كيف سيدين المسيح المسكونة بالعدل أبونا متى المسكين

Page 1

‫دير القديس أنبا مقار‬ ‫برية شيهيت‬

‫كيف سيدين المسيح المسكونة بالعدل‬

‫األب متى المسكين‬

‫‪-1-‬‬


‫كتاب‪ :‬كيف سيدين المسيح المسكونة بالعدل‬ ‫املؤلف‪ :‬األب متى المسكين‬ ‫الطبعة األوىل ‪7991 :‬‬ ‫مطبعة دير القديس أنبا مقار ‪ -‬وادي النطرون‪.‬‬ ‫صندوق بريد ‪ 0172‬القاهرة‪.‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة للمؤلف‪.‬‬

‫‪-2-‬‬


‫كيف سيدين المسيح المسكونة بالعدل(‪)1‬‬ ‫‪‬‬

‫ هل سيظهر احلمل الوديع بصورة الغاضب املنتقم ؟‬‫ هل ستخرج كلمات اللعنة من فمه على اخلطاة‪،‬‬‫ويرتك عنه حنانه الذي غُلب يوماً من فرط تبارحيه‪ ،‬وغفر‬ ‫هلم حىت محاقة صلبه؟‬ ‫ هل تسرتيح أحشاء رمحته وهو يأمر بإبعاد اخلطاة عنه‬‫إىل األبد؟‬ ‫ هل يتعذب اخلطاة عذاهبم األبدي وهو ر ٍ‬‫اض عن‬ ‫ذلك كل الرضى؟‬ ‫إن كااان اااواب علااى هااذا‪ :‬نعاامت فهاال تغا ؟احت يبيعااة املساايح؟ ويااا لااه ماان‬ ‫تغيااحو وإن كااان اا اواب‪ :‬ت فميااف سااتتم كلماتااه الااة قاهلااا عاان الدينونااة‪،‬‬ ‫وهي صادقة وأمينة ومستحقة كل قبول؟‬ ‫أنـوار ‪:‬‬ ‫(‪ )1‬نص خطاب أُرسل ألحد اإلخوة عام ‪.7997‬‬

‫‪-3-‬‬


‫‪» +‬إن مسع أحد كالمي ومل يؤمن فأنا أدينه‪ ،‬ألين مل ِ‬ ‫آت ألدين العامل بال‬ ‫ألخلِّااص العااامل‪ .‬ماان رذلاال ومل يقباال كالمااي فلااه ماان يدينااه‪ ... ،‬الك ـ‬ ‫الذي تكلمت به هو يدينه في اليو األخير‪( «.‬يو ‪ 21:70‬و‪.)27‬‬

‫‪-4-‬‬


‫‪» +‬أنا قد جئت نوراً إىل العامل‪ ،‬حىت كل من يؤمن يب ميمث يف الظلمة‪.‬‬ ‫«(يو ‪)21:70‬‬ ‫‪» +‬أنا هو الطريق واحلق واحلياة‪( «.‬يو ‪)1:72‬‬ ‫‪» +‬فسااحوا (يف الن ااور) مااا دام لم اام الن ااور‪ ،‬ل ــي ي ــدرككم ال ـ ـ ‪( «.‬ي ااو‬ ‫‪)29:70‬‬ ‫سيدين املسيح العامل حينماا ييايء احلاق الاذي يف الوصاية علنااً ويُساتعلن‬ ‫جهاراً‪ ،‬فتتوقف كل القوى السالبية العقلية واملادياة اضاطراراً‪ ،‬ويُبااد الشايطان‪:‬‬ ‫تل ااك الق ااوة املهيف ااة‪ ،‬ج ااوهر الم ااذب‪ ،‬ال ااذي ه ااو الع اادم املتس ا اربل باخلا اادا ‪.‬‬ ‫وسيعمل يف هتيئة جو الدينونة ثالثة عوامل هامة جداً‪:‬‬ ‫العامــا األ‪:‬ل‪ :‬رفــع تــلزير الـ من إذ يف القيامااة نلاابس أجساااداً علااى غااح‬ ‫فساد‪ ،‬تفىن و تهول‪ ،‬تستقر فيها الانفس متحاررة مان كال عوامال اخلادا ‪،‬‬ ‫إمنا بوعي كامل وفائق على ما هو اآلن‪ ،‬وباألخص من جهة احليااة الساابقة‪،‬‬ ‫ومن جهة ما هو فوق الهمان بوجه عامت فرتتبط دقائق املاضي ببعيها ترابطااً‬ ‫غح منفصل‪ ،‬فتظهر احلياة السالفة كلها حاضرة ومرئية يف نور احلق اإلهلي‪.‬‬ ‫العاما الثاني‪ :‬النسيان الذي يتسلل إلينا هنا بعوامال الاهمن والتغياح‪،‬‬ ‫يوجد هناك‪ .‬فتصح املعرفة يف يقظة شااملة يشاوهبا أي ساهو تسابِّبه عوامال‬ ‫خاادا الاانفس أو شاايخوخة الااوعي‪ ،‬فتنمشااف أمااام اإلنسااان كاال حياتااه بماال‬ ‫أعماهلا واجتاهاهتا ويدرك كل كلمة خرجت من فمه‪ ،‬وكل فمرة صاغها عقلاه‬ ‫ت هلا نفسه وارتيى هبا ضمحهو‬ ‫وكل مشيئة َس َع ْ‬

