العدد 47

Page 1

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫‪WWW.miadeen.com‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪47‬‬

‫‪ 3‬أبريل ‪2012‬‬

‫الثمن ‪ :‬دينار‬


‫‪02‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫االفتتاحية يكتبها ‪ :‬أحمد الفيتوري‬

‫ولليبيا وعلي ليبيا السالم‬

‫‪afaitouri_55@yahoo.com‬‬ ‫‪afaitouri.55@gmail.com‬‬ ‫ميادين صحيفة ليبية متنوعة‬ ‫تصدر من بنغازي‬

‫رئيس التحرير‬ ‫أمحد الفيتو ري‬ ‫مدير التحرير‬ ‫سامل العوكلي‬ ‫سكرتري التحرير‬ ‫هليل البيجو‬ ‫إشراف فين‬ ‫عمر جهان‬ ‫مدير إداري‬ ‫خليل العرييب‬ ‫‪0925856779‬‬ ‫رسوم داخلية‬ ‫حممود احلاسي‬

‫طباعة‬ ‫دار النور للطباعة‬ ‫إخراج وتنفيذ‬

‫حسني محزة بن عطية‬

‫ل��م أع��د أكتب منذ م��دة ‪ ،‬حتى تركت كتاب��ة االفتتاحية ‪ ،‬الصديق مجدى أنور طل��ب منى أن أكتب‬ ‫االفتتاحية على األقل ‪ ،‬لم أجبه حينها ألني ال أجد جوابا؛ بدأ وكأنني ال أجيد الجواب‪ ،‬بت ال أعرف‬ ‫ما أكتب ‪ :‬كل ما أرى متشابه إلى حد أن الخالئط التي تظهر هنا وهناك واحدة‪ ،‬كما أن الجميع باتوا‬ ‫ينتجون ويفرزون واحدا‪ ،‬واحدا وإن نشاهده منقسما على نفسه حتى التفتت ‪.‬‬ ‫لقد دوخت الحرية الجميع وجعل األكس��جين من الجميع مفردا بصيغة الجمع ‪ :‬أحزاب كثيرة كأنما‬ ‫ليس��ت غير حزب واحد ‪ ،‬منضمات مجتمع مدني كثيرة كثيرة لكنها ‪ :‬مجتمع مدني مس��لح ‪ ،‬صحف‬ ‫واذاعات وتلفزيونات لكنها شاشة واحدة واحداثيات واحدة‪ ،‬كلها غصت باالناشيد وأزيز الرصاص‬ ‫وتبي��ع نف��س بضاعة القتل ‪ :‬التحري��ض فالكل يحرض على الكل ‪ ،‬وأي واحد يس��تهجن أي واحد ؛‬ ‫اختلط محمود جبريل ببوبكر بعيرة واإلخوان المس��لمون بالليبراليين‪ ،‬كأنما الجميع س�لافيون همهم‬ ‫حف��ر القب��ور أو تهدي��م األضرحة ‪ ،‬فال طعم وال ل��ون و ال رائحة ‪ ،‬و ال ص��وت يعلو على صوت‬ ‫الرصاص ‪ :‬رصاص حى أو تهم تطلق جزافا ‪ :‬كل واحد يتهم اآلخر بالسرقة أو بأنه من أزالم من‬ ‫أعتقد أنه مقبور‪ ،‬وهو الحى الميت من ينطق كل فرد بلسانه‪ ،‬ليس كمثله أحد‪ ،‬ويتكلم لغة هذا الحى‬ ‫الميت ‪.‬‬ ‫المجل��س اإلنتقال��ي ومفوضية االنتخاب��ات ومجلس الوزراء االنتقالي أيضا وحتى الش��عب الوطنى‬ ‫االنتقال��ي ‪ :‬الكل لم يفعل ش��يئا فالكل أس��واء من الكل ‪ :‬العائدون مثلما القابع��ون ومثلما من لم يعد؛‬ ‫هؤالء يرثون حالنا نحن من ال دولة لنا‪ ،‬اليتامي‪ ،‬من ال قضاء عندهم وال جيش وبوليس‪ ،‬من السالح‬ ‫والقتل لعبتهم‪ ،‬وأطفالهم‪.‬‬ ‫الربيع خرف مبكرا !‬ ‫أساطير ‪ :‬مصراته غراد والزنتان والجبل األشم وعاصمة الثورة وطرابلس العاصمة األبدية وأحمد‬ ‫الزبير مانديال ليبيا‪ ،‬فاق الجمع على أنها من أساطير األولين‪.‬‬ ‫مناضل��ون وجرحى ونس��اء حرائر كلهم يتداعكون على الف��يء ‪ :‬طب وظيفة ‪ ..‬طب مرتب ‪ ..‬طب‬ ‫رحلة عالجية ‪ ،‬اختزل الوطن في البنك الوطنى وغرقت مدن البالد في فضالت من كسل وأوساخ ‪،‬‬ ‫وتحول علم االستقالل إلي خرقة تلف كل شيء حتى ال شيء ‪ ،‬والنشيد الوطني ووضع اليد اليسرى‬ ‫علي القلب صارا كما أي شيء ال يعني شيئا ‪.‬‬ ‫أصبحنا الشعب الثائر وأضحينا الشعب المستفز وأمسينا الشعب الذي ال يحب نفسه و ال يحب أحدا‬ ‫‪ :‬غضب للغضب وفعل الالفعل ‪ .‬أما المستش��ار ومستش��ار المستشار ونائب المستشار واالعضاء‪،‬‬ ‫والرئي��س والوزير ووكي��ل الوزراء‪ ،‬كما الحرس البلدي وفرد البوليس جمعهم يلوح باالس��تقالة أو‬ ‫استقال‪.‬‬ ‫اللي يحب يفهم يدوخ استمرينا هذا الشعار وباتت مسألة التفاؤل غش ومن غش ليس منا ‪.‬‬ ‫الكل من االخوان المسلمين وليس من أحد من االخوان المسلمين!‬ ‫الكل فعل الثورة والثورة لم تفعل شيئا !‬ ‫التيار الوطني ال وطن له والوطن كما تهمة ال تهم !‬ ‫غلق الشوارع واالعتصام كما الرفض لالشيء!‬ ‫التحالف الوطنى كما حزمة كرناف يتحالفون علي أن ال يتحالفوا!‬ ‫ليبي��ا االح��رار ‪ ،‬ليبيا ح��رة ‪ ،‬ليبيا أوال ‪ ،‬ليبيا الوطنية ‪ ،‬ليبيا؛ جميعها تغرد علي ليبياها من ال وجود‬ ‫لها‪.‬‬ ‫القرآن شريعة المجتمع ‪ ،‬الخمرة ممنوعة والسياحة حرام والفدرالية كما العلمانية كفر ديمقراطي !‬ ‫هؤالء عمالء قطر أما اولئك فسيكونون عمالء دولة ما !‬ ‫جبهة االنقاذ الوطنى كما حزب الخلوط ! لم تقدر على انقاذ الوطن فانقذت نفس��ها؛ ألم تغير اس��مها ‪:‬‬ ‫التضامن الوطني المؤتمر الوطني كما الحمى القالعية جعلت الوطن مهمة قدمت في عطاء لشركة‬ ‫داوو أو بلفنجر !‪.‬‬ ‫أم��ا الفن��ان خالد الفاضلي فق��د راهن أن ال تحدث في الب�لاد انتخابات‪ ،‬مما ذكرن��ي بمقالة للزحف‬ ‫األخضر‪ :‬دعوة لتشكيل حزب وأردفت هذا المقال بمقال ‪ :‬الحمد هللا لم يسجل أحد ‪ ،‬وهذا كأنه مهمة‬ ‫مفوضية االنتخابات التي تعمل في السر و في ظنها أن االنتخابات ممنوعة ‪.‬‬ ‫كل هذا وغيره تس��معه وتش��اهده وتقراءه وهو لسان حال حتى الصم والبكم ‪ ،‬ونجوم الجزيرة ومن‬ ‫العربية وبي بي سي !‪ ،‬وهنا لست غير ناقل‪ -‬أي ما ورد ليس مني ‪ -‬وناقل الكفر كما يخيل لي ليس‬ ‫بكافر ‪ ..‬الخ ‪ ..‬آخ ‪.‬‬

‫ولليبيا وعلي ليبيا السالم ‪.‬‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫‪03‬‬

‫تقارير إخبارية‬

‫اجلمعية الليبية ألمراض و زراعة الكلي تعقد اجتماعا نوعيا‬

‫عقد يوم الثالث��اء الموافق ‪ 27-3-2012‬م‬ ‫االجتماع التفعيلي للجمعية الليبية ألمراض‬ ‫و زراع��ة الكل��ي برعاي��ة مركز خدمات‬ ‫الكلى – بنغازي بمبني الدعوة االسالمية‬ ‫بنغ��ازي و بحض��ور اطباء م��ن طرابلس‬ ‫‪,‬مصراتة ‪,‬الزاوية ‪,‬زوارة ‪ ,‬درنة و غيرها‬ ‫‪..‬بدأ االجتماع بالنشيد الوطني‬ ‫افتتحت الكلمة مديرة مركز خدمات الكلي‬ ‫بنغازي د‪.‬امال شرمدو بقولها ‪:‬‬ ‫(( زمالئ��ي زميالت��ي الس�لام عليك��م و‬ ‫رحم��ة هللا ‪..‬ارحب بكم ف��ي مدينة بنغازي‬ ‫الحبيبة ش��رارة الث��ورة و حاضنتها ‪,‬و في‬ ‫أي جم��ع كريم ال يفوتنا ان نتذكر ش��هدائنا‬

‫االب��رار الن الوف��اء لدمائهم نص��رةً لدين‬ ‫هللا والوط��ن ‪ ,‬كم��ا نتمنى الش��فاء العاجل‬ ‫للجرحى و عودة المفقودين لذويهم ‪..‬‬ ‫لق��د ّ‬ ‫م��ن هللا ليبيا بهذا النص��ر حتى يقود‬ ‫الليبيين وطنهم الذي طالما احبوه و جاءت‬ ‫ثورة السابع عش��ر من فبراير لتترجم هذا‬ ‫الحب في اروع صوره ‪.‬من صور للبطولة‬ ‫التي شهدها القاصي و الداني‬ ‫زمالئ��ي نجتم��ع الي��وم م��ن كاف��ة ربوع‬ ‫الوط��ن الحبيب لتفعيل دور الجمعية الليبية‬ ‫ألمراض و زراعة الكلي متمنيين ان يشعر‬ ‫الجمي��ع في هذا المجال انهم جزء ال يتجزأ‬ ‫من ه��ذا الكيان الذي يمثله��م و ان للجميع‬

‫‪ 5‬ابـــريل ‪2012‬‬ ‫الذكرى الثانية والثالثين الستشهاد المناضل‬

‫مـحـمـد فــرج حـمــي‬

‫يقيم أصدقاء وأحباء الشهيد ‪ ،‬لقاء بالمناسبة‬ ‫الستعراض أهم وقفات نضاله ضد الطغيان‬ ‫والظلم‬ ‫وذلك يوم الخميس ‪ - 2012 /4 /5‬الساعة‬ ‫الخامسة مساء‬ ‫بمبني الدعـوة االسالميـة بنغـازي‬ ‫لالستفسار االتصال بالهاتف‪6918-376-091‬‬ ‫أو ‪091-878-9484‬‬

‫ختفيض األسعار خبدمات‬ ‫االتصاالت واملعلوماتية‬ ‫ف��ي اطار س��عي وزارة االتص��االت والمعلوماتية للنهوض بخدم��ات االتصاالت‬ ‫والمعلوماتية من حيث الجودة واالسعار واالنتشار ‪ ,‬باشرت شركة ليبيا لالتصاالت‬ ‫والتقنية في تدش��ين أولى خطوات التحس��ين والمتمثلة في تخفيض سعر االشتراك‬ ‫لخدمة "ليبيا ماكس" وبنس��بة ‪ % 25‬حيث اصبح االش��تراك الشهري حاليا بقيمة‬ ‫‪ 30‬دينار بدال من ‪ 40‬دينار ‪.‬‬ ‫‪ DSAL‬كما تم تخفيض الحصة الشهرية لخدمة ليبيا‬ ‫بنس��بة ‪ % 43‬حي��ث اصبح��ت حاليا ‪10‬جيجا بدال من ‪ 7‬جيجا وتم تخفيض س��عر‬ ‫الحصة االضافية بنس��بة ‪ 50%‬حيث اصبحت الحصة الش��هرية حاليا ‪ 5‬دينار بدال‬ ‫من ‪ 10‬دينار لكل جيجا ‪.‬‬ ‫مكتب االعالم بوزارة االتصاالت والمعلوماتية‬

‫دور من��وط به التطوير و الرقي بخدماته ‪,‬‬ ‫سائلين هللا ان نري دالئل ذلك في المستقبل‬ ‫القريب انه و لي النعمة و ولي التوفيق ‪)).‬‬ ‫و تنق��ل الميكروفون بي��ن االطباء في تلك‬ ‫الجلس��ة للبحث عن كيفية تفعي��ل الجمعية‬ ‫و بطريق��ة تخدم الجميع ‪.‬و االس��تفادة من‬ ‫التجرب��ة الس��ابقة ‪..‬و اعادة الحياة لجس��م‬ ‫الجمعية الذي لم يكن يؤدي عمله بالطريقة‬ ‫المطلوبة ‪.‬‬ ‫‪..‬و للعل��م ان ه��ذه الجمعي��ة تأسس��ت في‬ ‫السابق و لم تكن تدار بطريقة يرضي عنها‬ ‫كل اعض��اء الجمعية مم��ا ادي الي اخفاق‬ ‫المجه��ودات و بالتالي عدم تحقق االهداف‬

‫التي قامت عليها الجمعية ‪.‬‬ ‫ فالخط��وة االول��ي اآلن حريصي��ن علي‬‫صحته��ا و لس��نا علي عج��ل ‪ ..‬والبد من‬ ‫وضع رؤية و خطط عمل مقترحة ‪..‬‬ ‫والب��د من التواص��ل بين مراك��ز خدمات‬ ‫الكلى بربوع ليبيا و حتى المراكز العالمية‬ ‫بتنشيط موقع الجمعية علي االنترنت و فتح‬ ‫صفح��ة علي الفيس ب��وك ‪,‬و في الختام تم‬ ‫االتف��اق علي اختيار لجنة تس��ييرية مؤقتة‬ ‫ترتّ��ب االج��راءات الخاص��ة بتفعيل دور‬ ‫الجمعية‪.‬‬

‫تأسيس احتاد التشكيليني الليبيني‬ ‫كلمة المؤسسيسن ‪:‬‬ ‫وف��اء لدم ش��هدائنا وثورة ش��عبنا وما‬ ‫تتطلب��ه المرحل��ة القادم��ة ف��ى بالدنا‬ ‫م��ن العم��ل الج��دى المنظ��م عل��ى‬ ‫جميع االصع��دة لبناء مس��تقبل افضل‬ ‫ومنطلق��ا م��ن وعينا وأدراكن��ا بأهمية‬ ‫الف��ن التش��كيلى كأح��د اه��م رواف��د‬ ‫االب��داع والثقاف��ة ومس��اهمة من��ا فى‬ ‫اث��راء المش��هد الثقافى الليب��ى وتفعيل‬ ‫دور الفن��ان لخدمة قضاي��ا مجتمعه تم‬ ‫تأس��يس اتح��اد التش��كيلين الليبين فى‬ ‫مدينة بنغازى كأحد مؤسسات المجتمع‬ ‫المدنى كخطوة اولى نحو طريق طويل‬ ‫يس��تلزم من��ا كفناني��ن تظاف��ر جميع‬ ‫الجه��ود والعمل بش��كل جماعى منظم‬ ‫يعتمد على روح العطاء وحسن االدارة‬ ‫وال��ذى م��ن خالله نس��عى للمس��اهمة‬ ‫مع المؤسس��ات الثقافي��ة االخرى فى‬ ‫تقديم ص��ورة حقيقية مش��رفة للحركة‬ ‫التش��كيلية فى ليبيا وكلنا طموح وامل‬ ‫وثقة بقدراتنا وامكانياتنا لتحقيق اهدافنا‬ ‫و ترسيخ قيم االبداع والجمال ‪.‬‬ ‫اهداف اتحاد التشكيلين الليبين‬ ‫‪ 1-‬النهوض بالفن التشكيلى والتعريف‬

