Taholat news paper 94 pdf معدل

Page 1

‫(ملحق خاص)‬ ‫العدد(‪ 1 )94‬تموز ‪2015‬‬

‫‪ 8‬صفحات‬

‫ص‪.‬ب ‪ 113-7179‬بيروت‬

‫‪WWW.TAHAWOLAT.NET‬‬

‫تكريم منصور عازار في األونيسكو‬

‫مسيرة وفاء وعطاء‬


‫يوم الوفاء‬

‫العدد (‪ 1 )94‬تموز ‪2015‬‬

‫‪2‬‬

‫تكريم منصور عازار في األونيسكو‬

‫م���������س���������ي���������رة وف����������������������اء وع���������ط���������اء‬ ‫ه�شام جابر‪� ،‬ألي�سار�سعاده‪ ،‬نظام الأ�شقر‪،‬‬ ‫نا�صيف ن�صار‪ ،‬ح�سن مرت�ضى‪ ،‬و�شخ�صيات‬ ‫�سيا�سية وحزبية وثقافية واغرتابية‪،‬‬ ‫وح�شد جتاوز الـ ‪� 500‬شخ�ص‪.‬‬

‫بدعوة من "مكتب الدرا�سات العلمية‬ ‫"وجملة "حتوالت" مت �إحياء ذكرى �أربعني‬ ‫يوم ًا على وفاة "من�صور عازار" �أحد �أبرز‬ ‫رج���ال االغ��ت�راب والأع���م���ال والإع��ل�ام‪،‬‬ ‫ومب�شاركة عائلته و�أ�صدقائه يف الأوني�سكو‬ ‫البداية كانت مع الن�شيد الوطني اللبناين‪،‬‬ ‫ بريوت ‪.2015/6/3‬‬‫�ألقى بعدها مقدم احلفل رئي�س حترير‬ ‫من �أب��رز احل�ضور‪ :‬املحامي هيثم جمعة‬ ‫جملة "حتوالت" الزميل �سركي�س �أبو زيد‬ ‫م��دي��رع��ام املغرتبني يف وزارة اخلارجية‬ ‫كلمة يف حق الراحل‪ ،‬ثم كانت كلمة لكلٍ‬ ‫اللبنانية‪ ،‬والنائبني ال�سابقني �إيلي الفرزيل‬ ‫م��ن‪ :‬هيثم جمعة مدير ع��ام املغرتبني يف‬ ‫وانطوان خليل‪ ،‬النائب مروان فار�س ممث ًال‬ ‫وزارة اخل��ارج��ي��ة‪ ،‬وحممد بعلبكي نقيب‬ ‫رئي�س احلزب ال�سوري القومي االجتماعي‬ ‫ال�صحافة اللبنانية ال�سابق‪ ،‬والقيادي‬ ‫ال��ن��ائ��ب �أ���س��ع��د ح����ردان‪ ،‬وف��د ميثل وزي��ر‬ ‫الفل�سطيني ب�سام �أبو �شريف‪ ،‬والإعالمي‬ ‫امل�صاحلة الوطنية يف �سوريا رئي�س احلزب‬ ‫ح�سن حمادة‪ ،‬والكاتب وال�صحايف ن�صري‬ ‫ال�سوري القومي االجتماعي الدكتور علي‬ ‫ال�����ص��اي��غ‪ ،‬و�أم��ي�ن ع���ام امل��ج��ل�����س ال��ق��اري‬ ‫حيدر و�ضم جهاد ال�شمعة وح�سن احل�سن‬ ‫وعر�ض فيلم وثائقي‬ ‫‪ ،‬وف��د م��ب��ادرة وح��دة ال�سوريني القوميني ال��ق��اري الإف��ري��ق��ي يف اجلامعة اللبنانية دول��ة الرئي�س نبيه بري يف �إفريقيا‪ ،‬وفد الإفريقي منر تلج‪ُ ،‬‬ ‫االجتماعيني "ق�سم"‪ ،‬الرئي�س ال�سابق الثقافية يف العامل‪ ،‬وفد اجلامعة اللبنانية من حركة "�أمل"‪ ،‬ممثل اجلالية العربية تناول �أب��رز املحطات التي مر بها من�صور‬ ‫للحزب القومي م�سعد حجل‪ ،‬الأم�ين العام الثقافية يف ال��ع��امل منهم القن�صل �إيليا يف بريطانيا الأ�ستاذ جمال نظر‪ ،‬ال�سفرية عازار خالل حياته يف لبنان وبالد االغرتاب‬ ‫للجامعة اللبنانية الثقافية يف العامل بيرت خ��زام��ي‪ ،‬رئي�س م�ؤ�س�سة �سعاده للثقافة الدولية ال�سوبرانو غرازييال �سيف‪ ،‬وفد من كما مت توزيع كتاب "ال�سرية" وهو عبارة عن‬ ‫الأ�شقر‪ ،‬الأ�ستاذ عبا�س فواز رئي�س املجل�س حليم فيا�ض‪ ،‬الأ�ستاذ علي عكو�ش ممثل جمعية ممكن‪ ،‬هيام حم�سن وعلي غندور‪ ،‬مذكرات كتبها الراحل قبل وفاته‪.‬‬

‫سركيس أبو زيد‪:‬‬

‫جائزة منصور عازار السنوية لدعم االبداع الثقافي‬ ‫عربونَ وف��اءٍ وحمبة وتقدير‪ ،‬وهو �أ� ً‬ ‫صال‬ ‫كان ُي�شارك املحتفني معه بخجل توا�ضعاً‬ ‫ونكران ًا للذات‪ ،‬لأنه م�سكون بق�ضية ت�ساوي‬ ‫وجوده‪ ،‬جت�سيد ًا لقول �سعاده‪�" :‬إن الأفراد‬ ‫هم جمرد �إمكانية يف املجتمع"‪.‬‬

‫اتفقت مع الأمني من�صور عازار على‬ ‫ُ‬ ‫ترتيب حفلِ توقيع مذكراته اليوم‪ ،‬لكنه‬ ‫ِ‬ ‫يف �آواخر �آذار �أودعني مالحظاتهِ النهائية‬ ‫و�سلمني الن�سخة الأخ�ي�رة قبل الطبع‪،‬‬ ‫ورحل يف ‪ 1‬ني�سان ب�صمت وه��دوء‪ ،‬وك�أنهُ‬ ‫وترك لنا م�شقة الفراق لذا نحنُ اليو َم هنا‪ ،‬ل ُن�ؤكد له ما ع ّلمنا �إياه �أن‬ ‫َ‬ ‫� َ‬ ‫أجنز �آخر مهامهِ‬ ‫احلياة ت�ستمر والأفراد يذهبون‪� ،‬أما الق�ضية‬ ‫و�أن نُوقع عنهُ �سريتهُ ‪.‬‬ ‫وفاء لطلبه‪.‬‬ ‫لأول م��رة مل يح�ضر على امل��وع��د‪ُ ،‬رغ��م فباقية‪ ،‬وال�سرية لن تتوقف ً‬ ‫�أن��ه ُيجيد �إدارة الوقت‪ ،‬لكنه رف�ض هذه ب�إ�سم "مكتب الدرا�سات العلمية" وجملة‬ ‫ال�����س��ن��ة �أن يحتفل م��ع��ن��ا ب��ع��ي��د م��ي�لاده "حتوالت" وب�إ�سم �أ�سرتهُ ال�صغرية و�أ�سرتهُ‬ ‫الثالث والت�سعني‪ ،‬ونحن �أي�ض ًا رف�ضنا �إال ال��ك��ب�ير َة ال��ع��اب��رة للمذاهب وال��ط��وائ��ف‬ ‫�أن نحتفل بعيد ميالده ُرغم غيابهِ وذلك واحل��واج��ز وال��ق��ارات‪ .‬ب�إ�سمهم جميع ًا‪،‬‬ ‫‪WWW.TAHAWOLAT.NET‬‬

‫�أرح����ب ب��ك��م ل� ُن��ع��ل��ن م��ع � ًا وف���اءن���ا ل��رج��لٍ‬ ‫�أحبنا و�أحببناه‪ ،‬ولذلك نُعاهده �أن نُكمل‬ ‫ال�سرية‪ ،‬ولأن و�صيتهُ �أن نُتابع امل�شوار‬ ‫مبكتب ال��درا���س��ات العلمية ال��ذي �أ�س�سه‬ ‫مطلع ال�سبعينات وا�ستمر رغم ن�شاطاته‬ ‫التجارية واحلزبية ليكون منارة فكرية‬ ‫ثقافية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ونقول له اليوم على خطاك َ�سائرون يف‬ ‫تنظيم ال��ن��دوات و�إ���ص��دار الكتب ودع��م‬ ‫الإب��داع واملبدعني‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل جائزة‬ ‫�سنوية حتمل ا�سم من�صور ع��ازار على �أن‬ ‫نُعلمكم بربنامج عملنا يف ما بعد‪.‬‬


‫يوم الوفاء‬

‫العدد (‪ 1 )94‬تموز ‪2015‬‬

‫‪3‬‬

‫هيثم جمعة *‬

‫لبناني أصيل حمل قلمه ومنبره إلى كل مغترب‬ ‫في يوم من�صور عازار يجتمع الأحبة‬ ‫والعيون �شاخ�صة �إليه‪� ،‬إذ �إن الكبار و�إن‬ ‫رحلوا عن ه��ذه الدنيا ن�شعر �أنهم بيننا‪.‬‬ ‫وها نحن جنتمع يف ذك��راه لنفتح القلوب‬ ‫والعقول على بيادر عطاءاته‪.‬‬ ‫مت�شبع بالفكر واملعرفة‪.‬‬ ‫مفكر‬ ‫ٌ‬ ‫■ ٌ‬ ‫�سيا�سي �أم� ٌ‬ ‫ي�ن ملدر�سة الكبري الزعيم‬ ‫■‬ ‫ٌ‬ ‫انطون �سعادة‪.‬‬ ‫ترب بنى لبنانه ر���س��ال��ة �إن�سانية‬ ‫■ م��غ� ٌ‬ ‫وح�ضارية تتميز بنقاوة �أهدافها‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫لبناين �أ�صيل مل ُتبدل الغربة انتماءه‬ ‫■‬ ‫�إىل وطنه لبنان‪.‬‬ ‫�صحا ٌ‬ ‫يف حمل قلمه ومنربه �إىل كل مغرتب‪،‬‬ ‫ي�سكب الكالم مقاالت وحما�ضرات وندوات‬ ‫ت�ضج جميعها باحلياة واحلما�سة واملبد�أية‪.‬‬