‫‪-5-‬‬


‫العاما الثالث‪ :‬اسـتع ن ا فـي م ـد تهوتـه بفاعلياة تتغلغال المياان‬ ‫البش ااري ب ااأقوى م ااا في ااه م اان وع ااي‪ ،‬حي ااث تظه اار لت اادخل ص اااغرة يف ااال‬ ‫المش ااف والتمح اايص‪ ،‬فيه ااا يواج ااه ك اال إنس ااان احل ااق ذات ااه يف مواجه ااة ا ‪،‬‬ ‫حبيث يعود يسترت شيء من كل ما َع ِم َل اإلنسان وقال‪.‬‬ ‫وهبااذه العواماال البالثااة تباادأ الدينونااة يف جااو ماان الااوعي الماماال احلاضاار‬ ‫املتاادفق لماال دقااائق احلياااة السااالفة علااى ضااوء احلااق الماماال يف ا ‪ ،‬وحينئا ٍاذ‬ ‫تظهر أعمالنا وأقوالنا ومشيئاتنا على قياس احلاق المامال أماام حيارة القادير‪،‬‬ ‫فندرك يف احلال مقدار قربنا منه أو احنرافنا عنهو‬ ‫قضاء المسيح‪:‬‬ ‫واملسيح سيدين العامل باستحقاق فائق‪ ،‬ألنه هو احلق والنور واحلياة‪ ،‬فهو‬ ‫يأخاذ موقاف الاديان عاان اساتحقاق‪ ،‬ولايس اغتصاااباً‪ ،‬ألن أعمالاه تشاهد لااه‪،‬‬ ‫وحياته البشرية أكملها على قياس كامال مان احلاق‪ ،‬فلام يعمال خطياة قاط ومل‬ ‫يوجد يف فمه غشوو فهاو الناور الاذي مل تدركاه الظلماة‪ ،‬وجاوهر احليااة الاذي‬ ‫غلااب املااوت‪ ،‬وتهكيااة قيااائه قائمااة بشااهادة حياتااه وقيامتااهو هااذا اوار كونااه‬ ‫كلمااة ا األ ا اخلااالق الااذي مااا ماان خليقااة يف السااماء أو علااى األرض إ‬ ‫وتستمد منه دوام وجودها وجتديدها أو عدمها و واهلا‪.‬‬ ‫وإن كاناات حياااة املساايح الشخصااية كفيلااة بااأن تمااون دينونااة حبااد ذاهتااا‪،‬‬ ‫لااذلك فمداارد ههااوره لاان يُطاااق بالنساابة للااذين جاد؟فوا عليااه وأهااانوه‪ .‬كااذلك‬ ‫فااإن قداسااته الفائقااة ستصاابح وبااا ً ورعبااً علااى كاال الااذين مل يطيعاوا احلااق باال‬ ‫أخيعوا أجسادهم وأرواحهم للنداسة‪.‬‬ ‫وكما يلبت الشيايني أن يؤذن هلا يف البعد عنه ولو بدخوهلا اخلنا ير (لاو‬ ‫‪ ،)29-01:7‬ألن يف ذل ااك ك ااان راح ااة هل ااا أفي اال م اان مواجه ااة قداس ااته‪،‬‬

‫‪-6-‬‬


‫ك ااذلك س ااتمون يلب ااة ال ااذين جح اادوه وا؟سا اوا ذواهت اام‪ ،‬باإلحل ااا املتواص اال‬ ‫للخااروج ماان حي ارته‪ ،‬ألنااه ساايمون هلاام يف البعااد عاان القداسااة واحلااق والنااور‬ ‫واحلياة‪ ،‬راحة أفيلو‬ ‫وهم ا ااذا س ا اايدين املس ا اايح األشا ا ارار والف ؟د ا ااار والش ا اايايني د ا اارد هه ا ااوره‬ ‫واستعالنه يف ده وقداساته‪ ،‬بالقساوة أو الغياب‪ ،‬وإمناا باساتعالن هوتاه‬ ‫املتياامن منتهااى جااوده وإحسااانه ورمحتااه وحبااه وكالمااه اللااني اللطيااف الااذي‬ ‫احتقره احملتقرون وداسوه وا دروا بقوله وصليبهو‬ ‫أما ابن احلب والرمحة والسالم‪ ،‬فسيحل عليه يف ياوم القيااء فايحل احلاب‬ ‫والرمحااة والسااالم‪ ،‬وأمااا الااذين مل يماان هلاام حااب و رمحااة و سااالم‪ ،‬فسااو‬ ‫يرتد عنهم احلب والرمحة والسالم‪ ،‬بل و يعودون يطيقون هذه األمور‪ ،‬وحيل‬ ‫عوضاً عن ذلك حتماً وباليرورة »سخط وغيب‪ ،‬شدة وضايق« (رو ‪7:0‬‬ ‫و‪ )9‬هو من صنع قلوهبم ونسيج ضمائرهم‪.‬‬ ‫وإذ يمون املسيح الديان يهال مبتسماً يقولون له‪ :‬ملاذا جئت لتعذبناوو‬ ‫وبينمااا هاام يف حياارة احلياااة يطلبااون املااوتوو والنااور البهاايج الااذي يشااع منااه‬ ‫يرعبهم ويهعدهم‪ ،‬ويسعون وراء الظلمة ويطلبون لو أن اابال تسقط عليهم‬ ‫أو أن اآلكام تغطيهم لرتحيهم من وجه ااالس على العرشو‬ ‫وبينم ااا تم ااون الدينون ااة ي ااوم ف اار واس ااتعالن أل اااد ا ومرامح ااه الدهري ااة‪،‬‬ ‫يصح هذا بعينه يوم غيب لألشرار يستطيعون الصمود فيه أو الوقو و‬ ‫رفع الحق عن األشرار‪:‬‬ ‫وبينما اد احلق هنا يعارض نفساه عليناا ساهالً رخيصااً‪ ،‬وامياع النااس يف‬ ‫كاال حااني‪ ،‬ويتمااادى حاااملو ه اذا احلااق وكااأتم يتااذللون إلينااا مسااتعطفني لااو‬ ‫نذوق ا ا ااه فنأخا ا ا ااذه ألنفسا ا ا اانا ان ا ا ا ااً ونأخا ا ا ااذه لنحيا ا ا ااا ب ا ا ااه‪ ،‬وبينما ا ا ااا يما ا ا ااادون‬

