العدد 28

Page 1

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫من أجل االنتخابات‬ ‫الليبية القادمة‬ ‫السنة األولى‬

‫العدد ‪28‬‬

‫‪ 22‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫نساء ليبيا ‪...‬م َ‬ ‫ُنتخبات‬ ‫ُنتخبات وم ِ‬

‫(عبث األقدار) يالحق جنيب حمفوظ‬

‫ليبيا بني مطرقة الدولة الثور ّية و سندان الدولة الدينيّة‬

‫الثمن ‪ :‬دينار‬


‫‪02‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫االفتتاحية ‪ .....‬تكتبها فاطمة غندور‬

‫نساء ليبيا ‪...‬م َ‬ ‫ُنتخبات‬ ‫ُنتخبات وم ِ‬

‫‪afaitouri_55@yahoo.com‬‬ ‫‪afaitouri_55@hotmail.com‬‬ ‫ميادين صحيفة ليبية متنوعة‬ ‫تصدر من بنغازي‬

‫رئيس التحرير‬ ‫أمحد الفيتو ري‬ ‫‪00218925117123‬‬

‫مدير التحرير‬ ‫سامل العوكلي‬ ‫إشراف فين‬ ‫عمر جهان‬ ‫مدير إداري‬ ‫خليل العرييب‬ ‫‪0912200037‬‬ ‫لوحة الغالف‬ ‫عدنان معيتيق‬

‫طباعة‬ ‫دار النور للطباعة‬ ‫إخراج وتنفيذ‬

‫حسني محزة بن عطية‬

‫كثير من العمل ينتظر المرأة الليبية فيما يتعلق بحضورها وتفعيل دورها في الشأن السياسي‬ ‫للحكوم��ة الليبي��ة المقبلة ‪ ،‬هذا إذا س��لمنا أن تركيبة المجلس االنتقال��ي أثناء اختيار أعضائها‬ ‫ي��وم‪ 27-2-2011‬ل��م تخصص غي��ر مقعدين لهن ‪،‬وقد علل البعض أن س��بب ذلك الس��ياق‬ ‫الزماني ‪ ،‬واألمني بالدرجة األولى ‪ ،‬ولس��نا بحاجة للعودة لما س��بق وليبيا تس��ير الى األمام‬ ‫بمرجعية لس��يرة نضال المرأة الليبية االجتماعي والسياسي منذ الخطوات ال ُمؤسسة لنهضتها‬ ‫من قبل الس��يدة حميدة العنيزي ومجايالتها خديجة الجهمي ‪،‬وصالحة ظافر المدني ‪،‬وزعيمة‬ ‫الباروني ‪ ،‬إلي نضال طالبات جامعتي بنغازي – طرابلس أثناء أحداث ابريل ‪1975-1976‬‬ ‫وم��ن تعرضن ل�لأذى ال ُمخابراتي فاضط��ررن للهجرة واالغتراب القس��ري‪ ،‬وكلهن ذوات‬ ‫اهتمام��ات وظيفية مختلفة ‪ :‬اجتم��اع ‪ ،‬اقتصاد ‪ ،‬إعالم ‪...‬ونتمنى أن تُفتح س��جالت التحقيق‬ ‫ف��ي قضاياه��ن التي تمثلت في إلقاء التهم الكاذبة وال ُملفق��ة لتاريخهن وكذا االقصاء ومحاولة‬ ‫المساس بكرامتهن من قبل ال نظام الطاغية ‪ ،‬وربما يفتح ذلك الباب أيضا لبعض من مجندات‬ ‫الدفعة األولى من الكلية العسكرية للبنات الالتي سُجن لكشفهن عبر مناشير وزعت بشوارع‬ ‫طرابل��س تعلن عن ممارس��ات الطاغية الغير أخالقية معه��ن وبروباغندته عن حرية المرأة‬ ‫والتدريب العسكري !!‪.‬‬ ‫ويبق��ى علين��ا أن نوث��ق لنضال المرأة الكبير في ثورة الش��عب ث��ورة ‪ 17‬فبراير ونحتفي به‬ ‫ونورثه ألجيالنا المقبلة ‪.‬وذلك آلمني غيابه حين لم ترد في توصيات مؤتمر نساء ليبيا العالمي‬ ‫بطرابلس(ص��وت واح��د – وجمعية التواصل‪ ) 15-11-2011:‬م��ا يتعلق بدور المرأة هذا ‪،‬‬ ‫وليس ثمة إش��ارة إلى أهمية الحفظ والتوثيق واالحتف��اء برموزنا من المناضالت ال ُمعتقالت‬ ‫وحرائرنا المغتصبات وأمهات الشهداء والمفقودين‪.‬‬ ‫•االنتخابات البيضاء‬ ‫وعود على بدء فمؤتمر نساء ليبيا العالمي عقد بحضور نخبة ُممثلة لليبيات الداخل والخارج‬ ‫ذوات االهتمامات المتعددة ‪ ،‬وحسب ما دار من المناقشات وكد المؤتمر علي دور المرأة في‬ ‫الحياة السياسية في ليبيا الجديدة‪ ،‬والطريقة األفضل لتقديم المرأة نفسها سياسيا عبر تنظيمات‬ ‫المجتمع المدني كمثال ‪،‬و أكد علي ضمان مشاركة كال الجنسين في العمل السياسي‪ ،‬وطرحت‬ ‫برامج تستهدف السعي لتنفيذ ما أقترح وأقرت من قبلهن‪.‬‬ ‫أن قارتن��ا ليبي��ا ‪ -‬مع تن��وع أوضاع المرأة في مدنها المختلفة ‪ -‬تس��تلزم عدم إضاعة الوقت‬ ‫المتبقي من زمن المرحلة االنتقالية والتحضير لالنتخابات ‪ .‬وال بأس من أن نسترشد بالتجربة‬ ‫التونسية التي اعتمدت ما أسمته (االنتخابات البيضاء) أي انتخابات ما قبل االنتخابات الرسمية‬ ‫‪ ،‬حيث تم ممارس��ة تدريب ممنهج للش��عب لكي يطبق قواعد وخطوات االختيار والوصول‬ ‫إلى صناديق االقتراع كدرس أو تمرين عملي‪ ،‬هذا ما حصل في تونس ؛التي مارس ش��عبها‬ ‫نظام األحزاب والتكتالت السياس��ية س��ابقا ‪ ،‬فما بالك بحالة سياسية شمولية تعمدت اإلقصاء‬ ‫والتهميش والتخوين لكل رأي ولكل تيار وتنظيم سياسي ‪.‬‬ ‫والح��ال هكذا فإنه على النس��اء ف��ي ليبيا في كل مدننا الكبيرة والصغي��رة أن يبذلن جهودهن‬ ‫أوال بطرق أبواب المعرفة والممارسة السياسية للوصول بالمرأة لصناديق االقتراع واختيار‬ ‫من ترغب رجال أو امرأة حس��ب الكفاءة للمنصب‪ ،‬وثانيا فإن األمر يس��تدعي أن نشجع على‬ ‫دخول معترك االنتخاب ‪ :‬أن تكون المرأة ُمنتخبة (مرش��حة) كما منتخبة (تختار مرشحها أو‬ ‫مرشحتها) ‪.‬‬ ‫ولتك��ن المصداقية والش��فافية واحترام االخت�لاف الفيصل وليس الجن��س‪ ،‬أو االنتماء القبلي‬ ‫والعائلي ‪،‬أو حجم النضال‪.‬‬ ‫• المدير العام لمكتب ميادين بطرابلس‬


‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫أخبار‬

‫أخبار‬

‫‪03‬‬

‫أخبار‬

‫االخوان املسلمون يظهرون يف العلن ويعقدون أول مؤمتر يف ليبيا‬ ‫رويترز‪:‬‬ ‫عقدت جماعة االخوان المس��لمين أول مؤتمر‬ ‫علن��ي لها ف��ي االراض��ي الليبي��ة بعدما ظلت‬ ‫محظورة لعقود واس��تخدمت المؤتمر الظهار‬ ‫نبرة وس��طية داعية الى جه��ود وطنية العادة‬ ‫البناء‪.‬‬ ‫وبعد انتهاء الصراع‬ ‫ف��ي ليبيا ق��ال الكثير‬ ‫المراقبي��ن‬ ‫م��ن‬ ‫انه��م يعتق��دون أن‬ ‫االنتخاب��ات المقبل��ة‬ ‫قد تش��هد منافسة بين‬ ‫جماع��ات االس�لام‬ ‫السياس��ي وأح��زاب‬ ‫علماني��ة وق��د يكون‬ ‫الس�لاميين أكث��ر‬ ‫تنظيما مثل االخوان اليد العليا فيها‪.‬‬ ‫وأثن��ى س��ليمان عب��د الق��ادر المس��ؤول العام‬ ‫ع��ن جماعة االخوان المس��لمين ف��ي ليبيا في‬ ‫تصريحات بعد تسعة أشهر من بدء احتجاجات‬ ‫مناهض��ة لحك��م الزعيم الليب��ي الراحل معمر‬ ‫القذاف��ي والت��ي انته��ت باالطاح��ة ب��ه عل��ى‬ ‫االنتفاضة ودعا الفصائل الليبية الى الوحدة‪.‬‬ ‫وق��ال عبد القادر ف��ي المؤتمر ال��ذي عقد يوم‬ ‫الخمي��س وش��ارك فيه نحو ‪ 700‬ش��خص في‬ ‫صالة أف��راح بمدينة بنغازي الليبية في ش��رق‬ ‫البالد التي شهدت مهد االنتفاضة ان اعادة بناء‬ ‫ليبيا ليست مس��ؤولية جماعة واحدة وال حزب‬ ‫واحد لكنها مسؤولية الجميع كل وفقا لقدرته‪.‬‬ ‫وبدت تصريحاته مؤيدة لفكرة تش��كيل حكومة‬ ‫تكنوق��راط انتقالي��ة يح��اول رئي��س ال��وزراء‬ ‫المكلف عبد الرحيم الكيب تش��كيلها قبل موعد‬ ‫نهائي هو يوم الثالثاء‪.‬‬ ‫ولم يتطرق عبد القادر الى ما اذا كانت جماعة‬ ‫االخ��وان ترغب في مش��اركة أح��د أعضائها‬

‫ف��ي الحكومة االنتقالية‪ .‬وم��ن المقرر أن تنظم‬ ‫الحكومة االنتقالية انتخابات في يونيو حزيران‬ ‫الختي��ار اعض��اء مجل��س تأسيس��ي لوض��ع‬ ‫الدستور الليبي‪.‬‬ ‫وقال لرويترز بعد كلمته انه ربما ينضم بعض‬ ‫أعض��اء الجماعة الى الحكوم��ة وفقا لقدراتهم‬ ‫ومؤهالتهم لكن االخوان لن يش��اركوا كحزب‬ ‫في الفترة الحالية‪.‬‬ ‫وجاء المؤتمر مليئا باالشارات الثورية وأحيط‬ ‫المس��رح بعل��م ليبيا الجدي��د‪ .‬وألق��ى ضيوف‬ ‫كلمات‪ .‬وشارك في المؤتمر ضيوف من حركة‬ ‫النهضة االسالمية في تونس وجماعة االخوان‬ ‫المسلمين المحظورة في سوريا‪.‬‬ ‫وس��رت أجواء احتفالية بالجماعة التي تأسست‬ ‫عام ‪ 1949‬وقال منظمون انها لم تعقد اجتماعا‬ ‫في ليبيا في العلن حتى االن‪.‬‬ ‫وقال عب��د هللا الداهماني وهو محاضر جامعي‬ ‫يبلغ م��ن العمر ‪ 65‬عاما "انه ش��عور جميل‪..‬‬ ‫انها الحرية‪ ..‬االمر يش��به الحلم بالنس��بة لنا‪".‬‬ ‫وكثي��ر من المش��اركين ف��ي المؤتم��ر وبينهم‬ ‫الداهمان��ي يحملون ش��هادات علي��ا ويتحدثون‬ ‫االنجليزية بطالقة‪.‬‬ ‫وأج��رت رويت��رز مقاب�لات مع أعض��اء في‬ ‫الجماعة انضموا لها قبل عقود وعاشوا من قبل‬ ‫خارج ليبيا أو أجبروا على ابقاء عضويتهم في‬ ‫الجماعة س��را خوفا من تعرضهم لالعتقال أو‬ ‫التعذيب أو السجن‪.‬‬ ‫وبعد س��نوات كثيرة من الس��رية قال االخوان‬ ‫انه��م حريصون عل��ى اظه��ار أن الجماعة ال‬ ‫تنطوي على شر‪ .‬وانبثق االخوان في ليبيا عن‬ ‫جماعة االخوان المسلمين في مصر‪.‬‬ ‫وقال عبد المجي��د صالح مصباح وهو مهندس‬ ‫يبل��غ من العمر ‪ 56‬عام��ا من طرابلس وانضم‬ ‫ال��ى االخوان ع��ام ‪" 1979‬ليس هناك ش��يء‬ ‫سري‪ .‬ال نخطط لتدمير البلد‪".‬‬

‫ورك��ز عبد الق��ادر ف��ي كلمته عل��ى الطبيعة‬ ‫الوسطية للجماعة‪.‬وقال ان االخوان ال يريدون‬ ‫أن يح��ل طاغية مكان اخر ف��ي ليبيا‪ .‬وأضاف‬ ‫أنهم يريدون بناء مجتمع مدني يطبق االس�لام‬ ‫الوس��طي في حيات��ه اليومية‪.‬وذك��ر أن مهمة‬ ‫الليبيي��ن االن ه��ي حماي��ة ليبيا والح��وار مع‬ ‫بعضهم البعض بدال من القتال‪.‬‬ ‫وصرح عبد القادر بأن��ه تمت الدعوة للمؤتمر‬ ‫الذي يستمر لعدة أيام لتعيين زعامة جديدة الن‬ ‫االخ��وان تطوروا من جماعة تعيش في المنفى‬ ‫الى جماعة مقرها في ليبيا‪.‬‬ ‫وق��ال مش��اركون ف��ي المؤتمر ان��ه باالضافة‬ ‫ال��ى تعيي��ن زعامة جدي��دة واالتف��اق على ما‬ ‫اذا كان ش��خص اخر س��يخلف عب��د القادر في‬ ‫تول��ي مس��ؤولية الجماع��ة س��يناقش االخوان‬ ‫االتج��اه الذي سيس��لكونه مع تق��دم البالد نحو‬

‫الديمقراطية‪.‬‬ ‫وق��ال عبد القادر لرويترز ان االخوان مازالوا‬ ‫يناقش��ون الش��كل ال��ذي س��يتخذونه ف��ي ليبيا‬ ‫الجديدة‪.‬ول��م يتطرق عبد القادر الى ما اذا كان‬ ‫االخوان سيشكلون تحالفا مع اسالميين اخرين‬ ‫في االنتخاب��ات المقررة الع��ام المقبل‪.‬واكتفى‬ ‫بالق��ول ان الجماع��ة س��تؤيد من يحق��ق امال‬ ‫الشعب الليبي‪.‬‬ ‫ميادي���ن ‪ :‬كان المقبور القذاف���ي طوال فترة‬ ‫سيطرته علي الس���لطة في ليبيا حريصا على‬ ‫منع الصحافة الليبية ‪ ،‬واالستهانة بالصحفيين‬ ‫الليبيين ‪ ،‬ولم يجري أي���ة مقابلة مع صحفي‬ ‫ليبي ‪ ،‬وكانت أخبار ليبيا تمنح للصحافة غير‬ ‫الليبية ‪ ،‬ويب���دو اآلن أن جميع المس���ئولين‬ ‫وغير المس���ئولين متفقون م���ع ما كان يفعله‬ ‫القذافي ‪ ،‬فسبحان مثبت األحوال‪.‬‬

‫مصر تشدد إجراءات دخول الليبيني إليها‬ ‫ش��ددت الس��لطات المصري��ة من إج��راءات‬ ‫دخ��ول الليبيي��ن إلى أراضيه��ا رداً على قرار‬

‫السلطات الليبية بضرورة حصول المصريين‬ ‫على تأشيرات مسبقة لدخول ليبيا‪.‬‬

‫وتتواصل أزمة التأش��يرات بين مصر وليبيا‬ ‫حي��ث ش��ددت كل دول��ة م��ن إجراءاتها على‬ ‫مواطني كل بلد لدخول أراضيه‪ ،‬حيث طالبت‬ ‫السلطات الليبية بضرورة وجود دعوة لزيارة‬ ‫ليبي��ا للحصول على تأش��يرة إليها فيما يش��به‬ ‫نظام الكفيل الذي تطبقه دول الخليج‪.‬‬ ‫ونقلت وكالة أنباء الشرق األوسط عن مسؤول‬ ‫بمط��ار القاهرة قول��ه إن القواعد الجديدة تأتي‬ ‫“في إطار تشديد متبادل بين مصر وليبيا على‬ ‫إجراءات دخول المواطنين للبلدين”‪.‬‬ ‫وق��ال المص��در إنه ت��م منع عدد م��ن الليبيين‬ ‫م��ن دخول مص��ر لوصولهم بدون تأش��يرات‬ ‫وموافقات أمنية مسبقة حيث تمت إعادتهم إلى‬ ‫المدن القادمين منها‪.‬‬

‫وأض��اف المصدر أن حركة س��فر المصريين‬ ‫إل��ى ليبي��ا تده��ورت كثي��راً رغ��م اس��تئناف‬ ‫الرحالت الجوية للخطوط الليبية قبل ش��هرين‬ ‫ولمصر للطي��ران قبل أس��بوعين حيث تصل‬ ‫نس��بتهم ألقل من ‪ 15%‬من حمولة الطائرات‬ ‫وت��م منع العديد م��ن المصريين الذين يحملون‬ ‫تأشيرات وإقامات س��ارية حصلوا عليها أثناء‬ ‫نظام القذافي تنفيذا لتعليمات الس��لطات الليبية‬ ‫الجديدة‪.‬‬ ‫وكان الليبي��ون والمصري��ون يعبرون الحدود‬ ‫بحرية نس��بية قبل الثورتين الشعبيتين في كال‬ ‫الدولتي��ن هذا العام وهو ما س��هّل على ماليين‬ ‫المصريين العمل في ليبيا‪.‬‬


‫‪04‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫اعضاء من اجمللس ووزراء من احلكومة يف جلسات مؤمتر نساء‬ ‫ليبيا العاملي بطرابلس‬ ‫• مكتب ميادين – طرابلس ‪.‬‬ ‫بإطالل��ة وزاري��ة مكثف��ة اختتم مؤتمر نس��اء‬ ‫ليبي��ا العالم��ي (ص��وت واح��د‪ -‬وجمعي��ة‬ ‫تواصل) عقد جلس��اته األربع‪،‬وكانت الختامية‬ ‫الثالثاء‪ ،2011 15-11-‬ففي مس��اء يوم االحد‬ ‫اليوم الثالث للقاء حيث قدم‪ :‬الس��يد المستش��ار‬ ‫مصطف��ى عب��د الجلي��ل ‪ ،‬ود‪.‬عبدالرحي��م‬ ‫الكيب‪،‬ود‪.‬محم��ود جبريل‪،‬والس��يد محم��ود‬ ‫ش��مام كلماتهم للس��يدات الحاضرات والالتي‬ ‫بادرن بطرح االسئلة التي اهتمت بالمساهمات‬ ‫من المناض�لات في ث��ورة ‪ 17‬فبراير وكذلك‬

‫ومؤسس��ات لهن اهتمامات بالموضوعات التي‬ ‫طرح��ت وقمن بدراس��ات احصائي��ة ميدانية ‪،‬‬ ‫يل��ي وجبة الغذاء كان اللقاء مع دور المرأة في‬ ‫اعالم ما قبل الث��ورة وأثناءها ومابعد التحرير‬ ‫وق��د ب��دأت نوميديا وهو االس��م الحركي لهناء‬ ‫محم��د مراس��لة أح��داث ث��ورة ‪17‬فبراير في‬ ‫طرابل��س عب��ر الجزيرة والمحط��ات االجنبية‬ ‫الش��هيرة ‪،‬كم��ا قدمت ف��رح بوشويش��ة وهي‬ ‫س��يدة ليبية هولندي��ة مش��روعها الموثق لدور‬ ‫المرأة الليبية في مش��وار النض��ال رفقة اخيها‬ ‫الرجل ‪،‬وش��ارك الش��اب وليد بوظهير بورقة‬

‫اوض��اع المغتصبات ‪ ،‬والمش��اركة السياس��ية‬ ‫للم��رأة بنظام الكوتا ‪،‬وكذل��ك تفعيل قانون منح‬ ‫الجنسية ألبناء الليبية المتزوجة من غير الليبي‬ ‫والتي طمئن فيها الس��يد عب��د الجليل المعنيات‬ ‫بالموض��وع بأن��ه سيس��عى قريب��ا ف��ي تثبيت‬ ‫ق��رار يمنح الجنس��ية لألبناء ‪ ،‬رغ��م أن إحدى‬ ‫الحاضرات س��ألته فيما يص��در عنه وهو على‬ ‫المنصة كرأي ش��خصي أم هو قرار س��يصدر‬ ‫بموافقة م��ن أعضاء المجلس بعد استش��ارتهم‬ ‫وع��رض االمر عليهم ‪،‬وقد س��اد إلحاح ش��ديد‬ ‫بس��ماع رأي المستش��ار فيما يتعلق بالمشاركة‬ ‫السياس��ية للمرأة بموازاة أص��وات الرجال في‬ ‫االنتخابات ‪ ،‬فرد بأن الدس��تور المؤقت ال يميز‬ ‫ويض��ع كلم��ة الليبين وه��م الرجال والنس��اء‪،‬‬ ‫وذل��ك يعني أن الحرية متاحة للطرفين لكننا لن‬ ‫نس��تطيع ذلك ‪ ،‬وسنسمح ببعض من الوزارات‬ ‫‪ ،‬والسفارات ألن تتوالهن المرأة ! ‪.‬‬ ‫صباح الي��وم الختامي كان مخصصا لدراس��ة‬ ‫االوض��اع الصحي��ة للم��رأة قبل وأثن��اء وبعد‬ ‫الث��ورة والتحري��ر وق��د اس��هبت صاحب��ات‬ ‫االوراق المقدم��ة رفق��ة ع��روض االش��رطة‬ ‫المرئية عبر الداتا ش��و فيم��ا يتعلق باالمراض‬ ‫الس��ارية والمس��توطنة ‪ ،‬التناس��لية والجنس��ية‬ ‫التي تهدد بعض النس��اء ‪،‬وكذلك األذى النفسي‬ ‫المترتب عن االذى الجنس��ي بدء من التحرش‬ ‫وحت��ى االغتصاب‪،‬وق��د أجاب��ت ع��ن أس��ئلة‬ ‫الحاض��رات بعض��ا م��ن رئيس��ات جمعي��ات‬

‫تتحدث ع��ن تجربة مرك��زه االعالمي صحبة‬ ‫رفاقه الفنانين الشباب ‪ ،‬وبعرض شريط قصير‬ ‫يبرز أهم احداث ش��ارك ف��ي رصدها مركزه‬ ‫االعالمي ‪212‬المع��روف بتمي��زه وباهتمامه‬ ‫بالتفاصي��ل الفني��ة ‪ ،‬وقدم��ت االعالمية فاطمة‬ ‫غن��دور ورقتها ع��ن دور المرأة ف��ي االعالم‬ ‫(تاريخيا وطموحات المس��تقبل)مرفق بعرض‬ ‫مرئي لصور رائدات ليبيات جمعن بين الكتابة‬ ‫الصحفي��ة ‪،‬واالذاعي��ة ‪،‬والتلفزيوني��ة ‪،‬وعبر‬ ‫ش��بكة االنترنت الحقا ‪،‬ثم قدمت مقترحا لخلق‬ ‫ب��ذور العالق��ة بين االع�لام والن��اس ‪ ،‬ودور‬ ‫النساء في ذلك ‪.‬‬ ‫بعد اس��تراحة قصي��رة التق��ت الحاضرات في‬ ‫الس��اعة الختامية لس��ماع توصياته��ن المقدمة‬ ‫للمجل��س االنتقال��ي ورئاس��ة ال��وزراء والتي‬ ‫ضم��ت أكثر من خمس��ة عش��ر توصي��ة تلتها‬ ‫االس��تاذة أمين��ة المغيرب��ي ويليها تلي��ت كلمة‬ ‫المتح��دث نياب��ة ع��ن عضو المجل��س المحلي‬ ‫بطرابل��س ‪ ،‬كما ق��دم الس��يد عبدالحفيظ غوقة‬ ‫نائب رئيس المجلس االنتقالي الليبي كلمة عبر‬ ‫ف��ي أوله��ا عن حزن��ه معلال ذل��ك ‪ :‬ألن تمثيل‬ ‫المرأة قليل في مجلس��نا وأننا كنا نتمنى أعضاء‬ ‫أكثر من الشباب والمرأة ‪،‬رغم أني أعرف أننا‬ ‫طيلة ‪42‬س��نة كنا محرومين رجاال ونساء من‬ ‫المشاركة السياس��ية حرمنا سوية وعشنا سوية‬ ‫عقود من الظلم واالس��تبداد ‪،‬واالن على المرأة‬ ‫أن تعم��ل وعبر تنظيم��ات المجتمع المدني من‬

‫أج��ل تفعيل دورها ونريد أن نش��ير الى بعض‬ ‫من المكاس��ب التي ينبغي الحفاظ عليها كقانون‬ ‫رقم ‪ 10‬لعام ‪84‬م (حق الحضانة) وكان للمرأة‬ ‫كتيب عائلة خاص بها كما أن ليبيا منضمة الى‬ ‫ع��دد من االتفاقيات التي تدع��م حقوق ونضال‬ ‫الم��رأة هنا في ليبيا ‪ ،‬ثم تحدث الس��يد رمضان‬ ‫بالح��اج مس��ؤل اللجن��ة االعالمي��ة بالمجلس‬ ‫العس��كري بطرابل��س وكان��ت كلمته س��ريعة‬ ‫وملخصة ‪:‬أحي فيك��ن النضال والكرامة ‪،‬ولقد‬ ‫قامت تورثنا س��لمية وحملنا السالح دفاعا عن‬ ‫أنفس��نا وليبيا ‪،‬وفقن��ا هللا وإياكن في الدفاع عن‬ ‫الدين والعرض‪.‬‬ ‫كما تحدث الدكتور علي الترهوني وزير المالية‬ ‫والنف��ط وقال ‪ :‬أول حديث عن المرأة وحقوقها‬ ‫يجب أن يفهم أنه ليس منحة من الرجال ‪.‬‬ ‫والبد من المشاركة منكن وبعين قوية في كل ما‬ ‫س��يحصل في المستقبل وما لم تكن المرأة أخت‬ ‫للرجل ف��ي ميادين مختلفة ومهم��ة كاالقتصاد‬ ‫والتجارة والسياس��ة ‪..‬فإننا س��نصنع مس��تقبال‬ ‫معيبا وبقدم واحدة‪.‬‬ ‫ثم تم��ت ت�لاوة بيان مش��ترك بي��ن عضوات‬ ‫مؤتمر ص��وت واحد وجمعية تواصل ومجلس‬ ‫طرابلس المحلي تم االعتذار فيه عن أي قصور‬ ‫قد حصل في استقطاب بعض العناصر النشطة‬ ‫وس��تتم إتاحة ذلك في مؤتم��ر قادم ودامت ليبيا‬ ‫حرة‪.‬‬ ‫وقائع وتوصيات المؤتمر‬ ‫منظم��ة "صوت الم��رأة الليبي��ة" منظمة غير‬ ‫حكومي��ة لتطوير المجتمع النس��ائي ف��ي ليبيا‪.‬‬ ‫تركز المنظمة على تاكي��د تواجد المرأة الليبية‬ ‫بقوة ونش��اط في مختلف االنش��طة والقطاعات‬ ‫ف��ي المجتم��ع الليب��ي وخصوصا ف��ي المجال‬ ‫السياس��ي واالقتص��ادي ‪ .‬و منظم��ة "صوت‬ ‫المرأة الليبية" بالتع��اون مع "جمعية التواصل‬ ‫لش��باب ونس��اء و أطفال ليبيا الحرة" ببنغازي‬ ‫والت��ي تعني برفع ق��درات ه��ذه الفئات بهدف‬ ‫تمكينها سياس��يا واقتصادي��ا واجتماعيا‪ ،‬قامت‬ ‫بعق��د المؤتم��ر الدول��ي األول للمرأة ف��ي ليبيا‬ ‫الح��رة تح��ت عنوان "ص��وت واح��د" بمدينة‬ ‫طرابلس ولمدة خمس��ة أيام ف��ي الفترة من ‪11‬‬ ‫الى ‪ 15‬نوفمبر ‪2011‬‬ ‫من الصعب جدا الحصول على اهتمام صانعي‬ ‫السياس��ة وخاص��ة في ظ��ل المناخ السياس��ي‬ ‫الحال��ي ف��ي ليبيا‪ ،‬وم��ن اجل ايص��ال صوت‬ ‫الم��رأة وبق��وة ال��ى صناع الق��رار ت��م انعقاد‬ ‫مؤتم��ر "ص��وت واحد" حي��ث تم��ت تغطية‬ ‫جمي��ع الموضوعات الرئيس��ية التي تؤثر على‬ ‫الم��رأة والمجتم��ع الليبي الي��وم ‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫السياسة والدين ‪ ،‬واألعمال التجارية ‪ ،‬وصحة‬ ‫المرأة واإلعالم وعملية إنش��اء المنظمات غير‬ ‫الحكومي��ة وغيرها‪ .‬وف��ي اعتقادنا أنه كان من‬ ‫الض��روري جدا انعق��اد هذا المؤتم��ر في هذا‬ ‫الوق��ت بال��ذات ألن ناف��ذة الف��رص آخ��ذة في‬ ‫االنغالق في ليبيا ‪ ،‬كا انه البد من االش��ارة بان‬ ‫أعين المجتمع الدولي الزالت مسلطة على ليبيا‬ ‫وه��ذا بدوره ضم��ان ألقصى قدر م��ن التأثير‬

‫عندما يتم التركيز على المرأة الليبية وحقوقها‪.‬‬ ‫وكم��ا ورد ف��ي ج��دول األعم��ال كان��ت‬ ‫المحاضرات والمناقش��ات وورش العمل التي‬ ‫جرت ف��ي المؤتمر وكذلك اللق��اءت مع العديد‬ ‫م��ن المس��ؤلين ورج��ال السياس��ة واالقتصاد‬ ‫واالع�لام الليبيين واالجانب تصب جميعها من‬ ‫اج��ل خلق إطار السياس��ة العامة لكل الش��ئؤن‬ ‫ذات العالقة بأمور المرأة الليبية ‪.‬‬ ‫خالل المؤتمر‪"،‬صوت واحد"‪ ،‬والذي اس��تمر‬ ‫خمسة ايام تم تناول ونقاش المسائل التالية ‪:‬‬ ‫السبت ‪ 12‬نوفمبر ‪2011 ،‬‬ ‫• ‬ ‫المرأة في السياسة ‪ :‬وتركزت المناقشات حول‬ ‫دور المرأة في الحياة السياسية في ليبيا الجديدة‬ ‫‪ ،‬وتناولت القضاي��ا المدرجة على الحصص ‪،‬‬ ‫والطريقة االفضل لتقديم المرأة نفسها سياسيا‪.‬‬ ‫األحد ‪ 13 ،‬نوفمبر ‪2011 ,‬‬ ‫• ‬ ‫الدي��ن والقوانين التي تؤثر عل��ى المرأة الليبية‬ ‫‪ :‬دور الش��ريعة ‪ ،‬وكيفي��ة ضم��ان المس��اواة‬ ‫بين الجنس��ين في الحقوق والواجب��ات وتكافؤ‬ ‫الف��رص ‪ ،‬وقضاي��ا مث��ل الطالق وجنس��يات‬ ‫األطفال ونوقش��ت كذلك الف��روق بين القوانين‬ ‫والع��ادات االجتماعي��ة وهل ينبغ��ي ان تتغير‬ ‫بعض القوانين في المجتمع الليبي‪.‬‬ ‫االثنين ‪ 14‬نوفمبر ‪2011‬‬ ‫االس��تثمار و النس��اء ‪ :‬آلي��ات لكيفية تش��جيع‬ ‫التمكي��ن االقتصادي للم��رأة من خالل انطالق‬ ‫الش��ركات والمنظمات غير الحكومية ووسائل‬ ‫اإلعالم واستكشافها‪.‬‬ ‫الثالثاء ‪ 15‬نوفمبر ‪2011‬‬ ‫• ‬ ‫صح��ة المرأة ‪ :‬جلس��ات مغلقة (للنس��اء فقط)‬ ‫حي��ث نوقش��ت قضايا صح��ة الم��رأة بما في‬ ‫ذل��ك العنف القائم على الجن��س ‪ ،‬والبحث عن‬ ‫الحل��ول الممكن��ة له��ا‪ .‬دور وس��ائل اإلع�لام‬ ‫والم��دارس والجامع��ات ووس��ائل اإلع�لام‬ ‫االجتماعية ‪ ،‬وكذلك المنظمات الش��بابية وفيما‬ ‫يتعلق بحقوق المرأة ‪ ،‬وكيف يمكن للشباب من‬ ‫الجنس��ين أن يصبح أكثر نشاطا في المجتمع ‪،‬‬ ‫واتخاذ اإلجراءات الكفيلة لتحقيق المساواة بين‬ ‫الجنسين وحقوق المرأة‪.‬‬ ‫توصيات أول مؤتمر عالمي للمرأة في ليبيا‬ ‫استنادا إلى المبادئ التي قامت من أجلها ثورة‬ ‫‪ 17‬فبراي��ر المجي��دة وتعزي��زا ل��دور الم��رأة‬ ‫باعتبارها الركيزة األساس��ية لهذه الثورة أنعقد‬ ‫أول مؤتم��ر عالمي للمرأة ف��ي ليبيا من الفترة‬ ‫‪ 11‬الى ‪ 15‬نوفمبر ‪ 2011‬تحت شعار "صوت‬ ‫واحد" وتحت إش��راف جمعية ص��وت المرأة‬ ‫الليبي��ة وبالتعاون مع جمعية التواصل في فندق‬ ‫المهاري رادسون بلو‪.‬‬ ‫وم��ن خالل حلق��ات النق��اش وورش العمل تم‬ ‫التوصل إلى التوصيات التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬تحقي��ق مب��دأ المس��اواة بين الجنس��ين في‬‫الحقوق والواجبات للتأكيد على حق المواطنة‪.‬‬ ‫‪ .2‬تعديل القوانين الحالية تماشيا مع االتفاقيات‬‫الدولي��ة واإلقليمي��ة التي تمنع ممارس��ة العنف‬ ‫ضد النس��اء والفتيات والتي تم المصادقة عليها‬ ‫من قبل الحكومة الليبية‪.‬‬


‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫‪ .3‬التأكيد على حق المواطنة للرجال والنساء‪.‬‬‫‪ .4‬ضمان مش��اركة كال الجنسين في العمل السياسي‬‫كح��د أدني بما ال يق��ل عن ‪ % 40‬لكليهم��ا مع توافر‬ ‫الكفاءة ‪.‬‬ ‫‪ .5‬توظيف اإلعالم لتغير صورة المرأة النمطية‪.‬‬‫‪ .6‬حث الحكومة ومؤسس��ات المجتم��ع المدني على‬‫االهتمام بفئ��ات المعاقين واأليتام والمس��نين وخاصة‬

‫‪ .9‬اس��تحداث آلية للتنس��يق بين مؤسس��ات المجتمع‬‫المدني التي تهتم بالمرأة وإعداد إستراتيجية واحدة‪.‬‬ ‫‪ .10‬التأكي��د على أهمية تمثيل الم��رأة في المنظمات‬‫المحلية واإلقليمية والعالمية والهيئات الدبلوماسية‪.‬‬ ‫‪ .11‬دعم البرامج التي تهتم بالصحة اإلنجابية للمرأة‬‫ورعاية األم والطفل‪.‬‬ ‫‪ .12-‬العم��ل على تعدي��ل قانون العقوب��ات بما يعزز‬

‫من النساء والفتيات واألطفال‪.‬‬ ‫‪ .7‬إع��داد قاع��دة معلوماتي��ة وإحصائي��ة عن كل ما‬‫يخص المرأة ومؤسسات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫‪ .8‬ح��ث الحكومة على زيادة االهتمام والتركيز على‬‫دورات بن��اء القدرات بالتدري��ب والتأهيل في الداخل‬ ‫والخارج لرفع كفاءة المرأة‪.‬‬

‫حماية المرأة للحد من العنف الموجه ضدها‪.‬‬ ‫‪ .13‬العمل على تفعيل القانون التأمين الصحي لتوفير‬‫الحماية الكاملة للمرأة العاملة‪.‬‬ ‫‪ .14‬منع التمييز العنصري ضد المرأة‪.‬‬‫‪ .15‬ح��ث الدولة عل��ى التوقي��ع والتصديق على كل‬‫االتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق اإلنس��ان وخاصة‬

‫بنغازي تودع أحد‬ ‫رجاالتها‬ ‫ودعت مدينة بنغازي األس��بوع الماض��ي ابنها البار وأحد‬ ‫رج��ال نضاله��ا الوطن��ي الفقي��د‬ ‫عب��د هللا مفت��اح أمنينه ال��ذي اعتقل‬ ‫ع��ام ‪ 1984‬ضم��ن ش��باب الجبهة‬ ‫الوطني��ة إلنقاذ ليبيا في أحداث باب‬ ‫العزيزي��ة الش��هيرة وأمض��ى ف��ي‬ ‫س��جون الطاغي��ة أكثر م��ن ثمانية‬ ‫عش��رة عاما‪ ،‬وق��د كان الفقيد مثاال‬ ‫للح��س الوطني الرفي��ع ووثيقة من‬ ‫وثائ��ق نضالنا الوطني المش��رف‪،‬‬ ‫حيث لم يمنعه كون��ه العائل الوحيد‬ ‫ألسرته المجاهدة من التصدي لدولة‬ ‫االس��تبداد‪ ،‬فق��د كان الوطن عنده قبل كل ش��يء‪ ،‬وقد كان‬ ‫الفقيد مش��اركا فاعال بثورة ‪ 17‬فبراير منذ يوم انبالجها إذ‬ ‫لم يمنعه المرض الذي كان نتيجة س��نوات س��جنه الطويل‬ ‫من المش��اركة في أحداث ثورتنا المجيدة بكل ما يس��تطيع‬ ‫وكان أحد مؤسسي جمعية السجناء السياسيين التي تشكلت‬ ‫في األس��ابيع األولى من الثورة‪ ،‬وقد عرف الفقيد بشجاعته‬ ‫ودماثة أخالقه‪ ..‬وصدق فيه قول الناعي‪:‬‬ ‫عصران ما عمرك رضيت بذلة‪ .....‬يحس��ن عزانا فيك يا‬ ‫عبد هللا‬ ‫يا كبير الهمة ‪ .....‬معروف صيتك في البالد مسمى‬ ‫هللا يرحمك ما فيك وصف انذ ّمه‬ ‫قدرك أرقى فوق السحاب تعلى‬

‫‪05‬‬

‫المرأة والطفل‪.‬‬ ‫‪ .16‬تفعيل التوعية االجتماعية والسياس��ية من خالل‬‫قن��وات اإلع�لام المختلف��ة وتعزيز الخط��اب الديني‬ ‫المس��تنير للتعري��ف بدور الم��رأة في المجتم��ع وفقا َ‬ ‫للشريعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪ .17‬تعديل قانون األح��وال المدنية الليبي فيما يتعلق‬‫بمن��ح الم��رأة الليبي��ة المتزوج��ة بغير الليب��ي ولديها‬ ‫أبناء اكتسبوا الجنس��ية الليبية وفقا َ للشروط الموجودة‬ ‫بالالئح��ة المتعلقة بالقانون رق��م ‪ 2010 / 24‬م كتيب‬ ‫عائلة يضمها هي وأوالدها لتفعيل الغاية المرجوة من‬ ‫القانون المشار إليه ‪.‬‬ ‫‪ .18‬دعم قط��اع الصحة والتأكيد على وجوب وجود‬‫تمثيل كافي للمرأة ف��ي هذا المجال وخاصة في مجال‬ ‫الصح��ة األولية حيث أنه غي��ر مفعل في ليبيا والتأكيد‬ ‫على توفي��ر جميع الخدم��ات الصحية لجميع النس��اء‬ ‫وخاصة في المناطق النائية‪.‬‬ ‫‪ .19‬العمل عل��ى تطوير المناهج التعليمية بما يتالءم‬‫م��ع الدور الجديد الذي تقوم به الم��رأة داخل المجتمع‬ ‫من خالل تغيير الصورة النمطية للمرأة ‪.‬‬ ‫‪ .20‬إنش��اء صنادي��ق للنفقة تتواله��ا البنوك الوطنية‬‫يتم تحصيلها من الزوج أس��وة ببع��ض الدول العربية‬ ‫واألجنبية األخرى بدل الطريقة المذلة والمحرجة التي‬ ‫تتقاضي بها المرأة حقوقها المالية من المحكمة‪.‬‬ ‫‪ .21‬تعدي��ل قان��ون األحوال الش��خصية فيم��ا يتعلق‬‫بالفق��رة األخي��رة م��ن الم��ادة ‪ 65‬عل��ى أن تخت��ص‬ ‫الحاضنة األنثى باال تكون متزوجة برجل غير محرم‬ ‫للمحض��ون ومن ثم فإننا نؤكد عل��ى أن يطال التعديل‬ ‫هذه المادة حت��ى ال تحرم المرأة من حق الحضانة في‬ ‫أوالدها استنادا لزواجها للمرة الثانية‪.‬‬ ‫‪ .22‬المطالبة بأن يكون هناك تمثيل رقابي لمنظمات‬‫المجتم��ع المدن��ي ف��ي لجنة صياغ��ة الدس��تور و أن‬ ‫يكون هناك تمثيل رقابي دائم في المجالس التش��ريعية‬ ‫والتنفيذية بكافة مستوياتها‪.‬‬

