مجلة شهرية بجهود فردية تصدر في الثاني عشر من كل شهر
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز
ميت: حي وما هو ٌ بني ما هو ٌ العدد الحادي والعرشون من مجلة امللحدين العرب للثاين عرش من شهر اغسطس لسنة 2014
شيء على اإلطالق ال يوجد ٌ
Ali Alnajafi
عالم بال إل ٍه :فقدان ديننا ٌ فريق ترجمة قناة امللحدين بالعربي
سلسلة الفاحشة في فضح أ ّم املؤمنني عائشة 1
Hunger mind
مجلّة امللحدين العرب مجل ٌة رقمي ٌة مبني ٌة ج ٍه سياسي؛ هدفها ي تو ّ بجهودٍ فردي ٍة؛ وال تتبنّى أ ّ جهاتهم نشر أفكار امللحدين على اختالف تو ّ وانتماءاتهم بحرّي ٍة كامل ٍة. املعلومات والرسومات واملواضيع املطروحة تُعتبر مسؤولية أصحابها من الناحية األدبية وناحية حقوق النشر وحفظ امللكية الفكرية.
كلمة حترير اجمللة
رئيس التحرير: ....................................................... Gaia Athiest أعضاء هيئة التحرير و بناء اجمللة
قــال ســتيفن هوكينــغ فــي مقابلــة تلفزيونيــة مــع دايــان ســوير اإلعالميــة األمريكيــة ":هنــاك فــرق جوهــري بــن الســلطة ،بينمــا العلــم والديــن ،الديــن يعتمــد علــى ُ العلــم يعتمــد علــى املالحظــة واملنطــق ،العلــم يكســب ألنــه يعمــل"
John Silver
almolhed alarabi
العلــم يكســب ضــد اجلهــل واخلرافــة ،ضــد الدجــل والتزويــر ،ضــد الشــعوذة واخلــداع ،ضــد العلــوم الزائفــة.
عادل أحمد
Noor Massarwa
الغراب احلكيم
Zaher Zaher
Sameer Samee
Wissem Ben Samir
Zoro Diego
Zena Aziz
فالعلــم احلقيقــي نــراه فــي كافــة جوانــب حياتنــا ،فــي الطــب والهندســة والزراعــة وعلــوم الفضــاء والبيولوجــي تطور والتكنولوجيــا ،نلمــس نتائجــه وتطبيقاتــه ونلحــظ ّ البشــرية وتق ّدمهــا بســببه ،أمــا العلــم الزائــف فنحــن ال نــرى مــن مروجيــه إال الــكالم ،فهــم ليســوا متطفلــن يعطلــون عجلــة التقــدم مبــا علــى العلــم فحســب ،بــل ّ ينشــرونه مــن أكاذيــب مضللــة تأخذنــا لعصــور الظــام مــن جديــد.
Yamen Al Refai
أبو العبد
McKie Theman
Destin Fatal
Mohamad Ahmed
Em Ma
عقالني عقالني
Nada Lutfi
Shakek Altaher
Hassan W. Hassan
Leo Atheo
Leena Awouda
Alia`a Damascéne
Ameer Albaghdadi
Ali Alnajafi
Mohammad Sy
Lina AL Assfer
Anouar El Mekki
Ghaith Jabri
Cold Winter
Abdullah Hussein
عاصم علي
مــا الــذي ق ّدمــه مروجــو العلــوم الزائفــة مــن بدائــل واقعية عمليــة أو تطــورٍ ملحــوظ فــي أي مجال؟ ال شــيء واالدعــاءات غيــر االعتياديــة يلزمهــا أدلــة غيــر اعتياديــة، ناهيــك عــن عــدم وجــود طريقــة علميــة الختبــار دجلهــم، فهــم ال يق ّدمــون إال املهاتــرات ،مســتغلّني جهــل العامــة باملنهــج العلمــي وأسســه. وينطــوي حتتهــم أدعيــاء العلــم الذيــن يســعون جاهديــن لتعزيــز الدوغمــا الدينيــة بشــتى الطــرق بانتحــال املعرفــة العلميــة وتشــويهها ومجانبــة احلقيقــة ،فقــط إليهــام العامــة بصحــة معتقداتهــم ،فــأي جيــل ســيخرج مــن حتــت أيديهــم؟ البــد لنــا مــن وقفــة واحــدة وصارمــة جتــاه هــؤالء، دائمــا : فمســتقبل أجيالنــا ليــس ســلعة لهــم ،وتذكــروا ً العلــم يكســب ألنــه ببســاطة يعمــل! Gaia Athiest
Metis LM Apostateسرود سليم 2
الفهرس كلمة رئيس التحرير
2
الفهرس
3
دليل املبتدئ في مواجهة اإلعجاز املهترىء الغراب احلكيم
4
مسخرة التاريخ ود الناصري
10
الردّ على أحمد الشقيري
12
هل يفكر اهلل؟ من أرشيف املنتدى االم ( عزرائيل)
23
فادي قوشقجي
26
سلسلة الفاحشة في فضح أ ّم املؤمنني عائشة 1 Hunger mind
38
صناعة اآللهة؛ احللم املمنوع Nesta Fz
43
اإلجهاز على شبهة اإلعجاز في أساطير احلجاز ()1 Matheos Harison
47
أنت أسمى من أن تكون إلها ً Alia'a Damascéne
79
عالم بال إلهٍ :فقدان ديننا ٌ فريق ترجمة قناة امللحدين بالعربي
86
ميت: حي وما هو ٌ بني ما هو ٌ شيء على اإلطالق ال يوجد ٌ Ali Alnajafi
98
هادي بن رمضان
في حوار مع...........
لسنا بحاج ٍة إلى إل ٍه Girgis Rizk
107
3
د ل ي ل ا مل ب ت د ئ يف م وا ج هة اإلعجاز املهرتىء الغراب الحكيم
اإلعجاز العلمي، وما أدراك ما اإلعجاز العلمي ؟ موضة العرص املفضلة للمؤمنني والطريقة ّ يف إثبات صحة دينهم عن طريق التمسح بقيمة العلم ووزنه ومصداقيته ّ التي أثبتها من خالل إنجازاته ومكتشفاته، ٍ حديث بعد أن فشل الدين ويأيت اإلعجاز كمنت ٍج ظل التطور العلمي، كلياً يف إثبات وجوده وقيمته يف ّ وتنامي الشعور العام بخيبة األمل من هذا املنهج الذي ي ّدعي الكامل ،ومع ذلك مل يخلّف للمؤمنني به واملطبقني له 4
دليل املبتدئ يف مواجهة اإلعجاز املهرتىء الغراب الحكيم
إال الفشل عىل جميع األصعدة ،هنا جاء اإلعجاز كمنت ٍج مخ ّد ٍر مينح الزبون قليالً من الشعور بالقيمة باعتباره يتّبع الدين ٍ معلومات دقيق ٍة حقيقي ٍة مل يتوصل لها العلم إال مؤخرا ً ؟! فمس ّوقوا الصحيح ،وكيف ال يكون صحيحاً ،وهو يحتوي عىل اإلعجاز ومبتدعوه عىل اختالف مناهجهم وأثوابهم يعتاشون عىل بيع هذا املنتج املخدر للعا ّمة ،ويحصلون عىل الكثري من االهتامم والحضور اإلعالمي واالحرتام ،وما يرافق ذلك من أموا ٍل وعطايا ،هذا املنتج الذي ي ّربر للمؤمنني بهذا الدين التمسك به واحرتامه ،ووجب القول إنها ليست ظاهر ًة إسالمي ًة فقط ،ففي كل األديان هناك إعجازاتٌ علمي ٌة ولو قليالً ّ بشكلٍ أو بآخر ،وكلها تتبع نفس البنية األساسية. اإلعجاز يقوم عىل ع ّدة مراحل ،وهو يعتمد غالباً عىل النصوص املق ّدسة؛ بهدف تزكيتها النص له ومتجيدها والقول ببساطة إ ّن هذا ّ قيم ٌة كبريةٌ؛ ألنه ميتلك أمورا ً خارق ًة ،وإ ّن متّبعيه يجب أن يكونوا سعدا ًء بإثبات هذه القيمة لهذه النصوص ،ألنّهم بهذا لن يكونوا حمقى إذا ما م ّجدوها وق ّدسوها.
بنية اإلعجاز
هناك نوعان أساسيان من اإلعجاز العلمي، األول :اإلعجاز الكاذب ،الثاين :اإلعجاز املبسط يتعامل الحقيقي ،وهذا الدليل ّ معهام بطريق ٍة واحد ٍة؛ ألن كليهام فاس ٌد سأوضح الحقاً ،وميكن وصف صناعة كام ّ اإلعجاز ومراحله بالخطوات التالية:
- 1البدء باملعضلة :
النص نص ّما ميكن لويه وتأويله وتفسريه بغية استخدامه للقول إ ّن هذا ّ تبدأ بأخذ معلوم ٍة حديث ٍة ما والبحث عن ٍّ ٍ اقتباس ّما وتعديل معانيه ليتوافق مع حقيق ٍة علمي ٍة يتكلّم عن هذه املعلومة .أو ميكن أن تبدأ من النص نفسه باختيار النص وحقيق ٍة علمي ٍة حديث ٍة ،وحتى لو مل تكن هذه العالقة موجودةً ،بل حديث ٍة ،املهم هو أن تكون هناك عالق ٌة بني ّ حتى لو مل تكن هذه الحقيقة العلمية أو املعنى يف النص موجودتني أصالً ،هنا يختلف اإلعجاز الكاذب عن اإلعجاز الحقيقي ،فاإلعجاز الكاذب يقوم باخرتاع معلومة غري حقيقي ٍة ويدعي أنها حقيقي ٌة ،وعىل سبيل املثال إعجاز النملة 5
دليل املبتدئ يف مواجهة اإلعجاز املهرتىء الغراب الحكيم
الشهري لعبد الدائم الكحيل حيث قال :إ ّن النمل مصنو ٌع من زجاج ،أو معلومة أ ّن وكالة الفضاء األمريكية اكتشفت أن حقيقي بني النص واملعلومة العلمية الحديثة مثل تطابق انشق ،ويف حال اإلعجاز الحقيقي النادر يكون هناك ٌ القمر قد ّ ٌ ظاهرة انفصال املاء الحلو عن املالح يف مص ّبات األنهار ،لكن مصدر هذه املعلومة ليس هو هذه النصوص بالرضورة، وغالباً ما تكون معلوم ًة معروف ًة منترش ًة يف زمن كتابة النص. والنص القديم هو اخرتاع معضل ٍة للمتلقي ،وهي تقوم الهدف من إيجاد واخرتاع هذه العالقة بني االكتشاف الحديث ّ النص النص ،فكيف وصلت هذه املعلومة الحديثة إىل ّ عىل السؤال التايل :هذه املعلومة جديد ٌة ومل تكن معروف ٌة يف زمن ّ القديم ؟ أي أ ّن املعضلة يجب أن تحتوي عىل 1.1معلوم ٍة يف النص 2.2معلوم ٍة حديث ٍة 3.3تطابق بني املعلومة الحديثة ومعاين النص 4.4هذه املعلومة غري موجود ٍة يف اإلطار الزمني للنص هذه املعضلة املخرتعة هي األساس يف اإلعجاز ،وترتاوح جودة اإلعجاز حسب بناء هذه املعضلة وتختلف بني اإلعجازين وكذب عىل النص . تدليس الكاذب والحقيقي بكون املعلومات صحيح ًة أم كاذب ًة ،وهل النص يقول بها أم أ ّن املوضوع ٌ ٌ
الحل للمعضلة: - 2تسويق ّ
حل لهذه املعضلة ،هذا يقوم مخرتعوا اإلعجاز بتسويق ٍّ الحل الذي قاموا بصنع املعضلة من أجله ،وهو أن هذه النصوص ليست نتيج ًة عن البيئة التي أنتجت النصوص ودخيل ًة عليها ،فيقومون هنا بافرتاض أحد الحلول املمكنة الحل الوحيد، وحل هذه املعضلة وتقدميه ،وكأنه ّ لتفسري ّ الحل وإذا مل وهي هنا تكون عىل الشكل التايل “ :هذا هو ّ حل لديك للمعضلة ،إما هذه هي اإلجابة أو ال تقبله فال ّ توجد إجاب ٌة “ مبعنى آخر إ ّن اإلله قام بوضع هذه املعلومات النص عن طريق الوحي وأخفاها بشكل ال يستطيع أحد يف ّ العثور عليها إىل حني اكتشافها عىل يد العلم. 6
دليل املبتدئ يف مواجهة اإلعجاز املهرتىء الغراب الحكيم
- 3االستنتاج
بكل هذه العملية يتجاهل ص ّناع اإلعجاز العلمي كل املنطق والتسلسل االستنتاجي ،ويقفزون إىل االستنتاج الذي قاموا ّ بهدف إثباته وهو صحة الدين وصحة وجود اإلله باستخدام املحاججة الفاسدة املسامة " القسمة الثنائية الزائفة " ،إما أن تقبل بوجود هذا اإلله وقيمة هذه النصوص ،أو أن تقبل بعدم معقولية الظاهرة املتمثلّة بوجود هذه املعلومات يف النصوص ،وبهذا تدين نفسك بالالعقالنية ،متجاهلني كون املعضلة مجرد مجموع ٍة من األكاذيب والتأويالت يف حالة اإلعجاز الكاذب ،ومتجاهلني كل اإلجابات األكرث صح ًة ومنطقي ًة عىل املعضلة ( يف حال كانت إعجازا ً حقيقياً ).
ٍ مقلوب يبدأ عملياً مبا يريدون إثباته ،ومن ثم العمل عىل صناعة معضل ٍة وتسويق الحل لها بإثبات وهنا يكتمل اإلعجاز ٍ وبغض بهدف الوصول لهذا املطلوب إثباته ،أي عملياً البدء بنتيج ٍة مراد إثبات صحتها ،ومن ثم البحث عن أدلة تثبتهاّ ، بكل فساده ال دليل وهذا أيضاً غري صحي ٍح ،فاإلعجاز ّ النظر عن فساد هذا املنهج يف اإلثبات ،إال أنه يفرتض أ ّن اإلعجاز ٌ يعترب دليالً ،وهنا نصل ملوضوع الدليل.
الدليل
ما الدليل ؟ وكيف ميكننا تقديم دليلٍ صحي ٍح عىل فرضي ٍة ما ؟ مستقلً عنه ،أي ال ميكن أن يكون الدليل معتمدا ً عىل اإلدعاء ،وعليه يكون ّ الدليل هو ما يثبت إدعا ًء ما بذاته ،ويكون الدليل العلمي هو ما يثبت ص ّحة فرضي ٍة بشكلٍ ٍ خاص ومحد ٍد لهذه الفرضية ،وميكن اختباره وقياسه وإعادة تجربته والتحقق منه ،فهل بهذه الحالة يكون اإلعجاز دليالً ؟ طبعاً ال ،فالدليل ال يقوم عىل اختيار اإلجابات واألفكار املراد إثباتها ،ومن ثم بناء معضل ٍة ما حوله وتقديم الحل لهذه املعضلة ،ومن ثم تقديم استنتا ٍج ير ّجح صحة فرضي ٍة واحد ٍة ما دوناً عن آالف الفرضيات تدعم هذه األفكار التي ت ّم منطق غاي ًة يف الفساد والعطب ،وال ميكن وصفه إال بكونه تربي ٌر مث ٌري للشفقة أو إعجاز. اختيارها سابقاً ،هذا ٌ
خطوات التعامل مع اإلعجاز: اآلن كيف نتعامل مع اإلعجاز وكيف نواجهه ؟ الخطوات التالية متكننا من التعامل مع كل أنواع اإلعجازات وأصحابها بشكلٍ منطقي وعقال ٍّين ٍّ
7
دليل املبتدئ يف مواجهة اإلعجاز املهرتىء الغراب الحكيم
بكل وضو ٍح - 1توثيق املصدر وتحميل طارح اإلعجاز املسؤولية عليه ّ غالباً ما يته ّرب طارح اإلعجاز من مسؤولية كالمه عرب تغيري املوضوع أو الهروب منه أو رميه عىل اآلخرين ،لذا وجب قبل كل يش ٍء أن تح ّمله مسؤولية ما يقوله ،وإال ال يوجد معنى أو فائدة من مواجهة كالم شخص غري مسؤو ٍل عن إدعاءاته. ّ فهي غري ذات قيم ٍة. - 2التأكّد من صحة الظاهرة املستخدمة يف بناء املعضلة :فغالباً ما تكون هذه الظاهرة أو املعلومة العلمية كاذب ًة أو النص. غري دقيق ٍة أو مأخوذ ٍة خارج سياقها بهدف تطويعها مبا يناسب ّ النص املق ّدم :غالباً أيضاَ ما يكون النص ومعانيه تتكلم عن يش ٍء آخر متاماً ،ويت ّم التدليس عىل - 3التأكّد من دقّة معاين ّ املعاين أو ّيل أعناق املفردات ،ليك تتطابق مع املعلومة العلمية الحديثة. النص من - 4طرح التفسريات األخرى األكرث منطقي ٍة :هناك دوماً تفسرياتٌ أكرث منطقي ٍة لوجود هذه املعلومة بذلك ّ غنم بهذه املعلومة ،واالحتامالت أمامكم مفتوح ٌة التفسري القائل :إ ّن هناك رجالً خفياً يسكن السامء قد وشوش لراعي ٍ اضات لتفسري ظاهر ٍة وال نحتاج ألدلة ٍ فنحن نقدم افرت ٍ أي أدل ٍة عىل إثبات بعد ،فام يقدمه اإلعجاز بالنهاية خا ٍو متاماً من ّ كوكب آخ َر ،أو أنّه مساف ٌر عرب الزمن إدعائها ،عىل سبيل املثال افرتاض أ ّن من وضع هذه املعلومة ليس إلهاً ،بل زائ ٌر من ٍ احل ،وال تحتاج الفرتاض أي لدي كونها أكرث منطقي ٍة من االفرتاض اإللهي مبر َ من املستقبل ،هذه االفرتاضات هي ّ املفضلة ّ يش ٍء خارقٍ للطبيعة يف عنارصها . - 5االلتزام بالحوار :يف هذه املرحلة سيقوم صاحب اإلعجاز مبحاولة الته ّرب أو تغيري املوضوع ومتييعه ليك يخرج من املأزق الذي وضع نفسه به ،لكن الخطوة األوىل ترتكه مع خيارين ،إما االعرتاف بخطئه أو الهروب ،هنا يتو ّجب عىل يتحل برباطة الجأش والحكمة والهدوء ،وعدم السامح بهذه األمور. مواجه اإلعجاز أن ّ - 6نسف قاعدة اإلعجاز :هنا نأيت للخامتة القاضية التي كان يجب أن نبدأ بها التي تقيض عىل أي إعجا ٍز مهام كان، النص ،هنا النص يقول باملعلومة ،وأ ّن املعلومة صحيح ٌة ،وأنّها مل تكن بالفعل معروف ًة يف زمن ّ فلو افرتضنا جدالً أ ّن ّ أي إجاب ٍة عىل هذه املعضلة إجاب ًة خاطئ ًة؛ ألنها تكون محاجج ٌة من الجهل ،أي أنا ال أعرف سبب وجود هذه تبقى ّ النص ،إذا ً الله فعلها !! وهذه من أوضح املحاججات الفاسدة ،وأع ّمها عىل اإلطالق ،هنا يجب توضيح املعلومة يف هذا ّ عيب يف عدم معرفة أن عدم املعرفة ليس دليالً عىل يش ٍء ،وال ميكن استخدام الجهل كمعرف ٍة أو دليلٍ أيضاً ،ال يوجد ٌ يش ٍء وااللتزام مبوقف عدم تقديم اإلجابات عىل األسئلة التي ال توجد إجاباتٌ لها بعد ،فالعيب الكبري والخطأ الفادح هو ٍ بكل بساط ٍة ال نعرف . إجابات بنا ًء عىل جهلٍ ،أل ّن ذلك أسهل وأل ّذ طعامً من االعرتاف أنّنا ّ افرتاض 8
دليل املبتدئ يف مواجهة اإلعجاز املهرتىء الغراب الحكيم
املقدس اإلعجاز ّ أوضح فكر ًة أخريةً، أحب أن ّ بهذا نصل لنهاية هذا الدليل ّ املبسط يف فهم اإلعجاز وتركيبته وطريقة التعامل معه ،لكن ّ ٍ وتقديس لهذا اإلعجاز العلمي متاماً وهي أ ّن من يستخدم اإلعجاز العلمي يف إثبات معتقده غالباً ما يط ّور عالقة إميانٍ علم أن يخرتق جدار ألي ٍ منطق أو عقلٍ أو ٍ أي ٍّ نص أو عقيد ٍة ويعتربها حقيق ًة مطلق ًة ،وبهذه الحالة ال ميكن ّ كام يق ّدس ّ ألي حقيق ٍة أن تجعله يرى أن هذا اإلعجاز فاس ٌد وليس دليال عىل يش ٍء ،وغالباً ما ميكن اإلميان والتقديس هذا ،وال ميكن ّ أن تنتهي هذه املواجهة بالسباب والشتائم أو التبايك والتذ ّمر من اعتدائكم عىل مقدساتهم ومعتقداتهم مبجرد تفنيد إدعاءاتهم الفاسدة التي قاموا هم برميها عليكم .
َويَ ْسأَلُونَ َك َع ِن اإلحلْاد ُق ِل اإلحلْاد ُ مِ ْن أَ ْم ِر َع ْقلي َومَا أوتِيتُم مِّن العَق ِل إِالَّ قَلِيالً. صفحة العقل دين عىل الفيسبوك https://www.facebook.com/AlqlDyn 9
مسخرة التاريخ ود النارصي الزمان :قبل أكرث من 11قرنًا املكان :إحدى قرى أوزبكستان حال ًيا جحافل املجاهدين املسلّمني تدخل القرية بعد حصا ٍر دام يو ًما واح ًدا، ِ وبدأت النهب والسلب بعدما قُ ِت َل معظم الرجال املدافعني عن القرية لكن األسوأ مل يحدث بعد . يف ٍ بيت صغريٍ امرأ ٌة مذعور ٌة تحتضن ابنتيها جيهان ( 18عا ًما ) وفريوز ( 22 رب األرسة دون عا ًما ) ينتظرن عودة ّ أن يعرفن أنه قُ ِت َل يف مكانٍ ما دفا ًعا عن القرية . فارس مسل ٌم شه ٌم يكرس باب البيت ٌ رسه ت ّنقيباً عن الغنائم ،وقد وجد ما ي ّ أيضا، ً فعل ،فتاتان جميلتان وأمهام ً وبينام هو يفكر كيف يأخذهن ،إذ اقرتب منه أحد الفرسان اآلخرين ،وكان شي ًخا كب ًريا يف السن ،يف البدء ظ ّنت العائلة أنه سينقذهن من هذا الوحش، لكن عبثًا !! تقدم الشيخ وحاول أخذ إحدى الفتاتني ،فعاجله الفارس الشاب بلكم ٍة أردته عىل األرض . أتريد رسقة تعبي أيّها الشيخ ؟ ت ًّبا لك ! أمل أجاهد معكم ؟ أليس يلحص ٌة من السبايا ؟ 10
مسخرة التاريخ ود النارصي
أيّها العجوز الخرف ! أتس ّمي جلوسك خلفنا ،والرصاخ " الله أكرب " جها ًدا ؟ منذ خروجنا من بغداد فتّحنا سبع قرى،سنصفها ملحي ًة أم يخرج ال.من غمده ! وسيفك هنا تد ّخل أحد القادة وأمرهام باالحتكام إىل القائد العام للجيش ،فتو ّجها إليه ،فانبهر األخري بجامل الفتاتني ،فقام بتوبيخ الفارسني املتخاصمني وأخذ الفتاتني له ،وأعطاهام األم؛ ليبيعاها ويستفيدا من مثنها ،خرجا مبنتهى ّ الذل واإلهانة، أمل يسب كالهام اآلخر سبابًا بذيئًا ،والحقًا قام قائد الجيش بإهداء فريوز إىل الخليفة ( املا أدري ايش بالله ) يف بغداد ً ّ أن يقوي ذلك عالقته بالخليفة بينام احتفظ بجيهان له شخص ًيا. بعد سنتني :جيهان متوت من فرط السعادة التي غمرها بها اإلسالم وتسامحه وإنسانيته . بعد 3سنوات :فريوز متوت ند ًما عىل حياتها الضائعة يف الكفر والوثنية قبل أن تعرف اإلسالم وسامحته وإنسانيته يف مكانٍ ٍ بعيد عنهام ،أمهام تحاول أن تتذكّر كم تاجر جوا ٍر م ّرت به ؟ 25أم 26؟ مل يعد يه ّم ذلك .
قفزة زمنية الزمان : 2014 مكة -أرض الحجاز :فاطمة ( 22عا ًما ) فتا ٌة سني ٌة تز ّوجت حديثًا ،تتربع بصيغة زواجها ملنظّمة تجمع التربعات لـ "مجاهدين " الذين يقاتلون الروافض املجوس يف العراق دفا ًعا عن اإلسالم . شيعي ( 60عاماً ) يلقي محارض ٍ ودروسا ديني ًة عىل الشباب لحثّهم عىل ات النجف غرب العراق :الشيخ محمد الفالينً ٌّ الدفاع عن املذهب ضد النواصب البكريني الوهابية ،ويحثهم عىل القتال يف سورية . ٍ وإخالص عن بكل رشاس ٍة إسالمي يدخل عىل النت يحاور امللحدين ،ويدافع ّ القاهرة -مرص :جامل ( 45عا ًما ) داعي ٌةٌّ سالم . إنسانية ورحمة اإلسالم ،ويقول :إن اإلسالم دين ٍ
فاطمة والشيخ محمد من أحفاد جيهان ،وجامل من أحفاد فريوز. 11
الر ّد على أحمد الشقيري
يقوم أحمد الشقريي يف سلسلته التلفزيونية "خواطر" بزيارة البلدان العلامن ّية الكافرة؛ ليعرض املادي الهائل لتلك التف ّوق ّ البالد ونظام وتسامح شعوبها وانفتاحها الحضاري ليستنتج يف بأسلوب مراو ٍغ أنه قد وجد النهاية، ٍ إسالماً بال مسلمني. فامذا يقصد الشقريي بتلك العبارة املن ّمقة امللفّقة ؟! وما اإلسالم الذي وجده الشقريي مط ّبقاً يف البلدان األوروبية وغريها من التي زارها ؟ يف القرن الواحد والعرشين ،وبعد مرور 1400سنة عىل إعالن محمد عن نب ّوته ،مازلنا نشهد رصا ًعا فكريًا يف أحيانٍ قليلة ،ومسل ًحا أغلب األحيان ،بني الفصائل كل منها أنه ميتلك النسخة الصحيحة اإلسالم ّية التي يزعم ّ من اإلسالم 1400 ،سنة م ّرت خاض خاللها املسلمون حروبًا دمويًة طائف ًية ال تُحىص ضد بعضهم البعض ،شاركت يف ذلك كل الطوائف اإلسالمية ،ومل يسلم منها حتى أتباع املذهب الواحد. 12
هادي بن رمضان
الر ّد عىل أحمد الشقريي هادي بن رمضان
خلق ،و ُخ ّربت يف أصفهان عام 560 هجري ،يروي الذهبي يف كتابه العرب" :تقاتل أتباع املذاهب الس ّنية ٍ 8 أيام ،ومات ٌ ّ بيوتٌ وأُحرقت أخرى". ويروي ياقوت الحموي يف كتابه "فتوح البلدان" مذابح بني الشافعية والحنفية إىل جانب الرصاع السني الشيعي أدت إىل دما ٍر مدينة الري بالكامل. قوي جانب الحنابلة قو ًة عظيم ًة بحيث أنه مل يكن ألحد من وكذلك فعل ابن كثري يف كتابه "البداية والنهاية" فقد َ األشاعرة أن يشهد الجمعة والجامعات ،ووقعت بني الحنابلة واألشاعرة فتن ًة عظيم ًة حتى تأخر األشاعرة عن ال ُج ُمعات خوفًا من الحنابلة" (ابن الجوزي :املنتظم). يجل التعصب للمذهب بني الشافعية والحنفية وحدث بينهم "ما ّ ونهب بسبب و يف أصفهان عام 582هـ :وقع ٌ ّ قتل ٌ عن الوصف" (ابن األثري :الكامل). وهذه قطر ٌة من ٍ حروب دموي ٍة ال تحىص بني السنة والشيعة وحملة السني وقد استثنينا ذكر السني فيض للرصاع ٍ ّ ّ االضطهاد التي تعرض لها املعتزلة. ومذهب أهل السنة والجامعة ينقسم عقائديًا إىل 3فرق ،وهي السلفية واألشاعرة واملاتريدية ،ومن ثم انقسمت السلفية إىل سلفي ِة علمي ٍة وسلفي ٍة جهاديّ ٍة ،وها نحن اليوم نشهد رصا ًعا سلف ًيا جهاديًا بني داعش وجبهة النرصة ،أي بني أتباع العق ّيدة السلف ّية الجهاديّة املنبثقة عن السلفية املنبثقة عن أهل السنة املنبثقة عن اإلسالم ،فلّك أن تتخيل عزيزي القارئ إن كان أتباع الفكر الواحد يفعلون ببعضهم هذا ،ماذا سيفعلون لو وثبوا عىل بقية الفرق السنية واإلسالمية وبقية الطوائف الدينية يف شتى أنحاء العامل؟ ولنا هنا أن نسأل الشقريي :ما اإلسالم الذي وجده يف تلك األنظمة العلامنية ،وما الدولة األوروبية التي تلتزم بتطبيق الرشيعة اإلسالمية وسنة نبي اإلسالم ؟ لكن الشقريي كغريه من املدلّسني ُمستع ٌد للتجول وسط أكرث البلدان املتقدمة معادا ًة لإلسالم والفكر الديني؛ ليمدح تف ّوقها املادي وينسبه بأسلوبه الركيك إىل اإلسالم ل ُيوهم املسلمني أن تعاليمهم تقف خلف ازدهار وتقدم الغرب العلامين الكافر ،وهكذا يُعيدنا الشقريي وأمثاله ممن وجدوا الفكر الديني وسيل ًة مجدي ًة لجني األرباح ،إىل تلك الدائرة التي ال يبدو أننا قادرون عىل مغادرتها وهي أن املشكلة يف التطبيق ال يف النصوص نفسها ،وتستمر مسرية البحث عن وكل يتهم اآلخر بالكفر والر ّدة النتامئه إىل فئ ٍة أخرى ال متثّل كل ي ّدعي انه قد وجده بني مذهبه ٌ اإلسالم الصحيح مجد ًدا ٌ اإلسالم الصحيح! 13
الر ّد عىل أحمد الشقريي هادي بن رمضان
يف الحلقات األخرية من سلسلته خواطر ،يقوم الشقريي بعرض نسب االنتحار املرتفعة يف صفوف الشعوب الالدينية، كاليابان والسويد وهولندا ،ليضع تلك النسب يف مقارن ٍة مع النسب املُنخفضة للدول اإلسالمية؛ ليستنتج كعادته بأسلوبه امللتوي أن اإلسالم رحم ٌة للعاملني ،وأن الشعوب التي مل متلك هذه النعمة تعاين األزمات النفسية واالضطرابات العقلية. "وقد سبق أن قمنا بالرد عىل هراء املتدينني ضد اإللحاد والالدينية باستخدامهم لحجة االنتحار" ٍ إحصائيات غري دقيق ٍة لبلدان العامل فالشقريي وأمثاله من املدلّسني يضعون اإلحصائ ّيات الدقيقة لتلك البلدان مقابل ٍ معدالت هائل ًة ،ونحن ال ّ نشك يف أن الشقريي اإلسالمي ،ورغم ذلك فبل ٌد متديّ ٌن كإيران بلغت نسبة االنتحار فيه السعودي سيتهرب من ذلك للقول إن إيران دول ٌة شيعي ٌة ال متثل اإلسالم ليعود بنا إىل تلك الدائرة املُفرغة!()1 ّ
السني اآلخر يعاين من ارتفاع نسب االنتحار ،وقد تغافل الشقريي عىل أن تلك اإلحصائ ّيات والبوسنة والهرسك البلد املسلم ّ أصل ال تضع يف حسبانها املنتحرين ضمن العمليات االنتحارية بلبنان والعراق وسورية للدول اإلسالمية غري الدقيقة ً وأفغانستان وباكستان ،بل تكتفي بحاالت االنتحار العادية ،وأغلب ُدعاة اإلسالم يرفضون ربط العمليات االنتحارية بالتعريف العلمي لالنتحار ،فيضعون تعريفاً دينياً لالنتحار يرى االنتحاريني يف سبيل العقيدة والحروب الطائفية القذرة ٍ عمليات انتحاري ًة بشكلٍ يومي منذ سقوط نظام صدام حسني يتفوق مثل الذي يشهد شهداء ال منتحرين ،فبلد كالعراق ً بشكلٍ ساحق عىل كل البلدان األوروبية يف نسبة االنتحار إذا ما وضعت تلك العمليات ضمن إحصائيات االنتحار ،ولنا ٍ أن نسأل هنا الشقريي عن الحل األفضل ملواجهة املعاناة واالكتئاب واليأس واإلحباط :أهو االنتحار عىل شاكلة الشعوب الالمتدينة بشكل ذايت وفردي؟ أم االنتحار عىل شاكلة البلدان املصابة بهوس ديني والذي تكون نهايته مقتل املئات واآلالف من املدنيني؟؟ http://www.suicide.org/international-suicide-statistics.html : 1
14
الر ّد عىل أحمد الشقريي هادي بن رمضان
ٍ ألهداف سياسي ٍة وطائفي ٍة ال تستثني رضب األسواق يبش به الشقريي ح ّول االنتحار إىل أداة قتلٍ موجه ٍة فاإلسالم الذي ّ واملدنيني كام الحال يف العراق!! لقد تغافل الشقريي عن ذكر أعداد املنتحرين بساحات القتال يف العامل اإلسالمي ،والذي يجعل العامل اإلسالمي متفوقًا عىل غريه يف معدالت االنتحار وقد كان األوىل بالشقريي بدل السفر إىل اليابان ليعرض لنا العالقة بني الالدينية واالنتحار، كان األجدر به التوجه إىل بلده السعودية؛ ليوقف تصدير آالف اإلرهابيني السعوديني الذين يشكّلون أغلبية االنتحاريني ٍ لتنظيامت إرهابي ٍة تعمل عىل قتل وترويع الناس ،وكان عليه أن يعرض لنا أسباب وطرق عالج االضطرابات واملنتمني العقلية التي يعاين منها الشعب السعودي ،والتي قادته لتصدر سلم العمليات التفجريية والسيارات املفخخة واألحزمة الناسفة ،لكن الشقريي بدل أن يعالج الوباء املستفحل بوطنه ،يذهب لليابان ليرشح األسباب ويقدم الحلول للشعب الياباين ،يقتل الياباين نفسه النعدام العنرص الديني الذي يعمل عىل زراعة الوهم يف عقول أتباعه وتعويدهم عىل املعاناة باعتبارها حكم ًة إلهي ًة ،ويقتل السعودي املسلم نفسه لتوفر عنرص الدين وسط األحياء الشيعية بالعراق وسورية ولبنان ل ُينهي حياة املئات من املدنيني متمن ًيا الظفر بالحور العني. لكن الشقريي يتعامى عن كل ذلك ويذهب إىل البلدان األوروبية ليحدثنا عن نعمة اإلسالم وعن عثوره عىل إسالم بال مسلمني ،واضعا عنوان "املؤلفة قلوبهم" لحلقاته التي يعرضها من البلدان التي ال تعرتف بالرشيعة اإلسالمية بل تج ّرمها ومتنع مامرستها لرفضها ألبسط حقوق اإلنسان وهي حرية االعتقاد ،فمتى يعود الشقريي إىل السعودية حيث تقطع األيادي والرؤوس ،وحيث يُستعبد الناس من عامل أسيويني ومينيني ،وحيث ُينع بناء الكنائس أو مامرسة الطقوس الدينية اإلسالمية وحيث يُسجن رائف بدوي لتأسيسه موقعاً ليربالياً ،وحيث تُ نع املرأة من قيادة سيارتها وحيث ت ُقام رشيعة الصلب والرجم والقطع البدوية. فعىل الشقريي إجابتنا مجد ًدا ،هل الرشيعة اإلسالمية التي يتبناها النظام السعودي ويقوم بتطبيقها هي التمثيل الحقيقي للحكم اإلسالمي ؟ وقد اعتمدها أثناء تجواله باملدن الغربية ليخربنا انه وجد إسال ًما بال مسلمني ،حيث تعطل رشيعة اإلسالم السعودية بشكلٍ كاملٍ بل تُعترب اعتداء عىل حقوق اإلنسان!!. الشقريي كغريه من النصابني الذين يجدون تجارة األوهام للشعوب اإلسالمية أمرا ً مرب ًحا ،وهو أجنب من إجابتنا عىل هذا السؤال وأجنب من أن يقدر عىل اتهام آل سعود والحكم الوها ّيب بأنهم قد خرجوا عن اإلسالم الصحيح ،وال شك أن 15
الر ّد عىل أحمد الشقريي هادي بن رمضان
الشقريي إذا ما ُوجه له السؤال مبوطنه (السعودية) كان سيجيب إ ّن الرشيعة الوهابية هي الحق وما دونها باطل وضالل لخوفه من دموية النظام السعودي ،ولو امتلك قدرا ً من الشجاعة لكان قد تو ّجه بالنقد للنظام السعودي الطاغي الفاسد الدموي املتخلّف الذي يط ّبق اإلسالم الذي تعلّمه الشقريي ،بدل التوجه إىل أوروبا ليخربنا أنه قد وجد اإلسالم هناك ويتعرض بالنقد والسخرية للمجتمع األورويب؛ بسبب ظاهرة االنتحار واملثلية والدعارة ،أي ليتع ّرض بالسخرية والنقد للمجتمع نفسه الذي كان قد أخربنا انه قد وجده مسلامً بال مسلمني. الشقريي الداعيّة املُصاب بعقدة ٍ املادي لتلك الدول العلامنية الكافرة كاملر ّوجني لإلعجاز نقص ودوني ٍة من التفوق ّ العلمي يف القرآن ،يعرض لنا العامرات والطرقات والحدائق والبنية التحتية بتلك البلدان لينسبها إىل اإلسالم ،ثم يتوجه بالنقد ملجتمعات تلك البلدان الضالة التي مل تعرف نعمة اإلسالم. ال يعلم الشقريي أ ّن حضار ًة ما إذا ما نزعت منها إحدى مكوناتها ستنهار برمتها ،فالدعارة تشكل متنفساً لسكان تلك البلدان وتؤث ّر عىل نفسية الطبقة العاملة بشكل ايجا ّيب لتدفع بالعجلة اإلنتاجية ،ال كحال السعودية حيث ارتفعت حاالت زنا املحارم والتحرش يف ٍ بلد يتصدر قامئة الشعوب األكرث زيار ًة للمواقع اإلباحية ،وحيث يُنظر للمرأة ككائنٍ دو ٍين وجب حفظه وصيانته بعي ًدا عن األنظار ،وحيث يُنظر للمرأة كناقصة عقلٍ ومج ّرد استعاملها للعطور يجعل منها يف مرتبة الزان ّية ،طب ًعا الشقريي ال ميلك الشجاعة للحديث عن أوضاع املجتمع السعودي ،وعن الكبت الجنيس وتفيش ظاهرة زنا املحارم وقمع املرأة والحريات خشي ًة من مملكته التي ال تعرف ُحكام دميقراط ًيا وال برملانًا وال انتخابات ،بدل التفسخ األخالقي واالنحدار االجتامعي والنفيس بالبلدان األوروبية وأمريكا واليابان. ذلك ينتقد ّ
يف زيارته األخرية ملدينة سان فرانسيسكو األمريكية وهي أكرث املدن ليربالي ًة تقطنها نسب ٌة كبري ٌة من املثليني ( ،)15%قام ذلك الداعية بالسخرية من املثليني ومن املثلية الجنسية وقد أعلن أنهم من أهل الجحيم ،مرو ًجا لرهاب املثلية ،مطالباً ٍ كائنات مقززةً. الناس بنبذهم وتج ّنبهم كونهم 16
الر ّد عىل أحمد الشقريي هادي بن رمضان
عنرصي متخل ٌّف يستوجب العقاب بأمريكا وببلدان االتحاد األورويب التي تحرتم حقوق اإلنسان ،فعندما رص ٌف ٌ وهو ت ّ أعطت السلطات األمريكية اإلذن للشقريي بالتصوير فال ب ّد انه مل يقدم لهم كل ما ينوي دبلجته يف مونتاج أعامله مبدينة سان فرانسيسكو. قام ذلك الداعية بالرتويج لرهاب املثلية والكراهية والعنرصية تجاه املثليني األمريكيني ,منكرا ً ( )2فضل املثلية عىل استمرار الجنس البرشي ،ليبثّ ذلك عىل شاشات العامل العريب حيث املثليني مهددين مسبقاً باملوت واالضطهاد ،بسبب التقاليد االجتامعية والرشيعة املتخلفة التي يعتقد بها الشقريي ،ولعله يقرتح بذلك عىل أمريكا تطبيق عقوبة اإلسالم للمثليني أي بحرقهم ،أو رجمهم ،أو إلقائهم من البنايات العالية. لقد استقى الشقريي معلوماته عن املثلية الجنسية من خرافة قصة لوط وقومه ،ومن هذيان البخاري ،وفقهاء اإلسالم ،دون أن يكون قد اطلع عن املثلية يف ميزان العلم والطب النفيس. الشقريي القادم من أكرث البلدان قمعاً واضطهادا ً للحريات واملرأة ،واألكرث تصديرا ً لرموز اإلرهاب واالنتحاريني ،وفتاوى النكاح ،وإرضاع الكبري ،ودراسات بول البعري ،الشقريي القادم من كل ذلك يعرض لنا األزمات النفسية لدى الشعوب الغربية واحتقارها للمرأة مبعاملتها كسلع ٍة إضاف ًة إىل غرق هذه الشعوب يف املاديّة ،يفعل كل ذلك بعد أن يُخربنا أنه قد وجد إسال ًما بال مسلمني. ال عجب أن يجهر الشقريي بعداوته للمثليني ويُطالب برفضهم ومالحقتهم ،ال عجب أن يفعل ذلك من استقى مفاهيمه عن املثلية من قصة لوط ومن عقيدة غارقة يف التقاليد والقيم البدوية ،وال نستغرب أن يطل علينا مجددا ً ليحدثنا عن الشيعة األنجاس ورضورة رفضهم ،ونفيهم من البلدان األوروبية فهو يطمح لتطبيق عقيدته الدموية النارشة للبغض والكره داخل أوروبا وأمريكا واليابان ،برتويجه لرهاب املثلية بعد أن د ّمرت وخ ّربت تلك العقيدة أوطاننا وقتلت وسفكت دماء شعوبنا ،فالشقريي كغريه من االزدواجيني الذين يف ّرون من بلدانهم اإلسالمية إىل العامل الغريب حيث ال كرامة وال حرية لإلنسان ليقوموا بالتصويت ألحزاب إسالمية ألجل تطبيق الرشيعة وإقامة الخالفة ،أي أنهم يقومون بالتصويت للرشيعة التي ف ّروا هم منها .فهذا الداعية الذي مل ميتلك الشجاعة الكافية ملطالبة اململكة السعودية باِحرتام حقوق اإلنسان واحرتام املرأة يريد من أمريكا أن تفعل املثل أيضا ويقوم بعرض حلقته املحرضة عىل الكراهية يف أكرث املدن ليربالي ًة وتسامحاً مدينة سان فرانسيسكو، : 2املثلية الجنسية و نظرية التطور http://thevoiceofreason.de/article/12434 :
17
الر ّد عىل أحمد الشقريي هادي بن رمضان
ٍ عام يتهم املجتمع األمرييك باالنحالل الشقريي القادم من أرض متنع بناء الكنائس بسبب نصوص نزلت قبل ٍ 1400 األخالقي ،يتهم ذلك املجتمع الذي تع ّرض قبل عقد فقط من الزمن إىل إحدى اكرب العمليات اإلرهابية وهي كارثة 11 سبتمرب وتسمح حكومته رغم ذلك اليوم للمسلمني ببناء مساجدهم ،بل بالقيام مبسري ٍ ات مطالب ٍة بعودة الخالفة رافعني تلك الراية السوداء.