‫‪-7-‬‬


‫يالحقوننااا يف كاال ممااان ويتفننااون يف تبمياات ضاامائر العصاااة واخلطاااة بماال‬ ‫وسيلة وكل لغة‪ ،‬حىت يندم اخلايىء قبل فوات األوانت اد هذا احلق ذاته يف‬ ‫يوم القياء يقف وقفاة مرعباة يطالاب بابمن تذلالتاه الساابقة‪ ،‬وكأمناا قاد خلاع‬ ‫ثوب الشحاذة التنمري ليلبس ثوب القياء وجيلس ليدينو‬ ‫عدااع علااى هااذا احلااق الااذي يقااف اآلن يف كاال وايااا الاادنيا‪ ،‬جيااذب إليااه‬ ‫القلوب با تيا واللني العظيم‪ ،‬كيف سيتوقف يومااً ليلابس وشاا قيااء‬ ‫يلنيو‬ ‫إتااا خدعااة احلريااة الااة تع ارض إممانيااة رفااحل احلااق يف هااذا الاادهر لمااي‬ ‫ميتنااع هااذا احلااق عينااه وإىل األبااد علااى الرافيااني‪ ،‬حيااث يمااون الناادم والبماااء‬ ‫بال رجاء‪.‬‬ ‫نماذج لشهود الحق‪:‬‬ ‫لقد سبق املسايح وأعلان أن األعماال الاة كاان يعملهاا يساتطيع َم ْان ياؤمن‬ ‫به أن يعملها ويعمل أعظم منها بامسه بواسطة اآلب‪ ،‬وهمذا مل يرتك املسيح‬ ‫احلق بال شاهد على مستوى احلق ذاته أو على مستوى الديان‪» :‬القديسون‬ ‫سيدينون العامل« (‪ 7‬كو ‪ .)0:1‬ومن أجل ذلك نفخ املسيح يف تالميذه مان‬ ‫روح ااه‪ ،‬فص اااروا ش ااهوداً للح ااق‪» :‬يف أورش االيم ‪ ...‬والس ااامرة وإىل أقص ااى‬ ‫األرض‪( «.‬أ ‪)7:7‬‬ ‫وشااهادة يسااو هااي احلااق‪ ،‬وهااي »رو النباوة« (رؤ ‪ ،)72:79‬وهمااذا‬ ‫تلمااذ الرساال للحااق شااهوداً يف كاال األرض‪ .‬هااؤ ء هاام النماااذج الصاااحلة الااة‬ ‫سااتوجد مه؟كاااة عاان ميااني الااديان شااهوداً للحااق ومااادة حيااة لقياااء الدينونااة‪،‬‬ ‫وش ااهادهتم تم ااون ب ااالمالم أو الجه ااان‪ ،‬ولم اان د اارد قي ااامهم ووج ااودهم‬ ‫مم؟رمني عن ميني احلقو‬

