العدد37

Page 1

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫من أجل االنتخابات‬ ‫الليبية القادمة‬ ‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪37‬‬

‫‪ 24‬يناير ‪2012‬‬

‫الدستور‪!!............. :‬‬ ‫قراءة يف شعار (اإلسالم هو احلل)‬ ‫أليس فيكم رشيد ؟!‬ ‫ليبيــــــــا التى نــريــدهــا‪...‬‬ ‫مقرتح بقانون تنظيم عمل األحزاب السياسية‬

‫الثمن ‪ :‬دينار‬


‫‪02‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫االفتتاحية يكتبها ‪ :‬الحسين المسوري‬

‫فكرتينا يا زهرة اليامسني‬

‫‪afaitouri_55@yahoo.com‬‬ ‫‪afaitouri_55@hotmail.com‬‬ ‫ميادين صحيفة ليبية متنوعة‬ ‫تصدر من بنغازي‬

‫رئيس التحرير‬

‫باألم��س ودعن��ا عام ‪2011‬م الذي حمل العديد من األحداث بل المفاجئات التي كان بطلها الربيع العربي الذي‬ ‫ب��زغ م��ن تونس ‪ ،‬لينتقل إلي مص��ر واليمن والبحرين‪ ،‬ليصل إلي ليبيا لتصبح ث��ورة ليبيا الحدث األهم طيلة‬ ‫ثمانية أشهر‪ ،‬قبل أن يبداء في سوريا التي مازال يرتوي فيها بدماء الشهداء‪.‬‬ ‫في شارع بورقيبة احتشد التونسيون ليعلنوا للرئيس بن علي أنهم قرروا خلعه وما عليه سوي الرحيل ‪،‬وانطلق‬ ‫أول هتاف أصبح رمزا وش��عاراً لكل الثورات العربية اختصر مطالب الش��عب وعبر عن ما تريده الش��عوب‬ ‫العربية انه ((الشعب يريد إسقاط النظام )) شعار انطلق في شارع بورقيبة ليدوي في مصر واليمن والبحرين‬ ‫وليبيا وسوريا‪...‬‬ ‫((هرمنا ))أطلقها ذلك التونس��ي احمد الحفناوي لتصبح تعبيراً عن الس��نوات التي سرقها الحكام الدكتاتوريين‬ ‫من كل مواطن عربي حلم بوطن يعيش فيه بكرامه‪..‬‬ ‫(( بن علي هرب والمجد للش��هداء والحرية للتوانس��ه ))‪ :‬أطلقها المحامي التونس��ي ناصر العويني في اعتي‬ ‫توقيت ‪ ،‬فرض حظر التجول في العاصمة تونس فهرب بن علي وخلع مبارك‪ ،‬وهلك القذافي‪.‬‬ ‫كان��ت قن��وات الجزي��رة والعربية تنق��ل األحداث؛ في خبر عاجل ه��روب الرئيس بن عل��ي وطائرته تغادر‬ ‫تونس‪،‬ونحن غير مصدقين لما يحدث‪ ،‬أخيرا ثورة شعبيه في بلد عربي‪ ،‬وجار لنا‪ ،‬تطيح بالحاكم وتدفعه لترك‬ ‫السلطة والهرب‪ ،‬انه الحلم المستحيل يتحقق‪.‬‬ ‫الكابوس خيم علي القذافي ليخرج متجهما يوبخ الش��عب التونس��ي علي فعلته‪ ،‬وفي الحقيقة كان يوبخ الليبيين‬ ‫ولس��ان حاله ‪:‬ال تفكروا فيما فعله التونس��يين‪ ،‬بداءت نغمة الدكتاتور الجديدة ومن خلفه أبناءه ؛رددوا جميعهم‬ ‫ليبيا ليست تونس‪ ،‬ليبيا ليست مصر‪.‬‬

‫أمحد الفيتو ري‬ ‫‪00218925117123‬‬

‫مدير التحرير‬ ‫سامل العوكلي‬ ‫سكرتري التحرير‬ ‫هليل البيجو‬ ‫إشراف فين‬ ‫عمر جهان‬ ‫مدير إداري‬ ‫خليل العرييب‬ ‫‪0925856779‬‬ ‫الغالف‬ ‫وليد نايف‬ ‫( بتصرف هيئة التحرير )‬

‫طباعة‬ ‫دار النور للطباعة‬ ‫إخراج وتنفيذ‬

‫حسني محزة بن عطية‬

‫لقد صدقوا ألول مره مع أنفسهم فتونس ليست ليبيا ‪ :‬تونس كانت دوله يحكمها دكتاتور دولة فيها قائد الجيش‬ ‫الجنرال رش��يد بن عمار ينحاز إلي خيار الش��عب التونس��ي‪ ،‬وليبيا ليست مصر؛ في مصر أيضا كانت هناك‬ ‫دولة وفي الموعد تدخل قادة المؤسس��ة العس��كرية وأرغموا الرئيس مبارك علي التنحي تلبية لمطالب الشعب‬ ‫المص��ري ‪ ،‬ف��ي ليبيا األم��ر مختلف ليس لدينا دوله وبالتالي ال وجود للمؤسس��ة العس��كرية بل مجموعه من‬ ‫المقاتلين التابعين لزعيم العصابة المقبور القذافي وأبناءه ‪.‬‬ ‫ولهذا ظهر مصطلح كتائب القذافي وتكرر ذكره كثيراً في وسائل األعالم‪ ،‬وتعرف العالم علي كتائب القذافي‬ ‫الت��ي تقتل الليبيين وتغتصب نس��ائهم وتدمر بيوتهم وتحرق أرزاقه��م وتيتم أطفالهم وتزرع الذكريات االليمه‬ ‫في حياتهم ‪.‬‬ ‫وعندما القي الثوار القبض علي القذافي حينها عرفت أن ليبيا ليست تونس وليبيا ليست مصر؛‬ ‫في تونس استطاع بن علي الهرب‪ ،‬وفي مصر الرئيس مبارك يحاكم بحماية الجيش أما القذافي فقد وقع بين‬ ‫أيدي ضحاياه فكان القصاص المباشر ‪.‬‬ ‫لق��د كان القذاف��ي يقول انه باق في باب العزيزيه فدخل الثوار إلي حصنه‪ ،‬واصبحو يعبثون داخل غرفة نومه‬ ‫الذي قال انه سيالحق الثوار زنقه زنقه ودار دار وبيت بيت الثوار الحقوه حفره حفره‪.‬‬ ‫لقد قال للشعب الليبي من فوق السراي غنوا وارقصوا فغني الليبيون ورقصوا ولكن بسب خبر اعتقاله ومقتله‬ ‫ونهاية حكمه ‪ ،‬النهاية التي عرف القذافي أنها قادمة المحاله بعد ثورة الياسمين في تونس‪ ،‬الن ثورة الياسمين‬ ‫جعلت الليبيين يدركون بأنهم مثل باقي الشعوب يستطيعون إسقاط الدكتاتور والقصاص منه ‪.‬‬ ‫نعم لقد فكرتنا ثورة الياسمين في تونس وذكرت الليبيين بان لهم ماضي ولهم دوله وعلم ونشيد ودستور حان‬ ‫الوقت الستعادت استقاللهم ‪.‬‬ ‫حان الوقت أن نغنى من جديد‪:‬‬ ‫يا زهرة الياسمين فكرتينا ‪ ...............‬في بسمته وأيام من ماضينا ‪.‬‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫أخبار‬

‫أخبار‬

‫‪03‬‬

‫أخبار‬ ‫ليبيا من الثورة اىل الدولة‬

‫أهمية اإلس��راع في وضع الدستور وعن‬ ‫أولويات المرحلة القادمة من وضع قانون‬ ‫االنتخابات والتي يفترض ان يسبقه قانون‬ ‫األحزاب‬ ‫تع��ددت عناوين جلس��ات المؤتمر فافتتح‬ ‫بعن��وان الف��راغ السياس��ي وعملي��ة بناء‬ ‫المؤسس��ات السياس��ية ف��ي ليبي��ا حي��ث‬ ‫تن��اول الدكتور تيم نيبلوك األس��تاذ بمعهد‬ ‫الدراس��ات اإلس�لامية والعربي��ة بجامعة‬ ‫اكس��تر بالمملك��ة المتح��دة ع��ن مش��اكل‬ ‫المجتم��ع المدني‪ ،‬واضاف الدكتور دريك‬ ‫فاندفال م��ن جامعة دارتم��وث بالواليات‬

‫العربي األورب��ي للحوار والتنمية وتناول‬ ‫المحاضر الدكت��ور دانيال هيلمان الباحث‬ ‫في مش��اريع نق��ل المعرف��ة بمعهد ماكس‬ ‫ب�لاك للقان��ون ف��ي هايدلب��رغ بألماني��ا‬ ‫موضوع عملية صنع الدس��تور في الحالة‬ ‫الليبية مش��ددا عل��ى عملي��ات تمثيل لكل‬ ‫فئات الشعب في صياغة الدستور واوضح‬ ‫الدكتور عمر حمادي والخبير في القانون‬ ‫الدولي العام وقانون حقوق اإلنس��ان بعدم‬ ‫التس��رع في عملية صنع الدستور مستدال‬ ‫بحال��ة العراق وما نتج عنها في صياغتهم‬ ‫للدستور‪.‬‬

‫ميادين ‪ :‬الدوحة‬ ‫عق��د المركز الليبي للدراس��ات والبحوث‬ ‫وه��و مؤسس��ة علمية بحثية غي��ر ربحية‬ ‫والذي يعتبر ملتقى لألكاديميين والسياسيين‬ ‫واإلعالميين وأصحاب الخبرة للمس��اهمة‬ ‫في دع��م مؤسس��ات المجتم��ع الليبي في‬ ‫مختل��ف المجاالت ‪ ،‬عق��د مؤتمره األول‬ ‫بالدوح��ة في دولة قط��ر مابين ‪ 7-8‬يناير‬ ‫‪ 2012‬تحت ش��عار ليبيا م��ن الثورة الى‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫تمي��ز المؤتمر بحض��ور مكثف من ذوي‬ ‫الخب��رة ف��ي الجامع��ات والمؤسس��ات‬ ‫األكاديمية ومراكز الدراسات اإلستراتيجية‬ ‫ورؤساء تحرير للصحف المختلفة من ليبيا‬ ‫وع��دة دول عربية وأوروبي��ة والواليات‬ ‫المتحدة ‪.‬حيث أفاد مؤسس المركز األستاذ‬ ‫خال��د المحجوب بأنهم يس��عون من خالل‬ ‫المؤتم��ر ايج��اد الصيغ الممكن��ة لوضع‬ ‫الحل��ول أمام صانعي القرار في ليبيا وعد‬ ‫بعقد مؤتمر مماثل بليبيا‪.‬‬ ‫افتت��ح أعم��ال المؤتم��ر األس��تاذ طارق‬ ‫القزي��رى مدي��ر ع��ام المرك��ز مرحب��ا‬ ‫بالمشاركين والضيوف والداعمين لمركز‬ ‫وقال ب��أن الثورة بحجم وطن واس��تكماال‬ ‫أله��داف الث��ورة في بن��اء دول��ة الحرية‬ ‫والمؤسس��ات ’ من هنا جاءت فكرة إنشاء‬ ‫المرك��ز مش��يرا كذلك الى مس��ائل عديدة‬ ‫أمال العبيدي مديرة الدرسات بالمركز‬ ‫منه��ا ش��كل النظ��ام السياس��ي واإلداري‬ ‫الجدي��د وتحدي��ات المرحل��ة القادم��ة في المتح��دة ورقت��ه عن المصالح��ة الوطنية كما تناول األستاذ صالح الزوي المحاضر‬ ‫بكلي��ة القانون بجامعة بنغ��ازي موضوع‬ ‫م��ا يغل��ق بالصعيد االقتص��ادي وحقوق والتوافق السياسي ‪.‬‬ ‫أدار الجلس��ة الثاني��ة للمؤتم��ر والمتعلقة حق��وق اإلنس��ان كمعي��ار لبن��اء دول��ة‬ ‫التنافس ومتطلبات األمن الوطني‬ ‫أك��د األس��تاذ محم��د العالق��ي رئي��س بموضوع أس��س بناء دولة الحكم بالقانون المؤسس��ات ‪:‬نظرة قانوني��ة وتناول أيضا‬ ‫المجل��س الوطن��ي لحقوق اإلنس��ان على األس��تاذ مخت��ار عزي��ز رئي��س المنتدى الدكت��ور عبد الجليل المنصوري األس��تاذ‬

‫بكلية االقتص��اد بجامعة بنغازي موضوع‬ ‫الهيكلي��ة اإلدارية في ظل الحصة الريعية‬ ‫وتحديد الدوائر النتخابية ‪.‬‬ ‫إدارة الجلس��ة الصباحي��ة للي��وم الثان��ي‬ ‫م��ن المؤتم��ر الدكت��ورة ش��يخة المس��ند‬ ‫رئيس��ة جامعة قطر تحت عنوان التحول‬ ‫الديمقراطي ف��ي ليبي وتعير أنماط الثقافة‬ ‫السياسية ‪،‬حيث تحدث الدكتور مصطفى‬ ‫التير أستاذ علم االجتماع بجامعة طرابلس‬ ‫ع��ن تحدي��ات التح��ول الديمقراطي ‪ :‬من‬ ‫ثقاف��ة الرعاية الى ثقاف��ة المواطنة ‪ ،‬تلتها‬ ‫قراءات الدكتور مصطفى بوخش��يم أستاذ‬ ‫العل��وم السياس��ية بجامع��ة طرابلس عن‬ ‫تأثي��ر عملي��ة التح��ول الديمقراطي على‬ ‫الثقاف��ة السياس��ية لث��وار ‪ 17‬فبراير ‪ ،‬ثم‬ ‫مقدم��ات ضروري��ة لبناء الدول��ة المدنية‬ ‫الدكتور سعيد العلوي أستاذ الفكر السياسي‬ ‫الغربي والفكر السياسي اإلسالمي بجامعة‬ ‫محمد السادس بالمغرب ‪.‬‬ ‫وتن��اول أيض��ا المؤتمر أيض��ا موضوع‬ ‫العس��كرة واألمن واختتم بدور الفضائيات‬ ‫ووسائط التواصل االجتماعي في الثورات‬ ‫العربية‬ ‫اص��در المؤتمر في ختام أعماله توصيات‬ ‫عدي��دة ‪ ،‬تضمن��ت أهمي��ة دور البح��ث‬ ‫العلم��ي في مس��اندة بن��اء ليبيا المس��تقبل‬ ‫وض��رورة التكثي��ف م��ن المؤتم��رات‬ ‫وورش العمل للمس��اهمة في نشر الوعي‬ ‫السياس��ي واالهتمام بدور الم��رأة وتغيير‬ ‫الخطاب اإلعالمي ودور اإلعالم في هذه‬ ‫المرحلة مع ضرورة بناء الجيش الوطني‬ ‫ومؤسسات األمن ‪.‬‬


‫‪04‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫اختتام فعاليات أيام ثورة صاحب احلمار‬ ‫ميادين ‪ :‬خليل العرييب‬ ‫ع��اش الجمه��ور التونس��ي خ�لال أس��بوع‬ ‫متواصل لفعاليات أيام قرطاج المس��رحية في‬ ‫دورته الخامسة عشر حيث شاهد الجمهور في‬ ‫كل مدن تون��س وسوس��ة وصفاقص وقفصه‬ ‫ومدنين أكثر من مائة عرض مس��رحي قدمته‬ ‫ف��رق مس��رحية عربي��ة وأوروبي��ة وافريقية‬ ‫وأس��يوية إضاف��ة إل��ي العدي��د م��ن الف��رق‬ ‫التونسية ‪.‬‬

‫األخر‬ ‫الثقاف��ة والمس��رح يغذيان فين��ا األمل وألبد‬‫م��ن تحرير التفكير وانت��زاع الخوف وإعالن‬ ‫العصي��ان الفني والتحرر من معوقات التطور‬ ‫العض��وي للحرية ومحوالت تعطي��ل التعبير‬ ‫عن الحرية‬ ‫إن المسرح والفن هو الديمقراطية وهي قيمة‬‫أخالقية وحركة دائم��ة والتقاء للحرية والفكر‬

‫الفنانة سعاد خليل في مهرجان قرطاج‬

‫تمي��زت هذه الدورة باحتفاله��ا بربيع الثورات‬ ‫العربية وكان عرض االفتتاح االس��تعراضي‬ ‫ال��ذي ش��ارك فيه فناني��ن من مختل��ف أقطار‬ ‫الربي��ع العرب��ي ف��ي تون��س وليبي��ا ومصر‬ ‫وس��وريا واليم��ن وكانت فكرة حف��ل االفتتاح‬ ‫االس��تعراضي قد بنيت علي مبدأ فن الشارع‬ ‫عل��ي اعتب��ار إن الش��ارع ه��و ال��ذي صن��ع‬ ‫الث��ورة في تونس والب�لاد العربية وإيمانا بان‬ ‫المسرح كان وال يزال راوي لمالحم الشعوب‬ ‫ومن األنش��طة الثقافي��ة الموازية أليام قرطاج‬ ‫المس��رحية ندوات لع��ل أهمها ندوة مس��تقبل‬ ‫المس��رح بدء الثورة التي شهدت حوارا ممتعا‬ ‫بين مسرحيين من مختلف بلدان العالم ليؤكدوا‬ ‫مفاهيم مسرحية فكرية جاء فيها ‪:‬‬ ‫ المس��رح ثائ��ر من زمان وإال م��اكان له أن‬‫يكون مسرحا وال أن يفتك مكانته في العالم‬ ‫ المس��رح يحاور باس��تمرار ر يناور الطغاة‬‫ينف��س ع��ن غض��ب الجماهير يس��تحث علي‬ ‫الفعل ويعيد طرح األسئلة األزلية‬ ‫ما من مس��رح دون تقاليد وبحث في الجذور‬‫وضرورة إنتاج مسرح معاصر بالتجرؤ علي‬ ‫اللحظة الحالية‬ ‫اإلنسان يتفاعل مع المواقف أكثر مما يتفاعل‬‫مع التفكير الجدلي‬ ‫المس��رح ف��ن الم��دد الطويلة مقاب��ل الزمن‬‫التاريخي الذي هو رم��ز حدثي وبالتالي نحن‬ ‫بحاج��ة إل��ي مس��رح التح��والت االجتماعية‬ ‫معب��را عنها ومرتبطا بها وفي كل مس��تويات‬ ‫الفرج��ة واس��تلهام الوع��ي العمي��ق ووجوب‬ ‫أحداث شروخ في األس��اليب التقليدية والقطع‬ ‫مع المسرح األدبي‬ ‫البد من إيجاد أش��كال تفاعلية ش��ديدة لإلنتاج‬‫واالنتباه خاصة إلي مخاطر التقوقع والهويات‬ ‫المتش��رنقة الت��ي تمث��ل تهدي��دا لالنفتاح علي‬

‫في دائرة قابلة للتمدد ‪.‬‬ ‫ثورة صاحب الحمار في االفتتاح‬ ‫شاهد قصر الرياضة بالمنزه بتونس العاصمة‬ ‫ع��رض االفتتاح بمس��رحية ( ث��ورة صاحب‬ ‫الحم��ار ) للكاتب عز الدي��ن المدني وإخراج‬ ‫الفن��ان فاض��ل الجزيري وهي ملحمة ش��عبية‬ ‫للبط��ل الش��عبي التونس��ي ابوزيد ب��ن خويلد‬ ‫الكي��دادي المش��هور بلق��ب بوزي��د صاح��ب‬ ‫الحمار وهي عمل استعراضي متكامل يشتمل‬ ‫علي عدد م��ن اللوحات الموس��يقية والرقص‬ ‫االستعراضي وكان هذا النصر قد عرض في‬ ‫الس��تينات من القرن الماض��ي علي الجمهور‬ ‫التونس��ي وأحدث ضج��ة إعالمية نظ��را لما‬ ‫لتضمنه نقدا الذعا للسلطة ؟‬ ‫ولق��د تع��اون الكات��ب والمخ��رج عل��ي تقديم‬ ‫مس��رحية تس��تلهم التراث وقراءة جديدة ناقدة‬ ‫وحواري��ة وكتاب��ة من اجل إع��ادة البناء ومن‬ ‫اجل فه��م الحاضر وكقراءة تاريخية معاصرة‬ ‫قائمة علي التغيير والتثوير والنقد العميق ‪.‬‬ ‫العروض الليبية بين سوسة وتونس‬ ‫توزعت العروض المسرحية الليبية المشاركة‬ ‫في أيام قرطاج المسرحية في دورته الخامسة‬ ‫عش��ر بين مدينتي سوسة وتونس حيث قدمت‬ ‫فرقة بنغازي للفنون المسرحية مسرحية تشنج‬ ‫تأليف الكاتب المسرحي الراحل علي الجهاني‬ ‫وإخ��راج الفن��ان جمعة اش��تيوي وم��ن تمثيل‬ ‫الفناني��ن ( ناص��ر االوجلي – جمال الس��مين‬ ‫–عل��ي االوجل��ي –ومجموع��ة من الش��باب‬ ‫الصاعدي��ن ‪.‬ام��ا الع��رض الثان��ي كان لفرقة‬ ‫مس��رح السنابل بمسرحية صبايا أوالد أهالل‬ ‫تأليف الكاتب الصديق بودوارة وإخراج الفنان‬ ‫ناص��ر االوجلي وتمثيل الفنانة س��عاد خليل ‪،‬‬ ‫هذه العرض الذي احتضنه مس��رح المونديال‬ ‫بمدينة تونس وس��ط حض��ور جماهيري كبير‬

‫وعدد من المش��اركين في المهرجان والجالية‬ ‫الليبي��ة بتون��س ولق��ي هذا الع��رض إعجاب‬ ‫وإش��ادة كبيرة م��ن قبل النقاد ف��ي الندوة التي‬ ‫أقيمت عقب عرض المس��رحية ومن المعلوم‬ ‫ان المش��اركة الليبي��ة كان��ت برعاي��ة وزارة‬ ‫الثقافة والمجتمع المدني ‪.‬‬ ‫عرض وحفل االختتام‬ ‫العرض المس��رحي في اختت��ام الفعاليات كان‬ ‫لفرقة مسرح مدنيني ( تري ما رأيت ) للكاتب‬ ‫الش��اعر كمال اوعجيلة وإخ��راج الفنان أنور‬ ‫الش��عافي ومضمون المس��رحية ع��ن الهجرة‬ ‫إلي الضفة االخري من خالل شخصية شاعر‬ ‫ضاق ب��ه الزمان فيركب البح��ر مع آخرين‬ ‫وض��اق بهم الم��كان فيتحط��م مركبه��م ليجد‬ ‫الشاعر نفس��ه داخل مستشفي في المكان الذي‬ ‫انطلق منه لكن الزم��ان قد تغير ويصبح عالم‬ ‫المستش��ف ي هو عالم التغيي��ر فيتداخل الحلم‬ ‫باليقظة واالفتراضي بالواقعي ‪.‬‬

‫ام��ا حف��ل ا لخت��ام فق��د أقي��م بفن��دق أفريقي��ا‬ ‫بمش��اركة جميع الوفود المس��رحية المشاركة‬ ‫وحضور وزير السياحة ومدير عام المهرجان‬ ‫اللذان قدما الش��كر والتحية للوفود المش��اركة‬ ‫وخص��ص للوف��د الليب��ي لقاء خ��اص وتحية‬ ‫م��ن الثورة التونس��ية الي الث��ورة ‪ 17‬فبراير‬ ‫والتقاط الصور التذكارية مع الوفد الليبي ‪.‬‬ ‫ويبق��ي إن هذه الدورة الت��ي تميزت باالحتفاء‬ ‫بالث��ورات العربية ش��هدت عروض��ا ً متميزة‬ ‫متنوع��ة التوجه��ات ورؤي ورس��ائل مختلفة‬ ‫احتفلوا جميعا بمس��رح ما بعد الثورة وليكون‬ ‫هذا المهرج��ان ابرز حدث ثقاف��ي بعد الثورة‬ ‫التونس��ية مؤكدا قدرة المس��رح عل��ي تحويل‬ ‫يومي��ات الث��ورة إل��ي مالحم تنب��ث اللحظات‬ ‫التاريخي��ة حت��ى تروي األمجاد بي��ن األجيال‬ ‫وليبق المس��رح اب��ن الحياة نبض��ه من نبض‬ ‫اإلنسان‪.‬‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫وثيقة ‪2‬‬

‫‪05‬‬

‫بعد أكثر من أربعني سنة تنشر ألول م ّرة قصة مفتاح الشارف‬

‫السالم عليكم ‪...‬‬ ‫إش���ارة إلى مكالمة العقي���د علي منصور‬ ‫الهاتفي���ة ‪ ،‬بتوجيه م���ن اللواء مصطفى‬ ‫الخروبي‪ ،‬يطلب الحديث عن حرب ‪1967‬‬ ‫وذهابي إلى الجزائ���ر لاللتحاق بالجبهة‬ ‫في مصر ‪.‬‬ ‫الس���ؤال ‪ :‬لم���اذا اآلن ؟ لماذا وقد مضى‬ ‫ْ‬ ‫الحدث أكثر من أربعين عاما ً ولم‬ ‫على هذا‬ ‫يعد في العمر ما فيه ‪ ،‬فبعد ش���هرين من‬ ‫اآلن أكمل الثانية والس���بعين من عمري‬ ‫‪ ،‬وادخ���ل الثالثة والس���بعين ‪ ،‬والمرض‬ ‫ينهش ما تبقّى من هذا العمر ؟‬ ‫س���رد ‪ ،‬وس���وف أحاول‬ ‫ال بأس ! لنبدأ ال ّ‬ ‫اس���تفزاز الذاكرة الس���تخراج ما يمكن‬ ‫استخراجه ‪.‬‬ ‫قامت حرب األيام الس���تة أو الس���اعات‬ ‫الس���تة بتعبير أدق ‪ /‬الن المعركة ُحسمت‬ ‫منذ الس���اعات األولى عندما ُد ّمر سالح‬ ‫الطيران المص���ري على األرض ‪ ،‬وتُرك‬ ‫العربي عاريا ً في صحراء سيناء ‪،‬‬ ‫اللحم‬ ‫ُّ‬ ‫نهبا ً للطيران اإلسرائيلي عند قيام الحرب‬ ‫كنت في بنغازي أؤدّي امتحانات بالجامعة‬ ‫الليبي���ة ‪ ،‬رجعت إلى طرابلس على عجل‬ ‫لإللتح اق بالس�ل�اح ‪ ،‬ي���وم بداية الحرب‬ ‫انتقل الس�ل�اح الجوي الليبي من مطار (‬ ‫ويل���س ) المالحة حي���ث كان مقره ‪ ،‬إلى‬ ‫مطار طرابلس المدني ‪ ،‬وكان يسمى في‬ ‫ذلك الوقت بمطار ادريس ‪.‬‬

‫في تلك األثناء ‪ ،‬وبعد أن ُد ّمر سالح الطيران‬ ‫المص��ري ‪ ،‬وبقيت س��ماء مص��ر عارية ‪،‬‬ ‫ف��ي تلك األثناء س��ارع أبو مدي��ن ‪ ،‬رئيس‬ ‫الجزائر بإرس��ال أس��راب طائراته لحماية‬ ‫سماء مصر حماية سماء قاهرة المعز ‪ ،‬كنا‬ ‫نحن الليبيين نس��تقبل الطائ��رات الجزائرية‬ ‫‪ ،‬نزوده��ا بالوق��ود ف��ي مط��ار طرابلس ‪،‬‬ ‫كان��وا ش��بابا َ صغ��اراً في عمر ال��ورود تم‬ ‫استدعاؤهم على عجل من كلياتهم في أوربا‬ ‫الشرقية للز ّج بهم في المعركة ومنهم من لم‬ ‫يكمل تدريبه بعد كانوا بمجرد هبوطهم على‬ ‫ارض المطار يسألون عن بابا يوسف ! هل‬ ‫تعرفون من هو بابا يوسف ؟‬ ‫ان��ه رجل من ليبيا من ه��ذه الليبيا ال ِمعّطا ِء‪،‬‬ ‫اس��مه يوس��ف مادي ( كرمته الث��ورة بعد‬ ‫ذلك ) فتح ه��ذا الرجل اثناء حرب التحرير‬ ‫الجزائري��ة مدراس في ليبيا إلحتضان ابناء‬ ‫وبنات ش��هداء ثورة الجزائ��ر من المراحل‬ ‫اإلعدادي��ة واالبتدائي��ة وحت��ى البثنوي��ة‬ ‫وعندما اس��تقلت الجزائر رجع االشبال إلى‬ ‫وطنهم ‪ ،‬هؤالء االش��بال الذي��ن ترعرعوا‬ ‫وت��م تعليمه��م وايوائه��م ف��ي ليبي��ا ‪ ،‬زمن‬ ‫معمع��ة الح��رب وعن��د رجوعهم ارس��لت‬ ‫به��م الجزائر إل��ى كل دول العالم لمواصلة‬ ‫التعلي��م في جامعاتها ومعاهده��ا وكلياتها ‪،‬‬ ‫وها هم اليوم ذاهبون لحماية س��ماء مصر ‪،‬‬ ‫ر ّدالجمي��ل عبد الناصر الذي احتضن ثورة‬ ‫الجزائر وس��اندها ‪ ،‬كن��ا نزودهم بالوقود ‪،‬‬ ‫نحن الضباط الليبي��ون ‪ ،‬والوقود في قلوبنا‬ ‫يش��تعل كمداً وقهراً ‪ ،‬هم ذاهبون إلى القتال‬ ‫ُ‬ ‫طائرات بلد‬ ‫ونحن عل��ى األرض قابعون ‪،‬‬ ‫لم يمض على اس��تقالله س��وى سنوات أقل‬ ‫من أصاب��ع اليد الواح��دة ‪ ،‬وقبل صعودهم‬ ‫إلى طائراتهم كانوا يُعاودُون الس��ؤال عن‬ ‫بابا يوس��ف ويَو ّدون رؤيته قبل الذهاب إلى‬ ‫المعرك��ة ‪ ،‬هذا الرجل م��ن ليبيا التي وقف‬ ‫رجالها ونس��اءها ‪ ،‬ش��يبُبها وشبابها بجانب‬ ‫ثورة الجزائر ‪ ،‬النس��اء يتبّرعن ‪ ،‬بصيغتهم‬ ‫ذهبه��ن وفضّتهم��ن ‪ ،‬ب��كل م��ا يملك��ن ‪،‬‬ ‫والرجال بنقودهم القليلة وبجلود أضاحيهم ‪.‬‬ ‫انته��ت الح��رب قب��ل أن تبدأ ‪ ،‬بع��د إنتهاء‬ ‫الح��رب تم تكليف��ي باإلش��راف على حملة‬ ‫اغاثة لإلردن ‪ ،‬إغاثة الالجئين الذين هربوا‬ ‫من فلسطين إلى األردن ‪.‬‬ ‫م��ن مطار بنين��ا كنا نُقلع إل��ى اإلردن عبر‬ ‫كري��ت ‪ ،‬لبنان س��وريا حتى مط��ار ّعمان‬ ‫‪ ،‬وكان الم�لازم ( ف��ي ذلك الوق��ت ) عبد‬ ‫الرحم��ن الصيد ‪ ،‬يزودنا في المطار بالخيم‬ ‫والبطاطي��ن ‪ ،‬والدواء والغذاء ‪ ،‬وغير ذلك‬ ‫مما يلزم الغاثة المنكوبين استمرت الحملة‬ ‫‪ ،‬قرابة الش��هر او أكثر ‪ ،‬ف��ي اليوم األخير‬ ‫م��ن الحمل��ة ‪ ،‬طلبت من الس��فير الليبي في‬ ‫ّعم��ان ‪ ،‬ان يرت��ب لي رحلة بالس��يارة إلى‬ ‫نهر الردم حيث يُعس��كر األسرائيليون على‬ ‫ضقته الغربية بعد أن التهموا الضفة الغربية‬ ‫من فلس��طين بقدسها ومدنها ‪ ،‬وهناك رأيت‬ ‫اليه��ود ‪ ،‬وجها ً لوجه ع��ب المناظر ‪ ،‬كانوا‬ ‫مدجّجين بالسالح وكنت ( عاريا ً ) !! ‪.‬‬ ‫•سارت الحياة رتيبة ُمملة‬ ‫رجعن��ا إلى بالدن��ا بعد انته��اء المهمة التي‬ ‫ُكلفّت بها في طرابلس س��ارت الحياة رتيبة‬

