2أغسطس 2011
سوف حنيا هنا سوف حيلو النغم السنة األولى
العدد 12
2أغسطس 2011
الثمن :دينار
ملف العدد :األغنية السياسية
ال للسالح داخل املدن ـ عائد من طرابلس ـ األيام اجلنوبية ـ وقائع فضيحة معلنة ـ ثورات ليبيا األربع ـ استقالل البالد الثاني ـ األمازيغ :األحرار النبالء
02
2أغسطس 2011
2أغسطس 2011
سوف حنيا هنا سوف حيلو النغم السنة األولى
العدد 12
2أغسطس 2011
الثمن :دينار
ملف العدد :األغنية السياسية
ال للسالح داخل املدن ـ عائد من طرابلس ـ األيام اجلنوبية ـ وقائع فضيحة معلنة ـ ثورات ليبيا األربع ـ استقالل البالد الثاني ـ األمازيغ :األحرار النبالء
miadeenm@yahoo.com
ميادين صحيفة ليبية متنوعة تصدر من بنغازي
رئيس التحرير أمحد الفيتو ري مدير التحرير سامل العوكلي مدير فين أمحد العرييب إشراف فين
عمر جهان مدير إداري
ال للسالح داخل املدن الضربة الموجعة التي وجهت إلى الثورة بمقتل اللواء الشهيد عبد الفتاح يونس رئيس أركان جيش التحرير الوطني بقدر قوتها وحجم تأثيرها على المستويات المختلفة فإنها لم تقصم ظهر الثورة ولذلك فان ما ال يقصم ظهرك يقويك ويجعل منك أكثر تصميما على مواصلة الطريق الذي ال عودة منه إلى النصر. ورغم الغموض الذي الزال يحيط ببعض األحداث المتعلقة بهذه الفاجعة، فان تشكيل لجنة قانونية ومحكمة لمحاكمة الجناة على هذه الجريمة البشعة وتنفيذ الحكم العادل في حقهم يعد أمرا يؤدي إلى تهدئة النفوس وتعزيز الثقة في عدالة الثورة وقدرتها على الدفاع عن نفسها ويجعل من مسألة وجود المسلحين داخل المدن أمرا اليمكن قبوله تحت أي ظرف من الظروف . إن الدعوة التي وجهها المجلس الوطني االنتقالي إلى هذه التشكيالت المسلحة باالنضواء تحت قيادة سرايا الثوار والقتال في الجبهات أو االنضمام إلى قوى األمن الوطني الذي يحق له وحده ـ ووحده فقط ـ حمل السالح داخل المدن ،هذه الدعوة تأتي مدعومة بكل إفراد الشعب الليبي في المناطق المحررة التي تساند ـ دون تحفظ ـ أي إجراء يتخذ من أجل تحقيق هذا الهدف ،وإعادة مدننا المحررة إلى خط التظاهر السلمي واالعتصام الذي كان سالحا ماضيا وفعاال في مواجهة القذافي حتى تم تحرير هذه المناطق من قبضته ،ولذلك فإن هذه الجماهير المسالمة المعتصمة في ميدان الحرية والموجودة في كل المدن ملزمة بالدفاع عن نفسها وثورتها في حالة عدم انصياع قادة هذه التشكيالت المسلحة إلى صوت الضمير واستلهام مصلحة الوطن ،وذلك بأن تتجه إلى هذه الكتائب متظاهرة ومعتصمة أمام مقراتها حتى تسلم سالحها. إن من هزم القذافي بالتظاهر ال يعجز عن مواجهة مسلحين في المدن. وسأكون أول من يتقدم هذه التظاهرات. إدريس ابن الطيب
خليل العرييب 0926234108 صورة الغالف
عادل جربوع طباعة دار النور للطباعة
توزيع دار الفارس العربي
إخراج وتنفيذ رؤيا ألعمال الطباعة والتجهيزات الفنية
كل عام وأنتم خبري بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك تتقدم أسرة صحيفة ميادين بأحر التهاني إلى شعبنا الليبي الصامد واألمنيات بالنصر المبين بإذن هللا أعاده هللا علينا وعليكم باليمن والبركات
2أغسطس 2011
رسوم ازوواوا
03
هذه اللوحات للفنان المرحوم محمد الزواوي تنشر للمرة األولي
.
04
2أغسطس 2011
مراد اهلوني حاوره :سالم العوكلي
عائد من طرابلس
طلبت من حممد ان يدعو فى مداخلته شبابنا الثائر الزاحف حنو سرت بأن يؤمنوا الناس على ارواحهم و ممتلكاتهم ـ ماذا حدث بطرابلس في االيام االولي؟ لحظة اندالع الثورة كنت متواجدآ بحكم عملى بمدينة سرت فكنت اتابع االحداث عن طريق الهاتف متصآل باالصدقاء و باالهل للسؤال عن مجريات االمور و االطمئنان على الصحة و غير ذلك و عبر التلفزيون الذى كان ينقل مباشرة ما كان يحدث فى بنغازى و غيرها من المدن الليبية كنت اتفحص عيون اصدقائى من مدينة سرت فأجد بها مسحة من القلق و الترقب لما قد يحصل و خاصة و ان االنباء المتواترة من بنغازى قد حملت فى طياتها خبر سقوط اغلب المدن الشرقية فى قبضة الثوار و هروب قادة الكتائب و قتل و اسر البعض االخر و هو ما جعل االمور فى مدينة سرت تتأزم و تخرج عن السيطرة فى صورة من الفزع و الخوف على مصير من زج بهم النظام لدحر الثورة فى ايامها االولى فأنتشرت المظاهر المسلحة فى ارجاء المدينة و سمع دوى العيارات النارية التى كانت تطلق دونما سبب الهم اال الثبات الوجود و الننى عايشت معاناة هوالء البسطاء من الناس فى محنتهم هذه و الننى اعرف نيتهم الصادقة التى و ان لم يعبرو عنها صراحة اال اننى اراها فى عيونهم فقد عز على و انا فى تلك الظروف التى لم تمنعهم عن ظيافتى و رعايتى و االهتمام بى و الحرص على سالمتى ان ارى حالة الجزع و الهلع هذه من وصول مرتقب للثوار بعد ان سرت اشاعات بثها النظام بعزم هوالء على االنتقام من سكان هذه المدينة و الحت الفرصة امامى مواتية للقيام بما يمليه على واجب االخوة تجاهم عندما استمعت لمداخلة الناشط السياسى محمد بويصير من عين المكان بالساحة الخظراء بطرابلس حيث توافدت الجماهير الطرابلسية الغاضبة و الثائرون فاتصلت به عن طريق الصديق محمد السويحلى الذى كان متواجدآ الى جانبه فطلبت من محمد ان يدعو فى مداخلته شبابنا الثائر الزاحف نحو سرت بأن يؤمنوا الناس على ارواحهم و ممتلكاتهم و قد وعدنى خيرآ و حدث ما حدث بعد ذلك من اقتحام و تنكيل
بالمتظاهرين بساحة الشهداء بطرابلس و بعد خطابى االب و االبن و قلقى على اهلى بمدينة طرابلس و رغم توجسى من الطريق و انتشار نقاط التفتيش بها و المعاملة الفظة للكتائب المسلحة بها اال اننى توكلت على هللا و انطلقت باتجاه طرابلس عن طريق بنى وليد الصلها بعد غروب الشمس مباشرة اال اننى و نتيجة للحالة االمنية التى وجدت عليها طرابلس فقد قررت المبيت فى احد اطراف المدينة عند احد االصدقاء و فى الصباح اكملت مسيرى نحو البيت الجد الجميع بانتظارى ابنائى االربعة و والدتهم و هم فى حالة من القلق على مصيرى و على ما عانوه هم فى غيابى طرابلس التى كنت اعرفها تغيرت المدينة المكتظة بسكانها اصبحت طاردة لهم نزح البعض الى مدنهم االصلية و هجرها البعض االخر خوفآ على مصيرهم و من تردد فى تركها اصبح سجينآ لجدران بيته فى االيام االولى كحالى انا الذى حولت غرفة نومى الى قاعة للمطالعة و مكانآ لمشاهدة قنوات االخبار العربية التى عادة ما يختفى ترددها بفعل التشويش المتعمد الرياضة الوحيدة التى كنت اقوم بها هى فى خروجى لشراء االحتياجات الضرورية و تحديدآ قريبآ من البيت و لخوفنا من نقص التموين و انقطاعه فقد تحولت دار الخزين بالمطبخ الى سوبر ماركت بسلعه المكدسة و رغم حالة القلق و الترقب لما قد يحدث لنا اذا تأزمت االمور فأن وزن الجميع زاد بما فيهم العبدهلل -اكل و مرعى و قلة صنعة – و شيئآ فشيئآ بدأت االمور تتحسن من حيث القدرة على الخروج و الذهاب الى زيارة االصدقاء و االقارب و تفقدهم و فى المقابل كانت مشكلة التزود بالوقود و االنتظار المزعج لساعات فى البداية الذى تحول الى ايام طوال و ارتفاع سعر اللتر فى السوق السوداء الى اضعاف مضاعفة قد قيدت حركة البعض منا حتى وصل االمر للبعض الى استعمال الدرجات النارية و الهوائية التى اختفت من االسواق و زاد ثمنها و كذلك ارغم البعض االخر على ممارسة رياضة المشى رغما عنه و
اصبحت شوارع طرابلس شبه خاوية من السيارات كل ما كانت تستورده طرابلس عن طريق الشرق او مصراتة اختفى تباعآ و الباقى منها ارتفع سعره و اغلقت بعض المتاجر لخلو ارففها من البضاعة و البعض االخر لصعوبة وصول ماليكيها اليها بفعل نقص الوقود او لوجودها فى بؤر التوتر فى االحياء التى غالبآ ما تشهد انتفاظات او اعمال نوعية لثوارها كتاجوراء او فشلوم و سوق الجمعة و شط الهنشير و غيرها من احياء المدينة التململ واضح على الجميع حتى تحول مع االيام الى انتقاد علنى للنظام تعود الجميع على صوت المظادات االرضية التى كان صوتها فى االيام االولى للحضر مزعجآ و باعثآ على الخوف لدى الصغار و شيئآ فشيئآ اختفى هذا الصوت الستهدافه من قبل طيران الحلف او لقناعتهم بعدم جدوى استعمالهم فى حين كانت طائرات التحالف التى لم نستطع رؤيتها ابدآ و ان كنا نسمع اصواتها تقصف ليليآل اهدافها الم و مقراته االمنية و كان الناس يهرعون الى الشوارع بمجرد بدء القصف حيث يتبادل الجميع الحديث عن تأثيرات القصف و تمنياتهم بأن يسرع فى سقوط النظام عسكرية المتواجدة فى احياء المدينة المتفرقة و خاصة منطقة باب العزيزية التى نالت نصيبها الوافر من الضربات و كذلك مناطق تاجوراء و عين زارة و السوانى و غيرها من المناطق التى كانت تظم معسكرات النظام و مقراته االمنية .و ينظر الرأى العام لهذه العمليات على انها عامل مساعد فى اسقاط النظام الطرابلسية فى معظمهم هم ضد هذا النظام والن طرابلس هى المركز و هى مقر رأس النظام فأن التواجد االمنى المكثف للكتائب بكافة صورها و اشكالها و وجود مرتزقة اللجان الثورية و الحرس الثورى الذين فرو من المناطق المحررة بها هى من االشياء التى اعاقت و تعيق اى صورة من صور الرفض لهذا الحكم و رغم ذلك فأن ارادة الثوار و عزمهم و ايمانهم العميق بانتصارهم القوى من كل شئى . ـ ما حديثك حول الثورات في الشرق
االوسط؟ انا في اعتقادي ان ما يحصل في ليبيا االن او في سوريا او فى اليمن و ما حصل فى مصر و تونس هو نتيجة طبيعية لثورة المظلومين و لما عانته المنطقة العربية و بالدنا على وجه الخصوص من ظلم و عسف و غبن و جور طوال عقود من الزمن..االمر الذى ادى النتفاضة هذه الشعوب فى ثورة عارمة قلبت كل الموازين هل كان في تصورك ان الثورة الليبية كانت لن تقوم لوال ثورة مصر و تونس؟ بالتأكيد كان االسهام واضحا رغم إنه فى الحالة الليبية االمر معقد بعض الشئى نتيجة لعدة عوامل منها العامل الجغرافى التساع رقعة االرض و الدور الهامشى للمؤسسة العسكرية وعدم قدرتها على احداث التغيير السياسى بليبيا اذا صح التعبير و كذلك تغييب مؤسسات المجتمع المدنى بليبيا اذا تصورنا وجودها فعليآ و بالتالى انحسار الدور المؤثر لها . ورغم الدور النضالى المستمر و المتعاضم منذ بدايات انقالب سبتمبر للقوى الوطنية الليبية اال ان هذه العوامل مجتمعة كانت من االسباب الحاسمة التى اجلت ساعة الصفر لسقوط هذا النظام غير ان رياح التغيير و التى عصفت بتونس كان لها دور رئيسى و فعال فى اشعال فتيل الثورات الشعبية التى امتدت الى ليبيا فى شكل عاصفة قوية هادرة كان لها اثرها فى نهاية حكم الطاغوت و فى تصورى ان سقوط انظمة الحكم الدكتاتورية فى تونس و فى مصر كان من اهم العوامل المساعدة فى انجاح هذه الثورة الشعبية العارمة بالنظر الى طبيعة العالقات المميزة و الدور المشبوه لنظام مبارك بمساعدته عسكريآ فى قمع انتفاظة 1996بالجبل االخضر و هو احد وجوه التعاون االستخباراتى لهذه الدول فى تقديم الدعم اللوجيستى النظمتهم ـ يعني انك تعتبرها ثورة شرق اوسط اكثر منها ثورة محلية اقليمية ؟ فى تصور البعض هى كذلك و لكننى ال اريد ان استعمل هذه المصطلحات
2أغسطس 2011
و بالذات مصطلخ « الشرق اوسطية « فهي بالنسبة لى هذه الثورة و غيرها تجاوزت كل هذه المسميات ففى عصر العولمة هى ثورة عالمية بامتياز ..الثورة فى ليبيا بخصوصيتها التى تفردت بها. اختلف شكلها عن مصر و عنها في تونس حدة و عنفآ و لكنها ظلت امتدادآ طبيعيآ لهاتين الثورتين و ينطبق هذا الوصف على الحالة السورية بمجملها فالشروط الموضوعية التى ادت الى قيام الثورة فى المغرب العربى هى ذاتها التى املت واقعآ جديدآ فرض نفسه فى المشرق العربى لتتوحد شعارات هذه الجموع العربية و تختزل فى عبارة واحدة و هى « الشعب يريد اسقاط النظام «.و هذه الكلمات القوية المعبرة يمكن ترجمتها بكل لغات العالم متجاوزة حدودها الجغرافية و االقليمية فالعالم االن يشهد ربيعآ للثورات العربية و يرسم واقعآ مغايرآ فرضته ارادة هذه الشعوب المتعطشة للحرية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى و مارايكم بثورة اليمن ؟ القاسم المشترك بيننا هى ارادة الشعب اليمنى فى التغيير و فى اسقاط حكم الفرد و هى كذلك امتداد لما سبقها من الثورات العربية و هى ثورة سلمية رغم محاوالت البعض عسكرتها هى ثورة الجياع و المظلومين الذين همشهم نظام بالى و مستبد هى صورة منسوخة عن معاناة شعوبنا العربية اتابعها و اتأثر بما اشاهده و بما اسمعه عنها كتأثرى بما حدث و يحدث فى ليبيا فقد وحدتنا االمال و الطموحات و المشاعر و االحاسيس كما لم توحدنا من قبل و هذه هى بعضآ من ايجابيات ربيع الثورات العربية هل تري االمور اسهل في ليبيا ؟ اذااردنا ان نتحدث بمنطق التفأول فأن االسوء فى اعتقادى قد مضى بايامه العصيبة و بمشهده المؤثر و ما هو اتى من االيام فأنه يحمل معه تباشير النصر و العزة لهذا الوطن لقد علمتنا االيام ان ارادة الشعوب الحرة هى فوق كل شئى و هى الوحيدة القادرة
على التعبير بشفافية و وضوح عن معاناتنا و عن امالنا و عن طموحاتنا و هذه االرادة ال يمكن لها ان تهزم او ان تستكين مهما كانت االسباب و الظروف و هذه الثقة المفرطة فى التفآول املتها هذه االرادة الشعبية التى لم يكن لها ان تتحقق لوال ربيع الثورات العربية و لوال هذا الزخم الالمتناهى من الدعم و التأييد العربى و الدولى لعدالة قضيتنا و حقنا فى الحياة الحرة الكريمة و لوال شجاعة و عزم شبابنا الليبى البطل فى جبهات القتال على االنتصار لقضيتهم لكانت االمور اكثر ضبابية و و تشأوم و لكان من الصعب ان يتحول المستحيل الى ممكن و الصعب من االمور سهل و قريب المنال هل كنت لتتصور ما يحدث االن فى ليبيا ؟ فى تقديرى الشخصى لم نكن لنتصور جميعآ هذا السيناريو المتالحق لالحداث حتى فى اقصى حاالت التفآؤل برغم قناعتى الشخصية بحتمية التغيير اال انه لم يدر بخلدى ان اكون شاهدآ على هذه النهاية المخزية و هذا السقوط المدوى لهذا النظام و كانت للبعض منا و انا شخصيآ تجربة مع هذا النظام خضنا غمارها فى الساحات الدولية دفاعآ عن هذا الشعب و هذا الوطن بما أوتينا من قوة و عزم عبر سنوات طوال من الغربة اختزلت معها صور قاتمة و باهتة من المعاناة و االلم و الحرمان .....و برغم ذلك ظل انتمائنا لهذا الوطن و لهذه االرض الطيبة المعطاة اقوى من كل شئى و طوال سنوات تهجيرنا الفصرى هذا كانت جهودنا و جهود الوطنيين من ابناء ليبيا تصب للبحث عن السبل الناجعة من اجل انقاذ هذا الوطن فالى جانب التواجد االعالمى المكثف فى الساحات الدولية لفضح و تعرية و توضيح حقيقة ما يعانيه اهلنا فى الداخل كانت الجهود متكاتفة ايظآ و على نطاق واسع للبحث فى اسقاط النظام عسكريآ باستهدافه فى العمق عبر عمليات نوعية كعملية باب العزيزية فى العام 1984بقيادة الجبهة الوطنية النقاذ ليبيا و غيرها التى كان لها اكبر األثر
داخليآ و هو ما حذا بهذا الطاغية الى التنكيل بمنفذى هذه العمليات و صب جام غضبه و بشكل ممنهج و مبرمج على قطاعات و اسعة من المعارضين لحكمه فى سلسلة من االعدامات استرجع معها شعبنا صور اعدامات الوطنيين الليبيين على ايدى الفاشيين الغزاة فلم يخلو بيتنا اال و نال حصته من غضب القذافى و اجرامه و لم تكن المرة االولى التى يتعمد فيها ارهاب الشعب الليبى بهذا القدر من العنف فقد شهدت ساحات مدننا و ميادينها اعدامات اخرى سيق لها اساتذة و طلبة و كنت شاهدآ عليها فى ميدان الكنيسة ( ميدان الشهداء ) بمدينة بنغازى فى مشهدآ محزنآ و مؤثرآ . اتذكر انه فى منتصف الثمانينيات و كنت وقتها عضوآ بالجبهة الوطنية النقاذ ليبيا توفرت للمعارضة الليبية من الظروف الموضوعية ما مكنها من التواجد فى معسكرات باالراضى الجزائرية فى محاولة التغلغل الى داخل االراضى الليبية السقاط النظام مستفيدة من العالقات المتردية لدول الجوار و على رأسهم الجزائر و مصر و تونس و كذلك دول الجوار االفريقى مثل تشاد و النيجر و توفر الدعم اللوجيستى و العسكرى لهذه الدول لتلك التحركات التى قادتها الجبهة الوطنية النقاذ ليبيا و التى كانت اكبر فصيل وقتها متواجد على الساحمة الليبية بامكانياته و قدراته المادية و البشرية التى تمكنت بفضل هذه العوامل من تجميع اكبر عدد ممكن من الشباب الليبى المعارض فى تلك المعسكرات التى تم تجهيزها بشكل ادهش الكثيرين و اولهم النظام ذاته الذى قام على أثرها بعقد صفقة مع النظام الجزائرى الذى تملص على عجل من تعهداته للمعارضة الليبية و اصدر اوامره بابعاد اعظائها خارج االراضى الجزائرية مما اسقط كل حساباتها و افشل اكبر المخططات العسكرية للمعارضة الليبية فى التغيير فى ذلك الوقت و برغم كل ذلك لم تستكن ارادة شعبنا و لم تهن بل زادنا ذلك ايمانآ و عزمآ على المضى
05
قدمآ فى السعى السقاط النظام مهما كلفنا ذلك و توالت هزائم النظام الخارجية فى تشاد و غيرها من الساحات و استجمعت المعارضة الليبية قوتها و تنادت للتواصل مع اسرانا فى تشاد و ساهمت بشكل كبير فى رفع الضيم عنهم و فى االفراج عنهم ليتشكل منهم جيش التحرير الوطنى الليبى الذى كان ليكون له دور مهم و رئيسى فى التغيير لوال حسابات بعض الدول و تأثير القذافى عليها سياسيآ و اقتصاديآ وهو الشئى الذى ساعد فى تغيير رؤية المعارضة الليبية و رؤيتنا نحن كشباب ليبى معارض فى أن الرهان الحقيقى اوآل و اخيرآ هو على الشعب الليبى دون سواه االن هناك تحركات في اوروبا وفي اسبانيآ والمانيا و في ايطاليا و اليونان و حتي في فرنسا فهل يمكن القول ان هناك ثورة عالمية مشابهه او تذكرنا بحركة 1968م الحركة الطالبية ؟ هناك اوجه تشابه كبيرة بين ما يحدث االن و بين ما حدث فى الستينيات و تحديدآ فى الحركة الطالبية باوروبا فيما عرف بالثورة الطالبية التى عصفت بالحكومات االوروبية و على رأسها حكومة شارل ديغول التى اطاحت بها فالعنصر الرئيسى و الفاعل و المؤثر لكال الثورتين كان هو الشباب الذى لم يجد بدآ فى الخروج الى الساحات للتعبير عن رأيه و كذلك رغبة هذه الشعوب و تطلعها الى الحرية فالثورات الشعبية الى اعقبت تفكك االتحاد السوفيتى ليطيح طوفانها تلك االنظمة الشمولية هى نفسها ثورات شعوبنا العربية التى اسقطت من حساباتها هذه االنظمة الغاشمة و برأى فأن هذه العدوى اليمكن لنا تحديدها ال جغرافيآ و ال اقليميآ و سوف نرى اثارها فى مناطق اخرى من العالم و خاصة و اننا نعيش عصر العولمة و عصر المعلوماتية الذى كان عامآل مؤثرآ فى نجاح هذه الثورات و عليه فأننا قد نكون فى الحقيقة مشاركين و شاهدين على هذه الثورة العالمية .
