"دراسة بمركز الأهرام ترصد دور العائلات فى انتخابات "النواب

Page 1

‫امللف املصرى‬ ‫دوري� � � � � � � � � � � � � � � � � ��ة ش � � � � �ه � � � � ��ري � � � � ��ة ع� � � � � � � � ��ن ال � � � � �س � � � � �ي � � � � ��اس � � � � ��ة وامل � � � � �ج � � � � �ت � � � � �م � � � � ��ع ف� � � � � � � � ��ى م� � �ص � ��ر‬ ‫العدد ‪ 7‬ـ مارس ‪2015‬‬ ‫رئيس جملس اإلدارة‬

‫مدير املركز‬

‫أمحد السيد النجار‬

‫ضياء رشوان‬ ‫مدير التحرير‬

‫رئيس التحرير‬

‫د‪ .‬إيامن رجب‬

‫د‪ .‬دينا شحاتة‬ ‫املستشار الفنى‬

‫السيد عزمي‬ ‫اإلخراج الفني‬

‫مصطفى علوان‬ ‫اآلراء الواردة ىف هذا امللف تعرب عن آراء كتاهبا وال تعرب بالرضورة عن رأى‬ ‫مركز الدراسات السياسية واإلسرتاتيجية باألهرام‬

‫‪1‬‬



‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫احملــــتويــــــــــــــــــــات‪:‬‬ ‫قراءة فى عملية بناء التحالفات االنتخابية لعام ‪ .. 2015‬د‪ .‬يسرى العزباوى‬ ‫تكشف التحركات الفعلية لألحزاب والقوى السياسية املدنية منذ فوز الرئيس عبد الفتاح السيسى ىف االنتخابات‬ ‫الرئاسية عن صعوبة بناء حتالف انتخابى جيمعها‪ ،‬كام أن املحاوالت األخرية بعد دعوة الرئيس للتوحد حتت مظلة‬ ‫قائمة وطنية موحدة باءت بالفشل‪ ،‬كام أن تيار اإلسالم السياسى غاب ألول مرة عن بناء حتالفات انتخابية رغم‬ ‫قيادته للمشهد ىف انتخابات ‪.2011‬‬

‫‪5‬‬

‫الدور املستمر للعائلة فى االنتخابات النيابية‪ ..‬حازم عمر‬

‫ال متثل انتخابات ‪ 2015‬استثناء ًا من حيث تصدر العائالت للمشهد االنتخابى السيام ىف حمافظات الوجه‬ ‫البحرى والقبيل‪ ،‬وحرصها عىل استمرار متثيلها ىف الربملان‪ ،‬وتكشف حتركات القيادات احلزبية عن حماوالهتا‬ ‫جلذب رموز العائالت للرتشح من خالل قوائمها لالستفادة من نفوذها وثقلها الشعبى ىف دوائرها االنتخابية‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫نحو تطور إيجابى فى التمثيل السياسى للمرأة فى برملان ‪ ..2015‬د‪ .‬أمانى الطويل‬

‫عىل الرغم من أن فرص نجاح املرأة عىل املقاعد الفردية حمدودة نظر ًا لطبيعة البيئة االجتامعية واالحتياجات‬ ‫املادية للحمالت الفردية‪ ،‬إال أن الدستور وقانون انتخابات جملس النواب ضمن للمرأة متثي ً‬ ‫ال إجيابي ًا ىف أول‬ ‫برملان بعد ثورة ‪ 30‬يونيو والذى يقدر ىف حده األدنى بـ ‪ 56‬مقعد ًا بموجب نظام القوائم املطلقة‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫برملان ‪ :2015‬نحو متثيل عادل لألقباط فى احلياة السياسية‪ ..‬نوران شريف‬

‫يمثل جملس النواب القادم أمهية خاصة بالنسبة لألقباط ملا يكفله هلم من متثيل سياسى كبري يصل ىف حده األدنى‬ ‫إىل ‪ 24‬نائب ًا قبطي ًا منتخب ًا مقارنة بتمثيلهم ىف العقود املاضية‪ ،‬وهو ما يمثل خطوة مهمة بالنسبة هلم خاصة وان‬ ‫الربملان القادم سوق يقوم بإقرار عدد من القوانني املتعلقة باألحوال الشخصية وقانون بناء الكنائس‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫املؤمتر االقتصادى وفرص التنمية املنشودة‪ ..‬حسني سليمان‬

‫إن نجاح املؤمتر االقتصادى املزمع عقده ىف مارس ‪ 2015‬سيتحدد وفق ًا حلجم املرشوعات التى سيعلن عنها أثناء‬ ‫انعقاده‪ ،‬وعىل الرغم من عدم وضوح تلك املرشوعات إال أن التوقعات تشري إىل أن قطاعات النفط والتمويل‬ ‫واالتصاالت والعقارات ستكون القطاعات األكثر جذبا للمشاركني ىف املؤمتر‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫مصر وتراجع أسعار البترول عاملي ًا‪ ..‬مكاسب أم خسائر؟‪ ..‬د‪ .‬أحمد قنديل‬ ‫عىل الرغم من التفسريات املتعددة حول أسباب الرتاجع احلاد والرسيع واملفاجئ ىف أسعار البرتول عاملي ًا سواء‬ ‫كان لعوامل العرض والطلب أو لعوامل تتعلق برصاع املنتجني أو بنظرية املؤامرة‪ ،‬إال أن ذلك اهلبوط سيكون له‬ ‫تأثريات متداخلة عىل االقتصاد املرصي‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫* ساعد فى إعداد هذا العدد األستاذ حازم عمر‪ ،‬الباحث املساعد فى مركز الدراسات السياسية واإلستراتيجية‪ ،‬وله جزيل الشكر والتقدير‬

‫‪3‬‬


‫تنويــــــــه‬ ‫تم إعداد مقاالت هذا العدد قبل صدور حكم من املحكمة الدستورية يف ‪ 1‬مارس ‪ 2015‬بعدم دستورية‬ ‫املادة الثالثة من القانون رقم ‪ 202‬لسنة ‪ 2014‬اخلاص بتقسيم الدوائر االنتخابية ملجلس النواب‪ ،‬والذي‬ ‫ترتب عليه تأجيل االنتخابات ألجل مل حتدده اللجنة العليا لالنتخابات حلني االنتهاء من تعديل القانون بام‬ ‫يتوافق مع الدستور‪ ،‬وما تضمنه حكم املحكمة الدستورية‪ .‬ومن املحتمل أن تستكمل املحكمة الدستورية‬ ‫النظر يف الطعون املقدمة أمامها بشأن املادة ‪ 8‬من قانون االنتخابات واخلاصة برشوط الرتشح فيام يتعلق‬ ‫بالبند األول الذي يتضمن اشرتاط حصول املرشح عىل اجلنسية املرصية منفردة‪.‬‬


‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫قراءة فى عملية بناء التحالفات االنتخابية‬ ‫لعام ‪2015‬‬ ‫د‪ .‬يسرى العزباوى‬ ‫خبير فى مركز األه��رام للدراسات‬ ‫ال��س��ي��اس��ي��ة واالس��ت��رات��ي��ج��ي��ة‬

‫بدأت فكرة بناء التحالفات عقب اإلعالن مبارشة عن فوز‬ ‫الرئيس عبد الفتاح السيسى باالنتخابات الرئاسية‪ ،‬كمحاولة‬ ‫ليس فقط هلندسة الفضاء السياسى والتعددية احلزبية‬ ‫ومواجهة التيارات الدينية‪ ،‬التى عادت إىل العمل السياسى‬ ‫املسلح والعنيف‪ ،‬ولكن لتكوين تيار مدنى موحد يساند‬ ‫الرئيس ىف استكامل خارطة الطريق والبحث عن االستقرار‬ ‫املنشود‪ ،‬وإعادة االنفتاح عىل العامل اخلارجى‪ ،‬ىف ظل موقف‬ ‫دوىل غامض من ثورة ‪ 30‬يونيو ‪.2013‬‬ ‫ومن األمهية اإلشارة إىل أن التحركات الفعلية عىل األرض‬ ‫أثبتت صعوبة بناء حتالف انتخابى واحد جيمع األحزاب والقوى‬ ‫املدنية‪ ،‬ألسباب كثرية‪ :‬أوهلا‪ ،‬أن آفة احلياة احلزبية رسعان ما‬ ‫انتقلت إىل التحالفات الناشئة التى اتسمت بأن عمودها الفقرى‬ ‫هو «الشلة» أو «العائلة» أو بعض «الباحثني عن دور سيايس»‬ ‫ىف مرحلة السيولة السياسية التى مرت هبا مرص خالل األعوام‬ ‫القليلة املاضية‪ ،‬مستغلني ىف ذلك حالة احلراك الثورى منذ‬ ‫‪ .2011‬فض ً‬ ‫ال عن ضعف األحزاب التى فشلت ىف ملء الفراغ‬ ‫السياسى الذى خلفه «احلزب الوطني» ومجاعة «اإلخوان»‪ ،‬ربام‬ ‫ألهنا تفتقر إىل املوارد واألفكار التى متكنها من لعب أدوار ىف‬ ‫مساعدة الناس ىف القرى واألحياء الفقرية‪.‬‬

‫ثانيها‪ ،‬مجود وإنتهازية غالبية النخب السياسية التى تقود‬ ‫األح��زاب أو تشارك ىف صنع التحالفات‪ ،‬حيث فشلت‬ ‫كعادهتا ىف التفاوض والتوصل إىل صيغ مشرتكة للعمل‪،‬‬ ‫بالرغم من متاثل األفكار والقوى االجتامعية التى تعرب عنها‬ ‫بعض األحزاب‪ ،‬كام مل تتمكن النخبة السياسية من حسم‬ ‫موقفها من التعامل مع الشخصيات املحسوبة عىل نظام‬ ‫مبارك‪ .‬وثالثها‪ ،‬النظام االنتخابى‪ ،‬الذى يعتمد عىل نظام‬

‫الغالبية ىف الدوائر الفردية‪ .‬ورابعها‪ ،‬ضعف وهشاشة التربير‬ ‫السياسى واإليديولوجى لقيام التحالفات االنتخابية‪ ،‬فقد‬ ‫تراجعت خماطر عودة «اإلخوان» ىف ظل ما يتعرض له التنظيم‬ ‫واألفراد من رضبات أمنية عالوة عىل حالة العداء الشعبى‬ ‫ضدهم‪ ،‬كذلك تراجعت فرص حزب النور السلفى بعد‬ ‫انكشاف ضعف خطابه وقلة خربته السياسية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حتالفات انتخابية أم سياسية؟‬

‫ً‬ ‫مرتبطا‬ ‫من الناحية التكتيكية يعترب التحالف االنتخابى‬ ‫بالتكامل بني مؤسسات حزبية أو أفراد‪ .‬ويقصد به إحالل‬ ‫التعاون حمل املنافسة التى قد تؤدى إىل خروج أحد األطراف‬ ‫من العملية االنتخابية‪ ،‬فالتحالف يؤدى إىل السيطرة‬ ‫عىل املخاطر والتهديدات‪ ،‬والتشارك ىف األرباح واملنافع‬ ‫واملكاسب امللموسة وغري ملموسة‪ .‬ومن الناحية النظرية‬ ‫قدم بروس تاكامن “‪ ”Bruce Tuckman‬صاحب نظرية‬ ‫“املراحل األربع لبناء فرق العمل”‪ ،‬التى وصلت إىل علم‬ ‫إجيابيا لتصميم التحالفات االنتخابية‬ ‫السياسة لتجد صدى‬ ‫ًّ‬ ‫واحلزبية‪ .‬حيث يشري تاكامن إىل أربع مراحل جيب املرور هبا‬ ‫لبناء أو تصميم حتالفات انتخابية أو حزبية‪ ،‬يمكن طرحها‬ ‫عىل النحو التايل‪:‬‬

‫املرحلة األوىل‪ ،‬هى مرحلة التشكيل أو التكوين ‪،Forming‬‬ ‫تكون فيها رغبة من األطراف املجتمعة للدخول ىف حتالف‪،‬‬ ‫وتتسم بشعور عال من احلامس بني األطراف‪ ،‬والشعور بأن‬ ‫إحتامالت النجاح تفوق الفشل‪ ،‬ويتم الرتكيز عىل املصالح‬ ‫املشرتكة بينهم وتنحية اخلالفات جان ًبا‪ ،‬كام أن هذه املرحلة‬ ‫ال يوجد فيها أى إلزام عىل األطراف‪ ،‬ويكون هدفها توضيح‬ ‫طبيعة التحالف وأهدافه‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫املرحلة الثانية‪ ،‬وهى مرحلة العصف ‪ ،Storming‬تشهد‬ ‫تكليفات ومهام لألطراف‪ ،‬كام تتسم بكثرة اجلدل واملناقشات‬ ‫املنظمة وغري املنظمة‪ .‬ىف هذه املرحلة قد تزداد الثقة بني أطراف‬ ‫التحالف وىف املقابل قد يزداد اإلستقطاب بينهم عند ظهور‬ ‫مصالح وأهداف شخصية‪ ،‬وقد ينهار مرشوع التحالف مع‬ ‫استمرار املناورات والتشكيك ىف صعوبة حتقيق اهلدف‪ ،‬وقد‬ ‫ينتقل املرشوع للمرحلة التالية نتيجة نجاح القيادة ىف بناء جو‬ ‫من الثقة وإدارة الفريق‪.‬‬

‫املرحلة الثالثة‪ ،‬هى مرحلة التطبيع والتعاون ‪،Norming‬‬ ‫وتتسم بالتعاون وإحساس األطراف هبوية الفريق‪ ،‬وتنعدم‬ ‫حالة اإلستقطاب‪ ،‬وتزداد مستويات التحفيز‪ .‬وىف هذه املرحلة‬ ‫يأخذ التحالف شك ً‬ ‫ال تنظيم ًيا‪ ،‬وتصبح العالقة بني أعضائه‬ ‫طبيعية ومغلفة بوثائق مكتوبة يتحدد فيها أطراف التحالف‬ ‫والتكاليف املحددة لكل طرف‪ ،‬وتصدر القرارات بالتوافق‪.‬‬ ‫املرحلة الرابعة‪ ،‬هى مرحلة األداء والعمل الفعىل‬ ‫‪ ،Performing‬تأتى هذه املرحلة نتيجة للمرحلة الثالثة‪،‬‬ ‫حيث تصبح األدوار مرنة ووظيفية‪ ،‬وتعمل األطراف‬ ‫كوحدة واحدة‪ ،‬وتطور األطراف من أدائها لتحقيق اهلدف‪.‬‬ ‫وهنا يمكن اإلشارة إىل أن أربع دول ىف العامل شهد هلا العامل‬ ‫بالقدرة اهلائلة عىل بناء التحالفات احلزبية هي‪( :‬إرسائيل‪،‬‬ ‫هولندا‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬كندا)‪ .‬وعىل اجلانب اآلخر‪ ،‬هناك أربع‬ ‫دول شهد هلا العامل بالفشل التام ىف بناء التحالفات احلزبية‪:‬‬ ‫(الفلبني‪ ،‬باكستان‪ ،‬كينيا‪ ،‬بوليفيا)‪ .‬ويعتقد الباحث بأن مرص‬ ‫من املمكن أن تضاف إىل هذه الدول األخرية‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫والالفت للنظر أنه مع فشل كل حماولة بناء حتالف تثور جدلية‬ ‫شهرية‪ ،‬هي‪ :‬أن األح��زاب التى فشلت ىف بناء التحالف‬ ‫االنتخابى تؤكد عىل أهنا بالفعل ىف حتالف سياسى‪ .‬وهو‬ ‫قول باطل يراد به باطل‪ ،‬وذلك لعدة أسباب‪ ،‬منها‪ :‬أو ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫أن األحزاب التى فشلت ىف بناء التحالف االنتخابى تريد أن‬ ‫حتفظ ماء الوجه أمام الرأى العام وأمام أعضائها‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬تريد‬ ‫تضخيم تأثريها السياسى ىف املجتمع‪ .‬ثال ًثا‪ ،‬لكى ترتك الباب‬ ‫موار ًبا أمام إحتامالت الدخول مرة ثانية ىف حماوالت إعادة‬ ‫بناء حتالفات جديدة‪ ،‬وهو ما حدث بالفعل‪ .‬وكأن الغاية‬ ‫النهائية لألحزاب هى بناء حتالف أو االنضامم لتحالف ما‪،‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن التمثيل داخل الربملان حتى ولو بمقعد واحد فقط‪،‬‬ ‫بناء عىل القول املأثور‪« :‬ما ال يدرك كله ال يرتك كله»‪ .‬وقد‬ ‫تناست األحزاب بأن األصل ىف خوض غامر سباق التنافس‬ ‫اإلنتخابى‪ ،‬هو الفردية والذاتية احلزبية‪ ،‬وذلك ألن العملية‬ ‫اإلنتخابية فرصة مواتية لكى تقوم األحزاب برشح براجمها‬ ‫احلزبية واإلنتخابية اخلاصة هبا‪ ،‬بد ً‬ ‫ال من بذل اجلهد ىف رشح‬ ‫برنامج التحالف القائم‪ ،‬إن حدث ذلك من األصل‪.‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬السامت العامة للتحالفات‪:‬‬

‫مع فتح باب التقديم لالنتخابات ىف ‪ 8‬فرباير ‪ 2015‬ينتهى‬ ‫اجلدل الدائر عىل مدار ما يقرب من عام حول خريطة‬ ‫التحالفات أو مشاركة بعض األحزاب ذات املرجعية الدينية‬ ‫التى أعلن أغلبها عن مقاطعته االنتخابات‪ ،‬وندخل معركة‬ ‫جديدة تتسم بالرصاع احلقيقى بني أطراف العملية االنتخابية‬ ‫مبكرا بني املرشحني واجلهة اإلدارية من ناحية‪،‬‬ ‫والتى بدأت‬ ‫ً‬ ‫وبني املرشحني وبعضهم البعض حول جذب صوت‬ ‫الناخب املرصى‪ .‬وطفا عىل السطح خالل الفرتة املاضية‬ ‫عدة حتالفات‪ ،‬وهي‪« :‬الوفد املرصى‪ ،‬وحتالف (‪،)30– 25‬‬ ‫والعدالة االنتقالية‪ ،‬والتيار الديمقراطى‪ ،‬واجلبهة املرصية‪،‬‬ ‫واألمل املرصى‪ ،‬وصحوة مرص‪ ،‬وىف حب مرص‪ ،‬وتيار‬ ‫االستقالل‪ ،‬وحتالف النقابات املهنية‪ .‬وبعيدً ا عن الدخول‬ ‫ىف أطراف كل حتالف أو أهدافه ومبادئه‪ ،‬إال أنه يمكن حتديد‬ ‫جمموعة من السامت واخلصائص املرتبطة به‪ ،‬وهى كام ييل‪:‬‬ ‫‪ - 1‬التشابه ىف األسامء‪ :‬حيث يوجد ستة حتالفات حتمل اسم‬ ‫مرص‪ ،‬أو مشتقاهتا‪ .‬وهو يكاد يكون متطاب ًقا‪ ،‬إىل حد بعيد‪ ،‬مع‬ ‫ما حدث عقب الثورة مبارشة من نشأة عدد كبري من األحزاب‬ ‫التى حتمل ىف مسمياهتا لفظ «الثورة» أو مشتقاهتا‪ ،‬وهو ما أدى‬ ‫إىل مزيد من التشتت للمواطن املرصى والشباب‪ ،‬وجعلهم‬ ‫إرصارا عىل العزوف وعدم االنضامم إليها‪ ،‬واالستمرار‬ ‫أكثر‬ ‫ً‬ ‫ىف العمل داخل احلركات االحتجاجية الشبابية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ثالثية التغيري واملرونة والسيولة‪ :‬من حيث التكوين وعدد‬ ‫األحزاب واألفراد املنتمني إىل التحالف‪ ،‬باإلضافة إىل رسعة‬ ‫االنسحابات واالنشقاقات داخل كل حتالف واالنضامم إىل‬ ‫حتالفات أخرى أو اإلعالن عن خوض االنتخابات منفردة‪.‬‬

‫‪ - 3‬الفئوية والنخبوية‪ :‬حيث ترتبط بعض التحالفات‬ ‫بأشخاص وأفراد أكثر من ارتباطها بأهداف أو بربامج أو‬ ‫أيديولوجيات حمددة املعامل‪ .‬كام يوجد عدد من األحزاب‬ ‫واألشخاص‪ ،‬يمكن أن نطلق عليهم «عابرى التحالفات»‪.‬‬ ‫بمعنى مغاير‪ ،‬هناك عدد من األحزاب والشخصيات العامة‬ ‫حياولون أن جيدوا ألنفسهم موطئ قدم هلم ىف الربملان بغض‬ ‫النظر عن إيامهنم بمبادئ وأهداف التحالفات‪.‬‬ ‫‪ - 4‬فكرة تكوين الظهري السيايس‪ :‬حيث تقدم بعض التحالفات‬ ‫نفسها بأهنا ستكون بمثابة الظهري السياسى للرئيس السيسى‪،‬‬ ‫وأهنا سوف تقوم بنقل الدستور إىل حزمة من الترشيعات التى‬ ‫تساعده عىل حتقيق برناجمه الذى يلبى مطالب ثورتى ‪ 25‬يناير‬ ‫و‪ 30‬يونيو‪ .‬ىف الوقت الذى مل يطلب الرئيس السيسى من‬ ‫األحزاب سوى التوحد والتكاتف والعمل من أجل ختطى‬ ‫هذه املرحلة احلرجة من عمر الدولة املرصية‪.‬‬


‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫‪ - 5‬السلطوية ىف التكوين‪ :‬حيث اتسمت كل التحالفات‬ ‫باالستبعاد والتهميش‪ ،‬ألهنا جعلت هدفها األول النيل ليس‬ ‫فقط من حزب النور ولكن من كل التيارات اإلسالموية‪،‬‬ ‫وعدم وصوهلم إىل الربملان بأى حال من األحوال‪ .‬بمعنى‬ ‫بأهنا تنادى بالوحدة والتوحد بني التيار املدنى ملواجهة حزب‬ ‫النور واألحزاب ذات املرجعية الدينية‪ ،‬التى ربام تكون البوابة‬ ‫اخللفية لدخول مجاعة اإلخوان املسلمني الربملان‪.‬‬