ويسألونك عن البالدة قل الشقريي عندما ال يرى حدبته. كرثٌ هم الذين خدموا البرشية والحضارة اإلنسانية من املثليني ولعل أشهرهم العبقري آالن تورنج الريايض ( من الرياضيات ) ومؤسس علم الحاسوب الحديث ،وقد أجرب الرجل عىل السجن أو الحقن بهرمونات أنثوية بعد اكتشاف الحل الثاين الذي س ّبب له العزلة واالكتئاب ،لينتهي به األمر منتح ًرا قبل أن تقدم اململكة ليفضل ّ مثليته بإحدى الشقق ّ الربيطانية اعتذارها بعد سنوات من رحيله. واملجتمعات املصابة برهاب املثلية ال بد أن تقتل موهبة وعبقرية أمثال آالن تورنج بقمع ميولهم الجنيس ،وإلحاق األذى النفيس بهم برفضهم واحتقارهم ،والشقريي الذي أخربنا انه قد وجد إسال ًما بال مسلمني يريد أن يحدث ذلك واضح كغريه من للمثليني األمريكيني ،أي أنه ببساطة يعرتف أنه ال وجود لإلسالم هناك ،فموقف اإلسالم من املثلية ٌ األديان اإلبراهيمية ،لقد ترك الشقريي وطنه املسلم الذي ال يحرتم أح ًدا وال يعرتف باملرأة وال بحق االختالف وال بالحرية وال باألقليات وحقها يف مامرسة طقوسها ليذهب محت ًجا عىل "االنحدار األخالقي" بالبلدان الغربية !! أعلن الشقريي يف حلقته األخرية عن املثليني "أن الله ال يهلك أم ًة إال إذا انترش فيها منطق ونبوء ٌة سخيف ٌة االنحالل الجنيس"، ٌ ال يعرتف به الواقع الذي يعرض لنا تكالب املسلمني عىل رقاب بعضهم البعض وغرقهم يف التخلف االقتصادي والتكنولوجي واألمية والتطرف ،بينام بلدا ٌن تبيح زواج املثليني وتج ّرم التمييز ضدهم كالدمنارك ونيوزيلندا والرنويج تعيش رخاء ال يعرفه العامل أقل نسب الجنس بال اإلسالمي الحائز عىل ّ وأقل نسب تقبّل املثلية. زواجّ ، 18
الر ّد عىل أحمد الشقريي هادي بن رمضان
ال يجد الشقريي حرجاً يف القيام بذلك مادامت مصادره عن املثلية عادات مجتمعه البدوي وقصة قوم لوط وأحاديث البخاري ،لقد تخلت جمعيات الطب النفيس الشهرية بكربى البلدان األوروبية وبأمريكا عن التعامل مع املثلية ٍ كمرض نفيس ،بينام العامل اإلسالمي الذي يتعامل مع األمراض النفسية بالسحر والبخور والزيت والعسل وقراءة القرآن وأذكار رص عىل اعتبار املثلية مرضاً نفسياً. الصباح ي ّ
( )3اتخذت املؤسسات العلمية النفسية موقفاً صارماً تجاه قضية املثلية ،فقد أعلن مجلس جمعية علم النفس األمريكية يف بيانه عن رضورة رفض تحويل امليول الجنسية ،وهو نفس ما تع ّرض له آالن تورنج يف السابق ،يتلخص البيان يف ما ييل: •املثلية الجنسية ليست اضطراباً عقلياً ،وجمعية الطب النفيس تعارض كل من يصور املثليني كمرىض بحاجة إىل العالج بسبب ميولهم الجنسية. •علامء النفس ال يشاركون يف املامرسات التمييزية ضد املثليني ،وجمعية الطب النفيس ال تتغاىض عن املامرسات التمييزية ضد املثليني. •عىل املنتسبني للطب النفيس األخذ بزمام املبادرة إلزالة وصمة "االضطراب العقيل" التي ارتبطت باملثليني. •رضورة احرتام حقوق املثليني مبا فيها الخصوصية والرسية. يف حال ما ق ّرر أحد املثليني الخضوع لعالج تحويل امليول الجنسية فهو مج ٌرب عىل إخالء معالجيه من مسؤولية املضاعفات املرتتبة عن ذلك كاالكتئاب واألفكار االنتحارية ،وهو ما تع ّرض له آالن تورنج إلجباره عىل استعامل الحقن دون جدوى. : 3بيان جمعية الطب النفيس األمريكية http://psychology.ucdavis.edu/faculty_sites/rainbow/html/resolution97.html :
19
الر ّد عىل أحمد الشقريي هادي بن رمضان
الجمعية األمريكية للطب النفيس أكرب منظّم ٍة علمي ٍة متثّل علم النفس بالواليات املتحدة األمريكية ،وتشمل عضوية أكرث من 151.000من الباحثني واألطباء واملستشارين والطالب ينتمون ل 58دولة. هذا هو رأي الطب النفيس يف املثلية الجنسية ،وهو قائم عىل التجارب العلمية منذ عقو ٍد ،ولهذا ال تجد البلدان التي تستم ّد من العلم قيمها األخالقية حرجاً يف االعرتاف باملثليني ويف منحهم حقوقهم كامل ًة كغريهم ،أما الشقريي فكام ذكرنا ٍ عادات وأخالقٍ ونصوص مجتمعه البدوي الذي يعاقب املثليني بالرمي من البنايات قد استقى مفاهيمه عن املثلية من محرضا عىل كره املثليني واالشمئزاز منهم ،لعله قد اعتقد أن املنهج العلمي العالية ،وقد أىت إىل مدينة سان فرانسيسكو ً سيضع مشاعره ومعتقداته يف الحسبان للحكم يف موضوع املثلية الجنسية. هذا التو ّجه الفكري الديني الذي يجعل من النقل مسبقاً عىل العقل يستحيل أن يصنع حضارةً ،أو منوذجاً شبيهاً بالدول املتقدمة التي تحرتم حقوق اإلنسان وتحرتم استقاللية العلم ،فالفكر الديني والسلطة الدينية مل متنح أبدا ً منذ فجر التاريخ الحرية للعلم والعلامء بل عمدت عىل إجبارهم إلثبات مصداقية النص الديني ،وقد عطل ذلك تقدم الحضارة البرشية آلالف السنني ،فالطبيب النفيس بدولة كالسعودية ُمج ٌرب عىل إثبات أن املثلية ليست سوى حال ٍة مرضي ٍة ،وكذلك عامل األحياء مج ٌرب عىل نفي حقيقة التطور وإثبات قصة الخلق. لحسن حظّنا أن املؤسسات العلمية اليوم تقع ببلدان تفصل بني الدين والدولة ،ومتنح للعلم الحرية املطلقة يف البحث دون امل ّباالة كتاب ما ،وهكذا فالعلم الح ّر قد بنصوص ٍ أجرب بعض املتدينني اليوم عىل البحث عن تفاسري جديد ٍة تتوافق مع التجربة العلمية بدل التش ّبث باملفاهيم القدمية كام يفعل الشقريي وأمثاله ،ولو حدث أن وجد إسالماً حسب تصوره -بتلك البالد لكانت تلكالبالد ال تختلف حالً عن أوضاعنا ،ولكانت املؤسسات العلمية تبحث يف متاهة إلثبات اب وأن التطور خراف ٌة، أن املثلية اضطر ٌ وأ ّن بول البعري شفا ٌء كام يفعل "الباحثون" بالسعودية موطن الشقريي. 20
الر ّد عىل أحمد الشقريي هادي بن رمضان
إسالم بال مسلمني ،وهو ما سيعطل تخلص مجتمعاتنا من وباء خطّر الشقريي وأمثاله عىل الدول العربية ترويجه لخرافة ٍ الفكر الديني واإلسالم السيايس ،فبدل معالجة مشاكلنا وأسباب تأخرنا وغرقنا يف الدماء بشكل جذري ستبقى مجتمعاتنا بفضل الشقريي تعتقد أن الخطأ يف التطبيق ال النصوص ،والتقاليد نفسها وهكذا تستمر املسرية الالنهائية يف البحث عن أكوام من الجثث ،ذهب اإلسالم الصحيح ،أن نقتل بعضنا آالف املرات ونجرب كل أشكال الفكر الديني آالف املرات فوق ٍ الشقريي إىل البلدان العلامنية الالدينية ليضع عنوانا لزيارته "املؤلفة قلوبهم" ،فمتى يرحل إىل دولة داعش وطالبان والسعودية ليبثّ لنا حلقة بعنوان "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه" ؟
تعقيب ملاذا ذكرنا اسم الشقريي وملاذا انتقدنا النظام السعودي دون غريه؟ اسم كالشقريي أو غريه من دعاة اإلعالم وقنوات التلفاز ،لهم إ ّن ً قوي عىل البعض من غري املثقفني من أبناء األمة العربية، تأث ٌري ٌّ يدس سموماً يف أفكار الجميع ،ويرسم لهم طريقاً فهو بهذا ّ ذا اتجا ٍه ٍ واحد يف كيفية التفكري واالستنتاج ،فكان البد أن كإعالمي يهدم نجيبه عىل ما يقدمه ،وأن نذكر اسمه ٍ الفكر الح ّر ،وال يراعي املنطقية يف عرض برنامجه، حيث إنّه يعرض وجهة نظ ٍر واحد ٍة ،ويتغاىض عن الكثري مام جعل تلك البالد بال ًدا من العامل األول قائدة لباقي العامل أجمعني مبا فيه بلده أول وآخ ًرا، أما ملاذا ذكرنا السعودية؛ فألنها ً املصدر الرئيس لكل ذلك اإلعالم امللتوي الحائد عن الحقائق املوايل لكل من يحكم بالد النفط وان كان فيام نقول بُعدا ً عن الحقيقة ،فإننا بذكر اسمه عالني ًة ،نعطيه الحق بالدفاع عن نفسه قضائ ًيا ،إن كان يستطيع.
متهم 21
facebook group :https://www.facebook.com/groups/358777197583418 Blog :
https://www.aamagazine.blogspot.com
facebokPage :
https://www.facebook.com/pages/AAMagazine/498136386890299
22
هل يفكر الله؟ أرشيف املنتدى األم
عزرائيل
كل يش ٍء منذ األزل تخربنا األديان اإلبراهيمية الثالث رصاح ًة وضمناً أ ّن الله يفكّر ،لكن هذه األديان تقول :إ ّن الله يعلم ّ مسيون ،وهذا يقودنا إىل التساؤل عن مخيون ْ ولسنا ّ وإىل األبد ،بل ،ويعلم حتى خياراتنا التي سنختارها ،رغم أنّنا ّ جدوى أن يقوم الله بالتفكري ،فنحن مثال نفكّر ألنّه توجد لدينا خيارات ،ألنّه توجد أشيا ٌء ال نعرفها ،ألنّنا نريد استنباط يش ٍء ما من تجاربنا ،الخ...
23
هل يفكر الله؟ لكن هذا الله ال توجد أمامه خياراتٌ ،ال يوجد يش ٌء ال يعرفه ،ال يريد استنباط يش ٍء ،فالله بذلك ال يحتاج للتفكري ،بل كل يش ٍء ،فإذا كان الله يفكّر فهذا يعني أنّه يريد استنباط يش ٍء إ ّن مقولة ( إ ّن الله يفكر ) تتعارض مع صفته أنّه يعلم ّ معيٍ ،أو أنّه يقوم بتحليلٍ ما ألشيا َء مع ّين ٍة ،وهذا ال ميكن أن يتوافق مع العلم املطلق ،فهل يعبد املسلمون واملسيحيون ّ غبي؟ وهل انعدام التفكري وانعدام الخيارات واليهود إلهاً ال يفكّر؟ وهل كونه ال يفكّر يجعلنا قادرين عىل أن نقول إنّه ٌّ أمام الله متكّننا من القول :إ ّن حياة الله م ّمل ٌة ج ّدا ً؟ كل ما جرى وسيجري كل خياراته وخياراتنا مسبقاً ،وهو يعرف ّ يتغي ،فهو يعرف ّ أال يكون الله بذلك عبار ًة عن جام ٍد ال ّ تفاصيل م ّمل ٍة ،وهو ال يفكّر ،أل ّن التفكري لن يضيف له شيئاً ،بل عىل العكس كونه مفكرا ً َ بكل ما يف ذلك من للكون ّ كل يش ٍء ؟ يتعارض مع كونه يعلم ّ متاثل مع املثال التايل :لنفرض أن َ حاسوب وبعض األشياء ،هذه األشياء لديك مكتباً يف البيت ،وعليه جهاز أليس يف ذلك ٌ ٍ مرتوك ٌة كذلك منذ ٍ يوم لتجلس إىل حاسوبك؛ لتدخل منتدى إلحا ٍد ،مثالً يف هذه اللحظة ،أنت وقت طويلٍ ،وأنت تأيت ّ كل ٍ لست بحاج ٍة إىل التفكري فيام يوجد عىل املكتب، تقرأ هذه السطور ،ويف نفس الوقت تعلم ما يوجد عىل مكتبك ،وأنت َ وال يف طريقة ترتيب هذه األغراض إال يف حال ٍة واحد ٍة ،وهي أنّك أردت أن ترتّب املكتب بطريق ٍة جديد ٍة ،حينها تقوم لرتتيب أفضل ،وأنت تفكّر ألنّك ال تعلم بالتامم الطريقة الجديدة التي سرتتّب بها األشياء عىل املكتب، للتوصل ٍ بالتفكري ّ يغي من ترتيبه ،لذلك ال حاجة له بالتفكري . أليس كذلك؟؟؟ لقد رتّب الله ّ كل يش ٍء بطريق ٍة مع ّين ٍة ،وهو يعلم أنّه لن ّ
24
هل يفكر الله؟ حقيقة :1الله ليست له بداي ٌة وال نهاي ٌة . كل يشء حقيقة :2الله يعلم ّ ٍ بكلامت أخرى :الله كان دامئاً يعلم أنّه سيخلق نستنتج :ليست هناك بداي ٌة ملعرفة الله أنّه سيخلق الكون واإلنسان، معيٍ؟ أال الكون واإلنسان ؟ وهذا ينطبق عىل ّ كل يش ٍء خلقه الله أو سيخلقه ،أال يعني هذا أ ّن الله ال ميكنه اتخاذ قرا ٍر ّ بكل يش ٍء ؟ مطلق " ّ علم ٍ أي إراد ٍة ،إمنا هو عبار ٌة عن " ٍ يعني ذلك أ ّن الله ال ميلك ّ هل يغضب الله؟ كل يش ٍء ،لوجبت استحالة إمكانية أن أيضاً األديان اإلبراهيمية تقول :إ ّن الله يغضب ،لكن لو أخذنا صفة الله أنّه يعلم ّ يغضب . ٌ مثال للتوضيح ،لو أ ّن شخصاً ما صنع س ّيارةً ،وهذا الشخص يعرف قطعاً أن السيارة ستتعطّل مبارش ًة بعد أن تقطع مسافة 100ألف كيلومرتٍ ،فهل تتص ّورون أ ّن هذا الشخص سيستشيط غضباً عندما تتعطّل تلك السيارة بعد أن تقطع تلك املسافة ؟ هل تقبلون منه ذلك ؟
؟
http://www.youtube.com/user/fiberoty?feature=watch https://www.facebook.com/theblackducks https://twitter.com/eskandarany برنامج حواري عىل اليوتيوب تدعم بعض حلقاته رشكة ، Googleيهدف بالدرجة األوىل إىل إجراء الحوار مع امللحديني والالدينيني املرصيني ،واملتحدثني منهم للغة العربية من ُمجتمعاتنا يف الرشق األوسط وشامل أفريقيا ، فكرة وتنفيذ اسامعيل محمد 25
فادي قوشقجي يف حوار مع...........
أراء املحاورين تعرب عنهم و ال تعرب عن سياسة املجلة
أنوا ٌر يف سام ٍء حالكة ،تستقي منها الحلول تار ًة ًوترى نفسك فيها تار ًة أخرى ،تحايك همومك ماضيك حارضك مستقبلك ،ترسقك من وقتك إىل عوامل مل تدخلها قط ،هذه باختصار هي الفنون يف حياتنا .فادي قوشقجي ،أحد أهم أعالم الكتابة التلفزيونية بالدراما السورية ،تخ ّرج من مدرسا باملعهد املتوسط لهندسة كلية الهندسة االلكرتونية 1989بدمشق ،عمل ً الكومبيوتر .ومابني الهندسة والتدريس أرشق الجانب األديب فكتب روايته االوىل (خريف األحالم) ،1998ثم مالبث أنْ أتبعها الرواية الثانية (أطياف الشمس) .2000بعد ذلك اتجه لكتابة املسلسالت الدرامية فكان من أعامله :عىل طول األيام -ليس رسابًا -عن الخوف والعزلة- أرواح عارية ...والتي تف ّردت بنكه ٍة مميزة ٍتحايك هموم املجتمعات العربية ككل من خالل املجتمع السوري ،بوضوحٍ وحري ٍة مل نعهدها إال ناد ًرا ،فكانت له بصم ٌة وكان من املميزين بالكتابة التلفزيونية م ّمن ترفع لهم القبعاتً . أهل بك ضيفًا عزي ًزا بيننا. تعقيب أو إضاف ٍة عىل املقدمة؟ -1هل من ٍ أشكركم عىل هذه املقدمة وعىل هذه االستضافة يف مجلتكم .يف الحقيقة اإلضافة التي قد تخطر يل هي أنّ الهوى األديب كان سابقًا عىل الهوى العلمي يف حيايت ،فقد بدأت بكتابة القصص يف سن الطفولة متأث ًرا بانبهاري بقصص املغامرين الخمسة والشياطني ١٣وما شابه التي كانت رائج ًة يف ذلك الوقت ،لكنني الحقًا -وال زلنا يف الطفولة -قررت رضا يف حيايت ،إىل أن عاد الدافع إىل "اعتزال"الكتابة ! وظل الشغف بالقراءة ،وخاص ًة يف األدب والفلسفة والسياسة ،حا ً الكتابة واستيقظ يف ٍ وقت متأخر ،فابتدأت رحلتي يف هذ امليدان اإلضافة األخرى تتعلق بأسامء أعاميل ،لستم مضطرين لرسدها كلها بالطبع ،لكن مبا أن اسم املسلسل املفضل لدي بني أعاميل "تعب املشوار"واسم الرواية املفضلة لدي بني روايايت" ،الحاكم بأمر الالت" ،مل يردا ،فقد رغبت باإلشارة إليهام
26
فادي قوشقجي يف حوار مع...........
أراء املحاورين تعرب عنهم و ال تعرب عن سياسة املجلة
-2إسمح لنا ببداي ٍة لطيف ٍة بأن نعود معك اىل سنوات الطفولة ،مع أسلوب الرتبية امل ّتبع يف أرستك،ماحضور الدّ ين فيها وهل ميكننا القول أنك نشأت يف أرس ٍة علامني ٍة أم متدينة؟ وح ّبذا لو تذكر لنا أيّة ذكرى من هذا القبيل بسنني حياتك األوىل. نشأت يف أرس ٍة متوسطة التديّن ،الجميع كان مؤم ًنا إىل هذه الدرجة أو تلك دون التز ٍ امات "طقسية" صارمة .املفارقة هي أنني أنا الشخص الذي جلب االلتزامات الطقسية إىل البيت يف ذلك الحني ،كان ذلك يف مرحل ٍة ما من سني الدراسة االبتدائية .طلبت معلمة الديانة من الطالب أن يتحدثوا عام سمعوه يف العظة يف قداس األحد ،فكان لدى الجميع ما يتحدثون عنه إال أنا ،فأنا مل أكن أذهب إىل القداس .عدت إىل البيت ً حامل إعالنًا مدويًا :من اآلن وصاعدً ا سنذهب إىل قداس األحد! وبدأت األرسة تساير طفلها يف هذا "التقدم" الذي يحرزه .يف مرحل ٍة الحق ٍة يف بدايات مرحلة الدراسة الثانوية تطور هذا التقدم إىل مرحلة االنتساب إىل الفرقة التي تؤدي الرتاتيل الدينية يف الكنيسة ،بالتايل أستطيع أن أقول لكم أنني منذ سنوات الطفولة حتى أواسط املرحلة الجامعية كنت الشخص األعىل تدي ًنا يف هذه األرسة املتوسطة التديّن -3هل تعترب أنّ الفن العريب بشكلٍ عام والدراما بشكلٍ خاص قد ُحكم عليه أن يكون مشب ًعا بالهموم والتناقضات خاص ًة بالفرتة األخرية ،أم تعترب مبا أنه "واقعي"فعليه أن ينقل واقع حياتنا مبسؤولي ٍة كام هو ودون تجميلٍ أو أحالم؟ ال أميل إىل تأطري الفن يف مهم ٍة محددة ،أميل باألحرى لرتك الحرية املطلقة لآلداب والفنون للتعبري عن نفسها بالطريقة التي تتناسب مع أرواح مبدعيها ،نعم هي تنقل الواقع بطريق ٍة بالغة الرصاحة والقسوة أحيانًا ونعم هي ٍ حاالت أخرى، حلم يف أحيانٍ أخرى ،ونعم هي منتج ٌة للجامل واملتعة املج ّردين من أية "رسالة" يف "تبرش"وتحمل ً فليكن الفن ما يكون ،املهم أن يكون ف ًنا
27
فادي قوشقجي يف حوار مع...........
أراء املحاورين تعرب عنهم و ال تعرب عن سياسة املجلة
-4هل تعقد ً يخص أمل عىل أنّ الفن حقًا قاد ٌر عىل أن يكون عال ًجا بالفعل ال مرآ ًة فحسب؟ وبالتحديد نقصد فيام ّ ٍ انقسامات عىل عدة أسس وخاص ًة طائفية ومذهبية لألسف. الواقع املتخبط الحايل مبا فيه من أحب رؤية الفن كمنتجٍ للجامل ً عالجي مفرتض. تبشريي أو أول وثان ًيا وثالثًا قبل أية رسالة قد يحملها وقبل أي دو ٍر ٍّ ٍّ أي مجتمع يف آدابه وصحافته وبرملانه وغريها من املنابر .الفن هو واحدٌ منها كمصد ٍر يدور النقاش العام املكون لروح ّ للجامل والرثاء الروحي بالدرجة األوىل .الدور والوظيفة منوطان باملبدع نفسه .هل يريد تحميل إنتاجه رسال ًة من نوعٍ اكمي بطيء ما؟ هذا خيار وليس إلزا ًما ،ويف جميع األحوال يلعب الفن دوره بشكلٍ تر ٍّ ً فمثل ،بالنسبة للحالة املحددة املشار إليها يف السؤال :االنقسامات املذهبية والطائفية؛ هل يستطيع الفن أن يكون عال ًجا؟ أميل للجواب بالنفي .لقد غنت فريوز وأبدع الرحابنة وأنتجوا م ًعا روائع خالدة ملجتمعٍ عاد وشهد حربًا أهلي ًة أسس مذهبي ٍة وطائفية .أميل لالعتقاد أنّ فريوز والرحابنة -وهذا مج ّرد مثال -قد لعبوا دو ًرا رائ ًعا يف طاحن ًة عىل ٍ ٍ سلوك طائفي ،هناك إ ًذا رشائح من أي تنشئة أفراد عديدين جدً ا عىل الرقي والجامل وبالتايل ً حتم -االبتعاد عن ّاملجتمع أخرجها فن الرحابنة من الرصاع ،ومع ذلك وقع الرصاع وكان طاح ًنا ومديدً ا. املنغمسون يف حال ٍة طائفي ٍة ومذهبي ٍة ال يعنيهم الفن ً أصل ،رمبا ال يتابعونه ،وإذا تابعوه فسيكون هدفهم من ذلك نقده بقسوة والسخرية منه ومحاولة إلغاء مفاعيله إال حني توافق هواهم ،بالتايل نستطيع أن نستنتج أن دور الفن محدو ٌد جدً ا يف مسأل ٍة كهذه ،والعالج الحقيقي يكمن يف نهض ٍة فكري ٍة معرفي ٍة تعليمي ٍة وعلمي ٍة من جهة ،ويف تكريس العدالة االجتامعية وحقوق اإلنسان والدميقراطية الحقيقية من جه ٍة أخرى ،فهذه االنقسامات الطائفية غال ًبا ما تكون اقتصادي حقوقي اجتامعي ذات جذ ٍر ٍّ ٍّ
28
فادي قوشقجي يف حوار مع...........
أراء املحاورين تعرب عنهم و ال تعرب عن سياسة املجلة
-5الزالت كلمة ملحد أو الديني أو حتى علامين لها وقعها الصادم السلبي عىل أذن كل من يسمع بهام حتى بني ترب عليها عاملنا العريب الدور االكرب يف ذلك؟ متى الطبقة املثقفة أحيانًا يف بالدنا .هل تظن أنّ لسياسة اإلقصاء التي ّ مواطن آخر أيًا كان معتقده أو كأي ٍ سيخرج ملحدو العامل العريب من "الخوف والعزلة"ويعيشوا عىل هذه األرض ّ فكره يف بل ٍد واحد؟ دعونا ال نغرق يف األوهام .هل كلمة "ملحد"هي فقط التي تصدم؟ األمور التي تشكل صدم ًة ال زالت أكرث بدائية بكثري صائم يف شهر الصيام .تخيلوا معي أن من كلمة "ملحد" .تخيلوا معي أية صدم ٍة سيتسبب بها إعالن أحدهم أنه غري ٍ شخص أنه يريد أن يتزوج مدن ًيا فقط ألنّ قناعته هي ينهض القوم للصالة ويتخلف أحدهم عنها .تخيلوا معي أن يقرر ٌ كذلك وليس بالرضورة بسبب اختالف طائفته عن طائفة حبيبته .ما يصدم هذا املجتمع ال زال بعيدً ا كل ًيا عام تشريون إليه ،وعندما تصبح صدمته الوحيدة هي كلمة "ملحد" سنكون قد قطعنا شوطًا واس ًعا يف التقدم اإلنساين والقيمي هل سياسة اإلقصاء التي تربينا عليها هي السبب يف ذلك؟ رمبا تكون قد لعبت دو ًرا لكن باألساس نحن نتكلم عن روح مجتمع إذا أعطي ِته الحرية املطلقة سيترصف أيضً ا عىل هذا النحو اإلقصايئ .يلزمنا وبشدة ثور ٌة عقلي ٌة تُسقط هالة فكري قابلٍ للقبول أو الرفض، القداسة عن كل يشء إال اإلنسان ..وتضع الدين يف مكانه وحجمه الطبيعيني كمك ّونٍ ٍّ وقابلٍ للقراءات املتعددة والخصبة ،هذه النقلة املعرفية الكبرية التي أنجزها الغرب يف مرحل ٍة من مراحل تطوره ٍ احتاجت زم ًنا ً وشجاعات منقطعة النظري .هل سننجز ما مياثلها؟ أعتقد أننا سنفعل، طويل ونهض ًة معرفي ًة وفلسفي ًة ً تساؤل عام عىل امللحدين أن يفعلوه يف هذا الخصوص ،أقول إنّ أحد أهم ما عليهم أن لكن ،ومبا أن سؤالكم يتضمن أي يفعلوه هو أن يتخلوا عن التعايل والسخرية يف التعامل مع أصحاب العقائد املختلفة .هل تستطيعون أن تكسبوا ّ ٍ ٍ شخص من أي شخص إىل جانبكم إن هاجمتم ً نصا عزي ًزا عىل قلبه بطريق ٍة ساخر ٍة متعالية؟ ما الفائدة التي يجنيها ّ أي ٍ شخص أن يفعله لخدمة أية قضي ٍة يؤمن بها هي أن يكون شديد اإلميان بها وشجا ًعا ذلك؟ أعتقد أن ما يتوجب عىل ّ وصاد ًقا يف التعبري عن انتامئه لها ويف الوقت نفسه أن يكون شديد االنتامء ملجتمعه دون ٍ تعال أو إساءة .واألهم من كل ذلك ،عىل صاحب القضية أياً تكن -أن ميأل قضيته -باإلنجاز والنجاح فالفشل ليس جذابًا ،عليه أن يعطي النموذج الناجح واملتألق والجاذب للناس ،والحرتامهم ،يف الوقت نفسه
29
فادي قوشقجي يف حوار مع...........
أراء املحاورين تعرب عنهم و ال تعرب عن سياسة املجلة
-6العلامنية هي الحل ،شعا ٌر تب ّناه بعض مثقفي العامل العريب كبداي ٍة لتلقني شعوبنا جرع ًة مبدأي ًة من الدميقراطية واحرتام الحريات وال ّراي اآلخر ،جرع ًة لفصل الدين وسلطته عن الدولة ،أو جرع ًة لنتعلم معنى التعايش كسائر البرش. متفائل بإمكانية وصولنا إىل هذا حقًا يو ًما ما؟ وما الوسيلة األنجع لتحقيق ذلك من وجهة نظرك كروايئ؟ ٌ هل أنت ال علامنية يف مجتمعاتنا العربية يف املدى املنظور لألسف إال إن ُفرضت فرضً ا من األعىل .رمبا لو سألتموين هذا السؤال متفائل بعض اليشء ،ولو بعد جيلٍ أو اثنني. ٌ قبل ما أُطلق عليه "الربيع العريب" -والربيع منه براء -لقلت لكم أنني اآلن بعد "الربيع" أميل إىل التشاؤم بإمكانية تطبيق العلامنية لدينا إال بالفرض من األعىل ،وهو ليس خيا ًرا مرفوضً ا بالنسبة يل باملناسبة .العلامنية ليست "أيديولوجيا" ليك يكون فرضها مناف ًيا للحرية .العلامنية -عىل العكس -هي ٍ إحساس بالذنب حني أقول ٍ أخالقي أو تساؤل أي لدي ّ تنحية األيديولوجيا مبعناها املاورايئ من املجال العام ،وليس ّ ٍّ فل ُتفرض فرضً ا ،هذا يش ٌء مثل إلزامية التعليم ،وإلزامية الفحص الطبي للزواج أو للتقدم لوظيف ٍة معينة .إنه إلزا ٌم بالتمدّ ن والتحرر .ولينتبه كل من يرفع حاجبيه مستنك ًرا اآلن :أتحدث عن العلامنية ال عن اإللحاد .الدولة التي تفرض موقف من الدين ،والدولة قريب أو بعيد .العلامنية هي أال يكون للدولة دي ٌن وال اإللحاد ال عالقة لها بالعلامنية من ٍ ٌ ٍ موقف من الدين يقوم عىل أولوية عقيدتها التي تعلن عن نفسها "إسالمية" أو "مسيحية" أو "ملحدة" هي دول ٌة ذات الخاصة عىل كافة العقائد األخرى ،لذلك هذه الدول املوصوفة أعاله ،مبا فيها الدولة امللحدة ،هي مناذج مرفوض ٌة ال متت للعلامنية بصلة ٍ محاوالت سينامئي ٍة ودرامي ٍة تتناول بعض تعاليم الدين واملتدينني وسلوكياته بجرأة، -7بدأنا نشهد توج ًها جيدً ا يف كاملسلسل املرصي(قارصات) الذي تطرق إىل مسالة الزواج املبكر التي رسخها الدين والبيئة االجتامعية املنغلقة، معتم عليه هو وفيلم (امللحد) املرصي -مع التحفظ عىل األسلوب -لكن يبقى التطرق ملوضوع اإللحاد والذي بقي ً ٍ ملسلسالت سوري ٍة وعىل رأسها أعاملك كمسلسل (ليس رسابًا) رش جيدٌ يُحتسب للفن بالعامل العريب مؤخ ًرا ،إضاف ًة مؤ ٌ والذي تناول موضوع الزواج املدين ببالدنا ومعاناة العلامنيني ،و(أرواح عارية) الذي وصفه البعض بسقوط اليقني عند اب ينعكس عىل سلوكه وحياته ،وغريها من أعامل اإلنسان ببعض مسلّامته األساسية وما قد يتس ّبب ذلك من اضطر ٍ نجدت انزور ونجيب نصري وحسن سامي يوسف... 30
فادي قوشقجي يف حوار مع...........
أراء املحاورين تعرب عنهم و ال تعرب عن سياسة املجلة
ماتعليقك عىل االنفتاح الفني املتأخّر عىل مثل هذه املسائل الشائكة بالغة الحساسية عندنا؟ وهل تفضّ ل حرضتك االستبقاء عىل بعض الخطوط الحمراء أم كل يشء يجب أن يكون تحت النقد؟ بزخم كبريٍ يف الستينات ،ثم تراجع تحت تأثري املدّ الديني هذا االنفتاح املتأخر هو االبن الرشعي النفتاحٍ مبك ٍر بدأ ٍ ٍ خطوط والرقابة االجتامعية التي صارت رافض ًة لرؤية الشك والتساؤالت الكربى عىل الشاشة .بالطبع ال رشعية أليّة حمراء توضع يف وجه الفن واألدب .كل يش ٍء تحت النقد والتساؤل والنقاش ،لكن من يعمل بهذه الطريقة ينحت يف الصخر .حني تتحدثون يف السياسة قد تقف يف وجوهكم الدولة بأجهزتها الرقابية املختلفة ،أما حني تتحدثون يف الدين تعب عن نفسها بطرقٍ متعددة ،وغال ًبا ما ينحني رقيب أو الجنس فمن يقف يف وجوهكم هو رقاب ٌة اجتامعي ٌة صارم ٌة ّ الدولة أمامها صاغ ًرا حتى لو مل يرغب بذلك .لكن املثابرة وعدم اليأس رضوريان ،فكلام صدمنا املجتمع بعملٍ أىت زخم سبق له متهيد الطريق أمامه العمل التايل أكرث جرأ ًة مستندً ا إىل ٍ -8فن ًيا ،هل أنت مع نقل الواقع كام هو أم نقل الواقع الذي نطمح أن يكون؟ أيّهام األنجع برأيك ليحقق الفن هدفه املنشود يف التنوير؟ سؤالنا هذا من منطلق تحكّم املوروثات بيومياتنا ،اي أنه لطاملا اتُهمت األعامل الفنية العربية بالذكورية عىل سبيل املثال ،وهذا قد يفرسه البعض ملجتمعنا الذكوري ً أصل والفن ناقل ال أكرث ،لكن مع ذلك نجد فادي قوشقجي يتع ّمد تقاسم البطولة بني رجلٍ وامرأة بأعامله ،هل توافقني بإلقايئ اللوم عىل الدين الذي قلص دور املرأة يف الحياة ً فعل فام كان من الفن إال أن يعكس هذا الواقع الشعوريًا؟ وهل من واجبنا تغيري ذلك أم مج ّرد نقله يكفي لتبيان سوادويته؟ أميل إىل مزج األسلوبني م ًعا .عرض املجتمع كام هو ،وعرض ما أطمح إليه يف الوقت نفسه .يف ملخص مسلسل ليس ٍ محيط ينظر إىل هذه رساباً كتبت أنّ أبطالنا املنخرطني يف املرشوع املدين العلامين النهضوي هم أشبه بجزير ٍة وسط رضا الحقًا يف أعاميل التالية .كثريًا ما أتعرض الجزيرة بكثريٍ من الشك والتحفظ والعدائية .ومفهوم الجزيرة هذا صار حا ً حبيب كهذا؟ وجوايب الدائم :نعم يوجد ،وحتى لو مل يكن موجو ًدا شقيق أو للسؤال :هل توجد حقًا عائل ٌة كهذه؟ أو ٌ ٌ حلم أد ٍّيب أو درامي .ما الضري من "إغراء" القراء أو املتابعني بالقفز إىل تلك الجزيرة؟ دو ًما يف لوجب إيجاده ولو يف ٍ أعاميل تحتل الشخصيات التي متثل "ما نطمح إليه" نسب ًة مئوي ًة من مجمل الشخصيات أعىل من النسبة الحقيقية يف 31
فادي قوشقجي يف حوار مع...........
أراء املحاورين تعرب عنهم و ال تعرب عن سياسة املجلة
املجتمع ،وهذا يجري بشكلٍ مدروس وتحت السيطرة ال كهفو ٍة ً مثل ،وذلك للهدف املشار إليه أعاله بالضبط :إبراز ٍ أي ضريٍ يف ذلك طاملا املجتمع الجامل الكامن يف املجتمع لو يبنيه أو يقوده هؤالء ،أو يكونون فيه األكرثية ،وال أرى ّ الحقيقي موجو ٌد هو اآلخر وله لسانه وصوته ومربراته دون قرس أو تغييب. أحب وأجد من الرضوري تسليط الضوء أما حول طريقة حضور املرأة يف أعاميل ،فأقول إنها واحد ٌة من القضايا التي ّ جذاب إىل العمل ،بل تجعلها تظهر ككيانٍ موا ٍز ٍ عليها بهذه الطريقة بالذات التي ال تجعل منها مج ّرد مكونٍ إضايفّ ومسا ٍو متا ًما لحضور الرجل يف تلك األعامل .ال أدري نسبة حضور "الدين" يف عقل الك ّتاب الذين يجعلون من حضور ٌ ديني املرأة ثانويًا وهامش ًيا ومج ّرد مكملٍ ال عمل له إال الغرية واملكائد والرصاع عىل قلب الرجل .هذا موروث كبريٌ ٌّ واجتامعي وثقايف .هل ترغب املرأة يف الظهور يف األعامل التلفزيونية بالطريقة التي يظهرونها بها؟ أشك بذلك كثريًا. ٌّ لهموم نضالي ٍة وثقافي ٍة يف مرحل ٍة مبكر ٍة يزعمون أنهم خاص حامل ًة ٍ لقد كانت املرأة يف مجتمعنا السوري بشكلٍ ٍّ يتحدثون عنها أحيانًا يف بعض األعامل .هل ترغب املرأة أن تكون دو ًما "الضحية" يف األعامل األكرث معارص ًة؟ أيضً ا أشك بذلك .هي قد تكون ضحي ًة أحيانًا ،لكنه ليس دو ًرا تستمتع به أو "دمغ ًة" ُحكم عليها أن تحملها ،فهي تستطيع أن تكون شخصي ًة قوي ًة وفاعل ًة دون أن يتعارض ذلك عىل اإلطالق مع أنوثتها.
كحل مثا ٍّيل يضمن التعايش بسالم يف بلداننا متعددة األلوان واألطياف .هل املطالبة بفصل -9أنت من أنصار العلامنية ٍّ نوسع حلمنا أكرث ملواجهة سلطة الدين عىل الدين عن السياسة وبالتايل املطالبة مبواجهة تسييس الفن يقودنا ألن ّ الفن أيضً ا يو ًما ما؟ يحق لنا أن نحلم بوضع حدٍّ للرقابة السياسية عىل الفن إىل الحلم بوضع حدٍّ للرقابة الدينية عىل الفن مبعنى آخر؛ هل ّ ً يف املستقبل أيضً ا؟ خاص ًة وأنّ الدول الغربية رمز الدميقراطية والحريات مقارن ًة بنا ،نراها تلجأ أحيانا إىل تسييس الفن ،خاص ًة باألحداث االخرية يف سوريا ً مثل حيث تم إقصاء العديد من األعامل والفنانني السوريني من عدة مهرجانات بسبب مواقفهم السياسية ببلدهم؟ 32
فادي قوشقجي يف حوار مع...........
أراء املحاورين تعرب عنهم و ال تعرب عن سياسة املجلة
هل تعتقد أنه ما من دميقراطية مثالي ٍة حقيقي ٍة يف هذا العامل إىل اليوم؟يحق لنا أن نحلم برفع الرقابة الدينية عن الفن أيضً ا يو ًما ما؟ هل ّالرقابة السياسية يشء وتسييس الفن يش ٌء آخر .الرقابة السياسية تنتهي بتحقيق الدميقراطية السياسية املثالية، أساسا ال معنى وهي غري موجودة يف هذا العامل حسب اعتقادي ،والرقابة الدينية تنتهي بتحقيق العلامنية املطلقةً . للدميقراطية دون العلامنية .هذان املصطلحان هام الجناحان اللذان بهام تتحقق الحرية :الهدف األسمى لإلنسان تحدّ ي الرقابة السياسية أسهل بكثريٍ من تحدّ ي الرقابة الدينية .حني تتحدّ ون الرقابة السياسية تحصدون التصفيق ،أما حني تتحدون الرقابة الدينية فتحصدون كل يش ٍء إال التصفيق .رغم ذلك ال سبيل إال االستمرار ومواصلة العمل عىل اكمي رفع السقف بشكلٍ تر ٍّ أي تح ٍد ومبا أن الرقابة الدينية هي رقاب ٌة اجتامعية ،فإن الحلم بزوالها مبك ٌر بعض اليشء .سيظل املجتمع متحفظًا تجاه ّ لألفكار السائدة حتى إشعا ٍر آخر ،األمر يحتاج إىل تحقق النهضة املعرفية املطلوبة ،أو إىل رقيب دول ٍة شجاعٍ ال ينحني ٍ ظروف موضوعي ٍة مل تنضج بعد مبا فيه الكفاية أمام الرقابة االجتامعية ،ويبدو أنّ كال األمرين يحتاجان إىل -10البعض يس ّوق إىل أن تقويض سطوة األديان عىل تفاصيل حياتنا سيكون ذا نتائج كارثي ًة من الناحية األخالقية عىل مجتمعاتنا؟ هل توافق عىل أنّ القانون وحده ال يكفي لتهذيب مجتمعاتنا والبدّ من إطالق يد األديان أكرث يك متارس ما تظن انه أُوكل اليها تاريخ ًيا عرب ما يدعو إليه البعض مؤخ ًرا مبا يسمى "دولة الرشيعة". هل هناك مكان للدعابة يف مقابل ٍة جاد ٍة كهذه؟ أفرتض أنّ الجواب نعم ،فأقول :هل هذا السؤال يل أنا ً فعل؟ أم أنه رسب إىل هنا بالخطأ؟ ت ّ أي دين .باألحرى كانت أخالقياته املتفاوتة متوفر ًة بكامل أطيافها ،من يا أعزايئ اإلنسان كان كائ ًنا أخالق ًيا قبل ظهور ّ أرقى املستويات إىل أدناها .ثم جاءت األديان فامذا حدث؟ لقد بقي الوضع عىل حاله ،ورمبا أميل للقول إنه اتجه أسس ديني ٍة إىل الرصاعات العديدة املوجودة سابقًا ،فكان أقساها وأكرثها دموي ًة لالسوأ بعد أن أضيف الرصاع عىل ٍ 33
فادي قوشقجي يف حوار مع...........