06
2أغسطس 2011
د مطاوع :الشاعر اللييب الذي التحق بالثورة جاءت الثورة اللي بية وسرقت الشاعر خالد مطا وع من ع مله ا ألك ادي مي ك اإل أس تاذ للكتابة بداعية في جامعة «ميتشغان» ا ألم يرك ية، و من مزا جه ك متر جم جديدة .لقد للشعر ،ودفعت به الى تجربة انخرط في فريق عمل قناة «ليبيا ال حر ة» ال تي ت بث من ق طر د ً يعمل مطاوع عما للثورة الليبية. إعالميا ً محترفا ً في القناة .يحرّر الك ثير من ا ألخ بار ويت رج مها و يشرف على مقاالت الرأي في موقعها اإللكت روني .وأحياناً ،يط ّل على المحط ات اإل خبا رية األ ّ مير كية ليع ل ق مهمة على األحداث. جديدة ال يعتقد مطاوع أنها تناسبه ،لكنّ ه ي خو ضها من م وقع ا لدعم الثورات ا لمثقف النقدي الباحث عن أفق لعربية بطريقة يعجز عنها الشعر .يقول مطاوعَ « :من يعرف قصيدتي ،يدرك أنّها ال تصلح ألن تكون رداً مباشراً على األحداث .هي ليست وقتية ،بل تأملية قائمة على خبرات تراكمية، وفيها الكثير من التاريخ .وبالتالي ،عندما بدأت ُ أحسست ّ أن الشعر لم يكن موجة الثورات العربية، ردي العاجل على األحداث .ول ّما انتقلت الثورة الى ليبيا ،شعرت بمسؤولية مضاعفة ،وخصوصا ً بعد ظهوري في أكثر من محطة أميركية لتقديم تعليقات على ما يحدث ،بهدف تمكين المشاهد األميركي من تكوين وجهة نظر .وهذا الطلب حفزني على خوض تجربة العمل اإلعالمي». في البداية ،كتب مجموعة من المقاالت عن الموسيقى الليبية وعمليات تحديثها ،وهي مقاالت فنية سياسية سعى فيها إلى كشف جريمة ارتكبها نظام القذافي عندما حاصر تنوّعها ،وغلّب طابعها البدوي فقط .وفي مسار آخر ،كتب مقاالت للتعريف بأسماء حُجبت في األدب الليبي ،وبعض أصحابها سُجنوا سنوات بسبب محاولتهم «تخصيب الثقافة الليبية بعد سنوات من الجدب واإلحباط .فما ال يعرفه بعضهم ّ أن الثورة في ليبيا لم تكن وليدة مصادفة ،بل نتاج جذوة اشتعلت منذ زمن ،ربما بطريقة لم يلمسها أحد خارج ليبيا». بابتسامته الهادئة ،يشدد مطاوع على ّ أن الثورة ّ وأن الليبية ستطبع القرن الحادي والعشرين... الحدث يفوق بأهميته مقاومة المحتل اإليطالي. ويستدرك :لكن «الشعب الليبي أجبر على تبني خيار المسار المسلّح» .وبحماسة الفتة ،يرى الشاعر المتأمل بطبيعته ّ أن الثورات العربية بما قدمته من تضحيات ،تمثّل وسيلة لدفعنا إلى األمام، لكنّها أيضا ً قد تقودنا الى سنوات ردة عميقة إذا لم نحسن استغاللها .ال يشعر مطاوع باالرتباك وهو يؤكد وقوفه كمثقف نقدي وراء القرارات الدولية بشأن ليبيا ،بما في ذلك تدخل «الناتو» ،إذ يرى ّ أن «ال حل آخر في مواجهة قاتل» ،الفتا ً الى أنّه يساند حلف شمالي األطلسي لغاية اكتمال تركيبة وطنية تستطيع إجبار القذافي على التنحي والخروج من ليبيا كلها. ال يبدو مطاوع متحمسا ً لإلجابة عن سؤال يتعلّق بموقف المثقفين الليبيّين الكبار من الثورة .يفضل أن ينقل الكرة الى ملعب آخر ،مؤكداً ّ أن مواقف معظم المثقفين العرب من الثورات في بالدهم كانت ملتبسة وغامضة ،لكن في الحالة الليبية، كانت األمور أشد تعقيداً ،كما يشير .ثم سرعان ما يقول« :منذ البداية ،لم أرغب في إنهاك طاقتي في متابعة ما يقوله اآلخرون .أنا أعرف أن معظم المثقفين ضد النظام الليبي ،وأعلنوا ذلك فعالً. وبالتالي ليس مطلوبا ً التفتيش في مواقف اآلخرين. اللحظة الراهنة تتطلب السمو فوق هذه النزعات، وخصوصا ً ّ أن للناس ذاكرة قادرة على الفرز». يكتب خالد مطاوع شعره باللغة اإلنكليزية ،ثم يترجم بعضه .مع ذلك ،ال يرى ّ أن ما يكتبه سعي إلى بناء هوية أدبية مغايرة .يرى أن نصه الشعري ابن هوية مر ّكبة« :حاولت دوما ً مواكبة الحركة األدبية الليبيبة على نحو جيد منذ الثمانينيات .عندما بدأت الكتابة ،قرأت ما تيسّر لي من نصوص ليبيبة. وعندما عشت في القاهرة خالل مرحلة من سنوات الدراسة ،تمكنت من ذلك بطريقة أفضل ،ألن بعض النصوص كانت مفقودة .وفي العقد األخير،
استطعت بفضل زياراتي المتكررة لبنغازي من الوصول الى ما غاب عني قدر اإلمكان .مع ذلك، ال أعتقد أنني جزء من هذا السياق على الصعيد الفني». ال يرى خالد مطاوع أن النجاح الذي تحقق ألعماله وألعمال مجايله الروائي الليبي هشام مطر (نافس على «مان بوكر» 2006بروايته «أرض الرجال») هو بداية تأسيس ألدب ليبي مزدوج الهوية .يشير إلى ّ أن الرواية الليبيّة التي تكتب بالعربية هي رواية معاصرة فرضت نفسها في متن نصوص الحداثة العربية ،وكرست أسما ًء مهمة مثل إبراهيم الكوني .من ناحية أخرى ،يؤمن صاحب «فلك األصداء» بأن فكرة أدب المهجر لم يعد لها وجود .الكاتب األميركي من أصول عربية لن ينجح ما لم يكن قادراً على االنخراط في منافسة تستند باألساس إلى أدوات فنية عالية« .الكتابة في أميركا مثالً ال تسمح باستمرار «متوسطي الموهبة» ،على عكس العالم العربي ،الذي يفتقر إلى معايير شفافة للتقويم بسبب غياب الحركة النقدية الجادة ،أو شفافية سوق النشر والتوزيع. واألهم في أميركا ّ أن الكاتب يشتغل على نصه، ويسعى إلى تطويره مع ناشره ،أو عبر المحرر األدبي ،وهي وظيفة ال وجود لها أيضا ً على الصعيد العربي». يعتقد صاحب «خسوف اإلسماعيلية» أن األدب المكتوب باإلنكليزية مفتوح من ناحية موضوعه ومكانه أيضاً .هذه السمة ساعدت الشعر األميركي على إيجاد قبول في أنحاء العالم .ويفضل مطاوع أن يُحسب على شعر األقليات في الواليات المتحدة، فهو يكتب عن األقلية العربية ،لكن بتقنيات مستمدة من القصيدة األميركية. خالل سنوات عمله في الجامعات األميركية ،ترجم تسعة دواوين ألسماء بارزة ،منها أدونيس ،وسعدي يوسف ،وفاضل العزاوي ،وأمجد ناصر ،وجمانة حداد ،ومرام المصري ،وإيمان مرسال ،وهاتف الجنابي .ويرى ّ أن عمله كمترجم للشعر العربي أكسبه معرفة بتقنيات هذا الشعر ،لكنّه لم يمنحه جرأة الكتابة في هذا المجال ،لذلك يبقى منحازاً النتمائه إلى الشعر بالمعنى الكوني ،وبمعزل عن التقسيمات الجغرافية ،فهوية الشاعر تكمن في نصه. مر خالد مطاوع بتجارب ال يود تكرارها ،منها نشر ترجمات عربية لنصوصه ،ونشرها في دواوين مستقلة ،مشيراً إلى ّ أن التجربة «محبطة بامتياز» .يقول« :عندما أنشر باإلنكليزية ،أجد أصدا ًء تسمح لي بتأمل تجربتي .وهو أمر لم يحدث عربياً .والمؤسف أن شعراء عربا ً كباراً أكثر مني شهرةً ،قالوا لي إنّهم يعيشون الماسأة ذاتها .لألسف، فالكتابة بالعربية لم تفتح لي مجاالً للحوار ،سواء مع الشعراء أو مع القراء ،لكنّي أعتقد أن اسمي مطروح عربياً ،إلاّ ّ أن قصيدتي غير معروفة». مدفوعا ً بعقدة األخ األوسط ،كما يقول ،سعى مطاوع الى تأسيس «رواي» ،وهي مؤسسة أميركية للكتّاب العرب .نجحت المؤسسة في ل ّم شمل الكتّاب العرب في بالد العم سام ،والتعريف بإنتاجهم األدبي في األوساط األميركية .خالل رئاسة مطاوع لها من 2005حتى ،2009أقامت المؤسسة مؤتمرين نشرت أوراقهما في دوريات
سيد محمود
أميركية مهمة ،وكما يرىّ ، فإن للكتّاب العرب هناك هموما ً وطرائق كتابة فيها الكثير من التجانس، مدعومةً بإيمان ضروري بفكرة التعددية الثقافية والقضايا العربية ،لذلك ،يشعر مطاوع بالرضى عما أنجزه في «رواي».
المقال الذي ثمن تجربة خالد و دوره الفعال في مساندة الثورة الليبة و معاضدة اخوانه المناضلين و اخواته الصامدات و فيما يخص بعض التفاصيل اود التعليق باختصار على السطر التالي “ويفضل مطاوع أن يُحسب على شعر األقليات في الواليات المتحدة ،فهو يكتب عن األقلية العربية”،القول ان اعمال الشاعر االولى تمحورت فعال حول االقليات و ركزت اهتمامها على العرب االمريكان و مشاغلهم من حنين للماضي و توق لحضن العائلة و اهازيج المدن العربية و االحياء الشعبية واغتراب و وحدة و صراع بين ذات و اخرى او هويات مختلفة متشابكة و لكن اعماله الحديثة و اخص بالذكر مجموعته الشعرية توكفيل تتجاوز موضوع الهوية الضيقة او االقليات لتتحدث عن امريكا و الديمقراطية و العولمة و غيرها من القضايا التي ال تحصر و بالنهاية فان كتابات خالد تروم التحدث عن االنسان و مخاطبة المتلقي اينما كان...خالد يكتب عن الجميع و للجميع و هذا ما يميزه و يجعله شاعرا كونيا .تحياتي
2010 نال «جائزة واالس ستيفنس» من «أكاديمية الشعراء األميركيين»
رد على هذا التعليق .تحياتي نشره عطية صالح األوجلي (لم يتم التحقق) يوم ثالثاء14:51 - 07/19/2011 , أشكرك أستاذ سيد على تسليط الضوء على هذا الشاعر المشاغب الساخر الجميل والذي يجب ان يهيء نفسه “لشرعنة” السرقة و ديمومتها .فالثورة كالسلطة يكاد يستحيل الفكاك منها.
5تواريخ 1964 الوالدة في بنغازي ،ليبيا 1995 أصدر باإلنكليزية ديوانه األول «خسوف اإلسماعيلية» ،الذي تُرجم إلى العربية عن «دار شرقيات» في القاهرة بعد عشر سنوات 2009 نال درجة الدكتوراه وواصل عمله في جامعة «ميتشغان» األميركية أستاذاً للكتابة اإلبداعية
2011 رُشحت ترجمته لمختارات من شعر أدونيس لجائزة «غريفين» في كندا مقاالت أخرى لسيد محمود: •بشير السباعي :تروبادور الصمت يؤمن بالثورة الدائمة •داود عبد السيد :مراقب متمهّل للمجتمع مهنته تجسيد األحالم •خطوات منسيّة في ميدان اللؤلؤة نسخة للطباعةأرسل لصديق العدد 1465الثالثاء 19تموز 2011 صفحة اخيرة .التعليقات تصحيح بشآن راوي نشره خالد المطاوع (لم يتم التحقق) يوم ثالثاء, 13:47 - 2011 /07/19 اشكر الزميل سيد محمود علي هذا العرض االيجابي لعملي .اود فقط ان اذكر انني لم انشئ و انما فقط رأستها في السنوات ما بين 2005 ال ي .2010راوي �Radius of Arab Ameri )can Writers (RAWIتآسست عام 1995 بريادة الباحثة و االعالمية باربرا نمري عزيز و رأستها الشاعرة ايتيل عدنان من 1998الي .2005للمزيد عن راوي ،هذا هو موقع الجمعية: /http://www.rawi.org رد على هذا التعليق .خالد يكتب عن الجميع نشره ايمان البناني (لم يتم التحقق) يوم ثالثاء, 14:38 - 2011 /07/19 شكري و تقديري لالستاذ خالد الذي “سرقته” الثورة سرقة جميلة و ليت كل الكتاب و المبدعين و الفنانين يتعرضون لسرقة كهذه .اشكر كذلك كاتب
محبتي لكما. رد على هذا التعليق .نموذج يجب االحتفاء به نشره مجهول رءوف مسعد (لم يتم التحقق) يوم ثالثاء16:36 - 07/19/2011 , ُ تعرفت بداية على خالد مطاوع حينما كان منذ سنوات ،في زيارة للقاهرة مع السيدة زوجته ..كنت اقرا له مقاالت ودراسات في اماكن متفرقة .وها انا اعرف اآلن انه في قطر ..مجرد واحة صغيرة اصطناعية في قلب الصحراء العربية الملئية بمخاض الثورات ..وليست لندن او نيو يورك الضاجة بالحياة والصخب ! وطبعا فهو كمثل كل مثقف ليبي وعربي يريد ان “يفعل شيئا “ للثورة الليبية وثوارها فالتحق بهذه القناة التي ارجو ان تكون مؤقتة واتمنى ان تصدر في القريب العاجل من بني غازي حتى لو لم يستولى الثوار على طرابلس الغرب ! تعرفي على خالد مطاوع القصير السريع في القاهرة قدم لي شابا لطيفا ذكيا حاضر البديهة مثقفا وخبيرا في تخصصه ..لألسف لم اقرا له دواوينه .لكني اتمنى ان ينتهز فرصة عمله في قناة ليبيا الحرة ويقدم لمستمعيه ومشاهديه الوانا من الثقافة الليبية المتنوعة والغنية ،وليس فقط الكر والفر الثوري ..فكالهما الثقافة والثوار يجب ان يرتبطا ببعضهما
ملف العدد
األغنية السياسية
2أغسطس 2011
07
من بالدي بالدي ..إلي ريس البالد : رامي الكاحل مت اغتياله يوم 3_8ولكنه سيبقى حيا يف قلوب أهل ليبيا بالد/
عشت يا بالدي يا أجمل يا أم المبادئ ،يا أرض الجهاد. األمجاد/ صناع باألوالد عشت خلهن أيامك أعراس وأعياد. نغنى لنصل إلى أصل الحكاية ،لنكتب سيرة شعب أعلن أن الموعد حان لبناء»ليبيا جديدة». عبر ميادين نفتح ملف األغنية السياسية تلك التي عاصرت انتفاضة الشعب العربي على مر الزمن. هذه األغنيات هي هتاف بأعلى صوت وبنفس واحد»مطلبنا الحرية» وشعارها»أهي الجنة جت تدّن َّى». بكتب اسمك يا بالدي ع الشمس اللي ما بتغيب ال مالي وال أوالدي على حبك ما في حبيب. •« ليبيا يا نغما ً في خاطري» األغنية السياسية في ليبيا لها روادها ويعد الفنان عبدهللا جمال الدين الميالدي من أوائل الذين وضعوا األساس األول للغناء الليبي الحديث،كان مؤمنا ً بأن الفن له كيان سياسي يخدم قضية الوطن ،فعن طريق الفن واألناشيد استطاع أن يدفع الجماهير للنضال لطرد
الطليان من البالد من أجل نيل الحرية .ولكن هذا لم يستمر طويالً الن االستعمار االيطالي بدأ في القبض على من يقدمون األناشيد الوطنية الحماسية وبسبب ذلك هاجر الفنان عبدهللا جمال الدين الميالدي إلى تركيا وتوفي هناك العام .1963ومن أشهر قصائده: حب ديني وبالدي /هو قصدي ومرادي /ال
تلمني يا عذولي /فهي زادي وودادي. وعن االضطهاد والقسوة والحنين إلى الوطن يقول الشاعر أحمد رفيق المهدوي نساهي عقلي يخوني ويجيبه /ويخطر علي وأنا في المنام سريبه. • سنبقى هنا من األغاني التي رافقت ثورة السابع عشر من فبراير خاصة في األيام األولى حيث كانت الجموع ترددها بصوت واحد رجاال ونساء أمام مبنى المحكمة» ساحة التحرير». سوف نبقى هنا..كي يزول األلم /سوف نحيا هنا..سوف يحلو النغم /موطني موطني.. موطني يا أنا /رغم كيد العدا..رغم كل النقم/ سوف نرنو إلى رفع كل الهمم /بالمسير للعال ومناجاة القمم. • قيثارة ليبيا لكل ثورة أغنية ورامي شعيب الكالح أو قيثارة ليبيا من الشباب األوائل الذين تغنوا بثورتهم ،فكانت أغنيت»ه»�we will not sur « render we win or we dieالمتحصلة على المرتبة» »44من بين أفضل مائة أغنية عالمية. رامي الكالح تم اغتياله يوم 3_8ولكنه سيبقى حيا في قلوب أهل بنغازي
إعداد خلود الفالح • لن نستسلم..ننتصر أو نموت منذ السابع عشر من فبراير 2011م ونحن نستمع إلى فيض من الكلمات الشعرية المغناة هي اليوم بمثابة الشريان المغذي لحب الوطن والحياة والحرية .فهذه الكاتبة رحاب شنيب تقول :شايل على كتفه سالحه /يناضل من أجل بالده/بإصرار ماشي في كفاحه/نصر هللا وال الشهادة. والفنان أيمن الهوني قدم العديد من األغنيات نذكر منها:نحن شعب_ شكرا يا شهيد ع الهدية_ياهلل وحدنا. لن تسلبوا أيامنا /ولن تسرقوا أحالمنا/لن يضيع شبابنا /أنا هنا...نحن هنا. وعن ليبيا تقول كلمات الفنان تامر العلواني:يا بالدي..دم أوالدي /ما يعدئ هبا/يا بالدي..دم أوالدي/لليبيا فدا. وبصوت الفنان معتز سالمة يكتب الشاعر توفيق قادربوه كلماته:أنا عنوان للعزة/ صمودي الريح ما تهزه/أنا معنى الضمير الحي /وروحي عليه مرتكزة/أنا عنوان للثورة/ أنا التغيير يا زمني.
ثورة اليامسني ...ريس البالد “الجنرال” هو مغني الراب التونسي الذي كتب وغنى”ريس البالد” التي جاءت كرد فعل على األوضاع الحياتية في بلده تونس. هاني اليوم نحكي معك/باسمي وباسم الشعب الكل/اللي عايش بالعام /2011تم شكون يموت م الجوع /حابب يخدم باش يعيش/لكن صوته مش مسموع/اهبط للشارع وشوف/ العباد ولّت وحوش. عندما وصلت هذه األغنية إلى مسامع جهاز األمن القي القبض عليه وتم التحقيق معه لمدة ثالثة أيام وعلى حد قوله لم يستخدم معه العنف ،وبعد أسبوع من إطالق سراحه سقط حكم بن علي ،وأصبح الجنرال أو حمادة بن عمر صوتا قويا لثورة الياسمين وسمح بإذاعة أغانيه في الراديو. في العام 2008بدأ كتابة أغاني راب سياسية،ولم يتوقف عند وصف األوضاع في عهد بن علي ،بل إنه يقوم بجوالت غنائية في تونس ويسجل من خالل كلمات أغانية ما يحدث اآلن ويقول إنه يحاول رؤية النواقص ليذكرها في أغاني الراب من أجل إيصالها إلى المسئولين ،فالراب نظره -أصبح في الوقت الحالي صوت الشعب التونسي. رانا عايشين كالكالب/نص الشعب عايشين الذل وذاقوا من كأس العذاب /ريس
البالد،شعبك مات وبرشا عباد من الزبالة كألت /هاك تشوف آش قاعد صاير في البالد /مآسي والناس ما لقاتش وين تبات /هاني نحكي باسم الشعب. في استفتاء عالمي أجرته مجلة “التايم” وقناة “سي إن إن” األمريكيتين حول ال100 شخصية األكثر تأثيرا في العالم لهذا العام. ورد اسم “الجنرال” في المرتبة” ”74وعن ذلك يقول” لقد لمع اسمي في العالم ألنني كنت أحد شباب هذه الثورة الذين كسروا جدار الصمت والخوف ،فقد غنيت في العام “ 2008عالش” التي تساءلت فيها عن سبب تخلي عدد كبير من شعبنا عن القيم اإلسالمية وتدهور األخالق لدى فئات معينة مرجعا ذلك إلى سياسة الحكومة السابقة التي كانت تعمل على إضعاف الواعظ الديني داخلنا وهو ما جعل تنبيهات صارمة تصلني من أمن الدولة حينها”. الناس اللي تعاني ونسيتهم األغاني عطرت ثورة الياسمين األرض التونسية ،فبعد عقدين من التضييق على حرية الكلمة،منحتها هذه الثورة حرية التعبير عن هموم المعيشية لإلنسان التونسي. يا أهل السياسة/اليوم ثورة شعبنا/قالت كالم عن السياسة/قالت إن الظلم غادر/إن صوت الشعب هادر /وإن رب الكون قادر/يمحق
أصحاب الكراسي وكل سياسي /إن كان يفهم: خلي كرسي الحكم/واجلس مثل شعبك على الحصير. هذا المقطع من أغنية “الكراسي” للفنان لطفي بوشناق الذي قال”إن االلتزام الفني الحقيقي للمغني يجب أن يظهر في الوقت الذي ال يوجد فيه هامش للتعبير حتى يكون له معنى ،االلتزام بالرسالة الفنية يجب أن نؤمن به عندما يسلط علينا سيف الرقابة ال بعد أن تسقط الدكتاتورية .وأضاف لقد غنيت عن الوطن وأوصلت همومي ومواقفي في الكثير من األغاني ،انتقدت النظام الذي كان سائدا بذكاء ،فقد غنيت عن “الناس اللي تعاني ونسيتهم األغاني”في أغنية “هذه غناية ليهم” ولست أغني هنا سوى عن أهلي داخل تونس الذين صنعوا االحتجاجات التي قلبت النظام بعد سنوات من خروج أغنيتي”. يُجمع كثير من الفنانين التونسيين إنه وبمجرد القضاء على سياسة تكميم األفواه عادت الموسيقى الملتزمة إلى صدارة االهتمامات .لذلك يقول الفنان الزين الصافي”داخل كل واحد فينا نفسٌ تواقة ألعمال فنية راقية ومتكاملة من حيث الكلمة الهادفة واللحن الجميل والصور النابعة من الواقع الذي هو واقع الثورة .واألكيد أن مستقبل الغناء التونسي سيكون مليئا باإلبداع بالنظر إلى ما
الجنرال يسود البالد من حريات”. أنا فهمتكم هذا ما تردد على لسان الرئيس السابق زين العابدين بن علي عشية ثورة تونس” فهمتكم” من هنا انطلق مغني الراب محمد علي بن جمعة. أنا فهمتكم بكل حزم/أي نعم فهمتكم /منين فهمتنا...؟ 23/سنه تقول أنك كفنتنا /تكلمنا.. سكتنا ... منين فهمتنا...؟؟/تحكم مدى الحياة /تو... فهمتنا..؟؟/فرقت شعوب/وحرقت قلوب/ حبيت كرسيك ماصنتنا ..أنا فهمتكم.
08
2أغسطس 2011
ملف العدد
األغنية السياسية
أغنية الوطن .....النغم املغيب عمد األعالم الليبي على استغالل الفن الغنائي وتوظيفه للتمجيد والتأليه للحاكم ملك الملوك ومنقذ البشرية والقائد األممي و لقد قام بهذا الدور بشكل فعال وبجدارة مطرب ملك الملوك»محمد حسن»وثلة أخرى من المغنين الذين تم حشدهم في كراد يس جوقة التعظيم والتأليه للفرد الحاكم على حساب الغناء لليبيا الوطن. أننا كجيل عاصر األربعين السنة الحزينة من عمرنا وعمر الوطن بجدارة فاجعة ومؤلمة يوما بيوم وقرار بقرار وفاجعة بفاجعة..لم نستمع يوما عبر كل تلك األربعين الحزينة والكئيبة والدامسة من عمرنا وعمر الوطن إلى أي أغنية ليبية تتغنى عن ليبيا»الوطن»،وإنما صحت طفولتنا على إيقاع األغاني الممجدة «الفارس الفرسان».. بالصوت الجهوري لمطرب»محرر البشرية»ومنقذها العتيد. واشتدت ضراوة اكتساح هذا اللون الغنائي التعبوي بعد عام.... 1977حين بدأت أكذوبة األكاذيب الكبيرة والجماهيرية المزعومة التي هدرت أعمار الليبيين في عقود اليباب والخراب الكبير في»األرض اليباب...التي عجت بصور األجساد المتدلية من فوق أعواد المشانق على إيقاع األغاني الهستيرية التي رددها الثورنجيين على نغمة «جماهيرية وسلطة شعبية» وموشحهم المتكرر»..عدل ومساواة ..الفاتح خلى الناس سوا»..وترسانة من األغاني الهستيرية المصاحبة لثورنجية الدم والقتل واإلعدامات...كل ذلك في عملية نفسية لزرع الخوف في نفسية أي إنسان يفكر مجرد تفكير في قول كلمة «ال» في وجه جحافل الظلم والظالم. كان الصمت خيار الكثيرين من الشرفاء عن حمى مأدبة التمجيد والتصفيق التي تدافع عليها االنتهازيون والوصوليون من األدباء والشعراء والصحافيون. وكان اختيار تلك األغاني مخطط ومبرمج له لتذاع صباحا ومساء عبر اإلذاعة والتلفزيون الليبي الرسمي ولم يكن هناك منفذ للهروب من سيل أعالم «جماهيرية الفردوس األرضي» إال بالتقاط ذبذبات إذاعات وتلفزيونات الدول الشقيقة هربا من كتائب التلفزيون الليبي المتراقص على إيقاع الغناء التأليهى للفرد الحاكم بأمر الشيطان فوق رأس ورقبة البالد والعباد سواء برضاء أو
عدم رضاء ..وتكاثرت وتعاظمت الجوقة التأليهية حين أستلم قيادة األوركسترا الغنائية قادة الخيمة الغنائية على الكيالني وعبد هللا منصور بعد ذلك. لقد كانت األغنية التمجيدية للحاكم الفرد من ضمن األدوات المستخدمة قصدا وعن سبق إصرار وترصد كي تؤدى دورها في غسيل الدماغ لكثير من الناس واستيقظت طفولة األجيال طيلة األربعين عام جيل وراء جيل على صدى دوى تلك األغاني التي لم تنفك عن الهطول على الجميع وفى كل األوقات منذ الصباح المدرسي المتغنى بالشعارات المدوزنة على نغمة «يا قائد ثورتنا على دربك....»...و حتى منتصف الليل التلفزيوني على أالف األشعار واأللحان المدوزنة على نغمات «جنودك جاهزين للتحدي» و»حبيب الماليين» وغيرها مما عملت الذاكرة الليبية على حذفها تماما بـ « ،»Deleteحين دخل للبالد جهاز»الستااليت» الذي كان له الدور الكبير في أخراج المتلقي الليبي من الزاوية الضيقة للصندوق التلفزيوني الحكومي الليبي الذي عمل بمنهجية وتخطيط على بث الرعب والخوف والتهديد بالويل والثبور للمخالفين أو حتى لمن يجرؤ فقط على التفكير أو»البوح بالمخالفة أو المعارضة.. وإنما كان على الكل أن يهزوا الرؤوس مبديين بهجتهم وفرحتهم العارمة حين تبث لهم أغاني التسبيح والتمجيد صباحا ومساء «لحبيب الماليين «ولمنقذ البشرية العظيم !!!!. وبمرور السنوات والعقود سرق األسلوب
الممنهج لتلك األغاني المؤلهة للفرد الصمد كل تاريخ األغنية الوطنية الليبية التي شهدت أجمل إبداعاتها في ستينيات القرن الماضي بأصوات روادها وبأسلوبها الشرقي الطربى الجميل الممتزج برومانسية مبدعيها وروادها األوائل، واختفت تماما أغنية الوطن وأسم «ليبيا» من مشهدية الغناء الليبي طيلة أكثر من أربعين عام إلى يوم 17فبراير أو ما قبلها بأيام حين صدحت أغنية راب تغنى لليبيا الوطن. وألن النظام كان يدرك مدى أهمية األغنية في تأجيج الروح الوطنية في الشباب...لذلك لم يكن من المستغرب أن يتم اغتيال الشهيد رامي شعيب الكالح الذي أطلق أغنيته التي ذكرها الرئيس األمريكي أوباما في إحدى خطاباته عن ليبيا والتي استمدت كلماتها من مقولة شيخ الشهداء عمر المختار «نحن النهزم ننتصر أو نمو ت». ثم صدحت أغنية «سوف نبقى هنا كي يزول األلم» بصوت عادل ألمشيطي في ساحة التحرير عبر حناجر المعتصمين في األيام األولى لثورة 17فبراير. بعد ذلك بفترة قصيرة برز مشهد الثائر»مسعود بويصير»عبر القنوات الفضائية وهو محتضن الجيتار ويصدح بأغنية اهتزت معها روح كل عاشق محب للوطن: سيبقى وطني قويا سيبقى وطني حرا سيبقى وطني عاليا وعانق المطربين الشعبيين أيضا ثورة الوطن ونالت كثير من األغنيات الشعبية رغم بساطتها نجاح كبير بين الناس ودخلت لقلوب الكثيرين ألنها كانت معنونة باسم «ليبيا»وبعضها اآلخر تغنى باسم المدن الليبية مثل أغنية «يا بنغازي فيك الخير»وأغنية «شدي العزم يا مصراته»، وأغنية»عاشت بنغازي والبيضاء وطرابلس وعاش البطنان»وغيرها من األغاني الشعبية التي تمازجت بمدن الوطن وبليبيا الوطن.الذي غاب أسمه كما غاب معناه ألكثر من أربعين عام في نفوس كثير من الناس..نتيجة ألسلوب ممنهج لتغييبه بكل السبل والطرق والوسائل حتى وصلنا
انتصار بوراوي
ذات يوم لطرح سؤال كان عنوانه «ما معنى الوطن؟». وفى خضم واقع شرس عشناه طيلة أربعين عام عمل فيه النظام بشكل ممنهج على قتل الوطن في داخل الكثيرين من الناس وقام بكل جهده وقوته على طمس الوطنية وحب الوطن لذاته في داخل كل األجيال جيال وراء جيل بأسلوب ممنهج كان لألعالم ولألغاني دور كبير فيه كما قام على اختزال معنى الوطن في حفنة من الدوالرات وحياة مرفهة بأي شكل من األشكال وبأي وسيلة من الوسائل حتى لو كانت فوق جماجم اآلخرين أو بإخفائهم واختفاءهم خلف سجون ال مكان فيها إلشراقه الشمس أو عبر أطالق كلمة «شطارة».. على سارقي وناهبي المال العام وإضفاء المشروعية والقيمة لهم فيما هم ال يساوون حتى ثمن الحذاء الذي يلبسونه. لذا كان يجب أن يأتي يوم 17فبراير كي يعود الوطن الغائب الذي عشنا يتامى فيه ألكثر من أربعين عاما. كان يجب أن يأتي هذا اليوم كي يعود الوطن ومعه كل األناشيد التي كانت غائبة عن مشهديه الغناء الليبي ألكثر من أربعين عام وكان يجب أن يأتي أيضا ً ليعود الوطن ألهله الحقيقيين ،وتعود معه كل األغاني واألهازيج لليبيا الوطن فقط.. والشيء غير ليبيا الوطن.
