العدد 33

Page 1

‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫من أجل االنتخابات‬ ‫الليبية القادمة‬ ‫السنة األولى‬

‫العدد ‪33‬‬

‫‪ 27‬ديسمبر ‪2011‬‬

‫الثمن ‪ :‬دينار‬


‫‪02‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫االفتتاحية تكتبها ‪ :‬زهرة الشيخي‬

‫كل عام وأنتم خبري‬

‫‪afaitouri_55@yahoo.com‬‬ ‫‪afaitouri_55@hotmail.com‬‬ ‫ميادين صحيفة ليبية متنوعة‬ ‫تصدر من بنغازي‬

‫رئيس التحرير‬ ‫أمحد الفيتو ري‬ ‫‪00218925117123‬‬

‫مدير التحرير‬ ‫سامل العوكلي‬ ‫إشراف فين‬ ‫عمر جهان‬ ‫مدير إداري‬ ‫خليل العرييب‬ ‫‪0925856779‬‬ ‫الغالف‬ ‫وثيقة ‪ :‬ميثاق احلرابي‬

‫طباعة‬ ‫دار النور للطباعة‬ ‫إخراج وتنفيذ‬

‫حسني محزة بن عطية‬

‫مع انتهاء عام ‪2011‬م وذكري بدايته المختلفة عن كل األعوام الماضية ‪..‬في مظاهراته و‬ ‫انتفاضاته و ثوراته أيضا ‪ ..‬تعالت فيها أصوات الش��عوب تهتف الحرية ‪..‬ال مكان للظلم و‬ ‫االس��تبداد ‪..‬البداية كانت من تونس‪ ,‬و حرق البوعزيزي نفسه ‪..‬ذلك الرجل الذي كانت كل‬ ‫قطرة من دمه الحر تردد الدعاء علي المتجبرين الطاغين و تش��عل فتيل الثورات من دولة‬ ‫ّ‬ ‫‪..‬فمن عليه و علينا باالس��تجابة ‪ ..‬لتنتقل الش��رارة إلي مصر‪..‬و‬ ‫ألخري‪ ..‬و عين هللا ال تنم‬ ‫الصم��ود ف��ي ميدان التحري��ر ‪..‬و منها إلي ليبيا و اليمن و س��وريا ‪..‬كله��ا ثورات انفجرت‬ ‫لتقضي علي رؤوس الظلم ‪..‬‬ ‫لكن في بالدي كانت الثورة مختلفة كثيرا ‪..‬في بالدي جبهات حرب و دماء تس��فك كل يوم‬ ‫‪..‬في بالدي س�لاح يش��هر علي صدور أبنائه يرديهم قتلي أو مش��وهين ‪..‬في بالدي شهداء‬ ‫مبتسمين يدفنون كل يوم ‪,‬و منهم من لم يدفن بل مات محترقا أو تعفنت جثثهم حتى اختفت‬ ‫معالمه��ا ‪..‬ف��ي بالدي مفقودين لم يعرف مصيرهم إل��ي اآلن ‪..‬في بالدي حرائر مغتصبات‬ ‫تعاني األلم ‪ ..‬في بالدي أطفال يتامى ‪..‬عائالت تشردت ‪..‬بيوت هدمت ‪ ..‬كل شئ في بالدي‬ ‫مختلف ‪..‬‬ ‫و بفض��ل هللا انته��ت كل األزم��ة بانته��اء رأس الش��ر ‪..‬و ها هي بالدي الي��وم تحاول من‬ ‫جدي��د رغم الصعاب و مح��اوالت إحباط الجهود أن تنهض بعزائ��م أهلها الذين يحبونها و‬ ‫يحرصون علي أن يضرب بها المثل في التضحية و الفداء‪..‬‬ ‫اليوم نس��تقبل الع��ام الجديد بحكومة جدي��دة و مجلس انتقالي و قوانين جدي��دة وانتخابات و‬ ‫دس��تور‪..‬و ‪..‬و‪..‬وطبع��ا بحب اكبر لبالدي و الذي يزداد ف��ي قلوبنا كل يوم ‪ ,‬احلم أن أراها‬ ‫أحس��ن ال��دول ‪..‬احلم أن أغمض عي��ن و افتح أخري ألجد النفوس تغي��رت ‪..‬أري أهلها قد‬ ‫ارتقوا عن كل التفاهات ‪..‬و جعلوا الدين معاملة ‪ ..‬ال أريد أن أري أو اس��مع مظاهر للفس��اد‬ ‫فيها ‪..‬‬ ‫المناهج التعليمية قوية ‪,‬تخرّج طلبة واعين ‪,‬يرغبون دائما المزيد من العلم و المعرفة و هناك‬ ‫من يش��جعهم علي ذلك أيضا ‪..‬احلم أن تتس��اوي المدارس في عطاءاتها ‪,‬فال يلزمني البحث‬ ‫عن هذه المدرس��ة أو تلك ألنها األفضل ‪..‬تنتهي مظاهر الغش و الوس��اطة ‪..‬احلم ان يكون‬ ‫كل معلم قدوة فعلية للطالب ‪.‬‬ ‫احلم أن أري مستشفياتنا ترتقي في مستوي خدماتها ‪,‬تتابع التطور العلمي و العملي ‪..‬‬ ‫إذا مرض احدهم ال يس��تيقظ باكرا لحجز رقم للمعاينة ‪..‬الن الطبيب ال يكش��ف إال علي ‪30‬‬ ‫مريض��ا فقط ف��ي اليوم ؟؟ و إذا كان حظ المريض طيبا و كش��ف علي��ه الطبيب تبدأ بعدها‬ ‫رحلة البحث عن العالج في الصيدليات ‪..‬احلم أن يكون للعائالت تأمينا طبيا يكفل لهم توفر‬ ‫الطبيب و العالج معا ‪..‬‬ ‫احلم أن تبدأ أعمال رصف الش��وارع‪ ,‬و حل مش��كلة الصرف الصحي ‪ ..‬احلم إذا خرجت‬ ‫من المنزل ال تتلوث مالبس��ي بأتربة و أوس��اخ الشارع ‪..‬احلم أن ال أري قمامة ترمي علي‬ ‫األرصفة و الطرق العامة ‪ ..‬احلم أن يسود العدل ‪..‬و ال مجال للوساطة فيه أو هضم الحقوق‬ ‫‪ ..‬احل��م أن يعيش الناس حياة كريم��ة ال يحتاجون فيها ألحد‪..‬احلم بقدر ما تؤخذ الحقوق ال‬ ‫تنس��ي الواجبات ‪ ..‬و منح الفرص للجميع ‪..‬احلم بمطارات جميلة واس��عة و نظيفة ‪..‬بأبنية‬ ‫عالية و أس��واق تجارية ضخمة تفوق أس��واق اإلمارات ‪..‬احلم بحدائق و مالعب رياضية‬ ‫في كل حي ‪ ..‬احلم ا ن أري مساحات خضراء بدل األتربة التي تسافر بها كلما هبت رياح‬ ‫القبلي ‪..‬احلم أن تس��تغل الس��ياحة في بالدي بالش��كل الذي يظهر تاريخها العريق و جمالها‬ ‫الفريد ‪..‬‬ ‫اعرف أن الكثير من الليبيين المخلصين و الليبيات يتمنون معي ما أتمني ‪,‬و لكن ما ذكرت‬ ‫ال يأت��ي بالتمني ‪..‬بل بتضافر أيادينا إخ��وة و أخوات لدفع عجلة التقدم إلي األمام دائما ‪..‬ال‬ ‫وق��ت للتراخ��ي ‪ ..‬بالدن��ا تحتاجنا ال تتأخروا عنها ‪..‬و كل ع��ام و انتم للوطن والوطن لكم‬ ‫وانتم بخير ‪.‬‬


‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫أخبار‬

‫أخبار‬

‫‪03‬‬

‫أخبار‬

‫انعقاد املؤمتر التأسيسي لتجمع ليبيا الدميقراطية‬ ‫الخميس ‪ 22/12‬الجلس��ة الختامية‪ ،‬وفيها تلي‬ ‫البيان التأسيس��ي للتجمع‪ ،‬معلنا ً والدة الحزب‬ ‫الجديد‪ ،‬وانطالق أعماله‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫جتمع ليبيا الدميقراطية [ت ل د]‬ ‫البيان التأسيسي‬

‫افتت��ح المؤتم��ر التأسيس��ي لتجم��ع ليبي��ا‬ ‫الديمقراطي��ة مس��اء ي��وم األربع��اء الموافق‬ ‫للح��ادي والعش��رين من ديس��مبر‪ ،‬أعماله في‬ ‫القاعة الرئيس��ة بالجامعة الليبية الدولية للعلوم‬ ‫الطبية في مدينة بنغازي‪ ،‬بحفل افتتاحي تحدث‬ ‫في مس��تهله الدكتور يونس عمر فنوش منسق‬ ‫الهيئ��ة التأسيس��ية للتجمع‪ ،‬مرحب��ا بالضيوف‬ ‫المدعوين ومعبراً عن س��عادته وافتخاره بهذا‬ ‫الح��دث التاريخ��ي‪ ،‬الذي يش��هد اإلعالن عن‬ ‫تأس��يس تجم��ع ليبي��ا الديمقراطي��ة‪ ،‬بحضور‬ ‫أعضائ��ه المؤسس��ين من ف��روع الحزب في‬ ‫بنغ��ازي وطرابلس والمرج وطب��رق‪ ،‬وأمله‬ ‫ف��ي أن يكون الحزب لبنة في بناء ليبيا الحرة‪،‬‬ ‫ورافداً من روافد الحركة السياس��ية والفكرية‪.‬‬ ‫ثم تحدث في الحفل عدد من الضيوف‪ ،‬ممثلين‬ ‫عن بع��ض التنظيمات والتجمعات السياس��ية‬ ‫الليبي��ة‪ ،‬كان من بينهم األس��تاذ س��الم بوحنك‬ ‫ع��ن جماع��ة اإلخوان المس��لمون‪ ،‬واألس��تاذ‬

‫محم��د الس��كر عن الحرك��ة الوطني��ة الليبية‪،‬‬ ‫واألستاذ إبراهيم عميش عن التحالف الوطني‬ ‫الديمقراطي‪ ،‬واألس��تاذ إدريس بن الطيب عن‬ ‫التي��ار الوطن��ي الديمقراطي واألس��تاذ بريك‬ ‫سويس��ي ع��ن المؤتم��ر الوطن��ي للمعارضة‬ ‫الليبية‪ ،‬واألستاذ عبد الهادي شماطة عن اتحاد‬ ‫ثوار ليبيا‪.‬‬ ‫ث��م باش��ر المؤتمر أعماله بجلس��ة ت��م خاللها‬ ‫انتخاب هيئ��ة المؤتمر العام للحزب باالقتراع‬ ‫السري‪ ،‬وأسفرت نتيجة االقتراع عن انتخاب‬ ‫المهندس خالد حس��ن الزياني رئيسا ً للمؤتمر‪،‬‬ ‫واألس��تاذة نجيبة اس��تيتة نائب��ا ً أول والقبطان‬ ‫مراجع عبد الكريم نائبا ً ثانياً‪ .‬ثم عقدت الجلسة‬ ‫الثانية برئاسة هيئة المؤتمر المنتخبة‪ ،‬وفيها تم‬ ‫بالتزكي��ة انتخاب الدكت��ور يونس عمر فنوش‬ ‫رئيس��ا ً للحزب‪ ،‬وتم بعد ذلك انتخاب خمس��ة‬ ‫عشر عضواً في الهيئة العليا للحزب‪.‬‬ ‫وعقدت في الس��اعة الحادية عشرة من صباح‬

‫نحم��د هللا –تعال��ى‪ -‬حم��داً كثي��راً طيب��ا ً على‬ ‫أن وفقن��ا إلتم��ام أعمال ه��ذا المؤتمر كما كنا‬ ‫نري��د ونتمن��ى‪ ،‬وإنن��ا‪ ،‬متوكلين علي��ه وعلى‬ ‫عون��ه وتوفيق��ه‪ ،‬نعلن تأس��يس “تجم��ع ليبيا‬ ‫الديمقراطي��ة”‪ ،‬وس��وف نبذل ما وس��عنا من‬ ‫جهد لرفع أركانه‪ ،‬وتش��ييد بنيانه‪ ،‬حتى يكون‬ ‫لبن��ة قوية في بنيان بالدنا ليبي��ا الجديدة‪ ،‬دولة‬ ‫مدني��ة ديمقراطي��ة‪ ،‬تق��وم الحي��اة فيه��ا على‬ ‫دس��تور ديمقراطي‪ ،‬يكفل لجمي��ع المواطنين‬ ‫حرياتهم وحقوقهم األساس��ية‪ ،‬في ظل س��يادة‬ ‫القانون واستقالل القضاء‪ ،‬وعلى إدارة وطنية‬ ‫متطورة‪ ،‬تتبع مناهج الحكم الرش��يد‪ ،‬متس��مة‬ ‫بالكفاءة والنـزاهة والشفافية‪ ،‬قادرة على إنجاز‬ ‫خطط تنموية عاجلة ومتوسطة وبعيدة المدى‪،‬‬ ‫لتج��اوز آثار الدم��ار والخراب ال��ذي ورثناه‬ ‫عن فترة حكم االس��تبداد والطغيان والتخلف‪،‬‬ ‫ث��م االنطالق نحو تعمير الب�لاد وتنميتها على‬ ‫جمي��ع األصع��دة‪ :‬السياس��ية واالجتماعي��ة‬ ‫والثقافية واالقتصادية‪.‬‬ ‫وإنن��ا نتطل��ع إل��ى أن يك��ون تجم��ع ليبي��ا‬ ‫الديمقراطية إحدى القوى الفاعلة على الساحة‬ ‫السياس��ية ف��ي بالدنا‪ ،‬بم��ا يؤهله ألن يس��هم‬ ‫مس��اهمة إيجابية في بن��اء ليبي��ا الجديدة‪ ،‬من‬ ‫خالل المشاركة في مختلف الجهود والمساعي‬ ‫الوطني��ة لتنمية البيئة السياس��ية‪ ،‬ثم في إنجاز‬ ‫خط��ط التنمية المختلفة‪ ،‬الرامية إلى نقل البالد‬

‫والمواط��ن إل��ى ما نتمن��اه جميعن��ا من رقي‬ ‫ونهض��ة وازدهار وتقدم‪ ،‬ونعاهد أبناء ش��عبنا‬ ‫على أن نبذل ما يس��عنا من جهد‪ ،‬وأن نوظف‬ ‫ما يتوفر لدينا من قدرات بش��رية وعلمية على‬ ‫إنجاز األه��داف التي تعاهدنا عل��ى إنجازها‪،‬‬ ‫منطلقي��ن من المب��ادئ الس��امية الت��ي التقينا‬ ‫حوله��ا‪ ،‬ومسترش��دين بالقي��م العظيم��ة التي‬ ‫نحلم بأن نراها تتجس��د ف��ي بالدنا على أرض‬ ‫الواقع المعاش‪ ،‬قي��م الكرامة اآلدمية والحرية‬ ‫والعدالة‪ ،‬وقيم العلم والنـزاهة والشفافية‪.‬‬ ‫المج��د والخل��ود ألرواح ش��هدائنا األب��رار‪،‬‬ ‫والتحية لش��عبنا البطل الذي انتزع حريته من‬ ‫براثن االس��تبداد والطغي��ان‪ ،‬بتضحيات أبنائه‬ ‫وبطوالته��م الت��ي س��وف يس��طرها التاري��خ‬ ‫بأحرف من نور‪ ،‬وس��تظل نبراس��ا ً تهتدي به‬ ‫أجيالنا القادمة‪ ،‬بل البشرية جمعاء‪.‬‬ ‫بنغازي في ‪2011 /12 /22‬‬

‫بيان لدعم حممد هاشم ودار مرييت‬ ‫يؤكد المثقفون والسياسيون المصريون والعرب الموقعون‬ ‫على هذا البيان‬ ‫تقديره��م الكام��ل لل��دور ال��ذي لعب��ه الناش��ر المصري‬ ‫محمد هاش��م ودار ميريت في ث��ورة ‪ 25‬ينناير المجيدة و‬ ‫يرفض��ون االتهامات الباطلة االتي وجهها عضو المجلس‬ ‫العس��كري القائم بادارة شئون البالد في مؤتمره الصحفي‬ ‫اليوم الى دار ميريت وصاحبها ألنها تضمنت اسوأ أنواع‬ ‫التحري��ض الموجه وي��رى الموقعون أن التحريض ضد‬ ‫ش��خص محمد هاش��م هو تحريض ضد القيم التي تمثلها‬ ‫دار ميري��ت التي رفعت منذ بدايته��ا راية التنوير وتبنت‬ ‫آم��ال الش��عب المصري ف��ي مواجهة االس��تبداد والقهر‬ ‫بكاف��ة أنواعه وكان��ت دائما حصنا من حص��ون الحرية‬ ‫الت��ي احتمت بها النخب��ة المصرية وطالئعها في مواجهة‬ ‫شتى صنوف القهر‪ .‬وهو دور لفتت اليها كافة المؤسسات‬ ‫االعالمي��ة العربية واالجنبية التي تابع��ت أحداث الثورة‬

‫وبس��بب هذه االدوار جميعا استحق محمد هاشم عددا من‬ ‫الجوائ��ز العالمية الداعمة لحرية التعبير وأخرها هيرمان‬ ‫كس��تن التي يمنحها نادي القلم األلماني والتي تس��لمها في‬ ‫المانيا في نوفمبر الماضي‪.‬‬ ‫وي��درك الموقعون على هذا البي��ان أن تصريحات ممثل‬ ‫المجلس العس��كري ف��ي مؤتمره الصحفي ال تكش��ف اال‬ ‫ع��ن ني��ة واضحة ف��ي تصفية رم��وز الث��ورة المصرية‬ ‫والتحري��ض عليهم ويدع��و الموقعون عل��ى البيان كافة‬ ‫مبدعي العالم العرب��ي وأنصار حرية الرأي والتعبير في‬ ‫العالم الى مناصرة محمد هاشم و التضامن معه دفاعا عن‬ ‫القي��م التي مثلتها ثورة مصرالتي أبهرت العالم ولمواجهة‬ ‫مخطط واضح لتصفيتها ظهرت معالمه في االيام األخيرة‬ ‫وعاش كفاح الشعب المصري ‪.‬‬


‫‪04‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫االنتخابات الليبية حلم أم حقيقة ؟‬ ‫بنغازي ‪ -‬سليمان األحول‬

‫نتابع طرح س���ؤالنا على المواطنين‬ ‫حول م���ا يعرفون ع���ن االنتخابات‬ ‫القادمة والمنتظ���ر إجرائها في ليبيا‬ ‫ومتى وكيف س���تتم ومن الذي سيعد‬ ‫إلجرائها والتقيت عدد من المواطنين‬ ‫هن���اك من تح���دث ع���ن االنتخابات‬ ‫وكيف يجب أن تت���م وتعرض بالنقد‬ ‫للمجلس االنتقالي واس���تدرك وطلب‬ ‫إلغ���اء الحوار الذي اج���ري معه في‬ ‫الوق���ت الذي ل���م يكن ف���ي نقده أي‬ ‫أهانه أو تجري���ح للمجلس االنتقالي‬ ‫أو أي م���ن أعضاءه ولك���ن يبدو إن‬ ‫هناك بعض م���ن المواطنين ال تزال‬ ‫آث���ار حك���م امت���د ألكثر م���ن أربعة‬ ‫قرون تؤثر ف���ي تفكيرهم وعالقتهم‬ ‫بوس���ائل اإلعالم ومؤسسات الدولة‬ ‫وهناك من امتن���ع عن الحديث أصال‬ ‫مع الصحيف���ة ولكنه تكلم عن فكرته‬ ‫لالنتخابات وكيف ستتم وهذا الحرج‬ ‫أو الحذر من وسائل اإلعالم ال ننكره‬ ‫أو نستغربه ولكن نتسأل كيف يمكن‬ ‫إلعالمنا أن يجعل من المواطن يعبر‬ ‫عن رأيه بحرية أمام وسائل اإلعالم‬ ‫وكانت البداية مع ‪:‬‬

‫عبدالحميد محمد‬

‫اإلعالم���ي ‪ /‬أحمد الش���ريف طالب‬ ‫دراس��ات علي��ا بكلي��ة اإلع�لام ‪/‬‬ ‫االنتخابات ظاه��رة ديمقراطية جديدة‬ ‫ف��ي ليبي��ا نتمنى أن تتم ف��ي ليبيا بكل‬ ‫نزاهة وشفافية في اختيار الشخصيات‬ ‫الت��ي س��يتم انتخابه��ا إذا م��ا ابتعدنا‬ ‫ع��ن الجهويه والقبلية وإذا ما تأس��س‬ ‫المؤتم��ر الوطن��ي الذي ع��ن طريقه‬ ‫سيتم اختيار أشخاص يقومون بوضع‬ ‫الدستور ويتم اختيار هذا المؤتمر عن‬ ‫طريق االنتخاب من قبل الشعب ويتم‬ ‫ه��ذا خالل فت��رة الحكوم��ة االنتقالية‬ ‫المحددة مدتها بثمانية أشهر وبعد ذلك‬ ‫يتم اس��تفتاء الشعب على هذا الدستور‬ ‫وفي الحقيق��ة ال اعرف بالضبط عدد‬ ‫أعض��اء المؤتمر الوطن��ي ويقال إن‬ ‫عددهم ‪ 200‬شخص ولعل هناك نوايا‬ ‫إن بع��ض أعض��اء ه��ذا المؤتمر هم‬ ‫أعضاء في المجلس الوطني االنتقالي‬ ‫وهذا ي��ؤدي إلى تخ��وف أو نوع من‬ ‫التخ��وف ألن��ه يعن��ي أن المؤتم��ر‬ ‫الوطن��ي هو امت��داد للمجلس الوطني‬ ‫االنتقالي ‪ ,‬ويتم بعد هذه العملية طرح‬ ‫المنتخبي��ن وع��رض عل��ى الش��عب‬ ‫ويحتك��م الجميع لصنادي��ق االقتراع‬ ‫م��ع مراع��اة الكثاف��ة الس��كانية التي‬ ‫ربما س��يكون لها دورها ه��ل الكثافة‬ ‫الس��كانية غي مناطق الغرب أكثر أم‬ ‫في المناطق الش��رقية ‪ ,‬وهل س��تلعب‬ ‫الجهوي��ه دور ولماذا هناك أش��خاص‬ ‫يري��دون الفدرالية ه��ل ألنهم يعلمون‬ ‫مسبقا بأنهم لن يحصلوا على مناصب‬ ‫قيادية الن المنطقة الغربية أكثر كثافة‬ ‫سكانية هذه تساؤالت نسأل هللا العظيم‬ ‫ان تيسر وتحل‬ ‫ولي��د الس��حاتي طالب كلي��ة اإلعالم‬ ‫أن��ا اؤويد أن يك��ون النظام ف��ي ليبيا‬ ‫نظام فيدرال��ي ال مركزي الن النظام‬ ‫المركزي عانينا منه كثيرا وبالنس��بة‬ ‫لالنتخاب��ات نح��ب أوال أن يق��دم‬ ‫المرشح سيرته الذاتية وبرنامج عمله‬

‫م‪ .‬احمد محمد‬

‫محمد سالمة‬

‫واالنتخاب��ات لم تحدد بعد يقولون إنها‬ ‫بعد ثمانية أشهر يعني بعد مدة الحكومة‬ ‫االنتقالي��ة والحكوم��ة االنتقالية حتى‬ ‫اللحظة لم نرى منها شيء فيما يخص‬ ‫االنتخاب��ات المقبلة ويج��ب أن تهيء‬ ‫نفس��ها وتعرض لنا ال‪ 200‬ش��خص‬ ‫الذين س��يتم انتخابهم للمؤتمر الوطني‬ ‫ويت��م انتخ��اب نخب��ة منه��م النتخاب‬ ‫رئيس الدولة ‪ ,‬وصاحب ذلك حمالت‬ ‫انتخابي��ة لتوضي��ح البرامج والس��ير‬ ‫الذاتية للمنتخبين ‪ ,‬واإلعالم لم يعطي‬ ‫صورة واضحة عن االنتخابات رأيت‬ ‫لمحة بسيطة في قناة العاصمة وكيف‬ ‫الهيكلية وش��كل االنتخابات وفهم من‬ ‫يطرح ويقدم هذه البرامج في وس��ائل‬ ‫اإلعالم يبدو انه غير جيد وهم نفسهم‬ ‫ال يفهم��ون برام��ج االنتخابات كيف‬ ‫ستتم‬ ‫وم��ن درنة األخ زهير عبد الس��ميع‬ ‫الزني من الث��وار المقاتلي��ن بالجبهة‬ ‫الشرقية وطالب دراس��ات عليا بكلية‬ ‫اإلعالم جامعة بنغ��ازي قال الحقيقة‬ ‫ال لعلم ل��دي كيف س��تتم االنتخابات‬ ‫ومت��ى أريد أن أقول فقط إن الش��عب‬ ‫الليبي ثار على نظام الطاغية ولم يكن‬ ‫اح��د في العالم اجم��ع يتوقع أو يتخيل‬ ‫ذل��ك وان الطاغية وكم��ا رأى العالم‬ ‫ت��م إزاحته وإنها حكمه الذي زاد على‬ ‫أربع��ة عقود هذه الث��ورة جاءت من‬ ‫اجل الحري��ة والكرامة والديمقراطية‬ ‫وال لتهميش الش��عب الليبي بعد اليوم‬ ‫وليعل��م العالم إن الث��وار المقاتلين لن‬ ‫يسمحوا بسرقة الثورة ‪.‬‬ ‫• المحامية ‪ /‬تهاني أمبارك الشريف‬ ‫‪:‬‬ ‫االنتخاب��ات يج��ب أن يك��ون هن��اك‬ ‫دس��تور يح��دد االنتخابات ولألس��ف‬ ‫الش��ديد الدس��تور إلى االن لم يوضع‬ ‫واعتقد أنهم ل��م يفكروا حتى االن في‬ ‫وض��ع الدس��تور المدة الت��ي حددوها‬ ‫‪ 8‬أش��هر نحن االن نرى مضي أكثر‬

‫اكرم الفيتوري‬

‫من ش��هرين والزال مدة خمسة أشهر‬ ‫حت��ى نهاية المدة وليس لدينا أي فكرة‬ ‫أو معلومة ع��ن المجلس أو الحكومة‬ ‫ماذا فعلت فيما يتعلق بإعداد الدستور‬ ‫لي��س لدينا فك��رة كش��عب حتى االن‬ ‫وليس من الش��روط أن يضع الدستور‬ ‫رجل قانون ألنه مش��روع قائم يستمر‬ ‫حتى بع��د الحكوم��ة االنتقالية ‪ ,‬كيف‬ ‫س��ننتخب ب��دون دس��تور م��ن الذي‬ ‫سيضع قوانين االنتخاب ومشروعيته‬ ‫الدس��تور هو من يضع ه��ذه القوانين‬ ‫ولألس��ف لم يص��در الدس��تور حتى‬ ‫الي��وم ويعد الدس��تور م��ن قبل جميع‬ ‫ش��رائح المجتمع الدكت��ور والمهندس‬ ‫وكل التخصص��ات وال يقتصر وضع‬ ‫الدس��تور عل��ى المحامي��ن أو رجال‬ ‫القض��اء فقط كل ش��ريحة تضع نقاط‬ ‫في الدستور ‪.‬‬ ‫• المهندس ‪ /‬احمد محمد ‪:‬‬ ‫لي��س لدي أي فكرة ع��ن االنتخابات‬ ‫وقال اإلعالم لدية قصور في توضيح‬ ‫كيفية وآلية الدستور واالنتخابات ‪.‬‬ ‫• عبدالحميد محمد‪ -‬يعمل في شركة‬ ‫الكهرباء ‪:‬‬ ‫االنتخاب��ات إن ش��اء هللا بعد المرحلة‬ ‫االنتقالية والمقررة بمدة ثمانية أش��هر‬ ‫وس��يتم أوال انتخاب المؤتمر الوطني‬ ‫وبعدها تتم االنتخابات وليس لدي أي‬ ‫فكرة عن ع��دد الذين س��يتم انتخابهم‬ ‫وقال نتابع قنوات اإلعالم ولم نحصل‬ ‫عل��ى تفاصيل دقيقة وربم��ا لم نركز‬ ‫عليها نحن كمواطنين في اإلعالم‬ ‫• حسن البكوش فيقول مبتسما ‪:‬‬ ‫لي��س ل��دي أي فكرة ع��ن االنتخابات‬ ‫حت��ى اليوم ال اعلم ولم يوضح لنا هذا‬ ‫الموضوع ‪.‬‬ ‫• أكرم الفيتوري ‪:‬‬ ‫لي��س لدينا فك��رة ولم تش��كل أحزاب‬ ‫حت��ى االن لكي يتم إج��راء انتخابات‬ ‫ول��م نس��مع ش��يئا ع��ن كي��ف س��تتم‬ ‫االنتخابات ‪.‬‬

‫اكرم بليبلو‬


‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫حسن البكوش‬

‫• محم���د س�ل�امة ‪ -‬مدي���ر مكت���ب قناة‬ ‫العاصمة بنغازي ‪:‬‬ ‫ل��م نع��رف مت��ى االنتخابات ول��م يصدر‬ ‫قان��ون ينظم االنتخاب��ات وهناك كثير من‬ ‫الن��اس ال يعرف كي��ف ننتخب والس��بب‬ ‫يرجع للسياس��يين في الدول��ة هناك فراغ‬ ‫لدى الشباب في فهم االنتخابات والتقصير‬ ‫م��ن الذين يفهم��ون كيف تت��م االنتخابات‬ ‫لم يوضحوا كيف ه��ي االنتخابات وكيف‬ ‫تت��م ونتمن��ى أن نفه��م المجل��س المحترم‬ ‫يفترض أن يش��كل لجنة من السياسيين في‬

