امللف املصرى دوري� � � � � � � � � � � � � � � � � ��ة ش � � � � �ه � � � � ��ري � � � � ��ة ع� � � � � � � � ��ن ال � � � � �س � � � � �ي � � � � ��اس � � � � ��ة وامل � � � � �ج � � � � �ت � � � � �م � � � � ��ع ف� � � � � � � � ��ى م� � �ص � ��ر العدد 7ـ مارس 2015 رئيس جملس اإلدارة
مدير املركز
أمحد السيد النجار
ضياء رشوان مدير التحرير
رئيس التحرير
د .إيامن رجب
د .دينا شحاتة املستشار الفنى
السيد عزمي اإلخراج الفني
مصطفى علوان اآلراء الواردة ىف هذا امللف تعرب عن آراء كتاهبا وال تعرب بالرضورة عن رأى مركز الدراسات السياسية واإلسرتاتيجية باألهرام
1
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
احملــــتويــــــــــــــــــــات: قراءة فى عملية بناء التحالفات االنتخابية لعام .. 2015د .يسرى العزباوى تكشف التحركات الفعلية لألحزاب والقوى السياسية املدنية منذ فوز الرئيس عبد الفتاح السيسى ىف االنتخابات الرئاسية عن صعوبة بناء حتالف انتخابى جيمعها ،كام أن املحاوالت األخرية بعد دعوة الرئيس للتوحد حتت مظلة قائمة وطنية موحدة باءت بالفشل ،كام أن تيار اإلسالم السياسى غاب ألول مرة عن بناء حتالفات انتخابية رغم قيادته للمشهد ىف انتخابات .2011
5
الدور املستمر للعائلة فى االنتخابات النيابية ..حازم عمر
ال متثل انتخابات 2015استثناء ًا من حيث تصدر العائالت للمشهد االنتخابى السيام ىف حمافظات الوجه البحرى والقبيل ،وحرصها عىل استمرار متثيلها ىف الربملان ،وتكشف حتركات القيادات احلزبية عن حماوالهتا جلذب رموز العائالت للرتشح من خالل قوائمها لالستفادة من نفوذها وثقلها الشعبى ىف دوائرها االنتخابية.
10
نحو تطور إيجابى فى التمثيل السياسى للمرأة فى برملان ..2015د .أمانى الطويل
عىل الرغم من أن فرص نجاح املرأة عىل املقاعد الفردية حمدودة نظر ًا لطبيعة البيئة االجتامعية واالحتياجات املادية للحمالت الفردية ،إال أن الدستور وقانون انتخابات جملس النواب ضمن للمرأة متثي ً ال إجيابي ًا ىف أول برملان بعد ثورة 30يونيو والذى يقدر ىف حده األدنى بـ 56مقعد ًا بموجب نظام القوائم املطلقة.
14
برملان :2015نحو متثيل عادل لألقباط فى احلياة السياسية ..نوران شريف
يمثل جملس النواب القادم أمهية خاصة بالنسبة لألقباط ملا يكفله هلم من متثيل سياسى كبري يصل ىف حده األدنى إىل 24نائب ًا قبطي ًا منتخب ًا مقارنة بتمثيلهم ىف العقود املاضية ،وهو ما يمثل خطوة مهمة بالنسبة هلم خاصة وان الربملان القادم سوق يقوم بإقرار عدد من القوانني املتعلقة باألحوال الشخصية وقانون بناء الكنائس.
17
املؤمتر االقتصادى وفرص التنمية املنشودة ..حسني سليمان
إن نجاح املؤمتر االقتصادى املزمع عقده ىف مارس 2015سيتحدد وفق ًا حلجم املرشوعات التى سيعلن عنها أثناء انعقاده ،وعىل الرغم من عدم وضوح تلك املرشوعات إال أن التوقعات تشري إىل أن قطاعات النفط والتمويل واالتصاالت والعقارات ستكون القطاعات األكثر جذبا للمشاركني ىف املؤمتر.
21
مصر وتراجع أسعار البترول عاملي ًا ..مكاسب أم خسائر؟ ..د .أحمد قنديل عىل الرغم من التفسريات املتعددة حول أسباب الرتاجع احلاد والرسيع واملفاجئ ىف أسعار البرتول عاملي ًا سواء كان لعوامل العرض والطلب أو لعوامل تتعلق برصاع املنتجني أو بنظرية املؤامرة ،إال أن ذلك اهلبوط سيكون له تأثريات متداخلة عىل االقتصاد املرصي.
25
* ساعد فى إعداد هذا العدد األستاذ حازم عمر ،الباحث املساعد فى مركز الدراسات السياسية واإلستراتيجية ،وله جزيل الشكر والتقدير
3
تنويــــــــه تم إعداد مقاالت هذا العدد قبل صدور حكم من املحكمة الدستورية يف 1مارس 2015بعدم دستورية املادة الثالثة من القانون رقم 202لسنة 2014اخلاص بتقسيم الدوائر االنتخابية ملجلس النواب ،والذي ترتب عليه تأجيل االنتخابات ألجل مل حتدده اللجنة العليا لالنتخابات حلني االنتهاء من تعديل القانون بام يتوافق مع الدستور ،وما تضمنه حكم املحكمة الدستورية .ومن املحتمل أن تستكمل املحكمة الدستورية النظر يف الطعون املقدمة أمامها بشأن املادة 8من قانون االنتخابات واخلاصة برشوط الرتشح فيام يتعلق بالبند األول الذي يتضمن اشرتاط حصول املرشح عىل اجلنسية املرصية منفردة.
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
قراءة فى عملية بناء التحالفات االنتخابية لعام 2015 د .يسرى العزباوى خبير فى مركز األه��رام للدراسات ال��س��ي��اس��ي��ة واالس��ت��رات��ي��ج��ي��ة
بدأت فكرة بناء التحالفات عقب اإلعالن مبارشة عن فوز الرئيس عبد الفتاح السيسى باالنتخابات الرئاسية ،كمحاولة ليس فقط هلندسة الفضاء السياسى والتعددية احلزبية ومواجهة التيارات الدينية ،التى عادت إىل العمل السياسى املسلح والعنيف ،ولكن لتكوين تيار مدنى موحد يساند الرئيس ىف استكامل خارطة الطريق والبحث عن االستقرار املنشود ،وإعادة االنفتاح عىل العامل اخلارجى ،ىف ظل موقف دوىل غامض من ثورة 30يونيو .2013 ومن األمهية اإلشارة إىل أن التحركات الفعلية عىل األرض أثبتت صعوبة بناء حتالف انتخابى واحد جيمع األحزاب والقوى املدنية ،ألسباب كثرية :أوهلا ،أن آفة احلياة احلزبية رسعان ما انتقلت إىل التحالفات الناشئة التى اتسمت بأن عمودها الفقرى هو «الشلة» أو «العائلة» أو بعض «الباحثني عن دور سيايس» ىف مرحلة السيولة السياسية التى مرت هبا مرص خالل األعوام القليلة املاضية ،مستغلني ىف ذلك حالة احلراك الثورى منذ .2011فض ً ال عن ضعف األحزاب التى فشلت ىف ملء الفراغ السياسى الذى خلفه «احلزب الوطني» ومجاعة «اإلخوان» ،ربام ألهنا تفتقر إىل املوارد واألفكار التى متكنها من لعب أدوار ىف مساعدة الناس ىف القرى واألحياء الفقرية.
ثانيها ،مجود وإنتهازية غالبية النخب السياسية التى تقود األح��زاب أو تشارك ىف صنع التحالفات ،حيث فشلت كعادهتا ىف التفاوض والتوصل إىل صيغ مشرتكة للعمل، بالرغم من متاثل األفكار والقوى االجتامعية التى تعرب عنها بعض األحزاب ،كام مل تتمكن النخبة السياسية من حسم موقفها من التعامل مع الشخصيات املحسوبة عىل نظام مبارك .وثالثها ،النظام االنتخابى ،الذى يعتمد عىل نظام
الغالبية ىف الدوائر الفردية .ورابعها ،ضعف وهشاشة التربير السياسى واإليديولوجى لقيام التحالفات االنتخابية ،فقد تراجعت خماطر عودة «اإلخوان» ىف ظل ما يتعرض له التنظيم واألفراد من رضبات أمنية عالوة عىل حالة العداء الشعبى ضدهم ،كذلك تراجعت فرص حزب النور السلفى بعد انكشاف ضعف خطابه وقلة خربته السياسية.
أوال :حتالفات انتخابية أم سياسية؟
ً مرتبطا من الناحية التكتيكية يعترب التحالف االنتخابى بالتكامل بني مؤسسات حزبية أو أفراد .ويقصد به إحالل التعاون حمل املنافسة التى قد تؤدى إىل خروج أحد األطراف من العملية االنتخابية ،فالتحالف يؤدى إىل السيطرة عىل املخاطر والتهديدات ،والتشارك ىف األرباح واملنافع واملكاسب امللموسة وغري ملموسة .ومن الناحية النظرية قدم بروس تاكامن “ ”Bruce Tuckmanصاحب نظرية “املراحل األربع لبناء فرق العمل” ،التى وصلت إىل علم إجيابيا لتصميم التحالفات االنتخابية السياسة لتجد صدى ًّ واحلزبية .حيث يشري تاكامن إىل أربع مراحل جيب املرور هبا لبناء أو تصميم حتالفات انتخابية أو حزبية ،يمكن طرحها عىل النحو التايل:
املرحلة األوىل ،هى مرحلة التشكيل أو التكوين ،Forming تكون فيها رغبة من األطراف املجتمعة للدخول ىف حتالف، وتتسم بشعور عال من احلامس بني األطراف ،والشعور بأن إحتامالت النجاح تفوق الفشل ،ويتم الرتكيز عىل املصالح املشرتكة بينهم وتنحية اخلالفات جان ًبا ،كام أن هذه املرحلة ال يوجد فيها أى إلزام عىل األطراف ،ويكون هدفها توضيح طبيعة التحالف وأهدافه.
5
املرحلة الثانية ،وهى مرحلة العصف ،Stormingتشهد تكليفات ومهام لألطراف ،كام تتسم بكثرة اجلدل واملناقشات املنظمة وغري املنظمة .ىف هذه املرحلة قد تزداد الثقة بني أطراف التحالف وىف املقابل قد يزداد اإلستقطاب بينهم عند ظهور مصالح وأهداف شخصية ،وقد ينهار مرشوع التحالف مع استمرار املناورات والتشكيك ىف صعوبة حتقيق اهلدف ،وقد ينتقل املرشوع للمرحلة التالية نتيجة نجاح القيادة ىف بناء جو من الثقة وإدارة الفريق.
املرحلة الثالثة ،هى مرحلة التطبيع والتعاون ،Norming وتتسم بالتعاون وإحساس األطراف هبوية الفريق ،وتنعدم حالة اإلستقطاب ،وتزداد مستويات التحفيز .وىف هذه املرحلة يأخذ التحالف شك ً ال تنظيم ًيا ،وتصبح العالقة بني أعضائه طبيعية ومغلفة بوثائق مكتوبة يتحدد فيها أطراف التحالف والتكاليف املحددة لكل طرف ،وتصدر القرارات بالتوافق. املرحلة الرابعة ،هى مرحلة األداء والعمل الفعىل ،Performingتأتى هذه املرحلة نتيجة للمرحلة الثالثة، حيث تصبح األدوار مرنة ووظيفية ،وتعمل األطراف كوحدة واحدة ،وتطور األطراف من أدائها لتحقيق اهلدف. وهنا يمكن اإلشارة إىل أن أربع دول ىف العامل شهد هلا العامل بالقدرة اهلائلة عىل بناء التحالفات احلزبية هي( :إرسائيل، هولندا ،إيطاليا ،كندا) .وعىل اجلانب اآلخر ،هناك أربع دول شهد هلا العامل بالفشل التام ىف بناء التحالفات احلزبية: (الفلبني ،باكستان ،كينيا ،بوليفيا) .ويعتقد الباحث بأن مرص من املمكن أن تضاف إىل هذه الدول األخرية.
6
والالفت للنظر أنه مع فشل كل حماولة بناء حتالف تثور جدلية شهرية ،هي :أن األح��زاب التى فشلت ىف بناء التحالف االنتخابى تؤكد عىل أهنا بالفعل ىف حتالف سياسى .وهو قول باطل يراد به باطل ،وذلك لعدة أسباب ،منها :أو ً ال، أن األحزاب التى فشلت ىف بناء التحالف االنتخابى تريد أن حتفظ ماء الوجه أمام الرأى العام وأمام أعضائها .ثان ًيا ،تريد تضخيم تأثريها السياسى ىف املجتمع .ثال ًثا ،لكى ترتك الباب موار ًبا أمام إحتامالت الدخول مرة ثانية ىف حماوالت إعادة بناء حتالفات جديدة ،وهو ما حدث بالفعل .وكأن الغاية النهائية لألحزاب هى بناء حتالف أو االنضامم لتحالف ما، فض ً ال عن التمثيل داخل الربملان حتى ولو بمقعد واحد فقط، بناء عىل القول املأثور« :ما ال يدرك كله ال يرتك كله» .وقد تناست األحزاب بأن األصل ىف خوض غامر سباق التنافس اإلنتخابى ،هو الفردية والذاتية احلزبية ،وذلك ألن العملية اإلنتخابية فرصة مواتية لكى تقوم األحزاب برشح براجمها احلزبية واإلنتخابية اخلاصة هبا ،بد ً ال من بذل اجلهد ىف رشح برنامج التحالف القائم ،إن حدث ذلك من األصل.
ثان ًيا :السامت العامة للتحالفات:
مع فتح باب التقديم لالنتخابات ىف 8فرباير 2015ينتهى اجلدل الدائر عىل مدار ما يقرب من عام حول خريطة التحالفات أو مشاركة بعض األحزاب ذات املرجعية الدينية التى أعلن أغلبها عن مقاطعته االنتخابات ،وندخل معركة جديدة تتسم بالرصاع احلقيقى بني أطراف العملية االنتخابية مبكرا بني املرشحني واجلهة اإلدارية من ناحية، والتى بدأت ً وبني املرشحني وبعضهم البعض حول جذب صوت الناخب املرصى .وطفا عىل السطح خالل الفرتة املاضية عدة حتالفات ،وهي« :الوفد املرصى ،وحتالف (،)30– 25 والعدالة االنتقالية ،والتيار الديمقراطى ،واجلبهة املرصية، واألمل املرصى ،وصحوة مرص ،وىف حب مرص ،وتيار االستقالل ،وحتالف النقابات املهنية .وبعيدً ا عن الدخول ىف أطراف كل حتالف أو أهدافه ومبادئه ،إال أنه يمكن حتديد جمموعة من السامت واخلصائص املرتبطة به ،وهى كام ييل: - 1التشابه ىف األسامء :حيث يوجد ستة حتالفات حتمل اسم مرص ،أو مشتقاهتا .وهو يكاد يكون متطاب ًقا ،إىل حد بعيد ،مع ما حدث عقب الثورة مبارشة من نشأة عدد كبري من األحزاب التى حتمل ىف مسمياهتا لفظ «الثورة» أو مشتقاهتا ،وهو ما أدى إىل مزيد من التشتت للمواطن املرصى والشباب ،وجعلهم إرصارا عىل العزوف وعدم االنضامم إليها ،واالستمرار أكثر ً ىف العمل داخل احلركات االحتجاجية الشبابية. - 2ثالثية التغيري واملرونة والسيولة :من حيث التكوين وعدد األحزاب واألفراد املنتمني إىل التحالف ،باإلضافة إىل رسعة االنسحابات واالنشقاقات داخل كل حتالف واالنضامم إىل حتالفات أخرى أو اإلعالن عن خوض االنتخابات منفردة.
- 3الفئوية والنخبوية :حيث ترتبط بعض التحالفات بأشخاص وأفراد أكثر من ارتباطها بأهداف أو بربامج أو أيديولوجيات حمددة املعامل .كام يوجد عدد من األحزاب واألشخاص ،يمكن أن نطلق عليهم «عابرى التحالفات». بمعنى مغاير ،هناك عدد من األحزاب والشخصيات العامة حياولون أن جيدوا ألنفسهم موطئ قدم هلم ىف الربملان بغض النظر عن إيامهنم بمبادئ وأهداف التحالفات. - 4فكرة تكوين الظهري السيايس :حيث تقدم بعض التحالفات نفسها بأهنا ستكون بمثابة الظهري السياسى للرئيس السيسى، وأهنا سوف تقوم بنقل الدستور إىل حزمة من الترشيعات التى تساعده عىل حتقيق برناجمه الذى يلبى مطالب ثورتى 25يناير و 30يونيو .ىف الوقت الذى مل يطلب الرئيس السيسى من األحزاب سوى التوحد والتكاتف والعمل من أجل ختطى هذه املرحلة احلرجة من عمر الدولة املرصية.
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
- 5السلطوية ىف التكوين :حيث اتسمت كل التحالفات باالستبعاد والتهميش ،ألهنا جعلت هدفها األول النيل ليس فقط من حزب النور ولكن من كل التيارات اإلسالموية، وعدم وصوهلم إىل الربملان بأى حال من األحوال .بمعنى بأهنا تنادى بالوحدة والتوحد بني التيار املدنى ملواجهة حزب النور واألحزاب ذات املرجعية الدينية ،التى ربام تكون البوابة اخللفية لدخول مجاعة اإلخوان املسلمني الربملان.
