بقلم :أ .د .صفاء السعسر :
من ورقة بعنوان :سعلم النفس اليجابي ودراسة الموهبة،اكتشاف الموهبة ورسعايتها من منظور نموذج رينزولي الرثرائي. مقدمة إلى الملتقى الخليجي الول لرسعاية الموهوبين »الموهبة تجمعنا« تنطلق هذه الورقة من فلسفة سعلم النفس اليجابي ،تلك الفلسفة التي تركز سعلى القوى النسانية دون إغفال للضعف النساني ،كما تركز سعلى أهمية البيئة دون إغفال للخصائص الشخصية ،من هنا كان طرح المنظومة الرباسعية ركًنا أساسًيا في دراسات سعلم النفس اليجابي. وتتناول المنظومة الرباسعية الخصائص اليجابية في الشخصية والبيئة جنًبا إلى جنب الخصائص السلبية في الشخصية والبيئة ،وترى أن غياب أي مكون من المكونات الربعة ينعكس سلًبا سعلى دراسة الظاهرة سواء في فهم مدخلتها أو تفسير مخرجاتها .ومن هنا كانت رؤية سعلم النفس اليجابي للموهبة والتي تتلخص في التحول :من القول إن هذا الفرد ل تتوفر لديه شروط أو مواصفات الموهبة وبالتالي ل يقع في فئة الموهوبين ،إلى التساؤل سعن جوانب القوة لدى الفرد في خصائصة الشخصية )العقلية والنفعالية والجتماسعية( ،وكيف يمكن توظيفها أو إرثراؤها كي تعوض جوانب القصور لديه بما يحقق له أفضل الفرص لتحقيق ما لديه من إمكانات .وبالمثل التساؤل سعن جوانب القوة في بيئة هذا الفرد ،وكيف يمكن توظيفها كي
تعوض جوانب القصور بها بما يحقق له أفضل الفرص للنمو ،ومن هذا التفاسعل الرباسعي تتحقق أفضل النتائج. من هنا كان اللتقاء بين مبادئ سعلم النفس اليجابي ومبادئ نموذج رينزولي الرثرائي في اكتشاف الموهبة ورسعايتها ،حيث تحتل قضية الموهبة أولوية في نظم التعليم سعالمًيا ،فبقدر ما يضيف التقدم العلمي لفهم الظواهر بقدر ما يفتح جبهات جديدة للتأمل ومحاذير جديدة للتدبر -وهذا موقفنا من قضية الموهبة. وقد يبدو المر بسي ًطا ،فهناك أناس اختصهم ا بقدرات فائقة وما سعلينا إل أن نكتشفهم ،ونحيطهم بالرسعاية حتى يحققوا لنفسهم ولمجتمعاتهم التقدم والدزدهار. من هذه المقدمة تتفجر الشكاليات العلمية التية: إشكاليات خاصة باكتشاف الموهبة. إشكاليات خاصة برسعاية الموهبة وتنميتها. هذا الفصل التعسفي بين الشكاليات بهدف المناقشة ل يعبر سعن حقيقة العلقة المنظومية بينها. وحيث إن الباحث في دراسته ومناقشته لهذه الشكاليات لبد له من فلسفة أو أساس نظري يهديه في رؤيته ،وييسر له خلق معنى متكامل من الجزئيات المتفرقة ،فسوف نبدأ هذا المقال بطرح الساس النظري الذي نناقش من خلله إشكاليات الموهبة والتعليم. يرتبط الساس النظري الذي نقدمه بالنظرية النسانية ومحورها »تحقيق الذات« ،فكل إنسان لديه إمكانات تفوق أداءه الفعلي ،ومن حقه أن يسعى لتحقيق إمكاناته من أجل تحقيق ذاته إلى أقصى الحدود ،بما يختصر التفاوت بين ما لديه من إمكانات وما يحققه فعًل من إنجادزات. وبالتالي فإن من واجبات المجتمع إتاحة الفرصة المناسبة التي تمكن أفراده من تحقيق ما لديهم من إمكانات. سا إلى دراسات المخ البشري وما قدمته من حقائق نستمد الساس النظري الثاني من النظرية المعرفية التي تستند أسا ً تكشف سعن وظائفه ..تكشف سعن ادزدهاره وتحجيمه ..