احداث العالم العربي وتفاعلاتها الاقليمية والدولية 2013 - 2014

Page 1


‫أحداث العالم العربي‪:‬‬ ‫التفاعالت االقليمية والدولية‬

‫(‪)2014-2013‬‬



‫أحداث العالم العربي‪:‬‬ ‫التفاعالت االقليمية والدولية‬ ‫(‪)2014-2013‬‬


‫متخ�ص�صة ُتعنى بحقلي الأبحاث واملعلومات‪.‬‬ ‫م� ّؤ�س�سة علمية‬ ‫ّ‬ ‫أحداث العالم العربي‪ :‬التفاعالت االقليمية والدولية (‪)2014-2013‬‬ ‫�صادر عن‪:‬‬ ‫هذا التقرير هو ثمرة جهود ت�ضافرت يف الكتابة والبحث والتحليل املع ّمق ب�إ�شرف املركز اال�ست�شاري للدرا�سات والتوثيق‪ ،‬وقد‬ ‫�أ�سهم يف �إثراء مادة التقرير بالأفكار والتحليالت الق ّيمة نخبة من ال ُكتّاب واملفكرين العرب والأجانب‪.‬‬ ‫�إن جميع الأبحاث والدرا�سات والآراء الواردة يف هذا التقرير ال تُعرب �إال عن وجهة نظر كتّابها‪.‬‬

‫امل�شرف العام‪ :‬عبد احلليم ف�ضل اهلل‬ ‫مدير التحرير‪ :‬قا�سم عز الدين‬ ‫الرتجمة‪� :‬صالح الأ�شمر (لبحثي باتريك هرني وليونيل فريون)‬ ‫الإخراج والتن�ضيد‪� :‬أحمد �شقري‬ ‫الطباعة‪ :‬مطبعة احلرف العربي‬ ‫التوزيع‪ :‬لبنان والعامل العربي‬ ‫تاريخ الن�شر‪ :‬ني�سان ‪2015‬‬ ‫الطبعة‪ :‬الأوىل‪.‬‬ ‫القيا�س‪21x29 :‬‬

‫حقوق الطبع حمفوظة للمركز‬ ‫جميع حقوق الن�شر حمفوظة للمركز‪ .‬وبالتايل غري م�سموح ن�سخ �أي جزء من �أجزاء التقرير �أو اختزانه يف �أي نظام الختزان املعلومات‬ ‫وا�سرتجاعها ‪� ,‬أو نقله ب�أية و�سيلة �سواء �أكانت عادية �أو �إلكرتونية �أو �شرائط ممغنطة �أو ميكانيكية �أو �أقرا�ص مدجمة‪ ,‬ا�ستن�ساخاً �أو‬ ‫ت�سجي ً‬ ‫ال �أو غري ذلك �إال يف حاالت االقتبا�س املحدودة بغر�ض الدرا�سة واال�ستفادة العلمية مع وجوب ذكر امل�صدر ‪.‬‬

‫العنوان‪ :‬بئر ح�سن ـ جادة الأ�سد ـ خلف الفانتزي وورلد ـ بناية الإمناء غروب ـ الطابق الأول‪.‬‬

‫الربيد الإلكرتوين‪dirasat@dirasat.net :‬‬ ‫‪Baabda 10172010 :P.o.Box‬‬

‫هاتف‪01/836610 :‬‬ ‫فاك�س‪01/836611 :‬‬ ‫خليوي‪03/833438 :‬‬

‫‪www.dirasat.net‬‬


‫‪5‬‬

‫ثبت املحتويات‬

‫املقدّمة ‬

‫‪7‬‬

‫املدخل ‪ /‬قا�سم عز الدين‬

‫‪10‬‬

‫‪ -‬العوامل االقت�صادية ‪ -‬االجتماعية وراء الثورات العربية‬

‫‪19‬‬

‫ الإخوان امل�سلمون وامل�س�ألة االجتماعية ‪ -‬االقت�صادية‬‫ �أولويات حزب اهلل الإ�سرتاتيجية جتاه الثورات العربية‬‫حزب اهلل والتح ّوالت العربية‪ /‬ح�سام مطر‬

‫جورج قرم‬ ‫‪39‬‬ ‫باتريك هرني‬ ‫‪63‬‬ ‫طالل عرتي�سي‬

‫‪ -‬م�صر ودول “املر ّبع الإ�سالمي” يف توازنات ال�شرق الأو�سط‬

‫‪75‬‬ ‫‪79‬‬

‫م�صطفى الل ّباد‬

‫ دول اخلليج وتداعيات املوجة ال�ساد�سة‬‫ ال�سعودية‪ :‬الر�ؤية واخليارات‬‫ جذور التح ّوالت يف ال�شرق الأو�سط‬‫�أ�صابع وا�شنطن ‪ /‬حممد مريندي‬

‫وليد نويه�ض‬ ‫ف�ؤاد �إبراهيم‬ ‫ح�سن به�شتي بور‬

‫‪97‬‬ ‫‪115‬‬ ‫‪127‬‬ ‫‪140‬‬


‫‪6‬‬

‫التقرير اإلستراتيجي‬

‫‪ -‬متغيرّ ات ال�سيا�سة الرتكية و�أبعادها الإ�سرتاتيجية الإقليمية‬

‫‪141‬‬

‫حممد نور الدين‬

‫“�إ�سرائيل” يف مواجهة العا�صفة «القلق الإ�سرتاتيجي»‬‫ التهديدات واملخاطر التي تخ�شاها «�إ�سرائيل»‬‫ رو�سيا الأورا�سية يف املنظومة الدولية‬‫رو�سيا وم�صادر الطاقة ‪ /‬ليونيد �سافني‬

‫‪163‬‬ ‫�سيف دعنا‬ ‫‪179‬‬ ‫حلمي مو�سى‬ ‫‪187‬‬ ‫ف�صيح بدرخان‬

‫ �أي ت�أثريات لإ�سرتاتيجية «اال�ستدارة �شرقاً» الأمريكيةعلى منطقة ال�شرق الأو�سط؟‬‫«ال�شرق الأو�سط برميل بارود» كتاب بريجن�سكي‬