أراء املحاورين تعرب عنهم و ال تعرب عن سياسة املجلة
وبربرية .هنا يرتكب املجرم جرميته باسم اإلله ،فيكون متحر ًرا متا ًما من أية ضوابط أو أزمات ضمري .بالطبع األخالق قريب أو بعيد ،وأولئك الذين صنعوا ثورات العدالة الكربى أو كتبوا األسس النظرية لها كانوا ال صلة لها بالدين من ٍ يف الغالب يعتربون الدين أفيون الشعوب ،ومع ذلك كان هاجسهم اإلنسان وشموخه وكرامته وحريته ،فهل هناك أخالق أعىل من هذه؟ -11هل من املمكن أن نرى منك قري ًبا ً عمل تلفزيون ًيا أو رواي ًة تتناول واقع امللحد يف بالدنا وبشكلٍ رصيح ،انطال ًقا من تعاليم الدين اإلسالمي نفسه" :من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"و"ال إكراه يف الدين"؟ صعب نص ديني؟ هذا دوماً سأتحدث عن حق اإلنسان يف أن يكون ما يشاء طاملا ال يؤذي اآلخرين ،لكن انطال ًقا من ِّ ٌ ٍ نصوص جدً ا حسب ما أرى .فالنصوص التي تتسامح مع املختلف ،ومنها ما ذكرتوه يف السؤال ،تقف جن ًبا إىل جنب مع أخرى تهدر دمه .نعم عليكم أن تتعاملوا مع العدة الفكرية لآلخر دو ًما مسلطني الضوء عىل الجوانب األكرث ألقًا فيها من أجل مخاطبة جميع العقول ،لكن يف النهاية ما سيحقق حرية االنسان يف أن يكون ما يشاء هو منظوم ٌة حقوقي ٌة متكامل ٌة تفرض املساواة فرضً ا ،وال تستجدي وتستعطف
-12انت من املرابطني يف سوريا رغم كل ما حدث وما قد يحدث ،ما مفهوم الوطن لديك ومبا تربر تخ ّوف البعض من العلامنية بذريعة أنّ األديان هي أقوى ر ٍ أي يش ٍء آخر؟ ابط بني البرش من ّ الوطن هو نايس وأهيل الذين نشأت بينهم ،وحملت سحنتهم وتطبعت بطبائعهم ،وتشكلت بيني وبينهم عرب السنوات ذكريات وعواطف ال حرص لها .الوطن هو يش ٌء ال يختاره املرء ،لكنه أحيانًا يقع يف غرامه فيستطيع أن يقول :إين ٌ اخرتتك يا وطني ح ًبا وطواعية .وإنني أختار سورية ح ًبا وطواعية من بلدان العامل قاطبة ،وأختنق من فكرة االضطرار لالبتعاد عنها ،وآمل أال أتع ّرض لهذا االختبار الذي ميكنه أن يكون مدم ًرا بالنسبة يل ..لذلك أبقى (مرابطًا؟) فيها ما استطعت إىل ذلك ً سبيل .منذ أيام املراهقة والشباب وتلك األحاديث حول الطموحات واألحالم وميل الكثريين إىل السفر لتحقيق أنفسهم كانت جملتي الدامئة :أنا ال أترك هذا البلد باختياري عىل اإلطالق 34
فادي قوشقجي يف حوار مع...........
أراء املحاورين تعرب عنهم و ال تعرب عن سياسة املجلة
الرابط الديني ال يصنع وطناً ،بل يصنع عصبي ًة برشي ًة تنتمي إىل عصور الظلامت .يف بعض األدبيات املحيطة بنا ترد عبار ٌة مسلي ٌة إىل حدٍّ كبريٍ تتحدث عن األمتني العربية واإلسالمية .هل أنا إ ًذا جز ٌء من أمتني؟ وأيهام أوسع؟ أيهام يل أن أفعل حني أشاهد مبارا ًة بكرة أظرف؟ أيهام التي عىل قلبي أن يخفق لها عند عزف نشيدها الوطني؟ وماذا ع ّ القدم بني تونس وإيران عىل سبيل املثال؟ هل أنحاز للعريب أم لالسالمي؟ لألسف تو ّرط البعض يف سورية نفسها مبا يف ذلك رئيس الجمهورية يف استعامل عبارة األمتني العربية واإلسالمية رغم تناقضها مع املنطلقات البعثية التي يفرتض أنهم يؤمنون بها ،ولحسن الحظ مل أعد أسمع ذلك مؤخ ًرا .يبدو أنهم قد تنبهوا لهذه الهفوة .من يرغب باالنتامء إىل أم ٍة إسالمي ٍة أو مسيحي ٍة أو بوذي ٍة فليفعل ،وليغلق عىل نفسه "باب الحارة" الخاص به جيدً ا ،وليهنأ بظلامته .نحن لنا هذا الرتاب الذي ال طائفة له وال دين ،ويربطنا به ر ٌ سابق لكل األنبياء و"املرسلني" ابط أز ٌّيل ٌ -13هل س ّبب لك فكرك املنفتح وعلامنيتك نقدً ا رصي ًحا من وسطك االجتامعي ومن الوسط الفني بالتحديد ،أم انك أي ٍ تعترب الوسط الفني أكرث ً وسط آخر يف بالدنا؟ تقبل وانفتا ًحأ من ّ وسطي االجتامعي "يتحملني" مبحبة غال ًبا .والوسط الفني هو نعم كام وصفتموه :من األكرث ً تقبل وانفتا ًحا .املشاكل هي مع األوساط املنغلقة واملتشددة ،وهي ليست ذات حضو ٍر مؤث ٍر يف حيايت اليومية ،والسجال معها يجري -حتى اآلن -بالكلمة من خالل املنابر املتعددة املتاحة لذلك مم تسري إليه منطقتنا وأجيالنا ،اجتامع ًيا وثقاف ًيا؟ ٌ -14هل انت متفائل ّ تخصها لشبابنا العريب؟ وهل من رسالة ّ ٍ سنوات ما يجري يف سورية اآلن التهمته بالجنون ال أستطيع أن أخ ّمن شي ًئا عن املستقبل .لو وصف يل أحدهم قبل ولقلت له فو ًرا :مستحيل .نحن ال يحدث لنا ذلك .وها هو قد حدث .هذه التجربة تعلم اإلقالع عن التفاؤل الساذج، بغض النطر عام ينتظرنا يف لكن هذا ال يعني التشاؤم أيضً ا .العربة الحقيقية هي يف الدرب ويف اإلرصار عىل السري فيه ّ النهاية 35
فادي قوشقجي يف حوار مع...........
أراء املحاورين تعرب عنهم و ال تعرب عن سياسة املجلة
ابني الشابني ،فإن فعلت أقول أما عن رسالة للشباب؛ ال أدري كيف أفعل ذلك ،لذلك دعوين أعتقد أنني أخاطب ّ لهام أن يكونا منتميني بشد ٍة إىل بالدهام ومجتمعهام ،دون أيّة فوقي ٍة أو دوني ٍة تجاه البالد واملجتمعات األخرى ،وأن ٍ بإخالص وإتقان ،وأال يكون مرورهام أي مجال يختارانه يكونا وفيني لنفسيهام ولحقّهام يف الحرية والعدالة والعمل يف ّ يف العامل عاب ًرا بل أن يعمال عىل ترك بصم ٍة وأث ٍر إيجا ٍّيب يف املحيط نختتم بقول لـ عيل رشيعتي "إذا كنت ال تستطيع رفع الظلم فأخرب عنه الجميع عىل األقل" هذه الجملة تخترص يف طياتها الكثري ،هي متا ًما الدور املنوط بالفن ،فهو األقرب للناس واألكرث تأثريًا بكل أشكاله. شك ًرا ً جزيل عىل تلبية دعوتنا.
قام بالحوار ........................ Alia'a Damascéne
36
http://www.ahewar.org
ﺍﳌﻮﻗﻊ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﳌﺘﻤﺪﻥ ﻳﺴﺎﺭﻳﺔ ,ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ,ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ "ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺪﻧﻲ ﻋﻠﻤﺎﻧﻲ ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻳﻀﻤﻦ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ"
37
()1
Hunger mind
سلسلة الفاحشة يف فضح أ ّم املؤمنني عائشة 1 املصدر : كتاب :تراجم س ّيدات بيت ال ّنبوة "ريض الله عنهن". من صــــ 191حتي صـــــ 228 تأليف :د/عائشة عبد ال ّرحمن -بنت الشّ اطئ .- سي وتراجم. إصدار :مكتبة األرسة 2013-سلسلة ّ مقسم ٌة إىل مباحثَ ،بنفس ترتيب الفصول كام هي بالكتاب؛ ليتس ّنى ملن يريد املتابعة أ ْن يتابع. السلسة ّ ّ املوضوع غري قطعي الثّبوت ،غري قطعي ال ّداللة /فهي قراء ٌة عقلي ٌة ،إلحادي ٌة شخصي ٌة ،وأر ّح ُب بال ّنقاش. 38
سلسلة الفاحشة يف فضح أ ّم املؤمنني عائشة 1
الصهر الكريم". املبحث األولِّ " : وفيه ال ّنقاط التّالية: -:1أُخوة أيب بك ٍر ومح ّم ٍد. السابقة ). -:2دعني أسلم منهام ( يف خطبة عائشة ّ املبشين ،هل كان بفضل االقتناع والهداية أم بفضل تأثري أيب بك ٍر ؟ -:3إسالم العرشة ّ -:4برشية الحور العني -أ ّم رومانٍ أمنوذ ًجا.
Hunger mind
أولً
يل يف ماله وصحبته أبا حول أُخوة أيب بك ٍر ومح ّم ٍد تتحدث الكاتبة فتقول بادئ ًة بالحديث ّ الشيف :إ ّن من أمن ال ّناس ع َ خليل ،ولكن أُخوة اإلسالم(.حديثٌ متفق عليه). خليل الت ّخذت أبا بك ٍر ً بكرٍ ،ولو كنت متّخذًا ً نبوي ٌ ٌ ٍ ٍ سعيد األموي عن أبيه قالت :فجاءت خولة، سعيد بن يحي ابن حديث عائش ٍة الوارد يف مسند الطّربي( )1من طريق أي أ ّم رومانٍ ،ماذا أدخل الله عليكم من الخري والربكة! فدخلت بيت أيب بك ٍر فوجدت " أ ّم رومانٍ " أ ّم عائش ٍة فقالت لها ْ : قالت وما ذاك؟ قالت :أرسلني رسول الله أخطب عليه عائشة! قالت :ودت انتظري أبا بك ٍر فإنّه ٍ آت... وجاء أبو بك ٍر فقالت له :يا أبو بك ٍر ماذا أدخل الله عليك من الخري والربكة! أرسلني رسول الله أخطب عائش ًة قال :وهل تصلح له ؟ إنّ ا هي ابنة أخيه. فرجعت إىل رسول الله فقالت له ذلك فقال :ارجعي إليه فقويل :إنّك أخي يف اإلسالم وأنا أخوك ،وابنتك تصلح يل. تاريخ الطّربي ،176/ :3وال ّنقل منه ،ونحوه يف طبقات بن ٍ سعد 8/59ويف اإلصابة من حديث عائش ٍة ريض الله عنها، السمط الثّمني صــ 31 أخرجه أبن أيب ٍ عاصم ،وانظر معه املحب الطّربي يف ّ تذييل ٌ والتحال ،وأنّه أول الخلفاء ،وثاين اثنني ،وكل من املعروف أ ّن أبا بك ٍر هو أقرب املق ّربني ملح ّم ٍد ،وكان مالز ًما له يف الحل ّ الصفات التي اكتظّت بها الكتب اإلسالمية يف وصف والتّحدث عن أيب بكرٍّ ،إل إ ّن األ ّمر هنا يجعلنا نتساءل :إ ْن كانا هذه ّ عىل هذه ال ّدرجة من القربة ومن التّواصل ،بل واألُخوة فلامذا مل يكن هو األكرث رواي ًة ألحاديثه!!! ؟؟؟ الصعب أو املستعيص الذي يتطلب اللّبس أو يحتمل الضبابية ،فكيف مل يرتاءى ذلك ومل مفهوم األخوة ليس باملفهوم ّ يتّضح أليب بكرٍ؟؟!!! 39
سلسلة الفاحشة يف فضح أ ّم املؤمنني عائشة 1
Hunger mind
قضية تزويج عائش ٍة من املفرتض أنّها قضي ٌة عائلي ٌة بحت ٌة تخص األب واأل ّم ،لكن الواضح من الكالم عندما ذهبت أ ّم رومانٍ أ ّن أ ّم عائش ٍة مل تكن شخصي ًة فاعل ًة يف القضية ،ما يحيلك إىل ال ّدور الذّكوري والتّغييب الفعيل يف اإلسالم لدور ٍ تحكيامت تفرضها البيئة إلّ أنّنا نقول هناك يف املرأة ،ورغم أ ّن القول بهذا يعترب نوعاً من املغاالة عىل اعتبار أ ّن هناك رض وكلمتهن تضاهي يف العلو والفاعلية دور ال ّرجال مثل "خديجة تلك الحقبة كانت توجد نسا ٌء فاعل ٌة ،ودورهن حا ٌ ٍ خويلد". بنت السيامي مع مح ّم ٍد ال يعرف الفرق بني األخ ّوة الفاعلة واألخ ّوة يف ال ّدين، كيف لرجلٍ مثل أيب بكرٍ؛ ٌ متالصق تالصق التّوأم ّ أمل يبلغه التّرشيع ،أ ّم كان قُصو ًرا منه يف الفهم!!! وال ّدليل عىل ذلك قوله "إنّ ا هي ابنة أخيه" خصوصا فيام يخص الستار ال ّنسوي "دور الخاطبة" املتمثل يف أ ّم رومانٍ ،يحيلك إىل فكرة هامشية املرأة ،و ً فكرة وجود ّ تدليل عىل كون عائشة طفل ًة ال تعرف وال تعي من األ ّمر شيئًا، أ ّمر زواجها وكأنّها أبعد ما تكون عن القضية ،ويف هذا ٌ السادسة أو التّاسعة ،فكيف لها أ ْن تعرف وتتصدر أل ّمر زوا ٍج ؟! فهي بنت ّ ٍ مغلوط ،بل كان أم ًرا ناج ًزا "ارجعي ملفهوم بعدما أُخرب ال ّرسول مبوقف أيب بك ٍر من مفهوم األخوة ،مل يأت ال ّرد تصحي ًحا ٍ له فقويل" ّما يدلل عىل كون عائشة قد نالت اإلعجاب واالستحسان من مح ّم ٍد ،وأنّه ما ََل لها وأراد أن ينكحها ،فأكر ْم به من رسو ٍل وأعظ ْم به من رجلٍ !!!
ثان ًيا
كون عائشة قد ُخطبت قبل إبداء ال ّرسول رغبته يف أ ْن ينكحها ،تقول الكاتبة -انتبه ملا تحته خ ّط :-
عدي كان قد ذكر عائشة عىل ابنه جبري ،وال والله ما وعد أبو بك ٍر شيئًا ق ّط فأخلف. قالت أ ّم رومانٍ إ ّن املطعم بن ٍ عباس بطبقات بن ٍ ويف رواي ٍة عن ابن ٍ سعد ( )8/58قال :خطب رسول الله إىل أيب بك ٍر عائشة فقال أبو بك ٍر يا رسول عدي بن نوفلٍ بن عبد ٍ مناف البنه جبريٍ ،فدعني حتى أسلم منهم ففعل الله :كنت قد وعدت بها أو ذكرتها ٍ ملطعم بن ٍ مطعم وعنده امرأته أ ّم جبري وكانت مرشك ًة فقالت العجوز :يا ابن أيب قحاف ٍة، تكمل الكاتبة فتقول :فدخل أبو بك ٍر عىل ٍ لعلنا إ ْن ز ّوجنا ابننا َ ابنتك أ ْن تصبئه وتدخله يف دينك الذي أنت عليه؟ فلم يرد عليها أبو بكرٍ ،بل التفت إىل زوجها املطعم فقال ما تقول هذه؟ فقال إنّها تقول ذاك.
40
سلسلة الفاحشة يف فضح أ ّم املؤمنني عائشة 1
Hunger mind
تذييل ٌ تغي حني عرض عليه صديقه أو أخوه كان من املعروف عن أيب بك ٍر كونه رجالً ال يرجع يف كلمته ،لكن الحال تب ّدل أو ّ مطعم إخالفاً للوعد ،وبالتّايل يندرج أبو بك ٍر عدي بن ٍ مح ّم ٌد أ ْن يتزوج ابنته ،فهل ميكن أ ْن نعترب املوقف من خطبة ٍ تحت بند املنافقني ،كون إخالف الوعد من أه ّم وأبرز صفات املنافقني. مطعم، السبب يف أ ّن تحرر أيب بك ٍر من موقفه وكلمته ت ُجاه بن ٍ قضية دين أيب بك ٍر التي ساقتها الكاتبة للتّدليل عىل كونها ّ مطعم كان معروفًا ومعلو ًما أليب بكرٍ ،ومل يكن خف ًيا عليه ،فلامذا تعترب نوعاً من أنواع التّدليس وال ّد ّس ،أل ّن دين بن ٍ هذا ال ّزيف والخداع يف نقل املعلومات؟؟ ث ّم ما املنطق والحكمة يف إبراز عائش ٍة ،وكأنّها البهيمة التي تساق والكل يدور رأي وال مشور ٍة رغم كون املوضوع يف أخص ما يخصها. ّ ويلف من حولها ،وهي بال ٍ التقيع القانوين ،وال ّدعارة التّاريخية ،وال ّرغبة يف التّنصل من عار إخالف فكرة دين بن ٍ مطعم ما هي ّإل نو ٌع من أنواع ّ الصغرية الكلمة الذي وقع فيه أبو بكرٍ ،ث ّم هل ف َ َاض َل أبو بك ٍر بني مح ّم ٍد وبني ٍ عدي ،هل وازن وأخذ وقته ،هل شاور ّ عائشة؟؟ أم كان أبو بك ٍر مجرد ٍ السمع والطّاعة!!! عبد ملح ّم ٍد ،ما إ ْن يقول كلم ًة فال يكون ال ّرد عليها سوى ّ
ثالثًّا
الصحابة بفضل أيب بك ٍر واستجاب لدعوته :عثام ٌن بن عفانٍ ،ال ّزبري بن العوام، تقول الكاتبة صـــ "193وممن أسلم من ّ عبد ال ّرحمن بن ٍ عوف ،سعد ابن أيب ٍ وقاص ،طلحة بن عبيد الله ،وهم من العرشة املبرشين بالج ّنة ،ريض الله عنهم".
تذييل ٌ رسول مع ال ّرسول ؟ من هل كان أبو بك ٍر صحاب ًيا عاديًا ،أ ْم ً الذي أواله مهام ال ّدعوة والتّبليغ ،وما مؤ ّهالته غري العادية، فضل عن األسامء املذكورة تنقاد لرأيه ؟ ً كلم ٌة بفضلٍ ؛ استجاب ٌة لدعو ٍة ،ما محلها من اإلعراب ،أهو االقتناع عن ج ٍِد أ ّم مجرد املحاباة واملجاملة ؟ ما الحكمة يف تصوير ال ّرجال وال ّنساء يف بيئة مح ّم ٍد بال ّنعاج، بال عقو ٍل يٌساقون كام ت ٌساق اإلبل؟؟ 41
سلسلة الفاحشة يف فضح أ ّم املؤمنني عائشة 1
Hunger mind
راب ًعا
بأي يف وصف الحور العني :نحيل القارئ العزيز إىل ال ّروابط التّالية ،والتي مفادها أ ّن تلك ّ الصفة ال تتناسب وال تتفق ِّ رش ،ذكرا ً كان أ ّم أنثى. حا ٍل من األحوال مع الطّبع البرشي ،وال يعقل أ ْن ّ يتصف بها ب ٌ http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=71591 http://www.way2allah.com/khotab-item-22443.htm تقول الكاتبة عن أ ّم رومانٍ صـــ 193 هي أ ّم رومانٍ بنت عام ٍر الكنانية ،تزوجت يف الجاهلية من عبد الله بن الحارث فولدت له الطّفيل ث ّم مات عنها ،فخلف عليها أبو بك ٍر فولدت له عائشة وعبد ال ّرحمن ،وهاجرت إىل املدينة ،عندما ماتت نزل مح ّم ٌد إىل قربها وقال ":اللّهم ال يخفى عليك ما لقيت أ ّم رومانٍ فيك ويف رسولك "( والحديث يف طبقات بن ٍ سعد ،ابن حج ٍر يف اإلصابة ،وأخرجه بن عبد الرب يف ترجمتها باالستيعاب ). ويف حديث القاسم بن مح ّم ٍد :مسن ٌد إىل بن ٍ رسه أ ْن ينظر إىل سعد من طريق يزي ٌد بن هارونٍ أ ّن رسول الله قال " :من ّ امرأ ٍة من الحور العني فلينظر إىل أ ّم رومانٍ ". تذييل ٌ مثل أ ّم عام ٍر ما الذي القته أ ّم رومانٍ يف الله ورسوله؟؟ ما الذي مي ّيزها حتى ت ُوصف بكونها من الحور العني ،وال توصف ً الصفة؟ بن يا ٍ رس بنفس التّشبيه ،التي شُ قت نصفني أمام أعني ابنها وزوجها ؟ أيهام ّ أحق بتلك ّ يف التّرشيع اإلسالمي نفسه ملاذا الكيل مبكيالني يف الحسنات وال ّنعم؟؟؟ الصحابة ،وآبائهم وأمهاتهم وبيئتهم األرسية التي تعام ٌ تعام أو ٍ ملاذا هناك ِشبه ٍ الصحابة ،وعن أخوات ّ كامل عن أوالد ّ نشؤوا فيها. قائل إنّها من باب االستحسان؛ أل ّن الحور العني مخلوقاتٌ ليست كالبرش ،فرن ُّد عليه قائلني: صفة الحور العني؛ قد يقول ٌ هل ب ّرر مح ّم ٌد ذلك ،هل ذكر الكالم يف سياق االستحسان ،أمل يعلم أن أصحابه ينقلون عنه كل شارد ٍة ووارد ٍة ؟؟ الغضة التي هاج عليها فرجه؟؟ البضة ّ أ ّم أ ّن الفضل يف األول واألخري يرجع لكونها ارتضت أ ْن تُز ّوج له عائش ًة ،تلك ّ
42
صناعة اآللهة؛ الحلم املمنوع: Nesta Fz
السابقة ،عىل أ ْن أكون ُمدركًا و ُمتذك ًرا لِ َم جرى يل أعظم ما ميكن أ ْن أحظى به هو َمنحي حيا ًة أخرى تتطابق مع حيايت ّ يف حيايت األوىل وقادرا ً عىل تغيريه أو التّالعب به ،حيث ميكنني بهذه املنحة أ ْن أكون األقوى واألكرث سعاد ًة و ِغ ًنى ومعرف ًة ٍ تخصص مغاي ٍر لذلك التّخصص الذي اخرتته وندمت عليه أشد التاجع عن مساري التّعليمي واختيار بني ال ّناس ،فبإمكاين ّ السنوات الجدباء التي تعلّق قلبي فيها بفتا ٍة تزوجت يف نهاية املطاف وفطرته ال ّندم ،بإمكاين أ ْن أشطب من حيايت تلك ّ واللاكرتاث ،بإمكاين أ ْن أتج ّنب تلك املناسبات والحوادث العابرة التي جمعتني بأصدقا ٍء ثقييل الظّل، مبنتهى العبث ّ السلسلة من املصادفات والحوادث العشوائية التي جمعتني بهم مضط ًرا للتّواصل االجتامعي ووجدتُ نفيس بعد تلك ّ املستمر معهم. الصدرية وارتفاع ضغط ال ّدم أو السكتات القلبية والذّبحات ّ بإمكاين إطالة حياة الكثريين من أحبايب ممن غيبتهم ّ وأحب السيارات ،بإمكاين أ ْن أسبق ذلك األخرق الذي سبقني ببضعة أسابيع، السكر أو حوادث ّ الهبوط أو االرتفاع يف ّ ّ اللزم ،ورغم ذلك مل أتجارس وأبثّها عشقي الجنوين. تلك الفتاة التي انتظرتُ أنا برتددي الغبي أكرث من ّ
43
صناعة اآللهة؛ الحلم املمنوع:
Nesta Fz
والسباقات واملنافسات وأكسب آالف الدوالرات يوميًا ،بإمكاين أ ْن أتالعب بأسهم أستطيع أ ْن أُراهن عىل نتائج املباريات ّ الصغرية التي تس ّببت يف فشل االنقالبات أو الهفوات التي أودت أغي التّفاصيل ّ البورصات العاملية كام أشاء ،بإمكاين أ ْن ّ وسدد الرئاسات ،بإمكاين أ ْن أغّري التّاريخ اإلنساين بحياة الثّوار أو األسباب التي صعدت بالقادة وال ّزعامء إىل كرايس الحكم ُ الصغرية التي َسطرت أعظم املالحم ،وشَ كّلت أه ّم محطّات التّاريخ اإلنساين. بر ّمته عرب التّالعب بتلك التّفاصيل ّ باختصا ٍر سيكون بإمكاين حينها أ ْن أصنع القدر ،أ ْن أكون إل ًها ،وبإمكاين حتى أ ْن أكون أكرث إنساني ٍة من اإلله، وأج ّنب املاليني خطر فقدان حياتهم يف ال ّزالزل والرباكني واألعاصري والقارات الجوية ،و يف املعارك والحروب والعبوات ال ّناسفة والعمليات االنتحارية اإلرهابية. ولكن حلم الحياة مرة أخرى ،والقدرة عىل تغيريها ،أو الحلم بامتالك تلك القوة الخارقة ال بد من أ ْن يتضمن رضبًا من األنانية ،فليك تكون تلك القوة فاعل ٌة وقادر ٌة السعادة فيجب أ ْن تتفرد لوحدك بامتالكها، عىل تحقيق ّ حيث تقل فاعليتها مبقدار من يشاركونك فيها .لذلك أنا أحلم أ ْن أمتلك تلك القوة وحدي ،ليس ألنّني أناين إطالقًا ،بل عىل العكس متا ًما ألنّني أخىش عىل مستقبل اإلنسانية بأي ٍ أثق يف قدرة ال ّناس عىل كبح جامح أحد ميتلك تلك القوة غريي ،ال ُ لذلك أريد أ ْن أمتلكها أنا وحدي ،فأنا ال ُ أثق ِّ شهواتهم التي تستثريها تلك القوة املفرطة والقدرة الخارقة ،أو ذلك الغرور الذي ميكن أ ْن تُولده يف املرء الذي امتلكها، الشور أكرث مني ،مناعتهم أثق يف وجود الخري املطلق ّإل بدواخيل ،متي ّق ٌن متا ًما من أ َّن اآلخرين لهم القابلية إلتيان ّ ال ُ ٍ قيم ومبادئٍ وأخالقيات راسخ ٍة رسوخ الجبال والسلطة والقوة ضعيفة ج ًدا عكيس أنا الذي أستند إىل ٍ ض ّد بريق ال ّنفوذ ّ الشّ وامخ ،وت ُشكل َس ًدا صل ًبا ِ الش. وحص ًنا مني ًعا ض ّد االستبداد بتلك القدرة أو استخدامها يف ّ لكني رغم قناعتي وثقتي وتيقّني من خرييتي املطلقة ،ومن ثبايت عىل قيمي وأخالقيايت وكرهي لالستبداد متأك ٌد متا ًما أنّها ثق ٌة زائف ٌة قار ٌة يف وجدان جميع اآلخرين الذين اعتقد أنّني أتف ّوق عليهم خرييًا وأخالق ًيا ،إنّني ال أثق يف ثقتي تلك، أل ّن التّاريخ علّمنا أ ّن جميع من امتلكوا القوة ب ّرروا ألنفسهم امتالكهم للقوة ،وحرموا اآلخرين منها ،أنّهم األكرث تُقًى والسيطرة عىل اآلخرين ولو غ َْص ًبا وور ًعا وإميانًا بالخري والحق والجامل ،وأ َّن تلك الخصائص تعطيهم ّ الحق باحتكار القوة ّ باالنقالبات العسكرية ،أو االحتالل والغزو ومتنحهم الوصاية عليهم ،ومعظمهم غال ًبا ما يكونون صادقني يف قناعاتهم 44
صناعة اآللهة؛ الحلم املمنوع:
Nesta Fz
تلك ،لكنهم أخطؤوا يف الثّقة فيها ،كان يجب عليهم أ ْن يُكذّبوا صدقهم بقناعاتهم تلك ،كان عليهم أ ْن يدركوا أ َّن ذواتهم بالسلطة .الجميع حتى أولئك ليست حصين ًة ضد تلك العدوى التي تصيب جميع من يحتكر القوة لوحده ويستبد ّ السلطة باالنقالب العسكري ،كانوا أكرث املستبدين استبدا ًدا وطغيانًا للسيطرة عىل ّ السامء َم ْن تحركهم ّ الذي اعتقدوا أ َّن ّ السلطة والعدوى ودموي ًة وبشاع ًة ووحشي ًة وهمجي ًة وبربري ًة ،رغم أنّهم كانوا أكرث ال ّناس يقي ًنا بحصانتهم من أمراض ُ ٍ مميت. إشعاعات ،بريقها التي تصيب الحاكم َج َرا َء ٌ نعم أحلم أ ْن أتف ّرد بتلك القدرة التي تجعلني مطّل ًعا عىل املستقبل وقاد ًرا عىل تغيريه ،لكنه حل ٌم ال أريده أ ْن يتحقق ألنّني أخىش من مثل تلك القوة ،وال أثق بثقتي بخرييتي ونزاهتي ومعصوميتي .ال أرى ما سيجعلني نشازًا من تلك ٍ ومساحات شاسع ًة من كوكب األرض، السلسلة من العظامء الذين امتلكوا مثل تلك القوة ،وحكموا مبوجبها شعوبًا ّ ظلم وجو ًرا ،فإذا بهم يزيدون الطّني ضغثًا عىل إبال ٍة ،ويرسمون وكانوا يظنون أنّهم سيملؤونها عدلً بعد أ ْن امتألت ً مبامرساتهم فصولً جديد ًة ومستم ّر ًة من معاناة تلك الشّ عوب. السلطة ،والقوة املطلقة مفسد ٌة مطلق ٌة. نعم يا سادة ّ بالسيطرة معاً ض ّد ّ كل سلط ٍة ظالمي ٍة متنع العقل اإلنساين من الوصول إىل نور الح ِّرية ح ًّبا يف االستبداد وتعلّقًا ّ
45
46
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز ()1 Matheos Harison ٍ تفنيدات لإلعجاز القرآ ُّين املزعوم من النواحي العلمية والتاريخية واللغوية سلسلة واملنطقية الحلقة األوىل :بيان إفكهم وما يفرتون يف قولهم أ ْع ُج َز القرآن يف "إنا ملوسعون ".
47
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
املقدمة يف املقال. تلخيص ٌ شامل وعا ٌّم للحجج َّ ٌ القسم األول :مقدم ٌة:
منذ فجر التاريخ ُو ِج َد اإلنسان معتنقًا لألديان ،و ُو ِج َدت األديان متعدد ٌة ومتنوع ٌة ومختلف ٌة بني البيئات واألزمان والشعوب ،منها ما اكتفى مبحلِّيَ ِته وسامل البقية ،ومنها ما كان عامليًا؛ فأ َّما األديا ُن العامليّة فتناحرت وتنافست للفوز باألتباع وامللتحقني بشتى الطرق والوسائل املمكنة ،فمنها الحروب الطاحنة الرشسة التي متألُ تاريخ بني اإلنسان ،ومنها العلمي كاملنهج الوحيد الجداالت الفكرية مبختلف الحجج الالهوتية .بعد بزوغ عرص العلم واستتباب الثقة باملنهج ِّ فريق الذي أثبت كفاءته ،بزغ اختبا ٌر حاس ٌم لألديان وترصيحاتها عن الكون ،مبقارنة تص ّوراتها مع العلم ،وسعى كل ٍ ليميل إما بالعلم ناحية نصوصه وإما بنصوصه ناحية العلم .يف هذا الخضم من الجدل ظهر نو ٌع جدي ٌد من الحجج أي الزعم أ َّن النصوص الدينية املفضل عند املتدينني ،وهو ما يس ّمى باإلعجاز الالهوتية ،وبزغ نجمه حتى صار َّ العلميِّ ، ِّ الوحي تنبّأت منذ زمنها البعيد بحقائق مل يكتشفها العلم إال حديثًاً ،ساعني من ذلك للقول إ َّن التفسري الوحيد لذلك هو ُ رص مل يكن فيه للعلم قامئ ٌة؟ والحق أ َّن مثل واإللها ُم اإللهيّ ، وإل كيف عرف كاتبوا النصوص الدينية هذه الحقائق يف ع ٍ دليل ال يُر ُّد عىل صحة املصدر اإللهي لألديان ،ونحن يف هذه املقاالت نتف َّحص هذه املزاعم بحق ً صح فإنّه يُع ُّد ٍ هذا لو َّ عند أكرث من خاضوا فيها وتب َّنوها –أقصد املسلمني– يف كتابهم املق َّدس القرآن ،لنخلص يف النهاية إىل أ َّن ما قيل يف هذا أي ٍ عادي آخرٍ. نص ٍّ أي ميز ٍة ،عىل ِّ الباب ال يُعت ُّد به يف يش ٍء ،وال يُبدي للنصوص الدينية ُّ يف الحلقة األوىل نتناول زعم املسلمني أ َّن قرآنهم تنبأ بالحقيقة العلمية الثابتة حديثاً أ َّن الكون يتمطط أو ما اشتهر ٍ بالتوسع الكو ِّين ،ونف ِّند الزعم عىل ٍ ومقارنات مع التاريخ. أسس علمي ٍة ومنطقي ٍة ولغوي ٍة ُّ
املزعم اإلعجازي: الس َم َء بَ َنيْ َنا َها ِبأَيْ ٍد َوإِنَّا لَ ُم ِ وس ُعونَ» (الذاريات.)47 : .1قال القرآن « َو َّ « .2موسعون» اسم فاعلٍ من أوسع /يوسع ،فهو موس ٌع .اسم فاعلٍ عاملٍ معت ِم ٍد عىل اسم إنٌَّ . دال عىل الحال أو االستقبال (مبا يفيد الحدوث ،نقيض الثبوت) .إذًا ،القرآن يشري هنا إىل توسعٍ يحدث يف السامء. توسع السامء مل يكن معروفًا يف العرص القديم ومل يعرف إال يف العرص الحديث. ُّ .3 .4ال ميكن التنبؤ بذلك يف ذلك العرص القديم بغري الوحي من الله. إذًا القرآن وحي من الله.
48
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
القسم الثاين :الجانب العلمي.
ينص عىل وجود حقيق ٍة ثابت ٍة يف العلم الحديث مفادها أ َّن «السامء تتوسع» ولكن ما ص َّحة الجانب العلمي للدعوى ُّ ُّ ذلك؟ أول :السامء يف العربية لف ٌظ يعني كل ما عالك ( ،)1هذه ليست كلم ٌة علم َّية بتاتًا وال مح ّدد ٌة وليك نحكم عىل ما يُراد ً بها يف القرآن أو يف غريه يجب أن نجمع صفاتها منه هو لنعرف ع َّم يتحدث ،ما تصوره عنها؟
األسطوري القديم كانت شائع ًة يف عصور احتضار العلم اليوناين والفلسفة صورة الكون يف القرآن صور ٌة من علم الفلك ِّ ٍ طبقات اإلغريقية ممزوج ًة بأطياف رشقي ٍة وأخيل ٍة ديني ٍة زاهي ٍة ،فاألرض مركز العامل وقاعدته الثابتة تعلوها الساموات بعضها فوق ٍ بعض بأعمدة خف ّي ٍة أو بال أعمد ٍة وإمنا ُيسكها الله أ ْن تقع عىل األرض إال بإذنه ،وليس لدى القرآن عىل ما يبدو أي فكر ٍة عن عا ٍمل ال نها ٍّيئ ميل ٌء بالشهب واملجرات والسدم والثقوب السوداء والغبار الكوين ،فعامل القرآن عاملٌ موحش تضيئه الشمس يف النهار والقمر والكواكب والنجوم –مصابيح الزينة– يف الليل .هذه هي صورة السامء ٌ مقفل ٌ املفسون املح ِّدثون تشذيبها وإعطاءها صور ًة مهذب ًة معقول ًة تتفق مع روح العرص ،فالسامء يف القرآن مهام حاول ِّ ٍ ٍ ساموات طباقًا» ( ،)71/15والسامء مبني ٌة أو هي بنا ٌء «والسامء طبقات «أمل تروا كيف خلق الله سبع يف القرآن سبع بنيناها ٍ سقف محفو ٌظ بأيد وإنا ملوسعون» ( ،)51/47و«الذي جعل لكم األرض فراشً ا والسامء بنا ًء» ( ،)2/22والسامء ٌ من الشياطني «وجعلنا السامء سقفًا محفوظًا» ( ،)21/32فمنها تنطلق راجامت الشياطني «وجعلناها رجو ًما للشياطني» ( ،)6/5والسامء ت ُطوى كام ت ُطوى الكتب «يوم نَطوِي السامء كطي السجل للكتب» ( ،)21/104والسامء ت ُل َمس وتُ َل ٍ يومئذ واهي ٌة» تنشق وتنصد ُّع «وانشقت السامء فهي حرسا شدي ًدا وشه ًبا» والسامء ُّ «وأنا ملسنا السامء فوجدناها ُملئت ً
( )1موقع الباحث يف كل القواميس العريقة للغة العرب
http://baheth.info/
49
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
( ،)55/37والسامء شديد ٌة متامسك ٌة محكمة الخلق «والسامء ذات الحبك» ( ،)51/7والسامء مزين ٌة باملصابيح «وزينا السامء الدنيا مبصابي ٍح» ( ،)41/12والسامء تنزع من أماكنها كام يُنزع الجلد عن الشاة «وإذا السامء ك ُِشطَت» (،)81/11 أبواب تفتح وتغلق وعند نهاية العامل ستتحرك السامء حرك ًة دوراني ًة عنيف ًة «يوم متور السامء مو ًرا» ( ،)52/9والسامء لها ٌ عند الحاجة «وفتحت السامء فكانت أبوابًا» ( ،)78/19وبناء السامء يقوم عىل أعمد ٍة غري مرئي ٍة أو بال أعمد ٍة وهذا ما ترونه بأعينكم «الله الذي رفع السامء بغري عمد ترونها» ( )13/2وهي طبقاتٌ بعضها فوق بعض يف غاية الحسن ٍ ٍ تفاوت فارجع البرص هل ترى من فطورٍ» ()67/3 ساموات طباقًا ما ترى يف خلق الرحمن من وااللتئام «الذي خلق سبع ٌ شقوق «أفلم ينظروا إىل السامء والتبي أنه ليس بها صدو ٌع وال وهذه السامء التي فوقنا املبنية واملزينة ميكن النظر إليها ّ السبع يف القرآن ليست سوى األفالك السبعة فالساموات َّ فوقهم كيف بنيناها وزيّناها وما لها من فروج» ( )50/6لذا ّ (أي الشمس والقمر والكواكب الخمسة الس ّيارة) حيث إنه ميكن أن "ن َر" كيف أنّها سب ٌع ٌ طباق «أمل تَ َر ْوا كيف خلق الله ٍ ٍ ساموات هذه التي فيها القمر وأي سبع ساموات طباقاً .وجعل القمر فيهن نورا ً وجعل الشمس رساجاً» (ُّ ،)71/15،16 اج إال سامء األفالك السبعة ،وهيهات لها أن تكون حتى املجرة -ناهيك عن الكون -التي فيها املجموعة نو ٌر والشمس رس ٌ السبع التي يقصدها إمنا هي املسارات السبعة الشمسية بأكملها ال تتجاوز قطر ًة يف بحر ،والقرآن يُؤكِّد أن الساموات َّ لألفالك أي طرائقها «ولقد خلقنا فوقكم َسبع طرائق وما ك َّنا عن الخلق غافلني» (،)23/17وهذه السامء األسطورية فيها كائناتها األسطورية فـ «امللك عىل أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ مثانية» ()69-16،17 ٍ مبخلوقات من نا ٍر وأخرى من نو ٍر والله نور األنوار «الله نور الساموات واألرض» ( ،)24/35هذه باختصا ٍر صورة وتعج ُّ السامء يف القرآن ،فأين هذه الصورة من تلك التي يق ّدمها لنا علم الفلك الحديث؟ األوىل صور ٌة أسطوري ٌة قدمي ٌة من وحي الخيال الشعبي واإللهامات الروحية الصوف ّية ،والثانية صور ٌة علمي ٌة حديث ٌة من صنع املراصد الفلكية والسوابر مفسونا الجدد الفطاحل التوفيق بني الصورتني الفضائية واألقامر االصطناعية ومراكب الدفع الذا ِّيت .ومع ذلك يريد ِّ ليقرؤوا الصورة القدمية قراء ًة حديث ًة ،والعثور فيها عىل جميع اإلنجازات واملكاسب التي حققها علم الفلك الحديث)2(. «توسعٍ» ،فتمطط الفضاء حقيق ٌة علمي ٌة مثبت ٌة ( ،)3لكن اللفظة الشائعة إن والجزء الثاين من الدعوى يتحدث عن ُّ «يتوسع» ليست دقيق ٌة علم ًيا ،واألقرب رمبا إىل الصواب أن نقول إن الكون «يتمطط». الكون َّ التوسع ليست أفضل دعني أبدأُ بالقول :إ َّن ُّ كلم ٍة لوصف ما يحدث للكون ،عىل الرغم من أنها الكلمة التي تستعمل غال ًبا ،إال أ َّن ٍ التباس اختيار هذه الكلمة أراه يؤ ّدي إىل أصل وخصوصا أ َّن املوضوع ً رضوري، غري ً ٍّ فيه ما يكفيه من الصعوبة ،الكلمة ُّ األدق لوصف ما يحدث رمبا تكون «يتمطط». ( )2عباس عبد النور ،محنتي مع القرآن ومع الله يف القرآن ،ص .189 )http://www.nobelprize.org/nobel-prizes/lists/year/?year=2011 (3
50
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
بالتوسع ،عمو ًما إ َّن األحداث الفيزيائ ّية يصعب التعبري عنها بلغة الكالم العادية ما يحدث للكون ال ميكن أ ْن يُس َّمى ّ وليس عنها إال باملعادالت يصح تعب ًريا .وما يف الكون الذي يُسمى بالتمطط الكوين الذي اكتشف من خالل رصد املجرات األخرى تبتعد عنا ،ال يحدث فيه يف الواقع أي حرك ٍة للمجرات ،إمنا املسافة بني املجرات هي التي تتمطَّط ،بينام املجرات بحصوات مغروز ٍ ٍ ات يف سطح بالونٍ ويتم متطيط هذا البالون ،مل تتحرك الحصوات يف حالة سكونٍ مل تتحرك .األمر أشبه أب ًدا بالنسبة إىل البالون فهي ساكن ٌة متا ًما بالنسبة له ولكن املسافة بينها هي التي زادت ،مع مراعاة أنه يف الكون، الزمكان نفسه هو الذي يتمدد ،وليس األمر كقنبل ٍة تنفجر وتبتعد الشظايا عن مركز االنفجار ،بل إ َّن التم ُّدد يحدث أيضا أ َّن الكون ال حدود له وليس ذي حدو ٍد كالبالون (فكيف يتّسع غري ذي يف كل مكانٍ يف نفس الوقت .ومع مراعاة ً الحدود))4( . ٍ يوم وال الكوكب وال املجموعة الشمسية وال املجرة ،إمنا املسافة بني املجرات هي التي نحن كأشخاص ال نتمطط كل ٍ تتمطط .املجرات كتل ٌة واحد ٌة تربطها الجاذبية ببعضها ومتنعها من التمطط ،لكن بني املجرات وبعضها قوى التمدد لكل منهام بكر ٌة مركزي ٌة تُ ْرخي تعمل .لتبسيط هذا املفهوم تخ َّيل لو أ َّن معك رشيطني ُمد ّرجني متامثلني لقياس املسافة ٍّ املزيد من الرشيط إذا ت َّم ش ُّد طرفه ،وافرتض أنك استخدمت األول واض ًعا طرفه عىل مجرة أندروميدا والبكرة املركزية يل ،نفرتض فيه أ َّن ذراته لن تتامسك بالجاذبية ْبل يف يدك ،بينام احتفظت بالثاين ملفوفًاً يف جيبك (هذا الرشيط تخ ُّي ٌ ينصاع لقوى التم ّدد يف الكون) حال كانت املجرات تسري يف الفضاء املفرتض أن يتم سحب الرشيط من البكرة عند ابتعاد املج ّرة ،لكن ليس هذا ما سيحدث بل لن يُسحب الرشيط إطالقًا! وإ ْن أخرجت الثاين من جيبك وقارنتهام –وقد كانا يف البدء متامثلني– َستَجد أ َّن السنتيمرت يف الرشيط األول أصبح أطول من السنتيمرت يف الرشيط الثاين الذي ملْ يُغادر جيبك!! فام يحدث هو كأ َّن وحدات املسافات الكونية يُعاد تعريفها فام كان اليوم سنتيمرت يعاد بعد فرتة تعريفه عىل أنه مرتٍ وهكذا)5( . فالتوسع ليس اللفظة العلمية الدقيقة أب ًدا لوصف ما يفعله الكون ،والدعوى ساقط ٌة من األساس إذ طرقت عىل الباب الخاطئ ،وهذا اللفظ عىل الرغم حتى من ٍ تهافت يصيب أي شيوعه فهو غري ُم ٍ صيب ،وال أدري ُّ املؤمن حتى يجعله يصف إلهه بأنه يخوض مع الخائضني. (http://www.saylor.org/site/wp-content/themes/saylor/curriculum/curriculumQAAJAX.php?action=getcourseunitqas&courseunitid=52315 )4 (http://curious.astro.cornell.edu/question.php?number=274 )5
51
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1 القسم الثالث :الجانب التاريخي
Matheos Harison
إنه لخطأ مبد ٌيئ أن نعزو إىل القرآن إعجازًا ،وكيف هذا؟ وما القرآن إال تكرا ٌر ملا سبق من األساطري ترصي ًحا وإيعازًا، ٌ منقول قدر املستطاع، وتعديل وإنفاذًا .فإن كان هذا ،فكيف نعزو إىل القرآن إعجازًا؟ فكل ما يف القرآن ً وتطويل وإيجازًا، ً وقد خال من املقول عن اإلبداع ،وإن انطلقنا لنزعم لبعض منه الفضل ،فاألوىل بالفضل لألصل ال للنقل .فهل ّموا نجد آياتهم التي زعموا لها اإلعجاز املبني يف كتب السابقني عىل اإلسالم مبئات وآالف السنني ،من منهم فني ومن منهم مازالوا زعم أنها معجزة ،رمبا ألنهم لديهم قد ٌر أك ٌرب من املنطق وقدر أقل من حارضين .وقد وجدناها عندهم ومل نجد عندهم ً الوقاحة الفكرية.