‫أحفاد املختار‪ ..‬مسرحية مغاربية تعكس نضال الليبيني‬ ‫ميادين ‪ /‬القنيطرة‪ /‬معتز بن حميد‬ ‫قدمت فرقة المش��هد المسرحي المغربية‬ ‫بالقنيطرة عرض مسرحية أحفاد المختار‬ ‫مساء الخميس الماضي بقاعة مقر البلدية‬ ‫بالمدين��ة‪ ..‬وذل��ك إحي��اء للتوأم��ة الفنية‬ ‫الليبي��ة المغربي��ة بي��ن مدينت��ي الزاوية‬ ‫الليبية والقنيطرة المغربية‪ ،‬التي تأسست‬ ‫منذ أكثر من ‪ 15‬عاما‪.‬‬ ‫وق��دم ع��رض االفتت��اح للمس��رحية‬ ‫بالقنيطرة ــ م��كان الفرقة المنفذة ــ على‬ ‫ش��رف حضور الكاتب المسرحي الليبي‬ ‫أحم��د العبيدي ووج��ود الصحافة الليبية‪.‬‬ ‫وبحضور رئي��س بلدية القيط��رة ونخبة‬ ‫من كبار مجلس البلدية وفناني المغرب‪.‬‬ ‫تع��د مس��رحية أحف��اد المخت��ار أول��ى‬ ‫الش��راكات المس��رحية العربية بين ليبيا‬ ‫والمغ��رب بعد اندالع ث��ورة ‪ 17‬فبراير‬ ‫المجيدة‪.‬‬ ‫نص المس��رحية من تألي��ف مغربي ليبي‬ ‫مشترك للكاتبة المسرحية المغربية بديعة‬ ‫الراضي والكاتب والش��اعر الليبي أحمد‬ ‫العبي��دي‪ ،‬من إخراج المخ��رج المغربي‬ ‫محمد الزيات‪ ،‬وتمثيل نخبة من الممثلين‬ ‫المغاربة التابعين لفرقة المشهد المسرحي‬ ‫بالقنيطرة‪ ،‬وألحان موسيقية للفنان الليبي‬

‫باسط الحاسي‪.‬‬ ‫نص مس��رحية أحفاد المختار الذي يهديه‬ ‫مخرج المسرحية الزيات ــ كما جاء على‬

‫نيت��ه ف��ي ه��ذا اإله��داء بأن جع��ل ختام‬ ‫العرض أغنية عن مدينة بنغازي بصوت‬ ‫الفنان الليبي باسط الحاسي‪.‬‬

‫لس��انه ــ إلى ش��عب ليبيا‪ ،‬وذل��ك احتفاال‬ ‫بانتصاره المجيد بالثورة‪ ..‬يلخص النص‬ ‫حال��ة النض��ال العربي ال��ذي عانته كل‬ ‫الش��عوب العربي��ة‪ ،‬بإس��قاطات مرمزة‪،‬‬ ‫تأتي في ش��كل يطرح الجهاد الليبي إبان‬ ‫االحتالل اإليطالي‪ ،‬واسم المختار وضع‬ ‫ليعكس هذا النضال‪ ..‬وقد أوضح المخرج‬

‫ويذكر أن فرقة المش��هد المسرحي تستعد‬ ‫لتقدي��م عش��رة عروض أخ��رى في مدن‬ ‫مغربية مختلفة‪ ،‬وس��يكون هناك عرض‬ ‫خاص س��يقدم ف��ي مدينة بنغ��ازي مطلع‬ ‫شهر فبراير القادم‪.‬‬


‫‪06‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫اجمللس االنتقالي اللييب يعثر على ‪ 23‬مليار دوالر‬ ‫وهذه االموال الضخمة ستصرف يف غياب أية جهة رقابية مالية أو تشريعية‬ ‫عثرت الحكومة االنتقالية في ليبيا على أصول‬ ‫بقيم��ة ‪ 23‬ملي��ار دوالر لم ينفقها نظ��ام العقيد‬ ‫المخلوع معمر القذافي‪.‬‬ ‫قالت صحيفة ‘فايننش��ال تايمز’ البريطانية إن‬ ‫هذا االكتش��اف من ش��أنه أن يس��اعد الحكومة‬ ‫الليبي��ة ف��ي عملي��ة اإلعم��ار بع��د الح��رب‪،‬‬ ‫ووصف أح��د المس��ئولين البريطانيين الواقعة‬ ‫بأنه��ا ‘تضاهي العثور عل��ى عدة مليارات من‬ ‫ال��دوالرات تحت الف��راش’‪ ،‬ق�� َّدم دفعة كبيرة‬ ‫لجه��ود ح��كام ليبي��ا الج��دد إلدارة الب�لاد بعد‬ ‫العث��ور على األصول في خزائن الدولة الليبية‬ ‫في المصرف المركزي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ذك��رت إن الحكوم��ة الليبي��ة ‪ -‬وفقا لمس��ئول‬ ‫بريطاني رفيع المس��توى ‪ -‬قد أبلغت بريطانيا‬ ‫في األس��بوع الماضي أنه ت��م العثور على ‪28‬‬ ‫ملي��ار دين��ار ليبي‪ ،‬أي ما يع��ادل ‪ 22.8‬مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬في المصرف المركزي الليبي‪.‬‬ ‫وبحسب المس��ئول‪ ،‬فإن ‘هذه األصول ستم ِّكن‬ ‫الحكوم��ة الليبي��ة الجديدة من تس��يير أمورها‬ ‫حت��ى فترة متقدم��ة من الع��ام المقبل‪ ،‬وتخفف‬

‫الضغط عنها للحصول على األصول المجمدة‬ ‫بالخارج’‪.‬‬ ‫وت��م العث��ور عل��ى األص��ول ف��ي المصرف‬

‫المرك��زي الليبي‪ ،‬بحس��ب تصريح��ات وفيق‬ ‫الش��اطر‪ ،‬منسِّ��ق القط��اع المال��ي ف��ي فريق‬ ‫اس��تقرار ليبيا الذي تم إنشاؤه بعد دخول الثوار‬

‫طرابلس‪.‬‬ ‫وأكد الش��اطر ‘أن األموال كافية إلدارة البالد‬ ‫لمدة س��تة أش��هر اس��تنادًا إلى أنم��اط اإلنفاق‬ ‫التاريخية‪ ،‬وتم وضعها تحت حراس��ة مش��ددة‬ ‫وستستخدم لإلنفاق على إعادة اإلعمار وإحياء‬ ‫الب�لاد والخدمات االجتماعية’‪ ،‬بحس��ب وكالة‬ ‫‘يونايتد برس انترناشيونال’‪.‬‬ ‫وق��ال‪‘ :‬إن الس��لطات الليبية الجدي��دة ما تزال‬ ‫تحقق في بيع نظ��ام القذافي هذا العام ما يعادل‬ ‫خم��س احتياطيات الذه��ب بالبالد الس��تخدام‬ ‫عوائده��ا بتموي��ل جه��وده اليائس��ة للبقاء في‬ ‫السلطة’‪.‬‬ ‫جدي��ر بالذك��ر أنه ت��م تجميد معظ��م األصول‬ ‫الليبية المودعة ف��ي الخارج بموجب العقوبات‬ ‫التي فرضتها األمم المتحدة على نظام القذافي‪.‬‬ ‫وأدى الص��راع المس��لح بي��ن الث��وار الذي��ن‬ ‫انتفضوا ضد نظام القذافي و‬ ‫الق��وات الموالية ل��ه‪ ،‬إلى جان��ب تدخل قوات‬ ‫حلف األطلس��ي ‘الناتو’ لشن غارات جوية في‬ ‫تدمير البنية التحتية لليبيا‪.‬‬

‫صندوق الثروة السيادية اللييب ميول إعادة اإلعمار‬ ‫ق��ال رفي��ق الناي��ض القائم بأعم��ال الرئيس‬ ‫التنفيذي للمؤسس��ة الليبية لالس��تثمار ‪-‬وهو‬ ‫صندوق الثرة السيادية الليبي الذي يبلغ قوامه‬ ‫‪ 65‬مليار دوالر‪ -‬انه س��يتم تخصيص بعض‬ ‫من الس��يولة الكبيرة بي��ن مكونات الصندوق‬ ‫لتمويل أنش��طة إعادة إعمار ليبيا في مرحلة‬ ‫م��ا بعد القذاف��ي‪ ،‬األمر الذي يتي��ح وقتا أمام‬ ‫مراجعة شاملة الستثمارات الصندوق األقل‬ ‫س��يولة‪.‬وقال الناي��ض لرويترز ف��ي مقابلة‬ ‫الي��وم األربع��اء “أتوق��ع تقلصا وش��يكا في‬ ‫حجم الصندوق‪.‬ينبئني ش��عوري بأنه سيكون‬ ‫هناك حاجة الس��تثمارات كبيرة في المستقبل‬ ‫القريب وستس��تخدم االحتياطيات الدولية في‬ ‫تمويلها ال س��يما انه لم يتم بعد استئناف انتاج‬ ‫النفط بشكل كامل‪”.‬‬ ‫ول��م يذك��ر الناي��ض تفاصيل عن حجم‬ ‫األموال من الصندوق التي س��يتم استخدامها‬ ‫لتموي��ل مش��روعات البنى التحتي��ة والتعليم‬ ‫والصح��ة وإعادة التأهي��ل‪ .‬وللحصول على‬ ‫األموال‪..‬نح��و ‪ 29.5‬ملي��ار دوالر م��ن‬ ‫الصندوق‪..‬تحتاج ليبي��ا لرفع العقوبات على‬ ‫إجمال��ي أصولها األجنبي��ة البالغ ‪ 170‬مليار‬ ‫دوالر‪.‬وق��ال الناي��ض‪ -43‬عاما‪-‬ال��ذي يقود‬ ‫فريقا من خب��راء ماليين ليبيي��ن بتكليف من‬ ‫المجل��س الوطني اإلنتقال��ي الحاكم لمراجعة‬ ‫اس��تثمارات الصندوق في فترة حكم القذافي‬ ‫“تش��كل األموال الس��ائلة واألسهم ومنتجات‬ ‫الدخل الثابت‪...‬نحو ‪ 77‬في المئة من إجمالي‬

‫األصول المدارة‪.‬وحت��ى نهاية يونيو ‪2011‬‬ ‫بلغ (الصندوق) ‪ 64.9‬مليار دوالر‪ .‬س��نضع‬ ‫توصي��ات بع��د أن نعم��ل مع البن��ك الدولي‬ ‫وصندوق النقد الدولي لتحديد الحجم المثالي‬ ‫لصندوق ثروة س��يادية ليبي‪”.‬وتبلغ السيولة‬ ‫المالي��ة ‪ 45.5‬في المئة م��ن حجم الصندوق‬ ‫بحس��ب أرقام غير مدققة حت��ى نهاية يونيو‬ ‫حزي��ران عرضه��ا الناي��ض وفريق��ه على‬ ‫رويترز‪.‬‬ ‫وأظه��رت وثيقة حصلت عليه��ا رويترز أن‬ ‫الصندوق يتضمن أيضا أس��هما بقيمة ‪10.8‬‬ ‫مليار دوالر وسندات بقيمة ‪ 9.7‬مليار دوالر‬ ‫وحيازات استراتيجية بقيمة ‪ 8.3‬مليار دوالر‬ ‫وأربعة ملي��ارات دوالر في صناديق تحوط‬ ‫ومنتجات مهيكلة ومشتقات مالية والباقي في‬ ‫اس��تثمارات أخرى‪.‬وهذه ه��ي المرة األولى‬ ‫التي تعلن فيها المؤسس��ة الليبية لالس��تثمار‬ ‫أرقاما تفصيلية عن اس��تثماراتها فيما وصفه‬ ‫النايض بالشفافية التي يتبناها قادة ليبيا الجدد‬ ‫في التعامل مع األموال العامة‪.‬وقال النايض‬ ‫إن الصن��دوق تلقى ‪ 62.9‬ملي��ار دوالر من‬ ‫الحكوم��ة من��ذ إنش��ائه ف��ي ‪ 2006‬إلدارة‬ ‫إيرادات الب�لاد النفطية‪.‬وتابع “من الصعب‬ ‫تصور كيف يمكن تحقيق مزيد من االستفادة‬ ‫ونصف المحفظة عبارة عن أموال سائلة تدر‬ ‫أضعف عائد‪”.‬ومن غير المتوقع أن تتخذ أي‬ ‫ق��رارات اس��تثمارية قب��ل أن تتولى حكومة‬ ‫جدي��دة مقالي��د الس��لطة‪ .‬وس��تعين الحكومة‬

‫الجديدة الجاري تشكيلها رئيسا ومجلس إدارة‬ ‫للصندوق‪.‬ومن بين أصول المؤسس��ة الليبية‬ ‫لالس��تثمار حصصا ف��ي بن��ك أونيكريديت‬ ‫اإليطالي وش��ركة بيرسون البريطانية للنشر‬ ‫ونادي جيوفنتوس لكرة القدم في إيطاليا‪.‬‬ ‫وهن��اك تكهنات بأن ليبيا س��تبيع أصولها في‬ ‫بقية أفريقيا مما يس��اعدها على تمويل إعادة‬ ‫اإلعمار لك��ن النايض قال إنه ل��ن يتم إتخاذ‬ ‫أي ق��رار يتعلق بتصفية االس��تثمارات حتى‬ ‫يس��تكمل فريق��ه عملي��ة التقييم‪.‬وأضاف أن‬ ‫‪ 8.3‬مليار دوالر تم اس��تثمارها في حيازات‬ ‫استراتيجية ووضعت خمسة مليارات دوالر‬ ‫ف��ي صن��دوق باس��م محفظ��ة ليبي��ا أفريقيا‬ ‫لالستثمار‪.‬وقال النايض إن الشبكة الخضراء‬ ‫وهي ش��ركة تس��تثمر في قطاع االتصاالت‬ ‫في س��ت دول أفريقية ه��ي أضعف حلقة في‬ ‫محفظ��ة ليبيا أفريقيا لالس��تثمار‪ .‬وتضررت‬ ‫الش��بكة التي تتضمن اس��تثمارا قوامه مليار‬ ‫دوالر بعقوب��ات األمم المتحدة حيث واجهت‬ ‫صعوب��ات مع دائنين وجم��دت بعض الدول‬ ‫م��ن بينه��ا زامبي��ا أصولها‪.‬وق��ال الناي��ض‬ ‫“تشكل هذه الشركة أكبر مصدر للقلق اآلن‪.‬‬ ‫نتوقع تقليصها ونأمل ان يتم خفض حجمها‪...‬‬ ‫أتوقع خسارة للش��ركة والشركات االفريقية‬ ‫االخري هنا ال تقل عن ‪ 20‬في المئة من حجم‬ ‫المحفظة‪”.‬وتبل��ي أصول أخ��رى في أفريقيا‬ ‫بالء حس��نا‪.‬ويتوقع النايض أن تجني الشركة‬ ‫الليبي��ة األفريقي��ة لالس��تثمارات الخارجي��ة‬

‫(الفيكو) التي تمتلك فنادق في ش��مال أفريقيا‬ ‫وأوروب��ا ‪ 50‬في المئة على األقل من قيمتها‬ ‫الدفترية البالغة ملياري دوالر‪.‬وهناك شركة‬ ‫أخرى في الصندوق ق��ال النايض عنها أنها‬ ‫بحال��ة جيدة وهي ليبي��ا للنفط وتعمل في ‪23‬‬ ‫دولة أفريقية في مجال وقود التجزئة‪.‬‬ ‫وق��ال النايض “بش��كل عام أتوق��ع أن يظل‬ ‫ه��ذا الرق��م (‪ 8.3‬ملي��ار دوالر) كم��ا ه��و‬ ‫تقريبا‪”.‬وأظهرت وثائق أن نحو ‪ 45‬في المئة‬ ‫من الصندوق اس��تثمارات بديلة في منتجات‬ ‫مهيكل��ة و‪ 36‬ف��ي المئة ف��ي صناديق تحوط‬ ‫و‪ 12‬في المئة في استثمارات مباشرة وسبعة‬ ‫ف��ي المئة في مش��تقات مالية‪.‬وق��ال النايض‬ ‫“يبدو األم��ر جيدا فيما بين صناديق التحوط‬ ‫واالستثمار المباشر‪ .‬لكن أعتقد أن المنتجات‬ ‫المهيكلة والمش��تقات ليست مناسبة لصندوق‬ ‫ثروة س��يادية بنظرة بعي��دة األمد‪”.‬واضاف‬ ‫قوله “ستعمل االدارة المستقبلية على األرجح‬ ‫على إعادة توازن محفظة االس��هم بعيدا عن‬ ‫الطاقة وبعيدا عن ليبيا بغرض التنويع‪”.‬وفي‬ ‫الوقت الحالي فإن ‪ 18‬في المائة من االس��هم‬ ‫مستثمر في القطاع المالي و‪ 15‬في المئة في‬ ‫القطاع الصناعي‪.‬وقال النايض انه يعمل مع‬ ‫صن��دوق النقد الدولي والبنك الدولي لضمان‬ ‫أن يتم إدارة الصندوق في إطار من الشفافية‪.‬‬


‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫‪07‬‬

‫سبع ساعات من الرعب داخل ثكنة كتيبة الفضيل‬ ‫عبد السالم الزغييب‬

‫كان��ت كتيب��ة الفضي��ل بوعمر االمني��ة بمثابة‬ ‫الباستيل(س��جن و حصن فى باريس ش��يد فى‬ ‫الق��رن ‪ .14‬بقى رمز للجور و اإلس��تبداد) فى‬ ‫بثها الذعر والرعب فى قلوب الليبيين المقيمين‬ ‫ببنغازى على مر السنين ‪ ،‬والتى جرى اعتقال‬ ‫عدد كبير من ش��باب وشابات المدينة فى االيام‬ ‫االولى للمظاهرات بداخلها ‪ ،‬والقيام بتعذيبهم ‪،‬‬ ‫بل واالعتداء عليهم جنسيا ثم اطالق النار على‬ ‫مش��يعى جنائز الش��هداء(يوم ‪ 18/19‬فبراير)‬ ‫مما دفع المواطنين لرش��ق الكتيبة بالحجارة ‪،‬‬ ‫ثم تتط��ور االوضاع الى االش��تباك بين كتيبة‬ ‫مدجج��ة باالس��لحة المتط��ورة ‪ ،‬وبين ش��باب‬ ‫عزل اال م��ن زجاجاة الملوتوف او الحجارة ‪،‬‬ ‫وكان من بي��ن هؤالء مواطن ليبي غيور على‬ ‫ب�لاده كان ينتظر هذه الفرصة العالن رفضه‬ ‫للنظ��ام القمع��ي ال��ذي ظل جاثم��ا على صدر‬ ‫المواطن الليبي اربعة قرون كاملة‪.‬‬ ‫هذا المواطن هو رمضان الشيخي الذي عاش‬ ‫سبع س��اعات كاملة من الرعب في مقر كتيبة‬ ‫الفضي��ل بوعمر االمنية في بنغ��ازي‪ ،‬وكآنها‬ ‫الدهر كله!‬ ‫ويصف رمضان الش��يخي (‪ ...‬عام��ا)‪ ،‬الذي‬ ‫اعتق��ل ي��وم ‪ 20‬فبراير ‪ 2011‬اثن��اء تظاهره‬ ‫ام��ام كتيب��ة االمن ‪،‬االس��اليب الوحش��ية التي‬ ‫اس��تخدمتها أجهزة األمن التابع��ة للعقيد معمر‬ ‫القذاف��ي ف��ي تعذيب��ه بع��د القب��ض علي��ه مع‬ ‫مجموعة اخرى من المتظاهرين‪ ،‬من الضرب‬ ‫المب��رح والصفع والتهديد بالقت��ل إلى الحرب‬ ‫النفس��ية طوال فت��رة االعتقال‪ .‬وق��ال إنه كان‬ ‫يحاول لحظة اعتقاله االقتراب من احد مداخل‬ ‫كتيبة الفضيل بوعمر‪ ،‬لمس��اندة الشباب الذين‬ ‫كانوا يتساقطون امامه جرحى وقتلى!!‬ ‫لكنه س��مع بج��واره صوت رص��اص اتضح‬ ‫فيما بعد أنه صادر عن جنود قريبين من المقر‬ ‫األمني ضد جنازة الش��هداء الذين س��قطوا في‬ ‫أول أي��ام الث��ورة‪ ،‬وكان ذلك ي��وم ‪ 20‬فبراير‬ ‫وأض��اف أن ثالثة عس��كريين قبض��وا عليه‪،‬‬ ‫واقت��ادوه تح��ت وابل م��ن الض��رب بالهُر ّ‬ ‫ي‬ ‫وال��ركل باألرجل إل��ى داخل الكتيب��ة وغرفة‬ ‫الحجز ليجد مجموعة من الضباط والجنود في‬ ‫انتظاره استعدادًا لجولة أخرى من الضرب‪.‬‬ ‫ويتحدث الشيخي عن الساعات السبع المرعبة‬ ‫الت��ي قضاها داخل المعتق��ل‪ ،‬وذكر ان الجنود‬ ‫تعم��دوا أط�لاق الرص��اص فوق رؤوس��هم‪،‬‬ ‫إلدخ��ال الرعب في قل��وب المعتقلين‪ .‬ويحكي‬ ‫لن��ا القصة م��ن البداي��ة‪ ...‬بمجرد ان ش��اهدنا‬ ‫عل��ى قناة الجزيرة احداث يوم ‪ 15‬فبراير امام‬ ‫مديري��ة االم��ن في بنغ��ازي واالعت��داء على‬ ‫اهال��ي مجزرة ابو س��ليم‪ ،‬قرننا نحن مجموعة‬

‫م��ن الش��باب مس��اندة االهال��ي المحتجي��ن‪،‬‬ ‫وتجمعنا بعد س��اعات في ميدان الشجرة وسط‬ ‫بنغ��ازي‪ ،‬وبدانا نهتف بأس��قاط النظام‪،‬ونردد‬ ‫هتاف��ات اخ��رى مث��ل ج��اك ال��دور يامعم��ر‬ ‫يادكتاتور ‪ ..‬والش��عب يريد اس��قاط العقيد في‬ ‫مظاهرة سلمية‪.‬‬ ‫واشتبكنا مع رجال األمن‪،‬الذين كانوا يحاولون‬ ‫تفري��ق المئ��ات م��ن الش��باب المتظاهري��ن‬ ‫باس��تخدام خراطي��م المي��اه والقنابل المس��يلة‬ ‫للدم��وع‪ .‬والذي��ن تجمع��وا بمي��دان الش��جرة‬ ‫وش��ارع عمر بن العاص وتراش��قنا بالحجارة‬ ‫م��ع عناصر من اللجان الثورية المؤيدة للنظام‬ ‫الليبي كانت تس��اند رجال االم��ن في عمليات‬ ‫ك��ر وفر‪ .‬وانضم الينا بعد ذل��ك اهالي ضحايا‬ ‫مجزرة ابوس��ليم بعد اإلفراج عنهم من مديرية‬ ‫االمن‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذه االش��تباكات س��قط من��ا قتي��ل من‬ ‫المتظاهري��ن ونق��ل عش��رات الجرح��ى إلي‬ ‫مستش��فى الجالء لتلقي الع�لاج‪ ،‬وهناك جرت‬ ‫اشتباكات اخرى مع رجال االمن‪ ،‬بعد ان دخلنا‬ ‫لمدرس��ة قريبة من المستش��فى‪ ،‬وقمنا بتحطيم‬ ‫ص��ورة كبي��رة للقذافي‪ ،‬وأش��علنا فيه��ا النار‪.‬‬ ‫واتسع نطاق التظاهرات في اليوم التالي حيث‬ ‫انطلقت مسيرة احتجاجية في الساعات األولى‬ ‫من صباح اليوم‪،‬تصدت لنا الشرطة‪ ،‬واطلقت‬ ‫علينا الغاز المس��يل للدم��وع وفرقتنا بالعنف‪.‬‬ ‫كما قامت س��يارات أمن وش��رطة بزي مدني‬ ‫بمواجهتنا بالقنابل المسيلة للدموع والهراوات‬ ‫والماء الساخن مما أسفر عن قتيلين وعشرات‬ ‫الجرحى‪.‬‬ ‫ث��م وقع��ت اش��تباكات أخ��رى ف��ي س��اعة‬ ‫متأخ��رة بيننا‪،‬وبين قوات الش��رطة وعناصر‬ ‫مؤي��دة للحكومة م��ن جهة أخرى‪ .‬وأس��فرت‬ ‫االشتباكات‪ ،‬عن إصابة الكثير منا‪ .‬كما تراشقنا‬ ‫بالحجارة مع عناصر من اللجان الثورية‪ ،‬وكنا‬ ‫ن��ردد نهت��ف هتاف��ات مناهضة وف��ي ميدان‬ ‫الش��جرة حي��ث تجمعنا‪ ،‬وصلت اع��داد كبيرة‬ ‫م��ن من الحافالت التابعة للدولة أنزلت حش��دا‬ ‫م��ن عناصر اللجان الثوري��ة‪ ،‬وكانوا محملين‬ ‫بالهراوات والس��كاكين ومدعومين بقوات من‬

‫الدع��م المرك��زي‪ ،‬وأغلقوا الطرق رئيس��ية‬ ‫التي تؤدي إلى وس��ط المدينة حيث كنا نتجمع‬ ‫‪ ،‬واس��تمر الحال حتى ي��وم ‪18‬فبراير‪ ،‬فقرننا‬ ‫االعتصام في س��احة التحرير بمجمع المحاكم‪.‬‬ ‫وف��ي صباح اليوم التال��ي تعرضنا للهجوم من‬ ‫قبل رجال االمن واللج��ان الثورية والمرتزقة‬ ‫عل خيامن��ا‪ ،‬فتصدينا لهم بقناب��ل المولوتوف‬ ‫ودحرناهم‪.‬‬ ‫ف��ي ذل��ك الي��وم رفعنا العل��م الوطن��ي وعلم‬ ‫االس��تقالل‪ ،‬وألول م��رة‪ ،‬منذ أكث��ر من واحد‬ ‫وأربعين عاما‪ ،‬ف��وق مبنى المحكمة في مدينة‬ ‫بنغ��ازي‪ ،‬ي��وم الس��بت المواف��ق ‪ 19‬فبراي��ر‬ ‫‪ ،2011‬وفي نفس الوقت أس��قطنا علم القذافي‬ ‫ودس��نا عليه بأقدامنا‪ ،‬في مش��هد جليل‪ ،‬عندها‬ ‫قررت حمل الفتة مكتوب عليها عبارات تنديد‬ ‫بمجزرة ابو س��ليم وطفت بها ساحة المحكمة‪.‬‬ ‫وفي يوم االحد ‪20‬فبراير‪،‬كان بداية المواجهة‬ ‫الشديدة والمباش��رة‪ ،‬صلينا الظهر في الساحة‬ ‫وبدأنا مسيرة حمل النعوش الى مقبرة الهواري‬ ‫س��يرا على االقدام وانطلقنا من ش��ارع جمال‬ ‫عبد الناصر باتجاه منطقة البركة وكان الحشد‬ ‫كبيرا‪ ،‬ويقدر باالالف‪،‬وس��ميت تل��ك الجنازة‬ ‫بجنازة التحدي‪.‬‬ ‫وعند وصولنا لمق��ر الجامعة المفتوحة‪ ،‬مقابل‬ ‫كتيب��ة الفضيل‪ ،‬بالقرب م��ن جزيرة الدوران‪،‬‬ ‫أطلقنا الهتاف��ات المنددة بالقمع واالرهاب‪،‬فبدأ‬ ‫اط�لاق الرص��اص علينا م��ن القناصة خلف‬ ‫اسوار س��ور الكتيبة‪ ،‬وبدا الشباب بصدورهم‬ ‫العارية وبإرادتهم الصلبة يتساقطون جرحى‬ ‫وموت��ى‪ .‬واس��تمر أطالق النار علين��ا بكثافة‪،‬‬ ‫فاحتم��ى البع��ض بقس��م الش��رطة ''البرك��ة''‬ ‫المواج��ه للكتيب��ة‪ ،‬فانهال الجنود م��ن الداخل‬ ‫بالصواري��خ ومض��ادات الطائ��رات‪ ،‬فرفض‬ ‫المتظاهرون الهروب‪.‬‬ ‫حاولنا االختباء لكن زخ��ات الرصاص كانت‬ ‫قوي��ة‪ ،‬لجأن��ا ال��ى س��ور الجامع��ة لالختب��اء‬ ‫م��ن الرص��اص من ن��وع المس��تخدم المضاد‬ ‫للطائ��رات!!! المنهم��ر علين��ا م��ن كل جهة‪،‬‬ ‫فاس��رعنا واحتمينا بقصر البرك��ة القديم‪،‬وهو‬ ‫اق��رب مكان للكتيبة‪،‬وهناك ت��م االلتفاف علينا‬

‫ومحاصرتنا‪،‬والق��وا القبض علينا‪،‬وجرجرونا‬ ‫ال��ى داخل الثكن��ة المحصنة‪ ،‬وم��ن هناك الى‬ ‫س��جن صغير ذو بواب��ة حديدية وب��ه فتحتان‬ ‫فق��ط يدخ��ل منهما اله��واء ‪ .‬وهن��اك تعرضنا‬ ‫للضرب والركل ونزعوا عنا مالبسنا‪،‬وكمموا‬ ‫افواهن��ا واغلقوا عيوننا‪ ،‬وربط��وا ايدينا‪ ،‬مثل‬ ‫هؤالء الذين كن نش��اهدهم في معسكر اعتقال‬ ‫جواتينام��و! ف��ي هذا الم��كان لم نع��رف ماذا‬ ‫ي��دور حولنا‪ ،‬فقط اصوات الح��راس والجنود‬ ‫الذين كانوا في حالة من الهلع‪ ..‬نس��مع صوت‬ ‫احذيتهم الثقيلة‪ ..‬يجرون هنا وهناك‪ ،‬ويطلقون‬ ‫الرصاص في كافة الجهات‪ ..‬وفي كل س��اعة‬ ‫يحض��ر الينا احدهم ويهددن��ا بأن مصيرنا هو‬ ‫االعدام‪ ،‬واالخر يقول خلصونا منهم بسرعة‪،‬‬ ‫ونحن نس��مع هذا الكالم‪ ،‬والرع��ب يتملكنا ال‬ ‫نع��رف ما ه��و مصيرنا؟واس��تمرينا على هذا‬ ‫الحال سبع ساعات كاملة‪ ،‬ولم ينقذنا إال اقتحام‬ ‫الكتيبة‪ .‬من قبل ش��باب كان��وا فوق جرافات‬ ‫أو بلدوزرات‪،‬أو "كواش��يك" بدأوا فى تحطيم‬ ‫األس��وار‪ ،‬واقتح��ام الكتيب��ة‪ ،‬عنده��ا ه��رب‬ ‫الجنود‪ ،‬ولكن احدهم ضربني بعقب المس��دس‬ ‫على راس��ي ففقدت الوعي ‪ ،‬ولم ادري بنفسي‬ ‫اال وأنا ممددا على س��رير مستش��فى الجالء‪،‬‬ ‫مغطى ببطاني��ة خضراء‪ ،‬واالطب��اء يقومون‬ ‫بمعالجت��ي من الكدم��ات والج��روح‪ ،‬وعندما‬ ‫افقت من الصدمة‪ ،‬رفعت الغطاء ونهضت من‬ ‫السرير وجريت نحو الباب الريسي للمستشفى‬ ‫فلحق بي الممرضين وارجعوني الى الحجرة‪..‬‬ ‫كنت في حالة هيستيرية‪ ،‬وال ادري ماذا افعل‪..‬‬ ‫فق��ط أري��د العودة ال��ى حضن أم��ي وصورة‬ ‫وجهه��ا الذي لم يفارق خيالي طيلة الس��اعات‬ ‫الس��بع التي قضيته��ا في س��جن الكتيبة‪ .‬المهم‬ ‫تع��رف عل��ي احد االخ��وة واس��تدعى اخوتي‬ ‫الذي��ن حضروا في الحال لنقلي الى مستش��فى‬ ‫‪ 1200‬س��رير لتلقي الع�لاج من اصابة بليغة‬ ‫في رجل��ي وفي مؤخرة راس��ي‪ ،‬خرجت بعد‬ ‫يومي��ن‪ ،‬وع��دت لس��احة االعتص��ام بمجمع‬ ‫المحاكم‪ ،‬ومنذ ذلك اليوم وأنا حريص على رفع‬ ‫علم االس��تقالل المميز ال��ذي يعرفه كل الناس‬ ‫هناك‪ ،‬وأظل الف به الميدان ساعات‪ ،‬مما لفت‬ ‫انتب��اه كل القن��وات الفضائية التي اجرت معي‬ ‫مقابالت وصورتني م��ع العلم‪ ،‬كما قامت قناة‬ ‫تلفزيوني��ة اوكرانية بتس��جيل روايتي عن يوم‬ ‫سقوط الكتيبة والتجربة المريرية التي مررت‬ ‫بها‪ ،‬أنا لن انس هذا اليوم ولن استطع أن أزيله‬ ‫م��ن مخيلتي‪ .‬في تل��ك اللحظات تذكرت مقولة‬ ‫كتبها مهندس بترول ليبي تقول”(س��تبدي لك‬ ‫شمس الحقيقة بما يخفيه ضباب األيام)‪.‬‬ ‫كان م��ن واجب��ي ان اش��ارك ابن��اء بلدي في‬ ‫كفاحه��م من اج��ل التخلص من حك��م الطاغية‬ ‫وكنت مستعدا لدفع الثمن‪ ،‬والحمد هللا الذي منا‬ ‫علينا بالنصر‪.‬‬


‫‪08‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫ميادين ‪ ...‬حتظى حبوار األديب حممد العريشية ‪:‬‬ ‫• هند على‬

‫بالنسبة للقارئ فإني لست جشعا إذ أكتفي بقلة هائلة!‬

‫سرت ‪ ...‬ماذا بعد ؟‬ ‫نحتفي بأدي��ب قادم من قرية كان��ت الحكايات‬ ‫الممزوجة بالخرافة واألسطورة حرفة سكانها‬ ‫األولي ‪ .‬قرية ش��وّهتها مدني��ة مزيفة‪ ،‬حاول‬ ‫خالله��ا بش��كل أو بآخ��ر كس��ر ه��ذه العزلة‬ ‫بالكتاب��ة ‪ .‬لق��د حاك��ت أعمال األدي��ب الليبي‬ ‫محمد العريش��ية الفترات التاريخية وتأثيرها‬ ‫علي المكان واإلنس��ان وأظه��ر نتاجه األدبي‬ ‫واقعية سحرية ‪.‬‬ ‫منذ أن أصبح كاتبا توجه إلي كتابة السيناريو‪،‬‬ ‫حتى وأن كانت ال توجد س��ينما فعلية في ليبيا‪،‬‬ ‫تخ��دم العم��ل الروائي ‪ ،‬مح��اوالً لف��ت انتباه‬ ‫الق��ارئ إلي الزاوية التي ينظر من خاللها إلي‬ ‫وقائع األشياء‪.‬‬ ‫م��ا يزال العريش��ية من تلك الفئ��ة من الناس‬ ‫الت��ي تقيم وزنا للقناع��ات واألفكار ألن أغلب‬ ‫أوقاته بين الكتب ‪ ،‬ويدرك بان المجتمع الليبي‬ ‫متزم��ت ال يتقبل اخت�لاف األخر ‪ .‬لكنه يؤمن‬ ‫بالم��رأة فهي كما يصفه��ا " بمثابة نبي يقودنا‬ ‫ّ‬ ‫تش��ف عن‬ ‫من الخش��ونة والكثافة إلي ش��فافية‬ ‫جماليات الحي��اة‪ .،‬المرأة بمثابة ك��وة أو نافذة‬ ‫في الج��دار الذكوري يحاول الرجل النظر من‬ ‫خاللها إلي نسغ الحياة " ‪.‬‬ ‫أن��ه ليس ممن يجمل��ون القبح وه��ذا ما جعل‬ ‫المؤسسات الثقافية تعامله كما لو أنه ليس ليبيا ً‬ ‫‪ .‬فالمثق��ف العربي كم��ا يجده محمد كان يحلم‬ ‫بتغيي��ر الكون عاج��زا اليوم تمام��ا عن تغيير‬ ‫واقع��ه اليومي الملغز الغام��ض والمعقد الذي‬ ‫تتالعب به مصالح سياسية متقلبة‪.‬‬ ‫لألفكار حياتها وس��فرها الجميل عند الروائي‬ ‫والق��اص والش��اعر محمد العريش��ية حتى أن‬ ‫مهمة الكاتب من جهته " ان يكتب بش��كل جيد‬ ‫وبالنس��بة للقارئ فإني لس��ت جش��عا إذ أكتفي‬ ‫بقلة هائلة" ويرى أن الليبي ليس س��لعة بائرة‬ ‫حتي يروج له بش��كل ف ّج وقبيح ومخل بالثقافة‬ ‫الليبي��ة‪ ،‬إذ لدينا أس��ماء مهمة لم يت��ح للقارئ‬ ‫العربي أن يطلع عليها ‪.‬‬

‫وف��ي حوار س��ابق تحدث فيه العريش��ية عن‬ ‫مصطل��ح األصالح ال��ذي وصفه أثن��اء عهد‬ ‫القذاف��ي بأن��ه " مج��رد كلم��ات فارغ��ة م��ن‬ ‫المحتوي أو كليشيهات" وأضاف " إن صوت‬ ‫االص�لاح الحقيقي يقول أن القناع الذي يختبئ‬ ‫خلفه الفس��اد س��يقع‪ ،‬عاجال أم آجال سيقع‪ .‬إن‬ ‫االص�لاح ال يمن��ح كهب��ة للش��عوب وفي هذه‬ ‫الحالة ستش��وبه االنتقائية أي تتعمد الس��لطات‬ ‫انتق��اء م��ا يالئمه��ا وتبط��ل مفع��ول الجهود‬ ‫االصالحية الرامية إلي خدمة الناس‪ ،‬االصالح‬ ‫الحقيقي هو صوت الشعوب وحراكها المدني‪،‬‬ ‫وم��ا لم يك��ن االصالح ثم��رة المجتمع المدني‬ ‫ومؤسس��اته س��نحتاج إلي معجزات الصالح‬ ‫االصالح "‬ ‫أما فلس��فة قراءة المس��تقبل لدي المفكر محمد‬ ‫العريش��ية هي أن " العالم يتحدث عن السالم‬ ‫دون الحدي��ث ع��ن القوي الخفية التي تس��عي‬ ‫دائما إلي تقويض العدل والسالم بشكل كارثي‪،‬‬ ‫وأن حقوق االنس��ان ال تن��ادي بها إال أصوات‬ ‫ضعيفة وهش��ة ومخنوقة‪ ،‬والحكومات العربية‬ ‫ال تتوق��ف هي األخري وبش��كل مضحك عن‬ ‫الحديث عن الحريات العامة وتوزيع الثروات‬ ‫لكنها في الحقيقة تقوم بتوزيع القمع والتهميش‬ ‫بالمجان علي شعوبها "‬ ‫وفي األحداث التي ش��هدتها ليبي��ا خالل ثورة‬ ‫فبراي��ر م��ن الع��ام ‪ 2011‬لم يتوق��ع محمد أن‬ ‫الحرب س��تأتي إلى بيت��ه‪ ،‬وان تتحول منطقته‬ ‫"الزعف��ران" إلى س��احة ح��رب ويصف ذلك‬ ‫قائ�لاً " فج��أة تجد ركنك المأل��وف وقد تحول‬ ‫لجبهة ملتهب��ة‪ ،‬يحترق بيتك‪ ،‬وتتحول واجهته‬ ‫لجداري��ة كبي��رة ألث��ار الرص��اص‪ ،‬وتضيع‬ ‫قيمة اإلنس��ان‪ ،‬ويصبح مج��رد هدف متحرك‬ ‫للرصاص الحي " كمواطن ليبي عايش الحالة‬ ‫وصنفه��ا برؤي��ة فنان تحمل الجان��ب الحقيقي‬ ‫واألسطوري وانتهى إلى إيمانه العميق بالثورة‬ ‫والتغيي��ر موثقا ً فى ذاكرته " األماكن الجريحة‬ ‫التي التهم��ت الوجوه العزي��زة ‪ ،‬وقد غادرت‬

