‫املنتقاة لفعل القتل‪ ،‬لأن املجتمع كله بب�ساطة م�ؤدلج دينياً لقبول ظاهرة القتل والإبادة‬ ‫اجلماعية وا�ستباحة الآخر‪.‬‬ ‫القتلة هم العائلة والنا�س الذين يعي�شون يف احلي واجلريان واملدينة والريف وعمال البناء‬ ‫و�أ�صحاب املحالت و�صو ًال �إىل �أعلى الهرم يف ال�سلطة والأحزاب وغريها‪� ،‬سيعتقد البع�ض‬ ‫�أنني �أتهم كل النا�س وهذا خط�أ‪ ،‬لكن الواقع العملي ي�ؤكد �أن اجلميع يقف �شاهداً على كل‬ ‫�شيء ويتن�صلون من م�س�ؤولية القتل‪ ،‬لكننا يف النهاية نبقى قتلة‪ ..‬ال ب�أ�س �إنها احلقيقة وعلينا‬ ‫�أن نتقبلها‪ ،‬وهذا يعني �أننا (ميلي�شيا الثقافة) ميكن �أن نكون قتلة بروح �شعراء!‪.‬‬ ‫من هنا‪� ،‬أ�ستطيع �أن �أدخل �إىل حافة الأدب‪ ،‬يف حماولة لقتل تقاليد رومان�سية ا�ستلمناها‬ ‫من رواد احلداثة العربية على يد ال�سياب ونازك املالئكة وغريهم‪ ،‬هذا الإرث الكبري من‬ ‫اخلطاب املغ ِّيب (بك�سر الياء وت�شديدها) للواقع كما يحدث‪ ،‬بل �إنه خطاب م�ؤدلج ينتمي‬ ‫لأحزاب و�سمت املرحلة كلها‪ ،‬و�أق�صد منت�صف القرن املا�ضي وحتى ‪ ،2003‬وكل ذلك‬ ‫الزمن من التغييب املقنن واملق�صود على امل�ستوى الدويل والإقليمي و�ضع الأدب والأدباء‬ ‫والتاريخ الأدبي على املحك مع ال�س�ؤال الأخالقي ل�شخ�صيات طاملا كانت رموزاً ت�ستحق‬ ‫التقدير‪ ،‬حتى مطلع و�سائل الإنرتنت وامليديا ال�سريعة والتوا�صل االجتماعي االفرتا�ضي‬ ‫وبروز حتوالت كربى �أحدثتها مرحلة ال�صراع اجلديد يف العراق و�سوريا واليمن كمناطق‬ ‫ا�سرتاتيجية لل�صدام املبا�شر بني القوى العاملية‪ ،‬فما هو موقف ال�شاعر العربي الرومان�سي‬ ‫الآن؟‪.‬‬ ‫ال �أق�صد التجريح‪ ،‬لكن البد من قول احلقيقة‪ ،‬طاملا �أننا يف جحيم واحد‪ ،‬وال مكان‬ ‫للمجامالت الأيديولوجية بعد اليوم‪ ،‬فقد ك�شف املجتمع وح�شيته ب�شكل مفرط‪ ،‬لدرجة �أننا‬ ‫ال ن�ستوعب امل�شاهد �أو الف�ضائح التي �أعتربها ثقافية �أكرث منها �أخالقية‪ ،‬فبعد ‪� 100‬سنة من‬ ‫احلداثة العربية نرى جنوداً ي�أكلون جثة �أحدهم وي�ضعون ر�أ�سه قرب مائدة الأكل‪ ،‬وغريها من‬ ‫‪20‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫�آالف امل�شاهد الواقعية التي ال حتدث حتى يف �أفالم الرعب والفنتازيا‪� ،‬أنا ال �أ�ؤمن بامل�ؤامرة‬ ‫اخلارجية طاملا �أننا منلك اال�ستعداد الكايف ل�صناعة الكوارث الإن�سانية‪ ،‬وعليه ف�إن م�س�ؤولية‬ ‫التعامل مع الأدب �أ�صبحت �أكرث تعقيداً يف ظل تزاحمات ومالب�سات الواقع‪� ،‬إذ ال جمال‬ ‫لالنتماء ال�سيا�سي �سوى الإبداع بكل �أ�شكاله‪ ،‬يف �ضوء حركة التجربة املعا�شة كما هي‪،‬‬ ‫لدرجة �أن الن�ص قد يتحول �إىل وثيقة ت�أريخية و�شاهد على الع�صر‪.‬‬ ‫عند ذلك وجدنا �أنف�سنا يف جتربة (ميلي�شيا الثقافة) نعمل على تبيان احلدث من �أجل‬ ‫الك�شف عن هوياتنا املبطنة بالأقنعة‪ ،‬وك�أننا منار�س فعل التماهي والتوا�صل مع موجوداتنا‬ ‫اليومية دون مكياج �أو تلوين قبائحنا‪ ،‬نحن ال ن�ستعري مفاهيم غربية مثل (الإن�سانية) لنغطي‬ ‫وح�شيتنا احلقيقية‪ ،‬لأننا بب�ساطة ن�شبه ما نراه �إىل حد اللعنة‪ ،‬هكذا هو وجهنا احلقيقي وهكذا‬ ‫هي ن�صو�صنا ال�شعرية‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫كاظم خنجر‬

‫‪1‬ـ �آيدن خليل املرعي‬

‫لي ًال ويف ال�ساحة التي تقابل امل�شفى‬ ‫ُي�ضيء بو�سرتك مب�صابيحه الع�شرين‬ ‫حتته يلعب الأطفال كرة القدم‬ ‫ابنك يلعب معهم‬ ‫يكرب كل يوم حتت بو�سرتك!‪.‬‬ ‫***‬

‫ُيلقبه الأطفال (ابن البو�سرت)‬ ‫وبالرغم �أنه اليفهم بال�شعر‬ ‫كتب على بو�سرتك‪:‬‬ ‫"رئتي �صغرية يا �أبي‬ ‫بحجم �إ�صبع‬ ‫لهذا �أختنق عندما �أ�شري �إليك"‬ ‫***‬

‫�أكلتها الأ�سماك‬ ‫جثتك‬ ‫‪22‬‬

‫كلنا ندري بذلك‬ ‫‪- 2‬عمال امل�سطر‬

‫قبل �ساعات من الآن‬ ‫علقوا على ال�صبات الكونكريتية التي‬ ‫حتيط دائرة البلدية‬ ‫‪ 26‬بو�سرت لعمال بناء ماتوا‬ ‫يف انفجار ‪2008 /1 /11‬‬ ‫***‬

‫ال ميكن حلو�ض الدم �أن نخت�صره بـ(‪)26‬‬ ‫يقفون كمقربة ملونة على دائرة البلدية‬ ‫***‬

‫�أفهم ذلك �أن �أغلبهم كان ال ميلك بطاقة‬ ‫تعريفية‬ ‫و�أن �أغلب عوائلهم مل تطالب مبا تبقى‬ ‫منهم لأنهم ال ميلكون �أجور الدفن‬ ‫نعم �أفهم ذلك‬ ‫وما �أفهمه �أكرث‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�أر�شيف للأ�صدقاء املوتى‬


‫ابداع ونقد‬

‫�أن الفقراء عندما نقتلهم‬ ‫يذهبون دون بهرج ٍة‬ ‫يعملون على خدمتنا حتى وهم موتى‬ ‫ُمعلقون على دائرة البلدية‬ ‫‪�- 3‬أو�س حقي خليل‬

‫ ملاذا �أنت ُمتعجل يا كاظم بالكتاب ِة عنه؟‬‫قبل يومني فقط �سحبوا جثته العارية‬ ‫واملُنتفخة من قاطع بيجي‬ ‫حتى �إنه مل ُيدفن بعد‬ ‫ومل ي�ضعوا له بو�سرت‬ ‫***‬

‫على الغداء قالت �أمي �إنه كان بال ر�أ�س‬ ‫عرفوه من و�شم ا�سمك على ذراعه الأمين‬ ‫يجب �أن تذهب �إىل العزاء ياكاظم‬ ‫وتن�سى �شجاراتكما املُزمنة!‪.‬‬ ‫***‬

‫ثقيلة ظهرية الثالثاء ‪2016 /3 /8‬‬

‫ٍ‬ ‫معقوف يف الفم‬ ‫وهي تدخل كم�سما ٍر‬ ‫***‬

‫�أنت بال ر�أ�س يا �أو�س هذه املرة‬ ‫كيف �س�أكتب عن وجهك يف البو�سرت؟‬

‫وجهك املقو�س جداً مثل دمعة نازلة!‪.‬‬ ‫***‬

‫اال�ستعمارواجل�سد و�أدوات العقاب‪...‬‬ ‫كتب احلبيب كاظم خنجر‪:‬‬ ‫" ُمنذ فرتة‬ ‫�أ�شاهد �أفالماً عن اجلنود الأمريكان‬ ‫تتحدث عن حربهم مع العراق‬ ‫�أتعاطف معهم‬ ‫وهم يتك�سرون �إىل قطع كبرية من اخلوف‬ ‫يف امل�صحات النف�سية‬ ‫ومراكز �أعداد املُحاربني القُدامى‬ ‫واملحاكم الع�سكرية‬ ‫***‬

‫�أتذكرهم كيف قتلوا "عدي فوزي" ابن‬ ‫عمتي‬ ‫قتلوه بطريقة نظيفة‬ ‫حتى �إننا ن�سيناه"‪.‬‬ ‫***‬

‫ماء النهر الذي يرمون فيه اجلثث‬ ‫ُت�صفيه دائرة املاء‬ ‫�صباحاً‬ ‫‪23‬‬


‫لن�شربه نحن يف امل�ساء‪،‬‬ ‫مرة �شممت رائحة �أخي فيه‬ ‫يف الواليات البعيدة عن الأنهار‬ ‫يحرقون اجلثث لت�شم �أخاك ب�سهولة‪.‬‬ ‫***‬

‫انفجار اليوم ممُ ّل‬ ‫كما يف كل مرة‬ ‫�إرهابي ُيفجر نف�سه ب�سيارة ُمفخخة يف‬ ‫�سوق �شعبي‬ ‫ممُ ّل انتظار احل�صيلة وتوقعها‬ ‫ممُ ّلة ُجثث الأطفال املُفتتة‬ ‫ممُ ّل �سحب الن�ساء من دموعهن �إىل‬

‫كاظم خنجر – مواليد بابل – ‪.1990‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ نزهة بحزام نا�سف – ‪.2016‬‬‫‪24‬‬

‫البيوت‬ ‫ممُ ّلة حمالت التربع بالدم‬ ‫موت ممُ ّل جداً كمن ميوت على فرا�شه!‪.‬‬ ‫***‬

‫الرايات املرفوعة‬ ‫ُ‬ ‫يف �شوارعكم و�شوارعنا‬ ‫على ج�سوركم وج�سورنا‬ ‫على عيونكم املك�سورة وعيوننا املك�سورة‬ ‫على قتالكم وقتالنا‬ ‫الرايات كراهيتنا التي ُترفرف‬ ‫ُ‬ ‫الرايات‪� :‬سكاك ُني من قما�ش‪.‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫علي ذرب‬

‫�أ�صابع الآلهة البي�ضاء‬

‫يف نهاية يدي‪� ..‬أ�صابعكم‬ ‫يف بداية �صحن الطعام‪� ..‬أ�صابعكم‬ ‫من ي�سحب اخليوط البي�ضاء من املنازل‪..‬‬ ‫�أ�صابعكم‬ ‫من ن�ضعه نحن و�أبوابنا على قلوبنا‪..‬‬ ‫�أ�صابعكم‬ ‫من يفرز حلمنا يف انقالب ال�صورة‪..‬‬ ‫�أ�صابعكم‬ ‫من يزرعني يف منت�صف الغرفة‪� ..‬أ�صابعكم‬ ‫من ي�ضغط علينا عرب ال�شا�شة ويت�أمل‪..‬‬ ‫�أ�صابعكم‬ ‫من يدعكنا كثرياً مب�ساحيق الغ�سيل‪..‬‬ ‫�أ�صابعكم‬ ‫من يعلق �أع�ضاءنا التنا�سلية على �أفالم‬ ‫البورنو‪� ..‬أ�صابعكم‬ ‫من ننظف به �أ�سناننا الفجة‪� ..‬أ�صابعكم‬ ‫من ن�س ّور به �أفواهنا من �أجل ال�صراخ‪..‬‬ ‫�أ�صابعكم‬

‫من مي�سح وجوهنا عن املرايا‬ ‫من ي�ضعنا حتت الطاوالت‬ ‫من ي�سحقنا يف �أعماق منف�ضة‬ ‫من يرمينا يف ن�صف كوب من املاء الديفء‬ ‫لنذوب‬ ‫من يتفقدنا يف �أيدي الآخرين‬ ‫ك�أننا �أ�صابعهم الغائبة‬ ‫فقط �أ�صابعكم‪.‬‬ ‫املدينة يف بيتنا!‬ ‫املدينة ب�أكملها تدخل �إىل بيتنا‬ ‫ي�صعد �أبي على كتفي‬ ‫وكذلك �أمي على كتفيه‬ ‫�أختي الكبرية حتت �أقدام �أختي ال�صغرية‬ ‫ن�شكل عموداً ب�شرياً‬ ‫و�سط العميان و�أ�صحاب ال�سيقان املقطوعة‬ ‫‪25‬‬


‫والذراع الواحد‬ ‫الكثري من الن�ساء تخلع �أ�سنانها الرخوة‬ ‫وتدفنها يف عيون ال�صغار‬ ‫�أحدهم يقطع ثدي �أخته‬ ‫لي�شرب به املاء‬ ‫�آخرون يت�سلقون اجلدران‬ ‫ليدخلوا يف ثقوب‬ ‫بعيدة عن الأنظار‬ ‫فتاة متدد �أباها �صاحب التجاعيد الكثرية‬ ‫على طاولة الطعام‬ ‫مترر املكواة عليه مراراً‬ ‫لتعيد له �شبابه‬ ‫طفل ي�شعر بال�ضجر‬ ‫يريد �أن يبتلع ال�شارع‬ ‫ي�سحل �أمه الثقيلة من �إ�صبعها‬ ‫ي�ستطيل الإ�صبع لكن يده تنك�سر‬ ‫يف منت�صف الطريق‬ ‫كلبة �سوداء تلد على التلفزيون‬ ‫في�سيلون �صغارها على وجه املذيعة‬ ‫القتلة يف غرفتي‬ ‫يذبحون ثالثة �أخوة‬ ‫‪26‬‬

‫ويعلقون الر�ؤو�س يف عنق �أخيهم الرابع‬ ‫تالل من الأحذية واملالب�س الداخلية‬ ‫تالل من البيوت وال�سيارات‬ ‫كل هذا ونحن منت�صبون‬ ‫بعد ذلك جارتنا ت�شرب �أهلي من �إ�صبع‬ ‫قدمي الكبري‬ ‫واحداً تلو الآخر!‪.‬‬ ‫***‬

‫هذا اجل�سم منذ �أيام‬ ‫يرتك حلمه ب�سهولة‬ ‫على �أمي‬ ‫على الأ�صدقاء‬ ‫على مقاعد البا�صات‬ ‫يف �صحون الطعام‬ ‫على امل�صاطب يف احلدائق العامة‬ ‫على كل �شيء �أترك مني قطعاً �صغرية‬ ‫�أم�شي يف ال�شوارع بعني واحدة‬ ‫الأخرى �سقطت يف جمرى كان مزيجاً‬ ‫من الدماء واملياه الآ�سنة‬ ‫الظهر مك�شوف للغبار ولل�سخرية‬ ‫ذراعي اليمنى مغطاة بالذباب‬


‫ابداع ونقد‬

‫�سرتي تتدىل بني قدمي‬ ‫�أتعرث بها كحبل‬ ‫حفر يف الر�أ�س يف ال�ساقني‬ ‫غياب للأ�صابع‬ ‫ال �أحد ي�أكل امل�سافة التي تف�صلني‬ ‫عن اجلميع‬ ‫اجلميع الذي يربي رغبته الوحيدة‬ ‫كحيوان لي�سحق فمي‬ ‫يف البيت الي�سمح يل‬ ‫بتدوير ذاكرتي عن الأ�صابع الغائبة‬ ‫حول قب�ضات الأبواب‬ ‫حول الك�ؤو�س‬ ‫حول ذراع الثالجة‬ ‫الذي ي�شعرين بال�سالم‬ ‫الي�سمح يل �سوى االلتفاف حويل‬ ‫�سوى الوقوف يف منت�صف الغرفة‬ ‫حيث املروحة حفرة تدور يف ال�سقف‬ ‫مل تقع نهاية قمي�صي يف �أيديهم‬ ‫مثل كل مرة مي�سكونني بها‬ ‫ال�صغار هذه املرة فا�ضت كفوفهم‬ ‫بلحمي املحمل بالظالل‬

‫�أحترك الآن ببطئ‬ ‫و�أ�ضغط على العامل بكراهيتي‬ ‫�أ�شاهد التلفاز‪� ،‬أطالب بالطعام‬ ‫�أقف �أمام املر�آة‪� ،‬أتذكر �أن يل �أعداء و�أبت�سم‬ ‫�أتكوم بني بقع الدم و�أكوام اللحم الكثرية‬ ‫الأم تقف �أمامي ك�سكينة يف رقبة‬ ‫متزق ثوبها �إىل خرق‬ ‫وتربطها بعظامي‪..‬‬ ‫***‬

‫باخلوف وطول قامتي‬ ‫باحلديث عن الأ�شياء اململة والعادات‬ ‫ال�صغرية‬ ‫مبقب�ض الثالجة والطفل الذي يفتت كفيه‬ ‫فوق ر�أ�س �أمه‬ ‫بارتفاع الطائرات احلربية وقاع بطني‬ ‫بالورقة البي�ضاء املليئة بال�صدف‬ ‫بثوب جاراتنا واملروحة الك�سولة‬ ‫بجوار بابي امل�شبعة بالثقوب وف�شلي‬ ‫ب�إ�صبعني من يدي و�إ�صبعني من قدم‬ ‫�صديقي‬ ‫بن�سائي الطائفيات‬ ‫بال�سكاكني وغياب الأفواه حتت ال�شم�س‬ ‫‪27‬‬


‫بندمي على احليوان الذي �أ�سحبه من‬ ‫داخلي‬ ‫و�أرميه يف حاوية النفايات قبل دخويل �إىل‬ ‫املنزل‬ ‫بحذائي اجلديد واملواعيد امل�ؤجلة مع‬ ‫�أ�شخا�ص متخيلني‬ ‫بكل هذا‬ ‫�أت�صفح بدم بارد ت�صاوير من قمت بقتلهم‬ ‫بينما �أ�سماءهم ت�صفف الثقوب على‬ ‫ج�سدي‬ ‫كما يفعل النمل مع اجلثث الثقيلة‪..‬‬ ‫***‬

‫اليوم �أنا �أطول من �أبي‬ ‫و�أق�صر منه حظاً مع الن�ساء‬ ‫�أملك فماً جمي ًال‬ ‫يرقد عليه �شارب خفيف‬ ‫بينما فمه يتكوم على نابني‬ ‫اليطعنان بقوة لقيمات الطعام‬ ‫الي�ستطيع الدخول مثلي‬ ‫علي ذرب – مواليد بابل – ‪.1989‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ فراغ نا�صع البيا�ض ‪.2015 -‬‬‫‪28‬‬

‫�إىل املطاعم واملقاهي اجليدة‬ ‫و�سجائره رديئة‬ ‫يح�صل عليها من مروجي الدعايات‬ ‫ميلك الآن (‪ )2000‬دينار‬ ‫ورقتان نقديتان ميتتان يف جيبه‬ ‫�سيارته الـ(‪ )opel kadet‬منذ العام ‪2006‬‬

‫تعطله عن العامل‬ ‫تتوقف يف ال�شوارع ب�شكل مفاجئ‬ ‫تعر�ضه لل�سخرية وال�شتيمة‬ ‫�أبي يرتاجع والزوائد اللحمية‬ ‫على رقبته‪ ،‬على طرف عينه‪ ،‬على كفه‬ ‫تتقدم يف النمو‬ ‫كل هذا لي�س لأن �ساقه اليمنى متورمة‬ ‫لأن عنا�صر من ميلي�شيا (ج‪ ،‬م) ه�شموها‬ ‫بالبنادق ذات ليلة‬ ‫ولي�س لأن �ساقه الي�سرى تخبئ ر�صا�صة‬ ‫من �إحدى حروب هذه البالد‪.‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫مازن املعموري‬

‫حلم منثور‬

‫ْمل ْ‬ ‫يرتك يل االنفجا ُر الأخ ُري يف مدين ِة الثورة‬ ‫علي‬ ‫اللحم‪ ،‬فقد ُ‬ ‫تقطيع ِ‬ ‫كنت أ�عتقدُ �إنّ الـ(�سيفور) �أك ُرث هدوءاً يف ِ‬ ‫الكث َري من ِ‬ ‫حلم املا ّر ِة‪ ،‬و�صا َر ّ‬ ‫ِ‬ ‫البنايات املجاور ِة �أو ما تبقى منها‬ ‫ت�س ّلقُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مكبوت حت ّو َل �إىل حلم‬ ‫�صراخ‬ ‫للح�صول على ٍ‬ ‫***‬

‫كيلوات من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ال�ستبدال ع�شر ِة‬ ‫ترك�ض الأ ّم والتدري كمي َة الهوا ِء الكافي ِة‬ ‫وزن طف ِلها املع ّلقِ‬ ‫ب�أعلى عمود الكهرباء‪� ،‬سوى �إن رك�ضها يتجه �إىل الأعلى‬ ‫مقا�س الغيمة‬ ‫ري�ش الطيو ِر املتناث ِر يف الهوا ِء‪ ،‬ميكنها �أن تط ّر َز ثوباً جديداً على ِ‬ ‫بع�ض ِ‬ ‫مع ِ‬ ‫***‬

‫متتد �إىل عتب ِة الدار‬ ‫الدم الأخطبوطية ُّ‬ ‫بحري ُة ِ‬ ‫والبيت يتدىل من النافذة‬ ‫مفتوح‪ُ ..‬‬ ‫ُ‬ ‫الباب ٌ‬ ‫***‬

‫واليومئ ل ٍ‬ ‫أحد بعينه‬ ‫غريب‬ ‫ال�سخا ُم ٌ‬ ‫ُ‬ ‫يحت�ضن الأكوا َم املعدنيةَ‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫مورثات املحروقني‬ ‫وكل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫�سيارات اخل�ضر‬ ‫هياكل‬ ‫ال�سخا ُم ي�سلقُ جثثاً ْمل ت�أك ْلها النا ُر‪ ،‬ويعلقُها على ِ‬ ‫ال�سخا ُم لي�س لوناً‪ْ ،‬بل فماً يبتل ُع ّ‬ ‫كل �شيء‬ ‫‪29‬‬


‫التمن)‬ ‫�أنا الوحيدُ الذي ر�آه يف ّر ُ�ش �أ�سنان ُه على عمار ِة (علي �أبو ّ‬ ‫***‬

‫جرا ٌر كثري ٌة يثقلها االرتعا�ش من اخلوف‬ ‫ِ‬ ‫رجح على ِ‬ ‫ِ‬ ‫حواف ِ‬ ‫الق�صاب التي ر�أي ُتها تط ُري التعرف‬ ‫الرقاب‪ ،‬لكن بقر َة‬ ‫زجاج‬ ‫ُ‬ ‫النوافذ يت�أ ُ‬ ‫َ‬ ‫فراح يهت ُّز هلع ًا ألنها منذ يومني ِ‬ ‫بدون ٍ‬ ‫يطفئ‬ ‫بقيت معلق ًة هناك‪ ،‬أ�ما‬ ‫ع�شب ُ‬ ‫ُ‬ ‫الق�صاب َ‬ ‫الهبوط‪ْ ،‬‬ ‫حرار َة ال ِ‬ ‫أ�سالك الكهربائية‪.‬‬ ‫ا�شرتك ال ُ‬ ‫َ‬ ‫خيوط م�شدود ٍة برذا ِذ حلمها‪ ،‬وهي تعلم �إن ال َ‬ ‫بر�سم ٍ‬ ‫أطفال‬ ‫أطفال‪ ،‬هذه املرة لربطها‪ِ ،‬‬ ‫ال�شارع ِ‬ ‫مالب�س و�أجنح ٍة بي�ض‪.‬‬ ‫الينزلون �إىل‬ ‫ِ‬ ‫بدون َ‬ ‫***‬

‫يخرج � ٌ‬ ‫أطفال ك ٌرث من ِ‬ ‫ركام البنايات‬ ‫ُ‬ ‫حتت ِ‬ ‫َ‬ ‫وقطع غيار‬ ‫�شا�شات التلفا ِز وجوهاً مم�سوخ ًة‬ ‫تقلب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كبدائل ِ‬ ‫العالمات يف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مقاعد‬ ‫أجد �أ ّياً من تلك‬ ‫ميكن ا�ستخدا ُمها‬ ‫كعالمات حلياتنا املعا�صرة‪ /‬ولكن مل � ْ‬ ‫ُ‬ ‫الدرا�سة‬ ‫مل ْ‬ ‫أحد �إننا جمر ُد قتل ٍة و�سفاحي جثث‬ ‫يقل يل � ٌ‬ ‫مل ْ‬ ‫معلب �صنعناه‪ ،‬لنرب َر وح�شيتنا‬ ‫يقل � ٌ‬ ‫أحد �إن الدين خرا ٌء ٌ‬ ‫ونلطخ به وج َه العامل‪.‬‬ ‫***‬

‫كدليل على �شيع ّيتها‬ ‫باب البيت‪ٍ ،‬‬ ‫ت�ض ُع زوجتي راي ًة خ�ضرا َء على ر� ِأ�س ِ‬ ‫كدليل على علمانيتي‬ ‫و�أنا �أبدو حليقَ الوج ِه مبالب�س �شبابية‪ٍ ،‬‬ ‫يحلقُ ال�سني �شاربه ُ‬ ‫ويطيل حليته وكذلك ال�شيعي‬ ‫كالهما يلب�سان الأ�سود ُ‬ ‫ويقتل بع�ضهما الآخر‬ ‫‪30‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫لنتنتهي احلرب‬ ‫العالمات تتجدد‬ ‫وت�ستم ُّر يف كتاب ِة كراهي ِة البيا�ض‬ ‫ُّ‬ ‫جميل �أبي�ض‬ ‫كل �شي ٍء ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫قبيح �أ�سود‬ ‫وكل ٍ‬ ‫الر�سم متعمداً على ّ‬ ‫�صرت �أل ّون الأ�شياء بدءاً بال ِ‬ ‫كل �شي ٍء �أبي�ض‬ ‫ُ‬ ‫أثاث‪ ،‬و�أحياناً � ُ‬ ‫أ�سكب �ألوانَ ِ‬ ‫�أو �أ�سود‬ ‫ؤكد يل �إنها غريب ٌة عني‬ ‫مت�سحها بقطع ٍة بي�ضاء �أو �سوداء لت� َ‬ ‫لك ّنها مراراً ُ‬ ‫ُ‬ ‫و�سوف � َ‬ ‫وتقول يل‪َ � :‬‬ ‫إنك ٌ‬ ‫رجل ملونٌ ‪َ ..‬‬ ‫ذات يوم‪.‬‬ ‫أغ�سلك َ‬ ‫***‬

‫كنت قد ر�سم ُتها �سابقاً‬ ‫علقت على ِ‬ ‫احلائط لوح ًة قدميةً‪ ،‬هي بورتريه �شخ�صي‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫� ُ‬ ‫بقيت المع ًة يف‬ ‫أحمل بني ّ‬ ‫يدي �سمك ًة زرقاء‪ ،‬يف فمها بقع ُة ٍدم �صغري ٍة من �أث ِر ال�سنار ِة التي ْ‬ ‫ال�صورة‬ ‫ال�سمك ُة تنظ ُر �إ ّيل‪ ،‬بخلفي ٍة مليئ ٍة ب� ِ‬ ‫أ�سمال املا�ضي‬ ‫ٌّ‬ ‫بقيت المع ًة يف ال�صورة‬ ‫كل م ّنا عالقٌ ب�سنارت ِه التي ْ‬ ‫احلرب‬ ‫هي للمطبخ‪ ..‬و�أنا ملا تبقى من زوجتي يف ِ‬ ‫مازن املعموري‬ ‫مواليد ‪ 1970-‬دكتوراه فل�سفة فن ‪ /2015‬جامعة بابل‪.‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ كتاب املوتى – ‪.1998‬‬‫ حب مطلق – ‪.2011‬‬‫ كائنات �سرية – ‪.2014‬‬‫‪31‬‬


‫حممد كرمي‬

‫ُ‬ ‫املنزل محُ َا�صر‬ ‫الكراج محُ َا�صر‬ ‫ُ‬

‫أنت �ضدنا‬ ‫�إن مل تكن معنا؛ ف� َ‬ ‫يا هذا‪ ،‬اقط ْع ر�أ�سه‬ ‫�آه‬ ‫َد‪ْ ....‬م‪!......‬‬

‫ال�شارع محُ َا�صر‬ ‫ُ‬ ‫التاريخُ محُ َا�صر‬ ‫الكني�سة محُ َا�صرة‬ ‫امل�سجد محُ َا�صر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اجلبل محُ َا�صر‬ ‫ال�سما ُء محُ َا�صرة‬ ‫ال ُ‬ ‫أر�ض محُ َا�صرة‬ ‫ال�سيارة محُ َا�صرة‬ ‫الكافترييا محُ َا�صرة‬ ‫ُ‬ ‫الفندق محُ َا�صر‬ ‫ت�سلم‬ ‫ا�سلم‪ْ /‬‬ ‫ْ‬ ‫�إ ّما ‪� /‬أو‬ ‫‪32‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫حُم رِ‬ ‫ا�صون‬

‫ُمك ّفرون‬

‫ُمه ّجرون‬

‫ولن تر�ضى َ‬ ‫عنك اليهو َد وال الن�صارى‬ ‫حتى تقتلع م ّلتهم‬ ‫ن‪!............‬‬ ‫�سبحون‬ ‫ُم ّ‬

‫كبرّ ْ‬ ‫ب�سملْ‬ ‫حوقلْ‬ ‫ْ‬ ‫حمدل‬ ‫قبل �أن تقط َع ر�أ�سه‪.‬‬ ‫كف َ‬ ‫ّاك ت�ضغط‬

‫***‬


‫ابداع ونقد‬

‫� َ‬ ‫أ�صابعك ت�شتبك‬ ‫َ‬ ‫رجالك تق ّل�صت‬ ‫َ‬ ‫ت�ضرب الأر�ض‬ ‫جثتك ُ‬ ‫َ‬ ‫عيناك يف الباب‬ ‫�أت�شعر �أحداً يراقبك‪...‬؟‬ ‫اللعنة‬ ‫ملاذا تفعلها‪.....‬؟!‬ ‫***‬

‫الر�شّ ُ‬ ‫ا�ش هو الذي يتك ّلم‬ ‫الر�شّ ا�ش هو الذي يقول‬ ‫الر�شّ ا�ش هو الذي يفعل‬ ‫�أنا‪� /‬أنت‬ ‫جم ّرد‬ ‫واقف َني يف الطابور‪!........‬‬ ‫***‬

‫ب�شرط ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واحد فقط‬ ‫�أنا �أطيعكم‪،‬‬ ‫للم�سجد‪ ،‬للملهى‪ ،‬للمذبح‪،‬‬ ‫ملركز ال�شرطة‪ ،‬الحتاد الأدباء‪،‬‬

‫لع�صبة الأمم‪ ،‬للكراج‪ ،‬لبنزين اخلانة‬ ‫حلي ال�صناعي‪ ،‬للمحكمة‪،‬‬ ‫للخليفة‪،‬‬ ‫للبيت الأبي�ض‪،‬‬ ‫ملقر احلزب‪ ،‬لل�سوق‪،‬‬ ‫ل�ساحة �إعدامات والية نينوى‬ ‫للإذاعة‪ ،‬ل�ساحة التظاهرات‪،‬‬ ‫لل�سينما‪ ،‬لدورة املياه‪،‬‬ ‫للمقهى‪ ،‬لأملانيا‪،‬‬ ‫للقد�س‪ ،‬لأفغان�ستان‪،‬‬ ‫ل�شارع (�أبو النخلة)‬ ‫للج ّزار‪ ،‬للوزارة‪،‬‬ ‫ملبنى املحافظة‪،‬‬ ‫ل�ساحة احلرب‪،‬‬ ‫لأمهاتكم‪ ،‬لآبائكم‪ ،‬لآلهتكم‪،‬‬ ‫�أنا �أطيعكم‬ ‫َ‬ ‫�شرط‬ ‫تركي‬ ‫حياً‪!....‬‬

‫‪33‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫حتت الأنقا�ض!‬

‫عبا�س ح�سني‬

‫ِ‬ ‫ج�سمك داخل الأنقا�ض‬ ‫كامل‬

‫يف البداية مل ِ‬ ‫نبك عليك �أنا وزوجتي العاقر‬

‫والذي يظهر ِ‬ ‫منك (يد) �صغرية فقط‬

‫فال نعرف �شيئاً عن الأطفال‬

‫كانت مثل عالمة التعجب يف نهاية‬ ‫�صخرتني كونكريتني‬

‫وال عن عالقتهم بال�صخور الكونكريتية!‪..‬‬

‫هكذا �شاهدناكِ يف حلقة على قناة العربية‬ ‫بعنوان (الثورة ال�سورية‪ ..‬حلب)!!‬ ‫***‬

‫يبدو من خالل الزراق الذي يلف يدكِ‬ ‫ب� ِأنك خمنوقة من الداخل!‬ ‫ويرتاوح عمركِ بني ‪� 5‬إىل ‪� 6‬سنوات‬ ‫***‬

‫�أحد �شهود العيان قال �إنه ال يعرف �إىل �أي‬ ‫طفل تعود هذه اليد‬ ‫فجميع الأطفال الذين كانوا يلعبون‪،‬‬ ‫هم معك يف الداخل‬ ‫***‬ ‫‪34‬‬

‫لكننا �سوف لن ن�سمح البن جارنا باللعب‬ ‫قرب بيتنا بعد الآن‬ ‫�أو قرب �أي �شيء يحتوي على �إ�سمنت‬ ‫وحديد‪..‬‬ ‫***‬

‫من العراق ن�شاهدك بقلوب كاملة الدمع‪..‬‬ ‫***‬

‫نعرف ب� ِأنك ال ت�ستطيعني بيدك هذه �أن‬ ‫مت�سحي الغبار‬ ‫لريى العامل دموع اهلل على � ِ‬ ‫أ�صابعك‪..‬‬ ‫كما �أنك ال تنوين ّمد يدك للدعاء‬ ‫فللآن ممدودة الأطفال كالأدعية ال�صغرية‬ ‫على جانبي‬


‫ابداع ونقد‬

‫(�سيطرة الآثار) ومل يحن �صعودها‪..‬‬

‫كان ج�سدك ثقي ًال كفراغ يف جملة بعيدة‪.‬‬ ‫لكن �أيدينا ا ّلتي حملتك‪،‬‬ ‫فراغ وددنا ملأه‪ّ ،‬‬

‫�أطف� ُأت التلفاز‬

‫كلمات خاطئة‬

‫وقلت لزوجتي‪ :‬انظري للأمل الذي ي�سببه‬ ‫الأطفال‬

‫وبع�ض نزيف عابر وما �إىل ذلك‬

‫***‪.‬‬

‫لكنها مل جتب‬ ‫�سمعت البكاء يخرج من بطنها‪.‬‬ ‫بعد قليل‬ ‫ُ‬ ‫***‬

‫ذاك اليوم‬ ‫كان االبن م�ستعج ًال‪،‬‬ ‫فلم ت�ستطع �أمه ّ‬ ‫ر�ش املاء خلفه‬ ‫هذا اليوم‬ ‫رغم ا�ستعجال االبن‪،‬‬ ‫متكنت الأم من ر�ش دموعها خلف تابوته‪..‬‬ ‫***‬

‫عك�س ما كنت تعتقد‪........‬‬ ‫ب�شرتك ت�آلفت مع اخل�شب‪ ،‬ح ّتى �إنّ‬ ‫بع�ضنا مل مي ّيزك ج ّيداً داخل ال ّتابوت‪،‬‬ ‫لك ّننا جميعاً �شعرنا بثقل دموعك على‬ ‫�أكتافنا‬ ‫***‬

‫***‬

‫من �سنني و�أ ّمك جتل�س باتجّ اه �صورتك‬ ‫املع ّلقة على احلائط‬ ‫جتل�س بخر�س ومتوت بطالقة‬ ‫***‬

‫يقول �أخوك م�شرياً �إىل �صورتك املع ّلقة!‬ ‫ال�صور‪،‬‬ ‫�إنّ من عادة املوتى ا ّلذين يف ّ‬ ‫ينظرون لنا طوي ًال‪،‬‬ ‫ب�شدة‪....‬‬ ‫يف ال ّنهاية يرف�ضوننا ّ‬ ‫فلماذا مل ترف�ض �أ ّمك ّ‬ ‫ال�سنني؟‬ ‫كل تلك ّ‬ ‫***‬

‫يقول �أخوك �أي�ضاً‬ ‫عندما ا ّت�صلوا ليخربونا ب�أ ّنهم الآن �سيطلقون‬ ‫ال ّنار على ج�سد �أخينا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كذبناهم ب�صدق‪ ...‬لأنّ هذا ما نفعله �أمام‬ ‫الأ ّم‬ ‫الدم ا ّلذي �صار يخرج‬ ‫ح ّتى �إ ّننا م�سحنا ّ‬ ‫ال�صورة بوداعة‪..‬‬ ‫من ّ‬ ‫‪35‬‬


‫***‬

‫وحدك تعلم �أنّ العط�ش هو طعم املاء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ينق بقرب ج�سدك مثل‬ ‫�سيظل دمك ّ‬ ‫�ضفدع‬ ‫امللفت �أن الدفّان مل ي�س�أل عن رغبتك‬ ‫ُ‬ ‫بالدفن‬ ‫ّ‬ ‫ومل ت�سكت �أ ّمك عن اخلر�س‪� ،‬أنا الوحيد‬ ‫ا ّلذي ي�س�ألك الآن‪.‬‬ ‫ملاذا �أنت م ّيت؟‬ ‫***‬

‫ح ّتى ال�شّ يخ امللقّن مل ين�صفك‪ ،‬فقد ذكر‬ ‫ب�أ ّنك فارقتنا دون وداع‬ ‫رغم �أ ّنك على عمق مرتين داخل الأر�ض‬ ‫ال غري‬ ‫فهل �أنّ الـ(مرتين) بحاجة لتوديع؟‬ ‫***‬

‫بعد دفنك ا�ستلمنا و� ً‬ ‫صال من املقربة‪ ،‬فيه‬ ‫ثالث ُة حقول‬

‫‪36‬‬

‫الدفن و�أمامها مبل ٌغ‬ ‫‪� ...1‬أجرة ّ‬ ‫‪� ...2‬أجرة لكم ّية من الترّ اب و�أمامها مبلغ‬ ‫وال �أجرة �أمام ج�سدك!‬ ‫كان احلقل الثّالث خالياً متاماً!‪.‬‬ ‫***‬

‫كان معلمنا اجلديد الذي �أنهى �شرحه عن‬ ‫فوائد القدم‬ ‫�أعاد املو�ضوع بطلب منك‬ ‫وملا �س�ألك عن ال�سبب‬ ‫تك�سر وجهك �أمامه مثل زجاج �أزرق‬ ‫ُكنا نعرف ال�سبب وبقينا �صامتني‬ ‫***‬

‫وال مرة م�شيت معنا‬ ‫كنت دائماً تقول (�إين م�صاب ب�شلل‬ ‫الأطفال)‬ ‫متى تفهم ب�أنك يف ‪ 27‬من عمرك‬ ‫و�أنك مل تعد طف ًال!‪.‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫م�صطفى عبود‬

‫ب�ؤ�س!‬

‫� ُ‬ ‫أعرف ما معنى‬ ‫�أن يكونَ‬ ‫ال�شخ�ص بائ�ساً يا �صديقي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مالب�سك الثمين َة‬ ‫�أن تبي َع‬ ‫ملحالت الرهانِ‬ ‫ِ‬ ‫كما تبي ُع َ‬ ‫املت�سخ!‬ ‫روحك لهذا الهوا ِء ِ‬ ‫َ‬ ‫يتملكك الب� ُؤ�س‬ ‫�أن‬ ‫كما ُ‬ ‫هو�س الدقائقِ �شع َر امر�أة‬ ‫يتملك ُ‬ ‫عان�س‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫�أن تخو�ض �صراعاً مع ذاتك‬ ‫دون �أن تخد�ش هواء املكان‬ ‫�أو تعكر عطر يا�سمينة يف اجلوار‬ ‫�أو ت�ؤنب �ضمري اجلدران‬ ‫لأنها �سادية يف ال�صمت‬ ‫رغم لوحات اجلوع عليها رغم طنني امليل‬ ‫يف �ساعاتها‬ ‫دون �أن يعطيك �سبباً للعي�ش‬ ‫�أو جواباً لكل هذا الت�أخر يف الو�صول!‪.‬‬

‫يا �صديقي‬ ‫نحن املتكررون عبثاً‬ ‫ال نزرع التفاح يف ب�ساتيننا‬ ‫لئال نهبط �أكرث من ذلك‬ ‫هذ ِه احليا ُة ُ‬ ‫حم�ض م�صادف ٍة‬ ‫باجلوع!‬ ‫ُو ْ‬ ‫لدت عن �سه ِو �أب كان ي�شع ُر ِ‬ ‫ال تعتقد �أن احلنطة التي ال ت�صري خبزاً‬ ‫حنطة تالفة‬ ‫هي احل�سرة التي ك�سرت ظهر احلنطة‬ ‫هي �أغنيات امل�سافر يف دمه دون و�صول‬ ‫هي قبعات الغيم املثقوبة فوق �أعمار‬ ‫الفقراء‬ ‫هي �أدراج العفن يف �صدر العامل‬ ‫َ‬ ‫خفي َ‬ ‫كل �أ�شيائك احلقيقي ِة‬ ‫عليك �أن ُت َ‬ ‫وتن�سى َ‬ ‫كل ما �شاهد َت ُه من خاللِ ُ�سر ِة‬ ‫�أُمك‪..‬‬ ‫�صرخ ُة � َ‬ ‫أخيك‬ ‫‪37‬‬


‫يطلب َ‬ ‫منك عد َم املجي ِء لهذا املكانِ‬ ‫وهو ُ‬ ‫العبثي‬ ‫ِّ‬ ‫خيان ُة � َ‬ ‫أبيك‬ ‫يبت�سم المر�أ ٍة يف ال�سوقِ‬ ‫وهو ُ‬ ‫برامج التلفا ِز‬ ‫ُ‬ ‫ل َ‬ ‫إعطائك غذاء جمففاً رخي�صاً‬ ‫يا �صديقي‬ ‫للفرح‬ ‫ال مكانَ ِ‬ ‫عندما ُي َ‬ ‫خريف ال�سري ِر‬ ‫حدثك ُ‬ ‫ربيع ُي ُ‬ ‫طل من النافذ ِة!‬ ‫عن ٍ‬ ‫َ‬ ‫عليك �أن حتزنَ مبا يكفي‬ ‫آخرين باحليا ِة!‬ ‫ل ُتقن َع ال َ‬ ‫ؤو�س ِ‬ ‫النبيذ الفارغ ِة‬ ‫إ�سم ك� ِ‬ ‫وب� ِ‬ ‫الرب‬ ‫انتظر �شيئاً ُي ُ‬ ‫فرح َ‬ ‫ْ‬ ‫وك� َ‬ ‫ق�سي�س‬ ‫أنك ٌ‬ ‫َ‬ ‫الرب ِ‬ ‫البعيد‬ ‫ترك ال�صال َة و� َ‬ ‫أنا�شيد ِ‬ ‫َ‬ ‫فرن�سي م�شهورٍ!‬ ‫ليعمل ناد ًال يف ٍ‬ ‫مطعم ٍ‬ ‫يا �صديقي‬ ‫أيت امر�أ ًة قبيحة ت�صبغُ روحها‬ ‫ر� ُ‬ ‫م�صطفى عبود‬ ‫مواليد الب�صرة – ‪.1993‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ خمطوطة �شعرية بعنوان "لو �أنها �أجنبت �سلحفاة‪"..‬‬‫‪38‬‬