وقبل هذا وذلك تكشف سعن قابليته للتشكل ليتواءم مع متطلبات البيئة، فبقدر رثراء البيئة من حيث تجدد المثيرات وتنوسعها في مناخ ودود مدسعم بقدر انتعاش المخ وادزدهاره ،وبقدر رتابة البيئة وفقرها بقدر تحجيم المخ وتقلص إمكاناته ،من هاتين المقدمتين أتيح للعلوم السيكولوجية والتربوية حيًزا أكبر من الحركة فقلت الثوابت ،وأرثريت التحديات ،فما كان يظنه الباحثون رثابًتا فطرًيا ل قبل بتعديله أصبح متاًحا للتعديل والتنمية ،ومن هنا سع ّظم العلم الحديث دور البيئة ،وبذلك وضع السيكولوجيين والتربويين أمام تحديات كبرى -نقلت رثقل المعادلة من التسليم السلبي بالثوابت إلى التحدي اليجابي لتنمية المكانات. الضلع الثالث في هذا الساس النظري هو نظرية النظم ،وهي نتيجة طبيعية لتنامي وتعميق الفهم العلمي للظاهرة السلوكية، فما كان يبدو منفص ًل من مظاهر السلوك كشف العلم أنه متصل ومتفاسعل ،فالعلقات التي كانت تبدو بسيطة ومحدودة تبين مع تعميق الفهم أنها سعلقات مركبة تتجاودز الثنائية والحادية إلى رثراء التركيبة والتفاسعلية ،ومن هنا كان رثراء سعلم النفس اليجابي في الهتمام بالمنظومة الرباسعية التي تضم القوة والضعف في الفرد والبيئة. سعلى ضوء هذا الساس النظري نطرح التساؤلت التية: -كيف نتناول دراسة الموهبة باسعتبارها صورة لتعظيم القوى النسانية وتحقيق الذات ،وبالتالي فهي حق إنساني؟
كيف نتناول دراسة الموهبة باسعتبارها مظهًرا لنشاط المخ يصدق سعليها ما سبق ذكره من تواؤمية المخ وطواسعيته للتشكيلوالتعديل ومرونته في الستجابة للبيئة في رثرائها ،وفقرها ،وبالتالي تفتح باب التحدي لتوفير مقومات إرثراء البيئة البشرية والمادية؟ كيف نرى الموهبة كمنظومة مركبة في ذاتها وكمكون في منظومات أكثر تركيًبا إذا سلمنا بنظرية النظم في تشابك الظواهرالنفسية وتفاسعلها. في ضوء هذا الطار النظري نطرح الشكاليات الكبرى التي تتناول محوري )اكتشاف الموهبة ورسعاية الموهبة( المحور الول :اكتشاف الموهبة: نناقش فيما يلي بعض محكات اكتشاف الموهبة: أوًل :محكات مستمدة من أداء التلميذ سعلى اختبارات القدرات العقلية )الذكاء(-: هل يمكن أن يكون أداء التلميذ سعلى مقاييس الذكاء محًكا مقبوًل للموهبة؟ ارتبط الذكاء تاريخ ًيا بالموهبة ،وترتب سعلى ذلك شيوع استخدام اختبارات الذكاء واسعتبار ذوي الداء المتميز والذين يحتلون قمة التودزيع بحد أقصى %5هم الموهوبون. أ( ل تستطيع مقاييس الذكاء أن تعطي صورة كاملة تتناسب مع تعددية المتغيرات وتركيبيتها ،إنما تعطي صورة سعن متطلبات النجاح المدرسي في الغلب السعم ،فمقاييس الذكاء ل تكشف سعن التزام التلميذ ول سعن إبداسعه وهما مكونان أساسيان في الموهبة. ب( يذكر تورانس أن مقاييس الذكاء تغفل %70من التلميذ ذوي المواهب. ج( يذكر رونزولي أنه حين قارن الداء الفعلي المتمثل في إنتاج إبداسعي حقيقي لمجموسعة من التلميذ ممن يقعون في قمة التودزيع %5بأداء أقرانهم ممن يقعون دونهم في المستوى بما يتراوح بين %20 - %15لم يجد فروًقا ذات دللة بين الدائين. د( يذكر سترنبرج أن الموهبة تتمثل في توظيف المعرفة توظيًفا فريًدا يتمثل في حل المشكلت وخلق البداسعات -وهذا ما ل يتوافر في مقاييس الذكاء. هـ( تغير مفهوم الذكاء في ضوء المستجدات العلمية المستمدة من دراسات المخ البشري وأهم هذه المتغيرات: أن الذكاء ينمو استجابة للستثارة البيئية فهو دينامي وليس استاتيكي. أن الذكاء ليس أحاد ًيا بمعنى أن جوانب القوة والضعف لدى كل فرد ذات تركيب فريد ,وبالتالي فإن إطلق معايير موحدةلقياس الذكاء أمر ل يقبله العلم ول يقبله مبدأ تكافؤ الفرص. أن المخ نظام وجداني اجتماسعي لنه أداة النسان للحياة في المجتمع -وهذا ينقلنا إلى مفهوم الذكاء الوجداني ،والذي تؤكدالبحوث والدراسات أنه مسئول سعن %80من نجاح النسان أو فشله -هو الوسيط الذي من خلله يعبر الفرد سعن قدراته وإمكاناته لتصبح ناتًجا إبداسعًيا حقيقًيا -وهو ما ل تتضمنه مقاييس الذكاء.
