الحكم الالفي

Page 1

‫دير القديس أنبا مقار‬ ‫برية شيهيت‬

‫الحكم اللفي‬ ‫ال ب متى المسكين‬

‫‪-1-‬‬


‫كتاب‪ :‬الحكم اللفي‪.‬‬ ‫اللؤلف‪ :‬ال ب متى المسكين‪.‬‬ ‫الطبعة اللول‪.1997 :‬‬ ‫)مقققال ت سققبق نشققرها ف ق مةلققة مرق س أعققداد‪ :‬سققبتمب‬ ‫لوديسمب ‪ ،1967‬لويناير ‪.(1968‬‬ ‫مطبعة دير القديس أنبا مقار ‪ -‬لوادي النطرلون‪.‬‬ ‫ص‪ .‬ب ‪ - 2780‬القاهرة‪.‬‬ ‫جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة للمؤلف‪.‬‬

‫‪-2-‬‬


‫‪-1‬‬‫لقققد لورث ت السققيحية اللولق رلوائققع مققن ال قتاث العققبي الرلوح ي‪ ،‬فلهققو ت‬ ‫العهققد القققدي لهققو ت توحيققدي حققي خصققب‪ ،‬لوالنققاموس الدب ق لوالخلقققي‬ ‫زاخر بوصايا لوتوجيها ت غاية فق الّرققي‪ ،‬ققادرة فعلً أن تكقون منطةلققاً صققادقاً‬ ‫لتعاليم السيح السامية‪.‬‬ ‫لولكققن للسققف فقققد لورثت السققيحية أيض قاً مققع هققذا ال قتاث السققوي تراث قاً‬ ‫آخر من تعاليم هي من لوضع التهدين‪ ،‬خالية من الصالة الرلوحيققة الكافيققة‪.‬‬ ‫لوهذه ضمتها كتب البوكريفا العبية اليزيفة الت جعهاق لوأّلفها أشخاص كانوا‬ ‫حققاً ضققالعيق فق العرفة‪ ،‬لولكققن ل ق يكون وا « مسققوقيق مققن القرلوح القققدس« )‬ ‫‪2‬بققط ‪(21:1‬؛ مثققل كتققب‪ :‬رؤيا عققيزرا الثققان لوأخنققوخ‪ ،‬لورؤيا بققارلوخ لوموسى‬ ‫لوغيهاق) ( من السفار اليزّيفة الت ل يلؤمن با بعض اليهود الدّققي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫لومقن التعققاليم الققت تضققمنتها هققذه السققفار لوالققت شققاعت عنققد اليهققود ف ق‬ ‫عصق ققورهم السق ققابقة لةلمسق ققيح مباشق ققرة‪ :‬النق ققاداة بق ققالةلكو ت اليزمن ق ق لس ق قرائيل؛‬ ‫لو“الدينققة البوبة” الققت يُصق ّور فيهققا الكققاتب حيققاة خياليققة ماديققة يكققون فيهققا‬ ‫كل التع الرضية‪ ،‬حيث تكون إسرائيل هي عرلوس الدنيا الت تأكل لوتشرب‬ ‫خيا ت المم‪،‬ق أما أعداء “يهوه” فيةلحسون من تت قدميها‪.‬ق‬

‫‪ُ ()1‬تسّمىق هذه الكتب بالبوكريفا اليزّيفة‪ ،‬لوهي من لوضع القققرن الثققان قبققل السققيح‪ ،‬لوفيهققا تعققاليم‬ ‫صقحيحةق لوتعقاليم خاطئققة لوبعقض الضقلل ت الطيقة متةلطققة بعضقها ببعقض‪.‬ق لولكنهقا ذا ت منفعقة تارييقة‬ ‫كوثائق لةلدراسة‪.‬ق‬

‫‪-3-‬‬


‫لولواضح أن الضغط السياسي لوحالة العبودية الت كان يئن منها اليهققود فق‬ ‫القق قرلون الخي ققة قب ققل مي ققء الس ققيح ك ققانت ه ققي العام ققل الساس ققي لنطل ق‬ ‫الخيل ت لوالحل م لوال ققرؤى لتص ققوير مةلك ققو ت الش ققتهيا ت النفس ققية‪ ،‬لوتفس ققي‬ ‫نبق قوا ت النبي ققاء ب ققا يتناس ققب لومط ققالبهم الوقتي ققة‪ .‬كم ققا يش ققت ك فق ق الس ققباب‬ ‫الباشققرة لققذا النققوح الققدين صققعوبة النهققج الخلقققي لومشقققةق النققاموس الدبق‬ ‫بصفته الطريق الرسي الوحيد لبةلوغ حالة السعادة لوالسل م لوالياة الستقرة مقع‬ ‫القق‪ ،‬مققا اضققطر الكققاتب لوالفكققر لوالققال أن يقققتح طريق قاً آخققر سققهلً ألقققاه‬ ‫بعيداً عن دائرة العمل لوالهقدق لوالرادة لوالسققئولية‪ :‬هنققا ك‪ ،‬هنققا ك‪ ،‬فق السققتقبل‬ ‫البعيد سننال كل ما نشتهيه!‬ ‫ى جيلً لققدى بعققض السققيحيي‬ ‫لوققد لقققى هققذا المققل الةلذيققذ البةليققد صققد ً‬ ‫اللوائققل‪ ،‬فقققد ترجوه لونقةلققوه بةلغتهققم السققيحية إلق معسققكرهم العقائققدي كمققا‬ ‫ه ققو‪،‬ق لوإن ققا لوضققعوا الش ققعب الس ققيحي ب ققدل ش ققعب إسق قرائيل‪ ،‬لوجعةلق قوا أع ققداء‬ ‫السققيح عققوض أعققداء يهققوه‪ ،‬لواحتفظ قوا بألورش ةليم “الدينققة البوبقة” لققم بققدلً‬ ‫من أن تكون لةليهود‪.‬ق‬ ‫لوالشيء الدهشق حقاً أنقه حقت بعقض البقاء الشققهورين قبةلقوا هقذه التعقاليم‬ ‫الاديققة بققدلون فحققص‪ ،‬بققل لوبعضققهمق مثققل “بابيققاس” أسقققف هيابقوليس بآسققيا‬ ‫الصققغرى‪،‬ق زاد مققن لوزن ا الققادي بصققورة تكشققف عققن خطققورة الققاراة لةلتقاليققد‬ ‫اليهودية‪،‬ق فيقول “بابياس” )‪ 130-60‬م(‪:‬ق‬ ‫] سققتأت أيققا م فيهققا تنمققو ك قرلو م العنققب‪ ،‬كققل ك قر م يمققل عشققرة آل ف‬ ‫فققرع‪ ،‬لوك ل فققرع يمققل عشققرة آل ف غصققن‪،‬ق لوك ل غصققن يققوي عشققرة‬ ‫آل ف عنقود‪،‬ق لوكل عنقود يمل عشرة آل ف حبة عنب‪،‬‬