‫يوم �أن يغازلها �أحد‬ ‫حتلم ِ‬ ‫كل ٍ‬ ‫لأنها ُ‬ ‫أيت طف ًال يكر ُه احللويات الأجنبية‬ ‫ر� ُ‬ ‫لي�س لكون ِه عربياً‬ ‫َ‬ ‫بلْ لأنه ال ُ‬ ‫كيف ي�سرق‬ ‫يعرف َ‬ ‫الف�ضي‬ ‫ينزع حذاء ُه‬ ‫ر� ُ‬ ‫أيت ح�صاناً ُ‬ ‫ّ‬ ‫ليعو َد ولو كذباً �إىل طفولت ِه‬ ‫ر�أيت فقرياً يهم�س لذاته املري�ضة‬ ‫بالوحدة‪:‬‬ ‫هل �سرنى الرب قريباً لنعتذر عن خطيئة‬ ‫الأب؟‬ ‫لي�س َ‬ ‫هنالك‬ ‫َ‬ ‫مت�س ٌع للحقيق ِة يف العامل‬ ‫ُ‬ ‫الكل‬ ‫ُي ُ‬ ‫حاول �سرق َة الهوا ِء‬ ‫ل�ست غريباً كالع�صافريِ!‬ ‫أنت َ‬ ‫� َ‬ ‫َ‬ ‫نظارتك‬ ‫�ض ْع‬ ‫�ساحل برتقا ِيل النكه ِة‬ ‫على ٍ‬ ‫الرمل‬ ‫وا�صن ْع �أُحجي ًة من ِ‬ ‫‪ ...‬وارحلْ !‬ ‫دع العا َمل ُ‬ ‫يلتقط �صوراً خليب ٍة �أُخرى!‪.‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫علي حممود خ�ضي‬

‫الر�سم‬ ‫ُم ّ‬ ‫در�س ّ‬

‫(‪)1‬‬ ‫الر�سم الذي ُ‬ ‫م�س مر�سم ُه من �صوبني‪.‬‬ ‫كان ينق�ص ُه جناحان لي�ص َري َم َلكاً؛ ُم ُ‬ ‫در�س ِ‬ ‫تدخل ال�شّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫بقبعات خو�ص‪.‬‬ ‫فت�صعد خرفانٌ و�أطفال‬ ‫قزح‬ ‫ومئ للع�صاف ِري‬ ‫ُ‬ ‫كان ُي ُ‬ ‫ُ‬ ‫فت�شرب من كفه‪ُ ،‬يق ّو ُ�س َ‬ ‫َ‬ ‫و�سنابل تطل ُع‬ ‫حيوانات تف ُّر من يديه‪،‬‬ ‫بال�سبور ِة �إىل الغُدران‪.‬‬ ‫ال�سبورة‪ُ .‬‬ ‫ٌ‬ ‫يذهب ّ‬ ‫ي�أتي بال ّنه ِر �إىل ّ‬ ‫متى ي�شاء‪ .‬تخ�ض ُّر يف عينيه غابات‪ ،‬تنهم ُر يف ر�أ�سه �شالالت‪َ ،‬‬ ‫وحول �سريره يتقاف ُز �أطفال‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫يف احل�صار‪ُ ،‬ي�صبح الر�سم مهن ًة للنجاة �أو للوهم على �سواء‪ ..‬ففي �أيامٍ َ‬ ‫النا�س فيها نوى‬ ‫جعل ُ‬ ‫يعي�ش ر�سام الثانو ّية؟ هكذا‬ ‫التمر طحيناً‪ ،‬وتخيلوا اخل ّباز حلماً �أحم َر كانوا ي�س�ألون‪ :‬كيف ُ‬ ‫تداول البع�ض �أخباراً بني احلقيقة واخلرافة عن ر�سمِ ه لزوجته �أرغف ًة على احلائط و�سحبها‬ ‫إقناع كارتونات ال�سكائر لت�صري �أغطية وحماوالته �إِنقاذ ُ�صفر َة وجوه طالبه‬ ‫بخف ِة �ساحر‪ ،‬و� ِ‬ ‫يفتح بها كل باب ويعرب منها ملروج اخلال�ص‪.‬‬ ‫بالفر�شاة؟ كانت الألوان �شفرة ُ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫للمد ّر�س‪ ،‬ف�ض ّيني‪ ،‬ك�شَ ع َر ُه‬ ‫بر�سم‬ ‫ر�س مي�ضي بلمحة‪،‬‬ ‫الد ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقت ّ‬ ‫ُ‬ ‫بينما كانَ ُ‬ ‫جناحني ُ‬ ‫ان�شغلت ِ‬ ‫امل ُـر�سل‪ِ ..‬‬ ‫ومنح ِه �أوراقاً متلأ �أر�ضية ال�صف وتط ُري من �شبابيكه �إىل مياه النهر‪ ،‬حتلق مع‬ ‫وترف على حقول اجلت والبطيخ‪� ،‬أعلى من ال�سوق‬ ‫النوار�س‪ ،‬حتط على �أغ�صان الأ�شجار ّ‬ ‫امل�سقوف و�ضجة الباعة‪� ،‬أوراقاً ت�سقط يف غابات ال َغ َرب وفوهات التنانري الطينية‪� .‬أوراقاً �أكرث‬ ‫‪39‬‬


‫لر�سم خب ٍز كث ٍري وقناين حليب و�أدوية‪.‬‬ ‫من �صور الرئي�س يف كتاب (الوطنية)‪� ..‬أوراقاً تكفيه ِ‬ ‫لكن اجلر�س كان يرنُ دائماً قبل �أن �أكمل ر�سمتي‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫"�أبداً ال تفلت الفر�شاة‬ ‫�أَ ُّيها الولد"‪.‬‬

‫علي حممود خ�ضري‬ ‫مواليد الب�صرة ‪ ،1983 -‬الب�صرة‪.‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ احلامل ي�ستيقظ‪ :‬بريوت ‪.2010 -‬‬‫ احلياة بالنيابة‪ :‬بريوت – ‪.2013‬‬‫ �سليل الغيمة‪ :‬الب�صرة – ‪.2015‬‬‫ ترجمت بع�ض �أ�شعاره �إىل الإنكليزية والفرن�سية والفار�سية‪.‬‬‫‪40‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫علي �أ�صالن‬

‫موت ‪21‬‬

‫الكل ي�شعر بالقلق‬ ‫من حويل‬ ‫حتى جث ُة هذا الليل‬ ‫القلق �إ�صابة ك�أي حب‪..‬‬ ‫ال �شيء يريد الركود‬ ‫حتى �صوت "قحطان العطار"‬ ‫كيف يعرف اال�ستقرار‬ ‫وهو يغني "يا في�ض"‬ ‫ا�ضحك قلي ًال‪ ..‬هكذا قال رفيقُه التيه‬ ‫ال �أتعجب من حوارهما‬ ‫ف�أنا قلق و�أ�ضحك‬ ‫ملا يدور يف ر�أ�س الهواء‬ ‫و�أنا �أقر�أ ر�سائل عتاب املوتى‬

‫من الأر�ض احلرام‬ ‫وابِت�سامات الأطفال اليتامى‬ ‫�إىل ذويهم‬ ‫كل ما يدور يف ر�أ�سه‪:‬‬ ‫موت موت‪..‬‬ ‫الآن مت ّر الأح�ضانُ املحرومة‬ ‫�أمامي‬ ‫جرا ُر ماء ترميها �أمهات‬ ‫ُ‬ ‫فر�ش مكياج عرائ�س‬ ‫حمرومات‬ ‫فج�أة‬ ‫تمُ �سح امل�شاهد‬ ‫ب�سرب طيور الليل!‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫خا�ص حتوالت‬ ‫اال�شتغال على احتماالت الن�ص ال�شعري تت�صدر امل�شهد‪ .‬يف ال�شام والعراق ولبنان‪ ،‬هناك‬ ‫جتريب جريء يقوده �شباب يحاولون اخرتاق املعجم وتقنيات الكتابة القدمية عرب طقو�س‬ ‫ٌ‬ ‫تنم عن حجم ال�ضيق الذي يع�صف بالق�صائد وهي‬ ‫ومفاهيم تبدو غريبة للوهلة الأوىل‪ ،‬لكنها ُّ‬ ‫حتاول التح ّرر ممن ُيفرت�ض �أنهم ح ّرروا الن�صو�ص �سابقاً مثل ال�سياب و�أدوني�س واملاغوط‪ .‬هذه‬ ‫الطقو�س والأفكار تظهر غري م�ألوفة من الناحية الفكرية �أي�ضاً‪ ،‬لكنها تطرح وجهات نظر حتميها‬ ‫م�شروعية البحث والتجريب على �أمل حدوث انفجا ٍر ما يف الق�صيدة املنتظرة التي ال يعرف‬ ‫�شكلها �أحد!‪ .‬يف هذا الف�ضاء ي�أتي ت�أ�سي�س جمموعة "ميلي�شيا الثقافة" يف بغداد و�صدور‬ ‫كتابها الأول حام ًال عنوان "ال�شعر يف حقول الألغام"‪ ،‬منا�سب ًة للحديث عن احتماالت‬ ‫الن�ص ال�شعري يف هذه املرحلة‪ ،‬حيث ا�ستيقظت جميع الأ�سئلة الفكرية والأدبية وكل ما‬ ‫يت�صل بالتنوير‪.‬‬ ‫ميلي�شيا الثقافة‪ ،‬جمموعة �شعراء ا�شتهروا منذ مدة بالعمل على تكري�س التماهي بني الن�ص‬ ‫ال�شعري و�أ�شكال املوت ال�سائدة يف البلد‪ ،‬من خالل طقو�س د�أب �أولئك ال�شعراء على‬ ‫تنفيذها عندما ذهبوا بالق�صائد �إىل حقول الألغام فقر�ؤوا ال�شعر �أمام احتماالت اخلطر‪ ،‬ثم‬ ‫فعلوها ثانية عندما كتبوا الن�صو�ص يف مقابر ال�سيارات املفخخة التي ت�ضم خردة املوت وبقايا‬ ‫الدماء النا�شفة على ال�صاج ال�ساخن‪ ..‬ذهبوا �أي�ضاً �إىل امل�شرحة وثالجات اجلثث يف م�شايف‬ ‫ال�ضحايا املجهولني‪ّ ..‬متددوا على الأ�س ّرة بني �أكيا�س ال�سريوم ثم انهمكوا بالت�أمل ومار�سوا ما‬ ‫�سموه "التماهي مع املوت"‪ .‬تلك كانت ردات فعل على وجود ال�شعراء يف �أبراج عاجية‬ ‫حتولوا فيها �إىل نخب معزولة عما يجري على الأر�ض‪ ،‬هكذا ي�شرحون جتربتهم عندما و�صلوا‬ ‫�أخرياً �إىل قراءة ال�شعر وكتابته يف الطائرات احلربية واحل ّوامات التي حتمل احتماالت خمتلفة‬ ‫امللفت يف كل هذا‪� ،‬أن املوت مبفهومه العادي ظهر متعدد الأ�ساليب‬ ‫للموت هي الأخرى!‪ُ .‬‬ ‫والأدوات وميلك الكثريمن �أدوات الفتك والدمار‪ ،‬بينما الق�صيدة تبحث عن تقنيات جديدة‬ ‫‪42‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫حني جتري الن�صو�ص باحثة عن ذاتها!‬


‫ابداع ونقد‬

‫خارج ال�سياق!‪ .‬املوت متكن من املجاهرة ب�أهدافه ثم تفنن يف الو�صول �إليها‪ ،‬بينما الق�صائد‬ ‫بقيت مرتددة ت�شحذ �أدواتها وال تقرتف ما ُيفرت�ض �أن ترتكبه منذ عدة �سنوات من احلرب‬ ‫الدائرة يف املنطقة!‪.‬‬ ‫يقول ال�شاعر العراقي الدكتور مازن املعموري‪ ،‬وهو ع ّراب "ميلي�شيا الثقافة" يف بغداد‪� ،‬إننا‬ ‫جميعاً م�شرتكون يف �صناعة ال�ش ّر‪ ،‬بل نحن نح ّوله �إىل مربرات يومية عندما نحمل �سيوفنا‬ ‫لنقتل حتت �شتى الذرائع‪ ..‬ي�ضيف‪" :‬كل مظاهر ال�شر مثل ال�سرقة والإهانة واالغت�صاب‬ ‫واالحتيال على الآخرين �أ�صبحت مقبولة ب�شكل �أو �آخر‪."..‬‬ ‫يع ّول املعموري على ال�شعر من �أجل �إ�شهار الف�ضيحة وتعريتها وحماولة التعبري عنها بجر�أة‬ ‫دون تردد‪ ،‬لكن ذلك لن يتم دون التماهي مع املوت الذي يجري كما يعتقد‪ .‬حني يظهر كل‬ ‫�شيء ملطخاً بالدم‪ ،‬البد للق�صيدة من هدم املعبد و�إعادة الر�شد للعقول والأج�ساد امل�صابة‬ ‫بالزهامير‪ .‬يف هذه العملية من الذهاب الطوعي �إىل حقول املوت و�أدواته الكثرية‪ ،‬ميكن‬ ‫للق�صيدة �أن تنهمك يف حل لغز ما يجري عرب التماهي معه وحماولة تفكيكه من الداخل‪،‬‬ ‫والهدف دائماً ٌ‬ ‫�شكل جديد يف الكتابة ال�شعرية ال يبدو م�صاباً بالف�صام‪ ،‬يقول املعموري‪:‬‬ ‫"ال�شعر‪ ،‬بر�أينا‪ ،‬هو الفن القادر على ف�ضح الإبادة التي نتعر�ض لها يف هذا املوقع من العامل‬ ‫املظلم بكل تفا�صيله امل�ؤملة‪ ،‬وقد تهي�أت لنا �سبل الو�صول �إىل الطائرات احلربية للت�صوير‪ ،‬فلم‬ ‫نرتك الفر�صة تفوتنا‪ ،‬ولكن دون �أن ن�صور املكان العام لأن ما يهمنا هو الطائرة كج�سد و�آلة‬ ‫للقتل والتدمري‪ ،‬الطائرة هنا هي املكان الذي ن�ستطيع به �أن نقدم بدي ًال ا�ستعارياً للموت يف‬ ‫عر�ض �شعري جديد ينتقل فيه اخلطاب من الكتابة �إىل الفعل‪ ،‬مبا �أن التوا�صل االفرتا�ضي‬ ‫ممكن الت�أثري والت�أثر ب�شكل �سريع ومده�ش‪ ،‬ل�سبب جوهري يكمن يف �أن و�سائل االت�صال‬ ‫حولت العامل �إىل �صورة‪ ،‬ونحن �أكرث الكائنات ت�أثراً بال�صورة والفيلم وغريها‪ ،‬وهكذا يكون‬ ‫على الآخر املتلقي �أن ميتد معنا لي�صبح جزءاً من اللعبة الثقافية ومترير اخلطاب �ضد احلرب‬ ‫واملوت �إىل كل �أنحاء العامل"‪.‬‬ ‫جمموعة "ميلي�شيا الثقافة" العراقية ت�ضم ال�شعراء "مازن املعموري‪ ،‬كاظم خنجر‪ ،‬علي‬ ‫ذرب‪ ،‬حممد كرمي"‪ ،‬وقد �سبق للمجموعة �أن ذهبت �إىل معظم حقول املوت احلقيقية يف‬ ‫بغداد و�ضواحيها ليحط بها الرحال م�ؤخراً يف طائرات الهليوكوبرت التي تقدم مقرتحاً خمتلفاً‬ ‫للموت هي الأخرى‪ .‬اللقطة هنا �أن يكتب ال�شاعر ما تقوله الأر�ض بالذهاب �شخ�صياً �إليها‪:‬‬ ‫�أر�ض املعركة‪� ..‬أ�سواق اجلثث‪ ..‬م�شايف املجهولني‪ .‬ذلك �أن عجزاً كبرياً يطبق اخلناق اليوم‬ ‫على الن�ص ال�شعري ب�سبب عزلته عما يجري �أو عدم متكنه من اخرتاع معجم جديد يتطابق‬ ‫‪43‬‬


‫مع الهول الذي ن�شاهده ب�أم العني!‪.‬‬ ‫يقول املعموري‪" :‬احلا�ضر جتاوز كثرياً من مدركاتنا القدمية‪ ،‬من جهة عالقتنا باملكان الذي‬ ‫نعي�شه‪ ،‬فما قدمناه من فعاليات �سابقة ي�ضع ال�شاعر العراقي والعربي �أمام م�ساءلة من نوع‬ ‫خا�ص‪ ،‬لأننا مطالبون بابتكار �أ�شكال جديدة للتعبري والقول و�إثراء الأر�ض التي بد�أت‬ ‫باليبا�س‪ ،‬ولهذا ف�إننا نقرتح �أن نكت�شف �أنف�سنا يف �ضوء واقعنا العياين كما هو دون تزييف‪،‬‬ ‫ون�ضع �أنف�سنا �أمام ت�سا�ؤل خطري‪ ،‬هل نحن فع ًال �أ�صحاب ح�ضارة �إن�سانية علمت الب�شرية كل‬ ‫�شيء؟"‪.‬‬ ‫يف العودة �إىل الت�سا�ؤل الرئي�سي حول ّ‬ ‫تركز �إ�شكالية الن�ص ال�شعري يف التقنيات والأ�ساليب‬ ‫�أم الأفكار واملفاهيم؟‪ ،‬تبدو الإجابة مرتبطة جداً مباهية الن�صو�ص التي كتبها �شعراء "امليلي�شيا‬ ‫الثقافية" يف ذهابهم �إىل حلبات املوت املختلفة‪ ،‬بدءاً من مدافن ال�سيارات املفخخة �إىل حقول‬ ‫الألغام وثالجات اجلثث يف امل�شايف‪ ،‬و�صو ًال �إىل الطائرات احلربية التي كانت �آخر ميدان‬ ‫للفجيعة‪ ،‬يف هذا امليدان كتب ال�شعراء ن�صو�صاً ثم قر�ؤوها حتت مدافع الأبات�شي ومراوحها‪ ،‬ثم‬ ‫جل�سوا خلف املقود كي يكت�شفوا من�سوب املوت وهو يظهر على رادارات املقتولني‪ .‬يف تلك‬ ‫الن�صو�ص‪ ،‬نقر�أ مو�ضوع التماهي مع املوت‪ ،‬ورمبا التناف�س معه يف ت�صوير الفجيعة والهول‪،‬‬ ‫�سنتبارى يف تقطيع الأو�صال‪ُ ،‬‬ ‫تقول الق�صائد وهي تغرز ال�سكاكني يف جبهة املعجم وحتاول‬ ‫البحث عن مفردات ت�صفع القارئ ب�شكل قوي!‪ .‬يقول كاظم خنجر يف ق�صيدته التي كتبها‬ ‫وقر�أها يف الطائرة احلربية‪:‬‬ ‫"ب�أ�صابع مقطوعة نح�صي ندوبنا‬ ‫ب�أ�صابع مقطوعة نرفع الإ�سمنت واحلديد عن املوتى‬ ‫ب�أ�صابع مقطوعة نقطع الطريق‬ ‫ب�أ�صابع مقطوعة نقطع الأ�صابع‬ ‫ب�أ�صابع مقطوعة من�سح الر�صا�ص عن �صدورنا‬ ‫نحن القتلة ال�صغار‬ ‫نحد ال�سكاكني‬ ‫ون�ضع اخلطط‬ ‫‪44‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫ونتابع ال�ضحايا‬ ‫لأننا قتلة �صغار‬ ‫غالباً ما نلب�س القفازات‬ ‫ندفن الأدلة‬ ‫نطعن يف اخلا�صرة‬ ‫نتظاهر ب�أننا جنيد احل�ساب‬ ‫فنحن قتلة �صغار‬ ‫ننام على الرتاب‬ ‫ون�أكل بالأيدي‬ ‫ونغطي �أطفالنا عند النوم‬ ‫نحن القتلة ال�صغار"‪.‬‬ ‫الن�صو�ص التي متت كتابتها يف الطائرات احلربية‪ ،‬تبدو وك�أنها تتناف�س يف ت�صوير املوت‬ ‫يف �شناعاته الكربى‪� ،‬إىل درجة يبدو فيها املعجم وك�أنه ملطخ بالدم‪ ،‬فمن جهة املفردات‬ ‫وال�صور‪ ،‬باتت الق�صيدة حقول موت م�سفوحة حتاول �ضرب الرقم العايل يف "ريخرت" اجلثث‬ ‫وال�ضحايا واملقتولني‪� ..‬إىل ما هنالك من �ألفاظ تتبارى يف ك�شف اجلراح وتعري�ضها لل�شم�س‪..‬‬ ‫يقول مازن املعموري‪�" :‬إننا ن�شهد اليوم تهجيناً يف ثقافة املنطقة‪ ،‬ب�سبب التداخل التقني‬ ‫بني التوا�صل االفرتا�ضي وتقنيات الأ�سلحة احلديثة التي انتقلت من ا�ستخدام ال�سيف �إىل‬ ‫الإلكرتونيات"‪ .‬يف �ضوء هذه الر�ؤيا‪ ،‬كانت ق�صيدة حممد كرمي حتت عنوان (‪REMOTE‬‬ ‫‪ )CONTROL‬التي تبدو كمحادثة بني �أطراف ميتهنون املوت ب�أ�شكال خمتلفة‪ ،‬لكنه‬ ‫هنا �أدخل الألفاظ الأجنبية يف �إ�شارة رمبا �إىل القتلة الغرباء وهم يحولون امل�شهد �إىل لعبة‬ ‫"�أتاري"‪ ،‬يقول كرمي‪:‬‬ ‫‪R: Kill him again‬‬

‫‪ :E‬هراء‪ ،‬اجلنة لنا وحدنا‬ ‫‪45‬‬


‫‪ :M‬نعم �سيدي‬ ‫‪ :O‬عراقيونَ بال �شهاد ِة وفاة‬ ‫‪ :T‬تباً للقطة التي تقلب احلاوية ّ‬ ‫كل �صباح‬ ‫‪ُ � :E‬‬ ‫إدخال �س ّيار ٍة مفخخ ٍة وال �إدخال عبوة وي�سكي‬ ‫أنت ت�ؤدي كلمة اخلمي�س‬ ‫‪ :C‬حاول ّ‬ ‫التحدث ب�شي ٍء من الطائفية و� َ‬ ‫‪ :O‬ف�سادي هو ف�سادك‬ ‫يقد ُم �أ�صابع الديناميت على ر�أ�س الأركيلة‬ ‫‪ :N‬يف مقهى رائد املجرم النادل ّ‬ ‫الدجاج �إعالنٌ لتنظيم داع�ش"‪.‬‬ ‫ذبح‬ ‫‪ُ :T‬‬ ‫ِ‬ ‫يف ق�صيدة مازن املعموري التي كتبها �أي�ضاً يف الطائرة احلربية وقر�أها هناك‪ ،‬يظهر اال�ستقرار‬ ‫يف الن�ص مع مورثات الكتابة ال�شعرية القدمية‪ ،‬لكن املعموري يجيد اال�شتغال على ال�صورة‬ ‫والبانوراما العامة للن�ص الذي مل يقطع جذوره �إمنا حاول �أن يخ�ضع الواقع �إليه‪ ،‬فال�س�ؤال‬ ‫الكبري يف هذا التجريب يتعلق �أ�سا�ساً مباهية ال�شعر ودوره مثلما هو متعلق �أي�ضاً ب�شكله‬ ‫و�أ�ساليبه‪ ،‬هي امل�شكلة يف املعنى �أو تقدمي املعنى؟ يكتب املعموري‪:‬‬ ‫"ال ترحلي بعيداً �أيتها الطائرة‬ ‫الأوالد مازالوا يلعبون يف �ساحة املدر�سة‬ ‫ال ترمي قنابلك على البيوت‬ ‫الزوجات يتقدمن يف ال�سن �سريعاً‬ ‫عندما ي�سمعن �صفري الأجنحة‬ ‫والبطون التي حتمل �أجنة احلرب تتحول �إىل �أ�سالك �شائكة‬ ‫ال ترحلي بعيداً ف�إن زجاج واجهتك مت�سخ بالدم‬ ‫انتظري قلي ًال ريثما � ّ‬ ‫أحل وثاق ال�صواريخ‬ ‫من بطنك امللتهبة ب�شغف النار‬ ‫‪46‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫هناك ثقب يف اخلزان‬ ‫رمبا يكون حلمة مقطوعة‬ ‫من فم طفل‬ ‫انتظري قلي ًال ريثما �أم�سح بالدة الطيار‬ ‫وهو يكن�س مالب�س احلرب‬ ‫ويرحل �إىل بيته يف �آخر ال�شارع‬ ‫ال حتملي ال�شر الذي فينا‬ ‫فاحلديد �سوف يحرتق‬ ‫بينما تظلني يف �ساحة النفايات جمرد خردة‬ ‫تبكني على زهو املا�ضي‬ ‫ال�شر فكرتي‬ ‫فال تربحي �صوتك القدمي‬ ‫لأن املراوح بال قلب‬ ‫واملحركات فكرة اجلن�س املعلق بلذة املوت‬ ‫دعي الرطوبة تتغلغل يف �أ�سالك عقلك‬ ‫و�سوف تعي�شني لذة الك�سل"‪.‬‬ ‫وحتمل تبعاته �إىل‬ ‫مباريات يف مكا�شفة الهول‪� ،‬أم هي منازالت ٍّ‬ ‫ٌ‬ ‫حتد يف التجر�ؤ على املوت ّ‬ ‫احلدود الق�صوى‪ ،‬ق�صائد تبدو وك�أنها خارجة للت ّو من طزاجة اجلراح‪ ،‬وهي عملية ق�صدية كما‬ ‫�أ�سلفنا‪� ،‬أراد منها ال�شعراء تقدمي ما ي�سميه املعموري‪" :‬امل�شاهد ال�سادية للذة متزيق اجل�سد‬ ‫والتلذذ بالعدم"‪ ..‬يقول علي ذرب يف ق�صيدته‪:‬‬ ‫فارغ‪.‬‬ ‫"بو�سعكم الآن تقطي َع �أ�صابعي فوقَ �إطار ٍ‬ ‫‪47‬‬


‫ٍ‬ ‫بنداءات حتبونها‪.‬‬ ‫بو�سعكم ح�شوي‬ ‫بو�سعكم �أن تقلبوين على ر�أ�سي ك�صفيح ٍة‬ ‫ليخرج مني ما تبقى من معنى‬ ‫َ‬ ‫بو�سعكم �أي�ضاً �سحب ُ�صرتي �إىل بالوع ٍة‬ ‫�أو النفخُ يف حلم‪ ،‬قدمي عالقة فيه‬ ‫لأنني � ُ‬ ‫أخاف منكم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قاتل‬ ‫الدخول �إىل ِفم ٍ‬ ‫يحتاج َ‬ ‫منك �أن تكون ك�أنثى حتى و�إن كانت ُم�شعرة‬ ‫ُ‬ ‫�أن تت�أكد �أنه لن يجدك عكازاً حني ُي�صاب ُلعابه بالعمى‬ ‫َ‬ ‫خيطني‬ ‫�ساقيك �شكل‬ ‫�أال تتخذا‬ ‫ِ‬ ‫م�سد بقايا اللحم العالق بني �أ�سنانه‬ ‫ل ُت ّ‬ ‫وقبل ذلك عليك �أن ت�شرتي لأخيك ال�صغري ُم�سد�ساً بال�ستيكياً‬ ‫ولأبيك ّنظارة �شم�سي ًة �أكرب من وجه ِه‬ ‫و�أن تر�سم عيناً على ورق ٍة وترتكها على �سريرِك‬ ‫كي حتدقَ يف َ‬ ‫غيابك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لفتوحات ُهدن ٍة‪،‬‬ ‫املر�آ ُة التي تعر�ضت‬ ‫أ�سباب مفروز ٍة بعناي ٍة‬ ‫كانت قد وقعت يف هيئتي ل ٍ‬ ‫ت�ض ُع الآن يف فمي �إ�شارة االلتبا�س‬ ‫وتدفعني النتهاكِ �أقلية الت�سا�ؤل‬ ‫الناعم‪.‬‬ ‫ب�أغلبي ِة العنا ِد ِ‬ ‫‪48‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫بتهدم احلناج ِر‬ ‫على‬ ‫ال�سطوح وجوه مغ�سولة ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ضم خماوفه‬ ‫ي�ستطي ُع ُ‬ ‫اجل�سم َ‬ ‫يتوج خزان ًة‬ ‫اللعنات من ٍ‬ ‫حني تتدفقُ‬ ‫ُ‬ ‫ثقب ُ‬ ‫لكنه يفر ُز التما�س ُه فوقَ‬ ‫ٍ‬ ‫طاوالت مقلوب ٍة‬ ‫حيث العيونُ هناك‬ ‫ٌ‬ ‫خيوط يت�سلقها ُ‬ ‫أكل الأفكار‪.‬‬ ‫النمل ل ِ‬ ‫كانت النهاي ُة‬ ‫ُ‬ ‫غ�سيل ود ٌم قليل‬ ‫حبل ٍ‬ ‫على حذا ِء زائرنا‬ ‫بينما كان عالياً ُ‬ ‫�ضحك املارقني"‪.‬‬ ‫ن�ستطيع اليوم احلديث عن ا�شتغاالت حثيثة على �صعيد الن�ص ال�شعري ترتكز يف ال�شام‬ ‫والعراق ولبنان ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬رمبا لأن الأحداث اخلطرية جتري يف هذه الدائرة‪� ،‬أو لأن هذه‬ ‫املنطقة كانت �أ�سا�ساً معق ًال لتطوير الق�صائد واخرتاعات احلداثات الأوىل‪ ،‬لكن ما ال يختلف‬ ‫عليه �أحد هو ال�ضرورات التطويرية للق�صيدة �إىل حد العمل على ن�سف املعجم من �أ�سا�سه‬ ‫من �أجل كتابة ن�ص خارج الإطار والكادر الذي �صار مر�سوماً �سلفاً!‪ .‬التمايزات بني جغرافيا‬ ‫ال�شعراء وخ�صو�صيات التجارب خلقت نوعاً من االختالف يف اكت�شاف احللول‪ ،‬ومثلما قال‬ ‫ال�شعراء العراقيون املعروفون مبيلي�شيا الثقافة‪ ،‬ب�ضرورة الذهاب �إىل املواجهات احلتمية مع‬ ‫املوت ومنازلته يف اخرتاع التعابري وال�صور‪ ،‬ف�إن �آخرين ا�شتغلوا على املفهوم و�أ�سلوبية التعبري‬ ‫كفكرة قبل �أن تكون تقنيات يف الكتابة‪ ..‬كل هذا ي�ضع الن�ص ال�شعري �أمام احتماالت‬ ‫كثرية تختزلها مقولة �إن ن�ص التفعيلة �صار قدمياً‪ ،‬ون�ص النرث �صادر قدمياً‪ ،‬ونحن الآن �أمام‬ ‫احتماالت تقرتف كل �شيء‪ ..‬حتى ت�صل!‪.‬‬

‫‪49‬‬




3

‫ ط‬- ‫ بناية ر�سامني‬- ‫ �شارع احلمرا‬- ‫ بريوت‬- ‫لبنان‬

tel: 00961 -1 - 751 541 E-mail: info@darabaad.com website: www.darabaad.com


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫زيد قطريب‬

‫موت اللغة‪!1‬‬

‫منذ ثالث �سنوات‪ ،‬عندما انعقد اللقاء الأول من "ثالثاء �شعر"‪ ،‬كان ال�س�ؤال كبرياً حول‬ ‫م�آالت الن�ص ال�شعري لغة و�أ�سلوباً‪ .‬ماهو الن�ص الذي نريد؟ وما هي احتماالت �إجنازه على‬ ‫م�ساحات املعجم احلايل؟‪ .‬كيف ميكن �أال تت�شابه الق�صائد وتقع يف �أفخاخ احلظر واالتهام‬ ‫"النقدي" والتكفريي؟‪ .‬يف الوقت نف�سه كيف ميكن �أن تنجو الن�صو�ص من التغريب وتقليد‬ ‫الرتجمات العاملية التي راحت ت�ستلب اخل�صو�صيات املحلية؟‪.‬‬ ‫للأ�سف‪ ،‬اللغة العربية �أ�صبحت �ضيق ًة على الفكر وال�شعور‪ ،‬والبد بالتايل من تغيريها وتعديلها‬ ‫ون�سفها بع�ض الأماكن!‪ .‬تلك العملية البد �أن تتم بكثري من املكا�شفة واجلر�أة و�سيادة العقل‪،‬‬ ‫بغ�ض النظر عن عنا�صر ال�شرطة الكثريين الذين ي�ستنفرون من �أجل حماية هذه اللغة التي‬ ‫حتولت �إىل �صنم غري قادر على احلركة والإجناز‪.‬‬ ‫حتطيم املعجم �أ�صبح �ضرورة للكتابة الإبداعية يف كل �أنواع الفنون املت�صلة باللغة ولي�س على‬ ‫�صعيد ال�شعر فح�سب‪ .‬و�إذا ما حتدثنا عن الفل�سفة‪ ،‬ف�إن الفكر مل يعد ب�إمكانه القيام مبهام‬ ‫الإ�صالح الفكري ومناق�شة الق�ضايا بحرية كاملة باللغة نف�سها التي �ساهمت يف تكري�س‬ ‫ال�سطوات الكثرية على العقل وتقييده‪ ،‬فاللغة العربية اليوم جزء من كتيبة الع�س�س التي‬ ‫مي�سك �أفرادها الهراوات ويقفون على باب االنفعاالت والتفكري من �أجل �أال مير من البوابة‬ ‫�أي �أ�سلوب جديد �أو فكرة خمتلفة!‪ .‬الن�ص اجلديد يحتاج عق ًال جديداً وروحاً جديدة وهذا‬ ‫ال ميكن �أن يتم مبعزل عن معجم جديد‪.‬‬ ‫لقد و�ضع الن�ص الغيبي خامتة للغة منعت تطورها مثلما و�ضع خامتة للر�ساالت ال�سماوية‪،‬‬ ‫ولي�س بالإمكان اليوم حدوث تطورات جوهرية يف الفنون الكتابية �إال عرب ن�سف املعجم‬ ‫‪ُ - 1‬قرئت هذه املقالة النقدية يف لقاء ثالثاء �شعر بدم�شق‪ ،‬مبنا�سبة الذكرى ال�سنوية الثالثة لت�أ�سي�س اللقاء‪ ،‬ثم �أعقبها‬ ‫قراءات لن�صو�ص ت�شكل منوذجاً تطبيقياً لهذه الر�ؤيا‪.‬‬ ‫‪53‬‬


‫اللغوي و�إعادة تركيبه و�إغنائه‪ ..‬هذا التطوير والرفد ميكن �أن يتم بالعودة �إىل اللغات الأم التي‬ ‫تطورت العربية منها وهي ال�سريانية والآرامية والأوغاريتية وغريها‪ ،‬فما نقوله عن الن�سف‬ ‫والتغيري والإ�ضافات مرتبط بالعودة �إىل اجلذور من �أجل التقاط الأنفا�س وامتالك �أ�سباب‬ ‫التطور التي �ألغاها الن�ص الديني والحقاً الن�ص اال�ستبدادي‪ ،‬وحماولة االنطالق باحتماالت‬ ‫جديدة يحملها املعجم اجلديد‪ ..‬ال نقول �إن الأمر �سيتم عرب التغريب وا�سترياد الألفاظ‬ ‫الإنكليزية �أو الفرن�سية �أو حتى ا�ستخدام الكلمات العامية ومزجها بالف�صحى عندما قال‬ ‫البع�ض بلغة ثالثة‪ .‬بل �إن العودة �إىل اللحظة التي �سبقت ّ‬ ‫ت�شكل اللغة احلالية غري القادرة‬ ‫على التطور‪ ،‬ميكن �أن يعيد فتح اخليارات �أمام املعجم من �أجل متابعة النمو الطبيعي الذي‬ ‫ُقطع منذ ‪� 1400‬سنة تقريباً‪ ،‬لرنجع �إىل قاعدة تطور اللغات تاريخياً مثلما حدث يف الأكادية‬ ‫والبابلية والآ�شورية و�صو ًال �إىل �أبجدية �أوغاريت‪.‬‬ ‫تاريخياً‪ ،‬يعترب التطور يف اللغات �أمراً طبيعياً يرتبط بتطور املجتمعات‪ ،‬وكما �أ�سلفنا ف�إن اللغات‬ ‫القدمية يف �سورية الطبيعية قد خ�ضعت لهذا القانون وبالتايل مت اكت�شاف �أول �أبجدية يف‬ ‫التاريخ‪ ..‬امل�شكلة �أن هذه العملية توقفت الحقاً ب�سبب �سطوة الن�ص الغيبي الذي ح�سم‬ ‫بقطع الطريق على التطور اللغوي‪ ،‬ك�أنه بنى جداراً قوياً يف وجه اللغة من �أجل �أال تنق�ض عليه‬ ‫م�ستقب ًال عرب الإبداع والفكر الفل�سفي‪ ،‬لذلك البد من العودة خطوة �إىل الوراء من �أجل‬ ‫امتالك �أ�سباب هذا التطور قبل �أكرث من ‪� 1400‬سنة من اليوم‪� ،‬أي قبل دخول الغزوات‬ ‫الإ�سالمية �إىل منطقتنا وقيام الن�ص الديني بال�سيطرة على اللغة و�إنتاج لغة ع�صية على‬ ‫التطور‪ ،‬ومتواطئة مع هذا الن�ص بل �إنها �إحدى �أدواته يف ال�سيطرة!‪.‬‬ ‫يف الفل�سفة والفكر ال�سيا�سي والإ�صالح الثقايف واالجتماعي‪ ،‬مل يعد التطور ممكناً دون‬ ‫ن�سف املعجم اللغوي الذي تواط�أ يف جتميده الن�ص الغيبي ي�سانده يف ذلك كل عوامل‬ ‫التخلف الثقايف واالجتماعي واالقت�صادي‪ ..‬ويكفي هنا �أن ّ‬ ‫نذكر مبا فعله �شك�سبري باللغة‬ ‫الإنكليزية عندما �أ�ضاف �إليها الكثري من املفردات والتعابري وامل�صطلحات التي �أغنتها‪ ،‬فهناك‬ ‫ثالثة �آالف كلمة وعبارة جديدة وردت للمرة الأوىل يف �أعمال �شك�سبري وم�سرحية هرني‬ ‫اخلام�س مما ميكن �أن ي�شار �إليه يف هذا ال�صدد‪ ..‬ال�شك �أن تطوير اللغة يقع على عاتق املبدعني‬ ‫ب�شكل �أ�سا�سي ولي�س من م�س�ؤولية النحويني فقط‪.‬‬ ‫�أحاول هنا تقدمي مالمح مل�شروع بحثي نقدي كبري �سي�صدر يف كتاب قريباً‪ ،‬وترتكز الر�ؤيا‬ ‫على �إمكانية تطوير ن�ص يعود �إىل الوراء قلي ًال من الناحية اللغوية كي يحيي اللغات القدمية‬ ‫‪54‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫ومنها ال�سريانية والآرامية والأوغاريتية‪ ،‬فيجلب معجماً كام ًال �إىل العربية التي نتحدث بها‬ ‫الآن لي�صبح هذا املعجم م�صدراً للكتابة‪ ،‬والأمر �سيتم على خطوات وبالرتاكم من قبل كثري‬ ‫من الكتاب وامل�ؤلفني‪ ،‬فن�صل �إىل مزيج يجمع اللغات القدمية مع عربية اليوم‪ ،‬ميكن ت�سميته‬ ‫باملعجم اجلديد الذي يفلت من براثن الن�ص الغيبي الثابت وغري القادر على التطور‪� ،‬أي‬ ‫نح�صل على (معجم متحرك مقابل ن�ص غيبي ثابت ال ميكنه اللحاق به)‪ ،‬بحيث يكون من‬ ‫�أهم ميزات هذا املعجم اللغوي اجلديد‪ :‬التبدل والتغري واال�ستزادة من خزان اللغات الأ ّم‬ ‫القدمية التي تعترب من �أمهات اللغة التي نتحدث بها الآن‪ ..‬ال�شك �أن تبديل املعجم وتطويره‬ ‫على هذا النحو و�إن كان الأمر �سيتم على مراحل‪� ،‬سريبك الن�ص الغيبي الذي ي�ستخدم‬ ‫اللغة من �أجل ال�سيطرة على الذهنية واملخيلة‪ ،‬ما يعني �إتاحة الفر�صة �أمام اللغة وال�شعور‬ ‫والفكر من �أجل التطور ومواكبة الثقافات العاملية‪� ..‬إن امل�شكلة يف �أحد �أوجهها اخلطرية لغوية‬ ‫ب�سبب موت املعجم وحتوله �إىل جثة هامدة‪ ،‬ومهمة املبدعني اليوم هي �شق ع�صا الطاعة على‬ ‫كل الثقافات ال�صحراوية التي مت�سك �أهم الأ�سلحة بيديها وهي اللغة!‪.‬‬ ‫�سيقول البع�ض �إن اجلهل باللغات القدمية �سيكون عائقاً �أمام تطوير من هذا النوع‪ .‬لكن‬ ‫وجود املراجع بالإ�ضافة �إىل دورات اللغات القدمية يف معهد اللغات بجامعة دم�شق‪ ،‬ميكن‬ ‫�أن يتيح ملن يرغب اال�ستزادة واالطالع على �آفاق لغوية جديدة �أعتقد �أنه �سيفتح الآفاق‬ ‫املختلفة �أمام الن�ص ال�شعري على نحو خا�ص لأنه حمور اهتمامنا العايل‪ .‬يف الوقت نف�سه ف�إن‬ ‫ما نفعله عرب هذه اخلطوة لي�س �إال اخلطوة الأوىل التي تعلن انطالق عملية تغيري املعجم وهي‬ ‫عملية طويلة وم�ضنية ومليئة باملطبات والإ�شكاليات النقدية ورمبا االتهامات التي ال مفر من‬ ‫ا�ستيعابها �إذا �أردنا حتمل عبء تغي ٍري بهذا احلجم!‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬مازلنا ومنذ �أمد بعيد‪ ،‬نكتب غري ما نلفظ‪ ،‬وال جنر�ؤ �أن جنهر مبا ن�شعر �أو نفكر‪ ..‬وال�سبب‬ ‫يف جزء كبري منه يرتبط باللغة التي البد �أن تتحطم الآن!‪.‬‬

‫‪55‬‬


‫زيد قطريب‬

‫ُ‬ ‫الرجال ب�سرطان احلرب‬ ‫ميوت‬

‫ميوت الرجال ب�سرطان احلرب‬

‫يقبلون ن�ساءهم ثم ي�سقطون‬

‫يف م�ستنقعات الدود‬

‫يف هوة "الكيوو" اخلالد‬

‫التي ال تظهر يف ال�صور ال�شعاعية‬

‫الرثيا‪ ،‬حبات "�شومريو" فوق �صدر‬ ‫احلبيب‬ ‫يقول الأمري �صاحب العينني اخل�ضراوين‬ ‫وهو يتال�شى يف جمد "الهوم�سو"‬ ‫املناطيد‬ ‫خذينا �أيتها‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الرث‬ ‫�سنطل على العامل َّ‬ ‫من �أعايل قلوب الر�أفة!‬ ‫‪.....‬‬

‫‪56‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�رسطان احلرب‬

‫"ال�شالدو" جمهولة اال�سم‬ ‫تنتظر طوي ًال‪ ،‬يف برادات م�شفى املجتهد‬ ‫ال�شاحنات‬ ‫قبل �أن ت�شفق عليها‬ ‫ُ‬ ‫املتجه ُة �إىل املقابر اجلماعية‬ ‫�شالدو‪ :‬جثة‬ ‫***‬

‫ال �أعرف كم "�أبنو"‬

‫الكيبو‪ :‬الأمل‬

‫�سوف �أرمي يف بحرياتك ال�ساكنه‬

‫�شومريو‪� :‬أملا�س‬

‫و�أجل�س كي �أراقب الدوائر‬

‫الهوم�سو‪ :‬ملحمة‬

‫وهي تر�سم جمموعات "الليبو" املده�شة‬

‫***‬

‫فوق وجه املاء!‪.‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫�أبنو‪ :‬حجر �صغري‬

