الأسرة شوال 271

Page 1

‫ال�سنة الثالثة والع�شرون ‪ -‬العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ ‪ -‬يوليو ‪2015‬م‬

‫اكتشف أسرار وحيل الفنادق‬ ‫وشركات الطيران‬

‫مهاجرو الموت ‪..‬‬ ‫أحالم يبتلعها البحر‬

‫السياحة «الحالل»‬ ‫مقصد أسري ‪..‬وصناعة واعدة ‪..‬‬

‫احجز مقعدا في‬ ‫قلوب اآلخرين‬




‫المحتــويــــــــات‬ ‫ال�سنة الثالثة والع�شرون ‪ -‬العدد ‪� - 271‬شـ ــوال ‪1436‬هـ ‪ -‬يوليو ‪2015‬م‬

‫ّ‬ ‫السياحية‬ ‫العروض‬ ‫وعود ‪ ...‬حيل ‪ ....‬فخاخ‬

‫‪8‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪4‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫دائما ما يشكّ ل اختيار الوجهة السياح ّية‬ ‫ّ‬ ‫فالكل‬ ‫وحجوزات الفنادق تحديًا أمام العائالت ‪،‬‬ ‫بال استثناء يبحث عن سعر مناسب مقابل‬ ‫ّ‬ ‫فإن‬ ‫شك‬ ‫إقامة وخدمات مم ّيزة ‪ ،‬وبال أدنى‬ ‫ّ‬ ‫اإلقامة تشكّ ل فارقا في نجاح رحلة أحدهم‬ ‫مما يجعلهم عرضة للوقوع في‬ ‫أو فشلها ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫تقدمها بعض‬ ‫فخ العروض الوهم ّية التي‬ ‫ّ‬ ‫الشركات والمواقع السياح ّية غير المعروفة‬ ‫والمشكوك في مصداق ّيتها‪.‬‬

‫السياحة «الحالل» مقصد أسري وصناعة واعدة‬


‫‪22‬‬

‫‪18‬‬

‫اكتشف أسرار وحيل الفنادق‬ ‫وشركات الطيران‬

‫‪26‬‬

‫أشياء ال ينبغي أن تأخذها‬ ‫معك في اإلجازة‬

‫كيف تسافر دون أن تكسر ميزانيّتك‬

‫‪30‬‬

‫‪28‬‬

‫السفر مع األطــفــال‬ ‫ّ‬ ‫يظل طفلك سعيدا داخل السيّارة ؟‬ ‫كيف‬

‫‪38‬‬

‫‪36‬‬

‫مهاجرو الموت موتى بال مقابـر‬

‫‪46‬‬

‫‪42‬‬

‫الصراع النفسي للطفل‬ ‫والحيل الدفاعيّة‬

‫أصغر كاتبة عربية ‪:‬‬ ‫فلسطين أساور في ذراعها‬

‫تونس ‪:‬‬ ‫الفيسبوك مالذ الشباب ومتنفسهم‬

‫األهل شركاء في تربية األبناء‬

‫‪54‬‬

‫‪49‬‬

‫المـرأة ضحية‬ ‫عصر الصورة‬

‫‪http://www.facebook.com/alosrahmagazine‬‬

‫‪58‬‬

‫احجز مقعدا‬ ‫في قلوب اآلخرين‬

‫�صفحة جملة الأ�سرة على الفي�س بوك‬

‫الحيوانات األليفة‪ ...‬متى تكون‬ ‫صحتكم ؟‬ ‫خطرا على‬ ‫ّ‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪5‬‬



‫لقد ت�ص ّرفت احلكومة ال�صين ّية باعتبار �أنّ العامل الإ�سالمي غائب‬ ‫متاما عن ّ‬ ‫ملف م�سلمي «ترك�ستان»‪ ،‬ومن ّثم �أطلقت يدها يف الفتك‬ ‫بهم‪ ،‬حتّى �صوم رم�ضان ا�ستكرثوه عليهم‪.‬‬

‫رئي�س جمل�س الأمنــاء‬ ‫معايل ال�شيخ عبداهلل بن �سليمان املنيع‬ ‫رئي ـ ــ�س التحـ ـ ـ ــري ــر‬ ‫عبدالعزيز بن غويزي املطريي‬ ‫مـدير التحـ ـ ـ ــرير‬ ‫عبدال�ســتار �أبو ح�س ــني‬ ‫م�ست�شار التحـ ـ ــريـر‬ ‫د‪� .‬إبراهيم بن عثمان الفار�س‬ ‫مدير الت�سويق و الإعـ ـ ــالنات‬ ‫ح�س ـ ــني �سـ ـ ــليمــان‬

‫‪055 708 708 0‬‬ ‫�إخرج وت�صميم‬ ‫و�سيم �أبو رم�ضان‬ ‫اال�شرتاكات‬

‫‪053 404 8 404‬‬ ‫املرا�س ـ ـ ـ ـ ـ ــالت‬ ‫املركز الرئي�سي‪ :‬اململكة العربية ال�سعودية‬

‫�ص‪.‬ب ‪ 62497‬الريا�ض ‪11585‬‬ ‫فاك�س‪2054497 :‬‬

‫‪alosrahmag@gmail.com‬‬ ‫ت�صدر عن‬

‫تعب بال�ضرورة‬ ‫الآراء الواردة باملجلة ال رّ‬ ‫عن ر�أي جملة "الأ�سرة" �أو م�ؤ�س�سة الوقف‪.‬‬ ‫�سعـــر الن�سخـــة‪ 10 :‬ريــاالت �سعــوديــــة �أو‬ ‫مايعادلها يف اخلارج‪.‬‬ ‫ال ـتـ ــوزيـ ــع‬ ‫امل��م��ل��ك��ة ال���ع���رب���ي���ة ال�������س���ع���ودي���ة‪ :‬ال�������ش���رك���ة ال�����س��ع��ودي��ة‬ ‫ل����ل����ت����وزي����ع‪ :‬ال�����ه�����ات�����ف امل������ج������اين ‪،8002440076‬‬ ‫ه�����������ات�����������ف‪ 009614779444/0096614418972:‬ف��اك�����س‪:‬‬ ‫‪ ،0096612121766‬هاتف‪ 4871414 :‬نا�سوخ ‪4871460‬‬

‫يمر من هنا‬ ‫رمضان لم‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل عام و�أنتم بخري ‪ .‬عبارة يتبادلها مليارات امل�سلمني يف العامل ب�شتّى اللغات مع فرحتهم بحلول عيد الفطر املبارك و�إمتام‬ ‫�صوم رم�ضان ‪ ،‬لكن هناك ماليني امل�سلمني ّمت حرمانهم من هذه الفرحة لأنّ واقع حالهم يقول " رم�ضان مل مي ّر من هنا " ‪.‬‬ ‫�إ ّنهم م�سلمو ترك�ستان ال�شرق ّية الذين منعتهم ال�سلطات ال�صين ّية من �صوم رم�ضان للعام الثاين على التوايل ‪.‬‬ ‫وجهت ال�سلطات �إخطارات ر�سم ّية ّ‬ ‫للموظفني والط ّالب امل�سلمني دعتهم �إىل عدم �صيام رم�ضان‪ .‬كما �أ�صدرت تعليمات‬ ‫فقد ّ‬ ‫لأ�صحاب املطاعم فى مناطق التج ّمعات الإ�سالم ّية ب�ضرورة فتح �أبوابها وتوفري الطعام للراغبني على مدى اليوم‪ ،‬ف�ضال عن‬ ‫حظر ممار�سة �أ ّية �شعائر دين ّية‪ ،‬وزادت على الط ّالب مبراقبة اتّ�صاالتهم‪� ،‬إذ تقوم املدار�س واجلامعات مبراقبة الهواتف‬ ‫املحمولة للط ّالب امل�سلمني وح�ساباتهم على مواقع الدرد�شة الإلكرتون ّية ومواقع املد ّونات الكربى ومواقع التوا�صل االجتماعي‬ ‫الأخرى‪.‬‬ ‫و�أجربت ال�سلطات ال�صين ّية ك ّل املدار�س ودور ريا�ض الأطفال يف �إقليم ترك�ستان ال�شرق ّية على توقيع اتّفاقيات مكتوبة ت�ضمن‬ ‫عدم �صيام �أيّ من العاملني بها‪ .‬املدار�س بدورها �أجربت الآباء والطلاّ ب على التوقيع على " خطابات م�س�ؤول ّية " يت�ض ّمن‬ ‫ووجهت ملن امتنعوا عنه‬ ‫معاقبة من يخالف تلك التعليمات ‪ .‬ودخلت ال�سلطات منازل امل�سلمني و�أرغمتهم على تناول الطعام‪ّ ،‬‬ ‫تهمة "ممار�سة ال�صوم غري ال�شرعي "‪ .‬ي�أتي ك ّل ذلك �إ�ضافة �إىل قرارات �سابقة منذ �أ�شهر �ألزمت حكومة ال�صني مبوجبها‬ ‫املح ّالت واملطاعم اململوكة للم�سلمني ببيع ال�سجائر واخلمور للمواطنني و�إ ّال تع ّر�ضوا للإغالق ‪.‬‬ ‫اال�ضطهاد ال�صيني مل�سلمي ترك�ستان ال�شرق ّية لي�س جديدا ‪ ،‬لكنّ اجلديد فيه هو ا�ستمرار ت�صاعد وتريته ‪ ،‬فهذا الإقليم الذي‬ ‫تبلغ م�ساحته ‪ 1.6‬مليون كم مربع ظ ّل جزءا من املمالك الإ�سالم ّية يف �آ�سيا ‪ ،‬و�أعلن ا�ستقالل دولته حتت م�س ّمى “جمهور ّية‬ ‫ترك�ستان ال�شرق ّية”‪ ،‬التي ما لبثت �أن تال�شت حتت ال�سيطرة ال�صين ّية يف حكم ماو ت�سي تونغ‪ ،‬والذي �أطلق عليها ا�سم “اجلبهة‬ ‫اجلديدة” �أو �شينغيانغ‪ .‬و رغم الوعود ال�صين ّية ب�إعطاء الإقليم �صفة حكم ذاتي من اجلوانب الدين ّية والثقاف ّية واللغو ّية‪،‬‬ ‫�إ ّال �أنّ �شي ًئا من ذلك مل يحدث‪ .‬و منذ �أن ا�ستوىل ال�شيوع ّيون على احلكم عام ‪ُ ،1946‬فر�ض على امل�سلمني الزواج املختلط‬ ‫الوعاظ واملد ّر�سون ال�شرع ّيون من التدري�س‪ ،‬وهُ دمت غالب ّية امل�ساجد‪ ،‬و�أُحرقت‬ ‫و�صودرت �أمالك الأوقاف الإ�سالم ّية‪ ،‬و ُمنع ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وزج بهم يف املعتقالت‪.‬‬ ‫امل�سلمني‬ ‫زعماء‬ ‫على‬ ‫القب�ض‬ ‫إلقاء‬ ‫�‬ ‫مت‬ ‫و‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫إ�سالم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫املدار�س‬ ‫غلقت‬ ‫�‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫إ�سالم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫الكتب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫�إذا كان لنا �أن ن�ستنكر املمار�سات القمع ّية ال�صين ّية �ض ّد م�سلمي ترك�ستان فيجب �أن ن�ستنكر �أكرث حالة ال�صمت املريب من‬ ‫العاملني العربي والإ�سالمي �إزاء تلك املمار�سات ‪ ،‬فبينما كانت ال�صني ت�صادر احلقوق الدين ّية والثقاف ّية له�ؤالء كانت العالقات‬ ‫التجار ّية معها حت ّقق �أرقاما قيا�س ّية ‪ ،‬وال�سنوات التى برزت فيها حمالت قمع امل�سلمني والتنكيل بهم �شهدت تعاظم م� ّؤ�شرات‬ ‫التبادل التجاري بني ال�صني والدول العرب ّية ‪ ..‬فتك ال�سلطات ال�صين ّية بامل�سلمني هناك‪ ،‬والت�ضييق عليهم حتّى يف عباداتهم‬ ‫احلج‪ ،‬مل ي�ؤ ّثر قيد �أمنلة على الغزو ال�صيني للأ�سواق العرب ّية‪ ،‬فحجم التبادل التجاري بني ال�صني‬ ‫كال�صيام و�أداء فري�ضة ّ‬ ‫والدول العرب ّية قفز ‪ 25‬مليار دوالر عام ‪2004‬م �إىل ‪ 240‬مليار دوالر عام ‪2014‬م‪ ،‬بن�سبة من ّو �سنو ّية تقارب ‪ ،%25‬و يتو ّقع �أن‬ ‫ي�صل بعد ع�شر �سنوات �إىل ‪ 600‬مليار دوالر �سنو ّي ًا‪ .‬وبلغ حجم املبادالت التجار ّية بني ال�صني ودول اخلليج فقط عام ‪2012‬‬ ‫نحو ‪ 95‬مليار دوالر ‪.‬‬ ‫لقد ت�ص ّرفت احلكومة ال�صين ّية باعتبار �أنّ العامل الإ�سالمي غائب متاما عن ّ‬ ‫ملف م�سلمي «ترك�ستان»‪ ،‬ومن ّثم �أطلقت يدها يف‬ ‫الفتك بهم‪ ،‬حتّى �صوم رم�ضان ا�ستكرثوه عليهم‪.‬‬ ‫االتحّ اد العاملي لعلماء امل�سلمني هو امل�ؤ�سّ �سة الإ�سالم ّية الوحيدة التي تفاعلت مع احلدث‪ ،‬فقد ا�ستنكر قرارات ال�صني بحظر‬ ‫منظمة التعاون الإ�سالمي ّ‬ ‫ال�صيام على امل�سلمني ودعا ّ‬ ‫واملنظمات الدول ّية “للقيام بدورها حلماية م�سلمي ال�صني”‪ ،‬ون ّوه بحالة‬ ‫اال�ضطهاد الديني التي يتع ّر�ض لها امل�سلمون يف ال�صني ب�شكل عا ّم ويف �إقليم "�شينجيانغ" بوجه خا�صّ ‪ ،‬وطالب امل�ؤ�سّ �سات‬ ‫احلقوق ّية الدول ّية واحلكومات ّ‬ ‫واملنظمات الإ�سالم ّية مب�ساندة �شعب �إقليم "�شينغيانغ "امل�سلم‪ ،‬والوقوف معه يف مواجهة تع ّنت‬ ‫حكومته ال�صين ّية‪ ،‬و�إعانة ال�شعب ال�صيني امل�سلم على احل�صول على حقوقه الفطر ّية والقانون ّية‪.‬‬

‫املكاتب داخل اململكة‬

‫املنطقة الغربية‪ :‬مكتب جملة الأ�سرة‪ :‬مكة املكرمة‪ :‬هاتف ‪ 5583874‬حتويلة ‪ 202/200‬نا�سوخ ‪ 5562719‬جدة‪ :‬هاتف ‪6707777‬‬ ‫نا�سوخ ‪ 6715868‬املنطقة ال�شرقية‪ :‬جممع الفرقان اخلريي‪� .‬شارع ابن خلدون هاتف ‪ - 8112578‬نا�سوخ ‪ 8433699‬حتويلة ‪-44‬‬ ‫الأح�ساء‪ :‬هاتف ونا�سوخ ‪ - 5887413‬الق�صيم‪3630029 :‬‬ ‫ردمـ ـ ــك ‪ISSN‬‬

‫‪1319-4259‬‬

‫رق ــم الإيـ ــداع‬ ‫‪15 /3599‬‬

‫تـاريـخ الإي ــداع‬ ‫‪1417/11/24‬‬


‫حيـــاة‬

‫الشبكات ً االجتماعية‪..‬‬ ‫داعمة لألمهات‬ ‫بقلم ‪:‬منال الدغيم‬ ‫الأم��وم��ة‪ ..‬املهمة الأ�سمى يف احل��ي��اة‪ ،‬والأ�صعب والأع��ظ��م‪،‬‬ ‫وج َلد بذلها‪ ،‬فينمو‬ ‫والتي ال حتملها �إال كتفا امر�أة‪ ،‬بقوة حبها َ‬ ‫ال�صغري يف كنف ف���ؤاد م�ستكني �صبور‪ ،‬ويزهر يف �ضوء روح‬ ‫معطاءة �سخية‪..‬‬ ‫ويف زمننا املعا�صر‪ ،‬ب�صخبه و�ضو�ضائه‪ ،‬رمبا ت�أثرت مهمة‬ ‫الأمومة ب�شيء منه‪ ،‬فباتت على البع�ض عبئ ًا م�ضج ًرا و�أم ًرا‬ ‫ثقي ًال‪ ،‬ومع تعدد ال�ضغوط وقوتها على الأمهات‪ ،‬رمبا ا�ستكان‬ ‫بع�ضهن �إىل الهروب والإهمال‪ ،‬ورمبا اختار البع�ض العطاء‬ ‫ب�أقل م�ستوى‪ ،‬مع الركون �إىل نزوات االكتئاب وامللل‪.‬وهذا من‬ ‫�ش�أنه �أن يحرم الأم من نعمة (اال�ستمتاع) بالرتبية‪ ،‬والعطاء‬ ‫وتفان‪ ،‬كما يحرم ال�صغري من حقه امل�ؤكد يف حنان الأم‬ ‫مبحبة ٍ‬ ‫ولطفها وتربيتها‪ ،‬فال يرى منها �إال االكفهرار‪ ،‬وال ي�سمع �سوى‬ ‫املالمة والت�ضجر!‬ ‫وقد تدير الأم ب�صرها فيمن حولها‪ ،‬فتجد يف حميطها القريب‬ ‫من ي��ع��ززون تلك ال�سلبية‪ ،‬بن�صائح جاهلة‪ ،‬وت�برم ظاهر‪،‬‬ ‫ومعاملة قا�سية للطفل‪ ،‬تزيد من عناده وحتطم قدراته‪.‬‬ ‫و�أول خطوات احلل بيد الأم‪ :‬عزمية و�إرادة ورغبة‪ ،‬ثم ي�أتي دور‬ ‫تغيري الو�سط املحيط‪ ،‬وهنا مربط الفر�س‪ ،‬والذي �سينقل الأم‬ ‫من بيئتها التقليدية الأمية يف الرتبية‪� ،‬إىل بيئات ثرية ومنع�شة‬ ‫ومتنوعة‪.‬هذه البيئات املحفزة �ستجدها الأم ب�سهولة وهي مل‬ ‫تربح منزلها‪ ،‬يف ال�شبكات االجتماعية ‪ -‬على اختالفها ‪ ،-‬حيث‬ ‫تتوفر ح�سابات مهتمة برتبية الطفل وح�سن تن�شئته‪ ،‬والعناية به‬ ‫ورعايته‪ ،‬وو�سائل تعليمه وترفيهه‪ ،‬وعالج م�شكالته‪ ،‬يف خمتلف‬ ‫مراحله العمرية‪.‬‬ ‫و�أك�ث�ر تلك احل�سابات؛ ح�سابات �شخ�صية ف��ردي��ة تعر�ض‬ ‫جتاربها الواعية املتنوعة‪ ،‬وترثى عرب الردود والتعليقات‪ ،‬مما‬ ‫يجعل التجربة تنتقل ب�سال�سة وحميمية �إىل الأمهات ‪ -‬وبخا�صة‬ ‫اجلدد ‪ ،-‬فكما ا�ستطاعت هي‪� ،‬أ�ستطيع �أنا‪ ،‬وكما ت�ستمتع هي‪،‬‬

‫‪8‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫�س�أ�ستمتع �أنا‪ ..‬وطفلي �أي�ض ًا!‬ ‫ويف تلك املجموعات‪� ،‬ستجد الأم كذلك �إثراء الأمهات بع�ضهن‬ ‫البع�ض باملعلومات والتجارب‪ ،‬والتحفيز للتجديد والإب��داع‪،‬‬ ‫وعندما تطرح �إحداهن م�شكلة ما‪� ،‬ستالقي حت ًما فيهن �آذان ًا‬ ‫�صاغية ون�صائح �صادقة واعية‪.‬‬ ‫ومثل هذه الو�سائل لتوا�صل الأم مع قريناتها‪ ،‬ي�شبظظه ما‬ ‫تعتني ب ــه ال��دول الغربية وتوفـ ــره للأمهـ ــات اجل��دد ممـ ــا‬ ‫ي�سمـ ــى ب( املجموعات الداعمة للأمهات)‪ ،‬والتي ت�ساعد‬ ‫الأم على فهم املرحلة اجلديدة‪ ،‬والتعامل الأمثل مع تغرياتها‬ ‫ومتطلباتها‪ ،‬والأه���م‪ :‬املحافظة على ت���وازن الأم و�صحتها‬ ‫النف�سية‪ ،‬لتواجه ال�ضغوط وتتقبل الأعباء‪ ،‬فتعطي عن ر�ضا‬ ‫و�سعة قلب‪.‬‬ ‫كما �أن مثل هذه املجموعات ت�شبع لدى الأم غريزة التوا�صل‬ ‫االجتماعي ‪ -‬وال���ذي رمب��ا تفتقده م��ع االنغما�س يف �أعباء‬ ‫الرتبية ‪ ،-‬فتالقي �صاحبات من قريناتها ي�شاطرنها ذات الهم‬ ‫واالهتمام‪ ،‬فت�أن�س بهن وت�ستفيد منهن‪.‬‬ ‫وال ميكن حق ًا �أن ن�صف الأثر الإيجابي الكبري الذي �ست�شعر‬ ‫به الأم عندئذ‪ ،‬فتعود روحها �أقوى‪ ،‬وهي التي ترى غريها من‬ ‫الأمهات يواجهن ال�صعوبات ويظللن �صلبات �أمامها‪ ،‬ويعود‬ ‫قلبها �أروى باملحبة والعطاء‪ ،‬وهي تراهن يبذلن ل�صغارهن‬ ‫وي�ستمتعن معهم يف التعلم والرتفيه‪ ،‬حتى تغدو مهمة روتينية‬ ‫ ك�إطعام الطفل مث ًال ‪ -‬وجبة من ال�سعادة واملرح واحلنان‪،‬‬‫للأم والطفل مع ًا‪.‬‬ ‫�إذا �أمعنت الأم النظر يف الأمر‪ ،‬وجدت �أن ه�ؤالء ال�صغار لي�سوا‬ ‫�سوى �ضيوف عندها‪� ،‬سيفارقون �إذا ما كربوا ع�شها فيطريون‪،‬‬ ‫كل ي�شق طريقه يف احل��ي��اة‪ ،‬وق��د جمعوا من بيتها ذكريات‬ ‫الطفولة و�أ�صول التن�شئة‪ ،‬فب�أي زاد حتبني �أن يغادروا ع�شك؟‪.‬‬



‫ملف العدد‬

‫ّ‬ ‫العروض السياحية‬ ‫وعود‪..‬حيل‪..‬فخاخ‪..‬‬ ‫حتقيق ا�سماء حممد‬

‫دائما ما يشكّ ل اختيار الوجهة السياح ّية‬ ‫ّ‬ ‫فالكل‬ ‫وحجوزات الفنادق عائقا أمام العائالت ‪،‬‬ ‫بال استثناء يبحث عن سعر مناسب مقابل‬ ‫ّ‬ ‫فإن‬ ‫شك‬ ‫إقامة وخدمات مم ّيزة ‪ ،‬وبال أدنى‬ ‫ّ‬ ‫اإلقامة تشكّ ل فارقا في نجاح رحلة أحدهم‬ ‫مما يجعلهم عرضة للوقوع في‬ ‫أو فشلها ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫تقدمها بعض‬ ‫فخ العروض الوهم ّية التي‬ ‫ّ‬ ‫الشركات والمواقع السياح ّية غير المعروفة‬ ‫والمشكوك في مصداق ّيتها‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫خداع وغالء‬

‫االنفتاح على األسواق العالم ّية أدى إلى‬ ‫التغرير بالمواطنين من خالل عروض‬ ‫سياح ّية وهم ّية باتت تشكّ ل هاجسا لكثير‬ ‫من السياح ‪.‬‬

‫وقال في�صل عبد الهادي ـ مع ّلم ـ اكت�سب كثري من املواطنني‬ ‫اخلربة يف هذا ال�ش�أن‪ ،‬حيث اعتادوا ال�سفر �إىل تركيا‪ ،‬وهو‬ ‫ما دفعهم لالعتماد على �أنف�سهم مب ّينا �أ ّنه �شخ�ص ّيا ال يعتمد‬ ‫على �شركات ال�سياحة‪ ،‬مع ّلال ذلك ب�أنّ ث ّمة �شركات ال تلتزم‬ ‫بالربامج التي حت ّددها ‪ ،‬ال�سيما فيما يتع ّلق مب�ستوى الإقامة‬ ‫وهناك �شركات �أخرى ذائعة ال�صيت تلتزم مبا ّمت االتّفاق‬ ‫عليه ‪ ،‬لكنّ ر�سوم الرحالت تكون مرتفعة ج ّدا‪.‬‬ ‫و�أ�شار بدر �سامل ـ ّ‬ ‫موظف ـ �إىل �أنّ جتربته ال�سابقة مع �أحد‬ ‫املكاتب ال�سياح ّية جعلته يلغي متاما فكرة ال�سفر �ضمن‬ ‫املجموعات ال�سياح ّية لأنّ الربنامج كان فا�شال و الأ�سعار‬ ‫مبالغ فيها‪� ،‬إ�ضافة �إىل الفنادق التي ّمتت الإقامة فيها كانت‬ ‫دون امل�ستوى ‪.‬‬ ‫من المسؤول ؟‬

‫يرى د‪ .‬عيـد بن قعدان العتيبي ـ رئـيـ�س قـ�ســم ال�سيـاحة‬ ‫والآثــار بجــامعـة حــائـل ـ �أنّ الن�صب واالحتيال من اجلرائم‬ ‫الدخيلة على جمتمعنا ال�سعودي نتيجة لعوامل عديدة لع ّل‬ ‫من �أه ّمها االنفتاح االقت�صادي والتجاري وال�سياحي على‬ ‫الأ�سواق العامل ّية حتّى و�صل الأمر �إىل التغرير باملواطنني من‬ ‫خالل العرو�ض ال�سياح ّية الوهم ّية والتي باتت ت�ش ّكل هاج�سا‬ ‫لكثري من �سياح الداخل واخلارج وانت�شرت ب�شكل كبري حتّى‬ ‫ذهب �ضح ّيتها العديد من النا�س‪.‬‬ ‫و�أرج��ع املحامي وامل�ست�شار القانوين علي جمعان �آل حماد‬ ‫الغامدي انت�شار عرو�ض الرحالت ال�سياح ّية �إىل الثورة‬ ‫التقن ّية التي نعي�شها يف هذا الع�صر ويف ظ ّل االنفتاح العاملي‬ ‫الذي يحيط بنا حيث بات من ال�سهل لك ّل من �أراد ن�شر ما‬ ‫يريده �أن يقتحم بيوتنا و�أجهزتنا ‪� ،‬إذ غدت بيئة حا�ضنة ويف‬ ‫متناول يد � ّأي عابث ليتم ّكن من �إلقاء حباله وا�صطياد ح�سني‬ ‫الن ّية عرب تلك العرو�ض غري املوثوقة التي تالحقنا يف خمتلف‬ ‫مواقع التوا�صل االجتماعي‪ .‬فـمـع تط ّور �أدوات العوملة والثورة‬ ‫الهائلة يف جم��ال االتّ�صاالت وتع ّدد و�سائل ال�سفر انت�شر‬ ‫العديد من مكاتب ال�سياحة وال�سفر التي تتّبع �أ�ساليب خمتلفة‬ ‫يف تقدمي عرو�ض مغرية وهدايا جمان ّية للكثري من العائالت‬ ‫عرب دعوتهم لزيارة مكاتبهم ومنحهم هد ّيتهم التي ح�صلوا‬ ‫عليها ك�إقامة جمان ّية يف �أحد الفنادق �أو ما ي�س ّمى «بالتامي‬

‫ملف العدد‬

‫�أو�ضح ماجد ح�سن ـ ّ‬ ‫موظف ـ �أ ّنه مل يعد يعتمد يف ال�سفر على‬ ‫مو�ضحا �أنّ احلجز عن طريق الإنرتنت‬ ‫�شركات ال�سياحة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫�أكرث �ضمان ًا ‪ ،‬خ�صو�صا �أنّ ال�شركات ت�ستغل مو�سم ال�صيف‬ ‫وتقوم برفع الأ�سعار وهو ما يدفع الكثري من املواطنني للحجز‬ ‫عرب الإنرتنت حيث تق ّدم الفنادق العديد من العرو�ض‪.‬‬

‫�شري»بحيث يطلب ّ‬ ‫املوظف الذي يقوم بالتقاط الزبون يف �أحد‬ ‫ً‬ ‫املواقع العا ّمة �أو عن طريق االتّ�صال به هاتف ّيا من العميل‬ ‫زيارتهم يف مق ّر ال�شركة ‪ ،‬ومن ّثم تبد�أ عمل ّية االحتيال والتي‬ ‫تنتهي غالب ًا بالإيقاع بالزبون و�أخذ مبلغ مايل منه ومن ّثم‬ ‫اختفاء ال�شركة ومم ّثلها بعد ح�صولهم على املبلغ املايل‪.‬‬

‫و�أو�ضح د‪.‬العتيبي �أ ّنه يف الغالب تت�شابه طرق و�أ�ساليب تلك‬ ‫ال�شركات واملكاتب التي ت�سعى لإيهام العائالت باال�شرتاك‬ ‫يف م�سابقات للمعلومات العا ّمة ‪ ،‬وم�ساعدتهم للفوز برحالت‬ ‫توجه‬ ‫�سياح ّية جمان ّية �إىل �إح���دى امل��دن العرب ّية‪ ،‬وبعد ّ‬ ‫الفائزين ال�ستالم جائزتهم يفاج�أون ب�أ ّنهم يطلبون مبالغ‬ ‫مال ّية للقيام بالرحلة و�إيهامهم ب�أ ّنهم ح�صلوا على تخفي�ضات‬ ‫هائلة ‪ ،‬وعادة ما تن�شط مثل هذه املواقع وال�شركات امل�شبوهة‬ ‫يف بع�ض الوجهات ال�سياح ّية التي تعترب مق�صد ًا دور ّي ًا للأ�سر‬ ‫اخلليج ّية وال�سعود ّية على وج��ه التحديد وذل��ك ل�سهولة‬ ‫ا�صطيادهم و �إقناعهم بتلك العرو�ض ‪ ،‬وتكون فرتة الذروة‬ ‫لتلك العرو�ض قبل موا�سم ال�سفر مبا�شرة يف ك ّل من دبي‬ ‫وتركيا والقاهرة وغريها من الوجهات التي يق�صدها ال�س ّياح‬ ‫ال�سعود ّيون‪.‬‬ ‫حقيقة العروض‬

‫وق��ال توفيق عبد اهلل ـ مدير مكتب �سفر و�سياحة �سابقا ـ‬ ‫�إنّ العرو�ض التي ت�سوقها بع�ض املكاتب ب�أ�سعار رمز ّية غري‬ ‫حقيق ّية خ�صو�ص ًا �إىل وجهات �شرق �آ�سيا ‪ ،‬م�شري ًا �إىل �أنّ‬ ‫هدفها حتقيق �أعلى عائد م��ا ّدي و�أن يح�صل العميل على‬ ‫عر�ض �أق ّل من املتّفق عليه �سابق ًا خ�صو�ص ًا فيما يتع ّلق بقطاع‬ ‫الإيواء ‪ ،‬حيث �أنّ العرو�ض املق ّدمة لل�سائح تت�ض ّمن فنادق‬ ‫فئة ‪� 7‬أو ‪ 5‬جنوم لكنّ العميل عند ال�سفر ال يح�صل �إ ّال على‬ ‫فندق فئة جنمتني �أو ‪ 3‬فقط‪.‬‬ ‫التخطيط المبكّ ر‬

‫من جانبه ي��رى بندر العمري ‪ّ -‬‬ ‫منظم رح�لات يف �إح��دى‬ ‫ال�شركات ال�سياح ّية ‪� -‬أنّ معظم العائالت ّ‬ ‫تخطط للرحلة‬ ‫قبل ال�سفر ب�أ�سبوع واحد ‪ ،‬وهذا يجعل كثريا من النفقات‬ ‫�أغلى ثمنا‪� ،‬سواء من ناحية احلجوزات الفندق ّية �أو الطريان‬ ‫بالإ�ضافة �إىل امل�شاكل التي نعانيها ب�سبب ع��دم االلتزام‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪11‬‬


‫ملف العدد‬

‫بالوقت والربنامج املن�صو�ص عليه ‪،‬ولكن ا�ستطعنا �أن نتجاوز‬ ‫ك ّل هذه ال�صعوبات وبد�أ امل�سافرون يعون �أه ّمية الوقت م�ش ّددا‬ ‫على �ضرورة و�ضع خطط مرنة و�صارمة للم�سافرين حتّى ال‬ ‫يفقد امل�سافر احلجز والوقت ب�سبب الت�أخري‪.‬‬ ‫السياحة االقتصاد ّية‬

‫كما �أكّ��د معت�صم �أحمد ـ م�شرف �سياحي ـ �أنّ ال�شركات‬ ‫ال�سياح ّية تراعي يف عرو�ضها جميع الفئات على م�ستوى‬ ‫يتم التعامل مع ك ّل‬ ‫الدخل‪ ،‬مو�ضحا �أنّ��ه من خالل عملهم ّ‬ ‫الفئات على �أ ّنهم عمالء مه ّمون مهما كان م�ستوى ال�شخ�ص‬ ‫‪ ،‬ولكن ي�أخذ باالعتبار م�ستوى اخلدمات املق ّدمة كت�صنيف‬ ‫جنوم الفنادق �أو الدرجات بالطريان بني ال�سياح ّية والأفق‬ ‫والأوىل ‪ ،‬م�ش ًريا �أنّ اخلدمات التي تبحث عنها العائالت يف‬ ‫العرو�ض ال�سياح ّية تتم ّثل يف املوقع القريب من اخلدمات‬ ‫والربامج الرتفيه ّية املق ّدمة باملدن املراد زيارتها وم�ستوى‬ ‫نظافة الفندق مقارنة بال�سعر املقرتح‪.‬‬ ‫العديد من مكاتب السياحة والسفر تقدم‬ ‫عروضا مغرية وهدايا مجان ّية للكثير‬ ‫ثم تبدأ عمل ّية االحتيال‬ ‫من العائالت ّ‬ ‫التي تنتهي غالبًا باإليقاع بالعمالء وأخذ‬ ‫ثم اختفاء الشركة ‪.‬‬ ‫اموالهم‪ّ ،‬‬ ‫وجهات سياح ّية‬

‫و�أو�ضح معت�صم �أنّ هناك وجهات �سياح ّية ال تزال تت�ص ّدر‬ ‫قائمة العائالت مثل تركيا التي ذاع �صيتها بني الكثري من‬ ‫حم ّبي ال�سفر والرتحال ملا تتمتّع به من طبيعة خ ّالبة و�سبل‬ ‫ترفيه ّية رائعة ومدن متح�ضّ رة �أ�سعارها ج ّيدة‪.‬‬

‫وي���رى ط��ه �أنّ الأ���س��ع��ار يف ع��ام ‪ 2015‬مغرية و�ستجذب‬ ‫امل�سافرين �إىل وجهات خمتلفة قد تكون جديدة على ال�س ّياح ‪.‬‬ ‫العروض التي تسوقها بعض المكاتب‬ ‫بأسعار رمز ّية غير حقيق ّية هدفها تحقيق‬ ‫مادي‪ ،‬وعند السفر ال يجد العميل‬ ‫أعلى عائد ّ‬ ‫أيًا من الوعود التي قيلت له ‪.‬‬ ‫غياب العروض الداخل ّية‬

‫كما �أكّ��د �سلطان علي ـ ّ‬ ‫موظف برامج �سياح ّيةـ على �أه ّمية‬ ‫�إي��ج��اد عرو�ض �سياح ّية داخل ّية لتلبية حاجات العائالت‬ ‫الرتفيه ّية حتّى ال نخ�سر ثرواتنا االقت�صاد ّية حيث ينفق‬ ‫ال�س ّياح مليارات الرياالت على ال�سياحة خارج اململكة‪ ،‬والتي‬ ‫يجب تقلي�صها ل�صالح ال�سياحة الداخل ّية ملا لذلك من مردود‬ ‫مهم وحيوي‪ ،‬وملا له من مردود‬ ‫اقت�صادي �إيجابي ‪،‬وهو �أمر ّ‬ ‫وطني �أي�ضا‪ ،‬فال�سياحة الداخل ّية تعزّز الوالء واالنتماء ب�شكل‬ ‫كبري ‪ ،‬فك ّل ما هو قريب من العني قريب من القلب‪ ،‬فنحن‬ ‫جند بع�ض املواطنني الذين اعتادوا ال�سفر �إىل مناطق خارج‬ ‫البالد قد �أ�صبحوا يح ّبونها ويزورونها ب�شكل م�ستم ّر وك�أ ّنها‬ ‫ديارهم‪.‬‬ ‫التعزيز الثقافي واألمني‬

‫كما �أكّ��د الغامدي على �ضرورة ن�شر الوعي والثقافة عرب‬ ‫و�سائل الإع�لام الر�سمي واجلديد والتحذير من االن�سياق‬ ‫خلف العرو�ض الوهم ّية من املجهولني للإيقاع بالعائالت‬ ‫عرب التزييف والوعود املغرية التي هي يف الواقع حم�ض دجل‬ ‫وقر�صنة من ع�صابات ّ‬ ‫منظمة انعدم لديها الوازع ال�شرعي‬ ‫ومات ال�ضمري‪.‬‬ ‫يجب إيجاد عروض سياح ّية داخل ّية لتلبية‬ ‫حاجات العائالت الترفيه ّية ‪،‬لما لذلك من‬ ‫مردود اقتصادي ووطني مهم‪.‬‬

‫كما �ش ّدد الغامدي على �ضرورة الت�أ ّكد من م�صداق ّية �صاحب‬ ‫الإعالن وذلك بر�ؤية ترخي�ص ال�شركة ال�سياحي قبل التعاقد‬ ‫�أو الدخول على موقع الهيئة الر�سمي والت�أ ّكد من وجود الوكالة‬ ‫�ضمن الوكاالت ّ‬ ‫املرخ�ص لها ‪ ،‬وتقوم الهيئة العا ّمة لل�سياحة‬ ‫والآث���ار بدورها يف ه��ذا ال�صدد بالتفتي�ش ومراقبة جميع‬ ‫يتم ن�شرها عرب و�سائل الإعالم املختلفة للح ّد‬ ‫العرو�ض التي ّ‬ ‫من املمار�سات الت�سويق ّية الفرد ّية واملكاتب غري النظام ّية ‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫و�أ ّكد د‪.‬العتيبي �أنّ ثقافة ووعي العميل تلعب دور ًا مه ّم ًا يف‬ ‫هذا اجلانب ‪ ،‬فك ّلما كان ال�شخ�ص �صاحب جتربة ودراية‬ ‫وخربة يف جمال ال�سفر �أ�صبح �أق�� ّل عر�ضة لالن�سياق وراء‬ ‫هذه العرو�ض الوهم ّية والعك�س �صحيح ‪ ،‬م�شري ًا �أنّ هناك‬ ‫بع�ض التدابري االحرتاز ّية التي ميكن للعميل اتّباعها لتج ّنب‬ ‫الوقوع يف براثن تلك العرو�ض الوهم ّية ‪ ،‬ولع ّل �أه ّمها القيام‬ ‫بالتخطيط اجل ّيد قبل ال�سفر مب ّدة كافية لإتاحة الفر�صة‬ ‫لدرا�سة العرو�ض ب�أ�سلوب م�ستوف وم�ستفي�ض ‪� ،‬إىل جانب‬ ‫ّ‬ ‫واملرخ�صة‬ ‫التعامل فقط مع املن�ش�آت ال�سياح ّية النظام ّية‬ ‫وع��دم التعامل مع الأف���راد �أو امل��واق��ع امل�شبوهة بالإ�ضافة‬ ‫�إىل املعرفة بحقّ العميل يف املطالبة بر�ؤية ترخي�ص العمل‬ ‫والت�شغيل ل ّأي جهة تر ّوج لعرو�ض �سياح ّية‪.‬‬ ‫مهمًا في‬ ‫ثقافة ووعي الشخص تلعب دورًا‬ ‫ّ‬ ‫موقفه من العروض السياحية ‪ ،‬فك ّلما‬ ‫كان صاحب تجربة ودراية وخبرة في مجال‬ ‫ّ‬ ‫أقل عرضة لالنسياق وراء‬ ‫السفر أصبح‬ ‫العروض الوهم ّية ‪.‬‬ ‫تعاون العمالء‬

‫‪،‬مو�ضحا‬ ‫و�أ ّكد د ‪.‬العتيبي على دور العمالء يف هذه الظاهرة‬ ‫ً‬ ‫�أنّ قيامهم ب���أدواره��م املتو ّقعة يف املحافظة على حقوقهم‬ ‫و�أه ّمها عدم التعاقد �إ ّال مع مكاتب ّ‬ ‫‏مرخ�صة من قبل الهيئة‬ ‫‪ ،‬والإب��ل�اغ ع��ن � ّأي ع��رو���ض ت��ق�� ّدم لهم ع��ن طريق مكاتب‬ ‫غري ‏نظام ّية ‪ ،‬لتتم ّكن الهيئة من التعامل مع مق ّدمي هذه‬ ‫العرو�ض واتّخاذ الإج��راءات ‏النظام ّية يف ح ّقهم ‏من خالل‬ ‫تقدمي مالحظاتهم �أو �شكواهم عن ‏طريق االتّ�صال مبركز‬ ‫االتّ�صال ال�سياحي على الرقم «‪� ، »19988‬أو عن طريق‏زيارة‬ ‫�أحد فروع الهيئة ل ّأي من مناطق اململكة مع تقدمي الإثباتات‬ ‫اخلا�صّ ة ‏بال�شكوى ‪� ،‬أو عن طريق الدخول �إىل موقع الهيئة‬ ‫الإلكرتوين‏‏‪.‬‬ ‫كما ح ّذر د‪.‬العتيبي من �أ�ضرار التوقيع على � ّأي وثائق تق ّدمها‬ ‫تلك اجلهات مهما كانت العرو�ض واملغريات‪ ،‬خا�صّ ة �إذا كان‬ ‫يرتتّب عليها ق�ضايا ما ّد ّية ‪،‬ففي هذه احلالة يجب �إبالغ‬ ‫اجلهات امل�س�ؤولة التّخاذ كا ّفة �إج���راءات احليطة واحلذر‬ ‫لتفادي الوقوع �ضح ّية لعمل ّيات الن�صب املايل الإلكرتوين ‪،‬‬ ‫خا�صّ ة تلك املتع ّلقة بال�سفر واحلجوزات عرب الإنرتنت من ّب ًها‬ ‫على �ضرورة اللجوء و�إبالغ ال�سفارة ال�سعود ّية �أو املم ّثليات‬ ‫القن�صل ّية للمملكة يف حال تع ّر�ض ال�شخ�ص لعمل ّية ن�صب‬ ‫واحتيال خارج اململكة ‪.‬‬

‫ملف العدد‬

‫الخبرة ود ّقة االختيار‬

‫�أدب التعامل مع الآباء يف �سورة يو�سف ( ‪) 10‬‬

‫إحسان الظن بهما وعدم اتهام‬ ‫مشاعرهما مهما ظهر منها‪:‬‬ ‫بق ـ ـلـ ــم ‪ :‬د حم ّمد بن نا�صر الكثريي‬

