الحج الأكبر

Page 1

‫‪1436‬ىػ‪2015 /.‬ـ‪.‬‬ ‫األستاذ الدكتور‪ /‬عبداهلل بف سويد‬ ‫الحج وشعائره‬ ‫الحج األكبر‪ :‬مناسؾ ّ‬ ‫ ‪--‬‬‫الرحيـ‬ ‫الرحمف َّ‬ ‫بِ ْسـ اهلل ّ‬ ‫الرسوؿ الخاتـ‪ ،‬المبعوث رحمة‬ ‫الحمدهلل ّ‬ ‫الصالة و ّ‬ ‫رب العالميف‪ ،‬و ّ‬ ‫السالـ عمى ّ‬ ‫وصدؽ بو‪ ،‬القائؿ‪"ُ :‬بنِ َي‬ ‫بالحؽ‬ ‫لمعالميف‪ ،‬واليادي إلى الطّريؽ المستقيـ‪ ،‬الّذي جاء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أف ال إِلو إِالّ اهلل‪ ،‬و َّ‬ ‫الصالة‪،‬‬ ‫اإلسالـ عمى خمس‪ :‬شيادة ْ‬ ‫محمداً رسوؿ اهلل‪ ،‬واقاـ ّ‬ ‫أف ّ‬ ‫وح ّج البيت لمف استطاع إليو سبيالً‪ ".‬والقائؿ‪" :‬يا أييا‬ ‫وايتاء ّ‬ ‫الزكاة‪ ،‬وصوـ رمضاف‪َ ،‬‬ ‫الحج فَ ُح ُّجوا‪".‬‬ ‫ّ‬ ‫الناس قد فرض اهلل عميكـ ّ‬ ‫أف خمؽ‬ ‫‪ ‬أرشد سبحانو وتعالى إبراىيـ مكاف البيت؛ ليقيمو عمى قواعده العتيقة منذ ْ‬ ‫اهلل األرض؛ ليكوف موضعاً لمتّوحيد‪ ،‬وىو الغاية منو‪ ،‬والغرض مف بنائو‪ ،‬واليدؼ مف‬ ‫الطّواؼ حولو‪ ،‬وفي ذلؾ قاؿ تعالى‪ :‬ﱡﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ‬

‫ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱶﱠ (الحج‪ .)26 :‬وفضائؿ‬ ‫الكعبة كثيرة‪ ،‬وقد ُذكرت في القرآف الكريـ وأحاديث المصطفى‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،‬فيي ّأوؿ بيت‬


‫لمناس‪ ،‬قاؿ تعالى‪ :‬ﱡ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﱠ‬ ‫ُوضع ّ‬

‫ألنو ُعتِؽ مف الجبابرة‪ ،‬قاؿ تعالى‪:‬‬ ‫(آؿ عمراف‪ ،)96:‬والكعبة ىي البيت العتيؽ؛ ّ‬ ‫ﱡﲡ ﲢ ﲣﲤﱠ (الحج‪ ،)29 :‬والكعبة ىي األمف واألماف لمناس جميعاً‪،‬‬ ‫قاؿ تعالى‪ :‬ﱡ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﳂ ﱠ(البقرة‪ ،)125:‬والكعبة ىي قبمة‬ ‫الصالة‪ ،‬وقد حمى اهلل الكعبة مف أصحاب الفيؿ بقيادة أبرىة الحبشي وكاف ذلؾ سنة‬ ‫ّ‬ ‫وسجؿ القرآف ذلؾ‪ ،‬فقاؿ تعالى‪ :‬ﱡﱽ ﱾ‬ ‫إحدى وسبعيف وخمسمئة لمميالد (‪571‬ـ‪،).‬‬ ‫ّ‬ ‫ﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇ ﲈﲉﲊﲋﲌﲍ‬

‫ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﱠ (سورة الفيؿ)‪ .‬والكعبة‬ ‫بي‬ ‫ىي مقصد المسمميف في‬ ‫الحج والعمرة وقد جاء عف ّ‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬

‫‪" :‬مف أتى ىذا البيت‬

‫أمو"‪ ،‬وىذا الحديث ال ّشريؼ مف قبيؿ‬ ‫فمـ يرفث ولـ يفسؽ رجع مف ذنوبو كيوـ ولدتو ّ‬ ‫ِّ‬ ‫الحج‪ ،‬واالمتثاؿ ألوامر اهلل تعالى‪.‬‬ ‫الحث عمى أداء مناسؾ ّ‬ ‫‪ ‬والح ُّ‬ ‫ج ركف مف أركاف اإلسالـ‪ ،‬قاؿ تعالى في كتابو العزيز‪ :‬ﱡ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ‬ ‫الحج‬ ‫ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥﲦ ﲮ ﱠ (آؿ عمراف‪ ،)97 :‬ثوابو عظيـ‪ ،‬ونفعو كثير‪ ،‬ففي ّ‬ ‫الناس مف ك ّؿ ٍّ‬ ‫فج في مكاف واحد‪ ،‬فيتآلفوف ويتو ُّادوف‪ ،‬ويفيد بعضيـ بعضاً‪ ،‬فيو‬ ‫يجتمع ّ‬ ‫الحج تبدو المساواة والجميع قد تركوا‬ ‫مؤتمر لمتّعارؼ والتّشاور وتبادؿ المنافع‪ ،‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫‪2‬‬


‫العبودية هلل تعالى‪،‬‬ ‫الرداء‪ ،‬وأظيروا‬ ‫الزينة‪ ،‬فقنعوا باإلزار و ِّ‬ ‫الدنيا‪ ،‬ونبذوا أسباب ّ‬ ‫زينة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحج بذؿ الماؿ عف رضا نفس‬ ‫الحؽ‪ ،‬بالتّيميؿ والتّكبير والتّمبية‪ ،‬وفي‬ ‫والتذلّؿ لممعبود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وطيب خاطر‪ ،‬وفيو التّوبة الخالصة الّتي تدفع إلى الطّاعات وبذؿ الخيرات‪.‬‬ ‫‪----‬‬‫رب البيت‪ ،‬وتقوى القموب ىي‬ ‫‪ ‬ومناسؾ‬ ‫وجو إلى ّ‬ ‫الحج رموز تعبيرّية عف التّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحج تتالحؽ األطياؼ‪ ،‬وتتعاقب ِّ‬ ‫الذكريات‪ ،‬فيذا طيؼ‬ ‫الغاية‪ ،‬وفي أداء مناسؾ‬ ‫ّ‬ ‫المكرمة‪ ،‬وىذه ىاجر‬ ‫يودع فمذة كبده في صحراء م ّكة‬ ‫السالـ‪ ،‬وىو ّ‬ ‫"إبرىيـ" عميو ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصفا والمروة‪ ،‬وىذه ذكرى إبراىيـ‬ ‫تستروح الماء لنفسيا ولطفميا وىي تُيروؿ بيف ّ‬ ‫واسماعيؿ‬

‫محمد بف‬ ‫وىما يرفعاف القواعد مف البيت‪ ،‬وىذا رسوؿ البشرّية جمعاء ّ‬

‫عبداهلل صموات اهلل عميو وسالمو‪ ،‬وىو ِّ‬ ‫الحج ويقوؿ‪" :‬خذوا َعِّنى‬ ‫يؤدي مناسؾ‬ ‫ّ‬ ‫مناسككـ‪".‬‬ ‫الحج ىي عالماتو الّتي تُ َذ ِّكر المسمـ‪ ،‬وتضعو في طريؽ اهلل تعالى‪ ،‬فممس‬ ‫وشعائر ّ‬ ‫يتحرؾ‬ ‫وحية في نفسو‪ ،‬والطَّواؼ إقرار عممي ّ‬ ‫الر ّ‬ ‫بأنو ّ‬ ‫الحجر األسود استيقاظ لمعاطفة ّ‬ ‫الصفا والمروة‬ ‫السعي بيف ّ‬ ‫في دائرة واحدة في حياتو‪ ،‬وىي عبادة اهلل سبحانو وتعالى‪ ،‬و ّ‬ ‫داللة عمى التّوجو في الحياة‪ ،‬وااللتقاء في نقطة واحدة مع ك ّؿ الجموع البشرّية‪ّ ،‬إنيا‬ ‫‪3‬‬


‫دروس التّقوى و ِ‬ ‫الزينة‪،‬‬ ‫العفّة واالنضباط‪ ،‬إنكار ال ّذات في رفضيا لمّذة‬ ‫المادية واستخداـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫وضبطيا باالبتعاد عف الفسوؽ والجداؿ والمراء‪.‬‬ ‫الحِّرّية‪ ،‬واالستطاعة‪ ،‬ومع‬ ‫‪‬‬ ‫ولمحج شروط ّ‬ ‫ّ‬ ‫صحة وىي‪ :‬اإلسالـ‪ ،‬والعقؿ‪ ،‬والبموغ‪ ،‬و ُ‬ ‫أف تكوف في صحبة زوجيا أو َم ْح َرـ‪ ،‬أو في صحبة رفقة‬ ‫شرطيف آخريف لممرأة وىما‪ْ :‬‬ ‫معتدة مف زوج ِع َّدة طالؽ ْأو ِع ّدة وفاة‪.‬‬ ‫مأمونة‪ ،‬وال ّشرط اآلخر أَالَّ تكوف ّ‬ ‫الحج كثيرة‪ ،‬فمنيا ماىو ركف‪ ،‬ومنيا ما ىو واجب‪ ،‬ومنيا ما ىو ُسنَّة‪،‬‬ ‫‪ ‬وأعماؿ‬ ‫ّ‬ ‫وي ْج َب ُر‬ ‫الحج بتركو‪ ،‬والواجب ما ال يفسد‬ ‫فالركف ىو الفرض‪ ،‬وىو ما يفسد‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحج بتركو ُ‬ ‫َّ‬ ‫الرسوؿ‬ ‫إما ُسّنة مؤكدة وىي الّتي فعميا ّ‬ ‫بِيَ ْدي‪ ،‬والسُّّنة ّ‬

‫وواظب عمى فعميا ورَّغب‬

‫بي‬ ‫الم ْن ُدوب‪ ،‬وىي الّتي فعميا ّ‬ ‫الم ْستَ َح ّ‬ ‫ب أو َ‬ ‫فييا‪ ،‬وا ّما ُسّنة غير مؤ ّكدة وتُ َس َّمى ُ‬ ‫الن ّ‬ ‫ي عمى مف ترؾ العمؿ بالسُّّنة في‬ ‫أحياناً وتركيا أحياناً‪ ،‬ولـ ُي َرِّغب فييا‪ ،‬وال إثـ وال َى ْد َ‬ ‫اقتداء بالحبيب المصطفى‬ ‫الحج‪ ،‬واألولى اإلتياف بيا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬

‫‪.‬‬

‫الم ْروة‪ ،‬والوقوؼ بعرفة‪ ،‬وطواؼ‬ ‫‪ ‬وأركاف ّ‬ ‫السعي بيف ّ‬ ‫الحج أربعة‪ :‬اإلحراـ‪ ،‬و ّ‬ ‫الصفا و َ‬ ‫لمحاج أف يقوـ بيا بإحدى طريقتيف‪ ،‬بحسب‬ ‫اإلفاضة –عند أغمب الفقياء‪ ،-‬والخيار‬ ‫ّ‬ ‫لمحاج مف وقت‪ ،‬فالطّريقة األولى‪:‬‬ ‫نوعية الح ّج مف‪ :‬إفراد أو تمتّع‪ ،‬وبحسب ما ُيتَاح‬ ‫ّ‬ ‫الصفاء والمروة بعد طواؼ القدوـ‪ ،‬ثَُّـ الوقوؼ بعرفة‪ ،‬ثَُّـ طواؼ‬ ‫اإلحراـ‪ ،‬ثُّـ السَّعي بيف ّ‬ ‫‪4‬‬


‫اإلفاضة‪ ،‬والطّريقة األخرى‪ :‬اإلحراـ‪ ،‬ثُّـ الوقوؼ بعرفة‪ ،‬ثَُّـ طواؼ اإلفاضة‪ ،‬ثَُّـ السَّعي‬ ‫لصفا والمروة‪.‬‬ ‫بيف ا ّ‬ ‫‪----‬‬‫‪َّ ‬‬ ‫المنورة‪،‬‬ ‫المكرمة والمدينة‬ ‫المقدسة؛ إلى م ّكة‬ ‫لمسفر إلى األراضي‬ ‫يتأىب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحاج ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصادقة‪ ،‬ومف شروطيا َرُّد المظالـ إلى أىميا‪،‬‬ ‫و ّأوؿ ما يفعمو‬ ‫الحاج ىو التّوبة ّ‬ ‫ّ‬ ‫النصوح ّ‬ ‫اعتَ َدى عمييـ‬ ‫العفو مف الّذيف‬ ‫أساء إلييـ بمفظ أو فعؿ‪ْ ،‬أو ْ‬ ‫َ‬ ‫أو التّعويض عنيا‪ ،‬وطمب ّ‬ ‫بوجو مف الوجوه‪ ،‬فحرمة اإلنساف وكرامتو مصانة بال ّشرع الحنيؼ‪ ،‬ومف شروط التّوبة‬ ‫الحج مف ماؿ حالؿ‪َّ ،‬‬ ‫أف يقصد‬ ‫طيِّب ال يقبؿ إالَّ طيًِّبا‪ ،‬وعمى‬ ‫أف يكوف‬ ‫فإف اهلل َ‬ ‫الحاج ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫الصالحة‪ ،‬ومف شروط التّوبة‬ ‫بحجو وجو اهلل تعالى‪ِّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫فالرياء والسُّمعة تحبطاف األعماؿ ّ‬ ‫التّواصؿ مع ذوي القُ ْربى‪ ،‬فقد جاء في حديثو‬

‫ُمتي قاطع رحـ"‪.‬‬ ‫‪" :‬ال يجالسني مف أ َّ‬

‫‪----‬‬‫ِّ‬ ‫متوجياً إلى المطار يأخذ في تنظيؼ بدنو‪ ،‬فيقمِّـ‬ ‫الحاج مف البيت‬ ‫وقبؿ خروج‬ ‫ّ‬ ‫بنية السُّّنة‪ ،‬ولو‬ ‫أظفار ْ‬ ‫وي َحمِّؽ العانة‪ ،‬ويزيؿ َش ْعر اإلبطيف‪ ،‬ثَُّـ يغتسؿ ّ‬ ‫القدم ْيف‪ُ ،‬‬ ‫اليديف و َ‬ ‫الصابوف وغيره؛ َّ‬ ‫كالرجؿ‬ ‫ْ‬ ‫أف يستعمؿ ّ‬ ‫ألف ىذا الغسؿ إلزالة األوساخ عف البدف‪ ،‬والمرأة ّ‬ ‫قصو‪.‬‬ ‫ولمرجؿ خاصة ْ‬ ‫أف يحفو شاربو‪ ،‬وىو المبالغة في ّ‬ ‫في ىذا األمر‪ّ ،‬‬ ‫‪5‬‬


