اكتشاف الموهبة ورعايتها

Page 1

‫بقلم ‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬صفاء السعسر ‪:‬‬

‫من ورقة بعنوان‪ :‬سعلم النفس اليجابي ودراسة الموهبة‪،‬اكتشاف الموهبة ورسعايتها من منظور نموذج رينزولي الرثرائي‪.‬‬ ‫مقدمة إلى الملتقى الخليجي الول لرسعاية الموهوبين »الموهبة تجمعنا«‬ ‫تنطلق هذه الورقة من فلسفة سعلم النفس اليجابي‪ ،‬تلك الفلسفة التي تركز سعلى القوى النسانية دون إغفال للضعف‬ ‫النساني‪ ،‬كما تركز سعلى أهمية البيئة دون إغفال للخصائص الشخصية‪ ،‬من هنا كان طرح المنظومة الرباسعية ركًنا أساسًيا‬ ‫في دراسات سعلم النفس اليجابي‪.‬‬ ‫وتتناول المنظومة الرباسعية الخصائص اليجابية في الشخصية والبيئة جنًبا إلى جنب الخصائص السلبية في الشخصية‬ ‫والبيئة‪ ،‬وترى أن غياب أي مكون من المكونات الربعة ينعكس سلًبا سعلى دراسة الظاهرة سواء في فهم مدخلتها أو تفسير‬ ‫مخرجاتها‪ .‬ومن هنا كانت رؤية سعلم النفس اليجابي للموهبة والتي تتلخص في التحول‪ :‬من القول إن هذا الفرد ل تتوفر لديه‬ ‫شروط أو مواصفات الموهبة وبالتالي ل يقع في فئة الموهوبين‪ ،‬إلى التساؤل سعن جوانب القوة لدى الفرد في خصائصة‬ ‫الشخصية )العقلية والنفعالية والجتماسعية(‪ ،‬وكيف يمكن توظيفها أو إرثراؤها كي تعوض جوانب القصور لديه بما يحقق له‬ ‫أفضل الفرص لتحقيق ما لديه من إمكانات‪ .‬وبالمثل التساؤل سعن جوانب القوة في بيئة هذا الفرد‪ ،‬وكيف يمكن توظيفها كي‬


‫تعوض جوانب القصور بها بما يحقق له أفضل الفرص للنمو‪ ،‬ومن هذا التفاسعل الرباسعي تتحقق أفضل النتائج‪.‬‬ ‫من هنا كان اللتقاء بين مبادئ سعلم النفس اليجابي ومبادئ نموذج رينزولي الرثرائي في اكتشاف الموهبة ورسعايتها‪ ،‬حيث‬ ‫تحتل قضية الموهبة أولوية في نظم التعليم سعالمًيا‪ ،‬فبقدر ما يضيف التقدم العلمي لفهم الظواهر بقدر ما يفتح جبهات جديدة‬ ‫للتأمل ومحاذير جديدة للتدبر ‪ -‬وهذا موقفنا من قضية الموهبة‪.‬‬ ‫وقد يبدو المر بسي ًطا‪ ،‬فهناك أناس اختصهم ا بقدرات فائقة وما سعلينا إل أن نكتشفهم‪ ،‬ونحيطهم بالرسعاية حتى يحققوا‬ ‫لنفسهم ولمجتمعاتهم التقدم والدزدهار‪.‬‬ ‫من هذه المقدمة تتفجر الشكاليات العلمية التية‪:‬‬ ‫إشكاليات خاصة باكتشاف الموهبة‪.‬‬ ‫إشكاليات خاصة برسعاية الموهبة وتنميتها‪.‬‬ ‫هذا الفصل التعسفي بين الشكاليات بهدف المناقشة ل يعبر سعن حقيقة العلقة المنظومية بينها‪.‬‬ ‫وحيث إن الباحث في دراسته ومناقشته لهذه الشكاليات لبد له من فلسفة أو أساس نظري يهديه في رؤيته‪ ،‬وييسر له خلق‬ ‫معنى متكامل من الجزئيات المتفرقة‪ ،‬فسوف نبدأ هذا المقال بطرح الساس النظري الذي نناقش من خلله إشكاليات الموهبة‬ ‫والتعليم‪.‬‬ ‫يرتبط الساس النظري الذي نقدمه بالنظرية النسانية ومحورها »تحقيق الذات«‪ ،‬فكل إنسان لديه إمكانات تفوق أداءه‬ ‫الفعلي‪ ،‬ومن حقه أن يسعى لتحقيق إمكاناته من أجل تحقيق ذاته إلى أقصى الحدود‪ ،‬بما يختصر التفاوت بين ما لديه من‬ ‫إمكانات وما يحققه فعًل من إنجادزات‪.‬‬ ‫وبالتالي فإن من واجبات المجتمع إتاحة الفرصة المناسبة التي تمكن أفراده من تحقيق ما لديهم من إمكانات‪.‬‬ ‫سا إلى دراسات المخ البشري وما قدمته من حقائق‬ ‫نستمد الساس النظري الثاني من النظرية المعرفية التي تستند أسا ً‬ ‫تكشف سعن وظائفه‪ ..‬تكشف سعن ادزدهاره وتحجيمه‪ ..‬وقبل هذا وذلك تكشف سعن قابليته للتشكل ليتواءم مع متطلبات البيئة‪،‬‬ ‫فبقدر رثراء البيئة من حيث تجدد المثيرات وتنوسعها في مناخ ودود مدسعم بقدر انتعاش المخ وادزدهاره‪ ،‬وبقدر رتابة البيئة‬ ‫وفقرها بقدر تحجيم المخ وتقلص إمكاناته‪ ،‬من هاتين المقدمتين أتيح للعلوم السيكولوجية والتربوية حيًزا أكبر من الحركة‬ ‫فقلت الثوابت‪ ،‬وأرثريت التحديات‪ ،‬فما كان يظنه الباحثون رثابًتا فطرًيا ل قبل بتعديله أصبح متاًحا للتعديل والتنمية‪ ،‬ومن هنا‬ ‫سع ّظم العلم الحديث دور البيئة‪ ،‬وبذلك وضع السيكولوجيين والتربويين أمام تحديات كبرى ‪ -‬نقلت رثقل المعادلة من التسليم‬ ‫السلبي بالثوابت إلى التحدي اليجابي لتنمية المكانات‪.‬‬ ‫الضلع الثالث في هذا الساس النظري هو نظرية النظم‪ ،‬وهي نتيجة طبيعية لتنامي وتعميق الفهم العلمي للظاهرة السلوكية‪،‬‬ ‫فما كان يبدو منفص ًل من مظاهر السلوك كشف العلم أنه متصل ومتفاسعل‪ ،‬فالعلقات التي كانت تبدو بسيطة ومحدودة تبين مع‬ ‫تعميق الفهم أنها سعلقات مركبة تتجاودز الثنائية والحادية إلى رثراء التركيبة والتفاسعلية‪ ،‬ومن هنا كان رثراء سعلم النفس‬ ‫اليجابي في الهتمام بالمنظومة الرباسعية التي تضم القوة والضعف في الفرد والبيئة‪.‬‬ ‫سعلى ضوء هذا الساس النظري نطرح التساؤلت التية‪:‬‬ ‫‪ -‬كيف نتناول دراسة الموهبة باسعتبارها صورة لتعظيم القوى النسانية وتحقيق الذات‪ ،‬وبالتالي فهي حق إنساني؟‬