‫‪-4-‬‬


‫المر‪(2)[.‬‬

‫لوكل حبة حينما ُتعصر تل خسة لوعشرين مكيالً من‬ ‫ص لق إليقه بابيقاس لق يكقن إلّ‬ ‫لوطبعاً مثل هذا التهويل ف التخريج القذي تو ّ‬ ‫ص ققدى لةلتع ققاليم اليهودي ققة اليزيف ققة ال ققت اسق قتةلمتها الكنيس ققة اللول ق م ققن كت ققب‬ ‫البوكريفا‪.‬‬ ‫لولكن الطورة الت نشقأ ت مققن بسقاطة بابيقاس فق تقبّقل مثقل هقذه التعقاليم‬ ‫اليزيفة بذه السهولة ألوقعت الكثيين من بعقده فق نفقس الظقور‪ ،‬لن بابيقاس‬ ‫كققان ألول حجققة لوألول مرج ع رج ع إليققه البققاء الققذين أت قوا مققن بعققده ف ق هققذه‬ ‫الش ققكةلة لوأخ ققذلوا عن ققه ه ققذا التعةلي ققم بش ققيء م ققن التحّفق ق ‪.‬ظق‪ .‬كم ققا يق ققرر ال ققلؤرخ‬ ‫السقققف يوسابيوس القيصققري أبققو التاريخ الكنسققي الققذي عققابق عةلققى بابيقاس‬ ‫بساطته لوقصوره الفكري ف )الكتاب الثالث‪ ،‬فصل ‪،(39‬ق بقوله‪:‬ق‬ ‫] لويبققدلو أنققه كققان مققدلود الدرا ك جققداً كمققا يتققبي مققن أبققاثه‪ ،‬لومقن‬ ‫ض ققمن أقق قواله أن ققه س ققتكون ف ققتة أل ققف س ققنة بع ققد قيام ققة المق قوا ت‪،‬ق لوأن‬ ‫مةلكو ت السيح سو ف يلؤّس سق عةلى نفس هققذه الرض بكيفيققة ماديققة‪.‬‬ ‫لوأظن أن بابياس لوصلق إل هذه الراء بسبب قصصصور فهمصصه للكتابصات‬ ‫الرسصولية‪ ،‬غيصصر مصصدِرٍك أن أق صوالهم كصصانت مجازيصة )روحيصصة(‪ .‬لوإلي ققه‬ ‫يرجع السبب فق أن كقثيين مققن آبقاء الكنيسققة مققن بعقده اعتنققوا نفققس‬ ‫الراء مسققتندين ف ق ذلققك عةلققى أقدميققة اليزم ن الققذي عققاشق فيققه‪ ،‬مثققل‬ ‫إيرينيئوس لوغيه ِ ّمن نادلوا بثل أرائه[‪.‬‬ ‫لوف الفقققرة ‪ 11‬لو ‪ 12‬مققن نفققس الفصققل يقققرر يوسابيوس أن آراء بابيققاس‬ ‫مض “خرافة”‪.‬‬

‫‪.Iren. V. 33-35 ()2‬‬

‫‪-5-‬‬


‫لوللسقف أن يوستي الشقهيد تقبّقل عقن بابيقاس هقذا الجتقاه‪ ،‬لولكنقه عقّد لققه‬ ‫قةليلً ليتناسب مع رلوحانيته‪ ،‬فقال‪:‬ق‬ ‫] إن الققرب يسققوع سققيعود إل ق ألورش ةليم لويعي ققش م ققع تلميققذه “يأك ققل‬ ‫لويشق ققرب” معهق ققم‪،‬ق لوأن الس ققيحيي س ققيجتمعون هن ققا ك لويعيشق ققون م ققع‬ ‫السيح لوالنبياء لوالبطاركة ف سعادة كامةلة ألف سنة‪( )[.‬‬ ‫‪3‬‬

‫لوُيلح ‪.‬ظ أن يوستينوس كققان يتحققالور هنقا مقع أحقد فلسققفة اليهققود القدعو‬ ‫تريفو‪ ،‬لوقد ألورد له هذا التعةليم الوافق للفكار اليهودية الشائعة عندهم‪.‬‬ ‫لولكن يعود الشهيد يوستينوس نفسه لويقرر أن هققذا التعةليققم ل ُيعتققب جققيزًءا‬ ‫جوهرياً من الميان السيحي‪ ،‬لويعت ف “أن كثيين من السيحيي العتقبين ل‬ ‫يأخذلون بذا التعةليم لول ُيقّرلونه”‪.‬‬ ‫لوي ققالول يوس ققتي أن يستشق ققهد بإشق ققعياء ‪ ،25-17:65‬لوبسق ققفر الرؤي ققا‬ ‫‪ ،6-4:20‬لوميخا ‪7-1:4‬؛ لوذلك لشدة انطباقها عةلى نفس هذه التعاليم‬ ‫لققو ُأخذ ت كمققا هققي بألوصافهاق الاديققة‪ .‬لوهذا مققا سققو ف نعققود إلق تفنيققده فق‬ ‫فصل آخر‪.‬‬

‫لويقأت إيرينيئققوس لويُنقادي بنفققس التعةليققم مستشققهداً بققأقوال بابيققاس لوبنفققس‬ ‫تصّوراته‪ ،‬لوكذلك جاء من بعده ميةليتو لوهيبوليتوس لوترتةليققان‪ ،‬مسققتندين جيعقاً‬ ‫كل لواحد عةلى َم ْنق قبةلققه‪،‬ق مققع أن السققاس كةلققه هققو كتققب البوكريفققا اليهوديققة‬ ‫الضةلّةلة‪.‬‬ ‫لوألول َم ق ق ْنق انتبق ققه إل ق ق هق ققذه التع ققاليم لومنافاتق ققا لرلوحاني ققة المي ققان الس ققيحي‬ ‫لوحقيقة الةلكو ت اللي لوالياة البدية هم عةلماء مدرسة السكندرية‪.‬‬