مثال :األساطري الهندوسية التي فيها االسم براهامندا ويعني «البيضة الكونية الكربى» مك َّو ٌن من كلمتني كلمة «براهم» تعني «األكرب» مبعنى الكون (يتوسع ،يتمطط ،يتض ّخم ،يكرب ،يتم ّدد ...إلخ) وكلمة «أندا» التي تعني: وهي مشت ّق ٌة من جذر «برها» والذي يعني ّ تضخم لبيض ٍة أولي ٍة)6( . توسعٍ أو من ٍو أو ٍ البيضة ،مبعنى أن الكون عىل شكل بيض ٍة كربى ناتج ٍة عن ّ
أيضا: ويف األساطري اليهودية /التوراتية نجد ً
الس َم َو ِ لسكَنِ » .ويف سفر أيوب اإلصحاح َسا ِد َقَ ،ويَ ْب ُسطُ َها كَ َخ ْي َم ٍة لِ َّ ش َّ ات ك َ َ سفر إشعياء اإلصحاح 40اآلية « :22ال َِّذي يَ ْن ُ ُ 9آية :8الباسط الساموات وحده .ويف سفر إشعياء إصحاح 44آية :24أنا الرب صانع كل يش ٍء نارش الساموات وحدي باسط األرض من معي. ٌ انتحال أد ٌّيب من الكتب التي بني يديه اآلية متشابهة بش ّدة مع نظريتها القرآنية التي نناقشها ،ويبدو أنها كبقية املصحف أعجمي ،وينظمها هو بلسانٍ عر ٍّيب مبنيٍ. يعلمه له برش ّ أي دينٍ ميتلك ونحن هنا ال نثبت املعجزة لهذه القصص األسطورية للديانات غري اإلسالمية ،عىل اإلطالق ،إمنا نشري إىل أ َّن ّ القدرة عىل إدعاء سبقه لحقيق ٍة علمي ٍة من خالل التالعب مبعاين النصوص التي تتأمل يف ملكوت الساموات واألرض ،بل ديني يذكر مظاهر الطبيعة قاد ٌر عىل ذلك كام سييل بيانه .فليس القرآن هو الكتاب الوحيد الذي كلامته ُّ وأي شع ٍر غري ٍّ مطاط ٌة وقابل ٌة لتأخذ ألف شكلٍ . توسعٍ للكون يف األساطري القدمية ،فالتوراتية منها يف األصل أ ّما عن حقيقة هذه التأمالت التي تبدو ،وكأنًّها تتح ّدث عن ّ العربي تستخدم الفعل נוֹטֶ ה أو נֹ טֶ ה وهو يف املايض ،ويعني مال أو انحنى أو انحرف أو انعطف أو جنح أو انتحى أو انحاز أو انشد أو امتد أو انبسط ( ،)7والنص يعاين من مثل ما يعاين منه النص القرآين م ْن أ َّن السياق بدا ٌّيئ ج ًدا، يتح َّدث عن انشداد السامء وانحنائها كخيم ٍة أو كرسادقٍ وتأويلها بإفادة توسع الكون غري وار ٍد. (6) http://srimadbhagavatam.com/sb Bhaktivedanta VedaBase: Śrīmad Bhāgavatam (7)http://www.morfix.co.il/en/%D7%A0%D6%B9%D7%98%D6%B6%D6%A3%D7%94
52
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
ويف األساطري الهندية يف الرباهمندا بورانا تتح ّدث عن بيض ٍة ظهرت من املياه األوىل ،متثِّل هذه البيضة املادة ،وفيها ثالثة فس ِّمي الكون اشتقاقًا من الجذر براهم أي األكرب ،ومندا أي البيضة، عنا ٍ رص اضطربت وأ َّدى اضطرابها لتنمو إىل الكونُ ، فالكون عىل شكل بيض ٍة كبري ٍة نشأت من توسعٍ ومنو بيض ٍة صغري ٍة)8(. ُّ وكل هذه التصورات عن البيضة والنمو وإبعاد السامء عن األرض لتتسع املسافة بينهام ،إمنا نابع ٌة من تصوير الكون ّ عىل هيئة اإلنسان ،الذي ينمو يف ماء الرحم األويل ،ثم يولد صغ ًريا وينمو ويكرب ثم ميوت )9( .وهذا تشبي ٌه إن تقارب مع العلم الحديث ،فليس من دقيق ِه يف يش ٍء .وباقي أساطري األديان إمنا هي من تلك األنسنة لكل يش ٍء ،وهو تص ُّو ٌر يقرتب أي تص ّو ٍر لكون ذو بداي ٍة سيحمل معنى التوسع فج يف أغلب األحيان .وعمو ًما فإ َّن َّ من الواقع أحيانًا ويفشل بشكل ٍّ والنمو عند حديثه عن تحول الكون من البدايات األولية إىل وضعه الحايل الكبري ،لكن ال يعني ذلك أنهم يعرفون أ َّن أي من الكتب تقطع مبعرفة أي التوسع .والفرق أي إشار ٍة يف ٍّ واضح ،وال توجد ُّ الكون يف الحارض واملستقبل مستمر يف ّ ٌ منها بالتوسع املتسارع املستمر الحايل واملستقبيل للكون.
واملنطقي: اللغوي الجانب ُّ ُّ
لفهم الزيف املنطقي للمحاججة اإلعجازية علينا أ ْن نفهم بعض األساسيات املنطقية. ليك تكون الح َّجة املنطق َّية صحيح ٌة وسليم ٌة ،sound and validيجب عىل مقدماتها أن تحتِّم نتيجتها ،بحيث ال تكون املقدمات صحيح ًة والنتائج خاطئ ٌة ،بل يجب مالزمة الص ّحة للمقدمات والنتائج م ًعا. .1أن تكون املق ِّدمات أكيدة. .2أن تكون النتيجة حتم َّي ٌة للمقدمات. لو استطعنا إثبات أ َّن هناك مق ّد ٍ مات غري أكيد ٍة أو أ َّن النتيجة ليست حتمي ٌة للمقدمات سنثبت أ َّن الح َّجة غري صالح ٍة منطقيا إلثبات نتيجتها ومل تعد تعطي إال االحتامل والظن)10( . ً كل التفسريات تجعلها صحيح ًة .فيقال ويف حال استخدام اللغة ،فمن ناحية الدالالت تكون الصيغة صحيح ًة إذا كانت ُّ كل التأويالت املمكنة للغة ،أي يكون االستدالل للصيغة أو الجملة إنّها صالح ٌة منطق ًيا إذا وفقط إذا كانت صحيح ًة تحت ِّ أيضا ص ّحة النتيجة .ويُع َرف هذا باسم صحي ًحا إذا كانت جميع التفسريات التي تبني ص ّحة املقدمات املنطقية توضح ً الصحة الداللية)11( . كل ما علينا فعله إلثبات زيف ح َّج ٍة منطقي ٍة هو أ ْن نُ ِّبي خطأ إحدى مقدماتها ،أو أن نأيت بحال ٍة ممكن ٍة تكون وبالتايل ُّ (http://www.archive.org/stream/BrahmandaPurana/BrahmandaPuI-djvu.txt )8 ( )9فراس السواح ،مغامرة العقل االوىل :صفحة .38 )Barwise، Jon; Etchemendy، John. Language، Proof and Logic (1999): 42. (10 (L. T. F. Gamut، Logic، Language، and Meaning: Introduction to logic، p. 115 )11
53
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
فيها النتائج صحيح ًة رغم صحة املقدمات وت ُس َّمى هذه الحالة بـ «املثال املضا ّد» .وهذه الطريقة يف إثبات زيف املحاججة املنطقية نستعملها جمي ًعا يوميا بشكلٍ ال واعٍ)12( . ً مثال:1 زي ٌد :لقد قالوا إ َّن الج َّو سيكون صح ًوا اليوم يف نرشة األخبار الجويّة .لذا ،سيكون الج ُّو اليوم صح ًوا. سليم. عمرو :ميكن أال يكو َن التنبؤ ً زي ٌد :لك ّنها غالبًا ما تصيب لذا عىل األرجح سيكون الج ُّو اليوم صح ًوا. لقد قام زي ٌد بإثبات عدم صالحية الح َّجة املنطقية بتقديم مثا ٍل ممكنٍ عن حال ٍة تكون فيها املقدمات صحيح ًة ،لكن الجوي النتائج غري صحيح ٌة ،يسمى هذا بـ «املثال املضا ِّد» ،ويف هذه الحالة املثال املضا ُّد هو (ميكن أن يكون التوقع ُّ ومقبول ،إذًا ت ّم إثبات عدم صالحية الح َّجة إلثبات نتائجها ،وزي ٌد عاد لري ِّجح نتيجته. ً خاطئًا) وما دام هذا املثال ممك ًنا هذه الطريقة هي التي يستعملها املؤمنون دو ًما يف الدفاع عن القرآن حال اتهامه بالخطأ. مثال :2 ملح ٌد :ورد يف القرآن« :وإىل األرض كيف سطحت» (الغاشية ،)20 :إذًا القرآن قال بالخطأ الشائع قدميًا إ َّن األرض مسطح ٌة ،إذًا القرآن ليس من عند إله. املنطقي ويحاول اإلتيان مبثا ٍل مضا ٍد تكون فيه النتائج غري صحيح ٍة رغم صحة الحس املؤمن عىل الفور يستيقظ لديه ُّ ُّ النسبي لإلنسان الذي املقدمات ،فيقول يعني القرآن هنا إ َّن األرض مم ّهد ٌة مفروش ٌة للناس ،أي يعني تسطيحها املر ُّيئ ُّ هو عكس الوعورة وليس عكس الكروية. هنا املؤمن استطاع اإلتيان مبثا ٍل مضا ٍد يكون فيه القرآن رغم أنه قال« :وإىل األرض كيف سطحت» ،مل يعن تسطيح ٌ ٌ مقبول يعني مقبول وممك ٌن (هنا الكوكب مبعنى عكس كرويِّته بل مبعنى متهيده والذي هو عكس وعورته ،وهذا املثال سلي ٌم لغويًا) ،وبالتايل أثبت أ َّن هذه الح َّجة غري صالح ٍة أو شبه ٍة باملصطلح الديني ،فاملقدمة األوىل ال تحتِّم نتيجتها ألنّها ال تصح تحت كل التأويالت املمكنة للغة. مثال :3 «قلوب يعقلون بها» (الحج)46/ ملح ٌد :يقول القرآن إ َّن لدى الناس ٌ ونحن نفكر بواسطة الدماغ ،إ َّن التفكري بالقلب اعتقا ٌد قدي ٌم خاطئ. مؤمن :مجازٌ ،أليس املجاز جائ ٌز يف اللغة؟ شق الصدر ووضع اإلميان والحكمة من املالئكة يف القلب الفيزيايئ ملح َّم ٍد الذي يف صح عن مح َّمد حادثة ِّ ملحد :ولكن َّ صدره حتى بانت آثار املخيط عىل صدره! ()13 (،Jordan M. Stoyanov: Counterexamples in Probability. Second edition، Wiley، Chichester 1997 )12 ( )13صحيح مسلم:ج/1ص 147ح162
54
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
وقول القرآن يف نفس اآلية« :القلوب التي يف الصدور» (الحج )46:و «إن الله عليم بذات الصدور» (فاطر ،)38:فها هو اإلميان والعلم والحكمة والذاكرة والنوايا يف الصدر. تبي له فساد ذلك فلرمبا اقتنع. رص عىل املجاز إرصا ًرا ،وإ ْن َّ مؤمن :ال منفذ له إال أ ْن ي َّ يثبت خطأ النتيجة ،فلم يثبت املعارض للتوقع الجوي أ ّن الج ّو ل ْن نالحظ هنا يف الحالتني األوليي أ َّن أيًا من املعارضني ملْ ْ َّ كل ما فعاله هو إثبات أ َّن ما قاله املؤيدون (امللحد يكون صح ًوا ،وال املعارض للخطأ القرآين أ َّن القرآن ملْ يُخطئْ ،بل إ َّن ّ ليس ح َّج ًة كافي ًة إلثبات النتائج ،وأ َّن عليهم تقديم أسباب أخرى لتأكيد تلك النتائج .وهذا ال واملصدق للنرشة الجوية) َ أثبتت أ َّن هذه املحاولة ليست ح َّج ًة كافي ًة عالقة له إطالقًا مبدى ص ِّحة النتائج من عدمه ،وال مبدى احتامليتها .فقط ْ إلثبات يش ٍء ،وكل منهم فيام بعد سيحاول تأكيد النتائج التي يدعمها بأ ْن يحاول نفي املثال املضا ِّد كام رأينا يف املثال رشع ببيان األسباب التي تجعل نتيجته أكرث احتاملً من املثال املضا ِّد عىل األقل كام الثالث .أو أ ْن َّ يتخل عن اإلثبات وي ّ ٍ بدرجات متفاوت ٍة وليست أكيد ًة ثابت ًة. تظل النتيجة يف كل األحوال ظ ِّني ٌة احتامليَّ ٌة يف املثال األول ،لكن ُّ نعود للح َّجة املنطقية الدينية وعذ ًرا عىل تكرارها: الس َم َء بَ َنيْ َنا َها ِبأَيْ ٍد َوإِنَّا لَ ُم ِ وس ُعونَ» (الذاريات.)47 : ورد يف القرآنَ « :و َّ وموسعون :اسم فاعل من أوسع /يوسع ،فهو موسع. عامل معتم ٌد عىل اسم إنٌَّ ، دال عىل الحال أو االستقبال (مبا يفيد الحدوث نقيض الثبوت) ،إ ًذا ٌ القرآن يشري اسم فاعلٍ ٌ هنا إىل توسعٍ يحدث يف السامء. .1توسع السامء مل يكن معروفًا يف العرص القديم ومل يعرف إال يف العرص الحديث. وحي من الله. .2ال ميكن التنبؤ بذلك يف ذلك العرص القديم بغري الوحي من الله ،إذًا القرآن ٌ نالحظ أنّنا قادرون بسهول ٍة عىل اإلتيان مبثال مضا ٍّد لالستنتاج األول ،بل بعدة أمثل ٍة: املثال املضا ُّد األول: وهو أ َّن كلمة «موسعون» هنا عائد ٌة عىل الله كصف ٍة له تعني (قادرون /أغنياء) .من «السعة» وهي (القدرة /الطاقة / الزم ال يتع ّدى إىل مفعو ٍل، عني وقادرٍ ،أل ّن الفعل أوسع يستعمل كفعلٍ ٍ اليسار /الغنى) ف (م ْو ِسع) تعنى ذي سع ٍة أي ٍّ يقال أوسع الرجل أي صار ذا سع ٍة وقو ٍة ،كأوراق الشجر أي صار ذا ورقٍ ( ،)14ولهذا شواه ٌد من القرآن ال خالف عىل تفسريها« :ومتعوهن عىل املوسع قدره» املوسع هنا :القادر أو الغني أو ذو السعة ،مثل« :فلينفق ذو سع ٍة من سعته» ذو السعة هنا أي ذو اليسار والقدرة والغنى ،ومثل« :ال يكلِّف الله نفسا إال وسعها» ،وسعها هنا أي قدرتها وطاقتها)15( . ً ( )14صفوة البيان ملعاين القرآن ،حسنني مح َّمد مخلوف ،تفسري سورة الذاريات .قطعة 46صفحة 668 (http://quran.al-islam.com/Page.aspx?pageid=221&BookID=13&Page=1 )15
55
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
املثال املضا ُّد الثاين: موسعون السامء أي جاعلوها واسعة ،اسم فاعل عامل ،وحيث أنَّه مجر ٌد من «الـ» ،إذًا ُّ يدل عىل الحال أو االستقبال، فهنا قد يكون داللة عىل الثبوت وليس الحدوث كتأملٍ يعب اسم الفاعل عن الثبوت ٍّ عادي يف سعة السامء ،ويجوز أن ِّ كام الحدوث. َّت من ِف ْعلٍ الز ٍِم عىل َم ْع َنى الثُّبُ ِ َذكَ َر ال ُّن َحا ُة أ َّن ْاس َم الفَا ِعلِ هو ما َد َّل عىل ال ُح ُد ِ وت، الص َف َة املُشَ بَّ َه َة ما اشْ تُق ْ وث ،وأ َّن ِّ وث َو ْض ًعا يف ْاس ِم الفَا ِعلِ ،وعىل الثُّبُ ِ والص َف ِة املُشَ بَّ َه ِة قائ ٌم عىل ال ُح ُد ِ وت َو ْض ًعا و ُم ْقتَ َض ذلك أن َ التفريق بني ْاس ِم الفَا ِعلِ ِّ مم جاء عىل فاعلٍ يَ ُد ُّل عىل الثُّبُ ِ الص َف ِة املُشَ بَّ َهة وتً ، وبعضا ِم َن ِّ يف ِّ الص َف ِة املُشَ بَّ َه ِة ،ولك َّن الواق َع غ ْ َُي ذلك ،فقد َرأَيْنا كث ًريا ّ يَ ُد ُّل عىل ال ُح ُد ِ وث ،وقد َذكَ َر ال َّن ْح ِويُّو َن هذا :قال الشَّ يْ ُخ يَس« :وكث ًريا ما يُ ْستَ ْع َم ُل ْاس ُم الفَا ِعلِ ِم ْن غ ْ َِي إِفا َد ِة التَّ َج ُّد ِد وال ُح ُد ِ قلتَ « :زيْ ٌد ُم ْنطَلِ ٌق» ،فقد أَثْبَ َّت االنْ ِط َ الق ِف ْع ًل له ان>> :فإذا َ وث؛ كام يف «الل ُه عالِ ٌم» ،وغ ْ َِي ذلك» .وقال ال ُج ْر َج ِ ُّ طويل ،و َع ْم ٌرو ق َِص ٌري<<. ِمن غ َْيِ أن تَ ْج َعلَ ُه يَتَ َج َّد ُد ،ويَ ْح ُدثُ منه شيئًا فشيئًا ،بل يَكو ُن امل َ ْع َنى فيه كامل َ ْع َنى يف قولك :زي ٌد ٌ وقال أَبُو َحيَّانَ« :املضا ِر ُع –فيام َذكَ َر البَيَانِيُّونَ– ُمشْ ِع ٌر بالتَّ َج ُّد ِد وال ُح ُد ِ وث بخالف ْاس ِم الفَا ِعلِ ؛ ألنه عن َدهم ُمشْ ِع ٌر بالثُّبُ ِ (صاف ٍ وت» .ولذا جاء قولُه تعاىل« :أَ َو لَ ْم يَ َر ْوا إىل الط َّْيِ فَ ْوقَ ُه ْم َصاف ٍ األصل َّات)؛ أل َّن َ باس ِم الفَا ِعلِ َ َّات َويَ ْقب ِْض َن» ،فجا َء ْ يف الط ََيانِ هو َص ُّف األَ ْج ِن َح ِة ،وجاء باملضارِع (يَ ْقب ِْض َن)؛ ألن ال َقبْ َض طارئٌ عىل البَ ْس ِط ،مبعنى أنه َّن صافاتٌ ،ويَكو ُن َّات) ال َّد ِّال عىل الثُّبُ ِ (صاف ٍ ال َقبْ ُض منه َّن تار ًة بع َد تار ٍة؛ ذلك ألن املضار َع هنا للتَّ َج ُد ِد وال ُح ُد ِ وت. وث ،بخالف ْاس ِم الفَا ِعلِ َ وقال أَبُو َحيَّا َن يف قوله تعاىل« :إِ ِّن َجا ِع ٌل ِف الْ َ ْر ِض َخلِي َف ًة» (البقرة :)30 :و َج َع َل ال َخ َ َب ْاس َم فاعلٍ ؛ ألنه يَ ُد ُّل عىل الثُّبُ ِ وت باس ِم الفَا ِعلِ ألنه يَ ُد ُّل عىل دو َن التَّ َج ُد ِد شيئًا فشيئًا .ويف قوله تعاىل« :والل ُه ُم ْخر ٌِج َما كُ ْنتُ ْم تَ ْكتُ ُمونَ» (البقرة :)72 :أَ َت ْ وت ،ومل ِ الثُّبُ ِ يأت بال ِف ْعلِ الذي هو َد ٌّال عىل التَّ َج ُّد ِد والتِّ ْك َرا ِر إِ ْذ ال تَ َج ُّد َد فيه .وقال يف قوله تعاىل« :إِنَّ ا نَ ْح ُن ُم ْستَ ْه ِزئُونَ» باس ِم الفَا ِعلِ الذي يَ ُد ُّل عىل الثُّبُ ِ وت ،وأ َّن ِال ْس ِت ْه َزا َء َو ْص ٌف ثاب ٌِت لَ ُهم. (البقرة ،)14 :أَ َت ْ ُوض ْع للثُّبُ ِ الص َف َة املُشَ بَّ َه َة كام أنها ليست موضوع ًة والص َف ُة املُشَ بَّ َه ُة –كذلك– مل ت َ ض« :والذي أَ َرى أن ِّ ِّ وت دامئًا؛ قال ال َّر ِ ُّ أيضا موضوع ًة للثُّبُ ِ لل ُح ُد ِ وت يف جميعِ األَ ْز ِمن ِة ،أل َّن ال ُح ُدوثَ الص َف ِة ،وال َد َللَ َة فيها وث ،ليست ً واالس ِت ْمرا َر قَيْدانِ يف ِّ ْ بعض األزمن ِة أَ ْو َل من بعض ،كان الظاه ُر ثُبُوت َه يف جميع األزمنة إىل أن تقو َم قرين ُة عليهام ،لكن ملّا أُطْلِ َق ومل يكن ُ التَّ ْخ ِص ِ يص؛ نَ ْح ُو :كان هذا حس ًنا ف َقبُ َح». للتفريق بينهام يَتَطَّ َر ُق إليه اللَّبْ ُس؛ ألن كث ًريا مام جاء عىل (فا ِعل) يُفي ُد الثُّبُوتَ ، َم ْع َنى ذلك :أن الح َّد الذي َو َض َعه النحا ُة ِ ال ال ُح ُدوثَ ؛ كطاه ٍر ِ للصي َغ ِة ،ومنهم من يُل ِْحقُها الصفاتُ يُل ِْحقُها ُ باس ِم الفَا ِعلِ ا ْع ِتبا ًرا ِّ وفاس ٍق ،وهذه ِّ بعض ال ُّنحا ِة ْ بالص َف ِة املُشَ بَّ َه ِة اعتبا ًرا لل َّد َلل ِة ،وقد يُ ُ األصل يف ْاس ِم الفَا ِعلِ ال َّد َللَ ُة قال إن ال ِع ْب َة باألصلِ ،ال بال َف ْر ِع الطارئِ ،أَ ْع ِني أن َ ِّ عىل ال ُح ُد ِ ض يَ ُ قول: ُ وث ،والثُّبُوتُ طارئٌ عليه، واألصل يف ِّ الص َف ِة املُشَ بَّ َه ِة الثُّبُوتُ ،وال ُح ُدوثُ طارئٌ ،وهذا ما َج َع َل ال َّر ِ َّ «ذلك ألن ِصي َغ َة الفَا ِعلِ َم ْو ُضو َع ٌة لل ُح ُد ِ مبستقيم ال َرأْ ِي، وث ،وال ُح ُدوثُ فيه أَ ْغل َُب» .وقد َمث ََّل ابْ ُن ِهشَ ٍام للصف ِة املُشَ بَّ َه ِة ِ ُّالث يَكو ُن أحيانًا صف ًة ُمشَ بَّ َه ًة. و ُم ْعتَ ِد ِل القَا َم ِة ،وهذا يَ ُد ُّل عىل أن اس َم الفَا ِعلِ ِمن غ َْيِ الث ِ ِّ 56
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
دال عىل الثُّ ُب ِ وث والثُّ ُب ِ األصل يف ال ُح ُد ِ امل ،وأن كث ًريا ِمنِ ْاس ِم الفَا ِعلِ ٌّ االس ِت ْع ُ وت ،وأنه يَ ُد ُّل عىل نَ َرى فيام ت َ َق َّد َم أن َ وت هو ْ بالص َف ِة املُشَ َّب َه ِة َم ْع َنى ال ُح ُد ِ ال ُح ُد ِ وث ُح ِّول َْت إىل فَا ِعلٍ ،وإن ق ُِص َد َس ق ََول ال ُّنحا ِة« :إذا ق ُِص َد ِّ وث تار ًة أخرى ،وهذا يُف ِّ ُ الص َف َة املُشَ َّب َه َة فَ ْر ٌع عنِ ْاس ِم الفَا ِعلِ يف ال َع َملِ ، الص َف ِة املُشَ َّب َه ِة» .وقد َذكَ َر النحا ُة أن ِّ ث ُ ُبوتُ ْاس ِم الفَا ِعلِ ُعو ِم َل ُمعا َملَ َة ِّ باس ِم الفَا ِعلِ عىل ما ُعر َِف أنه صف ٌة ُمشَ َّب َه ٌة ،ك َع ِظ ٍيم وطَ ِّي ٍب؛ قال أَبُو َح َّيانَ–يف قوله تعاىل: وهي بَ ْع ُضه ،وقد َع َّ َب ُ بعضهم ْ «اس ُم فاعلٍ ِمن َاب َع ِظي ٌم» (آل عمرانْ .)105 : « َح َل ًل طَ ِّي ًبا» (البقرة« ،)168 :طَ ِّي ًباْ :اس ُم فاعل» .وقال تعاىل« :لَ ُه ْم َعذ ٌ هب ال َّزمانِ »)16(. َعظُ َم ،غ ْ ََي َم ْذ ُه ٍ وب به َم ْذ َ ُ فاألمر عىل ٍ خالف حيث إ ّن ابن حيانٍ قد أورد عن البيانيني أ ّن اسم الفاعل يخالف املضارع ويشعر بالثبوت بينام املضارع أيضا للثبوت ،ونخلص إىل أ ّن القصد هو املحدد يشعر بالحدوث ،بينام عن الريض أ ّن األصل فيه الحدوث وإ ْن كان يأيت ً لنوع االشتقاق ،وليس االشتقاق هو الذي يحدد القصد .وهذا ال يدع أمامنا فرص ًة لتحديد ما أراده مح َّمد ثبوت ًا أم حدوث ًا أصل قد قصد تعد كلمة موسعون إىل مفعول وكان املفعول هو السامء) ،فاملعنى يف صدر الكاتب. (إن كان ً املثال املضا ُّد الثالث: املفسين كام سييل بيانه .فمن قال :إ َّن وإنا ملوسعو الرزق عىل الخلق كام يف آية «ويف السامء رزقكم» وقال بهذا بعض ِّ موسعون إن كانت اسم فاعلٍ عاملٍ فاملفعول يجب أن يكون هو السامء؟ ولتأكيد أ َّن هذه األمثلة املضادة مقبول ٌة فباإلضافة للشواهد القرآنية نورد قول املفرسين ،وهي تؤكد ما ذكرناه .فقد جمع القرطبي تفاسري كثري ًة لهذا النصَ « :وإِنَّا لَ ُم ِ وس ُعونَ ،ق ََال اِبْن َع َّباس :لَقَا ِد ُرونََ .و ِق َيل :أَ ْي َوإِنَّا لَذُو َس َعةَ ،و ِب َخلْ ِق َها شء نُرِيد ُهَ .و ِق َيل :أَ ْي َوإِنَّا لَ ُم ِ أيضا .الْ َح َسنَ :وإِنَّا وس ُعو َن ال ِّرزْق َع َل َخلْق َناَ .ع ْن اِبْن َع َّباس ً َو َخلْق غ َْي َها َل يَ ِضيق َعلَ ْي َنا َ ْ الض َّحاك :أَ ْغ َن ْي َناكُ ْم ; َدلِيلهَ « :ع َل الْ ُم ِ أيضاَ :وإِنَّا لَ ُم ِ وسع قَ َدره» (الْ َب َق َرة: وس ُعو َن ال ِّرزْق بِالْ َمطَرَِ .وق ََال َّ لَ ُم ِطيقُونََ .و َع ْن ُه ً نهم َوبَ ْي الْ َ ْرض َس َعة .الْ َج ْو َهر ِّيَ :وأَ ْو َس َع َ .)236وق ََال الْ ُقتَب ِّي :ذُو َس َعة َع َل َخلْق َناَ .والْ َم ْع َنى ُمتَقَارِبَ .و ِق َيلَ :ج َعلْ َنا بَ ْي َ ال َّر ُجل أَ ْي َصا َر ذَا َس َعة َو ِغ ًنىَ ،و ِم ْن ُه قَ ْوله ت َ َع َالَ « :والس ََّمء بَ َن ْي َنا َها ِبأَيْ ٍد َوإِنَّا لَ ُم ِ وس ُعونَ» أَ ْي أَ ْغ ِن َياء قَا ِد ُرونَ .فَشَ َم َل َج ِميع الَقْوال»)17(. ْ َ ونأيت بأمثل ٍة من املعاجم العربية العريقة: فمن معجم (لسان العرب) «وقوله تعاىل :والسام َء بنيناها بأَ ٍيد وإِنا لَ ُم ِ وس ُعون؛ أَراد جعلنا بينها وبني األَرض َسع ًة ،أَ ْو َس َع الرجل صار ذا َسع ٍة و ِغنى ،وقوله :وإنا ملوسعون أَي أَغ ِنيا ُء قا ِدرون .ويقال :أَ ْو َس َع الله عليك أَي أَ َ الرجل: غناك .وقد أَ ْو َس َع ُ ُ كث مالُه .ويف التنزيل :عىل امل ُ ِ وسعِ قَ َد ُره وعىل املُق ِ ِْت قَ َد ُره». َُ ( )16مجلة جامعة اإلمام -عدد - 15السنة1416 :هـ -ص125-154 (http://www.e-quran.com/kurtoby/kur-s51.html )17
57
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
والس َع ُة :الجِد ُة والطاق ُة .قال تعاىل« :لِ ُي ْن ِف َق ذو َس َع ٍة من َس َع ِت ِه» ،أي عىل قدر ومن معجم ّ (الصحاح يف اللغة)« :وال ُو ْس ُع َ وس َع ِت ِه ،والهاء عوض من الواو .وأ ْو َس َع الرجل؛ إذا صار ذا َس َع ٍة و ِغنى ،ومنه قوله تعاىل« :والسامء بَ َن ْيناها بأَيْ ٍد وإنَّا ِغناه َ ل ِ َموسعونَ» ،أي أغنياء قادرون .ويقال :أ ْو َس َع الله عليك ،أي أغناك». ومن معجم (القاموس املحيط)« :وأوس َع :صا َر ذا َس َع ٍة ،واللَّ ُه تعاىل عليه :أَغْنا ُه ،ك َو َّس َع عليه} .وإِنَّا مل ُ ِ وس ُعونَ{ :أ ْغ ِنيا ُء قا ِدرونَ)1( ». وهذا ٍ قديم ،فإن تأكيد أحدها دون اآلخر نص ما ٍ كاف لتفنيد الزعم ألنه ما إن تصبح لدينا احتامالتٌ مختلف ٌة لتأويل ٍّ حديث ٍ ٍ بشكلٍ مثل) (بأي حتمي يستحيل إال بدليل من املتكلم ذاته .وبدون ترصي ٍح من مح َّم ٍد عن تفسري تلك اآلية ِّ ٍّ يصبح تحديد أي معنى هو املقصود بشكلٍ مستحيل متا ًما .وحيث إ َّن الح َّجة املنطقية (ملعجز ٍة!) ال ب َّد أ ْن تكون ٌ حتمي ٍّ مستحيل هنا ،فمن األكيد متا ًما أ َّن التعبري ال يعرب عن معجز ٍة؛ فم َن املستحيل 100%أ ْن يحاول ٌ حتمية ،وحيث إ َّن هذا عادي متا ًما ،أو صاد ٌر معنى ٍّ إل ٌه أ ْن يضع إعجازًا وال يتمكن من دعمه منطق ًيا ،لذا فمن األكيد 100%أ َّن التعبري يعرب ع ْن ً أي ٍ عن ٍ لفظ قابلٍ للتأويل ال يصلح أن يكون معجز ًة باملرة ،ألنه ينطبق عليه عدم الحتمية عادي .وهذا يعلمنا أ َّن َّ شخص ٍّ /الالتأكيد يف معرفة ما املقصود منه التي ذكرتها للتو ،والتي تجعل ح َّجته دو ًما غري صالح ٍة ،أل َّن وجود األمثلة املضادة دليل عىل يجعل الح َّجة غري كافي ًة للتأكيد عىل نتيجتها إثباتًا؛ إذ تحتاج هي إىل دليل عىل ذاتها أولً قبل أن تكون هي ً يش ٍء .إنه السؤال مستحيل اإلجابة الذي يُعطِّل تفسري املعجزة –وهو قائم عىل أساس أ َّن العربة باملقصود وليس بأي أي ٍ أساس؟ ملاذا هذا التأويل املعجز زعمت أنه ما ميكن تحميله للكالم– ويسأل «ملاذا هذا املعنى دون غريه؟» وعىل ِّ العادي؟ ومل ليس الخاطئ؟ وهل يقود اإلجابة يش ٌء غري االنحياز املعر ُّيف واملصادرة عىل املطلوب؟ املقصود؟ مل ليس ُّ إ َّن االدعاءات االستثنائية تحتاج ألدل ٍة استثنائي ٍة ،فال ّدليل ال ب َّد أ ْن يكون بضخامة االدعاء ،لذا ال ميكن أن يكون لف ٌظ له دليل عىل ٍ حدث مل يكتشف إال حديثًا؛ فاآلن صارت لدينا احتامالت (القديم والحديث) ،وضخامة معنى مستق ٌر يف عرصه ً االدعاء تُحتِّم علينا أن نبحث عن القطع وليس عن االحتامل ،حيث إن هذا لقول فصل وال مكان للهزل ،وهل االحتامل معجزةٌ؟ وهل تأيت املعجزة من احتامل؟ وهل هي معجز ٌة أم احتامل معجز ٍة؟ آمن ألن هناك احتامالً أن تكون لدينا معجزةً! أي تعبريٍ معج ًزا بهذا يَ ْعرتِ ُض املسلمون هنا دو ًما بالقول إ َّن املرء قاد ٌر عىل تأويل أي تعبريٍ ،وبالتايل من املستحيل اعتبار ُّ أي افرتاض تم إثباته علم ًيا ،وطريقة الكتابة العلمية الرصينة املنطق املجحف ،ولكن يبدو أ َّن املؤمن هنا مل يسمع عن ِّ التي تصف التنبؤات بدقة ال تحتمل أدىن تأويلٍ ،ثم إذا أكدتها األدلة التجريبية إذا هم يتكرمون ،لكن هل سمعنا عن تأويل بعض أزجاله التي كان يزجلها يف فراغه لتتوافق عامل حصل عىل جائزة نوبل ألنَّه بعد اكتشاف ظاهرة ما ،أمكن ُ العلمي جز ٌء من العلم، أي مأساة نحن بصددها إن اتبعنا هذا املنطق يف حياتنا .للعلم أسلوبه واألسلوب مع النظرية؟!! ُّ ُّ فإذا ك َّنا نتحدث عن معجز ٍة علم َّية ملاذا نهمل هذا الجزء من العلم إذًا إن كنتم صادقني؟! فإذا كان املؤمن يقول لك 58
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
معنى آخر ،قلنا له ال بأس ،ما أكرث ما إنّ َك لِتَ َ قبل اإلعجاز ت ُري ُد كلم ًة جديد ًة مل توجد يف اللغة من قبل يك ال تعطي لها ً ٍ كلامت عجيب ٍة غريب ٍة يتبعها بـ «وما أدراك ما كذا؟» أو يف األحاديث فعل مح َّمد ذلك يف قرآنه وأحاديثه عندما ينطق مفصل .فام منع مح َّمدا ً م ْن أ ْن يفعل ذلك إ ْن أراد ً عندما يقول لصحابته «أتدرون ما كذا» ثم يعطيهم تعريفًا له واض ًحا مفص ًل واض ًحا يصف فيه إثبات املعجزة لدينه؟ ،بل ما منعه –دون اللجوء ألي من الكلامت الغريبة– أن يستخدم أسلوبًا ّ ٍ محكم ال لكلامت مبتكر ٍة أ ْن نستخدم أسلوبًا قطع ًيا مقصده ،فالعربة باألسلوب وليست بالكلامت ،إذ ميكن دون اللجوء ً را َّد له .كان بإمكان مح َّمد أن يقول «إن الفضاء يتمطط منذ البدء وما زال يتمطط ويتسارع متططه وسيكتشف العلم حق .تخ ّيل حجم اإلقناع ملثل هكذا معجز ٍة إن كانت موجودةً؟! يو ًما ذلك بعد كذا وكذا قرنٍ ،وهو ٌ نبي ٌّ دليل أين ٌّ ٍ احتامالت أخرى للفظ ،تجعل العلمي ،فوجود عام تسقط خرافة اإلعجاز بل فقط إذا أدركنا معنى املثال املضا َّد بشكلٍ ٍ ِّ ٌ احتامل ،وما جاز فيه االحتامل املعنى ليس أب ًدا معجز ًة بالرضورة ،وما ليس معج ًزا بالرضورة ليس معج ًزا أب ًدا؛ ألنه إذًا بَط َُل به االستدالل؛ فألنه ال يحتاج ملعجزة اطال ٍع عىل معرف ٍة حديث ٍة ليتفوه ٍ بلفظ كهذا ،إذ إ َّن معارف عرصه تكفيه ليقولها مبعانٍ مثل «الله قاد ٌر أو السامء واسع ٌة» مل نعد إذًا ُملْ َزمني أن نقتنع أنّها معجزة اطال ٍع عىل معارف حديث ٍة بداه ًة! فإذا يسأل مسل ٌم كيف قال القرآن« :والسامء بنيناها ٍ بأيد وإنا ملوسعون»؟ فالجواب ببساط ٍة أن يصف الله بالقدرة ويستعمل اللفظ «موسع» بصيغة الجمع «موسعون» للتعظيم ،أو أن يتأ َّمل ببساطة يف سعة السامء عىل سبيل الثبوت ويستخدم هذا اللفظ ،أو غري ذلك من االحتامالت األخرى املذكورة أعاله. وليك تؤخذ دعاوى اإلعجاز العلمي بجدي ٍة فعىل املؤمن بها عبء إثبات أ َّن كل االحتامالت األخرى للتأويل خاطئ ٌة أ ْو ال أي من معانِ اللفظ عىل غريها إال بشفرة أوكام لنستبعد ميكن أن تكون مقصود ًة ٍ لسبب أو آلخرٍ ،وإال فال دا ٍع لتفضيل ٍّ املعنى الذي يقتيض معجزة .فاالدعاء اإلعجازي بشكل عام ميوت مذبو ًحا بشفرة أوكام Occam's razorاملعمول بها يف كل فروع العلم واملنطق ،والتي تنص عىل أ َّن افرتاضاتنا ال يجب أ ْن تذهب فوق الحاجة فالتفسري الذي به أقل الفروض يجب أن نختاره (( .)19وهي باملناسبة اليشء الوحيد الذي يجعل التوحيد اإللهي أكرث منطقي ًة من التعددية اإللهية أو ما اإلعجازي فيه ٌ طبيعي إنهاك للفرضيات فوق الحاجةُ ،فيفض؛ إذ ال حاجة الفرتاض تدخل غري يسمى بالرشك) ،فاالدعاء ُّ ٍّ لتربير ٍ لفظ كهذا ،فلامذا نفرتضه؟! البد الفرتاض تدخل غري طبيعي أن يُلجئنا النص لذلك إلجا ًء بشذوذه عن معارف التاريخي وتناغمه مع عرصه بإمكانٍ ،فام معنى أن نُ ِ دخل ما فوق الطبيعة عرصه قط ًعا .أما إن كان متاشيه مع سياقه ِّ لتفسري ذلك؟ وهل تفرس ما وراء الطبيعة األحداث الطبيعية ج ًدا؟ فامذا تفرس الطبيعة إذًا؟ إ َّن إدخال ما فوق الطبيعة لتفسري أمر تستطيع الطبيعة تفسريه لهو ٌ وعمل عكس الطريقة املنطقية للتفكري. انتهاك لشفرة أوكامٌ ، فحاالت األشياء بالنسبة الحتاملية حدوثهام طبيع ًيا اثنتان :إ َّما ممكن وإ َّما مستحيل ،فام هو مستحيل اقتىض املعجزة أي أ ْن تفس ًريا لحدوثه إن حدث ،واملمكن ال يقتيض ذلك ،لذا فواجب عىل من ادعى املعجزة ليشء أ ْن يثبت استحالتهْ ، سبيل .ولكن أن تأ َيت مبمكن كل ما يجعله ممك ًنا بشكلٍ طبيعي ،حتى عندئذ مل يبق لتفسريه إال باإلعجاز ً يخرج به عن ِّ (Ariew، Roger (1976). Ockham's Razor: A Historical and Philosophical Analysis of Ockham's Principle of Parsimony. Champaign-Urbana، )19 •.University of Illinois
59
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
طبيعيًا ثم تطلب م ّنا أ ْن نؤمن لك أنَّه معجز ،فال تتوقعن منا عندئذ أ ْن نأخذ دعواك بجدية ،إذ إ َّن املنطق ليس يف مثل بنتيجة صفك إطالقًا .ومثل هذا املنطق راسخ يف تفكرينا ونستعمله يوميا بوعي وبال وعي .فهب أين أخربتك يو ًما ً مباراة جرت باألمس ،ثم ادعيت أين علمتها بطريق الوحي ،وأنها معجزة يل ،هل ستصدقني أ ْم أنَّك ستنكر عىل الفور أل َّن الطريق املمكن موجود؟! والحظ أنّك ملْ ول ْن تثبت أب ًدا بالقطع أنني اطلعت عىل نتيجة املباراة يف مكان ما ،ولكن بالرغم من ذلك ل ْن تعدها معجزة ،فلوجود االحتامل بطل االستدالل ،ولوجود اإلمكان انتفت االستحالة وانتفت الحاجة لإلعجاز ،ولوجود التفسري األبسط نأخذه ونهمل التفاسري الخارقة ،وإال ملا استقامت لنا حياة ،وال ت َّم لنا تعامل .والحظ كل طرق اإلمكان مسدودة ليك نقبل أيضا أ َّن عبء البينة يقع عىل امل ّدعي ،فمدعي املعجزة هو من عليه إثبات أ َّن َّ ً مثل أثبت أين رأيت املباراة باإلعجاز تفسريه ،وإ ْن حاول أ ْن يجعل معارضه ينفي هو إمكان املمكنات عليه (أن يقول له ً مبكان ما وإال فهي معجزة يل) فقد ارتكب مغالطة نقل عبء اإلثبات ( ،)20فمدعي اإلعجاز إ ّما أن ينفي كل االحتامالت األخرى وإال فشفرة أوكام سرتجحها ومتوت عندئذ حجته. إن املغالطات التي يقوم أساسها عىل استغالل وجو ِد أكرثَ من معنى ورا َء اللفظ الواحد تس َّمى مبغالطات االشرتاك اللفظي يستغل املغال ُط اللفظ الواحد الذي له أكرث من معنى ،وبالتالعب بهذه املعاين يف الح َّجة الواحدة ُّ equivocationحيث اللفظي ويستغل أدعيا ُء اإلعجاز االشرتاك ُّ تغي املعنى املُراد من وراء اللفظ (،)21 دس الخدعة يف حجته ،باستغالل ُّ يَ ُّ ُّ ليم ِّرروا املعاين التي يريدونها من خالل –باإلضافة إىل املصادرة عىل املطلوب– استغالل قابلية اإليحاء عند بعض الناس، كل اإليحاءات ،من خالل ذكر الكلامت املطاطة املُطْلَقَة ذات الدالالت مفتوحة االحتامالت يف ويت ُّم ذلك بنفس طريقة ِّ عم يريدون لها أن تعنيه فيوحى إىل املستمع إىل أنَّها تُش ُري إىل ذلك املعنى ألنَّه أول ما يتبادر إىل الذهن سياق الحديث َّ مثل عن التوسع الكوين املكتشف حديثًا –ثم بعد تعديل استبدال املصطلحات العلمية إذ هو حارض .أي إنهم يتحدثون ً مثل –يف هذا السياق يذكرون اآلية «والسامء بخفة يد إىل مصطلحات سرتد يف اآلية مثل استبدال «الكون» بـ«السامء» ً يشك ُّ بنيناها بأيد وإنا ملوسعون» فال ُّ شاك من املستمعني غري املطلعني عىل اللغة والعلم واملنطق أنها تعني أي يشء آخر غري ذلك .ومت ُّر الخدع عليهم مرور الكرام. بنفس املنطق إ َّن أفضل رشح ملغالطة ما هي ارتكابها يف االتجاه املضاد .إ َّن أكرب دليل عىل هذا الخلل وهذه األغالط ،أنَّنا بهذه الطريقة ميكننا إخراج اإلعجازات من كل مكان تقريبًا؛ فام دام يف االحتامالت املعجمية مساحة لتأويل كلمة ما مبا يجعل جملتها حتم ،أليس كذلك؟ إ ْن كا َن كذلك فإ َّن املعجزات متأل الدنيا بهذه الطريقة. دال ًة عىل نظرية علمية حديثة إذًا هي معجزة ً غريب أ ْن يكون لدينا لفظ يف جملة قدمية ُيكن تأويله كمعنى حديث؟ ففي لغة غنية ال ّدالالت وفضفاضة فهل هو ٌ منطقي ج ًدا أ ْن نجد يف تأ ُّمل من التأمالت يف الكون ألفاظًا ُيكن تأويلها من املعجم عىل أنها معلومات كاللغة العربية ٌ صحيحة علميًا طبقًا الكتشافاتنا الحديثة.