- 6البريوقراطية صاحبة العمر املتقدم :حيث قامت جمموعة من الذين سبق هلم العمل ىف دوالب الدولة بالبدء واملشاركة ىف عملية تكوين التحالفات .وهنا يمكن القول بأنه ربام تكون هذه األسامء المعة ىف جمال ختصصاهتا ولكن ليس بالرضورة أن يكونوا سياسيني أو حزبيني مهرة ،وهو ما حدث بالفعل حيث فشل أغلبهم ىف تكوين قائمة موحدة. - 7املزايدة واملزايدة املضادة :حيث مارست أغلب التحالفات نوعا من املزايدة السياسية برضورة عدم ضم أنصار الناشئة ً احلزب الوطنى السابق «الفلول» أو اإلخوان املسلمني ،وهذا ما حدث ىف حتالف « »30 – 25وحتالف «األمة املرصية». ىف الوقت الذى أكد فيه حزب املؤمتر -عىل سبيل املثال -بأنه عىل أتم استعداد للتحالف مع اجلبهة املرصية أو املرصيني األحرار ،إال الوفد ألنه كان طر ًفا ثال ًثا ىف املعاملة مع احلزب الوطنى واإلخوان. ثال ًثا :فشل دعوة الرئيس لتشكيل قائمة توافقية:
ىف حماولة لنفيه هتمة مساندته قائمة بعينها ،دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى األحزاب للتوحد حتت مظلة قائمة وطنية واحدة ،حتظى بدعمه وتأييده .وعىل الرغم من حسن نية الرئيس ىف دعوته إال أنه جانبها الصواب ،ألن كل القوائم وطنية ،وكان من األفضل أن يقول قائمة «توافقية» ،فهو التعبري األدق .وهبذه الدعوة ألقى الرئيس الكرة ىف ملعب األحزاب ،وهو يعلم متا ًما مدى الضعف الذى اعرتى بنيتها التنظيمية ،واالنقسام والترشذم ليس فقط بني األحزاب وبعضها البعض ولكن داخل كل حزب منفر ًدا .وقد باءت كل حماوالت تكوين قائمة توافقية واحدة بالفشل ،وذلك لعدة أسباب ،أوهلا ضعف وعدم مصداقية اجلهة التى تلقفت دعوة الرئيس ،وهى حزب الوفد ،فلم يعد حيظى بقبول شعبى أو بني األحزاب بعدما دخل ىف مفاوضات عثرة مع الكثري من األحزاب ،وقام بفرض رشوطه عليها ،معتمدً ا ىف ذلك عىل تأثريه اإلعالمى والسياسى ،وتارخيه الوطنى. ثانيها ،رسعة الدعوة لعقد االجتامع بدون حتضري جيد أو الرتتيب للبدائل املحتملة ،حتى خيرج املجتمعون بأكرب قدر من االتفاق .ثالثها ،جاء كل طرف لالجتامع وهو حممل
بخربة املاىض القريب ىف التفاوض مع حزب الوفد ،ومن ثم أراد كل طرف أن يظهر بمظهر القوة وأنه جاء فقط تلبية لرغبة رئيس اجلمهورية وليس من أجل رغبته هو ىف عمل قائمة واحدة أو من أجل االصطفاف الوطنى ىف مرحلة تتسم بالسيولة السياسية وضعف مؤسسات الدولة ،وحالة إرهاب غري مسبوقة تشهدها الدولة املرصية .رابعها ،غياب بعض الشخصيات الوطنية عن االجتامع ،خاصة تلك التى حتظى بقبول سياسى لدى أغلب األطراف السياسية مثل د .عبد اجلليل مصطفى وعمرو موسى ،وهو ما أدى إىل انطباع عام مسبق بأن مسألة التوحد حتت قائمة توافقية حلم بعيد املنال. خامسا ،سيطرة رجال األعامل عىل عدد كبري من األحزاب، ً فهناك أكثر من مخسة عرش حز ًبا ،عىل األقل ،أسسها ويديرها رجال أعامل ،وبالتاىل فإن العملية السياسية واحلزبية تدار بمنطق الرشكات ،الربح واخلسارة ،وليس بمنطق التوافق وإعالء املصلحة العليا للبالد .وقد أوقع هؤالء الثورة ىف مأزق وإشكالية كربى ،تتمثل ىف أن الثورة التى قامت من أجل فض التزاوج بني املال والسلطة ،هى بذاهتا التى أدت اىل تكريس دور رجال األعامل وزيادة نفوذهم ىف املجتمع ،وإن كان ذلك بطريقة خمتلفة ،خاصة من خالل سيطرهتم عىل األحزاب أو حماولة احلصول عىل أكرب قدر من املقاعد ىف الربملان اجلديد، وذلك من أجل ضامن عدم إصدار قوانني ترض مصلحتهم. ريا من األحزاب املتناقضة ىف ريا ،ضم االجتامع عد ًدا كب ً وأخ ً االجتاه والتوجه السياسى ،وهو أحد العيوب األساسية ،التى جعلت عملية بناء التحالفات تبوء بالفشل. رابعا :املقاعد الفردية املنسية: ً
عملت جلنة اخلمسني عىل التمييز اإلجيابى لفئات ست من مكونات املجتمع املرصى -ألول مرة ىف تاريخ احلياة الدستورية والنيابية املرصية -حيث أكدت املادة ( )3من قانون جملس النواب عىل أن يكون انتخاب جملس النواب بواقع ( )420مقعدً ا بالنظام الفردى ،و( )120مقعدً ا بنظام القوائم املغلقة ،وحيق لألحزاب واملستقلني الرتشح ىف كل منهام .وقد نص القانون ىف مادته الرابعة عىل أن تقسم اجلمهورية إىل ( )4دوائر ختصص لالنتخابات بنظام القوائم ،خيصص لدائرتني منهام عدد ( )15مقعدً ا لكل منهام، وخيصص للدائرتني صاحبة عدد ( )45مقعدً ا لكل منهام. وينتخب عن كل دائرة منها عدد األعضاء الذى يتناسب وعدد السكان والناخبني هبا ،بام يراعى التمثيل العادل للسكان واملحافظات ،واملتكافئ للناخبني. وىف الوقت الذى خصص فيه املرشع 420مقعدً ا للدوائر الفردى اشتد الرصاع بني األحزاب عىل 120مقعدً ا املخصصة لالنتخابات بنظام القوائم ،والتى خصص منها حواىل 72
7
مقعدً ا للفئات الست املذكورة ىف الدستور ،وبالتاىل فإن معركة التحالفات تتم فقط عىل 48مقعدً ا .وعىل الرغم من ذلك يالحظ ما ييل :أو ً ال ،واجهت بعض األحزاب والتحالفات معضلة استكامل قوائمها من الفئات الست صاحبة التمييز اإلجيابى ىف الدستور ،ليس فقط حزب النور – كام يتوقع البعض -ولكن يشاركه ىف ذلك ً أيضا بعض األحزاب والتحالفات املدنية، وهو ما جعلها ىف النهاية تقرر خوض االنتخابات منفردة أو تقبل اشرتاطات التحالفات األخرى لالنضامم إليها .ثان ًيا، مل تستطيع بعض التحالفات أن تقدم مرشحني ىف الدوائر األربع املخصصة لالنتخابات بالقائمة ،لذلك فإهنا ربام ختوض االنتخابات عىل دائرتني أو ثالث عىل األكثر ،أو سوف تقوم باالندماج مع بعض التحالفات األخرى ىف الساعات األخرية قبل موعد فتح باب الرتشيح .ثال ًثا ،مل تتخط ترشيحات الفئات صاحبة التمييز اإلجيابى طريقة االنتخاب بالقوائم فقط من قبل التحالفات ،وهو ما أكده رصاحة حزب النور الذى أكد عىل أن احلزب لن يرشح نساء أو ً أقباطا عىل مقاعد الفردى .بمعنى آخر ،مل تقم األحزاب والتحالفات باإلعالن عن ترشيح النساء واملسيحيني واملرصيني باخلارج والعامل والفالحني والشباب وذوى االحتياجات اخلاصة عىل أية مقاعد فردية ،وهو ما يقلل فرص وجودهم خارج إطار القوائم. وبناء عليه ،يمكننا القول إن األحزاب أو التحالفات انشغلت بمقاعد االنتخابات بنظام القائمة فقط دون الفردى لعدة أسباب ،منها ما ييل:
- 1ضامن التمثيل :ألن بعض النخب التى تسيطر عىل األحزاب تريد أن تضمن هلا موطئ قدم داخل الربملان، بدليل أن بعض الذين خاضوا انتخابات 2012عىل املقاعد الفردى خيوضون االنتخابات عىل القوائم ،بعد فشلهم ىف التواجد داخل دوائرهم أو عىل األقل االستجابة الحتياجات املواطنني داخل هذا الدوائر .ىف حني أن البعض اآلخر منهم، الذى قرر أن خيوض االنتخابات عىل املقاعد الفردى ،يريد أن خيىل الدائرة متا ًما من مرشحني أقوياء حمتملني باالتفاق مع األحزاب ،بدليل أن بعض من يديرون عملية هندسة التحالفات غري منتمني ألحزاب سياسية حتى هذه اللحظة، ويفضل أن يظل مستقلاًّ بعيدً ا عن التحزب. - 2التحرر من املساءلة :ففى ظل عدم القدرة عىل التواجد بني املواطنني ،حيث تتطلب الدوائر الفردية قدرة كبرية عىل احلركة داخل الدائرة ،والقدرة املالية ملحاولة تنفيذ بعض اخلدمات العامة واخلاصة داخل الدائرة ،ىف حني أن القائمة املغلقة ،جتعل النائب يتحرر من املسئولية أمام الناخب أو عىل األقل أال خيضع حتت ضغط رضورة إنجاز أية مرشوعات عىل مستوى الدائرة.
8
- 3قوة العصبيات والعائالت :حيث يكون من السهل
بمكان عىل املرشح املستقل املنتمى لعائلة أو قبيلة أن يفوز ىف الدوائر الفردية أكثر من غريه ،وهو ما جعل أغلب األحزاب تلجأ إىل رموز العائالت لكى تتقدم للرتشح عىل قوائمها أو حتت رايتها. - 4عدم قدرة األحزاب عىل تقديم مرشحني حمتملني :وهو ما جعل األحزاب السياسية تلجأ ليس فقط للمرشحني املنتمني لكبار العائالت أو العصبيات ولكن لبعض نواب احلزب الوطنى املنحل الستكامل القوائم أو للتقدم لبعض الدوائر الفردية.
- 5غياب التحالفات اإلسالمية :وهو ما أدى إىل تركيز األحزاب عىل بناء التحالفات دون الفردى .ففى الوقت الذى قادت فيه األحزاب ذات املرجعية الدينية (احلرية والعدالة) عملية بناء التحالفات ىف عام ،2011غابت متا ًما عن املشهد ىف هذا االنتخابات ،وذلك ألول مرة ىف تاريخ بناء التحالفات االنتخابية منذ عام .1984حيث تشهد األحزاب اإلسالمية حقيقيا ىف تكوين حتالفات انتخابية مع بعضها ً بعضا أو مأز ًقا ًّ نظرا لعدة اعتبارات ،منها: مع بعض القوى املدنية ،وذلك ً أو ً ال أن األحزاب ذات املرجعية الدينية تفككت ومل تعد تشكل كتلة صلبة واحدة .ثان ًيا ،هروب أغلب القيادات العليا هلذه األحزاب إىل اخلارج (قطر وتركيا) ،أو الزج هبم إىل السجون الرتكاهبم أعامل عنف أو التحريض عليها .ثال ًثا ،إعالن بعض األحزاب ذات املرجعية الدينية عن مقاطعتها العملية االنتخابية مثل أحزاب «البناء والتنمية» و«مرص القوية» و«الوطن» ،حتت دعوى أن املشاركة ىف العملية االنتخابية هى اعرتاف بالعملية ريا ،اخلوف من العزل الشعبى، السياسية بعد 30يونيو .وأخ ً خاصة ىف ظل حالة الغضب الشعبى اجلم عىل مجاعة اإلخوان وممارساهتا الداخلية واخلارجية ،وىف ظل استقواء اجلامعة باخلارج عىل الدولة املرصية ،وحماولة عرقلة إعادة البناء واألمن مرة ثانية من خالل املظاهرات التى خترج هبا اجلامعة بني فرتة وأخرى ،والتى تستغلها وسائل اإلعالم اململوكة للجامعة والداعمة هلا ىف اخلارج ىف تصوير املشهد ىف مرص بحال عدم االستقرار ىف جمافاة حقيقية للواقع.
ىف الوقت ذاته ،استطاع حزب النور أن يستفيد من عملية االقصاء املتعمدة له من باقى األحزاب السياسية املدنية، حيث نجح ىف استكامل قوائمه االنتخابية ،خاصة بعد ما نجح ىف استقطاب عدد من املسيحيني لكى خيوضوا االنتخابات عىل قوائمه األربع. خامسا :التأجيل ومزيد من الرصاع:
ال شك أن قرار املحكمة الدستورية العليا يف 1مارس 2015بعدم دستورية املادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
االنتخابية التي جيرى االقرتاع فيها بالنظام الفردي ،هو قرار تارخيي بمعنى الكلمة ،حيث أكدت املحكمة عىل أن التقسيم احلايل ال يراعي الوزن الديموغرايف النسبى للدوائر بشكل صحيح وهو أمر اشرتطه الدستور يف تقسيم الدوائر.
وكان يعتقد البعض –بشكل خاطئ -أن مؤسسة الرئاسة سوف تعمل جاهدة عىل مترير القانون بأي حال من األحوال، حتى ال يؤثر ذلك عىل النتائج املرجوة من مؤمتر رشم الشيخ االقتصادي ،الذي يعد بمثابة “ذراع مرص” كام شبهه الرئيس السييس .وعىل النقيض ،يرى البعض اآلخر ،أن تأجيل االنتخابات هو يف مصلحة الرئيس نفسه ،وذلك ألن التأجيل سوف يعطيه فسحة من الوقت لتنفيذ أجندته الترشيعية بدون عائق من الربملان ،وهو أيضا تصور غري صحيح ،حيث طلب الرئيس من احلكومة “تفادي تأخري” كبري يف موعد االقرتاع واإلرساع بإعداد قانون جديد يتوافق مع الدستور يف غضون شهر عىل األكثر ،وأن “رئاسة اجلمهورية تؤكد عىل احرتامها الكامل ألحكام القضاء وإلتزام كافة مؤسسات الدولة هبا”. مغايرا عن نظرائه السابقني، نموذجا والرئيس بذلك قدم ً ً حيث حاول الدكتور حممد مريس الضغط عىل املحكمة ،من خالل املظاهرات وحتصني قراراته وجملس الشعب من احلل.
وبناء عليه ،ويف حال تعديل قانون تقسيم الدوائر ،فإن ذلك يؤدي ال حمالة إىل إعادة النظر يف كل التحالفات القائمة ،وربام تنهار حتالفات اللحظات األخرية (مثل حتالف يف حب مرص) مقابل إعادة بناء حتالفات جديدة وبمسميات مغايرة عن تلك القائمة اآلن ،خاصة وأن بعض األحزاب دفعت إيل االنضامم إىل هذه التحالفات دفع املضطرين .كام أن تغيري القانون سيؤثر يف تواجد الفئات املهمشة عىل قوائم التحالفات ،ألنه ربام ختصص دوائر معينة لبعض هذه الفئات مثل املرأة عىل سبيل املثال .أما يف حال تعديل املادة الثالثة فقط من قانون تقسيم الدوائر ،خالل الشهر الذي أكد عليه الرئيس ،فإن هذا لن يؤدي إىل تعديالت جوهرية يف بناء التحالفات ،كام أنه لن يؤثر يف عدد املرشحني املحتملني خلوض العملية االنتخابية.
واجلدير بالذكر ،أن األحزاب السياسية هى اخلارس األكرب من قرار املحكمة الدستورية العليا ،ألهنا ستضطر إىل إعادة النظر يف خطة الدعاية االنتخابية ،بجانب إعادة تقييم أسامء املرشحني من جديد ،وهو ما سيتطلب جهدً ا كبري ًا .ويف ذات الوقت فإن إعادة النظر يف القانون ربام يدفع بعض األحزاب والقوى السياسية التي قاطعت العملية االنتخابية إىل إعادة النظر ىف قرارها ومن ثم املشاركة يف العملية االنتخابية.
9
الدور املستمر للعائلة فى االنتخابات النيابية حازم عمر ب��اح��ث م��س��اع��د مب��رك��ز األه����رام للدراسات السياسية واإلستراتيجية
تعد «العائلة» من أهم الفاعلني ىف االنتخابات الترشيعية لعام 2015ال سيام ىف حمافظات الوجه القبىل والبحرى ،عىل نحو جعل األحزاب والقوى السياسية تتوجه إليها لالستفادة من نفوذها وثقلها الشعبى ىف دوائرها االنتخابية .ومع إعالن اللجنة العليا لالنتخابات قرارها رقم 1لسنة 2015بشأن بدء انتخابات جملس النواب ىف مارس من نفس العام ،تصدرت العائالت التى تتمتع بنفوذ سياسى املشهد االنتخابى ،حيث حرصت العائالت عىل استمرار متثيلها ىف الربملان بشكل متواكب مع التطورات السياسية التى طرأت عىل الدولة بعد ثورتى 25يناير و 30يونيو سواء من خالل ترشيح الوجوه الشبابية من أبنائها أو عقد جممع انتخابى لإلمجاع عىل مرشح من أبنائها وذلك للحفاظ عىل متثيلها داخل جملس النواب.