‫‪-8-‬‬


‫األحكا التي سنُدان بمقتضاها‪:‬‬ ‫واألحمام الة سنقف لنُدان قتياها هي بذاهتا الة تُتلى علاى مساامعنا‬ ‫كاال يااوم بااإعالن واضااح وبطاارق ووسااائل عدياادة متنوعااة‪ .‬فملمااة ا املمتوبااة‬ ‫واملقااروءة تااأي إلينااا كاال يااوم غماال احلااق ترغيبااً وقياااءً معااً‪ ،‬بقااوة اخاارة قااادرة‬ ‫مقتدرة كسيف ذي حدين يساتطيع أن خيارتق كال أغلفاة العاامل الماذباة لتبلا‬ ‫القلب الذي يطيعها لو أرادو‬ ‫وصورة املسيح مصلوباً تبميت متواصل للمدمنني على اخلطية والعصايان‪،‬‬ ‫فمأمن ااا ااس ااد املم ااهق عل ااى الص االيب يش اار درس الدينون ااة بص اامت رهي ااب‬ ‫يسااتطيع أن حيطاام األرض والسااماء‪ ،‬ألن ياان اخلطيااة اسااتلهم مااوت القاادوس‪،‬‬ ‫فمم سيمون عقاب من استهان بالبمنو؟‬ ‫أم ا ااا األنبي ا اااء والرس ا اال والش ا ااهداء والقديس ا ااون‪ ،‬فه ا اام النم ا ااوذج املش ا اادع‬ ‫للمتشا ااممني‪ ،‬فقا ااد قا اادموا حيا اااهتم علا ااى ما ااذبح احلا ااب والطها ااارة رخيصا ااة‪،‬‬ ‫واستهانوا بالعامل وااسد وداسوا كل قوة العدو املعاند‪ ،‬وعجوا هبدوء وضياء‪.‬‬ ‫والعَِج الة تذخر هبا أجيال السابقني والالحقني والة تقع غت بصار كال‬ ‫إنسااان ماان بااؤس اخلاااية‪ ،‬وسااعادة املااؤمن‪ ،‬وعاادم راحااة األشارار وانهعاااجهم‪،‬‬ ‫وسااالم األب ارار ويمااأنينتهم‪ ،‬واحتقااار املتعظمااني وتهكيااة املتواضااعني‪ ،‬وافتيااا‬ ‫كل السائرين يف يرق المذب واخلدا ‪ ،‬واا املتمسمني باحلق وا ستقامةت‬ ‫كاال هااذه وألااو غحهااا م ان املالحظااات الااة يلمحهااا الياامح بااال عناااء ‪-‬‬ ‫تق ااف اآلن يف ه ااذا ال اادهر تعل اان إعالن ااً ع اان ص اادق ك اال مواعي ااد احل ااق وال ااج‬ ‫والتعفااف‪ .‬فااإذا أخااذنا هبااا وسارنا قتياااها‪ ،‬صااارت هااي ملتهااا عاهاءً لنااا يف‬ ‫الهمان احلاضر وإكليالً معدًّا هناك يف الدهر اآلي‪.‬‬

‫‪-9-‬‬


‫أمااا إذا تنمرنااا هلااا واسااتبقلناها وأمهلنااا وا درينااا بوعودهااا‪ ،‬فإننااا نفقااد عوتااا‬ ‫وكرامتهااا يف هااذا الهمااان‪ ،‬وتصااح هااي بااذاهتا مااادة للدينونااة املخيفااة والعقاااب‬ ‫األبدي الذي يُطاق‪.‬‬

‫اتصال الدينونة بالحياة الحاضرة‪:‬‬ ‫ليست الدينونة حالة منفصالة عان احلاضار‪ ،‬وكأتاا أعماال ماا بعاد املاوت‪.‬‬ ‫ولم اان احلقيق ااة املا ا؟رة أن الدينون ااة تب اادأ تنس ااج خيويه ااا يف حياتن ااا من ااذ اآلن‪،‬‬ ‫وتسدل علينا أقوُالنا وأعمالنا ونياتنا لتسبقنا إىل هناك‪.‬‬ ‫فال ااذي يُقب اال إىل احل ااق م اان اآلن‪ ،‬يبب اات احل ااق في ااه وحي اارره‪ ،‬ويف الدينون ااة‬ ‫جيذبه إليه وحيميه ويشهد له‪.‬‬ ‫والااذي ياارفحل احلااق هنااا يتعبااد للباياال قهاراً‪ ،‬ويف الدينونااة يصااح غريبااً عاان‬ ‫احلق و يستطيع أن يقبله أو يقرتب إليه بل ينشأ نفور متبادل‪.‬‬ ‫فالذي يسح يف نور احلق‪ ،‬يتددد للمعرفة ويأخاذ مناذ اآلن مالماح صاورة‬ ‫خالقه يف الج وقداسة احلق (أ ‪)02:2‬ت ويؤ؟هل للتبل‪ ،‬وتنفتح عيناه علاى‬ ‫النور األبدي‪ .‬أما يف الدينونة‪ ،‬فيلتحم بالنور ويتأهل لدينونة مالئمة الظالم‪:‬‬ ‫»ألستم تعلمون أننا سندين مالئمة« (‪7‬كو ‪)2:1‬وو‬ ‫أمااا الااذين أحب اوا الظلمااة أكباار ماان النااور وارتبم اوا يف ملااذات هااذا الاادهر‬ ‫وشااهوات الباياال‪ ،‬فااإن عيااوتم فااق أن تتحسااس نااور احلياااة‪ ،‬وقلاايالً قلاايالً‬ ‫تنعمي أبصاار قلاوهبم فاال يعاودون ياَ َارْون احلاق و مييلاون إلياه‪ ،‬هاؤ ء يصاحون‬ ‫يف يااوم الدينونااة كاااألعمى م اريحل العااني الااذي يطيااق شااعا النااور‪ ،‬هااؤ ء‬ ‫يهربون إىل الظلمة اخلارجية‪.‬‬ ‫والااذي أحااب املساايح وقَبِا َال كلمااة احلياااة األبديااة يف هااذا الاادهر‪ ،‬يبباات يف‬ ‫املساايح‪ ،‬واملساايح يعلاان لااه ذاتااه‪ ،‬حيااث يبااذر فيااه بااذرة اخللااود ليصااح كمولااود‬