األغنية الوطنية يف املغرب مسار فن يتطلع للمصاحلة مع رموز بلده
محمد سعيد الريحاني
أخرى على أن يلي فترة االستقالل والتحرر فترة فنية جديدة،فترة «األغنية الوطنية» التي تستبدل «مجموعة اإلنشاد» ب»المغني المنفرد».
مغني «منفرد» مع ميل صريح إلى «الطربية» وترخيص مسبق بإمكانية الخروج عن النص الغنائي وهي خاصية غير متوفرة في النشيد الذي يجتمع فيه «ج ْمع» من المنشدين ال يسمح لهم باالرتجال عند األداء.
أحوال البالد والعباد بحيث يعتقد «رجل الشارع» بأن الوطن أهمله وأن من الواجب رد خيار اإلهمال باإلهمال.
«المجموعة» لنص النشيد والتزامها بعدم الخروج عنه أهم الخاصيات التي تميز «النشيد الوطني» عن»األغنية الوطنية». فـ «األغنية الوطنية» تتميز بكونها تؤدى بصوت
حالتين :حالة «االستعمار» والتوق للتحرر»=حالة فلسطين المحتلة»وحالة «الخطر الخارجي»رغم ثبوتية االستقالل والسيادة الوطنية «=حالة لبنان». ولكنها تضمر مع هيمنة الفساد واالستبداد وإهمال
المتغنى به عن باقي المضامين الغنائية بينما تبقى «األغنية المغربية» صيغة لفرز»الشكل الموسيقي» ال ُمش ّغل وتمييز»األدوات الموسيقية» المستعملة عن باقي األشكال الغنائية واألدوات الموسيقية
«النشيد الوطني»هو نشيد رسمي حماسي يفترض فيه أن يُ ْلهب حب الوطن في ما بين «األغنية الوطنية» و»األغنية المغربية» أفئدة المواطنين عند إلقائه أو سماعه .فصل المقال في ما بين «النشيد الوطني» بادئ ذي بدء ،ال مناص من التمييز بين «نوعين» وتعتمده دول العالم قاطبة ليرمز لوجودها و»األغنية الوطنية» من اتصال وحضورها في الخارج كما تعول عليه يتميز «النشيد الوطني» بكونه يؤدى من خالل فترات صعود «األغنية الوطنية» وفترات ضمورها من األغنية السائدة في المغرب الراهن وهما نوعان كورال جماعي مع ميل واضح للتحريض وإلهاب ترتبط «األغنية الوطنية» ارتباطا عضويا بنبض يتقاطعان على مستوى التلفظ ويفترقان على مستوى ليجمع شمل المواطنين ويؤلف بينهم في الحماسة وحضور تماس ال تخطئه األذن الموسيقية الوطن في أي بلد من بلدان العالم عبر كل مراحل التوظيف»:األغنية الوطنية» و»األغنية المغربية». الداخل. مع هيمنة اإليقاع العسكري فيما يبقى انضباط التاريخ .ولذلك ف»األغنية الوطنية» تزدهر مع «األغنية الوطنية»هي صيغة لتمييز»المضمون» اختيار»النشيد الوطني» يكون عادة فرزا لنشيد واحد من بين العديد من األناشيد الوطنية الزاخرة بالحماسة وحب الوطن ويتحقق ذلك عادة مع استقالل البلدان وتحررها أو انفصالها عن دول
ملف العدد
األغنية السياسية
2أغسطس 2011
09
ظهرت جمموعة ناس الغيوان كرد فعل مزدوج يتقصد أوال إعادة االعتبار لألغنية الشعبية مبقاماتها وأغراضها وأدواتها املوسيقية .وثانيا مقاومة املد اخلانق هليمنة األغنية التجارية. المتداولة .ولذلك كانت «األغنية الوطنية» موجهة ضد االستعمار بينما وجهت «األغنية المغربية» ضد هيمنة التصور الفني المشرقي على الفنون المغربية. فبينما طفحت «األغنية الوطنية» للسطح ألول مرة قبيل ومع بداية االستقالل في الخمسينيات مع الموسيقار أحمد البيضاوي ورفاقه ثم عادت بقوة عند منتصف السبعينيات من القرن الماضي مع «المسيرة الخضراء» والجيل الثاني من الملحنين ومبدعي األغنية في المغرب ،ركز دعاة االهتمام بـ»األغنية المغربية» على «الشكل الموسيقي» المغربي الخالص و»األدوات الموسيقية» المغربية الصرفة وهو ما ولد تيارين:التيار األول هو تيار»األغنية المغربية العصرية» ومن مبدعيه عبد القادر الراشدي ومحمد فويتح وإبراهيم العلمي وآخرون ،أما التيار الثاني فهو تيار «أغنية المجموعة الشعبية» ومن أعالمها ناس الغيوان وجيل جياللة وإزنزارن والمشاهب وتاكدة وغيرهم. التعارض غير المسموح به فعليا بين «األغنية الوطنية» و»األغنية القومية» القومية،في السياق العربي،هي الشعور باالنتماء لـ»الوطن العربي»أجمع .وعليه ،تصبح «األغنية القومية» هي الغناء لمستقبل الوطن العربي ووحدته ورقيه وتطوره ،في حين تركز «األغنية الوطنية»على مجال أضيق داخل قطر واحد من أقطار العالم العربي اإلثنين والعشرين. ولقد حاولت مجموعة «المشاعل» المغربية ،التي صار اسمها فيما بعد «ألوان»،أن تختط لنفسها طريقا جديدا ،طريق «األغنية القومية» ،ولكنها تعرضت لإلقصاء الذي لم يعرفه مجايلوها من مجموعات «األغنية المغربية» الشعبية. مراحل نمو «األغنية الوطنية» في «المغرب المستقل» عرفت «األغنية الوطنية» مسارا تصاعديا يوثقه ريبرتوار األغنية في المغرب .فمع انتفاضة 1953واستقالل المغرب عن المحتلين ،الفرنسي واالسباني ،تناوب المطربون المغاربة على أداء «األغنية الوطنية» لكن جلّهم كان يلخص الوطن في التغني بـ»الملك» مع الحرص على «عدم ذكر اسمه» خوفا من اإلدارة االستعمارية .فقد كان اسم الملك يستبدل عادة بـ «سيدي» في أغنية «أومالولو» لمحمد افويتح أو»صاحب الصولة والصولجان» في أغنية أحمد البيضاوي التي تحمل ذات العنوان .ولم يدخل اسم الملك إلى»األغنية الوطنية « دخوال صريحا إال بعد عام .1961 أما في أواسط السبعينيات من القرن الماضي، مع «المسيرة الخضراء» ،فقد عادت «األغنية الوطنية» بقوة رابطة اسم «الصحراء المغربية»
باسم الملك الحسن الثاني. لكن «األغنية الوطنية» بدأت تعرف تدهورا واضحا في الثمانينيات من القرن العشرين وبالخصوص بعد ضم وزارة اإلعالم لوزارة الداخلية عام 1986بحيث صارت «األغنية الوطنية» رمزا لـ «التكسب» و»االسترزاق» يحترفها مغنيات ومغنون ال يرقون حتى إلى صف «المطربين االستعراضيين» الذي يحالون على هذا الطريق لضعف إمكاناتهم الصوتية والفنية .ومع ذلك فقد كانت التلفزة المغربية تقدمهم للجماهير كـ»مطربين» و»مطربات» في»المناسبات الوطنية»التي كان يصل مدة بعضها أحيانا «شهرا كامال» مع ما يمرر خاللها من أصوات رديئة «تتوسل» بـ»المناسبات الوطنية» لتسرق بطاقة الدخول إلى عالم الفن. وقد ساهمت ثقافة «التكسب» و»االسترزاق»بشكل كبير في تغيير صورة «األغنية الوطنية» في وجدان متلقي األغنية المغربية عموما ولكنها لم تكن السبب األوحد وراء ضمور»األغنية الوطنية» في المغرب .فقد كان ثمة سبب آخر:تحجيم زعماء الحركة الوطنية وتقزيم حضورهم في «األغنية الوطنية». تحجيم زعماء الحركة الوطنية وتقزيم حضورهم في «األغنية الوطنية» «األغنية الوطنية» بأشكالها المتداولة كرست «نفي»رموز النضال المغربي ضد ال ُمعمريْن، الفرنسي واإلسباني ،لدرجة ال يمكن معها سماع «أغنية وطنية» واحدة تتغنى بـ»اسم مغربي واحد»من األسماء التي صنعت تاريخ المغرب قبل االستقالل .فال عبد الكريم الخطابي وال عبد الخالق الطريس والعالل الفاسي وال المهدي بنبركة وال أي أحد. وألن األمر ال يُ ْقبَ ُل السكوت عليه ،فقد قطع المطرب سعيد المغربي على نفسه وعدا بسلوك هذا الطريق المغاير في «األغنية الوطنية» من خالل أدائه ألغان رائعة كـ «ملحمة عبد الكريم وأغان أخرى عن شهداء الوطن الخطابي» ِ والحرية والنضال من أجل الديمقراطية ومن ضمنهم محمد الزقطوني و عمر دهكون وعمر بن جلون ومحمد كرينة وجبيهة رحال وعبد اللطيف زروال والمهدي بن بركة وسعيدة لمنبهي. كـ»أغان على سبيل الختم :أغاني «الراب» ِ وطنية» في مغرب األلفية الجديدة اليوم ،وفي ظل النفور الجماهيري العام الذي راكمته سياسات فنية أثبتت فشلها على مدى سنين تدبيرها للشأن الفني في مغرب االستقالل ،يتم االلتفات إلى موسيقى الشباب ،موسيقى»الراب» ،للنهوض مرة أخرى بـ»األغنية الوطنية» .وهو»خيار غريب» ينم عن»قرارات غير مفهومة» .فـ»الراب» هو موسيقى»التمرد» و»الغضب» و»االحتجاج»..
فكيف يمكن لنوع موسيقي تثقل كاهله هذه يكون»أغان الحموالت الرمزية «الغاضبة»أن ِ وطنية»لوطن تكفيه ،بكل بساطة،المصالحة مع رموزه وصانعي أمجاده واالنفتاح على مكونات وطنيته؟! ناس الغيوان المجموعة الغنائية الوحيدة في العالم المفتوحة على الزمن ظهرت مجموعة ناس الغيوان كرد فعل مزدوج يتقصد أوال إعادة االعتبار لألغنية الشعبية بمقاماتها وأغراضها وأدواتها الموسيقية .وثانيا مقاومة المد الخانق لهيمنة األغنية التجارية واإليقاعات الجغرافية في الفن العربي عموما. وقد استطاعت المجموعة أن تؤسس لنفسها مكانة متميزة ليست فقط على الصعيد العربي بل على الصعيد اإلنساني .وهي المكانة التي لم تتحقق باإليقاع والكلمة بل بالفلسفة الغنائية التي يفتقر إليها التقليد الغنائي في الثقافة العربية .فمجموعة ناس الغيوان تبقى هي المجموعة الغنائية الوحيدة في التاريخ اإلنساني التي بقيت أشرعتها مفتوحة على الزمن ،فقد تفرقت مجموعة البينك فلويد البريطانية « « The Pink Floyd مرارا بسبب الخالفات الداخلية بين األعضاء التي بدأت في الستينيات بإبعاد المؤسس » �Syd Bar ،»rettواستبداله بعازف القيتارة ديفيد غيلمر» »David Gilmourثم تبعه االستغناء في الثمانينيات عن المؤسس الثاني رودجر ووترز»» Roger Watersثم كان إعالن «حل» المجموعة نهائيا عام .2005 وبالمثل ،اعتزلت فرقة األبواب األمريكية األسطورية الغناء « »THE DOORSبعد انتحار قائدها ومنظرها «جيم موريسون» في الثالث من يوليو العام ،1971في حداد أبدي على موت صديق ال يشبه األصدقاء. كما تشتت مجموعة الخنافس» »The Beatles البريطانية بعد وفاة المنتج براين إبشتاين» العام .1967هذا الرجل الذي سهر منذ بداية المجموعة على إصالح ذات البين بين أعضاءها والحفاظ عليها .لكن االنفصال النهائي كان بعد صدور األلبوم األخير» »Let It Beالعام .1970 وفي السنة التي تليها اندفع كل عضو لالستفادة الفردية من اسم الخنافس ونجاح الخنافس وشعبية الخنافس. أما مجموعة الصخور المتدحرجة « �The Rol »lin› Stonesفقد اتخذت نهجا مختلفا اتجاه قبول عضوية أفراد جدد إذ حافظت على أعضائها الستة منذ 1963ولم تسمح بدخول أي قادم جديد ،فقد بقي األعضاء المؤسسون في بداية الستينيات من القرن الماضي هم أنفسهم أعضاء الفرقة في العشرية األولى من القرن الواحد والعشرين المغني ميك دجاغر» »Mick Jaggerو وكيث ريتشارلز»
»KeithRichardsو وعازفا القيثارة براين دجونس» »Brian Jonesوعازف الباص بيل ويمن» »Bill Wymanو وعازف البيانو آين ستيوورت» »Ian Stewartوضابط اإليقاع تشارلي ووتس» .»Charlie Watts أعضاء مجموعة الصخور المتدحرجة اآلن في سن الستين لكنهم مازالوا أوفياء لبعضهم البعض ولنصوصهم وإيقاعهم وفلسفتهم في العزف والغناء التي عُرفوا بها في بداية الستينيات من القرن الماضي عندما كانوا في سن العشرين من العمر. لم تشبه مجموعة ناس الغيوان » �Pop Mu »sicالمغربية مسارات الفرق الغنائية السالفة الذكر رغم تقاطعها معها في فلسفتها الغنائية ،فقد واصلت مشوارها بعد موت قائدها األول بوجميع العام ،1974ورغم المنفى (بعد ألبومها «مهمومة» أوائل الثمانينيات) ورحيل ربانها الثاني العربي باطمة العام .1997 «ناس الغيوان» تأسست العام 1970بأربعة أعضاء هم بوجميع والعربي باطمة وعمر السيد وعالل يعلى .لكنها فتحت ذراعيها سنة 1971 لعضوين آخرين هما عازف الكنبري موالي عبد العزيز الطاهري وعازف العود محمود السعدي اللذان غادرا المجموعة ،بعد وفاة بوجميع ،لقادم جديد هو المعلم الكناوي عازف الكنبري المعروف عبد الرحمان باكو العام 1974الذي سيغادر المجموعة بدوره العام 1993ليحل محله عازف الكنبري الشاب رضوان عريف إلى حدود العام 2000وهو العام الذي عرف دخول أخوي الراحل العربي باطمة إلى المجموعة وهما ضابط اإليقاع رشيد باطمة وعازف الكنبري حميد باطمة وال زال الباب مشرعا في وجه الزمن ما دامت «ناس الغيوان» فلسفة في الغناء وليست ضيعة موسيقية في أيدي أربابها ...فاسمها يعني «أهل الغناء وعشاق السلم» على حد قول أحد روادها، عمر السيد .أي أن المجموعة هي «إطار فني مفتوح في وجه كل عشاق الغناء والسلم». ولعل الضامن األهم للفلسفة «الغيوانية» النبيلة هو «التعددية» التي تميز هذه المجموعة الغنائية عن نظيراتها من مجايليها داخليا وخارجيا .فقد كانت «ناس الغيوان» جسرا تعبر من خالله مفاهيم التعددية واالختالف إلى الجمهور. فباإلضافة إلى «التعددية اإليقاعية» التي نهجتها المجموعة بحثا عن تعبير أصدق يوحد الشكل بالمضمون ،و»التعددية الغرضية» التي جمعت بين الرثاء والوصف والحكم والغزل والتصوف ومدح النبي ...فثمة «تعددية وجودية» غدت هذه الفلسفة الغيوانية ورعتها ،ولم تكن في األصل غير»التعددية اإلثنية» ألفراد المجموعة .فقد كان بوجميع صحراويا ،وعالل يعلى وعمر السيد أمازيغيان ،وعبد الرحمان باكو صويريا.
10
2أغسطس 2011
ملف العدد
األغنية السياسية
األغنيات والسجن والسفر وصلنا إلى نيويورك في الرابع عشر من شهر تموز بعد يومين في روما ،وفي يد كل منا تذاكر ال أظن أن أحدًا حمل ذات يوم هذا العدد منها .كانت أشبه ما تكون بمجلد ضخم كل شيء أُع َّد تماما في تلك الرحلة التي تم تنظيمها لدعم االنتفاضة الفلسطينية األولى ،من قبل مجموعة الشباب النشطاء هناك. كانت «فرقة بلدنا» قد غدت واحدة من ْ وباتت تجربتي معها أه ِّم الفرق الوطنية، واحدة من أهم تجارب الشعر مع األغنية، ُ أدركت أهمية هذا الغناء حينما سمعتُهم وقد يقدمون أغنية هي األولى من أشعاري. علِّمونا كيف نصنع من ظالم الليل شعلةْ علمونا كيف نجني من جراح القلب فـُلّة علمونا كيف يغدو قلبنا لألرض أزهارا وفوق الجرح قُ ْبلة ُ كانت واحدة من القصائد التي كتبتها حين كنت في السعودية ،وفي نهاية السبعينيات اكتشف «وضّاح َزقَطان» ذات ليلة مصادفة أن القطعة الموسيقية التي ألفها منذ زمن طويل وتعزفها الفرقة بين حين وآخر هي اللحن المثالي لهذه القصيدة. بهذه الطريقة العجيبة وجدت « علِّمونا» القصيدة جسدها في اللحن منذ تلك اللحظة نشيد الفرقة. ُ استمعت لألغنية في مخيم الوحدات، مع مئات الناس ،وفور انتهاء الفرقة من غنائها طالب الجمهور بإعادتها ثانية وسط حماس ال مثيل له ولعل أبناء أولئك الشباب الصغار الذين كانوا يستمعون لها في تلك األمسية ،كانوا هم من يرددونها، قبل شهور ،بعد ستة وعشرين عاما بالحماس نفسه ويرقصون على أنغامها والفرقة تختتم أمسية غنائية مشتركة أقمتها وإياها في ذكرى استشهاد فنان الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي. في أمسية أخرى مشتركة ال تقل تأثيرا ،في الثمانينات ،أقيمت في مخيم البقعة لالجئين الفلسطينيين،وبسبب حركة تهدف لوقف األمسية ،كما تبين الحقاً،تم قطع التيار الكهربائي عن القاعة،فأطبقت العتمة على الجميع،لكن األمسية ما لبثت أن استمرت بصورة عبقرية حين وقف ذلك الشخص الذي ال نعرفه من بين الحضور ،ولن
ذكرياتي مع فرقة بلدنا
إبراهيم نصر هللا وسألته عن الكيفية التي يعرف بها أخبار الخارج ،قال الصحف ،وأيُّ الصحف تلك التي يُسمح بها؟ عدد لي أسماءها. وعندها لمعت تلك الفكرة البسيطة، سأنشرها في الصحيفة ،وأنتَ تلحِّ نها هنا، ويأتي»نعمان» شقيق «كمال» ويحفظ اللحن خالل الزيارة ،تتدرب الفرقة عليها و تُغنّيها ،ورغم انه لم يكن قد سبق لي ُ نشرت أغنيات بالعامية في الصحف أن أبدا،إال أنني تجاوزت األمر الوطن من لون الناس الح ّراس والسجن لون ُ كتبتها ،نشرتها ،لحنها كمال ،حفظ نعمان اللحن يوم الزيارة ،وغنتها الفرقة فيما بعد.
نعرفه فيما بعد ،وأضاء والعته وراح يُغني وحده وسط الصمت. علِّمونا كيف نصنع من ظالم الليل شعلة علمونا كيف نجني من جراح القلب فُلة. ... فإذا بكل من في القاعة يُنشدون معه ،وإذا بالضوء يعود ساطعا ً وبهيا كما لم أره من قبل وقد أشعل كل من يستطيع والعة أو عود ثقاب.إنه واحد من المشاهد الجليلة حقاً ،المشاهد التي يح ٌ ق للمرء أن يقول بزهو إنني عشتها. باتت الفرقة في الثمانينات مرتبطة بي كما أنا مرتبط بها ،وقد كان حصاد ذلك أكثر من خمس وأربعين أغنية كتبتُها خصيصا ً لها أو اخترتها من قصائدي المنشورة، وباتت أغنياتنا معروفة ومنتشرة إلى ذلك الحد الذي سمعت فيه أمي وأخواتي يرددنَ أغنيات!! كتبتُها أنا ،في عرس كتب تلك أخ لي ،دون أن يعرفن أنني من َ األغنيات. هذه األغنيات التي تحولت إلى جزء صميم من تراث شعبي قد ال يخطر ببال المرء أن يسأل عن اسم كاتبه. ورغم أن الفرقة لم تحظ بأ ّ ي ظهور تلفزيوني أو إذاعي ،أو حتى فرصة تسجيل أغنياتها في أستوديو إال في التسعينات ،وفي ظل ظروف مالية صعبة
للغاية ،إال أن ذلك لم ،إال أن ذلك يحُلْ دون وصولها للناس. لكن مشكلة الفرقة التي لم يدركها أحد هي أن أعضاءها بشر ولهم الحق في الحياة ،وأن لهم وألوالدهم حاجات يومية. ولذا حين فكرت الفرقة بأن تكون هنالك تذاكر رمزية لحضور حفالتها ،تعامل كثيرون معها وكأنها تريد أن تجمع ثروة من «أغنيات الثورة» ،في الوقت الذي كان يدفع أي شخص من هؤالء لسيارة التاكسي التي تقله للقاعة ما يفوق سعر التذكرة .رحلة أمريكا كانت بمثابة أول اعتراف كبير بدور الفرقة التي لم تنل في أي يوم قرشا ً واحداً عما قدمته ،وفي أفضل الحاالت كان يتم تامين مبلغ كاف أو نصف كاف الستئجار تجهيزات الصوت، وما ينطبق عليها كان ينطبق على كاتب األغنيات أيضا ً إذ لم يحدث أن نال فلسا واحد مقابل أغنياته التي كتبها ،بل إنه اشترى نسخة من شريط التسجيل األول الذي يضم سبعا ً من قصائده وأغنياته، وهي كل أغاني الشريط ،كما اشترى أي شخص هذا الشريط ،في محاولة لكي نقول للجميع» هكذا سندعم الفرقة» .إال أن األمور راحت تسوء أكثر فأكثر ،وفي الوقت الذي تم فيه زج كمال خليل»رئيس الفرقة و ُملحنها ومغنيها» في السجن ، ي أن أبتكر طريقة جديدة إليصال كان عل َّ األغنيات إليه رغم الحراسات المشددة التي تمنع وصول أي ورقة ،زرته في السجن
إنها الرحلة األطول!! حيث تنقَّلنا من نيويورك إلى سان فرانسيسكو ومن ديترويت حتى تامبا على خليج المكسيك ،،مرورا بواشنطن، بوسطن ،لوس أنجلوس ،شيكاغو، داالس،سكرمنتو ،الس فيجاس وحين وصلنا إلى» أورنج كاونتي» سمعنا ذلك الخبر الزلزال» دخول الجيش العراقي للكويت» األسابيع التالية كانت مشهداً واسعا لرؤية نُذر الحرب على العراق واستعدادات أمريكا للتدخل ،وحينما وصلنا ع ّمان عائدين ،كانت طالئع القوات األمريكية قد سبقتنا للمنطقة .لكن ذلك لم يقلل من أثر الرحلة وال من االنطباع الذي تركته لدينا جميعا والمت ِّمثل في أننا قادرون على أن نعطي وأن نُحْ ِد َ ث فَرْ ً ق، فقد وصلت حصيلة الجولة كما علمت فيما بعد إلى حوالي مليون ونصف المليون دوالر لصالح االنتفاضة ،تبرعات وأثمان تذاكر ،وقد كان منظمو الرحلة رائعين بحيث تذكروا أننا جميعا تركنا أسرنا وراءنا وأن كال منا جاء في إجازة غير مدفوعة الراتب،فسألونا عن رواتبنا التي نتقاضاها ودفعوا لنا المبلغ نفسه. في أمريكا أقيمت أمسيات نادرة ،ففي واشنطن كان عدد الحضور في القاعة الكبرى لذلك الفندق أكثر من ألفين وخمسمائة شخص ،كثيرون ال يعرفون العربية أبدا ،لكنهم رقصوا على أنغام الفرقة واستمعوا بإصغاء عميق للقصائد ، وكثير منهم جاؤوا يعانقوننا بعد األمسية دون أن يفهموا أي كلمة.