وال متثل انتخابات 2015إستثناء من حيث تأثري وتنافس العائالت عىل مقاعد الربملان ،فيذكر أن احلزب الوطنى عىل مدار العقود الثالثة املاضية اعتمد عىل هذه القوى سواء ىف االنتخابات الترشيعية أو املحلية ملا متثله من بنية اجتامعية وسياسية متامسكة. أو ًال :استمرار العائلة كفاعل سياسى:
اتفق الباحثون ىف جمال تطور احلياة السياسية املرصية عىل دورا مهماً ىف تفاعالت النظام السياسى أن «العائلة» تلعب ً املرصى ،ليس فقط من خالل االنضامم لألحزاب السياسية ترشحا أو انتخا ًبا ،بل كان أو املشاركة ىف االنتخابات العامة ً هلا تأثريها ىف جمريات العملية السياسية ىف خمتلف العهود.
10
فإذا كانت «العائلة» ىف الغرب قد تراجع دورها ومكانتها لصالح التنظيامت احلديثة كاألحزاب السياسية والنقابات واحتادات العامل ،ففى مرص ال زالت العائلة تتمتع بنفوذها نتيجة ضعف مثل هذه التنظيامت ،فاستمر كون العائلة هى ا ُملعرب وا ُملمثل احلقيقى ملصالح أفرادها .وكان حرصها عىل ممارسة دور سياسى وتواجدها بالقرب من السلطة ىف العهود املاضية حماولة للحفاظ عىل مصاحلها االقتصاية من ناحية، ومكانتها االجتامعية من ناحية أخرى ،لذلك ال تصطدم تلك القوى بكيان الدولة ،بل عىل العكس تكن هلا كل مشاعر
التقديس ،ويؤكد عىل ذلك استمرار دورها وإن تفاوت ىف بعض الفرتات -مثل فرتة حكم اإلخوان – كشأن غريها من مؤسسات الدولة التى تراجعت هيبتها ىف الفرتة التالية لـ 11 فرباير .2011
وقد أكد عدد من الباحثني املرصيني وغري املرصيني عىل أمهية «العائلة» ىف تفاعالت النظام السياسى املرصى ،فأشارت الدكتورة عزة وهبى إىل حمورية دورها مستخدمة لفظ األعيان وكبار املالك ومتوسطى املالك ىف حتليلها لـ «الصفوة»، أى النخبة الربملانية ،وذلك ىف دراستها املعنونة «السلطة الترشيعية ىف النظام السياسى املرصى بعد يوليو ،»1952 حيث أشارت إىل استمرار النخبة الربملانية ما قبل 1952 داخل جملس األمة ،وعربت عن ذلك باالستمرار األرسى داخل السلطة الترشيعية .وأشار أيض ًا اىل نفوذ «العائلة» ىف مرص الباحث األمريكى املتخصص ىف الشئون املرصية إريك تراجر مستخدم ًا لفظ العشرية « »Clanكمرادف للعائلة، موضح ًا أن تلك القوى تشكل الكتلة احلرجة للناخبني وتظهر مساندهتا وتعاطفها مع الدولة حتى ىف حلظات االنحسار. ويدعم ذلك تصويت تلك الكتلة لصالح الفريق أمحد شفيق ىف االنتخابات الرئاسية لعام ،2012فض ً ال عن دعمها لثورة 30يونيو وهى ما متيزت به عن سابقتها -ثورة 25يناير -من حيث االمتداد اجلغراىف هلا ىف قرى ومدن املحافظات املرصية. وعىل مدى القرنني التاسع عرش والعرشين كانت “العائلة” متثل القطاع األكرب من النخبة الربملانية ،وهو ما أكدته الباحثة اليابانية إيمى سوزوكى ىف أطروحتها للدكتوراه بجامعة طوكيو حول استمرارية العائلة ىف الربملان املرصى من 1866 إىل .2000وعىل الرغم من أن البيئة االنتخابية ىف انتخابات 2000و 2005أجريت حتت إرشاف قضائى كامل – ألول مرة ىف تاريخ االنتخابات املرصية ،-حيث توافرت الكثري من الضامنات االنتخابية إال أن ذلك مل يمنع من استمرار سيطرة العائلة عىل الربملان ،حتى من مل حيظ برتشيح احلزب الوطنى احلاكم له آنذاك ،وذلك ىف إطار احلديث عن وقوع جتاوزات ىف اللجان االنتخابية لصالح مرشحى احلزب احلاكم ،فتمكن املنشقون عن احلزب الذين يتمتعون بنفوذ قبىل وعائىل من
الرتشح بشكل مستقل والنجاح ىف االنتخابات.
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
يتبني مما تقدم ،أن العائلة ال تنتمى لزمن مىض وانتهى حتى وإن كانت مشاركة ىف أحزاب ونظم انتمت لزمن مىض وانتهى ،بل عىل العكس ،هى وحدة رئيسية ىف تفاعالت النظام السياسى املرصى ،ظلت حريصة عىل االستمرار ىف السلطة أو عىل األقل كانت بالقرب منها للحفاظ عىل مصاحلها ومكانتها ،ويمكن تفسري ذلك وفق عنارص تتعلق بتفاعالت النظام السياسى ،عىل النحو التايل: -1ضعف التنظيامت احلديثة:
إن اهلدف األصيل من التنظيامت احلديثة كاألحزاب السياسية، والنقابات املهنية ،واالحتادات العاملية ،واملؤسسات األهلية هو التمثيل والتعبري عن مصالح أعضائها والدفاع عنها من خالل التأثري عىل السياسات احلكومية ،ومن ثم فإن الضعف املؤسسى هلذه التنظيامت ىف املجتمع – أى جمتمع – جيعل التأثري األقوى واألكرب لصالح القوى التقليدية كالعائلة والقبيلة والعشرية والدين.
فكان نفوذ العائلة ىف مرص نتيجة طبيعية لضعف التنظيامت احلديثة ،فمن ناحية ،عىل الرغم من الزيادة العددية لألحزاب والتى تقدر بنحو 88حزب ًا إال أن األحزاب الكبرية منها ظلت أسرية لتحالفات القوى التقليدية ممثلة ىف العائلة ،رغم أن التجربة احلزبية ىف مرص قد مر عليها قرن من الزمان* إال أهنا مل تستطع التعبري عن نفسها كتنظيامت حداثية عرصية ، حتى وإن اعتربت نفسها كذلك ملا تتضمنه من مظاهر تعرب عن ذلك مثل :االنتخابات الداخلية ،وعقد االجتامعات، واللجوء إىل القضاء ىف حالة اخلالفات أو املساس بنظام احلزب .ومن ناحية ثانية ،فإن النقابات املهنية رغم التضخم النسبى إلمجاىل العضوية هبا إال أهنا مل تتمكن من القيام بدورها ،حيث التعبري والدفاع عن مصالح أعضائها ،وذلك نتيجة ازدياد الدور السياسى داخلها عىل حساب الدفاع عن املصالح املهنية ألعضائها ،ومن ناحية ثالثة ،تراجع دور النقابات العاملية التى بلغ عددها نحو 23نقابة ىف الدفاع عن حقوق أعضائها وهو ما تؤكده االستقاالت اجلامعية آلالف العامل من االحتاد العام لنقابات عامل مرص ،ويدعم من ذلك بروز ظاهرة النقابات املستقلة ىف أعقاب ثوة 25يناير ،ومن ناحية رابعة ،رغم االزدياد املرتفع ىف أعداد املؤسسات األهلية حيث بلغ عددها عام 2013نحو ( )43.500ألف مجعية
* بدأت احلياة احلزبية ىف مرص منذ عام ،1907ففى 20سبتمرب من ذلك العام تأسس «احلزب الوطني» بزعامة مصطفى كامل ،وىف 9ديسمرب من نفس العام تأسس «حزب اإلصالح عىل املبادئ الدستورية» ،ثم تبعها تأسيس عدد من األحزاب بتشجيع من اإلنجليز وأخرى بتأييد من مر عليها قرن من القرص .ويعترب الباحثون أن دورة احلياة احلزبية ىف مرص ّ الزمان وإن كانت هناك قطيعة مؤسسية خالل احلقبة النارصية.
فض ً ال عن امتدادها اجلغراىف ىف خمتلف حمافظات اجلمهورية، إال أهنا مل تتمكن من النهوض بمستوى املجتمع خاصة عىل الصعيد االقتصادى.
-2نفوذ العائلة ىف مواجهة التنظيامت احلديثة:
استمدت التنظيامت احلديثة ىف مرص -منذ نشأهتا -قوهتا بتحالفها مع أبنية القوة التقليدية كالعائلة واألرسة املمتدة والقبيلة، ومل يتوقف األمر عند هذه التنظيامت بل امتد ليصل إىل املؤسسات الرسمية ،فكانت النخبة احلاكمة عىل مر العهود حترص عىل امتداد نفوذها ىف األقاليم من خالل اختيار أبناء العائالت ىف املؤسسات الرسمية عىل املستوى املحىل ومن هنا جاءت سيطرة هذه القوى عىل أجهزة اإلدارة املحلية ىف األقاليم ،وقد دعم ذلك من وصوهلا إىل اهليئات الترشيعية ،فكانت األغلبية العظمى من أعضائها منذ بدء احلياة النيابية ىف مرص ينتمون إىل مشايخ وعمد القرى وكبار ومتوسطى املالك ىف أرياف الوجه البحرى والقبىل .فكانت التفاعالت السياسية داخل التنظيامت واملؤسسات تقوم عىل الوالءات والعالقات العائلية ،وكان من شأن ذلك ازدياد نفوذ العائلة ىف وجه التنظيامت واملؤسسات احلديثة ،فلم تبق العائلة هى املمثل واملعرب عن املصالح واملدافع عنها فحسب ،بل حتولت التنظيامت احلديثة إىل أدوات طيعة ىف يد العائلة ومصاحلها.
وال يمكن إغفال التطورات التى حلقت باملجتمع وكذلك انعاكسات العوملة وثورة االتصاالت واملعلومات مؤخر ًا، فمن ناحية ،جيد املتتبع لتاريخ عدد من العائالت أن نفوذها قد تراجع عام قبل لكنه كان لصالح عائالت أخرى -وهو ما يعرف بـ Second stratumأى العائلة التى حتتل املرتبة الثانية -وليس لصالح التنظيامت احلديثة ،وهو ما يؤكد أن تلك التنظيامت عىل الرغم من أهنا ولدت حداثي ًا لكنها ظلت منجذبة ومشدودة لصالح العائلة .ومن ناحية أخرى، فقد أثر التحديث والتعليم عىل التامسك وااللتزام العائىل، لذلك اجتهت العائلة للتكيف مع تلك املتغريات ،وسعت إىل احتواء مترد جيل الشباب خاصة املتعلمني منهم ىف إطار ما يعرف بتحديث األرسة /العائلة ،وكان من مظاهر ذلك أن مرشح العائلة ىف االنتخابات مل يصبح هو الشيخ أو العمدة الرجل الذى تقدم به العمر كام كان احلال من قبل ،فأصبح للمتعلمني مكانة وبدأ يتم الدفع هبم ىف االنتخابات بمساندة من العائلة ،كل ذلك للحفاظ عىل متاسكها ومصاحلها التى تقتىض منها أن يكون هلا دور سياسى. ثاني ًا :العائلة ..الفاعل الرئيس ىف العملية االنتخابية: عىل الرغم من التطور الذى طرأ عىل طبيعة األنظمة السياسية
11
ىف مرص خالل القرنني التاسع عرش والعرشين ،وما تبعها من حتديث ألداء املؤسسات السياسية الرسمية خاصة السلطة الترشيعية السيام فيام يتعلق بتطوير وفاعلية اختصاصاهتا، إال أنه كان بوترية أرسع من تطور املؤسسات السياسية غري الرسمية كاألحزاب ،فأصبح التنافس ىف االنتخابات الترشيعية بني أشخاص أكثر منه بني أحزاب تتمتع بربامج سياسية وممثلة ملصالح وفئات اجتامعية.
لذلك ظلت “العائلة” هى الفاعل الرئيس ىف العملية االنتخابية ،فعىل مدى العقود الثالثة املاضية اعتمد احلزب الوطنى احلاكم آنذاك عىل هذه القوى ىف االنتخابات النيابية واملحلية وكان ممث ً ال ملصاحلها ،ووصل األمر ىف انتخابات 2010أن يقوم احلزب باختيار أكثر من مرشحني عىل الدائرة الواحدة ،حيث كانت االنتخابات جترى وفق النظام األغلبي** وكل دائرة انتخابية ممثلة بمقعدين ،وذلك تفادي ًا لالنشقاقات التى قام هبا عدد من أعضاء احلزب ىف انتخابات 2000و 2005ومتكنوا من النجاح كمستقلني ،كام سبقت اإلشارة ،ويؤكد ذلك أن التنافس ىف تلك االنتخابات بني عائالت أكثر منه بني أحزاب. وقد أسهم شكل النظام االنتخابى ىف استمرار العائلة داخل السلطة الترشيعية ،كام تكشف الدعاية االنتخابية للمرشحني ىف االنتخابات عن مدى التنافس العائىل /القبىل عىل مقعد الربملان ،ويمكن توضيح ذلك عىل النحو التايل: أ -النظام االنتخابى ودعم العائلة:
تلعب األنظمة االنتخابية دور ًا ىف دعم “العائلة” للوصول إىل الربملان ،فإذا كانت هناك نظم انتخابية تعمل عىل تشجيع قيام األحزاب السياسية وتوفر هلا حمفزات وتسهم ىف توسيع قاعدهتا الشعبية ،فعىل العكس من ذلك ،فإن هناك نظماً انتخابية تعمل عىل حرص األحزاب السياسية ىف أطر ضيقة ضمن نطاق القبيلة والعائلة وصلة القرابة.
فقد أسهم األخذ بالنظام األغلبى – الرتشح بطريقة فردية – خالل العقود املاضية ىف االنتخابات الترشيعية عىل استمرار العائلة داخل الربملان ،وبام أن األحزاب تعرب عن مصالح حذرا من إدخال أية تعديالت أعضائها فكان احلزب احلاكم ً ترض بمصالح أعضائه ،أو متكن أحزاب ًا أخرى منافسة من دخول معرتك السياسة ،فعادة ما كانت تتجنب تغيري النظام االنتخابى .ومن ناحية أخرى ،أسهم النظام االنتخابى ىف تقوية العالقة بني املرشح – عضو الربملان فيام بعد – وبني
12
** النظام األغلبى يتضمن 5أشكال منها ،نظام الفائز األول ،ونظام اجلولتني ،ونظام الصوت البديل ،ونظام الكتلة ،ونظام الكتلة احلزبية. ومرص حالي ًا تعتمد عىل نظام اجلولتني وفق قانون االنتخابات الصادر ىف 5يونيو .2014
ناخبيه من أبناء الدائرة وكان من شأن ذلك استمرار الوالء العائىل أو القبىل. ويؤكد مدى تأثري شكل النظام االنتخابى عىل تراجع نفوذ العائلة ونجاحها ىف االنتخابات ،أنه عندما تم األخذ بالنظام النسبى ىف االنتخابات الترشيعية لعام ،1984وكذلك األخذ بالنظام املختلط ىف انتخابات ،1987تراجع متثيل عدد من العائالت التى ظلت حمتفظة بمقعدها داخل الربملان.
وبرز تأثري غياب النظام األغلبى مرة أخرى وبشكل كبري عىل متثيل العائلة داخل الربملان -حتى وإن كانت هناك عوامل أخرى قد أسهمت ىف تراجع متثيلها -عندما تم األخذ بالنظام املختلط ىف االنتخابات األخرية التى أجريت ىف ،2012/2011حيث أثر ذلك عىل متثيل العائلة لصالح القوى التقليدية األخرى من التيارات الدينية*** وهو ما حرصت عليه مجاعة اإلخوان املسلمني مستغلة وحدهتا عىل الساحة السياسية ولإلطاحة هبذه القوى ،وإن كان بعض من املنتمني للقوى التقليدية ( العائلة) متكن من الوصول جلولة اإلعادة أمام مرشحى التيار اإلسالمى ،ومتكن آخرون من النجاح عىل قوائم األحزاب املدنية األخرى.
فعادة ما يؤثر تغيري شكل النظام االنتخابى عىل مصالح “العائلة” ،فاألخذ بالنظام االنتخابى النسبى حيث اتساع الدائرة االنتخابية من شأنه أن يؤدى إىل انحسار دور العائلة وضعف احتاملية متثيلها داخل الربملان ،وذلك بخالف الدوائر الضيقة التى متكنها من حشد أفراد العائلة وأنصارها. ب -العائلة والدعاية االنتخابية:
باستثناء االنتخابات الترشيعية لعام 2012 /2011التى اتسمت باالستقطاب الدينى والسياسى وتصاعد أزمة اهلوية ،تعد عائلة املرشح وخيوط اتصاله بأصهاره وأنسابه من العائالت األخرى هى املحدد األكثر تأثري ًا لصاحله ىف االنتخابات الترشيعية ،يؤكد ذلك أن الدعاية واحلمالت االنتخابية ىف األقاليم ترتكز عىل العصبية والوالء القبىل أكثر منها عىل برامج وسياسات حزبية ،ويمكن تفسري ذلك بالشعارات التقليدية عند مساندة مرشح ىف األرياف، حيث تظهر شعارات “ابن البلد” و“ابن العائلة” وإن كانت هذه الشعارت تعرب عن العصبية ىف مضموهنا ،إال أن ترديد شعارات مثل “الربملان الربملان هو بتاعنا من زمان” يكشف عن مدى امتداد وسيطرة سلسلة من أبناء العائلة الواحدة داخل الربملان .وهذا مل يقترص عىل مرشحى احلزب الوطنى
*** عىل الرغم من انتامء عدد من أبناء العائالت ذات النفوذ السياسى جلامعة اإلخوان املسلمني إال أن مجاعة اإلخوان تعتمد عىل شعارات دينية ىف االنتخابات أكثر من اعتامدها عىل التصويت العائىل ،ولذلك تعد من القوى التقليدية التى تعتمد عىل الدين أكثر من العائلة.