‫الرجؿ مف ِ‬ ‫ُّ‬ ‫الداخمية‬ ‫تَ َج َّرَد‬ ‫الحاج َّ‬ ‫الم ِحيط فخمع القميص والسِّرواؿ والمالبس ّ‬ ‫المخيط و ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫وتوضأ‪ ،‬فحاف وقت ارتداء مالبس اإلحراـ‪ ،‬فيأخذ إ از اًر‬ ‫القمُْن ُس َوة‪ ،‬وتنظَّؼ‪ ،‬واغتسؿ‪،‬‬ ‫وُ‬ ‫ورداء وىما الفوطتاف المعروفتاف‪ ،‬فيجعؿ اإلزار عمى وسطو‪ ،‬فيستر بو جسمو‬ ‫َّ‬ ‫ُّرة والى ما تحتيا‬ ‫الرداء فيستر بو ما بيف الس َّ‬ ‫األعمى‪ :‬الصدر والظير والكتفيف‪ ،‬ويأخذ ّ‬ ‫حتَّى قرب ال َك ْع َب ْي ِف‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫أف يكونا أبيضيف‪ ،‬فقد قاؿ‬ ‫ويستجب في ِّ‬ ‫الرداء واإلزار ْ‬

‫‪"ِ :‬اْل َب ُسوا ثياب البياض‪،‬‬

‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫الحاج كذلؾ نعميف غير ساتريف لمكعبيف‪ ،‬وىما السُّبَّاط‬ ‫فإنيا أطيب وأطير‪ ،".‬ويمبس‬ ‫ِّ‬ ‫الرجؿ رأسو‪ ،‬ومف كاف َش ْعر رأسو واف اًر‪،‬‬ ‫الرقيؽ‪ ،‬ويكشؼ َّ‬ ‫أو الشبشب ذو الس َّْير ّ‬ ‫مدة اإلحراـ‪.‬‬ ‫َفْم َي ْج َع ْؿ فيو مادة حتّى ال يتفرؽ وينتشر ّ‬ ‫‪----‬‬‫الرجؿ في وجيو ورأسو َّ‬ ‫فإف إحراـ المرأة بكشؼ وجييا وكفَّييا فقط‪،‬‬ ‫واذ كاف إحراـ ّ‬ ‫الب ْرقع والقَفَّازيف لقولو‬ ‫فتتجنب ُ‬

‫‪" :‬ال تنتقب المرأة وال تمبس القفازيف"‪ ،‬وذكر أىؿ‬

‫أف تغطي وجييا بخمار بال ربط أو تخميؿ إذا أرادت التَّ َستُّر‪ ،‬كما‬ ‫العمـ ّأنو يجوز ليا ْ‬ ‫خاص لثيابيا‪ ،‬مع مراعاة‬ ‫الحمِ ّي كالقُ ْرط والخاتَـ‪ ،‬وال ُي ْشترط لوف‬ ‫ٌّ‬ ‫يجوز ليا اليسير مف ُ‬

‫‪6‬‬


‫أف تضع يدييا في جيب ُجبَّتيا‬ ‫الجبَّة واسعة كي تغطي أعضاء بدنيا وليا ْ‬ ‫ْ‬ ‫أف تكوف ُ‬ ‫سبب‪.‬‬ ‫إف كاف لذلؾ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫‪----‬‬‫ومف مطالب اإلحراـ استجاب صالة ركعتيف‪ ،‬تُ ْق َأُر سورة "الكافروف" بعد الفاتحة في‬ ‫الصالة‬ ‫الركعة الثّانية‪ ،‬وتكوف ّ‬ ‫الركعة األولى‪ ،‬وسورة "اإلخالص" بعد الفاتحة في ّ‬ ‫ّ‬ ‫فَُرادى‪ ،‬في البيت أ َْو في أقرب مسجد‪ ،‬أو في المطار‪ ،‬وفي الوقت الّتي تَ ِح ُّؿ فيو‬ ‫النافمة؛ َّ‬ ‫الصادؽ وىو وقت صالة الصُّبح‬ ‫ألف صالة ّ‬ ‫ّ‬ ‫النوافؿ مكروىة مف طموع الفجر ّ‬ ‫أي‪ :‬بعد شروؽ ال ّشمس بنحو‬ ‫إلى وقت ارتفاع ال ّشمس في األُفؽ بمقدار ثالثة أمتار؛ ْ‬ ‫خمس عشرة دقيقة‪ ،‬ومكروىة أيضاً بعد صالة العصر الحاضرة والى أداء صالة‬ ‫المالكية‪.‬‬ ‫المغرب الحاضرة عند‬ ‫ّ‬ ‫‪----‬‬‫الحاج أىمو عند بدء سفره‪ ،‬وىو يقوؿ‪" :‬المَّيُ َّـ إَِّنا نسألؾ في سفرنا ىذا البَِّر‬ ‫ُي َوِّدع‬ ‫ّ‬ ‫ط ِو َعَّنا ُب ْعده‪ ،‬المَّيُ َّـ‬ ‫والتَّقوى‪ ،‬ومف العمؿ ما ترضى‪ ،‬المَّيُ َّـ َى ِّوف عمينا سفرنا ىذا‪ ،‬وا ْ‬ ‫َّ‬ ‫السفر‪،‬‬ ‫السفر‪ ،‬والخميفة في األىؿ‪ ،‬الميُ َّـ ِإِّني أعوذ بؾ مف َع َناء ّ‬ ‫الصاحب في ّ‬ ‫أنت ّ‬ ‫الم ْن َقمِب في الماؿ واألىؿ والولد‪ ،".‬واذا استوى جالساً في الطائرة‬ ‫وكآبة المنظر‪ ،‬وسوء ُ‬ ‫‪7‬‬


‫ر اآلية الكريمة‪ :‬ﱡ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ‬ ‫قاؿ‪" :‬اهلل أكبر‪ ..‬اهلل أكبر‪ ..‬اهلل أكبر‪ "..‬وق أ‬ ‫ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳﱴﱠ(الزخرؼ‪.)14 ،13 :‬‬

‫‪----‬‬‫الدخوؿ في اإلحراـ فال تَ ِ‬ ‫الحاج ُّ‬ ‫ص ُّح العبادة إالّ ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫بالنيَّة لقولو‬ ‫‪ ‬ينوي‬

‫"إنما‬ ‫‪ّ :‬‬

‫حب ُّ‬ ‫وي ْستَ ُّ‬ ‫الحج باإلفراد أجرى عمى قمبو‬ ‫فإف نوى‬ ‫ّ‬ ‫النطؽ بما أحرـ‪ْ ،‬‬ ‫األعماؿ ّ‬ ‫بالنيات"‪ُ ،‬‬ ‫أحرمت بو هلل تعالى"‪ ،‬واف نوى الحج ِ‬ ‫بالق َراف‬ ‫الحج و‬ ‫"نويت‬ ‫بالحج" ويقوؿ‪:‬‬ ‫"أحرمت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫الع ْم َرة هلل تعالى"‪ ،‬وا ْف‬ ‫ويت‬ ‫أجرى عمى قمبو "أحرمت‬ ‫بالحج والعمرة" ويقوؿ‪"َ :‬ن ُ‬ ‫ّ‬ ‫الحج و ُ‬ ‫مرة هلل تعالى"‪،‬‬ ‫"أحرمت بالعمرة" ويقوؿ‪:‬‬ ‫الح َّج بالتَّمتُّع أجرى عمى قمبو‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نوى َ‬ ‫"نويت ُ‬ ‫الع َ‬ ‫الحج"‪ ،.‬وفي لغة العرب‪ :‬أحرـ‬ ‫"نويت‬ ‫الحج فيقوؿ‪:‬‬ ‫وبعد انقضائيا والتحمّؿ منيا ينوي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أي‪ :‬دخؿ في عمؿ يحرـ عميو بو ما كاف حالالً‪.‬‬ ‫فالف‬ ‫ّ‬ ‫بالحج أو العمرة؛ ْ‬ ‫‪----‬‬‫أف يغتسؿ كذلؾ لمجنابة‬ ‫أف يغتسؿ بالماء لمتبريد‪ ،‬وبال دلؾ شديد‪ ،‬و ْ‬ ‫لمم ْح ِرـ ْ‬ ‫ويجوز ُ‬ ‫أف يغسؿ‬ ‫–مف االحتالـ‪ -‬بالماء مع ّ‬ ‫أف ُي َغيِّر لباس اإلحراـ‪ ،‬و ْ‬ ‫الدلؾ في ىذه الحالة‪ ،‬و ْ‬ ‫ظمَّة فوؽ رأسو بعيدة عنو‪ ،‬و ِ‬ ‫يديو بالصابوف غير المعطَّر‪ ،‬وأف يرفع ِ‬ ‫"البوط"‬ ‫الم َ‬ ‫ْ‬ ‫أف َيش َّد ُ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫عمى وسطو‪ ،‬عمى ِ‬ ‫مصنفات الفقو‪.‬‬ ‫الجْمد تحت اإلزار‪ ،‬وغير ذلؾ مما ىو مذكور في‬ ‫ّ‬ ‫‪8‬‬


‫الحج مثؿ ِ‬ ‫الج َماع وتوابعو‪،‬‬ ‫وينبغي معرفة محضورات اإلحراـ ومنيا ما ُي ْف ِس ُد‬ ‫ّ‬ ‫واإلنزاؿ باستدعاء‪ ،‬ومنيا ما تجب فيو الفدية مثؿ‪ :‬الحاجة إلى تغطية الرأس‪ْ ،‬أو َقْمـ‬ ‫األظفار‪ْ ،‬أو لُْبس الثِّياب المعتادة‪.‬‬ ‫‪----‬‬‫الحاج في التّمبية الواردة عف رسوؿ اهلل‬ ‫‪َ ‬ي ْش َرع‬ ‫ّ‬

‫وىي‪" :‬لَب َّْي َؾ المَّيُ َّـ لَ​َّب ْي َؾ‪ ،‬لَ​َّب ْي َؾ‬

‫الحمد و ِّ‬ ‫يؾ لَؾ‪ ،".‬والتّمبية شعيرة مف‬ ‫ال شريؾ لؾ لَب َّْيؾ‪ ،‬إِ َّف‬ ‫المْمؾ‪ ،‬ال شر َ‬ ‫النعمةَ َ‬ ‫َ‬ ‫لؾ و ُ‬ ‫الحج‪ ،‬وىي واجبة بعد اإلحراـ‪ ،‬و ُّ‬ ‫تدؿ عمى لزوـ الطّاعة‪ ،‬واخالص المحبة‪،‬‬ ‫شعائر‬ ‫ّ‬ ‫ستحب اإلكثار منيا‪ ،‬والمداومة عمييا‬ ‫وي‬ ‫ّ‬ ‫وصدؽ ّ‬ ‫النية‪ ،‬وفضميا عظيـ‪ ،‬وثوابيا جزيؿ‪ُ ،‬‬ ‫الرفاؽ‪ ،‬وعقب‬ ‫في ك ّؿ وقت‪ ،‬في القعود والقياـ‪ ،‬والصُّعود واليبوط‪ ،‬وعند مالقاة ِّ‬ ‫ويستحب ُّ‬ ‫وي ْستَ َح ُّ‬ ‫الدعاء بعد‬ ‫لمرجاؿ‪ُ ،‬‬ ‫الصَّموات‪ُ ،‬‬ ‫الصوت في ّ‬ ‫ب الجير ليا‪ ،‬ورفع ّ‬ ‫توسط ّ‬ ‫التّمبية وأف ُي ْب َدأُ ُّ‬ ‫السالـ عمى رسوؿ اهلل‬ ‫الصالة و ّ‬ ‫الدعاء بحمد اهلل‪ ،‬ثَُّـ ّ‬ ‫في حديث ّأـ َسمَ َمة‬

‫‪ ،‬فقد ورد عنو‬

‫ٍ‬ ‫أي؛‬ ‫محمد‪ ،‬مف َح َّج منكـ َفْمُي ِي ّؿ في ّ‬ ‫حجة‪ْ ".‬‬ ‫ّأنو قاؿ‪" :‬يا آؿ ّ‬

‫ُيمَبِّى ويرفع صوتو بيا‪.‬‬ ‫‪-----‬‬

‫‪9‬‬


‫المالكية‪ -‬مف حيف اإلحراـ إلى دخوؿ م ّكة وحتَّى دخوؿ‬ ‫ووقت التّمبية –عند‬ ‫ّ‬ ‫الحاج التّمبية حتَّى ظير يوـ عرفة‪،‬‬ ‫عي ُيعاود‬ ‫ّ‬ ‫المسجد الحراـ فَتُ ْقطع‪ ،‬وبعد الطّواؼ و ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫توجو لموقوؼ بعرفة‬ ‫صمَّى الظّير والعصر جمع تقديـ في مسجد عرفة قطعيا‪ ،‬و ّ‬ ‫فِإ ّف َ‬ ‫أف ُيمَبِّي إلى وقت رمي جمرة العقبة‪.‬‬ ‫النفر مف عرفة‬ ‫الناس‪ ،‬وبعد ّ‬ ‫مع ّ‬ ‫لمحاج ْ‬ ‫ّ‬ ‫‪----‬‬‫َّ‬ ‫األوؿ لقبيمة قُضاعة الّتي اتّخذت‬ ‫‪َ ‬حطت الطّائرة بمطار ُج َّدة‪ ،‬نسبةً إلى ّ‬ ‫الجد ّ‬ ‫مساكنيا فييا‪ ،‬واسمو "ج َّدة بف ح ْزـ القُض ِ‬ ‫اع ّي"‪ ،‬وىي مدينة عمى ساحؿ البحر األحمر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الحاج الحافمة‪ ،‬وىو ُييمِّؿ‬ ‫استَ​َقؿ‬ ‫وعمى بعد ثالثة وسبعيف كيمومت اًر مف م ّكة‬ ‫ّ‬ ‫المكرمة‪ ،‬ف ْ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫الم َك ّرَمة"‪.‬‬ ‫ويكبِّر ُ‬ ‫ويمَبِّى في طريقو إلى البمدة الطي َِّبة "م ّكة ُ‬ ‫‪----‬‬‫طمأَف عمى سكنو وأمتعتو‪ ،‬واغتسؿ لالستحباب‪،‬‬ ‫الحاج م ّكة‬ ‫‪ ‬وصؿ‬ ‫المكرمة وا ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫حجو بالتّمتّع‬ ‫وتوضأ‪ ،‬وأخذ جزءاً يسي اًر مف َّ‬ ‫الراحة‪ ،‬وىنا ينبغي التّمييز بيف مف كاف ّ‬ ‫ِ‬ ‫الحاج المسجد الحراـ‬ ‫الحج بالتّمتّع فيقصد‬ ‫ّ‬ ‫حجو باإلفراد ْأو بالقراف‪ ،‬فإف كاف ّ‬ ‫ومف كاف ّ‬ ‫ِّ‬ ‫صر‪ ،‬ثَُّـ‬ ‫طاىر البدف والثّوب‬ ‫الع ْم َرة‪ ،‬فيطوؼ‪ ،‬ويسعى‪ ،‬ويحمِّؽ أو ُيقَ ِّ‬ ‫متوضأً ألداء ُ‬