(Michalos، Alex (1969). Principles of Logic. Englewood Cliffs: Prentice-Hall. p. 370. "usually one who makes an assertion must assume the )20 ".responsibility of defending it. If this responsibility or burden of proof is shifted to a critic، the fallacy of appealing to ignorance is committed (Lawrence H. Powers، "Equivocation"، in Fallacies: Classical and Contemporary Readings، edited by Hans V. Hanson and Robert C. Pinto، )21 .Penn State Press، 1995، pp. 287-301
60
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
وبالفعل ُو ِج َدت هذه اإلعجازات الساخرة يف كثري من جوانب الشعر القديم للعديد من اللغات نذكر بعضا منها: امرؤ القيس وإعجاز الجاذبية النيوتنية والنسبية:
الجاذبية النسبية:
رباعي األبعاد الزمكاين حولها كام يفعل أي ثقل ما أساس النظريَّة النسب َّية يف وصف الجاذبية هو القول إ َّن الكتلة تحني َّ أي نجم أو كوكب يف الفراغ ،حيث تَحني الكتلة إن وضعته عىل إسفنجة أو قُامشة ،هذا بالضبط ما تفعله الشمس أو ّ الزمكان املجاور لها ،ما يس ِّبب انحدار الكتل األصغر نحوها مك ِّونة بذلك ما يُعرف بالجاذبية .فكام أ َّن وضع قطعة حديد مثل عىل قامشة أو إسفنجة سيثني القامش حول الثقل ويحدث ٍ مثل ثنيات حوله ،وإن وضعنا إذًا أي يشء ككرة مطاط ً ً طي الثقل للقامش ،فهكذا متا ًما بجوار الثقل فإنه سينزلق عىل الثنية يف القامشة نحو الثقل نظ ًرا لالنحناء الذي س ّببه ُّ فتسبب هندسة الفراغ تلك انجذاب هي الجاذب َّية .هذا ما تفعله الشمس والنجوم بطي رباعي األبعاد الزمكاين حولها ُ الكواكب إليها .تلك هي النسبية بأبسط املفاهيم .وهذا هو املثال الشهري الذي ش َّبه به العامل العبقري ألربت أينشتاين نظريَّته ويستخدمه العامل كله تقريبا اآلن لتبسيط مفهوم النسبية)23( )22( . ولكن هل حقًا أينشتاين قد اكتشف شيئًا جدي ًدا؟ كال ،فتلك الحقائق موجودة منذ زمنٍ قديم .إ ْذ إ َّن امرؤ القيس عليه السام ِء أفضل الصالة وأت ُّم التسليم يف قصيده املعجز قد ذكر تلك النظرية قبله بقرون طوال إذ يقول« :إِذا ما ّ َ الثيَّا يف َّ تَ َع َّر َض ْت = ت َ َع ُّر َض أَث ْنا ِء الْوِشا ِح الُمف ََّصلِ » ومعنى البيت أ َّن السامء التي تبدو فيها الرثيا (مجموعة نجوم) هي كأثناء (طيات) الوشاح املفصل (املرصع بالجواهر غال ًبا) .فمن معجم لسان العرب« :وأَث ْنا ُء الوِشاح :ما انْث َنى منه؛ ومنه قوله: تَ َع ُّرض أَث ْناء الوِشاح املُف ََّصل» ،ومن معجم الرائد« :ثني من الثوب أي طَ ّيه»)24( . رشق وغ ّرب يف تأويل هذا البيت وبعضهم توقف عن تأويل البيت ،بل وصل بهم ال تجد من املفرسين القدماء إال وقد ّ األمر أنهم خطّؤوا امرؤ القيس يف تعبريه هذا وهم ال يشعرون! وهذه إحدى الرشوحات: السام ِء ت َ َع َّر َض ْت = ت َ َع ُّر َض أَث ْنا ِء الْوِشا ِح الُمف ََّصلِ » الرشح :التع ّرض :االستقبال ،والتع ّرض إبداء العرض، «إِذا ما ّ َ الثيَّا يف َّ عرضا ،األثناء :النواحي ،واألثناء األوساط ،واحدها ثنى مثل عىص وثني مثل وهو ال ّناحية ،والتع ّرض األخذ يف الذهاب ً معي وثني بوزن فعل مثل نحي ،وكذلك اآلناء مبعنى األوقات واآلالء مبعنى النعم يف واحدها ،هذه اللغات الثالث، املفصل :الذي فصل بني خرزه بالذهب أو غريه يقول :تجاوزت إليها يف وقت إبداء الرثيا عرضها يف السامء كإبداء الوشاح الذي فصل بني جواهره وخرزه بالذهب أو غريه عرضة يقول :أتيتها عند رؤية نواحي كواكب الرثيا يف األفق الرشيف ،ثم شبه نواحيها بنواحي جواهر الوشاح ،هذا أحسن األقوال يف تفسري البيت ،ومنهم من قال شبه كواكب الرثيا بجواهر الوشاح ألن الرثيا تأخذ وسط السامء كام أ ّن الوشاح يأخذ وسط املرأة املتوشحة ،ومنهم من زعم أنه أراد الجوزاء فغلط (https://www.youtube.com/watch?v=MTY1Kje0yLg )22 (https://www.youtube.com/watch?v=qlQqgi7RR8I )23 )http://www.almaany.com/+(1) (24
61
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
وقال الرثيا ألن التعرض للجوزاء دون الرثيا ،وهذا قول مح َّمد بن سالم الجمحي ،وقال بعضهم :تعرض الرثيا –هو أنها إذا مائل إىل أحد شقي املتوشحة به)25( . بلغت كبد السامء أخذت يف العرض ذاهبة ساعة كام أن الوشاح يقع ً فأن ،أ ْن يروا فيها اإلعجاز وهم يف عصورهم ذهب املفرسون القدماء عليهم رىض الله فيها مذاهب شتى ،ولكن َّأن لهم َّ قابعني ،ولكن اآلن ،اآلن يفتح الله عىل املؤمنني .فام معنى ذلك البيت؟ أملْ يفكِّر يف ذلك أحد؟ يقول إ َّن النجوم تطوي ترصعه .الله أكرب ،والله إنها النسبيّة بكل وضوح! النجوم تثني السامء كمثل ما تحدث الجواهر طيّات يف الوشاح الذي ّ ترصعه! الله أكرب كبريا .بل وتعبريه أفضل من أينشتاين ألنه السمء كام تفعل الجواهر ثنيات (طيات) يف الوشاح الذي ّ ّ رباعي األبعاد الزمكاين بقوله إنّها تشبه أثناء (طيات) عب بدق ٍة عن انحناء شبَّه النجوم بالجواهر ً أيضا للمعانها ،كام ّ ّ الوشاح املفصل (املرصع) .ومن باب الكامل اإلعجازي والعظمة أنّه استخدم نفس تشبيه أينشتاين متا ًما بكامل الدقة العلمية (أو لنقل من باب األمانة العلمية أ َّن أينشتاين استخدم تشبيه امرئ القيس ،إذ هو املتقدم الذي ُمحال أ ْن يقلّد املتأخر) ناهيك عن البالغة والفصاحة اللتني تتجليان يف البيت بأعذب وأروع صورهام .ولقد قالها بينة جلية ال تخطئها عني قارئ حديث وإن غابت عن األقدمني .فهل بعد ذلك ُّ يشك يف هذا اإلعجاز أحد املشككني؟! رسب إىل عقول الحاقدين ،الذين هم عىل كال ،مل يرتك امرؤ القيس ً مجال للمشككني ،ومل َ يرض أ ْن يدع أي مدخل للريبة يت ّ إعجازه متآمرون ،والذين يقدحون يف علمه واطالعه عىل خبايا التكوين ،من قبل عالم الغيوب ملك امللوك رب العاملني. فلم يكتف امرؤ القيس بإظهار إعجازه املبني األول هذا فقط وإن كان إعجازًا مبي ًنا ،بل زاد عليه حتى يقطع دابر الكافرين ،ويحق الحق ويبطل الباطل رغم أنف الحاقدين .فذكر يف قصيده املعجز إشارة أخرى دقيقة للقانون الشهري للنظرية النسبية وهو ( ،)E=mc^2فهل يعقل هذا؟ بىل إن كنت أنت من العاقلني ،أل َّن مدبر الساموات واألراضني ال يعجزه يشء من خلقه بداهة ،وأفىض بعلمه الغيبي ملن اصطفى من العابدين ،كام سرنى .يف قوله« :ت ُِضـي ُء الظَّال َم ـب ُمتَبَتِّــلِ » فهو يتحدث بشكل واضح عن الضوء الذي يخرتق الظالم ،ويدرج إشارة بِال ِعشَ ا ِء كَأَنَّ َهــاَ ....م َنـا َر ُة ُم ْم َس َرا ِه ٍ خفية لكن دقيقة للقانون الشهري ،والقانون هنا مشَ فَّر يف كلمة ممىس ،والتي تتكون من حروف (م م س ي) التي هي إشارات للحروف االنكليزية املقابلة لها كالتايل( :م=( ،)mم=مربع)( ،س=( ،)cي= ،)Eوبوضع تلك العنارص بجوار بعضا البعض تكون كلمة «ممىس» مرادف للمعادلة ،E = c2mوهي بالرتتيب املشهور ،حيث الرضب عملية إبداليةE = : ، mc2الله أكرب ،القانون نفسه متا ًما .كيف عرف امرؤ القيس ذلك؟ والله إن هذا إلعجاز مبني .الرجل قال إن السامء التي فيها كتل النجوم كالوشاح الذي فيه (طيات) من الجواهر ،إشارة رصيحة النحناء رباعي األبعاد الزمكاين وبنفس تشبيه أينشتاين ،ثم يذكر لنا القانون مشفر يف كلمة ممىس .أال وهو ،E = mc2ويشك فيه بعد ذلك جاحد؟ أين هذا من األفكار الشائعة يف عرصه أ َّن السامء سقف مرفوع فيها مصابيح للزينة ،والشمس تغرب يف عني طني لتسجد تحت عرش رجل خفي ،والشهب التي ترجم شياطني ،وال ُخرافات التي يرددها البسطاء يف ذلك العرص املظلم ،الذي كان فيه الناس يف أدران الجهل يتزاحمون لتقبيل حجر أسود مقدس ويهرولون أنصاف عراة بني أكوام الحجارة املقدسة ( )25الكتاب :رشح املعلقات السبع للزوزين.عنوان الكتاب:رشح املعلقات السبع .تأليف:الحسني بن أحمد بن الحسني الزوزين .دراسة وتحقيق:النارش :دار إحياء الرتاث العريب. الطبعة األوىل 1423هـ 2002 -م.عدد املجلدات {1 }:ص48و49
62
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
منها والرجيمة ،ويعتقدون بخرافات طريان بعض الرجال عىل حمري مجنحة صاروخية إىل محلق يف سامء الساموات السبع الطباق فوق بعضها البعض ،أين هذا والرجل ٌ النسبية العامة والخاصة بهندستها الفراغية رباعية األبعاد الزمكانية املعقدة وقوانينها الدقيقة عن تكافؤ املادة والطاقة؟ والله ال ينكر هذا اإلعجاز املبني إال من ُخ ِت َم عىل ُم ِّخ ِه وسمعه وبرصه وأعامه الكفر وأضله هواه الذي اتخذه إل ًها يلقيه حيثام ترنحت به دوائر العبث .وال والله ال يعمى عن ذلك إال من وضع أصابعه يف أذنه واستغىش ثيابه رص واستكرب استكبارا ،وجحد بالحق وأ ّ –ظلم وعل ًوا– بعد أن استيقنته نفسه ً وكان فاج ًرا كَفَّا ًرا ،ومن يحمل كتابًا فيه هذا اإلعجاز ثم مل يره فهو كالحامر يحمل أسفا ًرا( .من لوازم اإلعجازيني والكتاب املسلمني ومن سنة نبيهم وطريقة إلههم تضمني كل طرح منطقي ببعض اإلرهاب الفكري بالشتم والتسفيه لكل املخالفني ،وهذا ليس إال تهكامً عىل أسلوبهم إ ْذ إننا هنا نقلدهم من قبيل السخرية). السامء فيها النجوم كام الوشاح املنثني مام ُر ِّصع به ،و ،E = mc2كيف عرف ذلك؟ يف القرن السادس امليالدي يف بيئة الصحراء حيث آخر االخرتاعات البرشية قطعة حديد مدببة تسمى السيف؟ لن تفيدكم اآلن األقوال إ َّن أسفاره هي التي ساعدته وأمثال شبهاتكم الباطلة وأساليبكم الفاسدة والتي ال تن ُّم إال عن إفالس ووقوع يف حيص بيص أمام اإلعجاز القاهر املبني ،فبفضل الله نكشفها وندحرها بعون الله تعاىل ،إذ ما عىل األرض يومئذ من دا ٍر بهذا التقدم وما بذلك العلم يومئذ من خبري ،إال اللطيف الخبري جل وعال ،والله إنه الوحي ،وما أنتم مبؤمنني لنا وإن كنا صادقني ،إنكم ملعروفون ،وقد أخربنا الله عز وجل بصفاتكم الخبيثة منذ البداية ،ال يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب األليم ،وإن يروا كل آية ال يؤمنوا بها .أولئك هم الوارثون ،الذين يرثون األديان هم فيها ناشئون ،الذين ألفوا آباءهم ضالني فهم عىل آثارهم يُ ْه َر ُعونْ ،الذين قالوا إنا وجدنا آباءنا عىل أمة وإنا عىل آثارهم مقتدون ،الذين ال يفقهون شيئا عمي فهم ال يرجعون. وال هم يعقلون ،والذين ينعقون مبا ال يسمعون إال دعا ًء وندا ًء ص ٌم بك ٌم ٌ فهل انتهى اإلعجاز املبني؟ كال والقمر ،والليل إذا أدبر ،والصبح إذا أسفر ،إنّها إلحدى الكرب ،نذي ًرا للبرش ،إن إعجازات امرئ القيس خري خلق الله أجمع َني ال مقطوع ٍة وال ممنوعة إىل أبد اآلبدين ،ولن تنقيض ما دامت السموات واألرضون، عب عن النسبية فقط ،أم سيذكر النظرية األخرى ولن تنتهي االكتشافات يف شعره ما دام جهد املستكشفني .فهل س ُي ِّ ُ أيضا؟ بىل ،وأقسم بالحجر األسود وبكل الحجارة املقدسة األولية للجاذبية قانون الجذب العام لنيوتن ،تشبي ًها وقانونًا ً رش يف الدين الحنيف ،أنه قد فعلها واضحة جلية ملن شاء أ ْن يبرص ،أما م ْن ال يستطيعون سم ًعا وال هم يبرصون ،فهم ُّ الدواب عند الله ،وإ َّن جهنم موعدهم أجمعني. ِّ 63
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
ينص عىل أ َّن قوة التجاذب بني جسمني القانون األول للجاذبية الذي وضعه نيوتن يسمى بقانون الرتبيع العكيس ،إذ ُّ تتناسب طرديًا مع حاصل رضب كتلتيهام وعكس ًيا مع مربَّع املسافة بينهام .فهل سنج ُد ذلك عند امرئ القيس؟ بالطبع، أيف الله ٌ ليل كأ َّن نجوم ُه بكل مغار الفتل شدت شك فاطر الساموات واألرض؟! لرنَ ذلك :يقول امرؤ القيس «فيا َلك من ْ بيذبل=كأن الرثيا ُعلِّقت يف مصامها بأ ْمر ِاس كتّانٍ إىل ُص ّم َجن َد ِل» واملعاين هي( :مغار الفتل :أحبال مفتولة) (يذبل :أحد الجبال) (مصامها :مقامها أو مكانها) (أمراس كتان :أحبال كتان) (صم جندل :حجر أصم) (،)1 فيقول امرؤ القيس إ َّن الرثيا بالليل كأنها مشدودة بالحبال إىل األرض ،الرثيا مجموعة نجوم كام سبق ووضحنا ،واألرض كوكب كام نعلم وتعلمون .فهل فك َّر أح ٌد من قبل ما معنى قوله أ َّن النجوم مشدودة إىل كوكب بالحبال ،فهل أنتم املفسون القدماء رضوان الله عليهم أجمعني ،فام كانوا مفكرون؟ أليست الجاذبية ،إن كنتم مدققني؟ ال عليكم مبا ظ َّن ُه ِّ لكل زمانٍ ومكانٍ ليعرفوا عن الجاذبية شيئاً يف عرصهم وهم يف ذلك من املعذورين .لك َّن معلقة امرئ القيس صالحة ّ يف العاملني ،وإ َّن فيها من اإلعجاز قد ٌر مبني .وإ َّن التعبري عن انشداد الكواكب للنجوم بحبل إمنا هو تعب ٌري عن الجاذبية رصاحة والحبل إشارة ملا مل ندركه إال حديثًا من أ َّن الجاذبية تعمل عىل الخط الواصل بني الكتلتني ،وما بعد هذا بالغٌ، فسبح معي العليم الخبري ،سبحانه وهو خري القائلني. فهل انتهى اإلعجاز املبني؟ كال ورب العاملني ،ففي البيت الثاين ،نج ُد إعجازًا فوق إعجاز ،يقول امرؤ القيس «كأ َّن الرثيا علِّقت يف مصامها بأ ْمر ِاس كتّانٍ إىل ُص ّم َجن َدل» ومعنى البيت أن النجوم مشدودة يف أماكنها بحبال إىل كتلة ما .ولكن ماذا يعني ذلك؟ أمل يفكر أحد يف داللة هذا البيت ويكون من املتأملني؟ عرفنا اليوم فقط وبأدوات العلم الحديث التي ما كانت لتتوافر المرئ القيس يف بيئته البدوية أب ًدا ،أ َّن النجوم حقًا تتبادل الجاذبية م ْن أماكنها مع كتل ٍة مركزي ٍة يف قلب ٌ عمالق .فيا سبحان العليم الحكيم ،من أخربه ليقولها بين ًة إ ْن ملْ يكن اللطيف الخبري؟ انظر إىل ثقب أسود املجرة هي ٌ وحي يُوحى .الثقب تعبريه عن الثقب األسود بقوله (صم جندل) وتأمل الدقة التي والله ما هي بقول برش ،إن هي إال ٌ حجم صغريٍ هائل الكثافة .فهل األسود كتل ٌة منضغط ٌة عىل نفسها بفعل الجاذبية حتى يتج َّمع قدر هائل من املادة يف ٍ خري من التعبري عن ذلك أنه حجر أصم جندل ،أي ليس أجوفًا بل مصمتًا باملادة منض ِغطًا صل ًدا؟ والله ما هذا بكالم برش وما يقوله إال أحكم الحاكمني ،فهل أنتم مؤمنون؟ ()27
(Melia، Fulvio (2003). The Black Hole in the Center of Our Galaxy. Princeton: Princeton University Press )27
64
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
ورب العاملني .أين القانون؟ وهل يفوت الله قانون وهو خري املقننني؟ القانون الذي وضعه فهل انتهى اإلعجاز املبني؟ كال ُّ تتناسب طرديًا مع حاصل رضب كتلتيهام، وينص عىل أ َّن الجاذبية بني جسمني نيوتن يسمى قانون الرتبيع العكيسُّ ، ُ وعكسيًا مع مربع املسافة بينهام .لذا علينا أن نحصل عىل هذه العنارص الثالثة للقانون وهي (الرتبيع ،التناسب العكيس، ليل كأ َّن نجوم ُه بكل مغار الفتل شدت بيذبل = كأن الرثيا علِّقت يف مصامها الكتلتني) من هذين البيتني «فيا َلك من ْ فبي إذ إنَّهام بيتان وهذا داللة عىل الرتبيع ،ولو كان تكعيبًا لكانوا أبيات ًا ثالثة، بأ ْمر ِاس كتّانٍ إىل ُص ّم َجن َد ِل» أما الرتبيع ّ وهذا والله من إعجازه العددي ودقته أن يعرب عن العالقة يف بيتني إشارة للرتبيع .أما عن التناسب العكيس الذي هو طردي مع مقلوب القيمة أي أنه تناسب طر ًدا مع القيمة يف املقام .فأين هذا يف األبيات؟ من لسان العرب ( َم َصا ْم تناسب ٌ ٌ أَ ْي َمقَام) ( ،)1وهي اإلشارة اللطيفة لوجود القيمة يف املقام ،وسبحان الله وما أدري كيف ينكرون .أما عن الكتلتني فإنك ألي من البيتني وجدت فيه كتلتني ،ففي األول النجم والكوكب ويف الثاين النجم والثقب االسود ،ويف ذلك إ ْن نظرت ٍّ كل ٍ كل منهام يف شط ٍر من البيت ،ويبتدئ الشطر الثاين بيت مساف ٍة بني الكتلتني لكون ّ أيضا ملربع املسافة ،ألن يف ٍّ إشارة ً من كل ٍ بيت باإلشارة لذلك بذكر األحبال (مغار الفتل أو أحبال كتان) .فسبّح معي العليم الخبري وم ّجده متجي ًدا لهذا عم يصفون. اإلعجاز ،سبحانه وتعاىل َّ فلم نذكر بعد إعجازه يف وصف الـ gallopللفرس بدقّ ٍة ال يتمكنها أحد ورب العاملنيَّ ، فهل انتهى اإلعجاز املبني؟ كال ُّ إال باستخدام أجهزة التصوير الحديثة فائقة الرسعة ،لكن من خلقها يعلمها بداه ًة .يقول امرؤ القيس «مكر مفر مقبل مدبر معا ...كجلمود صخ ٍر حطه السيل من علٍ » وصف بسيط للفرس ولكن يا لروعة ما به من إعجاز .لنأخذ أولً «مكر مفر مقبل مدبر معا» كيف يكر الحصان ويفر يف آن واحد ويقبل ويدبر يف آن واحد؟ العقل املحدود يقول ال ميكن ،إمنا هي بالغة شاع ٍر ليس إال .ولكن العلم الحديث يقول لنا غري ذلك .نعم إن الحصان يك ّر ويف ّر يف نفس اللحظة ،ويقبل ويدبر يف اللحظة ذاتها .كيف؟ هذا ما اكتشفه إدوارد مايربيدج يف أواخر القرن الـ 19عندما صنع كامريا عالية الرسعة ultrafastلبحث حركة الحصان واكتشف –احبسوا أنفاسكم– أنه أثناء جري الحصان تكون رجاله الخلفيتان تتقدم يف نفس اللحظة التي تتأخر فيها رجاله األماميتان ،وعندما تبدأ رجاله األماميتان يف التقدم تتحول حركة رجليه الخلفيتني إىل التأخر .وهكذا يقبل الحصان ويدبر ،ويكر ويفر ،يف ذات الوقت! وقامئة املراجع العلمية التي تحلل حركة الحصان، بعضها يبلغ من الحداثة أنه منشور عام ،2005وكل هذه األبحاث الحديثة تؤيد امرؤ القيس يف أن الحصان رجاله األماميتان تكران بينام رجاله الخلفيتان تفران ثم تتبدل الحركة فتقبل رجاله الخلفيتان بينام تدبر رجاله األماميتان. أما اإلعجاز الثاين يف البيت فهو يف« :كجلمود صخر» ،وهو ما يفيد أن الحصان برغم أنه يكر ويفر ويقبل ويدبر م ًعا ،إال أنه يتحرك ككتل ٍة واحد ٍة متا ًما كجلمود صخر ،أي أ َّن الحصان برغم كره وفره وإقباله وإدباره يف ذات الوقت إمنا يتحرك يف النهاية باتجاه واحد كصخرة ال تلوي عىل يشء ،يا الله!! أما اإلعجاز الثالث فهو يف« :حطه السيل من علٍ » إننا ال نفهم كيف ميكن تشبيه حصان يجري يف طريق أفقي ،بصخرة تسقط من أعىل .فهل أخطأ امرؤ القيس يا ترى؟ لو مل ينقذنا العلم الحديث لظننا أن بالبيت تحريفًا ،أو أنه مجرد صورة بالغية .ولكن العلم الحديث يقدم اإلجابة :إن تحليل حركة الحصان equine locomotion analysisبواسطة أجهزة الرصد والتحليل املتطورة أثبتت صحة نظرية مايربيدج والتي تقول بأن دورة حركة أرجل الحصان تشمل مرحلة 65
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
تكون فيها حوافر الحصان األربعة كلها يف الهواء (أي غري مالمسة لألرض) يف آن واحد .أي أنه يف كل دورة حركة يسقط الحصان كله من أعىل (من عل) مرة واحدة عىل األقل .فلله درك يا امرؤ القيس .هل امتلكت كامريا ليزر؟ ال والله ،إنه إلعجاز واضح)29(. انتهى اإلعجاز الساخر يف معلقة امرئ القيس)30(. أيضا اللغة الالتينية مثل العربية فضفاضة الداللة ،ولذا ممكن إخراج اإلعجازات من نصوصها بالجملة .وكذا معظم ً اللغات القدمية ،بينام اللغات الحديثة الحديثة أكرث دقة ،وقد ُوجد فيها من اإلعجاز اليشء الكثري ،ففي أحد أبيات الشاعر فرجيل ُوجد ما يربو عىل التسعة عرش إعجازا مبي ًنا ،ملن يرد الله أن يهديه .أما الصم البكم العمي الذين ال يعقلون ،فلو علم الله فيهم خريا ألسمعهم ،ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون)31( . ً *وبشكل آخر إذا كان يف االحتامالت املعجمية مساحة لتأويل لفظ قرآين مبا يفيد أسطورة خرافية أو معنى خاطئ علم ًيا إذًا يف القرآن خطأ علمي ،أليس كذلك؟ إن كان نعم فقد مات اإلعجاز ومات القرآن ألنك قد أثبت بيدك عندئذ للقرآن أيضا ،ألنك بيدك عندئذ قد هدمت القاعدة التي استنتجت منها تخريفًا كث ًريا ال نهاية له ،وإن كان ال فقد مات اإلعجاز ً اإلعجاز! وميكنكم اآلن االطالع عىل ما يربو عىل الثامنني خطًا فاحشً ا للقرآن (يتفق الكاتب مع كثريٍ منها ،وكث ٌري منها سليم ناشئ عن سوء الرتجمة) لكن بالنهاية هناك العرشات من الجمل التي –بنفس طريقة اإلعجاز– يُعطى لها معنى ً ٌ معجم ًيا ،ويجعل الجملة ذات معنى خاطئٍ علم ًيا .فهل ستؤمنون لهذا ،أم ستستخدمون املنطق نفسه الذي تهملون إن أردتم الرتويج لإلعجاز؟ ()32 ( )29قامئة املراجع املتخصصة
الروابط
Swanstrom MD، et al Musculoskeletal modeling and dynamic simulation of the thoroughbred equine forelimb during stance phase of the gallop Journal of Biomechanical Engineering-Transactions of the ASME 127، 2 pp. 318-328، 2005 Bobbert MF & Santamaria S Contribution of the forelimbs and hindlimbs of the horse to mechanical energy changes in jumping Journal of Experimental Biology 208 (2، pp. 249-260، 2005 Wickler SJ، et al The energetics of the trot-gallop transition Journal of Experimental Biology 206 (9)، 1557-1564، 2003 [color=royalblue]http://www.its.caltech.edu/~femto/global/Zewail-JCE.pdf http://bowlingsite.mcf.com/Movement/HPace.html http://bowlingsite.mcf.com/Movement/HCan.html ]http://bowlingsite.mcf.com/Movement/HGal.html[/color
( )30املصدر لهذا اإلعجاز التهكمي هو http://www.alzakera.eu/fardiga/Ijaz-0033-5.htm (الكاتب هنا بَ َسط األسلوب وأضاف عىل األصل استخرا ًجا تهكميًا لبعض القوانني فقط أما األفكار لإلعجازات فهي منقول ٌة من أعاله) (http://wikiislam.net/wiki/NATVRAE-MIRABILIS-ORIGINISQVE-DIVINAE-GEORGICAE-VERGILII )31 ( http://wikiislam.net/wiki/Scientific-Errors-in-the-Qur'an )32
66
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
*بل ليس فقط بالتالعب بالكلامت ميكن اإلتيان باإلعجازات من كل مكان ،وال باألخطاء من القرآن ،بل ميكن التالعب بالقرآن لنخرج منه «إعجازات» هزلية ،ال متلك لها ر ًدا إن تركت نفسك تنجرف مع ال منطقية التأويل اإلعجازي للقرآن. أقل سخري ٍة من تأويل آية القرآن «الخنس الجوار الكنس» أنها تتحدث عن املكانس الكهربائية الحديثة، فنقول ما ليس ّ كنس تكنس األرض ،جوا ٍر تجري عىل األرض أثناء الكنسُ ،خ َّن ٌس ألن السلك الكهربايئ يخنس بداخلها بكبسة زر، فهي ٌ أقل سخري ٍة من التنبؤ بهبوط فريق النجم الساحيل التونيس إىل ثم تخنس هي يف علبتها لحني استعام ٍل آخر .وما ليس ّ أقل سخري ٍة من التنبؤ باألطباق الطائرة من آية دوري الدرجة الثانية يف كرة القدم من خالل آية «والنجم إذا هوى» ،وال ّ طبق» .وال عن التنبؤ بالسقوف املتحركة التي ت ُرفع من عىل أسطح املباين من آية «والسقف املرفوع». «لرتكنب طبقًا عن ٍ وال أقل ابتذالً من ادعاء تنبؤ القرآن بالسيدات الاليت يقمن بتكبري صدوره َّن لتصبح كل منهن امرأة ذات صدور كبرية من خالل آية «إن الله عليم بذات الصدور» .وال أقل صفاقة ممن جعل القرآن يتنبأ بأول رائد فضا ٍء مسلامً ،وهو األمري سلطان بن سلامن من خالل آية «إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار الساموات واألرض فانفذوا ال تنفذون إال بسلطانٍ ». وباختصار فإ ّن العقلية اإلعجازية يتم تلخيصها بذلك الحالق الذي كتب عىل جدار محله «وجوه يومئذ ناعمة» ،فلنعم التأويل. قديم أب ًدا ،ألنه إذ يفكر خارج نطاق دينه فإ َّن آلة املنطق لديه تعمل َح َس ًنا، وهكذا ،لن يقتنع أحد بإعجاز يف بيت شع ٍر ٍ ولن يحسب املمكن معج ًزا أب ًدا ،ولن يقبل استداللً مع وجود االحتامل أب ًدا .وسيقبل بنصل أوكام –بأن ال يأبه للتفسري حيل األم ُر إىل الدين ألبسوا الحق بالباطل وكتموا الحق وهم األعقد ما دام هناك تفسري أبسط قادر– دو ًما ،ولكن إن أُ َ مرضا. علم ،فام أشد الدين عىل املنطق ً يحيطون به ً
أصول التنبؤ ومل ال يقبل اإلعجاز علميًا ؟
معبا عن حقيقة –غري معروفة– بشكل واضح ال لتنب ٍؤ ما –ليُ ْعت َّد به– يجب أ ْن يكون ً قابل للتخطيء .مبعنى أن يكون ِّ ً لبس فيه ،ومحد ًدا ال تداخل فيه .ثم إذا جاء االختبار–والذي كان من املمكن أ ْن يخطّئه– وجاءت النتائج عىل العكس وكل سليم .وميكننا أن نقول إ َّن القرآن قد احتوى معجز ًة حقًا إن كان قد فعل ذلك بشكلٍ متكر ٍر ّ تؤكدهُ ،ع َّد ذلك تنبؤا ً ً الحاالت أتت يف صالحه .ولكن املعنى القرآين عىل العكس متا ًما ،مل يرش إليه أح ٌد قط قبل االكتشاف ،إمنا ظهر بإعادة التأويل بعد االكتشاف. لتعرف مل ال يُ ْعت ُّد بها كمعجزة أجب عن هذا السؤال :هل لو كان العلم أكّد أن الكون ال يتوسع كنت لتقول :إ َّن القرآن ثَبُ َت خطؤه؟ هل كنت لتحسب هذا خطأ يف القرآن؟ اإلجابة طب ًعا هي كال ،والجميع يعرف كال ملاذا .حس ًنا خذ نفس هذا السبب الذي كان لينفي عن القرآن الخطأ لينفي اآلن املعجزة باملثل .ال تستعمل العقالنية واملنطقية عندما تكون لصالحك ،ثم ترضب بها عرض الحائط عندما تكون ض ّدك .اإلجابة يف السؤالني واحدةٌ :هناك معانٍ أخرى ،وما جاز فيه االحتامل بطل به االستدالل.
67
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
ليس هذا فقط بل لو حتى سمعت أن العلم اليوم أثبت خطأ معلومة ما كنت تركن عليها يف أحد «اإلعجازات» ،هل واضح ،وهو نفسه الذي ينفي املعجزة .ألنه كنت لتمر من اإلسالم مرور السهم من الرمية؟ كال ،ومرة أخرى السبب ٌ أي من طريف النقيض لن تثبت خطأ جمل ٍة قرآني ٍة ،فام فائدة التجربة إن كانت التجربة العلمية ،أيًا كانت نتائجها عىل ّ أصل؟ إذا كانت أي بالنسبة لآلية؟ وما معنى أن تقول عند تأكيد إحدى النتيجتني إنها حققت تنبؤها؟ وأين كان تنبؤها ً من النتائج لن ت ُ َخطِّئ اآلية ،فاآلية مل تتنبأ بيشء. نتائج ميكنني إعادة تأويل القرآن ليتناسب معها فهي معجزةٌ ،وإن مل يظهر ،وأيا ما ظهر، ومنطق املؤمن« :إن ظهرت ٌ مخالف لرصيح اآليات ،فامدام ميكنني إعادة تأويل القرآن–حتى باملجاز– ليتفاداها فليس بخطأ» هذا ليس ولو حتى ٌ منطقا ،هذا الهوى ،وهو آفة الرأي .إن رشطاً أساس ًيا من رشوط علمية النظريات أال ميكن توفيقها مع حالتني متناقضتني من حاالت الوجود ،بل يجب بوضوح معلن مسبق أن تؤكدها حالة وتنقضها نقيضتها ،وإال ال يعتد بها علميا)33( . مثال عىل ذلك وهو متعلق مبوضوع التوسع الكوين: كان يُظَ ُّن يف السابق أن توسع الكون سيتباطأ حتى ينهار الكون عىل نفسه فيام سمي باالنسحاق العظيم ( ،)34هلل ِ املسلمون لإلعجاز القاهر املبني ،وجعلوه تطابقا مع آية «يوم نطوى السامء كطي السجل للكتب كام بدأنا أول خلق نعيده» (األنبياء )104 /وانطلقت التسبيحات والتحميدات والتهليالت دون انقطاعٍ .أما اليوم فقد علمنا أن توسع الكون يتسارع وهو مسطح وعىل األرجح لن ينكمش أبدا ( .)35ومل نر أيًا من اإلعجازيني كفر بإعجازه وال كفر بدينه .فلم؟
رشوط قبول االعجاز:
متحقق فيها رشطان: فامذا يحتاج املؤمن أن يفعل يك يثبت اإلعجاز إذًا؟ عىل املؤمن أن يأيت إلينا بقاعدة ٌ
أولهام :أن تكون سليمة منطق ًيا. ٍ دائري ،كمثل القول إن نقبل صحيح التأويالت للقرآن فقط ونرفض الخاطئة ألن القرآن التفاف مبعنى أال تحتوي عىل ٍّ أي من النتائج صحيح وال يخطئ .وبالعكس بالنسبة للكتب املقدسة األخرى .فيجب أال نصادر عىل املطلوب بافرتاض ّ ٌ نفضل معنى عىل آخر بسبب هوى ٍ أحد ،إمنا ألسباب موضوعية فقط .وسييل تفصيل مسبقاً يف املقدمات .ويجب أال ِّ الكالم عن املنطق الدائري. ثانيهام :أن مت ِّيز القرآن بالعصمة واإلعجاز عن كل ما عداه. مبعنى أنه إذا تم تطبيقها عىل القرآن تخرج لنا إعجازات أو جمل سليمة فقط وال أخطاء ،وإن طبقت عىل أي كتاب آخر جمل صحيحة أو خاطئة ولكن ال إعجازات. تخرج لنا إما ً عندئذ يقبل اإلعجاز. (Popper، Karl، Conjectures and Refutations، Routledge، London، 1963 )33 (Y Wang، J M Kratochvil، A Linde، and M Shmakova، Current Observational Constraints on Cosmic Doomsday. JCAP 0412 (2004) 006 )34 (Adam G. Riess et al. (Supernova Search Team) (1998). "Observational evidence from supernovae for an accelerating universe and a )35 cosmological constant". Astronomical J. 116 (3): 1009–38. arXiv:astro-ph/9805201. Bibcode:1998AJ....116.1009R. doi:10.1086/300499
68
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
ٍ تنبؤات مستقبلي ًة محددة ،سابق ًة لالكتشاف وواضحة ،وقابل ًة للتخطيء. أيضا عىل هذه القاعدة أن تق ِّدم لنا ثم يجب ً ال قيمة ملا يتم تأويله عن عمد بعد االكتشاف ،وال ملا يستغل غموضه ليك تلعب عىل كل االتجاهات ...يجب أن تكون التنبؤات واضحة قبل إجراء األبحاث وهناك نتائج محددة إن أتت بها التجارب فذلك يعني أ َّن النص القرآين خطأ وإن ٍ فعندئذ يقال إ َّن القرآن قدم تنبؤات زحزحت النتائج عن الخطأ دو ًما وجنحت إىل تصويب النص القرآين بشكل متك ّررٍ، معجزة.