تغير مفهوم الذكاء بعد أن قدم هاوردجاردنر نظريته في الذكاء المتعدد ،والذي ل يتسع أي من مقاييس الذكاء التقليديةلقياسه. رثانًيا :الداء المدرسي :هل يمكن أن يكون التفوق الدراسي محًكا للموهبة؟ يرتبط الداء المدرسي باتباع نموذج شائع مقبول في معظم النظم التربوية ،ويكون التميز فيه داًل سعلى اللتزام بالمعاييروليس خرو ًجا سعنها ،إل في حالة واحدة إذا كان التعليم من أجل البداع وهو تعليم ينادي به التربويون ،وتحول مطالب الواقع دون تحقيقه. تتضمن مقررات الدراسة المعارف الساسية وبالتالي تقصر احتمالت ظهور الموهبة في مجالت محددة. أسعباء المعلم التقليدية ،وحجم العمل التقليدي ل يسمح باتخاذ قرارات بشأن اكتشاف الموهبة ورسعايتها.صا في اكتشاف الموهبة أو رسعايتها. في بحث قام به رينزولي تبين أن %70من المعلمين لم يتلقوا تدريًبا خا ً المقرر المدرسي ل يضم بالضرورة المعارف النسانية في تنوسعها ورثرائها ،وإنما يضم المعارف الساسية التي تناسبمتطلبات المجتمع ،وهي وإن كان لها قيمتها وأهدافها العامة إل أنها ل تخاطب غير المألوف وهو جوهر متطلبات الموهبة. في بحث لتورانس سعن الصفات التي يسعى المعلمون والباء لتأكيدها لدى التلميذ ،قدم تورانس قائمة تضم الصفات التيأرثبتت البحوث والدراسات ارتباطها بالسلوك الدال سعلى الموهبة ،إلى جانب صفات حيادية كالنظام والطاسعة ..وتبين من إجابات المعلمين والباء تأكيدهم سعلى الصفات المحايدة وابتعادهم سعن الصفات الدالة سعلى الموهبة. تبين بالبحث والدراسة أن النشاط داخل الفصل محوره المعلم ،أما الموهبة فمحورها المتعلم. تشير البحوث إلى أن المدارس التي تنتهج تعليم التفكير وتعطي للعمليات العقلية ودزًنا يفوق المحتوى ،كان أداء التلميذفيها سعلى المقاييس التحصيلية دون أقرانهم الذين تلتزم مدارسهم بالتعليم التقليدي ،وينقلب الوضع في الداء الذي يتطلب الخيال وحل المشكلت ،وهي أكثر العوامل تمييًزا للموهبة ،حيث الموهبة في أساسها خروج سعن النص ،والتعليم التقليدي في أساسه التزام بالنص. رثالًثا :صفات الموهبة :هل تنسب للفراد أم للداء؟ هناك صفات خاصة تسند لفئة قليلة من البشر هم الموهبون ،ومن ل تتوفر فيه هذه الصفات فليسوا من الموهوبين. إسناد صفة موهوب لشخص ما ل تتفق مع الحقائق العلمية التي تؤكد أن الموهبة مخصصة وليست سعامة ،فمعنى أن نسند صفة موهوب لفرد أن كل ما يصدر سعنه تتحقق فيه محكات الموهبة ،وهذا ما ل يقره العلم أو الواقع ،وإنما نستطيع أن نقول أن هذا سلوك يدل سعلى موهبة ،وهذا سلوك ل يدل سعلى موهبة ،وإن صدر السلوكان من شخص واحد. يترتب سعلى ذلك أن تصبح مهمة التعليم تنمية السلوك الدال سعلى الموهبة في الجميع وهذا يخرجنا من ضيق الصفوة إلى رحابة الجموع. متى نستطيع أن نقول هذا النسان موهوب؟ بعد أن تتحقق محكات الموهبة في انتاجيات فعلية في مجال ما ،نستطيع أن نقول أن هذا الفرد كاتب موهوب ،جراح موهوب ،معلم موهوب أو تلميذ موهوب في الرياضيات ،تلميذ موهوب في التاريخ ،في