‫‪11‬‬


‫الع ْم َرة‪،‬‬ ‫أي‪ُ :‬ي ْ‬ ‫يتحمّؿ؛ ْ‬ ‫صبِ ُح غير ُم ْح ِرٍـ‪ ،‬وىو بيذا يكوف قد انتيى مف جميع أعماؿ ُ‬ ‫فيتمتّع بما َّ‬ ‫أحؿ اهلل لو‪.‬‬ ‫وفي اليوـ الثّامف مف ذي ِ‬ ‫بالحج‪ ،‬فيقوـ بفعؿ واجبات اإلحراـ‬ ‫الح ّجة‪ ،‬لو اإلحراـ‬ ‫ّ‬ ‫الحج هلل تعالى"‬ ‫"نويت‬ ‫بالحج" ويقوؿ‪:‬‬ ‫"أحرمت‬ ‫المنصوص عمييا‪ ،‬ثَُّـ ُي ْج ِري عمى قمبو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صمِّي ركعتي اإلحراـ في المسجد الحراـ‬ ‫ويبدأ في التّمبية‪ُ ،‬‬ ‫وي َ‬

‫–وىو األَ ْولى‪ -‬ويصعد‬

‫الحافمة متوجِّياً إلى ِمًنى أو عرفة‪ ،‬أو يمشي عمى قدميو قاصداً تمؾ البقاع الطَّ​ّيبة‪.‬‬ ‫‪----‬‬‫واذا كاف الحج باإلفراد أو ِ‬ ‫ُّ‬ ‫الحاج إلى المسجد الحراـ ألداء طواؼ‬ ‫بالق َراف فيذىب‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫متوضأً‪ ،‬فعف عائشة‬ ‫القدوـ‪ ،‬وىو طاىر البدف والثّوب‪،‬‬ ‫بي‬ ‫بو ّ‬ ‫الن ّ‬

‫قالت‪" :‬إِ َّف ّأوؿ شيء بدأ‬

‫حيف قدـ م ّكة َّأنو توضَّأ ثَُّـ طاؼ بالبيت"‪ ،‬والطّواؼ صالة إالّ أف اهلل‬

‫َّ‬ ‫الصادؽ الصدوؽ‪،‬‬ ‫تعالى أح ّؿ فيو الكالـ فمف تكمّـ فال َيتَ َكم ُـ إال بخير كما ورد عف ّ‬ ‫وشرط طواؼ المرأة أالّ تكوف في حالة العذر ال ّشرعي وىو َح ْيض أو نِفَاس‪ ،‬فقد قاؿ‬ ‫الرسوؿ الكريـ‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫أف تفعمي ك ّؿ المناسؾ‬ ‫عي‪ :‬لَؾ ْ‬ ‫لعائشة وىي في حالة العذر الشر ّ‬

‫الح ْيض وتغتسمي‪".‬‬ ‫إالّ الطّواؼ‪ ،‬حتَّى تَ ْ‬ ‫طيُ ِري مف َ‬ ‫‪----‬‬‫‪11‬‬


‫الرجؿ اليمنى وىو‬ ‫‪ ‬يدخؿ‬ ‫ويقدـ ِّ‬ ‫إف أمكف‪ّ -‬‬ ‫السالـ – ْ‬ ‫ّ‬ ‫الحاج المسجد الحراـ مف باب ّ‬ ‫َّ‬ ‫بالسالـ‪ ،‬المَّيُ َّـ ِزْد ىذا البيت تشريفاً‬ ‫السالـ‪ ،‬فحيِّنا رّبنا ّ‬ ‫السالـ‪ ،‬ومنؾ ّ‬ ‫يقوؿ‪" :‬الميُ َّـ أنت ّ‬ ‫وتعظيماً‪".‬‬ ‫حية في‬ ‫الحاج إلى الكعبة‬ ‫يتوجو‬ ‫ألف التّ ّ‬ ‫المشرفة‪ ،‬مف دوف صالة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تحية المسجد؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َس َعد" –كما‬ ‫الح َجر األسود ّأوالً وىو َ‬ ‫ىذا المقاـ ىي الطّواؼ‪ ،‬فيسير إلى َ‬ ‫"الح َجر األ ْ‬ ‫بنية االستحباب مع التّكبير –إِ ْف قَ َد َر‬ ‫ُيطمؽ عميو ّ‬ ‫بالفـ مف غير صوت؛ ّ‬ ‫الناس‪ -‬فيقبِّمو ّ‬ ‫عمى ذلؾ‪ -‬فِإ ْف لـ يقدر‪ ،‬وضع يده عميو ثَُّـ وضعيا عمى فيو مف غير تقبيؿ مع‬ ‫التّكبير‪ ،‬فإف لـ يقدر َكبَّر‪.‬‬ ‫ي َّ‬ ‫النبي‬ ‫أف‬ ‫َّ‬ ‫وقد ُرِو َ‬

‫ولما سمع‬ ‫وضع شفتيو عمى َ‬ ‫الح َجر األسود وىو يبكي‪ّ ،‬‬ ‫بي‬ ‫يبكي‪ ،‬فقاؿ ّ‬ ‫الن ّ‬

‫بكاء خمفو التفت‪ ،‬فإذا عمر بف الخطاب‬ ‫ً‬

‫تُسكب العبرات"‪ ،‬وورد َّ‬ ‫أف أمير المؤمنيف ابف الخطاب‬

‫‪" :‬ياعمر‪ ،‬ىا ىنا‬

‫كاف ُيقَبِّؿ الحجر األسود‬

‫ويقوؿ‪ِّ :‬‬ ‫تضر وال تنفع‪ ،‬ولوال أَِّني رأيت رسوؿ اهلل‬ ‫"إني أعمـ َّأنؾ حجر ال‬ ‫ّ‬

‫ُيقَِّبمُؾ‬

‫الناس الّذيف دخموا في اإلسالـ بعد الفتح‪ ،‬وكانوا يعبدوف‬ ‫وع َنى عمر بذلؾ ّ‬ ‫ما قبمتؾ"‪َ ،‬‬ ‫أف ُي َبيِّف ليـ لزوـ اتباع رسوؿ اهلل‬ ‫األصناـ قبؿ ذلؾ‪ ،‬فأراد ْ‬ ‫‪----‬‬‫‪12‬‬

‫وأخذ المناسؾ عنو‪.‬‬


‫َّ‬ ‫الح َجر األسود بجميع بدنو عند عالمة البداية‪،‬‬ ‫‪ ‬يبدأ الح ّ‬ ‫اج الطواؼ‪ ،‬فيحاذي َ‬ ‫ني ويجعؿ البيت عف يساره‪ ،‬وتكوف كتفو اليسرى إلى‬ ‫الرخاـ‬ ‫ُّ‬ ‫الب ِّ‬ ‫الممَ َّوف بال ّشكؿ ُ‬ ‫األرضي ُ‬ ‫ّ‬ ‫اذرواف" وىو بناء ممصؽ بحائط‬ ‫البيت‪ ،‬وليحذر مف وقوع جزء مف جسده فوؽ "ال ّش ْ‬ ‫السير‪،‬‬ ‫الكعبة مف أسفؿ‪ ،‬ومعنى ىذا ْ‬ ‫أف ْينصب قامتو بعد تقبيؿ الحجر األسود لبدء ّ‬ ‫وىذا التّنبيو لِ َم ْف كاف بمحاذاة جدار الكعبة‪ ،‬والسَّير يكوف جية يميف الطّائؼ‪.‬‬ ‫أف يكوف خارجاً ببدنو عف ِح ْجر إسماعيؿ أيضاً‪ ،‬وىو اآلف‬ ‫وعمى‬ ‫الحاج في طوافو ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُم َح َّد ٌد بجدار مف َح َجر أصفر يميؿ إلى البياض‪ ،‬عمى شكؿ قوس‪ ،‬تحت ميزاب‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ :‬يكوف الطّواؼ خمفو‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الرحمة‪ ،‬والح ْجر مف الكعبة فال يجوز الطّواؼ فيو؛ ْ‬ ‫‪----‬‬‫واكماؿ سبع طوفات ضروري‪ ،‬فمو بقيت طَوفَة واحدة أو بعضيا لـ ي ِ‬ ‫ص ّح الطّواؼ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أي‪ :‬تتابعيا مف غير فصؿ كثير بينيا‪ ،‬والمشي‬ ‫السبعة‪ْ ،‬‬ ‫والمواالة مطموبة بيف األشواط ّ‬ ‫عمى القادر واجب‪ ،‬ومف السُّّنة ُّ‬ ‫الدنيا‬ ‫الدعاء في الطّواؼ بما شاء الطّائؼ مف خيري ّ‬ ‫واآلخرة‪ ،‬والمأثور منو ماورد في القرآف العظيـ‪ :‬ﱡ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ‬

‫ُّ‬ ‫يستحب لمطّائؼ التّسبيح‬ ‫ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﱠ (البقرة ‪ ،)201‬كما‬ ‫َّ‬ ‫"االض ِطباع"‪،‬‬ ‫الرداء الّذي يستر أعمى جسده‪ ،‬في وضعية‬ ‫أف يجعؿ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫والتّكبير‪ ،‬ولمطائؼ ْ‬ ‫‪13‬‬


‫الرداء تحت اإلبط األيمف‪ ،‬وطرفو‬ ‫أف يجعؿ‬ ‫وىو "تَأَُّبطُ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫الرداء"‪ ،‬وكيفيتو ْ‬ ‫الحاج وسط ّ‬ ‫الي ْس َرى‪ ،‬بحيث تظ ّؿ الكتؼ اليمنى مكشوفة‪ ،‬وفي تمؾ الطّريقة َع ْو ٌف عمى‬ ‫عمى الكتؼ ُ‬ ‫بيمة ونشاط‪.‬‬ ‫الطّواؼ ّ‬ ‫‪----‬‬‫وىز المنكبيف في األشواط‬ ‫الخ َ‬ ‫طى‪ّ ،‬‬ ‫ومف السُّّنة اإلسراع في المشي مع تقاصر ُ‬ ‫"الرَمؿ"‪ ،‬والمشي في األربعة األشواط األخرى في‬ ‫الثّالثة األولى‪ ،‬وىو ما ُي َس َّمى بِػ‪َّ :‬‬ ‫أما المرأة فتمشي مشيتيا المعتادة في‬ ‫لمرجؿ‬ ‫ّ‬ ‫الطّواؼ الذي يعقبو السَّعي‪ ،‬وىو ّ‬ ‫خاصة‪ّ ،‬‬ ‫األشواط السَّبعة‪ ،‬فعف ابف عباس‬

‫كاف رسوؿ اهلل‬

‫إذا طاؼ بالبيت الطّواؼ‬

‫األوؿ َخ َّ‬ ‫بي‬ ‫ب ثالثاً ومشى أربعاً‪ ،‬و َ‬ ‫ب‪ :‬اإلسراع في المشي‪ ،‬وقد أمر ّ‬ ‫الخ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫صحة أبدانيـ‪.‬‬ ‫أف َي ْرُممُوا؛ لُِي ْ‬ ‫ظ ِي ُروا ّ‬ ‫أصحابو في َح ّجة الوداع ْ‬ ‫الي ْم َنى مف دوف تقبيؿ اليد‪ ،‬فإف لـ‬ ‫الركف‬ ‫ومف السُّّنة لمس ُّ‬ ‫اليماني بالكفّيف أو باليد ُ‬ ‫ّ‬ ‫الحاج مف ذلؾ‪َ ،‬كب َ​َّر ومضى دوف اإلشارة إليو‪ ،‬وقد ُرِو ِي َّ‬ ‫بي‬ ‫يتم ّكف‬ ‫اف ّ‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬

‫كاف ال‬

‫عباس‬ ‫الركف‬ ‫الح َجر األسود و ُّ‬ ‫اليماني في ك ّؿ طوافو‪ ،‬وفي حديث ابف ّ‬ ‫يدع استالـ َ‬ ‫ّ‬

‫‪:‬‬

‫اليماني أشار إليو بشيء في يده‬ ‫الركف‬ ‫"طاؼ رسوؿ اهلل عمى بعير‪ ،‬فمما أتى عمى ُّ‬ ‫ّ‬ ‫الجنوبي لمواجيتو‬ ‫بالركف‬ ‫و َكب َ​َّر"‪ ،‬و ُّ‬ ‫الرْكف اليماني ىو الّذي باتِّجاه اليمف‪ُ ،‬‬ ‫وي َس َّمى أيضاً ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪14‬‬