‫ها هو من�صور عازار وحتى �أيامه الأخرية التعامل مع االغ�تراب مبنطق ال�سيا�سات‬ ‫ي�سري مع رف��اق ل��ه‪ ،‬حام ًال م�شعل الن�ضال ال�ضيقة واحل�سابات الطائفية العقيمة‪.‬‬ ‫والعلم والوطنية مل ُتتعبه ال�سنون لقرن �سنعمل ب��ق��وة على تثبيت العالقة بني‬ ‫من الزمن‪ .‬حمل على كاهله ق�ضية �شعبه الدولة وبني املغرتبني‪ ،‬لأن لبنان يحتاج‬ ‫بكل �إخ�لا���ص وحم��ب��ة‪ .‬وك���ان د�أب���ه املثل �إىل كل م�ساعدة �إيجابية ممكنة‪ .‬فكم‬ ‫القائل "النا�س �أخبار فطيبوا �أخباركم"‪ ،‬باحلري �أن نتعاون مع �أبنائه املنت�شرين‬ ‫ولذلك كان دائم ًا خرب ًا طيب ًا بني معارفيه الذن ي�شكلون احتياطه اال�سرتاتيجي‪.‬‬ ‫وحمبيه‪.‬‬ ‫�إننا نعلم كم كنت تتطلع �إىل اليوم الذي‬ ‫ها هو جندي من جنود النه�ضة �آم��ن ب�أن تتحد فيه اجلامعة اللبنانية الثقافية يف‬ ‫الدماء التي جتري يف عروقه لي�ست ملك ًا له العامل‪ ،‬وك��م كنت تتوق �إىل ه��ذا الإط��ار‬ ‫بل �إنها وديعة للأمة متى طلبتها وجدتها‪ .‬الذي ُيوحد املغرتبني واملظلة التي تقيهم‬ ‫لقد نظر دائم ًا �إىل الأعلى‪ .‬وكان رفاقه يف م�صاعب الغربة‪.‬‬ ‫�إن على حدود الوطن التي ميكن �أن تن�ش�أ‬ ‫احلزب ال�سوري القومي االجتماعي لديهم‬ ‫�دة‬ ‫�‬ ‫وح‬ ‫�وم‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫الب�شرى‬ ‫�ك‬ ‫�‬ ‫�ي‬ ‫�‬ ‫إل‬ ‫�‬ ‫�زف‬ ‫�‬ ‫ن‬ ‫�ا‬ ‫�‬ ‫�ن‬ ‫�‬ ‫إن‬ ‫�‬ ‫من العدوانية الإ�سرائيلية �أو �أي نوع من‬ ‫ال�سر ال��ذي يحركهم‪ ،‬وهو �أن احلياة كلها‬ ‫ً‬ ‫عز فقط‪ .‬يكربون كلما كرب الزمان اجلامعة بات قريبا جداً‪ ،‬و�ست�شهد الأ�شهر التحديات الإرهابية التي ُت�شكل تهديداً‬ ‫وقفة ٍ‬ ‫القادمة م ��ؤمت��ر�أ واح���د ًا للجامعة يجمع‬ ‫للوطن وال�سلم الأهلي‪.‬‬ ‫وهم والدهرعلى وترية واحدة‪.‬‬ ‫ال�شمل وي��وح��د الكلمة ويحمي امل�صالح‬ ‫ويعزز العالقة بني بلدان االغرتاب ولبنان‪� .‬إن من�صور ع��ازار و�إن �أغم�ض عينيه على‬ ‫�أيها العزيز الأمني من�صور‬ ‫حا�ضر يف ق��ل��وب وعقول‬ ‫الدنيا �إال �أن���ه‬ ‫ٌ‬ ‫�إن ذكراك تنادي املغرتبني وتناديني لكي �إن��ن��ا فيما ت��ق��دم وب��إ���س��م املغرتبني ندعو‬ ‫حمبيه‪ ،‬وما هذا اللقاء �إال �إ�ستعادة ل�صور‬ ‫�أتابع امل�سرية و�أعاهدك و�إياهم �أن من�ضي اجلميع لأن يفت�شوا دائ��م� ًا عن الوحدة‪،‬‬ ‫�إىل الأم��ام لأن الدنيا مت�شي �إىل الأم��ام‪ ،‬و�أن نعمل جميع ًا على �إبقاء لبنان منوذج ًا كثرية م��ن حياة ه��ذا املنا�ضل‪ ،‬ال ب��ل هو‬ ‫ن ��أخ��ذ م��ن ت��راث��ك��م وتعبكم ون�ضاالتكم حل����وار احل�������ض���ارات والأدي��������ان‪ ،‬وتبقى منا�سبة لتجديد ال��ع��ه��د ب��أن��ن��ا �سنبقى‬ ‫لنكمل امل�سرية مهما بلغت الت�ضحيات‪ ،‬ومهما الدميقراطية واحلوار وامل�شاركة الأقانيم �أ�صحاب ر�سالة ح�ضارية مقيمني ومغرتبني‬ ‫علّت �أ�صوات الن�شاز املتطفلة على االغرتاب ال�ضرورية لتعزيز ال�سلم الأهلي‪ .‬والقدرة نعمل �أبد ًا من �أجل لبنان وتقدمه وازدهاره‪.‬‬

‫�صاحب القلب الكبري املليء باملروءة‬ ‫هو‬ ‫ُ‬ ‫والوطنية والب�ساطة الراقية‪ ،‬وعندما‬ ‫تتكلم عنه ف�إنك تتكلم عن �أولئك اللبنانيني‬ ‫الأوائ��ل �إذا قلبت �أوراقهم ف�إنك تقع لدى‬ ‫كل منهم على ق�صة اغرتابية خالدة يف‬ ‫قلوب النا�س ويف جمتمع املغرتبني‪ .‬ه�ؤالء‬ ‫الرجال �آمنوا ب�أن قيمة املرء مبا يعطيه ال‬ ‫مبا ي�أخذه‪ ،‬ومبا يت�صدق به ال مبا يجمعه‪ .‬وم�ؤ�س�ساته‪ ،‬ونعدك �أننا كما كنت لن نقبل الوطنية ملواجهة �أي ن��وع من التحديات‬

‫*مدير عام المغتربين في وزارة الخارجية‬

‫حسن حماده *‬

‫ال���ح���ب���ي���ب م����ن����ص����ور ظ������اه������رة ل����ه����ا ف����رادت����ه����ا‬ ‫�شاهق‬ ‫مرتفع‬ ‫ينظر �إىل القالقلِ داخ��ل البيت من‬ ‫ك��ان‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫�إرتفاع امل�س�ؤولية التي مل تفارق �أداءه يوما‪ .‬فالبيت الذي‬ ‫يحوي هذا القدر ال�ضخم من ال�ثرواتِ ‪ ،‬املبادىء ال�سامية‬ ‫التي ال تن�ضب‪ ،‬ال يجوز له �أن يفتقر �إىل احلكمةِ وبعدِ‬ ‫النظر‪ ،‬ال يجوز لأهلهِ �أن ي�ستحيلوا �شتات ًا يف وقت‪ ..‬ي�سقط‬ ‫فيه �شعبنا �إىل ما دون ال�شكل االجتماعي‪ ...‬في�شتبكون مع‬ ‫مبادئهم كما ي�شتبك املذهبيون مع دياناتهم‪.‬‬

‫الوقت‬ ‫هم الأ ّم��ة‪ .‬فال جمال عنده لإ�ضاعة‬ ‫ِ‬ ‫ما ال ميكن �أن �أن�ساه من الأم�ين احلبيب من�صور عازار‪ ،‬الكربى و�أ ّولها ُّ‬ ‫تلك االبت�سامة الطيبة‪ ،‬الكرمية‪ ،‬تزين وجهَ ال�شهامةِ ‪ ،‬باجلزئيات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وجههُ ‪....‬كلّما تقابلنا‪.‬‬ ‫ينظر �إال �إىل‬ ‫الأمني احلبيب من�صور ظاهرة لها فرادتها‪ .‬ال‬ ‫ُ‬ ‫م��ره� ُ‬ ‫�صايف‬ ‫التفكري‪،‬‬ ‫عميق‬ ‫�ة‪،‬‬ ‫�‬ ‫لاق‬ ‫�‬ ‫�ع‬ ‫�‬ ‫ال‬ ‫�ادق‬ ‫�ف ال���ذوق‪��� ،‬ص�‬ ‫معظم اخلالفات احلا�صلة‬ ‫الأمام‪ ،‬وهو يدرك كل الإدراك �أن‬ ‫َ‬ ‫النظر‪ ،‬متّقدُ ال ِه ّمةِ ‪ ،‬رقيق‬ ‫الوجدان‪ ،‬بعيدُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�صلب داخل البيت ال�سوري القومي االجتماعي‪ ،‬و�أ�شدّ د على عبار ِة‬ ‫االح�سا�س‪ُ ،‬‬ ‫القناعه‪....‬‬ ‫التلهي بالق�شور‪ ،‬ناجمة عن ق�ص ِر النظر‪.‬‬ ‫"البيت"‪ ،‬ناجمة عن‬ ‫ّ‬ ‫ال��ي��وم‪� ،‬أ���ش��ع� ُ�ر ب��ال��ن��دم‪ ...‬ك��م فاتني م��ن ِح � َك��م��هِ ‪ ...‬من ك��ان يعي متام ًا �أن �إ�صالح �ش�ؤون البيت ال�سوري القومي‬ ‫الأم�ي�ن من�صور مل يتوقف ع��ن العمل وف��ق امل��ب��ادىء �إذ‬ ‫بريق �شخ�صي ّتهِ املح ّبةِ ‪ ،‬واملح ّببة‪.‬‬ ‫حديثهِ ‪ ...‬من ِ‬ ‫االجتماعي ال يتم �إال بطريقة واحدة‪:‬‬ ‫وحده العمل ي�ضمن اخلال�ص للبيتِ و�أهله‪ .‬ومتى ا�ستقام‬ ‫أ�شعر بالندم‪ ...‬كم من مرةٍ بلغني ٌ‬ ‫�سالم منه‪ ،‬مع هاديا تار ًة‪� ،‬أن يت�صالح َ� ُ‬ ‫� ُ‬ ‫أهل البيتِ مع مبادىء بيتهم ال�سامية‪ .‬ويفرت�ض‬ ‫و�ضع البيت ومللم �شتاته ميكن �آن��ذاك �إ�صالح املجتمع‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫ومع �سركي�س تارة‪ ،‬لنلتقي ونتباحث‪.‬‬ ‫�أن يكون ذلك من �أوىل البديهيات‪ .‬فلماذا ال يت�صاحلوا‪.‬‬ ‫�أو بالأحرى �إعادة احلياة �إىل املجتمع‪ ...‬وبالتايل �إنقاذ‬ ‫�اء جيلٍ وب� ّأي ٍّ‬ ‫حق ال يت�صاحلوا‪.‬‬ ‫معه‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫تنعدم ال��ف��وارقُ بني �أعمارنا‪ ،‬ك�أننا �أب��ن� ُ‬ ‫الأ ّمة‪ .‬لذا‪ ،‬اخت�صر حياته بالعمل الد�ؤوب‪ ،‬من دون كللٍ‬ ‫واحد‪ ،‬طالّب عِ ٍلم ومعرفة‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫�أو مللٍ �أو ي� ٍأ�س �إذ ال يعقل �أبداً‪�...‬أبد ًا �أن يفقد �أهل البيت‬ ‫رب البيت كما يبتعدُ �أتبا ُع املذاهب‬ ‫رحم اخلرباتِ ي�أتي‬ ‫في�أتي الن�صح منه وليد‬ ‫ِ‬ ‫بو�صلتهم فيبتعدوا عن ّ‬ ‫احلر�ص‪ .‬من ِ‬ ‫الن�صح‪ ،‬وما �أكرث اخلربات يف حيا ِة الأمني من�صور‪.‬‬ ‫عن نهج �أنبيائهم وامل�صلحني‪.‬‬ ‫أطمع مبج ّبتهِ ‪� ،‬أثق مبحبتهِ ‪ُ � ،‬‬ ‫أتكل على حمبتهِ وعلمي‬ ‫كنت � ُ‬ ‫َ‬ ‫يق ٌ‬ ‫فالعتاب‪ ...‬حلظة اللقاءِ يتال�شى‪،‬‬ ‫مني‪.‬‬ ‫يزعل‬ ‫لن‬ ‫ني ب�أنه‬ ‫ُ‬ ‫ُم َّ‬ ‫برقيق من حيائِهِ و ُلطفه‪.‬‬ ‫عذ ٌر‬ ‫ٍ‬