‫‪- 10 -‬‬


‫جديااد ماان الاارو واحلااق‪ ،‬ويقااوم يف اليااوم األخااح مل احاا التباال يف احلياااة الااة‬ ‫انبب؟ت منذ اآلن يف كيانهو‬ ‫أمااا الااذي ا درى هنااا باحلياااة األبديااة‪ ،‬فيصاابح بالنساابة هلااا ميت ااً‪ ،‬يماااد‬ ‫يصدق بوجودها‪ ،‬ويف الدينونة تعود تعمل فيه هاذه احليااة األبدياة واهبهاا‬ ‫الالتائيةو‬ ‫وهمااذا ناارى أن الدينونااة هااي تممياال عااادل واسااتمرار يبيعااي لنااو احلياااة‬ ‫الة سرنا فيها وصنعناها ألنفسنا سابقاً يف هذا الادهر‪ ،‬إمناا بانتقاال فاائق مان‬ ‫األقل إىل األعظم‪ ،‬من نور الوصية إىل نعيمها‪.‬‬ ‫موقف األشرار‪:‬‬ ‫حينمااا يق ااوم األش ارار للدينونااة‪ ،‬يس ااتيقة ف اايهم وعااي احلي اااة الس ااالفة ب ااال‬ ‫نسيان مع اساتعالن احلاق اإلهلاي باون واحاد‪ .‬حينئ ٍاذ يصاحون يف رعاب عظايم‬ ‫من احلق الذي يبدأ ِّ‬ ‫يبمت رياءهم وكذهبم‪ ،‬ومن الناور الاذي يفياح أعمااهلم‬ ‫ويااوبخ ااساااهتم ويعا ِّاحهم بانغماسااهم يف شااهواهتم الفاساادة‪ ،‬أمااا الاارو الااذي‬ ‫كان يعمل فيهم لإلنذار والتبميت‪ ،‬فيبدأ يشاهد علايهم علنااً أتام بناو هلماة‬ ‫وأو د لعنة‪ ،‬مدعوون للهالكو‬ ‫وم ااع أن اا ااالس عل ااى الع اارش يا اهال ه ااو اخل اارو الودي ااع الق ااائم كأن ااه‬ ‫مااذبو ماان أجاال اخلطاااة‪ ،‬واحلبيااب الااذي ت اهال تنبعااث ماان عينيااه الرمحااة‬ ‫واملسرة واحلنان من أجل كل بل اإلنسان‪ ،‬إ أن رمحته يعود األشرار يرون‬ ‫ادوا للتبمي اات‪ ،‬حيم اال هل اام‬ ‫فيهااا إ نوع ااً م اان الفاار الي ااائعة ال ااة ان ااجت عا ًّ‬ ‫استعالن غيب عظيم‪ .‬أليسوا هم الذين أهانوا الرمحة يف من الرمحاة؟ لاذلك‬ ‫فهم يمفون عن الصراخ يلباً للخروج من حيرته‪ ،‬ألن ااساهتم متنعهم من‬ ‫احتم ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ااال البق ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا اااء يف حي ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ارة قدس ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ااه‪ ،‬ويطلب ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ااون بإحل ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ااا أن‬

‫‪- 11 -‬‬


‫يؤذن هلم باخلروج‪ ،‬حيث الظلمة اخلارجية تمون حالة أكبر احتما ً مان ناور‬ ‫حيارته‪ .‬أمااا هااو‪ ،‬فماان أجاال الرمحااة يااأذن هلاام بالااذهاب عنااه‪ ،‬حيااث الظلمااة‬ ‫اخلارجية وصرير األسنان‪...‬‬ ‫وإن ك ااان ش ااعب إس ارائيل املخت ااار مل يط ا ْاق أن ينظ اار وج ااه موس ااى حينم ااا‬ ‫خاارج ماان لاادن ا ‪ ،‬وقااد انعمااس نااوره اإلهلااي علااى وجهااه‪ ،‬فماام تمااون حالااة‬ ‫أبناء الظلمة حينما يوجدون قسراً يف ال نور وجه ا الديان؟و‬ ‫وإن كانت الشيايني قد صرخت من هول استعالن ا يف هيمل جسده‬ ‫اليااعيف‪ ،‬فماام تمااون حالااة أو د إبلاايس حينمااا يظهاارون أمااام ا يف ااده‬ ‫كديان؟و‬ ‫وإذا كان إسرائيل الذي تقد؟س واستعد ملالقاة ا مل يساتطع مساا صاوت‬ ‫ا واستعفى من المالم الذي أرعبه جداً‪ ،‬فمم تمون حالة اخلطاة وهم بعد‬ ‫يف ااساهتم‪ ،‬حينما يؤخذون بغتة‪ ،‬ويسمعون صوت ااالس على العرش؟‬ ‫من أجل هاذا سايمون اساتعالن املسايح‪ ،‬حاىت وهاو يف حالاة اده‪ ،‬مرعبااً‬ ‫جداً بالنسبة للذين مل يتوبوا وأخذهم املوت بغتة‪.‬‬