‫الأدب العا�شر‪ :‬كان ليعقوب عليه ال�سالم هيبته التامة‬ ‫و�سلطته النافذة على �أبنائه و�أهل بيته‪ ،‬فلم يكن لأحد �أن‬ ‫يتخذ قرارا عائليا دون �إذنه �أو م�شورته‪ ،‬وكان هذا الأمر‬ ‫مقبوال عند اجلميع وحمل تفهم له‪ ،‬و التزام به‪ ،‬ومل تكن‬ ‫هذه املتابعة منه عليه ال�سالم لأبنائه حمال للت�ضجر �أو‬ ‫االعرتا�ض‪ ،‬ومل ينظر �إليها �أنها نوع من احلد من حريتهم‬ ‫يف الذهاب متى �شاءوا و�أينما �شاءوا ومع من �شاءوا حتى‬ ‫ولو كانوا �إخوته‪ ،‬باعتبار �أنها حق للآباء وم�صلحة عظيمة‬ ‫للأبناء‪ ،‬ف�إخوة يو�سف ما كان لهم �أن يطلبوا خروج �أخيهم‬ ‫معهم �إال لكون �أبيهم مينع ذلك‪.‬‬ ‫وملا طلب يو�سف من �إخوته �أن ي�أتوه ب�أخيه �إذا �أرادوا الكيل‬ ‫مرة �أخرى وا�شرتط ذلك عليهم‪ ،‬عر�ضوا الأمر على �أبيهم‪،‬‬ ‫ومع �إنه رف�ض طلبهم و�شكك يف حفظهم للأمانة‪« :‬قال هل‬ ‫�آمنكم عليه �إال كما �أمنتكم على �أخيه من قبل» تفهموا ذلك‪،‬‬ ‫ومل يردوا عليه ب�شيء‪ ،‬بل مل يحاولوا الدفاع عن �أنف�سهم‪،‬‬ ‫وتربئة �ساحتهم‪� ،‬أو �إظهار �أن ذلك كان �أمرا قدميا‪ ،‬فلماذا‬ ‫يعاتبهم عليه والو�ضع قد تغري مثال‪ ،‬و�إمنا خرجوا من عنده‬ ‫لفتح �أمتعتهم و�إنزال رحلهم‪ ،‬فكانت املفاج�أة التي ا�ستدعت‬ ‫�إع��ادة طرح املو�ضوع مرة �أخ��رى‪ ،‬وتكرار الطلب ب�إر�سال‬ ‫�أخيهم معهم‪ ،‬وحماولة �إقناع �أبيهم بذلك‪� ،‬إال �أن يعقوب‬ ‫عليه ال�سالم‪ ،‬ورغ��م تخفيفه ملوقفه ال ي��زال ال يثق بهم‪،‬‬ ‫مما جعله ي�أبى �أن ير�سل معهم ابنه الثاين‪ ،‬ما مل يكتبوا‬ ‫لها موثقا من اهلل �أن يتكفلوا ب�إعادته له‪ ،‬فر�ضخوا لطلبه‪،‬‬ ‫رغم ما ينطوي عليه هذا الطلب من تخوين لهم‪� ،‬إال �إنهم‬ ‫ا�ستجابوا لطلبه و�آتوه املوثق كما طلب عليه ال�سالم‪.‬‬ ‫وعندما وقع ما كان يخافه يعقوب عليه ال�سالم‪ ،‬حيث رجع‬ ‫�إخوة يو�سف دون �أخيهم‪ ،‬بعدما احتجز يو�سف �أخاه عنده‬ ‫بحجة �أن��ه �سرق‪ ،‬بينوا لأبيهم الأم��ر‪ ،‬لكنه مل ي�صدقهم‪،‬‬ ‫و�إمنا كذبهم واتهمهم‪« :‬قال بل �سولت لكم �أنف�سكم �أمرا‬ ‫ف�صرب جميل»‪ ،‬وتوجه �إىل اهلل بالدعاء �أن يرد عليه �أبناءه‪:‬‬ ‫«ع�سى اهلل �أن ي�أتيني بهم جميعا �إنه هو العليم احلكيم»‪،‬‬ ‫ورغم �أنهم كانوا �صادقني هذه املرة لكنهم مل يرثبوا على‬ ‫�أبيهم‪� ،‬أو يلوموه بالتجني عليهم �أو يغ�ضبوا منه‪ ،‬و�إمنا‬ ‫عر�ضوا عليه �أن يتق�صى‪ ،‬ويتثبت من �صدقهم ب�س�ؤال �أهل‬ ‫القرية‪ ،‬والعري التي كانوا فيها وحلفوا له «و�إنا ل�صادقون»‪.‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪13‬‬


‫ملف العدد‬

‫السياحة «الحالل»‬ ‫مقصد أسري وصناعة واعدة‬ ‫حتقيق ‪ :‬نهى الفخراين‬ ‫أصبحت (السياحة الحالل)مؤخّ را تم ّثل المقصد‬ ‫تقدم‬ ‫المثالي لألسر الملتزمة والمحافظة‪ ،‬ألنّها ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل الخدمات الالزمة في هذا المجال‪ ،‬وألنّها‬ ‫تعرف احتياجات الباحثين عن «هذا النوع من‬ ‫ُقدم سوى األطعمة الحالل‬ ‫السياحةـ حيث ال ت ّ‬ ‫حمامات‬ ‫والمشروبات غير الكحول ّية‪ ،‬وبها‬ ‫ّ‬ ‫خاصة للس ّيدات‪ ،‬وكذلك النوادي‬ ‫سباحة‬ ‫ّ‬ ‫المنفصلة‬ ‫ّ‬ ‫الصحية (السبا) ومرافق الترفيه ُ‬ ‫ُ‬ ‫للرجال والنساء‪ ،‬والمرافق المناسبة لألسر‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫ملف العدد‬

‫ووفقا لوكالة «كري�سنت ريتينغ» ف���إنّ حجم هذا ال�سوق‬ ‫�سي�سجل‬ ‫ي�سجل حال ّيا ‪ 140‬مليار دوالر‪ ،‬وث ّمة اعتقاد ب�أ ّنه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫زي��ادة ت�صل �إىل ‪ 200‬مليار دوالر بحلول ع��ام ‪،2020‬‬ ‫وح�سب ال��ت��ق��دي��رات امل��ت��داول��ة‪ ،‬ف����إنّ ���س��وق ال�سفريات‬ ‫املخ�صّ �صة للم�سلمني ي�ش ّكل ما قيمته ‪% 13‬من �إجمايل‬ ‫�سوق ال�سفر‪.‬‬ ‫وقد ح ّققت ماليزيا قفزات نوع ّية يف هذا املجال‪ ،‬وجنت‬ ‫�أرباحا وعوائد كبرية‪� ،‬إذ �أ�صبحت مت ّثل املق�صد املثايل‬ ‫لل�سياحة الأ�سر ّية‪ ،‬حيث احت ّلت ماليزيا املرتبة الأوىل‬ ‫عامل ّي ًا يف ت�صنيف �أف�ضل ع�شر وجهات ال�سياحة «احلالل»‬ ‫يف عام ‪2014‬م‪ ،‬وذلك وفق تقرير موقع ب ّوابة امل�سافرين‬ ‫امل�سلمني ‪ ،‬وي�لاح��ظ �أنّ ه��ذا ال�ترت��ي��ب خ��ا���صّ ببلدان‬ ‫ّ‬ ‫منظمة التعاون الإ�سالمي املك ّونة من ‪ 56‬دولة �إ�سالم ّية‪،‬‬ ‫وقد راعى الت�صنيف مدى تنا�سب الوجهة ال�سياح ّية مع‬ ‫متط ّلبات العطالت العائل ّية‪ ،‬وم��دى توافر الت�سهيالت‬ ‫واخلدمات للم�سافرين امل�سلمني‪� ،‬إ�ضافة �إىل مبادرات‬ ‫الت�سويق والرتويج للوجهات العائل ّية‪.‬‬ ‫يصل حجم سوق السياحة الحالل إلى‬ ‫‪ 140‬مليار دوالر‪ ،‬وسيصل إلى ‪ 200‬مليار‬ ‫دوالر بحلول عام ‪ ،2020‬وحسب التقديرات‬ ‫المخصصة‬ ‫المتداولة‪ ،‬وتقدر السفريات‬ ‫ّ‬ ‫للمسلمين حوالي ‪% 13‬من إجمالي‬ ‫سوق السفر‪.‬‬

‫وجاءت تركيا يف املرتبة الثالثة‪ ،‬يف حني �أندوني�سيا جاءت‬ ‫يف املرتبة الرابعة‪ّ ،‬ثم ال�سعود ّية يف املرتبة اخلام�سة‪ ،‬و‬ ‫ج��اءت املغرب يف املرتبة ال�ساد�سة‪ ،‬والأردن يف املرتبة‬ ‫ال�سابعة‪ ،‬بينما قطر وتون�س وم�صر فقد احت ّلوا املراتب‬ ‫الثامنة والتا�سعة والعا�شرة على التوايل‪.‬‬ ‫ويف م�صر ظهر م� ّؤخر ًا منتج ال�سياحة احلالل عن طريق‬ ‫بع�ض �شركات ال�سياحة ووك��االت ال�سياحة التي ظهرت‬ ‫على ا�ستحياء و�سرعان ما اختفت ‪ ،‬ال�سيما �أنّ ذلك قد‬ ‫يكون له بعد �سيا�سي‪ ،‬وقد اتّهم هذا النموذج ب�أ ّنه تهديد‬ ‫للقطاع ال�سياحي امل�صري و�أ ّنه �سبب يف عزله �سياح ّيا ‪.‬‬ ‫في تركيا‬

‫وتنت�شر ال�سياحة احلالل يف تركيا على نطاق وا�سع ‪ ،‬حيث‬ ‫توجد ال�سياحة الثقاف ّية و التي ترتبط بالرتاث العثماين‬ ‫فال تخلو مدينة من مثل هذه الآثار و تتن ّوع ما بني م�ساجد‬ ‫تاريخية و دور ال�شفاء و التي حت ّول بع�ضها �إىل متاحف‬ ‫جمانا و مز ّودة بخدمات حديثة‬ ‫و هي مفتوحة للجمهور ّ‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪15‬‬


‫ملف العدد‬

‫ك�شا�شات التلفاز ‪،‬و مبج ّرد ال�ضغط على ز ّر يبد�أ الفيلم‬ ‫اخلا�صّ باملكان الذي تُع ّلق فيه هذه ال�شا�شات‪.‬‬ ‫كما يوجد برتكيا نوع �آخر ي�س ّمى �سياحة �أماكن املياه احلا ّرة‪،‬‬ ‫و هذا النوع يزيد الإقبال عليه يف ال�شتاء ‪،‬و من �أ�شهر مناطقه‬ ‫( كيزجلى ح ّمام ) ب�أنقرة و ال��ذي تتم ّيز مياهه بقدرتها‬ ‫العالج ّية لأمرا�ض الروماتيزم و الأمرا�ض اجللد ّية �شرط‬ ‫ا�ستعمالها مل ّدة ال تق ّل عن ع�شرة �أ ّيام هكذا يقول �أهل املكان‪.‬‬ ‫احت ّلت ماليزيا المرتبة األولى عالم ّيًا في‬ ‫تصنيف أفضل عشر وجهات السياحة‬ ‫«الحالل» في عام ‪2014‬م‬

‫و�أكّ��د عبداملنعم ال�صاوي مد ّر�س م�صري يعمل برتكيا �أنّ‬ ‫ال�سياحة بهذا ال�شكل ( احلالل ) لي�ست جديدة يف تركيا‬ ‫لكنّ اجلديد فيها اال�سم ف�ضال عن تداوله ب�شكل يوحي �أنّ‬ ‫الأمر جديد على هذا املجتمع الفتا �إىل �أنّ ا�سم ( ال�سياحة‬ ‫احلالل ) له عامل جذب لل�سائح امل�سلم و العربي خ�صو�صا ‪.‬‬ ‫تجارب مع الحالل‬

‫روت رواء م�صطفى جتربتها مع ال�سياحة احلالل يف تركيا‪،‬‬ ‫قائلة �إنّ من الأمور التي �أ�سعدتها كثريا �أنّ ‪ % 90‬من الن�ساء‬ ‫حمجبات فلم ت�شعر �أ ّنها غريبة بينهنّ ‪ ،‬و�أنّ غرف‬ ‫يف الفندق ّ‬ ‫�سجادة‬ ‫الفندق بها عالمة باتجّ اه قبلة ال�صالة مع تو ّفر ّ‬ ‫لل�صالة و م�صحف مرتجم ل ّلغة الرتك ّية‪ ،‬كما يتواجد يف‬ ‫الفندق م�سجده اخلا�صّ للرجال و الن�ساء و تقام فيه خطبة‬ ‫اجلمعة ك ّل �أ�سبوع ‪ ،‬ف�ضال عن �سماع الأذان يف مواعيده من‬ ‫مكبات ال�صوت املنت�شرة يف جميع �أرج��اء الفندق‪،‬و عدم‬ ‫رّ‬ ‫وجود اخلمور يف � ّأي ركن من �أركان الفندق ‪ ...‬وهذا الأمر مل‬ ‫تلم�سه يف رحالتها ال�سابقة‪.‬‬ ‫و�أ�ضافت �أنّ �سيا�سة الفندق تقوم على الف�صل بني الن�ساء‬ ‫و ال��رج��ال يف ح��مّ��ام��ات ال�سباحة و ال�����س��اون��ا و امل�����سّ��اج و‬ ‫اجلمنازيوم ‪ ,‬مع وج��ود �أم��اك��ن جتتمع فيها الأ���س��رة هي‬ ‫املطعم و املقاهي ‪ ،‬وقد ُخ�صّ �ص ح ّمام ال�سباحة اخلارجي‬ ‫للرجال و ال�شاطئ مع التنبيه بعدم نزول الن�ساء �إىل البحر ‪,‬‬ ‫مع تعوي�ض ذلك بوجود ح ّمام �سباحة خا�صّ بالن�ساء يف �أعلى‬ ‫الفندق لال�ستمتاع بال�شم�س ‪،‬وعلى من �أرادت الو�صول �إليه‬ ‫�أن ت�ستخدم م�صعدا يمُ نع الرجال من ا�ستخدامه‪ ،‬بعد �أن‬ ‫تخ�ضع لتفتي�ش دقيق من امل�شرفات للت�أ ّكد من عدم وجود � ّأي‬ ‫كامريات ت�صوير معها �أو ج ّواالت �إذ مينع دخولهم يف هذه‬ ‫امل�سابح متاما‪.‬‬ ‫وتقول الدكتورة �إمي��ان �شريف �أ�ستاذة جامع ّية م�صر ّية‬

‫‪16‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫تعمل بال�سعود ّية‪ : ،‬عندما بد�أنا التفكري يف ال�سفر لل�سياحة‬ ‫كنت حري�صة �أ ّال يرى �أطفايل مناظر تخد�ش احلياء‪ ،‬لذا‬ ‫كنت �أف ّكر �أنا وزوجي ونفا�ضل بي ــن الذه ـ ــاب �إىل تركيـ ــا‬ ‫�أو ماليزيا ‪،‬م�ضيفة �أنّ ال�سياحة للبلدان الإ�سالم ّية حتديدا‬ ‫حتافظ على اخل�صو�ص ّية للم�سلمني‪ ،‬وتع ّرفنا الكثري عن‬ ‫التاريخ وال��واق��ع الإ���س�لام��ي ومعاي�شته‪ ،‬وارت��ب��اط البلدان‬ ‫الإ�سالم ّية ببع�ضها ‪ ،‬حيث ن�شعر بالوحدة املفقودة ‪.‬‬ ‫الخدمة الحالل‬

‫و�إذا ك��ان��ت ال�سياحة احل�ل�ال لي�س لها ���س��وق يف م�صر ‪،‬‬ ‫ل��ك��نّ اخل��دم��ة احل�ل�ال ق��د ب���د�أت يف االن��ت�����ش��ار‪ ،‬خا�صّ ة يف‬ ‫املقاهي وقاعات الأعرا�س‪.‬ويح ّدثنا عن هذه اخلدمة معت ّز‬ ‫علي(مهند�س) الذي يقول ‪� :‬أرت��اح كثريا عندما �أزور (دي‬ ‫كابت�شينو كافيه) بالقاهرة‪ ،‬فيكفي �أن جتل�س يف بيئة خالية‬ ‫من التدخني وال�شي�شة‪ ،‬فمثل هذه «الكافيهات» قائمة على‬ ‫�أ�سا�س تقدمي اخلدمات بطريقة تراعي ال�ضوابط الإ�سالم ّية‪،‬‬ ‫‪،‬كما �أنّ االختالط بني اجلن�سني ممنوع فيها‪ ،‬وبها �أماكن‬ ‫خم�صّ �صة لل�شباب و �أخرى خم�صّ �صة للعائالت حيث تتمتّع‬ ‫العائلة بخ�صو�ص ّيتها من خالل �أ�سرتة تف�صلها عن بع�ضها‪،‬‬ ‫يتم ا�ستبدال الأغاين هناك ببع�ض الأدعية والأنا�شيد‬ ‫كما ّ‬ ‫الإ�سالم ّية‪.‬‬ ‫ح�سن جمال الدين وكيل �أ ّول وزارة ال�سياحة الأ�سبق �أبدى‬ ‫حت ّفظه على م�صطلح (ال�سياحة احل�لال)‪ ،‬ور�أى �أنّ��ه من‬ ‫الأف�ضل �أن نطلق عليها (�سياحة العائالت)‪ ،‬يف �سياق �إعطاء‬ ‫ك ّل �سائح ح ّقه يف �أن ميار�س حياته ب�شكل طبيعي و�أن يق�ضي‬ ‫�إجازته وفقا لأعرافه يف بالده‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف �أنّ م�صر تط ّبق هذا النوع من �سياحة العائالت‪،‬‬ ‫ولكن لي�س بال�شكل والنموذج املوجود يف ماليزيا �أو �إ�سبانيا‬ ‫�أو غ�يره��ا‪ ،‬مو�ضحا �أنّ �سياحة ال��ع��ائ�لات ق��د ب���د�أت يف‬ ‫م�صر تقريبا منذ ‪� 6‬سنوات ‪ ،‬والتي حتفظ للأ�سرة رونقها‬ ‫وخ�صو�ص ّيتها ‪ ،‬م�ضيفا �أنّ قطاعا كبريا من امل�صريني‬ ‫يف�ضّ لون تخ�صي�ص �أماكن لل�سباحة لل�س ّيدات حتّى ال ي�سرتق‬ ‫النظر �إليهنّ �أحد‪.‬م�شريا �إىل �أنّ هناك «�شاليهات» يف �شرم‬ ‫ال�شيخ حتاط بخ�صو�ص ّية وانعزال ّية ت�سمح للأ�سرة بق�ضاء‬ ‫وقتها ون��زول ح ّمام ال�سباحة دون قلق خا�صّ ة لأ ّنها م�ؤ ّمنة‬ ‫ج ّدا ‪ ،‬حتّى �أنّ اخلدم �أو من يق ّدمون اخلدمات الفندق ّية لهم‬ ‫مدخل خا�صّ بعيدا عن «ال�شالية» ‪.‬‬ ‫و هناك �شواطئ يف مارينا خ�صّ �صت لل�س ّيدات فقط وذلك‬ ‫منذ ‪ 12‬عاما‪ ،‬وه��ي �شواطئ حماطة ب�س ّرية تا ّمة ومينع‬ ‫فيها الت�صوير وال ي�سمح للأطفال بعد �سنّ مع ّينة الدخول‬ ‫�إليها‪،‬والقائمات على �أمن ال�شواطئ ك ّلهنّ من الن�ساء فقط‪،‬‬ ‫كما �أنّ هناك بع�ض القرى والفنادق تخ�صّ �ص �ساعات مع ّينة‬


‫مهم‬ ‫مورد سياحي‬ ‫ّ‬

‫�س�ألنا الدكتور يو�سف �إبراهيم مدير مركز �صالح كامل‬ ‫لالقت�صاد الإ�سالمي ع ّما �إذا كان تطبيق « ال�سياحة احلالل‬ ‫« �سي�سهم فى �إنعا�ش ال�سوق امل�صر ّية فقال‪»:‬بغري ّ‬ ‫�شك يوجد‬ ‫قطاع عري�ض م��ن ال�شعب امل�صري يعزف ع��ن ال�سياحة‬ ‫يف �صورتها احلال ّية‪ ،‬حيث ال ت��روق له املخالفات القائمة‬ ‫يف ميادين ال�سياحة املختلفة‪ ،‬وعند تطبيق هذا النوع من‬ ‫ال�سياحة ( ال�سياحة احلالل ) ف�إنّ هذا القطاع �سيقبل على‬ ‫ال�سياحة‪ ،‬وي�ضاف �إىل �أعداد ال�سائحني ‪ ،‬ولذا ف�إنّ هذا النوع‬ ‫من ال�سياحة �سي�سهم يف �إنعا�ش ال�سوق امل�صر ّية �إذا قمنا‬ ‫بتطبيقه وت�سويقه بني النا�س ‪.‬‬ ‫تركيا تستضيف أكبر معرض عالمي للسفر‬ ‫الحالل عام ‪ ،2015‬بحضور أكثر من ألف مم ّثل‬ ‫من أكثر من ‪ 50‬دولة‪ ،‬لمناقشة وتطوير أحد‬ ‫نموًا في العالم‪.‬‬ ‫أسرع القطاعات السياح ّية ّ‬

‫مو�ضحا �أ ّنه ال يرى عوائق �أمام هذا النوع من ال�سياحة غري‬ ‫توجه امل�ستثمرين يف قطاع ال�سياحة �إىل هذا النوع من‬ ‫ق ّلة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�سياحة ‪،‬م�ضيفا �أنه لو لفتنا نظرهم �إىل ذلك لفكروا يف‬ ‫اغتنام هذه الفر�صة التي �ستعود عليهم بالأرباح الوفرية‬ ‫‪،‬و�أ ّية عقبة �أمام هذا الن�شاط �سيقومون هم بتذليلها حتقيقا‬ ‫مل�صاحلهم ‪ ،‬ال�سيما �أ ّنها ال تع ّد �سياحة باهظة يف تكاليفها‪،‬‬ ‫فرجل الأعمال �سي�ستفيد من براجمه القائمة ولن ي�ضيف‬ ‫�إليها �أ ّية تكاليف‪ ،‬وربمّ ا كانت ال�سياحة احلالل �أق ّل تكلفة من‬ ‫الأنواع الأخرى ‪.‬‬ ‫وع��ن الأب��ع��اد الدول ّية للتط ّور يف ه��ذا النوع من ال�سياحة‬ ‫�أبان �إبراهيم �أنّ هذا النوع من ال�سياحة �سي�سهم يف تعريف‬ ‫ال�شعوب ببع�ضها ‪ ،‬و�ستزيد عائدات خمتلف الدول من قطاع‬ ‫ال�سياحة‪ ،‬حيث �ست�ضيف �شريحة من ال�سائحني مل تكن تقبل‬ ‫على ال�سياحة يف �صورتها القائمة‪ ،‬ومن ّثم تزيد الدخول‬ ‫القوم ّية ‪ ،‬كما �أ ّنها �ستخلق فر�ص عمل ‪ ،‬و�سرتفع م�ستوى‬ ‫املعي�شة يف البالد املحت�ضنة لهذا النوع من ال�سياحة‪.‬‬

‫ملف العدد‬

‫يف ح ّمامات ال�سباحة لنزول ال�س ّيدات ‪.‬‬ ‫يذكر �أنّ م�صر تع ّول على قطاع ال�سياحة يف توفري نحو ‪%20‬‬ ‫من العملة ال�صعبة �سنو ّي ًا‪ ،‬فيما يق ّدر حجم اال�ستثمارات‬ ‫بالقطاع بنحو ‪ 68‬مليار جنيه (‪ 9.5‬مليارات دوالر)‪ ،‬وذلك‬ ‫ح�سب بيانات وزارة ال�سياحة امل�صر ّية‪.‬‬

‫الأوروبي �إىل �أنّ ال�سياحة اخلارجة من �أوروبا قد باتت تتّجه‬ ‫�إىل البلدان الإ�سالم ّية‪ ،‬خا�صّ ة �أنّ اجلاليات الإ�سالم ّية تع�شق‬ ‫التوجه �إىل الدول الإ�سالم ّية؛ وذلك ل�سماع الأذان بانتظام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وزي���ارة امل�ساجد‪ ،‬وت��ن��اول الطعام احل�ل�ال‪،‬و التع ّرف �إىل‬ ‫التقاليد الإ�سالم ّية والعرب ّية‪.‬‬ ‫و�أ ّكد الب�شاري �أنّ (ال�سياحة احلالل)غري موجودة بفرن�سا‬ ‫حيث يعي�ش هناك‪ -‬لك ّنها ب��د�أت تظهر يف بريطانيا‪،‬و�أنّ‬‫معظم اجلاليات الإ�سالم ّية تبحث عن هذا النوع من �أنواع‬ ‫ال�سياحة ب�شكل م�ستم ّر وعن ك ّل ما هو �إ�سالمي ‪.‬‬ ‫وممّ���ا �سبق ميكن ال��ق��ول �إنّ �صناعة (ال�سياحة احل�لال)‬ ‫ك�صناعة «الطعام احل�لال»‪ ،‬واملنتجات التي تلتزم بقواعد‬ ‫الدين الإ�سالمي احلنيف‪ .‬ولأ ّنها كذلك‪ ،‬ف�إ ّنه ينبغي �أن تكون‬ ‫جزء ًا �أ�صي ًال من االقت�صاد الوطني للدول‪ ،‬خا�صّ ة �إ ّنها �سياحة‬ ‫و�صناعة واعدة لك ّنها قد تكون غري م�ستغ ّلة بال�شكل الأمثل‪.‬‬ ‫فبح�سب �إلكنور تاتار �أوغلو‪ ،‬مدير فندق �أدينيا �أحد الفنادق‬ ‫احلالل ف���إنّ �سوق الفنادق احلالل يع ّد غري م�ستغ ّل ن�سب ّيا‬ ‫بالنظر �إىل تعداد امل�سلمني يف �أنحاء العامل والذي ي�صل �إىل‬ ‫نحو ‪ 1.6‬مليار ن�سمة‪.‬‬ ‫ولتن�شيط هذه ال�سياحة فقد �أعلنت تركيا ا�ست�ضافة �أكرب‬ ‫معر�ض عاملي لل�سفر احلالل لعام ‪ ،2015‬و�سيجمع امل�ؤمتر‬ ‫مم ّثلي القطاع من �شتّى �أنحاء العامل ملناق�شة وتطوير �أجندة‬ ‫�أحد القطاعات ال�سياح ّية الأ�سرع من�� ّو ًا يف العامل‪ .‬و ُيتو ّقع‬ ‫ح�ضور �أكرث من �ألف مم ّثل من �أكرث من ‪ 50‬دولة‪ ،‬من بينهم‬ ‫خ�براء القطاع واملتح ّدثني العامليني واملخت�صّ ني وم��ز ّودي‬ ‫اخلدمات ال�سياح ّية للحدث الذي �سيقام يف �إ�سطنبول‪.‬‬ ‫وهو ثاين م�ؤمتر عاملي عن ال�سياحة احلالل يقام يف �أوروبا‪،‬‬ ‫وق��د �شهد احلفل االفتتاحي للم�ؤمتر العا ّم ال�سابق زي��ارة‬ ‫�أكرث من ‪ 400‬من مم ّثلي القطاع ال�سياحي العاملي منطقة‬ ‫�أندلو�سيا الإ�سبان ّية‪ ،‬ملناق�شة الطرق التي مت ّكنهم من دخول‬ ‫هذا ال�سوق الواعد ‪.‬‬

‫أوروبا تتّجه للسياحة الحالل‬

‫و �أ���ش��ار د‪ .‬حم ّمد الب�شاري �أم�ين ع��ام امل���ؤمت��ر الإ�سالمي‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪17‬‬


‫ملف العدد‬

‫نور «الحالل»‬ ‫يكتسح سوق السياحة‬ ‫�أ�سماء فارح‬

‫المخاطر الشديدة والمخالفات الشرع ّية التي تواجه العائالت المسلمة والشباب العربي في‬ ‫عددا‬ ‫المصايف والمنتجعات السياح ّية من الترويج للدعارة والسكّ ر والمالهي الليل ّية جعلت‬ ‫ً‬ ‫جد ًيا في تغيير وجهتهم السياح ّية واالتّجاه نحو ما يطلق عليه‬ ‫كبي ًرا من المسلمين يفكّ رون ّ‬ ‫يتم االلتزام فيها بالقواعد الشرع ّية و المعايير األخالق ّية‪.‬‬ ‫(السياحة الحالل) التي ّ‬ ‫شواطئ منعزلة‬

‫تقول عزيزة حممود ـ مهند�سةـ �شخ�ص ّيا �أ�ؤ ّيد و�أمت ّنى ب�ش ّدة‬ ‫باملحجبات يف تون�س فاال�ستجمام حقّ‬ ‫�إن�شاء �شواطئ خا�صّ ة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويتوجب احرتام‬ ‫املحجبات واملنقبات ‪،‬‬ ‫للجميع مبن فيهم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ح ّريات ه�ؤالء الن�ساء ‪ ،‬لأنّ امل�شكلة يف دول املغرب العربي‬ ‫ال تكمن يف اللبا�س بل يف ال�شواطئ املختلطة ‪ ،‬وت�ضيف �إنّ‬ ‫تخ�صي�ص �شواطئ خا�صّ ة بالن�ساء فقط ح ّل منا�سب ج ّدا‬ ‫للمحجبة ح ّريتها يف اال�ستجمام بدون � ّأي قيود ويف‬ ‫يعطي‬ ‫ّ‬ ‫الوقت نف�سه يحرتم ال�ضوابط الإ�سالم ّية التي تق�ضي بعدم‬ ‫اخللوة بني الرجل واملر�أة ‪.‬‬ ‫سياحة ناجحة‬

‫و�أو�ضحت نريمني �أمني ـ مع ّلمة ـ �أنّ معظم العائالت امل�صر ّية‬ ‫فج‬ ‫ترف�ض ما يحدث يف املدن والقرى ال�سياح ّية من جتاوز ّ‬ ‫للعادات والتقاليد والأع���راف وت�س ُّيب غري مقبول وعري‬ ‫فا�ضح ‪ ،‬و�أفعال خمزية �أمام �أعني اجلميع ‪ ،‬وهو ما قد ي�ؤ ّدي‬ ‫�إىل جناح ال�سياحة احلالل تلك التجربة الوليدة التي �أرى‬ ‫�أ ّنها �إن �أُح�سن القيام بها ف�ستلقى قبو ًال لدى ال�شعب امل�صري‬ ‫املحافظ‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫الحالل يكتسح‬

‫من جانبه يرى د‪ .‬عيد بـن قـعـدان العتيبي ـ رئـي�س ق�سم‬ ‫ال�سياحة والآث���ار بجامعة حائـل ـ �أنّ م�صطلح «احل�لال «‬ ‫مل يعد حكر ًا على املنتجات الغذائ ّية التي توافق ال�شريعة‬ ‫الإ�سالم ّية �أو �صناعة املوا ّد التجميل ّية فح�سب‪ ،‬بل امت ّد �أي�ض ًا‬ ‫لي�شمل اخلدمات ال�سياح ّية التي تُـقـ َّدم لل�سياح امل�سلمني‬ ‫حول العامل ‪ ،‬حيث تقوم تلك ال�سياحة على تخ�صي�ص فنادق‬ ‫ومنتجعات �سياح ّية خالية من عر�ض � ّأي برامج �أو خدمات‬ ‫�أو وجبات �أو �أن�شطة تخالف ال�شريعة الإ�سالم ّية (مثل تقدمي‬ ‫الكحوليات)‪ ،‬كما تخلو من �صاالت لعب القمار �أو ح ّمامات‬ ‫�سباحة خمتلطة �أو �أندية ليل ّية ‪ ،‬كما ي�شمل مفهوم ال�سياحة‬ ‫احلالل رحالت خطوط الطريان التي ال تق ّدم الكحوليات �أو‬ ‫حلم اخلنزير ‪ ،‬ويف املقابل تو ّفر مكان ًا للعبادة يف �أوقاتها‬ ‫املح ّددة ‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل الربامج الرتفيه ّية التي ال تتنافى مع‬ ‫تعاليم ال�شريعة الإ�سالم ّية‪.‬‬ ‫تنوع األنشطة‬ ‫ّ‬

‫و�أ ّكد حم ّمد علي ـمن�سّ ق حجوزات ب�شركة �سياح ّيةـ �أ ّنها نوع من‬ ‫ال�سياحة تو ّفر وجهات ميكن �أن تق�صدها العائالت امل�سلمة‬ ‫‪،‬وال ميكن ح�صر ال�سياحة احل�لال يف ال�شواطئ والفنادق‬


‫خطوة إيجاب ّية‬

‫اعترب بندر العمري ‪ّ -‬‬ ‫منظم رح�لات يف �إح��دى ال�شركات‬ ‫ال�سياح ّية – الإقبال على ال�سياحة احل�لال من القرارات‬ ‫ال�صائبة �شرع ّيا التي جل�أ �إليها �آالف من املواطنني العرب‬ ‫‪ ،‬وهذا �أمر قد يح ّول الإج��ازة ال�صيف ّية من �أدوات للف�ساد‬ ‫واللهو وتكري�س العري و�إغ�ضاب اهلل �إىل منا�سبة لق�ضاء‬ ‫�أوقات الفراغ وف ًقا لتعاليم و�شرع اهلل‪.‬‬ ‫طفرة مستقبل ّية‬

‫و�أ�شار د‪.‬العتيبي �إىل �أ ّنه وبعك�س بع�ض التو ّقعات التي ر�أت‬ ‫يف ال�سياحة احلالل تهديد ًا للقطاع ال�سياحي يف بع�ض الدول‬ ‫‪،‬فقد �أظهرت الدرا�سات والإح�صاءات ال�سياح ّية �أنّ العوائد‬ ‫االقت�صاد ّية لهذا القطاع باتت حم ّل اهتمام عدد كبري من‬ ‫امل�ستثمرين واالقت�صاديني ملا له من ت�أثري يف النم ّو ال�سياحي‬ ‫ال��ع��امل��ي حيث تبلغ ن�سبة ال�س ّياح امل�سلمني ال��راغ��ب�ين يف‬ ‫ا�ستخدام خدمات ال�سياحة احلالل حول العامل حوايل ‪%51‬‬ ‫من �إجمايل ال�س ّياح امل�سلمني‪ ،‬لذلك فقد �ش ّكلت ال�سياحة‬ ‫احل�لال ‪ -‬وفق ًا لبع�ض التقارير ‪ -‬ما يقرب من ‪ %13‬من‬ ‫نفقات ال�سفر العامل ّية ‪ ،‬حيث �أنفق ‪ 69‬مليون �سائح م�سلم ‪70‬‬ ‫مليار دوالر خالل عام ‪ ، 2013‬لتحت ّل ماليزيا املرتبة الأوىل‬ ‫عامل ّيا يف ن�سبة اجلذب لقطاع ال�سياحة احلالل ‪ ،‬وتو ّقع معهد‬ ‫درا�سات املوا�صفات الأمريكي من ّو هذا القطاع حتّى عام‬ ‫‪ 2020‬بن�سبة ‪� %4.7‬سنو ّي ًا ‪ ،‬ليبلغ حجم �إيراداته نحو ‪192‬‬ ‫مليار دوالر بحلول عام ‪.2020‬‬ ‫ويف تركيا على �سبيل املثال ـ كما يقول د العتيبي ـ يبلغ عدد‬ ‫الأ�س ّرة املخ�صّ �صة لل�سياحة احلالل حوايل ثالثني �ألف �سرير‬ ‫من �أ�صل مليون �سرير هي الطاقة اال�ستيعاب ّية الكاملة للفنادق‬ ‫الرتك ّية حيث يف�ضّ ل ال�س ّياح املح ّليون والأتراك املقيمون يف‬ ‫�أوروب��ا الإقامة يف هذه املناطق ب�شكل �أكرب ‪� ،‬إذ تبلغ ن�سبة‬ ‫�إ�شغال هذه الفنادق �سنو ّي ًا ‪ %90‬بينما تنخف�ض هذه الن�سبة‬ ‫قوي على‬ ‫يف الفنادق ال�سياح ّية الأخرى �إىل ‪ %60‬وهو م� ّؤ�شر ّ‬ ‫�أه ّمية الفر�ص الكامنة يف جمال ال�سياحة احلالل مقارنة‬ ‫بغريها من �أن��واع ال�سياحة الأخ��رى ‪ ،‬كما ت�شري الدرا�سات‬ ‫ال�صادرة يف هذا ال�صدد �إىل �إقبال امل�سلمني ب�شكل كبري‬ ‫على هذا النوع من ال�سياحة ال�سيما الن�ساء اللواتي يف�ضّ لن‬ ‫الذهاب �إىل ال�شواطئ املنف�صلة التي ت�سمح لهنّ بالإجازة‬ ‫وفق �ضوابط ال�شريعة الإ�سالمية ‪.‬‬

‫و�أ���ض��اف د‪ .‬العتيبي ن�ستطيع القول �إنّ ال�سياحة احلالل‬ ‫ملح ًا للأ�سر الإ�سالم ّية ب�شكل عا ّم وللأ�سرة‬ ‫�أ�صبحت مطلب ًا ّ‬ ‫ال�سعود ّية على وجه اخل�صو�ص ‪،‬فم ّما ّ‬ ‫ال�شك فيه �أنّ توفري‬ ‫البيئة ال�سياح ّية املحافظة والتي تو ّفر كا ّفة املنتجات و‬ ‫اخلدمات ال�سياح ّية وفق تعاليم ال�شريعة الإ�سالم ّية تُعترب‬ ‫ج��اذب�� ًا لكثري من الأ���س��ر املحافظة ‪،‬وه��ذا ب��دوره �سي�سهم‬ ‫يف تن�شيط ال�سياحة الداخل ّية وتوفري بيئة �سياح ّية جاذبة‬ ‫وبالتايل تقليل التد ّفق النقدي خلارج الوطن‪.‬‬

‫ملف العدد‬

‫فقط بل ت�شمل ال�سياحة الريا�ض ّية وال�سـياحة العالج ّية‬ ‫و�سياحة امل�ؤمترات والندوات و �سـياحة املعار�ض والأ�سواق ‪،‬‬ ‫وال�سـياحة ال�صحراو ّية وال�سـياحة الريف ّية وغريها من الأنواع‬ ‫التـي �أهملت‪.‬‬

‫عامل جذب‬

‫نمو عالمي‬ ‫ّ‬

‫م��ن جانبها ت��رى يوليا بي�سكون ـ مم ّثلة م��رك��ز الفنادق‬ ‫واملنتجعات يف رو�سياـ �أنّ��ه يف الآون��ة الأخ�يرة ّمت مالحظة‬ ‫ازدياد الطلب على تقدمي احل ّد الأدنى من خدمات «احلالل‬ ‫« يف الفنادق وبالأخ�صّ ما يتع ّلق بالطعام ووجود ن�سخة من‬ ‫و�سجادة لل�صالة وبع�ض القنوات «التلفزيون ّية»‬ ‫القر�آن الكرمي ّ‬ ‫وال�صحف اخلا�صّ ة يف غرف الفنادق‪.‬‬ ‫وت�شري ال�س ّيدة بي�سكون �إىل �أنّ تركيا هي الوجهة الأك�ثر‬ ‫�شعب ّية لل�سياحة اخلارج ّية بني امل�سلمني الرو�س ‪ ،‬فهناك‬ ‫‪ 48‬فندقا حالال يف �إ�سطنبول و�أنقرة و�سواحل بحر �إيجة‬ ‫والأنا�ضول‪،‬وت�أتي منطقة جنوب �شرق �آ�سيا يف املقام الثاين‬ ‫وباخل�صو�ص ماليزيا و�أندوني�سيا ‪ ،‬وهناك الإمارات العرب ّية‬ ‫املتّحدة‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف “ليوبوف �شيان ـ مدير الت�سويق بفندق �أيرو�ستار ـ‬ ‫�أنّ الز ّوار امل�سلمني كانوا يت�ساءلون با�ستمرار عن وجود قاعة‬ ‫لل�صالة منف�صلة �أو قائمة خا�صّ ة بالأطعمة احلالل ‪ ،‬لذا‬ ‫مرحب‬ ‫�أردنا �أن نو ّفر لهم هذه املزايا التي �ست�شعرهم ب�أ ّنهم ّ‬ ‫تغيات ملزمة‬ ‫بهم م�شريا �إىل �أنّ الفندق ا�ضط ّر لإج��راء رّ‬ ‫و التع ّر�ض لإج��راءات �صارمة من قبل الهيئات الإ�سالم ّية‬ ‫الرو�س ّية قبل املوافقة الر�سم ّية على منح الفندق ترخي�صا‬ ‫بتقدمي خدمات حالل لز ّواره‪ ،‬و الآن توجد الفتة عليها كلمة‬ ‫(حالل) داخل جنمة خ�ضراء مع ّلقة على جدار ببهو الفندق‬ ‫وق��د ب��د�أ ا�ستثمار الفندق باخلدمة اجل��دي��دة ي�ؤتي ثماره‬ ‫بالفعل ‪.‬‬ ‫م��ن ج��ان��ب �أخ����ر �أو����ض���ح ف��و اف��ن��ي��ل امل��دي��ـ��ـ��ـ��ـ��ر التنفيذي‬ ‫لـمجــموعــة( �أت�ش �أم �أت�ش ل��وران) �أنّ��ه لي�س هناك �أدنى‬ ‫ّ‬ ‫�شك يف �أنّ ال�شرق الأو�سط واحد من �أ�سرع الأ�سواق من ّوا يف‬ ‫ال�سياحة والفنادق يف العامل ‪ ،‬م�ش ًريا �أ ّنه بحلول ‪� 2030‬سوف‬ ‫ي�ش ّكل امل�سلمون �أكرث من ربع �س ّكان العامل �إذ من املتو ّقع �أن‬ ‫ترتفع �أعدادهم من ‪ 1.6‬مليار خالل ‪� 2010‬إىل ‪ 2.2‬مليار‬ ‫بحلول ‪، 2030‬ومن املنتظر �أن ي�سعى ‪ %30‬من ه�ؤالء ال�س ّكان‬ ‫وراء االختيارات احلالل‪.‬‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪19‬‬


‫ملف العدد‬

‫اكتشف أسرار وحيل‬ ‫الفنادق وشركات الطيران‬ ‫ا�سالم احمد‬

‫وأنت تتح ّين للسفر خارج ّيا أو داخل ّيا ومن أجل‬ ‫نقدم‬ ‫ماديا وال تتك ّبد نفقات إضاف ّية ّ‬ ‫أن تستفيد ّ‬ ‫لك بعض األسرار والحيل التي تنطوي عليها‬ ‫بعض جوانب هذه المهنة‪...‬يكشفها لنا إيهاب‬ ‫وافي خبير السياحة والسفر ‪ ،‬وهي حيل وأسرار‬ ‫ال تريد منك جوانب هذه المهنة ‪ ،‬من فنادق‬ ‫وشركات طيران وغيرهما أن تعرفها‪...‬ومن أجل‬ ‫خدمتك واالستفادة منها ‪...‬نعرضها لك عبر‬ ‫السطور التالية‪:‬‬

‫‪20‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫أسرار تخفيها عنك شركات الطيران‬

‫ملف العدد‬

‫حجز احلجرة عرب الإنرتنت للح�صول على �سعر خم ّف�ض‪:‬‬ ‫�إذا كنت م�ستخدما ل�شبكة الإنرتنت لفرتة طويلة مبا فيه‬ ‫الكفاية �سوف جتد غرفة �أرخ�ص يف فندق �أو �ش ّقة مفرو�شة‬ ‫يف البلد الذي تنوي الذهاب �إليه ‪ ..‬فمن الأف�ضل �أن تت�ص ّفح‬ ‫مواقع الإن�ترن��ت للعثور على �أق�� ّل �سعر‪ ،‬وم��ن ث ّ��م االتّ�صال‬ ‫بالفندق مبا�شرة حلجز الغرفة – فهذا يعفيك من ا�ستخدام‬ ‫ط��رف و�سيط‪ ،‬بل وربمّ��ا حت�صل على �إمكانيات وخدمات‬ ‫�أف�ضل‪.‬‬ ‫ال تتّ�صل بالرقم الدويل للفندق و�إنمّ ا باملح ّلي‪:‬‬ ‫خطوط حجز احلجرات الوطن ّية �أو الدول ّية نادرا ما يكون‬ ‫لديها ال�سلطة لتقدمي �أ�سعار خم ّف�ضة‪ ،‬لذلك عند طلبك‬ ‫احلجز‪ّ ،‬‬ ‫تخط الرقم الدويل واذهب مبا�شرة �إىل رقم حم ّلي‬ ‫�أو داخلي يف الفندق‪ .‬من خالل بحثك على الإنرتنت ميكنك‬ ‫معرفة رقم مدير الفندق‪ ،‬وباالتّ�صال به ميكنك �أن تطلب‬ ‫منه �أو منها مبا�شرة تنفيذ نف�س الأ�سعار التي ر�أيتها قبل‬ ‫ذلك على الإنرتنت �أو �أ�سعار �أف�ضل منها‪.‬‬ ‫كيف ميكنك �إلغاء احلجز يف �آخر حلظة‪:‬‬ ‫يحب دفع ر�سوم �أو غرامة من �أجل �إلغاء حجز حجرته‬ ‫ال �أحد ّ‬ ‫بالفندق عندما تذهب خططك �أدراج الرياح‪ .‬ولكن ف ّكر‬ ‫وخ ّمن‪ :‬ماذا تفعل؟‬ ‫بب�ساطة ‪ ..‬قم باالتّ�صال بالفندق وقل لهم �إ ّنه ّمت ت�أجيل‬ ‫اجتماع عملك �إىل الأ�سبوع املقبل‪ ،‬و�أنّ��ك ترغب يف ترحيل‬ ‫حجز غرفتك �إىل ذلك التاريخ‪.‬‬ ‫الآن‪ ،‬عند اتّ�صالك بهم يف اليوم التايل (و�ساعتها �ستتح ّدث‬ ‫مع �شخ�ص �آخر)‪ ،‬ف�سوف يكون �إلغاء احلجز قبل املوعد بع ّدة‬ ‫�أ ّيام مق ّدما‪ ،‬ولي�س يف خالل ال‪� 24‬ساعة التي تك ّبدك ر�سوما‬ ‫�أو غرامة يف حالة �إلغاء احلجز‪.‬‬ ‫ينجيك من حيل الأالعيب‬ ‫‪ ‬احلجز مب ّكرا ّ‬ ‫ه��ذا ال�سر ال يو ّفر لك � ّأي �أم���وال‪ ،‬و�إنمّ���ا فقط يعفيك من‬ ‫مواجهة جمموعة كبرية من املتاعب‪ .‬فالفنادق تقوم بحجز‬ ‫�إ���ض��ايف �أو زائ��د على ع��دد الأم��اك��ن املتاحة للتعوي�ض عن‬ ‫احتماالت عدم احل�ضور و�إلغاء احلجز‪.‬‬ ‫هذه املغامرة تثمر مع الفندق‪ ،‬ولكن يف ك ّل م ّرة يكون هناك‬ ‫الكثري من النا�س والغرف لي�ست كافية‪ .‬و�ساعتها �سيتعينّ‬ ‫عليهم �أن يتح ّملوا تغطية تكاليف و�ضعك يف فندق �آخ��ر‪،‬‬ ‫ولك ّنهم ال يق ّدمون عادة � ّأي تعوي�ض عن �إزعاجهم لكم‪...‬‬ ‫لذلك‪ ،‬يجب عليك احلجز يف وقت مب ّكر‪ ،‬فهذا هو �أف�ضل‬ ‫و�سيلة ل�ضمان �أنّ عميال �آخر هو الذي �سينزل �إىل ال�شارع‪،‬‬ ‫ولي�س �أنت‪.‬‬