‫�سعد حميو‬

‫‪206‬‬ ‫‪209‬‬ ‫‪216‬‬

‫�أمريكا والت�س ّلح ‪� /‬سارة فالوندرز‬

‫‪218‬‬

‫‪� -‬أمريكا‪ -‬ال�صني �آفاق �إ�سرتاتيجية‬

‫‪219‬‬

‫قوة �أمريكا وزعامتها يف عامل متح ّول‪ /‬فيليب غوليب‬

‫ليونيل فريون‬

‫‪ -‬االقت�صاد ال�سيا�سي للتنمية امل�ستقلة‪ :‬نحو منوذج عربي بديل‬

‫‪230‬‬ ‫‪233‬‬

‫عبد احلليم ف�ضل اهلل‬

‫‪ -‬مقاربة لواقع االقت�صادات العربية وعالقتها باالقت�صاد العاملي‬

‫منري احلم�ش‬

‫‪249‬‬


‫‪7‬‬

‫المقدمة‬ ‫ّ‬

‫املقدمة‬ ‫ّ‬

‫هذا التقرير هو حماولة قراءة وفهم للأحداث العربية‪ ،‬التي انعقدت‬ ‫وجمتمعات تتوق �إىل التغيري والتحرر‪ .‬وبالفعل‬ ‫�شعوب‬ ‫عليها �آمال‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ك�سرت تلك الأحداث حلظة اندالعها الركود الذي هيمن على �أحوال‬ ‫فو�سعت املجال العام ومنحت القوى احل ّية فر�صة‬ ‫الأنظمة عقود ًا عدة‪ّ ،‬‬ ‫التعبري عن نف�سها بعد طول انطواء‪ .‬لكن قوة التحوالت وما رافقها من‬ ‫ت�شظ �سيا�سي وفائ�ض يف العر�ض اخلطابي ك�شفت عن بع�ض ما كان‬ ‫ٍ‬ ‫خمبوء ًا يف قاع الوعي من تناق�ضات و�أزمات و�أوهام‪ ،‬ثم �أظهرت الوقائع‬ ‫الالحقة على نحو ال لب�س فيه �أن اال�ستنها�ض التاريخي املطلوب ال ميكن‬ ‫املب�سط لكلمتي احلرية والدميقراطية‪.‬‬ ‫�أن يخت�صره الت�أويل ّ‬ ‫كانت االنتفا�ضات العربية ال�سلم ّية‪ ،‬وال �سيما يف �أيامها الأوىل‪ ،‬مت ّثل‬ ‫�إجماع ًا وا�سع ًا على �ضرورة ك�سر حلقة اجلمود املفرغة التي �أحاطت‬ ‫باملنطقة لأكرث من ربع قرن‪ ،‬ف�ساهمت يف تقوي�ض ركائز الدولة و�أطلقت‬ ‫عنان البحث عن م�شروعيات �سيا�سية بديلة خارجها‪ .‬لكنه كان �إجماع ًا‬ ‫مي�س ق�ضايا جوهرية‪.‬‬ ‫ق�صري الأمد ومقت�صر ًا على احلد الأدنى وال ّ‬ ‫ولذلك بدت احل�شود الهائلة التي ملأت امليادين عامل حتريك ظريف‬ ‫�أكرث من كونها قوة تغيري حمورية ودائمة‪ .‬وبد ًال من �أن مت�ضي تلك‬ ‫التحركات‪ ،‬التي بدت كما لو �أنها ثورات �إ�صالحية نقية‪ ،‬نحو غاياتها‬ ‫املعلنة تع ّر�ضت النزياح خطري نحو الفو�ضى العارمة واحلروب الأهلية‬ ‫والفتنة العمياء‪.‬‬ ‫مل يكن هذا االنزياح كما ُيزعم نابع ًا من نزوع �أ�صلي يف جمتمعاتنا‬ ‫العربية نحو االنق�سام والع�صبية‪ ،‬وال من موروثات ثقافية واجتماعية‬


‫‪8‬‬

‫التقرير اإلستراتيجي‬

‫متنعها من ا�ستيعاب قيم احلرية والتعددية ومن �إجناز التح ّول الدميقراطي‬ ‫على نحو �آمن ومقبول‪ .‬غري �أنّ الفراغ املتعدد الأبعاد واملت�سع ّ‬ ‫باطراد كان هو‬ ‫طاقة اجلذب ال�سلب ّية التي دفعت االنتفا�ضات بعيد ًا عن مقا�صدها الأوىل‪ :‬فراغ‬ ‫�آيديولوجي نا�شئ من �إخفاق النماذج العقائدية والفكرية التي �سادت يف الربع‬ ‫الثالث من القرن املا�ضي دون �إيجاد بدائل لها‪ ،‬وفراغ �سيا�سي ناجت عن الإطباق‬ ‫ال�سلطوي على املجتمعات وف�شل م�شاريع التنمية‪ ،‬وفراغ جيو‪� -‬سيا�سي مت�صل‬ ‫باالختالل احلا ّد يف موازين القوى وال �س ّيما مع العدو‪ ،‬والذي كان �سي�صري‬ ‫�شام ًال لوال حركات املقاومة امل�سلحة‪.‬‬ ‫لقد �ألقت ثالثية االنق�سام والتبعية والف�ساد �أي�ض ًا بثقلها على املجال ال�سيا�سي‬ ‫العربي‪ ،‬وها هي حتاول االنبعاث من جديد يف �إطار تيارين متقاربني‬ ‫ومت�صارعني يف الآن نف�سه‪ ،‬الأول متثله القوى املحافظة التي ت�سعى �إىل تن�شيط‬ ‫خاليا الأنظمة ال�سابقة وا�ستعادة توازنات النظام العربي املندثر ولو �ضمن‬ ‫�سياقات وم�س ّميات جديدة‪ .‬والثاين تعبرّ عنه احلركات التكفريية وما يعادلها‪،‬‬ ‫والتي ت�سعى �إىل �إيجاد موطىء قدم لها يف �ساحة املناف�سة على ما ت�س ّميه �إدارة‬ ‫التوح�ش‪ ،‬م�ستفيدة يف توطيد نفوذها من الفو�ضى العارمة‪ ،‬ومن التقاطعات‬ ‫ّ‬ ‫ال�سيا�سية والأمنية والع�سكرية التي حتظى بها مع �أطراف عدة‪ .‬هذه احلركات‬ ‫متتلك م�شروع ًا ارتدادي ًا مهو ًال غري قابل للحياة‪ ،‬لكن ب�إمكانها مع ذلك‬ ‫تخريب الأ�س�س الثقافية للمجتمعات وتهديد عنا�صر حلمتها وتقوي�ض متا�سكها‬ ‫التاريخي‪ .‬ويف مقابل هذين التيارين ي�ستند تيار ثالث �إىل مثال مرجعي هو‬ ‫املقاومة‪ ،‬التي �أثبتت �أنها قادرة على �أن تكون الأ�سا�س ال�صلب لتجربة جتمع‬ ‫بني احلرية والتحرر والوحدة‪.‬‬ ‫بتعبري �آخر‪ ،‬ميكن القول �إنّ ال�صراع احلايل هو بني منطقني‪� ،‬أحدهما يحاول‬ ‫العودة بعقارب ال�ساعة �إىل الوراء ال�سرتداد الو�ضع ال�سابق �أو لتحقيق هوامات‬