‫قي وىو ركف‬ ‫الركنيف المذكوريف باالستالـ‪ُّ :‬‬ ‫لمجُنوب تقريباً‪ ،‬وتخصيص ُّ‬ ‫َ‬ ‫الركف ال ّشر ّ‬ ‫الركف اليماني الجنوبي؛ َّ‬ ‫ألنيما ىما المَّذاف أقاـ عمييما إبراىيـ الخميؿ‬ ‫الحجر األسود‪ ،‬و ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الركناف اآلخراف فَ ُج ِعالَ ُم َد َّوَرْيف‪ ،‬وبحسب حركة الطّواؼ مف اليسار إلى‬ ‫أما ُّ‬ ‫البيت‪ّ ،‬‬ ‫اقي‬ ‫قي ركف الحجر األسود‪ ،‬فالعر ّ‬ ‫اليميف تكوف األركاف األربعة لمكعبة ىي‪ :‬ال ّشر ّ‬ ‫َّ‬ ‫الجنوبي‪.‬‬ ‫فاليماني‬ ‫بي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫امي الغر ّ‬ ‫مالي‪ ،‬فال ّش ّ‬ ‫الش ّ‬ ‫‪----‬‬‫خاصة‪ ،‬ال يبطؿ ما َّأدى الطّائؼ منو‪،‬‬ ‫وفصؿ أشواط الطّواؼ بصالة الفريضة‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ط ْع طوافو وجوباً‪ ،‬ليصمي‬ ‫الحاج يطوؼ َفْم َي ْق َ‬ ‫الصالة المكتوبة و ّ‬ ‫وليذا ُذك َر َّأنو إذا أقيمت ّ‬ ‫الفريضة‪ ،‬ثَُّـ ُيتْ ِم ُـ األشواط الباقية عميو‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫"المْمتَ​َزـ" ‪-‬إف تَ​َيسَّر ذلؾ‪-‬‬ ‫أف يقؼ‬ ‫وي‬ ‫ّ‬ ‫ستحب بعد إتماـ ك ّؿ طواؼ ْ‬ ‫ُ‬ ‫الحاج في ُ‬ ‫وس ِّمي بذلؾ‬ ‫الممتزـ اسـ مكاف‪ ،‬ما بيف َ‬ ‫الح َجر األسود وباب الكعبة وذرعو أربع أذرع‪ُ ،‬‬ ‫وُ‬ ‫اللتزامو ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ش ذراعيو‪ ،‬ويدعو بما شاء‬ ‫الدعاء‪ُ ،‬فيمصؽ‬ ‫وي ْف ِر ُ‬ ‫الحاج صدره وبطنو بالبيت‪ُ ،‬‬ ‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬وكاف ابف عباس‬ ‫مف خيري ّ‬

‫أحد‬ ‫يفعمو‪ ،‬ويقوؿ‪" :‬ال يمتزـ ما بينيما ٌ‬

‫يسأؿ اهلل شيئاً إالّ أعطاه اهلل ّإياه‪ ،".‬وِقي َؿ في وقتو ّإنو قبؿ ركعتي الطّواؼ‪ ،‬وُذ ِك َر‬ ‫الركعتيف؛ َّ‬ ‫ألف ركعتي الطَّواؼ جزء مف الطّواؼ‪.‬‬ ‫أيضاً ّأنو يأتي بعد َّ‬ ‫‪15‬‬


‫السالـ‪ ،‬وىو‬ ‫وبعد االنتياء مف ىذه ال ّشعائر يأتي‬ ‫ّ‬ ‫الحاج إلى مقاـ إبراىيـ عميو ّ‬ ‫الح َجر الّذي كاف يقؼ عميو عند بناء البيت‪ ،‬وغرقت قدماه فيو‪ ،‬فيصمي ركعتيف يق أر‬ ‫َ‬ ‫فييما سورتي "الكافروف واإلخالص" بعد فاتحة الكتاب‪ ،‬واذا تَ َع َّذ َرت الصَّالة خمؼ‬ ‫أي مكاف مف المسجد الحراـ‪ ،‬باستثناء ِح ْجر‬ ‫أف يصمييما في ِّ‬ ‫المقَاـ مباشرة‪ ،‬فمو ْ‬ ‫َ‬ ‫إسماعيؿ‪ ،‬والمطموب اتِّصاؿ ركعتي الطّواؼ بالطّواؼ نفسو‪ ،‬فإذا انتقضت طيارة‬ ‫وصمَّى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الركعتيف‪ ،‬تَطَيَّر وأعاد الطّواؼ َ‬ ‫الحاج بعد الطّواؼ وقبؿ صالة ّ‬ ‫‪----‬‬‫ُّ‬ ‫الركعتيف وقبؿ الخروج إلى الصَّفا‬ ‫وي‬ ‫ُ‬ ‫ستحب ‪-‬بعد الفراغ مف الطّواؼ وصالة ّ‬ ‫ويستحب ُّ‬ ‫والمروة‪ُّ -‬‬ ‫ُّ‬ ‫الشرب عمى ثالث َم َّرات‪،‬‬ ‫الشرب مف ماء زمزـ َحتَّى االرتواء‪،‬‬ ‫َْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫مرة ويحمده في نيايتيا‪ ،‬وينوي بشربو ما شاء مف خيري‬ ‫ُي َس ِّمى‬ ‫الحاج اهلل في بداية كؿ ّ‬ ‫ستحب استقباؿ القبمة عند ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫الدعاء‪ ،‬فقد جاء‬ ‫وي‬ ‫الشرب و ّ‬ ‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬ويدعو بما شاء‪ُ ،‬‬ ‫في الحديث ال ّشريؼ َّ‬ ‫أف رسوؿ اهلل‬

‫قاؿ‪" :‬ماء َزْم َزـ لما ُش ِرب لو" ومف ا ُّلدعاء‪:‬‬

‫ورزقاً واسعاً‪ِ ،‬‬ ‫"المَّيُ َّـ إِ​ِّني أسألؾ ِعْمماً نافعاً‪ ،‬وقمباً خاشعاً‪ ،‬ونو اًر ساطعاً‪ِ ،‬‬ ‫وشفَاء مف ك ّؿ‬ ‫داء" وجاء في األثر َّ‬ ‫وسقيا اهلل إسماعيؿ عميو‬ ‫أف َزْم َزـ ىي َى ْزَمة جبريؿ عميو ّ‬ ‫السالـ‪ُ ،‬‬ ‫السالـ‪ ،‬واليَ ْزَمة‪َّ :‬‬ ‫َّخ َرة‪.‬‬ ‫الن ْق َرة في الص ْ‬ ‫ّ‬ ‫‪16‬‬


‫الصموات المفروضة في المسجد الحراـ عظيـ‪ ،‬فقد جاء عف رسوؿ اهلل‬ ‫وفضؿ ّ‬ ‫الرحاؿ إالّ إلى ثالثة مساجد"‪ ،‬وَذ َكر المسجد الحراـ بم ّكة‪ ،‬والمسجد‬ ‫قولو‪" :‬ال تُ َش ُّد ِّ‬ ‫المنورة‪ ،‬وورد عنو‬ ‫بوي بالمدينة‬ ‫األقصى بالقدس‪ ،‬والمسجد ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫ّ‬

‫َّ‬ ‫الصالة في‬ ‫أف ّ‬

‫الحاج يحافظ عمى أداء‬ ‫المسجد الحراـ بم ّكة تعدؿ مئة ألؼ صالة‪ ،‬وىو ما يجعؿ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫أف يقعد في مجمس الصَّالة‬ ‫ويستحب‬ ‫الصموات الخمس المفروضة في الحرـ‪،‬‬ ‫لمحاج ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصالة‪ ،‬وىي‪" :‬سبحاف اهلل والحمدهلل واهلل أكبر‪ ،".‬وليعمـ‬ ‫بعد الفراغ‪ ،‬فيأتي بمعقِّبات ّ‬ ‫ُّ‬ ‫النوافؿ‪ ،‬وىذا‬ ‫أف طواؼ التَّطوع بالحرـ أفضؿ مف التّطوع‬ ‫َّ‬ ‫بالصالة وىي ّ‬ ‫الحاج ّ‬ ‫لمقادميف إلى م ّكة مف اآلفاؽ‪.‬‬ ‫‪----‬‬‫َّ‬ ‫الركعتيف‪ ،‬وشرب مف ماء زمزـ‪ ،‬وتوجَّو نحو‬ ‫‪ ‬فرغ الطّائؼ مف الطّواؼ‪َ ،‬‬ ‫وصمى ّ‬ ‫الم ْروة‪ ،‬والصَّفا مكاف‬ ‫الحجر األسود َم َّرة أُخرى و َكبَّر‪ ،‬فحاف اآلف سعيو بيف ّ‬ ‫الصفا و َ‬ ‫ٍ‬ ‫وم ْف وقؼ عميو‬ ‫عاؿ في أصؿ "جبؿ أبي قَُب ْيس"‪ ،‬قريب مف باب الصَّفا‪ُ ،‬ي ْ‬ ‫ص َع ُد إليو َ‬ ‫الح َجر األسود‪ ،‬أَما المروة فيو مكاف ٍ‬ ‫ص َعد‬ ‫كاف بحذاء َ‬ ‫عاؿ في أصؿ "جبؿ قُ َع ْيقَ َعاف" ُي ْ‬ ‫ّ َْ‬ ‫إليو أيضاً‪ ،‬وىو في جانب م ّكة‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫الحج‪ ،‬ال َيتِ ُّـ إِالّ بو‪ .‬قاؿ تعالى‪ :‬ﱡ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ‬ ‫‪ ‬والسَّعي ركف مف أركاف‬ ‫ّ‬

‫ﱺ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆﲇ ﲏ ﱠ (البقرة ‪ ،)158‬وتد ّؿ‬ ‫ﱹ ﱻ‬ ‫ىذه اآلية الكريمة عمى َّ‬ ‫أف السَّعي عبادة‪ ،‬و ّأنو ال إثـ عمى َم ْف َس َعى‪ ،‬والسَّبب في ذكر‬ ‫ذلؾ َّ‬ ‫أف العرب في زمف الفترة‪ ،‬قبؿ اإلسالـ‪ ،‬كانوا َي ْس َع ْوف بينيما‪ ،‬وعمييما صنماف‪،‬‬ ‫السعي‪ ،‬و َّ‬ ‫أف ذلؾ الفعؿ قد ذىب مع‬ ‫أف ّ‬ ‫فأراد اهلل ْ‬ ‫يبيف لممسمميف َّأنو ال حرج عمييـ في ّ‬ ‫الجاىمية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ورِوي عف رسوؿ اهلل‬ ‫ُ‬ ‫بف عمر‬

‫بي‬ ‫قاؿ‪" :‬قَِد َـ ّ‬ ‫الن ّ‬

‫"اس َع ْوا َّ‬ ‫السعي" وعف عبداهلل‬ ‫أنو قاؿ‪ْ :‬‬ ‫فإف اهلل كتب عميكـ ّ‬ ‫وصمَّى خمؼ المقاـ ركعتيف‪،‬‬ ‫فطاؼ بالبيت سبعاً‪َ ،‬‬

‫سعيا" وقد أجمع المجتيدوف عمى فرضية السَّعي‪ ،‬وسبب‬ ‫الصفا والمروة ً‬ ‫وطاؼ بيف ّ‬ ‫مشروعيتو ما حدث لياجر وابنيا إسماعيؿ‪.‬‬ ‫‪----‬‬‫السالـ بأرض‬ ‫َو َ‬ ‫السالـ زوجو ىاجر وابنو إسماعيؿ عميو ّ‬ ‫ض َع إبراىيـ الخميؿ عميو ّ‬ ‫ماء‪ ،‬وودعيما وانطمؽ صوب مكاف‬ ‫اء فيو ً‬ ‫وسقَ ً‬ ‫م ّكة‪ ،‬ووضع عندىا جراباً مف تَ ْمر‪َ ،‬‬ ‫ض َّرع إلى اهلل سبحانو وتعالى رافعاً يديو قائالً‪ :‬ﱡﱳ ﱴ ﱵ ﱶ‬ ‫إقامتو بال ّشاـ‪ ،‬وتَ َ‬

‫‪18‬‬


‫ﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽ ﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅ‬ ‫ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌﲍﱠ (إبراىيـ‪)37‬‬

‫ِ‬ ‫ض األرض بقدميو‪ ،‬فخفؽ قمب‬ ‫السالـ‪ ،‬فجعؿ َي ْد َح ُ‬ ‫ئ إسماعيؿ عميو ّ‬ ‫َنفَ َد الماء وظم َ‬ ‫الصفا‪ ،‬ثَُّـ‬ ‫ص ِع َد ْ‬ ‫ت عمى ّ‬ ‫األُـ رقّة وعطفاً عمى وليدىا‪ ،‬فانطمقت تبحث عف الماء‪ ،‬فَ َ‬ ‫ت مف الصَّفا حتى إذا بمغت‬ ‫استقبمت الوادي تنظر؛ ىؿ ترى أحداً‪ ،‬فمـ تَ​َر أحداً‪ ،‬فَيَ​َب َ‬ ‫طْ‬ ‫ت َس ْع َي إنساف مجيود‪ ،‬حتَّى جاوزت الوادي‪ ،‬ثَُّـ أَتَت‬ ‫وس َع ْ‬ ‫الوادي‪ ،‬رفعت طرؼ ثوبيا َ‬ ‫الم ْرَوة فقامت عمييا ونظرت‪ ،‬ىؿ ترى أحداً‪ ،‬وفعمت ذلؾ سبع َم َّرات‪ ،‬فمذلؾ سعى‬ ‫َ‬ ‫الصدوؽ‬ ‫الصادؽ ّ‬ ‫الحجيج بينيما كما أخبر ّ‬

‫‪.‬‬

‫‪----‬‬‫الصفا يق أر‬ ‫يتوجو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحاج إلى باب الصَّفا‪ ،‬ويخرج برجمو ُ‬ ‫الي ْس َرى‪ ،‬وعند دنوه مف ّ‬ ‫ﱺ ﲏ ﱠ‪ ،‬ويرقى لمسُّّنة ويستقبؿ البيت‪،‬‬ ‫اآلية الكريمة‪ :‬ﱡ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱻ‬ ‫وييَمِّؿ‪ ،‬ويدعو بما شاء‪ ،‬ومف ذلؾ قولو‪" :‬اهلل أكبر‪..‬اهلل أكبر‪..‬اهلل أكبر‪ ،‬ال إلو‬ ‫فَُي َكبِّر‪ُ ،‬‬ ‫المْمؾ ولو الحمد‪ُ ،‬ي ْحيى ويميت وىو عمى ك ّؿ شيء‬ ‫إال اهلل‪ ،‬وحده ال شريؾ لو‪ ،‬لو ُ‬ ‫قدير‪ ،‬ال إلو إالَّ اهلل وحده‪ ،‬أنجز وعده‪ ،‬ونصر عبده‪ ،‬وىزـ األحزاب وحده" ُي َكِّرر‬ ‫مرات‪ ،‬ويدعو بينيما وىو رافع يديو‪ ،‬فإذا فرغ مف ذلؾ نزؿ مف‬ ‫ّ‬ ‫الحاج ذلؾ ثالث ّ‬ ‫‪19‬‬