الفلسفة ،فاتخاذ قرار بشأن الموهبة يتطلب بيانات متنوسعة يتم جمعها سعلى مدى دزمني طويل لتدسعم القرار -أما القرار الذي ل تتوفر فيه هذه العناصر فهو يضر بالجميع -من يضمهم القرار ومن ل يضمهم لنه قرار ل يستند إلى أصول قوية ،ولنه قد يشمل أفرا ًدا ل تتحقق لديهم محكات الموهبة الحقيقية ،كما أنه قد يغفل من لديهم إمكانات في طور النضج. راب ًعا :هل نسعى لكتشاف الموهوبين أم نسعى لكتشاف الموهبة كإمكانية قابلة للتنمية؟ ترتبط هذه الشكالية بالتركيز سعلى الجانب الفطري ,إذا وجدت الموهبة فهي دائمة وإذا لم توجد فلن توجد ،هذه الطلقية ل يستطيع العلم قبولها في ضوء مناقشة الثوابت والمتغيرات ،والحقائق الخاصة بقابلية المخ للتعديل الذاتي والتنمية ،ودور البيئة الثرية في تفجير طاقات المخ وإبداسعاته ،إن إطلقية وجود الموهبة /غيابها ل يفيد من يضمهم التصنيف ومن ل يضمهم ،فهي تستند إلى أن هناك فئة نستطيع أن نعتبرها الصفوة -تذكر في بعض المراجع أنها تقع في نهاية المنحنى السعتدالي ،ول تتجاودز % 5في أحسن الحالت ،وبالتالي يكون المطلوب أن نقوم بإجراء المقاييس والختبارات ونحدد هذه النسبة ،وإذا ما تحقق لنا هذا فإن الخطوة التالية أن نضعها في نظام خاص سواء في فصول خاصة أو في مدارس خاصة. فإذا كانت الموهبة كما سبق أن ذكرنا من تركيبة وخصوصية وقابلية للتنمية ،فعلينا أن نحول رؤيتنا من البحث سعن ضا يطرح تساؤًل آخر: الموهوبين إلى البحث سعن الموهبة ،وهذا أي ً هل يعني هذا تكافؤ البشر فيما لديهم من مواهب؟ وهل يعني هذا أنه ل يوجد موهوبون؟ الجابة في الحالتين :ل ،فالفروق بين الفراد حقيقة ل جدال حولها ،ووجود الموهوبين حقيقة ل جدال حولها .فأين الجدال إذن؟ الجدال حول حق جميع التلميذ في التعبير سعما لديهم من إمكانات قد تصل إلى مستوى الموهبة -يقابل هذا الحق واجب المجتمع في توفير الفرص وتوفير برامج الرثراء التي تحقق هذا الهدف ،أما قصر الهتمام سعلى ذوي المستويات العليا ،أو المواهب الظاهرة فهو أمر ل يتفق مع مستجدات العلم ول مع مبدأ تكافؤ الفرص ،والتميز للجميع. سا :إشكالية السن :هل هناك سن معين لكتشاف الموهبة وتجاودز هذا السن يحد من فرص الكتشاف. خام ً أتيحت للباحثين في مجال سعلم النفس الرتقائي حقائق حول خصائص النمو ومراحله ،وتوصل العلم إلى أن هناك نظاًما للنمو وأن هناك مراحل سعمرية معينة يكون الطفل فيها أكثر استعداًدا للتدريب سعلى مهارة معينة ،وهذا ما يطلق سعليه )المراحل الحرجة( ،وقد أيدت بحوث دراسات المخ نفس الحقيقة بوجود نظام دزمني لنمو الوظائف المعرفية المختلفة لدى الطفل، فيكون الطفل في أفضل حالت الستعداد للستفادة من التدريب وتنمية هذه الوظائف المعينة مع الخذ في السعتبار الفروق الفردية بين الطفال -وتعرف هذه العملية بمنافذ الفرص .Windows of opportunity هل يعني هذا أن الطفل يفقد فرصته في الكتشاف والرسعاية إذا لم يتم ذلك في الفترة المحددة؟ إذا أخذنا في السعتبار مرونة المخ وقابليته للتشكل ،نستطيع أن نتوقع أن يحتاج الطفل لجهد أكبر أو لستثارة أقوى أو لوقت أطول ..ولكن ل يفقد استعداده تما ًما إل في حالت نادرة -وتظل الحقيقة الثابتة أنه كلما كان الكتشاف مبكًرا كانت فرص الطفل أفضل في تنمية ما لديه من مواهب. ماذا سعن الوظائف المعرفية التي ل يكتسبها الطفل إل في مراحل سعمرية متقدمة نسبًيا؟ تظل الجابة بأن المراحل الحرجة أو منافذ الفرص تمثل أفضل الحتمالت -وتظل الجابة أن البحث سعن كشف المواهب ورسعايتها حق ل يسقط بتقدم السن. تثير الحقائق العلمية التي أتيحت للباحثين في مجال دراسات سعلم النفس الرتقائي ،وسعلم دراسة المخ ،وسعلم النفس العصبي