‫‪ - 6‬البريوقراطية صاحبة العمر املتقدم‪ :‬حيث قامت جمموعة‬ ‫من الذين سبق هلم العمل ىف دوالب الدولة بالبدء واملشاركة‬ ‫ىف عملية تكوين التحالفات‪ .‬وهنا يمكن القول بأنه ربام تكون‬ ‫هذه األسامء المعة ىف جمال ختصصاهتا ولكن ليس بالرضورة‬ ‫أن يكونوا سياسيني أو حزبيني مهرة‪ ،‬وهو ما حدث بالفعل‬ ‫حيث فشل أغلبهم ىف تكوين قائمة موحدة‪.‬‬ ‫‪ - 7‬املزايدة واملزايدة املضادة‪ :‬حيث مارست أغلب التحالفات‬ ‫نوعا من املزايدة السياسية برضورة عدم ضم أنصار‬ ‫الناشئة ً‬ ‫احلزب الوطنى السابق «الفلول» أو اإلخوان املسلمني‪ ،‬وهذا‬ ‫ما حدث ىف حتالف «‪ »30 – 25‬وحتالف «األمة املرصية»‪.‬‬ ‫ىف الوقت الذى أكد فيه حزب املؤمتر‪ -‬عىل سبيل املثال‪ -‬بأنه‬ ‫عىل أتم استعداد للتحالف مع اجلبهة املرصية أو املرصيني‬ ‫األحرار‪ ،‬إال الوفد ألنه كان طر ًفا ثال ًثا ىف املعاملة مع احلزب‬ ‫الوطنى واإلخوان‪.‬‬ ‫ثال ًثا‪ :‬فشل دعوة الرئيس لتشكيل قائمة توافقية‪:‬‬

‫ىف حماولة لنفيه هتمة مساندته قائمة بعينها‪ ،‬دعا الرئيس‬ ‫عبدالفتاح السيسى األحزاب للتوحد حتت مظلة قائمة وطنية‬ ‫واحدة‪ ،‬حتظى بدعمه وتأييده‪ .‬وعىل الرغم من حسن نية‬ ‫الرئيس ىف دعوته إال أنه جانبها الصواب‪ ،‬ألن كل القوائم‬ ‫وطنية‪ ،‬وكان من األفضل أن يقول قائمة «توافقية»‪ ،‬فهو‬ ‫التعبري األدق‪ .‬وهبذه الدعوة ألقى الرئيس الكرة ىف ملعب‬ ‫األحزاب‪ ،‬وهو يعلم متا ًما مدى الضعف الذى اعرتى بنيتها‬ ‫التنظيمية‪ ،‬واالنقسام والترشذم ليس فقط بني األحزاب‬ ‫وبعضها البعض ولكن داخل كل حزب منفر ًدا‪ .‬وقد باءت‬ ‫كل حماوالت تكوين قائمة توافقية واحدة بالفشل‪ ،‬وذلك‬ ‫لعدة أسباب‪ ،‬أوهلا ضعف وعدم مصداقية اجلهة التى تلقفت‬ ‫دعوة الرئيس‪ ،‬وهى حزب الوفد‪ ،‬فلم يعد حيظى بقبول‬ ‫شعبى أو بني األحزاب بعدما دخل ىف مفاوضات عثرة مع‬ ‫الكثري من األحزاب‪ ،‬وقام بفرض رشوطه عليها‪ ،‬معتمدً ا ىف‬ ‫ذلك عىل تأثريه اإلعالمى والسياسى‪ ،‬وتارخيه الوطنى‪.‬‬ ‫ثانيها‪ ،‬رسعة الدعوة لعقد االجتامع بدون حتضري جيد أو‬ ‫الرتتيب للبدائل املحتملة‪ ،‬حتى خيرج املجتمعون بأكرب قدر‬ ‫من االتفاق‪ .‬ثالثها‪ ،‬جاء كل طرف لالجتامع وهو حممل‬

‫بخربة املاىض القريب ىف التفاوض مع حزب الوفد‪ ،‬ومن‬ ‫ثم أراد كل طرف أن يظهر بمظهر القوة وأنه جاء فقط تلبية‬ ‫لرغبة رئيس اجلمهورية وليس من أجل رغبته هو ىف عمل‬ ‫قائمة واحدة أو من أجل االصطفاف الوطنى ىف مرحلة تتسم‬ ‫بالسيولة السياسية وضعف مؤسسات الدولة‪ ،‬وحالة إرهاب‬ ‫غري مسبوقة تشهدها الدولة املرصية‪ .‬رابعها‪ ،‬غياب بعض‬ ‫الشخصيات الوطنية عن االجتامع‪ ،‬خاصة تلك التى حتظى‬ ‫بقبول سياسى لدى أغلب األطراف السياسية مثل د‪ .‬عبد‬ ‫اجلليل مصطفى وعمرو موسى‪ ،‬وهو ما أدى إىل انطباع عام‬ ‫مسبق بأن مسألة التوحد حتت قائمة توافقية حلم بعيد املنال‪.‬‬ ‫خامسا‪ ،‬سيطرة رجال األعامل عىل عدد كبري من األحزاب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فهناك أكثر من مخسة عرش حز ًبا‪ ،‬عىل األقل‪ ،‬أسسها ويديرها‬ ‫رجال أعامل‪ ،‬وبالتاىل فإن العملية السياسية واحلزبية تدار‬ ‫بمنطق الرشكات‪ ،‬الربح واخلسارة‪ ،‬وليس بمنطق التوافق‬ ‫وإعالء املصلحة العليا للبالد‪ .‬وقد أوقع هؤالء الثورة ىف مأزق‬ ‫وإشكالية كربى‪ ،‬تتمثل ىف أن الثورة التى قامت من أجل فض‬ ‫التزاوج بني املال والسلطة‪ ،‬هى بذاهتا التى أدت اىل تكريس‬ ‫دور رجال األعامل وزيادة نفوذهم ىف املجتمع‪ ،‬وإن كان ذلك‬ ‫بطريقة خمتلفة‪ ،‬خاصة من خالل سيطرهتم عىل األحزاب أو‬ ‫حماولة احلصول عىل أكرب قدر من املقاعد ىف الربملان اجلديد‪،‬‬ ‫وذلك من أجل ضامن عدم إصدار قوانني ترض مصلحتهم‪.‬‬ ‫ريا من األحزاب املتناقضة ىف‬ ‫ريا‪ ،‬ضم االجتامع عد ًدا كب ً‬ ‫وأخ ً‬ ‫االجتاه والتوجه السياسى‪ ،‬وهو أحد العيوب األساسية‪ ،‬التى‬ ‫جعلت عملية بناء التحالفات تبوء بالفشل‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬املقاعد الفردية املنسية‪:‬‬ ‫ً‬

‫عملت جلنة اخلمسني عىل التمييز اإلجيابى لفئات ست‬ ‫من مكونات املجتمع املرصى ‪ -‬ألول مرة ىف تاريخ احلياة‬ ‫الدستورية والنيابية املرصية‪ -‬حيث أكدت املادة (‪ )3‬من‬ ‫قانون جملس النواب عىل أن يكون انتخاب جملس النواب‬ ‫بواقع (‪ )420‬مقعدً ا بالنظام الفردى‪ ،‬و(‪ )120‬مقعدً ا‬ ‫بنظام القوائم املغلقة‪ ،‬وحيق لألحزاب واملستقلني الرتشح‬ ‫ىف كل منهام‪ .‬وقد نص القانون ىف مادته الرابعة عىل أن‬ ‫تقسم اجلمهورية إىل (‪ )4‬دوائر ختصص لالنتخابات بنظام‬ ‫القوائم‪ ،‬خيصص لدائرتني منهام عدد (‪ )15‬مقعدً ا لكل منهام‪،‬‬ ‫وخيصص للدائرتني صاحبة عدد (‪ )45‬مقعدً ا لكل منهام‪.‬‬ ‫وينتخب عن كل دائرة منها عدد األعضاء الذى يتناسب‬ ‫وعدد السكان والناخبني هبا‪ ،‬بام يراعى التمثيل العادل‬ ‫للسكان واملحافظات‪ ،‬واملتكافئ للناخبني‪.‬‬ ‫وىف الوقت الذى خصص فيه املرشع ‪ 420‬مقعدً ا للدوائر‬ ‫الفردى اشتد الرصاع بني األحزاب عىل ‪ 120‬مقعدً ا املخصصة‬ ‫لالنتخابات بنظام القوائم‪ ،‬والتى خصص منها حواىل ‪72‬‬

‫‪7‬‬


‫مقعدً ا للفئات الست املذكورة ىف الدستور‪ ،‬وبالتاىل فإن معركة‬ ‫التحالفات تتم فقط عىل ‪ 48‬مقعدً ا‪ .‬وعىل الرغم من ذلك يالحظ‬ ‫ما ييل‪ :‬أو ً‬ ‫ال‪ ،‬واجهت بعض األحزاب والتحالفات معضلة‬ ‫استكامل قوائمها من الفئات الست صاحبة التمييز اإلجيابى ىف‬ ‫الدستور‪ ،‬ليس فقط حزب النور – كام يتوقع البعض‪ -‬ولكن‬ ‫يشاركه ىف ذلك ً‬ ‫أيضا بعض األحزاب والتحالفات املدنية‪،‬‬ ‫وهو ما جعلها ىف النهاية تقرر خوض االنتخابات منفردة أو‬ ‫تقبل اشرتاطات التحالفات األخرى لالنضامم إليها‪ .‬ثان ًيا‪،‬‬ ‫مل تستطيع بعض التحالفات أن تقدم مرشحني ىف الدوائر‬ ‫األربع املخصصة لالنتخابات بالقائمة‪ ،‬لذلك فإهنا ربام ختوض‬ ‫االنتخابات عىل دائرتني أو ثالث عىل األكثر‪ ،‬أو سوف تقوم‬ ‫باالندماج مع بعض التحالفات األخرى ىف الساعات األخرية‬ ‫قبل موعد فتح باب الرتشيح‪ .‬ثال ًثا‪ ،‬مل تتخط ترشيحات الفئات‬ ‫صاحبة التمييز اإلجيابى طريقة االنتخاب بالقوائم فقط من قبل‬ ‫التحالفات‪ ،‬وهو ما أكده رصاحة حزب النور الذى أكد عىل‬ ‫أن احلزب لن يرشح نساء أو ً‬ ‫أقباطا عىل مقاعد الفردى‪ .‬بمعنى‬ ‫آخر‪ ،‬مل تقم األحزاب والتحالفات باإلعالن عن ترشيح النساء‬ ‫واملسيحيني واملرصيني باخلارج والعامل والفالحني والشباب‬ ‫وذوى االحتياجات اخلاصة عىل أية مقاعد فردية‪ ،‬وهو ما يقلل‬ ‫فرص وجودهم خارج إطار القوائم‪.‬‬ ‫وبناء عليه‪ ،‬يمكننا القول إن األحزاب أو التحالفات انشغلت‬ ‫بمقاعد االنتخابات بنظام القائمة فقط دون الفردى لعدة‬ ‫أسباب‪ ،‬منها ما ييل‪:‬‬

‫‪ - 1‬ضامن التمثيل‪ :‬ألن بعض النخب التى تسيطر عىل‬ ‫األحزاب تريد أن تضمن هلا موطئ قدم داخل الربملان‪،‬‬ ‫بدليل أن بعض الذين خاضوا انتخابات ‪ 2012‬عىل املقاعد‬ ‫الفردى خيوضون االنتخابات عىل القوائم‪ ،‬بعد فشلهم ىف‬ ‫التواجد داخل دوائرهم أو عىل األقل االستجابة الحتياجات‬ ‫املواطنني داخل هذا الدوائر‪ .‬ىف حني أن البعض اآلخر منهم‪،‬‬ ‫الذى قرر أن خيوض االنتخابات عىل املقاعد الفردى‪ ،‬يريد‬ ‫أن خيىل الدائرة متا ًما من مرشحني أقوياء حمتملني باالتفاق‬ ‫مع األحزاب‪ ،‬بدليل أن بعض من يديرون عملية هندسة‬ ‫التحالفات غري منتمني ألحزاب سياسية حتى هذه اللحظة‪،‬‬ ‫ويفضل أن يظل مستقلاًّ بعيدً ا عن التحزب‪.‬‬ ‫‪- 2‬التحرر من املساءلة‪ :‬ففى ظل عدم القدرة عىل التواجد بني‬ ‫املواطنني‪ ،‬حيث تتطلب الدوائر الفردية قدرة كبرية عىل احلركة‬ ‫داخل الدائرة‪ ،‬والقدرة املالية ملحاولة تنفيذ بعض اخلدمات‬ ‫العامة واخلاصة داخل الدائرة‪ ،‬ىف حني أن القائمة املغلقة‪ ،‬جتعل‬ ‫النائب يتحرر من املسئولية أمام الناخب أو عىل األقل أال خيضع‬ ‫حتت ضغط رضورة إنجاز أية مرشوعات عىل مستوى الدائرة‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫‪ - 3‬قوة العصبيات والعائالت‪ :‬حيث يكون من السهل‬

‫بمكان عىل املرشح املستقل املنتمى لعائلة أو قبيلة أن يفوز ىف‬ ‫الدوائر الفردية أكثر من غريه‪ ،‬وهو ما جعل أغلب األحزاب‬ ‫تلجأ إىل رموز العائالت لكى تتقدم للرتشح عىل قوائمها أو‬ ‫حتت رايتها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬عدم قدرة األحزاب عىل تقديم مرشحني حمتملني‪ :‬وهو‬ ‫ما جعل األحزاب السياسية تلجأ ليس فقط للمرشحني‬ ‫املنتمني لكبار العائالت أو العصبيات ولكن لبعض نواب‬ ‫احلزب الوطنى املنحل الستكامل القوائم أو للتقدم لبعض‬ ‫الدوائر الفردية‪.‬‬

‫‪ - 5‬غياب التحالفات اإلسالمية‪ :‬وهو ما أدى إىل تركيز‬ ‫األحزاب عىل بناء التحالفات دون الفردى‪ .‬ففى الوقت الذى‬ ‫قادت فيه األحزاب ذات املرجعية الدينية (احلرية والعدالة)‬ ‫عملية بناء التحالفات ىف عام ‪ ،2011‬غابت متا ًما عن املشهد‬ ‫ىف هذا االنتخابات‪ ،‬وذلك ألول مرة ىف تاريخ بناء التحالفات‬ ‫االنتخابية منذ عام ‪ .1984‬حيث تشهد األحزاب اإلسالمية‬ ‫حقيقيا ىف تكوين حتالفات انتخابية مع بعضها ً‬ ‫بعضا أو‬ ‫مأز ًقا‬ ‫ًّ‬ ‫نظرا لعدة اعتبارات‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫مع بعض القوى املدنية‪ ،‬وذلك ً‬ ‫أو ً‬ ‫ال أن األحزاب ذات املرجعية الدينية تفككت ومل تعد تشكل‬ ‫كتلة صلبة واحدة‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬هروب أغلب القيادات العليا هلذه‬ ‫األحزاب إىل اخلارج (قطر وتركيا)‪ ،‬أو الزج هبم إىل السجون‬ ‫الرتكاهبم أعامل عنف أو التحريض عليها‪ .‬ثال ًثا‪ ،‬إعالن بعض‬ ‫األحزاب ذات املرجعية الدينية عن مقاطعتها العملية االنتخابية‬ ‫مثل أحزاب «البناء والتنمية» و«مرص القوية» و«الوطن»‪ ،‬حتت‬ ‫دعوى أن املشاركة ىف العملية االنتخابية هى اعرتاف بالعملية‬ ‫ريا‪ ،‬اخلوف من العزل الشعبى‪،‬‬ ‫السياسية بعد ‪ 30‬يونيو‪ .‬وأخ ً‬ ‫خاصة ىف ظل حالة الغضب الشعبى اجلم عىل مجاعة اإلخوان‬ ‫وممارساهتا الداخلية واخلارجية‪ ،‬وىف ظل استقواء اجلامعة‬ ‫باخلارج عىل الدولة املرصية‪ ،‬وحماولة عرقلة إعادة البناء واألمن‬ ‫مرة ثانية من خالل املظاهرات التى خترج هبا اجلامعة بني فرتة‬ ‫وأخرى‪ ،‬والتى تستغلها وسائل اإلعالم اململوكة للجامعة‬ ‫والداعمة هلا ىف اخلارج ىف تصوير املشهد ىف مرص بحال عدم‬ ‫االستقرار ىف جمافاة حقيقية للواقع‪.‬‬

‫ىف الوقت ذاته‪ ،‬استطاع حزب النور أن يستفيد من عملية‬ ‫االقصاء املتعمدة له من باقى األحزاب السياسية املدنية‪،‬‬ ‫حيث نجح ىف استكامل قوائمه االنتخابية‪ ،‬خاصة بعد ما نجح‬ ‫ىف استقطاب عدد من املسيحيني لكى خيوضوا االنتخابات‬ ‫عىل قوائمه األربع‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬التأجيل ومزيد من الرصاع‪:‬‬

‫ال شك أن قرار املحكمة الدستورية العليا يف ‪ 1‬مارس‬ ‫‪ 2015‬بعدم دستورية املادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر‬


‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫االنتخابية التي جيرى االقرتاع فيها بالنظام الفردي‪ ،‬هو قرار‬ ‫تارخيي بمعنى الكلمة‪ ،‬حيث أكدت املحكمة عىل أن التقسيم‬ ‫احلايل ال يراعي الوزن الديموغرايف النسبى للدوائر بشكل‬ ‫صحيح وهو أمر اشرتطه الدستور يف تقسيم الدوائر‪.‬‬

‫وكان يعتقد البعض –بشكل خاطئ ‪ -‬أن مؤسسة الرئاسة‬ ‫سوف تعمل جاهدة عىل مترير القانون بأي حال من األحوال‪،‬‬ ‫حتى ال يؤثر ذلك عىل النتائج املرجوة من مؤمتر رشم الشيخ‬ ‫االقتصادي‪ ،‬الذي يعد بمثابة “ذراع مرص” كام شبهه الرئيس‬ ‫السييس‪ .‬وعىل النقيض‪ ،‬يرى البعض اآلخر‪ ،‬أن تأجيل‬ ‫االنتخابات هو يف مصلحة الرئيس نفسه‪ ،‬وذلك ألن التأجيل‬ ‫سوف يعطيه فسحة من الوقت لتنفيذ أجندته الترشيعية بدون‬ ‫عائق من الربملان‪ ،‬وهو أيضا تصور غري صحيح‪ ،‬حيث طلب‬ ‫الرئيس من احلكومة “تفادي تأخري” كبري يف موعد االقرتاع‬ ‫واإلرساع بإعداد قانون جديد يتوافق مع الدستور يف غضون‬ ‫شهر عىل األكثر‪ ،‬وأن “رئاسة اجلمهورية تؤكد عىل احرتامها‬ ‫الكامل ألحكام القضاء وإلتزام كافة مؤسسات الدولة هبا”‪.‬‬ ‫مغايرا عن نظرائه السابقني‪،‬‬ ‫نموذجا‬ ‫والرئيس بذلك قدم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حيث حاول الدكتور حممد مريس الضغط عىل املحكمة‪ ،‬من‬ ‫خالل املظاهرات وحتصني قراراته وجملس الشعب من احلل‪.‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬ويف حال تعديل قانون تقسيم الدوائر ‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫يؤدي ال حمالة إىل إعادة النظر يف كل التحالفات القائمة‪ ،‬وربام‬ ‫تنهار حتالفات اللحظات األخرية (مثل حتالف يف حب مرص)‬ ‫مقابل إعادة بناء حتالفات جديدة وبمسميات مغايرة عن تلك‬ ‫القائمة اآلن‪ ،‬خاصة وأن بعض األحزاب دفعت إيل االنضامم‬ ‫إىل هذه التحالفات دفع املضطرين‪ .‬كام أن تغيري القانون‬ ‫سيؤثر يف تواجد الفئات املهمشة عىل قوائم التحالفات‪ ،‬ألنه‬ ‫ربام ختصص دوائر معينة لبعض هذه الفئات مثل املرأة عىل‬ ‫سبيل املثال‪ .‬أما يف حال تعديل املادة الثالثة فقط من قانون‬ ‫تقسيم الدوائر‪ ،‬خالل الشهر الذي أكد عليه الرئيس‪ ،‬فإن هذا‬ ‫لن يؤدي إىل تعديالت جوهرية يف بناء التحالفات‪ ،‬كام أنه لن‬ ‫يؤثر يف عدد املرشحني املحتملني خلوض العملية االنتخابية‪.‬‬

‫واجلدير بالذكر‪ ،‬أن األحزاب السياسية هى اخلارس األكرب‬ ‫من قرار املحكمة الدستورية العليا‪ ،‬ألهنا ستضطر إىل إعادة‬ ‫النظر يف خطة الدعاية االنتخابية‪ ،‬بجانب إعادة تقييم أسامء‬ ‫املرشحني من جديد‪ ،‬وهو ما سيتطلب جهدً ا كبري ًا‪ .‬ويف ذات‬ ‫الوقت فإن إعادة النظر يف القانون ربام يدفع بعض األحزاب‬ ‫والقوى السياسية التي قاطعت العملية االنتخابية إىل إعادة‬ ‫النظر ىف قرارها ومن ثم املشاركة يف العملية االنتخابية‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫الدور املستمر للعائلة فى االنتخابات النيابية‬ ‫حازم عمر‬ ‫ب��اح��ث م��س��اع��د مب��رك��ز األه����رام‬ ‫للدراسات السياسية واإلستراتيجية‬

‫تعد «العائلة» من أهم الفاعلني ىف االنتخابات الترشيعية لعام‬ ‫‪ 2015‬ال سيام ىف حمافظات الوجه القبىل والبحرى‪ ،‬عىل نحو‬ ‫جعل األحزاب والقوى السياسية تتوجه إليها لالستفادة من‬ ‫نفوذها وثقلها الشعبى ىف دوائرها االنتخابية‪ .‬ومع إعالن‬ ‫اللجنة العليا لالنتخابات قرارها رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 2015‬بشأن بدء‬ ‫انتخابات جملس النواب ىف مارس من نفس العام‪ ،‬تصدرت‬ ‫العائالت التى تتمتع بنفوذ سياسى املشهد االنتخابى‪ ،‬حيث‬ ‫حرصت العائالت عىل استمرار متثيلها ىف الربملان بشكل‬ ‫متواكب مع التطورات السياسية التى طرأت عىل الدولة بعد‬ ‫ثورتى ‪ 25‬يناير و‪ 30‬يونيو سواء من خالل ترشيح الوجوه‬ ‫الشبابية من أبنائها أو عقد جممع انتخابى لإلمجاع عىل مرشح‬ ‫من أبنائها وذلك للحفاظ عىل متثيلها داخل جملس النواب‪.‬‬

‫وال متثل انتخابات ‪ 2015‬إستثناء من حيث تأثري وتنافس‬ ‫العائالت عىل مقاعد الربملان‪ ،‬فيذكر أن احلزب الوطنى عىل‬ ‫مدار العقود الثالثة املاضية اعتمد عىل هذه القوى سواء ىف‬ ‫االنتخابات الترشيعية أو املحلية ملا متثله من بنية اجتامعية‬ ‫وسياسية متامسكة‪.‬‬ ‫أو ًال‪ :‬استمرار العائلة كفاعل سياسى‪:‬‬