‫‪9‬‬

‫المقدمة‬ ‫ّ‬

‫عدمية وفتاكة‪ ،‬و�آخر يعتمد على نقاط االرتكاز القوية والتجارب الناجحة‬ ‫للم�ضي ُقدم ًا �إىل الأمام‪ .‬ويالم�س املنطق الثاين احلاجة �إىل مقاربة �شاملة‬ ‫تتناول يف � ٍآن مع ًا ق�ضايا تداول ال�سلطة واحلريات والعدالة االجتماعية والنمو‬ ‫والرفاه من ناحية‪ ،‬وم�سائل ال�سيادة الوطنية والت�ضامن الإقليمي وامل�صاحلة‬ ‫بني مك ّونات الهو ّية اجلامعة من ناحية ثانية‪ .‬وال بد من الإ�شارة يف ال�سياق‬ ‫نف�سه �إىل �أنّ االنعطافة الراهنة يف النظام الدويل‪ ،‬الذي حت ّول خالل عقدين‬ ‫من الأحادية القطبية �إىل التعددية الوا�سعة �أو حتى الالقطبية‪ ،‬تعطي املنطقة‬ ‫العربية وجوارها فر�صة �أن تكون ممثلة فيه وحا�ضرة يف معادالته‪.‬‬ ‫وعلى العموم ال ي�أتي هذا التقرير يف معر�ض تقدمي تف�سري �شامل ومتمايز‬ ‫للأحداث‪� ،‬أو �س ّد النق�ص املعريف املحيط بحا�ضر �أزماتنا وم�ستقبل منطقتنا‪،‬‬ ‫لكنه يطمح‪ ،‬من خالل ا�ستعرا�ض �آراء طيف متن ّوع من الباحثني واملفكرين من‬ ‫داخل العامل العربي وخارجه‪� ،‬إىل �أن ي�ساهم يف �إطالق نقا�ش هادىء ومتزن‬ ‫ب�ش�أن التح ّوالت العربية الراهنة‪ ،‬مع تركيز مق�صود على التفاعل الإقليمي‬ ‫معها‪ .‬ي�أتي ذلك انطالق ًا من الفر�ضية التي ارتكز عليها التقرير وهي الآتية‪:‬‬ ‫بقدر ما كانت العوامل االقت�صادية واالجتماعية مبا فيها من عدم م�ساواة وفقر‬ ‫ومتييز هي املحرك املبا�شر للأحداث‪ ،‬بقدر ما كانت �أ�سبابها العميقة والغائرة‬ ‫تنتمي �إىل احلقل اجليو�سيا�سي القائم على �صفائح �إقليمية نا�شطة‪ ،‬مبا فيها‬ ‫من �صراعات ومناف�سات وموازين قوى وتط ّلعات ومفاهيم و�أفكار ومبادئ‪.‬‬ ‫ولذلك نرى �أثر العامل الإقليمي يت�سع مع مرور الوقت ويتجذر با�ستمرار وذلك‬ ‫على ح�ساب العوامل الأخرى املحلية �أو العاملية‪.‬‬ ‫عبد احلليم ف�ضل اهلل‬ ‫رئي�س املركز اال�ست�شاري للدرا�سات والتوثيق‬


‫‪10‬‬

‫التقرير اإلستراتيجي‬

‫مـدخـل‬ ‫قاسم عز الدين‬

‫*‬

‫باحث يف الشؤون االسرتاتيجية‪.‬‬

‫تتواىل التحوالت يف املنطقة العربية منذ �أربع �سنوات على امتداد اجلغرافيا‬ ‫كاف لبلورة قراء ٍة متكاملة للظواهر‬ ‫ال�سيا�سية الإقليمية‪ ،‬ولكنه وقت غري ِ‬ ‫التي رافقت املتغريات املت�سارعة‪ .‬ويف هذا اخل�ضم ال حيد عن مالحظة‬ ‫بع�ض اخللل الذاتي يف مناهج البحث عن املدلوالت والأبعاد‪ ،‬ويتج ّلى ذلك‬ ‫اخلب والتحليل‬ ‫يف الأدوات‬ ‫َ‬ ‫امل�ستخد َمة التي تطغى عليها �أحيان ًا كثرية تقنيات رَ‬ ‫ال�سيا�سي املتح ّول‪ ،‬يف معر�ض حقل معريف هو بداهة حقل بحث يف العوامل‬ ‫امل�س ّب َبة ال يف نتائجها الظاهرة‪.‬‬ ‫لقد �أخذ كثري من الباحثني يف التح ّوالت العربية املع ّقدة واملت�شابكة مقاربات‬ ‫تالم�س ر�أ�س جبل اجلليد بقطع النظر عن الرتاكم املو ّلد للأحداث حتت‬ ‫ال�سطح‪ .‬فقادهم البحث �إىل تغليب عامل �آحادي كعامل ا�ستبداد احلكم‬ ‫على باقي العوامل الأخرى التي ت�ؤ ّلف مع �شكل احلكم ك ًّال متكام ًال يف نظام‬ ‫�سيا�سي واجتماعي ـ اقت�صادي وجيو ـ �سيا�سي ال ينف�صل �إىل عنا�صر متف ّرقة‪.‬‬ ‫ويف هذا الإطار جرى تناول م�سار الأحداث يف كل بلد بف�صله عن املجرى‬ ‫العام يف املحيط الإقليمي‪ ،‬وفق جغرافية �سيا�سية «وطنية» ن�ش�أت �إثر احلرب‬ ‫العاملية الثانية‪ ،‬وهي جغرافية وليدة عمرها ق�صري جد ًا قيا�س ًا على احلقبات‬ ‫التاريخية ال�سابقة والالحقة‪ .‬لقد �أ�سقطت هذه املقاربة مبعظمها‪ ،‬العوامل‬ ‫التاريخية امل�ؤ�س�سة للأزمات الراهنة و�أهملت يف ال�سياق نف�سه عامل التبعية‬ ‫«للمنظومة الدولية» التي تتحكم فيها م�صالح الدول القوية ومطاحمها بحقوق‬ ‫الدول ال�ضعيفة و�آمالها‪ .‬فقطعت يف ذلك حبل تراكم اال�ستمرارية مع مناهج‬ ‫* مدير التحرير‬