‫زيوا �أنات‪� :‬سيدة النور‬

‫ليبو‪� :‬أمواج‬

‫***‬

‫***‬

‫لي�س هناك من ندوب فوق هذا اخلراب‬

‫ذائقتي مك ّونة ب�شكل رديء‬

‫اجلثث مل�سا ٌء وموتنا ناعم دون قفازات‬

‫ف�أنا مل �أمتكن من ّمد كابالت الأفكار‬

‫�أ�شعر ب�شيخوخة احلرب‬

‫يف مدينة تقرع طبول احلرب كل حلظة‬

‫�سنقلع مثل طائرة عمالقة‬

‫رمبا كنت عمود كهرباء‬

‫مرتدين قم�صاناً حديدية كي ال ت�صاب‬ ‫قلوبنا بالنزف‬

‫وهو كان يف الأ�صل �شجرة‬ ‫�أرادوا �أن يقطعوها من غابات الثورة‬ ‫عندما قرر اجلميع التحول �إىل حطابني‬ ‫‪� ..‬أنا من رائحة �أجدادك القدماء‬ ‫هناك نق�ش على قلبي ي�ؤكد ذلك‬ ‫�إنه تاتو من �أيام �أغونو‬ ‫طبعته امر�أة على روحي‬ ‫�أنت‪ ..‬زيوا �أنات العالي ْه‪..‬‬ ‫�س�أقبلك على فمك‬ ‫كي �أ�سحب من قلبك عفريت ال�شعر‬ ‫ذلك الفانو�س الذي مت�سحينه بحب كلما‬ ‫�ضاقت الدنيا‬

‫***‬

‫�أكت�شف الآن القارة ال�سورية العجوز‬ ‫تلك القطعة النيئة من �سايك�س بيكو‬ ‫مازالت ت�صدر القتلى‬ ‫ومتتلئ بالدمامل والأ�سنان املحطمة‬ ‫�س�أذهب �إىل مانهاتن‬ ‫لأ�ضع وردة على قرب والت ويتمان‬ ‫خلف د�شم الكونكريت وعيون املقاتلني‬ ‫ينب حبي الأعزل يا والت‬ ‫مثل راية مغمو�سة بالدم!‪.‬‬ ‫***‬

‫�أغونو‪ :‬حملمة‬ ‫‪57‬‬


‫(جايو�سيليبي)‪!..‬‬

‫الفاطمية‬

‫ثالث �شعرات �سودا َء ومائله‬ ‫ُ‬

‫�إنها "روحروحي" تفتح �أذرعها الآن فوق‬ ‫موتك اجلاف‬

‫هي كل ما تبقّى من ج�سدك يف هذه‬ ‫احلرب!‪.‬‬

‫‪ ..‬يا رفيقه‪..‬‬

‫�شعرات حزين ٍة ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ونهد مقطوع‬ ‫ثالث‬ ‫ُ‬

‫جايو�سيليبي‪ِ :‬‬ ‫�سرقت قلبي‬

‫هي تركتي من كل هذا اخلراب!‪.‬‬

‫�آبيلوتو‪ :‬حزن‬

‫"�آبيلوتو" قلبي ل ِ‬ ‫أجلك �أيتها الطفلة‬

‫روحروحي‪ :‬دوائر املاء‬

‫زيد قطريب ‪ -‬مواليد ‪1968‬‬

‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫�صدر له كتاب "باركن�سون" �شعر‪2012 -‬‬‫�أنطولوجيا �شعرية �سورية مرتجمة للغة الأملانيةـ ترجمة الدكتور �سرجون كرم ‪2016‬‬‫‪58‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�سامر حممد ا�سماعيل‬

‫مقربة ال�سيارات‬

‫ال�سيارات التي جابت �شوارع امل�شرتي‬

‫تهادت عند �إ�شارة املرور الأخري‬

‫�أعطت للحديد �أبواباً ونوافذ‬

‫تداعت بج�سمها امليا�س‬

‫ال�سيارات ذاتها التي دهمت �أطفا ًال يف‬ ‫املدار‬

‫املن�صف‬ ‫على �أحجار ّ‬

‫كان زجاجها املطحون يف حادث الأم�س‬ ‫ينق ُِّب عن قتاله‬ ‫ك�أن عيونها املنزوعة‬ ‫مازالت ترى الطريق �إلينا‬ ‫تنخِّ ل �أحجاره ومنحنياته‬

‫ثم مالت خائرة القوى نحو عمود املريخ‬ ‫البارد‬ ‫***‬

‫هناك‪ ..‬وعلى وقع الأغنية‪:‬‬ ‫"ال�سيارات اجلميلة تذهب باكراً �إىل‬ ‫املقربة‬ ‫�أما القطارات البخارية‬

‫ال�سيارات امليتة‪..‬‬

‫فح�سبها بنوك العدم‪"..‬‬

‫ي�ضن عليها ب�أغنيات‬ ‫ها هي الآن بال ٍ‬ ‫قلب ّ‬ ‫الإذاعة‬

‫نبت �شجرة الع�صف امل�أكول‬ ‫ُت ُ‬

‫الإذاعة التي �سمع ْتها وهي تنحرف ي�ساراً‬

‫وتع ّر�ش ال�شاحنات ال�ضخمة على �أكتاف‬ ‫�سائقيها‬

‫ثم تهوي يف باطن اجلرف‬

‫هناك‪ ..‬تبلغ الأر�ض دورتها‬

‫ال�سيارات التي �أ�ضاعت خطوط الأفعى‬

‫ُّ‬ ‫وحتك ال�سفين ُة ظهرها من ملح البحار‬ ‫‪59‬‬


‫الذائبة‬

‫كذلك املطاط الذي كان يجاهر‬

‫متنكب ًة �أ�سطولها الورقي‬

‫مب�شيئت ِه الدورانية‬

‫مقتول ًة ب�صدمة العبث الأبله‬

‫تتف�سخ الآن �أع�ضا�ؤه املرنة‬

‫هناك‪ُ ..‬تنهي دود ُة ال�صد�أ عملها البطيء‬ ‫�أن اتركوين �أريكم عظام احلديد‬ ‫رئتيه املت�صالبتني‬ ‫�ألغازه املت�أك�سدة‬ ‫وجوعه �إىل �أوك�سجني اخلراب‪..‬‬ ‫�صغ �إىل دودة ال�صد�أ تن�سج ُعريها‬ ‫�أَ ِ‬ ‫ُ‬ ‫وتدخل يف حديقة املعادن‬ ‫كملك ٍة من كربون منقّى‬ ‫ك�سنبل ٍة ُحبلى باليورانيوم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تدخل دود ُة ال�صد�أ �شرنقتها الفُ�ضلى‬ ‫لتلقي ال�سالم على مالريا ال�شكل‬

‫ع�ضالت ُه املفتولة التي كان يغوي بها‬ ‫الإ�سفلت‬ ‫هاهو ذا ينتمي ملقربته الكربى‬ ‫مقربة الأ�شكال احللزونية حتى منتهاها‪..‬‬ ‫جحافل الأمم املطرودة من رحمة ال�سر‬ ‫الأول‪..‬‬ ‫�سبائك الن�ساء املدثّرات بالب ّلور الأعمى‬ ‫وخوذة الدجل الأمهق‬ ‫كلها تنتمي ملحياه جمدوعة الأنف‬ ‫الحظ �أي�ضاً‬ ‫رهافة امللح املتو ّرم من �أع�ضائها الغرغرينا‬ ‫املتحجر يف مقاعدها‬ ‫جزالة الدمع ّ‬ ‫املنبو�شة‬ ‫املتك�سرة‬ ‫مراياها ّ‬

‫‪60‬‬

‫هنا يذبل الفوالذ ال�شهري‬

‫رعونتها املذل َلة‬

‫كطاوو�س ُيذ َب ُح‬ ‫فيلوي رقبته‬ ‫ٍ‬

‫وكتلها املخ�ص ّية ال�شاحبة‬

‫بري�شة الكتابة‪..‬‬

‫مزالقها البا�سقة املفروطة‬


‫ابداع ونقد‬

‫كرمان ٍة يدوية‬ ‫الحظ‪ ..‬الحظ‪� ..‬أفواهها العط�شى‬

‫من ُر الإعالنات املحنط يف علبة ال�سرعة‬ ‫جلام الفهد املوثوق �إىل زيت املحرك"‬

‫�أزهارها املزروعة يف الإ�سمنت‬ ‫وقلبها املمحوق املفطور على هيكلها التائه‬

‫مقربة ال�سيارات جماعية لدرجة � َ‬ ‫أنك لن‬ ‫تعرف حقاً‬

‫�شرايينها امله ّتكة‬

‫�أقدامها من �أيديها‬

‫قطعانها املنحورة ب�أ�ضالعها الناتئة‬ ‫هب �أنها ت�سمعنا الآن‬ ‫واقرتب من �أح�ضانها املخ ّنثة‬ ‫�أ ّرخ عليها َ‬ ‫متائمك ب�شفرة ال�صبي العابث‬ ‫حتنن و�ألقِ عليها �سالم الطاغية‬

‫لن َ‬ ‫تدرك يف هذي اجلثث احلديدية‬ ‫�سوى رائحة الأمطار احلام�ضة‬ ‫وبع�ض من �شوارد الذرات ال�شاردة‬ ‫ٍ‬

‫�أجل‪ ..‬اقرتب من �شغاف �أحزانها القدمية‬

‫ها �أي�ضاً �أمثل ٌة على يناعتها‬

‫َ‬ ‫أح�شائك �أ�سماء من حتبهم‬ ‫ود ّون مبلح �‬

‫معا�صمها املقطوعة يف �أحزمة �أمانها‬

‫هنا مت ُر َ‬ ‫بك قوافل الدمع‬ ‫طرب ل�سعالها املخنوق‬ ‫فال َت ْ‬ ‫وال ت ِلن لنوازعها ال�سخ ّية‬

‫و�أظافرها املقلوعة من �أدمة كوابحها اخلائرة‬ ‫ال ميكن �أن تطل من �أغ�صانها املت�شابكة‬ ‫�إال على � ٍ‬ ‫أكتاف تعلوها �أقدام‬

‫�أفرغ َ‬ ‫النحا�سي على حرا�شف بدنها‬ ‫ماءك‬ ‫ّ‬

‫فروج‬ ‫�أو خ�صور بر�ؤو�س لها �أ�شكال ٍ‬ ‫منهوبة‬

‫"�أرقامها املل�صقة على م�ؤخرتها العامرة‬

‫تلكم مقربة ال�سيارات النهائية‬

‫َ‬ ‫مناذجك البليغة‪:‬‬ ‫هنا اكتب‬ ‫امل�صدف بجماجم‬ ‫�صندوق رحالتها ّ‬ ‫اخلفافي�ش‬

‫متحف احلداثة املنقوعة بالكربيت‬ ‫ال�صورة الأوىل لرحم الدبابة اخلرافية‬ ‫‪61‬‬


‫الدبابة التي ابتلعت �صوتنا‬ ‫ثم ده�ستنا بجنازير ُق ّدت من خاليا‬ ‫�سياراتنا‬

‫نحن امل�صطفّني �أمام �سبطانتها‬ ‫الإلكرتونية‬ ‫كي نطعمها �أخ�شاب �ضلوعنا النيئة‪..‬‬

‫�سامر حممد ا�سماعيل‬ ‫مواليد دم�شق – ‪.1977‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ �صدر له "مت� ّسول ال�ضوء" ‪ -‬من�شورات دم�شق عا�صمة للثقافة العربية‪.‬‬‫ "�أطل�س لأ�سمائكِ احل�سنى"‪ -‬دار التكوين‪ -‬دم�شق‪.‬‬‫ "الكتابة �ضد الربو�شور" كتاب نقدي م�سرحي‪ -‬دار بدايات – جبلة – �سوريا‪.‬‬‫‪62‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�أمري عدنان م�صطفى‬

‫الأحياء يكتبون بح ٍ‬ ‫رب �رسي‬

‫ال �أكتب لأتلم�س �أ�صابع النا�س‪،‬‬ ‫بل لأ�شعر �أن الرئة يف ج�سدي حية!‪.‬‬ ‫�سوري كي يحيا!‬ ‫املوت مهنة ّ‬ ‫قر�أت البارحة‪� :‬إن املوت ي�ساعد يف انت�شار‬ ‫البدانة!‪.‬‬ ‫�أظنه الدم املو�شوم باملقربة‬ ‫من كاثر اخلبز العفن يف نوتات‬ ‫البيانو‬ ‫فانهدم الوقت يف �إ�صبع العازف‬ ‫ ال داعي للحب يف جيوب �أمك‪.‬‬‫ ماذا عن البدانة؟‬‫ �أعرف �أنها بح�صة يف فمك‪.‬‬‫الكتابة من �أجل وقت مهم�ش‪ ،‬تهز �سواد‬ ‫ال�ضوء يف غرفتي‬ ‫�أكتب من �أجل �أن �أعانق الأك�سجني‬ ‫هل �أنا حي؟‬

‫ا�صطياد الطعم!‬

‫�أحف ُر ِ‬ ‫ا�سمك على طعام ال�سمك يف‬ ‫حو�ض املطبخ‪.‬‬ ‫�أمت ّرنُ على ا�صطيادك‬ ‫املاء العكر يهاجر � ِ‬ ‫إليك‬ ‫ليعود �إىل ر�شده‬ ‫عطب يف ال�سماء‬ ‫�أزو ُر معامل ال�شارع‪ٌ ،‬‬ ‫جث ٌة يف حلق الر�صيف‬ ‫� ِ‬ ‫أدجمك مع احلرب لأنظف حمى النرث‬ ‫�أقلد ويتمان يف ج ّز ر�ؤو�س اال�ستعارات‬ ‫�أين ت�شحذين نهدك؟‬ ‫�س�أدعو القتلة �إىل تدجني �سالحهم ب�صوره‬ ‫املجازر حتتاج �إىل حليب مق�شر من‬ ‫ال�سكاكني‬

‫‪63‬‬


‫البت يف �أمر البحر‬ ‫يجب ُ‬

‫ال�صباح �شيوعي!‬ ‫ُ‬ ‫نزق‪ ،‬ال ي�ضع البارفان‬ ‫وحليت ُه كثة‬ ‫كمعطف ممتلئ بفقدكِ ‪.‬‬ ‫ال�صباح ال يقر�أ املاغوط‬ ‫�إنه يكره ق�صيدة النرث ومو�سيقا اجلاز‬ ‫ال�صباح جاهل!‬ ‫امل�ساء من �أي غيم ٍة ي�سقط؟‬

‫�أمري عدنان م�صطفى ‪ -‬مواليد ‪.1991‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ الطابق الأخري لي�س �شاغراًـ �شعر‬‫‪64‬‬

‫ّميد ل�سانه‬ ‫ويزرع ع�شباً �أ�سود‬ ‫ماذا �ست�ستفيد �أيها امل�ساء؟‬ ‫هل تريد �أن ترق�ص معي؟‬ ‫و�أتدىل يف بح ٍر بال �أقدام‬ ‫�أ�سري كغيومك َ‬ ‫تفاح يتدحرج من‬ ‫� ُ‬ ‫أ�ستند �إىل ٍ‬ ‫فم احليتان!‪.‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫معاذ ودعة‬

‫�أح�صل على ما �أريد!‬

‫عند نهاية كل يوم‪،‬‬ ‫�أح�صل على ما �أريد!‪.‬‬ ‫�أحيا �أو �أموت‬ ‫�أو �أ�صرخ بوجه العامل العاهر‬ ‫�أ�سكت و�أتلقى املزيد من الوحدة‬ ‫�أفرح و�أحزن‪..‬‬ ‫�أ�ضحك و�أرمي كل ما لدي من ابت�سامات‬ ‫على جدران غرفتي الباردة‬ ‫مثل �أيد ي�ضربها الهواء‬ ‫�أو �أبكي‬ ‫فتحتفظ و�سادتي‬ ‫بال�صخرة ال�صغرية التي تتفتت يف‬ ‫ج�سدي‪..‬‬ ‫ب�صدر قا�س وكتفني باردين‬ ‫كثالجة موتى‬ ‫يتلقفني �سريري الذي‬ ‫ال يت�سع لعناق وقبلة‬

‫الفتاة التي �أحبها‬ ‫يختبئ �سرب طيور على كتفها الدافئ‬ ‫وجهها باقة من احلب‬ ‫وج�سدها حقل غيوم‬ ‫جتيد ترتيب القبل‬ ‫كما جتيد ترتيب �أغرا�ضها‬ ‫هي تعلم �أن كلمة �أو قبلة‬ ‫تكفي لقتل وحدتي‪..‬‬ ‫اقرتبي ال تخايف‬ ‫�أ�سمع �صوتك بو�ضوح �أكرث‬ ‫و�أنت تتمتمني بع�ض الأغاين‬ ‫ال�ضجة متلأ املكان‬ ‫تلك املاكينات‬ ‫تخنق �أحلانك املف�ضلة‬ ‫حني تكونني بعيدة‬ ‫�أعود لأمار�س عزلتي‬ ‫و�أنتظر‪.!..‬‬ ‫‪65‬‬


‫قلبانا حجرا �ص ّوان‬ ‫وقلبك الرطب‬ ‫عاطل عن �صنع ال�شرارات‬ ‫ك�سنجاب خب�أتني‬ ‫ل�شتاء فقري‬ ‫ن�سيت �أين دفنتني‬ ‫روحي بلوطة من�سية‪ ‬‬ ‫�أثمرت يف غيابك �أغ�صاناً و�أقالماً‪.‬‬ ‫حلقات عمري ال حت�صى‬ ‫غابات البلوط خلفك تزدهر‬ ‫�شجرها ثار على ن�سيانك‬ ‫غابات البلوط خلفك ت�شتعل‬ ‫وال �شجرة فيها �ست�ؤويك‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫قلب تيفال‬ ‫�أفرك وجنتي قلبي كفانو�س‬ ‫راحتاي ورق زجاج‬ ‫اجلني الرمادي‬ ‫و�أنت ّ‬ ‫تخرج ر�أ�سك من الأبهر‬ ‫ُ‬ ‫حف الروا�سب‬ ‫�أتابع َّ‬ ‫�أنت يف اخلارج‬ ‫أمل�س نظيف‬ ‫قلب � ُ‬ ‫�أغم�سه يف جرار الزيت الأربعني‬ ‫ينزلق كحبات الرمل بني الأ�صابع‬ ‫لي�س لأمهر الل�صو�ص �أن مي�سكه‬ ‫�أ�سد ال�شرايني بفلينة‬ ‫اجلني الرمادي م�شرد‬ ‫ُّ‬ ‫رمبا ي�ست�أجر قلباً �أ�صغر‬ ‫�أو قنينة!‪.‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�ستيفاين دالل‬

‫�شتاء �أخ�رض‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫معاذ زمريق‬

‫�أبكي لكي ال ت�شعر الغيوم بالوحدة!‬

‫�أو ُّد لو ت�سنح يل الفر�صة‬ ‫قبل �أن �أب�صق على ِ‬ ‫كتف هذه احلياة‬ ‫وقبل كل �شيء‬ ‫�أن �أقول للبحر تابع‪ ..‬تابع‬ ‫عما قريب‬ ‫�ستنالني ّ‬ ‫وللعا�صفة تعايل ن�شرب نخب �أمواجه‬ ‫الطائ�شة‬ ‫للحرب ا�ستمري ا�ستمري �أيتها امللعونة‬ ‫مل يعد ي�أبه ِ‬ ‫بك �أحد‬ ‫للأزهار موتي ِ‬ ‫بغيظك‬ ‫لقد اعتادوا بيع اجلثث امللونة‬ ‫للحدائق اهربي‪ ..‬اهربي‬ ‫لقد اعتقلوا الفرا�شات‬ ‫للع�صافري اخر�سوا �أيها احلمقى‬ ‫لقد حرقوا الأ�شجار‬ ‫لأطفال املالجئ ال تزعجوا الآلهة‬

‫ابكوا ب�صوت منخف�ض‬ ‫للم�سافات ات�سعي كما ت�شائني‬ ‫يبق يل �سوى املنايف‬ ‫مل َ‬ ‫أنت كاذب‬ ‫لزوربا � َ‬ ‫ما من � ٍ‬ ‫أحد ي�ستطيع �أن يتقي�أ الوطن‬ ‫ال�سرتجون وفالدميري‬ ‫جودو‪ ..‬لن ي�أتي يا رفاق‬ ‫للكوابي�س للأنبياء العبوا خارج الر�ؤو�س‬ ‫للعزلة هل � ِأنت �سعيد ٌة بهذه الق�صائد؟!‬ ‫للموت اقرتب �أيها اجلبان‬ ‫للخوف �أيها الأبله ماذا تظن؟‬ ‫�أنا �أبكي لكي ال ت�شعر الغيوم بالوحدة!‬ ‫�أو ُّد لو �أقول للحب يا رجل‪..‬‬ ‫قلت � َ‬ ‫أنك ح�صانٌ مقطوع‬ ‫ابت�سم حني ُ‬ ‫الر�أ�س‬ ‫كنت �أمزح �أنا ولدك الط ّيع‬ ‫‪67‬‬


‫َمل رميتني خارج م�سرحك كقبلة‬ ‫معطوبة؟!‬ ‫وبعد �أن �أطبع دموعي‬ ‫التي ت�شبه دخان القطارات على جبني‬ ‫العامل‬ ‫�أو ُّد لو �أهم�س يف جوفه‬

‫يلتفت مييناً وي�ساراً‬ ‫يا �صديقي �أنا الذي ُ‬ ‫ثم ينظر جيداً قبل �أن يعرب �شوارعك‬ ‫املاكرة‬ ‫فلماذا تده�سني االنك�سارات كحبات‬ ‫اجلوز؟!‪.‬‬

‫معاذ زمريق – مواليد دم�شق ‪.1991‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫كتاب "كري�ستال طائ�ش" مع جمموعة من ثالثاء �شعر ‪ -‬دم�شق ‪.2013‬‬ ‫‪68‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�أحمد �سبيناتي‬

‫حماولة ٍ‬ ‫حب المر� ٍأة من العدم‬

‫�أحاول �أحاول �أن � ِ‬ ‫أحبك‬ ‫حتت ر�صا�ص الإرهاب‬ ‫�أن �أقتحم قلبك‬ ‫دون موعد م�سبق‬ ‫ودون بعثات دبلوما�سية‪.‬‬ ‫�أحاول الت�شبث فيك‬ ‫مثلما يت�شبث قرد بغ�صن �شجرة‬ ‫�أو مثلما يت�شبث قمر يف �سماء‬ ‫�أحاول الإبحار يف رمل عينيك حايف‬ ‫القدمني‬ ‫والت�أرجح على الأهداب الذهبية‬ ‫ّ‬ ‫وفك جدائل من �شع ٍر غجري طويل‬ ‫كيف ميكنني النجاة من خ�صرك‬ ‫ال�سادي؟‬ ‫كيف �أجتنب االحرتاق بجمر حلمات‬ ‫حتيلني رماداً‬ ‫�شاعراً‪ -‬طف ًال؟‬

‫�أحاول �أن �أحبك‬ ‫فوق �أي اعتبار‬ ‫ودون �أي فيتو‬ ‫دون �أي قواعد �أو د�ساتري‬ ‫ف�أنا �أكره احلب مكب ًال‬ ‫ب�سال�سل الأنظمة‬ ‫و�أكرهك حينما تربطني احلب‬ ‫بالعمر وال�شكل‬ ‫واالجتاه ال�سيا�سي‬ ‫مابني م�ؤيد ومعار�ض‬ ‫و�أحبك عندما تفتحني للحب ذراعيك‬ ‫ليتحرر ويتح�ضر‬ ‫� ُ‬ ‫أحاول �إنقاذ نرج�سيتي من وباء التوا�ضع‬ ‫اكت�شاف رموز اجل�سد الأنثوي‬ ‫َ‬ ‫وحتليل نظريات فرويد‬ ‫مابني اجلزء ال�سفلي واجلزء العلوي‬ ‫‪69‬‬


‫�أحاول التوحد يف الهواء‬ ‫والتحول �إىل غيمة‬ ‫ثم �إىل قطرة‬ ‫ثم �إىل بركة‬ ‫�أفكر �أن �أفي�ض على العامل‬ ‫ف�أبتلع كل اخلارجني عن احلب‬

‫وكل العا�شقني الفا�شلني‬ ‫�أحاول‬ ‫رمي ذكرياتي يف جعبة ال�شيطان‬ ‫ثم �أ�ضع ر�أ�سي على �صدر املوت‬ ‫لكي �أن�سى ّ‬ ‫عل الن�سيان ي�شفيني!‬

‫�أحمد �سبيناتي ‪ -‬مواليد ‪.1992‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ كتاب (كري�ستال طائ�ش) مع جمموعة من ثالثاء �شعر‪.2013 -‬‬‫‪70‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�أحمد ودعة‬

‫كر�سي ب�ساق مك�سورة!‬ ‫ّ‬

‫�أعطوين غرفة �صغرية‬ ‫وكر�سياً ب�ساق مك�سورة‬ ‫لأعطيه �ساقي و�أكتب لكم عن احلب‪!..‬‬ ‫�أعطوين حبيبة ال جتيد فك �أزرار الليل‬ ‫لأعطيها ُقبلتي و�أكتب لكم عن‬ ‫الوحدة‪!..‬‬ ‫بباب مفتوح‬ ‫�أعطوين قف�صاً ٍ‬ ‫لأ�صفعه و�أكتب لكم عن احلر َّية‪!..‬‬ ‫�أعطوين خامت خطبة ل�شاب وجد على‬ ‫ال�شاطئ‬ ‫لأحفر له قرباً و�أكتب لكم عن النجاة‪!..‬‬ ‫ال �أريد غرفة وكر�سياً معطوباً‬ ‫ولن �أكتب لكم عن احلب‬

‫وعن احلبيبة التي ال جتيد ترتيب ال�سرير‬ ‫لن �أكتب عن احلرية التي تكذب طوال‬ ‫الوقت‬ ‫وال عن البحر �آكل حلوم الب�شر‪،‬‬ ‫�أعطوين بنادقكم وحبال امل�شانق‬ ‫أراجيح‬ ‫لأجعل منها � َ‬ ‫و�أكتب لكم عن الفرح‬ ‫�أعطوين �شتائمكم‪،‬‬ ‫لكماتكم و�أ�صواتكم العالية‬ ‫�أعطوين ر�صا�صاتكم‬ ‫لأملأها بالرتاب والورود‬ ‫و�أكتب لكم عن احلياة‪!..‬‬

‫�أحمد ودعة ‪ -‬مواليد ‪.1990‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫كتاب "كري�ستال طائ�ش" مع جمموعة من �شعراء ثالثاء �شعر ‪ -‬دم�شق ‪.2013‬‬ ‫‪71‬‬


‫ينبت على راحتيها‬ ‫�شب �أنْ َ‬ ‫كا َد ال ّع ُ‬ ‫�أنظ ُر �إىل �أ�صابع يدها اخلاوية‬ ‫وحر�ص على بطاق ٍة‬ ‫� اّإل من قطع ٍة نقد ّية ٍ‬ ‫�شخ�ص ّية‬ ‫خُ ّيل يل � ّْأن‬ ‫جمال�س العزا ِء‬ ‫َ‬ ‫�سبق و�ش ّي َد ْت يف قع ِر نحيبِها‬ ‫ْقد َ‬ ‫القاحل‬ ‫عيناي على ثغرِها‬ ‫ِ‬ ‫وقعت َ‬ ‫�إىل �أنْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫يتمزق من تخم ِة ال�شّ قا ِء‬ ‫ورمبا عط�شاً للقبلة‬ ‫ال � ُ‬ ‫فاح العايل‬ ‫أملك ذاك ال ّت َ‬ ‫أحمل ح ّتى ر� َأ�س تلك ّ‬ ‫ل َ‬ ‫الطفل ِة‬ ‫فاح املط ّرز‬ ‫�سياج ال ّت ِ‬ ‫امللقى على ِ‬ ‫ِ‬ ‫بقذارات املدينة‬ ‫و�شتائم املا ّرة‬ ‫ِ‬ ‫يف ِ‬ ‫عيد مولدي‬ ‫ال � ُ‬ ‫أملك َ‬ ‫جمال الفقرا ِء ياحبيبي‬ ‫كا َد َ‬ ‫راحتي‬ ‫وجهك �أنْ َ‬ ‫ينبت على ّ‬ ‫‪72‬‬

‫أ�صابع يدي اخلاوية‬ ‫�أنظ ُر �إىل � ِ‬ ‫� اّإل من ٍ‬ ‫�شغف متهو ٍر ومزاج ّي ٍة حمقاء‬ ‫� اّإل من ِ‬ ‫�صوت فريوز وكون�شرتو الكمنجة‬ ‫أحالم غاز ّية‬ ‫� اّإل منك � اّإل من حفنة � ٍ‬ ‫مثلث بريمودا جائع‬ ‫يف مدينتنا ُ‬ ‫وقت لنا لن� َ‬ ‫الده�شة‬ ‫أخذ ق�سطاً من ّ‬ ‫فال َ‬ ‫فقدت فعاليتها‬ ‫ُ‬ ‫الطائرات الورق ّي ُة ْ‬ ‫يع ُرب ال ُ‬ ‫أطفال مثقل َني باخلفّة‬ ‫ترتديهم بقايا املعادنِ املك�سورة‬ ‫فف بحر ّية‬ ‫اليبتل ُع بريمودا � اّإل من خُ َ‬ ‫القذيفة‬ ‫وزجهم يف ُ�سرر‬ ‫ُ‬ ‫يحب احت�سا َء الأطفالِ ّ‬ ‫الوردي‬ ‫الربتقال‬ ‫ّ‬ ‫ليت�ساقط الع�ص ُري بغزارة‬ ‫احلب بغزارة‬ ‫ُ‬ ‫املدنُ بغزارة‬ ‫الأ�صدقا ُء بغزارة‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫مرح �إ�سماعيل‬

‫ال �أملك التفاح العايل‬


‫ابداع ونقد‬

‫�صديق �إىل ِ‬ ‫مثلث بريمودا �آخر‬ ‫أر�شدين ٌ‬ ‫� َ‬ ‫فف بحر ّية الق�صيد ِة‬ ‫اليبتل ُع � اّإل من خُ َ‬ ‫احلديثة‬ ‫يف ِ‬ ‫عيد مولدي ياحبيبي‬ ‫أمللم �أ�صابعي‬ ‫� ُ‬ ‫�أطويها َ‬ ‫عليك على �أحالمي‬ ‫أخاف عليكم من ال ّر�صا�ص ّ‬ ‫� ُ‬ ‫الطائ�ش‬ ‫� ُ‬ ‫أخاف اختياركم م�صادف ًة كقراب َني‬ ‫لإل ِه الثّورة املُحدث‬ ‫دونَ �إل ِه املح ّبة الواحد!‬ ‫وتفتح َ‬ ‫تلك العجو ُز �أ�صابعها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تفر�ش تربتها‬ ‫للأفقِ‬ ‫للغربا ِء‬

‫للأطفالِ‬ ‫للطعام‬ ‫ِ‬ ‫للجنو ِد‬ ‫تبع ُرث ال�شّ قاء‬ ‫للآلهة‬ ‫للر�سل‬ ‫ِ‬ ‫ال�سماو ّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫للكتب ّ‬ ‫ِ‬ ‫مللك ِ‬ ‫املوت‬ ‫بعيداً عن َم ِ‬ ‫لك املدينة‬ ‫يف عيد مولدي‬ ‫ال � ُ‬ ‫أملك �شجاع َة الفقراء ياحبيبي‬ ‫مت الإر�سال من الهاتف املحمول‬

‫‪73‬‬


‫أبحث عن قلبي يف مقربة جماع ّية‬ ‫� ُ‬ ‫�أدفن ّ‬ ‫كل الأ�صابع املك�س ّوة بالوبر‪،‬‬ ‫�شواهد من قمح خلفي‪..‬‬ ‫و�أترك‬ ‫َ‬ ‫كيف �أجد قلبي قبل عودة القتلة؟‬ ‫لوال �صوتي الذي ي�شبه الريح‪،‬‬ ‫لكانوا اكت�شفوا عويلي على �شعبي‬ ‫ولكانوا غرزوا �أنفي يف قلب �شيخ‪..‬‬ ‫لوال �أن �صوتي يبدو حقيقياً‬ ‫يفت�ش يف مقربة‬ ‫حني ُ‬ ‫عن قطعة حلم‪،‬‬ ‫عظمة‪،‬‬ ‫عني مازال لها ماي�شبه احلياة‪..‬‬ ‫�أو ٍ‬ ‫� َ‬ ‫أحببتك مرتني‬ ‫مرة قبل احلرب‪،‬‬ ‫أ�ضعت قلبي يف املقربة‬ ‫ومرة حني � ُ‬ ‫اجلماع ّية‪..‬‬ ‫يف ّ‬ ‫كل مرة كان يبدو �أننا �سرنحل‪،‬‬ ‫‪74‬‬

‫غريبني‪،‬‬ ‫كع�شبة تتغذى قرب جثة‪،‬‬ ‫كجذع �شجرة متعفن ت�سكنه احل�شرات‪،‬‬ ‫كنا ّ‬ ‫كل �شيء‬ ‫ك ّنا احلرب يف جماعنا‪،‬‬ ‫والغربة يف �شهقاتنا‬ ‫ك ّنا وا�ضحني كعني ه ٍّر‬ ‫قبيحني كدقيقة �صمت على روح اهلل‬ ‫بتولني كحرا�س الهياكل‬ ‫وجن�سني ك�أرواح ال�شياطني‬ ‫ك ّنا جديرين ّ‬ ‫بكل الأمم دفعة واحدة‪،‬‬ ‫بكل الأكاذيب‪،‬‬ ‫الأحالم‪،‬‬ ‫الهاويات‪،‬‬ ‫واملجاعات‪..‬‬ ‫ماكان م�ؤملاً �أننا ك ّنا حقيقيني‪،‬‬ ‫كتوءم‪،‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫مناهل ال�سهوي‬

‫جماعية"‬ ‫" مقرب ٌة‬ ‫ّ‬


‫ابداع ونقد‬

‫كحقل كرز‪،‬‬

‫برجاً مقد�ساً‪،‬‬

‫كبذرة نقية‪،‬‬

‫وح�شرجة مقاتل �أخري‪..‬‬ ‫ح ّباً يبدو لوهلة ك�صوت الريح‬

‫كيف �أنتهي من جمزرة تركت ح ّباً خلفها!‬ ‫ح ّباً يبدو ندبة‬

‫تبحث عن قلبها يف مقربة جماعية‪...‬‬

‫مناهل ال�سهوي ‪ -‬مواليد ‪.1991‬‬ ‫م�ؤلفاتها‪:‬‬ ‫�صدر لها كتاب م�شرتك مع ال�شاعر �أحمد كرحوت عن لقاء ثالثاء �شعر بعنوان‬ ‫(قاع النهر لي�س رطباً) ‪ -‬دم�شق ‪ 2015‬ـ دار �سرجون للن�شر والثقافة والفنون‪.‬‬ ‫‪75‬‬


‫عبد الرحمن جنمة‬ ‫�إ ّنها الثّالثة � اّإل ربع‪ ..‬ظهراً‬ ‫�أ ّمي حت ّرك الأ�شياء بنزقِ �شديد‬ ‫دون �أن تعري �أي انتبا ِه‪ ‬‬ ‫لعرقِ املالئكة الذي ميلأ وجهها‬ ‫�إ ّنها الأمومة القاتلة‪ ‬‬ ‫التي جتعلها تتق ّبل ّ‬ ‫كل �شيء‬ ‫ِ‬ ‫ب�صمت خميف‪..‬‬ ‫�سني حياته‬ ‫�أبي‪ ..‬ير ّتب ّ‬ ‫كعلب �سجائر فارغة فوق بع�ضها البع�ض‬ ‫ّثم ب�إ�صبع واحدة يكت�شف‬ ‫كيف ي�سقط هرم العمر‬ ‫كالهما ال يكرتث‪ ‬‬ ‫كالهما ي�سقط يف ال ّنهاية‬ ‫كجثّة هامدة‪ ‬‬ ‫يف عني الآخر‪...‬‬ ‫�إ ّنه احلب الذي يقطر كعرق املالئكة‪ ‬‬ ‫طوال خم�سني عاماً‬ ‫‪76‬‬

‫رغم مك ّعبات الثّلج املبعرثة‪ ‬‬ ‫يف كل مكان‪ ‬‬ ‫ال�سرير‬ ‫يف الثّالجة‪ ...‬على ّ‬ ‫على ّ‬ ‫الطاولة‪ ....‬يف علب �سجائر �أبي‬ ‫حتت جلد �أ ّمي ويف قلبها‬ ‫�إ ّنها الثّالثة � اّإل ربع ظهراً‬ ‫�أنتظر من يدفن ِني‬ ‫َثم �أعدل عن الأمر‬ ‫حني � ّأفكر بال�شّ م�س التي تغلي‬ ‫يف املقربة‬ ‫ّثم �أتخ ّي ُل‬ ‫وج َهك يف البانيو‬ ‫ليلة البارحة‪ ‬‬ ‫وجهك الذي يقطر منه عرق املالئكة‪ ‬‬ ‫ْومكعبات الثّلج التي‬ ‫ّ‬ ‫تغطي ج�سده‬ ‫�إ ّنه احلب‪ ‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�إنها الثالثة �إال ربع!‬


‫ابداع ونقد‬

‫يف الثّالثة � اّإل ربع‪ ..‬ظهراً‬ ‫***‬

‫على القاتل الذي �سيقطع ر�أ�سي يوماً ما‬ ‫بكامل جربوته‬ ‫ويع ّلقه من رقبتي‬ ‫�أن يعرف ج ّيداً اّ‬ ‫كفل ٍح عتيق‬ ‫كيف ينظر �إىل ابنه العنقود‬ ‫َ‬ ‫ال�سماء‬ ‫وهو ين�ضح وحيداً هناك حتت ّ‬ ‫�سي�شق �صدري كج ّزا ٍر‬ ‫على القاتل الذي‬ ‫ّ‬ ‫مبتدئ‬ ‫ولعاب غزير ي�سيل من عينيه‬ ‫�أن يعرف ج ّيداً ك�صانع ٍ‬ ‫نبيذ ماهر‬ ‫تتخم ُر رئتاي‬ ‫كيف ّ‬ ‫حتت �شم�س ال ّرب‬ ‫َ‬ ‫ي�شرب ليد َرك للم ّرة الأوىل ما معنى‬ ‫�أن َ‬ ‫�أن َ‬ ‫حتمل دماً دافئاً يف ِ‬ ‫ج�سدك‬ ‫على القاتل الذي �سيقلب جثّتي ‪-‬يف‬ ‫نهاية الأمر‪ -‬على ن�ص ِلها‬ ‫يف�سح مكاناً يف مقربته اجلماع ّية جلثّة‬ ‫كي َ‬ ‫�أخرى‬ ‫عليه �أن يعرف ج ّيداً‬ ‫ٍ‬ ‫كعازف حمرتف‬ ‫كيف ُيرفَع الغطاء عن مفاتيح بيانو‬

‫"غراند" قبل العزف‪..‬‬ ‫ولأنّ القاتل‬ ‫ال ميكن �أن يكونَ يوماً ما‬ ‫فالحاً عتيقاً‬ ‫�أو �صانع ٍ‬ ‫نبيذ ماهراً‬ ‫�أو عازف بيانو حمرتفاً‬ ‫عليه‪ ..‬عليه �أن يرتكني وحيداً‬ ‫�أ�شتم القتلة‬ ‫ك ّلما �سعلت احلرب‬ ‫و�أن مي�ضي هو الآخر‪ ..‬بعيداً‬ ‫ير ّبي دمه البارد‬ ‫ثلج‬ ‫كذئاب ٍ‬ ‫تعوي با�ستمرار‪....‬‬ ‫***‬

‫ح َني مت ّر احلرب من �أ�سفل ال ّنافذة‬ ‫ترك�ض �أ ّمي �إىل حبل الغ�سيل‬ ‫تلم وجوهنا و�أيدينا و�أعناقنا املع ّلقة‬ ‫ّ‬ ‫خوفاً من �شظايا مطر احلرب ّ‬ ‫الطائ�ش‬ ‫�أ ّما �أبي‪ ..‬يرمي لها علبة �سجائر‪ ‬‬ ‫ع ّلها تن�سى قلي ًال‬ ‫ال�صغري‬ ‫�أخي ّ‬ ‫يفتح باب البيت‪ ..‬ويخرج �إليها‬ ‫‪77‬‬


‫بحذاء جديد‬ ‫خلف وجوه �أ�صدقائه ال ّزرقاء‬ ‫مي�شي َ‬ ‫وهو ينده لهم "انتظروين"‬ ‫�أ ّما �أنا‪...‬‬ ‫خلف الباب‬ ‫�أجل�س بخوف َ‬ ‫�أتع ّرق كقمي�ص رطب‬ ‫ما زال يف ح�ضن �أ ّمي‪ ‬‬

‫‪78‬‬

‫ال�سالمل‬ ‫و�أنا �أ�سمع �صوت �أقدامها على ّ‬ ‫ويدها التي تقرتب كي تدقّ الباب‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫كل ليلة‪ ..‬مت ّر احلرب‬ ‫من �أ�سفل ال ّنافذة‬ ‫وترتكنا وحيدين‪..‬‬ ‫ن�ضم ما تبقّى م ّنا على قيد احلياة‬ ‫ّ‬ ‫بذع ٍر �شديد‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫هذا القرب كبري جداً‬

‫�أحمد كرحوت‬

‫هذا القرب الكبري جداً بحجم وطن بد�أ‬ ‫ي�ضيق يا �أماه‬ ‫كل �شيء حويل يدعو للموت‬ ‫�أخرِجوين من هنا‪ ‬‬ ‫ع ِّلقوين مبر�ساة �أية �سفينة �إن �شئتم‬ ‫لكن ال ترموا الرتاب الرمادي �إىل عيني‬ ‫وهي مفتوحة‪،‬‬ ‫اع�صبوها ببع�ض الورق املهرتئ!‪.‬‬ ‫***‬

‫�أحب الألوان جداً بقدر كرهي للبحر‬ ‫�أحب اخل�شب بقدر كرهي للتوابيت‬ ‫خذوين من يدي ف�أنا طفل حديث‬ ‫الوالدة‬ ‫احلرب خلقتني بطريقة �أخرى‬ ‫طفل يخاف البالونات ويرق�ص ل�صوت‬ ‫امل�سد�سات وال�صواريخ‬ ‫�أنا جمموعة ميكروبات مرتا�صة ب�شكل‬

‫ح�شرة �ضخمة جداً‬ ‫***‬

‫فقط لو �أن اهلل خريين قبل اخللق‬ ‫والتكوين‪ ‬‬ ‫الخرتت �أن �أكون �شجرة وارفة الظالل‪ ‬‬ ‫ي�ستظل املهاجرون بظلي يف غابات �أوروبا‬ ‫�أو لكنت لوح زجاج مطلي بالق�صدير‬ ‫معلق فوق الغيوم‪ ‬‬ ‫لريى النا�س كم ر ّباً ي�سكن ال�سماء‪ ‬‬ ‫وكم ر ّباً م�سفوك دمه على الأر�ض‪!.‬‬ ‫***‬

‫يل رغبة ب�أن �أرك�ض بعيداً‪ ‬‬ ‫و�أ�صرخ عالياً حتى تخرج احلبال الواهنة‬ ‫من حنجرتي‬ ‫�أن �أ�ضع املحيط يف رئتي ع ّلني �أنقذ بقايا‬ ‫اجلثث النائمة‪ ‬‬ ‫�أن �أخرج من اخلرائط املر�سومة بالدماء‪ ‬‬ ‫‪79‬‬


‫يل رغبة �أن �أبتاع كل ما بقي من ورود يف‬ ‫�سالل الباعة املتجولني‬ ‫�أوزعها بالت�ساوي على �أ�صدقاء مل يبق من‬ ‫ذكرهم �سوى �أ�سمائهم‬ ‫�أن �ألتقط �صورة �سيلفي �أخرية‪ ‬‬ ‫مع جميع �أ�صدقائي االفرتا�ضيني‬ ‫قبل �أن �أنفجر وتخرج الأ�سماك من فمي‬ ‫عيني الفارغتني‪ ‬‬ ‫وحماجر ّ‬

‫�أن �أحمل حديقة على ظهري‪ ‬‬ ‫مبقاعدها وطيورها اجلائعة و�أ�شجارها‬ ‫الياب�سة‪ ‬‬ ‫�أن �أرق�ص فوق حبل دقيق معلق بغيمة‬ ‫ماطرة‬ ‫و�أظل �أرق�ص حتى بعد �أن تبرت الو ّالدة‬ ‫حبلي ال�سري‪...‬‬