‫اتفق الباحثون ىف جمال تطور احلياة السياسية املرصية عىل‬ ‫دورا مهماً ىف تفاعالت النظام السياسى‬ ‫أن «العائلة» تلعب ً‬ ‫املرصى‪ ،‬ليس فقط من خالل االنضامم لألحزاب السياسية‬ ‫ترشحا أو انتخا ًبا‪ ،‬بل كان‬ ‫أو املشاركة ىف االنتخابات العامة‬ ‫ً‬ ‫هلا تأثريها ىف جمريات العملية السياسية ىف خمتلف العهود‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫فإذا كانت «العائلة» ىف الغرب قد تراجع دورها ومكانتها‬ ‫لصالح التنظيامت احلديثة كاألحزاب السياسية والنقابات‬ ‫واحتادات العامل‪ ،‬ففى مرص ال زالت العائلة تتمتع بنفوذها‬ ‫نتيجة ضعف مثل هذه التنظيامت‪ ،‬فاستمر كون العائلة هى‬ ‫ا ُملعرب وا ُملمثل احلقيقى ملصالح أفرادها‪ .‬وكان حرصها عىل‬ ‫ممارسة دور سياسى وتواجدها بالقرب من السلطة ىف العهود‬ ‫املاضية حماولة للحفاظ عىل مصاحلها االقتصاية من ناحية‪،‬‬ ‫ومكانتها االجتامعية من ناحية أخرى‪ ،‬لذلك ال تصطدم تلك‬ ‫القوى بكيان الدولة‪ ،‬بل عىل العكس تكن هلا كل مشاعر‬

‫التقديس‪ ،‬ويؤكد عىل ذلك استمرار دورها وإن تفاوت ىف‬ ‫بعض الفرتات ‪ -‬مثل فرتة حكم اإلخوان – كشأن غريها من‬ ‫مؤسسات الدولة التى تراجعت هيبتها ىف الفرتة التالية لـ ‪11‬‬ ‫فرباير ‪.2011‬‬

‫وقد أكد عدد من الباحثني املرصيني وغري املرصيني عىل أمهية‬ ‫«العائلة» ىف تفاعالت النظام السياسى املرصى‪ ،‬فأشارت‬ ‫الدكتورة عزة وهبى إىل حمورية دورها مستخدمة لفظ األعيان‬ ‫وكبار املالك ومتوسطى املالك ىف حتليلها لـ «الصفوة»‪،‬‬ ‫أى النخبة الربملانية‪ ،‬وذلك ىف دراستها املعنونة «السلطة‬ ‫الترشيعية ىف النظام السياسى املرصى بعد يوليو ‪،»1952‬‬ ‫حيث أشارت إىل استمرار النخبة الربملانية ما قبل ‪1952‬‬ ‫داخل جملس األمة ‪ ،‬وعربت عن ذلك باالستمرار األرسى‬ ‫داخل السلطة الترشيعية‪ .‬وأشار أيض ًا اىل نفوذ «العائلة» ىف‬ ‫مرص الباحث األمريكى املتخصص ىف الشئون املرصية إريك‬ ‫تراجر مستخدم ًا لفظ العشرية «‪ »Clan‬كمرادف للعائلة‪،‬‬ ‫موضح ًا أن تلك القوى تشكل الكتلة احلرجة للناخبني وتظهر‬ ‫مساندهتا وتعاطفها مع الدولة حتى ىف حلظات االنحسار‪.‬‬ ‫ويدعم ذلك تصويت تلك الكتلة لصالح الفريق أمحد شفيق‬ ‫ىف االنتخابات الرئاسية لعام ‪ ،2012‬فض ً‬ ‫ال عن دعمها لثورة‬ ‫‪ 30‬يونيو وهى ما متيزت به عن سابقتها ‪ -‬ثورة ‪ 25‬يناير ‪ -‬من‬ ‫حيث االمتداد اجلغراىف هلا ىف قرى ومدن املحافظات املرصية‪.‬‬ ‫وعىل مدى القرنني التاسع عرش والعرشين كانت “العائلة”‬ ‫متثل القطاع األكرب من النخبة الربملانية‪ ،‬وهو ما أكدته الباحثة‬ ‫اليابانية إيمى سوزوكى ىف أطروحتها للدكتوراه بجامعة‬ ‫طوكيو حول استمرارية العائلة ىف الربملان املرصى من ‪1866‬‬ ‫إىل ‪ .2000‬وعىل الرغم من أن البيئة االنتخابية ىف انتخابات‬ ‫‪ 2000‬و‪ 2005‬أجريت حتت إرشاف قضائى كامل – ألول‬ ‫مرة ىف تاريخ االنتخابات املرصية ‪ ،-‬حيث توافرت الكثري من‬ ‫الضامنات االنتخابية إال أن ذلك مل يمنع من استمرار سيطرة‬ ‫العائلة عىل الربملان‪ ،‬حتى من مل حيظ برتشيح احلزب الوطنى‬ ‫احلاكم له آنذاك‪ ،‬وذلك ىف إطار احلديث عن وقوع جتاوزات‬ ‫ىف اللجان االنتخابية لصالح مرشحى احلزب احلاكم‪ ،‬فتمكن‬ ‫املنشقون عن احلزب الذين يتمتعون بنفوذ قبىل وعائىل من‬


‫الرتشح بشكل مستقل والنجاح ىف االنتخابات‪.‬‬

‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫يتبني مما تقدم‪ ،‬أن العائلة ال تنتمى لزمن مىض وانتهى حتى‬ ‫وإن كانت مشاركة ىف أحزاب ونظم انتمت لزمن مىض‬ ‫وانتهى‪ ،‬بل عىل العكس‪ ،‬هى وحدة رئيسية ىف تفاعالت‬ ‫النظام السياسى املرصى‪ ،‬ظلت حريصة عىل االستمرار‬ ‫ىف السلطة أو عىل األقل كانت بالقرب منها للحفاظ عىل‬ ‫مصاحلها ومكانتها‪ ،‬ويمكن تفسري ذلك وفق عنارص تتعلق‬ ‫بتفاعالت النظام السياسى‪ ،‬عىل النحو التايل‪:‬‬ ‫‪ -1‬ضعف التنظيامت احلديثة‪:‬‬

‫إن اهلدف األصيل من التنظيامت احلديثة كاألحزاب السياسية‪،‬‬ ‫والنقابات املهنية‪ ،‬واالحتادات العاملية‪ ،‬واملؤسسات األهلية‬ ‫هو التمثيل والتعبري عن مصالح أعضائها والدفاع عنها من‬ ‫خالل التأثري عىل السياسات احلكومية‪ ،‬ومن ثم فإن الضعف‬ ‫املؤسسى هلذه التنظيامت ىف املجتمع – أى جمتمع – جيعل‬ ‫التأثري األقوى واألكرب لصالح القوى التقليدية كالعائلة‬ ‫والقبيلة والعشرية والدين‪.‬‬

‫فكان نفوذ العائلة ىف مرص نتيجة طبيعية لضعف التنظيامت‬ ‫احلديثة‪ ،‬فمن ناحية‪ ،‬عىل الرغم من الزيادة العددية لألحزاب‬ ‫والتى تقدر بنحو ‪ 88‬حزب ًا إال أن األحزاب الكبرية منها‬ ‫ظلت أسرية لتحالفات القوى التقليدية ممثلة ىف العائلة‪ ،‬رغم‬ ‫أن التجربة احلزبية ىف مرص قد مر عليها قرن من الزمان* إال‬ ‫أهنا مل تستطع التعبري عن نفسها كتنظيامت حداثية عرصية ‪،‬‬ ‫حتى وإن اعتربت نفسها كذلك ملا تتضمنه من مظاهر تعرب‬ ‫عن ذلك مثل‪ :‬االنتخابات الداخلية‪ ،‬وعقد االجتامعات‪،‬‬ ‫واللجوء إىل القضاء ىف حالة اخلالفات أو املساس بنظام‬ ‫احلزب‪ .‬ومن ناحية ثانية‪ ،‬فإن النقابات املهنية رغم التضخم‬ ‫النسبى إلمجاىل العضوية هبا إال أهنا مل تتمكن من القيام‬ ‫بدورها‪ ،‬حيث التعبري والدفاع عن مصالح أعضائها‪ ،‬وذلك‬ ‫نتيجة ازدياد الدور السياسى داخلها عىل حساب الدفاع‬ ‫عن املصالح املهنية ألعضائها‪ ،‬ومن ناحية ثالثة‪ ،‬تراجع دور‬ ‫النقابات العاملية التى بلغ عددها نحو ‪ 23‬نقابة ىف الدفاع عن‬ ‫حقوق أعضائها وهو ما تؤكده االستقاالت اجلامعية آلالف‬ ‫العامل من االحتاد العام لنقابات عامل مرص‪ ،‬ويدعم من ذلك‬ ‫بروز ظاهرة النقابات املستقلة ىف أعقاب ثوة ‪ 25‬يناير‪ ،‬ومن‬ ‫ناحية رابعة‪ ،‬رغم االزدياد املرتفع ىف أعداد املؤسسات األهلية‬ ‫حيث بلغ عددها عام ‪ 2013‬نحو (‪ )43.500‬ألف مجعية‬

‫* بدأت احلياة احلزبية ىف مرص منذ عام ‪ ،1907‬ففى ‪ 20‬سبتمرب من ذلك‬ ‫العام تأسس «احلزب الوطني» بزعامة مصطفى كامل‪ ،‬وىف ‪ 9‬ديسمرب من‬ ‫نفس العام تأسس «حزب اإلصالح عىل املبادئ الدستورية»‪ ،‬ثم تبعها‬ ‫تأسيس عدد من األحزاب بتشجيع من اإلنجليز وأخرى بتأييد من‬ ‫مر عليها قرن من‬ ‫القرص‪ .‬ويعترب الباحثون أن دورة احلياة احلزبية ىف مرص ّ‬ ‫الزمان وإن كانت هناك قطيعة مؤسسية خالل احلقبة النارصية‪.‬‬

‫فض ً‬ ‫ال عن امتدادها اجلغراىف ىف خمتلف حمافظات اجلمهورية‪،‬‬ ‫إال أهنا مل تتمكن من النهوض بمستوى املجتمع خاصة عىل‬ ‫الصعيد االقتصادى‪.‬‬

‫‪ -2‬نفوذ العائلة ىف مواجهة التنظيامت احلديثة‪:‬‬

‫استمدت التنظيامت احلديثة ىف مرص ‪ -‬منذ نشأهتا ‪ -‬قوهتا‬ ‫بتحالفها مع أبنية القوة التقليدية كالعائلة واألرسة املمتدة‬ ‫والقبيلة‪،‬‏ ومل يتوقف األمر عند هذه التنظيامت بل امتد‬ ‫ليصل إىل املؤسسات الرسمية‪ ،‬فكانت النخبة احلاكمة عىل‬ ‫مر العهود حترص عىل امتداد نفوذها ىف األقاليم من خالل‬ ‫اختيار أبناء العائالت ىف املؤسسات الرسمية عىل املستوى‬ ‫املحىل ومن هنا جاءت سيطرة هذه القوى عىل أجهزة اإلدارة‬ ‫املحلية ىف األقاليم‪ ،‬وقد دعم ذلك من وصوهلا إىل اهليئات‬ ‫الترشيعية‪ ،‬فكانت األغلبية العظمى من أعضائها منذ بدء‬ ‫احلياة النيابية ىف مرص ينتمون إىل مشايخ وعمد القرى وكبار‬ ‫ومتوسطى املالك ىف أرياف الوجه البحرى والقبىل‪ .‬فكانت‬ ‫التفاعالت السياسية داخل التنظيامت واملؤسسات تقوم عىل‬ ‫الوالءات والعالقات العائلية‪ ،‬وكان من شأن ذلك ازدياد‬ ‫نفوذ العائلة ىف وجه التنظيامت واملؤسسات احلديثة‪ ،‬فلم‬ ‫تبق العائلة هى املمثل واملعرب عن املصالح واملدافع عنها‬ ‫فحسب‪ ،‬بل حتولت التنظيامت احلديثة إىل أدوات طيعة ىف‬ ‫يد العائلة ومصاحلها‪.‬‬

‫وال يمكن إغفال التطورات التى حلقت باملجتمع وكذلك‬ ‫انعاكسات العوملة وثورة االتصاالت واملعلومات مؤخر ًا‪،‬‬ ‫فمن ناحية‪ ،‬جيد املتتبع لتاريخ عدد من العائالت أن نفوذها‬ ‫قد تراجع عام قبل لكنه كان لصالح عائالت أخرى ‪ -‬وهو ما‬ ‫يعرف بـ ‪ Second stratum‬أى العائلة التى حتتل املرتبة‬ ‫الثانية ‪ -‬وليس لصالح التنظيامت احلديثة‪ ،‬وهو ما يؤكد‬ ‫أن تلك التنظيامت عىل الرغم من أهنا ولدت حداثي ًا لكنها‬ ‫ظلت منجذبة ومشدودة لصالح العائلة‪ .‬ومن ناحية أخرى‪،‬‬ ‫فقد أثر التحديث والتعليم عىل التامسك وااللتزام العائىل‪،‬‬ ‫لذلك اجتهت العائلة للتكيف مع تلك املتغريات‪ ،‬وسعت إىل‬ ‫احتواء مترد جيل الشباب خاصة املتعلمني منهم ىف إطار ما‬ ‫يعرف بتحديث األرسة‪ /‬العائلة‪ ،‬وكان من مظاهر ذلك أن‬ ‫مرشح العائلة ىف االنتخابات مل يصبح هو الشيخ أو العمدة‬ ‫الرجل الذى تقدم به العمر كام كان احلال من قبل‪ ،‬فأصبح‬ ‫للمتعلمني مكانة وبدأ يتم الدفع هبم ىف االنتخابات بمساندة‬ ‫من العائلة‪ ،‬كل ذلك للحفاظ عىل متاسكها ومصاحلها التى‬ ‫تقتىض منها أن يكون هلا دور سياسى‪.‬‬ ‫ثاني ًا‪ :‬العائلة‪ ..‬الفاعل الرئيس ىف العملية االنتخابية‪:‬‬ ‫عىل الرغم من التطور الذى طرأ عىل طبيعة األنظمة السياسية‬

‫‪11‬‬


‫ىف مرص خالل القرنني التاسع عرش والعرشين‪ ،‬وما تبعها من‬ ‫حتديث ألداء املؤسسات السياسية الرسمية خاصة السلطة‬ ‫الترشيعية السيام فيام يتعلق بتطوير وفاعلية اختصاصاهتا‪،‬‬ ‫إال أنه كان بوترية أرسع من تطور املؤسسات السياسية‬ ‫غري الرسمية كاألحزاب‪ ،‬فأصبح التنافس ىف االنتخابات‬ ‫الترشيعية بني أشخاص أكثر منه بني أحزاب تتمتع بربامج‬ ‫سياسية وممثلة ملصالح وفئات اجتامعية‪.‬‬

‫لذلك ظلت “العائلة” هى الفاعل الرئيس ىف العملية‬ ‫االنتخابية‪ ،‬فعىل مدى العقود الثالثة املاضية اعتمد احلزب‬ ‫الوطنى احلاكم آنذاك عىل هذه القوى ىف االنتخابات النيابية‬ ‫واملحلية وكان ممث ً‬ ‫ال ملصاحلها‪ ،‬ووصل األمر ىف انتخابات‬ ‫‪ 2010‬أن يقوم احلزب باختيار أكثر من مرشحني عىل‬ ‫الدائرة الواحدة‪ ،‬حيث كانت االنتخابات جترى وفق النظام‬ ‫األغلبي** وكل دائرة انتخابية ممثلة بمقعدين‪ ،‬وذلك تفادي ًا‬ ‫لالنشقاقات التى قام هبا عدد من أعضاء احلزب ىف انتخابات‬ ‫‪ 2000‬و‪ 2005‬ومتكنوا من النجاح كمستقلني‪ ،‬كام سبقت‬ ‫اإلشارة‪ ،‬ويؤكد ذلك أن التنافس ىف تلك االنتخابات بني‬ ‫عائالت أكثر منه بني أحزاب‪.‬‬ ‫وقد أسهم شكل النظام االنتخابى ىف استمرار العائلة داخل‬ ‫السلطة الترشيعية‪ ،‬كام تكشف الدعاية االنتخابية للمرشحني‬ ‫ىف االنتخابات عن مدى التنافس العائىل‪ /‬القبىل عىل مقعد‬ ‫الربملان‪ ،‬ويمكن توضيح ذلك عىل النحو التايل‪:‬‬ ‫أ‪ -‬النظام االنتخابى ودعم العائلة‪:‬‬

‫تلعب األنظمة االنتخابية دور ًا ىف دعم “العائلة” للوصول‬ ‫إىل الربملان‪ ،‬فإذا كانت هناك نظم انتخابية تعمل عىل تشجيع‬ ‫قيام األحزاب السياسية وتوفر هلا حمفزات وتسهم ىف توسيع‬ ‫قاعدهتا الشعبية‪ ،‬فعىل العكس من ذلك‪ ،‬فإن هناك نظماً‬ ‫انتخابية تعمل عىل حرص األحزاب السياسية ىف أطر ضيقة‬ ‫ضمن نطاق القبيلة والعائلة وصلة القرابة‪.‬‬

‫فقد أسهم األخذ بالنظام األغلبى – الرتشح بطريقة فردية –‬ ‫خالل العقود املاضية ىف االنتخابات الترشيعية عىل استمرار‬ ‫العائلة داخل الربملان‪ ،‬وبام أن األحزاب تعرب عن مصالح‬ ‫حذرا من إدخال أية تعديالت‬ ‫أعضائها فكان احلزب احلاكم ً‬ ‫ترض بمصالح أعضائه‪ ،‬أو متكن أحزاب ًا أخرى منافسة من‬ ‫دخول معرتك السياسة‪ ،‬فعادة ما كانت تتجنب تغيري النظام‬ ‫االنتخابى‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬أسهم النظام االنتخابى ىف‬ ‫تقوية العالقة بني املرشح – عضو الربملان فيام بعد – وبني‬

‫‪12‬‬

‫** النظام األغلبى يتضمن ‪ 5‬أشكال منها‪ ،‬نظام الفائز األول‪ ،‬ونظام‬ ‫اجلولتني‪ ،‬ونظام الصوت البديل‪ ،‬ونظام الكتلة‪ ،‬ونظام الكتلة احلزبية‪.‬‬ ‫ومرص حالي ًا تعتمد عىل نظام اجلولتني وفق قانون االنتخابات الصادر ىف‬ ‫‪ 5‬يونيو ‪.2014‬‬

‫ناخبيه من أبناء الدائرة وكان من شأن ذلك استمرار الوالء‬ ‫العائىل أو القبىل‪.‬‬ ‫ويؤكد مدى تأثري شكل النظام االنتخابى عىل تراجع نفوذ‬ ‫العائلة ونجاحها ىف االنتخابات‪ ،‬أنه عندما تم األخذ بالنظام‬ ‫النسبى ىف االنتخابات الترشيعية لعام ‪ ،1984‬وكذلك األخذ‬ ‫بالنظام املختلط ىف انتخابات ‪ ،1987‬تراجع متثيل عدد من‬ ‫العائالت التى ظلت حمتفظة بمقعدها داخل الربملان‪.‬‬

‫وبرز تأثري غياب النظام األغلبى مرة أخرى وبشكل كبري عىل‬ ‫متثيل العائلة داخل الربملان ‪ -‬حتى وإن كانت هناك عوامل‬ ‫أخرى قد أسهمت ىف تراجع متثيلها ‪ -‬عندما تم األخذ‬ ‫بالنظام املختلط ىف االنتخابات األخرية التى أجريت ىف‬ ‫‪ ،2012/2011‬حيث أثر ذلك عىل متثيل العائلة لصالح‬ ‫القوى التقليدية األخرى من التيارات الدينية*** وهو ما‬ ‫حرصت عليه مجاعة اإلخوان املسلمني مستغلة وحدهتا عىل‬ ‫الساحة السياسية ولإلطاحة هبذه القوى‪ ،‬وإن كان بعض من‬ ‫املنتمني للقوى التقليدية ( العائلة) متكن من الوصول جلولة‬ ‫اإلعادة أمام مرشحى التيار اإلسالمى‪ ،‬ومتكن آخرون من‬ ‫النجاح عىل قوائم األحزاب املدنية األخرى‪.‬‬

‫فعادة ما يؤثر تغيري شكل النظام االنتخابى عىل مصالح‬ ‫“العائلة”‪ ،‬فاألخذ بالنظام االنتخابى النسبى حيث اتساع‬ ‫الدائرة االنتخابية من شأنه أن يؤدى إىل انحسار دور العائلة‬ ‫وضعف احتاملية متثيلها داخل الربملان‪ ،‬وذلك بخالف‬ ‫الدوائر الضيقة التى متكنها من حشد أفراد العائلة وأنصارها‪.‬‬ ‫ب‪ -‬العائلة والدعاية االنتخابية‪:‬‬

‫باستثناء االنتخابات الترشيعية لعام ‪ 2012 /2011‬التى‬ ‫اتسمت باالستقطاب الدينى والسياسى وتصاعد أزمة‬ ‫اهلوية‪ ،‬تعد عائلة املرشح وخيوط اتصاله بأصهاره وأنسابه‬ ‫من العائالت األخرى هى املحدد األكثر تأثري ًا لصاحله ىف‬ ‫االنتخابات الترشيعية‪ ،‬يؤكد ذلك أن الدعاية واحلمالت‬ ‫االنتخابية ىف األقاليم ترتكز عىل العصبية والوالء القبىل‬ ‫أكثر منها عىل برامج وسياسات حزبية‪ ،‬ويمكن تفسري‬ ‫ذلك بالشعارات التقليدية عند مساندة مرشح ىف األرياف‪،‬‬ ‫حيث تظهر شعارات “ابن البلد” و“ابن العائلة” وإن كانت‬ ‫هذه الشعارت تعرب عن العصبية ىف مضموهنا‪ ،‬إال أن ترديد‬ ‫شعارات مثل “الربملان الربملان هو بتاعنا من زمان” يكشف‬ ‫عن مدى امتداد وسيطرة سلسلة من أبناء العائلة الواحدة‬ ‫داخل الربملان‪ .‬وهذا مل يقترص عىل مرشحى احلزب الوطنى‬

‫*** عىل الرغم من انتامء عدد من أبناء العائالت ذات النفوذ السياسى‬ ‫جلامعة اإلخوان املسلمني إال أن مجاعة اإلخوان تعتمد عىل شعارات دينية‬ ‫ىف االنتخابات أكثر من اعتامدها عىل التصويت العائىل‪ ،‬ولذلك تعد من‬ ‫القوى التقليدية التى تعتمد عىل الدين أكثر من العائلة‪.‬‬


‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫خالل العقود املاضية‪ ،‬فكذلك مرشحو األحزاب األخرى‬ ‫ىف األرياف أيض ًا ال يعتمدون عىل برامج أحزاهبم ىف الدعاية‬ ‫االنتخابية‪ ،‬بل كانت العصبية والقبلية هى حمور الدعاية هلم‪.‬‬