‫به فى الداخل والخارج ‪.‬‬ ‫‪ 2‬الدفع بالمواهب الش��ابة وتشجيعها‬‫والعمل على بناء جيل جديد يساهم فى‬ ‫بناء ليبيا ‪.‬‬ ‫‪ 3‬نش��ر الوعى الثقافى البصرى وبما‬‫يخل��ق نوع م��ن التواصل بي��ن الفنان‬ ‫والمتلقى ‪.‬‬ ‫‪ – 4‬الس��عى وراء مد جس��ر التواصل‬ ‫الثقافى مع المؤسسات الثقافية وغيرها‬

‫من مؤسس��ات المجتم��ع المدنى محليا‬ ‫ودوليا ‪.‬‬ ‫‪ – 5‬المس��اهمة فى التخطي��ط والدعم‬ ‫والمش��ورة عند الطلب وبكل مايس��هم‬ ‫فى أع��ادة بناء واعم��ار ليبيا وتجميل‬ ‫مدنها ومرافقها ‪.‬‬


‫‪04‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫هشام مطر يف أرض الرجال‬ ‫إنتصار بورواى‬ ‫ف��ى أمس��ية من أماس��ي بنغ��ازي الجميلة‬ ‫‪...‬التقى لفيف من األدباء وعش��اق المعرفة‬ ‫والجمال بالروائي الليبي "هشام مطر"‪..‬‬ ‫ف��ى قاعة "الص��ادق النيهوم"ب��دار الكتب‬ ‫الوطني��ة من خالل ن��دوة أقامتها صحيفة‬ ‫ميادي��ن بعنوان "لقاء م��ع الكاتب الروائى‬ ‫هش��ام مطر"‪..‬وذلك ضمن أطار النش��اط‬ ‫الثقافى لصحيفة ميادين التى توزع نشاطها‬ ‫الثقافى بين مدينتى طرابلس وبنغازى ‪..‬‬ ‫الفيتورى ‪..‬وس���ياحة فى عالم "هش���ام‬ ‫مطر"‬

‫الفيت��ورى لكلمته ‪...‬ق��ام الممثل واإلذاعي‬ ‫"خالد الفاضلى "بقراءة قصة "المندس"‪..‬‬ ‫بأسلوب إذاعي متمكن وجميل ‪....‬حيث ران‬ ‫ه��دوء رائع على القاع��ة في صمت جميل‬ ‫لإلنصات إل��ى القصة عبر صوت الممثل‬ ‫القدير الذي أجاد فى قراءة القصة بش��كل‬ ‫تمثيلي رائع لشخصيات القصة ‪،‬وبعد ذلك‬ ‫أفتتح حوار جميل بين الروائي هشام مطر‬ ‫وصديق طفولته "نافع الطشاني"‪ ..‬والندوة‬ ‫قدم��ت بأخراج جدي��د مبتكر فى الندوات‬ ‫الثقافي��ة الليبية ‪...‬س��واء من حيث توظيف‬

‫ب��دأت األمس��ية بتقدي��م نب��ذة تعريفية عن‬ ‫الروائى الليبى "هش��ام مطر"‪..‬من األديب‬ ‫والصحفى أحمد الفيتورى صاحب صحيفة‬ ‫ميادي��ن الراعي��ة الرس��مية للن��دوة والذى‬ ‫أف��اض فى الحديث على تعرفه على العالم‬ ‫الروائ��ى للكات��ب "هش��ام مطر"‪..‬عب��ر‬ ‫قراءته لفص��ل من روايته ق��ام بترجمتها‬ ‫المترج��م الليبى"ف��رج الترهونى"‪..‬وق��ام‬ ‫الروائي والصحفي احمد الفيتورى بتوزيع‬ ‫كتي��ب تعريفي بالروائي بعنوان " هش��ام‬ ‫مط��ر ف��ى ب�لاد الرجال"‪...‬يحت��وى ف��ى‬ ‫مقدمته على مقالة أحتفائية بالكاتب بعنوان‬ ‫"مااليعرف��ه هش��ام"‪....‬ثم تعري��ف به فى‬ ‫س��طور‪ ,‬أيضا قص��ة "المندس"‪..‬التى قام‬ ‫بترجمته��ا "محمد عبدالنب��ى " إضافة إلى‬ ‫مجموعة م��ن مقاالت كتبه��ا الروائي عن‬ ‫ثورة ‪ 17‬فبراير ‪..‬وعن أحساس��ه الوطني‬ ‫بها ككات��ب وروائي وكأبن لمعارض ليبي‬ ‫ت��م خطفه وأخفاؤه من جانب نظام القذافى‬ ‫حت��ى اليوم كما أحتوى الكتيب كذلك على‬ ‫حديث صحفي طويل بين الصحفي هاري‬ ‫كانز رو والروائي هش��ام مط��ر بعنوان‬ ‫صوت ليبيا العزوف"‪..‬‬ ‫ق���راءة صوتي���ة لقصة جدي���دة للروائي‬ ‫هشام مطر‬ ‫بع��د ألق��اء الصحف��ي والروائ��ي احم��د‬

‫العم��ل اإلذاعي ف��ي قراءة القص��ة أو في‬ ‫إدارة الحوار بين الكاتب والمحاورين ‪..‬‬ ‫الروائي بين محاورين ‪..‬‬ ‫أستلم األستاذ نافع الطشاني إدارة الحوار‬ ‫م��ع الروائي هش��ام مطر ‪..‬وس��اعده فى‬ ‫ألق��اء االس��ئلة والمح��اورة الروائي احمد‬ ‫الفيتورى ‪..‬‬ ‫بدأ الحوار سلس��ا وجميال بعفويته حيث‬ ‫تح��دث الروائى ع��ن طفولته وصداقته مع‬ ‫أبن��اء خالته ال" الطش��انى"‪...‬الذى تربطه‬ ‫بهم كم��ا وصفها عالقة ش��بيهة بالس��حر‬ ‫ألنها عالقة حياة الفكر والعقل أو مايس��مى‬ ‫"حي��اة العقل"‪...‬ثم تح��دث بحميمية عن‬ ‫شعوره بالبلد بعد كل هذه السنين وشكر كل‬ ‫الث��وار الذين منحوه ه��ذه اللحظة ووصف‬ ‫ش��عوره برؤي��ة بنغازى بقول��ه "فوجئت‬ ‫باحساس عجيب ‪..‬بالراحة ‪...‬اكتشفت وأنا‬ ‫عل��ى كورنيش بنغازى بأنى لس��ت ضيفا‬ ‫بينما قبل كنت أش��عر بأنى ضيف وتحدث‬ ‫عن وج��وده ببيت خالته ف��ى بنغازى التى‬ ‫أصر على زيارتها أوال قبل زيارة مس��قط‬ ‫رأس��ه"طرابلس"‪...‬بقوله "هنا أتحدث عن‬ ‫هش��ام االب��ن والمواطن أمام هش��ام الفنان‬ ‫فأن��ا ال أفك��ر بهويتى كم��رأة أورجل حين‬ ‫أكت��ب ولكن بالتأكي��د يظهر فى كتاباتي أن‬ ‫ثم��ة هوس بليبي��ا ‪..‬ثم تط��رق إلى قضية‬

‫والده حين سأله المحاور عن كيفية تعريفه‬ ‫له��ا ‪..‬حيث بدا التأث��ر واضحا على وجهه‬ ‫وهو يروى حكاي��ة والده التي كانت الدافع‬ ‫وراء كتابت��ه لروايت��ه األول��ى "في ارض‬ ‫الرجال"‪...‬وس��رد قصة والده بالقول بأنه‬ ‫ف��ى مارس‪ 1990‬خطف وال��دي من بيته‬ ‫ف��ى القاه��رة بالتع��اون م��ع "المخابرات‬ ‫المصرية"‪..‬ونحن كأس��رة عشنا فى عزلة‬ ‫ألن الن��اس الليبيي��ن فى مص��ر خافوا من‬ ‫التواصل معنا وبعد س��نتين ونصف نجح‬ ‫فى تهريب رس��الة من أبو سليم يحكى فيها‬ ‫ع��ن ماحدث بالضبط وكيف أن��ه بعد ليلة‬ ‫خطفه م��ن القاهرة وجد فى أبو س��ليم ‪....‬‬ ‫ث��م أردف الروائي ش��ارحا االختالف بينه‬ ‫وبين الكثيري��ن من الليبيين الذين تعرضوا‬ ‫لمث��ل مصير والده‪ ....‬ه��و أنه عمل على‬ ‫كتابة ماحصل لوالده فى رواية باس��م "فى‬ ‫ارض الرج��ال"‪ ..‬ص��درت خ�لال ع��ام‬ ‫‪........2006‬تحك��ى ص��ورة م��ن مش��هد‬ ‫االختفاء القسرى واالختطاف للشخصيات‬ ‫المناضلة من جانب نظام الطاغية المقبور‬ ‫الدموى ‪.‬‬ ‫الليبى دائما في حالة عزلة‬ ‫يقول الروائى "هش��ام مطر"‪...‬فى أجابه‬ ‫عن س��ؤال مح��اوره عن رؤيت��ه لليبيين‬ ‫أب��ان عهد الطاغية ب��أن الليبى كان دائما‬ ‫ف��ي حالة عزل��ة ولكن الن��اس العاديين فى‬ ‫الخارج كانوا ينظ��رون لنا كحالة كوميدية‬ ‫بتأثي��ر متابعته��م لجنون الطاغي��ة ‪ ...‬ولم‬ ‫يك��ن يعلم��ون بتفاصيل واقع المس��اجين‬ ‫السياسيين والظلم والقهر فى ليبيا‬ ‫عام ‪...2009‬ورسالة التايمز‬ ‫يع��ود الروائ��ي الليب��ي "هش��ام مطر"‬ ‫بذاكرته إلى عام‪...... 2009‬حيث س��رد‬ ‫تفاصي��ل تدخ��ل كثي��ر م��ن المنظم��ات‬ ‫الحقوقي��ة مثل هيومن رايت��س ومنظمات‬ ‫إنس��انية أخرى‪ .‬خالل هذا العام ‪ ...‬بعد أن‬ ‫قام بنش��ر رس��الة فى "التايمز"‪..‬أستمرت‬ ‫ف��ى الموق��ع ‪.‬من الس��اعة ‪ 9‬إلى الس��اعة‬

‫الواحدة ظهرا ‪...‬فوقع عليها أكثر من ‪270‬‬ ‫ش��خصية ‪..‬وه��ى مصادف��ة كم��ا وصفها‬ ‫غريبة ‪..‬حيث أن عدد قتلى شهداء ابوسليم‬ ‫ف��ى ع��ام ‪.1270 ..1996‬وكذل��ك الذين‬ ‫قتلوا فى لوكيربى كانوا‪.. 270‬‬ ‫فى هذه الرس��الة ناش��د الروائ��ى وعائلته‬ ‫الس��لطات الليبي��ة باإلفصاح ع��ن مصير‬ ‫رب العائل��ة المناضل ج��اب هللا مطر ولقد‬ ‫وق��ع عليه��ا الكثيرين م��ن الكت��اب منهم‬ ‫روائيين تحصلوا على جوائز نوبل لدرجة‬ ‫أن مجلس الل��وردات تكلم عن قضية جاب‬ ‫هللا مطر وعن كافة السجناء فى ليبيا‬ ‫جمهور هشام مطر‬ ‫وعند س��ؤال "هش��ام مطر"‪..‬م��ن جانب‬ ‫محاوره "نافع الطش��انى"‪..‬عن الجمهور‬ ‫المس��تهدف م��ن كتابت��ه وعن س��ر نجاح‬ ‫رواي��ة تتح��دث ع��ن طف��ل ع��اش ف��ى‬ ‫طرابلس فى س��بعينيات القرن العش��رين‬ ‫أجاب بأن هناك مقولة ألرنس��ت همنجواى‬ ‫يقول فيه��ا بأننى "أكتب لنفس��ى وللمرأة‬ ‫الت��ى أحبها حتى لو ل��م تقرأنى "ثم أردف‬ ‫متابع��ا "الكتاب��ة مش��روع متواض��ع جدا‬ ‫يبدو بس��يطا نوعا ما وهذا سبب االستهزاء‬ ‫بالكات��ب وخاص��ة الروائي ‪..‬له��ذا ا فأنه‬ ‫حي��ن جاءنى ش��خص ما عرف��ت بأنه من‬ ‫المخابرات الليبية سألنى بدهشة ‪.. ...‬أنت‬ ‫كاتب فقط‬ ‫حين رأيت البحر فى ليبيا أكتشفت بأن كل‬ ‫البحور فى العالم مزورة‬ ‫وعن أحساس��ه حين ج��اء لبنغازى أجاب‬ ‫بشكل عفوى وحميمى جميل ‪..‬عندما رأيت‬ ‫البحر فى ليبيا أكتشفت أن كل بحور العالم‬ ‫مزورة ‪..‬وهنا تعال��ى التصفيق من القاعة‬ ‫حيث ب��دا واضحا م��ن العبارة الش��عرية‬ ‫الت��ى أدلى بها الكاتب بأن حالة األش��تياق‬ ‫والت��وق للوط��ن ال��ذي حرم من��ه الكاتب‬ ‫لم��دة ‪ 33‬عام ‪..‬قد وصلت منتهاها ‪..‬وبدت‬ ‫أثارها واضحة ومتجلية فى وجهه وس��رده‬ ‫الحميمى الجميل لتفاصيل مش��اعر فرحته‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫بالوطن ‪.‬ورؤيته لمدينة الثورة "بنغازى"‪..‬‬ ‫لحظة اإلنارة‪ ..‬للمجتمع الليبي‬ ‫وع��ن الحالة الليبية أبدى الروائي هش��ام‬ ‫مطر رأيه فيها بالقول بأنه كمعظم الليبيين‬ ‫مل��ىء بالتف��اؤل والخوف ‪ ..‬ثم��ة أنارة ما‬ ‫حدث��ت كما يصفه��ا المتصوفي��ن للمجتمع‬ ‫الليبي في لحظ��ة معينة‪.....‬المجتمع الليبى‬ ‫نظر الى فكرة مختلفة عن الوطن والمجتمع‬ ‫والف��رد مثل مايقول��ون المتصوفون ‪"..‬لقد‬ ‫رأيت اللمح��ة ‪...‬اإلنارة"‪...‬تلك هي اإلنارة‬ ‫الصوفية التي رآها الليبيين والتي تمثل لب‬ ‫الحالة الليبية المشرقة‬ ‫وبع��د الحواري��ة الجميلة والس��رد العفوى‬ ‫الحميم من الروائى "هش��ام مطر"‪..‬أعطى‬ ‫المجال ألستراحة بوفيه قصيرة ‪..‬ثم عادت‬