‫الم ْروة‪ ،‬ويمشي مشيتو المعتادة‪ ،‬فإذا بمغ العالمة الخضراء األولى‬ ‫الصَّفا‬ ‫ّ‬ ‫وتوجو إلى َ‬ ‫ُي ْس ِرع َحتَّى يبمغ العالمة الخضراء الثّانية‪ ،‬ثـ يمشي المشي المعتاد حتَّى يبمغ المروة‪،‬‬ ‫الصفا‪ ،‬ويدعو بما‬ ‫فَ​َي ْ‬ ‫ص َع ُد عمييا ويستقبؿ البيت فيأتي بالتّكبير والتّيميؿ الّذي قالو عمى ّ‬ ‫الصفا فيمشي في موضع المشي‪،‬‬ ‫شاء‪ ،‬وىذا شوط مف سعيو‪ ،‬ثَُّـ يعود مف المروة إلى ّ‬ ‫ص ِع َده‪ ،‬وجاء بالتّكبير والتّيميؿ‬ ‫ُ‬ ‫وي ْس ِرع في موضع السَّعي‪ ،‬فإذا وصؿ إلى ّ‬ ‫الصفا َ‬ ‫و ُّ‬ ‫الدعاء‪ ،‬وىذا شوط ٍ‬ ‫أف يكمؿ سبعة أشواط‪ ،‬وبيا يكوف قد‬ ‫ثاف مف سعيو‪ ،‬وىكذا إلى ْ‬ ‫كالرجؿ سواء‪ ،‬إِالَّ أََّنيا‬ ‫وقؼ أربع َوقَفَات عمى ّ‬ ‫الصفا‪ ،‬وأربعاً عمى المروة‪ ،‬والمرأة ّ‬ ‫ُّ‬ ‫الصفا‬ ‫تمشي مشيتيا المعتادة في ك ّؿ األشواط‪ ،‬واذا لـ يتم ّكف‬ ‫الحاج مف صعود ّ‬ ‫اعى في ذلؾ العادة‪،‬‬ ‫والمروة‪ ،‬فيجب ْ‬ ‫الم َر َ‬ ‫أف تكوف القدـ مالصقة ّ‬ ‫لمصفا والمروة‪ ،‬و ُ‬ ‫ُّ‬ ‫لمسعي الطَّيارة‪.‬‬ ‫وي‬ ‫ُ‬ ‫ستحب ّ‬ ‫‪----‬‬‫يبقى الحاج بعد طواؼ القُ ُدوـ والسَّعي م ْح ِرماً –إف كاف الحج باإلفراد أو ِ‬ ‫بالق َراف‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫إلى يوـ الثّامف مف ذي ِ‬ ‫لمحج‬ ‫أف ُي ْحرـ‬ ‫الحج بالتّمتّع فعمى‬ ‫الح ّجة‪ ،‬وا ْف كاف‬ ‫ّ‬ ‫الحاج ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحج هلل تعالى" وقد تقدـ الحديث عف ذلؾ‪.‬‬ ‫ويأخذ بمتطمباتو ثَُّـ يقوؿ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫"نويت ّ‬

‫‪21‬‬


‫الحاج إلى ِمًنى لقضاء يوـ التَّروية‪ ،‬نِ ْس َبةً إلى االرتواء بالماء‪ ،‬فقد كاف‬ ‫يتوجو‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ ‬‬ ‫الحجيج يرتووف فيو مف الماء ويخرجوف بو‪ ،‬إ ْذ كاف معدوماً في تمؾ األياـ في ِمًنى وما‬ ‫وراءىا‪ ،‬والتَّسمية بِػ‪ِ :‬‬ ‫"مًنى" َّ‬ ‫ألف الكبش الّذي ظير إلبراىيـ الخميؿ فداء إلسماعيؿ‬ ‫عمييما السالـ قد منِي؛ أي‪ُ :‬ذبِح في ذلؾ الموقع‪ ،‬وقيؿ‪ِ :‬‬ ‫"مًنى" لِ َما ُي ْم َنى بيا مف دماء‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫أي‪ُ :‬يراؽ‪.‬‬ ‫اليَ ْدي؛ ْ‬ ‫قي م ّكة‪ ،‬تبعد حوالى ستّة كيمومترات عنيا‪،‬‬ ‫و ِمًنى منطقة صحر ّ‬ ‫اوية في شماؿ شر ّ‬ ‫الرابط بيف م ّكة و ُم ْزَدلِفة‪.‬‬ ‫عمى الطّريؽ ّ‬ ‫‪----‬‬‫ُّ ِ‬ ‫الم ْستَ َح ُّ‬ ‫أف‬ ‫يقصد‬ ‫ب ْ‬ ‫الحاج مًنى بعد طموع شمس يوـ التّروية‪ ،‬وال ّذىاب إلييا ُسنَّة‪ ،‬و ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫الصالة‬ ‫يقضي بيا‬ ‫الحاج اليوـ كمّو‪ ،‬فيصمي الظير والعصر والمغرب والعشاء‪ ،‬بقصر ّ‬ ‫ب اإلكثار مف التّمبية و ُّ‬ ‫وي ْستَ َح ُّ‬ ‫الدعاء في فترة اإلقامة في‬ ‫الر ّ‬ ‫باعية لمسَُّّنة‪ ،‬ويبيت بيا ُ‬ ‫الحاج إف غادر م ّكة إلى عرفة مباشرة في صباح اليوـ الثّامف‪،‬‬ ‫ِم ًنى‪ ،‬وال بأس عمى‬ ‫ّ‬ ‫الناس نظ اًر لالزدحاـ ال ّشديد في ِمًنى وفي الطّريؽ إلى عرفة‪،‬‬ ‫وىو ما يفعمو الكثير مف ّ‬ ‫إف‬ ‫الصالة كاممة في عرفة في ىذا اليوـ‪ ،‬الثّامف مف ذي‬ ‫وعمى‬ ‫الحجة‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحاج اتماـ ّ‬ ‫كاف ىناؾ‪.‬‬ ‫‪21‬‬


‫ِ‬ ‫‪ ‬بعد شروؽ شمس اليوـ التّاسع مف ذي ِ‬ ‫ُّ‬ ‫إف كاف‬ ‫الح ّجة يرتحؿ‬ ‫الحاج مف مًنى – ْ‬ ‫موجوداً بيا‪ -‬إلى َ"ن ِم َرة" وىو موضع بجوار عرفات وليست منو‪ ،‬فيصمي الظُّير‬ ‫والعصر جمع تقديـ قص اًر؛ لمسَُّّنة بأذاف واحد واقامتيف‪- ،‬إِالَّ مف وجب عميو عدـ‬ ‫صمِّي الظُّير والعصر في‬ ‫تامة مع الجمع‪ ،-‬والسَُّّنة ْ‬ ‫التّقصير‪ ،‬فيؤدي ّ‬ ‫أف ُي َ‬ ‫الصالة ّ‬ ‫ِ‬ ‫"ع َرفة" حيث يخطب الخطيب قبؿ صالة الظّير خطبتيف‪،‬‬ ‫مسجد َ"نمرة"‪ ،‬وىو مسجد َ‬ ‫الجمعية‪ ،‬والتّسمية بِػ‪ :‬مسجد َ"ن ِم َرة" َّ‬ ‫ألف مقصورتو الغر ّبية الّتي بيا‬ ‫شبيية بالخطبة‬ ‫ّ‬ ‫المحراب في منطقة َ"ن ِم َرة" وباقيو بمنطقة "عرفة"‪.‬‬ ‫وعرفة شرقي م ّكة‪ُ ،‬س ِّميت بذلؾ؛ َّ‬ ‫ت"‬ ‫"ع َرْف ُ‬ ‫السالـ كاف يقوؿ‪َ :‬‬ ‫ألف إبراىيـ عميو ّ‬ ‫ّ‬ ‫السالـ يوضح لو المناسؾ‪ْ ،‬أو َّ‬ ‫الناس تتعارؼ في ىذه البقعة وىـ‬ ‫ألف ّ‬ ‫وجبريؿ عميو ّ‬ ‫الناس تعترؼ بذنوبيا في ذلؾ الموضع‪ ،‬أ َْو َّ‬ ‫مف ك ّؿ حدب وصوب‪ْ ،‬أو َّ‬ ‫ألف اهلل‬ ‫ألف ّ‬ ‫طيًبا مباركاً‪.‬‬ ‫تعالى َّ‬ ‫عر َ‬ ‫أي‪ :‬جعمو ّ‬ ‫ؼ ذلؾ الموضع؛ ْ‬ ‫وتبعد عرفة عف م ّكة بنحو عشريف كيمومت اًر‪ ،‬وعرفة سيؿ واسع مستو مساحتو‬ ‫حوالى أحد عشر كيمومت اًر مربعاً إالّ قميالً (‪11‬كـ‪ ،)2‬وىي عمى شكؿ قوس كبير‪،‬‬ ‫تحيط الجباؿ بأطرافو‪ ،‬ووتر ىذا القوس ىو "وادي َع َرنة"‪ ،‬وقد ورد عنو‬ ‫أي‪ :‬ال تقفوا فيو‪.‬‬ ‫عف َع َرَنة"؛ ْ‬ ‫‪22‬‬

‫‪"ِ :‬ا ْرفَ ُعوا‬


‫الحج‪ ،‬ويتحقّؽ بالحضور في أي جزء مف أجزائيا‪،‬‬ ‫والوقوؼ بعرفة ركف مف أركاف‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫وس ْيميا وبطاحتيا وأوديتيا‪ ،‬وحدودىا‬ ‫فكميا موقؼ‪ ،‬في جوانبيا ونواحييا وجباليا َ‬ ‫الزواؿ‪ ،‬وىو حيف تكوف ال ّشمس في كبد السَّماء‪ ،‬مف اليوـ‬ ‫معروفة‪ ،‬ووقت الوقوؼ مف ّ‬ ‫النحر مف اليوـ العاشر مف ذي‬ ‫التّاسع مف ذي‬ ‫الحجة؛ يوـ عرفة‪ ،‬والى فجر يوـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحاج‪ ،‬سواء أكاف قائماً أـ جالساً أـ‬ ‫المالكية‪ ،‬ويتحقّؽ بحضور‬ ‫الحجة‪ ،‬عند‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أف يكوف الح ُّ‬ ‫اج طاى اًر ُمتَ َو ِّ‬ ‫ضأً‪.‬‬ ‫ُم ْ‬ ‫ضطَجعاً أـ راكباً أـ محموالً‪ ،‬واألفضؿ ْ‬ ‫‪----‬‬‫النيار والمّيؿ‪ ،‬فمف وقؼ بعرفة نيا اًر‪ ،‬ولو‬ ‫ويجب في الوقوؼ بعرفة الجمع بيف ّ‬ ‫أي‪ :‬بعد الغروب بنحو‬ ‫الزمف يسيرة‪ ،‬وحتَّى تغرب ال ّشمس وتختفي ُّ‬ ‫فترة مف ّ‬ ‫الص ْف َرة؛ ْ‬ ‫بي‬ ‫فالحج عرفة"‪ ،‬كما ورد عف ّ‬ ‫تاـ‪ّ " ،‬‬ ‫خمس عشرة دقيقة‪ ،‬فَ َم ْف فعؿ ذلؾ ّ‬ ‫فحجو ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫صموات اهلل عميو وسالمو‪ ،‬ومف السُّّنة الوقوؼ في موقؼ رسوؿ اهلل‬

‫إِ ْف تَ​َيسَّر‪،‬‬

‫الرحمة‪ ،‬ومف السُّنة ِ‬ ‫طر سواء‬ ‫الصخرات الكبار المفترشة في أسفؿ جبؿ َّ‬ ‫الف ْ‬ ‫وىو عند ّ‬ ‫ُّ‬ ‫الصوـ أـ لـ ُي ِط ْقو‪ ،‬ومف السُّّنة عدـ االستظالؿ إالّ لعذر‪ ،‬ومف السُّنَّة‬ ‫طاؽ‬ ‫الحاج ّ‬ ‫الت ّذلؿ والتّضرع والخشوع‪ ،‬واإلكثار مف قراءة القرآف الكريـ وال ّذكر والتّسبيح والتّحميد‪،‬‬ ‫النبي‬ ‫الصالة عمى ّ‬ ‫و ّ‬

‫الدعاء مع رفع اليديف عمى أالَّ يتجاو از الرأس‪ ،‬مع‬ ‫‪ ،‬ويكوف ّ‬ ‫‪23‬‬


‫الصوت‪ ،‬وخير ُّ‬ ‫النبي‬ ‫الدعاء ما قالو ّ‬ ‫التّوسط في رفع ّ‬

‫الن ّبيوف مف قبمو عمييـ‬ ‫وّ‬

‫السالـ وىو‪" :‬ال إلو إالّ اهلل‪ ،‬وحده ال شريؾ لو‪ ،‬لو الممؾ ولو الحمد وىو عمى ك ّؿ‬ ‫ّ‬ ‫أف يدعو بقولو‪" :‬المَّيُ َّـ اجعؿ في قمبي نو اًر‪ ،‬وفي صدري نو اًر‪،‬‬ ‫شيء قدير"‪،‬‬ ‫ولمحاج ْ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ويس ِّْر لي أمري‪ ..‬المَّيُ َّـ‬ ‫وفي سمعي نو اًر‪ ،‬وفي بصري نو اًر‪ ..‬الميُ َّـ اشرْح لي صدري‪َ ،‬‬ ‫ب َعمَ َّي توبة نصوحاً‪ ،‬وأَْل ِزْمنِي سبيؿ االستقامة‪ ..‬المَّيُ َّـ ِّإني أسألؾ اليُ َدى والتُّقَى‬ ‫تُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الع ْس َرى‪".‬‬ ‫لمي ْس َرى‪َ ،‬‬ ‫والعفاؼ والغ َنى‪ ..‬الميُ َّـ َي ِّسرني ُ‬ ‫وجِّن ْبني ُ‬ ‫‪----‬‬‫الحاج مف عرفة إلى ُم ْزَدلِفَة‪،‬‬ ‫الحجة َي ْنفُ​ُر‬ ‫‪ ‬بعد غروب شمس اليوـ التّاسع مف ذي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألف الحجيج يأتونيا في ساعات مف المَّيؿ وىو َّ‬ ‫وس ّميت بذلؾ َّ‬ ‫ألف‬ ‫"الزْلؼ"‪ ،‬وقيؿ ّ‬ ‫ُ‬ ‫أي‪ :‬جميعاً في وقت واحد‪ ،‬وقيؿ ّإنيا مأخوذة مف‬ ‫الحجيج يدفعوف منيا زلفة واحدة؛ ْ‬ ‫لفظ "االزدالؼ" بمعنى االجتماع‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وي ْستَ َح ُّ‬ ‫الضيؽ بيف‬ ‫الم ِأزَم ْيف" وىو الطريؽ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ب في ّ‬ ‫السير إلى مزدلفة أخذ "طريؽ َ‬ ‫جبميف‪ ،‬وتقدر المسافة بيف عرفة ومزدلفة بنحو خمسة كيمومترات تقريباً‪.‬‬ ‫أف ينتبو لذلؾ‪ ،‬فيجعؿ‬ ‫المالكية وآخريف‪ ،‬فعمي‬ ‫النزوؿ بمزدلفة واجب عند‬ ‫وّ‬ ‫الحاج ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدالة عمى ذلؾ وىي‪" :‬بداية مزدلفة"‪ ،‬والسُّّنة عند دخوؿ‬ ‫نزولو بعد رؤية العالمة ّ‬ ‫‪24‬‬