‫من الأرج��ح �أنّ��ك عانيت �أك�ثر من م�� ّرة من ارتفاع �سعر‬ ‫تذكرة رحلة الطائرة ‪� ،‬أو �أ ّنك تع ّر�ضت لت�أخري رحلتك ‪� ،‬أمام‬ ‫مثل هذه املواقف‪ ،‬ال ميكنك �إ ّال �أن تف ّكر‪ :‬ماذا تخ ّبئ هذه‬ ‫ال�شركات يل؟‬ ‫خبري ال�سفر والطريان خالد عاطف يقدّم لك �أبرز �أ�سرار‬ ‫ال تريد �شركات الطريان منك �أن تعرفها‪:‬‬ ‫الثالثاء والأربعاء وال�سبت هي �أ ّيام �أرخ�ص الأ�سعار للطريان‬ ‫لأنّ �شركات الطريان تنقل ر ّكابا من رجال الأعمال يف هذه‬ ‫الأ ّيام الثالثة بعدد �أق ّل من باقي �أ ّيام الأ�سبوع‪٫‬‬

‫ميكنك �إلغاء احلجز خالل ‪� 24‬ساعة من دون غرامة �أو ر�سوم‬

‫بالن�سبة ملعظم �شركات ال��ط�يران‪ ،‬ميكنك �إلغاء �أو تغيري‬ ‫التذكرة خالل مدّة ت�صل �إىل �سبعة �أ ّيام قبل التاريخ املجدول‬ ‫لل�سفر واحل�صول على كامل مبلغ التذكرة‪ .‬بل �إنّ بع�ض‬ ‫�شركات الطريان تكون �أكرث �سخاء يف �سيا�سات اال�سرتداد‬ ‫حيث ت�سمح لك بتغيري خططك حتّى قبل الإقالع‪.‬‬ ‫يف حالة ت���أخّ��ر الطائرة ميكنك ال��ن��زول �إذا كنت ترغب‪ ،‬ويف‬ ‫�ضيافة ال�شركة‪:‬‬

‫يف حالة ت� ّأخر الطائرة لفرتة طويلة ‪ ،‬ال ميكن ل�شركة طريان‬ ‫�أن تبقيكم على منت طائرة لأكرث من ثالث �ساعات (يف رحلة‬ ‫داخل ّية) �أو �أربع �ساعات (على رحلة دول ّية) دون �أن تتيح لك‬ ‫النزول �إذا كنت ترغب يف ذل��ك‪ .‬و ال�شركة ملزمة بتوفري‬ ‫الغذاء واملاء بعد �ساعتني من الت�أخري‪.‬‬ ‫تغي م�سار رحلتك‪ ،‬يدفعون لك الفرق‪:‬‬ ‫‪� ‬إذا رّ‬ ‫�إذا حدث ت� ّأخر وانتهى الأمر �إىل عدم الطريان مع الناقل‬ ‫الأ�صلي‪ ،‬و�إذا ترتّب على ذلك الطريان مع بديل �أو ناقل‬ ‫�آخر‪ ،‬ف�إ ّنه يجب على الناقل الأ�صلي تغطية جميع النفقات‬ ‫والر�سوم الإ�ضاف ّية لل�شركة اجلديدة القائمة بالنقل‪ .‬وحتّى‬ ‫�إذا مل يكن متاحا �سوى مقعد من الدرجة الأوىل‪ ،‬فهو لك‪،‬‬ ‫ولن يك ّلفك رياال �إ�ضاف ّيا‪ .‬قل ل�شركة الطريان الأ�صل ّية �أ ّال‬ ‫تفر�ض عليك � ّأي �شيء يتع ّلق برحلتك الثانية هذه‪ .‬يف حقيقة‬ ‫الأم��ر �إنّ��ك حت�صل على �أق�� ّل قدر ممكن من التعوي�ض عن‬ ‫االنزعاج الناجم عن تغيري اخلطط‪.‬‬ ‫التذاكر غري القابلة لال�سرتداد ميكن �أن ت�سرتد‬ ‫عندما تكون �شركة الطريان على خط�إ‪ ،‬ف�إ ّنها تكون مدينة‬ ‫لك مبال‪� .‬إذا ت� ّأخرت الرحلة كثريا‪� ،‬أو ّمت �إلغا�ؤها‪� ،‬أو �إذا‬ ‫حدث تغيري يف اجل��دول الزمني املع ّد �سلفا �أو حدث تغيري‬ ‫مل�سار الرحلة (مثل تغيري م�سار رحلة دون تو ّقف لتكون رحلة‬ ‫مع و�صالت ترانزيت) ميكنك احل�صول على كامل املبلغ على‬ ‫�أجرة غري قابلة لال�سرتداد‪ .‬ال تدعهم يجعلونك تدور حول‬ ‫نف�سك‪.‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪21‬‬


‫ملف العدد‬

‫حافظ على حقوقك‬ ‫�إذا حدثت لك م�شكلة بالن�سبة ل ّأي �شيء �أثناء �إقامتك‪،‬‬ ‫ت�ص ّرف بهدوء‪ ،‬اذه��ب �إىل ّ‬ ‫موظف اال�ستقبال‪ ،‬ا�شرح له‬ ‫امل�شكلة واطلب �أن يح ّلها‪.‬‬ ‫مهتم بح ّل امل�شكلة‪ ،‬اطلب‬ ‫�إذا بدا �أنّ موظف اال�ستقبال غري ّ‬ ‫منه (واكتب �أي�ضا) ا�سمه �أو ا�سمها‪ ،‬وا�سم املدير‪.‬‬ ‫ال يوجد �شيء يثمر مثل لفتة حتذير ب�سيطة تقول «�أنا �س�أق ّدمكم‬ ‫للم�ساءلة «‪ ،‬وبذلك جتعله يت�ص ّرف بال�شكل املنا�سب‪.‬‬ ‫�أبلغهم مبوعد مب ّكر لو�صولك‬ ‫لقد قمت باالتّ�صال وحجزت مق ّدما غرفة هم يعرفون �أ ّنها‬

‫�سوف تكون �شاغرة يف الليلة التي ت�سبق و�صولك‪.‬‬ ‫على افرتا�ض �أنّ الفندق به ن�سبة �إ�شغال �شبه كاملة تزيد‬ ‫يتم �إعطاء هذه الغرف ملن ي�أتي �أ ّوال‪ ،‬فيخدم �أ ّوال‪.‬‬ ‫على ‪ّ ، ٪80‬‬ ‫�أو �إذا كان لديك رحلة مب ّكرة مبا فيه الكفاية‪ ،‬قم باالتّ�صال‬ ‫بالفندق (مبا�شرة‪ ،‬م ّرة �أخرى) مثال عند ال�ساعة ال‪07:00‬‬ ‫�صباحا وقل لهم �إ ّنك على و�شك الو�صول يف غ�ضون �ساعة من‬ ‫الآن ‪ ،‬ومن ّثم ترغب يف «الت�سجيل امل�سبق»‪ .‬الت�سجيل امل�سبق‬ ‫هو كلمة الفندق –الط ّنانة‪ -‬و�سوف جتعل ّ‬ ‫ي�سجلون‬ ‫املوظفني ّ‬ ‫احلجز ب�سرعة قبل �إنهاء �إجراءات الو�صول‪.‬‬ ‫وعند و�صولك �إىل الفندق عند ال�ساعة‪ 13:00‬مثال يف �ساعة‬ ‫ال��ذروة بالن�سبة حلجز حجرات الفندق‪ ،‬لن تكون م�ضط ّرا‬

‫احذر احتيــــ‬ ‫ه��ذه ثالثة �أمثلة من حيل الغ�شّ واالحتيال التي يقوم‬ ‫بها حمرتفون م�ستغ ّلني �إقامتكم يف الفندق‪..‬نعر�ضها عرب‬ ‫هذه ال�سطور لتكونوا على ب ّينة منها ولنقطع الطريق على‬ ‫مرتكبها‪.‬‬ ‫ينظر العديد من امل�سافرين �إىل غرف الفنادق التي يقيمون‬ ‫بها على �أ ّنها مكان �آمن �أثناء زيارتهم ملدينة جديدة عليهم‪.‬‬ ‫يف غرفتهم بالفندق‪ ،‬هم مع ّر�ضون لل�صخب وال�ضجيج‪،‬‬ ‫ويتاح لهم الراحة واال�سرتخاء بعد يوم من املغامرة‪ .‬ولكن‬ ‫حتّى �أك�ثر امل�سافرين حول العامل ذك��اء وده��اء ال يدركون‬ ‫خماطر االحتيال املتط ّورة التي تبد�أ من داخل غرفة الفندق‪.‬‬ ‫وحتّى عندما نف ّكر يف �أ ّننا الأكرث �أمانا‪ ،‬يوجد خطر يرت ّب�ص‬ ‫دائما هو قاب قو�سني �أو �أدنى م ّنا‪.‬‬ ‫ولأنّ��ه كثريا ما يبدو امل�سافرون هدفا �سهال‪ ،‬لذا يبحث‬ ‫حمرتفو االحتيال والغ�شّ دائما عن طريقة �سهلة ل�سلب جزء‬ ‫من مال امل�سافر‪.‬‬ ‫وهنا ثالث حيل يف الفندق حتتاج �إىل االنتباه واحلذر‬ ‫منها ‪:‬‬ ‫قائمة طعام وهم ّية لل�سرقة‬ ‫من ال�شائع وغري النادر �أن جتد ع��ددا من قوائم الطعام‬ ‫يف غرفة الفندق خليارات لتناول �أنواع الطعام املح ّلية‪ .‬كم‬ ‫عدد امل ّرات التي كنت ت�أتي �إىل الغرفة اخلا�صّ ة بك فتعرث‬ ‫على قائمة للطعام ّمت �إدخالها من حتت الباب؟ ويف حني �أنّ‬

‫‪22‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫القائمة تبدو حقيق ّية‪ ،‬قد يكون املطعم �صاحب هذه القائمة ال‬ ‫وجود له على الإطالق‪.‬‬ ‫يتم االحتيال‪ :‬حمرتف �أو ف ّنان االحتيال يع ّد ويطبع القائمة‬ ‫كيف ّ‬ ‫يتم دفعها حتت �أبواب غرف الفنادق‪..‬داعني‬ ‫التي تبدو واقع ّية‪ّ .‬‬ ‫�ضيوف الفندق لطلب اختياراتهم من القائمة يف نهاية اليوم‪ .‬ما‬ ‫ال يعرفه ال�ضيوف هو �أنّ هذا املطعم ال وجود له‪ .‬وعندما يحدّد‬ ‫ال�ضيف طلبه‪� ،‬سيطلب منه لدفع ثمن ذلك من خالل بطاقة‬ ‫االئتمان‪.‬‬ ‫الطعام ال ي�أتي �أبدا‪ ،‬و حمرتف االحتيال يفلت مبعلومات بطاقة‬ ‫ائتمان ال�ضيف‪.‬‬ ‫قبل �أن تق ّرر �أن تطلب �شيئا‪ ،‬ت�أ ّكد من �أنّ املطعم املق�صود‬ ‫موجود بالفعل‪ .‬قم ببحث ب�سيط يف الإنرتنت عن املطاعم يف‬ ‫منطقة الفندق فتجد الكثري من اخليارات لتناول الطعام‪.‬‬ ‫و�إذا كان لديك � ّأي ّ‬ ‫�شك‪ ،‬ا�س�أل مكتب اال�ستقبال ع ّما �إذا كان‬ ‫هناك � ّأي مطعم ينقل الطعام دليفري �إىل الفندق‪.‬‬ ‫مكاملة وهم ّية من مكتب اال�ستقبال‪:‬‬ ‫العديد من الفنادق ذات اجلودة العالية ّمت تدريبها لإجراء‬ ‫مكاملة هاتف ّية �إىل غرفتك بعد ‪ 15‬دقيقة من و�صولك �إىل غرفتك‪،‬‬ ‫فقط للت�أ ّكد من �أنّ الغرفة على ما يرام‪.‬‬ ‫ولكن هل ح�صل �أن تل ّقيت مكاملة من مكتب اال�ستقبال تخ�صّ‬


‫ملف العدد‬

‫ملحاربة � ّأي �شخ�ص من �أجل غرفة لأ ّنهم حجزوا لك هذه‬ ‫الغرفة يف وقت �سابق قبل �ساعات‪.‬‬ ‫كن «م�ألوفا» لديهم ‪ ..‬تفتح لك الأبواب‪:‬‬ ‫�إذا كنت ت�سافر �إىل مدينة بعينها بانتظام للأعمال‬ ‫اهتم ب���أن تقيم يف الفندق نف�سه يف ك�� ّل رحلة‪.‬‬ ‫التجار ّية‪ّ ،‬‬ ‫�سوف يعلم العاملون معامل وجهك‪ ،‬ويعرفون ا�سمك و�أ�سلوبك‬ ‫املرجح �أن يعود عليك‬ ‫اللطيف يف التعامل معهم ‪ .‬ك ّل هذا من ّ‬ ‫بالإقامة يف غرف �أجمل وت�سهيالت ومزايا جمان ّية �أي�ضا‪.‬‬

‫ـــال الفنادق‬ ‫مو�ضوعا �آخر؟‬ ‫رغم �أ ّنه �أ�صبح �أق ّل �شيوعا‪� ،‬إ ّال �أنّ مكاملة من �أجل االحتيال قد‬ ‫ت�صل �إليك من�سوبة �إىل مكتب اال�ستقبال‪.‬‬ ‫تبد�أ اللعبة عندما حت�صل على مكاملة على هاتف غرفتك من‬ ‫�شخ�ص ي�� ّدع��ي �أنّ���ه م��ن مكتب ا�ستقبال فندقك‪ .‬يف كثري من‬ ‫الأحيان‪� ،‬سوف يدّعي �أ ّنه ّمت رف�ض طلب بطاقة االئتمان اخلا�صّ ة‬ ‫بك‪ ،‬و�أ ّنهم يف حاجة �إىل �إعادة التح ّقق من رقم بطاقة االئتمان‬ ‫اخلا�صّ ة بك‪.‬‬ ‫ويبلغك �أنّ��ه كنوع من ال�سهولة‪ ،‬هم �سعداء ال�ستقبال معلومات‬ ‫بطاقة االئتمان اخلا�صّ ة بك عرب الهاتف‪ ،‬بحيث ميكنك العودة‬ ‫ملوا�صلة عطلتك بال �إزعاج‪.‬‬ ‫من امل�ؤ ّكد‪� ،‬أنّ � ّأي ع�ضو حقيقي من طاقم ّ‬ ‫موظفي الفندق اخلا�صّ‬ ‫بك لن يطلب احل�صول على معلومات بطاقة االئتمان اخلا�صّ ة‬ ‫بك عرب الهاتف‪.‬‬ ‫يف حالة تل ّقيك مكاملة هاتف ّية حول م�شكلة تتع ّلق ببطاقة االئتمان‬ ‫اخلا�صّ ة بك‪ ،‬ال تعط الطرف املتّ�صل � ّأي معلومات‪ .‬بدال من ذلك‪،‬‬ ‫اعر�ض دائما �أن تنزل �إىل مكتب اال�ستقبال لرتتيب هذا الأمر‪.‬‬ ‫�إذا �أ�ص ّر املتّ�صل على �أ ّنه يجب االهتمام بالأمر على الفور‪ ،‬قم‬ ‫بتعليق �س ّماعة الهاتف بب�ساطة‪� ،‬أو اتّ�صل هاتف ّيا �أو اذهب �سريا‬ ‫على الأقدام �إىل مكتب ا�ستقبال الفندق لتح ّري الأمر‪.‬‬

‫و�صالت واي فاي «املجان ّية»‪:‬‬ ‫ث ّمة م�شكلة �آخ��ذة يف االزدي���اد‪ ،‬تتم ّثل يف «احتيال واي‬ ‫ف��اي‪ ..‬وهي عمل ّية احتيال من نوع جديد ي�ستهدفكم من‬ ‫خالل وعد بخدمة الإنرتنت املجان ّية‪.‬‬ ‫خدمة الإنرتنت املجان ّية ال�شائعة يف الفنادق وغريها من‬ ‫ّ‬ ‫وحمطات احلافالت‪ ،‬هي‬ ‫الأماكن العا ّمة‪ ،‬مثل املقاهي‬ ‫يتم عن طريق �إن�شاء و�صلة «‬ ‫جمال االحتيال اجلديد الذي ّ‬ ‫واي فاي جمان ّية» �أو كما ي�س ّمونها نقطة �ساخنة ‪ -‬عادة ا�سم‬ ‫على م�س ّمى للح�صول على اهتمامكم‪ .‬ورغم �أنّ االتّ�صال‬ ‫ب�شبكة االنرتنت �سيكون جمانا‪� ،‬إ ّال �أ ّنه ميكن توجيهه من‬ ‫خالل عدّة نقاط‪ ،‬مبا يف ذلك كمبيوتر حمرتف االحتيال‬ ‫من خالل تل ّقيه البيانات اخلا�صّ ة بك‪ .‬لأ ّنه ي�ستقبل جميع‬ ‫البيانات التي تر�سلها من خالل �إ�شارة واي فاي ‪ -‬مبا يف‬ ‫ذلك املواقع و�أ�سماء امل�ستخدمني وكلمات ال�س ّر امل�ستخدمة‬ ‫�أثناء جل�سة العمل اخلا�صّ ة بك‪.‬‬ ‫قبل التو�صيل بال�شبكة‪ ،‬ت�أ ّكد من �أنّ��ه عبارة عن �شبكة‬ ‫م�شروعة‪ .‬العديد من ال�شبكات تكون �آمنة‪ ،‬وتتط ّلب �أن يكون‬ ‫لديك كلمة ال�س ّر للو�صول‪� .‬سوف جتد �شبكات �آمنة �أخرى‬ ‫وعادة ما يكون ا�سم الفندق يف مع ّرف ال�شبكة‪ ،‬و�سوف تعلن‬ ‫مما ال ّ‬ ‫�شك فيه �أن‬ ‫�شبكة واي فاي عن امل��وا ّد املطبوعة‪ّ .‬‬ ‫ت�س�أل عن ال�شبكة املف�ضّ لة يف الفندق اخلا�صّ بك‪ ،‬وكيف‬ ‫ميكن الو�صول �إليها‪.‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪23‬‬


‫ملف العدد‬

‫كيف تسافر دون أن‬ ‫تكسر ميزانيتك‬ ‫دانه �أبوحمدان‬

‫تتط ّلع أغلب العائالت لقضاء إجازة ممتعة‬ ‫فتسعى إلى السفر داخل ّيا أو خارج ّيا‪ ،‬وال‬ ‫خاصة للعائالت‬ ‫أن السفر مكلف‬ ‫يخفى ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكبيرة‪ ،‬وك ّلما بعدت المسافة ازدادت‬ ‫ّ‬ ‫ولعل خير طريقة إلدارة هذه الكلفة‬ ‫الكلفة‪.‬‬ ‫تبدأ بتوفير المال منذ بداية السنة للرحلة‬ ‫نقدم لكم هذه النصائح في‬ ‫المرغوبة ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫المحاور الرئيس ّية المتع ّلقة بالسفر‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫تختلف �أ���س��ع��ار ال��ت��ذاك��ر باختالف‬ ‫املوا�سم والأ ّيام وتكون �أرخ�ص يف فرتة‬ ‫اخلريف والربيع‪ ،‬و�أحيانا تكون �أيّ��ام‬ ‫الأ�سبوع �أرخ�����ص من نهاية الأ�سبوع‪،‬‬ ‫حاول جت ّنب �أوقات الذروة عند ال�سفر‬ ‫وحت ّقق من �أ�سعار التذاكر على ع ّدة �أيام‪.‬‬ ‫�إذا كانت رحلتك طويلة �إىل ماليزيا �أو �أندوني�سيا مث ًال ف�إنّ‬ ‫اختيار رحالت غري مبا�شرة �أو انتقاء خطوط طريان غري‬ ‫حم ّلية قد يو ّفر عليك بع�ض املال‪.‬‬ ‫رحالت الذهاب والعودة قد تكون مماثلة يف ال�سعر لرحالت‬ ‫االتجّ اه الواحد �أو �أرخ�ص �أحيانا‪ ،‬ميكنك حجز رحلة ذهاب‬ ‫وعودة وعدم ا�ستخدام العودة �إن مل حتتجها‪.‬‬ ‫�أحيانا ميكنك احل�صول على خ�صومات وعرو�ض خمتلفة‬ ‫عن طريق مواقع الإنرتنت �أو من خالل �شراء برنامج معينّ‬ ‫قد ي�شمل الإقامة يف فندق �إن كنت حتتاجها‪.‬‬ ‫�إذا كنت تنوي التن ّقل ج�� ّوا ب�ين ع�� ّدة دول �أو م��دن عند‬

‫ّ‬ ‫صحتك في السفر‬ ‫زر طبيب العائلة قبل ال�سفر بع ّدة �أ�سابيع لعمل فح�ص‬ ‫�شامل‪� ،‬أعلمه بوقت �سفرك ووجهتك‪ ،‬فبع�ض الوجهات‬ ‫قد تقت�ضي تناول بع�ض «التطعيمات» �أواللقاحات قبل‬ ‫ال�سفر وهذا ي�شمل الأطفال �أي�ضا‪.‬‬ ‫�إذا كنت �أو �أحد �أفراد عائلتك تعاين من � ّأي ح�سا�سية‬ ‫غ��ذائ��يّ��ة‪�،‬أو �أم��را���ض مزمنة‪ ،‬كارتفاع �ضغط ال��دم �أو‬ ‫ال�س ّكري فاحر�ص على �أن حتمل معك ما حتتاجه من‬ ‫�أدوية تكفيك طوال م ّدة �سفرك‪ ،‬واحمل معك تقريرا‬ ‫ط ّبيا خمت�صرا يف ح��ال احتجت �إىل مراجعة طبيب‬ ‫�أثناء �سفرك‪.‬‬ ‫احمل معك حقيبة �إ�سعافات �أ ّول��ي��ة ت�شتمل على ما‬ ‫يلي بعد ا�ست�شارة الطبيب‪ :‬الأدوية التي تتناولها داخل‬ ‫مغ ّلفاتها الأ�صل ّية‪ ،‬دواء لعالج الأمل وال�صداع كالبنادول‬ ‫�أو الإ�سربين‪ ،‬مرهم م�ضا ّد حيوي‪ ،‬واق من ال�شم�س‪،‬‬ ‫ميزان لقيا�س احلرارة‪ ،‬مق�صّ �أظافر‪ّ ،‬‬ ‫بخاخ �أو مرهم‬ ‫طارد للح�شرات‪ ،‬مط ّهر ول�صقات للجروح‪.‬‬ ‫اجللو�س لفرتات طويلة �أث��ن��اء ال�سفر قد يع ّر�ضك‬ ‫�صحية كتج ّلط الدم‪ ،‬وللوقاية عليك بتحريك‬ ‫ملخاطر ّ‬

‫ملف العدد‬

‫تذاكر السفر‪:‬‬

‫الو�صول �إىل وجهتك فتح ّقق من �أ�سعار الطريان الداخلي‬ ‫�أو املح ّلي لهذه املدن �أو الدول فهي غالبا �أرخ�ص �سعرا من‬ ‫ا�ستخدام خطوط الطريان التي �أتيت عربها‪.‬‬ ‫ال تكتف باحل�صول على �أ�سعار التذاكر من مكتب �سياحي‬ ‫واحد‪ ،‬فبع�ض املكاتب تقوم بتح�صيل ر�سوم حجز بينما بع�ض‬ ‫املكاتب ميكن �أن تق ّدم لك بع�ض اخل�صومات‪ ،‬حت ّقق من‬ ‫�أ�سعار التذاكر من ع ّدة مكاتب ومن خالل �شركات طريان‬ ‫خمتلفة‪.‬‬ ‫غالبا التذاكر الأرخ�ص �سعر ًا ال ميكن �إرجاعها وحت ّمل‬ ‫غ��رام��ة عند تغيري وق��ت �أو ي��وم ال�سفر‪ ،‬ا���س���أل ع��ن هذه‬ ‫التفا�صيل قبل احلجز‪.‬‬ ‫ت�أ ّكد من التزامك بعدد الأمتعة والوزن امل�سموح به حتّى ال‬ ‫جترب على دفع ر�سوم زائدة‪.‬‬ ‫اإلقامة‪:‬‬

‫الغرف املزدوجة غالبا �أرخ�ص من‬ ‫الغرف املفردة‪ ،‬حتّى �إن كنت وحدك‬

‫�أقدامك بني فرتة و�أخرى وامل�شي لفرتات ق�صرية‪.‬‬ ‫احر�ص على غ�سل يديك دائما قبل الأك��ل وبعده‪،‬‬ ‫و�أبق يديك بعيدا عن وجهك‪ ،‬وانتبه �أ ّال ي�ضع �أطفالك‬ ‫ال�صغار �أيديهم يف �أفواههم‪.‬‬ ‫ت�أ ّكد من نظافة املكان الذي �ست�سكنه‪ ،‬تف ّقد الأ�س ّرة‬ ‫وال�ستائر واخلزائن قبل �أن تفرغ حمتويات حقائبك‪.‬‬ ‫احر�ص على تناول ك ّميات كافية من ال�سوائل وخا�صّ ة‬ ‫ال�صح ّية‪ ،‬وال تطلب الثلج مع‬ ‫املاء‪ ،‬وتناول مياه القوارير‬ ‫ّ‬ ‫م�شروباتك فن�سبة تل ّوثه عالية‪.‬‬ ‫ال ت�أكل من الباعة املتج ّولني‪ ،‬والأف�ضل تناول الطعام‬ ‫ال�ساخن املع ّد يف �آن��ه‪ ،‬وال ت�أكل الطعام غري املطه ّو‬ ‫لدرجة الن�ضج الكاملة‪ ،‬وجت ّنب احلليب غري املب�سرت‪.‬‬ ‫�صحتك‪،‬‬ ‫ت��ن��اول وج��ب��ات م��ت��وازن��ة لتحافظ ع��ل��ى ّ‬ ‫وجت ّنب امل�أكوالت عالية ال�سعرات احلرار ّية �أو الغن ّية‬ ‫بال�س ّكريات‪ ،‬تذ ّكر الفواكه �سهلة التناول واملفيدة‪.‬‬ ‫جت ّنب ال�سباحة يف البحريات وجماري الأنهار ‪.‬‬ ‫اتّبع معايري ال�سالمة‪ ،‬ارب��ط ح��زام الأم���ان‪ ،‬الب�س‬ ‫خ��وذة عند رك��وب د ّراج���ة‪ ،‬ال تتج ّول وح��دك ليال يف‬ ‫مناطق غري م�أهولة‪.‬‬ ‫ال حتاول �أن حت ّمل ج�سدك فوق ما يحتمل‪ ،‬ا�ستمتع‬ ‫وا�سرتح وا�شرب املاء ونل ق�سطا كافيا من النوم‪.‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪25‬‬


‫ملف العدد‬

‫ميكنك حجز الغرفة املزدوجة‪� .‬إذا كنت ت�سافر مع �أطفال‬ ‫دون ال�ساد�سة فغالبا ميكنك طلب �سرير �أطفال دون دفع مبلغ‬ ‫�إ�ضايف‪.‬‬ ‫ك ّلما ق ّل عدد الغرف املحجوزة ق ّلت تكلفتك‪ ،‬ميكنك حجز‬ ‫غ��رف ثالث ّية �أو رباع ّية �أو حجز جناح يحوي غرفتي نوم‬ ‫و�صالة و�أحيانا ميكن حتويل (ال�صوفا) �إىل �سرير‪.‬‬ ‫جت ّنب الغرف املط ّلة على البحر �أو مركز املدينة لأ ّنها غالبا‬ ‫�أكرث كلفة �أو �أكرث �إزعاجا‪ ،‬وانتبه �إىل فرق ال�سعر يف حالة‬ ‫كانت وجبة الإفطار �أو وجبات �أخ��رى م�شمولة �ضمن �سعر‬ ‫الإقامة‪.‬‬ ‫ال ت�ص ّر على التعامل مع فنادق اخلم�س جنوم فقط‪ ،‬فرغم‬ ‫جودتها �إ ّال �أنّ التكلفة عالية ج ّدا‪ ،‬هناك فنادق ذات �أربع �أو‬ ‫ثالث جنوم وغرفها يف حالة ج ّيدة ج ّدا ونظيفة‪ ،‬وللت�أ ّكد من‬ ‫�أ ّنك حت�صل على اجلودة التي تريد اقر�أ تعليقات امل�سافرين‬ ‫والتغذية الراجعة للمقيمني ال�سابقني على مواقع الإنرتنت‬ ‫املتع ّلقة باحلجوزات وال�سياحة‪.‬‬ ‫الفنادق يف مركز املدينة وامل��دن الرئي�س ّية والقريبة من‬ ‫املعامل ال�سياح ّية �أغلى من الفنادق الأخ��رى املحيطة‪� .‬إذا‬ ‫كنت ال متانع التن ّقل �أو لديك �س ّيارة فالإقامة يف املناطق‬ ‫املحيطة خيار �أف�ضل‪.‬‬ ‫بع�ض املدن حتوي �شققا فندق ّية �أو �شققا مفرو�شة للإيجار‪،‬‬ ‫وهذا هو اخليار الأمثل �إن كنت تنوي الإقامة مل ّدة تزيد عن‬

‫‪19‬نصيحة‬

‫لرحلة ممتعة ومريحة‬ ‫اكتب قائمة بالأ�شياء التي حتتاجها وو�ضّ ب �أمتعتك قبل‬ ‫يوم �أو يومني من موعد رحلتك‪ ،‬وت�أ ّكد �أ ّنك �أخذت ك ّل ما‬ ‫هو على القائمة‪.‬‬ ‫ال تن�س ال�شاحن اخلا�صّ بالكامريا وهاتفك الن ّقال‪.‬‬ ‫كي‪ ،‬ويف�ضّ ل �أن تكون‬ ‫خذ معك مالب�س ال حتتاج �إىل ّ‬ ‫ذات �أل��وان داكنة حتّى ال تظهر البقع عليها‪ ،‬وحاول �أن‬ ‫تكون جميع املالب�س متنا�سقة حتّى ال ت�ضيع وقتك باحثا‬ ‫ع ّما ميكن ارتدا�ؤه‪.‬‬ ‫خ��ذ معك مالب�س و�أح��ذي��ة مريحة خا�صّ ة �إذا كنت‬ ‫�ستق�ضي معظم وقتك ما�شيا على الأق��دام‪ ،‬وت�أ ّكد عند‬ ‫�شرائك مالب�س جديدة لل�سفر �أنّ مقا�سها منا�سب ومريح‪.‬‬ ‫مما ن�أخذ ال‬ ‫ال حتمل معك الكثري من الأمتعة‪ ،‬فالكثري ّ‬

‫‪26‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫الأ�سبوع‪ ،‬وباعتبار �أنّ هذه ال�شقق �ستحوي مطبخا فهذا قد‬ ‫يق ّلل من كلفة الطعام لأ ّنك �ست�ستطيع �إعداد طعامك بنف�سك‪.‬‬ ‫التنقّ ل‪:‬‬

‫�إذا كنت مقتدرا ا�ست�أجر �س ّيارة‬ ‫�سياح ّية و ُقدها خا�صّ ة �إذا كان معك‬ ‫�أط��ف��ال‪ ،‬ه��ذا �سي�س ّهل عليك التن ّقل‬ ‫دون االل��ت��زام مب��واع��ي��د امل��وا���ص�لات‬ ‫العا ّمة �أو البحث عن �س ّيارة �أج��رة‪،‬‬ ‫مي��ك��ن��ك ا���س��ت��خ��دام �أج���ه���زة حتديد‬ ‫املواقع لتد ّلك على الطريق �إىل الأماكن التي تو ّد زيارتها‪.‬‬ ‫�إذا ا�ست�أجرت �س ّيارة �سياح ّية فاخرت احلجم الذي ينا�سب‬ ‫احتياجاتك‪ ،‬ك ّلما كرب حجم ال�س ّيارة ازدادت �أجرتها وازداد‬ ‫احتياجها �إىل الوقود‪.‬‬ ‫ا�شرت خريطة وح ّدد املواقع التي تريد زيارتها‪ ،‬مت�شّ �إىل‬ ‫القريب منها وا�ستخدم املوا�صالت العا ّمة ملا هو �أبعد‪ .‬ا�س�أل‬ ‫العاملني يف الفندق �أو ال�س ّكان املح ّليني عن �أف�ضل الطرق‬ ‫و�أرخ�صها للو�صول �إىل وجهتك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نظم تن ّقالتك بد ّقة حتّى ال ت�ض ّيع وقتك ومالك‪ ،‬زر الأماكن‬ ‫القريبة من بع�ضها يف نف�س اليوم‪ ،‬ح�� ّدد ن��وع املوا�صالت‬ ‫املطلوبة وما �إذا كان بالإمكان التن ّقل م�شيا ما بني الوجهات‬

‫ن�ستعمله‪ ،‬ك ّلما كانت �أمتعتك �أق ّل �سهلت حركتك‪.‬‬ ‫ما خاب من ا�ست�شار‪ ،‬ا�س�أل املح ّليني من ّ‬ ‫موظفي الفندق �أو‬ ‫الباعة �أو العاملني يف املتاحف‪ ،‬فهم �أدرى ببالدهم وب�أح�سن‬ ‫ما فيها من مناطق �أو مطاعم ميكن ارتيادها‪.‬‬ ‫ال حتمل ك�� ّل ما متلك من نقود يف جيب واح��د �أو حقيبة‬ ‫واحدة‪ ،‬ميكنك ا�ستخدام اخلزانة املتو ّفرة يف غرفة الفندق‬ ‫�أو يف �إدارة الفندق حلفظ ممتلكاتك ونقودك‪،‬ويف�ضّ ل �أن‬ ‫ترتك جواز �سفرك �أي�ضا‪ ،‬واحمل �صورة منه‪.‬‬ ‫ال تعتمد فقط على بطاقات االئتمان‪ ،‬وتذ ّكر �أنّ هناك‬ ‫ر�سوما مرتتّبة على ا�ستخدامها خارج بلدك‪ ،‬كما �أنّ العديد‬ ‫من املطاعم �أو املح ّالت التجار ّية قد ال تقبل الدفع عن طريق‬ ‫البطاقات‪.‬‬ ‫�سجل دائ��م��ا ا�سمك وعنوانك على جميع حقائبك من‬ ‫ّ‬ ‫اخلارج والداخل‪.‬‬ ‫�إذا كنت �ست�سافر �إىل بلد ال تعرف لغته فحاول �أن تتع ّلم‬ ‫بع�ض اجلمل الرئي�س ّية‪ ،‬مثل‪“ :‬كيف �أ�صل �إىل‪� ،..‬شكرا‪،‬‬


‫الطعام‪:‬‬

‫�إذا مل تكن وجبات الطعام م�شمولة‬ ‫�ضمن �سعر الإق��ام��ة يف الفندق فال‬ ‫تطلب ط��ع��ام��ك م��ن خ��دم��ة ال��غ��رف‬ ‫وحت��ا���ش ت��ن��اول ال��ط��ع��ام يف مطعم‬ ‫الفندق لأنّ الأ�سعار �ستكون �ضعف ما‬ ‫هي عليه خارج الفندق‪.‬‬ ‫بع�ض املطاعم تق ّدم عرو�ضا �أو خ�صومات يف فرتات مع ّينة‬ ‫من اليوم كفرتة الغداء‪ ،‬ا�س�أل عن هذه العرو�ض‪� ،‬أو زر موقع‬ ‫املطعم على �صفحة الإنرتنت للتع ّرف �إليها‪.‬‬ ‫�أحيانا تكون ح�ص�ص الطعام املق ّدمة ك��ب�يرة‪ ،‬فيمكن‬ ‫ل�شخ�صني اال���ش�تراك يف طبق واح��د �أو �أخ��ذ م��ا زاد عن‬ ‫احلاجة وتناوله يف امل�ساء‪.‬‬ ‫طلب امل�شروبات والع�صائر مع وجبة الطعام يزيد من‬ ‫كلفتها خا�صّ ة لعائلة تتك ّون من ع ّدة �أفراد‪ ،‬اكتف باملاء‪.‬‬ ‫رجاء‪� ،‬أين املطعم ؟‪ ،‬كم ثمن هذه ؟”‬ ‫هناك دائما احتمال ّية �أن تفقد �شيئا �أثناء �سفرك‪،‬‬ ‫لذلك تفقد �أ�شياءك دائما قبل مغادرتك � ّأي مكان‪،‬‬ ‫تف ّقد غرفة الفندق خا�صّ ة حتت ال�سرير ويف الأدراج‪.‬‬ ‫احمل معك دائما قارورة ماء‪ ،‬امل�شروبات الغاز ّية ال‬ ‫تروي ج�سدك‪.‬‬ ‫لتغيري العملة يف�ضّ ل �أن تفعل ذل��ك يف بلدك قبل‬ ‫�سفرك �أو زر حملاّ ت ال�صرافة يف البلد الذي تق�صده‬ ‫وال تفعل ذلك يف املطار �أو الفندق‪.‬‬ ‫حت�� ّل بال�صرب وا�ستمتع رغ��م م��ا ي��ك��ون‪ ،‬ق��د يكون‬ ‫عليك االنتظار يف طابور للح�صول على التذاكر �أو‬ ‫يتغي‬ ‫لدخول منطقة �سياح ّية‪ ،‬قد تت� ّأخر احلافلة �أو رّ‬ ‫جدول الرحلة‪� ،‬أو تفقد �شيئا من حاجياتك‪ ،‬فال تفقد‬ ‫�أع�صابك وتع ّكر مزاجك‪ ،‬لك ّل م�شكلة ح ّل ومازال هناك‬ ‫الكثري لت�ستمتع به‪.‬‬ ‫ب��كّ��ر تك�سب‪ ،‬ا�ستيقاظك م��ب��كّ��را مينحك فر�صة‬

‫ملف العدد‬

‫املق�صودة‪.‬‬ ‫ا�ستخدم القطار �أو احلافلة للتن ّقل بني امل��دن فالقطار‬ ‫�أرخ�����ص من الطائرة و�سيمنحك فر�صة التمتّع باملناظر‬ ‫الطبيع ّية املحيطة‪.‬‬ ‫�أحيانا ميكنك �شراء تذاكر للقطار �أو احلافلة ت�سمح لك‬ ‫با�ستخدامها طوال اليوم بكلفة منا�سبة �أرخ�ص من �شراء‬ ‫تذاكر منف�صلة‪.‬‬

‫ج ّهز وجبتك بنف�سك من خ�لال زي��ارت��ك ملركز الت�س ّوق‬ ‫(�سوبرماركت) و�شراء ما ي�سهل �إعداده كالوجبات �سريعة‬ ‫التح�ضري �أو ال�شطائر‪ .‬ا�شرت الفاكهة والع�صائر وما ميكن‬ ‫تناوله كوجبات خفيفة �أث��ن��اء تن ّقلك‪ ،‬ه��ذا �سيو ّفر الوقت‬ ‫واملال‪.‬‬ ‫التسوق‪:‬‬ ‫ّ‬

‫�إذا كنت تنوي �شراء الكثري من‬ ‫احلاجيات كاملالب�س والأحذية فال‬ ‫حتمل معك الكثري من الأمتعة‪� ،‬إنّ‬ ‫حقيبة زائدة ع ّما هو م�سموح به على‬ ‫خطوط الطريان قد يك ّلفك ما بني‬ ‫‪ 600-400‬ريال‪.‬‬ ‫جت ّنب �أ�سواق املناطق ال�سياح ّية وا�س�أل املح ّليني عن �أماكن‬ ‫الت�س ّوق اجل ّيدة‪� ،‬أو زر جم ّمعات الت�س ّوق‪.‬‬ ‫با�ستثناء �سال�سل حم ّالت العالمات التجار ّية ف�إنّ الأ�سعار‬ ‫قابلة للنقا�ش‪ ،‬لي�س دائما لكن غالب ًا‪ ،‬ح��اول التح ّدث �إىل‬ ‫البائع �إذا كنت تنوي �شراء ك ّمية كبرية فقد حت�صل على‬ ‫بع�ض اخل�صومات‪.‬‬ ‫هل هناك �سوق �أو حم ّل جتاري �ضمن الفندق الذي تقيم‬ ‫فيه ؟ ال ت�شرت منه‪ ،‬ف�أ�سعاره غالبا ما تفوق �أ�سعار ال�سوق‬ ‫التجاري‪.‬‬

‫اال�ستمتاع باملرافق ال�سياح ّية قبل ازدحامها‪ ،‬كما �أنّ‬ ‫ال�صباح فر�صة لال�ستمتاع بالطبيعة اخللاّ بة‪.‬واملحافظة‬ ‫على �صالة الفجر يف وقتها �سيجعلك تتمتّع بهذه امليزة‪،‬‬ ‫ف�ضال عن وجوب و�أجر �صالة الفجر الذي يفوق ما طلعت‬ ‫عليه �شم�س ‪..‬‬ ‫�سجل ما تريد فعله ورتّب �أولو ّياتك فقد ال يكون هناك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقت ملمار�سة كل الن�شاطات املتو ّفرة‪.‬‬ ‫ب�صحتك‪� ،‬آخر ما تتم ّناه �أ ّال متر�ض �أثناء �سفرك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اهتم ّ‬ ‫من ج ّيدا وكل ج ّيدا وتناول الكثري من املاء‪.‬‬ ‫�إذا كنت حت ّ��ب االح��ت��ف��اظ ب��ذك��ري��ات رحلتك ف��د ّون‬ ‫مالحظاتك عن ا�سم املكان‪� ،‬أو تفا�صيل الرحلة �أو ال�صور‬ ‫التي تلتقطها‪ ،‬فذاكرتك قد تخونك �أحيانا‪.‬‬ ‫ا�ستك�شف املناطق التي تزورها‪ ،‬وتوا�صل مع ال�س ّكان‬ ‫املح ّليني‪ ،‬تع ّرف �إىل عاداتهم وج ّرب طعامهم التقليدي‪.‬‬ ‫اجعل من �سفرك عبادة وت�أ ّمل �صنع اهلل وعظيم قدرته‪،‬‬ ‫وكن �سفريا لبلدك ودينك بح�سن خلقك وكرم تعامالتك‪.‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪27‬‬


‫ملف العدد‬

‫أشياء ال ينبغي أن تأخذها‬ ‫معك في اإلجازة‬ ‫�إ�سالم احمد‬

‫في استعدادك للقيام بإجازة أو رحلة‪ ،‬قد تشعر‬ ‫بالحاجة إلى التخطيط لما هو غير متو ّقع‪ ،‬ولكن‬ ‫الخاصة بك بمجموعة شتّى وغير‬ ‫ملء الحقيبة‬ ‫ّ‬ ‫مدروسة من البنود واألشياء يمكن أن يثقل‬ ‫المهمة عليك حقّ ا‪ .‬المفتاح أو كلمة الس ّر‬ ‫ّ‬ ‫الستعدادات الرحلة‪ :‬خذ معك األفيد واألسهل‬ ‫وليس األصعب ‪.‬‬ ‫فال يوجد شيء أسوأ من تفريغ الحقيبة بعد‬ ‫ثم تكتشف الحقا وبعد فوات‬ ‫رحلة طويلة‪ّ ،‬‬ ‫األوان أنّك لم تستخدم نصف العناصر التي‬ ‫حملتها معك في حقيبتك‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫‪ .1‬منتجات العناية بالشعر‪:‬‬

‫نحن نتفهّم رغبتك يف العناية ب�شعرك وت�صفيفه وزينته‬ ‫وحمايته؛ ولكن ب�صراحة‪� ،‬أن تع ّبئ حقيبتك بال�شامبو‬ ‫وال��ب��ل�����س��م‪ ،‬والبل�سم العميق وم�����ش��ط‪ ،‬وف��ر���ش��اة‪ ،‬وف��ر���ش��اة‬ ‫�أ�سطوان ّية ودهان ال�شعر ومث ّبتات ال�شعر‪ ،‬هو �أمر م�ستف ّز‬ ‫قليال‪.‬‬ ‫�إذا كنت تقيم يف فندق‪ ،‬ف�إ ّنه عادة ما يت ّم توفري ال�شامبو‬ ‫والبل�سم كمجاملة‪ .‬وبالت�أكيد‪ ،‬ف�إ ّنها قد ال جتعل �شعرك‬ ‫على نحو �سل�س ناعم كالعادة‪ ،‬ولك ّنها �سوف ت���ؤدّي امله ّمة‬ ‫بدرجة كبرية‪.‬‬ ‫‪ .2‬مجفّ ف الشعر‪:‬‬