تحديات جديدة للسيكولوجيين والتربويين بما وفرته التكنولوجيا الحديثة من ملحظات وبيانات سعن إمكانات الطفال منذ اليام الولى من العمر مما أحدث رثورة في المفاهيم المعرفية. لقد غيرت التجارب الحديثة في سعلم النفس العصبي ودراسات المخ وسعلم النفس الرتقائي مفاهيم كثيرة رسخت في الدبيات العلمية سعبر السنين ،فما تم اكتشافه سعن طاقات الطفل الوليد وما لديه من إمكانات تغفلها البيئة جدير بأن يوسع مجالت تنمية المكانات وتفجير الطاقات التي تهدر -وهذا يضيف لتحديات المجتمع. سا :هل تكشف الموهبة سعن نفسها أم تتطلب من يكشف سعنها؟ ساد ً هناك مستويات من الموهبة تعلن سعن نفسها ،وهي المستويات العليا ،وهناك أشكال من الموهبة تعلن سعن نفسها وهي الشكال الصريحة كالفن والرياضة ،ولكن المر الخطير أن هناك مستويات من الموهبة في طور النضج ،وهناك أشكال من الموهبة ليست لها طواسعية السعلن والظهور ،وقبل هذا وبعده فهناك شخصيات تستطيع أن تعلن سعما لديها من مواهب، وشخصيات يصعب سعليها ذلك ،إلى جانب أن هناك مناًخا يشجع سعلى ظهور الموهبة ومناًخا يصعب فيه ظهور الموهبة، ضا هناك مناخ لديه حساسية لمؤشرات الموهبة ومناخ أقل حساسية لهذه المؤشرات. وأي ً وفي جميع الحوال فإن الكشف سعن الموهبة مسئولية مشتركة بين من لديه الموهبة ،ومن يتحمل مسئولية اكتشافها -وكلما كانت البيئة مشجعة ،كان الحتمال أكبر في تنشيط التفاسعل بين من لديه الموهبة ومن يبحث سعنها. سابًعا :الموهبة والسلوب المعرفي )التجديد والتجويد( إذا سلمنا أن هناك أنما ًطا متباينة بين البشر في سعمليات الدراك )المدخلت( ومعالجة المعلومات )العمليات( والتعبير سعنها )المخرجات( فلنا أن نتوقع اختلًفا في السلوب كنتيجة منطقية للختلف في العمليات. ل يعني الختلف في السلوب اختل ًفا في المستوى ،فقد يكون هناك فردان في نفس المستوى في القدرات ولكن يختلفان في أسلوب استخدام هذه القدرات ،وهذا ما تؤكده نظرية التجويد والتجديد في البداع ،حيث يبرع أصحاب التجويد في تحسين ما هو قائم ،ويبرع أصحاب التجديد في التوصل لغير المألوف أو غير المسبوق ،وكلهما مبدع وكلهما موهوب ،فإذا ما قصرنا رؤيتنا للموهبة في التجديد أغفلنا وأهدرنا طاقات هائلة في التجويد. أهم ما نخلص إليه من العرض السابق أن الموهبة بناء مركب ،قابل للنمو والتنمية ،كما أنه قابل للنحسار. أن الموهبة لها أساليب مختلفة منها التجديد ومنها التجويد. أن العلم الحديث غير الودزن النسبي لما هو فطري ورثابت ،وما هو قابل للتعديل والتنمية وبهذا سعظم دور البيئة في كشفالموهبة وتنميتها. أن إسناد الموهبة إلى البشر سعمل ل يقبله العلم ول يستقيم مع مبدأ تكافؤ الفرص ،وسعليه فالجدى أن تسند الموهبةللسلوك. أن الموهبة ل تظهر في كل مجالت الحياة بل هي خاصة في مجال ما ،وقليًل ما تظهر في أكثر من مجال ،ولكنها ليستسعامة في جميع المجالت.