‫طبيعة الثواب ‪:‬العقاب في الخلود‪:‬‬ ‫إن األب ارار ساايفرحون جااداً نظااره حينمااا ي ارتاءى يف ااده و ااد أبيااه مااع‬ ‫مالئمتااه‪ ،‬ألتاام ينظاارون إليااه فااحى كاال واحااد وواحاادة نفسااه وقااد انطبعاات‬ ‫صااورهتا علااى وجهااه‪ ،‬فتباادو ياااهرة » دنااس فيهااا و َغياان أو شا ٍ‬ ‫ايء ماان‬ ‫ْ‬ ‫مباال ذلااك« (أ ‪ ،)01:9‬ألنااه ممتااوب أنااه »مااىت أُههاار ساانمون مبلااه‬ ‫«(‪7‬يو ‪ .)0:2‬نعم‪ ،‬سيفر األبرار باحلق حينما يرون أمساءهم منقوشة على‬ ‫ِّ‬ ‫كف ا ا ااه‪ ،‬و جي ا ا اادون يف العب ا ا ااور إلي ا ا ااه مانع ا ا ا ااً‪ ،‬إذ جت ا ا ااذهبم إلي ا ا ااه بت ا ا ااه ال ا ا ااة‬

‫‪- 12 -‬‬


‫اقتنوها يف قلوهبم‪ ،‬و خيشون من ا قرتاب إليه ألناه يماون هلام جاراءة وقادوم‬ ‫باحلق‪ ،‬الذي آمنوا به واعتمدوا منه فناالوا الارو الاذي فايهموو وحينماا تتايقة‬ ‫ضاامائرهم يف نااور حي ارته ويف اسااتعالن حقااه‪ ،‬حيسااون وكااأن دم املساايح قااد‬ ‫ابتَلا َاع اخلطيااة إىل فناااء‪ ،‬و جياادون يف ماضاايهم املمشااو إ ثوب ااً مبي؟ي ااً يف‬ ‫دم اخلا اارو ‪ .‬يا ااذكرون تعا اادياهتم فيما ااا بعا ااد‪ ،‬و آثا ااامهم ُغسا ااب‪ .‬وكما ااا‬ ‫يتالش ااى الهم ااان م اان كي اااتم حينم ااا يلد ااون أعت اااب األبدي ااة‪ ،‬يتالش ااى احل ااهن‬ ‫والموبة والتنهد‪ .‬وكما انفصل املسيح عن اخلطاة وصار أعلى من السموات‪،‬‬ ‫كاذلك سانمون حنان أييااً‪ ،‬ألناه »وإن كناا نعار بعاد مااذا سانمون‪ ،‬إ‬ ‫أننا متأكدون أنه مىت أُههر سنمون مبله« (راجع ‪7‬يو ‪)0:2‬وو‬ ‫ويف غماارة أف ارا األبديااة وهبدااة اسااتعالن حقااائق وأس ارار اخللااود‪ ،‬يعااود‬ ‫اإلنسااان يااذكر أشااباه احلقااائق الااة عاااش فيهااا سااابقاً‪ ،‬باال حييااا يف قااوة احلااق‬ ‫احلاضر ماله وكأنه قد صار جهءًا فيه‪.‬‬ ‫وحينمااا ياارى اإلنسااان البااار ذاتااه يف املساايح‪ ،‬يفقااد كيانااه كأنااه يتالشااى‬ ‫بذاته‪ ،‬بل حيس كمن صار متحاداً يف اده‪ ،‬وكاأن املسايح ح ف‬ ‫اال فياه‪ ،‬فينطلاق‬ ‫بااالفر يف تساابيح وشاامر ياادوم إىل األبااد‪ .‬ع ياارى ااميااع مبلااه متامااً جيمعهاام‬ ‫الفر والتسبيح‪ ،‬مع أن كل واحد له يف املسيح بقدر ماا ناال‪ ،‬ألن فياه مناا ل‬ ‫كبااحة‪ ،‬ولمنهااا منااا ل متمااايهة يف ا ااد‪ .‬ولماان كاال واحااد ياارى منهلتااه وكأتااا‬ ‫احلظوة القصوى‪ ،‬فيصح وله اكتفاء يف ذاته‪ ،‬وامتداد ينتهي يف املسيح‪:‬‬ ‫ اكتفاااء يف ذاتااه‪ ،‬ألنااه جيااد عااو اً يف شاايء‪ ،‬ألنااه ياارى أحااداً آخاار‬‫وكأنااه أعلااى منااه و َما ْان هااو دون عنااه ‪ ...‬ألن املساايح ميااأل الماال يف الماال‬ ‫(‪7‬كو ‪07:79‬ت أ ‪.)72:2 ،02:7‬‬