ملف العدد
األغنية السياسية
2أغسطس 2011
11
الغ ّناوة املقا ِومة السلطة النص املخت َزل الذي ُيرعب ُ (فصل من مخطوط كتاب (القذاذير) للكاتب أحمد يوسف عقيلة)
األغنام تُش ِّكل نوعا ً من ا ْلمجتمع ا ْل ُموازي ..حتَّى إنَّها تأخذ أسما ًء ُم َعيَّنة تُنادَى بها ..وتُع َرف حتَّى الجيل الرابع ..وربّما أكثر ..لهذا ُو ِّ ظفت في األدب الشعبي في الرمز سلطة ..فاألغنام (الرعيّة) لنقد ال ُ ترمز للشعب ..ولهذا مرجعية دينية من خالل تسمية (الراعي والرعية) ..والراعي هو الحاكم.. وإذا كان الحاكم ظالما ً تحول من رمز (الراعي) إلى رمز (الذيب).. الص ْوف ُمحملة وغنّاوة َج ّز ُّ بالرمز ..فظاهرها على األغنام.. وباطنها غنّاوة َعلَم ..أوما يُمكن س ُكوت عنه ..وهو تسميته بال َم ْ ال َمقصود ..وهذا نوع من التَّ ْو ِريَة.. وهذه التورية هي التي منحتها ومضتها الشعرية ..حيث أمكنَ من خاللها تهريب الكثير من المكابيت.. وما يهمنا هنا هو الرمز السياسي سلطة. في نقد ال ُ للتدليل على أهمية الغنّاوة ـ هذا النص المختزل الذي يرعب السُلطة ـ فقد دفع الشاعر محمود بوشعيب الشهير بلقب (البولندي) حياته ثمنا ً لسبع كلمات فقط: َس ْمسارة ه َِويْد الليل َ ...ك َّدوا الضان وازَوا ثَنُوها. يتحدث هنا عن االعتقاالت التي تجري آخر الليل ..ونعت السُلطة بالسمسرة.. السمسار الشرعي ينبغي أن يأتي في وضح النهار ..أ ّما من يأتي تحت جنح الظالم فهو مشبوه ..والثنو :جمع ثني ..وهو الكبش الفت ّي ..بعد تجاوز الحوْ ل ..وتُجمع ثني على ثنيان أيضاً ..غير أن (ثنو) من جموع الكثرة في اللهجة الليبية ..فالشاعر يريد أن يدلل على كثرة المعتقلين ..نص مختزَل في مقابل ترهّل السُلطة. في ثمانينيات القرن الماضي قال الشاعر: الذيب ما القي قَنّاص ...يلقط مساربه نين يقتله. وهو تحريض على قتل الحاكم ..مما جعل شاعراً آخر يقول: إن زلت في اطراد الذيب ...بسالح يا غلَم نين نقتله. لكن حين ظهر موضوع توريث السُلطة في ليبيا رد الشاعر: ساطي َع َحتَّى لُو قت َْلت ال ِّذيْب ...اي ِْجي ولده ِ ال َغلَم. فقتل الحاكم الظالم لن يحل المشكلة نظراً ألن وريثه هو ابنه ..والمثل الليبي يقول (ما ايجي
لبوه غير الذيب). بعدما اختلطت األمور في ليبيا ..ولم يعرف الناس المسؤول من اللص قال الشاعر: كاثِر جفِيْل الضان ...تَ ّما كلبها َك ْي ذيبها. حين كثر القتل في السجون وحرب تشاد قال الشاعر سليمان الشرّيمة: ما من ا ْغذا قَ ّزنت ...قَ ِّزن ضناك يا ِذيْب يا هللا. عندما احتج الناس على قتل الجنود الليبيين في تشاد ..في حرب ال ناقة فيها لليبيين وال جمل ..أنكر الحاكم موت أي جندي هناك ..بل أنكر حرب تشاد من أساسها ..فقال الشاعر عبدالكافي البرعصي: علي َمن تريد اتخيل ...الراعي جحد ريحة الغذا؟! فصغار ااألغنام (الغذا) ترمز للشباب ..ومن المستحيل أن ينكر الراعي ضياع الغذا ..ألن األمهات ستجأر بالصياح! في موضوع حرب تشاد أيضا ً وضياع الجنود الليبيين في الصحراء قال الشاعر عبدالعالي القطعاني: تضّابَح غ َشيْت الضان ...ازعَما يا اغذا وين منفرع. المنفرع هو المنعزل التائه ..والكلمة جاءت من الفرع الذي ينفصل عن األصل. بعض الجنود المحاربين في تشاد عادوا معاقين ..فقال الشاعر اخويطر الواحدي: س َرح سلِيْم حاش َع ِديْم ...ال َكبْش يا الرّاعي تغر َمه. فهو يح ّمل الحاكم مسؤولية اإلعاقة (عديم) التي لحقت بالجنود. الشاعر يوسف الدريبي يتساءل عن المفقودين: َم ّديتِي معاك رفيق ...ح ْشتِي باله يا ضان وينهو؟ بعد موت بعض أعضاء مجلس قيادة انقالب سبتمبر ..1969وهم اثنا عشر عضواً ..قال الشاعر: كانن اطناشر ذيب ...اشوي اعدادهن حاتر ادعا. فهو هنا يرجّح أن دعاء المظلومين كان سببا ً في نقص أعضاء مجلس قيادة االنقالب. حين ضاقت الحال بالناس ..وعجز الكثير منهم عن تأمين لقمة العيش تناول الشعراء ذلك ..فقال الشاعر عبدالفتاح العقيبي: َحلِيبِك ك َمل ت ْش ِحيْت ...وهلِك يا َغلَم في ْ عازته. فهو ينتقد تبديد األموال في الخارج مع احتياج الناس ..وفي روايةَ ( :حلِيبِك ك َمل قانون).. والقانون :هو المقرّر المعلوم من الحليب الذي يُمنح للغير. وقال آخر: جواعَى ضناك وهَلك ...رعيانك ْل َمن فيك يحلبوا؟! يتساءل :أين تذهب األموال والناس جياع؟! وقال الشاعر إبراهيم سعد مجيد: حالبِينِّك ِجيْران ...وا ْنتِي ا ْغذاك َموْ تَى م
المتقلّبة ..يقولون في التعبير الشعبي( :فالن ريح بريح) ..أي متقلّب المزاج ..واللغب هو الطرد ..والحظ أن الشاعر قال (حنون وقت) ..بينما القسوة (أوقات)!
ال َعطَش. فهو هنا يُح ّدد أن األموال تُبدد على الدول المجاورة. الشاعر يونس محمد بواشنابو يستغرب من وجود الكثير من الناس تحت خط الفقر مع كثرة خيرات البلد: الشاعر مسعود اللواج ينتقد إهمال الحكومة فا ع وال ار م ض ... ْت ي ب ال بارم لشعبها: َ الضان حايْشة َع َ ّ ِ بْها! علي هلِك هنتي نين ...تردي اعطاش ض ّمار :جمع ضامر ..وهو الهزيل. واعطاش تصدري. ويقول الشاعر آدم بوالنيّانية: بعد ثورة 17فبراير ..2011عبّر ربيعك اللي محجور ...ترميص بين جيرانك الشعراء عن نقدهم للسُلطة ومقاومتهم لها.. ك َمل. فحين لجأ الحاكم إلى مخبئه تحت األرض في الناس ممنوعون من الحصول على خيرات اليوم الرابع للثورة ..قال الشاعر إبراهيم سعد بلدهم ..بينما يتناهبه الغرباءَ ..رمص :تأ ّخر مجيد: في الرّعي حتَّى الظالم ..الرّاعي ي َر ِّمص :أي الضان قايلة للذيب ...يجيك يوم ترمي ع يتأخر في العودة بأغنامه إلى ظلمة أوَّل الليل .القطَر. يستغرب آخر كيف كان خير البلد يطال وقال الشاعر مسعود اللوّاج: وشين اعمله ...خالّك يا غلم حيلِك الجيران ..ثم يأتي زمن تعجز فيه عن إعالة م الراعي ِ نفسها: غفَد. ب َعد بيُوْ ضها للجار ...الضان في ضناها ال َغفَد :جمع َغفُود ..وهي التي فقدت ولدها. واحلة. يستغرب الشاعر سعد بوخويدم من قسوة البيوض هو ما يعطَى للجار من الحليب الحاكم الذي يُفت َرض أن يكون راعيا ً شفوقا ً واللبن ..جاء من البياض. يحميها من الذئاب ..لكنه تحوّل هو نفسه إلى ذئب: يقول الشاعر إبراهيم سعد مجيد منتقداً الحاكم يدير فيك دَورة ذيب ...تخطر عليك راعيك لكونه دخيالً: يا غلم؟! الفِي علَيْها لَفو ...اللي حالِب الضان ما رعَى. الشاعر عبدالحميد يحيى ينتقد غطرسة عندما ُمنِع الليبيون من السفر إلى الخارج ..الحاكم ..ووهمه ّ بأن حُكمه سيدوم إلى األبد: وفُ ِرض عليهم ما يشبه الستار الحديدي قال يطّيشم عليهم هلِك ...يحسابها الراعي اتدوم الشاعر: له. َعلَيْها ا ْم َس ِّكر باب ...وراقِد هَنِي راع ال َغلَم. الشاعر مسعود اللوّاج يؤ ّكد أن الحاكم جنَى فهو يرى أن البلد تحولت إلى زريبة. على نفسه: بروحك لروحك جبت ...اطياح يا الراعي في نفس المعنى ..وهو التضييق على الناس ..قِيمتك. يقول الشاعر: الشاعر سعد الصادق يمتدح الثوّار: زارِّ ينها ر ْعيان ...الضان لَ ْي عَشاة ولَ ْي ن َشر .عليك ضايقة يا ذيب ...ف ّزاعة الغلم بارمين ال َعشاة هي الرعي ليالً ..والنشر هو الخروج بك. من المراح. فَ ّزاعة :جمع فازع ..وهو المنجد. الشاعر عبدالفتاح العقيبي يقول بأن سوء الحاكم لم يكن خافيا ً منذ البداية: الشاعر مسعود اللوّاج يُذ ّكر الحاكم ِمن يَوم َو ْقفته في الضان ...الرّاعي اللي فِيْه بالقانون اإللهي( :كما تدين تُدان): بايتة. اللي درتّا في الضان ...من ظلم يا الراعي اللي فِيْه بايتة :تعبير شعبي للداللة على القيتّا. معرفة عواقب األمور وحتميَّتها. حين تح ّدث الحاكم عن تقسيم البلد بعد ثورة عندما قصف الرئيس األميركي رونالد 17فبراير ..قال الشاعر الشتّاي عبدالكريم ريغان باب العزيزية ..وصفه اإلعالم الليبي بوسيف: بـ(راعي البقر) ..فقال الشاعر عبدالفتاح راعيها م الخير حرمها ...واليوم يريد يقَسّمها. العقيبي: اقطَر بصيد مسكونات ...الراعي كبر نار لقد كانت الغنّاوة بالمرصاد للسُلطة ..فهي فوقهن. برقية سهلة الحفظ واالنتشار ..ومن رعب القطَر :جمع قطرة ..وهي وكر الوحش ..السُلطة من الغنّاوة قامت بتوظيف الشارحين تكون تحت األرض أو الصخر. والمؤولين ذوي الخبرة بدالالت الغنّاوة ..وهو قد يحسن الحاكم في بعض القرارات ..نوع غريب من البوليس ..بوليس الغناوي!! ّ ثم فجأة يتخذ قرارات معاكسة ..فقال الشاعر لكن هذا ليس غريبا ً على أجهزة األمن في يوسف الدريبي: ليبيا التي من بين مكاتبها( :مكتب مكافحة مريوح يا َغلَم راعيك َ ...حنون وقت واوقات النجوميّة)!! يلغبِك. المريوح هو المجنون ..جاءت من الريح
12
2أغسطس 2011
ميكيس ثيوذوراكيس..موسيقار اليونان العاملي عبد السالم الزغيبي مقتطفات من قصيدة المرثاة* ليانيس ريتسوس التي لحنها ثيوذوراكيس. «سالونيك في عام ،1936أم تجلس في منتصف الطريق ترثي ابنها الذي استلقى ميتا على االسفلت ،غير ملتفتة ألمواج المتظاهرين التي كانت تهدر حولها»
1ـ يا ولدي ..يا مهجة مهجتي وفؤاد فؤادي يا عصفور الدار الفقيرة وزهرة وحدتي لم أغمضت عينيك فال تراني أبكي وال تتحرك ،وال تستمع إلى ما أقوله من مرارة يا ولدي ..أنت من كنت دواء لكل ما أشكو منه وتحس بما أشعر به تحت أهدابي لم ال تعزيني اآلن وال تنبس لي ببنت شفة وال تحس بالجراح التي تأكل فؤادي يا عصفوري الذي كان يأتيني بالماء في راحتيه لم ال تنظر إلي وأنا أنتفض منتحبة وأرتعش كقصبة في الريح أحل في منتصف الشارع شعري األبيض ألغطي جسدك كسوسنة ذابلة أقبل شفتك الباردة الصامتة والتي تظل مقفلة كما لو كانت غاضبة علي أال تتحدث إلى ..أنا المنكودة الحظ إذا فانظر كيف أفتح صدري وأغرز في نهدي الذين رضعتهما أضافري 2ـ يا تاج رأسي وفرح شيخوختي وشمس شتائي الثقيل وشجرة سروي النحيلة كيف تتركني أجرجر نفسي واتألم وحيدة دون قطرة ماء وال ضوء وال زهرة وال سنبلة بعينيك كنت أرى أزهار الحياة كلها وبشفتيك كنت أغني لك أغنية الفجر وبيديك اللتين داعبتهما كثيرا كنت أحتضن العالم بأسره كنت أحس بأن كل شيء وجد من أجلي كنت أجدد شبابي من شبابك الذي ما زلت أتنفسه لم تكن الشيخوخة ترعبني بل كنت أتجاهل الموت واآلن على أي شيء سأستند وأين سأقف وكل شيء يظلم في عيني وصرت شجرة يابسة في مرج تغطيه الثلوج إن لم يعد بمقدورك يا ولدي أن تعود مرة أخرى لتكون بقربي فخذني معك يا رفقتي العذبة فرغم أن ساق ّي ضعيفتان ،إال أنه يمكنني المشي وعندما تتعب سأحملك على صدري 3ـ كنا أمرر أصابعي فوق الشعر األجعد فيما أنت نائم ،وأنا أسهر إلى جانبك يا حاجب عيني الرائع المرسوم بالقلم والقوس الذي كان بصري يتكئ عليه ليرتاح والعيون الناعسة التي تتألأل فيها أبعاد السماء الصباحية فأبذل ما في وسعي لكي ال تعكرها دمعة
الكتابة عن ميكس ثيوذاركيس بشكل عام ليست باألمر السهل مطلقا ،ليس فقط ألن الرجل جعل من حياته وموسيقاه والسياسة شيئا واحدا ،أو مجرد أوجه مختلفة لظاهرة واحدة ،هي ظاهرة ثيوذوراكيس ،وذلك منذ بدايات حياته في مدينة (تريبولي) خالل الربع الثاني من القرن الدموي الماضي .حيث بدأ حياته مناضال من أجل الحرية وهو لم يزل فتى يافعا خالل الحرب العالمية الثانية ،عندما احتلت القوات الفاشستية الغازية مدينته .إذ أعتقل وهو لم يتجاوز السابعة عشر من العمر ،وتعرض للتعذيب في المعتقل ،حتى تمكن من الهرب إلى أثينا ،ليلتحق بجبهة التحرير الوطني التي كانت تقف بصالبة في وجه االحتالل النازي ،وذلك إلى جانب دراسته للموسيقى. ثم استمر في نضاله السياسي خالل فترة الحرب األهلية ،والتي قضى جزءا منها في معسكرات اإلعتقال ،والسجون .وبالرغم من من كل ذلك ،إستمر في عطائه الموسيقي ،وألف أولى سيمفونياته في معتقل جزيرة (ماكرونيسوس) السيئ الصيت. وبالرغم من الظروف السيئة والقاسية في ذلك المعتقل ،حيث التعذيب والقتل على الهوية ،أو بسبب المعتقد .بدأ ثيوذوراكيس نضاله الطويل من أجل المصالحة بين أطراف النزاع في الحرب األهلية ،و تجاوز آثار تلك الفترة فيما بعد .حيث وظف ثيوذوراكيس خبرته النضالية وموسيقاه معا ،من أجل ذلك الهدف .وبكلمة واحدة ،قام بتوظيف كل عناصر حياته البالغة التنوع والثراء. وخالل تواجده في باريس منذ 1954للدراسة ،بدأ يشق طريقه لكي يصبح واحدا من أعمدة الموسيقى الكالسيكية العالمية ،ممثال لوجهها اليوناني .وبدا في التعاون مع الشاعر الراحل يانيس ريتسوس ،بعدما أطلع على مجموعة قصائده «التأبين» ،والتي استوحاها ريتسوس من حادثة مقتل عامل تبغ خالل إضراب للعمال .فكتب موسيقاها خالل يوم واحد ،وخالل ذلك اليوم ،قرر العودة إلى الوطن ،ليواصل نضاله الذي بدأه هناك. وفي عام 1963شهدت اليونان مقتل البرلماني اليساري غريغوريس المبراكيس ،وهي الحادثة التي أسست لمرحلة جديدة في حياة الفنان والمناضل معا ،فرشح نفسه للبرلمان، وترأس حركة شبيبة المبراكيس .حيث بدأ مرحلة نضال أخرى سياسيا وموسيقيا ،من أجل الديمقراطية والحقوق العامة ونزع السالح .وقد استمرت هذه المرحلة من حياة ثيوذوراكيس الفنان والمناضل والسياسي طوال فترة الحكم العسكري ،وكان لها صداها ليس في اليونان فحسب ،وحتى آخر وأصغر قرية فيها. بل في كان لها أثرها في األوساط الشبابية على وجه الخصوص، في جميع أنحاء العالم ،وخاصة في البلدان المجاورة لليونان، فكان طلبة الجامعات في بلدان مثل مصر ولبنان وليبيا وغيرها، يذيعون اشرطة موسيقاه خالل االعتصامات واالحتجاجات التي يقومون بها للتعبير عن مطالب جيلهم ،بالرغم من انهم لم يكونوا يفهمون كلمات القصائد ،ألن موسيقى ثيوذوراكيس لم تكن في حاجة إلى قواميس .كانوا يفهمونها كما هي ،وكانوا على ثقة بأنها تعبر عنهم تماما ،وعن مطالبهم ،والتي هي نفس المطالب التي عبر عنها ثيوذوراكيس بعمق وصدق من خالل القصائد التي لحنها ،واأللحان التي وضعها لتلك القصائد. وقد تعاون مع ثيوذوراكيس خالل تلك الفترة الغنية من حياته الفنية شعراء ومغنون عظام ،مثل اوذيسياس اليتيس ،ويانيس ريتسوس ،ويورغيا ذيليانيس ،وياكوف كامبانيليس ،ومانوس الفثيريو ،ونيكوس غاتسوس ،ولفثيريس باباذوبولوس ،ويانيس ثيوذوراكيس ،من الشعراء .ومع ماريا فارادوري ،وزاخوس تيرزاكيس ،والفرنديوس ماخيريتساس ،من المغنين ،وغيرهم كثير ،وذلك على سبيل المثال ال الحصر. ولمكانته في قلوب الشعب اليوناني بكافة فصائله كرمته الدولة اليونانية احسن تكريم فقدنظم البرلمان اليوناني يوم 12مارس 2009بالتعاون مع التلفزيون اليوناني وقناة البرلمان سلسلة
من التظاهرات الثقافية على شرف الموسيقار الكبير ميكيس ثوذوراكيس في صالة المعارض بميدان الدستور» سندغما» وتتضمن عرض حفالت موسيقية وافالم وثائقية عن حياة الموسيقارومقابالت وعرض فيلم «اليكترا» التي قامت ببطولته الفنانة العالمية «ايرين باباس» وألف موسيقاه التصويرية «ميكيس» ،وعرض باليه « زوربا « الشهير،واالعمال االوبرالية المشهورة للموسيقار،واستمرت هذه العروض لمدة اسبوع كامل. وقداحتفل اليونانيون في العام 2005بذكرى ميالد موسيقارهم العالمي ميكيس ثيودوراكيس ،الذي أتم عامه الثمانين .وبهذه المناسبة أقامت قصورالموسيقى اليونانية في جميع أنحاء البالد حفالت متنوعة من مؤلفاته الموسيقية الحافلة بالمقطوعات الفريدة. ومن أبرز الحفالت التي أقيمت لالحتفال بميالد ثيودوراكيس ،ما قدمته أوركسترا اليونان الوطنية في قصر الموسيقى في مدينة ثيسالونيكي ،شمال البالد ،بإشراف الملحن ستافرو كساراخاكو، ومن ضمن ما استمع إليه المشاركون ألبوم إيريميا (الهدوء) من إخراج وتلحين ثيودوراكيس. والموسيقار ثيودوراكيس ،الذي ارتبط اسمه عند كثير من الناس بموسيقى فيلم «زوربا اليوناني» ( 1964للمخرج مايكل كوكيانس المأخوذ عن رواية لنيكوس كازانتزاكس ،وأبطال الفيلم انتوني كوين وآالن بيتس وآيرين باباس). وزوربا ..رقصة الحياة ،ليس مجرد فيلم أو باليه يقدمه راقصون من شتى أنحاء العالم ،أو تلك الموسيقى الشهيرة التي ما إن تسمعها حتى تصفق يداك ،وتبدأ في الدرب بإيقاع فطري على األرض ،وأنما هو قصة حياة حاكتها العوامل المنتجة للعرض، والتي إن فتشنا فيها سنجد زوربا راقصا ً فيها. زوربا هو ذلك الرحالة اليوناني الذي يعيش الحياة في تنقل دائم ،بحثا ً عن الحب ومعنى الحياة ،إلى أن يجد محبوبته هورتنس،ولكن القدر ال يمهله الكثير من الوقت لتتركه حبيبته ليعود إلى صديقه جون ،الفتى الراقص والصديق الحقيقي، والذي عاش نفس جرح زوربا بعدما تركته حبيبته مارينا هي األخرى ،لكنه يتجاوز أحزانه ،ويعلم زوربا كيفية يغلب جرحه معه ،ويرقصا معا ً رقصة الحياة ليبدءا رحلة جديدة.
2أغسطس 2011
زوربا خرج من عقل المؤلف الموسيقي الرحالة اليوناني ميكيس ثيوردوركس الذي عاش متنقالً مثل بطله الخيالي. وقد اشتهر ميكيس بمواقفه الصلبة ضد عسكر اليونان ووقوفه مع قضايا حقوق اإلنسان ،من أبرز الشخصيات الدولية المساندة للقضية الفلسطينية،وكان يظهر كثيرا في حفالته بالكوفية الفلسطينية،ومن ضمن مقوالته الشهيرة عن اسرائيل «إنها أمة صغيرة ،هي أساس السوء في العالم» وفي مرة أخرى قال: «اليونانيون ال يدركون بعد ما هي خطورة وأبعاد المفاهيم اليهودية المتعصبة وما ينجم عنها من سياسة عنف وبطش وهمجية .فنحن أمة عريقة لها جذور عميقة في التاريخ البشري، بينما هم يسيرون على نهج ال يخرجون منه أو يتخيلون غيره».