‫أضف إىل ذلك‪ ،‬أن جيل الشباب من العائلة متكن من مزج‬ ‫احلداثة بالتقليدية ىف الدعاية االنتخابية‪ ،‬وعمل عىل تطويع‬ ‫شبكات التواصل االجتامعى لدعم مرشح “العائلة”‪ .‬ومن‬ ‫خالل متابعة عدد من صفحات “فيس بوك” لبعض من‬ ‫املرشحني وجد أهنا حتمل اسم املرشح وعائلته‪ ،‬حيث يشري‬ ‫مضمون الدعاية عن املرياث العائىل داخل السلطة الترشيعية‬ ‫ملا حتمله من “صور” ألقارب املرشح داخل جملس النواب‬ ‫أو جملس الشيوخ ىف مرحلة التعددية ‪ ،1952 - 1923‬أو‬ ‫جملس األمة ىف فرتة ما بعد يوليو ‪ ،1952‬أو جملس الشعب‬ ‫والشورى ىف فرتة ما بعد ‪ .1971‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬توجد‬ ‫صفحات عىل مواقع التواصل االجتامعى حتمل أسامء‬ ‫عائالت تدعم مرشحا ينتمى لعائلة أخرى‪ .‬فأصبحت‬ ‫وسائل التواصل االجتامعى التى تعرب عن احلداثة أداة‬ ‫للتسويق السياسى للعائلة‪.‬‬ ‫ثالث ًا‪ :‬العائلة وانتخابات ‪: 2015‬‬ ‫عىل الرغم ما تشهده الساحة السياسية املرصية من حراك‬ ‫ملحوظ لكثري من األحزاب والقوى السياسية استعداد ًا‬ ‫لالنتخابات الربملانية القادمة‪ ،‬إال أن التحركات احلزبية‬ ‫ىف املحافظات تكشف عن حماوالهتا جلذب “العائالت”‬ ‫وترشيح رموزها عىل قوائمها وليس هبدف ترشيح كوادرها‬ ‫التنظيمية أو الربملانية‪ ،‬ويؤكد ذلك عىل أمهية العائلة ىف‬ ‫االنتخابات النيابية القادمة‪.‬‬ ‫و ُيرجح استمرار نفوذ العائلة ىف االنتخابات القادمة فشل‬ ‫التحالفات بني األحزاب‪ ،‬فبعد مرور نحو نصف عام عىل‬ ‫إعالن عدد من التحالفات بني األحزاب املرصية إال أن‬ ‫تلك األحزاب مل تتمكن من تأسيس حتالف انتخابى يقوم‬ ‫عىل أساس براجمى‪ ،‬ويرجع ذلك إىل الضعف املؤسسى‬

‫والتنظيمى لألحزاب‪ ،‬وغياب الظهري االجتامعى هلا‬ ‫وعدم متثيلها ملصالح اجتامعية معينة‪ ،‬وضعف االنسجام‬ ‫واالتساق بني قياداهتا‪ ،‬واتساع اخلالفات والتناقضات‬ ‫الداخلية بينها‪ ،‬وغياب الثقة املتبادلة بينها‪ ،‬واستمرار‬ ‫حالة االستقطاب‪ ،‬وتراجع مستويات التحفيز‪ ،‬فض ً‬ ‫ال‬ ‫عن غياب وثيقة مكتوبة يحُ دد فيها أطراف التحالف‬ ‫والتكاليف املحددة لكل حزب‪.‬‬

‫ويؤكد استمرار فشل تشكيل حتالف بني عدد من األحزاب‪،‬‬ ‫ضعف نتائج الدعوة األخرية التى وجهها حزب الوفد‬ ‫لرؤساء األحزاب من أجل تشكيل قائمة موحدة استجابة‬ ‫لدعوة الرئيس السيسى حول وحدة الصف وإهناء حالة‬ ‫الترشذم بني األحزاب والقوى السياسية‪ ،‬وذلك خالل لقائه‬ ‫برؤساء األحزاب ىف ‪ 12‬يناير ‪ .2015‬وإن كان قد دعم من‬ ‫ذلك أيض ًا أن األغلبية التى تتضمنها القوائم االنتخابية األربع‬ ‫هى متثيل للفئات النوعية‪ ،‬مما جيعل متثيل النخب الربملانية من‬ ‫العائالت ضعي ًفا ومن ثم ال حترص عىل خوض االنتخابات‬ ‫من خالل تلك القائمة‪.‬‬ ‫وعىل جانب آخر‪ ،‬يمثل شكل النظام االنتخابى املعمول‬ ‫به ىف االنتخابات القادمة دعماً “للعائلة”‪ ،‬حيث إن أغلبية‬ ‫املقاعد من نصيب الرتشح بالطريقة الفردية‪ ،‬فوفق ًا لقانون‬ ‫تقسيم الدوائر الصادر ىف ديسمرب ‪ ،2014‬والذى قسم‬ ‫اجلمهورية إىل ‪ 232‬دائرة للفردى و‪ 4‬دوائر للقائمة‪ ،‬يالحظ‬ ‫أن عدد دوائر الفردى قد زاد بعدد عرش دوائر بخالف‬ ‫االنتخابات السابقة‪ ،‬عىل نحو يمكن مرشحى العائالت‬ ‫الربملانية التقليدية من حشد أنصارهم ومؤيدهيم لصاحلهم‬ ‫ىف االنتخابات‪ ،‬ويدعم من ذلك أن ‪ 35‬دائرة من الدوائر‬ ‫الفردية قد بلغ عدد مقاعدها ثالثة وهو ما ال يشكل عبئ ًا عىل‬ ‫تلك القوى بل يتيح هلا التنسيق مع القوى األخرى‪ ،‬فض ً‬ ‫ال‬ ‫عن ‪ 118‬دائرة احتفظت كام هى بمقعدين‪ ،‬إال أن ‪ 79‬دائرة‬ ‫منها لصالح مقعد واحد مما جيعل هناك منافسة شديدة بني‬ ‫العائالت الربملانية التقليدية عىل هذه املقاعد‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫برملان ‪ :٢٠١٥‬نحو تطور إيجابى‬ ‫فى التمثيل السياسى للمرأة‬ ‫د‪ .‬أمانى الطويل‬ ‫رئيس وح��دة ال��ع�لاق��ات ال��دول��ي��ة مبركز‬ ‫األهرام للدراسات السياسية واإلستراتيجية‬

‫يبدو أن برملان ‪ ٢٠١٥‬سوف يشهد تطورا مهام عىل صعيد‬ ‫حيازة النساء املرصيات عىل املقاعد الربملانية‪ ،‬حيث يضمن هلا‬ ‫قانون مبارشة احلقوق السياسية‪ ،‬رقم ‪٤٦‬لعام ‪ ٢٠١٤‬مقاعد‬ ‫تقدر ىف حدها األدنى بعدد ‪ ٥٦‬مقعدا‪ ،‬من جمموع ‪ ٥٦٧‬مقعدا‪،‬‬ ‫وذلك بموجب نظام القوائم القومية املغلقة واملطلقة‪ ،‬والذى‬ ‫حاز عىل كثري من اجلدل السيايس‪ ،‬ورفضته معظم املنظامت‬ ‫النسوية والقوى السياسية‪ ،‬ورغم كل ذلك ففى تقديرنا‪ ،‬أنه‬ ‫يشكل تطورا ىف السياسات العامة‪ ،‬فيام يتعلق بالتمثيل السياسى‬ ‫للمرأة‪ ،‬حيث أجرب األحزاب السياسية املرصية أن تسعى إىل‬ ‫النساء ىف جتربة هى األوىل من نوعها ىف مرص منذ ‪ ،١٩٥٦‬عام‬ ‫حصول املرصيات عىل حقهن ىف الرتشح واالنتخاب‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫وقد ساهم ىف تطوير السياسات العامة إزاء النساء عدد من‬ ‫املتغريات منها‪ ،‬أن الكتلة التصويتية النسوية أصبحت كتلة‬ ‫ضخمة‪ ،‬وصلت إىل ‪ 24‬مليون صوت‪ ،‬وذلك كنتيجة مبارشة‬ ‫للسباق االنتخايب‪ ،‬الذى تقاسمه احلزب الوطنى ومجاعة‬ ‫اإلخوان املسلمني‪ ،‬خالل العقدين األخريين‪ ،‬وحشدا فيه‬ ‫النساء ضد بعضهـن البعض‪ ،‬عرب استصدار البطاقات‬ ‫االنتخابية كل لفريقه‪ .‬كام لعبت هذه الكتلة دورا أساسيا ىف‬ ‫إسقاط حكم اإلخوان املسلمني‪ ،‬ىف إطار التهديدات املبارشة‬ ‫التى شكلها دستور ‪ ،2012‬عىل احلقوق املدنية للمرصيات‬ ‫وحرياهتن الشخصية‪ ،‬حيث كانت املادة العارشة منه‪ ،‬قد‬ ‫ركزت عىل الدور اإلنجابى للمرأة بوزن أعىل من دور املرأة‬ ‫ىف املجال العام‪ .‬ومل تكن اإلشارة ىف ديباجة هذا الدستور‬ ‫إىل أن النساء شقائق الرجال‪ ،‬كافية لضامن حقوق قانونية‬ ‫متساوية للجنسني‪ .‬كام أن عدم حتديد سن الطفولة يمكن‬ ‫أن يسهم ىف ترشيع قوانني ختفض سن الزواج‪ ،‬بام كان يعد‬ ‫عائقا أمام املرأة ىف احلصول عىل التعليم املناسب‪ ،‬واملؤهل‬ ‫للتقدم املهنى والعمل السياسى‪ .‬وىف األخري‪ ،‬فإن عدم النص‬ ‫عىل كفالة الدولة بأكملها وليس األحزاب فقط– كام ورد ىف‬ ‫الدستور ‪ -‬عدم التمييز ضد املرأة بسبب اجلنس‪ ،‬كان يعد‬ ‫تراجعا عن كل الدساتري املرصية السابقة‪ ،‬وهو أمر ينتج‬ ‫خلال ىف املراكز القانونية بني الرجال والنساء‪ ،‬ويتيح نصوصا‬ ‫ترشيعية وممارسات فعلية متييزية ضد املرأة‪ .‬وقد ساهم ىف‬

‫فاعلية الكتلة التصويتية للمرأة املرصية أيضا‪ ،‬تطور وعيها‬ ‫السياسى سواء بسبب االحتقانات السياسية واالجتامعية فيام‬ ‫قبل ثورة يناير ‪ 2011‬أو كآثار مبارشة هلا‪.‬‬ ‫أوال ‪:‬التمثيل السياسى للمرأة بني اخلربات واملستجدات‬

‫يمكن القول أن سياسات التمييز اإلجيابى التى تم تطبيقها‬ ‫ىف مرص مل تضمن احلد األدنى املطلوب عامليا(‪ ٪20‬عىل‬ ‫األقل)‪ ،‬حيث مل يتجاوز حجم التمثيل حاجز الـ ‪ 12%‬خالل‬ ‫الستني عاما املاضية‪ ،‬كام أن التمثيل السياسى للنساء ( الكوتا)‬ ‫مل يتجاوز ‪ % 2‬دون سياسات التمييز اإلجيايب‪.‬‬

‫وقد بدأ تطبيق نظام كوتا التمثيل السياسى املبارش‪،‬‬ ‫واملعروفة باسم الكوتا القانونية ألول مرة عام ‪ ،١٩٧٩‬حيث‬ ‫تم تعديل قانون االنتخابات رقم ‪ 22‬لعام ‪١٩٧٢‬بالقانون‬ ‫مقعدا‬ ‫رقم ‪ ٣٨‬لعام ‪ ،١٩٧٩‬والذى سمح بتخصيص ثالثني ً‬ ‫للنساء كحد أدنى‪ ،‬وبواقع مقعد عىل األقل لكل حمافظة‪ ،‬ومل‬ ‫يسمح للرجال بالتنافس عىل تلك املقاعد‪ ،‬بينام سمح للنساء‬ ‫بمنافسة الرجال عىل باقى املقاعد‪ ،‬ولكن تم إلغاء هذا القانون‬ ‫عام ‪ ١٩٨٩‬بعد أن تم تطبيقه ىف دورتى ‪ ١٩٧٩‬و‪ .١٩٨٤‬وىف‬ ‫حماولة أخري‪ ،‬تم إقرار الكوتا القانونية عام ‪ ،٢٠١٠‬وبضغط‬ ‫مبارش من السيدة األوىل وقتذاك سوزان مبارك‪ ،‬وهى الكوتا‬ ‫التى تسببت ىف زيادة عدد مقاعد الربملان إىل ‪ ٦٥‬مقعدا‪.‬‬

‫أما بعد ثورة يناير‪ ،2011‬فقد أعلن املجلس العسكرى‬ ‫عن صدور قانون تكوين وتشكيل األحزاب اجلديد‪ ،‬رقم ‪2‬‬ ‫لسنة ‪ ،2011‬ومن أهم االشرتاطات التى تضمنها القانون‬ ‫فيام خيص املرأة‪ ،‬عدم قيام احلزب ىف مبادئه أو براجمه أو ىف‬ ‫مبارشة نشاطه أو ىف اختيار قياداته وأعضائه‪ ،‬بالتمييز عىل‬ ‫أساس دينى أو طبقى أو طائفى أو فئوى أو جغراىف أو بسبب‬ ‫اجلنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة‪.‬‬ ‫وقد ألزم القانون األحزاب برتشيح امرأة واحدة عىل‬ ‫القوائم احلزبية‪ ،‬دون أن حيدد هلا موقعا ىف القائمة‪ ،‬والتزمت‬ ‫األحزاب بتطبيق هذا القانون‪ ،‬ولكنها وضعت املرأة ىف ذيل‬ ‫القوائم االنتخابية‪ ،‬وبالتاىل مل يزد التمثيل النسائى ىف برملان‬ ‫‪ ،2011‬عن ‪ % 1.8‬من حجم مقاعد الربملان‪.‬‬


‫ثانيا‪ :‬قانون مبارشة احلقوق السياسية لعام ‪:٢٠١٤‬‬

‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫مل تؤد كوتا التمثيل املبارش إىل خلق وتوليد كوادر سياسية‬ ‫نسائية‪ ،‬قادرة عىل العمل العام وحيازة املقاعد الربملانية‪،‬‬ ‫حيث غالبا ماخيتفى عضوات الربملان من الكوتا القانونية من‬ ‫املجال العام بكل جماالته‪ ،‬ويعجزن عن االستمرار ىف ممارسة‬ ‫أى دور له طابع املشاركة السياسية بأى من مستوياهتا املتعددة‪.‬‬ ‫وطبقا هلذه اخلربة السلبية تم إقرار كوتا الرتشح احلزبية‪ ،‬التى‬ ‫أقرها قانون االنتخابات األخري‪ ،‬وهى خالصة دراسات متت‬ ‫ىف برنامج املرأة بمركز األهرام‪ ،‬متطلعة إىل حتقيق عدد من‬ ‫املستهدفات‪ ،‬منها وضع مسئولية تربية الكوادر السياسية‬ ‫عىل األحزاب السياسية‪ ،‬وهى املعمل الطبيعى هلذا النوع من‬ ‫املهام‪ ،‬و تنشيط ودعم قدرات عضوية األحزاب من النساء‪،‬‬ ‫بام يعزز ىف األخري قدرهتن عىل خوض السباق االنتخايب‪،‬‬ ‫طبقا لرشوط االستحقاق واجلدارة‪.‬‬

‫وقد أصدر رئيس اجلمهورية‪ ،‬القرار رقم ‪ 126‬لسنة‬ ‫‪ ،2014‬بتكوين جلنة خرباء قانونيني‪ ،‬إلعداد مرشوعى‬ ‫قرارين بتعديل بعض أحكام كل من القانون رقم ‪ 73‬لسنة‬ ‫‪ 1956‬اخلاص بتنظيم مبارشة احلقوق السياسية‪ ،‬والقانون‬ ‫رقم ‪ 38‬لسنة ‪ 1972‬ىف شأن جملس الشعب‪ ،‬بام يتوافق‬ ‫مع دستور ‪ ،٢٠١٤‬حيث أشار القرار إىل أنه عىل اللجنة‬ ‫أن تنتهى من أعامهلا خالل مخسة عرش يوم ًا‪ ،‬وأن تعرض ما‬ ‫انتهت إليه‪ ،‬عىل القوى السياسية والشعبية إلبداء املالحظات‬ ‫عىل التعديالت خالل مدة مخسة عرش يوم ًا‪ .‬وعىل الرغم من‬ ‫ذلك‪ ،‬فلم تقدم اللجنة دعوات ىف وقت مناسب للمنظامت أو‬ ‫األحزاب السياسية‪ ،‬لسامع مقرتحاهتا بشأن النظام االنتخابى‬ ‫األمثل‪ ،‬لتمكني النساء من املشاركة احلقيقية والفعالة ىف‬ ‫انتخابات جملس النواب‪ .‬وقد دفع ذلك املوقف‪ ،‬بعض‬ ‫املنظامت النسائية واألحزاب السياسية‪ ،‬إىل إصدار بيان ضد‬ ‫اللجنة‪ ،‬وأدان املوقعون عدم مراعاة القرار اجلمهوري‪ ،‬متثيل‬ ‫النساء داخلها‪ ،‬حيث مل تتضمن عضوية اللجنة سيدة واحدة‬ ‫ىف هذا التشكيل‪ ،‬الذى كان مطلبا واضحا من املنظامت‬ ‫واملجموعات املعنيه‪ ،‬مشريا إىل رضورة أن يكون هناك نساء‬ ‫بني املرشعني الذين يقومون بتعديل القانونني‪ ،‬اللذين من‬ ‫شأهنام حتقيق مطالب النساء‪ ،‬بالتمثيل العادل هلن ىف املجالس‬ ‫املنتخبة‪ ،‬ويضمن حتقيق مطالب كافة فئات املجتمع املرصي‪.‬‬ ‫وقد قامت اللجنة املعنية‪ ،‬بتقديم مسودة أوىل لقانون‬ ‫مبارشة احلقوق السياسية بشأن متثيل النساء عىل القوائم‬ ‫القومية‪ ،‬بحيث التزيد عىل ‪ ٢٤‬مقعدا‪ ،‬ونتيجة الضغوط التى‬ ‫مارسها املجلس القومى للمرأة جاءت صيغة القانون‪ ،‬لتعطى‬ ‫للمرأة ‪ ٥٦‬مقعدا و‪ ٪٥٠‬من حجم تعيينات رئيس اجلمهورية‬ ‫لتصل إىل ‪ ٧٠‬مقعدا‪ ،‬يضاف إليها املقاعد الفردية‪.‬‬

‫الشاهد أن هذه النتائج مل ترض قطاعا واسعا من املنظامت‬ ‫والنخب النسوية‪ ،‬التى سبق أن قدمت اقرتاحات بأنه أيا ما‬ ‫كان النظام االنتخايب‪ ،‬فإنه البد أن يدعم املشاركة السياسية‬ ‫للمرأة‪ ،‬بام ال يقل عن الثلث‪ ،‬سواء الفردي‪ ،‬أو القائمة‪ ،‬أو‬ ‫النظام املختلط‪ ،‬مشريين إىل رضورة النص ىف النظام الفردي‪،‬‬ ‫عىل ختصيص مقاعد للمرأة عىل مستوى كل دائرة انتخابية‪،‬‬ ‫بمعنى أن يتم متثيل الدائرة االنتخابية‪ ،‬بثالثة أعضاء‪ ،‬اثنني‬ ‫من الرجال‪ ،‬وامرأة واحدة‪ ،‬وبطريقة تضمن أن تكون الدوائر‬ ‫االنتخابية‪ ،‬متالئمة ومتناسبة ىف حدودها اجلغرافية والبيئة‬ ‫االنتخابية‪ ،‬وأن يتبع عند رسم حدود الدوائر االنتخابية‬ ‫التقسيم اإلدارى للمحافظة‪.‬‬ ‫كام اعرتضت هذه املنظامت عىل أن القانون قد أقر ىف املادة‬ ‫الرابعة منه‪ ،‬أربع دوائر لنظام القائمة‪ ،‬دون مراعاة الكثافة‬ ‫العددية طبق ًا للنوع االجتامعى مما يمثل ظلماً للنساء‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬انتخابات ‪ ٢٠١٥‬و مسارات التفاعل ‪:‬‬

‫‪ -١‬دور املنظامت النسوية ىف االنتخابات‪:‬‬

‫تواجه املرشحات ملجلس النواب االستحقاق االنتخايب‬ ‫عىل مسارين‪ ،‬مها املقاعد الفردية والقوائم القومية‪ ،‬فعىل‬ ‫املستوى األول تبدو فرص النساء حمدودة‪ ،‬نظرا لطبيعة‬ ‫البيئة االجتامعية التى تسيطر عليها ثقافة ذكورية من ناحية‪،‬‬ ‫واالحتياجات املالية الضخمة لتمويل احلمالت االنتخابية‬ ‫الفردية‪ ،‬وربام تكون هذه املعطيات وراء إعالن ‪ ٤٤‬سيدة‬ ‫فقط‪ ،‬خوضهن االنتخابات عىل املقاعد الفردية‪ ،‬من جمموع‬ ‫‪ ٤٢٠‬مقعدا‪ ،‬خمصصا للنظام الفردي‪ ،‬بينام جذبت القوائم‬ ‫القومية اهتامم معظم الراغبات ىف خوض السباق االنتخايب‪،‬‬ ‫وهى القوائم التى ختصص ‪ ٪٥٠‬من مقاعدها للنساء‪.‬‬ ‫‪ -‬نساء من أجل النساء ‪:‬‬

‫نشطت املنظامت النسوية املرصية عىل تنوعاهتا‪ ،‬ىف بحث‬ ‫سبل دعم التمثيل السياسى للمرأة املرصية ىف برملان ‪،٢٠١٥‬‬ ‫وظهر عدد من املبادرات هبذا الشأن‪ ،‬والتى تبلورت ىف‬ ‫اجتامعات مكثفة هلذه املنظامت‪ ،‬لبلورة خطة عمل‪ ،‬ودفع‬ ‫العديد من الشخصيات املؤهالت خلوض االنتخابات‪ .‬وىف‬ ‫هذا السياق قام كل من املجلس القومى للمرأة‪ ،‬واملنظامت‬ ‫النسائية بخطوتني‪ :‬األويل‪ ،‬التوسع ىف عمليات تدريب‬ ‫الراغبات ىف الرتشح للربملان‪ ،‬عىل اخلربات املطلوبة خلوض‬ ‫العملية االنتخابية‪ ،‬حيث كان النصيب األكرب ىف هذه العملية‬ ‫للمجلس القومى للمرأة‪ ،‬نظرا المتالكه مقرات مناسبة ىف‬ ‫العديد من املحافظات املرصية‪.‬‬

‫أما اخلطوة الثانية‪ ،‬فهى تقديم كشوف بأسامء مقرتحة‬ ‫لشخصيات نسائية قادرة عىل خوض السباق الرئاسى‬