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
خالل العقود املاضية ،فكذلك مرشحو األحزاب األخرى ىف األرياف أيض ًا ال يعتمدون عىل برامج أحزاهبم ىف الدعاية االنتخابية ،بل كانت العصبية والقبلية هى حمور الدعاية هلم.
أضف إىل ذلك ،أن جيل الشباب من العائلة متكن من مزج احلداثة بالتقليدية ىف الدعاية االنتخابية ،وعمل عىل تطويع شبكات التواصل االجتامعى لدعم مرشح “العائلة” .ومن خالل متابعة عدد من صفحات “فيس بوك” لبعض من املرشحني وجد أهنا حتمل اسم املرشح وعائلته ،حيث يشري مضمون الدعاية عن املرياث العائىل داخل السلطة الترشيعية ملا حتمله من “صور” ألقارب املرشح داخل جملس النواب أو جملس الشيوخ ىف مرحلة التعددية ،1952 - 1923أو جملس األمة ىف فرتة ما بعد يوليو ،1952أو جملس الشعب والشورى ىف فرتة ما بعد .1971ومن ناحية أخرى ،توجد صفحات عىل مواقع التواصل االجتامعى حتمل أسامء عائالت تدعم مرشحا ينتمى لعائلة أخرى .فأصبحت وسائل التواصل االجتامعى التى تعرب عن احلداثة أداة للتسويق السياسى للعائلة. ثالث ًا :العائلة وانتخابات : 2015 عىل الرغم ما تشهده الساحة السياسية املرصية من حراك ملحوظ لكثري من األحزاب والقوى السياسية استعداد ًا لالنتخابات الربملانية القادمة ،إال أن التحركات احلزبية ىف املحافظات تكشف عن حماوالهتا جلذب “العائالت” وترشيح رموزها عىل قوائمها وليس هبدف ترشيح كوادرها التنظيمية أو الربملانية ،ويؤكد ذلك عىل أمهية العائلة ىف االنتخابات النيابية القادمة. و ُيرجح استمرار نفوذ العائلة ىف االنتخابات القادمة فشل التحالفات بني األحزاب ،فبعد مرور نحو نصف عام عىل إعالن عدد من التحالفات بني األحزاب املرصية إال أن تلك األحزاب مل تتمكن من تأسيس حتالف انتخابى يقوم عىل أساس براجمى ،ويرجع ذلك إىل الضعف املؤسسى
والتنظيمى لألحزاب ،وغياب الظهري االجتامعى هلا وعدم متثيلها ملصالح اجتامعية معينة ،وضعف االنسجام واالتساق بني قياداهتا ،واتساع اخلالفات والتناقضات الداخلية بينها ،وغياب الثقة املتبادلة بينها ،واستمرار حالة االستقطاب ،وتراجع مستويات التحفيز ،فض ً ال عن غياب وثيقة مكتوبة يحُ دد فيها أطراف التحالف والتكاليف املحددة لكل حزب.
ويؤكد استمرار فشل تشكيل حتالف بني عدد من األحزاب، ضعف نتائج الدعوة األخرية التى وجهها حزب الوفد لرؤساء األحزاب من أجل تشكيل قائمة موحدة استجابة لدعوة الرئيس السيسى حول وحدة الصف وإهناء حالة الترشذم بني األحزاب والقوى السياسية ،وذلك خالل لقائه برؤساء األحزاب ىف 12يناير .2015وإن كان قد دعم من ذلك أيض ًا أن األغلبية التى تتضمنها القوائم االنتخابية األربع هى متثيل للفئات النوعية ،مما جيعل متثيل النخب الربملانية من العائالت ضعي ًفا ومن ثم ال حترص عىل خوض االنتخابات من خالل تلك القائمة. وعىل جانب آخر ،يمثل شكل النظام االنتخابى املعمول به ىف االنتخابات القادمة دعماً “للعائلة” ،حيث إن أغلبية املقاعد من نصيب الرتشح بالطريقة الفردية ،فوفق ًا لقانون تقسيم الدوائر الصادر ىف ديسمرب ،2014والذى قسم اجلمهورية إىل 232دائرة للفردى و 4دوائر للقائمة ،يالحظ أن عدد دوائر الفردى قد زاد بعدد عرش دوائر بخالف االنتخابات السابقة ،عىل نحو يمكن مرشحى العائالت الربملانية التقليدية من حشد أنصارهم ومؤيدهيم لصاحلهم ىف االنتخابات ،ويدعم من ذلك أن 35دائرة من الدوائر الفردية قد بلغ عدد مقاعدها ثالثة وهو ما ال يشكل عبئ ًا عىل تلك القوى بل يتيح هلا التنسيق مع القوى األخرى ،فض ً ال عن 118دائرة احتفظت كام هى بمقعدين ،إال أن 79دائرة منها لصالح مقعد واحد مما جيعل هناك منافسة شديدة بني العائالت الربملانية التقليدية عىل هذه املقاعد.
13
برملان :٢٠١٥نحو تطور إيجابى فى التمثيل السياسى للمرأة د .أمانى الطويل رئيس وح��دة ال��ع�لاق��ات ال��دول��ي��ة مبركز األهرام للدراسات السياسية واإلستراتيجية
يبدو أن برملان ٢٠١٥سوف يشهد تطورا مهام عىل صعيد حيازة النساء املرصيات عىل املقاعد الربملانية ،حيث يضمن هلا قانون مبارشة احلقوق السياسية ،رقم ٤٦لعام ٢٠١٤مقاعد تقدر ىف حدها األدنى بعدد ٥٦مقعدا ،من جمموع ٥٦٧مقعدا، وذلك بموجب نظام القوائم القومية املغلقة واملطلقة ،والذى حاز عىل كثري من اجلدل السيايس ،ورفضته معظم املنظامت النسوية والقوى السياسية ،ورغم كل ذلك ففى تقديرنا ،أنه يشكل تطورا ىف السياسات العامة ،فيام يتعلق بالتمثيل السياسى للمرأة ،حيث أجرب األحزاب السياسية املرصية أن تسعى إىل النساء ىف جتربة هى األوىل من نوعها ىف مرص منذ ،١٩٥٦عام حصول املرصيات عىل حقهن ىف الرتشح واالنتخاب.
14
وقد ساهم ىف تطوير السياسات العامة إزاء النساء عدد من املتغريات منها ،أن الكتلة التصويتية النسوية أصبحت كتلة ضخمة ،وصلت إىل 24مليون صوت ،وذلك كنتيجة مبارشة للسباق االنتخايب ،الذى تقاسمه احلزب الوطنى ومجاعة اإلخوان املسلمني ،خالل العقدين األخريين ،وحشدا فيه النساء ضد بعضهـن البعض ،عرب استصدار البطاقات االنتخابية كل لفريقه .كام لعبت هذه الكتلة دورا أساسيا ىف إسقاط حكم اإلخوان املسلمني ،ىف إطار التهديدات املبارشة التى شكلها دستور ،2012عىل احلقوق املدنية للمرصيات وحرياهتن الشخصية ،حيث كانت املادة العارشة منه ،قد ركزت عىل الدور اإلنجابى للمرأة بوزن أعىل من دور املرأة ىف املجال العام .ومل تكن اإلشارة ىف ديباجة هذا الدستور إىل أن النساء شقائق الرجال ،كافية لضامن حقوق قانونية متساوية للجنسني .كام أن عدم حتديد سن الطفولة يمكن أن يسهم ىف ترشيع قوانني ختفض سن الزواج ،بام كان يعد عائقا أمام املرأة ىف احلصول عىل التعليم املناسب ،واملؤهل للتقدم املهنى والعمل السياسى .وىف األخري ،فإن عدم النص عىل كفالة الدولة بأكملها وليس األحزاب فقط– كام ورد ىف الدستور -عدم التمييز ضد املرأة بسبب اجلنس ،كان يعد تراجعا عن كل الدساتري املرصية السابقة ،وهو أمر ينتج خلال ىف املراكز القانونية بني الرجال والنساء ،ويتيح نصوصا ترشيعية وممارسات فعلية متييزية ضد املرأة .وقد ساهم ىف
فاعلية الكتلة التصويتية للمرأة املرصية أيضا ،تطور وعيها السياسى سواء بسبب االحتقانات السياسية واالجتامعية فيام قبل ثورة يناير 2011أو كآثار مبارشة هلا. أوال :التمثيل السياسى للمرأة بني اخلربات واملستجدات
يمكن القول أن سياسات التمييز اإلجيابى التى تم تطبيقها ىف مرص مل تضمن احلد األدنى املطلوب عامليا( ٪20عىل األقل) ،حيث مل يتجاوز حجم التمثيل حاجز الـ 12%خالل الستني عاما املاضية ،كام أن التمثيل السياسى للنساء ( الكوتا) مل يتجاوز % 2دون سياسات التمييز اإلجيايب.
وقد بدأ تطبيق نظام كوتا التمثيل السياسى املبارش، واملعروفة باسم الكوتا القانونية ألول مرة عام ،١٩٧٩حيث تم تعديل قانون االنتخابات رقم 22لعام ١٩٧٢بالقانون مقعدا رقم ٣٨لعام ،١٩٧٩والذى سمح بتخصيص ثالثني ً للنساء كحد أدنى ،وبواقع مقعد عىل األقل لكل حمافظة ،ومل يسمح للرجال بالتنافس عىل تلك املقاعد ،بينام سمح للنساء بمنافسة الرجال عىل باقى املقاعد ،ولكن تم إلغاء هذا القانون عام ١٩٨٩بعد أن تم تطبيقه ىف دورتى ١٩٧٩و .١٩٨٤وىف حماولة أخري ،تم إقرار الكوتا القانونية عام ،٢٠١٠وبضغط مبارش من السيدة األوىل وقتذاك سوزان مبارك ،وهى الكوتا التى تسببت ىف زيادة عدد مقاعد الربملان إىل ٦٥مقعدا.
أما بعد ثورة يناير ،2011فقد أعلن املجلس العسكرى عن صدور قانون تكوين وتشكيل األحزاب اجلديد ،رقم 2 لسنة ،2011ومن أهم االشرتاطات التى تضمنها القانون فيام خيص املرأة ،عدم قيام احلزب ىف مبادئه أو براجمه أو ىف مبارشة نشاطه أو ىف اختيار قياداته وأعضائه ،بالتمييز عىل أساس دينى أو طبقى أو طائفى أو فئوى أو جغراىف أو بسبب اجلنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة. وقد ألزم القانون األحزاب برتشيح امرأة واحدة عىل القوائم احلزبية ،دون أن حيدد هلا موقعا ىف القائمة ،والتزمت األحزاب بتطبيق هذا القانون ،ولكنها وضعت املرأة ىف ذيل القوائم االنتخابية ،وبالتاىل مل يزد التمثيل النسائى ىف برملان ،2011عن % 1.8من حجم مقاعد الربملان.
ثانيا :قانون مبارشة احلقوق السياسية لعام :٢٠١٤
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
مل تؤد كوتا التمثيل املبارش إىل خلق وتوليد كوادر سياسية نسائية ،قادرة عىل العمل العام وحيازة املقاعد الربملانية، حيث غالبا ماخيتفى عضوات الربملان من الكوتا القانونية من املجال العام بكل جماالته ،ويعجزن عن االستمرار ىف ممارسة أى دور له طابع املشاركة السياسية بأى من مستوياهتا املتعددة. وطبقا هلذه اخلربة السلبية تم إقرار كوتا الرتشح احلزبية ،التى أقرها قانون االنتخابات األخري ،وهى خالصة دراسات متت ىف برنامج املرأة بمركز األهرام ،متطلعة إىل حتقيق عدد من املستهدفات ،منها وضع مسئولية تربية الكوادر السياسية عىل األحزاب السياسية ،وهى املعمل الطبيعى هلذا النوع من املهام ،و تنشيط ودعم قدرات عضوية األحزاب من النساء، بام يعزز ىف األخري قدرهتن عىل خوض السباق االنتخايب، طبقا لرشوط االستحقاق واجلدارة.
وقد أصدر رئيس اجلمهورية ،القرار رقم 126لسنة ،2014بتكوين جلنة خرباء قانونيني ،إلعداد مرشوعى قرارين بتعديل بعض أحكام كل من القانون رقم 73لسنة 1956اخلاص بتنظيم مبارشة احلقوق السياسية ،والقانون رقم 38لسنة 1972ىف شأن جملس الشعب ،بام يتوافق مع دستور ،٢٠١٤حيث أشار القرار إىل أنه عىل اللجنة أن تنتهى من أعامهلا خالل مخسة عرش يوم ًا ،وأن تعرض ما انتهت إليه ،عىل القوى السياسية والشعبية إلبداء املالحظات عىل التعديالت خالل مدة مخسة عرش يوم ًا .وعىل الرغم من ذلك ،فلم تقدم اللجنة دعوات ىف وقت مناسب للمنظامت أو األحزاب السياسية ،لسامع مقرتحاهتا بشأن النظام االنتخابى األمثل ،لتمكني النساء من املشاركة احلقيقية والفعالة ىف انتخابات جملس النواب .وقد دفع ذلك املوقف ،بعض املنظامت النسائية واألحزاب السياسية ،إىل إصدار بيان ضد اللجنة ،وأدان املوقعون عدم مراعاة القرار اجلمهوري ،متثيل النساء داخلها ،حيث مل تتضمن عضوية اللجنة سيدة واحدة ىف هذا التشكيل ،الذى كان مطلبا واضحا من املنظامت واملجموعات املعنيه ،مشريا إىل رضورة أن يكون هناك نساء بني املرشعني الذين يقومون بتعديل القانونني ،اللذين من شأهنام حتقيق مطالب النساء ،بالتمثيل العادل هلن ىف املجالس املنتخبة ،ويضمن حتقيق مطالب كافة فئات املجتمع املرصي. وقد قامت اللجنة املعنية ،بتقديم مسودة أوىل لقانون مبارشة احلقوق السياسية بشأن متثيل النساء عىل القوائم القومية ،بحيث التزيد عىل ٢٤مقعدا ،ونتيجة الضغوط التى مارسها املجلس القومى للمرأة جاءت صيغة القانون ،لتعطى للمرأة ٥٦مقعدا و ٪٥٠من حجم تعيينات رئيس اجلمهورية لتصل إىل ٧٠مقعدا ،يضاف إليها املقاعد الفردية.
الشاهد أن هذه النتائج مل ترض قطاعا واسعا من املنظامت والنخب النسوية ،التى سبق أن قدمت اقرتاحات بأنه أيا ما كان النظام االنتخايب ،فإنه البد أن يدعم املشاركة السياسية للمرأة ،بام ال يقل عن الثلث ،سواء الفردي ،أو القائمة ،أو النظام املختلط ،مشريين إىل رضورة النص ىف النظام الفردي، عىل ختصيص مقاعد للمرأة عىل مستوى كل دائرة انتخابية، بمعنى أن يتم متثيل الدائرة االنتخابية ،بثالثة أعضاء ،اثنني من الرجال ،وامرأة واحدة ،وبطريقة تضمن أن تكون الدوائر االنتخابية ،متالئمة ومتناسبة ىف حدودها اجلغرافية والبيئة االنتخابية ،وأن يتبع عند رسم حدود الدوائر االنتخابية التقسيم اإلدارى للمحافظة. كام اعرتضت هذه املنظامت عىل أن القانون قد أقر ىف املادة الرابعة منه ،أربع دوائر لنظام القائمة ،دون مراعاة الكثافة العددية طبق ًا للنوع االجتامعى مما يمثل ظلماً للنساء. ثالثا :انتخابات ٢٠١٥و مسارات التفاعل :
-١دور املنظامت النسوية ىف االنتخابات:
تواجه املرشحات ملجلس النواب االستحقاق االنتخايب عىل مسارين ،مها املقاعد الفردية والقوائم القومية ،فعىل املستوى األول تبدو فرص النساء حمدودة ،نظرا لطبيعة البيئة االجتامعية التى تسيطر عليها ثقافة ذكورية من ناحية، واالحتياجات املالية الضخمة لتمويل احلمالت االنتخابية الفردية ،وربام تكون هذه املعطيات وراء إعالن ٤٤سيدة فقط ،خوضهن االنتخابات عىل املقاعد الفردية ،من جمموع ٤٢٠مقعدا ،خمصصا للنظام الفردي ،بينام جذبت القوائم القومية اهتامم معظم الراغبات ىف خوض السباق االنتخايب، وهى القوائم التى ختصص ٪٥٠من مقاعدها للنساء. -نساء من أجل النساء :
نشطت املنظامت النسوية املرصية عىل تنوعاهتا ،ىف بحث سبل دعم التمثيل السياسى للمرأة املرصية ىف برملان ،٢٠١٥ وظهر عدد من املبادرات هبذا الشأن ،والتى تبلورت ىف اجتامعات مكثفة هلذه املنظامت ،لبلورة خطة عمل ،ودفع العديد من الشخصيات املؤهالت خلوض االنتخابات .وىف هذا السياق قام كل من املجلس القومى للمرأة ،واملنظامت النسائية بخطوتني :األويل ،التوسع ىف عمليات تدريب الراغبات ىف الرتشح للربملان ،عىل اخلربات املطلوبة خلوض العملية االنتخابية ،حيث كان النصيب األكرب ىف هذه العملية للمجلس القومى للمرأة ،نظرا المتالكه مقرات مناسبة ىف العديد من املحافظات املرصية.