‫ كيف نتناول دراسة الموهبة باسعتبارها مظهًرا لنشاط المخ يصدق سعليها ما سبق ذكره من تواؤمية المخ وطواسعيته للتشكيل‬‫والتعديل ومرونته في الستجابة للبيئة في رثرائها‪ ،‬وفقرها‪ ،‬وبالتالي تفتح باب التحدي لتوفير مقومات إرثراء البيئة البشرية‬ ‫والمادية؟‬ ‫ كيف نرى الموهبة كمنظومة مركبة في ذاتها وكمكون في منظومات أكثر تركيًبا إذا سلمنا بنظرية النظم في تشابك الظواهر‬‫النفسية وتفاسعلها‪.‬‬ ‫في ضوء هذا الطار النظري نطرح الشكاليات الكبرى التي تتناول محوري )اكتشاف الموهبة ورسعاية الموهبة(‬ ‫المحور الول‪ :‬اكتشاف الموهبة‪:‬‬ ‫نناقش فيما يلي بعض محكات اكتشاف الموهبة‪:‬‬ ‫أوًل‪ :‬محكات مستمدة من أداء التلميذ سعلى اختبارات القدرات العقلية )الذكاء(‪-:‬‬ ‫هل يمكن أن يكون أداء التلميذ سعلى مقاييس الذكاء محًكا مقبوًل للموهبة؟‬ ‫ارتبط الذكاء تاريخ ًيا بالموهبة‪ ،‬وترتب سعلى ذلك شيوع استخدام اختبارات الذكاء واسعتبار ذوي الداء المتميز والذين يحتلون‬ ‫قمة التودزيع بحد أقصى ‪ %5‬هم الموهوبون‪.‬‬ ‫أ( ل تستطيع مقاييس الذكاء أن تعطي صورة كاملة تتناسب مع تعددية المتغيرات وتركيبيتها‪ ،‬إنما تعطي صورة سعن متطلبات‬ ‫النجاح المدرسي في الغلب السعم‪ ،‬فمقاييس الذكاء ل تكشف سعن التزام التلميذ ول سعن إبداسعه وهما مكونان أساسيان في‬ ‫الموهبة‪.‬‬ ‫ب( يذكر تورانس أن مقاييس الذكاء تغفل ‪ %70‬من التلميذ ذوي المواهب‪.‬‬ ‫ج( يذكر رونزولي أنه حين قارن الداء الفعلي المتمثل في إنتاج إبداسعي حقيقي لمجموسعة من التلميذ ممن يقعون في قمة‬ ‫التودزيع ‪ %5‬بأداء أقرانهم ممن يقعون دونهم في المستوى بما يتراوح بين ‪ %20 - %15‬لم يجد فروًقا ذات دللة بين‬ ‫الدائين‪.‬‬ ‫د( يذكر سترنبرج أن الموهبة تتمثل في توظيف المعرفة توظيًفا فريًدا يتمثل في حل المشكلت وخلق البداسعات ‪ -‬وهذا ما ل‬ ‫يتوافر في مقاييس الذكاء‪.‬‬ ‫هـ( تغير مفهوم الذكاء في ضوء المستجدات العلمية المستمدة من دراسات المخ البشري وأهم هذه المتغيرات‪:‬‬ ‫ أن الذكاء ينمو استجابة للستثارة البيئية فهو دينامي وليس استاتيكي‪.‬‬‫ أن الذكاء ليس أحاد ًيا بمعنى أن جوانب القوة والضعف لدى كل فرد ذات تركيب فريد‪ ,‬وبالتالي فإن إطلق معايير موحدة‬‫لقياس الذكاء أمر ل يقبله العلم ول يقبله مبدأ تكافؤ الفرص‪.‬‬ ‫ أن المخ نظام وجداني اجتماسعي لنه أداة النسان للحياة في المجتمع ‪ -‬وهذا ينقلنا إلى مفهوم الذكاء الوجداني‪ ،‬والذي تؤكد‬‫البحوث والدراسات أنه مسئول سعن ‪ %80‬من نجاح النسان أو فشله ‪ -‬هو الوسيط الذي من خلله يعبر الفرد سعن قدراته‬ ‫وإمكاناته لتصبح ناتًجا إبداسعًيا حقيقًيا ‪ -‬وهو ما ل تتضمنه مقاييس الذكاء‪.‬‬