‫ُممل��ة ‪ ،‬حتى كان يوم دعا فيه آمر الس�لاح‬ ‫‪ ،‬المقدم الهادي الحس��ومي إلى إجتماع في‬ ‫بهو المعس��كر الفرناج حي��ث كنا نقيم ‪ ،‬قال‬ ‫آمر الس�لاح مفُتتح��ا ً اإلجتم��اع ‪ :‬علينا أن‬ ‫نع��ود إل��ى مطار المالح��ة ‪ ،‬كان قد مضى‬ ‫على مغادرتنا له أربعة أشهر قال‪ :‬لن يكون‬ ‫هناك عقاب من طرف السُ��طات ‪ ،‬رغم أن‬ ‫ما قمنا ب��ه يُع ّد تمردًا ‪ ،‬الس��لطات اعتبرته‬ ‫فورة غضب نتيجة للحرب ‪ ،‬وما لم نعد فأن‬ ‫الش��رطة والقوة المتحركة س��وف تستولي‬ ‫على مكاننا في المطار ‪.‬‬ ‫بعد إنتهاء حديثه س��أل أن كان هناك تعليق‬ ‫او س��ؤال ‪ ،‬ل��م يتح��دث م��ن الحاضري��ن‬ ‫أحد بإس��تثناء اثني��ن كالهما يحم��ل لقب (‬ ‫الش��ارف) انا والمالزم في ذلك الوقت فرج‬ ‫الش��ارف قلت ‪ :‬انا لن أع��ود العيش تحت‬ ‫العل��م المريك��ي من جديد حتى ل��و ُم ُّ‬ ‫ت في‬ ‫تراب الس��جن ر ّد أمر الس�لام قائالً ‪ :‬وماذا‬ ‫يس��تفيد وطنك من موتك في تراب الس��جن‬ ‫وان��ت ضابط واعد ؟ اجبته ‪ :‬وماذا يس��تفيد‬ ‫الوط��ن من ضاب��ط مقهور ‪ ،‬كس��ير النفس‬ ‫جوفه يع ّج ببخار الهزعية ؟ لن ارجع وليكن‬ ‫ما يكون كنت في تلك األثناء مرشحا ً لدورة‬ ‫متقدمة ف��ي الطيران والتس��ليح ( صوارخ‬ ‫) ف��ي الوالي��ات المتح��دة كاليفورني��ا لمدة‬ ‫عامين ‪ ،‬وصلتني اوراق البعثة وطُلب مني‬ ‫اعداد نفسي للس��فر ‪ ،‬ولكني رفضت توقيع‬ ‫األوراق رفضت الذهاب إلى كاليفورنيا ‪.‬‬ ‫• قال ‪ :‬خذني معك ! فوجئت بقدر ما فرحت‬ ‫كان اإلجتماع يوم السبت ‪ 9‬اكتوبر ‪1967‬‬ ‫ُ‬ ‫صعدت ألى حجرتي‬ ‫‪ ،‬بع��د ظهر ذلك اليوم‬ ‫وكن��ت قد عق��دت العزم عل��ى الرحيل ‪ ،‬لم‬ ‫يع��د لي م��كان للبق��اء ‪ ،‬ق��ررت أن أغادر‬ ‫إل��ى الجزائ��ر لإللتح��اق بس�لاح الطيران‬ ‫الجزائ��ري في الجبهة ‪ ،‬كن��ت أع ّد خرائط‬ ‫الرحل��ة عندما طُ��رق باب الحج��رة ‪ ،‬كان‬ ‫النقي��ب المرح��وم فتحي بن طاهر مس��اعد‬ ‫الرائ��د محمد هامان رئيس قس��م الصيانة ‪،‬‬ ‫كان فتح��ي حاضراً في اجتم��اع الصباح ‪،‬‬ ‫سألني ‪ :‬ما هذه الخرائط ماذا تفعل ؟ أطلعته‬ ‫عل��ى الفور على ما كن��ت أنوي عمله ‪ ،‬فقد‬ ‫كان��ت تربطني به عالقة م��و ّدة وكنت أثق‬ ‫ب��ه ق��ال ‪ :‬خذني مع��ك ! فوجئ��ت بقدر ما‬ ‫فرحت ‪ ،‬ولكن كانت هناك مشكلة واجهتني‬ ‫‪ ،‬المشكلة ان فتحي لم يسبق له الركوب في‬ ‫طائ��رة نفاث��ة مقاتلة ‪ ،‬فق��د كان فنّي صيانة‬ ‫ولم يك��ن طياراً ‪ ،‬وفي حال��ة حدوث خطر‬ ‫أثن��اء الطيران قد يصعب عليه الخروج من‬ ‫الطائرة بأس��تعمال الكرسي الطائر ‪ ،‬لكنني‬ ‫وجدت الح��ل لتلك المعضلة ‪ ،‬كان لدينا في‬ ‫س�لاح الطيران أربع طائ��رات نفاثة مقاتلة‬ ‫اثنتان من تلك الطائرات ‪ ،‬الكرس��ي الطائر‬ ‫فيهم��ا منفصل األمامي ع��ن الخلفي ‪ ،‬فكل‬ ‫راكب مسؤل عن اخراج نفسه ‪ ،‬اما األثنتان‬ ‫األخريان فأن قائد الطائرة يس��تطيع اخراج‬ ‫نفسه واخراج رفيقة من الكرس الخلفي بأن‬ ‫يفجّر الكرس��يين معا ً م��ن المقعد األمامي ‪،‬‬ ‫وقد اخترت هذا الن��وع الثاني الذي يم ّكنني‬ ‫من انقاذ رفيقي في حالة الخطر ‪.‬‬ ‫طلبت من فتحي اعداد جواز سفره وسالحه‬ ‫الف��ردي والوثائق الثوبتية الالزمة للتعريف‬

‫بالنف��س بعد ظه��ر اليوم التال��ي األحد ‪10‬‬ ‫اكتوب��ر ‪ ، 67‬ذهبت في س��يارتي مع فتحي‬ ‫إل��ى بهو ضب��اط الص��ف في المعس��كر ‪،‬‬ ‫وطلب��ت العري��ف مفتاح ( اعتق��د ان لقبه ‪:‬‬ ‫اشقيفة اذا كنت الزلت اذكر ) ‪ ،‬وقد وجهت‬ ‫له تهم��ة المش��اركة من قب��ل المحكمة بعد‬ ‫رجوعن��ا من الجزائر ‪ ،‬النه س��اهم بإعداده‬ ‫للطائ��رة ‪ ،‬ولكنني برأته م��ن التهمة قائالً ‪:‬‬ ‫أنه جندي لم يكن يعلم عن الموضوع ش��يئا ً‬ ‫وقد نفّذ امر ضابطه ‪ ،‬فالمس��ئولية تقع على‬ ‫من اصدر اآلمر وهو انا ‪ ،‬كما أنني حاولت‬ ‫تخفيف المسئولية عن فتحي عندما اعتبرته‬

‫مفتاح الشارف فترة الشباب االولي‬

‫المحكمة المسئول األول النه كان اقدم منّي‬ ‫رتبة ‪ ،‬ولكنني قلت للمحكمة أنني المس��ئول‬ ‫األول النن��ي صاحب الفك��رة وأنا من قدُت‬ ‫الطائرة ‪.‬‬ ‫• وأش����رفت مع العريف مفتاح الذي أرجو‬ ‫ان يك����ون الزال على قيد الحياة فقد مضى‬ ‫على تلك الحادثة اكثر من اربعين سنة‪.‬‬ ‫اخرجت العري��ف مفتاح من البهو ‪ ،‬اركبته‬ ‫السيارة معي ومع فتحي إلى المطار وطلبت‬ ‫منه اعداد الطائرة التي اخذتها وأثناء اعداد‬ ‫الطائرة وتزويدها بالوقود ‪ ،‬شرحت لفتحي‬ ‫ما يجب فعله ‪ ،‬وطريقة اإلتصال بيني وبينه‬ ‫داخ��ل الطائرة وم��اذا يفع��ل اذا رغب في‬ ‫التقي��ؤ ‪ ،‬النها المرة األولى التي يركب فيها‬ ‫طائرة نفاثة مقاتل��ة وقد تأتيه اثناء الطيران‬ ‫رغب��ة في التقيؤ ‪ ،‬وأش��رفت م��ع العريف‬ ‫مفت��اح الذي أرجو ان يكون الزال على قيد‬ ‫الحي��اة فقد مضى عل��ى تل��ك الحادثة اكثر‬ ‫من اربعين س��نة كما س��بق القول ‪ ،‬اشرفت‬ ‫معه على وضع فتحي في الكرس��ي الخلفي‬ ‫واعداه للطيران ‪.‬‬ ‫ترك��ت س��يارتي ف��ي المط��ار مفتوحة مع‬ ‫مفاتيحه��ا ‪ ،‬فلم يعد لي بها حاجة ‪ ،‬وانا مقدم‬ ‫عل��ى ما انا مق��دم عليه فلم يعد لتل��ك الدنيا‬ ‫م��كان عندي اقلعت قبل العصر بقليل ‪ ،‬كان‬ ‫مخطط الطيران ان اهبط في قاعدة حاس��ي‬ ‫مسعود الجوية ‪ /‬اكبر قاعدة جوية جزائرية‬ ‫في جنوب الجزائر بعد أقل من عشر دقائق‬ ‫طي��ران كن��ت ق��د اخترقت جن��وب تونس‬ ‫متوجها ً إلى جنوب الجزائر ‪ ،‬كانت الشمس‬ ‫ترفع فوق األفق قليالً لذلك كانت مواجهتها‬ ‫تع��وق الرؤية الس��ليمة وتجعل استكش��اف‬


‫‪06‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫وثيقة ‪2‬‬

‫األرض صعب��ا ً قبل الخروج م��ن اجواء تونس‬ ‫ودخول اجواء الجزائ��ر ‪ ،‬تعطل جهاز المالحة‬ ‫‪ ،‬بع��د ما يقرب من س��اعة طي��ران الحظت ان‬ ‫الوقود يوشك على النفاذ فلم يكن من نفس النوع‬ ‫الذي تستعمله الطائرات المقاتلة النفاثة في مطار‬ ‫ويلس ‪ ،‬والذي تكفي عبوة طائرتي منه للطيران‬ ‫ساعتين الى س��اعتين ونصف حسب االستعمال‬ ‫واالرتف��اع ‪ ،‬ام��ا الوقود المس��تعمل في مطاار‬ ‫طرابلس المدني ‪ ،‬والذي تستعمله طائرات النقل‬ ‫وطائ��رات الخطوط الجوية النفاث��ة ‪ ،‬فإن عبوة‬ ‫طائرت��ي من��ه ال تكفي الكثر من س��اعة واحدة‬ ‫طيران او ساعة وربع ‪ .‬لذلك الحظت بعد ساعة‬ ‫طيران ان الوقود على وش��ك النفاذ ولم يعد باقيا ً‬ ‫منه سوى ما يكفي لطيران خمس دقائق او اكثر‬ ‫قلي�لاً ‪ ،‬لذلك البد م��ن اتخاذ قرار س��ريع ‪ ،‬اما‬ ‫الهب��وط او القفز من الطائ��رة في قلب صحراء‬ ‫الجزائ��ر وما يترتب على ذل��ك من مخاطر في‬ ‫تل��ك اللحظة الحظت في األس��فل وج��ود حقل‬ ‫بت��رول وبجانب��ه ش��ريط هبوط رمل��ي صغير‬ ‫للطائرات الصغيرة طائرتي لم تكن ُمعّدة للهبوط‬ ‫عل��ى الرمل فهي مقاتلة نفاث��ة قررت المجازفة‬ ‫بالهب��وط فليس في مقدرتي ترك طائرتي تتحطم‬ ‫ف��ي الصحراء بعد القفز منه��ا وذلك امر أُفضّل‬ ‫الموت علي��ه ‪ ،‬ان اتحظم معها اثناء الهبوط وال‬ ‫اتركها اخبرت فتحي بقراري فوافق اقتربت من‬ ‫ش��ريط الهبوط ‪ ،‬واس��تخدمت اس��لوبا ً معينا ً في‬ ‫طريقة الهبوط ( اسلوب حافة الهاوية ) وهبطت‬ ‫الطائ��رة المقاتل��ة النفاث��ة عل��ى رم��ال جنوب‬ ‫الجزائر دون ان تصاب بأذى ‪.‬‬ ‫• كي����ف تمكنت من الهبوط على الرمال بطائرة‬ ‫مقاتلة نفاثة‪.‬‬ ‫عندما س��ألنى في اليوم التال��ي آمر قاعدة حاس‬ ‫مس��عود ‪ ،‬وكان برتب��ة نقي��ب ‪ ،‬فاعلى رتبة في‬ ‫الجزائ��ر في ذل��ك الوقت لم تكن تتج��اوز رتبة‬ ‫العقي��د وكانت القاعدة تحوي أكثر من خمس��ين‬ ‫طائ��رة مقاتلة عندما طلب من��ي آمر القاعدة ان‬ ‫اش��رح لطياريه كيف تمكنت م��ن الهبوط على‬ ‫الرمال بطائرة مقاتلة نفاثة وهي طائرة ال يمكنها‬ ‫الهب��وط حس��ب القواعد إال عل��ى مهابط طويلة‬ ‫ُمعّدة ومرصوفة باألس��فلت ‪ ،‬عندما ش��رحت له‬ ‫األس��لوب الذي استخدمته كان جالسا ً على رأس‬ ‫المائدة وانا جالس على رأسها المقابل هبَّ واقفا ً‬ ‫من على كرس��يه وا ّدى التحية العسكرية قائالً ‪/‬‬ ‫بأس��م س�لاح الطيران الجزائري ‪ ،‬احي س�لاح‬ ‫الطيران الليبي الذي يملك مثل هذه الكفاءات ‪.‬‬ ‫( هذا ليس تصحي��ح ) من طرفي ولم اذكره في‬ ‫المحكم��ة تفاخ��راً بع��د ذلك ‪ ،‬ولك��ن المرحوم‬ ‫فتح��ي اصّ��ر عل��ى ذك��ره واذا كان��ت وثائ��ق‬ ‫المحكم��ة العس��كرية ف��ي ذلك الوق��ت ال زالت‬ ‫محفوظ��ة ‪ ،‬فس��وف تجدون فيها ه��ذه الواقعة ‪،‬‬ ‫كذلك الذي��ن حضروا المحكمة ف��ي ذلك الوقت‬ ‫م��ن الضب��اط وهم محموع��ة عق��داء ومقدمين‬ ‫وروّاد ‪ ،‬كان��وا يُع�� ّدون ف��ي الطاب��ق العلى من‬ ‫البناية الت��ي تحوي مقر المحكمة ‪ ،‬برامج اعادة‬ ‫تنظيم الجيش وتس��ليحه وتزويده بصوارخ دفاع‬ ‫جوي وكانت فرقة العمل تلك برئاسة العقيد عبد‬ ‫العزيز الش��لحي كان��وا أثناء جلس��ات المحكمة‬ ‫يترك��ون عمله��م ويهبطون إلى قاع��ة المحكمة‬ ‫لحضور وسماع ما يجري فيها وكذلك المحامي‬ ‫ابراهيم الغوي��ل ‪ ،‬اذا كان الزال يحتفظ باوراق‬ ‫تلك القضية ‪ ،‬عل��ي اي حال – كان الحقل الذي‬ ‫هبط��ت فيه يس��مى حقل حاس الط��وارق ويبعد‬ ‫عن قاعدة حاس مس��عود مئ��ة كيلو متر تقريبا ً ‪،‬‬ ‫بعد الهبوط طلبت من مدير الحقل وكان فرنس��يا ً‬ ‫– ان يُخط��ر الجهات الجزائري��ة بهيوطنا واننا‬ ‫طيارون عسكريون ليبيون ‪.‬‬

‫من اليمين علي الالفي ومفتاح الشارف وأحمد الفيتوري والسنوسي حبيب وعمر المختار ونوري الماقني‬

‫قضينا تلك الليلة في ضيافة حقل حاس الطوارق‬ ‫‪ ،‬وصب��اح الي��وم التال��ي اإلثني��ن ‪ 11‬اكتوبر ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫حض��رت س��يارات درك وبصحبتها ضابط من‬ ‫س�لاح الطيران الجزائري ‪ ،‬صحبونا إلى قاعدة‬ ‫حاس��ي مسعود ‪ ،‬تركنا طرائرتنا في حقل حاس‬ ‫الط��وارق ‪ ،‬فالبد من جره��ا او نقلها إلى قاعدة‬ ‫تس��تطيع الطيران منها م��ن جديد وقد حظر بعد‬ ‫ذل��ك من ليبيا ‪ ،‬الرائد محمد ش��نيب معاون آمر‬ ‫الس�لاح الجوي ليعود بها سليمة إلى ليبيا لم تكن‬ ‫مصابة بخدش وشنيب الزال على قيد الحياة في‬ ‫درنه وقد اخبرني بما حصل فيما بعد قضينا الليلة‬ ‫في قاعدة حاس��ي مس��عود وصباح اليوم التالي‬ ‫الثالث��اء ‪ 12‬اكتوبر ذهبنا بالطائرة إلى الجزائر‬ ‫العاصم��ة ‪ ،‬انزلونا في ن��ادي الضباط ‪ ،‬وطلبوا‬ ‫منا عش��ية ذلك اليوم كتاب رس��الة إلى الرئيس‬ ‫هواري بو مدين ‪ ،‬وقد كتبت الرسالة وشرحت له‬ ‫الوضع وطلبت منه الحاقنا بالطيران الجزائري‬ ‫في مصر ‪ ،‬صب��اح األربعاء ‪ 13‬اكتوبر حضر‬ ‫ضباط من االس��تخبارات الجزائري��ة في لباس‬ ‫مدن��ي ‪ ،‬الخذ معلومات او بمعنى اصح للتحقيق‬ ‫! كان ال��ذي ق��ام بالتحقيق يتكل��م بلهجة عراقية‬ ‫‪ ،‬من��ذ اللحظات األولى بدأ الص��راع معهم ‪ ،‬لم‬ ‫نكن نتكلم لغة واحدة ‪ ،‬وال اعني باللغة هنا اللغة‬ ‫العربي��ة ‪ ،‬ولك��ن لغة المواق��ف ‪ ،‬كانو موظفين‬ ‫اتوا للتعامل معنا باإلسلوب التقليدي غير آخذين‬ ‫ف��ي اإلعتبار ‪ ،‬او غير مدركي��ن طبيعة الوضع‬ ‫من نحن ؟ ولماذا اتينا إلى الجزائر ؟ بد بأس��ئلة‬ ‫صدقني بد يس��أل عن الجيش الليبي ‪ ،‬تسليحه ‪،‬‬ ‫ع��ده ‪ ،‬تدريبه المدربون من اي دول !!! ما هذا‬ ‫‪ ،‬ه��ل نحن ف��ي الجزائر ام في بل��د عدو وتدور‬ ‫اس��ئلة اجهزته عن جيش كأنه جيش عدو وليس‬ ‫جيشا ً شقيقا ً وقفتبالده وشعبه إلى جانب الجزائر‬ ‫اثناء كفاحها ؟ لم احتمل الموقف ‪ ..‬نهضت واقفا ً‬ ‫قائالً ‪ :‬انتهت الجلسة ليس عندي ما اقوله ‪ ،‬حتى‬ ‫اسير الحرب يُسأل فقط عن اسمه ‪ ،‬رقمه وتبته ‪،‬‬

‫ونحن لسنا اسرى حرب لديكم ‪ ،‬لقد كتبت رسالة‬ ‫للرئيس ابو مدين رسالة شرحت له فيها الوضع‬ ‫وطلبت منه ما نريد ‪ ،‬لم نكن نرجو ‪ ..‬كنا نطلب‬ ‫ألي��س ب��و مدين ابن الث��ورة وقائد جيش��ها ؟ اال‬ ‫يعرف ما فعلته ليبيا وش��عب ليبيا ومصروشعب‬ ‫مص��ر من أجل ث��ورة الجزائر ؟ ب��و مدين ابن‬ ‫الث��ورة ال��ذي ارس��ل الطائرات للمس��اهمة في‬ ‫حماية سماء مصر سماء قاهرة المعز وازهرها‬ ‫الذين انش��اهما جوهر الصقل��ي القائد القادم من‬ ‫أعماق المغرب العربي هذا ارجل ال يتم توسّ��له‬ ‫ولك��ن يطلب من��ه ‪ ،‬فمثلما ف��رض عليه واجبه‬ ‫القومي ان يُرسل الطائرات إلى مصر ‪ ،‬بفرض‬ ‫عليه نف��س الواجب ان يُلحقن��ا بالجبهة ‪ ،‬فنحت‬ ‫أبناء أمه واحدة وليس الحد جميل في ان يساعد‬ ‫في س��د ثغرة فتحها الع��دو في خاصرانا ارفض‬ ‫االستمرار في الحديث معكم وافعلوا ما بد لكم ‪.‬‬ ‫• عاودنا الطلب أكثر من مرة دون جدوى‬ ‫بدأ االعتذار ‪ ،‬ققال��وا أننا فهمنا حديثهم وحملناه‬ ‫على محمل الخطأ ‪ ،‬فليبيا والجزائر شقيقتان ‪...‬‬ ‫إلى آخ��ر المعزوفة انتهى الحدي��ث من لحظاته‬ ‫األولى ول��م يعدا بعد ذلك عندم��ا فوجئا بموقفنا‬ ‫وبما نؤمن ‪ ،‬ولعلهم حملوا ما قلناه إلى رؤسائهم‬ ‫فطلبوا منهم عدم الرجوع إلينا ‪..‬‬ ‫بعد أس��بوع تقريبا ً من مكوثنا في نادي الضباط‬ ‫ت��م نقلنا إلى بيت ( فيال) ف��ي ضواحي الجزائر‬ ‫العاصم��ة ‪ ،‬كان��ت مملوك��ة الح��د المعمري��ن‬ ‫الفرنسيين واستعادتها حكومة الثورة ‪.‬‬ ‫انتظرن��ا من الجزائرين ر ّدا على طلبنا ‪ ،‬عاودنا‬ ‫الطلب أكثر من مرة دون جدوى ‪ ،‬كانت اإلجابة‬ ‫ان مص��ر لن تحارب مرة اخ��رى بعد هزيمتها‬ ‫الم��رّة ‪ ،‬وان من س��يحرر القدس ه��ي الجزائر‬ ‫عندما تس��تقر أمورها ويش��تد عودها ‪ ،‬واننا في‬ ‫وطنن��ا الثاني ونس��تطيع المس��اهمة في نهضته‬ ‫بتدري��س اللغ��ة العربية في مدارس��ه !! ِه ُز ْ‬ ‫لت‬ ‫حت��ى ب��ان عظمه��ا ! – يطلب منا ف��ي جزاتر‬

‫الث��ورة ‪ ،‬او م��ا تبقى منه ‪ ،‬يطلب منا اس��تبدال‬ ‫قطع��ة الطباش��ير التي تس��تعمل ف��ي المدارس‬ ‫بالسالح ‪ ..‬ال ايها السادة !‬ ‫ليس من اجل هذا اتينا ‪ ،‬لسنا هاربون من وطننا‬ ‫الرت��كاب جريمة مخل��ة بالش��رف او بالواحب‬ ‫تجعلنا خائفون من الرجوع إليه لنموت في تراب‬ ‫الس��جن او نعُدم كم��ا قلت في ذل��ك اإلجتماع ‪،‬‬ ‫اُف ّ‬ ‫ض ُل ان أموت في سجن ليبي على ان أبقى في‬ ‫الجزائر ( حرّا ) تحمل يدي قطعة طباش��ير بدل‬ ‫قطعة س�لاح لقتال العدو ‪ ،‬مع ادراكي وتسليمي‬ ‫ان قطعة الطباش��ير لها دور ف��ي االعداد للقتال‬ ‫ببث الوعي ونش��ر العلم وارشاد الشباب ‪ ،‬ولكن‬ ‫ل��كل ميدان رجالُه ولس��ت من الذين يحش��رون‬ ‫انفس��هم بين اربعة جدران ويدي��ه يغطيها غبار‬ ‫الطباش��ير ‪ ،‬ان��ا الذي تع��وّد على الس��باحة في‬ ‫الفضاء المفتوح ‪ ،‬الذي يُحّس فيه الطيار المقاتل‬ ‫ان��ه نصف اله ‪ ،‬يط�� ّل من األعال��ي ‪ ،‬يراقب ‪،‬‬ ‫يح��رس ويقاتل من أج��ل الذين يس��يرون على‬ ‫أقدامهم ‪ ،‬ولو كان بن بلّه في الس��لطة لما عُملنا‬ ‫على هذه الشاكلة ‪.‬‬ ‫• ( من سخريات القدر ان هذا الرافض يُحصر‬ ‫بين جدار ‪ ،‬قضى ثلث عمره سجينا ً بين اربعة‬ ‫جدران !!! )‬ ‫اتصلنا بالمصريين بعد أن يئسنا من الجزائريين‬ ‫ذهبنا إلى الس��فارة المصرية ‪ ،‬حولتنا الس��فارة‬ ‫على ملحقهم العسكري الن ذلك من اختصاصه‬ ‫‪ ،‬كان مكتب الملحق العس��كري في بناية اخرى‬ ‫خارج الس��فارة ‪ ..‬ذهبنا إلي��ه ‪ ،‬كان برتبة عقيد‬ ‫‪ ،‬اس��مه ش��وقي مصطفى ان لم تخني الذاكرة ‪،‬‬ ‫وكان قائداً للصاعقة قبل ان يُعين ملحقا ً عسكريا ً‬ ‫في الجزائر اس��تقبلنا بترحاب ‪ ،‬قال أنه كان في‬ ‫انتظارن��ا منذ عل��م بوصولنا إل��ى الجزائرطلبنا‬ ‫من��ه ابالغ القاهرة برغبتنا في االلتحاق بالجبهة‬ ‫وتزويدنا بجوازات سفر ألن جوازاتنا احتجزها‬ ‫الجزائري��ون ‪ ،‬ق��ام باإلتص��ال ‪ ،‬وطل��ب من��ا‬ ‫الرج��وع بعد ثالثة أيام ‪ ،‬لك��ن الجزائريين عند‬ ‫ااالتصال بهم لتس��هيل أم��ر خروجنا إلى مصر‬ ‫رفضوا !! ‪.‬‬ ‫مضى على وجودنا في الجزائر ش��هران تقريبا ً‬ ‫ينقصه��ا اس��بوع ‪ ،‬كنا في بداية االس��بوع الول‬ ‫م��ن ش��هر ديس��مبر ‪ ، 67‬رجعنا إل��ى البيت ‪،‬‬ ‫ناقش��نا االمر واس��تقر القرار على الرجوع إلى‬ ‫ليبي��ا ‪ ،‬صباح اليوم التال��ي وكان الجمعة الثالث‬ ‫م��ن ديس��مبر ‪ 67‬ذهبنا إل��ى الس��فارة الليبية ‪،‬‬ ‫كان الس��فير الس��يد ش��مس الدين عرابي وكان‬ ‫القنص��ل األخ رج��ب الزروق وه��و زميل قديم‬ ‫أيام الدراسة في الجامعة ‪ ،‬انزلنا السفير في بيته‬ ‫ولم ينزلنا في فندق حرص على سالمتنا كما قال‬ ‫ت��م االتصال بالجزائريين للس��ماح لنا بالخروج‬ ‫للرجوع ‪.‬‬ ‫إل��ى ليبي��ا ‪ ،‬ج��اء الرد بع��د أربعة أي��ام ‪ ،‬وبعد‬ ‫ظهر األربعاء ‪ 8‬ديس��مبر ‪ 67‬رجعنا إلى ليبيا ‪،‬‬ ‫اس��تقبلنا في مطار طرابلس ‪ ،‬الرائد نصر الدين‬ ‫هامان آمر االس��تخبارات العسكرية ‪ ،‬اصطحبنا‬ ‫إلى معس��كر العزيزية حيث تم اعتقالنا ‪ُ ،‬شكلت‬

‫رسالة من الطيار مفتاح الشارف بشأن حرب ‪ 1967‬وذهابه إىل اجلزائر‬ ‫لاللتحاق باجلبهة يف مصر‪.‬‬ ‫هل املقولة اليت تقول ان الثورات تأكل ابناءها صحيحة ؟ ‪.‬‬ ‫وأشرفت مع العريف مفتاح الذي أرجو ان يكون الزال على قيد احلياة فقد‬ ‫مضى على تلك احلادثة اكثر من اربعني سنة‪.‬‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫وثيقة ‪2‬‬

‫كيف متكنت من اهلبوط على الرمال بطائرة مقاتلة نفاثة‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬خذني معك ! فوجئت بقدر ما فرحت‬ ‫ُ‬ ‫صعدت‬ ‫كان اإلجتماع يوم السبت ‪ 9‬اكتوبر ‪ ، 1967‬بعد ظهر ذلك اليوم‬ ‫أىل حجرتي وكنت قد عقدت العزم على الرحيل ‪....‬‬ ‫محكمة عسكرية برئاسة العقيد عبد هللا سويسي‬ ‫‪ ،‬ومثّل االدعاء العقيد صالح الصبيحي ‪ ،‬وتولى‬ ‫الدفاع ابراهيم الغويل ‪.‬‬ ‫لم تفتتح المحكمة جلساتها إال بعد ستة أشهر من‬ ‫رجوعنا من الجزائر الس��باب لي��س هنا مجال‬ ‫الخ��وض فيها ( كا وزي��ر العدل في ذلك الوقت‬ ‫عبد الحميد البكوش دور في ذلك ) صدر الحكم‬ ‫بست سنوات سجن ( ممثل االدعاء طلب المؤبد‬ ‫اوالً ثم اإلعدام بعد استمرار المحاكمة !‬ ‫بقينا في الس��جن قرابة السنتين حتى قيام الثورة‬ ‫ُ‬ ‫قدم��ت اس��تقالتي إلى‬ ‫‪ ،‬خرجن��ا من الس��جن ‪،‬‬ ‫آمر الس�لاح المقدم اله��ادي ‪ ،‬كذلك فعل ضابط‬

‫هنا ؟ قل��ت ‪ :‬قالوا ان هناك مؤامرة وأن ( فالن‬ ‫ذكر اس��مي ) رد الشاعري قائالً ‪ :‬لعنة هللا عليه‬ ‫هذا ام��ر غريب ‪ ،‬قلت ‪ :‬وما وج��ه الغرابة في‬ ‫ذلك ؟ قال ‪ :‬النه منذ ايام قليلة ‪ ،‬وكنا في اجتماع‬ ‫في وزراة الداخلية ( وذكر ثالثة أس��ماء ‪ ،‬كلهم‬ ‫اآلن في ذمة الموت )‬ ‫وس��ألني ( فالن ) هذا الذي ذكره ال ضمك إلى‬ ‫المؤامرة فقلت له ‪ :‬ان مفتاح خرج من الس��حن‬ ‫ُفض ْ‬ ‫��ت ‪ ،‬وهو ال يؤمن‬ ‫قريبا ً ‪ ،‬قدم اس��تقالته ور ِ‬ ‫باالنقالبات العس��كرية – قلت للش��اعري ‪ :‬هل‬ ‫استطيع ان أقول هذا في التحقيق ‪ ،‬فانا لم يحقق‬ ‫معي بعد ‪ ،‬قال الشاعري ‪ :‬لقد سألني عنك حسن‬

‫مفتاح الشارف وعلي الالفي والسنوسي حبيب‬

‫آخر هو عطية المنصوري رفض آمر الس�لاح‬ ‫االس��تقالة ثم اقحامي في قضي��ة ال ناقة لي فيها‬ ‫وال جمل القضية ‪ 69 / 1‬تم اعتقالي من سخرية‬ ‫القدر ايضا ً انني دخلت المعتقل يوم ‪ 8‬ديس��مير‬ ‫‪ ، 69‬مث��ل ما دخلت��ه اول مرة يوم ‪ 8‬ديس��مبر‬ ‫‪. 67‬‬ ‫• كان االعتقال يوم ‪ 8‬ديسمبر ‪ 27‬رمضان ‪.‬‬ ‫ثان��ي اي��ام العي��د جاء إل��ى المعتقل من س�لاح‬ ‫الطي��ران ‪ :‬محمد الصابر الش��اعري ( ال يزال‬ ‫عل��ى قيد الحياة ) رآني ‪ ،‬قال مفتاح ‪ ،‬ماذا تفعل‬

‫بن يونس أثناء التحقيق معي ‪ ،‬فقلت له أنك لست‬ ‫معنا ‪.‬‬ ‫حقق معي بعد ذلك الس��يد حس��ن ب��ن يونس لم‬ ‫يجد ما يدينني فت��رك امري للمحكمة انا وثالثة‬ ‫آخرون ‪.‬‬ ‫المحكمة األولى كانت برئاسة الرائد محمد نجم‬ ‫عض��و مجلس قيادة الثورة في ذلك الوقت ومثّل‬ ‫االدعاء حس��ن بن يونس ‪ ،‬والمحامي مصطفى‬ ‫الش��يباني ‪ ،‬لم تج��د المحكمة م��ا يدينني ‪ ،‬كنت‬ ‫الوحي��د الذي حُكم س��نة حبس ووليس س��جن (‬

‫وكان قد مضى على وجودي في المعتقل س��بعة‬ ‫اش��هر ) ُش��كلت محكمة ثانية بع��د الغاء احكام‬ ‫المحكم��ة األولى ‪ ،‬رأس هذه المحكمة س��ليمان‬ ‫ش��عيب ‪ ،‬وتولى االدعاء عبد الفتاح يونس ‪ ،‬في‬ ‫هذه المحكمة ‪ُ ،‬وجّهت لي تهمة علم وعدم تبليغ‬ ‫ولي��س تأمر ) حضر في هذه المحكمة كش��هود‬ ‫وآلول مرة اعضاء من مجلس قيادة الثورة منهم‬ ‫الرائد في ذلك الوقت مصظفى الخروبي – منهم‬ ‫الرائد مصطفى في اداء ش��هادته طلب من عبد‬ ‫الفت��اح يونس ‪ ،‬ترك كرس��ي اإلدعاء ‪ ،‬وجلس‬ ‫عليه ثم استعرض المتهمين واحداً واحداً ‪ ،‬حتى‬ ‫وصل الي وكنت األخير ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬مفتاح ُذكر اس��مه ‪ ،‬ولك��ن يعلم هللا اننا لم‬ ‫نجد عليه ش��يئا صدر الحكم ثالثة عش��رة س��نة‬ ‫ه��ذه المرة ! قضيت في الس��جن ثماني عش��رة‬ ‫س��نة وثالثة اش��هر بدل الثالث عشرة سنة التي‬ ‫حُكمن بها فإذا كانت س��نة السجن تُحسب بتسعة‬ ‫اش��هر لحسن السيرة والسلوك ‪ ،‬وقد ُ‬ ‫كنت كذلك‬ ‫فمعنى ذلك انني قضيت في السجن ثمان سنوات‬ ‫ونصف زيادة على المدة التي حُكمن بها هذا اذا‬ ‫افترضنا جدالً انني متآمر حقيقة وانني اس��تحق‬ ‫هذا الحكم ‪.‬‬ ‫يبقى السؤال الكبير معلقا ً ‪ :‬لماذا ‪ ...‬لماذا ؟؟‬ ‫• ه����ل المقول����ة التي تقول ان الث����ورات تأكل‬ ‫ابناءها صحيحة ؟‬ ‫يب��دو وان االم��ر كذل��ك ( الّلي إِضْ ِربْ بش��ئْ‬ ‫صادرة )‬ ‫انا اآلن على ابواب الثالثة والسبعين من العمر ‪،‬‬ ‫والمرض كما سبق القول ينهش ما تبقى من هذا‬ ‫العمر ‪ ،‬احاول ما ساكنية ببعض حبوب ودواء ‪.‬‬ ‫لق��د حطت عصاها واس��تقرت بعد طول رحيل‬ ‫وآن لها ان تستريح اذا كانت للراحة من سبيل ‪..‬‬ ‫والسالم عليكم‬ ‫مفتاح حمد الشارف‬ ‫طيار سابق‬ ‫االثنين ‪ 14‬ديسمبر ‪2009‬‬