‫‪.Justin, Dial. con. Tryph. 5 ()3‬‬

‫‪-6-‬‬


‫لوقد انبى ألوريانوس لذه التعاليم لوأسكتها بجج ل ُتناقش‪.‬ق لوجاء أيضاً‬ ‫بعققده العلّمقة ديونيسققيوس البابققا السققكندري ) ‪ 265-248‬م( لوأحققد تلميققذ‬ ‫مدرسة السققكندرية‪ ،‬فأسققكتها نائيقاً فق كتققاب خققاص أصققدره بناسققبة ذيققوع‬ ‫ه ققذه التع ققاليم عةل ققى أي ققدي الس قققف نيب ققوس بص ققورة ميزعج ققة لومقةلقق قةق للمي ققان‬ ‫تسّببت ف ارتداد كنائس كثية‪ ،‬لوخاصققة بيق مسققيحيي الفيقو م بيزعامققة نيبققوس‬ ‫أسقققفهم الققذي كققان ينققادي بضقرلورة الخققذ بسققفر الرؤيا حرفيقًا‪ ،‬لوكتققب كتابقاً‬ ‫بةلبققل كققثيين؛ مققا اضققطر البابققا ديونيسققيوس لةلققذهابق إلق الفيقو م لودعققوة كافققة‬ ‫القسققوس لومعةلّمقي الخققوة فق القققرى‪،‬ق لوإقامققة دراسققا ت هادئققة فق السققفار مققع‬ ‫الشعب‪:‬ق‬ ‫] لوجةلست معهمق من الصقباح إلق السقاء ثلثقة أيقا م متواليققة‪ ،‬جاهققد ت‬ ‫لتصققحيح مققا ُك ت ققب ف ق كتققاب نيبققوس )السقققف التققوف(‪،‬ق لواغتبطققت‬ ‫بثق ققابرة لوإخلص الخق ققوة لودماثق ققة خةلقهق ققم إذ كنّق ققا نبحق ققث‪...‬ق أخي ققًا‪،‬‬ ‫اع ققت ف منش ققئ لوبققاعث ه ققذا التعةلي ققم ‪ -‬لويُققدعى كوراس ققيون ‪ -‬عةل ققى‬ ‫مسمع من كل الخوة الاضرين لوشهدق لنا بأنه لن يتمسك بعققد بققذا‬ ‫الرأي ألو يناقشه ألو يذكره ألو يعّةلم به‪ ،‬إذ اقتنع اقتناعقاً كافيقاً بفسققاده‪،‬‬ ‫لوأبدى بعقض الخقوة الخرين سقرلورهم بقاللؤتر لوب رلوح الصققفاء لوالوفا ق‬ ‫الت أظهرها الميع‪( )[.‬‬ ‫‪4‬‬

‫لوبعد عودة البابقا ديونيسقيوس إلق السقكندرية‪ ،‬بقدأ بكتابقة كتقابي باسقم‪:‬‬ ‫“عةلققى الواعيققد الليققة”‪ ،‬لكققي يُةلغققي كققل أثققر لثققل هققذه التعققاليم الرافيققة عققن‬ ‫الةلكو ت اللفي‪ .‬لوفعلًق نح البابققا ديونيسقيوس مققع يقظققة مدرسة السققكندرية‬ ‫ف انتشال الفكر السيحي ف مصر من هذه الّوة الت كاد تق ُتفقد‬

‫‪ ()4‬يوسابيوس القيصري‪ ،‬الكتاب السابع‪ ،‬الفصل الرابع لوالعشرلون‪.‬‬

‫‪-7-‬‬


‫السيحيي بساطة الميان الرلوحي لونقاء التعّةلق بالياة البديققة فق مةلكققو ت‬ ‫إلي يتناسب مع الميان بالصةليب لوالياة حسب الرلوح!‬ ‫لوقبل أن ينتهي القرن الرابع كانت هذه التعاليم فق طريقهققا إلق القيزلوال مققن‬ ‫كافة الكنائس ف مصر‪.‬ق‬ ‫لوبظهق ققور القق ققديس أغسق ققطينوس ) ‪ 430-354‬م( دخةلق ققت هق ققذه التعق ققاليم‬ ‫مرحةلتها الخية فق العققال خققارج مصققر‪،‬ق إذ تيزّعم القققديس أغسققطينوس بعمققهق‬ ‫حركة تفنيدها بقوة حجة ل ُتقاَلو مق‪،‬ق ما ألوقف النادين با لواللؤّيدين لققا موقف‬ ‫الو ف لوالطر؛ق إذ اعتبها بسةلطانه الكنسي لوالرلوحي هرطقة علنية‪ ،‬حاسققباً‬ ‫أن ك ققل َمق ق ْنق يُنققادي ب ققالةلكو ت اللف ققي ي ققالول ‪ -‬دلون أن ي ققدري ‪ -‬أن يةلغ ققي‬ ‫حقيقة الةلكو ت الاضر الذي أّس سقه السيح فعلً عةلى الرض لوف قةلوبنققا فق‬ ‫نف ققس ال ققوقت‪،‬ق معت ققباً أن الكنيس ققة فق ق الاض ققر ه ققي مةلك ققو ت الس ققيح عةل ققى‬ ‫الرض لوهي ألورشةليم النظقورة‪ ،‬لوقد أعقّد تق مائققدتا فعلً لوهيّقأ ت خرها لوكل‬ ‫مشققتهيا ت النفققوس الطققاهرة‪،‬ق لوأن السققيح يكققم الن مققع قديسققيه‪،‬ق لوأننققا نققوز‬ ‫الن قيامتنققا اللولق غي ق النظققورة‪ ،‬لوأن الققو ت الثققان )السققدي(ق لققن يكققون لققه‬ ‫سةلطان عةلينا لننا غةلبنا الو ت اللول )الطيئة() (‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫لوبقذا يكققون القققديس أغسققطينوس قققد انتشققل الميققان السققيحي مققن لوثقة‬ ‫البوكريفققا اليهوديققة اليزّيفة‪ ،‬لوم نق مالولة إسقققاط السققمو الرلوحي السققيحي إلق‬ ‫الرض‪ ،‬لوخةلطققه بآمققال جسققدية هققي الصققفة اللول لواللزمة لةلعبققادة اليهوديققة‬ ‫النحرفة‪.‬‬

‫‪.Civ. Dei XX ()5‬‬

‫‪-8-‬‬


‫لوالن لونن فق الققرن العشقرين‪ ،‬نقد أن مثقل هقذه الرافقة تقالول أن تأخقذ‬ ‫طريقهققا لةلوج ود مققرة أخققرى ف ق ال قوادث الاري ة الن‪ ،‬لوهقي ت قّيز العققال كةلققه‬ ‫لوصداهاق ميل كل القطار‪.‬‬ ‫***‬

‫‪-9-‬‬


‫‪-2‬‬‫يس ققهل عةل ققى الق ققارئ الن الربق ط بيق ق مةلك ققو ت الس قّيا ال ققذي ك ققان ي ققتّقبه‬ ‫اليهود الذين أرادلوا أن ُي ض ققعوا الرلوحيا ت لةليزمنيا ت‪ ،‬لوبي فكققرة الكققم اللفققي‬ ‫الت َس َرق ت ف الكنيسة اللول بتأثي البوكريفا اليهودية‪.‬ق‬