أن اكتشاف الموهبة سعملية تفاسعلية بين كل فرد من أفراد الجمهور المستهدف ،ومن يتولى مسئولية الكتشاف ،وسعليهيتقاسم الطرفان مسئولية القرار. أن الكتشاف المبكر يعزدز فرص الطفل لتنمية ما لديه من إمكانات ولكن تجاودز سن الكتشاف ل يسقط حقه في الكتشافول يضيع فرصته في الرسعاية. المحور الثاني :رسعاية الموهبة تتبنى هذه الورقة تعري ًفا للموهبة باسعتبارها ناتج تفاسعل سعوامل خاصة بالفرد وسعوامل خاصة بالبيئة -سعوامل معرفية وجدانية اجتماسعية تتميز بالقابلية للنمو والتنمية يلخصها رانزولي في رثلرثية دينامية. القدرات * اللتزام * البداع ،تتفاسعل هذه الثلرثية لتعبر سعن نفسها في منتج فعلي تتوفر فيه محكات المنتج البداسعي وهذه هي الموهبة الحقيقية. سعلى ضوء مبادئ سعلم النفس اليجابي والساس النظري الذي تقدم ،وسعلى ضوء مناقشة الشكاليات التي طرحناها ،نستطيع أن نخلص إلى أن درجات التلميذ سعلى مقاييس مقننة ل تكفي لسعتباره »موهوًبا« سعلى القل إذا التزمنا بتعريف رينزولي للموهبة باسعتبارها منظومة رثلرثية مقوماتها :القدرات * اللتزام * البداع ،ولكي تكتمل هذه الثلرثية لبد أن تتوج بمنتج فعلي كما سوف يرد تفصي ًل ،ويؤكد رينزولي أن الموهبة الحقيقة تظهر في منتج فعلي يتناسب مع سن التلميذ وبيئته ،وهو ما تؤكده المنظومة الرباسعية لعلم النفس اليجابي ومبدأ حق كل فرد في أفضل الفرص لتحقيق ذاته وتعظيم ما لديه من قوى. سوف نتناول فيما يلي مفهوم فيجوتسكي الخاص »بحيز النمو الممكن« Zone of Proximal Developmentوهو القائم سعلى قابلية المخ للدزدهار والذبول استجابة للتفاسعل مع البيئة ،وهو المفهوم المفتاحي لكل الجهود التي توجه لرسعاية الموهبة من منظور سعلم النفس اليجابي ونموذج رينزولي الرثرائي. هل يعني حصول تلميذين سعلى درجات واحدة أن كلهما لديه إمكانات متكافئة؟ نناقش فيما يلي هذا السؤال الذي طرحه فيجوتسكي ..وقدم مفهوم حيز النمو الممكن للجابة سعليه .إذا حصل التلميذ أ ،والتلميذ ب سعلى نفس الدرجات ،فإن هذا يعني سعلى المقاييس التقليدية أنهما متكافئان -ينتميان لفئة واحدة. ولكن القياس الدينامي التفاسعلي الذي يكتسب معناه من مفهوم فيجوتسكي في حيز النمو الممكن ل يصدر حكًما بالتساوي إل بعد إتاحة أفضل فرص التفاسعل للتلميذين أ ،ب وذلك من خلل ما يوفره موقف القياس الدينامي من استثارة للمخ في مناخ آمن متفهم يوفره فاحص لديه المعرفة والخبرة ،ولنضرب مثاًل يوضح الفرق بين القياس التقليدي والقياس الدينامي :حصل التلميذ أ ،التلميذ ب سعلى صفر في أحد بنود مقاييس الذكاء ،في القياس التقليدي الطفلن متساويان ،ودور الفاحص أو المعلم محايد )أو موضوسعي كما يشيع هذا الوصف( ،أما في القياس الدينامي فإن الفاحص يقوم بإرثراء موقف القياس وذلك بإتاحة الفرصة للمفحوص لينشط وظائف المخ من خلل التفاسعل بين الفاحص والمفحوص فإذا سأل الفاحص: كيف توصلت إلى هذه الجابة؟ هنا أسعطي لهما فرصة التأمل أو المراجعة أو الستبصار بالستراتيجيات التي اتبعها )إرثراء وتنشيط للعمليات المعرفية والوجدانية(. لنفرض أن الول ذكر الخطوات التي توصل منها للجابة واكتشف الخطأ وصححه ،في حين سعجز الثاني سعن ذلك ..هل نستطيع أن نعتبرهما متساويين؟