‫‪15‬‬


‫لألحزاب السياسية‪ ،‬وذلك طبقا لعدد من املعايري‪ ،‬منها‬ ‫املشاركة ىف جلنة اخلمسني كعضوة رسمية خمتارة‪ ،‬أو ناشطة‬ ‫ىف جلان االستامع‪ ،‬التى قدمت مقرتحات بشأن املواد‬ ‫الدستورية‪ ،‬كام تضمنت هذه املعايري احلضور اإلعالمى‬ ‫لبعض الشخصيات‪ ،‬فضال عن املؤهالت العلمية‪ ،‬واخلربات‬ ‫السياسية العامة‪ ،‬كام تعهدت بعض املنظامت بتقديم دعم‬ ‫ماىل ملرشحات بعينهن‪ ،‬طبقا ملعايري وضعتها هذه املنظامت‪،‬‬ ‫وأجرت عىل أساسها مقابالت شخصية‪.‬‬ ‫‪ -٢‬األحزاب السياسية ‪:‬‬

‫يمكن رصد األداء احلزبى ىف عملية التمثيل السياسى‬ ‫للنساء‪ ،‬ىف اجتاهني‪ ،‬األول‪ ،‬جتاهل ترشيح النساء عىل املقاعد‬ ‫الفردية‪ ،‬إال من متلك القدرة عىل التمويل املايل‪ ،‬أو االنتامء‬ ‫العائيل‪ ،‬أو كال الرشطني معا‪ ،‬وفيام يتعلق بالقائمة القومية‪،‬‬ ‫فقد جتاهلتها األحزاب بشكل كبري‪ ،‬وتركتها للتحالفات‬ ‫االنتخابية املوسعة واملشرتكة‪ ،‬بني العديد من الفواعل‬ ‫السياسية كشخصيات عامة‪ ،‬كان هلا مناصب تنفيذية ىف‬ ‫الدولة‪ ،‬أو رموز سياسية هلا نشاط سابق والحق لثورة يناير ىف‬ ‫إطار اجلبهة املرصية للتغيري‪ ،‬وقد ساهم هذا التجاهل للنساء‬ ‫ىف دفع املجلس القومى للمرأة‪ ،‬إلصدار بيان يوضح ورود‬ ‫شكاوى للمجلس من سيدات حزبيات‪ ،‬مفادها أنه ال يوجد‬ ‫أى دعم هلن من خالل األحزاب املنتميات هلا‪ ،‬وأن بعض‬ ‫القيادات العليا باألحزاب السياسية تتجاهل الكوادر النسائية‬ ‫املوجودة لدى احلزب‪ ،‬مما يصعب عىل السيدات الراغبات ىف‬ ‫الرتشح احلصول عىل دعم هذه األحزاب‪.‬‬

‫كام نشطت املنظامت النسائية أيضا ىف دحض مزاعم بعض‬ ‫األحزاب السياسية‪ ،‬بعدم وجود كوادر نسائية قادرة عىل‬ ‫خوض االنتخابات‪ ،‬مشرية إىل غياب النساء عن تشكيل‬ ‫التحالفات االنتخابية املختلفة‪ ،‬ىف ظل االستعداد النتخابات‬ ‫جملس النواب القادم‪ ،‬ومفاوضات األحزاب املدنية املختلفة‬ ‫ىف تشكيل هذه التحالفات خاصة ىف مسألة القوائم‪ ،‬حيث مل‬ ‫تفسح هذه التحالفات جما ً‬ ‫ال للنقاش مع املنظامت واملجموعات‬ ‫النسوية املعنية باملشاركة السياسية للنساء‪ ،‬حول متثيل النساء‬

‫‪16‬‬

‫ىف هذه التحالفات‪ ،‬وحول وضعهن ىف اخلريطة االنتخابية‬ ‫سواء عىل قوائم هذه التحالفات‪ ،‬أو ىف حالة ترشحهن عىل‬ ‫مقاعد فردية‪ ،‬وذلك هبدف تفادى التعامل مع كتلة نسوية‬ ‫واحدة وذلك طبقا لرؤى املنظامت النسوية‪.‬‬

‫وطبقا للمعطيات السابقة فإن مالمح املشهد االنتخابى‬ ‫النسوي‪ ،‬تشري إىل مقاومة نسبية من جانب األحزاب‬ ‫السياسية‪ ،‬لرتشيح النساء عىل املقاعد الفردية‪ ،‬والسعى إىل‬ ‫حتقيق معادالت ثالثية ورباعية ىف املرشحة للقائمة‪ ،‬بحيث‬ ‫يمثل كل أنواع الكوتا‪ ،‬فيتم السعى مثال إىل امرأة تكون‬ ‫مسيحية‪ ،‬وشابة‪ ،‬وربام معاقة‪ ،‬وذلك بغض النظر عن‬ ‫استحقاقات الكفاءة واجلدارة السياسية‪.‬‬ ‫ومن جانب آخر‪ ،‬فإن هذا املشهد يشري إىل تصاعد وتطور‬ ‫أدوار املنظامت النسوية عىل الصعيدين الرسمى وغري‬ ‫الرسمي‪ ،‬وتنامى قدرات هذه املنظامت ىف التنسيق والتشبيك‬ ‫فيام بينها‪ ،‬وبالتاىل النجاح ىف ممارسة ضغوط عىل دوائر صنع‬ ‫القرار‪ ،‬تسفر غالبا عن نتائج مازالت حمدودة فيام يتعلق‬ ‫بتحقيق استحقاقات ورشوط املواطنة الكاملة للمرصيات‪.‬‬

‫وىف األخري‪ ،‬طبقا للمشهد االنتخابى املرصي‪ ،‬الذى‬ ‫أعلنت عنه اللجنة العليا لالنتخابات‪ ،‬فإن حجم املرشحني‬ ‫ملجلس النواب ىف عام ‪ ،2015‬قد وصل إىل ‪ 7416‬مرشحا‪،‬‬ ‫منهم ‪ 6467‬من الذكور‪ ،‬و ‪ 949‬من النساء‪ ،‬بام يعنى أن‬ ‫حجم املرشحات من إمجاىل عدد املرشحني هو ‪ ،% 12.7‬عىل‬ ‫القوائم واملقاعد الفردية‪ ،‬وطبقا هلذه املؤرشات‪ ،‬فإنه من غري‬ ‫املتوقع أن يتجاوزحجم التمثيل النسوى اإلمجاىل ىف برملان‬ ‫‪ ،2015‬بنسبة ‪.% 10‬‬ ‫وعىل ذلك فإن الطريق إىل التمثيل النسائى ىف الربملان‪ ،‬ما‬ ‫زال طويال‪ ،‬حتى تصل مرص إىل املعدالت املطلوبة عامليا لتمثيل‬ ‫سياسى عادل‪ .‬ورغم ذلك فإننا يمكن أن نشهد متغريات مهمة‬ ‫ىف انتخابات املجالس املحلية‪ ،‬والتى ينص فيها قانون مبارشة‬ ‫احلقوق السياسية احلاىل عىل نسبة ‪ 25%‬للنساء‪ ،‬وربام يكون هذا‬ ‫هو أول الطريق أمام املرصيات‪ ،‬خللق نوع من التوازن التمثيىل‬ ‫ىف املجالس املنتخبة عىل كافة أنواعها‪.‬‬


‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫نحو متثيل عادل لألقباط‬ ‫فى احلياة السياسية فى برملان ‪2015‬‬ ‫نوران شريف‬ ‫باحثة فى العلوم السياسية‬

‫لقد مثلت ثورة اخلامس والعرشين من يناير عام ‪2011‬‬ ‫نقطة مفصلية ىف تاريخ املشاركة السياسية للمرصيني بصفة‬ ‫عامة واألقباط بصفة خاصة‪ ،‬حيث زادت نسب املشاركة‬ ‫السياسية ىف هذا الصدد بصورة ملحوظة‪ .‬وفيام يىل‪،‬‬ ‫نستعرض بصورة خمترصة تطور وضع األقباط خالل الفرتة‬ ‫من ‪ 25‬يناير ‪ 2011‬حتى ‪ 30‬يونيو ‪ ،2013‬يىل ذلك عرض‬ ‫لتمثيل األقباط ىف الربملانات السابقة‪ ،‬وأخري ًا‪ ،‬متثيل األقباط‬ ‫املحتمل ىف برملان ‪.2015‬‬ ‫ تطور وضع األقباط من ‪ 25‬يناير ‪:2011‬‬‫مثلت تفجريات كنيسة القديسني ىف اإلسكندرية مطلع‬ ‫عام ‪ ،2011‬نقطة حتول هامة ىف تاريخ العالقة بني األقباط‬ ‫والدولة‪ .‬حيث ترتب عليها نزول األقباط إىل الشارع ألول‬ ‫مرة منذ عقود طويلة كوسيلة للمطالبة بحقهم ىف معرفة‬ ‫اجلانى والقصاص منه‪ .‬ومع تعاىل األصوات املنادية باملشاركة‬ ‫ىف تظاهرات ‪ 25‬يناير ‪ 2011‬ىف األوساط املسيحية‪ ،‬كان‬ ‫رد الفعل الفورى من جانب الكنائس املرصية الثالث (‬ ‫األرثوذوكسية والكاثوليكية واإلنجيلية) هو رفض تلك‬ ‫الدعوات‪ .‬ذلك املوقف الذى تغري فيام بعد بعدما اتضح‬ ‫عجز نظام مبارك وعدم قدرته عىل الصمود وقرب زواله‪.‬‬ ‫يضاف إىل ذلك انضامم أعداد كبرية من الشباب القبطى‬ ‫لتلك التظاهرات التى رفعت شعارات «العيش واحلرية‬ ‫والعدالة االجتامعية»‪ .‬وقد عكست األيام األوىل من الثورة‬ ‫املرصية حالة فريدة‪ ،‬حيث كان يصعب التفرقة ما بني املسلم‬ ‫واملسيحى‪ ،‬وكان هناك هدف واحد حيرك كافة املتظاهرين‪.‬‬ ‫األمر الذى جعل من ميدان التحرير يبدو كمدينة فاضلة‬ ‫تسودها قيم احلق واخلري والتسامح‪.‬‬ ‫ومع بداية انخراط الشباب القبطى ىف املشاركة السياسية‬ ‫ىف أعقاب ‪ 25‬يناير ‪ ،2011‬ظهرت جمموعة من احلركات‬ ‫االحتجاجية القبطية عرب الشبكات االجتامعية املختلفة‬ ‫وعىل رأسها الفيسبوك‪ .‬ومن تلك احلركات‪ :‬حركة أقباط‬ ‫بال قيود وحركة مينا دانيال وحركة أقباط أحرار وأقباط من‬ ‫أجل االنتخابات‪ .‬إال أن ذلك التقدم تأثر بجريمة ماسبريو‬ ‫ىف أكتوبر ‪ ،2011‬حيث دفعت تلك اجلريمة جمموعة من‬

‫األقباط للعزوف عن املشاركة السياسية‪ ،‬لكن عىل اجلانب‬ ‫اآلخر شجعت واقعة ماسبريو أعدا ًدا أخرى عىل مزيد من‬ ‫املشاركة‪.‬‬ ‫مع وصول الرئيس األسبق حممد مرسى للسلطة‪ ،‬تعمقت‬ ‫األزمة بني األقباط والدولة‪ .‬ووصلت قمة األزمة بأنسحاب‬ ‫ممثىل الكنائس املرصية من اجلمعية التأسيسية لصياغة‬ ‫ً‬ ‫اعرتاضا عىل املادة ‪ 219‬من دستور ‪،2012‬‬ ‫الدستور‪،‬‬ ‫واملتعلقة بتفسري مادة الرشيعة اإلسالمية‪ .‬ترتب عىل ذلك‬ ‫مترير مرشوع الدستور ىف ظل غياب ممثىل الكنيسة‪ .‬كام أن‬ ‫الرئيس األسبق مل حيرض حفل تنصيب البابا توارضوس‬ ‫الثانى‪ ،‬بابا اإلسكندرية وبطريرك الكرازة املرقسية‪ .‬وبسبب‬ ‫عدم الرضا الشعبى عن حكم الرئيس حممد مرسى الذى‬ ‫كان واضح ًا ىف أكثر من موضع‪ ،‬وجهت عدة قوى سياسية‬ ‫دعواهتا للشعب املرصى باالنتفاض ىف مواجهته‪ ،‬ودعمت‬ ‫القوات املسلحة هذه االحتجاجات‪ ،‬وكذلك الكنائس‬ ‫املرصية‪ ،‬وشجعتها منذ اللحظة األوىل‪.‬‬ ‫بالنسبة للرئيس عبد الفتاح السيسى‪ ،‬فبعد أن توىل رئاسة‬ ‫اجلمهورية ىف مطلع عام ‪ ،2014‬شعرت األوساط القبطية‬ ‫بقدر كبري من االرتياح‪ .‬كام اختذ السيسى ورئيس وزرائه‬ ‫املهندس إبراهيم حملب جمموعة من اخلطوات اهلامة التى زادت‬ ‫من شعبيته لدى األقباط‪ .‬وكان عىل رأسها؛ قيام رئيس الوزراء‬ ‫بإطالق مرشوع مسار العائلة املقدسة ىف عام ‪ ،2014‬وحضور‬ ‫الرئيس عبد الفتاح السيسى قداس عيد امليالد ىف يناير ‪2015‬‬ ‫ليكون بذلك أول رئيس مرصى حيرض القداس منذ عدة عقود‪،‬‬ ‫حيث اعتاد الرؤساء السابقون إرسال من ينوب عنهم‪.‬‬ ‫وفيام يتعلق بالربملان القادم‪ ،‬فهو ذو أمهية خاصة لألقباط‪،‬‬ ‫حيث من املنتظر أن يكفل هلم أكرب متثيل سياسى منذ عقود‪.‬‬ ‫كام ينتظر األقباط الربملان القادم إلقرار عدد من القوانني التى‬ ‫طال انتظارها‪ ،‬ومنها قانون األحوال الشخصية وقانون بناء‬ ‫الكنائس‪ .‬وكان قد تم االتفاق عىل قانون بناء الكنائس بعد‬ ‫مناقشات ما بني الطوائف املسيحية‪ ،‬كام تم تقديم مسودة‬ ‫منه للدولة ومناقشته معها لضبطه‪ ،‬ومن املتوقع أن يساهم‬ ‫صدور هذا القانون ىف إهناء جزء كبري من أسباب االحتقان‬ ‫‪17‬‬


‫الطائفى ىف مرص‪ ،‬فاملادة ‪ 235‬من فصل األحكام االنتقالية‬ ‫ىف دستور ‪ 2014‬تنص عىل أنه‪« :‬يصدر جملس النواب ىف‬ ‫أول دور انعقاد له بعد العمل هبذا الدستور قانو ًنا لتنظيم بناء‬ ‫وترميم الكنائس‪ ،‬بام يكفل حرية ممارسة املسيحيني لشعائرهم‬ ‫الدينية»‪ .‬أما بالنسبة لقانون األحوال الشخصية‪ ،‬فلم يتم‬ ‫اإلنتهاء بعد من مناقشته والتوافق عليه ما بني الطوائف‬

‫املسيحية‪ ،‬متهيد ًا ملناقشته مع الدولة‪.‬‬ ‫التمثيل السياسى لألقباط ىف الربملانات السابقة‪:‬‬ ‫من خالل مراجعة املشاركة السياسية لألقباط ىف احلياة‬ ‫السياسية يمكن مالحظة أن األقباط ىف الربملان املرصى مل يكونوا‬ ‫ممثلني بصورة كافية ىف جملس الشعب (أنظر جدول رقم ‪.)1‬‬

‫جدول ‪1 -‬‬ ‫التمثيل السياسى للمرصيني األقباط ىف الربملان (‪)2012-1924‬‬ ‫عدد نواب الربملان‬

‫عدد‪ ‬النواب األقباط‬

‫نسبة النواب األقباط‬

‫العام‬

‫‪1925‬‬

‫‪214‬‬

‫‪15‬‬

‫‪%7‬‬

‫‪1926‬‬

‫‪235‬‬

‫‪23‬‬

‫‪% 9.7‬‬

‫‪1924‬‬

‫‪1926‬‬

‫‪214‬‬

‫‪17‬‬

‫‪1931‬‬

‫‪150‬‬

‫‪4‬‬

‫‪1938‬‬

‫‪264‬‬

‫‪6‬‬

‫‪1945‬‬

‫‪264‬‬

‫‪12‬‬

‫‪1936‬‬ ‫‪1942‬‬

‫‪232‬‬

‫‪264‬‬

‫‪% 7.9‬‬ ‫‪% 2.6‬‬

‫‪20‬‬

‫‪% 8.6‬‬

‫‪27‬‬

‫‪% 10.2‬‬

‫‪% 2.2‬‬

‫‪% 4.5‬‬

‫‪1950‬‬

‫‪319‬‬

‫‪10‬‬

‫‪% 3.1‬‬

‫‪1964‬‬

‫‪360‬‬

‫(واحد منتخب و ثامنية معينون)‪9‬‬

‫‪% 2.5‬‬

‫‪1957‬‬ ‫‪1969‬‬

‫‪350‬‬ ‫‪348‬‬

‫‪1971‬‬

‫‪360‬‬

‫‪1979‬‬

‫‪360‬‬

‫‪0‬‬

‫( أثنان منتخبون و سبعة معينون)‪9‬‬

‫‪%0‬‬

‫‪% 2.5‬‬

‫(ثالثة منتخبون و تسعة معينون)‪12‬‬

‫‪% 3.3‬‬

‫)أربعة منتخبون و عرشة معينون( ‪14‬‬

‫‪% 3.8‬‬

‫‪1987‬‬

‫‪458‬‬

‫(ستة منتخبون و أربعة معينون)‪10 ‬‬

‫‪% 2.1‬‬

‫‪1995‬‬

‫‪454‬‬

‫نواب معينون‪6‬‬

‫‪% 1.3‬‬

‫‪2005‬‬

‫‪454‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪508‬‬

‫‪1976‬‬ ‫‪1984‬‬

‫‪1990‬‬ ‫‪2000‬‬

‫‪2010‬‬

‫‪18‬‬

‫‪214‬‬

‫‪16‬‬

‫‪% 7.4‬‬

‫‪370‬‬ ‫‪468‬‬ ‫‪454‬‬ ‫‪454‬‬ ‫‪518‬‬

‫ثامنية نواب معينون‬

‫(أربعة منتخبون و مخسة معينون)‪9‬‬ ‫(واحد منتخب و ستة معينون)‪7‬‬

‫‪% 2.1‬‬ ‫‪% 1.9‬‬ ‫‪% 1.5‬‬

‫)ثالثة منتخبون و ثالثة معينون( ‪6‬‬

‫‪% 1.3‬‬

‫)أربعة منتخبون و ستة معينون( ‪10‬‬

‫‪% 1.9‬‬

‫(واحد منتخب و مخسة معينون)‪6‬‬

‫)ستة منتخبون و مخسة معينون( ‪11‬‬

‫‪% 1.3‬‬ ‫‪% 2.1‬‬

‫املصدر‪ :‬أنظر ؛ نبيل لوقا بباوى‪ ،‬مشاكل األقباط ىف مرص و حلوهلا‪ ،‬دار الكتب املرصية‪ .2001 ،‬و عمرو هاشم ربيع (حمرر)‪ ،‬دليل النخبة الربملانية‬ ‫املرصية ‪ ،2012‬مركز الدراسات السياسية و االسرتاتيجية‪.2012 ،‬‬


‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫يالحظ أنه منذ األخذ بنظام التعيني‪ ،‬إزداد عدد النواب‬ ‫األقباط املعينون عىل النواب الذين يتم إنتخاهبم‪ .‬فعىل سبيل‬ ‫املثال نجد أن إمجاىل عدد النواب األقباط املنتخبني بداية من‬ ‫برملان ‪ 1964‬و حتى برملان ‪ ،2012‬وصل إىل ‪ 35‬نائب ًا قبطي ًا‪،‬‬ ‫و هو عدد يعترب ضئيل إىل حد كبري‪ .‬أما بالنسبة إلمجاىل عدد‬ ‫النواب األقباط املعينني خالل نفس الفرتة‪ ،‬فبلغ ‪ 82‬نائب ًا‪ .‬‬ ‫رفيام يتعلق بربملان ‪ ،2012‬فلقد ضم إحدى عرشنائبا قبطيا‬ ‫وهو العدد الذى إقرتب من برملان ‪ ،1978‬والذى ضم ‪10‬‬ ‫نواب أقباط‪ .‬وبصفة عامة‪ ،‬مثل برملان ‪ 2012‬حالة استثنائية‪،‬‬ ‫خيث شهدت االنتخابات الربملانية ‪ 2011‬زيادة ىف معدالت‬ ‫املشاركة السياسية سواء من ناحية الرتشح أو اإلقبال عىل‬ ‫التصويت‪ .‬ولقد كان مبدأ املواطنة هو املحزك االسايس الذى‬ ‫دفع املرصيني للمشاركة ىف تلك االنتخابات دون دوافع طائفية‪.‬‬ ‫أسباب حمدودية التمثيل السياسى القبطى ىف الربملان‪:‬‬ ‫ن��ادر ًا ما ينجح مرشح قبطى مستقل ىف االنتخابات‪،‬‬ ‫فالغالبية العظمى للنواب األقباط نجحوا بنظام القائمة‪ .‬إال‬ ‫أنه أحيان ًا ما يتمكن املرشح القبطى املستقل من الوصول إىل‬ ‫مرحلة اإلعادة‪ ،‬لكن أيض ًا قلام يكون الفوز من نصيبه‪ .‬وىف‬ ‫واقع األمر‪ ،‬هناك العديد من التفسريات التى يمكن االستناد‬ ‫عليها لتربير النسبة املنخفضة لنجاح املرشحني األقباط ىف‬ ‫الربملان‪ .‬منها أسباب أيديولوجية ونفسية متعلقة باألقباط‬ ‫ذاهتم‪ ،‬حيث الكثري منهم‪ ،‬كحال الكثري من املرصيني‪ ،‬يتسم‬ ‫بالسلبية ويميل لالنعزال عن احلياة السياسية وعدم املشاركة‬ ‫فيها‪ .‬أو ألسباب متعلقة باملجتمع املرصى ذاته‪ ،‬وإىل أى‬ ‫وتقبل اآلخر والوعى‬ ‫مدى تسوده قيم التسامح واملواطنة ُّ‬ ‫باالختالف‪ .‬فمتى سادت تلك القيم‪ ،‬زادت نسب التصويت‬ ‫للمرشحني األقباط‪ .‬وىف هذا السياق‪ ،‬نشري إىل الدور السلبى‬ ‫الذى قد يلعبه بعض أئمة املساجد‪ ،‬كالتحذير من التصويت‬ ‫للمرشح القبطى وبث األفكار املتطرفة التى حتض عىل كراهية‬ ‫اآلخر وعدم احرتامه‪ .‬‬ ‫وأخري ًا‪ ،‬هناك أسباب متعلقة بالكنيسة‪ ،‬حيث أضحت‬ ‫خالل العقود السابقة تلعب دور الوسيط ما بني األقباط‬ ‫والدولة‪ .‬فداخل أسوار الكنيسة‪ ،‬كان األقباط يتلقون معظم‬ ‫ما حيتاجونه من خدمات‪ ،‬كاخلدمات الطبية واالجتامعية‬ ‫والثقافية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬اختذ األقباط من الكنيسة وطن ًا بدي ً‬ ‫ال‪ ،‬األمر‬ ‫الذى شغل األقباط عن املشاركة السياسية ىف الدولة وتنميتها‪.‬‬ ‫يضاف إىل ذلك بعض التعاليم الكنسية التى دفعت األقباط‬ ‫لعدم اإلحتجاج عىل ما يلقونه من هتميش داخل الدولة‪.‬‬ ‫أما عن الدور السياسى الذى قد تلعبه الكنيسة القبطية‬ ‫ىف االنتخابات الربملانية ‪ ،2015‬فلقد أكد البابا توارضوس‬ ‫الثانى أن الكنيسة ال تلعب أى دور سياسى‪ ،‬وأن دورها‬ ‫يقترص عىل اجلانب الروحى فحسب‪ .‬وأشار إىل أن الكنيسة‬