‫رجب بليبلو‬

‫ليبيا ولو م��ن المتطوعين ويعقدوا ندوات‬ ‫ومحاضرا ويزودوا الصحف بمقاالت هذا‬ ‫اقل جهد والش��عب الزم يفه��م االنتخابات‬ ‫والمش��كلة إذا بقى الشعب غير فاهم وكما‬ ‫قال المرح��وم عبدالفتاح يونس إذا لم يفهم‬ ‫الشعب عندها ال يعرف الشعب حتى أبوه‪.‬‬ ‫•أكرم ابليبلو ‪:‬‬ ‫ليس لدي فكره عن االنتخاب واالنتخابات‬ ‫‪.‬‬ ‫•رج���ب ابليبلو – مراس���ل قناة العاصمة‬ ‫بالمنطقة الشرقية ‪:‬‬

‫زهير الزني‬

‫‪05‬‬

‫وليد السحاتي‬

‫أوال قب��ل أن تقول قانون انتخابات وتعمل‬ ‫صناديق اقتراع أول ش��يء ضروري أن‬ ‫يفهم الشعب ما الفرق بين الكرسي النيابي‬ ‫والمقع��د البرلماني نحن ش��عب فتح عينية‬ ‫على مجتمع جماهيري وفكر سياسي نحن‬ ‫إذا قل��ت حزب مازال هن��اك من يقول لك‬ ‫من تحزب خان استغفر هللا فكيف تقول أنا‬ ‫أري��د أن اعمل اقتراع وبرنامج ضروري‬ ‫يوضح��وا للناس ما معني اقتراع ما معنى‬ ‫كرس��ي ما معنى برلم��ان أوال يجب على‬ ‫الدول��ة والمجل��س الموق��ر أن يبين للناس‬

‫كيف س��يتم انتخاب المؤتمر الوطني العام‬ ‫نحن االن تقول المؤتمر الوطني العام يقول‬ ‫لك كيف هو هل يش��به التصعيد ضروري‬ ‫المجلس والسياس��يين والحقوقيين والناس‬ ‫النش��طين والذي��ن لديهم خب��رات في هذا‬ ‫المجال المف��روض عليهم يبينوا للش��عب‬ ‫الليب��ي معن��ى االقتراع وكي��ف االنتخاب‬ ‫وأول ش��يء يق��وم به المجل��س أن يصدر‬ ‫قانون االنتخابات واللوم على السياس��يين‬ ‫في البالد في توضيح هذه األمور ‪.‬‬


‫‪06‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫مولد أمة ووطن أمسه ليبيا‬ ‫ترجمة نص المقال الذي نشر في صحيفة التايم االمريكية بتاريخ االثنين ‪ 31‬ديسمبر ‪1951‬م (اي بعد سبعة ايام من االستقالل) ‪ LIBYA: Birth of a Nation‬ليبيا ‪:‬‬ ‫مولد أمــــ��ة في طرابل��س وبنغازي حيث‬ ‫س��اد ن��واب الح��كام الفينيقيي��ن والقياصرة‬ ‫والعثمانيي��ن ‪ ،‬وحي��ث تناث��رت اخ��ر بقايا‬ ‫امبراطوري��ة موس��ليني هباء تحت ش��مس‬ ‫افريقي��ا لمع��ت راي��ات جديدة تعل��ن ميالد‬ ‫المملكة الليبية المتحدة ‪ ،‬اصبح قائد روحي‬ ‫مس��لم مسن وحكيم ‪ ،‬احدث ملك في العالم ‪،‬‬ ‫الملك ادريس االول ملك ليبيا وبذلك توحدت‬ ‫اقاليم ثالثة " برقة وطرابلس وفزان ‪ ،‬تفصل‬ ‫بينهما صحراء شاسعة وانعدام ثقة متبادل ‪،‬‬ ‫تحت برلمان ذي طراز اوروبي ‪ ،‬ودستور‬ ‫مستمد من تش��ريعات اثني عشر بلدا اخر‪.‬‬ ‫انه مي�لاد فريد من نوعه لب�لاد مكونة من‬ ‫مدن بائس��ة وواح��ات مبعثرة ف��ي براري‬ ‫رملية وقفار قاحل��ة مترامية االطراف تبلغ‬ ‫مساحتها ثالث مرات مساحة تكساس وهي‬ ‫اول دول��ة تول��د بق��رار من االم��م المتحدة‬ ‫دون اي عامل اخر‪ .‬ولكنهذا المولدود الذي‬ ‫ول��د تحت براثن الفقر وس��ط العالم العربي‬ ‫الس��قيم موصوما بلعنة الجهل ‪ ،‬ليس امامه‬ ‫اي فرصة ليبلغ س��ن الرش��د ‪،‬وسكان ليبيا‬ ‫البال��غ عددهم مليون وخمس��ين الف عربي‬ ‫يعرفون كلمة "االس��تقالل" وال يملكون اال‬ ‫ارث قلي��ل لتفعيل��ه‪ .‬ليس به��ذا البلد كليات‬ ‫جامعي��ة ‪ ،‬ولديهم فقط ‪ 16‬فرد يحمل مؤهل‬ ‫جامعي ‪ ،‬وثالثة محامين ‪ .‬ليس هناك طبيب‬ ‫ليبي واحد او مهندس او مساح او صيدلي ‪.‬‬ ‫ال يتع��دى ‪ 250‬الف مواطن فقط قادر على‬ ‫كتابة اسمه ‪ ،‬اما الباقي فيستعملون البصمة‬ ‫للتوقيع‪ .‬امراض العي��ون خاصة التراكوما‬ ‫منتش��رة جدا لدرجة ان ‪ 10%‬من الس��كان‬ ‫مصابون بالعمى ‪ .‬متوس��ط الدخل السنوي‬ ‫للف��رد ‪ 35‬دوالر تقريب��ا ‪ .‬اي اق��ل من اي‬ ‫قطر عربي اخر ربما باس��تثناء اليمن ‪ .‬ولم‬ ‫يبق��ى من االف المهاجري��ن االيطاليين الى‬ ‫ليبيا لخلق مس��تعمرة موسوليني النموذجية‬ ‫س��وى ‪ 47000‬ايطال��ي متقلدي��ن لبع��ض‬ ‫احس��ن الوظائف ويمتلكون احسن المزارع‬ ‫ويديرون افضل االعم��ال التجارية كما ان‬ ‫ثمانية اعش��ار الليبيين هم اما مزارعون او‬ ‫رعاة ماش��ية وعالوة على ذلك يذكر مسح‬ ‫غير مش��جع لالم��م المتحدة ان ه��ذه البالد‬ ‫"يصع��ب عليه��ا توفي��ر الطعام لس��كانها"‬ ‫باس��تيرادها لضعف م��ا تصدره فال مناص‬ ‫لهذه الدولة من تسجيل عجز في ميزانيتها ‪.‬‬ ‫ان النقل بالسكة الحديدية في المملكة عبارة‬ ‫عن قاط��رة بخارية واح��دة وقاطرتا ديزل‬ ‫وقليل من عربات النقل المهترئة تسير على‬ ‫‪ 200‬مي��ل فقط م��ن الس��كك الحديدية بين‬ ‫طرابلس وفزان ‪ .‬ليس هناك خطوط هاتف‬ ‫او تلغ��راف او اتصاالت رادي��و كما انه ال‬ ‫يوج��د تجانس كبير بي��ن الواليات الثالث ‪:‬‬ ‫طرابل��س(‪ 800‬الف نس��مة) و برقة(‪300‬‬

‫الف نس��مة) وف��زان(‪ 40‬الف نس��مة) ولم‬ ‫يتوفر لهذه الواليات ادارة مشتركة باستثناء‬ ‫الس��نوات االخيرة من الحكم االيطالي (من‬ ‫عام ‪ 1935‬وح��ى الحرب العالمية الثانية)‪.‬‬ ‫حت��ى االمم المتحدة ليس��ت عل��ى يقين بأن‬ ‫مث��ل هذا الطفل المعلول س��وف يضل على‬ ‫قيد الحياة ‪ .‬والن القوى العظمى لم تس��تطع‬ ‫االتف��اق فيما بينها بخصوص مس��تقبل ليبيا‬ ‫المستعمرة االيطالية سابقا ‪ ،‬فان دول االمم‬ ‫المتح��دة الصغي��رة بقي��ادة ال��دول العربية‬

‫اجتمعت كلمة المجلس على تنصيب الس��يد‬ ‫محم��د ادريس المه��دي السنوس��ي ‪ ،‬امير‬ ‫برقة ‪ ،‬ملكا على الب�لاد ويعتبر هذا االمير‬ ‫زعيما روحيا وسياسيا للطريقة السنوسية ‪،‬‬ ‫كما يعتبر في ذاته اقوى ش��خصية في ليبيا‪.‬‬ ‫لقد ق��اد الملك ادري��س االول رجال القبائل‬ ‫السنوس��يين ف��ي حربي��ن ض��د االيطاليين‬ ‫‪ ،‬وه��و يقط��ن االن ثكن��ات ايطالي��ة قرب‬ ‫بنغ��ازي حورت كقص��ر له ‪ ،‬ان��ه العربي‬ ‫المتناس��ق االط��راف البالغ م��ن العمر ‪62‬‬

‫العجولة ودول امريكا الالتينية اس��تطاعت‬ ‫ان تمرر قراراً يمنح ليبيا اس��تقاللها في مدة‬ ‫اقصاها اول يناير ‪1952‬م لقد ترك هواندي‬ ‫ممتليء قصير القام��ة يدعى ادريان بلت ‪،‬‬ ‫عمله كمس��اعد لالمين الع��ام لالمم المتحدة‬ ‫وعي��ن كمبعوث لالم��م المتحدة ل��دى ليبيا‬ ‫اخ��ذا معه فريق��ا من الخب��راء للعمل هناك‬ ‫ولقد قرر المجلس المؤقت والمكون من ‪60‬‬ ‫عضو ليبي‪ 20 -‬م��ن كل والية‪ -‬والمجتمع‬ ‫تح��ت جناح االم��م المتحدة ان يك��ون البلد‬ ‫ملكية فيدرالية ‪ ،‬وقام بكتابة مسودة الدستور‬ ‫والتخطي��ط لالنتخاب��ات وب��دون اي جدال‬

‫سنة والمتبحر في العلوم االسالمية ويرتدي‬ ‫ثيابا ً زرقاء كتلك الت��ي يرتديها ملوك البدو‬ ‫ويتكل��ن بصوت رفيع ذي نب��رة عالية ‪ .‬انه‬ ‫يثق في الغرب ويصف في احاديثه الخاصة‬ ‫الجامعة العربية المتكونه من سبع دول بانها‬ ‫"تحالف الضعفاء" ولكنه يعترف باالَصرة‬ ‫الت��ي تربط ليبي��ا مع بقية العالم االس�لامي‬ ‫وف��ي نف��س الوقت يخط��ط لالنظم��ام الى‬ ‫الجامع��ة العربية ‪ .‬يقول خبير بريطاني في‬ ‫الش��أن الليبي "اذا كان هناك ش��خص قادر‬ ‫عل��ى توحيد ه��ذا البلد فه��و الملك ادريس"‬ ‫والن ه��ؤالء الناس يؤمنون باالس�لام فإن‬

‫الرابطة بينهم هي االس�لام ‪ .‬ان اول خطوة‬ ‫ف��ي ه��ذا التوحي��د هي ص��دور المرس��وم‬ ‫الملك��ي ال��ذي يقض��ي بانش��اء عاصمتين‬ ‫الرئيس��ية في طرابلس والثانية في بنغازي‬ ‫لتس��كين مخ��اوف البرقاويين من س��يطرة‬ ‫طرابل��س بع��د العمل لمدة س��نة م��ع الملك‬ ‫ووزرائ��ه المصاب��ون بداء التف��اؤل اصبح‬ ‫حت��ى بعض االجان��ب المش��ككين تحدوهم‬ ‫االم��ال "ثمة فرص��ة لديمقراطي��ة حقيقية‬ ‫هن��ا" يقول ادريان بيلت "اظ��ن ان الليبيين‬ ‫يس��تطيعون ان يجرب��و حظهم فهم مفعمون‬ ‫بالنش��اط وعلى اس��تعداد لخ��وض التجربة‬ ‫وفي مرحلة اس��تقاللهم هم محتاجون للعون‬ ‫الخارجي اكثر مما احتاجو اليه عندما كانت‬ ‫بالده��م مس��تعمرة ‪ .‬وبريطاني��ا التي تأمل‬ ‫ف��ي ان تك��ون االخ الكبي��ر ‪ .‬وف��رت عددا‬ ‫م��ن الكوادر المدنية لتش��غيل دوالب العمل‬ ‫الحكوم��ي وخصص��ت ‪ 6‬ماليي��ن دوالر‬ ‫لدف��ع االم��ور لالمام(مقابل ملي��ون دوالر‬ ‫من الواليات المتحدة) مع استعداد بريطانيا‬ ‫لضمان تغطية العجز في الميزانية السنوية‬ ‫والفرنس��يون اعارو بع��ض الخبراء لفزان‬ ‫وه��م يوف��رون لهم نص��ف ملي��ون دوالر‬ ‫س��نويا‪ .‬جاذبي��ة ليبي��ا المري��كا وبريطانيا‬ ‫وفرنس��ا س��وف يس��مح لهم��ا باالحتف��اظ‬ ‫بالحامي��ات العس��كرية ف��ي ليبي��ا وامريكا‬ ‫بقاع��دة "ويلس" ق��رب طرابلس ولكن قادة‬ ‫ليبيا الجدد اظهرو انهم ال يريدون ان يكونو‬ ‫طالب��ي مس��اعدات دائم��ا ‪ ،‬وق��د علق احد‬ ‫الدبلوماس��يين الغربيين بالقول‪":‬حتى االن‬ ‫برهن��و على انهم يحرزون تقدما مش��جعا‪،‬‬ ‫النهم طلبو النصيحة الفنية مع المس��اعدة"‬ ‫عندما اقترب يوم االس��تقالل في االس��بوع‬ ‫الماض��ي نظ��رت الى��ه الحكوم��ة باحترام‬ ‫يص��ل ال��ى ح��د القداس��ة ‪ .‬كان ال��وزراء‬ ‫يوزعون انفسهم بين العاصمتين في طائرة‬ ‫مس��تعارة من االم��م المتحدة به��دف تنظيم‬ ‫احتف��االت س��تدوم ثالث��ة ايام وق��ام احدهم‬ ‫باس��تدانة مدف��ع هاورتزر امريك��ي لتحية‬ ‫هذه المناسبة باطالق ‪ 101‬طلقة وقد وجدو‬ ‫تركيا عجوزا عرف كيف يس��تخدمه ‪ .‬وقام‬ ‫فري��ق من الفنيين بالجيش االمريكي بزيارة‬ ‫المل��ك المعتكف في مكتبه بغرض تس��جيل‬ ‫خطابه الذي س��يزف اعالن االستقالل وقد‬ ‫اع��اد الملك قرائته ارب��ع مرات وبعد ان تم‬ ‫بث التس��جيل اتس��عت عيناه دهش��ة وقهقه‬ ‫ضاحكا‪ .‬ان المواطن الع��ادي المتجول في‬ ‫اس��واق طرابلس الشعبية او الذي يعيش في‬ ‫وس��ط تالل الرمال في ف��زان ال يبدو واثقا‬ ‫من معرفة ماذا يحدث ولكنه كما يملك دائما‬ ‫كلم��ة تطالب باالس��تقالل فان��ه يملك كلمة‬ ‫يعب��ر بها عن االش��ياء الغي��ر مفهمة وهي‬ ‫كلمة "انشاء هللا"‪.‬‬


‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫‪07‬‬


‫‪08‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫‪ 24‬ديسمرب ‪ 24 - 1951‬ديسمرب ‪2011‬م‬ ‫قـدري األطـرش‬ ‫بعد اإلطاح��ة بالحكم القذافي االس��تبدادي‬ ‫المتخلف وتطهير البالد من أجهزته القمعية‬ ‫الفاس��دة ‪ ،‬وبعد اإلعالن عن تحرير كامل‬ ‫التراب الليبي ف��ي ‪ 23‬أكتوبر الماضي ‪...‬‬ ‫ينظم أبناء ليبيـا األحرار مهرجانات إلحياء‬ ‫الذكري الس��تيـن إلع�لان اس��تقالل ليبيـا‬ ‫في ‪ 24‬ديس��مبر ‪ . 1951‬ذلك االس��تقالل‬ ‫ال��ذي أقرته الجمعية العام��ة لألمم المتحدة‬ ‫ف��ي قرارها رق��م ‪ 218‬بتاريخ ‪ 21‬نوفمبر‬ ‫‪ ، 1949‬وال��ذي طالما ح��اول قادة انقالب‬ ‫س��بتمبر ‪ 69‬تجاهل��ه وطمس��ه ‪ ،‬رغم انه‬ ‫يتوج مرحلة م��ن النضال التاريخي الليبي‬ ‫الطويل والمرير من أجل تحقيق اس��تقالل‬ ‫البـالد ‪.‬‬ ‫تأت��ي ذكري ه��ذا العيد في مرحل��ة انتقال‬ ‫ثورة التكبير المباركة من حالة النضال إلي‬ ‫حالة بناء مؤسس��ات الدولـة ‪ ،‬وهي مرحلة‬ ‫انتقاليـ��ة دقيق��ة ينبغي عل��ي كل أبناء ليبيا‬ ‫أن يس��اهموا فيها بكل إيجابية وموضوعية‬ ‫األمر الذي يتطلب منا تذكر تجربة األجـداد‬ ‫الدس��توريـة العريقـة ف��ي محاولتهم إقامة‬ ‫الدولة الليبيـة الحديثـة ‪.‬‬ ‫ليبيا دولة ذات ماضي دستوري عريق في‬ ‫المنطقة العربية ‪ ،‬نس��تطيع أن نسترشد به‬ ‫علي تحقي��ق تطلعاتنا الحالية في بناء دولة‬ ‫المؤسس��ات الدس��تورية ‪ ،‬يجنبنا س��لبيات‬ ‫الماض��ي ويرش��دنا إل��ي بن��اء المس��تقبل‬ ‫الصحيح ‪.‬‬ ‫إن نض��ال األجـ��داد م��ن أج��ل تحقي��ق‬ ‫االس��تقالل وتجربتهم في بناء المؤسس��ات‬ ‫الدستوريـة ‪ ،‬مرت بمراحل تاريخية هامة‬ ‫نلخصها علي النحو األتـي ‪:‬‬ ‫‪ ،‬وف��ي نهايـ��ة مهمته��ا قدمـ��ت تقريره��ا ‪ -‬ف��ي أول فبراي��ر ‪ 1952‬رحب��ت األمم‬ ‫ً‬ ‫ أثنـ��اء الحرب العالمي��ة الثانيـة ( ‪ 1939‬وتوصياته��ا ع��ن مطال��ب الش��عب الليبي المتحـ��دة بقبول ليبيـا عض��وا في المنظمة‬‫– ‪ ) 1945‬اغتنم��ت المقاوم��ة الليبي��ة في باالستقـالل إلى الجمعية العامـة ‪.‬‬ ‫الدولية ‪ ،‬وأش��اد مندوبو العراق والواليات‬ ‫المهج��ر حاجة الحلفـاء ف��ي صراعهم مع ‪ -‬ف��ي ‪ 21‬نوفمب��ر ‪ 1949‬أص��درت المتح��دة وفرنس��ا والباكس��تان بالكف��اح‬ ‫المحور إلى مس��اعـدة الليبييـن على طرد الجمعية العامة قراراً بإعالن استقالل ليبيا الوطني للشعب الليبي وحكمه قيادته ‪ ،‬مما‬ ‫قـوات رومل من الصحراء الليبيـة ‪ ،‬فاتفقوا ف��ي موعد أقصاه أول يناير س��نة ‪ ، 1952‬س��اعد المنظمة الدولية عل��ى إنجاز عملية‬ ‫عل��ى تكوين فرقة م��ن المناضلين الليبييـن صادقت علي الق��رار ‪ 48‬دولة وعارضته االس��تقالل و قيام الدولة الليبية الجديدة في‬ ‫ضمن قوات الحلفاء لمس��اعدة الحلفاء على دول��ة واح��دة وامتنعت ع��ن التصويت ‪ 9‬ص��ورة حضارية تمت في س��ـالم وهدوء‬ ‫هزيمة قوات المحـور وإخراجهم من ليبيـا دول ‪ ،‬ويقضي القرار بتعيين مندوبا ً لألمم ‪ ،‬وقد وردت اإلش��ارة إلى ذلك في كلمات‬ ‫‪ ،‬ثم بعد االنتصار عليها تعود أمور البـالد المتح��دة ( ادري��ان بل��ت ) ليس��اعد ليبيـا المندوبيـن ‪ ( :‬فضل المجالي ) عن العـراق‬ ‫إلى أهلها ويعلن استقاللها ‪.‬‬ ‫على صياغة دس��تورها وتشكيل حكومتها ‪ ،‬و ( عب��د الرحيـم خـان ) عن الباكس��تـان‬ ‫ بع��د هزيمة ق��وات المح��ور وخروجها الجديدة ‪ ،‬على أن يساعده في مهمته مجلس ‪ ،‬و ( ج��ون كوبر ) ع��ن الواليات المتحدة‬‫م��ن ليبيا ع��ام ‪ ، 42‬وفي نهاية الحرب في يتكون من عش��رة أعضـاء عن ( مصر و األمريكي��ة ‪ ،‬و ( جي��رار دوموبون ) عن‬ ‫عام ‪ ، 45‬تنكر الحلفاء لوعودهم للمقاومة بريطاني��ا و أمري��كا و فرنس��ا و إيطاليا و فرنسـا ‪.‬‬ ‫الليبية ‪ ،‬وفي إطار تس��ويات الحرب تفاهم الباكستان والعراق ) وثالثـة مندوبيـن عن كما أكد مندوب األمم المتحـدة ومس��اعدوه‬ ‫الحلفاء على اقتس��ام ليبيا في إطار اتفاق ( األقالي��م ومندوبا ً عن األقليات ف��ي ليبيـا ‪ ،‬إن اس��تقالل ليبيـ��ا تقرر اس��تجابة للرغبة‬ ‫بيفن س��فروزا ) ‪ ،‬الذي يض��ع إقليم برقـة قـ��رر مندوب األمم المتحـدة ( ادريان بلت الوطنية للشعب الليبـي ‪ ،‬وان البـالد تحتاج‬ ‫تح��ت اإلدارة البريطانية ‪ ،‬وإقليم طرابلس ) بعد التش��اور مع أعض��اء المجلس الذي إلى وضع مؤسس��ات ماليـة تساعدها على‬ ‫لإليطاليي��ن واألمريكيي��ن ‪ ،‬وإقلي��م فزان يس��اعده ‪ ،‬تكوي��ن لجنـ��ة م��ن ‪ 23‬عضواً تنمية مواردها الوطنيـة ‪.‬‬ ‫لفرنسا ‪ ،‬غير أن هذا المخطط االستعماري الختي��ار الجمعي��ة الوطنية التأسيس��ية من ‪ -‬ف��ي ‪ 23‬مـ��ارس ‪ 1952‬ش��كلت أول‬ ‫واجه��ة الش��عب الليب��ي بالمظاه��رات س��تين عضواً ‪ ..‬عش��رون عضواً عن كل حكومـ��ة اتحاديـ��ة ليبيـ��ة برئاس��ة أحـ��د‬ ‫واالحتجاج��ات والمس��يرات العارم��ة في من األقاليم طرابلس و برقـة و فـزان ‪.‬‬ ‫األعيـان من الش��خصيات الوطنية الهامـة‬ ‫كل المدن الليبيـة ‪ ،‬مطالبين باس��تقالل ليبيا‬ ‫الكامل األمر الذي اس��تدعي تدخل منظمة‬ ‫األم��م المتح��دة اس��تجابة للمطال��ب الت��ي‬ ‫عبرت عنه��ا الوفود الليبيـة العديدة ‪ ،‬اذكر‬ ‫منها الوفـد الذي ضم كل من شملتهم رحمة‬ ‫هللا وهم األس��تاذ خليل القـالل ‪ ،‬واألس��تاذ‬ ‫عبد الرازق شقلوف ‪ ،‬واألستاذ عمر شنيب‬ ‫ ف��ي مارس ‪ 1948‬أوفدت األمم المتحدة‬‫لجنة دولي��ة لتقصى الحقائ��ق عن مطالب‬ ‫الشعب الليبي ‪ ،‬ودراسة األوضاع السياسية‬ ‫في ليبيا ‪ ،‬وتقديم تقرير للجمعية العامة عن‬ ‫مطالب الش��عب الليبي ‪ ،‬وقد زارت اللجنـة‬ ‫الدولي��ة المدن الليبي��ة والتقـ��ت بالقيادات‬ ‫السياس��ية وأعي��ان البـ�لاد والمنظم��ات‬ ‫السياس��يـة وقيـ��ادة جمعية عم��ر المختـار‬

‫ ف��ي ‪ 7‬أكتوبر ‪ 1950‬أق��رت الجمعيـة‬‫الوطنيـ��ة التأسيس��يـة صياغ��ة الدس��تور‬ ‫وصادق��ت عليـ��ه ‪ ،‬وهو مك��ون من ‪213‬‬ ‫مـ��ادة تقرر قي��ام الدولـة الليبيـة في ش��كل‬ ‫مملك��ة اتحادي��ة لغته��ا العربيـ��ة ودينه��ا‬ ‫اإلس��ـالم ‪ ،‬و لها عاصمتي��ن ( طرابلس و‬ ‫بنغازي ) ‪ ،‬والسلطة التشريعيـة بيد مجلس‬ ‫األمـ��ة ‪ ،‬والملك الرئي��س األعلى للدولـة ‪،‬‬ ‫ومجلس األمـة يتكون من مجلس الشيوخ ‪،‬‬ ‫ومجلس النـواب الذي يتكون من ‪ 55‬نائبـا ً‬ ‫‪ 35 ،‬عن والية طرابلس ‪ ،‬و‪15‬عن واليـة‬ ‫برقـة ‪ ،‬و ‪ 5‬عن واليـة فـزان ‪.‬‬ ‫ في ‪ 24‬ديسمبر ‪ 1951‬أعلن من بنغازي‬‫اس��تقـالل ليبيـا كدولـة مستقلـة ذات سيـادة‬ ‫في شكل المملكة الليبيـة المتحدة ‪.‬‬

‫األس��تاذ محم��ود المنتص��ر ‪ ،‬وباش��رت‬ ‫الدولـة الليبية مظاهر سيادتها إقليما ً ودوليا ً‬ ‫‪ ،‬وأنش��أت عالقات دبلوماس��ية مع الدول‬ ‫الهام��ة ‪ ،‬وأبرمت االتفاقي��ات والمعاهدات‬ ‫الدولية مع بريطانيا عام ( ‪ ، ) 53‬وأمريكا‬ ‫ع��ام ( ‪ ، ) 54‬وفرنس��ا ع��ام ( ‪، ) 55‬‬ ‫وش��رعت في عملية التنمية وفق الظروف‬ ‫االقتصادي��ة الش��حيحة ف��ي ذل��ك الوقت ‪،‬‬ ‫مرك��زه اهتمامه��ا عل��ى بناء المؤسس��ات‬ ‫التعليميـة و الخدمات الصحيـة ‪.‬‬ ‫ اتضح مع األي��ام إن النظام االتحادي ال‬‫يستجيب للتوجهات الوحدوية للشعب الليبي‬ ‫‪ ،‬فعدل الدس��تور و تح��ول النظام في ليبيـا‬ ‫إلى دولة موح��دة بدالً من النظام االتحادي‬ ‫عام ‪. 1963‬‬ ‫من المعلوم أن الدستـور في جوهـرة وثيقة‬ ‫قانونيـ��ة وضعي��ة تجس��د اإلرادة الوطنية‬ ‫المعب��رة ع��ن أمال وطموحات أي ش��عب‬ ‫ف��ي العيش ف��ي ظل نظ��ام سياس��ي مقنن‬ ‫ومس��تقـر ‪ ،‬أثنـ��اء فت��رة زمنيـ��ة معينة ‪،‬‬ ‫ويعتب��ر الدس��تور المرجعيـة لصحة جميع‬ ‫التشريعات القانونية ‪ ،‬وهو غالبـا ً ما يكون‬ ‫صادراً عن جمعية تأسيس��ية مختارة وفق‬ ‫معايير وطنيـة وقوميـة مميـزة ‪.‬‬ ‫غايـة الدستور الوضعي تحديد هوية الدولة‬ ‫وش��كل نظ��ام حكمه��ا ‪ ،‬ويعي��ن حدوده��ا‬ ‫الجغرافي��ة ‪ ،‬وحقوق وحريات مواطنيها ‪،‬‬ ‫ويبين سلطات رئيس الدولة واختصاصات‬ ‫الس��لطات الس��يادية ‪ ،‬ويحك��م تصرف��ات‬ ‫هيئ��ات الدول��ة عل��ي المس��توي الوطني‬ ‫والصعيد الدول��ي ‪ ،‬ولذلك فهو وثيقـة غير‬ ‫قابل��ة للتعديل إال وفق نصاب قانوني معين‬ ‫وباألغلبي��ة المطلق��ة ‪ ..‬وان أي انته��اك‬ ‫ألحكام الدس��تور ق��د يعرض البـ�لاد إلي‬ ‫أزمات دستوريـة حادة وقالقل خطيرة ‪.‬‬ ‫أن تجربتنا الدستوريـة الماضية المتمثلة في‬ ‫دس��تورنا الس��ابق لعام ‪ ، 1951‬الذي حكم‬ ‫الحياة السياس��ية في بالدن��ا في فترة زمنية‬ ‫معين��ة ‪ ..‬بعد إقراره م��ن الجمعية الوطنية‬ ‫التأسيس��ية المكون��ة م��ن س��تين عضواً (‬ ‫عشرين عن كل من األقاليم الليبية الثالث )‬ ‫‪ ،‬وصدوره في مدينة بنغازي في ‪ 7‬أكتوبر‬ ‫ع��ام ‪ ، 1951‬ثم تاله إعالن اس��تقالل ليبيا‬ ‫في ‪ 24‬ديس��مبر ‪ ، 1951‬وأخيراً أصبحت‬ ‫ليبيـا عضواً في األم��م المتحدة في فبراير‬ ‫عام ‪. 1952‬‬ ‫لقد حدد ذلك الدستـور نظام الحكم في ليبيـا‬ ‫آن��ذاك في ش��كل دولـة اتحادي��ة ( المملكة‬ ‫الليبي��ة المتحدة ) ‪ ،‬ثم بع��د تنامي المطالب‬ ‫الوحدويـة ‪ ،‬عدل الدستـور في ‪ 1963‬إلي‬ ‫نظـ��ام الدولة الموح��دة ( المملكة الليبيـة )‬ ‫‪ ،‬وبق��ي س��اريا ً إلي أن ألغ��ي ضمنياﹰ بقيام‬ ‫انقالب سبتمبر ‪ ، 69‬حيث استبدل بإعالن‬


‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫دستوري ‪ ،‬ما لبث أن تجاوزته التطورات ‪.‬‬ ‫بالطبع ال أحد يجهل أن دستور ‪ 51‬أصبح جزءاﹰ من ماضينا‬ ‫‪ ،‬وف��ي حك��م مرحلة من تاريخنا السياس��ي ‪ ،‬ولكن ذلك ال‬ ‫يعن��ي عدم بقائه حاضراﹰ ف��ي ذاكرتنا الوطنية ‪ ،‬علي األقل‬ ‫من ب��اب المعرفة والعل��م بالمراحل التاريخية والسياس��ية‬ ‫التي مرت بها بالدنا ‪ ،‬خاصة وان ذلك الدس��تور المش��ـار‬ ‫إلي��ه بس��لبياتـه وايجابياتـه ‪ ،‬ارتضاه آباؤن��ا لتنظيم حياتهم‬ ‫السياسية في فترة زمنية‬ ‫معينـ��ة ‪ ..‬ومن المنظور التاريخي نحاول قدر المس��تطاع‬ ‫تلخيص أهم أحكـام ذلك الدستور علي النحو األتـي ‪- :‬‬ ‫ الفص��ل األول ‪ -:‬ح��دد هوية الدولة الليبيـة وش��كل نظام‬‫حكمه��ا ‪ ،‬وعين حدوده��ا الجغرافية ‪ ،‬ونص علي أن ليبيـا‬ ‫دولة إسالميـة ديمقراطية مستقلة ذات سيادة ‪ ،‬تؤمن بالوحدة‬ ‫القومي��ة ‪ ،‬وج��زء من الوطـن العربي وقس��م م��ن القـارة‬ ‫اإلفريقيـة ‪ ..‬تكفل إقامة العدل ‪ ،‬وتضمن الحرية والمساواة‬ ‫واإلخ��اء ‪ ،‬وترعي الرقي االقتصادي واالجتماعي والخير‬ ‫العـام ‪ ..‬الخ ‪.‬‬ ‫ الفص��ل الثان��ي ‪ - :‬عين حق��وق المواطنيـ��ن وحرياتهم‬‫األساس��ية ‪ ،‬بالن��ص عل��ي الح��ق ف��ي الجنس��ية والحرية‬ ‫والمس��اواة والتعلي��م والعم��ل والملكي��ة وحرمة المس��كن‬ ‫وتكوي��ن الجمعيات الس��لميـة ‪ ..‬ونص عل��ي حرية الرأي‬ ‫والتعبي��ر واالعتق��اد والصحاف��ة ‪ ،‬واحت��رام خصوصي��ة‬ ‫المراسالت واالتصاالت وحق اللجوء إلي القضاء العـادل‬ ‫‪ ..‬الخ ‪.‬‬ ‫يالح��ظ أن جميع هذه الحقوق األساس��ية والحريات العامة‬ ‫‪ ،‬مقتبسة من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لعام ‪. 48‬‬

‫ الفص��ل الراب��ع ‪ -:‬حدد هيئـ��ات الس��لطات العامة وبين‬‫اختصاصاتها ‪:‬‬ ‫ الس��لطة التنفيذي��ة ‪ :‬يتواله��ا رئيس الدولة و يباش��رها‬‫بواسطة الحكومة والوزراء ‪.‬‬ ‫ السلطة التشريعية ‪ :‬يتوالها مجلس األمـة باالشتراك مع‬‫رئيس الدولة ‪ ،‬ويتكون‬ ‫مجلس األمـة من مجلس الشيوخ يختارهم رئيـس الدولـة‬ ‫لثمان سنوات ‪ ،‬ومجلس‬ ‫النواب ينتخبهم الش��عب باالقتراع السري العام لمدة أربع‬ ‫سنوات ‪.‬‬ ‫ السلطة القضائيـة ‪ :‬وتتوالها المحكمة العليـا ‪ ..‬والقضاة‬‫المستقلون ال سلطان‬ ‫عليهم لغير القانـون ‪.‬‬ ‫ الفصل الخامس ‪ - :‬يخول رئيس الدولة السلطات التالية ‪:‬‬‫ الرئيس األعلى للدولة والقائد العام للقوات المسلحة ‪.‬‬‫ يص��ادق عل��ي القواني��ن ‪ ،‬ويص��در المراس��يم ‪ ،‬ويعلن‬‫األحكام العرفية ‪.‬‬ ‫ يدعو مجلس األمة لالجتماع ويحل مجلس النواب ‪.‬‬‫ يعي��ن رئيس ال��وزراء ‪ ،‬ويصادق عل��ي تعيين الوزراء‬‫ويقيلهم من مناصبهم ‪.‬‬ ‫ يعين المبعوثين السياسيين ويعتمد المبعوثين األجانب ‪.‬‬‫ يصادق علي أحكام اإلعدام ويعفو عن السجناء ‪.‬‬‫ يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهـدات ‪ ..‬الخ ‪.‬‬‫هذه باختصار أهم األحكام الواردة في دستورنا السابق لعام‬ ‫‪ ، 51‬وهي مطابقة للخواص المش��تركة الواردة في أغلب‬ ‫الوثائق الدس��تورية المعاصرة ‪ ،‬وبم��ا انه ال توجد صيغة‬ ‫دستورية نموذجية تحكم اختالف أوضاع الدول وظروفها‬ ‫وتع��دد خصوصياته��ا ‪ ،‬فبعض الدول الكبي��رة تتكون من‬ ‫واليات وأقاليم مثل ( الواليات المتحدة األمريكية والصين‬ ‫وبريطانيا وكنـدا ) ‪ ،‬والبعض األخر يضم قوميات متعددة‬ ‫مث��ل ( دول البلق��ان والهن��د وأفغانس��تان ) ‪ ،‬أو طوائ��ف‬

‫‪09‬‬

‫مذهبي��ة مثل ( لبنان والع��راق وايرلندا ) ‪ ،‬أو ذات ثقافـات‬ ‫ولغ��ات متعددة مثل ( سويس��را وبلجي��كا ) ‪ ،‬وكل من هذه‬ ‫الدول اختارت الدس��تور الذي يناس��ب أوضاعها السياسية‬ ‫واالجتماعي��ة ويحاف��ظ علي خصوصياته��ا ‪ ،‬ولذلك توجد‬ ‫عدة أنواع من الدس��اتير الوحدوية واالتحادية والكنفدراليه‬ ‫‪ ..‬ال��خ ‪ ،‬وعليـ��ه ينبغي علي الدول التي تش��رع في إعـداد‬ ‫دس��اتيرها الرجوع إلي تجاربها التشريعية السابقة ‪ ،‬وتقيم‬ ‫ما قد تنطوي عليه من ايجابيات لالستفادة منها في صياغة‬ ‫دس��اتيرها الجدي��دة بحيث تحاف��ظ علي قيمه��ا األخالقيـة‬ ‫ومعتقداتها وتقاليدها السياسيـة وخصوصياتها االجتماعية‬ ‫‪ ،‬وتواكب المستجدات الحضارية ‪ ،‬وتؤكد التزامها باحترام‬ ‫حقوق وحريات وس�لامة مواطنيها وحماية الوطن ‪ ،‬وذلك‬ ‫ما يمكنها من تبؤ مكانه الئقة بين أعضاء األس��رة الدوليـة‬ ‫المتحضرة ويضمن تقدم البـالد وأمنها واستقرارها ‪.‬‬ ‫ختاماﹰ أعتقد من المناس��ب والمفيد أن أس��جل في هذا المقام‬ ‫إفادة األس��تاذ ( دي فيشير ) أستاذ القانون الدستوري في (‬ ‫جامعة لوفان ) الذي أكد في احدي محاضراته عام ‪1955‬‬ ‫أن أول وثيق��ة دس��تورية عث��ر عليها في ليبيـ��ا في القرن‬ ‫الراب��ع قبل الميالد أثن��اء عمليات التنقيب ف��ي أثار مدينـة‬ ‫قورينـا ‪ ،‬ويرجح إنها من صياغة المش��رع ( ديموناكس )‬ ‫‪ ،‬علي أثر ثورة الفالحين التي جردت الملك ( أركيسالدس‬ ‫الثالث ) من الحكم المطلق واستعادت من النبالء األراضي‬ ‫الزراعية المغتصبة ‪ ...‬الخ ‪ ،‬حتى وان كانت هذه اإلشـارة‬ ‫التاريخيـة أس��طورية فإنها تؤكد أن التقاليـد الدستورية في‬ ‫ليبيـا عريقة وذات جذور تاريخيـة ‪ ،‬ونحن نعتز بذلك ثقافيا ً‬ ‫‪ ،‬ونتمنى أن تترسخ ويحافظ عليها ‪.‬‬ ‫أعتقـ��د انه من الواجب الوطن��ي توثيق بعض هذه الحقائق‬ ‫التاريخي��ة الهام��ة م��ن حي��اة مجتمعن��ا ‪ ،‬ألنه��ا جزء من‬ ‫المس��يـرة النضاليـة الطويلة للشعب الليبـي من اجل تحقيق‬ ‫حريـة وعـزة هذا الوطـن ‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫امحد مفتاح الغزوانى‪.....‬رجل من زمن االستقالل‬ ‫احلسني املسوري‬ ‫التقيت األس��تاذ احم��د الغزواني في منزله‬ ‫حي��ث اس��تقبلني بغرف��ه ملحق��ه بصالون‬ ‫الضي��وف يس��تخدمها كمكتب ل��ه وجدت‬ ‫بعض الكت��ب واألوراق البحثية والصور‬ ‫المتناث��رة على طاولة مكتبه فبدأت الحوار‬ ‫بس��ؤاله عن طفولته وشبابه فقدم لي ورقه‬ ‫كسيرة ذاتيه له وجاء في الورقة أو سيرته‬ ‫الذاتية األتي‬ ‫ولد األس��تاذ احمد مفتاح الغزوانى بمدينة‬ ‫درن��ه ي��وم ‪ /4 /27‬س��نة ‪1921‬م التحق‬ ‫كغي��ره م��ن جيل ذال��ك الوق��ت بالكتاتيب‬ ‫لحف��ظ الق��ران ث��م بالمدرس��ة االبتدائي��ة‬ ‫االيطالية العربية حتى س��نة ‪1935‬م فنال‬ ‫الش��هادة االبتدائية عرب��ي ايطالي ‪ /‬ليعمل‬ ‫بها محاس��با بشركة الطرق االيطالية حتى‬ ‫س��نة ‪1937‬م لينتقل بعدها لمدينة البيضاء‬ ‫وبها عمل موظفا بمكتب الهيأة االجتماعية‬ ‫للرعاي��ة الوطني��ة ‪ ،‬ويس��مى بااليطالي (‬ ‫بارتو ناتو ناسينو الى برسينوالى ) وتعلم‬ ‫اللغتين االنجليزي��ة وااليطالية وعين إبان‬ ‫عهد اإلدارة البريطانية مدرسا خالل العام‬ ‫‪ 1944‬بمدرسة طلميثه تلك القرية االثريه‬ ‫المجاورة لمدينة المرج مقر مديرية التعليم‬ ‫وبها األس��تاذ عل��ى الجرب��ى وكان لزاما‬ ‫علي��ه ان يرحل كل خمي��س لمدينة المرج‬ ‫لمس��امرة زمالئه المدرسين أمثال األستاذ‬ ‫مفتاح الماجرى ‪ /‬عوض عقيلة ‪ /‬المبروك‬ ‫الجيبان��ى ‪ /‬عبد الحميد ب��ن حليم ‪ /‬وكانت‬ ‫مسامرتهم عند الش��اعر إبراهيم األسطى‬ ‫عمر شاعر درنه ورمز من رموز الوحدة‬ ‫الوطنية ‪ ،‬وال��ذي كان ممثال قضائيا وهو‬ ‫الذي أس��س جمعية عمر المخت��ار بمدينة‬ ‫درن��ه ‪ ،‬يق��ول األس��تاذ احم��د الغزوان��ى‬ ‫ش��اركت بتالمي��ذ مدرس��ة طلميث��ه ف��ي‬ ‫تمثيليات بمدرسة جردس العبيد والتى كان‬ ‫مديرها األستاذ المبروك الجيبانى ‪ ،‬وهناك‬ ‫تعرفت على مدير القرية وهو ابن الش��هيد‬ ‫عم��ر المختار ‪ ،‬وكان قد تعرف باألس��تاذ‬ ‫مصطفى بن عامر مفتش التعليم بمدارسنا‬ ‫‪ ،‬وال��ذي كان مفتش��ا للتاري��خ والجغرافيا‬ ‫والتربي��ة الوطنية ‪ ،‬وكان يحضر لطلميثه‬ ‫ليأتي لي بالكتب العلمية والثقافية ‪ ،‬وعندما‬ ‫تولى المرح��وم مصطفى بن عامر وزارة‬ ‫التعلي��م بالس��بعينات وكن��ت وقتها مفتش��ا‬ ‫للتاري��خ والجغرافي��ا والتربي��ة الوطني��ة‬ ‫اس��تدعاني لطرابل��س ورش��حني ألكون‬ ‫عض��وا بلجنة مراجع��ة التربي��ة الوطنية‬ ‫وانتقل��ت بعدها للعمل بقرية مس��ـه وهناك‬ ‫كان المهندس على البكوش مشرفا زراعيا‬ ‫ومربي��ا للنح��ل ‪ ،‬كان البك��وش يرافق��ه‬ ‫الغزوان��ى بين الحني��ه واقفنطه لتش��جيع‬

‫التالميذ على معرفة صناعة الجبن ‪ ،‬وفى‬ ‫عام ‪1946‬م انتق��ل احمد الغزوانى لمدينة‬ ‫درنه معلما لمادة اللغة االنجليزية ‪ ،‬وقادته‬ ‫الصدف لمالقاة البروفس��ور ( قود تشايل‬ ‫) مدير اآلثار والذي طلب منه أن يش��ارك‬ ‫بعثة كامبردج في الترجم��ة لينتقل وإياهم‬ ‫لكاف ه��وا افطي��ح بالقرب من سوس��ه ‪،‬‬ ‫وقد عثر به على فك إنس��ان يرجع تاريخه‬ ‫لتس��عين ألف س��نه ‪،‬وذالك ع��ام ‪1959‬م‬

‫الق��دس ) طبعته مؤخرا جامعة درنه ‪ ،‬في‬ ‫ع��ام ‪1966‬م انتخب رئيس��ا لن��ادي اتحاد‬ ‫درنه وف��ى س��نة ‪1998‬م انتخ��ب رئيس‬ ‫لجمعي��ة الهالل األحم��ر الليبي وهو واحد‬ ‫من مؤسسي الهالل األحمر الليبي ليؤسس‬ ‫م��ن خالله ش��بيبة الهالل األحم��ر ‪ ،‬وهو‬ ‫مستشار جمعية الهيلع للدراسات الميدانية‬ ‫‪ ،‬وه��و وآخري��ن معه من قام��وا بزراعة‬ ‫األسماك ببحيرة الملفا بالجغبوب وكان قد‬

‫وعمل مدرس��ا لضباط البعث��ة االنجليزية‬ ‫بمدينة درنه ويدرس��هم كتاب ( جون وبيل‬ ‫ف��ي بالد الش��رق ) كلف بعده��ا بمراجعة‬ ‫كتاب الجغرافيا المتكفل��ة بطباعته منظمة‬ ‫اليونس��كو فس��افر رفق��ة األس��تاذ صالح‬ ‫السنوس��ي اليطالي��ا إلحض��ار الخريط��ة‬ ‫الت��ي تعتمده��ا ايطاليا بع��د اتفاقية الحدود‬ ‫م��ع فرنس��ا وبريطاني��ا ‪ ،‬وعم��ل بوزارة‬ ‫التعلي��م رفق��ة األس��تاذ فري��د أب��و حديده‬ ‫فاس��تفاد من توجيهات��ه ومالحظاته ‪ ،‬وفى‬ ‫ع��ام ‪1955‬م تم إيفاده للدراس��ة ببريطانيا‬ ‫لدراس��ة اللغة االنجليزية والتاريخ القديم ‪،‬‬ ‫ورجع مع منتصف عام ‪1956‬م اس��تدعى‬ ‫لتوكل إليه إدارة معه��د العويليه الزراعي‬ ‫وتخرج منه الكثير م��ن الكفاءات أبرزهم‬ ‫المرحوم بش��ير جوده والذي شغل منصب‬ ‫وزي��ر الزراع��ة بالس��بعينات ‪ ،‬وعم��ل‬ ‫مفتش��ا للتاريخ والجغرافيا بمدارس والية‬ ‫برقه من العقيلة حتى أمس��اعد ‪ ،‬وفى سنة‬ ‫‪1959‬م عي��ن مدي��را للش��ؤون االداري��ه‬ ‫والمالي��ة للتعلي��م بمحافظة درنه ‪ ،‬س��افر‬ ‫إب��ان تلك الفت��رة لبيروت بلبنان لدراس��ة‬ ‫طريق��ة تعلي��م اللغ��ات االجنبي��ه ‪ ،‬وتلقى‬ ‫محاض��رات من المؤرخ الش��هير ( نيقوال‬ ‫زي��اده ) وزار مدينة الق��دس عام ‪1965‬م‬ ‫وأل��ف كتاب عن الق��دس بعنوان ( عروبة‬

‫منح عضوية الجمعي��ة الوطنية الجغرافية‬ ‫ومقرها واش��نطن ‪ ،‬عضوا بجمعية حماية‬ ‫درن��ه القديمة ‪ ،‬منس��ق عام اللجن��ة العليا‬ ‫لرعاي��ة الطفولة ‪1995‬م ‪ ،‬ورئيس فخري‬ ‫لجمعي��ة حماية البيئة ‪ ،‬وتنس��يق المدينة ‪،‬‬ ‫شارك مع المؤرخ ( بار ) في كتابة تاريخ‬ ‫الحملة االمريكي��ه التي قام بها ايتون على‬ ‫درنه ‪.‬‬ ‫تحصل على العديد من االوسمه وشهادات‬ ‫التقدير م��ن جمعية الهالل األحمر والهيلع‬ ‫ومنظمة الكش��اف والجمعية االهليه للبيئة‬ ‫وت��م تكريمه ي��وم ‪2008 / 5 /1‬م بمركز‬ ‫دراس��ة جه��اد الليبيي��ن م��ن قب��ل جمعية‬ ‫المهندس��ين العلمي��ة ‪ ،‬ش��ارك بالعديد من‬ ‫الندوات والمحاضرات أش��هرها تلك التي‬ ‫أقيم��ت بمتح��ف ليبي��ا بمش��اركة منظمة‬ ‫اليونس��كو وقد طالب بتنفي��ذ قانون اآلثار‬ ‫الليب��ي باالضاف��ه لكونه مص��ورا ماهرا‬ ‫وعم��ل بتلك المهنة ول��ه رصيد ضخم من‬ ‫الص��ور الت��ي تحاك��ى الماض��ي البعيد ‪،‬‬ ‫لألس��تاذ الغزوان��ى الكثير م��ن األصدقاء‬ ‫والمعارف منهم السيد على اسعد الجربى و‬ ‫والحاج على العبيدى واألستاذ عبدا لكريم‬ ‫جبري��ل و وابن المجاهد عم��ر المختار (‬ ‫الحاج محمد ) والح��اج محمد القذاف الدم‬ ‫والش��اعر إبراهيم األسطى عمر واألستاذ‬

‫مصطف��ى بن عامر واألس��تاذ عبدا لجواد‬ ‫الفريطي��س والدكت��ور الهادى ب��و لقمه ‪،‬‬ ‫واألس��تاذ نق��وال زياده واألس��تاذ فريد أبو‬ ‫حديده والرئيس الحبيب برقيبه عند مجيئه‬ ‫لدرنة الجئا وزيارته لمعهد العويليه رئيسا‬ ‫وغيرهم كثيرين ال يتسع المجال لذكرهم ‪.‬‬ ‫مرحلة االستقالل‬ ‫بعدها س��ألته عن مرحلة االس��تقالل التي‬ ‫عاش��ه لحظاتها حيث يقول األس��تاذ احمد‬ ‫الغزوان��ي عن تلك المرحل��ة انه يذكر أن‬ ‫الس��يد عمر فائق شنيب كلف برئاسة الوفد‬ ‫الليب��ي للذهاب إل��ي األمم المتح��دة وذلك‬ ‫لعرض ومناقش��ة وش��رح القضي��ة الليبية‬ ‫أم��ام األمم المتحدة وكان مقرها في س��ان‬ ‫فرانسيسكو في والية كاليفورنيا في أقصي‬ ‫الغ��رب األمريك��ي وكان��ت تواج��ه الوفد‬ ‫مشكلة دفع نفقات السفر إلي هناك فاضطر‬ ‫الس��يد عم��ر فائ��ق ش��نيب إلي بي��ع احد‬ ‫عقارات��ه التي يملكه��ا بمدينة درنه لتغطية‬ ‫نفقات السفر‬ ‫ف��ي س��نة ‪ 1957‬م كن��ت مدي��راً للمعه��د‬ ‫الزراعي بالعويليه قرب مدينة المرج حيث‬ ‫استقبلت الس��يد أميل سانت كلوت مندوب‬ ‫هاييتي الس��ابق الذي اسقط مشروع بيفن‬ ‫–س��يفورزا في مايو ‪ 1949‬عندما صوت‬ ‫ضد المشروع الذي يقرر وضع ليبيا تحت‬ ‫الوصاية حيث تكون والية طرابلس تحت‬ ‫وصاي��ة ايطاليا وتكون برقه تحت وصاية‬ ‫بريطانيا وفزان تكون تحت وصاية فرنسا‬ ‫لقد حضر إلي في المعهد الزراعي بالعويليه‬ ‫كونه مهندس زراع��ي في األصل صحبة‬ ‫زوجته وصديقي المغيب األستاذ منصور‬ ‫الكيخيا ال��ذي كان يعمل بالخارجية الليبية‬ ‫في ذلك الوقت وأثناء الغداء س��الت الس��يد‬ ‫أميل سانت كلوت لماذا صوت ضد القرار‬ ‫فأجاب انه تكونت لدي��ه قناعه أن من حق‬ ‫الليبيي��ن أن تكون بالدهم مس��تقلة خاصة‬ ‫وانه من دوله ضعيفة فلماذا يقف مع الدول‬ ‫العظمي وقد صوت ضد المشروع مخالفا‬ ‫لتعليمات وزارة الخارجية في هاييتي التي‬ ‫أمرتن��ه بالتصوي��ت مع المش��روع ولكن‬ ‫صوت ضده الن اجتماعي مع الوفد الليبي‬ ‫زاد يقين��ي وقناعتي بموقف��ي الخاص من‬ ‫القضية‬ ‫علم االستقالل‬ ‫عن عل��م االس��تقالل ي��روي لنا األس��تاذ‬ ‫الغزواني أن الس��يد عمر فائق شنيب كان‬ ‫مشغوال باختيار علم للدولة الجديدة وكنت‬ ‫حينه��ا ف��ي طرابلس حي��ث التقي الس��يد‬ ‫عمر فائق ش��نيب بنا حيث كن��ا مجموعه‬


‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫م��ن الش��باب اذك��ر منه��م األس��تاذ احمد‬ ‫غنيم واألس��تاذ صالح السنوس��ي وآخرين‬ ‫الاذكره��م وطلب منا نح��ن مجموعه من‬ ‫الش��باب أن نقدم إليه أش��كال األعالم التي‬

‫الفرنس��ية واالنجليزية وقد كنت اصطحبه‬ ‫ومعي األس��تاذ احمد غني��م إلي زيارة اثأر‬ ‫لب��ده واثأر صبراته وأزق��ة المدينة القديمة‬ ‫بطرابل��س لق��د كان الس��نهوري مبه��ورا‬

‫رفع��ت في ليبيا منذ بداية القرن العش��رين‬ ‫فبدائنا البحث وقدمنا له عدة نماذج مثل علم‬ ‫العهد الق��ره مانلي االحم��ر و الجمهورية‬ ‫الطرابلس��يه ال��ذي كان��ت تتوس��طه نخله‬ ‫خضراء وق��ام هو بإحض��ار علم الجيش‬ ‫السنوسي حيث روي لنا السيد عمر شنيب‬ ‫حكايته وقال أن السيد احمد الشريف ذهب‬ ‫إل��ي الحج رفقة الس��يد إدريس السنوس��ي‬ ‫وحضرا تغيير كس��وة الكعبة فأعطيت لهم‬ ‫قطعتان من الكس��وة القديم��ة كهدية جعلها‬ ‫السيد احمد الشريف علما له في حربه ضد‬ ‫االنجلي��ز وبع��د تكوين الجيش السنوس��ي‬ ‫اتخذه��ا الس��يد إدريس السنوس��ي علما له‬ ‫كذلك كان الس��يد عمر فائق شنيب تحظره‬ ‫ابي��ات من قصيدة للش��اعر صف��ي الدين‬ ‫الحلي التي تقول‬ ‫إنّـا لَقَـوْ ٌم أبَ ْ‬ ‫ـت أخالقُنـا َشرفـا ً ‪.....‬‬ ‫ليـس يوذينـا‬ ‫أن نبتَدي باألذى مـن‬ ‫َ‬ ‫صنائِعُنـا سـو ٌد وقائِعُـنـا ‪.....‬‬ ‫بِيـضٌ َ‬ ‫واضيــــــنـا‬ ‫ِخضـ ٌر َمرابعُــــــنـا حُمـ ٌر َم ِ‬ ‫فاخذ الس��يد عمر فائق ش��نيب علم الجيش‬ ‫السنوسي واخذ اللون األحمرمن علم العهد‬ ‫القره مانلي واألخضر من علم الجمهورية‬ ‫الطرابلس��يه ليك��ون بهما علم االس��تقالل‬ ‫ووضع الهالل الذي يمث��ل الهجرة النبوية‬ ‫والنجمة التي تمثل قواعد اإلسالم الخمس‬ ‫صياغة الدستور‬ ‫حضرت مع الس��يد عمر فائق ش��نيب إلي‬ ‫الدكت��ور عبدال��رزاق الس��نهوري وذل��ك‬ ‫الطالعه علي تصمي��م العلم الجديد والذي‬ ‫تم وضعه في المادة الس��ابعه من الدستور‬ ‫الليبي حينها كنت موجودا في فندق الودان‬ ‫بطرابل��س وق��د كلف��ت بمرافق��ة الدكتور‬ ‫عبد الرازق الس��نهوري الذي اس��تعين به‬ ‫في لجنة صياغة الدس��تور في ذلك الوقت‬ ‫وق��د كان خبي��را دس��توريا وقاضي��ا ف��ي‬ ‫محكم��ة العدل الدولية في الهاي كان يجيد‬

‫بطرابلس رغم انه يقي��م بهولندا حيث مقر‬ ‫محكمة العدل الدولية وقد أحب السنهوري‬ ‫المصري الجنسية ليبيا حبا شديدا وخاصة‬ ‫العاصمة طرابلس‬ ‫إعالن االستقالل‬ ‫في م��ارس ‪ 1948‬أوف��دت األمم المتحدة‬ ‫لجنة دولي��ة لتقصى الحقائ��ق عن مطالب‬ ‫الش��عب الليب��ي ‪ ،‬ودراس��ة األوض��اع‬ ‫السياس��ية في ليبيا ‪ ،‬وتقديم تقرير للجمعية‬ ‫العام��ة ع��ن مطال��ب الش��عب الليب��ي ‪،‬‬ ‫وق��د زارت اللجنـ��ة الدولية الم��دن الليبية‬ ‫والتقـت بالقيادات السياس��ية وأعيان البـالد‬ ‫والمنظمات السياسيـة وقيـادة جمعية عمر‬ ‫المختـ��ار ‪ ،‬وف��ي نهايـ��ة مهمته��ا قدمـت‬ ‫تقريره��ا وتوصياتها عن مطالب الش��عب‬ ‫الليبي باالس��تقـالل إلى الجمعي��ة العامة ‪.‬‬ ‫ف��ي ‪ 21‬نوفمب��ر ‪ 1949‬أصدرت الجمعية‬ ‫العام��ة ق��راراً بإع�لان اس��تقالل ليبيا في‬ ‫موع��د أقص��اه أول يناي��ر س��نة ‪، 1952‬‬ ‫صادقت علي الق��رار ‪ 48‬دولة وعارضته‬ ‫دول��ة واح��دة وامتنعت ع��ن التصويت ‪9‬‬