‫�أحمد كرحوت‪ ،‬مواليد دم�شق – ‪.1990‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ �صدر له كتاب (قاع النهر لي�س رطباً) باال�شرتاك مع مناهل ال�سهوي‬‫�ضمن �سل�سلة ثالثاء �شعر ‪ 2014‬دم�شق‪.‬‬ ‫‪80‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫جوزف حداد‬

‫ترجمة حالة نادرة‬

‫يا حبيبتي احللوة‬ ‫ال تطلبي مني �أن �أكون المعاً كالنجوم‬ ‫و�أنا املنفي ك�أيقون ٍة من التاتو‬ ‫عند �أعلى م�ؤخرة ح�سناء!‪.‬‬ ‫ال تقويل‪ :‬كن رزيناً كال�سا�سة واحلكام‬ ‫لأنني فو�ضوي ك�أعقاب ال�سجائر‬ ‫من ال�صعب فع ًال �أن �أكون لطيفاً‬ ‫كموظفي اال�ستقبال‬ ‫ُ‬ ‫ف�أنا نَزقٌ مثل رجال الأمن‬ ‫فال تطلبي مني �أن �أكون م�سلياً‬ ‫ك�أبطال الكوميديا‬

‫لأنني رمبا جمرد دائرة فارهة على خط‬ ‫متا�س‪..‬‬ ‫�أو فوه ًة ملدفع طويل خمت�ص بقتل‬ ‫احلب!‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ال تتعحبي �إن امتنعت عن تقبيلك‬ ‫لأنني �أخجل من �أن تالم�سي‬ ‫اخل�شونة القابعة يف وجهي كالإ�سفلت‬ ‫وال �إن قلت لك �إنني بجوارك‬ ‫�أ�شعر ك�أين منطاد �ضخم يده�ش اجلميع‬ ‫ومبجرد ابتعادك عني لعدة �أمتار‬ ‫�أ�صبح كي�ساً من النايلون الأ�سود‬

‫لأنني مملّ ك�إ�شارات املرور!‪.‬‬

‫ي�سبح يف ال�سماء وال يده�ش �إال‬ ‫احلمقى‬

‫وال ت�س�أليني من �أنت يف هذه احلرب؟‬

‫وال ت�ستخفي �إن حدثتك مطو ًال عن‬ ‫‪81‬‬


‫االنتحار‬

‫�أرجوك �أن ت�صفعي العا َ‬ ‫مل بجر�أة‬

‫لأنني �أزحف �إليه ببطء‬

‫�سوف نلتقي عند املجزره!‪.‬‬

‫كما يزحف عرق اجلبني نحو الهاوية!‪.‬‬

‫جوزف حداد‬ ‫مواليد دم�شق ‪.1993‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ �صدر له �ضمن �سل�سلة ثالثاء �شعر كتاب "كري�ستال طائ�ش" عام ‪2013‬‬‫مع �أربعة �شعراء‪.‬‬ ‫‪82‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫الفنان الت�شكيلي نبيل ال�سمان يف مكا�شفات حول احلركة الت�شكيلية ال�سورية‪:‬‬

‫اللوحة منا�سبة للتثاقف بني الإجناز واملتلقي‬

‫خا�ص‪ -‬حتوالت م�شرقية‬

‫هو من القالئل الذين متكنوا من �صياغة خ�صو�صية نادرة يف اللوحة والتجربة الفنية ككل‪،‬‬ ‫تلك اخل�صو�صية التي ميكن ت�سميتها بالفرادة‪ ،‬رمبا ال تعود فقط �إىل الر�ؤى الإبداعية وكيفية‬ ‫ال�سمان يل ّونها كلما ر�سم‬ ‫خلقه للعامل املوازي‪ ،‬بل �أي�ضاً �إىل الأفكار الفل�سفية التي يكاد ّ‬ ‫احللم ال�سوري ب�أ�ساطريه ومقارباته الذهنية الأوىل تاريخياً للفن واحلياة والكون‪� ،‬أ�سلوبية‬ ‫اخت�ص بها الفنان عندما عاد ليكت�شف تلك اجلب ّلة املعجونة منذ �أن ر�سم �إن�سان هذه الأر�ض‬ ‫ّ‬ ‫الأول على جدران الكهوف �إىل اللحظة التي نحت فيها امللكة زنوبيا على الأوابد ال�شاهقة‪..‬‬ ‫ينابيع كثرية ميتح منها نبيل ال�سمان‪ ،‬فهو �صاحب م�شروع وا�ضح املعامل واملرتكزات ميكنه‬ ‫�أن يحكيه قبل �أن ير�سمه �أو قبل �أن تداهمه الألوان يف مر�سمه النائي والهادئ يف قبو على‬ ‫�أطراف حي التجارة بدم�شق‪ ..‬جتربة ت�ستحق النظر ملا فيها من احتماالت و�آراء مغايرة للعفوية‬ ‫�أو االنفعالية التي ت�سم عادة �أعمال الفنانني‪ ..‬هنا حوار لتحوالت م�شرقية مع ال�سمان يف‬ ‫مكا�شفات حول الفن وا�ستيقاظ الأ�سئلة الإبداعية فيما يجري من حرب‪:‬‬

‫‪83‬‬


‫كيف يبدو الت�شكيل عند ال�سوريني‪ ،‬وهم �أول من اكت�شف الأعمال الفنية الأوىل‬ ‫تاريخياً‪ ،‬على م�ستوى ما فعله الأجداد يف �أعمال �شهرية مثل ع�شتار وجلجام�ش‬ ‫وغريهم؟‬

‫■ يف مقاربة تاريخية لتطور العقل الب�شري يف امل�شرق (الرافدين‪ -‬بالد ال�شام) بداي ًة‬ ‫باال�ستقرار‪ ،‬مروراً بثقافة البيت الأول‪ ..‬التدجني‪ ..‬املحراث‪ ..‬الأبجدية والنظم الريا�ضية‬ ‫والفلك‪� ،‬إىل �أن ن�صل �إىل الق�صة الأوىل للخلق (الإينوما �إيلي�ش) بن�سخها املتعددة من‬ ‫�سومري وبابلي‪ ،‬حيث ك ّرت �سبحة الق�ص�ص الأ�سطورية مع اخرتاع الآلهة الأنثى‪ :‬ع�شتار‪-‬‬ ‫متوز‪� ،‬إنانا‪ -‬دموزي‪ ،‬وتف�سري اخل�صب على �أنه دورة احلياة يف املوت وجتدد احلياة‪� ،‬إنها ق�صة‬ ‫طويلة لتطور العقل الب�شري الذي ظل عرب ال�سنني يف�سر ويربر وجود الإن�سان امل�ؤقت ورحيله‬ ‫الفاجعي يف ق�صة جلجام�ش (الربع �إله) وبحثه عن ع�شبة اخللود‪.‬‬ ‫ترافقت كل هذه الق�ص�ص مع وجود الأثر الذي ي�ضيء على خارطة التطور للإن�سان‪ ،‬ومن ثم‬ ‫انتقال تلك املنجزات لأماكن �أخرى وظهورها ب�أ�شكال �أخرى‪..‬‬ ‫�إن فهم ما جرى بحاجة �إىل رو ّية‪ ،‬وتظل امل�س�ألة حتمل بعداً يتعلق بالهوية‪ ،‬ما جرى عرب ذلك‬ ‫الت�سل�سل‪ ،‬وذلك لي�س باملعنى املا�ضوي (ال�شوفيني)‪� ،‬إمنا ل�صالح توا�ضع العقل الب�شري‬ ‫حتى ن�صل ما انقطع من التطور‪ ..‬الآرامية ووريثتها ال�سريانية مبعنى تطور اللغة وا�شتقاقاتها‪..‬‬ ‫واجهة ق�صر ع�شتار بالآجر املزجج وامللون‪ ..‬عمارة‪ ،‬زيقورات ب�شكل هرمي ملعبد يقرتب من‬ ‫ال�سماء‪ ،‬حدائق بابل املعلقة‪ ،‬الأختام الأ�سطوانية ك�أقدم ختم يقدم هوية وم�س�ؤولية الإن�سان‬ ‫عن وثيقة حمفورة على لوح طيني‪ ،‬م�شاهد ال�صيد‪ ،‬م�شاهد تقدمي القرابني‪ ،‬املو�سيقا والآالت‬ ‫الإيقاعية‪� ،‬إىل القيثارة و�أ�شكالها املتعددة ووجود الفرق املو�سيقية الدينية والدنيوية �أي‬ ‫ال�شعبية‪ ،‬الأ�سطورة وتف�سري الوجود ملحمياً‪.‬‬ ‫ي�ستفزك اليوم حتطيم و�سرقة املنجز احل�ضاري‪ ،‬وذلك مبعنى حمو الذاكرة اجلمعية التي تعطي‬ ‫ومتيز �أي �شعب‪ ،‬وباملعنى العوملي حتويل املجتمعات �إىل جمتمعات ح�شرات و�أرقام دون هوية‬ ‫�أو مرجعية‪.‬‬ ‫نظرياً‪ ،‬كيف ميكن �أن نواكب احلداثة ويف الوقت نف�سه ال ننقطع عن اجلذور‪� ،‬أو ال‬ ‫نقلد الآخر بالأحرى‪.‬‬ ‫هل ا�ستطاع الفنان ال�سوري حتقيق هذه املعادلة؟‬

‫■ عمر الفن الت�شكيلي يف �سورية مئة عام �أو �أكرث‪ ،‬ومل مير بالت�سل�سل الذي مرت به الفنون‬ ‫‪84‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫كمدار�س فنية يف �أوروبا‪.‬‬ ‫وهذا ال يقلل من اجلهود الفكرية واحلرفية التي قدمها ه�ؤالء الفنانون‪ ،‬ففي �أوروبا كانت‬ ‫البداية من الكني�سة والأيقونة‪ ،‬وكان فن البالط �أي الأمراء والنبالء‪ ،‬وكل ذلك كان مرافقاً‬ ‫ملراحل ا�ستعمارية مار�ستها �شعوب تلك املناطق‪.‬‬ ‫وكان للفن دور ت�سجيلي‪ ،‬فال نن�سى (دافيد) ولوحاته التي وثقت حلمالت نابليون يف �أماكن‬ ‫متعددة (رو�سيا‪ ،‬م�صر‪ ،‬ح�صار عكا)‪.‬‬ ‫�أما يف امل�شرق فهناك (فال�شات) ت�ستوقفنا كمرجعية‪ .‬مثل تدمر‪ ،‬تلك املدينة الواحة التي‬ ‫ت�ألقت عمار ًة ونحتاً ولوحات "فري�سك" اجلدارية امللونة والف�سيف�ساء‪ ..‬عوامل حملية لها‬ ‫خ�صو�صيتها التي �أعطت بع�ض اخل�صائ�ص فيما بعد ال�ستلهام الهاالت خلف الآلهة التدمرية‬ ‫للأيقونة البيزنطية حيث عممت فيما بعد‪.‬‬ ‫ن�صل �إىل فنون امل�شرق يف الفرتة الإ�سالمية التي ميزتها العمارة بدءاً من الأمويني ومنوذجهم‬ ‫ال�شامي يف الأندل�س‪� ،‬إىل الزخرفة واخلط‪.‬‬ ‫امل�سجد الأموي والنموذج ال�صارخ حول تطوره من معبد حدد الآرامي �إىل جوبيتري‪ ،‬ثم‬ ‫كني�سة يوحنا املعمدان و�صو ًال �إىل امل�سجد الأموي ولوحات الف�سيف�ساء للج ّنة املوعودة على‬

‫جدرانه‪ ،‬وغياب الت�شخي�ص‪� ،‬إال من منمنمات الوا�سطي التي ا�ستلهمت من الفن التدمري‬ ‫والأيقونة البيزنطية‪ ،‬و�ألغت املنظور كنقلة باجتاه احلداثة‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬غاب الت�شخي�ص‪� ،‬أو غ ّيب‪ ،‬وحورب الفن الحقاً يف الزمن العثماين الكئيب (حرق‬ ‫م�سرح �أبي خليل القباين) دخلنا نفق املحرمات ب�صرياً‪ ،‬بينما بقي الأدب كوعاء ثقايف‬ ‫‪85‬‬


‫م�ستمر‪ ،‬وطغيان املعنى الإ�سالمي العروبي ثقافياً غ ّيب تراثاً مهماً من �أدب �سرياين ومو�سيقا‬ ‫ور�سم‪..‬‬ ‫مل ي�ستطع الفنان ال�سوري يف ظل تلك املعطيات �أن يبقي جتربة الفن يف ن�سق واحد من�سجم‪،‬‬ ‫فهناك يف بداية القرن املا�ضي مقاربة للواقع والبيئة كنتاج‪ ،‬ثم بد�أ ي�ستلهم املدار�س الغربية‪،‬‬ ‫فظهر فنانون انطباعيون مثل مي�شيل كر�شة "وتالميذه"‪.‬‬ ‫مل يظهر يف الت�شكيل تيار ي�شبك مع املا�ضي ويحتفي ب�أ�ساطري ع�شتار كما ظهر يف ال�شعر‬ ‫(جملة �شعر) �أدوني�س واخلال وغريهم‪ ..‬ولكن بقيت حماوالت للإطاللة على ما �س ّوق‬ ‫كمنجز ح�ضاري باملعنى العروبي (معركة حطني وغريها)‪.‬‬ ‫حت�ضر الأ�سطورة ب�شكل كبري يف �أعمالك‪ ،‬وحتاول �أن ت�ستح�ضرها ب�شكل ع�صري‬ ‫مربوط مع الذهنية احلا�ضرة‪ ..‬هل مرد ذلك �إىل الفكرة النقدية والفل�سفية التي‬ ‫حتملها‪� ،‬أم �أن ذلك يت�صل مبقيا�س جمايل قبل كل �شيء؟‬

‫■ �إنها اللوحة‪ ..‬منا�سبة للتثاقف بني الإجناز واملتلقي‪� ..‬أعمل ومنذ �أعوام على م�شروع عنوانه‬ ‫العري�ض "يف البدء كان الوطن"‪.‬‬ ‫وذلك من اللحظة التي �شاهدنا جميعاً دخول القوات الأمريكية �إىل بغداد و�سرقة الآثار التي‬ ‫ت�ضيء على حقبة زمنية من تاريخ بدايات كل حق وخري وجمال للب�شرية‪.‬‬ ‫ا�ستفزين ذلك امل�شهد مع ما �أحمله من �إرث معريف لق�صة الإن�سان يف (الهالل اخل�صيب‪-‬‬ ‫�سوراقيا)‪ ،‬غري �أين مل �أقم بذلك ب�شكل ق�صدي‪� ،‬أي �إن هم �إجناز اللوحة الفنية مل يكن‬ ‫يذهب للوحة الوثيقة‪ ،‬بل �إن ما �أقوم به هو لوحة حتمل عبق امليثولوجيا ولكن بتقنية معا�صرة‪،‬‬ ‫ومن املمكن �أن ن�شاهد يف العمل الواحد عدة �أزمنة‪ ،‬فامل�شاعر الإن�سانية مل تتغري درامياً‬ ‫بدليل ا�ستمرار عر�ض م�سرحيات �شك�سبري حتى يومنا هذا‪.‬‬ ‫�إنه الإن�سان العقل‪ ،‬ومربرات وجوده وا�ستمراره حمم ًال بكل تلك اجلينات املرتاكمة من فهم‬ ‫واحرتام ونبل‪ ،‬رغم �أن احلداثة يف الفن وما بعد احلداثة و�صلت �إىل �أماكن �أكرث جتريداً‪.‬‬ ‫بهذا املعنى �أ�شعر �أن هناك ما يجب البوح به قبل حرق املراحل و�صو ًال للكوين واملطلق يف‬ ‫االنعتاق من املا�ضي‪ ،‬وقتل الآباء‪ ،‬وم�شروعية �إلغاء املرجعيات للولوج حلداثة ما بعد احلداثة‪.‬‬ ‫دخلت املعدات التقنية والرقمية وبرامج الكومبيوتر يف �صناعة اللوحة‪ ،‬حتى �إن‬ ‫البع�ض قال �إن معنى الر�سم قد اختلف جذرياً‪ ..‬هل من املمكن �أن نتخيل فناناً �شهرياً‬ ‫‪86‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫ال يتقن اخلطوط والت�شريح؟‬

‫■ �إن لغة الع�صر الذي نحيى فيه قد تغريت (العامل قرية �صغرية)‪ ،‬ولكن ال تزال ال�سمة‬ ‫الغالبة عليه لغة الت�سطيح الثقايف وتعميم الذائقة (العوملية) يف الأدب والفن واملو�سيقا‪،‬‬ ‫وحتى يف الطعام (الوجبات ال�سريعة)‪ ،‬نعم نحن مع التكثيف واالختزال والذهاب للحداثة‪،‬‬ ‫�إال �أن التمايز يف الثقافات يعطي معنى للتنوع‪ ،‬مبعنى تعدد النكهات واجلماليات لذلك‬ ‫املنجز‪ ،‬كما �أنه يعود اليوم للح�ضور فن املحرتف الذي ميثله فن (البوب �أرت) بحرفية عالية‬ ‫وواقعية �شديدة يف مقاربة الواقع‪.‬‬ ‫عاد فن احلفر ليت�صدر امل�شهد‪ ،‬هناك عودة �شديدة احل�سا�سية‪ ،‬رغم هذا العامل الرقمي امللتب�س‬ ‫هناك حنني للزمن اجلميل برغم كل التطور‪.‬‬ ‫�أما فيما يتعلق باحلداثة يف تطوير الأ�شكال فلدينا منوذج بارز يف تاريخ الفن‪( ،‬بيكا�سو) الذي‬ ‫ترك لنا �إرثاً طوي ًال ال يزال لليوم مثار جدل غري حم�سوم‪ ،‬وقبل �أن ي�صل �إىل ما و�صل �إليه‬ ‫فقد عمل على العديد من الر�سوم الواقعية قبل �أن يذهب لذلك التحوير ب�صياغاته املده�شة‬ ‫ومنظوره الأكرث غرابة‪.‬‬ ‫يقول بع�ض النقاد �إن اعتماد التجريد كان مبثابة هروب من الأ�سئلة الكربى وبحث‬ ‫عن خيارات تعطي خ�صو�صية للفنان يف اللوحة‪� ،‬أمل ي�شكل التجريد �ستاراً للمواهب‬ ‫املحدودة قبل عقود؟‬

‫■ �أعتقد �أنه كان بحثاً م�شروعاً عن دراما ب�صرية تخرج اللوحة من الأدب باجتاه املو�سيقا‪،‬‬ ‫وطبعاً مبفردات خا�صة بتلك التجربة‪ ...‬هناك جتارب يف التجريد مرت يف تاريخ الفن ال ميكن‬ ‫املرور عليها دون وقفة ت�أمل‪ ،‬وخ�صو�صاً عمن كتب ّ‬ ‫ونظر وقدم ن�صاً مرافقاً لعمله الفني مثل‬ ‫"كاندي�سكي وبللوك وبولوكليه"‪.‬‬ ‫�إن التجريد ابن معطى وبيئة �أفرزته يف �سياق التطور (الثورة ال�صناعية)‪� ،‬إال �أن الكثري من‬ ‫املجردين كان لهم �أ�سلوبهم اخلا�ص واملميز‪ ،‬فاللوحة الفنية بقدر ما حتمل من �أ�صالة مبدعها‬ ‫و�إخال�صه لعمله بقدر ما ي�صل �إىل النتائج التي يقر�أها املخت�ص قبل املتلقي‪.‬‬ ‫قبل عقود م�ضت تكررت �أ�سماء حمددة يف ال�شعر واملو�سيقا والغناء والر�سم‪ ،‬هل ميكن‬ ‫القول �إن غياب الأ�سماء الكبرية يف الفنون من �سمات هذه املرحلة؟ وملاذا؟‬

‫■ �إنه لي�س غياباً بل هو عامل اال�ستثمار! �أو مباذا �سيتم اال�ستثمار؟ بالثقافة‪� ..‬أم ب�سعر برميل‬ ‫‪87‬‬


‫النفط‪� ..‬أم بفورة الت�سلح و�إيجاد ب�ؤر توتر دائمة ون�شر عوملة الرعب عرب و�سائل االت�صال‪..‬‬ ‫من ميول الإرهاب يعرف عن ق�صدية �شديدة �أن البحث عن الآثار و�سرقتها �سي�أخذنا لزمن ال‬ ‫ي�شبه �إال قطعاناً غرائزية متناحرة‪.‬‬ ‫غاب موقف املثقف (املتلب�س) ليظهر زمن اال�صطفافات وزمن ما قبل تكون املجتمع املعريف‬ ‫وظهور الإن�سان‪ -‬املجتمع‪ ،‬العلماين والنه�ضوي‪ ،‬غاب دور النخب الثقافية التي تنتج حركة‬ ‫نقد تقدم املبدعني الأ�صيلني وجتاربهم‪ ..‬ارتفع �صوت القبح قت ًال وبنقل مبا�شر يجعل اجلميع‬ ‫يلهث م�ؤج ًال الأ�سئلة الوجودية التي تربر القادم من الزمن‪.‬‬ ‫هل ميكن مواكبة اجلماليات العاملية يف ثقافات ال�شعوب املختلفة عرب القطع مع‬ ‫املا�ضي �أم بالتوا�صل والربط معه؟‬

‫■ ال ميكن جتاوز املنتج الإن�ساين (كل الفنون ‪�-‬أدباً ومو�سيقا‪ -‬عمارة ونحت‪ ،‬ر�سم وحتى‬ ‫الفنون الرتكيبية) دون االطالع وتذوق الأ�صيل من ذلك املنتج‪ ،‬ولكن ب�سياق املجتمع‬ ‫والبيئة التي �أفرزت ذلك املعطى‪ ،‬والت�شبيك مبعنى االطالع هو املهم مع ما يرافقه من ن�صو�ص‬ ‫نقدية وغري ذلك لفهم وتذوق ما يقدم‪ ..‬ويبقى ال�س�ؤال الأزيل‪ :‬هل نت�أثر ونعيد �إنتاج ذلك‬ ‫املعطى؟ �أم نبحث عن مفردات جديدة ليكون لنا نحن امل�شرقيني نكهتنا وزمننا‪ ،‬حيث نلملم‬ ‫ما بقي من انت�صار لذواتنا وحقيقتنا وخ�صو�صيتنا يف امل�ساهمة برفد املعطى الإن�ساين الذي‬ ‫ي�شبهنا‪ ،‬ولالطالع بدور عرف عن �أبناء منطقتنا عرب الع�صور؟‬ ‫يح�ضر امل�شهد ال�سوري يف جميع �أعمالك برموزه التاريخية و�أوابده الأثرية وحتى‬ ‫�أفكاره الفل�سفية‪ ،‬نظرته للعامل‪ ..‬ملاذا كل هذا االلت�صاق باحللم ال�سوري‪..‬؟‬

‫■ �أعتقد �أن املعطى التاريخي للمثقف الذي يحمل م�شروعاً هو املحر�ض ملا �سوف يتم‬ ‫تقدميه‪ ...‬نعم نحن �سوريون‪ ..‬نحمل على كاهلنا �آالف ال�سنني من التطور حلقيقة الوجود‪� ..‬أن‬ ‫يتم التعبري عن كل تلك املعارف ب�صرياً لولوج عامل احلداثة �أمر م�شروع‪� ،‬أما عن التمظهرات‬ ‫لرموز وردت ويتم تداولها يف جمموعة كبرية من �أعمايل الفنية فهي ت�شكل قراءة جديدة‬ ‫للمعطى املعريف‪ ..‬والأهم عدم حتولها لأعمال متحفية باملعنى التوثيقي‪ ،‬ففي كل عمل جديد‬ ‫احرتاق جديد ووالدة جديدة‪ ،‬يقودك احلد�س يف اال�ستلهام والت�أليف‪� ..‬إنه �إعادة خللق‪..‬‬ ‫كون م�شتهى‪ ..‬يفاجئك قبل �أن يفاجئ املتلقي‪� ..‬إنها عوامل موازية لواقع ملتب�س‪ ..‬لكابو�س‬ ‫يرهق عاملك وي�ستفزك لتربير الغد ال�سوداوي‪ ..‬عامل يكثف رع�شة حمتملة لزمن �أقل �إيالماً‬ ‫و�إيغا ًال بالقتل املجاين والعبثي لأنا�س تعرفهم‪� ..‬أو كنت تعتقد ذلك‪.‬‬ ‫‪88‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫نعم يا �صديقي‪� ،‬أنا ابن النطفة الأوىل لهذه الأر�ض (الهالل اخل�صيب‪� -‬سوريانا)‪ ..‬ابن �أول‬ ‫حبة حنطة زرعت يف رحم الآلهة الأم (الأر�ض)‪ ..‬ابن هذه اجلغرافيا التي كانت تعطي �سمناً‬ ‫وع�س ًال وفكراً قدمه �أبنا�ؤها برحابة �إىل الب�شرية جمعاء‪.‬‬ ‫كل هذه الأفكار و�أكرث تظهر يف �أعمايل‪ ..‬نظرة �إىل الكون والفن‪ ..‬دراما لونية‪ ..‬انت�صار م�ؤقت‬ ‫يحمل حلماً بغد �أقل ي�أ�ساً‪.‬‬ ‫لنتخيل �أن الفنانني هم من يقررون هند�سة املدن و�ألوان ال�شرفات‪ ،‬و�أ�شكال الأر�صفة‬ ‫وال�شبابيك‪ ،‬ماذا كان �سيحدث؟‬

‫■ حدث ذلك ذات �صدفة مع مبدعني �أمثال (غاودي)‪ ..‬وعباقرة مدر�سة (الباو هاو�س)‬ ‫و�آخرين ممن ن�شروا الثقافة الب�صرية حني �أعطيت الفر�صة لهم‪ ،‬وهناك مدن مل تدمرها احلروب‬ ‫ف�أ�صبحت (املدينة املتحف)‪ ،‬مثلما هناك مدن �سادها التلوث الب�صري يف ظل جمتمعات‬ ‫ا�ستهالكية غزاها االقت�صاد الليربايل الذي ال يهتم �إال مب�ضاعفة الكتلة النقدية وا�ستغالل‬ ‫الفقراء وزيادة فقرهم ليتحولوا �إىل قطعان تلهث وراء لقمة العي�ش بدل التمتع بال�سيمفونية‬ ‫التا�سعة للعبقري "بيتهوفن"‪.‬‬ ‫لن يعود الألق للحياة �إال بعودة النخب الثقافية وبجميع االخت�صا�صات لالطالع بدورها و�إتاحة‬ ‫الفر�صة ملمار�سة حرية الر�أي يف ال�ش�ؤون الثقافية وقبلها ال�سيا�سية‪ ..‬غياب املثقف عن كامل‬ ‫امل�شهد احلياتي هو ما �أو�صلنا �إىل هذا الب�ؤ�س من الرتاجع احل�ضاري‪ ،‬والإن�ساين والروحي‪.‬‬ ‫قال البع�ض باحتمال موت الفنون ب�سبب انقالب مفهوم احلياة املعا�صرة و�أ�سلوب‬ ‫عي�ش الإن�سان‪ ..‬هل ميكن تخيل الب�شرية بال فنون؟‬

‫■ حمزن جمرد التفكري بفكرة �شيطانية كهذه‪ ،‬م�ؤكد �أن عزلة الإن�سان قد زادت مع التطور‬ ‫"التكنولوجي"‪ ..‬وحماولة الت�سطيح لكل احل�ضارات والثقافات والإقالل من �أهمية الفهم‬ ‫مل�ستقبل ينتظر الإن�سانية‪ ..‬كما �أن حماولة ت�صدير ثقافة من لون واحد من خالل املعلومات‬ ‫التي يتم تداولها يف العامل االفرتا�ضي ال تربر الي�أ�س يف �أن العقل الب�شري لن يحاول �إيجاد‬ ‫ال�سبل لت�صحيح تلك املعطيات التي حتاول �سوقه �إىل اخلواء الروحي‪ ..‬و�سرقة �أحالم الأجيال‬ ‫القادمة بزمن �أكرث عدالة و�أقل وح�شية‪.‬‬ ‫ن�ص مت�أخر‪:‬‬

‫�أج�ساد ووجوه ن�سيت ظاللها‪ ..‬يف م�شهدية طق�سية لأ�ساطري اخل�صب (ع�شتار ومتوز)‪( ،‬غلغام�ش‬ ‫‪89‬‬


‫وع�شبة اخللود)‪ ..‬حدث درامي ي�شبه ف�ضا ًء م�سرحياً‪ ..‬تزاحمت فيه الكائنات التي تبادلت‬ ‫الأدوار مع الإن�سان العقل (زيو�س الذي �صار ثوراً ليخطف �أوروبا)‪ ..‬قطط‪ ..‬وديكة وغزالن‬ ‫كلها �شهود على الزمن‪� ..‬صمت وتكثيف �شديد ي�شبه ق�صائد الهايكو‪ ..‬لي�س الف�صل �شتا ًء‬ ‫وال �صيفاً‪ ..‬دورة احلياة لإن�سان امل�شرق الذي �ضيع ظله يف زحمة اخليارات‪ ،‬فبات يت�شبث‬ ‫ببع�ض ذكرياته منت�شياً‪ ..‬حماو ًال الولوج لزمن احلداثة‪ ..‬حام ًال خال�صه الفردي عبئاً ثقي ًال‪..‬‬ ‫مل ت�شفع له كل الإجنازات عرب ت�سل�سل الع�صور والأزمنة‪.‬‬ ‫ف�ضاءات من لون ومو�سيقى و�إيقاع الأحمر يرافق الأ�سود فا�ضحاً عري الأبي�ض‪ ..‬خجل‬ ‫بنف�سجي يحمل روحانية لأيقونة بيزنطية‪ ..‬ودراوي�ش ال�صوفية ت�سخر من كل اجلمال امل�صطنع‬ ‫الذي خلفته ح�ضارة الإ�سمنت لت�ض ّيع �آخر نب�ض من �أ�صالة كان من املمكن �أن تربر حلظة‬ ‫من توا�ضع العقل الب�شري‪.‬‬ ‫فرح البداهة يعادل حلظة الده�شة لكل ما هو طفل‪ ،‬للك�شف الأول‪ ..‬للن�شوة الأوىل‪..‬‬ ‫يف زمن املوت العبثي‪ ..‬نحاول مللمة بقايا �أرواحنا‪ ..‬يا موت‪� ..‬أيها القدر الفاجعي حت�صد‬ ‫ال�شهداء‪ ..‬وتو�شح الأمهات بالأ�سود‪.‬‬ ‫أ�شتم رائحة الأر�ض �ساعة �سقوط املطر‪.‬‬ ‫يا رماداً واجهته بكل �ألوان الطيف‪ ..‬مل �أعد � ّ‬ ‫رطوبة ت�شبه العتم‪ ..‬برد دخل كل البيوت‪ ..‬الفرح لي�س مهنتي ولكن بع�ض الوهم كان �أقدر‬ ‫على �أن يخلق عاملاً موازياً‪ ..‬و�ألواناً لكرنفال موعود ليربر الغد املنتظر‪.‬‬

‫‪90‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫تفا�صيل‬

‫معاذ اللحام‬

‫الق�صيدة طعن ٌة يف الفراغ‬ ‫و� ِأنت متتلك َني َّ‬ ‫كل هذا الدم‬ ‫�صو ُتها‬ ‫ُ‬ ‫ن�صل الزمن‬ ‫انزالق اللغ ِة على ِ‬ ‫***‬

‫الكلب اجلائع‪ ،‬الق�صيد ُة‬ ‫حلم ِ‬ ‫ُ‬ ‫نو ٌم َ‬ ‫م�صطنع‬ ‫حل ٌم ُ‬ ‫يحتال النوم‬ ‫عيني كلب‬ ‫نو ٌم ي�سه ُر يف ْ‬ ‫***‬

‫الق�صيد ُة تنف ُّ�س الوردة‬ ‫�سمك ٌة يف اليد‬ ‫ملعان احللم ِة على �أ�سنان احللم‬

‫تولد ومتوت‬ ‫الق�صيد ُة ُ‬ ‫وتولد ومتوت‬ ‫ُ‬ ‫تولد ومتوت‬ ‫ثم ُ‬ ‫حتى ابي�ضا�ض املعنى‬ ‫يف ت�ألقِ الفراغ‬ ‫الق�صيد ُة تربطني ِ‬ ‫بك‬ ‫ب َني ِ‬ ‫عينيك والزيتون‬ ‫بني ِ‬ ‫�شفتك ال�سفلى ول�سان البحر‬ ‫الق�صيد ُة �آتي ٌة من تن ّبه احللم‬ ‫الذئب بالقمر‬ ‫من عالق ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫من عالق ِة القمر بفي�ضانِ‬ ‫حو�ضك‬ ‫ِ‬ ‫حلمتك‬ ‫من عالق ِة هالة‬ ‫بدموع القدي�سني‬

‫معاذ اللحام ـ مواليد درعا ‪.1973‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫�صدر له (واحتفلت �أخرياً بجرحك) – �شعر – ‪.2007‬‬‫ (على م�سافة قبلة) – �شعر – ‪.2010‬‬‫(�ستانل�س �ستيل) ‪� -‬شعر – ‪.2011‬‬‫ (�أزهار الإ�سفلت) ‪ -‬م�سرحية – ‪.2014‬‬‫ له مقاالت من�شورة يف ال�صحف املحلية والعربية‪.‬‬‫ نال جائزة احتفالية دم�شق عا�صمة الثقافة العربية عن كتاب (من �أطلق النار �أو ًال) ‪.2008‬‬‫‪91‬‬


‫دار نل�سن‬

‫هاتف ‪01/739196:‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪darnelson@hotmail.com:‬‬



3

‫ ط‬- ‫ بناية ر�سامني‬- ‫ �شارع احلمرا‬- ‫ بريوت‬- ‫لبنان‬

tel: 00961 -1 - 751 541 E-mail: info@darabaad.com website: www.darabaad.com


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫هل �أنا‪� ..‬أنا؟‬

‫�أني�س غنيمة‬

‫ب�سبب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫النظر‪ ،‬قر� ُأت كتاباً عن‬ ‫�ضعف يف ْ‬ ‫الر�ؤية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كتبت‪� -‬سيلَ ‪-‬‬ ‫وب�سبب ٍ‬ ‫ملل جارف‪ُ ،‬‬ ‫ق�صائد‬ ‫مل �أكن �أدري �أين �شاعر‪-‬‬‫با�سمي فلم �أرد‬ ‫ّمرة نادوين‬ ‫َ‬ ‫با�سم ال�شاعرِ‪،‬‬ ‫ثم نادوين ِ‬ ‫فالتفت ورائي للمنادي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫كان ظلي ي�ص ّلي كي � َ‬ ‫أقول‪ :‬نعم‪ ،‬هل‬ ‫�أنا‪..‬‬ ‫�أنا؟‬ ‫***‬

‫علي‬ ‫ُ‬ ‫ل�ست ُم�صراً َّ‬ ‫�شاعر‬ ‫ُ‬ ‫ل�ست مت�أكداً من كلمة ْ‬ ‫تبدو م�شوهة �أكرث مما هي حمروقة‬ ‫فح�سب‪.‬‬ ‫�أكرهها‬ ‫و�أنبذها �أحياناً‬ ‫و�أف�ضلُّ لو �أكون عاملَ م�صن ْع‬

‫العم ِال‬ ‫�أك ّن�س بقايا �شَ عر ّ‬ ‫الذين يكتبون ِ‬ ‫�شعراً م�صطن ْع‪.‬‬ ‫***‬

‫�أيها ال�شعراء‪..‬‬

‫من يدري‬ ‫قد نكونُ ن�شيداً م�ضى‬ ‫ومهما‪ ‬‬ ‫�سطح ٍ‬ ‫عال‪،‬‬ ‫ك ّنا على ٍ‬ ‫موطئ قدم‪..‬‬ ‫نحن �أبعد من ِ‬ ‫من يدري‬ ‫لع ّلنا‬ ‫ل�سنا �سوى �صورتنا‬ ‫التي انطف�أت يف املاء‬ ‫حتى‬ ‫قبل �أن ننظر!‬ ‫***‬

‫‪95‬‬


‫نحو ال �شيء‪..‬‬

‫أعبد ورد ًة‬ ‫� ُ‬ ‫و� ّأقد�س عيني البال�ستيك‬ ‫أعجب �أحداً‬ ‫ال � ُ‬ ‫و‪ -‬ل�ست حمط �إعجاب‬ ‫كل قطا ٍر مي�ضي‬ ‫�أ�ص ّفق له بيدين من فوالذ‬ ‫مرتاحاً على ّ‬ ‫�سكة ال تقود ل�شيء‪.‬‬ ‫***‬

‫ٍ‬ ‫بكعب ٍ‬ ‫عال‬

‫أتقن امل�شي‪ ،‬ال �أتقن الرق�ص‬ ‫ال � ُ‬ ‫ال �أتقن رف َع ر�أ�سي عالياً‬ ‫وكره حذائي‬ ‫ابن ا�سكا ٍيف قدمي‬ ‫انا ُ‬ ‫كان يعملُ يف ِ‬ ‫ر�صف الطرق‬ ‫بكعب ٍ‬ ‫كي مت َُّر ٍ‬ ‫عال �أيها العامل‪.‬‬ ‫�إخوتي يف الغرق‬

‫البحار ُة الذين ع ِلقوا يف ٍ‬ ‫مركب بعيد‬ ‫ّ‬ ‫�أني�س غنيمة‬ ‫مواليد غزة – ‪.1992‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫له ديوان �شعر – ق�صائد نرث حتت الطبع‪.‬‬‫‪96‬‬

‫بجيوبهم ّ‬ ‫امللطخ ِة بالفقر‬ ‫و�أنوفهم الطويلة التي‬ ‫ال ِ‬ ‫تنك�سر‪..‬‬ ‫مبرا�س م�سننة‬ ‫بقلوبهم املثقوبة ٍ‬ ‫البحار ُة الذين ا�صطدموا للت ّو‬ ‫ّ‬ ‫ب�صخر ٍة بي�ضا َء لها �أ�سنانٌ كما �أ�سنان‬ ‫حبيبتي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أ�ضمهم‪ ..‬ه�ؤالء الذين‬ ‫كم �أو ّد لو � ّ‬ ‫�أ�صبحوا‬ ‫�إخوتي يف الغرق‪.‬‬ ‫غرفتي‬

‫من ٍ‬ ‫خ�شب‪ ‬‬ ‫ال ي�صلح للدفن‬ ‫بنى ميتون غرفتي‬ ‫حما�صر على الدوام‬ ‫�إنني‬ ‫ٌ‬ ‫أفلح ب�سقايتها‪.‬‬ ‫بالقبور التي ال � ُ‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫خوف‬

‫جمعة الرفاعي‬

‫لأنهم يخافون الأبواب‬ ‫يرتكون نوافذهم م�شرعة‬ ‫للريح والعا�صفة‬ ‫وال�ضباب الذي ي�أتي ب�سعالهم مع الفجر‬ ‫يدقون يدقون‬ ‫لكن الأبواب مقفلة بال هدف‬ ‫�سوى خوفهم على العتبات‪،‬‬ ‫�أن تدو�سها �أقدام بر�ؤو�س مقنعة‬ ‫و�أن مير الليل هكذا‬ ‫ك�أي �سواد‬ ‫بال معنى وفرا�شات‬ ‫ابتالء‬

‫�أبحث عن حكمتي يف جذوع الأ�شجار‬ ‫�أمت�سك مبا �سوف يرحل بعد قليل‪،‬‬ ‫لأنه لن يتكرر‬ ‫�أقب�ض على عنق ال�سياج لتخرج الطيور‬ ‫من جوفه‬

‫ثم �أر�سم متثا ًال �آخر الليل من رمل‬ ‫وح�صى قائ ًال‪:‬‬ ‫هذا �سهل التحطيم‬ ‫�أمتدد حتت طيور ال�سياج التي حلقت‬ ‫بعيداً فوق امر�أة‬ ‫امر�أة تغ�سل ثيابها مب�سحوق من �شهور‬ ‫قا�سية‬ ‫و�أردد قبل انبالج الفجر‬ ‫�س�أبتليك �أيها النهار البطيء بالرنج�س‬ ‫والف�ضة وال�شياطني‬ ‫رغبة‬

‫بي رغبة الآن‬ ‫�أن �أقف حيث تقفني‬ ‫�أ�شرك �أقدامي مبكان وقوفك‬ ‫حيث �أنت الآن بال�ضبط‬ ‫فن�صري جذعاً واحداً ل�شجرة ال تخطر على‬ ‫بال حطاب‬ ‫وال يقدم �أغ�صانها قرباناً لنار املوائد‬ ‫‪97‬‬


‫�شجرة‬ ‫ت�صعد الأر�ض يف عروقها‬

‫وتثمر �أ�س َّرة‬ ‫مبالءات مق�شَّ بة‪.‬‬

‫جمعة الرفاعي‬ ‫مواليد رام اهلل – ‪.1978‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫�ألف داخل املعتقل عدة خمطوطات ن�شر منها‪:‬‬ ‫ ديوان (�سجينيو�س ) ‪ -‬ال�صادر عن مركز �أوغاريت للثقافة والن�شر ‪ -‬عام ‪.2010‬‬‫ خارج املوعد (�سردية) ‪ -‬عام ‪ 2015‬عن دار اجلندي للن�شر والتوزيع‬‫‪98‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫طارق حجاج‬

‫م�ســرح و�ســع املجانني‬ ‫قلبــي‬ ‫ٌ‬

‫ارتـــحــــــال‬ ‫طعم �أ�صابع قلقي‬ ‫�إىل �أبي الذي �أُ ُ‬ ‫لع�صافري قلبه‬ ‫و�أعده يف كل مرة ب�أن هذا �سيكون‬ ‫ع�شاءه الأخري‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫كنت �أ�سخر مني‬ ‫كان الي�أ�س ي�سيل مثل النمل‬ ‫والأمل عظمة بي�ضاء تلب�س ف�ستاناً �أحمر‬ ‫�أمام كلب‬ ‫ال�سنوات متر كحلم‬ ‫يف �أ�شد حلظات حلمي فرحة‬ ‫�أ�صحو على �صوت جارتي‪:‬‬ ‫"اهلل ياخدكوا ويريحني منكو"‬ ‫ال�سنوات متر مثل �آخر يوم ل�سجني‪.‬‬

‫�أعلم �أن الهزمية زوجة �أبينا‬ ‫و�أعلم‪ :‬الهزمية �أن نعرتف‬ ‫جدي الذي نق�ش على جدار قلبه‪:‬‬ ‫" بالدنا راجعالنا"‬ ‫مل ي�ستقبل �ضيفاً واحداً بعدها‬ ‫�صار منعز ًال‬ ‫وعندما �أراد �أن يحرق الباب‪ ،‬حرق‬ ‫البيت كله‬ ‫جدتي التي كانت تطرز �شرا�شف ب�ألوان‬ ‫العلم‬ ‫ب�أ�صابع من قمح وخيوط من ال�سعف‪.‬‬ ‫ماتت قبل �أن تطرز �شر�شفاً البنتها التي‬ ‫�أجنبتني‬ ‫و�أنا املوقع �أدناه‬ ‫جئت غريباً‬ ‫مل �أ�سمع غري �صوتي ملا بكيت‬ ‫و�صدر �أمي �أ�سمعني �صداه‬ ‫‪99‬‬


‫كنت الغريب‬ ‫فجاءين �صوت من اليمني‬ ‫هم�ساً يو�شو�شني ويرفعني �إىل ربي‬ ‫ف�آخذ فطرة احلزن و�صك ال�شعر والب�ؤ�س‬ ‫و�سقطت على اجلبال‬ ‫مل تخ ّني الأر�ض يوماً‬ ‫طائ�ش‬ ‫لكنني ٌ‬ ‫�أداعب ال�صخر حتى �أجرحه‬ ‫وي�سيل دمه على يدي‬ ‫وهذه الأر�ض عن دمانا متيل‬ ‫مل �أعرف غري البحر ماء‬ ‫ومل يخ ّني البحر يوماً‬ ‫ومل تخ ّني ر�سائلي التي ت�صطاد املوج‬ ‫لكن �إله البحر كان �أقرب من حبيبتي‬ ‫التي تنتظر على ال�شاطئ الآخر‬ ‫والآلهة تبتلي من حتب‬ ‫ر�أيت الغيم ي�سقي البحر‬ ‫ال فرق بني غيمة وموجة‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫االثنتان دموع املالئكة‬ ‫وكلما عط�شت‬ ‫�أحدب ل�ساين لل�سماء‬ ‫‪100‬‬