‫ُ‬ ‫م�سلك الأم�ين احلبيب من�صور الذي‬ ‫ه��ذا‪ ،‬بكل اخت�صار‪،‬‬ ‫مل ي�أبه يوم ًا بردود الفعل الغب ّية‪� ،‬إذ‪�" :‬سواء �أفهمونا �أم‬ ‫�أ�سا�ؤوا فهمنا‪ ،‬ف�إننا ُ‬ ‫نعمل للحياة‪ ،‬ولن نتخلى عنها"‪.‬‬

‫فعم باملحبة‪ .‬عقلهُ النيرّ م�سكونٌ بالهمو ِم‬ ‫قلبه الكبري ُم ٌ‬

‫*كاتب وإعالمي‬ ‫‪WWW.TAHAWOLAT.NET‬‬


‫يوم الوفاء‬

‫العدد (‪ 1 )94‬تموز ‪2015‬‬

‫‪4‬‬

‫محمد البعلبكي *‬

‫ن����ذر ن��ف��س��ه ل��خ��دم��ة ال��ع��ل��م وال���وط���ن وال��ف��ك��ر ال��ح��ر ‪..‬‬ ‫أحيكم جميع ًا يف ه��ذه‬ ‫ّ‬ ‫املنا�سبة‪ ،‬والتحية �أو ًال لروح �أخونا‬ ‫احلبيب العزيز من�صور عازار الذي‬ ‫مل يبخل يوم ًا بتقدمي �أعز ما لديه‬ ‫من �أجل خدمة احلقيقة ومن �أجل‬ ‫خدمة لبنان كما ح��دده الزعيم‬ ‫انطون �سعاده �إذ قال‪":‬نعم نعرتف‬ ‫بلبنان نطاق �ضمانٍ للفكر احلر"‪.‬‬ ‫ل��ب��ن��ان ذو ر���س��ال��ة ح��دده��ا بكل‬ ‫و�ضوح م�ؤ�س�س احلركة القومية‬ ‫االج��ت��م��اع��ي��ة ال��زع��ي��م ان��ط��ون‬ ‫�سعاده‪� ،‬شئنا نحن جميع ًا �أن ُنحي‬ ‫ه��ذه ال��ذك��رى مل��واط��ن ن��ذر نف�سه‬ ‫وعقله وك��ل م��ا ل��دي��ه م��ن طاقة‬ ‫خل��دم��ة ال��وط��ن يف �أر����ض الوطن‬ ‫وخ���ارج ال��وط��ن‪ ،‬ه��ذا ه��و من�صور‬ ‫عازار‪.‬‬

‫ونخبة من ال�شباب‪.‬‬

‫لتكرمي من�صور عازار‪ ،‬فقد تابعته‬ ‫منذ ك��ان يف الثانوية باجلامعة‬ ‫الأم��ري��ك��ي��ة‪ ،‬حيث د ّر���س��ت �سنة‬ ‫واحدة يف الثانوية مادة الفرن�سي‬ ‫باجلامعة الأمريكية وك��ان من‬ ‫حظي �أن د ّر�ست نخبة من �شباب‬ ‫لبنان منهم من�صور عازار يف �صف‬ ‫الفل�سفة لنيل �شهادة البكالوريا‬ ‫الق�سم الثاين‪.‬‬

‫ويف احلقيقة مل ي��ك��ن ه��ي��ن� ًا �أن‬ ‫يجتمعوا يف ذل��ك ال�صف‪ ،‬وك��ان‬ ‫من�صور ع��ازار �أحدهم والبارزين‬ ‫بينهم‪ ،‬فمن حقنا �أن نفخر ونعتز‬ ‫و�أن نقيم مثل هذه الذكرى �سنوي ًا‬ ‫ملن�صور ع��ازار‪ ،‬ويف ال�صف الثالث‬ ‫ك����ان رح���م���ه اهلل م��ن��ح ال�����ص��ل��ح‬ ‫واملحامي الكبري بهيج طباره كانوا‬ ‫كلهم بنف�س ال�سنة‪ ،‬وكان يل احلظ‬ ‫�أن �ألتقي بهم‪ ،‬و�سعادة كبرية يل �أن‬ ‫�أدر�س هذه املجموعة من ال�شباب‪،‬‬ ‫وب��ق��ي��ت ع��ل��ى �صلة وث��ي��ق��ة بكل‬ ‫ط�لاب��ي‪ ،‬رغ���م �أين انقطعت عن‬ ‫التعليم لأ�سباب �صحية واجتهت‬ ‫�إىل ال�صحافة‪ ،‬وكان من جملة هذه‬ ‫ال�صالت �صلتنا الأخوية العميقة‬ ‫مع غ�سان تويني واملطران هزمي‬ ‫ومن�صور وكل ه�ؤالء ال�شباب‪.‬‬

‫وم��ن �أب���رز ال��ط�لاب يومئذ �إىل‬ ‫جانب من�صور رحمه اهلل كاهنٌ‬ ‫ك��ان ي�تردد على ال�صف ويح�ضر‬ ‫كل ال��درو���س يف ه��ذا ال�صف هذا‬ ‫الكاهن ا�سمه اغناطيو�س هزمي‬ ‫ال���ذي �أ���ص��ب��ح ب��ع��د ذل���ك بطرك‬ ‫وبعدها �أ�صبح رئي�س الطائفة‪،‬‬ ‫وهو الذي �أ�س�س جامعة البلمند‪،‬‬ ‫لذلك �أحب �أن �أقول �إننا جميع ًا من وكنت معتز ًا �أين در�سته‪ ،‬كذلك‬ ‫حقنا �أن نفخر ونعتز ب�أننا نه�ضنا در�ست �أخونا عبدالرحمن ال�صلح‬

‫من�صور ع���ازار‪ ،‬ك��ان م��ن ال��رج��ال‬ ‫الذين �إذا �آمنوا ب�أمر ي�ؤمنوا به‬ ‫�إميان ًا كلي ًا ويتجند له كل التجند‬ ‫وي�سعى لتحقيق ما يهدف �إليه يف‬ ‫حياته‪ ،‬لذلك �سيذكره التاريخ‬ ‫ح��ت��م� ًا‪ ،‬و���س��ي��ذك��ره ك��ل م��ا قدمه‬ ‫للبنان‪ ،‬لر�سالة لبنان التي �سبق �أن‬ ‫�أ�شرت �إليها يف مطلع حديثي‪.‬‬ ‫ا�سمحوا يل �أن �أ�شكركم جميع ًا‬ ‫مل�شاركتكم يف �إحياء هذه الذكرى‪،‬‬ ‫�أ�شكركم ب�إ�سم من�صور ع��ازار و�إن‬ ‫���ش��اء اهلل تتحقق ك��ل �أم���اين هذا‬ ‫الإن�����س��ان ال���ذي ارت��ف��ع �إىل �أعلى‬ ‫درجات الإن�سانية مبا نذر له نف�سه‬ ‫م��ن م��ب��ادىء وخ��دم��ة لوجه العلم‬ ‫والوطن ولوجه لبنان وطن احلرية‪،‬‬ ‫لبنان كما �سبق �أن قلت فيه‪" :‬لبنان‬ ‫نطاق �ضمان للفكر احلر"‪.‬‬ ‫* نقيب الصحافة اللبنانية السابق‬

‫بسام أبو شريف *‬

‫������م�������ه دائ��������م��������ًا ش�����������أن األم��������ة‬ ‫ه� ّ‬ ‫وم����واج����ه����ة ال�����غ�����زو ال���ص���ه���ي���ون���ي‬ ‫طلب مني �أن �أ�ساهم يف تكرمي املرحوم ومواجهة الغزوة ال�صهيونية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫من�صور عازار‪ ،‬فجئتكم من القد�س املحتلة‪ ،‬قلت جئت من القد�س حيث �أبناء الأم��ة‪،‬‬ ‫�دم يجعل الأر���ض‬ ‫وعلى الطريق وبني حاجز �إ�سرائيلي و�آخر‪ ،‬ي��روون ُترابها املحتل ب� ٍ‬ ‫ُ‬ ‫بني حمتلٍ و�آخر‪،‬‬ ‫فكرت كيف ميكن �أن نُكرم ترفع ر�أ�سها فخر ًا وتنحني �إجال ًال لأبناء‬ ‫���زء م��ن وط��ن‬ ‫من�صور عازار‪ ،‬هل نُكرمه ب�أن نُلقي الق�صائد الأم����ة امل��ق��اوم�ين‪ .‬ه���ذا اجل� ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ب�صمت‪ ،‬وتتكىء الأر�ض‬ ‫حمتل ُيقاوم‬ ‫يف مناقبه و�أخ�لاق��ه ون�ضاله يف املغرتب الأمة‬ ‫ٍ‬ ‫ولبنان‪� ،‬أم نُكرمه و�أنا �أكيد �أن الر�ؤيا التي املحتلة على �أبناء الأم��ة ولي�س العك�س‪.‬‬ ‫يتمتع بها هي ر�ؤيانا ملع�سكر العدو‪ ،‬وهي ف�أبناء الأمة هنالك ال يتك�ؤون على الأر�ض‪،‬‬ ‫ر�ؤيانا ملع�سكر ال�صديق‪ ،‬و�أنه ال طريق للأمة بل الأر�ض تتكىء على ن�ضالهم‪ .‬وهكذا �آمن‬ ‫�أن تنجو مما يخطط لها �سوى املقاومة‪ ....‬من�صور ع���ازار ب���أن ك��ل ه��ذا احل��دي��ث عن‬ ‫التاريخ واحل�ضارة وتاريخ الأم��ة ووحدة‬ ‫املقاومة‪.....‬املقاومة‪.....‬‬ ‫منذ �أن التقيتُ من�صور عازار لأول مرة وحتى الهالل اخل�صيب و‪.....‬و‪.....‬و‪ ،.....‬ومن‬ ‫�آخر لقاءٍ جرى بيني وبينه‪ ،‬مل يجري بيني �أجل �أن حتيا �سوريا ولي�س �أن ن�سمح بذبح‬ ‫ٌ‬ ‫حديث �سوى يف �ش�أن الأمة ونُهو�ضها �سوريا‪.‬‬ ‫وبينه‬