‫وغني عن الذكر‬ ‫جم ّففات ال�شعر تلتهم الكثري من امل�ساحة‪ّ ،‬‬ ‫� ّأن معظم الفنادق بها جم ّففات ال�شعر ال�ستخدام النزالء‪.‬‬ ‫و�إذا مل يكن يف فندقك جم�� ّف��ف لل�شعر ل�سبب �أو لآخ��ر‪،‬‬ ‫ا�سمحي ل�شعرك ب���أن ّ‬ ‫يجف يف الهواء ‪ ...‬فبعد ك ّل �شيء‪،‬‬ ‫�أنت يف �إجازة‪.‬‬ ‫‪ .3‬ليس أكثر من زوجين من األحذية‪:‬‬

‫�أنت يف حاجة �إىل زوجني اثنني من الأحذية‪ ،‬كح ّد �أق�صى‪.‬‬ ‫ارت��دي واح��دا وخ��ذي الثاين يف حقيبتك‪ ،‬ويجب �أن يكون‬ ‫االختيار قائما على �أ�سا�س الأناقة والتن ّوع واملتانة‪.‬‬ ‫معدات الكاميرا‪:‬‬ ‫‪ .4‬ملحقات أو‬ ‫ّ‬

‫ما�سة �إىل ا�ستخدام ه��ذا «الإ�ستاند»‬ ‫هل �أن��ت يف حاجة ّ‬ ‫ثالثي القوائم لكي حت�شريه يف حقيبتك؟ ومل��اذا ت�أخذين‬ ‫معك «فال�ش» �إ�ضاف ّيا؟ وهل �أنت ح ّقا يف حاجة �إىل ثالث‬ ‫عد�سات خمتلفة؟‬ ‫ن��ع��م ال��ت��ق��اط ����ص���ورة رائ���ع���ة يف الإج�������ازة ت�����ض��ع��ي��ن��ه��ا يف‬ ‫«�إين�ستاجرام» �أمر مه ّم‪ ،‬ولكن ك ّل امللحقات الأخ��رى غري‬ ‫�ضرور ّية‪.‬‬ ‫‪ .5‬مالبس التدريب‪:‬‬

‫ن��ع��م‪ ،‬ن��ت��ف��هّ��م رغ��ب��ت��ك يف اال���س��ت��ي��ق��اظ و�أداء ال��ت��م��ري��ن��ات‬ ‫الريا�ض ّية �أث��ن��اء الإج����ازة‪ .‬نح ّييك على ذل��ك‪ .‬ولكن م��اذا‬ ‫بعد‪ ...‬لن حتتاجي �إىل ح�شر العديد من �أحذية اجلري‬ ‫يف حقيبتك‪ .‬العرق الوحيد الذي ميكن �أن حت�صلي عليه‬ ‫ميكن �أن يح�صل من اجللو�س بجانب بركة ال�سباحة ك ّل‬ ‫يوم‪ .‬اتركي مالب�س و�أحذية التدريب يف املنزل‪.‬‬

‫�إذا مل ي��و ّف��ر فندقك املنا�شف‪ ،‬ربمّ���ا يجب عليك �إع���ادة‬ ‫النظر يف البقاء هناك‪.‬‬

‫ملف العدد‬

‫كيف ميكنك �أن تعرف ما هي التعبئة اجلديرة باالهتمام‬ ‫وما يحدث يف نهاية املطاف لكيال تكون م�ضيعة للف�ضاء؟‬ ‫من �أجل هذا‪ ،‬نعر�ض لك عرب ال�سطور التالية عددا قليال‬ ‫م��ن الأ���ش��ي��اء التي ال حتتاج �أب���دا �إىل حزمها يف حقيبتك‬ ‫لت�صحبك يف �إجازتك ‪:‬‬

‫‪ .6‬منشفة‪:‬‬

‫‪ .7‬حزام المال‪:‬‬

‫دائما – وتقريبا ‪ -‬ما تكون �أحزمة املال من بني ما ت�شتمل‬ ‫عليه قوائم التعبئة يف حقيبة الإجازة‪.‬‬ ‫يقول �أحد امل�سافرين ‪ :‬من واقع قراءتي بع�ض املقاالت‪،‬‬ ‫اخلا�ص‬ ‫كنت �أعترب هذا البند �أ�سا�س ّيا للحفاظ على املال‬ ‫ّ‬ ‫بك ب�صورة �آمنة وم�أمونة عند ال�سفر‪ .‬قر�أت هذه املقاالت‬ ‫ب��اه��ت��م��ام وق����� ّررت �أن ي��ك��ون ح���زام امل���ال اجل��دي��د م��ن �أ ّول‬ ‫الأ�شياء التي �أحملها معي يف الإج���ازة وال�سفر‪ .‬يف اليوم‬ ‫الأ ّول من رحلتي‪� ،‬أخرجته بفخر من حقيبتي‪ ،‬وربطته‬ ‫حتت مالب�سي‪.‬‬ ‫ولكن بعد �أق�� ّل من �ساعة �شعرت بال�ضيق وامللل من حزام‬ ‫املال‪ .‬كان كبريا وغري مريح‪ ،‬وم�صنوعا من موا ّد تلت�صق‬ ‫بك عندما يكون اجل ّو حا ّرا يف اخلارج‪ .‬مل يكن منا�سبا ل�شكل‬ ‫ج�سدي‪ ،‬بل بدال من ذلك كان كثري االحتكاك بج�سدي‪.‬‬ ‫وج��دت � ّأن امل�شي �إىل متجر ودف��ع ثمن �شيء ينطوي على‬ ‫عمل ّية حمرجة حيث ب��دا الأم���ر وك���أ ّن��ن��ي �أف ّت�ش يف جميع‬ ‫الأنحاء يف مالب�سي الداخل ّية من �أجل �إخراج النقود‪.‬‬ ‫هناك ا�ستثناء حالة واحدة‪� :‬إذا كنت تريد ال�سفر �إىل مكان‬ ‫ّ‬ ‫ي�ستحق الأم��ر‬ ‫ي ّت�سم مب��ع��دّالت ج��رمي��ة مرتفعة‪ ،‬وقتها‬ ‫احل�صول على واحد من �أحزمة املال املو�صى بها ‪.‬‬ ‫المخصصة للسفر‪:‬‬ ‫‪ .8‬المالبس‬ ‫ّ‬

‫املخ�ص�صة للم�سافرين‪ ،‬مثل القم�صان التي هي من‬ ‫املالب�س ّ‬ ‫قبيل «ال�شريتات» غالية الثمن‪� ،‬أو ال�سراويل الف�ضفا�ضة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ت�ستحق ما تدفعه ثمنا لها‪ .‬ف�أكرب م�شكلة‬ ‫هي بب�ساطة ال‬ ‫مع مالب�س ال�سفر هذه هي �أ ّنها جتعلك تبدو مثل امل�سافر‬ ‫– ومن ث ّم‪ ،‬تكون هدفا ل ّل�صو�ص‪.‬‬ ‫املخ�ص�صة لل�سفر مكلفة‪ ،‬وقبيحة ال�شكل ويجعلك‬ ‫املالب�س ّ‬ ‫تربز وتبدو غريبا يف البلدان التي ت�سافر من خاللها‪� .‬إذا‬ ‫مل تكن ترتديها و�أنت عائد �إىل الوطن‪ ،‬ف�إ ّنك لن ت�ستمتع‬ ‫بارتدائها على الطريق يف الرحلة‪.‬‬ ‫‪ .9‬صيدل ّية من األدوية‪:‬‬

‫نحن جميعا نفعل ذل��ك‪ .‬نريد اال�ستعداد وال��ت���أهّ ��ب لك ّل‬ ‫حادث ميكن �أن يحدث ونحن يف الرحلة �أو على الطريق‪،‬‬ ‫نحزم حقيبة �إجازتنا الع�شرات من احلبوب املختلفة لك ّل‬ ‫مر�ض‪ .‬من حبوب الدوخة والدوار‪ ،‬و من البارا�سيتامول‪،‬و‬ ‫ايبوبروفني‪،‬وغريها ‪ ،‬و من امل�ضادّات احليو ّية و ال�ض ّمادات‬ ‫‪ ...‬والقائمة تطول‪.‬معظم هذه العقاقري قد ال حتتاجها‪.‬‬ ‫وك ّل دواء من هذه الأدوية ميكنك �شرا�ؤه يف ك ّل بلد تزوره‪.‬‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪29‬‬


‫ملف العدد‬

‫السفر مع‬ ‫األطــفــال‬ ‫ّ‬

‫كيف يظل طفلك‬ ‫سعيدا داخل ّ‬ ‫السيارة ؟‬ ‫�إ�سالم احمد‬

‫عند السفر بالس ّيارة قد يكون بعض اآلباء‬ ‫واألمهات محظوظين ‪ ..‬فبمج ّرد أن تتح ّرك‬ ‫ّ‬ ‫الس ّيارة وتخرج عن مشارف المدينة يذهب‬ ‫ولكن‬ ‫أطفالهم في نوم هانئ وأحالم سعيدة !‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫معظم العائالت تجد السفر بالس ّيارة يمثل‬ ‫تحمل ّ‬ ‫كل من الوالدين و األطفال‬ ‫اختبارا" لمدى ّ‬ ‫‪ .‬في الفترة من ‪ 6‬إلى ‪ 12‬شهرا" من عمر الطفل‬ ‫التقدم السريع في القدرات البدن ّية‬ ‫يحدث ذلك‬ ‫ّ‬ ‫ثم‬ ‫للطفل من التدحرج إلى الزحف فالحبو ّ‬ ‫التجول هنا و هناك بحيث يصبح من الصعب‬ ‫ّ‬ ‫جدا" أن يجد الطفل متعته وهو جالس ساكن‬ ‫ّ‬ ‫في العربة تتح ّرك به حيث سارت ‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫وقد تع ّلم الآباء الذين تع ّودوا قطع مئات الأميال مع ه�ؤالء‬ ‫" الر ّكاب " ال�صغار �أنّ احلفاظ على الطفل ال�صغري يف‬ ‫ر�ضا وارتياح �أثناء ال�سفر بالعربة يحتاج �إىل ع�� ّدة خطط‬ ‫وا�ستعدادات ‪-:‬‬ ‫‪ -1‬المغادرة قبل وقت النوم ‪:‬‬

‫�أ ّي ًا كانت امل�شاهد املتو ّقعة �أثناء الرحلة ف�إنّ ما يف�ضّ له معظم‬ ‫الأطفال ال�صغار هو �أن ي�سافروا مغم�ضي الأع�ين ! ‪ .‬تقول‬ ‫�إح��دى الأمّ��ه��ات حني ن�سافر �أيّ��ام العطل ف���إنّ طفلتي – ‪3‬‬ ‫�سنوات ‪ -‬تق�ضي معظم وقتها �إ ّما يف النوم �أو يف ال�صراخ �أو‬ ‫حماولة اخلروج من مقعدها املخ�صّ �ص يف ال�س ّيارة " ‪.‬‬ ‫ولذلك اع��ت��ادت �أ�سرتنا �أن نبد�أ ال�سفر قبيل وق��ت نومها‬ ‫مبا�شرة ‪.‬وقد جنح �آباء و �أ ّمهات كثريون يف ا�ستخدام هذا‬ ‫الأ�سلوب حيث �أنّ حركة ال�س ّيارة من املمكن �أن ت�ساعد الطفل‬ ‫�أن يظ ّل نائم ًا لفرتة معقولة ‪ .‬ف�إذا كانت الرحلة ق�صرية مل ّدة‬


‫‪ - 2‬تو ّقف قلي ً‬ ‫ال للتر ّيض ‪:‬‬

‫بالن�سبة للرحالت الطويلة على الآب��اء �أن يختاروا ‪� :‬إ ّما �أن‬ ‫يتو ّقفوا بع�ض ال�شيء يف الطريق وي�ضيفوا وقت ًا للرحلة لهذا‬ ‫الغر�ض ‪ ،‬و�إ ّما �أن ي�ستم ّروا يف طريقهم دون تو ّقف ويتح ّملوا‬ ‫مما ال ّ‬ ‫�شك فيه �أنّ التو ّقف �أثناء‬ ‫تنغي�ص �أطفالهم املتزايد ‪ّ .‬‬ ‫ً‬ ‫ال��رح�لات الطويلة يزيدها ط��وال ‪ .‬ولكن معظم الأط��ف��ال‬ ‫ال�صغار ال يتو ّقع منهم �أن يظ ّلوا جال�سني يف هدوء لأكرث من‬ ‫مما يحتاجه‬ ‫�ساعة ‪ .‬فهم يحتاجون �إىل فرتات تو ّقف �أكرث ّ‬ ‫الكبار‪ ،‬وذل��ك ليتم ّكنوا من احلركة واالنطالق من حب�س‬ ‫ال�س ّيارة واللعب والتجوال‪ .‬كما �أنّ التو ّقف �أثناء الطريق‬ ‫يعطي فر�صة لتغيري ح ّفاظات الطفل واحت�ضانه ومعانقته‪،‬‬ ‫وهذا ك ّله يجعل الرحلة �أكرث راحة لطفلك ال�صغري ‪.‬‬ ‫ويف كثري من الأحيان �إذا بد�أت االنطالق يف التوقيت ال�سليم‬ ‫ف�إنّ الطفل قد ي�ستم ّر يف نومه حتّى يحني وقت الطعام فيكون‬ ‫التو ّقف منا�سب ًا �أي�ض ًا للجميع ليتناولوا طعامهم ‪.‬‬ ‫‪ - 3‬اجعل طفلك مشغوالً باستمرار ‪:‬‬

‫قبل االنطالق يف الطريق الب ّد من الت�أ ّكد من �إح�ضار �أدوات‬ ‫الت�سلية معكم يف ال�س ّيارة ويف مكان ي�سهل تناولها منه ‪ ،‬ومن‬ ‫�أمثلة ذلك الكتب امل�ص ّورة واللعب ال�صغرية ‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إىل هذا ينبغي الت�أ ّكد عند و�ضع الأمتعة يف املقعد‬ ‫اخللفي �أنّ الطفل ي�ستطيع �أن يرى بو�ضوح من �إحدى نوافذ‬ ‫العربة‪ ،‬و �أنّ هناك مكان ًا ي�سع جلو�س �أ ّمه �إىل جانبه ‪ .‬فبهذه‬ ‫الطريقة من املمكن �أن ت�شغل الأ ّم ابنها مبداعبته بيدها �أو‬ ‫النظرات ال�ضاحكة �أو غري ذلك �إذا ما فقدت �أدوات الت�سلية‬ ‫ال�سابقة جاذبيتها ‪ .‬ولكن ينبغي التن ّبه �إىل �أنّ عمل ّية جذب‬ ‫انتباه الطفل الذي يريد اخلروج من ال�س ّيارة ت�صبح �أ�صعب‬ ‫امل�ضي يف الطريق‪ ،‬ولذا ف���إنّ كثري ًا من الآب��اء يف�ضّ لون‬ ‫مع‬ ‫ّ‬ ‫التو ّقف �أكرث من م ّرة �أثناء ال�سفر ‪.‬‬ ‫‪ - 4‬اإلصرار على وضع الطفل في مقعده‬ ‫المخصص ‪:‬‬ ‫ّ‬

‫ماذا لو بد�أ الطفل يتل ّوى ليح ّرر نف�سه من هذا املقعد ويئنّ‬ ‫وي�شهق بالبكاء يف ب���ؤ���س وم�سكنة كما ل��و ك��ان فـي غرفة‬ ‫التعذيب ؟ هذا امل�شهد قد ي�ضعف من عزمية �أ�ش ّد الآب��اء‬ ‫فيتخ ّلون ع��ن ال��ت��زام��ه��م بو�ضع الطفل يف مقعد الأم���ان‬ ‫املخ�صّ �ص له ‪ .‬بل يف احلقيقة �إنّ بع�ض الأ ّمهات ينق�ضن‬ ‫هذا االلتزام فيخرجن الطفل من مقعده ملج ّرد احت�ضانه �أو‬ ‫�إعطائه زجاجة الر�ضاعة ‪.‬‬ ‫وقد �أ�شارت درا�سة حديثة حول �إ�صابات الأطفال يف حوادث‬

‫ملف العدد‬

‫�ساعتني �أو ثالث �ساعات فقط ف�إنّ الطفل حينئذ لن ي�ستيقظ‬ ‫�سوى �ساعة واحدة وهي التي �سيحتاج فيها �إىل الت�سلية ‪.‬‬

‫ال�س ّيارات �إىل حدوث مثل هذه الإ�صابات يف حاالت كثرية‬ ‫رغم وجود مقاعد �أمان للأطفال وا�ستخدامها �إ ّال �أنّ الأطفال‬ ‫ك��ان ي�سمح لهم باخلروج منها يف بع�ض الأح��ي��ان لدقائق‬ ‫معدودة فقط �أثناء حركة ال�س ّيارة ‪ .‬فقد خاطر ه�ؤالء الآباء‬ ‫و الأ ّمهات ظن ًا منهم �أ ّنه من غري املتوقع وقوع حادث يف هذا‬ ‫الوقت الق�صري !‬ ‫هناك مواقف مع ّينة ال جمال فيها للتهاون وال تقبل �أن�صاف‬ ‫احللول منها �أنّ��ه �إذا كانت ال�س ّيارة تتح ّرك يجب �أن يظ ّل‬ ‫الطفل مق ّيد ًا يف مقعد الأمان ‪� .‬إذا تك ّرر �صراخ الطفل طلب ًا‬ ‫للتح ّلل من مقعد الأمان ف�إ ّما �أن جتد مكان ًا لتتو ّقف فيه بع�ض‬ ‫الوقت لين ّف�س الطفل عن نف�سه ‪ ،‬و �إ ّما �أن ت�ستم ّر يف قيادة‬ ‫�س ّيارتك �إذا مل يكن �صوت الطفل م�ؤ ّدي ًا �إىل ت�شوي�ش وفو�ضى‬ ‫كبرية ‪ .‬ومع مرور الوقت �سيتع ّلم الطفل كيف يتح ّمل احل�صار‬ ‫والكبت الذي مي ّثله مقعده املخ�صّ �ص ‪ ،‬ويبد�أ يف تق ّبل ال�سفر‬ ‫وهو ماكث يف مقعده ك�أمر مفروغ منه ال خيار له فيه ‪.‬‬ ‫‪ - 5‬كن ل ّينًا سهل التك ّيف ‪:‬‬

‫عندما يبلغ ال�سفر غايته يكون ك ّل من الطفل ووالديه قد‬ ‫املت�ضجر الذي �أنهكه‬ ‫بلغ �صربهم ذروته ‪ .‬فالطفل املتململ‬ ‫ّ‬ ‫ال�سفر �أتعبه الركوب وهو يف احلفاظ طوال هذه الفرتة يريد‬ ‫�أن ت�صل الرحلة �إىل نهايتها �سريع ًا ‪.‬‬ ‫لي�س جميع الآب��اء والأ ّمهات حمظوظني يف �سفرهم ‪ ،‬والب ّد‬ ‫من نوبات ال�صراخ والأن�ين يف معظم الرحالت الطويلة‪،‬‬ ‫وعلى الوالدين �أن يختارا �إ ّما راحة طفلهما �أو الو�صول �إىل‬ ‫وجهتهما ب�أ�سرع ما ميكن ‪ .‬تقول �إحدى الأ ّمهات �إ ّنها وزوجها‬ ‫متوج�سني من �سفرهما ال��ذي ي�ستغرق ع�شر �ساعات‬ ‫كانا ّ‬ ‫ومعهما ابنهما البالغ عمره ‪� 8‬أ�شهر ‪ .‬ولكي ت�صبح الرحلة‬ ‫�سهلة مي�سورة فقد ر�سما ّ‬ ‫خط �سري الرحلة مبا يراعي ق ّلة‬ ‫�صرب الطفل وملله ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تقول‪ " :‬غادرنا يف الليل قريبا من موعد نوم طفلي الذي‬ ‫�سرعان م��ا ذه��ب يف ال��ن��وم ‪ ،‬ومت��كّ��نّ��ا م��ن ال�سري �ساعتني‬ ‫متوا�صلتني �إىل بيت �أهل زوجي حيث ق�ضينا تلك الليلة ‪ .‬و‬ ‫غادرنا يف اخلام�سة �صباح ًا من اليوم التايل بينما كان طفلي‬ ‫نائم ًا وظ ّل كذلك مل ّدة �ساعة ون�صف ال�ساعة ونحن يف العربة‬ ‫‪ .‬وعندما ا�ستيقظ يف ال�ساد�سة والن�صف �أعطيته الر�ضّ اعة و‬ ‫بع�ض الطعام اخلفيف حيث �شغله هذا حتّى ال�ساعة ال�سابعة‬ ‫والن�صف وعندئذ تو ّقفنا لتناول الإفطار ‪.‬‬ ‫ّثم عادت الأ ّم وزوجها ال�ستكمال الطريق وقد بقي ن�صفه‬ ‫تقريب ًا ‪ ،‬ويف ه��ذه امل��� ّرة جل�ست يف املقعد اخللفي بجوار‬ ‫طفلها لتلعب معه ‪ّ .‬ثم كان �آخ��ر تو ّقف لهم �أثناء الطريق‬ ‫يف احلادية ع�شرة �صباح ًا وبعدها نام الطفل لـم ّدة �ساعة‬ ‫ون�صــف ال�ساعة ‪ ،‬و �أخري ًا و�صلوا �إىل مق�صدهم يف الثانية‬ ‫بعد الظهر تقريب ًا ‪ .‬ومل يبك الطفل طوال هذه الرحلة �سوى‬ ‫م ّرة واحدة !‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪31‬‬


‫تحقيــق‬

‫مهاجرو الموت‬ ‫موتى بال مقابـر‬ ‫حتقيق ‪ -‬حم ّمد جمال عرفة‬

‫ال يم ّر أسبوع إالّ وتشهد الشواطئ األوروبية‬ ‫الكثير من جثث المهاجرين العرب التي تطرحها‬ ‫«زوارق الموت» في الليالي المظلمة‪ ،‬بسبب‬ ‫حمى الهجرة غير المشروعة للشباب‬ ‫تزايد ّ‬ ‫العربي الذي يعاني في بالده من مشكالت الفقر‬ ‫والبطالة والفساد‪.‬‬ ‫األمة ووقود حاضرها‬ ‫شباب العرب‪ ،‬أمل‬ ‫ّ‬ ‫ومستقبلها‪ ،‬ينتهي بهم المطاف بين أنياب‬ ‫ويضحى بهم‬ ‫المتوسط‪،‬‬ ‫األسماك في مياه البحر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كقربان – على مذبح الجنّة األوروبية المزعومة‬‫وتنتهي أحالمهم بالغرق أو السجن‪ ،‬بعدما‬ ‫فقدوا األمل في بناء مستقبل لهم في بالدهم‬ ‫التي طردتهم أو تطاردهم‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫تحقيــق‬

‫يف �أحد حما�ضر التحقيقات التي �أجراها �ض ّباط م�صريون‬ ‫مع �شباب من مهاجري املوت �إىل �أوروب��ا‪� ،‬س�أله ال�ضابط‪:‬‬ ‫«ملاذا تُع ّر�ض نف�سك للخطر؟»‪ ،‬فر ّد قائال‪« :‬بالدنا �أ�صبحت‬ ‫تطردنا وحت ّولت �إىل �سجون نفرنا منها وعمرنا ي�سرق م ّنا‬ ‫واحلكومة ال ت�س�أل ع ّنا»‪ ،‬وعندما عاد ليح ّذره‪ « :‬هذا در�س‬ ‫لك وجنوت من املوت هذه امل ّرة فال تك ّررها»‪ ،‬فوجئ بال�شاب‬ ‫يقول له‪�« :‬س�أظ ّل �أحاول الهجرة ب� ّأي و�سيلة لأنيّ م ّيت هنا �أو‬ ‫يف البحر»!‪.‬‬ ‫ال�شاب الذي �أخرجوه من املاء من و�سط ع�شرات‬ ‫ما قاله هذا‬ ‫ّ‬ ‫القتلى امل�صريني �ضمن ع�شرات من �سفن املوت التي جتوب‬ ‫البحر املتو�سّ ط وتنطلق من م�صر �أو �إيطاليا‪ ،‬يقرع ناقو�س‬ ‫اخلطر‪ ،‬ويك�شف عن ق�ضايا ودالالت اجتماعية واقت�صادية‬ ‫خطرية لي�س �أق ّلها الهجرة من �أجل البحث عن املال‪ ،‬ولكن‬ ‫انعدام االنتماء لدى العديد من ال�شباب العربي والإفريقي‬ ‫�إىل بالدهم التي لفظتهم ومل تكرتث مل�شاكلهم خ�صو�صا بعد‬ ‫االنقالب على الربيع العربي وفقدان الأم��ل الذي الح لدى‬ ‫كثريين يف حت�سّ ن �أحوال بالدهم وتو ّقف الف�ساد‪.‬‬ ‫وقد ك�شفت درا�سة ميدانية بني بع�ض ه�ؤالء ال�شباب يف القرى‬ ‫امل�صرية �أنّ ه���ؤالء ال�ش ّبان ال يزالون ي�ص ّرون على ال�سفر‬ ‫والهجرة غري ال�شرعية لأ ّنهم يحلمون بالرثاء ويعانون من‬ ‫الفقر يف بالدهم وق ّلة فر�ص العمل‪ ،‬حيث �أ ّكدوا �أنّ «املوت‬ ‫ال�سريع �أف�ضل من املوت البطيء حتت وط�أة ظروف احلياة‬ ‫القا�سية يف بالدهم»‪.‬‬ ‫وبح�سب درا���س��ة ميدانية �أج��ري��ت عن ه��ذه الظاهرة على‬ ‫�شاب م�صري ك�شفت عن حقائق‬ ‫�أل��ف ّ‬ ‫و�أرق�����ام م��ذه��ل��ة �أب���رزه���ا �أنّ ‪ %60‬من‬ ‫ه�ؤالء ال�شباب مل تردعهم حوادث الغرق‬ ‫الأخرية لزمالئهم و�أ ّكدوا �أ ّنهم مازالوا‬ ‫يحلمون بالهجرة �إىل �أوروب���ا حتّى لو‬ ‫كان هروبا �إىل املوت‪ ،‬وك�شفت �أنّ عدد‬ ‫املهاجرين امل�صريني �سنويا يرتاوح بني‬ ‫‪� 3‬إىل ‪ 5‬ماليني من �إجمايل ‪ 30‬مليون‬ ‫مهاجر غري �شرعي على م�ستوى العامل ‪.‬‬ ‫ويع ّد الفقر والبطالة والف�ساد و�ضعف‬ ‫االن��ت��م��اء �أرب��ع��ة �أ���س��ب��اب رئي�سية تدفع‬ ‫ال�شاب العربي �إىل الهجرة من بالده‬ ‫ّ‬ ‫���س��واء ب��ط��رق �شرعية �أو غ�ير �شرعية‬ ‫بحثا عن حلم الرثاء يف اجل ّنة الأوروبية‬ ‫املوعودة ‪ ،‬و يق�سم �أ ّنه لن يراه يف بالده‬ ‫حتّى لو مكث فيها ‪ 50‬عاما‪.‬‬ ‫ف��م�لاي�ين ال�����ش��ب��اب ال��ع��رب��ي م��ن م�صر‬ ‫واجل���زائ���ر وامل���غ���رب وت��ون�����س وغ�يره��ا‬

‫يحلمون ببناء م�ستقبل م�����ش��رق‪ ،‬لك ّنهم ي�صطدمون يف‬ ‫بالدهم بالو�ساطة واملح�سوبية والف�ساد وق ّلة فر�ص العمل‬ ‫والفقر و�ضعف الأجور لو توافر العمل‪ ،‬فيتّجهون بتفكريهم‬ ‫�إىل ال�ض ّفة الغرب ّية من البحر املتو�سّ ط �سعيا وراء «احللم‬ ‫الأوروبي»‪.‬‬ ‫ال مي ّر �أ�سبوع �إ ّال وت�شهد ال�شواطئ الأوروبية الكثري من جثث‬ ‫املهاجرين العرب التي تطرحها «زوارق امل��وت» يف الليايل‬ ‫املظلمة‪ ،‬ب�سبب تزايد ح ّمى الهجرة غري امل�شروعة لل�شباب‬ ‫العربي الذي يعاين يف بالده من م�شكالت الفقر والبطالة‬ ‫والف�ساد‪.‬‬ ‫�شباب العرب‪� ،‬أمل الأ ّمة ووقود حا�ضرها وم�ستقبلها‪ ،‬ينتهي‬ ‫بهم املطاف بني �أنياب الأ�سماك والقرو�ش يف مياه البحر‬ ‫وي�ضحى بهم ‪-‬ك��ق��رب��ان – على م��ذب��ح اجل ّنة‬ ‫امل��ت��و���سّ��ط‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الأوروب��ي��ة املزعومة وتنتهي �أحالمهم بالغرق �أو ال�سجن‪،‬‬ ‫بعدما فقدوا الأم��ل يف بناء م�ستقبل لهم يف بالدهم التي‬ ‫طردتهم �أو تطاردهم‪.‬‬ ‫إجهاض الربيع العربي زاد الهجرة‬

‫ه��ذه امل�لاح��ظ��ة امل��ه��مّ��ة‪� ،‬أ���ش��ار �إل��ي��ه��ا ال��ك��ات��ب الربيطاين‬ ‫املتخ�صّ �ص يف ال�ش�ؤون العربية «ديفيد هري�ست» يف مقال‬ ‫ن�شره حتت عنوان‪( :‬فقد الأم��ل يف الربيع العربي زاد من‬ ‫الهجرة غري ال�شرعية)‪� ،‬أكّ��د فيه �أنّ ال�سبب الرئي�سي يف‬ ‫زيادة هجرة العرب بطريقة غري �شرعية‪ ،‬هو فقدهم الأمل‬ ‫يف «الربيع ال��ع��رب��ي»‪« .‬هري�ست» ق��ال يف مقاله ب�صحيفة‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪33‬‬


‫تحقيــق‬

‫«هافينجتون ب��و���س��ت» الأم��ري��ك��ي��ة‪« :‬ل��ق��د ت��زاي��دت �أع���داد‬ ‫املهاجرين يف �أعقاب الربيع العربي بعدما تال�شت �آم��ال‬ ‫الكثري من العرب‪ ،‬يف �أن يح ّقق لهم الربيع العربي �أحالمهم‬ ‫يف العي�ش يف م�ستوى �أف�ضل»‪.‬‬ ‫ور�أى الكاتب �أنّ الإطاحة بالرئي�س حم ّمد مر�سي‪ ،‬كان لها‬ ‫�أثر كبري يف زيادة �أعداد املهاجرين‪ ،‬مو�ضحا �أ ّنه خالل فرتة‬ ‫حكم مر�سي ا�ستوعبت م�صر الكثري من الالجئني ال�سوريني‬ ‫والليبيني حتّى تراوحت �أع��داده��م بني ‪� 250‬أل��ف �إىل‪300‬‬ ‫�أل��ف الج��ئ‪ ،‬حيث رحّ��ب بهم مر�سي و�سمح لهم بالبقاء يف‬ ‫م�صر و�سمح لأوالده��م بالتعليم باملدار�س امل�صرية‪ .‬ولكن‬ ‫بعد الإطاحة مبر�سي‪ ،‬ر�أت ال�سلطات اجلديدة �أنّ الالجئني‬ ‫ي�ش ّكلون تهديدا ل�ل�أم��ن القومي‪ ،‬وعليه قامت ال�سلطات‬ ‫برتحيلهم �أو القب�ض عليهم وه��و ما �أج�بر الكثريين على‬ ‫الفرار واللجوء �إىل الهجرة‪ ،‬وتزامن هذا مع هجرة ال�شباب‬ ‫امل�صري الكثيفة �أي�ضا هربا من الفقر والف�ساد وق ّلة العمل‬ ‫والقمع الأمني‪.‬‬ ‫االف الشباب يغرقون في طريقهم الى‬ ‫أوروبا بعدما غدت بالدهم سجونا‪.‬‬

‫فم�صر �أ�صبحت تعاين من ق ّلة اال�ستقرار‪ ،‬وزادت حاالت‬ ‫العنف‪ ،‬وتخ ّلى النا�س عن الأمل يف م�ستقبل اقت�صادي �أف�ضل‪،‬‬ ‫لذا من املتو ّقع �أن يتزايد �أعداد املهاجرين‪ ،‬بح�سب الكاتب‪،‬‬ ‫الذي اتّهم �أي�ضا �ض ّباطا باجلي�ش امل�صري باحل�صول على‬ ‫ن�سبة من «جتارة الهجرة الب�شرية»‪ ،‬التي يذهب ‪ % 40‬منها‬ ‫�صوب ال�شمال (�أوروبا)‪ ،‬و�شرح ذلك قائال‪« :‬ك ّل مهاجر غري‬ ‫�شرعي يدفع مائة دينار ليبي �إىل مه ّربي «�أوالد علي» على‬

‫‪34‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫اجلانب امل�صري‪ ،‬لنقلهم �إىل قرية امل�ساعيد احلدودية‪ ،‬عرب‬ ‫�شبكة تهريب يديرها �ض ّباط جي�ش وخمابرات مقابل ن�سبة‬ ‫عن ك ّل مهاجر»‪.‬‬ ‫حت ّدث �أي�ضا موقع «عربي ‪ »21‬ع ّما قال �إ ّنه (تو ّرط م�صري‬ ‫بخطوط الهجرة غري ال�شرعية يف ليبيا)‪ ،‬حيث نقل عن‬ ‫«م�صدر �أمني خا�ص» قوله‪� :‬إنّ مقاتلي «التبو» املتحالفة مع‬ ‫قائد جي�ش برملان ط�برق املنحل‪ ،‬خليفة حفرت‪ ،‬ين�شطون‬ ‫يف نقل �آالف املهاجرين غري ال�شرعيني من اجلنوب و حتّى‬ ‫ال�شمال‪ ،‬من خالل طرق يتو ّلون حمايتها‪ ،‬ابتداء من �أباري‬ ‫جنوبا وحتّى �سبها‪ ،‬وانطالقا �إىل مدينة طربق يف �أق�صى‬ ‫ال�شرق الليبي والق ّبة‪ ،‬والبي�ضاء وبنغازي و �أجدابيا و�سرت‬ ‫من ناحية ال�شرق‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف امل�صدر �أنّ «التبو» يتو ّلون من ناحية الغرب الليبي‬ ‫�إي�صال املهاجرين غري ال�شرعيني حتّى الزنتان باجلبل‬ ‫الغربي‪ّ ،‬ثم ينقلون عن طريق مه ّربني من الزنتان وزوارة‬ ‫حتّى �إي�صالهم �إىل منطقة التهريب الرئي�سية يف ميناء زوارة‬ ‫غرب العا�صمة طرابل�س‪.‬‬ ‫وقال نف�س امل�صدر �إنّ ّ‬ ‫خطا �آخر للتهريب ت�شرف عليه قبائل‬ ‫«�أوالد علي» القاطنني على احلدود ال�شرقية لليبيا‪ ،‬بتواط�ؤ‬ ‫وعلم ال�سلطات امل�صرية‪ ،‬زاعما �أنّ احلدود الليبية امل�صرية‬ ‫�شبه مفتوحة‪ ،‬وال توجد رقابة‪ ،‬م�ضيفا �أنّ ال�شخ�ص الواحد‬ ‫يدفع مائة دينار ليبي للمه ّربني من «�أوالد علي» على اجلانب‬ ‫يتم �إي�صاله �إىل مدينة ام�ساعد احلدودية‬ ‫امل�صري‪ ،‬على �أن ّ‬ ‫عرب �شبكات تهريب ي�شرف على بع�ضها �ض ّباط اجلي�ش‬ ‫امل�صري واملخابرات؛ �إذ يتقا�ضون عمولة على ك ّل ُمه ّرب‪،‬‬ ‫وهو نف�س ما قاله ديفيد هري�ست‪.‬‬ ‫ويتقا�سم �إدارة �شبكات تهريب ال��ه��ج��رة غ�ير ال�شرعية‬ ‫م�ست�شار جمل�س الن ّواب املنحل لل�ش�ؤون الإفريقية عي�سى عبد‬


‫عروض الهجرة غير الشرعية أون الين!‬

‫والغريب �أنّ امله ّربني جل���أوا يف الآون���ة الأخ�ي�رة ‪ -‬بح�سب‬ ‫تقرير ل�صحيفة «فاينن�شال تاميز» الربيطانية‪� ،‬إىل الرتويج‬ ‫للهجرة غري ال�شرعية �أو «مهاجري املوت» عرب موقع التوا�صل‬ ‫االجتماعي «في�س بوك» لتقدمي عرو�ض الهجرة غري ال�شرعية‬ ‫للاّ جئني اليائ�سني عرب البحر الأبي�ض املتو�سّ ط �إىل قا ّرة‬ ‫�أوروبا‪ ،‬يف وقاحة وجر�أة تبينّ ما و�صل �إليه مه ّربو الب�شر يف‬ ‫جتارتهم املربحة‪.‬‬ ‫تقدر بنحو‬ ‫عائدات عصابات االتّجار بالبشر‬ ‫ّ‬ ‫‪ 35‬مليار دوالر في العام ‪.‬‬

‫حيث ك�شفت ال�صحيفة عن وجود �صفحات باللغة العرب ّية‬ ‫تق ّدم عرو�ض الهجرة �إىل �أوروب��ا‪ ،‬معظمها من خالل ليبيا‬ ‫�إىل �إيطاليا‪ ،‬و �أخرى من تركيا و اليونان‪ ،‬دون ذكر � ّأي �شيء‬ ‫بخ�صو�ص املئات الذين غرقوا يف البحر املتو�سّ ط خالل الأ ّيام‬ ‫الأخرية‪ ،‬وبدال من ذلك‪ ،‬تق ّدم ال�صفحات وعودا للمهاجرين‬ ‫بالتمتّع برحلة م�ضمونة ومريحة ت�ستغرق ب�ضع �ساعات فقط‪.‬‬ ‫ويف جمموعة مغلقة تق ّدم ن�صائح للمهاجرين‪� ،‬أعلن �شخ�ص‬ ‫�سوري يعي�ش يف تركيا‪ ،‬ي�ستخدم ا�سما م�ستعارا «�أبو معاذ»‪،‬‬ ‫عن عبور قارب ّ‬ ‫مطاطي �إىل اليونان‪ ،‬يف رحلة ت�ستغرق �ساعة‬ ‫ون�صف ال�ساعة‪ ،‬وتبلغ تكلفتها ‪ 950‬دوالرا لك ّل �شخ�ص‪،‬‬ ‫م�شريا �إىل �أنّ املهت ّمني بالهجرة ميكنهم التح ّدث �إليه عرب‬ ‫تطبيقي «وات�����س �آب» �أو «ف��اي�بر» على �أرق��ام��ه امل��د ّون��ة على‬

‫تحقيــق‬

‫املجيد زعيم مك ّون «التبو»‪ ،‬بينما يدير «�أوالد علي» ومه ّربون‬ ‫من قبيلة الزوي يف الكفرة باجلنوب ال�شرقي لليبيا‪ ،‬وبع�ض‬ ‫زعماء قبيلة العبيدات باجلبل الأخ�ضر‪� ،‬شبكات تهريب بعلم‬ ‫وتوجيهات من الفريق �أ ّول خليفة حفرت‪.‬‬

‫املوقع!!‪.‬‬ ‫و كانت بريطانيا و�أملانيا وع�� ّدة دول �أوروبية ق�� ّررت �إر�سال‬ ‫�سفن حربية وط��ائ��رات قبالة ال�سواحل الليبية‪ ،‬مل�ساعدة‬ ‫و�إنقاذ املهاجرين غري ال�شرعيني‪ ،‬وذلك بعد تكرار حوادث‬ ‫غرق املئات و �آخر حادثة قرابة ‪� 700‬شخ�ص قبل و�صولهم‬ ‫�إىل ال�سواحل الإيطالية‪.‬‬ ‫وت�شهد موانئ م�صر وليبيا وبع�ض دول املغرب العربي �صورة‬ ‫�شبه يومية يف �صورة �شباب من م�صر وغزّة و�سوريا واملغرب‬ ‫العربي و�إفريقيا يعي�شون واق��ع البطالة والفقر ويحلمون‬ ‫بال�سفر �إىل دول �أوروبية والعي�ش حياة رغدة ويجمعون فتات‬ ‫مما تب ّقى لديها من مال‪ ،‬لينتهي بهم احللم‬ ‫ما متلكه �أ�سرة ّ‬ ‫�إ ّما غرقى �أو قتلى �أو موقوفني يعادون �إىل بالدهم‪ ،‬وقليلون‬ ‫هم من ينجحون يف غزو ال�شواطئ الأوروب��ي��ة والذوبان يف‬ ‫احلياة الغربية وينقلون �صورة وردية لأقرانهم يف بلدانهم‬ ‫تدفعهم للإ�صرار على جمابهة �أمواج البحر املتالطمة‪.‬‬ ‫دفعوا اآلالف ليسافروا إلى بالدهم !‬

‫وتن�شط يف م�صر وليبيا ع�شرات الع�صابات التي توقع به�ؤالء‬ ‫ال�شباب وت�ستغ ّل حاجتهم �إىل ال�سفر‪ ،‬وكثريا ما ترتكهم‬ ‫ع ّدة �أ ّيام يف عر�ض البحر ّثم تعيدهم �إىل نف�س املكان الذي‬ ‫انطلقت منه ال�سفن‪ ،‬وت�أمرهم بال�سباحة واهمة �إ ّياهم ب�أ ّنهم‬ ‫و�صلوا �إىل �إيطاليا �أو اليونان �أو �إ�سبانيا‪ ،‬وقد تغرقهم هذه‬ ‫الع�صابات عمدا بعد نهب �أموالهم يف �سفن متهالكة‪� ،‬أو‬ ‫ترتكهم وحدهم يديرون ال�سفن يف البحر!‪.‬‬ ‫وقد �أ ّدت احلروب يف �سوريا وليبيا والعراق‪ ،‬والقمع ال�شديد‬ ‫يف العديد من الدول العربية والإفريقية وت�صاعد حالة عدم‬ ‫اال�ستقرار يف معظم �أرج��اء العامل العربي �إىل ت�شريد نحو‬ ‫‪ 16.7‬مليون الجئ يف جميع �أنحاء العامل‪ ،‬كما �أنَّ هناك ما‬ ‫يقرب من ‪ 33.3‬مليون «م�ش ّردين داخليا» يف �أوطانهم التي‬ ‫مزّقتها احل��روب‪ ،‬الأم��ر ال��ذي �أج�بر معظمهم على اختيار‬ ‫�أخ ّ‬ ‫��ف ال�ضررين‪ ،‬وحماولة عبور البحر الأبي�ض املتو�سّ ط‬ ‫بطرق خطرية‪ ،‬على �أمل احل�صول على حياة �أف�ضل يف �أوروبا‪.‬‬ ‫يقول «ليونارد دويل»‪ ،‬املتح ّدث با�سم ّ‬ ‫املنظمة الدولية للهجرة‪:‬‬ ‫ُ�سجل هذه الأرقام للاّ جئني‬ ‫«هذه الأرقام غري م�سبوقة‪ ،‬مل ت ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملهاجرين منذ انتهاء احلرب العاملية الثانية‪ ،‬بل �إنه يف تلك‬ ‫الأثناء‪ ،‬كان تد ّفق الهجرة يحدث يف االتجّ اه املعاك�س»‪.‬‬ ‫ويعتقد ال�سا�سة الأوروبيون �أنَّ ب�إمكانهم منع املهاجرين من‬ ‫عبور البحر املتو�سّ ط عن طريق احل ّد من عمليات الإنقاذ‪،‬‬ ‫لكنّ الالجئني يقولون �إنَّ حجم اال�ضطرابات يف ال�شرق‬ ‫الأو�سط‪ ،‬مبا فيها البلدان التي جل�أوا �إليها يف البداية‪ ،‬مل‬ ‫التوجه �صوب البحر‪ ،‬بح�سب‬ ‫ي�ترك لهم � ّأي خيار �سوى ّ‬ ‫اجلارديان‪.‬‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪35‬‬