‫لكنها تكون م�شغولة بغ�سل �أخطاء‬ ‫الآخرين‪.‬‬ ‫فما �أخذت من احلياة �إال‬ ‫لوعة قي�س‬ ‫�صوت �أُمـي‪� ،‬أجمــل امر�أة ُتغ ّني‬ ‫"ما فـي حــدا"‬ ‫ون�صائح �أبي‪.‬‬ ‫توجع يا بني‪ ،‬الوجع ت�أ�شرية الرب‬ ‫لأنبيائه‬ ‫تف�سخ كف جدار ليلد وردة يتيمة‬ ‫يتبناها عا�شق وتذبل على و�سادة مراهقة‬ ‫�صرختان يف الظالم يا ولدي‬ ‫ويد متتد نحو الر�ؤى‬ ‫ال تقل ما احلزن قل‪ :‬ماذا �أنا‬ ‫�إذا ارحتت فاقلق‬ ‫القلق ممر طويل ي�سرق �أ�صابعك‬ ‫وال تنفعك فيه ر�ؤاك‬ ‫ف�أغم�ض عينيك لرتى �أين �أنت وترى‬ ‫اجتاهك‬ ‫حتدث بحد�ســك وتقو�س للمطر كي‬ ‫ي�ستقر النور يف قلبك‬ ‫ال تقل ما اهلل قل‪ :‬ماذا �أنا‬ ‫كن وحيداً‬


‫ابداع ونقد‬

‫حت�س�س حوا�سك‬ ‫�إياك �أن تفقدها يف ممرات القلق‬ ‫امدح قوام الريح‬ ‫ليتخذك خليالً‪ ،‬ال ت�صحب غريه‬ ‫فال يرميك وال يخد�شك‪ ،‬بل يكون‬ ‫ح�صانك‬ ‫ال تقل ما الوطن قل‪ :‬هذا �أنا‬ ‫من قربك يف �سريرك عارياً‪ ،‬ق ّلم �أظفار‬ ‫حلمك دائماً‬ ‫وال ِّ‬ ‫تغط �أذنيك‬ ‫ال ِّ‬ ‫تغط �أذنيك‬ ‫كي ت�سمع الليل يف �آخره كيف يناجي‬ ‫النهار �أن انتظر‬ ‫�أريد �صورة تذكارية ال �أكرث‬ ‫انتظر لأراك مرة‬ ‫وتع ّلم احلب‬ ‫ال ِّ‬ ‫تغط �أذنيك كي ت�سمع الكون يئن‬ ‫فتقول‪� :‬أنا بخري‬ ‫وتنام‬ ‫وخذ ملح دمع �أمك ف�أنت وحدك يف‬ ‫بالدك‬ ‫كتبت ن�صائحك يا �أبي وخب�أتها يف‬ ‫�صندوق الذكريات‬ ‫ال�سنوات متر متر متر‬

‫و�أنا �أ�سخر مني �أ�سخر مني‬ ‫وملا فتحت ال�صندوق كانت عمياء‬ ‫فلم تعرفني وما �أجدت قراءتها‬ ‫�أعدين يا �أبي‬ ‫علي لوحي لأحفظه‬ ‫�أعدين و�أعد َّ‬ ‫�أعدين �إىل فناء الدار‬ ‫�إىل حجر �أمي الأو�سع من هذه الدنيا‬ ‫و�سفالتها‬ ‫�أعدين �ألعب يف حارتي‬ ‫يجرحني الرمل وقيدين بغيمة‬ ‫�أعدين �صغرياً َتغ�سلني �أمي بقبلة‬ ‫و�أنام على فخذها قبل ال َع�شاء بهزتني‬ ‫�أتعبنـي احلـزن‬ ‫بي من احلـزن ا�شـتهاء الرمل خلطا‬ ‫العابـرين‬ ‫بي من احلزن ما ُي ِن�سني بع�ض حزنـي‬ ‫بي رجاء الوردة لل�شم�س‪:‬‬ ‫�أحرقي روحي‪� ،‬أذيبي نداي لأكتمل‬ ‫ما اكتمايل �إال يف �أن �أكون ذكرى‬ ‫تعبت يا �أبي‬ ‫م�ســرح و�ســع املجانني و�ضـاق‬ ‫قلبــي‬ ‫ٌ‬ ‫على نف�ســه‬ ‫�إ�ســفنجة قلبــي ال �صــوت النك�ســاره‬ ‫‪101‬‬


‫‪102‬‬

‫تعبت و�أتعبتني اال�ســتعارة‬

‫�س�أخبئها يف نور عيني هذه املرة‬

‫�أريد �أن �أكون �أنا ال الق�صيدة‬

‫�أعدين �إين ف�شلت‬

‫علي و�صاياك‬ ‫�أعدين يا �أبي و�أعد ّ‬

‫و�صرت �شاعراً‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫ن�شبهُ قطع اللبان اجلافة‬

‫فخري رطروط‬

‫الب�شرية مع�سكر قتلة‬ ‫حاذر �أن متر بالقرب من ال�سياج‬ ‫هناك تكرث الر�صا�صات الطائ�شة وا�ﻷ لغام‬ ‫والتهم‪.‬‬

‫�صفارات ا�ﻹ نذار تطلق منت�صف النهار‬ ‫لتذكري املواطنني بوجبة الغداء‬ ‫ تغلق املع�سكرات وحتول حلدائق حيوان‬‫ جتمع النجوم من على �أكتاف‬‫اجلرناالت وتو�ضع يف املتحف‬ ‫ تفكك املدافع وتباع كخردة‬‫ حتول الدبابات والعربات الع�سكرية �إىل‬‫و�سائل نقل للعامة‬ ‫ تطلى الطائرات الع�سكرية باللون الوردي‬‫ جتمع ا�ﻷ �سلحة الفردية وتو�ضع يف حفرة‬‫و�سط املدينة وي�صب عليها ا�ﻹ �سمنت‬ ‫ توزع الفرق املو�سيقية احلربية على‬‫املطاعم واحلدائق العامة‬ ‫ يهدم متثال اجلندي املجهول ويلقى‬‫حطامه يف البحر‬ ‫ اخلوذات تزرع بالورود وي�صنع منها مباول‬‫ ي�سجن �شعراء املجهود احلربي ويجردون‬‫من امتيازاتهم‪.‬‬

‫ال �أحد تعرف على جثة العامل يف‬ ‫امل�شرحة‪.‬‬

‫***‬

‫***‬

‫***‬

‫يف منت�صف العمر‬ ‫ن�شبه قطع اللبان اجلافة امللت�صقة حتت‬ ‫الطاوالت‬ ‫ي�أتي �أحدهم فيمد يده ويبد�أ بلوكنا مرة‬ ‫�أخرى‪.‬‬ ‫***‬

‫�إذا كانت فكرتنا عن �أنف�سنا �ضحلة‬ ‫ف�إن فكرتنا عن اخلالق �ستكون �أقل‬ ‫�ضحالة‪.‬‬ ‫***‬

‫‪103‬‬


‫فج�أة‬ ‫يف طريق مزدحم‬ ‫ن�سي ا�سمه‬ ‫و�إىل �أين هو ذاهب‬ ‫ومن �أين جاء‬ ‫و�أين هو ا�ﻵ ن‬ ‫و�شعر بلذة مبهمة‪.‬‬ ‫***‬

‫�س�ألت القلب عن احلب‬ ‫فا�سو ّد لونه‬ ‫�س�ألت الروح عن اجل�سد‬ ‫فا�سو ّد لونه‬ ‫�س�ألت الكائن احلي عن املوت‬ ‫فا�سو ّد لونه‬ ‫�س�ألت امل�ؤمن عن ربه‬ ‫فا�سو ّد لونه‬ ‫�س�ألت ا�ﻷ �شجار عن اخلريف‬ ‫فا�سو ّد لونها‬ ‫�س�ألت ذبابة عن عمرها‬ ‫فا�سو ّد لونها‬ ‫�س�ألت ال�سجني عن احلرية‬ ‫فا�سو ّد لونه‬ ‫�س�ألت اجلنة عن اجلحيم‬ ‫فا�سو ّد لونها‬ ‫‪104‬‬

‫فابي�ض‪.‬‬ ‫�س�ألت اللون ا�ﻷ �سود عن �سره ّ‬ ‫***‬

‫�سريتي الذاتية تكرب و�أنا �أتقل�ص‬ ‫�أنا مذعور‪.‬‬ ‫***‬

‫و�سط تهوميات دخانية‬ ‫�أحد ما مي�سك بك ويهزك‬ ‫ي�س�ألك من �أنت؟‬ ‫و�أنت حقاً ال تعرف‪.‬‬ ‫***‬

‫خياط يخيط اجلثث بخيوط من نار‬ ‫يقول يل‪:‬‬ ‫ال ت�ستطيع �إثبات �شيء‬ ‫ها �أنا �أطبق على ا�ﻷ بدية‪.‬‬ ‫***‬

‫يف املطبخ �سمعهم يتحدثون عن امليت‬ ‫ب�سرور‪:‬‬ ‫لقد �أخاطوا فمه يف امل�شرحة قبل دفنه‬ ‫لن ي�ستطيع �أن يقول كلمة واحدة‬ ‫نحن ب�أمان‪.‬‬ ‫***‬

‫�إنه طق�س متوح�ش‬ ‫مل �أفهم هذا التقليد‬ ‫نزع قلوب الب�شر ورميها يف قدور تغلي‬


‫ابداع ونقد‬

‫لتدوي روائح فا�ضحة‬ ‫ثم يطلب منا و�صف امل�شهد‬ ‫ثم يدلق ما يف القدور على وجوهنا‪.‬‬ ‫***‬

‫تطاردين ممحاة هائلة‬ ‫لذلك ي�ضيع �أغلب ما �أكتبه‪.‬‬ ‫***‬

‫�آليات ال�صمود يف هذا العامل‪:‬‬ ‫ ال �أحد فوجئ بوجوده يف هذا العامل‬‫وال بقدره‪ ،‬هناك عقود وعليها تواقيعنا‪.‬‬ ‫ يف عامل قدمي مت اطالعنا على اخلرائط‬‫هززنا ر�ؤو�سنا باملوافقة دون �أن نحفظها‪.‬‬ ‫ ب ْع للأطفال قماقم فيها عفاريت‪.‬‬‫ع�ش حتت رحمة رغباتك‪.‬‬ ‫ ْ‬‫ املوت ي�أتي من الداخل‪ ،‬فال تخف من‬‫اخلارج‪.‬‬ ‫***‬

‫هذه احلياة بروباغندا �إلهية لوجود �آخر‬ ‫يو�شك �أن ينخلق‪.‬‬ ‫***‬

‫اجلرنال يعتقد �أن ال�سماء ب�أكملها على‬ ‫كتفيه‬ ‫ال�شاعر يعتقد �أنه �ساهم يف خلق هذا‬ ‫الكون‬ ‫الفيل�سوف يعتقد �أنه الوحيد الذي فهم‬

‫خطة الكون‬ ‫الر�سام يعتقد �أنه من �أعطى العامل �ألوانه‬ ‫الفاقعة‬ ‫امل�شرد يعتقد �أنه ملك العامل‬ ‫املر�أة تعتقد �أن العامل مر�آتها‬ ‫الرجل يتخيل �أن الكون �سريره‬ ‫اجلائع يتخيل العامل على �شكل رغيف‬ ‫الزرافة تعتقد �أن عنقها حمور ا�ﻷ ر�ض‬ ‫وال�سماء‬ ‫ا�ﻷ �سد يح�س ب�أن العامل ينام حتت فروته‬ ‫القط يتخيل اجلنة على �شكل م�سلخ‬ ‫�أخذتني احلياة بغتة‬ ‫كمن فاج�أه زلزال وهو يتغوط‬ ‫مل �أ�ستطع ت�شكيل فكرة عن هذا العامل‪.‬‬ ‫***‬

‫حمركات العامل معطلة‬ ‫حتاول مالئكة ب�أفرهوالت زرقاء ت�صليحها‬ ‫�أعطيهم مفكات ومفاتيح وكتب‬ ‫�إر�شادات‪.‬‬ ‫***‬

‫ال�ساعات التي من�ضيها مع الرب‬ ‫هدنتنا الوحيدة يف هذا الكون‪.‬‬ ‫***‬

‫ال �سرو يحر�س مقابرنا‬ ‫‪105‬‬


‫�أعي�ش يف مدينة ال تهتم مبقابرها‬ ‫وهذا �سبب ٍ‬ ‫كاف للرحيل‪.‬‬ ‫***‬

‫ذهبنا �إىل العامل بال حماية‬ ‫يتم ا�صطيادنا بطريقة منظمة‬ ‫يجففوننا ويعلقوننا على �أبواب املدن‬ ‫طعاماً للغرباء ولعابري ال�سبيل‪.‬‬ ‫***‬

‫جئت العامل ومل �أجده على مقا�سي‬ ‫ومبا �أنني ال �أ�ستطيع العودة‬ ‫وال �أجد ما �أفعله �صرت �شاعراً‪.‬‬ ‫***‬

‫ت�صلني ر�سالة مكررة تقول‪:‬‬ ‫فح�صن �سفينتك‬ ‫الطوفان قادم ّ‬ ‫�إذا �أردت النجاة معنا ف�أر�سل ر�سالة‬

‫‪ ،sms‬للحجز قبل انتهاء املقاعد‬ ‫تكلفة الر�سالة‪ 0.25 :‬دوالر‪.‬‬ ‫***‬

‫�سقف العامل ه�ش‬ ‫تتقافز فوقه ثريان من �صخور‬ ‫ال�شعر يحتاج �ﻷ كرث من حياة و�ﻷ كرث من‬ ‫�سقف‪.‬‬ ‫كل الزوايا �صحيحة وت�صلح للنظر �إىل هذا‬ ‫العامل‬ ‫با�ستثناء الزاوية التي تقف فيها‪.‬‬ ‫***‬

‫�أن �أنوجد يعني �أنني بد�أت نهاية م�شروع‬ ‫بد�أ منذ اخللق‬ ‫هذا �سبب ٍ‬ ‫كاف للقلق‪.‬‬

‫فخري رطروط‬ ‫مواليد الزرقاء – ‪.1972‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ "جنة املرتزقة " ‪� -‬صادر يف القاهرة دار ر�ؤيا‪.‬‬‫ " �صنع يف اجلحيم" ‪� -‬صادر يف بريوت دار الغاوون‪.‬‬‫ "‪ 400‬فيل �أزرق" ‪� -‬صادر يف القاهرة دار الأدهم‪.‬‬‫ "جنة املرتزقة " ‪ -‬مرتجم للأ�سبانية �صدر يف كو�ستاريكا‪.‬‬‫ "طبول الرب " ‪� -‬صدر يف االكوادور مرتجم لال�سبانية‪.‬‬‫ ترجمت بع�ض الق�صائد للرومانية وااليطالية‪.‬‬‫‪106‬‬

‫***‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫حممد ال�شيخ يو�سف‬

‫مرة ثانية‬

‫مبلل على باب القيام ِة‪،‬‬ ‫�سوف ن ِق ُف ٍ‬ ‫غري مكرتثني �أو منده�شني‪� ،‬أو معجبني بالذي حدث‪ ‬‬ ‫أر�ض �شا�سع ٍة وخاوية عند زاوي ٍة جانبية‪ ،‬‬ ‫نتقد ُم �إىل � ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بجن�سيات متعددة‪ ،‬ومن �أماكن خمتلفة‪ ،‬وبهيئات وت�شوهات متباينة‪ ،‬‬ ‫وبت�شابهات وا�شتباهات غري متعمدة يف الهوية‬ ‫نقف بارتخا ٍء معتا ٍد يف تكهن الرغبات‬ ‫ُ‬ ‫ال نرك ُز �أب�صارنا على جن ٍة �أو نار‬ ‫ونقول‪:‬‬ ‫يا اهلل‪ ،‬هل نبقى هنا قلي ًال؟‬ ‫ُ‬ ‫مي�سك طفل �صغري �صورة العائلة جمتمع ًة على باب خيم ٍة خلفهم �صورة لذات العائلة‬ ‫جمتمعة فيما ي�شبه البيت‪ ،‬ال يرفعها عالياً؛ فقط يتدىل من ِيد �أبيه؛ وتتدىل ال�صورة من يده‪،‬‬ ‫وكالهما يتدليان من طرف �سجالت وكالة الغوث‪.‬‬ ‫تخرج �أُ ٌم قمي�صاً �أزرق غ�سلت ُه من الدم لئال تخد�ش امل�شهد بتفا�صيل مكررة‪ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫البنها ذاك القمي�ص‪ ،-‬‬‫ال ترفعه عالياً‪ ،‬تبقيه مرمياً على كتفها‪ ،‬حت�سباً من تكرار التفا�صيل‪.‬‬ ‫ونقول‪ :‬يا اهلل‪ ،‬هل نبقى هنا؟‬ ‫أحد ما لثامه‪ ،‬لنكت�شف �أننا نعرفه‪� ،‬أو عرفناه‪ ،‬واحرتاماً للبندقية �سوف ننده�ش‪ ،‬ال‬ ‫يرف ُع � ٌ‬ ‫نطيل التحديق لأكرث من ثوانٍ ثم نكمل امل�شهد‬ ‫‪107‬‬


‫نغ�ض الب�صر عن فتاة ُ‬ ‫متيل على ِ‬ ‫فيما بعد ُ‬ ‫غريب‪ ،‬‬ ‫كتف ٍ‬ ‫ رمبا تعبت من االنتظار‪ ،-‬نقول‬‫ُ‬ ‫ونفرت�ض �أن الغريب حبيبها الذي مل يعد من املعركة‪ ،‬‬ ‫مل يعد من الغاب ِة �أو من خلف اجلبل‪.‬‬ ‫ونقول‪ :‬يا اهلل‪ ،‬هل نبقى هنا؟‬ ‫�أم نعو ُد �إىل املخيم‪ ،‬وهناك نتم�شى وحدنا عرا ًة من عدونا بال انت�صا ٍر �أو هزائم‬ ‫ثم يا اهلل �أنت تقول لنا موعد قيامتنا بعد �أن ي�أخذ كل منا حقه يف احلزن كام ًال‪ ،‬يف املوت‬ ‫كام ًال‪ ،‬حقه يف �أن يذكر ا�سمه رباعياً يف الدكاكني وجل�سات ال�شاي و�صحف ال�صباح‬ ‫وموائد الإفطار الب�سيطة‪ ،‬وحقه من الذاكرة واجلدران‪ ،‬بعد �أن ننجو جميعاً من هذا املخيم‪.‬‬ ‫نريد �أن منوت ملرة واحدة بطريقة عادية‬ ‫وطن ٍ‬ ‫ب�سيط‪ ‬‬ ‫يف ٍ‬ ‫أر�ض عادية‬ ‫و� ٍ‬ ‫منوت مل ًال من تفا�صيل يومية‬ ‫طواعي ًة يف الروتني‬ ‫بعد م�سا ٍء عائلي معتاد‪.‬‬ ‫ملرة واحدة يا اهلل‬ ‫ثم نبقى حيث تختار �أن نبقى‬ ‫بعد هذا املخيم‪.‬‬

‫‪108‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫مها عواودة‬

‫�أبت�سم كلما دا�س �أحدهم قلبي!‬

‫�س�أبت�سم كلما دا�س‪ ‬‬ ‫�أحدهم فوق قلبي‬ ‫م�سرعاً ل�شراء خبز الفطور‬ ‫�أو �شاي امل�ساء‬ ‫�س�أن�صت لدمدمات الأوالد الهاربني‪ ‬‬ ‫من البيوت‬ ‫والأمهات املهروالت للعمل‬ ‫و�ستدغدغ مكان�س العمال �صدري‬ ‫و�أ�ضحك‪ ‬‬ ‫�س�أ�ضحك طوي ًال‬ ‫�س�أموت مرة �أخرى‪ ‬‬ ‫من ال�ضحك‬ ‫***‬

‫كل ما يف الأمر‬ ‫�أنني ق�ضيت معظم ما كان من عمري يف‬ ‫انتظار �أن يبد�أ‬ ‫ال�شعرة البي�ضاء التي اكت�شفتها �صباحاً يف‬ ‫ر�أ�سي‪ ‬‬

‫هي ذاتها ال�شعرة التي ت�أرجحت فوقها‬ ‫طوي ًال‪ ‬‬ ‫�أتدرب على الدور تارة‪ ‬‬ ‫وتارة على كتابة الن�ص‬ ‫كل الأغنيات التي حفظتها كتذكار‬ ‫للبداية‪ ‬‬ ‫�أو النهاية‬ ‫كل الأيادي‪ ‬‬ ‫التي ق�ص�صتها من عابرين‪ ‬‬ ‫كومبار�سات‪ ‬‬ ‫يف ظل احلكاية‬ ‫والده�شة التي ا�ستجديت اجلنون ليعرينها‪ ‬‬ ‫جمازاً �صاحلاً‪ ‬‬ ‫لطرد الذباب عن لوحة الإعالنات‬ ‫واجلنون واجلنون‬ ‫كل ذلك مل ي�شفع يل‪ ‬‬ ‫ل�شراء تذكرة وحيدة‬ ‫تذكرة �سخيفة‬ ‫‪109‬‬


‫تتيح يل حجز مقعد‪ ‬‬ ‫يف �صفوف املتفرجني‬ ‫كل ما يف الأمر‪ ‬‬ ‫�أنني ال زلت �أت�أرجح على �شعرة بي�ضاء‬

‫‪110‬‬

‫نبتت فج�أة يف مفرق ليلي‬ ‫بانتظار �أن يبد�أ عمري‬ ‫�أتل�ص�ص خل�سة عليه‬ ‫من فجوة �أحدثتها يف ال�سقف‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫هال ال�شروف‬

‫�أنا املر�أة الفاجعة‬

‫�أنا املر�أة الفاجعة‬ ‫قتلت �أبنا َءها �إذ �أجنبت ُهم‪.‬‬ ‫�أنا الأ ُّم التي ْ‬ ‫املخا�ض‬ ‫�أنا �أُ ُّم ُهم حني جاء‬ ‫ُ‬ ‫هم الناع�سة‬ ‫و�أ ُّم عيو ِن ُ‬ ‫�شموا حليبي‬ ‫حني ُّ‬ ‫علي بال قلقٍ من جفاف العروقْ ‪.‬‬ ‫وناموا َّ‬ ‫�أنا �أ ُّم ُهم حني نام املكانُ‬ ‫ح�س �أمي البعيدة‪:‬‬ ‫و�أ�شعلني ُّ‬ ‫غداً لن تخايف من الوحدة الغارقة‬ ‫معنى �سوى‬ ‫حني ي�صري الكالم بال �أي ً‬ ‫�أن ُينا َدى ِ‬ ‫عليك بلفظ املحبة‪،‬‬ ‫براح الأيادي ال�صغرية‬ ‫�سوى �أن تكوين َ‬ ‫و�أر�ض البكاء ال�صغري‪.‬‬ ‫ني وحو�ش احلكايا �إىل غرفة‬ ‫ت�صحب َ‬ ‫غداً َ‬ ‫النوم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫�شبابيك لي َل ِتهِ م يف‬ ‫حني يدقُّ ال�سها ُد‬ ‫ال ِأ�س َّرة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫احل�صان فرا�ش َة �ضوء‪،‬‬ ‫لذيل‬ ‫ني ِ‬ ‫غداً تربِط َ‬

‫غداً ترك�ضني وراء ال�ضفادع يف ِّ‬ ‫كل‬ ‫عنيٍ ‪،‬‬ ‫غداً لن متوتي كثرياً‬ ‫لأن الأمومة معجون ٌة بدماء احلياة‪.‬‬ ‫�أنا املر�أة القاب�ضة‬ ‫على جمرة الأر�ض‪.‬‬ ‫امل�سرتيح‬ ‫�سقطت عن اجلبل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫رت عظمي‬ ‫وك�س ُ‬ ‫َّ‬ ‫أيت �سواد احلروب يخ ّيم فوق‬ ‫حني ر� ُ‬ ‫الطريق القدمي‪.‬‬ ‫رت �أمي‬ ‫تذكّ ُ‬ ‫وكيف �أتاح لها عمرها �أن تراين عرو�ساً‬ ‫بثوب البيا�ض‪،‬‬ ‫وكيف تخ ّل ْت عن احلظ يف حذوة‬ ‫اخليل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫و�ضعت لها عنقها يف‬ ‫�ستنفع‪� ،‬إن ما‬ ‫ُ‬ ‫اجلدار‪،‬‬ ‫‪111‬‬


‫�أنا يا ابنتي نام حظي على طرف البئر‪،‬‬ ‫�إين �أراه‪.‬‬ ‫�أنا املر�أة الواقفة‬ ‫على درج املوت يف زحمة املوت‪.‬‬ ‫ال �شيء يوقف هذا اجلنون‪،‬‬ ‫وال �شيء ي�س ِن ُدين يف الرت ّنح‪،‬‬ ‫ال بئر ُي�س ِق ُطني يف يديه‪،‬‬ ‫وال ماء يغ�سلني من ذنوبي‪.‬‬ ‫رت �أمي‬ ‫تذكَّ ُ‬ ‫حروب‬ ‫وكيف احتمينا على ِحجرها يف ٍ‬ ‫بعيدة‪،‬‬ ‫�ستفتح باب‬ ‫اعتقدت ب�أن النجاة‬ ‫حتى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫احلياة لنا الآن‪،‬‬ ‫اعتقدت ب�أين �س�أختا ُر لون‬ ‫وحتى‬ ‫ُ‬ ‫الزنابق يف عر�س ابني‪.‬‬ ‫�أنا املر�أة الراجفة‬ ‫أو�سع ح�ضني ليحمل �أبناء قلبي معاً‪.‬‬ ‫� ّ‬ ‫�أنا �أ ُّمهم حني جاء امل�ساء‬ ‫وحاوط ُت ُهم حتت ظل اجلدار الأخري‪،‬‬ ‫علي‬ ‫�أنا �أ ُّمهم حني خافوا َّ‬ ‫ومل يفهموا حكمة القنبلة‪،‬‬ ‫علي‪:‬‬ ‫�أنا �أ ُّمهم حني نادوا َّ‬ ‫‪112‬‬

‫منوت هنا‪،‬‬ ‫يا �أ َّمنا لن َ‬ ‫يا �أ َّمنا دثّرينا ب�صوت الأغاين‬ ‫وكوين يد اهلل يف املعركة‪،‬‬ ‫يا �أ َّمنا‬ ‫�أعريي يدينا جناح ال�سنونو‬ ‫لن�صعد فوق اجلدار الذي �سوف ي�سقط‪.‬‬ ‫�أنا �أ ُّمهم‬ ‫ا�ستطعت‬ ‫حني خافوا كثرياً‪ ،‬وحني‬ ‫ُ‬ ‫الغناء لأن�سى ال َق َتلة‪،‬‬ ‫�أنا �أ ُّمهم حني ماتوا معاً‪:‬‬ ‫يا �أ َّمنا ال تخايف علينا‬ ‫وال تنظري �صوب �أ�شالئنا يف املكان‪،‬‬ ‫يا �أ َّمنا‬ ‫ال متوتي على جرحنا يف الغروب‪،‬‬ ‫لنا �أخو ٌة �آخرون لكي تلديهِ م‪،‬‬ ‫لنا ق ُربنا كي تغ�سليه مباء البنف�سج‪.‬‬ ‫�أنا �أ ُّمهم‬ ‫علي‪،‬‬ ‫حني ْ‬ ‫�سالت دماء املالك َّ‬ ‫و�أ ُّم العيون التي نامت الآن رغم‬ ‫ال�ضجيج‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫�أنا الفاقة‪ ،‬العاقر‪� ،‬أخت الذكورة‬ ‫ال رحم يل‪.‬‬ ‫يداي‬ ‫ر� ُ‬ ‫أيت �صنيعي وما َّقدمت ُه َ‬


‫ابداع ونقد‬

‫حتدقُ بي‪،‬‬ ‫أنانيتي يف الظالل ّ‬ ‫ر�أيت � َّ‬ ‫مل �أ�ستمع لهواج�س قلبي‪:‬‬ ‫ال حت َبلي! هذي احلياة ُ‬ ‫ت�سيل دماً‬ ‫وتقتل �أبنا َءها يف الظالم‪،‬‬

‫ال تلدي مو َتهم لتعي�شي‪.‬‬ ‫�أنا املر�أة الفاجعة‬ ‫�أنا الأم التي قتلت �أبنا َءها �إذ �أجنبت ُهم!‬

‫هال ال�شروف ‪ -‬مواليد ‪.1978‬‬ ‫م�ؤلفاتها‪:‬‬ ‫ املجموعة ال�شعرية الأوىل – "�س�أتبع غيما" ‪ -‬دار الآداب ‪.‬‬‫ املجموعة ال�شعرية الثانية – "مل �أقطع النهر " ‪ -‬دار الأهلية‪.‬‬‫‪113‬‬




‫لبنان ‪ -‬بريوت ‪� -‬شارع احلمرا ‪ -‬بناية ر�سامني ‪ -‬ط‬

‫‪3‬‬

‫�ص‪.‬ب‪ 113 - 7179 :‬بريوت ‪ -‬لبنان‬

‫ا�سم الكتاب‬

‫ا�سم الكاتب‬

‫‪tel: 00961 -1 - 751 541‬‬ ‫‪E-mail: info@darabaad.com‬‬ ‫‪website: www.darabaad.com‬‬

‫تهجري املوارنة اىل اجلزائر‬ ‫عروبة يو�سف بك كرم‬ ‫عوملتان الفو�ضى واملقاومة‬ ‫الفل�سطينيون يف لبنان‬ ‫االن�سان اوال‬ ‫الهوية وال�صراع‬ ‫رحيل يف ج�سد‬ ‫الف�ساد امل�ؤدلج‬ ‫ال�صناعة يف طرابل�س‬ ‫التحية االخرية‬ ‫لبنان يف ذاكرة العراق القدمي‬ ‫علم االجتماع ال�سيا�سي‬ ‫�أحالم املاء‬ ‫ناق�صات عقل و دين‬ ‫التطبيع ي�سري يف دمك‬ ‫اوف الين‬ ‫حي التنك‬ ‫بابل والتوراة‬ ‫ال�سيا�سة تطور املعنى وتنوع املقرتبات‬ ‫حب بطعم القهوة‬ ‫امل�سرح العاري‬ ‫التنمية يف الهالل اخل�صيب‬ ‫ال�سقف‬ ‫‪ 90‬يوما يف ال�سعودية‬ ‫جهاد النكاح‬ ‫مناي‬ ‫يف مواجهة الطائفية‬ ‫لأين مل �أكن‬ ‫مار مارون واملوارنة‬ ‫�شعر الفداء واالنبعاث‬ ‫حرب التحرير القومية‬

‫�سركي�س �أبو زيد‬ ‫�سركي�س �أبو زيد‬ ‫�سركي�س �أبو زيد‬ ‫�شوكت �أ�شتي وغازي خلف‬ ‫�سركي�س �أبو زيد‬ ‫زهري فيا�ض‬ ‫زاهر العري�ضي‬ ‫د‪ .‬قي�س جرج�س‬ ‫منري خملوف‬ ‫من�صور عازار‬ ‫الأب �سهيل قا�شا‬ ‫�شوكت �أ�شتي‬ ‫�سوريا بدور الطويلة‬ ‫يحيى جابر‬ ‫د‪ .‬عادل �سمارة‬ ‫زاهر العري�ضي‬ ‫اكرام الداعوق‬ ‫الأب �سهيل قا�شا‬ ‫�شوكت �أ�شتي‬ ‫جومانة معالوي‬ ‫عبيدة االبراهيم‬ ‫زهري فيا�ض‬ ‫ريا�ض بيد�س‬ ‫�أ�سماء وهبة‬ ‫د‪.‬عادل �سمارة‬ ‫فايز غازي‬ ‫�سركي�س �أبو زيد‬ ‫ن�سرين كمال‬ ‫�سركي�س �أبو زيد‬ ‫زيتوين‬ ‫ل�ؤي ف�ؤاد‬ ‫ّ‬ ‫انعام رعد‬

‫ال�سرية‬ ‫احلرب على �آ�سيا‬ ‫العوملة وال�سيادة‬ ‫الفي�سبوك وت�شكيل العالقات االجتماعية‬

‫من�صور عازار‬ ‫علوان �أمني الدين‬ ‫علوان �أمني الدين‬ ‫وفاء كاظم حطيط‬

‫خيمة غزة‬

‫ن�ضال حمد‬

‫الت�صنيف‬

‫تاريخ‬ ‫بيبلوغرافيا‬ ‫فكر �سيا�سي‬ ‫فكر �سيا�سي‬ ‫فكر �سيا�سي‬ ‫فكر �سيا�سي‬ ‫�أدب‬ ‫فكر �سيا�سي‬ ‫اقت�صاد‬ ‫مذكرات‬ ‫تاريخ‬ ‫علم اجتماع‬ ‫�أدب‬ ‫فكر �سيا�سي‬ ‫فكر �سيا�سي‬ ‫�شعر‬ ‫�أدب‬ ‫دين‬ ‫فكر �سيا�سي‬ ‫�أدب‬ ‫�شعر‬ ‫اقت�صاد‬ ‫�أدب‬ ‫مذكرات‬ ‫فكر �سيا�سي‬ ‫�شعر‬ ‫فكر‬ ‫�شعر‬ ‫تاريخ‬ ‫�أدب‬ ‫فكر �سيا�سي‬ ‫رواية‬ ‫مذكرات‬ ‫فكر �سيا�سي‬ ‫فكر �سيا�سي‬ ‫اجتماع‬

‫كتب �صدرت حديثاً‪:‬‬

‫ من �أجل ٍغد واعد ‪ -‬داود خرياهلل‬‫ اورا�سيا والغرب ‪ -‬د‪ .‬جمال واكيم‬‫ �أمل بردان – ملحم احلايك‬‫ مواد للبناء – فهد البا�شا‬‫ فرا�شة التوت ‪ -‬لونا الق�صري‬‫ ق�صائد افرتا�ضية ‪� -‬أمني الذيب‪.‬‬‫ كانت ال�ضيعة ب�ألف خري – غازي اخلوري‬‫ وال ينتهي اللعب ‪� -‬إكرام الداعوق‬‫ ما مل يكتب عن داع�ش ‪� -‬أحمد �صالح عثمان ‪ -‬خليل القا�ضي‬‫ منرب حتوالت – من�صور عازار‬‫ قامات �أنثوية ‪ -‬لوي�س احلايك‬‫ الأ�شجار العلفية واال�سرتاتيجية يف بالدنا ‪ -‬ف�ؤاد �سروجي و�أحمد �سرحان‬‫‪- The Oak Tree A word of wisdom from the plant kingdom - Fuad Srouj‬‬

‫كتب حتت الطبع‬ ‫ يو�سف بك كرم (�سرية بطل) ‪� -‬سركي�س �أبو زيد‬‫ درو�س يف العقيدة ‪� -‬إنعام رعد‬‫ التوراة تثبت ان فل�سطني ار�ض عربية ‪ -‬دعاء ال�شريف‬‫ يف �شواطئ الريح والغبار ‪ -‬د‪ .‬ل�ؤي زيتوين‬‫‪ -‬امل�سيحية امل�شرقية املعنى والر�سالة ‪� -‬سركي�س ابو زيد‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�سنا الب ّنا‬

‫ر�سالة �إىل موالنا‬

‫ُ‬ ‫تتحامل على براءتي ك�أنني خ�شبة‬ ‫بال�شمو�س‪،‬‬ ‫يا من �أهديتني هذا ال�صباح‪ ،‬قلباً مجُ نحاً راف ًال‬ ‫ِ‬ ‫يت �أن يتداعى‪ ،‬بي �سف ٌر �أ�ستب�ش ُر به قابلية الهذيانْ ‪،‬‬ ‫اخلال�ص‪ ،‬بي ِخ�شي ُة �أنثى وخف ٌر ٌ‬ ‫ه�ش �أ َب ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫� ُ‬ ‫كل مداري كثبانٌ‬ ‫و�صل�صال‪،‬‬ ‫كيف‬ ‫باب من�سكي‪ ،‬م�سكون ٌة ب�أ�شجانْ ‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أترقرق على ِ‬ ‫ت�سللت؟ ُّ‬ ‫ري�ش النعا ْم‪َ .‬‬ ‫لعلك احلب ال�شحيح املن�سوب لبني �آدم‪...‬‬ ‫يحر�س �صومعتي بنعمٍ من ِ‬ ‫و�إل ٌه ُ‬ ‫لعوب �شهي ٌة لها من الغواي ِة قفرانٌ‬ ‫وطحالب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل�ست حوا َء املعهود َة يف والئمِ ال ِأ�س َّرة �سمعت �أنها ٌ‬ ‫تفتق ُر �إىل فاحت ِة ال�ضو ِء ُيغ�شيها الظالم‪� .‬أنا َ‬ ‫ال�شواطئ‬ ‫تلك التي حمت �أناها يف الذوبانْ ‪ ،‬تلك‬ ‫ُ‬ ‫الليل ُ‬ ‫املد وبراها الطوفانْ ‪ .‬بريئ ٌة عند ِ‬ ‫ال�شم�س لتمحو‬ ‫تغ�سل بقايا‬ ‫ِ‬ ‫ال�صخري ُة �صفعها ُّ‬ ‫حواف ِ‬ ‫َ‬ ‫ال�شوك �أن ي�ص َري دالية واحلان ُة ت�ست�سقي َ‬ ‫الغبا ْر‪ .‬موطني ُ‬ ‫حمافل م�صل َني ي�ستخريونَ‬ ‫النادل �أن‬ ‫املن�سي على وج ِه‬ ‫ي�سكب اخلم َر يف اخلوابي التعبة‪� .‬إن عانق َتني َتذ َكر �أن جدائلي ُ‬ ‫َ‬ ‫تلف القم َر َ‬ ‫البح ِر و�أن �شبا َكها �ضحلة ال ُ‬ ‫ُبل‪،‬‬ ‫تفك �ضحكتي من مهادها‪� ،‬شفتي قف ٌري �شَ ِغ ٌف ال يتلو غ َري الق ِ‬ ‫وال�صيد يف �أعماقي ُ‬ ‫�سبيل االنتحا ْر‪.‬‬ ‫فاحذر �أن تغو َر يف مداي‪� ،‬شا�س ٌع بحري‬ ‫ُ‬ ‫�سنا البنا‪:‬‬ ‫مواليد اخلريبة‪ /‬املنت الأعلى‬ ‫‪ - 1‬ع�ضو احتاد ال ُك ّتاب اللبناين‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ع�ضو يف منتدى �شهريارد الثقايف‪ /‬فرع املنت‪.‬‬ ‫م�ؤلفاتها‪:‬‬ ‫‪� - 1‬آدم وتاء الغوية – ‪.2011‬‬ ‫‪ - 2‬ر�سائل �إىل موالنا – ‪.2016‬‬ ‫‪117‬‬


‫عب الليل خ ّب� ُأت ّ‬ ‫كل �أوهامي‬ ‫يف ّ‬ ‫�ساورين قلق اجلمود‬ ‫فاغت�سلت بدمعي ح ّتى العبق‬ ‫ُ‬ ‫ر ّدين �إىل جنوين‪ ‬‬ ‫فال�شم�س عادت من �شفق‬ ‫ر ّدين �إىل غياهب الطفولة‬ ‫�أ�شنق فوقها بقايا حزن‪ ..‬بقايا انهزام‬ ‫يا ظ ّلي املتك ّلم يف �صمتي‬ ‫عمدين بكحلك ح ّتى القيامة‬ ‫ّ‬ ‫عمدين بريق الألق‬ ‫ّ‬ ‫�أخربين عن ٍ‬ ‫�سيف ال يذبل‬ ‫عن جوع اليا�سمني‬

‫عن وعد ما مات‬ ‫الديك‬ ‫�أخربين ح ّتى �صياح ّ‬ ‫وال ُتنكرين ثالث م ّرات‬ ‫جمعني يف حميط روحك �صدى ال ّروح‬ ‫ّ‬ ‫�إذا انبثق‬ ‫يا �أ ّيها امل�صطفى احلائر‬ ‫يا ب ّر البحار ال ّتائهة‬ ‫خذين �إىل احللم‪ ‬‬ ‫�أعطني وطناً من زئبق‬ ‫�أعطني كتفاً ال ينهار‪ ‬‬ ‫�أعطني وجهاً من نور ونار‬

‫د‪ .‬نادين طربيه ّ‬ ‫احل�شا�ش‪‎‬‬ ‫ مواليد البو�شرية ‪.1984‬‬‫ ع�ضو يف منتدى �شهريارد الثقايف‪.‬‬‫م�ؤلفاتها‪:‬‬ ‫‪ - 1‬ديوان هم�سات – ‪.2007‬‬ ‫‪ - 2‬التنا�ص وقراءة الن�ص الغائب يف �شعر خليل حاوي‪.2014 -‬‬ ‫‪118‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫د‪ .‬نادين طربيه احل�شّ ا�ش‬

‫عب الليل‬ ‫ّ‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�أدهم الدم�شقي‬

‫نباح‬

‫أقرب الكالب امل�شردة �إىل قلبي‬ ‫ما � َ‬ ‫عيو ُنها مرايا‬ ‫َتل َم ُع يف ال�ضو ِء وتعدو باجتاه الليل‬ ‫َيغم ُر الليل وجهي ف�أم�شي‪.‬‬ ‫أفهم كيف‬ ‫�أيتها الكالب الوحيدة كخيبتي َع ّلميني كيف �أُ�ضْ َرب ف�أن�سى و�أُ َذ ّل‪َ ،‬ع َّلني � ُ‬ ‫يعي�ش �أهلي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أمار�س اجلن�س بال حب‪ .‬ع َّلني �أفهم كيف‬ ‫�أيتها الكالب الوحيدة كقلبي َع ّلميني كيف � ُ‬ ‫كالب ال َّن ْ�س ُل‪.‬‬ ‫َت َ‬ ‫لف اهلل جنزيراً‬ ‫كيف �أَ ُ‬ ‫�أيتها الوحيدة كروحي َع ّلميني َ‬ ‫نب�ش عظام املقابر لأعي�ش‪ .‬كيف َي ُّ‬ ‫أنام ذَلي ًال على الأبواب والعتبات‪� ،‬أه ُز‬ ‫على عنقي وم�سبحةً‪ ،‬لأعي�ش‪ .‬ع ّلميني كيف � ُ‬ ‫ال�شوارع‪ ،‬و�أَ ْد ُل ُق �شَ هوتي يف العراء‪،‬‬ ‫أرج �صوتي للغريب‪� ،‬أطارد ِق َط َط َّ‬ ‫ذَيلي لأهل البيت‪ُّ � ،‬‬ ‫لأعي�ش‪.‬‬ ‫أكتم نباحي و�أ�ص ّلي كي �أعي�ش‪..‬‬ ‫ع ِّلميني كيف � ُ‬ ‫ما �أقرب الكالب امل�شردة �إىل قلبي‬ ‫عيو ُنها مرايا‬ ‫‪119‬‬


‫تلم ُع يف ال�ضو ِء وتعدو باجتاه الليل‬ ‫يغم ُر الليل وجهي ف�أم�شي‬ ‫�أيتها الوحيدة كغربتي ومتردي‪ُ ،‬ج ّري نباحي واغربي‪ ،‬فاملدينة َرمت لنا عظا َم �أهلها ونامت‬

‫�أدهم الدّم�شقي‪ :‬مواليد �صوفر ‪.1990‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ له ثالثة من�شورات �أدبية �شعرية" مل َي ِل ْد َذ َكراً لمَ ْ َي ِل ْد �أُنثى" �صادر عن دار الآداب‬‫‪ ،2014‬وكتاب بال عنوان �صادر عن دار نل�سن ‪ ،2011‬وكتاب‪" ‬لو �أين اهلل" �صادر عن دار‬ ‫درغام ‪.2009‬‬ ‫ �إعداد وتقدمي كتاب "درا�سات عن ال�شاعر خليل حاوي" �أجنزها طالبه يف كلية الرتبية‬‫ ُترجمت بع�ض ق�صائده �إىل الأملانية والأرمنية والفرن�سية والإنكليزية‬‫ حائز على ك�أ�س لبنان وامليدالية الذهبية مع امتياز عن فئة ال�شعر يف برنامج ا�ستوديو‬‫الفن (‪ .)2010‬وامليدالية الذهبية يف م�سابقة الق�صة الق�صرية التي ّ‬ ‫نظمتها وزارة الثقافة‬ ‫اللبنانية (‪.)2008‬‬ ‫ م� ِّؤ�س�س اللقاء الثقايف يف �ضهور ال�شوير وم�ؤ�س�س (‪ )Merhata Cine Club‬لعر�ض‬‫ونقا�ش �أفالم ق�صرية ملخرجني �شباب‪.‬‬ ‫ ع�ضو الهيئة الإدارية للحركة الثقافية يف لبنان‬‫‪120‬‬