‫ومل ن�أتي بجديد عندما ُقلنا املقاومة‪ ،‬لقد‬ ‫قالها من قبل زعيم ال��ر�ؤي��ة الوا�ضحة‪،‬‬ ‫قالها من قبل من نبه للغزوة ال�صهيونية‬ ‫ال��ق��ادم��ة على منطقتنا‪ ،‬قالها �سعاده‪:‬‬ ‫"يجب �أن نقابلهم بالزوبعة‪ ،‬بالقتال‪،‬‬ ‫باملقاومة ولي�س باحلديث فقط"‪.‬‬ ‫�أُك���رم من�صور ع���ازار ب ��أن �أق���ول ل��ه �سوف‬ ‫نُحاول كل ما ن�ستطيع ب�أن نفي بتعهدنا ب�أن‬ ‫نقيم جبهة مقاومة متحدة م�ستندة �إىل‬ ‫و�ضوح ُر�ؤي��ا‪ ،‬ن�سمع يومي ًا من هذا الرجل‬ ‫الكبري �سيد املقاومة ال�سيد ح�سن ن�صراهلل‬ ‫الذي يظن بع�ض اجلهلة �أنه يقود تنظيم ًا‬ ‫طائفي ًا‪ ،‬الذي يظن بع�ض اجلهلة �أنه يقاتل‬ ‫مل�صلحة فئوية طائفية‪� ،‬إننا نرى ن�صراهلل‬ ‫يقاتل يف القلمون‪ ،‬يواجه يف �سوريا كل‬ ‫التكفرييني و ُي�ساند الأح���رار يف اليمن‪ ،‬على من نفتقد‪ ،‬نرفع ر�أ�سنا عالي ًا لنقول‬ ‫و ُي�ساند ال�شعب الفل�سطيني مبقاومته‪ ،‬فكم علينا جميع ًا �أن ن�ضع جانب ًا كل �شعو ٍر فئوي‬ ‫�أو تنظيمي وطائفي �ضيق‪ ،‬لنوحد �صفوف‬ ‫هو قومي هذا الرجل‪.‬‬ ‫�أمتنا العظيمة‪ ،‬هذه الأمة العظيمة التي‬ ‫وك��ان ه��ذا �آخ��ر م��ا حت��دث��تُ ب��ه �إىل �أخ��ي‬ ‫هزمت امل��غ��ول وه��زم��ت التتار والفرجنة‬ ‫و�صديقي ورفيقي من�صور عازار‪ ،‬الذي �أمتتع‬ ‫باحلديث معه لن�ستك�شف �سوي ًا بر�ؤية واالحتالل الرتكي‪ ،‬لنقول �أمتنا بخري �إن‬ ‫وا�ضحة ما �آراه جلي ًا على وجوه العديدين الأر����ض حتت �أقدامنا تتكىء علينا‪ ،‬وال‬ ‫من املنا�ضلني ذوي الر�ؤيا الوا�ضحة‪� ،‬إنني نتكىء نحن على الأر�ض‪......‬‬ ‫يف هذه املنا�سة احلزينة والبد من احلزن‬

‫‪WWW.TAHAWOLAT.NET‬‬

‫* كاتب وقيادي فلسطيني‬


‫يوم الوفاء‬

‫العدد (‪ 1 )94‬تموز ‪2015‬‬

‫‪5‬‬

‫نصري الصايغ *‬

‫��أس أب����دًا م��ؤم��ن��ًا ب���أن ال��ص��ب��اح دي���ن المتفائلين‬ ‫ل���م ت���ي� ً‬

‫ما �أكرث ما كنتَ ُتريد ُه!‬ ‫أندل�س ُيدعى فل�سطني‪،‬‬ ‫�شيء من ال ِ‬ ‫ٌ‬ ‫���ة‪ .‬م��ا �أك�ث�ر م��ا كنتَ‬ ‫وط���نٌ يف �أم� ٍ‬ ‫ُت���ري���د ُه! ���ش��ع� ٌ�ب و�أر�� ٌ����ض بالتمام‬ ‫ُ‬ ‫كتابة‬ ‫والكمال‪� ،‬إ�سهام يف ح�ضارة‪،‬‬ ‫تاريخ‪ ،‬موطىء حتت ال�شم�س‪ ،‬ثم‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫حق وخ ٌري وجمال‪.‬‬ ‫فماذا كان ح�صا ُد �أحالمك؟‬ ‫ك��ان الأم���ا ُم ال��ذي �أم��ام��ك‪ ،‬حالك ًا‬ ‫ومن �سراب‪.‬‬ ‫ولكنك كنت خمتلف ًا عنا جميع ًا‪ .‬ال‬ ‫�أثر لي� ٍأ�س عندك‪ .‬حتى �أنك ن�سيت‬

‫�أن ت � ُع��دَّ ���س��ن��وات ع��م��رك‪ .‬بلغت‬ ‫غفلة َ‬ ‫عنك‪ ،‬وفيها كنت‬ ‫الت�سعني يف ٍ‬ ‫ت�ضرب املواعيد ال�صعبة‪ ،‬ك�أنك‬ ‫ُ‬ ‫بعدُ يف املراهقة‪� .‬أحالمك بقامة‬ ‫�أزمنة‪ .‬راهنت‪ ،‬ولكنك مل تي�أ�س‬ ‫ومل تبلغ احلافة �أبد ًا‪ .‬يكفيك �أن‬ ‫الزمن ال��ذي غلبك منذ �شهرين‪،‬‬ ‫كنت قد غلبته م��رارا ً‪ .‬م�ؤمن ًا ب�أن‬ ‫ال�صباح دين املتفائلني‪.‬‬ ‫ما �أكرث ما كنتَ ُتريده! كنت تريدُ‬ ‫أمة ً‬ ‫� ً‬ ‫تامة‪� .‬صدقت العقيدة‪ .‬ر�أيت‬ ‫ُر�ؤي���ة معلمك‪ .‬و���ص��رت ك�شاوول‬ ‫دم‪�ُ ،‬سفك‬ ‫ٍ‬ ‫مهتد بنه�ضة‪ ،‬ن�صها من ٍ‬

‫ذات غ��د ٍر‪ ،‬على رم��ال ب�يروت‪ ،‬وما‬ ‫خفت‪.‬‬ ‫ك���ن���تَ ُت���ري���دُ وط���ن��� ًا‪ .‬حظيت‬ ‫بامل�أ�ساة‪ .‬تذررت الأمة ك ّلها اليوم‪.‬‬ ‫ذبحت وطعنت و�سحلت و�أُب�سلت‪.‬‬ ‫وها �أنت قد غادرتنا‪ ،‬والأم��ة قد‬ ‫�سبقتك يف الرحيل‪ .‬مل َ‬ ‫يبق منها‬ ‫غري �أ�شالئنا‪.‬‬ ‫ك��ن��ت ُت���ري���دُ ف��ل�����س��ط�ين‪ .‬ببهاء‬ ‫روحها وعطاء ترابها‪ .‬جلجلتها‬ ‫مل تزدك �إال �إميان ًا بيوم الأحد‪.‬‬ ‫كنت ُتريدها ُكلها‪ ،‬من البحر �إىل‬ ‫النهر‪ .‬ماذا كانت ح�صتك وح�صتنا‬ ‫منها؟ حظيت بالنكبة والنك�سة‬ ‫واملنفى واللجوء وعواء اخليام يف‬ ‫رياح الأر���ض‪ .‬فل�سطني هذه‪ ،‬حتى‬ ‫اهلل‪ ،‬كل اهلل‪� ،‬صار الجئ ًا من دونها‪.‬‬ ‫�إال �أن����ت‪ ،‬ع��ن��د ك��ل خ�����س��ارة‪ ،‬مل‬ ‫ي��ن��ط��ف��ىء ق��ل��ب��ك وال وه��ن��ت لك‬ ‫عزمية‪ .‬فمن �أي��ن �أتيت بكل هذا‬ ‫الزيت مل�صباح قلبك؟‬ ‫وكنت ُتريدُ لبنان وطن ًا حقيقي ًا‪،‬‬ ‫ال ملج�أ خائف ًا �أو جماعات خميفة‬ ‫يف ج���وا ٍر م��ذع��ور‪ .‬كانت ح�صتك‬

‫منه �أن��ك غ��ادرت��ه �إىل �إفريقيا‪،‬‬ ‫ومرة هربت منه‪ .‬ف�أنت من �ساللة‬ ‫الأوطان الطاردة لأبنائها‪ ،‬من بلد‬ ‫ُيفاخر بالهجرة‪ ،‬ويقيم متثا ًال‬ ‫ُيحتذى‪ ،‬للمهاجر الأول‪ ،‬وهو ُيدير‬ ‫ظهره لبلده‪ ،‬ويبت�سم لطريق املوج‬ ‫والبحر‪ .‬يا �صديقي‪ ،‬لقد ذهبت‬ ‫���ص��رخ��ة رف��ي��ق��ك ف�����ؤاد �سليمان‬ ‫ُرذاذ ًا‪ .‬قال‪ُ ":‬ردهم يا بحر"‪ .‬نداء‬ ‫يف خواء‪ .‬بحرنا ال ي�سمع و�أر�ضنا‬ ‫�صماء‪.‬‬ ‫فكر‬ ‫ك��ن��ت ُت��ري��دُ ل��ب��ن��ان م��ن��ار َة ٍ‬ ‫وحرية و�إب���داع‪� .‬ساهمت بعقلك‬ ‫ٍ‬ ‫وم��ال��ك‪ ،‬وم��ا جنيته يف ُغربتك‪،‬‬ ‫ف���أن�����ش���أت م ��ؤ���س�����س��ات �صحفية‬ ‫ودرا�سية وعلمية‪� .‬أ�شعلت ُ�شموع ًا‬ ‫كثري ًة‪" :‬املنرب" يف باري�س فبريوت‪،‬‬ ‫"مكتب الدرا�سات العلمية" قدمي‬ ‫َ‬ ‫جددته‪ .‬كتبتَ‬ ‫وحا�ضرت ودعوت‬ ‫الآخ��ري��ن �إىل امل�ساهمة‪ .‬وكانوا‬ ‫مطواع رغبتك وطموحك‪ .‬كانت‬ ‫ح�صتك وحظك يف النهاية‪� ،‬أنك‬ ‫���ص��ارع��ت تنني اجل��ه��ل والتع�صب‬ ‫والتنابذ الذي �صرع الأمة كلها‪.‬‬

‫نمر تلج *‬

‫ما �أ�صعب ما كنت ُتريد ُه!‬ ‫كنت ُتريدُ حزبك حزب ًا فلم‪،...‬‬ ‫كنت ُتريدُ املغرتبني روافد لوطن‬ ‫يحتاجهم ف���ل���م‪ ،...‬ك��ن��ت ُت��ري��دُ‬ ‫�أ�شياء كثرية‪ ،‬فغبنا عنها جميع ًا‬ ‫با�ستثناء واح��دة‪ ،‬حتققت وكنت‬ ‫فيها من�صور ًا جد ًا‪.‬‬ ‫نيالك ي��ا من�صور‪ ،‬لقد عا�صرت‬ ‫حت���ري���ر ل��ب��ن��ان م���ن االح���ت�ل�ال‬ ‫الإ���س��رائ��ي��ل��ي‪ .‬وع��ا���ص��رت �صمود‬ ‫املقاومة يف عدوان متوز‪ .‬و�أنت كنت‬ ‫على عهد بذلك‪ ،‬فبلغت الوعد‪.‬‬ ‫ماذا بعد؟‬ ‫لقد غ��ادرت��ن��ا‪ .‬ولكننا �سنُبقيك‬ ‫�سيحر�ص ال�صديق �سركي�س‬ ‫معنا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫�أبو زيد والعائلة من كبارهم حتى‬ ‫الأح���ف���اد �إرث����ك و�إن��ت��اج��ك‪� .‬إن‬ ‫الإقامة معك يف غيابك‪ ،‬ا�ستعادة‬ ‫لذكريات‪ ،‬ونعدك �أن ال تخوننا‬ ‫ال����ذاك����رة‪ .‬ون���ك���ون �أم���ن���اء على‬ ‫"�أمانتك"‪.‬‬ ‫* كاتب وصحافي‬