‫دول ‪ ،‬ويقضي القرار بتعيين مندوبا ً لألمم‬ ‫المتح��دة ( ادري��ان بل��ت ) ليس��اعد ليبيـا‬ ‫على صياغة دس��تورها وتشكيل حكومتها‬ ‫الجدي��دة ‪ ،‬عل��ى أن يس��اعده ف��ي مهمت��ه‬ ‫مجلس يتك��ون من عش��رة أعضـاء عن (‬ ‫مص��ر و بريطاني��ا و أمريكا و فرنس��ا و‬ ‫إيطاليا و الباكستان ) وثالثـة مندوبيـن عن‬ ‫األقالي��م ومندوبا ً عن األقلي��ات في ليبيـا ‪،‬‬ ‫قـرر مندوب األم��م المتحدة ( ادريان بلت‬ ‫) بعد التش��اور مع أعض��اء المجلس الذي‬ ‫يس��اعده ‪ ،‬تكوي��ن لجن��ة م��ن ‪ 23‬عضواً‬ ‫الختي��ار الجمعي��ة الوطنية التأسيس��ية من‬ ‫س��تين عضواً ‪ ..‬عش��رون عضواً عن كل‬ ‫من األقاليم طرابلس و برقـة و فـزان ‪.‬‬ ‫ف��ي ‪ 7‬أكتوب��ر ‪ 1950‬أق��رت الجمعيـ��ة‬ ‫الوطنيـ��ة التأسيس��يـة صياغ��ة الدس��تور‬ ‫وصادق��ت عليـ��ه ‪ ،‬وهو مك��ون من ‪213‬‬ ‫مـ��ادة تقرر قي��ام الدولـة الليبيـة في ش��كل‬ ‫مملك��ة اتحادي��ة لغته��ا العربيـ��ة ودينه��ا‬ ‫اإلس��ـالم ‪ ،‬ولها عاصمتي��ن ( طرابلس و‬ ‫بنغازي ) ‪ ،‬والسلطة التشريعيـة بيد مجلس‬ ‫األمـ��ة ‪ ،‬والملك الرئي��س األعلى للدولـة‪،‬‬ ‫ومجلس األمـة يتكون من مجلس الشيوخ ‪،‬‬ ‫ومجلس النـواب الذي يتكون من ‪ 55‬نائبـا ً‬ ‫‪ 35 ،‬عن والية طرابلس ‪ ،‬و‪15‬عن واليـة‬ ‫برقـة ‪ ،‬و ‪ 5‬عن واليـة فـزان ‪.‬‬ ‫لق��د بذل الزعم��اء السياس��يين الليبيين في‬ ‫ذل��ك الوقت جه��دا دبلوماس��يا خارقا رغم‬ ‫الصعوب��ات والعراقي��ل والتعقي��دات التي‬ ‫مرت بها القضية الليبية‬ ‫وف��ي ‪ 24‬ديس��مبر ‪ 1951‬م كنت موجودا‬ ‫ف��ي المي��دان المقاب��ل لقصر المن��ار الذي‬ ‫غ��ص بالمواطني��ن حي��ث خ��رج المل��ك‬ ‫إدري��س السنوس��ي ليعل��ن للش��عب الليبي‬ ‫والعال��م أن ليبيا أصبحت دوله مس��تقلة لقد‬ ‫كانت مشاعر الناس ملتهبة والسعادة تغمر‬ ‫الجميع بتحقيق حلم االستقالل أنها لحظات‬ ‫تاريخييه اليمكن لمن عاشها أن ينساها‬ ‫نشيد المملكة الليبية المتحدة‬ ‫ف��ي الس��نوات األول��ي لالس��تقالل لم يكن‬ ‫هناك نش��يد محدد للبالد واذكر عندما كنت‬ ‫مدرسا ً كنا ننشد مع الطلبة عدة أناشيد لكن‬ ‫النش��يد المحب��ب ألينا كان نش��يد موطني‬ ‫للش��اعر الفلس��طيني ابراهيم طوقان الذي‬

‫‪11‬‬

‫تقول كلماته‬ ‫ــوطــنِــي‬ ‫ــوطــنــي َم ِ‬ ‫َم ِ‬ ‫الجـال ُل والجـما ُل والسَّــنَا ُء والبَهَا ُء‬ ‫ــاك فــي ُربَ ْ‬ ‫فـــي ُربَ ْ‬ ‫ـــاك‬ ‫والحـياةُ والنـجاةُ والهـنا ُء والرجـا ُء‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫هـــواك‬ ‫هـــواك فــي‬ ‫فــي‬ ‫وفي س��نة ‪1955‬م أعلنت وزارة المعارف‬ ‫الليبية عن فوز قصيدة ((يابالدي ))للشاعر‬ ‫التونسي البش��ير العريبي كنشيد للبالد اثر‬ ‫مسابقه أقيمت الختيار نشيد للمملكة الليبية‬ ‫المتح��دة وعلي ما اذكر فق��د كلف األديب‬ ‫المع��روف عباس محمود العقاد برئاس��ة‬ ‫تل��ك اللجنة وفي س��نة ‪1958‬م اس��تقبلت‬ ‫الشاعر التونسي البشير العريبي في معهد‬ ‫الزراع��ي بالعويليه حينم��ا زارنا الرئيس‬ ‫الحبيب بورقيبة واذكر أننا قدمنا باقتا ورد‬ ‫واحده للرئيس بورقيبة واالخري للش��اعر‬ ‫التونسي بشير العريبي والزلت اذكر ذلك‬ ‫الطفل الذي قدم باق��ات الورود انه الكاتب‬ ‫محمد بوسويق ويقيم اآلن بمدينة البيضاء‬ ‫انقالب سبتمبر‬ ‫ف��ي األول م��ن س��بتمبر وق��ع االنق�لاب‬ ‫وتغيرت األمور رأسا علي عقب وأصبحت‬ ‫الدول��ة تس��ير بعقلي��ة العس��كر وأصبحت‬ ‫األم��ور صعبه فكل من عم��ل مع المملكة‬ ‫أصبح غير مرغ��وب فيه رغم أن المملكة‬ ‫لم تكن لديها لجان ثوريه أو أجهزه تصفية‬ ‫فقد كان��ت دوله مدنيه ب��كل ماتعنيه الكلمة‬ ‫وكل م��ن كان يتولي مس��ؤولية كان يعمل‬ ‫موظف لدي الدولة ولكن االنقالبيين كانوا‬ ‫يتوجسون وينزعجون من الكادر الموجود‬ ‫ليس بسبب الوالء للملكية ولكن ألنهم كانوا‬ ‫األفضل واألكثر علم��ا وخبره وكان ذلك‬ ‫يسبب لهم اإلحراج فكيف يقودوا هم البالد‬ ‫وهناك من هو أفضل منهم في دوائر الدولة‬ ‫لذلك أثرت االبتعاد واخترت التقاعد مبكرا‬ ‫وذلك سنة ‪ 1971‬وتفرغت منذ ذلك الوقت‬ ‫إلي العمل التطوعي والبحث والتأليف‬ ‫ثورة ‪ 17‬فبراير‬ ‫سألته هل توقعت أن تحدث ثورة شعبيه في‬ ‫ليبيا فأجاب قائالً‬ ‫اس��مع أي شعب لديه شباب يتعلمون داخل‬ ‫البالد وخارجه��ا اليمكنهم أن يقبلوا بالظلم‬ ‫فالش��باب ه��م ركي��زة المجتم��ع وم��ادام‬ ‫هناك ش��باب يتابع ويتحرك ويحلم خاصة‬ ‫أم��ام وس��ائل االتص��ال الحديث��ة أصب��ح‬ ‫م��ن الض��روري أن تحدث ه��ذه الركيزة‬ ‫ثورة؛عندها انطلق ص��وت األذان مرتفعا‬ ‫لننه��ي اللق��اء حيث تركت األس��تاذ احمد‬ ‫الغزوان��ي الرج��ل الذي عاص��ر مراحل‬ ‫والدة دولة ليبيا الحديثة منذ نهاية االحتالل‬ ‫االيطال��ي م��روراً ب��اإلدارة البريطاني��ة‬ ‫وفرحة إعالن االس��تقالل ومفاجأة انقالب‬ ‫سبتمبر وصوالً لثورة ‪ 17‬فبراير انه بحق‬ ‫رجل من زمن االستقالل‬


‫‪12‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬ ‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫ُ‬ ‫أدراج الوهم !‬ ‫ِشعر ‪ :‬عبدالوهاب قرينقو‬ ‫أنت‬ ‫‪ -‬مقهور ٌ َ‬

‫وأحالمكُم‬ ‫ُ‬

‫ك في امل ُ ِد ِن الصابِرة ‪.‬‬ ‫لِوح ِد َ‬

‫الظالل ‪..‬‬ ‫تسترخي في ِ‬ ‫لِوح ِدكُم‬

‫‪ -‬منسي ٌة َهذي امل ُ ُدن ُ‬

‫قليلو َن كاملا ِء النادِرِ‬

‫نالك في األقاصي متضي احلياةُ ! ‪.‬‬ ‫وه َ‬ ‫ُ‬

‫كأبطال « ماكاندو * « ‪.‬‬ ‫معزولو َن‬ ‫ِ‬ ‫لِوح ِدكُم‬

‫ ( ال أحدٌ في حاج ٍة إليكُم ) ‪،‬‬‫الوهم وأضاف ‪:‬‬ ‫قال‬ ‫ُ‬ ‫نالك‬ ‫فه َ‬ ‫‪ُ ...‬‬

‫والقبلي معا ً ‪..‬‬ ‫رياح‬ ‫الشمال ِ‬ ‫تذروكُم ُ‬ ‫ِ‬ ‫لن يرونكُم إال حني َ تُسافِرون ! ‪،‬‬ ‫ح ُبك ُ​ُم اجلميع ! ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫في ِ‬ ‫تصلو َن ُ‬

‫في الشواطي ِء اخلالب ِة‬

‫ُ‬ ‫الضيوف املُهذ َبون ‪:‬‬ ‫عاملُ بِهِ‬ ‫كأحسن ما ي ُ َ‬ ‫ِ‬

‫في امل ُ ُد ِن املُضيئ ِة‬

‫يصفُ َنكُم بالطيبني فتفرحون ‪،‬‬ ‫ِ‬

‫واألبراج واجلِبال ‪،‬‬ ‫والسهول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫باخللق واملبا ِهج ‪،‬‬ ‫تع ُّج‬ ‫ال ُدنيا ُ‬ ‫ِ‬

‫نفسي‬ ‫ب‬ ‫تكمشو َن أولَ َم َ‬ ‫ِ‬ ‫كس ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫جيوب ال ِرضا‬ ‫تضعون َ ُه في‬ ‫ِ‬

‫ت‬ ‫بِ ُ‬ ‫الطغا ِة وبالثورا ِ‬

‫العزل ِة‬ ‫تق ِفلو َن إلى واحا ِ‬ ‫ت الصم ِ‬ ‫ت‪ُ /‬‬

‫ورمل‬ ‫فابق َ َ‬ ‫خل ٍ‬ ‫أنت بني َ ن َ ٍ‬

‫أدراج اخليب ِة‬ ‫عبر‬ ‫ِ‬

‫ت قي َد االجنازِ ‪ /‬االكتِمال ‪.‬‬ ‫وبلدا ٍ‬

‫را ِجعني َ‬

‫ضن االنتظارِ األبدي الدافيءْ ! ‪،‬‬ ‫إلى ُح ِ‬ ‫‪ ( -‬في كُلِّ العهودِ‬

‫السراب‬ ‫أحالم‬ ‫إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ت إليكُم ! )‬ ‫‪ . . .‬ال يُلتفَ ُ‬

‫زم ِن ‪..‬‬ ‫ك الك َ​َس ِل امل ُ ِ‬ ‫على آرائِ ِ‬

‫وأسهب ‪:‬‬ ‫الوهم‬ ‫صر َ َخ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫‪ . . . . . . . . . .‬ال َمناص ! ‪..‬‬

‫مع أنَّ‬

‫عكس الشمال ‪،‬‬ ‫فأن ُتم لس ُتم‬ ‫َ‬

‫البالدِ‬ ‫ما تبقى من كن ِز ِ‬

‫الهامش ‪..‬‬ ‫رديف‬ ‫بل َ‬ ‫ِ‬

‫أقدامكُم ‪.‬‬ ‫يعوم متاما ً حتت‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬

‫‪ . . . .‬الهامش ‪...‬‬ ‫‪ . .‬الهامش ‪..‬‬

‫‪ -‬ال أح َد في حاج ٍة إليكُم ‪،‬‬

‫احلَضيض ‪.‬‬

‫ك و َ ْه ٍم‬ ‫تعيشو َن في ممالِ َ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كأنَّ الكوا ِك َب حو َلكُم تدور ‪.‬‬

‫للنسيان في رواي ِة « مائة عام من‬ ‫* ماكاندو ‪ :‬بلدةٌ بطل ٌة‬ ‫ِ‬ ‫العزلة «‬ ‫ُ‬ ‫للكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز ‪.‬‬

‫‪ -‬مندهشو َن دائِما ً‬

‫رسم عبدالرمحن فهمي ربيع‬ ‫‪ 6‬سنوات‬


‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬ ‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫‪13‬‬


‫‪14‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫ادب السجون ‪ :‬ابداع السجون ‪ ..‬وسجون االبداع‬ ‫عبد السالم الزغييب‬ ‫"الج�لاد لم يول��د من الجدار‪ .‬ول��م يهبط من الفض��اء‪ .‬نحن الذين‬ ‫خلقناه‪ ،‬كما خلق اإلنس��ان القديم آلهت��ه‪ ،‬ثم بدأنا نخاف منه إلى أن‬ ‫وصلن��ا إلى االمتثال والطاعة والرضا‪ ،‬وأخيرا إلى التس��ليم "‪- .‬‬ ‫عبد الرحمن منيف‬ ‫يش��كل الس��جن واالعتقال تيمة بارزة في االدب العربي الحديث‪،‬‬ ‫سواء منه المكتوب بلغة الضاد أو بغيرها من اللغات‪ .‬وقد كان ذلك‬ ‫انعكاسا للظروف السياسية التي عاشها العالم العربي‪ ،‬في القرنين‬ ‫األخيرين‪ ،‬والمتمثلة أساسا في خضوعه لالستعمار األوربي الذي‬ ‫ف��رض هيمنت��ه بالحديد والنار‪ ،‬ولم يتردد ف��ي مواجهة كل دعوة‬ ‫إلى االنعتاق واالس��تقالل بالتقتيل الوحش��ي واالغتيال واالعتقال‬ ‫والنفي‪...‬‬ ‫ول��م يكن غريب��ا أن نجد كثيرا من المثقفي��ن الذين اختاروا طريق‬ ‫النض��ال والمقاومة يتعرضون للتنكيل والقمع‪ ،‬ويعيش��ون تجربة‬ ‫الس��جن الرهيب��ة‪ ،‬تجربة صوروا بعض مظاهره��ا في إبداعاتهم‬ ‫األدبية‪.‬‬ ‫وبع��د اس��تقالل معظم ال��دول العربية‪ ،‬ونش��وء الدول��ة الحديثة‪،‬‬ ‫س��يصاب معظ��م المثقفي��ن الذي��ن ناضل��وا م��ن أجل االس��تقالل‬ ‫واالنعتاق بالخيبة واإلحباط‪ ،‬الس��يما حين لمسوا بأن هذه الكيانات‬ ‫السياس��ية الناش��ئة أبعد ما تكون عن تحقيق طموحات الش��عوب‪،‬‬ ‫وحلمه��م بالحرية والديمقراطية والمس��اواة‪ ...‬وهكذا وجد المثقف‬ ‫العربي نفس��ه من جديد في مواجهة االس��تبداد والطغيان‪ ،‬معرضا‬ ‫لمختل��ف التجاوزات من اختطاف وتعذيب ف��ي المعتقالت العلنية‬ ‫والس��رية‪ ،‬ومحاكمات صورية تنتفي فيها أبسط شروط المحاكمة‬ ‫العادلة‪...‬‬ ‫وأم��ام ضراوة اآلل��ة القمعية وجبروتها‪ ،‬لم يك��ن أمام المثقف من‬ ‫وس��يلة للمقاومة غير اإلبداع والكتابة‪ .‬هكذا ظهرت مجموعة من‬ ‫الكتاب��ات التي تناول��ت التجربة المريرة التي عاش��ها المبدعون‪،‬‬ ‫أو كانوا ش��هودا عليه��ا‪ ،‬في مختلف فنون القول المخيّل كالش��عر‬ ‫والقص��ة والرواية‪ ...‬أو غير المخيل من مذكرات ومراس�لات‪...‬‬ ‫إل��ى حد أصبح معه بعض نقاد األدب ومؤرخيه يتحدثون عن هذه‬ ‫الكتابات باعتبارها لونا أدبيا متميزا تحت اس��م "أدب السجون" أو‬ ‫"أدب االعتقال"‪.‬‬ ‫•المسرح سيئ الحظ‬ ‫وكان طبيعيا أن يكون حظ المسرح من هذه الكتابات ضئيال مقارنة‬ ‫باألنواع األخرى؛ وهو أمر مرتبط بطبيعة هذا الفن وخصوصيته‪.‬‬ ‫ذلك أن الفن المسرحي –كما هو معلوم‪ -‬فن جماعي واجتماعي‪ ،‬ال‬ ‫يزده��ر إال في ظل نظام ديمقراطي يكفل للمواطنين حرية التعبير‬ ‫وال��رأي والتجمهر‪ ،‬وهي الحريات التي كان��ت مهدورة‪ .‬وبما أن‬ ‫ه ّم المبدع كان هو تصوي��ر معاناته‪ ،‬والتواصل مع جمهوره‪ ،‬فقد‬ ‫كان طبيعيا أن يراهن على أش��كال للتعبير كانت أقدر على مخاتلة‬ ‫الرقاب��ة‪ ،‬واإلفالت م��ن قبضته��ا الحديدية‪ ،‬مثل الش��عر والقصة‬ ‫والرواية‪ ...‬وبذلك كانت الكتابات في هذه الفنون أوفر‪.‬‬ ‫وتعتب��ر تجرب��ة االدباء ممن قضوا في الس��جن فترات من الزمن‬ ‫مث��ار اهتمام ومحطة مميزة في رحلة االبداع االدبي ككل ان كان‬ ‫في كتابة الشعر او القصة و يقول الروائي االلماني هارمن هسه"‬ ‫حقا ال يعد حكيما من ال يعرف الظالم " نعم وانت في هذا المكان‬ ‫المغلق س��تكون اف��كارك اش��به بالمفاتيح التي س��تفتح بها مغاليق‬ ‫الظلم��ات جنونا تماما كمايه��در البحر في االصداف التي خرجت‬ ‫من��ه‪ ".‬اما االديب والمس��رحي محمد الماغوط فقد وصف تجربته‬ ‫في السجن بقوله‪:‬‬ ‫"عندما أتعب أضع رأسي على كتف قاسيون وأستريح لكن عندما‬ ‫يتعب قاسيون على كتف َمن يضع رأسه"‪.‬‬ ‫وتنتم��ي "رواي��ة أعجام" للروائ��ي العراقي س��نان انطون (دار‬ ‫اآلداب ـ بي��روت) ال��ي ادب الس��جون ف��ي العال��م العربي‪ .‬وهو‬ ‫ادب يحتل اليوم مس��احة كبري في المش��هد األدبي‪ ،‬ويلعب دورا‬ ‫مزدوجاً‪ .‬انه ش��هادة علي واقع محاصر بالديكتاتورية التي تسحق‬ ‫االنس��ان من جهة‪ ،‬وهو مختبر لألس��اليب األدبية الجديدة‪ ،‬ولقدرة‬ ‫الفن علي تحويل مقاومة الموت شكال للدفاع عن قدرة الحياة علي‬ ‫التجدد‪ ،‬من جهة اخري‪.‬تشترك هذه الرواية مع السمتين الرئيستين‬ ‫ألدب السجون‪ :‬الكتابة والذاكرة المشوشة‪.‬‬

‫•السجين ينتصر‬ ‫يقاوم الس��جين عبر كتاب��ة التجربة في حاضرها‪ .‬الس��جين يكتب‬ ‫يوميات��ه‪ ،‬او يحلم بالكتابة‪ ،‬او يعيش كي يكتب‪ .‬كأن مقاومة عري‬ ‫ال��روح الذي يصنعه التعذيب الوحش��ي ال تغطيه س��وي الكلمات‪.‬‬ ‫يحتمل الس��جين التجرب��ة الصعبة ألنه متيقن انه س��ينتصر عليها‬ ‫بالكلم��ات‪ ،‬يعيش��ها ككتاب مفت��وح‪ ،‬ويكتبها كحي��اة مؤجلة‪ .‬وفي‬ ‫داخ��ل العالقة بين وعدي الحرية والكتابة‪ ،‬يولد ادب يجدد األدب‪،‬‬ ‫وكتابة تنتصر علي القمع بحلم الحرية‪.‬‬

‫لكن الكتابة تس��تحضر الماضي وما يقع خارج اسوار السجن كي‬ ‫تصن��ع األم��ل و لكي تعلـــن للق��ارئ الذي لم يع��ش التجربة‪ ،‬انه‬ ‫عاش��ها من دون ان يدري‪ ،‬ألن الديكتاتور حوّل البالد كلها سجنا‪.‬‬ ‫والماض��ي ال يحضر اال مش��وش الس��ياق‪ ،‬وفـــي هذا التش��وش‬ ‫يكش��ف لنا ادب السجن كم ان س��ياق الحياة العربية صار مشوشا‬ ‫وب�لا منط��ق‪ .‬البطريرك العربي يح��وّل خريفه الدائ��م جنونا بال‬

‫شريف حتاتة‬

‫عبدالرحمن منيف‬

‫حدود‪ ،‬جاعال من وسائل االعالم والشوارع مرايا لتصنيم الحاضر‬ ‫وتحنيطه‪.‬فالكتاب��ة والذاكرة صنعتا تجرب��ة ادبية كبري في االدب‬ ‫العرب��ي م��ا بعد الكولونيال��ي‪ .‬بحيث صار ادب الس��جون‪ ،‬احدي‬ ‫س��مات الرواية ما بعد المحفوظية‪ ،‬بحسب ادوارد سعيد‪،‬وصارت‬ ‫مقاومة القمع بالرواية والشعر عالمة ثقافية‪.‬‬ ‫اعجام سنان انطون جزء من سياق صنعته اعمال صنع هللا ابراهيم‬ ‫وعبدالرحمن منيف وفاضل العزاوي وفرج بيرقدار وآخرين‪ ،‬انه‬ ‫ادب يمزج الصراخ بالهذيان‪ ،‬مستكشفا الواقع من متنه‪.‬‬ ‫•أدب السجون متن األدب العربي !‬ ‫لقد تحول ادب الس��جون ف��ي الثقافة العربية متنا‪ ،‬ألن الس��جن لم‬ ‫يعد هامش��ا‪ ،‬بل صار ه��و المتن االجتماعي والسياس��ي‪ .‬ولم يعد‬ ‫تقديم تجربة الس��جن في وصفه هامش��ا يكشف المركز مجدية‪ .‬لذا‬ ‫جعل الروائيون الكتابة والذاكرة هامشا جديدا يسمح لهم بالوصول‬

‫‪ 1‬من ‪3‬‬ ‫ال��ي م��ا يقع خلف قش��رة تجربة الس��جن‪ ،‬الي المعاناة االنس��انية‬ ‫الكبري التي تجعل من الثقافة الملجأ األخير للمواطن العربي الذي‬ ‫صودرت مواطنيته وحرم من حقه في الحرية‪.‬‬ ‫اما رواية (االن هنا او ش��رق المتوسط مرة اخرى ) ‪ ،‬فهي عملية‬ ‫فضح‪ ،‬قد التكون االولى من نوعها‪ ،‬لكنها تساهم في تعرية االنظمة‬ ‫العربية الديكتاتورية وغيرها خاصة في السجون والمعتقالت ومن‬ ‫طريقة اخذ االعترافات وضروب التعذيب‪ ..‬لسلب المواطن القدرة‬ ‫على النخيل والحلم ولو في قرارة نفس��ه‪ ..‬ويس��تمد هذا النوع من‬ ‫االدب اهميته‪ ،‬من خالل معالجته اموراً شكلت في ضمير الشعوب‬ ‫هاجس��ا ً الينطفئ مادام الس��جن قائما ً ‪ ،‬وم��ادام التطلع الى الحرية‬ ‫الت��ي يراها المقموعون من خلف القضبان امنية لهم وحفاظا ً على‬ ‫عروش الحكام ومخادعهم‪.‬ففي ه��ذه الرواية يوغل( عبد الرحمن‬ ‫منيف) في تشريح( البنية السيكولوجية للسجين والسجان معاً‪..‬‬ ‫فهو يرمي من ذلك الى تصوير الجدران الفاصلة بين ما اكتس��بته‬ ‫النظ��م م��ن جراء تعاق��ب الزمن من س��لطة وجب��روت‪ ،‬وفوارق‬ ‫بي��ن س��ادة وعبيد‪ ..‬وعجز ذات��ي عن مواجهة مايحص��ل ‪ ..‬وبين‬ ‫ماينتف��ض ف��ي اذهان الكثير‪ ،‬تعرف كيف تحل��م بغد افضل لكنها‬ ‫التملك من وس��ائل لترجمة هذا الحلم سوى حماسة عارمة وافكار‬ ‫وتنظي��ر وثرثرة‪ .‬وهذا ماجعل الكثير م��ن االنظمة عندنا التغادر‬ ‫س��دة الحكم االبتحريض ودع��م دولي‪..‬وعلى الرغ��م من اعتماده‬ ‫صيغ��ة المخاطب في الرواية‪ ،‬فان عب��د الرحمن منيف المتواري‬ ‫خلف قضبان الس��جن مولود ف��ي صدور الذي��ن خارجه‪ ..‬ينطلق‬ ‫بالس��نة الصامتين ‪ ..‬ويتحدث بالس��نة الذين يتحدثون‪ ،‬ولكن يعجز‬ ‫عن ايصال الرس��الة‪ ..‬كأنه المتحدث الرسمي بأسم المتطلعين الى‬ ‫الحرية‪ ..‬وبرغم انه وفي سياق الرواية اسقط الكثير من التفاصيل‪،‬‬ ‫فان ما اورده منها يهدم اكثر من باستيل في بلدان الشرق االوسط‪.‬‬ ‫ان م��ا تكش��فه الرواية وتعري��ه‪ ،‬هو اليأس من تغيي��ر ما اصطلح‬ ‫على تس��ميته( اوضاع قائمة)‪ ،‬على الرغم من النقمة الجادة عليها‬ ‫ف��ي اكث��ر من بل��د‪ ..‬فالرواية تبدأ به��ذه العبارة‪ (:‬حي��ن بدأ موتي‬ ‫وش��يكا اطلقوا س��راحي ) فهل يس��تطيع من يوش��ك ان يموت ان‬ ‫يفعل ش��يئاً‪..‬؟ قد يثير هذا التس��اؤل جداالً واسعاً‪ ،‬لكن المناخ العام‬ ‫ف��ي الرواية‪ ،‬ينطوي على ب��ذور فعل ايمان جديد‪ ،‬قد التنبت على‬ ‫المدى المنظور‪ ..,‬فكل الثورات تبدأ بفكرة‪ ..‬وخالصة هذه الرواية‬ ‫ه��ي الفكرة ‪ ..‬ولم تحتجب الطقوس ف��ي ثنايا الروايا االضاءات‬ ‫المرهفة المنبثقة من مرارة التعذيب‪ ..‬فرفاق الس��جن الذين ماتوا‪،‬‬ ‫او الذي��ن خرج��وا مرضى‪ ..‬او مش��وهون‪ ..‬او الذين طبعت على‬ ‫اجسادهم بصمات السراديب‪ ..‬هؤالء حولتهم ريشة( عبد الرحمن‬ ‫منيف)الى منارات‪ ..‬ولو صغيرة ولكنها تدفع بالذين خارج السجن‬ ‫الى تسلق جدرانه‪ ،‬ليعرفوا الثمن الذي دفع من اجل بقاء حريتهم‪..‬‬ ‫(احمل الس��جن معي اينما ذهبت ‪ ..‬ويبدو انني لن استطيع التخلي‬ ‫عن��ه) (ص‪ )13‬توجز هذه العبارة الرواي��ة كلها‪ ..‬واذا كان( عبد‬ ‫الرحمن منيف‪ ،‬روى ماعايش وماس��مع‪ .‬وماناله من عذاب وقهر‬ ‫وحرم��ان‪ ..‬فانه يترك للمخيالت مهم��ة المراجعة والبحث وادانة‬ ‫ماحصل وماسوف يحصل‪..‬‬ ‫وف��ي كتابه تجربتى فى كتابة الس��يرة الذاتي��ة "النوافذ المفتوحة"‬ ‫(ثالثة أجزاء) يقول الكاتب‪-‬الطبيب ش��ريف حتاتة ‪:‬س��نى يقترب‬ ‫اآلن من خمس��ة وسبعين س��نة‪ .‬لكنى لم ابدأ الكتابة األدبية إال منذ‬ ‫ثالثي��ن س��نة‪ ،‬عندما تجاوز عم��رى الثالث واألربعي��ن‪ .‬قبل ذلك‬ ‫كنت منهمكا فى النضال السياسى‪ ،‬منضما إلى حركة يسارية كان‬ ‫اسمها "الحركة الديمقراطية للتحرر الوطنى"‪.‬‬ ‫حتى ذلك السن رغم حبى لألدب‪ ،‬وقراءاتى المستمرة فيه‪ ،‬لم اكتب‬ ‫أدب��ا‪ .‬أول رواية كتبتها كان��ت بعد زواجى م��ن الكاتبة الروائية‪،‬‬ ‫والمناضلة من أجل حقوق المرأة‪ ،‬نوال الس��عداوى‪ .‬أصرت أننى‬ ‫فنان أس��تطيع أن اكتب أدبا وش��جعتنى حتى دخلت أول تجربة فى‬ ‫هذا المجال‪ .‬كانت هذه الرواية من وحى السنين التى قضيتها متنقال‬ ‫بين سجون الوطن‪ ،‬من وحى سجن "قرى ميدان" (سجن مصر)‪،‬‬ ‫والسجن الحربى‪ ،‬وليمان طره‪ ،‬والواحات‪ ،‬والمحاريق فى جنوب‬ ‫الصحراء الغربية‪ .‬تحكى عن جيل من اليس��اريين وحياتهم‪ ،‬كيف‬ ‫واجهوا تجربة السجن واجتازوها‪ ،‬وكيف انهار بعضهم ولماذا؟‪.‬‬


‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫‪15‬‬

‫رؤية “الصادق النيهوم” للعالقات الليبية املصرية القدمية‬ ‫الناجي احلربي‬ ‫ترك��زت اهتمام��ات الباحثي��ن لدراس��ة التاريخ الليبيي��ن والمصريي��ن نج��ده قد نٌق��ش على أحد‬ ‫الليب��ي القدي��م خاصّة فيم��ا يتعلق بتأث��ر منطقة وجهي مقبض عاجي لس��كين عث��ر عليه بجبل‬ ‫ش��مال أفريقيا وتأثيرها في األم��م القديمة دونما العرك��ي تجاه نجع حمادي بالصحراء الش��رقية‬ ‫االلتفات إل��ى بعض النقاط والحقائ��ق التاريخيَّة يعود تاريخه إلى األلف الرابع ق‪.‬م‪.‬‬ ‫وش��به التاريخية التي م��ازال يكتنفها الغموض‪ ،‬أم��ا ف��ي ما يتعلق ب��ان الص��راع كان بين أناس‬ ‫وال تزال مبهمة وتحتاج إلى تناولها بحثا ً وتفكيرًا يملكون الماء وآخري��ن ال يملكونه ‪ ،‬فإن جداول‬ ‫ومقارن��ة ‪ ،‬ومنه��ا العالق��ات الليبي��ة المصرية الغنائ��م الت��ي ذكره��ا الفراعنة تدل بم��ا ال يدع‬ ‫القديم��ة قبل مجيء اإلغريق إلى ليبيا‪ ،‬أي الفترة مجاالً للش��ك عل��ى أن أرض الليبيين كانت على‬ ‫المقابلة للعصر الفرعوني‪ ،‬التي تناولها الصادق ق��در وافر من الخيرات لدرجة أنّها ال تحتاج إلى‬ ‫النيهوم ضمن اهتمامات��ه بالمجتمع الليبي خالل اإلغ��ارة على أرض المصريين من أجل الماء‪..‬‬ ‫بحثه في التاريخ متكئ��ا ً على ديمغرافية التجاور حيث كان لموق��ع ليبيا الجغرافي األثر البالغ في‬ ‫ووصف��ه للح��روب الت��ي دارت بي��ن الليبيي��ن تكييف تاريخها‪ ،‬فهي تتوسط شمال قارة أفريقيا‪،‬‬ ‫والمصريين ‪ ،‬موضح��ا ً ّ‬ ‫أن التاريخ الليبي ُكتب وتمتد على ش��واطئ البحر المتوسط حتى مسافة‬ ‫بعي��دة ف��ي الداخ��ل ما جعله��ا عل��ى اتصال مع‬ ‫من وجهة نظر ظالمة‪..‬‬ ‫وأكد ذلك في مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة جناح��ي القارة وأواس��طها‪ ،‬األمر ال��ذي هيأ لها‬ ‫األس��بوع الثقاف��ي ف��ي عددها الص��ادر يوم ‪ / 1‬االتصال م��ع أعرق الحض��ارات القديمة؛وبهذا‬ ‫أغس��طس‪ 1978/‬حيث قال (( ‪ ...‬يصف الكتاب ل��م تكن منعزل��ة عن البيئ��ات المحيط��ة بها بل‬ ‫األول من سلسلة تاريخنا الحرب التي دارت بين تواصل��ت حضاريا ً واقتصاديا ً وسياس��يا ً ‪ .‬والبد‬

‫الليبيي��ن وبي��ن المصريين على أنه��ا حرب بين‬ ‫دولتي��ن‪ ..‬وهذا ح��دث في الق��رن األول والقرن‬ ‫الثان��ي قب��ل الميالد‪ ..‬على أس��اس أنّه��ا معارك‬ ‫حربي��ة‪ ..‬لكن في حقيقة األم��ر‪ ،‬إن هذه الحرب‬ ‫ه��ي نوع من الص��راع بين ن��اس يملكون الماء‬ ‫ون��اس ال يملكون��ه‪ ..‬ولم تكن الح��رب بين ليبيا‬ ‫ومص��ر‪ ..‬أي بين دولة ودول��ة‪ ..‬بل هو صراع‬ ‫بين أول دولة قامت في التاريخ في مصر‪ ..‬دولة‬ ‫منظمة محدودة حدودها وبين النظام القبلي الذي‬ ‫كان سائداً في ليبيا آنذاك‪)) ...‬‬ ‫لك��ن التاريخ يُخبرنا ّ‬ ‫أن الصراع لم يكن من أجل‬ ‫الماء كما أوضح "الص��ادق النيهوم" في مجمل‬ ‫ط��رح أفكاره عن ه��ذه الحقب��ة‪ ..‬بالرغم من أن‬ ‫مصادر هذه الفترة عبارة عن أخبار تُمثل وجهة‬ ‫نظ��ر المصريي��ن وقد يك��ون َم ْن كتب��وا تاريخ‬ ‫ليبي��ا اعتمدوا عل��ى ما تروى لهم م��ن أخبار ال‬ ‫تخل��وا من المبالغات‪ ..‬وألنه ل��م يُعثر حتى اآلن‬ ‫عل��ى مخلفات أثريّة تتعلق بتاريخ ليبيا قبل قدوم‬ ‫اإلغريق فإننا سنعتمد على الشواهد األثرية التي‬ ‫تشير إلى الليبيين القدماء‪.‬‬ ‫يذك��ر "الص��ادق النيه��وم" ب��أن الص��راع بين‬ ‫الطرفي��ن جرى في الق��رن األول والقرن الثاني‬ ‫قب��ل الميالد لكن أول إش��ارة إل��ى الصدام بين‬

‫أن يكون لهذا التواصل عالقات وصالت تختلف‬ ‫وتتباين من حين آلخ��ر‪ .‬وقد يؤدي التجاور إلى‬ ‫صراعات دامية‪ ،‬أو وشائج ودية‪.‬‬ ‫كما ّ‬ ‫أن اإلغريق قسموا العالم إلى ثالث قارات‪،‬‬ ‫وهي أوربا وآس��يا وليبي��ا واعتبروا مصر هي‬ ‫الدلت��ا وأن نهر النيل هو الحد الفاصل بين آس��يا‬ ‫وليبيا وأن الس��احل الش��مالي لقارة ليبيا يبدأ من‬ ‫حيث تنته��ي مصر حتى رأس س��ولوجوس في‬ ‫المغرب‪ ،‬وظل اس��م ليبيا أم��داً طويالً على نحو‬ ‫م��ا عرفه اإلغريق‪ ،‬ولكن منذ القرن الثاني ق‪ .‬م‬ ‫بدأ اس��م أفريقيا في الظهور حتى أطلقه الرومان‬ ‫على المناطق التي خضعت لس��لطانهم إذ عندما‬ ‫دم��ر الروم��ان قرطاجة س��نة ‪ 146‬ق‪.‬م أطلقوا‬ ‫عل��ى المناط��ق التي اس��تولوا عليها اس��م والية‬ ‫أفريقيا وقد أُشتق هذا اللفظ من اسم إحدى القبائل‬ ‫البربري��ة التي تدعى قبيلة ( أف��ري ) في تونس‬ ‫()‪.‬‬ ‫ه��ذا وق��د س��اعد الليبيين عل��ى كث��رة هجماتهم‬ ‫وإغارته��م عل��ى مص��ر االضطراب الس��كاني‬ ‫ال��ذي أصاب أوربا وأس��فر عن تدافع الش��عوب‬ ‫األوربية ونزول عدد منها في الشمال اإلغريقي‬ ‫حيث ب��دأت تضغط على الليبيين ناحية الش��رق‬ ‫إذ تُش��ير أغلب المصادر المصرية نفس��ها إلى‬

‫تحالف هذه الش��عوب مع الليبيين في غزو مصر‬ ‫م��ا ح��دا بالمصريين إل��ى مقاومة ه��ذا الزحف‬ ‫بشن حمالت رادعة وإقامة سلسلة من الحصون‬ ‫لوقف زحف الليبيين وحلفائهم األوربيين‪.‬‬ ‫ويؤك��د الصادق النيه��وم ذلك في كتابه سلس��لة‬ ‫تاريخن��ا الجزء األول حيث يق��ول ‪...(( :‬ظلت‬ ‫س��فن المهاجرين من الش��مال تتوارد على ليبيا‬ ‫والمغ��رب ط��وال األلف الثانية قب��ل الميالد في‬ ‫قوافل صغيرة متفرقة ما لبثت أن تصاعدت فجأة‬ ‫وأتس��ع مدها حتى تحولت إلى غزوات عسكرية‬ ‫شاملة في القرن الثالث عشر قبل الميالد‪ ..‬وبذلك‬ ‫وق��ع س��كان الش��مال اإلفريقي بي��ن مطرقتين‪:‬‬ ‫الصحراء القاحلة في الجنوب‪ ،‬وش��عوب البحر‬ ‫في الش��مال‪ ،‬وقد اتفقوا سنوات طويلة شاقة جداً‬ ‫قبل أن يجدوا منفذاً من الفخ المحكم‪.‬‬ ‫الجف��اف يدم��ر أرضه��م ويزحف م��ن الجنوب‬ ‫وشعوب البحر تتدفق في غزوات أكثر دماراً من‬ ‫الشمال والغرب‪ ،‬والمنفذ الوحيد المفتوح أمامهم‬ ‫هو الطريق إلى الشرق‪ ،‬لكن مشكلة هذا الطريق‬ ‫أنه يؤدي إلى مصر التي كانت قد أصبحت وحدة‬ ‫سياس��يّة تديرها حكومة منظمة ال تعين حدودها‬ ‫الجغرافية فحس��ب بل تدافع عنها بخط منيع من‬ ‫القالع والحصون والجيوش النظامية‪))..‬‬ ‫ويظه��ر هذا ال��رأي واضح��ا ً ف��ي المقابلة التي‬ ‫أش��رنا إليه��ا والت��ي أجرتها صحيفة األس��بوع‬ ‫الثقاف��ي ع��ام ‪ ) ( 1978‬إذ أورد ‪ّ (( :‬‬ ‫إن القبائل‬ ‫الليبي��ة ال تزح��ف على مصر بحث��ا ً على نصر‬ ‫عس��كري بل عن الماء والعش��ب ‪ ..‬أنها تريد أن‬ ‫تنقذ عيالها ومواش��يها من العطش‪ ،‬وإذا تصدى‬ ‫لها الجيش تلتف لقتاله وإذ لم تس��تطع أن تهزمه‬ ‫تلجأ إلى التسلل‪ ،‬ال بد أن تصل إلى مصادر الماء‬ ‫والعش��ب‪ ))..‬غير أن المص��ادر المصريّة التي‬ ‫تُمث��ل الطرف اآلخر تورد وبش��كل مذهل قوائم‬ ‫الغنائم م��ن المواش��ي واألغن��ام والمزروعات‬ ‫بما يؤك��د أن الهدف من مهاجم��ة القبائل الليبية‬ ‫كان وراؤه أس��باب أخ��ر غير الماء والعش��ب‪..‬‬ ‫في حين ي��ورد الصادق النيهوم ف��ي مقابلته مع‬ ‫صحيفة األس��بوع الثقافي قوائم األسرى متناسيا ً‬ ‫قوائم المواشي والمزروعات التي استولى عليها‬ ‫المصري��ون م��ن الليبيي��ن مما ي��دل على وجود‬ ‫الم��اء ف��ي أرض الليبيين‪ ..‬وإلاّ بما نفس��ر كثرة‬ ‫هذه الخيرات‪.‬‬ ‫و قد جاء في " أوديس��ة" الشاعر " هوميروس"‬ ‫في أول إش��ارة إلى ليبي��ا‪ ،‬وباألخص في الفقرة‬ ‫الخامس��ة والثماني��ن م��ن الفصل الراب��ع حديثا ً‬ ‫جرى بين "مين�لاوس" و "تيليماخ��وس" يُلمح‬ ‫فيه تحديداً إلى منطقة الجبل األخضر بأنها غنيّة‬ ‫بموارده��ا الحيواني��ة‪ ،‬وع ّدد مين�لاوس البلدان‬ ‫التي زارها خالل رحلت��ه الطويلة بحثا ً عن أبيه‬ ‫ومنها ليبيا الت��ي تلد فيها النعاج ثالث مرات في‬ ‫الس��نة وهي أرض ال يجوع فيها أحد‪ ..‬وخيراتها‬ ‫كثيرة منها الجبن واللحم واللبن وأن شياهها تُدر‬ ‫لبنا ً من دون توقف‪) ( .‬‬ ‫كما أش��ار هيرودوت��س إلى ثم��ار اللوتس الذي‬ ‫يش��به مذاقه م��ذاق الرط��ب وأن آكل��ي اللوتس‬ ‫ويقصد بهم هنا القبائل التي تقطن عند الس��واحل‬ ‫الغربي��ة من ليبيا يصنعون من ثمار اللوتس نوع‬

‫من الخمر‪.‬‬ ‫كما أن هناك إش��ارة مصرية إلى الليبيين القدماء‬ ‫جاءت بلوحة األسد والعقبان( ) ترجع إلى أواخر‬ ‫عصر ما قبل األسرات بها صور لثيران وحمير‬ ‫وخراف وفي الصف الرابع أسفل اللوحة صور‬ ‫أشجار‪ .‬يُرجح أنها أشجار زيتون‪.‬‬ ‫وتعد هذه اللوحة أول إشارة صريحة للنصوص‬ ‫المصرية ع��ن القبائل الليبية ف��ي عصر ما قبل‬ ‫األس��رات حيث نُقشت عالمة إلى يمين األشجار‬ ‫يظ��ن أنه��ا تعني كلمة " تحن��و" ( ) وهي إحدى‬ ‫القبائل الليبية‪.‬‬ ‫كم��ا امتألت ج��دران معب��د الملك "س��حورع"‬ ‫ومعب��د الملك "ني اوس��رع" بصور الغنائم التي‬ ‫آلت إلى المصريين من التحنو‪) ( .‬‬ ‫فم��ن المحتم��ل أن قبائ��ل المنطقة الممت��دة إلى‬ ‫الغ��رب من مصر رأت أن مص��ر تعاني ضعفا ً‬ ‫في الدولة والجيش أدى إلى تعديها على أمالكها‬ ‫وأراضيها‪.‬‬ ‫ويق��ول الص��ادق النيهوم ف��ي حديث��ه لصحيفة‬ ‫األس��بوع الثقافي‪ :‬لم تكن هناك ف��ي ليبيا دولة‪..‬‬ ‫وأن الح��دود بين الطرفين هي حدود وهمية ولن‬ ‫ت��ؤدي إلى ش��يء إلاّ إل��ى ص��راع‪ ،‬إنها كانت‬ ‫بالنسبة لليبيين أرض هللا أرض الناس‪) ( .‬‬ ‫وف��ي هذا الص��دد فإن األدل��ة التاريخية تؤكد لنا‬ ‫ّ‬ ‫أن القبائ��ل الليبية كانت منظمة وتخضع لس��لطة‬ ‫رئي��س القبيل��ة حت��ى ولو ل��م تنتظم في س��ياق‬ ‫دول��ة مثلها مثل الدول��ة المصريّة‪ ،‬ومنها‪ :‬اتفاق‬ ‫القبائ��ل الليبية على مهاجمة مصر ما يُوحي بأن‬


‫‪16‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫المجموع��ات التي تس��كن إلى الش��رق م��ن ليبيا‬ ‫وإلى الغرب من مصر عبارة عن ش��عب واحد‪..‬‬ ‫ويتضح ذلك من الوثائق المصرية‪.‬‬ ‫كم��ا أن نجاح الزعماء الليبي��ون في جمع القوى‬ ‫المش��تتة من القبائ��ل الهندواوربية المختلفة تحت‬ ‫إمرتهم ومهاجمة مصر في زمن اإلزاحة السكانية‬ ‫وتوجههم إل��ى ليبيا بغرض اإلقام��ة في مواطن‬ ‫جديدة إثر س��قوط كريت على أيدي اآلخيين فيما‬ ‫يعرف بش��عوب البحر‪ ،‬يدل على حسن تنظيمهم‬ ‫وإدراكهم ألسلوب القيادة وأن الدافع للتوجه نحو‬ ‫مصر لي��س من قبيل البحث عن الماء والعش��ب‬ ‫كما يدعي الصادق النيهوم وإنما كان الس��بب في‬ ‫تقديري هو الوصول إلى الس��لطة وهذا يدخل في‬ ‫نطاق طبيعة البش��ر التواقة إلى الهيمنة والتس��لط‬ ‫على اآلخرين‪.‬‬ ‫ومن األدلة التي تُش��ير إلى أن الليبيين قد انتظموا‬ ‫ف��ي قبائ��ل يحكمها قان��ون غير مكت��وب ما جاء‬ ‫في أنش��ودة النص��ر من أن رئي��س الليبو هرب‬ ‫ف��ي جنح الظالم والريش��ة ليس��ت على رأس��ه‪،‬‬ ‫وواض��ح أن المقصود برئيس الليبو هو مري بن‬ ‫دد زعي��م الليب��و الذي كان الغ��رض من هجومه‬ ‫هو االس��تقرار بمصر ( ) وأن للريشة داللة على‬ ‫س��لطة الرئي��س أو الش��يخ أو قائد القبيل��ة‪ ،‬ذلك‬ ‫ّ‬ ‫أن القبائ��ل الليبي��ة كانت تعرف عنص��ر التنظيم‬ ‫والتكتي��ك الحرب��ي‪ ،‬إذ أنه عندم��ا هرب "مرى‬ ‫ب��ن دد" كما تذكر المصادر المصرية‪ ،‬أس��قطته‬ ‫قبيلت��ه وعين��ت أخاه ب��دالً عنه ( ) مم��ا يثبت أن‬ ‫الليبيين يعرفون أسلوب حكم معين تُسقط من تراه‬

‫غير صالح لقيادتها وتُعين البديل حس��ب ما تمليه‬ ‫ظروفهم‪ ،‬باإلضافة إلى مكانتهم المرموقة لدرجة‬ ‫أنّهم تزعموا شعوب البحر القتحام أرض مصر‪،‬‬ ‫على أن البعض يُرجح أن أسباب هجمات الليبيين‬ ‫على مصر كانت بسبب تدخل "رمسيس الثالث"‬ ‫في شؤونهم الداخلية ومساعدته ألحدهم ممن كان‬ ‫يعيش في مصر ليكون حاكما ً عليهم‪) ( .‬‬ ‫ولع��ل االجتي��اح المص��ري لمعس��كر الليبيي��ن‬ ‫وإشعال النيران في خيامه واالستيالء على أمتعة‬ ‫األمي��ر بم��ا فيها عرش��ه ( ) فيه ما ين��م على ّ‬ ‫أن‬ ‫الليبيين يعرفون وينتظمون في سياق قبلي منظم‪.‬‬

‫وتمكن الليبيون تحقيق س��لما ً ما فشلوا في تحقيقه‬ ‫حربا ً بواس��طة تس��للهم إلى الدلتا بأعداد صغيرة‬ ‫واس��تقروا فيه��ا على هيأة جاليات؛ واس��تطاعوا‬ ‫ارتق��اء الع��رش المص��ري ( ) وكان م��ن بي��ن‬ ‫هؤالء أس��رة "يويو واوا" التي عملت في الجيش‬ ‫المص��ري جن��داً مرتزق��ة ووص��ل بعضهم إلى‬ ‫مناص��ب مهمة ف��ي البالط الملك��ي وإلى مراكز‬ ‫القيادة في الجيش وال يس��تبعد أنهم س��اعدوا بني‬ ‫جنس��هم من المش��وش على الحضور إلى مصر‬ ‫واإلقام��ة بها في حاميات الحدود على أقل تقدير‪،‬‬ ‫بل أن الجي��ش المصري أصبح ابتدا ًء من عصر‬

‫األس��رة العش��رين مؤلفا ً من الليبيين‪ ،‬وقد منحهم‬ ‫مل��وك مص��ر هب��ات م��ن األرض كأج��ر عن‬ ‫خدماته��م بالجيش‪ ،‬وهكذا اس��تطاعوا أن يكوّنوا‬ ‫ف��ي الب�لاد جالي��ات عس��كرية‪ ،‬وكان يرأس كل‬ ‫حامي��ة رئيس ليبي يحمل لق��ب الرئيس الكبير لـ‬ ‫"ما" وبهذا اندمجوا في المجتمع المصري دونما‬ ‫نس��يان ألس��مائهم الليبي��ة وعاداته��م مثل وضع‬ ‫الريش��تين في ش��عورهم ( ) وبذلك أصبح ألسرة‬ ‫"يويو واوا" ش��أنا ً يذكر في مقاطعة "اهناس��يه"‬ ‫حتى وصل منهم "شيشنق" إلى الحكم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫القول‪:‬إن أغلب النقوش التي عثر عليها في‬ ‫يبق��ى‬ ‫مصر وتتح��دث عن الليبيين أش��ارت وبوضوح‬ ‫إل��ى غنى أراضي الليبيي��ن‪ ،‬بما ورد من األعداد‬ ‫الضخمة لماشيتهم وأنعامهم األمر الذي يدل على‬ ‫أن مواطنه��م كانت وفيرة األعش��اب والمراعي‬ ‫غني��ة بالمي��اه‪ .‬وهك��ذا يتض��ح ب��أن أهدافهم في‬ ‫مصر لم تكن س��عيا ً للرزق بل طلبا ً للس��لطات‪..‬‬ ‫فيم��ا تظل آراء الصادق النيه��وم عن تاريخ ليبيا‬ ‫القدي��م قابل��ة للبح��ث والتمحيص‪ ،‬وهي ليس��ت‬ ‫نهائي��ة لعدم العثور في ليبي��ا على مخلفات أثرية‬ ‫تخ��ص تاريخها المتعلق بالفت��رة المقابلة للعصر‬ ‫الفرعوني‪.‬‬ ‫كم��ا أن سلس��لة تاريخن��ا ال ترقى إلى مس��توى‬ ‫الموس��وعة لع��دم اعتمادها على مص��ادر وإنما‬ ‫تخض��ع آلراء الصادق النيهوم الش��خصيّة‪ ..‬كما‬ ‫انّه م��ن المجحف أن تكون هذه السلس��لة مرجعا ً‬ ‫ذا قيم��ة تاريخي��ة‪ ..‬وم��ن الخط��أ إهم��ال كمية‬ ‫المعلومات الواردة بها‪.‬‬

‫ماذا يعين تسليم السالح يف هذه الفرتة ؟‬ ‫مالك عمر املسالتي‬ ‫قبل الخوض في هذا الس��ؤال الرئيس��ي أريد‬ ‫أن اطرح س��ؤاالً فرعي��ا ً ربما إذا أجاب عليه‬ ‫الق��ارئ الكريم س��وف يحص��ل بالتالي على‬ ‫إجابة الس��ؤال الرئيس��ي بدون حتى أن يُكمل‬ ‫مقالتي هذه ويتمثل السؤال الفرعي في اآلتي‬ ‫‪-:‬‬ ‫الس��ؤال الفرع��ي ‪ :‬ما هي صفات الش��خص‬ ‫الذي سوف يسلم سالحه ؟‬ ‫جواب ‪ 1- :‬هو الشخص الملتزم األمين على‬ ‫ما أؤتمن عليه من س�لاح حيث أنه قد حصل‬ ‫على هذا الس�لاح من الدول��ة وهو من أموال‬ ‫الش��عب الليبي وأخذه لغ��رض تحرير البالد‬ ‫وبالتالي فهو ملزم ش��رعا ً وقانونا ً أن يرجعه‬ ‫إلى مكانه الطبيعي وهي مؤسسات الدولة بعد‬ ‫أن ّ‬ ‫من هللا علينا بالنصر ‪.‬‬ ‫‪ 2‬هو الش��خص الذي يحترم دماء الش��هداء‬‫والذي��ن رووا بدمائه��م الزكية ه��ذه األرض‬ ‫الطاه��رة في س��بيل إعالء كلم��ة هللا وإحقاق‬ ‫الحق لينعم الوطن والمواطن باألمن والحرية‬ ‫الت��ي لن تتأت��ى بوجود هذه األس��لحة خارج‬ ‫نطاق القانون ‪.‬‬ ‫‪ 3‬هو الش��خص الذي يخشى هللا ويتقه وهو‬‫إبن البيتيه وإبن األصول هو اإلنس��ان الشهم‬ ‫ال��ذي حينما أحتاج إلى الس�لاح عرف كيف‬ ‫يحص��ل علي��ه وعندم��ا إنتهت مهمته س��لمه‬ ‫ألهل اإلختصاص أو أنضوى بس�لاحه تحت‬ ‫مؤسس��ات الدولة التي تحم��ي الدين والوطن‬ ‫والمواطن ‪ ،‬هو الش��خص ال��ذي أقتلع جذور‬

‫الظل��م والظالمي��ن وق��ادراً بمش��يئة هللا على‬ ‫محاربة الظلم في أي وقت متى شعر بذلك ‪.‬‬ ‫إضاف��ة إلى كل م��ا تقدم فهو يث��ق ثقة كاملة‬ ‫في قوة األجه��زة األمنية في الوقت الراهن ‪،‬‬ ‫وبعد هذه اإلجابة فإنني أتوجه بس��ؤال فرعي‬ ‫ثان معاكس للفرعي األول يتمثل هذا السؤال‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -:‬من هم األش��خاص الذين سوف لن يسلموا‬ ‫سالحهم في هذه المرحلة ؟ ومن هم الذين لن‬ ‫يسلموا سالحهم أبداً ؟‬ ‫أما بالنس��بة للذين لن يسلموا سالحهم في هذه‬ ‫المرحلة فقط فهما فئتان تتصفان بنفس صفات‬ ‫الذين سوف يسلمون سالحهم طواعية وعلى‬ ‫الفور كما ذكرناها س��ابقا ً غي��ر أنهم في هذه‬ ‫المرحلة تنقصهم الثقة الكاملة في من سيستلم‬ ‫منهم السالح وما ستؤول إليه األمور في قادم‬ ‫األيام وبالتالي فهم يحتفظون بس�لاحهم لحين‬ ‫تتحقق ش��روطهم والتي من أهمها إس��تتباب‬ ‫األم��ن واألمان وضمان نج��اح الثورة وعدم‬ ‫العودة لألي��ام الخوالي من الظلم واإلضطهاد‬ ‫وكبت الحريات ‪.‬‬ ‫أما الفئ��ة الثالثة فهي الفئة الش��اذة وهي التي‬ ‫ال تفكر وال تنوي تس��ليم الس�لاح بتاتا ً وإليكم‬ ‫تفصيل هذه الفئات كما يلي ‪-:‬‬ ‫الفئ��ة األولى ‪ -:‬هذه الفئة لي��س لديها ثقة في‬ ‫الحكومة الحالية وربما حتى القادمة من حيث‬ ‫قدرته��ا على ضب��ط األمن وبالتال��ي يحتفظ‬ ‫هؤالء األش��خاص بأس��لحة خفيف��ة لحمايتهم‬ ‫الشخصية وحماية أسرهم وأموالهم فقط وهم‬

‫أناس عاديون ولكن لديهم أزمة ثقة في توفير‬ ‫األمن من قبل الحكومة بس��بب الفراغ األمني‬ ‫الجزئي وبسبب تراكمات السنين األربعين ‪.‬‬ ‫الفئة الثانية ‪ -:‬هذه الفئة تخش��ى أمرين األول‬ ‫م��رده إل��ى تس��لق المتس��لقين والخش��ية من‬ ‫اإلرتق��اء على دماء الش��هداء وه��ي ال تريد‬ ‫تسليم سالحها حتى تطمئن على عدم مشاركة‬ ‫الفاس��دين م��ن النظام الس��ابق ف��ي الحكومة‬ ‫المرتقب��ة وال مانع لديه��ا بعد أن تطمئن على‬ ‫مس��تقبل هذه الثورة من التسليم أو اإلنضواء‬ ‫تحت مؤسسات الدولة ‪ ،‬واألمر الثاني الخوف‬ ‫من إس��تغالل الطابور الخامس ‪ ،‬هذا التسليم‬ ‫والقي��ام بأعم��ال تخريبي��ة في ح��ال ضعف‬ ‫األجه��زة األمني��ة في هذه المرحل��ة وبالتالي‬ ‫ال مانع لديها من التس��ليم أو اإلنضمام لألمن‬ ‫بع��د اإلطمئنان على األجه��زة األمنية للدولة‬ ‫وقدرتها على حماية الثورة ‪.‬‬ ‫الفئ��ة الثالثة ‪ -:‬وهذه الفئة هي فئة ش��اذه وال‬ ‫ترغب وال تفكر بتاتا ً في تس��ليم السالح مهما‬ ‫كان��ت الظروف ‪ ،‬فهي فئ��ة المجرمين الذين‬ ‫يكوّن��ون العصابات المس��لحة تس��رق وتقتل‬ ‫ألجل الس��رقة وجلب المخ��درات والمتاجرة‬ ‫فيه��ا بق��وة الس�لاح والتهري��ب وغيرها من‬ ‫األعم��ال اإلجرامية األخرى ظن��ا ً منهم أنهم‬ ‫بقوة السالح يستطيعون أن يفعلوا ما يشاؤون‬ ‫فهم ال يخش��ون هللا وال يراع��ون إال وال ذمة‬ ‫وه��ي فئة تفتق��ر إلى أدنى مس��تويات التعليم‬ ‫وبالتال��ي فإنه ال ح��ل مع هذه الفئ��ة إال بقوة‬

‫القان��ون وإعتقاله��م وإنخراطه��م في دورات‬ ‫تأهيلي��ة وإصالحية ليكونوا لبن��ات بناء بدل‬ ‫أن يكون��وا مع��اول لله��دم في ه��ذا المجتمع‬ ‫وتعريفه��م بحقوقه��م وواجباته��م ف��ي ه��ذا‬ ‫المجتمع التي طمست عنهم ألكثر من أربعين‬ ‫سنة ‪.‬‬ ‫وأخيراً نقول أن تس��ليم الس�لاح يخضع لعدد‬ ‫من اإلش��تراطات والمعايير من حيث ضمان‬ ‫األم��ن وتكوي��ن المؤسس��ات الق��ادرة عل��ى‬ ‫إحت��واء هذا الس�لاح وتعزيز ثق��ة المواطن‬ ‫فيها وعليه فإن تس��ليم الس�لاح بدون هذا كله‬ ‫وب��دون إطمئنان المواطن على هذا الس�لاح‬ ‫وثقت��ه في أجه��زة الدولة س��وف يضر أكثر‬ ‫مما ينفع وس��وف تكون الفئ��ة األخيرة وهي‬ ‫فئة المجرمي��ن وفئة الطاب��ور الخامس أكثر‬ ‫المس��تفيدين به��ذا التس��ليم ف��ي ظ��ل ضعف‬ ‫األجه��زة األمني��ة وس��وف يفرح��ون بذل��ك‬ ‫كفرحة الفأر بأهل الدار عندما باعوا القطوس‬ ‫وأشتروا الجبنة ‪.‬‬ ‫وه��ذا المث��ل الش��عبي ه��و الج��واب الكافي‬ ‫للسؤال الرئيس��ي إذا لم تقم الحكومة بواجبها‬ ‫في تقوية األجهزة األمنية بش��كل كافي والتي‬ ‫نأم��ل قيامها بذلك بأس��رع وقت حتى يطمئن‬ ‫الجميع إلى تسليم أسلحتهم وهو آمنون ‪.‬‬


‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫‪17‬‬

‫الدول األكثر سعادة ( و األقل ) سعادة يف العامل‬ ‫تعريب ‪ :‬ا‪.‬د‪.‬مـنـصـور بـن عـامـر‬ ‫"مؤسس��ة" " ليقاتم" قامت بدراسة عالمية لمعرفة‬ ‫الدول األكثر سعادة في العالم و األقل سعادة‬ ‫السؤال ماهي السعادة ؟ هذه المؤسسة إعتمدت على‬ ‫‪ 8‬ش��روط للسعادة بعد دراس��ة لعوامل عدة و لمدة‬ ‫أربعين سنة متتالية ‪.‬‬ ‫حرية األقتصاد‬ ‫حرية التجارة و حرية المبادرة في البالد‬ ‫طريقة الحكم و الديموقراطية و تداول السلطة‬ ‫التعليم المتطور‬ ‫الخدمات الصحية الجيدة‬ ‫األمن و األمان‬ ‫الحرية الشخصية لألفراد‬ ‫رأس المال األجتماعي‬ ‫ث��م نظروا إلى اإلس��تفتاءات المعتم��دة التي أجرت‬ ‫في هذه البالد في الس��نوات األخيرة بخصوص هذه‬ ‫الشروط و مدى موافقة أراء الناس حولها‪.‬‬ ‫وكان��ت النتيجة إخ��راج قائمة لع��دد ‪ 110‬دولة في‬ ‫العال��م يمثلون ‪ 93%‬من س��كان الكره األرضية و‬ ‫‪ 97%‬من ثروات العالم ‪.‬‬ ‫ولق��د وجدوا أن المال وحده ال يكفي لس��عادة الناس‬ ‫كما هوا الحال في الدول الخليجية و إس��تغربوا لما‬ ‫وص��ل عليه حال غان��ا مقارنة بجنوب كوريا حيث‬ ‫كانا في نفس المس��توى اإلقتصادي في الستينيات و‬ ‫األن متوس��ط دخل الفرد في جنوب كوريا ‪39000‬‬ ‫دوالر سنويا ً في حين انه في غانا ال يتجاوز ‪3000‬‬ ‫دوالر ‪.‬‬

‫الدولة األولى في س��لم السعادة هي الدنمارك حيث‬ ‫دخ��ل الفرد يص��ل إل��ى ‪ 59000‬دوالر س��نويا ً و‬ ‫‪ 95%‬من الس��كان س��عداء بحرياته��م و حياتهم و‬ ‫أمنه��م مع انه ‪ 13%‬فقط منه��م متدينون و يذهبون‬ ‫للكنيس��ة و الدول اإلس��كندنافية األخرى و أستراليا‬ ‫و نيوزلنده في العش��ر األوائل و كذلك سويس��را و‬ ‫هولندا و الواليات المتحدة هي العاشرة‪.‬‬ ‫ماهو العامل المشترك بين هذه الدول ؟‬ ‫كله��ا ديمقراطيات إنتخابية و بالطبع الناس س��عداء‬

‫ب��ان لهم الحق في إفراز طريق��ة الحكم في البالد و‬ ‫حرية حركة رأس المال و العمال مع وجود ضمان‬ ‫اجتماعي ممتاز يحفظ للعاطلين عن العمل حقوقهم‪.‬‬ ‫حري��ة التجارة و حرية المبادرة ف��ي البالد مكفولة‬ ‫مع إمكانية بداية مش��روعات تجارية عدة مع كثرة‬ ‫الهوات��ف النقال��ة و األنترنت و فك��رة " أن العمل‬ ‫الج��اد يؤتي ثم��اره و ليس التكاس��ل و قلة العمل "‬ ‫م��ع خدمات صحية راقية و اعلى نس��بة إنفاق على‬ ‫الصحة و نس��بة عالية من التطعيمات و مياه شرب‬

‫نقي��ة و اكل متوفر م��ع طبيعة جميل��ة‪ ....‬مع العلم‬ ‫ان هناك دول إس��تبدادية عديدة ال تس��مح بمثل هذه‬ ‫الدراس��ات مثل كوبا و كوريا الش��مالية و بورما و‬ ‫هناك دول ظروفها الحالية غير مس��تقرة و في حالة‬ ‫حرب و لم تشملها الدراسة و منها ليبيا و أفغانستان‬ ‫و الصومال و العراق‪.‬‬ ‫و لعل النتيجة األكثر إس��تغرابا ً هي ان الهند بالرغم‬ ‫م��ن نجاحاته��ا األقتصادي��ة إال أنه��ا البل��د ‪ 91‬في‬ ‫التسلس��ل و ذلك ألن��ه ال يزال هناك ‪ % 64‬نس��بة‬ ‫األمية و متوسط دخل الفرد ال يتعدى ‪ 3600‬دوالر‬ ‫س��نويا ً و األه��م أن ‪ 21%‬فق��ط من الن��اس يجدون‬ ‫األخرين جديرين بالثقة!‬ ‫و بالرغ��م م��ن أن أوروب��ا تحتف��ظ ب ‪ 14‬من أول‬ ‫‪ 20‬مس��توى إال أن عدد من الدول األوروبية نقص‬ ‫تقديرهم هذه السنة ‪ ,‬فاليونان و إيطاليا نقصوا أربع‬ ‫مراكز و ايرلنده و بلجيكا مركزين‪.‬‬ ‫هذه ليست نهاية المطاف و يمكن ألي دولة أن تتقدم‬ ‫في س��لم الس��عادة بديمقراطية أكثر و حرية أكثر و‬ ‫األعتماد على حركية األش��خاص في حدود القانون‬ ‫و إستعادة الثقة بين المواطنين مع تحسين الخدمات‬ ‫العامة ‪.‬‬ ‫)‪The World`s Happiest ( And Saddest‬‬ ‫‪Countries‬‬ ‫‪By Christopher Helman‬‬

‫زاوية حرة‬

‫خرجت ليبيا تطلب اخلالص من الشر واجلنون ومل تعد بعد!‬ ‫املعانقة والتقبيل‬

‫ميلود منصور سعد‬

‫سليمان عوض الفيتوري‬ ‫م��ن أس��وأ المناظ��ر اليومي��ة ف��ي مقابالتنا‬ ‫الش��خصية ‪ ،‬تلك التي تجسّد المجامالت نفاقا ً‬ ‫ف��ي معظمها ‪ ،‬وعل��ى مضض ال يتورّع عن‬ ‫تقبيلك من ال صلة لك به ‪ ،‬س��وى لقاء عابر ‪،‬‬ ‫أو مناس��بة ‪ ،‬ليجعل المصافحة فاتحة لزفيره‬ ‫‪ ،‬ليهنئ��ك ‪ ،‬أو يواس��يك س��يان ‪ ،‬بقبل��ة على‬ ‫صدغ��ك ‪ ،‬مضايق��ة وإيذا ًء ‪ ،‬ولتبادله نش��راً‬ ‫للع��دوى التي ّ‬ ‫حذر منها الط��ب في بريطانيا‬ ‫وف��ي مصر ‪ ،‬كعادة س��يئة ‪ ،‬تحتاج إلى قرار‬ ‫من منظمة الصحة العالمية ‪ ،‬أسوة بالتدخين ‪.‬‬ ‫وأس��وأ ما في ه��ذه الظاهرة على األطفال‬ ‫الصغار ‪ ،‬من الرجال والنساء ‪ ،‬حتى اعتادوا‬ ‫في ب��راءة تصعي��ر خدوده��م ‪ ،‬وكل ذلك ال‬ ‫يخلو من شبقية من عهد الرضاعة ‪.‬‬

‫وق��د تخلصنا من تقبيل أيدي الفقهاء واألجداد‬ ‫‪ ،‬أما النساء فيتبادلنها بالشم والصوت ‪.‬‬ ‫وم��ن الطريف ‪ :‬أن الرئي��س كلينتون في‬ ‫زيارته لش��رقنا ‪ ،‬طمئنه حراسه بأنه في أمن‬ ‫‪ ،‬إال م��ن جانب واحد عليه ه��و أن يحتاط له‬ ‫‪ ،‬وهو ياس��ر عرف��ات عندما يقابله س��يهجم‬ ‫عليه مرحبا ً بزعانفه ليعانقه ويقبله بش��فاتيره‬ ‫‪ ،‬ولئال يحرجه عليه أن يضغط بشدة على يده‬ ‫حتى يؤلمه ‪ ،‬وفي اللحظة يمد يسراه إلى كتفه‬ ‫ليوقفه ‪ ،‬دون أن يشعر أحد بالموقف ‪.‬‬ ‫وبع��د ‪ ،‬فه��ل من مجيب ‪ ،‬أو م��ن يتّعظ ومن‬ ‫يتص ّدى ‪ ،‬على كل منا أن يربأ بنفسه ‪ ،‬فكلكم‬ ‫راع وكلكم مسئول عن رعيته‬

‫الراع��ي غر‪..‬الدل��و اختف��ت ف��ي الق��اع ‪..‬والدئاب‬ ‫متربصة‬ ‫فمن لها يوم السبع‪ ....‬؟‬ ‫يقال (بأن توصيف المشكلة جزء من الحل)‬ ‫ولس��ان الحال في توصيف ظروفنا هده األيام يقول‬ ‫بأن ‪:‬‬ ‫ الراعي غر اليفقه المكر السياس��ي ‪,‬وغابت عنه‬‫كيفية معالجة دسائس البعض ممن ابتعدوا عن فكرة‬ ‫الدول��ة المدنية الحديثة وتتلبس��هم عقلي��ة المماليك ‪,‬‬ ‫وهادمي النج��وع من العربان ‪,‬ومتوحش��ي كهوف‬ ‫وبراري شمال أفريقيا ‪,‬والتيوقراط المسلحين ‪.‬‬ ‫ الدلو اختفت في غيابات الجب وابتلعتها مياه القاع‬‫المدنس��ة بعقليات مرتادي مالعن الكولسة الكريهة‬ ‫‪,‬وحامل��ي مباخر النفاق مم��ن كان باألمس (بالرفة‬ ‫الش��رقية بخيمة الطاغي��ة )يداهن أدنابه يس��تجدي‬ ‫إعطائياته��م وإكرامياتهم ‪ ,‬واليوم يمارس التس��ول‬ ‫للحص��ول عل��ى (الش��رهة الخليجية ) هات��كآ عفة‬ ‫وكرامة الشعب الليبي ومخيبا ظن أمير قال يوما ان‬

‫يف‬ ‫األسواق‬

‫الشعب الليبي ال يتوسل وال يتسول ‪.‬‬ ‫ الدئاب المتوحشة القابعة بكهوف وبراري وأدغال‬‫أفريقيا وغيرها في الحومة متربصة ‪.....‬فأين المفر‬ ‫‪..........‬ومن لها يوم السبع ؟‬ ‫ه��دا التوصي��ف و ل��ك أن تدلن��ا عل��ى المخرج إن‬ ‫ش��ئت‪........‬وادا رأي��ت ف��ي ه��دا التوصيف تجني‬ ‫فلتعطني معطيات إيجابي��ه أعطيك تفاؤل بال حدود‬ ‫‪!!..............‬‬ ‫يق��ول الكات��ب اللبناني س��مير عط��ا هللا في إحدى‬ ‫مقالته بجريدة الشرق األوس��ط(خرجت ليبيا تطلب‬ ‫الخ�لاص من الش��ر والجن��ون ولم تع��د بعد ) ومن‬ ‫يدفع��ه نبل الغاية يتمنى أن تك��ون عودة ليبيا حميدة‬ ‫س��المة غانم��ة ‪ ,‬وحتى ال تغش��انا وحش��ة ومرارة‬ ‫ووهم دلك المفكر والمقاوم الفرنس��ي انتظارا لعودة‬ ‫صديقه ورفيق دربه (غودو )‪ ,‬فلنعمل بهمة وضمير‬ ‫لع��ودة ليبيا كوطن موحد معياره المواطنة بعيدا عن‬ ‫الجهوية والقبلية ‪ ,‬والفئوية والعرقية‬


‫‪18‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫يف ردود فعلهم على صعود التيار اإلسالمي‪:‬‬ ‫مثقفو املغرب بني الرهاب والنصيحة‬ ‫نزار الفراوي‬ ‫يك��رس التحول السياس��ي المثير الذي يش��هده‬ ‫المغ��رب‪ ،‬بدءا بالحراك الش��عبي ال��ذي تقوده‬ ‫حرك��ة ‪ 20‬فبراي��ر وص��وال إلى قي��ادة حزب‬ ‫العدال��ة والتنمية اإلس�لامي للحكومة إثر فوزه‬ ‫في االنتخابات التش��ريعية "اس��تقالة" جمهور‬ ‫المثقفي��ن ع��ن مواكب��ة الحركي��ة السياس��ية‬ ‫والمجتمعي��ة المتس��ارعة ورك��ون الفاع��ل‬ ‫الثقافي‪ ،‬س��واء كمؤسس��ات أو كأشخاص إلى‬ ‫الهام��ش "المريح"‪ ،‬إال من أص��وات معزولة‬

‫فؤاد العروي‬

‫تكرس القاعدة‪.‬‬ ‫وفي مساحة االستثناء هذه‪ ،‬جاءت ردود الفعل‬ ‫األولية الصادرة عن المش��هد األدبي والفكري‬ ‫المغرب��ي تجاه الصعود اإلس�لامي من خارج‬ ‫حدود البالد على لسان اسمين كبيرين في حقل‬ ‫الرواية‪ ،‬يصنفان ضمن رموز األدب المكتوب‬ ‫بالفرنسية‪ :‬الطاهر بنجلون وفؤاد العروي ‪.‬‬ ‫وإن كان الكاتب��ان ينتميان إلى صف المنافحين‬ ‫ع��ن العلماني��ة والحداث��ة بمختل��ف أبعاده��ا‬ ‫السياسية والثقافية واالجتماعية‪ ،‬فإن كال منهما‬ ‫اتخذ موقفا خاصا تجاه حكومة اإلس�لاميين في‬ ‫المملكة‪.‬‬ ‫فض��ل الطاهر بنجل��ون ‪-‬الحائز عل��ى جائزة‬ ‫"غونك��ور" الفرنس��ية األدبي��ة ع��ام ‪1987-‬‬ ‫تكريس فكرة الفزاعة اإلسالمية حين عبر عن‬ ‫مخاوفه من هروب الس��ياح والمس��تثمرين من‬ ‫بلد س��قط بين يدي سياس��يين "ديماغوجيين"‪.‬‬ ‫أما ف��ؤاد العروي‪ ،‬الذي كان مرش��حا للجائزة‬ ‫الفرنس��ية العام الماضي فرصد بش��كل ساخر‬ ‫المخاوف "المرضية" والالعقالنية التي تسود‬ ‫لدى قطاعات واس��عة من المجتمعات الغربية‪،‬‬ ‫وخصوصا داخل الحقل اإلعالمي‪ ،‬من اإلسالم‬ ‫السياسي عموما‪.‬‬ ‫نواقيس الخطر‬ ‫لم ينتظر الطاهر بنجلون‪ ،‬الروائي والش��اعر‪،‬‬ ‫طوي�لا لدق نواقيس الخطر من تقلد إس�لاميي‬ ‫حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكومة المغربية‬ ‫إث��ر انتخابات وصفت بأنه��ا األكثر نزاهة في‬ ‫تاريخ المملكة‪.‬‬ ‫بالنس��بة لمؤلف "حرودة" و"طف��ل الرمال"‪،‬‬ ‫فإن الديني والسياسي حين يتضافر مع التقنيات‬ ‫الحديثة لالتصال يفضيان إلى نظام أوتوقراطي‬ ‫حيث آل��ة الرجعي��ة وإلغاء الحري��ات الفردية‬

‫تتحرك أحيانا مقنعة تحت شعار "األصالة"‪.‬‬ ‫لم يس��تطع الروائي المغرب��ي المقيم بباريس‪،‬‬ ‫ومترج��م "الخبز الحافي" لمحمد ش��كري‪ ،‬أن‬ ‫يخف��ي صدمته بما وقع‪ .‬كتب في مقال نش��رته‬ ‫"لومون��د" الفرنس��ية ي��وم ‪ 5‬ديس��مبر‪/‬كانون‬ ‫األول الحال��ي‪ ،‬أيام��ا فق��ط بع��د االنتخاب��ات‪:‬‬ ‫"المغ��رب كان دائما مس��لما ولم يستش��عر قط‬ ‫الحاجة إلى المزج بين الدين والسياسة‪ .‬وجدت‬ ‫دائما مذاهب نشطت غالبا خارج مدار المذهب‬ ‫المالك��ي وانخرط��ت في ج��داالت نقدية بينها‪.‬‬ ‫فلماذا س��قط هذا البلد اليوم بين أيدي سياس��يين‬ ‫طموحي��ن‪ ،‬متجذرين في األوس��اط الش��عبية‪،‬‬ ‫ببرنامج غامض؟ ما الذي وقع؟"‪.‬‬ ‫بالنس��بة له‪ ،‬فقد خدم النظ��ام االنتخابي مصالح‬ ‫ح��زب متحم��س ونش��يط ج��دا عل��ى الميدان‬ ‫أضف إلى ذلك أن األحزاب األخرى‪ ،‬التقليدية‬ ‫منها والجديدة‪ ،‬وجميعها مس��لمة لكن بس��لوك‬ ‫علماني‪ ،‬لم تستطع مخاطبة الشعب وخصوصا‬ ‫شبابه المحبط‪.‬‬ ‫يق��ول بنجلون "الخطاب الديني أكثر س��هولة‪،‬‬ ‫لقد سمعنا مرش��حا لحزب العدالة والتنمية يعد‬ ‫بم��كان في الجن��ة لمن يصوتون ل��ه‪ ،‬األخطر‬ ‫أن هذا الخطاب ناجح‪ .‬ال س��بيل لمنافس��ة هذه‬ ‫الديماغوجية البليدة لكن الفعالة"‪.‬‬ ‫يبدو أن فوز اإلس�لاميين ذك��ره بغصة قديمة‪.‬‬ ‫ويتوق��ف عن��د ع��ام ‪" ،1971‬حي��ن غادرت‬

‫سالم حميش‬

‫منصب��ي كأس��تاذ للفلس��فة يوم ق��ررت وزارة‬ ‫الداخلي��ة تعريب هذا التعلي��م بهدف غير معلن‬ ‫يرم��ي إلى كبح ول��وج التالمي��ذ المغاربة إلى‬ ‫النصوص التي تصنف أنها ذات طابع تخريبي‬ ‫ضمن مقررات الفلسفة التي كانت تدرس أنذاك‬ ‫بالفرنسية"‪.‬‬ ‫فهو يرى أن االسالميين يجندون أنصارهم في‬ ‫وس��ط الفئات المعربة التي تشعر بالتهميش ما‬ ‫دامت السلطة تنتقي أعوانها من الفرنكوفونيين‬ ‫ذوي المعارف الحديثة‪.‬‬ ‫ال يبق��ى للطاه��ر بنجل��ون إال اإلع��راب عن‬ ‫األمل في أال يكبد اإلس�لاميون المغرب كثيرا‬ ‫من الخس��ائر "ول��ن ينفروا الس��ياح أو يدفعوا‬ ‫المس��تثمرين إلى النزوح خارجا‪ .‬س��نرى ماذا‬ ‫س��يفعلون وه��م يمس��كون عجل��ة القي��ادة؟"‪،‬‬

‫ليخل��ص إل��ى الق��ول إن "المش��اكل الكب��رى‬ ‫(للممكل��ة) ال تح��ل بالصل��وات‪ ،‬ب��ل بتعبئ��ة‬ ‫عقالنية وإرادة سياسية تجعل من محاربة الفقر‬ ‫والبؤس أولوية مطلقة"‪.‬‬ ‫سخرية فؤاد العروي‬ ‫دون أن يتخل��ى ف��ؤاد الع��روي ع��ن مواقف��ه‬ ‫المعروفة المناهضة لإلس�لام السياسي‪ ،‬فضل‬ ‫الروائ��ي والق��اص المغرب��ي المقي��م بهولندا‪،‬‬ ‫توجيه س��هام النقد إلى عقلية غربية تبس��يطية‬

‫طاهر بن جلون‬

‫واختزالي��ة مثقلة باألحكام الجاهزة تجاه قضايا‬ ‫وأوضاع العالم العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫في ركنه األس��بوعي على أم��واج إذاعة ميدي‬ ‫‪ ،1‬واس��عة االنتش��ار ف��ي المغ��رب العربي‪،‬‬ ‫يس��رد الكاتب المغربي صاحب رواية "س��نة‬ ‫عند الفرنس��يين" التي رشحت عام ‪ 2010‬لنيل‬ ‫جائزة "غونكور"‪ ،‬قصة األسئلة التي تهاطلت‬ ‫عليه م��ن صحافيي��ن هولنديين ع��ن تداعيات‬ ‫تش��كيل حكومة إسالمية في المغرب واألجوبة‬ ‫الساخرة التي قدمها لهذه األسئلة‪.‬‬ ‫"س��ألتني الصحافية‪ ،‬وهي في الغالب متدربة‪:‬‬ ‫هل س��تفرض الحكومة الجدي��دة الحجاب على‬ ‫النساء؟ أجبت نعم‪ ،‬لكن فقط على النساء فائقات‬ ‫الجمال‪ ،‬أي ما يقارب ‪ % 10‬من المجموع‪ ،‬ما‬ ‫دامت حكمة الحجاب هي تجنب الفتنة‪.‬‬ ‫س��ألتني من جديد‪" :‬كيف س��يتم اختي��ار هاته‬ ‫العينة من النساء؟ أجبت‪ :‬بواسطة لجنة تجتمع‬ ‫س��نويا لتحدي��د النس��اء اللواتي يس��توفين هذه‬ ‫الش��روط الجمالية الدقيقة من خالل سلم تنقيط‬ ‫يف��رز قائمة الجمي�لات اللوات��ي يتعين عليهن‬ ‫ارتداء الحجاب"‪.‬‬ ‫وع��ن س��ؤال لصحاف��ي هولندي آخ��ر‪" :‬هل‬ ‫س��تغلق البن��وك بالنظر إل��ى تعامله��ا بالفائدة‬ ‫المحرم��ة في اإلس�لام؟ ق��ال الع��روي بنبرة‬ ‫س��اخرة‪" :‬نع��م وس��تحول إلى ش��ركات تبيع‬ ‫وتشتري في اإلسمنت"‪.‬‬ ‫وهل سيمنع الكحول؟ رد العروي‪ :‬طبعا سيمنع‬ ‫بيع الكحول‪ .‬سيمنع الكحول الذي يحتوى على‬ ‫الميتان��ول‪ ،‬وبم��ا أن الخم��ر المنت��ج محليا ال‬ ‫يتضمن هذه المادة‪ ،‬فلن يمنع‪ ،‬ال تقلقوا"‪.‬‬ ‫وحي��ن بدت أجوبة ف��ؤاد الع��روي مغرقة في‬ ‫الالمعقولية‪ ،‬بدأت اتصاالت رؤس��اء التحرير‬

‫تتوارد عليه مستوضحة الحقيقة‪" .‬الحقيقة إذن‪:‬‬ ‫س��افروا إلى المغرب‪ ،‬إذهبوا الى عين المكان‬ ‫وقف��وا عل��ى الحقائ��ق كم��ا هي"‪ ،‬يق��ول فؤاد‬ ‫العروي‪.‬‬ ‫نصيحة األديب الوزير‬ ‫أما من داخل المشهد األدبي والفكري المغربي‪،‬‬ ‫فقد اس��تبق األديب والفيلس��وف بنسالم حميش‬ ‫الذي يش��غل في الوقت ذاته وزير الثقافة‪ ،‬إلى‬‫حي��ن تعيين أعض��اء الحكومة المقبل��ة‪ -‬نتائج‬ ‫االنتخاب��ات التش��ريعية‪ ،‬متجنب��ا التعبي��ر عن‬ ‫موق��ف أيديولوجي جاهز تجاه ن��وع الحكومة‬ ‫المنبثقة‪ ،‬ومقتصرا على تقديم مجموعة نصائح‬ ‫عملي��ة تتعل��ق بأولويات التدبي��ر العمومي في‬ ‫المرحلة القادمة‪.‬‬ ‫ففي رس��الة مفتوحة إلى رئيس الحكومة –قبل‬ ‫أن تعرف هويته السياس��ية‪ -‬يحذر الحائز على‬ ‫جائزة نجيب محفوظ لألدب‪ ،‬من أن مد الحراك‬ ‫الش��عبي "س��ينزع إلى الغلي��ان والتأجج إذا لم‬ ‫تشرع حكومتك جديا‪ ،‬ولو تدريجيا‪ ،‬في تحقيق‬ ‫مطالبه التي يتصدرها الحق في الحياة الكريمة‬ ‫ومفتاحُها الحق في الشغل"‪.‬‬ ‫ويعتبر الوزير األديب ‪-‬ال��ذي جوبه بانتقادات‬ ‫واس��عة م��ن قب��ل النخب��ة الثقافي��ة والفنية منذ‬ ‫توليه المنص��ب‪ -‬أن األولوي��ات المقبلة تتمثل‬ ‫في تلبي��ة حق حملة الش��هادات في التش��غيل‪،‬‬ ‫ومحارب��ة التبذير وإهدار الم��ال العام‪ ،‬واتخاذ‬ ‫كل اإلجراءات العملية والوقائية ضد "الثالوث‬ ‫الس��الب المقوض‪ :‬األمية‪ ،‬والفقر‪ ،‬والهشاشة‪،‬‬ ‫وكله��ا بؤر متالزمة تغذي في ما تغذيه إفس��اد‬ ‫االستحقاقات االنتخابية‪ ،‬ويحط استشراؤها من‬ ‫قيمة الديمقراطية وفعاليتها‪ ،‬ويعرقل التنمية"‪.‬‬ ‫ودعا حميش إلى "السعي الدؤوب إلى اجتثاث‬ ‫الفساد‪ ،‬الذي ظل عقودا طواال عقبة كأداء أمام‬ ‫الس��لط التنفيذية‪ ،‬ومرضا خبيثا ينهش نس��يجنا‬ ‫االقتص��ادي واالجتماع��ي‪ ،‬وذل��ك بالرغم من‬ ‫مقتضيات زجرية أو وقائية ضد ضروب شتى‬ ‫من الفس��اد‪ ،‬كالرش��وة والتالع��ب بالصفقات‬ ‫العمومية وشراء الذمم"‪.‬‬ ‫عل��ى أن األديب الذي يفت��رض أن يرفع راية‬ ‫الدف��اع عن حري��ة التعبير فض��ل أن يفرد في‬ ‫نصيحت��ه الطويلة لرئيس الحكوم��ة المغربية‪،‬‬ ‫بابا خاص��ا بالصحافة‪ ،‬متحدثا عن "ممارس��ة‬ ‫تل��ك الصحاف��ة (في عه��د الحكوم��ة المنتهية‬ ‫واليتها) لشتى صنوف القذف والتشهير والمس‬ ‫بكرامة وزراء وبأعراضهم أحيانا"‪.‬‬ ‫وتس��اءل حميش "هل س��تقدم حكومتك ‪-‬السيد‬ ‫الرئي��س‪ -‬على تفعيل قان��ون الصحافة وأيضا‬ ‫المجلس الوطن��ي للصحافة‪ ،‬ال��ذي من مهامه‬ ‫األساسية صيانة هذه السلطة الرابعة عن العبث‬ ‫والتضلي��ل‪ ،‬وتخلي��ق معامالته��ا م��ع مختلف‬ ‫الفاعلين في الس��لط األخرى‪ ،‬انطالقا من مبدأ‬ ‫أن لإلعالميي��ن الحق في الت��زود بالمعلومات‬ ‫واألخب��ار م��ن مصادرها الموثوق��ة‪ ،‬ولهم في‬ ‫قراءته��ا وتأويله��ا الحري��ة المقرون��ة بح��س‬ ‫المروءة والمسؤولية"‪.‬‬


‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫‪19‬‬

‫الرباعية اإلسكندرانية‬ ‫عبداهلل إبراهيم‬ ‫في لقاء أسبوعي يجمعني بنخبة من أصدقاء‬ ‫األدب والفك��ر ف��ي أبهى مكان ف��ي الدوحة‪،‬‬ ‫وهو "س��وق واقف" جرى التأسّي على مدينة‬ ‫اإلسكندرية بسبب األخبار المتكاثرة عن كونها‬ ‫أصبحت معق�لا لألفكار المغلق��ة‪ ،‬بعد تاريخ‬ ‫من االش��عاع الفك��ري والتن��وع الثقافي ناف‬ ‫على ألفي س��نة‪ ،‬وذلك ح��ال يثير العجب لكنه‬ ‫يحمل معه تفس��يره؛ فالبنيات التقلدية لألفكار‬ ‫والمعتقدات تم ّددت في ك ّل مكان‪ ،‬ودفعت إلى‬ ‫الوراء بكثير من ضروب االنفتاح والتس��امح‬ ‫والتن��وع‪ ،‬ويع��ود ذل��ك إلى أس��باب كثيرة ال‬ ‫تخف��ى على أحد‪ .‬وفيما كنت وصحبي نتحاور‬ ‫حول ذلك اس��تدعيت صورة اإلسكندرية التي‬ ‫زرته��ا‪ ،‬وق��رأت عنها كثيرا‪ ،‬وش��اهدت قبل‬ ‫س��نة عنها فيلم "أغورا" الذي وصف ببراعة‬ ‫أث��ر االنغ�لاق الديني ف��ي النيل م��ن العالمة‬ ‫والفيلسوفة الرومانية "هيباتيا" وانتهى بحرق‬ ‫مكتبة المدينة في ظل تش ّدد تلوح معالمه اآلن‪.‬‬ ‫لكنني توقف��ت مطوال على رواي��ة "لورانس‬ ‫داريل" المعروفة ب"الرباعية االسكندرانية"‬ ‫التي تتألف من أجزاء أربعة‪ ،‬هي "جوستين"‬ ‫وصدر في عام ‪ 1957‬و"بالثازار" و"ماونت‬ ‫أولي��ف" وقد صدرا في ع��ام ‪ .1958‬وأخيرا‬ ‫"كليا" الذي صدر في عام ‪.1960‬‬ ‫منذ اكتمال نش��ر األج��زاء المذكورة صارت‬ ‫الرواية تعرف برباعية االسكندرية‪ ،‬وهي عمل‬ ‫س��ردي نادر المثيل في اقتراحه ش��كال جديدا‬ ‫للرواي��ة يقوم على البني��ة التكرارية لألحداث‬ ‫في ضوء اختالف الرؤية السردية لها‪ .‬وليس‬ ‫ف��ي واردي اآلن الحديث عن كون "الرباعية‬ ‫االسكندرانية" تندرج ضمن سرديات الخطاب‬ ‫االس��تعماري‪ ،‬فما أريد الوقوف عليه في هذا‬ ‫الس��ياق ه��و أنها ألهم��ت كثيرا م��ن الكتاب‪،‬‬ ‫روائيين وش��عراء‪ ،‬عب��ر تاريخه��ا الطويل‪،‬‬