أما اخلطوة الثانية ،فهى تقديم كشوف بأسامء مقرتحة لشخصيات نسائية قادرة عىل خوض السباق الرئاسى
15
لألحزاب السياسية ،وذلك طبقا لعدد من املعايري ،منها املشاركة ىف جلنة اخلمسني كعضوة رسمية خمتارة ،أو ناشطة ىف جلان االستامع ،التى قدمت مقرتحات بشأن املواد الدستورية ،كام تضمنت هذه املعايري احلضور اإلعالمى لبعض الشخصيات ،فضال عن املؤهالت العلمية ،واخلربات السياسية العامة ،كام تعهدت بعض املنظامت بتقديم دعم ماىل ملرشحات بعينهن ،طبقا ملعايري وضعتها هذه املنظامت، وأجرت عىل أساسها مقابالت شخصية. -٢األحزاب السياسية :
يمكن رصد األداء احلزبى ىف عملية التمثيل السياسى للنساء ،ىف اجتاهني ،األول ،جتاهل ترشيح النساء عىل املقاعد الفردية ،إال من متلك القدرة عىل التمويل املايل ،أو االنتامء العائيل ،أو كال الرشطني معا ،وفيام يتعلق بالقائمة القومية، فقد جتاهلتها األحزاب بشكل كبري ،وتركتها للتحالفات االنتخابية املوسعة واملشرتكة ،بني العديد من الفواعل السياسية كشخصيات عامة ،كان هلا مناصب تنفيذية ىف الدولة ،أو رموز سياسية هلا نشاط سابق والحق لثورة يناير ىف إطار اجلبهة املرصية للتغيري ،وقد ساهم هذا التجاهل للنساء ىف دفع املجلس القومى للمرأة ،إلصدار بيان يوضح ورود شكاوى للمجلس من سيدات حزبيات ،مفادها أنه ال يوجد أى دعم هلن من خالل األحزاب املنتميات هلا ،وأن بعض القيادات العليا باألحزاب السياسية تتجاهل الكوادر النسائية املوجودة لدى احلزب ،مما يصعب عىل السيدات الراغبات ىف الرتشح احلصول عىل دعم هذه األحزاب.
كام نشطت املنظامت النسائية أيضا ىف دحض مزاعم بعض األحزاب السياسية ،بعدم وجود كوادر نسائية قادرة عىل خوض االنتخابات ،مشرية إىل غياب النساء عن تشكيل التحالفات االنتخابية املختلفة ،ىف ظل االستعداد النتخابات جملس النواب القادم ،ومفاوضات األحزاب املدنية املختلفة ىف تشكيل هذه التحالفات خاصة ىف مسألة القوائم ،حيث مل تفسح هذه التحالفات جما ً ال للنقاش مع املنظامت واملجموعات النسوية املعنية باملشاركة السياسية للنساء ،حول متثيل النساء
16
ىف هذه التحالفات ،وحول وضعهن ىف اخلريطة االنتخابية سواء عىل قوائم هذه التحالفات ،أو ىف حالة ترشحهن عىل مقاعد فردية ،وذلك هبدف تفادى التعامل مع كتلة نسوية واحدة وذلك طبقا لرؤى املنظامت النسوية.
وطبقا للمعطيات السابقة فإن مالمح املشهد االنتخابى النسوي ،تشري إىل مقاومة نسبية من جانب األحزاب السياسية ،لرتشيح النساء عىل املقاعد الفردية ،والسعى إىل حتقيق معادالت ثالثية ورباعية ىف املرشحة للقائمة ،بحيث يمثل كل أنواع الكوتا ،فيتم السعى مثال إىل امرأة تكون مسيحية ،وشابة ،وربام معاقة ،وذلك بغض النظر عن استحقاقات الكفاءة واجلدارة السياسية. ومن جانب آخر ،فإن هذا املشهد يشري إىل تصاعد وتطور أدوار املنظامت النسوية عىل الصعيدين الرسمى وغري الرسمي ،وتنامى قدرات هذه املنظامت ىف التنسيق والتشبيك فيام بينها ،وبالتاىل النجاح ىف ممارسة ضغوط عىل دوائر صنع القرار ،تسفر غالبا عن نتائج مازالت حمدودة فيام يتعلق بتحقيق استحقاقات ورشوط املواطنة الكاملة للمرصيات.
وىف األخري ،طبقا للمشهد االنتخابى املرصي ،الذى أعلنت عنه اللجنة العليا لالنتخابات ،فإن حجم املرشحني ملجلس النواب ىف عام ،2015قد وصل إىل 7416مرشحا، منهم 6467من الذكور ،و 949من النساء ،بام يعنى أن حجم املرشحات من إمجاىل عدد املرشحني هو ،% 12.7عىل القوائم واملقاعد الفردية ،وطبقا هلذه املؤرشات ،فإنه من غري املتوقع أن يتجاوزحجم التمثيل النسوى اإلمجاىل ىف برملان ،2015بنسبة .% 10 وعىل ذلك فإن الطريق إىل التمثيل النسائى ىف الربملان ،ما زال طويال ،حتى تصل مرص إىل املعدالت املطلوبة عامليا لتمثيل سياسى عادل .ورغم ذلك فإننا يمكن أن نشهد متغريات مهمة ىف انتخابات املجالس املحلية ،والتى ينص فيها قانون مبارشة احلقوق السياسية احلاىل عىل نسبة 25%للنساء ،وربام يكون هذا هو أول الطريق أمام املرصيات ،خللق نوع من التوازن التمثيىل ىف املجالس املنتخبة عىل كافة أنواعها.
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
نحو متثيل عادل لألقباط فى احلياة السياسية فى برملان 2015 نوران شريف باحثة فى العلوم السياسية
لقد مثلت ثورة اخلامس والعرشين من يناير عام 2011 نقطة مفصلية ىف تاريخ املشاركة السياسية للمرصيني بصفة عامة واألقباط بصفة خاصة ،حيث زادت نسب املشاركة السياسية ىف هذا الصدد بصورة ملحوظة .وفيام يىل، نستعرض بصورة خمترصة تطور وضع األقباط خالل الفرتة من 25يناير 2011حتى 30يونيو ،2013يىل ذلك عرض لتمثيل األقباط ىف الربملانات السابقة ،وأخري ًا ،متثيل األقباط املحتمل ىف برملان .2015 تطور وضع األقباط من 25يناير :2011مثلت تفجريات كنيسة القديسني ىف اإلسكندرية مطلع عام ،2011نقطة حتول هامة ىف تاريخ العالقة بني األقباط والدولة .حيث ترتب عليها نزول األقباط إىل الشارع ألول مرة منذ عقود طويلة كوسيلة للمطالبة بحقهم ىف معرفة اجلانى والقصاص منه .ومع تعاىل األصوات املنادية باملشاركة ىف تظاهرات 25يناير 2011ىف األوساط املسيحية ،كان رد الفعل الفورى من جانب الكنائس املرصية الثالث ( األرثوذوكسية والكاثوليكية واإلنجيلية) هو رفض تلك الدعوات .ذلك املوقف الذى تغري فيام بعد بعدما اتضح عجز نظام مبارك وعدم قدرته عىل الصمود وقرب زواله. يضاف إىل ذلك انضامم أعداد كبرية من الشباب القبطى لتلك التظاهرات التى رفعت شعارات «العيش واحلرية والعدالة االجتامعية» .وقد عكست األيام األوىل من الثورة املرصية حالة فريدة ،حيث كان يصعب التفرقة ما بني املسلم واملسيحى ،وكان هناك هدف واحد حيرك كافة املتظاهرين. األمر الذى جعل من ميدان التحرير يبدو كمدينة فاضلة تسودها قيم احلق واخلري والتسامح. ومع بداية انخراط الشباب القبطى ىف املشاركة السياسية ىف أعقاب 25يناير ،2011ظهرت جمموعة من احلركات االحتجاجية القبطية عرب الشبكات االجتامعية املختلفة وعىل رأسها الفيسبوك .ومن تلك احلركات :حركة أقباط بال قيود وحركة مينا دانيال وحركة أقباط أحرار وأقباط من أجل االنتخابات .إال أن ذلك التقدم تأثر بجريمة ماسبريو ىف أكتوبر ،2011حيث دفعت تلك اجلريمة جمموعة من
األقباط للعزوف عن املشاركة السياسية ،لكن عىل اجلانب اآلخر شجعت واقعة ماسبريو أعدا ًدا أخرى عىل مزيد من املشاركة. مع وصول الرئيس األسبق حممد مرسى للسلطة ،تعمقت األزمة بني األقباط والدولة .ووصلت قمة األزمة بأنسحاب ممثىل الكنائس املرصية من اجلمعية التأسيسية لصياغة ً اعرتاضا عىل املادة 219من دستور ،2012 الدستور، واملتعلقة بتفسري مادة الرشيعة اإلسالمية .ترتب عىل ذلك مترير مرشوع الدستور ىف ظل غياب ممثىل الكنيسة .كام أن الرئيس األسبق مل حيرض حفل تنصيب البابا توارضوس الثانى ،بابا اإلسكندرية وبطريرك الكرازة املرقسية .وبسبب عدم الرضا الشعبى عن حكم الرئيس حممد مرسى الذى كان واضح ًا ىف أكثر من موضع ،وجهت عدة قوى سياسية دعواهتا للشعب املرصى باالنتفاض ىف مواجهته ،ودعمت القوات املسلحة هذه االحتجاجات ،وكذلك الكنائس املرصية ،وشجعتها منذ اللحظة األوىل. بالنسبة للرئيس عبد الفتاح السيسى ،فبعد أن توىل رئاسة اجلمهورية ىف مطلع عام ،2014شعرت األوساط القبطية بقدر كبري من االرتياح .كام اختذ السيسى ورئيس وزرائه املهندس إبراهيم حملب جمموعة من اخلطوات اهلامة التى زادت من شعبيته لدى األقباط .وكان عىل رأسها؛ قيام رئيس الوزراء بإطالق مرشوع مسار العائلة املقدسة ىف عام ،2014وحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى قداس عيد امليالد ىف يناير 2015 ليكون بذلك أول رئيس مرصى حيرض القداس منذ عدة عقود، حيث اعتاد الرؤساء السابقون إرسال من ينوب عنهم. وفيام يتعلق بالربملان القادم ،فهو ذو أمهية خاصة لألقباط، حيث من املنتظر أن يكفل هلم أكرب متثيل سياسى منذ عقود. كام ينتظر األقباط الربملان القادم إلقرار عدد من القوانني التى طال انتظارها ،ومنها قانون األحوال الشخصية وقانون بناء الكنائس .وكان قد تم االتفاق عىل قانون بناء الكنائس بعد مناقشات ما بني الطوائف املسيحية ،كام تم تقديم مسودة منه للدولة ومناقشته معها لضبطه ،ومن املتوقع أن يساهم صدور هذا القانون ىف إهناء جزء كبري من أسباب االحتقان 17
الطائفى ىف مرص ،فاملادة 235من فصل األحكام االنتقالية ىف دستور 2014تنص عىل أنه« :يصدر جملس النواب ىف أول دور انعقاد له بعد العمل هبذا الدستور قانو ًنا لتنظيم بناء وترميم الكنائس ،بام يكفل حرية ممارسة املسيحيني لشعائرهم الدينية» .أما بالنسبة لقانون األحوال الشخصية ،فلم يتم اإلنتهاء بعد من مناقشته والتوافق عليه ما بني الطوائف
املسيحية ،متهيد ًا ملناقشته مع الدولة. التمثيل السياسى لألقباط ىف الربملانات السابقة: من خالل مراجعة املشاركة السياسية لألقباط ىف احلياة السياسية يمكن مالحظة أن األقباط ىف الربملان املرصى مل يكونوا ممثلني بصورة كافية ىف جملس الشعب (أنظر جدول رقم .)1
جدول 1 - التمثيل السياسى للمرصيني األقباط ىف الربملان ()2012-1924 عدد نواب الربملان
عدد النواب األقباط
نسبة النواب األقباط
العام
1925
214
15
%7
1926
235
23
% 9.7
1924
1926
214
17
1931
150
4
1938
264
6
1945
264
12
1936 1942
232
264
% 7.9 % 2.6
20
% 8.6
27
% 10.2
% 2.2
% 4.5
1950
319
10
% 3.1
1964
360
(واحد منتخب و ثامنية معينون)9
% 2.5
1957 1969
350 348
1971
360
1979
360
0
( أثنان منتخبون و سبعة معينون)9
%0
% 2.5
(ثالثة منتخبون و تسعة معينون)12
% 3.3
)أربعة منتخبون و عرشة معينون( 14
% 3.8
1987
458
(ستة منتخبون و أربعة معينون)10
% 2.1
1995
454
نواب معينون6
% 1.3
2005
454
2012
508
1976 1984
1990 2000
2010
18
214
16
% 7.4
370 468 454 454 518
ثامنية نواب معينون
(أربعة منتخبون و مخسة معينون)9 (واحد منتخب و ستة معينون)7
% 2.1 % 1.9 % 1.5
)ثالثة منتخبون و ثالثة معينون( 6
% 1.3
)أربعة منتخبون و ستة معينون( 10
% 1.9
(واحد منتخب و مخسة معينون)6
)ستة منتخبون و مخسة معينون( 11
% 1.3 % 2.1
املصدر :أنظر ؛ نبيل لوقا بباوى ،مشاكل األقباط ىف مرص و حلوهلا ،دار الكتب املرصية .2001 ،و عمرو هاشم ربيع (حمرر) ،دليل النخبة الربملانية املرصية ،2012مركز الدراسات السياسية و االسرتاتيجية.2012 ،
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
يالحظ أنه منذ األخذ بنظام التعيني ،إزداد عدد النواب األقباط املعينون عىل النواب الذين يتم إنتخاهبم .فعىل سبيل املثال نجد أن إمجاىل عدد النواب األقباط املنتخبني بداية من برملان 1964و حتى برملان ،2012وصل إىل 35نائب ًا قبطي ًا، و هو عدد يعترب ضئيل إىل حد كبري .أما بالنسبة إلمجاىل عدد النواب األقباط املعينني خالل نفس الفرتة ،فبلغ 82نائب ًا . رفيام يتعلق بربملان ،2012فلقد ضم إحدى عرشنائبا قبطيا وهو العدد الذى إقرتب من برملان ،1978والذى ضم 10 نواب أقباط .وبصفة عامة ،مثل برملان 2012حالة استثنائية، خيث شهدت االنتخابات الربملانية 2011زيادة ىف معدالت املشاركة السياسية سواء من ناحية الرتشح أو اإلقبال عىل التصويت .ولقد كان مبدأ املواطنة هو املحزك االسايس الذى دفع املرصيني للمشاركة ىف تلك االنتخابات دون دوافع طائفية. أسباب حمدودية التمثيل السياسى القبطى ىف الربملان: ن��ادر ًا ما ينجح مرشح قبطى مستقل ىف االنتخابات، فالغالبية العظمى للنواب األقباط نجحوا بنظام القائمة .إال أنه أحيان ًا ما يتمكن املرشح القبطى املستقل من الوصول إىل مرحلة اإلعادة ،لكن أيض ًا قلام يكون الفوز من نصيبه .وىف واقع األمر ،هناك العديد من التفسريات التى يمكن االستناد عليها لتربير النسبة املنخفضة لنجاح املرشحني األقباط ىف الربملان .منها أسباب أيديولوجية ونفسية متعلقة باألقباط ذاهتم ،حيث الكثري منهم ،كحال الكثري من املرصيني ،يتسم بالسلبية ويميل لالنعزال عن احلياة السياسية وعدم املشاركة فيها .أو ألسباب متعلقة باملجتمع املرصى ذاته ،وإىل أى وتقبل اآلخر والوعى مدى تسوده قيم التسامح واملواطنة ُّ باالختالف .فمتى سادت تلك القيم ،زادت نسب التصويت للمرشحني األقباط .وىف هذا السياق ،نشري إىل الدور السلبى الذى قد يلعبه بعض أئمة املساجد ،كالتحذير من التصويت للمرشح القبطى وبث األفكار املتطرفة التى حتض عىل كراهية اآلخر وعدم احرتامه . وأخري ًا ،هناك أسباب متعلقة بالكنيسة ،حيث أضحت خالل العقود السابقة تلعب دور الوسيط ما بني األقباط والدولة .فداخل أسوار الكنيسة ،كان األقباط يتلقون معظم ما حيتاجونه من خدمات ،كاخلدمات الطبية واالجتامعية والثقافية .ومن ثم ،اختذ األقباط من الكنيسة وطن ًا بدي ً ال ،األمر الذى شغل األقباط عن املشاركة السياسية ىف الدولة وتنميتها. يضاف إىل ذلك بعض التعاليم الكنسية التى دفعت األقباط لعدم اإلحتجاج عىل ما يلقونه من هتميش داخل الدولة. أما عن الدور السياسى الذى قد تلعبه الكنيسة القبطية ىف االنتخابات الربملانية ،2015فلقد أكد البابا توارضوس الثانى أن الكنيسة ال تلعب أى دور سياسى ،وأن دورها يقترص عىل اجلانب الروحى فحسب .وأشار إىل أن الكنيسة