‫‪05‬‬

‫الندوة لاللتئام وفتح المجال لحوارية جميلة‬ ‫أيض��ا بي��ن جمه��ور الحض��ور والروائي‬ ‫الليبي هشام مطر حيث بدا واضحا اللمسة‬ ‫الجمالية فى اإلخ��راج الحديث والمختلف‬ ‫للن��دوة الت��ي غل��ب عليها طاب��ع الصدق‬ ‫والش��فافية ف��ى الط��رح والذي كلل مس��اء‬ ‫بنغ��ازى بقاعة الص��ادق النيه��وم فى دار‬ ‫الكتب الوطنية فى أمس��ية ثقافية من أجمل‬ ‫أماس��يها الرائعة‪..‬و التي ظهر واضحا فيها‬ ‫أيضا حال��ة االحتف��اء والتقدير لش��خصية‬ ‫روائية ليبية قدمت عبر صوتها اإلبداعي‬ ‫الخاص الصورة الروائية لبعض من واقع‬ ‫الظلم والقهر االنس��انى واألختفاء القسرى‬ ‫لليبيين الشرفاء إبان عهد الطاغية المقبور‬ ‫‪..‬‬

‫وزارة الثقافة واجملتمع املدني تتقصى حقائق النزاعات بالكفرة‬ ‫معتز بن محيد‪ /‬الكفرة‬

‫إقام��ت وزارة الثقاف��ة والمجتمع المدن��ي رحلة إعالمية‬ ‫لرص��د أح��داث الصراع��ات القائمة ف��ي مدين��ة الكفرة‪،‬‬ ‫ولكش��ف حقيق��ة التس��يب واالنفتاح الح��دودي بين دولتي‬ ‫ليبيا وتش��اد‪ ،‬بوفد من اإلعالميين‪ ،‬يشمل مراسلي القنوات‬ ‫الفضائية المحلي��ة‪ ،‬العربية‪ ،‬وعالمية ومراس��لي وكاالت‬ ‫األنب��اء‪ ،‬والصحفيين‪ ،‬يصل عدده��م لحوالي ‪ 70‬صحفي‬ ‫ومراس��ل‪ ،‬باإلضافة إلى وفد من وزارة اإلعالم‪ ،‬بإشراف‬ ‫وكي��ل وزارة الثقافة والمجتمع المدني األس��تاذة عواطف‬ ‫الطش��اني‪ ،‬ومدير مكاتب الفروع بالوزارة األس��تاذ جالل‬ ‫عثمان‪.‬‬ ‫اس��تهلت الرحلة بالمؤتمر الصحفي الذي عقدته الطشاني‬ ‫بمش��اركة رئيس المجلس المحلي الس��يد محمد أبو سدينة‪،‬‬ ‫ورئيس المجلس العس��كري العقيد س��ليمان حامد‪ ،‬والقائد‬ ‫الميداني لدرع ليبيا التابع لكتيبة شهداء ليبيا التابعة لوزارة‬ ‫الدف��اع المكلفة بحماي��ة المدينة‪ ..‬وقد ألقى أبو س��دينة في‬ ‫المؤتم��ر كلمة ترحيبة ل��وزارة الثقاف��ة والمجتمع المدني‬ ‫والوفد‪ ،‬وقد الش��كر للوزارة على مجه��ودات التي قدمتها‬ ‫للكف��رة‪ ،‬وأعطى خالل كلمته لمح��ة تاريخية عن المدينة‪،‬‬ ‫وقدم ش��كر أيضا لمناطق الواح��ات ولمدينة بنغازي على‬ ‫اس��تقبالهم للنازحين أثناء األزمة‪ ،‬ثم ألقت الطش��اني كلمة‬ ‫ال��وزارة جاء ف��ي مجملها‪" :‬إن الغرض م��ن هذه الزيارة‬ ‫هي أوال تقصية الحقيقة حول ما يجري من أحداث بالكفرة‬

‫وإظهاره��ا عبر وس��ائل اإلع�لام وتقديمه للناس بش��كل‬ ‫ج��دي وبمضمون ه��ادف‪ ،‬كذلك هدفنا ه��و ربك الحراك‬ ‫المدن��ي وذل��ك بالتواصل مع مؤسس��ات المجتمع المدني‪،‬‬ ‫التي تم إش��هارها من قبل المجل��س‪ ،‬كذلك توفير النماذج‪،‬‬ ‫والمتطلبات التي أعدتها الوزارة لتجهيز هذه المؤسس��ات‪،‬‬ ‫أيضا تفعيل الحراك الثقافي بالمدينة"‪ ..‬وبعدها تم اس��تقبال‬ ‫أس��ئلة من المراس��لين والصحفيين حول أوض��اع المدينة‬ ‫األمنية‪ ،‬والعسكرية وأيضا المدنية والثقافية‪.‬‬ ‫ـ الكفرة تعاني من الهجرة غير الشرعية‪:‬‬ ‫وزار الوف��د مقر اللواء مش��اء‪ ،‬حيث يعتب��ر حاليا كمركز‬ ‫للمهاجرين بالطرق غير الش��رعية‪ ،‬وقد كان عددهم أثناء‬ ‫هذه الزيارة أكثر من ‪ 1500‬من دول تشاد والنيجر ومالي‬ ‫والسودان والصومال وبنغالديش‪ ،‬واطلعت الطشاني على‬ ‫المركز والخدمات التي يقدمها لهؤالء المهاجرين‪ ،‬وكذلك‬ ‫ت��م س��ماع بعض ش��هادات منهم‪ ،‬ح��ول طريق��ة دخولهم‬ ‫والمعاملة الحسنة التي يتلقونها قبل أفراد الجيش الوطني‪..‬‬ ‫وق��د تحدث مس��ؤول المكتب اإلعالمي بكتيب��ة درع ليبيا‬ ‫حول المعاناة التي تمر بها المدينة من مشكلة الهجرة غير‬ ‫الشرعية التي تتجدد كل أسبوع تقريبا‪.‬‬ ‫ـ قبائل التبو تمنع الصحفيين من دخول أحيائها بالمدينة‪:‬‬ ‫في محاول��ة لزيارة قبائل التبو ـ الط��رف اآلخر للصراع‬ ‫القائ��م بالكف��رة ـ من قب��ل الوف��د اإلعالمي برفق��ة وكيل‬

‫الوزارة عواطف الطش��اني‪ ،‬لس��ماع آرائهم كطرف ثاني‬ ‫ف��ي النزاع‪ ،‬وقد تم التنس��يق مع أعيانه��م‪ ..‬وعندما خرج‬ ‫الوف��د برفقة حماية من درع ليبيا ـ كتيبة من مدينة بنغازي‬ ‫مكلف��ة بحماية مداخ��ل ومركز الكفرة ـ وص��ل الوفد عند‬ ‫مدخل أحد األحياء التي يقطنها التبو‪ ،‬خرج بعض أفرادهم‬ ‫بأس��لحة وأقف��وا الوفد‪ ،‬وعن��د المفوضات ق��رروا دخول‬ ‫الصحافة ومقابلتهم لكن ممن غير حماية أو س�لاح‪ ،‬فرجع‬ ‫الوفد دون أن يتم مقابلتهم أو سماعهم‪.‬‬ ‫ـ ليبيا أس��وارها الحدودية الدولية من خرداوات ومخلفات‬ ‫معدنية‪:‬‬ ‫عن��د أحد مداخ��ل المدينة الجنوبي ع��رج الوفد اإلعالمي‬ ‫على موقف خاص لش��احنات كبي��رة يفوق عددها الـ ‪،20‬‬ ‫محملة بخردوات معدنية لبقايا س��يارات وغيرها‪ ،‬وعندما‬ ‫س��ألنا عنها قال أحد المسؤولين عنها‪" :‬عنها أنها يتم نقلها‬ ‫اآلن ألط��راف المدينة عند الحدود الليبية‪ ،‬لتوضع بطريقة‬ ‫األكوام المتراصة‪ ،‬جنب��ا لجنب‪ ،‬ثم يوضع عليها التراب‪،‬‬ ‫لتمثل جدار حاجز قصير"‪.‬‬ ‫وأض��اف المصدر ذاته قائال‪" :‬هذه المجهودات البس��يطة‬ ‫ه��ي تطوع من األهالي حرصا منه��م على تقديم أي عمل‬ ‫يحد من انفتاح الحدود الدولية بيننا وبين دولة تشاد‪ ،‬ونحن‬ ‫نأس��ف ألن دولة ليبيا من أغنى دول العالم في النفط وهي‬ ‫عاجزة على تأمين حدودها بطريقة منظمة ومنطقية"‪.‬‬


‫‪06‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫ملف العدد‬

‫أول إستخدام للطريان احلربي ‪ ..‬كان يف ليبيا‬ ‫مفتاح السيد الشريف‬

‫مفتاح السيد الشريف‬

‫ميادي���ن ‪ 1911 [ :‬م –‬ ‫‪2011‬م ‪ -‬م ّرت اآلن مائة‬ ‫س���نة على بدايات الغزو‬ ‫اإليطال���ي اإلس���تعماري‬ ‫لليبي���ا‪ .‬وبهذه المناس���بة‬ ‫يكتب الم���ؤرخ والباحث‬ ‫الليب���ي مفت���اح الس���يد‬ ‫الش���ريف ل (الميادي���ن)‬ ‫عن حدث ه���ام هو األول‬ ‫م���ن نوع���ه ف���ي تاريخ‬ ‫الح���روب‪ .‬والبحث فصل‬ ‫من فصول كتاب���ه القادم‬ ‫ع���ن المقاومة الش���عبيّة‬ ‫المس���لّحة لإلس���تعمار‬ ‫اإليطالي‪ ،‬والكتاب الماثل‬ ‫للطب���ع يحت���وي عل���ى‬ ‫وثائ���ق وتقارير س���ريّة‬ ‫يكشف عنها الستار ألول‬ ‫ض���ح الحقائق‬ ‫م ّرة‪ ،‬وتو ّ‬ ‫عن كفاح الش���عب الليبي‬ ‫البطول���ي ال���ذي دام أكثر‬ ‫من عش���رين سنة‪ ،‬فكسر‬ ‫وسجل‬ ‫آلة حرب جهنميّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إنتصارات رائع���ة عايها‬ ‫بق ّوة إرادته أكثر من قدرة‬ ‫وس���ائل الح���رب والقتال‬ ‫البسيطة التي امتلكها‪].‬‬

‫لو سئل معظم الناس عن أول دولة استخدمت‬ ‫الطي��ران ف��ي الح��روب‪ ،‬لقال��وا أمريكا أو‬ ‫بريطاني��ا أو ألمانيا أو فرنس��ا أو النمس��ا أو‬ ‫روس��يا‪ ،‬وهي ال��دول التي كان��ت تتصارع‬ ‫ف��ي مضم��ار الهيمن��ة واس��تعمار أراضي‬ ‫البل��دان األخرى في مطلع القرن العش��رين‪،‬‬ ‫ولك��ن الحقيقة ه��ي أن أيطاليا كانت هي تلك‬ ‫الدولة‪ .‬وم��ن الغريب أيض��ا أن المؤرّخين‬ ‫الليبيي��ن والعرب للغزو اإليطالي لليبيا س��نة‬ ‫‪ – 1911‬مم��ن قرأنا له��م‪ -‬قد فاتهم ذكر هذه‬ ‫الحقيق��ة الصارخ��ة‪ ،‬م��ع أنهم ذك��روا‪ ،‬في‬ ‫س��ردهم لمعارك ه��ذا الغزو عل��ى األرض‬ ‫الليبيّة‪ ،‬مش��اركة الطيران الحربي اإليطالي‬ ‫فيه��ا‪ .‬ومن ناحيتنا أش��رنا إلى ه��ذه الحقيقة‬ ‫ف��ي دراس��تنا (اإلس��تعماراإليطالي لليبيا) ‪.‬‬ ‫ولكن بش��كل سريع دون إيراد ما يستحقّه من‬ ‫تفصيل بس��بب إط��ار الدراس��ة التي ر ّكزت‬ ‫عل��ى التواطؤ األوروبّي مع إيطاليا في غزو‬ ‫ليبيا وعمليّات إغتصاب واستيطان واستغالل‬ ‫أألراضي الليبيّ��ة واضطهاد أهلها‪ ،‬وهو ما‬ ‫أملته س��رعة إصدار تلك الدراسة في ظرفها‬ ‫الزمني والتاريخي‪.‬‬ ‫ون��رى من الض��روري اآلن أن نس��تعرض‬ ‫ه��ذا الحدث بش��يء م��ن التفصي��ل الموجز‬ ‫إعتم��ادا على المصادر اإليطاليّة الرس��ميّة‪،‬‬ ‫والت��ي أفردت له كتابي��ن كبيرين على األق ّل‬ ‫سنس��تند عليهما كمرج��ع‪ .‬وقدأفاضت فيهما‬ ‫في وصف الحدث واإلفتخار بقدرات بالدها‬ ‫على تحقيقه‪ .‬كما أننا سننشر في آخر الفصل‬ ‫مجموع��ة من الصور النادرة التي توثّق لهذا‬ ‫الحدث التاريخي الهام‪.‬‬ ‫‪ – 1‬بداي��ة تكوين األس��طول على األراضي‬ ‫الليبيّة‪:‬‬ ‫•في يوم ‪ 28‬س��بتمبر ‪ 1911‬أصدر س�لاح‬ ‫الهندسة يالقيادة الحربيّة اإليطالية أألمر رقم‬ ‫(‪ – 1‬س��ري ج��دا) يقضي بإعداد (أس��طول‬ ‫ج��وّي مص ّغ��ر) للقي��ام بمه ّمة ف��ي "منطقة‬ ‫مالئم��ة لم��ا وراء البح��ار”‪ .‬ول��م يعلن عن‬ ‫إس��م المنطق��ة‪ ،‬ولكن عُ��رف أن المعني بها‬ ‫ليبيا‪ ،‬حي��ث أن الحديث ع��ن النيّة الحتاللها‬ ‫ش��غل دوائر الحكم والرأي الع��ام في إيطاليا‬ ‫ط��وال عام ‪ .1910‬وعل��ى أثر ذلك اتخذت‬ ‫التجهي��زات الالّزمة من جمع كور هوائيّة و‬ ‫مناطيد ‪ . Dirigibili‬وتكوّنت فرقة خاصة‬ ‫بها في مدينة (مونفيرّاتو) بإقليم (بيومونتي)‬ ‫‪ .‬وجاءت هذه التجهيزات في أعقاب س��باق‬ ‫الطي��ران اإليطالي الفرنس��ي ال��ذي بدأ على‬ ‫خ��طّ (بولونيا – البدقيّة‪ -‬ريميني – بولونيا)‪،‬‬ ‫وال��ذي تبّنته جريدة (ريس��تو دي��ل كارلينو)‬ ‫‪ Resto del Carlino‬وتق��ول النقاري��ر‬