‫‪07‬‬


‫‪08‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫وثيقة‬

‫مقرتح بقانون تنظيم عمل األحزاب السياسية‬ ‫مطروح للحوار على املهتمني بالعمل السياسي يف ليبيا اجلديدة‬ ‫على تجنسه عشر سنوات على األقل‪.‬‬ ‫سياسي‪.‬‬ ‫‌ب‪‌-‬متما ً ‪ 21‬عاما ً من العمر‪.‬‬ ‫المادة (‪)9‬‬ ‫‌ج‪‌-‬مقيما ً عادة في ليبيا‪.‬‬ ‫يحظر على الحزب ما يلي‪:‬‬ ‫أ‌‪ -‬إقامة تشكيالت عسكرية أو شبه عسكرية أو ‌د‪‌-‬متمتعا ً بحقوقه المدنية والسياسية‪.‬‬ ‫‌هـ ‪‌-‬غير منتسب لحزب سياسي آخر‪.‬‬ ‫المساعدة في إقامتها‪.‬‬ ‫ب‌‪ -‬استخدام العنف بكل أشكاله أو التهديد به أو ‪.2‬يتق��دم الح��زب الراغب ف��ي الحصول على‬ ‫التصريح القانوني بممارس��ة العمل السياس��ي‬ ‫التحريض عليه‪.‬‬ ‫ت‌‪ -‬أن تتضمن برامجه أو نشراته أو مطبوعاته بطلب إلى الدائرة المختصة‪ ،‬يتضمن ما يلي‪:‬‬ ‫‌أ‪ -‬طلب تسجيل موقع من رئيس الحزب‪.‬‬ ‫ما يحرض على العنف‪.‬‬ ‫‌ب‪ -‬قائمة بأس��ماء المؤسس��ين وأرقام هوياتهم‬ ‫الجهة المختصة بتسجيل األحزاب السياسية‬ ‫الشخصية‪.‬‬ ‫مادة (‪)10‬‬

‫المادة (‪)1‬‬ ‫للمواطني��ن الليبيي��ن ح��ق تأس��يس األح��زاب‬ ‫السياس��ية واالنتس��اب إليه��ا وفقا ً ألح��كام هذا‬ ‫القان��ون‪ .‬وال يجوز للمواط��ن أن يكون عضواً‬ ‫في أكثر من حزب في الوقت ذاته‪.‬‬ ‫المادة (‪)2‬‬ ‫الح��زب ه��و كل تنظي��م سياس��ي‪ ،‬يتأل��ف من‬ ‫جماعة من الليبيين‪ ،‬يؤس��س وفق��ا ً ألحكام هذا‬ ‫القانون‪ ،‬بهدف المساهمة‬ ‫في الحياة السياس��ية‪ ،‬ويعمل بالوسائل السلمية‬ ‫والديمقراطية‪ ،‬بقصد تداول السلطة والمشاركة‬ ‫في مسؤوليات‬ ‫الحكم‪.‬‬ ‫المادة (‪)3‬‬ ‫تس��هم األحزاب السياس��ية ف��ي تحقي��ق التقدم‬ ‫السياس��ي واالجتماعي واالقتص��ادي والثقافي‬ ‫باعتبارها تنظيمات سياس��ية شعبية ديمقراطية‬ ‫تعمل على تنظيم وتوعي��ة المواطنين وتمثيلهم‬ ‫سياسيا‪.‬‬ ‫المادة (‪)4‬‬ ‫يش��ترط فيمن يعد عضواً في حزب سياسي ما‬ ‫يلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬أن يكون ليبياً‪ ،‬وإذا كان متجنس��ا ً بالجنسية‬‫الليبي��ة وجب أن يكون قد مضى على اكتس��ابه‬ ‫إياها عشر سنوات على األقل‪.‬‬ ‫‪ .2‬أال يقل عمره عن ‪ 18‬سنة ميالدية‪.‬‬‫‪ .3‬أال يك��ون قد صدر في حق��ه حكم قضائي‬‫بحرمانه من العمل السياس��ي أو بجريمة مخلة‬ ‫بالش��رف أو األمان��ة م��ا ل��م يكن ق��د رد إليه‬ ‫اعتباره ‪.‬‬ ‫‪ .4‬انتفاء أية موانع ينص عليها هذا القانون أو‬‫غيره من القوانين‪.‬‬ ‫المادة (‪)5‬‬ ‫يحظ��ر عل��ى العاملي��ن ف��ي القوات المس��لحة‬ ‫وأجه��زة األم��ن المختلف��ة والس��لك القضائي‬ ‫االنتماء إلى حزب سياس��ي‪ ،‬م��ا داموا عاملين‬ ‫فيها‪ .‬ويحق لهم ذلك إذا ما استقالوا من الوظيفة‬ ‫أو أحيلوا إلى التقاعد‪.‬‬ ‫المادة (‪)6‬‬ ‫جميع األحزاب متساوية أمام القانون‪ ،‬وتتأسس‬ ‫وتدير نش��اطاتها بشكل علني‪ ،‬ويضمن القانون‬ ‫حماية الحزب وشرعيته‪.‬‬ ‫المادة (‪)7‬‬ ‫يم��ارس الح��زب نش��اطه بالوس��ائل الس��لمية‬ ‫والديمقراطي��ة لتحقيق برامج مح��ددة ومعلنة‪،‬‬ ‫تتعل��ق بالش��ؤون السياس��ية واالقتصادي��ة تنش��أ دائرة تتبع المحكمة العليا‪ ،‬تس��مى (دائرة ‌ج‪ -‬النظام األساسي للحزب‪.‬‬ ‫‌د‪ -‬العنوان القانوني للحزب‪.‬‬ ‫واالجتماعي��ة والثقافي��ة‪ ،‬بهدف المش��اركة في األحزاب السياسية) تختص بما يلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬النظ��ر ف��ي طلب��ات تس��جيل األح��زاب‪‌ ،‬ه��ـ ‪ -‬عينات م��ن الش��عارات والرم��وز التي‬‫السلطة وفقا ً لقانون االنتخابات العامة‪.‬‬ ‫وفح��ص وثائقه��ا‪ ،‬للتأك��د م��ن خلوه��ا مما قد يستخدمها الحزب‪.‬‬ ‫المادة (‪)8‬‬ ‫مادة (‪)12‬‬ ‫يش��ترط للتصريح للحزب بممارسة نشاطه ما يخالف الش��روط المنصوص عليه��ا في المادة‬ ‫يج��ب أن يتضمن النظام األساس��ي للحزب ما‬ ‫(‪ )8‬من هذا القانون‪.‬‬ ‫يلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬أال تتع��ارض مبادئ��ه وأهداف��ه وبرامج��ه ‪ .2-‬إصدار التصري��ح القانوني لألحزاب التي يلي‪:‬‬‫‪ .1‬االس��م الكامل للحزب (واالس��م المختصر‬‫ووسائله مع المبادئ الثابتة في دستور الدولة‪ .‬يتم الموافقة على تسجيلها‪.‬‬ ‫‪ .2‬أال يق��ل ع��دد األعض��اء المؤسس��ين عن ‪ .3-‬إدارة الدع��م المالي الذي يقرره التش��ريع إن وجد)‪ ،‬ووصف شعاراته ورموزه‪.‬‬‫‪ .2‬العنوان القانوني‪.‬‬‫لألحزاب السياسية‪.‬‬ ‫(‪ )100‬عضو‪.‬‬ ‫‪ .3‬األه��داف الت��ي يس��عى الح��زب لتحقيقها‬‫‪ .3‬عالنية مبادئه وأهدافه ووس��ائله ومصادر تسجيل الحزب‬‫ووسائله لذلك‪.‬‬ ‫مادة (‪)11‬‬ ‫تمويله‪.‬‬ ‫‪ .4‬ع��دم قيامه على أس��اس قبلي أو جهوي أو ‪.1‬يقدم طلب تأس��يس الحزب إلى الدائرة موقعا ً ‪ .4-‬ش��روط اكتس��اب العضوي��ة ف��ي الحزب‬‫عليه من ‪ /50/‬عضواً من أعضائه المؤسس��ين وفقدانها وإسقاطها وحاالت االنسحاب التلقائي‪.‬‬ ‫عرقي أو لغوي ‪.‬‬ ‫‪ .5‬حقوق عضو الحزب وواجباته‪.‬‬‫‪ .5‬أال يك��ون امتداداً أو فرعا ً لحزب سياس��ي ممن تتوفر فيهم الشروط اآلتية ‪:‬‬‫‌أ‪-‬أن يك��ون العضو المؤس��س ليبي��اً‪ ،‬وإذا كان ‪ .6-‬بناء الحزب أو هيكله التنظيمي‪.‬‬ ‫أجنبي‪ ،‬أو مرتبطا ً به تنظيمياً‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ .6-‬أن يك��ون ل��ه نظام داخل��ي وبرنامج عمل متجنس��ا بالجنسية الليبية ينبغي أن يكون قد مر ‪ .7-‬آلي��ات انتخاب أو تش��كيل الهيئات القيادية‬

‫وصالحياتها ومتابعة أعمالها ومحاسبتها‪.‬‬ ‫‪ .8‬قائمة بأعضاء الهيئات القيادية‪.‬‬‫‪ .9‬مصادر التمويل وطرق الصرف المالي‪.‬‬‫‪ .10‬آليات الرقابة الداخلية في الحزب‪.‬‬‫‪ .11‬إجراءات تعديل النظام األساسي‪.‬‬‫‪ .12‬أحكام وقف نشاط الحزب وإعادة تنظيمه‬‫أو إنهاء عمله‪.‬‬ ‫‪ .13‬أي��ة أح��كام وتعليم��ات أخ��رى بم��ا ال‬‫يتعارض مع أحكام هذا القانون‪.‬‬ ‫مادة (‪)13‬‬ ‫‪ .1‬يجب أالّ يتش��ابه اس��م الحزب أو شعاراته‬‫ورموزه مع اس��م وش��عارات أو رموز حزب‬ ‫آخر مس��جل‪ ،‬أو ح��زب لم يمض عل��ى إنهاء‬ ‫عمله ثالث سنوات‪.‬‬ ‫‪ .2‬يمن��ع اس��تخدام رموز وش��عارات الحزب‬‫بدون إذن منه‪.‬‬ ‫مادة (‪)14‬‬ ‫‪ .1‬تقرر دائرة األحزاب السياس��ية بالمحكمة‬‫العليا الموافقة على تس��جيل الحزب بعد فحص‬ ‫وثائقه والتأكد من عدم تضمنها ما يمنع من ذلك‬ ‫وف��ق ما تنص عليه المادت��ان (‪ )9 ، 8‬من هذا‬ ‫القان��ون‪ ،‬وتبلغ بالقرار الهيئة طالبة التس��جيل‬ ‫خالل (‪ )60‬يوما ً من تاريخ تقديم الطلب‪ .‬ويعد‬ ‫عدم البت بالطلب بانتهاء المدة المذكورة بمثابة‬ ‫الموافقة على التأسيس‪.‬‬ ‫‪ .2‬تس��لم الدائرة للهيئة القيادية للحزب شهادة‬‫رس��مية بتس��جيله‪ ،‬تخوّل��ه ممارس��ة العم��ل‬ ‫السياسي العلني لتحقيق أهدافه التي ينص عليها‬ ‫نظامه األساس��ي‪ ،‬وبم��ا ال يتعارض مع أحكام‬ ‫هذا القانون‪.‬‬ ‫‪ .3‬في حالة رفض تس��جيل الحزب تبلغ دائرة‬‫األح��زاب الهيئ��ة طالب��ة التس��جيل بالرف��ض‬ ‫بموجب كتاب‪ ،‬توضح فيه أسباب الرفض‪ ،‬في‬ ‫غضون ‪ 7‬أيام من اتخاذ القرار‪.‬‬ ‫‪ .4‬يح��ق للح��زب الطع��ن ف��ي ق��رار رفض‬‫التس��جيل‪ ،‬لدى هيئة قضائية تش��كلها المحكمة‬ ‫العليا‪ ،‬خالل شهر من صدوره‪ ،‬وعلى المحكمة‬ ‫أن تب��ت في الطعن بحك��م قضائي خالل (‪)60‬‬ ‫يوماً‪.‬‬ ‫المادة (‪)15‬‬ ‫‪ .1‬يجب على الح��زب تزويد دائرة األحزاب‬‫بأية تعديالت يجريها على نظامه األساسي في‬ ‫غضون عشرة أيام بعد إنهاء التعديل‪.‬‬ ‫‪ .2‬يس��تمر العمل بالنظام األساسي القديم حتى‬‫يتم اعتماد التعديالت‪.‬‬ ‫المادة (‪)16‬‬ ‫أ‌‪ -‬يتمت��ع الح��زب بالش��خصية االعتباري��ة‬ ‫ويمارس نش��اطه السياس��ي‪ ،‬وذلك اعتباراً من‬ ‫اليوم التالي لـ ‪:‬‬ ‫‪ .1‬ص��دور ق��رار اللجن��ة بالموافق��ة عل��ى‬‫التأسيس‪.‬‬ ‫‪ .2‬انقض��اء مدة ال��ـ (‪ )60‬يوم��ا ً المنصوص‬‫عليها في المادة (‪ 14‬فقرة ‪.)1‬‬ ‫‪ .3‬صدور الحكم القضائي من المحكمة بإلغاء‬‫قرار رفض التسجيل‪.‬‬ ‫ب‌‪ -‬تنش��ر الوثائق المتعلقة بتأسيس الحزب في‬ ‫الجريدة الرسمية‪.‬‬ ‫الموارد واألحكام المالية‬ ‫المادة (‪)17‬‬ ‫تتكون موارد الحزب مما يلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬اشتراكات أعضائه‪.‬‬‫‪ .2-‬اإلعانات المخصصة من الدولة‪.‬‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫وثيقة‬ ‫‪ .3‬حصيلة عائد اس��تثمار أمواله في المج��االت غير التجارية‬‫التي يحددها نظامه األساس��ي‪ ،‬وال يعد من األوجه التجارية في‬ ‫حكم هذه الفقرة اس��تثمار أموال الحزب ف��ي إصدار صحف أو‬ ‫اس��تثمار دور النش��ر والطباعة إذا كان هدفه��ا خدمة أغراض‬ ‫الحزب‪.‬‬ ‫‪ .4‬الهبات والتبرعات غير المشروطة‪.‬‬‫مادة (‪)18‬‬ ‫يجب أن تؤسس األحزاب السياسية وتدار أمورها بأموال وطنية‬ ‫دون سواها‪ ،‬لذلك يحظر على األحزاب قبول أموال أو مواد من‬ ‫المصادر اآلتية ‪:‬‬ ‫‪ .1‬أي جه��ة غي��ر ليبي��ة‪ :‬حكومة‪ ،‬كيانات سياس��ية‪ ،‬جمعيات‬‫أهلية‪ ،‬أفراد‪ ،‬شركات‪.‬‬ ‫‪ .2‬ليبيين مقيمين في الخارج غير منتمين رس��ميا ً إلى فرع من‬‫فروع الحزب‪.‬‬ ‫‪ .3‬أية جهة ليبية حكومية ما عدا التي يسمح بها القانون‪.‬‬‫‪ .4‬أية ش��ركات أو مش��روعات تؤول ملكيتها‪ ،‬كليا ً أو جزئياً‪،‬‬‫للسلطة التنفيذية (الحكومة)‪.‬‬ ‫مادة (‪)19‬‬ ‫تنش��أ في دائرة األحزاب السياس��ية(لجنة للمراقب��ة والمراجعة‬ ‫المالي��ة)‪ ،‬تخت��ص بمراجع��ة حس��ابات األح��زاب‪ ،‬والتأكد من‬ ‫التزامها بالش��روط المنص��وص عليها في ه��ذا القانون‪ ،‬وعلى‬ ‫الحزب إتاحة س��جالته المالي��ة للمندوبين الذي��ن تكلفهم الدائرة‬ ‫بأعمال المراجعة المالية‪.‬‬ ‫مادة (‪)20‬‬ ‫الحزب الذي يستلم أمواالً أو مواد بالمخالفة للمادتين (‪)18 ،17‬‬ ‫م��ن هذا القانون يعرض نفس��ه للمس��اءلة أمام دائ��رة األحزاب‬ ‫السياسية‪ ،‬وللجزاءات التي ينص عليها القانون‪.‬‬ ‫مادة (‪)21‬‬ ‫‪ .1‬تدع��م الدول��ة األحزاب السياس��ية‪ ،‬المرخص له��ا بمزاولة‬‫النشاط السياسي‪ ،‬طبقا ً ألحكام هذا القانون‪ ،‬وفقا ً لآلتي‪:‬‬ ‫أ‌‪ % -50‬من الدعم توزع على كافة األحزاب السياسية المسجلة‬ ‫وفقا ألحكام هذا القانون بالتساوي‪.‬‬ ‫ب‌ـ ‪ % 50‬الباقية توزع على األحزاب السياس��ية المسجلة وفقا ً‬ ‫ألحكام هذا القانون بحسب النسبة التي يحصل عليها الحزب من‬ ‫أصوات الناخبين‪.‬‬ ‫‪ .2‬ال يس��تحق الحزب نصيبه من الدعم المنصوص عليه في‬‫الفق��رة (ب) من ه��ذه المادة إذا لم يحصل على نس��بة ‪ % 3‬من‬ ‫أصوات الناخبين على األقل‪.‬‬

‫‪.3‬يرصد في الميزانية العامة للدولة المبلغ اإلجمالي المخصص‬‫لدعم األحزاب السياسية‪.‬‬ ‫‪ .4‬تح��دد الالئحة التنفيذية له��ذا القانون آليات ومواعيد وطرق‬‫صرف الدعم المقرر لألحزاب وكل ما يتعلق به من أحكام‪.‬‬ ‫المادة (‪)22‬‬ ‫رئيس الحزب ه��و الذي يمثله أمام القضاء وأمام جميع الجهات‬ ‫الحكومي��ة وغير الحكومية وفي مواجه��ة الغير‪ ،‬وهو المتحدث‬

‫الرس��مي باس��مه‪ ،‬وله أن يعين من يختاره م��ن أعضاء الحزب‬ ‫متحدثا ً رسميا ً للحزب بدالً عنه‪.‬‬ ‫المادة (‪)23‬‬ ‫توقف اإلعانة المقدمة من الدولة ألي حزب في أي من الحاالت‬ ‫اآلتية‪:‬‬ ‫‪ .1‬إذا صدر حكم قضائي من المحكمة بوقف نشاطه‪.‬‬‫‪.2‬ع��دم تقدي��م الح��زب تقريره الس��نوي عن حس��ابه الختامي‬‫المتضمن م��وارده ومصروفاته إلى لجن��ة المراقبة والمراجعة‬ ‫المالية المنصوص عليها في المادة (‪ )19‬من هذا القانون‪.‬‬ ‫‪‌.3‬إذا أوقف الحزب نشاطه اختيارياً‪.‬‬‫المادة (‪)24‬‬ ‫‪.1‬ال يجوز صرف أموال الحزب إال على األنش��طة التي تحقق‬‫أهدافه‪ ،‬طبقا ً للقواعد واإلجراءات التي يتضمنها نظامه الداخلي‪.‬‬ ‫‪.2‬يجب أن يودع الحزب أمواله في أحد المصارف الليبية‪.‬‬‫‪.3‬عل��ى الح��زب أن يمس��ك دفاتر منتظمة للحس��ابات تتضمن‬‫إيرادات��ه ومصروفات��ه‪ ،‬طبق��ا ً للقواع��د الت��ي تحدده��ا الالئحة‬ ‫التنفيذية ونظامه الداخلي‪.‬‬ ‫‪ .4‬عل��ى الحزب أن يرفع تقريراً س��نويا ً عن حس��ابه الختامي‬‫إلى الدائرة‪.‬‬ ‫المادة (‪)25‬‬ ‫‪.1‬للدائ��رة‪ ،‬بعد اطالعها على التقرير الس��نوي عن الحس��اب‬‫الختام��ي للحزب‪ ،‬القيام بالمراجعة والتفتيش على دفاتر الحزب‬ ‫ومس��تنداته وإيرادات��ه ومصروفات��ه‪ ،‬للتحق��ق من مش��روعية‬ ‫اإليرادات وأوجه الصرف‪.‬‬ ‫‪.2‬تعي��ن الدائ��رة محاس��با ً قانوني��ا ً للقي��ام بأعم��ال المراجع��ة‬‫والتفتي��ش‪ ،‬عل��ى أن تقدم صورة من تقرير المحاس��ب القانوني‬ ‫إلى الحزب المعني‪.‬‬ ‫‪.3‬على الدائرة والمحاسب القانوني المحافظة على سرية النتائج‬‫الت��ي يتم التوصل إليها‪ ،‬إال في حالة اكتش��اف مخالفة تس��تدعي‬ ‫العرض على المحكمة وفقا ً لهذا القانون‪.‬‬ ‫المادة (‪)26‬‬ ‫على الحزب أن يتقدم بكشف سنوي يتضمن كافة ممتلكاته‪ ،‬ويتم‬ ‫قيد هذه الممتلكات في سجل تمسكه اللجنة المختصة‪.‬‬ ‫المادة (‪)27‬‬ ‫تعد أموال الح��زب في حكم األموال العامة‪ ،‬في معرض تطبيق‬ ‫أحكام قانون العقوب��ات والقوانين النافذة‪ ،‬كما يعد القائمون على‬ ‫ش��ؤون الحزب والعاملون فيه في حكم الموظفين العموميين في‬ ‫معرض تطبيق أحكام هذه المادة‪.‬‬ ‫الحقوق والواجبات‬ ‫المادة (‪)28‬‬ ‫تعف��ى المقار والمنش��آت المملوك��ة للحزب وأموال��ه من جميع‬ ‫الضرائب والرسوم‪.‬‬ ‫المادة (‪)29‬‬ ‫تع��د مق��رات الح��زب ووثائقه ومراس�لاته ووس��ائل اتصاالته‬ ‫مصانة مع مراعاة اآلتي‪:‬‬ ‫‪.1‬ال يجوز مراقبتها أو تفتيشها أو مصادرتها إال بقرار قضائي‪.‬‬‫‪.2‬يجوز‪ ،‬في حالة الجرم المشهود‪ ،‬تفتيش مقرات الحزب بإذن‬‫من رئيس النيابة المختصة وحضور ممثل عن الحزب المعني‪،‬‬ ‫ف��إذا رفض األخي��ر‪ ،‬يثبت ذل��ك بمحض��ر‪ ،‬ويُج�� َرى التفتيش‬ ‫بحضور شاهدين اثنين‪.‬‬ ‫‪ .3‬يترت��ب عل��ى مخالفة أحكام هذه الم��ادة بطالن التفتيش وما‬‫استتبعه من مسؤولية مدنية وجزائية‪.‬‬ ‫‪.4‬يج��ب عل��ى النيابة العام��ة إخط��ار اللجنة بم��ا اتخذته من‬‫إجراءات في مقرات الحزب خالل (‪ )48‬ساعة‪.‬‬ ‫المادة (‪)30‬‬ ‫للحزب الحق في امتالك وس��ائل إع�لام خاصة به‪ ،‬للتعبير عن‬ ‫آرائه ومواقفه‪ ،‬وتحقيق أهدافه‪ ،‬وفقا ً للدس��تور والقوانين النافذة‪.‬‬ ‫ول��ه الحق في حصة متس��اوية مع س��ائر األح��زاب العاملة في‬ ‫اس��تخدام وس��ائل اإلع�لام المملوك��ة للمجتمع‪ .‬وتبي��ن الالئحة‬ ‫التنفيذية القواعد المنظمة لذلك ‪.‬‬ ‫أحكام عامة‬ ‫المادة (‪)31‬‬ ‫يجب على الحزب إبالغ رئيس الدائرة بكتاب مسجّل بأي قرار‬ ‫يص��دره الح��زب يتعلق بتغيير رئيس��ه أو حل��ه أو انضمامه أو‬ ‫اندماجه أو أي تعديل في نظامه الداخلي‪ ،‬وذلك خالل (‪ )10‬أيام‬ ‫من تاريخ صدور القرار‪.‬‬ ‫المادة (‪)32‬‬ ‫يعد الحزب منحالً في إحدى الحاالت اآلتية‪:‬‬

‫‪09‬‬

‫‪.1‬إذا قرر حل نفسه اختيارياً‪.‬‬‫‪.2‬إذا تم حله بموجب حكم قضائي‪.‬‬‫‪.3‬إذا اندمج في حزب جديد‪.‬‬‫‪ .4‬إذا قرر االنضمام إلى حزب قائم‪.‬‬‫‪.5‬وف��ي كلت��ا الحالتين المبينتين في الفقرتي��ن (‪ 3‬و ‪ )4‬من هذه‬‫المادة فإن الحزب الجديد أو القائم يتحمل كل ما يترتب على هذا‬ ‫الحزب المنحل من التزامات ومسؤوليات تجاه الغير وإليه تؤول‬ ‫كامل ممتلكاته‪.‬‬ ‫المادة (‪)33‬‬ ‫ف��ي غير حاالت الحل االختي��اري أو االندماج أو االنضمام‪ ،‬ال‬ ‫يجوز حل الحزب أو وقف نشاطه أو وقف تنفيذ أي من قراراته‬ ‫إال بموج��ب حكم قضائي‪ ،‬بناء على طلب معلل‪ ،‬يتقدم به رئيس‬ ‫الدائرة إلى المحكمة لحل الحزب وتصفية أمواله‪ ،‬وذلك في حال‬ ‫فقدان الحزب أيا ً من ش��روط التأس��يس أو إخالله بأي من أحكام‬ ‫هذا القانون‪.‬‬ ‫المادة (‪)34‬‬ ‫‪.1‬لرئيس الدائرة أن يطلب من المحكمة وبصفة مستعجلة وقف‬‫نش��اط الحزب أو وق��ف تنفيذ أي من قرارات��ه إلى حين الفصل‬ ‫ف��ي طلب الحل‪ ،‬ويج��ب على المحكمة أن تفصل في هذا الطلب‬ ‫خالل (‪ )15‬يوماً‪.‬‬ ‫‪.2‬يج��ب على المحكمة أن تفصل ف��ي طلب الحل خالل مدة ال‬‫تزيد على (‪ )60‬يوما ً من تاريخ تقديم الطلب‪.‬‬ ‫المادة (‪)35‬‬ ‫‪.1‬للدائ��رة حق توجيه إنذار للحزب إلزال��ة أي مخالفة ألحكام‬‫هذا القانون خالل مدة تحددها‪.‬‬ ‫‪.2‬م��ع مراعاة أحكام الفقرة (‪ )1‬م��ن هذه المادة‪ ،‬كل مخالفة لم‬‫يت��م إزالتها يعاقب مرتكبها بغرامة تت��راوح بين ‪ ...‬و‪ ....‬دينار‬ ‫ليبي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪.3‬إذا كان الفع��ل المرتكب يش��كل جريمة وفق��ا ألحكام قانون‬‫العقوبات والقوانين النافذة تحال الواقعة إلى القضاء المختص‪.‬‬ ‫أحكام ختامية‬ ‫المادة (‪)36‬‬ ‫تصدر الالئحة التنفيذية ألحكام هذا القانون بمرسوم‪.‬‬ ‫المادة (‪)37‬‬ ‫يعم��ل به��ذا القانون م��ن تاريخ صدوره‪ ،‬وينش��ر ف��ي الجريدة‬ ‫الرسمية‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪2011 /12 /22‬‬ ‫تجمع ليبيا الديمقراطية [ت ل د]‬

‫ميادين ‪ :‬ننش���ر هنا هذا المشروع لقانون األحزاب في ليبيا من أجل االهتمام‬ ‫بالمب���ادرات ومن أجل إثارة النقاش حول قانون األح���زاب في ليبيا ‪ ،‬آملين‬ ‫المشاركة بالكتابة والتعليق ‪ ،‬داعينا لندوة حول قانون األحزاب معتبرين هذه‬ ‫الورقة مجرد ورقة لحوار مثمر ‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫اوتافيا ماسيمو الصحفية اإليطالية‬

‫رغم كل ما قدموا وفقدوا وتأملوا ‪،‬لكن الثوار الليبني لن يكونوا ُتبعًا‬ ‫ميادين‪ :‬فاطمة غندور ‪ /‬عدسة ‪ :‬اوتافيا ماسيمو‬

‫ليبيا التي بدت وكأنها تكتش���ف ألول مرة عند ثورة ‪ 17‬فبراير وقد شغلت بعضا‬ ‫من صحفي وكتاب العالم إما فضوال إما بدافع مهني كالمراس���ليين الذين أمضوا‬ ‫فترة الحرب في بالدنا فاتحين اعيونهم ومركزين حواس���هم على كل ش���يء وفي‬ ‫ظن���ي أنهم قدموا مراس�ل�اتهم الصحفية بتفاصيل أش���مل وأدق مما قدمت بعض‬ ‫الفضائيات العربية والتي ظلت بين العاجل واالن وش���اهد عيان وكذا االخطاء في‬ ‫ذكر اس���ماء شوارعنا ومدننا ‪...‬اوتافيا ماسيمو كاتبة إيطالية (من روما تحديدا)‬ ‫دخل���ت ليبيا عن س���بق اصرار وترصد حين نعتتها بأنها مراس���لة حرب رفضت‬ ‫التس���مية ‪،‬وقالت أنها أحبت الثوار كأخت لهم حين رافقتهم وس���تعد لش���ريطين‬ ‫وثائقيين ستهديهما الى ثورة ليبيا ومن ثم ستنشر كتابا عن سيرة الحرب الليبية‬ ‫وفق ما عاصرت وشهدت ‪.‬‬

‫•من هي اوتافيا ولماذا هي في ليبيا ؟‬ ‫الس��بب الرئيس��ي لوجودي هنا انه عندم��ا زار القذافي صديقه‬ ‫برلس��كوني ف��ي ايطالي��ا وهذا االخيرال��ذي لم أَك��ن أُكن له أي‬ ‫تقدي��ر أو احترام‪ ،‬ول��م أكن أثق به كش��خص ‪ ،‬وخاصة عندما‬ ‫وص��ل القذافي الى ايطاليا الذي حاول ش��راء فتياتنا عن طريق‬ ‫برلس��كوني‪ ،‬وذلك ما أثار غضبي واستنكاري وقبل ان أحضر‬ ‫الى هنا تم عرقلتي من قبل النظام االيطالي والذي هو شبيه جدا‬ ‫بالنظام الذي كان يحكمكم ‪،‬لقد تمت عرقلتي بشكل بيروقراطي‬ ‫‪،‬وتمت محاولة منعي من الس��فر أثناء االحداث والحرب الليبية‬ ‫‪ ،‬كما أني لم استطع ان أحصل على جوازي في الوقت المناسب‬ ‫لألسف ‪،‬‬ ‫•متى حضرتي الى ليبيا؟‬ ‫حضرت الى ليبيا في ‪ 12‬اغس��طس ع��ن طريق معبر ذهيبة ‪،‬‬ ‫وه��ي قصة ملفت��ة ‪ ،‬القصة أني اوقفت بالصدف��ة مجموعة من‬ ‫الش��باب الليبين واكتش��فت انهم لمدة ‪ 6‬اش��هر كان��وا يقومون‬

‫بالعب��ور‪ ،‬بالدخول والخروج وبدون س�لاح ع��ن طريق معبر‬ ‫ذهيب��ة الحضار ال ُمس��اعدات والم��واد الغذائي��ة والبنزين ‪،‬هم‬ ‫ش��باب صغ��ار في الس��ن التقيت به��م وبدأت العم��ل معهم في‬ ‫احض��ار الالوازم م��ن تونس الى معبر ذهيبة الى جبل نفوس��ة‬ ‫‪ ،‬بعدي��ن حض��رت مع خ��روج الثوار وكنت معه��م ثم انطلقت‬ ‫ال��ى حرب تحرير الزاوي��ة وكنت بالقرب من مي��دان التحرير‬ ‫بالزاوي��ة ث��م طرابلس بب��اب العزيزية ثم الى جن��وب ليبيا وقد‬ ‫تعرض��ت الى اطالق نار م��ن قبل القناصة في اتجاه معس��كر‬ ‫اللواء ‪ 27‬معزز‪ ،‬دخلت باب العزيزية بواس��طة ثوار الزنتان‪،‬‬ ‫دخل��ت باب العزيزية حي��ن توجهت من الزنتان بالس��يارة يوم‬ ‫‪21‬اغسطس‪ ،‬في طرابلس وتحديدا بشارع عمر المختار أتذكر‬ ‫هناك تم اطالق نار ثم يوم ‪ 23-8‬لم يتوقف اطالق الرصاص ‪،‬‬ ‫ثم دخلت باب العزيزية شاهدت حاالت اعدام اطالق الرصاص‬ ‫من قبل القناصة‪ ،‬ش��هدت عملية اط�لاق النار على الصحفيين‪،‬‬ ‫كما شاهدت اطالق النار على سيارات االسعاف ‪،‬‬