‫لوللسف‪ ،‬فقد َعَب ت قهذه البدعققة اليهوديققة متسقةلةلة للزمنقة‪ ،‬لوظهققر ت مقرة‬ ‫أخققرى مققن خلل الّش ق يَقع السققيحية الققت قققامت بعققد القققرن السققادس عشققر ف ق‬ ‫ألانيققا‪ .‬لوالع قرلو ف أنققه ل زالققت هققذه البدعققة مسققتوطنة حققت الن ف ق الققدارس‬ ‫اللهوتية اللانية) (‪.‬‬ ‫لول عجب أن اختار ت فكرة الكم اللفي البيئة اللانية لنموها لوتوّطنها‪،‬‬ ‫لنا فق حقيقتهققا نتقاج النشقاط العقةلقي لومالولة لخضقاع الرلوحيقا ت لةليزمنيقا ت‬ ‫استضاًء لةلعقل‪،‬ق لوهذه صفة من الصفا تق البارزة لةلعقةلية اللانية‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫لونن لو تركنقا جانبقاً تقأثي الفكقر اليهققودي الباشقر فق السقيحية اللول‪ ،‬ثق‬ ‫تغةلغل البوكريفا اليهودية ف السيحية التقدمة‪،‬ق لوبدأنا نفحص الصول‬

‫‪ ()6‬منققذ بدايققة عصققر الصققلح )لققوثر(‪،‬ق فققإن ألول َم ق ْنق تبّن ق بدعققة الكققم اللفققي بشقّد ةق هققم جاعققة‬ ‫الق ‪ ،Anabaptists‬ث جاعقة الحقرار فق إنةلقتا‪ .‬لوقد بةلغقت هقذه البدعقة أقصقى قوتا فق القرنيق السقابع‬ ‫عشققر لوالثقامن عشققر فق ألانيققا أثنقاء إنعققاش حرك ةق البلوتسققتانت فق الكنيسققة الةلوثرية هنقا ك‪ ،‬لوبالخص فق‬ ‫مدرس ةق ليبققتيزج اللهوتيققة‪ .‬لوف القققرن التاسققع عشققر‪ ،‬امتققد ت العققدلوى َعبْقَر البحققار لواسققتقر ت فق الوليققا ت‬ ‫التحققدة حيققث تةلقفتهققا جاعققة الدفنتيسققت لوجعةلتهققا عقيققدتا اللولق لوالُعظمققى‪ ،‬لوبقدأ ت تضققع مواعيققد‬ ‫مددة ليء السيح لوكذبت فيها جيعًا‪.‬‬

‫‪- 10 -‬‬


‫الكتابيققة الققت سققاعد ت العقققل البشققرى لصققياغة هققذه البدعققة‪،‬ق لوج دنا أن‬ ‫هذه الصول الكتابية تعتمد عةلى مصدرين‪:‬‬ ‫الول‪ :‬تصوير النبوا ت ف العهد القدي ُل ةلققك السّيا الققاد م تصقويراً ماديقاً‬ ‫نوعاً ما‪.‬ق‬ ‫والثاني‪ :‬لورلود هذه الفكرة ف سفر الرؤيا بتعبي مدلود‪.‬ق‬ ‫لوالن عةلين ق ققا أن نفح ق ققص كل الص ق ققدَرْين الكت ق ققابيقّْي ح ق ققت نت ق ققبّي مق ق ققدار‬ ‫النرا ف الفكري الذي تسبب ف قيا م هذه البدعة لوذيوعهاق بذه الصورة‪.‬‬ ‫المصدر الول‪:‬‬ ‫لقققد لورد ت بعققض النب قوا ت ف ق العهققد القققدي لوه ي تصققف مةلكققو ت الس قّيا‬ ‫بتع ق ققابي لوتص ق ققالوير تب ق ققدلو للول لوهةل ق ققة أن ق ققا خرافي ق ققة‪ .‬لوفق ق الواق ق ققع ل ق ققو فحص ق ققنا‬ ‫إمكانيا ت أي نب ف العهققد الققدي لةلتعقبي عقن الرلوحيقا ت‪ ،‬كمقا عرفناهقا نقن‬ ‫فق ق الس ققيح الن؛ لوجق دنا اس ققتحالة مطةلق ققة لمكاني ققة التع ققبي ب ققالفكر الق ققدي‬ ‫لوالةلغ ققة القدمي ققة لوالثقاف ققة القدمي ققة‪،‬ق ب ققل لوبققالرلوح القدمي ققة‪،‬ق ع ققن رلوحي ققا ت العه ققد‬ ‫الديد‪ .‬هذا بالضافة إل انطققاط مسقتوى التفكيق الشققعب العقا م القذي كقان‬ ‫ياطبه النب دائماً لويالول أن يبثه رؤياه عن الةلكو ت الت‪.‬‬

‫لققذلك نققد النبققوة فق العهققد القققدي‪ ،‬جتنّبقاً لةلتحديققدا ت‪،‬ق تتخققذ طريققاً آمنقاً‬ ‫سهلً لوصف الرلوحيا ت القادمة لةلمةلكو ت الت ل بتعبيا ت لهوتيققة صققعبة‪،‬ق‬ ‫لوإنققا بألوصا ف مازية ماديققة شققعبية سققهةلة تمققل فق أعماقهقاق أقصققى مققا ميكققن‬ ‫م ققن التع ققبيا ت اللهوتي ققة الس ققرّية ال ققت تط ققابق الواق ققع ف ق ك ققل زمق ان‪ ،‬ه ققذا ل ققو‬ ‫ُفحصققت رلوحيقاً لوُفهمققت بققأعمق مققن شقكةلها القصصقي الظققاهري لوبعيققداً عققن‬ ‫التألويل ت الادية‪.‬‬

‫‪- 11 -‬‬


‫لوتثيلً لققذه اللوصا ف الاديقة نققّد مق بعققض مقا ققاله إشققعياء النقب يصقف بقه‬ ‫طبيعة الةلكو ت الت‪:‬‬ ‫‪ « +‬لويرج قضيب من ِج ْذققعيّسق ىق لوينبققت غصققن مققن ُأص وله‪،‬ق لوي ّل عةليققه‬ ‫رلوح الرب‪...‬ق‬ ‫‪ .1‬فيسكن الذئب مع الرلو ف‪ ،‬لويربض النمر مع الدي‪ ،‬لوالعجل‬ ‫لوالّش بقل لواُل سقّم نق معًا‪،‬‬ ‫‪ .2‬لوصب صغي يسوقها!‪...‬ق‬ ‫ص لق )الكوبرا السامة(‪،‬ق لوميد الفطيم‬ ‫‪ .3‬لويةلعب الرضيع عةلى َس َرقب ال ّ‬ ‫يده عةلى جحر اُلفعوان!‪...‬ق‬ ‫‪ .4‬فتستقون مياها بفرح من ينابيع اللص‪...‬ق‬ ‫)إش ‪1:11‬لو ‪2‬لو ‪6‬لو ‪8‬؛ ‪(3:12‬‬ ‫‪ .5‬لن هأ نذا خالق سوا ت جديدة لوأرضاً جديدة‪ ،‬فل تُْذَك رق اللول‬ ‫لول تطر عةلى بال‪...‬ق‬ ‫‪ .6‬ل يكون بعد هنا ك طفل )ييا قةليل( أيا م لول شيخ ل يُْك ِمقْلق‬ ‫أيامه‪،‬ق لن الصب ميو ت ابن مئة سنة‪،‬‬ ‫‪ .7‬لوالاطئ يقْةلَُعن ابن مئة سنة‪«.‬‬ ‫)إش ‪17:65‬لو ‪(20‬‬ ‫لذن البشقرية الهققدة‬ ‫عند ساع هذه الكةلما ت الةلذيذة برنينها الةلو عةلققى ا ُ‬ ‫مققن جققذب هققذا العققال لوآلم قهق لوأمراضققه لوشق رلوره‪ ،‬يبتهققج لققا القةلققب ل مالققة‬ ‫لويتصققورها فق عققال اليققال البعيققد‪ ،‬البعيققد جققداً عققن الواقققع! لوإذ يسققتحيل قيققا م‬ ‫هذه اللوصا ف مادياً من خلل الطبائع اليوانية التصارعة ف العال الن لول‬ ‫ف ظل دلورة هذا اليزمان التعّج لق الحف؛ إذن‪ ،‬فهذه‬