‫ومن بين من كتب عنها "لورنس داريل" الذي‬ ‫عاش فيه��ا أول االربعيني��ات‪ ،‬وإبّان الحرب‬ ‫العالمي��ة الثانية‪ ،‬ملحق��ا بالبعثة الدبلوماس��ية‬ ‫اإلنجليزية‪ .‬وبرباعيته اس��تعاد صورة المدينة‬ ‫الكوزموبوليتانية الجامعة لألعراق‪ ،‬والعقائد‪،‬‬ ‫والثقاف��ات‪ ،‬في مزيج من التخي��ل والغرائبية‬ ‫الممتثل��ة للرؤية االستش��راقية التي اش��اعتها‬ ‫أدبي��ات القرن التاس��ع عش��ر‪ ،‬حي��ث انصبّ‬ ‫التركيز على الش��بق‪ ،‬والغموض‪ ،‬واألسرار‪،‬‬ ‫فج��اءت "الرباعية" مدونة حنين اس��تعماري‬ ‫جارف إلى المكان المش��ع بإغ��واء وجاذبية‪.‬‬ ‫فالمدينة الحلمية أعيد بناؤها الس��تعادة ذكرى‬ ‫هوسية بالمكان‪.‬‬ ‫انتق��ى "داري��ل" م��ن اإلس��كندرية الباع��ث‬ ‫األصلي لخي��ال جامح فأعاد تركيبها بوصفها‬ ‫فض��اء لش��خصيات التني تتقاط��ع مصائرها‬ ‫جريا وراء تطلعات فردية ونزوات جنس��ية‪،‬‬

‫مث��ل "جوس��تين" و"بالث��ازار" و"كلي��ا"‬ ‫و"وس��يم" فيما يربض الراوي "دارلي" على‬ ‫ش��رفة العالم االفتراضي للرباعية منهكما في‬ ‫استكشاف روح المدينة العريقة‪.‬‬ ‫لكن االس��كندرية التي أع��اد "داريل" إنتاجها‬ ‫بالس��رد س��رعان م��ا آل��ت إل��ى موض��وع‬ ‫للتج��اذب والس��جال بي��ن مثقفي��ن يش��طرهم‬ ‫ف��ي األص��ل التن��ازع ح��ول هوي��ة المدينة‪.‬‬ ‫ومؤ ّدى الس��جال هو الرغبة في تحديد وظيفة‬ ‫التمثي��ل الس��ردي على أنه اس��تدراج لحقائق‬ ‫المدين��ة‪ ،‬وعمرانها‪ ،‬وتاريخه��ا‪ ،‬ومجتمعها‪،‬‬ ‫فالذي��ن ق��رأوا "الرباعي��ة" مترقبين صورة‬ ‫المدين��ة كما يعرفونها‪ ،‬لم يج��دوا ما يرغبون‬ ‫في��ه‪ ،‬أي ل��م يعثروا عل��ى االس��كندرية التي‬ ‫تطاب��ق رصيده��م الش��خصي م��ن التجارب‬ ‫والمعلوم��ات والحقائ��ق‪ ،‬فوصم��وا المؤلف‬ ‫بالخ��داع والتزوي��ر‪ ،‬وانت��اج مدينة ملتبس��ة‬

‫الهوية‪ ،‬ومتش��حة بالعه��ر‪ ،‬ومجافية لالنتماء‬ ‫المص��ري‪ ،‬وأغفلوا سلس��لة االنزياحات التي‬ ‫يفرضها التمثيل السردي في سياق اعادة انتاج‬ ‫المرجعي��ات الزمانية والمكاني��ة‪ .‬ولم يأخذوا‬ ‫في الحس��بان أن الكاتب انتج صورة س��ردية‬ ‫لإلس��كندرية برصي��ده الثقاف��ي والرؤي��وي‪،‬‬ ‫وخل��ق يوتوبيا توافق منظ��وره هو‪ ،‬وتجاربه‬ ‫الش��خصية فيها‪ ،‬فقد انزلق "داريل" إلى عالم‬ ‫المدينة بعد نحو عقدين من البعاد عنها‪ ،‬وأعاد‬ ‫تركيبه��ا بما يوافق الحبكة الس��ردية لروايته‪،‬‬ ‫فتداخل حنينه االس��تعماري إليه��ا بالتخيالت‬ ‫السردية المفعمة بالحيوية‪ ،‬وترك لشخصيات‬ ‫رباعيته رغبة التتشابك في عالقات غامضة‪،‬‬ ‫وه��ي تتج��ول ف��ي أزق��ة المدين��ة‪ ،‬وتتحرك‬ ‫في ش��وارعها‪ ،‬وف��ي كل ذل��ك كان متحررا‬ ‫م��ن طوبوغرافي��ا المدينة‪ ،‬فهو ل��م يقدم دليال‬ ‫لإلسكندرية إنما استعار روح المكان ّ‬ ‫وبث فيه‬ ‫حركة األشخاص‪ ،‬واألحداث‪ .‬أما الذين أرادوا‬ ‫االس��كندرية فضاء رمزيا‪ ،‬متنوعا‪ ،‬وعالميا‪،‬‬ ‫فوجدوا في الرباعي��ة بصمة خالدة في تاريخ‬ ‫السرد كونها حامت في األفق المفتوح للمكان‪.‬‬ ‫لم ي�� ّدع "لورنس داريل" أن��ه موثّق أحداث‪،‬‬ ‫ورسّ��ام خرائط‪ ،‬فقد انتقى أحد المشاهد األفلة‬ ‫ّ‬ ‫وغذاه بالخي��ال‪ ،‬ورمم صورة‬ ‫لإلس��كندرية‪،‬‬ ‫المدين��ة ف��ي ذاكرت��ه‪ ،‬فجع��ل منه��ا يوتوبيا‪.‬‬ ‫ممثل��ة لحنينه لها‪ ،‬وليس مس��تقلة بذاتها‪ ،‬وقد‬ ‫تدخلت ش��روط الخطاب االس��تعمارية لرسم‬ ‫صورة المدين��ة الضامنة للثقافات واألعراق‪،‬‬ ‫لكن الفض��اء المبهج الذي احت��وى التنوعات‬ ‫كلها راح يتهدم‪ ،‬وس��رعان ما انحس��رت فيه‬ ‫الروح الحية التي الزمت المدينة منذ نش��أتها‬ ‫قبل الميالد‪ .‬وتالش��ى ذكرها مثال للتنوعات‪،‬‬ ‫وارتس��مت ف��ي دروبه��ا مظاهر االس��تقامة‬ ‫األخالقية‪.‬‬


‫‪20‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫أرأيت سوسـه واألصيل ّ‬ ‫يلفها ّ‬ ‫حبلـة ُنسجت من الـ‪....‬إمسنت!؟(*)‬ ‫عبدالنبى أبوسيف ياسني‬

‫‪ .1‬‬ ‫اس��تبدلوا‪ ،‬ل��و س��محتم‪،‬األضواءفى بي��ت‬ ‫القصيد‪،‬باإلسمنت‪ ..‬وانسوا األصيل‪ ،‬بل‪،‬‬ ‫وك ّل ما هو جميل‪ ،‬فى سوس��ة‪ ،‬وربما فى‬ ‫غيرها‪..‬‬ ‫فمسلس��ل الدمار ال يزال ف��ى ق ّمة عنفوانه‬ ‫بقم��م تلك الجبال‪ ..‬وما خف ّي كان أعظم فى‬ ‫بقية أنحاء ليبيا‪ ....‬يا حكومه!‬ ‫كم��ا أس��تلحفكم هللا – ي��ا حكوم��ه – ّ‬ ‫أن ال‬ ‫تظنّ��وا ّ‬ ‫بأن ليبي��ا تتواجد فقط ف��ى أجنحة‬ ‫"ريكس��وس" و "كورينثي��ا" !‪ ..‬فهناك ‪6‬‬ ‫مليون مواطنمغبون ولكن متفائل‪ ..‬ويعتقد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أن ال ه ّم لكم آخر‪ ،‬س��وى رفاهيته‪ ،‬وسوى‬ ‫المحافظة على وطنه‪ :‬ليـبـيـــا‪.‬‬ ‫من��ذ أس��ابيع‪ ،‬أخذن��ى بعض م��ن األهل‬ ‫واألحبة‪ ،‬لزيارة جبل ليبيا األش�� ّم‪ ،‬وعرين‬ ‫أسودها بحق‪ ،‬وألراه بعد فترة فاقت الثالثة‬ ‫عقود‪.‬‬ ‫وجدت الجبل األخض��ر ما يزال أخضر‪..‬‬ ‫حتّى كتابة هذه اإلستغاثة‪.‬‬ ‫رأيت فيه من الطبيعة ‪ ،‬ما يخلب األبصار‪،‬‬ ‫رغم ما رأته عينايعلى مدى ستة عقود من‬ ‫أمص��ار‪ ،‬فى أرجاء أخرى من هذه الدنيا‪..‬‬ ‫ورأي��ت ّ‬ ‫أن من واجبنا أن نحافظ عليه بك ّل‬ ‫ما اس��تطعنا‪ ..‬ليس فقط ألن��ه ثروة فى حد‬ ‫ذات��ه‪ ..‬بل أمان��ة يجب أن نس��لّمها ألبنائنا‬ ‫وأحفادنا من بعدنا‪.‬‬ ‫كان��ت الرحل��ة من بنغ��ازى م��ن أمتع ما‬ ‫يك��ون‪ ،‬حي��ث بدأناه��ا بقه��وة لذي��ذة فى‬ ‫استراحة ذات أبنية صخرية جميلة أشيدت‬ ‫تحت سفح " باكور" الجبل‪..‬فأسماها عرب‬ ‫بنغ��ازى‪ ،‬بالحيطة!‪ ..‬بعدها إنطلقنا صوب‬ ‫" طلميث��ة" األثري��ة الرائع��ة‪ ،‬وإن ظلت‬ ‫مهمل��ة كعهدي بها‪ ،‬غي��ر أنها لم تُد ّمر بعد‬ ‫وهلل الحمد‪.‬‬ ‫بعده��ا مررنا بم��روج الم��رج التى تلهب‬

‫األبصار‪ ،‬ث ّم وادى الكوف بجسوره القديمة‬ ‫– المهملة – والحديث��ة‪ ،‬وكهوف أجدادنا‪،‬‬

‫ناهي��ك ع��ن آثاره��ا الفري��دة وإن بات��ت‬ ‫تُلطخهه��ا " بخاخ��ات" بع��ض ال��زوار‪..‬‬

‫أس��ود الجبل‪ ..‬بفضل هللا‪ ،‬بإس��تثناء أكوام‬ ‫قمام��ة (الزرّادة)‪ ..‬ال ي��زال وادي الكوف‬ ‫بخير‪ ،‬وع��اد إلخضراره‪ ،‬بع��د أن قصفه‬ ‫الطاغي��ة بقناب��ل "النبالم" فى تس��عينيات‬ ‫الق��رن المنف��رط!‪ ..‬وبع��د أن حرقه بعض‬ ‫مواطني جيراننا ش��رقاً‪ ،‬م��ن أجل بيعه لنا‬ ‫فحماً!‬ ‫مررن��ا بمدينة البيضاء الس��احرة‪ ..‬ورأينا‬ ‫العجب ف��ى قصر صفية ف��ركاش‪ ،‬زوجة‬ ‫الطاغية‪ ..‬الذى يحت��ل قمة جبل كامل‪،‬وبه‬ ‫م��ن األدوار واألنف��اق م��ا يكف��ى للعي��ش‬ ‫الرغد واآلمن‪ ،‬حتى وإن كان العالم تسحنه‬ ‫عشرات القنابل الذرية‪.‬‬ ‫ث��م إتجهنا مباش��رة إل��ى مدينة ش��حات "‬ ‫قورين��ا" تلك الجوه��رة البديعة‪ ..‬ووجدتها‬ ‫كعه��دى به��ا بتاريخها المتناه��ى فى القدم‬ ‫وغاباته��ا العمالق��ة وموقعه��ا الخ�لاب‪..‬‬

‫وحت��ى م��ن يدع��ون بأنهم ث��وار من مدن‬ ‫وقرى ليبية عديدة!‬ ‫الحظ��ت حرك��ة بن��اء – غير ش��رعى –‬ ‫وكأنه��ا واغمة غاية فى اإلس��تعجال‪ ،‬فى‬ ‫أط��راف عدة داخ��ل وخارج ه��ذه المدينة‬ ‫التاريخي��ة‪ ..‬والتى‪ ،‬كالنف��ط‪ ،‬هى ملك لك ّل‬ ‫الليبيين‪.‬‬ ‫فه��ل هن��اك م��ن يحافظ عل��ى ه��ذا الكنز‬ ‫األثرى‪ ..‬يا حكومة؟‬ ‫نزلن��ا م��ن الجبل ف��ى إتجاه سوس��ه حيث‬ ‫أألصيل يلفه��ا – كما كان عهدى بها‪ -‬وإذا‬ ‫بها " كمكومـة" من اإلس��منت والخرسانة‬ ‫على امت��داد البصر‪ ..‬حي��ث اختفت معالم‬ ‫تل��ك البلدة الس��احرة إلى األب��د‪ ..‬إن لم تقم‬ ‫حكومة وطنية ما من إنقاذها وعلى عجل‪.‬‬ ‫إنطلقنا بعدها إلى رأس الهالل‪ ..‬ذلك الخليج‬ ‫الس��احر‪ ..‬الذى يظاهى أجمل الخلجان فى‬

‫العال��م وأكثر‪ ،‬بما فيها س��احل "الريفيرا"‬ ‫الس��احر‪ ..‬وهلل الحمد لم يطل��ه الدمار بعد‪،‬‬ ‫ربم��ا!!!!‪ ..‬بفضل س��يف القذافى!‪ ..‬الذى‬ ‫اس��تحوذ علي��ه وجع��ل منه " ح��وازة" له‬ ‫وألقران��ه ولخدام��ه وش��ركائه‪ ..‬والذين‪-‬‬ ‫بعض منهم‪ -‬ركب موجة ثوار ‪ 17‬فبراير‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وص��ار كغيره من المتس��لقين‪ّ ،‬‬ ‫ويرن‬ ‫يحن‬ ‫ثوريـة‪ ..‬وعجبى؟‬ ‫م��ا أردت الوصول إلي��ه‪ ،‬أن لنا وألجيالنا‬ ‫القادمة‪ ..‬ثروات طبيعية وأثرية وس��ياحية‬ ‫فى مختل��ف مناط��ق ليبيا‪ ..‬فى س��واحلها‬ ‫وجباله��ا وواحاتها‪ ..‬تس��اوى‪ ،‬بل وتفوق‬ ‫ث��روة النفط‪ ..‬غير أن أيادى ومعاول الهدم‬ ‫من أج��ل الكس��ب الس��ريع‪ ،‬تد ّمرها دون‬ ‫وج��ود أو أثر‪ ،‬لحس��يب أو رقيب من بعيد‬ ‫أو قريب‪.‬‬ ‫وعلي��ه‪ ،‬أخاط��ب حكومة الس��يّد الكيب‬ ‫ّ‬ ‫ب��أن تس��رع بإتخ��اذ ق��رارات‬ ‫المؤقت��ة‪،‬‬ ‫عاجل��ة – ومؤقتة –لتجمي��د عمليات البناء‬ ‫والتخريب العش��وائى التى أظنها‪ ،‬تُرتكب‬ ‫– حاليا ً – فى كافة أنحاء ليبيا‪ ،‬حيث توجد‬ ‫ثرواتن��ا الطبيعي��ة والتاريخية والس��ياحية‬ ‫الهامة‪ ..‬وذلك فى غياب أي تواجد للسلطات‬ ‫الحكومي��ة أو المحلي��ة‪ ،‬أو حتى الش��رطة‬ ‫الزراعية‪ .‬لقد رأيت بأم عينى – فى مس��اء‬ ‫يومين بالجبل األخضر – عشرات المواقع‬ ‫والغاب��ات الت��ى يتم حرقها لبناء مش��اريع‬ ‫–أ ّ‬ ‫ي كالم – م��ن أجل الكس��ب الس��ريع‪..‬‬ ‫فتج��ار الحرب كالطفيلي��ات‪ ،‬يتوالدون فى‬ ‫ك ّل زمان ومكان يا سادة‪.‬‬ ‫وليبي��ا هي أمانة بأيديك��م‪ ..‬فحافظوا عليها‬ ‫ب��كل ما لديكم من قانون وس��لطة‪ ..‬فى هذه‬ ‫الفت��رة الحرجة الت��ى يعتبره��ا البعض بـ‬ ‫الياغمة!‪ ..‬أتوسّل إليكم‪.‬‬ ‫‪abdenabi.yasin@yahoo.com‬‬ ‫‪-------------------------------------‬‬‫(*) القصي���دة لألس���تاذ على محمد أحم���د (المصرى‬ ‫األص���ل) قالها عندم���ا أخذ طلبته فى مدرس���ة بنغازى‬ ‫الثانوية ع���ام ‪ 1952‬ف���ى زيارة لـ سوس���ة وتحتوى‬ ‫القصيدة على خمس���ين بيتا ً نش���رها فى صحيفة بشائر‬ ‫حيث أهداها للشاعر الكبير أحمد رفيثق المهدوى‪ .‬مطلع‬ ‫أبياته تقول‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫أرأيت سوس���ـة واألصــيل ياـفها فى حلـة نس���ـجت‬ ‫من األضواء‬ ‫أ ّمـ���ا أنا فـلقد أُخـذت بس���ـحرها ل ّمـا وقـفت هنـاك‬ ‫ذات مســـــاء!‬ ‫حـدّقت فى أرجـائها من ش���ـرفتى فعش���ـقت منـظر‬ ‫هذه األرجـاء‬ ‫البحـ���ر يبـدو من أمـامى موغـالً فى األفـق والـجبل‬ ‫أألشم ورائى‬ ‫ً‬ ‫والش���مـس تس���كب فى الغـروب أش���ـعة حمـراء فوق‬ ‫اللجـة الزرقاء‬ ‫يا ترى ما س���يكون إنطباع األس���تاذ الشاعر‪ ،‬هو‬ ‫وطلبته‪ ،‬لو رأوا سوسة اآلن؟‬


‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫‪21‬‬

‫العودة إىل عامل جحا‬ ‫صالح نقاب‬

‫" دخل الص����ادق النيهوم عال����م جحا في‬ ‫كتابه ( محنة ثقافة مز ّورة ) و خرج ‪،‬‬ ‫و ه����ا أنا ذا أحاول الع����ودة إلى هذا العالم‬ ‫م ّرةً أخرى ‪ ،‬ربما أجد ما يس����تحق العودة‬ ‫ألجله " ‪.‬‬ ‫عال��م جحا عال ٌم فري ٌد من نوعه ‪ ،‬خصوصا ً‬ ‫عندما تدخل��ه عبر الباب الخلف��ي ‪ ،‬يمكنك‬ ‫الدخول والخروج دون أن تشعر بأنك كنت‬ ‫في م��كان لم تألفه مس��بقا ً ‪ ،‬فجح��ا يتح ّدث‬ ‫ش ال يهتم برأي اآلخرين‬ ‫بلسان‬ ‫ٍ‬ ‫رجل دروي ٍ‬ ‫ابت��دا ًء من زوجته ‪ ،‬خطيب الجمعة ‪ ،‬عوام‬ ‫الناس م��روراً بمخبري الس��لطان وصوالً‬ ‫إلى الس��لطان نفسه ‪ ،‬ليس��ت شخصيّة جحا‬ ‫محض شخصيّةً خرافيّةً تمأل كتب القصّص‬ ‫ت تجعلك تضحك مأل ش��دقيك ‪ ،‬بل هو‬ ‫بنك ٍ‬ ‫ً‬ ‫رج ٌل قد يسير حافيا كي يتجنّب دفع ضريبة‬ ‫الطري��ق الع��ام ‪ ،‬ق��د يقف على رأس��ه كي‬ ‫يس��مع خطب��ة الجمع��ة بوض��وح ‪ ،‬لكنه ال‬ ‫يس��كت عندما يفعل الجميع أمام أفكار بالي ٍة‬ ‫ورديئة الصياغة تسيطر على طريقة تفكير‬ ‫المجتم��ع ‪ ،‬بل تك��ون ر ّدة فعل��ه ر ّدة فعل‬ ‫رجل م ّل غياب صوت الناس ‪ ،‬فيقول على‬ ‫ٍ‬ ‫الم�لأ ما يقوله ه��ؤالء في الخف��اء ‪ ،‬ليثبت‬ ‫له��م ّ‬ ‫أن ال أحد يملك حق الحديث بدالً عنهم‬ ‫طالم��ا ال يزال ه��ؤالء يحتفظون بعقولهم ‪،‬‬ ‫ومن حكايات جحا أنه يحكى أن ‪:‬‬ ‫[ يُحك����ى أنّ جحا ه ّم للصالة فتوضأ ‪ ،‬لكن‬ ‫الم����اء نفذ قبل أن يكمل وضوءه ‪ ،‬فغس����ل‬ ‫فقط قدم����ا ً واحدةً ‪ ،‬وعندم����ا أتى ليصلّي‬ ‫وقف عليها رافعا ً األخرى ‪ ،‬وعندما سأله‬ ‫أحد الما ّرة عن السبب ‪ ،‬قال ‪ :‬إن اليسرى‬ ‫غير متوضئة ] ‪ ،‬هنا المس��ألة ليس��ت غباء‬ ‫جح��ا أو حذق��ه ‪ ،‬فهو ل��م يق��ل مقولته كي‬ ‫يج�� ّر س��ائله نحو الضح��ك ‪ ،‬إذ أصاب هنا‬ ‫موضعي��ن قاتلين في عقل الرجل المس��لم ‪،‬‬ ‫األول ه��و ك��ون ‪ ... [ :‬جز ٌء م��ن اإليمان‬ ‫ت��ركك ما ال يعني��ك ] ‪ ،‬لم يبحث عن إجابة‬ ‫ُمقنع�� ٍة ولم يكترث بما س��يقوله عنه الرجل‬ ‫‪ ،‬ب��ل هو انتحل ش��خصيّة عق��ل المجتمع ‪،‬‬ ‫فجحا مسل ٌم يتوضأ ومن البديهي أنّه يعرف‬ ‫رخص��ة [ التي ّمم ] حين انقطاع الماء ‪ ،‬لكنّه‬ ‫لم يستفد من الرخصة ال بسبب جهله بالتأكيد‬ ‫‪ ،‬ب��ل ألنه وهو األمر الثاني ‪ ،‬أراد أن يعلن‬ ‫للجميع أنه في حال لم يس��تخدم المسلم عقله‬ ‫‪ ،‬وس��عى نحو الفقيه يس��أله ع��ن كل كبير ٍة‬ ‫وصغير ٍة فإنه سيجد نفسه يصلّي واقفا ً على‬ ‫ق��دم واحد ٍة ‪ ،‬هذا في حال م��ا لم يفقد قدميه‬ ‫ٍ‬ ‫االثنتين معا ً ‪ ،‬بعد أن أق ّر أنّه قد فقد عقله ‪.‬‬ ‫[ يُحك����ى أنّ رج��ل�اً يملك ناق����ةً أصيبت‬ ‫بالجرب ‪ ،‬فذهب إلى جح����ا قائالً له ‪ :‬اقرأ‬ ‫عليها يا جحا كي تش����فى ‪ ،‬فقال له جحا ‪:‬‬ ‫سأقرأ ‪ ،‬لكن أضف لقراءتي بعض القطران‬

‫] ‪ ،‬هن��ا لم يكن جحا فقيه��ا ً ‪ ،‬لكنّه كان يعلم‬ ‫أن صاحبه لن يرى حالً لمشكلته سوى عبر‬ ‫الخ��داع ‪ ،‬لم يحاول جح��ا أن يجعل الرجل‬ ‫يقص��د فقيها ً آخر ‪ ،‬فالناق��ة لن تبرأ بكلمات‬ ‫الفقي��ه المباركة قطع��ا ً ‪ ،‬لكنّه أجابه بمنطق‬ ‫الطبيب عبر لغة الفقي��ه البكماء عبر فتوى‬ ‫ال تكلّف ش��يئا ً س��وى أنّها تعلن عزل الفقيه‬ ‫عن عمله غير المجدي ‪.‬‬ ‫[ يُحكى أنّ امرأة أتت جحا وقالت له ‪ :‬أنت‬ ‫تعلم أن ابنتي معتوهةٌ ‪ ،‬متم ّردة فاقرأ لها‬ ‫س����ورةً أو اكتب لها حجابا ‪ ،‬فقال لها ‪ :‬إن‬ ‫قراءة عجو ٍز مثلي لن تفيدها ‪ ،‬ابحثي لها‬ ‫ب في الثالثين ليكون لها زوجا ً ‪،‬‬ ‫عن ش����ا ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وش����يخا ً معا ‪ ،‬ومتى رزقت أوالدا صارت‬ ‫عاقلةً و طائعةً ] ‪ ،‬هنا أيضا ً لم يستطع جحا‬ ‫و لم يح��اول أن يقنع المرأة كون المش��كلة‬ ‫ال تحت��اج إلى فقي�� ٍه أو خدع�� ٍة ترتدي زي‬ ‫لغ��ة الكهن��وت ‪ ،‬المجتمع الذي يفش��ل في‬ ‫ح��ل مش��اكل المراهقين والفتي��ات بطريق ٍة‬ ‫تكفل لهم الحق ف��ي العيش الكريم ويجعلهم‬ ‫يغوصون أكثر في مش��اكل الوحدة ‪ ،‬العادة‬ ‫الس��ريّة وعال��م الكبت الجنس��ي البائس في‬

‫الموالية ‪ ،‬بل ألنه يعلم ّ‬ ‫أن ملكه متوقّف على‬ ‫الجهد الذي يبذله العبيد ‪ ،‬المزارع يس��تطيع‬ ‫أن يعي��ش دون المل��ك ألنه يمل��ك بين يديه‬ ‫حرف��ة ‪ ،‬أ ّم��ا الملك فإنه ال يس��تطيع العيش‬ ‫دون المزارع ببساط ٍة ألنه ال يملك بين يديه‬ ‫سوى السوط ‪.‬‬ ‫[ يُحكى أنّ تيمورلنك اشترط على جحا أن‬ ‫يعل����م حماره القراءة و الكتابة ‪ ،‬فقبل جحا‬ ‫و طلب عشر سنين لتحقيق المه ّمة ‪ ،‬و لما‬ ‫سأله الناس قال ‪ :‬خالل هذه السنين العشر‬ ‫‪ ،‬إ ّم����ا أن أموت ‪ ،‬يم����وت الملك أو يموت‬ ‫الحمار ] ‪ ،‬هن��ا أعلن جحا للجميع أن الذي‬ ‫ال يس��تطيع إيقاف الزمن ال يستطيع التحكم‬ ‫في حياة العباد ‪ ،‬إنّها رس��الةٌ لكل الس��اكتين‬ ‫م��ن يعتق��دون أنهم الصابرين ‪ ،‬فالس��كوت‬ ‫عل��ى الظلم ال يعن��ي احتم��ال زواله ‪ ،‬كما‬ ‫أن الصب��ر ال يعن��ي توقع حدوث األش��ياء‬ ‫من تلقاء نفس��ها ‪ ،‬فما دام المواطن ال يمتلك‬ ‫زم��ام أمره فإن��ه س��ينتظر كل االحتماالت‬ ‫الممكن��ة دون أن يكون ل��ه الحق في تقرير‬ ‫مصيره ‪.‬‬ ‫[ يُحك����ى أنّ تيمورلنك دع����ا حجا لمباراة‬

‫قطيع تائ ٍه يلتهم فيه‬ ‫واقع األمر ليس س��وى‬ ‫ٍ‬ ‫الق��وي الضعيف ‪ ،‬ويف ّر في��ه هذا الضعيف‬ ‫نحو الجنون ‪ ،‬أو إ ّدعاءه في أبسط الحاالت‬ ‫إن المرأة العاقلة ف��ي مجتمع المجانين هي‬ ‫المرأة التي تعلم أن حقّها في الحياة الدنيا أن‬ ‫رجل بدون الحاجة إلى الجنون‬ ‫تعي��ش دون‬ ‫ٍ‬ ‫‪.‬‬ ‫[ يُحك����ى أنّ س����أل الناس جح����ا ‪ :‬أيهما‬ ‫أكب����ر ‪ ،‬الفالح أم الس����لطان ‪ ،‬فأجاب ‪ :‬بل‬ ‫الف��ل�اح أعظم ‪ ،‬فلو لم يزرع القمح ‪ ،‬لمات‬ ‫الس����لطان من الجوع ] ‪ ،‬هنا أعلن جحا أنه‬ ‫هنال��ك ح ٌّل للفالح ب��أن يتوقّف عن زراعة‬ ‫القم��ح ‪ ،‬ك��ي يم��وت المل��ك ‪ ،‬فاإلقطاعي‬ ‫ال��ذي يجلد عبيده يأتيهم بوجبة العش��اء كل‬ ‫ليل��ة ال ألنه يريد ذبحهم على عش��اء الليلة‬

‫الجند في الرماية ‪ ،‬وطلب منه أن يرمي ‪،‬‬ ‫فص ّوب جحا ف����ي األولى ولم يصب فقال ‪:‬‬ ‫هكذا يرمي رئيس الشرطة ‪ ،‬ورمى الثانية‬ ‫و لم يصب ‪ ،‬فقال ‪ :‬هكذا يرمي حاكم بلدنا‬ ‫‪ ،‬ورمى الثالثة فأصاب وقال ‪ :‬هكذا أرمي‬ ‫أنا ] ‪ ،‬هن��ا يقول جحا أن مس��ؤوليّة رجل‬ ‫الشرطة ‪ ،‬والحاكم عبر اإلدارة المنهارة ال‬ ‫تتطلب منهما س��وى أن يبقيا في منصبيهما‬ ‫‪ ،‬اله��دف الوحي��د ال��ذي يج��ب أن يتحقّق‬ ‫بواس��طتهما هو ضمان س��كوت المواطن ‪،‬‬ ‫و الذي لن يدوم س��كوته إلى األبد ‪ ،‬أنّها لغة‬ ‫ت ال تعن��ي الكثير ‪ ،‬فهذا‬ ‫التهدي��د في كلم��ا ٍ‬ ‫المواطن األعزل لن يسكت عندما يتحصّل‬ ‫على الح��ق في الحديث والدفاع عن نفس��ه‬ ‫أمام طابور المخبرين ‪ ،‬الش��رطة بل وحتى‬