القياس التقليدي يساوي بينهما سعلى أساس الجابة الولى وهي محصلة ما تعلمه التلميذ وحققه في الماضي )قبل موقف الختبار( ،أما القياس الدينامي فيسعى إلى التعرف سعلى ما يمكن للتلميذ أن يحققه ،وليس ما حققه فعًل -القياس الدينامي يشخص والقياس التقليدي في معظم الحوال يصنف ،هذا ما يمكن أن يحدث في موقف القياس الذي يتخذه كثير من الباحثين سا لكتشاف )الموهوبين(. أسا ً لو افترضنا أن أتيحت الفرصة للطفلين لتلقي خبرات إرثرائية متكافئة فهل يتوقع أن يكون أداؤهما بعد التدريب واحًدا؟ ما وجده فيجوتسكي ،ومن بعده فيرشتين ،يؤكد التفاوت بين الطفلين ،هذا التفاوت هو دالة حيز النمو الممكن والذي يعكس الموهبة الحقيقية ،أما ما توصل إليه القياس التقليدي فكان حكًما سعلى ما تحقق فعًل من إمكانات الطفلين ،ول يصل لما يمكن أن يتحقق إذا ما أتيحت لهما الفرصة الرثرائية ،كيف تنعكس هذه المناقشة سعلى قضية الكتشاف ،قد نرفض طفلين لعدم حصولهما سعلى الدرجات العليا التي تعتبر شرًطا لمواصفات الموهبة ،وهنا نضحي باحتمالت التنمية التي تفوق نتائجها في بعض الحالت من تم اختيارهم لحصولهم سعلى الدرجات العليا. إن أهم ما تتميز به برامج اكتشاف المواهب وتنميتها التنوع الثري في المجالت والمستويات استجابة للتنوع الثري في حاجات التلميذ وما بينهم من فروق فردية ،هذا التنوع يمكن أن نشبهه بالحواجز المتفاوتة ،من يجتادز حاجًزا يؤهل لجتيادز حواجز أكبر ،وهنا ننبه إلى أننا ل نعني الخطية في الصعوبة وإنما نعني التدرج الذي يتيح أكبر الفرص لكل المستويات. في هذا السيناريو يتكامل بل ويتداخل الكتشاف والرسعاية -فكلهما نتيجة تفاسعل بشري ،وكلهما يركز سعلى خصوصية كل تلميذ في إطار الجماسعة وكلهما نابع من مفهوم حيز النمو الممكن والمنطلقات النظرية النسانية المعرفية المنظومية لعلم النفس اليجابي. هل يستغني هذا السيناريو سعن المقاييس النفسية والداء المدرسي؟ الجابة نعم ول ،فهو يوظف الختبارات والمقاييس النفسية بهدف السترشاد والتعرف سعلى جوانب القوة والضعف لدى التلميذ ،مما ينمي وسعي التلميذ والمعلمين ويسهم في توجيه النشطة والمهام الرثرائية ،وليس بهدف تصنيف التلميذ إلى موهوبين وغير موهوبين. نموذج الباب المروحي Revolving Door identification Model إن المستعرض لبرامج اكتشاف الموهبة ورسعايتها يفاجأ بكم هائل منها ،يتفاوت في قيمته العلمية وبالتالي في قيمته التطبيقية ،مما دسعا بعض المشتغلين بالمجال إلى تقديم محكات جودة للسترشاد بها سعند بناء وتقديم هذه البرامج ،ويعد نموذج رينزولي )الباب المروحي للكشف سعن الموهبة( مكوًنا أساسًيا في برنامجه )النموذج الرثرائي لكل المدرسة School (Wide Enrichment Modelوالذي يهدف إلى تحقيق التميز للجميع ،وتوظيف برامج اكتشاف الموهبة بحيث تخدم هدفين: أوًل :تحقق التنمية للجميع كل حسب حاجاته ،وفي هذا ضمان لتميز الجميع كل تبًعا لما لديه من إمكانات. رثان ًيا :إتاحة الفرصة لذوي المكانات السعلى لتحقيق مستويات أسعلى ،تتحدد من خلل تقدمهم وإنجادزاتهم الفعلية التي تؤهلهم للنتقال من مستوى لمستوى أسعلى ،سعلى مدى دزمني طويل وفي بيئة مدسعمة تتحدى إمكاناتهم وتترك لهم المبادأة. يعبر سعنوان نموذج الباب المروحي سعن فلسفته ،حيث يسمح لتلميذ المدرسة بالدخول في البرنامج كل تبًعا للمستوى الذي يناسبه ،والمجال الذي يتفق مع حاجاته. ويجدر بنا قبل مناقشة نموذج رينزولي أن نذكر تعريفه لمقومات الموهبة والذي سبق ذكره في بداية حديثنا ،القدرات * البداع * اللتزام.