‫اإليطالية إن الطياري��ن اإليطاليين فازوا في‬ ‫هذا السباق‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫• وق��د تش��كل الفريق طليع��ة الق��وّة الجويّة‬ ‫المص ّغرة من ‪ :‬الكابتن طيّا ر �‪Carlo Piaz‬‬ ‫‪ zaa‬كقائد للق��وّة‪ ،‬الكابتن �‪Riccardo Mo‬‬ ‫‪ izo‬والمالزمين ‪Leopoldo De Rada‬‬ ‫‪ ، Ugo Rossi ، Giulio Gavotti‬ومعهم‬ ‫خمس��ة م��ن الطيّاري��ن المبتدأي��ن كاحتياط‪.‬‬ ‫وكان ع��دد الطائ��رات ‪ 9‬طائ��رات‪ 2 :‬من‬ ‫ن��وع ‪ Bleriot‬و ‪ 3‬من ن��وع ‪ Nieport‬و‬ ‫‪ FarmanF‬و ‪ 2‬م��ن نوع �‪Et‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ . rich‬وق��د اصطحب��وا معهم ‪( 9‬هناقر) أو‬ ‫حاضنات طائرات و ‪ 30‬من الجنود المقاتلين‬ ‫وطبيب طيّار‪ ،‬وش��حنت الق��وّة على ظهر ‪3‬‬ ‫بواخ��ر (‪ ،) Piroscafi‬وأبح��رت من ميناء‬ ‫نابولي ثم رست عند الساعة العاشرة صباحا‬ ‫ي��وم ‪ 15‬أكتوب��ر على بع��د كيلومتر واحد‬ ‫م��ن مرف��أ طرابلس‪ .‬وف��ي ي��وم ‪ 16‬أكتوبر‬ ‫عسكرت القوّة متكاملة بالطائرات والمع ّدات‬ ‫والحاضن��ات والجن��ود بالقرب م��ن (جبّانة‬ ‫اليه��ود) بالمدين��ة‪ ،‬وجرى تجهي��ز واختبار‬ ‫طائرتين من طراز (بليريوت) و (نيبورت)‬ ‫يوم ‪ 22‬أكتوبر وسط هيجان البحر‪.‬‬ ‫•بينما ش��حنت من نابولي أيضا ق��وّة مماثلة‬ ‫إل��ى بنغ��ازي ي��وم ‪ 8‬نوفمب��ر ‪ 1911‬على‬ ‫ظه��ر باخرتي��ن بقي��ادة الكابت��ن ‪Alfredo‬‬ ‫‪ ، Cuzzo Crea‬ومكوّن��ة م��ن الطياري��ن‬ ‫‪Raul Lampugnani - Luigi Bailo‬‬ ‫‪ – Umberto Cannonieri‬ومعه��م‬ ‫‪ 30‬م��ن الضباط والجن��ود مصاحبين لثالث‬ ‫طائرات م��ن ن��وع ‪Farman – Bleriot‬‬ ‫‪ . – Asteria‬وق��د رس��ت الق��وّة عل��ى بعد‬ ‫‪ 600‬مت��ر من منطق��ة الصاب��ري‪ ،‬وهناك‬

‫بتاريخ ‪ 20‬نوفمبر‪ ،‬وبس��بب الطبيعة الرمليّة‬ ‫للمنطق��ة ما ّ‬ ‫تعذر معه تحرّك الطائرات‪ ،‬بنوا‬ ‫لها مدرجة أو معبرا (بيس��تا) من الخش��ب‬ ‫بطول ‪ 100‬ي��اردة وعرض ‪ 12‬ياردة‪ .‬وقد‬ ‫أعتبرت أول مدرجة طيران إصطناعيّة في‬ ‫العال��م ! ومن ثم أصبح��ت الطائرات الثالث‬ ‫جاهزة للطيران يوم ‪ 25‬نوفمبر‪ ،‬بعد عمليّة‬ ‫تركيبها الناجحة على المدرج‪.‬‬ ‫( الصورة ‪“ 2‬الطيّار مويتزو")‬ ‫• في نفس الي��وم حطّت في ميناء درنة "قوّة‬ ‫جويّة" أخ��رى مكوّنة م��ن طيّارين مدنيين‬ ‫"متطوّعي��ن" ه��م‪Umberto Cagno – :‬‬ ‫‪Mario Cobianchi – Achille Dal‬‬ ‫‪ .Mistro – Alberto Verona‬وبعد ثالثة‬ ‫ألي��ام حطّت ف��ي مين��اء طبرق ق��وّة مماثلة‬ ‫يقودها الرائد ‪ Ercole Capuzzo‬وبرفقته‬ ‫طيّ��ارون مدنيّون ه��م ‪Romolo Man� :‬‬ ‫‪issero – Giuseppe Rossi – Ger‬‬‫‪ . mano Ruggerone‬وق��د أطل��ق عل��ى‬ ‫القوّتين فيما بعد إس��م "فصيل الق��وّة الجويّة‬ ‫المس��تقلّة ‪ 3‬و ‪ ”4‬وال��ذي مولّته مجلّة ( ‪La‬‬ ‫‪ ،)Stampa Sportiva‬وكان��ت تصدر من‬ ‫تورينو منذ س��نة ‪ ،1908‬وهي من بين أقدم‬ ‫منظّم��ي مياريات كرة القدم ف��ي العالم‪ ،‬كما‬ ‫ساهم في تمويله النائب في البرلمان اإليطالي‬ ‫‪ Carlo Motu‬رئيس نادي إيطاليا للطيران‬ ‫وال��ذي تقلّد القي��ادة للفصي��ل المذكور برتبة‬ ‫كابت��ن‪ .‬وأثن��اء وجوده��م في روم��ا تدرّب‬ ‫أعض��اء الفصيل على ّ‬ ‫فن اإلش��ارات وقذف‬ ‫القناب��ل اليدويّة‪ ،‬كما قابل ملك إيطاليا قائدهم‬ ‫مونتو المذكور‪ .‬وقد أقام هذا بدرنة حتى يوم‬ ‫‪ 7‬ديس��مبر وقت أن تم ّكن الطيّ��ار (فيرونا)‬ ‫م��ن التحليق بطائرت��ه‪ ،‬ث ّم تح��وّل (مونتو)‬

‫(بياتزا) أمام طائرته (بيرليوت)‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫ملف العدد‬ ‫إل��ى طبرق حيث عس��كرت الق��وّة الجويّة‬ ‫الخاصة هناك ومعه��ا ‪ 3‬طائرات من نوع‬ ‫(بريليوت) و‪ 3‬طائرات من نوع (فارمان)‪.‬‬ ‫على أن هذه القوّة الخاصة للطيران المدني‬ ‫التطوّع��ي حُلّت في ش��هر مارس من العام‬ ‫التال��ي (‪ )1912‬لتح�� ّل محلّه��ا ق��وّة جويّة‬ ‫حربيّة مكوّنة من ضبّاط عس��كريين‪ .‬ومما‬ ‫يذكر أن الكابت��ن ‪ Bolla‬قاد القوّة الجويّة‬ ‫في درنة والكابتن ‪Umberto Agostini‬‬ ‫قادها في طبرق‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أول إستخدام للمناطيد والسفن الهوائيّة‪:‬‬ ‫•ج��اءت ه��ذه اإلج��راءات عق��ب تجربة‬ ‫س��ابقة ف��ي مج��ال إس��تعمال الج�� ّو ف��ي‬ ‫العمليّ��ات الحربيّ��ة‪ ،‬فف��ي حمل��ة إيطاليا‬ ‫ض��د إريتريا س��نة ‪ ،1889 – 1888‬نقلت‬ ‫إليه��ا ث�لاث كور أو س��فن هوائيّ��ة �‪Pal‬‬ ‫‪( lone‬م��ن صن��ع بريطلن��ي وفرنس��ي)‪.‬‬ ‫وقام جيشها باس��تخدامها في الطيران فوق‬ ‫مواقع المقاتلين اإلريتريين‪ ،‬بغرض رصد‬ ‫وتتبّع تحرّكاتهم ف��ي الفترة من فبراير إلى‬ ‫أبري��ل ‪ .1888‬ولم يق��م المقاتلون بإطالق‬ ‫الني��ران عليه��ا‪ ،‬كما أن الغ��زاة اإليطاليين‬ ‫ل��م يرد في تفكيرهم إس��تخدام هذه االس��فن‬ ‫الهوائيّة إس��تخداما حربيا بإسقاط القنابل أو‬ ‫المتفجرات منها‪.‬‬ ‫•ث��م ق��رّرت الق��وّات اإليطاليّة ض�� ّم هذه‬ ‫القوّة إلى أس��طولها الج��وّي المص ّغر الذي‬ ‫خصّصته للمش��اركة في حربه��ا في ليبيا‪.‬‬ ‫وف��ي ‪ 11‬أكتوب��ر ‪ 1911‬جهّ��زت عل��ى‬ ‫الباخ��رة ‪ Duca di Genova‬مجموع��ة‬ ‫أربع��ة س��فن هوائيّ��ة ‪ Balloons‬حج��م‬ ‫كل منه��ا ‪ 50‬مترا مكعب��ا ومعها فريق من‬ ‫‪ 11‬إختصاصي��ا يرأس��هم المق ّدم ‪Fausto‬‬ ‫‪ Di Tondo‬و‪ 5‬س��ائقي س��يلرات محملة‬ ‫بالمع�� ّدات‪ ،‬وأبح��رت الباخ��رة ليل��ة ‪18‬‬ ‫أكتوب��ر ووصلت طهر يوم ‪ 14‬أكتوبر إلى‬ ‫ميناء طرابلس‪ ،‬حيث عس��كرت المجموعة‬ ‫مع الس��فن والمعدات بالقرب م��ن المقبرة‬ ‫اليهوديّ��ة هناك‪ ،‬وبُدأ ف��ي عمليّة التدريب‪.‬‬ ‫وف��ي نهاية ش��هر أكتوب��ر أبح��رت كتيبة‬ ‫عس��كريّة م��ن ‪ 6‬ضباط��ا و‪ 80‬جندي��ا‬ ‫يرأسهم الكابت ن �‪Giovan Batista Pas‬‬ ‫‪ .tine‬لتولّى اإلشراف على األسطول الذي‬ ‫جُمعت مكوّناته ونقل��ت جميعا إلى جنوبي‬ ‫ما كانت تس ّمى بالثكنات السلطانيّة‪ .‬وجرى‬ ‫بعد ذل��ك تعزي��زه بالحاضن��ات (الهناقر)‬ ‫والمع ّدات المجلوبة من إيطاليا‪ .‬واس��تغرق‬ ‫ذلك ع ّدة أشهر حتى شهر مارس من السنة‬ ‫التالي��ة ‪ 1912‬بس��بب هب��وب عواص��ف‬ ‫وأمطار غزيرة هدمت الكثير من المنشآت‪.‬‬ ‫‪ – 3‬ميالد اإلستطالع من الج ّو‪:‬‬ ‫•وهك��ذا تش�� ّكلت عل��ى األراض��ي الليبيّة‬ ‫أول وح��دات مقاتلة جويّة ف��ي العالم‪،‬على‬ ‫اس��تعداد لمزاول��ة عمليّتها م��ن األجواء‪.‬‬ ‫وأراد ت القي��ادة الحربيّ��ة اإليطالية إجراء‬ ‫تجربة الطيران األولى في الس��ماء الليبيّة‪،‬‬

