العدد 146

Page 1

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪( - ) 146‬‬

‫‪ 25‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬ ‫‪WWW.miadeen.com‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫السعر لألفراد ‪ 1 :‬دينار في ليبيا وتونس‬ ‫‪ -‬المؤسسات الحكومية والخاصة ‪ 3‬دينار‬

‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واملؤمتر الوطين محاٌر قصري !‬ ‫خائنة ‪،‬‬ ‫الليبية‬ ‫النخ َب ُة‬ ‫ُ‬

‫غياب احلوار الوطين يف ليبيا ‪ :‬حتديات و عوائق‬

‫أنا مستقل متاما ‪،‬وما قمت به من دور خيص شخصي‬

‫األحداث مثرية يف ليبيا هذا االسبوع‬


‫‪02‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واملؤمتر الوطين محاٌر قصري !‬ ‫خائنة ‪،‬‬ ‫الليبية‬ ‫النخ َب ُة‬ ‫ُ‬

‫ميادين صحيفة ليبية‬ ‫تصدر عن شركة ميادين للنشر وإإلعالن والتدريب‬

‫عنوان الصحيفة ‪ :‬بنغازي ‪ /‬ميدان السلفيوم‬ ‫خلف عمارة شركة ليبيا للتأمين ‪ -‬فندق‬ ‫مرحبا سابقا ‪ -‬الدور األول‬ ‫‪miadeenmiadeen@yahoo.com‬‬ ‫‪miadeenmiadeen@gmail.com‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫أمحد الفيتو ري‬ ‫املدير العام‬ ‫فاطمة غندور‬ ‫مدير إداري وعالقات عامة‬ ‫خليل العرييب‬ ‫‪0619082250‬‬ ‫‪0925856779‬‬ ‫مراسلو ميادين‬ ‫احلسني املسوري ‪ /‬درنة‬ ‫خدجية االنصاري ‪ /‬اوباري‬ ‫عائشة صوكو ‪ /‬سبها‬

‫الغالف واللوحات الداخلية‬ ‫حممد بن المني‬ ‫إخراج وتنفيذ‬

‫حسني محزة بن عطية‬ ‫طباعة‬ ‫دار النور للطباعة‬

‫االفتتاحية يكتبها‬ ‫‪ :‬أحمد الفيتوري‬

‫‪1‬‬ ‫الصاخب ُ‬ ‫قرقعة و ال طحني ‪ ،‬هكذا م ّر االس���بو ُع املاضى حافل‬ ‫يعيش يف‬ ‫ري‬ ‫ُ‬ ‫ليبي���ا البل ُد الصغ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫بالالش���يء ‪ :‬انقالب���ات عس���كرية و الال انقالب���ات ‪ ،‬انتخابات و الال انتخاب���ات ‪ ،‬متديد و الال‬ ‫ٌ‬ ‫كل يدين الكل ‪ٌ ،‬‬ ‫متديد ‪ ،‬صخب الركود ‪ٌ ،‬‬ ‫‪،‬وكل سكارى و ما‬ ‫كل يتحدث عن فشل الكل‬ ‫ُ‬ ‫حيتفل يف الشوارع خبصوبة فاعلة ‪ُ ،‬مهيمن املوت يف سكون ليبيا البلد‬ ‫هم بسكارى ‪ ،‬واملوت‬ ‫ُ‬ ‫يسكن قرية يف الصني‪.‬‬ ‫الصغري الصاخب ‪ ،‬ما مساحته قارة ويسكنه ما‬ ‫يف هذه االجواء حتولت البالد مُجلة إىل شاش���ة تلفزيون ‪ ،‬يف الشاش���ة ‪ /‬البالد وجو ٌه مكررةٌ‬ ‫وظة يف أدا ٍء رتيب ‪ ،‬رتيب ويش���د مش���اهده غصب���ا باعتبار أنه احلدث‬ ‫‪ ،‬ممثل���ون‬ ‫ألدوار حم ُف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل ما خيوض مستنقع املصري ‪ ،‬املسألة الليبية غدت مسألة تلفزيونية حمض ‪ ،‬ألجلها‬ ‫وتناطح على الشاش���ة اليت يلعنه���ا كل متصارع على حدة ‪ ،‬وبهذا كفت الشاش���ة‬ ‫تص���ار ٌع‬ ‫ٌ‬ ‫الفضي���ة الليبي�ي�ن الكثري من الدماء ‪ ،‬الدماء اليت ترتع خلف الشاش���ة ُمكونة واقعا مس���كوتا‬ ‫عنه ‪ ،‬هو خارطة الطريق ما ال يتحدث عنها أحد ‪ ،‬غصة كل أحد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كن���ت كالكل مش���دودا من أنفي إىل الشاش���ة املص�ي�ر واحلدث الفصل ‪،‬الحظ���ت أن هذه‬ ‫الطلوع ما تبدو جمانية هي غالية ومثينة ‪ ،‬فمن الشاش���ة وخالهلا تكون " دميومة الكراسي‬ ‫" أي الدميقراطي���ة الليبية حس���ب تعبري الطاغية التلفزيوني ‪ ،‬من كان يغتصب الشاش���ة‬ ‫ُمنفردا ويتحدث ساعات ست كي ال يقول شيئا ‪.‬‬ ‫فماذا ‪ -‬وقد أضحت الشاشة للكثريين ‪ -‬يقول الكثريون من هم مفرد بصيغة اجلمع ؟‬ ‫مم���ا يالحظ���ه املتابع ‪،‬غري العج���ول وغري الغاطس يف جل���ة التلفزيون ‪،‬أن ما يش���اهد حالة‬ ‫اجت���اه معاكس حقيق���ة وليس كما متثيلية اجلزيرة ‪،‬كأمن���ا اخلصومة تفرض فرض‬ ‫عني ‪ :‬أن ُتكال ال ُتهم ‪،‬أن تضرب حتت اخلاصرة ‪ ،‬أن تبعد بعيدا عن كل شبهة ملشرتك ‪ ،‬أن‬ ‫تغالب وإن كنت املغلوب ‪ ،‬وأن تلت وتعجن و ال تغوص بل متس الس���طوح ‪،‬يف عجلة ودون‬ ‫مراجعة احتل كل مس���احة من الشاش���ة ألنك احلق وبذا أطل وراوغ ‪،‬أعد ثم أعد لساعات‬ ‫ست كي ال تقول شيئا‪.‬‬ ‫ساعات وس���اعات ‪،‬أيام وأيام ‪ ،‬شهور وشهور ‪ ،‬يتحدث املؤمترون عن املؤمتر وخيبتهم تقطع‬ ‫األكباد من ذا املؤمتر ‪ ،‬خيبة املستوزرين من الوزارات ‪،‬املتحزبني من األحزاب ‪ ،‬اإلعالميني‬ ‫م���ن اإلعالم ‪ ،‬النخب م���ن النخبة ‪ ،‬وهؤالء املخيبني يكيلون الص���اع صاعني لبعضه البعض‬ ‫بـ مديح الش���ارع اللييب ‪ ،‬مديح الش���باب اللييب ‪،‬وهم العواجيز الذين س���طوا على كل منافذ‬ ‫ُ‬ ‫وأنشأوا الكتائب من هؤالء الشباب ‪،‬من ُحولوا اىل ثوار دون ثورة ‪،‬‬ ‫وأنفاس الدولة وأمواهلا ‪،‬‬ ‫وحرب ضروس تأكلهم كما تأكل األخضر واليابس ‪،‬هؤالء الشباب بنزين احملرقة اليت‬ ‫ت���دار عرب شاش���ات التلفزي���ون ‪ ،‬وإن ّ‬ ‫كل أحد زعماء هذه الض���روس فيحصل على مكافآت‬ ‫أخر اخلدمة ‪ :‬العمل يف سفارة أو البنوك اخلارجية و ما شابه‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ُ‬ ‫نعم كما قال األستاذ حممود مشام عن كثرة تلفزيونية لوحظت مؤخرا ‪ :‬النخبة الليبية‬ ‫خنب���ة خائن���ة‪ .‬نعم ملا أعلنه معاىل الوزير صالح املرغين ‪ -‬الذي ش���ابه مشام يف الطلوع ‪ -‬أن‬ ‫املراهن���ة على حصان احلكومة رهان خاس���ر ‪ ،‬ومن ذا نعم ملا أعلنه األس���تاذ حممود جربيل‬ ‫الره���ان الفائز هو الرهان على حصان الش���ارع ‪ ،‬وأيضا نعم ملن طل���ع علينا من ثنيات الوداع‬ ‫الس���يد الرئيس نوري بوس���همني ليوكد أن املؤمتر الوطين العام هو احلمار القصري ‪ ،‬ونعم‬ ‫لإلخوان���ي ال���ذي خلص عجزهم بأنه���م ال جيابهون حزبا ب���ل فردا مف���ردا ‪ ،‬وإال كانوا يف‬ ‫ادارته���م للدولة منذ س���نني ثالث���ة قد افلحوا ‪ ،‬نعم حلزب الصامتني من توس���دوا عروش���ا‬ ‫خاوية‪.‬‬ ‫نعم للكثري الكثري مما قيل ونعم أكثر للقليل القليل مما مل يُقل وهو األخطر‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫الس���يد رئيس احلكوم���ة املؤقتة املوقر ‪،‬حنن حباج���ة هيئة عامة للوج���دان الوطين بعد أن‬ ‫فش���لنا يف احلوار الوطين ‪ ،‬كما حباجة اىل هيئة للغات الوطنية تصوغ لغة واحدة لش���عب‬ ‫كبلت���ه العجمة وحاد عن الس���بيل ‪ ،‬أما لغة الرصاص ال�ت�ي تلعلع يف أفئدتنا فاهلل هلا ‪،‬واهلل‬ ‫وحده سيكفنا فعلها ‪ ،‬وما ذاك عليه بعصيب‪.‬‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫كلمة سعادة السفرية األمريكية ديبورا كي‪ .‬جونز‬

‫مبناسبة االحتفال بالذكرى الثالثة لثورة ‪ 17‬فرباير‬ ‫نيابة عن الشعب األمريكي‪ ،‬أو ّد أن أضم‬ ‫صوتي إىل صوت وزير اخلارجية ‪ /‬جون‬ ‫ك�ي�ري يف تهنئ���ة الليبي�ي�ن بالذك���رى‬ ‫الثالث���ة لث���ورة ‪ 17‬فرباي���ر ‪.‬وبينما أجول‬ ‫بنظ���ري يف ه���ذه الس���احة الرائع���ة‪ ،‬اليت‬ ‫تزخ���ر بآث���ار كث�ي�رة م���ن تاري���خ ليبي���ا‬ ‫ وعالم���ات حاضره���ا يف ه���ذه املرحل���ة‬‫االنتقالي���ة‪ -‬أتذك���ر ّ‬ ‫أن لدين���ا تارخي���ا‬ ‫مش�ت�ركا طوي�ل�ا؛ فتفاعالتن���ا تعود إىل‬ ‫أواخر القرن الثامن عش���ر عندما أرسلت‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية كبلد ثوري‬ ‫وحديث عهد باالس���تقالل ُس���فنا جتارية‬ ‫هل���ذه الش���واطئ‪ .‬ويف الواقع ‪ّ ،‬‬ ‫ف���إن أمساء‬ ‫أماكن ليبي���ة مثل "طرابل���س" موجودة‬ ‫بشكل بارز يف تارخينا الوطين‪.‬‬ ‫لق���د وقع���ت الكث�ي�ر م���ن األح���داث من���ذ‬ ‫ذل���ك الوق���ت‪ ،‬ومن���ذ ‪ 17‬فرباي���ر ‪.2011‬‬ ‫ولي���س آخ���را‪ ،‬فق���د اخت���ذ أبن���اء وبن���ات‬ ‫ليبي���ا اخلط���وات األوىل يف مش���وار طويل‬ ‫عل���ى طري���ق صع���ب – طري���ق االنتقال‬ ‫م���ن الدكتاتوري���ة إىل الدميقراطي���ة‬ ‫‪.‬والتحدي���ات كب�ي�رة‪ .‬والدميقراطي���ة‬ ‫تتطّلب املثابرة والصرب‪ .‬وكثريا ما يكون‬ ‫التق���دم بطيئا ‪ -‬وكما ه���و احلال مع أي‬ ‫هام���ة‪ -‬هن���اك انتكاس���ات‪ ،‬ولكن‬ ‫جترب���ة ّ‬ ‫ه���ذه اخلط���وات اإلضافي���ة س���وف تضع‬ ‫أساس���ا قويا ملؤسس���ات حكم قوي���ة ولكن‬ ‫مرن���ة‪ ،‬تدعمه���ا ثقاف���ة تع���اون وتواف���ق‬ ‫وكذل���ك ‪ -‬أيض���ا – معارض���ة صح ّي���ة‬ ‫تظ���ل موالية ملبادئكم األساس���ية‪.‬ويُدرك‬ ‫الليبيون ذلك بش���كل غريزي‪ .‬ففي بداية‬ ‫الث���ورة‪ ،‬تناديت���م بش���كل بطول���ي لرفض‬ ‫س���لطة تعس���فية دام���ت ألكث���ر من ‪42‬‬ ‫عام���ا‪ ،‬وفاج���أمت العديد يف مجي���ع أحناء‬ ‫العامل الذين ركنوا ّ‬ ‫ووطنوا أنفسهم على‬ ‫الوضع الراهن‪.‬‬ ‫والالفت للنظر ح ّقا ه���و أّنكم مل تتوقفوا‬ ‫عند هذا احلد ‪،‬فقد ش��� ّكلتم مؤمترا عقب‬ ‫انتخابات ح��� ّرة ونزيهة‪ ،‬وع ّينتم حكومة‪.‬‬ ‫وق���د ب���دأ الليبي���ون يف اخل���ارج بالفع���ل‬ ‫يف التصوي���ت النتخ���اب جلن���ة صياغ���ة‬ ‫الدس���تور اليت من ش���أنها أن تس���اعد‪ ،‬من‬ ‫خ�ل�ال وثيق���ة مكتوب���ة تعك���س احل���وار‬ ‫الوط�ن�ي‪ ،‬عل���ى حتدي���د اهلوي���ة الوطنية‬ ‫لليبي���ا واملب���ادئ األساس���ية ال�ت�ي يب���دوا‬ ‫كل الليبيني مس���تعدين لتوحيد الصف‬

‫حوهل���ا‪.‬ويف ه���ذه العملي���ة‪ ،‬وكم���ا ه���و‬ ‫احلال مع أي عملية سياس���ية تسعى إىل‬ ‫حلول دائمة‪ّ ،‬‬ ‫فإن احلوار املفتوح والتوافق‬ ‫س���يكونان أم���ران أساس���يان ‪.‬وس���تواصل‬ ‫الوالي���ات املتح���دة العم���ل م���ع احلكومة‬ ‫واملؤسس���ات املنتخبة دميقراطيا يف ليبيا‬ ‫لدعم ه���ذه اجلهود‪ ،‬والوق���وف إىل جانب‬ ‫الش���عب اللي�ب�ي‪ ،‬يف إط���ار الصداق���ة ومبا‬ ‫يتماش���ى م���ع مب���ادئ احلري���ة والكرامة‬ ‫اإلنس���انية اليت تربطنا معا‪ .‬نأمل أن نرى‬ ‫ليبي���ا دولة مس���تقرة وقوية‪ ،‬ق���ادرة على‬ ‫محاي���ة مواطنيه���ا وحق���وق اإلنس���ان يف‬ ‫ظل س���يادة القان���ون‪ ،‬مع توف�ي�ر الفرص‬ ‫االقتصادي���ة واملس���تقبل الواعد واألفضل‬ ‫ألبنائها وبناتها ‪.‬‬ ‫ليبيا الناشئة هي أمانة بني أيديكم‪ ،‬ولكن‬ ‫الوالي���ات املتح���دة وش���ركائنا الدوليني‬ ‫يقف���ون إىل جانبكم وأنت���م تنضمون إىل‬ ‫اجملتم���ع الدول���ي‪ ،‬وق���د بدأ ه���ذا التعاون‬ ‫يؤتي مثاره ‪:‬‬ ‫ من خالل العمل معا‪ ،‬ك ّنا قادرين على‬‫ختلي���ص ليبي���ا واملنطقة والعامل بأس���ره‬ ‫م���ن خطر خم���زون النظ���ام الس���ابق من‬ ‫األسلحة الكيماوية القاتلة‪.‬‬ ‫ وجنب���ا إىل جن���ب م���ع اململك���ة املتحدة‬‫وإيطالي���ا وتركي���ا‪ ،‬حن���ن نس���اعد ليبيا‬ ‫عل���ى بن���اء ق���وة لألغ���راض العام���ة‪ .‬وقد‬ ‫تعهّدت الواليات املتحدة بتدريب ما يصل‬ ‫إىل ‪ 8,000‬م���ن اجلن���ود الليبي�ي�ن الذين‬ ‫ّ‬ ‫مت اختياره���م م���ن خمتلف أحن���اء ليبيا‪،‬‬ ‫وحتويله���م إىل ق���وة ق���ادرة عل���ى محاية‬

‫املؤسسات يف ليبيا واملمتلكات الوطنية‪.‬‬ ‫ يف إط���ار التعاون بني حكوميت البلدين‪،‬‬‫فقد ع ّززنا ش���راكتنا م���ن خالل اتفاقات‬ ‫ثنائية بشأن احلفاظ على الرتاث الثقايف‪،‬‬ ‫والتعليم العالي‪ ،‬وإنفاذ القانون والتعاون‬ ‫األمين‪ ،‬والتجارة واالستثمار‪.‬‬ ‫ وخالل العام املاضي لوحده‪ ،‬بلغت قيمة‬‫حجم التداول ب�ي�ن بلدينا ثالثة مليارات‬ ‫دوالر م���ن البضائ���ع‪ ،‬بزي���ادة نس���بتها‬ ‫أربع���ة أضع���اف تقريب���ا حج���م املبادالت‬ ‫ع���ام ‪ .2011‬وم���ع تنام���ي التج���ارة‪ّ ،‬‬ ‫فإن‬ ‫ع���ددا متزايدا من الش���ركات األمريكية‬ ‫والدولية ب���دأت يف العودة إىل ليبيا للبدء‬ ‫أو الس���تئناف العم���ل ال���ذي تو ّق���ف منذ‬ ‫قيام الثورة‪ ،‬وب���دأت يف خلق آالف فرص‬ ‫العمل وضخ اس���تثمارات أجنبية مباشرة‬ ‫يف االقتصاد ‪.‬‬ ‫ ازداد ع���دد الطلب���ة الليبي�ي�ن الذي���ن‬‫التحق���وا باجلامع���ات األمريكية بنس���بة‬ ‫تزي���د ع���ن ‪ ٪ 800‬من���ذ ع���ام ‪ ،2007‬إىل‬ ‫أكثر م���ن ‪ ،1300‬وحنن نأم���ل أن نرى‬ ‫ه���ذا العدد يزداد بش���كل كبري على مدى‬ ‫السنوات القادمة‪ .‬وحنن نتطلع إىل إعادة‬ ‫فتح قس���منا القنصلي يف غضون األش���هر‬ ‫مما س���يم ّكن الليبيني من‬ ‫القليلة املقبلة‪ّ ،‬‬ ‫التقدي���م للحصول على تأش�ي�رات دخول‬ ‫للوالي���ات املتح���دة للزي���ارة والدراس���ة‬ ‫والعم���ل أو القي���ام بأعم���ال جتارية‪ ،‬وهو‬ ‫ما سيزيد من توطيد أواصر التفاهم بني‬ ‫شعبينا وحكومتينا‪.‬‬ ‫مقصرة لو مل أنوّه هنا بنجاح‬ ‫وس���أكون ّ‬ ‫ليبيا الثورة يف جم���ال ُ‬ ‫كرة القدم‪ .‬ومن‬ ‫خالل جول���ة يف املقاه���ي يف مجيع أحناء‬ ‫طرابل���س‪ ،‬انضمم���ت إىل الليبي�ي�ن يف‬ ‫يوحد‬ ‫مش���اهدة منتخبه���م احملبوب وه���و ّ‬ ‫صفوف���ه للتغل���ب عل���ى مجي���ع الصعاب‬ ‫ويصن���ع انتص���اره للف���وز بال���كأس‪ .‬لق���د‬ ‫ّ‬ ‫ذكرت�ن�ي رؤية احلش���ود الضخمة وهي‬ ‫حتتف���ي بع���ودة فريقها‪ ،‬وتل���وّح باألعالم‬ ‫و ُتطل���ق اهلتاف���ات‪ ،‬بالفخر واإلحس���اس‬ ‫يوح���د مجي���ع‬ ‫األس���ري الق���وي ال���ذي ّ‬ ‫الليبيني‪ .‬وهذا الش���عور باهلدف املش�ت�رك‬ ‫س���يكون مفت���اح جناحك���م يف املس���تقبل‪.‬‬ ‫وعل���ى م���دى األش���هر والس���نوات املقبلة‪،‬‬ ‫س���تكون هنال���ك العدي���د م���ن التحديات‬ ‫والقرارات بانتظاركم‪ :‬وسوف حتدّدون‬ ‫املالم���ح السياس���ية لدولتك���م‪ ،‬ومضمون‬ ‫دستوركم‪ ،‬وش���كل حكومتكم ومتثيلكم‬ ‫التشريعي‪ ،‬أي خلق "طابعكم" اللييب‪ .‬لقد‬ ‫أوضحت���م بالفع���ل رفضك���م للمحاوالت‬ ‫غ�ي�ر الش���رعية لعرقل���ة مس�ي�رتكم‬ ‫الدميقراطية‪.‬‬ ‫يتم ّنى أصدقاؤكم األمريكيني الثوريني‬ ‫لك���م التوفيق ويقف���ون إىل جنبكم لدعم‬ ‫جهودكم املتواصل���ة لبناء ليبيا اجلديدة‬ ‫بنفس الشجاعة واجلهد الدؤوب والصرب‬ ‫واألم���ل الدائم ال���ذي م ّك���ن فريقكم من‬ ‫الفوز يف جنوب أفريقيا‪.‬‬ ‫ليبي���ا ‪ ...‬نعم‪ ...‬أنتم ق���ادرون على حتقيق‬ ‫اإلجنازات!‬ ‫ألف مربوك مرة ثانية ويف أمان اهلل‪.‬‬

‫‪03‬‬

‫بيان جلنة إعداد‬ ‫مقرتح بتعديل‬ ‫اإلعالن الدستوري‬ ‫ومقرتح قانون‬ ‫انتخابات عامة‬ ‫شكلت جلنة إلعداد مقرتح بتعديل اإلعالن الدستوري‬ ‫و مق�ت�رح قان���ون انتخاب���ات عام���ة اس���تنادا للتعدي���ل‬ ‫الس���ادس لإلع�ل�ان الدس���توري الص���ادر يف ‪ 3‬فرباي���ر‬ ‫‪ ،2014‬ويف فرتة دقيقة وصعبة‪ ،‬وأزمة دستورية قد‬ ‫تعيق املسار الدميقراطي الوليد فيها‪.‬‬ ‫وحيث إن مصدر إنش���اء هذه اللجنة دستوري‪ ،‬وعملها‬ ‫ف�ن�ي استش���اري‪ ،‬يتعل���ق بوض���ع مق�ت�رح بالتعديالت‬ ‫الالزمة يف اإلعالن الدس���توري‪ ،‬وإعداد مشروع قانون‬

‫انتخاب���ات وفق���ا لق���رار تش���كيلها‪ ،‬مبا يكفل إس���تمرار‬ ‫املس���ار الدميقراط���ي يف وض���ع يتس���م باخلصوصي���ة‬ ‫وعدم االس���تقرار وانتش���ار الس�ل�اح واس���تخدامه‪ ،‬فإن‬ ‫اللجنة‪ ،‬اس���تنادا لإلعالن الدس���توري وقرار تشكيلها‪،‬‬ ‫تعلن عن املبادئ الناظمة لعملها على النحو التالي‪:‬‬ ‫‪.1‬االستقاللية الكاملة يف أداء مهامها‪.‬‬ ‫‪.2‬جمانية عمل أعضائها‪.‬‬ ‫‪.3‬إعتم���اد سياس���ة الب���اب املفت���وح‪ ،‬واس���تقبال أي‬ ‫مقرتحات مبا يكفل املش���اركة والشفافية‪ ،‬وال يعيقها‬ ‫عن أداء مهامها‪.‬‬ ‫‪.4‬وضع نظام داخلي لعملها وتوثيق أعماهلا‪.‬‬ ‫‪.5‬نش���ر نتيجة أعماهلا يف جلس���ة علنية‪ ،‬ويف وسائل‬ ‫اإلعالم وغريها من وسائل اإلتصال اجملتمعي‪.‬‬ ‫وإن اللجنة؛ إذ تؤكد التزامها أمام اهلل و أمام الش���عب‬ ‫اللييب به���ذه املبادئ‪ ،‬فإنها تهيب ب���كل اجلهات والقوى‬ ‫الوطني���ة ومؤسس���ات اجملتمع املدن���ي أن تتعاون معها‬ ‫و تق���دم هل���ا كل م���ا يف وس���عها م���ن مس���اعدة‪ ،‬ألداء‬ ‫عمله���ا خالل املدة احملددة‪ ،‬مبا يكفل اس���تمرار املس���ار‬ ‫الدميقراط���ي ال���ذي ضح���ى ألجل���ه ابناؤن���ا بدمائهم‬ ‫الزكي���ة‪ ،‬لينعم أبن���اء هذا الوطن باحلري���ة والكرامة‬ ‫و املس���اواة واملش���اركة يف بن���اء ليبي���ا الدميقراطي���ة‬ ‫املزدهرة‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪2014 .2 .16‬‬


‫‪04‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫ليبيا‪ ..‬حتى ال تفشل الدولة‬ ‫عمر بن حليم ‪ +‬جيلرب ضومط‬ ‫مت ّر ليبي��ا يف الوقت الراه��ن مبرحل ٍة حرجة‬ ‫ج��داً تتطلب م��ن اجملتمع الدول��ي الدعم من‬ ‫نظام قمعي دام ‪42‬‬ ‫أجل إجناح ثورتها ض��د ٍ‬ ‫س��نة‪ ،‬وأن يتح ّم��ل مس��ؤولياته ويدعم بناء‬ ‫الدولة الليبية بدءاً من التوافق على الدستور‬ ‫اللي�بي ليكون عقداً إجتماعيا ُيش��رك مجيع‬ ‫فئ��ات اجملتم��ع‪ .‬فالوق��ت مل يع��د يف ص��احل‬ ‫الليبي�ين ال بل أصبح يش��كل خطراً على وحدة‬ ‫الب�لاد حي��ث يواج��ه الليبيون حتدي��ات عدة‬ ‫�ام سياس��ي ش��رعي‬ ‫تس��تدعي تش��كيل نظ� ٍ‬ ‫ملعاجلتها‪.‬‬ ‫يعي��ش الليبي��ون إح��دى أه��م مراح��ل تكوين‬ ‫الدولة الليبية والنظام الدميقراطي الذي ال‬ ‫طاملا سعوا إىل حتقيقه‪ .‬وتتألف هذه املرحلة‬ ‫من ّ‬ ‫نظام‬ ‫حمطات أساسية تبدأ بالتوافق على ٍ‬ ‫إنتخابي وتش��كيل جلنة لصياغة الدس��تور‪،‬‬ ‫مروراً بتطوي��ر العقد اإلجتماع��ي وصياغته‬ ‫يف ن��ص قانوني يتوافق عليه مجيع الليبيني‪،‬‬ ‫ووص��و ًال إىل بن��اء املؤسس��ات الدميقراطي��ة‬ ‫اليت تكون مس��ؤولة ع��ن إدارة الب�لاد وأمنها‬ ‫ومواردها‪.‬‬

‫ويف الواق���ع‪ ،‬مت��� ّر ليبيا يف ف�ت�ر ٍة صعبة حيث‬ ‫تتزاي���د األح���داث األمنية ب�ي�ن الكتائب ومع‬ ‫اجلي���ش الوطين وتتنق���ل عملي���ات اإلغتيال‬ ‫بني مناط���ق متعددة‪ .‬كما يتزايد الكالم عن‬ ‫الفس���اد وس���رقة األموال العامة خاصة أن ال‬ ‫مؤسسات وآليات للمحاسبة‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن تنامي‬ ‫فق���دان اجملتم���ع املدن���ي لقناعت���ه بإمكاني���ة‬ ‫العبور حنو الدولة خاصة أنه جمتمع حديث‬ ‫العه���د وال يتمت���ع بق���درات عالي���ة م���ن أجل‬ ‫الكم من التحديات‪.‬‬ ‫مواجهة هذا ّ‬ ‫ويفتق���د اجملل���س الوط�ن�ي الع���ام إىل ثق���ة‬ ‫املواطنني وقد فقد ش���رعيته بالنسبة للعديد‬ ‫منه���م بس���بب ضع���ف أدائ���ه وع���دم احرتامه‬ ‫للمهل ال�ت�ي حدّدها ل���ه اإلعالن الدس���توري‬ ‫يف أغس���طس ‪ ،2012‬باإلضاف���ة إىل أن���ه ال‬

‫دور أساس���ي له يف عملية إعداد الدس���تور إ ّ‬ ‫ال‬ ‫يف م���ا يتعّلق بوضع قان���ون إنتخابات للهيئة‬ ‫بنغازي ‪ -‬بيسا كاني ميدان الشجرة‬ ‫التأسيس���ية أو م���ا يُس���مى "بلجنة الس���تني"‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫إتف���اق خج���ول حص���ل عل���ى قان���ون‬ ‫ومث���ة‬ ‫اإلنتخاب���ات اخل���اص بهذه اللجنة‪ ،‬ويش���وبه‬ ‫العديد من اإلش���كاالت ويُواج���ه بالعديد من‬ ‫اإلعرتاض���ات إن جلهة آلية التمثيل أو جلهة‬ ‫ضمان وص���ول الكفاءات القادرة على صياغة‬ ‫الدستور‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬حيتم كل ما س���بق حتركاً مباش���راً‬ ‫م���ن قب���ل اجملتم���ع الدول���ي للحث عل���ى بدء‬ ‫مس���ار بن���اء الدول���ة الليبي���ة إنطالق���ا م���ن‬ ‫دس���تور يعكس تطلعات املواطنني‪ .‬وقد ناش���د‬ ‫ٍ‬ ‫جمموع���ة من النش���طاء‪ ،‬من خ�ل�ال "مبادرة‬ ‫اخل�ل�اص"‪ ،‬السياس���يني يف الب�ل�اد درء خطر‬ ‫الفراغ يف السلطة الذي ميكن أن حيصل عند‬ ‫انتهاء والية املؤمتر الوطين العام يف ‪ 7‬فرباير‬ ‫‪ 2014‬م���ن خ�ل�ال حتدي���د مس���ارا جدي���دا‬ ‫ومواعيد زمني���ة جديدة للمرحلة اإلنتقالية‬ ‫والوصول إىل تطوير الدستور اجلديد‪.‬‬ ‫فل���دى الليبب�ي�ن آمال كث�ي�رة يعّلقونها على‬ ‫جلن���ة صياغة الدس���تور‪ .‬وقد قام���ت مبادرة بالنس���بة لألولوي���ات الوطني���ة أن يتضم���ن مس���ار صياغ���ة الدس���تور ع�ب�ر برام���ج تعزز‬ ‫"ن�ب�ي ف دس���توري" (ال�ت�ي أطلقه���ا اجملتم���ع الدس���تور‪ :‬أو ً‬ ‫ال‪ -‬نظ���ام حك���م يضم���ن معرفة الليبيني بالقضاي���ا املتعلقة باملواطنة‬ ‫املدن���ي اللي�ب�ي بتنس���يق م���ن منت���دى ليبي���ا الدميقراطي���ة وع���دم ع���ودة الديكتاتوري���ة‪ ،‬والدميقراطي���ة واملصطلح���ات السياس���ية‬ ‫مبش���اركة واعي���ة مبنية‬ ‫ويضم���ن حقوق املواطنني األساس���ية ويؤمن به���دف النه���وض‬ ‫ٍ‬ ‫هل���م اخلدم���ات العام���ة ويضم���ن توزي���ع على املعرفة مما جيعل من صياغة الدس���تور‬ ‫ع���ادل للث���روة وتنمية متوازنة ب�ي�ن املناطق‪ .‬فرصة للتعلم الوطين‪.‬‬ ‫ثاني���اً‪ ،‬محاي���ة احلري���ات السياس���ية وحرية ثالثاً ‪ -‬مثة إمجا ٌع كبري على عد ٍد ال بأس به‬ ‫التعب�ي�ر والتجم���ع واحلري���ات الضامن���ة من القضايا اليت جيب أن يتضمنها الدستور‪.‬‬ ‫للنش���اط اإلقتص���ادي واحلري���ات الضامن���ة أم���ا املواد اخلالفية فهي حم���ددة ويف العديد‬ ‫للتن���وع الثقايف مب���ا يف ذلك اس���تخدام اللغة م���ن األحي���ان تتعل���ق مبخ���اوف تراكم���ت‬ ‫األمازيغي���ة وغريه���ا م���ن اللغ���ات احمللي���ة‪ ،‬نتيج���ة النظام الس���ابق أو بس���بب توقعات مل‬ ‫باإلضافة إىل ضمان الدس���تور حلقوق املرأة تتحقق بع���د انتهاء الثورة‪ .‬وم���ن هنا‪ ،‬أهمية‬ ‫تضاف���ر جه���ود كافة األط���راف السياس���ية‬ ‫وذوي اإلحتياجات اخلاصة‪.‬‬ ‫بدعم دول���ي من أجل اس���تكمال احلوار حول‬ ‫أم���ا بالنس���ة لألولويات على صعي���د املناطق‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫فه���ي‪ :‬أو ً‬ ‫ال ‪ -‬يف املنطقة اجلنوبية‪ ،‬أن يش���مل هذه امل���واد ومنع اللج���وء إىل العنف من أجل‬ ‫ّ‬ ‫توافق يعزز ثقة املواطنني يف‬ ‫الدس���تور آلي���ات إلدارة اهلج���رة وإعط���اء حلها بغية بن���اء ٍ‬ ‫اجلنس���ية مب���ا يع���زز تثبي���ت اهلوي���ة الليبية اخليارات الدستورية‪.‬‬ ‫ويُس��� ّوي الوض���ع القانوني للس���كان ويضبط إن التوصي���ات املقرتحة عقب احل���وارات بني‬ ‫ال ع���ن إعطاء احلق كافة أطي���اف اجملتمع اللي�ب�ي‪ ،‬ويف حال ّ‬ ‫األم���ن على احلدود‪ ،‬فض ً‬ ‫مت‬ ‫للم���رأة املتزوج���ة م���ن غ�ي�ر لي�ب�ي يف إعطاء تبنيه���ا خ�ل�ال صياغ���ة الدس���تور‪ ،‬ال ب���د من‬ ‫اجلنس���ية إىل أوالده���ا‪ .‬ثاني���اً ‪ -‬يف املنطق���ة أن ترتق���ي بدميقراطية العملية السياس���ية‬ ‫الدميقراطي���ة‬ ‫وبدع���م م���ن صن���دوق األمم الش���رقية‪ ،‬أن يتضمن الدس���تور آلي���ة إلدارة وتث ّب���ت ثق���ة املواطن�ي�ن بأهلية السياس���يني‬ ‫ٍ‬ ‫التوقع���ات‬ ‫ه���ذه‬ ‫بتوثي���ق‬ ‫للتنمي���ة)‬ ‫املتح���دة‬ ‫امل���وارد والث���روة تضم���ن اإلمن���اء املت���وازن ورغبته���م يف التج���اوب م���ع تطلعاته���م مم���ا‬ ‫أل���ف‬ ‫م���ن‬ ‫أكث���ر‬ ‫م���ع‬ ‫وط�ن�ي‬ ‫ح���وار‬ ‫خ�ل�ال‬ ‫والتوزيع العادل والشفاف‪ .‬ثالثاً – يف املنطقة يع ّزز فرص اإلس���تقرار واألمن ومش���اركة‬ ‫ٍ‬ ‫ومخسمئة‬ ‫مواطن لييب يف أكثر من مخس الغربية‪ ،‬أن يضمن الدستور العدالة واملساواة اجلميع يف بن���اء الدولة‪ .‬لقد أذه���ل الليبيون‬ ‫ٍ‬ ‫عش���رة منطقة من الشرق والغرب واجلنوب‪ .‬بني اجلميع دون التمييز على أساس اإلنتماء العامل بتصميمهم لتكون "ليبيا ح ّرة" وجذبوا‬ ‫إن العديد من القضايا هي حمط إمجاع لدى السياس���ي أو العش���ائري‪ ،‬وأن يض���ع آلي���ات بإرادته���م الصلب���ة دع���م العامل أمج���ع‪ ،‬فهل‬ ‫الليبي�ي�ن‪ ،‬ولكن بعض املواضي���ع اليت ال تزال حملاس���بة اجملرمني وحتديد مسار املصاحلة ينجح���ون يف ذلك جمدداً لتك���ون لليبيا دولة‬ ‫قوي���ة دميرقراطي���ة حتافظ عل���ى إجنازات‬ ‫حباج���ة إىل اس���تكمال النقاش ال���ذي يُتوقع الوطنية‪.‬‬ ‫أن تقوم جلنة الس���تني بتيس�ي�ره‪ .‬ولقد اعترب أما على صعيد مسار صياغة الدستور‪ ،‬فلدى الثورة؟‪.‬‬ ‫الليبيون القضايا اخلمس األساس���ية التالية املواطن�ي�ن جمموعة من التوقعات من ش���أنها ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫•عمر بن حليم – عضو مؤسس ملنتدى ليبيا‬ ‫عل���ى أنه���ا األه���م‪ ،‬وطالب���وا بها‪ ،‬وه���ي‪ :‬على أن تساهم يف تعزيز اإلستقرار‪:‬‬ ‫الصعي���د الوط�ن�ي ‪ -‬نظام احلك���م واحلريات أو ً‬ ‫ال ‪ -‬ترتت���ب عل���ى هيئ���ة صياغة الدس���تور الدميقراطية ‪ -‬جيل�ب�ر ضومط – مدير عام‬ ‫العام���ة‪ ،‬ويف اجلن���وب ‪ -‬قضاي���ا اهلج���رة مس���ؤولية وض���ع آلي���ات رمسي���ة وش���فافة جمموعة بيوند لإلصالح والتنمية‬ ‫واجلنسية‪ ،‬يف الش���رق ‪ -‬قضايا توزيع املوارد‪ ،‬وف ّعال���ة من أجل إش���راك كاف���ة اجلهات يف •نشر بـ ‪ cnn :‬العربية‬ ‫ويف الغرب ‪ -‬قضايا العدالة والتسامح‪.‬‬ ‫احلوار حول الدس���تور فينبغي أن يتحول إىل‬ ‫أوصى الليبيون جلنة الس���تني لدى تشكيلها عق ٍد إجتماعي توافقي وتشاركي‪.‬‬ ‫تضمني الدستور خالصة حواراتهم وهي‪:‬‬ ‫ثانياً – يرتتب عل���ى اجملتمع الدولي مرافقة‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫املوازنة وتأثريها على اإلقتصاد اللييب‬ ‫عمرو فتح اهلل فركاش‬ ‫اتابع بكل ش���غف املقاالت التى تنش���ر‬ ‫على موقع ليبيا املس���تقبل‪ ،‬وجل هذه‬ ‫املقاالت يتن���اول االوضاع السياس���ية‬ ‫الليبي���ة‪ ،‬ومل أرى إىل اآلن أى مق���ال‬ ‫يتن���اول اإلوض���اع االقتصادي���ة ف���ى‬ ‫ليبيا‪ ...‬ندرة تن���اول امللف اإلقتصادى‬ ‫إعالمياً مؤشر سلبى‪ ،‬ملا بني االقتصاد‬ ‫والسياس���ة م���ن تداخ���ل‪ .‬الوض���ع‬ ‫اإلقتص���ادى اللييب ليس على مايرام‪،‬‬ ‫ولألس���ف الكثري من���ا إىل اآلن يعتقد‬ ‫أن ليبي���ا دولة غني���ة ومن ثم ال داعى‬ ‫للقلق على امللف االقتصادى‪.‬‬ ‫نش���ر عل���ى بوابة الوس���ط من���ذ أيام‪،‬‬ ‫أن املؤمت���ر يناق���ش امليزانية اجلديدة‬ ‫لس���نة ‪ ،2014‬وعندم���ا إطلعت على‬ ‫امليزاني���ة املقرتح���ة‪ ،‬وج���دت نفس���ى‬ ‫ف���ى حالة قل���ق م���ن مس���تقبل طبقاً‬ ‫لتوقعات مؤسسات مالية عاملية ليس‬ ‫مبش���ر خب�ي�ر‪ ...‬العام املاض���ى التقيت‬ ‫مبسئول رفيع املستوى يعمل فى أحد‬ ‫أكرب املؤسسات املالية الدولية‪ ،‬ومن‬ ‫خ�ل�ال لقائى ب���ه خرج���ت بأننا جيب‬ ‫علينا التح���رك اآلن إلنقاذ االقتصاد‬ ‫اللييب‪.‬‬ ‫ميزاني���ة الدول���ة الليبية تنقس���م اىل‬ ‫االتى‪:‬‬ ‫* الباب األول‪ :‬املرتبات وما فى حكمها‬ ‫* الباب الثانى‪ :‬املوازنة التسيريية وما‬ ‫فى حكمها‬ ‫* الباب الثالث‪ :‬التنمية (التحول)‬ ‫* الباب الرابع‪ :‬الدعم‬ ‫* الباب اخلامس‪ :‬إحتياطى املوازنة‬ ‫الب���اب األول كان ف���ى س���نة ‪2010‬‬ ‫يقدر حبواىل ‪ 9.19‬مليار دينار‪ ،‬وفى‬ ‫املوازن���ة املطروح���ة اآلن على املؤمتر‬ ‫يق���در ب���ـ‪ 27‬ملي���ار دينار‪ ،‬أى بنس���بة‬ ‫زي���ادة ‪ %194‬وذلك ف���ى خالل أربع‬ ‫س���نوات فق���ط‪ ،‬أى مبتوس���ط زي���ادة‬