‫الحي��اة وهي تحلم ب��أن تس��تمرئ الحرية بعد‬ ‫سنوات طويلة من الظلم والديكتاتورية "‬ ‫ويس��تيقظ الكاتب من هول صدمة الحقيقة ليقل‬ ‫بكل وعي عبر فس��حة هذا اللقاء بميادين األتي‬ ‫‪.....‬‬ ‫• األحداث الليبية ‪.......‬‬ ‫اعتقد ان أي نظام سياسي عندما يكون متصلبا‬ ‫ال يتح��رك وعندما تع��وزه أو باألصح عندما‬ ‫يفتقر إلى المرون��ة الكافية وعندما يعمل بدأب‬ ‫وك��د على كبت حرية التعبي��ر فإنه من المحتم‬ ‫أن يؤدي هذا إلى الس��خط العام ثم إلى الغليان‬ ‫وبعد ذلك إلى الثورة ‪ ،‬وما من ثورة تحدث في‬ ‫أي مجتم��ع من المجتمع��ات إال إذا كان النظام‬ ‫السياس��ي يقف متعنتا كعقبة أمام التغيير الذي‬ ‫تصبو إليه قطاعات واس��عة من الش��عب ‪ ،‬وال‬ ‫يمك��ن لهذا النظام أن يك��ون عقبة أمام التغيير‬ ‫إال إذا كان شكله بعيدا كل البعد عن التكيف مع‬ ‫المجتمع الذي يفترض أنه وصل إلى الس��لطة‬ ‫لك��ي يخدمه ‪ .‬أعتقد أن هذا م��ا حدث في ليبيا‬ ‫بالفع��ل ‪ ،‬فق��د كان نظ��ام العقي��د القذافي بعيدا‬ ‫عن الش��عب وعندما اندلعت شرارة الثورة قام‬ ‫باتب��اع متعم��د وممنهج لسياس��ات قمعية ضد‬ ‫ش��عبه ساهمت هذه السياس��ات االستبدادية في‬ ‫انهيار حكمه وقتله ‪..‬‬ ‫• ليبيا الجديدة ‪........‬‬ ‫إننا نحتاج إلى من يس��اعد الش��عب الليبي لحل‬ ‫مش��اكله التي تزداد تفاقم��ا يوما بعد يوم نتيجة‬ ‫الحرب الطويلة التي دارت بين كتائب القذافي‬ ‫وق��وات المجل��س الوطني في أكث��ر من مكان‬ ‫وف��ي أكث��ر من موق��ع وفي أكثر م��ن مدينة ‪،‬‬ ‫ومن خالل ه��ذا الحوار أريد لفت انتباه النخبة‬ ‫السياس��ية إلى أن ليبيا تن��ادي الجميع من اجل‬ ‫تكاثف الجهود حتى يمكننا بلورة إرادة سياسية‬ ‫وطنية جريئة وواعية ألنن��ا بالفعل نتطلع إلى‬ ‫رؤية جدي��دة ومعايي��ر مختلف��ة مغايرة حول‬ ‫كيفي��ة التغلب على مخلف��ات الحرب من دمار‬ ‫ف��ي النف��وس والمدن ‪ ،‬إنن��ا نتوق إل��ى رؤية‬ ‫واضحة حتى نتمكن م��ن تهيئة المناخ المالئم‬ ‫لفتح حوار وطني جاد وصريح بين كل أطياف‬ ‫المجتمع الليبي حتى يتأتى لنا لم ش��مل الشعب‬ ‫عل��ى قلب واحد وتضميد الج��راح التي نزفت‬ ‫واألخ��رى التي ما تزال تنزف بس��بب الحرب‬ ‫‪ ،‬وأن نق��وم بترتيب البي��ت الليبي الداخلي كي‬ ‫نس��تطيع الوص��ول بع��د ذلك إلى االس��تقرار‬ ‫المنش��ود ‪ ،‬وان نعمل معا على تعزيز الحرية‬ ‫والعدالة وتوفير الس��لم واألمن والرفاهية لكل‬ ‫الليبيي��ن وتمكينه��م م��ن النظ��ر بطمأنينة إلى‬ ‫مس��تقبلهم ‪ .‬إننا في حاجة ماس��ة ودون تأخير‬ ‫إل��ى نظرة جديدة وكذلك إل��ى إدراك متطلبات‬ ‫الحاضر والمس��تقبل بوضوح ‪ ،‬إننا في أشد ما‬ ‫نكون إلى عمل سياس��ي نزيه نظيف ش��ريف‬

‫وواقع��ي مزود ومدع��م بالمعرف��ة المعاصرة‬ ‫وإلى برامج واقعية ومش��اريع تفتح آفاقا جديدة‬ ‫بع��د س��نوات طوال م��ن اإلرتجال السياس��ي‬ ‫والعبث العشوائي ‪.‬‬ ‫• سرت ‪ ...‬ماذا بعد ؟‬ ‫إن س��رت اآلن ص��ارت جس��ما س��لخ جلده ‪،‬‬ ‫كاآلث��ار كاألطالل ‪ ،‬إنها اآلن مدمرة وهادئة ‪،‬‬ ‫‪ ،‬موحشة تجابه وضعا يلتحف بالغبار والظالم‬ ‫‪ ،‬إنها الم��رة الرابعة التي تدمر فيها س��رت ‪،‬‬ ‫ثالث مرات في تاريخه��ا الطويل وهذه المرة‬ ‫كالكارثة أو أنها كارثة في حد ذاتها ولكن الذى‬ ‫نس��عى إليه أن ال يتحول ه��ذا الدمار المخيف‬ ‫إل��ى قمح في طاحونة أولئك الذين يس��تمتعون‬ ‫بالحط من قدر الثورة ‪ ،‬أولئك الذين ال يملكون‬ ‫من محيط اإلنسانية والحرية والعدالة إال القليل‬ ‫من الزبد ‪ .‬وما أريد أن أؤكد عليه هنا أن عودة‬ ‫سرت والمدن المتضررة األخرى إلى وضعها‬ ‫الطبيع��ي هو الضمان لع��ودة ليبيا في نصابها‬ ‫الصحي��ح ‪ ،‬وأتح��دث هن��ا ع��ن س��رت ألنها‬ ‫المدينة التي تكبدت النصيب األكبر من الدمار‬ ‫والخ��راب والجهود التي يجب أن تبذل إلعادة‬ ‫أعمار س��رت يج��ب أن تك��ون مضاعفة ألن‬ ‫النهوض بس��رت هو المح��ك الحقيقي لنهضة‬ ‫ليبي��ا الح��رة ‪ ،‬وه��و المح��ك الحقيق��ي لنجاح‬ ‫الحكوم��ة المؤقت��ة ‪ ..‬أو عل��ى األق��ل لمعرفة‬ ‫الجهة التي تشير اليها بوصلة الحكومة المؤقتة‬ ‫‪ ،‬ألنن��ا اآلن في عصر جديد حيث يفترض ان‬ ‫تطوى والى االبد صفح��ة االقصاء والتهميش‬ ‫ومحاباة مدينة عن اخرى التي كانت سائدة في‬ ‫العهد السابق ‪ ،‬ونأمل ان يكون رئيس الحكومة‬ ‫المؤقت يملك من القوة المؤقتة والقدرة الكافية‬ ‫ما يمكن حكومت��ه من وضع يدها على مكامن‬ ‫داء الخ��راب الذي س��ببته الحرب ونأمل ان ال‬ ‫يعود الى المجهول الذي جاء منه فجأة وهو لم‬ ‫يحقق ولو النزر اليس��ير من تطلعات الش��عب‬ ‫الليبي ‪..‬‬ ‫• رؤية المستقبل ‪......‬‬ ‫الشعب الليبي شأنه شان الشعوب األخرى التي‬ ‫ناضل��ت من أج��ل الحرية والعدال��ة والكرامة‬ ‫والديمقراطية ولكن هناك الكثير من المخاوف‬ ‫الت��ي قد تعترض طريق التح��ول الديمقراطي‬ ‫في ليبيا وهي أن الديمقراطية ال تولد بين ليلة‬ ‫وضحاها وأن الشعب الليبي الذي رزح طويال‬ ‫تحت نير الدكتاتورية وعاش��ها وتنفسها وتأثر‬ ‫بها لس��نوات طويلة لن يكون شعبا ً ديمقراطيا ً‬ ‫هكذا فج��أة بمجرد أنه قام بإس��قاط الديكتاتور‬ ‫‪ ،‬الديمقراطي��ة ليس��ت كالخ��روج م��ن غرفة‬ ‫ودخول أخرى ‪ .‬أنه��ا تحتاج الكثير من الجهد‬ ‫والعمل والتأهيل والتجهيز والسيما في مجتمع‬ ‫مثل المجتمع الليبي الذي يحتاج إلى محو أميته‬ ‫السياسية ‪.‬‬


‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫‪09‬‬

‫حسن المني يروي سريته ‪:‬‬

‫من مسرح النادي السوحيلي يف مصراتة إلي مدارس لندن‬ ‫• مصراتة مجتمع محافظ و صعب المراس ‬ ‫درس��ت في مدرس��ة طمينة االبتدائي��ة ‪ -‬طمينة‬ ‫قري��ة من قرى مصراتة حيث كان لنا مزرعة ‪-‬‬ ‫ث��م انتقلنا بعدها إلي مدينة مصراتة علي اعتبار‬ ‫أن وال��دي لم يكن مزارع��ا ؛ هو حرفي ((حداد‬ ‫)) و كان بارع��ا في صنعته ‪ .‬أكملت دراس��تي‬ ‫االبتدائية في مدرس��ة مصرات��ة المركزية ‪ ،‬ثم‬ ‫مدرس��ة مصراتة اإلعدادية فمدرس��ة مصراتة‬ ‫الثانوية ‪.‬‬ ‫مصرات��ة هي المدينة الت��ي تربيت و ترعرعت‬ ‫فيه��ا ‪ ,‬وتجرب��ة مصرات��ة كان��ت غني��ة ب��كل‬ ‫المقايي��س و لها خصوصية ثقافي��ة و اجتماعية‬ ‫؛مصرات��ة مجتم��ع محافظ و صع��ب المراس‬ ‫و ه��ذه الخصوصي��ة ربما اس��تفدت منها حيث‬ ‫ساهمت في تشكيل شخصيتي و ثقافتي و فكري‬ ‫و مواقفي ‪.‬‬ ‫كان��ت منذ البدء مختلفا ع��ن أبناء جيلي ‪ :‬كانت‬ ‫عالقت��ي بالجيل األكبر س��نا أكث��ر من جيلي أو‬ ‫الجيل األصغر‪،‬اذكر بعض أصدقائي كانوا اكبر‬ ‫مني سنا مثل منصور بوشناف و منهم من كنت‬ ‫اس��هر في مربوع��ة بيته كعز الدي��ن المنتصر‬ ‫و يوس��ف حي��در رحمه هللا و عبد الباس��ط عبد‬ ‫الصمد الذي عرف فيما بعد بعبد الباسط القذافي‬ ‫‪ ،‬كان ه��ؤالء رفاق المس��رح وكنا بع��د انتهاء‬ ‫بروفات المس��رح ننتقل إل��ي احد البيوت حيث‬ ‫نتناول الش��أن الثقافي والمس��رحي الذي كان له‬ ‫تأثيرا كبيرا علي شخصي ‪.‬‬ ‫•النادي الس���ويحلي وزخم الحياة الس���بعينية‬ ‫وقصة الجنة!‬ ‫كانت مدينة مصراتة خصوصا في الس��بعينيات‬ ‫تعج بمظاهر الثقافة و األدب ‪ ،‬والمراكز الثقافية‬ ‫و الن��وادي الرياضية كنادي الس��ويحلي و كان‬ ‫قبلها نادي األهل��ي المصراتي خلية غير عادية‬ ‫؛ ففي النادي إذاعة و فرقة مس��رح و موسيقي‬ ‫و تج��رى مس��ابقات ثقافي��ة وفني��ة وغيره��ا ‪،‬‬ ‫أعضاء النادي كانوا مقس��مين إلي أس��ر‪ ،‬كانت‬ ‫لدين��ا جرائد حائطية ‪ ،‬نذهب إل��ي المصائف و‬ ‫تقام المعسكرات الرياضة ‪،‬هذا طبعا قبل ظهور‬ ‫البراعم و أشبال و سواعد الفاتح ‪.‬‬ ‫بداية الس��بعينيات كان المصي��ف الصيفي يقوم‬ ‫ب��دور ثقاف��ي رائ��ع ‪..‬كان��وا يأت��ون للمصيف‬ ‫بنخ��ب المدينة يلقون علينا المحاضرات ‪ ،‬وكنا‬ ‫محظوظي��ن إلي ح��د ما بتش��جيع إخوتنا الكبار‬ ‫لن��ا فمن رأي فيك مي��وال للثقافة و األدب ‪،‬ومن‬ ‫التمس فيك ش��يئا من النض��ج كان ال يدمرك بل‬ ‫يش��جعك و يقدمك و يعترف بك ‪،‬هذا ش��جعنا و‬ ‫أنتج فينا الشجاعة األدبية؛ لذا عندما نحضر أي‬ ‫من المحاضرات كنا نناقش و نس��أل ‪ :‬اذكر في‬ ‫احد المصايف جاءنا الش��يخ اللبيدي ‪ -‬و هو من‬ ‫الشيوخ المعروفين بمصراتة ‪ -‬أخذ يتحدث عن‬ ‫الجنة و النار فسألته ‪ :‬أنت تتكلم عن الجنة و أن‬ ‫بها انهارا من الخم��ر و عنب و حوريات ‪..‬هل‬ ‫فعال الجنة كما تصفها أم أنها شيء رمزي ربما‬ ‫نحن ال نستطيع استيعابه اآلن ؟؟ ‪ .‬فوجئ الشيخ‬ ‫بالس��ؤال وتوقع البعض أن ينهرني ولكن الشيخ‬ ‫اللبيدي قال ‪:‬وهللا هذا س��ؤال جميل و رائع و أنا‬ ‫لم أتوقعه علي اإلطالق ‪ ،‬وقال ‪ :‬الجنة و ما فيها‬ ‫يعلمه هللا و أنت خذها كما تشاء ‪..‬‬

‫الحقيق��ة كان هن��اك زخ��م ثقاف��ي و أدب��ي‪،‬‬ ‫بع��ض الفض��ل في��ه للمعلمي��ن المصريي��ن و‬ ‫الفلس��طينيين‪،‬وكان المركز الثقافي باس��تمرار‬ ‫تلقى فيه المحاضرات علي األقل مرة باألسبوع‬

‫الكش��اف‪،‬و خرج��ت قبل عرض المس��رحية و‬ ‫ألقي��ت أنا كلمة الفتت��اح المهرجان المس��رحي‬ ‫بليبيا‪،‬وق ّدم��ت بوزي��د دوردة كوزير لإلعالم و‬ ‫الثقاف��ة ‪،‬ثم قدمن��ا بعد هذه المس��رحية أكثر من‬

‫‪ ،‬و كان المحام��ي رفع��ت الرمان��ي ل��ه نكه��ة‬ ‫خاص��ة ‪ :‬كان لديه بيت كبير و في أس��فل البيت‬ ‫قاعة كبيرة و غرف مدججة بالكتب التي ليست‬ ‫للمطالع��ة بعين المكان فحس��ب بل تس��تطيع أن‬ ‫تحص��ل علي عضوية المكتب��ة تلك و تكون لك‬ ‫بطاقة و تس��تعير الكت��اب ؛ كانت مكتبة خاصة‬ ‫و ال يتحص��ل عل��ي أي مقابل أو أج��ر أو دعم‬ ‫م��ن أي جهة‪ .‬وهنا يحضرن��ي موقف طريف ‪:‬‬ ‫ذات مرة قالت أمي ‪ -‬رحمها هللا ‪ -‬متبرمة ألحد‬ ‫األق��ارب ‪ -‬وكان رجال كبيرا ‪( : -‬الوليد هذا ما‬ ‫يدير في ش��ئ إال يجيب هالكتب ‪..‬خوذ هالبطاقة‬ ‫و مزقها !! ) فقفز عليا و انتزع البطاقة منّي و‬ ‫مزقها؛مزقها بغ ّل وأنا ابكي ‪.‬‬ ‫• كنا مستبشرين خيرا بتلك المرحلة‬ ‫المسرح له الفضل الكبير عل ّي من ناحية تنميتي‬ ‫الثقافية و األدبية‪،‬المس��رح كان يدفعنا لالطالع‬ ‫؛عندما نس��مع عن مس��رحيات عالمية ‪ -‬مثال ‪-‬‬ ‫كن��ا نبحث ع��ن النص و نح��رص علي قراءته‬ ‫‪،‬عندم��ا نتاب��ع عمل مس��رحي بالتلف��از نلتقي‬ ‫بعده��ا في احدي المرابيع و نب��دأ عملية نقد لما‬ ‫ش��اهدنا‪ ،‬وبذا كانت نظرتنا غير نظرة اإلنسان‬ ‫العادي ‪..‬المسرح أعطانا آلية للتعاطي مع الفكر‬ ‫و األدب و الحي��اة ‪،‬و في ه��ذا مصداقية المقولة‬ ‫الخال��دة ‪ :‬أعطني مس��رحا أعطيك ش��عبا طيب‬ ‫األعراق ‪.‬‬ ‫نحن كن��ا محظوظين ف��ي مصراتة بان أنش��ئ‬ ‫فيها أول مس��رح لألشبال ‪،‬و أعطينا دورة لمدة‬ ‫ش��هرين في الفن المس��رحي اعتقد كانت س��نة‬ ‫‪1973‬م ‪،‬وبع��د نهاية الدورة أجرينا امتحانا عن‬ ‫فنون المس��رح ع��ن طريق نخبة م��ن الممثلين‬ ‫األوائ��ل اذك��ر منه��م يوس��ف اخش��يم و محمد‬ ‫الدلفاق و المرحوم علي قدح ‪.‬واذكر جاء تعيين‬ ‫رسمي لنا من وزارة اإلعالم و الثقافة التي كان‬ ‫يرئس��ها بوزيد دوردة ‪،‬وحصلنا علي ش��هادة و‬ ‫منحة وبعدها بدأنا العمل المسرحي ‪ ،‬كانت أول‬ ‫مس��رحية (علي ضفاف اليرموك ) وافتتحنا بها‬ ‫احد المهرجانات المس��رحية بطرابلس بمسرح‬

‫عمل ‪ ،‬حتى بدأت فرقة المس��رح الوطني تطعّم‬ ‫الفرق��ة الكبيرة بن��ا نحن ف��ي أدوار ثانوية في‬ ‫البداي��ة وتقدمنا إلي أن وصلن��ا أن نكون الجيل‬ ‫الجديد س��نة ‪ 1977-1978‬م ‪ ،‬واس��ند لي أول‬ ‫دور رئيس��ي بطولي ‪ ،‬فيما س��بق لدينا يوس��ف‬ ‫بوخش��يم له البطولة دائم��ا و بعدها جاء عبد هللا‬ ‫الصيد واآلن جاء دوري حسن المين شيء رائع‬ ‫؛ لكن لألس��ف هذه المس��رحية لم تج��از ‪ :‬كان‬ ‫عنوانها (سنوات القهر ) ومن تأليف عبد الكريم‬ ‫من��اع ‪،‬كانت مس��رحية رمزية و م��ا يميز هذه‬ ‫المسرحية منولوجاتها التي بإمكان الجمهور أن‬ ‫يس��تقطعها و يعبر فيها عن حال��ة ذاتية تخصه‬ ‫ومنها ما زلت أحفظ ‪:‬‬ ‫(( كن��ا ش��عبا و قد صرن��ا عبيدا ‪..‬كن��ا نتهادى‬ ‫الخبز و اللبن ‪..‬ونتس��امر في ض��وء القمر ‪..‬و‬ ‫هانحن اليوم مكمموا األفواه ‪..‬ال نس��تطيع حتى‬ ‫النطق بالش��هادتين إال بعد إذن حاكمنا ‪..‬إننا ندق‬ ‫األرض و نق��ول م��ا من احد يس��تطيع أن يفعل‬ ‫شيئا ‪..‬إننا ندق ‪..‬إننا ندق ‪))..‬‬ ‫كانت الهيئة العامة للمس��رح و الموسيقي تبعث‬ ‫كل يوم إما تعديل أو حذف ؛ ومما اذكر مونولوجا‬ ‫ف��ي هذه المس��رحية يقول ( إننا ف��ي انتظار أن‬ ‫تهب الرياح و نستنش��ق الهواء ) ‪ ،‬فاستبدل إلي‬ ‫( إنن��ا في انتظار الفارس القادم من الصحراء )‬ ‫‪ .‬وعلي��ه خرجنا جميعنا و لم يبق احد في الفرقة‬ ‫و لم يكتب لتلك المس��رحية أن تعرض‪ ،‬وأقفلت‬ ‫الفرقة بعدها بس��نوات قليلة‪،‬وكنت توجهت إلي‬ ‫الجامعة و انقطعت صلتي بالمسرح بالكامل ‪.‬‬ ‫•القذافي عدو ش���خصي لي ألن���ه حرمني من‬ ‫المسرح‬ ‫عندم��ا أتكلم ع��ن القذافي أق��ول باإلضافة إلي‬ ‫الجرائ��م العام��ة الت��ي ارتكبها في ح��ق ليبيا و‬ ‫الليبيي��ن أقول بيني و بين هذا الش��خص جريمة‬ ‫خاصة ‪ ..‬حرمني من ش��يء كن��ت أحبه لدرجة‬ ‫العبودي��ة ‪..‬كنت أحب المس��رح ‪..‬كنت اعش��قه‬ ‫‪..‬كنت عندما اخرج علي خش��بة المسرح أعيش‬ ‫في عالم آخر ‪..‬أنا علي فكرة شاركت في اغلب‬

‫المهرجانات المس��رحية المدرسية و التي كانت‬ ‫بحق حاجة خارقة للع��ادة ‪...‬حيث كانت تخرج‬ ‫أول مسابقة علي مستوي البلدية ثم علي مستوي‬ ‫المحافظ��ة ث��م علي مس��توي المنطق��ة ثم علي‬ ‫مستوي ليبيا ‪..‬وكتب لي أن احصل علي أفضل‬ ‫ممثل علي مس��توي ليبيا في احدي المهرجانات‬ ‫المس��رحية المدرس��ية و الت��ي عرض��ت ف��ي‬ ‫بنغازي ‪..‬و كان اس��مها علي م��ا اعتقد (طارق‬ ‫اب��ن زي��اد) ‪..‬كانت مس��رحية تاريخي��ة و كان‬ ‫دوري فيه��ا الوزير عبّ��اد ‪..‬و كتب عنها تحقيق‬ ‫صحفي بجريدة األس��بوع الثقاف��ي ‪.‬كان حقدي‬ ‫المق��دس علي القذافي بزيادة نتيجة حرماني من‬ ‫هذه المسالة ‪.‬‬ ‫أتذكر في احدي المهرجانات المسرحية و كانت‬ ‫لنا مس��رحية اعتقد باس��م( الملك يحكم ‪ !! )..‬و‬ ‫كان دوري فيه��ا دور الزنج��ي ‪..‬واذكر أن احد‬ ‫المشاهد كان في معبد ومثلنا المشهد علي ضوء‬ ‫الشموع ‪ .‬المشهد يبدأ بان يأتي الملك و يضع يده‬ ‫علي راسي و يقول ((مأساتي أني بال مأساة أيها‬ ‫الزنج��ي ‪،))..‬وقبل انتهاء المش��هد انقطع التيار‬ ‫الكهرب��ي علي مصراته بالكام��ل ‪ ،‬وبعد انتهاء‬ ‫المس��رحية المخرج المسرحي عبد هللا الزورق‬ ‫– الذي كان وقتها بمصراته ‪ -‬ركب علي خشبة‬ ‫المس��رح و مس��ك بيدي و اثني علّ�� ّي ثنا ًء غير‬ ‫عادي ‪.‬‬ ‫المس��رح لعب دورا كبيرا ف��ي حياتي حتى عام‬ ‫‪1977-1978‬م ‪ .‬وقد كتبت تقريرا عن المسرح‬ ‫ف��ي ليبي��ا كن��ت أري في��ه أن العص��ر الذهبي‬ ‫للمسرح كان في تلك الفترة مع نهاية السبعينيات‬ ‫‪،‬وإن بعده��ا خرج��ت بع��ض المس��رحيات و‬ ‫النص��وص الرائعة و التي بدأت تتس��م بالهوية‬ ‫الليبي��ة لكن كانت تظهر ف��ي ظل القمع و كانت‬ ‫هن��اك خطوط حمراء و زرقاء و صفراء ‪ ،‬لكن‬ ‫ف��ي الس��بعينات كان��ت مرحلة رائعة للمس��رح‬ ‫واذك��ر ف��ي بداي��ة الس��بعينات مس��رحية عبد‬ ‫الكري��م الدن��اع ‪:‬باطل األباطي��ل حصلت علي‬ ‫جائزة مهرج��ان بالجزائر ‪ ،‬وبهذا كانت تجربة‬ ‫المس��رح ف��ي مصراتة رائع��ة ب��كل المقاييس‬ ‫واس��تفدنا منها الكثي��ر ‪ ،‬كان هناك حراكا ثقافيا‬ ‫ينمو ويتطورلكن لألس��ف هذا الرجل جاء مبيتا‬ ‫الني��ة منذ الي��وم األول أن يقضي علي األخضر‬ ‫و اليابس ‪.‬‬ ‫• مسرح مصراته جامعة البيضاء‬ ‫بع��د أن انهينا الثانوية وقبل أن يتم تنس��يبنا إلى‬ ‫أي جامعة؛ خرجنا ف��ي رحلة من مصراتة إلي‬ ‫طبرق مررن��ا علي البيضاء م��رور الكرام فلم‬ ‫نق��ف بها أبدا ‪،‬و واصلنا الرحلة إلي طبرق الن‬ ‫اح��د أصدقائنا كان من هن��اك و نزلنا علي أهله‬ ‫‪ ،‬في العودة اس��توقفتنا درنة بش�لالها و بس��وق‬ ‫ظالمه��ا ‪ ،‬ولم نتوقف بالبيض��اء ‪.‬في مصراتة‬ ‫عندم��ا تم تنس��يبي و صديقي العزي��ز المبروك‬ ‫المصرات��ي كان لكلية التربي��ة بمدينة البيضاء‪،‬‬ ‫وق��د أخذن��ا في الن��واح ‪ ،‬لك��ن ليس م��ن فائدة‬ ‫ذهبن��ا طبع��ا إلى البيض��اء وبدأنا الس��عي من‬ ‫أج��ل االنتقال إل��ي طرابلس؛ تكلمن��ا مع بعض‬ ‫المعارف إليجاد حل في النقل من البيضاء ‪.‬‬ ‫كانت جامعة البيض��اء الوحيدة التي تعتمد علي‬ ‫نظام ( السمس��تر األمريكي ) هذا س��نة ‪1978-‬‬


‫‪10‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫محمد مخلوف‬

‫‪1979‬م فبقينا السمستر األول ‪،‬وبمجرد دخول‬ ‫السمستر الثاني اتصل بنا احدهم و قال أن األمر‬ ‫انته��ي و يمكنكم االنتقال إل��ي طرابلس فقلنا له‬ ‫بارك هللا فيك و لكننا وصلنا مكاننا؛حيث استقر‬ ‫بن��ا المقام وجدنا بيئة تعليمية رائعة و ناس كرام‬ ‫‪،‬وجدنا جو دراس��ي رائ��ع ‪،‬ودخلنا ف��ي الحياة‬ ‫االجتماعية بالبيضاء ‪.‬‬ ‫كان عميد كلية التربية األس��تاذ الرائع المرحوم‬ ‫د‪ .‬ش��عيب المنص��وري‪ ،‬و كان عمي��د كلي��ة‬ ‫الزراع��ة أيضا الرائع د‪.‬عب��د هللا لعيرج ‪..‬كان‬ ‫هناك حرص من إدارة التربية و إدارة الزراعة‬ ‫ب��أن ال ينتاب هذا الفرع مثلما انتاب طرابلس و‬ ‫بنغازي من مآسي ‪..‬حرصنا في المحافظة علي‬ ‫الج��و و األداء العلمي و في نفس الوقت الجانب‬ ‫االجتماعي و الترفيهي‪..‬د‪ .‬ش��عيب المنصوري‬ ‫عمي��د الكلي��ة خ��رج بمفه��وم اس��ماه ( إنقاذ ما‬ ‫يمك��ن إنق��اذه )‪..‬وكنا نجتمع مع ش��عيب و عبد‬ ‫هللا لعي��رج و نحاول الس��يطرة علي األمور في‬ ‫هذا الف��رع حتى ال تحتويه اللج��ان الثورية ‪..‬و‬ ‫ح��دث تق��ارب بيننا بالرغم من اختالف الس��ن‬ ‫و المس��توي ؛ش��عيب وعبد هللا و غيرهما وثقوا‬ ‫فين��ا و بتوجهاتنا ‪،‬وبالتالي كانت هناك مكاش��فة‬ ‫بينن��ا كطلبة وبي��ن العميد وبدأنا العمل بش��كل‬ ‫منظم للحفاظ علي هذه المؤسسة التعليمية تحت‬ ‫ش��عار إنقاذ م��ا يمكن إنقاذه ‪،‬وله��ذا اضطررنا‬ ‫للدخول في اتح��اد الطلبة ووجهنا كل الضغوط‬ ‫علي ذلك فنظرة الناس لالتحاد ومن يشارك فيه‬ ‫ش��ائنة ‪،‬وقد ش��اركنا في هذه المهمة شخصيات‬ ‫معروفة كعمر المس��ماري الذي كان من العبي‬ ‫المنتخب و رج�لا معروفا‪ ،‬لكن دخولنا لالتحاد‬ ‫جاء للحفاظ علي هذه المؤسس��ة و لنقوم بالعمل‬ ‫النقابي كما يجب ‪.‬‬

‫• كطال���ب وصل األمر أن س���اهمت في افراغ‬ ‫خزانات المجاري‬ ‫وبس��بب ذل��ك كن��ت ش��خصيا ان��زل لخزانات‬ ‫مج��اري القس��م الداخل��ي للكلية حي��ن رفضت‬ ‫البلدية القيام بذلك ‪.‬اس��تطعنا المحافظة علي هذا‬ ‫الفرع كان معنا الزمالء ‪ :‬أسامة البرعصي من‬

‫حسن المي‬

‫بنغازي و قدورة بوهدمة من اجدابيا و المرحوم‬ ‫ع��وض عب��د المولي لنق��ي و ف��وزي العالم و‬ ‫عيسي البرعصي ‪.‬‬ ‫اس��تطعنا المحافظ��ة علي هذه المؤسس��ة حتى‬ ‫‪ 11‬ابري��ل ‪-1982‬م ؛ قبله��ا بيومي��ن كان ق��د‬‫صدر ق��رار ببنغازي في احتفاالت الس��ابع من‬ ‫ابري��ل ب��ان تنقل كلي��ة التربية م��ن البيضاء أو‬ ‫تض��م إلي بنغ��ازي ‪،‬واجه ه��ذا األمر اس��تياء‬ ‫كبيرا لع��دم وجود مبرر لذل��ك علي اإلطالق ‪.‬‬ ‫كنت وقتها قد تخرجت و عُينت كمعيد و انتدبني‬ ‫ش��عيب كأمين إداري للكلية ‪،‬ذهبت مع الدكتور‬ ‫الكيالن��ي المهدوي إلي بنغازي و قابلنا يوس��ف‬ ‫الشين لمعرفة ما يحدث‪،‬فلم نجد أي إجابة وافية‬ ‫‪،‬واإلجابة الوحيدة كانت ما قاله يوس��ف الش��ين‬ ‫للدكت��ور الكيالن��ي المهدوي ‪:‬إذا كن��ت خائفا و‬ ‫وجعت��ك الفيال التي بنيتها في البيضاء نش��روها‬ ‫منك!!!؛الكيالني المه��دوي من بنغازي الرجل‬ ‫الوطن��ي ال��ذي ش��خصيا اعتز بمعرفت��ه ‪،‬كان‬ ‫دائما وطنيا ضد السلطة الغاشمة بشكل منظم و‬ ‫دقيق‪،‬واذكر عند رجوعي معه إلي البيضاء أخذ‬ ‫يقول‪ :‬يا حس��ن يقولون لي خائف علي فيلتك!!‪،‬‬ ‫ال أن��ا خائ��ف علي المؤسس��ة العلمي��ة ال أري‬ ‫مبررا إلغالقها ‪.‬‬ ‫ي��وم ‪– 10‬ابريل ليال ب��دأت عملية إنزال داخل‬ ‫البيض��اء ‪..‬وجوه غريب��ة بدأت تقتحم األقس��ام‬ ‫الداخلية و س��يارات ‪..‬وبُلغنا م��ن قبل رفاق لنا‬ ‫ببنغازي منهم عمر بوشعاله ‪ :‬أنهم بكرة جايينكم‬ ‫؟؟‪،‬كان��ت فكرتهم أن هناك عملية س��تحدث في‬ ‫البيض��اء و مظاهرة و رف��ض ‪،‬و نحن فعال كنا‬ ‫قد حشدنا الشارع و اتصلنا بكل قيادات البيضاء‬ ‫م��ن أمي��ن التعلي��م و غيرهم ‪ ،‬لألس��ف قيادات‬ ‫البيض��اء أحبطتن��ا ألنهم في الوق��ت الذي كانوا‬ ‫يريدون فيه مساندتنا و رفضهم لقفل الكلية كانوا‬ ‫يتس��ابقون علي تقاس��م تركة الكلية ‪...‬من أقسام‬ ‫داخلية و مباني ‪.‬‬ ‫ووق��ف معنا ط�لاب البيضاء كمدرس��ة الجالء‬ ‫الثانوي��ة للبنات و معهد المعلمي��ن وهذا بعد أن‬ ‫حدث االقتح��ام ‪،‬وكان اليوم العنيف هو يوم ‪11‬‬ ‫ابريل ‪ – :‬فيما بعد أعني يوم ‪ 12‬ابريل خرجت‬ ‫مظاه��رات عارمة في البيض��اء ‪ -‬عندما دخلنا‬ ‫مكاتبن��ا و الطلب��ة دخل��وا الكلية وجهن��ا جميعا‬ ‫إل��ي المكتبة المركزية ؛و هن��اك تم محاصرتنا‬ ‫ثم ضربن��ا فتعذيبنا‪ ،‬و دفع بطالبنا إلي الركوب‬ ‫علي المنصة ليرس��موا ص��ورة وانطباعا أن ما‬ ‫يحدث نتيجة القوة الطالبية في الكلية نفسها ضد‬ ‫الخونة و العم�لاء ‪..‬و ‪...‬و‪ ..‬وتم االعتداء علّ ّي‬ ‫مباشرةً و ُكسرت يدي و أغمي عل ّي و حملوني‬ ‫إلي الخارج ‪..‬وحوالي الساعة الثالثة نقلوني إلي‬

‫مفتاح لملوم‬

‫معسكر حسين الجويفي بشحات‬ ‫م��ن هدى بن عامر إلى جمال البر ‪..‬‬ ‫• ‬ ‫قادوا يوم البيضاء‬ ‫عمر المجدوب وهدي بن عامر والسنوس��ي بن‬ ‫عامر و سعد الدين بن عامر و علي بوجازية و‬ ‫جمال البر ‪ -‬الذي هو س��فير بألمانيا والمنش��ق‬ ‫اآلن ‪ -‬وكل قي��ادات اللج��ان الثوري��ة كان��ت‬ ‫موج��ودة بالبيضاء؛ ألنه كان يوما ش��بيها بيوم‬ ‫‪ 7‬ابري��ل ع��ام ‪1976‬م ‪،‬وما حدث في طرابلس‬ ‫و بنغ��ازي يتك��رر لحظته��ا في البيض��اء ‪.‬كان‬ ‫أعض��اء اللجان الثورية يقول��ون لنا انتم خارج‬ ‫الس��رب ‪ ،‬وهذا صحيح فقد كنا مهتمين بالناحية‬ ‫العلمية‪ ،‬و حتى في احتفاالت الس��ابع من ابريل‬ ‫ل��م نكن نغل��ق الكلية أو نحتف��ل وال لدينا صور‬ ‫للقائد او االنجازات ‪ ..‬الخ ‪ ،‬وحتى المجموعات‬ ‫البس��يطة المنتمي��ة للج��ان الثوري��ة بالكلية كنا‬ ‫مس��يطرين عليها ‪ ،‬وهذا لدرجة أن في يوم من‬ ‫األيام عندما كان احد أفراد اللجان الثورية يريد‬ ‫لصق إعالن فجاءه عاش��ور المسماري و مزق‬ ‫اإلعالن ‪،‬وقال له البد من مش��اورتنا قبل لصق‬ ‫اإلع�لان ؛ وهذه مفارقة ألنه ف��ي العادة اللجان‬ ‫الثورية هي المس��يطرة ولك��ن نحن كنا نعاملهم‬ ‫بالعكس فاتحاد الطلبة هو المسيطر علي اللجان‬ ‫الثورية ‪.‬‬ ‫لق��د كان يوم البيضاء ذاك يوما اس��ودا‪،‬اذكر و‬ ‫أنا خ��ارج المكتب��ة رأيت محمد االس��كندراني‬ ‫ رحم��ه هللا ‪،‬وكان ملتحيا ً و ه��ذا الرجل عنده‬‫مش��اكل كثيرة و كان دائما حزينا وكئيبا‪ -‬كانت‬ ‫هدي بن عام��ر تجره من لحيته و تقول له‪ ( :‬يا‬ ‫حقير يا وسخ )‪.‬‬ ‫المهم حدث ما حدث في ذلك اليوم و صدر بيان‬ ‫بإيقافي من منصبي كأمين إداري و طردي من‬ ‫الجامعة نهائيا و نقلوني لكتيبة حس��ين الجويفي‬ ‫ث��م نقلون��ا إل��ي معس��كر ‪ 7‬ابريل ف��ي بنغازي‬ ‫فوج��دت بقي��ة الرف��اق هن��اك و بقي��ت حوالي‬ ‫شهرين ونصف‪.‬‬ ‫علي بوجازية ؛العضو البارز في اللجان الثورية‬ ‫‪،‬نفس��ه قال لي ‪ ( :‬أنت معاش نبي نش��وفك من‬ ‫الق��وس غ��ادي)‪ ،‬فرددت عليه ‪( :‬ي��ا علي وينه‬ ‫الق��وس؟‪ ..‬كي��ف )‪..‬قاطعني‪( :‬أن��ا معش نبيك‬ ‫تمش��ي للش��رق هؤالء قبليين و غيّرو دماغك و‬ ‫أنا نبيك تروح لمصراتة و تدخل اللجان الثورية‬ ‫و تك��ون في المقدم��ة ) ‪ .‬و مع ه��ذا ذهبت إلي‬ ‫البيضاء فور خروجي من السجن‪ ،‬ذهبت للبقاء‬ ‫يوم واحد إلحضار بقية أمتعتي من هناك ‪ ،‬كان‬ ‫خروجي سنة‪1982‬م ‪،‬و لكن عند وصولي هناك‬ ‫بقيت لمدة أسبوع ؛الدكتور صالح الطالب رحمه‬ ‫هللا فتح لي بيته لمدة أس��بوع (الشاهي يربخ ‪..‬و‬ ‫الناس خاش��ة عليا و طالعة ) ال يمكن أن انس��ي‬ ‫تل��ك الفترة ‪،‬وودعت رفاقي هن��اك أما الدكتور‬ ‫شعيب المنصوري مهما تكلمت عليه لن أعطيه‬ ‫حقه‪،‬وإن ش��اء هللا تس��نح الظروف وأكتب عنه‬ ‫ش��يئا بحكم تجربتي و صداقتي معه و احتكاكي‬ ‫ب��ه ‪،‬و كانت من عثرات حياتي وفاة هذا الرجل‬