‫م������ن������ص������ور ع��������������ازار‪"....‬ق��������������دي��������������س ال�����ن�����ه�����ض�����ة"‬

‫من االغ�تراب الإفريقي �سالمٌ لروحك‬ ‫الطاهرة ي��ا عميد االغ�ت�راب اللبناين يف‬ ‫افريقيا‪ ،‬ويا علم ًا من �أعالم لبنان املغرتب‪.‬‬ ‫�سالمٌ لروحك الغنية يا ح�ضرة الأم�ين‪ ،‬يا‬ ‫جار �صنني‪.‬‬ ‫بلغ �سالم العهد والوفاء لفتى �صنني‪� ،‬سال ُم‬ ‫اهلل على روحه وروحك اخلالدتني‪.‬‬ ‫ا���س�ترح �أي��ه��ا الفناء‪ ،‬لقد �أُو ِد َع اجل�سد يف‬ ‫�دب الأح��ي��اء‪ ،‬ف�سيف‬ ‫نع�شه‪ ،‬وفينا ال ُي��ن� ُ‬ ‫روحك مل ُيغمد‪ ،‬ولن ُيغمد �أبد ًا‪.‬‬ ‫ترجل الفار�س عن �صهوته ج��واد احلياة‪،‬‬ ‫�أما روحه ما زالت يف امليدان �سيف ًا م�سلو ًال‬ ‫ُ‬ ‫�صليل امل��واوي��ل‪ ،‬و�أنا�شيد‬ ‫قعقاع ًا‪ ،‬يزغر ُد‬ ‫احلياة لأبناء احلياة وبناتها‪.....‬‬

‫بالإميان الوجداين‪ ،‬ملتزمني بو�صيتك التي‬ ‫تركتها لنا يف حتيتك الأخرية "لقد �أمتمت‬ ‫مهمتي‪ ،‬كانت الك�أ�س التي �شربت منها ممتلئة‬ ‫دائم ًا فال تك�سروها غد ًا"‪.‬‬ ‫ب�إ�سم املجل�س القاري الإفريقي يف اجلامعة‬ ‫اللبنانية الثقافية يف العامل‪ ،‬والذي �أطلق‬ ‫على م�ؤمتره الأخري (امل�ؤمتر ال�سابع) ا�سم‬ ‫"من�صور عازار" وبالنيابة ع��ن ح�ضرة‬ ‫الرئي�س الأ���س��ت��اذ عبا�س ف���واز و�أع�����ض��اء‬ ‫عائلتي‬ ‫الهيئتني الإدارية والعامة �أتقدم من‬ ‫ّ‬ ‫جزء‬ ‫الراحل ال�صغرية والكبرية – التي �أنا ٌ‬ ‫منها – ب�أ�سمى �آيات العزاء �سائ ًال املوىل عز‬ ‫وجل �أن ي�شمل فقيدنا الغايل بوا�سع رحمته‪.‬‬

‫ترجل الفار�س وهذه �شريعة اهلل‪ ،‬فامليدان‬ ‫ما زال يعج بالفر�سان والفوار�س اجلهابذة‪،‬‬ ‫وال يفنى وال مي���وت م��ن �أجن���ب ذه��ب � ًا من‬ ‫معدن الذهب‪ ،‬البنات والأب��ن��اء من �صلبك‬ ‫والروحيون منهم‪� ،‬سوف يكونون �س َّر �أبيهم‪.‬‬ ‫�سالمٌ لروحك املعطاءة يا رجل العطاء يف‬ ‫ال��وط��ن واالغ�ت�راب عطاء م��ادي – روح��ي‬ ‫ع��ل��ى ك��ل الأ���ص��ع��دة ال��وط��ن��ي��ة والقومية‬ ‫واالغرتابية‪� ،‬ستبقى تلك ال��روح تحُ فزنا‬ ‫ملزيد من ال�صراع مقرون ًا بالوعي‪ .‬لذلك‬ ‫ا�ستحقيت جدارة لقب "قدي�س النه�ضة"‪.‬‬ ‫ح�ضرة الأم�ين امل�ؤمتن‪ ،‬نحن وبعزة اهلل يف‬ ‫الوطن واالغرتاب ن�سرج �صهوات جيادنا من‬ ‫�أدبك امللتزم‪� ،‬إن�سانيتك العريقة‪ ،‬مناقبيتك * األمين العام للمجلس القاري اإلفريقي‪/‬‬ ‫الراقية‪ ،‬عطائك ال�شمويل‪ ،‬ومن معرفتك في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم‬ ‫‪WWW.TAHAWOLAT.NET‬‬


‫شهادات‬

‫العدد (‪ 1 )94‬تموز ‪2015‬‬

‫"ص����������������اح����������������ب ال���������ق���������ص���������ر"‬ ‫لم يمت‬ ‫الدكتور نافذ األحمر‬

‫�إنتابني ح��زنٌ �شديدٌ ‪ ،‬و�شعرت ك��أن �شعلة‬ ‫انطفات يف �أع��م��اق��ي‪� .‬أح�ست ب��ي ابنتي‬ ‫ال�����ص��غ�يرى ال��ت��ي ط��امل��ا ك��ان��ت ت�ت�ردد معي‬ ‫لزيار الأم�ين بني الفينة والأخ���رى‪ ،‬وهي‬ ‫يف الرابعة ع�شر من عمرها‪ .‬لقد �أحبته‬ ‫بعفويتها و�أطلقت عليه "�صاحب الق�صر"‪.‬‬ ‫�س�ألتني يف ذاك‬ ‫ال�����ن�����ه�����ار‪ ،‬ي����وم‬ ‫رحيله ع��ن هذه‬ ‫ال����دن����ي����ا‪ ،‬م���ايل‬ ‫�أراك كئيب ًا �إىل‬ ‫هذا احلد يا �أبي؟‬ ‫يف ب��داي��ة الأم��ر‬ ‫مل �أ�شا الإجابة‪.‬‬ ‫لكنها �أ���ص��رت ب����أن �أجيبها ع��ن �س�ؤالها‪.‬‬ ‫ف���ق���ل���ت ل����ه����ا‪ :‬م������ات الأم����ي���ن م��ن�����ص��ور‬ ‫ي����ا اب���ن���ت���ي‪ .‬ف������أردف�����ت م��ت��ل��ه��ف��ة‪ :‬ه��ل‬ ‫م�����ات "�صاحب الق�صر" ي����ا ب���اب���ا؟‬ ‫قلت‪ :‬ال يا �صغريتي‪ ،‬مات الق�صر‪� .‬أما "�صاحب‬ ‫الق�صر" فلم ميت‪� ،‬إنه مل يزل حي ًا ُيرزق‪.‬‬ ‫ق��������������������ال��������������������ت‪ :‬وك��������������ي��������������ف؟‬ ‫ق��ل��ت‪ :‬ال��ق�����ص��ر زائ����ل ي���ا ح��ب��ي��ب��ت��ي‪�،‬أم��ا‬ ‫فباق‪ ،‬وبقوة و�إمي��ان‪.‬‬ ‫"�صاحب الق�صر"‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫را�سخ يف وجداننا‬ ‫�اق متجذر يف قلوبنا‪،‬‬ ‫ب� ٍ‬

‫وفكرنا وكلماتنا‪ ،‬متج�سدٌ يف قلوب كل‬ ‫معارفه وحمبيه على امتداد هذه الأر�ض‪.‬‬ ‫ك���ان الأم��ي�ن م��ن�����ص��ور مب��ث��اب��ة ال����روح من‬ ‫اجل�سد‪ ،‬فاجل�سد ف��انٍ ‪� ،‬أما ال��روح فباقية‪.‬‬ ‫�إنها الطاقة الكونية التي تغمرنا ب�شعاعها‬ ‫ال�سماوي ونورها الأبدي‪� .‬إنها روحك �أيها‬ ‫الأم�ي�ن احلبيب ال��ت��ي م��ن العلياء ت�شفع‬ ‫بنا‪ ،‬تنري عقولنا وتهدينا �إىل حيث احلق‬ ‫واخل��ي��ر واجل���م���ال‪،‬‬ ‫تذكرنا بوقفات العز‬ ‫ال���ت���ي ه���ي احل���ي���اة‪.‬‬ ‫خ�����س��رن��اك ج�����س��د ًا‬ ‫�أي��ه��ا املن�صور‪ ،‬لكنك‬ ‫ع��ل��ى م��ث��ال ال���ع���ازار‪،‬‬ ‫تبقى رم����ز ًا لقيامة‬ ‫ال����ف����ك����ر ون���ه�������ض���ة‬ ‫ال�����روح‪ .‬ف ��أن��ت خ��ال��د دائ���م��� ًا‪ ،‬خ��ال��د مبا‬ ‫خلّفته من �إرث ثقايف واف��ر وغ��زي��ر‪ .‬ومل‬ ‫تزل منت�صب ًا بهامتك الأدبية والفل�سفية‬ ‫م��ت ��أل��ق � ًا‪��� ،‬ش��اخم � ًا ب��ق��ام��ت��ك ك�����أرز لبنان‪،‬‬ ‫وكرائحة الطيب تعبق يف �أر���ض ال�شام‪.‬‬ ‫رحمك اهلل ي��ا �صديق ال�صدق وال��وف��اء‪،‬‬ ‫ول��ت��ح��م��ل��ك ري����اح ال�����س��م��اوات ب��أن��ف��اح��ه��ا‬ ‫ال�����ش��ج � ّي��ة �إىل ح��ي��ث م��ن��اب��ع اخل�لا���ص‬ ‫الإل���ه���ي‪� ،‬إىل رح����اب احل��ي��اة الأب���دي���ة‪.‬‬ ‫و�أع���دك �أن��ن��ي مل �أن�ساك �إىل �أن نلتقي‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫دولة اسمها منصور عازار‬ ‫الشاعر فيكتور ميرزا‬