‫القبطية الدخل هلا بمن يرشح نفسه بصورة فردية‪ ،‬أما بالنسبة‬ ‫للقوائم‪ ،‬فلقد رصح قداسته أن الكنيسة تلقت السري الذاتية‬ ‫ملجموعة من األقباط الراغبني ىف الرتشح‪ ،‬والكنيسة بدورها‬ ‫قد أرسلت تلك السري الذاتية للقائمني عىل القوائم‪ ،‬دون‬ ‫االنحياز ألى طرف‪.‬‬ ‫ويأتى ترصيح البابا توارضوس الثانى بأن «األوطان أبقى من‬ ‫الكنائس» تأكيدً ا عىل مبدأ املواطنة‪ ،‬وإشارة منه إىل أن الكنيسة‬ ‫لن تسعى لتوجيه األقباط سياسي ًا ىف االنتخابات القادمة‪ ،‬األمر‬ ‫الذى سوف تتضح مدى صحته ىف املدى القريب‪.‬‬ ‫األقباط و برملان ‪:2015‬‬ ‫من املنتظر أن يصل أعضاء جملس النواب املرصى القادم‬ ‫إىل حواىل ‪ 567‬عضو ًا‪ ،‬وذلك إذا عني الرئيس كل النسبة‬ ‫املرخصة له‪ ،‬فبحسب قانون جملس النواب احلاىل‪ ،‬يبلغ عدد‬ ‫األعضاء الذين يتم انتخاهبم من الدوائر الفردية ‪ 420‬عضو ًا‪.‬‬ ‫كام يصل عدد األعضاء الذين يتم انتخاهبم من خالل القوائم‬ ‫إىل ‪ 120‬عضو ًا‪ ،‬وبذلك يكون اإلمجاىل ‪ 540‬عضو ًا‪ .‬ثم‬ ‫يضاف إليهم من يعينهم الرئيس ىف حدود ‪ %5‬من هذا العدد‬ ‫املنتخب‪ ،‬أى حواىل ‪ 27‬عضو ًا‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يكون إمجاىل عدد‬ ‫األعضاء ‪ 567‬عضو ًا‪.‬‬ ‫اإلطار الترشيعى النتخابات ‪:2015‬‬ ‫يستند اإلطار الترشيعى احلاكم لالنتخابات الربملانية‬ ‫القادمة عىل جمموعة من العنارص‪ ،‬يأتى عىل رأسها الدستور‪،‬‬ ‫حيث قد نص الدستور عىل جمموعة من احلقوق األساسية‬ ‫كتمثيل الشباب واملرأة والعامل‪ .‬فنصت املادة ‪ 244‬من‬ ‫فصل األحكام االنتقالية من دستور ‪ 2014‬عىل أنه‪« :‬تعمل‬ ‫الدولة عىل متثيل الشباب واملسيحيني واألشخاص ذوى‬ ‫اإلعاقة واملرصيني املقيمني ىف اخلارج‪ ،‬متثي ً‬ ‫ال مالئام ىف أول‬ ‫جملس للنواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور‪ ،‬وذلك عىل‬ ‫النحو الذى حيدده القانون»‪ .‬كام نص الدستور عىل جمموعة‬ ‫من الواجبات كرضورة مشاركة املواطنني ىف التصويت‬ ‫عىل االستفتاء‪ ،‬وكذلك رضورة مشاركتهم ىف االنتخابات‬ ‫الربملانية والرئاسية واملحلية‪ .‬وجدير بالذكر أن هناك عد ًدا من‬ ‫االعرتاضات التى ثارت ىف مواجهة املادة (‪ )244‬من دستور‬ ‫‪ ،2014‬عىل اعتبار كوهنا مادة تكرس الفئوية والطائفية ىف‬ ‫املجتمع املرصى‪.‬‬ ‫وسوف يكون األمر املميز لألقباط ىف االنتخابات الربملانية‬ ‫القادمة‪ ،‬هو متثيلهم بمقاعد حمجوزة هلم‪ ،‬ضمن مقاعد‬ ‫القوائم االنتخابية ( التى تتضمن ‪ 120‬مقعدً ا)‪ .‬وباإلضافة‬ ‫لتمثيل األقباط‪ ،‬فسوف تكون هناك مقاعد خمصصة لفئات‬ ‫أخرى كالعامل والفالحني‪ ،‬والشباب‪ ،‬واملرصيني باخلارج‪،‬‬ ‫وأصحاب اإلعاقة‪ .‬يضاف لذلك أنه يشرتط ىف كل القوائم‬ ‫أال تقل املقاعد املحجوزة للمرأة عن ‪ 56‬مقعد ًا‪ .‬إال أنه ىف‬

‫‪19‬‬


‫نفس الوقت‪ ،‬حيق لكل من ينتمى لفئة من الفئات السابق‬ ‫ذكرها الرتشح ىف الدوائر الفردية‪ ،‬وعددها ‪ 237‬دائرة‪،‬‬ ‫عضوا‪.‬‬ ‫ويفوز عنها ‪420‬‬ ‫ً‬ ‫ومن ثم‪ ،‬تكون هناك فرصة كبرية لتواجد قبطى أكرب ىف‬ ‫الربملان القادم‪ .‬حيث من املمكن أن يرتشح املواطن القبطى‬ ‫سواء وفق ًا للنظام الفردى أو القوائم‪ ،‬كام أنه هناك إمكانية أن‬ ‫يتم تعيينه من قبل رئيس اجلمهورية‪ .‬وىف هذا السياق‪ ،‬يشري‬ ‫البابا توارضوس الثانى إىل رضورة أن يتسم املرشح القبطى‬ ‫بالكفاءة والوطنية‪ ،‬وأن يكون عىل قدر كبري من الثقافة‬ ‫والعلم‪ ،‬عىل اعتبار كونه سوف يكون جز ًءا من املنظومة‬ ‫الترشيعية للدولة املرصية‪.‬‬ ‫األقباط وقانون الدوائر االنتخابية ‪:‬‬ ‫خصص القانون رقم ‪ 202‬لسنة ‪ 2014‬واملتعلق بتقسيم‬ ‫الدوائر االنتخابية ‪ 120‬مقغدا يتم انتخاهبم من دوائر‬ ‫القوائم‪ .‬وىف إطار نظام القوائم االنتخابية‪ ،‬تم تقسيم مجهورية‬ ‫مرص العربية إىل أربع دوائر انتخابية بموجب قانون تقسيم‬ ‫الدوائر(قانون رقم ‪ 202‬لسنة ‪ .)2014‬وتم االتفاق عىل أن‬ ‫تكون اثنتان منها بواقع ‪ 45‬عضو ًا ىف كل منهام؛ دائرة قطاع‬ ‫القاهرة وجنوب ووسط الدلتا‪ ،‬ودائرة قطاع شامل ووسط‬ ‫وجنوب الصعيد‪ .‬وكذلك دائرتان تتضمنان ‪ 15‬مقعد ًا لكل‬ ‫منهام؛ دائرة رشق الدلتا‪ ،‬ودائرة غرب الدلتا‪ .‬وسوف يتم‬ ‫العمل بنظام القائمة املغلقة املطلقة‪ ،‬بمعنى أنه متى حصلت‬ ‫القائمة عىل (‪ )1+%50‬من األصوات الصحيحة تعترب فائزة‪،‬‬ ‫أما إذا مل حتصل عىل هذه النسبة‪ ،‬فتجرى اإلعادة بني القائمتني‬ ‫احلاصلتني عىل أكرب عدد من األصوات الصحيحة‪ .‬وخيتلف‬ ‫ذلك النظام عن الذى كان معمولاً به ىف انتخابات ‪-2011‬‬ ‫‪ ،2012‬والتى متت بنظام القائمة النسبية املغلقة‪ .‬ومن‬ ‫املفرتض أن تتضمن كل قائمة خمصص هلا عدد ‪ 15‬مقعد ًا‬ ‫ثالثة مرتشحني من املسيحيني‪ .‬كام يتعني أن تتضمن كل قائمة‬

‫‪20‬‬

‫خمصص هلا عدد ‪ 45‬مقعد ًا تسعة مرتشحني من املسيحيني‪،‬‬ ‫ليكون إمجاىل العدد ‪ 24‬مقعدً ا‪.‬‬ ‫مما سبق‪ ،‬يتضح أن ختصيص كوتا لفئات بعينها هى سابقة‬ ‫مل حتدث ىف أى برملان سابق‪ ،‬ويأتى األقباط عىل رأس هذه‬ ‫الفئات حيث حتدد هلم نسبة ثابتة (‪ 24‬مقعدً ا)‪ .‬وىف واقع‬ ‫ُظر إليه بطريقة إجيابية أو‬ ‫األمر‪ ،‬إن تطبيق نظام الكوتا قد ين ُ‬ ‫سلبية‪ .‬فمن ناحية‪ ،‬قد يساعد عىل متثيل األقباط سياسياً‬ ‫بشكل أفضل وقد يكون أفضل اخليارات ىف ظل حمدودية‬ ‫متثيل األقباط ىف الربملان خاصة منذ عام ‪ .1952‬ومن ناحية‬ ‫أخرى‪ ،‬قد تساهم الكوتا ىف تقسيم املجتمع املرصى عىل‬ ‫املدى الطويل‪ .‬وىف هذا السياق‪ ،‬رصح البابا توارضوس‬ ‫الثانى أنه يفضل أن يتم تولية املناصب ىف الربملان عىل أساس‬ ‫الكفاءة والوطنية وليس عىل أساس اإلنتامء الدينى‪ ،‬إال أنه‬ ‫بصفة عامة‪ ،‬من املمكن اعتبار نظام الكوتا حلاًّ مؤقتًا إلعادة‬ ‫دمج فئة عانت لعقود طويلة من حمدودية التمثيل السياسى‬ ‫داخل الربملان املرصى‪ .‬ومن ثم‪ ،‬من املمكن أن يتم تطبيق‬ ‫نظام الكوتا لألقباط ىف الربملان لفرتة من الوقت إىل أن ُيثبت‬ ‫النائب القبطى كفاءته وفاعليته ومدى قدرته عىل إحداث‬ ‫تأثري إجيابى ىف حل مشاكل املرصيني‪ ،‬وبالتاىل يكتسب‬ ‫ثقة الناخب‪ .‬وبالتوازى مع ذلك‪ ،‬يتم تنظيم جمموعة من‬ ‫الربامج السياسية واحلزبية تستهدف دمج األقباط ىف احلياة‬ ‫السياسية كام أن املقاعد املخصصة لألقباط ىف الربملان القادم‬ ‫(‪ 24‬مقعدً ا) عددها ال يتناسب وتعداد األقباط ىف مرص‪.‬‬ ‫وإمجا ً‬ ‫ال‪ ،‬من املتوقع أن ينتج الربملان القادم أكرب متثيل‬ ‫سياسى لألقباط منذ عقود طويلة مضت‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتعني أن‬ ‫تقدم القوى السياسية أفضل ما لدهيا من عنارص‪ ،‬كى ال نجد‬ ‫قبطيا‪،‬‬ ‫أنفسنا أمام نائب تم اختياره بصورة شكلية ملجرد كونه ًّ‬ ‫ملجرد ملء الفراغ واستكامل القوائم‪ ،‬بغض النظر عام إذا كان‬ ‫يتسم بالكفاءة الالزمة من عدمها‪.‬‬


‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫املؤمتر االقتصادى وفرص التنمية املنشودة‬ ‫حسني سليمان‬ ‫ب��اح��ث اق��ت��ص��ادى م��رك��ز األه���رام‬ ‫للدراسات السياسية واإلستراتيجية‬

‫ىف ظل نقص املعلومات الرسمية املتعلقة باملؤمتر االقتصادى‬ ‫املزمع عقده ىف شهر مارس ‪ ،2015‬يغدو من الصعب إجراء‬ ‫تقييم مسبق له ىف ضوء األهداف املرجو حتقيقها من ورائه‬ ‫وحجم اإلنجاز املتوقع اخلروج به من هذا املؤمتر‪ ،‬خاصة‬ ‫مع اآلمال العريضة التى تعلقها احلكومة والرئيس عليه‪،‬‬ ‫وإشاراهتم املتكررة له بوصفه أشبه بطوق نجاة لالقتصاد‪ ،‬أو‬ ‫حتى “ذراع” للبالد عىل حد وصف الرئيس مؤخر ًا‪.‬‬ ‫فإىل حد كبري ما يزال حجم االستثامرات “املستهدفة” – بغض‬ ‫النظر عام سيتحقق فعلي ًا بعد املؤمتر – غري واضح‪ ،‬حيث أشارت‬ ‫ترصحيات رسمية ملسئولني حكوميني –مثل نجالء األهوانى‬ ‫وزيرة التعاون الدوىل ‪ -‬مع هناية عام ‪ 2014‬إىل استهداف جذب‬ ‫ما بني ‪ 10‬إىل ‪ 12‬مليارات دوالر‪ ،‬بينام تشري أخرى حديثة ىف‬ ‫مطلع العام احلاىل ألرشف ساملان وزير االستثامر إىل استهداف‬ ‫جذب ‪ 20‬مليار دوالر من االستثامرات ىف املؤمتر‪ ،‬وذلك بدون‬ ‫إيضاح أسس تلك التقديرات املستهدَ فة املتباينة‪ ،‬أو ما تنوى‬ ‫اإلدارة السياسية تقديمه كى تصل باالستثامرات املستهدفة إىل ما‬ ‫يقرب من ضعف ما كانت تأمل فيه قبل أشهر معدودة‪ .‬وكذلك‬ ‫تبدو املعلومات شحيحة جد ًا فيام يتعلق بعدد املرشوعات التى‬ ‫ستُطرح ىف املؤمتر وماهيتها‪ ،‬أو أبرز البلدان التى ُيتوقع أن تكون‬ ‫مصدر ًا لالستثامرات املستهدفة من وراء املؤمتر‪.‬‬ ‫يدخل كل ما سبق ىف إطار تقييم أهداف املؤمتر ىف حد ذاهتا‬ ‫وليس نجاحه ىف حتقيقها‪ ،‬فاجلانب األخري سيتحدد ىف أعقاب‬ ‫املؤمتر وفق ًا حلجم املرشوعات التى سيعلن عن تنفيذها أثناء‬ ‫انعقاده‪ ،‬باإلضافة لتقييم عىل مدى زمنى ممتد بعد انتهاء املؤمتر‬ ‫وفق ًا للتدفقات االستثامرية الفعلية التى ستنتج عنه خالل‬ ‫األطر الزمنية التى سيعلن عنها ىف أثنائه‪ .‬فاإلعالن عن عزم‬ ‫جهة ما تنفيذ عدد من املرشوعات ىف توقيت حمدد لن نستطيع‬ ‫تقييم صحته إال بحلول هذا التوقيت املعلن للوقوف عىل مدى‬ ‫فاعلية ما نتج عن املؤمتر من وعود وترصحيات‪ .‬وهو ما حييلنا‬ ‫بالتاىل إىل ما نستطيع تقييمه ىف هذا التوقيت‪ ،‬وهو ما يتعلق‬ ‫بحجم االستثامرات املستهدفة باملقارنة بحجم اآلمال املعلقة‬ ‫عليها‪ ،‬واحتامالت حتققها والقطاعات املرجح استحواذها عىل‬ ‫االستثامرات املتحققة أي ًا كان حجمها الفعىل‪ ،‬وأخري ًا النتائج‬ ‫فعليا‪.‬‬ ‫املتوقعة حال تدفق االستثامرات املرجح حتققها ًّ‬

‫أولاً ‪ :‬احلجم املستهدف لالستثامرات‪:‬‬

‫تدرجييا منذ اإلعالن‬ ‫تصاعد االهتامم باملؤمتر االقتصادى‬ ‫ًّ‬ ‫عن عقده قبل ما يقرب من عام‪ ،‬وتصاعدت معه بالتاىل‬ ‫الطموحات بام سيخرج به من آفاق جديدة لالقتصاد املرصى‬ ‫وصلت ىف ذروهتا إىل ترصحيات الرئيس املشار إليها سابق ًا‪،‬‬ ‫والتى توحى وغريها الكثري بكون املؤمتر سيمثل نقطة حتول‬ ‫ىف املسار االقتصاد املحىل تضعه عىل طريق التنمية املستدامة‪.‬‬ ‫لكن تقييم حمورية املؤمتر لالقتصاد املرصى يرتبط إىل حد‬ ‫كبري أو ً‬ ‫ال بام يستهدف املؤمتر حتقيقه‪ ،‬ثم بالتاىل عىل ما نرجح‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كونه سيتحقق فعليا‪ .‬وإذا نظرنا أوال إىل حجم االستثامرات‬ ‫املستهدفة‪ ،‬خاصة ىف سياق السلسلة الزمنية لتدفقات االستثامر‬ ‫األجنبى إىل مرص عىل مدى السنوات العرش األخرية‪ ،‬فقد‬ ‫نتمكن من إدراك بصورة أوضح ما إذا كان ما يستهدفه املؤمتر‬ ‫يتالءم مع ما ُيعلق عليه من آمال‪ ،‬خاصة من ِقبل اإلدارة‬ ‫السياسية املرصية‪.‬‬

‫ويوضح الشكل رقم (‪ )1‬تدفقات االستثامر األجنبى إىل مرص‬ ‫منذ عام ‪ 2005‬وحتى ‪ ،2013‬وهى فرتة زمنية قد شهدت كام‬ ‫يربز الشكل عدد ًا من التقلبات تأتى عىل رأسها األزمة املالية‬ ‫العاملية ىف عام ‪ 2009‬والثورة املرصية ىف يناير ‪.2011‬‬ ‫ووفق ًا للبيانات الواردة ىف الشكل البيانى‪ ،‬فإن االستثامرات‬ ‫األجنبية إىل مرص قد عاودت ىف ‪ 2012‬و ‪ 2013‬تدفقها‬ ‫بمعدالهتا الطبيعية ملا قبل الثورة ىف ‪ ،2011‬حيث بلغت ‪5.6‬‬ ‫مليار دوالر ىف ‪ 2013‬و ‪ 6.9‬مليار دوالر ىف ‪ ،2012‬ىف حني‬ ‫كانت حققت ‪ 6.7‬و ‪ 6.4‬مليار دوالر ىف ‪ 2009‬و‪ 2010‬عىل‬ ‫التواىل‪ ،‬وهو ما شكل حينئذ انخفاض ًا نامج ًا عن األزمة املالية‬ ‫العاملية التى وصلت تدفقات االستثامر قبيل اندالعها مبارشة‬ ‫إىل ذروهتا بـ ‪ 11.6‬مليار دوالر ىف عام ‪ ،2007‬و ‪ 10‬مليارات‬ ‫ىف ‪.2006‬‬ ‫وبالعودة مرة أخرى ملا تأمل احلكومة املرصية ىف اجتذابه من‬ ‫استثامرات‪ ،‬فإنه يرتبط باإلطار الزمنى لتنفيذ املرشوعات‬ ‫التى ستُطرح ىف املؤمتر‪ ،‬فمعدالت االستثامر املستهدفة ستمثل‬ ‫مؤرشات خمتلفة وفق ًا ملا إن كانت املرشوعات ستنفذ ىف عام‬ ‫واحد وبالتاىل ستكون التدفقات املستهدفة هى لسنة واحدة –‬

‫‪21‬‬


‫شكل رقم (‪)1‬‬

‫املصدر‪ :‬تم اعداده وفق ًا لبيانات « ‪»UNCTAD, World Investment Report, Annex table 1, 2008,2014‬‬

‫وهو أمر مستبعد إىل حد ما – أو إذا كانت املرشوعات املطروحة‬ ‫ستُنفذ عىل أكثر من عام – عامني عىل أقل تقدير – وهو ما‬ ‫سيقلص بالتاىل من حجم التدفقات السنوية لالستثامرات‬ ‫املستهدفة وفق ًا لعدد أعوام تنفيذ املرشوعات‪.‬‬ ‫فوفق ًا لترصحيات هناية العام املاىض‪ ،‬فجذب استثامرات بقيمة‬ ‫‪ 10‬إىل ‪ 12‬مليار دوالر سيمثل مضاعفة لتدفقات االستثامرات‬ ‫احلالية إذا تم تنفيذها ىف عام واحد‪ ،‬لكن إذا تم ضخها لتنفيذ‬ ‫مرشوعات تستغرق عامني عىل األقل‪ ،‬فسترتاوح التدفقات‬ ‫االستثامرية بالتاىل بني ‪ 5‬و ‪ 6‬مليارات دوالر لكل عام‪،‬‬ ‫وهى املعدالت املتحققة حالي ًا بدون املؤمتر‪ .‬وكذلك الوضع‬ ‫بالنسبة للترصحيات األخرية بخصوص جذب ‪ 20‬مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬فتدفقها عىل مدى عام واحد سيجعل منه العام األكثر‬ ‫جذبا لالستثامرات عىل اإلطالق ىف مرص‪ ،‬بينام ضخها لتنفيذ‬ ‫مرشوعات ىف عامني أو ثالثة سيضع التدفقات بني ‪ 7‬إىل ‪10‬‬ ‫مليارات دوالر ىف تلك األعوام‪ ،‬أى عند معدالت تقرتب من‬ ‫تلك املتحققة قبيل األزمة املالية العاملية‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫إذن باستثناء استهداف جذب ‪ 20‬مليار دوالر لتنفيذ‬ ‫مرشوعات ىف عام واحد‪ ،‬وهو سيناريو غري مرجح‪ ،‬فام تأمل‬ ‫اإلدارة السياسية املرصية ىف جذبه من استثامرات ال يشكل‬ ‫معدالت استثنائية تتالءم مع اآلمال العريضة املنعقدة عىل‬ ‫املؤمتر‪ ،‬فحتى جذب ‪ 12‬مليار دوالر ىف عام واحد أو ‪ 20‬مليار‬ ‫دوالر ىف عامني ال يبدو كافي ًا لتربير الترصحيات املبالغ فيها‬ ‫بخصوص املؤمتر‪ ،‬فتلك املعدالت حتققت ىف عامى ‪2006‬‬