‫عمران بورويس‬

‫‪،‬في الغربة دائما هناك ش��خصيات معينة تقول‬ ‫إن ش��اء هللا يكونوا أحياء ألن��ك تريد أن تراهم‬ ‫م��رة أخري ‪ ،‬ش��عيب المنص��وري كان احدهم‬ ‫‪،‬وعندم��ا ذهبت مؤخرا إلي البيضاء زرت بيت‬ ‫شعيب و سلّمت علي زوجته ‪.‬‬ ‫• تجرب���ة البيضاء كانت غني���ة و تعلمت منها‬ ‫أشياء كثيرة‬ ‫بع��د البيضاء ع��دت إلى ذهب��ت مصراته و تم‬ ‫تعييني أخصائي اجتماعي في مدرس��ة إعدادية‬ ‫وأدرس م��ادة علم االجتماع ف��ي معهد التدريب‬ ‫المهني ‪.‬‬ ‫ولكن هاجس الهج��رة جاءني مرة أخري؛وكان‬ ‫قد استحوذ عل ّي في السابق قبل دخولي الجامعة‬ ‫و أنا ف��ي الثانوي جاءتني رومانس��ية المهجر‪:‬‬ ‫كنا نسمع عن جماعة هاجرت من مصراتة إلى‬ ‫أوروب��ا مثل احمد قنيو و عبد هللا الش��ح ‪ ،‬وهز‬ ‫قلوبن��ا الغضة صقيع االغتراب و الثلج و عبور‬ ‫الحدود‪.‬هاج��س الهج��رة هذااس��تحوذ عل ّي قبل‬ ‫دخولي الجامعة ‪..‬و عندما دخلت الجامعة انتهت‬ ‫قضية المهجر بالكامل ‪..‬و تبنيت ش��عار إنقاذ ما‬ ‫يمك��ن إنق��اذه بالكامل علي مس��توي أس��رتي و‬ ‫منطقتي الصغيرة و المؤسس��ة الت��ي اعمل بها‬ ‫عل��ي‪ ،‬هذا حصل بعد تجربتي في البيضاء و ما‬ ‫رأيته في السجن من تعذيب رفاقي أمامي و من‬ ‫انتهاكات كنا نسمع عنها ‪.‬‬ ‫رفاق البيضاء ‪ ..‬رفاق السجن‬ ‫أسامة البرعصي و عبد السالم بوغنين و ناصر‬ ‫الغريان��ي و عيس��ي البرعص��ي و عب��د القادر‬ ‫بوهدمه و حامد دومة و عبد الس�لام القطيط و‬ ‫الش��يخ فؤاد شهاب الدين الذي اعتقد انه اعدم و‬ ‫الشيخ سليمان من غريان و كان بصيراً ال يري‬ ‫و اعتق��د انه قتل بالس��جن كما قيل لي والش��يخ‬ ‫اسعد من قسم اللغة االنجليزية ‪،‬ونحن كنا أطلقنا‬ ‫عليه��م لقب الش��يخ وذلك ألنهم كان��وا طيبين و‬ ‫ورعي��ن؛ أما الش��يخ اس��عد فكان يمل��ك صوتا‬ ‫لتجوي��د القرآن من أروع ما يكون‪،‬وفي زنزانته‬ ‫كان ليال يق��رأ القرآن وقرأته تنزل علينا برداً و‬ ‫سالما وهؤالء اإلخوة دعمونا معنويا و نفسيا ‪.‬‬ ‫• في مصراته زاد الخوف حتى تحول إلى حكة‬ ‫في الجسم‬ ‫حدث لي حالة من القلق و الخوف إلي درجة أن‬ ‫جس��مي إذا هرش��ت بمكان يترك عالمة‪،‬ذهبت‬ ‫إل��ي الطبيب و وصف لي عالج لدهن جس��مي‬ ‫بالكام��ل فتذكرت بيت للمتنب��ي يقول ‪:‬مطلي به‬ ‫ألقاه أجرب‪.‬وش��عرت بال أمان‪،‬في نفس الوقت‬ ‫موقفي مع النظام ‪ -‬تلك الفترة ‪ -‬لم يكن الموقف‬ ‫الصدام��ي العني��د أو المتطرف ‪،‬كن��ت مازلت‬ ‫أق��ول لنفس��ي ربم��ا تتغي��ر األمور‪،‬ربما تكون‬ ‫مرحل��ة نمر بها ‪،‬لك��ن بعد ما رأي��ت بأم عيني‬ ‫هذه الممارسات؛ ليست ممارسات التعذيب فقط‬ ‫بل و ما بعد التعذيب أيضا‪،‬هناك فترة يس��مونها‬ ‫فت��رة النقاهة حي��ث يأتوا من كان��وا يعذبوك و‬ ‫يبدؤون الضحك و السخرية منك و تحقيرك كي‬ ‫يدمرونك نفسيا ‪.‬‬


‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫اكتش��فت فعال بأننا علي ش��فا حفرة من النار ‪،‬و‬ ‫ب��أن هذه البلد لن يكتب لها أي مس��تقبل في ظل‬ ‫ه��ؤالء األوباش ‪،‬ع��ام ‪1982‬م اقتنع��ت تماما‬ ‫بالهجرة ‪.‬‬ ‫لي��س الموقف من النظام فق��ط بل قضية البد أن‬ ‫افعل شيئا‪،‬البد أن أقاوم بمعني أن شعارنا السابق‬ ‫(إنق��اذ ما يمكن إنقاذه ) ال ينفع اآلن ‪.‬لم أتحصل‬ ‫علي تأشيره من مصراتة و شاء القدر أن اذهب‬ ‫إلي طرابلس ومن هناك تمكنت من الخروج إلي‬ ‫بريطانيا‪ ،‬حيث وجدت هن��اك تقارير كاملة في‬ ‫الصحاف��ة العربية حول ما جري يوم ‪11-‬ابريل‬ ‫في مدينة البيضاء‪ ،‬و اس��مي ف��ي عدة جرائد و‬ ‫مجالت ‪،‬حصلت على اللجوء السياس��ي و بدأت‬ ‫هناك مرحلة جديدة ‪.‬‬ ‫• عي���د اس���تقالل أمري���كا و ه���و أيض���ا عيد‬ ‫استقاللي!‬ ‫قب��ل ذلك كان هناك موقف طريف حدث معي ‪:‬‬ ‫خرج��ت من ليبيا بتاريخ ‪ 1-‬يوليو‪1983 -‬م إلي‬ ‫تونس و كان ش��هر رمضان‪،‬أكملت صيامي في‬ ‫تون��س ‪ ،‬وغادرت إلي بريطاني��ا يوم ‪– 4‬يوليو‬ ‫‪1983‬م ‪ ،‬أخ��ذت باص من المط��ار متجها إلي‬ ‫لن��دن ‪،‬عندم��ا دخلنا لن��دن أينما انظ��ر أجد علم‬ ‫أمريكا !! ‪،‬س��ألت الش��خص ال��ذي بجانبي عن‬ ‫قص��ة العلم األمريك��ي؟ ‪،‬فقال لي الي��وم الرابع‬ ‫من يوليو ‪..‬فس��ألته و ماذا يعني الرابع من يوليو‬ ‫؟‪..‬فقال‪:‬اليوم عيد استقالل أمريكا‪.‬‬ ‫إذا أن��ا دخلت بريطانيا في عيد اس��تقالل أمريكا‬ ‫و هو أيضا عيد استقاللي ‪..‬ألني أول مرة اشعر‬ ‫باني خارج س��لطة القذافي ‪ ,‬خروجي لبريطانيا‬ ‫ل��م يك��ن بمفهوم��ي األول ؛مفه��وم رومانس��ية‬ ‫الهج��رة والغرب��ة بل كان ألس��باب أولها ألنجو‬ ‫بجلدي و ثانيا ألق ّدم شيئا لوطني ‪.‬‬ ‫كان أخ��ي األكب��ر المين متزوجا م��ن انجليزية‬ ‫وأصه��اره ببريطانيا‪ ،‬وكان أخ��ي قد رجع إلي‬ ‫ليبي��ا ذل��ك الوق��ت ‪،‬وكان أصهارن��ا االنجلي��ز‬ ‫موجودين في قرية صغيرة بمقاطعة أكس��فورد‬ ‫خارج لندن‪ ،‬اتصلت بأم زوجة أخي و أخبرتهم‬ ‫بزيارت��ي فرحبت بي‪،‬و كان له��ا بيتين كبيرين‬ ‫مثل الهوتيل و يس��كنونه ف��ي نفس الوقت‪،‬بقيت‬

‫معهم اقل من س��نة بقليل ‪،‬ل��م أر خاللها درهما‬ ‫في جيبي ‪،‬كنت اعم��ل معهم في إعداد اإلفطار‬ ‫للضي��وف و غيره��ا؛ كن��ت كم��ا يق��ال نخ��دم‬ ‫لبطني‪،‬نأكل معهم كاسرة واحدة‪ ،‬تحضر لي كل‬ ‫مس��تلزماتي الخاصة بما فيها علبة السيجارة‪،‬لم‬ ‫أر ام��رأة قوية الش��خصية لدرج��ة الدكتاتورية‬ ‫مثلها‪،‬أن��ا اع��رف ه��ذه الم��رأة من قب��ل ألني‬ ‫زرته��م ف��ي الس��ابق وكان��ت إذا عارضها احد‬ ‫غضب��ت عليه غضبا مبرح��ا فكنت احتمل و أنا‬ ‫ساكت‪،‬و كان لها ابن يعمل ويسكن في إسرائيل‬ ‫و متزوج يهودية ‪،‬ول��ذا كانت األم متعاطفة مع‬ ‫اإلس��رائيليين ‪ ،‬احتملت هذا وغيره إلي أن جاء‬ ‫يوم كان فدائيون من فلسطين قاموابعملية فدائية‬ ‫داخ��ل إس��رائيل‪،‬وبدأت هذه الس��يدة الكالم عن‬ ‫ه��ؤالء الفدائيي��ن كإرهابيين‪ ،‬و ل��م ارض عما‬ ‫قالت فقلت كل ما بصدري ‪ ،‬رددت عليها الكالم‬ ‫فل��م يعجبها الكالم و لم تطردني !! ؛لكن عرفت‬ ‫في األي��ام التالية بأنه غير مرغوب في وجودي‬ ‫معهم ‪.‬‬ ‫• من بيت األصهار إلى قلب المعارضة الليبية‬ ‫كون��ت صداق��ات و بدأت عالقات��ي مع الحركة‬ ‫الوطنية الليبية عن طريق مفتاح لملوم ‪،‬اتصلت‬ ‫بمفتاح و صديق آخ��ر و أخبرتهم بعدم مقدرتي‬ ‫البق��اء هنا ‪،‬صدفة أتي كال منهما في وقت واحد‬ ‫و بدؤوا التخاصم علي من امشي معه‪ ،‬ثم اخذوا‬ ‫لي غرفة مع عجوز يهودية بقيت معها ش��هرا‪،‬‬ ‫وبع��د ترتيبات معينة من الحركة جئت إلي لندن‬ ‫و اس��تقريت بها مع احد قيادات الحركة الوطنية‬ ‫الليبية و كان هو المقر الرئيسي للحركة ‪.‬‬ ‫• الحرك���ة الوطني���ة الليبية وس���ليمان فارس‬ ‫البعثي االمازيغي‬ ‫بدأها عمران بورويس و جاء بعده محمد س��كر‬ ‫من جماعة سوسة ‪،‬واستمر وضعي في الحركة‬ ‫الوطني��ة مع مفت��اح و بقية المجموعة ‪،‬وش��كلنا‬ ‫قي��ادة الحرك��ة الوطنية في الس��احة البريطانية‬ ‫‪،‬ومنها بدأت المسيرة السياسية ‪،‬وال اخفي عليك‬ ‫قب��ل خروجي من ليبي��ا كانت تطلعات��ي قومية‬ ‫‪،‬كنت قوميا و ش��عارات الوحدة العربية تسيطر‬ ‫عل ّي بش��كل كبي��ر جدا‪،‬وبالتالي بع��د انضمامي‬ ‫للحرك��ة وجدت تقارب كبي��ر بين ما أريده و ما‬ ‫يطرحه فك��ر البعث العربي االش��تراكي ‪،‬علي‬ ‫المس��توي النظ��ري لم تكن لي أي مش��كلة علي‬ ‫اإلط�لاق ‪،‬وأحبب��ت ما ق��رأت و م��ا رأيت ‪،‬و‬ ‫انضممت إلي حزب البعث العربي االش��تراكي‬ ‫إلي نهاية عام ‪1984‬م ‪.‬كان آخر مؤتمر للحركة‬ ‫الوطني��ة الليبية ف��ي بغداد‪ ،‬فذهبت إل��ى بغداد‪،‬‬ ‫وقب��ل ذهابي كان��ت هناك عدة إش��كاليات علي‬ ‫الس��احة البريطانية بالنسبة للحركة الوطنية بين‬ ‫قي��ادات لندن البريطانية ‪،‬وكن��ت أنا و إخوة في‬ ‫جان��ب و آخرين في جانب آخر‪،‬فهناك إش��كالية‬ ‫ف��ي آلية العم��ل و منهج العم��ل‪ ،‬هناك خالفات‬ ‫وصلت لحد كبير جدا‪ ،‬وعندما تقرر عقد مؤتمر‬ ‫بغداد و دُعيت ل��ه طلب مني إعداد تقرير حول‬ ‫م��ا حص��ل ببريطانيا‪ ،‬حيث كنت م��ن القيادات‬ ‫الوطنية بالساحة البريطانية‪.‬‬ ‫كلمني المرحوم س��ليمان فارس‪ ،‬وهو أمازيغي‬ ‫بعث��ي ‪،‬ومن البعثيين الذي��ن احترمهم و أقدرهم‬ ‫‪،‬وه��و رج��ل حقوقي ‪،‬رج��ل بمعن��ي الكلمة و‬ ‫ش��خصية غير عادي��ة ‪،‬علي األقل مع س��ليمان‬ ‫فارس تضم��ن الح��وار الديمقراطي ؛يس��معك‬ ‫ويتعاطي و يتواصل معك ‪،‬وسيكون موضوعيا‬ ‫ومنطقي��ا ‪،‬ه��ذا الرجل م��ن الش��خصيات التي‬ ‫أث��رت ف��ي نفس��ي سياس��يا‪،‬احترم ه��ذا الرجل‬ ‫بش��كل غير ع��ادي ‪،‬وقد توفي ه��ذا الرجل في‬ ‫نهاية التسعينات‪ ،‬س��ليمان فارس كان المتحدث‬

‫الرسمي للحركة الوطنية ‪.‬‬ ‫س��افرت أنا و س��ليمان إلي بغداد استقبلنا هناك‬ ‫إخ��وة منهم الش��اعر و الفنان س��ليم الحجاجي‪،‬‬ ‫عندم��ا وصلنا بغداد كانت هن��اك أناس تنتظرنا‬ ‫عل��ي اعتب��ار أن م��ا ح��دث ف��ي لندن مش��كلة‬ ‫كبيرة‪،‬وأن هذه المشكلة لها أنصار و خصوم في‬ ‫بغداد‪.‬وانعقد مؤتمر الحرك��ة الوطنية في بغداد‬ ‫س��نة ‪1984‬م‪ ،‬وس��نحت لي الظروف التعرف‬ ‫عل��ي إخ��وة كثيري��ن م��ن أمريكا و م��ن أنحاء‬ ‫أخ��ري ‪،‬وبع��د انته��اء المؤتمر دخلن��ا في فترة‬ ‫تدريب عسكري مركز‪،‬وأثناء ذلك حدثت أمور‬ ‫كثي��رة لم أكن راض عنه��ا ‪..‬باختصار تجربتي‬ ‫في العراق أوصلتني لقناعة بان أستقيل و أكون‬ ‫معارضا مس��تقال‪،‬و بمج��رد خروجي من بغداد‬ ‫و عودت��ي إلي لن��دن قدمت اس��تقالتي المكتوبة‬ ‫واس��تلمها الس��يد مفتاح لملوم‪،‬ومن يومها اعمل‬ ‫كمعارض مستقل ‪.‬‬ ‫• كنت الوحيد في موقع ( ليبيا المستقبل )‬ ‫منذ ذاك لم انتمي ألي تنظيم أو أي اتجاه ولكنني‬ ‫عمل��ت مع الجميع ‪.‬لس��ان حال��ي ‪:‬إذا كان لديك‬ ‫مشروعا أو نشاطا يخدم القضية الوطنية سأكون‬ ‫مع��ك و ال يهمني من تكون‪،‬هكذا كانت عالقتي‬ ‫بالجميع عالقة ايجابية تعاونية ‪.‬‬ ‫عندما دخل��ت فيما بعد في برام��ج الموقع كنت‬ ‫أقح��م الجميع ‪ .‬كنت أعم��ل لوحدي في موقع (‬ ‫ليبي��ا المس��تقبل ) وكنت انقل وانش��ر أي تقرير‬ ‫المكت��وب أو بالص��وت او بالصوت و الصورة‬ ‫ألي أحد وال يهمني االختالف السياس��ي مع هذا‬ ‫الشخص ‪.‬‬ ‫• غير مس���تعد لالرتماء ف���ي أحضان دكتاتور‬ ‫آخر‬ ‫أن��ا خرج��ت م��ن ليبي��ا هارب��ا م��ن دكتاتور و‬ ‫معاهدا نفس��ي أن اعمل ما بوسعي لمقارعة هذا‬ ‫الدكتات��ور‪ ،‬و بالتالي أنا غير مس��تعد لالرتماء‬ ‫ف��ي أحض��ان دكتاتور آخر ‪.‬و كان��ت لي وجهة‬ ‫نظر في قضية دعم األنظمة العربية للمعارضة‬ ‫الليبي��ة في ذلك الوقت فلم أك��ن أميل للمبررات‬ ‫الت��ي كانت تعط��ي ؛ذهبت لبغ��داد وكنت هناك‬ ‫أتج��ول ف��ي مرس��يدس عل��ي حس��ابي ف��أري‬ ‫العراقيي��ن و أقرأ في عيونهم مأس��اة؛العراقيون‬ ‫عك��س الليبيين‪:‬الليبي عندما تس��تأنس به يفضي‬ ‫ل��ك م��ا بقلبه أم��ا العراق��ي فال‪ .‬عندم��ا عرفت‬ ‫ذل��ك صرت أق��ارن الوضع بليبي��ا وضع الذين‬ ‫كان��وا يأتوننا من أفريقيا وم��ن منظمات عربية‬ ‫كالناصريي��ن مث�لا ‪،‬وج��دت نفس��ي مثلهم و ال‬ ‫اختل��ف عنهم ‪،‬احتقرت نفس��ي و ش��عرت أني‬ ‫لس��ت بحجم المبادئ و النض��ال الذي أتكلم عنه‬ ‫باإلضافة إلي قضايا أخري ‪..‬‬ ‫المش��كلة التي جئنا بس��ببها لم تحل بالشكل الذي‬ ‫أتمن��اه ‪،‬كان الحل ترقيعي و المش��كلة لم تمس‪،‬‬ ‫خرج��ت من العمل التنظيم��ي ‪ -‬مع انه في ذلك‬ ‫الوقت‪ -‬كان خروجي مش��كلة حت��ى من الناحية‬ ‫المادي��ة وقتها‪ ،‬كانت هن��اك مكافأة تصرف لنا‬ ‫وخروجي يعن��ي توقفها‪،‬وهن��اك بعض اإلخوة‬

‫‪11‬‬

‫س��امحهم هللا ‪،‬كانوا نشروا في يوم من األيام أن‬ ‫خروج حس��ن المين من الحركة الوطنية نتيجة‬ ‫الختالس��ات مالي��ة !! ‪،‬و كتب��وا كالم��ا فارغا‬ ‫ال أس��اس ل��ه من الصح��ة ‪،‬أما القي��ادات الذين‬ ‫يعرفونن��ي فكانوا علي وعي لماذا خرج حس��ن‬ ‫المي��ن؛كان هناك ثمنا ‪ :‬ل��و كنت ارغب الراحة‬ ‫و المال كنت اس��تمريت في البقاء‪،‬خروجي من‬ ‫الحركة الوطنية و خصوصا في وقت مبكر من‬ ‫هجرتي يعني أن اعتمد علي نفسي ‪.‬‬ ‫• من تاجر ش���نطة إلى ماجس���تير في التربية‬ ‫المقارنة‬ ‫بعد ذاك مارس��ت العديد من األعمال؛اش��تغلت‬ ‫بالمطاعم و تاجر ش��نطة و في السكة الحديدية‪،‬‬ ‫و كنت ارغب في مواصلة دراستي‪،‬وس��اعدني‬ ‫بعض األصدقاء بش��كل أو بآخر لكنني اعتمدت‬ ‫علي نفس��ي إلي أن تحصلت علي دبلوم التربية‬ ‫العال��ي بجامعة لندن ‪،‬و أكملت الماجس��تير في‬ ‫التربية المقارنة وعملت بشهادة المعلمين العليا‬ ‫و الت��ي من الضروري الحص��ول عليها لتُأهلك‬ ‫التدري��س بالمدارس الثانوية في بريطانيا ‪،‬وفي‬ ‫بريطانيا ل��و عندك حتى الدكتوراه ال تس��تطيع‬ ‫التدري��س بدون هذه الش��هادة‪ -‬ش��هادة المعلمين‬ ‫العلي��ا – ‪،‬والتحقت بالتدريس س��نة ‪1991‬م في‬ ‫مدرس��ة ثانوية انجليزية و بقيت فيها لمدة سبعة‬ ‫عشر سنة ‪،‬واستقلت منذ الثالث سنوات الماضية‬ ‫ألسباب صحية نتيجة إرهاق نفسي كبير و لعدم‬ ‫توفيقي بين العمل السياسي و الحقوقي و الموقع‬ ‫وعملي بالتدريس ‪.‬التدري��س ببريطانيا مختلف‬ ‫ع��ن التدريس هن��ا؛ هناك التدريس عمل ش��اق‬ ‫و مرهق و صع��ب أن تكون لك حياة اجتماعية‬ ‫‪،‬حدث��ت ل��ي أزمة نفس��ية فعال حت��ى نصحني‬ ‫الطبيب بالخ��روج من هذه البيئة ‪،‬مع أنني كنت‬ ‫موفّق��ا بالتدريس وحتى عندما قدمت اس��تقالتي‬ ‫أقاموا ل��ي احتفاال كبيرا بالمدرس��ة‪ ،‬وعرضوا‬ ‫عل ّي – وهذا الكالم مسجل ‪ -‬بان مكاني محفوظ‬ ‫في أي وقت أردت العودة إليهم ‪.‬‬ ‫تفرغ��ت بعدها للعمل السياس��ي و الحقوقي ‪ ،‬لم‬ ‫أتخ��ل عن السياس��ة منذ البداية و كنت أش��ارك‬ ‫في المظاهرات‪ ،‬اذكر سنة ‪1991‬م قمنا بتشكيل‬ ‫رابطة العمل الوطني الليبي مع محمد مخلوف و‬ ‫آخرين‪ ،‬قمنا بمظاهرة حاش��دة أمام مبني رئاسة‬ ‫ال��وزراء ببريطانيا ح��ول قضي��ة التعاطي مع‬ ‫النظام الليبي و قضية اللجوء السياس��ي ‪،‬وقتها‬ ‫اذكر جمعة بوكليب قد خرج مؤخرا من السجن‬ ‫و جاء إلي بريطانيا و استقبلناه و قدمناه لإلعالم‬ ‫و كمعارض و سجين سابق و بقي معي في بيتي‬ ‫مدة س��تة أش��هر وبعدها عمل في وكالة األنباء‬ ‫الليبية‪.‬‬ ‫ميادين ‪ :‬لم ينته فس��يرة رجل كحس��ن المين ال‬ ‫تنتهي ‪ ،‬لكن جهاز التسجيل االكتروني ال يمكن‬ ‫الوث��وق ب��ه ‪ ،‬هك��ذا خاننا – الع��دو ال يخون –‬ ‫وتوقف عند هذا الحد ‪.‬‬


‫‪12‬‬ ‫قصائد‬ ‫ترمجة ‪ :‬عاشور الطوييب‬

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬ ‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫للشاعر الصيين الكبري‪ :‬دو فو (‪)712-770‬‬ ‫أفكار ليلية أثناء السفر‬ ‫ريح خفيفة تحرك‬ ‫عشب الشاطيء الناعم‬ ‫السارية الطويلة تط ّل‬ ‫على قارب الليل الموحش‬ ‫النجوم معلّقة قريبة‬ ‫أعلى من مستوى السهل‬

‫القمر يتأرجح‬ ‫في النهر الكبير‬ ‫هل قصائد مثل هذه‬ ‫تجلب لي الشهرة؟‬ ‫العمر و المرض منعاني‬ ‫من تقلّد وظيفة سامية‬ ‫هائ ٌم‪ ،‬هائم هنا‬ ‫من أنا حقا؟‬ ‫نورسٌ‬ ‫رمل وحي ْد‬ ‫ٍ‬ ‫بين السماء و األرض‬ ‫س ْك ُر في المكتبة‬ ‫ال ُ‬ ‫ماء البحير صاف‬ ‫هواء الغابة نقي‬ ‫ال تذهب‪ -‬انزل من على‬ ‫حصانك‬ ‫سنشرب هذا النبيذ كله‬ ‫ُ‬ ‫ي االبيض ينمو‬ ‫تركت َشعر َ‬ ‫مثل عُرْ ف طائر الكركي‬ ‫ماذا يهمني في ديوك الجيران‬ ‫تخبرنا جميعها عن الفجر؟‬ ‫برج يويانغ‬ ‫ُ‬ ‫سمعت عن بحيرة دونغتينغ‬ ‫لقد‬ ‫منذ زمن بعيد‬ ‫لكن اآلن فقط‬ ‫تسلّ ُ‬ ‫قت برج يويانغ‬ ‫أراضي الوو و أراضي الشو‬ ‫تمت ُّد بعيدا شرقا و جنوبا‬ ‫السماء‪ ،‬واألرض‪ ،‬النهار‪،‬‬ ‫والليل‬ ‫يهيمون على هذه المياه‬ ‫ال كلمة من األهل‬ ‫ال كلمة من األصدقاء‬ ‫هر ٌم و مريض‬ ‫هذا القارب ك ّل ما املك‬

‫وراء الجبال جهة الشمال‬ ‫تجري خيول الحرب ثانية‬ ‫أتكيء على السياج‬ ‫الدموع تسيل على وجهي‪.‬‬ ‫الحصان األبيض‬ ‫يجيء حصان أبيض مسرعا‬ ‫من الشمال الشرقي‬ ‫سهمان يبرزان‬ ‫من السرج الفارغ‬ ‫و الفارس‬ ‫الشق ّي البائس‬ ‫من يحكي‬ ‫قصته اآلن؟‬ ‫كيف قٌت َل‬ ‫قائدهُ‬ ‫كيف استم ّر يقاتل‬ ‫جريحا ً إلى الليل‬ ‫ٌ‬ ‫موت كثي ٌر‬ ‫بسبب هذا القتال‬ ‫ُ‬ ‫صرت أبكي‬ ‫دموعي تنهمر بال توقف‪.‬‬ ‫جاهز للرحيل‬ ‫أنهار هونان‬ ‫تجري عالية‬ ‫تقول السماء‬ ‫آخر الخريف‬ ‫من ال يبكي‬ ‫عند نهاية حبله‬ ‫ال ُع ْم ُر المتق ّدم ال يَستطيع ح ِمل‬ ‫أسى األعباء الثقيلة‬ ‫كثير من الرجال الكفوئين‬ ‫هنا في مركز القيادة‬ ‫أيها الرجال الطيبون‬ ‫لقد قمتم بأعمال شجاعة‬ ‫إني متوجه شماال‬ ‫إلى المطر و الثلج‬ ‫من سيهب فكرة‪ ،‬أو حتى‬ ‫دمعة‬ ‫من أجل هذا المسافر في الفراء‬ ‫ّ‬ ‫الرث؟‬ ‫تف ِّك ُر فيه وهي تغسل المالبس‬ ‫لدي هذا الشعور‬ ‫بأنك لن تعود من واجبات‬ ‫الجبهة‬ ‫لكن الخريف هنا‬ ‫و قد أخرجت حجر الغسيل‬ ‫قريبا ستشع ُر بالبرد‬ ‫مثلما أشعر بفراقنا‬ ‫أنظف مالبسك الشتوية‬ ‫ّ‬ ‫شئت أو لم أشأ‬ ‫أرسلها إلى حيث تتواجد‬ ‫قرب السور العظيم‬ ‫امرأة تستعمل كل قوتها‬

‫تضرب المالبس بهراوة‬ ‫َّ‬ ‫انصت جيدا‬ ‫ربما لو‬ ‫ستسمعها من بعيد هناك‬ ‫أفكر في اخوتي في ليلة مقمرة‬ ‫طبول الحامية‬ ‫توقف الرحلة‬ ‫الخريف على الجبهة‬ ‫صوت إوزة برية‬ ‫المساء‪-‬من اآلن فصاعدا‬ ‫الندى سيصير أبيض‬ ‫ذات القمر يسطع‬ ‫حيث كبرت‬ ‫اخوتي متفرقون‬ ‫ال طريقة لمعرفة إذا ما كانوا‬ ‫أحياء‬ ‫الرسائل التي نرسلها‬ ‫إلى بعضنا يبدو أنها ال تصل‬ ‫و تستمر الحرب تستمر تستمر‬ ‫نهر القرية‬ ‫ينعطف النهر‬ ‫ليتدفق حول قريتنا‬

‫يبدو الببغاء‬ ‫كثير الحزن‬ ‫حكيم بما يكفي‬ ‫ليتذكر أقرباءه المفقودين‬ ‫ريشه األخضر‬ ‫لباس سيء قليال‬ ‫منقاره األرجواني يوحي‬ ‫أنه ربما يعرف أكثر مما يجب‬ ‫ينتظر بال جدوى أن يُفتح‬ ‫القفص و ينطلق حراّ‬ ‫الغصن الذي يفكر في الوقوف‬ ‫عليه‬ ‫منذ زمن انتهى و تعفّن‬ ‫الناس يالعبونه و يمدحونه‬ ‫لكنهم يضايقونه أيضا‬ ‫ما الحسن أنت تكون‬ ‫طائرا نادرا‬ ‫أغنية غروب الشمس‬ ‫إنه متى تسقط الشمس‬ ‫وتكون في مستوى خطافات‬ ‫الستارة‬

‫لوحة رضوان بوشويشة‬ ‫يحمل َجماال سريا‬ ‫في ليالي الصيف الطويلة هذه‬ ‫السنونوات تجيء و ترحل‬ ‫بين اإلفريز والعوارض‬ ‫الخشبية‬ ‫تطفو متجمعة معا‬ ‫النوارس تجلس على الماء‬ ‫أوالدنا يصنعون سنارات‬ ‫ملوين بعض اإلبر القديمة‬ ‫على ورقة‬ ‫تصنع زوجتي رقعة شطرنج‬ ‫بعض األوقات حين أكون‬ ‫مريضا‬ ‫قد أحتاج إلى دواء‬ ‫لكن حقا هذا هو كل ما‬ ‫يحتاجه‬ ‫الشخص المتواضع هذا‬ ‫ببغاء‬

‫يكون الربيع على جانب النهر‬ ‫في أحسن أحواله‬ ‫روائح فواحة تحيط بالحدائق‬ ‫بمحاذاة ضفة النهر‬ ‫عمود من الدخان من الشاطيء‬ ‫أين رجال القوارب يطبخون‬ ‫عشاواتهم‬ ‫بثبات السنونوات المثرثرة‬ ‫تقانل لتنام على أشجار المساء‬ ‫البعوض و اليأفونات تحتشد‬ ‫في هواء فنائي األمامي‬ ‫آه قدح من نبيذ غائم‬ ‫أنت أيضا هبة‬ ‫رشفة او رشفتان منك تذيب‬ ‫كل همومي الصغيرة‬


‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬ ‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫‪13‬‬

‫كتف الرصاص‬ ‫نرج ٌس على ِ‬ ‫ِ‬

‫وجدان شكري عياش‬

‫يكت��ر ُ‬ ‫ٌ‬ ‫حقل يُظلِلن‬ ‫َص ُر الجنةَ ‪ ،‬وال‬ ‫غدر يُؤلِفُ َجحي َم يمألُ َ‬ ‫الغيم بحكايا ال ُش��هداء ‪ ،‬بِفراشا ِ‬ ‫وط��ن يخت ِ‬ ‫ت ٍ‬ ‫كأس ِ‬ ‫ث لِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الصبر‬ ‫راب بِنبي ِذ جُرح ِه ‪ ،‬بِوصايا جس�� َد الش��هي ِد بِنبي�� ِذ الثن��اء ‪ ،‬وال يترُكن م��ا َء‬ ‫الرؤى ‪ ،‬لِش��ع ٍ‬ ‫ُخضبُ الت َ‬ ‫بي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫النهار وخيبت ِه ‪..‬‬ ‫قلق‬ ‫على‬ ‫ا‬ ‫مسفوح‬ ‫ة‬ ‫الس��كين‬ ‫ض‬ ‫ش��ون‬ ‫د‬ ‫يخ‬ ‫كيف‬ ‫د‬ ‫ُن��و‬ ‫ق تُعلِ ُم الج‬ ‫فافَ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عش�� ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُبح ينثا ُل‬ ‫بِعاصف ِة الشهداء ‪..‬‬ ‫الري ُح نُدبة على جس�� ٍد يغوي المكانَ بِضُو ِء ص ٍ‬ ‫ُ‬ ‫صن مائِ ٍل ‪ ،‬على ِظ ِل ورد ٍة قُ ِطفت ‪ ،‬على ذا ِكر ٍة‬ ‫غ‬ ‫على‬ ‫‪..‬‬ ‫الغيم‬ ‫خصر‬ ‫على‬ ‫الغام‬ ‫الري ُح حق ُل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُقول ‪،‬‬ ‫الري�� ُح تميمةُ الجرحى وهُ��م يفِرون من‬ ‫لون الحنط ِة على قص ِ‬ ‫ب الح ِ‬ ‫غدر قناص ٍة ال ُمراوغ�� ٍة حائِ َر ٍة بين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُأسرهم شف ُ‬ ‫ش��فيف ال يعي من أس��م ِه‬ ‫ت‬ ‫ق البِال ِد وغسقِها وما تالهُ من نحيب ‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫وبي��ن ما يهذي به ناي مو ٍ‬ ‫ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ونحنُ‬ ‫رق��صٌ‬ ‫وجل على خ ِد رُعا ِة الذكرى ‪..‬‬ ‫دمع‬ ‫سوى‬ ‫ج‬ ‫نتوه‬ ‫‪،‬‬ ‫ن��ا‬ ‫ف‬ ‫خو‬ ‫ُغرافيا‬ ‫ج‬ ‫ب‬ ‫يعبأ‬ ‫ال‬ ‫ح‬ ‫الري��‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الري�� ُح نه�� ٌر قلِ ٌ‬ ‫العين والقاف ‪،‬‬ ‫ق ‪ ،‬برز ٌخ غا ِمضٌ بي��ن‬ ‫بناي الفق ِد ‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫التكوين ‪ ،‬شهقةُ‬ ‫َ‬ ‫والش��ينُ‬ ‫ٌ‬ ‫أرض‬ ‫على‬ ‫وس��يقى‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ش�لا‬ ‫تنته‬ ‫ف‬ ‫ذ‬ ‫نبي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ُش��‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫يا‬ ‫غ‬ ‫يأس‬ ‫خل��ف‬ ‫ع‬ ‫ك‬ ‫را‬ ‫ث‬ ‫ه‬ ‫ال‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الري�� ُح ِظلٌ ِ ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دليل التيه ‪..‬‬ ‫ض ِ‬ ‫عل��ى ِ‬ ‫فاف ٍ‬ ‫درك��ه الرؤيا كي يُقاتِ َل ‪ ،‬الغافِلين عن ِ‬ ‫كالم حائِ ٍر ‪،‬ال تُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫الري�� ُح عش�� ٌ‬ ‫قمح‬ ‫ق يُدلِ ُل الحرم��انَ ‪ ،‬ذا ِكرة‬ ‫ويمن ُح الموتَ ِوسا َمشهقته‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫وط��ن من ٍ‬ ‫ُ‬ ‫كت��ف الرصاص ‪،‬‬ ‫على‬ ‫س‬ ‫نرج‬ ‫ة‬ ‫ح��‬ ‫ئ‬ ‫را‬ ‫من‬ ‫‪،‬‬ ‫ون��دى‬ ‫ُحاصرونها‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫هم‬ ‫صبر‬ ‫ة‬ ‫كم��‬ ‫وح‬ ‫ِ‬ ‫الري ُح تميمةُ األس��رى ِ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫عرش طغا ٍة يُر ِددون‬ ‫ُقول ‪ ،‬على‬ ‫ُرح يمن ُح الوج َع فضيلةَ التأمل ‪..‬‬ ‫طلع الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليالً كج ٍ‬ ‫على خاصر ِة ِ‬ ‫ُ‬ ‫هاجسُ��نا أيها الظالم ‪ُ ،‬ك��ن نجاةَ الخائبين‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫‪..‬‬ ‫��داء‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫الرمل‬ ‫ة‬ ‫شهو‬ ‫على‬ ‫‪،‬‬ ‫الكفن‬ ‫بياض‬ ‫على‬ ‫ع‬ ‫��‬ ‫ُش‬ ‫ي‬ ‫الري ُح ِظ ٌل ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحارسها ‪..‬‬ ‫الل‬ ‫يوم تُب ِد ُد ِظلها حينما ال ُش��هداء يعبُرون جنةَ الغي ِ‬ ‫‪ ،‬لِ ُغ ٍ‬ ‫ب ‪ ،‬وس َر موتِهم ‪ُ ،‬كن جم َر التِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫نهار أنا ‪ ..‬عُش��بٌ يتأم ُل الن��دى ‪ ،‬خيبة تتذكر‬ ‫عوس�� ُج‬ ‫مانحين للسما ِء لونَ غسقِها ال ُمقاتِل كنبي صا ِم ٍد ‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ومحاس��نَ الفق ِد لِيحظى بِش��فاع ِة‬ ‫الموتى‬ ‫ُحص��ى‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫لي‬ ‫ضاب‬ ‫ب ‪،‬ونح��نُ نمسُ ِر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الري�� ُح بها ٌء عل��ى أبدي ِة الترق ِ‬ ‫االعتراف ‪..‬‬ ‫الحرمان ‪..‬‬ ‫ث‬ ‫الخيال بِعب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بنغازي ‪2011.10.29‬‬ ‫ف في غي�� ِه ‪ ،‬حينما الفق ُد‬ ‫س��ر‬ ‫م‬ ‫لل‬ ‫المعنى‬ ‫ح‬ ‫تس��ام‬ ‫الري ُح‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ ِ‬

‫رقصة جتديد اهلواء‬ ‫إلى أحمد الفيتوري و محمد العدل‪ :‬مجددي الهواء‪.‬‬

‫في الصيف‪ ،‬حين يأسن الهواء في الزنزانة‪ ،‬ممتلئا بروائح األنفاس و العرق‪ ،‬و يثقل التنفس‪ ،‬قليال‪ ،‬و‬ ‫كدر النفوس يزداد‪ ،‬ينهض اثنان ممن في الزنزانة‪ ،‬يمسكان فيما بينهما مالءة بيضاء ( ككفن الميت‪،‬‬ ‫و راية المستسلم‪ ،‬و معاطف الممرضين و األطباء‪ ،‬و ثوب العروس‪ ،‬و زهور الياسمين و البرتقال‪،‬‬ ‫و بياض العين الحوراء‪ )...‬و يأخذان بهزها‪ ،‬كما لو كانا ينفضان ما علق بها من غبار‪.‬‬ ‫كان واحد عنصرا ثابتا‪ ،‬ألنه هو الذي كان يقوم بالمبادرة‪ ،‬و يتغير العنصر الثاني أحيانا‪.‬‬ ‫كنت أظل أراقب( حين ال أكون أحد المهويين‪ ،‬و نادرا ما أكون) ارتفاع و انخفاض المالءة و تموجها‬ ‫مستمتعا بلطافة ما تحدثه رفرفتها من نسيم‪ ،‬متأمال‪ ،‬بالخصوص‪ ،‬و أنا أخفي ضحكة منبجسة‪ ،‬حركة‬ ‫عنق صاحب المبادرة‪ ،‬الشبيهة بحركة طائر يطاول بمنقاره ثمرة معلقة‪.‬‬ ‫و كثي��را م��ا كن��ت أقول في نفس��ي‪ :‬إذا ما حدث و أن خرجت من هنا‪ ،‬فس��وف أقت��رح على مصمم‬ ‫رقصات تصميم رقصة باسم‪ :‬رقصة تجديد الهواء‪ ،‬و أخرى باسم‪ :‬الطائر المقيد‪ ،‬و الثمرة المعلقة‪.‬‬