‫ تغير مفهوم الذكاء بعد أن قدم هاوردجاردنر نظريته في الذكاء المتعدد‪ ،‬والذي ل يتسع أي من مقاييس الذكاء التقليدية‬‫لقياسه‪.‬‬ ‫رثانًيا‪ :‬الداء المدرسي‪ :‬هل يمكن أن يكون التفوق الدراسي محًكا للموهبة؟‬ ‫ يرتبط الداء المدرسي باتباع نموذج شائع مقبول في معظم النظم التربوية‪ ،‬ويكون التميز فيه داًل سعلى اللتزام بالمعايير‬‫وليس خرو ًجا سعنها‪ ،‬إل في حالة واحدة إذا كان التعليم من أجل البداع وهو تعليم ينادي به التربويون‪ ،‬وتحول مطالب الواقع‬ ‫دون تحقيقه‪.‬‬ ‫ تتضمن مقررات الدراسة المعارف الساسية وبالتالي تقصر احتمالت ظهور الموهبة في مجالت محددة‪.‬‬‫ أسعباء المعلم التقليدية‪ ،‬وحجم العمل التقليدي ل يسمح باتخاذ قرارات بشأن اكتشاف الموهبة ورسعايتها‪.‬‬‫صا في اكتشاف الموهبة أو رسعايتها‪.‬‬ ‫ في بحث قام به رينزولي تبين أن ‪ %70‬من المعلمين لم يتلقوا تدريًبا خا ً‬‫ المقرر المدرسي ل يضم بالضرورة المعارف النسانية في تنوسعها ورثرائها‪ ،‬وإنما يضم المعارف الساسية التي تناسب‬‫متطلبات المجتمع‪ ،‬وهي وإن كان لها قيمتها وأهدافها العامة إل أنها ل تخاطب غير المألوف وهو جوهر متطلبات الموهبة‪.‬‬ ‫ في بحث لتورانس سعن الصفات التي يسعى المعلمون والباء لتأكيدها لدى التلميذ‪ ،‬قدم تورانس قائمة تضم الصفات التي‬‫أرثبتت البحوث والدراسات ارتباطها بالسلوك الدال سعلى الموهبة‪ ،‬إلى جانب صفات حيادية كالنظام والطاسعة‪ ..‬وتبين من‬ ‫إجابات المعلمين والباء تأكيدهم سعلى الصفات المحايدة وابتعادهم سعن الصفات الدالة سعلى الموهبة‪.‬‬ ‫ تبين بالبحث والدراسة أن النشاط داخل الفصل محوره المعلم‪ ،‬أما الموهبة فمحورها المتعلم‪.‬‬‫ تشير البحوث إلى أن المدارس التي تنتهج تعليم التفكير وتعطي للعمليات العقلية ودزًنا يفوق المحتوى‪ ،‬كان أداء التلميذ‬‫فيها سعلى المقاييس التحصيلية دون أقرانهم الذين تلتزم مدارسهم بالتعليم التقليدي‪ ،‬وينقلب الوضع في الداء الذي يتطلب‬ ‫الخيال وحل المشكلت‪ ،‬وهي أكثر العوامل تمييًزا للموهبة‪ ،‬حيث الموهبة في أساسها خروج سعن النص‪ ،‬والتعليم التقليدي في‬ ‫أساسه التزام بالنص‪.‬‬ ‫رثالًثا‪ :‬صفات الموهبة‪ :‬هل تنسب للفراد أم للداء؟‬ ‫هناك صفات خاصة تسند لفئة قليلة من البشر هم الموهبون‪ ،‬ومن ل تتوفر فيه هذه الصفات فليسوا من الموهوبين‪.‬‬ ‫إسناد صفة موهوب لشخص ما ل تتفق مع الحقائق العلمية التي تؤكد أن الموهبة مخصصة وليست سعامة‪ ،‬فمعنى أن نسند‬ ‫صفة موهوب لفرد أن كل ما يصدر سعنه تتحقق فيه محكات الموهبة‪ ،‬وهذا ما ل يقره العلم أو الواقع‪ ،‬وإنما نستطيع أن نقول‬ ‫أن هذا سلوك يدل سعلى موهبة‪ ،‬وهذا سلوك ل يدل سعلى موهبة‪ ،‬وإن صدر السلوكان من شخص واحد‪.‬‬ ‫يترتب سعلى ذلك أن تصبح مهمة التعليم تنمية السلوك الدال سعلى الموهبة في الجميع وهذا يخرجنا من ضيق الصفوة إلى‬ ‫رحابة الجموع‪.‬‬ ‫متى نستطيع أن نقول هذا النسان موهوب؟ بعد أن تتحقق محكات الموهبة في انتاجيات فعلية في مجال ما‪ ،‬نستطيع أن نقول‬ ‫أن هذا الفرد كاتب موهوب‪ ،‬جراح موهوب‪ ،‬معلم موهوب أو تلميذ موهوب في الرياضيات‪ ،‬تلميذ موهوب في التاريخ‪ ،‬في‬