وقد صدمت هذه التصريحات إسرائيل وحكومتها واتهمته بالتحريض على معاداة السامية. وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة «هآرتس» اإلسرائيلية بسبب تلك التصريحات في الشهر نفسه قال «إنني صديق إلسرائيل وصديق للشعب اليهودي ولكن سياسة شارون المؤيدة لسياسة بوش تشوه صورة إسرائيل ..أتخوف من قيادة شارون لليهود بنفس األسلوب الذي فعله هتلر لأللمان ..هذه هي جذور الشر ().. لقد أصبحت إسرائيل كدولة عظمى لديها سالح نووي وقوية جدا، إنها مثل اسبارطة ،ومن تحاربون؟ مليون من النساء واألطفال الفلسطينيين ..أنتم اآلن جوليات وفلسطين هي دافيد ،وأنا مع دافيد». من معروف من ميكيس و قوفه إلى جانب القضايا األنسانسة كقصف بلغراد و كوسفو .كما عارض الحرب على العراق ووجه انتقادات الذعة لحكومته التي ساندت الحرب و لجورج دبليو بوش . بعد التحرير ناضل ميكيس ضد الجماعات المعادية للثورية حتى ال يستولو على السلطة .شارك في عدة مظاهرات وتم إيقافه في إحداها و عذب خالل إيقافه بشدة و اعتبر من عداد األموات في 26مارس 1946و تم نقله إلى المشرحة .تم نفيه إلى جزيرة إيكاري سنة 1947و في سنة 1948تم نقله إلى ماكرونيسوس . عذب بشدة وتم دفنه مرتين حيا. في سنة 1950قام بتأدية امتحاناته في معهد أثينا العالي للموسيقى و تحصل على ديبلومه في التناغم .في سنة 1953تزوج ميكيس من ميرتو ألتينجلو و تحصل معها في السنة التي بعدها على منحة للدراسة في باريس .إنضم إلى المعهد العالي للموسيقى بباريس و درس عند اوجين بيجو و اوليفية مسيان و هما يعدان من أشهر الموسيقيين الفرنسيين. وفي عام 1963شهدت اليونان مقتل البرلماني اليساري غريغوريس المبراكيس ،وهي الحادثة التي أسست لمرحلة جديدة في حياة الفنان والمناضل معا ،فرشح نفسه للبرلمان ،وترأس حركة شبيبة المبراكيس .حيث بدأ مرحلة نضال أخرى سياسيا وموسيقيا ،من أجل الديمقراطية والحقوق العامة ونزع السالح. وقد استمرت هذه المرحلة من حياة ثيوذوراكيس الفنان والمناضل والسياسي طوال فترة الحكم العسكري )1967-1973(،أجبر ميكيس على االختباء مرة اخرى من النظام و دعى إلى مقاومة النظام الجديد بعد يومين من االنقالب .اوقف في 21اغسطس 1967و وضع تحت اإلقامة الجبرية في فارشاتي و نفي بعدها مع عائلته إلى زاتونا و هي قرية تقع في جبال االركيدس .و من ثم نقل إلى معسكر إعتقال في اوربوس و نفي بعد ذلك إلى
13
الخارج . وكان لها صداها ليس في اليونان فحسب ،وحتى آخر وأصغر قرية فيها .بل في كان لها أثرها في األوساط الشبابية على وجه الخصوص ،في جميع أنحاء العالم ،وخاصة في البلدان المجاورة لليونان ،فكان طلبة الجامعات في بلدان مثل مصر ولبنان وليبيا وغيرها ،يذيعون اشرطة موسيقاه خالل االعتصامات واالحتجاجات التي يقومون بها للتعبير عن مطالب جيلهم، بالرغم من انهم لم يكونوا يفهمون كلمات القصائد ،ألن موسيقى ثيوذوراكيس لم تكن في حاجة إلى قواميس .كانوا يفهمونها كما هي ،وكانوا على ثقة بأنها تعبر عنهم تماما ،وعن مطالبهم ،والتي هي نفس المطالب التي عبر عنها ثيوذوراكيس بعمق وصدق من خالل القصائد التي لحنها ،واأللحان التي وضعها لتلك القصائد. وصل ميكيس إلى باريس في 13ابريل . 1970ترأس الجبهة الوطنية مواصال النضال .تعرف في باريس على بابلو نيرودا .أقام ميكيس عدة جوالت فنية حول العالم أجمع داعيا فيها إلى عودة الديموقراطية في بالده مما جعله رمز النضال في بالده ضد الديكتاتورية . عاد ميكيس إلى اليونان في 24يوليو 1974و أصبح محل نقد اليسار اليوناني و ذلك لدعمه كونستنتين كرمناليس و مساندته لتحول بطيء و تدريجي إلى الديموقراطية و ذلك لخوفه من عودة النظام االستبدادي إلى بالده عن طريق انقالب جديد. في سنة 1980عاد بمحض إرادته إلى باريس و قام بإعادة كتابة قطعه الموسيقية التي كتبها في الخمسينات . في سنة 1981انتخب عضوا في البرلمان و تخلى عن منصبه سنة 1986ليتفرغ كليا إلى الموسيقى .في سنة 1987كتب أول اوبرا له و هي و قام بتأسيس فرقة باليه سماها زوربا التي أدت أكثر من 600عرض حول العالم . في سنة 1989دعا إلى ائتالف مكون من اليسار اليوناني و الحزب الشيوعي لوضع حد لفضائح الحكومة اليمينية .بعد انتخابات ابريل 1990دخل إلى الحكومة كوزير من دون حقيبة و ناضل ضد المخدرات و من أجل التعليم كما عمل مع الموسيقي التركي زولفو لفنالي (من أجل التصالح بين الشعبين اليوناني و التركي. في ابريل 1992غادر الحكومة ليصبح مديرا عاما للكورال و االوركسترات السمفونية في التلفزيون .توقف ميكيس عن العمل إثر وفات أخيه و لمعاناته من مشاكل في التنفس .قرر أيضا التخلي عن الوثائق التي كان يمتلكها لصالح مكتبة ليليان فودوري. في 14مارس تحصل وسام ضابط في مرتبة كتيبة الشرف) من قبل السفير الفرنسي في اليونان و ذلك في حفل أقيم على شرفه في السفارة الفرنسية في اليونان . في سنة 1991قام بتأسيس اوبرا ميديا) في بلباو 5 .في أكتوبر من سنة ، 1992قام بطلب من خوان انتونيو سامرانش رئيس اللجنة األولمبية الدولية بكتابة النشيد االولمبي من أجل األلعاب االولمبية لسنة 1992و التي اقيمت ببرشلونة . لميكيس دكتوراه فخرية من جامعة مونريال ،سالونيك و كريت .بمناسبة عيد ميالده الثمانون تحصل على جائزة سانت اندريه من قبل مؤسسة سانت اندريه « لشجاعته و لالتزامه من أجل وطنه و أيضا من أجل مؤلفاته الرائعة التي تغني ألجل السالم بين الشعوب . حاز ثيودوراكيس على جائزة من هيئة اليونيسكو بعنوان «الموسيقي الدولي لعام ،»2005وتم اختيار ثيودوراكيس للجائزة من بين 40مرشحا آخر من أشهر الموسيقيين الدوليين. في سنة 2007تحصل تم رفعه إلى رتبة قائد في مرتبة كتيبة الشرف .نحصل على المرتبة من قبل يدي وزير الثقافة الفرنسي يوم 26مارس في سفارة فرنسا بأثينا . التقيته أكثر من مرة في مناسبات مختلفة ومهرجانات موسيقية لكنه قليل الظهور في الفترة االخيرة لمعاناته من صعوبات في التنفس من جراء سنوات السجن. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * االيبيتاف epitaphقد تعني التأبين ،وقد تعني المرثاة أو المناحة. وهي مكونة من أداة التصدير ،epiوكلمة taphosالتي تعني القبر. أي إلقاء خطاب لتمجيد الميت ،أو قصيدة لرثائه والبكاء عليه( .ترجمه عن اليونانية زكري العزابي). مصادر: موقع راديو وتلفزيون اليونان() artصحف ومجالت يونانية المجلد التذكاري الصادر عام 2005عن وزارة الثقافة اليونانية.ترجمه عن اليونانية بتصرف /ز .العزابي.
14
2أغسطس 2011
ملف العدد
األغنية السياسية
األغنية امللتزمة ....تاريخ يقول الفنان أحمد قعبور» هناك حقيقة ال يمكن تجاهلها وهي أنه ما من أغنية،أو ربما ما من عمل فني ،أستطاع يوما ً أن يغير نظاما ً أو أن يقلب نظما ً سياسية ولكن األغنية الوطنية وجدت لتنمي وتحافظ على الحس الوطني لدى الشعوب ،لتحرك مشاعرهم وتدفعهم للصمود. فأغنية»أناديكم» وغيرها من األغاني الوطنية األخرى كانت والزالت رفيقة المقاوم،كانت معه كالحجر والبندقية في مواجهة العدو». أناديكم/أناديكم ..أشد على أياديكم /وأبوس األرض تحت نعالكم /وأقول أفديكم /وأهديكم ضيا عيني /ودفئ القلب أعطيكم /فمأساتي التي أحيا /نصيبي من مآسيكم/أنا ما هنت في وطني وال صغرت أكتافي /وقفت بوجه ظالمي /يتيما ً عاريا ً حافي. ويضيف الشاعر الفلسطيني ماجد أبو غوش « ظهرت األغنية الوطنية بشكل مستقل بعد هزيمة 1967مع ظهور الثنائي العبقري احمد فؤاد نجم والشيخ إمام ،في مرحلة السبعينات والمد اليساري على مستوى الوطن العربي والذي رافق انتصار الثورات في أفريقيا وأمريكا الالتينية وهزيمة أمريكا في فيتنام،ظهر مارسيل خليفة وخالد الهبر واحمد قعبور في لبنان ،ومصطفى الكرد في فلسطين، وفرقة بلدنا في األردن وعدلي فخري في مصر،وفرقة الطريق العراقية. في بداية الثمانينات تبلورت فرقة صابرين في القدس المحتلة وبروز كاميليا جبران،وبعد ذلك بدأ اسم أميمه الخليل من فرقة الميادين يبرز منفردا في أغاني خاصة بإميمة،وفي مرحلة التسعينيات سمعنا ريم بنا من مدينة الناصرة في أغاني لشعراء فلسطينيين وأغاني مستمدة من التراث الشعبي الفلسطيني ،هناك أصوات عديدة اآلن تغني أغاني ملتزمة أمثال مي نصر ومارسيل وسميح شقير وخالد الهبر وأسماء كثيرة أصبحت تتجه لغناء الشعر الملتزم وحتى الصوفي. أنا الشعب ماشي وعارف طريقي كلمات :احمد فؤاد نجم الحان :الشيخ إمام كفاحي سالحي وعزمي صديقـي أخوض الليالي وبعيون أمالي أحدد مكان الصباح الحقيقي أنا الشعب ماشي وعارف طريقي. ....... أنا الشعب كفي تقيد الحياة تخضر صحاري تبيد الطغاة تعلي الحقايق رايات في البنادق ويصبح تاريخي منارتي ورفيقي أنا الشعب ماشي وعارف طريقي. ....... أنا الشعب مهما يقيموا السجون ومهما كالبهم تحاول تخون حيطلع ناري وأدمر بناري بحور الكالب والسجون من طريقي أنا الشعب ماشي وعارف طريقي. مارسيل خليفة والعود عرف مارسيل بأغانيه التي تأخذ الطابع الوطني ،وبأسلوب دمجه بين الموسيقى العربية واآلالت الغربية كالبيانو. إيمانه بالقضية الفلسطينية رافقه في أغانيه
مارسيل خليفة
الشيخ إمام وموسيقاه رغم أن طابع الموسيقى قد اختلف بشكل واضح حسب مراحل حياته من الحرب األهلية اللبنانية والنضال الفلسطيني إلى مرحلة السلم اللبناني ومرحلة ما بعد الطائف ،واتفاق أوسلو على الجانب الفلسطيني. إنهض للثورة َوالثَّأْر....انهض كهبوب اإلعصارَ /وارْ جُم أعداءك بالنار...واهتف بالصوت الهدار/الثورة..الثورة..الثورة..
مسيح شقري املقيم يف باريس اليوم يعترب األغنية الوطنية خيارا وحيدا لتحقيق حرية األرض واإلنسان.
الثورة نهج االحرار. في عام 2003تعرض مارسيل لدعوى قضائية في لبنان ألنه استخدم آية قرآنيةً في أغنية «أنا يوسف يا أبي» وهي قصيدة كتبها محمود درويش تستلهم قصة يوسف عليه السالم من القرآن في إسقاط على القضية الفلسطينية ،تمت تبرئة مارسيل خليفة الحقاً. ً في العام 2004عين سفيرا للسالم من قبل منظمة اليونسكو. ِمن غزة من قدس العربِ /من أسرْ النقمة والتعب /اخرج كالريح وال تهب/يا جيل النخوة والغضب/وتدفق..وتدفق..وتدفق.. وتدفق..وتدفق نهرا ِمن لهب. بيان رقم واحد ....يا حيف بيان رقم واحد/الشعب السوري ما بينذل/ بيان رقم واحد أكيد هيك ما حنظل/بيان رقم واحد من حوران جاءت البشاير/بيان رقم واحد الشعب السوري ثائر. على األغنية عرض يُصاحب
أحمد فؤاد نجم موقع»اليوتيوب» مشاهد من مظاهرات الشعب السوري الذي بدأ ثورته في15 مارس .تحت راية» الشعب يريد إسقاط النظام». أن تكون حراً يعني بداية أن ال تكون منصاعا ً وال منساقا ً في قطيع ,هو أن تمتلك فكرتك وتدافع عنها ،أما سقوف التعبير عن الرأي فتحكمها مجموعة من االعتبارات تنطلق من قراءة الواقع وتوسيع مساحة الممكن في التعبير ,وهي ال تعني بالضرورة أن تقول كل شيء في كل الظروف,أما أنا فقد مارست الحرية دائما ً بقدر ما استطيع. هذا القول للفنان السوري سميح شقير الذي لحن وغنى أكثر من 200أغنية وطنية.هدفه أن يكون قريبا من الناس ،من همومهم وأحالمهم فكتب لهم أغنيات تعبر عنهم .وتعد أغنيته» يا حيف» التي تحكي مأساة أهل مدينة درعا السورية التي شهدت انطالق شرارة غضب الشعب. «ويا حيف زخ رصاص على الناس الع ّزل يا حيف ،وأطفال بعمر الورد تعتقلن كيف، وأنت ابن بالدي تقتل بوالدي .وظهرك للعادي وعليي هاجم بالسيف ،يا حيف يا حيف ،وهذا اللي صاير يا حيف .بدرعا ويا يما ويا حيف ،سمعت هالشباب يما الحرية عالباب يما .طلعو يهتفوا ،شافوا البواريد يما .قالوا أخوتنا هن ومش رح يضربونا ،ضربونا يما بالرصاص الحي .متنا .بأيد إخوتنا باسم امن الوطن، وإحنا مين إحنا واسألوا التاريخ .يقرا صفحتنا مش داري السجان يم،ا كلمة حرية وحدة ..هزتلو أركانو ،ومن هتفت لجموع يما أصبح كالملسوع يما ،يصلينا بنيرانو ،وإحنا اللي قلنا اللي بيقتل شعبو، خاين .يكون من كاين .والشعب مثل القدر ،من ينتخي ماين ،والشعب مثل القدر ،واألمل ،يا حيف». وتعتبر هذه األغنية األولى من نوعها، كما يقول السوريون من حيث االحترافية والجرأة في التعبير عن حدث سياسي ما زال يتفاعل ،وإعالن رفض القمع الذي مارسته السلطة على المحتجين والمطالبين بالحرية ،وإطالق النار على شباب رفضوا الضيم وتنسموا هواء الحرية ،ولعل األكثر تأثيرا في األغنية إدانة اعتقال األطفال وقتل ابن البلد ألخيه وأوالده. سميح شقير المقيم في باريس اليوم يعتبر األغنية الوطنية خيارا وحيدا لتحقيق حرية األرض واإلنسان.
2أغسطس 2011
قصة قصيرة
أحـجـاب
منذ أن ق ّدر له الخالق أن يولد هناك ألبوين مجهولي الهوية ..ترعرع « أحجاب « بين أيدي أوالد الحي ..في أحد المسارب الطينية «بسانية السالك « ..وشب يقتات على ما توجد به الطبيعة ..ومخلفات الحومة ..وعلى التسلل الخجول إلى بيوت المنطقة التي اعتادت استقباله بقلب سليم . فلم يك مدالالً ..وال مشرداً ..وأخذ من صفات عيش (الطبقة الوسطى) التي تستوطن الحي . ال أعلم من أطلق عليه اسم (احجاب) ..لكني ـ كأوالد الحومة ـ صحوت على وجوده بيننا ..ومقاسمته لنا مراسيم اليوم الكامل ..ال يكل وال يمل من مشاكساتنا .. وال يضجر من طلب الصحبة في مشاوير اليوم ..وكانت له القدرة على مسايرة الجميع كما لو أنهم أول الواصلين . كان يختفي مع العتمة ..ليظهر مع ساعات الفجر األولى في (الوسعاية) ..يرافقنا صباحا ً إلى آخر منعطف يؤدي إلى الشارع المزدحم بالمارة قرب مدرسة (حطين اإلبتدائية) ..وبواعز من أخالقه ونبله يتركنا لهموم (القراية) ..وكدر حصص التسميّع ..وينحدر نحو غابة الزيتون « بسانية السالك». وفى الظهيرة ..ما أن نغادر المدرسة حتى نلمحه في األفق بلونه األحمر المبرقع ببعض البياض ..واقفا على ناصية (الوسعاية) ال يكاد ذيله يكف عن التلويح للجميع ..يلهث من شدة القيظ ..غير أن انضباطه بطقوس الرفقة يجعله ال يتأخر عنها ..وال يكسرها لمجرد الشعور ببعض الملل ..أو لسماع شنشنة هنا أو هناك . كنا نحن ـ عيال الشارع ـ نتنافس حول من يمتلك قلب « أحجاب» ..كي يفوز بيوم من المرح مع الكلب األكثر جماالً ونظافة وشهرة وشعبية في الحي ..والعجيب أنني ال أذكر له صاحبا ً أو مالكا ً ..ولم أره يوما ً مربوطا ً بحبل ..واألعجب هي قدرته المذهلة على جعل الكل يبدون كما لو أنهم ُملاّ ِكه . كان شهما ً برتبة (جدع) ..ويمتلك من المروة ما يجعل دفاعه عن أبناء الحي ـ الذين تربى معهم ـ يأتي بشكل متسا ٍو في الرغبة والحماسة ..مما رشحه ألن يحوز صفة ( رفيق ) بجدارة ..وينال ثقة «عجايز» الشارع ..إلى درجة تشعرك بوجود ميثاق غير مكتوب بينهّن على أنه ال يغدر ..عبر ترديد عبارة (الكلب ما يعضش صاحبه) . فرغم توافره على بنية قوية وأنياب حادة ..لم يُسجل عليه تاريخه أنه استعملها لنهش ( رفيق ) ..أو التسبب في فجيعة أي من عجايز مناطق نفوذه . وتبقى مهمة حماية (رفاقه) من كالب سبخة مصنع « ق ّزح « أثناء عبورها ..أبرز ما يعبّر به «احجاب» عن عرفناه لكرم أوالد الحومة معه ..وعن صرامته في التعامل مع تقاليد الرفقة ..فحتى اآلن ال أعلم كيف كان يعرف أن هناك من يريد عبور ذلك الممر ال ُموحش .. و(المتروس) بالكالب المتشردة ..فما أن يصل أحد أبناء الحي إلى هناك حتى تسمعه يصيح «احجاب ..احجاب»
15
عيسى عبدالقيّوم أحد أهم متداوالته عبارة «العوض على هللا بيده» ..في إشارة إلى فقدان شيء ما ..وما أكثر ما نفقد في هذه األيام المنحوسة . ذات صباح الزلت أذكره جيداً ..استيقظت والتهمت فطوري على عجل ..حملت شنطتي على ظهري .. وانتعلت حذائي الرياضي ..ويممت وجهي شطر باب الخروج قبل الوقت بكثير ..كي ألحق بعيال الشارع في الوسعاية للفوز ببعض مشاغبات صباح طري . أطليت على الوسعاية من (شوكة) الشارع ..فوجدت (العيال) متحلقين حول شيء ما ..لم أتمكن من التعرف عليه بشكل واضح لبعد المسافة ..ولحجب أجسام األوالد وشنطهم للرؤية الكاملة . وما إن اقتربت حتى الح لي «احجاب» ممدداً بينهم على األرض ..كنت أظنه في حالة دالل صبّاحي يداعب فيها كعادته الرفاق ..أو أنه مريض على أبعد تقدير ..ولكن ما أن وقفت على حافة الحلقة حتى شاهدت ما هو غير متوقع ..لقد شاهدت بقع الدم وقد غطت وجه « احجاب».. وال حركة في جسده . تمتم أحد األوالد بصوت مخنوق : ـ سمعت البارحة صوت رصاص (كرهبة) البلدية .. أظنها كانت تطارد الكالب وتقتلها . نظرت إلى «احجاب» فهالتني حالة الصمت التي تحوطه ..وتلبستني قشعريرة الموت ..ومررت بسرعة على شريط حياته معنا ..منذ أن كان بحجم راحتي اليد ..والى أن صار وحشا ً بقلب إنسان ..وحتى لحظة موته على يد إنسان . تحولت بنظري إلى وجهه فخيّل إلي أنه ينظر إلي مباشرة ..فركت عيني فتأكدت من ذلك ..بدا لي كما لو أنه يريد أن يبوح بسره ..غير أن قاضي الموت كان قد أصدر قرار الصمت األزلي . صباح ذلك اليوم الشتوي ال ُملبد بالغيوم ..من سنة 1976م ..دفن «احجاب» تحت الزيتونة التي وجد تحتها رضيعاً ..في الناحية الغربية من «سانية السالك» ..وال أدري لماذا بادرت ـ يومها ـ بوضع (شاه ٍد) على قبره .. وحففته بحجارة صغيرة كما لو أنه قبر إنسان !!. اليوم ..وبعد مرور قرابة الـ 35سنة ..أستطيع أن أخ ّمن ماذا كان يريد «احجاب» أن يقول ..أتصور أنه كان يريد أن يهمس للرفاق: ـ آسف ..لقد كان في وسعي أن أهرب وأنفذ بجلدي .. كما تفعل الكالب المتشردة ..ولكنني حاولت أن أدافع عن الوسعاية فى غيابكم (!!!) .