‫اوتافيا ماسيمو‬

‫•هل وثقت بالصور ما كنت تشاهدينه ؟‬ ‫حاولت كان االمر صعبا أن أوزع عملي بين الصور والفيديو ‪،‬‬ ‫أملك طبعا صور واشرطة مرئية‪.‬‬ ‫•ماذا عن ذهابك مع الثوار لتحرير سبها؟ متى كان ذلك؟‬ ‫تعرفت على مجموعة من الثوار في منطقة السياحية بطرابلس‬‫حيث أجرت ألس��كن ‪ ،‬وس��معت انهم يجهزوا وس��يتجهون الى‬ ‫الجنوب الذي يحاصرها الطاغية جهزت نفسي وقررت الذهاب‬ ‫معهم ‪.‬‬ ‫كيف ش��اهدت الثوار وقد عايش��تهم عن قرب وفي رحلة سفر‬‫فيها ما فيها من اقتراب وعش��رة ؟ وأريد أن اشير هنا الى نقطة‬ ‫مهمة ‪،‬هذه نقط��ة مهمة جدا‪،‬غالبية االفالم االش��رطة التوثيقية‬ ‫واالخبارية التي تصل الى المتلقي في اروبا تصل برؤية اجنبية‬ ‫ال توض��ح الحقيق��ة ‪ ،‬العملية المقصودة عندم��ا يرى االخطاء‬ ‫م��ن الث��وار نجدها اخط��اء يمك��ن تبريرها‪ ،‬انا كن��ت موجودة‬ ‫وقطعت معهم كل المس��افة االل��ف كيلومتر ‪،‬هناك عندما نزلت‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫الى القرضة بالجنوب من طرابلس الى س��بها مع ‪ 500‬ش��خص‬ ‫م��ن ث��وار جادو‪ ،‬كن��ت المرأة الوحي��دة وكنت أخ��ت لهوالء ‪،‬‬ ‫احترمون��ي وبأدب ش��ديد ‪ ،‬وقدروا وجودي بينه��م كمرأة وهذا‬ ‫س��لوك متحض��ر‪ ،‬وقبله��ا وقد كن��ت اتحرك بحري��ة مطلقة في‬ ‫طرابلس بسيارتي ووحدي في احيان كثيرة ‪،‬عقب تحريرها في‬ ‫ش��هر أغسطس لم يتعرض لي أحد الكل يحترمني رغم وضوح‬ ‫مظهري االجنبي والصحفي ‪.‬‬ ‫ طبعا دخلت قبل التحرير مع الثوار‪ ،‬وفوجئت أن أهل الجنوب‬‫ل��م يعرفوا بتحري��ر طرابلس وهروب القذاف��ي منها ‪ ،‬اعتقد ان‬ ‫س��بها كانت مدينة لها خصوصيتها لوجود قبيلة القذاذفة فيها من‬ ‫هم موالون للقذافي‪ ،‬وقد حضرت مناوشات في قيرة كانت هناك‬ ‫مناوشات قتل الكتائب واصابوا سيارات الثوار ‪ ،‬لالسف الشديد‬ ‫عندم��ا طلب م��ن الجزيرة مباش��ر الحضور الى س��بها‪ ،‬لكنهم‬ ‫كانوا في جبهة مزدة للمس��اعدة في فتح بني وليد ولما حضرت‬ ‫الجزيرة مباشر كان االحتفاء بعملية التحرير قد تم ‪.‬‬ ‫بقي��ت فترة بالجن��وب ‪ ،‬كان هناك من يح��اول مفاوضة القرى‬ ‫الصغيرة هو موس��ى عل��ي يونس‪ ،‬لم يكون��وا يعرفوا أو حتى‬ ‫س��معوا بسقوط باب العزيزية معقل القذافي وهو شيء مضحك!‬ ‫ل��م تكن هناك كهرباء او اتصال لم يكون��وا يعلموا والذين كانوا‬ ‫يعلم��ون لم يصدقوا ‪ ،‬كانت العملي��ة ان المناطق الجنوبية كانوا‬ ‫يس��تمعون فقط الى محطات القذافي ولما عرفوا بالحقيقة الناس‬ ‫العادي��ة اخذوا يحضونون الثوار ويبك��ون لم يصدقوا ما حصل‬ ‫‪،‬الش��يء االخر مهم ج��دا ينبغي ان اعلنه هن��اك اخبار وصلت‬ ‫ال��ى إع�لام اروبا ان الثوار هم من كان��وا يغتصبون ‪،‬وانا اوكد‬ ‫وق��د كنت معه��م كان يتم طرق الباب لم��ن يعلقون علم الطاغية‬ ‫عل��ى البيت‪ ،‬كنت اش��اهد ما يحدث وعن ق��رب ‪ :‬يطرق الثوار‬ ‫بابهم بهدوء ويطلبون منهم تس��ليم الس�لاح فقط وهم احرار في‬ ‫تفكيريهم ‪ ،‬كان احد وس��ائل االعالم العالمية التي حاولت تشويه‬ ‫الثورة والثوار ‪ ،‬قصة اخرى قبل دخولي لمعبر ذهيبة وكنت قد‬

‫التقي��ت بصحفي تونس��ي طلب منى ان اعب��ر عبر راس جدير‪،‬‬ ‫وانه سيسهل االمر لي ‪،‬فقط يجب علي ان اوقع على وثيقة اني‬ ‫بصف الطاغية وان اكتب ذلك في مراسلتي وعند االدالء برايي‬ ‫‪ ،‬الصحفي موجود بتطاوين يدفع لك مقابل بمجرد اتخاذ القرار‪،‬‬ ‫ثاني يوم صباحا ذهبت لمعبر ذهيبية االشياء التي كانت تمرر‪...‬‬ ‫احذري ال احد يعرف ماذا سيفعل بك الثوار وانت امرأة وحيدة‪.‬‬ ‫•ما المش���هد الذي ال يمكنك نس���يانه فيما عاصرت من احداث‬ ‫التحرير؟‬ ‫مشهد ال انساه مشهد قتل طفلين عن طريق قناصة تم جرح االب‬ ‫‪ ،‬أوال كان��وا مدنيين عائلة يعبرون جنب س��وق الثالثاء تم قتل‬ ‫الطفل��ة كانت االم جريحة وترى ابنائه��ا ميتين امامها ‪ ،‬وذهبت‬ ‫الى المستش��فى يوم ‪ 22-8‬الش��اهد ماحدث لالم ‪ ،‬كانوا هاربين‬ ‫من هول الحرب ‪ ،‬يوم ‪ 21‬أو ‪ 22-8‬ال أذكر التاريخ تحديدا لكن‬ ‫قناصا اقتنصهم عش��وائيا‪ ،‬ال أحد يعرف لماذا فعل القناص ذلك‬ ‫هو ابشع مشهد رأيته ‪.‬‬ ‫_ أريد أن أقول أني في س��بها اول التحرير والتي عبرت اليها‬ ‫برا‪ ،‬تعرفت عل نساء تمنهنت وسمنو تعرفت على من هم ببيت‬ ‫س��كنت فيه ‪ ،‬وجدت فيه ‪ 12‬مرأة ‪،‬وإن كنت قبلها تعرفت على‬ ‫نساء من طرابلس بشكل أكبر ‪.‬‬ ‫•ماذا عن الشريط التوثيقي الذي تعد له قبل الكتاب ؟‬ ‫اوال وباختص��ار ش��ديد ‪،‬كان ف��ي البداية فيلم وثائق��ي عن ليبيا‬ ‫بانت��اج ليبي ‪،‬يتحدث عن المرحل��ة االولى من ثورة فبراير كان‬ ‫القذاف��ي يعطي االوامر لعبدهللا السنوس��ي ليقتل ش��عبه ‪ ،‬وثانيا‬ ‫س��يكون هناك فيلم عن رحلة تحرير س��بها م��ع الثوار بالتعاون‬ ‫م��ع صديقتي الفنانة بايطاليا والت��ي احترم عملها معي لصعوبة‬ ‫وضعي في ايطاليا ‪،‬اهم نقطة في الفيلم الوثائقي هو نحو الثوار‬ ‫ويجب ان يعلم الكل ان الثوار ليس��وا تبعا ً ‪.‬يعلمون ان قبول هذه‬ ‫المس��اعدة ش��رعية من قبل الناتو ‪،‬ولكن يجب ان يعلموا من هم‬ ‫خارج مس��احة ليبيا وثورتها ‪،‬ليس الثوار الذين خاضوا الحرب‬

‫‪11‬‬

‫كم��ا يتخيل بعض االروبيين‪ ،‬الليبيون قبلوا النهم ال يس��تطيعوا‬ ‫ذل��ك لوحدهم ‪ ،‬رغ��م كل ما قدموا وفقدوا وتألم��وا ‪،‬لكن الثوار‬ ‫الليبين لن يكونوا تبعا ً ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫•المترجم للحوار الشفاهي عن االيطالية رضا الجالصي‬


‫‪12‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬ ‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫بطاقة إعتذار اىل وطين‪....‬‬ ‫مجعة أمحد عتيقة‬

‫إعطني ما شئت ّ‬ ‫لكن‪..‬‬

‫حينما داهمني اللّيلة‬

‫و آالم السنين الفاجرة‬

‫ال تطالبني‪..‬‬

‫كابوسٌ لعين‬

‫‪.........‬‬

‫فليس لد ّ‬ ‫ي ما أعطيك‬

‫غطّني ‪ ...‬ثم رماني‬

‫إنني أستحلف الدم الذي سا َل‬ ‫بألاّ يتخلّى عن أمانينا‪...‬‬

‫يا وطني‪...‬‬

‫بسهام األسئلة؟‬

‫عمن حاولوا ‪..‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الزمان بك ِّل أسلحتي‬ ‫عبث‬

‫ما الذي ينقذنا من‬

‫أن يخونوك و أن‬

‫الكليلة‪....‬‬

‫إشتباك المعضلة‪..‬؟‬ ‫ِ‬

‫ينهوك موؤداً‬

‫بوابل شوك ِه‬ ‫و أمطرني‬ ‫ِ‬ ‫الدامي‪....‬‬

‫ما الذي يُنبئنا أو من يُجيب‬

‫فقلّ‪...‬‬

‫اخ المرحلة؟؟‬ ‫عن فِ َخ ِ‬

‫ُ‬ ‫ق‬ ‫إن‬ ‫فقدت اليو َم فو َ‬

‫و أن يرد َع شهوةَ‬ ‫القتل‬ ‫ِ‬ ‫اللعينة‪..‬‬ ‫فهي حم ٌل كاذبٌ‬ ‫يقذف‬ ‫سوف لن‬ ‫َ‬ ‫من أحشائه غير الضغينة‬ ‫‪...........‬‬ ‫أيها الد ُم الذي ز ّكتهُ‬ ‫أوراد السماء‬ ‫رحم‬ ‫أيها المولو ُد من ٍ‬ ‫تش ّكل من دما ِء الشهداء‪...‬‬ ‫حينما تُسأ ُل عند هللا‬

‫جمر‬ ‫و أنضجني على‬ ‫ِ‬ ‫المواجع‬ ‫ِ‬ ‫‪.........‬‬

‫يا أبي‪ ...‬كم كان و ّدي ّ‬ ‫أن‬ ‫أنام‪....‬‬ ‫بعد طُول مفاز ِة ال َوحش ِة‬ ‫و الترحال و الزاد القليل‪...‬‬ ‫غير ّ‬ ‫أن النو َم قد صادرهُ‬ ‫ُ‬ ‫سقف األماني ‪...‬‬ ‫يا أبي قد ُ‬ ‫كنت أحلم ‪...‬‬

‫عن سؤال األحمر القاني؟‬ ‫الذي صال‪ ..‬و سال‬ ‫من جميع األوردة‬ ‫ثم لم يلقى سوى‬ ‫حُضن التُراب‪...‬‬ ‫فَنَمى زهراً تسا َمى‬

‫الشوك‬ ‫فوق وخ ّز‬ ‫ِ‬ ‫و العوسج‪...‬‬ ‫حتى صار إكليالً على‬ ‫ُ‬ ‫العسف‬ ‫هامة من أنهكها‬

‫األرض أسلحتي‬ ‫ِ‬ ‫فأنّي سأقاوم‬ ‫ُ‬ ‫تسكن‬ ‫بالكريات التي‬ ‫في كل الشرايين‪...‬‬ ‫لون‬ ‫و تصبُغ بالحنا ِء َ‬ ‫األرض‪...‬‬ ‫ِ‬

‫السنابل‪...‬‬ ‫ألوان‬ ‫ِ‬ ‫األقحوان‬ ‫و زهور‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫و إذا‬ ‫إستنفذت كلِّ‬ ‫األسلحة‪...‬‬ ‫سوف لن يبقى لد ّ‬ ‫ي‬ ‫غي َر لون اللّعنة السوداء‬ ‫أُهديه إليهم !!‬ ‫و أقول‪ ..‬مثلما قال المسيح‬ ‫(( أبتاهُ ال تغف َر لهُم ))‬ ‫مصراتة‬ ‫‪1.1.2012‬‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬ ‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫‪13‬‬

‫ماذا لو‪!! ..‬‬ ‫زكري العزابي‬ ‫كانت هذه النافذة‬ ‫بوابة نحو فضاء فسيح‬ ‫يغمرك مرة‬ ‫ثم يتركك‬ ‫في قبرك المتوحد‪ ..‬لكي تستريح‬ ‫ماذا لو‪!! ..‬‬ ‫ليلة صلبوك‬ ‫وأنزلوا خفية‬ ‫كل اللصوص من فوق صلبانهم‬ ‫هرّبوهم‬ ‫بعد أن البسوهم رذاالتهم‬ ‫بذالتهم‬ ‫وحسابتهم‬ ‫وربطات اعناقهم‬ ‫أعادوا إليهم مكانتهم التي فقدوها‪ ..‬للحظة‬ ‫وجميع امتيازاتهم‬ ‫ثم تركوك للبرد‬ ‫والمطر والريح‬ ‫وصواريخهم تنهمر‬ ‫وأنت تصرخ "لم شبقتني"‬ ‫من فوق خشبتك الدامية‬ ‫طريقك كانت جلجثة‬ ‫وأحالمك كلها‬ ‫اكاليل شوك‬ ‫ماذا لو‪!! ..‬‬ ‫عندما انفض من حولك الجمع‬ ‫ثم انقض عليك قناصة بيالطس العربي‬ ‫تحولت شبحا‪ ..‬للحظة‬ ‫لكيما يزوغ رصاصهم في الظالم‬ ‫لو‪!! ..‬‬ ‫صمتت الغام "اخوتك" تحت قدميك‬ ‫خجلت مدافعهم من سماحة وجهك‬ ‫وأنت تطل عليها‪ ..‬حامال غصن زيتون‬ ‫ولكنها لم توفرك‬ ‫بل احرقتك‪ ..‬لكي تتفحم ثمة‪ ..‬مثل حرف قديم‬ ‫تسمر في جبهة الصمت‬ ‫عطش الماء‬ ‫وجوع األولي حاولوا تقطيع أوصال روحك‬ ‫وريدا وراء وريد وراء وريد‬ ‫تغتصبك زخة من رصاص ودم‬ ‫احترق الورق عند بدء الحصار‬

‫عقمت كلمات اللغات جميعا‬ ‫وجف القلم‬ ‫ماذا لو‪!! ..‬‬ ‫انحنى الزمن لحظة‬ ‫ليحميك منه‪ ..‬ومنهم‬ ‫من دقائق عمرك‬ ‫الباهتة الميتة‬ ‫ثانية‪ ..‬ثانية‬ ‫ماذا لو‪!! ..‬‬ ‫تجاوزك المد لحظة‬ ‫فال تنطفئ فرحة العيد‬ ‫في مقلتيك‬ ‫وال يتحول نبل اصابعك‬ ‫التي رفرفت حاملة كل هذا الهوى‬ ‫سالسل في معصميك‬ ‫ماذا لو‪!! ..‬‬ ‫تراجع عن حاجبيك الحجاب‬ ‫وعرتك عاصفة الرمل‬ ‫في ذا اليباب‬ ‫ثم نهضت‬ ‫تجاوزت ذاتك‪ ..‬تجاوزت حتى السحاب‬

‫لكي تتوقف عن نهش لحمك‬ ‫هاذي الذئاب‬ ‫نفضت األساطير من فوق جلدك‬ ‫أحرقت أهداب عينيك‬ ‫قربى‪ ..‬لكيما تحلق حقا‬ ‫وليس بأجنحة الوهم‬ ‫لتجتاز هذا الخراب‬ ‫ماذا لو‪!! ..‬‬ ‫إذا غادرتك سحب الخريف‬ ‫وطارت بعيدا‬ ‫تطاردك‬ ‫ولكنها لم تجد منك سوى طيف‬ ‫ليس يذكره ـ ربما ـ أحد‬ ‫فعادت مجللة بالمطر‬ ‫تحرسها العاصفة‬ ‫لتبكي على الحجر الذي وسدوك‬ ‫وتشهق عند تفاصيل‬ ‫هذا التراب‬ ‫ماذا لو‪!! ..‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اثينا ـ ‪2011 .10 .21‬‬


‫‪14‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫قراءة يف نصوص سعدون السويح اإلجنليزية‬ ‫يونس شعبان الفنادي‬ ‫قليل م��ن الكت��اب الليبيين حاول كتاب��ة النثر أو‬ ‫الش��عر والتعبير ع��ن األف��كار والخواطر ونقل‬ ‫األح��داث ووجهات النظر العربية الليبية بلس��ان‬ ‫أجنبي أو باللغة اإلنجليزية تحديداً‪ .‬وال أدري إن‬ ‫كان هذا تكاس�لاً من أولئك المتمكنين من اللغات‬ ‫األجنبية أم أن مس��توى تدري��س اللغات وأجواء‬ ‫تعلمها وممارس��ة التحدث والكتابة بها في بالدنا‬ ‫ال يرق��ى إلى الدرجة التي تؤهل‪ ،‬حتى المتفوقين‬ ‫فيه��ا‪ ،‬للتعبير بها عن أراءه��م ونقل ما يدور في‬ ‫وجدانه��م إل��ى القاريء األجنبي‪ ،‬الذي بال ش��ك‬ ‫يهمنا أن نطلعه عل��ى أفكارنا المعاصرة وتراثنا‬ ‫وإنتاجنا األدبي والش��عري والتواصل معه ثقافيا ً‬ ‫في كل الجوانب الفكرية‪.‬‬ ‫ومن بي��ن ه��ؤالء الليبيين القالئل الذي��ن تمكنوا‬ ‫من امتالك نواصي اللغة االنجليزية والكتابة بها‬ ‫الدكتور س��عدون اس��ماعيل السويح أس��تاذ اللغة‬ ‫اإلنجليزية والمستش��ار الس��ابق بقس��م الترجمة‬ ‫بهيئ��ة األمم المتحدة في نيويورك وقبلها أس��تاذاً‬ ‫معاراً إلى مالطا لتدري��س اللغة العربية لطالبها‬ ‫ويعمل اآلن سفيراً لليبيا لديها‪.‬‬ ‫وخ�لال فترة إقامت��ه بالجزي��رة المالطية نش��ر‬ ‫الدكتور سعدون السويح باللغة اإلنجليزية العديد‬ ‫من المقاالت المتخصصة في علم اللغة بصحيفة‬ ‫أوقات األح��د ‪ The Sunday Times‬المالطية‬ ‫والت��ي م��ن بينه��ا مقاله بعن��وان " ث��رات اللغة‬ ‫المالطي��ة‪ :‬ث��روة لالفتخ��ار"( (�‪Maltese Lin‬‬ ‫‪)guistic Heritage: A legacy of pride‬‬ ‫ومقالت��ه "انطباعات حول اللغة المالطية"( (�‪Re‬‬ ‫‪ )flections on Maltese‬ال��ذي يتن��اول في��ه‬ ‫أصول اللغة المالطية وتداخالت اللغات األخرى‬ ‫فيه��ا‪ ،‬ومقالته الثالث��ة بعن��وان "التصوف غذاء‬ ‫ال��روح" (‪Mysticism: the enrichment‬‬ ‫‪ )of spirit‬الت��ي يعرّف فيه��ا المذهب الصوفي‬ ‫ويقدم بعض القواس��م المش��تركة له في الديانات‬ ‫اإلسالمية والمسيحية واليهودية‪.‬‬

‫كم��ا ترجم الدكتور س��عدون الس��ويح مختارات‬ ‫من ش��عر نزار قباني إل��ى اللغة اإلنجليزية ونال‬ ‫منه ش��هادة عظيمة خطها الشاعر العربي الكبير‬ ‫بيده وأصر على نش��رها ف��ي الصفحات األولى‬ ‫م��ن الترجم��ة الص��ادرة س��نة ‪ 1998‬ع��ن دار‬ ‫ص��ادر للطباعة والنش��ر في لبن��ان بعنوان (من‬ ‫قصائ��د العش��ق والمنف��ى) وذلك عندم��ا خاطبه‬ ‫قائ�لاً (‪ ..‬كثي��رون ترجموني إلى لغ��ات العالم‪،‬‬ ‫ولكنك وحدك اس��تطعت أن تنقل مالمح وجهي‪،‬‬ ‫واشتعال عواطفي‪ ،‬وفصيلة دمي ‪ ..‬وزرقة عيني‬ ‫‪ ..‬وطقوس قلقي وجنوني ‪.)..‬‬ ‫النص الشعري باالنجليزية عند سعدون السويح‬ ‫تتنوع نصوص الشعر اإلنجليزي بشكله العام في‬ ‫عدة أشكال حسب طول أبيات القصيدة‪ .‬فالقصيدة‬ ‫القصي��رة يطل��ق عليها الس��وناتة ‪ Sonnet‬مثل‬ ‫أشعار وليم شكسبير‪ ،‬والقصيدة الملحمية الطويلة‬ ‫الت��ي تس��مى ‪ Epic‬يمك��ن أن تتك��ون من أالف‬ ‫األبي��ات مث��ل قصائ��د الش��اعر وليم ب�لاك‪ .‬أما‬ ‫تصنيف الش��عر اإلنجليزي حسب بيئة النص أو‬ ‫أجواءه العامة فنجده يتضمن األجواء الكالسيكية‬ ‫والرومانس��ية والواقعي��ة والش��عر الرع��وي أو‬ ‫الريفي ‪ Rural Poetry‬وهو ما يشبه في الوطن‬ ‫العرب��ي بالش��عر الش��عبي‪ ،‬وهذا لي��س بغريب‬ ‫على المجتمع اإلنجليزي ألن الش��عر إجماالً هو‬ ‫فضاء إنس��اني عام للتعبير عن الوجدان وتوثيق‬ ‫األح��داث والمواقف في أي م��كان‪ ،‬وال يقتصر‬ ‫على أمة معينة أو موقع جغرافي محدد‪.‬‬ ‫وبمطالع��ة اإلنت��اج الش��عري للدكتور س��عدون‬ ‫السويح باللغة اإلنجليزية يمكننا أن نصنفه ضمن‬ ‫ش��عر الس��وناتة ألن نصوصه تتكون من أبيات‬ ‫قليل��ة عددي��اً‪ .‬ولكنه ن��ص جميل يش��رع نوافذه‬ ‫للبوح الرقيق‪ ،‬ويتيح للقاريء األجنبي تذوق لغة‬ ‫الش��اعر المرهفة اإلحساس واالستمتاع بإيقاعها‬ ‫الموسيقي الخفي‪ ،‬ومالمس��ة المخزون المعرفي‬ ‫والثقافي لديه‪ ،‬واالقتراب من نوعيته ومضمونه‬ ‫وتصويرات��ه البالغي��ة ومواضيع��ه الت��ي يعبر‬ ‫عنها أو ينقلها للق��اريء األجنبي‪ .‬وكل نصوص‬ ‫س��عدون الس��ويح باللغة اإلنجليزية هي بال شك‬ ‫وف��ي كل األحوال تضي��ف للمتلق��ي وال تنقص‬ ‫منه ش��يئاً‪ .‬وتحديداً فإن نصيّه اإلنجليزيين ركني‬ ‫ه��ذه المقال��ة يج��ب اعتبارهما إضاف��ة للمنتوج‬ ‫اإلبداعي الليبي اس��تطاع فيهما استخدام وتطويع‬ ‫اللغة اإلنجليزية كأداة للتعبير عن أفكاره العربية‬ ‫بشكل يحافظ فيه على جوهر المضمون اإلنساني‬ ‫ورس��الة الهوية العربية‪ .‬أما دراس��ة النصوص‬ ‫بش��كل فني ومنهجي دقيق فأعتقد أن المختصين‬ ‫أو المهتمي��ن بالش��عر اإلنجليزي س��يكون متاحا ً‬ ‫أمامه��م اآلن قراءة نصوص س��عدون الس��ويح‬ ‫اإلنجليزي��ة بتمع��ن أكبر وتحلي��ل أعمق إلعادة‬ ‫اكتشافها من جديد‪.‬‬ ‫ترجمة الشعر‪:‬‬ ‫إذا كان ش��رح الش��عر وتحليله أو تفس��يره بلغته‬ ‫األم يعتبر أمراً عسيراً ومعقداً‪ ،‬فما بالك بترجمة‬ ‫الشعر والفنون واألداب التي تعد مغامرة ال يمكن‬ ‫ضمان نجاحها‪ ،‬حتى ولو س��لّمنا بأن النص الذي‬ ‫ال يمك��ن أن يولد مرتين قد يرتدي أكثر من ثوب‬ ‫جميل‪ .‬ولكن الدارسين للترجمة واألدب المقارن‬ ‫يتفق��ون على أن الترجم��ة مغامرة خطرة قد تفقد‬ ‫النص األصل��ي بعض جمالياته‪ ،‬ولكنها في نفس‬

‫الوق��ت قد تضيف إليه عبير الياس��مين الش��رقي‬ ‫وترش��ه بدفء الش��مس‪ ،‬وتنثره عطوراً عربية‬ ‫فوّاحة في نفس المتلقي العربي‪.‬‬ ‫والمختصون بترجمة النص الش��عري يعتبرون‬ ‫الشعر الحقيقي شعراً عالميا ً يقرأ بكل لغات العالم‬ ‫عندما يكون صادقا ً ونابعا ً من الوجدان اإلنساني‪،‬‬ ‫ويحمل خصائص مش��تركة تمثل الرؤيا والجدل‬ ‫والدالل��ة واألس��لوب‪ ،‬فيظه��ر بال رت��وش وال‬ ‫زي��ف وال تالعب بالبنية اللغوية ألبيات القصيدة‬ ‫الصادقة‪ .‬ألن القصيدة الصادقة هي روح الشعر‬ ‫العالم��ي الذي تمكن من خلق تواصل عريق بين‬ ‫األم��م والش��عوب والثقاف��ات المختلف��ة على مر‬ ‫العصور‪ ،‬سواء كانت اإلغريقية أو الرومانية أو‬ ‫الفارسية أو العربية أو غيرها‪.‬‬ ‫بينم��ا البعض اآلخر يصر على أن الش��عر يبقى‬ ‫ه��و الش��عر‪ ،‬ال يت��ذوق إال بلغت��ه األصلية التي‬ ‫ولد بحروفها ومعانيها وأجواء موس��يقاه وأنفاسه‬ ‫وعذوبته وآالمه‪ ،‬ولذلك فقد أخترت هنا أن أضع‬ ‫بين يدي القاريء الكريم النص األصلي المكتوب‬ ‫باللغ��ة اإلنجليزية إلى جانب النص العربي الذي‬ ‫قم��ت بترجمت��ه حت��ى أتيح ل��ه اختي��ار الفضاء‬ ‫الذي يس��بح فيه عبر نصوص س��عدون الس��ويح‬ ‫اإلنجليزية التي تنشر ألول مرة‪:‬‬ ‫• النص األول ‪ :‬إلى المدينة‬ ‫ول��د ه��ذا الن��ص باللغ��ة اإلنجليزي��ة بتاريخ ‪/6‬‬ ‫‪ 1997 /5‬ف��ي أح��د أيام فص��ل الربيع حين كان‬ ‫سعدون السويح جالسا ً في ركن من أركان مقهى‬ ‫بالعاصمة القديمة لجزي��رة مالطا "مدينا" يتأمل‬ ‫حركة العمل بالمقه��ى ووجوه الرواد والعاملين‪.‬‬ ‫وقد أهدى الش��اعر نصه‪ ،‬كم��ا أورد في تقديمه‪،‬‬ ‫إل��ى روح الش��اعر المالطي الكبي��ر (دون كرم‬ ‫بس��يال) ‪ Dun Karm Psaila‬ال��ذي ول��د ف��ي‬ ‫‪ 18/10/1871‬وتوفي في ‪.1961 /10 /13‬‬ ‫وهو نص رقيق يتكون من تس��عة مقاطع قصيرة‬ ‫غير مرقمة كتبها سعدون السويح بلغة رومانسية‬ ‫رقيق��ة تعكس لحظات صفاءه وهدوءه وهو يتابع‬ ‫نب��ض المقه��ى وحركت��ه الحيوي��ة ويطلقها في‬ ‫التاريخ القديم لتصنع فضا ًء مشتركا ً بين الحاضر‬ ‫والماضي للعاصمة المالطية القديمة‪ ،‬في تمازج‬ ‫جميل تبلور في تعدد اللغات واأللس��ن واللهجات‬ ‫الت��ي كانت تعزفها أصوات رواد المقهى‪ ،‬والتي‬ ‫يتبين من بعضها أن أصولها عربية بينما األخرى‬ ‫غير معروف��ة أو مفهومة‪ .‬وبه��ذا التداخل يعمل‬ ‫فضاء النص‪ ،‬الذي عبر عنه الشاعر‪ ،‬على مزج‬ ‫ه��ذا التنوع اللغوي بتعاقب الحضارات والتاريخ‬ ‫على المدينة المالطية‪ ،‬والتي اكتس��بت من خالله‬ ‫عراقة وحضوراً زاخراً ثريا ً في المعالم التراثية‬ ‫المالطي��ة‪ .‬وفي خضم هذه الحركية والتفاعل بين‬ ‫صورة المقهى وتجليات الشاعر الوجدانية يتوقف‬ ‫الن��ص في مقطعه الخامس والس��ادس لينقلنا إلى‬ ‫أجواء ممارس��ة العبادات والش��عائر الدينية التي‬ ‫عبرت عنها دقات أجراس الكنيس��ة القديمة وهي‬ ‫تنادي للص�لاة‪ .‬وتوقظ أصوات ه��ذه األجراس‬ ‫نفوس البش��ر من غفوتها‪ ،‬وتنبهها إلى وجود هللا‬ ‫داخل الكنيس��ة والجامع وف��ي كل األرجاء‪ ،‬وهو‬ ‫إيحاء بوجود اإلله واتس��اع وعظمة كونه داخليا ً‬ ‫وخارجي��اً‪ ،‬ظاه��راً وباطنا ً قابله الش��اعر بروح‬ ‫إيمانية مبتهجة وفرحة عند سماع األجراس‪.‬‬ ‫ويواصل سعدون س��رده رحلته ووصفه للمقهى‬