تدعيم األمثلة املضادة لغويًا
هناك قاعد ٌة مهم ٌة وهي أننا يجب أال نهمل االحتامالت ،فام إن تصبح لدينا أمثل ٌة مضاد ٌة لح َّج ٍة ما ،فإن إثبات أحدها يستحيل إال ٍ مبزيد من األدلّة (يف هذه الحالة ترصيح من الكاتب أنه قصد هذا املعنى دون غريه) .لكن يف غياب ترصيح من الكاتب يجب علينا أن ننظر يف مدى االحتاملية من الناحية اللغوية البحتة .وما سأحاجج به هنا هو أن لفظة موسعون متمكن ٌة يف معناها التاريخي العادي ،بينام املعنى اإلعجازي املزعوم بعي ٌد ومر ّج ٌح لغويًا ،وبالتايل فهو مرفوض طبقًا لقاعدة «ظاهر اللفظ ح َّجة وخالفه يحتاج للدليل». حيث إننا أمام احتامل أن تكون الكلمة –موسعون– صفة لله مبعنى قادرون أو أن تكون متعدية ملفعول «مسترتٍ»، «الخفي» قد يكون الرزق ،وقد تكون السامء ،وقد يكون أي يش ٍء آخر ،وحال كان السامء فنحن أمام وهذا املفعول ُّ احتاملني :فإما سام ٌء خرافي ٌة أو حقيقي ٌة ،وحال كانت حقيقي ًة فهناك احتامالن :أن تكون الكلمة تفيد الثبوت أو تفيد الحدوث .فهل توجد حالة أكرث مثالية من هذا ليتضح أن النصب يلعب عىل االشرتاك اللفظي وعىل التأويل؟ وألحاولن تقريب معنى أن اسم الفاعل «مشع ٌر بالثبوت» بخالف املضارع «املشعر بالحدوث» ومعنى «الداللة األقرب واألبعد" وسأوضح ذلك بثالثة أمثل ٍة افرتاضي ٍة عن رجلٍ يتحدث إىل آخ ٍر ويقول :بنيت لك بيتًا وإين مل ْو ِسع ،أو يقول :بنيت لك بيتًا وإين مل َو ِّسع ،أو يقول :بنيت لك بيتًا وإين ألُ َو ِّس ُعه. غني وقادرٍ، يف املثال األول« :بنيت لك بيتًا وإين مل ْو ِس ٌع» ،املعنى الذي يتبادر إىل الذهن ً أول هو أ َّن « ُم ْو ِس ْع» هنا مبعنى ٍّ أل َّن الصفة املشبّهة « ُم ِ الزم باألساس يعود عىل الفاعل ،ويحتمل املثال معنى تسبيب السعة ألن وسع» تأيت من فعلٍ ٍ الفعل أوسع قد يتعدى ،وبالتايل « ُم ِ وسع» اسم فاعل عامل ،تعني وإين ملوسع البيت لك .ولكن هذا املعنى أضعف ألنه كان بإمكان املتكلم توضيح ذلك أكرث باإلشارة بالضمري الهاء وإزالة اللبس مع حالة اللزوم .فطاملا أن « ُم ِ وسع» مختصة بحالة اللزوم فهي األصل فيها .كأن يقول« :بنيت لك بيتًا وإين مل ُ ِ وس ُعه» أو أن يستعمل كلمة « ُم َو ِّسع( ُه)» .من الفعل َو َّس َع والذي ال يأيت إال متعديًا .الحظ القرآن مل يستعمل الهاء فقال «إنا ملوسعون» وليس «إنا ملوسعوها» ومل يستعمل الشدة ،فالفعل أقرب إىل اللزوم .ولكن هل يشتم أحد هنا يف املثال –يف حالة التعدي– رائحة إحداث توسعات يف البيت، أي تسبيب السعة حدوث ًا؟ ،إن اسم الفاعل كام نقل أبو حيان عن البيانيني « ُمشْ ِع ٌر بالثُّبُ ِ وت».
69
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
يف املثال الثاين« :بنيت لك بيتًا وإين مل َو ِّسع» ،اختفى متا ًما لزوم الصفة املشبهة للفاعل وتع َّدت قط ًعا كاسم فاعل عامل إىل املفعول .فالفعل َو َّس َع ال يأيت إال متعديًا ،فاملعنى «م َو ِّسع البيت» وال شك ،أي جاعله واس ًعا لك/عليك .يستوي يف ذلك أيضا ال «وإين مل َو ِّسع» مع «وإين مل َو ِّسعه» أيًا منهام حلت يف الجملة ألن التعدي يف الفعل ثابت .ومعنى إحداث توسعات ً زال خافتًا وإن كان أقوى من املثال األول .ألنه يزاحمه معنى واحد فقط ،وكالهام استعامل أصيل –أعني الثبوت والحدوث. الحظ أن الشدة تلك تزيد الفعل قوة ،وحيث أ َّن توسع الكون يتسارع ،فكان استخدامها أوىل لوصف ما يحدث إن كان هذا هو املقصود .اللغة العربية لديها مميزات من هذه ال توجد يف غريها. يف املثال الثالث« :بنيت لك بيتًا وإين ألُ َو ِّس ُعه» ،انتهى متا ًما أي معنى للصفة الثابتة ،فالفعل هنا مضارع ال ُّ يدل إال عىل الحدوث والتجدد واالستمرار والحضور واملضارعة .واملعنى بال ريب هو إحداث توسعات يف البيت .قال أَبُو َح َّيانَ: وث بخالف ْاس ِم الفَا ِعلِ ؛ ألنه عن َدهم ُمشْ ِع ٌر بالثُّ ُب ِ «املضا ِر ُع –فيام َذكَ َر ال َب َيانِ ُّيونَ– ُمشْ ِع ٌر بالتَّ َج ُّد ِد وال ُح ُد ِ وت». أرجو بذلك أن يكون اتضح مفهوم املعنى القريب والبعيد ،فلكل كلم ٍة استعاملها األصيل الذي تنفرد به ،والذي يكون أظهر عند استخدامها ،بينام املعاين األخرى تكون أبعد عن الذهن .ولكل من تلك املعاين األخرى لفظه األصيل الذي يجعله أقرب للذهن إذا تم استخدامه .ف «م ْو ِسع» هي الكلمة الوحيدة التي تدل عىل الغنى والقدرة ،لذا هو أيضا معنى تسبيب السعة ثبوتًا وحدوث ًا ،لذا هو املعنى التايل ،ومعنى استعاملها األصيل األقرب ،وهي ككلمة تحتمل ً الحدوث فيها هو البعيد فهي «مشعرة بالثبوت» .لذا فمن بني احتامالتها الثالثة هناك تفاوتٌ من حيث قرب املعنى وبعده .بينام «م َو ِّسع» هي اللفظة األصيلة لتسبيب السعة ،لذا هو معناها األقرب ال ينازعها فيه كلمة أخرى .بينام «أُ َو ِّس ُع» هو الفعل املضارع األصيل يف معنى التوسعة الجارية يف الحارض ،لذا هذا هو معناه األقرب .وهكذا يكون طيف االحتامالت لكل كلمة فيه األكرث احتاملً واألقل كام وضحت .واملعنى املراد هنا يقرتب كلَّام استخدمت األدوات املؤكدة للتعدي يف الفعل (الشدة والهاء) ،وإذا استخدمنا الفعل املضارع .بينام اللفظ القرآين هو أبعد ما يكون عن هذه األشياء وبالتايل عن املعنى املزعوم. والتعامل مع النصوص يكون بقاعدة «ظاهر اللفظ ح َّجة وخالفه يحتاج إىل دليل» ألن األصل يف املتحدث – وخصوصا عم يريد املبلغ متا ًما للمعنى املقصود .وما الفصاحة إال إن كان بلي ًغا– أنَّه يضع اللفظ يف مكانه ويختار التعبري املفصح َّ اإلفصاح عن املعنى ،وما البالغة إال تبليغ املعنى .وأي محاولة ملخالفة الظاهر القريب من املعان لهي محاول ٌة للمصادرة عىل املتحدث ،للوصاية عليه ،للتكلم بالنيابة عنه ،للقول إنه كان يقصد شيئًا آخر غري ما يبدو من كالمه ،إلدخال املعجزة رغم عن الله إن صح التعبري .وليس هذا سوى رغم عن أنفه هو شخص ًيا .إنها االستامتة يف اعتساف معجزة لله ً يف كالمه ً دليل ٍ إفالس ،وح َّجة عىل قائلها وليس له .فهو كأنه يقول إ ًّن القرآن ليس بلي ًغا .ألنه مل يُح ِكم التعبري الذي يؤكد اإلعجاز، وها أنا أقول لكم ما كان يقصد له أن يقول.
70
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
أيضا :فانظر لآلية إذ تقول «والسامء بنيناها ليس فقط املعنى اللغوي البحت هو ما يدعم ما أحاجج به ،بل السياق ً قبل ،وهذا يدعم معنى بأيد وإنا ملوسعون» ،بأيد :أي ملتبسة بقوة وقدرة ،يقال آ ُد الرجل يئيد أي اشتد وقوى كام نقلنا ً «موسعون» أي «قادرون» (أيد :قوة وقدرة ،موسعون :قادرون). أيضا يف موقعٍ آخر« :ويف السامء رزقكم وما توعدون» أيضا معنى إكثار الرزق باملطر وخالفه ،فقد قال ً ويدعم السياق ً (الذاريات ،)22ويف السياق بعد عد ٍد قليلٍ من اآليات« :وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون ،ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ،إن الله هو الرزاق ذي القوة املتني» (الذاريات .)56،57،58 :فتأمل املعاين« :إن الله هو الرزاق ذي القوة املتني» (إكثار الرزق قوة وقدرة). ليس فقط السياق ،بل واستعامالت الكلمة « ُم ِ وسع» يف القرآن ،فلم تستخدم الكلمة للداللة عىل إيساع يش ٍء ما ،بل أتت فقط وحرصيًا مبعنى القادر الغني« :ومتعوهن عىل املوسع قدره» (البقرة ،)236 :فلو افرتضنا أن الكاتب يريد اإلشارة إىل اإلعجاز ألىت بقرين ٍة تساعد املعنى املزعوم عىل األقل ،ولكننا ال نرى ذلك عىل اإلطالق. يف الحاالت اإلعجازية املزعومة األخرى يكون لدينا أحاديث من مح َّمد تؤكد فهمه الطفويل الخرايف للطبيعة ،ولكن يتجاوزها اإلعجازيون دو ًما ويتعامون عنها .حني إ َّن إثبات هذه األحاديث –الصحيحة متا ًما يف صحيحي البخاري ومسلم– أيضا ألن معناه اعرتاف أ َّن الدين اإلسالمي تع َّرض ألكرب يهدم الدين؛ ألنها أخطاء علمية فجة ،فإن إنكارها يهدم الدين ً ٍ تحريف وتزوي ٍر رمبا يف كل التاريخ ،وت ّم إفساده من قبل البرش واستغالله لتربير الجرائم العنرصية والطائفية عملية القبلية عىل أساس ديني. يف هذه الحالة لدينا مرويَّة ولكن ال يُ َع َّو ُل عليها ألنها ضعيف ٌة ونصها« :ما السامء األوىل يف السامء الثانية إال كحبة يف صحراء ،وما السامء الثانية يف الثالثة إال كحبة يف صحراء ،وما الثالثة يف الرابعة إال كحبة يف صحراء ،وما السامء الرابعة يف الخامسة إال كحبة يف صحراء ،وما الخامسة يف السادسة إال كحبة يف صحراء ،وما السادسة يف السابعة إال كحبة يف صحراء، وما السابعة يف الكريس إال كحبة يف صحراء ،وما الكريس يف العرش إال كحبة يف صحراء ،وما العرش يف كف الرحامن إال كحبة يف صحراء»)36( . الس َم َء بَ َنيْ َنا َها ِبأَيْ ٍد َوإِنَّا لَ ُم ِ وس ُعونَ» ،مبعنى أن كُل سامء تحيط باألدىن منها وهذا يعطي أحد التأويالت الجديدة لآلية « َو َّ حجم ،وكلّام ارتفعت يف الساموات تجد بناءهن أوسع فأوسع فالسامء األوىل تحيط بها السامء الثانية ألنها أوسع منها ً إىل السامء السابعة .ومن ثم يأيت من بعد ذلك كُرة الجنة التي عرضها كعرض السموات واألرض ،ثم الكريس الذي وسع كل منهام أوسع من أخرى .ولكن الحديث ضعيف منكر ليس مختلف متا ًما بوجود سموات ّ السموات واألرض .أي معنى ٌ أيضا (أو يتمطط) ،وعن تبعات عم إذا كان العرش يتوسع ً له إسناد ،إال أن التأويل بهذا وارد محتمل .وال يسألن أحد ّ ذلك ،فال تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ،قد سألها قوم من قبلكم وأصبحوا بها كافرين. ( " )36ما السموات السبع يف الكريس إال كحلقة ملقاة بأرض فالة و فضل العرش عىل الكريس كفضل تلك الفالة عىل تلك الحلقة أخرجه األلباين يف «السلسلة الصحيحة" / 1 :174سلسلة األحاديث الصحيحة للشيخ اإلمام املحدث مح َّمد نارص الدين األلباين ضعيف وإن كان املعنى صحيحاً ،ومجمل تلك النصوص أن السامء األوىل بالنسبة للسامء الثانية كحلقة يف فالة وقد ورد الحديث بصيغٍ أخرى مل يصححها األلباين وسند معظمها ٌ وأن السامء الثانية هي كحلقة يف فالة بالقياس لحجم السامء الثالثة ،وأن السامء الثالثة يف السامء الرابعة كحلقة يف فالة ،وأن السامء الرابعة كحلقة يف فالة بالقياس للسامء الخامسة ،وأن السامء الخامسة مقارنة بالسامء السادسة كحلقة يف فالة وهذه بدورها كحلقة يف فالة نسبة للسامء السابعة.
71
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
القسم الخامس :مغالطاتٌ شائع ٌة
إخفاء مح َّمد للمعاين اإلعجازيَّة كيال يكفر املسلمون ٍ باهت ،وكأنه األصل يف مغالط ٍة واضح ٍة هذا التلكك يبدأ به املسلم بعد أ ْن يدرك كم أنه يدافع عن اعتساف معنى تجعل القوي ضعيفًا والضعيف قويًا ،يتحدث وكأ َّن اإلسالم كان يتحاىش الحديث عن الخوارق ،فلم يتحدث أب ًدا عن حام ٍر مجن ٍح غادر الكون طائ ًرا وعاد يف دقيق ٍة واحدة ،وال عن ٍ وحيوانات وطيو ٍر وحرش ٍ ٍ ات متكلمة ،ومدينة بساط طائرٍ، شياطني ،ورجلٍ يتحكم يف الريح وآخر يف النار وآخر يف املاء وآخر يف الحديد ،الخ ،..وكل الخرافات التي ميكن وال ميكن تخيلها ،وحني أىت األمر التساع السامء تحاىش القرآن الترصيح بذلك واض ًحا كيال يكفر العقالنيون املسلمون يف ذلك مدسوسا يف ٍ لفظ له معانٍ أخرى! العرص ،وأىت باملعنى ً يطرح املسلمون أ َّن ما يسميه امللحدون خرافاتً إن هي إال غيبياتٌ ،مبعنى أنها ال ميكن التحقق منها ،لذا فإن الترصيح مثل؛ ألنها ستخالف الرؤية العينية لدى الناس ،والذين سيعرتضون عىل فعل عن الترصيح بكروية األرض ً مختلف ً بها ٌ تلك الكروية لظنهم أنهم يرون بطالن هذا االدعاء .حني إن هؤالء الناس أنفسهم سيؤمنون بأي خراف ٍة غيبي ٍة ،كام حدث بالفعل عرب التاريخ. غيبي بالنسبة لذلك العرص ،وال ولكن واقع األمر هنا فيام يتعلق مبثالنا هو العكس متا ًما ،فاتساع السامء ً أيضا ادعا ٌء ٌّ حاجة أب ًدا إلخفائه ،فامذا يختلف عن العجائب التي رصح بها مح َّمد يف رحلة اإلرساء واملعراج من ارتياده الفضاء عىل ٍ وحوش عمالق ٍة مجنح ٍة ،وجنان ونريان ...إلخ ،ومح َّمد نفسه ،من املفرتض أنه وصل إىل نهاية صاروخي ،ورؤية حام ٍر طائ ٍر ٍّ أي حاج ٍة أب ًدا إلخفائه، السامء عىل حامره ،فلم مل يخرب بذلك بجوار دزينة الخرافات التي أخرب بها رصاح ًة؟ ال توجد ّ وبالتايل يتّضح زيف هذا االدعاء بالحاجة إلخفاء اإلعجازات)37( . أيضا ،ألنه إن توسع السامء ،بل يسقط معه كل «اإلعجازات» األخرى ً ليس فقط هذا االدعاء يسقط هنا يف هذا املثال عن ّ كان اإلخفاء لغرض مراعاة املعارف كام يزعمون فلامذا أخفى هذا االدعاء الذي ال يحتاج إلخفائه إذًا إن كنتم صادقني؟ إن هذا دليل ال ينقض عىل أنه ما كان يخفي شيئًا وإمنا أنتم من تعتسفون إلخراج املعاين التي مل يقصدها.
كل املعاين الصحيحة لكلامت القرآن؟ ملاذا ال نقبل ّ
املؤمنون عند الحديث عن آية «إنا ملوسعون» ترى عهدهم دو ًما أن يقولوا مل ال نقبل كل معاين اآلية؟ وهنا املؤمن قد افتقد املعيارية ،ولتوضيح كيله مبكيالني نقول :وملاذا ال نقبل كل معاين آية «وإىل األرض كيف سطحت» ففيها من اللغة شق الصدر تؤكد رصاحتها ما يقبل القول بتسطيح األرض جليًا .ومل ال نقبل برصاحة آية «قلوب يعقلون بها» وحادثة ّ الحرفية؟ ( )37البخاري :كتاب التوحيد رقم 6963و كتاب األنبياء صفة النبي 3094و كتاب الصالة 336و كتاب املناقب 3598و كتاب ذكر املالئكة 2968
72
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
يعب املؤمن عام يريده حقًا فيقول :ملاذا ال نقبل كل املعاين «الصحيحة» للكلمة؟ وإن مل يكن لها ح ّظ من الصواب هنا ِّ فهي مجا ٌز وال شك عنده .وهنا املؤمن –ككل املؤمنني من كل األديان– وقع يف مغالطة املنطق الدائري واملصادرة عىل صحيح ،وبالتايل املعاين الخاطئة غري مقصودة ،والصحيح فقط من املعاين هو املطلوب ( ،)38إذ إنه افرتض أولً أن القرآن ٌ الذي يقع يف دائرة املراد. تلك املغالطة هي السبب األكرب يف بقاء كل املتدينني عىل أديانهم ،إذ إن جميعهم يضع يف الفروض مقد ًما أن كتابه صحيح وبالتايل يزيح بيديه التأويالت الخاطئة ،ثم يقول :انظر بني النتائج! ال يوجد فيها سوى الصحيح من املعاين. َو َض َع النتيجة مسبقًا يف املقدمات ثم َسعد أنه وجدها يف االستنتاج بسذاجة مبهرة ،وخدع نفسه بامتياز .فقبل أن نبدأ صحيح قبل أن نناقش ،أكّ ْد ما يريده مسبقًا ،استخد ْم صحة القرآن إلثبات صحة أثبت أنه املحاججة عىل صحة القرآنْ ، ٌ أي من النتائج (صحيح – خاطئ) يف الفروض القرآن .بل نحن إذ نتناقش حول صحة النص من عدمه ،ال يجب وضع ٍّ النص ذاته أن يوصلنا إىل النتيجة وليس العكس .أنت مبجرد أن تعطي للجملة تفس ًريا حديثًا فقد مقد ًما .يجب عىل ّ شخصا عاديًا عاش يف القدم ،ثم بعد ذلك تخرج لتقول إن فيها معجزة افرتضت مسبقًا أن إل ًها هو من كتبها وليس ً شخصا عاديًا عاش يف القدم! أين املقدمات وأين النتائج يف هذه الدائرة؟ وتستنتج من ذلك أ َّن كاتبها إمنا هو إل ٌه وليس ً أيضا من شخص من دينٍ آخر يحاكم القرآن ،ويحكم ً ولتوضيح املزيد عن تلك املغالطة أوضحها بارتكابها بشكلٍ مضا ٍّدٌ : باطل ،ويزيل من حساباته أي خالل وجهة نظ ٍر دائري ٍة .فهو يفرتض أولً أ َّن مح َّم ًدا مندوب الشيطان ،وبالتايل فكالمه كله ٌ احتام ٍل لصحة ما ينطق به مح َّمد ،وال يضع بعني االعتبار إال ما هو خطأٌ منها فقط ،ويصادر منذ البداية عىل ما ينحاز أيضا ويفرض صحته مسبقًا ،وال يرى سوى الصواب فقط مبنطق إليه .وحني يتعلق األمر بكتابه املقدس يتعامل ٍ دائري ً ٍّ ٍ ٍ واعتسافات ،بل حتى لو لجأ للمجاز عندما تضيق به السبل .نحن ال نستخدم األدلة لنبني تأويالت مهام كلف األمر من قناعاتنا يف هذه الحالة ،بل نستخدم قناعاتنا للحكم عىل األدلة ،وهذه هي أ ّم املغالطات حيث التففنا حول أنفسنا وصادرنا عىل املطلوب ( ،)39تلك طريقة املفرسين يف كل األديان ،وطريقة اإلعجازيني تزداد اعتسافًا وغلطًا أن ترفض حتى املعاين العادية وال تقبل إال املعجز فقط .صادروا عىل أن القرآن معجز ،فاستخدموا إعجاز القرآن إلثبات إعجاز القرآن. ولكن من أين أتوا باإلعجاز األول؟ ٍ حينئذ ال معنى ألن تقول ألهل األديان األخرى إ ّن أديانهم خاطئة؛ أيضا ،ألنه لكن إن اتبعنا هذا املنطق يسقط الدين ً أول ،ثم يربرون لكل ما يبدو خاطئًا باإلتيان بأمثل ٍة مضا ّد ٍة أيضا ،وسيفرضون صحة نصوصهم ً فيستعملون املنطق الدائري ً أيضا باستعامل مرونة اللغة ،مهام كان التأويل هذا ضعيفًا ،وإن ضاقت عليهم اللغة ألي عبار ٍة تبدو خاطئ ًة علم ًيا لديهم ً أيضا نصوص ميكنهم تأويلها كمعجز ٍة وسيفعلون، فالقول باملجاز دامئًا هو الحل الذي ليس له ٌ حل .وستكون لديهم ً ٍ ٍ وانتهاكات أخالقي ٍة وإنساني ٍة يف انتقادات فلسفي ٍة ،وأخرجت لهم من مهازل فكري ٍة بالطبع .ومهام وجهت إليهم من دينهم ستجد محاوالت التربير جاهز ًة معلَّب ًة ،يتبعها القول إنها حكم ٌة ،ليس معنى أنك ال تدركها أنها غري موجود ٍة ،وأن (Cohen، Morris Raphael، Ernest Nagel، and John Corcoran. An Introduction to Logic. Hackett Publishing، 1993 )39(،)38
73
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
رص ،وأن أرسار التقوى عظيم ٌة الخ ...وما ال ينتهي من الردود الدائرية التي تنبع من افرتاض صحة الدين مهام العقل قا ٌ دائري ،لن يتمكّن أحد من التغلب عليه أب ًدا إن تركه منطق حل أب ًدا أمام هكذا حدث ومهام بدا من دالئل ضد ذلك .وال ّ ٍ ٍّ مي ُّر دون كشف أنه هو بذاته مغالط ٌة يف الحقيقة .فإن كان العقل قارصا ً والحكمة ال يدركها العقل ،فكيف عرفت بعقلك ٍ بعدئذ التفريق بني قصت العقل فلن تستطيع القارص أنها موجود ٌة باألساس؟ ومل ال تكون غري موجود ٍة؟ الحق أنك إن ّ عقل .وما العمل عندئذً؟ سخيف منح ٌّط يف السخافة بشكل ال يتصوره ٌ ما هو حكي ٌم وحكمته فوق العقل ،وبني ما هو ٌ أَنَقب ُع يف ال أدري ٍة دامئ ٍة تجاه كل يشء؟ كال ،عمليًا ما مل تثبت وجود حكمة يف اليشء فلن نأبه له ،إذ ال داعي عندئذ لتفريقه عن غريه ،إال مبصادرة عىل املطلوب تتهرب بها من عبء اإلثبات. كمسلم كيف ستعرتض وأنت مثله ،ومنطقك منطقه أنتم فيه سوا ٌء ،ال تختلفون؟! املجاز يحل كل يشء لك وله لكن ٍ (مثل حالة آية «قلوب يعقلون بها» فهي إما خطأٌ وإما مجازٌ ،ألنهم باملخ هم يعقلون) فامذا أنتم فاعلون؟ قدرة الله علم لتثبتوا لهم التي تتعدى قدراتنا وتحمل ِحك ًَم ال نعلمها عندك وعنده ،فكيف ست َّدعون ،أنكم أحطتم بحكمة الله ً أيضا فإن كان املثال املضاد ير ِّمم خطأك فهو ير ِّمم خطأه باملثل ،وإن كان املثال املضاد أنهم مخطئون؟ لديك أخطاؤك ً ٍ عندئذ ألن تنقد دي ًنا؛ فالله خاصتهم وحكمته ال ينفي معجزتك فال ينفي معجزته باملثل ،فأين ستذهبون؟ ال معنى الفائقة الخفية ومغالطاته املنطقية الدائرية حارضة لتربير أي يش ٍء عنده ،وإفساد أي يش ٍء عندك ،مجرد «شبهات» حق أن تتوعدهم بالجحيم أب ًدا إال إن كنت أنت مبنأى عن ذلك ،وما أنت مبنأى ،إن أنت إال ٌ غارق يف والسالم ،وما لك ّ نفس األخطاء ،ونفس السقطات ،ونفس االلتفافات ،ونفس التربيرات ،ونفس املغالطات ،لكن مع جرع ٍة إضافي ٍة من البجاحة والوقاحة والعربدة والصوت العايل يتميز بها املسلمون ،والربوباجاندا املعتمدة عىل الضوضاء والكذب والتلفيق والتدليس واالستغفال واالستهبال واالستحامق وحوار الطرشان أبدعها املسلمون. 6544925102
74
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
ٍ وإن كان ال معنى ألن تنقد دي ًنا ،فال معنى بي إذًا أن تنعم أنت عندئذ ملا يس ّمى بالدين الحق ،وينهدم الدين ،فظل ٌم ِّ ٌ ويذهب هو إىل الجحيم ،فل َم إذًا ،وكالكام من املغالطني؟ فعىل الجميع تقديم دليلٍ عىل صحة ما يؤمنون به ،ال أن أول ثم يكون هذا اإلميان هو الدليل عىل الدليل عىل صحة اإلميان الذي يزعمون أنه الحق، يقدموا إميانهم بصحته ً ويكون «التأويل» هو «الدليل عىل الدليل عىل صحة التأويل» الذين يزعمون أنه الصواب ،ويكون «اإلعجاز» هو واضح وضوح الشمس يف كبد السامء «الدليل عىل الدليل عىل صحة اإلعجاز» الذي يزعمون أنه حارض .االلتفاف الدائري ٌ إال للعميان ،عندما يثبت اإلميا ُن بإعجاز القرآن التفس َري املعج َز للقرآن ،ثم يثبت التفس ُري املعج ُز للقرآن اإلميا َن بالقرآن. عليك أن تق ّرر إما أن ينفي املثال املضاد خطأك ومعجزتك كليهام ،وإما أال ينفيهام كليهام ،وأن تع ّمم القاعدة التي ستختار بشكلٍ مطلق .وإال سنبقى هكذا ،املؤمن يقول بالتفسري الصحيح ألنه مؤم ٌن مسبقًا .والكافر يقول بالخاطئ ألنه ٍ كاف ٌر مسبقًا ،عىل طريقة «إن يف ذلك آلية لكم إن كنتم مؤمنني» وإنه ليس يف ذلك آلية لكم إن كنتم كافرين .ولك ّن وث والثُّ ُب ِ األصل يف ال ُح ُد ِ االس ِت ْع ُ امل وأن كث ًريا كالهام مغالط (حالتنا هذه حالة فريدة يف هذا الشأن) ألنه كام قلنا َ وت هو ْ وت ،وأنه يَ ُد ُّل عىل ال ُح ُد ِ دال عىل الثُّ ُب ِ ِمنِ ْاس ِم الفَا ِعلِ ٌّ بالص َف ِة املُشَ َّب َه ِة َس ق ََول ال ُّنحا ِة« :إذا ق ُِص َد ِّ وث تار ًة أخرى ،وهذا يُف ِّ ُ َم ْع َنى ال ُح ُد ِ الص َف ِة املُشَ َّب َه ِة» فالقصد هو املح ّدد لنوع وث ُح ِّول َْت إىل فَا ِعلٍ ،وإن ق ُِص َد ث ُ ُبوتُ ْاس ِم الفَا ِعلِ ُعو ِم َل ُمعا َملَ َة ِّ االشتقاق ،وليس االشتقاق هو املح ّدد للقصد ،وهل أفضل من هذا مجال لتلعب األهواء؟! ولكن حتى احتاميل الثبوت أساسا (وإن كان املفعول به هو السامء). والحدوث هام ضمن حالة التعدي للفعل والتي هي احتامل ثانوي ً مستحيل ،واألساس الذي تقوم عليه األديان من االستناد ٌ ما نقوله هو أن تحدي ًدا حتم ًيا ملعنى مل يؤكد عليه الكاتب قديم ٍ أساس مهرتئٌ وساقطٌ ،ألنه ال ميكن أبدا التدليل عىل ماذا يريد الكاتب من إىل ٍ كتاب ٍ غامض ّ حمل أوج ٍه ،إمنا هو ٌ حتم .وليس أمامنا بني املعاين املطروحة للكلامت املطاطية ،ومن املستحيل ثم من املستحيل تأكيد ما يريده الكاتب ً حمل األوجه كام قال عيل بن سوى االتجاه لكالمه الرصيح (أي األحاديث) ،فال طائل َة من النقاش حول معاين القرآن ّ أيب طالب)40(. السياق خرا ٌّيف تتخلّله حقائق علمي ٌة زعم إعجازي يف دينٍ آخر ،مثل مقاطع التوراة التي تتحدث بشكل ما عن متطط السامء يقول املؤمن دو ًما ‘نه يرفض أي ٍ يف أعاله بشكلٍ تعج باألخطاء العلمية الصارخة .هذا صحيح منطق ًيا ج ًدا؛ ألنه ال ميكن ٍ أسايس؛ ألن كتب هذه األديان ُّ أن يكون الكتاب معج ًزا وعاج ًزا يف نفس الوقت ،إلهياً وبرشياً يف نفس الوقت ،متخلفاً ومتقدماً يف نفس الوقت .فإذا مثل فإ َّن هذه النظرية يجب عليها أن تكون قادر ًة عىل تفسري كل نصوص الكتاب ،وإال تفشل وصمنا كتابًا ما أنه معجز ً تلك النظرية .متا ًما كام يطبق عىل النظريات العلمية لتفسري الظواهر .فإن كان اإلعجاز سمة كل النصوص الدينية نقبل ذلك .أما إن كانت السمة الغالبة هي الخرافة ،فإن نظرية «برشية الكتاب» هي التي تربح التفسري حال إن كنا قادرين عىل إعطاء تفسري ٍ ات عادي ٍة وأسطوري ٍة وتاريخي ٍة للنصوص التي يزعمون أنها معجزةٌ .وإذ يطبق املسلم هذا املنطق أيضا)31(. عىل كتب األديان األخرى فإ َّن هذا ٌ س املُسلم هنا أ َّن دينه يعج بأخطا ٍء علمي ٍة ً مثال للمنطق الدائري ،حيث نَ ِ َ ( - ]4[ )40النهاية يف غريب الحديث واألثر .لإلمام ابن األثري .املجلد األول .حرف الحاء .باب الحاء مع امليم.
75
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
أيضا أن اآلية التوراتية نفسها تحتوي خطأ ،إذ إنها تصف السامء أنها كالخيمة ،يف الخطأ الشائع قدميًا وقد يتق ّدم املؤمن ً صحيح متا ًما ،ولكن لننظر اآلن إىل القرآن بنفس النظرة ،ألن القرآن فشل أيضا الناتج عن الرؤية بالعني املجردة .هذا ً ٌ ٍ حديث للسامء ،وجا َرى تصور القدماء كام ب ّينا يف أول القسم الثاين من هذا املقال .ونيس املسلم أن يف يف إعطاء تص ّو ٍر أيضا خطأٌ علمي من املشاهدة بالعني املجردة ،فالسياق «والسامء بنيناها بأيد وإنا سياق اآلية موضع النقاش يوجد ً ٌّ كل أيضا ظ ّن مح َّمد أن ّ ملوسعون ،واألرض فرشناها ف ِنع َم املاهدون ،ومن كل يشء خلقنا زوجني لعلكم تذكرون» هنا ً الكائنات زوجان ،ومل يعرف بالطبع الكائنات وحيدة الجنس التي ليست ذك ًرا وال أنثى وال حتى خنثى ،وليست زوجني أب ًدا)43( )42( . القسم السادس :الخالصة قديم " ،"vague theoryزئبقي اللغة ،فضفاض املعاين .فتستند نص ٍ يف النهاية فإن الدعوى اإلعجازية تعتمد عىل غموض ٍّ إىل االشرتاك اللفظي " "equivocationللكلامت املطاطة متعددة الدالالت لتم َّرر –يف ج ٍّو من اإليحاء– محاجج ًة فاسد ًة " ،"invalid argumentمكمن فسادها أنها ال تستطيع تأكيد املعنى الذي تريده " ،"unproven assertionنظ ًرا لوجود العديد من األمثلة املضادة " " counterexamplesلدالالت اللفظ .وليس تأكيده سوى مجرد انحيا ٍز عاطفي إلحدى الدالالت " "semantic biasبال دليل (حديث مثال) .هذا االنحياز مخالف لالحتامالت اللغوية "semantic ،"probabilityوهو مر ّج ٌح من نظر ٍة لغوي ٍة بحت ٍة ومن السياق .وإنَّ ا يلعب عىل اإلميان املسبق للمستمعني ويستغل ذلك باملصادرة عىل املطلوب" "begging the questionعىل طريقة إن يف ذلك آلية لكم إن كنتم مؤمنني .وهذا االدعاء أيضا يعمل ضد شفرة أوكام " ،"occam’s razorألنه يعتسف تدخالً فوق الطبيعة لتفسري أم ٍر تستطيع الطبيعة تفسريه ً ج ًدا بشكل طبيعي متا ًما وعادي ج ًدا ،من خالل الدالالت األخرى فال حاجة لهذا الفرض .وافرتاض ماال حاجة لنا به هو قديم مبا يفيد نص ٍ مغالطة .وإن عملنا بهذه الطريقة املغالطة نستطيع إخراج اإلعجازات من كل مكانٍ تقري ًبا .فتأويل ٍّ منطقي .فال نلجأ إىل ما وراء الطبيعة إال إذا فشلت التفسريات الطبيعية متاما. سهل ج ًدا ،إال أنه غل ٌط معنى حديث أم ٌر ٌ ٌ أيضا اآليات القرآنية غري قابلة للتخطيء " ،"unfalsifiableومل طريق فهي األصل وعلينا أن نلتمس لها ألف ٍ ٍ وطريق أوالً . قابل لالختبار–إال ما فشل منها– ولكن ال يقبل املؤمن أب ًدا بخطئها مادامت هناك أمامه تأويالتٌ أخرى تقدم أب ًدا تنب ًؤا ً ٍ تأويالت أيضا –أي لوجود يلجأ إليها لنفي الخطأ ،وحتى إن لجأ إىل املجاز ،ولنفس األسباب هذه فهي غري صالح ٍة لإلعجاز ً أخرى .وإن كانت تأويالتنا ما قاله أهل اللغة حينام كان بني أيديهم القرآن فقط ،به وحده هم يحكمون ،وتأويالتهم فصلوه بعد االكتشاف وهم عامدون .وإن كنا ال نلجأ للمجازات وهم يلجؤون ،وإن كنا لسنا سوا ًء أمام شفرة هم ما ّ تظل «ما جاز فيه االحتامل ،بَطل به االستدالل» ،ولكن أيضاُ أوكام فنحن نُ ْع ِملُ َها وهم ضدها هم يعملون .فإن القاعدة ّ يظل لالحتامالت حساب ال يهمل ،يكون يف كثري من األحيان –وخصوصا تلك التي يعارضون فيها شفرة أوكام أو تلك ُّ ضخم ج ًدا ،كأنه اإلثبات ،يفضحهم وهم كارهون .وعمو ًما إن التي يبدو االقتباس من السابقني فيها واض ًحا كالشمس– ً رفضوا القاعدة وكان مجرد وجود املعنى من بني التأويالت اللغوية املقبولة إعجازًا ،فعليهم قبول الخطأ باملثل ملجرد (Dawson KJ (October 1995). "The Advantage of Asexual Reproduction: When is it Two-fold?". Journal of Theoretical Biology 176 (3): )42 .341–347 (.Alcamo IE (2001). Fundamentals of microbiology. Boston: Jones and Bartlett )43
76
اإلجهاز عىل شبهة اإلعجاز يف أساطري الحجاز 1
Matheos Harison
أي إعجا ٍز باملثل ،يف أي مكانٍ ،ملجرد وجوده كاحتام ٍل مقبو ٍل لغويًا. وجوده بني االحتامالت اللغوية ،أو عليهم قبول ّ ولكن أن يُعملوا القاعدة ملصلحتهم لنفي األخطاء ،ثم يُنكرونها لتمرير اإلعجاز فإن هذا لنفاق وإنهم ملنافقون .وإن ذلك لهو الكيل مبكيالني ،واملنطق الدائري ،واملصادرة عىل املطلوب ،واألحكام املسبقة :أحكام الهوى وليست من املنطق أيضا –يف كثري من األحيان– يتجاهل األساطري القدمية والعلوم السابقة للعرص القرآين يف يشء ولو كره املؤمنون .االدعاء ً النص بشكلٍ ٍ فريد ،لكن إن دققت فيه لتجدنه مرد ًدا للذي بني يديه وما ُخ ِّر َف من قبل ،ال يف محاول ٍة متعسف ٍة إلظهار ّ يأتيه اإلبداع من بني يديه وال من خلفه ،تجمي ٌع من خري الناقلني .وال إعجا ٌز لناقل ،ولو كره الذين نقلوا وأتباع الناقلني. أيضا عن الجو األسطوري الطفويل املضحك للقرآن واألحاديث ،األمر الذي يُفشل بجدارة أي محاولة االدعاء يغض الطرف ً ككل ،وما يبدو القرآن من العلم بقريب، لنظرة علمية ألي تعبري منها؛ وذلك ألن النظرية يجب أن تتوافق مع الظاهرة ٍّ بل إن كل الخرافات ،واألساطري ،والقصورات الفكرية ،والتخلفات الحضارية ،والتجاوزات األخالقية التي وصمت بيئته، وخصوصا إن كانوا وشمت كيانه .فهو صور ٌة عن عرصه ناطق ًة بفكرهم الخرايف املبني .وما كان الله بالذي يتأثر ببيئة ما، ً متخلفني .ناهيك عن التدليس العلمي ذاته (إىل جانب التدليس التاريخي واللغوي واملنطقي) الذي ينم عن عدم احرتام تام لعقلية الناس املخاطبني .أو عن جهلٍ ،وال إعجا ٍز لجاهلٍ ،ولو كره الذين جهلوا وأتباع الجاهلني ،وهكذا يدعون ادعا ًء حجمه ما النهاية ،وما معهم من الدليل من يشء ،إنهم ملفلسون .وما َج َنوا إال إخضاع خرافاتهم للمنطق والعلم ،يفضحها وهم كارهون ،وما كان إال أن انقلبت الح َّجة عىل رؤوسهم ،وانقلبوا صاغرين.