‫من الغباء‬ ‫�أن تطلق النار على ظلك‪،‬‬ ‫عندما ميكنك �أن تدفعه‬ ‫�إىل االنتحار‪..‬‬ ‫مث ًال‬ ‫اجمع �أمامك كومة من الأرز‪،‬‬ ‫ادع �إىل الوليمة‬ ‫منال ق�صيدة �سابقة‪،‬‬ ‫و�ضع داخل كل ح ّبة‬ ‫متفجرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وغن مقطعاً‬ ‫ّ‬ ‫من �أوبرا الوجع‪..‬‬ ‫ج ّرب‬ ‫تخ�ش العواقب‪،‬‬ ‫وال َ‬ ‫لن تكون �أ ّول �شاعر‬ ‫تقطع �أ�صابعه‬ ‫وينبت مكانها‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫ع�ساف‬ ‫با�سكال ّ‬

‫من الغباء‬

‫حلوى‬ ‫***‬

‫�أربعون يوماً‬ ‫مل �أخربك‬ ‫كم جميلة � ِأنت‪...‬‬ ‫�أربعون يوماً‬ ‫والعامل يتفتت بني يدي‬ ‫مدخن‪...‬‬ ‫كرئة ّ‬ ‫�أنا الذي �صنعت من احلب‬ ‫كي�س مالكمة‪،‬‬ ‫�أمت ّرن عليه يف النهار‪،‬‬ ‫وم�سا ًء يغلبني غيابك‪...‬‬ ‫أتوعد ال�شعر باالنتقام‪،‬‬ ‫� ّ‬ ‫و�أنام كطبق بارد‪...‬‬ ‫***‬

‫‪121‬‬


‫تعجبني املر�أة املتوح�شة‪،‬‬

‫تقذف احلجارة‪ ،‬ودموعها‪ ،‬‬ ‫و�ضحكاتها‬ ‫على زجاح نوافذ منزيل‪،‬‬ ‫تخلع الباب اخلارجي‪،‬‬ ‫ت�شطب ا�سمي عن اجلر�س‪،‬‬ ‫ت�ستبدله بلقب كذاب‪،‬‬ ‫تدور على جرياين‪،‬‬ ‫�شقة �شقة‪،‬‬ ‫تخربهم �أنني �أفل�ست‪،‬‬ ‫مل �أعد �أملك �شيئاً‪،‬‬ ‫وحيلتي‬ ‫الي�سري من ال�شعر‪،‬‬ ‫ال يكفي لإطعام ع�صفور‪،‬‬ ‫�أو �إخافة ر�صا�صة من مطاط‪،‬‬ ‫�أو ا�ستدراج فرا�شة‬ ‫م�صابة بعمى الألوان‪،‬‬ ‫وب�أنني ممثل فا�شل‪،‬‬ ‫واملرة القادمة التي �أعتلي فيها‬ ‫م�سرحاً‪،‬‬ ‫�ستكون لأكن�س الأر�ضية‪،‬‬ ‫�أم�سح الغبار‪،‬‬

‫‪122‬‬

‫�أعيد ترتيب الكرا�سي‪،‬‬ ‫وجمهوري الوحيد‪ ‬‬ ‫املكتمل احل�ضور‬ ‫خيباتي الالمتناهية‪...‬‬ ‫ت�سمم نبتتي الوحيدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تنفث يف �أوراقها‬ ‫�أ�سماء ع�شيقاتي‪،‬‬ ‫وت�شاهدها تذبل من الغرية‪،‬‬ ‫تت�سلل �إىل خمدعي يف الليل‪،‬‬ ‫حت�شو �أحذيتي بامل�سامري‪،‬‬ ‫وال�ضفادع‪ ،‬واحلفر‪،‬‬ ‫ت�سرق فردة من كل زوج جوارب‪،‬‬ ‫مت�سح �شفتيها بياقات قم�صاين‪،‬‬ ‫وكحل عينيها بربطات العنق‪،‬‬ ‫ترتك ع�شرة �أظافر يف ظهري‪،‬‬ ‫وخلفها رائحتها ال ّربية‪،‬‬ ‫تعجبني املر�أة ف ّتاكة‪،‬‬ ‫ال تقبل بكلمة ال �إجابة‪ ‬‬ ‫على �أ�سئلة �أحالمها‪،‬‬ ‫ال تتوانى عن مقاتلة ظلها‪،‬‬ ‫لت�ستقطب انتباهي‪،‬‬ ‫تلم�س جمالها‬ ‫�أ�سارع �إىل ّ‬


‫ابداع ونقد‬

‫يف العتمة‬ ‫و�أتعرث ب�أفخاخ نظراتها‪...‬‬ ‫كل هذا الدمار‪،‬‬ ‫عاملي املقلوب‪،‬‬ ‫احلرائق‪،‬‬ ‫النريان ال�صديقة والعدوة‪،‬‬ ‫مهما كان م�صدرها‪،‬‬ ‫غرورها من جهة �أم طفولتها‪،‬‬ ‫كله �أيتها امل�شاك�سة‪،‬‬

‫تقدرين عليه و�أكرث‪،‬‬ ‫ومبجهود �أقل‪،‬‬ ‫فقط لو تتوقفني للحظة‬ ‫عن العراك‪،‬‬ ‫تطبقني ِ‬ ‫فمك امل�صيدة‪،‬‬ ‫تغم�ضني ِ‬ ‫عينيك‪،‬‬ ‫وتدعينني � ِ‬ ‫أقبلك‪...‬‬

‫ع�ساف‪ :‬كاتب و�شاعر من لبنان‪ ،‬مواليد بريوت ‪ ،1970‬م ّثل لبنان يف املهرجان‬ ‫با�سكال ّ‬ ‫ال�شعري "�أ�صوات من حو�ض املتو�سط" ‪ ،2013‬يف لوديف ‪ -‬فرن�سا‬ ‫م�ؤلفاته‬ ‫ �أوبرا الوجع‪� ،‬شعر‪ ،‬دار نل�سن ‪2012‬‬‫ وجوه و�أقنعة‪ ،‬ق�ص�ص ق�صرية‪ ،‬دار نل�سن ‪2014‬‬‫أحب امر�أة واحدة‪� ،...‬شعر‪ ،‬دار نل�سن ‪2015‬‬ ‫� ّ‬‫ و�أكره ك ّل الن�ساء‪� ،‬شعر‪ ،‬دار نل�سن ‪2016‬‬‫‪123‬‬


‫لن تكفيني‪ ...‬امر�أة واحدة‬ ‫ف�شعري طفل دائم اجلوع حلرب الأنوثة‬ ‫وحوا�سي تتنا�سل ب�سرعة ال�ضوء لتقات‬ ‫الأنفا�س احلارة‬ ‫وجنوين يفي�ض خارج �ضفتي ج�سدي‬ ‫ليعلن ن�شوة االرتطام‬ ‫ونرياين ترق�ص على ايقاع الريح امللعونة‬ ‫لتغري الوقت بدفء الرع�شات‬ ‫لن تكفيني امر�أة واحدة‬ ‫لن تكفيني اممممممممممممممر�أة‬ ‫واحدة‬ ‫لذا عليك �أن تكوين كل الن�سااااااااااااااا‬ ‫ااااااااااااااااااااااااااء‬ ‫�أاو‪ ‬‬ ‫ت�سا�ؤل‬ ‫�أر ّو�ض ظلك على الرق�ص يف ح�ضرة‬ ‫احلوا�س‪ ‬‬ ‫ونطفئ �شم�سنا لنهرع �إىل �سرير ي�شبهنا‪ ‬‬ ‫‪124‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�أدوني�س اخلطيب‬

‫طمع‬

‫نت�أوه �أحالماً عابرة للحظات‪ ‬‬ ‫ونهوي �إىل قعر الدفء‪ ‬‬ ‫نتلو فعل‪ ....‬القدا�سة‪ ‬‬ ‫‪ ....‬هكذا �أتبلل بك حني اجلنون‪ ..‬‬ ‫و�أجف يف ح�ضرة �شفتيك‪ ...‬حني‬ ‫الت�سا�ؤل‪ ...‬‬ ‫حبذا لو حتديثني برائحتك‪ ...‬دون ت�سا�ؤل‬ ‫لو تلونني جلدي ب�أنينك الأنثوي‪ ...‬دون‬ ‫ت�سا�ؤل‪ ‬‬ ‫‪...‬هنا على ر�صيف الهذيان‪ ‬‬ ‫وحدنا‪ ..‬يف ليل وثني حالك‪ ‬‬ ‫�أ�س�أل‪ ..‬كم رجل مر على �ضفافك؟‪ ‬‬ ‫الت�سا�ؤل يحق لل�شعراء فقط‪ ‬‬ ‫اعذري‪� ...‬شياطيني‪ ‬‬ ‫�أو ‪ ‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫ظل �أنثى‬

‫مدمن على ِ‬ ‫ظلك‪ ‬‬ ‫�أترنح من �شدة ال�شوق‪ ‬‬ ‫ف�أغادر جلدي نحوك‪ ..‬‬ ‫�أرمتي بقوة على ما تبقى من نارنا‪ ..‬‬ ‫‪ ....‬‬ ‫�أين قنديل حربك؟‪ ‬‬ ‫هل الظل ُيقتل بطلقة �ضوء؟‪ ‬‬ ‫�أو ثمة خرافة كاحلب‪ ‬‬ ‫متار�س فينا اللهو على ر�صيف القمر‪ ‬‬ ‫ونحن ن�ضحك دمعاً؟‪ ‬‬ ‫‪ ....‬‬ ‫�أ�سئلة �ساذجة ت�شبهني‪ ...‬ت�شبهنا‪ ..‬‬ ‫وال�شعر‪ ،‬هذا املر�ض اللعني‪ ‬‬

‫ينخر يف ذاكرتي‪ ..‬‬ ‫فت�سقط الأجوبة خارج ج�سمك‪ ‬‬ ‫ف�أ�سرع اللتقاطها‪ ..‬و�أهوي منهكاً‬ ‫‪ ....‬‬ ‫تعايل‪ ..‬‬ ‫ال اذهبي‪ ..‬‬ ‫�س�أ�ستح�ضرك برائحتي‪ ‬‬ ‫برباكني النب�ض‪ ‬‬ ‫بن�شوة الأمكنة‪ ‬‬ ‫‪..‬تعايل‪ ...‬ال اذهبي‪ ‬‬ ‫و�أر�سلي يل ظلك‪ ..‬‬ ‫مدمن �أنا على ِ‬ ‫ظلك‪ ‬‬ ‫�أترنح من �شدة‪ ...‬نا‪ ‬‬

‫�أدوني�س اخلطيب‪ :‬مواليد الهرمل ‪1972‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ ف�ضائح احلرب ‪1999‬‬‫ الورق لي�س �أعمى ‪2001‬‬‫ عم برتكب كلمة (حمكي لبناين) ‪2003‬‬‫ حلم بال تياب (م�شهديات �شعرية مم�سرحة‪ -‬ت�أليف و�إخراج وتدريب رق�ص) ‪2005‬‬‫ على حافة امر�أة (‪ 50‬خاطرة �شعرية) ديوان �إلكرتوين مت توقيعه على الفاي�سبوك تكلم‬‫فيه ال�شعراء والنقاد ال�سادة (نعيم تلحوق‪ -‬حبيب يون�س‪ -‬رودي رحمة‪ -‬جمال فيا�ض‪-‬‬ ‫نادين الأ�سعد‪ -‬ن�سرين الأ�شقر برباري) ترجمه �إىل الفرن�سية ال�شاعرة جانيت قا�صوف‬ ‫وال�شاعر ديديه فافر‪.‬‬ ‫‪125‬‬


‫عندما � ِ‬ ‫أحببتك يا امر�أة‬ ‫كانَ ح ُّب ِك �أقوى من عاداتنا‬ ‫طموحي �أك ُرب من �آهاتي‬ ‫وعند لهفتي تنك�س ُر الأغالل‬ ‫َ‬ ‫‪ ...‬كانَ يف ِ‬ ‫عينيك بح ٌر من الأنغام‬ ‫ي�شدين‬ ‫ُّ‬ ‫و�شع ُركِ يا�سمينة‪ ..‬متط ُر فوق �أحالمي‬ ‫علي الدفء والن�شوة‬ ‫نهداكِ ي�سكبانِ َّ‬ ‫قمح ق�صيدتي‬ ‫وكانت يداكِ تخبزانِ َ‬ ‫وخ�ص ُركِ‬ ‫يداعب �أفكاري‬ ‫ُ‬ ‫املرتع�ش ُ‬ ‫فلم يكن لدي قدر ٌة على اختزالك‬ ‫ومل يكن ِ‬ ‫لديك قدر ٌة على احتمايل!‬ ‫عندما � ِ‬ ‫أحببتك يا امر�أة‪..‬‬ ‫عرفت � ِأنك مل حتتملي عناقي �أك َرث من‬ ‫ُ‬ ‫دقيق ٍة‬ ‫فت�شتعلني‪..‬‬ ‫�شفتي �أك َرث من دقيق ٍة‬ ‫وال نبيذ ّ‬ ‫‪126‬‬

‫فتتع ّرين‪..‬‬ ‫أبجديتك حرفاً حرفاً‬ ‫ِ‬ ‫فككت �أزرا َر �‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وغ�سلتك بغريتي‬ ‫� ِ‬ ‫ألب�ستك حري َر لغتي‬ ‫ِ‬ ‫و�سامرتك �إىل �آخ ِر الوجع‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫تكوينك‪ ..‬كما �أحب‬ ‫أعيد‬ ‫ع ّلني � ُ‬ ‫لدي قدر ٌة على اختزالك‬ ‫فلم يكن ّ‬ ‫ومل يكن ِ‬ ‫لديك قدر ٌة على احتمايل!‬ ‫عندما � ِ‬ ‫أحببتك يا امر�أة‪..‬‬ ‫م�سحت عن ذاكرتي غبا َر الوقت‬ ‫ُ‬ ‫ألغيت عقدي مع الزمن‬ ‫و� ُ‬ ‫احللم �أُرجوحة البال‬ ‫و�صا َر ُ‬ ‫و�أزه َر الربي ُع يف فرا�شي‬ ‫ورداً تف ّت َح كال�شهوة‬ ‫ف ّتتني ح ّب ِك قطعاً من املوزاييك‬ ‫وحدكِ‬ ‫تعيدين تركيبها وحدكِ تر�سم َني‬ ‫َ‬ ‫اخليال!‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�أ�سعد بدوي املكاري‬

‫حتت مظلّتي‬ ‫قمرٌ َ‬


‫ابداع ونقد‬

‫ق ّبلتني ِ‬ ‫وتركت �ضو�ضا ًء على فمي‪..‬‬

‫ِ‬ ‫اختزالك‬ ‫لدي قدر ٌة على‬ ‫فلم يكن ّ‬

‫وقمراً ي�سه ُر حتت مظ ّلتي‬

‫ومل يكن ِ‬ ‫لديك قدر ٌة على احتمايل!!‬

‫�أ�سعد بدوي املكاري‪ ،‬مواليد �إهدن ‪ .1962 /9 /18‬‬ ‫م�ؤلفاته‪ :‬‬ ‫الثلج الدافئ ‪1987‬‬ ‫�إىل �أن ينطفئ الوقت ‪2011‬‬ ‫لن �أقي َم حفل ًة لل�صيف ‪2012‬‬ ‫عينيك ّ‬ ‫يتم�شى الليل ‪2014‬‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫�شامات احلروف ‪2016‬‬ ‫م�ؤلف عن قرية اجلويخات ال�سورية مل ي�صدر بعد‪ ‬‬ ‫مقاالت �سيا�سية واجتماعية وثقافية عديدة‪ ‬‬ ‫‪127‬‬


‫مل�ؤوا حنجرتي ُتراباً ثم قالوا‪ :‬تك ّلمي‪.‬‬ ‫مت ُزوراً �أَذو ُد به عن ُح ُلمي‬ ‫ُ‬ ‫ال�ص َ‬ ‫اعتنقت ّ‬ ‫امللح َ‬ ‫فا�ض نهراً بني �أ�صابعي‪...‬‬ ‫َّ‬ ‫لكن َ‬ ‫ثقوب املا ِء‬ ‫ريح َّ‬ ‫الد ْم ِع ِم ْن ِ‬ ‫�أفل َت ْت ُ‬ ‫�صاحت ِمل َء ُحرقتي‪:‬‬ ‫َّثم‬ ‫ْ‬ ‫كفى‪ ...‬كفى‪...‬‬ ‫ين فَحيحاً‪،‬‬ ‫مل�ؤوا �أذ ّ‬ ‫زال �صو ُت َك ُ‬ ‫وما َ‬ ‫كجرح طليقٍ ‪،‬‬ ‫ينهال ٍ‬ ‫تمَ اماً َك َم�سامري قدمي ٍة‬ ‫َت ْن ُق ُر قلبي دونَ �أنْ َت ْنغرِز‪،‬‬ ‫متاماً كما الآن‪...‬‬

‫احلنني‬ ‫ُ‬ ‫وحدها �آثا ُر �صد�أِ ِ‬ ‫ناتئ يف الذاكر ِة‬ ‫وجرح ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫�شاهد ٌة على ا�شْ تعالِ ال�شّ وقِ يف َدمي‪...‬‬ ‫مل�ؤوا قلبي رماداً‪،‬‬ ‫وموا�سم احل ْل ِم ت� َّأخ َر ْت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫للغيم ٍ‬ ‫بيد مقطوع ٍة‪،‬‬ ‫وما ُ‬ ‫زلت �أل ِّو ُح ِ‬ ‫املثقوب ُبحف َن ِة �صمت ٍ‪...‬‬ ‫�أ ْف ُر ُك قلبي‬ ‫َ‬ ‫�أُ ُ‬ ‫زيل عنه َّ‬ ‫التفا�صيل الزائدة‪،‬‬ ‫كل‬ ‫ِ‬ ‫�أم�ضغُ وجعاً قدمياً‪ ..‬ودمعتني‪،‬‬ ‫ثم �أحت�سي ك� َأ�س ِع ْ�شقٍ �أخرية‪..‬‬

‫�إيفون نايف ال�ضيعة‪ ،‬مواليد �أنفة‪ /‬الكورة ‪/‬لبنان ال�شمايل ‪� 10‬أيار ‪.1967‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ ديوان "رجل بطعم الرتاب"‪�( -‬سي�صدر قريباً)‬‫‪128‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�إيفون ّ‬ ‫ال�ضيعة‬

‫أ�س ِع ْ�ش ٍق �أخرية‬ ‫ك� ُ‬


‫مل يعد ما ي�ستحق �أي ثورة‬ ‫�أج ّر ثيابي ك�أيام ثقيلة‬ ‫�أنام على كنبة مت�سخة‬ ‫�ألب�س جوربني يف يدي‬ ‫مل يعد ما ي�ستحق �أي ثورة‬ ‫طلقت زوجي‬ ‫بعت �أوالدي‬ ‫قتلت خادمتي‬ ‫ا�ستقلت من وظيفتي‬ ‫جدتي ماتت‬ ‫ومل �أذهب �إىل جنازتها‬ ‫و�أبي رف�ض ت�أجيل اجلنازة‬ ‫هو �أي�ضاً مل يعرف‬ ‫�أن مل يعد ما ي�ستحق الثورة‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫با�سكال �صوما‬

‫بعد قليل‬

‫ر�شفت ك�أ�سني‬ ‫ات�صلت بحبيب �سابق‬ ‫قلت �أن تباً لك‬ ‫و�أقفلت اخلط‬ ‫�شربت ك�أ�سني �آخرين‬ ‫رميت �سريري من ال�شرفة‬ ‫كان رجل ي�صرخ "ال ترتكيني"‬ ‫ر�أيت حتت �إبطه امر�أة ت�صلي‬ ‫هي �أي�ضاً مل تعلم‬ ‫�أن مل يعد ما ي�ستحق �أي ثورة‬ ‫قلت للقا�ضي �إنني قتلت نف�سي‬ ‫لكنه رف�ض �أن يحاكمني‬ ‫وحده كان يعلم �أن ال ثورة بعد اليوم‬ ‫م ّر غيفارا يف مدينتي وانتحر‪...‬‬

‫با�سكال �صوما‪:‬‬ ‫با�سكال �صوما من مواليد رياق ‪ -‬ق�ضاء زحلة عام ‪،1991‬‬ ‫م�ؤلفاتها‪:‬‬ ‫�صدر لها ديوانا �شعر‪:‬‬ ‫ "تفا�صيل" و "فا�صلة"‪.‬‬‫ عملت يف �أكرث من �صحيفة لبنانية وعربية وهي تكتب حالياً يف "جريدة ال�سفري" اللبنانية‪.‬‬‫‪129‬‬


‫ُي ّ‬ ‫عذبنا احلرير‪...‬‬ ‫ندم ال�شتاء يف بيتنا‬ ‫�صورنا الف�ض ّية‪..‬‬ ‫يلف �صوتك‪..‬‬ ‫البخار حني ّ‬ ‫ج�سو ُر الأرياف حني ته ّز البكاء‪..‬‬ ‫يعذبني احلنني‬ ‫الندي‬ ‫يعذبني الكر�سي ّ‬ ‫يف ق�صائد االنتظار‬ ‫ُت ِّ‬ ‫عذبني يدي‬ ‫حني تعلوها الر�سائل‬ ‫وجع املو�سيقى‬ ‫حني �أرتف ُع من ِ‬ ‫كجرح ُمغاير‬ ‫ٍ‬ ‫تعذبني ري�شتك حني حت ّز‬ ‫�ألواين‪،...‬‬ ‫مدينتك حني تطفح بال�صقور‬ ‫ّ‬ ‫تعذبني الأ�شجار وهي تنادي‬ ‫طيور الذهول‬ ‫‪130‬‬

‫تعذبني ابت�سامتي‬ ‫وهي تر ِّدد ا�سمك‬ ‫ك�أنك مل تغادر �أدراج امل�ساء‬ ‫ُيعذبني ّ‬ ‫كل هذا ال�شجن‬ ‫يف ال ِعناق‬ ‫***‬

‫(‪)2‬‬ ‫ّ‬ ‫كل هذه الغابات يف الق�صائد‬ ‫وال �صنوبرة واحدة‬ ‫ُتوقظ عطر امل�سافر‬ ‫كل هذه الأفرا�س يف العني‬ ‫مل تمُ ّوه خوف الليل‬ ‫وال قطفت يل حنجرتك‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫جميلة عبد ال ّر�ضا‬

‫كلّ هذا ال�شجن يف العناق‬


‫ابداع ونقد‬

‫�أي جنمة‬

‫كف املطر‬ ‫ومل ُت�سقط عينك ّ‬

‫كل هذه القناديل على كتفي‬

‫انهماراً فوق �إيقاعاتي‪..‬‬

‫جميلة عبد الر�ضا‪ :‬مواليد منطقة العامرية ‪ -‬ق�ضاء �صور‪.‬‬ ‫ع�ضو يف احتاد الك ّتاب اللبنانيني‪.‬‬ ‫م�ؤلفاتها‪:‬‬ ‫ ُن�شر لها العديد من الن�صو�ص يف املجالت العربية واملحلية‬‫ �صدر لها ديوان "� ُ‬‫أجدل نهراً كي ال �أغرق" ‪.2013 -‬‬ ‫ "�سبع مرايا ل�سماء واحدة" ‪.2014 -‬‬‫‪131‬‬


‫فتى ميد يده‬ ‫�إىل حلم احلار�س‬ ‫يبت�سم للعذراء‬ ‫وي�سرق �صندوق الكني�سة‬ ‫حتى �إذا غدا بائعاً للفحم‬ ‫خاف الوحدة‬ ‫وربطات العنق‬ ‫جل�س كفيه على ركبتيه‬ ‫فارداً �أ�صابعه‬ ‫�شيء واحد تغري يف اجلزيرة‬ ‫وجوه �ساكنيها‬

‫‪132‬‬

‫مرت به جمجمتها ال�ساخرة‬ ‫رافعة حاجب املجون الأي�سر‬ ‫يكاد يق�سم �إنه يعرفها‬ ‫ومعطرة برائحة الفناء‬ ‫م�ستا ًء من ثوبها الأحمر‬ ‫ال تدافعوا عني كمجنون‬ ‫قالها‬ ‫يوم وجدوا‬ ‫خ�صلة من �شعرها‬ ‫يف كي�س للفحم‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫ربيع الأتات‬

‫العاهرة وال�سفاح‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫زهرة مر ّوه‬

‫زلزال‬

‫الل�ص الذي انتزع هاتفي من بني يدي لي ًال‪� ،‬سرق �أي�ضاً عنواين يف احلب‪.‬‬ ‫من يومها �أمكث يف عزلتي‪ ،‬يف منزل �أبوابه م�شرعة على الالحب‪ ،‬على تلك ال�ضو�ضاء الفارغة‪،‬‬ ‫على �صرير الأبواب امل�ؤمل‪ ،‬على الربد الذي يق�شر �أحالمي‪.‬‬ ‫�أ�شتاق لغفوة ناعمة‪ ،‬حتررين من �شبابيك خملعة‪.‬‬ ‫كنت �أعرف مالحمه جيداً هذا الل�ص‪ .‬لطاملا �شو�ش علي رحالتي‪ ،‬وكل مرة �أالحقه‪� ،‬أعانق �سواداً‪...‬‬ ‫الل�ص هو احلافة التي دوماً ت�سرقني و�أهوي منها �إىل املجهول‪ ،‬هو �أ�سناين املر�صعة باخلوف‪ .‬ليته كان‬ ‫حنوناً‪ ،‬وانتزع مني خويف‪ ،‬و�أعطاين بدله باقة ورود‪ .‬ليته �صفعني وهزين وحررين من هذا الرخام‪.‬‬ ‫اىل �أين تف�ضي العزلة؟ �إىل كائن �آخر يعي�ش يف العزلة ومن�ضي معاً يف مركب واحد؟‬ ‫�أ�شتاق �إىل حوت يبتلع توج�سي وج�سدي و�أناملي ال�صغرية‪ .‬ي�أخذين معه �إىل جلة الأعماق‪ .‬حوت‬ ‫يجربين على اال�ستيقاظ باكراً وعلى ا�صطياد الأ�سماك ال�صغرية كل يوم‪.‬‬ ‫عندها �أحترر من �ضفائري املرتددة‪ .‬من قالب احللوى الذي ي�أكل من جلدي‪ ،‬ويجربين على �أن‬ ‫�أح�صي �سنواتي على �شموعه املنطفئة‪� .‬أحترر من ب�سمة ماكرة �أقدمها خدعة للغرباء‪ ،‬ومن عطر �أر�شه‬ ‫على ج�سدي‪ ،‬اعتقاداً مني �أنه ّ‬ ‫ينكه �أيامي‪� .‬أعود منلة �صغرية كل همها حماية معقلها من زلزال‬ ‫قوي يزورها كل ثالث �سنوات‪.‬‬ ‫زهرة مر ّوه‪:‬‬ ‫�شاعرة لبنانية من مواليد �صيدا‪ .‬تعمل يف ال�صحافة الثقافية وتكتب يف جرائد مثل ال�سفري‬ ‫والنهار واحلياة‪ .‬حا�صلة على ماجي�ستري من اجلامعة الي�سوعية‪ .‬ترجمت ق�صائد ل�شعراء كبار من‬ ‫الفرن�سية �إىل العربية‪.‬‬ ‫م�ؤلفاتها‪:‬‬ ‫�صدر لها ثالث جمموعات �شعرية‪" :‬جنة جاهزة" والإقامة يف التمهيد" و"احلياة على دفعات"‪.‬‬ ‫‪133‬‬


‫�أجل�س مثل ّ‬ ‫كل رجل ي�شرب القهو َة على‬ ‫دائري‬ ‫ر�صيف ن�صف ّ‬ ‫اقتلع ن�صفه الآخر ورماه ملغول يقتاتون منه‬ ‫قبل �أن يبد�أ البحر ت�أت�أة النهاية‪.‬‬ ‫�أنتظر اليوم الأ ّول بعد الطوفان‪...‬‬ ‫لأم ّزق روزنامة �صفرا َء ع ّلقها كهالن على‬ ‫حائط‬ ‫يعدهما بعودة من غادروهما‪،‬‬ ‫و�أقول لهما �إنّ الزمان انتهى‪.‬‬ ‫�صليبي فوق‬ ‫راحتي مثل �ساح ٍر‬ ‫ّ‬ ‫رافعاً ّ‬ ‫ب ّلورة ال�سماء‬ ‫م�شدوهاً مبنظر يوم ُتك ّن�س فيه الأديان‬ ‫�إىل مزبلة غ ّرها ر ُّبها بها �أ ّنها يوم القيامة‪.‬‬ ‫أ�صدق النعم َة �أنّ عد ّوي كان عد ّو‬ ‫ال � ّ‬ ‫نف�سه‪...‬‬ ‫جديد‬ ‫غداً يبد�أ زمن ٌ‬ ‫ال زواحف من ال�صحراء وال من ينكح‬ ‫جيفة‬ ‫‪134‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�سرجون كرم‬

‫العهد اجلديد‬

‫�أو يتز ّوج قبيلةً‪...‬‬ ‫ي�شق جدو ًال‪.‬‬ ‫وال من ي�شفي �ضريراً �أو ّ‬ ‫عبث كان لو �أنّ هذا التاريخ تابع زحفه‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫جلندب ويقفز‬ ‫ٌ‬ ‫يرم قفّازيه ٍ‬ ‫عبث كان لو مل ِ‬ ‫�إىل �إطار ال بداي َة فيه وال نهاية‪.‬‬ ‫طوبى يل نبياً و�إلهاً‬ ‫طوبى يل �أ ّما و�أباً‬ ‫طوبى يل رج ًال وطف ًال‬ ‫و�شيئاً ي�سرياً من املوت والأمل واحلزن‬ ‫وال�سالم‪.‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫�سرجون كرم‪ :‬مواليد الأ�شرفية ‪.1975‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ "تقا�سيم �شاذة على مزاهر عبد القادر اجليالين"‪.‬‬‫ "يف انتظار موردخاي"‪.‬‬‫ "هذا �أنا"‪ .‬‬‫الرتجمات‪:‬‬ ‫ تراجيديا املن�صور للأديب الأملاين هايرن�ش هاينه‪� /‬أملاين عربي‪./‬‬‫ يغ ّني بوحاً لنعيم تلحوق بالتعاون مع نعيم تلحوق‪.‬‬‫ �أجمع يف �صدفة لهنيبعل كرم بالتعاون مع �سيب�ستيان هاينه‪.‬‬‫ وطن للتهجئة ‪� /‬أنطولوجيا لبنانية ملجموعة �شهرياد بالتعاون مع �سيب�ستيان هاينه‪.‬‬‫ بورتريه للموت ‪� /‬أنطولوجيا �سورية ملجموعة ثالثاء �شعر بالتعاون مع �سيب�ستيان هاينه‪.‬‬‫ ج�سدي الآخر ل�شربل داغر بالتعاون مع �سيب�ستيان هاينه‪.‬‬‫ ه ّبت رياح رفعت نقابي للكاتبة املغرب ّية ب�شرى عبد املومني بالتعاون مع كورنيليا ت�سريات‪.‬‬‫‪135‬‬


‫لو ين�ساين ا�سمي يف يوم‪ ،‬يبيعني‪ .‬تزحف العائلة تزحف‪ ،‬الأقارب ينهالون من الأظفار‪،‬‬ ‫ل�ست على‬ ‫والأ�صحاب ي�سافرون الآن‪ .‬مقطوع من �شجرة ال تعرفها �أوراقها‪ ،‬لونها ال لون‪ُ .‬‬ ‫يقني مبا �أقول و�أقول‪ .‬و�إذا جاءت الكلمات و�س�ألتني �س�أكون م�شغو ًال � ّ‬ ‫أخطط لأ�صطاد جب ًال‬ ‫أحدد �أق ّرر �أختار �إىل ما ال‬ ‫وعلي �أن � ّ‬ ‫يف ّ‬ ‫ال�سهل‪ ،‬ال وقت عندي ال�شّ غل فوق �أذين وال �شغل‪ّ ،‬‬ ‫وعلي �أن �أدرك �أي بداية ل ّأي �شيء‪ ،‬خيط‪� ،‬أ ّول اخلرب �آخره‪ ،‬وال �أ ّول‬ ‫نهاية وال خيار وال نهاية‪ّ ،‬‬ ‫وعلي �أن �أختار‪ّ .‬‬ ‫وال�ساعة يف ال ّنهر وال ّنهر‬ ‫كل هذا يف ح�ضرة الوقت ّ‬ ‫وال �آخر �إ ّال احلياة هذه ّ‬ ‫يف البحر‪ .‬لك ّن ِك � ِأنت وحدكِ ال �أعرف كيف مت ّرين حت�ضرين يف الباب وال ّنافذة وعني الأفق‪.‬‬ ‫ليكن يل ح�سب ِ‬ ‫ال�ساعات �إىل ما ال نهاية وال نهاية وال بداية‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫قولك‪ ،‬وليكن رمل يف ّ‬ ‫فوزي‪ ‬بطر�س‪ ‬ميّني‪ ،‬مواليد زغرتا ‪� -‬شمال لبنان‪ .1967 ‬‬ ‫م�ؤلفاته ‪ ‬‬ ‫ يف انتظار االنفجار الآتي ‪ .)2016( -‬‬‫ متارين على تبديد الوقت ‪ .)2013( -‬‬‫ كال�سيك‪ .)2011( ‬‬‫ ت�ضع كر�سياً‪� ‬أمام الباب وتنتظر لت�أتي الطريق ‪ .)2010( -‬‬‫ �ألف وتاء طويلة ‪ .)2008( -‬‬‫ كالب العزلة‪.)2007( - ‬‬‫ تو ّقفوا �أريد �أن �أنزل ‪.)2004( -‬‬‫ حياة بدون فلرت ‪ .)1996( -‬‬‫أر�ضي ‪ .)1994( -‬‬ ‫ امل�ستلقي على طابقه ال ّ‬‫ ُترجمت‪ ‬مناذج من‪ ‬ق�صائده �إىل الإ�سبان ّية �ضمن‪ ‬كتاب‪�" ‬أنطولوجيا عن‪ ‬ال�شعر اللبناين"‬‫لل�شاعرة‪ ‬جمانة حدّاد‪ ،‬و�إىل الفرن�س ّية �ضمن‪ ‬كتاب‪�" ‬أ�صوات لبنان ّية راهنة" لل�شاعرة‬ ‫الراحلة‪� ‬صباح اخل ّراط زوين‪ .‬‬ ‫‪136‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫فوزي ّميني‬

‫ال�صالة‬ ‫ما ي�شبه ّ‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫بي ٍد �أكتب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ب نحو الر� ِ‬ ‫أ�س ر�صا�صة‬ ‫بيد �أ�ص ّو ُ‬

‫فيوليت �أبو اجللد‬

‫(‪)1‬‬ ‫تقر�أ على املجنون �آيتك‪،‬‬ ‫تلم�س ل�صاً جيوبه معب�أة بالذهب‬ ‫واخلوف‬ ‫ترث بيتاً فيه �شبح وريح‪.‬‬ ‫تكون ن�سيجاً بني يدي خياطة‬ ‫عمياء‪،‬‬ ‫ت�صري عينيها‪ ‬‬ ‫رغم �إبر تغر�س يف القلب‪.‬‬ ‫حتب كما لو �أنك املجنون والل�ص‬ ‫والبيت‬ ‫واخلياطة العمياء‪.‬‬ ‫تعي�ش و�أنت ال�شبح والريح‪،‬‬ ‫هكذا يقر�أ عليك ال�شعر �آيته‪.‬‬

‫(‪)3‬‬ ‫ُي�شاع �أن �آنية ال�ضوء‬ ‫انك�سرت بني يديك قبل �أن ّ‬ ‫تت�شكل يا‬ ‫َ‬ ‫اهلل‪،‬‬ ‫�أن احلب هو الدليل على خطئك‬ ‫الأزيل هذا‪،‬‬ ‫�أن ال�شعر حماولة يائ�سة لرتميم الكون‬ ‫من بعدك‪.‬‬ ‫ي�شاع �أن ال عالقة لك بحزين الآن‪،‬‬ ‫لكنك نادم وط ّيب‪.‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫ي�سقط من فوق‪،‬‬ ‫من نافذة املطلق �إىل ال�شارع العام‪،‬‬

‫(‪)4‬‬ ‫ب َي ٍد �أكتب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بيد �أ�ص ّو ُب نحو الر� ِأ�س ر�صا�صة‪.‬‬

‫احلب حديث اجلال�سني يف املقهى‬ ‫املقابل‪،‬‬ ‫وي غريب‪،‬‬ ‫عن َد ّ‬ ‫عن قتي َلني وجرحى‪.‬‬

‫‪137‬‬


‫حني يدنو الغنا ُء من النافذة‬ ‫الرق�ص ح َمماً يف الأر�ض‪،‬‬ ‫ي�صري ُ‬ ‫وعوي ًال يف قدمينْ منتحرتني؛‬

‫الطائرات الورق ّي ُة‬ ‫حني ت�صنع هذه‬ ‫ُ‬ ‫�سماءها‪،‬‬ ‫حني �أُفلت اخليط‪ ،‬‬ ‫كي ال �أعود‪.‬‬

‫فيوليت �أبو اجللد‬ ‫�شاعرة لبنان ّية من زحلة تعي�ش يف جونية‪ ،‬مواليد ‪.1974‬‬ ‫م�ؤلفاتها‪:‬‬ ‫الن�ص‪� ...‬أوان اجل�سد‪� ،‬أرافق املجانني �إىل‬ ‫�صدر لها‪ :‬بنف�سج �أخري‪� ،‬ص ّياد النوم‪� ،‬أوان ّ‬ ‫عقولهم‪.‬‬ ‫‪138‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫عبق الوالدة‬

‫الرا اّملك‬

‫�أنا وال ّليل منهمكان‬

‫جنم ٌة يخفت �ضو�ؤها‬

‫نر ّتب تفا�صيل قبلة‪..‬‬

‫ترا�سلني‬

‫نن�سج ثوباً جديداً‬

‫و�أنت هناك‬

‫من رائحة رحمي‬

‫تدخلني بابتهال‪..‬‬

‫�س�أح ّرر بك عبق الوالدة‬ ‫حب َل ْت َ‬ ‫بك الفكرة‪..‬‬

‫تكذب ال�شّ بابيك‬

‫م�ضت‬ ‫ت�سعة ع�صو ٍر ْ‬ ‫هادئ‬ ‫دائري ٌ‬ ‫و�أ ٌمل ٌّ‬ ‫ي�صنع ق�صيدتي‬ ‫�أجنب ُت َك لأولد منك‪..‬‬

‫متى �أقفلناها‬ ‫زمني‬ ‫املفتاح ٌ‬ ‫حر�ص ٌّ‬ ‫ال�س ّر‬ ‫ّ‬ ‫خد ٌاع يعبد ّ‬ ‫قفلي بني َ‬ ‫يديك‬ ‫ٌ‬ ‫منب�سط‬ ‫�سرو ٌر‬ ‫ال يحتاج مفتاحاً‪..‬‬

‫جديد ُوجِ َد‬ ‫اخللف مكانٌ ٌ‬ ‫ال � ّ‬ ‫أحدق به‬ ‫أنفك � ّ‬

‫يف غال ج�سدي‬

‫و�أخاف �أن ي�سبقني‪..‬‬

‫ت�ستدير لغتك‪..‬‬

‫مات املكان‬ ‫َ‬

‫�س�أحيى بال �أرقام‬

‫الوعد يديك‪..‬‬ ‫حني ر�أى ُ‬

‫لن �أن�ضبِط ح ّتى‬ ‫‪139‬‬


‫�أُم�سك باحلقيقة‪...‬‬ ‫�س�أقلع عن �إدمان الثّبات‬ ‫و�أ�شرب نبيذك‪..‬‬

‫�سيثمل من حركتنا‬ ‫عمق الوعي‪..‬‬

‫الرا ملاّ ك‪ :‬مواليدعام‪ 1991 ‬حارة جندل ‪ -‬ال�شوف حائزة على �شهادة درا�سات عليا يف‬ ‫اللغة العربية و�آدابها‪.‬‬ ‫م�ؤلفاتها‪ :‬لها جمموعة من املقاالت والن�صو�ص ال�شعرية والنرثية‪ ‬املن�شورة‪ ‬يف ال�صحف‬ ‫اللبنانية ون�صو�ص مرتجمة �إىل الإنكليز ّية يف الـ‪ ‬‬ ‫"‪"world poetry yearbook 2014‬‬ ‫ال�صادر يف ال�صني‪ ‬عن‪ ‬‬ ‫"‪The International Poetry Translation and Research‬‬ ‫‪ "Centre- IPTRC‬‬ ‫‪140‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫حار�سةُ الظِّ ل‬

‫ليندا ّن�صار‬

‫�شبح روح‬ ‫ُ‬

‫�أمام املر�آة الكئيبة‬

‫من نيون �أزرق‬

‫يطعنون �سحرها‬

‫�أ�سفل الكنبة اجللدية‬

‫ي�صفقون للغار‬

‫يت�س ّلل ليال‬

‫لن ت�صدقهم الع ّرافات بعد اليوم‬

‫من �أنقا�ض �صور‬

‫�س�أهيم فيك يا �شبحي‬

‫تتعرى منها �أج�سا ٌد‬

‫�أين مر�آتي؟‬

‫ف ّتتها النور‬

‫هل ت�شقّق بزواياها زوابع ع�شق‬

‫وحدها مرايا نر�سي�س‬

‫يحرتق بي‬

‫تراودها عن نف�سها‬

‫ثغري با�سم‬

‫تق�ص �صفحات املاء‬ ‫ّ‬

‫وال �أحد يبارك خطيئة الر�ؤيا‬

‫من ذاكرة الع�شب‬

‫ليحكم علينا م ًعا‬

‫ّ‬ ‫خط اال�ستواء نائم‬

‫ب�أن نحمل �شجرة العري‬

‫خط ّالقدر م�ستيقظ‬

‫�إىل الأر�ض‬

‫ّ‬ ‫الكل متهم الآن‬

‫هل �أعرف؟‬ ‫‪141‬‬


‫هل تعرفني؟‬ ‫تقول حار�سة ّ‬ ‫ظل نر�سي�س‬ ‫و�أنا �أر ّتل معها يف ماء البئر‬

‫"�أن�شودة املطر"‬ ‫مطر‪..‬‬

‫ن�صار‪ :‬مواليد منطقة املزرعة – بريوت ‪ 1981- -‬حائزة على �إجازة يف ال ّلغة العربية‬ ‫ليندا ّ‬ ‫و�آدابها‪.‬‬ ‫م�ؤلفاتها‪:‬‬ ‫�صدر لها ثالثة دواوين �شعر ّية‪:‬‬ ‫ اعرتافات جمنونة – ‪.2011‬‬‫ �إيقاعات متم ّردة ‪. 2012 -‬‬‫– طيف بال ظ ّل ‪.2015 -‬‬ ‫وثالث ق�ص�ص للأطفال عن دار �أ�صالة هي‪:‬‬ ‫ تكنولوجيا ولكن – �أ ّمي �صاحبة الكراج – مت� ّسول ولكن‪.‬‬‫ كما �صدر لها كتاب �أغانٍ للأطفال ‪ CD +‬عن دار العلم للماليني‪.‬‬‫ حائزة على جائزة جنان اخلليل لل�شعراء العرب ال�شباب عن ديوان "لأين يف عزلة" ‪.2016‬‬‫ ع�ضو يف احتاد الكتاب اللبنانيني‪.‬‬‫ كاتبة يف الإعالم الثقايف‪.‬‬‫‪142‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫رىل اجلردي‬