‫ري كنت ومع�شرك مع�شر كبار‬ ‫كب ٌ‬

‫ٌ‬ ‫فار�ض احرتام واعتبار‬ ‫وعالنا�س‬

‫مكر�سي‬ ‫وكانت حياتك للمبادىء ّ‬

‫ورحلة جهادك عزّ ما عليها ُغبار‬

‫ولنه�ضة الأمة وجودك مدر�سة‬

‫املنهج �سعاده‪ ،‬الأبجدية انت�صار‬

‫و�ضل الفكر �س ّيال ما بعمرو ر�سي‬

‫وحا�ضر �إنت تكتب حلني الإحت�ضار‬

‫�صنت العقيدة والعقيدة مقدّ �سي‬

‫وتاريخ جمدك اجتهاد وافتخار‬

‫ال العامل بين�سى وال تاريخك ن�سي‬

‫�إن�سان عادي رحت عا افريقيا‬

‫و�صرت دولة ا�سمها من�صور عازار‬ ‫خ�سرت بعد موتك �أعز رجالها‬

‫الإمة حزينة يا �أبو مي�شالها‬ ‫خ�سرت �أمني بحزب عا املبد�أ �أمني‬

‫�ضحى ب�شباو لأجل ا�ستقاللها‬ ‫ّ‬

‫و�ضحى بقائد عالفدا حالف ميني‬

‫ا�ست�شهد وبعدو ا�ست�شهدت �آمالها‬

‫ووقفة العز متوجة ب�شمخة جبني‬

‫�سعاده خملّدها مدى �آجالها‬

‫وللزعيم احلر قلّو يا �أمني‬

‫هالأمة اللي ا�ست�شهدت كرمالها‬

‫حرروها رجالها من الطامعني وال ا�سرتجعوا فل�سطني من �أيدي الغزاة‬ ‫ما ّ‬ ‫الأمة بغيابك عم حتارب حالها‬

‫م��������������������������������ن ه����������������������و؟‬ ‫كلمات وجدانيةٌ‪.....‬في َر ُج ٍل؟‬ ‫ٌ‬

‫الدكتور بشير المر‬

‫التعجب‬ ‫�اب؟‪ ...‬نعم ُق��ل��ه��ا‪.....‬ملِ��ا‬ ‫�أه���و ال�����ش� ُ‬ ‫ُ‬ ‫إرتباك؟‬ ‫وال ِ‬ ‫نعم! هو َ‬ ‫ال�صباح‬ ‫كذلك‪....‬هو هو ‪.....‬يف مطل ِع‬ ‫ِ‬ ‫�أم عند الظهري ِة �أو يف امل�ساءِ‬ ‫�صومعته ذات يوم‬ ‫�إنك لإن زرته يف‬ ‫ِ‬ ‫مب�سمه على دوا ِم الدوا ِم‬ ‫لرتى على‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ر�شد‬ ‫مالمح �‬ ‫َ‬ ‫وجه من تبل َغ للتو �سن ِ‬ ‫إ�شراقة ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تب�صر‬ ‫‪...‬ليع�صف فيك نفحة � ٍ‬ ‫�شاب ُم ٍ‬ ‫أمل بربي ِع ٍ‬ ‫وواعي‬ ‫الن�شغاالت �أم� ِ�ة � َ‬ ‫�صوب‬ ‫أنكل بها‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الدهر من ُك ِل ِ‬ ‫ووادي‬ ‫عرف مبلءِ الكفني من جمد‬ ‫‪....‬هب للعطاءِ مما ِ‬ ‫َّ‬ ‫ح�ضار ِة �أجدا ِد‬ ‫تناغم‬ ‫�أعطت للكون ِ‬ ‫بفعل ن�سيجها املُ ِ‬ ‫فاح ُعطر ُه على‬ ‫اخلليقة جمعاءِ‬ ‫� َ‬ ‫زنبق َ‬ ‫ِ‬ ‫أريج ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫�أه��و الكهل؟‪....‬نعم قلها وال ترتدد‪....‬فلن‬ ‫ُتخطىء‪....‬‬ ‫�صح لغري ِه‪....‬منذ ده ِر الأدهار‬ ‫هل َّ‬ ‫َ‬ ‫الطبيعة‪....‬ومل يَهر ِم؟‬ ‫�أن خالف ُ�س َّنة‬ ‫ِ‬ ‫املنية لكان من املمكن �أن ي ُغ َ‬ ‫َ‬ ‫فقبل �أن وافته ُ‬ ‫�شك‬ ‫املظهر ومديدَ ال ُعم ِر‬ ‫ُ‬

‫فما ُك َ‬ ‫زيتونة كلما �شاخت‬ ‫نت لرتى فيه �إال جز َع‬ ‫ِ‬ ‫بها ال�سنني‪،‬‬ ‫أر�ض‬ ‫ت�شبثت ب�أعماق � ِ‬ ‫أعماق ال ِ‬ ‫ِّ‬ ‫خريف و�شتاءِ ‪،‬‬ ‫و َق َوت على تط ُّب ِع الطبيعة يف كل‬ ‫ٍ‬ ‫أجيال بالدي‬ ‫ربيع من � ِ‬ ‫لتعو َد يف مطلع ُك ِّل ٍ‬ ‫حوله بادي‬ ‫كح ُل بها �أذهانَ من‬ ‫ِ‬ ‫ل ُتزه َر �أفكار ًا ُت ِ‬ ‫ُ‬ ‫مبتغ‬ ‫ن�ضج ث��م��ار ًا‬ ‫ول ُت َ‬ ‫جتعل منها ق��وت� ًا ل� ُك� ِ�ل ٍ‬ ‫لن�صيحة هادي‪.....‬‬ ‫ِ‬ ‫االجتماعي؟‪َ �...‬‬ ‫إنك لإن تباط� َأت‬ ‫القومي‬ ‫�أهو‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫بالقول‪....‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫�شعر من غري القوايف‬ ‫ل�سبقتك الكلمات يف �أبيات ٍ‬ ‫ؤوليات‬ ‫هم امل�س� ِ‬ ‫رفيق لطاملا تب َّو�أ َّ‬ ‫عن ِ‬ ‫منَ‬ ‫قدَّ‬ ‫الت�ضحيات‬ ‫ري‬ ‫الكث‬ ‫م‬ ‫زب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يف ِح ٍ‬ ‫ً‬ ‫‪....‬وما َ‬ ‫حلظة بتقدمي ُ‬ ‫بخل‬ ‫ال�شهداءِ‬ ‫َ‬ ‫ومن ا�ستب�سل يف �سبيل احليا ِة‬ ‫رب حتتَ‬ ‫أمة‪....‬مل ولن تر�ضى يوم ًا لنف�سها ق َ‬ ‫ل ٍ‬ ‫ال�شم�س‬ ‫ِ‬ ‫نه�ضة ب� َ‬ ‫لبعث‬ ‫ين �أبناءِ‬ ‫‪...‬ومل ُي��وف� َر ُج��ه��د ًا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مجُ تم ِع‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫الوجو ِد‬ ‫‪.....‬حلقيقة‬ ‫الوعي‬ ‫إال‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫أبد‬ ‫�‬ ‫يغفله‬ ‫مل‬ ‫ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫إ�سرتاتيجي؟‪.....‬ما َ‬ ‫بك ُتبقي على ال�س ِر‬ ‫�أهو ال‬ ‫ُّ‬

‫َ‬ ‫للعلن‬ ‫ني‬ ‫�أن‬ ‫ال�صداقة لديه ال ُ‬ ‫تقا�س بفارق ال�سن ِ‬ ‫فقد �أ�ضحى زمان ًا مك�شوف ًا ِ‬ ‫ب�أن ُ‬ ‫تبوط ُ‬ ‫املر�ض‬ ‫قه ُ‬ ‫التوا�صل ووحد ِة التفك ِري‬ ‫بل‪...‬بعمق‬ ‫بحلَّ ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ما كان يف �آخر ال ُعمر‬ ‫‪.....‬‬ ‫ال�صومعة‬ ‫�إال ل�ضرورة البقاء يف‬ ‫ِ‬ ‫عذر ًا منك �صديقي لتجر�أي‬ ‫‪....‬‬ ‫بهدف‬ ‫ليختلي‬ ‫لنف�سه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫املنية‬ ‫بعد �أن فرقت بنا للحظات‬ ‫ظروف ِ‬ ‫لديه‬ ‫الر�ؤيا و ُبعدَ النظر ِ‬ ‫�إذ �أن �صوابَ ُ‬ ‫ع��ن الإف�������ص���اح‪....‬م���ن ه��ا ه��ن��ا ع��ل��ى منربك‬ ‫كاهله‬ ‫و�ض َع على‬ ‫ِ‬ ‫"حتوالت"‪....‬‬ ‫والت�صميم‬ ‫التخطيط‬ ‫مهمة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ق�صد‬ ‫هربت‬ ‫‪...‬هي‬ ‫الكلمات مني عن غ ِري ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫رفاق ُمتنو ِر‬ ‫جمموعة‬ ‫بالتوجيهات‬ ‫لتعمل‬ ‫ٍ‬ ‫العالقة‬ ‫تبوح عن جوه ِر‬ ‫وراحت ُ‬ ‫ِ‬ ‫بق�سم‬ ‫أدية الواجب‬ ‫لت� ِ‬ ‫ِ‬ ‫بفعل وحد ِة الفك ِر واملرامي‬ ‫و ُت�شي ُع ب�أنها ِ‬ ‫فاح�ش و ُم�ضني‬ ‫يف غياب‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫والتمثيل‬ ‫من�سوجة‬ ‫ولي�ست‬ ‫بخيوط ال َّرياءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وان�ضباط‬ ‫نهج‬ ‫ِ‬ ‫لنظام ٍ‬ ‫�أما � َ‬ ‫ال�سام ِع؟!‬ ‫أنت �أيُها َّ‬ ‫للعمل امل�ؤ�س�سي‬ ‫�سليم‬ ‫ِ‬ ‫ولإطا ٍر ٍ‬ ‫تك�شف َ‬ ‫َ‬ ‫عليك �أم بعدُ ‪....‬ع َّمن �أحكي و�أعني‬ ‫هل‬ ‫��ك ال تتف�صح بالطب ِع � َ‬ ‫أ�صبت‪،‬‬ ‫��ق؟‪......‬م���ا ب� َ‬ ‫�أه����و ال�������ص���دي� ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫به‪....‬‬ ‫‪�....‬إين ق�صدت ِ‬ ‫به‬ ‫وتتبجح‬ ‫ُ‬ ‫‪...‬بعالقة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫من�صور عازار‪....،‬‬ ‫‪�...‬ألأن َ‬ ‫فارق ال ُعم ِر فيها مقدا َر العم ِر؟‬ ‫ال�صديق‪....،‬‬ ‫ال‪ ،....،‬العف ُو من‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫‪�...‬أم �أنَ‬ ‫العالقة‬ ‫تكتمك عن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫به‬ ‫عنيت‬ ‫بل‬ ‫ِ‬ ‫�صدوق؟‬ ‫ل�صديق‬ ‫باب االحرتام والوفاء‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ياتي من ِ‬ ‫َ‬ ‫ني‬ ‫أم‬ ‫ل‬ ‫‪....‬ا‬ ‫ة‬ ‫ح�ضر‬ ‫التكتم‬ ‫لهذا‬ ‫فال داعي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫إدراك‬ ‫رجاالت "�سعاده"‪.....‬‬ ‫واحد من‬ ‫ف�أنت الذي يُدرك �شديد ال ِ‬ ‫ِ‬

‫‪WWW.TAHAWOLAT.NET‬‬


‫شهادات‬

‫العدد (‪ 1 )94‬تموز ‪2015‬‬

‫‪7‬‬

‫م����������ن����������ص����������ور ع������������������������ازار‪.....‬ه������������������������ك������������������������ذا ع�������رف�������ت�������ه‬ ‫بقلم‪:‬موسى ّ‬ ‫مخول‬