‫الفلسفة‪ ،‬فاتخاذ قرار بشأن الموهبة يتطلب بيانات متنوسعة يتم جمعها سعلى مدى دزمني طويل لتدسعم القرار ‪ -‬أما القرار الذي ل‬ ‫تتوفر فيه هذه العناصر فهو يضر بالجميع ‪ -‬من يضمهم القرار ومن ل يضمهم لنه قرار ل يستند إلى أصول قوية‪ ،‬ولنه قد‬ ‫يشمل أفرا ًدا ل تتحقق لديهم محكات الموهبة الحقيقية‪ ،‬كما أنه قد يغفل من لديهم إمكانات في طور النضج‪.‬‬ ‫راب ًعا‪ :‬هل نسعى لكتشاف الموهوبين أم نسعى لكتشاف الموهبة كإمكانية قابلة للتنمية؟‬ ‫ترتبط هذه الشكالية بالتركيز سعلى الجانب الفطري‪ ,‬إذا وجدت الموهبة فهي دائمة وإذا لم توجد فلن توجد‪ ،‬هذه الطلقية ل‬ ‫يستطيع العلم قبولها في ضوء مناقشة الثوابت والمتغيرات‪ ،‬والحقائق الخاصة بقابلية المخ للتعديل الذاتي والتنمية‪ ،‬ودور‬ ‫البيئة الثرية في تفجير طاقات المخ وإبداسعاته‪ ،‬إن إطلقية وجود الموهبة‪ /‬غيابها ل يفيد من يضمهم التصنيف ومن ل‬ ‫يضمهم‪ ،‬فهي تستند إلى أن هناك فئة نستطيع أن نعتبرها الصفوة ‪ -‬تذكر في بعض المراجع أنها تقع في نهاية المنحنى‬ ‫السعتدالي‪ ،‬ول تتجاودز ‪ % 5‬في أحسن الحالت‪ ،‬وبالتالي يكون المطلوب أن نقوم بإجراء المقاييس والختبارات ونحدد هذه‬ ‫النسبة‪ ،‬وإذا ما تحقق لنا هذا فإن الخطوة التالية أن نضعها في نظام خاص سواء في فصول خاصة أو في مدارس خاصة‪.‬‬ ‫فإذا كانت الموهبة كما سبق أن ذكرنا من تركيبة وخصوصية وقابلية للتنمية‪ ،‬فعلينا أن نحول رؤيتنا من البحث سعن‬ ‫ضا يطرح تساؤًل آخر‪:‬‬ ‫الموهوبين إلى البحث سعن الموهبة‪ ،‬وهذا أي ً‬ ‫هل يعني هذا تكافؤ البشر فيما لديهم من مواهب؟ وهل يعني هذا أنه ل يوجد موهوبون؟‬ ‫الجابة في الحالتين‪ :‬ل‪ ،‬فالفروق بين الفراد حقيقة ل جدال حولها‪ ،‬ووجود الموهوبين حقيقة ل جدال حولها‪ .‬فأين الجدال‬ ‫إذن؟‬ ‫الجدال حول حق جميع التلميذ في التعبير سعما لديهم من إمكانات قد تصل إلى مستوى الموهبة ‪ -‬يقابل هذا الحق واجب‬ ‫المجتمع في توفير الفرص وتوفير برامج الرثراء التي تحقق هذا الهدف‪ ،‬أما قصر الهتمام سعلى ذوي المستويات العليا‪ ،‬أو‬ ‫المواهب الظاهرة فهو أمر ل يتفق مع مستجدات العلم ول مع مبدأ تكافؤ الفرص‪ ،‬والتميز للجميع‪.‬‬ ‫سا‪ :‬إشكالية السن‪ :‬هل هناك سن معين لكتشاف الموهبة وتجاودز هذا السن يحد من فرص الكتشاف‪.‬‬ ‫خام ً‬ ‫أتيحت للباحثين في مجال سعلم النفس الرتقائي حقائق حول خصائص النمو ومراحله‪ ،‬وتوصل العلم إلى أن هناك نظاًما للنمو‬ ‫وأن هناك مراحل سعمرية معينة يكون الطفل فيها أكثر استعداًدا للتدريب سعلى مهارة معينة‪ ،‬وهذا ما يطلق سعليه )المراحل‬ ‫الحرجة(‪ ،‬وقد أيدت بحوث دراسات المخ نفس الحقيقة بوجود نظام دزمني لنمو الوظائف المعرفية المختلفة لدى الطفل‪،‬‬ ‫فيكون الطفل في أفضل حالت الستعداد للستفادة من التدريب وتنمية هذه الوظائف المعينة مع الخذ في السعتبار الفروق‬ ‫الفردية بين الطفال ‪ -‬وتعرف هذه العملية بمنافذ الفرص ‪.Windows of opportunity‬‬ ‫هل يعني هذا أن الطفل يفقد فرصته في الكتشاف والرسعاية إذا لم يتم ذلك في الفترة المحددة؟‬ ‫إذا أخذنا في السعتبار مرونة المخ وقابليته للتشكل‪ ،‬نستطيع أن نتوقع أن يحتاج الطفل لجهد أكبر أو لستثارة أقوى أو لوقت‬ ‫أطول‪ ..‬ولكن ل يفقد استعداده تما ًما إل في حالت نادرة ‪ -‬وتظل الحقيقة الثابتة أنه كلما كان الكتشاف مبكًرا كانت فرص‬ ‫الطفل أفضل في تنمية ما لديه من مواهب‪.‬‬ ‫ماذا سعن الوظائف المعرفية التي ل يكتسبها الطفل إل في مراحل سعمرية متقدمة نسبًيا؟ تظل الجابة بأن المراحل الحرجة أو‬ ‫منافذ الفرص تمثل أفضل الحتمالت ‪ -‬وتظل الجابة أن البحث سعن كشف المواهب ورسعايتها حق ل يسقط بتقدم السن‪.‬‬ ‫تثير الحقائق العلمية التي أتيحت للباحثين في مجال دراسات سعلم النفس الرتقائي‪ ،‬وسعلم دراسة المخ‪ ،‬وسعلم النفس العصبي‬