‫سعدون السويح‬

‫بلغ��ة تقريرية سلس��ة تغلب عليها المباش��رة وال‬ ‫يخالفها سوى تعبيره الجميل‪:‬‬ ‫(ولكن الصمت المتكلم كان دائما ً هناك)‬ ‫ولعل��ه بجمعه الضدي��ن في هذا التعبي��ر الرقيق‬ ‫(الصمت‪/‬الكالم) يشير إلى جمهور المقهى الذي‬ ‫يم��ارس الصمت ف��ي حركاته وتنقالت��ه وحديثه‬ ‫وإش��اراته‪ ،‬مرس�لاً كالما ً بال أصوات يظهر في‬ ‫لغ��ة تعبيرية ناطق��ة بالمعاني ودافقة بالمش��اعر‬ ‫الدافئ��ة واإليقاع الموس��يقي اآلخ��اذ‪ .‬وعكس ما‬ ‫قبل��ه‪ ،‬ف��إن المقطع األخي��ر يأتي مفعما ً بالش��عر‬ ‫وزاخ��راً بالص��ور البالغية واإليح��اءات وثريا ً‬ ‫باألس��رار الت��ي ال يق��در أن يف��ك الن��ص وحده‬ ‫طالسمها‪.‬‬ ‫(آسفاً‪ ،‬وبإصرار يهمس الصمت في أذني)‬ ‫بهذه اإلفتتاحية يس��تهل الش��اعر المقطع األخير‬ ‫م��ن قصيدته ليعانق به��ا جمالية الش��عر ويبوح‬ ‫باطمئنانه وراحته وس��عادته الملموسة في أجواء‬ ‫المدين��ة المالطي��ة‪ .‬ولكنه ال يدعنا ب�لا حيرة أو‬ ‫استغراب حين يختتم النص بقوله‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫(وشفيت أنا من كل خوف)‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فهل كان الش��اعر متعبا أو مريضا حتى يشفى أم‬ ‫أنه كان مسكونا ً بهواجس المكان ورائحة تاريخه‬ ‫التي تنبعث حية معطرة بالعديد من أحداثه؟‬ ‫وال يتوق��ف الس��ؤال عن��د هذا الحد‪ ،‬بل يس��تمر‬ ‫ليط��رح غي��ره وغي��ره مث��ل‪ :‬مم��ا كان يخاف‬ ‫الش��اعر؟ وهل الخوف متربص به داخل المقهى‬ ‫فق��ط‪ ،‬أم يالحق��ه خارج��ه‪ ،‬أم ه��و يرتحل معه‬ ‫ويسكن في كل أمكنته؟‬ ‫أسئلة عديدة يش��رعها النص في نهايته ويغادرنا‬ ‫بال إجابة‪.‬‬ ‫لق��د تنوع��ت رحل��ة قصي��دة (إل��ى مدين��ة ‪To‬‬ ‫‪ )Mdina‬للدكتور س��عدون السويح بين الواقعي‬ ‫والتخيلي والتراثي والديني والتاريخي‪ ،‬والخاص‬ ‫والعام‪ ،‬وبالتالي فهي ثرية من الناحية الفنية التي‬ ‫تطرزت حلته��ا بلغة تآلفت حروفه��ا ومفرداتها‬ ‫بحميمي��ة وأناقة ف��ي تركيبات بس��يطة ال تنتمي‬ ‫إلى لغ��ة العص��ور اإلنجليزية القديم��ة الموغلة‬ ‫في الكالس��يكية والغرابة‪ .‬ورغ��م أن لغة النص‬ ‫ال تع��زف لحن��ا ً إيقاعيا ً مباش��راً بقافيته��ا إالّ أن‬ ‫النص ثري بموسيقاه الداخلية التي تأسر المتلقي‬ ‫وتحيطه بشيء من المتعة واإلنشراح واإلبتهاج‪.‬‬ ‫ولك��ن ما يدعونا إلى التعجب واالس��تغراب عند‬ ‫قراءة هذا النص هو خلوه في جميع مقاطعه من‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫النص األول‪ :‬إلى مدينة ‪To Mdina‬‬ ‫التاريخ اليزال يقف مثاليا ً‬ ‫بمجرد أن أنظر إليك‬ ‫يستعد في جالل فوق التل‬ ‫من خالل بوابتك أنا مشيت‬ ‫تحولت في الزمن‬ ‫تحولت في المكان‬ ‫تحولت في المشاعر‬ ‫أنا شعرت‬ ‫الصمت كان هناك‬ ‫ولكنني سمعت أصواتا عديدة‬ ‫بعضها بلسان أجدادي القدماء‬ ‫العرب في زمن مضى‬ ‫والبعض بألسنة أخرى‬ ‫لقوم لم أرهم أبداً‬ ‫ورغم أن أرواحهم المغادرة‬ ‫الزالت معلقة بغموض في كل المكان‬ ‫أنا شعرت بهم كلهم‬ ‫وبمجرد أن تكلموا لسانا ً واحداً‬ ‫لغة الروح‬ ‫في الصمت دقت أجراس‬ ‫الكتدرائية الرائعة‬ ‫اختراق السكون‬ ‫ترديد ضد الحيطان‬ ‫ولكن وحدي سمعت فيها‬ ‫الدعوة للصالة‬ ‫قد تعالت بمؤذن يائس‬ ‫شعرت بحالوة ولذة فرح كبير في قلبي‬ ‫واالبتهاج بالصالة إلى هللا‬ ‫ألجله‪ ،‬وهو كان هناك‬ ‫في الكنيسة ‪ ..‬في المسجد‬ ‫وفي كل مكان‬ ‫كان الهواء رقيقا ً منعشا ً‬ ‫لحظة صفاء‬ ‫نادرة بكل الروعة‬ ‫ولكن الصمت المتكلم كان دائما ً هناك‬ ‫قصيرة كانت المسافة‬ ‫طويلة كانت الرحلة‬ ‫متعبا أنا كنت‬ ‫وبمجرد أن أكتشفت مقهى رائعا ً‬ ‫في ركن صغير جداً جلست‬ ‫أتناول رغيفي لذيذ المذاق‬ ‫أرشف شاي‬ ‫أراقب النادلة تبتسم بلطف‬ ‫آسفاً‪ ،‬وبإصرار همس الصمت في أذني‬ ‫ألسنة عديدة واصلت االستماع إليها‬ ‫مفهومة‬ ‫وغير مفهومة‬ ‫وللكل أعرت أذنا ً متعاطفة‬ ‫لوسط تلك األجواء في "مدينا"‬ ‫وشفيت أنا من كل خوف‬

‫‪15‬‬

‫النص الثاني‪ :‬أمنية ‪A wish‬‬

‫‪History stood perfectly still‬‬ ‫‪As I beheld you‬‬ ‫‪.Majestically poised upon the hill‬‬ ‫‪Through your gate I walked‬‬ ‫‪Transformed in Time‬‬ ‫‪Transformed in Place‬‬ ‫‪Transformed in Feelings‬‬ ‫‪I felt‬‬ ‫‪Silence there was‬‬ ‫‪But many voices I heard‬‬ ‫‪Some in my ancestral tongue‬‬ ‫‪The Arabic of long ago‬‬ ‫‪Some in other tongues‬‬ ‫‪.Of people I never saw‬‬ ‫‪Yet their departed souls‬‬ ‫‪Mysteriously still hang all over the‬‬ ‫‪place‬‬ ‫‪I felt them all‬‬ ‫‪As one "ilsien" they spoke‬‬ ‫‪.The language of the soul‬‬ ‫‪In the silence rang the bells‬‬ ‫‪Of the magnificent Cathedral‬‬ ‫‪Piercing the stillness‬‬ ‫‪Echoing against the walls‬‬ ‫‪But, alone in them I heard‬‬ ‫‪The call to the prayer‬‬ ‫‪"Raised by a forlorn "mwezzin‬‬ ‫‪Sweetly a great joy in my heart I felt‬‬ ‫‪The joy of prayer to Allah‬‬ ‫‪For He was there‬‬ ‫‪In the church … In the mosque‬‬ ‫‪.And everywhere‬‬ ‫‪Freshly thin was the air‬‬ ‫‪A moment of serenity‬‬ ‫‪Wonderfully rare‬‬ ‫‪But the speaking silence was always‬‬ ‫‪.there‬‬ ‫‪Short was the distance‬‬ ‫‪Long was the journey‬‬ ‫‪Tired was I‬‬ ‫‪As I spotted an elegant café‬‬ ‫‪In a tiny corner I sat‬‬ ‫‪Savouring my croissant‬‬ ‫‪Sipping my tea‬‬ ‫‪.Watching the waitress smiling gently‬‬ ‫‪Alas, silence persistently whispered in‬‬ ‫‪my ear‬‬ ‫‪Many tongues I continued to hear‬‬ ‫‪Comprehensible‬‬ ‫‪Incomprehensible‬‬ ‫‪To all I lent a sympathetic ear‬‬ ‫‪for amidst that Mdina atmosphere‬‬ ‫‪.Cured was I of every fear‬‬

‫أَتمنّى لو كان بمقدروي الهرب‬ ‫دن بعيد ِة‬ ‫إلى ُم ِ‬ ‫بطرق مجهول ِة‬ ‫ِ‬ ‫إلى ُج ُز ِر بعيد ِة‬ ‫التي تَتألّ ُ‬ ‫ت‬ ‫ق خلجانها مثل الياقو ِ‬ ‫في أشع ِة الشمس المخفية‬ ‫هناك أنا َسأَرمي مرساتَي‬ ‫بحّار ضعيف‬ ‫شراع ممزق‬ ‫سفينة منتهية‬ ‫هناك أنا َسأَستقرُّ‬ ‫اليوم‬ ‫قبل أن يأتي‬ ‫ِ‬

‫‪I wish I could escape ‬‬ ‫‪To far away cities ‬‬ ‫‪With uncharted roads ‬‬ ‫‪To distant islands ‬‬ ‫‪Whose bays glitter like rubies ‬‬ ‫‪In vanishing sun rays ‬‬ ‫‪There I shall cast my anchor ‬‬ ‫‪A worn out sailor ‬‬ ‫‪A torn sail ‬‬ ‫‪An exhausted ship ‬‬ ‫‪There I shall reside ‬‬ ‫‪ Before the day is done‬‬

‫أية إش��ارة إلى معلم أو حدث أو ظاهرة بحرية‪،‬‬ ‫وكأن ه��ذه المدينة المالطية المس��تلقية في قلب‬ ‫الجزيرة المتوس��طية ال تنتمي إلى عالم البحر‪،‬‬ ‫وال ف��ي حياتها أو تاريخها عانقت نس��ائمه‪ ،‬أو‬ ‫تبلل��ت برذاذ أمواجه‪ ،‬أو اس��تمتعت بهديره‪ ،‬أو‬ ‫ركضت تغازل شاطئه وتالمس رماله الناعمة؟‬ ‫فهل ألغى س��عدون الس��ويح في نصه الش��عري‬ ‫ه��ذه الخصاص الس��احلية والبحري��ة للعاصمة‬ ‫المالطي��ة القديمة متعمداً‪ ،‬أم أن ذاكرته قد غاب‬ ‫عنها هذا الجانب فجاء النص مقتبس��ا ً من روح‬ ‫المدين��ة الباطن��ي وليس معبراً عن جس��دها أو‬ ‫محيطها الخارجي؟‬ ‫•النص الثاني ‪ :‬أمنية‬ ‫يكشف هذا النص عن مضمونه مبكراً من خالل‬ ‫إطاللة عنوانه الذي ج��اء في كلمة واحدة نكرة‬ ‫ذات مدل��ول لفظي ومعن��وي واضح وصريح‪،‬‬ ‫وتمث��ل حلمأ‪ ،‬أو أمنية ظلت حبيس��ة في أعماق‬ ‫الش��اعر‪ ،‬حتى نس��ج خيوطها ورس��مها بتعبير‬ ‫رقيق خال من أي غموض أو إخفاء‪ ،‬إال أنها ال‬ ‫تخلو من االحتماالت والتأويالت التي قد تراوغ‬ ‫المتلق��ي وتلف به في دائرة ال ح��دود لها‪ .‬كتب‬ ‫س��عدون هذا النص بتاري��خ ‪ 9/9/2003‬بمدينة‬ ‫نيوي��ورك وقد جاء في مقط��ع واحد يتكون من‬ ‫اثني عش��ر س��طراً‪ .‬ومنذ س��طره األول يوحي‬ ‫النص بأن الش��اعر مس��جون بقلق��ه‪ ،‬يعاني من‬ ‫وحش��ة وغربة في أعماقه‪ ،‬ولذلك فهو ال يتردد‬ ‫أن يص��رح برغبت��ه ف��ي اله��روب‪ ،‬ومغادرة‬ ‫الم��كان وعدم المكوث فيه‪ ،‬ولكن يبدو أن هناك‬ ‫معارض��ة‪ ،‬أو ظروف��ا ً تجبره عل��ى البقاء‪ ،‬وال‬ ‫تمكن��ه م��ن المغادرة أو اله��رب وهو ال يفصح‬ ‫عنها بتاتا ً خالل نصه بالكامل‪:‬‬ ‫(أتمنى لو كان بمقدوري الهرب)‬ ‫وباس��تخدامه كلم��ة (الهرب) نس��تنتج أنه أجاز‬ ‫لنفسه القفز فوق الشرائع والقوانين حتى يتمكن‬ ‫من الخروج من مأزقه‪ .‬كما تحمل الكلمة إشارة‬ ‫إلى ش��دة ما يعانيه في مدينته من حالة اغتراب‬ ‫وضي��ق وقلق طفح معها كيل��ه وصار ال يقوى‬ ‫عل��ى تحم��ل واقعه الصع��ب‪ ،‬ولكن أي��ن يأمل‬ ‫الشاعر أن يستقر؟ أو إلى أين "يهرب" ؟‬ ‫(إلى مدن بعيدة‬ ‫بطرق مجهولة‬ ‫إلى جزر بعيدة‬ ‫التي تتألق خلجانها مثل الياقوت)‬ ‫وإذا كان الش��اعر ال يحدد في نصه موقعا ً معينا‬ ‫يري��د أن يرح��ل إليه‪ ،‬ب��ل يتج��ه خياله صوب‬ ‫(م��دن) أو (ج��زر) نكرة يحرر فيها نفس��ه من‬ ‫س��جونها‪ ،‬ويخلصها م��ن معاناته��ا‪ ،‬فإني أكاد‬ ‫أح��س وكأنه أثناء تاري��خ كتابة هذا النص يحن‬ ‫بقوة إلى جزيرة مالطا التي تمتع لسنوات طويلة‬

‫بطقس��ها الجميل ومجتمعها البس��يط وقربها من‬ ‫مس��قط رأس��ه‪ ،‬وتفاعله مع ثلة م��ن األصدقاء‬ ‫والزم�لاء‪ ،‬وزوار الجزي��رة الصغيرة‪ ،‬عكس‬ ‫غربت��ه في نيوي��ورك التي اس��تعصى عليه فك‬ ‫مفاتيحها في تلك الفترة سواء من ناحية التقرب‪،‬‬ ‫أو التغلغل في مجتمعها‪ ،‬أو التعود على طقسها‪،‬‬ ‫وروتينه��ا الص��ارم‪ .‬أظن أن الش��اعر يلمح في‬ ‫ه��ذا المقط��ع أن مدنه البعيدة ه��ي (طرابلس)‪،‬‬ ‫وجزره البعيدة هي (مالطا) حتى وإن لم يس��مها‬ ‫مباش��رة إال أننا نش��تم رائحة المكانين بين ثنايا‬ ‫س��طوره من خالل تعبيراته الوصفية التي تنقلنا‬ ‫إلى خصائص المكان دون تسميته‪ ،‬وهذا يتعزز‬ ‫عندما يواصل الش��اعر تقريب هذا التصور أو‬ ‫التوق��ع‪ ،‬فيقول إنه يبحث ع��ن مدينة أو جزيرة‬ ‫تس��طع شمس��ها وتش��رق أنوارها لكي يتخذها‬ ‫مكانا ً إلقامته يس��تقر ويس��تريح في��ه من عناءه‬ ‫وتعبه وقد أصبح ف��ي حالة صعبة من الضعف‬ ‫والتمزق والتدمر‪.‬‬ ‫(هناك أنا سأرمي مرساتي‬ ‫بحار ضعيف‬ ‫شراع ممزق‬ ‫سفينة منتهية)‬ ‫كم��ا نجده ف��ي هذا النص يكرر اس��م اإلش��ارة‬ ‫(هناك) مرتين تأكيداً على تطلعه إلى االستقرار‬ ‫ف��ي المكان اآلخر البديل ال��ذي يتمناه ويرغبه‪،‬‬ ‫ويوحي في نفس الوقت بأن اس��تقراره أو بقاءه‬ ‫ف��ي مكان إقامته الحالي ال يبدو طبيعياً‪ ،‬كما أنه‬ ‫يس��تخدم ظرف الزمان (قبل) ليحدد به الموعد‬ ‫الزمن��ي والوق��ت المعي��ن الذي الب��د أن يحقق‬ ‫في��ه أمنيته‪ .‬وتعبي��ره (ينتهي اليوم) هو إش��ارة‬ ‫إلى نهاي��ة الحياة عموما ً وليس الي��وم بذاته أي‬ ‫أنه اس��تخدم مجازاً أطلق في��ه األقرب وأراد به‬ ‫األبعد‪.‬‬ ‫(هناك أنا سأستقر‬ ‫قبل أن ينتهي اليوم)‬ ‫يب��دو واضح��ا ً أن ه��ذه القصيدة تحم��ل هموم‬ ‫الش��اعر الش��خصية وتطلقها في أمني��ة واحدة‬ ‫محددة‪ .‬وهي تميزت ببناء بسيط من حيث اللغة‬ ‫والص��ور التعبيرية‪ ،‬تنبعث موس��يقاها الداخلية‬ ‫م��ن إيح��اءات النص باألل��م والحني��ن والقلق‪.‬‬ ‫كم��ا انبعت��ث من الن��ص روح البحر وأنس��امه‬ ‫وخصائص��ه في داللة إلى صف��ات مكان معين‬ ‫يحمل هذا الس��مات الطبيعية الدالة عليه‪ ،‬يصبو‬ ‫إليه الشاعر في أحالمه وأمنياته وال يفصح عنه‪.‬‬ ‫تعليق الش��اعر العربي الكبير نزار قباني بخطه‬ ‫على ترجمة الدكتور سعدون السويح لنصوصه‬ ‫الشعرية‬ ‫‪fenadi@yahoo.com‬‬


‫‪16‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫اتذكر ــ‬

‫السنوسي حبيب‬

‫كان اخي األكبر عبر الس���نوات الماضية قد ج���رب اعماالكثيرة وكانت حياته منذ ان غادر‬ ‫مزرعة االس���رة ركضا وراء لقمة عيش كلفته الكثير من العناء والمعاناة‪ ,‬اشتغل في شركات‬ ‫النفط وخبازا ومساعد سائق وفي معسكرات الجيش البريطاني في المطبخ ‪ ،‬وطوحته األيام‬ ‫وكان آخر التجارب المخبز الذي بتصفيته مع ش���ريكه توفر له مبلغ من المال س���افر به الى‬ ‫طرابلس ليعود الى هون محضرا معه لوازم وتجهيزات مقهى والواح صفيح وخش���ب مرتك‬ ‫ليقيم بمعاونة بعض األصدقاء واألقارب كشكا يكون المقهى الذي سيفتح عليه وعلى ا ألسرة‬ ‫باب الرزق الميس���ر وليحولني من طالب مدرس���ة اعدادية الى صبي مقهى او (قرسون )كما‬ ‫كانوا يدعون نادل المقهى ذاك الزمان‪.‬‬

‫‪ - 2‬صيب املقهى‬ ‫كان عل��ي بع��د الخروج من المدرس��ة‬ ‫وتن��اول الغذاء في وقت محدد ان اداوم في‬ ‫المقهى م��ن حوالي الس��اعة الثانية ظهر ا‬ ‫الى التاس��عة مساءافي الشتاء والى الحادية‬ ‫عشر ليال في الصيف ‪،‬وفي عطلة المدرسة‬ ‫ط��وال النهار‪ ،‬كان العم��ل مرهقا وممضا‬ ‫ولكنن��ي كنت اتقبله بقلي��ل من التذمر كونه‬ ‫يوفر لي بسطة في العيش كانت مفقودة قبل‬ ‫ذل��ك ‪،‬كان اخي األكبرإضافة الى اش��رافه‬ ‫على المقهى واحضار متطلباتها يداوم في‬ ‫الفترة الليلية حيث يسهر الى الساعة الثانية‬ ‫ليأل واحيانا اكثر انتظارا لسيارات األجرة‬ ‫والحافل��ة الذاهبة الى س��بها حي��ث يتزود‬ ‫الركاب بحاجتهم من األكل والسندوتش��ات‬ ‫والمشاريب والشاى‪.‬‬ ‫في الصباح كنت اذهب الى المدرسة بهمة‬ ‫خائرة من اثر تعب العمل الذي كان يتضمن‬ ‫اضاف��ة ال��ى اع��داد الطلب��ات تقديمها الى‬ ‫الزبائن في اماكن جلوس��هم تحت مظالت‬ ‫الجريد المحيطة بالكش��ك من ثالث جهات‬ ‫‪,‬من اليمين والش��مال والخلف ‪,‬اضافة الى‬

‫جم��ع الفوارغ من على الطاوالت وغس��ل‬ ‫االكواب والصح��ون واإلهتمام باألرضية‬ ‫وكنس��ها حوال��ى اربع مرات ف��ي اليوم ‪,‬‬ ‫وحين تتوقف تاكس��ي امام المقهى يتوجب‬ ‫ان اخدمه��ا في وقت محدد وبس��رعة كون‬ ‫الس��ائقين يكون��ون ف��ي عجلة م��ن امرهم‬ ‫ويجب ان اغتنم فرصة وجود المس��افرين‬ ‫وابيعهم متطلباتهم من اكل وش��رب وشاى‬ ‫وس��جائر وكل ما يخطر على بال المسافر‬ ‫يتوجب ان يك��ون متوفرا لدي بما في ذلك‬ ‫دواء الصداع األسبرو ‪.‬‬ ‫حرمن��ي العم��ل ف��ي المقه��ى من فرص‬ ‫اللع��ب الت��ي كان يتمتع به��ا اقراني‪ ,‬لهذ ا‬ ‫ل��م اعرف كرة الق��دم والحتى اإلهتمام بها‬ ‫وال بغيره��ا من األلع��اب التي كان األوالد‬ ‫يزاولونها في الشوارع ‪ ،‬ولم اعرف النادي‬ ‫والالحركة الكش��فية‪ ,‬األمر الذي يستغربه‬ ‫م��ن يتعرف علي ف��ي الكبرحين انخرطت‬ ‫في المناشط التطوعية والخيرية‪.‬‬ ‫لقد س��لبني المقهى صب��اى واقحمني في‬ ‫عالم الكب��ار ومماكحات البيع والش��راء ‪،‬‬

‫وقض��اء قيلوالت الصيف ش��ديدة الحرارة‬ ‫تحت س��قف صفيح يلتهب ظه��را وجوار‬ ‫مواق��د الغازالت��ي كن��ا نع��د عليها الش��اى‬

‫ومفتقرة ألي نشاط ثقافي ‪.‬‬ ‫اجتزت س��نوات الدراسة األولى والثانية‬ ‫اع��دادي بصعوب��ة بالغة‪ ,‬كن��ت انجح في‬

‫مفتاح الشارف يلتقي السنوسي حبيب رفيق السجن بعد ‪ 30‬سنة‬

‫الدور الثاني ‪ ,‬اما الس��نةالثالثة اى الشهادة‬ ‫اإلعدادي��ة حي��ن كن��ا نس��تعد لإلمتحانات‬ ‫وقعت حرب النكس��ة للعام ‪1967‬فاوجلت‬ ‫امتحاناتنا لمدة شهرسافرنا خالله لإلمتحان‬ ‫ف��ي مدينة س��بها مما وفر ل��ي وقتا اضافيا‬ ‫للمذاك��رة ولإلس��تعانة بزمالئ��ي ف��ي فهم‬ ‫واستيعاب ما كان مستعصيا علي وكان ان‬ ‫نجحت من الدور األول وكم كان ش��عوري‬ ‫حينها ممتعا ومفرحا خاصة واننا س��وف‬ ‫ندرس المرحلة الثانوية بمدينة س��بها حيث‬ ‫ل��م يكن في هون مدرس��ة ثانوي��ة ما يعني‬ ‫انفكاك��ي وتخلص��ئ م��ن المقه��ى وعمله‬ ‫المرهق‪.‬‬

‫والقه��وة وقدور الفاصولي��اء‪, ,‬ورغم ذلك‬ ‫كان للمقهى مزايا عملية ‪ ,‬انه علمني كيف‬ ‫احس��ب دمغيا كما يصف��ون حينها عمليات‬ ‫الجم��ع والطرح والقس��مة ف��ي الراس أي‬ ‫دون اس��تعمال الورقة والقلم ‪ .‬كان للمقهى‬ ‫فضل آخر الينس��ى وله أثر بارز في مقبل‬ ‫حياتي حي��ث تعلمت فيه ق��راءة الصحف‬ ‫حي��ث كان��ت ش��قيقتي تبعث لن��ا الصحف‬ ‫القديمة التي كان زوجها يتابعهاةلنستعملها‬ ‫في لف السندوتشات وكان ابرزها صحيفة‬ ‫الحقيق��ة اكث��ر الصح��ف الليبي��ة توزيع��ا‬ ‫واهتماما بالش��أن الثقاف��ي وخاصة عددها‬ ‫االس��بوعي ال��ذي عب��ره عرف��ت وقرأت‬ ‫الغل��ب الكتاب والش��عراء الليبيين‪ ,‬وهكذا‬ ‫لم تذهب قيلوالت الصي��ف المحرقة تحت‬ ‫صفيح الكش��ك هدرا بل اس��تفدت منها في‬ ‫تفت��ح إههتمامي ووعيي باكرا نس��بيا على س��بها اكبر م��دن الجنوب ‪،‬اكثرها س��كانا‬ ‫الش��ان الثقافي والسياس��ي في بيئ��ة مغلقة وانشطها تجاريا‪,‬هي عاصمة اإلقليم ومقر‬

‫‪ - 3‬ثانوية سبها‬

‫خالد ترجمان وأبنائة ومصطفى الكوافي‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫مرك��ز الوالية زم��ن الوالي��ات والمركز‬ ‫اإلداري للمحافظ��ة ‪ ,‬وهي قبل��ة النازحين‬ ‫اليه��ا من ق��ري الجنوب بحث��ا عن فرص‬ ‫افضل للعي��ش ‪ ,‬وهي كذل��ك محط ركبان‬ ‫العائدي��ن من مهاج��ر تش��ا د والنيجر من‬ ‫البدوالليبيي��ن الذي��ن هاجروا أي��ام الحرب‬ ‫والمجاع��ات والذين ادت الس��يولة المالية‬ ‫التي نتجت عن النفط الى اجتذابهم وعودتهم‬ ‫الى الوطن وكانت س��بها من اكثر االماكن‬ ‫اس��تيعابهم لهم وس��وف يكون لهم في قادم‬ ‫الس��نوات تأثي��را واضحا في تغيي��ر البنية‬ ‫الس��كانية للمدينة الناشيئة و ادوارا سلبية‬ ‫في حياة الناس واستقرارهم بالمدينة ‪.‬‬ ‫كان بس��بها المدرس��ة الثانوي��ة الوحي��دة‬ ‫في الجنوب والقس��م الدخلي الوحيد والذي‬ ‫كان يس��توعب طلبة الثانوية و طلبة معهد‬ ‫إع��داد المعلمي��ن المجاور له��ا‪ ,‬وقد مثلت‬ ‫وقس��مها الداخل��ي الم��كان الحاضن لطلبة‬ ‫مختل��ف قرى الجنوب األمر الذي ادي الى‬ ‫تعارف وتمازج ش��باب الجنوب وتعاونهم‬ ‫في مس��تقبل األيام كون احساسهم باإلنتماء‬ ‫الى ثانوية سبها وما يعنيه ذلك من ذكريات‬ ‫مش��تركة‪ ,‬خاص��ة وان س��بها وقتها كانت‬ ‫مدينة آمن��ة ومضيافة ومرحب��ة بالوافدين‬ ‫عليها من طالبي العمل او ممارسي التجارة‬ ‫ا ومن الطالب ‪.‬‬ ‫حين جيئت إلى س��بها للدراس��ة في العام‬ ‫الدراس��ي ‪ 67-68‬كانت مدرستها الثانوية‬ ‫القديم��ة معلما ب��ارزا‪ ,‬تظه��ر متميزة في‬ ‫مكان فضاء وعلى تبة واضحة اليحيط بها‬ ‫مبان اخرى وتبعد عن حي الجديد التاريخي‬ ‫حوال��ي ‪5‬كيلومترات وع��ن القرضة ثاني‬ ‫اقدم واكب��ر االحياء حوال��ي ‪3‬كيلومترات‬

‫مبنى الس��ينماء الوحيد ف��ي الجنوب والذي‬ ‫يمثل للقادمين الى س��بها مزارا اساسيا البد‬ ‫له��م من ولوجه ولو لم��رة واحدة لإلطالع‬ ‫على منج��زات الدنيا الحديث��ة وافالم فريد‬ ‫ش��وقي والمليجي وسعاد حسني ‪ .‬اما القسم‬ ‫الداخلي فيبعد عن مدرس��تنا القديمة حوالي‬ ‫كيلو مترين وعن المدرس��ة الجديدة والتي‬ ‫س��وف ننتقل اليها في الع��ام القادم فحوالي‬ ‫اربعةكيلومت��رات كن��ا نقطعه��ا زراف��ات‬ ‫ووحدانا بين الثانوية وقسمها الداخلي‪.‬‬ ‫كان مدرس��ونا ف��ي االغلب غي��ر ليبيين‬ ‫‪ .‬مصريين وفلس��طينيين وتونس��يين ‪ ،‬اما‬ ‫مدير الثانوية والقسم الداخلى مضافا اليهما‬ ‫معه��د اعداد المعلميين فكان ليببيا ‪ ،‬كان ذا‬ ‫شخصية قيادية تسلطية يفرض على جميع‬ ‫الطلب��ة احترامه وخش��يته ‪ ،‬كان حين يقف‬ ‫ام��ام الطوابي��ر صباحا يخي��م صمت ثقيل‬ ‫على الس��احة فل��و القيت اإلب��رة كما يقال‬ ‫تسمع وقعها‪.‬‬ ‫حي��ن كانت س��نوات المرحلة اإلعدادية‬ ‫مرهقة وممضة ‪ ,‬امتازت المرحلة الثانوية‬ ‫بالنسبة لي بالراحة والتمتع بوضع الطالب‬ ‫المتفرغ لدراس��ته رغ��م التحاقي للعمل في‬ ‫دكان حالقة اخي االوس��ط ال��ذي عاد الى‬ ‫هون ول��م يقفل الدكان ب��ل اوكل امره الى‬ ‫صنايع��ي بالحص��ة لم يك��ن يواضب على‬ ‫العمل ‪ ،‬وفر لي الدكان سعة مالية تمكنني‬ ‫من اإلنفاق المريح ودخول السينماء مرتين‬ ‫في األس��بوع على األق��ل‪ ,‬دون طلب نقود‬ ‫م��ن العائلة االمر الذي اضطررت اليه في‬ ‫الس��نوات الموالية حين اقفل محل الحالقة’‬ ‫ولك��ن ألخ��ي األكب��ر اس��لوب جميل في‬ ‫التعام��ل معي ماليا اذ لم يكن يعطيني نقودا‬

‫آخذ فقط ما يكفيني كحد أدنى ‪.‬‬ ‫من��ذ الس��نة األولى ثانوي ب��دأت اميل‬ ‫الى القراءة الحرة رغم جفاف س��بها ثقافيا‬ ‫وخلوه��ا م��ن المكتب��ات العام��ة ومكتبات‬ ‫بي��ع الكت��ب س��وى مكتبة واح��دة صغيرة‬ ‫بحي قعيد كانت اش��به ب��دكان المكتبة وال‬ ‫تتوف��ر س��وى على عد د بس��يط من الكتب‬ ‫والمجالت‪ .‬كانت مكتبة المدرس��ة الثانوية‬ ‫والت��ي به��ا نظ��ام إع��ارة خارجي��ة ه��ي‬ ‫المصدر األساسي للقراءة الحرة ‪.‬كان ميلي‬ ‫األكث��ر للمقاالت والدراس��ات النقدية ومن‬ ‫ثم الشعروالدراس��ات التاريخية وبالنس��بة‬ ‫لطالب ثانوي لم يكن احد يرشده او يوجهه‬ ‫كانت محتويات المكتبة كافية وتشجع على‬ ‫القراءة ‪ ,‬في هذه المكتبة بدأت التعرف على‬ ‫كتاب��ات محمود عباس العقاد الذي ش��دتني‬ ‫كتابه النقدية ودراس��اته ع��ن ابن الرومي‬ ‫واب��ي نواس ومن ث��م دراس��اته التاريخية‬ ‫ومقاالت��ه المجمعة التي كان لها الفضل في‬ ‫لفت انتباهي الى الكتاب غير العرب الذين‬ ‫كان يكتب عنهم ويش��يد بكتاباتهم ‪ .‬مثل لي‬ ‫العقاد اس��تاذا غير مباشر وقدوة تحتذى في‬ ‫التثق��ف الحر خاص��ة وان��ه كان عصاميا‬ ‫في تكوينه الثقافي وكان ذا ش��هرة واس��عة‬ ‫حينه��ا ربما كان لإلع�لام المصري دورا‬ ‫فيها ‪.‬ش��دتني دراسته اإلس�لامية إللهتمام‬ ‫بالتاريخ اإلس�لامي ومثل لي كتابه التفكير‬ ‫فريضة اس�لامية حصنا منيعا تجاه كتابات‬ ‫االصوليين مثل س��يد قط��ب ومحمد قطب‬ ‫اللذين قرأت لهم في هذه الفترة ولم انسحب‬ ‫خلفهم��ا بفضل العقاد‪ ,‬في حين كنت معجبا‬ ‫بكتابات خال��د محمد خال��د وخاصة كتاب‬ ‫ف��ي الب��دء كان الكلم��ة‪ ,‬كانت ه��ذه الغيرة‬ ‫السنوسي حبيب وعاشور الطويبي أمام منزل أحمد الفيتوري‬ ‫م��ن الفصل الثان��ي والثال��ث الثانوي اكثر‬ ‫وعلى مرمى كيلومت��ر واحد من حي قعيد ب��ل يطلب من��ي ان افتح صن��دوق الحديد فترات حياتي ميال للتاريخ اإلس�لامي ومن‬ ‫الحديث النشأة والمركز التجاري واإلداري الذي يستعمله كخزينة وان آخذ منه ما اريد ثمة التفكير بطريقة اس�لامية كدت فيها ان‬ ‫للمدين��ة و مقر المباني اإلدارية األساس��ية دون ان يحدد مبلغا او يطلب مني ان اعلمه انغمس في افكار التشدد اإلسالمي ‪.‬‬ ‫كالمحافظ��ة ومديرية االم��ن ‪ ,‬اضافة الى بالمبلغ الذي آخذه ‪,‬كان اسلوبه ذلك يجعلني‬