‫مات من�صور ع��ازار فرت ّملت الثقافة‪ ،‬وتي ّتم‬ ‫الك ّتاب وامل�ؤلفون والباحثون‪.‬‬ ‫من�صور عازار والثقاقة تو�آمان ال ينف�صالن‪.‬‬ ‫فهي منه وه��و منها ولها‪ .‬كانت الثقافة له‬ ‫ح�سب ًا ون�سب ًا‪ ،‬دين ًا ودنيا‪ .‬اندفع بكل ما �أُوتي‪،‬‬ ‫وبكل ما �أُعطي‪ ،‬وبكل ما وهب يف �سبيل �إعالء‬ ‫�ش�أنها‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ان�شغال من�صور عازار ب�أعماله‬ ‫امل��ال��ي��ة وال��ت��ج��اري��ة وع�لاق��ات��ه العقائدية‬ ‫وال�سيا�سية‪ ،‬فقد �أفنى ق�سط ًا وافر ًا من حياته‬ ‫وم��ن ماله لتبقى ه��ذه الثقافة ح ّية يف كل‬ ‫كاتب وباحث ومفكر يبثها �إىل الآخ��ري��ن‪،‬‬ ‫فتولد يف كل �إن�سان‪.‬‬ ‫لقد جال�س من�صور ع���ازار �أ���س��اط�ين الفكر‬ ‫وال��ر�أي والعلم يف الوطن واالغ�تراب‪ ،‬ليبقى‬ ‫القب�س الثقايف نري ًا يف عامل عربي يغطي �أغلب‬ ‫حكامه و�أنظمته و�أفراده اجلهل والتخ ّلف‪.‬‬ ‫لقد عرف من�صور عازار �أن اجلهل يورث اجلهل‪،‬‬ ‫و�أن رايات الوطنية واالنعتاق ال تقوم �إال على‬ ‫كاهل املثقفني و�أهل الفكر والعلم‪ ،‬الذين هم‬ ‫قدوة الأمة فوهب بدون ح�ساب‪ ،‬ووهب بدون‬ ‫تقدير‪.‬‬ ‫كان �إميانه املج ّرد ب�أمته �إميان ذلك ال�صويف‬ ‫بربه‪� :‬إين �أعبدك لذاتك فال تبعد عني بهاء‬ ‫نورك الأ�سمى"‪ .‬وكانت حمبته لوطنه طاقات‬

‫والتزامات و�أبعاد ًا متتد �إىل حدود الالنهاية‪،‬‬ ‫ال ح�صر فيها وال حدود‪.‬‬ ‫هذا ما فقهه من�صور عازار‪ ،‬فاجتهد �أن يزيل‬ ‫احلدود وال�سدود بني �أبناء الوطن الواحد‪.‬‬ ‫والأم��ة ال��واح��دة‪ ،‬بعمله ال���د�ؤوب وتركيزه‬ ‫على �أ�سا�س ما يجمعها بع�ضها �إىل بع�ض �أكرث‬ ‫مما يف�صلها عن بع�ض‪.‬‬ ‫ف�آمن ب�أن البعد جفاء‪ ،‬واجلهل رديف العداء‪،‬‬ ‫وامل���رء ع��دو م��ا ج��ه��ل‪ ،‬ف��الإن�����س��ان احل��ر هو‬ ‫الذي ي�ستطيع �أن يرحل �إىل عمق احل�ضارة‬ ‫ومبادئها الإن�سانية‪ .‬وهو ابن العقيدة التي‬ ‫قال م�ؤ�س�سها‪�":‬إن مل تكونوا �أنتم �أحرار ًا من‬ ‫�أمة ح ّرة فح ّريات الأمم عارعليك"‪.‬‬ ‫ه��ذه العقيدة التي ترنو �أب���د ًا �إىل الثورة‬ ‫ال��ف��ك��ري��ة واالج���ت���م���اع���ي���ة ال�����س��ي��ا���س��ي��ة‬ ‫والعقائدية‪ ،‬فتغري مفاهيم النظام القدمي‬ ‫كله لت�ستبدل به نظام ًا جديد ًا‪ ،‬يقوم على‬ ‫اح�ترام �إن�سانية الفرد وحريته‪ ،‬لأن��ه كان‬ ‫يعتربها د ّف��ة اخلال�ص والنجاة من الغرق‬ ‫والفناء‪ ،‬و�أف�ضل �سالح للإن�سان �ضد نف�سه يف‬ ‫�أزمات م�صريه احلا�ضر‪.‬‬ ‫نعم هكذا ك��ان من�صور ع���ازار‪ ،‬وه��ك��ذا �آم��ن‪،‬‬ ‫ولهذا عمل يف جموحه الثقايف والفكري‪ ،‬ويف‬ ‫جموحه العقائدي‪ ،‬ل�صهر هذه الفل�سفة‪ ،‬التي‬ ‫�آمن بها يف ناحيتها الثورية والبناءة لي�س �إال‪.‬‬ ‫كان من�صور عازر �شمولي ًا يف �إن�سانيته‪ ،‬وهذا‬

‫ال�شمول الإن�ساين كان ينبع �أو ًال من داخله‬ ‫ال��ذات��ي‪ ،‬وثاني ًا من عقيدته التي �آم��ن بها‪.‬‬ ‫كيف ال وقد بذل م�ؤ�س�سها حياته يف �سبيلها‬ ‫ما يذكرنا بقول بول�س الر�سول‪" :‬اهلل �أحد‬ ‫والو�سيط ب�ين اهلل وال��ن��ا���س واح���د‪ .‬ي�سوع‬ ‫امل�سيح من حيث هو الإن�سان‪ ،،‬بذل نف�سه فداء‬ ‫جلميع النا�س"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عا�ش من�صور عازار علمانيا م�ؤمنا ب ّربه ودينه‬ ‫ووطنه و�أمته‪ ،‬و�آمن �أن الأيان امل�ؤمنة باهلل‪،‬‬ ‫ال بل كل الأدي���ان‪ ،‬مدعوة �إىل التعاون بني‬ ‫بع�ضها البع�ض‪ ،‬فالدين هو العالقة بني العابد‬ ‫واملعبود‪ ،‬والإن�سانية هي عالقة حمبة بني‬ ‫الإن�سان و�أخيه الإن�سان‪ ،‬وما الذي يغري ذلك‪.‬‬ ‫مذكر ًا بقول الرئي�س الأمريكي الرابع توما�س‬ ‫جيفر�سون‪":‬ماذا يغريين �إذا قال جاري �أن‬ ‫�أ�ؤم���ن ب��اهلل‪ ،‬وال��ث��اين ق��ال �أن��ا �أ�ؤم���ن ب�إلهي‪،‬‬ ‫والثالث قال �أنا ال �أ�ؤمن‪ .‬فال هذا ي�سرق جيبي‬ ‫وال ذاك يك�سر �ساقي‪� ،‬أعطه احلرية ويكون‬ ‫م�ؤمن ًا �أكرث منك ومنّي"‪.‬‬ ‫هذا هو من�صور ع��ازار‪ ،‬من "مكتب الدرا�سات‬ ‫العلمية" �إىل جم��ل��ة "املنرب" �إىل جملة‬ ‫"حتوالت"‪ ،‬ك��ان بحد ذات��ه املنرب والرئة‬ ‫التي تنف�س منها العديد من الك ّتاب واملفكرين‬ ‫والباحثني‪ ،‬كان "الثابت واملتحول" (بالإذن‬ ‫من �أدوني�س)‪.‬‬ ‫مل �أن�سى هذا الرجل الثمانيني والت�سعيني‪،‬‬

‫ع������ن������اده ف������ي س����ب����ي����ل ال���ح���ق‬ ‫سليم سعدو سالم‬

‫الكتابة �صعبة ع��ن عزيز فارقنا لأن‬ ‫الكتابة ال تعود ورقة وقلم ًا‪ ،‬بل غ�صة يف‬ ‫القلب ودمعة‪ ،‬ولكن هل �صحيح �أن غياب‬ ‫الأمني من�صور عازار عن منتداه وحمبيه‬ ‫هو فراق!‬ ‫لقد ودعناه وودعنا وك�أنه يريد القول‪:‬‬ ‫�أما الآن فوداع ًا و�إىل لقاء‪ .‬نعم‪ ،‬ودعنا‬ ‫لكنه مل يفارقنا‪� ،‬إذ م��ن ال�صعب على‬ ‫من�صور ع��ازار املحب واملغامر �أن يفارق‬ ‫ه��ذه احل��ي��اة لأن���ه كما يف حياته كان‬ ‫دوم � ًا يطل حيث ال نتوقع‪� .‬إن��ه مري�ض‬ ‫حتت وط�أة �سنوات العمر‪ ،‬لكنه ُيفاجئنا‬ ‫بح�ضور ن���دوة �أو حفل توقيع كتاب‪،‬‬ ‫و ُيفاجئنا �أكرث يف �أنه جعل من بيته ندوة‬ ‫م�ستدامة ملحبيه ورفاق دربه‪.‬‬ ‫ك��ان على ال�ضد م��ن ال�شاعر العربي‬ ‫القائل‪:‬‬ ‫�سئمت تكاليف احلياة ومن يع�ش‬ ‫ثمانني حو ًال ال �أبا لك ي�س�أ ُم‪.‬‬ ‫مل ي�����س ��أم ت��ك��ال��ي��ف احل��ي��اة وم�شقات‬ ‫الن�ضال‪ ،‬ومل ي�س�أم املغامرة يف كل حلظة‬ ‫من حلظات حياته‪ ،‬وهكذا يقول كل من‬ ‫يعرفه‪�....‬إنه ُخلق ل ُيكافح و ُيقاوم‪...‬‬

‫متاعب احلياة بكل �أ�شكالها و�ألوانها مل‬ ‫تكن له �أك�ثر من لعبة يتقنها‪ .‬ولعبة‬ ‫احلياة واملوت ال بد فيها من ربح وخ�سارة‪،‬‬ ‫فكان يربح هنا ويخ�سر هناك‪ ،‬لكنه �أبد ًا‬ ‫مل يربح ال�ساحة ومل ي�س�أم �أو ي�ست�سلم‪.‬‬ ‫يف ن�ضاله احلزبي كان مقاوم ًا من الطراز‬ ‫الأول‪ ،‬من الطينة التي �أراده��ا �سعاده‪،‬‬ ‫ويف ن�ضاله املعي�شي كان املغامر �أو املقامر‬ ‫لربح �أو خ�سارة‬ ‫الذي ال يح�سب ح�ساب ًا ٍ‬ ‫بقدر ما ت�ستهويه املغامرة نف�سها‪.‬‬ ‫ال �أح�سب �أن �أح��د ًا ممن عاي�ش من�صور‬ ‫ع��ازار �أو عمل معه يف �أي جم��ال‪ ،‬ميكن‬ ‫�أن ين�سى تلك القدرة على املواجهة التي‬ ‫كان يتحلى بها‪.‬‬ ‫قد تختلف معه لكنك �أب��د ًا ال ميكن �إال‬ ‫�أن حترتم رجولته ومواقفه‪.....‬وعناده‬ ‫يف �سبيل ما يعتقد �أنه احلق وال�صواب‪.‬‬ ‫وب�سبب ذل��ك العناد والأ���ص��وب‪ ،‬ب�سبب‬ ‫ذلك الت�شبث مبا يراه �صواب ًا‪ ،‬قد يخ�سر‬ ‫عالقة مع حمب لكنه �أب���د ًا مل يخ�سر‬ ‫قيمة نف�سه‪.‬‬ ‫ي�صعب �أن �أق��ول للأمني من�صور ع��ازار‬ ‫باق معن ًا‪ ،‬مع‬ ‫وداع� ًا ال لقاء بعده‪ ،‬لأنه ٍ‬ ‫حمبيه و�أ�صدقائه ورفاق دربه‪.‬‬