‫‪07‬‬

‫فدعت يوم ‪ 22‬أكتوبر الملحقين العسكريين تع��رف على وجه الدقّة بُع��د العزيزيّة عن البارجة (سردينيا) عند قصفها لجنزور إلى‬ ‫األجان��ب الذي��ن تواج��دوا ف��ي طرابل��س طرابل��س (‪ 60‬ك��م)‪ ،‬وبالنظ��ر إلى خطأ م��كان تجم��ع المقاومة الليبيّ��ة هناك‪ ،‬وفي‬ ‫إلى مش��اهدة هذه التجرب��ة‪ ،‬إذ قام الكابتن هذه المس��افة المرس��ومة في الخرائط لدي ‪ 10‬نوفمب��ر حلّق الكابت��ن (مويتزو) حول‬ ‫(بياتزا) بالتحليق متجاوزا القلعة السلطانيّة الطيّ��ار وهي ‪ 80‬كم‪ ،‬فقد وجد نفس��ه يطير موق��ع مدفعيّة للحامية التركيّة في (س��يدي‬ ‫ف��ي واحة جنزور‪ ،‬والحقيقة أنها كانت أول ف��وق هضب��ة مدين��ة غريان حي��ث الحظ المصري)‪ ،‬وفي يوم ‪ 19‬نوفمبر حلّق نفس‬ ‫عمليّة تحليق ف��وق قوّات الليبيين المعادية‪ ،‬أش��جار الزيتون وتج ّمعات الجنود األتراك الطيّار فوق (عين زاره)‪ .‬وفي كال الحالين‬ ‫ونفّذه��ا الطيّار بمبادرة خاصة منه دون أن بزيّه��م بنّي اللون‪ .‬وعاد أدراجه ليرى رتال لم توفّف المدفعية التركية في إصاية أهدافها‬ ‫يتلقّ��ى أمرا م��ن القيادة‪ .‬بينما ق��ام زميله ( مكوّن��ا من حوال��ي ‪ 2000‬جندي يزحفون بس��بب تغيي��ر المواق��ع أو هب��وب الرياح‪.‬‬ ‫مويت��زو) بالتحليق ف��وق القوّات اإليطالية ش��ماال بي��ن العزيزيّة وبوس��ليم‪ .‬وهبط في وهكذا صار تصوي��ب قصف المدفعيّة من‬ ‫المعس��كرة في مدينة طرابل��س‪ .‬وفي ‪ 23‬طرابلس عند الس��اعة ‪ 8,15‬صباحا‪ .‬وفي الج��و إمكانيّ��ة متاح��ة‪ .‬وف��ي ‪ 11‬نوفمبر‬ ‫أكتوب��ر وعند الس��اعة ‪ 6,19‬صباحا حلّق ظهر نفس اليوم أبرقت القيادة اإليطالية من إهت��دى الكابتن بياتزا) إل��ى عمليّة الرصد‬ ‫(بيات��زا) بطائرت��ه (بيرليو)عل��ى الطريق روم��ا تعلم قواتها في طرابلس بأنها علمت التوثيقي ع��ن طريق التصوي��ر من الجو‪،‬‬ ‫الم��ؤ ّدي إل��ى العزيزيّة بمس��افة تبعد‪ 7‬كم من الدوائر الفرنس��يّة المختصّة بالخطورة فطل��ب آالت تصوير‪ ،‬جاءته من القيادة في‬ ‫عن طرابلس‪ .‬وس��رعان ما الحظ تج ّمعات الش��ديدة عند الطيران في السماء األفريقيّة طرابل��س‪ ،‬فتم ّكن من إلتق��اط صور مفردة‬ ‫المقاومي��ن العرب واألت��راك عدد كل منها لسبب األرض الرمليّة والزوابع الهوائيّة‪ ،‬بيد واح��دة لبعض المواقع وقي��ادة الطائرة‬ ‫‪ 200 – 150‬مقات��ل وخلفه��م معس��كرات ولذا يجب تحديد وقت الطيران بين شروق بالي��د األخ��رى‪ ،‬وبالمث��ل ثبّ��ت (مويتزو)‬ ‫أكبر‪ .‬ثم عاد إلى مكان اإلقالع عند الساعة الش��مس وغروبها‪ .‬وقاب��ل اإليطاليون هذا كامي��را في طائرته للغرض نفس��ه‪ .‬أي أنه‬ ‫‪ 20‬ر‪ 7‬صباحا‪ .‬أما زميله (مويتزو) فحلّق التنبي��ه بالس��خريّة واإلحس��اس "بضع��ف أمكن بوسائل تصوير إبتدائيّة تحقيق إلتقاط‬ ‫بطائرت��ه (نيوب��ورت) عند الس��اعة ‪ 6,03‬الو ّد حيالنا من الجيران" حس��ب تعبيرهم‪ ،‬صور الرصد واإلس��تطالع من الج ّو أثناء‬ ‫الطيران‪ ،‬ألوّل مرّة ‪.‬‬ ‫كما ق��ام الطيّارون باس��تغالل الطيران في‬ ‫إلقاء منشورات سلطة اإلحتالل التي تدعو‬ ‫فيها س��كان المدن والقرى إلى اإلستس�لام‬ ‫واإلذعان للحكم اإلستعماري الجديد‪ ،‬ومن‬ ‫بين هذه المنشورات ما نثبته هنا‪:‬‬ ‫وواضح من هذا المنش��ور أس��لوب الخداع‬ ‫والتدليس الممزوج باإلغراء والوعيد الذي‬ ‫استعمله القائد اإليطالي مستغالّ أحكام الدين‬ ‫اإلسالمي في مغالطة مفضوحة‪ ،‬بل إنه في‬ ‫منش��ور آخر أسقطته الطائرات بتاريخ ‪15‬‬ ‫يناي��ر ‪ ،1912‬إدع��ى كانيف��ا مخاطبا أهل‬ ‫طرابلس باستغباء ساذج‪ “ :‬بأن إيطاليا هي‬ ‫والدكم ألنها تزوّجت أمكم طرابلس! وكل‬ ‫من يس��لّم الس�لاح والذخيرة سوف يحصل‬ ‫عل��ى نابوليون��ي (نق��د) وكيس م��ن القمح‬ ‫( الصورة “المنطاد”)‬ ‫أو م��ن الش��عير‪ .‬وإن الزعماء السياس��يين‬ ‫والدينيي��ن س��يعترف بهم به��ذه الصفة من‬ ‫معتبرين ذلك نوعا من الحسد لهم‪ .‬وفي يوم الحكومة‪ ،‬وس��يتقاضون مرتّبات"‪ ..‬وكذلك‬ ‫صباحا وعاد بعد ‪ 40‬دقيقة‪.‬‬ ‫وتج��در اإلش��ارةإلى أن عمليّ��ة الرص��د ‪ 25‬فبراير أعاد (مويتزو) عمليّات الرصد اس��تغ ّل الطيّارون المناس��بة لرسم خرائط‬ ‫من الج�� ّو هذه جرت وقت إندالع أش��رس مرّتين فوق خطّ جنزور – العزيزيّة – بئر للمواقع واألماكن وقياس المسافات مما أ ّدى‬ ‫مع��ارك المقاوم��ة ض��د الغ��زو اإليطالي ع ّكاره ‪ -‬المالّحة‪ ،‬كما اكتش��ف تح ّش��دات إلى إنتاج خرائط ومس��ح توبوغرافي أكثر‬ ‫(معارك المنش��يّة و ش��ارع الشط والهاني للمقاتاي��ن الليبيين ( حوال��ي ‪ 6000‬مقاتل) دقّ��ة وضبطا‪ .‬ومما ال ش��ك في��ه أن أعمال‬ ‫والت��ي وقع��ت بي��ن ‪ 26 – 23‬أكتوب��ر ف��ي منطقة بوس��ليم – عي��ن زاره‪ ،‬وفريق الرصد واإلستطالع قد أفاد القيادة اإليطاليّة‬ ‫‪ .)1911‬وعند الس��اعة ‪ 5,30‬من مس��اء (محلّة) يستع ّد في بومليانه شرقي طرابلس‪ .‬م��ن جهة أخرى في التعرّف على تحرّكات‬ ‫ي��وم ‪ 23‬أكتوبر طلب الجن��رال كانيفا قائد وهنا اعترضت الطائرة رصاصات بندقيّة المقاومي��ن الليبيي��ن‪ ،‬وجعلته��ا تعيد النظر‬ ‫قوّات الغزو من (بيات��زا) إمكانيّة الطيران أطلقها المقاوم��ون فثقبت جناحي الطائرة‪ ،‬ف��ي حجم قوّاتها الت��ي بلغت ‪ 9000‬جندي‬ ‫ف��وق قري��ة العزيزيّ��ة‪ ،‬وكان ال��ر ّد ب��أن دون إحداث ضرر جس��يم بها‪ .‬واعتبر ذلك بغ��رض زي��ادة عدده��ا بدال م��ن تقليصه‪.‬‬ ‫الطي��ران عن��د إقتراب الظ�لام غير مجد‪" ،‬أول إختبار قاس��ي وسط النيران تخوضه وسنجد أن عددها تجاوز ‪ 100,000‬جندي‬ ‫باإلضاف��ة إل��ى أن طائ��رة (بيرلي��و) ال طائ��رة زمن الح��رب" في العال��م‪ .‬كما قام بعد ذلك مع تطّوّر الحرب وطول المقاومة‬ ‫تس��تطيع قط��ع مس��افة ‪ 80 – 50‬كم حيث (غافوتّي) يوم ‪ 26‬أكتوبر و (دي روسّ��ي) التي واجهتها قوّات الغزو‪.‬‬ ‫تقع القرية التي خشيت القيادة اإليطاليّة من يوم ‪ 28‬أكتوبر باس��تطالع جوّي فوق عين ‪ – 4‬إسقاط أول قنبلة من الج ّو‪:‬‬ ‫أن تنطل��ق منها أفواج المقاوم��ة‪ ،‬فكان أن زاره وجنوب��ي ب��و مليان��ه‪ .‬يض��اف إلى ‪-‬بع��د هذه التمارين الناجح��ة ظهرت فكرة‬ ‫قام بالمه ّم��ة (موتزيو) بطائرة (نيوبورت) ذلك أن الطائرات س��اعدت قطع األسطول إس��قاط القنابل من الطائرة على الطيّارين‪.‬‬ ‫األكثر قدرة على الطيران لمس��افات أبعد‪ ،‬البحري الذي د ّشن عمايّات الغزو‪ ،‬بإرشاده وأول قنبل��ة كانت من نوع ‪ Cipelli‬وهي‬ ‫وال��ذي أقلع بها عند الس��اعة ‪ 6,15‬صباح عند إطالق قنابل مدافعه على المواقع الليبيّة ف��ي حج��م أكب��ر من حج��م برتقال��ة يصل‬ ‫اليوم التال��ي‪ .‬وألن القيادة اإليطالية لم تكن وتصويب أهدافها؛ فالكابتن (بياتزا) أرش��د وزنه��ا إلى ‪ 2‬ك��ج‪ ،‬وتقذف بالي��د بعد ف ّ‬ ‫ك‬


‫‪08‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫ملف العدد‬

‫صمام األمان فيها‪ ،‬وأحيانا يف ّ‬ ‫ك باإلس��نان اإليطاليّ��ة م��ا أ ّدى إل��ى ه��روب الجن��ود‬ ‫حين تك��ون يد الطيّ��ار مش��غولة بالقيادة‪ .‬األت��راك‪ ،‬ولكن ليس بها مستش��فى‪ .‬وكان‬ ‫ففي األول م��ن نوفمبر ‪ 1911‬قام الطيّار المقصود باإلستفس��ار القنابل التي أسقطها‬ ‫(غافوتي) بإس��قط قنبلة من هذا النوع على الكابتن (مويتزو) يوم ‪ 10‬نوفمبر‪ .‬ولكن ما‬ ‫(عي��ن زاره) وث�لاث قنابل أخ��رى على أزعج القيادة اإليطاليّة‪ ،‬إستعداد المقاومين‬ ‫(تاجوراء)‪ .‬وس��جّل ه��ذا كأول حدث من األت��راك والعرب لتوجيه رصاص البنادق‬ ‫نوع��ه في التاريخ الحربي‪ .‬ثم أضيفت إلى وقنابل المدفعيّة نحو الطائرات والمناطيد‪،‬‬ ‫العتاد التدميري قنبلة يدويّة أخرى سويديّة ب��ل إن ه��ذه القي��ادة أبرقت تستفس��ر عن‬ ‫الصنع من ن��وع ‪ Haasen‬كانت البحريّة التجهي��زات اإليطاليّ��ة حياله��ا‪ ،‬وإمكانيّة‬ ‫اإليطاليّة قد اس��تولت على كميّات منها من إس��تعمال القوّات التركيّة أيضا للطائرات‬ ‫على ظهر الس��فينة التركيّ��ة (نفرتيتي)‪ .‬ثم في الحرب القائم��ة‪ .‬وكان جواب (بياتزا)‬ ‫جرى بعد ذلك تطوير قنبلة أخرى من قبل ‪ :‬إن طائراتهم على اس��تعداد لمولجهة أية‬ ‫العقي��د في المدفعيّ��ة ‪ Bontembelli‬وقد طائ��رة تركيّة والتغلّب عليه��ا بالتظر إلى‬ ‫ُس ّميت باسمه‪ .‬وكانت تحمل عبوّة متفجّرات سرعتها األقوىوقدرتها األكبر على المناورة‬ ‫ورصاصات مدوّرة‪ ،‬وتصيب الهدف أينما والقت��ال بحكم ما قطعته م��ن تجارب‪ .‬وقد‬ ‫ألقي��ت بحكم تصميمها الحلزوني وغطائها اعتبر هذا تح ّدي��ا مفترضا أمام اإليطاليين‬ ‫الخارج��ي‪ .‬ه��ذا إضافة إل��ى قنابل أخرى جعله��م يحسّ��نون م��ن أدائه��م ويطوّرون‬ ‫قدراته��م إس��تعدادا لظه��ور المقاتالت في‬ ‫أكثر وزنا استخدمتها سفن البحريّة‪.‬‬ ‫وكان م��ن المتوقّ��ع أن يثير إلق��اء القنابل‬ ‫ردود أفعال ونقاشات متع ّددة في الصحافة‬ ‫وأوساط الرأي العام اإليطالي واألوربي‪،‬‬ ‫ففي إيطاليا أحت ّل الحدث الصفحات األولى‬ ‫من الصحف الكبرى‪ ،‬و تبارى ش��عراؤها‬ ‫وعل��ى رأس��هم (جبرائيل��ي داننوزي��و)‬ ‫أش��هرهم في ذلك الوقت الذي نظم قصائد‬ ‫تحوّلت إل��ى أغاني وأناش��يد مثل‪" :‬أغنية‬ ‫م��ا وراء البح��ار" و "إكلي��ل النصر" و‬ ‫‪:‬أغني��ة دايانا" ف��ي اإلحتف��اء بالطيّارين‬ ‫وبطوالته��م وتمجي��د الح��دث التاريخي‪،‬‬ ‫وأصدر بعضهم مثل (فيليتشي مانفريدي)‬ ‫ديوانا خصّصه للح��دث بعنوان (طرابلس‬ ‫الغ��رب)‪ .‬وكان صدى الح��دث في أوربا‬ ‫كبيرا إذ نش��رت جريدة (تايم��س) اللندنيّة‬ ‫ف��ي عدده��ا بتاري��خ ‪ 12‬أغس��طس تعليقا‬ ‫قيّمت فيه إنج��از الطيّارين اإليطاليين وما‬ ‫أول قنبلة جويّة في العالم‬ ‫اتس��م به من شجاعة وما حقّقه من تقدم في‬ ‫رصد تحرّكات (العدو)‪ ،‬وتصوير ورس��م‬ ‫خرائ��ط متقنة في وقت خاضوا فيه معارك الحروب المقبلة‪ .‬وعلى العموم إزداد عتاد‬ ‫حربيّ��ة‪ .‬بينما نش��رت جري��دة (بيرلينير الق��وّات الغازية من القناب��ل المتع ّددة‪ ،‬ففي‬ ‫تاغاب�لات) األلمانيّة في عددها بتاريخ ‪ 10‬خ�لال ش��هر فبراي��ر ‪ 1912‬وصلت إلى‬ ‫سبتمبر تعليقا لمراسلها الذي‪ ،‬وإن قلّل من األراض��ي الليبيّ��ة حاويات ب��كل منها ‪10‬‬ ‫أهميّة القدرة الحربيّة المس��تفادة‪ ،‬إالّ أن ما قنابل مص ّممة بصمامات أمان يمكن قذفها‬ ‫أنتج��ه الطيّارون من ص��ور وخرائط فاق بش��كل متتالي أو جملة واح��دة‪ .‬وفي نفس‬ ‫بكثير ما أصدرته القيادة الفرنس��يّة وجعلته الش��هر وش��هر نوفمير أصب��ح الطيّارون‬ ‫عديم القيمة‪ .‬وهذا من شأنه أن يش ّكل أهميّة يكثرون من التحليق فوق مواقع المقاومين‬ ‫كبرى لعمليّات المس��تقبل‪ .‬وكتب مراس��ل الوطنيي��ن خاصة ف��وق زواره والعزيزيّة‬ ‫(سينترال نيوز) اإلنجليزيّة مشيدا باإلنجاز وجنوب��ا حت��ى غري��ان‪ ،‬وبش��كل يومي‪،‬‬ ‫اإليطال��ي‪ ،‬ومتمنيّا على بالده أن تس��ارع الس��تطالع الحش��ود العس��كريّة ورص��د‬ ‫تحرّكاته��ا‪ ،‬ث��م اإلب�لاغ عنها إل��ى القيادة‬ ‫بخلق سالحها الجوّي‪.‬‬ ‫إالّ أن رد الفع��ل الترك��ي كان مغتاظ��ا الحربية اإليطاليّة بواسطة إسقاط التقارير‬ ‫واحتجّ��ت الحكوم��ة التركيّ��ة عل��ى قي��ام والخرائ��ط المح ّمل��ة ف��ي أكي��اس رمل ما‬ ‫الطيّارين اإليطاليين بقصف مستش��فى في ساعد القيادة اإليطاليّة في توجيه عمليّاتها‪.‬‬ ‫العزيزيّة‪ ،‬األمر الذي دفع برئيس الوزراء وق��د عبّرت لها في منتصف ديس��مبر عن‬ ‫جيوليتي إلى أن يب��رق إلى الجنرال كانيفا امتنانها وإعجابه��ا بهذه التقارير في برقيّة‬ ‫مستفس��را عن الحقيقة‪ ،‬فكان الر ّد من قائد من رئيس األركان في روما‪ .‬وخالل فصل‬ ‫الحملة الجنرال كانيفا بنفي اإلتهام‪ ،‬مشيرا الشتاء تضرّرت بعض (الهناقر) ومع ّدات‬ ‫إل��ى أن ف��ي العزيزيّ��ة معس��كرا لألتراك الطي��ران بفع��ل العواص��ف واألمط��ار‪،‬‬ ‫جرى قصف��ه أيض��ا بمدافع م��ن البحريّة ولكن جرى اس��تبدالها بطائ��رات ومناطيد‬