‫‪17‬‬

‫درست العام األخير من المرحلة الثانوية‬ ‫في ظل الحكم العس��كري الذي اقامه معمر‬ ‫القذافي والذي كانت اضافته االهم بالنس��بة‬ ‫لنا ه��ي ادخ��ال التدريب العس��كري اثناء‬ ‫الدراس��ة والذي عرفنا في��ه وضع البروك‬ ‫والهرول��ة والش��تائم العراقي��ة التي يطلقها‬ ‫علين��ا بع��ض الضب��اط المتخرجي��ن م��ن‬ ‫العراق ‪.‬‬ ‫في س��بها ب��دأ إهتمامي بالكتاب��ة وكانت‬ ‫محاولت��ي األول��ى ع��ن الكات��ب ابرهي��م‬ ‫الكوني ال��ذي كان يكتب في صحيفة البالد‬ ‫الصحيف��ة الوحي��دة في الجن��وب وكانت‬ ‫تصدر اسبوعيا وكان ما يكتبه الكوني يثير‬ ‫حوارا وضجة‪ ،‬كانت مقالتي التي نش��رتها‬ ‫البالد تتناول تلك الحوارات ‪.‬‬ ‫حين اتذكر س��بها تتداع��ى امامي احياؤها‬ ‫المتباع��دة ع��ن بعضها ومبانيها البس��يطة‬ ‫وس��وق قعي��د ومقه��ى ومطع��م األط�لال‬ ‫الذي اليتوقف ط��وال اليوم عن بث اغاني‬ ‫ام كلث��وم كمش��ه لصح��ون الفاصوليا التي‬ ‫كان يجيده��ا وكانت في متن��اول امكانياتنا‬ ‫كطلبةحي��ن كنا نهرب م��ا امكن من األكل‬ ‫البائ��س بمطع��م القس��م الداخل��ي وخاصة‬ ‫ف��ي وجب��ات العش��اء التي اس��تغرب اآلن‬ ‫كيف كنا نتقبلها‪ .‬يحضرني ايضا ش��تاؤها‬ ‫القارس وهواؤها الذي يفري الجلد ونحسه‬ ‫في العظم يضاهيه ش��دة وهج صيفها الذي‬ ‫كنا في فت��رة القيلولة نبل��ل الماليات وننام‬ ‫تحتها الى ان تجف وتعود السخونة الملهبة‬ ‫فنس��تيقظ ‪ .‬كانت اياما وش��هورا انحفر ت‬ ‫عميقا في ذاكرت��ي وال املك اآلن االان ان‬ ‫اترح��م عليها إتس��اقا مع القول المش��هور‬ ‫( هللا يرحم أيام زمان) ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫• مصحة البحيرة تونس العاصمة ‪-‬‬ ‫‪2011 27-12-‬م‬


‫‪18‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫الفنان حممد مرشان (اجلوبة بعيدة)‬ ‫أول من أعد املقدمات املوسيقية ‪ ،‬وهو أول من قام بتوزيع اللحن اللييب‬ ‫هليل البيجو‬ ‫كان الفن��ان محمد مرش��ان موهوبا حقيقي��ا ‪ ،‬وقد تجلى ذلك في‬ ‫جرأت��ه وإقدامه على مس الت��راث ‪ ،‬وتقديمه لنا بعد أن يضفي‬ ‫عليه من روحه ما يشاء ‪ ،‬وأصف ذلك بالجرأة ؛ ألن االقتراب‬ ‫من التراث ‪ ،‬مسألة لها خطورتها ومحاذيرها ؛ فالتراث له عند‬ ‫أصحابه قدس��ية ‪ ،‬وه��م ألفوه في صورة انطبع��ت في أذهانهم‬ ‫وتش��كلت به��ا وجداناتهم وتربى عليها ذوقه��م ‪ ،‬فأي تغيير فيه‬ ‫أو محاول��ة لالس��تفادة منه يع��د عندهم أمرا غي��ر مقبول ‪ ،‬فال‬ ‫مناص من نحت جسر آمن بينهم وبينه عند العمل على توظيفه‬ ‫أو اس��تلهامه لخلق فن متطور يجافظ عل��ى األصول ‪ ،‬ويحقق‬ ‫الرغبة في التجديد ‪.‬‬ ‫ولوال أن الفنان مرش��ان كان ينطوي على ثقافة موسيقية كبيرة‬ ‫‪ ،‬وحب غام��ر لهذا التراث‪ ،‬لما تمكن من اس��تلهامه وتطويره‬ ‫‪ ،‬بم��ا يحفظ عليه ش��خصيته األصيلة ‪ ،‬وقد غام��ر فنانا الكبير‬ ‫ونج��ح في مغامرته ‪ ،‬وأحي ما أحي��اه من روائع تراثنا ‪ ،‬ولعل‬ ‫موهبة هذا الفنان تتجلى – أشد ما تتجلى – في كونه تعامل مع‬ ‫كلمات ش��عبية في قالب تقليدي – غير غنائي – من حيث تعدد‬ ‫الش��طرات وتنوع األوزان ‪ ،‬وعل��ى الرغم من ذلك فقد تعددت‬ ‫ألوانه الموسيقية وتنوعت جمله اللحنية مما قفز باألغنية الليبية‬ ‫إلى مراحل متقدمة ‪ ،‬وال يخفى على أحد من أهل الدراية بالفن‬ ‫أن التعامل مع النص الغنائي المفتوح ‪ ،‬يتيح فرصة أكبر للملحن‬ ‫‪ ،‬ويعين��ه في ابت��كار جمل جديدة ‪ ،‬وأنماط لحنية مختلفة ‪ ،‬على‬ ‫أن النص الش��عبي التقليدي ‪ ،‬يح��د من انطالقة الملحن ‪ ،‬وربما‬ ‫يجر جرا إلى التكرار ‪ ،‬أو السباحة في نفس األفق الذي اعتادته‬ ‫النفس وتشكلت بما فيه ‪ .‬وإنني على الرغم من كوني واحدا من‬ ‫الذين يحاولون نس��ج الكلمة الش��عرية الغنائية وينحازون إليها‬ ‫في تراتبية العمل الغنائي ‪ ،‬إال أنني أنطوي على إحس��اس قوي‬ ‫وإيمان أكيد بأن األغنية الليبية لم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه‬ ‫من مكانة مرموقة في ستينيات القرن الماضي وبداية سبعينياته‬ ‫إال بفضل جس��ر آمن وطريق ممهد عبّده ملح��ون أفذاذ خلعوا‬ ‫عل��ى المعروف المألوف ثوب زينة نقش��وه بصفاء إحساس��هم‬ ‫ورقة مش��اعرهم وحسن انفعالهم بتراثهم األصيل ؛ فأبهر هذا‬ ‫الثوب الموس��يقي العقول ولم تنكره القلوب ‪ .‬ونعلم أن للمعرفة‬ ‫واأللف��ة والعادة برودا‪ ،‬فم��ا أدري كيف اتقد هذا البرود بأذهان‬ ‫أولئك الملحنين العباقرة ‪.‬‬ ‫لقد كان للفنان الكبير محمد مرش��ان هاجس يس��يطر عليه فيما‬ ‫يحس��ه أي متتبع لمس��يرته الفنية ‪ ،‬وهذا الهاجس فيما أتصوره‬ ‫يمثل��ه س��ؤال كبير‪ ،‬ه��و كيف يحاف��ظ على تراثنا الش��عبي أو‬ ‫تحدي��دا األغني��ة التراثية‪ ،‬وكيف يصل باألغني��ة إلى الجمهور‬ ‫ال��ذي أصبح من حي��ث الزمن بينه وبينها أم��د بعيد‪ ،‬وكان هذا‬ ‫الهاجس هو المحرك لموهبة الفنان مرشان‪ ،‬وحفزه إلى خوض‬ ‫تجربة التجديد‪ .‬التي أثمرت فنا خالصا وأعماال إبداعية سطرت‬ ‫بأحرف من نور في مس��يرة األغني��ة الليبية ‪ ،‬ونذكر جميعا أن‬ ‫الفنان مرشان يعد أول من أعد المقدمات الموسيقية ‪ ،‬وهو أول‬ ‫من قام بتوزيع اللحن الليبي‪ ،‬وله سلسلة من المحاوالت الناجحة‬ ‫واألعمال الفنية الرائدة في بابها‪.‬‬ ‫ه��ذا هو الفنان محمد مرش��ان رائ��د التوزيع الموس��يقي ببالنا‬ ‫وصاح��ب أجمل المقدمات الموس��يقية وأحد مؤسس��ينا الرواد‬ ‫للمعاهد الموس��يقية ومهرجانات األغني��ة وصاحب اليد األولى‬ ‫في إنشاء كثير من الفرق الفنية‪.‬‬ ‫وس��نبقى دوما نذكر بفخر نذكر روائعه الفنية سواء التي غناها‬ ‫بنفسه أو التي لحنها‪ ،‬أو تلك التي قام بتوزيعها‪ ،‬وستظل أجيالنا‬

‫السيد حممد مرشان‬ ‫وهليل البيجو‬

‫الالحقة تردد‪..‬‬ ‫ـ نور العين والجوبة بعيدة‪.‬‬ ‫ـ يا غالين القلب ما ينساكم‪.‬‬ ‫ـ هايم بيه وعيوني سهارى‪.‬‬ ‫ـ سلم على من يسلم علي‪.‬‬ ‫ـ شيعت عيني‪.‬‬ ‫ـ كلمتها واطت العين عليا‪.‬‬ ‫ـ يا عيون الحبارة‪.‬‬ ‫ـ خوذ الود يا طير المحبة‪.‬‬ ‫وروائع أخرى س��نحاول إن ش��اء هللا جمعه��ا في كتاب خاص‬ ‫يضم كل أعمال فناننا الكبير‪.‬‬ ‫رائعة الفنان محمد مرشان (الجوبة بعيدة)‬ ‫كلم��ات بن��ت الوطن‪ ....‬لحن ش��عبي قديم أعده وق��ام بتوزيعه‬ ‫وغنائه الفنان محمد مرشان‪.‬‬ ‫نور العين والجوبة بعيدة‬ ‫ّ‬ ‫حن القلب ألوهامه ايريده‬

‫‪.....‬‬ ‫ألوهامه وحبّه‬ ‫يحلم بيه بأيامه وقربه‬ ‫زاد الموح في شوقه وهبه‬ ‫حاله حال من فارق وليده‬ ‫‪.....‬‬ ‫من فارق جنينه‬ ‫يبكي دوم متزايد حنينه‬ ‫وطيف امناه ما فارقش عينه‬ ‫يوم ابيوم من حبه ايزيده‬ ‫‪.....‬‬ ‫يتمنى ايعود الماضي‬ ‫نور العين راضي‬ ‫ايعيش امعاه متريح و فاضي‬ ‫ايعدي العمر بأيامه السعيدة‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫‪19‬‬

‫ابن كثري والربيع العربي‬ ‫حسني املزداوي‬ ‫ْ‬ ‫دخلت س��نةُ ثنتي��ن وثالثي��ن وأربعمئ ٍة‬ ‫‪ ...‬ث��م‬ ‫وألف !‬ ‫ٍ‬ ‫الح��وادث العظ��ا ُم‪ ،‬واألحداثُ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫وفيه��ا كان�� ِ‬

‫األرض يتعففُ بذلك‬ ‫فقير كان يبي�� ُع ثما َر‬ ‫فتى ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عن الس��ؤال‪ ،‬فل ّما اس��تب َّد به الفقرُ‪ ،‬وغاظَهُ أن‬ ‫س��وار تلط ُمهُ‪ ،‬أحرق – غفر‬ ‫ت‬ ‫تمت َّد إليه ي ُد ذا ِ‬ ‫ٍ‬

‫الجس��ا ُم‪ ،‬وانتظ�� َم فيها من جلي��ل الوقائع ما لم‬ ‫ْ‬ ‫وش��هدت فيها أم��ةُ العرب‬ ‫ينتظ ْم في س��واها‪،‬‬ ‫األح��وال‪ ،‬وتب ُّد ِل‬ ‫ل‬ ‫وتح��و‬ ‫‪،‬‬ ‫المل��ك‬ ‫زوال‬ ‫م��ن‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫التصاري��ف مااليك��ون مثل��هُ إال ف��ي الم��دد‬ ‫ِ‬ ‫المتطاول ِة‪ ،‬واألزمن ِة المنفسح ِة‪.‬‬ ‫التاريخ قطّ أن ملوكا ً ثالثةً كباراً‬ ‫وماعلمن��ا في‬ ‫ِ‬ ‫عام واح ٍد إال م��اكان في هذه‬ ‫ف��ي‬ ‫زا َل مل ُكهُ��م‬ ‫ٍ‬ ‫السن ِة العجيبة!‬ ‫ففيه��ا ف�� َّر طاغي��ةٌ ظال�� ٌم كان يحك�� ُم أرض‬ ‫القي��روان‪ ،‬يُق��ال ل��ه‪ :‬اب��ن عل ّي! وق��د ذكروا‬ ‫ِ‬ ‫أنَّه ماترك س��بيالً يُحاربُ به الدين إال س��لكه!‬ ‫والهداه شيطانُهُ إلى شي ٍء فيه منقصةٌ‬ ‫لإلسالم‬ ‫ِ‬ ‫ورجالِ�� ِه وتضيي�� ٌ‬ ‫ق عليهم إال أخذ به! فس�� َجنَ‬ ‫َّ‬ ‫يرض حتى ح�� َّو َل بال َد‬ ‫ب وقت�� َل‪ ،‬ثم ل��م‬ ‫َ‬ ‫وع��ذ َ‬ ‫عواصم‬ ‫القي��روان م��ن عاصم ٍة ش��امخ ٍة م��ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وقلع ٍة منيعة من قالع العلم‪ ،‬إلى حان ٍة‬ ‫كبير ٍة‪ ،‬يتس��لى فيها الفرنجةُ‬ ‫بكشف عوراتِهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وإتيان رذائلهم‪ ،‬وق��د بلغني فيما يرويه الثقاتُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫أن المس��لمة العفيفةَ‬ ‫َّ‬ ‫تلبس‬ ‫ماكانت تس��طيع أن‬ ‫َ‬ ‫حجابَه��ا‪َّ ،‬‬ ‫وأن جالوزةَ هذا الظالم ربما نزعوه‬ ‫وأماك��ن العمل! فالحم ُد هلل‬ ‫ت‬ ‫عنه��ا في الطرقا ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي عجَّل بهال ِك ِه‪.‬‬ ‫والعجي��بُ َّ‬ ‫أن هللا قد جعل مب��دأ هال ِك ِه على ي ِد‬

‫هللا لنا وله – نفسه‪ ،‬فلم ْ‬ ‫يلبث أن ها َج الناسُ فف َّر‬ ‫( بائ�� ُع البال ِد ) بفعل ِة ( بائ��ع الخضار ) ! وهلل‬ ‫األمر من قبل ومن بع ُد ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫أرض مصر‪،‬‬ ‫فرعون كان يحك�� ُم‬ ‫وفيها أُ ِس�� َر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫جعل عاليها س��افلها‪ ،‬واتخذ له من ِسفل ِة الناس‬ ‫أعوان��ا ً وأنصاراً‪ ،‬فكان منه��م الوزير والمدير‬ ‫والخفي ُر والس��اعي بالفساد والمغتصبُ لحقوق‬ ‫الناس والمشي ُع للفاحش ِة‪.‬‬ ‫وقد ذكروا ّ‬ ‫أن ش َّر خصاله أنّه كان ردءاً لليهو ِد‬ ‫يظاهره��م على بن��ي دينه من أبناء فلس��طين‪،‬‬ ‫والمدن‪ ،‬ولكنّنا‬ ‫القالع‪،‬‬ ‫حصار‬ ‫ولقد سمعنا عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ماس��معنا ُّ‬ ‫قط أن حاكما ً مس��لما ً يحاص ُر ش��عبا ً‬ ‫ت‬ ‫مس��لما ً بأكمله س��نين متطاولة‪ ،‬اليبالي بمو ِ‬ ‫من م��اتَ ‪ ،‬وال بهالك من هلك‪ ،‬وال بجوع من‬ ‫جاع‪ ،‬وال بمرض من مرض!‬ ‫ُ‬ ‫تواري��خ األمم والملوك‬ ‫رأيت من‬ ‫ول��م أر فيما‬ ‫ِ‬ ‫والطغ��اة والظالمي��ن حص��اراً يك��ون تح��تَ‬ ‫األرض كم��ا يك��ون فوقها! فقد ذك��روا أنّه لم‬ ‫العس��كر على‬ ‫ب‬ ‫ي��رض‬ ‫َ‬ ‫بغل��ق المناف�� ِذ ونص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحدود حتى ش َّ‬ ‫ق في األرض شقا ً عميقا ً ثم دلّى‬ ‫أل��وان الحدي ِد وغيره ماصنع به جداراً‬ ‫فيه من‬ ‫ِ‬ ‫يَعْي��ا الحاذ ُ‬ ‫ق بن ْقبِ ِه‪ ،‬وأعج��بُ من هذا أنَّه جعل‬ ‫فيه ش��يئا ً ال يُدرى ماهو يجع ُل المر َء إذا لمسه‬

‫ُ‬ ‫فيموت!‬ ‫ينتفضُ‬ ‫ثم هو بعد ذلك يبس��طُ لليه��ود بيمينه ما قبضه‬ ‫عن الفلسطينيين بشماله‪ ،‬ولقد جعل الحر عبداً‪،‬‬ ‫والعب َد ح��راً‪ ،‬حتى لَمص ُر في عه ِد ِه أح ّ‬ ‫ق بقول‬ ‫أبي الطيب ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫مصر ع��ن ثعالبِه��ا ‪ ...‬فالحرُّ‬ ‫نواطي��ر‬ ‫نام��ت‬ ‫ٍ‬ ‫مستعب ٌد والعب ُد معبو ُد‬ ‫ث المصري��ون األح��را ُر أن َذ َكروا به‬ ‫فل��م يلب ِ‬ ‫الحاك��م بأمر هللا ‪ ..‬فهاجوا عليه كما هاجوا من‬ ‫الحاكم على أنّهم أسروه ولم يقتلوه‪.‬‬ ‫قب ُل على‬ ‫ِ‬ ‫وقيل‪ :‬إنّ‬ ‫أرض يقال لها التحري ُر (‬ ‫في‬ ‫احتشد‬ ‫ه‬ ‫ٍ‬ ‫ألف إنس��ان) فيهم الرجل والمرأة‪،‬‬ ‫ألف ِ‬ ‫ثمانية ِ‬ ‫والصغي��ر والكبير‪ ،‬والمس��ل ُم وغير المس��لم‪،‬‬ ‫فمازالوا ثَ ّم يهتفون ويصرخون مارفعوا سالحا ً‬ ‫وال آذوا إنساناً‪ ،‬وال تلطخوا بجريرة‪ ،‬وظلوا ال‬ ‫يبرحون حتّى تنحّى ذلك الحاك ُم وأُ ِخذ أس��يراً‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إنه بكى طويالً لما زاره صديق قديم!‬ ‫وهلل في خلقه شؤون !‬ ‫ٌ‬ ‫األرض ع ّز‬ ‫ت‬ ‫طواغي‬ ‫من‬ ‫طاغوت‬ ‫وفيها قُتِ�� َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نظي ُرهُ‪.‬‬ ‫ب كان‬ ‫قتلَهُ من قتلَهُ بعد أن أُخ َذ أس��يراً من َس َر ٍ‬ ‫قد اختبأ فيه ذليالً بعد عزة‪ ،‬قليالً بعد كثرة‪.‬‬ ‫قال��وا‪ :‬وكان ه��ذا الرج�� ُل ولي أم��ر طرابلس‬ ‫وماحوله��ا أربعين عاماً‪ ،‬ماترك قتالً وال ظلما ً‬ ‫وال نهبا ً وال جنونا ً والحماقةً إال أتى بها!‬ ‫ق من‬ ‫وبل�� َغ م��ن حمقِ�� ِه أنّ��ه كان يلتقطُ الم��ز َ‬ ‫األقمش ِة فيجعل منها ثوباً!‬ ‫األرض فيس��خر‬ ‫وأنّ��ه كان يق��ف بين مل��وك‬ ‫ِ‬ ‫ويه��زأ ويتمخر ُ‬ ‫ق ويم��زق األوراق ويلقي بها‬ ‫في وجوه الناس!‬ ‫لنفس�� ِه لقبا ً عجيبا ً ماع��رف الناسُ‬ ‫وأنّ��ه جعل ِ‬ ‫أطو َل منه!‬ ‫ٌ‬ ‫وأنّ��ه كان��ت ل��ه خيم��ة يطوف به��ا األرض‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫حي��ث ح��لَّ‪ ،‬ثم تك��ون هي‬ ‫يض��ربُ أوتاده��ا‬ ‫مجل َسه ومضافتَهُ‪ ،‬وربما نصبها بجوار القصر‬ ‫الفخم‪ ،‬ث��م يأتيه الرئي��سُ أو الملك فال‬ ‫الكبي��ر‬ ‫ِ‬ ‫يُجل ُسهُ إال فيها!‬ ‫وأنّه لم يرض أن يؤرخ بتاريخ المس��لمين وال‬ ‫بتاريخ غيرهم ! فابتدع لنفس��ه تاريخا ابتدأ من‬ ‫وفا ِة نبيّنا صلى هللا عليه وسلم! ثم ألقى بأسماء‬ ‫األش��هر التي عرفه��ا العربُ والعج ُم وس��مى‬ ‫شهوره ‪ :‬أين النار! والماء! والتمور! والطير!‬

‫وهل ّم جراً‪.‬‬ ‫وبل�� َغ م��ن حمقه كذل��ك أن صنّف كتابا ً س��ماه‬ ‫( األخض��ر ) ا ّدعى أن فيه ص�لاح العالمين‪،‬‬ ‫فقرها وعنائه��ا‪ ،‬وأنَّه‬ ‫وخ�لاص‬ ‫األرض م��ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫العصر سياسةً واقتصاداً!‬ ‫دستو ُر‬ ‫ِ‬ ‫وفي الجملة فإن غرائبه ال تحصى‪.‬‬ ‫ومن وقائع هذه السنة كذلك ما فعله حاك ُم الشام‬ ‫ب حقوقهم وحريتهم‪ ،‬فلم‬ ‫لم��ا تنادى أهلها بطل�� ِ‬ ‫يلبث أن س��لط عليه��م جالوزتَه‪ ،‬ونف��راً كانوا‬ ‫يُس��مونهم ( ال َّش��بِّيْحة)‪ ،‬واحدُهم ( َشبِّيْح)‪ ،‬وهو‬ ‫العس��كر يُعطى السال َح فيفعل‬ ‫الرج ُل من غير‬ ‫ِ‬ ‫به مايشا ُء‪.‬‬ ‫وفع��ل الرج ُل في أهل الش��ام مالو وجده إبليسُ‬ ‫في صحائفِ ِه ألخزاهُ واستحيا منه!‬ ‫ومث�� ُل ذلك فعلُهُ رج ٌل ظ�� َّل يحكم اليمن ثالثين‬ ‫عاماً‪ ،‬فلما ملّه الناسُ ‪ ،‬وآذنوه بالرحيل‪ ،‬عاجلهم‬ ‫قصفا ً وقنصا ً وقت�لاً وجرحاً‪ ،‬فكان ماكان مما‬ ‫ُ‬ ‫لست أذكره!‬ ‫ث��م انقض��ت ه��ذه الس��نة ودخلت س��نةُ ثالث‬ ‫وثالثين وأربعئمة وألف ‪ ..‬وفيها ‪. " ..‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ُ‬ ‫ماتصورت َّ‬ ‫أن المؤرخ الكبير اإلمام‬ ‫•اهـ ‪:.‬هذا‬ ‫ابن كثير سيكتُبُهُ لو قُدِّر له أن تكون هذه السنةُ‬ ‫العجيبةُ ضمنَ ما أرَّخ له في كتابِ ِه ّ‬ ‫الفذ (البداية‬ ‫والنهاية)‪.‬‬ ‫•عن الفيس بوك‬

‫وكان صمتك يزيدني قلقًا‬ ‫إبراهيم عثمونة‬ ‫ك��م مرة قم��ت من نوم��ي فزع��اً‪ ....‬ال أعرف‪ ,‬كأن��ي رأيتك‬ ‫تموت‪ ..‬وكم مرة س��رحت عم��ن حولي أحصي يا فبراير عدد‬ ‫عواص��م تآمرت عليك‪ ..‬وك��م مرة رأيتك تمش��ي بعيداً عني‪,‬‬ ‫وأخ��رى تقترب فتنحيت وتركت لك جانب��ا ً تجلس عليه‪ ..‬وكم‬ ‫مرة سألتك بعد منتصف الليل‪.....‬‬ ‫ولم تجبني‪.‬‬ ‫‪ ...‬مذ قامت الدنيا يا فبراير وأنت أقصر ش��هور الس��نة‪ ,‬ومع‬ ‫نهايت��ك كان ينتهي الش��تاء ويب��دأ الربيع‪ ,‬وتس��قط آخر ورقة‬

‫صفراء يابسة تس��حقها أقدام المارة‪ ,‬وتفتق أخرى جديدة على‬ ‫الغصن‪ ,‬هذه المرة اختلف األمر‪.‬‬ ‫نعم إختلف!‪.‬‬ ‫فطالت أيامك وأس��ابيعك‪ ,‬وتأخرت نهايتك‪ ,‬وسألتك ذات ليلة‪:‬‬ ‫إلى متى ونحن تجاوزنا معك التسعين يوماً‪.‬؟!‬ ‫ولم تجبني‪.‬‬ ‫وأعدت عليك السؤال مرات‪....‬‬ ‫ولم تجبني‪.‬‬

‫كنت أخش��ى يومه��ا أن تؤج��ل نهايتك إلى أجل غي��ر معلوم‪,‬‬ ‫ويؤجل الربيع هو اآلخر‪ ,‬ويؤجل كل شيء‪ ,‬وتؤجل الحياة‪....‬‬ ‫ولكن الحمد هلل‪ ,‬نعم الحمد هلل‪.‬‬ ‫ه��ل تذكر يا فبراي��ر كيف كنا نقضي الليل س��وياً‪ ,‬وكيف كان‬ ‫صمتك يزيدني قلقالً كلما تقدم الليل‪.‬‬ ‫هل تذكر‪....‬؟‪.‬‬


‫‪20‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫الدستور‬ ‫زاهي بشري املغريبي‬ ‫م��رت ليبي��ا الحديثة بتجربة دس��تورية غنية؛‬ ‫قب��ل إع�لان اس��تقالل ليبي��ا في ‪ 24‬ديس��مبر‬ ‫‪ ،1951‬قامت هيأة تأسيسية‪ ،‬مكونة من ممثلين‬ ‫عن برق��ة وطرابلس وفزان وبمس��اعدة األمم‬ ‫المتحدة‪ ،‬بوضع الدستور الليبي الذي صدر في‬ ‫السابع من أكتوبر عام ‪ .1951‬وتأسس بموجب‬ ‫هذا الدستور نظام ملكي دستوري يتبنى الشكل‬ ‫الفيدرالي للدولة‪ .‬وعدل الدس��تور بالقانون رقم‬ ‫‪ 28‬لسنة ‪ 1962‬الصادر في األول من ديسمبر‬ ‫ع��ام ‪ 1962‬الذي أعاد تنظي��م االختصاصات‬ ‫بين الحكومة االتحادي��ة وحكومات الواليات‪،‬‬ ‫ث��م عدل مرة أخ��رى بموجب القان��ون رقم ‪1‬‬ ‫الصادر في الخامس والعشرين من شهر أبريل‬ ‫الذي نص على إلغاء النظام الفيدرالي‪ .‬واآلن‪،‬‬ ‫وبعد ثورة ‪ 17‬فبراير ‪ ، 2011‬يعكف الليبيون‬ ‫على صياغة دستور جديد يدشن لمرحلة جديدة‬ ‫بعد القضاء على النظام االستبدادي الذي قضى‬ ‫على الحياة الدس��تورية والديمقراطية في ليبيا‬ ‫ألكثر من أربعين عاما‪.‬‬ ‫تهتم هذه الورقة باس��تعراض األبعاد المختلفة‬ ‫للعملية الدستورية واستحقاقاتها في ليبيا‪.‬وتعني‬ ‫بوج��ه خ��اص بالتفريق بي��ن ماهية الدس��تور‬ ‫ومحت��واه‪ ،‬م��ن جان��ب‪ ،‬وعملي��ة صنعه‪ ،‬من‬ ‫جانب آخر‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬ماهية الدستور ومحتواه‬ ‫يمك��ن تحديد ماهية الدس��تور من خالل تحديد‬ ‫المهام التي يقوم بها‪ ،‬وهى تتعين في‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬تأس��يس مجتمع سياس��ي جديد أو تعزيز‬ ‫مجتمع سياسي قائم‪ ،‬فوجود دستور ديمقراطي‬ ‫يعني ضمنيا ً وجود مجتمع سياس��ي‪ ،‬بمعنى أن‬ ‫مختل��ف الجماع��ات واألف��راد المكونين لذلك‬ ‫المجتم��ع تجمعهم قيم مش��تركة وهوية محددة‬ ‫وأنه��م توصل��وا أو يس��تطيعون التوصل إلى‬ ‫تواف��ق ح��ول تكوي��ن مجتمع سياس��ي لتحقيق‬ ‫أهدافهم وطموحاتهم المشتركة‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬تحديد القواعد التي يتم من خاللها توزيع‬ ‫س��لطات الدول��ة وعملية اتخاذ الق��رار وكيفية‬ ‫ممارسة هذه السلطات‪.‬‬ ‫إذن الدستور هو القانون األساسي‪ ،‬أو اإلطار‬ ‫العام الذي يتم م��ن خالله تطبيق قوانين الدولة‬ ‫وسياس��اتها‪ .‬تحدي��داً‪ ،‬ف��إن الدس��تور يتضمن‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫توكي��د الهوي��ات والقيم المش��تركة‬ ‫• ‬ ‫للمجتمع السياس��ي‪ ،‬وتحديد قواعد االنتماء إليه‬ ‫"المواطنة"‪.‬‬ ‫منح الدولة حق احتكار االس��تخدام‬ ‫• ‬ ‫الش��رعي للقوة ف��ي المجتمع‪ .‬بعب��ارة أخرى‪،‬‬ ‫يج��ب أن يح��دد الدس��تور س��لطات الدول��ة‪،‬‬ ‫ويعطيه��ا الح��ق ف��ي اس��تخدام الق��وة لفرض‬ ‫القواني��ن والقواع��د المختلف��ة‪ ،‬وبذل��ك يوف��ر‬ ‫األم��ن واألمان الجس��دي والنفس��ي والعاطفي‬

‫للمواطنين‪ ،‬ألن عملية استخدام القوة ليست في‬ ‫ي��د فرد أو ميليش��يات‪ ،‬إنما في ي��د الدولة التي‬ ‫تك��ون مهمتها الحفاظ على األفراد ومصالحهم‬ ‫المختلفة‪.‬‬ ‫•تحدي��د اختصاص��ات الس��لطات المختلف��ة‬ ‫ف��ي الدول��ة وكيفي��ة ممارس��ة كل س��لطة‬ ‫الختصاصاتها‪.‬‬ ‫•ضم��ان مش��اركة المواطني��ن ف��ي ش��ؤون‬ ‫الدولة وكيفيتها‪ ،‬فحق المواطن في المش��اركة‬ ‫السياس��ية يضمن��ه الدس��تور ويح��دده وفق��ا ً‬ ‫إلجراءات وأساليب محددة‪ .‬من ناحية أخرى‪،‬‬ ‫ف��إن حق المواطنة له جانب��ان‪ :‬جانب إيجابي‪،‬‬ ‫بمعن��ى تمكين المواطن من المش��اركة والفعل‬ ‫االجتماع��ي‪ ،‬وجان��ب س��لبي يتضم��ن حماية‬ ‫حق��وق المواطن��ة عب��ر تحدي��د وتقيي��د أفعال‬ ‫وتصرفات الدولة‪.‬‬ ‫•تحدي��د قواع��د التغيير الس��لمي للس��لطة في‬ ‫الدول��ة‪ ،‬وضم��ان أال تك��ون توجه��ات الدولة‬ ‫وتصرفاته��ا عش��وائية واعتباطية‪ ،‬بل تحكمها‬ ‫قواعد دس��تورية معينة تحدد تلك التصرفات‪،‬‬ ‫بم��ا يم ّك��ن م��ن التنبؤ بم��ا يمك��ن أن تقوم به‬ ‫مؤسسات الدولة وسلطاتها المختلفة‪.‬‬ ‫•ضمان الحماية القانوني��ة للتعامالت الخاصة‬ ‫بي��ن األف��راد من خ�لال نظ��ام قانون��ي ينظم‬ ‫العالق��ات بي��ن أف��راد المجتم��ع وتعامالته��م‬ ‫الخاص��ة‪ ،‬يت��م وفق��ا ً ل��ه تس��وية النزاع��ات‬ ‫والخالف��ات بي��ن األف��راد والجماع��ات داخل‬ ‫المجتمع‪.‬‬ ‫•تحدي��د قواعد وإجراءات تعديل الدس��تور أو‬ ‫استبداله بغيره‪.‬‬ ‫الدس��تور‪ ،‬إذن‪ ،‬هو أس��اس ما نس��ميه "العقد‬ ‫االجتماع��ي"‪ ،‬أي أنن��ا نك��وّن هوي��ة واح��دة‬ ‫وقيما ً وآماالً وطموحات مش��تركة‪ ،‬ونؤس��س‬ ‫عقدا اجتماعيا مع س��لطة معينة نفوضها للقيام‬ ‫بأعم��ال معينة ف��ي إدارة هذا المجتم��ع‪ ،‬وفقا ً‬ ‫لقواعد وقوانين محددة يتم من خاللها ممارسة‬ ‫السلطة‪ ،‬وتقويم مؤسس��ات الدولة‪ ،‬أي ضمان‬ ‫ممارس��ة الس��لطة داخل هذا المجتمع السياسي‬ ‫بحيث تتم وفق طرق ديمقراطية ويش��ارك فيها‬ ‫الجميع‪ .‬وتاريخيا ً نجد أن بناء المجتمع السياسي‬ ‫س��بق وضع الدس��اتير بأبعاده��ا الديمقراطية‪.‬‬ ‫المش��كلة التي تقابل معظم دول العالم في وقتنا‬ ‫الحال��ي‪ ،‬أن هذه الدول تواج��ه المهمتين اللتين‬ ‫يقوم بهما الدستور في وقت واحد‪ ،‬فهي تحتاج‬ ‫أصالً لتأس��يس مجتمع سياس��ي غير موجود‪،‬‬ ‫وتأسيس مؤسسات حكم تتميز بالديمقراطية‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق باالهتمام الراهن بوضع الدس��اتير‬ ‫وإعادة النظر فيها‪ ،‬فنلحظ أن عقد التس��عينيات‬ ‫ش��هد اهتماما ً متزايداً ونش��اطا ً بارزاً وتحركا ً‬ ‫ملحوظ��اً؛ خ�لال ‪ 2000 1990-‬قام��ت‬ ‫حوال��ي ‪ 17‬دول��ة أفريقي��ة و‪ 14‬دول��ة م��ن‬