‫س���نوية ‪ .%49‬الس���ؤال هنا‪ ،‬هل هذه‬ ‫الزيادة أس���همت فى حتس�ي�ن الوضع‬ ‫للمواط���ن اللي�ب�ي؟ أكاد أجزم اذا مت‬ ‫مسح‪/‬اس���تبيان عل���ى الش���ارع اللييب‬ ‫اآلن لنجد أن اجلميع ال يش���عر بثمة‬ ‫حتسن‪.‬‬ ‫اذا نظرن���ا إىل جمم���وع الب���اب‬ ‫األول (املرتب���ات) والثان���ى (املوازن���ة‬ ‫التس���يريية) و الراب���ع (الدع���م)‬ ‫ف���ى املوازن���ة املقرتح���ة‪ ،‬س���نجد أن‬ ‫جمموعه���م ميث���ل نس���بة ‪ %75‬من‬ ‫إمج���اىل املوازن���ة‪ .‬ب���اب التنمية ميثل‬ ‫‪ %20‬من إمجاىل امليزانية‪ ،‬وهو فى‬ ‫تناق���ص مضطرد منذ ع���ام ‪....2010‬‬ ‫الس���بب فى ذكر هذه النسب املئوية‪،‬‬ ‫ه���و االش���ارة إىل أن ب���اب التنمي���ة‪،‬‬ ‫والتى هى عماد االقتصاد‪ ،‬فى تناقص‬ ‫دائم‪ ،‬واالبواب التى ال تدعم االقتصاد‬ ‫فى تزايد مستمر‪.‬‬ ‫م���ا ه���و احل���ل إذا؟ احل���ل ه���و تنوي���ع‬ ‫االقتص���اد اللي�ب�ي الذى طامل���ا إعتمد‬ ‫عل���ى النف���ط‪ ،‬وفكرة التنوي���ع مهمة‬ ‫الن م���ن ش���أنها أن ت���در عل���ى ليبي���ا‬ ‫دخ���ل أكرب‪ ،‬واملس���اهمة ف���ى خفض‬ ‫الكادر احلكومى تدرجيياً‪ ،‬الذى يكبد‬ ‫املوازن���ة مبالغ طائلة (طبقاً للموازنة‬ ‫املطروحة ‪ 27‬مليار دينار)‪.‬‬ ‫وزارة االقتص���اد حالي���اً تعم���ل عل���ى‬ ‫خف���ض ب���اب الدع���م‪ ،‬ومن���ه فك���رة‬ ‫الدع���م النق���دى املباش���ر‪ ،‬وتضع ذلك‬ ‫عل���ى رأس أولوياته���ا‪ .‬أختلف كثرياً‬ ‫م���ع وزارة اإلقتصاد فى ه���ذا الطرح‪،‬‬ ‫نظ���راً لصعوب���ة رف���ع الدع���م م���ن‬ ‫الناحية الفنية وايض���اً إذا حدث خلل‬ ‫ف���ى تطبيقه ف���إن من ش���أنه أن يؤثر‬ ‫بالس���لب عل���ى العدال���ة اإلجتماعية‪.‬‬ ‫ملف الدعم‪ ،‬ملف شائك‪ ،‬وحيتاج إىل‬

‫حلول جبدول زمن���ى متدرج حتى ال‬ ‫حيدث خلل فى تطبيقه‪.‬‬ ‫البدي���ل ال���ذى أراه أنف���ع لإلقتص���اد‬ ‫اللي�ب�ي اآلن ه���و العم���ل عل���ى وض���ع‬ ‫خطة لتنوي���ع اإلقتصاد والتحول من‬ ‫إقتصاد الدول���ة إىل اقتصاد الس���وق‪.‬‬ ‫هذا من ش���أنه أن خيف���ض من قيمة‬ ‫الباب األول (املرتب���ات)‪ ،‬وهذا بالطبع‬ ‫ل���ن حي���دث إال اذا مت ضخ أم���وال فى‬ ‫الب���اب الثال���ث (التنمية‪/‬التح���ول)‪.‬‬ ‫الب���اب الثال���ث (التنمية‪/‬التحول) هو‬ ‫األه���م على اإلطالق م���ن كل أبواب‬ ‫املوازنة‪ ،‬ولألسف فهو فى تناقص منذ‬ ‫عام ‪ ...2010‬أيض���اً‪ ،‬جيب على جلنة‬ ‫املوازن���ة وجمل���س ال���وزراء احملاول���ة‬ ‫لرتش���يد نفقات الباب الثانى (املوازنة‬ ‫التس���يريية)‪ ،‬ألنه من���ذ التحرير إىل‬ ‫س���نة ‪ ،2014‬مت زي���ادة ه���ذا الب���اب‬ ‫بنسبة مئوية تقدر بـ‪.%250‬‬ ‫نظ���راً لوض���ع امليزاني���ة الصع���ب‪،‬‬ ‫والتحدي���ات التى يواجهه���ا اإلقتصاد‬ ‫اللي�ب�ي‪ ،‬أرى أنه جي���ب أن يتم تعيني‬ ‫فري���ق إقتص���ادى حم�ت�رف يتب���ع‬ ‫جملل���س ال���وزراء‪ ،‬ويكون مبن���اءى عن‬ ‫الضغط السياسى اليومى‪ ،‬وذلك حتى‬ ‫خيطط وينفذ اسرتاتيجيات واضحة‬ ‫بهدف تنويع اإلقتصاد اللييب والعمل‬ ‫على حتري���ك دفة اإلقتص���اد اللييب‪،‬‬ ‫ودعم التنمية اإلقتصادية املنشودة‪.‬‬ ‫أخ�ي�راً‪ ،‬جي���ب علينا مجيع���اً أن ندعم‬ ‫التنمية املس���تدامة لإلقتصاد اللييب‪،‬‬ ‫ألن دون ذلك س���نقبل على إفالس ال‬ ‫حمالة‪ .‬الوض���ع صعب بكل املقاييس‪،‬‬ ‫ولك���ن إذا أردنا تغي�ي�ره اآلن فاحللول‬ ‫موجودة والزال لدينا وقت لذلك‪.....‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫•موقع ‪ :‬ليبيا املستقبل‬

‫‪05‬‬

‫بعثة األمم املتحدة‬ ‫ضد التهديد يف ليبيا‬ ‫أكدت بعث���ة األمم املتحدة‪ ،‬جم���ددًا‪ ،‬موقفها الرافض‬

‫للهج���ة التهديد بالس�ل�اح‪ ،‬أو اللجوء إلي���ه يف العملية‬ ‫السياس���ية‪ ،‬األم���ر ال���ذي يتناف���ى م���ع أبس���ط املب���ادئ‬ ‫الدميقراطية‪ .‬وأدىل رئيس بعثة األمم املتحدة للدعم‬ ‫يف ليبيا‪ ،‬طارق مرتي‪ ،‬يف هذا الش���أن بتصريح إعالمي‬ ‫على موق���ع البعثة الرمسي‪ ،‬أوضح في���ه موقف البعثة‬ ‫األممية من التصعيد العسكري الذي شهدته طرابلس‬ ‫"تثم���ن البعثة قرار‬ ‫أمس الثالث���اء‪ .‬وجاء يف التصريح‪ِّ :‬‬ ‫املؤمت���ر الوطين الع���ام الدعوة إىل انتخاب���ات مبكرة يف‬ ‫أس���رع وقت ممكن مبا مينع حدوث أي فراغ دس���توري‪.‬‬ ‫وتش���يد البعثة باجلهود الكبرية املبذول���ة داخل املؤمتر‬ ‫الوطين الع���ام وخارجه لالتفاق عل���ى تفاصيل وآليات‬ ‫إجراء االنتخابات املقبل���ة‪ ،‬وتدعو اجلميع لبذل أقصى‬ ‫اجله���ود للتفاع���ل اإلجيابي مع هذه املس���اعي‪ ،‬وتغليب‬ ‫ً‬ ‫حفاظ���ا عل���ى املس���ار الدميقراط���ي‬ ‫مصلح���ة ليبي���ا‬ ‫والعملي���ة السياس���ية اليت متر بظ���روف دقيقة‪ .‬ولفت‬ ‫إىل أن البعثة تتواصل مع مجيع األطراف للمس���اهمة‬ ‫يف اجله���ود الرامي���ة إىل التوص���ل إىل اتف���اق يضم���ن‬ ‫اس���تمرار املس���ار الدميقراطي‪ ،‬وجينب البالد االنزالق‬ ‫إىل الفوض���ى والعنف‪ .‬وهي ت���درك أهمية التقدم على‬ ‫تسرع‪ .‬وستستمر يف بذل‬ ‫املسار السياسي دون تباطؤ أو ُّ‬ ‫جهودها كلما ُطلب منها ذلك‪ ،‬وهي ال تق ّيد نفسها وال‬ ‫تق ّي���د أحدًا مبواعي���د أو ُمهَل غري واقعية‪ .‬وس���تبقى يف‬ ‫الظروف كلها ملتزم���ة مببادئها القائمة على احرتام‬ ‫مطلق لس���يادة ليبيا ومؤسس���اتها الش���رعية ووحدتها‬ ‫واس���تقرارها‪.‬وتود البعثة‪ ،‬يف هذه املناسبة‪ ،‬وحنن على‬ ‫أعتاب انتخابات اهليئة التأسيس���ية لصياغة الدس���تور‪،‬‬ ‫أن تهن���ئ الش���عب اللي�ب�ي واملفوضي���ة الوطني���ة العليا‬ ‫لالنتخاب���ات عل���ى هذا اإلجن���از الذي ط���ال انتظارهم‬ ‫ل���ه‪ ،‬وتدعو مجي���ع الليبيني لإلس���هام اإلجيابي يف هذه‬ ‫العملي���ة الدميقراطي���ة وتدعو اجلمي���ع لتوفري البيئة‬ ‫املناسبة هلذا االس���تحقاق املهم الذي يفتح الباب واس ًعا‬ ‫قدما يف وضع اللبنات األساس���ية لدولة ليبيا‬ ‫للمض���ي ً‬ ‫احلديث���ة‪ ،‬دول���ة املؤسس���ات وس���يادة القان���ون واحرتام‬ ‫حقوق اإلنسان"‪.‬‬


‫‪06‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫ميادين تنفرد بهذا احلوار حول خلفيات احلوار الوطين الذي دار يف اخلارج والداخل ‪،‬وأنتج خارطة الطريق اليت‬ ‫مت الرتاجع عنها واليت نشرناها كوثيقة يف العدد املاضى‬

‫عبد اهلادي مشاطة أحد مؤسسي أثال “ احتاد ثوار ليبيا “‬

‫أنا مستقل متاما ‪،‬وما قمت به من دور يف احلوار الوطين خيص شخصي‬ ‫اجلزء األول‬

‫هنا ح���وار مع االس���تاذ عبد اهل���ادي مشاطه‬ ‫اجرين���اه مع���ه باعتب���ار أن���ه أح���د الوس���طاء‬ ‫األه���م فيم���ا عقد م���ن لقاءت حل���وار وطين‬ ‫تأخر كثريا ومل حنص���د منه ما نأمل حتى‬ ‫اآلن ‪،‬رأينا أوال أن نتعرف على ش���خص عبد‬ ‫اهل���ادي مشاط���ة وع���ن املنطلقات الرئيس���ة‬ ‫لدوافع���ه إىل ه���ذا احلوار الوط�ن�ي ما هو من‬ ‫ل���زوم ما يلزم ‪،‬يف هذا اجلزء املنش���ور نتجلى‬ ‫ذلك ‪:‬‬ ‫•الثورة كانت وسيلة وليست غاية‬ ‫عن���دي قناع���ات كاملة ب���أن الثورة ليس���ت‬ ‫ه���ي فقط احلل لتغيري منط حياة الش���عوب‬ ‫وحماول���ة إح���داث التق���دم هل���ا ‪،‬يف الث���ورة‬ ‫الفجائي���ة يف�ت�رض ان اجملتم���ع يتواف���ق‬ ‫باحل���وار يف أي مرحل���ة م���ن املراحل ليصنع‬ ‫خارطة طري���ق أو فلنقل حتى يغري الطريق‬ ‫اليت انتهجها ‪.‬‬ ‫اذا ج���اءت الث���ورة يف ليبي���ا وأس���قطت نظام‬ ‫ديكتات���وري ‪،‬طاغي���ة وبإمكان���ك تس���ميته‬ ‫طاغية القرنني العشرين والواحد والعشرين‬ ‫‪،‬كان ان انته���ت الث���ورة بصراع مس���لح قوي‬ ‫‪،‬والص���راع املس���لح الدم���وي غالب���ا م���ا خيلق‬ ‫حواجز بني أبناء اجملتمع ‪،‬سواء أكان صراع‬ ‫بني مناطق أو قبائل او شخصيات تنقسم يف‬ ‫املشهد ‪،‬تنقسم يف الرؤيا ‪.‬‬ ‫لقد كانت الثورة هي احلل الوحيد ‪،‬وس���كان‬ ‫بنغ���ازي بال���ذات رأوا أن���ه ال خي���ار لديه���م‬ ‫غري االس���تمرار يف الثورة نتيج���ة للتكاليف‬ ‫الكب�ي�رة ج���دا اليت دفعته���ا بنغ���ازي ويف هذا‬ ‫كان���ت هن���اك م���دن أخ���رى ‪،‬إال ان بنغازي‬ ‫باعتباره���ا خليط جمتمعي لييب وأنها متثل‬ ‫اجملتم���ع اللييب ‪،‬وهي الصوت الناطق باس���م‬ ‫ليبيا فق���د كانت مت���ارس الث���ورة وتقودها‬ ‫وان���ه ال حل إال بالثورة‪ .‬وأذكر يف اللحظات‬

‫•يف البدء ‪...‬‬ ‫ذهبنا بعيدا يف كل شيء‪،‬تقاس��م أهل البالد رافعوا راية الوطنية وس�لاح الثورة كعكة فرباير واقتتلوا ‪،‬وجعلوا‬ ‫من كل شيء غنيمة حتى من اللغو ‪،‬أسسنا منظمات ومؤسسات ومجعيات لكل شيء وجعلنا تسميته الوطين‬ ‫كاجليش مثال ‪،‬ومن أوهلا تدعكنا على الس��فارات والبن��وك اخلارجية واملنظمات الدولية ‪،‬كنا دائما بعيدا‬ ‫ع��ن ما اعتربن��اه أرض املعركة ‪ :‬ليبيا‪ .‬اقتتال واقتتال ولغو حول املصاحل��ة الوطنية وقوانني للعدالة ‪،‬فم‬ ‫دون أذنني كان كل منا ‪،‬وبعيدا ذهبنا عن احلوار وان كنا يف حوار فهو حوار الطرشان ‪،‬لذا أردنا أن حنصر‬ ‫املسألة مسألة احلوار الوطين يف هيئة للحوار الوطين وكفي وظيفة لكل من ال وظيفة له‪.‬كان البعض‬ ‫دخ��ل يف ح��وار يف البالد ويف خارجها ‪،‬مسعنا عن لقاءت بني ش��خصيات وحوار وطين لييب يف عمان‬ ‫‪،‬تابعن��ا ما جيرى عن بعد وعايش��نا بع��ض تفاصيله من هنا وهناك ‪،‬وحتصلنا على املس��ودة االوىل‬ ‫مل��ا مت االتفاق عليه يف تلك اللقاءات ‪،‬وكادت الورقة ال�تي خرج بها احلوار ان تكون خارطة طريق‬ ‫ووفاق وإمجاع ‪،‬لكن الساعات األخرية انصرم اجلمع لذا نشرنا تلك الوثيقة املنبثقة عن احلوار يف‬ ‫ش��كلها األول قب��ل ان تعاد صياغتها ‪،‬كنا كم��ا وضحنا يف العدد املاضي قد رأينا أنه��ا صارت من الوثائق‬ ‫الوطنية والتارخيية ‪،‬ونشرها عله يثري غبارا‪.‬‬ ‫األوىل للث���ورة ‪،‬س���اعة لقاءن���ا ام���ام احملكمة‬ ‫ومسعن���ا خ�ب�ر استش���هاد اول متظاه���ر على‬ ‫كوب���ري جليانه أيقنا ان رحي���ل القذايف قد‬ ‫أزف وبدأنا يف نس���ج كفنه كمعطى واقعي‬ ‫‪،‬لك���ن بعض االخوة يف بع���ض مناطق أخرى‬ ‫رأوا األم���ر بصيغة خمتلفة ‪،‬وهم ليس���وا مع‬ ‫القذايف بل هلم مصاحل معه فقط ومل يكونوا‬ ‫ليتع���دوا نس���بة ‪ 2‬اىل ‪، 5%‬وه���ذه املناطق ال‬ ‫أعتق���د انها س���اندت القذايف حب���ا فيه بل ألن‬ ‫التغي�ي�ر يف نظرهم ُمكلف بالنس���بة لليبيني‬ ‫وس���يدفعون له الدماء وسيحصل الكثري مما‬ ‫ليس لنا طاقة عليه‪.‬‬ ‫•املؤمتر الوطين منذ البداية كان أداه سيئا‬ ‫عندما انتهت الثورة وذهب اجمللس االنتقالي‬ ‫اىل طرابل���س ش���عرنا حن���ن كمنظم���ات‬ ‫جمتم���ع مدن���ي أن دورن���ا ب���دأ ينحس���ر يف‬ ‫بنغازي ‪،‬عندها باش���رنا بتقديم النصح ومن‬ ‫ذلك برنامج االنتخابات فنحن كمؤسسات‬ ‫جمتم���ع مدن���ي من أق���ر االنتخاب���ات ودافع‬

‫عنه���ا اىل ي���وم ‪، 7-7‬وج���اء املؤمت���ر الوط�ن�ي‬ ‫كنتاج هلذه االنتخابات احلرة النزيهة لكن‬ ‫اداءه ولألسف منذ البداية كان أداء سيئا‪.‬‬ ‫هذا عل���ى اجلانب االدائي لك���ن على اجلانب‬ ‫اجملتمع���ي كانت االش���كاالت تظه���ر بصور‬ ‫انقس���امية لقد اس���تحضار بعض االخوة من‬ ‫خمتلف االجتاهات الفكرية أدوات صراع إىل‬ ‫اجملتمع اللي�ب�ي مبكرا ‪،‬هذا اجملتمع الذي هو‬ ‫ليس مبجتمع ص���راع باألصل وهو جمتمع‬ ‫ع���ادي وبس���يط ولي���س مركب���ا ‪،‬وبالتال���ي‬ ‫أرهق���ه وأربك���ه اس���تجالب تصنيف���ات م���ن‬ ‫جمتمعات تعاني تباينات ومنها هذا إسالمي‬ ‫وهذا غري إس�ل�امي ‪،‬أخوان ‪،‬سلفي ‪،‬ليرباليني‬ ‫‪،‬ش���يوعي ‪،‬كم هائل من التصنيفات وأدوات‬ ‫اثقل���ت اجملتم���ع اللي�ب�ي وأججت الص���راع ‪،‬‬ ‫وكلها مت اس���تجالبها من املنطقة املدججة‬ ‫بالصراع���ات إىل منطق���ة الصراع فيها ش���به‬ ‫منعدم ‪،‬هكذا بدأ تقسيم الليبيني‪.‬‬ ‫ويف اعتق���ادي أن اجلان���ب االيديولوجي بني‬

‫أبن���اء الوطن الواحد هو جانب يش���ابه الطالء‬ ‫بالنس���بة للمبان���ي ‪،‬أو ه���و الش���كل النهائ���ي‬ ‫للمبن���ى ولي���س ج���زاء م���ن تركيب���ة املبنى‬ ‫الرئيس���ية ‪،‬لذلك ف���إن بناء الوط���ن جيب ان‬ ‫يتج���اوز اجلمي���ع ‪،‬يتج���اوز االيدولوجي���ات‬ ‫‪،‬خاصة أن جمتمعنا مس���لم ‪ % 100‬والقوى‬ ‫الرئيس���ة فيه اليت قد تك���ون لديها اجتاهات‬ ‫أخ���رى يف تفس�ي�ر قضاي���ا الدي���ن وقضاي���ا‬ ‫الش���ريعة ه���ي ق���وى ال متي���ل اىل العن���ف ‪،‬‬ ‫وجتدها يف حلبة التحاور والنقاش ‪.‬‬

‫•تأسيس احتاد ثوار ليبيا‬

‫يف ه���ذه املرحل���ة قمن���ا بتقدي���م جمموع���ة‬ ‫مش���اريع تتضمن مش���اريع اص�ل�اح للقضاء‬ ‫وغريها الكثري ‪،‬حنن من ؟ حنن (أثال ) وهي‬ ‫من اول املؤسسات انشئت يف ليبيا بعد فرباير‬ ‫حتت اسم احتاد ثوار ليبيا ‪.‬‬ ‫أم���ا أنا عب���د اهل���ادي مشاطه ف�ل�ا أنتمي اىل‬ ‫أي مجاع���ة من اجلماعات اإلس�ل�امية أو أي‬ ‫من اجلماع���ات الفكرية األخ���رى أبدا وعلى‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫‪07‬‬

‫اجملتمع اللييب لكي نأخذه إىل املمارسة السياسية حنتاج اىل نوع من أنواع التدرج كما نتدرج مع الطفل‬ ‫االطالق ‪ ،‬وال أنتمي ألي حزب سياسي حتى‬ ‫االن ‪ ،‬أن���ا مس���تقل متام���ا ‪،‬وأعطي���ت صوتي‬ ‫ألح���د األحزاب السياس���ية وندمت االن على‬ ‫ذل���ك الصوت الذي منحته له ألن اداءه كان‬ ‫باهتا جدا ومتخلفا ‪.‬‬ ‫على أي حال مؤسس���تنا أسست يوم ‪– 18-3‬‬ ‫‪ 2011‬قبل جميء الرت���ل اىل بنغازي بيوم‬ ‫‪،‬وحقيقة ش���ارك بعض االخ���وة من االخوان‬ ‫يف االع���داد هلذه املؤسس���ة ‪ ،‬ويف أول جلس���ة‬ ‫جلس���ت فيه���ا م���ع االخ���وة املؤسس�ي�ن وجزء‬ ‫منهم كان من أطياف خمتلفة ‪ ،‬وقلت هلم‬ ‫ي���ا إخوان اذا كانت هذه املؤسس���ة متثل رأي‬ ‫االخ���وان أو فك���ر االخ���وان أو أي اجتاه فإنين‬ ‫ال اس���تطيع أن أك���ون مس���ؤوال فيه���ا ‪،‬أنا ال‬ ‫أس���تطيع تبين تلك األفكار ‪،‬وقيل الكثري من‬ ‫الوع���ود والعهود حقيقة حول هذه املؤسس���ة‬ ‫‪،‬ومنه���ا أن���ه ليس هل���ذه املؤسس���ة أي عالقة‬ ‫باإلخ���وان كتنظي���م ‪،‬وحت���ى ل���و تواجد بها‬ ‫أعض���اء م���ن االخ���وان فه���م أعض���اء عاديون‬ ‫وطنيون ال عالقة هلم بأي أيدولوجيا تتعلق‬ ‫باإلخ���وان أو فكره���م ‪،‬و اس���تمر عل���ى ه���ذا‬ ‫املن���وال ويعلم اهلل أن االخ���وان مل يتدخلوا يف‬ ‫مؤسس���ة (اث���ال) قيد امنلة ‪،‬وهك���ذا انطلقنا‬ ‫يف نش���اط سياسي كاملش���اركة يف صياغة‬ ‫اإلعالن الدس���توري ‪،‬واجرائيا قدمنا مقرتح‬ ‫إقالة ال���وزارة عند اغتيال الل���واء عبد الفتاح‬ ‫يونس ‪،‬كما ش���اركنا يف اللق���اءات اليت تتم‬ ‫مع األمم املتحدة ومع سفارات بعض الدول‬ ‫‪،‬وأقمنا بعض األنش���طة من قبي���ل التدريب‬ ‫السياس���ي لألفراد والذي مت عرب احملاضرات‬ ‫والندوات ‪،‬وكل ما مت كان نتاج أفكار شباب‬ ‫وطنيني موجودين بهذه املؤسسة ‪،‬وال عالقة‬ ‫هل���م بأي جهة ‪،‬ومل تك���ن تدعمنا أي مجاعة‬ ‫ديني���ة بأي مبال���غ مالية اب���دا على االطالق‬ ‫وهذا ما نش���هد اهلل به ‪ ،‬املؤسس���ة عرفت بسم‬ ‫(أثال) باعتبار ان االس���م ه���و اختصار إحتاد‬ ‫ثوار ليبي���ا ‪،‬وعندما ذهبنا لتس���جيل االس���م‬ ‫وجدن���ا أن االس���م قد مت اختطاف���ه جلهة ما‬ ‫لك���ن اس���تمر العمل ‪،‬هذه املؤسس���ة نش���طت‬ ‫ومازال���ت يف نش���اطها ولو أنها كأي جس���م‬ ‫تدب إليه اخلالف يف مثل هذه اجملتمعات‪.‬‬ ‫•ملاذا احلوار وملاذا اآلن؟‬ ‫كم���ا تعل���م أس���تاذ أمح���د طبيع���ة املراحل‬ ‫االنتقالي���ة دائم���ا ه���ي مراح���ل خط�ي�رة‬ ‫وحساس���ة يف حياة الش���عوب ‪،‬ألنه���ا مرحلة‬ ‫اس���تثنائية جتتاز فيها نه���ر وتعرب من ضفة‬ ‫اىل ضفة من اليمني اىل اليس���ار من الش���رق‬ ‫اىل الغ���رب ‪،‬التغي�ي�ر كب�ي�ر لذل���ك احل���وار‬ ‫ينبغي أن يكون مسة من مسات هذه املراحل‬ ‫ه���ذا أوال ‪،‬وثاني���ا الب���د م���ن أن تك���ون هناك‬ ‫ق���درة عند أبن���اء اجملتمع على فه���م املرحلة‬ ‫اليت هم بها وتقيمه���ا تقييما صحيحا ‪،‬ثالثا‬ ‫تتمي���ز عظمة األط���راف حبج���م التنازالت‬ ‫اليت تقدمها ‪ ،‬فكل م���ا قدمت تنازالت أكرب‬ ‫حسب رؤية وحس���ب فهم مفرتض أن يكون‬ ‫لديها س���يكون رصيدها عند اجملتمع أكرب ‪،‬‬ ‫دعنا نأخذ مثاال التجربة التونس���ية ‪،‬وأيضا‬ ‫التجرب���ة املصرية واليت هي جتربة فاش���لة‬ ‫ب���كل مكوناته���ا وفاش���لة مبس���ؤولية مجيع‬ ‫األطراف ‪،‬ألنه���ا مل تدرك الواق���ع ومل تقدم‬

‫التنازالت املطلوبة للمرحلة ‪،‬ومل تضع رؤية‬ ‫للمس���تقبل أي مل تكن هلا رؤية مس���تقبلية‬ ‫لبناء الدول���ة ‪،‬أما تقدي���م األوراق العاطفية‬ ‫واالستدالالت اجلوفاء واخلطب الرنانة هذا‬ ‫ال يب�ن�ي ش���عبا على االط�ل�اق وال يبين دولة‬ ‫وال يبين وطنا ‪.‬‬ ‫يف احل���وار واحل���وار الوط�ن�ي خاص���ة كلما‬ ‫كان نق���اط االلتق���اء أكث���ر كلم���ا كان‬ ‫احل���وار منتجا ‪،‬وعليه تكون هناك قدرة على‬ ‫خلق نس���يج متماس���ك لبناء اجملتمع ‪،‬وتكون‬ ‫االس���س قوية وثابت���ة لبناء ه���ذا اجملتمع‪ .‬و‬ ‫إذا م���ا فش���ل اجملتم���ع يف ان جيت���از املرحلة‬ ‫االنتقالي���ة فالتج���ارب أمامن���ا واضحة ‪ :‬يف‬ ‫الصوم���ال لي���س فيها دول���ة من ‪ 30‬س���نة ‪،‬‬ ‫أفغانس���تان لي���س بها دولة لعش���رين س���نة‬ ‫‪،‬العراق لي���س بها دولة ولن تك���ون بها دولة‬ ‫‪ ،‬سوريا ليس���ت بها دولة ولن تكون بها دولة‬ ‫‪،‬الدولة يف مصر مهتزة ‪ ،‬الدولة يف الس���ودان‬ ‫فاش���لة ‪ ،‬الدول���ة يف اجلزائ���ر فاش���لة أيضا‪،‬‬ ‫لي���س لدينا إال بعض ال���دول احملدودة واليت‬

‫حممود جربيل‬

‫مل يأخ���ذ به���ا ألن املؤمت���ر مرتب���ك ‪ ،‬املؤمتر‬ ‫أق���رب اىل املهزل���ة ‪ ،‬ه���و فص���ل م���ن فصول‬ ‫املس���رحيات اق���رب من���ه اىل الواق���ع ال���ذي‬ ‫يتعام���ل م���ع اجملتمع ال���ذي لديه مش���اكل‬ ‫ولدي���ه مصاعب ولديه صدمات نفس���ية من‬ ‫نظ���ام اس���تمر ألربعني س���نة ‪ ،‬ورثن���ا انهيار‬ ‫يف املس���توى الرتب���وي والثق���ايف واملع���ريف و‬ ‫القيمى أيض���ا ‪،‬وبالتالي حنن حمتاجون اىل‬ ‫إعادة ترمي���م واقع لدولة بدأت مش���اكلها‬ ‫م���ن ‪ 50‬س���نة ‪ ،‬من���ذ الس���نة ال�ت�ي زور فيها‬ ‫النظ���ام امللكي االنتخاب���ات ومل تبدا فقط يف‬ ‫‪ ، 1969‬وق���د جت���رأ النظام السياس���ي على‬ ‫تزوي���ر االنتخاب���ات يف ‪ 1965‬فأنهى احلياة‬ ‫السياسية ومن ثم جاء العسكريون وأفسدوا‬ ‫البالد والعباد ‪.‬‬ ‫•بالد ليس له يف السياسة باع‬ ‫كان���ت لدينا نظ���رة ان احلكوم���ة الوطنية‬ ‫القوي���ة القادرة ه���ي اليت ترتك���ز على أناس‬ ‫هلم القدرة عل���ى ادراك واقع اجملتمع اللييب‬ ‫‪،‬وأن���ا دائم���ا أق���ول ان اجملتم���ع اللي�ب�ي ليس‬

‫علي العيساوي‬

‫يف ع���امل متص���ل ببعضه فف���ي خالل حلظة‬ ‫نس���مع ما يدور يف بورم���ا ‪ ،‬يف حميطنا لدينا‬ ‫جتارب دولي���ة متعددة جدا اليوم اخر برملان‬ ‫واخر دس���تور ينش���ا يف الع���امل هو الدس���تور‬ ‫اللي�ب�ي ‪ ،‬وق���د س���بقه م���ا يق���ارب ال���ـ ‪200‬‬ ‫دس���تور ! وبالتالي لديك مرجعية وعليك ان‬ ‫تس���تعني باألمم املتحدة كمعيار تس���تطيع‬ ‫م���ن خالله ان تس���تفيد ‪ ،‬أيضا جت���ارب دول‬ ‫أمري���كا اجلنوبي���ة ‪ ،‬التج���ارب االفريقي���ة ‪،‬‬ ‫جتارب النمور يف اسيا جتارب قوية وكبرية‬ ‫‪ ،‬كوري���ا اجلنوبي���ة ‪ ،‬ماليزي���ا ‪،‬واألخ�ي�رة‬ ‫كتجرب���ة إس�ل�امية موج���ودة ‪،‬يف التنظيم‬ ‫ويف اإلدارة و الصناع���ة ‪ ،‬كل ه���ذه التجارب‬ ‫موج���ودة ‪ ،‬ولكن جيب ان يك���ون لدينا رجال‬ ‫لديه���م العزمي���ة لديه���م الوطني���ة الكافية‬ ‫لديه���م الصف���اء ال���كايف ملعرك���ة الوط���ن‪،‬‬ ‫معركتنا معركة وطن ‪ ،‬وليست معركة‬ ‫أيديولوجي���ات ‪،‬ان���ا ال اس���تكثر عل���ى الناس‬ ‫النقاش يف الفك���ر والثقافة فنحن ال حنجر‬ ‫على احد يف اجملتمع اللييب على العكس هذه‬

‫مصطفى عبداجلليل‬

‫عندما انتهت الثورة وذهب اجمللس االنتقالي إىل طرابلس ش��عرنا حنن‬ ‫كمنظمات جمتمع مدني أن دورنا بدأ ينحسر يف بنغازي‬ ‫ان مل تلتفت اىل نفسها تقع يف ذات اخلطر‪.‬‬ ‫أن���ا أرى ان التجرب���ة التونس���ية هي األجنع‬ ‫حيث ج���اءت القدرة للتيار اإلس�ل�امي يف أن‬ ‫يق���دم تن���ازالت مطلوبة ‪،‬حينه���ا كان اقوى‬ ‫ومتماس���ك يف قوت���ه فاس���تطاع أن يط���رح‬ ‫مش���روعا ‪،‬االن ميك���ن الق���ول ان النهضة قد‬ ‫تك���ون جت���اوزت املرحلة االنتقالي���ة وهي إن‬ ‫جتاوزت املرحل���ة األوىل‪ ،‬ولكن الصعوبة يف‬ ‫املستقبل ألنها مل تقدم بعد الرؤية الواضحة‬ ‫لقي���ادة البل���د اىل ب���ر األم���ان ‪،‬فالصع���ود‬ ‫للمس���تقبل جيب ان يرتبط برؤية واضحة‬ ‫ينبغي تشغيل كل االليات ألجل ذلك ‪.‬‬ ‫ونع���ود اىل م���ا خيصن���ا و م���ا نعيش���ه حن���ن‬ ‫فيم���ا يتعل���ق باملؤمت���ر الوط�ن�ي واملقرتحات‬ ‫اليت قدمت له قب���ل منظمات اجملتمع املدني‬

‫جمتمع���ا سياس���يا ه���و جمتم���ع اجتماع���ي‬ ‫‪،‬يعين انت عندما تقابل أي ش���خص تريد ان‬ ‫تع���رف منه هو من أي ع���رب ! ؟ ومن قبيلته‬ ‫؟‪،‬ومن هل���ه ؟ ومن اع ُربَه ؟ ‪،‬ودائرة حمدودة‬ ‫جدا تلك اليت جيري فيها غري هذه األس���ئلة‬ ‫وغ�ي�ر هذا الكالم ال متث���ل ‪ 5‬او ‪ % 10‬ممن‬ ‫يتحدثون عن الفكر او عن الثقافة ‪،‬اجملتمع‬ ‫اللييب وضع يف فريزر ( يف ثالجة ) وبالتالي‬ ‫مل يتط���ور هذا اجملتمع سياس���يا ‪،‬وانا ال الوم‬ ‫اجملتمع اللييب فاجملتم���ع اللييب لكي نأخذه‬ ‫إىل املمارس���ة السياس���ية حنتاج اىل نوع من‬ ‫أن���واع الت���درج كما نتدرج م���ع الطفل ( من‬ ‫احلليب اىل الس�ي�ريالك اىل الطعام املطبوخ‬ ‫) عرب حكومة وطنية يكون لديها خمططات‬ ‫واضح���ة ‪،‬وان ندرك انن���ا يف يومنا هذا حنن‬

‫رؤى ‪ ،‬وه���ي رؤى يف اجملتم���ع اللييب أس���هل‬ ‫منه���ا يف جمتم���ع اخ���ر‪،‬و دواع���ي الصراع يف‬ ‫ليبيا حمدودة ‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫يف العدد القادم يروي ويتحدث عن ‪:‬‬ ‫* لق���د ب���ذل جه���د إىل احل���وار الوط�ن�ي‬ ‫وفش���ل فمن كان السبب هل هو حممود‬ ‫جربيل أم االخوان أم طرف ثالث؟‬ ‫* حن���ن أول م���ن ص���اغ قان���ون الع���زل‬ ‫السياسي وقبل التحرير ‪.‬‬ ‫ * كيفي���ة إجي���اد احلل���ول للمرحل���ة‬ ‫االنتقالية ‪...‬‬ ‫* هل حنن من ساهم يف خراب ليبيا ؟‬ ‫من هي األطراف اليت شاركت يف وثيقة‬ ‫احلوار الوطين ؟‬


‫‪08‬‬ ‫ماذا بعد االنتخابات ؟ ‪:‬‬

‫املشهد يف ليبيا يقوم‬ ‫بإخراجه خمرج بارع‬ ‫عبدالقادر أقدوره‬

‫املش���هد يف ليبي���ا يق���وم بإخراجه خمرج ب���ارع بدون‬ ‫ش���ك حيث يتم اهلاء الناس وتوجيهم إىل موضوعات‬ ‫مبختل���ف األحج���ام ‪ ،‬و يف نف���س الوقت يتم الس���عي‬ ‫لتحقيق غايات أخرى … وهذا خبث املخرج !‬ ‫هل���ذا عندم���ا ق���رأت خارط���ة الطريق ال�ت�ي أصدرها‬ ‫املؤمت���ر الوط�ن�ي الع���ام واليت تتأل���ف من خط���ة( أ )‬ ‫وخط���ة ( ب ) ودون أن أدخ���ل يف التفاصي���ل هل���ذه‬ ‫اخلارطة ش���د أنتباهى القصة الربيئ���ة اليت تتحدث‬ ‫ع���ن الذه���اب بع���د ش���هرين إىل اهليئ���ة التأسيس���ية‬ ‫وطرق بابها وس���ؤاهلا وب���كل طيبة ووقار وصدق عن‬ ‫مابق���ى م���ن عمله���ا وهل ميك���ن االنته���اء منه خالل‬ ‫الشهرين الباقني ؟‬

‫أج���زم أن اهليئ���ة التأسيس���ية وه���ي بصدد مناقش���ة‬ ‫موضوع���ات بالتأكي���د كب�ي�رة و هامه س�ت�رد بأنها‬ ‫ال متل���ك الوقت ال���كايف ‪ ،‬ألنه املوضوع���ات املطروحة‬ ‫أمامه���ا صعبة وحتتاج لنق���اش ‪،‬مث���ل الفيدرالية أو‬ ‫التقس���يم العادل للث���روة الطبيعي���ة أو حتى حتديد‬ ‫العاصم���ة االقتصادية أو أي موضوع���اً أخر قد يرى‬ ‫فيه عدداً من أعضاء اهليئة التأسيس���ية االتفاق علية‬ ‫صعب وهنا تدخل اخلطة ( ب ) جمال التنفيذ ‪.‬‬ ‫الع���ودة إىل اخلط���ة ( ب ) تعنى ببس���اطة عودة كل‬ ‫شئ من جديد بني أيدي أعضاء املؤمتر الوطين العام‬ ‫والذي س���يقوم بتعديل اإلعالن الدس���توري ليتحول‬ ‫إىل دس���توراً مؤق���ت وانتخاب جملس ن���واب ورئيس‬ ‫دول���ة العجي���ب مل���اذا مت التصوي���ت على ه���ذا القرار‬ ‫بأغلبي���ة مل يس���بق للكث�ي�ر م���ن الق���رارات املصريية‬ ‫احلصول عليها ؟…‪..‬‬ ‫هل ه���ذا نتيجة غباء جمموعة وخب���ث أخرى ‪ ،‬أم أن‬ ‫املخرج فع ً‬ ‫ال بارع َ‬ ‫ولك اهلل ياشعب ليبيا ‪.‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫كريي يف كلمته لليبيني مبناسبة العيد الثالث السابع عشر من فرباير ‪.2011‬‬

‫‪ :‬الشعب األمريكي يريد أن يتعرف عليكم والتعلم منكم‬ ‫توج���ه وزي���ر اخلارجي���ة األمريكي “جون‬ ‫ك�ي�ري” إىل الليبي�ي�ن به���ذه املناس���بة‬ ‫عب فيها عن سعادته بهذه املناسبة‬ ‫بكلمة َرّ‬ ‫الس���عيدة ومدى إعجاب���ه بالبطوالت اليت‬ ‫س���طرها الليبي���ون خالل مرحل���ة الثورة‪.‬‬ ‫وق���د بدأ ك�ي�ري كلمته بتحية الس�ل�ام‬ ‫مش�ي�راً إىل أن���ه يتح���دث إىل الليبي�ي�ن‬ ‫كواح���د م���ن املالي�ي�ن يف مجي���ع أحن���اء‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫وكانت كلمته كالتالي‪ :‬السالم عليكم‬ ‫ومرحباً بكم‪.‬‬ ‫يف ه���ذه الذك���رى املهم���ة أود أن أحتدث‬ ‫معك���م لي���س فق���ط كوزي���ر للخارجية‬ ‫األمريكي���ة‪ ،‬إمن���ا كواح���د م���ن املالي�ي�ن‬ ‫يف مجي���ع أرج���اء الع���امل الذي���ن أهلمتهم‬ ‫ش���جاعتكم‪ .‬الي���وم نتذكر م���ا خاطر من‬ ‫أجل���ه الكثري من الليبي�ي�ن بالتعبري جهاراً‬ ‫ض���د نظام الق���ذايف والدفاع ع���ن إخوانهم‬ ‫املواطن�ي�ن‪ .‬نتذك���ر تضحياتك���م الرائعة‬ ‫وروح الوحدة لديكم اليت غيرّ ت أمة وتأثر‬ ‫بها العامل‪.‬‬ ‫إن وح���دة اهلدف اليت برهنت���م عليها قبل‬ ‫ث�ل�اث س���نوات أصبح���ت اآلن ج���ز ًءا م���ن‬ ‫اإلرث ال���ذي تفتخر ب���ه ليبيا ولكنها ً‬ ‫أيضا‬ ‫الوع���د مبس���تقبلها‪ .‬لق���د ش���اهدت ذل���ك‬ ‫الوع���د مؤخ��� ًرا يف جمموعة م���ن الليبيني‬ ‫الشباب الذين وحدوا صفوفهم من جديد‬ ‫وأدهش���وا الع���امل‪ ،‬ويف هذه امل���رة يف ملعب‬ ‫ك���رة الق���دم يف كي���ب ت���اون‪ .‬ومن���ذ أن‬ ‫هزمتم فريق غانا‪ ،‬الفريق الذي س���تلعب‬ ‫الواليات املتحدة ضده يف مباريات كأس‬ ‫الع���امل‪ ،‬فإننا حنن األمريكيني‪ ،‬صدقوني‪،‬‬ ‫كن���ا نراقب ع���ن كثب‪.‬ويف ص���ورة غري‬ ‫واضح���ة املع���امل لـ(علي الزغدان���ي)‪ ،‬وهو‬ ‫يبتس���م حت���ت املطر ويل���ف العل���م اللييب‬ ‫ح���ول كتفي���ه‪ ،‬ش���اهد الع���امل حمل���ة من‬ ‫االبته���اج العظي���م لليبي���ا بفوزه���ا بكأس‬ ‫األمم األفريقية (كأس أفريقيا لالعبني‬ ‫احمللي�ي�ن)‪ .‬يف تل���ك اللحظ���ة كان عل���ي‬ ‫حيتفل مبا حققه الشباب من مجيع أحناء‬ ‫ليبي���ا م ًع���ا‪ .‬ومن خ�ل�ال فه���م الطموحات‬ ‫املشرتكة فحسب متكنوا من حتقيق هذا‬ ‫اإلجناز الكبري‪ .‬وآمل أن تتش���اطروا نفس‬ ‫الروح وأنت���م حتتفلون الي���وم بالذكرى‬ ‫وختطط���ون ملس���تقبل ليبيا خ�ل�ال األيام‬ ‫املقبلة‪.‬‬ ‫إن الش���عب األمريك���ي بالفع���ل يري���د أن‬ ‫يتع���رف عليك���م‪ .‬نري���د أن نتعل���م منكم‪،‬‬ ‫نري���د أن نعم���ل معك���م خالل ه���ذا الوقت‬ ‫احلاف���ل باالحتم���االت العظيم���ة‪ .‬وهناك‬