القبطية الدخل هلا بمن يرشح نفسه بصورة فردية ،أما بالنسبة للقوائم ،فلقد رصح قداسته أن الكنيسة تلقت السري الذاتية ملجموعة من األقباط الراغبني ىف الرتشح ،والكنيسة بدورها قد أرسلت تلك السري الذاتية للقائمني عىل القوائم ،دون االنحياز ألى طرف. ويأتى ترصيح البابا توارضوس الثانى بأن «األوطان أبقى من الكنائس» تأكيدً ا عىل مبدأ املواطنة ،وإشارة منه إىل أن الكنيسة لن تسعى لتوجيه األقباط سياسي ًا ىف االنتخابات القادمة ،األمر الذى سوف تتضح مدى صحته ىف املدى القريب. األقباط و برملان :2015 من املنتظر أن يصل أعضاء جملس النواب املرصى القادم إىل حواىل 567عضو ًا ،وذلك إذا عني الرئيس كل النسبة املرخصة له ،فبحسب قانون جملس النواب احلاىل ،يبلغ عدد األعضاء الذين يتم انتخاهبم من الدوائر الفردية 420عضو ًا. كام يصل عدد األعضاء الذين يتم انتخاهبم من خالل القوائم إىل 120عضو ًا ،وبذلك يكون اإلمجاىل 540عضو ًا .ثم يضاف إليهم من يعينهم الرئيس ىف حدود %5من هذا العدد املنتخب ،أى حواىل 27عضو ًا .ومن ثم ،يكون إمجاىل عدد األعضاء 567عضو ًا. اإلطار الترشيعى النتخابات :2015 يستند اإلطار الترشيعى احلاكم لالنتخابات الربملانية القادمة عىل جمموعة من العنارص ،يأتى عىل رأسها الدستور، حيث قد نص الدستور عىل جمموعة من احلقوق األساسية كتمثيل الشباب واملرأة والعامل .فنصت املادة 244من فصل األحكام االنتقالية من دستور 2014عىل أنه« :تعمل الدولة عىل متثيل الشباب واملسيحيني واألشخاص ذوى اإلعاقة واملرصيني املقيمني ىف اخلارج ،متثي ً ال مالئام ىف أول جملس للنواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور ،وذلك عىل النحو الذى حيدده القانون» .كام نص الدستور عىل جمموعة من الواجبات كرضورة مشاركة املواطنني ىف التصويت عىل االستفتاء ،وكذلك رضورة مشاركتهم ىف االنتخابات الربملانية والرئاسية واملحلية .وجدير بالذكر أن هناك عد ًدا من االعرتاضات التى ثارت ىف مواجهة املادة ( )244من دستور ،2014عىل اعتبار كوهنا مادة تكرس الفئوية والطائفية ىف املجتمع املرصى. وسوف يكون األمر املميز لألقباط ىف االنتخابات الربملانية القادمة ،هو متثيلهم بمقاعد حمجوزة هلم ،ضمن مقاعد القوائم االنتخابية ( التى تتضمن 120مقعدً ا) .وباإلضافة لتمثيل األقباط ،فسوف تكون هناك مقاعد خمصصة لفئات أخرى كالعامل والفالحني ،والشباب ،واملرصيني باخلارج، وأصحاب اإلعاقة .يضاف لذلك أنه يشرتط ىف كل القوائم أال تقل املقاعد املحجوزة للمرأة عن 56مقعد ًا .إال أنه ىف
19
نفس الوقت ،حيق لكل من ينتمى لفئة من الفئات السابق ذكرها الرتشح ىف الدوائر الفردية ،وعددها 237دائرة، عضوا. ويفوز عنها 420 ً ومن ثم ،تكون هناك فرصة كبرية لتواجد قبطى أكرب ىف الربملان القادم .حيث من املمكن أن يرتشح املواطن القبطى سواء وفق ًا للنظام الفردى أو القوائم ،كام أنه هناك إمكانية أن يتم تعيينه من قبل رئيس اجلمهورية .وىف هذا السياق ،يشري البابا توارضوس الثانى إىل رضورة أن يتسم املرشح القبطى بالكفاءة والوطنية ،وأن يكون عىل قدر كبري من الثقافة والعلم ،عىل اعتبار كونه سوف يكون جز ًءا من املنظومة الترشيعية للدولة املرصية. األقباط وقانون الدوائر االنتخابية : خصص القانون رقم 202لسنة 2014واملتعلق بتقسيم الدوائر االنتخابية 120مقغدا يتم انتخاهبم من دوائر القوائم .وىف إطار نظام القوائم االنتخابية ،تم تقسيم مجهورية مرص العربية إىل أربع دوائر انتخابية بموجب قانون تقسيم الدوائر(قانون رقم 202لسنة .)2014وتم االتفاق عىل أن تكون اثنتان منها بواقع 45عضو ًا ىف كل منهام؛ دائرة قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا ،ودائرة قطاع شامل ووسط وجنوب الصعيد .وكذلك دائرتان تتضمنان 15مقعد ًا لكل منهام؛ دائرة رشق الدلتا ،ودائرة غرب الدلتا .وسوف يتم العمل بنظام القائمة املغلقة املطلقة ،بمعنى أنه متى حصلت القائمة عىل ( )1+%50من األصوات الصحيحة تعترب فائزة، أما إذا مل حتصل عىل هذه النسبة ،فتجرى اإلعادة بني القائمتني احلاصلتني عىل أكرب عدد من األصوات الصحيحة .وخيتلف ذلك النظام عن الذى كان معمولاً به ىف انتخابات -2011 ،2012والتى متت بنظام القائمة النسبية املغلقة .ومن املفرتض أن تتضمن كل قائمة خمصص هلا عدد 15مقعد ًا ثالثة مرتشحني من املسيحيني .كام يتعني أن تتضمن كل قائمة
20
خمصص هلا عدد 45مقعد ًا تسعة مرتشحني من املسيحيني، ليكون إمجاىل العدد 24مقعدً ا. مما سبق ،يتضح أن ختصيص كوتا لفئات بعينها هى سابقة مل حتدث ىف أى برملان سابق ،ويأتى األقباط عىل رأس هذه الفئات حيث حتدد هلم نسبة ثابتة ( 24مقعدً ا) .وىف واقع ُظر إليه بطريقة إجيابية أو األمر ،إن تطبيق نظام الكوتا قد ين ُ سلبية .فمن ناحية ،قد يساعد عىل متثيل األقباط سياسياً بشكل أفضل وقد يكون أفضل اخليارات ىف ظل حمدودية متثيل األقباط ىف الربملان خاصة منذ عام .1952ومن ناحية أخرى ،قد تساهم الكوتا ىف تقسيم املجتمع املرصى عىل املدى الطويل .وىف هذا السياق ،رصح البابا توارضوس الثانى أنه يفضل أن يتم تولية املناصب ىف الربملان عىل أساس الكفاءة والوطنية وليس عىل أساس اإلنتامء الدينى ،إال أنه بصفة عامة ،من املمكن اعتبار نظام الكوتا حلاًّ مؤقتًا إلعادة دمج فئة عانت لعقود طويلة من حمدودية التمثيل السياسى داخل الربملان املرصى .ومن ثم ،من املمكن أن يتم تطبيق نظام الكوتا لألقباط ىف الربملان لفرتة من الوقت إىل أن ُيثبت النائب القبطى كفاءته وفاعليته ومدى قدرته عىل إحداث تأثري إجيابى ىف حل مشاكل املرصيني ،وبالتاىل يكتسب ثقة الناخب .وبالتوازى مع ذلك ،يتم تنظيم جمموعة من الربامج السياسية واحلزبية تستهدف دمج األقباط ىف احلياة السياسية كام أن املقاعد املخصصة لألقباط ىف الربملان القادم ( 24مقعدً ا) عددها ال يتناسب وتعداد األقباط ىف مرص. وإمجا ً ال ،من املتوقع أن ينتج الربملان القادم أكرب متثيل سياسى لألقباط منذ عقود طويلة مضت .ومن ثم ،يتعني أن تقدم القوى السياسية أفضل ما لدهيا من عنارص ،كى ال نجد قبطيا، أنفسنا أمام نائب تم اختياره بصورة شكلية ملجرد كونه ًّ ملجرد ملء الفراغ واستكامل القوائم ،بغض النظر عام إذا كان يتسم بالكفاءة الالزمة من عدمها.
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
املؤمتر االقتصادى وفرص التنمية املنشودة حسني سليمان ب��اح��ث اق��ت��ص��ادى م��رك��ز األه���رام للدراسات السياسية واإلستراتيجية
ىف ظل نقص املعلومات الرسمية املتعلقة باملؤمتر االقتصادى املزمع عقده ىف شهر مارس ،2015يغدو من الصعب إجراء تقييم مسبق له ىف ضوء األهداف املرجو حتقيقها من ورائه وحجم اإلنجاز املتوقع اخلروج به من هذا املؤمتر ،خاصة مع اآلمال العريضة التى تعلقها احلكومة والرئيس عليه، وإشاراهتم املتكررة له بوصفه أشبه بطوق نجاة لالقتصاد ،أو حتى “ذراع” للبالد عىل حد وصف الرئيس مؤخر ًا. فإىل حد كبري ما يزال حجم االستثامرات “املستهدفة” – بغض النظر عام سيتحقق فعلي ًا بعد املؤمتر – غري واضح ،حيث أشارت ترصحيات رسمية ملسئولني حكوميني –مثل نجالء األهوانى وزيرة التعاون الدوىل -مع هناية عام 2014إىل استهداف جذب ما بني 10إىل 12مليارات دوالر ،بينام تشري أخرى حديثة ىف مطلع العام احلاىل ألرشف ساملان وزير االستثامر إىل استهداف جذب 20مليار دوالر من االستثامرات ىف املؤمتر ،وذلك بدون إيضاح أسس تلك التقديرات املستهدَ فة املتباينة ،أو ما تنوى اإلدارة السياسية تقديمه كى تصل باالستثامرات املستهدفة إىل ما يقرب من ضعف ما كانت تأمل فيه قبل أشهر معدودة .وكذلك تبدو املعلومات شحيحة جد ًا فيام يتعلق بعدد املرشوعات التى ستُطرح ىف املؤمتر وماهيتها ،أو أبرز البلدان التى ُيتوقع أن تكون مصدر ًا لالستثامرات املستهدفة من وراء املؤمتر. يدخل كل ما سبق ىف إطار تقييم أهداف املؤمتر ىف حد ذاهتا وليس نجاحه ىف حتقيقها ،فاجلانب األخري سيتحدد ىف أعقاب املؤمتر وفق ًا حلجم املرشوعات التى سيعلن عن تنفيذها أثناء انعقاده ،باإلضافة لتقييم عىل مدى زمنى ممتد بعد انتهاء املؤمتر وفق ًا للتدفقات االستثامرية الفعلية التى ستنتج عنه خالل األطر الزمنية التى سيعلن عنها ىف أثنائه .فاإلعالن عن عزم جهة ما تنفيذ عدد من املرشوعات ىف توقيت حمدد لن نستطيع تقييم صحته إال بحلول هذا التوقيت املعلن للوقوف عىل مدى فاعلية ما نتج عن املؤمتر من وعود وترصحيات .وهو ما حييلنا بالتاىل إىل ما نستطيع تقييمه ىف هذا التوقيت ،وهو ما يتعلق بحجم االستثامرات املستهدفة باملقارنة بحجم اآلمال املعلقة عليها ،واحتامالت حتققها والقطاعات املرجح استحواذها عىل االستثامرات املتحققة أي ًا كان حجمها الفعىل ،وأخري ًا النتائج فعليا. املتوقعة حال تدفق االستثامرات املرجح حتققها ًّ
أولاً :احلجم املستهدف لالستثامرات:
تدرجييا منذ اإلعالن تصاعد االهتامم باملؤمتر االقتصادى ًّ عن عقده قبل ما يقرب من عام ،وتصاعدت معه بالتاىل الطموحات بام سيخرج به من آفاق جديدة لالقتصاد املرصى وصلت ىف ذروهتا إىل ترصحيات الرئيس املشار إليها سابق ًا، والتى توحى وغريها الكثري بكون املؤمتر سيمثل نقطة حتول ىف املسار االقتصاد املحىل تضعه عىل طريق التنمية املستدامة. لكن تقييم حمورية املؤمتر لالقتصاد املرصى يرتبط إىل حد كبري أو ً ال بام يستهدف املؤمتر حتقيقه ،ثم بالتاىل عىل ما نرجح ً ً كونه سيتحقق فعليا .وإذا نظرنا أوال إىل حجم االستثامرات املستهدفة ،خاصة ىف سياق السلسلة الزمنية لتدفقات االستثامر األجنبى إىل مرص عىل مدى السنوات العرش األخرية ،فقد نتمكن من إدراك بصورة أوضح ما إذا كان ما يستهدفه املؤمتر يتالءم مع ما ُيعلق عليه من آمال ،خاصة من ِقبل اإلدارة السياسية املرصية.
ويوضح الشكل رقم ( )1تدفقات االستثامر األجنبى إىل مرص منذ عام 2005وحتى ،2013وهى فرتة زمنية قد شهدت كام يربز الشكل عدد ًا من التقلبات تأتى عىل رأسها األزمة املالية العاملية ىف عام 2009والثورة املرصية ىف يناير .2011 ووفق ًا للبيانات الواردة ىف الشكل البيانى ،فإن االستثامرات األجنبية إىل مرص قد عاودت ىف 2012و 2013تدفقها بمعدالهتا الطبيعية ملا قبل الثورة ىف ،2011حيث بلغت 5.6 مليار دوالر ىف 2013و 6.9مليار دوالر ىف ،2012ىف حني كانت حققت 6.7و 6.4مليار دوالر ىف 2009و 2010عىل التواىل ،وهو ما شكل حينئذ انخفاض ًا نامج ًا عن األزمة املالية العاملية التى وصلت تدفقات االستثامر قبيل اندالعها مبارشة إىل ذروهتا بـ 11.6مليار دوالر ىف عام ،2007و 10مليارات ىف .2006 وبالعودة مرة أخرى ملا تأمل احلكومة املرصية ىف اجتذابه من استثامرات ،فإنه يرتبط باإلطار الزمنى لتنفيذ املرشوعات التى ستُطرح ىف املؤمتر ،فمعدالت االستثامر املستهدفة ستمثل مؤرشات خمتلفة وفق ًا ملا إن كانت املرشوعات ستنفذ ىف عام واحد وبالتاىل ستكون التدفقات املستهدفة هى لسنة واحدة –
21
شكل رقم ()1
املصدر :تم اعداده وفق ًا لبيانات « »UNCTAD, World Investment Report, Annex table 1, 2008,2014
وهو أمر مستبعد إىل حد ما – أو إذا كانت املرشوعات املطروحة ستُنفذ عىل أكثر من عام – عامني عىل أقل تقدير – وهو ما سيقلص بالتاىل من حجم التدفقات السنوية لالستثامرات املستهدفة وفق ًا لعدد أعوام تنفيذ املرشوعات. فوفق ًا لترصحيات هناية العام املاىض ،فجذب استثامرات بقيمة 10إىل 12مليار دوالر سيمثل مضاعفة لتدفقات االستثامرات احلالية إذا تم تنفيذها ىف عام واحد ،لكن إذا تم ضخها لتنفيذ مرشوعات تستغرق عامني عىل األقل ،فسترتاوح التدفقات االستثامرية بالتاىل بني 5و 6مليارات دوالر لكل عام، وهى املعدالت املتحققة حالي ًا بدون املؤمتر .وكذلك الوضع بالنسبة للترصحيات األخرية بخصوص جذب 20مليار دوالر ،فتدفقها عىل مدى عام واحد سيجعل منه العام األكثر جذبا لالستثامرات عىل اإلطالق ىف مرص ،بينام ضخها لتنفيذ مرشوعات ىف عامني أو ثالثة سيضع التدفقات بني 7إىل 10 مليارات دوالر ىف تلك األعوام ،أى عند معدالت تقرتب من تلك املتحققة قبيل األزمة املالية العاملية.
22
إذن باستثناء استهداف جذب 20مليار دوالر لتنفيذ مرشوعات ىف عام واحد ،وهو سيناريو غري مرجح ،فام تأمل اإلدارة السياسية املرصية ىف جذبه من استثامرات ال يشكل معدالت استثنائية تتالءم مع اآلمال العريضة املنعقدة عىل املؤمتر ،فحتى جذب 12مليار دوالر ىف عام واحد أو 20مليار دوالر ىف عامني ال يبدو كافي ًا لتربير الترصحيات املبالغ فيها بخصوص املؤمتر ،فتلك املعدالت حتققت ىف عامى 2006
و 2007ومل تشهد مرص ىف إثرها النقلة االقتصادية التى يوحى هبا تعامل اإلدارة السياسية احلالية مع أهداف املؤمتر. ثانيا :فرص جذب االستثامرات املستهدفة: ًّ
اجلانب اآلخر واألكثر أمهية هو ما تستهدف احلكومة املرصية جذبه من استثامرات ،هو ما قد يتحقق فعلي ًا من تدفقات لرأس املال األجنبى كنتيجة للمؤمتر ،وهو ما يعتمد بصورة رئيسية عىل البيئة االقتصادية ،السياسية ،واألمنية سواء ىف مرص ،أو البلدان املصدرة لرؤوس األموال ،أو عىل الصعيد العاملى برمته.