‫‪11‬‬

‫البحث ال�سابقة‪ ،‬التي قر�أت التحوالت التاريخية الكربى بجذورها امل�س ّببة‬ ‫و�آفاقها املتكاملة‪ ،‬منذ الثورة الفرن�سية (عام ‪ )1789‬حتى الثورة الإ�سالمية‬ ‫املحد َثة مقاربة تتمحور‬ ‫يف �إيران (عام ‪ .)1979‬وطغت على مناهج البحث َ‬ ‫حول م�س�ألة ال�سلطة من دون الأبعاد الأخرى يف م�سائل منظومة الدولة‪.‬‬ ‫وعلى هذا اجلذر الأ�سا�س جرى اتخاذ عنا�صر ال�سلوك ال�سيا�سي والثقافة‬ ‫ال�سو�سيولوجية قواعد بحث يف نهو�ض الدول �أو انهيارها‪.‬‬ ‫ثم �إن �إطالق ت�سمية الربيع العربي ت�شري �إىل منحى لإدراج الأحداث يف‬ ‫املنطقة العربية يف �سياق دويل يتمثل يف ما �أطلق عليه ا�سم «ربيع براغ» يف‬ ‫القرن املا�ضي‪� ،‬أو ما ُ�س ّمي «الثورات املل ّونة» يف البلدان التي انهارت �أنظمتها‬ ‫ال�سيا�سية �إثر انهيار التوازن بني مع�سكري احلرب الباردة‪ ،‬ف�آلت هذه البلدان‬ ‫�إىل التق�سيم والتجزئة واالن�ضمام �إىل احللف الأطل�سي يف كثري من الأحيان‪.‬‬ ‫وعلى خلفية ذلك‪ ،‬ت�أثر خطاب بع�ض نخب «الربيع العربي» ببع�ض التيارات‬ ‫تع�سفي �إىل ف�سطاط‬ ‫الآيديولوجية الفاعلة يف الغرب التي ق�سمت العامل ب�شكل ّ‬ ‫خري مطلق هو ف�سطاط «الدميوقراطية واالزدهار واحلرية»‪ ،‬يف مقابل‬ ‫ف�سطاط «التخ ّلف واجلهل واال�ستبداد»‪ .‬وبح�سب هذا الفكر ال�سيا�سي جرى‬ ‫تناول التح ّوالت التي انفجرت يف تون�س وم�صر وليبيا من �أعلى ر�أ�س ال�سلطة‪،‬‬ ‫مبعزل عن تاريخ البلد وجغرافيته ال�سيا�سية‪� ،‬أو �أمنه القومي واالجتماعي‬ ‫والغذائي‪ ،‬ومبعزل عن املحيط الإقليمي الذي جعلته «املنظومة الدولية» حمط‬ ‫ا�سرتاتيجياتها وم�صاحلها اخلا�صة‪.‬‬ ‫بيد �أن هذا امل�ستوى اجليو ـ �سيا�سي جعل م�صري كل بلد عربي جزء ًا من‬ ‫َ�صرة يف احلرب الكونية الثانية‪ ،‬والتي تت ّوجت بتق�سيم‬ ‫ا�سرتاتيجية الدول املنت ِ‬ ‫النفوذ وال�صراع على الرثوات والأ�سواق العاملية‪ ،‬كما ُر�سمت يف ال�سياق نف�سه‬ ‫حدود البلدان يف انفتاحها على «ال�سوق الدولية» وانغالقها على حميطها‬ ‫الإقليمي‪ .‬ويف هذا املجرى ُولدت يف كل بلد «م�ستقل» جغرافية �سيا�سية معت ّلة‬ ‫بت�شويه خلقي بالوالدة‪ ،‬ثم تفاقمت معظم الأزمات الالحقة على �أزمة الت�أ�سي�س‬ ‫الأ�سا�س‪� ،‬سواء يف �شكل احلكم �أم يف غريه‪ .‬وكان اغت�صاب فل�سطني‪ ،‬وقت‬ ‫«ا�ستقالل» البلدان العربية و�إزالة اال�ستعمار‪ ،‬عن�صر ًا حا�سم ًا يف تقوي�ض هذا‬