..وهو يشير بيده ناحية (الوسعاية) إلى (الرفيق) ذي البنية القوية ..والشعر األحمر المبرقع ..القادم بعينين تقدحان الشرار ..ومخالب تنهش األرض ..ليقف في حالة استنفار المحارب وكبرياء الطاووس ..في المسافة الفاصلة بين (رفاقه) والكالب المتشردة . رغم مرور كل تلك السنين ال أتذكر بأنه خذل أحداً من رفاقه ..وكم ناله من أذى الكالب المتشردة ولم يتنازل عن صفة « الوفاء» التي ورثها عن أجداده ..ويبدو أنه كان فخورا بها ..كان عقب كل معركة طاحنة لعبور ممر مصنع « ق ّزح» ال ُموحش يعود ليبحث ـ بلهفة ـ عن عالمات الرضا في عيوننا ..ولنجد نحن بدورنا عبارة «لن أخذلكم» تنضح من عينيه . وعندما كنا نتجمع ليالً ..ونتحلق حول النار ..نتحدث عن بطوالته ذاك اليوم ..كان ال يكترث كثيرا لعبارات الشكر ..فقط كان يرفع رأسه قليال كلما مر ذكر اسمه في كالم أحد األوالد ..والطريف هو إصراره الدائم على أن يأخذ مكانه ضمن تتمة الحلقة ..ويرفض مزمجراً إن ترك خارجها ..كما لو أنه يذكرنا بالعيش والملح الذي بيننا ..وإن أختلف الجلد واللسان ..ال ُمعوّل عليهما في الشدائد ! . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وإن .. ؟! ال أم .. المنطقة سكان نسيه هل ال أدري •( الحجاب ) :هو التميمة التى يعلقها الناس طلبا ً للسالمة من فصفة .. بسهولة ينسونه لن ـ مثلي ـ أنهم أخمن كنت عوارض الدنيا ..ويتوسمون فيها الخير ..وغالبا ً ما تكون ورقة السالك سانية كلب فينا زرعها التي الحسنة للرفقة الوفاء يكتبها رجل يشتهر بالصالح ..أو خرقة تؤخذ من قبور من يعرفون «احجاب» ..باتت من الندرة التي ستجعل من سيرة باألولياء . «احجاب» أسطورة نرويها ونعيد إنتاجها في زمن أمست
16
2أغسطس 2011
سرية الشريف []2
األيام اجلنوبية عندما اختفى العمران بدأت السيارة تتقدم الصحراء،كلما نحو تقدمت اتسع كل ما حولها وامتد،ألول مرة أراها وهي ليست كما في الكتب،من أحضر كل هذه الرمال إلى هنا،ومن أرسى الجبال ولماذا هناك عمران وهنا صحراء،ولماذا ال يوجد بحر هنا،الرياح تهب وتشتد وأرى التراب يتشكل في دوامات حلزونية ويرتفع في السماء مستديرا زاحفا على سطح الرمال النائمة،احتميت بمعطفي وكنت سعيدا به،قال أبي عندما اشتراه بثمن بخس من السوق القديم إنه يحمي الجنود من البرد عندما يذهبون للحرب،
أس��ئ��ل��ة ك��ث�يرة غ�����زت ع��ق��ل��ي وبقيت حبيسة صدري،محلتها معي وأن��ا أعود إىل حم��ب��س��ي وجسمي يعاني احلمى
في الروايات التي قرأتها عن الحرب رأيت الجنود يموتون واستعدت في ذاكرتي ما قرأته عنهم في رواية الحرب والسالم،ثم سرحت مع كتبي المكشوفة ألعين أصدقائي في مربوعتي التي كثيرا ما يقتحمونها حتى من دون استئذان ألنها مشرعة في النهار ومشرعة في الليل،وألن أبي يعرفهم وأمي أيضا تعرفهم بأسمائهم،بعضهم ما زال يحتفظ وبعد خمسين عاما بما أخذ منها من كتب،يقولون إنها ذكرى من زمن جميل لن يعود. وأنا في القمة رأيت على البعد ماء ورأيت جماال وسيارات تسير فوق الماء،سألت نفسي كيف يوجد الماء في الصحراء وكيف تسير عليه السيارات وال تغرق،وهذه الجمال التي أراها في الماء،هل سينتهي الطريق هناك،لكن كلما تقدمت السيارة صار الماء أبعد ثم أبعد،السيارة تتقدم وهو يبتعد ،فجأة رأيته يختفي ثم رأيته يظهر،تعبت عيني من مالحقته فاكتفيت بما هو قريب،على مد النظر ال أرى سوى رمال بعدها رمال خلفها في عمق األفق جبال بعدها جبال،تراها على بعد الخطى منك لكنها تزداد بعدا في اللحظة التي تراها على بعد خطوة واحدة،نسيت جوعي وكنت مشدوها بما أرى،تذكرت كاتبا وصف الطريق في الصحراء كأنه أفعى سوداء تمتد إلى ما ال نهاية،أبقيت نظري على الطريق األسود الضيق ألرى أين ينتهي رأس األفعى،كنا وحدنا في السيارة،ال إنس يسير وال طير يطير ورأس األفعى ال يظهر،ولم أكن على علم ببعد المسافات ولم أكن على علم بموعد الوصول،ال شيء أعرفه ألن األستاذ محمد الشريف لم يزودني بأية معلومات عن البالد التي أنا ذاهب إليها،تذكرت أنه في اليوم الثاني الذي جاء فيه إلى بيتنا وأخبرني وشرح لي معنى مدرس مؤقت أنه ناداني..األستاذ يوسف،لعله كان يعرف عشقي للقراءة ولعل أبي بالغ في وصف صفاتي العقلية له،اآلن يعود إلى الذاكرة وجه ذلك الجندي المجهول،ضخم البنيان يرتدي الجرد والبذلة الليبية وكان دائما سريع الخطى كأنه على موعد أخير،عندما كان يمر أمام بيتنا كان يلقي السالم علينا نحن الصغار كومضة برق،كان يبتسم ووجهه كان دائما مبتسما،ال أعرف كيف جاء إلى الزنقة وكيف امتلك سانية صارت معروفة بأنها سانية الشريّف وهي التي تنتهي فيها زنقة الباز،تذكرته وتمنيت لو كان معي وأنا هنا يقتلني الجوع والخوف والعطش،لكنني أجد نفسي وحيدا واألرض من تحتي بعيدة،فجأة بدأت السيارة تبطئ في مسيرها ثم تتوقف،في قلب الصحراء توقفت،غمرتني سعادة ال حد لها،خرجت
يوسف الشريف
من محبسي ونشرت أطراف جسدي إلى مداها،وقفت وأرسلت بصري فلم أر سوى فضاء يبدأ برتقالي أصفر ثم يذوب في فضاء آخر رمادي يلتف حول أشكال غريبة تختفي نهاياتها في فراغ أسود،هي الجبال الموغلة في البعد،غادرت السيارة خفيفا،فوجئت برجل آخر معنا عرفت فيما بعد أنه مساعد السائق،لم أسأل عمي علي عن سبب توقفه،ألن عيني رأت ما جرى،أخرج شيئا طويال محفوظا في جراب اكتشفت عندما ظهر أنه يشبه ذلك الشيء الذي أحضره أبي إلى بيتنا ذات يوم من أيام الحرب،بندقية،نازعتني مشاعر خوف منها،تراجعت إلى الوراء فيما عيني تراقب ما يحدث أمامها،حمل عمي علي بندقيته وابتعد عنا خطوات ثم أخفى نفسه خلف كتل حجرية ،أخرستني الدهشة حتى على التنفس،رأيته يتخذ وضعا معينا ويصوب البندقية نحو هدف ال أراه، ،فجأة فرقع صوت مدوي كأنه انفجار،بعد دقائق خرج من مكمنه واندفع يقفز على الرمل والحجر،ابتعد ثم اختفى خلف مرتفع،قالت لي نفسي أنه لن يعود،لكنه عاد
يحمل على كتفه حيوانا،كان الفرح ظاهرا على وجهه وهو يلقي بالحيوان على األرض،كان الرأس الصغير مهشما والدماء منه تسيل،لم أفرق بين خوفي وغضبي،لعلي صرخت ولعلي بكيت،سمعته يقول إنه ثعلب،ألول مرة أرى حيوانا مقتوال وألول مرة أرى دما،ألول مرة أسمع صوت انطالق الرصاصة. رغم خوفي سألته:لماذا قتلته..؟ أجاب:إنه ثعلب..الثعلب حيوان مفترس. سألته:هل سنأكله..؟ أجاب:لحم الثعلب ال يأكله البشر. الدم،في العيد الكبير كنت أختفي داخل البيت عندما يشد الحاج محمد قوائم الضحية بحبل متين ويخرج السكين من غمده الجلدي ثم يختبر رهافة شفرته على ظفر إبهامه،يناديني.. تعالى يا خواف،ال أستجيب،ال احتمل رؤية نفس تقتل،ستبقى صورة ذلك الحيوان محفورة في الذاكرة حتى والعمر يقترب من نهاية خريفه..انتظرت ماذا سيفعل بالقتيل،خفت أن يلقي به قرب محبسي،لكنه لم يفعل،رفع الجثة ثم قذف بها بعيدا. أسئلة كثيرة غزت عقلي وبقيت حبيسة صدري،حملتها معي وأنا أعود إلى محبسي وجسمي يعاني الحمى،غسلني عرق غزير وصارت كل أطراف جسدي ترتعد،تكومت واختفيت تحت طيات معطفي العسكري القديم واحترقت بعطش من نار،ال من يراني وال من يسمع شكواي،تذكرت أمي فسحقتني وحدة قاتلة،اآلن فقط أدركت أنني ما كان علي أن أغادر بيتي ومدرستي وكتبي،تركت دموعي تنساب وتختلط بعرقي،سأموت بعيدا عن أمي وسيتركني عمي علي على رمل الصحراء كما ترك جسد الثعلب المسكين،لكن هل سيخبر أبي بموتي ومن سيأكلني بعد موتي،هل سيأكلني ثعلب مفترس،هذا ما فكرت فيه قبل أن يأخذني النوم أو تأخذني الغيبوبة،كان جسدي يذوب تحت حرارة ال تطاق وأنا أتمنى قطرة ماء،قطرة واحدة،حتى لعابي جف وتخشبت شفتي وعجزت عن الكالم،قطرة ماء واحدة يا عمي علي،فقدت السمع والبصر واإلحساس بما حولي،بعد زمن ال أعرف إن كان ليال أو نهارا أفقت من نومي أو من غيبوبتي فوجدت نفسي في غرفة القيادة ووجه يتفحص وجهي،كان عمي علي يبتسم..قال يحذرني.. أنت أمانة عندي متموتش،سقاني ماء كثيرا وقدم لي طعاما فأكلت بشراهة كأني لم أذق طعاما منذ عام،تحركت السيارة فخفت العودة إلى محبسي لكن عمي علي قال:أقعد معانا سوق السيارة،في هذه اللحظة رأيت في وجه عمي علي وجه أبي.
2أغسطس 2011
17
«نيوز أوف ذي وورلد» وقائع فضيحة معلنة صت لن تهدأ تداعيات أزمة «نيوز أوف ذي وورلد» قريباً .فضيحة التن ّ التي شغلت الدنيا في األسبوعَين األخي َرين تخطّت حدودها اإلعالمية، وحتى السياسية ،لتصل إلى األسس األخالقية والمهنية التي أرستها المنظومة اإلعالمية إلمبراطورية روبرت مردوخ في العالم خالل نصف قرن .وال ش ّك في أن الفضيحة التي ه ّزت بريطانيا أخيراً ،بدأت تظهر ارتداداتها في كل الدول التي دخلها الحوت األوسترالي وشركته «نيوز كورب» لته ّز عرش إحدى أضخم المجموعات اإلعالمية في العالم. حتى الساعة ،ال يزال مبكراً الحديث عن انهيار «نيوز كورب».
مل يستغرب مراقبون بريطانيون، وحتى فرنسيون ،وأمريكيون، أن تكون إحدى مطبوعات «نيوز التنصت ك���ورب» ق��د جل��أت إىل ّ على شخصيات عامة ،ومواطنني عاديني للحصول على سبق صحايف
ليال حداد سلطة هذه الشركة تخطّت خالل أكثر من خمسين عاما ً الدور اإلعالمي ،لتصبح العبا ً رئيسيا ً على الساحتَين السياسية واالقتصادية في العالم .ولم يلقّب روبرت مردوخ مصادفةً بـ«صانع الملوك» .بل أدى دوراً رئيسيا ً في دعم عدد من السياسيين في الواليات المتح ّدة، وبريطانيا ...مثل وزيرة الخارجية األميركية هيالري كلينتون ،ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر ،و ...رئيس الوزراء البريطاني الحالي دايفيد كاميرون .ولع ّل هذه النقطة تحديداً زادت من ح ّدة األزمة التي تعيشها لندن حالياً ،وخصوصا ً أن كاميرون عيّن رئيس التحرير السابق لصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» آندي كولسون ،مسؤوالً عن االتصاالت في مكتبه .وكان قد أفرج عن كولسون أخيراً بشروط ،بما أنه كان يرأس تحرير الصحيفة من عام 2003حتى ،2007وهي السنوات التي كانت عمليات التنصت في المطبوعة في أوجها. لكن هل تنقذ العالقات السياسية روبرت مردوخ مرة جديدة؟ يبدو الجواب صعبا ً حتى الساعة ،وخصوصا ً إذا ما نظرنا إلى تعاطي السلطات البريطانية مع أزمة التنصّت منذ خروجها إلى العلن للمرة األولى عام 2005؛ إذ تر ّددت أجهزة األمن في فتح تحقيق في هذا الموضوع ،بل كان جوابها واحداً« :ال أدلّة على عمليات تنصّت» .وهو ما دفع صحيفة «فايننشل تايمز» أخيراً إلى نشر افتتاحية طرحت فيها عالمات استفهام حول تورّط الحكومة وأجهزة األمن في هذه الفضيحة: «إن تردد المسؤولين السياسيين في فتح تحقيق في هذا الملف ،وفي مجموعة مردوخ اإلعالمية ،أمر يثير الريبة». وإن كان لقب «صانع الملوك» ينطبق على مردوخ ،فإن لقبا ً آخر قد يشبهه أكثر ،هو «صانع الصحافة الصفراء في بريطانيا» .في عام ،1969وفي وقت كانت فيه الصحافة «الشعبية ـــــ »peopleتشهد موجة انحسار في العالم ،وتحديداً في أوروبا ،قرر روبرت مردوخ شراء «نيوز أوف ذي وورلد» و«صن» ،ليعيد البريق إلى هذا النوع من المطبوعات .هكذا باتت صحافة الفضائح صفة تالزم اإلعالم البريطاني حتى اليوم .وقد ارتكزت هاتَان المطبوعتَان على «ثالوث مق ّدس» رفع عدد مبيعاتها إلى أرقام قياسية ،هو :الجرائم الغامضة، مثل اختطاف الفتاة ميلي داولر ( 13سنة) وقتلها، والجنس من خالل كشف تفاصيل العالقات الحميمة
(والسرية) للمشاهير مثل الممثل هيو غرانت ،العب كرة القدم دايفيد بيكهام وزوجته فيكتوريا ،عارضة األزياء كايت موس ...أما األقنوم الثالث ،فهو الفضائح التي غالبا ً ما كان يتّضح أنها خاطئة أو ناقصة .ولع ّل خير دليل على ذلك الحملة الشعواء التي أطلقتها «نيوز أوف ذي وورلد» عام ( 2000بقيادة ريبيكا بروكس) على المتحرّشين جنسيا ً باألطفال ،فنشرت أسماء وعناوين أشخاص «اشتبهت» بأنهم قاموا بعمليات تحرّش بأوالد قاصرين ،ليتّضح الحقا ً أن أغلب هذه األسماء والعناوين كانت خاطئة! كذلك ،تظهر نظرة سريعة إلى أبرز وسائل اإلعالم التي يملكها مردوخ حول العالم قاسما ً مشتركا ً في ما بينها، هو ترويج مجموعة من المواقف السياسية واالقتصادية. وخير مثال على ذلك أداء شبكة قناة «فوكس نيوز» األميركية (هل سمعتموها تلصق صفة «إرهابيين» باألميركيين ذوي األصول العربية arab terrorist؟). حتى ّ إن االختصاصي في مجال الميديا ،الفرنسي جان ـــــ ماري شارون ،ذهب أبعد من ذلك ،فقال في مقابلة مع صحيفة «لو موند» الفرنسية إن «مردوخ جعل من
«نيوز أوف ذي وورلد» مطبوعة شوفينية ،معادية ألوروبا ،وتعاني من رهاب األجانب» .وهي صفات تنطبق على معظم وسائل اإلعالم التابعة لـ«نيوز كروب» ،وعلى شخصية مردوخ ربما ،أليس هو القائل خالل العدوان على غزة« :الشعب اإلسرائيلي يحارب حاليا ً عدوّنا المشترك ،وهو عبارة عن مجموعة من المجرمين الذين يقتلون بدم بارد ،ويكرهون الحرية والسالم»! وفي عام ُ ،2006سرّب إلى العلن حديث بين مردوخ ،والعاملَين في «فوكس نيوز» بيل أورايلي، وشون هانيتي .يومها قال صاحب «نيوز كورب»: «ليحم هللا مشاهدينا األغبياء والحمقى ،فلوالهم لما ِ استمرّت «فوكس نيوز» ولما أصبحت مليارديراً». أما الحادثة األشهر فكانت عام ،2009عندما نشرت صحيفة «نيويورك بوست» (يملكها مردوخ أيضاً) رسما ً كاريكاتوريا ً عنصريا ً صوّر الرئيس باراك أوباما عى شكل قرد .وقد أثار هذا الرسم حفيظة األميركيين ذوي األصول األفريقية ،ما اضطر مردوخ إلى االعتذار في رسالة مكتوبة في الصحيفة نفسها. نتيجة لك ّل ما سبق ،لم يستغرب مراقبون بريطانيون، وحتى فرنسيون ،وأميركيون ،أن تكون إحدى مطبوعات «نيوز كورب» قد لجأت إلى التنصّت على شخصيات عامة ،ومواطنين عاديين للحصول على سبق صحافي «روبرت مردوخ بنى إمبراطوريته على مبدأ المنافسة المشروعة وغير المشروعة ،وهنا كل شيء مباح». إذاً ،تطول الئحة االنتقادات الموجّهة إلى مردوخ ووسائله اإلعالمية ،لكنّها حتما ً ال تنفي واقعا ً واحداً ،هي أن هذا الرجل الثمانيني أعاد هيكلة الخريطة اإلعالمية في العالم ،وإن بطريقة بعيدة عن مهنية وغير إنسانية: في 24كانون الثاني (يناير) ،1986صرف روبرت مردوخ أكثر من 5آالف موظّف في المطابع التي كانت تصدر مطبوعات «نيوز إنترناشونال» في لندن. والسبب إضراب هؤالء للحصول على بعض المطالب المعيشية والمهنية! يومها قال الحوت األوسترالي إن كل يوم إضراب يكلّف ماليين الدوالرات ،وأعلن من دون مورابة أنه يجب التخلّص من الحركة النقابية في بريطانيا والعالم .هل سمعتم يوما ً بـ«الرأسمالية المتوحّشة»؟ إن لم تفعلوا ،فتعرّفوا إلى روبرت مردوخ ...قد تتضح الصورة.
18
2أغسطس 2011
ثورات ليبيا األربع بقلم انطوني فيتكن ـ ترجمة :فؤاد سالم التعليقات التي رافقت االحتفال بمرور 3أشهر على التدخل الجوي في ليبيا خلفت في الظل غالبا بعدا آخر لالزمة .بتدخلنا العسكري فإننا تحملنا في الواقع على عاتقنا مسؤولية سياسية لمستقبل هذا البلد .هل كان يجب أن نتحرك؟ .بقايا عشرات الدبابات واآلليات الثقيلة المدمرة بفعل الطيران الفرنسي في ضواحي بنغازي ال يترك أي مجال للشك في المجزرة التي أوشكت أن تقع لدى دخول هذه اآلليات إلى مدينة انتفضت الشهر السابق .في 19مارس أنقذنا مدينة عدد سكانها 700000نسمة من حمام دم ومنعنا شعلة المقاومة الليبية من االنطفاء .ولكن منذ األيام األولى ما كان يجب علينا إن ننخدع: إنه سواء وعينا لذلك أم ال كانت بداية تداعيات سياسية وليست فقط عسكرية.
حدث غير مسبوق ،فهذه المسؤولية تقع على فرنسا في المقام األول منذ البداية والتي بدونها قد ال يكون الغرب تدخل ضد نظام معمر القذافي .ثالثة أشهر بعد هذا التدخل ومازلنا هنا .مكنا المتمردين من االحتفاظ برؤوسهم خارج الماء وسيصلون غدا بالقوة أو بوسائل سياسية للسلطة .وهذا سيأتي بأسرع مما نظن ألن كل يوم يمر يترك القذافي أكثر ضعفا ً وأكثر عزلة .بطريقة أو بأخرى سنكون مسئولين على ما يفعلونه بانتصارهم .مكافأة عظيمة لمسؤوليتنا إذا تم كل شي على ما يرام ،وكم ستكون ثقيلة إذا عمت الفوضى أو الحرب األهلية عقب سقوط العقيد .إننا لن نستطيع أن نغسل أيدينا من هذا ونذهب بعد أن ساهمنا بهذا القدر في سقوط الدكتاتور. األمر الملح والمستعجل ليس في تقييم أثر ضربات التحالف أو تثمين شجاعة المقاتلين في مصراتة أو اجدابيا ،ولكن بمحاولة فهم ما هو المستقبل الذي يعد لليبيا ومحاولة التأثير في مجريات األحداث .المستقبل يرسم في هذه اللحظة نفسها ببنغازي معقل ليبيا الجديدة حيث تجري أربع ثورات تتداخل وربما تتعارض. الثورة األولى: تشبه كميونة باريس بمدنييها وشبابها وتجارها وموظفيها الصغار ،مسلحين ببنادقهم الكالشينكوف وبحماسهم ومدافعين ببسالة عن مدينة ثائرة وأراض محررة .بدون هؤالء ما كان لشيء أن يتحقق ،ألنهم قاوموا. لقد أخذوا في فبراير كتيبة بنغازي بأيد عارية وتحت وابل الرشاشات ،لقد حفظوا بعد ذلك المدينة من النهب وسمحوا بتدمير المباني
التابعة للقذافي ولكن ليس تلك التابعة للدولة. شعورهم الكبير تجاه وطنهم وإحساسهم الجديد بان مصيرهم أصبح بين أيديهم دفعهم إلى خلق حالة من األمن والنظام ،هشة لكنها حقيقية بقوة الدوريات ونقاط التفتيش .هذه الوطنية التي تذكي أوارها الحرية هي رأس مال مستقبل البلد .إنهم يخوضون حربا ً بال هوادة على الجبهة الشرقية وفي مصراتة وفي جبال نفوسة .في البداية يمكن ألي شخص أن يشعل النار ،ولكن أصبحت الحرب اليوم أكثر حرفية والمتمردون تسلحوا .تحولت بنغازي إلى قاعدة خلفية كبيرة تعج بورش األسلحة ويعالج الجرحى ويُحول على عجل بائعو الهواتف المحمولة إلى رماة مهرة وطلبة علوم األحياء إلى رجال إسعاف. ولكن كلما طالت األحداث تركت الحرب أثرها أكثر على المجتمع الليبي :هؤالء األطفال ذوو 10سنوات الذين يتجولون مسلحين، هؤالء الشباب الصغار الذين يعايشون الموت و هيجان المعركة ،هذه األسر التي تغرق شيئا ً فشيئا ً في الحداد والرغبة في االنتقام. وسم عناد القذافي وتصلبه مستقبل ليبيا بالعنف .قال احد الطلبة :األمن ليس سيئا ً ألن الشباب الرديئين ليسوا هنا ،إنهم في الجبهة. النسيج االجتماعي الهش يتوتر كل يوم أكثر: بدأنا نحس بمرحلة ما بعد القذافي .يجب أن يحث التحالف الخطى ،ليس فقط من أجل حماية األرواح. الثورة الثانية: هي ثورة برجوازية -والتي ال تكون كذلك بدون استذكار ثورة سنة ( 1848-في فرنسا قادت إلى تأسيس الجمهورية الفرنسية الثانية) تحت رعاية المجلس الوطني االنتقالي ،تجمع لصفوة الليبيين ،من عائالت نافذة ،من قبائل، من معارضين بالخارج ،من شخصيات مؤثرة ،من محامين وأطباء ومهندسين ،ومن جماعة رجال األعمال يتحدثون االنجليزية وواقعيون مرتبطون غالبا ً بالبترول .وبعيداً عن غليان الجبهة فإنها ثورة برجوازية لديها اجتماعاتها الغير معلنة في فندق تيبستي الراقي ،ولقاءاتها الصحفية وطيرانها الخاص ومفاوضاتها في الخارج يقودها رجال يرتدون بزات داكنة أنيقة وبعض النساء. هؤالء البرجوازيون يتناقشون أحيانا ً بصعوبة مع المقاتلين .هؤالء الصفوة الذين يأتون من كل المناطق الليبية بالرغم من التمثيل السيادي للبنغازيين ،استفادوا من انفتاح نظام القذافي االقتصادي وعرفوا كيف ينسجون عالقات في أوروبا وأمريكا .لقد أعمى بصيرتنا شذوذ القذافي وغرابة أطواره فأهملنا هذا الوجه لليبيا .إن هذه البرجوازية تجد نفسها أالن على رأس ثورة فاجأتها هي نفسها. ثم الثورة الثالثة: وهي حرب مقدسة على هتاف هللا اكبر، يطلقها المقاتلون في الجبهات كما يطلقها المحتشدون في ميدان بنغازي الكبير .وهو
حدث يسبق الصالة الجماعية :يجب أن يكون القضاة رجال دين ،صرخ احد المعلمين ،نحن ال نريد تقليد السعودية ولكن حكومتنا ستكون إسالمية ،قال ذلك أحد كبار قادة المتمردين بدون أي تفصيل أكثر ،وقد سكت عندما طلبنا منه ذلك .إسالم بنغازي النقي في مقابلة القذافي الكافر ،خائن الملة :نقاشات سمعت ألف مرة .اإلسالم يجمع المتمردين ويقدم لهم الحد األدنى من الوحدة السياسية .وليبيا كما العالم العربي تغلي ،تبحث عن طريق إسالمية نحو الديمقراطية .والكثير يختلسون النظر إلى مصر والى اإلخوان المسلمين. يوجد حقيقة إسالميون مخالفون ،إنهم قليلون جداً ،لكن ال يستهان بهم .في درنة على سبيل المثال – الواقعة 300كم إلى الشرق -عضو سابق من القاعدة يقود المدينة ،وفي الجبهة يمكن أن نقابل مقاتلين ال يمكننا التأكد من كونهم كلهم ليبيين .كل يوم يمر في هذه الحرب يقوي شوكة الجهاديين الذين يرون أن هذا الصراع فرصة لهم .غدا سوف يتم تحييدهم بسهولة عندما يصل المتمردون إلى السيطرة على البالد .ولكن إذا لم يحدث ذلك فيجب أن يحسب حسابهم ،حيث يمكن أن يؤسس قوس من الجهاديين من دول الصحراء إلى الشرق الليبي على الضفة األخرى من المتوسط. وفي النهاية الثورة الرابعة: مهما كانت هامشية هي ثورة مايو-1968 (احتجاجات طالبية في فرنسا) .بحريتها الجديدة ،وإبداعها التصويري وبشعاراتها وأحالمها الضبابية في الغد التي تغنيها، وشبابها الناضج التكوين ،العديد من الطالب والمتحدثين باالنجليزية الذين يشاهدون قناة الجزيرة القطرية والفيسبوك والحالمون على أجهزة حواسيبهم أينما وجدوا الويفي. هذه الثورة التي المست األطفال من الطبقة المتوسطة العربية البازغة في ليبيا وفي غيرها لطفتها التقاليد المحافظة القوية .ال يوجد جنس أو مخدرات ،ويوجد القليل من موسيقى الروك اندرول في بنغازي .الجوقات أغان ثورية الموسيقية للثورة هي عبارة عن ٍ بموسيقى تقليدية .هؤالء الشباب انضموا يوما أو آخر للجبهة ولكنهم أدركوا سريعا أن القتال هو احتراف .هؤالء الشباب ال يهتمون كثيراً بالسياسة لكن اهتمامهم هو بتحقيق ذاتهم، ويفضلون بحماس أن يؤثروا في الحياة اليومية بكل أشكال المدونات على الشبكة والجرائد الجديدة والمحطات المرئية الجديدة التي تمثل رأس حربتها .إذا لم تأكل فترة ما بعد القذافي أحالمهم فإنهم سيكونون ليبيا ما بعد الغد. يجب التحاور مع هذه الثورات األربع ،وال نستهين بأي منها .نساعد الكميونة على االنتصار بأسرع ما يمكن ونقوي ثورة البورجوازيين ،ألنها الوحيدة القادرة على حكم ليبيا ،وال نهمل الثورة اإلسالمية ،كما إننا يجب أن ال نضحي في سبيل الثالثة
األولى بثورة الشباب التي تحاول اإلطاحة بالنماذج القديمة. ثورة البورجوازيين هي التي ستقوم في الوقت القريب بتحديد االنتقال بين ليبيا القديمة والجديدة ،ليس الجبهة وال الشارع ولكن قياديي المجلس االنتقالي .هذا التالقي عالي القيمة .مفعمين بالعزة والوقار مثل عبد الكريم بازامة الذي خرج صُلبا ً بعد 8سنوات في أسوأ السجون .مثل الجنرال عبد الفتاح يونس وزير سابق للداخلية وزعيم حربي اآلن ومثاليته .مثل الجامعية ذات الثقافة الفرنسية سلوى الدغيلي الوزيرة المؤقتة للعدل .ودون أن ننسى محمود جبريل الرجل الصاعد والذي أكسبته خبرته على رأس البترول مهارة المفاوض المتفطن .أو الداهية مصطفى عبد الجليل .هل هم قادرون على حكم ليبيا؟ إن لديهم مؤهالت في أيديهم :الوطنية الليبية، الثروة النفطية الهائلة ،صفوة مقبولة ،الوحدة الدينية ،كثافة سكانية منخفضة ،لم يقطعوا الحوار أبداً في الخفاء مع رجال من النظام. وللغرابة :فإن المرحلة االنتقالية ما بعد القذافي يمكن أن تكون أكثر سالسة منها في مصر أو تونس و أكثر تطوراً .أو على العكس ستكون كابوساً .ألنه غدا يجب حكم طرابلس وإرساء حكومة فيها تحكم كل الوطن ،وال يجب أن تتشرذم البالد ،ويجب إدارة القوى الطاردة وتفكيك نظام شمولي عجوز له أكثر من أربعين عاماً ،ومواجهة مئات اآلالف ممن انتفعوا من ذلك النظام. طبيعة وطول تورطنا في األزمة الليبية تعتمد على كفاءة قادة المجلس االنتقالي وأهليتهم واتجاههم الجماعي وسلطتهم .يجب أن ندفعهم إلى عملية انتقال سلسة بدون عنف مفرط وإدماج جزء من النظام في طرابلس ،لنتجنب األخطاء العراقية ،مثل إقصاء كل أعضاء حزب البعث .يمكن أن يكون النموذج الممكن إتباعه هو النموذج األرجنتيني حيث ضحى األرجنتينيون في سبيل تقوية الديمقراطية بتأجيل محاكمات عاجلة للفاسدين .الطريق بعد القذافي وعرة .نحن حليف لليبيا ولثوراتها األربع .إن هذا يتعلق بمستقبل بلد مفصلي بين أوربا وإفريقيا حيث ستكون عواقب عدم استقراره وخيمة ،ويتعلق ذلك أيضا ً بدور فرنسا المستقبلي في المنطقة أبعد من التجربة الليبية وعالقاتها مع العالم العربي الثائر. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ •نشر في 5يوليو - 2011جريدة العالم (Le )mondeالفرنسية •*الكاتب :صحافي وكاتب فرنسي ومخرج أفالم وثائقية
2أغسطس 2011
19
امللحمة الليبية :استقالل البالد الثاني فجأة وجد اإلعالم ليبيا وتحولت الميديا إلي كولومبس جديد فرح بالذهب المتمثل في األخبار وطازجتها ،هذا اإلعالم الذي كان كما األعمى الفاقد البصر والبصيرة اتجاه ما يحدث في ليبيا ،وكما فوجئ هذا اإلعالم فوجئ العالم الذي لم ينمل وجدانه ما يفعله القذافي بالبشر في ليبيا ،الذي كمثال فقط ؛ ذبح في ساعات 1278من السجناء في سجن بوسليم عام 1996م .