‫تحقيــق‬

‫‪36‬‬

‫و�أ���ش��ارت �صحيفة الغارديان الربيطانية �إىل �أنَّ �أك�ثر من‬ ‫‪ 45000‬مهاجر ع ّر�ضوا حياتهم للخطر خالل عبورهم البحر‬ ‫املتو�سّ ط للو�صول �إىل �إيطاليا ومالطا يف عام ‪ ،2013‬وتوفيّ‬ ‫‪� 700‬آخرون نتيجة لذلك‪ ،‬لكنّ عدد القتلى ارتفع �أكرث من‬ ‫�شخ�صا‪.‬‬ ‫�أربع م ّرات خالل عام ‪ 2014‬لي�صل �إىل ‪3224‬‬ ‫ً‬ ‫�أرباح الهجرة �أكرب من املخ ّدرات وتق ّدر ّ‬ ‫منظمة العمل الدولية‬ ‫حجم الهجرة ال�س ّرية مبا بني ‪ %15- 10‬من عدد املهاجرين‬ ‫يف العامل والبالغ عددهم ‪-‬ح�سب التقديرات الأخرية للأمم‬ ‫املتّحدة ‪-‬ح��وايل ‪ 180‬مليون �شخ�ص‪ ،‬وحجم الهجرة غري‬ ‫القانونية يف دول االتحّ اد الأوروبي نحو ‪ 1.5‬مليون فرد‪.‬‬ ‫وتقول درا�سة م�صرية �أجراها «مركز الدرا�سات القومية»‬ ‫بالتعاون مع مكتب اللجنة الدائمة لل�شراكة الأور‪ -‬متو�سّ طية‬ ‫بالقاهرة �أنّ عمليات تهريب الب�شر تع ّد من �أه��م م�صادر‬ ‫الدخل ل�شبكات املافيا يف �أوروبا و�آ�سيا‪ ،‬و�أنّ الأرقام والأرباح‬ ‫التي حت ّققها تقرتب ممّ��ا حت ّققه �شبكات امل��خ�� ّدرات‪ ،‬و�أنّ‬ ‫املواجهة الأمنية وحدها ال تكفي‪ ،‬واملطلوب هو تب ّني حملة‬ ‫وطنية للتوعية مبخاطر الهجرة غري ال�شرعية وتوفري فر�ص‬ ‫عمل حقيقية‪.‬‬ ‫وت���ؤكّ��د الدرا�سة �أنّ عمليات تهريب الب�شر �أ�صبحت �أه ّ��م‬ ‫م�صادر الدخل بالن�سبة ل�شبكات املافيا يف �أوروب��ا و�آ�سيا‪،‬‬ ‫والتي ا�ستطاعت �أن حت ّقق رقم ًا قيا�سي ًا قدره ‪ 4.4‬مليار دوالر‬ ‫يف العام‪ ،‬و�أ ّنه ك ّلما �ش ّددت الدول الأوروبية على الرقابة على‬ ‫احلدود ارتفعت نفقات التهريب وزادت املبالغ املالية التي‬ ‫يطلبها امله ّربون‪.‬‬ ‫وت���ؤكّ��د وثائق املركز ال��دويل ل�ش�ؤون الهجرة «بفيينا» �أنّ‬ ‫�شبكات تهريب الب�شر حت ّقق دخال ي�تراوح ما بني ‪� 10‬إىل‬ ‫مما حت ّققه �شبكات‬ ‫‪ 15‬مليار دوالر �سنويا وهو رقم يقرتب ّ‬ ‫تهريب املخ ّدرات‪.‬‬ ‫وقد ك�شفت �أرقام ر�سمية �أنّ عدد املهاجرين غري ال�شرعيني‬ ‫الذين و�صلوا �إىل �شواطئ القا ّرة الأوروبية من الدول العربية‬ ‫بلغ ‪� 140‬ألفا منذ بدء الربيع العربي يف عام ‪ 2011‬وحتّى‬ ‫منت�صف ‪.2014‬‬ ‫حيث ذكرت وكالة «‪ »Frontex‬التي تراقب حدود االتحّ اد‬ ‫الأوروبي‪� ،‬أنّ ‪� 42‬ألف مهاجر غري �شرعي منهم دخلوا �أوروبا‬ ‫بني �شهري يناير و�إب��ري��ل من العام احل��ايل‪ ،‬فيما �أعلنت‬ ‫�إيطاليا �أنّ ‪� 14‬أل��ف الجئ دخلوا �أرا�ضيها‪ ،‬ما يرفع عدد‬ ‫املهاجرين �إىل ‪� 56‬ألفا‪.‬‬ ‫و�شهد ع��ام ‪ 2013‬ارتفاعا بن�سبة ‪ %48‬عن العام ال�سابق‬ ‫يف الهجرة‪ ،‬و�ش ّكل ال�سوريون �أكرث من ربع الن�سبة‪ ،‬يليهم‬ ‫الأري�تري��ون والأف��غ��ان ث ّ��م الأل��ب��ان‪ ،‬فيما �شهد ع��ام ‪2014‬‬ ‫ارتفاعا �آخر بن�سبة الربع‪.‬‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫وتقول �إح�صاءات غرب ّية �أنّ ‪� 100‬ألف �شخ�ص هاجروا �إىل‬ ‫�أوروبا العام املا�ضي‪ ،‬فيما قالت ّ‬ ‫املنظمة الدولية للهجرة �إنّ‬ ‫�أكرث من ‪ 7000‬مهاجر رمبا لقوا حتفهم غرقا �أو خالل عبور‬ ‫ال�صحراء �أثناء حماولتهم الو�صول �إىل مالذ �آمن هذا العام‬ ‫وهو رقم يعتقد �أ ّنه قيا�سي بالن�سبة لعدد القتلى‪.‬‬ ‫دوافع نفس ّية واجتماع ّية واقتصاد ّية وراء‬ ‫الهجرة أخطرها «عدم االنتماء»‬

‫وذكرت ّ‬ ‫املنظمة �أ ّنه يف �أ ّول تقييم عاملي ا�ستند �إىل بيانات‬ ‫ّ‬ ‫وكاالت احلدود وجماعات نا�شطة مات ما ال يقل عن ‪2360‬‬ ‫مهاجرا عام ‪ 2013‬يراودهم �أمل الو�صول �إىل حياة جديدة ‪،‬‬ ‫و�إنّ كثريين منهم دفعوا �أمواال لع�صابات تهريب الب�شر التي‬ ‫�أخذتهم يف رحالت مهلكة‪.‬‬ ‫لكن هذا الرقم الذي ي�ستند يف الأ�سا�س �إىل بيانات تق ّدمها‬ ‫وتتداولها دول غرب ّية قد يكون متد ّنيا للغاية مقارنة بالأعداد‬ ‫ال��ت��ي تلقى حتفها وه��ي ق��ادم��ة م��ن �إف��ري��ق��ي��ا �إىل ال�شرق‬ ‫الأو�سط‪..‬‬ ‫وحول عمليات الهجرة عام ‪� ،2014‬أف��ادت املف ّو�ضية العليا‬ ‫ل�ش�ؤون الالجئني التابعة ل�ل�أمم املتّحدة �أنَّ ‪ 2500‬مهاجر‬ ‫غري �شرعي لقوا م�صرعهم يف البحر الأبي�ض املتو�سّ ط‪� ،‬أثناء‬ ‫حماولتهم الو�صول �إىل دول االتحّ اد الأوروبي منذ بداية العام‬ ‫احلايل‪.‬‬ ‫وذكرت املف ّو�ضية �أنَّ ‪� 130‬ألف �شخ�ص مت ّكنوا من الو�صول‬ ‫�إىل ال�ض ّفة الأوروب��ي��ة منذ بداية عام ‪ ،2014‬ويعادل هذا‬ ‫الرقم �أكرث من �ضعف عدد املهاجرين الوا�صلني �إىل �أوروبا‬ ‫العام املا�ضي؛ والذي بلغ ‪� 60‬ألف مهاجر‪ ،‬و�أنَّ �أكرث املهاجرين‬ ‫و�صلوا �إىل �أوروبا عرب ال�شواطئ الإيطالية‪ ،‬وبلغ عددهم هذا‬ ‫العام ‪� 118‬ألف �شخ�ص‪ّ ،‬مت �إنقاذ غالبيتهم يف املياه‪.‬‬ ‫وقد ح�� ّذرت ّ‬ ‫منظمة الهجرة العاملية �أغ�سط�س املا�ضي من‬ ‫�إمكانية �سعي �أعداد متزايدة من املهاجرين غري ال�شرعيني‬ ‫يف ليبيا �إىل مغادرة هذا البلد عن طريق البحر املتو�سّ ط‪،‬‬ ‫فيما ت�شتكي ال�سلطات الإيطالية – التي يذهب �إليها ه�ؤالء‬ ‫املهاجرون من ليبيا ‪ -‬من �أنّ ما يزيد عن ‪� 750‬ألف مهاجر‬ ‫غري �شرعي يهربون من ليبيا عرب القوارب اخل�شبية جلزيرة‬ ‫المبيدوز‪ ،‬و �أنّ ج��زءا كبريا منهم من الأف��ارق��ة ‪ ،‬و�أف��ادت‬ ‫الأمم املتّحدة‪ ،‬يف تقرير م� ّؤخرا‪� ،‬أ ّنه «ما بني �شهري مار�س‬ ‫و�أغ�سط�س من العام املا�ضي دخل �أكرث من ‪� 30‬ألف مهاجر‬ ‫غري �شرعي �إىل ليبيا بطرق متع ّددة»‪.‬‬


‫ال تع ّد الهجرة غري ال�شرع ّية كارثة واح��دة‪ ،‬ولك ّنها �سل�سلة‬ ‫من الكوارث‪ ،‬فالبطالة – التي تدفع ال�شباب العربي للهجرة‬ ‫ت�ؤ ّدي �إىل �سل�سلة من الكوارث النف�سية االجتماعية الأخرى‬‫الناجمة عنها مثل الإدمان والعنف واالنتحار وعدم االنتماء‬ ‫و�ضياع الهو ّية‪.‬‬ ‫فحتّى من ينجح منهم يف الهجرة ال تنتهي م�شاكله‪ ،‬و�إنمّ ا‬ ‫تظهر لهم م�شاكل �أخ��رى تتع ّلق ب�ضياع الهو ّية واالنتماء‬ ‫والثقافة العربية والإ�سالمية‪ ،‬بجانب م�شاكل االندماج يف‬ ‫توجه لهم بالإرهاب‪،‬‬ ‫املجتمع الأوروبي‪ ،‬واتّهامات عن�صر ّية ّ‬ ‫ما يطرح بداخلهم م�شكالت نف�سية واجتماعية �أخرى يف بالد‬ ‫املهجر باعتبارهم منبوذين هاربني غري �شرعيني‪.‬‬ ‫وهناك �إح�صائية واحدة من م�صر للمركز القومي لل�سموم‬ ‫التابع جلامعة القاهرة ك�شفت عن وقوع ما ال يق ّل عن �ألفي‬ ‫حالة انتحار �سنويا بني ال�شباب الذين ترتاوح �أعمارهم ما‬ ‫بني ‪22‬و‪23‬عاما وال�سبب الرئي�سي هو البطالة وعدم توافر‬ ‫فر�ص العمل حتّى �سنّ مت� ّأخرة لل�شباب وبع�ضها ب�سبب عنو�سة‬ ‫وع��دم زواج الفتيات لأنّ ال�شباب غري ق��ادر على تكاليف‬ ‫ال��زواج‪ ،‬ما يدفع كثريين للهجرة ب��� ّأي و�سيلة غري �شرعية‪.‬‬ ‫وما ي�ؤثر يف نف�سية ه�ؤالء ال�شباب �أنّ ‪ %90‬من العاطلني منهم‬ ‫هم من ال�شباب امل�ؤهّ ل تعليميا‪� ،‬سواء من �شباب اجلامعات‬ ‫�أو املعاهد العليا وامل�ؤهّ الت املتو�سّ طة‪ ،‬الذين يفرت�شون قرابة‬ ‫‪� 43‬ألف مقهى يف م�صر غالبية روادها من ال�شباب العاطل‬ ‫عن العمل‪ ،‬بح�سب �إح�صائية م�صرية‪.‬‬ ‫وت�شري �إح�����ص��اءات م�صرية �إىل �أنّ تزايد ن�سبة البطالة‬ ‫ب�شكل كبري بني ال�شباب امل�صري والتي ترتاوح بني مليونني‬ ‫�شاب بن�سبة تقرتب من ‪ %20-10‬من العمالة‬ ‫و�ستة ماليني ّ‬ ‫امل�صرية‪ ،‬واكبها زيادة �إقبال ال�شباب على ال�سفر �إىل اخلارج‬ ‫خ�صو�صا الدول الأوروبية بهدف حتقيق الرثاء ال�سريع من‬ ‫جانب �ش ّبان ت���أثّ��روا ب��الأف�لام الأجنبية وق�ص�ص رواه��ا‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫تحقيــق‬

‫أسباب نفسية واجتماعية واقتصادية للهجرة‬

‫نفر قليل منهم �سافروا �إىل اخل��ارج وع��ادوا غامنني بعدما‬ ‫ا�ستق ّروا هناك �سنوات و تز ّوجوا �أوروبيات ‪.‬‬ ‫وت�شري درا���س��ات �أك��ادمي��ي��ة �أخ���رى �إىل �أنّ ‪« :‬زي���ادة الوعي‬ ‫أهم العوامل‬ ‫ال�سيا�سي واالجتماعي لدى ال�شباب» يع ّد من � ّ‬ ‫االجتماعية التي ت�ؤ ّدي �إىل الهجرة‪ ،‬ما يدفعهم للبحث عن‬ ‫م�ستقبل �أف�ضل خارج بالدهم‪ ،‬ف�ضال عن وجود تفرقة بني‬ ‫مما �أ ّدى �إىل ت�شجيع‬ ‫خ ّريجي اجلامعات الوطنية والأجنبية ّ‬ ‫الدرا�سة يف اخلارج ورف�ض املبعوثني يف اخلارج العودة �إىل‬ ‫بالدهم بن�سب تقرتب من ‪ %70‬منهم «‪.‬‬ ‫ومت��ت�� ّد ت��داع��ي��ات ه��ذه ال��ظ��اه��رة �إىل ج��وان��ب اقت�صادية‬ ‫وقانونية‪ ،‬فالهجرة ت�ؤ ّدي – اقت�صاديا ‪�-‬إىل �ضياع اجلهود‬ ‫والطاقات الإنتاجية والعلمية له�ؤالء ال�شباب العربي وحترم‬ ‫مما �أنفقته على تعليمهم‪ ،‬ما يعني تبديد امل��وارد‬ ‫بالدهم ّ‬ ‫الإن�سانية واملالية العربية التي �أنفقت يف تعليمهم وتدريبهم‬ ‫دون مقابل‪.‬‬ ‫كما �أنّ الهجرة ت�ؤ ّدي – قانونيا – �إىل �ضياع � ّأي حقّ للمهاجر‬ ‫غري ال�شرعي لأ ّنه هاجر خمالفا القوانني يف بالده ويف البلد‬ ‫الأوروبي الذي ذهب �إليه‪ ،‬وي�ضيع ح ّقه يف � ّأي تعوي�ض لو مات‪،‬‬ ‫وغالبا ما ت�ضيع حقوقه القانونية يف بالد املهجر �أي�ضا لأ ّنه‬ ‫مهاجر غري �شرعي‪.‬‬ ‫وهذا بخالف هجرة العقول العربية (العلماء) �إىل الغرب‬ ‫بحثا عن الرزق وتوافر بيئة البحث العلمي وقيود احلكومات‬ ‫ما �أفقد العامل العربي ‪ 200‬مليار دوالر ب�سبب هجرة هذه‬ ‫الكفاءات العلمية والعقول العربية �إىل الدول الأجنبية بح�سب‬ ‫تقرير للجامعة العربية‪ ،‬فجاءت هجرة �شبابنا �أي�ضا لتزيد‬ ‫فقر الدول العربية يف الكفاءات والأيدي العاملة املاهرة‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫تقريــــر‬

‫تونس ‪:‬‬

‫الفيسبوك‬ ‫مالذ الشباب‬ ‫ومتنفسهم‬ ‫زيــاد عط ّيــة‬

‫« ال حياة بدون فايسبوك « هذا هو لسان‬ ‫حال شباب تونس‪ ،‬حيث بات الواقع يشير‬ ‫إلى هيمنة الفيسبوك على عقول الشباب‬ ‫التونسي و أصبح الوسيلة األولى للتواصل‬ ‫عامة ‪.‬‬ ‫وأسلوب الحياة بصفة ّ‬

‫‪38‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫تقريــــر‬

‫و ممّ��ا ال���ش ّ��ك فيه �أنّ الفي�سبوك �أ�ضحى ظ��اه��رة عامل ّية‪،‬‬ ‫اخت�صر امل�سافات وجتاوز اخلطوط احلمراء‪،‬فال عجب �أن‬ ‫�شباب تون�س ‪ .‬لك ّنه تع ّدى كونه م�ساحة للتوا�صل‬ ‫اكت�سح عقل ّ‬ ‫االجتماعي‪ ،‬ومل يقف عند ح ّد ا�ستعادة العالقات القدمية‬ ‫و زمالء �أي ّام الدرا�سة ل�سنوات خلت‪ ،‬ف�صار ناطقا ر�سم ّيا‬ ‫ومم ّثال ل�شريحة مه ّمة من ال�شباب التون�سي و مرتجما‬ ‫لآه��ات ومعاناة العاطلني عن العمل والباحثني عن لقمة‬ ‫العي�ش‪ ،‬ولأولئك الذين تك�سّ رت �أجنحة �أحالمهم ب���أدوات‬ ‫الوعود الكاذبة التي وعدهم بها من كان م�سئوال عنهم يوما‬ ‫ما منذ �سنوات م�ضت ‪.‬‬ ‫بينما انتهج بع�ضهم نهجا �إ�صالح ّيا واتّخذ من الفي�سبوك‬ ‫ومواقع التوا�صل االجتماعي طريقا دعو ّيا و�سبيال للموعظة‬ ‫والإر���ش��اد‪ ،‬ب��دءا من احل��ثّ على ال�صالة‪ ،‬وم���رورا باحلثّ‬ ‫على فعل اخلريات وتقومي الأفكار اخلاطئة ون�شر الأحاديث‬ ‫النبو ّية ال�صحيحة باالعتماد على �صفحات تنال الإعجاب‬ ‫من مت�ص ّفحي الظاهرة الزرقاء ‪.‬‬ ‫وبذلك �أ�صبح الفي�سبوك ل�شريحة كبرية من ال�شباب التون�سي‬ ‫كاملاء والهواء فتربّ عوا ب�ساعات يومهم ّ‬ ‫املعطلة له‪ ،‬ي�صبحون‬ ‫ومي�سون عليه‪ ،‬وتخ ّلل �أحالمهم ف�صبغها باللون الأزرق‬ ‫لتح ّول واقعهم امل�ؤمل �إىل مو�ضع �سخرية و�ضحك ملا يعانون‬ ‫وما ي�شاهدون من واقع �سيا�سي واقت�صادي متّجه نحو الأ�سو�أ‪.‬‬ ‫�أ ّكد وليد الفهري املخت�صّ يف �شبكات التوا�صل االجتماعي يف‬ ‫مداخلة له خالل ندوة تابعة للرابطة التون�سية للمواطنة على‬ ‫�أه ّمية التوا�صل بني خمتلف �شرائح املجتمع فكريا وثقافيا‬ ‫و�سيا�سيا م�شريا �إىل ال�شكل اجلديد للعملية التوا�صلية التي‬ ‫�شهدتها تون�س بعد ثورة ‪ 14‬جانفي خا�صّ ة و�أنّ الفي�سبوك قد‬ ‫حت ّول �إىل ف�ضاء عمومي تفاعلي وو�سيلة اتّ�صالية جماهريية‪.‬‬ ‫واعترب الفهري �أنّ ال�شباب هم الأك�ثر ت�ص ّفحا لل�شبكات‬ ‫االجتماعية حيث و�صلت ن�سبة املت�ص ّفحني ال�شباب بني‬ ‫‪ 13‬و‪� 24‬سنة �إىل ‪ %57‬وقرابة مليونني ون�صف املليون من‬ ‫م�ستعملي الأنرتنت يف تون�س م�ؤ ّكدا ت�أثري وفاعلية الو�سائل‬ ‫التوا�صلية والتفاعلية ل��دى خمتلف ال�شرائح العمرية يف‬ ‫تون�س‪.‬‬

‫و قال الطالب عزيز الاللة البالغ من العمر ‪� 22‬سنة و يدر�س‬ ‫ما ّدة اجلغرافيا " لقد كان لظهور الفي�سبوك ثورة يف عقولنا‪،‬‬ ‫�شخ�ص ّيا �أ�صبحت غري ق��ادر على اال�ستغناء عنه فبف�ضله‬ ‫�أتابع الأخبار يف ك ّل املجاالت ب�شكل حيني و ال �أحتاج �إىل � ّأي‬ ‫موقع‪ ،‬فدائم الرت ّدد على بع�ض ال�صفحات التي �أح ّبذها و‬ ‫التي تق ّدم اجلديد‪ ،‬و يكفي الإ�شارة مثال �إىل كوين حينما‬ ‫ال �أ�شاهد مباراة كرة قدم يف التلفاز لظروف مع ّينة �أتابعها‬ ‫عرب الفي�سبوك و بالدقائق و باجلديد"‪.‬‬ ‫من جانبه ق��ال م�سعود عط ّية من حمافظة �سيدي بوزيد‬ ‫"الفي�سبوك من املفرت�ض �أن يكون للتعبري و التوا�صل‬ ‫االجتماعي لك ّنه �أ�صبح �إهدارا للوقت الطويل بداعي الت�سلية‬ ‫و �أنا من الذين �سقطوا يف هذا الفخّ نظرا للإدمان الكبري‬ ‫الذي وقعت فيه " ‪.‬‬ ‫و يقول ن�صر م�سلم من حمافظة �سليانة من ال�شمال التون�سي‬ ‫" مل �أكن يوما من مدمني الفي�س بوك و لن �أكون‪ ،‬لك ّنني �أرى‬ ‫�أ ّنه ممتع يف بع�ض الأحيان بعيدا عن م�ضيعة الوقت‪ ،‬لك ّنني‬ ‫�أرى �أ ّنه يف الوقت ذاته و�سيلة للتعارف مع النا�س من خمتلف‬ ‫املناطق"‪.‬‬ ‫ال�شاب �صالح داللة طالب‬ ‫و من جانبه �أ ّكد ملج ّلة "الأ�سرة"‬ ‫ّ‬ ‫بك ّلية الريا�ضيات بتون�س العا�صمة ‪�:‬أرى �أنّ الفي�س بوك‬ ‫�شيء ج ّيد �إذا �أح�س ّنا ا�ستخدامه‪ ،‬ف�أنا �أ�ستخدمه يف حدود‬ ‫املعقول‪ ،‬ولي�س �إدمانا‪� ،‬أ�ستخدمه من باب الت�سلية فقط " ‪.‬‬ ‫و يبدو �أ ّنه مل يعد �أمام ال�شباب التون�سي �سوى خيارين ال ثالث‬ ‫لهما يف ظ ّل ما يق ّدم من �أرقام قيا�سية‪� ،‬إ ّما البقاء على ما هو‬ ‫عليه �أو اال�ستمرار يف �إكمال م�سريتهم الفي�سبوكية‪ ،‬لريى‬ ‫ك ّل منهم م�ستقبله وم�ستقبل �أبناء وطنه بعيون تكنولوجية‪،‬‬ ‫بعد �أن فقدوا �أ�صواتهم الداعية �إىل ح ّل م�شاكلهم املتم ّثلة‬ ‫يف البطالة وحت�سني الأو�ضاع الأمنية‪ ،‬فلم يعد �أحد ي�سمعها‪،‬‬ ‫ف�صار واقع ال�شباب التون�سي م�ص ّدقا ملن قال ‪" :‬ال حياة ملن‬ ‫تنادي" ‪.‬‬

‫إهدار للوقت و أداة للتسلية و التواصل‬

‫و م��ن جانبنا‪ ،‬قامت جم ّلة "الأ�سرة" بجولة و حت ّدثت‬ ‫ملجموعة من ال�شباب التون�سي و خرجت بجملة من النقاط‬ ‫ّ‬ ‫تتلخ�ص يف ك��ون �أغلب ه���ؤالء عاجزين على ع��دم ت�ص ّفح‬ ‫الفي�سبوك ب�صفة يومية و التوا�صل عربه‪ ،‬بل و �أ�صبحت هناك‬ ‫عالقات عاطفية بف�ضل الفي�سبوك‪ ،‬و باتت هذه الظاهرة‬ ‫�شاب تون�سي مهما كان مكانه‪ ،‬و بات‬ ‫التكنولوجية رفيقة ك ّل ّ‬ ‫الفي�سبوك بديل الإع�ل�ام يف نقل املعلومة و اخل�بر ح�سب‬ ‫ال�شباب التون�سي‪.‬‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪39‬‬


‫أصغر كاتبة عربية‬ ‫فلسطين أساور في ذراعها‬ ‫حوار ‪ :‬حمادة حمادة‬ ‫ٌ‬ ‫أمهات الكتب العرب ّية‪ ،‬وحفظت كلمات الشعراء واألدباء الفلسطين ّيين‬ ‫إنّها‬ ‫طفولة نشأت بين أحضان ّ‬ ‫ٌ‬ ‫سجلت في محافل األدب العربي أصغر كاتبة فلسطين ّية»بجدارة»‪،‬‬ ‫السيما «فدوى طوقان»‪ ،‬طفولة ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫طفولة صدحت بآهات الوطن الضائع‪ ،‬ومثلت كلماته فوق مسارح السياسة الدول ّية‪.‬‬ ‫غسان شمالوي هي صاحبة الوسام األدبي الرفيع‪ ،‬ومج ّلة « األسرة « طرقت أبواب اإلبداع لدى‬ ‫ياسمين ّ‬ ‫شمالوي وأجرت معها الحوار التالي‪:‬‬

‫من هي ياسمين شمالوي؟‬

‫يا�سمني فتاة فل�سطين ّية ع�شقت ثرى وطنها وحملت م�أ�ساة‬ ‫ولتعب عن احلرمان والقمع‬ ‫�شعبها لتكتبها على جذع زيتونة رّ‬ ‫خلف �أ�سوار �سجون احلقّ ال�ضائع ‪.‬‬ ‫�أنا فتاة �آمنت بق�ض ّية �أكرب من حجم مفرداتي ومدركاتي‪،‬‬ ‫ق�ض ّية الدم امل�سفوح يف ك ّل دقيقة‪ ،‬م�ضى من عمري ‪ 15‬عام ًا‪،‬‬ ‫و�أ�سكن مدينة ع�ص ّية على الك�سر والغياب نابل�س “جبل‬ ‫النار”‪.‬‬ ‫�أ�سرق من الوقت ما يكفي ليجعلني طالبة جمتهدة وابنة‬ ‫مطيعة و�أختا حم ّبة و�إن�سانة �صادقة مع نف�سها وجمتمعها‬ ‫وق�ض ّيتها‪ ،‬و�إذا �أتيح يل هام�ش من احلديث ال�شخ�صي ف�إ ّنني‬ ‫فتاة ب�سيطة متوا�ضعة حم ّبة للآخرين �شعاري يف احلياة ( ّكل‬ ‫قلوب النا�س جن�س ّيتي ‪..‬فلت�سقطوا ع ّني جواز ال�سفر)‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫حدثينا عن انطالق الموهبة األدب ّية‪ ،‬متى وكيف‬ ‫بدأت؟‬

‫ج‪ :‬يف الواقع لي�س للطفولة والرباءة ن�صيب كبري يف حياتي‪،‬‬ ‫ف�أنا ن�ش�أت وترعرعت وتل ّم�ست �أبجد ّيات احلياة اليوم ّية مبا‬ ‫حتويه من تفا�صيل القهر والأمل واخلذالن يف ظالل حراب‬ ‫االح��ت�لال ال��ذي �أع��� ّد املناهج واخل��ط��ط وامل�شاريع لرتويع‬ ‫الأط��ف��ال الفل�سطين ّيني و�إفراغهم من حمتواهم الوطني‪،‬‬ ‫وقدرتهم على الرف�ض واملقاومة‪ ،‬ويف ظ ّل هذا امل�شهد كان‬ ‫يعب عن ذاته و�أن ي�ضع ب�صمته اخلا�صّ ة‪،‬‬ ‫ال ب ّد لك ّل طفل �أن رّ‬ ‫وي�ساهم ب�ألوانه الذات ّية يف ن�سيج راية العلم امل�ستق ّل‪.‬‬ ‫ع�شقت الأدب وال�شعر وحفظته ورددت��ه منذ كنت يف عمر‬ ‫ال�سابعة‪ ،‬وبد�أت �أ�شارك يف الن�شاطات الأدب ّية املدر�س ّية منذ‬ ‫�سنّ الثامنة‪ ،‬و�شرعت يف الكتابة املنتظمة ذات ال��دالالت‬


‫والأبعاد الهادفة منذ �سنّ العا�شرة‪ ،‬حيث كانت �أ ّول حماولة‬ ‫�شعر ّية جا ّدة بعنوان «ارفع علم بالدي»‪.‬‬ ‫ويف ظ ّل انتمائي �إىل �أ�سرة عانت من طغيان االحتالل‪ ،‬كان‬ ‫الهم الوطني‪ ،‬حتّى‬ ‫الب ّد �أن �أت�أ ّثر بهم ولو بالقليل يف حمل ّ‬ ‫�أ�صبح يل حربي اخلا�صّ الذي خططت فيه حروف م�أ�ساتنا‬ ‫لأنذر نف�سي مبا وهبني �إيّ��اه املوىل وما ي�سّ ره يل الأهل وما‬ ‫ق ّدمه يل الأ�صدقاء واملد ّر�سون من الدعم وامل�ساندة حتّى‬ ‫تكرب ح��رويف وتن�ضج لتم�سي كلمات وق�صائد وح���وارات‬ ‫متلفزة ودرا�سات ّ‬ ‫وظفتها جميعا لتكون ل�سان �صدق ووفاء‬ ‫ل�شعبي و�أ ّمتي‪.‬‬ ‫كيف تو ّفق ياسمين بين الكتابة األدب ّية والعمل‬ ‫التلفزيوني وبين الدراسة المدرس ّية؟‬

‫عندما يريد الإن�سان �شيئا ي�سعى �إليه بك ّل ج�� ّد ومثابرة‪،‬‬ ‫في�شعر �أنّ الوقت مي ّده ال ي�أخذ منه وهذا التوفيق من اهلل‬ ‫�سبحانه‪ ،‬حيث �أنّ للمدر�سة الأولو ّية الأوىل‪ ،‬من ّثم �أملأ ما‬ ‫تب ّقى يل من �أوقات الفراغ مبا �أريد ح�سب الأولو ّيات اليوم ّية‬ ‫ونحن من ن�صنع �أنف�سنا ون�صقلها مبا نريد‪ ،‬وه��ذا الأمر‬ ‫�أي�ضا مرتبط مبا ُر ّبي عليه الإن�سان منذ ال�صغر‪.‬‬ ‫لدي تعبري عن م�شهد بذاكرتي ووج��داين‪ ،‬فتخرج‬ ‫والكتابة ّ‬ ‫الكلمات تباعا لرت�سم لوحة فل�سطين ّية ب�ألوان علمنا الزاهية‪،‬‬ ‫�أي �أنّ الإعالم والكتابة جميعها طقو�س خا�صّ ة تنطوي حتت‬ ‫هوايات يا�سمني ‪ ،‬والأه ّ​ّ��م من هذا جميعه هو ال ِعلم الذي‬ ‫�ساعدين لأن �أ�صل �إىل ما و�صلت �إليه‪ ،‬فلو مل تكن يا�سمني‬ ‫متف ّوقة درا�س ّيا ملا تف ّوقت اجتماع ّيا و�أدب ّيا و�إعالم ّيا ويف‬ ‫جميع املجاالت ‪.‬‬ ‫أول دراسة قامت ياسمين بإعدادها؟ وما‬ ‫ما هي ّ‬ ‫مضمونها؟‬

‫كانت درا�سة بعنوان «�أطفال فل�سطني حتت حراب االحتالل»‪،‬‬ ‫و�أنا �أعتربها منعطفا يف حياتي لأنيّ عندما بد�أت ب�إعداد‬ ‫ال��درا���س��ة ك��ان ُج�� ّل ه ّمي �أن �أف�ضح مم��ار���س��ات امل�ؤ�سّ �سة‬ ‫الع�سكر ّية الإ�سرائيل ّية وخططها املمنهجة ل�سحق الطفولة‬ ‫الفل�سطين ّية وو�أده��ا خللق جيل خائف واتّكايل وغري قادر‬ ‫على حت ّمل امل�س�ؤول ّية وموا�صلة الن�ضال‪.‬‬ ‫وملّا بد�أت ب�إعداد الدرا�سة كنت ك ّلما وقعت على املزيد من‬ ‫املوا ّد ك ّلما �شعرت بالأمل والغ�ضب‪ ،‬وك�أ ّنني �أ�سمع عنها �أ ّول‬ ‫م ّرة‪ ،‬وقد هالني حجم ونوع ّية هذه املمار�سات‪ ،‬وا�ستمررت يف‬ ‫كثري من الأحيان عاجزة تخونني الكلمات يف و�صفها �أو و�ضع‬ ‫العناوين لها‪ ،‬ومن خالل درا�ستي وقعت على �إح�صائ ّيات‬ ‫موثوقة تفيد �أنّ امل�ؤ�سّ �سة الع�سكر ّية الإ�سرائيل ّية قامت �أكرث‬ ‫من م ّرة ب�إن�شاء برامج وخطط تهدف �إىل ترويع الأطفال‬ ‫الفل�سطين ّيني وا�ستهدافهم ب�شتّى �أنواع التنكيل ذاهبني بذلك‬ ‫�إىل �أنّ هذا اال�ستهداف من �ش�أنه �إ�ضعاف هذه الفئة الفاعلة‬

‫مما ي�ساعد‬ ‫وقتل الروح الن�ضال ّية الراف�ضة لالحتالل لديهم ّ‬ ‫على ك�سر �إرادتهم ووقف من ّوهم العددي ‪.‬‬ ‫كم ال ح�صر له من ال�شواهد والأد ّلة واملعطيات املو ّثقة‬ ‫ووفق ّ‬ ‫ف�إنّ املذبحة ال�صهيون ّية �ض ّد الطفولة الفل�سطين ّية متج ّددة‬ ‫وطويلة وم�ستم ّرة مع �سبق الإ���ص��رار والرت�صّ د الإجرامي‬ ‫رامية �إىل حتويل حياة الطفل الفل�سطيني �إىل جحيم دائم‬ ‫وقلق م�ستم ّر‪.‬‬ ‫لمن تقرأ ياسمين؟ وبمن تأ ّثرت؟‬

‫�أقر�أ كتاب اهلل و�س ّنة نب ّيه الكرمي و�سرية ال�صحابة الكرام‬ ‫وكذلك الأدب العاملي والروايات املهت ّمة بالإن�سان والأر�ض‬ ‫وال��ت��ي ك��ان �آخ��ره��ا( الأر����ض ‪ ،‬احل��رب وال�سالم ‪ ،‬مزرعة‬ ‫احل��ي��وان)‪ ،‬و�أق����ر�أ الأدب ال��ع��رب��ي والفل�سطيني وخا�صّ ة‬ ‫ال�شعر الوطني القدمي ‪ ،‬و�أقر�أ عن �أطفال العامل املقهورين‬ ‫وبخ�صو�ص ّية �أكرث عن الطفل الفل�سطيني والعربي‪.‬‬ ‫هم الإن�سان ّية جمعاء‪ ،‬ونطق با�سمها‬ ‫ت�أ ّثرت بك ّل كاتب نقل ّ‬ ‫وداف���ع عنها ‪ ،‬و�أ ّول م��ن ت���أثّ��رت ب��ه كانت «ف���دوى طوقان»‬ ‫ال�شاعرة الفل�سطين ّية النابل�س ّية التي نقلت ق�صّ ة حياتها‬ ‫بك ّل �شفاف ّية لتعك�س واقعا �أليما للمر�أة يف تلك الفرتة‪،‬‬ ‫وتبينّ كيف ت�ستطيع الإرادة قهر ك ّل التح ّديات وال�صعوبات‪،‬‬ ‫وتابعت بعدها �شاعر الإن�سان ّية وال�ضمري العربي والق�ض ّية‬ ‫حب‬ ‫الفل�سطين ّية حممود دروي�ش فنهلت منه ما ا�ستطعت من ّ‬ ‫الوطن واالنتماء للإن�سان ّية وما زلت �أرد منهله العذب �أتز ّود‬ ‫باجلمال واحلكمة والفل�سفة‪.‬‬ ‫لك كونك «أصغر كاتبة عرب ّية»‪،‬‬ ‫ماذا يعني ِ‬ ‫المهام التي تترتّب على هذا اللقب‪،‬‬ ‫وما‬ ‫ّ‬ ‫ثم ما انعكاسه على شخص ّيتك وتعامل‬ ‫ّ‬ ‫أسرتك‪ ‬ومجتمعك معك ؟‬

‫هي ح�صاد جهد متوا�صل وم�ضن ملجموعة من الن�شاطات‬ ‫ذات الطوابع الثقاف ّية والأدب ّية والعلم ّية والوطن ّية والقيم ّية‬ ‫والإعالم ّية املتوا�صلة واملتّ�صلة مع ق�ضايا وهموم �شعبنا‬ ‫خا�صّ ة �أط��ف��ال فل�سطني بت�سليط ال�ضوء على معاناتهم‬ ‫وقهرهم وفقدانهم للأمل والأم���ان والأم���ن والطفولة من‬ ‫خالل درا�سات وكتابات وبرامج تلفزيون ّية هدفت فيها جميعا‬ ‫�إىل تدعيم الكلمة الفل�سطين ّية والإن�سان ّية احل ّرة‪ ،‬وم�ساعدة‬ ‫�أطفال و�شباب فل�سطني والأخذ بيدهم لتعزيز املعاين العالية‬ ‫امل�ستم ّدة من ديننا وقيمنا و�أجمادنا الغابرة وم�ساعدتهم يف‬ ‫والتوجه امل�ستم ّر نحو العنف‪،‬‬ ‫التخ ّل�ص من خماوفهم وقلقهم‬ ‫ّ‬ ‫ب�صقل بع�ض القيم الثقاف ّية الرتويح ّية الهادفة‪ ،‬وتوجيهها‬ ‫نحو عي�ش الطفولة بك ّل مفرداتها‪.‬‬ ‫�إنّ ك ّل ذلك وخالل ال�سنوات املا�ضية مل يت�أتّ �إ ّال بتعب وجهد‬ ‫وبحث م�ضن ع ّما هو مفيد لأطفالنا وال��ذي ت�� ّوج يف حينه‬ ‫من خالل االتحّ اد العا ّم لكتّاب فل�سطني ومن خالل الأديب‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪41‬‬


‫وال�شاعر النبيل رئي�س االتحّ اد « املتو ّكل طه « الذي �ش ّرفني‬ ‫ي�ضم نخبة من �أدبائنا‬ ‫بالع�ضو ّية يف هذا االتحّ اد املم ّيز الذي ّ‬ ‫وكتّابنا الفل�سطين ّيني‪ ،‬هذا وبقدر ما هو �شرف عظيم يل بقدر‬ ‫ما هو مزيد من امل�س�ؤول ّية واحلر�ص على التم�سّ ك بر�سالتي‬ ‫ونهجي حيث �أنّ �أعباء امل�س�ؤول ّية ك ّلما زادت تتط ّلب مزيدا من‬ ‫الإبداع ومزيدا من االلتزام وال�صدق ‪ ،‬وهي م�س�ؤول ّية �أمت ّنى‬ ‫من اهلل �أن يعينني على حت ّملها بجهود ك ّل الط ّيبني الذين‬ ‫يقفون مع يا�سمني ويدعمونها‪.‬‬ ‫أهم النشاطات األدب ّية والثقاف ّية التي‬ ‫ما هي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شاركت فيها ياسمين على الصعيد المحلي‬ ‫واإلقليمي؟‬

‫�شاركت يف بع�ض الن�شاطات العا ّمة واالحتفاالت واملهرجانات‬ ‫الوطن ّية‪ ،‬كذلك يف بع�ض الن�شاطات الإعالم ّية املتلفزة يف �سنّ‬ ‫مب ّكرة‪ ،‬وقمت ب�إحياء ع�شرات املهرجانات الأدب ّية واالجتماع ّية‬ ‫والوطن ّية وال�سهرات الرم�ضان ّية‪ ،‬و�شاركت يف وفد وزارة الرتبية‬ ‫والتعليم بزيارة ثقاف ّية اجتماع ّية للرنويج‪ ،‬و�شاركت �ضمن‬ ‫وفد جت ّمع م�ؤ�سّ �سات نابل�س بزيارة �إعالم ّية ثقاف ّية لفرن�سا‪،‬‬ ‫‪،‬و�شاركت يف املهرجان ال�شعري لنخبة من �شعراء فل�سطني «‬ ‫مهرجان دير غزالة « جنني‪ ،‬و�آخر م�شاركة مت ّثلت يف زيارة‬ ‫لدولة قطر بدعوة من جامعة ال��دول العرب ّية ملجموعة من‬ ‫املبدعني من الوطن العربي والإقامة مل ّدة �أ�سبوع فيها‪.‬‬ ‫ما هي الصعوبات التي تواجه ياسمين ؟‬

‫يف بداياتي طبعا وك��� ّأي بداية ملن هويف �س ّني كنت �أواج��ه‬ ‫�صعوبة يف ت�صديق النا�س لكلماتي وملا �أفعله‪ ،‬فكان البع�ض‬ ‫يظنّ �أنّ �أحدا يكتب منتح ًال �شخ�ص ّية فتاة يف �سنّ الثانية‬ ‫ع�شرة ‪ ،‬وخا�صّ ة �أنيّ بد�أت م�شواري بدرا�سة بعنوان « �أطفال‬ ‫فل�سطني حتت حراب االحتالل» فلم يكن �أحد ي�ص ّدق �أنّ فتاة‬ ‫يف هذا العمر يكون لها درا�سة بهذا احلجم‪ ،‬لكن احلمد هلل‬ ‫مل تعد تواجهني‪� ،‬أ ّما الآن فيا �أ�سفي تراين خرجت وكربت‬ ‫ودُعمت من كتّاب ال ُعرب قبل كتّاب �أوط��اين‪ ،‬وم�ؤ�سّ �ساتنا‬ ‫الفل�سطين ّية التي مل ت�سمع �أحيانا بيا�سمني و�إن �سمعت مت ّر‬ ‫م��رورا عابرا ال �أجد له تف�سريا‪ ،‬و�إن كان هنالك من دعم‬ ‫يا�سمني فهو مبجهود فردي وقرار ذاتي‪.‬‬

‫كيف كانت بداية العمل اإلعالمي وما هي‬ ‫تقدمينها؟‬ ‫أهمالبرامج التي ّ‬ ‫ّ‬

‫منذ �صغري �شاركت يف بع�ض الن�شاطات الإعالم ّية املتلفزة‬ ‫وكنت يف ك ّل م ّرة �أُ�ست�ضاف ب�أحد الربامج املح ّلية حتّى غدا‬ ‫يل برنامج «تلفزيوين» خا�صّ (نادي الأ�صدقاء) وكنت �آنذاك‬ ‫يف �سنّ العا�شرة ‪.‬‬ ‫والربنامج الذي كنت �أقوم ب�إعداده وتقدميه كان برناجما‬ ‫خم�صّ �صا للأطفال يق ّدم �أ�سبوع ّيا على الهواء مبا�شرة‪،‬‬ ‫ويقوم بالتوا�صل مع الأطفال‪ ،‬ويحاكي طفولتهم وهمومهم‬

‫‪42‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫و�إبداعاتهم بطريقة ثقاف ّية ق ّيمة وترويح ّية هادفة‪ ،‬و�أن��ا‬ ‫�أعترب هذا الربنامج مدخلي لتقدمي بع�ض العون والفائدة‬ ‫والتفريغ النف�سي لأطفال ال ميلكون �إ ّال براءتهم‪ ،‬واحلمد هلل‪.‬‬ ‫و فل�سفتي يف الربنامج تكمن يف خماطبة الأطفال بلغة الكبار‪،‬‬ ‫فمنذ �أن بد�أت بربناجمي اخلا�صّ كانت لغة الأدب والثقافة‬ ‫حا�ضرة لرت�سيخ ك ّل ما هو قيم يف نفو�س �أطفال فل�سطني و لو‬ ‫بح�س الفكاهة الإيجابي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومنذ حوايل عام �أطلقت برناجما جديدا بعنوان(م�شاهد)‬ ‫وهو برنامج اجتماعي ثقايف �أدبي يقف �أمام بع�ض الهموم‬ ‫اليوم ّية ل�شعبنا ي�ستعر�ضها مبحاورة جا ّدة ما بني امل�س�ؤول‬ ‫وامل�شاهد‪ ،‬كمخاوف الطالب من التوجيهي الذي خ�صّ �صت‬ ‫له ‪ 4‬حلقات‪ ،‬والفقر واملعاق وغريها‪� ،‬أو يقف �أم��ام بع�ض‬ ‫امل�شاهد النفي�سة كاملر�أة املنا�ضلة والرجل الع�صامي‪ ،‬ففي‬ ‫ك ّل م ّرة يكون هناك هدف من�شود ي�س ّلط ال�ضوء على هموم‬ ‫حياتنا اليوم ّية واالجتماع ّية ‪.‬‬ ‫فلسطين ‪ ..‬أين تقع هذه الكلمة من كتاباتك‪،‬‬ ‫وهل يمكننا القول إنّها تم ّثل الهدف األسمى‬ ‫لرسالتك األدب ّية؟‬