‫عمرأبوقاسم الككلي‬ ‫‪2005.7.10‬‬


‫‪14‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫مئويته حائرة ما بني رياح الثورة ومنطية وزارة الثقافة‬

‫(عبث األقدار) يالحق جنيب حمفوظ‬ ‫مجال القصاص‬ ‫ه��ل فعال حصد نجيب محفوظ جائزة نوبل‬ ‫ف��ي اآلداب ع��ام ‪ ،1988‬مس��طرا للعرب‬ ‫سبقا تاريخيا في سجل هذه الجائزة العالمية‬ ‫العريق��ة‪ ،‬وهل حق��ا حلت مائ��ة عام على‬ ‫مي�لاد عمي��د الرواية العربي��ة‪ ،‬والذي ه ّل‬ ‫عل��ى دنيان��ا في ‪ 11‬ديس��مبر ‪1911‬؟!‪..‬‬ ‫ه��ذه األس��ئلة وغيره��ا‪ ،‬حقائ��ق يعرفه��ا‬ ‫التاريخ‪ ،‬ويس��جلها بأحرف م��ن النور في‬ ‫متونه وهوامش��ه‪ ،‬لكنن��ي أضعها هنا على‬ ‫ه��ذا الورق لي��س من ب��اب الس��خرية أو‬ ‫التهكم‪ ،‬وإنما من باب االس��تهجان واألسى‬ ‫والحس��رة عل��ى حائ��ط الثقاف��ة المائ��ل‪،‬‬ ‫ودروبها المعوجة‪ ،‬والتي تاهت في ظاللها‬ ‫طقوس ومراس��م االحتفال بمئوية محفوظ‪،‬‬ ‫بعد أن ت��م تأجيلها من الع��ام الماضي إلى‬ ‫هذا العام‪ ،‬تحت مالبس��ات ثورة ‪ 25‬يناير‪.‬‬ ‫وكأن كل م��ا أبدع��ه محف��وظ‪ ،‬والذي يعد‬ ‫توثيقا لمراحل ناصعة من النضال الثوري‬ ‫المص��ري ضد القهر والظل��م والعدوان ال‬ ‫عالقة له بالثورة‪ ،‬من قريب أو بعيد‪.‬‬ ‫فتحت ظالل حائط الثقافة المائل‪ ،‬وفي محفل‬ ‫دولي اسمه مهرجان اإلسكندرية السينمائي‬ ‫والذي انتهت فعالياته قبل أيام‪ ،‬كان المشهد‬ ‫مزري��ا إلى درجة التق��زز والغثيان‪ ..‬قاعة‬ ‫فارغ��ة انصرف عنه��ا الجمه��ور‪ ،‬ونقاد‬ ‫غائب��ون‪ ..‬ع��ن ن��دوة احتفائي��ة بمناس��بة‬ ‫مرور مائة ع��ام على مولده حملت عنوان‬ ‫"اإلس��كندرية في س��ينما نجيب محفوظ"‪،‬‬ ‫وهي المدينة التي انطبعت على كورنيشها‬ ‫وشوارعها ومقاهيها خطى محفوظ وكانت‬ ‫مس��رحا لعدد م��ن أهم رواياته‪" ،‬الس��مان‬ ‫والخري��ف" و"ميرام��ار" و"الطري��ق"‪..‬‬ ‫وغيرها‪ ..‬ولم يجد مس��ئولو المهرجان حال‬ ‫للخ��روج من ه��ذا المأزق المحرج س��وى‬ ‫إلغاء الن��دوة‪ ،‬واالعتذار لبضع��ة أفراد لم‬ ‫يتجاوزوا أصابع اليد الواحدة‪.‬‬ ‫في عمق هذا المشهد‪ ،‬يطل محفوظ من ثنايا‬ ‫روايته الش��هيرة المبكرة "عبث األقدار"‪،‬‬ ‫ويطلق ضحكت��ه المجلجلة‪ ،‬قائال‪" :‬ألم اقل‬ ‫لكم في رواية "أوالد حارتنا" التي ال تزال‬ ‫تثير الجدل‪ ..‬آفة حارتنا النسيان"‪.‬‬ ‫وبعين اإلس��كندراني القحة يرصد الروائي‬ ‫إدوار الخراط صورة محفوظ الس��كندرية‪،‬‬ ‫حيث كان يقضي بها معظم أش��هر الصيف‬ ‫قائال‪" :‬كان يحب المش��ي على الكورنيش‪،‬‬ ‫وفي شوارع منطقة محطة الرمل‪ ،‬وعالوة‬ ‫على مقهاه الشهير حيث كان يلتقي أصدقاءه‬ ‫م��ن الكتاب والش��عراء والفنانين‪ ،‬كثيرا ما‬ ‫كان يتس��لل إلى المقاهي الش��عبية‪ ،‬يتحدث‬ ‫مع الناس البسطاء‪ ،‬ويتفرس في مالمحهم‪،‬‬ ‫ويتعرف على همومهم عن قرب‪ ..‬محفوظ‬ ‫كان يحب أن يكون موجودا وسط كتلة من‬ ‫البش��ر‪ ،‬لذلك كان يفضل الترام في تنقالته‬ ‫على التاكسي"‪.‬‬ ‫رؤي��ة الخراط يكملها ع��دد كبير من كتاب‬ ‫اإلسكندرية يحتفظون بذكريات خاصة مع‬

‫محف��وظ‪ ،‬فق��د كانت "عروس المتوس��ط"‬ ‫بالنس��بة ل��ه رحم��ه الروائ��ي الثان��ي بعد‬ ‫القاه��رة‪ .‬م��ن ه��ؤالء الكت��اب الروائ��ي‬ ‫محم��د الجمل والذي اصدر كتابا ش��يقا في‬ ‫هذا الس��ياق بعن��وان" نجي��ب محفوظ في‬ ‫ليال��ي س��ان س��تيفانو"‪ ،‬وهو فندق ش��هير‬ ‫باإلسكندرية‪ ،‬وللكاتب سعيد سالم بالمطبعة‬ ‫كت��اب ي��روي في��ه مالمح من جلس��ات‬ ‫وذكري��ات وحكاي��ات نجي��ب محفوظ في‬ ‫اإلسكندرية‪.‬‬ ‫وعل��ى النقي��ض م��ن واقع��ة مهرج��ان‬ ‫اإلس��كندرية المخجل��ة يحتف��ي مهرج��ان‬ ‫أب��و ظب��ى الس��ينمائي الدول��ي الخام��س‪،‬‬ ‫المنعق��د حاليا في الفترة م��ن ‪ 13‬إلى ‪22‬‬ ‫أكتوب��ر (تش��رين أول) الج��اري بمئوي��ة‬ ‫ميالد محفوظ‪ ،‬في احتفالية كبرى يش��رف‬ ‫عليها الخبير العراقي "إنتش��ال التميمى"‪،‬‬ ‫وتتضم��ن ع��رض مجموعة م��ن األفالم‪،‬‬ ‫المأخوذة ع��ن أعمال لمحف��وظ‪ ،‬وإصدار‬

‫"محفوظ"‪ ،‬ولم تس��تعد لالحتفال بمئويته‪،‬‬ ‫فمص��ر بعد ثورة ش��عبها العظيمة البد أن‬ ‫تدرك تلك القيمة‪ ،‬ولهذا أقترح على الدكتور‬ ‫عص��ام ش��رف‪ ،‬رئي��س مجل��س وزراء‬ ‫حكوم��ة الثورة‪ ،‬أن يقدم دلي�لاً جديداً على‬ ‫نجاحها بتش��كيل لجنة برئاس��ته لالحتفال‪،‬‬ ‫تضع خط��ة المئوية‪ ،‬وترصد لتنفيذ الخطة‬ ‫ماال يقل عن عشرة ماليين دوالر أمريكي‪،‬‬ ‫من أموال الش��عب المصري‪ ،‬واس��أل أي‬ ‫مواط��ن في الطريق العام س��وف يقول لك‬ ‫إن ه��ذا أقل الواجب في مثل هذه المناس��بة‬ ‫التي ال تتكرر إال كل مائة عام"‪.‬‬ ‫وينتق��د فريد م��ن يتحججون بع��دم مالئمة‬ ‫الظ��رف الراه��ن للب�لاد لالحتفالي��ة‪ ،‬وما‬ ‫تس��تلزمه من نفقات مادية قائ�لا‪" :‬وحتى‬ ‫الذين يتصورون أن هذه االحتفالية "جاتوه"‬ ‫في وقت يحتاج فيه الش��عب إلى "الخبز"‪،‬‬ ‫ال يعلم��ون أن مردود ما ينفق عليها يغطى‬ ‫التكلف��ة ويزيد‪ ،‬إذا اتبعت مص��ر ما تتبعه‬

‫كتاب عن��ه بالعربي��ة واإلنجليزية‪ ،‬وإقامة‬ ‫ن��دوة موس��عه ع��ن أدب��ه‪ ،‬كم��ا تتضم��ن‬ ‫االحتفالي��ة معرض��ا لملصق��ات األف�لام‬ ‫المأخوذة عن أعماله‪.‬‬ ‫احتف��اء مهرجان أبو ظب��ي بمحفوظ يعلق‬ ‫علية الناقد الس��ينمائي سمير فريد في مقال‬ ‫ل��ه قائال‪" :‬في أي بلد م��ن بالد العالم تملك‬ ‫كاتبا ً مث��ل "محفوظ"‪ ،‬وت��درك قيمته‪ ،‬يتم‬ ‫االس��تعداد لع��ام المئوي��ة قبلها بس��نوات‪،‬‬ ‫وتش��كل لجن��ة لالحتف��ال‪ ،‬برئاس��ة رئيس‬ ‫مجلس ال��وزراء‪ ،‬أو رئيس الجمهورية أو‬ ‫الملك‪ ،‬ويطلق اس��م الكاتب على مؤسس��ة‬ ‫كبي��رة‪ ،‬مث��ل معهد جوت��ه ف��ي ألمانيا‪ ،‬أو‬ ‫جائزة س��يرفانتس في أس��بانيا‪ ،‬وهل هناك‬ ‫اسم أعظم من شكسبير في بريطانيا"‪.‬‬ ‫وحول تأجي��ل االحتفالية من العام المضي‬ ‫إلى الع��ام الجاري يتابع فري��د بقوله‪" :‬إذا‬ ‫كانت مص��ر قبل ثورة يناير لم تدرك قيمة‬

‫ال��دول الحديثة في هذا الش��أن‪ ،‬فضالً عن‬ ‫الم��ردود الحضاري الذي ال يق��در بمال‪،‬‬ ‫كان��ت الثورة التي فجرها وقادها الش��باب‬ ‫عبر وس��ائل ما بعد الحداثة‪ ،‬قفزة تاريخية‬ ‫تفت��ح الطريق لمص��ر لكي تواك��ب التقدم‬ ‫اإلنس��اني في العال��م‪ ،‬وس��يكون االحتفال‬ ‫بمئوية "محفوظ" من نتائج الثورة‪ ،‬ودليالً‬ ‫على معنى الثورة في نفس الوقت"‪.‬‬ ‫ومن��ذ ع��ام وال��كالم يت��ردد ف��ي أوس��اط‬ ‫المثقفين‪ ،‬عن اس��تعدادات كبرى لالحتفال‬ ‫بمئوي��ة محف��وظ‪ ،‬وأنه��ا س��تنطلق م��ن‬ ‫اتجاهات عدة‪ ،‬من بينها مكتبة اإلسكندرية‪،‬‬ ‫وهيئات وزارة الثقاف��ة‪ ،‬والمراكز الثقافية‬ ‫األجنبي��ة في مصر‪ ،‬وأنها ستش��مل افتتاح‬ ‫متحف محفوظ بمسقط رأسه بحي الجمالية‬ ‫بالقاهرة‪ ،‬ومعرض��ا عنه يطوف عددا من‬ ‫ال��دول األوربي��ة‪ ،‬وأن ثم��ة لجن��ة علمية‬ ‫بالوزارة ستش��رف على ه��ذا العمل‪ ،‬حتى‬

‫يخرج بالشكل الالئق بقيمة محفوظ‪ ..‬لكن‪،‬‬ ‫وعل��ى غرار سياس��ة الباب الم��وارب‪ ،‬لم‬ ‫يص��در عن هذه اللجنة حت��ى اآلن برنامج‬ ‫أو خطة عمل توضح كيف س��يتم االحتفال‬ ‫بمئوية محف��وظ‪ ،‬وما هي مقوماتها الثقافية‬ ‫واإلعالمي��ة‪ ،‬خاص��ة أن ال��وزارة رفعت‬ ‫ش��عار أن الع��ام المقب��ل ‪ 2012‬هو"ع��ام‬ ‫محفوظ"‪ ،‬ما يعني أننا سنتحلق حول مائدة‬ ‫محفوظ على مدار عام‪ ،‬نس��ائله ويس��ائلنا‪،‬‬ ‫ونفيد منه‪ ،‬ونعيد اكتشاف واقعنا األدبي في‬ ‫إبداعه الرائد‪.‬‬ ‫يتحفظ سمير فريد على هذه اللجنة‪ ،‬ويعلق‬ ‫في مقاله قائال‪" :‬ال نريدها لجنة بيروقراطية‬ ‫عقيمة ذات ميزانية مدرس��ية تافهة‪ ،‬وإنما‬ ‫لجنة من الكبار في كل المجاالت‪ ،‬كل منهم‬ ‫بمثاب��ة رئي��س مجلس وزراء ف��ي مجاله‪،‬‬ ‫وخب��راء ف��ي هذا الن��وع م��ن االحتفاالت‬ ‫الوطني��ة الكبرى‪ ،‬فهل يتحق��ق هذا األمل‪،‬‬ ‫وتشكل هذه اللجنة اليوم قبل غد"‪.‬‬ ‫م��ن جهتهم دعا مؤسس��و جمعي��ة أصدقاء‬ ‫نجيب محفوظ إلى تكريمه شعبيا في ميدان‬ ‫التحري��ر مس��رح عملي��ات الث��ورة بقلب‬ ‫القاهرة احتف��اال بمئويته‪ ،‬وبرروا ذلك بأنه‬ ‫بمثاب��ة تعويض لجمه��وره العريض الذي‬ ‫لم يس��تطع المش��اركة في وداعة إلى مثواه‬ ‫األخير‪ ،‬حيث تمت الجنازة بش��كل رسمي‬ ‫بحت‪ ،‬وتصدرها الرئيس المصري السابق‬ ‫وكوكبة من رجال نظامه‪.‬‬ ‫وقال الفنان التشكيلي محمد حسن الشربيني‪،‬‬ ‫أح��د مؤسس��ي الجمعي��ة‪ ،‬إنهم يش��عرون‬ ‫باألسي‪ ،‬فحتى اآلن لم يتم اإلعالن بعد عن‬ ‫أي تحركات رسمية من قبل وزارة الثقافة‬ ‫المعنية بش��ئون الثقاف��ة والمثقفين من أجل‬ ‫االحتفال بنجيب محفوظ‪ ،‬هذا الروائي الفذ‬ ‫الذي دافع ع��ن قيم الحرية والحق والعدالة‬ ‫ف��ي كل كتاباته وهي نف��س القيم التي رفت‬ ‫شعاراتها وطالبت بها ثورة ‪ 25‬يناير‪.‬‬ ‫وكشف الشربيني عن اجتماع تم نهاية العام‬ ‫الماض��ي بين أعضاء الجمعي��ة والدكتور‬ ‫عماد الدين أبو غازي وزير الثقافة الحالي‬ ‫وال��ذي كان حينها أمين��ا للمجلس األعلى‬ ‫للثقافة لالتفاق على مالمح االحتفال بمئوية‬ ‫محفوظ‪ ،‬والتي أجلت بسبب الظروف التي‬ ‫واكبت الثورة‪.‬‬ ‫وانتقد الش��ربيني عدم وج��ود الحد األدنى‬ ‫م��ن االهتمام وإعطاء محفوظ حقه باحتفال‬ ‫الئ��ق‪ ،‬الفتا إل��ى أن هناك نش��اطات عدة‬ ‫يمك��ن القي��ام به��ا دون الحاج��ة لتحضير‬ ‫وميزاني��ات كبي��رة مراعاة لظ��روف البلد‬ ‫الحالي��ة‪ .‬منها على س��بيل المثال أن تضع‬ ‫القن��وات المصرية لوجو (ش��عار) للمئوية‬ ‫لفترة محددة لتذكير الجمهور بها‪ ،‬وإصدار‬ ‫طوابع بريد تذكارية عليها صورة محفوظ‬ ‫‪ .‬وإصدار طبعات شعبية من أعماله‪.‬‬ ‫لكن كيف يتحول االحتفال بمئوية محفوظ‬ ‫إلى عرس شعبي‪ ،‬يتخطى نطاق العاصمة‬


‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫وموائد النقاد واألطر الرس��مية‪ ،‬ليصل إلى‬ ‫البسطاء في القرى والمدن والنجوع يجيب‬ ‫الش��اعر الكاتب عفيفي أس��امه عفيفي‪ :‬هذا‬ ‫مهم ‪ ،‬خاص��ة أن أدب محفوظ مليء بالقيم‬ ‫البصري��ة والجمالي��ة والش��عبية‪ .‬ومن ثم‪،‬‬ ‫فمه��م جدا أن تخلق ه��ذه االحتفالية حوارا‬ ‫مجتمعي��ا حول أدب محف��وظ ‪ ،‬ومن المكن‬ ‫أن يتم ذلك بأشياء بسيطة‪ ،‬منها على سبيل‬ ‫المث��ال ال الحصر‪ ،‬ع��رض مختارات من‬ ‫األف�لام الس��ينمائية المأخوذة ع��ن أعماله‬ ‫عل��ى شاش��ة ع��رض بس��يطة ف��ي القرى‬ ‫والنج��وع‪ ،‬أيض��ا عق��د ورش أدبي��ة ف��ي‬ ‫قصور وبيوت الثقافة تناقش أدب محفوظ‪،‬‬ ‫وكذلك تخصيص يوم باسمه" يوم محفوظ"‬ ‫في المدارس والمعاهد والجامعات‪ ،‬يتم من‬ ‫خالل��ه إلق��اء الضوء على مس��يرة محفوظ‬ ‫األدبي��ة‪ ،‬ودوره ف��ي تطوي��ر ف��ن الرواية‬ ‫العربي��ة‪ ،‬ومن الممكن أن يش��ارك في كل‬ ‫هذه النش��اطات فري��ق من الكت��اب والنقاد‬ ‫والمثقفين‪.‬‬ ‫واستبقت سفارة الس��ويد بالقاهرة االحتفال‬ ‫بمئوية محف��وظ بمحاضرتين حول "جائزة‬ ‫نوب��ل ونجيب محف��وظ"‪ .‬ألقاهما في مكتبة‬ ‫اإلس��كندرية والجامع��ة األمريكية بالقاهرة‬ ‫البروفيس��ور الس��ويدي‪،‬عضو األكاديمية‬

‫الس��ويدية‪ ،‬ستور آلين‪ ،‬الذي كان السكرتير‬ ‫الدائ��م لألكاديمية الس��ويدية‪ ،‬عضو اللجنة‬ ‫األدبي��ة لجائ��زة نوب��ل ع��ام ‪ ،1988‬الذي‬ ‫حصل فيه محفوظ عل��ى الجائزة‪ .‬كما زار‬ ‫آلي��ن أس��رة نجي��ب محف��وظ‪ ،‬واصطحبه‬ ‫الروائي جمال الغيطانى في زيارة إلى قلب‬ ‫القاهرة القديمة وح��ى الجمالية والذين كانا‬ ‫مصدر الهام لمعظم روايات نجيب محفوظ‬ ‫‪.‬‬ ‫ويكش��ف الروائي يوس��ف القعيد‪ ،‬في مقال‬ ‫ل��ه الكثي��ر م��ن الحقائ��ق الملتبس��ة حول‬ ‫االحتفالي��ة‪ ،‬مش��يرا إل��ى أنه كان��ت هناك‬ ‫خطط ومشروعات وأحالم كثيرة لالحتفال‬ ‫به��ذه المناس��بة‪ ،‬ولك��ن التط��ورات الت��ي‬ ‫عرفتها مصر لم تمكن أحدا من تنفيذ ما كنا‬ ‫نحل��م به‪ ..‬يقول القعي��د‪" :‬أتصور أنه علينا‬ ‫االنته��اء من الب��كاء على اللبن المس��كوب‬ ‫وعلى الس��نة التي مضت دون إنجاز ش��ئ‬ ‫والتخطيط الدقيق للس��نة التي ل��م تبدأ بعد‪،‬‬ ‫لم��اذا ال نفك��ر عل��ى ه��ذا النح��و؟ ونقول‬ ‫ألنفس��نا ولآلخرين أن هذه الس��نة يمكن أن‬ ‫تبدأ في ديس��مبر اآلتي وتنتهي في ديسمبر‬ ‫بعد القادم"‪.‬‬ ‫ويح��دد القعي��د مجموع��ة م��ن الركائ��ز‬ ‫األساسية لالحتفالية‪ ،‬يرى أنها قابلة للتنفيذ‬

‫‪15‬‬

‫أن يكون لها عائد مادي ضخم بالنسبة لهم‪،‬‬ ‫لك��ن ل��م يتحرك أح��د منهم ال بمف��رده وال‬ ‫بالتع��اون مع اآلخرين من أجل االس��تثمار‬ ‫السياحي الثقافي‪.‬‬ ‫أما الركيزة الثالثة التي يتحدث عنها القعيد‬ ‫فهي مؤتمر دولي كبير يليق بالمناسبة يقيمه‬ ‫المجلس األعل��ى للثقافة‪ ..‬ويذكر القعيد هنا‬ ‫مش��روع صالون نجي��ب محفوظ بالمجلس‬ ‫والذي دش��نته لجن��ة القصة خالل رئاس��ة‬ ‫المرح��وم خي��رى ش��لبى وقد عق��د بعض‬ ‫ندواته وكان آخرها ندوة عن س��ينما نجيب‬ ‫محفوظ‪ ،‬خطط��ت لها وأدارته��ا الدكتورة‬ ‫أماني فؤاد وشهدت حضورا كثيفا لم تشهده‬ ‫ندوة من ندوات المجلس من قبل‪.‬‬ ‫لك��ن‪ ،‬على ضوء ه��ذا كله‪ ،‬يبقي الس��ؤال‬ ‫مفتوح��ا أمام المس��ئولين ب��وزارة الثقافة‪،‬‬ ‫وأمام المثقفين أنفس��هم وه��و‪ :‬كيف نجعل‬ ‫من االحتفال بمئوية محفوظ عرس��ا ثقافيا‪،‬‬ ‫نعي��د فيه الق��راءة والتأمل وطرح األس��ئلة‬ ‫ح��ول واق��ع ثقافي أصبح ف��ي واد‪ ،‬ورياح‬ ‫الث��ورة في واد آخ��ر؟!‪ ..‬من أجل أن نحفظ‬ ‫عمي��د الرواية العربية م��ن مالحقة "عبث‬ ‫األقدار"‪.‬‬

‫منها أوال‪ :‬متحف نجيب محفوظ‪ ،‬وقد استقر‬ ‫ال��رأي على أن يقام في وكالة محمد بك أبو‬ ‫الدهب‪ ،‬وإجراءات تخصيص المكان قائمة‬ ‫ومدي��ر المتح��ف المخ��رج الكبي��ر توفيق‬ ‫صال��ح يعمل‪ ،‬والمهم أن يت��م افتتاحه عبر‬ ‫الس��نة التي تبدأ في ديس��مبر القادم‪ ،‬بوضع‬ ‫حجر األس��اس في عيد ميالده القادم‪ ،‬على‬ ‫أن يصب��ح متحفا لنجي��ب محفوظ ومختبرا‬ ‫للس��رديات العربية تصدر عنه دورية تبدأ‬ ‫من االهتمام بنجيب محفوظ وتصل إلى كل‬ ‫أشكال السرد المصري والعربي والعالمي‪.‬‬ ‫أم��ا الركي��زة الثانية بحس��ب القعي��د‪ ،‬فهي‬ ‫مش��روع المزارات المحفوظية‪ ،‬ويذكر أن‬ ‫محافظي القاهرة السابق والحالي متحمسان‬ ‫ل��ه‪ ،‬مش��يرا إل��ى أن خرائ��ط ورس��ومات‬ ‫األماك��ن الت��ي ع��اش فيها نجي��ب محفوظ‬ ‫وكتب عنها وارتبطت باسمه موجودة لدى‬ ‫المحافظ��ة من��ذ أن أعده��ا الصديق جمال‬ ‫الغيطانى للبدء في العمل الذي مازال حتى‬ ‫اآلن حبرا على ورق‪.‬‬ ‫وهن��ا يب��دى القعيد اندهاش��ه م��ن تقاعس‬ ‫أصحاب المقاهي التي تعود نجيب محفوظ‬ ‫أن يجل��س عليها‪ ،‬وله ذكري��ات فيها‪ ،‬الفتا‬ ‫إلى أن محاولة تذكره من قبل أصحاب هذه ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المقاهي‪ ،‬خاصة في سياق االحتفالية يمكن كاتب من مصر‬

‫األمن ليس بوجوه مكفهرة أو حبمل أسلحة ختيفنا‬ ‫زهرة الشيخي‬ ‫أخي��را و بعد عقود س��تبدأ ليبيا النه��وض ‪,‬و هذا بفضل هللا و‬ ‫ثوارها الش��باب بع��د أن أُلُق��ي القبض علي الطاغ��ي الظالم‬ ‫و قتل��ه أيض��ا ‪ ،‬هذا الخب��ر لم نكن لنصدقه ف��ي األول و ظن‬ ‫اغلبنا أن الخبر إش��اعة مثل اإلشاعات التي سبقت ذلك الخبر‬ ‫‪ ,‬لوال أن رأينا لحظة اعتقاله بالفيديو و الصور‪ .‬فرحة عارمة‬ ‫عُق��د عليه��ا الكثير من الن��ذور و المراهن��ات ‪ ,‬و أصبح حقا‬ ‫عل��ي الجمي��ع أن يهنأ و يعيش دولة نباه��ي بها بقية الدول ‪،‬و‬ ‫ظللنا نكرر المش��اهدة أكثر من مرة في دهشة و فرح خالطها‬ ‫حزن علي آالف الش��هداء الذي��ن كانوا ينتظرون هذه اللحظة‬ ‫التاريخية‪ ،‬و التي سنحكيها ألجيالنا جيل بعد آخر ‪..‬‬ ‫هنيئا ألمهات الش��هداء و لعائالتهم بمقتل المجرم قاتل أبنائهم‬ ‫إلي جهنم دار الخلد له إن شاء هللا ‪..‬‬ ‫• مستقبل ليبيا‬ ‫الكثي��ر من��ا اآلن يتحدث عن م��ا بعد ذلك ‪,‬عن مس��تقبل ليبيا‬ ‫الجديدة كيف س��يكون يا تري ؟؟ ‪..‬هناك الكثير من التفاؤل و‬ ‫االبته��اج ‪ ,‬و الكثير عقد الع��زم علي بذل المزيد و المزيد من‬ ‫اج��ل ليبي��ا ‪ ...‬في األول لزام علين��ا مواصلة العطاء ليس‬ ‫بس��احات الحروب و علي خطوط النار الدامية ‪..‬بل بساحات‬ ‫العم��ل و البناء ‪..‬و ألن األمن أهم المهام ‪,‬آن لقوي الش��رطة‬ ‫و الجيش أن تنش��ر عناصرها لنش��عر باألمان ‪..‬أبسطها أن ال‬ ‫ن��ري تع ّدي علي أش��ارات المرور و الذي ب��ات أمرا معتادا‬ ‫يح��دث أمامن��ا كل يوم ‪ ..‬و أهمها اس��تعادة األس��لحة إال في‬ ‫بع��ض المواقع التي نحتاج فيها إل��ي رفعه ‪..‬يوم أمس رأيت‬ ‫بالمستش��في أحد الزوار يحمل علي كتفه ( الكالش��نكوف ) و‬ ‫بلباس��ه العس��كري داخل القسم ‪ ..‬أما كان عليك أيها الثائر أن‬ ‫تحمل ورداً بدل السالح إلي المستشفي !! ‪ ..‬وكمالحظة أرجو‬ ‫أن يتقبلها منّي س��ائقي الس��يارات التي تحمل األسلحة الثقيلة‬ ‫كالج��راد أو مض��ادات الطيران في الش��وارع عليهم تغطية‬ ‫السالح ‪ ..‬ال نريد أن نعتاد أكثر علي هذه المناظر لتأثيرها في‬ ‫نفوسنا و نفوس صغارنا ‪..‬‬

‫• األمن ‪ ..‬األمن‬ ‫منذ أش��هر عند دخولي المستش��في –حيث أعمل – استوقفني‬ ‫أحد رجال األمن و الس�لاح علي كتفه عند المدخل و س��ألني‬ ‫ع��ن ما أحمل في حقيبت��ي ؟؟ ‪..‬فانتابني ش��عور غريب ؟؟ و‬ ‫س��اورني ش��ك فيما أحمل ؟؟ فأجبته ‪ :‬جهاز كمبيوتر و هاتف‬ ‫محمول!! و لم يتركني حتى رأي ذلك !! فتأس��ف و ذهب ‪...‬‬ ‫الموقف انقضي في وقته ‪ ..‬لكنني ظللت أس��أل نفس��ي ماذا‬ ‫كان يظن أن أحمل ‪..‬مسدسا ً أم متفجرات ؟؟ ‪..‬‬ ‫األمن ليس بوجوه مكفهرة أو بحمل أس��لحة تخيفنا ‪ ,‬نحتاج أن‬ ‫نستشعر طمأنينة و أمان من دواخلنا‬ ‫• األلغام ‪ ..‬األلغام‬ ‫و ال ننسي قضية األلغام التي دفنت ‪ ..‬لم نعد نسمع مستجدات‬ ‫عن هذا الموضوع ‪,‬ألم تعد هناك‬ ‫دوريات للبحث و تمشيط لألراضي الملغومة !!‬ ‫كل ه��ذه المواضي��ع مهمة لنش��عر األمان ‪ ..‬كما أنني أس��أل‬ ‫الليبيي��ن و الليبي��ات الصب��ر ‪ ..‬هناك أش��ياء عاجلة و أخري‬ ‫مؤجل��ة ‪..‬العاجلة منها العناية بالجرحى و المصابين و متابعة‬ ‫أحواله��م في الخارج حتى بإرس��ال تقارير يومية عن طريق‬ ‫س��فاراتنا بال��دول ‪ ,‬فالعالم أصب��ح اقرب مم��ا نتصور عبر‬ ‫ش��بكات االنترن��ت ‪ ..‬بعد أن س��معنا باإلذاع��ات عن إهمال‬ ‫مرضانا الثوار في الخارج‪..‬‬ ‫• ‪ ..‬والمقودين ‪ ..‬المفقودين يا مجلسنا الموقر‬ ‫و قضية المفقودين أمر أش��د صعوبة ‪.‬فالكثير من العائالت ال‬ ‫تزال تنتظر بأمل باهت عودة أبنائها‬ ‫الكثير يتكلم عن كراس��ي و مناصب ‪..‬آخرين يتس��اءلون عن‬ ‫ورق العملة ‪..‬لما لم تتغير إلي اآلن ؟ ‪ ..‬و آخرين يتكلمون عن‬ ‫زيادة في المرتبات الش��هرية بأرقام خيالية ‪ ..‬و أحالم و آمال‬ ‫كثيرة تراود الناس و يرغبون تحقيقها بين ليلة و ضحاها ‪..‬‬ ‫أتمني أن تُبني دولة نحيا فيها آمنين مطمئنين ننعم بخيراتها ال‬ ‫من مظلوم علي أرضها ‪ ,‬نمارس فيها حقوقنا و أداء الواجب‬

‫فيها أمر مق ّدس ‪..‬و س��يادة العدل علي الجميع ال فرق فيه بين‬ ‫مدي��ر أو غفي��ر ‪..‬نُكرم المجتهد و نعاق��ب المخطئ بعيدا عن‬ ‫المجامالت ‪.‬‬ ‫أتمني أن ال ننسي شهدائنا و أهاليهم ‪,‬الشهداء هم الدروع التي‬ ‫سدت الشر عنّا ‪.‬‬ ‫• أكرموا من بالسجن يكرمكم هللا‬ ‫أتمن��ي أن تخلو الس��جون م��ن رواده��ا ‪..‬و أن كان هناك من‬ ‫مس��جون البد من إكرام آدميته ‪..‬و يكون الس��جن مكانا ً لتقويم‬ ‫و تهذي��ب األخالق و تأهيل القدرات ‪..‬فما رأيناه من تجويع و‬ ‫تعذيب البشر داخل سجون القذافي أمر تقشعر منه األبدان ‪.‬‬ ‫أتمن��ي أن تس��تمر الجمعي��ات الخيري��ة في دعمه��ا للعائالت‬ ‫المحتاج��ة ‪,‬الكثير من العائالت فقدت منازلها و ممتلكاتها ‪ ,‬و‬ ‫ال ننسي بأننا علي أبواب فصل الشتاء و عام دراسي جديد‪.‬‬ ‫أتمني انتش��ار الوع��ي و النظام في تعامالتن��ا مع بعضنا فال‬ ‫تم��س بناتنا في الش��وارع بألفاظ مؤذية ‪..‬ال ن��ري طوابير و‬ ‫فوضي ‪..‬ال نري متسولين ‪..‬ال نري أكوام قمامة علي أرصفة‬ ‫الطرقات ‪..‬‬ ‫• وأكرموا أطفالنا ‪.‬‬ ‫أتمن��ي تحمل العائالت بجدية مس��ؤولية االهتمام باألطفال أو‬ ‫الجي��ل الجدي��د و تربيتهم علي النظ��ام و حب الوطن ‪..‬و حب‬ ‫النظافة و الرياضة ‪ ,‬و أن يمنح الطالب فرص للعطاء داخل‬ ‫مدارسهم و إقامة المنتديات الجدية النافعة و الجرائد الحائطية‬ ‫و المسرحيات و معارض رسم و زراعة الشتالت و االهتمام‬ ‫بها داخل المدرسة ‪..‬بحيث تمتلئ كل أوقات فراغهم بما يعود‬ ‫بالفائدة عليهم ‪..‬‬ ‫الحقيقة‪ ..‬يجب أن ال ننتظر من مجلس أو مؤسسة أو منظمة‬ ‫تقوم بذلك ‪ ..‬البداية البد أن تكون من أنفس��نا فالعبء كبير و‬ ‫الحمل ثقيل ‪ ..‬و هللا الموفق‪.‬‬


‫‪16‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫احلياة يف اجملتمع السعودي‬

‫من خالل رواية “ال تشته امرأة جارك”‪ 1‬حملمد املرزوق‬ ‫شكيب أريج‬ ‫‪ 1‬بــــــــدءا‪:‬‬‫شدت الرواية في السعودية االنتباه إليها مؤخرا‬ ‫لج��دة تناوله��ا‪ ،‬وخصوصي��ة عوالمها وبروز‬ ‫أقالم ابتعدت عن السائد المطروق‪.‬‬ ‫ومن قبل لفتت انتباهي في غير ما مرة التحوالت‬ ‫الطارئ��ة في هذا المجتمع على مس��توى عالقة‬ ‫األفراد بذواتهم وبالمجتمع المحافظ‪ ،‬وألش��د ما‬ ‫تلفت المفارقات واالزدواجيات االنتباه بش��كل‬ ‫طافح‪.‬‬ ‫وق��د كانت الرواية باعتبارها جنس��ا أدبيا أتبت‬ ‫قدرته عل��ى االنتع��اش في حض��ن التحوالت‬ ‫االقتصادية واالجتماعي��ة والفكرية والحقوقية‬ ‫أقدر جنس –في المرحلة الراهنة‪ -‬على التعبير‬ ‫عن واقع حال المجتمع الس��عودي‪ .‬خاصة وأن‬ ‫الرواية تجد مناخا صالحا الستنباتها أينما وجد‬ ‫ضغط وقمع ومصادرة‪.‬‬ ‫محم��د المرزوق واحد من األق�لام التي آثرت‬ ‫الف��ن الروائ��ي للتعبير عن مجتم��ع غارق في‬ ‫مثاليات��ه‪ ،‬وه��و إذ يطل علينا م��ن خالل نافذة‪/‬‬ ‫رواية "ال تشته امرأة جارك" يحيلنا على واقع‬ ‫اجتماعي س��عودي عبر تص��ور واقع تخييلي‪،‬‬ ‫يحتف��ظ للرواية بجمالياته��ا الخاصة وينأى بها‬ ‫عن الصيغ التقريرية‪.‬‬ ‫الرواي��ة ص��ادرة عن منش��ورات الغ��اوون‪،‬‬ ‫وعنوانه��ا يم��ارس فع��ل الغواية م��ن خالل "‬ ‫إتاح��ة الفرص��ة للق��ارئ الرتكاب الش��ر‪ ،‬أي‬ ‫لتحقي��ق أحالم��ه الخبيثة‪ ،‬في إط��ار من إبراء‬ ‫الذمة ينس��بها للكات��ب"‪ 2‬يتخذ العن��وان موقفا‬ ‫هجومي��ا في إط��ار هذه الظرفية التي اتس��مت‬ ‫باته��ام الروايات حت��ى قبل قراءته��ا‪ ،‬فيهاجم‬ ‫منظومة تتعس��ف في مراقبة ومحاكمة األماني‬ ‫واألحالم والنوايا‪ ،‬وتفترض أن العنوان والمتن‬ ‫مشبوهان حتى يثبت أنهما مدانان‪.‬‬ ‫صورة الغالف المتضمنة لشاب متشح بالسواد‬ ‫يش��يح بوجه��ه تعضد ه��ذا المعن��ى وتؤكد أن‬

‫الرواي��ة إنما هي االبن العاق من حيث ش��كلها‬ ‫الهجين‪ ،‬ومن حيث مضمونها الكاشف الفاضح‪.‬‬ ‫‪ 2‬ما تقوله الرواية عن الجيل األول‪:‬‬‫الس��رد في رواية " ال تشته امرأة جارك" يمر‬ ‫واصف��ا مدققا في التفاصي��ل الصغيرة‪ ،‬مركزا‬ ‫ف��ي الفصول األول��ى على ش��خصية علي بن‬ ‫جاب��ر‪ ،‬واصفا من خالله جيال كانت البس��اطة‬ ‫والمحافظة أهم سماته البارزة‪.‬‬ ‫لن تق��ول عنه الرواي��ة أكثر من أن��ه "‪..‬احتل‬ ‫بصم��ت على مدى س��نوات موقعه في الصف‬ ‫األول(‪ )..‬يظه��ر غضب��ه حي��ن ال ي��رى أمام‬ ‫الجماع��ة‪ ،‬يش��عر أنه أضاع آالف الحس��نات‪،‬‬ ‫يصلي وح��ده وجبينه مقطب‪ ،‬ويس��تغفر هللا!"‬ ‫(ص‪ )11‬وتوج��ز الرواي��ة يومياته في كونه "‬ ‫يتناول فطوره خبزا وش��ايا‪ .‬ثم قبل الظهر إلى‬ ‫الحس��ينية‪ ،‬يس��تمع إلى خطيب يبكي الحضور‬ ‫يوميا على ما حدث ف��ي كربالء‪ .‬يتأوه‪ ،‬يبكي‪،‬‬ ‫تدمع عين��ه بغزارة‪ ،‬يصرخ‪ " :‬واحس��يناه" "‬ ‫(ص‪)11‬‬ ‫يبدو الحاج علي ب��ن جابر محافظا أكثر حين"‬ ‫يس��تغفر هللا حي��ن يصدم أذنه ص��وت أم كلثوم‬ ‫أو عب��د الوهاب" (ص‪ )12‬وم��ن الطبيعي أن‬ ‫يش��مل التركيز عل��ى هذه الش��خصية التركيز‬ ‫عل��ى عالقت��ه بزوجته‪ ،‬فبع��د أن أفنت عمرها‬ ‫في خدمته " دمع��ت عيناه على زوجته‪ ،‬ولكنه‬ ‫مس��حها في س��رعة حت��ى ال يالحظه��ا أحد"‬ ‫(ص‪.)15‬‬ ‫هو الحاج علي بن جابر الش��خصية التي تعتبر‬ ‫توطئ��ة للرواية‪ ،‬تؤكد على تجدر القيم ورفض‬ ‫التغيي��ر واإلص��رار عل��ى أن كل قديم مقدس‪،‬‬ ‫حتى قواعد البيت الخرسانية المنخورة يرفض‬ ‫التس��ليم بأن تغييرها أصبح أمرا حتميا‪ .‬وحتى‬ ‫جه��از التكييف لن يفرح به حين اش��تراه ابنه‪:‬‬ ‫" ح��زن على الحجارة الت��ي أزيلت من الجدار‬ ‫ووضع مكانها مكيف الهواء"(ص‪ )20‬تدريجيا‬