‫الكث�ي�ر ال���ذي حققناه س���وية حت���ى اآلن‪.‬‬ ‫من خالل العمل‪ ،‬على س���بيل املثال إلزالة‬ ‫خمزون األسلحة الكيميائية الذي تركه‬ ‫نظام القذايف‪ .‬لقد أوجدنا مستقبال أكثر‬ ‫أما ًنا ألطفالنا ولألطفال عرب العامل‪ ،‬ومن‬ ‫خ�ل�ال تعزيز التجارة ب�ي�ن دولتينا‪ ،‬نعمل‬ ‫عل���ى وص���ل الليبي�ي�ن باالقتص���اد العاملي‬ ‫وبفرص���ة أعظم‪.‬كم���ا تدع���م الوالي���ات‬ ‫املتح���دة ً‬ ‫أيض���ا جهود اجلي���ش اللييب وهو‬ ‫ي���درب جمندين ج���دد ويعم���ل على خلق‬ ‫جي���ش حدي���ث ميث���ل وحيم���ي مجي���ع‬ ‫الليبيني‪ .‬ومن خالل إرس���ال ديبورا جونز‪،‬‬ ‫أحد الدبلوماسيني البارعني لدينا‪ ،‬للعمل‬ ‫كسفريتنا لدى ليبيا‪.‬‬ ‫إن الوالي���ات املتح���دة توجه رس���الة قوية‬ ‫ح���ول أهمي���ة ش���راكتنا م���ع ليبي���ا‪ .‬وإن‬ ‫كتابة دس���تور‪ ،‬إجياد فرصة اقتصادية‪،‬‬ ‫بناء جيش حديث‪ -‬ال شيء من ذلك سهل‪.‬‬ ‫وكأمريكيني‪ ،‬نعرف ه���ذا من تارخينا‪.‬‬ ‫فدولتن���ا ال تزال أمة عل���ى طريق التقدم‪،‬‬ ‫ولكننا نكون يف أفضل وضع عندما نتمكن‬ ‫من جت���اوز خالفاتن���ا‪ ،‬حت���ى عندما يكون‬ ‫اجل���دل دائ��� ًرا بيننا ح���ول أكثر املس���ائل‬ ‫صعوب���ة‪ .‬إن املس���ائل ال�ت�ي س���تواجهونها‬ ‫كدولة خالل األشهر القادمة هي أكثر‬ ‫األمور أهمية‪ .‬ما هو العامل املش�ت�رك بني‬ ‫طبيب ش���اب يف بنغازي‪ ،‬وأم لديها أطفال‬ ‫صغ���ار يف الزنت���ان‪ ،‬وطال���ب هندس���ة يف‬ ‫مصرات���ة‪ ،‬وجد من منطقة س���بها؟ ما هو‬ ‫ن���وع الدس���تور الذي سيس���اعد كل واحد‬ ‫منهم على العيش يف سالم وتوفري الرخاء‬ ‫لعائالته���م؟ ما هي احلقوق واملس���ؤوليات‬ ‫اليت متيز الليبيني كمواطنني واملستقبل‬

‫الذي يريدون صياغته س���وية؟ إن الشعب‬ ‫اللييب وح���ده‪ ،‬والن���واب الذي���ن خيتارهم‬ ‫فحسب هم من يس���تطيعون اإلجابة على‬ ‫أي من ه���ذه األس���ئلة‪.‬وكأصدقاء‪ ،‬يقف‬ ‫الش���عب األمريك���ي معك���م وأنت���م حتيون‬ ‫ه���ذه الذك���رى املهم���ة‪ .‬وأنت���م تواجهون‬ ‫ه���ذه األس���ئلة احلرج���ة‪ .‬وكش���ركاء‪،‬‬ ‫دم���ا إىل إجاباتك���م عل���ى‬ ‫فإنن���ا نتطل���ع ُق ً‬ ‫ُ‬ ‫دما للعمل معكم‬ ‫تلك األس���ئلة ونتطلع ق ً‬ ‫ملواجه���ة التحدي���ات ال�ت�ي تنتظرك���م‪،‬‬ ‫دم���ا‬ ‫وملواجهته���ا س���وية‪ .‬ونتطل���ع ُق ً‬ ‫للمس���اعدة يف حتديد ش���كل املس���تقبل يف‬ ‫السنوات القادمة‪.‬‬ ‫ه���ذا وقدأعرب���ت احلكوم���ة املؤقت���ة ‪ ،‬عن‬ ‫تقديره���ا وامتنانها ملا جاء يف كلمة وزير‬ ‫خارجي���ة الوالي���ات املتح���دة األمريكية "‬ ‫ج���ون ك�ي�ري " ‪ ،‬ال�ت�ي توجه بها للش���عب‬ ‫اللي�ب�ي لتهنئت���ه بالذك���رى الثالث���ة‬ ‫النطالق ثورة ‪ 17‬فرباير‪.‬‬ ‫وأك���دت احلكوم���ة ‪ -‬يف بي���ان هل���ا عل���ى‬ ‫موقعه���ا على ش���بكة املعلوم���ات الدولية ‪-‬‬ ‫أن جتديد أمريكا ملوقفها الداعم للش���عب‬ ‫اللي�ب�ي يف مس�ي�رته حن���و الدميقراطية ‪،‬‬ ‫وبن���اء دول���ة القان���ون واملؤسس���ات ‪ ،‬ما هو‬ ‫إال امتداد ملوقف الواليات املتحدة الشجاع‬ ‫‪ ،‬باحنيازه���ا خلي���ارات الش���عب اللي�ب�ي‬ ‫إب���ان ثورت���ه ‪ ،‬وعم���ق العالق���ات الليبي���ة‬ ‫األمريكي���ة ‪ .‬وع�ّب�رّ ت احلكوم���ة الليبية ‪،‬‬ ‫ع���ن حرصه���ا الش���ديد على تعمي���ق هذه‬ ‫العالقات وتطويرها مبا يعود بالنفع على‬ ‫الشعبني الصديقني‪.‬‬

‫تعليق العملية االنتخابية مبدينة درنة‬ ‫تعرضت مخس مراكز اقرتاع اىل التفجرييف مدينة درنة فجر اخلميس املاضي وهو موعد اجراء انتخابات‬ ‫جلنة الس���تني ويف صب���اح يوم االنتخاب���ات إقتحمت جمموعة مس���لحة املركز االنتخابي مبدرس���ة النصر‬ ‫الواقعة بش���ارع الفنار بوس���ط مدينة درنة وقاموا بطرد اللجنة االنتخابية ونعتوا الناخبني بالكفر ومنعوهم‬ ‫م���ن عملية التصويت وقفل املركز ويف نفس الس���ياق أعلن الس���يد " حممد بالقاس���م لع�ي�رج " رئيس جلنة‬ ‫االنتخاب���ات بالدائرة االنتخابي���ة الفرعية الثانية درنة ‪ ،‬من رئيس الدائرة االنتخابية األوىل ‪ ،‬طربق ‪ -‬درنة‬ ‫ القب���ة عن تعليق العملية االنتخابية بالدائرة الفرعية الثانية درنة وذلك بعد التش���اور مع اجمللس احمللي‬‫درنة واملفوظية العليا لالنتخابات ‪.‬‬


‫‪09‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫ملف العدد‬

‫غياب احلوار الوطين يف ليبيا ‪ :‬حتديات و عوائق‬

‫علي عبد اللطيف أمحيده‬ ‫ملخص‬ ‫عل��ى عكس نضوج وتقدم احلوار الوط�ني يف تونس واليمن نزعم بأن احلوار الوطين‬ ‫يف ليبيا س��واء على مس��توى النخبة أو اجملتمع األهلي واملدني ال زال غائب ًا حتى اآلن‬ ‫وغيابه يش��كل عقبات كارثية تتجسد يف استمرار التدهور األمين وفشل عملية بناء‬ ‫اجليش و الشرطة بل تهلهل هيبة الدولة و أكرب دليل على هذا وقف ضخ النفط وقطع‬ ‫الكهرباء واملاء على بعض املدن واختطاف رئيس احلكومة املؤقتة أخرياً و إهانته بشكل‬ ‫يدعو لألس��ف واألس��ى وخاصة يف هذه املرحلة االنتقالية الصعبة بعد جناح الثورة يف‬ ‫إس��قاط النظام الديكتاتوري الس��ابق الذي فش��ل سياس��يا وأخالقيا يف مواجهة رياح‬ ‫التغيري واالحتجاج يف ليبيا كما حدث يف تونس ومصر واليمن والبحرين وسوريا ‪.‬‬ ‫يواج��ه اجملتمع اللييب بعد ثورة ‪ 17‬فرباير وس��قوط النظام الديكتاتوري إش��كاليات‬ ‫صعب��ة مثل العديد م��ن اجملتمعات ال�تي واجه��ت الديكتاتوريات‪ ،‬واحل��روب األهلية‬ ‫وال��دول التس��لطية والش��مولية س��واء يف أمري��كا الالتينية أو ش��رق أورب��ا أو العامل‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫اآلن ال ب���د م���ن التفك�ي�ر اجل���اد املنهج���ي يف‬ ‫املعوق���ات والعقب���ات ال�ت�ي تراكم���ت فيم���ا‬ ‫أمسيه عبء تاريخ الدولة التس���لطية بعنفها‬ ‫وقمعه���ا وتدمريها‪ ،‬ليس فقط للمؤسس���ات‬ ‫االجتماعي���ة واألهلي���ة ولك���ن أيضا تش���ويه‬ ‫القي���م املدنية وغرس الغنب و األحقاد وإحياء‬ ‫النع���رات اجلهوي���ة والقبلي���ة‪ ،‬مم���ا يدع���و‬ ‫قب���ل أي ش���يء آخــــــــــــ���ر إىل ض���رورة الوعي‬ ‫واالس���تيعاب هل���ذا الع���بء‪ ،‬وأيض���ا الكف���اءة‬ ‫األخالقي���ة املهنية من اجل ب���دء حوار وطين‬ ‫جاد‪ .‬ه���ذا اهلدف لن يتحق���ق إال بالتفكري يف‬ ‫تس���وية سياس���ية وتطبيق العدالة االنتقالية‬ ‫م���ن خ�ل�ال جلن���ة إنص���اف تعم���ل إلظه���ار‬ ‫احلقيقة وبعدها املصاحلة الوطنية بالكشف‬ ‫عن احلقائق و إظهار التـــــــــــــــــــــاريخ وتوثيق‬ ‫املنس���ي للمظلومني و املهمش�ي�ن واملساجني و‬ ‫املنفي�ي�ن واملعذبني خالل املرحلة التس���لطية‬ ‫الدكتاتورية‪ ،‬هذا املقال يتبنى منهج ما بعد‬ ‫االستعمار وما بعد الصراع التارخيي ‪.‬‬ ‫الس���ؤال األساسي الذي يواجه اجملتمع اللييب‬ ‫هو كي���ف نفك���ر يف املصاحل���ة الوطنية من‬ ‫غري ان نسقط يف تيار االنتقام و الثأر والعنف‬ ‫األهلي بني شرائح اجملتمع اليت أيدت النظام‬ ‫وس���اهمت يف اس���تمراره وق���وى اجملتم���ع‬ ‫املناضلة ضد االس���تبداد واألغلبي���ة الصابرة‬ ‫الصامت���ة اليت قاومت بطرق عديدة ضد هذا‬ ‫النظام الذي أفلس أخالقيا وسياسيا(‪)1‬‬ ‫نالح���ظ م���ن خ�ل�ال مش���اركتنا وقراءتن���ا‬ ‫للحالة الليبي���ة غيابا واضحا للحوار الوطين‬ ‫وحت���ى بالنس���بة للنخبة ال�ت�ي قامت ببعض‬ ‫اللق���اءات الصغ�ي�رة احمل���دودة ال�ت�ي ال ترقى‬ ‫ملس���توى التحديات الداخلية واإلقليمية اليت‬ ‫حتدق بالثورة اآلن ‪ .‬هدا الغياب له مثن فادح‬

‫ألنه يش���حن تيار العنف واس���تخدام الس�ل�اح‬ ‫من قب���ل اجلماع���ات املس���لحة س���واء كانت‬ ‫ذات خلفي���ات أيديولوجي���ة أصولية جهادية‬ ‫أو جهوي���ة وقبلية ‪ ،‬يف وض���ع جمتمعي ينوء‬ ‫بثق���ل الث���ارات والش���عور بالغ�ب�ن وتصفيات‬ ‫حلس���ابات قدمي���ة تراكم���ت من���د املرحل���ة‬ ‫االس���تعمارية أو املرحلة الديكتاتورية داخل‬ ‫اجملتم���ع اللي�ب�ي ‪ ،‬و نزعات جدي���دة أنتجتها‬ ‫احل���رب األخرية ض���د النظام الس���ابق والذي‬ ‫أيدته جمموعات عديدة داخل اجملتمع اللييب‬

‫أهم أس���باب غياب احل���وار الوطين هي ضعف‬ ‫أجه���زة الدول���ة يف العه���د الس���ابق وبال���ذات‬ ‫اجلي���ش والش���رطة وطبيع���ة الص���راع ض���د‬ ‫النظ���ام وغي���اب القي���ادة احملنك���ة والواعي���ة‬ ‫والق���ادرة على بناء قواس���م مش�ت�ركة تؤدي‬ ‫للحوار الوطين ‪.‬‬ ‫احل���وار الوط�ن�ي يب���دأ باملصارح���ة الوطنية‬ ‫واالستعداد للجلوس مع اخلصوم السياسيني‬ ‫واإلميان بش���رعية االخت�ل�اف والوصول إىل‬ ‫قواس���م وطني���ة مش�ت�ركة أهمه���ا الت���داول‬ ‫السلمي للسلطة ‪)2(.‬‬ ‫هذه الدراسة سوف تتعرض لآلتي ‪:‬‬ ‫ـ خريطة وجغرافية القوى السياسة يف ليبيا ‪.‬‬ ‫ـ إمكانية التقارب بني القوى السياسية ‪.‬‬ ‫ـ الق���وى اخلارجي���ة وموقفه���ا م���ن احل���وار‬ ‫الوطين يف ليبيا‪.‬‬ ‫الرؤية املستقبلية للحوار الوطين ‪.‬‬ ‫خريطة وجغرافية القوى السياسية يف ليبيا‪:‬‬ ‫التحال���ف ال���ذي ع���ارض وأس���قط النظ���ام‬ ‫الديكتات���وري الس���ابق مجع ش���ركاء وقوى‬ ‫سياس���ية عديدة اتفقت على إس���قاط النظام‬ ‫ولك���ن مل تلت���ق أو تتح���اور عل���ى قواس���م‬ ‫مشرتكة قبيل أو بعد الثورة ‪ .‬وهلذا جند أن‬ ‫الص���راع اإلعالمي والسياس���ي ضد اخلصوم‬ ‫ذو طابع حاد إقصائي وعنيف ‪ .‬يبدأ باهلجوم‬ ‫عل���ى اخلص���وم إم���ا بالتخوي���ن أو التكف�ي�ر‬ ‫وينته���ي حب���االت االس���تيالء عل���ى امل���وارد‬ ‫االقتصادي���ة للدول���ة مثل النف���ط والكهرباء‬ ‫واملاء و األس���وأ حاالت االغتيال السياسي اليت‬ ‫تزيد عن ‪ 120‬حالة حتى اآلن‪.‬‬ ‫الق���وى السياس���ية ال�ت�ي أس���قطت النظ���ام‬ ‫تش���مل اجملموعات التالية ‪ :‬مجاعات اإلسالم‬ ‫السياس���ي ‪ ،‬القوى املعارضة يف املنفى ‪ ،‬القوى‬ ‫الوطنية الليربالية ‪ ،‬باإلضافة إىل اجلماعات‬

‫العباس���ي رئي���س احت���اد الش���غل‬ ‫التونسي راعي احلوار الوطين‬

‫حمم���د املقري���ف رئي���س املؤمتر‬ ‫الوط�ن�ي الس���ابق ع���زل اس���تقال‬ ‫بقانون العزل‬

‫وجدت نفسها مهزومة ومبعدة داخل وخارج‬ ‫البالد بعد س���قوط النظام ‪ .‬ه���ده اجملموعات‬ ‫والشرائح االجتماعية توصف بألقاب سلبية‬ ‫مثل األزالم ‪ ،‬الفلول ‪ ،‬والطحالب ‪ .‬واملش���كلة‬ ‫أن عدده���م ليس صغ�ي�را فهو ما ب�ي�ن املليون‬ ‫ونصف املليون جل���ؤا إىل دول اجلوار العربي‬ ‫واألفريق���ي وبال���ذات تون���س ومصر وتش���اد‬ ‫والنيجر و مالي و اجلزائر ‪.‬‬

‫املس���لحة س���واء ذات خلفية جهوي���ة أو قبلية‬ ‫وأثنية ‪)3(.‬‬ ‫أوال ـ مجاعات اإلسالم السياسي‪:‬‬ ‫أهمه���ا وأقدمه���ا مجاع���ة اإلخوان املس���لمني‬ ‫وذراعه���ا السياس���ي ح���زب العدال���ة والبناء ‪،‬‬ ‫واجلماعات اجلهادية مث���ل اجلماعة الليبية‬ ‫املقاتلة و أنصار الشريعة باإلضافة إىل بروز‬ ‫التيار السلفي والدور الكبري للمفيت الصادق‬

‫الغرياني ‪.‬‬ ‫حزب العدالة والبناء ف���از حبوالي ‪ 17‬مقعدا‬ ‫يف املؤمتر الوطين ‪)4(.‬‬

‫ثانيا ـ قيادات سياسية دينية ودميقراطية‬ ‫يف املنفى‪:‬‬

‫املعرض���ة الليبي���ة املناوئة لنظ���ام القذايف يف‬ ‫املنف���ى تتمي���ز بكونه���ا مزيج م���ن اجلماعات‬ ‫الدينية واجلماعات غري الدينية كما مشلت‬ ‫ش���خصيات دميقراطية وعس���كرية مستقلة‬ ‫ولعل أهم ه���ذه اجلماعات اجلبه���ة الوطنية‬ ‫إلنق���اذ ليبي���ا وال�ت�ي أنش���ئت يف ع���ام ‪1981‬‬ ‫وتعرض���ت النش���قاقات وتصدع���ات ولك���ن‬ ‫س���قوط النظام أعاد إليه���ا احلياة برغم عدم‬ ‫فوزها إال مبقاعد ثالثة فقط يف االنتخابات‬ ‫األخ�ي�رة ع���ام ‪. 2012‬أيضا هن���اك تنظيمات‬ ‫أخ���رى ج���اءت م���ن املنف���ى مث���ل االحت���اد‬ ‫الدس���توري والتحالف الوطين الدميقراطي‬ ‫واجلمعية الليبية حلقوق اإلنسان‪ ،‬وكذلك‬ ‫قيادات وك���وادر اجلبهة الليبية اإلس�ل�امية‬ ‫املقاتلة عقب فرارهم من ليبيا وبعض قيادات‬ ‫حزب اإلخوان املس���لمني وكوادرهم ناهيك‬ ‫عن مواقع شبابية معارضة يف األنرتنت مثل‬ ‫ليبيا وطننا وليبيا املستقبل ‪.‬‬

‫ثالثا ـ احلركات الليربالية الوطنية‪:‬‬

‫وأهمها التحالف الوطين الدميقراطي حتت‬ ‫قي���ادة د‪ .‬حمم���ود جربي���ل ويض���م قطاع���ات‬ ‫عريض���ة م���ن اجملتم���ع ‪ .‬وانض���م ل���ه قيادات‬ ‫انش���قت عن النظام الس���ابق مث���ل د‪ .‬حممود‬ ‫جربي���ل ‪ ،‬والدبلوماس���ي والوزي���ر الس���ابق‬ ‫عبدالرمحن ش���لقم وآخ���رون ‪ .‬هذا التحالف‬ ‫اس���تطاع الف���وز ب���ـ ‪ 39‬مقع���دا يف االنتخابات‬ ‫األخرية ‪.‬‬ ‫رابع���ا ـ املس���تقلون وه���م قي���ادات عدي���دة مل‬ ‫تنض���م ألح���زاب حم���ددة ولك���ن ب���رزوا اآلن‬ ‫داخل املؤمتر الوطين ككتلة ثالثة يف أعقاب‬

‫الرئي���س اليم�ن�ي وح���وار وط�ن�ي‬ ‫ميين ونتائج مل تر النور بعد‬

‫الفشل املستمر للحكومة‪)5(.‬‬

‫خامسا ـ الكتائب واملليشيات املسلحة‪:‬‬

‫ه���ذه اجلماع���ات والكتائ���ب ه���ي ال�ت�ي متلك‬ ‫الق���وة العس���كرية والسياس���ية اآلن يف البالد‬ ‫وتضم العديد من التنظيمات أهمها كتائب‬ ‫درع ليبي���ا ‪ ،‬حتال���ف ‪ 17‬فرباي���ر ‪ ،‬والنس���ور ‪،‬‬ ‫الصواع���ق ‪ ،‬والقعقاع ‪ ،‬و راف اهلل الس���حاتي ‪،‬‬


‫‪10‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫ملف العدد‬

‫املعرضة الليبية املناوئة لنظام القذايف يف املنفى تتميز بكونها مزيج من اجلماعات الدينية واجلماعات غري الدينية كما مشلت شخصيات‬ ‫دميقراطية وعسكرية مستقلة ولعل أهم هذه اجلماعات اجلبهة الوطنية إلنقاذ ليبيا واليت أنشئت يف عام ‪ 1981‬وتعرضت النشقاقات‬ ‫وتصدعات ولكن سقوط النظام أعاد إليها احلياة برغم عدم فوزها إال مبقاعد ثالثة فقط يف االنتخابات األخرية عام ‪2012‬‬ ‫و أنصار الشريعة والتبو والطوارق واألمازيغ‬ ‫وغريها ‪.‬‬ ‫كان ع���دد الث���وار يف بداية الثورة‬ ‫ ‬ ‫ال يزي���د ع���ن ‪ 30.000‬ولك���ن بش���كل غريب‬ ‫أصب���ح عدده���م اآلن ‪ !! 230.000‬هل���ؤالء‬ ‫اع�ت�راف رمس���ي ويتقاض���ون روات���ب م���ن‬ ‫احلكومة املؤقتة وهذا هو التناقض األساسي‬ ‫فاحلكوم���ة املؤقتة تريد مجع الس�ل�اح بينما‬ ‫هي مس���ؤولة عن اس���تمرار ه���ذه اجلماعات‬ ‫اليت هل���ا منطق صحي���ح وهو الرف���ض طاملا‬ ‫أن هلا امتيازات وروات���ب من الدولة ‪ .‬البد أن‬ ‫نفهم أيضا السياق العام وبالذات النتائج غري‬ ‫املتوقع���ة للثورة ضد النظام الس���ابق وأهمها‬ ‫بروز مدن ومناطق متلك األس���لحة الثقيلة‬ ‫والدع���م املالي مما أعطاها قوة غري مس���بوقة‬ ‫ومفاجئة أهمها مدن مثل مصراته والزنتان‬ ‫والزاوية ومجاعات التبو املسلحة يف اجلنوب‬ ‫اللييب واجلماعات اإلس�ل�امية يف مدن درنة‬ ‫وبنغازي واجدابيا واملنطقة الوس���طى سرت ‪.‬‬ ‫هذه املدن س���يطرت عليها مجاعات وكتائب‬ ‫امتلك���ت وورث���ت األس���لحة مث���ل الدباب���ات‬ ‫والصواري���خ واملدرع���ات حصل���ت عليه���ا من‬ ‫خمازن النظام الس���ابق وأيضا من املساعدات‬ ‫اخلارجي���ة من فرنس���ا وقطر واإلم���ارات‪ .‬بل‬ ‫إن هناك حاالت من املدن هلا سجون وبوابات‬ ‫تفتي���ش وأيضا قنصلي���ات عربي���ة وأجنبية‬ ‫مثل مدينة مصراته الكبرية ومدينة الزنتان‬ ‫الصغرية ‪ ،‬و بسبب هذه النتائج غري املسبوقة‬ ‫لعب���ت هات���ان املدينتان دورا كب�ي�را وال زالتا‬ ‫يف الص���راع السياس���ي اآلن ‪.‬أم���ا يف الش���رق‬ ‫اللي�ب�ي فنالحظ ب���روزا واضح���ا للجماعات‬ ‫اإلس�ل�امية واجلهادي���ة إضاف���ة إىل تيارات‬ ‫فيدرالي���ة كم���ا حي���دث اآلن يف املوان���ئ‬ ‫النفطية يف الربيقة والس���درة وراس النوف‬ ‫اليت تس���يطر عليها مجاعة مسلحة حتالفت‬ ‫م���ع التيار الفيدرالي يف منطقة برقة ‪ .‬أما يف‬ ‫اجلنوب اللييب فنجد كتائب أوالد س���ليمان‬ ‫يف س���بها واجلماع���ات املس���لحة للتب���و الذين‬ ‫انضم���وا للثورة ولكن اس���تفادوا من تس���ليح‬ ‫النظام الس���ابق واجملل���س االنتقالي هلم بعد‬ ‫الث���ورة ‪ ،‬وفج���أة ص���اروا يس���يطرون عل���ى‬ ‫م���دن اجلنوب الغربي مث���ل تراغن وجترهن‬ ‫والقطرون وحتى زويلة ومرزق ‪)6(.‬‬ ‫أدى س���قوط مجاهريية الق���ذايف إىل ضعف‬ ‫مراقب���ة احلدود ورخاوتها‪ ،‬وه���ذا بدوره أدى‬ ‫إىل تقوية بعض اجلماعات السياس���ية داخل‬ ‫ليبيا‪ ،‬وأيضا جمموع���ات يف اجلنوب والغرب‬ ‫اللي�ب�ي‪ .‬التهريب اس���تفحل أكث���ر مما قبل‪،‬‬ ‫سواء تهريب السالح أو املخدرات أو املشروبات‬ ‫الكحولية أو التبغ‪ ،‬ناهيك عن تهريب البش���ر‬ ‫أو م���ا يس���مى باهلجرة غري الش���رعية‪ ،‬بل أن‬ ‫مجاعات أثنية متداخلة مثل الطوارق والتبو‬ ‫ص���ارت أقدر عل���ى احلرك���ة‪ ،‬إذا نظرنا إىل‬ ‫إعداد كلتيهما يف البلدان اجملاورة‪ .‬الطوارق‬ ‫الليبي���ون‪ ،‬وه���م ج���زء مندم���ج يف اجلن���وب‬ ‫اللي�ب�ي‪ ،‬مث���ل بقي���ة ش���رائح الش���عب اللييب‪،‬‬ ‫كان���وا أج���زاء م���ن جي���ش النظ���ام الس���ابق‬ ‫ال���ذي تعاطف م���ع مطالبه���م يف مالي‪ ،‬وبعد‬

‫هزمية النظام رجع العديد‪ ،‬من طوارق مالي‬ ‫والنيج���ر إىل مشال مال���ي‪ ،‬وكانوا جزءاً من‬ ‫حتالف يشمل تنظيم القاعدة يف بالد املغرب‪،‬‬ ‫وجل أعضائه من اجلزائر‪ ،‬أو ما كان يسمى‬ ‫اجلماعة اإلس�ل�امية املقاتلة‪ ،‬وأنصار الدين‪.‬‬ ‫هذا التحالف اس���تفاد من تهريب السالح من‬ ‫ليبي���ا‪ ،‬وفتح احل���دود من غري رقاب���ة‪ ،‬وأيضا‬ ‫انضم���ام جهادي�ي�ن من ليبي���ا وتونس ومصر‬ ‫وبل���دان أخرى ملنطقة مش���ال مالي‪ ،‬مما أدى‬ ‫إىل إع�ل�ان دولة أزواد يف تلك املنطقة وأيضا‬ ‫مدعوم من‬ ‫أدى هذا اإلعالن لتدخل فرنس���ي‬ ‫ٍ‬ ‫الواليات املتحدة وحلف الناتو‪.‬‬ ‫التب���و يعت�ب�رون أقلي���ة صغ�ي�رة يف منطق���ة‬ ‫الكفرة ومنطق���ة جترهي والقطرون وأوزو‪،‬‬ ‫ولك���ن غالبيته���م يعيش���ون يف مش���ال تش���اد‪،‬‬ ‫وهن���ا يكم���ن التعقيد السياس���ي للتب���و‪ .‬عقد‬ ‫نظ���ام الق���ذايف حتالفاً مع قي���ادات التبو وقام‬ ‫بتس���ليحهم‪ ،‬مثلم���ا فعل���ت النخب���ة امللكي���ة‬ ‫خ�ل�ال مرحل���ة االس���تقالل‪ ،‬وه���و تص���رف‬ ‫طبيعي واس�ت�راتيجي‪ ،‬فتش���اد ملجأ تارخيي‬ ‫وحلي���ف اس�ت�راتيجي للش���عب اللي�ب�ي من���ذ‬ ‫القرن التاس���ع عش���ر‪ ،‬حيث هاجر إليها آالف‬ ‫الليبيني حبث���ا عن العيش والتج���ارة‪ ،‬وهرباً‬ ‫م���ن عس���ف الدول���ة العثماني���ة ووحش���ية‬ ‫االس���تعمار اإليطال���ي بع���د هزمي���ة املقاومة‬ ‫يف ع���ام ‪ .1931‬تداخل الش���عب التش���ادي مع‬ ‫الش���عب اللييب قدي���م وإجيابي حل���د كبري‪،‬‬ ‫والزال���ت هن���اك جالي���ة ليبي���ة كب�ي�رة يف‬ ‫تش���اد‪ ،‬ومعظم س���كان مشال تش���اد‪ ،‬وبالذات‬ ‫التبو‪ ،‬يتبعون احلركة السنوس���ية الس���نية‪.‬‬ ‫بل البد م���ن التذكري بأن اجلنرال مس���عود‬ ‫عبد احلفيظ القذايف‪ ،‬احلاكم العسكري يف‬ ‫اجلنوب اللييب‪ ،‬ت���زوج من أخت " كوكوني‬

‫واداي " الزعيم التشادي السابق وقام بتسليح‬ ‫العدي���د من مجاعات التبو أثن���اء الثورة‪ ،‬وهم‬ ‫الذين س���اعدوه وغريه من أسرة القذايف على‬ ‫اهل���روب إىل النيجر ومال���ي واجلزائر‪ ،‬ولكن‬ ‫التب���و أيض���ا انضم���وا للث���ورة وحصل���وا على‬ ‫الس�ل�اح واملال من اجملل���س االنتقالي اللييب‪،‬‬ ‫أي أنه���م حصلوا على الس�ل�اح من اجلانبني‪،‬‬ ‫برغ���م هذا ال بد من اإلنصاف واالعرتاف بأن‬ ‫انضم���ام العدي���د منه���م للث���ورة كان عام ً‬ ‫ال‬ ‫حامس���ا لتحرير اجلن���وب اللي�ب�ي‪ .‬وهم اآلن‬ ‫حبك���م س���قوط الدول���ة الليبية يس���يطرون‬ ‫عل���ى العديد من املدن يف اجلنوب مثل تراغن‬ ‫وزويل���ة والقط���رون وجتره���ي‪ ،‬مب���ا فيه���ا‬ ‫م���رزق‪ ،‬ه���ذا صحيح ولك���ن االلتب���اس يأتي‬ ‫عندما ننظر للتبو غري الليبيني وهم ماليني‬ ‫يف مشال تشاد‪.‬‬ ‫التداعي���ات األخ���رى أهمه���ا تهريب الس�ل�اح‬ ‫اللي�ب�ي‪ ،‬ال���ذي يُع���د مبالي�ي�ن القط���ع‪ ،‬إىل‬ ‫مص���ر وغ���زه وتون���س ومال���ي‪ ،‬مم���ا أذكى‬ ‫خم���اوف دول اجل���وار‪ ،‬لي���س فق���ط مص���ر‬ ‫واجلزائر ومالي‪ ،‬ولكن اآلن تش���اد ورئيس���ها‬ ‫الس���يد‪ /‬إدريس دييب الذي دعمته احلكومة‬ ‫الليبية الس���ابقة‪ ،‬ناهيك عن حكومة النيجر‬ ‫الضعيف���ة ال�ت�ي أعطته���ا حكوم���ة الق���ذايف‬ ‫مساعدات مالية وساهمت يف تدعيم حكومة‬ ‫الرئيس حممد يوس���فو احلالي���ة‪ .‬أزمة مالي‬ ‫ليس���ت وليدة تداعيات الث���ورة الليبية فقط‪،‬‬ ‫ولكنه���ا خلق���ت أزم���ة اس�ت�راتيجية‪ ،‬لي���س‬ ‫فقط للحكومات يف ه���ذه املنطقة من ناحية‬ ‫التدخ���ل الفرنس���ي‪ ،‬ولكنها أعط���ت الواليات‬ ‫املتح���دة فرصة إلع���ادة تقييم سياس���تها يف‬ ‫املنطق���ة‪ .‬وعلى هذا األس���اس قامت الواليات‬ ‫املتحدة بتدريب اجلي���ش املالي‪ ،‬وبنت قاعدة‬

‫عس���كرية يف النيج���ر يف بداي���ة ع���ام ‪.2013‬‬ ‫ولئن كان اهلم التارخي���ي للواليات املتحدة‬ ‫هو الرتكي���ز على مصادر الطاق���ة‪ ،‬وبالذات‬ ‫النف���ط يف ليبي���ا واجلزائر‪ ،‬ومس���اندة حلفاء‬ ‫تقليديني مثل تونس واململك���ة املغربية إبان‬ ‫احل���رب الباردة‪ ،‬فإن هذه السياس���ة اجلديدة‬ ‫أضفت بع���داً جديداً هو حمارب���ة اإلرهاب يف‬ ‫أعقاب هجمات ‪ 11‬سبتمرب ‪ ،2001‬وهجمات‬ ‫تنظي���م القاع���دة يف كيني���ا‪ ،‬وب���روز تنظيم‬ ‫القاعدة يف املغرب اإلسالمي‪ .‬وبالتالي هناك‬ ‫اهتم���ام أمريك���ي جديد مبا يس���مى اإلرهاب‬ ‫اإلس�ل�امي يف السياس���ة العاملي���ة األمريكية‪.‬‬ ‫إذن فالسياس���ة األمريكي���ة أصبحت تركز‬ ‫على حماربة تنظي���م القاعدة وإجياد حلفاء‬ ‫حملي�ي�ن يدعم���ون هذه السياس���ة هن���ا يأتي‬ ‫إنش���اء قي���ادة عس���كرية أمريكي���ة ألفريقي���ا‬ ‫تس���مى اف���روكام‪ ،‬ولكن حت���ى اآلن مل جند‬ ‫هلا حليف���اً إفريقياً ماع���دا جيبوتي والقاعدة‬ ‫العس���كرية احلديثة يف النيجر ألهميتها من‬ ‫خالل اس���تخدام الطائرات بال طيار ومراقبة‬ ‫احلدود بع���د أزمة مال���ي اليت يراه���ا صانعو‬ ‫اهليمن���ة األمريكي���ة كخط���ر جدي���د رمب���ا‬ ‫ي���ؤدى إىل أفغانس���تان أخ���رى يف الصح���راء‬ ‫الكربى‪.‬‬ ‫هنا البد من اإلش���ارة إىل أن الصراع يش���مل‬ ‫غنائم جتارة تهريب السالح والكحول والتبغ‬ ‫واهلجرة غري الشرعية مع احلدود اجلنوبية‪.‬‬ ‫ناهيك عن نش���اط اجلماعات األصولية مثل‬ ‫القاعدة يف بالد املغرب اإلسالمي كما انعكس‬ ‫يف تدريب ومش���اركة العديد من املتطوعني‬ ‫يف التنظيمات اإلسالمية اجلهادية يف جنوب‬ ‫اجلزائ���ر واحل���رب يف مش���ال مال���ي وبالذات‬ ‫يف منطق���ة أزواد واحلكوم���ة املركزي���ة يف‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫األحداث مثرية يف ليبيا هذا االسبوع‬ ‫ديفيد هريست – ترمجة عطية األوجلي‬ ‫ش���هدت األيام الس���بع املاضي���ة أحداث���اً مثرية‬ ‫يف ليبي���ا‪ .‬ضاب���ط كب�ي�ر يف اجلي���ش اللي�ب�ي‪،‬‬ ‫ل���ه ارتباطات اس���تمرت ثالثة عق���ود بوكالة‬ ‫االس���تخبارات األمريكية ( السي آي إيه)‪ ،‬يعلن‬ ‫ع���ن انق�ل�اب عس���كري وع���ن تعلي���ق الربملان‪.‬‬ ‫وجمموعتان مس���لحتان تس���ليحاً كثيفاً من‬ ‫الزنتان متهالن الربملان مخس ساعات للتنازل‬ ‫ع���ن مجيع صالحياته ثم متدد املهلة املمنوحة‬ ‫ل���ه حتى مس���اء اجلمع���ة‪ .‬ثم يرتاج���ع اخلطر‪،‬‬ ‫ولكن ليس قبل انتش���ار طابور من الش���احنات‬ ‫الصغ�ي�رة امل���زودة مبداف���ع مض���ادة للطائرات‬ ‫ح���ول دوار بالقرب م���ن املؤمتر الوط�ن�ي العام‬ ‫إنذاراً ملن قد تس���ول له نفس���ه أم���راً‪ .‬مل حيدث‬ ‫ش���يء‪ ،‬ول���ن يؤاخذك أح���د إذا م���ا خلصت إىل‬ ‫أن األم���ر كله مل يتعد م���ا بات أم���راً اعتيادياً‬ ‫يف طرابل���س‪ .‬إال أن األم���ر مل يك���ن كذل���ك‪،‬‬ ‫عل���ى األق���ل لي���س كذل���ك مل���ن انهمك���وا يف‬ ‫التفاصي���ل الدقيق���ة هلذه األح���داث‪ .‬وإلدراك‬ ‫من هي اجلهة اليت كانت حباجة إىل انقالب‬ ‫عس���كري لالستيالء على الس���لطة يف ليبيا‪ ،‬ما‬ ‫علي���ك إال الع���ودة إىل الثال���ث والعش���رين من‬ ‫يولي���و (متوز) م���ن العام املاضي‪ .‬فبعد أس���ابيع‬ ‫قليل���ة م���ن االنق�ل�اب ال���ذي أط���اح بالرئيس‬ ‫السابق حممد مرس���ي‪ ،‬حتدث توفيق عكاشة‪،‬‬ ‫وه���و مق���دم برنام���ج تلفزيون���ي يعت�ب�ر بوق���اً‬ ‫للمخابرات املصرية‪ ،‬عن احتياجني عسكريني‬ ‫ملح�ي�ن‪ ،‬أحدهم���ا يف غ���زة واآلخ���ر يف ش���رق‬ ‫ليبي���ا للقضاء عل���ى “اإلرهابي�ي�ن”‪ .‬إال أن قلة‬ ‫م���ن الناس حينها أخ���ذوا كالمه على حممل‬ ‫اجلد‪ .‬قبل أسابيع قليلة‪ ،‬بدأت األرضية لذلك‬ ‫مته���د من خ�ل�ال مقابالت أجراه���ا التلفزيون‬ ‫املصري مع ضابط اجلي���ش املخضرم الفريق‬ ‫خليفة حفرت ومع حممود جربيل الذي ش���غل‬ ‫منص���ب رئي���س ال���وزراء االنتقالي ملدة س���بعة‬ ‫ش���هور ونصف الش���هر والذي كان يف يوم من‬ ‫األيام وزير التخطي���ط يف نظام العقيد معمر‬ ‫الق���ذايف‪ .‬وكان جربي���ل ينتقد مب���رارة قانون‬ ‫الع���زل السياس���ي ال���ذي أقره الربمل���ان يف ليبيا‬ ‫والذي تقرر مبوجبه حرمان مس���ؤولي النظام‬ ‫الس���ابق من أمثاله من شغل مناصب حكومية‬ ‫يف العه���د اجلدي���د‪ .‬يف األس���بوع املاض���ي‪ ،‬أعلن‬ ‫حف�ت�ر يف ش���ريط فيدو مس���جل ب���أن القيادة‬ ‫القومي���ة للجي���ش اللييب أعلنت ع���ن انطالق‬ ‫حرك���ة جدي���دة خلارط���ة طريق‪ .‬ب���دا كما‬ ‫ل���و أن أماني البع���ض يف طريقها للتحقق لوال‬ ‫املوق���ف الصارم والس���اخط من قب���ل الربملاني‬ ‫اللي�ب�ي ال���ذي أعل���ن ع���ن إج���راء انتخاب���ات‬ ‫تش���ريعية جدي���دة يف الربي���ع‪ .‬ظ���ن خمططو‬ ‫االنقالب بأنهم قادرون على استغالل مناسبة‬ ‫الذكرى الثالثة إلسقاط نظام معمر القذايف‬ ‫لصاحله���م‪ .‬ه���ذا م���ا حص���ل يف مص���ر‪ ،‬فلماذا‬ ‫ال يتحق���ق يف ليبي���ا؟ ولك���ن م���ن ه���م ه���ؤالء‬ ‫املخططون لالنقالب؟ يف بيان نشر على موقع‬ ‫الفيس���بوك قيل إنه صادر عن “غرفة عمليات‬ ‫ثوار ليبيا”‪ ،‬واليت متثل تش���كيلة من املليشيات‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬مت توجيه إصبع االتهام حنو دولة‬ ‫اإلم���ارات العربي���ة املتح���دة‪ .‬زع���م البي���ان أن‬ ‫اإلمارات أنش���أت “خليتني أمنيتني”‪ ،‬إحداهما‬ ‫مهمتها إس���قاط الربملان اللييب والثانية‪ ،‬وهي‬ ‫يف العاصمة األردنية عمان‪ ،‬مهمتهما تنس���يق‬ ‫التغطي���ة اإلعالمي���ة‪ .‬ليبي���ا‪ ،‬ال�ت�ي غ���دت بكل‬ ‫بس���اطة جمموعة م���ن الدوي�ل�ات ‪ -‬دويلة يف‬ ‫كل مدين���ة‪ ،‬تكاد تغرق يف نظري���ات املؤامرة‪،‬‬ ‫وبلغت حالة الفوض���ى اليومية فيها أن أعضاء‬