‫لقد نذرت حريف وقلمي يف هذه املرحلة ليكونا ال�شاهد على‬ ‫ق�ض ّية �شعبي و�أ ّمتي‪ ،‬و�أجنحة حت ّلق يف ف�ضاءات املظلومني‬ ‫واملقهورين والباحثني عن معاين احل ّرية والتح ّرر‪ ،‬ومهما‬ ‫حاولت �أن �أكتب يف مو�ضوعات �أخرى حتمل يف ط ّياتها الفرح‬ ‫واملرح و�ألوان الطفولة وال�صبا‪� ،‬إ ّال �أ ّنني �أعود �إىل ما �أنا عليه‬ ‫و�أجد كلماتي متك ّلفة وك�أ ّنها لي�ست م ّني‪.‬‬ ‫فل�سطني هي نقطة احلياة لك ّل مواطن يف وطنه �أو خارجه‪،‬‬ ‫هي الهو ّية الفل�سطين ّية‪ ،‬هي الدم الذي ي�سري يف العروق‪،‬‬ ‫هي حلم ك�� ّل فل�سطيني ر�سمت خريطته على جبينه حتت‬ ‫جلد �أ�سمر‪ ،‬هي الوطن‪ ،‬هي املا�ضي واحلا�ضر وامل�ستقبل‪،‬‬ ‫هي ح ّقنا يف احلياة واحل ّرية والكرامة‪ ،‬هي الوفاء والإيفاء‬ ‫و الفداء‪.‬‬ ‫بم تهمسين للمبدعين في هذا المجال‪ ،‬وكذلك‬ ‫للمؤسسات الراعية؟‬ ‫ّ‬

‫للمبدعني ‪�:‬إنّ ح�صاد النجاح والتف ّوق والتم ّيز ال يقا�س‬ ‫بال�سنني و�إنمّ ا يح�سب مبا ي�ضيفه املرء من الإجنازات الط ّيبة‬ ‫تعود بالفائدة على املجتمع والأمّ���ة‪ ،‬فقد تع ّلمت احلكمة‬ ‫القدمية من �أهلي مب ّكرا ( فليرتك ك ّل منكم زهرة يف حديقة‬ ‫احلياة )‪ ،‬و�إنّ الآمال العظيمة تبعد ال�ضباب لي�شرق الأمل‬ ‫على �أنامل ك ّل �إبداع‪ ،‬فبالطموح والإ�صرار والتق ّدم يخرتق ك ّل‬ ‫م ّنا طريقة وي�شعل �شمعته لريى الآخرون من خاللها نوره‪.‬‬ ‫وللم�ؤ�سّ �سات الراعية ‪ :‬لدينا فئات �شا ّبة معطاءة ت�ستطيع‬ ‫�أن تق ّدم الكثري من �أجل اجلميع‪ ،‬و�إذا مل تو�ضع يف طريقها‬ ‫املح ّرمات والالءات االجتماع ّية املغلوطة �أخذت فر�صتها يف‬ ‫التعبري عن ذاتها و�إمكاناتها‪.‬‬



‫صبــــــــا‬

‫الصراع النفسي‬ ‫للطفل والحيل‬ ‫ّ‬ ‫الدفاعية‬ ‫الزبري مهداد‬

‫ينشأ الصراع النفسي عن تصادم رغبتين‬ ‫متضادين في نفس‬ ‫متعارضتين أو دافعين‬ ‫ّ‬ ‫المرء‪ ،‬وتكون الرغبتان والدافعان متساويين‬ ‫قوتهما‪ ،‬ما يجعل من الصعب‬ ‫في درجة ّ‬ ‫أو المستحيل إرضاءهما أو إشباعهما معا‬ ‫القوة‪.‬‬ ‫لتناقضهما وتساويهما في‬ ‫ّ‬ ‫والصراع قد يكون وقت ّيا سريع الزوال‪ ،‬كالصراع‬ ‫الناشئ عن اإلكراه على البقاء في البيت‪ ،‬أو‬ ‫زيارة شخص ما ال يحتمله الفرد‪ ،‬وهي أسباب‬ ‫خارج ّية في الغالب ومتأ ّثرة بنزوع شخصي‪،‬‬ ‫وهذا الصراع يزول بزوال الظروف الناشئة‬ ‫أما الصراع المزمن‪ ،‬فتكون أسبابه ثابتة‬ ‫عنه‪ّ .‬‬ ‫في الشخصية‪ ،‬قديمة قد تعود إلى مرحلة‬ ‫الطفولة‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫صبــــــــا‬

‫ال�صراع النف�سي يف الطفولة هو ال�سبب الأ ّول ل�سوء التوافق‪،‬‬ ‫ويخ ّلف �آث��ارا وندوبا عميقة يف نف�س ّية الطفل‪ .‬وقد �أ�شارت‬ ‫درا���س��ات و�أب��ح��اث ع��دي��دة �إىل �أنّ ال�����ص��راع��ات النف�سية‬ ‫تغيات خطرية‬ ‫العنيفة التي مل حتل يف الطفولة ت�ؤ ّدي �إىل رّ‬ ‫يف ال�شخ�صية‪ ،‬وجتعل التوافق يف امل�ستقبل �أك�ثر م�ش ّقة‬ ‫وع�سرا‪ .‬ففي التوافق ال�سوي ي�سعى الطفل �إىل �إ�شباع حاجاته‬ ‫و�إر�ضاء دوافعه‪� ،‬أ ّما يف التوافق غري ال�سوي ف�إنّ دافع الطفل‬ ‫ال يكون �إ�شباع احلاجات بقدر ما هو ال�سعي �إىل خف�ض القلق‪،‬‬ ‫فال�سلوك غري ال�سوي عند الأطفال ينزع �إىل خف�ض القلق‬ ‫الناجت عن �صراع لديهم‪.‬‬ ‫لهذا جند الأط��ف��ال الذين يعانون ال�صراعات‪ ،‬ي�صبحون‬ ‫م�سرفني يف االنفعال �إىل درجة �أ ّنهم يفقدون ال�ضبط العقلي‬ ‫ل�سلوكهم‪ ،‬ويحتار الوالدان يف فهم �أبنائهم ويت�ضايقون من‬ ‫ح ّدتهم االنفعالية و�سلوكهم‪ ،‬وال يجدون ب ّدا من معاملتهم‬ ‫بق�سوة للتح ّكم فيهم وتربيتهم و�ضبط �سلوكهم‪ ،‬وذلك ما‬ ‫ي�ؤ ّدي �إىل م�ضاعفة وزيادة تدهور حالة الأطفال املحتاجني‬ ‫للم�ساعدة‪ ،‬وت��زي��د م��ن ح��� ّدة ال�����ص��راع��ات ال��ت��ي يعانونها‬ ‫وتع ّر�ضهم ملزيد من التوتّرات التي قد ت�صل �إىل درجة القلق‬ ‫يف ح��االت كثرية‪ ،‬قلق ينتج عن التهديد ب��الأذى اجل�سدي‬ ‫وتهديد بتحقري الذات‪.‬‬ ‫�إنّ املواقف ال�صراعية التي يتع ّر�ض لها الأطفال خطرية‪،‬‬ ‫وللتخ ّل�ص من هذه املواقف غري ال�سا ّرة يلج�أ الأطفال �إىل‬ ‫احليل الدفاعية‪ ،‬وهي كثرية متن ّوعة وخمتلفة‪ ،‬يراها الآباء‬ ‫�سلوكا جانحا وال يعون ما ميكن �أن تخفي وراءها من �أ�سرار‬ ‫نف�سية‪ ،‬مثل امليل �إىل العدوان‪ ،‬واالنطواء والنكو�ص وال�سرقة‬ ‫والتخريب وغريها‪ ،‬فال يح�سنون التعامل معها‪.‬‬

‫و�إدراكه �أن يخ ّفف من وقع احل�صر‪� ،‬أو يق ّوي احرتامه لذاته‬ ‫ور�ضاه عن نف�سه‪ ،‬ف�إمكاناته وقدراته ال مت ّكنه من ذلك‪،‬‬ ‫فيقوم الال�شعور باختالق احللول الو�سطى التي يدفن فيها‬ ‫الطفل م�شاعره امل�ؤملة‪.‬‬ ‫تؤدي الصراعات النفسية العنيفة التي لم‬ ‫ّ‬ ‫تحل في الطفولة إلى تغ ّيرات خطيرة في‬ ‫الشخصية‪ ،‬وتجعل التوافق في المستقبل‬ ‫أكثر مشقّ ة وعسرا‬

‫هناك ع ّدة حيل دفاعية يختلف �إح�صا�ؤها وحتديدها بح�سب‬ ‫الباحثني‪ ،‬كما �أنّ هناك عددا من الت�صنيفات التي ترتّب‬ ‫هذه احليل‪ ،‬منها الت�صنيف بح�سب نوع احليلة‪ ،‬كالإ�سقاط‬ ‫يرتّب �ضمن احليل اخلداعية‪ ،‬ويرتّب النكو�ص �ضمن احليل‬ ‫الهروبية‪ ،‬يف حني يعترب التق ّم�ص حيلة ا�ستبدالية‪ .‬وهناك‬ ‫ت�صنيفات �أخرى ت�أخذ بعني االعتبار طبيعة احليل الدفاعية‬ ‫من حيث الب�ساطة والتعقيد‪ ،‬فرتتّبها يف حيل ذهانية تت�ض ّمن‬ ‫الإ�سقاطات الذهانية الوهمية‪ ،‬وحيل بدائية �أو ب�سيطة‪،‬‬ ‫كالإ�سقاط والعدوان ال�سلبي والإنكار‪ ،‬وحيل ع�صابية‪ ،‬وحيل‬ ‫نا�ضجة كالإيثار والت�سامي �أو امليل �إىل ال�سخرية‪ .‬وت�صنيف‬ ‫�آخ��ر يرتّبها �ضمن جمموعتني‪ ،‬جمموعة احليل الأ ّول��ي��ة‪،‬‬ ‫وجمموعة احليل الثانوية‪.‬‬ ‫واحليل النف�سية الدفاعية ت�شرتك جميعها يف خا�صّ يتني‬ ‫اثنتني‪ ،‬الأوىل �أ ّنها تعمل بطريقة ال�شعورية‪ ،‬والثانية �أ ّنها‬

‫الحيــــل الدفاعيــــة‬

‫يطلق عليها يف علم النف�س ا�سم امليكانيزمات �أو احليل‬ ‫العقلية‪ ،‬وهي عبارة عن �سلوك ي�صدر عن الطفل الذي يعاين‬ ‫ال�صراع‪ ،‬والهدف منه لي�س نتائجه املبا�شرة‪ ،‬بل يرمي �إىل‬ ‫تخفيف ح ّدة التوتّر النا�شئ عن الإحباط وا�ستمراره مل ّدة‬ ‫طويلة‪.‬‬ ‫وه��ذه امليكانيزمات حيل ال�شعورية‪� ،‬أي عمليات عقلية‪،‬‬ ‫يقوم بها الفرد دون �إرادة واعية منه‪ ،‬والهدف منها خف�ض‬ ‫القلق‪ .‬فحني ال ي�ستطيع التغ ّلب على امل�شكالت العاطفية �أو‬ ‫النف�سية‪ ،‬يقوم تلقائيا بتحوير ال�صراع عن طريق اختالق‬ ‫حلول و�سطى للم�شاكل التي يعجز عن ح ّلها بواقعية ووعي‪،‬‬ ‫حتّى تتم ّكن ال��ذات العاقلة الواعية من غ�ضّ الطرف عن‬ ‫ال�صراع احلقيقي وجتاهله للتعاي�ش معه ب�أدنى قدر ممكن‬ ‫من الأ�ضرار‪.‬‬ ‫فال�صراع قد يت�س ّبب للطفل يف خ�برات م���ؤمل��ة‪ ،‬كاحل�صر‬ ‫النف�سي‪� ،‬أو �إ�ضعاف احرتامه لنف�سه‪ .‬وال ي�ستطيع بوعيه‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪45‬‬


‫صبــــــــا‬

‫تنكر الواقع وت�ش ّوهه وتز ّيفه‪.‬‬ ‫أهم احليل الدفاعية التي‬ ‫ويف املقالة التالية تعريف موجز ب� ّ‬ ‫يبديها الأطفال يف �سلوكهم اليومي‪ ،‬لأجل فهم هذه احليل‪،‬‬ ‫حتّى ميكننا تف�سري بع�ض املظاهر ال�سلوكية التي يبديها‬ ‫الأطفال‪ ،‬والتي قد تطرح حولها الأ ّمهات والآب��اء عالمات‬ ‫ا�ستفهام كبرية‪ ،‬ويحارون يف فهمها والت�ص ّرف ال�سليم يف‬ ‫مواجهتها‪.‬‬ ‫التقمــــص‬ ‫ّ‬

‫لكي يخ ّل�ص نف�سه من ال�شعور امل���ؤمل الناجت عن الإحباط‪،‬‬ ‫يتوق الطفل �إىل غايات و�أه��داف ح ّققتها �شخ�ص ّية حم ّببة‬ ‫�إليه‪ ،‬فيتق ّم�ص هذه ال�شخ�ص ّية ويدمج نف�سه فيها‪ ،‬فينقل‬ ‫�إىل نف�سه �صفاتها املح ّببة كالنجومية وال�شهرة والقدرات‬ ‫اخلارقة �أو ال�صفات البدنية‪.‬‬ ‫فالتق ّم�ص �أو التماهي حيلة عقلية دفاعية ال�شعورية‪ ،‬يحاول‬ ‫بها الطفل توحيد نف�سه ودجمها مع فرد �آخر بتماهي جانب‬ ‫�أو خا�صّ ية �أو �صفات من هذا الآخ��ر‪ ،‬وجعلها جزءا مك ّونا‬ ‫تغي ك ّلي �أو‬ ‫ل�شخ�ص ّيته اقتداء بذلك ال�شخ�ص‪ ،‬فيح�صل رّ‬ ‫يح�س �أك�ثر بالأمن‬ ‫جزئي على م�ستوى �شخ�ص ّيته؛ حتّى ّ‬ ‫مهم يف من�� ّو ال���ذات وتكوين‬ ‫املن�شود‪ .‬ول��ه��ذه العملية دور ّ‬ ‫�شخ�صية الطفل‪ ،‬ويعتربها �أ�صحاب مدر�سة التحليل النف�سي‬ ‫يتم التماهي مع‬ ‫�ضرورية لت�شكيل الأنا الأعلى‪ ،‬خا�صّ ة عندما ّ‬ ‫الوالدين‪.‬‬ ‫يصبح األطفال الذين يعانون الصراعات‪،‬‬ ‫مسرفين في االنفعال‪ ،‬ويحتار الوالدان‬ ‫حدتهم‬ ‫في فهم أبنائهم ويتضايقون من ّ‬ ‫بدا من‬ ‫االنفعالية وسلوكهم‪ ،‬وال يجدون ّ‬ ‫معاملتهم بقسوة لتربيتهم وضبط‬ ‫سلوكهم‬

‫هذه العملية تبد�أ من املحاكاة الال�شعورية‪ ،‬وتتالحق بالتمثيل‬ ‫ّثم االجتياف (اال�ستدخال �أو التق ُّم�ص) للنموذج‪ .‬فيتب ّنى‬ ‫الطفل م�شاعر �شخ�ص �آخر واتجّ اهاته كما لو كانت م�شاعره‬ ‫و�أفعاله هو‪ ،‬دون �أن يعي الطفل نف�سه �أ ّنه يتب ّنى �سلوك ذلك‬ ‫ال�شخ�ص وم�شاعره واتجّ اهاته‪ .‬فالتق ّم�ص يختلف عن �سلوك‬ ‫التقليد الذي يكون �صادرا عن وعي و�إدراك‪ ،‬بحيث ميكن‬ ‫للرا�شدين املر ّبني �أو املعاجلني من تعديله وتغيريه يف الطفل‬ ‫ب�سهولة‪� .‬أ ّما ال�سلوك الذي َي َت َم َّث ُل ُه الطفل عن طريق التَّماهي‪،‬‬ ‫ف�إ ّنه يكون ثابتا ِن ْ�س ِبيا‪ ،‬ال ميكن تعديله �أو تغيريه مبعزل عن‬ ‫العالج النف�سي ال�شامل للطفل‪.‬‬ ‫التوحد النف�سي والتعاطف‬ ‫كما �أنّ التق ّم�ص يقوم على ّ‬ ‫الكاملني للطفل بال�شخ�ص ّية التي يتماهى معها‪ ،‬وتق ّبل �شامل‬

‫‪46‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫لك ّل �سماتها‪ .‬فالتق ّم�ص يت�أ�سّ �س على ارتباط قوي وحميم‬ ‫بني الطرفني‪ ،‬لي�ست بال�ضرورة عالقة تبادل ّية‪ ،‬فال�شخ�ص ّية‬ ‫املتق ّم�صة‪ ،‬قد يكون �أب��ا �أو قريبا �آخ��ر �أو مد ّر�سا �أو بطال‬ ‫ريا�ضيا‪ ،‬ف ّنانا �أو زعيم ع�صابة‪ ،‬كما قد يكون �شخ�ص ّية وهم ّية‬ ‫من �شخ�صيات "التلفزيون" �أو ال�سينما �أو الر�سوم املتح ّركة؛‬ ‫يح�س الطفل بو�ضوح معامل هذا ال�شخ�ص وبت�شابهه معه‬ ‫ّ‬ ‫وبا�شرتاكهما معا يف بع�ض االنفعاالت وال�سمات‪ ،‬فريتبط‬ ‫به الطفل بروابط عاطفية وعالقة دافئة‪ ،‬ويتمتّع بالن�سبة‬ ‫له بجاذبية قوية‪ .‬ولكي يربز �سلوك التق ّم�ص وير�سخ يحتاج‬ ‫�إىل تعزيز وا�ضح �أو �ضمني‪� ،‬سلبي �أو �إيجابي من الآخرين‪،‬‬ ‫ف�إبداء الآخرين القبول بل وحتّى الرف�ض �أحيانا يعمل كمعزّز‬ ‫لهذا ال�سلوك‪.‬‬ ‫النكــــوص‬

‫لفظ النكو�ص يف علم النف�س يعني عودة �أو ارتداد ال�شخ�ص‬ ‫�صوب مرحلة �أ ّولية �سبق �أن م ّر بها ّ‬ ‫وتخطاها‪� .‬أو الثبات يف‬ ‫مرحلة من ّو دون االنتقال �إىل املرحلة املوالية‪ .‬فخالل م�سرية‬ ‫من ّوه‪ ،‬يجتاز الطفل مراحل معلومة مم ّيزة‪ ،‬فمثال من غري‬ ‫املقبول �أن مي�صّ طفل االبتدائي �أ�صبعه‪ ،‬لأنّ هذا ال�سلوك‬ ‫مرتبط مبرحلة من ّو �سابقة؛ �إ ّال �أنّ ذلك قد يح�صل �أحيانا‪،‬‬ ‫فيعود الطفل �إىل �أ�ساليب يف التعبري وال�سلوك جتاوزها خالل‬ ‫من ّوه وتق ّدمه نحو الن�ضج‪.‬‬ ‫الطفل الذي تواجهه �صراعات نف�س ّية قو ّية يعجز عن ح ّلها‬ ‫بوعيه‪ ،‬قد يتع ّر�ض للنكو�ص‪� ،‬أي يتقهقر يف من�� ّوه النف�سي‬ ‫والعاطفي‪ ،‬ويعود جم ّددا �إىل �أمناط التعبري البدائية املالزمة‬ ‫ملرحلة من ّو �سابقة‪ ،‬في�ستعمل �آليات �صبيانية‪ ،‬يف حني ينتظر‬ ‫منه والداه �أمناط تعبري تتم ّيز بالن�ضج والتط ّور وتالئم عمره‬ ‫الزمني‪.‬‬ ‫ومن مظاهر النكو�ص املنت�شرة ظاهرة التب ّول ال�لا�إرادي‬ ‫يف الفرا�ش ليال‪ ،‬والذي قد يعود �إليه الطفل و الطفلة بعد‬ ‫�أن يكونا قد تركا هذه العادة‪ ،‬وقد يعودان �إىل الت�ش ّبث بالأ ّم‬ ‫واالعتماد عليها يف ق�ضاء خمتلف احلاجات وتلبية الطلبات‪،‬‬ ‫بعد �أن بد�آ ي�ستق ّالن عنها‪� .‬أو قد ي�صبح الطفل َب ّكا ًء يكرث‬ ‫من ال�شكوى والتذ ّمر‪� ،‬أو قد يحبو جم ّددا‪ ،‬مق ّلدً ا من ي�صغره‬ ‫�س ًنا‪ ،‬مع العلم �أ ّنه ي�ستطيع امل�شي على قدميه؛ �أو قد يتناول‬ ‫ر�ضّ اعة �شقيقه ال�صغري �أو م�صّ ا�صته‪.‬‬ ‫كما �أنّ���ه م��ن ال�سهل مالحظة بع�ض املظاهر ال�سلوكية‬ ‫النكو�صية على بع�ض الأطفال عند ميالد �إخوة لهم يثريون‬ ‫غريتهم ال�شديدة حني ي�ستحوذون على ك ّل رعاية الوالدين‬ ‫واهتمام الأ�سرة‪ .‬والنكو�ص قد يكون ظرفيا وعابرا‪ ،‬كما يف‬ ‫حاالت املر�ض العابر الذي يق ّوي �صورة الطفول ّية ‪ ،‬و�أحيانا‬ ‫يكون النكو�ص م�ستداما يف حاالت ه�ستريية باخل�صو�ص‪،‬‬ ‫حيث يكون عامال قويا من عوامل ت�شكيل املر�ض العقلي‪ .‬كما‬


‫اإلسقــــاط‬

‫ين�سب الفرد ما يف نف�سه من عيوب و�صفات غري مدعومة‬ ‫�إىل غ�يره من النا�س ويل�صقها بهم‪� ،‬أي اتّ��ه��ام الآخرين‬ ‫بالنق�ص ل�صرف الأنظار عن نف�سه �إليهم‪ ،‬لأ ّنه يريد القول‬ ‫�أنّ��ه لي�س الوحيد ال��ذي يتّ�صف بالنق�ص فالآخرون لديهم‬ ‫نقائ�ص مماثلة‪ .‬وعندها ي�شعر يف قرارة نف�سه بارتياح خفي‪.‬‬ ‫فهناك جمموعة م��ن ال�صفات �أو امل�شاعر �أو الرغبات‬ ‫الطفولية التي يحملها الطفل‪ ،‬ولك ّنه يف قرارة نف�سه ال يح ّبها‬ ‫�أو ي�شعر �أ ّنها مرفو�ضة اجتماعيا‪ ،‬فيحاول التخ ّل�ص منها‬ ‫وطردها بنقلها �إىل العامل اخلارجي �إىل �أ�شخا�ص �آخرين‬ ‫ناعتا �إ ّياهم بها ‪ ،‬ونافيا �إ ّياها عن ذاته‪� .‬سعيا منه �إىل تربئة‬ ‫الذات امله ّددة‪.‬‬ ‫والإ�سقاط �أوالية نف�سية بدائية ج ّدا‪ ،‬تعتربها ميالين كالين‬ ‫الأ�سلوب الأ ّول الذي ي�ستخدمه الطفل للتعامل مع العامل‪،‬‬ ‫ويبعد به عن ذاته ك ّل ما ي�ؤمله �أو ي�ؤذيه‪( .‬ويعترب هذا مبثابة‬ ‫عملية دفاعية تتط ّهر بها الأن��ا من الظواهر النف�سية غري‬ ‫املرغوب فيها‪ ،‬والتي �إن بقيت �س ّببت الأمل للأنا‪.‬‬ ‫والإ�سقاط ينت�شر بكرثة يف احلياة العادية للأطفال‪ ،‬و�أحيانا‬ ‫ال مي ّيز الآباء بينه وبني الكذب‪ ،‬بل يعتربونه كذبا‪ ،‬فالطفل قد‬ ‫يعتدي على طفل �آخر‪ ،‬ولك ّنه قد ي ّدعي �أنّ الآخر هو املعتدي‪،‬‬ ‫فهذا �شكل من �أ�شكال الإ�سقاط؛ وقد نعاين الطفل مي�ضغ‬ ‫احللوى مبلء فيه‪ ،‬وحني ن�س�أله ع ّمن �أكل احللوى‪ ،‬ينكر فعلته‬ ‫وين�سبها للآخر‪ ،‬رغم �أنّ �آثار احللوى وبقاياها متلأ وجنتيه‬ ‫وت�صبغ �شفتيه‪ ،‬ونكران الطفل يف هذه احلالة �أي�ضا �شكل من‬ ‫�أ�شكال الإ�سقاط‪ ،‬وال يع ّد من وجهة النظر النف�سية كذبا‪.‬‬ ‫يكرث تكرار ا�ستعمال الإ�سقاط يف كثري من اال�ضطرابات‬ ‫النف�سية العادية غ�ير املر�ض ّية‪ ،‬فالإ�سقاط حيلة نف�سية‬ ‫دفاعية ف ّعالة �ض ّد �أن��واع كثرية من القلق‪ ،‬لأنّ��ه ي���ؤ ّدي �إىل‬ ‫ت�صريف ال�ضغوط النف�سية الداخلية‪ ،‬ولك ّنه يح ّرف وي�ش ّوه‬ ‫ال��ع�لاق��ات م��ع الآخ����ر‪ ،‬ومي��ك��ن �أن ت�ترتّ��ب عنه م�شاكل يف‬ ‫العالقات والتفاعالت االجتماعية للطفل‪.‬‬

‫صبــــــــا‬

‫�أنّ تكرار ال�سلوك النكو�صي عند الطفل �أو الطفلة ّ‬ ‫يدل بق ّوة‬ ‫على خلل يف ن�ضج ال�شخ�صية‪.‬‬

‫القا�سي �أحيانا كثرية‪ ،‬رغم �آثاره النف�سية الوخيمة عليهم‪.‬‬ ‫وهذه احليل الدفاعية النف�سية الغاية منها �إحداث التوافق‬ ‫النف�سي‪ ،‬و�إزالة التوتّر الناجت عن الإحباطات وال�صراعات‬ ‫التي ته ّدد �أمنه النف�سي وال يجد لها ح ّال جذريا عقالنيا‬ ‫و�سليما‪ ،‬فاحليل النف�سية مبثابة �أ�سلحة الدفاع النف�سي‪،‬‬ ‫للحفاظ على التوازن النف�سي وتخفيف درجة القلق‪ ،‬وهي‬ ‫عادية و�سو ّية يف حياة ك ّل �إن�سان‪ ،‬ال يجب �أن تدعو للقلق بل‬ ‫يجب التعامل معها بحكمة وعقالنية وذكاء ‪.‬‬ ‫يسهل مالحظة بعض المظاهر السلوكية‬ ‫النكوصية على بعض األطفال عند ميالد‬ ‫إخوة لهم يثيرون غيرتهم الشديدة حين‬ ‫ّ‬ ‫كل رعاية الوالدين‬ ‫يستحوذون على‬ ‫واهتمام األسرة ‪.‬‬

‫بل والأخطر هو �أنّ ف�شل احليل النف�سية الدفاعية يف حتقيق‬ ‫غاياتها قد ي���ؤ ّدي �إىل نتائج وخيمة ال ميكن التح ّكم فيها‪،‬‬ ‫�أ�سهلها و�أب�سطها املرور �إىل الفعل املبا�شر‪ ،‬وهو يف الغالب‬ ‫العدوان البدين على الذات �أو الآخر‪ ،‬و�أ�سو�أها على الإطالق‬ ‫اال�ضطرابات النف�سية والعقلية املر�ض ّية العميقة‪ ،‬كالع�صاب‬ ‫وال��ذه��ان‪ ،‬و�أن���واع االكتئاب املع ّقدة التي ت�شهد على ف�شل‬ ‫ميكانيزمات الدفاع النف�سي يف فرتة الطفولة‪.‬‬ ‫لأج��ل ذل��ك‪ ،‬وحماية للطفولة من خماطر اال�ضطرابات‬ ‫النف�سية التي ته ّددها‪ ،‬ينبغي على الوالدين واملر ّبني التفاعل‬ ‫والتعامل بحنان �شامل مع الأطفال‪ ،‬وتف ّهم حيلهم الدفاعية‪،‬‬ ‫ومراقبتها وتق ّبلها‪ ،‬ومعاجلة الطفل بلطف بالغ واال�ستعانة‬ ‫باال�ست�شاريني والأط��بّ��اء النف�سيني للتح ّكم يف ال�سلوكيات‬ ‫ال�ضا ّرة املقلقة‪.‬‬

‫لمــــــاذا ؟‬

‫�إنّ الذي يجعل الطفل يتّجه نحو التق ّم�ص �أو النكو�ص بدل‬ ‫غريه من ردود الفعل‪ ،‬هو التاريخ التعزيزي لل�سلوك‪� ،‬أي‬ ‫الظروف ال�سابقة امل�شابهة التي ج ّرب فيها ر ّد الفعل ولقي‬ ‫تعزيزا‪ ،‬ولي�س �ضروريا �أن يكون التعزيز يف �شكل مكاف�أة �أو‬ ‫�سكوت‪ ،‬بل يكفي �أن يح ّقق للطفل حاجته لت�أكيد ذاته‪ ،‬فت�أكيد‬ ‫الذات عند الطفل وحمايتها مو�ضوع رئي�س‪ ،‬وهدف جلميع‬ ‫ا�ستجاباته ال�سلوكية وردود فعله‪ ،‬ولو لقي يف �سبيل ذلك‬ ‫ال�ضرب والأذى‪ ،‬فهذا العقاب ي�صبح يف هذه احلالة تعزيزا‬ ‫وي�ؤ ّدي يف �أغلب الأحيان �إىل تثبيت اال�ستجابة ال�سلوكية؛ وما‬ ‫�أك�ثر ما يتع ّر�ض �أطفالنا لهذا ال�شكل من العقاب البدين‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪47‬‬


‫وشــــائج‬

‫األهل شركاء‬ ‫في تربية األبناء‬ ‫�سامية ال�سيد‬

‫األم في معظم األحيان أن يتدخل أحد‪-‬‬ ‫ترفض ّ‬ ‫باستثناء األب ‪ -‬في تربية أبنائها أ ًّيا كان هذا‬ ‫األم في قرارة نفسها‬ ‫تردد ّ‬ ‫الشخص‪ ،‬وكثي ًرا ما ّ‬ ‫“علي أن أكافح وأناضل وأجاهد‪ ،‬حتّى أكون‬ ‫‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أنا الوحيدة التي تر ّبي أبناءها‪ ،‬ال أحد يتدخّ ل‪،‬‬ ‫ال أحد يملي عليهم‪ ،‬ال أحد …إلخ” مثل هذا‬ ‫التص ّلب كفيل بأن يخلق مشكالت ومهاترات‬ ‫الحق في تربية ونصح‬ ‫أسر ّية من مبدأ‪ :‬من له‬ ‫ّ‬ ‫وإرشاد األبناء ؟ أنا أم أقاربى ؟ وإن تدخَّ َل األقارب‬ ‫فما هى حدود تدخّ التهم ؟‬

‫‪48‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫عندما ن�سرت�سل يف ت�ص ّلبنا نحن الأ ّمهات‪ ،‬وجنعل من �س�ؤالنا‬ ‫هذا ق�ض ّية‪ :‬من ميتلك احلقّ يف تربية الأبناء؟ الأب��وان �أم‬ ‫املق ّربون �إلينا ( اجل ّد– اجل ّدة مث ًال )؟‪ .‬ف�إننا دون ان نعي‬ ‫قد جنعل من �أبنائنا خط ًرا يه ّدد احلياة الأ�سر ّية باالنهيار‬ ‫لنقف مع �أنف�سنا وقفة �صدق ون�س�أل‪ :‬من ه�ؤالء الذين يحاولون‬ ‫ّ‬ ‫التدخل يف حياتنا وحياتهم؟ هل هم �أغراب ع ّنا �أم �أقرباء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لنا؟ الإجابة �أنهم �أنا�س لهم كل االحرتام والتقدير‪ ،‬وجميعنا‬ ‫يحرتم الذين ميلكون فه ًما �أ�صي ًال وثابتًا للقيم اخلا�صّ ة‪ ،‬وهم‬ ‫كالما‪ -‬ولك ّنهم يط ّبقونها‬‫بهذه املبادئ ال يكتفون ب�إعالنها‬ ‫ً‬ ‫يف حياتهم اليوم ّية‪ ،‬وك ّل هذا ال ميكن �إنكاره على ه�ؤالء‪ ،‬ولكي‬ ‫تكوين متعاملة مع من حولك بفنّ ي�ضفي عليك وعلى حياتك‬ ‫وحياة �أ�سرتك اال�ستقرار وال�سعادة‪� ،‬إليك عزيزتي الأ ّم ع�شر‬ ‫و�صايا لفنّ احلياة مع الأقارب واحلماة‪.‬‬ ‫‪ -1‬كوني مرنة ‪:‬‬

‫املرونة يف معاملة �أقاربك �ضرور ّية لأ ّنهم يتعاملون ب�شعور‬ ‫�أ ّنهم جزء من الأ�سرة لأ ّنهم ي�شاركوننا �أفراحنا ويحزنون‬ ‫لأحزاننا‪ ،‬فال ب ّد هنا �أن ترتكي لهم جما ًال ولو حمدودًا‪ ،‬مثل‬ ‫�أن ي�ساعدوك يف ح ّل بع�ض الأزمات الرتبو ّية التي حتدث مع‬ ‫الأبناء‪ ،‬وذلك من خالل فتح حوار ومناق�شة بع�ض الأزمات‬


‫‪ -2‬إ ّياك والخالفات ‪:‬‬

‫ما من �شيء يجعل �آباءنا و�أ ّمهاتنا نحن الأزواج ي�شعرون‬ ‫بتعا�سة م��ن �أن يعلموا �أنّ��ن��ا ل�سنا على وف��اق م��ع �أبنائنا‪،‬‬ ‫فيحاولوا تقدمي امل�ساعدة والعون والن�صح ب�أ�سلوبهم اخلا�صّ‬ ‫الذي قد ال يتوافق مع طريقتنا يف الرتبية‪.‬‬ ‫هنا عليك �أ ّيتها الأ ّم �أ ّال تظهـري هــذه اخلالفــات ( مع‬ ‫الأق��ارب ) �أم��ام الأبناء؛ لأنّ��ك �إن �أظهر ِتها �أمامهم ف�أنت‬ ‫من دون �أن ت�شعري تعملني على تدمري اجلوانب امل�شرقة يف‬ ‫حياة �أبنائك‪ ،‬فت�صنعني منهم �شخ�ص ّيات مع ّقدة ال تعرف‬ ‫�إ ّال اخلالفات؛ لأنّ هذه الأ�شياء قد تع ّدها بع�ض الأ ّمهات‬ ‫ب�سيطة‪ ،‬ولك ّنها تلقي بظاللها الداكنة على م�ستقبل الأطفال‪.‬‬ ‫متفهمة ‪:‬‬ ‫‪ -3‬كوني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويتدخل اجل ّد �أو اجل ّدة فيه‬ ‫عندما يحدث موقف ما البنك‬ ‫ب�أ�سلوب ال يالئمك و�أن��ت وقتها م��وج��ودة وحا�ضرة‪ ،‬فمن‬ ‫ال�ضروري �أن ّ‬ ‫تتدخلي بنف�سك حل�سم هذا املوقف‪ ،‬ولكن بفهم‬ ‫وحكمة ودون �أن تُ�ش ِعري ( اجل ّد �أو اجل ّدة ) بتف ّردك بح ّل‬ ‫امل�شكالت‪ ،‬وبهذا تبنني ج�سور التوا�صل والتفاهم مع �أقاربك‪،‬‬ ‫وهذا يتط ّلب منك ح�سن اال�ستماع و�أن يكون �سماعك �أكرث‬ ‫من الكالم‪.‬‬ ‫الظن ‪:‬‬ ‫‪ –4‬ال تسيئي‬ ‫ّ‬

‫�أن ت�ضعي ثقتك يف �أقربائك ب�أ ّنهم لن ي�ض ّروا ب�أبنائك‪،‬‬ ‫و�سيعاملونهم ك�أبنائهم عند غيابك يف العمل مث ًال‪ ،‬وال‬ ‫ت�شعريهم بخوفك منهم على الأطفال‪ ،‬فقد ي�ستفيد الطفل‬ ‫منهم يف ن�صيحة من ن�صائحهم �أو يف توجيه منهم له يف‬ ‫حياته‪.‬‬ ‫‪ – 7‬ال تجعليها منافسة‪:‬‬

‫دعي �أهل زوجك و�أقاربك يعرفوا ماذا تتو ّقعني منهم‪ ،‬وما‬ ‫ّ‬ ‫ح��دود ّ‬ ‫التدخل)‬ ‫تدخالتهم يف حياتك اخلا�صّ ة (مناطق‬ ‫احلب والتقدير‬ ‫من خالل احلوارات ال�صريحة التي يظ ّللها ّ‬ ‫واملو ّدة‪ ،‬و�ضعي يف ذهنك �أنّ الأمومة ر�سالة عظيمة ولي�ست‬ ‫مناف�سة �شعب ّية “ف�إذا ّ‬ ‫تخطى � ّأي م��ن �أق��ارب��ك احل��دود‬ ‫بحب‬ ‫املر�سومة ل��ه عليك حينها �أن ت�ص ّوبي ه��ذا اخل��ط���أ ّ‬ ‫ومو ّدة‪ ،‬وتذ ّكري �أ ّنه عند ت�صحيح �أخطاء الآخرين �أنّ اجلميع‬ ‫يخطئ مبن فيهم �أنت فق ِّومي �أخطاءك �أ ّو ًال‪.‬‬ ‫‪ – 8‬ليس أمام اآلخرين ‪:‬‬

‫جت ّنبي معاقبة ابنك �أمام الآخرين ف�سوف ينقدك الآخرون‬ ‫يف �أ�سلوبك الرتبوي ويقودهم ذلك تلقائ ًّيا �إىل �أن ي�ست�سهلوا‬ ‫عقاب ابنك‪ ،‬هذا ف�ض ًال عن �شعور ابنك بالدون ّية واملهانة‪.‬‬ ‫اجعلي ح�سابك ومعاقبتك له بينك وبينه فقط حتّى يعتمد‬ ‫على نف�سه وال يهان �أمام الآخرين‪ ،‬بل تع ّمدي مدحه ومكاف�أته‬ ‫�أم��ام الغري وال تغايل يف ه��ذه �أو تلك حتّى ت�صل ر�سالتك‬ ‫باحرتام وتقدير للأبناء‪.‬‬

‫ال تظ ّني �أنّ �أقاربك يف ّكرون بطريقة غري طريقتك‪ ،‬وحتّى‬ ‫تبعدي �أو ت�ؤ ّكدي هذا الظنّ ‪ ،‬ا�ستمعي �إىل وجهة نظرهم‬ ‫واحر�صي �أن تكون طرق االتّ�صال مفتوحة بينكم لتتع ّريف‬ ‫اتجّ اهات تفكريهم‪ ،‬واعلمي �أنّ ال�صراخ والهياج والتف ّوه‬ ‫بكلمات ّ‬ ‫ه�شة‪ ،‬يق ّلل من احرتامك �أم��ام نف�سك والآخرين‪،‬‬ ‫فالطفل يريد لأ ّمه و�ض ًعا اجتماع ًّيا مم ّيزًا يفخر به‪.‬‬

‫‪ –9‬ال تسخري ‪:‬‬

‫�إذا ارتكب �أحد الأق��ارب خط�أ ما �أمام �أحد �أطفالك‪ ،‬وكان‬ ‫ه��ذا اخل��ط���أ عفو ًّيا وغ�ير مق�صود‪ ،‬ف�لا ت�سخري ؛ لأنّ��ك‬ ‫جرحا نف�س ًّيا وقد تكونني‬ ‫ب�سخريتك هذه قد ت�س ّببني لطفلك ً‬ ‫– بح�سن ن ّية – تد ّربينه على فنون ال�سخرية‪ ،‬فيمار�سها‬ ‫عليك يف الكرب‪.‬‬

‫‪ – 5‬اللباقة أساس النجاح‪:‬‬

‫‪ – 10‬مشكالتك داخل بيتك ‪:‬‬

‫قد تعود ابنتك من املدر�سة‪ ،‬وبوجود والدة زوجك معك وتقول‬ ‫أحب ما ّدتها”‬ ‫لك‪�“ :‬أ ّمي‪� ،‬إ ّنني �أكره مُدَ ِّر�سة اللغة العرب ّية وال � ّ‬ ‫ّ‬ ‫فتتدخل حينها ج ّدتها يف احلديث نا�صحة ابنتك ‪“ :‬عليك �أن‬ ‫ّ‬ ‫حت ّبي هذه املا ّدة يا حفيدتي‪ ،‬وعليك �أال تكرهي �أحدً ا “‪ ،‬هذا‬ ‫املوجه من ج ّدتها‪ ،‬فما طريقتك �أنت ؟‬ ‫هو الن�صح ّ‬ ‫عليك �أن ت�س�أيل ابنتك عن �سبب �شعورها بالكره للما ّدة ؟‬ ‫فب�إجاباتها عن �س�ؤالك �سوف ت�شرح لك �شعورها و�أ�سباب‬ ‫كرهها‪ ،‬وبهذا تكونني قد منحت البنتك جما ًال للتعبري عن‬ ‫م�شاعرها حيث تجُ َ ِّلي لك كث ًريا من �أفكارها دون �أن ي�شعر‬ ‫الآخرون بعدم قدرتهم على ذلك‪.‬‬

‫وشــــائج‬

‫التي ُمت ِّرين بها؛ لأ ّنك �ست�ستفيدين من ن�صائحهم ولو بجزء‬ ‫منها‪ ،‬و� ً‬ ‫أي�ضا �أقاربك الذين ا�ست�شر ِتهم �سي�شعرون حينها‬ ‫بقيمتهم لديك ومنـزلتهم الكرمية عندك‪.‬‬

‫‪ – 6‬الثقة المتبادلة ‪:‬‬

‫يقال‪� :‬إنّ امل�شكالت الزوج ّية‪“ :‬بهارات احلياة” وال يخلو‬ ‫بيت من اخلالفات‪ ،‬ف�إذا ما حدث هذا الأمر و�أ ّدى �إىل توتّر‬ ‫اجل ّو يف �أ�سرتك‪ ،‬فعليك �أ ّال ت�شعري �أقاربك بذلك‪� ،‬صحيح‬ ‫قد يكون الأمر �صع ًبا عليك يف بع�ض الأحيان‪� ،‬إ ّال �أ ّنه لي�س‬ ‫م�ستحي ًال‪� .‬إنّ �إح�سا�س الأقارب مب�شكالتنا يجعلهم يتح ّملون‬ ‫�أعباء �إ�ضاف ّية تثقل كاهلهم‪ ،‬وعندما يحاولون م�ساعدتنا‬ ‫نرف�ض‪ ،‬ومن هنا ف�أنت يف غنى عن م�شكلة جديدة‪ ،‬فاحتفظي‬ ‫مب�شكالت بيتك لنف�سك‪ ،‬وحاويل ّ‬ ‫وحب‪ ،‬فلن‬ ‫تخطيها بوئام ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتخطاها �إ ّال �أكرثكما ‪-‬الزوج والزوجة‪ -‬حكمة‪.‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪49‬‬


‫قضــــايــــا‬

‫المـرأة ضحية‬

‫عصر الصورة‬ ‫�سامية ال�سيد‬

‫نحن نعيش في عصر الصورة ‪ .‬مقولة تؤكّ دها‬ ‫مركز ّية الصورة في حياتنا المعاصرة ‪ ،‬فهي‬ ‫ّ‬ ‫كل مكان ر ّبما على حسـاب‬ ‫تحاصرنا في‬ ‫الفكرة ‪ .‬الوسيلة األولى في صناعة عصر‬ ‫الصورة كانت وال تزال المرأة ‪ ،‬وهي أيضا ضح ّيته‬ ‫األولى ‪ ،‬فقد فرض عليها هذا العصر سجنا‬ ‫جديدا لصورتها ال يجب أن تغادره ‪ .‬والمثير أنّها‬ ‫تكافح من أجل البقاء في هذا السجن الذي‬ ‫يحدد لها معالم صورتها الجسد ّية بال مب ّرر من‬ ‫ّ‬ ‫تم استدراج المرأة‬ ‫عقل أو منطق أو دين ‪ .‬كيف ّ‬ ‫إلى هذا السجن االختياري ‪ .‬هذه رحلة نفس ّية‬ ‫المهمة يقودنا فيها الدكتور‬ ‫إلى هذه القض ّية‬ ‫ّ‬ ‫الطب النفسي ‪.‬‬ ‫استشاري‬ ‫وائل أبوهندي‬ ‫ّ‬

‫‪50‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫المحددة‬ ‫وهم النقطة‬ ‫ّ‬