‫نرحل عن ال�شمال‬

‫�أُ ُ‬ ‫كمل �صو َت َك قبل �أنْ ت�ستدي َر الأم�سية‬ ‫�أو َ‬ ‫تنتقل �إ�سبانيا �إىل احلقيبة‬ ‫�أَ َتز ّيا بع�شقٍ ُمهني‬ ‫اخلراب‬ ‫يه�س فوق ِ‬ ‫فالبو ُم ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫الذي �صا َر �صدري‬ ‫تفخ ُر مبو ِت َك‬ ‫أنت َ‬ ‫و� َ‬ ‫الذي منَا وا�ستطال‬ ‫الآنَ تبقى عالياً كام ًال جمي ًال‪.‬‬ ‫ميَ�شي البيانو �أمامي‬ ‫من ال�شمال‬ ‫بعد �أن َط َر َد قيثار َة الأندل�س‬ ‫ُ‬ ‫يرك ُ�ض مع امر�أ ٍة‬ ‫رجل‬ ‫بال َمو َّد ٍة �أو ٍ‬ ‫حن �إىل الأرجنتني‪.‬‬ ‫ُي َ�س ِّل ُم الأ�صاب َع وال َّل َ‬ ‫ت�سرتيح الأندل�س‬ ‫ُ‬ ‫من �صي ِفها املُ ِ‬ ‫حت�ضر‬

‫زند �إ�سبانيا‬ ‫وتت� ُأبط َ‬ ‫يزرع‬ ‫على‬ ‫ِ‬ ‫املحمل ُ‬ ‫ُ‬ ‫الكامل �إجني ًال‬ ‫بِك ُر َك‬ ‫ويف ال�شمالِ م َو ِّل َد ٌة‬ ‫احلنيف‬ ‫رق�صها‬ ‫َ‬ ‫تو ِّد ُع َ‬ ‫�أَ ِع ُد �أطفا َل َك الأربع َة ب�أُمومتي‬ ‫الليلكي‬ ‫العنب‬ ‫وبال ٍد لي ِلها من ِ‬ ‫ِّ‬ ‫الثوب �إىل ا َجل ِ‬ ‫�سد‬ ‫� ُّ‬ ‫أ�شد َ‬ ‫ع�صباً‬ ‫وعلى ال�شِّ فاه ِم َ‬ ‫أجزع‬ ‫َتطم ِئ ُّن � َ‬ ‫أنت يف َ�سفر َِك و� ُ‬ ‫�شم�س ُق ُرطبة‬ ‫�أُل ِّو ُح ِل ِ‬ ‫كي ال ُ‬ ‫تذك َر َك ب�سوء‬ ‫�أو مت َُّد َ‬ ‫لك �أغال َلها‪.‬‬ ‫غداً تدور حويل‬ ‫�أزق ٌة �شاخمة‬ ‫�ضرب ُمتتالٍ من ال ّتانغو‬ ‫ُ‬ ‫ورديف ٍ‬ ‫‪143‬‬


‫يف ُك ٍّل من َبني ِن َك‬ ‫مدين ٌة ُتق ِف ُل‬ ‫و�شاع ٌر يت�س َّو ُل يف ِ‬ ‫مراك�ش‪.‬‬ ‫تقف ُز �إيزابيال من الثلوج‬ ‫حتتفي باجلنوب‪،‬‬ ‫ملح ُه احلار‬ ‫ِّ‬ ‫تهدئ َ‬ ‫و َت َتم َّرى مبا ِئه‬

‫ُت ِ‬ ‫زرك ُ�ش ردا َء ال َّز ِ‬ ‫فاف‬ ‫وتع ِّلقُ الع َر َب مل ّياً‬ ‫على م�شانقِ الأبجدية‬ ‫ُ‬ ‫اخلطوط الالتينية‬ ‫تنت�صب لها‬ ‫ُ‬ ‫ال�سري ِر‬ ‫على ِ‬ ‫خ�شب ّ‬ ‫و َي�ؤُ ُّم فرديناند ليل َة ال ُعر�س‪.‬‬

‫رىل اجلردي‪َ :‬د َر�ست علم الإن�سان يف اجلامعة الأمريكية يف بريوت و�أنهت درا�سة الدكتوراه يف التاريخ‬ ‫الإ�سالمي والأدب العربي املعا�صر يف جامعة يال يف �أمريكا �سنة ‪ .1998‬تعمل ك�أ�ستاذة للتاريخ‬ ‫الإ�سالمي يف جامعة ماكغيل يف مونرتيال منذ �سنة ‪.2004‬‬ ‫م�ؤلفاتها‪:‬‬ ‫ �صدر ديوانها الأول‪" ،‬غالف القلب" من بريوت‪ ،‬دار نل�سن‪� ،‬سنة ‪.2013‬‬‫ وديوانها الثاين‪" ،‬كليلى �أو كاملدن اخلم�س" من دار الفارابي‪� ،‬سنة ‪.2015‬‬‫ ُن�شرت لها ق�صائد عديدة يف جرائد وجمالت متف ّرقة باللغات العربية والإنكليزية والفرن�سية منها‬‫ال�سفري‪ ،‬اجلديد‪ ،‬جدل ّية‪ ،‬الآداب‪ ،‬الأدب العربي‪ ،‬والكتابة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ ن�شرت مقاالت �أدبية عديدة حول ال�شعر والرواية املعا�صرة �إىل جانب كتابيها ومقاالتها املتفرقة‬‫حول التاريخ الإ�سالمي ال�شيعي واملجتمع اللبناين‪.‬‬ ‫ �شاركت رىل يف عد ٍد من الن�شاطات ال�شعرية والأدبية يف مونرتيال ونيويورك وبريوت‪.‬‬‫ ترج َمتْ لها مي�شال هارمتن‪� ،‬أ�ستاذة الأدب العربي يف جامعة ماكغيل‪ ،‬عدداً من ق�صائدها �إىل‬‫الإنكليزية‪ .‬و َترجمتْ لها �أي�ضاً ال�شاعرة اللبنانية الفرانكوفونية‪ ،‬نادين لطيف عدداً �آخر من ق�صائدها‬ ‫�إىل الفرن�سية‪.‬‬ ‫ لها ق�صائد مرتجمة �إىل الإنكليزية يف فيلم "البكاء على بابل" لل�شاعر واملخرج العراقي وحيد‬‫َّ‬ ‫مط�شر �سنة ‪.2015‬‬ ‫ ح�صلت على عدّة منح علمية وجوائز منها جائزة "رتبة �شرف لأف�ضل �أطروحة دكتوراه" و"التفوق‬‫املبكر يف الإجناز الثقايف"‪.‬‬

‫‪144‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫الإجنيل الثالث ع�رش‬

‫هنيبعل كرم‬

‫ال طائ َر فوق البحر‪...‬‬ ‫هوى وج ُه ا ِهلل رماداً على ق ّب ٍة‪ ...‬ي�سرت‬ ‫عور َتها!‬ ‫ال � َأفق للجحيم‪،‬‬ ‫ك ّلنا مائتون بني كفّي امر�أ ٍة‬ ‫ُت ِ‬ ‫ر�ض ُعنا لت�سخ َر من جوعنا‪،‬‬ ‫حمارب‬ ‫تخ ّب ُئ ج ّث َة �آخ ِر‬ ‫ٍ‬ ‫رحم ثقيل‬ ‫يف ٍ‬ ‫حني ليكون للقيام ِة نهاي ٌة‬ ‫بعد ٍ‬ ‫وتخرجه َ‬ ‫كتب � ِ‬ ‫وائي يف ق�ص�ص‬ ‫يف ٍ‬ ‫أرهقت ال ّر َّ‬ ‫الأنبياء!‬ ‫على �صخر ٍة مربوطة �إىل جمجمة‬ ‫ال�سماء‪:‬‬ ‫جل�س ُ‬ ‫يلطم ِ‬ ‫بالغيم وج َه ّ‬ ‫َ‬ ‫"علي اللعن ُة �إىل � ِأبد اّ‬ ‫اللعنني‬ ‫َّ‬ ‫فعلت ما فعلت‪،‬‬ ‫ح َني ُ‬

‫�إىل الترّ اب يعود‬ ‫ال مرجوماً وال م�صلوباً‪،‬‬ ‫جلدها‪،...‬‬ ‫قرفت َ‬ ‫بل مومياء ْ‬ ‫خلف ٍّ‬ ‫ظل‬ ‫�أطف�أ عينيه َ‬ ‫حني غاب ُ‬ ‫حائط ِ‬ ‫البيت‬ ‫وما خ ّب�أه ال ُ‬ ‫أطفال يف ورقِ العيد‪،‬‬ ‫�آخ ُر َمن ر�آهم قال عنهم‪:‬‬ ‫قاحت براء ُتها‪،‬‬ ‫كانت وجو ُههم ْ‬ ‫ينتظرون‬ ‫لع ّلهم يفهمون �أحجي َة ال ّتي�س واخلروف!‬ ‫احلليب‬ ‫يف �أحداقهم تر ّب َع بائ ُع ِ‬ ‫ي�شكو َ‬ ‫رعب ال�سيناريو املتنقّل يف‬ ‫اهلل‪َ ...‬‬ ‫جيب‬ ‫ِ‬ ‫�ساعي الربيد!‬

‫كتبت ما كتبت"‪!...‬‬ ‫وحني ُ‬ ‫‪145‬‬


‫هنيبعل كرم‪:‬‬ ‫مواليد فيع ‪ -‬ق�ضاء الكورة‪ ،‬عام ‪ .1975‬حائز على ماج�ستري يف الدرا�سات امل�سيح ّية‪-‬‬ ‫الإ�سالم ّية‪ ،‬ودبلوم درا�سات عليا يف الفل�سفة‪.‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫�صدرت له ‪:‬‬ ‫ رواية بعنوان "فِ�صام"‪.‬‬‫مرتجم للأملان ّية‪� ،‬إ�ضافة �إىل‬ ‫ وديوانا �شعر‪" :‬حا�ضر يف الغياب" و"�أجم ُع يف َ�صدَفة"‪-‬‬‫َ‬ ‫�أعمال �أخرى حتت ّ‬ ‫الطبع‪.‬‬ ‫‪146‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫نغم ن�صار‬

‫ال حلم قبل عينيك‬

‫على مدخل مدينة الذاكرة‬ ‫على �أ�ضلع اجل�سر املمتد‬ ‫من القلب �إىل الوريد‬ ‫تزدحم ح�شود الأ�شواق‬ ‫�أنت تقف على بوابة اجلرح‬ ‫تتقم�ص لهفة الغيم‬ ‫تتحر�ش بج�سد البكاء‬ ‫ترتديني‪ ..‬تخلع علي احلب‬ ‫�أرى وجهك على مرايا ال�سماء‬ ‫�أ�شهد �أن ال حلم قبل عينيك‬ ‫�أ�شهد �أن ال �أحالم بعد عينيك‬ ‫م�شاعر متمردة تغزو رئتي‬ ‫تعتقل �أطراف �أنفا�سي‬ ‫ينمو حبك على �ضفاف قلبي‬ ‫ت�سقي دمائي �أ�شجار الربتقال‬ ‫تتكحل بالعبري �أحداق اجللنار‬ ‫ت�صلي لأجلك �شفاه نب�ضي‬

‫يت�سع خافقي يكرب حد االنفجار‬ ‫�أخاف عليك منك ومني‬ ‫�أغار من كل حلم راودك‬ ‫عا�شت فيه امر�أة �سواي‬ ‫�أيها اخلارج عن املنطق‬ ‫�أيها الغايف حتت �أجفاين‬ ‫�أيها الع�صي على الن�سيان‬ ‫�أيها الفرح العابر للأحزان‬ ‫�أطفال البدايات ولدت يف عينيك‬ ‫وكل النهايات متوت على �شفتيك‬ ‫من مي�شط روحي من ب�صمات حبك‬ ‫وينتزعك من عمود �أحالمي الفقري‬ ‫�أيها املولود من رحم الأ�سطورة‬ ‫لت�ؤرخ يف كتاب احلب ق�صتنا‬ ‫�أيها الآتي على �صهوة املحال‬ ‫�أحبك �أحبك‬ ‫‪147‬‬


‫"�إنف�صام"‬

‫ذكريات �سعيدة‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫كابو�س اليوم‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ت�شيزوفرينيا عاطفية!‬ ‫***‬

‫"�صقيع"‬

‫خارجه‪..‬‬ ‫باب ِ‬ ‫القلب َ‬ ‫وابق َ‬ ‫�أغ ِلق َ‬ ‫�أخ�شى اتهامي بالإجرام‪..‬‬ ‫�إذا قت َلك ما ا�ستوط َن ُه ِمن �صقيع!‬ ‫***‬

‫"نور"‬

‫ال خوف يقب ُع حتت �أظافري‪..‬‬ ‫فتات نورٍ‪..‬‬ ‫هو فقط ُ‬ ‫أقطف املدى‪..‬‬ ‫انتزع ُته‪ ..‬بينما كنت � ُ‬ ‫و�أملأ ب ِه جِ را َر االنتظار‪..‬‬ ‫كي ال ت�شيخ‪..‬‬ ‫***‬ ‫‪148‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫ياقوتة الأحمد (دند�شي)‬

‫"ر�ؤى"‬

‫"عفن"‬

‫قت َلها‪..‬‬ ‫طقو�س الوفاء‪..‬‬ ‫ولزو َم ِ‬ ‫دف َنها بداخ ِله‪..‬‬ ‫ُم ّذاك‪..‬‬ ‫�صا َر ك ّلما تعثرّ َ ب ِ​ِ�شب ِه حبيبة‪..‬‬ ‫احتاج مقداراً �أك َرب ِمن عط ِر الرجولة‪..‬‬ ‫َ‬ ‫عفن دما ِئها‪..‬‬ ‫َك ْيما ُيخ ِف َي َ‬ ‫املُ ِ‬ ‫ختلط ب�أو ِر َد ِته!‬ ‫***‬

‫"عزف"‬

‫يتك�س ُر بداخلي‪..‬‬ ‫�شي ٌء ما �أ�شع ُر به ّ‬ ‫�شيء بال ا�سم‪� ..‬أو �شكل‪..‬‬ ‫بفعل الك�سر‪..‬‬ ‫غري �أن �أطرافَه امل�س ّننة ِ‬ ‫ُ‬ ‫العزف‪ ..‬فوق دف ِ‬ ‫ّات الوجع‪..‬‬ ‫توا�صل َ‬ ‫زيد ال�شرخُ بني �أ�شال ِء النف�س‪..‬‬ ‫ف َي ُ‬


‫ابداع ونقد‬

‫وتتطاي ُر‪ ..‬بحثاً عن ُر ِ‬ ‫�شدها‪..‬‬ ‫روح‪..‬‬ ‫ما بني �إغما�ض ِة ٍ‬ ‫والتفات ِتها!‬ ‫***‬

‫"ده�شة"‬

‫لمَ ِل ْم ده�ش َت َك‪..‬‬ ‫ينا�سب جنوين!‬ ‫و� ِأع َّد لنا َ‬ ‫طبق ُعم ٍر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ر�شحت من ِظ ِّل َك‪..‬‬ ‫عج ٍب‬ ‫لمَ ِلم‬ ‫ْ‬ ‫عالمات َت ُّ‬ ‫اجلبني ر�ؤيةً‪..‬‬ ‫واح ِفر على ِ‬ ‫بغراب ِة امل�ستحيالت!‬

‫ياقوتة الأحمد (دند�شي)‪ :‬مواليد ق�ضاء عكار �شمال لبنان عام ‪.1983‬‬ ‫م�ؤلفاتها‪:‬‬ ‫ �صدر لها‪ :‬كتاب ُ‬‫"�شبه ُة ُحب"‪ -‬ن�صو�ص للت�ضليل‪ ،‬وهو عبارة عن جمموعة ن�صو�ص يف‬ ‫ال�شعر والنرث ت�سرد ق�صة مرتابطة‪.‬‬ ‫ ُن�شرت لها مقاالت عدة �أدبية و�سيا�سية ور�أي واجتماعية على مواقع �إلكرتونية متنوعة‪.‬‬‫ نا�شطة ثقافية وع�ضو رئي�س يف ملتقى �شهرياد الثقايف‪ ،‬الذي يعنى بتنظيم الليايل‬‫الثقافية على امتداد املناطق اللبنانية‪ ،‬بني �شعر ور�سم ومو�سيقى و�سينما‪ .‬كما �أحيت‬ ‫العديد من الأم�سيات الثقافية‪ ،‬ك�شاعرة �ضيفة �أو كتقدمي �إعالمي‪.‬‬ ‫‪149‬‬


‫�أن تت�سمر خلف هذه ال�شا�شة احلقرية‬ ‫وتفكر ماذا �ستكتب‬ ‫هذا قمة الغباء‬ ‫�أن تفك �شيفرة كل هذه الوجوه امللتب�سة‬ ‫هذا فعل انتحار‬ ‫�أن تقر�أ الغام�ض بني الكلمات‬ ‫�سوف تتعب من احلقيقة‬ ‫رمبا‪ ...‬ول�ست مت�أكداً من �شيء‬ ‫لكنني ت�صاحلت مع اجلمال كما القبح ‪ ‬‬ ‫وت�صاحلت مع الغياب‪ ...‬ول�ست مت�أكداً‬ ‫من �شيء‬ ‫وت�صاحلت مع اخلوف واملجهول‬ ‫ومع عينيك املثريتني‪...‬‬ ‫‪ ‬و�أكتب ق�صتي مع احلياة‪ ...‬كي ال �أموت‬ ‫وحيداً‬ ‫هل �أنت فع ًال حبيبتي‪ ...‬ال �أدري!‬ ‫لكننا بالأم�س كنا نغني‬ ‫وكانت �أج�سادنا تتالحم وتتناغم مع �ضوء‬ ‫خافت‬ ‫‪150‬‬

‫‪ ‬وكثري من الن�شوة‪...‬‬ ‫كنا نبحث عن ال�ضائع منا‪ ....‬وكنا �أكرث‬ ‫من ح�ضورنا‬ ‫‪ ‬‬ ‫ك�أنني �أبوح لك‬ ‫‪ ‬‬ ‫تعايل يا حبيبتي نرحل من هذه املدينة‬ ‫نرحل كاجلبناء والل�صو�ص‬ ‫تعايل قبل �أن‬ ‫يحطموا �أج�سادنا‬ ‫وتت�آكلنا النفايات واجلرذان‬ ‫تعايل ن�ست�سلم للهروب‬ ‫ونبني على مداخل املدينة هياكل لنا‬ ‫�أقوا�ساً للهزمية‬ ‫تعايل ن�شرب ك�ؤو�س اخليبات حتى‬ ‫الثمالة‬ ‫ومنوت كما نريد‪...‬‬ ‫االنتحار اجلميل ال�صاخب بال�شغف‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫زاهر العري�ضي‬

‫متثال مذبوح‬


‫ابداع ونقد‬

‫املمتلئ باحلب واحلرية‪...‬‬ ‫االنتحار ال�شجاع بكل جر�أة وبكل �إميان‬ ‫‪ ‬تعايل نغلق �أبواب املدينة على الأموات‬ ‫‪ ‬ونرق�ص خارج الأ�سوار‬ ‫‪ ‬ونرى احلرائق البعيدة‬ ‫‪ ‬ونبني مدينة يف هذا ال�سراب‬

‫‪ ‬خلف البحر‪...‬‬ ‫�أنا ال �أخ�شى ق�صائدي املنهزمة‬ ‫ولغتي املجروحة‪ ،‬و�أفكاري املبعرثة‬ ‫وتخيالتي الفا�شلة‪،‬‬ ‫كل ما �أخ�شاه �أن �أكون متثا ًال مذبوحاً‬

‫زاهر العري�ضي‪ :‬مواليد بي�صور‪ -‬لبنان عام ‪1982‬‬ ‫م�ؤلفاته‪:‬‬ ‫ رحيل يف ج�سد‪� -‬شعر‪ - 2008 -‬دار �أبعاد‬‫ م�أدبة ربيع ال�شعراء‪ -‬كتاب م�شرتك ملجموعة �شعراء �ضمن فعليات بريوت عا�صمة عاملية‬‫للكتاب‪2009 -‬‬ ‫‪ - Offline‬ن�ص افرتا�ضي‪ 2010- -‬دار �أبعاد‬ ‫‪� ‬أنا الغريب هناك "ن�ص جتريبي" ‪ 2014-‬دار الفارابي‬‫‪" ‬وطن للتهجئة"‪ ..‬ق�صائد مرتجمة للأملانية‪ -‬كتاب م�شرتك ملجموعة كتاب‬‫‪151‬‬


‫ن�ض ُع وروداً �صغرية‬ ‫تدل الأطفال على وجودنا‬ ‫رمبا ينتبهون �أنهم‬ ‫ي�شبهوننا‬ ‫ويف ر�أ�سهم ق�صة �أخرى‬ ‫�أجد حجارة رتبتها الطرقات‬ ‫هناك حجر يلعب معنا كل الوقت‬ ‫ال تلوميننا �أيتها ال�شجرة‬ ‫التي ربطت عيني بها‬ ‫�أنت انتحرت‬ ‫و�أنا �أخربتك �أين �س�أحب مرتني‬ ‫مثل من يقفز مرتني يف الهواء‪.‬‬ ‫تغريد عبدالعال‪:‬‬ ‫مواليد ‪ 1984‬لبنان‬ ‫م�ؤلفاتها‪:‬‬ ‫ يف متام ال�ساعة اخلائفة‬‫ �شرفة مائلة‬‫ تكتب ال�شعر واملقالة الثقافية‬‫‪152‬‬

‫هواج�س‬

‫و�ضعت �أ�شيائي يف هواء قليل‬ ‫ثم ارتفعت كالبحر اىل يدي‬ ‫وتركتني �أ�ستعد مل�ضغ هواج�سي‬ ‫قبل �أن تغادر‪.‬‬ ‫***‬

‫حركاتنا املت�شابهة‪،‬‬ ‫كانت مو�سيقى تطردنا اىل البيت‬ ‫الآلة التي تعمل الآن‪،‬‬ ‫تفكك الر�سالة‪،‬‬ ‫�أجل�س يف الأع�شا�ش الفارغة‪،‬‬ ‫البيا�ض وحده ‪،‬‬ ‫من يقر�ؤها جيداً‪.‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫تغريد عبد العال‬

‫حجارة رتبتها الطرقات‬



‫دار نل�سن‬

‫هاتف ‪01/739196:‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪darnelson@hotmail.com:‬‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�إ�سالم �سمحان‬

‫ع�رشة �أبواب لق�صيدة دم�شقية‬

‫باب �رشقي‬ ‫‪1‬‬

‫مثل مواكب الأمراء‬ ‫مل نرها‬ ‫لكن حتدثنا عنها كثرياً‪.‬‬

‫�إنه ال�صباح‬ ‫عني الليل‬ ‫التي ابي�ضت‬ ‫من احلزن‪.‬‬

‫باب ال�صغري‬

‫‪2‬‬

‫�أهج�س باخلراب‬ ‫�صدري ميدان الرماية‬ ‫ودمي �شراب‪.‬‬

‫�أ�صلي للج�سد امل�سكوب‬ ‫مثل �إبريق الفخار‪..‬‬ ‫�أ�صلي للوطن املذبوح‬ ‫من بردى حتى عكار‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫ملحنا ال�سعادة؛‪ ‬‬ ‫كانت جملجلة بكامل‬ ‫�أبهتها وعظيمة ب�سرعتها‪ ‬‬

‫‪II‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫�أدندن �أغنية رائجة‪،‬‬ ‫و�ألهو بت�أثيث خميلتي‪:‬‬ ‫حديقة خلفية‬ ‫وبيت دم�شقي بجدران قليلة‪ ‬‬ ‫و�ستائر خفيفة‬ ‫وجارة تغلي القهوة‬ ‫‪155‬‬


‫على نار قلبها؛‬ ‫و�أ�شربها‪.‬‬

‫الأحداث والوقوع‬ ‫يف احلب‬ ‫وما �سوف ي�أتي‪.‬‬

‫كنت �أقبلهم‬ ‫يف النظرة الأخرية‬ ‫يا ملرارة املوت يف فمي‪.‬‬

‫‪IV‬‬

‫‪6‬‬

‫‪III‬‬

‫باب توما‬ ‫‪7‬‬

‫دم�شقية العينني‬ ‫ذابلتان مثل‬ ‫نع�س الظهرية‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫�أيتها الريح احلمقاء‬ ‫تلك الثقوب لي�ست لناي؛‬ ‫وهذا ال�صوت اجلميل‬ ‫�صراخي‪..‬‬ ‫�أيتها الريح‪ ‬‬ ‫�أنا خزانة النار‪ ‬‬ ‫وتلك الثقوب جراحي‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫احلرب ت�ؤرخُ ذاكرتي‪:‬‬ ‫‪156‬‬

‫باب الن�رص‬ ‫‪10‬‬

‫�أيها العامل‬ ‫ل�سانك �أطول‬ ‫من قارب وهذا‬ ‫املاء دمي‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫القلب‬ ‫خملوع ِ‬ ‫�أ�س ُري َ‬ ‫مزقتني اخليب ُة‬ ‫وقد �صا َر �صدري‬ ‫كث َري ال�شقوق‬ ‫تنمو فيها ورو ُد الأملْ‬ ‫ت�شرب من دمي‪.‬‬ ‫التي ُ‬ ‫‪12‬‬

‫ال�صباح لي�س خرياً‪..‬‬ ‫ال�صباح بداية‬ ‫وجع جديد‪.‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫‪V‬‬

‫باب الفرج‬ ‫‪13‬‬

‫حتدق‬ ‫يف املر�آة؛‬ ‫تلك الأ�شكال‪ ‬‬ ‫املتداخلة‬ ‫يف بع�ضها البع�ض‬ ‫وجوهك‪ ‬املتعددة‪،‬‬ ‫دمعك اخلائن‬ ‫يف النظرة البلهاء‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫كان الدم يلفظ‬ ‫كالمه الأخري‬ ‫ويطفح من "التلفزيون"‬ ‫مثل ثور �إ�سباين‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫َمروا‬ ‫مثل امللح‪ ‬‬ ‫يف اجلرح‬ ‫ك�ضمري اجلالد‬ ‫كو�شم يف‪ ‬‬

‫عني ال�شم�س‬ ‫�إىل الأبد‪.‬‬ ‫‪VI‬‬

‫باب اجلابية‬ ‫‪16‬‬

‫�ستائرها حني‬ ‫يحركها الهواء؛‬ ‫بلد‪.‬‬ ‫�أملح ْ‬ ‫‪17‬‬

‫يطعنون دمي‬ ‫و�أح�ضنهم يف ال�سر‬ ‫كي ال يتجرعوا طعم الندم‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫�سيمفونية لينينغراد‪..‬‬ ‫الرتخاء اجلثث‬ ‫يف العربات‬ ‫وتهدئة روع املقاتل‪:‬‬ ‫قالت لودميال‪،‬‬ ‫وراحت ت�صطاد اجلنود‬ ‫بابت�سامة عري�ضة‬ ‫وهي تبكي‪.‬‬ ‫‪VII‬‬

‫‪157‬‬


‫باب الفرادي�س‬ ‫‪19‬‬

‫�أيها القدير‬ ‫خذ بيد احلرب‪ ‬‬ ‫ف�إنها لوال م�شيئتك‬ ‫ما كانت‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫�أر�ش على‬ ‫املوت �ضحكتك‬ ‫و�أغ�سل ال�سماء‬ ‫ب�صوتك‪.‬‬ ‫‪21‬‬

‫�ألتهم املنحدر‪ ‬‬ ‫مثل كرة الثلج‪ ‬‬ ‫حتت القمر‪ ،‬‬ ‫و�أحو�ش الأمنيات‬ ‫يف �سلة‪ ‬‬ ‫املهمالت‬ ‫كي ال يلتفت‬ ‫�أحد �إليها‪.‬‬ ‫‪VIII‬‬

‫باب ال�سالم‬ ‫‪158‬‬

‫‪22‬‬

‫�أعي�ش ك�أنني‬ ‫لغة و�أنت‪ ‬‬ ‫�أبلغ ما فيها‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫ع�شنا يف حارة �شامية‬ ‫بيوتها متال�صقة‬ ‫وحني ت�شتد حرارة‪ ‬‬ ‫بيت جرياننا‬ ‫مير�ض بيتنا‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫كل الذين �أحبوك‬ ‫يف ال�صمت‬ ‫كانوا �أنا‪..‬‬ ‫‪�..‬أنا‪ ‬كل‬ ‫الذين‬ ‫اختاروك‬ ‫لينالوا مني‪.‬‬ ‫‪IX‬‬

‫باب كي�سان‬


‫ابداع ونقد‬

‫‪25‬‬

‫متر ذكراك‬

‫ها �أنا مثل‪ ‬‬ ‫�شجرة اخلروب‬ ‫العظيمة‬ ‫عند ال�سفح البعيد‬ ‫�أيفء‬ ‫على �أوراقي‬ ‫املت�ساقطة‪.‬‬

‫كالكحلة‪ ‬‬

‫‪26‬‬

‫�أبت�سم كل يوم للمر�آة‬ ‫كي يت�سنى يل‬ ‫�أن �أ�ضبط �ضحكتي‬ ‫كما حتب اخليبة‪.‬‬ ‫‪27‬‬

‫يف العني‬ ‫الوا�سعة‬ ‫العمياء‪.‬‬ ‫‪29‬‬

‫الرياع ي�ضيء‪ ‬‬ ‫من حويل؛‬ ‫�أنا امل�سجى‪ ‬‬ ‫حتت �أ�شجار‬ ‫ال ت�ؤتي ثماراً‬ ‫وتزدهي‪ ‬باخل�ضرة فقط‪..‬‬ ‫كل ما يحيط بي‪ ‬‬

‫�إنهن �أقمار الق�صيدة‪..‬‬ ‫نون الن�سوة‬ ‫وتاء الت�أنيث‬ ‫ودم�شق‪.‬‬

‫املحنط‪.‬‬

‫‪X‬‬

‫‪30‬‬

‫باب اجلنيق‬

‫دمعتي كرمية؛‬

‫‪28‬‬

‫جميل و�صامت‬ ‫ويزهو كالطاوو�س‬

‫قما�شة القلب ال جتف‪.‬‬ ‫‪159‬‬


‫حممد حممود الب�شتاوي‬

‫الدروب البعيد ِة‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫امل�سافات‬ ‫كثلج على جم ِر‬ ‫تذوب خُ طانا ٍ‬ ‫�شوقاً‬ ‫الغياب حلظةً‪ ..‬حلظ ًة‬ ‫نذوب يف ك� ِأ�س ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫فين�سحب‬ ‫حمطات االنتظا ِر‬ ‫نغيب يف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الذكريات‬ ‫ال ُعم ُر من رما ِد‬ ‫ْ‬ ‫الدروب البعيد ِة كقطع ِة‬ ‫ونذوب �سو ّياً يف‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫احلنني �إىل �إطا ِر ال�صور ِة؛‬ ‫ُ�س َّك ٍر يف ميا ِه ِ‬ ‫ ال�صور ُة اليوم فرديةٌ؛ ٍّ‬‫لكل منا �صورته‬

‫الدروب البعيد ِة‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫نتعرب�ش دالي َة احلكاي ِة ونلهو بها ٍّ‬ ‫كقط‬ ‫ُ‬ ‫يطار ُد ذيل ُه‬ ‫نتوارى خلف �أ�صابعنا َك ِ�ص ْب َي ٍة يلعبون‬ ‫بظاللهم‪.‬‬ ‫الدروب البعيد ِة‬ ‫يف‬ ‫ِ‬

‫ال�شتات؛ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫لكل منا‬ ‫ ال�صور ُة جماعية يف‬‫ُ‬ ‫الغروب‬ ‫تفا�صيل رحلت ِه يف‬ ‫ْ‬

‫عب‪/‬‬ ‫حم ال َّت ِ‬ ‫نتكاث ُر يف َر ِ‬ ‫نتناق�ص َح َّب ًة َح َّب ًة يف ِ‬ ‫جوف املنفى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نت�ضاءل يف املر�آ ِة‪،‬‬

‫الدروب البعيد ِة‬ ‫يف‬ ‫ِ‬

‫عما تبقى لنا من ِ‬ ‫القلب؛‬ ‫ُ‬ ‫جهات ِ‬ ‫نفت�ش َّ‬ ‫عن ك�سر ِة خُ ْبزٍ‪/‬‬

‫نذوي يف ِ‬ ‫طرقات التي ِه‪..‬‬

‫يفء �شجر ٍة‪/‬‬

‫ونن�أى يف املكانِ‬ ‫املكبل باحلدو ِد‬ ‫ِ‬

‫ٍ‬ ‫طائرات‪/‬‬ ‫�سماء بال‬

‫كرمل يف راح ٍة مل�سا ْء‬ ‫نلملم َ‬ ‫بع�ض َب ْع ِ�ضنا ٍ‬ ‫ُ‬

‫� ٌ‬ ‫أر�ض بال مقاب َر‪/‬‬

‫‪160‬‬

‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القلب‬ ‫جهات‬ ‫ما تبقى لنا من‬


‫ابداع ونقد‬

‫مقاب َر لي�ست جماعية‪/‬‬ ‫حدائق معمور ٌة بال�ضحك‪/‬‬ ‫للجلو�س‪/‬‬ ‫مقاعد �صاحل ٌة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫�شوارع َّ‬ ‫مكتظة بامل�شا ِة‪/‬‬ ‫تنظم ال�س َري‪..‬‬ ‫�إ�شار ُة مرو ٍر ُ‬ ‫ب�ساتني مزدان ٌة بالورو ِد‪/‬‬ ‫تراب‪ /‬كرو ٌم‪َ /‬م ٍ‬ ‫مدار�س‪ /‬مبانٍ ‪/‬‬ ‫�شاف‪/‬‬ ‫َ‬ ‫دكاكني‪،‬‬ ‫حب الدخان‪.‬‬ ‫و�شم�س ال حتجبها ُ�س ُ‬ ‫الدروب البعيد ِة‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫البو�صل ُة معطلةٌ‪..‬‬ ‫الوقت‬ ‫ُ‬ ‫خارج ْ‬ ‫الوقت َ‬ ‫ُ‬ ‫اخلرائط ممحي ٌة‬ ‫والعيون مغلق ٌة على املذبحة؛‬ ‫احلرب‪..‬‬ ‫�أيتها ُ‬ ‫خذي ب�سات َني ال ُعم ِر‬ ‫واتركي لنا قلي ًال من الور ِد؛‬ ‫فثم َة م�ساف ُة دف ٍء ملا تبقى من �صغا ِر‬ ‫العائل ْة‬

‫�رصاخ‬

‫ال�سيا�سي ي�صرخُ على ال�شا�ش ِة مبتهجاً‬ ‫ُّ‬ ‫بانت�صارات ِه‬ ‫الع�سكري ي�صرخُ مزداناً بقتال ْه‬ ‫ُّ‬ ‫اجلندي ي�صرخُ تنفيذاً للأوام ِر‬ ‫ُّ‬ ‫املذي ُع ي�صرخُ على اجلمهو ْر‬ ‫�صرخت‬ ‫احلرب‬ ‫اجلمهو ُر ٌ‬ ‫ْ‬ ‫�صامت‪ ..‬لأن َ‬ ‫احلرب مل ت�صرخ‪ ..‬لأنها � ُ‬ ‫أول �صرخ ٍة‬ ‫ُ‬ ‫للموت‬ ‫ْ‬ ‫�صمت‬

‫اجلثث ال�صامت ُة حتولت �إىل لوح ٍة ُ‬ ‫تفي�ض‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بال�صرخات؛‬ ‫ُ‬ ‫حدث‬ ‫الطفل ي�صرخُ �أملاً دون �أن يدري ما ْ‬ ‫الأ ُم ت�صرخُ �أملاً على طفلها‪،‬‬ ‫الزوج ي�صرخُ على حال ِه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫�ضاع ُّ‬ ‫كل �شي ٍء يف غم�ض ٍة‬ ‫َ‬ ‫لقد َ‬ ‫ما تبقى‬

‫و�سط املجزر ِة‬ ‫‪161‬‬


‫تغمغم مبا تبقى لها من روح‬ ‫نَف ٌْ�س ُ‬ ‫ال�صمت؛‬ ‫ت�صرخُ حلظ ًة ثم ي�سو ُد‬ ‫ُ‬ ‫ال�صمت �آخ ُر �آثا ِر املجزر ْة‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫�صورة‬

‫الدبابات و�سوتها‬ ‫ال�شوارع هر�ستها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أر�ض تراباً؛‬ ‫بال ِ‬ ‫عاري ٌة من ال ِ‬ ‫إ�سفلت بال �أر�صفةْ‪.‬‬

‫نتناق�ص فرداً‪ ،‬فرداً؛‬ ‫ُ‬

‫هرولة‬

‫أم�س كانت �صور ًة جماع َّي ًة‬ ‫بال ِ‬

‫ال�شوارع‪..‬‬ ‫ُ‬

‫اليوم‪..‬‬

‫هرولت فوقَ � ِ‬ ‫�صيف‬ ‫أكتاف ال َّر ْ‬

‫�صارت �إىل الذكرى‬ ‫ال�شوار ُع عاريةٌ من الإ�سفلت‬

‫رب‬ ‫يف البال ِد التي ارحتلت يف َح ِ‬ ‫احلروب‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫قطعة قطعةً‪ ،‬ثم َة بقيةٌ‪ ،‬ل�شوارع خالية من‬ ‫املا َّر ِة‪..‬‬ ‫أحد بها �إال ه َّرة �ض َّلت طريقها ف�أردتها‬ ‫ال � َ‬ ‫الر�صا�ص ُة يف املزبل ْة‬ ‫***‬

‫الريح؛‬ ‫ُ‬ ‫ال�شوارع ت�صرخُ فيها ُ‬ ‫الطني يف الأذن ْني‬ ‫فهي هادئ ٌة متاماً لوال �أن ُني ِ‬ ‫‪162‬‬

‫***‬

‫ال�شوار ُِع تتع َّرى من ا ُخلطا‪،‬‬ ‫ظيف؛‬ ‫فيا ل�شارِعنا ال َّن ْ‬ ‫ِ‬ ‫املمرات �سوى �أوراقِ‬ ‫اخلريف‬ ‫ال �شي َء يف‬ ‫ْ‬ ‫ال �شي َء يعبرُ ُ املا�ضي �سوى عيونِ موتانا‬ ‫اجل�سد القتيلْ‬ ‫تثقب َ‬ ‫ُ‬ ‫ال �شي َء ل�شي ٍء �سوانا‬ ‫ورد ٌة‬ ‫و�سك ٌني‬ ‫�شريف‪.‬‬ ‫وعربيد ْ‬ ‫ٌ‬


‫�إب��������������������������������������داع ون���������ق���������د‬

‫�سورية و�إله ال�شم�س‬

‫عبد الوهاب �أبو �صالح*‬

‫حيزاً من تفكريه‪ ،‬ف�أ�شعتها‪� ،‬شروقها‪ ،‬غروبها وحركتها‬ ‫ّفكر الإن�سان بال�شم�س ومنحها ّ‬ ‫الظاهرية جعلته ي�ؤول ت�أويالت نه�ضت مبعتقد ديني جعل منها حموراً دينياً يف حياته‪،‬‬ ‫فهي املتعالية‪ ،‬وال�سامية االرتفاع‪ ،‬واملبهمة والغام�ضة‪ .‬تبعث �ضوءها الذهبي متلألئاً‬ ‫ّبراقاً‪ ،‬فيبعث احلياة بكلّ �شيء يالم�سه‪ .‬وقد حار الإن�سان بها‪ ،‬فكانت منذ �آالف ال�سنني‬ ‫ّ‬ ‫فقد�سها وو�ضع لها رموزاً تن�سجم مع ميتافيزيقيته‪.‬‬ ‫حمط تفكريه وت�أويالته‪ّ ،‬‬ ‫و�إنه ملن غري املعروف متاماً متى ح ّلت عبادة ال�شم�س حمل عبادة القمر‪ ،‬فربمّ ا حدث ذلك‬ ‫حينما ح ّلت الزراعة حمل ال�صيد‪� ،‬أي خالل الع�صر احلجري احلديث‪ ،‬فعبد النا�س‬ ‫حي ‪ ،‬ف�سادت فكرة‬ ‫ال�شم�س العظيمة لأنها مبثابة الوالد الذي نفخ احلياة يف كلّ �شيء ّ‬ ‫عبادة ال�شم�س ‪-‬وفق الأ�ساطري‪ -‬بعد �أن ا�ستطاعت امليثولوجيا ال�شم�سية بناء نف�سها‬ ‫على الأ�س�س ال�سابقة للميثولوجيا القمرية‪ ،‬و�أخذ الآلهة ال�شم�سيون يتبنون خ�صائ�ص‬ ‫و�صالحيات الأم القمرية وابنها‪ ،‬كما حت ّولت بع�ض الآلهة القمرية �إىل �شم�سية ‪ .‬ومبا‬ ‫�أنّ العالقة بني الأ�شياء املقد�سة واملجتمع عالقة رمزية‪ ،‬ولي�ست عالقة طبيعية فطرية ومبا‬ ‫�أ ّنه من دون الرموز تكون امل�شاعر الدينية عر�ضة للزوال‪ ،‬و�أنّ احلياة االجتماعية بكلّ‬ ‫مظاهرها‪ ،‬ويف كلّ حلظة من حلظات تاريخها حتتاج �إىل هذه الرمزية الوا�سعة العري�ضة‬ ‫حتى ت�ستمر يف الوجود ‪ ،‬فكان ال ّبد من وجود املقد�س ورمزه يف ذهنية الإن�سان‪،‬‬ ‫أهم‬ ‫فتعددت تلك املقد�سات‪ ،‬وتعددت تلك الرموز‪ ،‬وكانت ال�شم�س ورموز عبادتها من � ّ‬ ‫تلك املقد�سات عبادة‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫(‪)3‬‬

‫*‪ -‬عبد الوهاب �أبو �صالح ‪ -‬مواليد ‪ 1975‬ـ دكتوراه يف الفنون والآثار ـ �صدر له كتاب �شعري بعنوان (فل�سفات)‪،‬‬ ‫‪ ،2015‬كتاب عن "تاريخ �أفاميا"‪ ،‬ن�شر العديد من الأبحاث التاريخية يف املجالت املتخ�ص�صة ومو�سوعة الآثار‬ ‫ال�سورية‪.‬‬ ‫‪163‬‬