‫أمريكا الالتينية ومعظم بل��دان أوربا واالتحاد‬ ‫الس��وفيتي س��ابقاً‪ ،‬بإعادة النظر في دساتيرها‪،‬‬ ‫إما بتعديلها‪ ،‬أم بوضع دس��اتير جديدة‪ ،‬بدوافع‬ ‫مختلف��ة‪ ،‬بعضها كان تعبيراً ع��ن وجود تغير‬ ‫في المجتمع السياس��ي في ح��د ذاته‪ ،‬من حقبة‬ ‫إل��ى حقبة أخ��رى برزت فيها ق��وى اجتماعية‬ ‫جديدة‪ ،‬وهو ما حدث في أوربا الشرقية‪ ،‬حيث‬ ‫صعدت قوى اجتماعية جديدة دفعت نحو إيجاد‬ ‫دس��تور جديد‪ ،‬وناضلت من أج��ل تغيير نظام‬ ‫الحكم وصياغة "عقد اجتماعي" جديد‪ .‬أما في‬ ‫بعض الدول األخرى كأمريكا الالتينية مثالً أو‬ ‫الدول األفريقية‪ ،‬نجد أن الدافع نحو التغيير إلى‬ ‫دساتير جديدة كان نتاجا ً لخيبة األمل من النظم‬ ‫التي كانت قائمة سواء نظام الحزب الواحد‪ ،‬أو‬ ‫النظم العس��كرية‪ ،‬مثلما ح��دث في األرجنتين‪،‬‬ ‫وفي البرازيل‪ ،‬وفي موزمبيق‪ ،‬وتايالند‪.‬‬ ‫الداف��ع الثالث نح��و التحول الدس��توري‪ ،‬لدى‬ ‫العديد من البلدان‪ ،‬هو تسوية النزاعات القائمة؛‬ ‫هناك مجتمعات مليئة بالصراعات والنزاعات‬ ‫بي��ن أطراف مختلفة‪ ،‬وفي لحظ��ة معينة رأت‬ ‫ه��ذه األطراف أنه ليس من الممكن ألي طرف‬ ‫منها أن ينتصر عسكرياً‪ ،‬وأن تكاليف الصراع‬ ‫أصبحت عالية جداً‪ ،‬وبصورة ال يمكن تحملها‪،‬‬ ‫فتم اللجوء – وفي أغلب هذه الحاالت بمساعدة‬ ‫خارجي��ة‪ -‬إلى التف��اوض بين ه��ذه األطراف‬ ‫للخروج بصيغة جديدة‪ ،‬وبدس��تور جديد يجمع‬ ‫ه��ذه األط��راف من خ�لال تعزي��ز التفاوض‬ ‫والمش��تركات أساس��ا لح��ل ه��ذا الص��راع‪،‬‬ ‫وجن��وب أفريقيا مثال رئيس��ي عل��ى ذلك‪،‬إلى‬ ‫جانب ايرلندا الشمالية‪ ،‬والبوسنة والهرسك‪.‬‬ ‫هذه هي النواحي التاريخية التي تبين لنا دوافع‬ ‫الزخم الموجود‪ ،‬واالهتمام المتزايد بالدس��اتير‬ ‫ضم��ن اإلطار العام لالهتمام بقضية الدمقرطة‬ ‫والتح��ول نح��و الديمقراطية في بل��دان العالم‬ ‫المختلف��ة‪ ،‬لصن��ع مجتمع��ات ديمقراطية عبر‬ ‫الدستور والمكونات الرئيسية فيه‪.‬‬ ‫وم��ن القضاي��ا األساس��ية المتعلق��ة بمحت��وى‬ ‫الدس��تور قضية الفصل بين السلطات الثالث‪-‬‬ ‫التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ -‬وكيفية توزيع‬ ‫المس��ؤوليات واالختصاص��ات القانونية‪ ،‬لكل‬ ‫س��لطة على حدة‪ .‬ويتعين توضيح نقطة مهمة‪.‬‬ ‫فالقضية ال تتعين في أن الفصل بين السلطات‬ ‫هو أساس النظام الديمقراطي‪ ،‬بل المهم وضوح‬ ‫العالقات بين السلطات وشفافية هذه العالقات‪.‬‬ ‫بمعنى أننا ال نس��تطيع الق��ول إن وجود فصل‬ ‫واض��ح وكامل بين الس��لطات يعبر عن وجود‬ ‫دس��تور ديمقراطي‪ ،‬وغير ذلك ال‪ .‬األمر المهم‬ ‫أن يتضمن الدس��تور تحدي��داً واضحا ً لوظائف‬ ‫هذه الس��لطات والعالقة بينه��ا‪ .‬وهناك مدارس‬ ‫مختلف��ة في هذا اإلط��ار‪ ،‬إال أنها تتفق جميعها‬ ‫على ضرورة اس��تقالل الس��لطة القضائية في‬

‫الطريقة اليت مت وفقها إصدار اإلعالن الدستوري ومسودة قانون انتخابات املؤمتر الوطين‬ ‫العام وتش��كيل اللجان اليت صاغتهما‪ ،‬تربهن على غياب الش��فافية وتنبئ بقوة إىل‬ ‫احتمال غيابها خالل عملية وضع الدستور‬

‫العضوية واالختصاصات‪.‬‬ ‫الدس��تور األمريكي‪ ،‬على س��بيل المثال‪ ،‬يقوم‬ ‫على مبدأ الفصل بين الس��لطات‪ ،‬إال أن الفصل‬ ‫ه��و فصل ف��ي العضوية‪ ،‬بمعن��ى ال يجوز أن‬ ‫يك��ون الفرد عضوا في الس��لطتين التش��ريعية‬ ‫والتنفيذي��ة في ذات الوق��ت‪ ،‬إال أن هناك كثيراً‬ ‫م��ن التع��اون والتداخ��ل ف��ي العم��ل اليومي‬ ‫والفعلي بين السلطتين‪ ،‬رئيس الجمهورية يقوم‬ ‫بدور تش��ريعي‪ ،‬حي��ث إن لديه ح��ق "الفيتو"‬ ‫أو االعت��راض عل��ى إص��دار تش��ريع معين‪.‬‬ ‫وهذا يعني تدخالً في الس��لطة التش��ريعية‪ ،‬كما‬ ‫أن لمجلس الش��يوخ الحق ف��ي اعتماد تعيينات‬ ‫رئي��س الجمهوري��ة للمناصب العلي��ا‪ ،‬ويمكن‬ ‫أن يرفض تعيي��ن الرئيس لوزير الدفاع أو أي‬ ‫من الوزراء مثالً مما يعني تدخالً في الس��لطة‬ ‫التنفيذي��ة‪ ،‬م��ا يدل على أن هن��اك تداخالً حتى‬ ‫في النصوص التش��ريعية إل��ى جانب التداخل‬ ‫العمل��ي بين الس��لطات من خالل الممارس��ة‪،‬‬ ‫ولي��س بالمقدور عمليا الفصل بين الس��لطات‪،‬‬ ‫ألن��ه ليس هناك بد من وجود تعاون على األقل‬ ‫في هذا اإلطار‪ .‬كذلك ال نستطيع أن نتهم النظام‬ ‫البريطان��ي بأنه نظام غي��ر ديمقراطي ألنه ال‬ ‫يطب��ق مب��دأ الفصل بي��ن الس��لطات‪ ،‬فرئيس‬ ‫الوزراء هو عضو في مجلس العموم‪ ،‬ويصبح‬ ‫رئيس الوزراء رئيس��ا ً للس��لطة التنفيذية‪ ،‬وفي‬ ‫الوقت نفس��ه هو عضو في السلطة التشريعية‪،‬‬ ‫فهو يش��ارك في التصويت على إقرار القوانين‬ ‫ومش��اريعها المطروحة عل��ى المجلس‪ .‬كذلك‬ ‫في النظام السويس��ري مثالً‪ ،‬أي نظام الجمعية‬ ‫الوطني��ة‪ ،‬نجد أن الس��لطة التنفيذية عبارة عن‬ ‫لجنة ال دور لها‪ ،‬ألنها تخضع بالكامل للجمعية‬ ‫الوطني��ة‪ ،‬الت��ي تمثل الس��لطة التش��ريعية في‬ ‫سويس��را‪ ،‬وتنفذ م��ا تقرره ه��ذه الجمعية‪ .‬إلى‬ ‫جان��ب ذلك فإن النظام المختلط أو النظام ش��به‬ ‫الرئاس��ي‪ ،‬ومثاله فرنس��ا‪ ،‬فيجم��ع بين بعض‬ ‫خصائص النظام الرئاس��ي وبعض خصائص‬ ‫النظ��ام البرلمان��ي‪ ،‬القضي��ة في ه��ذه األمثلة‬ ‫األربعة ليس��ت فصل السلطات أو هيمنة سلطة‬ ‫على أخرى‪ ،‬فالمهم هنا هو الشفافية والوضوح‬ ‫واالس��تقرار في العالقة بين مختلف السلطات‬ ‫ف��ي الدول��ة الواحدة‪ ،‬عالوة عل��ى احترام هذه‬ ‫العالق��ة‪ ،‬وه��و م��ا يمن��ح للدس��تور مصداقية‬ ‫وشرعية‪ ،‬ويحمي النظام الديمقراطي‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬إن وجود وثيقة حقوق ضمن‬ ‫الدس��تور أمر مهم‪ ،‬كما أن وضع اآلليات التي‬ ‫تضم��ن احت��رام ه��ذه الحق��وق أم��ر غاية في‬ ‫األهمي��ة‪ ،‬ألن الدس��تور في النهاي��ة هو عبارة‬ ‫عن ورق��ة يمكن عدم احترامه��ا هي األخرى‬ ‫ب��دون وج��ود اآللي��ات الت��ي تضم��ن احترام‬ ‫الدس��تور‪ ،‬وأه��م ه��ذه اآللي��ات غ��رس ثقافة‬ ‫التس��امح والتعددية وقبول اآلخر عبر القوانين‬ ‫والقواعد القانونية لدى المسؤولين والمواطنين‬ ‫على حد س��واء‪ .‬هذه من األساسيات التي يجب‬ ‫أن تتوف��ر‪ ،‬أال وهي احت��رام القاعدة القانونية‪.‬‬ ‫وإذا لم يكن هناك احترام لهذه القواعد وبخاصة‬ ‫من قبل المسؤولين في الدولة ومن المؤسسات‬ ‫الت��ي يُفت��رض فيه��ا أن تش��رع وتحم��ى هذه‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫القواع��د‪ ،‬فل��ن يحترمها المواط��ن هو اآلخر‪،‬‬ ‫وبالنظر إلى تفش ّي ظاهرة عدم احترام القواعد‬ ‫والقواني��ن في كل نواح��ي حياتنا والمعامالت‬ ‫اليومي��ة‪ ،‬يتعين أن يكون للقضاء دور مس��تقل‬ ‫في حماية هذه القواعد والقوانين والتشريعات‪،‬‬ ‫عب��ر ح��ق المراجعة القضائي��ة‪ ،‬أو المراجعة‬ ‫الدس��تورية‪ ،‬أي أن يك��ون هن��اك مجل��س أو‬ ‫هيئ��ة‪ ...‬ال��خ‪ -‬المحكم��ة العلي��ا أو المحكم��ة‬ ‫الدس��تورية‪ -‬يك��ون له الح��ق ف��ي المراجعة‬ ‫القانونية والدستورية للقوانين المختلفة والتأكد‬ ‫من اتفاقها مع الدس��تور وع��دم تناقضها معه‪،‬‬ ‫وح��ق المواطن في أن يرفع ه��ذه القضايا إلى‬ ‫المحكم��ة عندما يش��عر فعليا ً ب��أن أحد حقوقه‬ ‫الدس��تورية‪ ،‬قد انتُهك أو تم التعدي عليه‪ .‬وهنا‬ ‫أيض��ا ً يجب تعزيز ثقافة احت��رام القانون لدى‬ ‫الش��رائح االجتماعية المختلف��ة ولدى القائمين‬ ‫على السلطة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬عملية صنع الدستور‬ ‫تؤثر إجراءات وقواعد عملية صنع الدس��تور‬ ‫بشكل حاسم على محتوى الدستور ومدى قبول‬ ‫مكونات المجتمع له وإحساسها بشرعيته‪ .‬وهى‬ ‫عملية معقدة وصعبة ومكلفة‪ ،‬ومثيرة للخالف‬ ‫أحيان��ا‪ ،‬إال أنه��ا عملي��ة ضروري��ة وواجبة‪.‬‬ ‫ولقد حددت األدبيات المهتم��ة بقضايا العملية‬ ‫الدس��تورية أربع��ة مب��ادئ أساس��ية لضمان‬ ‫صياغ��ة دس��تور ديمقراط��ي يحظ��ى بقبول‬ ‫مختلف فئات المجتم��ع ويعبر عن احتياجاتهم‬ ‫وطموحاتهم‪ .‬وهذه المبادئ هي‪:‬‬ ‫مبدأ الشمول‪ :‬بمعنى أن هيآت صنع الدستور‬ ‫تك��ون ممثل��ة ل��كل فئ��ات المجتم��ع وأطيافه‬ ‫المختلف��ة وأنه ال يت��م إقصاء أي��ة جماعة من‬ ‫هذه العملية بقصد أو بدون قصد‪ .‬وبالنظر إلى‬ ‫التعريف التقليدي للدس��تور عل��ى أنه انعكاس‬ ‫واقع��ي لتوازن القوى داخ��ل أي مجتمع‪ ،‬فإنه‬ ‫س��وف يتضم��ن مزايا للط��رف األقوى داخل‬ ‫مثل هذه التوازنات‪ ،‬سواء تجسدت هذه المزايا‬ ‫بطريق��ة مباش��رة أم غي��ر مباش��رة‪ ...‬وبهكذا‬ ‫تعري��ف‪ ،‬يعب��ر الدس��تور‪ ،‬أي دس��تور‪ ،‬عن‬ ‫توازن اجتماعي سياسي‪ ،‬واقتصادي في فترة‬ ‫معينة‪ ،‬ما يعني وجود رابحين وخاسرين‪.‬‬ ‫وه��ذا هو منش��أ المطالب��ات الحديث��ة بتعديل‬ ‫الدس��اتير أو تأسيس دس��تور "عقد اجتماعي"‬ ‫جدي��د‪ .‬فعندما تج��د فئات وطوائف وش��رائح‬ ‫معينة ف��ي المجتم��ع أن الترتيب��ات القائمة ال‬ ‫تخ��دم قضاياها أو مصالحها تطالب بدس��تور‬ ‫جدي��د يعي��د النظ��ر ف��ي طبيع��ة التوازن��ات‬ ‫الموج��ودة‪ ،‬وه��ي طبيع��ة متغيرة تس��تدعي‬ ‫بالمقاب��ل ضرورة إع��ادة النظر ف��ي القوانين‬ ‫القائم��ة بحيث تصبح أكثر ق��درة على التعبير‬ ‫الموضوعي عن التوازنات المس��تجدة في أي‬ ‫مجتمع من المجتمعات‪.‬‬ ‫وعندما نتح��دث عن المجتم��ع‪ ،‬فإننا نتحدث‪،‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬ع��ن مجموعة من األفراد والفئات‬ ‫والجماعات المتعددة والمتفاوت��ة قبليا ً ونوعيا ً‬ ‫واقتصادي��ا ً ومهني��اً‪ ،‬وكل فئ��ة‪ ،‬وجماعة لها‬ ‫مصالحه��ا التي ق��د تتقاط��ع‪ ،‬أو تتعارض مع‬ ‫مصالح غيرها م��ن الفئات األخرى‪ .‬والوضع‬ ‫الس��ليم دائما ً بالنسبة ألي دس��تور ديمقراطي‪،‬‬ ‫ه��و أن يكون معبراً عن الطبيع��ة الفعلية لهذه‬ ‫التركيب��ة من كاف��ة النواحي‪ .‬وهذا هو ش��رط‬ ‫الدس��تور الجيد الذي ال يقوم بإقصاء جماعات‬ ‫مهمة وذات تأثير أو اإلعالء من شأن جماعات‬ ‫على حساب جماعات أخرى‪.‬‬ ‫مب��دأ المش��اركة‪ :‬ويقص��د به��ذا المبدأ أن‬ ‫يطرح مش��روع الدس��تور للنق��اش العام عبر‬ ‫وس��ائل اإلع�لام ومنظمات المجتم��ع المدني‬

‫والمؤسسات األكاديمية والعلمية إلبداء الرأي‬ ‫وتقديم المقترحات حول التعديل والصياغة‪.‬‬ ‫وإذا نظرن��ا إل��ى التجارب الحديث��ة في بلدان‬ ‫عدي��دة‪ ،‬كان هن��اك تركي��ز عل��ى المش��اركة‬ ‫الش��عبية وفتح نق��اش عام ذي طبيع��ة وطنية‬ ‫ح��رة‪ ،‬بحي��ث نضم��ن للدس��تور ش��رعيته‬ ‫بضمان مش��اركة العدد الكبي��ر من المواطنين‬ ‫واألفراد والش��خصيات العامة في هذا النقاش‬ ‫أو الح��وار‪ .‬لقد أصبحت هذه مس��ألة أساس��ية‬ ‫إلضفاء الشرعية على عملية إصدار الدستور‬ ‫وإقراره‪ ،‬بعكس ما كان س��ائداً تاريخياً‪ ،‬حيث‬ ‫كان التص��ور قديم��ا ً أن الدس��تور ينبغ��ي أن‬ ‫يناقش��ه عدد محدود جداً م��ن األفراد‪ ،‬دون أن‬ ‫يُفتح المجال العام للنقاش الجماهيري الشعبي‪.‬‬ ‫والدس��تور األمريك��ي مث�لاً‪ ،‬ال��ذي وض��ع‬ ‫ف��ي "مؤتم��ر فيالدلفي��ا" كان ع��دد األعضاء‬ ‫والمندوبين القائمين على وضعه‪ ،‬محدوداً جداً‬ ‫إلى درجة فرض الس��رية وعدم كتابة محضر‬ ‫جلسات رسمي‪ .‬أيضا ً فالدستور األلماني الذي‬ ‫أُق��ر بعد الحرب العالمية الثانية لم يوضع عبر‬ ‫نقاش مفتوح‪ .‬أما اآلن فإن الصورة قد تغيرت‪،‬‬ ‫في ظل تعاظم الحاجة إلى المش��اركة الشعبية‬

‫مقترح تس��تند على كونه صادرا عن المواطن‬ ‫الليب��ي بإرادته الح��رة‪ .‬لذا‪ ،‬ف��إن التحجج بأن‬ ‫الثقافة السياس��ية للمواط��ن الليبي ال تمكنه من‬ ‫المش��اركة الواعية في عملي��ة معقدة من قبيل‬ ‫مناقشة وإقرار دستور قد تفضي إلى أن يقتصر‬ ‫وضع الدس��تور عل��ى قلة نخبوية ق��د ال تعبر‬ ‫عن قناع��ات واحتياجات المواطن العادي‪ .‬إن‬ ‫الثقافة والوعي السياس��ي محصلة عملية تعلم‬ ‫وتربي��ة تتاح فيها للمواطن فرصة المش��اركة‬ ‫الح��رة يتعل��م خالله��ا قيم��ة الح��وار وثقاف��ة‬ ‫االختالف والتس��امح‪ .‬إن العملية الدس��تورية‬ ‫بطبيعتها عملية تعل��م وتدريب وتثقيف وتنمية‬ ‫وعي‪ .‬دعنا فقط نفس��ح المجال أمام المواطنين‬ ‫والجماع��ات والجماع��ات والفئ��ات المختلفة‬ ‫للنقاش الديمقراطي الحر‪ ،‬وعندها سوف نرى‬ ‫كيف أن المواطن يشارك بوعي في بناء وطنه‬ ‫ورسم مستقبله‪.‬‬ ‫وف��ي المرحل��ة األخي��رة‪ ،‬تتم إع��ادة صياغة‬ ‫مشروع الدستور وفق المقترحات والتعديالت‬ ‫الت��ي تبلورت من خ�لال النق��اش العام‪ ،‬ومن‬ ‫عرضه على الش��عب في استفتاء عام إلقراره‬ ‫في صيغته النهائية‪.‬‬

‫في شأن مهم كالدستور لكي يكتسب شرعيته‪.‬‬ ‫فف��ي البداية يتعين أن ينطل��ق النقاش والحوار‬ ‫حول الدس��تور من مسودة‪ ،‬أو ورقة عمل‪ ،‬أو‬ ‫مجموعة مبادئ أساس��ية تحدد الشكل الهيكلي‬ ‫والجوانب الفنية المختلفة لمثل هذا الدس��تور‪،‬‬ ‫وهي خط��وة ضرورية وتحت��اج إلى الخبراء‬ ‫والمختصي��ن للقي��ام به��ا‪ .‬إذن ينبغ��ي أن تقام‬ ‫الن��دوات‪ ،‬وأن يفت��ح الح��وار حوله‪ ،‬توس��يعا ً‬ ‫لدائ��رة النق��اش وإفس��اح المج��ال للمش��اركة‬ ‫فيه لمختلف المؤسس��ات واألط��راف والقوى‬ ‫الوطنية‪ .‬ومن الضروري هن��ا إيجاد التوازن‬ ‫بين فتح المجال للنقاش الشعبي حول الدستور‪،‬‬ ‫وبين س��يطرة الغوغائية والش��عبوية‪ ،‬وهو ما‬ ‫يس��تدعي تعظيم دور الخبراء والمختصين في‬ ‫المرحل��ة المبدئية‪ ،‬واعتبار المس��ودة أو ورقة‬ ‫العم��ل الهيكلية هي األس��اس لمثل هذا الحوار‬ ‫لك��ي يكون ح��واراً ناجعا ً وحقيقي��ا ً ينطلق من‬ ‫أرضية فقهية واضحة المعالم على األقل‪ ،‬أو ما‬ ‫أسميه بورقة "مبادئ" عامة‪ ،‬ألنه ال يمكن أن‬ ‫يتم األمر بدون إطار أساس��ي ومح ّدد للنقاش‪.‬‬ ‫م��ن الض��روري أن يكون لديك هذا األس��اس‬ ‫المس��تخلص من نقاش رئيس��ي بي��ن المثقفين‬ ‫والقوى السياسية الفاعلة المختلفة ‪ ،‬أي يطرح‬ ‫فيه الجميع آماله��م ورؤاهم وتصوراتهم‪ ،‬وأن‬ ‫ينتظم في هذا الحوار الرئيس��ي المبدئي جميع‬ ‫الفئات والش��رائح المهنية والطوائف المختلفة‬ ‫في المجتمع الليبي‪ ،‬في مناقشات جادة‪ ،‬بحيث‬ ‫ال يبدو الدستور شيئا ً مفروضا َ من أعلى‪.‬‬ ‫وم��ن الواجب توكيد أن ش��رعية أي دس��تور‬

‫مب��دأ الش��فافية‪ :‬مفاد ه��ذا المبدأ ض��رورة أن‬ ‫تتس��م عملية وضع الدستور بالش��فافية بمعنى‬ ‫أن تتم بطريقة مفتوحة يتس��نى للمواطنين‪ ،‬من‬ ‫خالله��ا‪ ،‬إدراك ما يحدث ف��ي كل مرحلة من‬ ‫مراحل هذه العملية‪ ،‬وبحيث يعرفون كيف يتم‬ ‫اتخ��اذ القرارات ولماذا‪ .‬والش��فافية تقلل كذلك‬ ‫م��ن ش��كوك المواطنين حول وج��ود أجندات‬ ‫سياسية خفية لبعض األطراف وتزيد من ثقتهم‬ ‫في العملية ونتائجها‪.‬‬ ‫مبدأ التوافق‪ :‬إن عملية وضع الدس��تور القائمة‬ ‫على أس��اس تواف��ق اآلراء ووجهات هي تلك‬ ‫التي يتم اتخاذ القرار فيها من خالل المناقش��ة‬ ‫والتفاوض واإلقن��اع‪ ،‬وليس من خالل تطبيق‬ ‫غير مرن لقواعد األغلبية‪.‬إن تحقيق توافق في‬ ‫اآلراء ق��د يتطلب وقتا لبناء العالقات وكس��ب‬ ‫التفاهم المتبادل‪ ،‬إال أن ذلك س��وف يؤدي إلى‬ ‫صياغة دس��تور تش��عر جميع األط��راف‪ ،‬أو‬ ‫معظمها‪ ،‬بشرعيته والرضا به واحترامه‪ .‬كما‬ ‫أن ذل��ك يؤدي ف��ي النهاية إلى عدم س��يطرة‬ ‫فكرة " الرابحين والخاس��رين" التي تنتج عادة‬ ‫ع��ن عملية التصوي��ت‪ .‬إال أنه ف��ي حالة عدم‬ ‫إمكاني��ة التوصل إلى توافق ف��ي اآلراء يمكن‬ ‫اش��تراط نس��بة عالية من األص��وات ( ‪75%‬‬ ‫مث�لا) إلقرار الدس��تور‪ ،‬وهذا ق��د يؤدي نفس‬ ‫وظيفة صنع القرار بتوافق اآلراء ألنه يتطلب‬ ‫نسبة عالية من األصوات الموافقة‪.‬‬ ‫ولمعرفة مدى انطباق هذه المبادئ على عملية‬ ‫إعداد الدس��تور المنصوص عليه��ا في المادة‬ ‫(‪ )30‬من اإلعالن الدس��توري المؤقت‪ ،‬والتي‬

‫‪21‬‬

‫اس��تبينت بع��ض مالمحها من خالل مس��ودة‬ ‫قانون انتخاب��ات المؤتمر الوطني العام‪ ،‬يمكن‬ ‫إيراد المالحظات التالية‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬إن نظ��ام االنتخاب��ات المقت��رح (نظ��ام‬ ‫الدائ��رة الفردية) يخل بمبدأ الش��مول حيث إنه‬ ‫ين��ص على أن المرش��ح ال��ذي يتحصل على‬ ‫أكثرية األصوات ف��ي الدائرة االنتخابية يعتبر‬ ‫فائزا ويمثل الدائرة في المؤتمر الوطني العام‪.‬‬ ‫وه��ذا يعني ضياع األصوات التي منحت لبقية‬ ‫المرش��حين م��ا يعن��ي وجود مؤتم��ر ال يمثل‬ ‫أغلبي��ة الناخبي��ن‪ .‬وبحس��بان أن عملية وضع‬ ‫الدس��تور تختلف عن إق��رار القوانين العادية‪،‬‬ ‫وأنه��ا تتطل��ب تمثي��ل كل أو معظ��م مكونات‬ ‫المجتم��ع الليبي ف��ي المؤتمر الوطن��ي العام‪،‬‬ ‫فإن نظام التمثيل النس��بي والقائمة الحزبية هو‬ ‫النظام األفضل حيث إن كل أصوات الناخبين‪،‬‬ ‫أو معظمه��ا‪ ،‬س��وف تترج��م إل��ى مقاعد في‬ ‫المؤتمر الوطن��ي العام‪ .‬وهذا يتطلب ضرورة‬ ‫إص��دار قانون لألحزاب السياس��ية والس��ماح‬ ‫بالتناف��س الحزبي على أس��اس نظ��ام التمثيل‬ ‫النس��بي والقائم��ة الحزبي��ة‪ .‬وبالنظ��ر إلى أن‬ ‫اإلعالن الدس��توري المؤقت يغط��ي المرحلة‬ ‫االنتقالي��ة وصوال إلى المؤتم��ر الوطني العام‬ ‫وإقرار الدس��تور الدائم‪ ،‬فإن المجلس الوطني‬ ‫االنتقال��ي يخالف نص المادتي��ن (‪ )4‬و (‪)15‬‬ ‫م��ن هذا اإلعالن بع��دم قيامه بإص��دار قانون‬ ‫ينظ��م عمل األحزاب السياس��ية ف��ي المرحلة‬ ‫االنتقالية‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬إن المادة (‪ )30‬من اإلعالن الدس��توري‬ ‫تخل بمبدأ المشاركة من خالل قصر المشاركة‬ ‫الش��عبية على المرحلة األخي��رة وهى مرحلة‬ ‫االستفتاء‪ .‬األمر الذي يستلزم تعديل هذه المادة‬ ‫بما يسمح بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني‬ ‫والمواطنين بمناقش��ة مس��ودة الدستور وتقديم‬ ‫المقترح��ات حوله��ا قب��ل صياغته��ا النهائية‬ ‫وعرضها لالس��تفتاء الش��عبي‪ ،‬حتى لو تطلب‬ ‫األمر إضافة بضعة أش��هر للمرحلة االنتقالية‬ ‫الثانية‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬إن الطريقة التي تم وفقها إصدار اإلعالن‬ ‫الدستوري ومس��ودة قانون انتخابات المؤتمر‬ ‫الوطني العام وتش��كيل اللجان التي صاغتهما‪،‬‬ ‫تبره��ن على غياب الش��فافية وتنب��ئ بقوة إلى‬ ‫احتمال غيابها خالل عملية وضع الدستور وما‬ ‫قد يترتب عن ذلك من تزايد الشكوك وتقويض‬ ‫لش��رعية العملية‪ .‬إن عدم إعمال مبدأ الشفافية‬ ‫يعرض مجم��ل العملية لمخاطر نحن في غنى‬ ‫عنها ومن الممكن تفاديها‪.‬‬ ‫رابع��ا‪ :‬إن اإلخ�لال بالمبادئ الثالثة الس��ابقة‬ ‫يعن��ي بالضرورة اإلخالل بمبدأ التوافق‪ .‬نظام‬ ‫االنتخابات القائم على الدوائر الفردية يؤدي إلى‬ ‫ت ّكون أغلبية في المؤتمر الوطني العام ال تمثل‬ ‫أغلبي��ة الناخبين وقد تعمل على فرض رؤيتها‬ ‫وتوجهها على الدس��تور المقترح‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫المادة (‪ )30‬من اإلعالن الدستوري ال تشترط‬ ‫نسبة تصويت محددة العتماد المؤتمر الوطني‬ ‫العام لمسودة الدستور‪ ،‬ما يعني إمكانية إقراره‬ ‫باألغلبي��ة البس��يطة (‪ 50%+1‬م��ن أصوات‬ ‫الحاضري��ن) أو باألغلبية المطلقة (‪50%+1‬‬ ‫من أص��وات جميع أعض��اء المؤتمر) وليس‬ ‫عبر أغلبية خاصة محددة (‪ 75%‬من أصوات‬ ‫أعض��اء المؤتم��ر مثال)‪ .‬وهذا األمر يس��تلزم‬ ‫اإللح��اح على ض��رورة تعديل الم��ادة (‪)30‬‬ ‫وضبطها‪.‬‬


‫‪22‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫ليبيــــــــا التى نــريــدهــا‪...‬‬ ‫رسالة إىل السيد مصطفي عبد اجلليل رئيس اجمللس الوطين‬ ‫عـلى الرفــاعى زوبـــى‬