‫قضــــايــــا‬

‫�إذا تك ّلمت مع � ّأي �شخ�ص يف جمتمعاتنا احلديثة عن الوزن‬ ‫املثايل ف�إ ّن ُه يبادرك بالقول �إ ّن ُه الوزن املفرو�ض للإن�سان وهو‬ ‫مطروحا‬ ‫�أن تزن بالكيلو جرام ما ي�ساوي طولك بال�سنتيمرت‬ ‫ً‬ ‫منه ‪ 105‬بالن�سبة للرجال �أو ‪ 100‬بالن�سبة للن�ساء‪ ،‬ف�إذا‬ ‫�س�ألت ملاذا؟ �أو على � ّأي �أ�سا�س ف�إنّ الإجاب َة احلا�ضر َة على‬ ‫ال�صحي!‪ ،‬والنا�س يف‬ ‫هي �أنّ هذا هو الوزن‬ ‫ّ‬ ‫�أل�سنة اجلميع َ‬ ‫واق��ع الأم��ر غري ملومني يف ذلك لأ ّنهم ي��ر ّددون ما �سمعوه‬ ‫مدعما‬ ‫من ٍ‬ ‫طبيب يف �إح��دى امل�� ّرات �أو ما �سمعوه و�شاهدوه ّ‬ ‫بال�صورة والتعليق يف �أحد �أجهزة الإعالم املرئ ّية‪ ،‬ومن كرثة‬ ‫ما تك ّر َر هذا املفهوم مل يعد �أح ٌد يف ّك ُر يف �أ�صل هذا املفهوم‬ ‫وف�صله‪.‬‬ ‫فقد تق�صّ ينا مفهوم الوزن املثايل لنجدَ �أنّ �أ�صل هذا املفهوم‬ ‫�إنمّ ا نب َع من جداول �أع ّدها خربا ُء �ش�ؤون الت�أمني على احلياة‬ ‫يف �إح��دى �شركات الت�أمني الأمريك ّية ‪ ،‬منها ما و�ض َع يف‬ ‫اخلم�سينات من القرن املا�ضي‪ ،‬ومنها ما اعت َرب تعدي ًال و�ض َع‬ ‫ُ‬ ‫يف الثمانينات من ذلك القرن � ً‬ ‫اجلداول املبن ّي ُة‬ ‫أي�ضا‪ ،‬وهذه‬ ‫على �أبحاث �شركات الت�أمني على احلياة والتي كانت تبحثُ‬ ‫�صحة � َ‬ ‫أف�ضل وقدرة على احلياة‬ ‫عن الأوزان التي يتو ّق ُع لها ّ‬ ‫لفرت ٍة � َ‬ ‫هي‬ ‫أطول لكيال تخ�سر �شركاتُ الت�أمني بالطبع‪ ،‬هذه َ‬ ‫� ُ‬ ‫النا�س جمي ًعا وعلى‬ ‫أ�صول مفهوم الوزن املثايل والذي ُ‬ ‫يرغب ُ‬ ‫م�ستوى العامل يف الو�صول �إليه والبقاء يف حدوده‪ ،‬ف�إىل � ّأي‬ ‫ُ‬ ‫اجلداول �صحيحة؟‬ ‫حدٍّ كانت املعلومات التي بنيت عليها هذه‬ ‫ٌ‬ ‫م�شكوك يف �صالح ّيته للتعميم على املجتمع الذي‬ ‫‪ ،‬ك ّل ذلك‬ ‫�أجريت فيه هذه الدرا�سات (�أي املجتمع الأمريكي) فما‬ ‫بالكم بتعميمها على ك ّل املجتمعات الب�شر ّية؟ عل ًما �أنّ هذا‬ ‫ُ‬ ‫احلادث بالفعل!‬ ‫التعميم هو‬

‫يتم ب�سهول ٍة لأنّ ما يتناولونه من غذاء حتّى‬ ‫�إىل �سابق وزنهم ّ‬ ‫يتم‬ ‫ي�سمح با�ستهالكه كطاقة و�إنمّ ا ّ‬ ‫و�إن كانَ �أق ّل من املعتاد ال ُ‬ ‫تخزينه كدهون‪ ،‬وذلك من خالل تغيريات ُ‬ ‫حتدث يف مع ّدالت‬ ‫توزيع الطاقة احليو ّية وعمل ّيات اال�ستقالب؛‬ ‫ترزح حياة الماليين من الناس في الغرب‬ ‫بين صاالت الحمية المنحفة وعيادات‬ ‫التجميل‪ ،‬بسبب ضغوط ثقافة الصورة‬ ‫والعناية بالشكل على حساب المضمون‪.‬‬

‫َ‬ ‫فهناك من يرونَ �أنّ اجل�سد قد يدافع �ض ّد النزول عنها‪ ،‬لك ّن ُه‬ ‫ال يدافع �ض ّد الزيادة عنها مبعنى �أنّ ال�شخ�ص �إذا ق ّل وزنه‬ ‫مر�ض �أو ما �إىل ذلك‪ ،‬ف�إنّ اجل�سد �سيحارب من �أجل‬ ‫ب�سبب ٍ‬ ‫الرجوع �إىل وزن النقطة املح ّددة بعد انتهاء �سبب النحول‪،‬‬ ‫لكنّ اجل�سد �إذا زاد وزن�� ُه لن يفعل نف�س ال�شيء‪ ،‬و�إذا ما‬ ‫ا�ستم َّر الوزن زائدً ا لفرت ٍة طويل ٍة ف�إنّ النقط َة املح ّدد َة ُت َعـ َّدل‬ ‫عدد من الدرا�سات‬ ‫نتائج ٍ‬ ‫لت�صبح نقط ًة حم ّدد ًة جديدة‪ ،‬لكنّ َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫وزن‬ ‫عند‬ ‫توازنه‬ ‫عن‬ ‫ع‬ ‫يداف‬ ‫ا‬ ‫أي�ض‬ ‫�‬ ‫اجل�سد‬ ‫�‬ ‫إىل‬ ‫�‬ ‫ت�ش ُري أنّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ ينّ ٍ‬ ‫�ض ّد ال��زي��ادة‪ ،‬ففي �إح���دى ال��درا���س��ات التي �أج��ري��ت على‬ ‫امل�ساجني الذين تط ّوعوا للم�شاركة يف درا�س ٍة �ضاعفوا فيها‬ ‫من ال�سعرات احلرار ّية التي يتناولونها مل ّدة �ستّة �أ�شهر‪ ،‬وقد‬ ‫زاد وزن معظمهم قلي ًال يف البداية �إ ّال �أ ّنهم �سرعان ما زاد‬ ‫مع ّدل حاالتهم اال�ستقالب ّية بحيثُ تو ّقفت �أوزان �أج�سادهم‬ ‫عن ال��زي��ادة رغ��م ا�ستمرارهم يف تناول �ضعف ال�سعرات‬ ‫احلرار ّية املعتادة لك ّل منهم‪.‬‬

‫نوعا من الثبات على وزن ما �أو يف‬ ‫معظم الأف��راد يظهرونَ ً‬ ‫حدود هذا الوزن‪ ،‬كما يرجعونَ �إىل هذا الوزن ك ّلما َ‬ ‫تغي‬ ‫حدث رّ ٌ‬ ‫ل�سبب �أو لآخر �أثناء حياتهم‪ ،‬وقد �أ ّدت هذه املالحظاتُ ‪،‬‬ ‫فيه ٍ‬ ‫�إ�ضاف ًة �إىل �أخرى م�ستم ّدة من التجارب على احليوانات �إىل‬ ‫كائن‬ ‫افرتا�ض وج��ود نقط ٍة حيو ّي ٍة حم�� ّدد ٍة ل��وزن ج�سد ك ّل ٍ‬ ‫ب�شري يقوم اجل�سد فيها بوظائفه الب�شر ّية على �أ ّمت وجه‪.‬‬ ‫ممن يتّبعونَ نظام حمي ٍة لإنقا�ص الوزن‬ ‫وبذلك‬ ‫ي�صبح كثريون ّ‬ ‫ُ‬ ‫مما يجعل‬ ‫�إنمّ��ا يحاربونَ �أم��ام برجمة �أج�سادهم احليو ّية ّ‬ ‫اتّباعهم لنظام احلمية املنحفة وجناحهم فيه �أم ًرا يف غاية‬ ‫ال�صعوبة‪ ،‬لأنّ الوزن الذي ي�صلونَ �إليه بعد �شهو ٍر من احلمية‬ ‫مما يح ّفز اجل�سد �إىل تغيري‬ ‫ال‬ ‫ينا�سب وظائفهم احليو ّية‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫برناجمه ون�سب تو ّزع ال�سعرات احلرار ّية املتناولة يف الغذاء‬ ‫مما كانَ عليه احلال وهو‬ ‫بحيثُ يخزّنُ منه يف اجل�سد �أكرث ّ‬ ‫عند النقطة املح ّددة‪� ،‬أي �أنّ رجوع املنتهني ِل َت ِّوهم من احلمية‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪51‬‬


‫قضــــايــــا‬

‫أكذوبة األيزو اإلنساني‬

‫مما مي ّيز الفكر الغربي �أ ّنه تفكري �إق�صائي مبعنى �أنّ منوذجا‬ ‫ّ‬ ‫مع ّينا لك ّل �صنف من �أ�صناف املوجودات (املا ّد ّية واملعنو ّية)‬ ‫هو النموذج املثايل ‪ ،‬وما عداه بالتايل �أق ّل مثال ّية و�أق ّل قيمة‪،‬‬ ‫وحت��ت ال�ضغوط التي يعي�شها النا�س يف املجتمع الغربي‬ ‫احل��دي��ث وه��و جمتمع التناف�س وثقافة ال�صورة والعناية‬ ‫بال�شكل ولو على ح�ساب امل�ضمون‪ ،‬حتت هذه ال�ضغوط ترزح‬ ‫حياة املاليني من النا�س يف الغرب بني �صاالت احلمية املنحفة‬ ‫وعيادات التجميل‪ ،‬وهذا هو ما بد�أ العقالء منهم يقولونه‬ ‫ّ‬ ‫بالكف عن ت�صديق «خرافات‬ ‫وب�أعلى �أ�صواتهم‪ ،‬مطالبني‬ ‫« كالوزن املثايل للج�سد ح�سب جداول الوزن مقابل الطول‬ ‫ومعايري اجلمال‪� ...‬إلخ‪ ،‬وه�ؤالء العقالء يف الغرب ي�صرخون‬ ‫حماولني �إنقاذ ما ميكن �إنقاذه من مفاهيم و�سلوك ّيات النا�س‬ ‫فيما يتع ّلق ب�أكلهم و�أج�سادهم‪ ،‬وتقييمهم للآخرين‪.‬‬ ‫اإلناث أكثر حساس ّيةً‬ ‫أبدانهن‬ ‫وانتقادا لصور‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وأقل احتمال ّية لإلعجاب بما يرين‬ ‫من الذكور‪،‬‬ ‫في المرآة‪ ،‬فبين ّ‬ ‫يقفن أمام‬ ‫إناث‬ ‫كل عشر ٍ‬ ‫َ‬ ‫المرآة ثماني إناث سيشعرن بعدم الرضا ‪.‬‬

‫�أ�صبح يف فرتة ما ‪-‬وال يزال‪ -‬من البديهي يف الفكر الغربي‬ ‫ال�صحي الذي يجب على‬ ‫ال�سائد �أنّ وزنا مع ّينا هو النموذج‬ ‫ّ‬ ‫الآخ��ري��ن �أن يتّخذوه هدفا للو�صول‪ ،‬وم��ع التط ّورات التي‬ ‫حدثت يف ك ّل املعارف الب�شر ّية املا ّد ّية وو�سائل التكنولوجيا‬ ‫احلديثة كان مطلوبا من العلماء والأط ّباء ومهند�سي التق ّدم‬ ‫ال�صناعي والتكنولوجي �أن يق ّدموا للنا�س ال�سبل للو�صول �إىل‬

‫‪52‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫النموذج املثايل‪ ،‬ولهذا ظهرت �آالف الأبحاث والأ�ساليب‬ ‫والأجهزة من �أجل م�ساعدة النا�س على حتقيق �أحالمهم‬ ‫بالو�صول �إىل الوزن املثايل للج�سد واحلفاظ عليه و�أ�صبح‬ ‫الوعي بالوزن جز ًءا من الثقافة الغرب ّية‪.‬‬ ‫دائب نحو ما‬ ‫ّجه مقاييس الجمال بشكل‬ ‫تت ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ال تستطيعُ المرأة الطبيع ّية الوصول إليه ‪،‬‬ ‫عما تراه في المرآة إذا‬ ‫فيصبح عدم رضاها ّ‬ ‫رد فعل طبيعي ‪.‬‬ ‫نظرت إلى صورتها ّ‬

‫واملقايي�س �إىل �صانعي ال�صور و�صانعي النجوم‬ ‫�أُخذت النتائج‬ ‫ُ‬ ‫و ّ‬ ‫جتار اجلمال و�صانعي ال�سينما‪ ....‬وربطت به �صفات التف ّوق‬ ‫والنجاح والتم ّيز والثقة واجلمال والأناقة وال��ذك��اء‪ ...‬ومل‬ ‫تناق�ش �صالح ّية املفهوم املبني على تلك القيا�سات للتعميم‬ ‫�إ ّال �أخريا مع الأ�سف‪.‬‬ ‫�أ�صبحت هناك �شركات كاملة وخطوط �إنتاج ملنتجات و�أجهزة‬ ‫ت�ساعد يف الو�صول �إىل الوزن املثايل للج�سد‪ ،‬وو ّزعت �آالف‬ ‫ال�شركات خالل �أن�شطتها الدعائ ّية جداول الوزن والطول ‪،‬‬ ‫على معظم الأط ّباء و�أ�صحاب م�ؤ�سّ �سات التجميل والتخ�سي�س‬ ‫الطب يف وقت‬ ‫وغريها‪ ،‬بل �إنّ الأفدح �أ ّنها در�ست يف ك ّليات ّ‬ ‫من الأوقات‪.،‬‬ ‫وقد انتقلت مفاهيم الغرب ّيني يف ك ّل �شيء لنا واع�ين نحن‬ ‫وغ�ير واع�ين‪ ،‬حتّى �أنّ معظمنا ي�ستخدم طريقة التفكري‬ ‫الإق�صائي يف حكمه على النا�س والنماذج رغم تنايف ذلك‬ ‫مع �أ�س�س الفكر الإ�سالمي الذي يتم ّيز �أ�صال ب�أ ّنه تفكري �ضا ّم‬ ‫�أي �أنّ��ه لي�س تفكري من��وذج واح��د �صحيح‪ ،‬بل �إنّ التن ّوع هو‬


‫المرأة لجسدها‬ ‫رؤية‬ ‫ِ‬

‫ُ‬ ‫�ين جمموع ٍة عرق ّي ٍة‬ ‫تختلف مقايي�س جمال اجل�سد م��ا ب َ‬ ‫ُ‬ ‫و�أخرى ‪،‬فبينما يف�ضّ ل القوقازيون (البي�ض من الأمريكان‬ ‫والأورو ّبيني) املر�أة النحيلة جن ُد لدى الأفارق َة والآ�سيو ّيني من‬ ‫َ‬ ‫يف�ضّ ل املر�أة املمتلئة‪،‬‬ ‫فهناك ال تزال يف جمتمعاتنا الكثرياتُ‬ ‫نب العالج من النحافة لدى ّ‬ ‫العطارين ولدى‬ ‫من البنات يطل َ‬ ‫الأط��بّ��اء‪ ،‬كما �أنّ ال��درا���س��ات التي �أج��ري��ت بهدف مقارنة‬ ‫الر�ضا عن �صورة اجل�سد املمتلئ ما ب َني الأعراق املختلفة قد‬ ‫ب ّينت ما ي�ؤي ُد وجود مثل هذه االختالفات‪ ،‬فر�أت الأوغند ّيات‬ ‫يف درا�س ٍة �إجنليز ّي ٍة ج�سد امل��ر�أة املمتلئ �أك َ‬ ‫�ثر جاذب ّي ًة من‬ ‫اجل�سد النحيل‪ ،‬كما �أنّ �أربعني باملائة من الأمريك ّيات ال�سود‬ ‫البدينات ر�أينَ �صور َة �أبدانهنّ ج ّذاب ًة �أو ج ّذاب ًة جدا‪ ،‬وب ّينت‬ ‫أ�صل �أ�سيوي‬ ‫مقارنة الن�ساء الإجنليز ّيات بالإجنليز ّيات من � ٍ‬ ‫ر�ضا عن �أج�سادهنّ مقارنةً‬ ‫�أنّ ذوات الأ�صل الأ�سيوي �أك ُرث ً‬ ‫بالإجنليز ّيات القوقازيات الأ�صل‪،‬‬

‫تبينّ ُ الدرا�سات التي �أجريت على �صورة اجل�سد �أنّ ال َ‬ ‫إناث‬ ‫�أكرث ح�سا�س ّي ًة وانتقادًا ل�صور �أبدانهنّ من الذكور‪ ،‬و�أق ّل‬ ‫إناث‬ ‫احتمال ّية للإعجاب مبا يرين يف املر�آة‪ ،‬فبني ك ّل ع�شر � ٍ‬ ‫يقفنَ �أم��ام امل��ر�آة ثماين �إن��اث �سي�شعرن بعدم الر�ضا عن‬ ‫انعكا�س �أبدانهنّ يف امل��ر�آة‪ ،‬وخم�س على الأق ّل يرين �صور ًة‬ ‫غري مطابقة للواقع‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يرتبط رضا الفرد عن صورة جسده بما‬ ‫وتقييمات‬ ‫أحكام‬ ‫اآلخرون من‬ ‫يصدره‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫يعتبر َجذَّ ا ًبا‬ ‫‪،‬فالنمط الجسدي الذي‬ ‫عنه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ومناس ًبا ومثال ًّيا من وجهة نظر الثقافة‬ ‫يكون له‬ ‫التي يعيش فيها الفرد كثي ًرا ما‬ ‫ُ‬ ‫كبير على مدى رضا الفرد عن جاذب ّيته‬ ‫تأثير‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الجسد ّية ‪.‬‬

‫قضــــايــــا‬

‫الأ�صل ويقا�س النا�س و�أفعالهم مبعايري �أخالق ّية و�سلوك ّية‬ ‫ال �شكل ّية‪ ،‬فك ّل �أ�شكال الب�شر مقبولة وال ف�ضل لأح��د على‬ ‫�أحد �إ ّال بالتقوى‪ ،‬و�أح�سب املعنى وا�ضحا‪َ {:.‬و ِمنْ �آ َيا ِت ِه َخ ْلقُ‬ ‫الَ ْر ِ�ض َواخْ ِت ُ‬ ‫الف �أَ ْل ِ�س َن ِت ُك ْم َو�أَ ْل َوا ِن ُك ْم �إِنَّ فيِ َذ ِل َك‬ ‫ال�س َما َو ِات َو ْ أ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ا�س ِ�إ َّنا َخ َل ْق َنا ُك ْم ِمنْ َذ َك ٍر َو�أ ْن َثى‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫�‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫َ}‪{:‬‬ ‫ني‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫آيات‬ ‫ِ‬ ‫لمِ‬ ‫َ ُّ َ‬ ‫َل ٍ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫للهَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو َج َع ْل َنا ُك ْم ُ�ش ُعوب ًا َو َق َبا ِئ َل ِل َت َعا َر ُفوا ِ�إنَّ �أ ْك َر َم ُك ْم ِع ْندَ ا ِ �أ ْت َقا ُك ْم‬ ‫النبي �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم‪:‬‬ ‫�إِنَّ اللهَّ َ َع ِلي ٌم َخ ِب ٌ‬ ‫ري} ‪ ،‬وحديث ّ‬ ‫عن �أب��ي هريرة ر�ضي اهلل عنه ق��ال‪� :‬إنّ ر�سول اهلل �ص ّلى‬ ‫اهلل عليه و�س ّلم قال‪�»:‬إنّ اهلل ال ينظ ُر �إىل �أج�سادكم وال �إىل‬ ‫�صوركم‪ ،‬ولكن ينظ ُر �إىل قلوبكم»‬

‫والذي تتّج ُه فيه مقايي�س اجلمال املعرو�ض يف ال�صورة ب�شكل‬ ‫دائ ٍ��ب نحو ما ال ت�ستطي ُع امل��ر�أة الطبيع ّي ُة الو�صول �إليه من‬ ‫اللهم �إ ّال يف ن�سبة اخلم�سة باملائة‬ ‫مقايي�س دقيقة للجمال‪ّ ،‬‬ ‫من الن�ساء ح�سب الدرا�سات الغرب ّية ‪،‬وذل��ك فقط ح�سب‬ ‫ال��وزن واحلجم ‪،‬ول��و �أ ّننا �أدخلنا معايري اجلمال بالن�سبة‬ ‫للوجه وال�شعر مث ًال ف�ستق ّل الن�سبة عن الواحد باملائة‪ ،‬يف مثل‬ ‫ت�صبح املراهق ُة حماول ًة الو�صول ب�صورة ج�سدها‬ ‫هذا املناخ‬ ‫ُ‬ ‫وي�صبح عدم ر�ضاها ع ّما تراه يف‬ ‫�إىل امل�ستحيل بعيد املنال‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ولي�س ر ّد‬ ‫املر�آة �إذا نظرت �إىل �صورتها هو ر ّد الفعل الطبيعي َ‬ ‫الفعل املري�ض‪.‬‬ ‫معايير مختلفة‬

‫ملاذا جن ُد املر�أ َة �أك َرث ا�ستعدادا لعدم الإعجاب مبا ترى يف‬ ‫امل��ر�آة؟ ف���إنّ الإجاب َة وا�ضح ٌة لو �أ ّننا ت�أ ّملنا الطريق َة التي‬ ‫ت ُ‬ ‫ُعامل بها البنتُ منذ طفولتها َ‬ ‫وكيف يد ُّل ك ّل ما حولها من‬ ‫نظرات ومن تعليقات على �أنّ ل�شكل ج�سدها وللطريقة‬ ‫التي تبدو بها والهتمامها بهيئتها العا ّمة وبك ّل جزءٍ منها‬ ‫ري على تقييم النا�س لها‪.‬‬ ‫�أث ٌر كب ٌ‬ ‫كما �أنّ �صورة ج�سد املر�أة اجلميل مبا فيها ك ّل جزءٍ فيه‬ ‫إحلاحا و�أ�ش ّد جذ ًبا حلوا�سّ نا � ً‬ ‫أي�ضا خا�صّ ًة‬ ‫تعت ُرب �أ�ش ُّد � ً‬ ‫يف اخلم�سني �سنة الأخرية التي �أ�صبحت البنتُ املراهقة‬ ‫��وم واح��د �صو َر ن�ساء جميالت ح�سب � ّ‬ ‫أدق‬ ‫فيها ترى يف ي ٍ‬ ‫مقايي�س اجلمال‪ُ ،‬‬ ‫تفوق ما ر�أته �أ ّمها يف �سنني مراهقتها ك ّلها‬ ‫�أو ما ر�أته ج ّدتها يف �سنني عمرها ك ّله‪.‬‬ ‫ويف مثل هذا املناخ الذي ُ‬ ‫تعي�ش فيه امل��ر�أ ُة يف �أ ّيامنا هذه‪،‬‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪53‬‬


‫قضــــايــــا‬

‫معظم الثقافات زياد َة الوزن واحلجم عن‬ ‫وب�صور ٍة عا ّم ٍة حت ّب ُذ ُ‬ ‫املتو�سّ ط للذكور‪ ،‬وق ّلتهما عن املتو�سّ ط للإناث‪ ،‬كما �أنّ الكثري‬ ‫من املجتمعات تعطي �أه ّمي ًة كبري ًة جل�سم امل��ر�أة‪ ،‬فاملجتم ُع‬ ‫يوج ُه انتباهً ا �شديدً ا نحو ج�سم املر�أ ِة‪ ،‬وي�ؤ ّك ُد‬ ‫ال‬ ‫أمريكي مث ًال ّ‬ ‫ُّ‬ ‫على �أه ّميتها ومكانتها من خالل مظهرها اجل�سدي‪ ،‬وهو ما‬ ‫ُ‬ ‫يحدث بالن�سبة للرجال‪ ،‬ويف الثقافة الفرن�س ّية يت ُّم تقييم‬ ‫ال‬ ‫املر�أة يف �ضو ِء ما تتم ّت ُع به من جاذب ّي ٍة ج�سد ّية‪ ،‬بل �إنّ َ‬ ‫بع�ض‬ ‫َ‬ ‫الرجل نف�س ُه تقو ًميا �إيجاب ّيا �إذا كانت زوجته‬ ‫الثقافات تق ّو ُم‬ ‫تتم ّت ُع بجاذب ّي ٍة ج�سد ّي ٍة عالية‪.‬‬ ‫هي صورة الجسد؟‬ ‫ما َ‬

‫هي َ‬ ‫تلك ال�صور ُة التي يجدها املر ُء يف عقله‬ ‫�صورة اجل�سد َ‬ ‫َ‬ ‫حجم �أجزائه املختلفة‪� ،‬إ�ضاف ًة �إىل‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫وما‬ ‫كيف يبدو ج�سد ُه‬ ‫َ ُ‬ ‫مفهوم �صورة اجل�سد‬ ‫م�شاعره جت��ا َه هذه ال�صورة‪� ،‬أي �أنّ‬ ‫َ‬ ‫ي�ض ُّم مفهومني داخليني متداخلني هما‪:‬‬ ‫مفهوم ال�صور ِة العقل ّية املدرك ِة للج�سد وهو مفهو ٌم معريف‬ ‫‬‫ُ‬ ‫�إدراكي‬ ‫ ومفهوم ال�شعور بالر�ضا �أو الرف�ض �أو ال�ضيق جتا َه هذه‬‫ال�صورة املدركة وهذا مفهو ٌم معر ٌّ‬ ‫يف �شعوري‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وي�ضيف ُ‬ ‫بع�ض علماء النف�س بعدً ا �آخ�� َر ال يبتع ُد كث ًريا عن‬ ‫املفهوم الأ ّول وه َو فكر ُة ال�شخ�ص عن َ‬ ‫كيف يرا ُه الآخرون‪،‬‬ ‫وهو غال ًبا جز ٌء من مفهوم �إدراك �صورة اجل�سد‪ ،‬فالب ّد �أنّ‬ ‫النا�س يرونَ ج�سدي كما �أراه �أنا‪.‬‬ ‫تراجعت المواريث الثقاف ّية التي كانت ترى‬ ‫في المرأة البدينة رمزًا للخصوبة والجمال‬ ‫تأثير القيم الغرب ّية‬ ‫والكرم والثراء‪ ،‬بسبب‬ ‫ُ‬ ‫للجمال التي تروجها وسائل اإلعالم ‪.‬‬

‫ون�ستطي ُع حتديد نوعني من ا�ضطراب �صورة اجل�سد‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫اختالل‬ ‫�أح��ده��م��ا ه�� َو اخ��ت�لال ���ص��ورة اجل�سد ويق�ص ُد ب��ه‬ ‫ال�صورة العقل ّية للج�سد وع��دم مطابقتها للحقيقة ‪،‬فمثالً‬

‫‪54‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫عندما ترى البنتُ النحيل ُة نف�سها يف املر�آة بدين ًة‪� ،‬أو عندما‬ ‫ترى نف�سها يف امل��ر�آة نحيل ًة لك ّنها ال ت�ستطيع اخلال�ص من‬ ‫�إح�سا�سها ب�أ ّنها بدينة ف�إ ّنها تعاين من اختالل �صورة اجل�سد‪،‬‬ ‫و�أ ّما النو ُع الآخر فه َو عدم الر�ضا عن �صورة اجل�سد ويق�ص ُد‬ ‫به وج��ود م�شاعر �سلب ّية لدى ال�شخ�ص جتاه ج�سده �سواء‬ ‫موجه ًة جتا َه اجل�سد ك ّله �أو جتاه‬ ‫كانت هذه امل�شاع ُر ال�سلب ّي ُة ّ‬ ‫ّ‬ ‫جزءٍ معينّ ٍ منه‪ ، ،‬فقد ب ّينت الدرا�سات �أن ُه بغ�ضّ النظر عن‬ ‫اجلاذب ّية احلقيق ّية ف�إنّ م�ستوى احرتام ال�شخ�ص لذاته يت�أ ّثر‬ ‫ت�أ ّث ًرا كب ًريا بر�ضاه عن �صورة ج�سده‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ويرتبط ر�ضا الفرد �أو ع��دم ر�ضاه عن �صورة ج�سده مبا‬ ‫��ام‬ ‫وتقييمات عنهُ‪ ،‬كذلك ف���إنّ‬ ‫ٍ‬ ‫ي�صدر ُه الآخ���رونَ من �أح��ك ٍ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫النمط اجل�سدي ال��ذي يعت ُرب َج��ذا ًب��ا ومنا�س ًبا ومثال ًّيا من‬ ‫وجهة نظر الثقافة التي يعي�ش فيها الفرد كث ًريا ما يكونُ له‬ ‫ري على مدى ر�ضا الفرد �أو عدم ر�ضاه عن جاذب ّيته‬ ‫ري كب ٌ‬ ‫ت�أث ٌ‬ ‫اجل�سد ّية‪ ،‬وك ّلما كانت �صور ُة الفرد متطابق ًة �أو قريب ًة من‬ ‫معايري اجل�سد املثايل ال�سائد ِة يف ثقافته ك ّلما �أ�شعر ُه ذلك‬ ‫أ�صبح �أك َ‬ ‫�ثر �شعو ًرا بالر�ضا عن‬ ‫بجاذب ّيته اجل�سد ّية وك ّلما � َ‬ ‫ذاته اجل�سدية‪.‬‬ ‫الصورة عبر مراحل العمر‬

‫يت�أ ّث ُر ما نراه يف املر�آ ِة حني ننظ ُر �إىل �صورتنا � ً‬ ‫أي�ضا باملرحلة‬ ‫العمر ّية ‪ .‬يف �سني الطفولة‪ :‬ي��ب��د�أ الأط��ف��ال يف التع ّرف‬ ‫�إىل �أنف�سهم يف امل��ر�آة عند عمر ال�سنتني‪ ،‬وتبد�أ الطفل ُة يف‬ ‫املجتمعات احلديثة يف ال�شعور بعدم الر�ضا ع ّما تراه بعد‬ ‫�سنوات قليل ٍة من ذلك العمر‪ ،‬فالدرا�ساتُ امل�سح ّية احلديث ُة‬ ‫ٍ‬ ‫تبينّ ُ �أنّ البنات �صغريات ال�سنّ يرين �أنف�سهنّ بدينات �أكرث‬ ‫من الالزم ويتّبعن حمي ًة لإنقا�ص الوزن‪ ،‬فمث ًال وجدت درا�سة‬ ‫�أمريك ّية �أنّ ‪ %81‬من البنات يف العا�شرة قد اتّبعن حمية‬ ‫ُم َن ِّح َف ًة م ّر ًة واحد ًة على الأق ّل!‬ ‫ووجدت درا�س ٌة �أخرى �أجريت يف ال�سويد �أنّ ‪ %25‬من البنات‬ ‫يف ال�سابعة من العمر قد اتّبعن بالفعل ِح ْم َيـ ًة ُم َن ِّح َف ًة‪ ،‬كما‬ ‫�أو�ضحت الدرا�س ُة �أنّ لديهنّ ا�ضطرا ًبا ل�صورة اجل�سد‪� ،‬إذ‬ ‫مما هنّ يف احلقيقة‪ ،‬وب ّينت درا�سة‬ ‫يرينَ �أنف�سهنّ �أك َرث بدانة ّ‬


‫مفهوما‬ ‫الصورة العقل ّية للجسد ليست‬ ‫ً‬ ‫جامدا يتشكّ ُل ويبقى ثابتًا بل يتغ ّي ُر‬ ‫ً‬ ‫دائم نتيجةً لتفاعل الشخص مع‬ ‫بشكل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اآلخرين ومع الصور التي يراها لآلخرين وفي‬ ‫وسائل اإلعالم ‪.‬‬

‫يف مرحلة الر�شد‪� :‬أ ّما بعد �سنّ الثامنة ع�شرة ف�إنّ �أك َرث من‬ ‫را�ضيات عن‬ ‫ثمانني باملائة من الن�ساء يف الدول الغرب ّية غ ُري‬ ‫ٍ‬ ‫�صور �أج�سادهنّ ‪ ،‬وعاد ًة ما يرين �أنف�سهنّ �أ�ضخم و�أقبح من‬ ‫احلقيقة‪ .‬وقد �أثبتت الدرا�سات �أنّ اختالل �صورة اجل�سد‬ ‫هي يف احلقيقة موجو ٌد‬ ‫ك�أن ترى امل��ر�أ ُة نف�سها �أ�سمنَ ّ‬ ‫مما َ‬ ‫عند ن�سبة قد ت�صل �إىل ثالثة �أرب��اع الن�ساء ذوات ال��وزن‬ ‫الطبيعي ولي�س البدينات‪.‬‬ ‫وب ّينت الدرا�ساتُ على املك�سيك ّيات املهاجرات �إىل �أمريكا‬ ‫��غ�ّير وج��ه��ات نظرهنّ فيما يتع ّلقُ مبقايي�س اجلمال‬ ‫�أنّ ت رّ َ‬ ‫والوزن املثايل تت�أ ّث ُر بالعمر الذي هاجرن فيه �إىل الواليات‬ ‫املتّحدة الأمريك ّية فكان الت�أثري �أق ّل فيمن هاجرن بعد �سنّ‬ ‫ال�سابعة ع�شرة مقارن ًة باملهاجرات يف �سنّ ما قبل ال�ساد�سة‬ ‫ع�شرة‪�،‬إذن َ‬ ‫هناك فرو ٌق ناجت ٌة عن االنتماء العرقي ولع ّل لها‬ ‫عالقة باملواريث الثقاف ّية التي كانت ترى يف املر�أة البدينة‬ ‫رم��زً ا للخ�صوبة واجلمال والكرم وال�ثراء‪� ،‬إ ّال �أنّ ما ت�ؤ ّكد ُه‬ ‫معظم الدرا�سات � ً‬ ‫أي�ضا ه َو �أنّ هذه الفروق �آخذة يف التناق�ص‬ ‫ُ‬ ‫يف العقود الأخرية ‪،‬و�سبب ذلك ه َو ت�أث ُري القيم الغرب ّية من‬ ‫خالل و�سائل الإعالم وال�سماوات املفتوحة ‪.‬‬

‫قضــــايــــا‬

‫�أجريت يف اليابان لبنات مدر�س ٍة ابتدائ ّية �أنّ ‪ %41‬ر�أي��ن‬ ‫�أنف�سهنّ �أك َرث �سمن ًة من املطلوب‪.‬‬ ‫َ‬ ‫حدوث‬ ‫�أ ّما البنات ف�إنّ دخول البنت مرحلة املراهقة يعني‬ ‫��غ�ّي�ات يف ج�سدها ه َ��ي زي���ادة ال���وزن وجت��مّ��ع ال��ده��ون يف‬ ‫ت رّ‬ ‫منطقة الفخذين والأرداف وب��زوغ النهدين وزي��ادة الوزن‬ ‫ابتعاد‬ ‫هي يف احلقيقة مبثابة‬ ‫ٍ‬ ‫واحلجم‪ ،‬وك ّل هذه رّ‬ ‫التغيات َ‬ ‫عن النموذج الع�صري املثايل للفتاة اجلميلة!‬

‫وتتغي نتيج ًة لتفاعل ال�شخ�ص مع الآخرين ذوي‬ ‫فهي تت�ش ّك ُل رّ ُ‬ ‫َ‬ ‫الداللة ومع غريهم من �أف��راد املجتمع‪ ،‬وكذلك مع ال�صور‬ ‫التي يراها للآخرين ويف و�سائل الإع�لام املرئ ّية‪ ،‬كما �أ ّنها‬ ‫وح�سب ردود الأفعال‬ ‫تتغي ح�سب املرحلة العمر ّية لل�شخ�ص‬ ‫َ‬ ‫رّ‬ ‫التي يتل ّقاها ال�شخ�ص من الآخرين جتاه �شكل ج�سده � ً‬ ‫أي�ضا‪،‬‬ ‫وتتغي بتفاعل العديد من‬ ‫ف�صورة اجل�سد �إذن تت�ش ّكل‬ ‫رّ ُ‬ ‫العوامل مثل‪:‬‬ ‫‪� -1‬آراء وتعليقات الآخرين‪ ،‬وه��ذه العوامل يبد�أُ ت�أثريها‬ ‫عمر �صغ ٍري من خالل تعليقات الأهل واملق ّربني‪ ،‬وت�ستم ُّر‬ ‫من ٍ‬ ‫بعد ذلك ط��وال العمر من املد ّر�س والزمالء يف املدر�سة‪،‬‬ ‫والأ�صدقاء يف اجلامعة ويف العمل ومن �شريك احلياة �إىل‬ ‫�آخره‪.‬‬ ‫‪ -2‬القيم االجتماع ّية ال�شائعة فيما يتع ّلقُ ب�شكل وحجم‬ ‫تغيت يف الفرتة الأخرية من‬ ‫اجل�سد املرغوب‪ ،‬وهذه القيم رّ‬ ‫ُ‬ ‫القرن املا�ضي ب�شكل ملحوظ ‪،‬فبعدَ �أن كانت البدانة رمزًا‬ ‫لل�صحة والقوة والغنى واخل�صوبة والكرم والطيبة‪� ،‬أ�صبحت‬ ‫ّ‬ ‫يف الفرتة الأخ�يرة رم��زً ا للقبح والك�سل وعدم القدرة على‬ ‫�ضبط النف�س‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فهناك مث ًال ن��و ٌع من‬ ‫‪ -3‬الو�صمات االجتماع ّية ال�شائعة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫التحامل االجتماعي على ال�سمنة حيثُ‬ ‫يو�صف ال�شخ�ص‬ ‫ال�سم ُني يف كثري من النوادر والطرائف ال�شائعة‬ ‫تغيات اجل�سد املح ّددة بيولوج ّيا كتلك التي ُ‬ ‫حتدث �أثناء‬ ‫‪ -4‬رّ‬ ‫البلوغ يف الذكور والإناث و�أثناء احلمل وبعد انقطاع الطمث‬ ‫مر�ض ما �أو جراح ٍة �أو‬ ‫يف الإناث‪ ،‬وكذلك تلك الناجتة عن ٍ‬ ‫حادث �أو عاه ٍة ما‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫إح�سا�س ال�شخ�ص جتاه نف�سه وم�ستوى تقديره الك ّلي‬ ‫‪� -5‬‬ ‫ُ‬ ‫عنف ومن �ضرا ٍر ما ّدي �أو‬ ‫لذاته‪ ،‬وكذلك ما يتع ّر ُ�ض ل ُه من ٍ‬ ‫معنوي �أو جن�سي ‪.‬‬

‫كيف تتشكّ ل صورة الجسد؟‬ ‫َ‬

‫تنمو وتت�ش ّك ُل �صورة اجل�سد عند ك ّل واح ٍ��د م ّنا �أثناء من ّو ِه‬ ‫هو وت�ش ّكله‪� ،‬أي �أ ّننا ال نول ُد ولدينا �صو ٌر �سابقة التجهيز عن‬ ‫�أج�سادنا و�إنمّ��ا نكت�سبها تدريج ّيا خالل اكت�سابنا خلربات‬ ‫احلياة بوجه عا ّم‪.‬‬ ‫مفهوما جامدً ا يت�ش ّك ُل ويبقى‬ ‫ولي�ست ال�صورة العقل ّية للج�سد‬ ‫ً‬ ‫ب�شكل‬ ‫يتغي ٍ‬ ‫هي مفهو ٌم رّ ُ‬ ‫ثابتًا كما قد يظنُّ البع�ض‪ ،‬و�إنمّ��ا َ‬ ‫دامت َ‬ ‫هناك حيا ٌة ب�أبعادها االجتماع ّية واملعرف ّية‪،‬‬ ‫دائم ما َ‬ ‫ٍ‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪55‬‬


‫فعــــــالية‬

‫احجز مقعدا‬ ‫في قلوب اآلخرين‬ ‫�صالح الدقلة‬

‫‪56‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫ليس النجاح أن تمتلك ّ‬ ‫كل المقاعد في‬ ‫قلب واحد بل النجاح الحقيقي أن تكتفي‬ ‫بمقعد واحد لكنّه في ّ‬ ‫كل قلب ‪.‬‬

‫� ّإن توظيف العالقات والقدرة على اال ّت�صال مب�شاعر النا�س‬ ‫بامل�ستوى الذي حت�سن به العالقة ويتح ّقق به النجاح مع‬ ‫النا�س و احلياة ليتيح للفرد القدرة على حتريك املاليني‬ ‫مبج ّرد �أن يتح ّرك هو ل ّأن ا ّت�صاله الداخلي بالنا�س ير�سل‬ ‫�صورة مع التح ّية من ذلك التح ّرك لك ّل قلب ‪،‬و�سيتوىل‬ ‫�سفري احل ّ��ب والثقة واالن��ط��ب��اع املم ّيز ال��ذي ّ‬ ‫مت اعتماده‬ ‫يف قلـ ــوب ال��ن��ا���س رع��اي��ة ت��ل��ك ال��ر���س��ائ��ل وم��ت��اب��ع��ة تنفيذ‬ ‫حمتواهـ ـ ــا ‪ّ � .‬إن ما �أقوله هنا هو ال�س ّر الظاهر يف قدرة‬ ‫الناجحني على بناء املبادئ يف الأمم وا�ستنطاق اجلماهري‬ ‫النبي �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم‬ ‫بكلمة واح���دة كما ا�ستنطق ّ‬ ‫النا�س بكلمة التوحيد بل و�صنع يف نفو�سهم عقيدة يعبد‬ ‫اهلل بها لدرجة � ّأن مكانته ال�شريفة اكت�سحت ح ّتى قلوب‬ ‫الأعداء وقهرت �أعتى دفاعات احل�سد ‪.‬‬ ‫لي�س النجاح �أن متتلك ك ّل املقاعد يف قلب واحد بل النجاح‬ ‫احلقيقي �أن تكتفي مبقعد واحد لك ّنه يف ك ّل قل ــب ‪ .‬ويبد�أ‬ ‫ذلك بتكوين انطباع �إيجابي لدى الآخرين عنك ‪ ،‬فال�صورة‬

‫فعــــــالية‬

‫عندما ك ّنا �صغارا ك��ان للواحد م ّنا خليل ال يفارقه فهو‬ ‫ال�صديق وامل�ست�شار والراعي والرع ّية واحلبيب واملناف�س‬ ‫�أي�ضا‪ ،‬و يف الوقت نف�سه ن�شعر باجلفاء من بق ّية الأ�صدقاء‬ ‫وك��ث�يرا م��ا ن��ت��ج��هّ��م ال��غ��ري��ب وال����ذي ق��د ي��ك��ون �أوف����ى من‬ ‫القريب ‪،‬وحني ت ّت�سع دائرة الأفق االجتماعي جند � ّأن هذه‬ ‫القاعدة بد�أت تتال�شى وبد�أ تعدّد الأ�صدقاء لكنّ ن�صيب‬ ‫الواحد منهم هو جزء من جمموع الرفاق على تفاوت يف‬ ‫اخل ّلة والقرب وال يزال هناك من يحتفظ ب�صديق واحد‬ ‫فقط ‪ ،‬قبله بك ّل موا�صفاته ور�ضيه بواقع �صفاته و�صرف‬ ‫له من ال�شعور واملح ّبة ما م ّكنه من احتالل قلبه وامتالك‬ ‫مواقع الت�أثري فيه ‪،‬وكم ي�شعر بال�ضيق ك ّلما ّ‬ ‫�شك يف حجم‬ ‫موقعه يف قلب ذلك اخلليل رجال كان �أو امر�أة ‪ ،‬وانظر ما‬ ‫�صنع هذا ال�شعور يف قي�س بن املل ّوح ال��ذي �أفنى عمره يف‬ ‫احل�صول على وثيقة امتالك لقلب ليلى‪ّ � .‬إن ه��ذا النوع‬ ‫من الب�شر مرتهن مب�شاعر الأخ ّ‬ ‫الء وتق ّلباتهم ف�إن ر�ضوا‬ ‫عنهم عا�شوا و�إن غ�ضبوا عليهم ماتوا �أو�شقوا يف احلياة‬ ‫‪،‬لكن باملقابل هناك من حر�صوا على امتالك القلوب لكن‬ ‫ك ّل القلوب بامتالك املكان ال�صحيح فيها ‪ ،‬فلهم يف ك ّل قلب‬ ‫مكان ك��رمي ولهم يف ك ّل ذاك��رة انطباع مم ّيز وذك��ر ح�سن‬ ‫وهناك فرق بني من ميتلك جميع املقاعد يف طائرة واحدة‬ ‫ومن ميتلك مقعدا واحدا فقط لك ّنه يف ك ّل طائرة ‪.‬‬

‫التي ير�سمها النا�س عنك يف الوهلة الأوىل �أو من خالل‬ ‫عدّة مواقف هي التي حتدّد م�ستقبل العالقة معهم ‪ ،‬ولذا‬ ‫مما جعل بناء‬ ‫كان انطباع النا�س عن الأنبياء انطباعا مم ّيزا ّ‬ ‫العالقة مع النا�س يت�أ ّثر �إيجاب ّيا بهذا االنطباع الذي ر�سم‬ ‫يف الأذه���ان‪� .‬صورتك يف �أذه��ان النا�س هي نتيجة مواقف‬ ‫كنت �أنت بطلها ‪،‬ومن خالل هذه ال�صورة التي ر�سمت لك‬ ‫�سوف يختار النا�س مواقعهم منك ‪ .‬قدّم انطباعا مم ّيزا‬ ‫فهو عربون العالقة ‪� .‬أ ّول من تريه من نف�سك خريا هو‬ ‫اهلل ج ّل وعال فاحر�ص على ر�ضاه ف���إن قبلك مل ي�ض ّرك‬ ‫م��ن ردّك ���س��واه ‪ .‬ول��ن ي��ك�� ّون النا�س ���ص��ورة �إيجاب ّية عنك‬ ‫ما مل ت�ستوعبهم ‪ ،‬فا�ستيعاب النا�س وقبولهم ونقل هذا‬ ‫ال�شعور �إل��ي��ه��م و�سيلة ج�� ّي��دة لبناء ع�لاق��ة ح�سنة معهم‬ ‫وتبادل �سفارات املودّة التي جتعل لك معنى ح�سنا يف قلوب‬ ‫من قبلتهم وا�ستوعبتهم وكان لك طريقة ال�ستيعاب ك ّل‬ ‫�أطيافهم‪ّ � .‬إن من �أبرز مهارات بناء عالقة االحرتام والثقة‬ ‫يف حياة الأنبياء هي ا�ستيعابهم للنا�س رغ��م اختالفهم‪.‬‬ ‫لن تعدم خريا يف النا�س فحاول �أن جتعل ذلك اخلري قناة‬ ‫ات�صال وتناغم ‪..‬‬ ‫فتّش عن الس ّر‬