‫‪- 13 -‬‬


‫ أمااا امتاادادنا الااذي ينتهااي يف املساايح‪ ،‬فألنااه مصاادر احلااق الالتااائي‬‫الذي تتحد به النفس البشرية كامتداد األضعف يف األعظام‪ ،‬فتظال تمتساب‬ ‫من املعرفة للحاق إىل ما تاياة وتظال متتاد امتاداداً يشامله تغياح‪ ،‬ألناه ِخ ْلاو‬ ‫ماان الهمااان واملمااان‪ ،‬باسااتنارة متهاياادة يف احلااق‪ ،‬يمااون احلااق فيهااا عل؟تهااا وهااو‬ ‫هو غايتهاا‪ ،‬وهاذا هاو ماحاا الانفس الساعيد‪ .‬وبقادر ماا تناال مان احلاق تاهداد‬ ‫فرحا ااً وتس اابيحاً ول اان يم ااون مت اادادها يف احل ااق تاي ااة‪ ،‬ول اان غ ااس باحلرم ااان‬ ‫والعو حىت يف سعيها ومنوها يف احلاق‪ ،‬ألن كال درجاة تصال إليهاا تادفعها إىل‬ ‫ما بعدهاو‬ ‫أم ااا ال ااذين أحبا اوا الظلم ااة أكب اار م اان الن ااور‪ ،‬وأبغيا اوا احل ااق‪ ،‬وم اااألوا اإلع‬ ‫والمااذب‪ ،‬فحينمااا يشخصااون يف وجااه الساايد القاادوس ويسااطع نااوره وحقااه‬ ‫علااى قلااوهبم ‪ -‬تنمشااف أسااتارها وتفتيااح أفمارهااا ويغشاااهم اخلااهي املريااع‪،‬‬ ‫فحت اادون بعي ااداً ع اان الن ااور ويس ااتعفون م اان رؤي ااا وج ااه احلبي ااب‪ ،‬والوج ااود يف‬ ‫حي ارته‪ ،‬ويمااون هلاام مااا يرياادون‪ ،‬كمااا كااان لااألروا الندسااة قاادمياً‪ ،‬حينمااا‬ ‫يلبوا أن يهربوا من وجهه ويدخلوا قطيع اخلنا ير بعيداً‪ِ ،‬‬ ‫فأذ َن هلم‪ ،‬رمحةً مناه‪.‬‬ ‫وساايظل املساايح همااذا رحيم ااً وإىل أبااد اآلباادين‪ ،‬حااىت وعلااى أشااد العصاااة‬ ‫املتمردين‪ ،‬ولمنها رمحاة غمال يف يياهتاا اختياار البقااء يف احلرماان بعياداً عناه‪،‬‬ ‫عقاباً أبدياً للذين رفيوا قبول احلق والتولف مع النور واحلياة معه‪.‬‬ ‫وهمذا كما يلبت الشيايني أن يؤذن هلاا بالادخول يف قطياع اخلناا ير‪ ،‬إذ‬ ‫يف ذلك كان راحة هلاا‪ ،‬كاذلك ساتمون راحاة اخلطااة يف بماائهم‪ ،‬و يتعاهون‬ ‫إ بصرير أسناتم‪ ،‬و يرتاحون إ يف الظلمة بعيداً عن احلق والناور وحيارة‬ ‫ا القاادير‪ ،‬لااذلك ساايطلبوتا‪ ،‬ويلحااون يف يلبهااا‪ ،‬ألتااا سااتمون أكباار راحااة‬ ‫من عذاب احلق املستعلن هلم يف حيرة ا ‪.‬‬

‫‪- 14 -‬‬


‫قد خيتلط هنا (يف هاذا الادهر) احلاق بالبايال وتناتفخ أعماال الظلماة علاى‬ ‫أعمااال النااور‪ ،‬وييااط ِهد املتعظم ااون املستيااعفني واملساااكني بااالرو ‪ ،‬أم ااا يف‬ ‫الدهر اآلي فستمون ال ُفرقة وا نفصال األبدي‪ ،‬فال يعود حييا أصحاب احلق‬ ‫إ ب اااحلق‪ ،‬وم ااا أأل ااه وم ااا أس ااعده‪ ،‬و يع ااود حيي ااا أص ااحاب الباي اال إ يف‬ ‫البايل‪ ،‬وما أشقاه وما أتعسه‪.‬‬ ‫واحلياااة تصااح لألولااني حقااً مسااتعلناً يف ا ‪ ،‬بااال تايااة‪ ،‬وسااعادة يشااوهبا‬ ‫أي تعطيل‪ ،‬ولآلخرين بايالً وجهالً مطبقاً يشرق عليه نور‪.‬‬ ‫يف هذا الدهر ندرك خطاورة ومارارة الارفحل اإلهلاي العتياد أن يماون للمساتبيحني‬ ‫واملساتبدين يف الدينوناة املهمعاة أن تماون‪ ،‬ونسااتطيع أن نادرك ذلاك إدراكااً صااحيحاً‬ ‫دقيقاً واعياً‪ ،‬ونستطيع أيياً أن نتداركه قبل فوات األوان بإممانيات سهلة حاضارة‪،‬‬ ‫لااذلك وضااع املس اايح وصاااياه وغ اااذيره‪ ،‬ووصااف خماااير العن اااد وال ارفحل بأوص ااا‬ ‫نس ااتطيع أن حنس ااها اآلن ون اادركها حباس ااة احل ااق ال ااذي فين ااا وبإحساس ااات املنط ااق‬ ‫واليمح والقياس على كل فعل ورد فعل‪.‬‬ ‫ولماان كاال هااذه اإلممانيااات سااتهول تائيااً‪ ،‬عناادما نُسااتدعى لنقااف أمااام‬ ‫كرسي الديان‪ ،‬و تعود فرصة ملعرفة أو فرصة ختيار‪.‬‬ ‫النار ‪:‬الد‪:‬د ‪:‬الخطايا‪:‬‬ ‫والنار والدود هي إحساسات نفسية وذهنياة تانعمس آ مهاا علاى ااساد‬ ‫غااح املائاات فيصاايبه منهااا مااا هااو أكباار ماان النااار املاديااة والاادود األرضااي‪ .‬فااال‬ ‫النار تفارق اإلحساس و التصور‪ ،‬و الدود يمف عن تش أجسادهم غاح‬ ‫املائتة‪.‬‬ ‫ولااو كاناات النااار والاادود موض ااوعات ماديااة هلااان األماار‪ ،‬ولمنهااا حقااائق‬ ‫نفسااية داخليااة‪ ،‬كمااا حياادا يف هااذا الهمااان حينمااا يصاااب اإلنسااان باااانون‪،‬‬