‫‪- 12 -‬‬


‫اللوصققا ف تنققبئ عققن تغّي ق شققامل ف ق الطبققائع الخةلوقققة عام ققة لوفق طبيعققة‬ ‫اليزمان‪ ،‬بل لوف طبيعة السماء نفسها لوالرض أيضًا‪.‬‬ ‫هكققذا فّس ق رق ت العقةليققة اليهوديققة الهققدة هققذه النب قوا ت مادي قاً لوزماني قاً تققت‬ ‫ظ قرلو ف الضققغط لوالسققب لوالرم ان‪ .‬لوهكققذا تس قّةلمت العقةليققة السققيحية اللولق‬ ‫هققذه الطوطمققة اليهوديققة السققامة لوخّبأتققا فق طيققا ت قةلبهققا لتعققود إليهققا لوتتسقّةلى‬ ‫بققا عنققدما يضققغط عةليهققا اليزم ان الاضققر بطبققائعه الش قريرة‪ ،‬فتجققد فيهققا ع قيزاًء‬ ‫مادياً عن شلؤ م الاضرق لوتفرياً عن توتر النفس الشديد عندما تتعارض الرلوح‬ ‫مع آمال السد ف الراحة عةلى الرض!‬ ‫لولكققن مققا هققي حقيقققة نب قّوة إشققعياء إذن؟ لومققا هققو س قّرها بلغصصة الصصروح أو‬ ‫بفكر المسيح؟‬ ‫ف بساطة ما بعدها بساطة يشرحها السيح هكذا‪:‬‬ ‫حلن بي ذئاب!« )لو ‪(3:10‬‬ ‫‪ « .1‬ها أنا ُأرسةلكم مثل ُْ‬ ‫)باعتبققار أن السققيحي بققوداعته لواتضققاعهق لواسققتعداده لةلتضققحية لوالققو ت‬ ‫من أجل الةلكو ت العّد ينتيزع لوحشية لوشراسة الشرار(‪.‬‬ ‫‪ « .2‬كون ق وا حكم ققاء كالحي صصات لوبس ققطاء كالحم صصام )الطف ققال(‪) «.‬م ققت‬ ‫‪(16:10‬‬ ‫)هن ققا الكم ققة لوالبس ققاطة لوهق ا متعارضق تان بطبيعتهم ققا‪ ،‬كم ققا لوصققفهماق‬ ‫الس ققيح فق ق ق قوله ع ققن اليّققة لوالمام ققة‪،‬ق ص ققارا يس ققكنان معق قاً فق ق قةل ققب‬ ‫النسان السيحي الواحد(‪.‬‬ ‫‪ « .3‬أح ققد ك أيه ققا الب‪ ...‬لن ققك أخفي ققت ه ققذه ع ققن الكم ققاء لوالفهم ققاء‬ ‫لوأعةلنتها للطفال!« )مت ‪(25:11‬‬ ‫ ت من حكمة العال(‪.‬ق‬ ‫ت لوهيزأ ْ‬ ‫)باعتبار أن بساطة السيحيي أبطةل ْ‬

‫‪- 13 -‬‬


‫‪َ « .4‬مق ْن يشققرب مققن الققاء الققذي ُأعطيققه أنققا فةلققن يعطققش إلق البققد‪) «.‬يققو‬ ‫‪(14:4‬‬ ‫)باعتبار أن الرلوح القدس صار مصدر ارتواء لوفرح أبدي(‪.‬ق‬ ‫‪ « .5‬إن كققان أحققد ل يُوَلد مققن فققو ق )السققماء الديققدة( ل يقققدر أن يققرى‬ ‫مةلكو ت ال‪) «.‬يو ‪(3:3‬‬ ‫)باعتبار أن الرلوح ميثّقل السقماء الديققدة‪ ،‬لوماء العموديققة القدسققة ميثّقل‬ ‫الرض الديدة(‪.‬ق‬ ‫‪ « .6‬كل َمْن كان حيّا لوآمن ب فةلن ميو ت إل البد!« )يو ‪(26:11‬‬ ‫)الياة البدية الت يتقبّةلها الطفال ف العمودية لوالت ميثّةلها النب بائققة‬ ‫سنة(‪.‬ق‬ ‫لوالن‪ ،‬إذ نرجو القققارئ أن يعمققل مقارنة بي ق نب قّوة إشققعياء لوتعةليققم السققيح‬ ‫عن مةلكوته حسب الرقا م التبادلقة القت لوضعناها أمقا م كقل مقن النبقّوة لوأققوال‬ ‫السققيح؛ نلِحق ‪.‬ظ قأن لغققيز النبقّوة انكشققف تامقًا‪ ،‬إنققا بعمققق رلوحي بققديع يفققو ق‬ ‫العقل لوالتقدير البشري!ق‬ ‫إذن‪ ،‬فنحن الن لوف هذا اليزمان الاضر‪،‬ق نعيش نبّوة إشعياء لونعيش ملء‬ ‫مةلكو ت السّيا الذي كان يتّقبه اليهود‪،‬ق لوضةلّوا عنه عند ميئه‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬فقققد انققدمت أُسقس البوكريفققا اليهوديققة ف ق ترّقب تغيي ق مققادي ف ق‬ ‫شكل العقال لوف طبقائع الخةلوقا ت لوف طبيعقة اليزمان‪ ،‬إعقداداً لقيقا م مةلكقو ت‬ ‫الس قّيا عةلققى الرض‪ ،‬لن مةلكققو ت السققيح قققد صققار ف ق العققال س قّرا مققن لوراء‬ ‫الققادة لواليزمان لوالطبققائع الخةلوقة؛ق إذ حصققل فجققأة داخققل قةلققب النسققان لوبدأ‬ ‫بقوة يعمل من الداخل لتغييق كققل شقيء فق قةلققب النسقان لوفكققره‪،‬ق لوليقس فق‬ ‫هيئ ققة الع ققال ال ققارجي‪ « :‬ه ققوذا الك ققل ق ققد ص ققار جدي ققدًا« ) ‪2‬ك ققو ‪!!(17:5‬‬ ‫حيث “الِّد ةق” ف السيحية تتعّةلق بالرلوح لوليس بالادة لوالظاهر‪.‬ق‬