وجتدر اإلشارة هنا إىل أن «خمزون» االستثامر األجنبى ىف مرص قد بلغ 85مليار دوالر ىف عام ،2013ارتفاع ًا من 20مليار دوالر تقريب ًا ىف عام ،2000أى بتدفق 65مليار دوالر ىف 13 عام ًا ،وهو ما يعنى متوسط استثامرات أجنبية بـ 5مليارات دوالر سنوي ًا طوال تلك الفرتة .وهو رقم من املهم وضعه ىف احلسبان كمؤرش عىل نطاق التدفقات االستثامرية إىل مرص ،وبالتاىل عىل واقعية االستثامرات املستهدفة من عدمها. باإلضافة لذلك فإن القارة األفريقية بأرسها قد اجتذبت ىف عام 2013استثامرات أجنبية تقدر بـ 57مليار دوالر ،وهو ما يعنى أن اإلدارة السياسية املرصية ىف سعيها جلذب 20مليار دوالر من االستثامرات األجنبية – مرة أخرى ،-إن كانت تسعى جلذب هذا الرقم ىف عام واحد ،وإال كام أرشنا فإن املستهدف ال يشكل إضافة استثنائية تستوجب هذه الضجة
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
من األساس – تأمل ىف أن حتقق تدفقات تبلغ 35%تقريب ًا مما حققته أفريقيا ىف عام ،2013والذى كان نصيب مرص الفعىل منه % 9.6فقط. يضاف إىل ذلك أمهية توزيع االستثامرات األجنبية وفق ًا للبلدان املصدرة هلا ،فعىل مدى العقد األخري كانت الواليات املتحدة األمريكية املصدر األول لالستثامرات األجنبية إىل مرص حتى العام املاىل 2008\2007املتزامن مع األزمة املالية العاملية ،والذى تراجعت فيه التدفقات األمريكية وإمجاىل االستثامرات وأصبح فيه االحتاد األوروبى مصدر التدفقات االستثامرية األول إىل مرص حتى اآلن ،وهى التدفقات الصادر أغلبها من اململكة املتحدة ،والتى بلغت وحدها ىف العام املاىل 2014/2013ما يقرب من % 77من إمجاىل تدفقات االحتاد األوروبى ،وتأتى بعد تدفقات االحتاد االوروبى ثم الواليات املتحدة ،االستثامرات الصادرة من البلدان العربية ،والتى مل تتخط منذ األزمة املالية والعام 2009\2008حاجز الـ % 15 من إمجاىل التدفقات االستثامرية السنوية إىل مرص ،وانخفضت ىف العام املاىل 2014/2013إىل % 11.8فقط من % 14.2ىف العام املاىل السابق له.
وإذا نظرنا إىل آفاق نمو االقتصادات املصدرة لالستثامرات اخلارجية إىل مرص ،والتى تؤثر بصورة مبارشة عىل حجم التدفقات منها ،فإن فرص ضخها الستثامرات تفوق أو حتى تتساوى مع معدالت ما قبل األزمة املالية العاملية قد ال تبدو واعدة .فبصورة امجالية ،أخذ نمو الناتج العاملى ىف الرتاجع بصورة مستمرة منذ 2010وحتى 2013من % 5.4وصو ً ال إىل ،% 3.3مع توقعات باســتقرار نموه ىف عام 2014عند % 3.3أيض ًا .وهى توقعات من املرجح أن ختتلف األرقام النهائية الصادرة ىف مطلع العام احلاىل عنها ،وقد تشري إىل تراجع النمو دون هذا املعدل هو اآلخر .وباالضافة لذلك، فقد تم ختفيض توقعات النمو العاملى ىف 2015من 4.4 %لتصل إىل % 3.9وتستقر عند ذلك املعدل حتى ،2019 وهى مؤرشات هامة عن تراجع التفاؤل بخصوص التعاىف العاملىُ .يضاف إىل ذلك تعقد األزمة ىف أوروبا ،املصدر األول لالستثامرات األجنبية ىف مرص ،خاصة ىف منطقة اليورو مع بداية العام احلاىل والشكوك حول مصري تعاون اليونان ىف ملفات القروض والسياسات املالية ىف ضوء االنتخابات األخرية والصعود القوى لليسار ،واحتامالت تكرار هذا السيناريو ىف بلدان األزمة كإسبانيا ،والربتغال ،وإيطاليا .وهى التطورات التى قد تؤدى إىل تداعى االحتاد النقدى برمته إذا رفضت البلدان املأزومة سداد ديوهنا وقررت – اليونان عىل األخص – االنفصال عن منطقة اليورو والعودة لعمالهتا
القديمة منخفضة القيمة لتحفيز النمو .وهى مجيعها حتوالت ستؤدى بطبيعة احلال إىل مزيد من الرتاجع االقتصادى ملنطقة اليورو -خاصة البلدان األقل تعثر ًا كأملانيا وفرنسا -التى حققت ىف عام 2013نموا بلغ ( ،)0.4%-وبالتاىل مزيد من التدهور لالحتاد األوروبى ككل واململكة املتحدة خصيص ًا بام متثله استثامراهتا من ثقل ىف إطار التدفقات إىل مرص. باالضافة لذلك ،تعول احلكومة املرصية إىل حد كبري وفق ًا للترصحيات عىل تدفقات االستثامرات اخلليجية ىف أعقاب املؤمتر ،لكن ىف ظل االهنيار الرسيع الذى شهدته أسعار النفط من 107.9دوالر للربميل ىف يونيو 2014إىل 44.4دوالر للربميل ىف يناير ( 2015أسعار سلة أوبك) واحتامالت أال تتخطى األسعار حاجز الـ 60إىل 70دوالر ًا للربميل لسنوات – أو ربام عىل اإلطالق -وتأثري ذلك عىل نمو اقتصادات اخلليج وخياراهتا ىف اإلنفاق الداخىل واالستثامرات اخلارجية ،فمن الصعب ختيل حتقيق طفرة ىف التدفقات االستثامرية اخلليجية إىل مرص ىف تلك الظروف ،ىف حني مل تتخط 1.5مليار دوالر سنو ًّيا منذ 2011وحتى العام املاىل ،2014/2013وهى الفرتة التى شهدت أكرب قفزة ىف أسعار النفط عىل مدى عقد كامل نتيجة للثورات واالضطرابات ىف املنطقة العربية ،حيث ارتفع سعر النفط (سلة أوبك) بنسبة % 38.7بني عامى 2010و ،2011 بام أدى إىل زيادة استثنائية ىف نمو نواتج البلدان اخلليجية املصدرة للنفط وفوائضها مل تنعكس ىف زيادة االستثامرات اخلليجية إىل مرص ،بل أعقبها تراجعها ىف واقع األمر.
ومن املمكن إىل حد ما استثناء االقتصاد األمريكى من اآلفاق السلبية لالقتصادات املصدرة لالستثامرات األجنبية إىل مرص، فبالرغم من تراجع نموه من % 2.3إىل % 2.2ثم % 2.1ىف أعوام ،2013 ،2012ثم تقديرات ،2014عىل التواىل ،إال آثارا إجيابية عىل االقتصاد أن تراجع أسعار النفط قد يكون له ً األمريكى ىف العام اجلديد عرب خفض تكلفة اإلنتاج وحتفيز االستهالك ،وهو ما سيؤدى إىل دفع الطلب الداخىل األمريكى بام قد خيفف من تأثري تباطؤ نمو الطلب العاملى. وإىل جوار العوامل السابقة املتعلقة باألساس بالبلدان املصدرة لرؤوس األموال ،تبقى األوضاع السياسية واألمنية املتدهورة ىف مرص العامل السلبى األبرز ىف تأثريه عىل تدفقات االستثامر األجنبى أ ًّيا كان مصدره ،فبني تصاعد وترية وحدة العمليات اإلرهابية من اجلامعات الدينية املتطرفة من جانب ،وتآكل احلريات وتضييق املجال السياسى مع اشتداد القبضة األمنية للدولة ،يبدو االستقرار السياسى املستدام والالزم جلذب االستثامرات األجنبية بعيد املنال ىف الفرتة احلالية ،بام يرفع من خماطر املناخ االقتصادى املرصى ويشكل حافز ًا سلبي ًا لدخول السوق املحىل.
23
ثال ًثا :قطاعات االستثامر والتنمية االقتصادية:
فعليا من استثامرات أجنبية ىف وبغض النظر عام سيتحقق ًّ أعقاب املؤمتر وفق ًا لتفاعالت العوامل السابق ذكرها ،سواء عنرصا اخلارجية أو الداخلية ،تبقى قنوات تدفق االستثامرات ً بالغ األمهية كذلك ىف حتديد املنفعة املتحققة من وراء املؤمتر االقتصادى ،واالستثامر األجنبى بصورة عامة. وبالرغم من عدم ترصيح احلكومة املرصية بوضوح عن املرشوعات املزمع طرحها ىف املؤمتر ،إال أن بمقدرونا أن نتوقع القطاعات التى ستستحوذ عىل االستثامرات األجنبية التى ستعقب املؤمتر ،وهى ببساطة القطاعات التى تشكل اآلن – ومنذ سنوات – املقصد الرئيسى لالستثامر األجنبى ملرص، والتى تعكس تفضيالت رؤوس األموال األجنبية وآفاق الربحية وفق ًا لتقييمهم لالقتصاد املرصى.
فقطاع النفط عىل سبيل املثال يستحوذ عىل اجلزء األكرب من االستثامرات األجنبية إىل مرص منذ األزمة املالية العاملية ،حيث ارتفعت حصته من إمجاىل التدفقات من % 45.5ىف العام املاىل ،2008/2007إىل % 75.3ىف عام ،2009\2008 ثم % 68.8ىف عام ،2010/2009و % 73.3ىف العام املاىل ،2011/2010و 60.3%ىف ،2012/2011وأخـري ًا 68.7 %ىف العام املاىل .2013/2012وهى االستثامرات التى تأتى باألساس من اململكة املتحدة ورشكة “ ”BPالنفطية ،والتى كان من املتوقع وفق ًا لترصحيات بعض مسئوليها أن تضخ عدة مليارات من الدوالرات ىف قطاع النفط املرصى ىف السنوات املقبلة ،وذلك بغض النظر عن إقامة مؤمتر اقتصادى من عدمه .ويأتى ىف أعقاب النفط ،قطاعات التمويل واالتصاالت والتصنيع والتى تتبادل مواقعها من عام آلخر وفق ًا لزيادة أو تراجع التدفقات إليها .ويمثل رأس املال اخلليجى العب ًا أساسي ًا ىف االستثامرات األجنبية إىل تلك القطاعات ،وكذلك قطاع اإلنشاء والعقارات الذى يليهم ىف حصته من االمجاىل. لكن بخالف هيكل التدفقات األجنبية املستقر منذ األزمة املالية العاملية والتى ستستمر قطاعاته عىل األرجح ىف جذب االستثامرات من البلدان عينها ،فام ستسعى احلكومة املرصية باألساس إىل طرحه ىف املؤمتر هى املرشوعات الكربى املزمع تنفيذها ،وعىل رأسها حمور تنمية قناة السويس ،مدينة التجارة والتسوق ،واملركز اللوجيستى العاملى للحبوب. واملالحظ ىف املرشوعات الكربى املذكورة ،بالرغم من عدم اإلفصاح إال عن اخلطوط العريضة هلا ،هو كوهنا مرشوعات خدمية ترتبط باألساس بحركة التجارة والسياحة العاملية ،عرب تقديم خدمات للسفن والشحن والتفريغ والتخزين سواء ىف حمور قناة السويس أو ىف املركز اللوجيستى بدمياط ،أو
24
خدمات السياحة والتسوق والرتفيه ىف مدينة التجارة .وهى مرشوعات يرتبط عائدها بنمو وتعاىف االقتصاد العاملى الذى أرشنا سابق ًا إىل تراجع التفاؤل حياله ،وبالتاىل فوضع احلكومة املرصية لقطاع اخلدمات العاملية عىل رأس أولويات مرشوعاهتا ىف املرحلة املقبلة قد يشكل خماطرة غري سديدة ،فهشاشة قطاع اخلدمات العاملية وسهولة تعرضه لصدمات خارجية ،قد تؤثر عىل االقتصاد بأرسه إذا تنامى ثقل هذا القطاع مستقب ً ال وأصبح مصدر ًا رئيسي ًا لفرص العمل والنقد األجنبى. املالحظ هنا بالتاىل أن تفضيالت االستثامرات األجنبية سواء من بلدان اخلليج أو الغرب ،وكذلك املرشوعات الكربى التى جتذب اهتامم احلكومة املرصية ذاهتا ،ترتكز ىف قطاعات الصناعات االستخراجية ،اخلدمات املالية ،االتصاالت، وأخريا خدمات التجارة العاملية والرتفيه ،وهتمل عىل اجلانب اآلخر قطاعى الزراعة والصناعات التحويلية ،ومها القطاعان التقليديان اللذان يشكالن العصب احلقيقى لالقتصاد من خالل إنتاج سلع ملموسة تقوم عليها القطاعات اخلدمية املختلفة .ومع إمهال القطاعني األكثر حيوية وإخراجهام من خريطة االستثامر املطروحة ،سيصبح التأثري السلبى مضاعف ًا من خالل هجرة العاملة إىل القطاعات اخلدمية الناشئة بحث ًا عن دخل أفضل ،بالتزامن مع انخفاض تنافسية املنتجات الزراعية والصناعية املحلية مع تردى جودهتا وارتفاع أسعارها ىف أعقاب ارتفاع سعر اجلنيه املرصى ىف مقابل العمالت األجنبية ،كنتيجة مرجحة لزيادة التدفقات األجنبية من املرشوعات املذكورة .وهو ما سيؤدى إىل انكامش قطاعات الزراعة والصناعات التحويلية تدرجيي ًا ،وحتول االقتصاد املرصى إىل اقتصاد أكثر ريعية قائم عىل أسس هشة معرضة للصدمات اخلارجية القاسية ىف أى توقيت. ما نخلص إليه بالتاىل أن اإلدارة السياسية ىف مرص ربام تبالغ ىف تقديرها للمؤمتر االقتصادى املقبل سواء عىل صعيد االستثامرات األجنبية املتدفقة أو النقلة التنموية الالحقة هلا ،وتتناسى ما يتم التأكيد عليه مرار ًا بأن االستثامرات األجنبية تتبع النمو االقتصادى وال تقوده .وينبغى عىل احلكومة بالتاىل أن تبذل جهد ًا أكرب ىف حتريك املدخرات املحلية صوب قنوات استثامرية تعكس التفضيالت التنموية الداخلية ،وليس اعتبارات ربحية رأس املال األجنبى .وهى املدخرات التى أظهرت فرص ًا واعدة لتمويل التنمية كام اتضح ىف متويل مرشوع “قناة السويس اجلديدة” ىف أيام معدودة بغض النظر عن حتفظاتنا حيال اخليار االستثامرى ذاته وآفاق املنفعة املتحققة من ورائه ،إىل جوار كونه قد عكس مبكر ًا جنوح احلكومة صوب مرشوعات اخلدمات املرتبطة وثيق ًا بالطلب العاملى املتقلب كام أرشنا ،وإمهاهلا للدعائم احليوية لالقتصاد احلقيقى املستدام.
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
مصر وتراجع أسعار البترول عامل ّيًا ..مكاسب أم خسائر؟ د .أحمد قنديل رئ��ي��س ب��رن��ام��ج دراس����ات الطاقة م����رك����ز األه���������رام ل���ل���دراس���ات ال��س��ي��اس��ي��ة واإلس��ت��رات��ي��ج��ي��ة
استمر اهلبوط احلاد ىف أسعار البرتول عامليا ليصل إىل أدنى مستوى له خالل السنوات الست األخ�يرة ىف منتصف شهر يناير .2015حيث وصل سعر خام برنت إىل حواىل دوالرا للربميل ،وهو ما يمثل تراجعا بأكثر من 60ىف 46 ً املائة مقارنة بشهر يونيو ،2014الذى وصل فيه السعر إىل 114.8دوالر (انظر التقرير الشهرى للبرتول الصادر عن وكالة الطاقة الدولية ىف 16يناير .)2015
عامليا خالل الفرتة «مارس -2014يناير تطور أسعار البرتول ًّ »2015ىف تفسريات متعددة:
اختلفت آراء اخلرباء واملحللني حول أسباب هذا الرتاجع احلاد والرسيع واملفاجئ ىف أسعار البرتول عامليا .حيث رأى فريق أن هناك أسبابا اقتصادية ىف األساس وراء هتاوى هذه األسعار ،مشريين إىل الوفرة املتزايدة ىف العرض العاملى للبرتول ،خاصة مع بدء إنتاج اخلام الصخرى ىف الواليات املتحدة ودخوله السوق العاملى كمنافس جديد وقوى ،فضال عن متسك دول أوبك بتعهداهتا السابقة التى اتفقت عليها ىف
شهر نوفمرب 2014بعدم خفض اإلنتاج عن مستواه احلاىل. وعىل جانب الطلب العاملى عىل البرتول ،أشار أنصار هذا الفريق إىل حدوث نمو حمدود ىف هذا الطلب خالل عام ،2014خاصة ىف أكرب األسواق املستهلكة ،وهى أوروبا والصني واهلند واليابان ،نتيجة التباطؤ االقتصادى فيها. بينام رأى فريق ثان أن هذا الرتاجع احلاد ىف أسعار البرتول عامليا سببه رصاع املنتجني للحفاظ عىل حصصهم السوقية. حيث يرى مؤيدو هذا الفريق ،ومنهم وزراء النفط ىف اململكة العربية السعودية ودولة اإلمارات العربية املتحدة ودولة الكويت ،أن ما جرى وجيرى ىف السوق العاملية للبرتول ما هو إال رصاع بني منتجني أكفاء وغري أكفاء .حيث حياول املنتجون األكفاء استعادة أسواقهم التى فقدوها لصالح املنتجني غري األكفاء ،نتيجة ارتفاع أسعار البرتول عامليا ىف السنوات األخرية ،عن طريق شن «حرب أسعار» سيكون فيها البقاء للمنتجني األكثر كفاءة وذوى التكلفة األقل ىف اإلنتاج.