‫إح���دى الوح���دات املس���لحة واملكلف���ة حبماية‬ ‫مط���ار بنغازي ق���رروا إقفال م���درج املطار يوم‬ ‫اإلثنني املاضي ألنهم مل يتسلموا رواتبهم منذ‬ ‫عدة ش���هور‪ .‬ولك���ن‪ ،‬ال يعين ذل���ك أن املؤامرات‬ ‫نفس���ها غري موج���ود‪ .‬فمصر ومولوه���ا ‪ -‬دولة‬ ‫اإلم���ارات العربي���ة املتح���دة واململك���ة العربية‬ ‫الس���عودية ‪ -‬لديه���م م���ن األس���باب م���ا يكف���ي‬ ‫للس���عي إلقام���ة نظ���ام م���وال يف ليبي���ا ذات‬ ‫الث���روة النفطية املعتربة‪ .‬م���ا تتلقاه مصر من‬ ‫أم���وال تصبها فيها دول اخلليج يس���تنزف أو ً‬ ‫ال‬ ‫بأول‪ ،‬وه���ي اآلن على أبواب أزم���ة وقود حادة‪،‬‬ ‫إذ يتوق���ع اخل�ب�راء أن يتجاوز اس���تهالك الغاز‬ ‫الطبيع���ي فيها يف ش���هر يوليو الق���ادم الكميات‬ ‫املتوف���رة لديها‪ .‬رغم أن املس���اعدات اخلليلجية‬ ‫املقدم���ة ملصر تش���تمل على ما قيمت���ه ‪ 4‬مليار‬ ‫دوالر م���ن املش���تقات النفطي���ة‪ ،‬إال أن الديزل‬ ‫اخلليج���ي ال يل�ب�ي احتياج���ات مصان���ع مصر‬ ‫املصمم���ة لتش���تغل بالغ���از الطبيع���ي‪ .‬ولذلك‪،‬‬ ‫فإن حقول ليبيا اليت تكاد تكون خاملة تش���كل‬ ‫ً‬ ‫بدي�ل�ا جذاب���اً كمص���در للنف���ط‪ .‬الصدم���ة‬ ‫الك�ب�ري ه���ذا األس���بوع مل تنجم ع���ن حماولة‬ ‫االنق�ل�اب العس���كري‪ ،‬وإمن���ا ع���ن حقيق���ة أن‬ ‫ش���يئاً مل حي���دث على اإلطالق رغ���م أن الذين‬ ‫خطط���وا لالنقالب اس���تخدموا كافة الذرائع‬ ‫املواتية‪ :‬الس���خط الش���عيب الع���ام يف الذكرى‬ ‫الس���نوية الثالثة للثورة‪ ،‬والربملان الذي يعاني‬

‫ش���بح ذلك التصري���ح‪ .‬فطبقاً لربقية س���ربتها‬ ‫وكيليكس‪ ،‬كان حممد بن زايد يس���خر من‬ ‫الطريق���ة ال�ت�ي كان يتأت���ئ بها أثن���اء حديثه‬ ‫ول���ي عه���د الس���عودية الس���ابق األم�ي�ر ناي���ف‬ ‫بن عب���د العزيز‪ ،‬فق���ال خماطباً الدبلوماس���ي‬ ‫األمريكي ريتش���ارد هآس “لق���د كان داروين‬ ‫حمقاً” حني قال بأن األنواع تتطور من أس���فل‬ ‫إىل أعل���ى‪ ،‬قاصداً بذل���ك أن األمري نايف كان‬ ‫يش���به الق���رد يف تصرفات���ه‪ .‬مل ين���س ابن ولي‬ ‫العهد السعودي ‪ -‬األمري حممد بن نايف ‪ -‬ومل‬ ‫يغفر تل���ك اإلهانة اليت حلقت بوالده‪ .‬يش���غل‬ ‫الي���وم حممد بن نايف منص���ب وزير الداخلية‬ ‫يف اململكة العربية الس���عودية‪ ،‬وآلت إليه املهام‬ ‫األمني���ة ال�ت�ي كان���ت يف ي���وم من األي���ام من‬ ‫اختص���اص األم�ي�ر بن���در ب���ن س���لطان رئيس‬ ‫املخاب���رات الس���عودية‪ ،‬والذي كان ج���زءاً من‬ ‫حمور حممد بن زايد‪ .‬فحينما اجتمع مسؤولو‬ ‫االس���تخبارات الغربي���ة والعربي���ة مؤخ���راً يف‬ ‫واش���نطن يف لق���اء مل���دة يوم�ي�ن للتباحث حول‬ ‫االس�ت�راتيجية األمنية حضر االجتماع ممث ً‬ ‫ال‬ ‫عن اململكة العربية الس���عودية وزير الداخلية‬ ‫حممد ب���ن ناي���ف ومل حيضره بندر‪ .‬حبس���ب‬ ‫االنطب���اع ال���ذي أخ���ذ يتش���كل بازدي���اد كانت‬ ‫معاجل���ة بندر ملل���ف الثوار يف س���وريا معاجلة‬ ‫مضطرب���ة‪ ،‬ولذل���ك فق���د مت اآلن س���حب هذا‬ ‫امللف منه أيضاً‪ ،‬وحولت الصالحيات السياسية‬

‫من االنقس���ام واخلل���ل الوظيفي‪ ،‬واملليش���يات‬ ‫العس���كرية ال�ت�ي ترف���ض ح���ل نفس���ها‪ .‬متثل‬ ‫األحداث اليت شهدتها ليبيا هذا األسبوع إخفاقاً‬ ‫آخر يف سلس���لة من اإلخفاق���ات اليت منيت بها‬ ‫سياس���ة ولي عه���د اإلمارات الش���يخ حممد بن‬ ‫زايد الذي اتهمه بيان غرفة عمليات ثوار ليبيا‬ ‫ب���إدارة “اخللية األمنية” بالتعاون مع س���اعده‬ ‫األمي���ن حمم���د دح�ل�ان‪ ،‬القائ���د الفتح���اوي‬ ‫السابق يف قطاع غزة‪ .‬لقد صنع حممد بن زياد‬ ‫لنفسه أعداء شرس�ي�ن يف منطقة اخلليج اليت‬ ‫يشكل أحد حماورها‪ .‬فقد بدأت التصدعات يف‬ ‫العالق���ات اإلماراتي���ة الس���عودية تظهر جبالء‬ ‫بس���بب الصفقة اليت أبرمتها الواليات املتحدة‬ ‫األمريكي���ة م���ع اإليراني�ي�ن ح���ول الربنام���ج‬ ‫الن���ووي‪ ،‬ففي الوق���ت الذي بذلت في���ه اململكة‬ ‫العربية الس���عودية جهوداً كبرية يف معارضة‬ ‫ه���ذه الصفق���ة وإقن���اع األط���راف األخ���رى‬ ‫مبعارضتها‪ ،‬س���ارعت دولة اإلم���ارات العربية‬ ‫املتح���دة إىل الرتحي���ب به���ا‪ .‬قب���ل أح���د عش���ر‬ ‫عام���اً‪ ،‬كان حمم���د ب���ن زايد قد صرح بش���كل‬ ‫عابر بش���يء ألح���د الدبلوماس���يني األمريكان‪،‬‬ ‫وه���ا ه���و الي���وم جيد نفس���ه مط���ارداً م���ن قبل‬

‫ال�ت�ي كان���ت بي���د بن���در إىل وزي���ر اخلارجية‬ ‫الس���عودي‪ .‬وبأفول جنم بندر ينكش���ف حممد‬ ‫ب���ن زايد أكث���ر ويصبح أكث���ر عرضة للنقد‬ ‫م���ن قبل ش���يوخ اإلم���ارات م���ن أمثال الش���يخ‬ ‫حممد بن راش���د آل مكتوم‪ ،‬حاكم دبي‪ .‬فعلى‬ ‫النقي���ض من أب���و ظيب‪ ،‬وهي اإلم���ارة األكرب‬ ‫يف الدول���ة‪ ،‬تق���وم ث���روة دب���ي عل���ى التج���ارة‬ ‫وعل���ى الس���معة يف احملاف���ل الدولي���ة‪ ،‬ولي���س‬ ‫على النفط‪ .‬ولذلك فإن دبي س���تتكبد خسائر‬ ‫مج���ة إذا ما أخفقت مغام���رات حممد بن زايد‬ ‫اخلارجية يف كل م���ن مصر وليبيا‪ ،‬وكذلك‬ ‫يف يف اليمن‪ .‬وقد نال حممد بن زياد نقد أيضاً‬ ‫بس���بب متويل���ه للتدخ���ل الفرنس���ي يف مال���ي‪.‬‬ ‫يستدل من اخلصومات واملنافسات‪ ،‬ليس فقط‬ ‫فيما بني الدول اخلليجية وإمنا أيضاً فيما بني‬ ‫القوى املتنف���ذة يف كل منها‪ ،‬عل���ى أن الوضع‬ ‫القائم يف الشرق األوسط لن يدوم طوي ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫•نش���ر يف هافينغت���ون بوس���ت بتاري���خ ‪21‬‬ ‫شباط‪ /‬فرباير ‪2014‬‬

‫‪11‬‬ ‫املمثل اخلاص لألمم‬ ‫املتحدة يلتقي برئيس‬ ‫املفوضية الوطنية‬ ‫العليا لالنتخابات‬ ‫وأعضاءاملؤمتر‬ ‫الوطين العام‬

‫زار املمث���ل اخلاص لألمني الع���ام لألمم املتحدة‬ ‫ط���ارق م�ت�ري ي���وم اخلمي���س ‪ 20‬فرباي���ر مقر‬ ‫املفوضي���ة الوطنية العلي���ا لالنتخابات واجتمع‬ ‫إىل رئيس���ها الس���يد ن���وري العب���ار‪ ،‬وهن���أه على‬ ‫اجله���ود ال�ت�ي بذلته���ا املفوضي���ة وأثن���ى عل���ى‬ ‫التنظي���م احملك���م النتخاب���ات هيئ���ة صياغ���ة‬ ‫الدس���تور‪.‬كما زار عددا من مراكز االنتخابات‬ ‫مش���ددا عل���ى أن عملي���ة وض���ع الدس���تور لبن���ة‬ ‫أساسية يف بناء الدولة اجلديدة اليت على مجيع‬ ‫الليبني أن يش���اركوا يف تشييدها‪.‬والتقى املمثل‬ ‫اخل���اص لألمني الع���ام يوم األربع���اء ‪ 19‬فرباير‬ ‫بأعضاء من املؤمتر الوط�ن�ي العام ميثلون جلان‬ ‫اخلارجي���ة والداخلي���ة واألمن القوم���ي والدفاع‬ ‫من أجل شرح املساعي اليت قامت بها بعثة األمم‬ ‫املتح���دة للدع���م يف ليبيا مؤخ���را لتخفيف حدة‬ ‫التوت���ر الذي يس���ود الس���احة السياس���ية الليبية‬ ‫ولتغليب لغة احلوار على منطق القوة والس�ل�اح‬ ‫حقنا لدماء الشعب اللييب‪.‬وأكد املمثل اخلاص‬ ‫لألم�ي�ن الع���ام خ�ل�ال ه���ذا اللق���اء أن الغ���رض‬ ‫األساس���ي لبعثة األم���م املتحدة للدع���م يف ليبيا‬ ‫ه���و تقدي���م يد املس���اعدة للش���عب اللييب وكرر‬ ‫موق���ف البعث���ة احلي���ادي إزاء كل األط���راف‪،‬‬ ‫واحرتامه���ا للس���يادة الوطني���ة وع���دم التدخ���ل‬ ‫يف الش���ؤون الداخلي���ة الليبي���ة‪ .‬كما ش���دد على‬ ‫موقف البعثة الثابت والداعم لشرعية املؤسسات‬ ‫املنتخبة وعلى دور هذه األخرية يف تأمني انتقال‬ ‫السلطة هليئة منتخبة مبا مينع حدوث أي فراغ‬ ‫دستوري‪.‬‬ ‫وش���دد املمث���ل اخل���اص لألمني الع���ام على عدم‬ ‫اس���تعمال القوة يف تس���وية اخلالفات السياسية‪،‬‬ ‫موضح���ا أن البعث���ة مل تتق���دم بأي مب���ادرة ومل‬ ‫تق�ت�رح مهلة زمنية أي���ا كانت مدته���ا‪ .‬وأعطى‬ ‫نب���ذة مفصلة عن ما قامت به البعثة من مس���اع‬ ‫خالل األش���هر األخرية لتقري���ب وجهات النظر‬ ‫م���ن خالل تيس�ي�ر انعقاد سلس���لة م���ن اللقاءات‬ ‫التش���اورية م���ع خمتل���ف الفرق���اء السياس���يني‬ ‫بغية التوص���ل إىل توافق خيدم مس���ار االنتقال‬ ‫الدميوقراطي ويصب يف مصلحة الشعب اللييب‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫‪) )2014‬‬ ‫مارس‪2014‬‬ ‫فبراير‪33- -‬مارس‬ ‫‪25‬فبراير‬ ‫‪25( (- -) )146‬‬ ‫العدد( (‪146‬‬ ‫الرابعة‪- -‬العدد‬ ‫السنةالرابعة‬ ‫السنة‬

‫ليلة يف تينريي‬ ‫ترمجة ‪ :‬ساسي محام‬ ‫ــ سئمنا! رئيس‪ ،‬حنن ننام قلي ً‬ ‫ال‪.‬‏‬ ‫ً‬ ‫قلي�ل�ا‪ ،‬لقد كان‬ ‫ـــ حس���ناً س���يد موس���ى‪ ،‬ننام‬ ‫اليوم شاقاً!‏‬ ‫ــــــــــــــ���ـ آه نع���م‪ ،‬مقرف���ة الصحراء دائم���اً! دائماً‬ ‫مقرف���ة‪ ،‬دائم���اً مقرفة‪ ..‬دائماً‪ ..‬من���ذ أن غادرنا‬ ‫شجرة "تينريي" اليت أصبحت تسمى تـ‪ .‬صابني‬ ‫ثقب���ت عجلة الس���يارة ثالث���ة م���رات‪ ،‬مل يعد‬ ‫الشيخ موسى أغ أتوال "سائقي ودليلي حيتمل‪،‬‬ ‫إنه يس���بح‪ ،‬من خ�ل�ال لثام���ه النيل���ي الذي ال‬ ‫يفارقه أبداً‪ ،‬ينضح عرقاً أزرق‪ ،‬يشعر بالعطش‬ ‫منهك مثلي متاماً‪ ،‬نزع وتلصيق ونفخ وإرجاع‬ ‫عج�ل�ات س���يارة "الالن���دروف" الثقيل���ة عل���ى‬ ‫أرض رملي���ة رخوة مثل القطن‪ ..‬األحناء مرة‪،‬‬ ‫مرتني‪ ،‬عش���ر م���رات‪ ،‬اإلقعاء‪ ،‬االس���تلقاء على‬ ‫الظه���ر‪ ،‬على اجلنب‪ ،‬على البطن‪ ،‬الزحف على‬ ‫الرم���ال املتحرك���ة كأبش���ع الزواح���ف‪ ..‬إننا‬ ‫منهكني‪..‬‏‬ ‫الش���مس تغرق يف جتاعي���د الكثب���ان الصهباء‪،‬‬ ‫ظهر قم���ر عظيم المع يرتع���ش يف مساء ذات‬ ‫صف���اء مده���ش ‪...‬الصم���ت‪ ..‬الصم���ت مطبق‪..‬‬ ‫الس���يد موس���ى يدور بنش���اط حول إن���اء قديم‬ ‫ممل���وءاً فحماً‪ ،‬يش���عل بصعوب���ة ن���اراً تأبى أن‬ ‫تتأج���ج يطب���خ عليها ش���ايا بالنعن���اع‪ ،‬ال ميكن‬ ‫أن نتص���ور حياة الطارقي بدون هذا املش���روب‬ ‫الس���اخن الذي يقطع األنف���اس‪ ،‬يف كل مكان‬ ‫ويف كل زم���ان ت���راه جالس���اً القرفص���اء أو‬ ‫مس���تلقياً على جنبه يرتشف "ش���رابه املفضل"‬ ‫ع���ادة يكون صوتاً حذراً‪ ،‬كأس���ان صغريان من‬ ‫الش���اي يثريانه ويفكان عقدة لسانه ويدفعانه‬

‫بقلم‪ :‬عبدوالي ماماني (النيجر)‬

‫للبوح‏‬ ‫ يا اهلل! ويش! كل شيء تغري‪ ..‬العامل انتهى‏!‬‫نزع الس���يد موس���ى لثامه وتركه يسقط على‬ ‫األرض كثعب���ان ممزق األوص���ال‪ ،‬حرر فمه‬ ‫املأس���ود من���ذ الفجر‪ ،‬لي���س للرج���ل الطارقي‬ ‫أي ثق���ة يف فمه‪ ،‬يقول أن الف���م خيرج القبيح‬ ‫والطي���ب وم���ن الف���م تتدف���ق أطي���ب األش���ياء‬ ‫وأخبثه���ا‪ ،‬ميك���ن أن خي���ون أن يش���تم ويك���ون‬ ‫الس���بب يف إش���عال احلروب‪ ،‬كما يستطيع أن‬ ‫ينافق ويق���ول كالماً معس���و ً‬ ‫ال‪ ،‬الفم املغلق ال‬ ‫يدخله اهل���واء‪ ،‬الرمل‪ ،‬الذباب‪ ،‬اجل���ان‪ ،‬األرواح‬ ‫الش���ريرة‪ ،‬مفتوح���اً ميكن أن يك���ذب‪ ،‬أن يقول‬ ‫كلمات جارحة كما ميكن للفم أن يلني قلب‬ ‫املرأة كما ميكن أن يقطع العنق الذي حيمله‪.‬‏‬ ‫تنحنح الس���يد موس���ى بصوت مرتف���ع وبصق‬ ‫بعنف بعيداً يف الرمل‪ ،‬إنه يريد أن يبوح بشيء‬ ‫وه���و يع���رف أني أمسع���ه‪ ،‬ال يه���م إن كنت ال‬ ‫أمسع���ه‪ ،‬س���يتكلم س���يبوح للري���ح‪ ،‬للصم���ت‪،‬‬ ‫للرمال‪ ،‬س���يتكلم ليش���عر بالراحة وخيرج من‬ ‫العزلة ولكنه يعرف أني أمسعه‪.‬‏‬ ‫يس�ت�رجع الس���يد موس���ى الزمن‪ ،‬يتحدث عن‬ ‫ماضيه‪ ،‬عن قبيلته‪ ،‬عن حياته وعن هذا الزمن‬ ‫الذي مل يعد يفهمه‪.‬‏‬ ‫السيد موسى آغ أتوال ينحدر من ساللة نبيلة‬ ‫من جنس عرف بالش���هامة وبالشجاعة؟ إنهم‬ ‫أس���ياد أرض العطش بدون من���ازع‪ ،‬يف خريف‬ ‫عمره قصت عليه أمه قريبة "فريهو" الرهيب‪،‬‬ ‫قصة عائلته‪ ،‬أب���وه "أتوال آغ محدان" كان إىل‬ ‫جان���ب املقاتل املقدام يف معركة "فيس���لينفي"‬

‫املشهودة اليت اعرتفت فيها األسلحة الفرنسية‬ ‫احلديثة بشجاعة السيف والرمح مع "قريمون‬ ‫آغ أنصار آغ أنابار آغ كادا آغ كاريدانا" وشرف‬ ‫وكرامة كل حوادث األمس واليوم‪.‬‏‬ ‫أب���وه كان ضم���ن ه���ؤالء احملارب�ي�ن البواس���ل‬ ‫الذين خل���دوا القبيلة وجلبوا هل���ا احرتام كل‬ ‫ب ّر الس���احل‪ .‬طوارق ما قبل االس���تعمار كانوا‬ ‫أش���داء! كل من قاتل هؤالء احملاربني األشداء‬ ‫يعرتف���ون باس���تهانتهم للموت‪ .‬حت���ى الضباط‬ ‫البي���ض الذين هزموه���م مل خيف���وا إعجابهم‬ ‫ببسالتهم وإقدامهم وشجاعتهم‪.‬‏‬ ‫لقد كتب العقيد "مورو" الذي غزا افريقيا يف‬ ‫كنش طريق "زيندار ‪-‬تشاد"‪:‬‏‬ ‫"عندم���ا انفج���رت الش���حنة‪ ،‬ج���رى اثن���ان من‬ ‫الط���وارق كان���ا وحيدي���ن‪ ،‬الس���يف يف الي���د‬ ‫وال�ت�رس يعل���وه ال���رأس‪ ،‬يه���روالن يتس���لقان‬ ‫الرم���ل‪ ،‬ترك���زت الطلق���ات عليهم���ا‪ ،‬واص�ل�ا‬ ‫جريهم���ا متفادي�ي�ن الطلق���ات‪ ،‬س���قط األول‬ ‫على بعد مخس�ي�ن قدماً‪ ،‬واص���ل الثاني وحيداً‪،‬‬ ‫ال أدري ع���دد الطلق���ات ال�ت�ي أصابت���ه رأي���ت‬ ‫حت���ت اللث���ام عيني���ه غائرت�ي�ن وأخرياً س���قط‬ ‫على بعد عش���رين قدما م���ن احلراب‪ ،‬يتصدى‬ ‫وحيداً‪ ،‬راج ً‬ ‫ال بيده س���يف جملموعة من اجلنود‬ ‫املدججني بالس�ل�اح‪ ..‬ه���ذا بطل‪ ..‬لق���د أبهرتنا‬ ‫شجاعته"‪.‬‏‬ ‫نعم! إنه من جنس املقاتلني األشاوس الذين ال‬ ‫خيش���ون اهلل وال خيافون الش���يطان يفعلون ما‬ ‫يريدون‪ ،‬يعتربون أنفسهم فوق اجلميع"‪.‬‏‬ ‫الس���يد موس���ى يتذكر فرتات عصيبة بس���بب‬ ‫الفوضى اليت كانت سائدة قبل توطيد "السلم‬ ‫الفرنس���ي" يتذكر كذل���ك صخب وضجيج‬ ‫املهارى اليت متلكها القبيلة واليت جتوب أرجاء‬ ‫الصحراء املرتامية األطراف بكل ش���جاعة من‬ ‫"هفار" البعيدة إىل "تبسيت"‪.‬‏‬ ‫ميتطون املهارى السريعة اليت ال تعرف التعب‪،‬‬ ‫يتعقبون القوافل احململة ملحا مستخرجاً من‬ ‫مناج���م "ت���اوو داني���ت" و"بيلم���ا" ويتجهون يف‬ ‫جمموع���ات جريئة حنو ضف���اف "جوليبا" (‪)1‬‬ ‫اخلض���راء أي���ن متر أغن���ام الرع���اة الصموتني‪.‬‬ ‫مل يس���تطع أح���د أن يزامحه���م عل���ى اهليمنة‬ ‫على نق���اط املي���اه والنخيل ومراع���ي الواحات‬ ‫اجلميلة‪.‬‏‬ ‫أصبح الس���يد موسى اليوم س���ائقاً يقود سياحاً‬ ‫مس���املني مثقل�ي�ن ب���آالت التصوي���ر املختلف���ة‬ ‫األش���كال واألحج���ام‪ ،‬يف خري���ف عمره جيوب‬ ‫مس���املاً نفس ه���ذه الصحراء اليت خ���اض فيها‬ ‫وقبيلت���ه أعن���ف املع���ارك وملؤوه���ا بصياحهم‬ ‫وقرقعة س���يوفهم يتذكر السيد موسى اليوم‬ ‫ال���ذي باغته���م في���ه جمموع���ة م���ن املقاتل�ي�ن‬ ‫الزن���وج عند رجوعه���م منتصرين م���ن إحدى‬ ‫الغارات املثمرة‪ ،‬لقد س���قطوا ب�ي�ن أيدي هؤالء‬ ‫الزن���وج أبناء العبيد الذي���ن قادوهم إىل حصن‬ ‫"أقادي���ز" أين عرفوا ذل اهلزمية‪ .‬لقد كبلوهم‬ ‫باألغالل مثل األمحرة الثائرة وسجنوهم بني‬ ‫أربعة جدران‪ ،‬بعض أبن���اء الفضاء املطلق لقوا‬ ‫حتفهم ببطء حتت أنظار جالديهم القاس���ية‪،‬‬ ‫حرموه���م م���ن الش���اي والتمر وحلي���ب النوق‬

‫وأطعموهم حبوبا وماء مات البعض باإلس���هال‬ ‫أو بسوء اهلضم أما البعض اآلخر وهم األشجع‬ ‫فقد انتحروا وغ���ادر الذين جنوا مكان اخلزي‬ ‫والعار‏‪.‬‬ ‫متزق���ت القبائ���ل ومل���ت النس���اء اجلمي�ل�ات‬ ‫الرقيقات ذات العيون املتقدة فمارسن الرذيلة‬ ‫وأجننب للغازين هجناء رائعني‪ .‬التحق الس���يد‬ ‫موس���ى يف نهاية املط���اف بالقومي (‪ )2‬وأصبح‬ ‫ً‬ ‫عمي�ل�ا خملصاً للبيض يالح���ق إخوانه الذين‬ ‫رفض���وا اخلض���وع لقد عم���ل باملث���ل الطوارقي‬ ‫ال���ذي ينص���ح "أن تقب���ل الي���د ال�ت�ي تعجز عن‬ ‫قطعها ‏"‬ ‫اهلل أكرب‏!‬‫تنبج���س من أعم���اق الزمن‪ ،‬همهم���ة حزينة‪،‬‬ ‫حل���ن كئي���ب ح���د امل���وت "أو قميدين" نش���يد‬ ‫احل���رب الطوارقي القديم املش���هور مثل اللثام‪،‬‬ ‫مج���ع يف بداي���ة الق���رن يف عم���ق "اهلق���ار" من‬ ‫طرف رجل الدين "شارل دي فوكو" ‪ -‬صديق‬ ‫الرجال الزرق‪ -‬اغتيل من طرف الرجال الذين‬ ‫أحبهم‏‪.‬‬ ‫بقي���ت مدة م���ن الزم���ن يف اخلي���ام وراء جنود‬ ‫ت‬ ‫احلملة ثم ذهب ‏‬ ‫أنا وبرد الشتا ‏ء‬ ‫ض‬ ‫انطلقنا للقاء بعضنا البع ‏‬ ‫كنت أمش���ي بس���رعة يف الصحراء‪ ،‬متس���لحاً‬ ‫بشحنة من الصرب ال ميكن أن تضعف أو تلني‪.‬‏‬ ‫نزلت يف وادي "تارات" حمشو يف ثيابي الضيقة‬ ‫ومس���تعد للمعرك���ة كن���ت عل���ى عجلة من‬ ‫أمري وأحترق شوقاً للهجوم‏‪.‬‬ ‫آم���ا‪ .‬ال�ت�ي كان���ت تتمن���ى اللقاء‪ ،‬جت���ري اآلن‬ ‫لتحتم���ي باجلب���ل كأروة ‪ ...‬بقي���ت واقف���اً يف‬ ‫س���فح اجلب���ل‪ ،‬أمس���ع آخ���ر أخب���ار احملادث���ات‬ ‫الدائ���رة كان قل�ب�ي يغل���ي ثورة وال أس���تطيع‬ ‫تهدئته‏‪.‬‬ ‫تركت قطعان العدو هلواة السطو‏‪.‬‬ ‫لقد حاصروهم‪ ،‬س���دّوا أمامه���م مجيع املنافذ‪،‬‬ ‫لق���د وقع���وا يف األس���ر مل أوقف امله���ارى قرب‬ ‫النوق وصغارها‪.‬‏‬ ‫علي شق صفوف األعداء دون أن يصيبين‬ ‫كان ّ‬ ‫مكروه‪ ،‬آه لو مل ختين يدي يف بداية املعركة‏‪.‬‬ ‫وبعد ذلك ساد الصمت‏‪.‬‬ ‫قريب���اً م���ن املوق���د احلق�ي�ر ال���ذي ب���دأت ناره‬ ‫تنطف���ئ‪ ،‬انط���وى الس���يد موس���ى على نفس���ه‬ ‫وانثن���ى عل���ى الرم���ل‪ .‬دف���ن رأس���ه يف عباءت���ه‬ ‫املصنوعة من الصوف الس���ميك ذات اخلطوط‬ ‫امللون���ة ‪ -‬هل ه���و نوم املس���افرين الثقيل الذين‬ ‫أنهكهم العطش والتعب بعد يوم ش���اق ‪ -‬أم هو‬ ‫ب���كاء اليأس املكبوت؟ هل هو نائم أم يبكي؟ لقد‬ ‫تركين السيد موسى يف عزلة "تينريي"‪.‬‏‬ ‫اس���تلقيت عل���ى ظه���ري‪ ،‬يف كب���د الس���ماء‬ ‫األرجوانية قمر كبري يرسل فيضاً من األشعة‬ ‫على حبر من الرمال ال حدود له "الكون يغرق‬ ‫يف الصمت والسكون أس���تمع إىل الصمت‪ ،‬هذا‬ ‫الصمت املذهل هذا الصمت املدهش‏‪.‬‬ ‫جتوس يدي يف الرمل‪ ،‬تغوص متاماً يف نداوته‬ ‫املعدني���ة‪ ،‬طاهر ونظيف مث���ل البحر‪ ،‬نقي‪ ،‬ال‬ ‫تش���وب نقاوته ذرة تراب‪ ،‬رمل مغربل بأصابع‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫‪13‬‬

‫من أشعار الشاعرة الليبية نور‬ ‫اهلدى املصري‬ ‫ترمجة ‪ :‬عبد الرمحن شلقم‬

‫إالهية‪ ،‬ليس أنظف من حبات الرمل اليت‬ ‫تذروه���ا الرياح دون انقط���اع‪ ،‬وهذه الربى‬ ‫ال�ت�ي تتض���اءل تدرجيي���اً حت���ى تضمحل‬ ‫متاماً ثم ال تلبث أن تولد من جديد أكثر‬ ‫نقاء‪ ،‬أتأمل السماء حتى اإلنتشاء‪ ،‬النجوم‬ ‫تت�ل�أأل كاألحجار الكرمية تنس���اب على‬ ‫الكثب���ان الش���بحية‪ ،‬جنوم جدي���دة‪ ،‬جنوم‬ ‫حبج���م اإلنس���ان أقم���ار صناعي���ة تتاب���ع‬ ‫مسارها األزلي حول األرض‪.‬‏‬ ‫اآلن أرخ���ى اللي���ل س���دوله عل���ى الك���ون‪،‬‬ ‫فأصب���ح الفراغ مطبق���اً والصم���ت مهيباً‪،‬‬ ‫صمت جيعل اإلنس���ان يفك���ر يف ذاته دون‬ ‫أن يشعر‪ ،‬هنا تزول كل عالقات اإلنسان‬ ‫الطبيعي���ة واالصطناعي���ة أم���ام الطبيعة‬ ‫املمت���دة إىل الالنهاي���ة تتع���رى الذات وال‬ ‫تبل���غ درج���ة الفي���ض إال يف مث���ل ه���ذه‬ ‫األماكن لقد كنت أشعر بانتشاء روحي‬ ‫وبلذة مادية يس���ببها النسيم الذي يداعب‬ ‫كل جسدي‪ .‬كنت أشعر يف هذه العزلة‬ ‫باحلري���ة املطلق���ة وب���أن روح���ي حتّل���ق‬ ‫بعيداً‪.‬‏‬ ‫نع���م إن الصح���راء ترج���ع لإلنس���ان‬ ‫إنس���انيته‪ ،‬الع���راء والتج���رد والبس���اطة‬ ‫جترب اإلنس���ان عل���ى االلتحام باإلنس���ان‬ ‫القدي���م‪ ،‬تضع���ه وجه���اً لوج���ه م���ع ذات���ه‪،‬‬ ‫وحي���داً تس���قط األقنع���ة وال يبق���ى غ�ي�ر‬ ‫اهلم‪ :‬اإلنس���ان الضغيف‪ ،‬الذلول‪ ،‬الطيب‪،‬‬ ‫إنس���ان الصباح اجلديد‪ ،‬زي���ادة على هدوء‬ ‫الصح���راء العمي���ق الذي يس���ببه الصمت‬ ‫يزي���ل األح���زان‪ ،‬يهدئ األعص���اب وميكن‬ ‫اإلنسان من التغلب على كل ما هو خبيث‬ ‫وعل���ى كل ما هو اصطناعي وعلى التافه‬ ‫يف حياته ويغوص يف نبع ذاته العميق‪.‬‏‬ ‫أصيخ السمع‪ ،‬ال يعكر شيء السكينة اليت‬

‫أشعر بها‪ ،‬نعم رجفة خفيفة‪ ،‬نفحة هواء‬ ‫يب���دو أنها تقلب طبق���ات الصمت العميق‬ ‫مث���ل صرخ���ة يطلقه���ا عفري���ت الكثبان‬ ‫الرملية عندما يشعر بالفزع واليت حتدث‬ ‫عن���ه الرح���ل القدام���ى‪ .‬ويغ���رق الليل يف‬ ‫س���كينته املدهش���ة‪ .‬ليل رائ���ع‪ ،‬ليل مهيب‪،‬‬ ‫ولك���ن م���ن يق���ول أن الليال���ي يف رم���ال‬ ‫"تينريي" ويف هذه الصحراء الس���اكنة ال‬ ‫متر دون عواصف؟‏‬ ‫بع���د أن طافت حبات الرم���ل جبنون على‬ ‫ه���ذه الفي���ايف وج���دت كل حب���ة مكانه���ا‬ ‫العابر على الكثبان‏‪.‬‬ ‫أتث���اءب‪ ،‬تثق���ل أجفان���ي‪ ،‬أش���عر بال�ب�رد‪،‬‬ ‫يراودن���ي النع���اس ولك�ن�ي ال أس���تطيع‬ ‫التخل���ص م���ن س���حر ه���ذه اللحظ���ات‬ ‫اللذيذة املش���بعة صمتاً يف ضوء القمر من‬ ‫فتنة كل ماهو خاو من اجلوهر اإلنساني‬ ‫إىل روعة هذا املطلق املدهش‪.‬‏‬ ‫ولكن كوكب "الزه���رة" امحر من جهة‬ ‫الشرق معلنة أن الليل أوشك على نهايته‬ ‫وشرعت أش���عة الفجر تطرد ببطء وبكل‬ ‫إص���رار العتم���ة املعشش���ة ب�ي�ن جتاويف‬ ‫الربى ويستقر النظر على الكثبان املمتدة‬ ‫يف خط���وط متوازي���ة يهدهده���ا النس���يم‬ ‫فيك���ون فوقه���ا موج���ات صغ�ي�رة‪ .‬الش���اي‬ ‫يغلي يف براد الس���يد موس���ى ال���ذي أقعى‬ ‫متجهاً حنو الشرق يشكر السماء على هذا‬ ‫الي���وم اجلديد‪ .‬يوم آخر رتيب ش���بيه بكل‬ ‫أي���ام الصحراء يغ���رق يف جلج م���ن النور‬ ‫تسيل بغزارة‏‪.‬‬ ‫‪ -1‬نهر يف النيجر (املرتجم)‏‬ ‫‪ -2‬فئ���ة متعاونة مع االس���تعمار‪ .‬عرفت‬ ‫يف مش���ال افريقي���ا بنف���س ه���ذا االس���م‬ ‫(املرتجم)‏‬

‫أخي ‪ ،،‬هل ؟‬ ‫أخي ‪ ،‬هل تالمس العش���ب الندي حتت‬ ‫قدميك ؟‬ ‫عندما متتد لتطرح نظراتك لفس���حة‬ ‫السماء‬ ‫ه���ل تس���ري يف األرض‪ ،‬ه���ل تش���عر‬ ‫حبرارتها؟‬ ‫الشمس وجهَك احلازم‬ ‫حيث تدفئ‬ ‫ُ‬ ‫هل ستعاود رفقيت؟‪.‬‬ ‫‪ .‬أكانت الطهار ُة كل ثروتك‬ ‫رغم احللم األليم‬ ‫َّق���ت ؟ ‪،‬أكان مؤملاً‬ ‫رأيت عندما حد َ‬ ‫ه���ل َ‬ ‫أن ترى العامل حولك يتأمل ؟‬ ‫ُ‬ ‫الراحة حاملا ُقبضت؟‪.‬‬ ‫هل جاءتك‬ ‫لقد محلتين ومحل ُتك مرات‬ ‫أالمست كل َّ‬ ‫َ‬ ‫اهلزات ؟‬ ‫ْ‬ ‫أم َ‬ ‫السد ؟‬ ‫كنت وراء ُّ‬ ‫**‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الرحيل‬ ‫تركت‬ ‫أخي ‪ ..‬لقد‬ ‫َّ‬ ‫وكل أسئليت الصامتة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الزمن الذي لن أسرتدُّه‬ ‫احلزن‪ .‬ذاك‬ ‫إنه‬ ‫لذا ‪ ،‬انا أصلي كي جتد ا‬ ‫لسال َم والثواب‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫إستمع‬ ‫إستمع‪ ،،‬التقل أي شيء‬ ‫تأمل صامتاً ‪ ،‬هنا الشىء‬ ‫قف‬ ‫ف ّْكر وفكك‬ ‫ال ته ّو ْن وال تسخر‬ ‫أآلن تكلم‬ ‫*‬ ‫‪2‬‬ ‫الكلمات‬ ‫ُ‬ ‫الكلمات حناج ُر قاطعة‬ ‫عجباً ‪،‬أما زلت هنا !‬ ‫ول ُه هذا أم وسواس أم تقديس ؟‬

‫ُ‬ ‫أركض حنوك‬ ‫انا‬ ‫حب احلياة ‪.‬‬ ‫‪،‬‬ ‫حلمي‬ ‫قتلوا‬ ‫َّ‬ ‫إنطفأ النور ‪ ،‬أنا يف الظالم‬ ‫يف النزيف أتنفس‬ ‫يف الوجع أتقلب‬ ‫تتقلب معي‬ ‫وأنت يا حبييب‬ ‫ُ‬ ‫‪3‬‬ ‫َ‬ ‫إبق معي‬ ‫إبقى معي‬ ‫التتربم من شيء‬ ‫أنظر عرب عيوني‬ ‫ُخ ْذ يدي‬ ‫َ‬ ‫الباب‬ ‫وإذا‬ ‫فتحت َ‬ ‫ال تدعه يف الفراغ‬ ‫َ‬ ‫الدخول‬ ‫هات‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ك ْن غطائي ‪ ،‬غطين‬ ‫ً‬ ‫ننسج صدفة حتمينا‬ ‫هيا ُ‬ ‫أخفض الستار َة‬ ‫ِّ‬ ‫الشمس‬ ‫غط‬ ‫َ‬ ‫لن يرانا أحد‬ ‫لقد غبنا بعيداً‬ ‫هارب منا‬ ‫اهلواء ُ‬ ‫ُ‬ ‫منوت وحدنا كاظمني‬ ‫ال َ‬ ‫أحد يدري‬ ‫‪4‬‬ ‫أناك‬ ‫إنسى " أناك"‬ ‫حان وقت الرحيل‬ ‫دع أحزانك‬ ‫أعشق اآلخر‬ ‫عش األمل‬ ‫من حياة بال ألوان‬ ‫يف رأسك قلبُ حمبطُ‬ ‫ْ‬ ‫دع الصراع ‪،‬أترك املعركة‬ ‫أغمض عينيك‬ ‫ْ‬ ‫أحضن الرواية‬

‫•ولدت يف طرابلس س���نة ‪ ،1964‬ودرس���ت يف املدرسة االجنليزية واكملت دراسيت‬ ‫يف بريطاني���ا‪ ،‬تقي���م االن يف اس���بانيا ‪ ،‬نش���رت بعض اعم���ال يف الثمانين���ات يف جمالت‬ ‫اسبوعية يف بريطانية مثل ‪، Woman´s week/ Women Now/ Woman‬و‬ ‫شاركت هنا يف اسبانيا يف عدة منافسات ادبية للرواية والشعر‬


‫‪14‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫ملف العدد‬

‫بعد إش��كالية انتشار الس�لاح‪ ،‬هناك خطوة أساس��ية هي التوافق السياسي بني مكونات‬ ‫الشعب اللييب وأطيافه على حد أدنى من املصاحل االسرتاتيجية واألمنية‬ ‫مالي ‪ ،‬واليت اس���تفادت من التدخل الفرنسي على املدن كوسائل لالبتزاز السياسي‬ ‫واملالي املش���رق العرب���ي وبالذات اخللي���ج لعبت دورا هذا هو التحدي الكبري‪.‬‬ ‫والنظ���ر للمال العام كغنيم���ة ‪ .‬ناهيك على‬ ‫كب�ي�را وخاصة إمارة قطر يف دعم الثورة يف‬ ‫البداي���ة وبالذات اجلماعات اإلس�ل�امية مثل‬ ‫اإلخ���وان واجلماعة اإلس�ل�امية املقاتلة فيما‬ ‫بعد مما فسر يف الداخل بشكل سليب ‪.‬‬