‫مـدخـل‬


‫‪12‬‬

‫التقرير اإلستراتيجي‬

‫اال�ستقالل و�إحلاقه مب�صالح وا�سرتاتيجيات الدول الغربية‪ ،‬وتوليد بيئة عدم ا�ستقرار اجتماعي‬ ‫و�أمني وجيو�سيا�سي يف املنطقة‪.‬‬ ‫ويف هذا املنحى العام ذي ال�صلة القريبة بالأزمات التي انفجرت يف بلدان الثورات العربية‬ ‫اجتهت البلدان الغربية منذ �سبعينيات القرن املا�ضي للق�ضاء على جتربة احلركات اال�ستقاللية‬ ‫العربية التي حاولت قطع حبل الإحلاق والتبعية بقليل من النجاح وكثري من التعثرّ والإخفاق‪.‬‬ ‫وباحلرب والغزو دعمت الدول الغربية قاعدتها الع�سكرية يف فل�سطني املحت ّلة من خالل �إنهاء‬ ‫املقاومة يف الأردن واحتالل بريوت‪ ،‬و�سعت لإجها�ض الثورة الإ�سالمية يف �إيران عرب حدائقها‬ ‫اخللفية يف دول النفط والغاز‪ ،‬ثم �ضربت عليها طوق ح�صار ما زال م�ستمر ًا حتى الآن‪ .‬وكان‬ ‫االحتالل الأمريكي للعراق مدخ ًال مل�شروع «ال�شرق الأو�سط اجلديد»‪ ،‬بل ملا �س ّماه �صقور‬ ‫«النيوليربالية» النظام العاملي اجلديد‪.‬‬ ‫مل تقف هذه التح ّوالت اجليو ـ �سيا�سية الكربى على �أبواب وحدود تون�س وم�صر وليبيا وغريها‪،‬‬ ‫ومبقدار ما كانت �أزمة التبعية ال�سيا�سية والدفاعية واالقت�صادية ت�صيب البلدان العربية‬ ‫كانت ت�صيب منوذج احلكم القائم على الإلتحاق مب�صالح وا�سرتاتيجيات الدول الغربية‪ .‬فقد‬ ‫غرقت املجتمعات منذ منت�صف ال�سبعينيات يف ه ّوة فراغ مزدوجة‪� ،‬إحداها ترتبط مبا ي�سمى‬ ‫«ا�سرتاتيجية ال�سالم»‪ ،‬والأخرى تعرب عنها �سيا�سات «االنفتاح» على ال�سوق الدولية التي حلق‬ ‫بها «ت�سونامي» التحوالت «النيوليربالية» يف منت�صف الت�سعينيات‪ .‬ويف غ�ضون عقدين تخ ّلت‬ ‫الدولة يف البلدان العربية عن دورها اخلارجي ووظائفها الداخلية ل�صالح «مراكز القوى» التي‬ ‫و�ضعت يدها على الرثوة العامة‪ ،‬وا�ستولت على ع�صب الدولة يف القطاع العام و�صناعات الأمن‬ ‫االقت�صادي من الغذاء وال�صناعات التحويلية (�صناعة الدواء‪ ،‬الن�سيج‪ ،‬التعدين‪ .)...‬و�أخذت‬ ‫الفئات املرتبطة ب�سلطة احلكم ح�صتها الوازنة من ُفتات النهب‪ ،‬لقاء توقيعها على اتفاقيات‬ ‫«امل�ؤ�س�سات الدولية» يف ما ي�س ّمى «الإ�صالحات الهيكلية» واخلو�ص�صة وت�شجيع اال�ستثمار‬ ‫الأجنبي املبا�شر �إلخ‪ ...‬وكذلك االندماج يف �سيا�سة التطبيع و»ال�سالم» بذريعة توفري املناخ‬ ‫الأمني املالئم لوعود «اال�ستقرار واالزدهار»‪ .‬وقد تالزمت هذه ال�سيا�سات التي �أخذتها �سلطات‬ ‫احلكم على عاتقها مع ت�شديد القب�ضة الأمنية لقمع االحتجاجات الوطنية واالجتماعية ومطالب‬ ‫احلقوق واحلريات العامة واخلا�صة‪ .‬ويف هذا املجرى‪ ،‬ا�ستفحل ا�ستبداد احلكم م�ستفيد ًا من‬ ‫اهرتاء الدولة وتعميم الف�ساد الذي �أتاحه منوذج التبعية الذي كان من نتائجه التخ ّلي عن‬ ‫الأمن القومي وتهديد اال�ستقرار ال�سيا�سي واالجتماعي‪.‬‬ ‫ويف املح�صلة‪ ،‬كانت الأزمة التي انفجرت يف البلدان العربية �أزمة تراكمية تغذت من جممل‬ ‫الأزمات اجليو‪� -‬سيا�سية والوطنية واالقت�صادية‪ -‬االجتماعية‪ ،‬فيما بني طموح التغيري الثوري‬ ‫الذي حتلت به من تراكم جتارب مقاومات �سيا�سية واجتماعية طويلة يف داخل البلد وحميطه‪،‬‬


‫‪13‬‬ ‫ومن جتارب املقاومة امل�س ّلحة يف فل�سطني واملنطقة وال �سيما املقاومة يف لبنان‪ ،‬التي �أحدثت‬ ‫يف انت�صارها على الغزو الإ�سرائيلي نقلة نوعية يف معادالت احلقل اجليو ـ �سيا�سي الإقليمي‬ ‫و»املنظومة الدولية»‪ ،‬فتحولت بها من الإحباط اليائ�س �إىل ثقل وازن يتيح التح ّرك والأمل حيث‬ ‫«ولىّ زمن الهزائم»‪ .‬فاملقاومة التي مل تكن على �صلة مبا�شرة بانفجار الثورة «لإ�سقاط النظام»‪،‬‬ ‫�أزاحت عن �إطارها العام يف احلقل الإقليمي الإحباط والي�أ�س يف اال�ست�سالم لقهر منظومة‬ ‫«�أوهن من بيت العنكبوت»‪.‬‬ ‫على �أن م�سار الأحداث يف البلدان العربية �سرعان ما انحرف عن م�س�ألة تغيري الأنظمة القائمة‬ ‫�إىل احرتاب على ال�سلطة بني القوى املعار�ضة للأنظمة القائمة‪،‬كما �أف�ضى �إىل انفجار فو�ضى‬ ‫�أمنية �أتاحت �صعود جماعات تكفريية همجية ت�سعى مللء الفراغ على �أ�سا�س ا�سرتاتيجية بث‬ ‫الرعب وذبح الأبرياء وتدمري معامل احل�ضارة العربية‪ -‬الإ�سالمية‪ ،‬بالتقاطع مع م�صالح الدول‬ ‫الغربية وبع�ض الدول الإقليمية التي ما لبثت �أن ان�شقت �إىل جناحني حول حمور وا�شنطن‪.‬‬ ‫يف هذا التقرير حاولت جمموعة من الأكادمييني والباحثني العرب والأجانب قراءة �أ�سباب‬ ‫الأحداث والتحوالت احلا�صلة يف املنطقة العربية‪،‬وت�سليط ال�ضوء على �أبعادها وم�آالتها‪.‬‬ ‫ـ اخلبري االقت�صادي الدويل ووزير املالية اللبناين ال�سابق الدكتور جورج قرم يبحث “العوامل‬ ‫االجتماعية واالقت�صادية وراء الثورات العربية”‪ ،‬مب ّين ًا ما �أطلق عليه ت�سمية “النمو ال�س ّيىء”‬ ‫يف�سر الأبعاد االقت�صادية ـ االجتماعية يف انفجار الأزمة‪ .‬ففي ظل هذا النموذج “للنمو‬ ‫الذي ّ‬ ‫ال�س ّيىء” ازدهرت الر�شوة وعالقات الف�ساد متعددة الأوجه بني امل�ؤ�س�سة ال�سيا�سية وعامل‬ ‫الأعمال‪ .‬ويدر�س الباحث بخربته الفكرية املعهودة اخللف ّية احلياتية التي و ّلدت االنفجار‪ ،‬مب ّين ًا‬ ‫�س ُبل التح ّول من هذا النموذج �إىل ما ي�صفه بـ“النموذج ال�صالح”‪ّ .‬‬ ‫ويو�ضح يف هذا امليدان‬ ‫بال�شرح والتعليل �ست �سيا�سات يراها �ضرورية لتغيري االقت�صاد الريعي باقت�صاد �إنتاجي‪ ،‬يف‬ ‫�إطار �أهداف وطنية ترتكز على مت ّلك العلم والتقانة وتوفري �شروط كرامة �إن�سانية �أف�ضل لكل‬ ‫مواطن‪.‬‬ ‫ـ اخلبري يف ال�ش�ؤون الدولية والباحث باتريك هرني يدر�س جتربة وفكر “الإخوان امل�سلمني” يف‬ ‫م�صر‪ ،‬يف �إطار متثيلهم �إحدى القوى الرئي�سية التي �أخذت زمام الأمور االنتقالية بعد �سقوط‬ ‫ر�أ�س ال�سلطة يف البلدان العربية‪� .‬أجرى الباحث حتقيق ًا م�سهب ًا باملقابالت اخلا�صة بالبحث‬ ‫ومدعم باالرقام واملعلومات وال�شواهد لقراءة ر�ؤية الإخوان �أثناء حكم الرئي�س ال�سابق يف‬ ‫ّ‬ ‫م�صر‪ .‬يتوقف الباحث على ما ر�آه تق ّرب الإخوان من عامل رجال الأعمال يف م�شروع ال�سلطة‬ ‫حيث يظهر الإخوان �أمام املجتمع الدويل �أنهم حزب النظام‪ .‬كما يتحدث الكاتب عن ت�شكيل‬ ‫كتلة �ضغط �ضمن جماعة الإخوان حول خريت ال�شاطر و�أ�سامة فريد وح�سن مالك وامل�ست�شار‬