أحمد الفيتوري وهكذا كما انهالت على البالد أضواء اإلعالم انهالت قرارات دولية يعجز المرء العاقل عن متبعاتها ،وكان تجاهل الميديا لما يحدث في ليبيا ،وتواطؤ الغرب الحريص على استقرار الشرق األوسط الذي يقع جنوب أوربا ومصدر طاقته قد مكن القذافي من إخراج ليبيا من الجغرافيا والتاريخ ، هذا إلي جانب ضعف بنيوي في تركيب المؤسسات الليبية . وقد ساهمت في تفاقم هذه الوضعية ثروة هائلة مكن منها القذافي شخصيا وحُرم منها الليبيون ،وحتى العمالة العربية واآلسيوية ، التي تربو عن مليون ونصف أي ما يعادل ربع السكان تقريبا ،كانت تحصل على أقل األجور ؛ لذا كانت هذه العمالة التي تأتي إلي ليبيا فقيرة المال والمعرفة وأقل كفاءة من مثيلها في منطقة الخليج مثال . مما جعل البالد تتدحرج إلي فجوة من ثقوب سوداء ال كنه لها هي سديم من عنف مضطرد من قبل القذافي ،من عمل على تفتيت النخب وتقسيم الكيان االجتماعي وهدم الروح اإلنسانية بأن جعل التفكير تهمة ، وفعل المستحيل من أجل أن تفر العقول إلي شتات يطارد فيه كل ليبي ،ويقتل الفرد فيه تحت أسماع وبصر الجميع دون أن يحرك أحد ساكنة ،ولعل ألحد ذاكرة غير مثقوبة فيتذكر كم اغتيل من الليبيين في عواصم العالم الحر ؛ من لجوء إليه مستغيثين وما من نجدة ،وأحد من تم اغتيالهم في لندن مدينة الحرية كان مذيعا بأشهر إذاعات الكون : إذاعة لندن . هذا العالم اآلن يمارس هوايته المعتادة في التسلية بمتابعة الجرائم ضد البشرية ، رغم أن الليبيين هذه المرة لم يكتفوا بتقديم الضحايا كقربان على مذبح الحرية في بالدهم بل تقدموا لتقديم درس في أن تحرير البالد من القوات األجنبية ( -االيطاليون الذين قام الليبيون بحرب مسلحة ضدهم ما بين عامي 1939 – 1911م وأيقونة نضالهم عمر المختار شيخ الشهداء ) -ال يكتمل إال بتحرير البالد من القوات المحلية التي تمثل ذلك االحتالل األجنبي .ولذا نجد شباب انتفاضة 17فبراير الليبية يستخدمون مصطلح :تحرير وكلما تسنى لهم افتكاك موقع ،من فلول الكتائب األمنية للقذافي
المستعينة بقوات أجنبية عرفت بالمرتزقة ،عدوه موقعا محررا ،وقد تمكنوا في أربعة أيام من تحرير أكثر من نصف البالد . الملحمة الليبية : لقد تمكن الليبيون من إسقاط النظام في أربعة أيام وبذلك حققوا ما لم تستطع تحقيقه ثورتا تونس ومصر ! ،لقد اسقطوا النظام وان بقي رأس النظام حتى الساعة ،ويخوضون حرب تحرير بصدورهم في مواجهة جحافل من قوات أجنبية القلب والقالب :بمعنى أن الكثير من الليبيين المنضوين تحت هذه القوات والؤهم الحقيقي لمصالحهم الشخصية ولمن يملك زمام هذه المصالح بين يديه وهو رأس النظام المنهار ،وبمعنى أن الكثير من أفراد هذه القوات من المرتزقة ،وبمعنى آخر إن بالدا كروسيا من هي مصدر هذه األسلحة تقف في المحافل الدولية مدافعة عن عقود هذه األسلحة مع القذافي .أما الدعم السياسي لرأس النظام فيتمثل في هذا الخرس ما أصاب دول الجوار واإلقليم ومن يتستر تحت مطالب تدعو – للموت ضحكا – بكف العنف بين الطرفين . أما كيف تم إسقاط النظام وكيف أن الرأس باقية حتى الساعة ؟ ،فبمكنة أي مراقب أو متابع غير حصيف إدراك ذك ،لنتصور أن هناك من لديه فضول لمتابعة هذا االندالق اإلعالمي فسيالحظ دون جهد يذكر أن ما تبقي من نظام القذافي هو القذافي وابنه فقط ،وان ليس ثمة رجل غيرهما ،مسؤول غيرهما ،ليس ثمة رئيس وزراء ،وزير ألي شيء ،عسكري ،إعالمي ،رجل يفكر ؛ وما أكثر المفكرين في دولة القذافي الذين كانوا ينظرون لنظريته العالمية لخالص البشرية ،دون المزيد وما أكثره ال أحد غيرهما . أضف إلي ذلك أن هذه بالد مترامية األطراف ،وتقع على بعد 12ساعة من إبحار فرد في قارب بمجدافين من جزيرة المبدوزا اإليطالية ؛ وهذا ما دعا وزير ايطالي يصرح أن تفاقم الوضع في ليبيا يمكن أن يجعل ما يقارب النصف مليون من الليبيين يتدفقون علي الشواطئ االيطالية ؛ هذه البالد سيطر شباب انتفاضة 17فبراير على أكثر مدنها على األرض وأقاموا في أقل من أسبوعين إدارت محلية تدير شؤونها ،وقد طالع جمهور شاشات الدنيا أغلب
شوارع هذه المدن والحظ أن التسيير الذاتي قد نجح إلي حد بعيد ؛ حتى أن من يدير المرور في مدينة بنغازي هم الصبية الذين ينصاع المشاة وسائقو السيارات لتوجيهاتهم ،أما على مستوى التموين فقد أقيمت مطاعم طوارئ تقدم الطعام مجانا للمعتصمين والمتظاهرين ...الخ . لقد تمكن الليبيون من استعادة البالد من سيطرة القذافي ،بل وحوصر هو ذاته رغم ما يمتلكه من قوات عسكرية التي لم يتمكن من تحريكها بسب تمرد أفرادها وانضمامهم لالنتفاضة . علم االستقالل وتم تأسيس مجلس وطني مؤقت حصل بشكل عاجل على التأييد من كل المدن المحررة ،ومن التنظيمات السياسية الليبية المعارضة وشخصيات بارزة ومن سفارات ليبية في الخارج . لعله من هذا قد أدرك كل مراقب أو متابع حصيف األدلة علي سقوط النظام في ليبيا وبقاء الرأس متحصنا في قلعته ،يبعث بين الحين واآلخر قواته كي تنكل بمدينة الزاوية – مثال -وهي تبعد عن مقر قيادته 40كم فقط .وفي البالد المترامية األطراف اآلن إدارة عليا تدير ما تم تحريره من أراض ليبية .لكن هذه اإلدارة المستحدثة تعاني كل ما تعانيه البالد ؛ القذافي عمل طوال العقود األربعة الماضية علي إلغاء الدولة ،وقد نظر كثيرا لمفهوم أال دولة تحت شعارات عدة أشهرها اإلدارة الشعبية المفرغة من مضمونها ،ورفع شعارات منها إلغاء القوانين ورمى بدستور البالد معلال ذلك بأن بريطانيا العظمى ال دستور لها ،وحطم البنية اإلدارية للدولة الليبية الناشئة ،وتم إلغاء مؤسسة القوات المسلحة تحت شعار الشعب المسلح ...الخ ،ولذا فقد استلم المجلس الوطني بالدا تم هدم الدولة فيها . لكن هذا المجلس طلع من ثنايا انتفاضة شباب 17فبراير الذين رفعوا أيقونة وحدة البالد :علم االستقالل ما رفع ورسم وعلق في كل أركان المدن المحررة وعلى السيارات ،وبعض البعثات الليبية كما في األمم المتحدة وصدور األطفال والنساء ،وحتى في التظاهرات العربية الدولية وبعض من محطات التلفزيون في العالم .وهذا إجماع ذو داللة مميزة وهامة فقد انبثق العلم من
اللجنة الليبية التأسيسية الستقالل ليبيا تحت إشراف األمم المتحدة ومندوبها الهولندي أدريان بلت ،وكانت ليبيا أول دولة تحصل على استقاللها بقرار من الجمعية العمومية لألمم المتحدة صدر في 21نوفمبر 1951 م. مقر المجلس الوطني أما المقر الرئيس المؤقت لهذا المجلس المؤقت فقد تقرر أن يكون بنغازي التي انطلقت منها انتفاضة شباب 17فبراير ، وقد دعي إلي هذه االنتفاضة عبر الفيس بوك ألنه في مثل هذا اليوم قامت انتفاضة في المدينة عام 2006وسقط 19شهيدا ؛ وحينها قمنا بأول استخدام لالنترنت في توثيق ونشر صور ومعلومات وفيديوهات هذه االنتفاضة ؛ مما يعد أول استخدام لالنترنت في الخصوص ،ويمكن للباحث عبر الغوغل اإلطالع علي ذلك . بنغازي يدعوها أهلها والكتاب والشعراء الليبيون بـ ( روح ليبيا ) ؛ ألن تأسيسها الحديث تم منذ 200عام علي أيدي سكان جاؤوها من مدينة مصراتة ثم من بقية سكان ليبيا – وحتى أنها مدينة كوزموبولتي ففيها الكثير من سكان البحر المتوسط مثل اليونانيين والمالطيين ومن أفريقيا أي جنوب الصحراء الليبية .وكانت عاصمة ليبيا األولى ومن قصر المنار – مقر السفاح الفاشي غرسياني جنرال الجيش االيطالي وحاكم برقة السابق – أعلن قرار استقالل ليبيا وتكوين دولتها ،وكمدينة روح للبالد غلب مناهضتها للسلطة السياسية المسيطرة منذ االيطاليين وحتى االنتداب االنجليزي العسكري أما في فترة النظام الملكي – 1969 – 1951م فقد قامت فيها مظاهر عدة من المعارضة وسقط شهداء في صدامات مع بوليس الدولة ،وخالل العقود األربعة األخيرة علق القذافي مشانقه األولي للمنتفضين من أبناء المدينة .
لقد حرر الليبييون بالدهم من النظام الغاصب وبقي رأس النظام يأسر عاصمتهم ،وقد دفعوا ثمنا باهظا وغاليا من دم أبنائهم ،وفي هذه الساعة يعانون من نقص الدواء واألطباء لكنهم ينجزون المهمة التي اضطلعوا النجازها :االستقالل الثاني لليبيا .
20
2أغسطس 2011
أمحد الفيتوري ......شاعرا عبد هللا عبد المحسن من اصدارات (عراجين) صدرت عام 2009م بالقاهرة الطبعة االولي من ديوان (قصيدة حب متابية ) للمبدع احمد الفيتوري ..التجهيز واالخراج (سما للنشر) و الغالف للفنان عمر جهان ..والكتاب من القطع الصغير و يحتوي علي 127صفحة تضم عشرات القصائد القصيرة جدا قد تكون اطولها هي اولها التي سميت باسمها المجموعة كلها وقد استقبلت االوساط االدبية في بنغازي هذا الكتاب االنيق فاخر الطباعة برؤي متباينة البعض بالالمباالة المعتادة ، و البعض بدهشة عارمة لم يخفها و هو يردد: ((منذ متي صار شاعرا؟))هل حلم بهذا ثم صحا و املي شيطانه هذه الكلمات المبعثرة وهي في الواقع دهشة و هجوم كاسح في الوقت ذاته ..لكن هناك من اكتفي بالدهشة فقط ..وعدم التعقيب تاركا لالخرين هذه المهمة ..واطلق البعض العنان لمساحة كالم آخر فحواها رخصة و ظاهرها تحليلية بتجرد و مضمونها انه من غير المعقول ان يكون المرء ناقدا و كاتب مقاالت و قصاصا و روائيا و شاعرا في الوقت نفسه اال اذا كان كاتبا عموميا !! وهو يهمز بذلك الي االصدارات الخمسة السابقة للفيتوري ..مختلفة المشارب االدبية التي اعقبها بهذا االصدار االخير .الذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر الكثير من االصوات لكنها اطالت السنتهم ,ولعل هذا االمر مفرح الحمد الفيتوري فهو ال يحب الجمود و يعتبره موتا كما يقول بذلك المعني الشابي ,فبمجرد ان يصدر الكتاب يجب ان ياخذ دورة حياته كما ينبغي لها ان تكون و ذلك مايجعل هذا االبداع يتنفس في بيئة ذات هواء طلق فاليرفضه من يرفضه و ليقبل من يقبل و ليكن لذلك سبب او ليكن من دون سبب او ليكن السبب منطقيا بالنسبة لي وغير ذلك بالنسبة لك ..المهم ان يكون هناك جدل عميق او سطحي ,فكل هذا يحقق لالبداع كينونته و يرتقي به شيئا فشيئا ..و يمكن له ان يفيد المبدع نفسه و القارئ كذلك ..و النقاد او اشباه النقاد ..في معني هذه الكلمات رد علي احمد الفيتوري و هو يهديني نسخة من كتابه قال لي انها الوحيدة لديه وقد كان يامل ان يصدر غالفها علي (سكنر) بعد ان نفذت النسخ االخري التي كانت لديه. ويجهل البعض ان الفيتوري بدا في مطلع حياته االبداعية في اوائل السبعينات شاعرا و كانت لديه مخطوطة لديوان بعنوان (خواطر الحب المضروب في الخاصرة) ومع كثرة الندوات و الملتقيات االدبية التي شارك فيها او نظمها علي امتداد عقود و الكتابات التي نشرها في
مختلف الصحف السيارة و الدوريات ..اال انه لم يبدا بالنشر اال عام 1998م باصدار شخصي عنوانه (جدل القيد و الورد) او ستون الشريف ,ثم اصدر مسرحية بعنوان( شئ ما حدث –شئ لم يحدث) عن دار نقوش عربية بتونس عام 1999م وعام 2000م صدرت له ( قصيدة الجنود-في المسالة الشعرية الليبية ) عن الدار الجماهيرية للنشر و التوزيع و االعالن –طرابلس. وبعد ذلك بعام واحد 2001م اصدر له مركز الحضارة العربية بالقاهرة روايته االولي (سريب) التي استقبلت ايضا بمد و جزر ال وسط بينها فالبعض رفضها ألول وهلة قلبا و قالبا و البعض اعتبرها فتحا جديدا ادبيا في مجال الرواية العربية بين الواقعيه و التسجيلية ..الخ
و عن مركز تنمية االبداع الثقافي بنغازي صدر للفيتوري عام 2003م كتاب (في ذاكرة رفيق) و قبل االتحال في عالم التأبي من خالل قصيدة الحب التي كتبها احمد الفيتوري نجده يستهل ديوانه بهذه الكلمات : الي خميلة لوت وردها دالال.. و تحتها يورد لبوشكين: /اكثر حرية من طائر هو الحب :حاول ان تحبسه و سوف يطير منك .انه يجئ ثم و أسفاه يذهب لالبد مهما حاولت مرارا ان تسبقه . وللوهلة االولي يفاجئك الفيتوري بالعنوان الداخلي الولي قصائده في الديوان و هي التي سمي بها المجموعة فيستكملها بانها : قصيدة حب متأبية بطريقة خ خ !!..وتتكون القصيدة من سبعة مقاطع لكنه ايضا يسميها كلها (نظرة)..ثم نفطن بعد ذلك الي انه جعل الديوان كله حالة ..او قصيدة واحدة مجزاة الي مقاطع و حين نلج هذا العالم ..نستشعر حينا انه طفل يشخبط علي الورق تماما مثلما يفعل الصغار علي الجدران ..ثم يملؤنا شعور بانه ال يكتب شعرا بل فلسفة (متقاطعة )..ثم اذا به يسحبنا الي عالم الحواة و هو يخرج االرنب من القبعة ثم يجرنا خلفه الي عمق اليم الشاعري و هو يردد: خسرت مقعدي في حديقة العشاق خسرت فصاحة السمك ونتساءل هل خسارة هذه الفصاحة تندرج تحتها بعض الكلمات التي لم تعط المعني المطلوب (مخيالي)(..فضاضة) ام ان الشمس دائما في هذا الديوان تعيد دورتها و الكلمات ... لكنه في صخب البحث يعلن للحبيبة المتأبية : المعاجم خرساء ..
مثلما بحرك مقفر اجدب فكيف يمكنه اعادة الصياغة ؟انه يفعل ذلك عبر المشاهد التي نجد من خاللها سحرة تسفك دمه ..وملحا مذابا في بنغازي ,و خلف مبني االذاعة ..وتتواصل الحاالت ..حالة اثر حالة ..وهو كتيب صغير و هي كلمات قصيرة لكنه حافل بعوالم و هي حافلة بحياة تبدا بنظرة تنتهي بقولة و كاس علي عاجل ،ثم حكاية قد تكون (فضفاضة) او ذات (فظاظة) او تكون متأبية و من طبع الي عناد تصهل مهرة في سطوة مشهدية مثني و ثالث و رباع في ارتقاب سرابي في سهولة السكر و استحالة الترادف و خسارة القطاف و عطش الريبة و رجم الخالف و غيرة الخوف او الخوف الغيرة و خيال العري و خيال الغموض وذبول و وثوق ..هكذا دراقة اثر دراقة تتري هاجرة مودعة في مرثية تبدا بلو و ال تنتهي بمنفي و تتوالي القصائد في تناغم و تنافر يشي بمكنات هذا المبدع الذي عايش مراحل متباينة حياتيا و ثقافيا و رؤيويا ..فليس عجيبا من ثم ان يتخير عناوينه تتمثل الصقر البوم و الخداع و الغيوم لتتفاعل مع لمسة و قبّرة .ليحدث قطع و غضب و حسرة ..تتداخل مع بالهة و عجرفة و خيبة و وجع ..وهكذا يظل الفيتوري ينقش كإله أسطوري علي لوحة قدر اليف كل متناقضات الريح و السهر و الوحدة :الياء ..س..جيم..الخ فحينا يكون عنوان القصيدة ليس له عالقة مع المتن مثل هذر و كأنه يقول كما كان األقدمون يقولون ..ان المعني في بطن الشاعر ..واحيانا يعنون القصيدة بعنوان مباشر مثل ..سواد و بياض و تعليق و روح و حوج و لبوة و شبق و توضيح و حرمان و عيد و غربة و ظلمة و ليل و كآبة و خمر و حيه .. ليخرج من كل هذا الخضم الي التساؤل :اين؟ ..وكانه يصبغ تعويذه مرارته و ضياعه و خسارته بل و فجيعته ..انه ببساطة في هذا العمل يحاصرنا بالفخاخ مستنبئا احيانا في صيغة رجاء و اخري بانتباه الحواس لكل عطور الحب في حديقته المسيجة بنظرة بكاء تتبع فراشة مثابرة علي الرغم من كل غمة غربة و كل كابوس و كل ما يظل ينهشه ,فانه يؤكد في اعتراف مجلجل حين يختم بقوله و هو يعب من كاسه المترع بالحياة: لست اول من تجرع الكاس /لكني من آخر النبالء /من يكرعونه حتي الثمالة /كباتريس لومومبا /من يخذل الرفاق /مسقط الراس / وثدي االم /الجل خمر عينيك. .............................................. • مقال للمرحوم االذاعي والكاتب عبد هللا عبد المحسن ينشر للمرة االولي .
2أغسطس 2011
21
األمازيغ ...األحرار النبالء غادة مخلوف يعتبر األمازيغ السكان األصليون لشمال إفريقيا... وكلمة أمازيغ مفرد جمعه إيمازيغن ومؤنثه تمازغيت ,وأمازيغ تعني الحر النبيل ,أو ابن البلد وصاحب األرض ...والبعض ينسب تسمية أمازيغ إلى أبيهم األول «مازيغ» ...ومع بداية الفتح اإلسالمي لشمال إفريقيا دخلت الغالبية العظمى من األمازيغ إلى اإلسالم واتجهوا إلى المذهب الصوفي والمالكي واألباظي الذي يعتبر المذهب األكثر انتشاراً بين األمازيغ. أما تسمية البربر أو البرابرة فأصله التيني ,ويعني المتوحشين أو الهمجيين وقد أطلق الرومان على األمازيغ لفظ بربر نظراً لما وجدوه من تصد عنيف منهم حفاظا ً على أرضهم من الغزو وهو ما يتجسد اآلن في صمود أحرار وثوار مدننا الغربية ضد كتائب الطاغية الذي حاول خالل العقود األربعة الماضية غرس الفكر العنصري وضد األمازيغ الليبيين داعيا ً إلى تعريب األمازيغ و وجوب غلق اإلذاعات األمازيغية في العالم العربي ألن األمازيغ بحد قوله هم أتوا من «البر» ولهذا سموه «بالبربر»! إحدى فلسفات كلك ملوك إفريقيا المتحللة ,ومما الشك فيه أن نظام الطاغية نجح بالتعتيم على صورة األمازيغ ,فالمقررات الدراسية تحمل توجهات الفكر القومي العربي دون ذكر أي مفردات أمازيغية ال من قريب وال من بعيد ,وألني عايشت المناهج الدراسية الليبية أستطيع أن أوثق ما قيل أن األمازيغ لم يذكروا أبداً في كتبنا ...فكتب التاريخ لم تذكر لنا أن شيشنق الذي وحد ليبيا مع مصر والنوبة وبالد الشام في زمن فرعون أنه من أصل ليبي أمازيغي! ...لم يذكروا لنا أن طارق بن زياد من أصل أمازيغي!... تعتبر تجاوزات األنظمة الحاكمة لشمال إفريقيا والتي ترفع شعارات القومية العربية وتمارس السلطة وتحتكر الحكم دون شرعية ودون تحتكم إلى الخيار الشعبي ,تعتبر سببا َ مهما َ من أسباب نشوء المسألة األمازيغية كرد فعل على الممارسات االستبدادية والقمعية لهذه األنظمة فتكون مجتمع أمازيغي يوصف بالمنغلق على نفسه محافظا ً بذلك على هويته التي استهدفت على مر العصور, وإمعانا ً في االستبداد تفنن نظام الطاغية بمصادرة حقوق المتحدثين األمازيغية في لغتهم وثقافتهم وهويتهم والتي يعتبر منع تسمية المواليد بأسماء األمازيغية أحد تجسيداتها الفاضحة ,وكذلك إصدار القوانين بشأن منع استعمال غير اللغة العربية في جميع المعامالت ناهيك عن تقديم ليبيا كجماهيرية عربية ليبية وتغيير ما كانت عليه خالل حكم الملك إدريس «كدولة ليبية» فساوى بذلك بين العرب الليبيين واألمازيغ الليبيين...
وفي دراسات نشرت في موقع للجزيرة على االنترنت ,ذكر أن نسبة األمازيغ في األراضي الليبية تشكل حوالي 10%من نسبة األمازيغ في شمال إفريقيا. وفي الجزائر تصل إلى حوالي 25%وفي تونس حوالي ,5%في حين أنهم لم يتمكنوا من تحديدها في موريتانيا ,أما النسبة األكبر من األمازيغ فتحظى بها المغرب حيث تصل نسبة األمازيغ إلى حوالي 60%من نسبة أمازيغ شمال إفريقيا. كما أوضحت الدراسة أن أمازيغ ليبيا تم تهميشهم من الناحية اإلعالمية ولم يتم ذكرهم في الكتب التعليمية أو الموسوعات التاريخية وال يوجد أي مؤسسات رسمية أمازيغية بخالف المغرب التي يوجد بها المعهد الملكي للثقافة األمازيغية, والمفوضية العليا لألمازيغية بالجزائر,ورغم محاوالت الطاغية لمحو الهوية األمازيغية في السابع والعشرين من شهر يوليو من كل سنة وتمكن أيضا ً مجموعة من الناشطين الليبيين من المشاركة في تكوين الكونغرس العالمي لألمازيغية سنة .1977 وكانت أولى بوادر اعتراف ليبيا بالوجود
األمازيغي في عام 2007حين أفيم حفل طرابلس ألول مرة بمناسبة رأس السنة األمازيغية ...فبخالف التقويم الذي فؤضه علينا الطاغية والذي تبدأ فيه السنة بذكرى وفاة الرسول»ص» يرتيط التقويم األمازيغي بذكرى انتصار القائد األمازيغي شيشنق األول على الفراعنة في فترة حكم رمسيس الثاني واعتالء عرش مصر... وكانت هذه البادرة جزء من برنامج ليبيا الغد الذي بدأ في تقديمه سيف اإلسالم القذافي, وبصفته رئيسا ً لمؤسسة القذافي لحقوق اإلنسان! قام بإلغاء التشريع الذي يمنع التسميات األمازيغية ووصف هذا التشريع بالعنصري ! فها هو المارد العمالق الذي سيحقق أحالم أمازيغ ليبيا في الحصول على حقوقهم... وككل المبادرات الهالمية لبرنامج ليبيا الغد لم يتم االعتراف الرسميي بالوجود األمازيغي الليبي إلى يومنا هذا ...ليس غريبا ً على نظام جائر أراد إسكات أي صوت قد ينادي بالحرية فحين نشرت مقالي هذا على إحدى صفحات الفيسبوك في أكتوبر الماضي ...تم محو المقال وطردي من المجموعة من المجموعة التي اتضح لي فيما بعد أنها أعدت إلستقطاب األقالم الليبية الحرة لتحديدها ومطاردتها ومن ثم قمعها... في نظري لم يقوم القذافي األب بهذه التجاوزات العنصرية إال لكي يقوم القذافي االبن بمبادرات عكسية في محاولة لتسلم السلطة خلسة تحت شعار ليبيا الغد أو «أنا الغد» ...لم يأت في أذهان الطغاة أننا سننتفض بحثا ً عن حريتنا ضاربين بكافة مبادراتهم ومحاوالتهم عرض الحائط ,رافعين شهار ليبيا الغد واآلن الغد لنا ..ال قبلية ال جهوية ال تفرقة عنصرية ...قثارت مدن الغرب لنصرة مدن الشرق... وزحفت مدن الشرق لتحرير مدن الغرب ...لم يلتفت الثائر منا إلى صاحبه ويسأله من أي قبيلة أو عرق أنت!!! فثورتنا واحدة وهدفنا واحد وتقبل لغة اآلخر في ثقافتنا هو الذي يخلق بلداً موحد ...تقبل هللا شهدائنا في الجنة وأشفى جرحانا وحرر أسرنا وأنصرنا على القوم الظالمين ...عاشت ليبيا حرة موحدة
كتب التاريخ مل تذكر لنا أن شيشنق الذي وحد ليبيا مع مصر والنوبة وبالد الشام يف زمن فرعون أنه من أصل لييب أمازيغي!... مل يذكروا لنا أن طارق بن زياد من أصل أمازيغي!...