‫وق���رارات جمل���س األمن اليت جي���ب ان تفهم‬ ‫يف الس���ياق الغرب���ي ملا يس���مى باحل���رب على‬ ‫اإلرهاب ‪ ،‬ولكن من منطلقات دولية خمتلفة‬ ‫؛ فرنس���ية ذات ج���ذور اس�ت�راتيجية وأثني���ة‬ ‫وثقافية قدمية مند الفرتة االس���تعمارية أو‬ ‫الرؤي��ة املس��تقبلية للح��وار الوط�ني‬ ‫تداعيات احل���رب األهلي���ة يف اجلزائر‪ .‬واهلم‬ ‫واخلروج من املأزق احلالي‪:‬‬ ‫االس�ت�راتيجي األمريك���ي بع���د غ���زو العراق إمكانية التقارب بني القوى السياسية‪:‬‬ ‫الب���د م���ن االعرتاف ب���أن هذا احل���وار مل يبدأ‬ ‫وأفغانس���تان يف أعق���اب ‪ 11‬ديس���مرب ‪2001‬‬ ‫‪ .‬وتأس���يس تنظي���م أمريك���ي عس���كري أمين املصارح���ة السياس���ية هي البداي���ة ألن هناك بع���د وهذا بي���ت القصيد ـ إذا اس���تثنينا بعض‬ ‫غي���اب لثقافة سياس���ية جتمع ب�ي�ن خمتلف اللقاءات النخبوية بني أكادمييني ومثقفني‬ ‫‪ .‬ب���ل نزعم ب���أن القوى السياس���ية حتتاج إىل‬ ‫بداية لقاءات طويلة ش���بيهة مبا حدث حديثا‬ ‫يف اليم���ن وكم���ا أجن���ز يف اجل���ارة تون���س‬ ‫للوص���ول إىل قواس���م مش�ت�ركة تتطور إىل‬ ‫توافق وطين يشمل مجيع الفرقاء يف الداخل‬ ‫واخلارج ولكن هذا الربنامج حيتاج إىل جهود‬ ‫كب�ي�رة ولقي���ادات جدي���دة متتل���ك اإلرادة‬ ‫السياسية واحلس الوطين والضمري من أجل‬ ‫الرتكيز على الكيان اللييب وحقوق املس���اواة‬ ‫واملواطنة وأيضا إشراك خمتلف التنظيمات‬ ‫األهلي���ة واملدني���ة ‪ .‬إن إذكاء وتقوية الوعي‬ ‫بض���رورة احل���وار الوط�ن�ي ال���ذي ال ب���د منه‬ ‫كنقط���ة بداي���ة للتواف���ق السياس���ي عل���ى‬ ‫األه���داف األساس���ية لبن���اء مجهوري���ة ثالثة‬ ‫دميقراطية مدني���ة ‪ .‬وباملقابل من غري بداية‬ ‫مجعة عتيق النائب األول لرئيس املؤمتر الوطين السابق‬ ‫ح���وار وطين وتوافق سياس���ي هناك خطر أن‬ ‫وقد مت اقالته بقانون العزل الذي فرض بالسالح‬ ‫منفردة‬ ‫تونسية‬ ‫وجتربة‬ ‫الغنوشي‬ ‫تس���تمر ليبيا يف نفق مظلم كدولة فاش���لة‬ ‫مثل الصومال والكونغو والعراق و أفغانستان‬ ‫ألفريقيا املس���مى افروكام ‪ .‬س���قوط النظام‬ ‫الس���ابق يف ليبيا وهزميته ووجود ماليني من القوى السياس���ية بالرغم من املش���اركة يف أو تصب���ح لقمة س���ائغة لألطم���اع اإلقليمية‬ ‫قطع الس�ل�اح يف حالة انف���راط أمين يف ليبيا االنتخابات‪ .‬هناك حرب شرس���ة بني اإلخوان والدولي���ة اليت تهمها املصاحل االس�ت�راتيجية‬ ‫فت���ح األب���واب للجماع���ات احمللي���ة ومن دول واجلماعات اإلسالمية اليت تنشط اآلن وبني والنفطي���ة لدولة مهمة مثل ليبيا ‪ .‬اخليارات‬ ‫اجلوار إىل اس���تخدام ليبيا كمصدر للسالح التحال���ف الوطين الدميقراطي م���ن ناحية ‪ ،‬واضح���ة ولك���ن أي���ن الوع���ي والقي���ادة ذات‬ ‫وازدياد القوة العس���كرية للجماعات املسلحة الضمري اليت تقود ه���ذه املرحلة وتبدأ احلوار‬ ‫للتدريب والنفوذ ‪)7(.‬‬ ‫م���ا يه���م اآلن هو الع���ودة لربط ه���ذه النتائج الديني���ة واجلهوية والقبلية وهي اليت حتكم والتوافق ؟‬ ‫البالد اآلن‪ .‬هذا التدهور والرتاجع يف مس�ي�رة‬ ‫غ�ي�ر املتوقعة وتده���ور الوضع األم�ن�ي داخل بناء الدولة الليبية لن يتغري إال إذا بدأ حراك‬ ‫الب�ل�اد وعل���ى احل���دود يف حال���ة م���ن غي���اب جمتمعي من أجل التواف���ق أي بداية الدعوة‬ ‫للمجتم���ع األهلي واملدني يف ليبي���ا ‪ ،‬وتقييم للحوار الوطين وتعميق القواس���م املشرتكة‬ ‫الطموح���ات والتوقعات م���ن تفاؤل بعد جناح واملس���اواة ب�ي�ن مجي���ع الق���وى السياس���ية‬ ‫االنتخاب���ات الدميقراطي���ة للمؤمتر الوطين واالستعانة كما حدث يف مرحلة االستقالل‬ ‫‪ ،‬إىل ش���لل عملي���ة التح���ول الدميقراط���ي وبن���اء تلك الدول���ة باألمم املتح���دة وجامعة‬ ‫من جان���ب وازدي���اد دور اجلماعات املس���لحة الدول العربية ‪.‬‬ ‫والكتائ���ب يف الس���يطرة عل���ى النف���وذ وامل���ال‬ ‫والضغ���ط على احلكوم���ة املؤقتة ال�ت�ي تبدو الق��وى اخلارجي��ة وموقفه��ا م��ن احل��وار‬ ‫ضعيفة وهشة وغري قادرة على مواجهة هذه الوطين يف ليبيا‪:‬‬ ‫اجلماعات ال�ت�ي ازداد عدده���ا إىل ربع مليون نظرا لضعف مؤسس���ات الدولة ولعدم وجود‬ ‫‪ .‬واألده���ى واألخطر هو قيام حكومتا الس���يد جيش وطين وشرطة بس���بب طبيعة الدولة‬ ‫عبدالرحيم الكي���ب وعلي زيدان بدفع رواتب الس���ابقة ‪ ،‬فإن القوى اخلارجي���ة لعبت دورا‬ ‫هلذه اجلماعات مما أدى إىل تقويتها ورفضها أك�ب�ر يف احلال���ة الليبي���ة وبال���ذات ال���دور‬ ‫القاء السالح وبناء اجليش والشرطة ‪ .‬هذا هو الفرنسي يف اجلنوب والغرب اللييب واخلوف‬ ‫الواق���ع ال���ذي ال بد م���ن مواجهت���ه بصراحة‪ .‬الذي يس���تأثر ببع���ض دول احل���وار وخاصة‬ ‫احلكوم���ة واملؤمتر الوطين يب���دوان عاجزين اجلزائر وإىل حد ما مصر ‪ .‬ولكن وجود اآلف‬ ‫عل���ى حلحل���ة امل���أزق احلال���ي ب���ل هم���ا رمبا م���ن أنصار نظ���ام القذايف الس���ابق ه���و عامل‬ ‫جزء من املش���كلة ذاتها ‪ .‬أدى انتش���ار الس�ل�اح خط�ي�ر إذا مل تك���ن هن���اك مصاحل���ة وطنية‬ ‫إىل وضع متأزم وتش���رذم سياس���ي وتفكيك وعف���و عام عن الذين مل يرتكبوا جرائم قبيل‬ ‫للعملية السياس���ية وأهم الدالئ���ل على هذا الث���ورة وأثناء مرحلة احلرب ‪ .‬هؤالء املنفيون‬ ‫احتالل مجاعات مس���لحة ملوانئ وأبار النفط يف مصر وتش���اد والنيج���ر وتونس قد يلعبون‬ ‫يف املنطق���ة الش���رقية والوس���طى واجلنوبية دورا خطريا يف زعزعة النظام السياس���ي اآلن‬ ‫وقط���ع أنابي���ب املي���اه وحم���ركات الكهرباء وعملي���ة إكم���ال بن���اء الدول���ة ‪ .‬أيض���ا دول‬ ‫الص���راع األهل���ي ب�ي�ن مناطق ومدن حس���بت‬ ‫على النظام الس���ابق مثل تاورغ���اء ورقدالني‬ ‫واجلميل وقبائ���ل مثل ورش���فانة والصيعان‬ ‫و ورفل���ة واملقارح���ة والنواي���ل واملشاش���ية‬ ‫والطوارق ‪)8(.‬‬

‫بعبارة أخرى‪ ،‬بعد إش���كالية انتش���ار السالح‪،‬‬ ‫هناك خطوة أساس���ية هي التوافق السياس���ي‬ ‫ب�ي�ن مكون���ات الش���عب اللي�ب�ي وأطياف���ه‬ ‫على ح���د أدن���ى من املص���احل االس�ت�راتيجية‬ ‫واألمني���ة‪ ،‬حبيث يكون ذلك أساس���اً للتعامل‬ ‫االس�ت�راتيجي مع القوى واملصاحل اإلقليمية‬ ‫وال���دول احمليط���ة‪ .‬أما إذا اس���تمرت مش���كلة‬ ‫العنف والسالح خارج سلطة الدولة والقانون‬ ‫وازداد التش���رذم السياس���ي واالجتماع���ي‪،‬‬ ‫فس���وف ت���زداد املخاط���ر وإمكاني���ة التدخ���ل‬ ‫األجن�ب�ي واإلقليمي‪ ،‬وه���ذا االحتمال وارد إذا‬ ‫نظرنا ملا حدث يف العراق والصومال وس���وريا‬ ‫اآلن‪ .‬والرؤية النقدية االسرتاتيجية تعين أن‬ ‫نعي العامل كما هو‪ ،‬وحناول أن نبين الدولة‬ ‫والبي���ت اللي�ب�ي ملواجه���ة الوض���ع اإلقليم���ي‬ ‫ومداواته‪ ،‬وهذا يتطلب تعميق الوعي املعريف‬ ‫بالوض���ع اإلقليمي واالس�ت�راتيجي كأمر ال‬ ‫هروب من���ه يف عامل اليوم املتداخل املتش���ابك‬ ‫‪ .‬املصاحلة الوطنية تتطلب تس���وية سياسية‬ ‫ألنها قضية أمن وطين‪ ،‬و باملقابل فإن الوعي‬ ‫االس�ت�راتيجي بأهمية بن���اء الدولة‪ ،‬ومحاية‬ ‫احلدود‪ ،‬والتعامل م���ع الوضع العربي‪ ،‬ودول‬ ‫اجلوار‪ ،‬واملصاحل الدولية‪ ،‬مس���ألة حيوية إذا‬ ‫أرادت النخب���ة الليبية احلفاظ على الس���يادة‬ ‫الوطني���ة والكيان السياس���ي اللييب يف القرن‬ ‫الواحد والعشرين‪.‬‬ ‫نزعم بأن اخلروج من هذا املأزق يتطلب‪:‬‬ ‫أوال ـ الدع���وة إىل كاف���ة الق���وى األهلي���ة‬ ‫واملدني���ة واحلزبي���ة للب���دء يف ح���وار وط�ن�ي‬ ‫مل���دة ال تقل ع���ن ش���هر للوصول إىل قواس���م‬ ‫مشرتكة للجميع ‪.‬‬ ‫ثاني���اـ اخل���روج بتص���ور للجن���ة للحقيق���ة‬ ‫واإلنص���اف ال�ت�ي حتاك���م اجملرم�ي�ن وليس‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫ملف العدد‬ ‫نزعم بأن اخلروج من هذا املأزق يتطلب‪:‬أوال ـ الدعوة إىل كافة القوى األهلية واملدنية‬ ‫واحلزبي��ة للب��دء يف حوار وطين ملدة ال تقل عن ش��هر للوصول إىل قواس��م مش�تركة‬ ‫للجميع‬ ‫مبفه���وم العق���اب اجلماع���ي ألنص���ار‬ ‫النظام الس���ابق ولكن من خالل إنصاف‬ ‫األطف���ال والنس���اء والرج���ال هل���ذه‬ ‫اجلماعات ال�ت�ي مل ترتكب ذنبا ومعرفة‬ ‫ودراس���ة التجارب املقارن���ة للمجتمعات‬ ‫األخ���رى اليت واجهت حتديات مش���ابهة‬ ‫لنا بعد سقوط الدكتاتوريات‪ ،‬وخاصة‬ ‫جتربة جن���وب أفريقيا اليت أعطتنا اهم‬ ‫جترب���ة يف تطبيق مفهوم هيئة أو جلنة‬ ‫حتقيق املصاحل���ة‪ ،‬والتجرب���ة املغربية‬ ‫وهي األوىل يف العامل العربي برغم كل‬ ‫االنتقادات اليت حدثت هلا ‪.‬‬ ‫ثالث���ا ‪ :‬إع���ادة فه���م واس���تيعاب ع���بء‬ ‫التاري���خ اللييب يف القرن العش���رين من‬ ‫دولة استعمارية استيطانية عنيفة إىل‬ ‫دولة ما بعد االس���تقالل‪ ،‬بهدف التأثري‬ ‫والتفاعل‪ ،‬وأيضا لالس���تفادة من تراثنا‬ ‫التارخي���ي والديين والثقايف عند إنش���اء‬ ‫جلنة حقيقة وإنصاف ومصاحلة كما‬ ‫أدعو يف هذا البحث ‪)9(.‬‬ ‫رابعا ـ الدعوة إىل انتخابات جديدة تربز‬ ‫قي���ادات قادرة على مواجهة هذا املخاض‬ ‫العسري من غري تبسيط أو جهل بصعوبة‬ ‫املرحلة االنتقالية‪.‬‬ ‫وأخ�ي�را – م���ن احلكم���ة أن تدعى هيئة‬ ‫األمم املتحدة للمش���ورة واالستشارة يف‬ ‫عملية بن���اء الدولة كما ح���دث يف بناء‬ ‫الدولة الليبية احلديثة‪1951-1949 .‬‬ ‫(‪)10‬‬

‫اهلوامش‬ ‫‪Ali Abdullatif Ahmida, “Why Qa d .1‬‬ ‫‪hafi Has Already Lost” New York‬‬ ‫‪ Times March 17 2011. 10‬د‪ .‬عل���ي عب���د‬ ‫اللطيف امحيدة‪ ،‬دولة ما بعد االس���تعمار والتحوالت‬ ‫االجتماعي���ة يف ليبي���ا )الدوح���ة‪ :‬املرك���ز العرب���ي‬ ‫لألحباث ودراس���ة السياس���ات‪ ،‬سلس���لة دراسات‪ ،‬مايو‬ ‫‪ ،( 2112‬ص ص ‪13‬‬ ‫* ‪ .1‬عل���ي عبد اللطيف محيده ‪ :‬ملاذا وكيف نفكر يف‬ ‫املصاحلة الوطنية ‪...‬‬ ‫‪/.../www.almanaralink.com‬برفسور‪-‬علي‪-‬‬ ‫عبد‪-‬اللطيف‪-‬محيده‪-‬ملاذا‪-‬وكي‪/‬‬ ‫‪‎CachedSimilar‬برفس���ور‪ :‬عل���ي عب���د اللطي���ف‬ ‫محي���ده ‪ :‬مل���اذا وكيف نفك���ر يف املصاحل���ة الوطنية ‪:‬‬ ‫اإلنص���اف واملصاحل���ة • حمرر املنارة‪ 24 .‬أغس���طس‬ ‫‪ .2012‬حب���ث مق���دم لندوة ‪ :‬حنو بن���اء دولة مدنية‬ ‫دميقراط‬ ‫* ‪Ali AbdullatifAhmida, “The Libyan‬‬ ‫‪National Transitional Council” Al‬‬‫‪Jazeera Center for Studies November‬‬ ‫‪20, 2011‬‬ ‫‪http://studies.aljazeera.net/en/reor/2‬‬ ‫‪011/11/2011112713835218952.htm‬‬ ‫‪ 6 .4‬عب�ي�ر إبراهيم أمنينة‪" ،‬الدين والدولة يف ليبيا‬ ‫الي���وم"‪ ،‬املس���تقبل العربي )ب�ي�روت‪ :‬مركز دراس���ات‬ ‫الوح���دة العربية‪ ،‬الع���دد ‪ –16. ، 417‬يناير ‪،( 2113‬‬ ‫ص ص ‪also see “The Libyan Islamic 15‬‬ ‫‪Fighting Group from al Qaida to the‬‬ ‫‪Arab Spring” http://www.theguard‬‬‫‪ian.com/world/2011/sep/05/libyan‬‬‫‪islamic-fighting-group-leaders‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪“.Political Islam and the Fate of Two‬‬ ‫‪”Libyan Brothers‬‬ ‫‪h t t p ://w w w .n y t i m e s .‬‬ ‫‪com/2012/10/07/world/africa/polit‬‬‫‪ical-islam-and-the-fate-of-two-liby‬‬‫_&‪an-brothers.html?pagewanted=all‬‬ ‫‪r=0‬‬

‫‪On Libyan coalitions in the co n O5‬‬ ‫‪gress see “ New Libya Prime Minis‬‬‫‪ter presents coalition government‬‬ ‫‪to congress” http://uk.reuters.com/‬‬ ‫‪article/2012/10/30/uk-libya-govern‬‬‫‪ment-idUKBRE89T0V720121030‬‬ ‫‪".( also 2112‬التحال���ف" يتص���در نتائ���ج انتخابات‬ ‫ليبيا" )اجلزيرة نت‪18 ،‬‬ ‫‪c8abd2ed1767 -bf34 -4a59-0aaa‬‬‫‪3 h t t p ://a l j a z e e r a .n e t /n e w s /‬‬ ‫‪pages/66648e9‬‬ ‫‪On armed groups and militias see .6‬‬ ‫‪“Libyan army, militia clash in Ben‬‬‫‪”ghazi‬‬ ‫‪http://america.aljazeera.com/arti‬‬‫‪cles/2013/11/25/libyan-army-mil‬‬‫‪,itiasclashinbenghazi.html‬‬ ‫‪BBC: “Guide to key Libyan militia‬‬ ‫‪”and other armed groups‬‬ ‫‪http://www.bbc.co.uk/news/world‬‬‫‪middle-east-19744533‬‬ ‫‪On the role of outside forces in .7‬‬ ‫‪Libya see the recent article “US plan‬‬ ‫‪for new western trained Libyan force‬‬ ‫‪face obstacles” http://www.washing‬‬‫‪tonpost.com/world/middle_east/‬‬ ‫‪us-plan-for-new-libyan-force-faces‬‬‫‪obstacles/2013/12/01/2160c2fa‬‬‫‪5694-11e3-bdbf-097ab2a3dc2b_story.‬‬ ‫‪html , Ivo H. Daalev and James G.‬‬ ‫”‪Stauridis, “Nato’s Victory in Libya‬‬ ‫‪Foreign Policy (March-April, 2012),‬‬ ‫‪Nicole KoeMig, “The EU and the‬‬ ‫‪Libyan Crisis – In Quest of Coher‬‬‫‪ence” The International Spectator:‬‬ ‫‪Italian Journal of International Af‬‬‫‪fairs, (January 5, 2012) and Greg Feld‬‬‫‪man, “Europe Border control witha‬‬ ‫‪Humanitarain face”, Middle East Re‬‬‫‪.)port, (Winter, 2011‬‬ ‫‪" .8‬خرباء يف األمم املتحدة‪ :‬أسلحة من ليبيا تتدفق‬ ‫ل���دول اجل���وار وتغ���ذي صراع���ات باملنطقة"‪ ،‬الش���رق‬ ‫األوسط )لندن‪ 11 :‬إبريل‬ ‫‪" ). 23 , 2113).‬الس���يطرة على موانئ النفط الليبية‬ ‫أصب���ح الس�ل�اح اجلدي���د للس���اعني إىل حك���م ذات���ي"‪,‬‬ ‫احلياة )لندن‪ 25 :‬أغسطس ‪ ,2113‬انظر يف ذلك‪:‬‬ ‫"األمم املتحدة‪ :‬التعذيب يتفش���ى يف سجون ليبيا بعد‬

‫عام�ي�ن من اإلطاحة بالق���ذايف") روي�ت�رز‪ 2 ،‬أكتوبر‬ ‫‪ .( 2113‬متاح على الرابط‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫‪http://ara.reuters.com/article/to‬‬‫‪pNews/idARACAE9B21OU20131002‬‬ ‫‪Ali Abdullatif Ahmida, “Libya, S o A 9‬‬ ‫‪cial Origins of Dictatorship, and the‬‬ ‫‪Challenge or Democracy.” Jadaliyya‬‬ ‫‪.17 October 2012‬‬ ‫< ‪http://www.jadaliyya.com/pages/‬‬ ‫‪index/7892/new-texts-out-now_ali‬‬‫>‪abdullatif-ahmida-libya-soci‬‬ ‫‪on‬‬ ‫‪South Africa see book one of the‬‬ ‫‪Truth and Reconciliation of South‬‬ ‫‪Africa Report. Johannesburg: Truth‬‬ ‫‪and Reconciliation Committee, 29‬‬ ‫< ‪October 1998. Available online at‬‬ ‫‪http://www.justice.gov.za/trc/report/‬‬ ‫‪finalreport/Volume%201.pdf>, and‬‬ ‫‪Mahmood Mamdani. “Amnesty or‬‬ ‫‪Impunity? A Preliminary Critique of‬‬ ‫‪the Truth and Reconciliation Com‬‬‫‪mission of South Africa (TRC).” Dia‬‬‫‪critics 32:3/4. Autumn 2002. pp 32-59,‬‬ ‫‪and for Morocco see Susan Slyomov‬‬‫‪ics. The Performance of Human Rights‬‬ ‫‪in Morocco. Philadelphia: University‬‬ ‫‪of Pennsylvania Press, 2005, and her‬‬ ‫‪critique, Susan Slyomovics. “A Truth‬‬ ‫‪Commission for Morocco”, Middle‬‬ ‫‪East Report, 218 (Spring 2001) pp18‬‬‫‪.21‬‬ ‫‪For the role of the UN in Libyan .10‬‬ ‫‪independence see the two classical‬‬ ‫‪books: Adrian Pelt, Libyan Independ‬‬‫‪ence and the United Nations, New‬‬ ‫‪Havean, Conn: Yale University Press,‬‬ ‫‪1970, and Majid Khadduri, Modern‬‬ ‫‪Libya, 2nd edition. Baltimore, MD:‬‬ ‫‪.John Hopkins University Press ,1968‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية‬ ‫جامع���ة ني���و إجنلن���د ‪ -‬والي���ة م�ي�ن ‪-‬‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‬

‫‪15‬‬ ‫نادي القصة بدرنة‬ ‫يتوج الفائزين‬ ‫مبسابقته‬ ‫ميادين ‪:‬درنة‬ ‫أقي���م مبدرس���ة الزه���راء حفل أقام���ه نادي‬ ‫القص���ة بدرنة حيث أعل���ن القاص والكاتب‬ ‫أم�ي�ن ب���ورواق ع���ن الفائزي���ن باملس���ابقة‬ ‫األوىل ال�ت�ي نضمه���ا الن���ادي للمواه���ب يف‬ ‫جم���ال القصة القصرية وبع���د اإلعالن عن‬ ‫أمساء الفائزين أكد على أن النادي س���وف‬ ‫يقيم ورش���ة عمل لتدريب واملواهب الشابة‬ ‫وصقله���ا وخاص���ة أن اجليل الس���ابق حرم‬ ‫من مث���ل هذه اللق���اءات واألندية اليت تهتم‬

‫باملواه���ب األدبي���ة وقدم الش���كر اىل جملس‬ ‫الثقاف���ة العام الذي ق���دم اجلوائز للفائزين‬ ‫واليت كانت عبارة عن ‪ 15‬كتاب لكل فائز‬ ‫فيم���ا قال األديب عبد العزيز الزني رئيس‬ ‫ن���ادي القصة مبدينة درن���ة إن الغرض من‬ ‫هذه املس���ابقة فتح اجملال أمام كل املواهب‬ ‫الش���ابة وهي دع���وة للش���باب لالنطالق يف‬ ‫هذا العامل الفس���يح ((عامل القصة القصرية‬ ‫)) مل نضع شروطا نقيد بها املشاركني ومل‬ ‫حناصره���م خبط���وات حمددة فق���ط أردنا‬ ‫منهم أن يقولوا لنا ش���يئا من خالل كتابة‬ ‫قصة قصرية وحنظى حنن بقراءتها ‪.‬‬ ‫عنوان القصة ‪--------------‬اسم املتسابق‬ ‫‪-1‬مدمن يف احلج ‪------‬رغدة اهلواري‬ ‫‪-2‬الثقة ‪--------------‬ناجية الفريخ‬ ‫‪-3‬صنع النهاية ‪------‬أمنة اجلوازي‬ ‫‪-4‬ميالد شهيد ‪------‬مها إدريس التومي‬ ‫‪-5‬مازلت انتظر ‪----‬صفاء الفخاخري‬ ‫‪-6‬خ���امت زواج ‪ --------‬مس���راء منص���ور‬ ‫الدجن‬ ‫‪-7‬القناعة كنز اليفنى ‪-----‬صهيبة ادم‬ ‫‪-8‬أقوال مثينة ‪-----------‬مسرية قدور‬ ‫‪ -9‬صـــــــــ�ل�اة ‪----------‬عب���د العاط���ي‬ ‫شاكر‬ ‫‪-10‬ضـحيـــيت ‪-----------‬تقى يونس‬


‫‪16‬‬ ‫يف اوكرانيا ‪:‬‬ ‫بن على هرب‬ ‫وإطالق سراح رمز ثورة البالد‬ ‫الربتقالية زعيمة املعارضة‬ ‫املعتقلة‪ ،‬يوليا تيموشنكو‪.‬‬ ‫وكان الربمل���ان األوكران���ي ص���وّت امس عل���ى قانون يلغي‬ ‫م���ادة يف قان���ون العقوبات‪ ،‬م���ا فتح الباب أمام إطالق س���راح‬ ‫املعارضة‪.‬وحك���م على رئيس���ة الوزراء الس���ابقة تيموش���نكو‬ ‫ُ‬ ‫بالس���جن ‪ 7‬س���نوات عام ‪ ،2011‬بعد إدانتها بسوء استخدام‬ ‫الس���لطة‪ ،‬وذل���ك إثر وص���ول الرئيس فيكت���ور يانكوفيتش‪،‬‬ ‫خصمه���ا السياس���ي الرئيس���ي إىل الس���لطة‪.‬وجاء تصوي���ت‬ ‫الربملان على القانون املذكور بعد س���اعات من التوقيع على‬ ‫اتفاق بني يانكوفيت���ش وممثلني عن املعارضة األوكرانية‪،‬‬ ‫س���عياً حلل األزمة السياسية اليت س���قط خالهلا أكثر من‬ ‫ً‬ ‫قتي�ل�ا يف كيي���ف خالل األي���ام األربع���ة املاضية‪.‬وأق ّر‬ ‫‪65‬‬ ‫الربمل���ان األوكراني إلغاء م���ادة قانون العقوب���ات املذكورة‬ ‫بأكثرية ‪ 310‬أصوات من أصل ‪.450‬وخس���رت تيموشنكو‬ ‫أم���ام يانوكوفيت���ش يف االنتخابات الرئاس���ية لعام ‪،2010‬‬ ‫بعد أن شكلت رمزاً للثورة الربتقالية املؤيدة للغرب يف العام‬ ‫‪.2004‬وأث���ار اعتقال تيموش���نكو‪ ،‬الذي وصفت���ه املعارضة‬ ‫بعملي���ة "ثأر سياس���ي"‪ ،‬أزمة خطرية ب�ي�ن كييف واالحتاد‬ ‫األوروب���ي‪ ،‬وال���ذي ش���دد عل���ى أن إطالق س���راحها ش���رط‬ ‫أساسي للتوقيع على اتفاق شراكة بني اجلانبني‪.‬‬ ‫وتولت تيماش���ينكو منصب رئاس���ة الوزراء م���ن ‪ 25‬كانون‬ ‫الثان���ي إىل ‪ 8‬ديس���مرب ‪ ،2005‬وتولت���ه م���رة أخرى من ‪18‬‬ ‫ديسمرب‪ 2007‬إىل ‪ 4‬مارس ‪ .2010‬وهي زعيمة حزب كل‬ ‫األوكرانيني الذي يعد أك�ب�ر األحزاب املعارضة يف البالد‪.‬‬ ‫وأيّ���دت من س���جنها االحتجاج���ات املطالبة بإقال���ة الرئيس‬ ‫فيكتور يانوكوفيتش وحل حكومته‪.‬‬ ‫ولدت تيماش���ينكو يف مدينة دنيربوبرتوفس���ك‏ اليت تتحدث‬ ‫الروس���ية‏‪.‬‏ ودرس���ت العل���وم االقتصادي���ة يف اجلامع���ة‏‏‪ ،‬وقد‬ ‫ب���دأت حياته���ا العملي���ة كخب�ي�رة اقتصاد يف أح���د املصانع‬ ‫العمالق���ة‏‪،‬‏ثم مديرة لعدد من الش���ركات ال�ت�ي هلا عالقة‬ ‫بقطاع الطاقة‏‪.‬‏ كما تولت رئاس���ة ش���ركة‏ "يونيتد انرجي‬ ‫سيس���تمز"للطاقة‪.‬‏وتولت منصب وزي���رة الطاقة يف حكومة‬ ‫يوش���ينكو يف عه���د الرئيس الس���ابق ليونيد كوتش���ما‏‪ ،‬لكن‬ ‫التغيريات اجلذرية اليت اختذتها تيموشينكو إلصالح قطاع‬ ‫الوق���ود والطاق���ة جعل رجال االعمال ينقم���ون عليها اىل ان‬ ‫اقيل���ت م���ن منصبها‏‪.‬‏وبعد حادثة اغتي���ال صحفي معارض‪،‬‬ ‫ش���اركت يف قي���ادة مظاهرات حاش���دة يف ش���وارع العاصمة‬ ‫كيي���ف للمطالبة باالطاحة بالرئيس كوتش���ما‪ ،‬وش���كلت‬ ‫ح���زب الوطن األم‏‪.‬‏ وس���رعان م���ا حتولت صورته���ا يف أذهان‬ ‫العامة من االنتهازية اليت تنتمي لطبقة األثرياء اجلدد إىل‬ ‫رمز للمقاومة والتصدي للديكتاتورية‏‪.‬‏ويف اواخر س���بتمرب‬ ‫ريا‬ ‫‪ ،2007‬وبعد قيادتها الثورة الربتقالية‪ ،‬حققت فو ًزا كب ً‬ ‫يف االنتخاب���ات‪ .‬وبع���د تولي فيكت���ور يانكوفيتش الس���لطة‪،‬‬ ‫فتح���ت االجه���زة األوكراني���ة حتقي ًق���ا يتعل���ق باتفاقي���ة‬ ‫الس���ترياد الغاز الطبيعي من روسيا بش���روط تضر باقتصاد‬ ‫الب�ل�اد‪ ،‬وق���ررت حمكم���ة يف العاصم���ة األوكرانية حبس‬ ‫يوليا أثناء حماكمتها‪ ،‬ذلك بعد أن رفضت الرد على أسئلة‬ ‫القاضي واقفة كما ين���ص القانون‪.‬واتهمتها النيابة العامة‬ ‫األوكرانية بتجاوز صالحيتها يف توقيع اتفاقية الس���ترياد‬ ‫الغاز الطبيعي من روسيا عام ‪ .2009‬وبعدها قضت حمكمة‬ ‫أوكرانية‪ ،‬بس���جن رئيس���ة ال���وزراء األوكرانية الس���ابقة‬ ‫س���بعة أعوام‪ ،‬بعد إدانتها بتهمة سوء استغالل السلطة‪.‬وادى‬ ‫اعتقاهلا اىل ازمة سياسية بني اوكرانيا واالحتاد االوروبي‪.‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫مخاسية ‪!! ..‬‬ ‫عطية صاحل األوجلي‬

‫(‪)1‬‬ ‫ان���ا كمواط���ن لييب أعل���ن بأن�ن�ي مل امنح‬ ‫الس���يد مج���ال هابي���ل احل���ق يف التح���دث‬ ‫بأمس���ي ومل أعطى ه���ذا احل���ق للقعقاع او‬ ‫الصواع���ق او الدروع او غرف���ة الثوار‪ ..‬أو إي‬ ‫شخص مسلح كائنا من كان‪ .‬وال جمللس‬ ‫قبائ���ل أو حكم���اء أو حمكم���ة عليا‪...‬صوتي‬ ‫ملكي ولن امنحه إال لصندوق االقرتاع‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫كانت ليبيا تش���هدا حراكا شعبيا يعربعن‬ ‫التضام���ن مع ال���دول العربي���ة اليت احتلت‬ ‫اراضيه���ا م���ن قب���ل اس���رائيل ومع الش���عب‬ ‫الفلس���طيين الذي زادت ح���رب ‪ 1967‬من‬ ‫عمق مأس���يه‪ .‬كما كانت هناك ش���ائعات‬ ‫كث�ي�رة ح���ول الفس���اد املال���ي لع���دد م���ن‬ ‫مس���ئولي العه���د امللك���ي‪ .‬كان���ت الش���وارع‬ ‫مليئة بأجيال ش���ابة مل تعاصر بناء الدولة‬ ‫وال تع���رف س���وى الن���زر القليل ع���ن امللك‬ ‫الراح���ل او عن احلركة السنوس���ية او عن‬ ‫تاريخ البالد‪.‬‬ ‫ه���ذه االجي���ال كان���ت وجهته���ا القاه���رة‬ ‫والزعي���م عبدالناص���ر الذي س���حر القلوب‬ ‫خبطب���ه وتصرحيات���ه واعالم���ه املكث���ف‪.‬‬ ‫كان املل���ك ادريس طاعنا يف الس���ن وزاهدا‬ ‫يف احلكم يزيد من عزلته عدم وجود خلف‬ ‫م���ن صلبه ل�ي�رث الع���رش واململك���ة وعدم‬

‫رض���اه عل���ى املرحوم احلس���ن الرض���ا ولي‬ ‫عه���د اململك���ة‪ .‬كان عدد من كب���ار رجال‬ ‫اململكة وعس���كرييها يتنافس���ون على رسم‬ ‫خط���ط مرحلة ما بعد املل���ك ‪ ...‬باختصار ‪..‬‬ ‫اجلمي���ع كان مهيئا للتغ�ي�ر ومل يكن احد‬ ‫منهم قادرا او جاهزا الحداثه‪.‬‬ ‫وفوج���يء اجلمي���ع بقي���ام م�ل�ازم اول‬ ‫وجمموع���ة من الضب���اط الصغ���ار بانتزاع‬ ‫الس���لطة حبجة انهم الوحي���دون القادرون‬ ‫عل���ى حتري���ر فلس���طني و عل���ى حمارب���ة‬ ‫الفس���اد وعلى انص���اف املواط���ن وتصحيح‬ ‫املس�ي�رة الدميقراطي���ة‪ .‬بل ان اح���د برامج‬ ‫االنقالبي�ي�ن املبكرة كانت س���ؤال الش���عب‬ ‫الس���يد اذا كان يري���د الربمل���ان الق���ادم‬ ‫باالنتخ���اب ام بالتعيني ‪ !!..‬طبع���ا دار جدل‬ ‫كب�ي�ر بني الناس يف وس���ائل االعالم حول‬ ‫ه���ذا املوض���وع ‪ ...‬وانتظ���ر الن���اس ‪ 42‬عاما‬ ‫مري���رة ليدرك���وا اس���تحالة ه���ذه الوعود‬ ‫وان فلس���طني مل حت���رر وان الفس���اد ص���ار‬ ‫كالوب���اء ‪ ...‬وان الديقراطي���ة مل تأت���ي ‪....‬‬ ‫ولن تأتي على ظهور الدبابات ‪!! ...‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫املب���ادئ ال تتجزء و القيم ال ميكن تفصيلها‬ ‫حس���ب امل���زاج أو املصلحة‪ .‬أم���ا أن تكون مع‬ ‫احلرية أو تكون م���ع الطغيان‪ .‬أما أن تكون‬ ‫مع احلرب أو مع الس�ل�ام ‪ ..‬اما أن تكون مع‬ ‫اس���تخدام القوة لفرض ال���رأي أو ال تكون‪.‬‬ ‫ال جي���وز منطقي���ا وال أخالقيا وال دينيا وال‬ ‫وطني���ا أن نؤي���د اس���تخدام الس�ل�اح عندما‬ ‫يعود علين���ا بالنفع و نرفض���ه عندما يكون‬ ‫ضدن���ا ‪( ...‬ال إلس���تخدام الس�ل�اح م���ن إي‬ ‫جه���ة)‪ .‬ونع���م وأل���ف نعم حل���ل اخلالفات‬ ‫باحل���وار و التف���اوض وبتحكي���م صن���دوق‬ ‫االقرتاع‪.....‬املب���ادئ و القي���م‪ ،‬ياس���ادة‪ ،‬مثلها‬ ‫مثل األوطان أما أن تكون من أجل اجلميع‬ ‫و باجلميع ‪...‬أو التكون‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫عندم���ا ق���ام معمر الق���ذايف بإنقالبه‬ ‫كان جمهوال لدى الغالبية الس���احقة من‬ ‫الليبني لذا فقد نصحته املخابرات املصرية‬ ‫عن طريق ممثلها فتح���ي الديب بأن يقوم‬ ‫بالتعريف عن نفسه للناس فمن اخلطر أن‬ ‫ال يعرف الناس شيئا عن زعيم إنقالبهم‪.‬‬ ‫وهك���ذا ب���دأ امل�ل�ازم القذايف ينش���ر على‬ ‫صفحات اجلرائد مذكراته بشكل منتظم‬ ‫يف االسابيع اليت تلت االنقالب‪ .‬كما كانت‬ ‫االذاعة حترص على تكرار هذه املذكرات‬ ‫وختص���ص أوقاتا هل���ا‪ .‬وألن القذايف كان‬ ‫مهووس���ا بقضية إس���تخدام اللغة العربية‬ ‫فق���د درج عل���ى رف���ض اس���تخدام الكلمات‬ ‫االجنبي���ة وتطرف يف ه���ذا االمر اىل درجة‬ ‫ان���ه كان خياط���ب جوزيف تيتو بيوس���ف‬ ‫تيت���و ويبتدع أمساء عربي���ة لعواصم العامل‬ ‫وزعمائ���ه فيتح���ول أمحد س���يكاتوري اىل‬ ‫أمحد الش���يخ توري‪ ،‬وتتح���ول تل أبيب اىل‬ ‫ت���ل الربيع ‪ ..‬وما إىل ذل���ك‪ .‬وكانت حجته‬ ‫هو ان األجانب ال يس���تخدمون لغتنا فلماذا‬ ‫نستخدم لغتهم‪ !!...‬وغابت عن ذهنه حقيقة‬ ‫أن إنتش���ار لغة ما وكثرة استخدامها امنا‬ ‫هو تعبري عن القوة االقتصادية والعسكرية‬ ‫والسياس���ية ال�ت�ي حققه���ا أصح���اب ه���ذه‬ ‫اللغ���ة ‪ .‬وأن م���ا يدف���ع بقية ش���عوب العامل‬ ‫إلس���تخدامها هواملنفعة املش�ت�ركة وليس‬ ‫التذل���ل او اهلوان‪ .‬وأن���ه يف عصور احلضارة‬ ‫االس�ل�امية كان بابا الكنيس���ة يتقن اللغة‬ ‫العربية وكان أمري صقلية ينظم الش���عر‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫نع���ود اىل مذك���رات امل�ل�ازم ال���ذي اراد‬ ‫ان يص���ف احدى مغامراتة واليت اس���تخدم‬ ‫فيها س���يارة بيجو ‪ 404‬والن بيجو كلمة‬ ‫اجنبية فقد رفض اس���تخدامها واس���تعمل‬ ‫عوض���اً عنه���ا كلم���ة محامة إعتق���ادا منه‬ ‫ب���ان ه���ذا ه���و املقص���ود به���ا وكعادت���ه مل‬ ‫يستشر أحد كما أن احد مل يقم بتصحيح‬ ‫األم���ر ل���ه وتذك�ي�ره ب���ان كلم���ة بيج���و‬ ‫(‪)PEUGEOT‬هي اس���م صاحب املصنع‬ ‫وال عالقة هلا باحلمام‪)Pigeon(.‬‬ ‫والغري���ب يف األم���ر ه���و ح���رص وس���ائل‬ ‫اإلع�ل�ام الرمسية على جم���اراة الزعيم يف‬ ‫خطأه الش���هري فدأبت على إستخدام االسم‬ ‫اجلدي���د لس���يارات البيجو‪ .‬فصرنا نس���مع‬ ‫حبمامة ‪ 304‬وحبمامة ‪ .. 404‬فالزعيم ال‬ ‫خيط���ئ حتى بالفرنس���ية ‪ ... !! ..‬والن القوة‬ ‫هي اليت تصنع احلقائق وألن الس���لطة هلا‬ ‫نفوذه���ا فق���د قبل اجلمي���ع ه���ذا التعريف‬ ‫اجلديد ملس���يو جان بيري بيجو الذي حولته‬ ‫الس���فاهة يف ليبي���ا م���ن صاح���ب مصان���ع‬ ‫سيارات شهرية ‪ ..‬اىل جمرد محامة‪.!!! ....‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫ملع���ون ه���ذا الس�ل�اح ‪ ...‬ال���ذي مين���ح‬ ‫الس���فاهة منطق ‪ ..‬و يعطي اجلنب شجاعة‬ ‫‪!!!...‬‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫‪17‬‬