‫تحديات جديدة للسيكولوجيين والتربويين بما وفرته التكنولوجيا الحديثة من ملحظات وبيانات سعن إمكانات الطفال منذ اليام‬ ‫الولى من العمر مما أحدث رثورة في المفاهيم المعرفية‪.‬‬ ‫لقد غيرت التجارب الحديثة في سعلم النفس العصبي ودراسات المخ وسعلم النفس الرتقائي مفاهيم كثيرة رسخت في الدبيات‬ ‫العلمية سعبر السنين‪ ،‬فما تم اكتشافه سعن طاقات الطفل الوليد وما لديه من إمكانات تغفلها البيئة جدير بأن يوسع مجالت‬ ‫تنمية المكانات وتفجير الطاقات التي تهدر ‪ -‬وهذا يضيف لتحديات المجتمع‪.‬‬ ‫سا‪ :‬هل تكشف الموهبة سعن نفسها أم تتطلب من يكشف سعنها؟‬ ‫ساد ً‬ ‫هناك مستويات من الموهبة تعلن سعن نفسها‪ ،‬وهي المستويات العليا‪ ،‬وهناك أشكال من الموهبة تعلن سعن نفسها وهي‬ ‫الشكال الصريحة كالفن والرياضة‪ ،‬ولكن المر الخطير أن هناك مستويات من الموهبة في طور النضج‪ ،‬وهناك أشكال من‬ ‫الموهبة ليست لها طواسعية السعلن والظهور‪ ،‬وقبل هذا وبعده فهناك شخصيات تستطيع أن تعلن سعما لديها من مواهب‪،‬‬ ‫وشخصيات يصعب سعليها ذلك‪ ،‬إلى جانب أن هناك مناًخا يشجع سعلى ظهور الموهبة ومناًخا يصعب فيه ظهور الموهبة‪،‬‬ ‫ضا هناك مناخ لديه حساسية لمؤشرات الموهبة ومناخ أقل حساسية لهذه المؤشرات‪.‬‬ ‫وأي ً‬ ‫وفي جميع الحوال فإن الكشف سعن الموهبة مسئولية مشتركة بين من لديه الموهبة‪ ،‬ومن يتحمل مسئولية اكتشافها ‪ -‬وكلما‬ ‫كانت البيئة مشجعة‪ ،‬كان الحتمال أكبر في تنشيط التفاسعل بين من لديه الموهبة ومن يبحث سعنها‪.‬‬ ‫سابًعا‪ :‬الموهبة والسلوب المعرفي )التجديد والتجويد(‬ ‫إذا سلمنا أن هناك أنما ًطا متباينة بين البشر في سعمليات الدراك )المدخلت( ومعالجة المعلومات )العمليات( والتعبير سعنها‬ ‫)المخرجات( فلنا أن نتوقع اختلًفا في السلوب كنتيجة منطقية للختلف في العمليات‪.‬‬ ‫ل يعني الختلف في السلوب اختل ًفا في المستوى‪ ،‬فقد يكون هناك فردان في نفس المستوى في القدرات ولكن يختلفان في‬ ‫أسلوب استخدام هذه القدرات‪ ،‬وهذا ما تؤكده نظرية التجويد والتجديد في البداع‪ ،‬حيث يبرع أصحاب التجويد في تحسين ما‬ ‫هو قائم‪ ،‬ويبرع أصحاب التجديد في التوصل لغير المألوف أو غير المسبوق‪ ،‬وكلهما مبدع وكلهما موهوب‪ ،‬فإذا ما قصرنا‬ ‫رؤيتنا للموهبة في التجديد أغفلنا وأهدرنا طاقات هائلة في التجويد‪.‬‬ ‫أهم ما نخلص إليه من العرض السابق‬ ‫ أن الموهبة بناء مركب‪ ،‬قابل للنمو والتنمية‪ ،‬كما أنه قابل للنحسار‪.‬‬‫ أن الموهبة لها أساليب مختلفة منها التجديد ومنها التجويد‪.‬‬‫ أن العلم الحديث غير الودزن النسبي لما هو فطري ورثابت‪ ،‬وما هو قابل للتعديل والتنمية وبهذا سعظم دور البيئة في كشف‬‫الموهبة وتنميتها‪.‬‬ ‫ أن إسناد الموهبة إلى البشر سعمل ل يقبله العلم ول يستقيم مع مبدأ تكافؤ الفرص‪ ،‬وسعليه فالجدى أن تسند الموهبة‬‫للسلوك‪.‬‬ ‫ أن الموهبة ل تظهر في كل مجالت الحياة بل هي خاصة في مجال ما‪ ،‬وقليًل ما تظهر في أكثر من مجال‪ ،‬ولكنها ليست‬‫سعامة في جميع المجالت‪.‬‬