77
https://www.facebook.com/groups/arbangroup
78
أنت أسمى من أن تكون إلهاً
Alia'a Damascéne
يقول أبيقور (" :)1أنه عىل فرض أن هنالك إل ٌه فهو أبعد من أن يَعنى بأمورنا" أي أنه يعترب أ ّن كل االستدالالت عىل وجود اإلله واهية ،وإن ُوجد وسي حياتنا. فهو أسمى من أن يرت ّجل عن عرشه ألمورنا التافهة ْ أصل ،ألنك بأضعف وأنا أقول لك بأنك أسمى من اإلله إن ُوجد ً ألي إنسانٍ يحتاج الحاالت ال تستطيع أن تتخاذل عن تقديم العون ّ إليك بلحظ ٍة ما .ولنسأل هنا ما رضورة وجود اإلله إذن؟ وما حاجتنا به إن كان أكرث رفع ًة من أن يَعنى بأمورنا وإن كان ال حاجة له بنا؟! يعترب ويل ديورانت بكتابه قصة الحضارة،الجزء األول( ،نشأة رصف- الحضارة) ( -)2بت ّ " أ ّن من أهم رضورات خلق البرش لإلله هام" :الخوف والدهشة" ( )1أبيقور ( 271 341-ق.م) فيلسوف يوناين وصاحب مدرسة فلسفية سميت باسمه (األبيقورية) ،قام بكتابة حوايل ثالمثئة منجز مل يصلنا منهم إال القليل :رسالة إىل فيثوكليس يف اآلثار العلوية -رسالة إىل ميناقايوس يف اإلخالق. ( )2ويل ديورانت –قصة الحضارة-الجزء األول – نشأة الحضارة
79
أنت أسمى من أن تكون إلها
Alia'a Damascéne
الخوف من املوت ،فقد كانت الحياة البدائية محاط ًة باملخاطر ،وقلّام وافتهم املنية عن طريق الشيخوخة الطبيعية، فكانوا يقضون إما بعاملٍ من عوامل االعتداء العنيف أو ٍ غريب يفتك بهم فتكًا ،ومن هنا مل يصدق اإلنسان البدايئ مبرض ٍ أ ّن املوت ظاهر ٌة طبيعية ،وعزاه إىل فعل الكائنات الخارقة للطبيعة ،تقول األسطورة عند سكان بريطانيا األصليني: الخي (كامبينانا) إىل أخيه األحمق (كوروفوفا)" :أهبط إىل الناس جاء املوت نتيجة خطأ أخطأته اآللهة ،فقد قال اإلله ّ وقل لهم يسلخوا جلودهم حتى يتخلصوا من املوت ،ثم أنبئ الثعابني أ ّن موتها منذ اليوم أم ٌر محتوم" .فخلط كورفوفا بني شطري الرسالة بحيث بلّغ رس الخلود وتبديل الجلود للثعابني ،وقىض املوت املحتم لإلنسان ،وهكذا ظنت الكثري من القبائل أ ّن املوت سببه تقلص الجلد ،وأ ّن اإلنسان يخلد لو استطاع أن يب ّدل بجلده جل ًدا آخر. والدهشة ،مام تسبب الحوادث املفاجئة والتي ليس مبقدور اإلنسان فهمها ،ومنها األمل يف معونة اآللهة ومايأيت اإلنسان من ح ٍّظ سعيد ،وكان أهم ما تعلقت به دهشتهم وما استوقفهم هام الجنس واألحالم ثم األثر الغريب الذي تحدثه أجرام السامء باألرض واإلنسان" وهكذا نشأت فكرة اإلله الخالق الحكيم املرتبّص بخلقه؛ العادل املنصف ،ويك يشعر اإلنسان بوجوده أكرث وأكرث ،راح رش ناس ًبا كل ٍ حدث إىل رضور ٍة تقتضيها الحكمة اإللهية. يقحمه بتفاصيل حياته من خريٍ و ٍّ فتفنن البرش عرب مسريتهم الحضارية بطقوس وشعائر التواصل والتقرب مع هذا الخالق الرب الراعي ،الطيب الصارم، الغفور املنتقم ...بآنٍ واحد طبيعي طب ًعا ملن أراد أن يجعل من لكن ماذا بشأن الصفات السلبية التي نسبها اإلنسان لربه؟ فالصفات اإليجابية يش ٌء ٌّ ربّه مثله األعىل ،أما السلبية فال تفسري لها سوى أ ّن فكرة اإلله الحازم املهيب تستهوي العبيد أكرث ،فجعله بصورة األب وب ّرر له سلبيته يف بعض األحيان ،بل اعتربها رضورية. فالله عند املسيحيني تخىل عن روحه املتجسدة بابنه لحكم ٍة رسية ،لكنهم ال ميقتونه عىل نفس الدرجة التي ميقتون بها البرش الذين صلبوه! واليهود يق ّرون بأن الله كتب عليهم العيش مضطهدين ريثام يحققوا كلمته عىل األرض ،لكن ال ميقتونه بقدر ما ميقتون أصل! من أحرقهم ومثّل بجثثهم تطبيقًا لبرشى اإلله ً
80
أنت أسمى من أن تكون إلها
Alia'a Damascéne
وملا تكون إحدى عالمات الساعة هي إغداق بالد املؤمنني بالدماء؛ فرنى املؤمن اليوم ميقت ويحقد عىل من يقوم بالقتل رغم أنه يطبق ما برشهم به إلههم الرحيم نفسه ليس إال! بل وميكن اعتباره عب ًدا مغي ًبا مأمو ًرا لتحقيق مشيئة الله. ونجسا يف آنٍ م ًعا) لشدة مقدسا ً يرى دركايم ( )3أن الطوطم رم ٌز للعشرية ،الرمز الذي يهابه الفرد وميقته (ومن هنا كان ً سلطانه عليه سلطانًا ال يُغلب والستبداده استبدا ًدا يحرج الصدر ،وأ ّن الشعور الديني يف أساسه األول هو ما كان يشعر به الفرد إزاء أولياء األمر يف جامعته الذين بيدهم السلطة. لهي صفتَ ْي الرحمة والعدل عىل سبيل املثال وتصادمهم من جهة مع صفتً ْي املنتقم املاكر من أسامء الله باإلسالم ً مثل َ من أبرز التناقضات ،ففكرة عدل الله تحتاج لدراس ٍة وهذا ما يح ّرك التساؤل التايل :إل ٌه ي ّدعي الحكمة ما ال يرتقي عقل ٍ ٍ مكرمات منه ،وبأنّه ما من مثقال ذر ٍة من خريٍ أو ويالت أو وإدراك خلقه عىل تصوره مبا ميتحنهم وما يصادفونه من رش يضيع هبا ًء؛ فامذا بشأن الحيوانات والحرشات التي يطالب رعيته بالرأفة بهم ويذكرهم بأنهم كائناتٌ من رو ٍح و ٍّ مبقلب آخر نراه يطالب كالرضع؛ بل قد أدخل امرأ ًة سعري ناره لتسببها مبقتل هرة حبستها ،ثم ٍ يحضهم عىل مراعاتهم ّ ّ بتقدميهم كقرابني ابتغاء مرضاته؟ لست اآلن بصدد أن أبحث عن التساؤل حول أية مرضا ٍة تلك املرهونة بقتل حيوان أو مقاطعة حيوانٍ آخر هنا أو بتدليل حيوانٍ أو حرش ٍة أخرى هناك! وهل انتقلت األديان اإلبراهيمية من تحريم رشع تقديم تقديم البرش كقرابني بالوثنية لت ّ الكائنات األخرى باألديان االبراهيمية ؟ وملَ اإلرصار عىل وجود فكرة القربان بالدين أساسا؟ وماذا من املمكن تسميتها بعرفنا ً البرشي ومخزوننا اللغوي عىل األقل سوى رشوة للتقرب من إال ٍه غريب األطوار مهمته تنفيذ رغبات من يعطيه اهتام ًما أو يبدي ٍ مرشوط ودومنا اعرتاض .أليس من انصيا ًعا غري الجائزأن أح ّمل الله كامل املسؤولية لتعريف البرش عىل مفهوم الرشوة والوصولية؟
( )3إميل دوركايم فيلسوف وعامل اجتامع فرنيس يعترب أحد مؤسيس علم االجتامع الحديث من أبرز آثاره (قواعد املنهج السوسيولوجي)
81
أنت أسمى من أن تكون إلها
Alia'a Damascéne
ثم كيف له أن يطالبني بالرأفة بينام أراه أمامي يخرق هذه الصفة؟ كيف يع ّدين ضعيف ًة وال ميكنني أن أسري باألرض دون قدو ٍة فريسل املرسلني املثقلني بفرماناته وإشعاراته ،ويع ّد نفسه القدوة ثم أجد نفيس أرفض اعتباره قدويت مبج ّرد مراقبة تعاليمه ومحاولة اتباعها! قد ذهب البعض بتفسري بعض تناقضات صورة اإلله الفاضحة تلك باملراد الخفي لذلك الرب مبا يفوق قدرتنا العقلية. إذن طاملا يفوق قدراتنا أفليس هذا مرب ٌر لقصور عقل اإلنسان عن إدراكها وبالتايل قصوره عن تنفيذها وبالتايل تسقط الزامية االمتثال لها باعتبارها شيئًا غري مفهوم؟ كام يقول املثل الشعبي الديني :إذا أخذ ماوهب أُسقط ما وجب. معفى من تطبيق العدل والرحمة؟ مبا معناه أ ّن اإلنسان بطبيعة الحال قد يكون ً وعن ٍ تناقض آخربصفاته نسأل: ٍ مشهد مذهلٍ كيف وملاذا ينسب املؤمن كل جميلٍ إىل ربّه الجميل الذي يعشق الجامل كام يزعمون ويذكرونه يف كل أيضا! أ ّخا ٍذ حولنا بينام يتهرب فيام لو صادف قب ًحا أو فق ًرا يدمي القلب ناسبًا إيّاه للحكمة اإللهية ً رب القبح إذن وماالغاية من وجود وجو ٍه مبالمح يكاد ال يُطاق النظر إليها؟ الله جميل -هكذا يقول -ف َمن ّ
لرب أن يطالب عبيده بالتعاون لتقريب الفكرة أكرث دعونا نبحث بصفة الواحد األحد ومربراتها حسب األديان ،كيف ٍّ ٍ رشيك آخر إلدارة شؤون الكون بحجة حتمية االختالف وبالتايل والتناضد بينام ي ّربر لنفسه عدم قدرته عىل التواصل مع لرب أن يكون من الحكمة ما يجعل فكرة تشاركه ربًّا آخر سببًا لخراب الكون؟ أمل يجد خالق هذا فساد الكون! كيف ٍّ الرب املعبود من هكذا تفسري؟ اإلله عذ ًرا أو مرب ًرا يسوغه أكرث احرتا ًمأ لهذا ّ 82
أنت أسمى من أن تكون إلها
Alia'a Damascéne
ثم يقول بالقرآن :فبئس مثوى املتكربين .سورة النحل(...)29 وبعدها نجد من أسامئه الحسنى (املتكرب) إذن التكرب كصف ٍة هي ليست سيئ ًة أو مذم ًة بل قد تقتضيها رضورات! هذا ٍ يحق لغريه ،بل أكرث من يخص اإلله نفسه يحق لله ماال ّ بصفات بينام يسحبها من عبيده ،عىل اعتبار ّ ما نفهمه من أن ّ ذلك أحيانًا؛ قد يعتربها ٍ الحق ألحد البرش يحق يل أن أمنح ّ معاص وكبائر ،لكن سأعترب أين اتخذت الله قدويت ،عندها قد ّ مثل. أن يتجاوز تعليامت الخالق إن كان يف ذلك خ ٌري لفئ ٍة من البرش تتعرض الضطها ٍد ما ً مطالب بطاعة والديك؛ فرضاهم من رضا ربك وطاعتهم من طاعته لكن ،يحق سنأخذ كمثال مسألة ب ّر الوالدين ،أنت ٌ أيضا أستطيع معصية لك معصيتهم بحال ٍة واحد ٍة أال وهي لو يف طاعتهم معصي ٌة لله .من هنا أستطيع أن أستنتج أين ً يحق يل أن أكذب ألنقذ حياة ٍ أحد ما ،أو أذى يل أو لغريي ،أي لو اقتىض األمر والرضورة ً مثل ّ تعاليم الله لو يف طاعته ً طفل ما. أن أرسق ألطعم ً يل االنتقام واملكر؟ لو راقبنا اإلله لوجدناه يل التمثّل بتسامح اإلله وغفرانه لإلساءة وهناك ع ّ كيف يل أن أم ّيز أنه هنا ع ّ يخص نفسه بهذه الصفة من باب الرضورة يف بعض الحاالت إما لرتهيب عبيده -وبالتايل الهدف املنشود هو السيطرة ّ عىل هذا الكوكب وتنظيمه -أو لتعظيم نفسه ليس إال. يف الحالة األوىل أنا اؤيده ،فالتنظيم ونرش العدل واملساواة وصون الحقوق يستوجب الحزم لكن ملَ هنا أجد نفيس ألوم ديكتاتوريّي التاريخ البرشي أو قامعي حركات التمرد أو لِ َنقُل حركات التحرر بالعامل؟ أليس لذلك رضور ٌة يف بعض األحيان؟ أليست مواجهة اإلرهاب والعصابات ببعض البلدان تحتاج إىل كل تلك الرصامة؟ مثل إذن اللجوء إىل املكر ليس مذم ًة بكل ما للكلمة من معنى ،بل قد يذهب البعض إىل القول أ ّن هؤالء يتخذون الله ً أعىل يف إدارة األتباع والرعية فكانت القوة هي الحل األمثل الذي أثبت جدواه ،إذن عىل املسلمني تحدي ًدا ّأل ميقتوا أو ٍ محمد وحزمه بتعامله مع يهود بني قريضة ،وهم عىل خطى ينتقدوا ديكتاتوريّي التاريخ ،هم ليسوا سوى نسخ ًة عن الله بتعامله مع قوم لوط. رش التش ّبه بالله. قد يقول ٌ قائل هنا ،اليحق لب ٍ يحق لخالق الكون أن يستبد وميكر وينتقم ويتكّرب بحق مخلوقاته الضعيفة التائهة بدونه؟ أليس أكرث إذن عزيزي هل ّ َمن يتكلم أو باألحرى تتكلمون بلسانه عن الخري والحق؟ كيف له أن يتابع مشهد اغتصاب طفلٍ أو تعذيب بريء؟ ثم أليس هو من اختار األنبياء عىل أنهم الصفوة؟ 83
أنت أسمى من أن تكون إلها
Alia'a Damascéne
ّ يل سوى النظر لسلوك هذا النبي أو ذاك إذن ببساطة ليك أستدل عىل النموذج البرشي الذي يعجب هذا الرب ما ع ّ وأن أحذ َو حذوهم .بل إن نشدت الكامل -وهذا غري ممنو ٍع أو مح ّرم بالديانات -فمن املباح يل أن أمتثل بالله نفسه، وأن أسعى ألن أمتلك أسامءه الحسنى ،ال أتكلم هنا عن املطلق ،بل عن الصفة بح ّد ذاتها ،أي أين أرغب أن أكون عادل ًة غفور ًة صادق ًة ماكر ًة متكرب ًة منتقم ًة ضار ًة أحيانًا ،نافع ًة أحيانًا أخرى حسب الحالة....الخ لكن ما الذي يحدد يل أ ّن هذه الصفات برشي ًة وتلك نبوي ًة وتلك إلهية؟ كيف يل أن أم ّيز بعقيل البرشي هذا؟ أنا أرى وسي األنبياء الذاتية. أ ّن للرضورة أحكام؛ وهذا ما ملسته من بعض حكايا الكتب الساموية َ وسي األنبياء ،واتخذت قرا ًرا أين ببساط ٍة واختصار ،فأنا لو ُولدت بصحرا ٍء منفية، ْ ووقعت بني ّ يدي الكتب الساموية َ سأكون عىل خطاهم بحذافريها .فام النتيجة التي تتخيلها؟ هذا عىل مستوى فردي فام بالك لو تخيلت شعوبًا قررت أن تسري عىل خطى هؤالء وربهم املزعوم؟ إلهي وسريهم لتصلك الفكرةً . ماعليك سوى املرور عىل حكايا النبيني َ مثل قد يأتيك بالحلم رؤيا تتهيأ لك عىل هيئة أم ٍر ٍّ فال تتجاهلها أيًّا كانت وإن وصلت ح ّد تطليق امرأة من رجلها لصالحك؛ أو ج ّز عنق ابنك ،أو أن تغنم محصول جارك الذ ّمي إن مل ميتثل لدعوتك باعتناق دينك الحنيف األليف ،أو أن تنتقم بنفسك ممن خان عهده معك يف أم ٍر ما... والتنىس أ ّن هنالك املسيحي واليهودي واملسلم بني األنبياء القدوة ،وهناك الزبور والتوراة واإلنجيل والقرآن ،فعليك الحق ،التسأل كيف وملاذا ،فام من إجاب ٍة واضح ٍة لآلن .وال يشفع لك أن تقول اخرتت الدين الذي التمييز بني الدين ّ انرشح له صدري ،أو اخرتت األقدم أو األحدث ،بل عليك أن تختار ولك مطلق الحرية نعم هذا صحيح ،لكنك مج ٌرب عىل االختيار السليم. لجوء اإلنسان إىل لصق الله بالصفات ذات الحدين كالغفور املنتقم ،النافع الضار ،الصادق املاكر...الخ هي محاول ٌة للقول متناقضا لكن للرضورة أحكا ٌم بأ ّن كل ما يحيق بنا لله ي ٌد به وإرادة ،وبأ ّن كل حال ٍة تقتيض موقفًا معي ًنا ،حتى وإن كان ً ٍ وصفات محددة، مبنحى معني والرضورات تبيح املحظورات ،وهذا الكالم ينطبق عىل اإلله فقط ،أما البرش فلهم االلتزام ً وهنا ينسف الرب بالدرجة األوىل صفة املطلق التي يحاول احتكارها ،وبالدرجة الثانية يطرح استفسا ًرا هنا عن سبب تحريم صف ٍة معين ٍة دون أخرى .قد يقول يل البعض النتائج هي الحكم وهي دليلنا للتمييز بني الصواب والغلط ،وعندها مثال بسيطًا عن ٍ أناس طيبني واجهوا صعابًا ال تطاق وكوارث يعجز من السهولة أن أحدد الصح من الخطأ ،لكن لو أخذنا ً مثل فإن املح ّرض عىل الجرمية هو ٌ يل فيها عن تحملها برش أفال يُعترب هذا دف ًعا باتجاه الغلط؟ بلغة القانون ً رشيك فع ٌّ بل حتى العارف بها والساكت عنها يعترب مجر ًما .هل ينطبق ذلك عىل اإلله؟ ستقول يل ما لإلله لإلله وما للبرش للبرش. لكن كيف لنا أن أعرف ما للبرش؟ 84
أنت أسمى من أن تكون إلها
Alia'a Damascéne
مثل أعىل؟ ستجيبني :ال ،فالله يش ٌء آخر متا ًما سأعود إىل تساؤيل األول :أليس من األجدر يب إن تاه صوايب أن أتخذ ريب ً ال ميكنك اإلحاطة به فعفه وشأنه واعرف قدرك وقم مبا أمرك به عن طريق رسله من صفوة البرش (األنبياء). أيضا بـ :ال ،فالله يحق يل حذو حذوهم؟ ستجيب ً إذن اآلن قدويت هم هؤالء األنبياء؛ من اختارهم الله املزعوم؛ فهل ّ اختارهم ورفّعهم عن بقية البرش ،فقم مبا طالبك به هؤالء واعرف قدرك. إذن أين عدل الله هنا بني عبيده؟ بل حتى أنه ذهب إىل رفع مستوى بعض البرش اآلخرين ممن لُقبوا بالصحابة الحقًا أو القديسني! قليل ،أمل يختار الله األنبياء ألنهم النخبة؟ أم لو قلبنا النظرة ً يخص به وخصهم مبا مل ّ أنهم أصبحوا نخب ًة وأعاد تأهيلهم ّ رسل منه؟ أي أين لو اتبعت سلوكهم فإين برش بعد أن نصبهم ً سي أنبيائك ممن يرىض عنه إلهك ،وهنا سأطلب منك مراجعة َ ومغامراتهم لتصلك الصورة أوضح. ولتتخيل معي ،كيف يل أن أنشئ أرس ًة وأقوم بالرسقة أمام يحق له أن يرسق ألين أعترب ابني ً مثل؛ لكن يف نفس الوقت ال ّ نفيس عىل درج ٍة من الوعي مل َ يرق لها هو بعد ،وأعرف متى وكيف وملاذا قد أرسق .أما هو فال ،وبالتايل عليه أن يفهم أين لو رسقت أو حتى لو قتلت فهو لرضورة بل قد يكون لحكم ٍة أيضا .هنا فإ ّن ابني لن يهني املارقني ولن وغاي ٍة نبيل ٍة ورمبا خري ً يع ّد ما نعتربه تجاوز ٍ رشا باملطلق. ات أخالقي ٍة ً حل لتخفيف كربة أحدهم وتوانيت عن اللجوء إليها فسأُعترب وكذلك األمر بخصوص الخري املطلق فلو كان بيدي ً قليل ولرتى حتم بل ورشيك ٌة يف الجرمية ،وهذا س ُيسقط عني صفة الخري املطلق .حاول أن تجلس مع نفسك ً متواطئ ًة ً هل تك ّن احرتا ًما حقًا إللهك هذا؟ هل تح ّبه أكرث أم تخشاه؟ هل لك من مآخذ عىل إدارته لهذا الكون أم أنك لو كنت مكانه لفعلت مثله أم ستكون أرحم؟ ثق أنك أطيب وأسمى من أن تكون إل ًها ،فإياك ومجاراته مبا زعموا أنهم أوصلوا إليك من إشعاراته أوالتمثل به أو مبن تحدث باسمه أو مبن ا ّدعى التواصل معه ،فقد رسموه عىل شاكلتهم هم. 85
عاملٌ بال إل ٍه :فقدان ديننا ٌ مقال مرتج ٌم عن مجلة New Scientistملح ّررها جراهام الوتن Graham Lawton منشور ٌة يف عدد أيار /مايو 2014
فريق ترجمة قناة امللحدين بالعريب
نهضت متوج ًها إىل الكنيسة ،فرنّ ُت قمت بيش ٍء مل أفعله ألكرث من ثالثني عا ًما؛ حيث ُ يل بلندنُ ، يف صبا ٍح دافئٍ غري فص ٍ ٍ ورميت بعض القطع ال ّنقدية يف صندوق التّربعات الخريية. بلحظات هادئ ٍة من التّأمل، مت ُ واستمعت إىل القراءات ،وتن ّع ُ ُ ٍ بإحساس دافئٍ يف روحي .عىل ما أظن؛ كان هنالك املئات مثل هذه ويف األخري كان يوجد الشّ اي والكعك وشعرتُ التّجمعات يف أنحاء املدينة ،لكن فقط مع استثنا ٍء ٍ وحيد جدي ٍر بالذّكر :ال وجود حقًا إلل ٍه هنالك. مرحبًا بكم إىل " تجمع األحد " ،حيث يُعقد تجم ٌع صلوايتٌ لغري املؤمنني مر ًة كل أسبوعني يف صالة كونواي ،مق ّر أقدم منظم ٍة للتّفكري الحر يف العامل .كان يوجد عىل األقل ٍ 200 بالصالة يف اليوم الذي ذهبت فيه ،وأحيانًا يُقدر عدد شخص ّ الحضور بـ ٍ 600 شخص. 86
عاملٌ بال إل ٍه :فقدان ديننا كل من الكوميديان ساندرسون يهدف تج ّمع األحد ،الذي ّأسسه ٌّ جونز وبيبا إيفانز عام ،2013إىل توفري ٍ بعض من امليزات املعنوية الجيدة يف األديان ،لكن باالستغناء عن اإلميان باألمور الخارقة خارج جدول األعامل؛ فهذا التّجمع ببساط ٍة للطّبيعة .اإللحاد ً أيضا َ ٌ احتفال بالحياة .يصفه املؤسس جونز بقوله :مهمتنا مساعدة ال ّناس لعيش هذه الحياة الواحدة قدر املستطاع. كل بلد ٍة ومدين ٍة املوسع إقامة تج ّمعٍ صلوا ٍيت يف ّ هدف التّج ّمع ّ وقري ٍة تريد ذلك .ويوجد بالفعل الكثريون :فمن بداي ٍة متواضع ٍة تتمثّل يف كنيس ٍة علامني ٍة بلندن ،أصبح يوجد اآلن 28تج ّم ًعا ف ّعالً يف اململكة املتحدة ،إيرلندا ،الواليات املتحدة ،وأسرتاليا. يعمل جونز اآلن بكامل وقته ليوفّر متطلبات املزيد من هذه السنة. التّجمعات ،ويتوقع أ ْن يتم إنجاز 100تجمعٍ بنهاية هذه ّ األشخاص الذين انضممت إليهم بذلك األحد املشمس ليسوا ّإل جز ًء صغ ًريا من ال ُهوية ال ّدينية األكرثِ نُ ًوا يف العامل "الالدينيون". ويشملون غري املؤمنني من جميع األنواع ،بداي ًة من امللحدين املقتنعني مثيل ،إىل ٍ أناس ال يهتمون بال ّدين ببساط ٍة ،وهم اآلن يُعدون أكرث من بعض ال ّديانات ال ّرئيسة يف العامل. يف لندن ،وباعرتافهم ،هم ليسوا شيئًا ممي ًزا؛ فاململكة املتحدة واحد ٌة من أدىن البلدان تدي ًنا بالعامل ،بقول حوايل نصف سكانها ألي دينٍ .لكن بال ّنسبة ألماكن أخرى فإ ّن بزوغهم إنّهم ال ينتمون ِّ رسي ٌع وجدي ٌر باملالحظة .منذ ٍ عقد؛ اعترب أكرث من ثالثة أرباع سكان العامل أنفسهم متدينني ،ولكن اليوم هم أقل من ستني باملئة ،ويف "اللدينيون" اآلن أكرثي ًة .شُ وهدت بعض حوايل ربع البلدان يُعترب ّ أكرث االنحدارات يف نسبة ذلك ببلدانٍ كان فيها ال ّدين يعترب مثله مثل أثاث املنزل ال غ ًنى عنه؛ كإيرلندا عىل سبيل املثال ،ففي عام 2005قال 69باملئة من ال ّناس هناك إنّهم متدينون ،أ ّما اآلن ،فقط 47باملئة هم كذلك (الحظ املخطط البياين ). 87
عاملٌ بال إل ٍه :فقدان ديننا نفيس بجامعة كولومبيا الربيطانية يف يقول آرا نورينزايان :نحن بصدد رؤية نزع ٍة علامني ٍة عىل مستوى العامل ،وهو َعالِ ٌم ٌ ٍ غزوات كربى يف أوروبا الغربية والشّ املية، قائل :توجد حال ًيا أماك ٌن حيث تصن ُع ال َعلْ َم َنة فانكوفر بكندا ،ويستأنف حديثه ً بعمق -عدد ال ّناس الذين يُبدون مسيحي والصني ،حتى يف الواليات املتحدة -وهو بل ٌد ٍ كندا ،أسرتاليا ،نيوزيلندا ،اليابانّ ، ٌ رأيهم القائل " ال انتامء ديني " قد ارتفع من 5%يف عام 1972إىل 20%اليوم ،وبني األشخاص الذين تقل أعامرهم عن أقرب إىل الثّلث. الثّالثني عا ًما فإ ّن تلك ال ّنسبة تكون ُ ذلك ال يعني أنّهم جمي ًعا قد رفضوا ال ّديانات عل ًنا بوضو ٍح؛ فقط ثالثة عرش باملئة من ال ّناس حول العامل يقولون إنّهم ملحدون ملتزمون .ومع ذلك؛ فهذا يعني أنّه يوجد حوايل مليار ٍ ملحد عامل ًيا .ميكن فقط للمسيحية أو اإلسالم اإلدعاء لسبب من ونصف آخ َر ممن ال يرون أنفسهم متدينني وبجانب هؤالء امللحدين يوجد مليا ٌر أ ّن أعدادهم أكرث من هذا. ٌ ٍ ٍ األسباب. منذ قرنٍ ؛ كانت هذه ال ّنزعات تبدو حتمي ًة ،حيث توقع ُم َؤ ِس َسا علم االجتامع إميل دوركيم وماكس ويرب أ ّن التّفكري العلمي سيقود إىل التآكل التّدريجي وال ّرحيل ال ّنهايئ لل ّدين .ورأيا قيام املنظامت اإلنسانية ،والعقالنية ،والفكرية الح ّرة يف أوروبا الغربية كبداي ٍة للثّورة العلامنية.
ُولد ليؤمن مل أفهم بالضبط ما الذي حصل؛ فعىل ال ّرغم من أ ّن أجزا ًء من أوروبا الغربية ،أسرتاليا ،كندا ،نيوزيلندا اتبعت العلمنة بعد الحرب العاملية الثّانية فإ ّن باقي العامل بقي مؤم ًنا وبعزم .وحتى اإللحاد ال ّرسمي يف الجبهة الشّ يوعية مل يَكُن ذا ٍ عميق .بل عىل العكس من املتوقع؛ فقد بدأ ال ّدين ينبعث من ٍ جديد يف نهاية القرن العرشين؛ وبدأت الجامعات رسو ٍخ ٍ األصولية بإحراز مكان ٍة يف العامل؛ وصار اإلسالم قُو ًة سياسي ٍة ال يستهان بها؛ وبقيت الواليات املتحدة مؤمن ًة بعنا ٍد؛ اللدينية باالنعزال بشكلٍ متز ٍ ايد ،واآلن وبعد أ ْن عادت العلمنة إىل الواجهة ،يقول فيل زوكريمان ،وهو وبدأت أوروبا ّ َعالِ ٌم اِ عام األخرية تقهق ٌر شدي ٌد للتّدين يف كل جتامعي يف جامعة بيتزر يف كلريمونت يف كاليفورنيا :ظهر يف العرشين ٍ ٌ عام نرى تزاي ًدا يف معدالت املجتمعات ،إنّنا نرى ال ّدين يف تراجعٍ، صحيح هنالك تزاي ٌد يف الحركات األصولية ،لكننا بشكلٍ ٍ ٌ ٍ قبل أب ًدا ،كالربازيل وايرلندا وحتى أفريقيا. اللدينية ً مجتمعات مل ن َر فيها ّ اللدينية يف ّ الديني؟ هل من املمكن أ ْن يجيء يو ٌم يَ ْعتَ ِب فيه أغلبية ال ّناس إذا ً ،هل تحقّق توقّع القرن التّاسع عرش القائل بعا ٍمل ٍ أول أنفسهم غري مؤمنني؟ وإ ْن حدث هذا؛ فهل سيكون العامل مكانًا أفضل؟ لإلجابة عىل هذه األسئلة فعلينا أ ْن نُدرك ً لِ َم يؤمن ال ّناس بإل ٍه ما. 88
عاملٌ بال إل ٍه :فقدان ديننا واضح بال ّنسبة للكثريين :يؤمن ال ّناس باإلله ألنّه موجو ٌدِ .ب َغ ِض ال ّنظر عن صحة أو خطأ هذا اإلدعاء ،إلّ أنّه الجواب ٌ ٍ مكلف يوضح شيئًا مث ًريا ج ًدا حول طبيعة اإلميان ال ّديني .بال ّنسبة لألغلبية ال ُعظمى من ال ّناس فإ ّن اإلميان بإل ٍه أم ٌر غري السبب أو َمفْرو ٌغ منه .فكأنّك تتنفس أو تتعلم لغتك األصلية ،فاإلميان بإل ٍه هو واح ٌد من هذه األمور ،يُكتسب فطريًا .ما ّ يف ذلك؟ السنوات األخرية قام علام ُء ال ّنفس املعريف بصياغة تقري ٍر شاملٍ َ حول قابلية ال ّدماغ البرشي للتّأثر باألفكار ال ّدينية. يف ّ ٍ سامت معين ًة من نفسية اإلنسان ُس ّم َي بنظرية املُنتج الثّانوي لإلدراك ،Cognitive by-product Theoryتتضمن أ ّن قصصا تطورت ٍ أيضا ً ألسباب غري ديني ٍة ،لكنها خلقت ً أرضا ِخصب ًة لإلميان بإل ٍه .وكنتيج ٍة لهذا فإ ّن ال ّناس عندما يواجهون ً ٍ وادعاءات ديني ًة فإنّهم يجدونها جذاب ًة ومعقول ًة بشكلٍ بديهي. ٍ عىل سبيل املثال ،كان أسالفنا عىل رأس قامئة الطّعام للمفرتسات ،لهذا فإنّهم طوروا ٍ رصد شديدة الحساسية للعوامل قُو َة املسببة ،هذه تسمي ٌة مزخرف ٌة الفرت ٍ اض أ ّن ٍ كائنات األحداث الطّبيعية ُم َس َبب ٌة من ِقبل أو ِق ًوى واعي ٍة .ونرى لهذا أسبابًا أو مع ًنى أي خربش ٍة يف الشّ جريات تطوريًا؛ فقد تعني ُّ مفرتسا يطوف ِخلس ًة ،لذا من أ ّن هنالك ً األفضل التزام جانب الحذر ،لكن ذلك يجربنا ٍ كائنات حيث ال الفرتاض وجود ِق ًوى أو وجود لها .وذلك أحد أهم ادعاءات األديان، أنّه هنالك عوامل غري مرئي ٍة مسؤول ٍة عن القيام باألشياء وصنعها يف العامل.
ال ّراحة الوجودية
قام البرش بتطوير طرقٍ مراوغ ٍة أخرى ساهمت يف انتشار املعتقدات ال ّدينية مثل املفاهيم الشّ خصية ِ الخ ِّية لإلله ،الغاية العليا والحياة األخرى ٌ مثال عليها هو مساعد ٌة لل ّناس للتّحكم يف خوفهم األبدي وتعليمهم أ ّن الشّ ك جز ٌء من كونك إنسانًا. 89
عاملٌ بال إل ٍه :فقدان ديننا وميل ل َنتَ َوافق مع املعايري ميل نحو تقليد أولئك الذين يكونون يف مراكز عليا – كام نقلد املشاهري الحاليني – ٌ أيضا ٌ لدينا ً االجتامعية املشرتكة ،وكالهام يساهم يف انتشار املعتقدات ال ّدينية .فنحن مذهولون بيش ٍء يسميه العلامء CREDs كالصوم وجلد ال ّنفس أو االستشهاد. عروض تعزيز املصداقية Credibility Enhancing Displaysمثل األغراض ال ّدينية ّ وأخ ًريا؛ فال ّناس الذين يظنون أنّهم تحت املراقبة سيكبحون جِامح أنفسهم ويتعاونون أكرث ،فاملجتمعات التي تحظى مبراقب ٍة خارق ٍة للطّبيعية ستكون أنجح يف هذا املجال من املجتمعات األخرى ،ما يساهم يف نرش األفكار ال ّدينية .لنضيف إىل هذا طريقة عمل أدمغتنا التي تجعلنا نتلقى األفكار ال ّدينية بشكلٍ طبيعي وتَتَقبلها حتى حني نقاومها .ما إ ْن يقتنع ٍ البرش بفكرة اإلله سينترش هذا كال ّنار يف الهشيم. وكذلك نظرية املنتج الثّانوي لإلدراك Cognitive By-Product Theoryتُوفر لنا سب ًبا النجذاب ال ّناس برسع ٍة إىل سهل ج ًدا ،إذا ً ،ملاذا هناك ملحدون؟ األفكار ال ّدينية .لكن ومع القول إ ّن ت َ َق ُبل اإلله ٌ إىل فرت ٍة قصري ٍة ،كان الظّن سائ ًدا أنّه عىل ال ّناس رشح كل األسباب التي تدفعهم إىل اإللحاد؛ فحللوا متطلبات ال ّدين يفس لنا ملاذا كان اإللحاد مس ًعى ألقلي ٍة من ال ّناس ،ملاذا تجد أ ّن أكرث امللحدين ورفضوها عىل أرض ّ اللمعقولية .ما ّ ومستحمل؟ بعد التّغلب عىل كل هذه التّحيزات التّطورية وفهمها ،ال يجب أ ْن يستمر األمر ٌ مثقفني؟ وملاذا ال ّدين سائ ٌد عىل هذا املنوال. اللدينية ،رمبا يفرس التّزايد املستمر للعلامنية شيئًا ما .ونجده بكل ٍ تأكيد يزدهر يف طريق مه ٌم إىل ّ "اإللحاد التّحلييل" ٌ أماكن حيث يكون األفراد ُمطلعني عىل التّفكري العلمي ،وعىل نُظم التّفكري التّحلييل األخرى .لكنه ليس ال ّنكهة الوحيدة لللدينية. ّ ففي الواليات املتحدة ،عىل سبيل املثال ،ومن بني الـ % 20الذين يقولون إنّهم ال ميلكون انتام ًء دينيًا ُمحد ًدا ،نجد أنّه فقط واح ٌد من كل عرش ٍة منهم يقولون إنّهم ملحدون واألغلبية العظمى التي تزيد عن 71%منهم يصفون ُهويتهم ال ّدينية بـ "اليش َء محد ٍد" ،يقول نورينزيان :هناك ٌ طرق ودواف ٌع عديد ٌة ليك تكون ملح ًدا؛ فعدم االعتقاد ال يتطلب مجهو ًدا َم ْعرِف ًيا دامئًا .فإ ْن كان ال ّناس ال يرفضون اإلدعاءات ال ّدينية بشكلٍ واض ٍح ورصي ٍح ،فلامذا يَ ْه ُجرون اإلله؟ بال ّنسبة سهل التّقبلِ ،فأحد أهم األسباب لهجر اإلميان لنورينزيان فالجواب يكمن يف بعض التّحيزات ال ّنفسية التي تجعل ال ّدين ُ بإل ٍه هو أ ّن ال ّناس أصبحوا ال يحتاجون إىل تلك ال ّراحة التي تأيت مع التّصديق بوجود إل ٍه بشكلٍ متز ٍ ايد .حيث إ ّن ال ّدين يزدهر عىل حساب القلق الوجودي؛ حيثام يشعر ال ّناس بانعدام اآلمان وانعدام ال ّراحة والغموض ،يأيت ال ّدين ُم ْس ِعفًا تقل أهمية ذلك ال ِغطاء األمني شيئًا فشيئًا .وعىل أساس هذا فمن غري لهم .لكن مع ازدهار واستقرار املجتمعاتّ ، 90
عاملٌ بال إل ٍه :فقدان ديننا والنويج التي ت ّم تصنيفها من أكرث املفاجئ أ ّن ال ّدول ّ والسويد ّ اللدينية من أكرث ال ّدول استقرا ًرا وأمانًا مثل دول الدامنرك ّ ال ّدول ازدها ًرا واستقرا ًرا وأمانًا مع عناي ٍة صحي ٍة تشمل الجميع باإلضافة إىل ضامنٍ سخي. اجتامعي ٍ ٍ كذلك فإ ّن ال ّدول املتدينة ت ُعد أكرث ال ّدول فُق ًرا من كل ال ّنواحي وفقًا للمؤرش العاملي لل ّدين واإللحاد Global Index of .Religion And Atheismذلك ال ّرابط – بني مستوى ال ّدول االقتصادي واتجاهاتها ال ّدينية – مدعو ٌم بدر ٍ اسات مختربي ٍة تُظهر أ ّن إدراك األفراد بالتّهديدات الوجودية ،كاألمل والعشوائية واملوت ،من شأنها أ ْن تزيد اعتقادهم بالله .فبعد اللدينية املرتفعة سنة 2011زادت زلزال مدينة كرايسترشش الذي حصل يف نيوزيلندا التي تُصنف كأحد البلدان ذات ّ اللإكرتاثية Apatheismحيث االلتزامات ال ّدينية هناك ،هذا ال ّنوع من اإللحاد يسميه نورينزيان باإللحاد الرباغاميت أو ّ يقول :املوضوع ليس عن التّشكك وال ّرفض ،بل إنّه وببساط ٍة عدم االهتامم؛ فهم ال يفكرون بال ّدين ،ويضيف :فبمقارنتها الصحية وانعدام األمن الوظيفي أمم ثري ٍة أخرى تنفرد الواليات املتحدة ِ م َع ٍ بنسب القلق الوجودي العالية وشُ ِّح ال ّرعاية ّ املنترش وغريها ،ما يساهم يف خلق ٍ أرض ِخصب ٍة ليك يزدهر ال ّدين فوقها. اللدينية األخرى هو اإللحاد املفتقد لعرض تعزيز املصداقية inCREDulous Atheismالذي يشري إىل أهم مصادر ّ أحد ِ أي ٌ ميال للشّ ك باللّغة عرض تعزيز املصداقية آنف الذِّكر ،مع مالحظة أ ّن inCREDulousهنا ال تعني ْ incredulous رفض للـ .CREDs اإلنجليزية ،لكنه مصطلح يقصد به ٌ ٌ قوي عىل كيفية انتقال األديان؛ فأينام تجد أفرا ًدا فالعرض ال ّدرامي للتّدين يقول عنه نورينزيان :هذه العروض لديها تأث ٌري ٌ طبيعي ،لكن مستعدين للموت ألجل دينهم؛ عىل سبيل املثال ،ستجد أ ّن هذه املعتقدات ال ّدينية معدي ٌة وبشكلٍ غري ٍ حيث ال تَرى مثل هذه العروض وحتى لو كان املحيط كله أفرا ٌد متدينون ستجد أ ّن هنالك بواد َر لرفض ال ّدين. نورينزيان ما زال يعمل عىل معرفة العالقات بني هذه الطرق املختلفة التي تؤدي إىل اإللحاد ،ورمبا يكون أحد أسبابها يف كونها تَ ْدعم بعضها تلقائ ًيا ،لكنه يقول إ ّن حدسه يخربه أ ّن اإللحاد الرباغاميت هو األهم ويَذْكر :هذا سيكون مفاجئًا للكثري من ال ّناس الذين يعتقدون بالوصول إىل اإللحاد عن طريق التّفكري التّحلييل ،لكن حسب ما أرى من أدل ٍة قوي ٍة أ ّن املجتمعات تصل إىل املساواة فيام بينها ،وبالتّايل ستأيت العلامنية بعد ذلك . فحص قام به مرك ٌز بال ّنسبة لبعض أنصار ال ّدين فهذا يعني أ ّن ّ اللدينيني ليسوا ملحدين ُمطلقًا ،وهذا اإلدعاء يدعمه ٌ "ثيوز "Theosالربيطاين املسيحي حيث وجدوا أنّه عىل ال ّرغم من تراجع األديان بني البالغني ّإل أ ّن املعتقدات ال ّروحية مل تكن يف حال ِة تراجعٍ؛ حيث إ ّن 60%من الذين ت ّم سؤالهم قالوا إنّهم يعتقدون بوجود قو ٍة عليا أو رو ٍح عظمى ،وحوايل ٍ كائنات مادي ٍة دون عنارص روحاني ٍة . 13%منهم اتفق مع املقولة :البرش مجرد 91
عاملٌ بال إل ٍه :فقدان ديننا مستحيل ٌ ونخص بالذّكر باسكال بوير من جامعة واشنطن يف سانت لويس – قد ادعوا أ ّن اإللحاد يش ٌء بعض العلامء – ّ عىل املستوى ال ّنفساين بسبب طريقة تفكري البرش .حيث أشاروا إىل دراس ٍة تقول إنّه حتى مع كون املرء ملح ًدا فام زال بداخله بعض املعتقدات ال ّدينية مثل وجود ال ّروح الخالدة عىل سبيل املثال. كالم فار ٍغ حيث يقول :عناوين األفراد ال تهمني يف يش ٍء كام تهمني سيكولوجياتهم بال ّنسبة لنورينزيان هذا مجرد ٍ ٍ وترصفاتهم .فهل يقول ال ّناس إنّهم ال يعتقدون بوجود إل ٍه؟ هل يذهبون إىل كنيس ٍة أو ٍ مسجد؟ هل يُ َصلون؟ معبد أو هل وجدوا شيئًا ذا مع ًنى يف ال ّدين؟ هذه هي املعطيات التي يجب أ ْن تثري اهتاممنا ،وفقًا لهذا فمعظم غري املتدينني مم لو كان الطّريق الوحيد إليه هو رفض كل األفكار هم الدينيون ما يعني أ ّن اإللحاد ينترش بشكلٍ واسعٍ ٍ ودائم ،أفضل ّ ال ّدينية.