‫س��يتضح أن الحاج علي بن جابر أصبح يعيش‬ ‫في زمن غير زمنه‪ .‬هكذا تنتقل بؤرة السرد من‬ ‫ش��خصية إلى ش��خصية‪ ،‬ومن زمن إلى زمن‪،‬‬ ‫وم��ن جيل إلى جيل‪ " :‬تس��اءل علي بن س��عيد‬ ‫بن علي بن جابر‪ ،‬في زمن ذاب فيه جس��د جده‬ ‫المدف��ون في قبر ل��م يتبق منه غير ش��اهد من‬ ‫جدع نخل��ة‪ ،‬علق عليه لوح خش��بي‪ ،‬كتب فيه‬ ‫بخط طفل تعلم لتوه رس��م الح��روف‪ ،‬هذا قبر‬ ‫الحاج عل��ي بن جابر‪ ،‬تس��اءل وهو ينظر إلى‬ ‫ابنه مشغوال بشجار توم وجيري‪ " :‬هل سيكون‬ ‫مصيري مثله؟" "(ص‪.)31‬‬ ‫‪ 3‬ما تقوله الرواية عن عالم الحريم‪:‬‬‫أ‪ -‬المرأة النموذجية‪:‬‬ ‫"ال تش��ته امرأة جارك" عنوان يوجه األذهان‬ ‫إل��ى أنه��ا رواية حري��م بامتياز‪ ،‬غي��ر أنه من‬ ‫التعسف اختزال الرواية في جانبها (الحريمي)‬ ‫فه��و جانب حاضر بمقدار ضرورته وقوته في‬ ‫المجتمع‪ ،‬فبموازاة مع حضور شخصية "علي‬ ‫بن جاب��ر" كان لزاما التط��رق للنصف اآلخر‬ ‫لهذا الرج��ل‪ :‬زوجته "خديج��ة" التي وصفت‬ ‫بأنه��ا " مطيع��ة ح��د الهوس‪ ،‬من��ذ أول خطوة‬ ‫وط��أت منزله‪ ،‬تنطرح حي��ث ينطرح‪ ،‬تنهض‬ ‫حي��ث لم يجلس بعد‪ ،‬ت��أكل ما يخلفه من طعام‪،‬‬ ‫وتغس��ل يده قبل أن تنه��ي طعامها" (ص‪)14‬‬ ‫تلك كانت طباع المرأة في الجيل األول أما عن‬ ‫أم حت��ى أنه ليس من المبالغ��ة القول‪ " :‬يخالج‬ ‫قلبه��ا أنه يعاملها مثل جارية تس��تغفر هللا على‬ ‫هذا الظن‪ ،‬جهاد المرأة حس��ن تبعلها‪ ،‬قالت لها‬ ‫أمها‪( ".‬ص‪)15‬‬ ‫الم��رأة النموذجي��ة ترتس��م في أح�لام وأماني‬ ‫خديج��ة " ممتلئة الجس��د‪ .‬تع��رف أن الرجال‬ ‫يش��تهون المرأة الممتلئة" (ص‪ " )14‬ش��عرها‬ ‫أسود ويصل إلى وركها" (ص‪.)15‬‬ ‫ب‪ -‬قناعات وتمثالت هي مسلمات‪:‬‬ ‫تحتشد في الرواية جملة من القناعات والتمثالت‬ ‫التي تش��كل ثقافة الحريم الس��ائدة‪ ،‬خاصة حين‬ ‫يتوقف الس��رد عند "صباح بنت جاسم" زوجة‬ ‫" س��عيد بن علي بن جاب��ر" تزوجت صغيرة‪،‬‬ ‫لم تتجاوز الخمس��ة عش��ر عام��ا‪ .‬أبوها وافق‬ ‫عل��ى زواجه��ا م��ن دون أن يفك��ر ف��ي األمر‬ ‫مرتين"(ص‪.)37‬‬ ‫يس��تمر الس��رد في مالحق��ة تفاصيل اس��تعداد‬ ‫العروس لزواج س��تكون ه��ي الطرف األخير‬ ‫فيه ف��ي ظل عادات وتقالي��د موروثة بصرامة‬ ‫متناهي��ة تس��هر عليها األمه��ات والعواجيز‪" :‬‬ ‫العجوز تح��رك المبخرة عند أنف صباح وهي‬ ‫تصلي على النبي‪ ،‬وتتوس��ل هللا أن يكف أعين‬ ‫الحاسدات‪( "..‬ص‪)41‬‬ ‫تتواص��ل طقوس الزفة لتض��ع القارئ في قلب‬ ‫مش��اهد بالغة المحلي��ة والخصوصية‪ ،‬ففي ليلة‬ ‫الدخل��ة " لم تحضر أمه��ا‪ ،‬ال يمكن أن تحضر‬ ‫األم م��ع ابنتها في ليلة دخلته��ا‪ ،‬قانون لم يكتبه‬ ‫أحد‪ ،‬لك��ن الجميع يعلم به‪ .‬س��تعود صباح إلى‬

‫بيت أبيها بعد خمسة أيام لزيارتهم" (ص‪)42‬‬ ‫تغرق الرواية ف��ي التفاصيل‪ ،‬لكنها تفاصيل ال‬ ‫تبعث على الملل ما دامت تفتح أسئلة االختالف‬ ‫بين جي��ل وجيل‪ ،‬وبين مجتم��ع ومجتمع وبين‬ ‫حري��م وحريم‪ .‬تق��دم الرواية تفاصيل النس��وة‬ ‫وانشغاالتهن في أمور الحمل والوالدة‪ " :‬تقول‬ ‫لها النسوة س��ترزقين بولد‪ .‬ألن الجنين ينام في‬ ‫أسفل البطن" (ص‪ )39‬إن النساء األكثر مراسا‬ ‫وتجربة ال يمكن مناقش��ة مسلماتهن خاصة إذا‬ ‫اعتب��رت الجني��ن الول��د " يمنح أم��ه نورا في‬ ‫وجهها"(ص‪ )33‬و"البنت تس��بب س��وادا عند‬ ‫رقب��ة األم وتذه��ب بنور وجهه��ا!" (ص‪)33‬‬ ‫يتواص��ل إبراز التمييز بين الولد والبنت إمعانا‬ ‫في الفضح والكشف أكثر عن مجتمع ذكوري‪،‬‬ ‫فس��عيد زوج صب��اح "يصر ف��ي دعائه هللا أن‬ ‫يك��ون حملها ول��دا" (ص‪ )34‬وطبع��ا منطقه‬ ‫الذك��وري المتحامل ل��ن يقتنع ب��أن " الرحمة‬ ‫دائمة بينما النعمة زائلة" (ص‪)34‬‬ ‫ج‪ -‬تبعية عمياء‪:‬‬ ‫ترتس��م صورة تبعية المرأة للرجل‬ ‫ ‬ ‫ف��ي كثير من المواق��ف لتدل عل��ى أن التغيير‬ ‫المجتاح تقف أمامه صخور صلدة وستدل على‬ ‫ذلك العالقة بي��ن األم وصباح وابنها علي فهي‬ ‫" تك��ره الحديث في السياس��ة‪ ،‬تكره أن تعطي‬ ‫رأيه��ا في مطالب النس��اء بحقوقهن‪ ،‬قالت مرة‬ ‫إن ذلك خروج على الدين‪ .‬رددت كالم زوجها‬ ‫ع��ن إن هات��ي النس��وة ال يخف��ن هللا ويخرجن‬ ‫متبرجات من منازلهن‪( "..‬ص‪.)75‬‬ ‫وألن أم عل��ي ال تفه��م الفائدة م��ن وراء الكتب‬ ‫الت��ي يقرؤها‪ ،‬فابنها س��يضطر للك��ذب عليها‬ ‫كلما ضبطته متلبس��ا بقراءة كتاب " تسأله ماذا‬ ‫تقرأ؟ فيقول لها‪ :‬القرآن؟ أمه تحب القرآن‪ .‬وجد‬ ‫هذه اإلجابة كافية إلس��كات أمه بعض الوقت"‬ ‫(ص‪.)78‬‬ ‫د‪ -‬السواد المليء باللحم‪:‬‬ ‫يقول " ش��ارل بودلير " نحب النس��اء بقدر ما‬ ‫يزي��د اختالفهن عن��ا" ‪ 3‬أما في حال��ة الحريم‬ ‫بالمجتمع الس��عودي فينتفي الحب والكراهية ما‬ ‫دامت النساء " في شوارع المدينة ملفوفات في‬ ‫الس��واد" (ص‪ ،)64‬إذن هو التش��ابه في اللون‬ ‫الذي ال يستطيع أن يقمع الرغبة في الشعور أن‬ ‫"السواد مليء باللحم" (ص‪.)64‬‬ ‫تتطرق الرواية إلى العالقة التي يمكن أن تتولد‬ ‫في مثل هكذا بيئة‪ ،‬فعلي بطل الرواية الذي "لم‬ ‫ي��ر بنات عمه منذ بلغن التاس��عة من عمرهن"‬ ‫(ص‪ )64‬س��يكون مطالبا باالنخراط في قواعد‬ ‫ه��ذا المجتمع الصارمة "بن��ات خاالته تتهربن‬ ‫من وجهه حي��ن يدخل إلى البيت‪ .‬قالت له أمه‪:‬‬ ‫علي��ك أن تتنحنح" (ص‪ )64‬مفروض عليه أن‬ ‫ال يتكلم مع امرأة غير والدته وأخواته وخاالته‬ ‫وعمات��ه‪ :‬أما بقية النس��اء ف��ـ" ال يراهن‪ ،‬يرى‬ ‫عب��اءة س��وداء" (ص‪ )65‬وحي��ن يتحدث مع‬ ‫ام��رأة أمام ب��اب المنزل " يش��يح بوجهه نحو‬


‫‪17‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫الج��دار ويرد على أس��ئلتها‪ ،‬أس��ئلة تخرج من‬ ‫سواد وإجابات تتجه إلى جدار" (ص‪.)65‬‬ ‫إن س��ؤال الحري��م المل��يء بالمحاذي��ر‬ ‫والمحظورات يعيدنا رأس��ا إلى عنوان الرواية‬ ‫المفع��م بالتم��رد واالحتجاج والنق��د الصامت‪.‬‬ ‫انه س��ؤال يقص��ف مضاجع ح��راس األخالق‬ ‫وشرطة اآلداب‪ ،‬لذا فهو أساسا سؤال مرفوض‬ ‫ومصادر وممنوع‪.‬‬ ‫‪ 4‬م���ا تقول���ه الرواية عن حي���وات علي بن‬‫سعيد‪:‬‬ ‫أفاضت الرواية في استجالء حيوات شخصيات‬ ‫من باب تتبيث الرؤية على ش��خصية ستستأثر‬ ‫بالسرد ما يفوق ثلثي الرواية‪ .‬ثم إن التدرج في‬ ‫اإلحاطة باألجيال المتعاقبة هو ما يخرج السرد‬ ‫من شكله السيري المرتبط بشخصية واحدة إلى‬ ‫الطابع السيري المرتبط بمدينة وبمنطقة وببلد‪،‬‬ ‫وذاك هو الفرق بين س��يرة الش��خصية وسيرة‬ ‫تس��توعب حياة مجتمع‪ .‬لق��د كان التحدي قائما‬ ‫من��ذ البدء بين ش��خصية تتش��كل وتتغير وبين‬ ‫عالم جامد‪ ،‬متماسك‪ ،‬رتيب‪ ،‬وتابث‪.‬‬ ‫ورغم أن التعاليم األخالقية الدينية واالجتماعية‬ ‫المحلي��ة تس��يج الش��خصية المحوري��ة‪ ،‬إال أن‬ ‫المرونة التي يتيحها الش��كل الروائي س��محت‬ ‫بهام��ش خص��ب للدخول ف��ي ال��ذات الجمعية‬ ‫والفردي��ة‪ ،‬وأبان��ت عم��ا يم��ور ف��ي وجدان‬ ‫الش��خصية المحوري��ة وف��ي وج��دان المجتمع‬ ‫ككل‪ .‬وه��ذا ي��دل عل��ى أن " األدب بخ�لاف‬ ‫الخطاب��ات الديني��ة واألخالقية أو السياس��ية ال‬ ‫يصوغ نس��قا م��ن التعاليم ولهذا الس��بب يفلت‬ ‫م��ن أش��كال الرقابة الت��ي تمارس ع��ادة على‬ ‫األطروحات المصوغة تصريحا"‪4‬‬ ‫لقد تناولت الرواية بذكاء مجموعة من القضايا‬ ‫بأس��لوب تلميحي أكثر من��ه تصريحي‪ .‬فكانت‬ ‫الرواي��ة فض��اء ملغما باألس��ئلة واالنطباعات‬ ‫العفوي��ة والمواق��ف العاطفي��ة واألمان��ي‬ ‫والتخييالت‪ .‬هكذا فإن ما تَصْ دُر عنه الشخصية‬ ‫المحورية من أقوال وأفعال وردود أفعال ما هو‬ ‫إال هواجس ومش��اعر وأسئلة أكثر منه أحكاما‬ ‫وإجابات وحقائق قابلة للدحض أو اإلثبات‪.‬‬ ‫أ‪ -‬نماذج تربوية‪:‬‬

‫األس��لوب الروائ��ي المعتمد والش��بيه بمبضع‬ ‫يخي��ط ت��اركا آالم��ا تضاه��ي تثقي��ب وتقطيع‬ ‫اللح��م هو م��ا يعول علي��ه كثيرا للحف��ر عميقا‬ ‫في بنية ه��ذا المجتمع‪ .‬إن المبدع وهو يحفر ال‬ ‫يقدم إدانة مباش��رة وإنما يقدم الصورة ش��اهدة‬ ‫متتبعة لمس��ار الشخصية المحورية منذ الءات‬ ‫الطفولة‪ ":‬يس��مع كلمة تبدأ ب�لا وتنتهي بأمور‬ ‫أخرى‪( "..‬ص‪ )45‬وبعين النس��ر الالقطة يقدم‬ ‫الكات��ب نم��اذج تربوي��ة‪ " :‬يذكر الح��اج علي‬ ‫لحفيده قصصا عن أطفال ماتوا جراء معصيتهم‬ ‫آلبائه��م"(ص‪ )47‬هذه البيئ��ة التربوية المليئة‬ ‫بأس��لوب الوعي��د والترهيب ترس��خ اعتقادات‬ ‫يحفل بها مخيال أي طفل " اعتقد دون ش��ك أن‬ ‫الجن يسكنون هناك‪ ،‬كما يسكنون تحت عتبات‬ ‫سلم المنزل المظلمة" (ص‪.)47‬‬ ‫ب‪ -‬المألوف المدهش‪:‬‬ ‫يعم��د أس��لوب الرواي��ة إل��ى االحتف��اء بتأمل‬ ‫األح��داث الصغي��رة والمألوف��ة‪ ،‬فه��ي عل��ى‬ ‫ضيتها تش��كل وعي الش��خصية‬ ‫صغره��ا وع َر ِ‬ ‫المحوري��ة‪ ،‬فكثيرا ما نجد عب��ارات تتصدرها‬ ‫كلم��ات م��ن قبي��ل (اعتقد‪/...‬تيقن‪/...‬اقتن��ع‪)..‬‬ ‫ويتعل��ق األم��ر ف��ي أحي��ان كثي��رة بقناع��ات‬ ‫مغلوطة‪.. " :‬تيقن أنها من الس��حر حين س��مع‬ ‫ش��يخا يقول إن علم الجبر م��ن العلوم الغربية"‬ ‫(ص‪ .)54‬إن مهارة الس��رد الحقيقية تكمن في‬ ‫قوة تحوي��ل اليومي العادي المألوف إلى ما هو‬ ‫مثير ومدهش ‪ " :‬قال لصديقه س��الم‪ ،‬وبهمس‪:‬‬ ‫(احتلم��ت البارح��ة)‪( ".‬ص‪ )56‬وال يكف��ي‬ ‫أن تك��ون المواق��ف جريئة بل ال ب��د أن تكون‬ ‫دافعا لالس��تغراق في التأمل ودافعا الكتش��اف‬ ‫المس��كوت عن��ه ودافعا لصياغة أس��ئلة أخرى‬ ‫عفوية وتلقائية‪" :‬تس��اءل عن العالقة بين قبول‬ ‫الدعاء وش��عر عانت��ه" (ص‪ )58‬ه��ذا النقاش‬ ‫س��يحصر في إطار قناعة أولي��ة تصاغ هكذا‪:‬‬ ‫"اقتنع أن حالته تجس��يد للكبت الجنس��ي‪ .‬هكذا‬ ‫س��مع في التلفزيون" (ص‪ )60‬وغير خفية هنا‬ ‫اإلدانة الضمنية لمجتمع يصنع التلفزيون ثقافته‬ ‫الجنسية‪.‬‬ ‫ج‪ -‬الشخصية االسفنجة‪:‬‬

‫إن اختيار ش��خصية رئيسية شبيهة باالسفنجة‪،‬‬ ‫س��هلة التأث��ر‪ ،‬عرض��ة للتقولب والتش��كل مع‬ ‫ري��اح االديولوجيات المتصارعة ش��كل مناخا‬ ‫جي��دا الس��تعراض تح��والت الش��خصية ف��ي‬ ‫مجتم��ع ال يتي��ح إال اختي��ارات أحادي��ة‪ .‬هكذا‬ ‫س��تتلون الش��خصية الرئيس��ية وتتح��ول م��ن‬ ‫ط��ور إل��ى آخ��ر‪ " :‬الح��ق ص�لاة الجماعة‪،‬‬ ‫ط��ارد المحاضرات‪ ،‬اش��ترى كت��اب (الذنوب‬ ‫الكبيرة) (ص‪60-‬ص‪ " )61‬داوم على حضور‬ ‫محاض��رات المس��جد‪ ،‬ث��م س��يطر علي��ه ملل‬ ‫منها‪( "...‬ص‪.)61‬‬ ‫وإلب��راز الوجه اآلخر لتأثر "علي بن س��عيد"‬ ‫س��نراه متحررا‪ ،‬يجرؤ على التساؤل‪ ":‬أين هو‬ ‫االنح�لال األخالقي؟ (ثم من دون اكتراث) كل‬ ‫يوم نس��مع القصة ذاتها‪ ،‬هل هذا هو التحصين‬ ‫الفك��ري؟"(ص‪ )62‬ونجد علي بن س��عيد في‬ ‫موق��ف آخ��ر أكث��ر تم��ردا‪ " :‬نظر إليه س��الم‬ ‫باش��مئزاز حي��ن ارت��دى بنطلون جين��ز‪ ،‬لكنه‬ ‫لم يمان��ع التوجه معه إلى مطع��م ماكدونالدز"‬ ‫(ص‪.)62‬‬ ‫م��ن جهة أخ��رى يبرع الس��رد في اس��تقصاء‬ ‫األغ��وار العاطفية لش��خصية علي بن س��عيد‪،‬‬ ‫فيركز عل��ى فترة المراهقة والتغييرات ال ُخلقية‬ ‫والخلقي��ة " حلم بأن يكون بطال وخارقا وتغرم‬ ‫ِ‬ ‫به النس��اء‪ ،‬ليس��ت النس��اء اللوات��ي يراهن في‬ ‫ش��وارع المدينة ملفوفات في الس��واد‪ ،‬بل نساء‬ ‫أخري��ات من مكان آخر" (ص‪ .)64‬هذا التمني‬ ‫اآلثم سيقوده إلى نقد الذع للعالقة بين الجنسين‬ ‫ف��ي المملكة‪ ":‬لم��اذا ال يقال إن النس��اء عندنا‬ ‫سواد يمشي‪ ،‬بل يقال‪ :‬نساؤنا جواهر مصونات‬ ‫عن أعين الذئاب البش��رية‪ .‬الذئاب البشرية هم‬ ‫الرج��ال‪ ،‬المرأة عندن��ا نعج��ة والرجل ذئب‪،‬‬ ‫ولي��س خروف��ا" (ص‪ )65‬وه��و يس��بح ض��د‬ ‫التي��ار بمثل هذه الج��رأة في التأم��ل والتحليل‬ ‫س��يواجه خطابا يعتمد على االته��ام والوعيد"‬ ‫أن��ت منحرف فكريا" (ص‪ " .)67‬هذه األفكار‬ ‫جلبها العلماني��ون والليبرالي��ون والمتحررون‬ ‫إلى البلد" (ص‪ )67‬لكن األسئلة تزداد إحراجا‬ ‫للمنظوم��ة التقليدي��ة‪" :‬كيف س��تحب امرأة لم‬ ‫تعرفها إال بعد ليلة الدخلة؟" (ص‪ )68‬وسيتفاقم‬

‫الش��عور بالتم��رد وبط��ل الرواية يق��ارن بين‬ ‫المجتم��ع الس��عودي والمجتمع��ات األخ��رى‪،‬‬ ‫خاص��ة حين س��تتاح ل��ه الفرصة للس��فر إلى‬ ‫س��وريا‪ .‬وال شك أن المفارقة ستكبر حين يكبر‬ ‫علي بن س��عيد‪ .‬مفارقات بين المجتمعات‪ ،‬وفي‬ ‫المجتمع الواحد‪ ،‬وفي الشخصية الواحدة‪.‬‬ ‫لق��د برهنت ش��خصية علي بن س��عيد على أن‬ ‫هناك بون شاس��ع بين م��ا تأمله وتقتنع به وبين‬ ‫ما تعيشه ويتحقق على الواقع‪.‬‬ ‫‪ 5‬خــــــتامـــــا‪:‬‬‫ليس من الس��هل أن تكون رواي��ة ما كوة تنفتح‬ ‫عل��ى شس��اعة ما يم��ور ويف��ور ف��ي مجتمع‬ ‫خليج��ي‪ ،‬وإذ تقتن��ص هذه الرواي��ة جزءا حيا‬ ‫دافق��ا متدفقا من الحياة في المجتمع الس��عودي‬ ‫فهي تقدم مادة دس��مة للدراسات السوسيوأدبية‬ ‫وتنفرد بكونها تؤسس إلى االنتقال لكتابة الذات‬ ‫والداخ��ل والالمرئ��ي فم��ا " تقدمه ف��ي مجال‬ ‫األدب أليجوريا (أمثولة) مثال‪ ،‬يظل مائزا عما‬ ‫تقدمه‪ ،‬وثيقة مباشرة‪.5 ".‬‬ ‫‪888NAWRAS@GMAIL.COM‬‬ ‫‪W W W. FAWA N I S C H A K I B .‬‬ ‫‪BLOGSPOT.COM‬‬ ‫هــــوامش‪:‬‬ ‫‪1‬ال تش���ته ام���رأة ج���ارك‪ -‬رواية‪ -‬محم���د المرزوق‪-‬‬‫منشورات الغاوون‪ -‬الطبعة األولى ‪2010‬‬ ‫‪ 2‬الزراف���ة المش���تعلة‪-‬قراءات في القص���ة المغربية‬‫الحديث���ة‪ -‬أحم���د بوزفور‪ -‬ش���ركة النش���ر والتوزيع‪-‬‬ ‫المدارس‪ -‬الطبعة األولى‪ 2000-‬ص‪42‬‬ ‫‪ 3‬اليومي���ات‪ -‬ش���ارل بودلي���ر‪ -‬ترجم���ة آدم فتحي‪-‬‬‫منشورات الجمل‪ -‬ص‪60‬‬ ‫‪ 4‬األدب في خط���ر‪ -‬تيزفيطان تودوروف‪ -‬ترجمة عبد‬‫الكبير الش���رقاوي‪ -‬دار توبقال للنش���ر‪ -‬الطبعة األولى‬ ‫‪ 2007‬ص‪47‬‬‫‪ 5‬مخاض���ات تجديد القصة القصي���رة بالمغرب‪ -‬مجلة‬‫أفروديت‪ -‬العدد‪ 4-‬الطبع���ة األولى‪ -2006-‬مقال مغرب‬ ‫القصة القصيرة‪-..‬د‪ .‬الحبيب الدايم ربي‪ -‬ص‪17‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كاتب من املغرب‬

‫الرتبية من أجل املواطنة يف العامل العربي‪ :‬مفتاح املستقبل‬ ‫حممد فاعور ومروان ّ‬ ‫املعشر‬ ‫أي أفكار رومانسية في الغرب بأن في مقدور‬ ‫االنتفاضات العربية تأسيس ديمقراطية فورية‬ ‫ف��ي البلدان التي نجحت في إس��قاط زعمائها‪،‬‬ ‫تب��دو وقد تحطّمت بالفعل‪ .‬فه��ذه االنتفاضات‬ ‫تبره��ن‪ ،‬في ظل غي��اب األحزاب السياس��ية‬ ‫القويّة وهياكل المجتم��ع المدني القابلة للحياة‬ ‫ف��ي معظم أنح��اء العالم العرب��ي‪ ،‬أنها مجرّد‬ ‫خطوة أولى في س��ياق عملية لن تتبع مس��اراً‬ ‫واضحاً‪ ،‬وستس��تغرق س��نوات ع��دة قبل أن‬ ‫تتكش��ف‪ .‬س��تم ّر المنطقة بالكثير من التجربة‬ ‫والخطأ‪ ،‬وستش��هد العديد من التقلّبات قبل أن‬ ‫تترسّخ فيها نظم سياسية واقتصادية مستقرّة‪.‬‬ ‫بالطب��ع‪ ،‬التح ّدي المتمثّل في اس��تبدال القادة‬ ‫واألنظم��ة الحالي��ة بأخ��رى تتب��ع القواع��د‬ ‫الديمقراطي��ة هو تح�� ٍّد هائ��ل‪ ،‬وبالتأكيد ليس‬ ‫تلقائياً‪ .‬وفيما يبدأ العالم العربي عملية التحوّل‬

‫الطويل��ة ه��ذه‪ ،‬ف��إن الحقيق��ة البديهي��ة ولكن‬ ‫الواضحة والتي يت��م تجاهلها في الغالب‪ ،‬هي‬ ‫أن الديمقراطي��ة لن تزده��ر إال في ظل ثقافة‬ ‫تقبل التنوّع‪ ،‬وتحترم وجهات النظر المختلفة‪،‬‬ ‫وتنظر إلى الحقائق باعتبارها نسبية وتتسامح‬ ‫م��ع االختالف في الرأي ال بل تش��جعّها‪ .‬من‬ ‫دون ه��ذا الن��وع م��ن الثقافة‪ ،‬اليمك��ن لنظام‬ ‫مس��تدام للضوابط والتوازن��ات أن يتطوّر مع‬ ‫مرور الوقت إلعادة توزيع الس��لطة بعيداً عن‬ ‫الس��لطة التنفيذية؛ واليمك��ن كذلك وضع آلية‬ ‫لكبح التجاوزات من جانب أي مؤسسة رسمية‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي تفتح فيه المرحلة األولى من‬ ‫االنتفاضات الطريق أمام بناء الدولة بعد عقود‬ ‫من الحكم الس��لطوي‪ ،‬ستكتش��ف الشعوب في‬ ‫العال��م العرب��ي أن مجتمعاتها ليس��ت مجهّزة‬ ‫بالمه��ارات والقي��م الالزم��ة لقب��ول قواع��د‬

‫السلوك التعددي والمختلف‪.‬‬ ‫وبالتال��ي‪ ،‬ف��إن تجاوز لحظة الف��رح الغامر‬ ‫اليتطلّب تغييرات في البنية السياسية واألفراد‬ ‫وحس��ب (القان��ون االنتخاب��ي والدس��اتير‬ ‫والق��ادة)‪ ،‬بل أيضا ً تغييرات جادة ومس��تدامة‬ ‫في النظ��م التعليمية للبل��دان‪ .‬فالجهود الحالية‬ ‫إلصالح التعليم في المنطقة تر ّكز بش�� ّدة على‬ ‫جوانب "فنّية"‪ ،‬مثل بناء المزيد من المدارس‪،‬‬ ‫وإدخال الحواس��يب إلى المدارس‪ ،‬وتحس��ين‬ ‫درج��ات االختب��ار في الرياضي��ات والعلوم‪،‬‬ ‫وجس��ر الفجوة بين الجنسين في مجال التعليم‪.‬‬ ‫وفي حين أنه ضروري وهام‪ ،‬إال أن التركيز‬ ‫الحالي لإلص�لاح يفتقر إلى عنصر إنس��اني‬ ‫أساس��ي؛ فالطالب في حاجة إل��ى أن يتعلموا‬ ‫ّ‬ ‫س��ن مبكرة ج��داً م��اذا يعن��ي أن يكونوا‬ ‫ف��ي‬ ‫ّ‬ ‫مواطني��ن يتعلم��ون كيف يفك��رون ويبحثون‬

‫وينتج��ون المعرفة‪ ،‬ويس��ألون ويبتكرون بدل‬ ‫أن يكونوا رعايا للدول��ة تعلّمهم ماذا يف ّكرون‬ ‫وكيف يتصرّفون‪ .‬هذه الخصائص ضرورية‬ ‫إذا كانت المنطقة تري��د االبتعاد عن االعتماد‬ ‫التقلي��دي على "الريعيات" على ش��كل أموال‬ ‫نفط ومس��اعدات خارجي��ة‪ ،‬لتقترب من نظام‬ ‫يم ّكن مواطنيها م��ن خالل المهارات الالزمة‬ ‫من بن��اء اقتصادات ذاتي��ة التوليد ومزدهرة‪،‬‬ ‫والوص��ول إل��ى نوعية الحياة الت��ي يمكن أن‬ ‫تتحق��ق من خالل احت��رام التن��وّع‪ ،‬والتفكير‬ ‫النقدي واإلبداع‪ ،‬وممارس��ة الم��رء لواجباته‬ ‫وحقوقه كمواطن فعّال‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫•ورقة كارنيغي‪ ،‬أكتوبر ‪2011‬‬


‫‪18‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫ليبيا بني مطرقة الدولة الثور ّية و سندان الدولة الدينيّة‬ ‫صالح انقاب‬

‫قبل المس��ير نح��و البحث عن الحل��ول الممكنة‬ ‫‪ ،‬أو تل��ك المس��تعصيّة ‪ ،‬فلننطلق م��رّة أخرى‬ ‫فهم لم��ا نعرفه وم��ا ال نعرفه عن‬ ‫نح��و إع��ادة ٍ‬ ‫ً‬ ‫[ الدول��ة ] ‪ ،‬الدول��ة ليس��ت حقيق��ة تاريخيّة أو‬ ‫عالم��ة أثنولوجيّة يمكن أن نمي�� ّز عبرها الفرد‬ ‫ع��ن اآلخ��ر كحقيق�� ٍة إثنوغرافيّ�� ٍة ‪ ،‬الدولة هي‬ ‫ٌ‬ ‫س��لطان ] ‪ ،‬والراب��ط بينهم��ا [‬ ‫[ هي��ك ٌل ] و [‬ ‫جماعةٌ ] تقوم بدور تمثيل س��لطة السلطان عبر‬ ‫هذا الهيكل الذي يحتوي س�� ّكان الوطن داخله ‪،‬‬ ‫هؤالء هم [ المواطنون ] ‪ ،‬وهؤالء [ مواطنون‬ ‫ق بالدرجة األولى ‪ ،‬والجماعة‬ ‫] أصحاب حق��و ٍ‬ ‫ّ‬ ‫الت��ي تدير الدولة إ ّما موظفون ‪ ،‬عس��كر ‪ ،‬جُباة‬ ‫أو قض��اة ‪ ،‬أو كل هؤالء مجتمعين ‪ ،‬يجسّ��دون‬ ‫الحقوق المكتس��بة للمواط��ن عبر [ إدارة ] هذه‬ ‫الدول��ة الت��ي يح ّدد ش��كلها [ الس��لطان ] ‪ ،‬هذا‬ ‫الس��لطان قد يكون الدستور أو الدكتاتور ‪ ،‬وفي‬ ‫الحال��ة األخي��رة يتحوّل الس��لطان الى متس��لّ ٍط‬ ‫عل��ى المواطني��ن ‪ ،‬خالف الحال��ة األولى التي‬ ‫يحمي فيها الس��لطان المواطنين من هذا التسلّط‬ ‫الممك��ن دائما ً ‪ ،‬هنا يكون الدس��تور هو ش��كل‬ ‫العقد اإلجتماعي بين الحاكم و المحكومين عبر‬ ‫هي��كل الدولة الذي تمأله جماع��ةٌ خالل أجهزة‬ ‫الدولة ومؤسّس��اتها المتداخلة ‪ ،‬المشعبّة وشديدة‬ ‫التعقيد ‪ ،‬لكن قبل الدخول في تعقيدات شكل هذه‬ ‫الدولة ‪ ،‬دستورها ‪ ،‬شكل مواطنيها وصالحيّات‬ ‫جماعة الهي��كل التنظيمي للدولة ‪ ،‬نس��أل كيف‬ ‫يمك��ن أن تك��ون الدول��ة دون أن تك��ون دول��ة‬ ‫األقوياء فقط ؟ ‪.‬‬ ‫بإلحاح ‪،‬‬ ‫هيغل‬ ‫يق��ول‬ ‫]‬ ‫العقل‬ ‫[‬ ‫ال ّدول��ة ميزتها‬ ‫ٍ‬ ‫ه��ذه القاع��دة تنفي عنها الدين والث��ورة أيضا ً ‪،‬‬ ‫الدول��ة الدينيّة دولةٌ غير عاقلة النّها ال يمكن إال‬ ‫ب انتهى دور العقل فيه منذ‬ ‫أن تك��ون دولة مذه ٍ‬ ‫انتهى تأسيس��ه و بناء هرمه الفقه��ي ‪ ،‬والدولة‬ ‫الثوريّ��ة دول��ة غير عاقل��ة ألن الثّورة أس��اس‬ ‫حدوثه��ا ع��دم التعقّل وحس��اب التبّع��ات التي‬ ‫ستنتج جرّاء الخروج على طاعة الحاكم الظالم‬ ‫‪ ،‬فل��و كان للثورة عق ٌل لما كان��ت الثورة أصالً‬ ‫من��اف للعقل أو ألن الثورة يقوم‬ ‫‪ ،‬ال ألن الدي��ن‬ ‫ٍ‬ ‫به��ا الثوّار الغير عاقلون ‪ ،‬بل ألن المش��كلة أن‬ ‫الث��وار ورجال الدين هم م��ن يغيب عنهم العقل‬ ‫دور في نباء الدولة ‪ ،‬بسبب‬ ‫عند محاولتهم لعب ٍ‬ ‫تغليبهم كونه��م أصح��اب [ الغلبة‪/‬المنتصرون‬ ‫] ‪ ،‬أو أصح��اب [ المعرف��ة الخفيّة‪/‬الالهوت ]‬ ‫التي تتس��لّط عل��ى المغلوب عل��ى أمرهم ومن‬ ‫ال يملك��ون هذه الس��طوة أو المعرف��ة الخفيّة ‪/‬‬ ‫الاله��وت ‪ ،‬فالث��وّار دائما ً يحملون معهم ش��يئا ً‬ ‫من تركة اإلس��تبداد ‪ ،‬نفس الش��يء عند رجال‬ ‫الدين الذين يحملون معهم دائما ً جذور اس��تبدا ٍد‬ ‫يتّس��م أوالً بإن��كار [ اآلخ��ر ] النظي��ر ‪ ،‬وثانيّا ً‬ ‫إن��كار ح��ق المعرفة لدي [ األتباع ] والس��ؤال‬ ‫حين بروز الش�� ّ‬ ‫ك ‪ ،‬الثورة ال تس��تطيع منذ أيام‬ ‫نابلوين بل و حتّى قبلها ‪ ،‬ال تس��تطيع أن تقضي‬ ‫على تبعات الحكم الس��ابق كاملةً ‪ ،‬فالثورة التي‬ ‫ب ‪ ،‬المعركة‬ ‫تبدأ بمعرك ٍة يج��ب أن تنتهي بحر ٍ‬ ‫هي التي يموت فيها الثوّار ‪ ،‬والحرب هي التي‬

‫جنسي ‪،‬‬ ‫عرقي ‪،‬‬ ‫ميز‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫يولد عبرها المجتمع دون ٍ‬ ‫مذهبي ‪ ،‬لتكون الدولة في‬ ‫طبقي او‬ ‫جغراف��ي ‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫نهاية المطاف هي [ غنيمة ] الحرب التي يقودها‬ ‫المواطن��ون ال الث��وّار في طريقه��م المحفوف‬ ‫بالمخاطر عبر طري��ق اإلدارة البيروقارطيّة ‪،‬‬ ‫التي يسير بموازاتها دائما ً [ الثيوقراط‪/‬اإلستبداد‬ ‫الديني ] و[ األوثوقراط‪/‬اإلس��تبداد السياس��ي ]‬ ‫يه ّددون إكتس��اح الدولة ألجل اإلس��تحواذ على‬ ‫الغنيمة الوحيدة ‪ ،‬الدولة ‪.‬‬ ‫الدول��ة كقيم ٍة من قي��م الحياة الحقيقيّ��ة ‪ ،‬العالم‬ ‫الحقيق�� ّي بلغ ٍة أكث��ر وضوحا ً ‪ ،‬ال تحوي داخلها‬ ‫المجه��ول ‪ ،‬القوانين و العقوب��ات لحظيّة وآنيّة‬ ‫لتنت��ج فاعليّتها و دوامها ‪ ،‬وتبعات األفعال التي‬ ‫يقوم بها المواطن ‪ ،‬الموظّف في أدنى سلم تكوين‬ ‫نظام الدول وصوالً الى ق ّمة الهرم المس��طّح في‬ ‫حال��ة الدولة الديموقراطيّ��ة والعمودي في حالة‬

‫‪2/1‬‬

‫فقط [ الجريمة ] و [ العقاب ] ‪ ،‬حيث [ القانون‬ ‫] منظّ�� ٌم للعالقات ‪ ،‬ال [ الضمي��ر ] أو [ ذروة‬ ‫اإليم��ان ] ‪ ،‬هن��ا ال مكان للدين ج��وار الدولة ‪،‬‬ ‫فوقه��ا أو تحتها ‪ ،‬الدي��ن للمواطنين فقط ال غير‬ ‫يدين��ون به ‪ ،‬ا ّما الدولة فه��ي بطبعها و حقيقتها‬ ‫الئكيّة كونها ليست كائنا ً حيّا ً في األساس ‪ ،‬وفي‬ ‫ق آخر فإن تكامل منظوم��ة [ الثواب ] و[‬ ‫س��يا ٍ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫العق��اب ] ال تتف��ق أيضا مع جب��روت [ الثوّار‬ ‫] م��ن يُعلنون أنفس��هم مصدراً للح��ق ‪ ،‬معلنين‬ ‫إياه ‪ ،‬ينش��أ عبرهم الحكم و خاللهم يتم التنفيذ ‪،‬‬ ‫فتضيع الدولة ف��ي فوضى الثورة ألن الثوّار ال‬ ‫يقبلون أن يقفوا جنبا ً الى جنب ومن ثاروا عليهم‬ ‫ّ‬ ‫صف من أطاحوا بهم‬ ‫أو من يعتقدون أنّه��م في‬ ‫‪ ،‬حتّى ل��و كانوا ارتكبوا أس��وأ مما أرتكب في‬ ‫حقّهم في اتّجاه المغلوب ‪ ،‬هنا تضيع العدالة في‬ ‫ضوضاء الدولة الثوريّة ‪ ،‬ويعاد تكرار مسلسل‬

‫موج��ز القواني��ن الواج��ب تطبيقه��ا عل��ى كل‬ ‫جغراف��ي ‪ ،‬إثني ‪ ،‬لغوي‬ ‫ميز‬ ‫ٍّ‬ ‫المواطني��ن دون ٍ‬ ‫مذهب��ي ‪ ،‬يهدف الى عقلنة‬ ‫جنس��ي أو‬ ‫‪ ،‬ثقاف ّي‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫الدول��ة و تنظي��م العالقات بي��ن المواطنين ] ‪،‬‬ ‫الدس��تور يه��دف الى بن��اء الدولة المؤسّس��اتيّة‬ ‫التي يكون فيها [ الموظّف ] فرداً منس��لخا ً عن‬ ‫محيطه اإلجتماع ّي ‪ ،‬العائلي و الحرفي ‪ ،‬كجز ٍء‬ ‫من طبق��ة [ البيروقراط‪/‬مجال اإلدارة ] ليحمي‬ ‫الدول��ة م��ن اإلنحط��اط أوالً ‪ ،‬وليضمن حقوق‬ ‫المواطن بن��ا ًء على كونه مواطنا ً ال غير ثانيا ً ‪،‬‬ ‫بحي��ث يتم تحويل العمل الفردي للموظّف ‪ ،‬الى‬ ‫جماعي ال يهم فيه الفرد بقدر أهميّة النظام‬ ‫عمل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الفعّ��ال ‪ ،‬فالفرد الموظّف ال يهم كونه أبيضٌ أو‬ ‫إباضي ‪،‬‬ ‫مالك��ي أو‬ ‫أس��ود ‪ ،‬رج ٌل أو إم��رأة ‪،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ش��ريفا ً أو عاميّ��ا ً ‪ ،‬صاح��ب رأيٍّ أو ال رأي له‬ ‫بق��در ما يهم كفاءته في تأدية وظيفته ‪ ،‬لتكون [‬