‫حبثا عن الثورة يف اإلنسان‬ ‫صالح انقاب‬ ‫ّ‬ ‫إن الوضع ّي���ة التارخي ّي���ة ال�ت�ي نعيش���ها ختربن���ا‬ ‫أن األم���ور ب���دأت تس�ي�ر م���ن تلق���اء نفس���ها حنو‬ ‫األس���وأ أقول بلغ���ة الواق���ع ال مبنطق التش���اؤم ‪،‬‬ ‫األمة‬ ‫فاالحنط���اط املس���تمر وال���ذي تعاني من���ه ّ‬ ‫ع���ام على‬ ‫الّليب ّي���ة كج���ز ٍء من حال���ة‬ ‫ٍ‬ ‫احنطاط ٍ‬ ‫املس���توى الفك���ري ‪ ،‬العلمي ‪ ،‬السياس���ي ‪ ،‬الديين‬ ‫‪ ،‬األخالق���ي واالجتماعي تعان���ي منه دول جنوب‬ ‫حكم‬ ‫األطلسي‬ ‫ّ‬ ‫واملتوسط ‪ ،‬والذي نتج كمسألة ٍ‬ ‫قرون م���ن الرضوخ ملنطق االس���تبداد‬ ‫بع���د‬ ‫ناف���ذ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عل���ى كل املس���تويات ‪ ،‬االجتماع ّية ‪ ،‬السياس��� ّية‬ ‫والدين ّي���ة ‪ ،‬لتنت���ج بيئة الث���ورة ‪ ،‬اليت مل تنتج يف‬ ‫وليلة ب���ل أن أحقاباً ومراحل خلقت ش���ك ً‬ ‫ال‬ ‫ي���وم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫متم ّي���زاً للثورة الّليب ّية مل���ي ٌء بالضوضاء وملي ٌء‬ ‫أيضاً بالفوضى املتش���ّبعة بثقاف���ة [ العنف ] ‪ ،‬وال‬ ‫فائ���دة مرجوّة يف احلك���م إذا كان ما حدث ح ّقاً‬ ‫باط�ل�ا م���ادام األمر ق���د حدث فع ً‬ ‫ً‬ ‫ال م���ن تلقاء‬ ‫أو‬ ‫ً‬ ‫أيادي تتلهّف ش���وقا اللتهام جز ٍء‬ ‫بفعل‬ ‫أو‬ ‫نفس���ه‬ ‫ٍ‬ ‫بس���يط من [ الكعك���ة الليب ّية ] ‪ ،‬فكان أن وُلد‬ ‫و لو‬ ‫ٍ‬ ‫يف رح���م الثورة الليب ّية نقيضه���ا توأماً هلا ‪ ،‬أعلن‬ ‫الث���وّار ميالدهم���ا جنب���اً إىل جنب ‪ ،‬عندم���ا تب ّنى‬ ‫ه���ؤالء مجيعاً ودومنا اس���تثناء [ بني���ة العصب ّية ]‬ ‫خي���اراً للمس�ي�ر إىل األم���ام ‪ ،‬العصب ّي���ة القبل ّية ‪،‬‬ ‫اجلهويّ���ة ‪ ،‬املذهب ّية وعصب ّية الغالب ضد املغلوب‬ ‫ف���وق ّ‬ ‫كل هذا لك���ي يزداد الطني بّل���ة ‪ ،‬إذ أصبح‬ ‫ربر مس���تمراً بعد انتهاء [ احلرب‬ ‫منطق العنف امل ّ‬ ‫الّليب ّي���ة ] ‪ ،‬فتحوّل���ت احلالة م���ن مواجهة العنف‬ ‫بالعنف املضاد يف ح���ال بداية الثورة ‪ ،‬إىل فرض‬ ‫التس���ّلط بق���وّة األكثريّ���ة يف نهايته���ا ‪ ،‬لينتقل‬ ‫إىل س���احة السياس���ة الّليب ّية ّ‬ ‫الغضة ذات املنطق‬ ‫السفسطائي املبين على مبدأ الكثرة ‪ ،‬الغلبة وقّلة‬ ‫السياسي أيضاً ‪.‬‬ ‫الوعي‬ ‫ّ‬ ‫عل���ى الصعي���د االجتماع���ي مت قب���ول التقس���يم‬ ‫العرقي العنص���ري لليب ّيني بني [ ع���رب ‪ ،‬أمازيغ‬ ‫ٌّ‬ ‫عنصري بامتيا ٌز‬ ‫تقسيم‬ ‫مضض وهو‬ ‫وتبو ] على‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ملح��� ٌة إلعالن‬ ‫فرضت���ه يف واقع األم���ر ضرور ٌة ّ‬ ‫االخت�ل�اف وقبول���ه ‪ ،‬وم���ن ناح ّي���ة الغلب���ة مت‬ ‫ومغلوب ]‬ ‫غالب‬ ‫ٍ‬ ‫السكوت عن حتوّل الليب ّيني إىل [ ٍ‬ ‫‪ ،‬فكان أن تب ّنى اجملتمع الّلييب كعادة اجملتمعات‬ ‫ضخمة تعكس‬ ‫ش���عارات‬ ‫راديكال ّي���ة ردود الفع���ل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫املعن���ى املض���اد هل���ا ‪ ،‬كمقول���ة ك���ون [ الليب ّيني‬ ‫مجيع���اً أخ���وة ] ‪ ،‬وه���ذا ٌ‬ ‫ق���ول ال يقبل���ه منطل���ق‬ ‫االجتماعي الذي أنتجته احلرب‬ ‫الغلبة والتف ّكك‬ ‫ّ‬

‫الليب ّي���ة يف واق���ع األم���ر ب�ي�ن امل���دن الّليب ّية اليت‬ ‫سادت بينها القطيعة ‪ ،‬وعلى املستوى الديين وهو‬ ‫املستوى األكثر راديكال ّي ًة مت خلق مفيت للديار‬ ‫الّليب ّي���ة [ يعتق���د ] أن ليبي���ا كّله���ا ت ّتح���د على [‬ ‫مؤسس���اً لبنيان‬ ‫املذهب ] الذي يقوم هو بتقليده ‪ّ ،‬‬ ‫���ة داخل الدولة املدن ّية مش���روع‬ ‫دول���ة ثيوقراط ّي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الثورة وحل���م الثوّار الذي س���ارعوا بالتخّلي عنه‬ ‫أمام سطوة السالح وذريعة الفقه ‪ ،‬فحال الشارع‬ ‫يق���ول هل���ذا املف�ت�ي [ الص���ادق ] ّ‬ ‫أن ال أحد يعرف‬ ‫ش���يئاً الب ّتة ع���ن املالك ّية أو اإلباض ّي���ة ‪ ،‬الصوف ّية‬ ‫أو الس���لف ّية احلنبل ّية املتناحرة خالف ما تنشره‬ ‫قن���وات التلف���از املؤدجل���ة واملش���حونة مب�ب�ررات‬ ‫قط���ر يصل���ه ب ّثه���ا ‪ ،‬وعل���ى‬ ‫���ة يف أي‬ ‫ح���رب أهل ّي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الصعي���د السياس���ي‪/‬األيديولوجي ّ‬ ‫ف���إن اجلميع‬ ‫ٌ‬ ‫ومقولبة مس���بقاً وهو نفس‬ ‫بتهم جاهز ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫حماط ٍ‬ ‫ما حدث بعد انقالب التاسع و الستني حتت غطاء‬ ‫[ الرجع ّي���ة ] وعداء الثورة واجملتم���ع بل وال ّناس‬ ‫مجيع���اً ‪ ،‬إذ ال ميكننا ممارس���ة القطيعة الكاملة‬ ‫وتركة النظام الس���ابق ‪ ،‬سواء قمنا بتغيري امسه‬ ‫إىل [ ال نظام ] أو مألنا حناجرنا بكلمات الس���باب‬ ‫بع���د أن كان���ت اجلماه�ي�ر الغف�ي�رة مت�ل�أ ذات‬ ‫احلناجر بكلمات احل���ب ‪ ،‬التمجيد والدعم لذات‬ ‫[ الال نظام ] ‪ ،‬أو قمنا بتغيري اس���م الدولة عشرات‬ ‫رات كالتعتيم‬ ‫امل ّرات ‪ ،‬وال طائل م���ن تقديم م ّ‬ ‫رب ٍ‬ ‫أو اجلهل ‪ ،‬اخلداع لعب ٌة ميكن للجميع أن يلعبها‬ ‫‪ ،‬ومرحل���ة االس���تبداد ال ت���زال مس���تم ّر ًة يف ال‬ ‫وع���ي اجملتم���ع الّلييب م���ذ أضحت ه���ذه املرحلة‬ ‫بأمناط س���لوك ّي ٍة ال ميكنن���ا الفرار‬ ‫حال���ة وعي‬ ‫ٍ‬ ‫من أم���ام ٍس���طوتها وتغولهّ ا إ ً‬ ‫ال ع���ن طريق البدء‬ ‫جبل���د الذات ‪.‬القطيعة جي���ب أن تكون [ منهج ّي ًة‬ ‫] م���ن أج���ل الوصول إىل [ املعق���ول ] الذي ّ‬ ‫ينظم [‬ ‫الواقع ] ‪ ،‬هكذا خيربنا مس���ار الث���ورات يف العامل ‪،‬‬ ‫الثورة الربوتستانت ّية اليت حلقت بها ثورة القرن‬ ‫التاسع عش���ر يف أوروبا ‪ ،‬والثورة الليربال ّية اليت‬ ‫أتبعته���ا ث���ورة اقتصاديّ���ة وأخ���رى تكنولوج ّي���ة‬ ‫‪ ،‬حي���ث م���ات اجملتم���ع التقليدي ال���ذي ميوت و‬ ‫حييى مع موت و ميالد ّ‬ ‫املتس���لطني واملستبدّين ‪،‬‬ ‫ومنا بد ً‬ ‫ال عنه اجملتم���ع العاقل‪/‬العاقل ‪ ،‬بعد هذا‬ ‫ّ‬ ‫الثوري تغيرّ ت البديه ّيات اليت روّج هلا‬ ‫التسلس���ل‬ ‫[ القساوس���ة ] حتت غطاء الدي���ن املليء بالعقائد‬ ‫الفاس���دة ‪ ،‬تل���ك البعي���دة كل البع���د أص�ل�ا عن‬ ‫الدين ‪ ،‬وس��� ّربها ّ‬ ‫منظروا [ األيديولوجيا ] يف ذلك‬

‫رباقة املزيّفة ‪ ،‬وتعاىل‬ ‫احلني حتت غطاء الوعود ال ّ‬ ‫خطاب املنطق ‪ ،‬واحنسر شكل التنظري والتقرير‬ ‫امللزم حتت س���طوة املناظرة والبحث عن املعرفة‬ ‫يف الع���امل املتقدّم م���ا بعد الثورة طبع���اً ‪ ،‬لينتظم‬ ‫الع���امل الغرب���ي حت���ت تأث�ي�ر [ املعق���ول ] ‪ ،‬وعلى‬ ‫جمتمع يؤم���ن بالالورائ ّيات‬ ‫جانب آخ���ر فإ ّنه يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الغري طبيع ّية كجز ٍء م���ن العامل الطبيعي و هو‬ ‫أي‬ ‫ح���ال اجملتمع الّل ّ‬ ‫ي�ب�ي جبدار ٍة ‪ ،‬يصع���ب إقناع ٍّ‬ ‫كان مبعاكسة الرتاث حبثاً عن اجنازات الثورة‬ ‫ال�ت�ي تق���دّم املكتس���بات اجلدي���دة حن���و التنوي���ر‬ ‫العقل���ي أو ً‬ ‫ال وأخ�ي�راً وال تق���وم أب���داً باالع�ت�راف‬ ‫جبذور االستبداد أيّا كان شكله ‪ ،‬إال يف حال أتى‬ ‫شكل الثوّار أنفسهم ‪.‬‬ ‫هذا االستبداد يف ٍ‬ ‫م���ا حنتاجه ح ّق���اً هو ثور ٌة على املس���توى العقلي‬ ‫‪ ،‬وه���و موض���و ٌع يتم اكتس���ابه بالتجرب���ة ‪ ،‬هذه‬ ‫الثورة اليت تتح ّكم يف الس���لوك الفردي والشعور‬ ‫ً‬ ‫كاملة حبيث تصبح ه���ي الرقيب‬ ‫لألم���ة‬ ‫الع���ام ّ‬ ‫على نفس���ها ضد االنقالب على الثورة واجملتمع‬ ‫نفس���ه ‪ ،‬وال ميك���ن أن تدخ���ل الث���ورة خماضه���ا‬ ‫الثان���ي الذي يُنت���ج الدولة إ ّ‬ ‫ال يف ح���ال ثم القفز‬ ‫صح‬ ‫إذا‬ ‫العب���ث‬ ‫ونش���ر‬ ‫ف���وق الثقافة التقليديّة ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫القول يف كل ما تعوّده اجملتمع ‪ ،‬العبث هنا ليس‬ ‫والتنصل‬ ‫مبعن���ى الفوضى ‪ ،‬ب���ل مبعنى التج��� ّرد‬ ‫ّ‬ ‫م���ن النتائج اليت فرضها التاريخ أ ّو ً‬ ‫ال و الس���طوة‬ ‫ثاني���اً و االس���تبداد ثالث���اً على مكوّن���ات اجملتمع‬ ‫اللييب عرب جغرافيا الوطن الثابتة ‪ ،‬على الصعيد‬ ‫السيس���يولوجي التاريخ‪/‬االجتماع���ي ‪ ،‬الدي�ن�ي‪/‬‬ ‫املذهيب ‪ ،‬والسياسي‪/‬األيديولوجي ‪ ،‬سيسيولوج ّياً‬ ‫أو حس���ب وجهة النظ���ر التارخي ّي���ة االجتماع ّية‬ ‫‪ :‬كّلن���ا ليب ّيون ‪ ،‬جيب أن نق���وم مبراجعة إجابة‬ ‫الس���ؤال ‪ :‬م���ن أنت���م ؟ ‪ ،‬دين ّي���اً ‪ :‬كّلنا مس���لمون ‪،‬‬ ‫جي���ب علينا مراجعة االمت���داد التارخيي املوصل‬ ‫للحال���ة اليوم والذي أقر املذهب ومل يق ّره الدين‬ ‫أص ً‬ ‫ال ‪ ،‬وليس هذا س���وى بفت���ح الباب أمام أكثر‬ ‫األف���كار تنوي���راً يف الفك���ر اإلس�ل�امي ‪ ،‬املعتزل���ة‬

‫منوذج���اً ك���ون اإلس�ل�ام عقي���د ٌة مبن ّي��� ٌة على [‬ ‫العقل ] ‪ ،‬وإباحة نش���ر عقيدة االختالف بإغالق‬ ‫فم املفيت ال���ذي يق ّر نهاية التاري���خ عندما يُعلن‬ ‫التح ّيز ملذهبه ال���ذي خدمته الظروف يف النجاة‬ ‫م���ن مقصلة األربعني عام���اً املاض ّية ‪ ،‬وهو احلال‬ ‫املعاك���س لإلباض ّي���ة ال���ذي عان���وا م���ن إقصاء ‪،‬‬ ‫وجتهي���ل منقطع النظري أوصل إىل حالة‬ ‫تعتيم‬ ‫ٍ‬ ‫رك���و ٍد واحنس���ار لش���عب ّية املذه���ب يف مناطق���ه‬ ‫الدميوغراف ّي���ة إذا ص���ح التعبري ‪ ،‬إع�ل�ان التحيز‬ ‫ً‬ ‫حقيقة‬ ‫هلذه النتيجة غري العادلة إقرا ٌر مس���تف ٌز‬ ‫بصواب ما أنتجته عقود االس���تبداد األربع ‪ ،‬بينما‬ ‫سياس��� ّياً ‪ :‬ال حيق ألح ٍد أ ّياً كان فرض الوصاية‬ ‫أي كان ‪ ،‬وال حيق ألح ٍد أن ينقل مش���اريع‬ ‫على ٍّ‬ ‫اآلخري���ن إلينا ‪ ،‬لقد تعب الّليب ّيون دون أن يدروا‬ ‫من لعب دور ُمنقذ العامل ‪.‬‬ ‫ال�ت�راث ض���د الفاعل ّية ‪ ،‬واملاضي ض���د احلاضر ‪،‬‬ ‫األم���ور جيب أن ُتق���رأ هكذا ‪ ،‬و ه���ذا ُ‬ ‫احلكم يأتي‬ ‫انطالق���اً م���ن كون الث���وّرة يف األس���اس ال تعين‬ ‫تام ً‬ ‫ً‬ ‫���ة و املرحلة‬ ‫ش���يئاً يف ح���ال مل ُتنتج‬ ‫قطيع���ة ّ‬ ‫اليت أنتجتها ‪ ،‬ال أقصد القطيعة و الشكل ّيات ‪ ،‬بل‬ ‫شاسع بني االثنني‬ ‫القطيعة و املفاهيم ‪ ،‬و الفرق‬ ‫ٌ‬ ‫أما أن يتغيرّ فقط ش���كل ‪ ،‬لون واس���م املستبد ال‬ ‫‪ّ ،‬‬ ‫غري سواء كان االس���تبداد القادم ثورياّ أو دين ّياً ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مسجة دفعنا مثنها‬ ‫نكت���ة‬ ‫ف���إن األمر يتحوّل إىل‬ ‫ٍ‬ ‫آالف القتل���ى ‪ ،‬لتكون الث���ورة الّليب ّي���ة أملاً يُضاف‬ ‫الفج ‪ ،‬اخلروج من‬ ‫إىل رصيد آالم ّ‬ ‫األم���ة الليب ّية ّ‬ ‫زمان‬ ‫إىل‬ ‫زم���ان‬ ‫من‬ ‫اخلروج‬ ‫إىل‬ ‫الث���ورة يوص���ل‬ ‫ٍ‬ ‫آخر ‪ ،‬الزمن األوّل احلريّة فيه حك ٌر على البعض‬ ‫ٌ‬ ‫بديهي من‬ ‫س���لوك‬ ‫‪ ،‬و الزم���ن الثاني احلريّة فيه‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫ح���ق اجلميع ينطلق من أرض ّي ٍة عقل ّي ٍة بالدرجة‬ ‫األوىل ‪ ،‬و اهلوّة س���حيقة ب�ي�ن الزمنني ‪ ،‬كاهلوّة‬ ‫السحيقة بني الباطل و احلق متاماً ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫* ُ‬ ‫كتب هذا املقال يف يناير ‪2012‬‬


‫‪18‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫بيان املَ ْن َفى‬ ‫عبداهلل إبراهيم‬

‫‪.1‬مدخل إىل مفهوم املَ ْن َفى‪ /‬املَ ْن ِفي‪ /‬كتابة املن َفى‪:‬‬ ‫لي���س َ‬ ‫املنفى بقعة غريبة فحس���ب إمنا هو مكان‬ ‫يتع���ذر فيه ممارس���ة االنتماء‪ .‬خي��� ّرب َ‬ ‫املنفى قدرة‬ ‫االنتم���اء‪ ،‬وحي���ول دون ظهور تلك الفك���رة الرباقة‬ ‫ال�ت�ي جتتذب اإلنس���ان‪ .‬ولطامل���ا وقع تع���ارض‪ ،‬بل‬ ‫���ي وامل���كان الذي ُر ّح���ل‪ /‬ارحتل‬ ‫انفص���ام‪ ،‬بني املن ِف ّ‬ ‫إلي���ه‪ ،‬ون���در أن تكّللت حماوالت املنفي�ي�ن بالنجاح‬ ‫يف إعادة تش���كيل ذواتهم حس���ب مقتضي���ات املنفى‬ ‫وشروطه‪ .‬ومن الصواب أن يوصف ذلك بأنه "شقاء‬ ‫أخالق���ي"‪ ،‬فاملن ِف ّي هو ْ‬ ‫من اقتلع من املكان الذي ولد‬ ‫فيه‪ ،‬وأخفق يف م ّد جس���ور االندماج مع املكان الذي‬ ‫أصبح فيه‪ ،‬فحياته متوترة‪ ،‬ومصريه ملتبس‪ ،‬وهو‬ ‫يت���آكل باس���تمرار‪ ،‬وال يلب���ث أن ينطف���ئ باملعنى‬ ‫املباشر ّ‬ ‫ليتوهج‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬باملعنى الرمزي‪ .‬املن ِف ّي‬ ‫ذات بش���رية واعية لكنها ممزق���ة‪ُ ،‬هتكت عذريتها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وخ ّرب���ت س���ويّتها الطبيعي���ة‪ ،‬فال س���بيل إىل إعادة‬ ‫تش���كيلها يف كينونة منس���جمة مع نفس���ها أو مع‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫ولطامل���ا ا ّتق���د املنفي���ون محاس���ة أول عهده���م‬ ‫باملن���ايف‪ ،‬إمنا مل يعوا أنهم رم���وا يف منطقة مبهمة‬ ‫ال خت���وم هلا‪ ،‬فمن اختار املنف���ى فقد راودته اآلمال‬ ‫الع���راض إلجراء حتوي���ل جذري يف من���ط حياته‪،‬‬ ‫واختيارات���ه‪ ،‬ومن دُفع إليه قس���را وجده ضربا من‬ ‫االنتق���ام الفظيع ال���ذي ال س���بيل إىل االقتصاص‬ ‫من���ه‪ ،‬لك���ن املعرف���ة باملنفى س���رعان م���ا تراكمت‬ ‫خالل القرن العشرين‪ ،‬وارتسمت معاملها الثقافية‪،‬‬ ‫ف���راودت بعض املنفيني أح�ل�ام وردية بعامل جديد‬ ‫ينبث���ق من أحش���اء عامل عتيق ال يقب���ل االختالف‪،‬‬ ‫وال يع�ت�رف باملغايرة‪ ،‬وال يو ّفر أس���باب الش���راكة‬ ‫تعس���رت‪ ،‬ث���م ّ‬ ‫تأخ���رت‪،‬‬ ‫يف احلق���وق‪ ،‬لك���ن والدت���ه ّ‬ ‫وحينم���ا ظهرا أخريا جاء ّ‬ ‫هش���ا ال طاق���ة له بقبول‬ ‫الغرب���اء‪ ،‬ومحايتهم‪ ،‬ناهيك عن الدفاع عنهم‪ ،‬فكان‬ ‫من املنفي�ي�ن من قب���ل التواطؤ فوج���د فيه خالصا‬ ‫مؤ ّقت���ا حملو التج���ارب املريرة اليت ذاقه���ا يف وطنه‪،‬‬ ‫وفيه���م من وقع أس�ي�ر اإلغراءات املذهل���ة للعزلة‪،‬‬ ‫ومنه���م م���ن أراد االكتف���اء بتحس�ي�ن أحوال���ه‪ ،‬أو‬ ‫خوض مغامرة‪ ،‬أو مالمسة عامل آخر‪ ،‬لكن جممل‬ ‫ه���ذه الدوافع املتداخلة ما لبث���ت أن غدت جزءا من‬ ‫اإلسرتاتيجية اليت ميارسها املنفى ض ّد من ينتسب‬ ‫إلي���ه‪ ،‬وهي االنغ�ل�اق على من يك���ون فيه‪ ،‬ووضعه‬ ‫حتت طائل���ة انتظار دائم‪ ،‬فانته���ى األمر باملنفيني‬ ‫إىل غ�ي�ر ما صبوا إلي���ه‪ ،‬فقد أصبح املنف���ى اختيارا‬ ‫عما كان يُتو ّق���ع منه‪ ،‬ملن أراده أو‬ ‫غامض���ا خيتلف ّ‬ ‫أُجرب عليه‪ّ ،‬‬ ‫فتمخض عن كل ذلك شعور م ّركب‬ ‫من اآلمال واإلخفاقات‪ ،‬ومن اإلقدام والرتدّد‪ ،‬ومن‬ ‫االندماج والعزل���ة‪ ،‬ومن االطمئنان واخلوف‪ ،‬ومن‬ ‫رباقة‬ ‫النبذ واالش���تياق‪ ،‬فكان أن تالش���ت الفكرة ال ّ‬ ‫اليت اجتذبت املنفيني للعيش يف عامل آمن خيلو من‬ ‫خماوف األوطان‪ ،‬إذ نشأت غريها يف املكان اجلديد‪،‬‬ ‫وس���واء تعايش املرء مع هذه أو تلك‪ ،‬فإن إحساس���ه‬ ‫املريع بفقدان مكانه أورثه ش��� ّكا بأنه خارج الدائرة‬ ‫احلميمة لالنتماء البشري‪.‬‬ ‫وت���أدّى ع���ن ذلك ضرب م���ن الكتابة‪ ،‬هي كتابة‬ ‫املنفى‪ ،‬ويف الّلب منها أدب َ‬ ‫َ‬ ‫املنفى‪ ،‬ومادتها مزيج من‬ ‫االغرتاب والنفور؛ ألنها ت���راوح يف منطقة االنتماء‬ ‫املزدوج إىل هويتني متباينتني‪ ،‬ثم‪ ،‬يف الوقت نفسه‪،‬‬ ‫ع���دم إمكانية االنتم���اء ألي منهم���ا‪ ،‬لكنها كتابة‬ ‫كاشفة تقوم على فرضية تفكيك اهلوية الواحدة‬ ‫وتقرتح هوية رمادية ّ‬ ‫مركبة من عناصر كثرية‪،‬‬ ‫وبه���ذه الصفة تع��� ّد كتابة املنفى عاب���رة للحدود‬ ‫الثقافية‪ ،‬واجلغرافية‪ ،‬والتارخيية‪ ،‬والدينية‪ ،‬وهي‬ ‫ختفي يف طياتها إشكالية خالفية‪ ،‬كونها تتشكل‬ ‫عرب رؤي���ة نافذة‪ ،‬ومنظور حاد ال يع���رف التواطؤ‪،‬‬

‫فكتاب���ة املنف���ى تتعاىل عل���ى التس���طيح‪ ،‬وتتضمن‬ ‫قسوة صرحية من التشريح املباشر ألوضاع املنفي‪،‬‬ ‫وعلى ِّ‬ ‫حد س���واء‪ ،‬لكل من اجلماعة اليت اقتلع منها‪،‬‬ ‫واجلماع���ة احلاضنة ل���ه‪ ،‬لكنها تنأى بنفس���ها عن‬ ‫ّ‬ ‫وتتخطى املوضوعات‬ ‫الكراهية‪ ،‬والتعصب‪ ،‬والغلو‪،‬‬ ‫اجلاه���زة‪ ،‬واألفكار النمطية‪ ،‬وتعرض ش���خصيات‬ ‫منهمك���ة يف قطيع���ة م���ع اجلماع���ة التقليدي���ة‪،‬‬ ‫وتنب���ض برؤية ترتد صوب مناطق جمهولة داخل‬ ‫النفس اإلنسانية‪ .‬وتتسم كتابة املنفى‪ ،‬فضال عن‬ ‫كل ذل���ك‪ ،‬بالقل���ق الوج���ودي‪ ،‬ويس���كنها احلراك‪،‬‬ ‫واالنش���قاقية‪ ،‬والس���خط‪ ،‬وفيه���ا تع���وم األس���ئلة‬ ‫الك�ب�رى‪ ،‬وهي مدونة قاس���ية تتمث���ل فيها مصائر‬ ‫البش���ر حينم���ا تدفعهم ن���وازع العن���ف األعمى إىل‬ ‫متزي���ق مشلهم‪ ،‬فيلوذون بأماكن بديلة حبثا عن‬ ‫آمان خادع‪.‬‬ ‫آن األوان لتنش���يط ج���دل ثق���ايف ينتهي بإحالل‬ ‫عب���ارة "كتابة ْ‬ ‫املن َفى" حمل عبارة "كتابة املهجر"‬ ‫ألن الثاني���ة ختلو من احملم���ول الذي جرى وصفه‬ ‫من قبل‪ ،‬فيما األوىل مش���بعة به‪ ،‬فهو ّ‬ ‫يرتش���ح منها‬ ‫حيثما درس���ت مس���توياته الداللية‪ ،‬ووق���ع تأويله‪،‬‬ ‫وعلي���ه ف���ـ"أدب ْ‬ ‫املن َف���ى" خيتل���ف ع���ن "أدب املهجر"‬ ‫اختالف���ا واضح���ا‪ ،‬ك���ون األخ�ي�ر حبس نفس���ه يف‬ ‫الدالل���ة اجلغرافي���ة‪ ،‬فيما انفتح األول على س���ائر‬ ‫���ي يف الع���امل الذي‬ ‫القضاي���ا املتصل���ة مبوق���ع املن ِف ّ‬

‫البري قصري‬

‫أم���ا يف اللغة‬ ‫من إحس���اس عميق ب���األمل والعذاب‪ّ ،‬‬ ‫اإلجنليزيّة فاس���تق ّرت الداللة على معنى االبتعاد‬ ‫ع���ن الوطن‪ ،‬واحلن�ي�ن املش���وب بالوج���ع يف العودة‬ ‫ريا‬ ‫إلي���ه‪ ،‬فتكون الداللة األخرية ق���د اقرتضت كث ً‬ ‫من املعان���ي اإلغريق ّية‪-‬الالتين ّي���ة للكلمة‪ .‬على ّ‬ ‫أن‬ ‫املعنى تش���ّبع بدالالت ح���ادّة‪ ،‬فاملصطل���ح يرتدّد يف‬ ‫إحياءات���ه ب�ي�ن حنني ج���ارف للم���كان األوّل‪ ،‬وتوق‬ ‫إلي���ه‪ ،‬وجهل به‪ ،‬وخت���وّف من العودة إلي���ه‪ ،‬وتردّد‪،‬‬ ‫ب���ل عجز‪ ،‬ع���ن عدم الق���درة عل���ى اخت���اذ ّ‬ ‫أي قرار‬ ‫بش���أن ذلك‪ ،‬فالبقاء بعيدًا ع���ن الوطن خيّلف عذابًا‬ ‫متواص ً‬ ‫مستمرا ال يتالشى‪ ،‬واالقرتاب إليه‬ ‫ال وقل ًقا‬ ‫ًّ‬ ‫فاملنف���ي منزلق يف س���فوح منحدرة ال‬ ‫غ�ي�ر ممكن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سبيل له إىل الثبات وال الوصول إىل نهاية حمدّدة‪.‬‬ ‫وحينم���ا تحُ ���زم م ًع���ا ّ‬ ‫كل هذه اإلحي���اءات القابعة‬ ‫حت���ت لفظ (‪ )Nostalgia‬ينبثق املفهوم الش���امل‬ ‫لفك���رة احلن�ي�ن‪ ،‬ال�ت�ي تش��� ّكل الب���ؤرة املتوهجة يف‬ ‫كتابة املنفى‪.‬‬ ‫إثر إحدى حماضراتها ُس���ئلت "إيزابيل ألليندي"‬ ‫ع���ن معن���ى "‪ "Nostalgia‬يف رواياته���ا‪ ،‬ف ُبهت���ت‪،‬‬ ‫ثم صمت���ت مرتبكة‪ ،‬لك ّنها اس���تجمعت‬ ‫وفوجئ���ت‪ّ ،‬‬ ‫معلوماته���ا املعجم ّية‪ ،‬فتداركت املوقف قائلة‪" :‬هو‬ ‫أ ُ‬ ‫نفس���ه غائ ًبا عن وطنه‪ ،‬هو احلزن‬ ‫مل أن ي���رى املر ُء َ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ثم عقبت تشرح حاهلا‬ ‫الذي تثريه سعادة مفقودة"‪ّ .‬‬ ‫املضطرب���ة حينم���ا ُط���رح عليه���ا س���ؤال مل يكن يف‬

‫جربان خليل جربان‬

‫أصب���ح في���ه دون أن تغيب عنه قضاي���ا العامل الذي‬ ‫غادره‪.‬‬ ‫‪.2‬احلنني إىل أوطان متخ ّيلة‪:‬‬ ‫حينما ُتفحص مدونة الكتابة يف العصر احلديث‪،‬‬ ‫وخباص���ة األدبي���ة منها‪ ،‬فس���وف تلف���ت االهتمام‬ ‫ظاه���رة كتاب���ة َ‬ ‫املنف���ى‪ ،‬إذ تنام���ى حضوره���ا يف‬ ‫ثقافات األمم اليت خضعت للتجربة االستعماريّة‪،‬‬ ‫وه���ي مدونة خصبة تطفح برغبات من االش���تياق‬ ‫واحلن�ي�ن والقل���ق‪ ،‬كم���ا أنه���ا مس���كونة بفك���رة‬ ‫إع���ادة كش���ف موق���ع الف���رد يف وطن���ه ويف منفاه‬ ‫حد س���واء‪ .‬وقد تط ّرق "مي�ل�ان كونديرا" يف‬ ‫عل���ى ٍّ‬ ‫منفيا‬ ‫رواي���ة "اجلهل" ع���ن (‪ )Nostalgia‬بوصفه ًّ‬ ‫ع���ن ذلك‪ ،‬فأش���ار‪ ،‬وه���و يتتّب���ع املس���ارات الدالل ّية‬ ‫للمصطل���ح إىل ّ‬ ‫أن اجلذور األوىل للكلمة يونان ّية‪،‬‬ ‫وه���ي مزيج نحُ َت م���ن (‪ )Nostos‬و(‪ )Algos‬أي‬ ‫الرج���وع املق�ت�رن بالش���قاء‪ ،‬فالط���رف األوّل حييل‬ ‫على الع���ودة واالنكفاء‪ ،‬فيما الط���رف الثاني حييل‬ ‫على احلنني والش���غف واالش���تياق ِّ‬ ‫املع���ذب الذي ال‬ ‫حيتمله املرء‪ ،‬بس���بب العجز عن حتقيق الرغبة يف‬ ‫الرجوع إىل املكان األوّل‪.‬‬ ‫ث���م اتخّ ذ اللفظ يف اللغ���ة الالتين ّية معنى النأي‬ ‫ّ‬ ‫ال���ذي حي���ول دون املعرف���ة‪ ،‬وال ُبعد املس���ّبب جلهل‬ ‫مطب���ق مبا حي���دث يف ذلك امل���كان‪ ،‬وم���ا يتبع ذلك‬

‫سليم بركات‬

‫ُ‬ ‫الس���ؤال اهل���وا َء ع�ّن�يّ ‪ ،‬أل ّنين حتى‬ ‫احلس���بان‪" :‬قطع‬ ‫ّ‬ ‫تلك اللحظ���ة مل أنتبه إىل أن�ن�ي أكتب كتمرين‬ ‫متواصل عن االشتياق‪َ ،‬طوال حياتي كنت غريبة‬ ‫تقري ًب���ا‪ ،‬وهو الوضع الذي أقبل���ه‪ ،‬أل ّنه ال ِخيار آخر‬ ‫ُ‬ ‫وج���دت نفس���ي م��� ّرات عدّة جم�ب�رة على‬ ‫أمام���ي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املغ���ادرة محُ ِّطم���ة األغ�ل�ال‪ ،‬خملف���ة كل ش���يء‬ ‫ورائ���ي‪ ،‬ك���ي أبدأ من جدي���د يف مكان آخ���ر؛ فلقد‬ ‫مما أس���تطيع ّ‬ ‫ُ‬ ‫تذكره‪،‬‬ ‫متغربة طر ًقا أكثر ّ‬ ‫جب���ت ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫واضطررتُ‬ ‫ُ‬ ‫وم���ن كثرة ما ودّعت جف���ت جذوري‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أس���تنبت أخرى‪ ،‬اس���توط َنت الذاكر َة لعدم‬ ‫إىل أن‬ ‫ّ‬ ‫وجود مكان جغرايف تستوطنه"(‪.)1‬‬ ‫برمت���ه إىل أمكن���ة‬ ‫وم���ا دام احلدي���ث ينص���رف ّ‬ ‫مفق���ودة فرضته���ا حال���ة النف���ي وش���روطها‪ ،‬فهل‬ ‫ميك���ن احلدي���ث ع���ن أوط���ان متخ ّيل���ة بالنس���بة‬ ‫للمنف ّيني‪ ،‬تكون بدي ً‬ ‫ال لألوطان احلقيق ّية؟ أجابت‬ ‫"ألليندي" نفسها عن ذلك يف سريتها الذات ّية "بلدي‬ ‫املخ�ت�رع"‪ ،‬وه���ي تص���ف ش���عورها باالقت�ل�اع إب َ‬ ‫ّ���ان‬ ‫مغ���ادرة تش���يلي إىل فنزويال ع���ام ‪1975‬بعد حنو‬ ‫ّ‬ ‫العسكري الذي قاده اجلنرال‬ ‫س���نتني من االنقالب‬ ‫"بينوش���يت"‪َّ ،‬‬ ‫ض���د الرئيس "س���لفادور ألليندي" يف‬ ‫احل���ادي عش���ر م���ن أيلول‪/‬س���بتمرب‪" :1973‬من���ذ‬ ‫اللحظ���ة اليت ُ‬ ‫عربت فيها جبال األنديز‪ ،‬ذات صباح‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ش���توي ماط���ر‪ ،‬ب���دأت دون وع���ي عمل ّي���ة اخ�ت�راع‬

‫ُ‬ ‫ع���دت ألحّل���ق ف���وق اجلب���ال م��� ّرات كثرية‪،‬‬ ‫بل���د‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ودائم���ا أتأث���ر‪ ،‬ألن ذكرى ذل���ك الصباح تهامجين‬ ‫ً‬ ‫كم���ا كانت ح�ي�ن رأيت مش���هد اجلبال الش���امخ‪،‬‬ ‫فالعزلة املطلقة لتلك القمم البيضاء‪ ،‬لتلك اهلوّات‬ ‫السحيقة‪ ،‬لتلك السماء العميقة الزرقاء‪ ،‬ترمز إىل‬ ‫وداعي لتش���يلي‪ .‬مل أتصوّر ّ‬ ‫قط أ ّنين س���أغيب ّ‬ ‫كل‬ ‫عل���ي احلنني منذ تل���ك الليلة‬ ‫هذا الزمن‪..‬س���يطر ّ‬ ‫األوىل‪ ،‬ومل يفلتين لس���نوات طويلة إىل أن سقطت‬ ‫ُ‬ ‫وعدت ألطأ أرض بلدي‪ ،‬خالل ذلك‬ ‫الدكتاتوريّة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫بقيت أعيش ناظرة إىل اجلنوب‪ ،‬متعلقة باألخبار‪،‬‬ ‫منتظرة حلظة العودة بينما أختار ذكرياتي‪ ،‬أغيرّ‬ ‫بع���ض األح���داث‪ ،‬أبال���غ أو أجتاهل أخرى‪ ،‬أش��� ّذب‬ ‫عواطفي؛ وهكذا ُ‬ ‫رحت أش��� ّيد شي ًئا فشي ًئا هذا البلد‬ ‫املخرتع‪ ،‬الذي ُزرعت فيه جذوري"(‪.)2‬‬ ‫وجبوابه���ا ه���ذا أثارت الروائية التش���يلية قض ّية‬ ‫االنتم���اء ومش���كلة ا ُ‬ ‫هلويّة‪ ،‬وخت ّي���ل األوطان‪ ،‬وهي‬ ‫أم���ور جوهري���ة بالنس���بة للمهجريّ���ن والنازحني‬ ‫واملرتحل�ي�ن‪ّ ،‬‬ ‫وكل الذي���ن غادروا بالدهم قس��� ًرا أو‬ ‫ّ‬ ‫اختي���ا ًرا‪ ،‬مجاع���ات كانوا أم أف���رادًا‪ ،‬أو أبعدوا عنها‬ ‫السياسي‬ ‫بسبب التجربة االستعماريّة أو االستبداد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدي�ن�ي‪ ،‬أو بس���بب ظ���روف تأس���يس ال���دول يف‬ ‫أو‬ ‫العصر احلديث القائمة على األعراق أو املعتقدات‪،‬‬ ‫أو حينما بس���طت األيدلوج ّيات املتش���دّدة س���لطتها‬ ‫فحكمت كث�ي�را من البلدان‪ ،‬فوضع���ت متاي ًزا بني‬