22
2أغسطس 2011
سطوع الربهان يف مشروعية االستعانة بالغرب واألمريكان بابكر فيصل بابكر كشفت تداعيات أحداث الثورة الليبية مدى األنفصام الذي تعاني منه بعض الحكومات العربية و النخب القومية وحركات األسالم السياسي في موقفها من األستعانة بأميركا والدول الغربية لنجدة شعوب المنطقة من الحكام الطغاة ومن األنظمة الفاسدة و المستبدة . الموقف من األستعانة باألجنبي في أصله موقف ينبني على (المصالح) و يخضع بالدرجة األولى للمعايير والتقديرات السياسية وليس للعقيدة الدينية أو القومية .وبالتالي فأنه يلزم عدم تصنيف من يسانده أو يرفضه وفقا لثنائية (المسلم / الكافر) أو (الخائن /الوطني) أو (العميل /المناضل). ومع أنّ الموقف من األستعانة باألجنبي – كما ذكرنا -موقف سياسي االّ أنّ المؤيدين أو الرافضين له كثيرا ما يسعون لكسب الشرعية الدينية الى جانب مواقفهم ,ذلك ألنّ الدين يعتبر المصدر األكبر للمشروعية في المنطقة العربية واألسالمية. يحدثنا التاريخ أنّ الخليفة العباسي هارون الرشيد تحالف مع الملك الفرنسي شارليمان ضد األمويين الذين أقاموا دولة مستقلة في األندلس ,ومنح هارون الرشيد شارليمان لقب حامي قبر المسيح في القدس والوالية على المؤسسات الدينية المسيحية في الشرق اإلسالمي التابع للدولة العباسية، كالتدريس والصيانة وتنظيم رحالت وقوافل الحج إليها. لقد تقاطعت (مصالح) الفرنجة والعباسيين في مقاومة األمويين ،و قد كان ملوك الفرنجة أيضا على عداء مع البيزنطيين خصوم العباسيين ،وهكذا فقد نشأ تحالف (عباسي – فرنسي) في مواجهة البيزنطيين واألمويين .فهل كفر هارون الرشيد بفعله هذا أم أصبح من الخائنين ؟ و حينما دبّ الخالف بين الملك عبد العزيز بن سعود ,وجنوده المعروفين بأسم “األخوان” الذين كانوا ذراعه الباطش الذي أخضع به كل قبائل الجزيرة العربية ,لم يتوانى الملك في سحقهم بأنزال ضربة عسكرية قاصمة بهم مستعينا بالقوات ك البريطانية التي أستعملت الطائرات لتشتيت فلولهم ود ّ حصونهم وذلك في معركة السبلة عام .1929 ما كان للملك عبد العزيز أن يصدر هذا القرار العسكري الحاسم ,ويستعين بالقوات البريطانية دون غطاء ديني ,حيث أصدر( العلماء) حكمهم في “األخوان” وقيادتهم الممثلة في فيصل الدويش وسلطان بن بجاد ووسموهم جميعا بالكفر والرّ دة ,مع أن ّ “األخوان” لم يكونوا كفارا وال مرتدين ولكنهم فقط نازعوا الملك عبد العزيز سلطانه وشككوا في شرعية حكمه. وما كانت فصائل “المجاهدين” األفغان تستطيع الحاق الهزيمة بجيش األتحاد السوفيتي لوال التعاون الوثيق مع وكالة المخابرات المركزية األميركية التي مدّتهم بالمعلومات والسالح ,و على وجه الخصوص بصواريخ “ ستينجر” المضادة للطائرات التي لعبت الدور الحاسم في اندحار الجيش األحمر. وعندما قام صدام حسين بخطوته الهوجاء بغزو الكويت في 1990تباينت مواقف الحركات السياسية والدول من األستعانة بالغرب ألخراجه منها .فعلى سبيل المثال عارضت حركات االسالم السياسي (على رأسها األخوان المسلمين وتنظيمهم الدولي) التدخل الغربي .وكذلك عارضت بعض الحكومات العربية كحكومة اليمن وحكومة السودان الحلف الذي أقامته أميركا وشاركت فيه ما يربو على ثالثين دولة لتحرير الكويت من قبضة جيش صدّام. خرجت المسيرات تجوب شوارع الخرطوم والعديد من العواصم العربية مندّدة بأميركا وحلفائها ,وصدرت الفتاوى الدينية التي تحرّ م األستعانة بالقوى الغربية .وفي الجانب االخر صدرت فتاوى موازية من المؤسسة الدينية السلفية الوهابية تجيز األستعانة بالغرب من أجل تحرير الكويت المغتصبة بواسطة جيش صدّام ( فتوى المرحوم الشيخ عبد العزيز بن باز). كان واضحا أنّ ألميركا والغرب (مصلحة) في أجالء قوات
boulkea@yahoo.com
صدّام من الكويت ,فالسياسة األميركية تسعى للحفاظ على منطقة الخليج كبحيرة نفط هادئة وسالمة تستطيع أن تدرهذا النفط يوميا بمقدارعشرين مليون برميل كما تفعل االن وبحيث ال يكدر صفو أنسيابه أى عامل سياسي أو اقتصادي.ولكن – من الجانب األخر – كان للكويتيين أيضا (مصلحة) في األستعانة بالقوة الوحيدة القادرة على أجالء جيش صدّام الذي هتك أعراضهم ,وقتل شعبهم ,ونهب ممتلكاتهم ,و أبتلع بلدهم في سويعات .وعندما تقاطعت المصالح بين الكويت والغرب ت ّ شكل التحالف الذي حرّ ر الكويت والذي لواله ما خرج “قائد النشامى” من ذلك البلد الصغير حتى يومنا هذا. واليوم -وبعد مرور عقدين من الزمان على تحرير الكويت دعوا الكويتيين يسألون أنفسهم ونسألهم نحن :ماذا أخذتأميركا من تحرير الكويت ؟ هل أخذت أميركا نقطة نفط واحدة مجانا أم هى تشتري الى اآلن كما يشتري العالم كله النفط من األسواق باألسعار العالمية وبأسعار السوق المتذبذبة صعودا ونزوال ؟ ثم دار الزمان دورة كاملة حتى توقف عند الثورة الليبية. وعندما طالب ثوّ ار ليبيا أميركا والغرب بالتدخل العسكري لحمايتهم من كتائب القذافي وطائراته لم ترفض حركات األسالمي السياسي (على رأسها األخوان المسلمين وتنظيمهم الدولي) والحكومات العربية بما فيها حكومة السودان التدخل األميركي كما فعلت أبّان غزو صّدام للكويت .فما الذي تغيّر اذا ؟ أميركا هى أميركا .والغرب هو الغرب . الذي تغيّر هو (المصالح) وليس الدين .فمن مصلحة حكومة السودان – على سبيل المثال – ذهاب نظام القذافي الذي ظل يدعم بالمال والسالح حركات دارفور التي تخوض صراعا مسلحا مع نظام الخرطوم .ومن ( مصلحة) األخوان المسلمين وشيوخهم أنتصار الثورة الليبية حتى تزداد فرصهم في وراثة األنظمة العربية المتهالكة. هذا ما كان من أمر بعض الحكومات والحركات الدينية .أمّا أصحاب العقيدة القومية فأمرهم عجب .أصدر حزب البعث في السودان بيانا ممهورا بتوقيع السيد “علي الريّح الشيخ السنهوري” ,ومكتوبا بلغة هتافية صاخبة مليئة بكلمات جوفاء من شاكلة “العمالء” ,و” االمبريالية” ,و “ النضال”, وبادعاءات فارغة ما عادت تنطلي على أحد ( كالم فالصو) بعد أن رأى الجميع الحصاد البائس لحكم “القومجية” بفروعهم ومسمياتهم المختلفة. جاء في البيان “ :واننا اذ نعلن رفضنا وإدانتنا للتدخل العسكري االمبريالي المسنود من بعض أطراف المعارضة الليبية العميلة نطالب بإيقافه فوراً وندعو شعب ليبيا إلى اليقظة لقطع الطريق أمام من يريدون تسلق انتفاضة الشعب واالنحراف بمسارها ،وإلى المضي قدما في النضال لتحرير ليبيا العروبة من النظام الدموي الفاسد ودرء مخاطر التقسيم واالحتالل”. يعلم أصحاب البيان البعثي أ ّنه ليست هناك أطرافا عميلة في المعارضة الليبية ,وأنّ المطالبة بتدخل أميركا والغرب جاءت مباشرة من المواطنين و الثوّ ار الليبيين ومجلسهم
األنتقالي داخل ليبيا ,ويعلم أصحاب البيان كذلك أنّ أميركا تردّدت كثيرا في التدخل ,وأنها تعرّ ضت لضغوط عديدة وكادت أن تتهّم من قبل الثوّ ار الليبيين بالتواطؤ مع العقيد القذافي ,وواجهت انتقادات أخالقية شديدة من قبل الرأي العام األميركي والغربي في أنها تتفرّ ج على شعب يباد ,وتكررت المخاوف من أستعادة شريط رواندا 1994الذي ما زال يؤرق الضمير الغربي. ويعلم أصحاب البيان البعثي كذلك أ ّنه لو ّ تأخر التدخل األميركي لساعات فقط لنفذ الطاغية الليبي تهديده الذي أطلقه وهو على مشارف بنغازي بابادة جميع أهلها الذين مألت أستغاثاتهم أسماع الدنيا .هل كان أصحاب البيان يرغبون في أن يبيد العقيد ثوّ ار ليبيا مثلما فعل “قائد النشامى” مع أنتفاضة الشيعة في الجنوب العراقي ؟ وكيف يريدون للشعب الليبي المضي في النضال دون مساندة وهو يواجه الة عسكرية باطشة و طاغية متعطش للدماء ؟ ونحن من جانبنا نسأل أصحاب البيان البعثي :لماذا نستعين بالغرب في قضاء كل حوائجنا اذا كانت تلك هي رغبة الحاكم وعندما نستعين به ألزالة الحكم الباطش ألنّ الشعب غير قادرعلي ازالته تصبح العملية تدخال أجنبيا في شئوننا الخاصة ؟ ألم يكن “ قائد النشامى” الطفل المدّلل ألميركا حتى العام 1990؟ ألم يستعن بها في حربه مع أيران ؟ وما تزال صوره مع صديقه “رامسفيلد” شاهدة على تلك االستعانة. لقد سئمت الشعوب من الوصاية التي يفرضها عليها أصحاب الفكراألحادي البائس المغلق ,فقد جرّ بتهم جميعا ولم يعد لديهم صالحية لتوجيه تلك الشعوب فهى أدرى بمصالحها, وفي حالتنا هذه وجد الشعب الليبي (مصلحته) في األستعانة بأميركا والغرب للخالص من الطاغية وأبناءه. في كوسوفو ,ترتفع األعالم األميركية الى جانب األعالم األلبانية ،حتى في المكاتب الرسمية ,تقديراً للدوراألميركي في حرب العام ,1999والذي أنقذ الشعب األلباني هناك (95 %مسلمون) من مأساة كبرى. ويمكن أن يقال الشيء ذاته عن البوسنة (ذات األكثرية المسلمة أيضاً) حيث كان للدوراألميركي في حرب البوسنة ( )1992-1995أثره في انقاذ المسلمين هناك من مأساة لم تعرفها أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وكذلك األمر أيضا ً مع مقدونيا (التي يشكل المسلمون فيها 40 ،)%حيث لعبت الواليات المتحدة األميركية دورا رئيسا في انهاء النزاع العسكري في العام . 2000 ومع أنّ الكثيرين يرون أنّ الواليات المتحدة كانت لها (مصلحة) حقيقية في كل هذه التدخالت التي أعادت تشكيل صورة البلقان لصالحها ,اال أنّ زعماء المسلمين هناك يرون أنّ هذه (المصلحة) األميركية جاءت لخدمة المسلمين في ظروف بالغة التعقيد. ختاما نقول :ال توجد موانع أخالقية أو دينية أو قومية تحول دون األستعانة بأميركا والغرب اذا كان في ذلك (مصلحة) للشعوب بحسب التقديرات السياسية المحض.
2أغسطس 2011
23
الشرعية وما أدراكها ؟! المحامي سليمان عوض الفيتوري يوم ، 24/12/1951وضعت األمم المتحدة حملها المرتقب ،بعد حولين على قرارها ،ليحمل اسم المملكة الليبية المتحدة ، وتدخل حضيرتها كعضو لها وعليها ما تضمنه الميثاق واألعراف الدولية بدستورها وعلمها ّ وتوطدت عالقاتها ونشيدها كبقية األعضاء ، الدبلوماسية ،وحظيت بمكانة وجاذبية عربية وأجنبية لموقفها الم ّتزن ،من معالمه حسن الجوار والتعايش الحضري ، * فاليهود واإليطاليون وغيرهم يتمتعون بحرية غير منقوصة ،معتقداً ونشاطا ً ،سواسية كانوا مواطنين أم رعايا ، جراء حرب فلسطين * ولئن نكب اليهود ّ 1948مثل كثير من بالد العرب ،فمن رحل منهم فبإيعاز ،ليح ّلوا بديالً عن الالجئين. واستأنف يهود ليبيا حياتهم في أمن * هجروا إلى وأمان ،حتى نكسة ّ ، 1967 إيطاليا ،لتضع الحكومة الليبية ممتلكاتهم تحت الحراسة قانونا ً ،وإلى أن فاجأتهم الطامة في 1/9/1969لتستحوذ على ممتلكاتهم مع اإليطاليين ،وتثني على الليبيين ،وهؤالء وأولئك في حقيقة الواقع ،كلهم ليبيون بالوالدة واإلقامة ،بنص الدستور. * مؤدى ما سلف :أن الدولة الليبية المعترف بها خطفت في 1/9/1969اغتصابا ً ،بقوة السالح مع التواطؤ األجنبي ،الذي الذ بالقول : إن نطاق االتفاقية والمعاهدة ال يبيح لبريطانيا ّ التدخل في الشؤون المحلية . وال ألمريكا حق واالغتصاب هو االنقالب ،ما يعرف * بالخروج عن الحاكم ،فدوافع االنقالبيين في البيان األول ،لما فيه من اإلفك والتدجيل ،ما كشفته األيام الالحقة . * وبعد : لعل القارئ الحصيف أدرك أن هذه اللمحة تبحث عن الشرعية وصوالً إلى حقيقة تقييم هذه الحقبة ،من 1/9/1969حتى 17/2/2011في وضع ليبيا الدولي منذ نشأتها في . 24/12/1951 فثورة 1952في مصر قامت بحفنة * من الضباط تطالب باإلصالح شعارها االتحاد والنظام والعمل ،وتجنبا ً إلراقة الدماء تنازل الملك فاروق البنه القاصر ،وتش ّكل مجلس وصاية على العرش ،وأبحر مودّ عا ً بتحية عسكرية . وجد المودّ عون أن القوانين تق ّيد مبتغاهم * ،بل تطالهم ،فإزاحة الملك وإن اقتضت إقصاء حكومته كسلطة تنفيذية ،إال أن السلطة التشريعية ليس لهم من سبيل إلى غيرها في إصدار القوانين ،وبالذات تلك التي تمكنهم من االستيالء على مقاليد الحكم ،وأ ّنى لهم ذلك ؟ ،مالم تكن هناك ثورة لها الشرعية ،كرأي سليمان حافظ رئيس مجلس الدولة ،الهيئة المنوط بها حلول المنازعات اإلدارية والفتوى والتشريع ، فما كان من المجلس العسكري إال أن جعل من الحركة االنقالبية ثورة تستمد شرعيتها من قوة تسلطها ،ال انتخابات وال استفتاء وال بيعة . وهكذا انقالب 1/9/1969نسخة مقلدة (للثورة األم) ،و(ال تلد الح ّية إال الح ّية) . ولما كان ما حدث في هذا االنقالب ال يخرج عن تغيير أشخاص في تصريف األعمال
كسقوط حكومة أو حتى تغيير االسم من ملكية إلى جمهورية ،في نطاق الشؤون الداخلية . * وما أن ش ّكلت أول حكومة في 8/9/1969 برئاسة محمود سليمان المغربي وأسندت وزارة الوحدة والخارجية إلى صالح بويصير ،وكان برلمانيا ً ،صحفيا ً ،أراد في حنكة ّ تخطي ما يثار عن الشرعية التي ال يتمتع بها االنقالبيون ،فوجد في سابقة انقالب 1952 ما جعله يفرض الواقع في التعامل المصلحي المستمر بغض الطرف عمن يكون الرئيس ،فأعلم الدبلوماسيين أن بقاء السفارات يعد اعترافا ً بالعهد الجديد . * ثم ماذا؟ نخلص إلى أن ثورة الفاتح ليست ثورة شعب تتمتع بالشرعية ،ولم تباركها األمم المتحدة ،ولم تحظ باعترافات صريحة من سائر الدول ،وما استمرار العالقات وتطبيعها إال جريا ً على المتعارف عليه واقعا ً من تبادل المصالح في تصريف األعمال في حدود القانون الدولي واالتفاقات المبرمة . والسؤال عن الشرعية جوابه بعد تجريد * (الفاتح) منها على نحو ما سلف ،هو العودة إلى الدولة الليبية في أول نشأتها ،ذلك أن ما ينشأ عن اغتصاب السلطة :هو باطل بطالنا ً مطلقا ً ،وسيظل كذلك مهما طال عليه الزمن ،كقاعدة مقررة في شرائع األرض والسماء . وتيسيراً وإيضاحا ً للمبتغى ينبغي الوقوف * عند الحقائق التالية : -1دستور المملكة الليبية بتعديله ،له اعتباره ،بنصه ،وروحه ،ومبادئه ،وقد استمد شرعيته من إرادة الشعب. -2نص الدستور على توارث العرش ،طبقة بعد طبقة . -3الملك إدريس اعتزل لس ّنه بالتنازل لولي العهد الشرعي الحسن الرضا المهدي السنوسي األول في 21جمادى األولى 1389 هـ ،الموافق 4/8/1969م ،في وثيقة خاطب بها الرؤساء ،مجلس الشيوخ ومجلس النواب والحكومة. -4تنازل الحسن الرضا نائب الملك إثر مباغتة وحدة مسلحة العتقاله ليكره على التنازل ، وما كان له سوى التوقيع على ما أملي عليه ،ونصه : (أيها الشعب الكريم ،أنا الحسن رضا ،نائب ملك ليبيا ،أعلن للشعب الليبي وللعالم أجمع
أنني تنازلت عن كامل حقوقي الدستورية والقانونية في العرش ،ويعتبر هذا مني وثيقة تنازل رسمية ،قلته بملء إرادتي وهللا على ما أقول شهيد . كما أطلب من جميع فئات الشعب تأييد هذا النظام ألنني نؤيده ،وعدم حمل السالح ،ومن لم ينفذ فإنني بريء منه ،والسالم عليكم) وهو يستمع إلى عبارة البيان األول ( :بضربة واحدة من جيشك البطل تهاوت األصنام) وكأني به قد جال بخاطره تلك اللحظة العصيبة ،ما قام به عبد الكريم قاسم العراق من وحشية قتل الملك فيصل وعائلته جزافا ً . وال ريب في أن هذا التنازل جاء وليد * موجه إلى الشعب إكراه ال ينتج أثراً ،وهو ّ الليبي الكريم وليس تنازالً للقذافي ،الذي ال يقيم وزنا ً للشعب. أما الباعث وراء الحصول على التنازل * عن الشرعية الدستورية فهو بال شك :االفتقار إليها شأن الزيف المصري ، 1952وذلك إلسدال الشرعية على قائد االنقالب ،ليكون هو الخلف الرسمي. ولو كانت ثورة شعبية ،لما احتاجت إلى * المشروعية عن طريق اإلكراه على التنازل. وبتاريخ 2شوال 1389هـ الموافق * 11/12/1969م ،أصدر مجلس قيادة الثورة ،اإلعالن الدستوري ،كأعلى سلطة تباشر أعمال السيادة العليا والتشريع ،قوانين أو أوامر أو قرارات ،ال يجوز الطعن فيها أمام أية جهة . ولست في حاجة إلى الخوض في زيف * إعالن الدستور المؤقت ،أو إعالن قيام سلطة الشعب ،فال الشعب له رأي وال األمم المتحدة ، وال الجامعة العربية في دولة بال رئيس ،وهذا هو الفراغ الذي كتب على المجلس االنتقالي أن يمأله ،مؤقتا ً ،بالنيابة كوديعة لصاحب الشرعية الدستورية. * الملك الشرعي ولئن مات الحسن الرضا ولي العهد * ،الذي تنازل له الملك كما سبق ،فله خلف في المهجر هو محمد الحسن الرضا ،الذي يسنده الدستور المغ ّيب ،فهو الملك الشرعي بحكم دستور المملكة الليبية ،التي استيقظت يوم ( ، 17/2/2011تبحث عن تاريخها بعدما تاهت عنه وتاه) ،تحمل علمها رمزاً ، وتردد نشيدها ،لتطوي صفحة مليئة بالبطش
والزيف . * ماسبق سرده مس ّلم بصحته وال يتنكر له إال جحود ،بمعنى أن الشرعية لصاحب الحق بمقتضى الدستور ،ولم يسلبها الشعب الليبي كحق موروث ال منازعة فيه وال يحتاج إلى استفتاء . * وما المجلس االنتقالي إال يد عارضة بشرعية مستعارة ووديعة ريثما يحين معادها ،له أن يتصرف بمقتضاها ،تكليفا ً ،أو فضالة ،فهذا قدره. وتعزيزاً لما سبق : أهيب بالوريث الشرعي للملكة الليبية محمد الحسن الرضا السنوسي صاحب الشرعية الدستورية أن يفوض المجلس االنتقالي في اتخاذ ما يخوله الدستور الليبي بما في ذلك التعديل الذي أجمع عليه الشعب صاحب األمر والسلطة األصيل ،امتثاالً للدستور الليبي المعترف به دوليا ً كمرجعية ،مالم يعدّ ل أو يلغ بوسيلة تمتلك الشرعية ، ومن دواعي االعتزاز بماضي المملكة * دستوراً وملكا ً ،جاء الدعم والتأييد للشعب الليبي على استرداد مكانتها الدولية المعترف بها تتمثل بال حصر في اآلتي : أ -عدم شرعية سلطة القذافي أصالً ،فضالً عن إقراره بأنه ال يمثل سلطة وال وظيفة. ب -توالي التصريحات الدولية بعدم شرعية القذافي كدخيل . ج -االعتراف بالمجلس االنتقالي الممثل الوحيد للشعب الليبي في الفترة الراهنة. د -ه ّبة الشعب في تضحيات استرداداً للحق المغتصب تحت علمها ونشيدها ومشاركة رجالها. وأخيراً وليس آخراً ،تكون من أولويات المجلس االنتقالي : -1ترسيخ أركان الدولة ليستتب األمن وتعود الحياة إلى طبيعتها ،وال يتأتى ذلك إال بالنهج الذي سارت عليه المملكة حين نشأتها ونعني االتفاق مع الواليات المتحدة وبريطانيا كدفاع مشترك أنداداً لضمان االستقرار المحلي ودرءاً للمخاطر المتربصة ،وإحيا ًء لعالقة التضحية التي استخلصت ليبيا من النازية والفاشية حتى بنت كيانها حرة مستقلة. -2إيفاد ممثلين لمخاطبة دول العالم ،وعلى األخص الجزائر وتشاد وإسرائيل ، -3واالدعاء أمام مجلس األمن لتحميل مؤيدي القذافي مسئولية النزيف والدمار . -4وتشكيل محكمة ،على غرار محكمة نورنبرج ،بدل محكمة الجنايات الدولية . -5عدم الموافقة على خروج القذافي وال أي من شركائه في اإلبادة. -6وكل ما تقتضيه الظروف الراهنة من ضروريات الحياة ،فخارطة الطريق تحتاج إلى معالم. ملحة يدركها المجلس -7والقائمة طويلة ّ االنتقالي بالبداهة ،وكما حسن البداية تكون حسن النهاية.
2أغسطس 2011
لوحة :علي البوسيفي
عدسة :أمحد العرييب
جممع تيبسيت السياحي مبركز مدينة بنغازي يضم 250 غرفة 22 ،جناحا ممتازا و 8أجنحة رئاسية Tel + 218 61 909 0016, 909 0017 Fax + 218 61 909 0016 http://www.tebistyhotel.com