‫ّ‬ ‫بإحلاح ‪ ،‬هذه القاع��دة تنفي عنها‬ ‫الدول��ة ميزته��ا [ العقل ] يقول هيغ��ل‬ ‫ٍ‬ ‫الدي��ن والثورة أيضًا ‪ ،‬الدولة الدينيّة دول� ٌ‬ ‫�ة غري عاقلة ّ‬ ‫النها ال ميكن إال‬ ‫مذهب انتهى دور العقل فيه‬ ‫أن تكون دولة ٍ‬ ‫الدولة الديكتاتوريّة ‪ ،‬تبعات هذه األفعال توصل‬ ‫ال��ى نتائ��ج داخل العال��م الحقيق��ي ال خارجه ‪،‬‬ ‫الث��واب والعقاب األخ��روي ش��يء ‪ ،‬والثواب‬ ‫و العق��اب الدنيوي ش��ي ٌء آخ��ر ‪ ،‬األول في يد‬ ‫هللا و ف��ي عل��م الغيب أيض��ا ً ‪ ،‬أ ّم��ا اآلخر فإنه‬ ‫في يد وس��ائل الدولة عب��ر معاييرها ‪ ،‬قوانينها‬ ‫لظروف‬ ‫وتش��ريعاتها الخاصة ‪ ،‬والتي تخضع‬ ‫ٍ‬ ‫ت متغيّر ٍة بعينه��ا ‪ ،‬تناقض [ الخطيئة ]‬ ‫وحيثيّ��ا ٍ‬ ‫و[ الثوب��ة ] والذي يكفل الدي��ن وجودهما جنبا ً‬ ‫الى جنب ‪ ،‬ال يمكن للدولة أن تسمح بوجودهما‬ ‫محكومين فقط بالنيّة المبيّتة لإلنسان ‪ ،‬بل يوجد‬

‫اإلس��تبداد م ّرةً أخرى رغم أنف الجميع ‪ ،‬فكيف‬ ‫يمك��ن الفرار بالدولة ف��ي ليبيا من براثن الدين‪/‬‬ ‫الفقه أو [ التس��لّط الفقه��ي ] بعبار ٍة أصح ‪ ،‬من‬ ‫تهيّأت له الظروف ليفرض نفس��ه بأريحيّ ٍة عبر‬ ‫ال وعي الليبيّين من تم تس��طيح فهمهم للدين ؟ ‪،‬‬ ‫وكي��ف يمكن أن تنتج الدولة الليبيّة الديمقراطيّة‬ ‫بعيداً عن [ الحش��د الث��وري ] ‪ ،‬في بل ٍد كل من‬ ‫يحمل س�لاحا ً يعتقد أنّه يمتلك الحق و يس��تحق‬ ‫أن يكون المرجعيّة في بنيان الدولة غير مكتملة‬ ‫النمو أصالً ؟ ‪.‬‬ ‫باختص��ار ه��و ‪ ... [ :‬كت��ابٌ يحوي‬ ‫الدس��تور‬ ‫ٍ‬

‫الدولة البيروقراطيّة ] الغير مبرّرة بأيديولوجيا‬ ‫ش��وفيني يح��دد األه��داف البعيدة‬ ‫مش��روع‬ ‫أو‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫و يتجاه��ل المواط��ن و هموم��ه اآلنيّ��ة ‪ ،‬حيث‬ ‫األح��داث الصادرة خارج الوط��ن تدفع الوطن‬ ‫حي��ث ال يريد دائما ً ‪ ،‬الدول��ة البيروقراطيّة هي‬ ‫دول��ةٌ يباح فيه��ا ‪ :1‬التفكي��ر ‪ :2 ،‬التعبير ‪:3 ،‬‬ ‫العم��ل لجمي��ع األفراد‪/‬المواطني��ن داخل حدود‬ ‫القانون ‪ ،‬حيث المج��ال مفتو ٌح أمام ‪ :1‬الفرديّة‬ ‫‪ :2 ،‬اإلب��داع ‪ :3 ،‬واإلعقال للوصول في نهاية‬ ‫المط��اف ال��ى ‪ :4‬الديمقراطيّ��ة ‪ ،‬وف��ي ليبيا ال‬ ‫يمكن أن تكون هذه الدولة دون دعم [ إقتصا ٍد ]‬ ‫قو ّ‬ ‫ّر يكون عم��اده ثالثة جيوش معقلنة‬ ‫ي متحر ٍ‬ ‫في اتّجاه المدنيّة ‪ :1 ،‬جيش العسكر ‪ :2 ،‬جيش‬ ‫الموظّفين و ‪ :3‬جي��ش المنتجين ‪ ،‬حيث يتحوّل‬ ‫المجتمع من مجتمع [ عس��كري ] الى مجتمع [‬ ‫متم�� ّدن ] ‪ ،‬و م��ن مجتمع [ عمالة ] الى مجتمع‬ ‫[ موظّفي��ن ] ‪ ،‬وم��ن مجتمع [ إس��تهالك ] الى‬ ‫مجتم��ع [ إنت��اج ] ‪ ،‬وهذا ال يك��ون إال بفرض‬ ‫قواني��ن صارم��ة تنطلق عبر فك��رة [ الحصار‬ ‫الق��ارّي ] الت��ي قام نابلي��ون بتطبيقه��ا ‪ ،‬وهي‬ ‫فكرةٌ اقتصاديّةٌ ثوريّ��ةٌ خالصة ‪ ،‬حيث يتم أوالً‬ ‫‪ :1‬إقف��ال الباب أمام تس��لّل إقتصاد المحيطين‬ ‫بالدول��ة القوميّة ‪ :2 ،‬رف��ع الحواجز الجمركيّة‬ ‫الداخليّة ‪ :3 ،‬إلغاء القوانين التي تكبّل المنتجين‬ ‫‪ : 4 ،‬منع تك ّدس العمالة الرخيصة ‪ ،‬وأخيراً ‪:5‬‬ ‫تنظي��م الملكيّة الخاصّ��ة للمواطنين داخل حدود‬ ‫الدولة للوصول الى [ الرفاهيّة ] والتي هي أهم‬ ‫وأول أه��داف تكوين الدولة في األس��اس ‪ ،‬كل‬ ‫هذا يتم بع��د تحرير [ التعليم ] من األيديولوجيا‬ ‫و اإلتجاه نحو تكريس توجيهه ناحية [ التطبيقي‬


‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫] بم��وازاة [ اإلنس��اني ] ‪ ،‬فال يت��م تغليب ثقافة‬ ‫ال�لا ورائيّات على ثقافة اإلنتاج ‪ ،‬و ال يتم أيضا ً‬ ‫إغفال زيادة المعرفة ألجل نمو اإلقتصاد ‪ ،‬وهذه‬ ‫عمليّةٌ معقّدةٌ ال يمكن للدولة الدينيّة التي خطابها‬ ‫إنس��اني ال ورائي فق��ط أو الثوريّة التي خطابها‬ ‫أيديولوج��ي تعبوي مح��ض تبنّيه��ا أو تطبيقها‬ ‫‪ ،‬ك��ون األول��ى هي دولة [ مفتّت��ة ] تفصل بين‬ ‫اإلدارة ‪ ،‬السلطة و الرعايا كجزر منفصل ٍة يربط‬ ‫بينها فقط الغيب��ي المكتنز داخل ضمائر األتباع‬ ‫‪ ،‬وهي دولةٌ وهميّةٌ تؤسّ��س فقط إلستبداد طائف ٍة‬ ‫وعبودية طائف ٍة آخرى ‪ ،‬أما الدولة الثوريّة فإنها‬ ‫ع��ادةً بل دائم��ا ً تمثّل فق��ط [ اإلمت��داد ] للدولة‬ ‫الس��ابقة ‪ ،‬تطيح باإلستبداد لتنشأ إس��تبداداً آخر‬ ‫‪ ،‬فنابليون نفس��ه على سبيل المثال لم يكن سوى‬ ‫امت��داداً رغ��م محاوالته التخلّص م��ن التركة ‪،‬‬ ‫امتداداً للملكيّة السابقة التي قامت ثورته للقضاء‬ ‫عليه��ا ‪ [ ،‬اإلقتصاد الح��ر ] و [ التعليم المؤ ّمم‬ ‫] المبن��ى على المنافس��ة للوصول ال��ى الكفاءة‬ ‫بغي��ة الحصول على الكم المعرفي الذي ير ّش��ح‬ ‫الفرد لإلنضمام كأدا ٍة م��ن أدوات الدولة الفعّالة‬ ‫وف��ق األفضليّ��ة ال وفق اإلنتماء لجه��ة الغلبة ‪،‬‬ ‫كل هذا تحت كنف [ البيروقراطيّة ] التي تحمي‬ ‫الضعف��اء من األقوي��اء ‪ ،‬تكفل حق��وق الذين ال‬ ‫يملكون كي يصبحوا من الذين يملكون ‪.‬‬ ‫المدنيّ��ة ال تُنتجه��ا الث��ورة ‪ ،‬والدول��ة ال يبنيها‬ ‫الثوّار ‪ ،‬يجب أن ننظر الى األمر بهذه الصرامة‬ ‫‪ ،‬المدنيّ��ة نم��طٌ س��لوك ٌّي و طريق��ةٌ م��ن طرق‬ ‫التفكي��ر يصنعها تسلس��ل األح��داث الكبرى في‬ ‫تاري��خ األمم ‪ ،‬التنوير بعد الثورة يجب أن يكون‬ ‫في كل اإلتّجاهات لتنتج المدنيّة ‪ ،‬في ليبيا عملية‬ ‫التعتي��م الممنهج على كل مصادر المعرفة وهدم‬ ‫كل مصان��ع األفكار جعل��ت المدنيّة تتقهقر أمام‬ ‫س��طوة التعصّب أو [ بنية العصبيّة ] ‪ ،‬وسطوة‬ ‫رغب��ة اإلمتالك منذ تح��وّل الليبيّيون الى مجرد‬ ‫[ أش��ياء ] في نظر الس��لطة و في نظر الليبيّين‬ ‫أنفس��هم لألس��ف الش��ديد ‪ ،‬وهذه أخط��ر تبعات‬ ‫النظام الدكتاتوري على امتداد التاريخ البش��ري‬ ‫‪ ،‬يج��ب أوالً ‪ :‬الس��عي لتوحيد اللّيبيّي��ن كليبيّين‬ ‫قوم��ي واح ٍد ] يعتبر كل ش��ي ٍء‬ ‫تح��ت [ غطا ٍء‬ ‫ٍّ‬ ‫خ�لاف [ الوط��ن ] هوامش ضروريّ��ة منبعها‬

‫اإلخت�لاف ‪ ،‬مصبّها وحدة الوطن نفس��ه ‪ ،‬ثانيّا ً‬ ‫‪ :‬يجب توجيه [ الكف��اءة ] نحو مكانها الصحيح‬ ‫ف��ي منظومة اإلنتاج ‪ ،‬وثالثا ً ‪ :‬وهو األهم تجريد‬ ‫[ المحاربين‪/‬الث��وّار ] م��ن ملكيّة الس�لاح أوالً‬ ‫و ال��والء األيديولوج��ي ثاني��ا ً ‪ ،‬للوص��ول الى‬ ‫رابع��ا ً وهو الدولة صاحبة الموقف السياس��ي ‪،‬‬ ‫اإلقتص��ادي واإلجتماعي البعيد عن الصبيانيّة ‪،‬‬ ‫حيث الدولة هي فقط أداة الدولة كما يقول أنجلس‬ ‫‪ ،‬ليس��ت الدولة أداة الفقيه لتمرير الفقه في اتّجا ٍه‬ ‫ّ��في ‪ ،‬منش��أه التاريخ ال‬ ‫واح�� ٍد ‪،‬‬ ‫إقصائي و تعس ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫غي��ر كحقائ��ق ال تقبل الش�� ّ‬ ‫ك بالنّس��بة له فقط ‪،‬‬ ‫وليس��ت الدولة وس��يلة في يد الث��وّار للحصول‬ ‫على المكاسب بقوّة السالح أحايين كثيرة ‪.‬‬ ‫الدولة الدينيّة هي دولة قمع ‪ ،‬ودولة تربيّة أيضا ً‬ ‫‪ ،‬والدول��ة الثوريّة ه��ي دولة غنائم ‪ ،‬وهي دولة‬ ‫المنتصري��ن أيضا ً ‪ ،‬وهذه مجتمع ٍة ليس��ت دوالً‬ ‫في واقع األمر بل هي شي ٌء آخر يمكن أن نسميّه‬ ‫م��ا نش��اء ‪ ،‬الدول��ة ال تقمع مواطنيه��ا وال تقوم‬ ‫بتربيتهم ‪ ،‬المجتمع يفعل ذلك ‪ ،‬النظم اإلجتماعيّة‬ ‫و التمايز الطبقي بين ساكني الحاضرة هي التي‬ ‫تض��ع معايير التميي��ز بي��ن األفراد‪/‬المواطنين‬ ‫‪ ،‬أ ّم��ا الدول��ة فإنه��ا تعم��ل كظاه��ر ٍة إجتماعيّ ٍة‬ ‫متس��اويّ ٍة بالنّسبة لكل المواطنين ‪ ،‬بغض النّظر‬ ‫ع��ن المذهب الذي يعتنقون��ه أو كم يكنزون من‬ ‫آخر فإن المنتصرين‬ ‫الم��ال مثالً ‪ ،‬وعلى صعي ٍد ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ب ليأتوا محلهم يُنتجون‬ ‫من قاموا باإلطاحة بأربا ٍ‬ ‫إس��تبداداً وعس��فا ً يوازي أضعافا ً مضافعةً له ‪،‬‬ ‫ي��ؤ ّدي الى إضمحالل الدول��ة وإختفائها كغنيم ٍة‬ ‫ال يمك��ن أن تعود لمالكيها الحقيقيّن ‪ ،‬المواطنين‬ ‫جميع��ا ً ‪ ،‬ك��ون القمع يتحوّل من ظاه��ر ٍة مؤقّت ٍة‬ ‫في عصر اإلس��تبداد األول الى جز ٍء من الحياة‬ ‫اليوميّ��ة في عصر اإلس��تبداد الثاني ‪ ،‬وال يمكن‬ ‫الفرار من هذا العصر س��وى عبر إعالن ثور ٍة‬ ‫أخرى على مس��توى القيم و الذهنيّات ‪ ،‬المبادئ‬ ‫واألفكار العا ّمة ‪ ،‬تلك التي ُش�� ِّوهت وغاب عنها‬ ‫المنطق ‪ ،‬بس��بب غي��اب عقلنة الدول��ة أصالً ‪،‬‬ ‫وغياب إحس��اس المواط��ن بالمواطن��ة أيضا ً ‪،‬‬ ‫فص��ار كما رأته القوة الباغية [ شيئاً‪/‬ش��خص ]‬ ‫يتعامل ُمجبراً مع [ أشياء‪/‬أش��خاص ] للحصول‬ ‫عل��ى [ أش��ياء أخرى‪/‬ممتل��كات ] ‪ ،‬وال يمك��ن‬

‫أن تتح��ول هذه األش��ياء ال��ى حقيقتها ووضعها‬ ‫الصحي��ح إال بإعالن عقلنة الث��ورة و الدين في‬ ‫طريق عقلنة الدول��ة ‪ ،‬عقلنة الدين يكون بإنكار‬ ‫حق ومنع المذهب الواحد في الحديث بإس��م هذا‬ ‫الدي��ن ‪ ،‬وعقلنة الثّورة يكون بمنع تس��لط الثوّار‬ ‫على غي��ر الثوّار ‪ ،‬لينتج جه��از الدولة الحديثة‬ ‫و الموضوعيّ��ة ‪ ،‬حيث بني��ة المجتمع مفصولةٌ‬ ‫تمام��ا ً ع��ن تركيب��ة الدول��ة المبنيّة فق��ط على‬

‫‪19‬‬

‫المنطق الموضوعي الفع��ال ‪ ،‬الذي يعتمد على‬ ‫فص��ل المصلحة العا ّمة ع��ن المصلحة الخاصّة‬ ‫‪ ،‬بفص��ل الدولة عن الماورائيّ��ات أي أن يكون‬ ‫للدول��ة هدف خارج عالمها ‪ ،‬وفصلها أيضا ً عن‬ ‫المجتمع المدني الذي يلعب دور الرقيب وراسم‬ ‫معياريّة عمل وس��ير أجهزة الدولة و مؤسّساتها‬ ‫‪ ،‬هك��ذا تك��ون الدول��ة أ ّما خالفها فليس س��وى‬ ‫تدليسا ً و إمتهانا ً لشرف الثورة و قداسة ال ّدين ‪.‬‬

‫الدولة احملرتمة‬ ‫مـنـصـور بـن عـامـر‬ ‫الجميع يرددون أننا نريد " دولة محترمة " يُحترم فيها القانون و نحترم فيها بعضنا‬ ‫البعض و نعيش فيها جميعا في سالم ‪.‬‬ ‫كيف نكون دولة محترمة و نحن نخترق الضوء األحمر بكل بساطة ‪ ,‬كيف و نحن‬ ‫نرمي من سياراتنا أوراق الكلينيكس و قشور الموز و علب السجائر الفاضية‪.‬‬ ‫كيف نكون دولة محترمة و كثيرون منا يشهرون السالح على بعضنا لسرقتهم أو‬ ‫سرقة سياراتهم أو أمالكهم أو حتى إلبداء وجهة نظر معينة !!‬ ‫كيف و ألن بعضنا ذهب إلى ميادين القتال و التي يفترض أنه ذهب إلى هناك‬ ‫كمجاهد في سبيل هللا أو مدافعا عن الوطن ‪ ,‬فإذا جرح و لو بخدش بسيط إنقلب إلى‬ ‫شخص " ال يعجبه العجب " شديد األنانية ال يرضى بأي شيء ‪ ,‬إذا أُرسل للعالج‬ ‫إلى تونس أراد إيطاليا و إذا أُرسل إلى المانيا يريد األستاذ عبد الجليل أن يرسل لجنة‬ ‫ألن األكل ال يعجبه هناك‪!.‬‬ ‫متى نعرف أن البلد لن تصلح أحواله‪ ,,‬إال إذا فكرنا في األخرين ‪ ,,‬إال إذا قمنا نحن‬ ‫بواجباتنا قبل أن نطلب كل شيء من الوطن ‪ ,‬و لم نعطه شيئا أصالً سوى الشكوى و‬ ‫المضايقات و عدم إحترام القواعد البسيطة التي تضمن العيش بسالم مع األخرين ‪.‬‬ ‫ال تقل ماذا يستطيع الوطن أن يقدم لي ‪ ,‬بل قل ماذا أستطيع أن أقدم لهذا الوطن‪.‬‬

‫أطلسي الثائر‬ ‫إبراهيم عثمونة‬ ‫أبداً لم يفارقني طيلة فبراير الطويل‪ ,‬س��حبته‬ ‫م��ن المكتب��ة في مس��اء ثاني ي��وم‪ ,‬وضل إلى‬

‫جانبي حتى كتابة هذا النص‪ ,‬مجلداً ازرق كتب‬ ‫عليه باللون الذهب��ي "األطلس الوطني"‪ ,‬أينما‬

‫اتجهت األحداث الحقها إصبعي على صفحاته‬ ‫وتوقف عند مكان الحدث األبرز‪.‬‬ ‫ه ّمشت خواطر ثائرة على حواشيه‪.‬‬ ‫ودونت تواريخا ً أحسبها صارت تاريخ‪ ,‬ودكنت‬ ‫مدنا ً كانت صغيرة باهت��ة ال تكاد تراها العين‪,‬‬ ‫وحددت أماكن كانت متماهية مع ما حولها‪.‬‬ ‫كان كل ش��يء فيه يسمح باإلضافة والنقصان‪,‬‬ ‫كل شيء‪.‬‬ ‫واألي��ام تج��ري‪ ,‬واألحداث الكب��رى تتصاعد‬ ‫بين دفتي األطلس‪ ,‬فيتغير ويظهر بين يدي كل‬ ‫جمعة بش��كل آخر حدي��ث‪ ,‬وأضيف له في كل‬ ‫يوم إشارة ذات داللة جديدة‪ ,‬وفي كل يوم أبحث‬ ‫عل��ى صفحاته عن أوجه ش��به بين مدينة تثور‬ ‫في الشرق وأخرى تشاطرها ثورتها في أقصى‬ ‫الغ��رب‪ ,‬وأع��ود ألع��رف س��كان المدينتين‪,‬‬ ‫وطبيعة أرضهما والمن��اخ والناس‪ ,‬ثم ألونهما‬ ‫ب��ذات الل��ون‪ ,‬وأحاول دائما ً أن أستش��عر ذات‬ ‫الحال��ة على الخريطة في مدن أخرى أحس��بها‬

‫س��تهب قريباً‪ ,‬وما هي إال أيام قليلة حتى أسمع‬ ‫واحدة منها لحقت بالركب‪.‬‬ ‫أفرح‪ ,‬وأهرع إلى أطلسي‪.‬‬ ‫وبس��رعة أفتح صفحتها‪ ,‬وأح��دد األرض التي‬ ‫تمت��د عليها‪ ,‬وطبيعة مناخها وحياتها وس��كانها‬ ‫وأرى الغد يولد فيها ومنها‪ ,‬فأشير حولها بذات‬ ‫اللون‪ ,‬وأدكنه أكثر‪.‬‬ ‫ه��ذا الل��ون وصفته مرة على حاش��ية األطلس‬ ‫أن��ه لذهنية واحدة‪ ,‬إذ كنت أش��عر أن ما يجمع‬ ‫ويح��رك ه��ذه األماك��ن ه��ي ذهنية ت��رى من‬ ‫ذات الزاوي��ة‪ ,‬ووضحت في أألس��فل أنه كلما‬ ‫زاد الل��ون قتامة زاد قرب الم��كان من زاوية‬ ‫الرؤية‪.‬‬ ‫وكب َر اللون على سطح الخريطة وعند مفتاحها‬ ‫شيئا ً فش��يئاً‪ ,‬وتصورت مرات وأنا منكب على‬ ‫أطلس��ي الثائر‪ ,‬حين الح لي فيض قيمي يسكنه‬ ‫منذ القدم‪ ,‬أن بسالة المدن من بسالة قيمها‪.‬‬


‫‪20‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫املشهد السياسي اللييب‪ :‬صعود قوى جديدة‬ ‫زاهي بشري املغريبي‬ ‫‪ 1‬من ‪2‬‬

‫• الطبيعة المسلمة المحافظة‬ ‫يتعين على أي تحليل للتفاعالت السياس��ية‬ ‫ودور القوى السياسية المختلفة أن يأخذ في‬ ‫اعتب��اره طبيعة المجتمع الليب��ي وتركيبته‬ ‫االجتماعي��ة والدينية والسياس��ية‪ ،‬وطبيعة‬ ‫التفاعالت السياس��ية خالل الحقبة السابقة‬ ‫لث��ورة ‪ 17‬فبراي��ر ‪ 2011‬والت��ي تش��مل‬ ‫النظ��ام الملكي ونظ��ام القذاف��ي‪ ،‬وطبيعة‬ ‫دور المجتم��ع الدول��ي خالل تل��ك الثورة‬ ‫والتأثي��رات المحتمل��ة لذل��ك ال��دور على‬ ‫وضع ليبيا المستقبلي وقواها السياسية‪.‬‬ ‫وس��أحاول في هذه الورق��ة أن أقدم تحليالً‬ ‫للتي��ارات السياس��ية ف��ي الس��احة الليبية‪،‬‬ ‫ولكن غياب المؤشرات الكمية والمعطيات‬ ‫اإلمبيريقي��ة‪ ،‬يجع��ل القي��ام بمث��ل ه��ذا‬ ‫التحليل مخاط��رة وأقرب إلى االنطباعات‬ ‫الش��خصية منه إلى الحقائ��ق الصلبة‪ .‬ومع‬ ‫ذلك أزعم أن الصورة العامة‪ ،‬كما س��وف‬ ‫نبي��ن‪ ،‬تدعو إل��ى التفاؤل بمس��تقبل وآفاق‬ ‫أرحب‪ ،‬وتبين أن بمق��دور الليبيين تحويل‬ ‫حلم الدول��ة الديمقراطية المدني��ة التعددية‬ ‫التي ال تقصي أي تيار أو توجه أو فرد إلى‬ ‫واقع معاش‪.‬‬ ‫إن م��ن الض��روري ف��ي البداية اإلش��ارة‬ ‫إلى الطبيع��ة المس��لمة المحافظة للمجتمع‬ ‫الليب��ي‪ ،‬وإل��ى تدينه المعتدل والوس��طي‪،‬‬ ‫حي��ث يهيمن ف��ي البالد المذه��ب المالكي‬ ‫(إل��ى جانب المذه��ب األباضي المنتش��ر‬ ‫بي��ن األمازيغ في منطقة جبل نفوس��ة وما‬ ‫حولها)‪ .‬ولهذه الطبيعة االجتماعية والدينية‬ ‫تأثي��رات مهمة على مس��ارات التفاعالت‬ ‫السياسية واالجتماعية وعلى قوة التيارات‬ ‫واالتجاه��ات والق��وى السياس��ية المختلفة‬ ‫التي برزت ف��ي ليبيا الحديث��ة فور انتهاء‬ ‫الح��رب العالمي��ة الثاني��ة‪ ،‬س��واء خ�لال‬ ‫اإلدارة العس��كرية البريطانية والفرنسية‪،‬‬ ‫أو ف��ي ظل النظام الملك��ي ونظام القذافي‪.‬‬ ‫ولعل أب��رز هذه التأثيرات تضاؤل إمكانية‬ ‫غرس أية أيديولوجيا متطرفة سواء كانت‬ ‫إسالمية أم علمانية‪.‬‬ ‫م��ن ناحية أخ��رى‪ ،‬أدت عمليات التحديث‬ ‫االجتماع��ي واالقتص��ادي اعتب��اراً م��ن‬ ‫منتصف س��تينيات القرن الفائت إلى زيادة‬ ‫تجانس النس��يج االجتماعي ف��ي ليبيا وإلى‬ ‫تناقص تأثير الوالءات واالنتماءات القبلية‬ ‫والجهوي��ة وتعزي��ز ال��والءات الوطني��ة‬ ‫واألحاس��يس باالنتم��اء إل��ى كي��ان أكب��ر‬ ‫وأشمل يجمع كل الليبيين‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫تركي��ز المحللين الغربيي��ن باألخص على‬

‫االنقس��امات القبلية وتأثيراتها على العملية‬ ‫السياس��ية في ليبيا حالياً‪ ،‬فالواضح أن هذه‬ ‫التحليالت تستند إلى تصور للتركيبة القبلية‬ ‫وتأثيراتها ف��ي الحياة السياس��ية مرجعيته‬ ‫أربعينيات وخمس��ينيات القرن العش��رين‬ ‫وليس الوقت الحالي‪ .‬ولم تأخذ في اعتبارها‬ ‫التط��ورات االجتماعي��ة واالقتصادية وما‬ ‫ش��اهدته ليبيا من معالم التحديث في العقود‬ ‫األخيرة من القرن العشرين‪ ،‬والتي تمثلت‬ ‫في ارتفاع مس��تويات الحضري��ة والتعليم‬ ‫واالتصاالت والمواصالت التي س��اهمت‬ ‫بدرج��ة كبيرة في تجان��س المجتمع الليبي‬ ‫وتفتيت الوالءات القبلية والجهوية والتقليل‬ ‫من أهميتها إلى حد كبير في تحديد مسارات‬ ‫التفاعالت السياسية‪.‬‬ ‫• تصوير ‪ 17‬فبراير‬ ‫ورغ��م محاول��ة نظ��ام القذافي اس��تغالل‬ ‫الوالءات القبلية والجهوية طيلة مدة حكمه‬ ‫للتأثي��ر عل��ى المش��هد السياس��ي الليب��ي‪،‬‬ ‫إلى جان��ب محاولت��ه لتصوير ث��ورة ‪17‬‬ ‫فبراي��ر على أنها ته��دف إلى تقس��يم ليبيا‬ ‫قبلي��ا وجهوي��ا‪ ،‬ف��إن تط��ورات األحداث‬ ‫والخطاب السياس��ي للثوار يعكس بصورة‬ ‫جلية الوح��دة الوطنية ونبذ النعرات القبلية‬ ‫والجهوية على الرغ��م من وجود أصوات‬ ‫هنا وهناك ترفع شعارات جهوية وقبلية‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬ال يس��تقيم الحديث ع��ن التفاعالت‬ ‫السياسية الحالية في ليبيا‪ ،‬وعن المسارات‬ ‫التي يمك��ن أن تتخذها‪ ،‬دون القيام بإطاللة‬

‫س��ريعة على طبيعة هذه التفاعالت خالل‬ ‫الفترة الماضية منذ اس��تقالل ليبيا في نهاية‬ ‫‪ 1951‬وحتى قيام ثورة ‪ 17‬فبراير ‪.2011‬‬ ‫وم��رد ذلك أن التطورات السياس��ية خالل‬ ‫تلك المرحلة تلقي بظاللها على التفاعالت‬ ‫السياس��ية الحالي��ة وتؤثر على مس��اراتها‬ ‫بصورة أو بأخرى‪.‬‬ ‫• المشهد السياسي الليبي ‪1951-2011‬‬ ‫م��ن المالح��ظ أن رؤي��ة النظ��ام الملك��ي‬ ‫(‪ )1951-1969‬لطبيع��ة دور التنظيمات‬ ‫والق��وى الحزبية ف��ي الحياة السياس��ية ال‬ ‫تختلف جوهري��ا ً عن رؤية نظ��ام القذافي‬ ‫(‪ ،)1969-2011‬إال أن النظامين يختلفان‬ ‫جذري��ا ً ح��ول آلي��ات التعام��ل م��ع ه��ذه‬ ‫الحركات والتنظيمات وسبل مواجهتها‪.‬‬ ‫فف��ي الوقت الذي اس��تخدم النظام الملكي‪،‬‬ ‫كما س��وف يتضح‪ ،‬الي��د الناعمة تجاه هذه‬ ‫التنظيم��ات‪ ،‬ف��إن نظام القذاف��ي كان أكثر‬ ‫عنفا ً وقس��وة في تعامله مع أية حركات أو‬ ‫اتجاهات سياس��ية ال تتفق مع أيديولوجيته‬ ‫ورؤاه السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫•العهد الملكي وعهد القذافي‬ ‫ويتوج��ب قبل تحليل التفاعالت السياس��ية‬ ‫ف��ي ليبيا خالل العهد الملكي وعهد القذافي‬ ‫التط��رق إلى تفاعالت المش��هد السياس��ي‬ ‫خالل فت��رة اإلدارة العس��كرية البريطانية‬ ‫في برق��ة (‪ ،)1943-1949‬وفي طرابلس‬ ‫خالل الفترة (‪ .)1943-1951‬فمنذ انتهاء‬ ‫االستعمار االيطالي وسيطرة الحلفاء على‬ ‫ليبيا ‪ ،1943‬نش��طت القوى السياس��ية في‬ ‫العمل في كل من برقة وطرابلس من أجل‬ ‫تحقيق اس��تقالل ليبي��ا ووحدته��ا بأقاليمها‬ ‫الثالث��ة‪ :‬برق��ة وطرابل��س وف��زان‪ .‬ولقد‬ ‫تش��كل العديد من التنظيمات السياس��ية في‬ ‫برق��ة‪ ،‬من أهمه��ا جمعية عم��ر المختار‪،‬‬ ‫وفي طرابلس وم��ن أهمها حزب المؤتمر‬ ‫الوطني‪ .‬قام هذان التنظيمان بدور مهم في‬ ‫الحراك السياسي الليبي خالل األربعينيات‬ ‫وكان لهما تأثير كبير على مسار األحداث‬ ‫وعل��ى قيام دول��ة ليبيا الموح��دة‪ .‬غير أن‬ ‫رؤية النظام الملكي لدور العمل السياس��ي‬ ‫التنظيمي برزت قبل إعالن استقالل ليبيا‪،‬‬ ‫فلقد قامت حكوم��ة إمارة برقة‪ ،‬التي أعلن‬ ‫قيامها واس��تقاللها عام ‪ 1949‬بحل جمعية‬ ‫عمر المخت��ار والنادي األهل��ي الرياضي‬ ‫التاب��ع له��ا وإغ�لاق مركزه��ا الع��ام في‬ ‫بنغ��ازي وفرعها في درن��ة في ‪ 20‬يوليو‪/‬‬ ‫تموز ‪ ،1950‬بذريعة قيام أنصار الجمعية‬ ‫بمظاه��رة دون ترخيص رس��مي وقيامهم‬

‫بأعمال ش��غب‪ .‬أما حزب المؤتمر الوطني‬ ‫في طرابلس فقد تم حله عقب االضطرابات‬ ‫التي صاحبت أول انتخابات تش��ريعية بعد‬ ‫االستقالل عام ‪ ،1952‬ونُفي زعيمه بشير‬ ‫الس��عداوي خارج البالد بحج��ة أنه يحمل‬ ‫جنس��ية غي��ر ليبية‪ .‬ومنذ ذل��ك الوقت ُمنع‬ ‫تكوين أي تنظيمات أو أحزاب سياسية في‬ ‫ليبيا‪.‬‬ ‫• مع االحزاب‬ ‫بي��د أن هذا الحظر عل��ى تكوين األحزاب‬ ‫والتنظيم��ات السياس��ية ف��ي ليبيا ل��م يمنع‬ ‫م��ن ب��روز مث��ل ه��ذه التنظيمات بش��كل‬ ‫س��ري تأثراً بالتطورات السياسية الداخلية‬ ‫واإلقليمي��ة‪ ،‬وم��ن أن يكون له��ا دور مهم‬ ‫في الش��ارع السياس��ي الليبي‪ .‬وقد برزت‬ ‫خالل العهد الملكي ثالثة تيارات أساس��ية‬ ‫في المش��هد السياس��ي الليبي‪ ،‬وهي التيار‬ ‫اإلسالمي والتيار القومي والتيار اليساري‪.‬‬ ‫يُمثل التيار اإلس�لامي مكونا ً أساس��يا ً من‬ ‫مكون��ات المش��هد السياس��ي خ�لال العهد‬ ‫الملكي‪ ،‬وقد تمظهر ه��ذا التيار في حركة‬ ‫اإلخ��وان المس��لمين التي كان��ت تعبر عن‬ ‫االتجاه اإلسالمي الرئيسي في ذلك الوقت‪،‬‬ ‫باعتب��ار أن��ه ل��م يكن هن��اك تواج��د فعال‬ ‫لالتجاهات اإلسالمية األخرى التي برزت‬ ‫ونمت خالل سبعينيات القرن الماضي‪.‬‬ ‫وقد دخل التأثير الفكري والتنظيمي لحركة‬ ‫اإلخوان المسلمين إلى ليبيا ومدينة بنغازي‬ ‫على األخ��ص ف��ي أواخ��ر األربعينيات‪،‬‬ ‫عندم��ا ه��رب ثالثة م��ن ش��باب اإلخوان‬ ‫المسلمين (من بينهم المرحوم الدكتور عز‬ ‫الدين إبراهيم الذي عمل فيما بعد مستشارا‬ ‫في دول��ة اإلمارات العربي��ة المتحدة) من‬ ‫مصر إل��ى ليبيا بع��د اتهامهم بالمش��اركة‬ ‫في اغتيال النقراش��ي باش��ا رئيس وزراء‬ ‫مصر ف��ي ذلك الوق��ت‪ ،‬ومنحه��م األمير‬ ‫إدري��س السنوس��ي‪ ،‬أمي��ر برقة ف��ي ذلك‬ ‫الوقت‪ ،‬ح��ق اللجوء السياس��ي‪ .‬ولقد تأثر‬ ‫العديد م��ن ش��باب مدينة بنغ��ازي بأفكار‬ ‫وآراء اإلخ��وان الت��ي كانوا يدع��ون إليها‬ ‫من خالل مواعظهم ودروس��هم الدينية في‬ ‫المس��اجد وعبر المحاضرات العامة‪ .‬ومنذ‬ ‫ذلك الوقت أصبح لفكر اإلخوان المسلمين‬ ‫حضور بارز في المش��هد الديني والثقافي‬ ‫والسياس��ي في مدينة بنغازي‪ ،‬ثم امتد إلى‬ ‫بقية مدن ومناطق ليبيا دون أن يتجسد ذلك‬ ‫ضم��ن إطار تنظيمي علن��ي بواقع الحظر‬ ‫ال��ذي فرضته الس��لطات الليبية خالل ذلك‬ ‫الوقت‪.‬‬


‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫• األحزاب السرية وعمليات القبض عليها‬ ‫ويعتب��ر التي��ار القوم��ي ‪ -‬ال��ذي يش��مل‬ ‫الناصريي��ن والبعثيي��ن وحرك��ة القوميين‬ ‫العرب‪ -‬المكون األساسي الثاني في المشهد‬ ‫السياس��ي الليبي خالل العه��د الملكي‪ .‬وقد‬ ‫انتش��ر الفك��ر القومي في ليبي��ا نتيجة لعدة‬ ‫عوام��ل م��ن أهمها ب��روز ش��خصية عبد‬ ‫الناصر ومع��ه الخطاب السياس��ي القومي‬ ‫المناهض لالستعمار واالمبريالية‪ .‬وأصبح‬ ‫التوج��ه الناص��ري المك��ون الرئيس��ي في‬ ‫التي��ار القومي في ليبيا‪ .‬إال أن حزب البعث‬ ‫العرب��ي االش��تراكي وحرك��ة القوميي��ن‬ ‫الع��رب كان لهما تواجد مؤثر في الس��احة‬ ‫الفكرية والسياسية الليبية خالل الخمسينيات‬ ‫والس��تينيات م��ن الق��رن العش��رين‪ .‬وفي‬ ‫ع��ام ‪ 1960‬ألقت الس��لطات الليبية القبض‬ ‫على مجموع��ة من المثقفين والش��باب من‬ ‫عدة مدن ليبية بتهمة تش��كيل تنظيم س��ري‬ ‫محظ��ور يتب��ع ح��زب البع��ث العربي في‬ ‫سوريا‪ .‬وحكمت الس��لطات القضائية على‬ ‫المتهمي��ن بأح��كام خفيفة تراوح��ت ما بين‬ ‫عدة س��نوات وعدة أشهر‪ .‬وفي عام ‪1967‬‬ ‫أعلن��ت الحكوم��ة الليبي��ة اكتش��اف تنظيم‬ ‫سري تابع لحركة القوميين العرب وحوكم‬ ‫أعض��اء التنظي��م وصدرت ضده��م أحكام‬ ‫مماثلة لما صدر ضد التنظيم البعثي‪ .‬وكان‬ ‫م��ن بين المتهمي��ن في الحالتين أش��خاص‬ ‫س��وريون وفلس��طينيون وأردني��ون مم��ن‬ ‫كان��وا يعملون في ليبي��ا في مجال التدريس‬ ‫وغيره من المجاالت‪.‬‬ ‫أما التيار الثال��ث فيتكون من مجموعة من‬ ‫اليس��اريين الذين تأثروا بالفكر الماركس��ي‬ ‫اليس��اري خالل دراس��تهم خ��ارج ليبيا أو‬ ‫عب��ر اطّالعه��م عل��ى األدبيات اليس��ارية‬ ‫والماركس��ية داخل البالد‪ .‬كما يش��مل هذا‬ ‫التي��ار أنص��ار حرك��ة القوميي��ن الع��رب‬ ‫الذي��ن تخلوا عن الفكر القومي وتبنوا الفكر‬ ‫الماركس��ي واليس��اري عموما ً بعد هزيمة‬