‫مـدخـل‬


‫‪14‬‬

‫التقرير اإلستراتيجي‬

‫عبد احلميد الغزايل وغريهم‪ .‬ويرى يف خال�صته �أن من عوامل انكفاء جتربة الإخوان يف م�صر‬ ‫�أنهم مل يق ّدروا العمل ال�سيا�سي حق قدره‪.‬‬ ‫ـ الدكتور طالل عرتي�سي ير�صد يف “�أولويات حزب اهلل اال�سرتاتيجية جتاه الثورات العربية”‬ ‫ثوابت املقاومة وموقعها يف التح ّوالت العربية‪ .‬فاحلزب الذي ينا�صر حق ال�شعوب يف انعتاقها من‬ ‫اال�ستبداد واملظلومية من �أجل احلرية والعدالة االجتماعية ي�ضع هذا امل�سار يف �إطار ا�سرتاتيجي‬ ‫حموره ثورة امل�ست�ضعفني للتحرر من اال�ستكبار العاملي‪ ،‬وبو�صلته فل�سطني‪ .‬من هذه الزاوية �أخذ‬ ‫حزب اهلل يرتقب م�آالت التحوالت العربية نحو �آفاقها‪� ،‬أكرث من اهتمامه باملتغريات الداخلية يف‬ ‫كل بلد التي يراها خا�صة بالأطراف املحلية �سواء اتفق مع هذا �أو اختلف مع ذاك‪ .‬لكن احلزب‬ ‫يحر�ص على عدم تع ّر�ض �أي بلد عربي ّ‬ ‫لتدخل الأطل�سي والتحالف الغربي‪ ،‬حر�صه على عدم‬ ‫االنهيار يف فو�ضى االقتتال امل�س ّلح والفتنة املذهبية ب�شكل خا�ص‪ .‬لذا عار�ض ّ‬ ‫التدخل يف ليبيا‬ ‫على الرغم من اختالفه مع نظام معمر القذايف‪ .‬ومن هذا الباب ّ‬ ‫تدخل احلزب يف �سوريا بعد‬ ‫ا�ستفحال ّ‬ ‫التدخل الغربي بدعم �إقليمي ودويل وم�شاريع الفتنة التكفريية يف �أرجاء املنطقة التي‬ ‫ر�آها احلزب ا�ستكما ًال حلرب الكيان ال�صهيوين على املقاومة بوجوه و�أ�ساليب �أخرى‪.‬‬ ‫ـ ـ الباحث واخلبري اال�سرتاتيجي يف ال�ش�أن ال�سيا�سي الإيراين ح�سن به�شتي بور يطرح مقاربة‬ ‫منهجية يف تف�سري الأزمات التي تع�صف مبنطقة ال�شرق الأو�سط معتمد ًا على نظرية الفو�ضى‪.‬‬ ‫ويف هذا ال�سياق ي�شري �إىل وجود �شكل من النظام يف َر ِحم الفو�ضى الظاهرة للعيان يف ما ت�شهده‬ ‫املنطقة من �أحداث ويحاول �أن يلتم�س م�آالتها‪.‬‬ ‫ـ الدكتور م�صطفى الل ّباد يدر�س يف بحثه «م�صر ودول املر ّبع اال�سالمي» عالقات م�صر مع‬ ‫خ�ضم التح ّوالت‬ ‫كل من تركيا وال�سعودية و�إيران‪ .‬ويتناول بالعر�ض والتحليل هذه العالقات يف ّ‬ ‫التي عا�شتها م�صر �أثناء حكم الإخوان امل�سلمني وبعدها مدخ ًال لتوقعات خريطة التحالفات‬ ‫والتباينات املقبلة بني دول املربع اال�سالمي‪ .‬يخل�ص الباحث يف توقعاته �إىل �أن تركيا �ستكون‬ ‫اخلا�سر الأكرب يف املرحلة املنظورة بني التوازنات التي متيل �إىل تعزيز العالقات امل�صرية ـ‬ ‫اخلليجية‪ .‬لكن �إيران تظل‪ ،‬كما يبينّ يف بحثه‪� ،‬ضلع ًا هام ًا من �أ�ضالع املر ّبع اال�سالمي وهدف ًا‬ ‫م�صري ًا لتنويع العالقات الإقليمية وتو�سيع هام�ش املناورة‪.‬‬ ‫ـ الباحث وليد نويه�ض يدر�س يف «دول اخلليج وتداعيات املوجة ال�ساد�سة» �ست موجات من‬ ‫املتغريات حكمت �سيا�سات ال�سعودية الإقليمية وعالقتها اخلا�صة مع وا�شنطن‪ .‬ويبينّ �أن‬ ‫املتغريات التي ع�صفت يف املنطقة �أدخلت جمل�س التعاون اخلليجي يف قنوات متغريات املحيط‬ ‫املفتوحة على احتماالت فو�ضى وارتدادات ميكن �أن تغيرّ خريطة اخلليج وجغرافية بع�ض الدول‪.‬‬ ‫ـ الدكتور ف�ؤاد �إبراهيم ي�ستطلع يف «ال�سعودية ‪ :‬الر�ؤية واخليارات» �أثر التحوالت العربية على‬ ‫ال�سعودية يف ر�صده متغريات بنيوية يراها بداية زمن جديد مبرجعية خمتلفة‪ .‬فال�سعودية‬