‫حممد‪-‬ديب‬ ‫اجلماعات على أس���س عرق ّية أو دين ّية أو مذهب ّية‬ ‫أو قبل ّية‪ ،‬وأهملت مبدأ املش���اركة واملواطنة‪ ،‬فأدّى‬ ‫ذل���ك إىل ن���زوح كثريي���ن ع���ن األمكن���ة األوّىل‪،‬‬ ‫واالنتق���ال إىل أمكن���ة غريب���ة‪ ،‬وم���ا تر ّت���ب عل���ى‬ ‫ذلك م���ن صعاب االندماج يف احل���ال اجلديدة اليت‬ ‫أصبحوا عليها‪ ،‬لكونهم مل ينس���وا أعراف اجلماعة‬ ‫القدمي���ة اليت حت���دّروا منها‪ ،‬ومل يهضم���وا تقاليد‬ ‫اجلماع���ة اجلدي���دة ال�ت�ي رحل���وا إليه���ا‪ .‬ومن بني‬ ‫خاصة بأوضاعهم الثقاف ّية‬ ‫هؤالء املنف ّيني ألسباب ّ‬ ‫أو السياس ّية‪.‬‬ ‫املنفي االخنراط الكامل يف اجملتمع‬ ‫ال يس���تطيع ّ‬ ‫اجلدي���د‪ ،‬وال يتم ّك���ن من قط���ع الصل���ة باجملتمع‬ ‫ّ‬ ‫فيتوهم صل���ة مضطربة‬ ‫القدي���م ال���ذي ولد في���ه‪،‬‬ ‫مهج ًنا‪ ،‬وخيتلق ب�ل�ادًا الحقته أطيافها يف‬ ‫وانتم���ا ًء ّ‬ ‫ُرحل ع���ن مكانه‬ ‫املنف���ى‪ ،‬فم���ا أن يرحتل امل���رء أو ي َّ‬ ‫األوّل حت���ى تتس���اقط كثاف���ة احلي���اة اليوم ّي���ة‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ذكريات ش ّفافة‬ ‫وحتل حمّلها‬ ‫وتنحسر وتتالشى‪،‬‬ ‫ومبض���ي‬ ‫تدف���ع ب���ه إىل نس���يان الوقائ���ع املري���رة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املنف���ي يف خت ّي���ل بالد على س���بيل‬ ‫الس���نوات يب���دأ‬ ‫ّ‬ ‫االس���تعادة والتعوي���ض‪ ،‬وه���ي أمكن���ة تتخّل���ق يف‬ ‫ذاكرته كتجربة ش��� ّفافة وأثرييّة‪ ،‬يغ ّذيها شوق‬ ‫إىل أماكن حقيق ّية تالش���ت إ ّ‬ ‫ال كومضات بعيدة‬ ‫يف عتمة حالك���ة‪ .‬ذلك هو احلنني بداللته الفكريّة‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫ش��غل هذا املوض��وع اهتم��ام "إدوارد س��عيد" فتط ّرق إىل بواع��ث النفي‬ ‫وآث��اره‪" ،‬النف��ي ال يقتصر معناه على قضاء س��نوات يض��رب فيها املرء‬ ‫يف الشعاب هائ ًما على وجهه‪ ،‬بعيدًا عن أسرته وعن الديار اليت ألفها‬ ‫والعاطف ّي���ة‪ .‬حينما كتبت ألليندي س�ي�رتها‪،‬‬ ‫حتدّث���ت ع���ن طفولته���ا يف تش���يلي املتخ ّيلة‪،‬‬ ‫ولي���س ع���ن حياته���ا يف أمريكا حي���ث تعيش‪.‬‬ ‫مبهم���ة خت ّيل‬ ‫ولك���ن كي���ف يق���وم احلن�ي�ن ّ‬ ‫األوطان؟‬ ‫ويف مق���ال ل���ه بعن���وان "أوط���ان متخ ّيل���ة"‬ ‫َ‬ ‫ع���رض "س���لمان رش���دي" وص ًف���ا خللف ّي���ات‬ ‫النص‬ ‫ثم ربط ّ‬ ‫روايته "أطفال منتصف الليل"‪ّ ،‬‬ ‫بذكريات طفولته يف "بومباي"‪ ،‬حيث استعاد‬ ‫ً‬ ‫نبذا م���ن أحداث متناثرة‪ ،‬ليجعل منها حقائق‬ ‫س���رديّة كوّنت منت الرواية‪ .‬مل يؤ ّرخ رشدي‬ ‫النفصال ش���به القارة اهلنديّة إىل دولتني هما‬ ‫ركب حد ًثا متخ ّي ً‬ ‫الباكس���تان واهلند‪ ،‬إنمّ ا ّ‬ ‫ال‬ ‫من ش���تات الوقائع‪ ،‬فاس���تعاد ذكرى مزعجة‬ ‫أمت�ي�ن متنازعتني‬ ‫أم���ة كبرية إىل ّ‬ ‫النش���طار ّ‬ ‫بن���اء عل���ى تفس�ي�رات ض ّيق���ة للمعتق���دات‬ ‫الدين ّي���ة‪ .‬وقد عّلق "تيت���ز رووكي" على ذلك‬ ‫صحيح���ا اعتب���ار املاض���ي‬ ‫بقول���ه‪ :‬ربمّ ���ا كان‬ ‫ً‬ ‫وط ًنا هاجرنا ُّ‬ ‫كلنا من���ه‪ ،‬وأن يكون فقدانه أو‬ ‫ضياع���ه جز ًءا من إنس���ان ّيتنا املش�ت�ركة كما‬ ‫يتصوّر س���لمان رش���دي‪ ،‬بيد أن الك ّتاب الذين‬ ‫يعيش���ون مثل���ه يف َ‬ ‫املنفى قد مي��� ّرون بتجربة‬ ‫الفقد هذه أكثر من سواهم‪ ،‬لكن حتى أولئك‬ ‫الذي���ن يؤ ّرقه���م الش���عور بالفق���د والدافع إىل‬ ‫استعادة ما ضاع‪ ،‬إذا ق ّرروا أن ينظروا وراءهم‪،‬‬ ‫فلن يكونوا قادرين على اس���تعادة الشيء الذي‬ ‫فقدوه بالتحديد‪ ،‬لك ّنهم سوف يصنعون خيا ً‬ ‫ال‬ ‫بدي ً‬ ‫ال‪ ،‬ليس مد ًنا وق���رى حقيق ّية‪ ،‬وإنمّ ا مد ًنا‬ ‫وقرى غ�ي�ر مرئي���ة‪ ،‬وأوطا ًن���ا متخ ّيلة‪ ،‬كما‬ ‫صنع رشدي "هندًا متخ ّيلة" يف روايته(‪.)3‬‬ ‫‪ .3‬املنفى والعودة املستحيلة‪:‬‬ ‫تش��� ّكل قض ّي���ة خت ّي���ل األوط���ان واألمكن���ة‬ ‫األوىل‪ ،‬ومنه���ا امل���دن وم���ا ي ّتص���ل بذل���ك من‬ ‫حنني وش���قاء‪ ،‬البؤرة املركزيّة لكتابة املنفى‪،‬‬ ‫فثمة تزاحم بني األوط���ان واملنايف فيما يكتبه‬ ‫ّ‬ ‫املنفي ال���ذي ينتدب‬ ‫املنف ّي���ون‪ .‬ولك���ن َم ْن ه���و ّ‬ ‫املهم���ة‪ ،‬أو يجُ �ب�ر عليها فيخوض‬ ‫نفس���ه هلذه ّ‬ ‫املنفي بأ ّنه اإلنس���ان املنش���طر‬ ‫غمارها؟‪ .‬يُعرف ّ‬ ‫اهلوس���ي إىل املكان األوّل‪،‬‬ ‫بني حال من احلنني‬ ‫ّ‬ ‫وعدم القدرة على اخت���اذ القرار بالعودة إليه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مفرطا بالشقاء ال‬ ‫إحساس���ا‬ ‫وينتج هذا الوضع‬ ‫ً‬ ‫يدرك���ه إ ّ‬ ‫ال املنف ّيون الذين فارق���وا أوطانهم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫طوي�ل�ا مبعدي���ن عن���ه‪ ،‬فاق ُتلع���وا عن‬ ‫ومكث���وا‬ ‫جذورهم األصل ّي���ة‪ ،‬وأخفقوا يف م ّد جذورهم‬ ‫يف األمكن���ة البديل���ة‪ ،‬فخ ّي���م عليه���م وج���وم‬ ‫ّ‬ ‫الرتاجيدي‬ ‫باحل���س‬ ‫االغرتاب والش���عور املريع‬ ‫ّ‬ ‫ملصائره���م الش���خص ّية‪ ،‬إذ َع ِط َب ْ‬ ‫���ت أعما ُقه���م‬ ‫ج ّراء ذلك التصدّع‪ ،‬وقد دفع احلنني إىل املكان‬ ‫األوّل رغب���ة عارم���ة الس���تدعاء الذكري���ات‬ ‫فاملنف���ي وق���د افتق���د‬ ‫املمزوج���ة بالتخ ّي�ل�ات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املوجهة‪ ،‬يس���تعيد مكا ًنا على س���بيل‬ ‫بوصلت���ه ِّ‬ ‫االفرتاض ليجعل منه مرك ًزا لذاته‪ ،‬وحمو ًرا‬ ‫لوجوده‪ ،‬فيلوذ بالوهم حب ًثا عن توازن مفقود‪.‬‬ ‫فه���و يحُ كم س���يطرته على امل���كان املفقود عرب‬ ‫سيل من الذكريات املتدافعة يف سعي للعثور‬ ‫عل���ى معنى حلياته‪ .‬ويف اللغ���ة العرب ّية حتيل‬ ‫مش���تقات الفع���ل "نف���ى" عل���ى دالل���ة واح���دة‬ ‫مرتابط���ة األط���راف‪ ،‬ه���ي‪ :‬اإلبع���اد والتنحية‬ ‫والط���رد واإلخ���راج والتغري���ب واالنتف���اء‬ ‫واالنع���دام‪ .‬ومجيعه���ا ّ‬ ‫تؤك���د ح���ال االنبت���ات‬ ‫واالنقط���اع واالجتث���اث وع���دم املُكن���ة عل���ى‬ ‫التواصل والعجز عنه‪.‬‬ ‫عرض "تزفتيان تودوروف" يف س���ياق حبثه‬ ‫ع���ن الصلة ب�ي�ن "األن���ا" و"اآلخر" لش���خص ّية‬ ‫املنف���ي‪ ،‬وح���اول أن حيدّد مالحمه���ا بالصورة‬ ‫ّ‬

‫(املنف���ي) يف بع���ض‬ ‫اآلتي���ة‪" :‬تش���به ش���خص ّية‬ ‫ّ‬ ‫غرب‪.‬‬ ‫جوانبه���ا املُهاج���ر‪ ،‬ويف بعضه���ا اآلخ���ر املُ َّ‬ ‫املنفي مثل األوّل يف بلد ليس بلده‪ ،‬لك ّنه‬ ‫يقيم ّ‬ ‫مث���ل الثان���ي يتج ّنب التم ّثل‪ ،‬غ�ي�ر إ ّنه وخال ًفا‬ ‫غرب‪ ،‬ال يبحث عن جتديد جتربته وزيادة‬ ‫ُ‬ ‫للم َّ‬ ‫خصوصا‬ ‫يهتم‬ ‫ً‬ ‫حدّة الغربة‪ ،‬وخال ًفا للخبري‪ ،‬ال ّ‬ ‫بالش���عب ال���ذي يعيش ب�ي�ن أف���راده"‪ .‬وبعد أن‬ ‫أوضاع���ا متزحزحة للش���خص ّيات اليت‬ ‫رص���د‬ ‫ً‬ ‫املنفي‪،‬‬ ‫من خالهلا ميك���ن أن تنبثق ش���خص ّية ّ‬ ‫مض���ى قائ ً‬ ‫ال ّ‬ ‫املنف���ي هو الش���خص "الذي‬ ‫ب���أن‬ ‫ّ‬ ‫يفس���ر حياته يف الغربة عل���ى أ ّنها جتربة الال‬ ‫ّ‬ ‫انتماء لوسطه‪ ،‬واليت حي ّبها هلذا السبب نفسه‪.‬‬ ‫اخلاص���ة‪ ،‬بل وبش���عبه‬ ‫يهت���م حبيات���ه‬ ‫املنف���ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اخل���اص‪ ،‬ولك ّن���ه أدرك ّ‬ ‫أن اإلقام���ة يف اخلارج‬ ‫ّ‬ ‫هن���اك حي���ث ال "ننتمي" أفضل لتش���جيع هذا‬ ‫االهتم���ام‪ .‬إ ّنه غري���ب‪ ،‬ليس مؤ ّق ًتا ب���ل نهائ ّيا‪.‬‬ ‫يدفع هذا الش���عور نفس���ه‪ ،‬وإن يكن على حنو‬ ‫ّ‬ ‫أق���ل تط���وّرا‪ ،‬بالبع���ض إىل اإلقام���ة يف امل���دن‬

‫غالف الكتابة واملنفى‬

‫الكب�ي�رة حيث حيول اإلغف���ال دون ّ‬ ‫أي اندماج‬ ‫كام���ل يف اجلماع���ة"‪ .‬ث���م انته���ى إىل الق���ول‬ ‫املنفي يكم���ن يف ختليه‬ ‫ب���أن اخلطر يف وض���ع ّ‬ ‫"دفعة واحدة عن العالقات القويّة اليت تربطه‬ ‫بهؤالء اآلخرين الذي يعيش بينهم"(‪.)4‬‬ ‫وش���غل ه���ذا املوضوع اهتمام "إدوارد س���عيد"‬ ‫فتط��� ّرق إىل بواع���ث النفي وآث���اره‪" ،‬النفي ال‬ ‫يقتصر معناه على قضاء س���نوات يضرب فيها‬ ‫هائما على وجه���ه‪ ،‬بعيدًا عن‬ ‫املرء يف الش���عاب ً‬ ‫أس���رته وعن الديار ال�ت�ي ألفها‪ ،‬ب���ل يعين إىل‬ ‫حمروما‬ ‫حد م���ا أن يصبح منب���و ًذا إىل األب���د‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ٍّ‬ ‫على الدوام من اإلحس���اس بأ ّنه يف وطنه‪ ،‬فهو‬ ‫يعي���ش يف بيئ���ة غريب���ة‪ ،‬ال يع ّزيه ش���يء عن‬ ‫فقدان املاضي‪ ،‬وال ّ‬ ‫يقل ما يش���عر به من مرارة‬ ‫إزاء احلاضر واملستقبل"‪.‬‬ ‫مفصال ما أمجل "يشيع افرتاض‬ ‫ثم استطرد ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصح���ة متاما‪ّ ،‬‬ ‫املنفي قد‬ ‫وعار عن‬ ‫غريب‬ ‫ّ‬ ‫بأن ّ‬ ‫ٍ‬ ‫األصلي‪ ،‬فهو‬ ‫انقطعت صلته كّل ّي���ة مبوطنه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫منب���ت الرواب���ط إىل‬ ‫مع���زول عن���ه‪ ،‬منفص���ل‬ ‫ليت ّ‬ ‫األب���د به‪ .‬أال َ‬ ‫"اجلراحي"‬ ‫أن هذا االنفصال‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الس���تطعت عندها‬ ‫صحيحا‪ ،‬إذن‬ ‫الكامل كان‬ ‫ً‬ ‫عل���ى ّ‬ ‫األقل أن جتد الس���لوى يف التي ّقن من ّ‬ ‫أن‬ ‫م���ا خّلفت���ه وراء ظهرك ع���اد ال يش���غل بالك‪،‬‬ ‫وأ ّن���ه م���ن احمل���ال علي���ك أن تس���تعيده أب���دًا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولك���ن الواق���ع يق���ول بغري ذل���ك‪ ،‬إذ ال تقتصر‬ ‫املنفي عل���ى كونه‬ ‫الصعوب���ة ال�ت�ي يواجهه���ا ّ‬ ‫ق���د أُرغم عل���ى العيش خ���ارج وطنه‪ ،‬ب���ل إ ّنها‬ ‫تع�ن�ي ‪ -‬نظ ًرا ملا أصب���ح العامل علي���ه اآلن‪ -‬أن‬ ‫يعيش م���ع ّ‬ ‫كل م���ا ي ّ‬ ‫منفي‪ ،‬إىل‬ ‫ُذكره بأ ّن���ه ّ‬ ‫جانب اإلحس���اس ّ‬ ‫بأن الوط���ن ليس بالغ البعد‬ ‫عن���ه‪ ،‬كما ّ‬ ‫أن املس�ي�رة "الطبيع ّي���ة" أو املعتادة‬

‫للحي���اة اليوم ّية املعاصرة تع�ن�ي أن ّ‬ ‫يظل على‬ ‫صل���ة دائمة موعودة وال تتح ّقق أبدًا مبوطنه‪.‬‬ ‫وهكذا ّ‬ ‫املنفي يقع يف منطقة وس���طى‪ ،‬فال‬ ‫فإن ّ‬ ‫ً‬ ‫كام�ل�ا مع امل���كان اجلديد‪،‬‬ ‫تواؤما‬ ‫ه���و مي ّث���ل ً‬ ‫متاما من القدي���م‪ ،‬فهو حماط‬ ‫وال هو حت���ر ّر ً‬ ‫بأنصاف ُمش���اركة وأنصاف انفصال‪ ،‬ومي ّثل‬ ‫على مس���توى مع�ّي�نّ ذلك احلن�ي�ن إىل الوطن‬ ‫وما يرتبط به من مشاعر‪ ،‬وعلى مستوى آخر‬ ‫قدرة املن ِف ّي الفائقة على حماكاة من يعيش‬ ‫معه���م اآلن‪ ،‬أو إحساس���ه الدفني بأ ّن���ه منبوذ‪،‬‬ ‫الرئيسي إحكام مهارات‬ ‫ثم يصبح واجبه‬ ‫ومن ّ‬ ‫ّ‬ ‫البق���اء والتعاي���ش هن���ا‪ ،‬م���ع احل���رص الدائم‬ ‫على جت ّنب خطر اإلحس���اس بأ ّنه حقق درجة‬ ‫مما ينبغي من "الراح���ة" و"األمان"(‪.)5‬‬ ‫أك�ب�ر ّ‬ ‫وانته���ى إىل الق���ول "يجُ �ِب�رِ َ‬ ‫املنف���ى امل���رء على‬ ‫التفك�ي�ر في���ه‪ ،‬ويا هلا من جترب���ة فظيعة‪ .‬إ ّنه‬ ‫الش���رخ املفروض الذي ال التئام له بني كائن‬ ‫ّ‬ ‫األصلي‪ ،‬بني ال���ذات وموطنها‬ ‫بش���ري ومكانه‬ ‫ّ‬ ‫احلقيق���ي‪ :‬ف�ل�ا ميك���ن أب���دًا التغّل���ب عل���ى ما‬ ‫ّ‬ ‫أساسي‪...‬فمآثر َ‬ ‫املنفى ال يين‬ ‫يو ّلده من ش���جن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يقوّضها فقدان ش���يء م���ا خلفه املرء وراءه إىل‬ ‫األبد"(‪.)6‬‬ ‫مرت اإلشارة إىل أن َ‬ ‫املنفى يك ّرس عج ًزا عن‬ ‫االنتماء إىل ّ‬ ‫أي من العاملينّ ‪ :‬القديم واجلديد‪،‬‬ ‫وتع��� ّذ ُر االنتم���اء يق���ود إىل ن���وع م���ن الرت ّف���ع‬ ‫ّ‬ ‫الفك���ري والرهبنة الروح ّي���ة والعقل ّية‪ ،‬وذلك‬ ‫قد يفضي إىل العدم ّية أحيا ًنا‪ ،‬حيث تتالش���ى‬ ‫أهم ّية األشياء‪ ،‬فتنهار صورة العامل يف أعماق‬ ‫املنف���ي‪ ،‬ولك���ن ق���د يظه���ر العك���س‪ ،‬فاملنف ّيون‬ ‫ّ‬ ‫الكبار ع�ب�ر التاريخ‪ ،‬هم الذين أوقدوا ش���رارة‬ ‫األم���ل يف نف���وس ش���عوبهم‪ ،‬وأهلموه���ا فكرة‬ ‫فاملنفي‬ ‫احل ّريّة‪ ،‬وقادوها إىل ش���واطئ األمان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتخط���ى الذات ّي���ة املغلقة حت���ى يصبح‬ ‫م���ا أن‬ ‫ّ‬ ‫كائ ًن���ا عامل ّي���ا يتطل���ع إىل تغي�ي�رات ش���املة‪..‬‬ ‫واملنف ّي���ون ينظ���رون إىل غ�ي�ر املنف ّي�ي�ن نظرة‬ ‫اس���تياء وس���خط‪ .‬فهم ينتمون إىل حميطهم‪،‬‬ ‫املنفي فغريب على ال���دوام‪ .‬يقضي معظم‬ ‫ّ‬ ‫أم���ا ّ‬ ‫حياته يف التعويض عن خس���ارة مربكة خبلق‬ ‫عامل جديد يبسط سلطانه عليه(‪.)7‬‬ ‫املنف���ي املي���زة‬ ‫خل���ع "إدوارد س���عيد" عل���ى‬ ‫ّ‬ ‫املنف���ي ّ‬ ‫أن األوطان يف‬ ‫املتف��� ّردة‪ ،‬بقوله‪ :‬يعل���م‬ ‫ّ‬ ‫الدنيوي عارضة ومؤ ّقتة‪ .‬بل ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن احلدود‬ ‫العامل‬ ‫واحلواج���ز ميك���ن أن تغ���دو س���جو ًنا ومعازل‪،‬‬ ‫مربر‬ ‫وغال ًب���ا م���ا يُداف���ع عنه���ا‪ ،‬وتحُ م���ى ب�ل�ا ِّ‬ ‫أم���ا املنف ّي���ون فيع�ب�رون احلدود‪،‬‬ ‫أو ض���رورة‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫وحيطم���ون حواج���ز الفك���ر والتجرب���ة(‪.)8‬‬ ‫ولطامل���ا دعم املنفي���ون حجتهم ه���ذه‪ ،‬مبا ورد‬ ‫ع���ن أح���د الرهب���ان يف الق���رن الثان���ي عش���ر‬ ‫املي�ل�ادي‪ :‬اإلنس���ان الذي جيد وطن���ه أثريا مل‬ ‫يزل غ ّرا طري العود؛ أما الذي يرى موطنه يف‬ ‫كل م���كان فقد بلغ القوة؛ غري أن املرء ال يبلغ‬ ‫الكمال إال إذا ع��� ّد العامل بأمجعه أرضا غريبة‬ ‫���ض ه���و َم ْ‬ ‫���ن ّ‬ ‫علي���ه؛ فال َغ ّ‬ ‫ركز حب���ه يف بقعة‬ ‫ّ‬ ‫والق���وي ه���و الذي مشل‬ ‫واح���دة م���ن األرض؛‬ ‫الع���امل حبب���ه؛ أما اإلنس���ان الكامل فه���و الذي‬ ‫أطفأ جذوة احلب يف أعماقه‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اهلوامش‬ ‫‪ .1‬إيزابي���ل ألليندي‪ ،‬بلدي املخ�ت�رع‪ ،‬ترمجة رفعت عطفة‪،‬‬ ‫دمشق‪ ،‬دار ورد‪ ،2004 ،‬ص‪8-9‬‬ ‫‪ .2‬م‪.‬ن‪.‬ص ‪155‬‬ ‫‪ .3‬تيت���ز رووك���ي‪ .‬يف طفوليت‪ :‬دراس���ة يف الس�ي�رة الذاتيّة‬ ‫العربيّة‪ ،‬ترمجة‪ :‬طلعت الش���ايب‪ ،‬القاه���رة‪ ،‬اجمللس األعلى‬ ‫للثقافة ‪ 2002‬ص ‪255‬‬ ‫‪ .4‬ت���ودوروف‪ ،‬حنن واآلخ���رون‪ :‬النظرة الفرنس���يّة للتنوع‬ ‫ّ‬ ‫البش���ري‪ ،‬ترمج���ة‪ :‬د‪ .‬ربى محود‪ ،‬دمش���ق‪ ،‬دار املدى للثقافة‬ ‫والنشر‪1998 ،‬ص‪384-385‬‬ ‫حممد عناني‪،‬‬ ‫‪ .5‬إدوارد س���عيد‪ ،‬املث ّقف والس���لطة‪ ،‬ترمجة‪ّ ،‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬رؤية للنش���ر والتوزي���ع‪ ،2006 ،‬ص‪ ،92‬و‪.94-95‬‬ ‫األصل���ي للكت���اب ه���و"‪Representations of‬‬ ‫والعن���وان‬ ‫ّ‬ ‫‪"the Intellectual‬‬ ‫تأم�ل�ات ح���ول املنف���ى‪ ،‬ج‪ ،1‬ترمجة ثائر‬ ‫‪ .6‬إدوارد س���عيد‪ّ ،‬‬ ‫ديب‪ ،‬بريوت‪ ،‬دار اآلداب‪ ،2004 ،‬ص ‪117‬‬ ‫تأمالت حول املنفى‪ ،‬ص‪127 126-‬‬ ‫‪ّ .7‬‬ ‫‪ .8‬م‪.‬ن‪ .‬ص‪131‬‬

‫‪19‬‬ ‫ميكنك أن تقول‬ ‫للطري ‪ ..‬وأكثر‬ ‫محزة جبودة ‪..‬‬

‫عل���ي عتب���ة االمني���ات يرس���م الط�ي�ر جناحيه ‪،‬‬ ‫ويس���ميها ثورت���ه ‪ ..‬كان هذا قبل ان يولد بش���ر‬ ‫ُ‬ ‫كثر !‬ ‫ارادتي تلزمين البقاء‬ ‫وحلمي كعادته‬ ‫‪ ..‬جبان ومرتبك‬ ‫ارادتي تلزمين ان ّ‬ ‫اتعطر هلا‬ ‫وان اكتب يف دفرتها‬ ‫!‪ ..‬انين مررت من هنا ومل اجدك‬ ‫ارادتي جم ّرد حنني‬ ‫‪ ..‬يلزمه الوقت ليكون‬

‫‪ ..‬يلزمه الوقت ليعرتف‬ ‫ال شيء يف اجلوار‬ ‫‪ ..‬ال شيء يف حياة الطري‬ ‫غري جناحيه !‬ ‫*******‬ ‫بشر ُ‬ ‫كثر م ّروا من هنا‬ ‫‪ ..‬بعضهم يبتسم‬ ‫‪ ..‬وبعضهم يبكي‬ ‫بعضهم خارج الثورة‬ ‫‪ ..‬وبعضهم يسكنها‬ ‫بعضهم لصوص‬ ‫! ‪ ..‬وبعضهم حياول‬ ‫بش ٌر ُ‬ ‫كثر يعربون من هنا‬ ‫‪ ..‬وجيوبهم الفارغة ميألها الوطن‬ ‫بشر ال مي ّرون من هنا‬ ‫!‪ ..‬نفتقدهم ونبتسم‬ ‫********‬ ‫ميكنك ان تقول ماشئت‬ ‫!‪ ..‬وميكنك ايضا ان ال تقول اي شيء‬ ‫ميكنك ان تقتل الصمت‬ ‫‪..‬دون ان يعاقبك الكالم‬ ‫‪ ..‬ميكنك ان تنكر‬ ‫وميكنك ان تنسي كل شيء‬ ‫‪ ..‬ميكنك ان ترسم امنيتك الضائعة‬ ‫وميكنك اكثر‬ ‫‪ ..‬ان تقول عين اشياءا خمجلة‬ ‫امسها يشبهك‬ ‫! ‪ ..‬كشتيمة رائعة‬ ‫ميكنك ان تقول ماشئت‬ ‫وميكنك ان ترحل منسيا بعدها‬ ‫‪ ..‬يف وطن حتبه‬ ‫ميكنك ان تعرتف وتقول للطري‬ ‫!‪ ..‬احب جناحيك واكرهك‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪2014 / 2 / 17‬‬


‫‪20‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫ملاذا هذا الكون ؟؟‬ ‫عبد اهلل شرف الدين‬ ‫تس� ٌ‬ ‫�ث العمي��ق‬ ‫�اؤالت وأف��كار حتت� ُ‬ ‫�اج اىل البح� ِ‬ ‫املُس��تفيض والتمحي��ص الص��ادق األم�ين‪ ،‬وم��ن‬ ‫أعظ��م التس��اؤالت واهمه��ا ذلك التس��اؤل الذي‬ ‫ذكره مركز االحباث الكونية(الناس��ا) الكائن يف‬ ‫ضواحي هيوسنت ‪ ،‬فبعد أن أ ّكد هذا املركز العظيم‬ ‫توصل اىل كيفي��ة قيام ه��ذا الكون الذي‬ ‫انه ق��د ّ‬ ‫تعم الفض��اء قد انفجرت يف‬ ‫كان س��حابة ضخمة ّ‬ ‫زمن س��حيق ‪ ،‬وقد ع ّرفوا هذا اإلنفجار باإلنفجار‬ ‫الكون��ي ال(ب��ق بنق) كم��ا أبانوا كيفية وس��اعة‬ ‫حدوث��ه وانه��م اآلن يبحثون األس��باب اليت أ ّدت‬ ‫اىل ه��ذا احل��دث العظي��م ‪،‬وقال��وا يف احباثه��م‬ ‫املُس��تفيضة انه��م ل��و توصل��وا اىل س��بب ح��دوث‬ ‫هذا الكون فإن مش��اكل اجملتمع البش��ري س��تجد‬ ‫طريقه��ا اىل احل��ل والتفاهم ‪ .‬وبن��اءا على ذلك‬ ‫علينا حنن بين البش��ر مجيع��ا ان نبحث و نتأ ّمل‬ ‫‪،‬خصوصا أنه قد وردت إشارات ُمذهلة باخلصوص‬ ‫يف بعض آيات رسالة السماء يف القرآن الكريم ‪.‬‬ ‫___________________‬ ‫•الكون سحابة ضخمة ليس هلا حدود‬ ‫عندما يُفكر اإلنسان يف هذا الكون وحجمه‬ ‫وأبعاده وما وص���ل اليه العلم باخلصوص ال‬ ‫ش���ك انه يصاب بالدهشة والتعجب من ذلك‬ ‫ما يقوله العلماء ان ه���ذا الكون حيتوي على‬ ‫مالي�ي�ن املالي�ي�ن من اجمل���رات وكل جمرة‬ ‫حتت���وي على ماليني املالي�ي�ن من الكواكب‬ ‫الس���يارة والنجوم الثابتة ‪،‬وق���د ذكر العلم‬ ‫ان يف ه���ذا الكون أجرام���ا تبعد عن كوكبنا‬ ‫األرضي بليونني من السنوات الضوئية ‪ ،‬فإذا‬ ‫كانت س���رعة الضوء ثالثة آالف وستمائة‬ ‫مي���ل يف الثاني���ة فليتص���ور العقل البش���ري‬ ‫هذه املس���افة اليت تبلغ ثالتة آالف وستمائة‬ ‫ميل مضروبة يف ‪ 60‬ثانية×‪ 60‬دقيقة×‪24‬‬ ‫ساعة×‪30‬يوما×‪12‬ش���هرا×‪ 2‬بليون سنة ان‬ ‫العقل البش���ري ال يكاد يستوعب هذه األبعاد‬ ‫املذهلة اخلارقة ؟!‪.‬‬ ‫ولع���ل ه���ذه األبع���اد الضخم���ة الرائع���ة‬ ‫العجيب���ة ال�ت�ي حتي���ط بنا حنن بين البش���ر‬ ‫ه���ي اليت تس���تحثنا على التأم���ل والبحث يف‬ ‫آيات���ه تعاىل ال�ت�ي ج���اءت يف الق���رآن الكريم‬ ‫ق���ال اهلل تع���اىل يف لأْ َكتاب���ه العزي���ز “ ِإ َّن فيِ‬ ‫ْ‬ ‫���ماوات وَا ْرض و ْ‬ ‫�ل�اف َّ‬ ‫���ل‬ ‫الس‬ ‫���ق َّ‬ ‫َاخ ِت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الل ْي ِ‬ ‫َخل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫لآَ‬ ‫و َّ‬ ‫يات لأِ و ِلي األلب���اب (‪َّ )190‬ال ِذ َ‬ ‫ين‬ ‫ه���ار ٍ‬ ‫َالن ِ‬ ‫يْ‬ ‫للهََّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وب ِه ْم‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫لى‬ ‫َع‬ ‫و‬ ‫ًا‬ ‫د‬ ‫���و‬ ‫ع‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫يام‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫ون‬ ‫ر‬ ‫���‬ ‫ك‬ ‫َذ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لأْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫َو َي َت َف َّك ُر َ‬ ‫ض َربَّنا‬ ‫الس‬ ‫ون فيِ َخل ِق َّ‬ ‫���ماوات وَا ْر ِ‬ ‫َ‬ ‫ًل�اً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ما َخ َل ْق َ‬ ‫ذاب‬ ‫باط� ُس���بحانك ف ِقنا َع َ‬ ‫���ت هذا ِ‬ ‫َّ‬ ‫الن ِار (‪ )191‬سورة آل عمران ‪.‬‬ ‫مما اس���تجاب هلذا النداء الربّاني‬ ‫وقد كان ّ‬ ‫املق���دس مرك���ز األحب���اث الكونية ( الناس���ا‬ ‫) كم���ا س���بق ان ذكرن���ا ‪ ،‬فبع���د احباث���ه‬ ‫توص���ل‬ ‫العلمي���ة الطويل���ة املس���تفيضة ق���د ّ‬ ‫اىل أن ه���ذا الكون قد كان س���حابة ضخمة‬ ‫ليس هلا ح���دود قد انفجرت ذل���ك االنفجار‬ ‫العظي���م ‪ ،‬وم���ن ه���ذا االنفج���ار تك ّونت هذه‬ ‫الس���دم واجمل ّرات والنجوم والكواكب‪ ،‬ومن‬

‫بينه���ا كوكبنا األرضي ‪ ،‬وهذا ما مساه هذا‬ ‫املركز العلمي ‪BIG BANG‬‬ ‫وق���د ح���دد هذا املرك���ز العلم���ي كيفية‬ ‫وس���اعة حدوثه بطريقة علمي���ة غري قابلة‬ ‫للش���ك وتبني أن ذلك قد ح���دث منذ حوالي‬ ‫ثالثة عش���ر مليار سنة ‪،‬والدراسات العلمية‬ ‫اليت قدمها ه���ذا املركز قد بينت بالتفصيل‬ ‫توصل هذا املركز اىل هذه املعلومات‬ ‫كيف ّ‬ ‫املُبهرة اليت تأخذ مبجامع العقول والقلوب ‪.‬‬ ‫التس���اؤل األول املبهر ب���ل املعجز ما جاء يف‬ ‫الق���رآن الكريم قوله تعاىل “ ُث َّم ْاس��� َت َوى ِإلىَ‬ ‫لأْ َ‬ ‫ان َف َق َ‬ ‫َه َي د َ‬ ‫ُخ ٌ‬ ‫ض ْائ ِت َيا‬ ‫الس َ‬ ‫َّ‬ ‫���ما ِء و ِ‬ ‫ال لهَ َ ���ا َو ِل ْر ِ‬ ‫َط ْو ًعا أَ ْو َ‬ ‫ك ْر ًها َقا َل َتا أَ َت ْي َنا َطا ِئ ِع َ‬ ‫ني اآلية ‪11‬‬ ‫من سورة ًفصلت ‪ .‬والدخان يف هذه اآلية هو‬ ‫الس���حابة الضخم���ة اليت اش���ار اليها مركز‬ ‫َ���ر َّال ِذ َ‬ ‫ين‬ ‫االحباث ث���م قول���ه تع���اىل “ أَ َولمَ ْ ي َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫���ماوات وَاألرض كا َنتا َرت ًقا‬ ‫الس‬ ‫ك َف��� ُروا أَ َّن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َج َعلن���ا ِم َن املاء ُ‬ ‫َف َف َت ْق ُ‬ ‫���ي ٍء َح ٍّي‬ ‫ك َّل َش ْ‬ ‫ناهم���ا و َ‬ ‫أَ َف�ل�ا ي ُْؤ ِم ُن َ‬ ‫ون “ اآلية ‪ 30‬من س���ورة األنبياء‬ ‫‪ .‬والشيء املُرتق يف اللغة العربية هو أطراف‬ ‫الش���يء املجُ ّمع���ة ‪ ،‬وفت���ق الش���يء املُر ّتق هو‬ ‫تفريقه عن بعضه البعض ‪.‬‬ ‫فم���ا ه���ي عالقة هذه اآليات املقدّس���ة من‬ ‫الق���رآن الكري���م مبا ج���اء يف أحب���اث مركز‬ ‫توص���ل إلي���ه م���ن‬ ‫الدراس���ات الكوني���ة وم���ا ّ‬ ‫معلوم���ات خبص���وص االنفج���ار الكون���ي‬ ‫وكيفية ووقت حدوثه ؟!‪.‬‬ ‫•هذه األرض وما فيها ذرات‬ ‫األحب���اث العلمية أكد ت أن هذه األرض‬ ‫وم���ا فيها من نب���ات وحيوان وإنس���ان وتراب‬ ‫وصخ���ور وذه���ب وحدي���د وحناس وخش���ب‬ ‫إخل‪ ....‬يتك ّون م���ن ذرات ‪ ،‬والذرة يف جوهرها‬

‫ه���ي عبارة عن ن���واة تدور حوهل���ا الكرتونات‬ ‫‪،‬وأن���واع ال���ذرات ختتل���ف باخت�ل�اف ع���دد‬ ‫اإللكرتونات اليت تدور حوهلا باستمرار‪ ،‬وقد‬ ‫ح���دد العلم���اء عدد أن���واع هذه ال���ذرات بعدد‬ ‫يصل اىل حوالي مائة ومخسة أنواع ‪.‬‬ ‫وق���د ج���اء يف اآلية األوىل من س���ورة غافر‬ ‫َات‬ ‫الس َ‬ ‫اط ِر َّ‬ ‫���ماو ِ‬ ‫قول���ه تع���اىل “ الحْ َ ْم��� ُد للِهَّ ِ َف ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫اع ِل المَْلاَ ِئ َك ِة ُر ُسً�ل�ا أو ِلي أج ِن َح ٍة‬ ‫وَالأْ َ ْر‬ ‫ض َج ِ‬ ‫ِ‬ ‫َزي ُد فيِ الخْ َ ْل ِق َما ي َ‬ ‫َّم ْث َن‬ ‫َش���ا ُء‬ ‫���ى َوثُلاَ َث َو ُربَا َع ي ِ‬ ‫للهََّ‬ ‫ِإ َّن ا َع َلى ُ‬ ‫ك ِّل َش ْي ٍء َق ِدي ٌر (‬ ‫واجلن���اح يف اللغ���ة العربية هو ما جنح عن‬ ‫املرك���ز‪ ،‬وبالتال���ي تعت�ب�ر األلكرتونات اليت‬ ‫ت���دور ح���ول مركز ال���ذرة او الن���واة هي يف‬ ‫احلقيقة أجنحة ‪.‬‬ ‫والتس���اؤل الثاني هل جي���وز لنا مقارنة ما‬ ‫ج���اء يف اآلي���ة الكرمية من س���ورة غافر وما‬ ‫جاء يف األحباث العلمية حول الذرات يف هذا‬ ‫الكون وكيفية تكوينها من نواة وألكرتونات‬ ‫تدور حوهلا ؟!‬ ‫إن األحب���اث العلمي���ة تق���رر أن هذا الكون‬ ‫ق���د خلق من ماليني اجمل��� ّرات ‪،‬وكل جم ّرة‬ ‫تتك��� ّون م���ن مالي�ي�ن املالي�ي�ن م���ن النج���وم‬ ‫الثابت���ة والكواك���ب الس��� ّيارة‪ ،‬وكل ه���ذه‬ ‫النج���وم والكواك���ب مب���ا يف ذل���ك الكوكب‬ ‫األرض���ي إمن���ا تتكون م���ن ال���ذ ّرات بأنواعها‬ ‫املختلف���ة ‪ .‬وأن الكوك���ب األرض���ي يف أول‬ ‫وج���وده كان خالي���ا من النباتات واألش���جار‬ ‫كم���ا كان خالي���ا م���ن املخلوق���ات احل ّي���ة ‪،‬‬ ‫يعمه هو املاء واهلواء ‪.‬‬ ‫فالذي كان ّ‬ ‫إن املخل���وق البش���ري ومجي���ع املخلوق���ات‬ ‫األخرى من نبات وحيوان وإنسان إمنا يتك ّون‬ ‫م���ن تراب وم���اء وه���واء ‪ ،‬وأن ال�ت�راب يتك ّون‬