‫ومع�� ّدات أخرى جلبت على ظهر الس��فن‬ ‫من إيطاليا‪ .‬وكل ذلك غ�� ّزز من إمكانيّات‬ ‫وتج��ارب الطيّارين حتى أنهم إس��تطاعوا‬ ‫الطي��ران ليال وخاصة في الليالي المقمرة‪،‬‬ ‫ومن ث ّم أدخلوا تقنية اإلضاءة في الطائرات‬ ‫باس��تعمال المولّ��دات‪ .‬عل��ى أن غ��ارات‬ ‫القص��ف الليليّة بدأت إعتب��ارا من ‪ 2‬مايو‬ ‫‪ 1912‬في برقة‪ ،‬وهو ما سيرد ذكره‪.‬‬ ‫‪ – 5‬فقدان أول طيّار واعتقال آخر‪:‬‬ ‫إبتداء من ‪ 17‬أغس��طس ‪ 1912‬أصبحت‬‫القوّة الجويّة المش ّكلة من الطائرات والسفن‬ ‫الهوائيّة والمناطيد تش��ارك ف��ي العمليّات‬ ‫الحربيّة بالتاس��يق مع القوّات البريّة‪ ،‬حيث‬ ‫أخ��ذت ‪ 7‬فيالق إيطاليّ��ة تزحف فيه اتجاه‬ ‫(سيدي بالل) غربي جنزور‪ ،‬ومهمة القوّة‬ ‫الجويّ��ة هو اإلس��تطالع والرصد وقصف‬ ‫م��ا يتقرّر من أهداف‪ .‬وفي ‪ 25‬أغس��طس‬ ‫أصيبت الطائرة الت��ي كان يقودها الكابتن‬ ‫‪ Piero Manzini‬بعط��ب ف��ي المحرّك‬ ‫فه��وت به في البح��ر بالقرب م��ن (جبانة‬ ‫اليهود) وعل��ى مقربة من (الهانقر)‪ .‬وعند‬ ‫البحث وجدت جثة الطيّار ميتا‪ ،‬وت ّم إنتشال‬ ‫الطائ��رة الت��ي لم تتض��رّر كثي��را‪ .‬وهكذا‬ ‫س��جّل أول طيّار في العالم يس��قط ميّتا في‬ ‫معركة جويّة في العالم‪.‬‬ ‫وكان��ت المش��اركة الجويّ��ة ف��ي المعارك‬ ‫ق��د توسّ��عت في ش��هري م��ارس وأبريل‬ ‫فوصلت عمليّاتها إلى (راقدالين) و زواره‪،‬‬ ‫واس��تطاعت أن تحت ّل مهبط��ا صغيرا في‬ ‫منطقة (المخاب��ز)‪ .‬وعندما احتلّت القوات‬ ‫اإليطالية زواره في ‪ 6‬اغسطس وراقدالين‬ ‫ف��ي ‪ 15‬من��ه‪ ،‬أمكنله��ا أن تس��يطر عل��ى‬ ‫المناف��ذ الثالثة مع تون��س في محاولة منها‬ ‫لمنع تهريب السالح وتحرّكات المقاومين‪.‬‬ ‫وق��د تع��رّض الطيّ��ارون اإليطاليون إلى‬ ‫مش��اكل أرغم��ت بعضه��م عل��ى الهبوط‬ ‫واله��روب واإلختفاء‪ ،‬ففي ‪ 16‬أبريل نزل‬ ‫الطيّ��ار ‪ Palma di Cesnola‬في مهبط‬ ‫(المخاب��ز) المش��ار إلي��ه به��دف مراقب��ة‬ ‫الحدود م��ع تونس‪ .‬وفي ‪ 26‬يونيو أضط ّر‬ ‫الطيّار ‪ Cesare Saccerdoti‬إلى الهبوط‬ ‫في منطقة يسيطر عليها المقاومون‪ ،‬بسبب‬ ‫عط��ل أصاب المحرّك‪ ،‬ولكنه اس��تطاع –‬ ‫بعد مسيرة ساعتين على األقدام‪ -‬أن يهتدي‬ ‫إلى المعس��كر اإليطالي ف��ي (أبو ك ّماش)‪.‬‬ ‫وق��د صاحبت��ه ثلّة م��ن الجنود إل��ى موقع‬ ‫الطائ��رة التي ت ّم إصالحها‪ ،‬واس��تطاع أن‬ ‫يستأنف بها الطيران‪.‬‬ ‫إالّ أن��ه ف��ي ي��وم ‪ 10‬س��بتمبر‪ ،‬وتنفي��ذا‬ ‫ألوامرالقيادة بتح��رّك الطائرات من نوع‬ ‫(نيوب��ورت) للقي��ام بغارات عل��ى مواقع‬ ‫المقاومة الوطنيّة‪ ،‬شارك الكابتن (مويتزو)‬ ‫ب��أن أقل��ع بطائرت��ه م��ن زواره ‪ ،‬ولكن��ه‬ ‫اضط ّر إلى الهبوط ف��ي ارض (العدوّ) ما‬ ‫بين الزاوية و (الماية) بسبب عطل أصاب‬ ‫مح��رّك الطائ��رة‪ ،‬فوقع أس��يرا ف��ي أيدي‬ ‫المقاتلين الليبيين‪ ،‬ولم يُطلق سراحه إالّ في‬ ‫نوفمبر ‪،1912‬عقب توقيع معاهدة الصلح‬

‫ف��ي لوزان بين إيطاليا وتركيا في منتصف‬ ‫أكتوبر‪ ،‬أي أنه قضى الشهور الثالثة أسيرا‬ ‫ل��دى رجال المقاومة‪ .‬وقد كتب تقريرا عن‬ ‫أسره بتاريخ ‪ 13‬فبراير ‪ 1913‬وصف فيه‬ ‫الح��ادث مفصّال كيف أنه هب��ط في المرّة‬ ‫األولى م��ن عل ّو ‪ 1200‬قدم حيث أحاط به‬ ‫الفرسان الليبيون‪ ،‬وكيف إستطاع أن يش ّغل‬ ‫المح��رّك وأن يطير على عل�� ّو ‪ 600‬قدم‪،‬‬ ‫غي��ر أن المحرّك خذله ه��ذه المرّة‪ ،‬فواجه‬ ‫وابال من رصاص المجاهدين‪ .‬وعندها قاد‬ ‫طائرته إلى مرتفع ثم خرج منها حين قابله‬ ‫أح��د المقاتلين ولكنه لم يطل��ق عليه النار‪.‬‬ ‫وهنا تج ّمع حول��ه المقاتلون وهم ينظرون‬ ‫إليه نظرات إس��تغراب وتوجّ��س‪ ،‬واقتاده‬ ‫أحدهم من ذراعه – رغم إحتجاجه‪ -‬مشيرا‬ ‫إلي��ه بالس��ير أمام��ه إلى أن قاب��ل ضابطا‬ ‫تركيّا على جواده وبلب��اس عربي‪ ،‬والذي‬ ‫تح�� ّدث إلي��ه بلطف‪ .‬ث��م تج ّمع ع��دد كبير‬

‫‪Mazini‬‬ ‫من العرب وامتطى معه��م جوادا إلى بلدة‬ ‫(المايه) حيث أنزلوه في فندق هناك‪ ،‬ومن‬ ‫ث��م إلى العزيزيّة التي قض��ى فيها ليلة ‪11‬‬ ‫سبتمبر‪ ،‬وسُمح له باإلبراق إلى عائلته‪ ،‬ثم‬ ‫ق ّدم إلى فتحي ب��ك رئيس األركان التركي‬ ‫ال��ذي تجاذب معه أطراف الحديث الو ّدي‪،‬‬ ‫وأهدى إليه كرّاس��تين عن الطيران وعددا‬ ‫من الصح��ف‪ .‬وقد حكى ل��ه فتحي بك أن‬ ‫المقاومين الع��رب في غريان حين هبطت‬ ‫الطائ��رة قالوا إنها من بركل��ت الول ّي عبد‬ ‫السالم األس��مرالذي أراد أن يحضّهم على‬ ‫الكفاح‪ .‬ولم يش��أ القائ��د التركي أن يصحّح‬ ‫إعتقادهم حتى ال يثير أحاسيسهم‪ .‬ويواصل‬ ‫(مويت��زو) روايته بأنهم قبل نقله إلى يفرن‬ ‫إحتف��ل الع��رب ف��ي به��و الثكن��ة‪ ،‬وأ ّدوا‬ ‫رقصات شعبيّة مع الجنود األتراك إبتهاجا‬ ‫باإلنتص��ار وتوديع��ا لفوج م��ن المقاتلين‬ ‫المتوجّهي��ن إلى أرض المعركة‪ .‬وفي يوم‬ ‫‪ 20‬أكتوبر أبلغ بانته��اء الحرب‪ ،‬وفي‪29‬‬ ‫من��ه وصل مع قافلته عل��ى ظهور الجمال‬ ‫إل��ى يفرن‪ .‬وفي الي��وم التالي إنض ّمت إليه‬ ‫بعثة ‪( Sanfilippo- Sforza‬سانفيليبو –‬ ‫سفورزا (‪)1‬‬ ‫وأخ��ذ الجميع رهائن ل��دى العرب وتحت‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫ملف العدد‬ ‫حراس��ة (الجندارمه) من الضبّاط األتراك‪،‬‬ ‫إل��ى أن أخبره��م ف��ي أح��د األيّ��ام حاك��م‬ ‫يف��رن بأنه ف��ي انتظار األوام��ر بنقلهم إلى‬ ‫طرابل��س‪ ،‬بينما الحظ تململ لدى المقاتلين‬ ‫العرب‪ .‬وبعد الفجر من يوم ‪ 9‬نوفمبر غادر‬ ‫(مويت��زو) م��ع بعث��ة س��فورزا على ظهر‬ ‫الجمال حتى وصلوا الزاوية بعد ظهر اليوم‬ ‫التالي‪ ،‬وهناك اس��تضافهم الضبّاط األتراك‬ ‫بكل كرم في خيمة وس��ط حش��د من الجنود‬ ‫األت��راك بلغ عدده��م ‪ 2000‬جندي‪.‬وعقب‬ ‫ذل��ك غ��ادروا ممتطين الخيول إل��ى الماية‬ ‫ومنه��ا إلى (س��يدي بالل) الت��ي وصلوها‬ ‫صباح يوم ‪ 11‬نوفمبر‪.‬‬ ‫‪ – 6‬العمليّ���ات في برق���ة (أوائل الجرحى‬ ‫والموتى)‪:‬‬ ‫ من��ذ ‪ 28‬نوفمب��ر ‪ 1911‬ب��دأت عمليّات‬‫اإلس��تطالع والرص��د ف��ي أج��واء برقة‪،‬‬ ‫ود ّشنها الكابتن ‪ . Lampugnani‬وبما أن‬ ‫اإلس��تحكامات التي أقامها الضبّاط األتراك‬ ‫تمترس��ت حول المدينة على مس��افة ‪– 15‬‬ ‫‪ 20‬ك��م‪ ،‬فلم يقطع الطيّ��ارون أبعد من ذلك‬ ‫ف��ي عمليّاته��م بس��هولة نظرا إلى انبس��اط‬ ‫األرض‪ .‬ولك��م ر ّد الفع��ل كان عنيف��ا م��ن‬ ‫قب��ل البنادق والمدفعيّة المض��ا ّدة‪ .‬وطلقات‬ ‫المدفعيّ��ة كان��ت األول��ى الت��ي تواجهه��ا‬ ‫الطائرات اإليطاليّة ف��ي الحملة على ليبيا‪،‬‬ ‫عندم��ا واجهها الطيّ��ار ‪ Roberti‬يوم ‪15‬‬ ‫ديسمبر ‪ ،1911‬حيث أصابت قنبلة مروحة‬ ‫الطائرة‪ .‬ويقول التقرير اإليطالي‪ ،‬إنه قابل‬ ‫العمليّة برباطة جأش إلى درجة أنه خفّض‬ ‫م��ن عل�� ّو الطائرة مقترب��ا م��ن المقاومين‬ ‫وكأن��ه أراد تهنئتهم الس��تعمالهم للمدفعيّة‪،‬‬ ‫وألقى عددا من بطاقاته الش��خصيّة عليهم!‬ ‫(‪ . )2‬وف��ي ‪ 17‬يناي��ر ‪ 1912‬أعاق��ت‬ ‫التيّ��ارات الهوائيّة الش��ديدة طائ��رة الطيّار‬ ‫‪ Cannonieri‬ع��ن اإلرتف��اع‘ وأجبرت��ه‬ ‫على الهبوط في منطقة قريبة من (س��واني‬ ‫عصم��ان)‪ .‬ولكنه تمالك نفس��ه وطلب من‬ ‫بعض الع��رب القريبي��ن من الم��كان لكي‬ ‫يعاون��وه في ج ّر الطائرة إل��ى ثكنة إيطاليّة‬ ‫كان يعس��كر بها جن��ود ‪ Bersaglieri‬أي‬ ‫المعتمري��ن لخوذات من الريش‪ ،‬وهم كانوا‬ ‫طالئع القوّات الذين نزلوا من األسطول في‬ ‫بداي��ات الغزو‪ .‬وف��ي ‪ 13‬مارس أعاد نفس‬ ‫الطيّار تحليقه فوق بنغازي وسط عواصف‬ ‫ومطبّات هوائيّة جعلته – كما يقول التقرير‬ ‫اإليطالي‪ -‬يُسقط القنابل بتهوّر‪ .‬وقد تص ّدت‬ ‫ل��ه الني��ران األرضيّ��ة فأصابت��ه طلقة في‬ ‫س��اقه اليمنى أسالت الدماء منها وإضطرته‬ ‫إل��ى الهب��وط في م��درّج تاب��ع لقوّاته دون‬ ‫أن تص��اب الطائرة‪ .‬وهك��ذا أصبح الطيّار‬ ‫الثاني ال��ذي يصاب في معركة‪ ،‬بعد زميله‬ ‫‪ Montu‬ال��ذي أصيب فوق طبرق يوم ‪31‬‬ ‫يناي��ر ‪ .1912‬وف��ي ‪ 15‬مايو أقل��ع الطيّار‬ ‫‪ Bolla‬بطائرته بعد الظهر لمس��افة ‪ 30‬كم‬ ‫في العمق‪ .‬وبعد أن خيّم الظالم لم يس��تطع‬ ‫نف��س الطيّاراإلهت��داء إلى قاعدت��ه لوال أن‬ ‫ش��اهد النيران في مخيّم للبدو أرشدته إليها‪.‬‬ ‫ونفس الطيّار طار يوم ‪ 3‬يوليو فوق البحر‪،‬‬ ‫ثم س��قطت به طائرته في المياه‪ ،‬ولكنه نجا‬