‫‪15‬‬ ‫حتاول �أن ت�أخذ مبقاربات تبدو متناق�ضة مع اخل�صائ�ص امل� ِّؤ�س�سة لدولة حمافظة‪ .‬لكنها مل‬ ‫تنجح مب�شاغلة اخل�صوم من �أجل �إبعاد املخاطر عن حدودها‪ .‬كما �أن مقارباتها تهتز على‬ ‫مقربة من حدودها حتت ت�أثري حت ّوالت املنطقة‪ ،‬وعلى وقع اختالفات ا�سرتاتيجية وا�شنطن‪.‬‬ ‫ـ الدكتور حممد نور الدين املخت�ص بال�ش�ؤون الرتكية يبحث يف “متغريات ال�سيا�سة الرتكية‬ ‫و�أبعادها الإ�سرتاتيجية والإقليمية” موقع �سيا�سة احلزب احلاكم يف املتغريات التي حدثت يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬وانتقال ا�سرتاتيجية تركيا الإقليمية من “�صفر م�شاكل �إىل �صفر جريان” با�ستثناء‬ ‫قطر‪ .‬ويدر�س �أبعاد هذا االنتقال يف انهيار “دور الو�سيط” الذي كان �أهم مفاتيح تركيا يف‬ ‫لتو�سع نفوذها وم�صاحلها مع �إيران و�سوريا وباقي البلدان العربية‪ .‬لكنها‬ ‫حميطها الإقليمي ّ‬ ‫بخ�سارة هذا الدور خ�سرت دول حمور املقاومة كما خ�سرت تباع ًا دول االعتدال‪ ،‬فمراهناتها‬ ‫ميكن �أن تدفع �إىل تقلي�ص موقعها الإقليمي الذي يع ّر�ضها �إىل ارتدادات حمتملة‪.‬‬ ‫ـ الدكتور �سيف دعنا يتناول يف بحثه «�إ�سرائيل يف مواجهة العا�صفة‪ :‬القلق الإ�سرتاتيجي» ر�ؤية‬ ‫الكيان ال�صهيوين لنف�سه و�سط هذه التح ّوالت‪ .‬ويبينّ �أن م�صدر قلق هذا الكيان هو �إمكانية‬ ‫ت�أثري التح ّوالت على اال�سرتاتيجية الأمريكية يف املنطقة‪ ،‬وذلك يف �إطار الرتاجع الأمريكي �إىل‬ ‫ما يو�صف “باالنكفاء” عن التدخل الع�سكري املبا�شر‪ .‬ويف خلفية القلق الإ�سرائيلي يبدو �إدراك‬ ‫«�إ�سرائيل» �أن م�صريها مرتبط باحلالة الإقليمية ـ الدولية‪ ،‬بقدر ارتباطه باحلالة الداخلية‪.‬‬ ‫هذا الأمر يح ّفز «�إ�سرائيل» على عدم االكتفاء باملراقبة وعدم الفعل يف بيئة الأزمات املحيطة‬ ‫حيث يه ّدد القعود م�صريها‪.‬‬ ‫ـ الباحث املخت�ص بال�ش�ؤون الإ�سرائيلية حلمي مو�سى يرى يف بحثه “التهديدات واملخاطر‬ ‫التي تخ�شاها �إ�سرائيل” �أنها تهتم مبتابعة املتغريات يف م�صر و�أثرها على اجلبهة امل�صرية‪،‬‬ ‫لكنها ترى �أن املخاطر الأكرث تهديد ًا ت�أتي من �إيران يف ح�ضورها الإقليمي املتزايد‪ ،‬ويف امللف‬ ‫النووي اخلا�ضع للتفاو�ض مع وا�شنطن والدول الغربية‪ .‬وب�شكل مبا�شر تتح ّرك «�إ�سرائيل» على‬ ‫م�ؤ�شرات ارتفاع قدرات املقاومة وجاهزيتها القتالية يف فل�سطني‪ .‬ير�صد الباحث هذه امل�ؤ�شرات‬ ‫واملتغريات الإ�سرائيلية التي حتاول تخفيف مقاومة حزب اهلل الذي زاد عديده وعتاده‪ ،‬وزادته‬ ‫الأزمة يف �سوريا فعالية من حيث احلركة والقدرة على اتخاذ املبادرة‪.‬‬ ‫ـ الباحث يف ال�ش�ؤون اال�سرتاتيجية الدكتور ف�صيح بدرخان يتناول يف بحثه “رو�سيا الأورا�سية‬ ‫يف املنظومة الدولية” متغريات الإ�سرتاتيجية الرو�سية يف �ضوء الأحداث املت�سارعة يف املنطقة‬ ‫العربية وتطور العالقات مع وا�شنطن‪ .‬يدر�س الباحث حت ّول رو�سيا يف املنظومة الدولية مع‬ ‫انفجار الأزمة يف �سوريا متب ّنية منهج ًا يف العالقات الدولية ا�ستخل�صته من جتربتها القا�سية‬ ‫التي طبعت عالقتها بالدول الغربية طيلة الفرتة التي تلت انهيار االحتاد ال�سوفياتي‪ .‬ويرى‬