‫ أن اكتشاف الموهبة سعملية تفاسعلية بين كل فرد من أفراد الجمهور المستهدف‪ ،‬ومن يتولى مسئولية الكتشاف‪ ،‬وسعليه‬‫يتقاسم الطرفان مسئولية القرار‪.‬‬ ‫ أن الكتشاف المبكر يعزدز فرص الطفل لتنمية ما لديه من إمكانات ولكن تجاودز سن الكتشاف ل يسقط حقه في الكتشاف‬‫ول يضيع فرصته في الرسعاية‪.‬‬ ‫المحور الثاني‪ :‬رسعاية الموهبة‬ ‫تتبنى هذه الورقة تعري ًفا للموهبة باسعتبارها ناتج تفاسعل سعوامل خاصة بالفرد وسعوامل خاصة بالبيئة ‪ -‬سعوامل معرفية‬ ‫وجدانية اجتماسعية تتميز بالقابلية للنمو والتنمية يلخصها رانزولي في رثلرثية دينامية‪.‬‬ ‫القدرات * اللتزام * البداع‪ ،‬تتفاسعل هذه الثلرثية لتعبر سعن نفسها في منتج فعلي تتوفر فيه محكات المنتج البداسعي وهذه‬ ‫هي الموهبة الحقيقية‪.‬‬ ‫سعلى ضوء مبادئ سعلم النفس اليجابي والساس النظري الذي تقدم‪ ،‬وسعلى ضوء مناقشة الشكاليات التي طرحناها‪ ،‬نستطيع‬ ‫أن نخلص إلى أن درجات التلميذ سعلى مقاييس مقننة ل تكفي لسعتباره »موهوًبا« سعلى القل إذا التزمنا بتعريف رينزولي‬ ‫للموهبة باسعتبارها منظومة رثلرثية مقوماتها‪ :‬القدرات * اللتزام * البداع‪ ،‬ولكي تكتمل هذه الثلرثية لبد أن تتوج بمنتج فعلي‬ ‫كما سوف يرد تفصي ًل‪ ،‬ويؤكد رينزولي أن الموهبة الحقيقة تظهر في منتج فعلي يتناسب مع سن التلميذ وبيئته‪ ،‬وهو ما‬ ‫تؤكده المنظومة الرباسعية لعلم النفس اليجابي ومبدأ حق كل فرد في أفضل الفرص لتحقيق ذاته وتعظيم ما لديه من قوى‪.‬‬ ‫سوف نتناول فيما يلي مفهوم فيجوتسكي الخاص »بحيز النمو الممكن« ‪ Zone of Proximal Development‬وهو‬ ‫القائم سعلى قابلية المخ للدزدهار والذبول استجابة للتفاسعل مع البيئة‪ ،‬وهو المفهوم المفتاحي لكل الجهود التي توجه لرسعاية‬ ‫الموهبة من منظور سعلم النفس اليجابي ونموذج رينزولي الرثرائي‪.‬‬ ‫هل يعني حصول تلميذين سعلى درجات واحدة أن كلهما لديه إمكانات متكافئة؟ نناقش فيما يلي هذا السؤال الذي طرحه‬ ‫فيجوتسكي‪ ..‬وقدم مفهوم حيز النمو الممكن للجابة سعليه‪ .‬إذا حصل التلميذ أ‪ ،‬والتلميذ ب سعلى نفس الدرجات‪ ،‬فإن هذا يعني‬ ‫سعلى المقاييس التقليدية أنهما متكافئان ‪ -‬ينتميان لفئة واحدة‪.‬‬ ‫ولكن القياس الدينامي التفاسعلي الذي يكتسب معناه من مفهوم فيجوتسكي في حيز النمو الممكن ل يصدر حكًما بالتساوي إل‬ ‫بعد إتاحة أفضل فرص التفاسعل للتلميذين أ‪ ،‬ب وذلك من خلل ما يوفره موقف القياس الدينامي من استثارة للمخ في مناخ‬ ‫آمن متفهم يوفره فاحص لديه المعرفة والخبرة‪ ،‬ولنضرب مثاًل يوضح الفرق بين القياس التقليدي والقياس الدينامي‪ :‬حصل‬ ‫التلميذ أ‪ ،‬التلميذ ب سعلى صفر في أحد بنود مقاييس الذكاء‪ ،‬في القياس التقليدي الطفلن متساويان‪ ،‬ودور الفاحص أو المعلم‬ ‫محايد )أو موضوسعي كما يشيع هذا الوصف(‪ ،‬أما في القياس الدينامي فإن الفاحص يقوم بإرثراء موقف القياس وذلك بإتاحة‬ ‫الفرصة للمفحوص لينشط وظائف المخ من خلل التفاسعل بين الفاحص والمفحوص فإذا سأل الفاحص‪:‬‬ ‫كيف توصلت إلى هذه الجابة؟‬ ‫هنا أسعطي لهما فرصة التأمل أو المراجعة أو الستبصار بالستراتيجيات التي اتبعها‬ ‫)إرثراء وتنشيط للعمليات المعرفية والوجدانية(‪.‬‬ ‫لنفرض أن الول ذكر الخطوات التي توصل منها للجابة واكتشف الخطأ وصححه‪ ،‬في حين سعجز الثاني سعن ذلك‪ ..‬هل‬ ‫نستطيع أن نعتبرهما متساويين؟‬