‫أمام الحاكم ‪.‬‬ ‫[ يُحك����ى أنّ أتى رج ٌل لخطب����ة ابنة جحا‬ ‫واس����مها " بهانة " ‪ ،‬و قال له ‪ :‬أني أريد‬ ‫خطبة كريمتك ‪ ،‬فأجابه جحا ‪ :‬كريمةٌ هذه‬ ‫ليست عندي ‪ ،‬بل لدي ابنة اسمها " بهانة‬ ‫" ] ‪ ،‬هنا يطلب جحا من الرجل أن يس�� ّمي‬ ‫األش��ياء بمس��ميّاتها ‪ ،‬وهذه مه ّمةٌ مستحيلةٌ‬ ‫في مجتمع فقد حقّه في الحديث بلغ ٍة يفهمها‬ ‫الجمي��ع ‪ ،‬العل��م لي��س فقه��ا ً ‪ ،‬و الفقه ليس‬ ‫علما ً ‪ ،‬العين للرؤية و ليست وسيلةً إللحاق‬ ‫الضرر باآلخرين ‪ ،‬الموظّف ليس ل ّ‬ ‫صا ً ‪ ،‬و‬ ‫الل��ص ليس موظّفا ً ‪ ،‬الم��ال العام ليس مال‬ ‫الدولة ‪ ،‬بل مال المواطنين ‪ ،‬وس��رقة المال‬ ‫العام تعني سرقة المواطنين جميعا ً ‪ ،‬السجن‬ ‫ليس مكانا ً لإلصالح ما دام المجتمع يفش��ل‬ ‫في من��ع المواطن من الدخول إلى الس��جن‬ ‫‪ ،‬و مادام الس��جن يمنع المس��جون من حق‬ ‫اختي��ار البيئة التي يريد أن ينش��أ فيها ‪ ،‬فإن‬ ‫بيئة الس��جن تنتج فقط مجرما ً أكثر حنكةً ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫إنس��ان خرج بجس��ده‬ ‫الخرّيج الجامعي هو‬ ‫ً‬ ‫م��ن الجامعة وال يزال عقل��ه أميّا ال يعرف‬ ‫سوى تهجئة األحرف ‪ ،‬لكن هذا الخروج ال‬ ‫يعطي��ه الحق في الدخول إلى واقع المجتمع‬ ‫الحي ليك��ون جزأً منه ‪ ،‬فالمجتمع ليس حيّا ً‬ ‫مادام المواطن ليس سوى ترسا ً في منظومة‬ ‫إنس��ان‬ ‫ميكنة اإلقطاع ‪ ،‬فاآللة ال تحتاج إلى‬ ‫ٍ‬ ‫صالح ‪ ،‬بل تحتاج إلى وقو ٍد قابل لالحتراق‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ،‬هن��ا يعل��ن جح��ا أن الطريق��ة الس��ليمة‬ ‫حوار ممكن ونتيج ٍة فعّال ٍة هي‬ ‫للوصول إلى‬ ‫ٍ‬ ‫عبر معرفة األشياء على حقيقتها ‪.‬‬ ‫بقوم اجتمعوا يضربون‬ ‫[ يُحكى أنّ م ّر رج ٌل ٍ‬ ‫رجلاً ‪ ،‬و بينهم جحا فس����أله الرجل ‪ :‬لماذا‬ ‫تضرب����ون الرجل ‪ ،‬فأجابه ‪ :‬وهللا لس����ت‬ ‫أدري ‪ ،‬لكنّي رأيته����م يضربونه فضربته‬ ‫معهم هلل طالب����ا ً الثواب ] ‪ ،‬هنا يجيب جحا‬ ‫الرجل قاصداً الق��ول بأن كل من ي ّدعي أنه‬ ‫يفعل ش��يئا ً [ هلل ] هو كاذبٌ ال يعرف حقيقة‬ ‫م��ا يفعل��ه ‪ ،‬هللا ليس في حاج�� ٍة كي يتكرّم‬ ‫اإلنس��ان بفعل ش��ي ٍء له ‪ ،‬وهو ر ٌّد لن يفهم‬ ‫معناه س��وى من ي ّدعي أنّه يتح ّدث باسم هللا‬ ‫‪ ،‬فالخليفة األموي الذي كان يقتل المسلمين‬ ‫قائ�لاً ‪ ... [ :‬أن��ه قض��اء هللا فيه��م ] ‪ ،‬كما‬ ‫فرديناند ملك إسبانيا وزوجته إيزابيال وهما‬ ‫يعلنان حربا ً مق ّدس��ة باسم الرب ضد اليهود‬ ‫و المسلمين ‪ ،‬لم يطلب منهم هللا القيام بدوره‬ ‫عل��ى األرض ‪ ،‬فكل األش��ياء التي تتم [ هلل‬ ‫] س��ببها أشياء أخرى ال صلة لها باهلل بقدر‬ ‫صلتها بمن يفعلها أوالً وأخيراً ‪.‬‬ ‫سباق‬ ‫فرس س����ابقةً في‬ ‫[ يُحكى أنّ طلعت‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫للخي����ل ‪ ،‬وجعل جحا يث����ب و يقفز فرحا ً و‬ ‫يصف����ق بيديه ‪ ،‬فقال له رج ٌل ‪ :‬هذا الفرس‬ ‫ل����ك ؟ ‪ ،‬أجاب����ه ‪ :‬ال بل اللج����ام لي ] ‪ ،‬هنا‬ ‫مواطن يخدع نفس��ه ‪،‬‬ ‫يتح ّدث جحا بلس��ان‬ ‫ٍ‬


‫‪22‬‬

‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫يصيح بحياة الحاكم وهو يعلم أنّه ال يملك أن‬ ‫يق ّدم لهذا الحاكم سوى هتافا ً مماثالُ للذي كان‬ ‫يقوله لمن س��بقه ‪ ،‬والحاك��م أيضا ً يعلم ذلك‬ ‫‪ ،‬المواطن الذي ال يس��تطيع تقرير مصيره‬ ‫حتى في اإلضراب عن األكل احتجاجا ً على‬ ‫غالء س��عر رغيف الخبز الذي ال يس��تطيع‬ ‫ش��راءه ‪ ،‬طلب االكتراث بقضاي��ا ال تعينه‬ ‫لش��راء ه��ذا الرغي��ف ‪ ،‬مج��رّد مزح��ةً ال‬ ‫تستحق الضحك ‪.‬‬ ‫[ يُحكى أنّ قيل لجحا ‪ :‬انتظر فالفرج قريب‬ ‫‪ ،‬فقال ‪ :‬أخاف أن يجيء الفرج فال يجدني‬ ‫] ‪ ،‬هذه حقيقةٌ بالنس��بة للمواطن الذي ينتظر‬ ‫دون أن يأخذ زمام المبادرة ‪ ،‬وهذا هو نفس‬ ‫المواط��ن الذي تخلق��ه لغة الفقي��ه الذي مذ‬ ‫جاء اإلس�لام وهو يتح ّدث لغةً أخرى ‪ ،‬لغة‬ ‫اإلس�لام الزائفة ‪ ،‬فاالنتظار ال يكلّف شيئا ً ‪،‬‬ ‫سوى أن المواطن الذي يتّكل على مجموع ٍة‬ ‫م��ن الخراف��ات والترّهات يخس��ر حقّه في‬ ‫االختي��ار ‪ ،‬فكل االحتماالت الممكنة تس��قط‬ ‫عاطل‬ ‫ما أن يعتمد المواطن على أقوال فقي ٍه‬ ‫ٍ‬ ‫عن العم��ل ‪ ،‬الفقه ليس وظيفةً ‪ ،‬األمر بهذه‬ ‫البساطة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫[ يُحك����ى أنّ كان جح����ا جنديّ����ا ‪ ،‬و الحظ‬ ‫الضابط أن جح����ا ال يفهم جيداً ما يؤمر به‬ ‫‪ ،‬فق����ال له ‪ :‬ف ّكر بعقلك ‪ ،‬لماذا خلق هللا لك‬ ‫رأس����ا ً ؟ ‪ ،‬فأجاب����ه جحا ‪ :‬ك����ي نضع عليه‬ ‫الطرب����وش ] ‪ ،‬هنا تكلم جحا بلغة العس��كر‬ ‫‪ ،‬وهي مش��ابهةٌ للغ��ة الفقيه لكنّها تمتاز عن‬ ‫مع��ان خفيّةً غير‬ ‫األخي��رة كونه��ا ال تحمل‬ ‫ٍ‬ ‫واضحة المعالم س��وى للفقيه ‪ ،‬عندما يخسر‬ ‫اإلنس��ان القدرة بل والحق في استخدام عقله‬ ‫آن واح�� ٍد ‪ ،‬حينه��ا يصبح‬ ‫وعضالت��ه ف��ي ٍ‬ ‫مكان لوضع الطربوش ‪ ،‬كائنا ً‬ ‫رأسه مجرّد‬ ‫ٍ‬ ‫أخرس طليق اللسان يتح ّدث بطالق ٍة عدا عن‬ ‫حقّه في الحديث ‪ ،‬أعمى يرى ك ّل شي ٍء عدا‬ ‫حقيق��ة أنه ال يرى ش��يئا ً ‪ ،‬أصم يس��مع كل‬ ‫األصوات عدا صوته ‪.‬‬ ‫[ يُحكى أنّ حاول جحا أن يش����عل النار في‬ ‫الموقد ‪ ،‬فلم يشتعل ‪ ،‬فلبس جلباب زوجته‬ ‫ونفخ فاش����تعلت الن����ار ‪ ،‬فق����ال ‪ :‬عجبا ً ‪،‬‬ ‫حت����ى الموقد يخاف م����ن زوجتي ! ] ‪ ،‬هنا‬ ‫إعالن محفوف بالمخاطر ‪ ،‬مفاده ّ‬ ‫ٌ‬ ‫أن الفرق‬ ‫بي��ن الذكر واألنثى ليس س��وى فرقا ً تحكمه‬ ‫الطبيعة الجس��ديّة ‪ ،‬و خ�لاف ذلك ال تعلنه‬ ‫سوى [ التوراة ] ‪ ،‬والذي يعلن لعنة الرب [‬ ‫يهوة ] لجنس حواء التي لم يُذكر اس��مها في‬ ‫م��كان آخر خالفه ‪ ،‬ورغم ك��ون هذه اللعنة‬ ‫ٍ‬ ‫لم يقل بها الن��ص القرآني إال أن الفقيه تبنّى‬ ‫نف��س اللغة ‪ ،‬فالمرأة مس��ئولة عن أفعالها ‪،‬‬ ‫تس��تطيعها كما الرجل ‪ ،‬أما الفوارق بينهما‬ ‫فهي فروق هامش��يّ ٍة الغرض منها [ التكاثر‬ ‫] ال غير ‪ ،‬لإلنس��ان حقّه في توجيه س�لالته‬ ‫إما إل��ى األعلى أو إلى األمام ‪ ،‬والفرق بين‬ ‫االتجاهين واس ٌع جداً ‪.‬‬ ‫دقيق حمله‬ ‫[ يُحكى أنّ جحا اشترى كيس‬ ‫ٍ‬ ‫ل����ه الح ّمال ‪ ،‬وف����ي أثناء زحم����ة الطريق‬ ‫هرب الح ّمال بكيس الدقي����ق ‪ ،‬و بعد فتر ٍة‬ ‫من الزمن قابل جحا الح ّمال ‪ ،‬فاختبأ منه ‪،‬‬ ‫فسألوه ‪ :‬لماذا تختبئ من الحمال ؟ ‪ ،‬فقال‬ ‫‪ :‬أخ����اف أن يطلب منّ����ي أجرة حملة كيس‬

‫الدقيق ] ‪ ،‬هنا يرفض جحا أن يتح ّدث عبر‬ ‫مجتمع يطالب دائما ً بأن يبدأ من النهاية‬ ‫لغ��ة‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ،‬فشرع الجماعة ال يمكن أن يطبّق ما دامت‬ ‫عقيدة الجماعة غائبةً كطالسم يصعب ف ّكها‬ ‫في كت��ب الفقهاء ‪ ،‬لكن جحا يرفض أن يبدأ‬ ‫ه��ذه البداية المحفوفة بالمخاطر ‪ ،‬فاللص لم‬ ‫يأخذ حقّه الش��رعي [ أجرته ] ‪ ،‬هنا يرفض‬ ‫جحا أن يكون مس��تبداً ‪ ،‬فأس��اس العدل هو‬ ‫توفير الحقوق قبل المطالبة بالواجبات ‪ ،‬هنا‬ ‫تكون مس��ألة إقامة العدل مس��ألةً مستحيلة ‪،‬‬ ‫مذ غاب الحق في االختيار و غابت ش��ريعة‬ ‫الناس في كتب الفقه ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫[ يُحك����ى أنّ جحا صعد يوما على المنبر ‪،‬‬ ‫وقال للناس ‪ :‬أتعلمون ما الذي سأقوله لكم‬ ‫‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ال ‪ ،‬فقال ‪ :‬ال فائدة إذاً من الوعظ‬ ‫‪ ،‬ون����زل عن المنبر ‪ ،‬وف����ي اليوم الموالي‬ ‫صع����د على المنب����ر وقال ‪ :‬أت����درون ماذا‬ ‫س����أقول لكم ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬نعم ‪ :‬فقال ‪ :‬مادمتم‬ ‫تعلم����ون ‪ ،‬فما فائدة اإلع����ادة ‪ ،‬ونزل عن‬ ‫المنب����ر ‪ ،‬وفي اليوم الثالث اتفق الناس أن‬ ‫يقول بعضهم نعم ‪ ،‬والبعض اآلخر ال ‪ ،‬فلما‬

‫إس��كات ه��ذا المجتم��ع ‪ ،‬ال��كل لديهم الحق‬ ‫في الحديث ‪ ،‬والكل لديهم المس��احة الكافية‬ ‫لطرح مش��اكلهم بحثا ً عن الحلول الممكنة ‪،‬‬ ‫وال��كل ال يس��تطيعون اإل ّدعاء ب��أن فطنتهم‬ ‫اختف��ت مادام نور هللا بينهم موجو ٌد في نص‬ ‫الق��رآن الكريم ‪ ،‬هكذا يقول جحا الفقيه الذي‬ ‫يعزل نفسه عن العمل طوعا ً ‪.‬‬ ‫[ يُحك��ى ّ‬ ‫أن س��أل الن��اس جح��ا ‪ :‬ما الذي‬ ‫علّم��ك الكذب ؟ ‪ ،‬فأجاب قائ�لاً ‪ :‬فقط أعيد‬ ‫ق��ول ما أس��مع ] ‪ ،‬هن��ا أعلن جح��ا أنّه في‬ ‫مجتمع تق��ال فيه أنصاف الحقائق ‪ ،‬تُس��مع‬ ‫فقط األكاذيب كاملةً ‪ ،‬فوسائل اإلعالم تنشر‬ ‫فقط أكاذيب من يموّلها ‪ ،‬التلفاز ليس س��وى‬ ‫نافدةً تُغلق الباب أمام الحقائق ‪ ،‬فمن أكاذيب‬ ‫الساس��ة إلى أكاذي��ب الفقهاء ‪ ،‬ال يمكن ألي‬ ‫كان أن يعرف الحقيقة ما لم يقرّر قطع أذنيه‬ ‫ك��ي يتوّقف عن ق��ول األكاذيب ‪ ،‬إن أفضل‬ ‫ٌ‬ ‫مواطن تس��وّق له‬ ‫رياضة يمكن أن يزاولها‬ ‫القنوات التلفزيّة الدينية لغة الفقيه ‪ ،‬وقنوات‬ ‫التلفزيّة السياسة لغة العسكر هي [ الصمت‬ ‫]‪.‬‬

‫جاء جحا وسألهم أجابوه كما اتفقوا ‪ ،‬فقال‬ ‫لهم ‪ :‬على الذين يعلمون ‪ ،‬أن يعلموا من ال‬ ‫يعلمون ‪ ،‬ونزل عن المنبر ] ‪ ،‬هنا لم يكذب‬ ‫جحا ‪ ،‬و لم يكن يسخر من المصلّين ‪ ،‬بل أنّه‬ ‫اج َد‬ ‫ق ّدم بيانا ً واسع الصيت مفاده أن ‪ْ ( :‬ال َم َس ِ‬ ‫للِهَّ ِ ) ‪ ،‬و أن خطيب الجمعة ال يملك ما يق ّدمه‬ ‫للمصلّين سوى جمعةً س��اكتةً أخرى ‪ ،‬وأن‬ ‫وجوده أص�لاً ال معنى له ‪ ،‬فالصالة ممكنة‬ ‫م��كان و ليس��ت مرتبط��ةً باجتماع‬ ‫ف��ي أي‬ ‫ٍ‬ ‫الن��اس ‪ ،‬وعلى الط��رف اآلخر فإن اجتماع‬ ‫مرتبط بالصالة أيضً��ا ً ‪ ،‬لكن‬ ‫الن��اس غي��ر‬ ‫ٍ‬ ‫الش��يء الوحيد غير الممكن و الغير منطقي‬ ‫مقنع أو نتيج ٍة‬ ‫هو اجتماع الناس دون س��بب‬ ‫ٍ‬ ‫تنفع الناس ‪ ،‬لق��د أعاد جحا للناس الحق في‬ ‫الحدي��ث ‪ ،‬ول��م يرض أن يعزل نفس��ه عن‬ ‫الن��اس كما كان يفعل الفقي��ه ‪ ،‬وعندما تآمر‬ ‫الجميع ضد أنفسهم ‪ ،‬ق ّدم بيانا ً آخر مفاده أن‬ ‫س بِ َما َك َس��بَ ْ‬ ‫ت َر ِهينَةٌ ) ‪ ،‬فالدفاع‬ ‫‪ُ ( :‬كلُّ نَ ْف�� ٍ‬ ‫ع��ن مذه��ب الفقيه مه ّمةٌ صعب��ةٌ إذا لم تكن‬ ‫مستحيلةٌ ألن هذا الفقيه يوجد ومذهبه خارج‬ ‫المجتمع الذي يتح�� ّدث فقيهٌ أخ ٌر به لغرض‬

‫ش��خصيّة جحا ش��خصيّةٌ معقّ��دةٌ اخترعتها‬ ‫الجماع��ة للحدي��ث ب��دالً عنه��ا ‪ ،‬من خلف‬ ‫س��تار النكتة ‪ ،‬فهو جز ٌء من منظومة الثقافة‬ ‫الشفهيّة للمجتمع اإلسالمي ‪ ،‬فالخوجة نصر‬ ‫الدي��ن جح��ا ليس ش��خصيّةً تركيّ��ةً ترتدي‬ ‫الطرب��وش وتس��ير بالقبقاب الخش��بي أمام‬ ‫ح ّمام النس��اء ‪ ،‬بل هو شخصيّةٌ مركبةٌ تعلن‬ ‫عال منها ‪:‬‬ ‫أشياء عديدةً بصو ٍ‬ ‫ت ٍ‬ ‫• رأس مال المس��لم هو [ عقله ] ‪ ،‬أ ّما لسانه‬ ‫فليس س��وى م��رآةً له��ذا العقل ‪ ،‬واللس��ان‬ ‫ال��ذي يتح ّدث عب��ر عقل غي��ره ال مكان له‬ ‫ف��ي طابور الجماعة إال بصف��ة المنافق ‪ ،‬و‬ ‫هو بهذه الحالة يتنازل عن حقه في الوقوف‬ ‫داخل الطابور ‪.‬‬ ‫مبني على [ القدرة على االختيار‬ ‫• اإليم��ان‬ ‫ٌّ‬ ‫] ‪ ،‬وما أن يسقط الحق في االختيار ‪ ،‬يسقط‬ ‫اإليم��ان بنا ًء عل��ى ذلك ‪ ،‬المؤم��ن هو من‬ ‫يختار العيش وفق خياراته لتكون المسؤوليّة‬ ‫مس��ؤوليّةً جماعيّةً ‪ ،‬فالجماعة التي تختار ‪،‬‬ ‫هي التي تعيش ‪ ،‬و بنا ًء عليه هي التي تحدد‬ ‫مصيرها ‪.‬‬

‫ت واح ٍد ‪ ،‬ليس‬ ‫• المجتمع الذي يتح ّدث بصو ٍ‬ ‫مجتمع��ا ً بقدر ما هو صورةٌ س��يئة الطباعة‬ ‫زمن ‪ ،‬فهو يحاول‬ ‫لشخص اعتزل التفكير مذ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واع بحقيقة أن‬ ‫غير‬ ‫‪،‬‬ ‫خالله‬ ‫س��واه‬ ‫ّر‬ ‫أن يكر‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫هذا أم ٌر غير ممكن مادام ال يستطيع ضمان‬ ‫ع��دم تغيّر واق��ع الجماعة عب��ر العصور ‪،‬‬ ‫بسبب تحرّك عقارب الساعة ‪.‬‬ ‫• المواطن النافع وفق منطق رجل اإلقطاع‬ ‫‪ ،‬هو العامل الذي يمكن االس��تغناء عنه بعد‬ ‫عمل‬ ‫دفع التأمي��ن الصحّي بنا ًء على إصابة‬ ‫ٍ‬ ‫بعامل آخر قليل الكالم ال‬ ‫‪ ،‬كي يتم اس��تبداله‬ ‫ٍ‬ ‫يس��أل عن مصير العامل الذي أتى بدالً عنه‬ ‫‪ ،‬لك��ن في واقع األمر هذا العامل هو س��بب‬ ‫بقاء رجل اإلقطاع و هذه حقيقةٌ غائبةٌ ‪.‬‬ ‫• الفقي��ه ه��و موظّ ٌ‬ ‫ف عاط ٌل ع��ن العمل مذ‬ ‫توقّف ع��ن الحدي��ث بلغة الن��اس ‪ ،‬مكرّراً‬ ‫أقوال من س��بقه من فقهاء ‪ ،‬إذ ّ‬ ‫أن وجوده ال‬ ‫مبرّر له إال في حال كان المس��لمون يقيمون‬ ‫قدم واحد ٍة ‪.‬‬ ‫الصالة وهم يقفون على ٍ‬ ‫مجتمع ينكر ح��ق المرأة في االختيار‬ ‫• ف��ي‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ،‬الم��رأة المجنونة هي من م��ات زوجها ‪،‬‬ ‫وه��ي أيضا ً من ال تمل��ك زوجا ً تلعب أمامه‬ ‫دور الضحيّة في عالق ٍة الهدف منها فقط دفع‬ ‫الساللة إلى األمام ‪.‬‬ ‫• الس��لطان العادل هو السلطان الذي يموت‬ ‫دون أن يخشى أن يدفعه أح ٌد من رعيّته إلى‬ ‫ٌ‬ ‫موظ��ف وظيفته هي‬ ‫ذلك اتّقا ًء لش��روره ‪،‬‬ ‫خدمة الجميع ‪ ،‬وعندما يؤ ّدي وظيفته يمكنه‬ ‫السير في الس��وق دون حاج ٍة إلى حماي ٍة أو‬ ‫ستار يحجبه عن الناس ‪ ،‬و يحجبهم عنه ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫• بواسطة لغة الفقيه ‪ ،‬و لغة العسكر ال يمكن‬ ‫فهم الكلمات على حقيقتها ‪ ،‬و ال يمكن تفسير‬ ‫األش��ياء كما هي ‪ ،‬ألن��ه وفي هذه اللغة لكل‬ ‫معان ‪ ،‬فالفقيه ال��ذي يقرأ بعينه‬ ‫ش��ي ٍء ع ّدة‬ ‫ٍ‬ ‫فق��ط [ ظاه��ري ] ‪ ،‬والفقي��ه ال��ذي يغمض‬ ‫عينيه أثناء القراءة [ باطني ] ‪ ،‬والفقيه الذي‬ ‫ال يق��رأ أصالً [ عس��كري ] ‪ ،‬وعبر طرق‬ ‫الق��راءة الثالث هذه تفق��د كل كلم ٍة معناها ‪،‬‬ ‫لتبقى محكومةً بنيّة مبيّت ٍة مسبقا ً ‪.‬‬ ‫• هللا ال يكلّ��ف النف��س إلاّ وس��عها ‪ ،‬كما أن‬ ‫هللا أيض��ا ً ال يكلّف أح��داً للعمل بدالً عنه في‬ ‫األرض ‪ ،‬حتّى الرس��ل كانوا فقط موصلين‬ ‫لرس��ال ٍة ليس��وا مطالبين بإلزام الناس على‬ ‫تطبيقه��ا [ كرها ً ] ‪ ،‬هللا العادل وهب الجميع‬ ‫الحق في االختيار ‪ ،‬و هللا فقط يح ّ‬ ‫ق له سلب‬ ‫هذا الحق ‪.‬‬ ‫هكذا عدن��ا إلى عالم جح��ا ‪ ،‬لغرض قراءة‬ ‫عالمن��ا ‪ ،‬في محاولة لق��راءة واقع المجتمع‬ ‫اإلسالمي الذي استسلم لسلطة رجل اإلقطاع‬ ‫‪ ،‬وال��ذي كتب تاريخ األمة بالمقلوب ‪ ،‬لنجد‬ ‫أنفس��نا نقرأ عن اإلس�لام الحقيقي في كتب‬ ‫جح��ا و نوادره ‪ ،‬أ ّما ما ي��رد في خالفه من‬ ‫كت��ب التاريخ المفبركة فيظل إعالنا ً س��افراً‬ ‫مف��اده أن األ ّمة تعيش خ��ارج واقعها ‪ ،‬عبر‬ ‫مس��يرة اإلس�لام الزائف والتي كتبها فقهاء‬ ‫الس��لطان بلغ�� ٍة ال يفقهه��ا أحد عل��ى امتداد‬ ‫الزمن الموصل للحالة اليوم ‪.‬‬


‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫‪23‬‬


‫السنة األولى العدد ‪ 27 ( 33-‬ديسمبر‪)2011‬‬

‫( إعــالن عن مناقصة عامـة )‬

‫جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي‬ ‫يعلن جهاز تنفيذ وإدارة مش���روع النهر‬ ‫الصناعي عن طرح عطاء مناقصة عامة‬ ‫بش���أن تقديم خدمات اإلعاشة والنظافة‬ ‫العام���ة بمواقع المش���روع ف���ي كل من‬ ‫(الحساونة والشويرف والسدادة ومركز‬ ‫الدعم بقصر بن غشير وترهونة والقره‬ ‫بولل���ي وأبوزي���ان) التابع���ة لمنظومة‬ ‫الحساونة ‪ /‬سهل الجفارة‪ ،‬فعلى الشركات‬ ‫والتش���اركيات المتخصصة والتي ترغب‬ ‫بالمش���اركة ف���ي هذه المناقص���ة التقدم‬ ‫إل���ي جهاز تنفيذ وإدارة مش���روع النهر‬ ‫الصناعي بمقره الكائ���ن ببنغازي وذلك‬ ‫لسحب مستندات طلب العروض (كراسة‬ ‫الشروط والمواصفات) في أوقات الدوام‬ ‫الرس���مي ابت���دا ًء من تاريخ نش���ر هذا‬ ‫اإلعالن وفقا ً للشروط التالية‪-:‬‬ ‫‪ )1‬أن يكون لدى المتقدم الخبرة والقدرة‬ ‫على تنفيذ مشاريع مش���ابهة لموضوع‬ ‫المناقصة‪.‬‬

‫‪ )2‬أن يرفق المتقدم بعرضه المستندات الدالة على خبرته وصورة رسمية‬ ‫لعقد التأسيس والنظام األساسي والوضع المالي له‪.‬‬ ‫‪ )3‬يمكن للمتقدمين ش���راء مس���تندات طلب الع���روض حتى يوم الخميس‬ ‫الموافق ‪ 2012 /01 /12‬م‪.‬‬ ‫‪ )4‬أن تكون صالحية العروض س���ارية المفعول لمدة س���تة (‪ )6‬أشهر من‬ ‫تاريخ تقديمها‪.‬‬ ‫‪ )5‬مقابل سحب مس���تندات طلب العروض يدفع مبلغ مالي وقدره (‪1000‬‬ ‫د‪.‬ل) أل���ف دينار غير قابل���ة للترجيع وذلك بموجب ص���ك مصرفي يودع‬ ‫بحساب جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي رقم (‪ )550020‬طرف‬ ‫مصرف الوحدة وكالة النهر الصناعي بمدينة بنغازي‪.‬‬ ‫‪ )6‬يرفق بالعروض المقدمة تأمين ابتدائي قدره (‪ 20,000‬د‪.‬ل) عش���رون‬ ‫أل���ف دينار ال غي���ر وذلك بموجب صك مصدق يتم ترجيعه لمن ال يرس���ي‬ ‫عليهم العطاء‪.‬‬ ‫‪ )7‬تُقدم العروض (التجارية والفنية) بواقع أصل وثالثة نسخ إلى أمين سر‬ ‫لجنة العطاءات بمقر الجهاز ببنغازي في مظاريف مغلقة ومختومة بالشمع‬ ‫األحمر بحلول الس���اعة الثانية عش���رة (‪ )12‬ظهراً من يوم األحد الموافق‬ ‫‪ 2012 /01 /15‬م حيث س���يتم فتح المظاريف فى جلس���ة علنية بحضور‬ ‫مندوبين عن الشركات والتشاركيات المتقدمة‪.‬‬ ‫‪ )8‬لمزي ِد من االستفسارات يرجى االتصال باألرقام التالية ‪-:‬‬ ‫هاتف‪ /‬بريد مصور ‪-0612223705 -0612238347 -:‬‬ ‫إدارة مشروع النهر الصناعي‬

‫العدد ‪ 27( 33‬ديسمبر‪2011‬م)‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.