‫مصطفى عبدالجليل‬

‫قياسا على حقيقة نعيش واقعها األن‪ ،‬وهى أن ثورة ‪ 17‬فبراير‬ ‫المجي��دة لم تكتمل مـــهامها بع��د‪ ،‬ولم تحقق جميع مطالبها‪،‬فان‬ ‫ذل��ك يعنى مس��ئولية صياغة رؤية متكاملة تنه��ض بليـــبيا فى‬ ‫الداخ��ل وتحقق لها صع��ودا بين األمم الصاع��دة فى الخارج‪،‬‬ ‫تقع على عاتق الحكــــــومة القادمة والتى أصبحت زمنيا على‬ ‫مقرب��ة منها بعد انتهاء الحرب‪ ،‬حين تج��رى األنتـــــــــخابات‬ ‫بش��فافية مطلقة‪ ،‬وس��يكون لدين��ا برلمان‪ ،‬وحكوم��ة‪ ،‬ورئيس‬ ‫حكومة‪..‬خاص��ة أن الحكوم��ة األنتقالي��ة الحالي��ة ق��د واجهتها‬ ‫معضالت يومية خلفه��ا ورائه الالنظام الذى ذهب بغير رجعة‬ ‫‪...‬وس��وء التـــــصرف فى اتخــاذ الق��رارات من قبل المجلس‬ ‫األنتقالى المؤقت‪،‬والذى بدء يسير بخطوات متعثرة‪!!..‬‬ ‫الرؤي��ة الت��ى نريدها‪ ،‬البد أن تس��بق منطقيا أى خطوات‬ ‫لبن��اء الدول��ة الحديثة‪ ،‬كما أن نظام الحكم القادم عليه مس��ئولية‬ ‫اكمال انجاز األنس�لاخ الت��ام عن نظام س��قط كان يأخذ الدولة‬ ‫معه ال��ى مهاوى الرك��ود والجح��ود والتراج��ع‪ ،‬وأن يتحرك‬ ‫النظ��ام الجديد بفكر واس��تراتيجــــية عمل‪ ،‬تأخ��ذ بيد ليبيا الى‬ ‫عص��ر تبن��ى فيه ليبي��ا الفتي��ة المزدهرة‪،‬وهو م��ا كان الهدف‬ ‫األسمــــــــى لثورة ‪ 17‬فبراير المجيدة بحيث يخرج ليبيا من‬ ‫التشوش الفكرى الذى خيم عليها بغــــمامة داكنة خالل األشهر‬ ‫الماضية‪ ،‬تحجب الرؤية الكاش��فة ألفق المس��تقبل ‪ .‬وال خالف‬ ‫عل��ى تناط��ح األفــكار الذى أحدث تشوش��ا ح��ادا بين عناصر‬ ‫الحراك السياسى‪ ،‬كان مثيرا للخوف على الـــــثورة‪ ،‬لكن ذلك‬ ‫يظل من متطور علم السياس��ة اس��تنادا الى التجارب التاريخية‬ ‫وهى ظاهرة طبيعية عرفت بأس��م فـوضى ما بعد الثورة‪ ،‬وهى‬ ‫ظاهرة سرعان ماتنحس��ر حين تشرع روح الثورة المتــجددة‪،‬‬ ‫ف��ى الضبط الذاتى للخلل فى مس��ــارها‪ ،‬فما حدث فى يوم ‪17‬‬ ‫فبراي��ر‪ ،‬اذ كان يـــــعد من النـــــــاحية العملية الواقعية مبادرة‬ ‫من طليعة من الش��باب‪ ،‬اال أن روح الثورة كانت طاقة الـجذب‬ ‫والحــش��د للماليين لتتحول مبادرة الش��باب الى ث��ورة مكتملة‬ ‫األركان‪،‬ظه��رت فيها المرأة جنـــــب��ا الى جنب الرجل والفتى‬ ‫والعجــوز‪..‬‬ ‫وروح الثورة اليصنعها تحريض من الداخل أو الـــــــخارج‪،‬‬ ‫لكنها اس��تلهــام م��ن الخصائـص التاريخية للش��خصية القومية‬ ‫لليبيي��ن‪ ،‬وه��ى خصائ��ص متع��ددة رصده��ا علماء األنس��ان‬ ‫والتاري��خ‪ ،‬م��ن بينها الصب��ر الواعـ��ى‪ ،‬واخت��زان تراكمات‬ ‫الغضب على نظام ال ينال الرضى العام وكراهيتهم له‪ ،‬واعطاء‬ ‫ظهورهم له‪ ،‬بحيث ينعزل عن السياق العام للمجتمــــع ‪.‬‬ ‫وألن الكثي��ر ج��دا م��ن األفكار التى القيت ف��ى مجـرى نهـر‬ ‫الـ��دم والذى ش��قه ثـــ��وار ‪ 17‬فب��رار‪ ،‬قد بعدت بنفس��ـها عن‬ ‫الخصائ��ص القومية والتاريخي��ة لليبيين‪ ،‬والت��ى حفظت لليبيا‬

‫أهـ��م صفاتها‪ :‬التس��امح والتدين الفط��رى‪ ،‬وكراهية التطرف‬ ‫والعنف الدينى"الوالء للـــحاكم‪!..‬؟"‪ ،‬لذلك فــــان روح الثورة‬ ‫وهى منبع التغيير الذى جرى ويجـرى األن‪ ،‬كفيلة باعـــــــادة‬ ‫ضـــــــــــب��ط األم��ور وتوازنها‪ ،‬والعودة بالث��ورة الى أصلها‬ ‫وجـوهرهــا ‪..‬‬ ‫ولما كانت مهام صياغة رؤية مكتملة تنهض بليبيا‪ ،‬ستقع على‬ ‫نظام الحكم القادم‪ ،‬فان هناك دائرتين يفترض أن تش��غال الحكم‬ ‫الجديد من اللحظـة األولــى ‪:‬‬ ‫الدائرة األولى‪ :‬أولوية وضع مشروع قومى للتقدم األقتصادى‪،‬‬ ‫والنهض��ة الش��املة وذل��ك بتكليف مجموعات م��ن المختصين‬ ‫والخبراء وأهل العلم والمعرفة ورجال الدين‪ ،‬بأن ينـــــــشـئوا‬ ‫لجان��ا تتوزع على مناقش��ـة موضوع��ات‪ ،‬ثم يت��م اجمال هذه‬ ‫الموضوع��ات فى خطــ��ة كاملة للمــــش��روع القــومــى ‪...‬ثم‬ ‫مـــاذا‪..‬؟‬ ‫الدائرة الثانية‪ :‬ان مش��ـاكل ليبيا الس��ابقة لـن تحل باجراءات‬ ‫مجـزاة لهذه المش��ــــــكلة أو تلك‪ ،‬لكن بتحرك حضارى شـامل‬ ‫يدف��ع بدماء الحياة الى جميع ش��ـرايين الدول��ة والمجـــــــتمع‪،‬‬ ‫والت��ى تيبــس��ت اب��ان الالنظ��ام الس��ابق ‪ .‬قـد يك��ون مثل هذا‬ ‫المش��روع طـوي��ل األج��ل‪ ،‬ويمك��ن أن تس��ـير ف��ى محاذات��ه‬ ‫مش��روعات قصيرة األجل‪ ،‬وعلى سبيل المثال فان اعادة تنمية‬ ‫المش��اريع المتوقفة على مس��توى الوطن‪ ،‬تمث��ل ركنا هاما من‬ ‫أركان المش��روع القوم��ى‪ ،‬وتتمــــتع بوجود بيـــئ��ة تحتــــية‬ ‫تحت بند المش��اريع الكبرى والتى كان الالنظام يمنيها للش��عب‬ ‫الليبــى المغلوب عـن أمــره‪!!..‬‬ ‫ف��ى ه��ذا االطار يتم رس��ـم خط��ط متكاملة لمـد جس��ـور‬ ‫التع��اون م��ع أفريقيا‪ ،‬وخاصــ��ة مع دول الج��وار‪ ،‬وأن تكون‬ ‫هناك مواق��ف قاطعة من القضايا العربية والدولية تعكس روح‬ ‫ليـبي��ا الثورة‪ ،‬وتتعامل م��ع الدول بمس��تــوى التكامل الدولى‪،‬‬ ‫وليس التــعامل المـــصلح��ى بدفـــــــــع الدوالرات ألغراض‬ ‫مشبوهة‪ ،‬ألسباب كان الالنظام يخطط لها‪ ،‬وظهرت لنــــا األن‬ ‫فى مرتـــــزقة وقطاع طرق‪ ،‬وأمراض مس��توردة ماأنزل هللا‬ ‫بها من سلطــان‪!..‬‬

‫ان اكتم��ال رؤيـ��ة ليبية للسياس��ة الخارجية‪،‬والت��ى قـد تنجح‬ ‫في��ه الخارجيةالليبية بمعاونة أهـــ��ل البــر والخــيرفى الخارج‬ ‫والداخل‪..‬هذا األكتمال صـار مطلــــبا ملــــحـا‪ ،‬نحن نرى دول‬ ‫الــعال��م وخاص��ة القوى الكبرى منها‪ ،‬وعلى رأس��ها الواليات‬ ‫المتح��دة األمريكيـــة‪ ،‬قـد ش��كـــــلت بوضــع صياغات كيفية‬ ‫التعامل مـع ليبيا بعـد الثورة‪..‬؟‪..‬ومالوحظ من مناقش��اتهم عبر‬ ‫األذاع��ات‪ ،‬الـت��ى تطرقت الى معنى أن الصورة ش��به النهائية‬ ‫ال��ى تكونت لديهم(األمريكان) للنظـــ��ام الـــــــــجديد‪ ،‬وقواعد‬ ‫التعامل معه‪ ،‬والقوى الصاعدة المرشحة للمشاركة فى ادارته‪،‬‬ ‫ويمكــ��ن أن تكون قابلة للتعديل نتيجة لثــورة ليبيــا والمنطقــة‬ ‫العربية ‪.‬‬ ‫وأن ذل��ك قد يدفعها ألعـادة حس��ـباتها تج��اه المنطقة العربية‬ ‫التى تكونت لديها طوال عش��ــرات الس��نين نظرة ثابتة‪ ،‬تـرى‬ ‫أنها منطقة سـاكنة‪ ،‬وأنها خارج حســابات ادارة النظام الدولــى‬ ‫‪.‬‬ ‫ذلك كله البـد أن تحتـويه رؤية ليبيا التى نــريدها‪ ،‬وهـى مس��ؤ‬ ‫ولية يل��زم أن يكـــــــون على قـدر تحمله��ا‪ ،‬ونحن فى انتظار‬ ‫انتخاب��ات نزيه��ة للبرلم��ان‪ ،‬والحكومة‪،‬ورئي��س الحكوم��ة‪..‬‬ ‫وقبـــــــ��ل كل ه��ذه النقاط يجــ��ب أن يكون هنــاك اس��تتباب‬ ‫أمنــى ص��ارم‪ ،‬بحيث ننـــــعم باألمــــن واألمان ‪،‬من س��حب‬ ‫الس��ــالح من المــدن بالكيفية والط��رق التى يفرضها المجلس‬ ‫الوطــنى‪ ،‬وفى أس��رع وقت ممكن‪ ،‬من تفعي��ل قانون المرور‬ ‫بق��وة‪ ،‬وتفعي��ل القضاة ‪ ،‬وتـ��رك ترس��ـــــــبات الع��رف قبل‬ ‫القانون والذى أحدثه الالنظام البأس‪...‬كذلك نش��ر الوعــى بين‬ ‫المواطنين بأثراء الندوات الفكرية والتى تعمق التنميــة البشرية‬ ‫للفــرد والمجتمــع وتطــويره‪ ،‬وهو ما ينقصنا األن ‪.‬‬ ‫وأخيــرا‪..‬ان ممارسة وضمان الحقوق والحريات العامة‪ ،‬تؤدى‬ ‫الى بناء دولة مؤسس��ات مدنية أساسها مشاركة كل األفراد فى‬ ‫تس��يير الشئون العمومية‪ ،‬والمــــقدرة على تحقــــــــيق العدالة‬ ‫األجتماعية والمس��ــاواة وضمــان الحــرية لكل فــرد‪..‬وهو ما‬ ‫ظهر من أجله شباب ‪ 17‬فبراير‪.‬‬

‫رسوم ‪ :‬محمد الزواوي‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫‪23‬‬

‫قراءة يف شعار (اإلسالم هو احلل)‬ ‫عبد احلكيم الفيتوري‬ ‫من مس��لمات اإليم��ان أن نؤمن بأن اإلس�لام‬ ‫عقيدة وشريعة ومنهج حياة ‪،‬وهو الحل الشافي‬ ‫والمنقذ للبش��رية في كل زم��ان ومكان ‪،‬وهذا‬ ‫الق��در ال مج��ال لمناقش��ته البت��ة ‪،‬بل مناقش��ة‬ ‫ش��عار يرفع في أقطار ش��تى من األرض منذ‬ ‫س��قوط الدولة العثمانية‪ ،‬حي��ث أريد به تطبيق‬ ‫اإلس�لام وتحكيم��ه وتجييش األم��ة خلفه ‪،‬وال‬ ‫يخف��ى أن هذه أهداف س��امية وجليل��ة‪ ،‬ولكن‬ ‫اإلش��كال أن ه��ذا الش��عار رف��ع بمع��زل عن‬ ‫الفه��م الصحي��ح لمعانيه ‪،‬وب��دون وعي كامل‬ ‫إلبعاده وتصور مكتم��ل لمرحليته‪،‬وال إمتالك‬ ‫لوس��ائل تحقيقه‪،‬ناهيك عن الق��درة على تنفيذه‬ ‫كمش��روع عملي إلخ��راج األمة م��ن أزماتها‬ ‫المتنوع��ة والمتعددة!!فصار هذا الش��عار في‬

‫الواق��ع كال��دواء ال��ذي يص��رف بمع��زل عن‬ ‫إرشادات الطبيب المختص ‪،‬حيث تعومل معه‬ ‫على أس��اس أنه دواء فق��ط(‪)medicament‬‬ ‫ب��دون معرف��ة صحيح��ة لمكونات��ه ‪،‬وكيفي��ة‬ ‫اس��تعماله‪،‬ومقدار جرعات��ه ‪،‬وألي األمراض‬ ‫هو‪،‬فاس��تخدم بطريق��ة خاطئة فكان��ت نتائجه‬ ‫س��لبية على المريض ‪،‬وانقلب الدواء إلى داء‪،‬‬ ‫والمشكلة آنذاك ليست في تناول الدواء‪ ،‬بل في‬ ‫طريقة استعماله والتعاطي معه !!‬ ‫وأحسب أن شعار(اإلسالم هو الحل)كشعار قد‬ ‫أصابه شيء من ذلك التشويه‪،‬حيث أن اإلسالم‬ ‫كقيم ومباديء دواء ناج��ع لكل ما تعانيه األمم‬ ‫م��ن ظل��م وتخلف وقه��ر واس��تبداد (فمن اتبع‬ ‫هداي فال يضل وال يشقى) فهو يحمل في طياته‬

‫قي��م التوحيد‪،‬والعدل‪،‬والمس��اواة‪،‬ويمنح ح��ق‬ ‫الحريات‪،‬ويحف��ظ الكرامة االنس��انية‪،‬ويصون‬ ‫المث��ل الحضاري��ة‪.‬إال أن شعار(اإلس�لام هو‬ ‫الحل) قد ألصقت به شوائب شتى ومتنوعة مما‬ ‫جعله جزء من الداء وليس عين الدواء ‪،‬وطرفا‬ ‫في المشكلة وليس حال لها كما تصوره رافعوه‪،‬‬ ‫ومرد هذه الشوائب الخطيرة جملة من المفاهيم‬ ‫المغلوطة الت��ي أحاطت به‪ ،‬منها‪ ،‬عدم تحرير‬ ‫نصوص اإلس�لام من الفهم التاريخي‪ ،‬وفصل‬ ‫القيم عن الذات‪ ،‬وكالم الش��ارع عن الش��ارح‪،‬‬ ‫وقي��م الدين وأش��كال التدين‪.‬كذل��ك العفوية في‬ ‫إيقاع أحكام اإلسالم على غير مناطاتها وعللها‬ ‫‪،‬مما زاد من حالة اإللتباس واإلرتباك في الفكر‬ ‫والواقع ‪،‬وهيج أجواء اإلرهاب والمطاردة لكل‬

‫محاولة لإلصالح والتجديد‪.‬‬ ‫ومنها إقامة ش��خوص ورموز للتدين المغلوط‬ ‫وأضف��اء ش��يء من العصم��ة عليه��ا‪ ،‬فصار‬ ‫الحدي��ث بنق��د أو تقوي��م أو مراجع��ة له��ؤالء‬ ‫الشخوص والرموز تعني انتقاص لقيم اإلسالم‬ ‫ومبادئ��ه المطلق��ة ‪،‬األم��ر الذي جع��ل رافعي‬ ‫شعار(اإلس�لام ه��و الح��ل) في حال��ة إرتباك‬ ‫وعجز فاضح عن فك اإلش��تباك بين الش��ارع‬ ‫والش��ارح‪ ،‬وبين القيمة وال��ذات‪ ،‬مما أدى إلى‬ ‫تجرئ��ة خصومهم عل��ى قيم اإلس�لام ومبادئه‬ ‫س��را وعالنية ‪،‬فزاد الطين بله ‪،‬وتأزمت حالة‬ ‫األمة من س��يء إلى أس��وأ‪ ،‬كل ذلك من جراء‬ ‫عدم الفهم الصحيح ‪،‬وممارسة النقد والمراجعة‬ ‫‪،‬والتجديد واالجتهاد !!‬

‫أليس فيكم رشيد ؟!‬ ‫عبد السالم الزغييب‬ ‫التاريخ ‪2012-01-16 :‬‬ ‫اش��تباكات مس��لحة بمنطق��ة زاوي��ة الدهماني‬ ‫بطرابلس واألمن الوطني يطوق المنطقة‬ ‫التاريخ ‪2012-01-15 :‬‬ ‫مناوش��ات في درنه ‪ ،‬و اس��تنفار أمنى لتأمين‬ ‫المدينة‬ ‫التاريخ ‪2012-01-13 :‬‬ ‫اش��تباكات ما بين غري��ان واألصابعة أوقعت‬ ‫عدداً من القتلى والجرحى‬ ‫التاريخ ‪2012-01-15 :‬‬ ‫كاتب��ة أمريكي��ة‪ 12 :‬أل��ف جن��دي أمريك��ي‬ ‫سيدخلون إلى ليبيا‬ ‫تهدد المليش��يات المسلحة المنتش��رة في أنحاء‬ ‫متفرق��ة من ليبيا مس��ار التط��ور الديمقراطي‬ ‫والسياسي االقتصادي واألمني بعد سقوط نظام‬ ‫القذافي‪.‬‬ ‫يجب أوال أن نقر ونعترف بأن هذه المليش��يات‬ ‫هي عبارة عن مجموعات خارجة عن القانون‪،‬‬ ‫وان هن��اك جه��ات خارجي��ة تمده��ا باألموال‬ ‫والسالح وكل الشعب الليبي يعرف ذلك! وهي‬ ‫مجموع��ات تتناحر فيما بينها من أجل كس��ب‬ ‫مزيد م��ن النفوذ على األرض‪،‬واقتس��ام كعكة‬ ‫األرصدة الليبية التي تقدر بالمليارات!!‬ ‫وبالتال��ي ينبغي أن يطلب منه��ا ـ بعد إعطائها‬ ‫الوقت الكافي ـ تس��ليم أس��لحتها‪ .‬إذا رفضت‪،‬‬ ‫يدع��و المجلس كل الق��وى الوطنية ومنظمات‬ ‫المجتم��ع المدن��ي أن والش��ارع للضغط على‬ ‫التشكيالت ولفظها خارج إطار الشرعية‪ .‬وإذا‬ ‫ل��م تجد ه��ذه الدعوة اس��تجابة يجب اس��تدعاء‬ ‫قوات من القبع��ات الزرقاء للتصدي لها‪ ،‬حتى‬ ‫يس��تكمل المجتمع الدولي دوره‪ ،‬والن المجلس‬ ‫الوطني ليس لديه جيش وال يس��تطيع مواجهة‬ ‫هذه المليشيات المسلحة‪.‬‬

‫إن الليبيين الذين ناضلوا من أجل التخلص من‬ ‫طغي��ان القذافي‪ ،‬ال يقبل��ون بطغيان آخر ‪ ،‬وال‬ ‫يرض��ون العيش م��ع مجموع��ات تعرقل قيام‬ ‫دولتهم الجديدة‪ ،‬وتغليب مصلحة أقلية متهورة‬ ‫على حساب أغلبية الشعب الليبي!‬ ‫بقاء هذه المجموعات المس��لحة يش��كل خطرا‬ ‫واضح��ا عل��ى كل الليبيي��ن‪ ،‬ويعي��ق التحول‬

‫الديمقراط��ي‪ ،‬ويجعل من غي��ر الممكن توفير‬ ‫األمن واالستقرار المطلوبين إلجراء انتخابات‬ ‫حرة في البالد‪.‬‬ ‫تعتق��د ه��ذه المجموع��ات أنه��ا ش��اركت في‬ ‫االنتفاضة ضد نظام القذافي وأن تلك المشاركة‬ ‫تمنحها الحق بأن تكون فوق كل سلطة بل وهي‬ ‫التي تقرر للسلطة ماذا تفعل وكيف تدير البالد‪.‬‬

‫لق��د باتت باختصار تش��كل جزءا م��ن الثورة‬ ‫المضادة التي تس��عى لوأد الثورة بإثارة النعرة‬ ‫الجهوي��ة وإغ��راق البالد في دوام��ة الفوضى‬ ‫التي تدفع بها نحو الكارثة‪.‬‬ ‫أال هل بلغت اللهم فأشهد‪.‬‬

‫رسوم ‪ :‬محمد الزواوي‬


‫ميادين الرياضة‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 24 ( 37-‬يناير‪)2012‬‬

‫أمحد بشون‬

‫أهمية األب الروحي‬

‫فريقا االهلى ببنغازي واالهلى بطرابلس‬ ‫للكرة الطائرة يستعدان هذه األيام للسفر إلى‬ ‫بيروت للمشاركة في البطولة العربية وهى‬ ‫منافسة قوية الرتفاع مستوى الكرة الطائرة‬ ‫العربي��ة وجميعن��ا يع��رف مس��توى الكرة‬ ‫الطائ��رة المصرية والتونس��ية والجزائرية‬ ‫وكل دول الخليج ‪ ..‬األمر الذي كان يفرض‬ ‫عل��ى المس��ئولين على الرياض��ة في بالدنا‬ ‫أن يعط��و لهذه المش��اركة األهمية القصوى‬ ‫وان يعمل��وا عل��ى تمكي��ن الفريقي��ن الذين‬ ‫س��يدافعان عن علم ليبيا الحرة من االستعداد‬ ‫الجيد بمساعدتها في انتداب بعض العناصر‬ ‫المحترف��ة وكذل��ك االنخراط في معس��كر‬ ‫إع��داد خارجي تت��اح فيه الفرص��ة إلجراء‬ ‫مباري��ات ودية مع فرق قوية وهى مس��ألة‬ ‫التتحق��ق إال ف��ي معس��كر خارج��ي حيث‬ ‫وجود ف��رق جاهزة يمك��ن أن يكون اللعب‬ ‫معه��ا مفي��دا للفريقي��ن الليبيين الذي��ن توقفا‬ ‫ع��ن المباريات نتيجة الحرب التي ش��نها (‬ ‫الطاغ��وت ) على ش��عبه ‪ ..‬ولك��ن ومع كل‬ ‫أس��ف لم يولى المس��ئولين عل��ى الرياضة‬ ‫سواء في وزارة الشباب أو اللجنة االولمبية‬ ‫أو االتحاد العام للكرة الطائرة هذه المشاركة‬

‫ما تس��تحقه من عناي��ة ورعاية وترك األمر‬ ‫للناديي��ن وظروفهم��ا وإمكانياتهم��ا وكأن‬ ‫المش��اركة ليست باس��م ليبيا الحرة العزيزة‬ ‫التي قدمت الش��هداء من اجل أن تحقق ذاتها‬ ‫وتدعم شبابها وتسعى لتحقيق النتائج الجيدة‬ ‫بع��د أن انتهى زمن التهمي��ش والتعامل مع‬ ‫األندية بمعايير مختلفة ‪..‬‬ ‫ترت��ب على ه��ذا الواقع أن فريق االهلى‬ ‫بطرابل��س س��افر إلى تون��س لالنخراط في‬ ‫معس��كر خارجي تتاح فيه بكل تأكيد فرصة‬ ‫إجراء مباريات ودية مع فرق قوية الن‬ ‫( األب الروح��ي ) للكرة الطائرة في النادي‬ ‫االهل��ى بطرابلس كما جاء على لس��ان احد‬ ‫الرياضيي��ن يمل��ك األم��وال الت��ي تغط��ى‬ ‫تكاليف هذا المعسكر بينما أقام فريق االهلى‬ ‫ببنغازي في معسكر داخلي وسوف لن تتاح‬ ‫ل��ه فرصة مباراة ودية واحدة وكأن الس��ادة‬ ‫المس��ئولين عل��ى الرياض��ة وعل��ى الكرة‬ ‫الطائ��رة عل��ى وجه الخص��وص يرون أن‬ ‫العالق��ة لهم باألمر ولكنه مت��روك لألفراد‬ ‫وإمكانياته��م وانتماءاتهم الت��ي هي أهم من‬ ‫االنتماء للوطن ‪!!..‬‬ ‫أخي��را أود أن اهم��س ف��ي اذن العب��ي‬

‫مرحبا جبمعية الوطن‬

‫األستاذ مصطفى بن عامر‬

‫جمعية عمر المختار التي تأسس��ت في بداية األربعينات وأسهمت‬ ‫إسهاما كبيرا في تحقيق استقاللنا ووحدة البالد وتصدت لكل محاوالت‬ ‫التقس��يم من خالل صحيفتها الح��رة صحيفة ( الوطن ) ومظاهرات‬ ‫ش��بابها ورغم ماتع��رض له قادتها من س��جن واضطه��اد ولكنهم لم‬ ‫يتراجع��وا عن مبادئه��م وأهدافهم ‪ ..‬ولم يقتصر دورها على النش��اط‬ ‫السياس��ي فقط بل قامت بدور متميز ف��ي الجانبين الثقافي والرياضي‬ ‫‪..‬ومن ذلك فرقة الكش��اف الموسيقية واإلس��هام في التدريس بمدرسة‬ ‫العم��ال الليلي��ة وكذل��ك تأس��يس‬ ‫النادي االهل��ى من فبراير ‪1950‬‬ ‫بعد أن كان فريقا لكرة القدم ‪.‬‬ ‫بعد تحقق ثورة الس��ابع عش��ر‬ ‫من فبراي��ر المجيدة تن��ادى عددا‬ ‫من الرجال والنساء شبابا وشيوخا‬ ‫ألجل إعادة تجديد دورها الوطني‬ ‫االجتماع��ي الثقاف��ي وعق��دت‬ ‫ع��دة اجتماع��ات ت��م م��ن خاللها‬ ‫وضع نظامها االساس��ى الذي قدم‬ ‫للجهات المختصة للحصول على‬ ‫الترخيص ولتباشر بعد ذلك دورها‬ ‫الوطني في بناء الدولة التي نتطلع‬ ‫لها دولة الدستور والقانون ‪ ..‬دولة‬ ‫الحرية والديمقراطية ‪.‬‬

‫كلمـة العـدد‪..‬‬

‫فري��ق االهلى ببنغ��ازي والمش��رفين عليه‬ ‫‪ ..‬التتأث��روا بهذا الواق��ع المرير ‪ ..‬وعودوا‬ ‫بالذاك��رة لل��وراء قلي�لا ‪ ..‬ع��ودوا إلى تلك‬ ‫اللحظ��ة عندما كنتم تش��اركون في البطولة‬ ‫العربية بالس��عودية وتناهت إلى أس��ماعكم‬ ‫صيحات‬ ‫( هللا اكبر ) وش��اهدتم عبر شاشات القنوات‬ ‫المرئي��ة إخوتك��م يتس��اقطون ش��هداء ف��ي‬ ‫ش��وارع وميادين ليبيا الحبيبة حيث تملككم‬ ‫الغض��ب وقررتم االنس��حاب م��ن البطولة‬ ‫والعودة س��ريعا ألراضى الوط��ن مع بداية‬ ‫ثورتنا المجيدة ثورة السابع عشر من فبراير‬ ‫‪ ..‬ب��ل أن بينك��م من حمل الس�لاح وانخرط‬ ‫ف��ي صفوف الثوار ف��ي الجبهات دفاعا عن‬ ‫األرض والع��رض ‪ ..‬الن تهميش��كم وعدم‬ ‫إعطائكم الفرصة لتنافس��وا بقوة وش��جاعة‬ ‫ليس��ت ذنبكم وعليكم أن تدركوا أن التاريخ‬ ‫قد س��جل لكم وقفة الش��جاعة وحب الوطن‬ ‫‪..‬عليك��م أن تعلم��وا أن جزاء اإلحس��ان هو‬ ‫اإلحسان ‪.‬‬ ‫ولك��ن هذا ليس ف��ي واقعن��ا الرياضي في‬ ‫بالدن��ا ألنه يؤكد أن جزاء اإلحس��ان ‪ ...‬هو‬ ‫النسيان ووسوسة الشيطان ‪!!! ...‬‬

‫دعوة مشكورة‬ ‫اللقاء الذي دعت إليه األس��تاذة الوكيل‬ ‫المس��اعد لوزارة الشباب والرياضة والذي‬ ‫حضره مجموعة من االعالمين الرياضيين‬ ‫وما تحدثت به في بداية االجتماع وما أشارت‬ ‫إلي��ه عن رغبتها في التش��اور واالس��تفادة‬ ‫م��ن خبرات الحض��ور أراه مب��ادرة جيدة‬ ‫لفتح المجال للحوار والمناقش��ة يفترض أن‬ ‫يتلوه اجتماعات ولقاءات لمناقشة مواضيع‬ ‫كثيرة وليس موضوع أنشاء إدارة لإلعالم‬ ‫ف��ي الوزارة الن أمام الوزارة أمورا كثيرة‬

‫حرصت هذه الصحيفة التي انطلقت‬ ‫في الشهور األولى لثورة السابع عشر من‬ ‫فبراير المجيدة على مواكبة هذه الثورة وتبنى‬ ‫أهدافها التي تجسد تطلعات شعبنا في الحرية‬ ‫والحياة الكريمة حيث أسهم من خاللها عددا‬ ‫من الكتاب والمثقفين واألدب��اء في تحليل‬ ‫األحداث ‪ ..‬ووضع المقترحات ونقد السلبيات‬ ‫بموضوعية ومصداقية موضحة ماعاناه‬ ‫شعبنا االبى من عسف وظلم وتسلط شمل‬ ‫كل المجاالت بل لعله طال كل الموطنين ‪...‬‬ ‫والمجال الرياضي في مقدمة المجاالت التي‬ ‫طالها اإلهمال والتسلط بشكل متعمد وسافر‬ ‫ألجل محاربة (النجومية)‬ ‫وإره��������اب ال��ش��ب��اب‬ ‫وت��وج��ي��ه��ه��م للتصفيق‬ ‫للنظام الفاشل وتمجيد‬ ‫الطاغوت ‪.‬‬ ‫م��ن هنا كان لزاما على‬ ‫الجمي��ع إعط��اء الحركة‬ ‫الرياضية وش��بابها أهمية‬ ‫خاصة النتشاله من واقعه‬ ‫أحمد بشون‬ ‫المري��ض ال��ذي عاش��وه‬ ‫وألج��ل أن يعب��ر ع��ن ذات��ه وتحقي��ق أماله‬ ‫ومستقبله ‪..‬‬ ‫م��ن ه��ذا المنطل��ق رأت ه��ذه الصحيف��ة‬ ‫استكماال لدورها تخصيص صفحة قد تتطور‬ ‫إل��ى صفحتي��ن تخت��ص بالنش��اط الرياضي‬ ‫والش��باب ابتداء من هذا العدد والتي س��تكون‬ ‫بإذن هللا مجاال فسيحا يحترم كل الرؤى ويقدر‬ ‫كل اآلراء الصادقة والهادفة وتس��توعب كل‬ ‫األفكار من خالل الراى والراى األخر ألجل‬ ‫القضاء على رواسب الماضي المقيت وإتاحة‬ ‫فرص��ة االنطالق لش��بابنا المظل��وم ليتطور‬ ‫ويبدع بعد أن ش��عرنا بنسيم الحرية والكرامة‬ ‫حتى نس��تطيع جميعا أن نبنى دولة الدس��تور‬ ‫والقانون والمؤسس��ات لنلحق بالذين س��بقونا‬ ‫بعد أن كنا في مقدمة الصفوف ‪.‬‬

‫ومواضي��ع عدي��دة تحتاج للحس��م وأهمها‬ ‫ه��ذا التداخ��ل ف��ي االختصاص��ات وتعدد‬ ‫الجهات المس��ئولة وفي الوقت الذي س��تبدأ‬ ‫الوزارة ع��ن طريق فروعها في مباش��رة‬ ‫مهامه��ا الزال��ت مجال��س الرياض��ة ف��ي‬ ‫المحافظات تقوم بدورها الش��كلي والزالت‬ ‫اللجن��ة االولمبية تتدخل في ش��ئون األندية‬ ‫الرياضية وتصدر قرارات تش��كيل لجانها‬ ‫رغم أنها ليس أي عالقة باألندية الرياضية‬ ‫طبق��ا لمهامها ومن خ�لال القوانين والنظم‬

‫بل هناك مس��اع الختيار شخص بالمجلس‬ ‫المحلية ليتولى ملف الشباب والرياضة هذا‬ ‫الواق��ع وهذه األمور المتداخلة س��وف لن‬ ‫تمك��ن الوزارة م��ن تأدية مهامها وسينش��أ‬ ‫عن��ه ارتباك وتض��ارب في المهام تس��هم‬ ‫ف��ي تعطيل مهمتها ومن ث��م عدم تحقيق ما‬ ‫نصبو إليه ‪ ..‬البد أن‬ ‫تك��ون هناك أولويات بحيث نبدأ باألهم قبل‬ ‫المهم ‪..‬‬

‫أرشيف‬

‫ه��ذه الص��ورة لفريق الهالل لك��رة القدم خالل‬ ‫فت��رة تألقه في الس��تينات وهى تض��م مجموعة من‬ ‫ألالعبين المهرة وهم الوقوف من اليمين ‪:‬‬ ‫‪ 1‬محم��ود التكبال��ى ( ح��ارس المرم��ى ) م��ن‬‫طرابلس ‪ 2-.‬أرحيمة اش��تيوى ‪ 3- .‬المرحوم احمد‬ ‫األش��هب ‪ 4- .‬عثمان العنيزى ‪ 5- .‬محجوب بوكر‬ ‫‪ – 6 .‬عبدالسالم الورفلى ‪.‬‬ ‫الجلوس من اليمين ‪:‬‬ ‫‪ 7‬يوس��ف بودجاج��ة ‪ 8- .‬عم��ران العرف��ي ‪9- .‬‬‫المرح��وم ديمس الكبي��ر ‪ 10- .‬المرح��وم محمود‬ ‫بوس��ته ‪ 11- .‬عل��ى الش��عالية – ( الطف��ل فيص��ل‬ ‫الفيتورى ) ‪.‬‬ ‫العدد ‪ 24( 37‬يناير‪2012‬م)‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.