‫مـدخـل‬


‫‪16‬‬

‫التقرير اإلستراتيجي‬

‫الباحث �أن رو�سيا وقعت �ضحية افتقارها �إىل �إيديولوجيا‪ .‬وبناء على هذه اخلال�صة ت�سعى‬ ‫رو�سيا �إىل ا�ستعادة ح�ضورها ال�سيا�سي‪ ،‬وتب ّني فكرة اخلبري اجليو ـ �سيا�سي �ألك�سندر دوغني‬ ‫ب�ش�أن “احل�ضارة الأورا�سية”‪ .‬لكن رو�سيا لن تذهب �إىل “احلرب الباردة” بل تعود �إىل �إطار‬ ‫الأمم املتحدة والهيئات الدولية‪.‬‬ ‫ـ الباحث يف ال�ش�ؤون الدولية �سعد حميو يتناول “ا�سرتاتيجية اال�ستدارة �شرق ًا” التي �أعلنتها‬ ‫الإدارة الأمريكية يف حماولة مواكبتها للمتغريات الكربى ذات الطابع الإ�سرتاتيجي الدويل يف‬ ‫�آ�سيا‪ .‬ي�ستعر�ض الباحث انق�سام امل�ؤثرين يف قرار الإدارة الأمريكية �إىل ق�سم يت�صف بالدعوة‬ ‫�إىل «االن�سحاب» من ّ‬ ‫التدخل املبا�شر وحت ّمل الأعباء‪ ،‬وق�سم �آخر «هجومي» يدعو �إىل ما ي�سمى‬ ‫«اال�ستمرار بتح ّمل امل�س�ؤولية الكونية للواليات املتحدة»‪ .‬وبح�سب ما ترجح كفة باراك �أوباما‬ ‫ينبغي الرتاجع �إىل مواقع جديدة �أكرث توا�ضع ًا خ�شية �أن تفر�ض عليها متغريات االنتقال من‬ ‫الأطل�سي �إىل الهادىء االنحدار امل�ؤمل‪ .‬لكن �آثار هذا الرتاجع تعزّز االعتماد على �سيا�سة‬ ‫احلروب بالوكالة‪.‬‬ ‫ـ الباحث يف ال�ش�ؤون اال�سرتاتيجية د‪ .‬ليونيل فريون يتناول يف بحثه “�أمريكا ‪ -‬ال�صني �آفاق‬ ‫�إ�سرتاتيجية” �أبعاد التحوالت التي طر�أت على متغريات النظام العاملي‪ .‬ويعر�ض التدابري التي‬ ‫اتخذتها وا�شنطن لتطويق ال�صني والتدابري ال�صينية املقابلة‪ .‬يخل�ص الباحث �إىل فر�ضيات‬ ‫متعددة منها ح ّدة ال�صراع على الزعامة �أو اجتاه النظام العاملي �إىل ا�ستقطاب للق ّوة حموره‬ ‫ال�صني ودول �أخرى‪.‬‬ ‫ـ الدكتور عبد احلليم ف�ضل اهلل يتط ّلع يف بحثه “االقت�صاد ال�سيا�سي للتنمية امل�ستقلة” �إىل‬ ‫“منوذج عربي بديل”‪ .‬ويتناول م�ؤ�شرات الأزمة التي حملها “�إجماع وا�شنطن” يف وجهته‬ ‫االقت�صادية نحو حترير الأ�سواق والتجارة‪ .‬ويف املقابل يعر�ض “الروابط اجلدلية بني منوذج‬ ‫اقت�صادي و�إ�صالح �سيا�سي” ب�ش�أن احتماالت اخلروج من الأزمة يف االنتفا�ضات العربية‪ .‬ويف‬ ‫البدائل املقرتحة يرى �ضرورة ا�ستبدال الأفكار النمطية‪ ،‬وم�ساهمة ال�سيا�سات االقت�صادية يف‬ ‫احل ّد من التبعية ال�سيا�سية واالقت�صادية‪� ،‬إ�ضافة �إىل ت�أمني اال�ستقرار وامل�ساواة واال�ستدامة‪.‬‬ ‫ـ الدكتور منري احلم�ش يدر�س يف بحثه “مقاربة لواقع االقت�صادات العربية وعالقاتها باالقت�صاد‬ ‫العاملي” الظاهرة املعروفة باملر�ض الهولندي بح�سب الت�سمية التي تطلق على عوار�ض غلبة‬ ‫االقت�صاد الريعي على االقت�صاد الإنتاجي‪ .‬ويخل�ص �إىل جملة من املقرتحات �أبرزها جتميع‬ ‫اجلهود ال ُقطرية واالنطالق كمجموعة عربية تت�شابك فيها امل�صالح واملنافع املتبادلة‪ ،‬ويرى‬ ‫�إمكانية جتاوز م�أزق التعثرّ يف حتقيق التنمية بعمل املجموعة وبانتهاج �سيا�سة تنموية ذات ُبعد‬ ‫�إقليمي‪.‬‬



Arab World Events Alongside their Regional and International Interactions )2013-2014(



Arab World Events Alongside their Regional and International Interactions )2013-2014(


A scientific institution meant with researches and information Arab World Events Alongside their Regional and International Interactions (2013-2014) Publisher: The Consultative Center for Studies and Documentation This report is the upshot of concerted efforts in writing, research and deep analysis by the Consultative Center for Studies and Documentation. An elite of Arab and foreign authors and intellectuals contributed to enrich this report with valuable ideas and analyses. The views and opinions expressed herein are solely the views and expressions of the authors.

General supervisor: Dr. Abdul Halim FADLALLAH Editor-in-chief: Kassem EZZEDINE Translation: Saleh KASHMAR (Research papers of Patrick HENRY and Lionel VAIRON) Designed By: Ahmad SHUKEIR Distribution: Lebanon and the Arab world Date of publication: April 2015 First edition Size: 21x29

All Rights Reserved

All rights reserved to the center. Therefore, it is neither allowed to copy or archive a part(s) of the report in whatever information archiving or retrieving system nor to copy via whatever mean - normal, electronic, DVD, CD, etc but in case of limited quoting with the aim of studying and scientific benefit while citing the reference is a must. Address: Bir Hassan, Al-Assad Highway, Behind the Fantasy World, Al-Inmaa Group building, First floor. E-mail: dirasat@dirasat.net Website: www.dirasat.net P.O. box: 24/47 Baabda 10172010 Land phone: 01/836610

Fax: 01/836611 Mobile phone: 03/833438


The Strategic Report

Table of Contents

Introduction………………………………………………………………………………..7 Preamble ...………..........……….………………………………….....................………10 Kassem EZZEDINE

Eco-social factors standing behind Arab revolutions……………………………………19 Georges KORM

Muslim Brotherhood and the eco-social issue………………...…………………………39 Patrick HENRY

Hezbollah’s priorities towards Arab revolutions………………………………...………63 Talal ATRISSI

Hezbollah and Arab transformations/ Hossam MATAR……………….……..…………75 Egypt and “Islamic Square” countries in the Middle East balances…………….....……79 Mostapha AL-LABAD

Gulf countries and the sixth round’s repercussions……...…………………...…………97 Walid NWAYHED

Saudi Arabia: vision and options…………………………….……..…….……………127 Fouad IBRAHIM

Transformations’ roots in the Middle East…………………………..…………..………127 Hassan BAHCHATI BOUR


The Strategic Report

Washington’s fingerprints/ Mohamad MIRANDI…………………………...…………140 Turkey’s policy variables and their regional strategic dimensions………………..……141 Mohamad NOUREDDINE

“Israel” in the face of the “strategic anxiety” storm……………………………………163 Seif DAANA

Worrying threats and dangers for “Israel” …………………………………..…………179 Helmi MOUSSA

Eurasian Russia in the world system……………………………...……………………187 Fasih BADRAKHAN

Russia and power resources/ Lioneed SAFEEN……………………..…………………206 What are the effects of the American “eastern turning” strategy on the Middle East?....209 Saad MEHIO

“A gunpowder barrel Middle East” Brijensky book……………………………………216 America and armament/ Sarah FLOUNDERS…………………………………………218 U.S - China strategic horizons………………………………………………….………219 Lionel VAIRON

U.S. power and leadership in a variable world……………………………....…………230 Political economy of independent development: towards an alternative Arab pattern…233 Abdul Halim FADLALLAH

An approach of Arab economies actuality and their relation with the global economy…249 Mounir AL-HEMSH


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.