‫أف يصمي المغرب والعشاء جمع تأخير قص اًر‪ ،‬بأذاف واحد واقامتيف‪،‬‬ ‫الحاج إلى مزدلفة ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫بالم ْش َع ِر الحراـ‬ ‫وال تَ​َنقؿ بينيما‪ ،‬ويستحب االغتساؿ بعد نصؼ المّيؿ استعداداً لموقوؼ َ‬ ‫ولمعيد‪.‬‬ ‫أف يطمع الفجر‪ ،‬فيصميو في ّأوؿ وقتو‪ ،‬ثَُّـ يرتحؿ بعد‬ ‫يبقى‬ ‫الحاج بمزدلفة إلى ْ‬ ‫ّ‬ ‫الم ْش َعر الحراـ‪ ،‬وقد ُذ ِك َر َّ‬ ‫إف ك ّؿ مزدلفة َم ْش َعر‪ ،‬وقيؿ‬ ‫الصَّالة ‪-‬حالة ال َغمَس‪ -‬إلى َ‬ ‫إف أمكنو ذلؾ‪ -‬فإف َّ‬ ‫تعذر‪ ،‬وقؼ عنده‬ ‫الحاج – ْ‬ ‫ّ‬ ‫المشعر ىو‪" :‬جبؿ قُزح"‪ ،‬فيصعدهُ‬ ‫مستقبؿ القبمة‪ ،‬فحمد اهلل واستغفر ودعا‪ ،‬استجابة لقولو تعالى‪ :‬ﱬ ﱭ ﱮ‬ ‫ﱴ ﱶ ﱷ ﱸ ﱿ ﱠ‬ ‫ﱵ‬ ‫ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ‬

‫ُّ‬ ‫وي ْستَ َح ُّ‬ ‫الحاج سبعيف حصاة طاىرة‬ ‫صى مف مزدلفة‪ ،‬فيجمع‬ ‫ب جمع َ‬ ‫(البقرة‪ُ ،)198 :‬‬ ‫الح َ‬ ‫ٍ‬ ‫ي َّ‬ ‫بي‬ ‫أف ّ‬ ‫الح ْجـ‪ ،‬ولو ْ‬ ‫َو َسطاً؛ مثؿ الفولة في َ‬ ‫ص َيات قميمة احتياطا‪ ،‬وقد ُرِو َ‬ ‫أف يزيد َح َ‬ ‫الن ّ‬ ‫قاؿ‬

‫لمفضؿ بف عباس‬

‫ط لي حصى"‪ ،‬فمقط الفضؿ مف صغار ِ‬ ‫الح َجار‬ ‫‪" :‬اُْلقُ ْ‬ ‫َ ً‬

‫الخ َذؼ‪ ،‬و ِ‬ ‫مثؿ حصى ِ‬ ‫الخ ْذفة‪ :‬القطعة الصَّغيرة مف َّ‬ ‫الشيء‪.‬‬ ‫‪----‬‬‫ُّ‬ ‫الم ْش َعر الحراـ قبيؿ طموع ال ّشمس إلى ِمًنى‪ ،‬وىي عمى بعد‬ ‫‪ ‬يرتحؿ‬ ‫الحاج مف َ‬ ‫الحاج في حالة تيميؿ وتكبير وتمبية‪ ،‬فإذا‬ ‫خمسة كيمومترات تقريباً مف مزدلفة‪ ،‬ويكوف‬ ‫ّ‬ ‫‪25‬‬


‫"م َحسِّر" أسرع المشي‪َّ ،‬‬ ‫ألنو وادي عذاب‪ ،‬وىو و ٍاد ليس مف ِمًنى وال مزدلفة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫مر بوادي ُ‬ ‫بي‬ ‫ي ّأنو لما انتيى إليو ّ‬ ‫وقد ُرِو َ‬ ‫الن ّ‬

‫أي‪ :‬أسرعت‪ ،‬حتى جاوزه‪،‬‬ ‫قرع راحمتو فخبت؛ ْ‬

‫"م َحسِّر"‪َّ ،‬‬ ‫ألف أفياؿ أبرىة بركت فيو‪ ،‬ولـ تستطع متابعة السَّير‪ ،‬وندـ‬ ‫وتسميتو بػ‪ُ :‬‬ ‫"ح َسرت‬ ‫الح ْسر بمعنى اإلعياء‪ ،‬يقاؿ‪َ :‬‬ ‫و"م َحسِّر" مف َ‬ ‫أصحابيا عمى قدوميـ إلى م ّكة‪ُ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫فالف" إذا َنِدـ"‪.‬‬ ‫َع َي ْ‬ ‫ت‪ ،‬وبمعنى ّ‬ ‫"ح ِس َر ٌ‬ ‫الدابة" إذا أ ْ‬ ‫الندـ يقاؿ‪َ :‬‬ ‫ُّ‬ ‫أف يسمؾ الطّريؽ الوسطى الّتي‬ ‫ستحب‬ ‫"م َحسِّر" ُي‬ ‫لمحاج ْ‬ ‫ّ‬ ‫وبعد الخروج مف وادي ُ‬ ‫أف يكوف في مسيره ُممَبًِّيا‪ ،‬وال يقطع التّمبية حتى يرمى‬ ‫تؤدي إلى العقبة‪ ،‬ومف السُّّنة ْ‬ ‫جمرة العقبة‪.‬‬ ‫‪----‬‬‫‪ ‬ح َّؿ اليوـ العاشر مف ذي ِ‬ ‫الحاج إلى ِمًنى‪ ،‬وىو يعرؼ َّ‬ ‫أف مف‬ ‫الح ّجة‪ ،‬ووصؿ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الواجب رمي جمرة العقبة ّأوالً‪ ،‬ثَُّـ لو ذبح اليَ ْدي‪ ،‬فالحمؽ أو التّقصير‪ ،‬فالطّواؼ بالبيت‬ ‫نص العمماء‪.-‬‬ ‫وىو طواؼ اإلفاضة‪ ،‬واإلتياف باألشياء الثّالثة األخيرة مرتّبة ُسنَّة ‪-‬كما ّ‬ ‫النحر‪،‬‬ ‫يرمي‬ ‫الرمي ىو مف طموع فجر يوـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحاج جمرة العقبة‪ ،‬ووقت الفضيمة في ّ‬ ‫لمزواؿ وما بعده‪ ،‬لغير عذر‪ ،‬فإف ُو ِج َد‬ ‫وينتيي بغروب شمس اليوـ نفسو‪ ،‬و ُك ِره التأخير ّ‬ ‫الرامي في مواجية جمرة العقبة‪ ،‬فتكوف‬ ‫الرمي ليالً‪،‬‬ ‫وكيفية ذلؾ ْ‬ ‫ّ‬ ‫أف يقؼ ّ‬ ‫عذر جاز ّ‬ ‫‪26‬‬


‫ِ‬ ‫وي ْم ِسؾ الحصاة الطّاىرة بيده‬ ‫م ّكة جية يساره‪ ،‬و ِمًنى جية يمينو‪ ،‬فيستقبؿ القْبمة‪ُ ،‬‬ ‫اليمنى‪ ،‬ويضعيا بيف اإلبياـ والسَّبابة‪ ،‬رافعاً يده حتَّى ُي َرى بياض إبطو‪ ،‬ويرمى سبع‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الحاج "بسـ اهلل‪ ،‬اهلل‬ ‫ستحب قوؿ‬ ‫وي‬ ‫ص َيات‪ ،‬حصاةً بعد حصاة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لتستقر في الحوض‪ُ ،‬‬ ‫َح َ‬ ‫ّ‬ ‫الرمي بال تشاغؿ عنو‪ ،‬وبانتياء رمي‬ ‫أكبر" عند رمي ك ّؿ حصاة‪ ،‬وعمى‬ ‫ّ‬ ‫الحاج متابعة ّ‬ ‫جمرة العقبة ينصرؼ حاالً‪ ،‬فال يقؼ عندىا وال يدعو‪ ،‬وىو فعؿ رسوؿ اهلل‬

‫‪ ،‬وقد‬

‫جاء في األثر َّ‬ ‫السالـ عرض لو ال ّشيطاف وىو يؤدي مناسؾ‬ ‫أف إبراىيـ الخميؿ عميو ّ‬ ‫الحج عند الجمرات‪ ،‬فرماه باألحجار‪ ،‬فغاص في األرض‪ ،‬قاؿ ابف عباس‬ ‫ّ‬

‫‪:‬‬

‫"ال ّشيطاف تَْرُج ُموف‪ ،‬و ِممّة أبيكـ تَتّبِعوف‪.".‬‬ ‫‪----‬‬‫وي ِح ُّؿ وقت ذبح اليَ ْدي أو نحره بعد رمي جمرة العقبة‪ ،‬واليَ ْدي شعيرة مف شعائر‬ ‫َ‬ ‫الح َرـ مف َّ‬ ‫الن َعـ لمفقراء والمساكيف قاؿ تعالى‪:‬ﱡ ﲖ‬ ‫ّ‬ ‫الحج‪ ،‬وىو ما ُي ْي َدى إلى َ‬ ‫ﲞ ﲴ ﱠ (الحج‪)36:‬‬ ‫ﲟ‬ ‫ﲗﲘﲙﲚ ﲛﲜﲝ‬

‫الم ِعز‪ ،‬وأق ّؿ ما ُي ْج ِزئ فيو ال ّشخص الواحد‬ ‫واليَ ْدي مف اإلبؿ أو البقر أو الضَّأف أو َ‬ ‫النحر بعد صالة العيد‪،‬‬ ‫شاة‪ ،‬واالشتراؾ فيو جائز في اإلبؿ والبقر‪ ،‬ووقت ال ّذبح أو ّ‬ ‫ومكانو الم ْنحر‪ ،‬وىو موضع معيف تذبح فيو ال ّذبائح وتُْنحر بػ‪ِ :‬‬ ‫"مًنى"‪ ،‬وىذا ىو‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫‪27‬‬


‫أف يأكؿ مف َى ْديو إالّ في حاالت خاصة‪ ،‬وذكر أصحاب السِّير َّ‬ ‫أف‬ ‫األ َْولَى‪،‬‬ ‫ولمحاج ْ‬ ‫ّ‬ ‫الرسوؿ الكريـ‬ ‫ّ‬

‫الم ْن َحر َفن َح َر‪ ،‬وأمر بِ​ِقطَ ٍع مف المّحـ‪ ،‬فجعمت في‬ ‫انصرؼ إلى َ‬

‫ت‪ ،‬فأكؿ‬ ‫قدور‪ ،‬فَطُبِ َخ ْ‬

‫مف لحميا‪ ،‬وشرب مف مرقيا‪،‬‬ ‫وتصدؽ بالباقي‪ ،‬امتثاالً‬ ‫ّ‬

‫لقولو تعالى‪ :‬ﱡ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚﲛ ﱠ(الحج‪.)28:‬‬

‫وم ْف كاف فقي اًر ال‬ ‫واليَ ْدي ذبح شاة‪ْ ،‬أو تقديـ ثمنيا لممؤس َ‬ ‫َّسة الّتي ترعى ىذا العمؿ‪َ ،‬‬ ‫يقدر عمى ذلؾ صاـ ثالثة ّأياـ قبؿ رجوعو إلى بمده‪ ،‬وسبعة ّأياـ بعد عودتو‪ ،‬تمؾ‬ ‫عشرة كاممة‪.‬‬ ‫ب في ِّ‬ ‫واليَ ْدي ُم ْستَ َح ٌّ‬ ‫حؽ‬ ‫حؽ‬ ‫حؽ القارف والمتمتّع‪ ،‬وفي ّ‬ ‫الحاج باإلفراد‪ ،‬وواجب في ّ‬ ‫ّ‬ ‫حؽ‬ ‫الحج‪ ،‬أو ارتكب محظو اًر مف محظورات اإلحراـ‪ ،‬وفي ّ‬ ‫اجبا مف واجبات ّ‬ ‫مف ترؾ و ً‬ ‫مف أوجبو عمى نفسو َّ‬ ‫بالن ْذر‪.‬‬ ‫‪----‬‬‫وبعد رمي جمرة العقبة وتقديـ اليَ ْدي َي ِح ُّؿ وقت الحمؽ أو التّقصير‪ ،‬قاؿ تعالى‪:‬‬ ‫ﲥﲧﲨ ﲩﲪﲫﲬﲭﲮ‬ ‫ﲦ‬ ‫ﱡﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ‬

‫أي‪ :‬محمِّقيف شعر رؤوسكـ‪ ،‬وقد َحمَؽ‬ ‫ﲯ ﲰ ﲾ ﱠ (الفتح‪)27 :‬؛ ْ‬

‫جميع‬

‫وي ْستَ َح ُّ‬ ‫أما‬ ‫الموسى عمى رأس َّ‬ ‫الرجؿ األصمع‪َّ ،‬‬ ‫الرأس في َحجَّة الوداع‪ُ ،‬‬ ‫ب إمرار ُ‬ ‫‪28‬‬