‫‪- 14 -‬‬


‫إذن‪ ،‬فق ق ققد ض ق ققاع أيضق ق قاً السص صصاس الص صصوهمي ال ق ققذي يعي ق ققش عةلي ق ققه بع ق ققض‬ ‫السيحيي الةلّوثقي بالبوكريفققا اليهوديققة فق انتظققار الكققم اللفققي متطّةلعيق إلق‬ ‫تقيققق هققذه النبقوا ت ماديقًا‪ ،‬ظققاني أن السققد سققيأكل فعلً التبق مققع البقققرة!!ق‬ ‫لوالشرلور تتلشى‪ ،‬لوالطفل ميو ت ابن مائة سنة لوالبالغ ابن ألف!!‬ ‫لولكققي نعطققي صققورة لمتققداد هققذه العتمققة الرؤيويقة الققت أحققاطت بققالفكر‬ ‫اليهودي لوتسّح بقت عةلى بعض السيحيي اللوائل‪ ،‬نعرض مرة أخرى لتصّور‬ ‫هققذا الةلكققو ت فق ذهنيققة الفيةلسققو ف لكتققانتيوس الققذي عققاشق فق ألواخققر القققرن‬ ‫الثالث لوالسّم ىق بشيشرلون السيحية معّةلم ألولد المباطور قسطنطي الكبي‪:‬‬ ‫]لوابن العةلي ال القدير سو ف يأت‪...‬ق لوحينئذ ستضيء الشمس سققبعة‬ ‫أضققعا ف ققدر مققا هققي الن‪ ،‬لوتطةلققق الرض خياتقا فتُخقرج أثارها مققن‬ ‫ل‪ ،‬لوتتفّجق رق منهققا ينقابيع‬ ‫تةلقاء ذاتا بقوفرة‪ ،‬لوالبقال الصقخرية تقطقر عسق ً‬ ‫المققر إل ق الوديققان‪ ،‬لوالنققار تفيققض لبن قًا‪ ،‬لوالعققال كةلققه يتهةلّققل بالس قّرة‬ ‫لوالطبيعة تعتيز لوتبتهج‪( )[.‬‬ ‫لوهكققذا بققذه التطةلّعققا ت الرافيققة إل ق السققتقبل الكققاذب الققذي لققن يكققون‪،‬‬ ‫ض ققاع لويض ققيع عةل ققى كققثي م ققن السققيحيي اكتش ققا ف أم ققاد ال قرلوح ف ق الاض قرق‬ ‫لوعطاي ققا د م الس ققيح الثمين ققة ج ققداً ال ققت تف ققو ق العس ققل لوالم ققر لوالةلبق ق لوبج ققة‬ ‫الطبيعة لومسّرا ت هذا الةلكو ت اللفي الراف‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫***‬

‫‪.ANF. VII,7,24 ()7‬‬

‫‪- 15 -‬‬


‫‪-3‬‬‫المصدر الثاني‪:‬‬ ‫بقي عةلينا أن نفحص فكرة الكم اللفي ف الصيغة الت يشي إليها سفر‬ ‫الرؤيا‪ ،‬لوالت اعتمد عةليها السيحيون اللوائل ف تدعيم الكم اللفي‪.‬‬ ‫يقول يوحنا الرسول ف الصحاح العشرين‪:‬‬ ‫‪ « +‬لورأيت عرلوشاً فجةلسقوا عةليهققا‪،‬ق لوأعطقوا ُح كقمقًا‪ .‬لورأيقت نفققوس القذين‬ ‫قُتِةلوا من أجل شهادة يسوع لومن أجل كةلمة ال‪ ،‬لوالذين ل ق يسققجدلوا‬ ‫لةلققوحش لول لصققورته‪ ،‬لول يقبةل قوا الّس ق مقة عةلققى جبققاههم لوعةلققى أيققديهم‪،‬‬ ‫فعاشوا لومةلكوا مع السيح ألف سنة‪) «.‬رؤ ‪(4:20‬‬ ‫مققع الفحققص الققدقيق ُنلِح ق ‪.‬ظ ق ف ق هققذه اليققا ت أنققا خلصصت تمام صاً مصصن أيصصة‬ ‫إشارة ل ص “مجيصء المسصيح الثصاني” مققع أن اليققء الثققان هققو السققاس الققذي‬ ‫يضع عةليه القائةلون بالكم اللفي كل عقيدتم!ق‬ ‫لوك ل م ققا ذُكِ ر بص ققوص ه ققذه اللققف سققنة م ققن جهققة العلم ققا ت الس ققمائية‬ ‫اللزمة لا هو أن ملكاً نيزل من السماء لوقيّقد الشقيطان‪ « :‬لورأيقت ملك اً نقازلً‬ ‫من السماء معه مفتاح الالوية‪ ،‬لوسةلسةلة عظيمقة عةلقى يقده‪ .‬فقبقض عةلقى التّني‪،‬‬ ‫الّية القدمية‪ ،‬الذي هو إبةليس لوالشيطان‪ ،‬لوقّيده ألف سنة‪) «.‬رؤ ‪1:20‬لو ‪(2‬‬ ‫أمققا الصققحاح السققابق لنقيزلول الل ك لوتقييققده لةلشققيطان ألققف سققنة‪ ،‬فيتّضقح‬ ‫ت السققماء مفتوحة‪ ،‬لوإذا‬ ‫منه أنه ل ييزال السقيح مسقتتاً فق السققماء‪ « :‬ثق رأيق ُ‬ ‫ض لوالالس عةليه يُْد َعققى أميناً لوصادقًا‪«...‬ق )رؤ ‪ ،(11:19‬كما‬ ‫س أبي ُ‬ ‫فر ٌ‬