‫وقد منعه الأطباء عن اجلهد والتعب‪ ،‬عندما‬ ‫ك��ان ينزل ال�سلم م��ن بيته وق��د حوله �إىل‬ ‫ن��دوة علمية �إىل قاعة حما�ضرات ليقدم‬ ‫احل�ضور وامل�ؤلفني والك ّتاب‪ ،‬وك�أنه يعي�ش فرح‬ ‫الأبد‪ ،‬ثم يعود لي�صعد هذا ال�سلم وي�ست�ضيف‬ ‫اجلميع يف دارت����ه‪ ،‬و�إىل م��ائ��دت��ه‪ ،‬وينظر‬ ‫�إىل كل واح��د منهم‪ ،‬كما ينظر املحب �إىل‬ ‫حمبيه مذكر ًا بقول القدي�س اغو�سطينو�س‬ ‫يف اعرتافاته‪":‬ال ت�ست�سلمي يا نف�س �إىل‬ ‫ت�صم �أذن قلبك! ارجعي! �إنك‬ ‫الأباطيل التي ّ‬ ‫جتدين راح��ة تامة حيث ال يعرف احلبيب‬ ‫هجر ًا من قبل حبيبه �إال �إذا تخلى هو عنه"‪.‬‬

‫الفكر الغني‬ ‫وبني الفنا بيقطع م�سافة م ّعينني‬ ‫ابن الدّ ين بني احلياة اللّيني‬ ‫وما يف حدا ارج نطاق الأزمني‬ ‫كل مني عا قدو �إلو قهر وهنا‬ ‫وبني الوعي وروح ّية الطبع الهني‬ ‫بني احلياة العابرة وبني الفنا‬ ‫�صورة عن نفو�س اخلليقة امل�ؤمني‬ ‫بتبقا احلقيقة متل ما بعرف �أنا‬ ‫مفرو�ض فينا الأمر اهلل ننحني‬ ‫ومازال ما �إلنا من الواقع غنى‬ ‫ومن�صور عازار عمرو بها حلياة‬ ‫من�صور عازار قام من قرب الفنا‬ ‫من�صور بالأخالق والفكر الغني‬ ‫ومن�صور كنت بكل و�ضع بوجه عام‬ ‫‪ 93‬عام مرقو بها لوجود‬ ‫و�إميان ثابت ح ّولك �إن�سان هام‬ ‫متحرر ال خوف وال قيود‬ ‫فكر‬ ‫ّ‬ ‫حب و�سالم‬ ‫رب ّيت عيلة متل �شهقات الورد‬ ‫وعلّمتها وزرعتها ّ‬ ‫�صار اخللود يقول عندي تذكرة‬ ‫وملا اجنربت ت�صري من �أهل اخللود‬ ‫وعمري بعمر من�صور عازار عالتّمام‬

‫‪WWW.TAHAWOLAT.NET‬‬

‫الشاعر جواد غصوب‬


‫تكريم مجلة تحوالت‬

‫لمنصور عازار‬

‫األونيسكو ‪2014/10/14‬‬

‫مالك ماجد شلهوب *‬

‫م����ن����ص����ور م���ي���خ���ائ���ي���ل ع��������ازار‪...‬س��������ي��������رة وم���س���ي���رة‬ ‫قالوا‪ :‬رحل من�صور عازار‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬الأدب والثقافة والأخالق الرفيعة يف حداد‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬املوت قد ٌر وحق‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬با�ستطاعة املوت �أن ُيغيب اجل�سد‪ ،‬ولكن �إىل �أي مدى با�ستطاعته‬ ‫�أن يبتلع تاريخ �إن�سان خ�صو�ص ًا �إذا كان هذا الإن�سان من�صور عازار‪.‬‬ ‫�أخي و�صديقي من�صور‪ ،‬كن على ثقة ب�أن ذكراك �ستبقى حمفورة على‬ ‫كل من �أحبائك و�أ�صدقائك ومريديك �إىل الأبد‪.‬‬ ‫بالطة �صدر ٍ‬ ‫ارقد ب�سالم �إىل جوار ربك الوا�سع الرحمة واحلنان‪ ،‬و�أ�س�أله الر�أفة‬ ‫بلبنان والإن�سان‪.‬‬

‫األستاذ من�صور عازار طيب اهلل ثراه‪ ،‬هو‬ ‫ركن �أ�سا�سي من �أركان الإغرتاب اللبناين‪ ،‬الذين‬ ‫ا�ستطاعوا با�ستقامتهم وطموحهم الالحمدود‪،‬‬ ‫�أن ينجحوا يف �أع��م��ال��ه��م‪ ،‬وق��د متكن ب�سعة‬ ‫علمه وا�ستقامته وح�صافته‪ ،‬من �إقامة �شبكة‬ ‫من العالقات املميزة مع �أبناء �شعوب وحكام‬ ‫وقادة الر�أي والفكر يف البلدان التي ّ‬ ‫حل بها‪،‬‬ ‫فكان واحد ًا من الذين رفعوا ا�سم لبنان عالي ًا‪،‬‬ ‫وقدموا �صورة نا�صعة البيا�ض وحمرتمة عن‬ ‫�شعبه وقيمه الوطنية والفكرية واحل�ضارية‬ ‫والإن�سانية‪.‬‬ ‫�ساهم بت�أ�سي�س اجلامعة اللبنانية الثقافية يف‬ ‫العامل عام ‪ ،1960‬وتبو�أ فيها مراكز رئي�سية‬ ‫عدة‪ ،‬رئي�س ًا فخري ًا للمجل�س القاري الإفريقي‬ ‫عام ‪ ،1978‬رئي�س ًا للمجل�س الوطني للجامعة‬ ‫يف نيجرييا ع��ام ‪ ،1992‬و�أمين ًا عام ًا مركزي ًا‬ ‫للجامعة يف العام عينه‪.‬‬ ‫وم��ن �إجن��ازات��ه القيمة يف ه��ذا احلقل‪ :‬عقد‬ ‫ندوات وقدم درا�سات و�ألقى حما�ضرات منها‪:‬‬ ‫‪ )1‬م�����ش��روع �إح����داث اجل��ام��ع��ة الإقت�صادية‬ ‫الإغرتابية‪.‬‬ ‫‪ )2‬حم��ا���ض��رة ب��ع��ن��وان اجل��ام��ع��ة اللبنانية‬ ‫الثقافية يف العامل واقع ومرجتى‪.‬‬ ‫‪ )3‬ن���دوة ح��ول الإغ��ت�راب اللبناين قيمته‪،‬‬

‫عوامله‪ ،‬م�ستقبله‪.‬‬ ‫‪ )4‬ندوة حول ق�ضايا اجليل اجلديد‪.‬‬ ‫‪ )5‬ن��دوة بعنوان العن�صر الروحي والعاطفي‬ ‫يربط املغرتبني اللبنانيني بالوطن الأم‪.‬‬ ‫‪ )6‬ندوة �إعادة بناء اجلامعة اللبنانية الثقافية‬ ‫يف العامل على ا�سرتاتيجية ود�ستور جديدين‪.‬‬ ‫ع��ام ‪� ،1986‬أ�صدر مع �صديقه ورفيق جهاده‬ ‫احلاج وا�صف فتال جملة "املنرب" الإغرتابية‪،‬‬ ‫التي اعتربت عن حق �إح��دى �أه��م امل�ؤ�س�سات‬ ‫الإع�لام��ي��ة الإغ�تراب��ي��ة �إخ��راج � ًا وم�ضمون ًا‬ ‫وانت�شار َا‪.‬‬ ‫\عام ‪ ،1998‬انتخب ع�ضو ًا يف جمل�س الأمناء‬

‫الأعلى للجامعة؟ �إ�ضافة �إىل تر�أ�سه جمعية ‪ -2‬م��واءم��ة ال��ت��ي��ارات الفكرية النا�شطة يف‬ ‫ال�صداقة العربية النيجريية التي لعبت دور ًا العامل املعا�صر‪.‬‬ ‫مميز ًا على �صعيد التقارب العربي الإفريقي‬ ‫تكريم منصور عازار‬ ‫عموم ًا‪.‬‬ ‫تقدير ًا جلهوده وعطاءاته على غري �صعيد‬ ‫فكري و�صناعي وثقايف و�إن�ساين يف املجالني‬ ‫رائد نهضوي‬ ‫ط���رح �أف���ك���ار ًا ح�����ض��اري��ة م��ف��ي��دة وع��م��ل على الإغ�ت�راب���ي وال��وط��ن��ي‪ ،‬ا���س��ت��ح��ق الأو���س��م��ة‬ ‫واملنا�صب وال�شهادات التالية‪:‬‬ ‫تنفيذها م��ن ماله اخل��ا���ص‪ ،‬و�أن�����ش��أ يف مطلع‬ ‫‪ -1‬ع��ام ‪ ،1962‬منحته ال��دول��ة النيجريية‬ ‫ال�سبعينات "مكتب الدرا�سات العلمية " بهدف‪:‬‬ ‫رتبة – ‪ - Chief‬و�ألب�سته العباءة الوطنية‬ ‫‪ -1‬ت�شجيع املفكرين واملوهوبني النا�شطني على التقليدية مع القلن�سوة الرتاثية و�صوجلان‬ ‫الإن��ت��اج ون�شره‪ ،‬والعمل على ت�سهيل مهامهم الريادة‪.‬‬ ‫وطموحهم على الوجه الأكمل والأمثل‪.‬‬ ‫‪ -2‬عام ‪ ،1992‬منحه املركز الثقايف الإمنائي‬ ‫للمغرتبني ميدالية قدمو�س يلقن الإغريق‬ ‫الأبجدية املذهبة وتر�صيع ج��دران متحفه‬ ‫للرتاث الإغرتابي اللبناين ب�صورته ونبذة عن‬ ‫حياته‪.‬‬ ‫‪ -3‬ع��ام ‪ ،1913‬منحته اجل��ام��ع��ة اللبنانية‬ ‫ال��ث��ق��اف��ي��ة يف ال���ع���امل‪ ،‬م��ي��دال��ي��ة ال�����ش��رف‬ ‫واال�ستقامة املذهبة‪.‬‬ ‫‪ -4‬منح و�سام الثبات من قيادة احلزب ال�سوري‬ ‫القومي الإجتماعي‪.‬‬ ‫* أمين عام سابق‬ ‫في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم‬ ‫مؤسس المركز الثقافي اإلنمائي للمغتربين‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.