‫التّقصير فيو األخذ مف جميع شعر الرأس قرب منابتو‪ ،‬وليس عمى المرأة حمؽ‪ ،‬واّنما‬ ‫اإلصبع؛ أي‪ :‬مقدار حجـ الم ْف ِ‬ ‫وتقص منو قَ ْدر ُع ْقدة ِ‬ ‫صؿ‬ ‫بأف تجمع شعرىا‬ ‫التّقصير ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫الحمَؽ أو التّقصير استقباؿ القبمة‪،‬‬ ‫األعمى مف اإلصبع ال ّذي فيو الظُّفر‪،‬‬ ‫ويستحب في َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫بي الخاتـ صموات اهلل عميو‬ ‫فػ "خير المجالس ما استقبؿ بو القْبمة" كما جاء عف الن ّ‬ ‫حب ُّ‬ ‫وي ْستَ ُّ‬ ‫الحمؽ أو التّقصير‪.‬‬ ‫الدعاء أثناء َ‬ ‫وسالمو‪ُ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫الحاج التَّ َحمُّؿ األصغر‪ ،‬فيباح لو ك ّؿ شيء باستثناء ثالثة‬ ‫وباتماـ كؿ ذلؾ يتحمّؿ‬ ‫أشياء وىي‪ِّ :‬‬ ‫أف َيتَ​َنظَّؼ ويغتسؿ‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ولمحاج بعد ىذا ْ‬ ‫ّ‬ ‫الصيد البر ّ‬ ‫النساء‪ ،‬والطّيب‪ ،‬و ّ‬ ‫أف يبقى بمباس اإلحراـ لتأدية طواؼ اإلفاضة‪.‬‬ ‫ويتطيب ويمبس أحسف ثيابو‪ ،‬ولو ْ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬يرتحؿ الحاج –بعد ذلؾ‪ -‬في يوـ العاشر مف ذي ِ‬ ‫النحر إلى البيت‬ ‫الح ّجة‪ ،‬يوـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫العتيؽ ِّ‬ ‫ليؤدي طواؼ اإلفاضة‪ ،‬قاؿ تعالى‪ :‬ﱡ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ‬ ‫َّاج ما عمؽ بأبدانيـ‬ ‫ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﱠ (الحج‪ ،)29 :‬والمعنى‪ :‬لُِي ِز َ‬ ‫الحج ُ‬ ‫يؿ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫وليؤدوا ما أوجبوه عمى أنفسيـ مف نذور‪ ،‬وليطوفوا بالبيت العتيؽ‪.‬‬ ‫في ُم َّدة اإلحراـ‬ ‫‪----‬‬‫الحج‪ ،‬وىو مف أعظـ أركانو لقربو مف البيت‪،‬‬ ‫‪ ‬وطواؼ اإلفاضة ركف مف أركاف‬ ‫ّ‬ ‫النحر‪ ،‬والحمؽ أو‬ ‫ووقتو بعد فجر يوـ العيد‪ ،‬بعد رمي جمرة العقبة‪ ،‬وال ّذبح أو ّ‬ ‫‪29‬‬


‫التّقصير؛ موافقة لفعمو‬ ‫بي‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬

‫‪ ،‬وال َرَم َؿ فيو‪ ،‬وجاء في حديث جابر بف عبداهلل‬

‫أف‬

‫ِ‬ ‫وصمَّى بم ّكة الظُّير"؛‬ ‫َرَمى‪ ،‬ثَُّـ َن َح َر‪ ،‬ثَُّـ َحمَ َ‬ ‫ؽ‪ ،‬ثَُّـ َرك َ‬ ‫ب إلى البيت‪ ،‬فأفاض‪َ ،‬‬

‫وِألَف الطّواؼ يتطمّب الطّيارة‪ ،‬فإذا حاضت المرأة قبؿ طواؼ اإلفاضة فتبقى في م ّكة‬ ‫وي ْحتَبِ ُس معيا َم ْح َرُميا‪.‬‬ ‫حتى تَطَيُر وتطوؼ‪َ ،‬‬ ‫‪----‬‬‫كيفية أدائو‪ ،‬فبعد إتمامو‪ُ ،‬ي َس ُّف صالة‬ ‫وطواؼ اإلفاضة مثؿ طواؼ القدوـ في ّ‬ ‫وي ْستَ َح ُّ‬ ‫ب‬ ‫ركعتيف خمؼ مقاـ إبراىيـ – ْ‬ ‫أي ناحية مف المسجد الحراـ‪ُ ،‬‬ ‫إف أمكف‪ -‬أو في ْ‬ ‫ُّ‬ ‫الحج باإلفراد أو‬ ‫الش ْرب مف ماء زمزـ‪ ،‬وال سعي بيف الصَّفا والمروة بعده‪ ،‬إذا كاف‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫لمحج‪ ،‬وبعد أداء طواؼ‬ ‫السعي‬ ‫الحج بالتّمتُّع‪ ،‬فعمى‬ ‫إف كاف‬ ‫بالق َراف‪َّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أما ْ‬ ‫الحاج ّ‬ ‫ليصمي فييا الظُّير‪ ،‬ثَُّـ يعود إلى ِمًنى في اليوـ نفسو‬ ‫الحاج بم ّكة‬ ‫اإلفاضة يمكث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صح‬ ‫ليبيت بيا‪ ،‬والمقصود بالمبيت ْ‬ ‫أف ُي ْق َ‬ ‫ضى بيا نصؼ المّيؿ عمى األق ّؿ‪ ،‬لذا ُي ْن َ‬ ‫ُّ‬ ‫أف يكوف مع وقت صالة العشاء عمى أكثر تقدير في ِمًنى‪ ،‬واذا لـ يستطع‬ ‫الحاج ْ‬ ‫النحر‪ ،‬فيطوؼ في أقرب‬ ‫الحاج ال ّذىاب إلى م ّكة‬ ‫المكرمة وأداء طواؼ اإلفاضة يوـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقت ممكف مف ّأياـ العيد األربعة‪ ،‬إذ في تأخيره عف ذلؾ كراىة‪ ،‬وا ْف لـ يتم ّكف مف‬

‫‪31‬‬


‫أف يطوفو بعد ذلؾ بشرط أالَّ َّ‬ ‫يتعدى نياية شير ذي‬ ‫القياـ بو في تمؾ األياـ‪ ،‬فمو ْ‬ ‫الحجة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪----‬‬‫أي‪ :‬الحادي عشر والثّاني‬ ‫وقد أباحت ال ّشريعة بقاء يوميف اثنيف بعد يوـ العيد؛ ْ‬ ‫وي َس َّمى ىذا بػ‪َّ :‬‬ ‫المتعجؿ‬ ‫"الن ْفر األوؿ"‪ ،‬ولغير‬ ‫عشر مف ذي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحجة لممتعجِّؿ بالعودة‪ُ ،‬‬ ‫وي َس َّمى‬ ‫أي‪ :‬الحادي عشر والثّاني عشر والثّالث عشر‪ُ ،‬‬ ‫بقاء ثالثة أياـ بعد يوـ العيد؛ ْ‬ ‫"النفر الثّاني"‪ ،‬قاؿ تعالى‪ :‬ﱡﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ‬ ‫ىذا بػ‪ّ :‬‬ ‫ﱓ ﱞ ﱠ(البقرة‪.)203 :‬‬ ‫ﱔ‬ ‫ﱑﱒ‬

‫‪----‬‬‫"أياـ التّشريؽ"‪ ،‬وفييا رمي الجمرات الثّالث‪،‬‬ ‫النحر تُ ْع َر ُ‬ ‫واألياـ الثّالثة بعد يوـ ّ‬ ‫ؼ بِػ‪ّ :‬‬ ‫ويبدأ وقت رمي الجمرات الثّالث مف َّ‬ ‫الزواؿ وينتيي بغروب شمس اليوـ نفسو عند‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫أف‬ ‫المالكية‪ ،‬و‬ ‫الرمي بعد ّ‬ ‫الزواؿ وقبؿ صالة الظير‪ ،‬ومف كاف لو عذر فمو ْ‬ ‫ّ‬ ‫المستحب ّ‬ ‫يرمي بعد الغروب‪ ،‬وال َى ْدي عميو‪ ،‬ومف كاف عاج اًز فمو أ ْ ِّ‬ ‫لمرمي‪ ،‬وعميو‬ ‫َ‬ ‫َف ُي َوكؿ غيره ّ‬ ‫ُّ‬ ‫صموات المفروضة بدءاً مف صالة الظير مف يوـ‬ ‫َى ْدي‪،‬‬ ‫ويستحب التّكبير بعد ال ّ‬

‫‪31‬‬


‫الصبح‪ ،‬اليوـ الثّالث عشر‪ ،‬وىو اليوـ‬ ‫النحر‪ ،‬العاشر مف ذي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحجة‪ ،‬والى صالة ّ‬ ‫الرابع مف العيد‪ ،‬ومجموع ذلؾ خمس عشرة صالة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪----‬‬‫الرمي في اليوـ الحادي عشر مف ذي‬ ‫وكيفية رمي الجمرات الثّالث ىي ْ‬ ‫ّ‬ ‫أف يبتدئ ّ‬ ‫الحاج أوالً "الجمرة األولى" الّتي تمي "مسجد ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخيؼ"‪ ،‬وىو "خيؼ بني‬ ‫الح ّجة‪ ،‬فيرمي‬ ‫ُّ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ص َيات‪ُ ،‬ي َكب ُِّر‬ ‫كنانة"‪ ،‬فيجعؿ الجمرة عف يساره‪ ،‬ويستقبؿ القْبمة‪ ،‬ويرمي الجمرة بسبع َح َ‬ ‫يتقدـ‪ ،‬مع انحراؼ قميؿ‪ ،‬فيحمد اهلل‪ ،‬ويدعو مف دوف رفع يديو في‬ ‫صاة‪ ،‬ثَُّـ ّ‬ ‫مع كؿ َح َ‬ ‫ص َيات‪ ،‬ويفعؿ‬ ‫ّ‬ ‫الدعاء‪ ،‬ثَُّـ يأتي "الجمرة الوسطى" فيجعميا عف يمينو‪ ،‬ويرمييا بسبع َح َ‬ ‫الدعاء مثؿ ما فعؿ عند الجمرة األُولى‪ ،‬ثَُّـ يأتي "جمرة العقبة"‪ ،‬فيرمييا‬ ‫مف الوقوؼ و ّ‬ ‫ص َيات‪ ،‬وال يقؼ عندىا لضيؽ محمِّيا‪ ،‬ويفعؿ مثؿ ذلؾ في اليوـ الثّاني عشر‪،‬‬ ‫بسبع َح َ‬ ‫أف‬ ‫ولمحاج أف يرتحؿ مف ِمًنى في ىذا اليوـ‪ ،‬وىو ما ُي َس َّمى ّ‬ ‫األوؿ‪ ،‬ولكف عميو ْ‬ ‫ّ‬ ‫بالنفر ّ‬ ‫َينوي ذلؾ قبؿ الغروب‪ ،‬وىذه ِّ‬ ‫النية ضرورّيةٌ‪ ،‬وال بأس إف تأخر خروجو الفعمي بسبب‬ ‫ما‪ ،‬فإف لـ ينو الخروج قبؿ غروب ال ّشمس وجب عميو المبيت لرمي الجمرات الثّالث‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫المتعجؿ‪.‬‬ ‫الحجة‪ ،‬ويكوف كغير‬ ‫في اليوـ الثّالث عشر مف ذي ّ‬ ‫‪----‬‬‫‪32‬‬


‫ِّ‬ ‫المتعجؿ بعد رمي ِج َمار اليوـ الثّالث مف أياـ التّشريؽ‬ ‫ستحب نزوؿ غير‬ ‫الم‬ ‫ّ‬ ‫ومف ُ‬ ‫المغرب‪ ،‬والعشاء‪ ،‬كما‬ ‫"الم َحصَّب" ليصمي فيو أربع صموات؛ الظّير‪ ،‬والعصر‪ ،‬و ْ‬ ‫بػ‪ُ :‬‬ ‫بي‬ ‫فعؿ ّ‬ ‫الن ّ‬

‫صب" وىو صغار‬ ‫‪،‬‬ ‫و"الم َحصَّب" اسـ لبطحاء‪ ،‬والمّفظ مأخوذ مف َ‬ ‫"الح َ‬ ‫ُ‬

‫المحصَّب عمى يميف القاصد م ّكة‪ ،‬وىو إلى ِمًنى أقرب‪.‬‬ ‫الحجارة‪ ،‬و ُ‬ ‫‪----‬‬‫ُّ‬ ‫الم َك ّرمة وأراد مغادرتيا إلى أىمو بعد االنتياء مف المناسؾ‬ ‫‪ ‬عاد‬ ‫الحاج إلى م ّكة ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الرجوع‪ ،‬ومشروعيتو لمف ليس لو‬ ‫الوَداع"‪ ،‬وىو طواؼ ُّ‬ ‫ُكميا‪ ،‬فحاف لو القياـ بػ "طواؼ َ‬ ‫ورجَّح مالؾ بف أنس ّأنو ُسّنة‪ ،‬وقد ورد في طواؼ الوداع قولو‬ ‫دار بم ّكة‪َ ،‬‬

‫‪:‬‬

‫"ال َي ْن ِف َرَّف أحد َحتَّى يكوف آخر عيده بالبيت‪ ،".‬وذكر أىؿ العمـ َّ‬ ‫الحاج إذا أَتَ​َّـ‬ ‫أف‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫عي لممرأة‬ ‫طواؼ الوداع‪ ،‬فعميو أال يشتغؿ ببيع وشراء ونحو ذلؾ‪ ،‬فإذا جاء العذر ال ّشر ّ‬ ‫أف ترتحؿ مع زوجيا أ َْو َم ْح َرميا‪.‬‬ ‫قبؿ طواؼ الوداع فيسقط‪ ،‬وال شيء عمييا‪ ،‬وليا ْ‬ ‫المكرمة‪:‬‬ ‫قاؿ ال ّشاعر العربي وىو يصؼ مغادرتو م ّكة‬ ‫ّ‬ ‫حاجة ‪ ..‬ومسَّح باألركاف مف ىو ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ولما قصينا مف ِمًنى َّ‬ ‫ماس ُح‬ ‫كؿ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أخذنا بأطراؼ األحاديث بيننا ‪ ..‬وسالت بأعنا ِ‬ ‫األباط ُح‬ ‫الم ِط ِّي‬ ‫ؽ ُ‬ ‫‪----‬‬‫‪33‬‬


‫المكرمة بنحو أربعمئة‬ ‫ورة‪ ،‬وىي في شمالي م ّكة‬ ‫‪ ‬ويقصد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحاج المدينة المن ّ‬ ‫بوي في وسطيا تقريباً‪ ،‬وفي المسجد‬ ‫كيمومتر‪ ،‬وعشريف كميومت اًر (‪420‬كـ) والمسجد ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫بوية‪.‬‬ ‫بوي الحجرة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫الن ّ‬

‫وتَمثَّؿ الحاج بقوؿ ِ‬ ‫ب لممصطفى‬ ‫المح ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬

‫فقاؿ‪:‬‬

‫لِطَ ْيبةَ عِّرج إِ َّف بيف قبابِيا ‪ ..‬حبيباً ألدو ِ‬ ‫ِ‬ ‫يب‬ ‫اء‬ ‫القموب طَبِ ُ‬ ‫َ َ‬