‫وكانت �سوريا القدمية من املناطق التي ت�ضم مواقع عديدة د ّلت مكت�شفاتها على تقدي�س‬ ‫وعبادة ال�شم�س‪ ،‬وترميز تلك العبادة لت�أخذ �أ�شكا ًال ورموزاً خمتلفة‪ ،‬ومن �أهم رموز �إله‬ ‫عدا رمزين لإله ال�شم�س‪ ،‬فالن�سر رمز الرتفاع الروح مثل‬ ‫ال�شم�س الن�سر والأ�سد اللذان ّ‬ ‫ال�شم�س‪ ،‬وقد ارتبط مذْ ّمت التعرف عليه مع فكرة الن�شاط ومع الرعد والنار‪ ،‬وهذه الرمزية‬ ‫ممتدة من ال�شرق الأق�صى وحتى �شمال �أوروبا‪ ،‬والن�سر يف ال�سماء يعادل الأ�سد على‬ ‫الأر�ض فلذلك �ص ّور �أحياناً بر�أ�س �أ�سد و�أمدجود(‪ )Imdugud‬الن�سر بر�أ�س �أ�سد يربط‬ ‫بني الأر�ضية وال�سماوية ‪ ،‬وا�ستمر ربط الأ�سد بال�شم�س حتى الع�صر اليوناين واتخذ‬ ‫�إله ال�شم�س لديهم ا�سم �أبولون‪ ،‬والذي يعني من �أعماق الأ�سد ويعرب هذا املعنى عن‬ ‫عالقة بني ال�شم�س والربج اخلام�س‪� ،‬أي برج الأ�سد ‪ .‬كما دخلت الأعداد يف ق�ضية‬ ‫الرتميز‪ ،‬فارتبط العدد ‪ 12‬بال�شم�س من حيث هو تركيب للمبد�أ الدائري‪ ،‬فهناك اثنتا‬ ‫ع�شرة �إ�شارة للربوج الفلكية‪ ،‬واثنا ع�شر ر ّباً كبرياً يف امليثولوجيا القدمية‪ ،‬واثنا ع�شر �شهراً‪،‬‬ ‫املقد�س‪ ،‬واثنتا ع�شرة �ساعة يف اليوم‪ ،‬واثنا ع�شر �شعاعاً لعجلة‬ ‫واثنا ع�شر ملكاً يف الكتاب ّ‬ ‫العربة ال�شم�سية ‪ .‬وقد وردت م�ؤ�شرات على عبادة ال�شم�س من بع�ض املواقع ال�سورية‬ ‫خالل ع�صور ما قبل التاريخ‪ ،‬ففي موقع �شاتال هيوك يف الأنا�ضول‪ ،‬الذي يعود للألف‬ ‫ال�سابع قبل امليالد‪،‬عرث على لوحات جدارية يف املعبد البيتي من �ضمنها مناقري لن�سور‪،‬‬ ‫ون�سور تن�شر جناحيها على �أنا�س �صغار يحنون �أج�سامهم ور�ؤو�سهم مفقودة‪� .‬إنّ وجود‬ ‫الن�سور يف ذلك املعبد‪ ،‬ووجود �أنا�س يحنون ر�ؤو�سهم �أمامها دليل على مكانة مقد�سة‬ ‫للن�سر ‪ ،‬كما ظهرت رموز �أخرى لعبادة ال�شم�س يف بالد الرافدين‪ ،‬ذات البعد احل�ضاري‬ ‫املتقارب مع �سوريا القدمية‪ ،‬ففي موقع ح�سونة ظهر رمز ال�صليب امل�شابه �شك ًال لل�صليب‬ ‫املالطي بحدود الألف اخلام�س قبل امليالد‪ّ ،‬ثم يف ثقافة �سامراء‪ ،‬ويف ثقافة حلف (موقع‬ ‫العربجية)‪ ،‬و�إنّ �سبب متثيل �إله ال�شم�س بال�صليب يرجع لكون ال�شم�س تر�سم خالل‬ ‫طلوعها ومغيبها نقاطاً �أربعاً على الأر�ض تتمثل بال�صليب‪ .‬وكذلك يف موقع جمدة ن�صر‪،‬‬ ‫فقد حت ّولت الدائرة �إىل وردة الأقحوان‪ ،‬وظهر ذلك الرمز خالل الألف الرابع قبل امليالد‬ ‫ممث ًال لرمزية عبادة ال�شم�س ‪ .‬ويف �أوروك �أخذ جلجام�ش يت�شاور مع �شيوخ �أوروك‬ ‫ليح�صل على ر�ضا �إله ال�شم�س (�شم�ش) حامي امل�سافرين ك ّلهم‪ ،‬وذلك ليبد�أ رحلته هو‬ ‫�ضم‬ ‫�شر يف البالد ‪ .‬ويف �سومر ّ‬ ‫و�أنكيدو وليقطعا �شجر الأرز‪ ،‬ويق�ضيا على كل ما هو ّ‬ ‫ح�ض �أخته �إنانا على الزواج‬ ‫جمل�س الثالوث الإلهي نانا‪ :‬القمر‪ ،‬و�أوتو‪ :‬ال�شم�س‪ ،‬الذي ّ‬ ‫(‪)4‬‬

‫(‪)5‬‬

‫(‪)6‬‬

‫(‪)7‬‬

‫(‪)8‬‬

‫(‪)9‬‬

‫(‪)10‬‬

‫‪164‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫من الراعي دموزي ‪ ،‬الذي ا�ستجار ب�أوتو ليم�سخه �أفعى عندما اختلف مع �إنانا ‪.‬‬ ‫(‪)12‬‬

‫(‪)11‬‬

‫بعدة �أ�سماء‪ ،‬منها �أوتو ‪ ،Utu‬ببار ‪ ،Babbar‬ك�شر‬ ‫وقد ُعرِف �إله ال�شم�س عند ال�سومريني ّ‬ ‫‪ ،Gis-sir‬زمله ‪ُ ،Zalme‬بزر ‪ ،Buzer‬مات ‪ Mat‬و�أمنا ‪ ،Amna‬ومن املمكن �أن يكون‬ ‫اال�سم الأخري �أ�صل الإله امل�صري �آمون مثلما يعتقد �أن �أوتو هو م�صدر �إله ال�شم�س‬ ‫امل�صري �أتون ‪ ،‬ومن الرموز الهند�سية لإله ال�شم�س يف بالد �سومر ال�صليب‪ ،‬الزائد‬ ‫(‪ )+‬عالمة بار ( )‪ ،‬الدائرة‪ ،‬ال�صليب والدائرة �سوية‪ ،‬ال�سارية وفوقها قر�ص ‪� ،‬أ ّما �أهم‬ ‫الرموز احليوانية‪ :‬الأ�سد ذو الر�أ�س الآدمي‪ ،‬الأ�سد‪ ،‬الن�سر‪ ،‬ال�صقر‪ ،‬والرجل العقرب‬ ‫الذي يظهر �أمام قارب الإله ال�شم�س على الأختام الأ�سطوانية ‪ .‬ومع ا�ضمحالل‬ ‫يعد الأهم يف الديانتني البابلية‬ ‫الدور ال�سومري تنتقل العبادة من �أوتو �إىل �شم�ش الذي ّ‬ ‫والآ�شورية‪ ،‬فمن �شم�ش يت�سلم حمورابي ت�شريعاته الإلهية ‪.‬‬ ‫(‪)13‬‬

‫(‪)15()14‬‬

‫(‪)16‬‬

‫(‪)17‬‬

‫(‪)18‬‬

‫ومن اجلدير بالذكر �أ ّنه مت اكت�شاف ن�سر منحوت على حجر بازلتي يف موقع اجلرف‬ ‫الأحمر‪ ،‬يعود �إىل الع�صر احلجري احلديث‪ ،‬ومن املثري لال�ستغراب �أنّ ري�ش جناحي‬ ‫ال ّن�سر املكت�شف عددها ‪�- 12‬ستة يف كل جناح‪ -‬والعدد ‪ 12‬مرتبط مع ال�شم�س‪ .‬ومبا �أنّ‬ ‫رمزية الن�سر مرتبطة مع ال�شم�س‪ ،‬فهل ميكن تقدمي فر�ضية �أن يكون الن�سر املكت�شف يف‬ ‫اجلرف الأحمر هو �أحد الرموز الأقدم لعبادة ال�شم�س‪.‬؟‬ ‫ �إله ال�شم�س خالل ع�صري الربونز واحلديد‪ :‬عرث يف املعبد‪ - D‬يف �إيبال ‪ -‬والذي يعود‬‫للألف الثالث قبل امليالد على زخرفة يف مدخله تتمثل بلوحات بازلتية منحوتة ومزينة‬ ‫ب�أ�شكال الأ�سود‪ ،‬وظهر الإن�سان الثور الذي ميثل �شم�ش ‪ ،‬والذي ظهر ما ي�شابهه على‬ ‫�أحد الأختام الأ�سطوانية التي عرث عليها يف �أور خالل ع�صر فجر ال�سالالت الباكر‬ ‫الثاين ‪ 2600 - 2800‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫(‪)19‬‬

‫(‪)20‬‬

‫فقد انق�سم اخلتم �إىل م�شهدين‪ ،‬امل�شهد الأول يظهر فيه ثور ال�سماء والذي حترق �أنفا�سه‬ ‫احلبوب‪� .‬أ ّما امل�شهد الثاين (حتت امل�شهد الأول) ف ُي�شاهد ثوران كلّ واحد منهما يرعى‬ ‫باجتاه‪ ،‬وعلى ر�أ�س �أحدهما يقف ن�سر مرفرفاً فوق ر�أ�سه بجناحيه ‪.‬‬ ‫(‪)21‬‬

‫�أما على ال�ساحل ال�سوري‪ ،‬فقد عبد �إله ال�شم�س يف‪� :‬أوغاريت و�صور‪ ،‬ففي �أوغاريت‬ ‫كان قر�ص ال�شم�س رمز الإله �إيل ‪ ،‬و�أ�سطورة حورون تد ّلل على عبادة ال�شم�س فيها‪،‬‬ ‫(‪)22‬‬

‫‪165‬‬


‫حيث كان الطائر ال�صغري الق�صري الذنب املائل �إىل اخل�ضرة‪ ،‬والذي ارتبط بال�شم�س‬ ‫ي�سمى ( ُحر)‪ .‬وقد ارتبط هذا الإله بـ"ر�شف" والإله �شلمان �أو �شاليم والإلهة عناة‪،‬‬ ‫وكذلك يف �أ�سطورة �شب�ش‪ ، Sapash‬فقد مثلت �شب�ش عبادة ال�شم�س ‪ .‬ويف �صور‬ ‫يربز ملقارت الذي كان له معبد مهم فيها‪ ...‬وكان عيده يجري يف كانون الثاين من كل‬ ‫عام‪ ،‬وي�سمى بعث ملقارت‪ ،‬حيث تن�صب حمرقة كبرية يو�ضع عليها متثال الإله وحده �أو‬ ‫ممتطياً ح�صان البحر‪ّ ،‬ثم يقوم الكهنة بحركات متثل قتال ملقارت مع التنني تيفون وتو�ضع‬ ‫طيور الإله امليت ملقارت‪ ،‬فيقوم و�سط النار و ُيبعث‪ّ ،‬مما ي�ستدعي بدء طقو�س الفرح‪،‬‬ ‫حيث متثل طيور ال�سلوى ترميزاً للطيور ال�شم�سية التي تتحول �إىل ما ي�شبه ال�سبب يف‬ ‫عودة ملقارت �إىل احلياة وك�أ ّنها قب�س �شم�سي �أعاد احلياة �إليه(‪� ،)24‬أ ّما الفينيقيون فكان‬ ‫�سماها اليونان فيما بعد‬ ‫ر�شف من �أهم �آلهتهم‪ ،‬وت�أويله ال�صاعقة‪� ،‬أي النار ال�سماوية التي ّ‬ ‫�أبولو وثاو�س ‪.‬‬ ‫(‪)23‬‬

‫(‪)25‬‬

‫وعد �إله ال�شم�س عند الآ�شوريني �إلهاً كونياً‪ ،‬حيث عرث على ن�ص يف مكتبة امللك‬ ‫ّ‬ ‫الآ�شوري �آ�شور بانيبال يف نينوى ‪ 632 - 668‬ق‪.‬م‪ .‬وهو عبارة عن �صالة لإله‬ ‫ال�شم�س البابلي �شم�ش باعتباره قوة كونية �شمولية و�إلهاً للقانون والنظام والعدالة ‪،‬‬ ‫و�سمي (�أدد‬ ‫والرعد ّ‬ ‫�أ ّما عند الآراميني فقد ُع ّد الإله حدد �أعظم �إله لهم‪ ،‬فهو �إله الزوابع ّ‬ ‫�أو �أدو)‪ ،‬ومن �أهم معابده معبد هريابولي�س (منبج)‪ ،‬وامتزجت عبادته فيما بعد بعبادة‬ ‫ال�شم�س‪ ،‬وزخرف ر�أ�سه عند ذلك بالأ�شعة كما يف بعلبك‪ .‬و ذكر �إله ال�شم�س با�سم‬ ‫�شم�ش يف ن�ص زاكري ملك حماة املكت�شف يف تل �أف�س ‪ ،‬وظهرت منحوتة الأ�سد‬ ‫برمزيتها ال�شم�سية يف العديد من املواقع الأثرية ومنها معابد تل طعينات وعني دارة ويف‬ ‫مدينتي حلف وحماة ‪.‬‬ ‫(‪)26‬‬

‫(‪)27‬‬

‫(‪)28‬‬

‫(‪)29‬‬

‫(‪)30‬‬

‫�إله ال�شم�س خالل الع�صور الكال�سيكية‪ :‬لقد �سجل التاريخ بعد �ألف وخم�سمئة �سنة‬ ‫من وفاة �أخناتون حماولة جديدة جلعل �إله ال�شم�س �إلهاً �أوحد للكون‪ ،‬وذلك باال�ستناد‬ ‫�إىل �أقوى �سلطة زمنية يف ذلك الع�صر �أال وهي �سلطة رومة ممثلة ب�إمرباطورها ‪ ،‬فكان‬ ‫من �أهم مراكز عبادة �إله ال�شم�س؛ هيكل �إيالجابال ‪ Elagabal‬يف حم�ص‪ ،‬و�إيالجابال‬ ‫تعني يف ال�سريانية �إيل (اهلل)‪ ،‬وجابال تلة �أو جبل‪ ،‬ويوجد تف�سري �آخر هو الإله اخلالق ‪.‬‬ ‫ومعنى �إيالجابال تعك�س ارتباط �إله ال�شم�س بالن�سر وبالقمم‪ ،‬فالن�سر ال يرت�ضي العي�ش‬ ‫(‪)31‬‬

‫(‪)32‬‬

‫‪166‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫�إال يف القمم �شاخماً‪ ،‬وكذلك �إله ال�شم�س فهو يف املكان ال ُعلوي‪ .‬وكاهن املعبد الأعظم‪،‬‬ ‫�أي معبد �إيالجابال هو �سم�سي �سريامو�س الذي كان يحكم حم�ص عند دخول بومبي‬ ‫ثم تعاظمت قوة ومعبد الإله ال�شم�س �أيام الكاهن جوليو�س با�سانيو�س ‪Julius‬‬ ‫�سورية‪ّ ،‬‬ ‫‪ Bassnius‬والد كلّ من جوليا دومنا وجوليا مي�سا ‪ .‬وقد ُج�سد الإله يف معبد حم�ص‬ ‫بحجر من ال�صخر الأ�سود (النيزكي) ا�صطحبه معه الإمرباطور �إيالجابال �إىل روما‪ .‬ذلك‬ ‫الإمرباطور الذي ورث لقب الكاهن الأعظم يف معبد حم�ص‪ ،‬و�أن�ش�أ معبداً خا�صاً ّميزه‬ ‫على �سائر الأ�شكال املقد�سة‪ ،‬وبنى قربه مذبحاً‪ ،‬وكان ميار�س الطقو�س على الطريقة‬ ‫ال�سورية‪ ،‬ويتبعه يف ذلك جميع رجال الدولة‪ّ ،‬ثم �أن�ش�أ معبداً �آخر يف �ضواحي روما‪،‬‬ ‫وجعل احلجر الأ�سود ينتقل بني املعبدين على عربة اّ‬ ‫حملة بالذهب والأحجار الكرمية يف‬ ‫احتفال ر�سمي‪ ،‬وكان من نتيجة تلك العبادة وتلك ال�شعائر �أن قام القادة الرومان بالت�آمر‬ ‫على الإمرباطور وقتله هو و�أمه جوليا �سوميا وكثرياً من رجال حا�شيته ال�سورية‪ ،‬و�ألقوا‬ ‫وهدموا املعبد و�أعيد احلجر �إىل �سوريا بعد �أن �أ�صبح‬ ‫بجثتيهما يف نهر التيرب عام ‪222‬م‪ّ ،‬‬ ‫ا�سكندر �سفريو�س �إمرباطوراً ‪ .‬ويف َب ْعلبك (هليوبول�س) وهو اال�سم الإغريقي الذي‬ ‫يعني (مدينة ال�شم�س) كان ال�سلوقيون قد فر�ضوا الإله بعل حني جعلوه معاد ًال للإله‬ ‫ال�شم�س ‪ ،‬وكان �إله ال�شم�س له املرتبة الأوىل خالل الع�صور القدمية ولك ّنه مل ي�ستطع‬ ‫�أن يحافظ على املرتبة الأوىل بني الآلهة يف بعلبك خالل الع�صر الروماين‪ ،‬فجوبيرت‬ ‫هو من حتلى بدور ال�صدارة بني الآلهة‪ ،‬وتقل�ص دور �إله ال�شم�س‪ ،‬لي�صبح �شبيه الر�سول‬ ‫الإلهي "مركور" الذي اتخذ دور الر�سول للإله جوبيرت ‪.‬‬ ‫(‪)33‬‬

‫(‪)34‬‬

‫(‪)35‬‬

‫(‪)36‬‬

‫(‪)37‬‬

‫(‪)39‬‬

‫(‪)38‬‬

‫ويف تدمر ُعرف �إله ال�شم�س با�سم ملك بل وات�صف بهالته امل�شعة‪ ،‬وي�ؤكد مكانته عند‬ ‫خرب �أورليان بع�ض �أجزائه ‪،‬‬ ‫التدمريني معبده الذي احتوى زخارف �شم�سية وقد ّ‬ ‫كما عرث على العديد من التماثيل والن�صب التي متثل ملك بل (الإله ال�شم�س) ومنها‬ ‫متثال ارتفاعه ‪�31‬سم حمفوظ يف متحف الكابيتول يف روما‪ ،‬وقد د ّون عليه باخلط الآرامي‬ ‫واليوناين ما ملخ�صه �أنّ مقي بن مال و�سعدو بن تيما �صنعا التمثال وقدماه قرباناً لأجل‬ ‫الإله �شم�ش ‪.‬‬ ‫(‪)40‬‬

‫(‪)41‬‬

‫ويف دورا �أوربو�س ‪-‬ف�إنّ منحوتة ميرثا التي تظهر يف دائرة الأبراج املق�سومة يف الو�سط‬ ‫بالإكليل امل�شع لتمثال الإله ال�شم�س‪ ،‬حيث تبد�أ �إ�شارات دائرة الأبراج بربج احلمل‬ ‫(‪)42‬‬

‫‪167‬‬


‫يف �أق�صى الي�سار‪ ،‬وتنتهي بربج احلوت يف �أق�صى اليمني‪ .‬وبا�ستثناء برج ال�سرطان وبرج‬ ‫القو�س‪ ،‬ف�إنّ الوجوه ك ّلها مع �إ�شارات الأبراج تكون باجتاه الي�سار‪ ،‬فوق ظهر احلمل‪،‬‬ ‫ويظهر قر�ص ال�شم�س فوق الثور‪ ،‬بينما يظهر جنم على ر�أ�س اجلوزاء‪ ،‬وفوق الأ�سد يظهر‬ ‫قر�ص ال�شم�س �أي�ضاً ويف لوحة الإله "غاد" املنحوتة البارثية املقدمة للإله‪ ،‬والتي‬ ‫ر�سمت على اجلدار بالقرب من قد�س الأقدا�س يف معبد الإله نف�سه‪ ،‬متثل الإله غاد على‬ ‫يقدم القربان �إىل طائر الن�سر رمز �إله ال�شم�س يف �سوريا‪ ،‬والن�سر واقف على‬ ‫�أ ّنه كاهن ّ‬ ‫مذبح‪ ،‬يعلو ر�أ�سه تاج‪� ،‬أما الرجل الذي يقدم للكاهن القرابني فهو بارثي املالمح ‪.‬‬ ‫(‪)43‬‬

‫(‪)44‬‬

‫ويف �أفاميا عرث على متثال ن�صفي للإله هليو�س‪ 45‬نفذ بتقنية النحت النافر و�أبعاده‬ ‫‪� 60×80‬سم‪ .‬تربز من �أعلى الكتفني هالة حتيط بر�أ�سه‪ ،‬وقد نحت عليها حزم من الأ�شعة‬ ‫تنطلق يف كلّ االجتاهات‪ ،‬وي�ؤرخ التمثال على القرن الثالث امليالدي ‪.‬‬ ‫(‪)46‬‬

‫ويف دم�شق خالل الع�صر الروماين‪� ،‬سك نقد برونزي يحمل ر�أ�س �إله ال�شم�س هليو�س‬ ‫على �أحد وجهيه ‪.‬‬ ‫(‪)47‬‬

‫ ت�أثريات عبادة �إله ال�شم�س ال�سوري‪ :‬كانت �سوريا خالل ع�صور متعاقبة ملتقى‬‫للح�ضارات‪ ،‬فت�أثر ال�سوريون بال�شعوب التي احتكوا بها كما �أثروا بتلك ال�شعوب‪ ،‬فكانت‬ ‫عبادة ال�شم�س هي �أحد النقاط الدينية واحل�ضارية وامليثولوجية التي �أثر ال�سوريون‬ ‫بغريهم من خاللها‪ .‬فقد ن�شر التجار ال�سوريون عبادة �إله ال�شم�س‪ ،‬وظلت تنمو حتى‬ ‫كم روما الإمرباطور �إيالجابال ‪ .‬وقد ت�أثر امل�صريون بعبادات ال�سوريني ومنها عبادة‬ ‫َح َ‬ ‫ال�شم�س فق�صة �آالم �أوزيري�س الذي ّقطع ج�سمه‪ ،‬وو�ضع حتت �شجرة الأثل يف جبيل‪،‬‬ ‫والتي قد تكون عبادته بر ّمتها م�أخوذة من ال�ساحل ال�سوري ‪.‬‬ ‫(‪)48‬‬

‫(‪)49‬‬

‫(‪)50‬‬

‫كما �أدخل الإله حورون وهو الإله الرئي�س يف "يبنة" �إىل معابد م�صر �أيام �أمنحوتب‬ ‫الثاين ‪ ،‬كما يظهر ا�سم الإله يف ا�سم م�ؤ�س�س ال�ساللة التا�سعة ع�شرة ‪1350‬ق‪.‬م وهو‬ ‫حورحمب‪ .‬كما ميكن اال�ستدالل على عبادة ع�شتاروت يف منت�صف القرن الثالث‬ ‫ع�شر قبل امليالد‪ ،‬وذلك من ا�سم �أحد �أبناء رم�سي�س الثاين والذي كان مريي‬ ‫ا�سرتوت �أي حمبوب ع�شتاروت‪ ،‬وفيما يخ�ص ت�أثرهم بعبادة ال�شم�س‪ ،‬فتظهر من خالل‬ ‫طائر الفينيق وت�سميته جلية تك�شف ن�شكونيته ن�سب ًة و�أ� ً‬ ‫صال يف �أ�ساطريهم‪ ،‬فهريودوت‬ ‫(‪)51‬‬

‫(‪)52‬‬

‫(‪)53‬‬

‫(‪)54‬‬

‫(‪)55‬‬

‫‪168‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫وعده من العجائب‪ ،‬فالطائر ال ي�أتي �إىل م�صر � اّإل ّمرة كلّ خم�سمئة‬ ‫�شاهد ر�سوماً ت�ص ّوره‪ّ ،‬‬ ‫�سنة‪ ،‬ح�سب رواية �أهل هيليوبولي�س ليموت فيها‪ ،‬وهو طائر له ري�ش بع�ضه �أحمر اللون‬ ‫وبع�ضه ذهبي ‪ .‬وهو قريب ال�شبه من الن�سر وقد كان ا�سمه امل�صري (بنو ‪ )Bnu‬و (وبن‬ ‫‪ )Wbn‬مبعنى �أ�شرق �أو برق‪ ،‬ومن هنا جاءت ال�صلة بني ا�سم الطائر واحلجر الهرمي‬ ‫املقد�س ( ْبن ْبن) الذي رمز به امل�صريون �إىل التل العتيق الذي برز من النون‪� ،‬أي املاء‬ ‫الأزيل فهذا الطائر يلألئ فيملأ الكون نوراً‪ ،‬وي�ستمر الربط بينه وبني احلجر املدبب ثم‬ ‫بينه وبني العمود الذي �سمي �إيونو بحيث يجعل امل�صريون من كلّ ذلك رمزاً لظهور �إله‬ ‫الكون العتيق �آتوم‪ ،‬وكذلك امل�سالّت فهي رمز لل�شم�س‪ ،‬كان امل�صريون يد ّببون قممها‬ ‫مثل حجر ( ْبن ْبن) ّثم يك�سونها ب�صفائح من خملوط الذهب والف�ضة حتى �إذا �أ�شرقت‬ ‫ال�شم�س �أ�صابت �أ�شعتها ّقمة امل�س ّلة فت�شع نوراً يف كلّ الأنحاء ‪ .‬وطائر الفينيق الذي‬ ‫يتحول �إىل ن�سر هو رمز حور�س �إله ال�شم�س الأقوى يف م�صر ‪ .‬وحور�س يج�سد ال�سماء‬ ‫وعيناه جرماها الكبريان‪ ،‬ال�شم�س والقمر ‪ .‬ويف معبد ال�شم�س يف الكرنك يقف �إله‬ ‫ال�شم�س على حجر (ب ِْن ب ِْن) وهو �أقد�س �شيء يف املعبد ‪ .‬وتتجلى عقيدة �أخناتون ب�إله‬ ‫يج�سده قر�ص ال�شم�س �أتون ‪.‬‬ ‫(‪)56‬‬

‫(‪)57‬‬

‫(‪)58‬‬

‫(‪)59‬‬

‫(‪)60‬‬

‫(‪)61‬‬

‫�سيد املجمع‬ ‫وكان الإغريق من ال�شعوب التي ت�أثرت بعبادة ال�سوريني لإله ال�شم�س ّ‬ ‫الإلهي الكنعاين هو الإله �إيل الذي �شبهه الإغريق بـ"كرونو�س"‪ ،‬وهو الإله زيو�س‪،‬‬ ‫ومقره حقول �آيل يف الغرب‪ ،‬ويظهر كقر�ص ال�شم�س ‪.‬‬ ‫وي�صور يف �صورة الثور �أو العجل‪ّ ،‬‬ ‫ويبدو �أنّ هليو�س تطابق مع �أبولون بدءاً من القرن اخلام�س ق‪.‬م ‪ .‬ومن قدرته و َعظمته‬ ‫تف�سح كل الآلهة ال�سماوية له املكان كما تف�سح احلا�شية مللك حاكم ‪ ،‬وقد ُ�ص ِّور يف‬ ‫الأعمال الفنية ك�شاب يقود عربة حربية ب�أربعة �أح�صنة‪ ،‬وب�أ�شعة �شم�سية حول ر�أ�سه‬ ‫وانت�شرت معابده يف كورينتو�س و�أرغو�س ‪� .‬أ ّما املركز الرئي�س لعبادته‪ ،‬فهو يف جزيرة‬ ‫‪.‬‬ ‫رودو�س‬ ‫(‪)62‬‬

‫(‪)63‬‬

‫(‪)64‬‬

‫(‪)65‬‬

‫(‪)66‬‬

‫(‪)68( )67‬‬

‫لقد �شكل اجلانب الروحي والعقائدي م�س�ألة مهمة يف حياة ال�سوريني وال�شعوب التي‬ ‫امتزجت معها‪ .‬ف�سوريا التي �أنتجت واحتوت �ضمن جغرافيتها الكثري من العقائد‬ ‫والديانات‪ ،‬وك ّونت منوذجاً فكرياً وح�ضارياً وثقافياً قلّ نظريه‪ ،‬برهنت من خالل عبادة‬ ‫ال�شم�س وقدمها و�أ�صالتها يف �سوريا دلي ًال على وعي الإن�سان ال�سوري ب�أهمية ال�شم�س‬ ‫‪169‬‬


‫التي �ص ّور لها يف كلّ ع�صر من الع�صور رموزاً ا�ستخدمها يف عبادتها‪ ،‬فر�سخت تلك‬ ‫العبادة خالل ع�صور متعاقبة‪ ،‬وقد �أثر ال�سوريون مبن حولهم وت�أثروا بهم ون�شروا تلك‬ ‫وقربوها �إىل �أذهان الآخرين‪ ،‬فبلغت تلك العبادة �أوجها‪ ،‬وبلغ‬ ‫العبادة حيثما و�صل جتارهم ّ‬ ‫ذلك الت�أثري مبلغه يف روما عندما حكمها الإمرباطور ال�سوري �إيالجابال‪.‬‬

‫‪170‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫احلوا�شي‪:‬‬

‫‪ - 1‬ديورانت‪ ،‬ويل‪ ،‬ق�صة احل�ضارة‪ ،‬ج‪ ،1‬ترجمة‪ :‬زكي جنيب حممود‪ ،‬اال�سكندرية ‪� ،2002‬ص‪.199‬‬ ‫‪ - 2‬ال�سواح‪ ،‬فرا�س‪ ،‬لغز ع�شتار‪ ،‬دم�شق ‪� ،1996‬ص‪.81‬‬ ‫‪ - 3‬وايلد‪� ،‬أو�سكار‪ ،‬الرمز والأ�سطورة والبناء االجتماعي‪ ،‬عامل الفكر‪ ،‬مج‪ ،16‬العدد‪،2-28 ،3‬‬ ‫الكويت ‪� ،1985‬ص‪.15‬‬ ‫‪4 - Cirlot, J.E., A dictionary of symbols, Transleted from theSpanish by Jack Sage,‬‬ ‫‪2° edition, London 1971, p92-93.‬‬ ‫‪5- Cirlot, J., E., Ibid, p16.‬‬

‫‪ - 6‬بنوا‪ ،‬لوك‪� ،‬إ�شارات رموز و�أ�ساطري‪ ،‬ترجمة‪ :‬فايز كم نق�ش‪ ،‬بريوت ‪� ،2001‬ص‪.54،70‬‬ ‫‪ - 7‬كوفان‪ ،‬جاك‪ ،‬الألوهية والزراعة ثورة الرموز يف الع�صر النيوليتي‪ ،‬ترجمة‪ :‬مو�سى ديب خوري‪،‬‬ ‫دم�شق ‪� ،1999‬ص‪.57‬‬ ‫‪ - 8‬املاجدي‪ ،‬خزعل‪ ،‬متون �سومر‪ ،‬عمان ‪� ،1998‬ص‪.119 - 118‬‬ ‫‪ - 9‬جلجام�ش‪ )Gilgamesh( :‬خام�س ملوك �أورك ح�سب قائمة امللوك ال�سومريني �سافر مع �صديقه‬ ‫�أنكيدو بحثاً عن نبتة اخللود‪.‬‬ ‫‪ - 10‬كرمير‪� ،‬صموئيل‪ ،‬من �ألواح �سومر‪ ،‬ترجمة‪ :‬طه باقر‪ ،‬القاهرة ‪� ،1957‬ص ‪.308‬‬ ‫‪ - 11‬ال�شواف‪ ،‬قا�سم‪ ،‬ديوان الأ�ساطري �سومر و�آكاد و�آ�شور‪ ،‬الكتاب الأول‪ ،‬بريوت ‪� ،1996‬ص‪.107‬‬ ‫‪� - 12‬إلياد‪ ،‬مر�سيا‪ ،‬تاريخ املعتقدات والأفكار الدينية‪ ،‬ج‪ ،1‬ترجمة‪ :‬عبد الهادي عبا�س‪ ،‬دم�شق‬ ‫‪� ،1986‬ص‪.89‬‬ ‫‪� - 13‬آمون‪� :‬إله ال�شم�س والريح واخل�صوبة و�أحد الآلهة الرئي�سيني يف امليثولوجيا امل�صرية القدمية ‪،‬‬ ‫ومعنى ا�سمه اخلفي‪.‬‬ ‫‪� - 14‬آتون‪ :‬هو الإله الذي �أعلن عنه امللك �إخناتون واعترب ال�شم�س الإله املوحد الذي ال �شريك‬ ‫له ونور �آتون يفيد جميع الأجنا�س‪ ،‬وميثل �آتون يف �شكل قر�ص ال�شم�س‪ ،‬ب�أ�شعتها‪.‬‬ ‫‪ - 15‬املاجدي‪ ،‬خزعل‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.117‬‬ ‫‪171‬‬


‫‪ - 16‬املاجدي‪ ،‬خزعل‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.118‬‬ ‫‪ - 17‬املاجدي‪ ،‬خزعل‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.120‬‬ ‫‪ - 18‬ال�سواح‪ ،‬فرا�س‪ ،‬لغز ع�شتار‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.81‬‬ ‫‪19- Matthiae, Paolo- Pinnock, Frances- Matthiae, Gabriella, Ebla, Milano1995,‬‬ ‫‪p329.‬‬

‫‪� - 20‬أور‪ :‬موقع �أثري ملدينة �سومرية بتل املقري جنوب العراق‪ .‬وكانت عا�صمة لل�سومريني عام‬ ‫‪ 2100‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪ - 21‬لويد‪� ،‬ستني‪ ،‬فن ال�شرق الأدنى القدمي‪ ،‬ترجمة‪ :‬حممد دروي�ش‪ ،‬بغداد‬ ‫‪ .90‬‬

‫‪� ،1988‬ص‪89-‬‬

‫‪ - 22‬احلكيم‪� ،‬صالح‪ ،‬احلياة الدينية يف املجتمع الأوغاريتي يف الألف الثاين قبل امليالد‪ ،‬دم�شق‬ ‫‪� ،2010‬ص‪.142‬‬ ‫‪ - 23‬احلكيم‪� ،‬صالح‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.196-197‬‬ ‫‪ - 24‬احلكيم‪� ،‬صالح‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص ‪.261 260-‬‬ ‫‪ - 25‬الدب�س‪ ،‬يو�سف‪ ،‬تاريخ �سورية الدنيوي والديني‪ ،‬ج‪ ،1‬بريوت ‪� ،1994‬ص‪.336‬‬ ‫‪� - 26‬آ�شور بانيبال‪�/‬آ�شور‪ -‬باين‪ -‬ابلي (تويف يف ‪ 627‬ق‪.‬م‪ ).‬وهو �آخر ملك للإمرباطورية الآ�شورية‪.‬‬ ‫‪ - 27‬ال�سواح‪ ،‬فرا�س‪ ،‬مدخل �إىل ن�صو�ص ال�شرق القدمي‪ ،‬دم�شق ‪� ،2006‬ص‪.340‬‬ ‫‪ - 28‬زاكري‪ :‬ملك حماة �أوائل القرن الثامن قبل امليالد‪ ،‬عرث على ن�صب له يف تل "�آف�س" بالقرب‬ ‫من �إدلب‪.‬‬ ‫‪ - 29‬حتي‪ ،‬فيليب‪ ،‬تاريخ �سورية ولبنان وفل�سطني‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،2‬ترجمة‪ :‬جورج حداد‪ -‬عبد الكرمي‬ ‫رافق‪ ،‬بريوت ‪.189 ،187 ،1957‬‬ ‫‪� - 30‬أبو ع�ساف‪ ،‬علي‪ ،‬عني دارة ((‪ ))1‬املعبد‪ ،‬دم�شق ‪� ،1991‬ص‪.96‬‬ ‫‪ - 31‬ال�سواح‪ ،‬فرا�س‪ ،‬دين الإن�سان‪ ،‬ط‪ ،4‬دم�شق ‪� ،2002‬ص‪.97‬‬ ‫‪ - 32‬تورتون‪ ،‬جودفري‪� ،‬أمريات �سوريات حكمن روما‪ ،‬ترجمة‪ :‬خالد �أ�سعد عي�سى‪� -‬أحمد �سبانو‪،‬‬ ‫‪172‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫ط‪ ،2‬دم�شق ‪� ،2000‬ص‪.31-32‬‬ ‫‪ - 33‬تورتون‪ ،‬جودفري‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.21‬‬ ‫‪ - 34‬اال�سكندر �سيفريو�س‪ :‬توىل عر�ش الإمرباطورية الرومانية ‪ -222 235‬بعد �أن �أ�ضاف �إىل ا�سمه‬ ‫لقب �سيفريو�س ت�أكيداً لعودة العر�ش �إىل الأ�سرة ال�سيفريية‪.‬‬ ‫‪� - 35‬صائب‪� ،‬سعد‪ ،‬دور �سوريا يف بناء احل�ضارة الإن�سانية عرب التاريخ القدمي‪ ،‬دم�شق ‪� ،1994‬ص‬ ‫‪.65‬‬ ‫‪ - 36‬حتي‪ ،‬فيليب‪ ،‬املرجع ال�سابق‪.343 ،‬‬ ‫‪ - 37‬جوبيرت‪ :‬يوبيرت ‪Iupiter :‬هو ملك الآلهة الرومانية و�إله ال�سماء والربق يف امليثولوجيا الرومانية‪.‬‬ ‫مناظرا للإله الإغريقي زيو�س‪.‬‬ ‫يعد ً‬ ‫‪ - 38‬مركور‪ :‬الإله احلامي للتجار والتجارة عند قدماء الرومان‪.‬‬ ‫‪ - 39‬التهامي‪ ،‬فرانت�س‪� ،‬إله ال�شم�س احلم�صي‪ ،‬ترجمة‪� :‬إيرينا داوود‪ ،‬دم�شق ‪� ،1990‬ص‪.40‬‬ ‫‪ - 40‬روبرت‪ ،‬وود‪� ،‬آثار تدمر‪ ،‬ترجمة‪� :‬إبراهيم �أ�سعد‪ ،‬حم�ص ‪� ،1993‬ص‪.76‬‬ ‫‪� - 41‬صقر‪ ،‬علي �أحمد‪ ،‬النقو�ش التدمرية القدمية‪ ،‬ج‪ ،1‬دم�شق ‪� ،2009‬ص‪.131‬‬ ‫‪ - 42‬ميرثا‪ :‬الإله الذي عبدته ال�شعوب الهندية والفار�سية وخالل الع�صر الروماين �أ�صبحت‬ ‫�شعبية ميرثا متزايدة بني اجلنود الرومان حوايل ‪100‬م وقد ان�ضم �إىل عبادة ميرثا الإمرباطور‬ ‫الروماين كومودو�س (‪.)Commodus‬‬ ‫‪43 - Rostovtzeff, M.,I., and others, E. D.E.,thePreliminary, Report of the Seventh‬‬ ‫‪Eighth 1933-1935, London, 1939, p95.‬‬ ‫‪44 - Rostovtzeff, M., I., Dura-Europos and its Art, Oxford, 1938, p187.‬‬

‫‪ - 45‬هليو�س‪� :‬إله ال�شم�س عند اليونان وهو ال ي�شيخ �أبداً‪ ،‬وقد اقرتن ا�سمه مبدينة بعلبك التي‬ ‫�أطلق عليها ا�سم "‪� "HELIOPOLIS‬أي مدينة ال�شم�س‪.‬‬ ‫‪� - 46‬أبو �صالح‪ ،‬عبد الوهاب‪ ،‬النحت والف�سيف�ساء يف �أفاميا خالل الع�صرين الروماين والبيزنطي‪،‬‬ ‫ر�سالة ماج�ستري‪ ،‬اجلامعة اللبنانية‪ ،‬كلية الآداب والعلوم الإن�سانية‪ ،‬بريوت ‪� ،2012‬ص‪.60‬‬ ‫‪173‬‬


‫‪ - 47‬كيوان‪ ،‬خالد‪� ،‬إنتاج امل�سكوكات وتداولها يف دم�شق وريفها بالفرتة الرومانية‪ ،‬دم�شق ‪،2010‬‬ ‫�ص‪.317‬‬ ‫‪ - 48‬ديورانت‪ ،‬ويل‪ ،‬ق�صة احل�ضارة‪ ،‬ج‪ ،1‬ترجمة‪ :‬زكي جنيب حممود‪ ،‬اال�سكندرية ‪،2002‬‬ ‫�ص‪.3595‬‬ ‫‪� - 49‬أوزيري�س‪� ،‬إله م�صري كبري‪ ،‬زوج �إيزي�س و�أبو حور�س و�أخو �ست‪ .‬ملك املوتى ومبد�أ اخلري‬ ‫واملحبة على عك�س �أخوه �ست الذي قتله‪.‬‬ ‫‪ - 50‬حتي‪ ،‬فيليب‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.146‬‬ ‫‪ - 51‬يبنة‪ :‬قرية يف فل�سطني‪ ،‬تبعد ‪15‬كم جنوب غربي مدينة الرملة‪.‬‬ ‫‪� - 52‬أمنحوتب الثاين‪ :‬الفرعون ال�سابع يف الأ�سرة الثامنة ع�شرة‪ ،‬وهو ابن امللك حتومت�س الثالث‬ ‫من زوجته امللكة مرييرتع حت�شب�سوت‪ ،‬وقد �شارك والده يف احلكم‪ ،‬ويعتقد �أ ّنه حكم يف الفرتة من‬ ‫‪� 1427‬إىل ‪ 1401‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪ - 53‬ع�شتاروت �أو ع�شرتوت(‪� :)Astarte‬إلهة اخل�صب لدى الفينيقيني والكنعانيني‪ ،‬وهي �أ�صل‬ ‫عقيدة �إيزي�س لدى قدماء امل�صريني‪ ،‬ويطلق عليها البابليون ع�شتار‪ ،‬وتانيت لدى القرطاجيني‪.‬‬ ‫يعد الفرعون الأكرث‬ ‫‪ - 54‬رم�سي�س الثاين‪ :‬الفرعون الثالث من حكام الأ�سرة التا�سعة ع�شرة‪ّ ،‬‬ ‫�شهرة والأقوى طوال عهد الإمرباطورية امل�صرية‪� ،‬سماه خلفائه واحلكام الالحقون له باجلد الأعظم‪.‬‬ ‫‪ - 55‬هريودوت‪ :‬وهريودوت�س‪ Herodotus : ،‬كان م�ؤرخاً �إغريقياً عا�ش يف القرن اخلام�س قبل‬ ‫امليالد (‪ 484‬ق‪.‬م‪ -‬حوايل ‪ 425‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪ - 56‬هريودوت‪ ،‬تاريخ هريودوت‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الهادي املالح‪� ،‬أبو ظبي ‪.166 ،2001‬‬ ‫‪� - 57‬صقر خفاجة‪ ،‬حممد‪ ،‬هريودوت يتحدث عن م�صر‪ ،‬القاهرة ‪� ،1966‬ص‪.178‬‬ ‫‪ - 58‬احلكيم‪� ،‬صالح‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.166‬‬ ‫‪ - 59‬ال�سواح‪ ،‬فرا�س‪ ،‬مدخل �إىل ن�صو�ص ال�شرق القدمي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.312‬‬ ‫‪ - 60‬داوود‪� ،‬أحمد‪ ،‬تاريخ �سوريا احل�ضاري القدمي‪ ،‬ط‪ ،3‬دم�شق‪� ،2004‬ص‪.156‬‬ ‫‪ - 61‬ال�سواح‪ ،‬فرا�س‪ ،‬مدخل �إىل ن�صو�ص ال�شرق القدمي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.333‬‬ ‫‪174‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫‪ - 62‬ع�صفور‪ ،‬حممد �أبو املحا�سن‪ ،‬املدن الفينيقية‪ ،‬بريوت‪� ،1981‬ص‪.140‬‬ ‫‪ - 63‬بودفينيك‪ ،‬م‪ ،.‬ن‪ -‬كوكان‪ ،‬م‪� ،.‬أ‪ -‬رابينوفيت�ش‪،‬م‪ ،.‬ب‪� -‬سيلت�سكي‪ ،‬ب‪ ،.‬معجم الآلهة‬ ‫والأ�ساطري‪ ،‬ترجمة‪� :‬ألك�سندر ك�شي�شيان‪ ،‬حلب ‪� ،2011‬ص‪.323‬‬ ‫‪ - 64‬داوود‪� ،‬أحمد‪ ،‬املرجع �سابق‪� ،‬ص‪.179‬‬ ‫‪ - 65‬كورينتو�س‪ :‬تقع يف بالد اليونان‪ ،‬كانت من املدن امل�شهورة ويوجد �إىل جنوبها مرتفع �شاهق‬ ‫علوه ‪ 2000‬قدم �سمي �أكمة كورنثو�س‪.‬‬ ‫‪� - 66‬آرغو�س‪ :‬مدينة يونانية تقع يف جنوب البالد �ضمن مقاطعة �أرغوليذا‪ ،‬التابعة ملنطقة البيلوبونيز‬ ‫الإدارية‪.‬‬ ‫‪ - 67‬رودو�س‪ :‬جزيرة تقع يف اليونان يف منت�صف امل�سافة بني جزر اليونان الرئي�سة وقرب�ص‪.‬‬ ‫‪ - 68‬بودفينيك‪ ،‬م‪ ،.‬ن‪ -‬كوكان‪ ،‬م‪� ،.‬أ‪ -‬رابينوفيت�ش‪ ،‬م‪ ،.‬ب‪� -‬سيلت�سكي ‪ ،‬ب‪ ،.‬مرجع �سابق‪،‬‬ ‫�ص‪.23‬‬

‫‪175‬‬


‫دار نل�سن‬

‫هاتف ‪01/739196:‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪darnelson@hotmail.com:‬‬


‫ابداع ونقد‬

‫‪177‬‬


‫لبنان ‪ 5000‬لرية | الأردن‪ 2 :‬دينار | �سوريا‪ 100 :‬لرية | م�صر‪ 10 :‬جنيه | تون�س ‪ 1.5 :‬دينار | املغرب‪ 20 :‬درهم | م�سقط‪ 1 :‬ريال‬ ‫ال�سعودية‪ 10 :‬ريال | البحرين‪ 1.5 :‬دينار | الكويت‪ 1.5 :‬دينار | قطر‪ 10 :‬ريال | الإمارات‪ 10 :‬درهم‬


‫العدد‬ ‫�أيلول‬

‫‪2016‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.