‫يونيو‪/‬حزيران ‪.1967‬‬ ‫• أهم التيارات في العهد الملكي‬ ‫من خالل استعراض أهم التيارات السياسية‬ ‫ف��ي ليبيا خ�لال العهد الملك��ي يمكن إبداء‬ ‫المالحظات التالية‪:‬‬ ‫• إن وج��ود هذه التي��ارات‪ ،‬وبالذات التيار‬ ‫اإلسالمي والتيار القومي‪ ،‬يعكس مدى تأثر‬ ‫المش��هد السياس��ي الليبي بتفاع�لات البيئة‬ ‫العربي��ة المحيطة‪ .‬وف��ي الواقع‪ ،‬فإن هذين‬ ‫التياري��ن س��اعدا على تبل��ور هوية عربية‬ ‫إس�لامية في ليبيا عبر المقررات الدراسية‬ ‫ووسائل اإلعالم المصرية‪ .‬وربما كان ذلك‬ ‫أحد أسباب تقهقر الهويات القبلية والجهوية‬ ‫ف��ي ليبيا‪ ،‬إلى جانب تأثير العملية التحديثية‬ ‫ذاتها‪.‬‬ ‫• لقد اختلف تأثير هذه التيارات على الشارع‬ ‫الليبي من فترة ألخرى‪ ,‬فخالل الخمسينيات‬ ‫وحت��ى ‪ 1967‬كان االتج��اه الناصري هو‬ ‫االتجاه الغالب‪ .‬فعلى س��بيل المثال‪ ،‬تأثرت‬ ‫ش��عبية التيار اإلس�لامي‪ ،‬الذي كان ممثالً‬ ‫أساس��ا في اإلخ��وان المس��لمين‪ ،‬بصراعه‬ ‫م��ع عبد الناصر خالل تلك الفترة‪ .‬وينطبق‬ ‫األم��ر نفس��ه على االتج��اه البعث��ي خالل‬ ‫النص��ف األول م��ن الس��تينيات‪ .‬إال أن كل‬ ‫ذلك تغي��ر بعد هزيمة ‪ ،1967‬حيث تقلص‬ ‫تأثير الفكر القوم��ي والناصري على وجه‬ ‫التحدي��د‪ ،‬وبرز التيار اإلس�لامي بمكونات‬ ‫واتجاه��ات جدي��دة تناف��س فك��ر اإلخوان‬ ‫المس��لمين وتعبر عن توجهات مختلفة مثل‬ ‫حزب التحرير اإلسالمي وغيره‪.‬‬ ‫• رغ��م أن��ه كان هن��اك قب��ول واس��ع في‬ ‫الشارع الليبي للتيارين القومي واإلسالمي‪،‬‬ ‫ف��إن التيارات الثالثة (اإلس�لامي والقومي‬ ‫واليس��اري) كانت م��ن الناحي��ة التنظيمية‬ ‫ظاهرة نخبوي��ة ضمت عدة مئات أو آالف‬ ‫من المثقفين والناش��طين والمهتمين بالشأن‬ ‫الع��ام‪ ،‬ولم تتمكن تنظيميا ً م��ن التغلغل في‬ ‫مختلف أوس��اط المجتمع الليبي‪ ،‬ومرد ذلك‬

‫أساس��ا ً إلى عدم قدرتها على التنظيم العلني‬ ‫القانوني‪ .‬ولعل المشهد كان سيختلف كثيراً‬ ‫لوال هذا الحظر‪.‬‬ ‫• من أهم تداعيات حظر تكوين التنظيمات‬ ‫واألحزاب السياس���ية في العه���د الملكي‬ ‫خلق فراغ مؤسسي على مستوى التنظيم‬ ‫المدني‪ .‬ولقد اس���تفاد نظام القذافي كثيرا‬ ‫من ه���ذا الفراغ‪ ،‬حيث لم تك���ن هناك أية‬ ‫تنظيم���ات مدني���ة مس���تقلة ق���ادرة على‬ ‫أن تك��� ّون قوة موازن���ة لنظ���ام القذافي‬ ‫والتنظيمات التي خلقها‪.‬‬ ‫وبالرغ��م من أن التوجه العام لنظام القذافي‬ ‫تج��اه التنظيم��ات واألح��زاب السياس��ية‬ ‫المس��تقلة لم يختل��ف عن توجه��ات النظام‬ ‫الملكي‪ ,‬إال أن كيفية التعامل وأدواته تغيرت‬ ‫تغي��راً جذري��ا ً وحاس��ماً‪ ،‬واتخذت مس��اراً‬ ‫عنيفا ً وقمعياً‪ .‬ففي حين أن القذافي اس��تعان‬

‫‪21‬‬

‫ببع��ض العناصر القومية ف��ي أول حكومة‬ ‫بعد االنقالب العسكري عام ‪ ،1969‬إال أن‬ ‫ذلك لم يدم طويالً‪.‬‬ ‫وتم التخلي عن هذه العناصر في التشكيالت‬ ‫الحكومية الالحقة‪ ،‬وتولى العسكريون عدة‬ ‫مناصب فيها إلى جانب االس��تعانة ببعض‬ ‫التكنوق��راط الذي��ن ليس��ت له��م توجه��ات‬ ‫سياسية واضحة‪.‬‬ ‫• القبض علي االخوان المسلمين‬ ‫وق��د ب��دأت عملية القم��ع بص��دور قانون‬ ‫تجري��م الحزبي��ة ع��ام ‪ 1972‬ال��ذي جعل‬ ‫تشكيل أو االنضمام إلى أحزاب وتنظيمات‬ ‫سياس��ية جريمة عقوبتها اإلعدام‪ .‬وفي عام‬ ‫‪ ،1973‬وبع��د إع�لان الثورة الش��عبية‪ ،‬تم‬ ‫إلقاء القبض على المئ��ات من المثقفين من‬ ‫مختلف التي��ارات واالتجاهات اإلس�لامية‬ ‫والقومية واليسارية‪ .‬ولم يعد هناك مكان في‬ ‫المش��هد السياسي إال للتنظيمات التي خلقها‬ ‫النظ��ام‪ ،‬مث��ل االتحاد االش��تراكي العربي‬ ‫وحركة اللجان الثورية وغيرها‪ .‬واستمرت‬ ‫عمليات القم��ع واالعتق��االت واإلعدامات‬ ‫الت��ي طالت المثقفين والناش��طين سياس��يا ً‬ ‫داخ��ل ليبي��ا وخارجه��ا خالل س��بعينيات‬ ‫وثمانيني��ات وتس��عينيات القرن العش��رين‬ ‫والس��نوات األول��ى م��ن الق��رن الح��ادي‬ ‫والعش��رين‪ .‬بدأت عمليات القمع بالتخلص‬ ‫من العناصر المناوئة في القوات المس��لحة‬ ‫أع��وام ‪ 1969‬و‪ 1970‬و‪ ،1975‬ث��م‬ ‫امتدت إلى القط��اع الطالبي عامي ‪1976‬‬ ‫و‪ ،1977‬وإل��ى المثقفين عام ‪ ،1978‬وإلى‬ ‫المعارضة الخارجية ف��ي الثمانينيات‪ ،‬إلى‬ ‫جان��ب المواجهات المس��لحة م��ع الجماعة‬ ‫الليبي��ة اإلس�لامية المقاتلة خ�لال النصف‬ ‫األول من التس��عينيات‪ ،‬وإلقاء القبض على‬ ‫مجموعات من المنتمين لإلخوان المسلمين‬ ‫عام ‪.1998‬‬


‫‪22‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫اإلصالح األمنى فى سياق العدالة االنتقالية‬ ‫• حمسن عوض‬ ‫أم��ا النم��ط الثان��ى م��ن الخب��رات الت��ى تقدمه��ا األدبي��ات العالمية‬ ‫المتخصصة فهو مجموعة قواعد إرشادية لقواعد و‬ ‫خطوات عملية إصالح الموظفين (‪.)1‬‬ ‫و تذه��ب هذه القواعد إلى أن وضع برنام��ج إلصالح الموظفين فى‬ ‫أعقاب فترات الصراع أو الحكم الشمولى يحتاج إلى ثالثة مراحل ‪:‬‬ ‫أولها ‪ :‬إجراء تقييم ش��امل لمعرفة الوضع الحالى لموظفى المؤسسة‬ ‫و تحدي��د متطلبات اإلصالح ‪ .‬و يش��مل هذا التقييم القدرة و الكفاءة‬ ‫و تحلي��ل التفويض الممنوح للمؤسس��ة ‪ ،‬و توصيف عملية نموذجية‬ ‫للتس��جيل ‪ ،‬و مراع��اة مخاط��ر إبع��اد الموظفين ‪ .‬كما يش��مل تقييم‬ ‫الموظفي��ن الذين يمكن إس��تخدامهم ف��ى حالة اإلس��تبدال و كذا تقييم‬ ‫اإلحتياج��ات العامة للجمهور الذى تقوم المؤسس��ة بخدمته ‪ ،‬و تقييم‬ ‫اإلرادة السياسية و المقاومة ‪.‬‬ ‫و ثانيه��ا ‪ :‬تحدي��د المعال��م و المعايي��ر و النتائج ‪،‬و تت��م هذه الخطوة‬ ‫على أساس التقييم و تشمل عدة عناصر مهمة أبرزها تحديد تفويض‬ ‫المؤسس��ة ‪ ،‬و المعال��م التنظيمي��ة لإلص�لاح ‪ ،‬و معايي��ر التوظيف‬ ‫الف��ردى ‪ ،‬و مراع��اة التوفيق بين المعايي��ر و المعالم المتضاربة ‪ ،‬و‬ ‫تحديد العواقب بالنسبة ألولئك الذين سيبعدون عن وظائفهم>‬ ‫( ‪U N C H R - G L O B A L - )1‬‬ ‫ ‬ ‫‪TING,FRAMWORK,2006,ARABIC‬‬ ‫و ثالثه��ا ‪ :‬تصميم العملية ‪،‬وتخلص القواعد اإلرش��ادية إلى صعوبة‬ ‫اإلصالح الذاتى للمؤسسات ألسباب متعددة و ترجح عملية اإلصالح‬ ‫من خالل آلية تنشأ لهذا الغرض خصيصا ‪ ،‬فى شكل لجنة مستقلة من‬ ‫ذوى الخبرات المتنوعة ‪.‬‬ ‫كما تطرح نموذجان رئيس��يان لعملية إصالح الموظفين هما ‪ :‬عملية‬ ‫المراجعة ‪ ،‬و عملية إعادة اإلختيار‪ .‬وطبقا ً للنموذج األول ( المراجعة‬ ‫) يج��رى فحص الموظفي��ن لتحديد مدى صالحيتهم لإلس��تمرار فى‬ ‫الخدم��ة ‪ ،‬بينما يقوم النموذج الثان��ى ( أى إعادة اإلختيار ) على حل‬ ‫المؤسس��ة بكامله��ا ‪ ،‬ث��م يطلب م��ن الموظفين أن يتقدم��وا من جديد‬ ‫إلى العمل بها كمؤسس��ة جديدة ‪ .‬و يجرى التنافس بينهم على ش��غل‬ ‫الوظائف ‪ .‬و يتوقف اإلختيار بين هذين النوعين على مدى اإلصالح‬ ‫المطلوب للموظفين ‪.‬‬ ‫و تش��ير القواعد اإلرش��ادية إلى أن عملية إصالح الموظفين تتكون‬ ‫عادة من ثالث��ة أطوار إتصاال بطبيعة المرحلة اإلنتقالية التى تتم بها‬ ‫عملية اإلصالح ‪ ،‬و مدى مقاومة اإلصالح ‪ .‬فإذا كانت هذه المقاومة‬ ‫ش��ديدة يمكن تقس��يم العملية إلى عدة أطوار بحيث تأخذ فى اإلعتبار‬ ‫التحديات السياسية المعقدة لمراحل اإلنتقال ‪.‬‬ ‫خبرة اإلصالح األمنى فى البلدان العربية‬ ‫حرصت هذه الورقة على اإلس��تفادة م��ن خبرة اإلصالح األمنى فى‬ ‫ال��دول العربي��ة ‪ ،‬و الواقع أن هن��اك تجربة بحثية ثمين��ة أطلقتها "‬ ‫المب��ادرة العربية لإلصالح " فى س��ياق برنامج ش��رعت فى تنفيذه‬ ‫منذ العام ‪ 2007‬و يش��مل عدة بلدان عربيةمن بينها مصر و األردن‬ ‫و المغ��رب و لبنان‪.‬و وفرت أدبيات ثمين��ة ال غنى عنها فى معالجة‬ ‫قضية اإلصالح األمنى ‪.‬‬ ‫و رغ��م أن تجارب اإلصالح التى تعرضت لها هذه األدبيات تنطوى‬ ‫عل��ى قدر كبير من التنوع ‪،‬و الخصوصي��ات التى ال يجوز تعميمها‬ ‫مث��ل اإلص�لاح األمنى فى مناط��ق الحك��م الذاتى الفلس��طينى ‪ ،‬أو‬ ‫اإلص�لاح األمن��ى فى دول ال تحتكر إس��تخدام القوة كم��ا هو الحال‬ ‫فى لبنان ‪.‬كما أن معظمها ال يقع فى س��ياق مرحلة إنتقالية كتلك التى‬ ‫تعنينا فى هذه الورقة ‪ .‬إال أنها تش��ترك جميعها فى تش��خيص أنماط‬ ‫من التحديات المش��تركة ‪ ،‬كما أن تجربة إحداها تقع فى سياق العدالة‬ ‫اإلنتقالي��ة و ه��ى المغ��رب ‪ .‬كم��ا أن ه��ذه األوراق البحثية تطرقت‬ ‫لموضوع��ات لم تل��ق عناية خاصة من األدبي��ات العالمية ‪ ،‬و هو ما‬ ‫سمته خصخصة القطاع األمنى ‪،‬و اإلستعانة بمؤسسات أمنية أجنبية‬ ‫‪،‬كم��ا أنها أضاءت على أهمية مراعاة النوع اإلجتماعى فى األجهزة‬ ‫األمنية ‪)1( .‬‬ ‫¬_________________‬ ‫لمزيد من التفاصيل أنظر ‪:‬‬ ‫مب��ادرة اإلص�لاح العرب��ى ‪ ،‬إجتماع الخب��راء الثانى فى مش��روع‬ ‫إصالح القطاع األمنى فى البلدان العربية ‪ ،‬مارس ‪ /‬آذار ‪2009‬‬ ‫‪www.arab-reform.net‬‬ ‫يمك��ن إيجاز نمط التحديات الت��ى تواجه اإلصالح األمنى فى البلدان‬ ‫التى تناولتها هذه األدبيات فيما يلى ‪:‬‬ ‫‪ -‬إن إصالح القطاع األمنى ال يتعلق فقط بإصالح المؤسسات األمنية‬

‫‪ ،‬بل يتطلب معالجة أكثر شموال ‪ ،‬و ال يمكن مناقشته و تنفيذه بمعزل‬ ‫عن اإلصالحات األخرى ‪.‬‬ ‫ ضعف الرقابة على األجهزة األمنية ‪ ،‬س��واء على مس��توى النظم‬‫الداخلية للمؤسسات األمنية ‪ ،‬أم على مستوى الموازنات المالية لها ‪،‬‬ ‫و الت��ى تُقر عادة م��ن جانب لجان داخلية فى البرلمانات كرقم مجمل‬ ‫وبدون تفصيالت ‪ ،‬أوعلى مستوى أداء هذه المؤسسات ‪.‬‬ ‫ كذل��ك ضع��ف الرقابة عل��ى أداء هذه المؤسس��ات المعنية وتداخل‬‫المصالح بين بعض هذه األجهزة األمنية وأجهزة الرقابة ‪.‬‬ ‫ضع��ف التأهي��ل المهن��ى فى بعض المؤسس��ات األمني��ة ‪ ،‬و كذلك‬‫ضعف ثقافة حقوق اإلنسان لدى القائمين عليها ممايفضى إلى إنتشار‬ ‫إنتهاكات حقوق اإلنسان ‪.‬‬ ‫وتس��تحق خبرة اإلصالح األمنى فى المملك��ة المغربية وقفة خاصة‬ ‫بإعتبارها تندرج فى س��ياق العدالة اإلنتقالية ‪ ،‬و رغم إنها تنفرد بين‬ ‫حاالت العدالة اإلنتقالية بأنها لم تتم فى س��ياق تغيير النظام السياس��ى‬ ‫ف��ى البالد ‪ ،‬و تمت بإرادة ملكية ‪ ،‬فتظل من منظور العدالة اإلنتقالية‬ ‫خبرة مهمة ‪)1( .‬‬ ‫ تركزت المنافش��ات بش��كل أساس��ى عل��ى الظروف السياس��ية و‬‫المؤسس��اتية إلج��راء اإلصالح ف��ى القطاع األمنى بش��كل فعال ‪ ،‬و‬ ‫تعرضت بشكل مستفيض للعقبات الرئيسية لإلصالح و ما تم تحقيقه‬ ‫و األس��باب الكامنة وراء تحقيقه ‪ ،‬و الفاعلين الرئيس��ين المنخرطين‬ ‫فى العملية و أوجه القصور فى العملية ‪.‬‬ ‫وتخلص المناقشات إلى أن نقطة اإلنطالق إلصالح النظام األمنى فى‬ ‫المغرب ومؤشراتها حددتها ثالثة أمورهى‪ :‬أحداث الحادى عشر من‬ ‫س��بتمبر ‪ ، 2001‬و هيئة اإلنص��اف و المصالحة ‪ ،‬و ما صدر عنها‬ ‫م��ن توصيات ‪ ،‬و المناخ العام لإلفصاح ‪ .‬أما إس��تراتيجية اإلصالح‬ ‫‪ ،‬كما عبرت عنها المناقش��ات فقد شملت العديد من الجوانب أبرزها‬ ‫ما يلى ‪:‬‬ ‫ الحاج��ة إل��ى إعادة هيكلة القطاع األمنى ‪ ،‬و تحديد إطار لتنظيمه ‪،‬‬‫وبنفس الوقت هيكلة المس��ألة الدينية و اإلقتصادية و اإلجتماعية ‪ ،‬و‬ ‫التى تحتاج إلى إنخراط كافة القطاعات التنفيذية و المجتمع المدنى ‪.‬‬ ‫__________‬ ‫(‪ )1‬مب��ادرة اإلصالح العربى ‪ ،‬تقرير ع��ن فريق عمل المبادرة فى‬ ‫الرب��اط ‪ 14‬و ‪ 15‬م��ارس ‪ /‬آذار ‪ 2009‬ح��ول القط��اع األمن��ى فى‬ ‫المغرب و األجندة الخارجية لإلصالح‬ ‫ يجب أن تثار أوال مس��ألة من هو المس��تهدف من قبل اإلصالحات‬‫‪ ،‬و يجب اإلتفاق بش��أن الهدف ‪ ،‬أى أن اإلصالحات تس��عى إلعادة‬ ‫هيكلة األجهزة و برامج عملها و ممارس��اتها و التخطيط بغية إعادة‬ ‫تحديد دورها فى إستجابة لمتطلبات المجتمع ‪.‬‬ ‫ تعزيز المهنية داخل القطاع األمنى ‪ ،‬و اإلس��تخدام األمثل للموارد‬‫ضمن المؤسسات المهنية و العمل على عدم إساءة إستعمال السلطة ‪.‬‬

‫‪ 2‬من ‪2‬‬ ‫ إعداد برامج توعية و تثقيف ‪ ،‬و منتديات للحوار بغية تعزيز ثقافة‬‫حقوق اإلنس��ان ‪ ،‬على أن تستهدف هذه البرامج مختلف القطاعات و‬ ‫ليس فقط قطاع األمن ( القضاء – القطاع العام ‪)....‬‬ ‫ الحاجة إلى الحوكمة الرشيدة فى القطاع األمنى بهدف تهيئة المجال‬‫لمس��ار مش��ترك من أجل تعزيز الش��فافية و المس��اءلة و الرقابة و‬ ‫السيطرة على قطاع األمن ‪.‬‬ ‫ تطوير العالقات بين وسائل اإلعالم و قطاع األمن ‪.‬‬‫خبرات اإلصالح األمنى على المستوى الوطنى‬ ‫ش��هدت مصر خالل نصف القرن األخير العديد من تجارب إصالح‬ ‫األجه��زة األمني��ة بمفهومه��ا الواس��ع ‪ ،‬أى الجي��ش و المخابرات و‬ ‫الشرطة ‪ ،‬إرتبطت جميعها بمحطات رئيسية فى مسارالشئون العامة‬ ‫للبالد ش��هدت خاللها القوات المس��لحة محطتين رئيس��يتين ‪ :‬جرت‬ ‫إحداهم��ا ف��ى أزم��ة إنفصام الوحدة بين س��وريا و مص��ر فى العام‬ ‫‪ ، 1961‬و جرت الثانية فى أعقاب العدوان اإلس��رائيلى على مصر‬ ‫فى العام ‪. 1967‬‬ ‫كم��ا تعرض له��ا جهاز المخاب��رات العامة فى س��ياق خطة الرئيس‬ ‫األس��بق محمد أنور الس��ادات لتغيير المس��ار السياس��ى للبالد عقب‬ ‫مواجهة واس��عة مع قيادات نظام الرئيس جمال عبد الناصر فى العام‬ ‫‪. 1971‬‬ ‫و تعرض لها جهاز الش��رطة عقب التمرد الخطير الذى قام به جنود‬ ‫األمن المركزى فى العام ‪. 1986‬‬ ‫و ال تتس��ع ه��ذه الورق��ة بالتأكيد لتقيي��م مثل هذه التج��ارب ‪ ،‬ال من‬ ‫حي��ث الحيز المتاح ف��ى مثل هذه الورقة ‪ ،‬و ال موضوعيا حيث تهتم‬ ‫بإصالح المؤسسة الشرطية ‪.‬‬ ‫لك��ن يبقى من الض��رورى ‪ ،‬و الممكن كذلك ‪ ،‬إس��تخالص خبراتها‬ ‫مقارنة بسياقها ‪ ،‬وببعضها البعض ‪.‬‬ ‫كان الفيص��ل بي��ن النجاح و الفش��ل فى ه��ذه التجارب ه��و اإلرادة‬ ‫السياس��ية ‪ ،‬فحيثم��ا ل��م تتوافر إرادة سياس��ية جدي��ة للتغيير ‘ بغض‬ ‫النظر عن أس��باب ذلك ‪ ،‬أخفقت التجربة ‪ ،‬مثل ما حدث فى إصالح‬ ‫المؤسس��ة العس��كرية فى أعقاب اإلنفصال عام ‪ ، 1961‬أوتجربة ما‬ ‫سمى بالتحول نحو التعددية و الديمقراطية عام ‪. 1971‬‬ ‫و حيثم��ا توافرت اإلرادة السياس��ية تحقق النج��اح على نحو إصالح‬ ‫القوات المس��لحة فى أعقاب العدوان اإلسرائيلى على مصر فى العام‬ ‫‪ ، 1967‬و فى تجربة إصالح المخابرات العامة فى العام‪. 1968‬‬ ‫فرغم المحنة القاس��ية التى تعرضت لها القوات المس��لحة ‪ ،‬و جهاز‬ ‫المخاب��رات العام��ة ‪،‬و حج��م الصعوب��ات التى كان��ت تواجه خطة‬ ‫إص�لاح ه��ذا الجه��از أو ذاك ‪ ،‬فقد نجحت عملي��ة اإلصالح ‪ .‬و فى‬ ‫غضون قرابة ست س��نوات كان بوسع الجيش المصرى أن يخوض‬ ‫معرك��ة أكتوب��ر ‪ 1973‬بأعلى درج��ة من الكف��اءة و اإلنضباط ‪ ،‬و‬ ‫بالمثل حققت المخابرات العامة خطوات اإلصالح المؤسسى بدرجة‬ ‫عالية من الكفاءة ‪.‬‬ ‫كان العامل اآلخر لنجاح إصالح المؤسس��ة األمنية هو حشد الموارد‬ ‫من أجل هذا اإلصالح ‪ ،‬فإصالح الجيش المصرى لم يتم فقط بالنوايا‬ ‫الحسنة ‪،‬و إنما من خالل حشد موارد األمة إلنجاز اإلصالح و تحمل‬ ‫المجتمع ألعباء هذا اإلصالح وضروراته لتحريراألراضى المحتلة‬ ‫فيم��ا كان يصطلح عل��ى وصفه بإزالة آثارالعدوان ‪ ،‬و قد س��اند هذا‬ ‫الجهد الدول العربية والصديقة ‪.‬‬ ‫ثمة عامل آخر مهم لنجاح بعض التجارب الس��ابقة وهو إعادة هيكلة‬ ‫المؤسسات األمنية التى أجرت اإلصالح ‪ ،‬و إعادة النظر فى معايير‬ ‫التجنيد على نحو يس��مح بإس��تيعاب التقنيات الجدي��دة ‪ ،‬و التعلم ‪ ،‬و‬ ‫اإلبت��كار ‪ ،‬و نوعي��ة التدريب و جديته ‪ ،‬و اإلنضب��اط التنظيمى ‪ ،‬و‬ ‫الرقابة الداخلية ‪.‬‬ ‫ثم��ة عامل آخر مهم كان من أس��باب هذا النج��اح و هو توفير المناخ‬ ‫السياس��ى المالئم ‪ ،‬و الحرص على توفير الدعم المجتمعى إلصالح‬ ‫األجهزة األمنية ‪.‬‬ ‫بي��د أنه يتعين الوقوف عند إس��تخالص مهم ه��و ضرورة النظر إلى‬ ‫اإلصالح األمنى بإعتباره عملية مس��تمرة ‪ ،‬و ليس مجرد إجراءات‬ ‫لمواجه��ة حال��ة طارئ��ة ‪ ،‬أو إنه جهد أت��ى ثم��اره ‪ ،‬و أن يتم وضع‬ ‫الترتيبات واألطر‬ ‫التى تضمن إطراد اإلصالح ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫باحث من مصر‬


‫السنة األولى العدد ‪ 22 ( 28-‬نوفمبر‪)2011‬‬

‫‪23‬‬

‫يف مفرتق املرحلة‬

‫قليل من كثري‬

‫حممد اهلادي اجلزيري‬ ‫أس��ئلة كثيرة طفحت بها الث��ورة العربية ‪،‬‬ ‫وأمس��ت بمثابة الهواجس اليوميّة المهيمنة‬ ‫عل��ى األذهان والنف��وس‪ ،‬ومن ضمن هذه‬ ‫األسئلة وأش ّدها حرقة وإرباكا‪ :‬هل اإلنسان‬ ‫العرب��ي جاهز لخوض غم��ار ديمقراطية‬ ‫مائج��ة هائج��ة‪ ،‬متالطم��ة الحس��ابات‬ ‫والميوالت والمش��اعر واألفكار؟‪ ،‬خاصة‬ ‫بعد سيطرة الصوت الواحد واللون الواحد‬ ‫عل��ى مجتمعاتنا العربية طيلة عقود حزينة‬ ‫وبائس��ة‪ ،‬وأخ��صّ بالذك��ر تون��س وليبيا‬ ‫ومص��ر‪ ،‬نظرا لنج��اح الثوّار ف��ي اجتياز‬ ‫مرحل��ة اقت�لاع ثالث��ة من أعت��ى الطغاة‪،‬‬ ‫ووقوفهم على عتبات التأس��يس واإلصالح‬ ‫والبناء‪...‬‬ ‫أط��رح هذا الس��ؤال لي��س اقت��داء بأزالم‬ ‫األنظمة البائدة‪ ،‬الذين برّروا في الكواليس‬ ‫وف��ي وضح النه��ار‪ ،‬وفي م��ا حبّروه من‬ ‫أطن��ان المق��االت وبي��ن الس��طور كذلك‪،‬‬ ‫ب��رّروا إذن جب��روت أس��يادهم بع��دم‬ ‫جاهزيّة اإلنس��ان في ربوعنا لقبول الرأي‬ ‫المخال��ف والتعاي��ش م��ع اآلخري��ن م ّمن‬ ‫تتض��ارب رؤاه��م السياس��ية والثقافيّة مع‬ ‫جمل��ة معتقداته وقناعات��ه وثوابته‪ ،..‬ولَكم‬ ‫اتّ��كأ هؤالء المنظّرون األف��ذاذ على المثل‬

‫السلّم االجتماعي )‬ ‫الشعبي القائل‪ " :‬اله ّم فيه ما تختار" ‪...‬‬ ‫لنتّف��ق قب��ل التو ّغل أكثر ف��ي أحراش هذا ـــ مؤمن بالخوف والحذر الشديد‬ ‫الن��صّ ‪ :‬لس��ت على دي��ن ه��ؤالء ولكنّي ـــ كافر باألمس واليوم والغد‬ ‫بع��د نصف قرن م��ن اإلقامة الجبرية على ـــ مرت ّد عن ك ّل صداع معرفي وك ّل حوار جا ّد‬ ‫وج��ه هذه األرض ‪ ،‬كوّن��ت على مضض ( ّ‬ ‫إن التفاصيل كروم والعناقيد كثيرة )‬ ‫فكرة هي أش��به بالورم من أي شيء آخر‪ ،‬حقيق��ة لقد أورثن��ا الجبابرة إنس��انا مفرغا‬ ‫وخالصتها ّ‬ ‫أن الطغاة نجحوا بامتياز مذهل من إنس��انيته‪ ،‬متنازال عن عقله أو ما تبقّى‬ ‫ف��ي تجهيل األغلبية الس��احقة من الش��عب من��ه‪ ،‬راكضا الهث��ا خلف لقمة عيش��ه ‪..‬‬ ‫العرب��ي المغب��ون‪ ،‬فقد عملوا بج�� ّد وتفان منه��وكا ‪ ،‬س��اخرا من ك ّل م��ا ّ‬ ‫يمت بصلة‬ ‫وإخ�لاص‪ ،‬طوال عق��ود بأيّامه��ا ولياليها للثقاف��ة والفك��ر‪ ،‬واألخط��ر م��ن ك ّل هذا‬ ‫دون اس��تثناء قيلوالته��ا ‪ ،‬عل��ى خلق حالة اله��ول‪ ،‬نح��ن اليوم وجها لوج��ه مع كائن‬ ‫س��رياليّة م��ن التصحّر الفك��ري والجدب ظامئ للتعبير ع��ن وجهة نظره وعن حقّه‬ ‫الثقاف��ي واإلحباط السياس��ي ‪ ،‬وقد أفلحوا ف��ي الحي��اة ‪ ،‬بالتي ه��ي أحس��ن‪ ..‬وحتّى‬ ‫والح ّ‬ ‫ق يقال بعد الثورة‪ ،‬في مس��خ اإلنسان بقوّة الس��اعد والقبضة وما أمس��كت به من‬ ‫وتحويله إلى ‪:‬‬ ‫سالح إن لزم األمر‪ ،‬ولكم أخشى أن ينقسم‬ ‫ّ‬ ‫الضحاي��ا إل��ى مؤمني��ن وكف��ار ووطنيين‬ ‫ــ دابّة مغلقة‬ ‫ــ مس��توطن حان��ات ومق��اه وزوايا نميمة وعم�لاء ومصلحي��ن ومفس��دين‪ ...‬إلخ‪،..‬‬ ‫ولع�� ّل ما نش��هده في األقط��ار الثالثة التي‬ ‫رخيصة‬ ‫ــ قات��ل وقت ال ن ّد له ف��ي كوكب األرض اقتلع��ت حرّيته��ا اقتالعا‪ ،‬م��ن اعتداءات‬ ‫عل��ى الحريّات الفرديّة ف��ي أكثر من جهة‬ ‫وضواحيه‬ ‫ــ محلّل رياضي متطرّف‬ ‫وفض��اء‪ ،‬يبرّر خ��وف الخائفي��ن من الغد‬ ‫ــ مدمن أغان سوقية‬ ‫رغم مباركتهم للثورة وانتصارهم لها‪.‬‬ ‫ـ��ـ وجه متاح لك ّل قن��اع ( بمع ّدل قناع لك ّل هل سننجح في مسعانا التحرّر ّ‬ ‫ي التنويريّ؟‬ ‫مقام ومقال لك ّل مواطن حس��ب ترتيبه في ‪ ،‬هل من حقّنا التعويل على الروح المعتدلة‬

‫والطبيعة الطيّبة للش��عب العربي في تونس‬ ‫وليبيا ومصر؟‪ ،‬هل سنجد في الذات العربية‬ ‫احتياط��ات للصبر وهي الت��ي حطّمت ك ّل‬ ‫األرقام القياس��ية في ضبط الروح والجرح‬ ‫؟‪ ،‬هل س��ننحاز للرحمة أم للتشفّي والثأر؟‬ ‫أرجو أن ينتصر اإلنسان ّي فينا ونغلق جميع‬ ‫مناجم الحق��د والضغينة المنتش��رة في ك ّل‬ ‫مكان‪..‬أرجو ذلك بك ّل ما بي من عشق لهذه‬ ‫األ ّم��ة الحزينة العظيمة‪ ،‬وب��ك ّل ما أوتيت‬ ‫م��ن ش��جن وحبّ وي��أس وأم��ل وعناد‪،..‬‬ ‫إذ ي��ا خيب��ة المس��عى إن أثم��رت ك ّل هذه‬ ‫التضحيات الجسيمة دكتاتوريات جديدة أو‬ ‫منقّحة ‪ ..‬وال بأس فال يأس مع الحياة‪...‬‬ ‫آخر القول‪:‬‬ ‫األطفال ‪ ...‬الزوجة ‪ ...‬أ ّمي‬ ‫الساس��ة ‪ ...‬األي ّمة ‪ ...‬الس��كارى ‪ ...‬أش��باه‬ ‫الشعرا ْء‬ ‫باعة الوطنية والثوريّة والسمك الفاسد‬ ‫المتسوّلون‬ ‫ب‬ ‫كلب جاري الكلــ ِ‬ ‫الدائنون ‪ ...‬وآخرون‪ ...‬وآخرون‬ ‫يصرخون في أذني‬ ‫لك قصيدة رهيفة‬ ‫وأنا أحيك ِ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كاتب من تونس‬

‫حقائق عن االنتخابات املصرية‬ ‫بدأت اللجنة العليا لالنتخابات في مصر في اس��تقبال أوراق الترشح‬ ‫النتخابات مجلس��ي الشعب والش��ورى اعتبارا من صباح األربعاء‬ ‫‪ 12‬أكتوبر لمدة سبعة أيام تنتهي يوم الثالثاء‏‪ 8‬‏‪ 1‬من الشهر نفسه‪.‬‬ ‫الحملة االنتخابية‬ ‫تج��رى هذه االنتخابات بعد أقل من س��نة واحدة على ثورة الخامس‬ ‫والعش��رين م��ن يناير ‪ 2011‬التي أطاحت بنظام حكم س��يطر عليه‬ ‫الحزب الوطني بزعامة الرئيس الس��ابق حس��ني مبارك ألكثر من‬ ‫ثالثين سنة‪.‬‬ ‫ولك��ن فورة التف��اؤل التي صاحب��ت الثورة المصرية س��رعان ما‬ ‫تحول��ت إلى خيبة أم��ل نتيجة غي��اب الرؤية بين القوى السياس��ية‬ ‫التي حركت الثورة ومنهم الش��باب المس��تقلون واإلخوان المسلمين‬ ‫والسلفيون والناصريون واليساريون‪ ،‬وعودة الحزازات القديمة بين‬ ‫األقباط والمس��لمين لتطفو على الساحة بكل عنف ودموية‪ ،‬وأخيرا‬ ‫الغياب األمني الذي حدث منذ انكس��ار الش��رطة في مواجهة الثوار‬ ‫ومازال قائما حتى اليوم‪.‬‬ ‫ويض��اف إلى ذلك بعد آخر ال يقل أهمية وه��و الوضع اإلقتصادي‬ ‫المتعث��ر الذي أصبحت في��ه مصر نتيجة التوقف ش��به التام لقطاع‬ ‫الس��ياحة ‪ ،‬وه��و أهم القطاعات التي تدر عم�لات صعبة لإلقتصاد‬ ‫المص��ري‪ ،‬واضطرار مصر إلى اس��تدانة المزيد م��ن المال لتلبية‬ ‫اإلجتياج��ات الضروري��ة كالقمح والوقود ‪ ،‬وذل��ك في وقت توقف‬ ‫في��ه عديد م��ن المصانع والمصالح اإلنتاجي��ة العامة والخاصة عن‬ ‫العم��ل وتزايدت فيه المطال��ب الفئوية التي يتعج��ل أصحابها على‬ ‫اجاب��ة مطالبهم بص��ورة فورية مما يعني إلق��اء المزيد من األعباء‬ ‫على عاتق الحكومة‪.‬‬ ‫• معلومات عامة‬ ‫دور محاكم االستئناف أو مجمعات المحاكم في عواصم المحافظات‬ ‫أو مأمورياتها الفرعية بأنواعها تمثل مقار استقبال طلبات الترشح‪.‬‬

‫تقرر تقسيم مصر إلى ‪ 129‬دائرة انتخابية منها ‪ 83‬دائرة تخصص‬ ‫لالنتخ��اب بالنظام الف��ردي‪ ،‬وينتخب عن كل دائ��رة منها عضوان‬ ‫يك��ون احدهما على األقل من العمال والفالحين‪ ،‬و‪ 46‬دائرة أخرى‬ ‫تخصص لالنتخاب بنظام القوائم‪.‬‬ ‫تقس��م الب�لاد النتخابات مجلس الش��ورى إل��ى ‪ 30‬دائرة تخصص‬ ‫لالنتخاب بالنظام الفردي‪ ،‬ينتخب عن كل دائرة منها عضوان يكون‬ ‫أحدهم��ا عل��ى األقل من العمال والفالحين‪ .‬وتقس��م إل��ى ‪ 30‬دائرة‬ ‫أخرى تخصص لالنتخاب بنظام القوائم ويمثل كل دائرة ‪ 4‬أعضاء‪.‬‬ ‫عق��ب انته��اء مرحلة تس��جيل المرش��حين هناك مرحل��ة للطعون‬ ‫والتظلمات‪ ،‬والتي س��تحال إلى لجنة خاصة بذلك تابعة للجنة العليا‬ ‫لإلنتخابات‪ ،‬ولكن تواكب عملية فحص الطعون والتظلمات مرحلة‬ ‫الدعاية اإلنتخابية للمرشحين الذين قبلت اوراقهم‪.‬‬ ‫انتخابات مجلس الشعب‬ ‫ي��وم ‪ 28‬نوفمب��ر هو موعد إجراء المرحلة األول��ى من االنتخابات‬

‫البرلمانية في تس��ع محافظات منها القاهرة وبورسعيد واالسكندرية‬ ‫وأسيوط في الجنوب‪.‬‬ ‫تجرى الجولة الثانية يوم ‪ 14‬ديسمبر في تسع محافظات أخرى منها‬ ‫بني سويف واالسماعيلية والسويس وسوهاج وتجري جولة اإلعادة‬ ‫في ‪ 21‬ديسمبر‪.‬‬ ‫ي��وم الثالث من يناير‪ /‬كانون الثاني هو موعد إجراء المرحلة الثالثة‬ ‫واألخيرة من انتخابات مجلس الشعب في المحافظات التسع المتبقية‬ ‫ومنه��ا الغربية ف��ي منطقة الدلتا والتي تك��ون االنتخابات فيها عادة‬ ‫ساخنة وشمال وجنوب سيناء وغيرها‪ ،‬على أن تكون جولة اإلعادة‬ ‫في ‪ 10‬من الشهر نفسه‪.‬‬ ‫•انتخابات مجلس الشورى‬ ‫ي��وم ‪ 29‬يناير هو موعد بدء المرحلة األول��ى من انتخابات مجلس‬ ‫الش��ورى في نف��س المحافظات التي جرت فيه��ا الجولة األولى من‬ ‫انتخاب��ات مجلس الش��عب‪ .‬تج��رى جولة اإلعادة ف��ي الخامس من‬ ‫فبراير‪ /‬شباط‪.‬‬ ‫تجرى الجولة الثانية من انتخابات مجلس الش��وري يوم ‪ 14‬فبراير‬ ‫وجولة اإلعادة في الحادي والعشرين من الشهر نفسه ‪.‬‬ ‫تجرى المرحلة الثالثة واألخيرة من انتخابات مجلس الش��ورى يوم‬ ‫الرابع من مارس على أن تكون اإلعادة في ‪ 11‬من الشهر نفسه‪.‬‬ ‫تجرى اإلنتخابات المصري��ة بنظام خليط من النظام الفردي ونظام‬ ‫القوائم النس��بية‪ ،‬حيث يت��م تقليص عدد الدوائ��ر االنتخابية ويختار‬ ‫الناخب قائمة حزبية تتضمن عدداً من المرش��حين عن دائرة واحدة‬ ‫والقائم��ة الت��ي تحصل على أغلبية األص��وات ال تحصل على كافة‬ ‫المقاع��د له��ذه الدائرة وإنما عدد من المقاعد يتناس��ب مع نس��بة ما‬ ‫تحصل عليه من أصوات‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.