‫‪- 16 -‬‬


‫يفي ققد الكل م أن الس ققيح ل يق قيزال لوهققو فق ق الس ققماء ُميق ق اقِرس حكم ققه لةلع ققال‬ ‫لوحربه ضد الشيطان « لوبالعدل يكم لوُي اققِرب«‪،‬ق كما يفيد الكل م أن المقم‬ ‫ل تيزال ُت اقِرس حياتا اليومية لول تيزال تضل عن الق لوتقبل التققأديب‪ « :‬لوم نق‬ ‫ف مققا ٍ‬ ‫ض لكققي يضققرب بققه المققم‪.‬ق لوهق وق سققيعاهم بعص قاً مققن‬ ‫فمققه يققرج سققي ٌ‬ ‫حديد‪) «...‬رؤ ‪(15:19‬‬ ‫كم ققا يش ققي الص ققحاح التاس ققع عش ققر أيض قاً إل ق ح قرلوب دامي ققة سيص ققنعها‬ ‫الةل ققو ك )الوثني ققون( ض ققد الس ققيح )الس ققيحيي( بتحريق ض م ققن ال ققوحش ‪ -‬أي‬ ‫الشققيطان ‪ -‬لوالنققب الكقّذ اققب ‪ -‬أي العبققادا ت الكاذبققة ‪ -‬لوالققت تنتهققي بققالقبض‬ ‫عةلى الشيطان لوالنب الكّذ اققب لوطرحهما بعيداً عن العال‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬فعةل ققى م ققدى الص ققحاح التاس ققع عش ققر لوح ق ت الي ققة السادس ققة م ققن‬ ‫الصققحاح العش قرين‪ ،‬تتققص كةلهققا بيققاة العققال الاض قرق الن‪ ،‬حيققث السققيح‬ ‫يكم لوُي اققِرب لويلؤّدبق لويرعى إنا بصورة غي منظورة‪.‬‬ ‫فنح ققن الن نعي ققش ه ققذه الل ققف س ققنة لوهقي العّب ق عنه ققا ف ق موضق عق آخ ققر‬ ‫بق “مةلكو ت ابن مبته” أي مةلكقو ت السقيح‪ ،‬القذي فيقه الن جيقع القديسققي‬ ‫ميةلكون مع السيح لونن أيضقاً نشققاركهم فق هققذا الةلكققو ت‪:‬ق « شققاكرين الب‬ ‫الققذي أّه لصنصصا لشصصركة ميصراث القّد يصسصصين فصصي النصصور‪ ،‬الققذي أنقصصذنا مصصن سصلطان‬ ‫الظلمة‪ ،‬ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته‪) «.‬كوق ‪12:1‬لو ‪(13‬‬ ‫لواُل لقَح ‪.‬ظق أن القديسي ل ميةلك عةليهم الو ت‪،‬ق إذ بعد موتم قاموا مباشرة‬ ‫بقوة السيح لوهم يعيشون الن معهق لوحت انقضاء اليزمان؛ وأما بقية المصوات‬ ‫الذين لم يؤمنوا بالمسيح الصذين سصجدوا لمطصالب الشصيطان وشهواته فلصم‬ ‫يقوموا بعد موتهم‪ ،‬إذ هم تحت سلطان الموت وأرواحهم‬

‫‪- 17 -‬‬


‫مقّيدة إل أن يأت زمان القيامة العامة لةلدينونة العتيدة أن تّل عةليهم‪.‬ق‬

‫ض حقهق سفر الرؤيا جداً بقوله‪:‬ق‬ ‫لوهذا ما يو ّ‬ ‫ت نفققوس الققذي قُتِةلُقوا مققن أجققل شققهادة يسققوع لومق نق أجققل‬ ‫‪... « +‬ق لورأي ق ُ‬ ‫كةلمة الق‪ ،‬لوالقذين لق يسقجدلوا لةلقوحش لول لصقورته‪ ،‬لول يقبةلقوا الّسق مقة‬ ‫عةلى جباههم لوعةلى أيديهم‪ ،‬فعاشوا وَملَصكوا مع المسيح ألف سققنة‪.‬‬ ‫س ص نصة‪ .‬هققذه هققي‬ ‫ش حصصتى تَتِصّم اللصصف ال ّ‬ ‫وأمصصا بقيصصة الم صوات فلصصم تَِعص ْ‬ ‫القيامة اللول‪) «.‬رؤ ‪4:20‬لو ‪(5‬‬

‫أي أننا نحن الن نعيش القيامة الولى‪ ،‬وهي القيامصة مصن مصوت الخطيصة‬ ‫الت إذا ل نصل عةليها الن بالميان بالسيح لوبالتوبة لوقبول لوسائط النعمة الت‬ ‫لةلخلص‪ ،‬فنحققن نظققل تققت مققو ت الطيئققة البققدي‪ ،‬لولن يكققون لنققا شققركة فق‬ ‫مةلكققو ت السققيح ف ق الاضققر لول مققد القيامققة الثانيققة الققت سققتكون بقققوة ميققء‬ ‫سق َمْنق له نصيب ف القيامة اللول‪ .‬هلؤلء ليصصس‬ ‫السيح ف مده‪ « :‬مباَرٌ ك لومقّد ٌ‬ ‫للمصوت الثصاني سصلطان عليهصم‪ ،‬بققل سقيكونون كهنققة لق لوالسققيح‪ ،‬لوسيمةلكون‬ ‫معققه ألققف سققنة« )رؤ ‪ .(6:20‬أي أن كققل َم ق ْنق ينققال الن نعمققة القيامققة مققن‬ ‫مو ت الطيئة ل يعود لو ت السد ‪ -‬اُلعقّب عنه بقالو ت الثقان ‪ -‬سقةلطان عةليقه؛‬ ‫باعتبار أن مو ت الطيئة هو الو ت اللول لوالخر‪.‬‬ ‫فكصصل الصصذين يقومون الن مصصن مصصوت الخطيئصصة يصصصيرون كهنصصة للمسصصيح‬ ‫أي خصّد اصم العهصصد الجديصصد‪ ،‬ويملكصصون مصصع المسصصيح سصصواء فصصي حيصصاتهم الن‬ ‫بالجسد أو حياتهم بعد موتهم بدون جسد‪ ،‬إلى أن يأتي الر ب‪.‬‬ ‫معنى اللف سنة‪:‬‬ ‫يتمّس كق القائةلون بالكم اللفي أن نوعية هذا الكم هي زمنية‪،‬‬