فهو يرى أن القدرات وحدها ل تكفي ,ودليله سعلى ذلك أن البحوث التي أجريت سعلى المبدسعين والمكتشفين والعباقرة اتفقت سعلى أن بذل الجهد واللتزام مكون أساسي في تجسيد الموهبة وتحويلها إلى حقيقة أي إلى منتج إبداسعي -وهذا ما يسعى له نموذج رينزولي ..المنتج البداسعي ..الدال سعلى الموهبة. ويعتبر رينزولي أن توصل التلميذ لمنتج إبداسعي تتوفر فيه شروط الجدة والمنفعة بداية الطريق إلى الموهبة الحقيقية ،فل يكفي أن يصل التلميذ لمنتج واحد ،بل سعليه أن يستمر في النتاج ،كي يؤكد ما لديه من موهبة. وحيث إن نموذج رينزولي نموذج سعام يقدم للمدرسة ككل فإنه يتكون من رثلرثة مستويات أو رثلرثة مكونات. المكون العام الول :ويقدم لجميع التلميذ مجالت متعددة ومتنوسعة من المعرفة ل يضمها المقرر المدرسي. المكون العام الثاني :ويقدم لجميع التلميذ العمليات المعرفية والوجدانية والتصالية والمنهجية التي تنمي ما لديهم من إمكانات وتؤهلهم للمكون الثالث. المكون الرثرائي الثالث :ويأخذ فيه التلميذ المبادرة مستفيًدا من المكونين 2 ،1ليقدم منتًجا إبداسعًيا يدل سعلى ما لديه من موهبة. وتدرج المستويات في )نموذج الرثراء لكل المدرسة( له وجاهته ،حيث يرى صعوبة النتقال بالتلميذ من المناخ المدرسي التقليدي إلى المناخ الرثرائي ،ولذلك يعتبر المستويين الول والثاني مستويات سعامة تمهد للمستوى الرثرائي الثالث ،ولكنه ل يشترط هذا التدرج حيث يسمح البرنامج لجميع التلميذ باللتحاق بالمكون الذي يستطيعون تحقيق متطلباته ،وحيث إن المكونين الول والثاني ليس لهما متطلبات فيكون المكون الرثرائي الثالث هو المكون الذي يضع شرو ً طا لللتحاق به. تتفق مبادئ نموذج رينزولي مع مبادئ سعلم النفس اليجابي من ناحية ومفهوم حيز النمو الممكن والقياس الدينامي من ناحية أخرى ،وتتفق سعلى أن الهدف من اكتشاف الموهبة ورسعايتها تكافؤ الفرص وإتاحة بيئة إرثرائية للجميع سواء كانت بيئة خارجية تتمثل في المكون الول من النموذج أو بيئة داخلية تتمثل في المكون الثاني .أما المكون الثالث فهو لمن تتيح له قدراته والتزامه وإبداسعه سعلى أن يتوصل إلى منتج فعلي تتوفر فيه خصائص المنتج البداسعي. بورتفوليو الموهبة لجميع التلميذ يرى رينزولي أن النتقال من المناخ المدرسي التقليدي إلى المناخ الرثرائي لكل التلميذ يتطلب إجراءات تمهد الهيئة التدريسية والتلميذ والباء بل والمجتمع المحلي ليس فقط لتقبل المناخ الجديد بل والسهام في تفعيله ،وأول خطوة في هذا المسار هي التعرف سعلى التلميذ ..جوانب القوة وجوانب القصور لديهم ،وذلك فيما يعرف بورتفوليو الموهبة لجميع التلميذ ،ويهدف إلى جمع البيانات التية: · قياس أوجه القصور والهتمامات والمواهب لدى جميع التلميذ. · جمع معلومات سعن موقع التلميذ سعلى المتغيرات المختلفة المعرفية والوجدانية والجتماسعية. · جمع معلومات سعن أداء التلميذ الفعلي داخل الفصل وخارجه. · التعرف سعلى أهداف التلميذ من خلل ما يقوم به من أنشطة. ما لجمع وتسجيل واستخدام المعلومات عن كل يعتبر بورتفوليو الموهبة لجميع التلميذ أسلوًبا منظ ً التلميذ بالمدرسة للتعرف على أوجه القوة والمكانات لديهم ،ولذلك فهو يساعد المعلمين والتلميذ والباء لتحقيق الهداف التية:
- ( ( 1جمع المعلومات المتنوسعة التي تعبر سعن أوجه القوى المختلفة لدى كل تلميذ وتحديثها بصورة مستمرة. - ( ( 2تصنيف هذه المعلومات إلى مؤشرات سعامة مثل القدرات ،والهتمامات وأسلوب التعليم المفضل ،والنتاج الفعلي إن وجد ..الخ ما يشير إلى الموهبة. - ( (3مراجعة البورتفوليو بصورة منظمة ودائمة. - ( ( 4تحليل كل بورتفوليو بصورة شخصية للتعرف سعلى الجوانب اليجابية والسلبية المختلفة لدى كل تلميذ. - ( ( 5اتخاذ قرار بشأن توجيه أفضل النشطة التي تناسب التلميذ سعلى أساس البورتفوليو ،وذلك بالشتراك بين المعلم والتلميذ وأولياء المور. ويسهم هذا البورتفوليو في التعرف على ما لدى جميع التلميذ من خصائص معرفية ووجدانية وتعليمية وفي نفس الوقت يلفت نظر العاملين في برامج الرثراء إلى التلميذ ذوي المستويات العليا التي تصل إلى %25 - %20من مجموع التلميذ.
وكذلك التلميذ الذين يتوسمون في أنفسهم أو يتوسم الخرون فيهم احتمالت موهبة ،ويدخل الجميع برامج الرثراء.
منقول للفائدة للعاملين مع الموهبة http://www.almarefh.org/news.php?action=show&id=4593
اختصاص النفس /مد السويدي 24سبترب 2013م