‫القياس التقليدي يساوي بينهما سعلى أساس الجابة الولى وهي محصلة ما تعلمه التلميذ وحققه في الماضي )قبل موقف‬ ‫الختبار(‪ ،‬أما القياس الدينامي فيسعى إلى التعرف سعلى ما يمكن للتلميذ أن يحققه‪ ،‬وليس ما حققه فعًل ‪ -‬القياس الدينامي‬ ‫يشخص والقياس التقليدي في معظم الحوال يصنف‪ ،‬هذا ما يمكن أن يحدث في موقف القياس الذي يتخذه كثير من الباحثين‬ ‫سا لكتشاف )الموهوبين(‪.‬‬ ‫أسا ً‬ ‫لو افترضنا أن أتيحت الفرصة للطفلين لتلقي خبرات إرثرائية متكافئة فهل يتوقع أن يكون أداؤهما بعد التدريب واحًدا؟ ما‬ ‫وجده فيجوتسكي‪ ،‬ومن بعده فيرشتين‪ ،‬يؤكد التفاوت بين الطفلين‪ ،‬هذا التفاوت هو دالة حيز النمو الممكن والذي يعكس‬ ‫الموهبة الحقيقية‪ ،‬أما ما توصل إليه القياس التقليدي فكان حكًما سعلى ما تحقق فعًل من إمكانات الطفلين‪ ،‬ول يصل لما يمكن‬ ‫أن يتحقق إذا ما أتيحت لهما الفرصة الرثرائية‪ ،‬كيف تنعكس هذه المناقشة سعلى قضية الكتشاف‪ ،‬قد نرفض طفلين لعدم‬ ‫حصولهما سعلى الدرجات العليا التي تعتبر شرًطا لمواصفات الموهبة‪ ،‬وهنا نضحي باحتمالت التنمية التي تفوق نتائجها في‬ ‫بعض الحالت من تم اختيارهم لحصولهم سعلى الدرجات العليا‪.‬‬ ‫إن أهم ما تتميز به برامج اكتشاف المواهب وتنميتها التنوع الثري في المجالت والمستويات استجابة للتنوع الثري في‬ ‫حاجات التلميذ وما بينهم من فروق فردية‪ ،‬هذا التنوع يمكن أن نشبهه بالحواجز المتفاوتة‪ ،‬من يجتادز حاجًزا يؤهل لجتيادز‬ ‫حواجز أكبر‪ ،‬وهنا ننبه إلى أننا ل نعني الخطية في الصعوبة وإنما نعني التدرج الذي يتيح أكبر الفرص لكل المستويات‪.‬‬ ‫في هذا السيناريو يتكامل بل ويتداخل الكتشاف والرسعاية ‪ -‬فكلهما نتيجة تفاسعل بشري‪ ،‬وكلهما يركز سعلى خصوصية كل‬ ‫تلميذ في إطار الجماسعة وكلهما نابع من مفهوم حيز النمو الممكن والمنطلقات النظرية النسانية المعرفية المنظومية لعلم‬ ‫النفس اليجابي‪.‬‬ ‫هل يستغني هذا السيناريو سعن المقاييس النفسية والداء المدرسي؟ الجابة نعم ول‪ ،‬فهو يوظف الختبارات والمقاييس‬ ‫النفسية بهدف السترشاد والتعرف سعلى جوانب القوة والضعف لدى التلميذ‪ ،‬مما ينمي وسعي التلميذ والمعلمين ويسهم في‬ ‫توجيه النشطة والمهام الرثرائية‪ ،‬وليس بهدف تصنيف التلميذ إلى موهوبين وغير موهوبين‪.‬‬ ‫نموذج الباب المروحي ‪Revolving Door identification Model‬‬ ‫إن المستعرض لبرامج اكتشاف الموهبة ورسعايتها يفاجأ بكم هائل منها‪ ،‬يتفاوت في قيمته العلمية وبالتالي في قيمته‬ ‫التطبيقية‪ ،‬مما دسعا بعض المشتغلين بالمجال إلى تقديم محكات جودة للسترشاد بها سعند بناء وتقديم هذه البرامج‪ ،‬ويعد‬ ‫نموذج رينزولي )الباب المروحي للكشف سعن الموهبة( مكوًنا أساسًيا في برنامجه )النموذج الرثرائي لكل المدرسة ‪School‬‬ ‫‪ (Wide Enrichment Model‬والذي يهدف إلى تحقيق التميز للجميع‪ ،‬وتوظيف برامج اكتشاف الموهبة بحيث تخدم‬ ‫هدفين‪:‬‬ ‫أوًل‪ :‬تحقق التنمية للجميع كل حسب حاجاته‪ ،‬وفي هذا ضمان لتميز الجميع كل تبًعا لما لديه من إمكانات‪.‬‬ ‫رثان ًيا‪ :‬إتاحة الفرصة لذوي المكانات السعلى لتحقيق مستويات أسعلى‪ ،‬تتحدد من خلل تقدمهم وإنجادزاتهم الفعلية التي تؤهلهم‬ ‫للنتقال من مستوى لمستوى أسعلى‪ ،‬سعلى مدى دزمني طويل وفي بيئة مدسعمة تتحدى إمكاناتهم وتترك لهم المبادأة‪.‬‬ ‫يعبر سعنوان نموذج الباب المروحي سعن فلسفته‪ ،‬حيث يسمح لتلميذ المدرسة بالدخول في البرنامج كل تبًعا للمستوى الذي‬ ‫يناسبه‪ ،‬والمجال الذي يتفق مع حاجاته‪.‬‬ ‫ويجدر بنا قبل مناقشة نموذج رينزولي أن نذكر تعريفه لمقومات الموهبة والذي سبق ذكره في بداية حديثنا‪ ،‬القدرات *‬ ‫البداع * اللتزام‪.‬‬