‫قد ي�صرخ �شخ�ص ما فيقول ملاذا يتن ّكر النا�س لك ّل ما �أبذله‬ ‫ويتجاهلونه ؟ ومل��اذا يتهافت النا�س على ما يقدّمه بع�ض‬ ‫الب�سطاء على ق ّلته وب�ساطة م�ستواه ؟ بينما ق��د م�ل�أت‬ ‫الدنيا �صوتا و�صورة ومل تعرتف الأعني بوجودي ‪,‬؟‬ ‫� ّإن م��ن الأع��م��ال م��ا ا�ستحوذ على اه��ت��م��ام ال��ن��ا���س وج��ذب‬ ‫الأن����ظ����ار‪ ،‬ف��ه��ا ه���و واع����ظ ب�����س��ي��ط ال��ع��ب��ارة ���س��ه��ل ال��ت��ن��اول‬ ‫�صائب الفكر يتزاحم على در�سه الألوف بينما يتل ّفت �أبلغ‬ ‫اخلطباء فال يجد من ي�ستمع �إليه ‪،‬وهاهو بائع قد ملأت‬ ‫ط��واب�ير زبائنه زق��اق احل ّ��ي و�شركة عامل ّية ق��د كتب على‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪57‬‬


‫فعــــــالية‬

‫باب معر�ضها (للتقبيل ) وامر�أة يف �أ�سرة متوا�ضعة احلال‬ ‫والدخل يت�سابق اجل�يران ب�شغف لزيارتها ويجدون من‬ ‫املتعة والــراح ــة عن ــدهـ ــا ما ال يجـ ــدونــه ف ــي بي ــوت �أثريـ ــاء‬ ‫املتو�سطة اجلمال والتي امتلكت قلب‬ ‫احل ـ ّـي ‪،‬وتلك الزوجة ّ‬ ‫زوجها وجعلت منه عر�شا تتب ّو�أ منه منزلة امللك العاطفي‬ ‫غ�صت‬ ‫رغم � ّأن الزوج �شاهد وي�شاهد من جميالت الن�ساء ما ّ‬ ‫ب��ه ال�����ص��ور وال�شا�شات دون �أن ت��رق��ى ���ص��ورة م��ا لتناف�س‬ ‫زوجته يف جمالها ومكانها الذي يراه هو ‪.‬‬ ‫صورتك في أذهان الناس هي نتيجة‬ ‫مواقف كنت أنت بطلها ‪،‬ومن خالل هذه‬ ‫الصورة التي رسمت لك سوف يختار الناس‬ ‫فقدم انطباعا مم ّيزا فهو‬ ‫مواقعهم منك ‪ّ ،‬‬ ‫عربون العالقة‪.‬‬

‫ك ّل هذه املقارنات ت ّ‬ ‫��دل دالل��ة وا�ضحة � ّأن هناك �س ّرا ما ‪.‬‬ ‫هل ف ّكرنا يوما يف الق ّوة التي يبعثها الواعظ الب�سيط من‬ ‫ل�سانه وقلبه املخل�ص وم�شاعره ال�صادقة والتي تقود النا�س‬ ‫من قلوبهم ال من رقابهم؟ وهل عرفنا �س ّر اللقمة التي يف‬ ‫حوزة البائع الب�سيط والتي يتذ ّوقها النا�س بل�سان احلنني‬ ‫وال��ذك��ري��ات قبل �أل�سنة الأف�����واه؟ وه��ل ت��� ّأم��ل��ن��ا اال ّت�����ص��ال‬ ‫الروحي الذي تقود به املر�أة املحبوبة قلوب زائريها ابتداء‬ ‫باالبت�سامة واللطف وامل��رون��ة والب�شر ث�� ّم انتهاء بحفظ‬ ‫الغيب وح�سن الذكر و�صفاء ال�سريرة ‪ .‬؟وهل �س�ألنا الزوج‬ ‫عن الل�سان العذب والنظرة التي تراهن ب�سحر احلياء و‬ ‫الرباءة قبل �سحر الكحل والأ�صباغ وال�شفة التي ّ‬ ‫رطبتها‬ ‫كلمات الو ّد حني تتناثر على الكلمات كالربد على التالل‬ ‫اخل�ضراء؟ وه��ل ت� ّأملنا روح ال�شفقة التي ّ‬ ‫تلف ك�� ّل طلب‬

‫تتقدّم به �إىل الزوج �أو عتاب ترفعه �إليه فهي تناف�س على‬ ‫القلب وال�سمع والب�صر‪.‬؟‬ ‫لقد امتلك ك�� ّل واح��د م��ن ه����ؤالء ق�� ّوة ي�ش ّد بها م��ا حوله‬ ‫مم���ا ي��ج��ع��ل ال��ت��ن��اف�����س يف نوعية‬ ‫وي��ب��ه��ره وي��ل��ف��ت ن��ظ��ره ّ‬ ‫اجل���ذب ولي�س يف حجم ال��دع��اي��ة‪ ،‬ه��ذا م��ا يجعل الأزه���ار‬ ‫تتجاهل �ضخامة اجلبل وت ّتجه نحو �ضوء ال�شم�س لأ ّنها‬ ‫تبحث عن ال�ضوء الأكرث توهّ جا ‪.‬‬ ‫عندما تو ّد فعال �أن ت ّتجه الأزهار نحوك فت�أ ّكد �أ ّنك م�صدر‬ ‫ال�ضوء الأكرث توهّ جا ‪ .‬ولن يفعل النا�س معك ذلك ما مل‬ ‫ي�شعروا منك باالهتمام وح�سن الن ّية وح�سن الظنّ ‪ ،‬فابذل‬ ‫ه��ذه الأ���ش��ي��اء ب�إتقان ‪ ،‬فالإح�سا�س ب�أه ّمية �شيء �أر�ض ّية‬ ‫خ�صبة ل�صدق ال�شعور ن��ح��وه ف�إح�سا�سنا ب�أه ّمية العفو‬ ‫نح�س له ب�أه ّم ّيته ‪.‬‬ ‫يعطينا �شعورا �أكرث �صدقا ّ‬ ‫مما لو مل ّ‬ ‫� ّإن تراخي اهتمامنا ب�صدق امل�شاعر نحو �أيّ ق�ض ّية مردّه‬ ‫غالبا �أ ّنـن ــا قـ ــد �أ�صدرنا حكما بعدم �أه ّميتــه �أو التقليل‬ ‫منه ــا ‪،‬ولذلك نالحظ الأثر العجيب فيما رواه البخاري ـ‬ ‫ َعنْ عَائ َِ�ش َة َر ِ�ض َي اللهَّ ُ َع ْنهَا َعنْ ال َّن ِب ِّي َ�ص َّلى اهلل َعلَ ْي ِه َو َ�س َّل َم‬‫�أَ َّن ُه َقا َل ‪َ (:‬يا �أُ َّم َة محُ َ َّمدٍ َواللهَّ ِ َل ْو َت ْعلَ ُمو َن مَا �أَ ْعلَ ُم َل َب َك ْي ُت ْم‬ ‫ريا َو َل َ�ضحِ ْك ُت ْم َقل اً‬ ‫يح�س‬ ‫َك ِث ً‬ ‫ِيل )‪ ،‬ولن يجه�ش بالبكاء من ال ّ‬ ‫ب�صدق ب�أه ّمية ما يعنيه �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم ‪ .‬ك ّلما كانت‬ ‫الأمور تعني لك �شيئا مهما كان حديثك عنها واهتمامك‬ ‫بها يعني للآخرين �شيئا مه ّما ‪.‬‬ ‫تود فعال أن تتّجه األزهار نحوك فتأكّ د‬ ‫عندما ّ‬ ‫توهجا ‪ ،‬ولن يفعل‬ ‫األكثر‬ ‫الضوء‬ ‫مصدر‬ ‫أنّك‬ ‫ّ‬ ‫الناس معك ذلك ما لم يشعروا منك‬ ‫الظن‪.‬‬ ‫باالهتمام وحسن الن ّية وحسن‬ ‫ّ‬

‫� ّأم���ا ح�سن ال��ن�� ّي��ة فمرجع �أه ّميته � ّأن ال��ن�� ّي��ة �شعور يحدّد‬ ‫مقا�صد الأع��م��ال وك ّلما ك��ان الق�صد �ساميا ونق ّيا كانت‬ ‫النتائج �سامية ونق ّية وك ّلما كانت الن ّية حتمل يف تكوينها‬ ‫ح ّبا و�شفقة وحر�صا وجت ّردا من حظوظ النف�س ك ّلما كانت‬ ‫الأعمال �أزكى و�أدعى للت�س ّلل �إىل القلوب ل ّأن الن ّية �صناعة‬ ‫قلب ّية بحتة ولديها مالمح م�ألوفة للقلوب ‪.‬‬ ‫� ّإن ح�سن الق�صد من حيث جت ّنب مقا�صد ال�سوء وح�سن‬ ‫خفي وراء كثري من‬ ‫الق�صد من حيث توجيه العمل هلل �س ّر ّ‬ ‫خوارق ومعجزات الت�أثري ‪ّ � .‬إن الن ّية احل�سنة ال تكون ح�سنة‬ ‫م��ا مل يكن امل���راد بها وج��ه اهلل وحتمل يف ط ّياتها معاين‬ ‫الإح�سان ‪ .‬وهذا ما لفت �إليه �أ�سعد بن زرارة و م�صعب بن‬ ‫ق�صة �إ�سالم �سعد بن معاذ ر�ضي اهلل عنهما حني‬ ‫عمري يف ّ‬ ‫قال (هذا �س ّيد الأو�س فا�صدق اهلل فيه )‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫خاصية النفاذ‬ ‫التوكّ ل شعور يمنح األسباب‬ ‫ّ‬ ‫فاشحن أسبابك بلجوئك إلى اهلل ودعائك‬ ‫وسؤالك العون منه وحده وإالّ‬ ‫فستتحول‬ ‫ّ‬ ‫األسباب التي اتّخذتها إلى بطاقات شحن‬ ‫فارغة‪.‬‬

‫ت� ّأم ـ ـ ـ ــل ق ــول اهلل تعال ــى ي�صـ ــف ح�س ــن ظ ـ ــنّ مو�سى‬ ‫ُو�سى �إِ َّن ـ ـ ــا‬ ‫بر ّبـ ــه } َفلَ َّم ــا َت َراءى الجْ َ ْم َع ـ ــانِ َقا َل �أَ ْ�ص َح ُ‬ ‫اب م َ‬ ‫ين {‪ّ � .‬إن التو ّكل‬ ‫َلـ ُم ْد َر ُك ـ ــو َن {} َقا َل كَلاَّ �إِ َّن َمع َِي َر ِّبي َ�س َيهْدِ ِ‬ ‫���ش��ع��ور مي��ن��ح الأ���س��ب��اب خ��ا�ّ��ص��ي��ة ال��ن��ف��اذ فا�شحن �أ�سبابك‬ ‫بلجوئك �إىل اهلل ودع���ائ���ك و���س���ؤال��ك ال��ع��ون م��ن��ه وح��ده‬ ‫و�إ ّال ف�ستتح ّول الأ�سباب التي ا ّتخذتها �إىل بطاقات �شحــن‬ ‫فارغة ‪.‬‬

‫فعــــــالية‬

‫ح�سن الظنّ �سمة امل�ؤمن ‪ ،‬ف�أح�سن الظنّ بالنتيجة و�أح�سن‬ ‫الظنّ باهلل �أ ّنه لن يخذلك‪ ،‬وهو �شعور عظيم الأثر يف بلوغ‬ ‫م��رادات النفو�س ومطالب الت�أثري ‪ّ � .‬إن من يقدّم �إجن��ازا‬ ‫عليه �أن يتفاءل ب� ّأن �إجنازه م�ؤهّ ل للقبول وعليه كذلك �أن‬ ‫يعلم � ّأن اهلل بلطفه ورحمته وعنايته �سيمنحه من الأ�سباب‬ ‫ما يكفل له النجاح‪ ،‬و ك ّلما كان لر ّبه � ّ‬ ‫أذل و�شعوره باحلاجة‬ ‫�إليه �أكرث و�ضوحا و�إحلاحا ت�ضاءلت لديه فر�ص االعتداد‬ ‫ب��ق��درات النف�س ومق ّومات الدنيا التي قد تبعث الغرور‪،‬‬ ‫و�أظ��ه��ر �شعور االن��ط��راح هلل والتع ّلق به وبر�ضاه ورحمته‬ ‫وف�ضله ولطفه وم ّنته وهدايته ك�أقوى �أ�سباب املناف�سة التي‬ ‫تقف �أمامها ك ّل مق ّومات الق ّوة املتجاهلة لر ّبها ‪.‬‬

‫القدرة التي تريد التم ّيز فيها‪.‬‬ ‫ر ّك���ز ج��ه��دك ف��ل��ن حت�صل ع��ل��ى ال��ت��م�� ّي��ز ح�� ّت��ى تتخ ّلى عن‬ ‫كثري من م�ش ّتتات ق��درات��ك والتي قد تكون مغريات لك‬ ‫من حيث �أ ّن��ك ت�شعر مبتعة فيها وترى بع�ض من مت ّيزوا‬ ‫بها وتدعوك نف�سك خلو�ض املعركة معهم ث ّم ال تلبث �أن‬ ‫تغريك نف�سك مبجال �آخر ح ّتى يكون لك م�شاركات كثرية‬ ‫لي�س فيها �إجناز واحد ي�صل �إىل ح ّد التم ّيز‪.‬‬ ‫التخ�ص�ص يف جمال ما يجعلك خبريا فيه عارفا بخفاياه‬ ‫ّ‬ ‫وتخ�ص�ص خفايا ال تظهر ملن ال يطيل‬ ‫حيث � ّأن يف ك ّل جمال‬ ‫ّ‬ ‫املمار�سة والبحث والتح ّري‪ ،‬ومن هنا ميتلك �أدوات غري‬ ‫ظاهرة للعيان تكون �أكرث فعال ّية يف �إدارة هذا املجال وقيادة‬ ‫د ّفته‪ ،‬وهذا عامل مت ّيز وجذب وا�ضح ‪،‬والذين يتعاملون‬ ‫خا�ص من اال�ستمتاع هم الذين‬ ‫مع ّ‬ ‫تخ�ص�صاتهم ب�شعور ّ‬ ‫ي�ستم ّرون يف رحلة التم ّيز ‪.‬‬ ‫ل��و مل ي��ت��ذ ّوق خ�ب�راء الأح��ي��اء الدقيقة متعة العمل مع‬ ‫اجل��راث��ي��م والبكترييا وك��� ّل كائنات التخ ّمر وال��ت��ع�� ّف��ن ملا‬ ‫الطب والأ�سلحة البيولوج ّية‬ ‫�أ�صبحوا م�شاهري اكت�شافات‬ ‫ّ‬ ‫الف ّتاكة ‪.‬‬ ‫جهلك ببع�ض امل��ج��االت لي�س عيبا �إذا ك��ان لديك جمال‬ ‫يجهله النا�س و�أنت اخلبري فيه‪ .‬طعم التم ّيز واحد يف �أيّ‬ ‫جمال ما مل يكن �شذوذا ‪،‬والفرق بني ال�شذوذ والتم ّيز � ّأن‬ ‫التم ّيز ي ّتفق مع القيم الإيجاب ّية للحياة ‪،‬وال�شذوذ اختالف‬ ‫تخ�ص�ص يف جمال‬ ‫�سلبي عن ال�سائد يف احلياة الكرمية ‪ّ .‬‬ ‫ما واع�شق رحلتك فيه وتذ ّوقه بنف�سك وال تدع �أحدا يحدّد‬ ‫لك مذاقه لأ ّن��ك حينها �سوف تدع العمل حني تفقد ل ّذة‬ ‫اال�ستمتاع به ‪.‬‬

‫كن متم ّيزا‬

‫ي����زداد ر���س��وخ��ك يف ق��ل��وب الآخ���ري���ن ك�� ّل��م��ا ك��ن��ت م��ت��م�� ّي��زا ‪.‬‬ ‫ويتح ّقق مت�� ّي��زك اب��ت��داء بتقييمك ل��ق��درات��ك وتركيزك‬ ‫التخ�ص�ص ‪.‬‬ ‫جلهدك وحر�صك على‬ ‫ّ‬ ‫للإن�سان قدرات متعدّدة وهناك من يرى نف�سه يح�سن يف‬ ‫جماالت كثرية ويتحدّث عن نف�سه �أ ّنه يفهم يف عدّة �أمور‬ ‫وفنون غري � ّأن التم ّيز يتح ّقق ب�أن ت�ضع جميع قدراتك يف‬ ‫م�ضمار �سباق لتختربها وتعلم �أيّ قدراتك �أف�ضل و�أ ّيها‬ ‫�أكرث تلقائ ّية و�أ ّيها ي ّت�سم مع طبيعتك ال�شخ�ص ّية ال�سائدة‬ ‫فهي القدرة املم ّيزة لديك والتي ت�ستطيع به ــا املناف�سة ‪.‬‬ ‫قدراتك بع�ضها ي�صل �إىل م�ستوى اال�ستمتاع وبع�ضها �إىل‬ ‫م�ستوى امل�شاركة وبع�ضها ي�صل �إىل م�ستوى املناف�سة‪.‬‬ ‫اعر�ض قدراتك ملح ّكات كثرية وافح�صها م�سبقا قبل �أن‬ ‫تخو�ض املعركة ‪ .‬ما ميكنك املناف�سة فيه هو جمال مت ّيزك‬ ‫وبق ّية قدراتك التي دون م�ستوى املناف�سة ّ‬ ‫‪،‬وظفها خلدمة‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪59‬‬


‫صحـــــة‬

‫الحيوانات األليفة‪...‬‬

‫ّ‬ ‫متى تكون خطرا على صحتكم ؟‬ ‫�سحر ف�ؤاد‬

‫‪60‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬


‫القطط مصدر لعدوى طفيل « توكسوبالزما‬ ‫«و ليس هناك وسيلة لتشخيص‬ ‫العدوى في تلك القطط‪ .‬واألطفال أكثر‬ ‫عرضة لإلصابة بهذا المرض‪.‬وحوالي ثلث‬ ‫المصابين به ال يدركون إصابتهم في‬ ‫البداية‬

‫حوايل ثلث امل�صابني بهذا املر�ض ال يدركون �أ�ص ًال �إ�صابتهم‬ ‫به يف البداية ‪ ،‬ب�سبب �أعرا�ضه الب�سيطة التي ت�شبه �أعرا�ض‬ ‫الإنفلونزا مع ّ‬ ‫ت�ضخم يف الغدد و�شعور بالتعب �أحيان ًا‪ .‬و يف‬ ‫بع�ض احل��االت يقوم اجل�سم مبحاربة هذه العدوى ودفعها‬ ‫متام ًا دون ال�شعور ب� ّأي �أعرا�ض ‪ .‬و�إذا ما �أ�صيب ال�شخ�ص‬ ‫بهذا املر�ض م ّرة واحدة تن�ش�أ لديه ـ يف الغالب ـ مناعة من‬ ‫العدوى م ّرة �أخرى‪.‬‬ ‫ولكنّ هذا املر�ض قد تكون له ت�أثريات خطرية ج ّد ًا �إذا انتقلت‬ ‫العدوى بهذا الطفيل �إىل اجلنني وتق ّدر الدرا�سات احلديثة‬ ‫�أنّ ما يقرب من ‪ %20‬فقط من الن�ساء يف �سنّ احلمل لديهنّ‬ ‫مناعة من هذا املر�ض ‪ .‬و�إذا �أ�صيب اجلنني بهذه العدوى‬ ‫فقد يعاين من �إ�صابات �ضا ّرة يف املخّ �أو العينني‪ ،‬ويف احلاالت‬ ‫ال�شديدة قد ميوت قبل والدته‪ .‬ولكن معظم الأطفال امل�صابني‬

‫صحـــــة‬

‫يظنّ كثري من النا�س �أنّ احليوانات الأليفة التي يتّخذونها‬ ‫يف منازلهم خالية متام ًا من الأ���ض��رار‪ ،‬ولكنّ احلقيقة �أنّ‬ ‫الأطفال والكبار مع ّر�ضون للإ�صابة ببع�ض الأمرا�ض ب�سبب‬ ‫حيواناتهم الأليفة‪ .‬وتتفاوت هذه الإ�صابات من الب�سيطة‬ ‫ن�سب ّي ًا مثل قر�ص الرباغيث �إىل �أن��واع من العدوى قد تنذر‬ ‫طب‬ ‫بخطورة بالغة ‪ ..‬التقينا الدكتورة ناهد حامد ا�ست�شار ّية ّ‬ ‫الأ�سرة واملجتمع ملناق�شتها حول هذا املو�ضوع‪� .‬س�ألناها يف‬ ‫البداية عن املخاوف املتع ّلقة بالقطط‪ ،‬فقالت ‪ :‬بع�ض القطط‬ ‫قد تكون م�صابة بعدوى طفيل “ توك�سوبالزما جوندياي”‬ ‫وذلك عندما تبد�أ يف �صيد و�أك��ل بع�ض فرائ�سها كالفئران‬ ‫�أو الطيور امل�صابة بهذا الطفيل ‪ .‬وت�ستم ّر القطط امل�صابة‬ ‫مبر�ض التوك�سوبالزما يف �إخراج براز مل ّوث بهذا الطفيل ‪14‬‬ ‫يوم ًا ‪ ،‬ولكن ـ للأ�سف ـ لي�س هناك و�سيلة لت�شخي�ص العدوى‬ ‫يف تلك القطط‪ .‬وتنتقل التوك�سوبالزما للإن�سان عادة �إذا‬ ‫�أك��ل طعام ًا مل ّوث ًا بهذا الطفيل مثل اللحوم غري املطبوخة‬ ‫ج ّيد ًا �أو الفاكهة واخل�ضروات النيئة دون غ�سلها‪ .‬ولكن من‬ ‫املمكن �أي�ض ًا �أن ي�صاب ال�شخ�ص بهذا املر�ض �إذا ابتلع هذا‬ ‫الطفيل م�صادفة‪ ،‬كما لو و�ضع يده يف فمه �سهو ًا دون غ�سلها‬ ‫بعد مالم�ستها لف�ضالت ّ‬ ‫القطة‪ .‬ولذلك ف�إنّ الأطفال ومن‬ ‫يعملون يف �إ�صالح احلدائق عر�ضة للإ�صابة بهذا املر�ض‪.‬‬

‫بالعدوى يولدون بدون ظهور � ّأي �أعرا�ض و�إن كانوا قد يعانون‬ ‫بعد ذلك من م�شاكل يف العني ـ عادة قبل �سنّ الع�شرين ـ وهذه‬ ‫من املمكن عالجها‪ .‬ويجب على امل��ر�أة احلامل التي تتو ّقع‬ ‫�إ�صابتها مبر�ض التك�سوبالزما �أن جتري ع ّدة اختبارات لـلدم‬ ‫الكت�شاف ما �إذا كانت �أ�صيبت بالعدوى‪ ، .‬و حتّى �إذا جاءت‬ ‫النتائج مثبتة لوجود املر�ض يف الأ ّم‪ ،‬ف�إ ّنها لن ت�ستطيع حتديد‬ ‫ما �إذا كان طفلها قد ت�أ ّثر باملر�ض‪ .‬وحينئذ قد يجرى اختبار‬ ‫يتم �سحبها من احلبل ال�س ّري‬ ‫�آخر على ع ّينة من دم الطفل ّ‬ ‫ملعرفة ذلك‪.‬‬ ‫سن الحمل‬ ‫‪ %20‬فقط من النساء في‬ ‫ّ‬ ‫لديهن مناعة من “ توكسوبالزما “ ‪ .‬وإذا‬ ‫ّ‬ ‫أصيب الجنين بهذه العدوى فقد يعاني من‬ ‫ّ‬ ‫المخ أو العينين‪.‬‬ ‫إصابات ضا ّرة في‬ ‫إذن كيف تحمي العائلة نفسها‬ ‫من هذا الخطر ؟‬

‫ي��ج��ب �إزال�����ة روث ال��ق��طّ��ة م��ن امل��ن��زل ي��وم��يّ�� ًا لأنّ طفيل‬ ‫التوك�سوبالزما ال يتح ّول �إىل الطور املعدي �إ ّال بعد ‪� 24‬ساعة‬ ‫على الأق�� ّل‪ .‬ويجب غ�سل اليدين بعد هذا دائم ًا ‪ .‬وبالطبع‬ ‫ف�إنّ هذا �سهل فقط بالن�سبة للقطط التي ت�ستخدم مو�ضع ًا‬ ‫خم�صّ �ص ًا للتربّ ز‪ .‬وحيث �أنّ طفيل التوك�سوبالزما يظ ّل‬ ‫خطر ًا مل�� ّدة قد ت�صل �إىل ‪� 18‬شهر ًا ف���إنّ هناك خوف ًا من‬ ‫القطط ـ �سواء التي لك �أو لغريك من الأ�شخا�ص ـ التي‬ ‫ت�ستخدم حديقتك ك ّلها كمكان للتربّ ز‪.‬‬ ‫اغ�سلي يديك دائم ًا بعد الإم�ساك باللحوم النيئة‪ ،‬وتذ ّكري‬ ‫�أي�ض ًا �أن ّ‬ ‫تنظفي الأ�سطح التي تقطعني عليها اللحم يف املطبخ‬ ‫بعد ذلك ج ّيد ًا ‪ .‬والأف�ضل ـ �إذا تي�سّ ر ذلك ـ �أن تخ�صّ �صي‬ ‫ل��وح�� ًا خم�صّ �ص ًا لتقطيع اللحم‪ .‬و�أخ�ي�را الب�� ّد م��ن غ�سل‬ ‫اخل�ضروات بعناية ‪.‬‬ ‫وماذا عن مخاطر الكالب‪:‬‬

‫بداية ف���إنّ تربية الكالب حم َّرمة �إال ل�صيد �أو حرا�سة ‪،‬‬ ‫وال يجوز �إدخالها �إىل البيوت ‪ ،‬وللأ�سف ف�إن �أغلب حاالت‬ ‫تربية الكالب يف املجتمعــات امل�سلمة ال تلتزم بهـذه ال�شروط‬ ‫‪ ،‬فهي جم�� ّرد تقليد ملجتمعات الغرب ‪ .‬والأع��داد املتزايدة‬ ‫من الكالب يف البيوت تعني �أن هناك كثريين يخالفو حكم‬ ‫ال�شريعة يف ه��ذا امل��و���ض��وع ‪ ،‬كما تعني م��زي��د ًِا م��ن طفيل‬ ‫التوك�سوكارا التي ت�صيب الأطفال‪ ،‬ورغ��م �أنّ كثريين من‬ ‫الأطفال امل�صابني بهذه العدوى ال تظهر عليهم � ّأي �أعرا�ض‪،‬‬ ‫كحة‬ ‫�إ ّال �أنّ بع�ضهم قد ي�شكو من ارتفاع يف درجة احلرارة مع ّ‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪61‬‬


‫صحـــــة‬

‫و�صفري يف ال�صدر و�آالم عا ّمة باجل�سم‪ .‬ويف عدد �ضئيل من‬ ‫هذه احل��االت من املمكن �أن ي���ؤ ّدي طفيل التوك�سوكارا �إىل‬ ‫م�شاكل يف العني‪ .‬ففي بع�ض الأحيان �إذا و�صل الطفيل �إىل‬ ‫العني فقد ي�ؤ ّدي �إىل ت�ش ّو�ش يف الر�ؤية �أو فقدان للر�ؤية ك ّلي‬ ‫�أو جزئي ‪ .‬ولكن كثري ًا ما يكون الت�أثري طفيف ًا لدرجة �أ ّنه ال‬ ‫يالحظ �إ ّال �أثناء فح�ص “روتيني” للعني ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ألن‬ ‫يجب إزالة روث‬ ‫القطة من المنزل يوم ّيًا ّ‬ ‫يتحول إلى الطور‬ ‫طفيل التوكسوبالزما ال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األقل‪ .‬ويجب‬ ‫المعدي إالّ بعد ‪ 24‬ساعة على‬ ‫غسل اليدين بعد هذا دائمًا‪.‬‬

‫وميكن اكت�شاف هذه العدوى ب�إجراء اختبار للدم ‪ ،‬ولكن‬ ‫لي�س هناك ع�لاج حم�� ّدد ‪ ،‬وغالب ًا ما ت��زول الأع��را���ض يف‬ ‫النهاية من تلقاء نف�سها‪ .‬ونظر ًا لندرة امل�شاكل الناجتة عن‬ ‫هذا الطفيل ف�إنّ الطفل �إذا احتاج �إىل � ّأي عالج‪ ،‬فالأرجح‬ ‫�أنّ الطبيب املمار�س �سيقوم بتحويله �إىل �أح��د �أخ�صّ ائيي‬ ‫الأط��ف��ال بامل�ست�شفى‪ .‬وت�شمل العالجات املمكنة �أقرا�صا‬ ‫�أو حقن م�شت ّقات الكورتيزون والأدوي��ة امل�ضا ّدة للطفيل �أو ـ‬ ‫�أحيان ًاـ �إجراء جراحة ب�أ�ش ّعة الليزر ملحاولة �إ�صالح � ّأي تلف‬ ‫ب�شبك ّية العني‪.‬‬ ‫أن الحيوانات األليفة تزيد حاالت‬ ‫هل صحيح ّ‬ ‫القيء والغثيان لدى العائالت التي تقتنيها ؟‬

‫هذا �صحيح ‪ ،‬فكثري من احليوانات مثل القطط وال�سالحف‬

‫‪62‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫الربّ ية واملائ ّية حتمل “ميكروب ال�ساملونيال” الذي ي�س ّبب‬ ‫الغثيان والقيء والإ�سهال‪ .‬و�إن كانت �أكرث احلاالت التي تنتقل‬ ‫فيها هذه البكترييا للإن�سان تكون عن طريق �أكل طعام مل ّوث‬ ‫ـ مثل حلوم الطيور غري املطبوخة ج ّيد ًا ـ �إ ّال �أ ّنها من املمكن‬ ‫�أي�ض ًا �أن تنتقل �إليه �إذا و�ضع �أ�صابعه يف فمه بعد �أن يداعب‬ ‫بها �أحد تلك احليوانات‪ .‬ومن هنا كان الب ّد من غ�سل اليدين‬ ‫وجتفيفهما دائم ًا قبل الأكل‪.‬‬ ‫و�إذا ترك الطعام املتب ّقي من احليوانات يف املطبخ الدافئ‬ ‫مث ًال ف�إ ّنه ي�صبح مرتع ًا لتكاثر ال�ساملونيال التي ي�ستطيع‬ ‫ال��ذب��اب بعد ذل��ك حملها �إىل � ّأي طعام �آخ��ر غري ّ‬ ‫مغطى‪.‬‬ ‫ومن امل�صادر املحتملة �أي�ض ًا لهذا “امليكروب “ روث القطط‬ ‫والكالب ‪ ،‬وت�شري احل�سابات �إىل �أنّ و�سخ الكلب الواحد تزوره‬ ‫‪ 144‬ذبابة يوم ّي ًا‪.‬‬ ‫كيف نحمي أسرتنا من ذلك الخطر ؟‬

‫يجب �إلقاء � ّأي طعام متبقّ من احليوانات فور ًا‪ ،‬وغ�سل جميع‬ ‫الأطباق امل�ستعملة يوم ّي ًا‪ .‬والب ّد من م�سح جميع الأ�سطح يف‬ ‫املطبخ ب�أحد املط ّهرات املنزل ّية بعد تخفيفها باملاء ح�سب ما‬ ‫هو حم ّدد يف ك ّل مط ّهرـ هذا بالإ�ضافة �إىل التنظيف اليومي‬ ‫اجل ّيد فلي�س هذا بدي ًال عن ذاك‪.‬‬ ‫وماذا عن الحيوانات األليفة ومشاكل التنفّ س ؟‬

‫عند التن ّف�س يف اجل�� ّو املحيط باحليوانات‪ ،‬ف���إنّ جزيئات‬ ‫�صغرية من فرو احليوانات �أو ري�ش الطيور ـ بالإ�ضافة �إىل‬ ‫ف�ضالت القمل وغ�يره ممّ��ا يعي�ش يف ه��ذه احليوانات ـ قد‬


‫ترك الطعام المتبقّ ي من الحيوانات في‬ ‫المطبخ يجعله مرتعًا لتكاثر السالمونيال‬ ‫أي طعام آخر غير‬ ‫التي يمكن ان تنتقل إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫مغطى‬

‫صحـــــة‬

‫تدخل اجلهاز التن ّف�سي وت�س ّبب بع�ض تفاعالت احل�سا�س ّية‬ ‫يف الأ�شخا�ص الذين لديهم قابل ّية لذلك‪ .‬وغالب ًا ما يكون‬ ‫ذل��ك يف �صورة �صفري يف ال�صدر مع �ضيق يف التن ّف�س �أو‬ ‫عطا�س ‪ .‬و�إذا الحظ الطبيب املمار�س عليك هذه الأعرا�ض‬ ‫فربمّ ا ح ّولك �إىل بع�ض مراكز عالج الربو ملعرفة ما �إذا كان‬ ‫حيوانك الأليف هو ال�سبب �أ ّو ًال‪.‬‬

‫وينبغي �أثناء القيام بذلك مراعاة عدم ا�ستن�شاق � ّأي غبار‬ ‫�إذا �أمكن مع حماولة �أن يكون ذلك يف حديقة املنزل ‪.‬‬ ‫الجو المحيط بالحيوانات‪،‬‬ ‫عند التنفّ س في‬ ‫ّ‬ ‫فإن جزيئات صغيرة من فرو الحيوانات أو‬ ‫ّ‬ ‫ريش الطيور قد تدخل الجهاز التنفّ سي‬ ‫وتس ّبب بعض تفاعالت الحساس ّية ‪.‬‬

‫ومن ناحية �أخرى ف�إنّ الرباغيث التي تعي�ش يف فرو القطط‬ ‫وتتكاثر هناك من املمكن �أي�ض ًا �أن تقر�ص الإن�سان‪ ،‬وغالب ًا ما‬ ‫يكون هذا يف وقت ال�صيف ‪ .‬ولذلك ينبغي ا�ست�شارة الطبيب‬ ‫البيطري لي�صف عالج ًا للق�ضاء على تلك الرباغيث يف‬ ‫احليوانات املوجودة لديك‪ّ ،‬‬ ‫كر�شها ببع�ض املبيدات‪ ،‬ولكن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ينبغي مراعاة �إبعاد الأطفال عن احليوانات التي مت ر�شها‬ ‫بالعالج حديث ًا‪.‬‬ ‫و�أحيان ًا قد ي�صاب بع�ض الأ�شخا�ص بعدوى يطلق عليها‬ ‫ا�سم “ داء الب ّبغاء” وذلك ب�سبب بع�ض الطيور الأليفة مثل‬ ‫الب ّبغاء‪ .‬والطري امل�صاب بهذه العدوى قد يكون لديه �إ�سهال‬ ‫�أو ر�شح من فتحتي الأنف ( وهما فوق منقاره) ولكن يف كثري‬ ‫من احل��االت قد يبدو �سليم ًا دون ظهور � ّأي �أعرا�ض عليه‪.‬‬ ‫وحتمل جراثيم هذه العدوى يف ب��راز الطري امل�صاب ومن‬ ‫املمكن �أن تت�س ّبب يف حدوث التهاب رئوي يف ال�شخ�ص الذي‬ ‫ي�ستن�شق غبار ًا مل ّوث ًا بف�ضالت الطري‪.‬‬ ‫كثير من القطط والسالحف الب ّرية والمائ ّية‬ ‫تحمل «ميكروب السالمونيال» الذي يس ّبب‬ ‫الغثيان والقيء واإلسهال‪.‬‬ ‫كيف نواجه ذلك ؟‬

‫افح�صي �أماكن النوم املعتادة للقط من حيث وجود بي�ض‬ ‫الرباغيث الأبي�ض الل�ؤلئي‪� ،‬أو برازها وه��و �أ�سود م�شرب‬ ‫بحمرة ‪ .‬ف���إذا وجد فالب ّد من ا�ستخدام مبيد للرباغيث‪،‬‬ ‫وبعد ذلك ينبغي �أن يكن�س املنزل متام ًا باملكن�سة الكهربائ ّية‬ ‫مع غ�سل فرا�ش نوم احليوان لتج ّنب �إ�صابته بالرباغيث م ّرة‬ ‫�أخرى ‪.‬‬ ‫يجب تنظيف �أقفا�ص الطيور بانتظام ملنع تراكم ف�ضالتها‪،‬‬ ‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫‪63‬‬




‫فضاء قلم‬

‫ال تؤذيني في عائشة‬ ‫بقلم ‪ :‬د‪ .‬مها اجلري�س‪.‬‬ ‫َر َوى ا ْل ُب َخار ُِّي يف �صحيحه �أنّ ال َّنا�س َكانوا َي َتح ُرونَ ِبهَدَ ا َياهُ ْم‬ ‫اج َت َم َع َ�ص َو ِاح ِبي ِ�إلىَ �أُ ِّم َ�س َل َم َة ‪،‬‬ ‫َي ْو َم َعا ِئ َ�ش َة‪َ ،‬قا َل ْت َعا ِئ َ�ش ُة‪َ :‬ف ْ‬ ‫يتح ُرونَ ِبهَدَ ا َياهُ ْم َي ْو َم َعا ِئ َ�ش َة‬ ‫ا�س َ‬ ‫َف َقا ُلوا‪َ :‬يا �أُ َّم َ�س َل َم َة ‪� ،‬إِنَّ ال َّن َ‬ ‫‪َ ،‬و ِ�إ َّنا ُن ِري ُد الخْ َ يرْ َ َك َما ت ُِري ُد َعا ِئ َ�ش ُة ‪َ ،‬ف ُم ِري َر ُ�سول اهلل ‪�َ ،‬ص َّلى‬ ‫ا�س �أَنْ ُي ْهدُوا ِ�إ َل ْي ِه َح ْيثُ َما َكانَ‬ ‫اهلل َع َل ْي ِه َو َ�س َّل َم ‪� ،‬أَنْ َي�أْ ُم َر ال َّن َ‬ ‫‪� ،‬أَ ْو َح ْيثُ َما دَا َر ‪َ ،‬قا َل ْت ‪َ :‬ف َذ َك َر ْت َذ ِل َك �أُ ُّم َ�س َل َم َة ِلل َّن ِب ِّي َ�ص َّلى‬ ‫اهلل َع َل ْي ِه َو َ�س َّل َم ‪َ ،‬قا َل ْت ‪َ :‬ف�أَ ْع َر َ�ض َع ِّني ‪َ ،‬ف َل َّما َعا َد �إِليَ َّ َذ َك ْرتُ‬ ‫َل ُه َذ ِل َك َف�أَ ْع َر َ�ض َع ِّني ‪َ ،‬ف َل َّما َكانَ فيِ ال َّثا ِل َث ِة َذ َك ْرتُ َل ُه ‪َ ،‬ف َق َال‬ ‫‪َ " :‬يا �أُ َّم َ�س َل َم َة ‪ ،‬ال ُت�ؤ ِْذي ِني فيِ َعا ِئ َ�ش َة ‪َ ،‬ف ِ�إ َّن َها اهلل ‪َ ،‬ما َنزَ َل‬ ‫اف ْام َر�أَ ٍة ِم ْن ُكنَّ َغيرْ َ هَ ا " ‪.‬‬ ‫ا ْل َو ْح ُي َع َل َّي َو�أَ َنا فيِ لحِ َ ِ‬ ‫هذا احلديث من �أبلغ ما ورد يف و�صف حم ّبته �ص ّلى اهلل عليه‬ ‫و�س ّلم لعائ�شة ر�ضي اهلل عنها‪ ،‬وفيه عبارة من �ألطف ما قيل‬ ‫يف و�صف عمق املح ّبة بني الزوجني‪ ،‬وهي عنوان هذا املقال‪،‬‬ ‫فلم يقل �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم لأ ّم �سلمة ر�ضي اهلل عنها‪ ( :‬ال‬ ‫ت�ؤذي عائ�شة) بل قال‪ ( :‬ال ت�ؤذيني يف عائ�شة)‪ ،‬وهذا يقت�ضي‬ ‫�أنّ ك ّل ما يخ�صّ ها يعنيه‪ ،‬وما ي�ؤذيها ي�ؤذيه!‬ ‫ويف احل��دي��ث ّ‬ ‫تلطفه ���ص��لّ��ى اهلل عليه و���س��لّ��م ب�����أ ّم �سلمة‬ ‫و�صويحباتها اللواتي �أدرك��ت��ه��نّ ال��غ�يرة‪ ،‬فقد �أع��ر���ض عن‬ ‫جواب �س�ؤالها م ّرتني‪ ،‬وحني �أعادته الثالثة �أج��اب! كما �أنّ‬ ‫جوابه �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم فيه ت�سلية لهنّ ؛ فقد جاء ب�إ�شارة‬ ‫للتف�ضيل من عند اهلل تعاىل‪ ،‬ومل يكن باعثه من جهة ميله‬ ‫مما اخت�صّ ت به‬ ‫القلبي فقط؛ فنزول الوحي يف حلافها هو ّ‬ ‫ر�ضي اهلل عنها على وجه م�ستم ّر‪ ،‬و�إن كان قد ثبت نزوله يف‬ ‫اللحاف لأ ّم �سلمة ر�ضي اهلل عنها م ّرة من امل ّرات‪.‬‬ ‫وح�ين يكون ال�سبب ر ّبان ّيا تهون الغرية الزوج ّية‪ ،‬وتتط ّلع‬ ‫النفو�س �إىل ال��غ�يرة الإمي��ان��يّ��ة وال��ت��ي ه��ي باعثة للتناف�س‬ ‫والت�سابق ملر�ضاة اهلل تعاىل‪ ،‬وق��د ذك��ر العلماء يف �شرح‬

‫‪66‬‬

‫العدد ‪� - 271‬شوال ‪1436‬هـ‬

‫احلديث �أنّ��ه �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم مل يقم بتنبيه امل�ؤمنني‬ ‫لإهدائه حيثما كان تر ّفعا عن التعري�ض بطلب الهد ّية؛ فقد‬ ‫مما فعلوه مبح�ض �إرادتهم ال‬ ‫كان هذا التح ّري ليوم عائ�شة ّ‬ ‫مما �أر�شدهم �إليه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويف احلديث من معاين رحمته �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم بالن�ساء‬ ‫ما تعجز عنه الكلمات‪ ،‬فلوال ما عهدته زوجاته الكرميات من‬ ‫عدله ورحمته ولطفه ما تق ّدمن بهذا االعرتا�ض‪ ،‬وقد كان‬ ‫�ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم ي�ستمع ل�شكواهنّ ‪ّ ،‬‬ ‫ويتلطف مبداواة ما‬ ‫جتد نفو�سهنّ من �أمل الغرية يف كثري من املواقف والق�ص�ص‬ ‫التي رويت عنهنّ ر�ضي اهلل عنهنّ و�أر�ضاهنّ ‪.‬‬ ‫وممّ��ا ميكن الوقوف عنده‪ :‬عظيم مروءته �ص ّلى اهلل عليه‬ ‫و�س ّلم؛ ف�أذ ّية زوج الرجل هي �أذ ّي ٌة له‪ ،‬وقد قالها �ص ّلى اهلل‬ ‫عليه و�س ّلم يف �ش�أن عائ�شة ر�ضي اهلل عنها م ّرتني‪ ،‬الأوىل‬ ‫يف هذه الق�صّ ة والثانية يف حديث الإف��ك ‪ ،‬حني قال �ص ّلى‬ ‫اهلل عليه و�س ّلم‪ :‬من يعذرين يف رجل من امل�سلمني ي�ؤذيني‬ ‫يف �أهلي!‬ ‫ويف هذه العبارة التي تفي�ض ر ّقة ورحمة ت�صوير بلي ٌغ لتقا�سم‬ ‫حقيقي عن معنى النف�س الواحدة التي‬ ‫ري‬ ‫الأذى والأمل‪ ،‬وتعب ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ت�سكن �إىل �إلفها من النا�س فت�سعد ب�سعادتها وتت�ألمّ لأملها‪.‬‬ ‫وهو �أم ٌر يفتقده كثري من النا�س يف هذا الزمن �شديد املا ّدية‬ ‫والأنان ّية‪ ،‬ويف ظ ّل حياة زوج ّية مليئة بامل�شكالت التي مر ّد‬ ‫كثري منها الأنان ّية والتع ّدي والظلم!‬ ‫و�أخري ًا‪ :‬يف احلديث منقبة عظيمة لعائ�شة ر�ضي اهلل عنها‪،‬‬ ‫فليتّق اهلل من ي�ؤذي ر�سول اهلل �ص ّلى اهلل عليه و�سلم بها ‪،‬‬ ‫ولت�سعد ن�ساء الأر���ض جميع ًا بهذا التكرمي الإلهي جلن�س‬ ‫املر�أة‪ ،‬فالوحي و�إن مل ينزل على امر�أة فقد نزل يف حلافها!‬




Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.