25
وىف مواجهة هذين الفريقني ،ظهر فريق ثالث يؤكد عىل «نظرية املؤامرة» لتفسري تراجع أسعار البرتول عامليا ىف اآلونة األخرية .ويؤكد أنصار هذا الفريق عىل وجود اتفاق ضمنى بني اململكة العربية السعودية والواليات املتحدة هيدف ،بني أمور أخرى ،إىل إضعاف منافسيهم السياسيني، وىف مقدمتهم كل من روسيا ،ملواقفها من أوكرانيا وسوريا، وإيران لتدخلها ىف الشئون الداخلية للدول املجاورة، وتعنتها بشأن برناجمها النووى ،فضال عن دعمها لنظام الرئيس السورى بشار األسد واجلامعات املتطرفة ىف منطقة الرشق األوسط.
وىف هذا السياق ،اهتم الرئيس اإليرانى حسن روحانى دوال مل حيددها بالتآمر خلفض أسعار البرتول العاملية ،مشريا إىل أن االنخفاض الشديد واملفاجئ ىف هذه األسعار مل يكن بسبب عوامل اقتصادية فقط ،وإنام هو “مؤامرة سياسية حاكتها دول بعينها ضد مصالح دول الرشق األوسط والعامل اإلسالمي”. كام أكد الرئيس الفنزويىل نيكوالس مادورو أيضا ىف غالبية ترصحياته العلنية عىل أن هبوط أسعار البرتول العاملية “أمر سياسى بالكامل” .وأعلن الرئيس الروسى فالديمري بوتني رصاحة أنه شخصيا ال يستبعد أن تكون اململكة السعودية والواليات املتحدة “متواطئتني” خلفض أسعار البرتول العاملية. االنعكاسات املتوقعة عىل مرص:
أيا كان تفسري الرتاجع الرسيع واملفاجئ ألسعار البرتول عامليا ىف الشهور األخرية ،سواء كان عوامل العرض والطلب أم رصاع املنتجني للحفاظ عىل حصصهم السوقية أم نظرية املؤامرة ،فسوف تظل هذه األسعار ،عىل األرجح ،متذبذبة وغري مستقرة ىف العام اجلارى ،2015حسبام يؤكد العديد من املراقبني .وسيكون هلذا التذبذب آثار متفاوتة من حيث املكسب واخلسارة بالنسبة ملرص .فعالقة مرص برتاجع أسعار البرتول عامليا هى عالقة معقدة نسبيا ،وليس من السهل التسليم بأن مرص سوف تستفيد بشكل صاف من هذا الرتاجع عىل طول اخلط ،فهناك عدد من االنعكاسات السلبية التى ينبغى وضعها ىف االعتبار ،خاصة وأن االقتصاد املرصى له تشابكات عديدة ،سواء من حيث التجارة واالستثامر املبارش وغري املبارش والعاملة واملساعدات املالية والبرتولية، مع االقتصاديات اخلليجية ،التى سوف تتأثر ،بكل تأكيد، من هذا الرتاجع ،وإن كان هذا التأثر سيكون بدرجات متفاوتة وعىل مدى زمنى طويل نسبيا .وفيام يىل أهم املكاسب واخلسائر املتوقعة بالنسبة ملرص نتيجة تراجع أسعار البرتول عامليا: 26
أول :املكاسب املنتظرة:
-1خفض فاتورة دعم الطاقة واسترياد الغاز الطبيعى املسال:
لو استمرت أسعار البرتول عامليا عند مستواها الراهن دوالرا للربميل) ملدة عام ،فإن إمجاىل التوفري ىف (مخسون ً نفقات فاتورة الواردات البرتولية املرصية سيبلغ أكثر من 35مليار جنيه ،خصوصا أن التقديرات ىف موازنة -2014 2015قامت عىل أساس أن سعر الربميل 110دوالرات. وإذا كانت احلكومة قد رصدت 100مليار جنيه كدعم للمنتجات البرتولية ىف العام املاىل اجل��ارى ،فإن تراجع األسعار عىل النحو احلادث حاليا سيعنى ختفيض العجز ىف املوازنة العامة للدولة إىل نحو 205مليارات جنيه تقريبا بدال من 240مليار جنيه ىف املوازنة التقديرية ،إذا حافظت احلكومة املرصية عىل بنود اإلنفاق األخرى.
ومن ناحية أخرى ،كشف خالد عبد البديع ،رئيس الرشكة القابضة للغازات «إجياس» ،ىف منتصف شهر يناير املاىض ،إن تكلفة استرياد الغاز ستنخفض إىل 2مليار دوالر سنوي ًا بد ً ال من 2.5مليار ،بعد تراجع سعر البرتول ىف األسواق العاملية. وأشار رئيس إجياس إىل أن متوسط سعر الغاز املسال حالي ًا دوالرا للمليون وحدة حرارية ،مقارنة يرتاوح بني 12و13 ً دوالرا قبل انخفاض سعر البرتول ملا وصل إليه بنحو 16 ً حال ًيا .وكانت وزارة البرتول املرصية قد أعلنت أهنا ستبدأ باسترياد شحنات الغاز املسال ابتدا ًء من مارس ،2015 بمعدل 250مليون قدم مكعب يوم ًيا ،لتلبية احتياجات حمطات الكهرباء من الوقود.
-2توفري إمدادات كافية من الطاقة:
من املتوقع أن يعزز انخفاض سعر البرتول عامليا من قدرة وزارة املالية املرصية واهليئة املرصية العامة للبرتول عىل استرياد كميات أكرب من واردات الطاقة بنفس املخصصات املالية املحددة ىف موازنة العام املاىل احلاىل ،2014/2015 وبالتاىل تفادى االنقطاع املتكرر للكهرباء ،وزيادة اإلنتاج ومعدالت استغالل الطاقة االنتاجية القائمة .وجتدر اإلشارة إىل أن مرص تستورد سنويا حواىل مليون طن من البنزين ،و2 مليون طن من غاز الطهى (البوتاجاز) ونحو 7ماليني طن من السوالر.
-3تراجع التضخم وتوفري العملة الصعبة:
من املتوقع أن يقود انخفاض أسعار البرتول عامليا إىل انخفاض أسعار املنتجات البرتولية ،وبالتاىل تراجع أسعار السلع املحلية واملستوردة التى تدخل فيها هذه املنتجات كالسجاد والبالستيك والبرتوكيامويات وغريها من السلع
امللف املرصى -العدد - 7السنة الثانية
التى يتم استريادها من اخلارج .وسيكون لذلك تأثريات إجيابية ،دون شك ،عىل االقتصاد املرصى ،سواء عىل معدل التضخم من ناحية أو عىل االحتياطى النقدى األجنبى الالزم لرشاء البرتول وباقى ال��واردات التى سترتاجع أسعارها بمعدل النصف تقريبا ،إذا ما استمر سعر البرتول عامليا عند دوالرا للربميل. مستوى اخلمسني ً ثان ًيا :اخلسائر املتوقعة:
-1تراجع قيمة الصادرات املرصية من البرتول ومنتجاته:
من املنتظر أن ترتاجع حصيلة صادرات مرص من البرتول واملنتجات البرتولية ىف العام املاىل اجلارى نتيجة انخفاض أسعار البرتول عامليا .حيث تشري البيانات الرسمية إىل أن قيمة صادرات مرص من البرتول اخلام ومنتجاته قد بلغت ىف العام املاىل 2014/2013نحو 7.7مليار دوالر ،و3.3 مليار دوالر عىل التواىل. ومن الرضورى اإلشارة إىل أن الرتاجع ىف أسعار املنتجات البرتولية يكون أقل من الرتاجع ىف سعر البرتول اخلام، وبالتاىل فإن استفادة مرص من الرتاجع ىف أسعار البرتول ستكون ،عىل األرجح ،أقل عىل ضوء اعتامدها عىل تصدير اخلام واسترياد املنتجات املكررة. وجتدر اإلشارة إىل أن قيمة واردات مرص من البرتول اخلام
ومنتجاته ىف العام املاىض وصلت إىل نحو 2.1مليار دوالر و 10.6مليار دوالر عىل التواىل .وبالتاىل ،فقد حققت مرص فائضا ىف جتارة خام البرتول بلغ 5.6مليار دوالر ،بينام حققت عجزا ىف جتارة املنتجات البرتولية بلغ نحو 7.3مليار دوالر ،وهو عجز كبري يلتهم الفائض ىف جتارة البرتول اخلام وجيعل امليزان املرصى للتجارة البرتولية عاجزا بقيمة 1.7 مليار دوالر.
-2نقص حتويالت املرصيني ىف اخلارج:
حذر تقرير البنك الدوىل املشار إليه آنفا من أن انخفاض أسعار البرتول عامليا قد يضعف حتويالت املرصيني باخلارج، والتى تشكل واحدة من أهم روافد النقد األجنبى ىف مرص. حيث يوجد حواىل ثلثى املرصيني العاملني باخلارج ىف دول اخلليج العربى املصدرة للبرتول .وتعانى هذه الدول حاليا من تراجع كبري ىف إيراداهتا من تصدير البرتول ،الذى يشكل أكثر من 80ىف املائة من إمجاىل إيرادات معظم هذه الدول. فإذا ما استمر انخفاض أسعار البرتول عامليا ملدة طويلة، يقدرها اخلرباء بني ثالثة ومخس سنوات ،فمن املتوقع أن جتد هذه الدول نفسها مضطرة إىل خفض إنفاقها العام سواء االستثامرى أو التشغيىل ،وبالتاىل تتزايد إمكانية قيام هذه الدول بالتخىل عن العاملة األجنبية ،ومنها املرصية ىف املستقبل.
جدول ()1 التأثريات املرتتبة عىل انخفاض أسعار البرتول عىل االقتصاد املرصى البند ·
دعم املواد البرتولية
·
التضخم
· · · · · · · · ·
التأثري إجيابى توفري أكثر من 35مليار جنيه
استرياد الغاز الطبيعى املسال
إجيابى توفري 500مليون جنيه
خفض الطلب عىل النقد األجنبي
إجيابى
الواردات املرصية من البرتول ومنتجاته
إجيابى إجيابى
الصادرات املرصية من البرتول ومنتجاته
سلبي
التعاون االقتصادى مع دول اخلليج
سلبي
مرشوعات الطاقة التقليدية واجلديدة
سلبي
حتويالت املرصيني ىف اخلارج
اهليئة العامة للبرتول السياحة
سلبي مليارا سلبى تراجع اإليرادات بحواىل 31 ً
غري حمدد
27
-3تراجع التعاون االقتصادى مع دول جملس التعاون اخلليجي:
يتخوف عدد من املراقبني من التداعيات السلبية النخفاض أسعار البرتول عامليا عىل اقتصاديات الدول اخلليجية البرتولية الرئيسية ،وخاصة اململكة العربية السعودية ودولة اإلمارات العربية املتحدة ودولة الكويت ،وهى الدول األكثر أمهية ىف مساعدة مرص اقتصاديا منذ ثورة 30يونيو .2013حيث يشري هؤالء إىل أن موازنات هذه الدول قد تتعرض هلزة عنيفة ىف املدى املتوسط والطويل نتيجة تراجع إيراداهتا من تصدير البرتول للخارج ،مما سيجعلها أقل قدرة عىل االستمرار ىف تقديم الدعم االقتصادى ملرص ىف املستقبل .وكان وزير املالية املرصى هانى قدرى دميان ،قد رصح مؤخرا بأن احلكومة املرصية قد تلقت مساعدات قدرها 10.6مليار دوالر من دول اخلليج العربى ىف العام املاىل املاىض 2014/ 2013 من بينها منتجات برتولية قيمتها 7.4مليار دوالر ،فيام يمثل املبلغ املتبقى وهو 3مليارات دوالر تقريبا ،منحا نقدية. -4ازدياد صعوبة الوضع املاىل للهيئة املرصية العامة للبرتول:
من شأن تراجع أسعار البرتول عامليا التأثري عىل إيرادات اهليئة املرصية العامة للبرتول ،ىف وقت جتاهد فيه اهليئة من أجل تسديد متأخراهتا املالية للرشكاء األجانب العاملني ىف مرص ،والتى بلغت ىف هناية العام املاىض حواىل 7.6مليار دوالر .فهذه اإليرادات ُمرتبطة بحصيلة اهليئة من الرضائب واجلامرك املفروضة عىل أنشطة الرشكات العاملة ىف قطاع البرتول املرصى ،وبالتاىل إذا تباطأت أنشطة هذه الرشكات بفعل تراجع أسعار البرتول عامليا ،فسوف تنخفض إيرادات اهليئة العامة للبرتول ،واملقدرة ىف موازنة العام املاىل احلاىل بحواىل 105مليارات جنيه .ويتوقع عدد من اخلرباء أن تنخفض حصيلة اهليئة من الرضائب واجلامرك بنسبة 30ىف املائة عىل األقل ،خالل العام احلاىل ،وبالتاىل ستتأثر املوازنة بالسالب بحواىل 31مليار جنيه عىل األقل. -5تباطؤ النمو ىف مرشوعات الطاقة التقليدية واجلديدة:
يتوقع العديد من املراقبني أن يكون لرتاجع أسعار البرتول
28
عامليا ،تأثري سلبى ىف معدل نمو االستثامرات اجلديدة ىف جماالت التنقيب عىل البرتول والغاز الطبيعى ىف ظل إحجام الرشكات العاملية ىف هذا املجال عىل توسيع أعامهلا ىف الفرتة احلالية .بل وربام تقلل هذه الرشكات من أنشطتها احلالية ىف مرص ،مما قد يؤثر سلبا عىل اإلنتاجية احلالية لقطاع البرتول املرصى بدرجة أو أخرى.
ومن ناحية أخ��رى ،من املتوقع أيضا تدهور تنافسية مرشوعات الطاقة اجلديدة ىف مرص ،خاصة تلك املولدة من الرياح والطاقة الشمسية ،ىف ظل تراجع أسعار البرتول عامليا. مما سيعطل ،عىل األرجح ،من برنامج تطوير االعتامد عليها ىف توليد الكهرباء لالستخدام ىف مرص والتصدير للخارج. وهو ما قد يعنى تعطيل توظيف ثروة طبيعية عمالقة ىف مرص هى الطاقة الشمسية املتجددة والنظيفة .ومن املعروف أن مرص تتمتع بنطاق شمسى شديد التميز من زاوية معدل سطوع الشمس عىل مدى العام ودرجة احلرارة وزاوية ميل أشعة الشمس ،وهو ما جيعلها واحدة من الدول التى يمكن أن تتصدر عامليا ىف إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية لو بقيت أسعار البرتول فوق 100دوالر للربميل ،ولو تم ضخ االستثامرات الكبرية واملتوسطة والصغرية ىف هذا القطاع .
عىل أية حال ،يمكن القول إن اهلبوط ىف أسعار البرتول عامليا سيكون له تأثريات متداخلة عىل االقتصاد املرصى ىف املدى املنظور .صحيح أن انخفاض هذه األسعار سيكون له انعكاسات إجيابية مبارشة عىل االقتصاد املرصى ،تتمثل ىف خفض فاتورة واردات البرتول اخلام ومنتجاته والغاز الطبيعى من اخلارج ،مما سيكون له تأثري جيد ىف خفض العجز ىف املوازنة العامة للدولة وامليزان التجارى ،وحتقيق أمن الطاقة ،وحتجيم معدل التضخم ،وتعزيز حجم االحتياطى من النقد األجنبى ،إال أن االقتصاد املرصى قد يتأثر سلبيا أيضا ىف العديد من اجلوانب ،وىف مقدمتها تراجع قيمة الصادرات املرصية من البرتول ومنتجاته ،ونقص حتويالت املرصيني ىف اخلارج، وتراجع التعاون االقتصادى مع دول جملس التعاون اخلليجى، وازدياد صعوبة الوضع املاىل للهيئة املرصية العامة للبرتول، فضال عن تباطؤ النمو ىف مرشوعات الطاقة التقليدية واجلديدة.