‫فهو يرى أن القدرات وحدها ل تكفي‪ ,‬ودليله سعلى ذلك أن البحوث التي أجريت سعلى المبدسعين والمكتشفين والعباقرة اتفقت‬ ‫سعلى أن بذل الجهد واللتزام مكون أساسي في تجسيد الموهبة وتحويلها إلى حقيقة أي إلى منتج إبداسعي ‪ -‬وهذا ما يسعى له‬ ‫نموذج رينزولي‪ ..‬المنتج البداسعي‪ ..‬الدال سعلى الموهبة‪.‬‬ ‫ويعتبر رينزولي أن توصل التلميذ لمنتج إبداسعي تتوفر فيه شروط الجدة والمنفعة بداية الطريق إلى الموهبة الحقيقية‪ ،‬فل‬ ‫يكفي أن يصل التلميذ لمنتج واحد‪ ،‬بل سعليه أن يستمر في النتاج‪ ،‬كي يؤكد ما لديه من موهبة‪.‬‬ ‫وحيث إن نموذج رينزولي نموذج سعام يقدم للمدرسة ككل فإنه يتكون من رثلرثة مستويات أو رثلرثة مكونات‪.‬‬ ‫المكون العام الول‪ :‬ويقدم لجميع التلميذ مجالت متعددة ومتنوسعة من المعرفة ل يضمها المقرر المدرسي‪.‬‬ ‫المكون العام الثاني‪ :‬ويقدم لجميع التلميذ العمليات المعرفية والوجدانية والتصالية والمنهجية التي تنمي ما لديهم من‬ ‫إمكانات وتؤهلهم للمكون الثالث‪.‬‬ ‫المكون الرثرائي الثالث‪ :‬ويأخذ فيه التلميذ المبادرة مستفيًدا من المكونين ‪ 2 ،1‬ليقدم منتًجا إبداسعًيا يدل سعلى ما لديه من‬ ‫موهبة‪.‬‬ ‫وتدرج المستويات في )نموذج الرثراء لكل المدرسة( له وجاهته‪ ،‬حيث يرى صعوبة النتقال بالتلميذ من المناخ المدرسي‬ ‫التقليدي إلى المناخ الرثرائي‪ ،‬ولذلك يعتبر المستويين الول والثاني مستويات سعامة تمهد للمستوى الرثرائي الثالث‪ ،‬ولكنه ل‬ ‫يشترط هذا التدرج حيث يسمح البرنامج لجميع التلميذ باللتحاق بالمكون الذي يستطيعون تحقيق متطلباته‪ ،‬وحيث إن‬ ‫المكونين الول والثاني ليس لهما متطلبات فيكون المكون الرثرائي الثالث هو المكون الذي يضع شرو ً‬ ‫طا لللتحاق به‪.‬‬ ‫تتفق مبادئ نموذج رينزولي مع مبادئ سعلم النفس اليجابي من ناحية ومفهوم حيز النمو الممكن والقياس الدينامي من‬ ‫ناحية أخرى‪ ،‬وتتفق سعلى أن الهدف من اكتشاف الموهبة ورسعايتها تكافؤ الفرص وإتاحة بيئة إرثرائية للجميع سواء كانت‬ ‫بيئة خارجية تتمثل في المكون الول من النموذج أو بيئة داخلية تتمثل في المكون الثاني‪ .‬أما المكون الثالث فهو لمن تتيح له‬ ‫قدراته والتزامه وإبداسعه سعلى أن يتوصل إلى منتج فعلي تتوفر فيه خصائص المنتج البداسعي‪.‬‬ ‫بورتفوليو الموهبة لجميع التلميذ‬ ‫يرى رينزولي أن النتقال من المناخ المدرسي التقليدي إلى المناخ الرثرائي لكل التلميذ يتطلب إجراءات تمهد الهيئة‬ ‫التدريسية والتلميذ والباء بل والمجتمع المحلي ليس فقط لتقبل المناخ الجديد بل والسهام في تفعيله‪ ،‬وأول خطوة في هذا‬ ‫المسار هي التعرف سعلى التلميذ‪ ..‬جوانب القوة وجوانب القصور لديهم‪ ،‬وذلك فيما يعرف بورتفوليو الموهبة لجميع‬ ‫التلميذ‪ ،‬ويهدف إلى جمع البيانات التية‪:‬‬ ‫· قياس أوجه القصور والهتمامات والمواهب لدى جميع التلميذ‪.‬‬ ‫· جمع معلومات سعن موقع التلميذ سعلى المتغيرات المختلفة المعرفية والوجدانية والجتماسعية‪.‬‬ ‫· جمع معلومات سعن أداء التلميذ الفعلي داخل الفصل وخارجه‪.‬‬ ‫· التعرف سعلى أهداف التلميذ من خلل ما يقوم به من أنشطة‪.‬‬ ‫ما لجمع وتسجيل واستخدام المعلومات عن كل‬ ‫يعتبر بورتفوليو الموهبة لجميع التلميذ أسلوًبا منظ ً‬ ‫التلميذ بالمدرسة للتعرف على أوجه القوة والمكانات لديهم‪ ،‬ولذلك فهو يساعد المعلمين والتلميذ‬ ‫والباء لتحقيق الهداف التية‪:‬‬


‫‪ - ( ( 1‬جمع المعلومات المتنوسعة التي تعبر سعن أوجه القوى المختلفة لدى كل تلميذ وتحديثها بصورة مستمرة‪.‬‬ ‫‪ - ( ( 2‬تصنيف هذه المعلومات إلى مؤشرات سعامة مثل القدرات‪ ،‬والهتمامات وأسلوب التعليم المفضل‪ ،‬والنتاج الفعلي إن‬ ‫وجد‪ ..‬الخ ما يشير إلى الموهبة‪.‬‬ ‫‪ - ( (3‬مراجعة البورتفوليو بصورة منظمة ودائمة‪.‬‬ ‫‪ - ( ( 4‬تحليل كل بورتفوليو بصورة شخصية للتعرف سعلى الجوانب اليجابية والسلبية المختلفة لدى كل تلميذ‪.‬‬ ‫‪ - ( ( 5‬اتخاذ قرار بشأن توجيه أفضل النشطة التي تناسب التلميذ سعلى أساس البورتفوليو‪ ،‬وذلك بالشتراك بين المعلم‬ ‫والتلميذ وأولياء المور‪.‬‬ ‫ويسهم هذا البورتفوليو في التعرف على ما لدى جميع التلميذ من خصائص معرفية ووجدانية وتعليمية وفي نفس الوقت يلفت‬ ‫نظر العاملين في برامج الرثراء إلى التلميذ ذوي المستويات العليا التي تصل إلى ‪ %25 - %20‬من مجموع التلميذ‪.‬‬

‫وكذلك التلميذ الذين يتوسمون في أنفسهم أو يتوسم الخرون فيهم احتمالت موهبة‪ ،‬ويدخل الجميع برامج الرثراء‪.‬‬

‫منقول للفائدة للعاملين مع الموهبة‬ ‫‪http://www.almarefh.org/news.php?action=show&id=4593‬‬

‫اختصاص النفس ‪ /‬مد السويدي‬ ‫‪ 24‬سبترب ‪ 2013‬م‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.