‫‪- 15 -‬‬


‫فإنه حيس بنار أو حي؟ات أو عقارب أو ميمروبات تنهش يف جسده‪ ،‬فيصرخ‬ ‫منهااا بفااه ألاايم‪ ،‬وحيااس بأوجااا نفسااية وجساادية مع ااً‪ ،‬ويهاارب و مطاااردت‬ ‫وعناادما حياااول أقرباااؤه أن يقنعااوه أنااه يوجااد شاايء أمامااه مباال هااذا‪ ،‬فااإتم‬ ‫يمونااون كمدااانني مااا حني عنااده‪ ،‬ألنااه حيااس هبااا إحساسااً قويااً مؤملااً‪ ،‬ويراهااا‬ ‫بعينيااه‪ ،‬ويشااح إليهااا بأص اابعه‪ ،‬ولماان هيهااات أن يهاارب منهاااو فهااي تتعقب ااه‬ ‫أينمااا سااار ولاان يعتقااه ماان صاراعه األلاايم إ املااوت ‪ ...‬ولماان لاايس مااوت يف‬ ‫الدهر اآلي و أمل‪.‬‬ ‫كبااحون يعيشااون يف هااذا العااامل بإحساااس شااديد ماان حنااو اخلطيااة وهااي‬ ‫تماااد تفااارقهم حلظااة حااىت أثناااء نااومهم ‪ -‬وهااي تتمباال هلاام يف حااديث الناااس‬ ‫اهلها ويف حديث الناس اادِّي‪ ،‬كأمنا يتحدثون عنهاا‪ ،‬وكاأن اامياع يشاحون‬ ‫عليهم أتم خطاة‪.‬‬ ‫واإلنسااان يف هااذه احلالااة يماااد يسااتقر يف ممااان‪ ،‬و يطماائن إلنسااان‪،‬‬ ‫و يسااتمتع بااأي شاايء ماان خ احات العااامل المبااحة‪ ،‬وكااأن العااامل أصاابح هلاام‬ ‫جحيماً يُطاق يرى فيه أي خح أو حق‪ .‬وهذه احلالة‪ ،‬ولاو أتاا َمَرضاية‪،‬‬ ‫لمنها صاورة قريباة للحالاة الاة سايواجهها اخلطااة يف الادهر اآليت فخطايااهم‬ ‫ستصح ماثلة أمامهم دائماً‪ ،‬تسح أمامهم وتتعقبهم‪.‬‬ ‫خلود األشرار‪:‬‬ ‫ول اايس لألشا ارار خل ااود خ ااا غ ااح اخلل ااود الع ااام‪ .‬ف اااخللود ه ااو الوج ااود‪،‬‬ ‫وسو يشرتك فيه كل ذي نفس خالدة مهما كان مقبو ً أو مرفوضاً‪.‬‬ ‫ولماان كمااا أن هااذا العااامل حيااوي السااعيد والبااائس‪ ،‬و ااس واحاادة تشاارق‬ ‫عليهمااات ك ااذلك يف اخلل ااود‪ .‬ولم اان الف اارق بااني اخلل ااود والهم ااان احلاض اار ف اارق‬ ‫يفي ا ااف‪ ،‬ه ا ااو وال الص ا ااورة املت ا ااأثرة بعوام ا اال ال ا ااهمن والتغي ا ااح‪ ،‬وبق ا اااء ج ا ااوهر‬

‫‪- 16 -‬‬


‫األشياء واملخلوقات اخلالدة الة لن تتغح يبيعتها بهوال الهمان واملمان‪.‬‬ ‫فالعامل احلاضر صورة مادية غوي يف كياتا حقيقاة الوجاود‪ ،‬وساو يفقاد‬ ‫العامل احلاضر صورته املادية املتغحة والهائلة‪ ،‬ليصح إىل الوجود غح املادي غاح‬ ‫املتغح‪.‬‬ ‫وخلود األشرار يمون امتداداً لوجاودهم احلااا‪ ،‬بميفياة ماا‪ ،‬ولمان بغاح الهائال‬ ‫والهائااف الااذي أحبااوه وألفااوه وعباادوه‪ .‬لااذلك سااو يمااون وجااودهم خالي ااً ماان‬ ‫مسراهتم الة أوقفوا عليها كل رجائهم غشاً وخداعاً‪.‬‬ ‫(‪)8591‬‬

‫‪- 17 -‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.