غري املؤمنني يف تزاي ٍد
هل ستستمر تلك ال ّنزعة؟ ال تبدو كذلك يف ظاهرها .إ ّن كان اإللحاد ينترش حيث األمان وال ّرخاء متوفران فإ ّن ت َ َغ ُي الظّروف املناخية وسوء األحوال البيئية سيبطّئ بشكلٍ كبريٍ عملية االنتشار .يقول نورينزاين :إ ْن حصلت كارث ٌة طبيعي ٌة كبري ٌة فأتوقّ ُع ازدياد اإلميان ال ّديني حتى يف تلك املجتمعات العلامنية .ميكنك أخذ اله ّزة األرضية التي رضبت مدينة مثل. كرايسترشش يف نيوزلندا بعني االعتبار ً
ليس من الواضح إ ْن كانت عملية العلمنة األوروبية ستتك ّرر يف أماكن أخرى .يقول ستيفن بوليفانت ،وهو الهويت يف ٌ معروف جامعة القديسة ماري يف اململكة املتحدة ومحر ٌر يف دليل اوكسفورد لإللحاد :إ ّن املسار الذي تسلكه ال ّدول قائل :عىل ال ّرغم من ذلك ،هنالك إجام ٌع حول إذا ما استمر ال ّرخاء بعض االستثناءات ،ويستطرد حديثه ً تاريخ ًيا وله ُ االقتصادي واألمان وال ّدميقراطية باالزدهار فإ ّن العلامنية ستكون آتي ًة عىل األرجح يف نهاية املطاف. 92
عاملٌ بال إل ٍه :فقدان ديننا اللدينية بالتّزامن يقول مايكل نوجينت؛ وهو رئيس جمعية " ُمل ِْح ِدي ايرلندا :"Atheist Irelandإ ّن ايرلندا تحولت إىل ّ ٍ السابقة التي أي مع انفتاحها االقتصادي .كام أنّها بشكلٍ مثريٍ ال تظهر ُّ عالمات لعود ِة اإلميانِ ال ّديني عىل عكس امل ّرات ّ ٍ الصعب توقفها .التّجربة األيرلندية بكوارث اقتصادي ٍةُ ،موح ًيا أنّه إذا ما ّ أصيبت حينها بها اللدينية انترشت فإنّه من ّ بتغي اعتباراتها ال ّدينية القدمية .يقول بوليفانت يف هذا األمر :ايرلندا كانت توحي أنه حتى ّ أقل األماكن شَ بَ ًها بها قد تبدأ ّ أي ٍ بلد أخر ،كبولندا أو حتى الفلبني". دو ًما استثنا ًء أوروب ًيا وإ ْن حصل األمر هناك فقد يحصل يف ِّ وهنالك الحقيقة التي تقول إ ّن الواليات املتحدة تبتعد عن الله شيئًا فشيئًا عىل ما يبدو؛ فأكرث املجموعات ال ّدينية نُ ًوا هناك يف العرشي َن عا ًما األخرية هم "غري املؤمنني" ،وخاصة بني الشّ باب .أحد التّفسريات لهذا األمر هو تفسري األحداث التّاريخية كالحرب الباردة؛ فلعقو ٍد َع َّد األمريكيون أنفسهم يف مواجهة الشّ يوعيني امللحدين ،كام ا ُعترب اإللحاد معا ٍد للوطنية ،أ َّما الجيل الذي نشأ بعد سقوط جدار برلني عام 1989يعترب الجيل األكرث ابتعادا ً عن االعتبارات ال ّدينية. معاكسا بعد الحرب الباردة ،ففي العام َ 1991ع َّد 61%من ال ّروس أنفسهم غري بشكلٍ مثريٍ لالهتامم؛ نَ َح ْت روسيا من ًحى ً مؤمنني ،ويف غضون عام 2008انخفضت ال ّنسبة لـ 18%فقط .لكن يبدو أ ّن ال ّروس عاودوا االنضامم مجد ًدا إىل ال ّنزعة العلامنية؛ فبحسب اإلحصائيات املتخصصة بال ّدين واإللحاد فإ ّن 55%ممن شارك باالستفتاء عام 2012اعتربوا أنفسهم مؤمنني بدينٍ معنيٍ. قائل :االحتامل لسبب آخ َر ،وهو الطّريقة التي ينتقل بها ال ّدين عرب األجيال ً اللدينية ستستمر يعتقد بوليفانت أ ّن ال ّنزعة ّ ٍ األقوى حول إذا ما كان الشّ خص سيصبح مؤم ًنا هو كون والداه مؤمنني ".فالطّفل الذي والداه مؤمنني لديه فرص ُة حوايل طفل والداه غري مؤمنني لديه فرصة % 3أ ّن يصبح مؤم ًنا .يكمل بوليفانت :إمكانية بقاء % 50أ ْن يصبح مثلهام؛ أ ّما ٌ شخصا يتبع دي ًنا ما بعدما نشأ اإلنسان عىل ما هو عليه تكون أعىل بكثريٍ عند غري املؤمنني ،فمن الغريب ج ًدا أ ْن ترى ً شخصا نشأ ٍ بوسط مؤمنٍ لينتهي بكونه ال ِدينياً ،ففي اململكة املتحدة نجد أ ْن واح ًدا عادي ج ًدا أ ْن ترى ً ال ِدين ًيا ،لكنه أم ٌر ٌ من ب ِني كلِ عرش ِة أشخاص تركوا الكنيسة الكاثوليكية سيتبع كنيس ًة أخرى. يشري بوليفانت أ َّن القناعة بشأن األديان تَثْبُ ُت يف منتصف العرشينيات من العمر؛ لذا فثالثون باملئة أو أكرث من الشّ باب سيغيون معتقداتهم عندما يف الواليات املتحدة الذين يعتربون أنفسهم ال يحملون ٌهوي ًة ديني ًة ما ،من غري املرجح أنّهم ّ يكربون ،ويف األغلب فإنّهم سينقلون عدم إميانهم ألوالدهم. رش يقول بوليفانت :حقيق ًة وجود مثل هذه املجموعة ،التي متتاز بكونها كبري ًة حقًا مل يسبق لها ٌ مثيل يف ّ السابق؛ هو مؤ ٌ قوي يف الواقع عىل عملية العلمنة الجارية. ٌ 93
عاملٌ بال إل ٍه :فقدان ديننا
إذا ً ،هل يستطيع ال َعامل التّخيل عن اإلله ؟ " أظن أ ّن هذا ممك ٌن ،ألنّنا نرى األمر يحدث بالفعل" يقول نورينزاين .كيف سيبدو عاملٌ دون إل ٍه ؟ قد يَ ْعتَرب أحدهم أ ّن ال ّدين هو ال ّدافع األخالقي الذي يحافظ عىل املجتمع وإنّك إ ْن تخلصت من ال ّدين فإ ّن كل يش ٍء سينهار .يقول زوكرمان :هذا املوقف ُمتَب ٌع يف الواليات املتحدة ،وحتى بعض العلامنيني تجدهم مؤيدين له .لكن الواقع يقول غري ذلك وبال ّدليل ،ففي عام 2009قام زوكريمان بإطالق تحليلٍ عاملي يقارن مستويات ٍ الصحة املجتمعاتية فيام يتعلق بالغنى ،واملساواة ،وحقوق املرأة ،واملستوى اإلميان ال ّديني يف عدة دو ٍل مع مقاييس ّ التّعليمي ،واآلمال الحياتية ،ووفيات األطفالِ ، والح ْمل لدى املراهقني ،ومعدالت األمراض املنتقلة جنس ًيا ومعدالت متناسب طرديًا مع مدى علامنيتها. تحسن أداء البلد أو الوالية يف هذه املعايري املجتمعية جميعها الجرمية ،ويذكر :نجد ّ ٌ واألمر ذاته ينطبق عىل الواليات الخمسني املتحدة كلها. سبب. بالتّأكيد ال يعني أ ّن العلامنية ّ بالضورة تخلق مجتم ًعا ً سليم؛ فلرمبا ارتفاع نِ َس ِب اإللحاد هو نتيج ٌة أكرث مام هو ٌ سليم. يقول زوكريمان :لكن ال ّنتيجة تسمح لنا بكشف ال ّزيف يف اإلدعاء القائل :إ ّن ال ّدين رضوري ملجتمعٍ ٍ ٌ ٍ بعض ويذهب أبعد من ذلك ُمحا ِج ًجا أ ّن العلامنية ميكن أ ْن تقود لتحسينات اجتامعي ٍة ويقول :أعتقد اآلن أنّه هنالك ٌ من جوانب العامل العلامين لها دو ٌر يف سالمة املجتمعات ِ فأول ،إ ْن كنت تعرف أنّه ال َعالَم ِسوى هذا وما من وصحتهاً . التكيز عىل العلم والتّعليم والحل العقالين حيا ٍة أخرى فإ ّن هذا سوف يدفعك لجعله َعاملٌ بأفضل صور ٍة ممكن ٍة .ثان ًياّ ، اللديني ،فعىل سبيلِ املثال هل سنصيل لتتوقّف الجرائم يف مدينتنا ،أم أنّنا سنبحث يف للمشاكل الذي يرافق التّوجه ّ جذور املشكلة وأسبابها؟ 94
عاملٌ بال إل ٍه :فقدان ديننا السوفييتي أو نظا ُم ال َخ ِمري ال ُح ْمر يف كمبوديا من ّ الصعب نقاش اإللحاد يف املجتمعات دون التّطرقِ إىل شبح االتحاد ّ ِ اللديني أشبه العديد من األنظمة األخرى التي قمعت أو َح َّر َم ْت ال ّدين ،هل هناك مخاطر ٌة أ ْن يكون ُمعظم ال َعامل ّ أو سبب وجي ٌه لعدم التّفكري بهذه الطريقة " ،أُميز بني اإللحاد بستالني جراد ً بدل من ستوكهومل؟ بال ّنسبة لزوكريمان فهنالك ٌ ِ املجتمعات ال ُحرة .ويف الحالة الثّانية ّوعي الذي يَبْ ُزغ يف نظام القرسي الذي يُفْرض بالقوة من قبل ٍ ٍ دكتاتوري ،واإللحاد الط ِ نرى نتائج ايجابي ٍة متعلِق ٍة بسالم ِة املجتمع". رمبا هنالك أم ٌر يستحق القلق أكرث وهو األمر املتعلق مبا سيحدث لصحتنا الجسدية والعقلية .فالعرشون عا ًما املاضية احتوت عىل ك ٍّم كبريٍ من األبحاث التي تتطرق لفوائد اإلميان ال ّديني ،وأغلب ال ّدراسات حاولت إيجاد ر ٍ ابط ما بني التّدين والسعادة .وهذا ما يظهر عاد ًة عند ال ّناس املتدينني ذوي أسلوب الحياة األكرث صح ًة الذين ميلكون نشاطًا ّ والصحة ّ اجتامع ًيا قويًا. لهذا يقوم بعض الباحثني بالقفز مبارش ًة إىل الصحة الفكرة القائلة :إ ْن كان ال ّدين يجلب ّ والسعادة فال بد أ ْن اإللحاد ذو نتائج معاكس ٍة. ّ والصحة ليس قويًا كام لكن ال ّرابط بني ال ّدين ّ تحليل تلويًا Meta- ً ت ّم اإلدعاء .حيث إ ّن ٍ ابتهاالت ديني ٍة Analysisاِكتشف وجود ٍ أيضا. يف منهاج البحث واستنتاجات خاطئ ٍة ً الصحة بل إ ّن البحث الذي ت ّم إجراؤه عىل ّ أي الجسدية وال ّنفسية لدى امللحدين مل يرصد َّ فروقٍ بينهم واملتدينني ،ومبا يتعلق باملستوى متعلق االجتامعي فبالطبع زيادة نسبة اإللحاد ٌ أفضل. بسالم ٍة مجتمعي ٍة َ لكنك إ ْن كنت تظن أ َّن َعاملًا من اإللحاد سيكون ج ّن ًة من العقالنية واملنطق فعليك أ ْن ت ُفكر مجد ًدا ،يقول نورينزاين: عندما يَف ِقد ال ّناس إميانهم بإل ٍه فذلك ال يعني أنّهم فقدوا إحساسهم الفطري القوي املتعلق بوجو ِد ِق ًوى خارق ًة ،حتى يف ٍ مجتمعات أغلبيتها من امللحدين فإنّك لَتَ ِج ْد الكثري من املعتقدات غري العادية كاإلميان باألبراج والكارما والحياة خارج أي دليلٍ علمي لكنها جلي ٌة بديه ًيا بال ّنسبة لل ّناس. ٍ األرض .قضايا ال متلك َّ 95
عاملٌ بال إل ٍه :فقدان ديننا قائل :من املهم أ ْن نُ ِ قدر كون هنالك دواف َع نفسي ًة قوي ًة خلف ال ّدين؛ بالضورة ،إذ يكمل نورينزاين ً ليس هذا أمرا ً سيّئاً ّ وال ميكننا القول فقط إنّه خراف ٌة وعلينا التّخلص منه .بل علينا إيجاد حلو ٍل بديل ٍة ملشاكل الحياة العميقة والقدمية التي بديل جدي ٌر بالتّطبيق. يحاول ال ّدين حلّها .وإ ْن متكنت املجتمعات من تحقيق ذلك فأعتقد أ ّن اإللحاد ٌ السبت " – املَذْكور آنفًا – ميكنها تقديم الفائدة لتحقيق حاجة غري املؤمنني املحبني تجمعات امللحدين كـ " تجمع ّ اللدينية ميكن اللدينية ليُوصلوا رسال ًة أ ّن املجتمعات ّ أيضا بال ِقيم ّ لحس املجتمع ووجهة نظ ٍر أخالقي ٍة عام ٍة .ويتشاركون ً ِّ اللعقالنية حركة العرص الجديد New-Age أ ْن تكون مجتمعاتً سليم ًة .وإ ْن تطّلب األمر القبول مبست ًوى مع ٍني من ّ ٍ Movementفليك ْن األمر كذلك ،كل هذا يضاف ليكون رؤي ًة ملستقبلٍ مختلف عن العقالنية الجامدة التي إلحادي ٍ تخيالها ويرب ودورخيم وملحدون معارصون كريتشارد دوكينز وآخرون. بدل من العدائي ِة السعادة وال ّروحانية ،ويكون مدفو ًعا بعدم االكرتاث لألديان ً يحمل هذا املجتمع املستقبيل بعضاً من ّ تُجاهها ،لك ّنه سيكون مجتم ًعا جي ًدا عىل ال ّرغم من ذلك .يف الواقع ،سيكون مجتم ًعا ال يختلف كث ًريا عن مجتمع بريطانيا الحديثة .وبينام أميش عائ ًدا إىل سياريت يف صباح يوم ٍ ٍ مشمس ال ميكنني التّوقف عن التّفكري كيف أنّه لن يكون أحد يو ًما سيئًا ج ًدا. ترجمةAnouar El Mekki : Cold Winter McKie Theman عاصم عيل
تدقيق :رسود سليم عيل النجفي
https://www.facebook.com/TheEnlightenedMinds
96
97
حي وما بني ما هو ٌ ميت :ال يوجد هو ٌ يش ٌء عىل اإلطالق Ali Alnajafi ٍ سنوات مضت، أتذكّر يف املدرسة االبتدائية ،قبل وتحدي ًدا يف صف العلوم الطّبيعية ،عرض علينا الصالحية – مل املدرسون فكر ًة ضمن املنهج – املنتهي ّ ِ وصف كائنٍ متّت تسميته نسمع بها من قبل ،فكرة بالـ «فريوس» وهو يقع كحلقة وصلٍ بني الكائنات بالضبط ما يعنيه ذلك، الح ّية وامليتة .جمي ًعا مل نفهم ّ وما زال هناك بعض الغموض يف ذلك الوصف ،وال يقترص هذا الغموض عىل طلب ٍة ال تتعدى أعامرهم أيضا. الثّانية عرشة ،بل كان يشمل املدرسني ً
98
ميت: حي وما هو ٌ بني ما هو ٌ ال يوجد يش ٌء عىل اإلطالق متاثيل حي ٌة: ٌ
Ali Alnajafi
حينام تسري يف أسواق مدينتك وتشاهد التّامثيل املشابهة إىل ٍ الصورة يف بعض األحيان تختلط حد كبريٍ ج ًدا للبرش ،تكاد ّ يوم حا ٍر وأنت عائ ٌد من العمل .لعل أهم ما ميكنك أ ْن تُ يز الحي يف ظهرية ٍ عليك ،وال متيز بني التّامثيل الجامدة والبرش ّ السمة – من خالله التّامثيل عن البرش األحياء ،هو كون هذه التّامثيل جامد ٌة ال تتحرك ،ولكن ماذا لو انعدمت تلك ّ سمة الجمود – منها؟ لو ذهبت إىل بعض سواحل هولندا الغربية ،ستتعرف عىل ما يسمى بـ «التّامثيل الحركية ،»Kinetic Sculpturesوهي آالتٌ يصل حجمها إىل حجم الحافالت ،تتحرك مبفردها وفقًا لنفس املبدأ الذي يعمل به «الفن الحريك ،»Kinetic Art مصنوع ٌة بشكلٍ أسايس من األنابيب البالستيكية والخشب واألرشعة. ٍ
التامثيل الحركية Kinetic Sculptures https://www.youtube.com/watch?v=HSKyHmjyrkA
تلك التّامثيل عديدة األرجل تتحرك بصور ٍة مستقل ٍة ومرن ٍة ج ًدا ،حتى تُشكل تحديًا للوهلة األوىل أل ْن نَ ُعدها حي ًة نو ًعا ما .وال يخفى ذلك الشّ عور عن صانعها الهولندي ثيو يانسن ،Theo Jansenبل عاد ًة ما يصفها بالحيوانات أو وحوش الساحل ،))strandbeestويكشف عن نيته ألن يطلقها إىل الشّ اطئ يو ًما ما ليك تعيش مبفردها. ّ السياح ليلتقطوا لها صو ًرا .حتى ينتاب البعض شعو ًرا باألسف لو سقطت إحداها ومل رائع ٌة ،يصفها من شاهدها .ويأيت ّ طفل ينازع ل َي ْخطو خطواته األوىل إىل أ ّمه .لكنها ليست ح ّي ٌة يف تستطع أ ْن تكمل مسريها – كام لو أنّهم يشاهدون ً الحقيقة ،بل هي مجرد ٍ الصنع جميل ٌة ج ًدا .بهذا املنطق ،سنتفق اآلن أنا وإياك ،عزيزي القارئ ،عىل آالت ،آالتٌ متقن ُة ّ قليل ،وأكمل هذه املقالة ،وأبني كيف أنّها ليست أقل حيا ٍة من أنّها ليست حي ٌة ،ولكن سأتركك لوحدك يف هذه القناعة ً كثريٍ من األنواع التي ال نشك للحظ ٍة يف كونها حي ٌة. 99
ميت: حي وما هو ٌ بني ما هو ٌ ال يوجد يش ٌء عىل اإلطالق معضلة تعريف الحياة:
Ali Alnajafi
ٍ بتعريف واض ٍح وشاملٍ للحياة ،وليست هذه حج ٌة مبني ٌة عىل الفجوات العلمية، ما الحياة؟ ال يستطيع العلم أ ْن يخربنا بل عدم استطاعة العلم بناء هذا التّعريف هو ما تتنبأ به نظرية الـ Abiogenesisوالتي بدورها تصف نشوء الحياة. ولفهم كيف حصل هذا ،تذكر أنّه حسب نظرية التّطور البيولوجي لداروين ،ال يوجد ما يوصف بـ «البرشي األول the ،»first homo-sapienونفس الحالة نجدها حني نشوء أول الكائنات التي ميكن أ ْن تُوصف بالحيّة ،فال يوجد ما ميكن أ ْن نسميه بالكائن الحي األول. مل تبدأ هذه املعضلة مع نظرية الـ Abiogenesisوال مع نظرية التّطور ،بل لها تاري ٌخ ميت ّد إىل فالسفة اإلغريق من ٍ دقيق ومو ّح ٍد للحياة وفشلوا جمي ًعا .وليك تجاري هذه أرسطو وغريهم ،فقد صارعوا ليشقّوا طريقهم نحو تعريف واض ٍح ٍ املعضلة ،تحاول ال ّنصوص العلمية الحديثة أ ْن تشري إىل ٍ بعض من سامت الكائنات الحيّة املفقودة يف الكائنات غري الحيّة. السامت ،يفتقدها ما السامت :التّنظيم ،ال ّنمو ،التّكاثر ،والتّطور .لكن حتى يف هذه الطّريقة ،نجد أ ّن هذه ّ وأهم تلك ّ ندعوه ح ًّيا وميتلك إحداها أو بعضها ما ندعوه جام ًدا. فلتأخذ البلورات عىل سبيل املثال ،فهي منظّم ٌة بشكلٍ ٍ فريد ،بإمكانها أ ْن تنمو ،بإمكانها حتى تكرار هياكلها بأمان ٍة ،لكننا ال ندعوها حيّ ٌة ٌ .مثال أخ ٌر؛ تجدر اإلشارة إليه ،هو ما يعرف يف عامل الربمجيات بـ «الكائن ال ّرقمي .»Digital Organism فبإمكان هذا األخري أ ْن ينمو،ويتكاثر ،ويتزاوج ،وحتى بإمكانه أحيانًا أ ْن يتطور )1(.ولكن إ ْن قمنا بإدخال هذه الكائنات ال ّرقمية ململكة الحياة ،سيس ّبب عملنا هذا كث ًريا من الجدل وعدم االرتياح .قيامنا بوصفها أنّها كائنات ح ّي ٌة أو غري ح ّي ٍة، يغي شيئًا من حقيقتها ،وحتى إ ْن قلنا إنّها مجرد محاكا ٍة برمجي ٍة ،فهنالك فرضي ٌة علمي ٌة تس ّمى «فرضية املحاكاة ال ّ »Simulation Hypothesisلها تاريخها الطّويل وبحوثها الكثرية ،تفرتض أنّنا نعيش محاكا ٍة كواقعٍ وليس واق ًعا بذاته.
1 - McKinley، Philip، et al. "Harnessing digital evolution." IEEE Computer 41.1 (2008): 54-63.
100
ميت: حي وما هو ٌ بني ما هو ٌ ال يوجد يش ٌء عىل اإلطالق
Ali Alnajafi
عىل الجانب األخر ،ميكننا أ ْن نأخذ ما نسميه خنازير الطّحلب Tardigradesواألرتيميا Brine shrimpعىل سبيل أي ٍ ٍ لسنوات عديد ٍة ،أحيانًا تنجو من حالتها وتعود أييض ،بال تكاثرٍ ،بال منوٍ ،بال حرك ٍة، نشاط ٍ املثال ،والتي ينعدم فيها ُّ حي إىل كائنٍ ٍ ميت؟ وإ ْن إىل نشاطها األييض الطّبيعي وأحيانًا ال تنجو وت َهلك نهائيًا ،لكن متى يا ترى تحولت من كائنٍ ٍ ِ أي من ال ّنشاطات األيضية وسامت الكائنات الح ّية األخرى ،هل نجرؤ أ ْن نُنكر أ َّن ال ّروح التي وهبها كانت ال تتوافر فيها ٌّ تدب فيها؟ الله إياها ال ّ معضلة التّمييز بني ما هو حي – أو حي وما هو غري ٍ ٌ جام ٍد – تصل أَ َو َجها وتتعاظم أهيمتها لدى وكالة الفضاء .NASAفلِيك نعلم ما إ ْن كانت هناك حيا ٌة أخرى عىل بقية الكواكب علينا أ ْن نضع تعريفًا للحياة ،وإ ْن كنا نواجه صعوب ًة يف وضع ٍ شامل ملا نألفه تعريف يكون ً عىل هذا الكوكب ،فكيف بالكواكب األخرى؟ مقال للموسوعة الربيطانية كتب العامل األمرييك كارل ساغان – وكان ذلك الوقت يعمل لدى وكالة ً – NASA ٍ تعريف من ال ّناحية الفسيولوجية، تعاريف للحياة، Encyclopedia Britannicaلتعريف الحياة ،وضع فيه خمسة ٌ وآخ ٌر من ناحي ٍة أيضي ٍة ،وآخ ٌر من ناحي ٍة كيمياحياتي ٍة ،وآخ ٌر من ال ّناحية الوراثية ،وأخ ًريا من ال ّناحية ال ّديناميكيا الحرارية. استثناءات وتح ّد ٍ ٍ أي من هذه التّعاريف يف أي من هذه التّعاريف كان يضع يات لكل منها .فلم ينجح ٌّ وبعد أ ْن يُكمل ًّ أن يكون موح ًدا ودقيقًا)2(. عام 1990؛ اشرتك مجموع ٌة من العلامء ملساعدة وكالة NASAيف مهمتها إليجاد حيا ٍة عىل الكواكب األخرى ،بوضعهم ٍ مكتف بذاته ،قاد ٌر عىل التّطور ال ّدارويني» )3(.لكن حتى هذا تعريفًا مناس ًبا للحياة .وما خرجوا به كان كالتّايل« :نظا ٌم التّعريف يفشل حني نتذكر تلك الكائنات ،التي بدأنا أسطر هذه املقالة بذكرها ،التي نسميها «الفريوسات». 2 - SAGAN، CARL. "Definitions of life."The Nature of Life: Classical and Contemporary Perspectives from Philosophy and Science (2010): 303. 3 - Luisi، Pier Luigi. "About various definitions of life."Origins of Life and Evolution of the Biosphere 28.4-6 (1998): 613-622.
101
ميت: حي وما هو ٌ بني ما هو ٌ ال يوجد يش ٌء عىل اإلطالق
Ali Alnajafi
منقوص األوكسجني ،DNA الفريوسات كائناتٌ تتكون من كبسول ٍة بروتيني ٍة تحتوي سلسل ًة من الحمض ال ّنووي ال ّرايبي ُ بدل من املادة الوراثية األصلية أو الحمض ال ّنووي ال ّرايبي RNAداخلها ،تقوم باقتناص خلي ٍة ما وتضع مادتها الوراثية ً السيطرة عىل العمليات الحيوية للخلية لتكون يف خدمتها وتعطي لها إيعاز ٍ ات من خاص َة الخلية ،وبهذا تتمكن من ّ ٍ فريوسات أخرى بأعدا ٍد هائل ٍة بنفس املادة الوراثية ،بذلك تكون قد حققت التّكاثر .لدى الفريوسات شأنها تكوين قابلي ٌة فائق ٌة ج ًدا عىل التّكاثر ضمن آلي ٍة فعال ٍة ج ًدا .وهي بكل ٍ تأكيد قابل ٍة أل ْن تتطور ضمن املفهوم ال ّدارويني للتّطور. وأمثلة تطور الفريوسات ونشوء أنوا ٍع جديد ٍة لها كثري ٍة .وعىل ال ّرغم من ذلك ،اعرتض العلامء لقرون عديد ٍة عىل وصف ٍ ككائنات حي ٍة. الفريوسات
يف مقابل ٍة له مع ،Astrobiology Magazineيذكر العامل جريال ّد جويس ،Gerald Joyceوهو أحد العلامء الذي ساعدوا وكالة NASAيف وضع التّعريف الذي سبق ذكره للحياة ،يذكر أ ّن الفريوسات ال يشملها هذا التّعريف؛ ألنّها ليست إل داخل الخاليا التي تصيبها)4(. مكتفي ٌة بذاتها .فال ميكن لها أ ْن تتكاثر وتتطور ّ الشء ميكن تطبيقه عىل العديد من الطّفيليات التي نتفق جمي ًعا عىل أنّها ح ّي ٌة ،مثل تلك ال ّديدان املعوية لكن نفس ّ متتص عصارة ال ّنباتات األخرى ،والفطريات املتعطشة لل ّدماء ،ونبات الحامول Cuscutaوغريه من الطّفيليات ال ّنباتية التي ّ التي متد جذو ًعا لتتغذى عىل جثث العناكب التي قتلتها .جميع هذه األمثلة وغريها كث ٌري ،تعتمد عىل املستضيف يف حياتها وتكاثرها وتطورها كام يعتمد الفريوس عىل الخلية التي يصيبهاّ .إل أنّنا ال نشك ولو لوهل ٍة يف كونها حي ٌة. 4 - Leslie Mullen، Astrobiology Magazine، Defining Life: Q&A with Scientist Gerald Joyce، August 01، 2013.
102
ميت: حي وما هو ٌ بني ما هو ٌ ال يوجد يش ٌء عىل اإلطالق ٍ سنوات من العمل مع وكالة NASA بعد عرش للفضاء ،ترك جريال ّد جويس Gerald Joyceالوكالة ٍ ببحوث كانت نتائجها تدحض وبشد ٍة مهتم ً التّعريف الذي وضعه هو وزمالؤه من العلامء للحياة .ففي مختربهم ،قاموا بإيجاد جزيئتني اثنتني من الحامض ال ّنووي ال ّرايبي ،RNAبإمكانهام صناعة ٍ نس ٍخ إحداهام لألخر بشكلٍ مكتف ذات ًيا ،بوضع ٍ أي وحدات بنا ٍء كل متواليات من ال ّنيوكليوتيدات – ْ من الحامض ال ّنووي ال ّرايبي RNAو الحامض ال ّنووي ال ّرايبي منقوص األوكسجني (5) .DNAعىل ال ّرغم من أنّه ال ميكننا التّأكد بشكلٍ ال يدعو للشّ ك ،ولكنه من املمكن القول :إ ّن قبل 4مليار ٍ السنني كان ات من ّ الحساء البدايئ Primordial Soupيحتوي عىل هذه الجزيئات املكتفية ذات ًيا ،تكونت من ال ّنيوكليوتيدات التي كانت تطوف بشكلٍ حرٍ .كون هذه الجزيئات مج ّرد أجزا ٍء من الحامض ال ّنووي ال ّرايبي ،RNAفهي أبسط حتى من الفريوسات ،وكونها مكتفي ٌة بذاتها،
Ali Alnajafi
جريال ّد جويس Gerald Joyce
وقادر ٌة عىل التّكاثر والتّطور ،يعرتف جريال ّد جويس أنّها تتفق مع التّعريف الذي وضعه للحياة ،إلّ أنّه يرتدد يف وصفها ح ّي ٌة. ملاذا يا ترى نشهد هذا التّناقض؟ ملا ال نستطيع أ ْن نتفق حول موقفنا من الفريوسات بوصفها ح ّي ٌة أو غري ح ّي ٍة؟ أعتقد ألنّنا نحاول تعريف يش ٍء ليس له وجو ٌد .أعتقد أ ّن الحياة مفهو ٌم وليس واق ًعا.
ال ّنموذج العقيل واملفهوم املحض:
أول أ ْن منيز بني ال ّنامذج العقلية واملفاهيم املحضة .ال ّنموذج العقيل هو ليك نفهم هذا الطّرح بشكلٍ أفضل علينا ً مثل عىل عينيك ليكون لديك صورة حيوانٍ ما ،فلنفرتض أنّه الضوء ً املالحظة التي تحصل عليها ،حني تسقط فوتونات ّ كلب، كلب صغ ٌري ميتلئ جسده بالفرو الجميل .ما ت ّم بناؤه من صور ٍة يف دماغك هو ٌ يل ،أ ّما إذا وصفته أنّه ٌ ٌ منوذج عق ٌ 5 Lincoln، Tracey A.، and Gerald F. Joyce. "Self-sustained replication of an RNA enzyme."Science 323.5918 (2009): 1229-1232.
103
ميت: حي وما هو ٌ بني ما هو ٌ ال يوجد يش ٌء عىل اإلطالق
Ali Alnajafi
فمثل لو قمنا بجمع جميع الكالب التي ُوجدت يو ًما عىل األرض ووضعناها أمامك فتسجد صعوب ًة محضً . فذلك مفهو ٌم ٌ ٍ ذئب .نفس األمر سيحصل لك لو جمعنا لك كل ال ّنباتات التي كبري ًة يف وضع كلب وما هو ٌ تعريف مييز بني ما هو ٌ ُوجدت يو ًما ما عىل األرض وطلبنا منك أ ْن تضع تعريفًا مييز بني الشّ جرة والشّ جرية. ٍ مجموعات بحسب مفاهيم معين ٍة ،عملي ٌة مفيد ٌة ج ًدا يف تعاملنا اليومي عملية تصنيف ال ّنامذج العقلية إىل معها .فمن الجيد أ ْن من ّيز الذئب عن الكلب ،ومن ّيز الشّ جرة عن الشّ جرية ،لكن تبقى صفتي «الشّ جرة» و«الكلب» ميت وما الصلة بالواقع ،ووجودهام بشكل أفرا ٍد أك ُرث صل ٍة بالواقع .كذلك الحال مع ما هو ٌ مفهومان قَلِ َيل ّ ميت ،لكن يبقى أن حي ،فمن الجيد – واملفيد ٍ حي وما هو ٌ ألسباب تطوري ٍة واضح ٍة – أ ْن منيز بني ما هو ٌ هو ٌ الصلة بالواقع ،والوجود عىل كوكب األرض بشكل أفرا ٍد أكرث صل ٍة بالواقع. الحياة ليست سوى ٍ مفهوم قليل ّ لقد كتب يف هذا األمر العامل الربيطاين البيولوجي ريتشارد داوكنز Richard Dawkinsواصفًا إياه بـ «العقل التقطعي أي إنّنا نحب دو ًما أ ْن نُصنف ما نراه إىل مجاميع مختلف ٍة ،والبد أ ْن تكون هنالك ثغر ٌة ما ْ ،»Discontinuous Mind «حي» تفغر فاهها بني هذه املجاميع ،ثغر ٌة البد لها أ ْن ت ُوجد بني ما نسميه «شجرةٌ» وما نسميه «شجريةٌ» ،وبني ما نصفه ٌ «ميت» .لكن هذه الثّغرة وهذه املجاميع ليست حقيقي ٌة البت ٌة. و ما نصفه ٌ يذكر ريتشارد داوكنز ،يف مقالته ،Gaps In The Mindالتّايل: تُ َع ُد هذه الطّريقة يف التّفكري خاصي ٌة مميز ٌة لِ َم أو ّد أ ْن أسميه «العقل التّقطعي .»Discontinuous Mindنحن نتفق أقدام ليست طويل ٌة. أقدام اِمرأ ٌة طويل ٌة ،وأ َّن املرأة التي يبلغ طولها خمسة ٍ جمي ًعا عىل أ َّن املرأة التي يبلغ طولها ستة ٍ رسا يف ٍ فئات نوعي ٍة ،لكن هذا ال يعني أ َّن العامل يف حقيقته تُغرينا الكلامت من نوع طويلٍ وقصريٍ أ ْن نضع العامل ق ً ٍ مضطرب اضطرابًا فيه تقطع بثغر ٍ بوصات ،ث ّم طلب أقدام وتسع ات .لو أ ّن القارئ أخربين أ َّن طول اِمرأ ٍة يبلغ خمسة ٍ ٌ أقدام وتسع مني أ ْن أقرر ما إ ْن كان ينبغي بالتّايل أ ْن نقول عنها طويل ٌة أو ال ،سأه ّز كتفي وأقول« :إ َّن طولها خمسة ٍ ٍ بوصات ،أال يخربك هذا مبا تحتاج ملعرفته؟» لكننا بيش ٍء من الكاريكاتري سنجد أ َّن العقل التّقطعي سيذهب إىل املحاكم عم إذا كانت هذه املرأة طويل ٌة أم قصريةٌ .والحقيقة ّأن ال أكاد أكون يف حاج ٍة ليصل إىل قرا ٍر – رمبا بتكلف ٍة باهظة – ّ ٍ ٍ عم سنوات تؤدي أل ْن أقول إ َّن األمر فيه كاريكاتري .فقد ظلّت محاكم جنوب أفريقيا طيلة بنشاط مهمة إصدار األحكام ّ السود؟ أو امللونني؟ يُع ّد نظام الفصل العنرصي إذا كان أفرا ٌد مع ّينون ُولدوا من والدين مختلطني يُعدون من البيض؟ أو ّ يف الحقيقة أحد ال ُّنصب التّذكارية يف التّاريخ الستبداد العقل التّقطعي)6(.
6 Dawkins، Richard. "Gaps in the Mind."The great ape project (1993): 80-87.
104
ميت: حي وما هو ٌ بني ما هو ٌ ال يوجد يش ٌء عىل اإلطالق
Ali Alnajafi
السامت التي يفرتض أال نجدها ّإل يف الكائنات الح ّية .ونجد بعض األشياء التي نصفها أنّها غري ح ّي ٍة ،تحمل شيئًا من تلك ّ السامت ،وال نشك يف وصفنا إياها يف الح ّية .عىل ال ّرغم عىل الجهة األخرى أ َّن بعض الكائنات الح ّية ال تحتوي عىل هذه ّ ٍ ٍ وكائنات غري ح ّي ٍة ،وأ ْن نبحث عبثًا كائنات ح ّي ٍة من ذلك ،تجدنا ُم ِصين عىل أ ْن نفصل الكائنات عىل سطح األرض إىل عن هذا الخط الفاصل .علينا القبول أ ّن مفهوم الحياة له قيمته الرباغامتية يف أغراضنا البرشية ،لكنه ال يعكس واقع الكون خارج ال ّدماغ البرشي. مثلها مثل كثريٍ من الحقائق العلمية ،ال تتفق مع حدسنا الفطري .وعىل ال ّرغم من أنّها تُقلل من غرورنا وشعورنا بالتّميز، ّإل أنّها تعطينا حري ًة مبشاهدة "وحوش يانسن" وهي تتحرك حركتها االنسيابية ال ّرائعة ،دون أ ْن نقف حائرين ما إ ْن كنا
105
106
لسنا بحاج ٍة إىل إل ٍه
Girgis Rizk الله الذي نعرفه إل ٌه من بني آله ٍة كثري ٍة صنعها البرش للهروب من األسئلة الصعبة عن الكون والحياة واملوت ،واآلن الله غري ٍ سأوضح يف ٍ نقاط قليل ٍة كيف ميكننا العيش دون إل ٍه : مفيد للبرش ،وقد انتهت فرتة عمله ،يف هذا املقال ّ أي مشكل ٍة 1.1املشاكل والظروف الخارجة عن إرادة اإلنسان أكرث األشياء التي تستدعي القوة الخارقة لحلّها رغم تفاهة ّ وحل تواجهك ،فلامذا يلجأ املؤمن إىل الله يف وقت ضيقه واستسالمه للظروف املحيطة رغم قدرته عىل التفكري ّ حل املشكلة هو ما سيؤث ّر ،الضعف البرشي أي يش ٍء ؟ فقط سعيك نحو ّ املشكلة ،ويعتمد عىل قو ٍة خفي ٍة لن تؤثر يف ّ يجعلك تستسلم دون أي تفكريٍ لهذا اللهو الخفي ،فقط عليك أن تأخذ خطو ًة إيجابي ًة نحو املشكلة ،ال أن تنظر للسامء وتبدأ بالدعاء. كل مجريات أمورك ؟ كيف لك أن 2.2هل تحتاج إلل ٍه لريسم مستقبلك ويتحكّم يف أحالمك ،ويجعلك تعتمد عليه يف ّ تتوقّف عن حلمك مبقولة إنها إرادة الله أو أن الله ال يريدين كذلك ؟ الله ال يتحكّم يف الظروف ،فظروفك نتيج ٌة ألرستك ومجتمعك ومؤسستك التعليمية الخاضعة ملكان ميالدك ال أكرث ،أنت متح ّك ٌم يف حياتك بعد ما سبق ،حياتك نتيج ٌة الختياراتك أنت وليس الله ( الله إعاق ٌة ملن يعتمد عليه ) عليك االعتامد عىل نفسك. كل إنسانٍ ،فالرزق نتاج تعبك وليس هب ًة من الله ،فبحثك عن 3.3الحياة تبادل جهو ٍد ،الله ال يرسل النقود ملحفظة ّ وظيف ٍة يعتمد عىل حدسك وإقناعك لصاحب العمل وليس عىل بركة الله ،فأنت تحتاج لرتتيب حياتك واعتامدك عىل قدراتك وليس عىل الله.
107
لسنا بحاج ٍة إىل إل ٍه Girgis Rizk
4.4املظلومون من يأخذ حقّهم ؟ ليس الله ،لك ّنه القانون النزيه ،فإذا كنت تعيش يف دول ٍة يسود فيها القانون فال حاجة لك إلل ٍه يجلب حقوقك ،إنها مشكلة الدولة والنظام والفساد التي تعيش بها دول العامل الثالث ،وكوكب األرض وطني ،اإلنسانية ديانتي . 5.5الفقراء واملساكني من يعولهم ؟ إن مل ينهضوا بأنفسهم فال مساعد لهم غري اإلنسان ،هو من مي ّد يد العون ،ويصنع املالجئ ودور املسنني وذوي االحتياجات الخاصة ،هو من ش ّيد املستشفيات والجمعيات الخريية ،هو من يشعر بأطفال الشوارع وأطفال الصومال ،عكس اإلله الذي تؤمن به مكتوف األيدي. 6.6صدفة املوت :إن مل تتابع حالتك الصحية أوالً بأو ٍل ،وتكن حريصاً أثناء عبورك الطريق ،وإذا كنت مهمالً يف اهتاممك بجسدك فامذا تتوقع ؟؟!! ليس الله من يختار الساعة. 7.7يذهب البعض إىل إل ٍه ليجد معنى لحياته طمعاً يف الخلود والحياة بعد املوت ،مع أنّه ليس لديه أدىن دليل عىل وجود الروح أو الحياة األخرى ،فأنا أعيش حيا ًة واحد ًة وجدتها دون ٍ هدف أو معنى أو مغزى ،فصن ْع ُت لها هدفًا رش ومعنى بعي ًدا عن عامل اآللهة ،فال تعلّق معنى حياتك عىل األوهام والعيش من أجل ديناصو ٍر ٍّ ساموي صنعه ب ٌ ليتحكّموا بك.
108
لسنا بحاج ٍة إىل إل ٍه Girgis Rizk
ٍ سلبي تجاه البرش يف أنّهم ال يساعدون أح ًدا واللجوء إىل القوة الخفية 8.8االحتياج النفيس إىل الله ،يتمثّل يف أخذ موقف ٍ ٌ مسؤول كالحب واألبوة والخضوع للسلطة ،وأ ّن هناك من يهتم ويرعى ،وأ ّن الله لتساعد وتس ّد االحتياجات النفسية ّ عن تيسري الحياة عىل البرش ،لكن الله لن يس ّدد تلك االحتياجات ،بل ستُصدم عندما ال يستجيب ،لكن عليك أن تبحث ع ّمن يس ّدد احتياجاتك النفسية هنا عىل األرض. 9.9إرضاء اإلله :هذا أكرث ما يجذب اإلنسان للعبادة ،ولعمل الخري لينال قسطاً من رضا اإلله حتى يكافئه عىل كونه خيا ً ،لكن يف الواقع هذا ليس إال خوفاً من غضب ( القاهر ،املتكرب ،املاكر ) وطمعاً يف تهدئة الله ،حاول أن تعمل ّ ٍ ِ والحظ الفرق ،ستجد نفسك إنساناً أل ّول م ّر ٍة ،وإن تفعل الخري دون ضغوط خارجي ٍة ( ثواب وعقاب ) الخري دون الله ،هل هذه مشكل ٌة ؟؟ وكل الجرائم طاملا ال يوجد إل ٌه؟ ما الذي مينعك ؟ ال أعرف ما الذي 1010ما الذي مينع من القتل والرسقة واالغتصابّ ، لست يجربك عىل عدم فعلهم غري كونك خائفاً من العذاب األبدي الوهمي ،لكنك غفلت عن نقط ٍة مهم ٍة وهي أنك َ كنت من مؤيّدي مقول ٌة كهذه ( لوال الدين لقتل الفقري الغني ) إنساناً ،لكنك مر ّو ٌض حتى ال ترتكب الجرائم ،لو َ لست إنساناً ،أنت تريد إيذاء اآلخرين ،لكن جهنم هي السبب ،ال يوجد يشء مينع سوى ( اإلنسانية ) وهي أال فأنت َ تؤذي أح ًدا ،فهل تعلم أنك برسقة ٍ وليست أشياءك؟ هل تعلم مدى األىس والحزن شخص ما تؤذيه؟ فهذا ليس مالك ْ الذي سيلحق بأهل من تحاول قتله ،لكن ما الداعي لكل هذا ؟ ( اسأل نفسك سؤاالً :لو أ ّن الله غري موجو ٍد ،هل ُ وأغتصب ؟ إذا كانت إجابتك نعم ،فعليك أن تراجع إنسانيتك ) وعليك أن تبقى مؤم ًنا بعدها. وأرسق أقتل سوف ُ ُ رس السعادة ،باستثناء 1111هل تشعر بالراحة عند مساعدة اآلخرين دون التفكري يف مكافأ ٍة ،بعدها هل تعلم أن ذلك هو ّ أن تكون مجر ًما فستُلقى يف السجن ،هل ميكنك أن تضع نفسك مكان الشخص األخر حتى ميكنك أن تشعر به ،وأن تالحظ ما ستفعله به وكأنه ينعكس عليك ؟ سالم طاملا نهايتنا العدم ،ما تلك امليول نحو السلم وكره الحرب ؟ اإلنسان حيوا ٌن يعيش 1212ما الذي يجعلنا نعيش يف ٍ ٍ تفاعل مع البيئة للحفاظ عىل بقاء النوع ،عكس القتل والتنافس فيام بيننا ،هل جامعات ،والتعاون أكرث السبل ً يف ٍ جامعات فرصتها يف البقاء أقوى ،فليست فكرة جيدة عىل اإلطالق تأكل الذئاب بعضها ؟ فالحيوانات التي تعيش يف أن نقتل بعضنا البعض.
لس َت يف حاج ٍة إلل ٍه ليمنعك لس َت يف حاج ٍة إلل ٍه ليمنعك من القتلْ ، لس َت يف حاج ٍة إلل ٍه لتكون إنساناًْ ، ْ لس َت يف حاج ٍة إلل ٍه ليمنعك من اغتصاب لس َت يف حاج ٍة إلل ٍه ليمنعك من رسقة اآلخرينْ ، من قتل نفسكْ ، الفتيات ( هذا هو الفرق بني املؤمن وامللحد ) .األخالق واإلنسانية تجعلك تعيش أفضل . 109
مجلة شهرية بجهود فردية تصدر في الثاني عشر من كل شهر
مجلّة امللحدين العرب مجل ٌة رقمي ٌة مبني ٌة ج ٍه سياسي؛ ي تو ّ بجهودٍ فردي ٍة؛ وال تتبنّى أ ّ هدفها نشر أفكار امللحدين على اختالف جهاتهم وانتماءاتهم بحرّي ٍة كامل ٍة. تو ّ املعلومات والرسومات واملواضيع املطروحة تُعتبر مسؤولية أصحابها من الناحية األدبية وناحية حقوق النشر وحفظ امللكية الفكرية. الناشرون امللحدين والالديني ّ بالنشر .
هم من أعضاء مجموعة مجلة العرب ،أو من الك ّتاب امللحدين ممّن مت ّ التواصل معهم ألخذ اإلذن
العامة، مناف لألخالق ُينع نشر كل ماهو ٍ ّ وكذلك التحريض أو التصريحات العنصرية. لهيئة التحرير احلق ّ في نشر ما تراه مناس ًبا من املواضيع املوجودة في مجموعة اجمللة على موضوع ضمنها يُعتبر ي الفيس بوك ،فنشر أ ّ ٍ تفويضا ً للمجلّة بنشره.
موقع املدونة اخلاصة بنا لألرشفة على اإلنترنت: www.aamagazine.blogspot.com البريد اإللكتروني el7ad.organisation@gmail.com