‫من أن���واع عديدة من ال���ذ ّرات ‪ ،‬وأما املاء فإنه‬ ‫يتك ّون من ذ ّرتني أساسيتني هما اهلدروجني‬ ‫واألكس���جني ‪،‬أما اهلواء فإنه يتك ّون من ذ ّرة‬ ‫أساسية واحدة هي األكسجني ‪.‬‬ ‫إن املخل���وق البش���ري يس���تطيع ان يعيش‬ ‫ملدّة ستني يوما بدون غذاء ولكنه ال يستطيع‬ ‫أن يعيش أكثر من ثالثة أيام دون ماء‪ ،‬وال‬ ‫يستطيع أن يعيش أكثر من دقيقتني بدون‬ ‫هواء ‪.‬‬ ‫•الغداء البشري أنواع متعددة من الذرات‬ ‫إن الغ���داء البش���ري س���واء كان نبات���ا أو‬ ‫حيوان���ا أو امس���اكا أو أي ش���يء آخ���ر ‪ ،‬إمنا‬ ‫يتك��� ّون م���ن أنواع متع���ددة من ال���ذرات اليت‬ ‫تشمل اجلماد واملاء واهلواء ‪.‬‬ ‫إن اجلم���اد يتواج���د يف ه���ذه األرض‬ ‫بنس���بة ‪ %30‬تقريبا وأما امل���اء فإنه يتواجد‬ ‫فيه���ا بنس���بة ‪ %60‬تقريبا وأما اهل���واء فإنه‬ ‫يتواج���د يف مجيع أحن���اء الكوكب األرضي‬ ‫بنس���بة ‪ %100‬وال خيل���و أي م���كان يف هذا‬ ‫الكوك���ب مسائه وأرضه من اهل���واء ‪ ،‬وكما‬ ‫س���بق ان ذكرنا إن اجلماد يتك��� ّون من أنواع‬ ‫متع���ددة م���ن ا ّلذرات وأم���ا امل���اء فيتكون من‬ ‫نوعني اساس�ي�ن من الذرات هما اهليدروجني‬ ‫واألكسجني ‪ ،‬أما اهلواء فإنه يتك ّون من ذرة‬ ‫أساسية واحدة هي األكسجني ‪.‬‬ ‫ف���إذا كان األكس���جني يتك��� ّون من نواة‬ ‫ومثاني ألكرتون ‪ ،‬فالتساؤل الثالت ما عالقة‬ ‫كل ذل���ك بقول���ه تع���اىل يف كتاب���ه الكريم‬ ‫يف س���ورة احلاق���ة اآلي���ة ‪ ( : 17‬وَالمَْ​َل ُ‬ ‫���ك َع َلى‬ ‫ش َر ِب َ‬ ‫أَ ْر َجا ِئهَ���ا وَيحَ ْ ِم ُل َع ْر َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ���ك َف ْو َقه ْ‬ ‫ُم يَو َم ِئ ٍذ‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫إن األحب��اث العلمية تقرر أن هذا الكون قد خلق من ماليني‬ ‫اجملّ��رات ‪ ,‬وكل جم � ّرة تتك ّون من مالي�ين املاليني من النجوم‬ ‫الثابتة والكواكب الس ّيارة‬ ‫ثمَ َ ا ِن َي ٌة)‬ ‫إن الدراس���ات العلمي���ة ق���د اثبتث‬ ‫ان مجي���ع املخلوق���ات ق���د تك ّون���ت‬ ‫اساس���ا يف املي���اه الراك���دة حي���ث‬ ‫ظهرت األميبا املخل���وق ذو اخللية‬ ‫الواح���دة واليت تكاثرت باالنقس���ام‬ ‫الذات���ي حيث نتج من ه���ذا التكاثر‬ ‫احليوان���ات املائي���ة وال�ت�ي تطورت‬ ‫اىل املخلوق���ات الزاحف���ة ومنه���ا‬ ‫اىل الطي���ور وبالتط���ور وج���دت‬ ‫احليوانات اليت متشي على اربع ثم‬ ‫ش���يئا فش���يئا وبعد ماليني ماليني‬ ‫األحق���اب تك���ون اإلنس���ان ال���ذي‬ ‫ميش���ي على اثنني وذلك حس���ب ما‬ ‫فصلته النظرية الدروانية ‪.‬‬ ‫وق���د ج���اء يف الق���رآن الكري���م يف‬ ‫سورة النور اآلية ‪ 45‬قوله تعاىل ‪(:‬‬ ‫اللهَُّ َخ َل َق ُ‬ ‫ك َّل دَابٍَّ���ة ِم ْن ما ٍء َف ِم ْنه ْ‬ ‫ُم‬ ‫ْ‬ ‫ُم َمنْ‬ ‫َم ْنه ْ‬ ‫َم ْن يمَ ْ ِش���ي َعلى بَط ِن��� ِه و ِ‬ ‫ُ���م َمنْ‬ ‫َم ْنه ْ‬ ‫يمَ ْ ِش���ي َعل���ى ِر ْج َل�ْي�نْ ِ و ِ‬ ‫للهَُّ‬ ‫يمَ ْ ِش���ي َعل���ى أَ ْربَ���ع يخَ ْ ُل ُ‬ ‫���ق ا م���ا‬ ‫ٍ‬ ‫يَش���ا ُء ِإ َّن اللهََّ َعلى ُ‬ ‫ك ِّل َش ْي ٍء َق ِدي ٌر)‬ ‫(‪ .})45‬وقول���ه تع���اىل يف س���ورة‬ ‫نس َ‬ ‫���ان‬ ‫(املؤمن���ون ) ( َو َل َق ْد َخ َل ْق َنا الإْ ِ َ‬ ‫���م‬ ‫ِم‬ ‫�ي�ن {‪ُ }12‬ث َّ‬ ‫���ن ُس�َل�اَ َْل ٍة ِّم���ن ِط ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ني {‪}13‬‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ار‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫ة‬ ‫ف‬ ‫ط‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫���ا‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫َ​َ ُ‬ ‫ْفيِ َ ٍ َّ ِ ٍ‬ ‫���م َخ َل ْق َن���ا ُّ‬ ‫النط َف َة َع َل َق ً‬ ‫���ة َف َخ َل ْق َنا‬ ‫ُث َّ‬ ‫لمْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫���ة ف َخ َلق َن���ا ا ُض َغ َ‬ ‫���ة ُمض َغ ً‬ ‫ْال َع َل َق َ‬ ‫���ة‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ام���ا َف َك َس ْ‬ ‫���و َنا ال ِع َظ���ا َم لحَ ًما ُث َّم‬ ‫ِع َظ ً‬ ‫ْ‬ ‫���ر َف َت َب���ا َر َك اللهَُّ‬ ‫أَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫آخ‬ ‫���ا‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫نش ْ���أ ُ‬ ‫َ‬ ‫لخْ‬ ‫َ‬ ‫���ن ا ا ِل ِق َ‬ ‫أَ ْح َس ُ‬ ‫ني ‪، 14‬وقوله تعاىل‬ ‫يف س���ورة ن���وح اآلي���ة ‪َ : 14‬و َق���دْ‬ ‫َخ َل َق ُك ْم أَ ْط َوا ًرا (‪.)14‬‬ ‫والتساؤل الرابع هل هناك عالقة‬ ‫ب�ي�ن ما جاء يف النظرية العلمية يف‬ ‫كيفي���ة اخلل���ق وما ج���اء يف اآلية‬ ‫‪ 45‬من سورة النور ؟!‬ ‫ان املتفق عليه علميا أن البصمة‬ ‫ال تتكرر أبدا وق���د اعتادت اجلهات‬ ‫الرمسي���ة يف مجيع ال���دول تقريبا‬ ‫االعتم���اد عل���ى البصم���ة يف اثبات‬ ‫ش���خصية أي انس���ان ‪ ،‬وقد اعتادت‬ ‫بع���ض اجلهات الرمسي���ة االعتماد‬ ‫على البصمة اكثر م���ن اعتمادها‬ ‫على التوقيع يف اثبات نسبة املستند‬ ‫اىل هذا الشخص او ذاك ‪.‬‬ ‫وقد ج���اء يف القرآن الكريم قوله‬ ‫تعاىل يف س���ورة القيامة اآليتني ‪3‬‬ ‫نس ُ‬ ‫ان أَ​َّلن نجَ ْ َم َع‬ ‫و ‪ ( 4‬أَيحَ ْ َس ُ‬ ‫���ب الإْ ِ َ‬ ‫ام��� ُه (‪َ )3‬ب َل���ى َقا ِد ِر َ‬ ‫ي���ن َع َلى أَن‬ ‫ِع َظ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫���و َي َبنان ُه (‪ 4‬وال شك ان تسوية‬ ‫ُّن َس ِّ‬ ‫البنان ال ب��� ّد ان يكون املقصود منها‬ ‫هو تس���وية البصمة ال�ت�ي ال تتكرر‬ ‫من شخص اىل آخر ‪.‬‬ ‫•الدحية يف اللغة العربية ويف اللهجة‬ ‫الليبية هي البيضة‬

‫ُ‬ ‫والتس���اؤل اخلام���س ه���ل هناك‬ ‫عالق���ة ب�ي�ن م���ا ثب���ت علمي���ا م���ن‬ ‫ع���دم تك���رار البصمة بني ش���خص‬ ‫وآخ���ر وما جاء يف اآلي���ات القرآنية‬ ‫الكرمي���ة املش���ار اليها ب���أن اخلالق‬ ‫وح���ده الق���ادر عل���ى ارج���اع ه���ذا‬ ‫االنسان ذاته ببصمته املذكورة ؟!‬ ‫ق���د جاء يف الق���رآن الكريم قوله‬ ‫تع���اىل يف س���ورة النازع���ات ‪ :‬أَأَ ْن ُت ْم‬ ‫���ما ُء َب َن َ‬ ‫أَ َش ُّ‬ ‫اها * َر َف َع‬ ‫الس َ‬ ‫���د َخ ْل ًقا أَ ِم َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫���و َاها * َوأغط َ‬ ‫���ش َل ْيلهَا‬ ‫سمَ ْ َكهَ���ا ف َس َّ‬ ‫اه���ا * وَالأْ َ ْر َ‬ ‫ض ب َْع َ‬ ‫���ر َج ُض َح َ‬ ‫���د‬ ‫َوأَ ْخ َ‬ ‫َذ ِل َ‬ ‫َح َ‬ ‫اه���ا * }أآلي���ات ‪ 27‬و ‪28‬‬ ‫���ك د َ‬ ‫و ‪ 29‬و‪ . 30‬والدحي���ة يف اللغ���ة‬ ‫العربي���ة ويف اللهج���ة الليبي���ة هي‬ ‫البيض���ة ‪ ،‬مبعنى دحاه���ا اي جعلها‬ ‫مثل البيضة ‪،‬أي كرويّة ‪.‬‬ ‫وق���د كان الن���اس يف العص���ور‬ ‫القدمي���ة يعتق���دون ان االرض‬ ‫ُم ّ‬ ‫س���طحة حس���ب ما هو منصوص‬ ‫عن���ه يف احلض���ارة االغريقي���ة‬ ‫واخلض���ارة الروماني���ة ‪ ،‬وكذلك‬ ‫حض���ارة الفراعن���ة والكلداني�ي�ن‬ ‫واالش���وريني والس���وماريني ‪،‬‬ ‫واستم ّر ذلك االعتقاد اخلاطئ اىل‬ ‫القرون الوس���طي أي حوالي القرن‬ ‫الثاني عش���ر أو الثالث عشر عندما‬

‫ذك���ر اح���د املفكري���ن اإليطاليني‬ ‫هو (جاليلي���و جاليليي) أن االرض‬ ‫ليس���ت مس���طحة بل هي كروية‬ ‫‪،‬وق���د ث���ارت الكنيس���ة إذ ذاك على‬ ‫ه���ذا املفك���ر العظي���م فحكم���ت‬ ‫بأحراق���ه ح ّيا مما ي���دل على مدى‬ ‫تش���بت اإلنس���انية يف تلك العصور‬ ‫بفكرة تسطح االرض ‪.‬‬ ‫والتس���اؤل الس���ادس ما عالقة ما‬ ‫ذك���ره الق���رآن الكري���م يف س���ورة‬ ‫النازعات حول أن اهلل خلق األرض‬ ‫مث���ل الدحية ( دحاه���ا ) وأن الناس‬ ‫كانوا جيهلون ذلك آالف الس���نني‬ ‫الس���ابقة ومل يكتش���فوا كروي���ة‬ ‫ال���رض اال يف ه���ذه املُ���دة األخ�ي�رة‬ ‫اليت ال تزيد عن مخس���مائة س���نة‬ ‫‪ .‬وال زال البح���ث مس���تم ّرا ‪ ،‬وكما‬ ‫َما أُو ِتي ُت ْم ِم ْن ْال ِع ْل ِم‬ ‫قال تع���اىل ‪ ( :‬و َ‬ ‫ِإ َّ‬ ‫ال َق ِلي ً‬ ‫ال)‪ ( .‬سورة االسراء أية ‪)85‬‬ ‫إن ه���ذه األف���كار ق���د تك���ون جم ّرد‬ ‫تهومي���ات قد اتت به���ا الصدف وقد‬ ‫يكون هلا أعماقه���ا اليت جيب علينا‬ ‫ان نمُ عن النظر فيها ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫طرابلس ‪2012-8-23 -‬‬

‫‪21‬‬

‫منظمة التعاون‬ ‫اإلسالمي تقدم تقريرها‬ ‫حول االنتخابات يف ليبيا‬ ‫أك���د وفد منظمة التعاون اإلس�ل�امي الذي ش���ارك يف مراقبة‬ ‫انتخاب���ات اهليئ���ة التأسيس���ية لصياغ���ة مش���روع‪ ،‬أن عملي���ة‬ ‫االق�ت�راع ليت أجريت يوم اخلميس ‪ 20‬فرباير ‪ ،2014‬تتوفر بها‬ ‫ع���ال من‬ ‫كل ش���روط الش���فافية واحلي���اد‪ ،‬ونظمت يف مس���تو ٍ‬ ‫االنضباط وااللتزام‪.‬‬ ‫جاء ذلك خالل مؤمتر صحفي عقده الوفد مساء اليوم اجلمعة‬ ‫‪ 21‬فرباي���ر اجل���اري‪ ،‬باملركز اإلعالم���ي باملفوضية‪ ،‬حبضور‬

‫رئيس وأعضاء جملس املفوضية وبعض املنظمات الدولية اليت‬ ‫شاركت يف املراقبة على االنتخابات‪ .‬وقدم رئيس الوفد السفري‬ ‫احلبي���ب كعباش���ي‪ ،‬خالل املؤمت���ر تقريرا حول نتائ���ج مراقبة‬ ‫فري���ق منظمة التع���اون اإلس�ل�امي النتخابات هيئة الدس���تور‬ ‫يف ليبيا‪ .‬اس���تهله بتقدي���م التعزية إىل الش���عب اللييب وعائالت‬ ‫ضحايا الطائرة املنكوبة‪.‬‬ ‫وقال كعباشي‪" :‬يف نطاق دعم منظمة التعاون اإلسالمي لليبيا‬ ‫فإن األمني العام كلفين بتأكيد اس���تعداد املنظمة لدعم ليبيا‬ ‫يف اجمل���االت الثقافي���ة والسياس���ية ويف كافة اجمل���االت املتفق‬ ‫عليه���ا" وأف���اد ب���أن املنظمة وخ�ل�ال جتوهلا يف ع���دد كبري من‬ ‫املراك���ز االنتخابية يف طرابلس ومناطق أخ���رى حميطة بها‪،‬‬ ‫وبع���د معاينة مكاتب االنتخابات وحض���ور عمليات العد والفرز‬ ‫فإن وفد املنظمة يش���يد بتوفر كافة ش���روط الشفافية إلجراء‬ ‫انتخاب���ات نزيه���ة‪ ،‬مضيف���ا أن املفوضي���ة حرص���ت عل���ى توفري‬ ‫اإلج���راءات الكافية لضم���ان نزاهة االنتخابات ليتمكن الش���عب‬ ‫اللييب من املمارس���ة السياسية واحلكم الرشيد‪ .‬وتقدم بالتهنئة‬ ‫للمفوضي���ة العلي���ا لالنتخابات على أدائها املتمي���ز يف انتخابات‬ ‫نزيه���ة وف���ق املعاي�ي�ر الدولية مؤك���دا أن ما ش���اهدته املنظمة‬ ‫م���ن حرص عل���ى تطبيق املعايري ه���و دافع مش���جع للمفوضية‬ ‫على الس�ي�ر يف ه���ذا الطريق‪ .‬ومث���ن الطريق���ة احلضارية اليت‬ ‫اتبعه���ا الش���عب اللي�ب�ي يف أداء واجبه االنتخابي‪ ،‬وأش���اد بش���كل‬ ‫خاص جبهود املرأة الليبي���ة ملا أبدته من كفاءة عالية وحرص‬ ‫متواصل على إجناح عملية االقرتاع‪.‬‬ ‫شبكة االخبار الليبية‬


‫ميادين الفن‬

‫‪22‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫خليل العرييب‬

‫فنان من بالدي‬

‫يوسف بن صرييت‬

‫الفنان‬ ‫حممد الزرقاني‬

‫•الفن���ان الراح���ل حممد الزرقاني م���ن مواليد‬ ‫بنغازي العام ‪. 1936‬‬ ‫•يعترب من األصوات اجلميلة رغم قلة إنتاجه‬ ‫الفين ‪.‬‬ ‫•قدم نفس���ه لإلذاعة من خالل برنامج ركن‬ ‫اهل���واة الذي كان يقدم���ه الفنان الراحل س���يد‬ ‫بومدين سنة ‪. 1963‬‬ ‫•كان حم���ب لس���ماع أص���وات س���يد بومدي���ن‬ ‫وعل���ي الش���عالية وتقليده���م ث���م أجري���ت ل���ه‬ ‫مقابلة مع جلنة الغن���اء باإلذاعة مت علي أثرها‬ ‫ضم���ه للمجموع���ة الصوتي���ة ملدة س���تة أش���هر‬ ‫وكان من بني جيله الفنان ابراهيم فهمي ‪.‬‬ ‫•قدم له الفنان يوس���ف العامل أول عمل غنائي‬ ‫بعن���وان أي���ام احملب���ة من كلم���ات عبدالس�ل�ام‬ ‫امحد ث���م قدم له أغنية أخ���ري بعنوان ما أحلي‬ ‫الصباح ‪.‬‬ ‫•بعده���ا حل���ن له املوس���يقار علي ماه���ر أغنية‬ ‫معانا هواك من كلمات حممد خملوف ‪.‬‬ ‫•ظل عضوا منتظما باجملموعة الصوتية وحلن‬ ‫ل���ه كثري م���ن امللحنني أمث���ال ‪ :‬أبو الس���عيد –‬ ‫ص�ب�ري الش���ريف – امح���د كام���ل – مفت���اح‬ ‫اجلديد – أشرف حمفوظ وغريهم ‪.‬‬ ‫•أش���هر أغاني���ه ‪ :‬ليش ي���ا حبي���ب – وديتك –‬ ‫علمين ننس���اك – حك���م الزمان – كما ش���ارك‬ ‫الفنان امحد كامل أوبريت قناديل العيد ‪.‬‬ ‫•الفنان حممد الزرقاني حاول يف بداية حياته‬ ‫الفني���ة التعل���م عل���ي آل���ة الن���اي لكن���ه تركها‬ ‫ليتفرغ للغناء ‪.‬‬ ‫•رصيده من األغاني أكثر من ‪ 50‬أغنية ‪.‬‬ ‫•أحي���ل للتقاعد اإلجب���اري العام ‪ 1994‬وترك‬ ‫بعده���ا الغن���اء وعان���ي كث�ي�را من امل���رض ومل‬ ‫يلق���ي أي إهتمام من الدول���ة وفارق احلياة بعد‬ ‫معاناة طويلة من املرض ‪.‬‬

‫جائزة أفضل ممثل إلبراهيم إدريس‬ ‫حتص���ل الفن���ان اللي�ب�ي ابراهي���م‬ ‫ادري���س عل���ي جائ���زة افض���ل ممثل يف‬ ‫مهرج���ان األي���ام املغاربية للمس���رح يف‬ ‫دورته���ا الثاني���ة اليت أقيم���ت باجلزائر‬ ‫بوالية ال���وادي جنوب ش���رق اجلزائر ‪،‬‬ ‫وذل���ك عن دوره يف مس���رحية ( شش���ة‬ ‫كخ���ة ) م���ن تأليف ‪:‬فتحي القابس���ي‬ ‫ومن إخراج الفنان شرح البال وقدمتها‬ ‫فرقة مس���رح ش���حات ‪ ،‬متثيل ابراهيم‬ ‫ادريس وعزالدين الدويلي ‪.‬‬ ‫األي���ام املغاربي���ة للمس���رح أقيم���ت‬ ‫برعاية جعية عش���اق اخلش���بة للفنون‬ ‫الدرامي���ة بوالية الوادي وه���ذه الدورة‬ ‫الثانية حتمل إس���م الفنان ( عمي علي‬ ‫ناجي ) تكرميا ووفاءا ملس�ي�رته احلافلة‬ ‫بالعط���اء الثق���ايف واملس���رحي وه���و من‬ ‫أكرب الشخصيات الثقافية واملسرحية‬ ‫يف اجلزائ���ر وم���ن مؤسس���ي املس���رح‬ ‫الوط�ن�ي اجلزائ���ري ‪،‬األي���ام املغاربي���ة‬

‫للمسرح شاركت فيها فرق مسرحية‬ ‫م���ن ليبيا وتون���س واملغ���رب باإلضافة‬ ‫إلي فرق جزائرية ‪.‬‬ ‫وكان���ت جلن���ة التحكي���م يف ه���ذا‬ ‫املهرج���ان تكونت من ‪ :‬د‪ .‬نادر القنة من‬

‫الكويت رئيس���ا وعضوية كل من ‪:‬طبا‬ ‫ال���زرزور ونيت صح���راوي من اجلزائر‬ ‫ولطيف���ة القفصي من تونس وس���افرة‬ ‫ناج���ي م���ن الع���راق وعلي الف�ل�اح من‬ ‫ليبيا ‪.‬‬

‫الفنانة نعمة يف املستشفي‬ ‫دخلت الفنانة التونسية الكبرية نعمة‬ ‫املستشفي لتلقي العالج والرعاية الصحية‬ ‫بع���د األزمة الصحي���ة اليت م���رت بها منذ‬ ‫ف�ت�رة وكان وزير الثقاف���ة اجلديد الفنان‬ ‫م���راد الصقل���ي ق���د ق���ام باإلتص���ال بوزير‬ ‫الصحة التونس���ي لإلهتمام به���ذه الفنانة‬ ‫الكب�ي�رة تقديرا وعرفانا مبس�ي�رتها الفنية‬ ‫احلافل���ة بالعط���اء عل���ي م���دي أكثر من‬ ‫نصف قرن قدمت خالل���ه اكثر من ‪400‬‬ ‫أغنية ‪.‬‬ ‫وتعت�ب�ر الفنانة نعمة ( ‪ 80‬س���نة ) من‬ ‫رائ���دات األغني���ة التونس���ية بع���د صليحة‬

‫وعليا وقد أطلق عليها إسم نعمة املوسيقار‬ ‫الكب�ي�ر ص���احل امله���دي مدي���ر ع���ام معه���د‬ ‫املوسيقي يف تلك الفرتة ‪.‬‬ ‫أعتم���دت علي���ا كمطرب���ة رمسي���ة‬ ‫باإلذاع���ة التونس���ية الع���ام ‪ 1958‬والق���ت‬ ‫ش���هرتها إنتش���ارا كبريا يف كامل الرتاب‬ ‫التونس���ي وليبيا واجلزائر واملغرب ومصر‬ ‫ولبنان وفرنس���ا ‪ ،‬وحلن هل���ا أغلب امللحنني‬ ‫التونس���يني كما حلن هلا من ليبيا حس���ن‬ ‫عرييب وكاظم نديم وس�ل�ام قدري ومن‬ ‫مصر س���يد مكاوي ويوسف ش���وقي ‪ ،‬ومن‬ ‫أشهر أغانيها ( صاحله أم القد طويله ) ‪.‬‬

‫جوائز القولدن جلوب ‪2014‬‬ ‫يف حف���ل بهيج حضره جنوم الفن يف‬ ‫العامل مت اإلعالن ع���ن جوائز القولدن‬ ‫جل���وب ‪ 2014‬وكان���ت عل���ي النح���و‬ ‫التالي ‪:‬‬ ‫•أفض���ل فيل���م درامي وف���از بها فيلم‬ ‫‪ 12‬سنة عبودية‬ ‫•أفضل فيلم كوميدي وفاز بها فيلم‬ ‫امريكان هستل‬ ‫•افض���ل مسلس���ل درام���ي وف���از به���ا‬ ‫مسلسل بريكنج باد‬ ‫•جائ���زة أفضل ممثل وفازبها ليناردو‬

‫دي كابري���و ع���ن دوره يف فيل���م ذئب‬ ‫وول سرتيت‬ ‫•افض���ل ممثل���ة وف���ازت به���ا جينيفر‬ ‫لوران���س ع���ن الفيل���م الكومي���دي‬ ‫امريكان هستل‬ ‫•افض���ل ممثل���ة ع���ن فيل���م درام���ي‬ ‫وفازت به���ا كيت بالنش���يت عن فيلم‬ ‫اليامسني األزرق‬ ‫•افض���ل خم���رج وف���از بها الفونس���و‬ ‫كورون عن فيلم قرافيت‬ ‫•افض���ل ممث���ل تلفزيون���ي وف���از به���ا‬

‫ماي���كل دوج�ل�اس عن مسلس���ل خلف‬ ‫الكانديالبرا‬ ‫•افض���ل ممثل مسلس���ل درام���ي وفاز‬ ‫به���ا بري���ان كرانس���تون عن مسلس���ل‬ ‫بريكنج باد‬ ‫•افضل ممثل���ة كوميدية وفازت بها‬ ‫املمثل���ة آم���ي آدمز ع���ن فيل���م امريكان‬ ‫هستل‬ ‫• افض���ل ممثل���ة عن مسلس���ل قصري‬ ‫وفازت بها اليزابت موسي عن مسلسل‬ ‫قمة البحرية ‪.‬‬


‫ميادين الرياضة‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬ ‫أمحد بشون‬

‫رحيل قلب دفاع األهلي الفذ‬ ‫أحممد عبد الرمحن الشريف‬ ‫فتحي الساحلي‬ ‫بدأ حياته ضم���ن فريق اهلالل املتكون‬ ‫يف مربوعة املرحوم مصطفي بوس���تة‬ ‫يف شارع احلشر ‪ ،‬برفقة النموذج على‬ ‫الش���عالية والدينم���و حمج���وب بوبكر‬ ‫والس���باح املاهر حسن احلمري ‪ ،‬ولعب‬ ‫مع فري���ق اهلالل يف املوس���م الرياضي‬ ‫‪1953-1954‬م وف���از مع���ه ببطول���ة‬ ‫بنغ���ازي للدرج���ة الثاني���ة ‪ ..‬وكان���ت‬ ‫املباراة النهائية مع فريق التقدم الذى‬ ‫تكون يف حي الربكة واسس���ه الالعب‬ ‫مح���اد الضبيع ‪ .‬وف���ى تلك املب���اراة فاز‬ ‫فري���ق اهلالل بتل���ك البطول���ة وتألق‬ ‫فيه���ا مجيع الع�ب�ي اهل�ل�ال ‪ .‬وكانت‬ ‫نتيجته���ا (‪ )2-1‬لص���احل اصح���اب‬ ‫القمص���ان الزرق���اء ‪ .‬وبعده���ا ت���رك‬ ‫فريق اهلالل وأنتقل اىل فريق املختار‬ ‫وحكى لي احد مش���جعي فريق اهلالل‬ ‫الكبار يف الس���ن بأن مش���جعي الفريق‬ ‫تأملوا كثرياً ألنتقال هذا الالعب الذى‬ ‫كان الفري���ق يف ام���س احلاجة إليه‬ ‫فهو مداف���ع صلب وعنيد ولديه لياقة‬ ‫بدني���ة عالي���ة ج���داً ‪ .‬انض���م اىل فريق‬ ‫املختار وشكل مع العبيه دميس الكبري‬ ‫وعاشور االسكندراني واحلارس سامل‬ ‫بن حليم فريقاً قوياً جداً واستطاع ان‬ ‫يفوز معه���م ببطولة بنغازي للدرجة‬ ‫الثانية وكما فعل مع اهلالل فعل مع‬ ‫املخت���ار وفاز معه���م ببطول���ة الدرجة‬ ‫الثاني���ة للموس���م الرياض���ي ‪1954-‬‬ ‫‪1955‬م‪.‬‬

‫ال���دورة ‪ ..‬وق���د لف���ت الالع���ب احممد‬ ‫الشريف األنظار إليه يف هذه البطولة‬ ‫وقدم أداء رائعاً يف مركز قلب الدفاع‬ ‫حت���ى ان إدارة فريق األهلي اتصلوا به‬ ‫ألاقناع���ه بأن ينض���م اىل فريق األهلي‬ ‫‪ .‬وحص���ل مامتن���اه رج���االت األهل���ي‬ ‫وانض���م الالعب الواع���د ليحقق اكرب‬ ‫األجن���ازات الكروي���ة مع ه���ذا الفريق‬ ‫الكب�ي�ر واس���تطاع ان يف���وز معه���م‬ ‫ببطول���ة برق���ة للموس���م الرياض���ي‬ ‫‪1956/1957‬م‬ ‫ومنذ ذلك التاريخ بدأت ش���هرته تزداد‬ ‫وتأل���ق يف منافس���ات األهل���ي عل���ى‬ ‫البطولة العامة ملدينة بنغازي وبرقة‬ ‫‪ .‬وحص���د م���ع فريقة اجلدي���د العديد‬ ‫من البطوالت وامليدالي���ات واعتلى مع‬

‫وعندم���ا اقيم���ت بطول���ة برق���ة‬ ‫للمنتخبات يف مدينة بنغازي للدرجة‬ ‫األول���ي ع���ام ‪ 1955‬اخت�ي�ر الالع���ب‬ ‫احممد الشريف للمنتخب (ب) برفقة‬ ‫عبدالعال���ي العقيل���ي ومصطفي املكي‬ ‫وخمت���ار الغن���اي ومب���ارك البس���يوني‬ ‫واس���تطاع هذا املنتخ���ب الفوز ببطولة‬

‫األهلى س���دة التتوي���ج اكثر من مرة‬ ‫واحب���ه مجهور األهل���ي كثرياً وكان‬ ‫يطل���ق علي���ه (ش���نابو ) ولع���ل اق���وى‬ ‫املواس���م ال�ت�ي لعبها مع األهلى موس���م‬ ‫‪ 1959/1960‬وال���ذي اس���تطاع في���ه‬ ‫ان يف���وز م���ع فريق���ة ببطول���ة برقة‬ ‫تل���ك البطول���ة الصعبة وال�ت�ي تنافس‬

‫فيها األهل���ي مع فرق قوي���ة جداً مثل‬ ‫النجمة القدمية واهلالل واحتاد درنة‬ ‫‪ .‬وش���اركه يف ذلك الف���وز عبد العالي‬ ‫العقيل���ي واملكى والس���لطنى والنخاط‬ ‫وقعي���م وبيوندو وامحد بش���ون وذياب‬ ‫املس���عودي (اجلزائ���ري ) وحس�ي�ن‬ ‫الدرس���ي وعاش���ور خال���د وبوذين���ة‬ ‫وغريهم‬ ‫ومن امجل حمط���ات حيات���ه الكروية‬ ‫اختياره ضمن منتخب ليبيا يف الدورة‬ ‫العربي���ة الثالث���ة ال�ت�ي ج���رت باملغرب‬ ‫وكان مدرب املنتخ���ب يف تلك الدورة‬ ‫االجنليزي جونسون‬ ‫وق���د لع���ب للمنتخ���ب اكث���ر من ‪20‬‬ ‫مب���اراة وكان اداؤه فيه���ا مجيع���ا اداء‬ ‫رج���وىل ومحاس���ي وتق�ن�ي فهو العب‬ ‫مثابر وخمل���ص يف امللعب لكل الفرق‬ ‫اليت لعب هلا وشارك معها ‪.‬‬ ‫وفى ذات يوم اثن���اء اعدادى‬ ‫ ‬ ‫لرس���الة املاجس���تري عن ( حالة كرة‬ ‫الق���دم يف مدين���ة بنغ���ازي ) وال�ت�ي‬ ‫اش���رف عليه���ا د‪ .‬خليفة الب���اح ذهبت‬ ‫اىل احمم���د الش���ريف وطلب���ت من���ه‬ ‫ص���ورة فري���ق املخت���ار عندم���ا كان‬ ‫يلع���ب له احضر لي الص���ورة وقال لي‬ ‫هذه الصورة امسها (رجعة ) ومل افهم‬ ‫قصده اال عندما ش���رح لي املعنى وقال‬ ‫هذا يعنى انك س���تأخذ الصورة ولكنك‬ ‫(س�ت�رجعها لي جم���دداّ) وضحكنا معاً‬ ‫هلذه القفشة الرائعة من ذلك الالعب‬ ‫الرائع ‪.‬‬ ‫رح���م اهلل العبن���ا الكب�ي�ر واإلنس���ان‬ ‫البسيط الطيب املتواضع‬ ‫حفظ اهلل ليبيا‬

‫‪23‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪11‬‬

‫مل ينتهي الصراع‬ ‫‪!! ..‬‬ ‫يف الع���دد املاض���ي من ه���ذه الصحيف���ة كتبنا كلمة‬ ‫بعن���وان ‪ :‬ه���ل انته���ى صراعك���م وه���و موج���ه ألعضاء‬ ‫اللجن���ة األوملبي���ة بع���د أن ش���اهدنا عل���ى شاش���ة قناة‬ ‫ليبي���ا الرياضية بأن���ه قد مت انتخ���اب اعضاء مبجلس‬ ‫إدارة اللجن���ة األوملبية ‪ ..‬كما جرى فتح باب الرتش���ح‬ ‫للرئي���س والنائب األول والنائ���ب الثاني واألمني العام‬ ‫وأم�ي�ن الصن���دوق وه���ا حنن يف ه���ذا العدد ن���رد على‬ ‫س���ؤالنا الذي نش���ر يف العدد املاضي فنقول أن الصراع‬ ‫مل ينته���ي بعد ألن اللجن���ة األوملبية الدولية قد بعثت‬ ‫برس���الة أوقفت فيه���ا كل هذه اإلج���راءات واعتربتها‬ ‫كأن مل تك���ن عل���ى أن يق���وم أعض���اء م���ن اللجن���ة‬ ‫األوملبية الدولية بزيارة إىل بالدنا لإلطالع على كل‬ ‫التفاصيل واالجتماع ب���كل األطراف من أجل اخلروج‬ ‫م���ن ه���ذه األزم���ة والناتج عن متس���ك بعض رؤس���اء‬ ‫االحت���ادات مبواقفهم ورفضه���م لعملي���ة االنتخابات‬ ‫اليت متت وترتب عليها إقصائهم من رئاسة االحتادات‬ ‫واختي���ار آخرين ب���د ً‬ ‫ال منهم وكيف وص���ل األمر إىل‬ ‫طريق مس���دود وكاد أن يتس���بب يف ص���دور قرار من‬ ‫اللجنة األوملبية الدولية بتجميد نشاطاتنا الرياضية‬ ‫خاص���ة بع���د أن وصل���ت للجن���ة األوملبية مراس�ل�ات‬ ‫وجرت معها اتصاالت جتس���د فيه���ا هذا اخلالف الذي‬ ‫أساسه التمس���ك بالكراس���ي دون مراعاة مسعة البالد‬ ‫وما قد تتعرض له من عقوبات ‪.‬‬ ‫نرج���و أن يكون اجلميع على مس���توى املس���ئولية وأن‬ ‫يضعوا مصلحة بالدهم اليت تتعرض ملشاكل كثرية‬ ‫فوق املصاحل الشخصية وأن حيس اجلميع باملسئولية‬ ‫وأن حيكموا العقل وأن يكون شعارهم ليبيا أو ً‬ ‫ال ‪!!!..‬‬

‫هل بدأ العمل‬ ‫احلقيقى ؟ !!!‬

‫بعد فرتة من اهل���دوء والصمت املزعج وبعد أن كدنا‬ ‫ا‪ ،‬ننس���ى األس���تحقاق االفريق���ي وهو تنظي���م بطولة‬ ‫افريقي���ا "‪ "2017‬واليت وافق األحت���اد االفريقي لكرة‬ ‫الق���دم عل���ى اقامتها يف بالدن���ا واليت كنا ق���د كتبنا‬ ‫عنه���ا أكث���ر م���ن م���رة وطالبن���ا باإلس���راع يف اختاذ‬ ‫الرتتيبات الكفيلة بإجناحها ومنذ فرتة مل نسمع شيئاً‬ ‫عن االستعداد هلا ‪.‬‬ ‫وكنا نس���مع فقط عن عزوف الشركات عن الرجوع‬ ‫اىل ليبي���ا نتيجة للظ���روف األمنية والحظن���ا ان هذا‬ ‫الصمت الرهي���ب حول تنظيم هذا االس���تحقاق اهلام‬ ‫حتى ش���عرنا باإلحباط ‪ .‬ثم فجأة بدأت تلوح يف األفق‬ ‫ب���وادر طيبة بع���د أن عق���دت اللجن���ة املنظم���ة العليا‬ ‫اجتماع���ا ثم اختي���ار مدير تنفيذي هل���ذه البطولة ثم‬ ‫اعلن ان ملعب بنغازي ستبدأ فيه الصيانة واستكماله‬ ‫مرتب���ا هذه املؤش���رات اعطتنا مجيع���ا األمل والفرحة‬ ‫وجعلتن���ا نرتقب االس���راع كس���با للوق���ت الن الوقت‬ ‫مه���م وكم���ا يق���ال (( إن مل تقطع���ه قطع���ك )) م���ع‬ ‫آملن���ا ان يهت���م املس���ئولني بقط���اع الش���باب وتهيئتهم‬ ‫الستقبال هذا احلدث اهلام وذلك بإرساهلم اىل دورات‬ ‫س���يتعلمون من خالهلا بعض اللغ���ات والتعلم كيف‬ ‫يتم العمل وإس���تقبال الوف���ود إلعطاء فكرة طيبة عن‬ ‫بالدنا احلبيبة ‪.‬‬ ‫نأمل ذلك ونتمنى !!‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 25 ( - ) 146‬فبراير ‪ 3 -‬مارس ‪) 2014‬‬

‫مجاليات مجيلة‬ ‫قلي���ل م���ن ميتلك ثروة ال يعتد بها ‪ ،‬واألق���ل من ال يعريها اهتماما ‪،‬مجيل���ة الوحيدي متتلك‬ ‫ث���روات ع���دة ‪،‬موهبة بقدر يفيض ع���ن املقدرة واحلاجة ‪،‬عرفتها منذ عش���رين عاما و‬ ‫علي مواهبها خاصة اجلمالية منها ‪،‬مثة حس عال باجلمال حيث‬ ‫منذها س���طعت َ‬ ‫يكمن وقدرة علي اكتش���افه ‪،‬ولكن ه���ذه القدرة معطلة ألنها ال تهتم كثريا‬ ‫بها ‪،‬لديها حس عملي اجرائي لذا كثريا ما تعمل علي صقل املوهبة كأن‬ ‫تدرس فن تش���كيلي ما ك���ي تطرحه جانب���ا ‪،‬وكأنها تس���تنفذ طاقتها‬ ‫اجلمالي���ة يف الدراس���ة ‪،‬هل���ا اهتم���ام بالتصوي���ر مثال ولك���ن كهواية‬ ‫ش���خصية حبثه وان كانت موهبته���ا وقدراتها تتخطي ذلك ‪،‬كنت‬ ‫وأن���ا احثها علي الرتكيز علي ما يف نفس���ها م���ن كنوز أعرف انها‬ ‫ال تع�ي�ر ه���ذه الكن���وز أهمية ‪،‬فه���ي جتد أن م���ا لديها م���ن طبائع‬ ‫األمور ‪،‬وأن الناس كافة لديها ما لديها هي ‪،‬وأني ابالغ يف تقدير‬ ‫مواهبها ‪.‬‬ ‫منذ عشرين عاما مل تنقطع الصداقة بيننا وكنا دائما علي اتصال‬ ‫‪،‬وهلذا كنت اري مواهبها تدفن يف يوم احلياة املعتاد ‪،‬وأس���ف علي‬ ‫ذلك كث�ي�را ‪،‬وهي تبذل جهودا مذهلة يف ي���وم احلياة كما تبذل‬ ‫ذل���ك يف التعلم وخاص���ة فيما حتب من فنون ‪،‬لك���ن كل ذلك لكي‬ ‫تعي���ش كما حت���ب ‪،‬دون حبث ع���ن حصاد م���ا تزرع وحت���رث وتكد‬ ‫‪،‬متابع���ة للفنون كما تتنفس وعلي صلة باحلي���اة الفنية هنا وهناك‬ ‫م���ن مونرتيال حتى طرابلس الغرب وما بينهما ‪،‬لكن ذلك طريقها الذي‬ ‫تقط���ع وطريقته���ا يف احلياة ‪،‬فه���ي عندها ح���س بالوجود مجال���ي الطابع‬ ‫‪،‬وتس���تهلك هذا احلس كما تس���تهلك أكس���جني اهلواء ‪،‬وتش���ارك بني احلني‬ ‫واألخ���ر بلوح���ة أو صور مميزة أو حفر ولكن علي اهلام���ش ‪،‬وان مل ينتبه أحد إلي‬ ‫نتاجها فهي أول املغتبطني لذلك واحلريصني عليه ؛ألنها بهكذا مشاركة تبدو وكأنها‬ ‫تشبع نزوة عابرة وحسب ‪،‬لذا فنصوصها اجلمالية لعب حلظة خلقها وكذا بعد أن تنتهي منها‬ ‫‪،‬وحتول شغلها إىل العاب متلها كما طفلة ‪.‬‬ ‫من���ذ عش���رين عاما تعيش احلياة عل���ي اهلامش ومبثابرة منتج حلوح ‪،‬غرضه أن ميش���ي يف الطريق‬ ‫؛الطري���ق ه���و اهلدف و ال ه���دف غريه ‪،‬تعرف الناس كاف���ة وخاصة يف جمال الفن���ون والثقافة هنا‬ ‫وهن���اك ‪،‬ويعرفه���ا الكثريون مب���ودة ولكن دون انتباه مل���ا تنتج يف اجملال الذي تل���ح علي احلضور فيه‬ ‫‪،‬وإذا اعرنا نصوصها حلظة من التعيري فإننا جندها هاوية كما ال يس���تطيع احملرتف ‪،‬مثة دراس���ة‬ ‫بينة وإملام واضح بالفن الذي تبدع ‪،‬ففي اللوحة مثال معرفة جيدة باملقومات االساسية للرسم ؛وما‬

‫ترمس���ه وهو قليل إمنا م���دروس بعناية فائقة ‪،‬وعالئقه من خطوط أو‬ ‫الوان أو ابعاد موزونة حبس موس���يقي يتب���ع نوتة النفس ‪،‬نفس‬ ‫مطلعة جيدا علي أوصول املوسيقي ‪.‬‬ ‫ومجيل���ة الوحي���دي متل���ك ثواب���ت حلوح���ة وعالق���ة‬ ‫مضطردة مع الفن ‪،‬وكما يبني مرس���ومها هي علي‬ ‫عالقة مش���تبكة مع ما تنتج ف���كأن ليس لديها يف‬ ‫احلي���اة ش���غال غري ما تك���ون حينه���ا ‪،‬وهلذا مثال‬ ‫تب���دو الكامريا جزاء منه���ا وقطعة من لزوم ما‬ ‫يلزم جس���دها ‪،‬حتى تبدو هذه الكامريا أكثر‬ ‫ج���ذوة من أعضاء جس���دها ‪،‬وهي يف تواصل‬ ‫ملح عل���ي أن تك���ون الكامريا عينه���ا ‪،‬فتبدو‬ ‫بهذا تعطل عينها الطبيعية أو ختفيها بهذه‬ ‫الع�ي�ن االصطناعي���ة ‪،‬وهنا يف ه���ذا املعرض‬ ‫الصغ�ي�ر نع���رض لوح���ات تكوينه���ا ص���ورا‬ ‫معاجل���ة ب���ذكاء مف���رط وح���س مله���وف‬ ‫القتناص اللحظة اجلمالية ‪،‬الصور ملتقطة‬ ‫م���ن خ�ل�ال االنع���كاس عل���ي امل���اء م���ن خالل‬ ‫تكوي���ن خيلل العفوية يف القص���د ‪،‬الصور تكثف‬ ‫حساسية فائقة باللون ‪،‬سيطرة علي االلوان تؤمي‬ ‫بش���خصية طاغية وقوة يف التحام باللون واللعب به‬ ‫بل وإع���ادة صياغت���ه ‪،‬وموضوع الص���ورة االصلي يتبدد‬ ‫ب�ي�ن ايديها ال���ي مواضيع عدة تغزهلا كم���ا دودة قز ‪،‬مبعين‬ ‫أن روح مجيلة قابضة عل���ي االلوان أو انها أي االلوان ‪،‬هي روحها‬ ‫يف س���طوع نورس يس���بح علي ش���اطئ ميلك���ه يف فضاء ه���و خالقه ‪،‬ولكن‬ ‫وكالعادة اللوحات ال تشبع من جوع ‪،‬والفنانة كما هي ضنينة يف االنتاج أكثر تقتريا يف العرض‬ ‫‪،‬فقط اللوحة الواحدة هنا تدلل علي هذا الغين الذي وراء اخلباء‪.‬‬ ‫•أ ‪ .‬الفيتوري‬ ‫•بنغازي – فرباير‪ 2009 -‬م‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.