‫أف‬ ‫بوي ُسَّنة كما ذىب جميور الفقياء‪ ،‬واألفضؿ في وقت ّ‬ ‫وزيارة المسجد ّ‬ ‫الزيارة ْ‬ ‫الن ّ‬ ‫فالمحاج الخيار‪ ،‬قبؿ أداء‬ ‫إف كاف‬ ‫تكوف بعد أداء‬ ‫تطوعاً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أما ْ‬ ‫ّ‬ ‫الحج الفرض‪ّ ،‬‬ ‫الحج ّ‬ ‫المناسؾ أو بعدىا‪.‬‬ ‫‪----‬‬‫في ْستَ ُّ‬ ‫ويتطيب‪،‬‬ ‫أف يغتسؿ‪،‬‬ ‫النبوي بالمدينة‬ ‫الحاج زيارة المسجد‬ ‫َي ْن ِوي‬ ‫ّ‬ ‫حب ْ‬ ‫ّ‬ ‫المنورة‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويمبس مالبس نظيفة‪ ،‬وْل َي ُك ْف متواضعاً مستحض اًر دار ىجرتو‬

‫‪ ،‬وميبط وحيو‪ ،‬فإذا‬

‫نورة قاؿ‪ " :‬باسـ اهلل‪َ ،‬ر ِّ‬ ‫ب أ َْد ِخْمنِي ُم ْد َخؿ صدؽ‪ ،‬وأخرجني ُم ْخ َرج‬ ‫دخؿ المدينة ُ‬ ‫الم ّ‬ ‫صدؽ‪ ،‬واجعؿ لي مف لَ ُد ْنؾ سمطاناً نصي اًر‪ ،‬المَّيُ َّـ إِ​ِّني أسألؾ خير ىذه البمدة‪ ،‬وخير‬ ‫أىميا‪ ،‬وخير ما فييا‪".‬‬ ‫‪-----‬‬

‫‪34‬‬


‫السكينة والوقار ويقوؿ‪" :‬باسـ اهلل‪،‬‬ ‫يدخؿ ّ‬ ‫الزائر المسجد ّ‬ ‫بوي برجمو ُ‬ ‫اليمنى‪ ،‬وعميو ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫السالـ عمى رسوؿ اهلل‪َ ،‬ر ِّ‬ ‫ب اغفر لي ذنوبي‪ ،‬وافتح لي أبواب رحمتؾ‪".‬‬ ‫الصالة و ّ‬ ‫و ّ‬ ‫ِ‬ ‫بوية‪،‬‬ ‫الروضة ال ّشريفة‪ ،‬و َّ‬ ‫صمِّي تحية المسجد في َّ‬ ‫الحجرة ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫الروضة ما بيف المنبر و ُ‬ ‫ُ‬ ‫وي َ‬ ‫النبي‬ ‫ْ‬ ‫إف أمكف ذلؾ‪ -‬وىو موقؼ ّ‬ ‫الي ْم َنى – ْ‬ ‫صمِّي عمود المنبر جية كتفو ُ‬ ‫الم َ‬ ‫وليجعؿ ُ‬ ‫الجنة‪ ،‬ومنبري عمى حوضي‪".‬‬ ‫وقاؿ فيو‪" :‬ما بيف بيتي ومنبري روضة مف رياض ّ‬ ‫بوية‪ ،‬وىي في الجنوب ال ّشرقي في المسجد‪ ،‬ليس بينيا‬ ‫يتقدـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزائر نحو الحجرة ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫بي‬ ‫وبيف سقؼ المسجد إالّ فُ ْر َجة‪ ،‬وفييا قبر ّ‬ ‫الن ّ‬

‫‪ ،‬وقب ار أبي بكر وعمر‬

‫الزائر الحجرة بوجيو‪ ،‬فيسمِّـ عمى رسوؿ اهلل‬ ‫يستقبؿ ّ‬

‫‪.‬‬

‫"السالـ عميؾ‬ ‫قائالً‪ّ :‬‬

‫أف ال إلو إالّ اهلل‪ ،‬وحده ال شريؾ لو‪ ،‬و ّأنؾ عبده ورسولو‪،‬‬ ‫ورحمة اهلل وبركاتو‪ ،‬أشيد ْ‬ ‫ونصحت األُمة‪ ،‬المَّيـ َ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫محمد‬ ‫الرسالة‪ ،‬وأديت األمانة‪،‬‬ ‫بمغت ِّ‬ ‫محمد وعمى آؿ ّ‬ ‫صؿ عمى ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫محمد وعمى آؿ محمد كما‬ ‫كما صميت عمى إبراىيـ وعمى آؿ إبراىيـ‪ ،‬وبارؾ عمى ّ‬ ‫حميد مجيد‪ ".‬ثَُّـ يدع بما شاء‬ ‫باركت عمى إبراىيـ وعمى آؿ إبراىيـ في العالميف إنؾ‬ ‫ٌ‬ ‫عاء ولكافّة المسمميف والمسممات‪.‬‬ ‫لنفسو ولوالديو وألىمو ولمف أوصاه ّ‬ ‫بالد َ‬ ‫‪-----‬‬

‫‪35‬‬


‫وي ْستَ َح ُّ‬ ‫يتحوؿ قميالً إلى الجية اليمنى فيكوف عند قبر أبي بكر‬ ‫ُ‬ ‫ب بعد ذلؾ أف ّ‬ ‫الصديؽ‬ ‫ّ‬

‫"السالـ عميؾ يا خميفة رسوؿ اهلل‬ ‫ويقوؿ‪ّ :‬‬

‫أمة‬ ‫‪ ،‬جزاؾ اهلل عف ّ‬

‫محمد‬

‫يتحوؿ قميالً إلى الجية اليمنى قائماً عمى قبر عمر بف‬ ‫خي اًر"‪ ،‬ثَُّـ‬ ‫ّ‬

‫الخطاب‬

‫أمة محمد‬ ‫ويقوؿ‪ّ :‬‬ ‫"السالـ عميؾ يا أمير المؤمنيف‪ ،‬جزاؾ اهلل عف ّ‬

‫الزائر ِ‬ ‫القْبمة‪ ،‬فيدعو لنفسو وإلخوانو وسائر المسمميف‬ ‫أفضؿ الجزاء"‪ ،‬وبعد ذلؾ يستقبؿ ّ‬ ‫خيري ُّ‬ ‫الدنيا واآلخرة‪.‬‬ ‫والمسممات بما شاء مف ْ‬ ‫‪----‬‬‫مد اليديف عمييا‪،‬‬ ‫بوية‪ ،‬وعدـ ّ‬ ‫النبوي عدـ االلتصاؽ بالحجرة ّ‬ ‫ومف آداب المسجد ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫الصالة و ُّ‬ ‫الروضة ال ّشريفة‪ ،‬فقد جاء عف‬ ‫الصوت‪ ،‬واإلكثار مف ّ‬ ‫وعدـ رفع ّ‬ ‫الدعاء في ّ‬ ‫رسوؿ اهلل‬

‫َّ‬ ‫أف الصالة في مسجده تعدؿ ألؼ صالة فيما سواه إالّ المسجد الحراـ‪.‬‬ ‫‪-----‬‬

‫وي ْستَ َح ُّ‬ ‫المنورة‪ ،‬مثؿ‪ :‬زيارة‬ ‫المفضمة والبقاع الطّاىرة في المدينة‬ ‫ب زيارة األماكف‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫قييا‪ ،‬حيث مدفف بعض صحابة‬ ‫البقيع مقبرة أىؿ المدينة‪ ،‬وتقع خارج البمدة مف شر ّ‬ ‫رسوؿ اهلل‬

‫‪ ،‬فعف عائشة‬

‫قالت‪ :‬كاف رسوؿ اهلل‬

‫يخرج آخر المّيؿ إلى البقيع‬

‫الغ ْرقَد‪ ".‬والبقيع ىو‬ ‫"السالـ عميكـ دار قوـ مؤمنيف‪ ،‬المَّيُ َّـ‬ ‫اغفر ألىؿ بقيع َ‬ ‫فيقوؿ‪ّ :‬‬ ‫ْ‬ ‫‪36‬‬


‫الع ْو َسج‪،‬‬ ‫الموضع الّذي فيو أروـ ال ّشجر مف ضروب َشتَّى‪ ،‬و َ‬ ‫الغ ْرقَد ىو كبار شجر َ‬ ‫َّ‬ ‫يستحب زيارة جبؿ أُحد وىو اسـ الجبؿ األحمر في شمالي‬ ‫النبات الشائؾ‪ ،‬وكذلؾ‬ ‫ّ‬ ‫المدينة عمى بعد قرابة كيمومتر ونصؼ الكيمومتر‪ ،‬وكانت عنده الوقعة المعروفة‪ ،‬وفيو‬ ‫عـ رسوؿ اهلل‬ ‫وىو ابف ّ‬

‫‪،‬‬

‫يرقد شيداء المعركة‪ ،‬ومنيـ‪ :‬حمزة بف عبدالمطمب‬

‫ُّ‬ ‫ستحب زيارة َم ْس ِجد "قُباء"‪ ،‬وىو المسجد الّذي بناه أصحاب رسوؿ اهلل‬ ‫وكذلؾ ُي‬

‫‪،‬‬

‫وقد َّ‬ ‫فمما ىاجر النبي‬ ‫َ‬ ‫صمى فيو المسمموف قرابة سنة إلى البيت المقدس‪ّ ،‬‬

‫وورد‬

‫"قُباء" صمّى فيو‪ ،‬وقد ُوسِّعَ المسجد و َكُب َر بعد ذلؾ‪ ،‬وقُباء اسـ بئر عرفت القرية بيا‪،‬‬ ‫وىي مساكف بني عمرو بف عوؼ مف األنصار‪ ،‬وتبعد قباء نحو ثالثة كيمومترات‬ ‫ُّ‬ ‫يستحب كذلؾ زيارة مسجد القبمتيف‪ ،‬وفي موضعو أخبر‬ ‫تقريباً إلى ما يمي الجنوب‪ ،‬و‬ ‫بي‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬

‫المشرفة‪ ،‬أثناء صالتو إلى بيت المقدس‪ ،‬قاؿ تعالى‪:‬‬ ‫بالتّوجو مف الكعبة‬ ‫ّ‬

‫ﲕ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ‬ ‫ﲖ‬ ‫ﲑ ﲓ ﲔ‬ ‫ﲒ‬ ‫ﱡﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ‬

‫أف يقوـ‬ ‫ﲣ‬ ‫ﲛ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ‬ ‫ﲜ‬ ‫ﲢﲳ ﱠ (البقرة‪ ،)144 :‬ولمزائر ْ‬ ‫يودع‬ ‫السفر ّ‬ ‫بزيارة األماكف الطَّ​ّيبة والمشاىد َ‬ ‫الخِّيرة‪ ،‬الّتي أوصى العمماء بيا‪ ،‬وعند ّ‬ ‫بي‬ ‫ّ‬ ‫الزائر ّ‬ ‫الن ّ‬

‫وىو يقوؿ‪" :‬المَّيُ َّـ سيِّؿ لي العودة"‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫الحاج يقوؿ‪" :‬المَّيُ َّـ اطو‬ ‫وجاء وقت العودة‪ ،‬فصعد‬ ‫الحاج الطّائرة مف مطار ُج َّدة‪ ،‬و ّ‬ ‫ّ‬ ‫وى ِّوف َعمَ َّي الطّريؽ"‪ ،‬وانطمقت الطّائرة في رعاية‬ ‫الرفيؽ‪َ ،‬‬ ‫لي ُبعد ّ‬ ‫السفر‪ ،‬وأصمح لي ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫ينحر أو يذبح‪،‬‬ ‫في‬ ‫اهلل وحفظو‪ ،‬ووصؿ‬ ‫الحاج بمده‪ ،‬وفرح ّ‬ ‫ستحب لو حينئذ ْ‬ ‫ّ‬ ‫الناس بو‪ُ ،‬‬ ‫أف َ‬ ‫الرسوؿ‬ ‫ويطعـ الفقراء والجيراف واألصدقاء واألىؿ‪ُّ ،‬‬ ‫تقرباً إلى اهلل ّ‬ ‫ُ‬ ‫عز وج ّؿ‪ ،‬كما فعؿ ّ‬ ‫‪ ،‬فعف جابر بف عبداهلل‬

‫َّ‬ ‫بي لما قَِد َـ‬ ‫أف ّ‬ ‫الن ّ‬

‫نحر جزو اًر أو بقرة‪.‬‬ ‫المدينة َ‬

‫حجو قائميف‪ٌّ :‬‬ ‫"حج مبرور وذنب مغفور"‪،‬‬ ‫الناس إلى عمى‬ ‫و َ‬ ‫أقبؿ ّ‬ ‫الحاج يباركوف ّ‬ ‫ّ‬ ‫الناظـ ِ‬ ‫ب‪ ،‬وىو يصؼ شمائؿ رسوؿ اهلل‬ ‫وتَمثَّؿ‬ ‫الحاج بقوؿ ّ‬ ‫المح ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬

‫فقاؿ لزائريو‪:‬‬

‫العْمـ و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخبر‬ ‫ِّدؽ في‬ ‫الحْم ُـ و‬ ‫الجود ثَُّـ الص ُ‬ ‫اآلداب شيمتُو ‪ ..‬والفض ُؿ و ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪--‬‬‫حاز‬ ‫َ‬ ‫َحمَى شمائِمَوُ ‪َ ..‬‬ ‫تبارؾ اهلل ما أ ْ‬ ‫الجماؿ فما أ َْبيَى ُم َحيَّاهُ‬ ‫‪--‬‬‫َّ‬ ‫"خ ُذوا َعِّني مناسككـ"‬ ‫وسمِّـ عمى مف قاؿ‪ُ :‬‬ ‫ص ِّؿ َ‬ ‫الميُ َّـ َ‬ ‫‪---‬‬

‫‪38‬‬


‫المراجع الحديثة‪:‬‬ ‫الديف الغرياني‪ ،‬مسجد الحطَّاب بتاجوراء‪ ،‬موسـ‬ ‫الحج‪ ،‬د‪ .‬عبدالخالؽ عز ّ‬ ‫‪ ‬دروس في ّ‬ ‫الحج ‪1436‬ىػ‪2015 /.‬ـ‪.‬‬ ‫‪ ‬الفقو الواضح‪ ،‬د‪.‬محمد بكر إسماعيؿ‪.‬‬ ‫الحج والعمرة‪ ،‬سعيد باشنفر‪.‬‬ ‫‪ ‬المغني في فقو ّ‬ ‫المالكية‪ ،‬د‪ .‬عمي عبدالعاؿ عبدالرحمف‪.‬‬ ‫‪ ‬الحج عند فقياء‬ ‫ّ‬ ‫الديف خاف‪ ،‬ترجمة ظفر اإلسالـ خاف‪.‬‬ ‫الحج‪ ،‬وحيد ّ‬ ‫‪ ‬حقيقة ّ‬ ‫تارخية‪.‬‬ ‫‪ ‬إضافات‬ ‫ّ‬

‫‪-----‬‬

‫‪39‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.