‫و‪ 2007‬ومل تشهد مرص ىف إثرها النقلة االقتصادية التى يوحى‬ ‫هبا تعامل اإلدارة السياسية احلالية مع أهداف املؤمتر‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬فرص جذب االستثامرات املستهدفة‪:‬‬ ‫ًّ‬

‫اجلانب اآلخر واألكثر أمهية هو ما تستهدف احلكومة املرصية‬ ‫جذبه من استثامرات‪ ،‬هو ما قد يتحقق فعلي ًا من تدفقات لرأس‬ ‫املال األجنبى كنتيجة للمؤمتر‪ ،‬وهو ما يعتمد بصورة رئيسية‬ ‫عىل البيئة االقتصادية‪ ،‬السياسية‪ ،‬واألمنية سواء ىف مرص‪ ،‬أو‬ ‫البلدان املصدرة لرؤوس األموال‪ ،‬أو عىل الصعيد العاملى‬ ‫برمته‪.‬‬

‫وجتدر اإلشارة هنا إىل أن «خمزون» االستثامر األجنبى ىف مرص‬ ‫قد بلغ ‪ 85‬مليار دوالر ىف عام ‪ ،2013‬ارتفاع ًا من ‪ 20‬مليار‬ ‫دوالر تقريب ًا ىف عام ‪ ،2000‬أى بتدفق ‪ 65‬مليار دوالر ىف ‪13‬‬ ‫عام ًا‪ ،‬وهو ما يعنى متوسط استثامرات أجنبية بـ ‪ 5‬مليارات‬ ‫دوالر سنوي ًا طوال تلك الفرتة‪ .‬وهو رقم من املهم وضعه‬ ‫ىف احلسبان كمؤرش عىل نطاق التدفقات االستثامرية إىل‬ ‫مرص‪ ،‬وبالتاىل عىل واقعية االستثامرات املستهدفة من عدمها‪.‬‬ ‫باإلضافة لذلك فإن القارة األفريقية بأرسها قد اجتذبت ىف‬ ‫عام ‪ 2013‬استثامرات أجنبية تقدر بـ ‪ 57‬مليار دوالر‪ ،‬وهو‬ ‫ما يعنى أن اإلدارة السياسية املرصية ىف سعيها جلذب ‪ 20‬مليار‬ ‫دوالر من االستثامرات األجنبية – مرة أخرى ‪ ،-‬إن كانت‬ ‫تسعى جلذب هذا الرقم ىف عام واحد‪ ،‬وإال كام أرشنا فإن‬ ‫املستهدف ال يشكل إضافة استثنائية تستوجب هذه الضجة‬


‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫من األساس – تأمل ىف أن حتقق تدفقات تبلغ ‪ 35%‬تقريب ًا مما‬ ‫حققته أفريقيا ىف عام ‪ ،2013‬والذى كان نصيب مرص الفعىل‬ ‫منه ‪ % 9.6‬فقط‪.‬‬ ‫يضاف إىل ذلك أمهية توزيع االستثامرات األجنبية وفق ًا‬ ‫للبلدان املصدرة هلا‪ ،‬فعىل مدى العقد األخري كانت الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية املصدر األول لالستثامرات األجنبية إىل‬ ‫مرص حتى العام املاىل ‪ 2008\2007‬املتزامن مع األزمة املالية‬ ‫العاملية‪ ،‬والذى تراجعت فيه التدفقات األمريكية وإمجاىل‬ ‫االستثامرات وأصبح فيه االحتاد األوروبى مصدر التدفقات‬ ‫االستثامرية األول إىل مرص حتى اآلن‪ ،‬وهى التدفقات الصادر‬ ‫أغلبها من اململكة املتحدة‪ ،‬والتى بلغت وحدها ىف العام املاىل‬ ‫‪ 2014/2013‬ما يقرب من ‪ % 77‬من إمجاىل تدفقات االحتاد‬ ‫األوروبى‪ ،‬وتأتى بعد تدفقات االحتاد االوروبى ثم الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬االستثامرات الصادرة من البلدان العربية‪ ،‬والتى مل‬ ‫تتخط منذ األزمة املالية والعام ‪ 2009\2008‬حاجز الـ ‪% 15‬‬ ‫من إمجاىل التدفقات االستثامرية السنوية إىل مرص‪ ،‬وانخفضت‬ ‫ىف العام املاىل ‪ 2014/2013‬إىل ‪ % 11.8‬فقط من ‪ % 14.2‬ىف‬ ‫العام املاىل السابق له‪.‬‬

‫وإذا نظرنا إىل آفاق نمو االقتصادات املصدرة لالستثامرات‬ ‫اخلارجية إىل مرص‪ ،‬والتى تؤثر بصورة مبارشة عىل حجم‬ ‫التدفقات منها‪ ،‬فإن فرص ضخها الستثامرات تفوق أو حتى‬ ‫تتساوى مع معدالت ما قبل األزمة املالية العاملية قد ال تبدو‬ ‫واعدة‪ .‬فبصورة امجالية‪ ،‬أخذ نمو الناتج العاملى ىف الرتاجع‬ ‫بصورة مستمرة منذ ‪ 2010‬وحتى ‪ 2013‬من ‪ % 5.4‬وصو ً‬ ‫ال‬ ‫إىل ‪ ،% 3.3‬مع توقعات باســتقرار نموه ىف عام ‪ 2014‬عند‬ ‫‪ % 3.3‬أيض ًا‪ .‬وهى توقعات من املرجح أن ختتلف األرقام‬ ‫النهائية الصادرة ىف مطلع العام احلاىل عنها‪ ،‬وقد تشري إىل‬ ‫تراجع النمو دون هذا املعدل هو اآلخر‪ .‬وباالضافة لذلك‪،‬‬ ‫فقد تم ختفيض توقعات النمو العاملى ىف ‪ 2015‬من ‪4.4‬‬ ‫‪ %‬لتصل إىل ‪ % 3.9‬وتستقر عند ذلك املعدل حتى ‪،2019‬‬ ‫وهى مؤرشات هامة عن تراجع التفاؤل بخصوص التعاىف‬ ‫العاملى‪ُ .‬يضاف إىل ذلك تعقد األزمة ىف أوروبا‪ ،‬املصدر األول‬ ‫لالستثامرات األجنبية ىف مرص‪ ،‬خاصة ىف منطقة اليورو مع‬ ‫بداية العام احلاىل والشكوك حول مصري تعاون اليونان ىف‬ ‫ملفات القروض والسياسات املالية ىف ضوء االنتخابات‬ ‫األخرية والصعود القوى لليسار‪ ،‬واحتامالت تكرار هذا‬ ‫السيناريو ىف بلدان األزمة كإسبانيا‪ ،‬والربتغال‪ ،‬وإيطاليا‪ .‬وهى‬ ‫التطورات التى قد تؤدى إىل تداعى االحتاد النقدى برمته إذا‬ ‫رفضت البلدان املأزومة سداد ديوهنا وقررت – اليونان عىل‬ ‫األخص – االنفصال عن منطقة اليورو والعودة لعمالهتا‬

‫القديمة منخفضة القيمة لتحفيز النمو‪ .‬وهى مجيعها حتوالت‬ ‫ستؤدى بطبيعة احلال إىل مزيد من الرتاجع االقتصادى ملنطقة‬ ‫اليورو ‪ -‬خاصة البلدان األقل تعثر ًا كأملانيا وفرنسا ‪ -‬التى‬ ‫حققت ىف عام ‪ 2013‬نموا بلغ (‪ ،)0.4%-‬وبالتاىل مزيد من‬ ‫التدهور لالحتاد األوروبى ككل واململكة املتحدة خصيص ًا بام‬ ‫متثله استثامراهتا من ثقل ىف إطار التدفقات إىل مرص‪.‬‬ ‫باالضافة لذلك‪ ،‬تعول احلكومة املرصية إىل حد كبري وفق ًا‬ ‫للترصحيات عىل تدفقات االستثامرات اخلليجية ىف أعقاب‬ ‫املؤمتر‪ ،‬لكن ىف ظل االهنيار الرسيع الذى شهدته أسعار النفط‬ ‫من ‪ 107.9‬دوالر للربميل ىف يونيو ‪ 2014‬إىل ‪ 44.4‬دوالر‬ ‫للربميل ىف يناير ‪( 2015‬أسعار سلة أوبك) واحتامالت أال‬ ‫تتخطى األسعار حاجز الـ ‪ 60‬إىل ‪ 70‬دوالر ًا للربميل لسنوات‬ ‫– أو ربام عىل اإلطالق ‪ -‬وتأثري ذلك عىل نمو اقتصادات اخلليج‬ ‫وخياراهتا ىف اإلنفاق الداخىل واالستثامرات اخلارجية‪ ،‬فمن‬ ‫الصعب ختيل حتقيق طفرة ىف التدفقات االستثامرية اخلليجية إىل‬ ‫مرص ىف تلك الظروف‪ ،‬ىف حني مل تتخط ‪ 1.5‬مليار دوالر سنو ًّيا‬ ‫منذ ‪ 2011‬وحتى العام املاىل ‪ ،2014/2013‬وهى الفرتة التى‬ ‫شهدت أكرب قفزة ىف أسعار النفط عىل مدى عقد كامل نتيجة‬ ‫للثورات واالضطرابات ىف املنطقة العربية‪ ،‬حيث ارتفع سعر‬ ‫النفط (سلة أوبك) بنسبة ‪ % 38.7‬بني عامى ‪ 2010‬و ‪،2011‬‬ ‫بام أدى إىل زيادة استثنائية ىف نمو نواتج البلدان اخلليجية املصدرة‬ ‫للنفط وفوائضها مل تنعكس ىف زيادة االستثامرات اخلليجية إىل‬ ‫مرص‪ ،‬بل أعقبها تراجعها ىف واقع األمر‪.‬‬

‫ومن املمكن إىل حد ما استثناء االقتصاد األمريكى من اآلفاق‬ ‫السلبية لالقتصادات املصدرة لالستثامرات األجنبية إىل مرص‪،‬‬ ‫فبالرغم من تراجع نموه من ‪ % 2.3‬إىل ‪ % 2.2‬ثم ‪ % 2.1‬ىف‬ ‫أعوام ‪ ،2013 ،2012‬ثم تقديرات ‪ ،2014‬عىل التواىل‪ ،‬إال‬ ‫آثارا إجيابية عىل االقتصاد‬ ‫أن تراجع أسعار النفط قد يكون له ً‬ ‫األمريكى ىف العام اجلديد عرب خفض تكلفة اإلنتاج وحتفيز‬ ‫االستهالك‪ ،‬وهو ما سيؤدى إىل دفع الطلب الداخىل األمريكى‬ ‫بام قد خيفف من تأثري تباطؤ نمو الطلب العاملى‪.‬‬ ‫وإىل جوار العوامل السابقة املتعلقة باألساس بالبلدان املصدرة‬ ‫لرؤوس األموال‪ ،‬تبقى األوضاع السياسية واألمنية املتدهورة‬ ‫ىف مرص العامل السلبى األبرز ىف تأثريه عىل تدفقات االستثامر‬ ‫األجنبى أ ًّيا كان مصدره‪ ،‬فبني تصاعد وترية وحدة العمليات‬ ‫اإلرهابية من اجلامعات الدينية املتطرفة من جانب‪ ،‬وتآكل احلريات‬ ‫وتضييق املجال السياسى مع اشتداد القبضة األمنية للدولة‪ ،‬يبدو‬ ‫االستقرار السياسى املستدام والالزم جلذب االستثامرات األجنبية‬ ‫بعيد املنال ىف الفرتة احلالية‪ ،‬بام يرفع من خماطر املناخ االقتصادى‬ ‫املرصى ويشكل حافز ًا سلبي ًا لدخول السوق املحىل‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫ثال ًثا‪ :‬قطاعات االستثامر والتنمية االقتصادية‪:‬‬

‫فعليا من استثامرات أجنبية ىف‬ ‫وبغض النظر عام سيتحقق ًّ‬ ‫أعقاب املؤمتر وفق ًا لتفاعالت العوامل السابق ذكرها‪ ،‬سواء‬ ‫عنرصا‬ ‫اخلارجية أو الداخلية‪ ،‬تبقى قنوات تدفق االستثامرات‬ ‫ً‬ ‫بالغ األمهية كذلك ىف حتديد املنفعة املتحققة من وراء املؤمتر‬ ‫االقتصادى‪ ،‬واالستثامر األجنبى بصورة عامة‪.‬‬ ‫وبالرغم من عدم ترصيح احلكومة املرصية بوضوح عن‬ ‫املرشوعات املزمع طرحها ىف املؤمتر‪ ،‬إال أن بمقدرونا أن‬ ‫نتوقع القطاعات التى ستستحوذ عىل االستثامرات األجنبية‬ ‫التى ستعقب املؤمتر‪ ،‬وهى ببساطة القطاعات التى تشكل اآلن‬ ‫– ومنذ سنوات – املقصد الرئيسى لالستثامر األجنبى ملرص‪،‬‬ ‫والتى تعكس تفضيالت رؤوس األموال األجنبية وآفاق‬ ‫الربحية وفق ًا لتقييمهم لالقتصاد املرصى‪.‬‬

‫فقطاع النفط عىل سبيل املثال يستحوذ عىل اجلزء األكرب من‬ ‫االستثامرات األجنبية إىل مرص منذ األزمة املالية العاملية‪ ،‬حيث‬ ‫ارتفعت حصته من إمجاىل التدفقات من ‪ % 45.5‬ىف العام‬ ‫املاىل ‪ ،2008/2007‬إىل ‪ % 75.3‬ىف عام ‪،2009\2008‬‬ ‫ثم ‪ % 68.8‬ىف عام ‪ ،2010/2009‬و‪ % 73.3‬ىف العام املاىل‬ ‫‪ ،2011/2010‬و‪ 60.3%‬ىف ‪ ،2012/2011‬وأخـري ًا ‪68.7‬‬ ‫‪ %‬ىف العام املاىل ‪ .2013/2012‬وهى االستثامرات التى تأتى‬ ‫باألساس من اململكة املتحدة ورشكة “‪ ”BP‬النفطية‪ ،‬والتى‬ ‫كان من املتوقع وفق ًا لترصحيات بعض مسئوليها أن تضخ عدة‬ ‫مليارات من الدوالرات ىف قطاع النفط املرصى ىف السنوات‬ ‫املقبلة‪ ،‬وذلك بغض النظر عن إقامة مؤمتر اقتصادى من‬ ‫عدمه‪ .‬ويأتى ىف أعقاب النفط‪ ،‬قطاعات التمويل واالتصاالت‬ ‫والتصنيع والتى تتبادل مواقعها من عام آلخر وفق ًا لزيادة‬ ‫أو تراجع التدفقات إليها‪ .‬ويمثل رأس املال اخلليجى العب ًا‬ ‫أساسي ًا ىف االستثامرات األجنبية إىل تلك القطاعات‪ ،‬وكذلك‬ ‫قطاع اإلنشاء والعقارات الذى يليهم ىف حصته من االمجاىل‪.‬‬ ‫لكن بخالف هيكل التدفقات األجنبية املستقر منذ األزمة‬ ‫املالية العاملية والتى ستستمر قطاعاته عىل األرجح ىف جذب‬ ‫االستثامرات من البلدان عينها‪ ،‬فام ستسعى احلكومة املرصية‬ ‫باألساس إىل طرحه ىف املؤمتر هى املرشوعات الكربى املزمع‬ ‫تنفيذها‪ ،‬وعىل رأسها حمور تنمية قناة السويس‪ ،‬مدينة التجارة‬ ‫والتسوق‪ ،‬واملركز اللوجيستى العاملى للحبوب‪.‬‬ ‫واملالحظ ىف املرشوعات الكربى املذكورة‪ ،‬بالرغم من عدم‬ ‫اإلفصاح إال عن اخلطوط العريضة هلا‪ ،‬هو كوهنا مرشوعات‬ ‫خدمية ترتبط باألساس بحركة التجارة والسياحة العاملية‪ ،‬عرب‬ ‫تقديم خدمات للسفن والشحن والتفريغ والتخزين سواء‬ ‫ىف حمور قناة السويس أو ىف املركز اللوجيستى بدمياط‪ ،‬أو‬

‫‪24‬‬

‫خدمات السياحة والتسوق والرتفيه ىف مدينة التجارة‪ .‬وهى‬ ‫مرشوعات يرتبط عائدها بنمو وتعاىف االقتصاد العاملى الذى‬ ‫أرشنا سابق ًا إىل تراجع التفاؤل حياله‪ ،‬وبالتاىل فوضع احلكومة‬ ‫املرصية لقطاع اخلدمات العاملية عىل رأس أولويات مرشوعاهتا‬ ‫ىف املرحلة املقبلة قد يشكل خماطرة غري سديدة‪ ،‬فهشاشة قطاع‬ ‫اخلدمات العاملية وسهولة تعرضه لصدمات خارجية‪ ،‬قد تؤثر‬ ‫عىل االقتصاد بأرسه إذا تنامى ثقل هذا القطاع مستقب ً‬ ‫ال وأصبح‬ ‫مصدر ًا رئيسي ًا لفرص العمل والنقد األجنبى‪.‬‬ ‫املالحظ هنا بالتاىل أن تفضيالت االستثامرات األجنبية سواء‬ ‫من بلدان اخلليج أو الغرب‪ ،‬وكذلك املرشوعات الكربى‬ ‫التى جتذب اهتامم احلكومة املرصية ذاهتا‪ ،‬ترتكز ىف قطاعات‬ ‫الصناعات االستخراجية‪ ،‬اخلدمات املالية‪ ،‬االتصاالت‪،‬‬ ‫وأخريا خدمات التجارة العاملية والرتفيه‪ ،‬وهتمل عىل اجلانب‬ ‫اآلخر قطاعى الزراعة والصناعات التحويلية‪ ،‬ومها القطاعان‬ ‫التقليديان اللذان يشكالن العصب احلقيقى لالقتصاد من‬ ‫خالل إنتاج سلع ملموسة تقوم عليها القطاعات اخلدمية‬ ‫املختلفة‪ .‬ومع إمهال القطاعني األكثر حيوية وإخراجهام من‬ ‫خريطة االستثامر املطروحة‪ ،‬سيصبح التأثري السلبى مضاعف ًا‬ ‫من خالل هجرة العاملة إىل القطاعات اخلدمية الناشئة بحث ًا‬ ‫عن دخل أفضل‪ ،‬بالتزامن مع انخفاض تنافسية املنتجات‬ ‫الزراعية والصناعية املحلية مع تردى جودهتا وارتفاع أسعارها‬ ‫ىف أعقاب ارتفاع سعر اجلنيه املرصى ىف مقابل العمالت‬ ‫األجنبية‪ ،‬كنتيجة مرجحة لزيادة التدفقات األجنبية من‬ ‫املرشوعات املذكورة‪ .‬وهو ما سيؤدى إىل انكامش قطاعات‬ ‫الزراعة والصناعات التحويلية تدرجيي ًا‪ ،‬وحتول االقتصاد‬ ‫املرصى إىل اقتصاد أكثر ريعية قائم عىل أسس هشة معرضة‬ ‫للصدمات اخلارجية القاسية ىف أى توقيت‪.‬‬ ‫ما نخلص إليه بالتاىل أن اإلدارة السياسية ىف مرص ربام تبالغ ىف‬ ‫تقديرها للمؤمتر االقتصادى املقبل سواء عىل صعيد االستثامرات‬ ‫األجنبية املتدفقة أو النقلة التنموية الالحقة هلا‪ ،‬وتتناسى ما‬ ‫يتم التأكيد عليه مرار ًا بأن االستثامرات األجنبية تتبع النمو‬ ‫االقتصادى وال تقوده‪ .‬وينبغى عىل احلكومة بالتاىل أن تبذل‬ ‫جهد ًا أكرب ىف حتريك املدخرات املحلية صوب قنوات استثامرية‬ ‫تعكس التفضيالت التنموية الداخلية‪ ،‬وليس اعتبارات ربحية‬ ‫رأس املال األجنبى‪ .‬وهى املدخرات التى أظهرت فرص ًا واعدة‬ ‫لتمويل التنمية كام اتضح ىف متويل مرشوع “قناة السويس‬ ‫اجلديدة” ىف أيام معدودة بغض النظر عن حتفظاتنا حيال اخليار‬ ‫االستثامرى ذاته وآفاق املنفعة املتحققة من ورائه‪ ،‬إىل جوار كونه‬ ‫قد عكس مبكر ًا جنوح احلكومة صوب مرشوعات اخلدمات‬ ‫املرتبطة وثيق ًا بالطلب العاملى املتقلب كام أرشنا‪ ،‬وإمهاهلا للدعائم‬ ‫احليوية لالقتصاد احلقيقى املستدام‪.‬‬


‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫مصر وتراجع أسعار البترول عامل ّيًا ‪ ..‬مكاسب أم خسائر؟‬ ‫د‪ .‬أحمد قنديل‬ ‫رئ��ي��س ب��رن��ام��ج دراس����ات الطاقة‬ ‫م����رك����ز األه���������رام ل���ل���دراس���ات‬ ‫ال��س��ي��اس��ي��ة واإلس��ت��رات��ي��ج��ي��ة‬

‫استمر اهلبوط احلاد ىف أسعار البرتول عامليا ليصل إىل أدنى‬ ‫مستوى له خالل السنوات الست األخ�يرة ىف منتصف‬ ‫شهر يناير ‪ .2015‬حيث وصل سعر خام برنت إىل حواىل‬ ‫دوالرا للربميل‪ ،‬وهو ما يمثل تراجعا بأكثر من ‪ 60‬ىف‬ ‫‪46‬‬ ‫ً‬ ‫املائة مقارنة بشهر يونيو ‪ ،2014‬الذى وصل فيه السعر إىل‬ ‫‪ 114.8‬دوالر (انظر التقرير الشهرى للبرتول الصادر عن‬ ‫وكالة الطاقة الدولية ىف ‪ 16‬يناير ‪.)2015‬‬

‫عامليا خالل الفرتة «مارس ‪-2014‬يناير‬ ‫تطور أسعار البرتول ًّ‬ ‫‪ »2015‬ىف تفسريات متعددة‪:‬‬

‫اختلفت آراء اخلرباء واملحللني حول أسباب هذا الرتاجع‬ ‫احلاد والرسيع واملفاجئ ىف أسعار البرتول عامليا‪ .‬حيث‬ ‫رأى فريق أن هناك أسبابا اقتصادية ىف األساس وراء هتاوى‬ ‫هذه األسعار‪ ،‬مشريين إىل الوفرة املتزايدة ىف العرض العاملى‬ ‫للبرتول‪ ،‬خاصة مع بدء إنتاج اخلام الصخرى ىف الواليات‬ ‫املتحدة ودخوله السوق العاملى كمنافس جديد وقوى‪ ،‬فضال‬ ‫عن متسك دول أوبك بتعهداهتا السابقة التى اتفقت عليها ىف‬