‫‪09‬‬

‫عندم��ا تم ّك��ن من الس��باحة بضع��ة دقائق‬ ‫إل��ى أن جاء زورق حربي إيطالي إنتش��اله‬ ‫ونقله إلى الس��فينة (مارك��و بولّو)‪ .‬وفي ‪2‬‬ ‫ماي�� و ‪ 1912‬قام الكابت��ن �‪Alberto Ma‬‬ ‫‪، rengo‬ال��ذي تس��لّم قيادة األس��طول في‬ ‫ليبيا من زميل��ه ‪ ،Cuzzo Crea‬بالطيران‬ ‫اإلستطالعي فوق (الجخ الكبير) من الساعة‬ ‫‪ 3:30‬إلى الس��اعة ‪ 4‬في الغس��ق‪ .‬ثم أعاد‬ ‫الك��رّة عدة مرّات ف��ي ‪ 7‬و ‪ 24‬مايو‪ ،‬و‪11‬‬ ‫و ‪ 17‬يوني��و وفي ‪ 7‬يوليو‪ .‬وبذلك ُولد أول‬ ‫طيران ليلي إستطالعي في العالم‪ .‬وواضح‬ ‫أن أه��داف هذه الغارات الليليّة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫أن الظ�لام يوفّ��ر الهدوء للطي��ران‪ ،‬كانت‬ ‫ّ‬ ‫وب��ث العصبيّة واإلرتباك‬ ‫إرهاب المقاومة‬ ‫بين صفوف رجالها‪)2( .‬‬ ‫توسّعت أدوات األس��طول الجو ّ‬‫ي فانضم‬ ‫إلي��ه (المتطوّع��ون) من المدنيي��ن والذين‬ ‫ل��م يكون��وا مدرّبي��ن حرفيّ��ا عل��ى األداء‬ ‫العس��كري بالشكل المطلوب‪ ،‬فانقسموا إلى‬ ‫قسمين؛ أحدهما لتنظيم الغارات على مدينة‬ ‫درن��ة بقيادة الكابت��ن ‪ Bolla‬وضواحيها‪،‬‬ ‫والثان��ي للغارات على طي��رق وضواحيها‬ ‫بقي��ادة الكابت��ن ‪ .Agostoni‬وق��د أبح��ر‬ ‫هؤالء الطيّارون من نابولي في ‪ 22‬نوفمير‬ ‫فوصل��وا درن��ة ي��وم ‪ 25‬من��ه‪ ،‬ووصل��وا‬ ‫طب��رق ي��وم ‪ 28‬نوفمب��ر‪ .‬واس��تم ّر ه��ذا‬ ‫األس��طول بصفته المدنيّ��ة حتى ‪ 11‬مارس‬ ‫‪ ،1912‬حيث ت ّم إستبدال المدنيين بطيّارين‬ ‫عسكريين‪ .‬وقد واجهت العمليّات مصاعب‬ ‫ف��ي درنة بس��بب وجود الم��درّج في وادي‬ ‫ضيّق تحيط به الجبال باإلضافة إلى هبوب‬ ‫العواصف الرمليّة‪ .‬أ ّما في طبرق فقد طلب‬ ‫قائد القسم الجنرال ‪ Signorili‬من الطيّار‬ ‫‪ Capuzzo‬أن يق��وم بمه ّمة (المراقب) في‬ ‫الطائ��رة التي كانت حتى ذل��ك الوقت تدار‬ ‫من قبل الطيّار وح��ده‪ ،‬والذي كان يمارس‬ ‫الطي��ران والرقاب��ة مع��ا‪ .‬فنفّ��ذ (كابوتزو)‬ ‫األم��ر‪ .‬وبذل��ك س��جّل كأول مراقب جوّي‬ ‫ف��ي تاريخ الطي��ران‪ .)3(.‬وم��ن ثم مارس‬ ‫ّ‬ ‫(الرقاب��ة) بع��ده الكابت��ن (مونت��و)‪ ،‬الذي ‪ ،1912‬ففي ذلك اليوم حلق منطادان هما ‪P‬‬ ‫ورد ذك��ره‪ ،‬ما بين درنة وطبرق‪ .‬ففي ‪ 2 31‬و ‪ P 3‬فوق جنزور في مه ّمة إس��تطالع‬ ‫يناي�� ر ‪ 1912‬أقلع بصحب��ة الطيّار �‪ Ros‬وأس��قط األول منهما قنبلة على تحصينات‬ ‫‪ si‬بطائرت��ه م��ن نوع (فارم��ان)‪ ،‬بغرض أرضيّ��ة للثوّار‪ ،‬بينما الثان��ي أخطأ الهدف‬ ‫رصد تحرّكات قوّات المقاومة فوق منطقة بس��بب إعوجاج زعنفة المنط��اد‪ .‬وفي ‪19‬‬ ‫(المدوّر) وأسقط قنبلة من عل ّو ‪ 2000‬قدم‪ ،‬مارس هاجم المنطادان حش��ودا للمجاهدين‬ ‫ولك��ن المدفعيّة والبن��ادق األرضيّة أطلقت ف��ي منطقة(س��واني ب��ن يادم) م��ن إرتفاع‬ ‫(‪ )1‬والبعث��ة الت��ي كانت تزعم البح��ث عن اآلثار‪،‬‬ ‫نيرانها على الطائرة بكثافة فأصابت أربعة ‪ 400‬ق��دم‪ ،‬فتعرّضا لنيران البنادق الكثيفة وقعت أس��يرة في أي��دي المجاهدين بقيادة س��ليمان‬ ‫قذائ��ف المروح��ة والجناحين‪ ،‬والخامس��ة التي أصابت المنطاد األول بإثنين وعشرين البارون��ي ف��ي يناي��ر ‪ ،1912‬ث��م أطل��ق س��راح‬ ‫ثقب��ت غ�لاف المقع��د وجرح��ت المراقب طلقة‪ ،‬والثاني بس��بع عش��رة طلقة‪ .‬وكانت س��فورزا في نوفمب��ر ‪ ،1912‬خ�لال المفاوضات‬ ‫م��ع اإليطاليين‪ .‬وكان لس��فورزا الذي أصبح وزيرا‬ ‫(مونتو)‪ .‬وهكذا ص��ار (مونتو) أول طيّار النتيج��ة أن تض��رّرت مقص��ورة المنطاد‬ ‫لخارجيّ��ة ب�لاده دور ف��ي التفاهم بي��ن اإليطاليين‬ ‫يصاب بجرح في معركة جويّة في التاريخ‪ .‬األول المشحونة بالغاز وأعطبت المكابس‪ ،‬والبارون��ي‪ ،‬كما كان هو صاحب مش��روع تقس��يم‬ ‫ومنذ ذلك الوقت ُمنعت طائرة (فارمان) من فاضط ّر الطيّار إلى الرجوع به إلى القاعدة ليبيا باإلش��تراك مع إرنس��ت بيفي��ن وزير خارجية‬ ‫نقل (مراقب) ألنه يزيد من حمولتها بجانب بصعوبة‪ ،‬كما تض��رّر المنطاد الثاني وكاد بريطانيا بعيد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬والذي أسقطه‬ ‫كفاح الشعب الليبي وتصويت مندوب هليتي ضده‪.‬‬ ‫الطيّ��ار‪ ،‬إذ ال يمكن لها تج��اوز عل ّو ‪ 200‬أن يرتط��م ب��األرض أثناء الهب��وط‪ .‬وعند (‪ )2‬بعد س��نوات عدي��دة (‪ )1925‬كان نفس الطيّار‬ ‫قدم خشية إشتعال النار في اإلطارات‪.‬‬ ‫التقيي��م تبيّن أن اإلرتف��اع العالي إلى ‪ 400‬وهو رائد ف��ي البحريّةيتجوّل في إس��طانبول حيث‬ ‫قدم لم ينق��ذ المناطيد من اإلصابة‪ ،‬وأنها لم شاهد هذه البطاقات معروضة في متحف حربي‪.‬‬ ‫‪ – 7‬دور المناطيد والسفن الهوائيّة‪:‬‬ ‫عل��ى الرغم م��ن النجاح��ات الت��ي حقّفتها تك��ن مجهّزة للهجوم‪ ،‬عل��ى الرغم من أنها (‪ )3‬تج��در المالحظة أن إس��م الطيّار كابتزو أطلقه‬ ‫الطلي��ان منذ ذلك الوقت على بلدة (أم مس��اعد) آخر‬ ‫ّ‬ ‫عمايّ��ات إس��قاط القناب��ل والمنش��ورات أس��قطت ‪ 40‬قنبل��ة لم تص��ب إال ‪ 20‬قنبلة نقط��ة بريّة عل��ى الحدود المصريّ��ة الليبيّة‪ ،‬إلى أن‬ ‫واإلس��تطالع في األجواء المختلفة‪ ،‬إال أن منه��ا أهدافه��ا‪ .‬وهو ما اعتبرت��ه المصادر أعيد إليها إسمها األصلي بعد اإلستقالل سنة ‪1952‬‬ ‫القياد اإليطاليّة‪ ،‬وبس��بب تم ّك��ن المقاومين اإليطاليّة حصيلة بائس��ة! ثم تواصلت هذه‬ ‫م��ن إلحاق الضرر بالطائ��رات والطيّارين‬ ‫بوس��ائل دفاعاته��م البس��يطة‪ ،‬رأت أن‬ ‫الطائ��رات ال تس��تطيع أن تنجح ف��ي قنبلة‬ ‫تج ّمع��ات المجاهدي��ن الليبيي��ن بفعاليّة إالّ‬ ‫من عل ّو يتج��اوز ‪ 2,300‬قدم‪ .‬وهذا لم يكن‬ ‫ف��ي قدرة الطائرات في ذل��ك الوقت‪ .‬ولهذا‬ ‫لج��أت القي��ادة اإليطاليّة على لس��ان نائب‬ ‫الجنرال كانيفا قائد الحملة‪ ،‬إلى أن تستخدم‬ ‫ف��ي المعرك��ة الس��فن الهوائيّ��ة والمناطيد‬ ‫والتي أش��رنا إلى جلبها من إيطاليا‪ ،‬وكانت‬ ‫تس�� ّمى‪ .Draken‬إذ أص��در أم��را نصّ��ه‬ ‫م��ا يلي‪“ :‬قنبل��وا التج ّمع��ات المعادية التي‬ ‫تتعرّف��ون عليه��ا ‪ ..‬إقطعوا ط��رق القوافل‬ ‫واضربوا قوافل اإلبل ف��ي موقع تج ّمعها‪..‬‬ ‫أضربوا مخيّمات األتراك ورؤساء العرب‬ ‫الكبيرة‪ .‬وبالنس��لة للعمليّات الليليّة فستكون‬ ‫في الليالي المقم��رة" وتنفيذا لهذه األوامر‬ ‫التعسفيّة والعدوانيّة شرعت السفن الهوائيّة‬ ‫ف��ي القي��ام بعمليّاتها إعتب��ارا من ‪ 5‬مارس‬

‫الغارات طيلة شهر مارس وأبريل متو ّغلة‬ ‫إلى مس��افات أبعد مثل (سيدي سعيد) حيث‬ ‫عسكرت فرقة جاريوني الذي سيكون واليا‬ ‫عل��ى طرابلس الغرب‪ ،‬فربطا معها ش��بكة‬ ‫إتصاالت ضامة قطع األسطول الراسية في‬ ‫ميناء زوارة‪ .‬وم��ن هناك إتجهت العمليّات‬ ‫حتى الحدود التونسيّة وحتى (راقدالين) في‬ ‫الداواخل الليبيّة التي أس��قطت عليها خمس‬ ‫قنابل لم تنفجر منها إالّ واحدة‪ .‬ثم توسّ��عت‬ ‫العمليّت على طول الش��اطئ حتى الزاوية‪.‬‬ ‫وهن��اك وبس��بب ق��وّة الرياح واس��تهالك‬ ‫الوق��ود صادف��ت مجازفات كثي��رة‪ .‬وعلى‬ ‫العموم إس��تطاع المنطادان (ب ‪ 1‬و ب ‪)2‬‬ ‫تحقيق عمليّات رمي قنابل محدودة‪ ،‬وكذلك‬ ‫إلق��اء أالف المنش��ورات الملمحتويةحتوية‬ ‫على النداءات للسكان‪.‬‬ ‫أ ّما بالنس��بة لبنغازي وم��ا يتبعها‪ ،‬فقد جهّز‬ ‫المنط��اد ‪ P 1‬وب��دأ عمليّاته هن��اك يوم ‪29‬‬ ‫مارس‪ ،‬وقام باإلستطالعات المعتادة وإلقاء‬ ‫بع��ض القناب��ل عل��ى مواقع في (س��واني‬ ‫عصم��ان) و (قاريون��س)‪ .‬وانته��ز ق��ادة‬ ‫األس��طول ش��هور الصي��ف لمواصلة هذه‬ ‫العمليّ��ات‪ ،‬كما أنه��م أجروا تج��ارب عن‬ ‫إس��تخدام المناطي��د في قص��ف الغوّاصات‬ ‫والب��وارج الحربيّ��ة‪ ،‬ع��ن طري��ق تعوي��م‬ ‫يرامي��ل ملوّنة في مي��اه بنغازي لكي تكون‬ ‫أهدافا لقنابل يسقطونها من المناطيد‪ ،‬ولكن‬ ‫التجارب ل��م تحقّق النتائ��ج المرجوّة‪ .‬وفي‬ ‫طرابل��س واعتبارا م��ن‪ 26‬نوفمبر ‪1911‬‬ ‫أدخل المنطاد (دراكين) في العمليّات‪ ،‬حيث‬ ‫اس��تعمل في الهجوم على تشكيالت الثوّار‬ ‫في مح��ور (الهان��ي – س��يدي المصري)‬ ‫منص�لا ببارجة بحريّة عن طريق المكالمة‬ ‫بالتليف��ون لتوجيه ضرب��ات المدفعيّة على‬ ‫مواقع الثوّار‪.‬‬ ‫وغن��ي ع��ن الق��ول إن اإليطاليي��ن – وهم‬ ‫يعانون في مواجهة مقاومة شعبيّة ضروس‬ ‫طالت س��نين طويلة‪ -‬قاموا بتطوير وترقية‬ ‫آل��ة تدميرهم المبتكرة في س��باق مع الدول‬ ‫األوربيّة األخرى‪ ،‬فكان أس��طولهم الجوّي‬ ‫قد س��اعدهم في المعارك التي خاضوها في‬ ‫جميع أنحاء ليبيا‪ ،‬إلى أن أس��كتوا المقاومة‬ ‫في الجب��ل األخض��ر والقبلة حت��ى الكفرة‬ ‫وواحاتها‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــ‬


‫‪10‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫ثلج َّ‬ ‫عمان‬ ‫ِشعر ‪ :‬عبدالوهاب قرينقو‬ ‫الثلج‬ ‫يلتهم الشوارع‬ ‫وحيطان ع َّمان المتشابهة‬ ‫الثلج‬ ‫يحاصرنا‬ ‫وسكان الهوتيل عبر زجاج النوافذ الكبيرة‬ ‫يلتقطون الصور ليخبروا عن الثلج‬ ‫حين يرجعونَ‬ ‫إلى ليبيا البحر والصحراء الدافئة‬ ‫الثلج‬ ‫ً‬ ‫يبني جدارا أمام نار الشعر‬ ‫ولكنها ال تنطفئ‬ ‫الثلج‬ ‫صديق‬ ‫الثلج‬ ‫عدو‬ ‫الثلج‬ ‫قد يَحو ُل دون مواعيد كثيرة‬ ‫الثلج‬ ‫يتراكم على حواف السطح‬ ‫ليهوي من حين آلخر‬ ‫ُكتلةً بيضا َء‬ ‫أمام باب الهوتيل‬ ‫ُصب أحدا‬ ‫وال ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫يدق طبو َل الذعر‬ ‫ً‬ ‫ويقر ُ‬ ‫ع جرسا ً غائما في الروح‬ ‫الثلج‬ ‫يجعلنا نحاذر عند الخروج‬

‫قصيد من هاييت‬

‫مارلني ريقو أبولون‬ ‫في وطن األوهام واألكاذيب‬ ‫حتى القطط التتسكع في ليله‬

‫يخيفنا نحنُ الغرباء ‪،‬‬ ‫‪ .......‬فنختبئ‬ ‫في غرف الهوتيل الدافئة‬ ‫الثلج‬ ‫‪ . . . .‬صديق آخر على رصيف العمر‬ ‫‪ . . . . . . . . . . . . . . . . .‬الثلج !! ‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ع َّمان – ‪ 1‬مارس ‪ 2012‬م‬ ‫‪Wahab_gringo@maktoob.com‬‬

‫بأحذيتنا المصممة ألرصفة الشمس‬ ‫وشوارع القيظ والغبار‬ ‫الثلج‬ ‫يجعل السيارات تتقهقر‬ ‫وال تكمل المشوار‬ ‫الثلج‬ ‫تجربة جديدة‬ ‫نتعرف عليها للتو‬ ‫الثلج‬ ‫فزاعة الشتاء‬