‫‪- 18 -‬‬


‫معتم ققدين عةل ققى تدي ققده ف ق س ققفر الرؤيققا ب ققألف س ققنة‪ ،‬لوهقذا التحدي ققد ف ق‬ ‫ض ‪ .‬ق لولكققن القيقققة أن العتمققاد عةلققى سققفر الرؤيا فق‬ ‫نظرهم يعن أنققه زمنق مق ّ‬ ‫تفسي الركا ت اللية تفسياً زمنياً مادياً ُيق ِرققج النسقان السقيحي عققن جقوهر‬ ‫السفر‪ ،‬لنه سفر رؤيوي يقوم من أساسه على التشبيه والرمز‪.‬‬ ‫لولواضققح مققن لغققة سققفر الرؤيقا أنققا لغققة رميزية‪ ،‬لوالعققداد فيهققا تمققل معققان‬ ‫رلوحيققة لول تفيققد تديققدا ت زمانيققة‪ .‬فاليزمان ف ق سققفر الرؤيا يكققاد يكققون مةلغيّققا‬ ‫بمةلتققه‪،‬ق فالسققفر يبتققدئ بتنققبيه ذهننققا‪... « :‬ق لن الققوقت قريب« )رؤ ‪،(3:1‬ق‬ ‫كم ققا ينته ققي بتن ققبيه ذهنن ققا‪... « :‬ق أن ققا آتق ق سق قريعًا« )رؤ ‪.(20:22‬ق لوهققا ق ققد‬ ‫مضى الن منذ رؤيا يوحنا اللهوت حت الن ما يقرب من ألفققي سققنة‪ .‬إذن‪،‬‬ ‫فكةلمة “الوقت قريب”‪ ،‬لوكةلمة “أنقا آتق سقريعاً” لواضققح أنققا ل تعنق الققوقت‬ ‫اليزمن ق لوالسققرعة اليزمنيققة؛ بصصل تعنصصي الصصوقت الروحصي والسصصرعة الروحيصصة الصصتي‬ ‫يمكن ترجمتها بلغتنا بمعنى‪ :‬حتمية الوقوع‪ ،‬وقهر الزمن!!‬ ‫فققاللف سققنة بالةلغققة الرلوحيققة هققي لوقققت رلوح ي‪ ،‬لوالققوقت الرلوح ي غققالب‬ ‫دائمقاً لةلققوقت اليزمنقق‪ ،‬لققذلك ل ميكققن تققويةله إلق زمن أرضي لنققه أعظققم منققه‬ ‫با ل ُيقاس‪ .‬فاليو م الرلوحي اُل عقّبق عنقه بيقو م القرب ققد يسقالوي ألقف سقنة زمنيقة‬ ‫كمققا يقققول الكتققاب‪:‬ق « ‪...‬ق أن يومق اً لواحققداً عنققد الققرب كققألف سققنة‪ ،‬لوألققف‬ ‫سنة كيو م لواحد‪2) «.‬بط ‪(8:3‬‬ ‫لوهذا معناه أن ما يعمةله ال بالرلوح لشققعبه ألو لحققد ألولده فق يقو م مقبققول‬ ‫يفو ق ما ميكن أن يعمةله النسان لنفسهق ف ألف سنة‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬فال ققذي يقص ققده ال ققوحي الق ققدس م ققن عب ققارة « فعاشق قوا لومةلكق قوا م ققع‬ ‫السيح ألف سنة« )رؤ ‪ ،(4:20‬أنا تفيد الغَِن لوالصب اللي لوتكّد سق‬

‫‪- 19 -‬‬


‫العطايققا لوانسققكابق النقَّعم فق حياتنققا مققع السققيح فق مةلكققوته الاضقرق الققذي‬ ‫يشققمل مققا نيققاه معققه الن بالسققد ‪ -‬لوهقذا ميثّققل الققيزء الصققغي جققداً جققدًا‪،‬‬ ‫لوالةليققء بالققدموع لوالققيزن لوالكآبققة لوالتنّه ق دق ‪ -‬كمققا يشققمل أيض قاً مققا نيققاه مع قهق‬ ‫بعققد الققو ت إل ق أن يي ق ي قو م القيامققة العامققة‪،‬ق لوه ذا الققيزء ميثّققل الققيزء الغن ق‬ ‫لواللوفققر س ققعادة ال ققذي في ققه سيمس ققح دموعن ققا لوتتةل ققئ أفواهن ققا فرح اً لوتس ققبيحاً‬ ‫أبديًا‪.‬‬ ‫لونقن لققو رجعنققا إل ق الكتققاب القققدس لفحققص العلقققة الققت ترب ط الققوقت‬ ‫الرلوح ي بققالوقت اليزمنقق‪ ،‬ألو عةلققى حسققب لغققة الكتققاب “ي قو م الققرب” لو“ي قو م‬ ‫البشققر”‪ ،‬نققد أن ي قو م الققرب ُيعّب ق عنققه ‪ -‬بالنسققبة للسققبوع ‪ -‬بققاليو م الثققامن‪.‬ق‬ ‫لومع قرلو ف أن السققبوع اليزمن ق سققبعة أيققا م فقققط‪ ،‬لومقن هققذا تنكشققف الشققارة‬ ‫السرّية أن يو م الرب خارج السبوع اليزمن أي خارج الدلورة اليزمانية الّد دققة‪.‬‬

‫لوقد بدأ ت الشارة منذ القدي إل اليو م الثامن بصققفته يوم اً رلوحيقاً خارج اً‬ ‫عن مفهو م الياة السدية بتعييق التقان فق اليقو م الثقامن حقت يصققي النسققان‬ ‫من رعية ال! لوقد صار اليو م الثامن ف العهد الديد هو يو م الرب‪ ،‬لوهوق يو م‬ ‫الفخارستيا أي يقو م الشققركة الققذي يرميز ل ق “مةلكققو ت السققيح” اُل عقّب ق عنققه ف ق‬ ‫سققفر الرؤيققا بققاللف سققنة‪ ،‬الققذي تعيشققه الكنيسققة كةلهققا الن‪ ،‬لوتعيققش عةليققه‬ ‫سواء الكنيسة الققت فق السققماء أي أرلواح البقرار الققذين كمةلقوا‪،‬ق ألو نققن الققذين‬ ‫ل زلنا ُن اقِرس هذا اليو م السّري كفخر اليا م كةلها لوإكةليةلها‪.‬ق‬ ‫إذن‪ ،‬ف ققالكم اللف ققي حس ققب الةلغ ققة الس ققرّية ال ققت يتكةلّققم ب ققا س ققفر الرؤيققا‬ ‫»فعاشوا وملكوا مع المسيح ألف سنة« )رؤ ‪،(4:20‬ق هو ف القيقة‬

‫‪- 20 -‬‬


‫مققا تعيشققه الكنيسققة الن مققع السققيح ف ق السققماء لوالرض ف ق تتّققع مةلكققوته‬ ‫عةلى مدى يو م الرب القبول‪،‬ق ألو حسب لغة الناس كألف سنة ألو ييزيد!‬ ‫يقول القديس أغسطينوس‪:‬ق‬ ‫] لقن يكقون هنقا ك ميقء )ثقان(ق لةلمسقيح قبقل ظهققوره الخيق لةلدينونة‪،‬‬ ‫لن ميئققه حاصققل بالفعققل الن فق الكنيسققة لوف أعضققائنا‪ ،‬أمققا القيامققة‬ ‫اللول )فق سققفر الرؤيا( فهققي مازية تشققي إلق التغّيق الققذي يققدث فق‬ ‫حالة الناس عندما ميوتون عن الطيئة لويقومون لياة جديقدة‪ .‬فقالكم‬ ‫اللفققي لةلمسققيح عةلققى الرض قققد بققدأ فعلً بيسققوع نفسققه ف ق الكنيسققة‬ ‫لوالقديسون يكمون فيها‪[...‬ق) (‬ ‫***‬ ‫‪8‬‬

‫‪.St. Aug., City of God, XX, 6,7 ()8‬‬

‫‪- 21 -‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.