‫شهر نوفمرب ‪ 2014‬بعدم خفض اإلنتاج عن مستواه احلاىل‪.‬‬ ‫وعىل جانب الطلب العاملى عىل البرتول‪ ،‬أشار أنصار هذا‬ ‫الفريق إىل حدوث نمو حمدود ىف هذا الطلب خالل عام‬ ‫‪ ،2014‬خاصة ىف أكرب األسواق املستهلكة‪ ،‬وهى أوروبا‬ ‫والصني واهلند واليابان‪ ،‬نتيجة التباطؤ االقتصادى فيها‪.‬‬ ‫بينام رأى فريق ثان أن هذا الرتاجع احلاد ىف أسعار البرتول‬ ‫عامليا سببه رصاع املنتجني للحفاظ عىل حصصهم السوقية‪.‬‬ ‫حيث يرى مؤيدو هذا الفريق‪ ،‬ومنهم وزراء النفط ىف اململكة‬ ‫العربية السعودية ودولة اإلمارات العربية املتحدة ودولة‬ ‫الكويت‪ ،‬أن ما جرى وجيرى ىف السوق العاملية للبرتول ما‬ ‫هو إال رصاع بني منتجني أكفاء وغري أكفاء‪ .‬حيث حياول‬ ‫املنتجون األكفاء استعادة أسواقهم التى فقدوها لصالح‬ ‫املنتجني غري األكفاء‪ ،‬نتيجة ارتفاع أسعار البرتول عامليا ىف‬ ‫السنوات األخرية‪ ،‬عن طريق شن «حرب أسعار» سيكون‬ ‫فيها البقاء للمنتجني األكثر كفاءة وذوى التكلفة األقل ىف‬ ‫اإلنتاج‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫وىف مواجهة هذين الفريقني‪ ،‬ظهر فريق ثالث يؤكد عىل‬ ‫«نظرية املؤامرة» لتفسري تراجع أسعار البرتول عامليا ىف‬ ‫اآلونة األخرية‪ .‬ويؤكد أنصار هذا الفريق عىل وجود اتفاق‬ ‫ضمنى بني اململكة العربية السعودية والواليات املتحدة‬ ‫هيدف‪ ،‬بني أمور أخرى‪ ،‬إىل إضعاف منافسيهم السياسيني‪،‬‬ ‫وىف مقدمتهم كل من روسيا‪ ،‬ملواقفها من أوكرانيا وسوريا‪،‬‬ ‫وإيران لتدخلها ىف الشئون الداخلية للدول املجاورة‪،‬‬ ‫وتعنتها بشأن برناجمها النووى‪ ،‬فضال عن دعمها لنظام‬ ‫الرئيس السورى بشار األسد واجلامعات املتطرفة ىف منطقة‬ ‫الرشق األوسط‪.‬‬

‫وىف هذا السياق‪ ،‬اهتم الرئيس اإليرانى حسن روحانى دوال‬ ‫مل حيددها بالتآمر خلفض أسعار البرتول العاملية‪ ،‬مشريا إىل أن‬ ‫االنخفاض الشديد واملفاجئ ىف هذه األسعار مل يكن بسبب‬ ‫عوامل اقتصادية فقط‪ ،‬وإنام هو “مؤامرة سياسية حاكتها دول‬ ‫بعينها ضد مصالح دول الرشق األوسط والعامل اإلسالمي”‪.‬‬ ‫كام أكد الرئيس الفنزويىل نيكوالس مادورو أيضا ىف غالبية‬ ‫ترصحياته العلنية عىل أن هبوط أسعار البرتول العاملية “أمر‬ ‫سياسى بالكامل”‪ .‬وأعلن الرئيس الروسى فالديمري بوتني‬ ‫رصاحة أنه شخصيا ال يستبعد أن تكون اململكة السعودية‬ ‫والواليات املتحدة “متواطئتني” خلفض أسعار البرتول‬ ‫العاملية‪.‬‬ ‫االنعكاسات املتوقعة عىل مرص‪:‬‬

‫أيا كان تفسري الرتاجع الرسيع واملفاجئ ألسعار البرتول‬ ‫عامليا ىف الشهور األخرية‪ ،‬سواء كان عوامل العرض والطلب‬ ‫أم رصاع املنتجني للحفاظ عىل حصصهم السوقية أم نظرية‬ ‫املؤامرة‪ ،‬فسوف تظل هذه األسعار‪ ،‬عىل األرجح‪ ،‬متذبذبة‬ ‫وغري مستقرة ىف العام اجلارى ‪ ،2015‬حسبام يؤكد العديد‬ ‫من املراقبني‪ .‬وسيكون هلذا التذبذب آثار متفاوتة من حيث‬ ‫املكسب واخلسارة بالنسبة ملرص‪ .‬فعالقة مرص برتاجع أسعار‬ ‫البرتول عامليا هى عالقة معقدة نسبيا‪ ،‬وليس من السهل‬ ‫التسليم بأن مرص سوف تستفيد بشكل صاف من هذا‬ ‫الرتاجع عىل طول اخلط‪ ،‬فهناك عدد من االنعكاسات السلبية‬ ‫التى ينبغى وضعها ىف االعتبار‪ ،‬خاصة وأن االقتصاد املرصى‬ ‫له تشابكات عديدة‪ ،‬سواء من حيث التجارة واالستثامر‬ ‫املبارش وغري املبارش والعاملة واملساعدات املالية والبرتولية‪،‬‬ ‫مع االقتصاديات اخلليجية‪ ،‬التى سوف تتأثر‪ ،‬بكل تأكيد‪،‬‬ ‫من هذا الرتاجع‪ ،‬وإن كان هذا التأثر سيكون بدرجات‬ ‫متفاوتة وعىل مدى زمنى طويل نسبيا‪ .‬وفيام يىل أهم املكاسب‬ ‫واخلسائر املتوقعة بالنسبة ملرص نتيجة تراجع أسعار البرتول‬ ‫عامليا‪:‬‬ ‫‪26‬‬

‫أول‪ :‬املكاسب املنتظرة‪:‬‬

‫‪ -1‬خفض فاتورة دعم الطاقة واسترياد الغاز الطبيعى املسال‪:‬‬

‫لو استمرت أسعار البرتول عامليا عند مستواها الراهن‬ ‫دوالرا للربميل) ملدة عام‪ ،‬فإن إمجاىل التوفري ىف‬ ‫(مخسون‬ ‫ً‬ ‫نفقات فاتورة الواردات البرتولية املرصية سيبلغ أكثر من‬ ‫‪ 35‬مليار جنيه‪ ،‬خصوصا أن التقديرات ىف موازنة ‪-2014‬‬ ‫‪ 2015‬قامت عىل أساس أن سعر الربميل ‪ 110‬دوالرات‪.‬‬ ‫وإذا كانت احلكومة قد رصدت ‪ 100‬مليار جنيه كدعم‬ ‫للمنتجات البرتولية ىف العام املاىل اجل��ارى‪ ،‬فإن تراجع‬ ‫األسعار عىل النحو احلادث حاليا سيعنى ختفيض العجز ىف‬ ‫املوازنة العامة للدولة إىل نحو ‪ 205‬مليارات جنيه تقريبا‬ ‫بدال من ‪ 240‬مليار جنيه ىف املوازنة التقديرية‪ ،‬إذا حافظت‬ ‫احلكومة املرصية عىل بنود اإلنفاق األخرى‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬كشف خالد عبد البديع‪ ،‬رئيس الرشكة‬ ‫القابضة للغازات «إجياس»‪ ،‬ىف منتصف شهر يناير املاىض‪ ،‬إن‬ ‫تكلفة استرياد الغاز ستنخفض إىل ‪ 2‬مليار دوالر سنوي ًا بد ً‬ ‫ال‬ ‫من ‪ 2.5‬مليار‪ ،‬بعد تراجع سعر البرتول ىف األسواق العاملية‪.‬‬ ‫وأشار رئيس إجياس إىل أن متوسط سعر الغاز املسال حالي ًا‬ ‫دوالرا للمليون وحدة حرارية‪ ،‬مقارنة‬ ‫يرتاوح بني ‪ 12‬و‪13‬‬ ‫ً‬ ‫دوالرا قبل انخفاض سعر البرتول ملا وصل إليه‬ ‫بنحو ‪16‬‬ ‫ً‬ ‫حال ًيا‪ .‬وكانت وزارة البرتول املرصية قد أعلنت أهنا ستبدأ‬ ‫باسترياد شحنات الغاز املسال ابتدا ًء من مارس ‪،2015‬‬ ‫بمعدل ‪ 250‬مليون قدم مكعب يوم ًيا‪ ،‬لتلبية احتياجات‬ ‫حمطات الكهرباء من الوقود‪.‬‬

‫‪ -2‬توفري إمدادات كافية من الطاقة‪:‬‬

‫من املتوقع أن يعزز انخفاض سعر البرتول عامليا من قدرة‬ ‫وزارة املالية املرصية واهليئة املرصية العامة للبرتول عىل‬ ‫استرياد كميات أكرب من واردات الطاقة بنفس املخصصات‬ ‫املالية املحددة ىف موازنة العام املاىل احلاىل ‪،2014/2015‬‬ ‫وبالتاىل تفادى االنقطاع املتكرر للكهرباء‪ ،‬وزيادة اإلنتاج‬ ‫ومعدالت استغالل الطاقة االنتاجية القائمة‪ .‬وجتدر اإلشارة‬ ‫إىل أن مرص تستورد سنويا حواىل مليون طن من البنزين‪ ،‬و‪2‬‬ ‫مليون طن من غاز الطهى (البوتاجاز) ونحو ‪ 7‬ماليني طن‬ ‫من السوالر‪.‬‬

‫‪ -3‬تراجع التضخم وتوفري العملة الصعبة‪:‬‬

‫من املتوقع أن يقود انخفاض أسعار البرتول عامليا إىل‬ ‫انخفاض أسعار املنتجات البرتولية‪ ،‬وبالتاىل تراجع أسعار‬ ‫السلع املحلية واملستوردة التى تدخل فيها هذه املنتجات‬ ‫كالسجاد والبالستيك والبرتوكيامويات وغريها من السلع‬


‫امللف املرصى ‪ -‬العدد ‪ - 7‬السنة الثانية‬

‫التى يتم استريادها من اخلارج‪ .‬وسيكون لذلك تأثريات‬ ‫إجيابية‪ ،‬دون شك‪ ،‬عىل االقتصاد املرصى‪ ،‬سواء عىل معدل‬ ‫التضخم من ناحية أو عىل االحتياطى النقدى األجنبى الالزم‬ ‫لرشاء البرتول وباقى ال��واردات التى سترتاجع أسعارها‬ ‫بمعدل النصف تقريبا‪ ،‬إذا ما استمر سعر البرتول عامليا عند‬ ‫دوالرا للربميل‪.‬‬ ‫مستوى اخلمسني‬ ‫ً‬ ‫ثان ًيا‪ :‬اخلسائر املتوقعة‪:‬‬

‫‪ -1‬تراجع قيمة الصادرات املرصية من البرتول ومنتجاته‪:‬‬

‫من املنتظر أن ترتاجع حصيلة صادرات مرص من البرتول‬ ‫واملنتجات البرتولية ىف العام املاىل اجلارى نتيجة انخفاض‬ ‫أسعار البرتول عامليا‪ .‬حيث تشري البيانات الرسمية إىل أن‬ ‫قيمة صادرات مرص من البرتول اخلام ومنتجاته قد بلغت‬ ‫ىف العام املاىل ‪ 2014/2013‬نحو ‪ 7.7‬مليار دوالر‪ ،‬و‪3.3‬‬ ‫مليار دوالر عىل التواىل‪.‬‬ ‫ومن الرضورى اإلشارة إىل أن الرتاجع ىف أسعار املنتجات‬ ‫البرتولية يكون أقل من الرتاجع ىف سعر البرتول اخلام‪،‬‬ ‫وبالتاىل فإن استفادة مرص من الرتاجع ىف أسعار البرتول‬ ‫ستكون ‪ ،‬عىل األرجح‪ ،‬أقل عىل ضوء اعتامدها عىل تصدير‬ ‫اخلام واسترياد املنتجات املكررة‪.‬‬ ‫وجتدر اإلشارة إىل أن قيمة واردات مرص من البرتول اخلام‬

‫ومنتجاته ىف العام املاىض وصلت إىل نحو ‪ 2.1‬مليار دوالر‬ ‫و‪ 10.6‬مليار دوالر عىل التواىل‪ .‬وبالتاىل‪ ،‬فقد حققت مرص‬ ‫فائضا ىف جتارة خام البرتول بلغ ‪ 5.6‬مليار دوالر‪ ،‬بينام‬ ‫حققت عجزا ىف جتارة املنتجات البرتولية بلغ نحو ‪ 7.3‬مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬وهو عجز كبري يلتهم الفائض ىف جتارة البرتول اخلام‬ ‫وجيعل امليزان املرصى للتجارة البرتولية عاجزا بقيمة ‪1.7‬‬ ‫مليار دوالر‪.‬‬

‫‪ -2‬نقص حتويالت املرصيني ىف اخلارج‪:‬‬

‫حذر تقرير البنك الدوىل املشار إليه آنفا من أن انخفاض‬ ‫أسعار البرتول عامليا قد يضعف حتويالت املرصيني باخلارج‪،‬‬ ‫والتى تشكل واحدة من أهم روافد النقد األجنبى ىف مرص‪.‬‬ ‫حيث يوجد حواىل ثلثى املرصيني العاملني باخلارج ىف دول‬ ‫اخلليج العربى املصدرة للبرتول‪ .‬وتعانى هذه الدول حاليا‬ ‫من تراجع كبري ىف إيراداهتا من تصدير البرتول‪ ،‬الذى يشكل‬ ‫أكثر من ‪ 80‬ىف املائة من إمجاىل إيرادات معظم هذه الدول‪.‬‬ ‫فإذا ما استمر انخفاض أسعار البرتول عامليا ملدة طويلة‪،‬‬ ‫يقدرها اخلرباء بني ثالثة ومخس سنوات‪ ،‬فمن املتوقع أن‬ ‫جتد هذه الدول نفسها مضطرة إىل خفض إنفاقها العام‬ ‫سواء االستثامرى أو التشغيىل‪ ،‬وبالتاىل تتزايد إمكانية قيام‬ ‫هذه الدول بالتخىل عن العاملة األجنبية‪ ،‬ومنها املرصية ىف‬ ‫املستقبل‪.‬‬

‫جدول (‪)1‬‬ ‫التأثريات املرتتبة عىل انخفاض أسعار البرتول عىل االقتصاد املرصى‬ ‫البند‬ ‫· ‬

‫دعم املواد البرتولية‬

‫· ‬

‫التضخم‬

‫· ‬ ‫· ‬ ‫· ‬ ‫· ‬ ‫· ‬ ‫· ‬ ‫· ‬ ‫· ‬ ‫· ‬

‫التأثري‬ ‫إجيابى توفري أكثر من ‪ 35‬مليار جنيه‬

‫استرياد الغاز الطبيعى املسال‬

‫إجيابى توفري ‪ 500‬مليون جنيه‬

‫خفض الطلب عىل النقد األجنبي‬

‫إجيابى‬

‫الواردات املرصية من البرتول ومنتجاته‬

‫إجيابى‬ ‫إجيابى‬

‫الصادرات املرصية من البرتول ومنتجاته‬

‫سلبي‬

‫التعاون االقتصادى مع دول اخلليج‬

‫سلبي‬

‫مرشوعات الطاقة التقليدية واجلديدة‬

‫سلبي‬

‫حتويالت املرصيني ىف اخلارج‬

‫اهليئة العامة للبرتول‬ ‫السياحة‬

‫سلبي‬ ‫مليارا‬ ‫سلبى تراجع اإليرادات بحواىل ‪31‬‬ ‫ً‬

‫غري حمدد‬

‫‪27‬‬


‫‪ -3‬تراجع التعاون االقتصادى مع دول جملس التعاون‬ ‫اخلليجي‪:‬‬

‫يتخوف عدد من املراقبني من التداعيات السلبية النخفاض‬ ‫أسعار البرتول عامليا عىل اقتصاديات الدول اخلليجية البرتولية‬ ‫الرئيسية‪ ،‬وخاصة اململكة العربية السعودية ودولة اإلمارات‬ ‫العربية املتحدة ودولة الكويت‪ ،‬وهى الدول األكثر أمهية ىف‬ ‫مساعدة مرص اقتصاديا منذ ثورة ‪ 30‬يونيو ‪ .2013‬حيث‬ ‫يشري هؤالء إىل أن موازنات هذه الدول قد تتعرض هلزة عنيفة‬ ‫ىف املدى املتوسط والطويل نتيجة تراجع إيراداهتا من تصدير‬ ‫البرتول للخارج‪ ،‬مما سيجعلها أقل قدرة عىل االستمرار ىف‬ ‫تقديم الدعم االقتصادى ملرص ىف املستقبل‪ .‬وكان وزير املالية‬ ‫املرصى هانى قدرى دميان‪ ،‬قد رصح مؤخرا بأن احلكومة‬ ‫املرصية قد تلقت مساعدات قدرها ‪ 10.6‬مليار دوالر من‬ ‫دول اخلليج العربى ىف العام املاىل املاىض ‪2014/ 2013‬‬ ‫من بينها منتجات برتولية قيمتها ‪ 7.4‬مليار دوالر‪ ،‬فيام يمثل‬ ‫املبلغ املتبقى وهو ‪ 3‬مليارات دوالر تقريبا‪ ،‬منحا نقدية‪.‬‬ ‫‪ -4‬ازدياد صعوبة الوضع املاىل للهيئة املرصية العامة للبرتول‪:‬‬

‫من شأن تراجع أسعار البرتول عامليا التأثري عىل إيرادات‬ ‫اهليئة املرصية العامة للبرتول‪ ،‬ىف وقت جتاهد فيه اهليئة من‬ ‫أجل تسديد متأخراهتا املالية للرشكاء األجانب العاملني ىف‬ ‫مرص‪ ،‬والتى بلغت ىف هناية العام املاىض حواىل ‪ 7.6‬مليار‬ ‫دوالر‪ .‬فهذه اإليرادات ُمرتبطة بحصيلة اهليئة من الرضائب‬ ‫واجلامرك املفروضة عىل أنشطة الرشكات العاملة ىف قطاع‬ ‫البرتول املرصى‪ ،‬وبالتاىل إذا تباطأت أنشطة هذه الرشكات‬ ‫بفعل تراجع أسعار البرتول عامليا‪ ،‬فسوف تنخفض إيرادات‬ ‫اهليئة العامة للبرتول‪ ،‬واملقدرة ىف موازنة العام املاىل احلاىل‬ ‫بحواىل ‪ 105‬مليارات جنيه‪ .‬ويتوقع عدد من اخلرباء أن‬ ‫تنخفض حصيلة اهليئة من الرضائب واجلامرك بنسبة ‪ 30‬ىف‬ ‫املائة عىل األقل‪ ،‬خالل العام احلاىل‪ ،‬وبالتاىل ستتأثر املوازنة‬ ‫بالسالب بحواىل ‪ 31‬مليار جنيه عىل األقل‪.‬‬ ‫‪ -5‬تباطؤ النمو ىف مرشوعات الطاقة التقليدية واجلديدة‪:‬‬

‫يتوقع العديد من املراقبني أن يكون لرتاجع أسعار البرتول‬

‫‪28‬‬

‫عامليا‪ ،‬تأثري سلبى ىف معدل نمو االستثامرات اجلديدة ىف‬ ‫جماالت التنقيب عىل البرتول والغاز الطبيعى ىف ظل إحجام‬ ‫الرشكات العاملية ىف هذا املجال عىل توسيع أعامهلا ىف الفرتة‬ ‫احلالية‪ .‬بل وربام تقلل هذه الرشكات من أنشطتها احلالية ىف‬ ‫مرص‪ ،‬مما قد يؤثر سلبا عىل اإلنتاجية احلالية لقطاع البرتول‬ ‫املرصى بدرجة أو أخرى‪.‬‬

‫ومن ناحية أخ��رى‪ ،‬من املتوقع أيضا تدهور تنافسية‬ ‫مرشوعات الطاقة اجلديدة ىف مرص‪ ،‬خاصة تلك املولدة من‬ ‫الرياح والطاقة الشمسية‪ ،‬ىف ظل تراجع أسعار البرتول عامليا‪.‬‬ ‫مما سيعطل‪ ،‬عىل األرجح‪ ،‬من برنامج تطوير االعتامد عليها‬ ‫ىف توليد الكهرباء لالستخدام ىف مرص والتصدير للخارج‪.‬‬ ‫وهو ما قد يعنى تعطيل توظيف ثروة طبيعية عمالقة ىف‬ ‫مرص هى الطاقة الشمسية املتجددة والنظيفة‪ .‬ومن املعروف‬ ‫أن مرص تتمتع بنطاق شمسى شديد التميز من زاوية معدل‬ ‫سطوع الشمس عىل مدى العام ودرجة احلرارة وزاوية ميل‬ ‫أشعة الشمس‪ ،‬وهو ما جيعلها واحدة من الدول التى يمكن‬ ‫أن تتصدر عامليا ىف إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية لو‬ ‫بقيت أسعار البرتول فوق ‪ 100‬دوالر للربميل‪ ،‬ولو تم ضخ‬ ‫االستثامرات الكبرية واملتوسطة والصغرية ىف هذا القطاع ‪.‬‬

‫عىل أية حال‪ ،‬يمكن القول إن اهلبوط ىف أسعار البرتول‬ ‫عامليا سيكون له تأثريات متداخلة عىل االقتصاد املرصى ىف‬ ‫املدى املنظور‪ .‬صحيح أن انخفاض هذه األسعار سيكون له‬ ‫انعكاسات إجيابية مبارشة عىل االقتصاد املرصى‪ ،‬تتمثل ىف‬ ‫خفض فاتورة واردات البرتول اخلام ومنتجاته والغاز الطبيعى‬ ‫من اخلارج‪ ،‬مما سيكون له تأثري جيد ىف خفض العجز ىف املوازنة‬ ‫العامة للدولة وامليزان التجارى‪ ،‬وحتقيق أمن الطاقة‪ ،‬وحتجيم‬ ‫معدل التضخم‪ ،‬وتعزيز حجم االحتياطى من النقد األجنبى‬ ‫‪ ،‬إال أن االقتصاد املرصى قد يتأثر سلبيا أيضا ىف العديد من‬ ‫اجلوانب‪ ،‬وىف مقدمتها تراجع قيمة الصادرات املرصية من‬ ‫البرتول ومنتجاته‪ ،‬ونقص حتويالت املرصيني ىف اخلارج‪،‬‬ ‫وتراجع التعاون االقتصادى مع دول جملس التعاون اخلليجى‪،‬‬ ‫وازدياد صعوبة الوضع املاىل للهيئة املرصية العامة للبرتول‪،‬‬ ‫فضال عن تباطؤ النمو ىف مرشوعات الطاقة التقليدية واجلديدة‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.