‫يف وطن األوهام واألكاذيب‬ ‫ترمجة ‪ :‬ساسي محام‬ ‫وعند تنفس الفجر‬ ‫تتحول الخفافيش‬ ‫الى جثث شبان ‪...‬‬ ‫في وطن األوهام واألكاذيب‬ ‫سنفونية الضفادع والصراصير الليلية‬ ‫تترك مكانها للمتفجرات وأصوات الرصاص ‪...‬‬ ‫في وطن األوهام واألكاذيب‬ ‫ننام بعين مفتوحة وأخرى مغلقة‬ ‫والقلب يدق‪ ...‬يدق‪...‬يكاد ينفجر‪...‬‬ ‫في وطن األوهام واألكاذيب‬ ‫أقلعت األمهات عن هدهدة أطفالهن‬ ‫ألن السرطانات تلتهم األطفال‬ ‫في نومهم ‪...‬‬ ‫في وطن األوهام واألكاذيب‬ ‫ما تراه العيون‬ ‫وما تسمعه اآلذان‬ ‫يعجز الفم عن إعادته‪...‬‬

‫في وطن األوهام واألكاذيب‬ ‫واألوهام تصبح واقعا‬ ‫ومن كثرة إعادتها‬ ‫تصيراألكاذيب حقيقة‪...‬‬ ‫في وطن األوهام واألكاذيب‬ ‫الموت والتعاسة حقيقة‬ ‫تخنق األمل‬ ‫والغد يبقى في رحم الغيب‪...‬‬ ‫•مارلي��ن ريق��و أبولون ولدت ي��وم ‪ 23‬م��اي ‪ 1945‬في‬ ‫ال��رأس الهاييتي ‪ .‬ت��درس اللغة الفرنس��ية وآدابها ‪ .‬تكتب‬ ‫بالفرنس��ية واالنكليزية الش��عر والرواية والقصة القصيرة‬ ‫والنق��د وقصص األطفال ‪ .‬وهي ملتزمة في ش��عرها الذي‬ ‫يوص��ف بأن��ه مجموعة م��ن اللوحات رس��مت بالكلمات‬ ‫بتوثيق انكس��ارات وخيب��ات وأفراح وآالم وآم��ال الحياة‬ ‫الهايتية وتجربتها الشعرية تتجاوز هاييتي لتعانق التجارب‬ ‫االنسانية ‪.‬‬


‫‪11‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫جامعة طرابلس‬ ‫طاء للمشاريع التالية ‪:‬‬ ‫ن رغبتها في طرح ع‬ ‫سياج حول الحضيرة‬ ‫تعلن ع‬ ‫رة الحيوانات وتركيب‬ ‫شاء مظلة لمبنى حظي‬ ‫‪ – 1‬إن‬ ‫مامات كلية الصيدلة ‪.‬‬ ‫‪ – 2‬صيانة ح‬ ‫كيمياء بكلية العلوم ‪.‬‬ ‫صيانة حمامات قسم ال‬ ‫‪–3‬‬ ‫لتربية قصر بن غشير‬ ‫صيانة حمامات كلية ا‬ ‫اتة ) أعمال التخريب‪.‬‬ ‫بن غشير ( فرع العو‬ ‫‪–4‬‬ ‫انة كلية التربية قصر‬ ‫‪ – 5‬صي‬ ‫لفنية والمشروعات ‪.‬‬ ‫صيانة إدارة الشؤون ا‬ ‫‪–6‬‬ ‫ى اإلداري كلية العلوم‬ ‫بن‬ ‫– صيانة حمامات الم‬ ‫رجية لكلية الزراعة‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ت مياه الحمامات الخا‬ ‫‪ – 8‬صيانة دورا‬ ‫كلية التربية البدنية ‪.‬‬ ‫صيانة اسطح صاالت‬ ‫‪–9‬‬ ‫المتضررة بالقاطع ب‬ ‫صيانة عمارة رقم ‪18‬‬ ‫‪– 10‬‬ ‫مكتب الشؤون الفنية‬ ‫‪ – 11‬صيانة مبنى‬ ‫كلية التربية جنزور‪.‬‬ ‫‪ – 12‬صيانة‬ ‫كلية التربية الزهراء‪.‬‬ ‫‪ – 13‬صيانة‬ ‫لية القانون ( إنجيلة )‬ ‫‪ 14-‬صيانة ك‬

‫بكلية الطب البيطري‪.‬‬

‫وفقا للشروط التالية ‪:‬‬ ‫‪ – 1‬تس���حب كراسة المواصفات من مقر إدارةالشؤون الفنية والمش���روعات خالل ساعات الدوام الرسمي بداية من صدور‬ ‫اإلعالن ‪ 7‬مارس ‪2012‬م ‪ ،‬مقابل ‪ 150‬دينار لكل كراسة مواصفات غير قابل للترجيع ‪.‬‬ ‫‪ – 2‬علي الراغبين في التقدم للعطاء احضار ملف كامل للشركة يتضمن المستندات اآلتية ‪ ،‬وذلك عند إستالم مستندات العطاء‬ ‫قيد ساري المفعول للشركة أو التشاركية بالسجل التجاري‪.‬‬ ‫رخصة في مجال المهنة سارية المفعول‪.‬‬ ‫النظام االساسي للشركة أو التشاركية ساري المفعول‪.‬‬ ‫شهادة تفيد الخبرة في مجال التخصص ‪.‬‬ ‫رسالة من المصرف تفيد رصيد الشركة أو التشاركية‪.‬‬ ‫شهادة تفيد السداد الضريبي سارية المفعول‪.‬‬ ‫‪ – 3‬تقدم العروض خالل الدوام الرس���مي إلى إدارة الش���ؤون الفنية والمش���روعات في مظاريف مغلقة ومختومة بالش���مع‬ ‫األحمريتضمن عرض فني ومالي منفصلين لكل مشروع على حدة‪.‬‬ ‫‪ – 4‬يجب أن يرفق مع العرض تأمين إبتدائي بقيمة‪ ، % 05‬نصف في المائة من قيمة العرض لكل مشروع على حدة بموجب‬ ‫صك مصدق من أحد المصارف العاملة بالدولة الليبية و ال يقبل أي عرض غير مصحوب بالتأمين المذكور أو يصل بعد الموعد‬ ‫المحدد بهذا اإلعالن ‪.‬‬ ‫‪ – 5‬س���وف لن يقبل أي عرض غير مس���توفي للش���روط الواردة أعاله وإن كان أقل سعرا ‪ ،‬ولن يكون السعر المعيار الوحيد‬ ‫إلرساء العطاء ‪.‬‬ ‫‪ – 6‬آخر موعد لتقديم العروض الساعة ‪ 12‬ظهراً يوم األربعاء الموافق ‪ 21‬مارس ‪2012‬م‪.‬‬ ‫‪ – 7‬يكون فتح المظاريف والترسية يوم األربعاء الموافق ‪ 28‬مارس ‪2012‬م‬ ‫جامعة طرابلس‬


‫‪12‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬ ‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫اجمللس الوطين‬ ‫احلكومة الليبية االنتقـ‬ ‫اللجنة التحضريية لــ‬ ‫انطالقا من أن التطوير التربوي الواعد ينبغي‬ ‫أن يتم وفق خطة وطنية منظمة ومدروس���ة ‪،‬‬ ‫تصاغ بش���فافية من خالل مشاركة موسعة من‬ ‫كافة القائمين على العملية التعليمية والمهتمين‬ ‫بها‪ ،‬تكون معززة بإرادة سياس���ية جادة تنشد‬ ‫التطوير والتحديث‪.‬‬ ‫وإيمانا بأن اإلصالح التربوي وتطويره ينبغي‬ ‫أن يعتمد على البحث العلمي الجاد‪ ،‬وأن يكون‬ ‫مؤسس���يا ثابتا ومس���تديما‪،‬ومرنا يتطور و ال‬ ‫يتغير بتغير القيادات المسئولة‪.‬‬ ‫لذلك شرعت وزارة التربية والتعليم في اإلعداد‬ ‫لعقد المؤتم���ر الوطني للتعليم بتش���كيل لجنة‬ ‫تحضيرية لهذا المؤتمر بمقتضى قرار الس���يد‬ ‫وزير التربية والتعليم رقم ‪ 140‬لسنة ‪2011‬م‪.‬‬ ‫وقد تم تقس���يم اإلج���راءات التنفيذية لعقد هذا‬ ‫المؤتمر إلى مرحلتين ‪:‬‬ ‫المرحل���ة األولى‪ :‬يتم فيها عقد ملتقيات وطنية‬ ‫للتربي���ة والتعليم في ش���كل ورش عمل بكافة‬ ‫مناط���ق ليبيا ف���ي الفترة من ‪31‬م���ارس إلى‬ ‫‪ 04‬ابريل ‪2012‬م ‪ .‬بمش���اركة كل المختصين‬ ‫من معلمين‪ ،‬ومفتش���ين تربويي���ن وأكاديميين‬ ‫‪،‬وأولي���اء األم���ور‪،‬وكل المهتمي���ن بالعملية‬ ‫التعليمية‪،‬لدراسة مشكالتها ومعوقاتها وتقديم‬ ‫مقترح���ات حلول في ضوء المح���اور والبنود‬ ‫المطروحة‪.‬‬ ‫المرحلة الثانية‪:‬يتم فيها تجميع نتائج المرحلة‬ ‫األول���ى م���ن أراء ومقترح���ات وصياغته���ا‬

‫وتأثيرها في شكل علمي يكون قاعدة للتخطيط‬ ‫اإلس���تراتيجي في المس���تقبل يتم عرضها في‬ ‫المؤتمر الوطني للتعليم الذي سيتم اإلعالن عن‬ ‫تاريخ انعقاده في وقت الحق‪.‬‬ ‫أهداف المؤتمر‬ ‫‪ – 1‬مراجع���ة للسياس���ات التعليمية في ضوء‬ ‫المستجدات والمتغيرات المحلية والعالمية‪.‬‬ ‫‪ – 2‬دراسة تحليلية للمناهج التعليمية في ضوء‬ ‫التطورات العالمية‬ ‫‪ – 3‬دراس���ة تحليلي���ة لبرام���ج إع���داد‬ ‫المعلمين‪،‬وتدريبهم‪،‬وتأهيله���م أثن���اء الخدمة‬ ‫وقبلها بما يجعلهم قادرين على القيام بأدوارهم‬ ‫المتجددة‪.‬‬ ‫‪ – 4‬دراس���ة آليات االرتقاء بتجويد مخرجات‬ ‫التعليم‪،‬ومدى ارتباطها بسوق العمل‪.‬‬ ‫‪ – 5‬تش���خيص البيئ���ة التعليمية‪،‬وتحدي���د‬ ‫معوقاتها‪،‬واقتراح الحلول المالئمة لها‪.‬‬ ‫‪ – 6‬االستفادة من التجارب والخبرات التعليمية‬ ‫العالمية المعاصرة‪.‬‬ ‫المحاور وبنودها‬ ‫‪ – 1‬السياسات التعليمية في ضوء المستجدات‬ ‫والمتغيرات المحلية والعالمية‪.‬‬ ‫‪ – 2‬التشريعات‪.‬‬ ‫‪ – 3‬تأنيث التعليم‪.‬‬ ‫‪ – 4‬السلم التعليمي‪.‬‬ ‫‪ – 5‬رياض األطفال‪.‬‬ ‫‪ 6-‬التعليم األساسى‪.‬‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬ ‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫‪13‬‬

‫االنتقالي – ليبيا‬ ‫ــالية ‪ -‬وزارة الرتبية والتعليم‬ ‫ــلمؤمتر الوطين للتعليم‬ ‫‪ 7‬التعليم المتوسط‪.‬‬‫‪ – 2‬المناه���ج التعليمية في ض���وء التطورات‬ ‫العالمية‪.‬‬ ‫ األهداف التعليمية‪.‬‬‫المقررات الدراسية‪.‬‬‫الوعاء الزمني للمقررات‪.‬‬‫ طرائق التدريس وأساليبه واستراتيجياته‪.‬‬‫ أساليب القياس والتقويم‪.‬‬‫‪ – 3‬برامج إعداد المعلمين وتدريبهم‪ ،‬وتأهيلهم‬ ‫قبل الخدمةوبعدها‪.‬‬ ‫ سياسات إعداد المعلمين‪.‬‬‫ برامج إعداد المعلمين وتأهيلهم‪.‬‬‫ تدريب المعلمين ورفع كفاءتهم‪.‬‬‫ تج���ارب عالمي���ة في مجال إع���داد المعلمين‬‫وتأهيلهم‪.‬‬ ‫ ‪ – 4‬آليات االرتقاء بتجويد مخرجات التعليم‪.‬‬‫ طبيعة مخرجات التعليم‪ ،‬وارتباطها بس���وق‬‫العمل‪.‬‬ ‫ طبيع���ة مخرجات التعليم في ضوء المتغيرات‬‫المحلية واإلقليمية والعالمية‪.‬‬ ‫‪ – 5‬واقع البيئة التعليمية‪.‬‬ ‫ اإلدارة المدرسية‪ ،‬والتعليمية‪.‬‬‫ مستوى أداء المعلمين والمفتشين التربويين‪.‬‬‫ المبنى المدرسي والبيئة المحيطة‪.‬‬‫ خدم���ات الدع���م التعليمي���ة ( المعام���ل‬‫المدرسية‪،‬تقنيات التعليم‪،‬وسائل اإليضاح‪...‬الخ‬ ‫)‪.‬‬

‫ النشاط المدرسي‪.‬‬‫‪ - 6‬التج���ارب والخب���رات التعليمي���ة العالمية‬ ‫المعاصرة‪.‬‬ ‫ التج���ارب والخبرات الناجح���ة التي توصلت‬‫إليها بعض الدول في مجال التعليم العربية منها‬ ‫والدولية‪.‬‬ ‫وضمان���ا لنجاح ه���ذا العم���ل تهي���ب اللجنة‬ ‫التحضيرية ب���كل المهنيين والباحثين في قطاع‬ ‫التعلي���م وأولياء األمور ومؤسس���ات المجتمع‬ ‫المدني ذات العالقة المش���اركة في أعمال هذا‬ ‫الملتق���ى الوطني للوصول إل���ى أفضل النتائج‬ ‫وأنج���ع الحلول لتتمكن من تأطيرها في ش���كل‬ ‫علمي تك��� ّون قاعدة لوضع خطة إس���تراتجية‬ ‫تتصف بالموضوعية والشمولية للوصول إلى‬ ‫الهدف المنشود وهو تطوير المنظومة التعليمية‬ ‫لبناء ليبيا‪.‬‬ ‫وفقنا هللا وإياكم لما فيه خير البالد والعباد ‪.‬‬ ‫لمزيد من المعلومات واالستفسار يرجى االتصال‬ ‫بأقرب مكتب من مكاتب التفتيـــش التربوي أو‬ ‫مكاتب شؤون التعليــــــــــــــم ‪.‬‬ ‫أو زي���ارة رابط المؤتمر الوطن���ي للتعليم عبر‬ ‫الموق���ع اإللكتروني لوزارة التربي���ة والتعليم‬ ‫‪www.edu.gov.ly‬‬ ‫وإرسال أي مالحظات أو أسئلة عن طريق البريد‬ ‫اإللكتروني ‪info@edu.gov.ly‬‬


‫‪14‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫وزارة التعليم والبحث العلمي‬ ‫تهيب بجميع الطلبة الليبيين واألجانب الراغبين‬ ‫في الدراسة بالجامعات ومؤسسات التعليم العالي‬ ‫الخاصة‪ ،‬ضرورة االتصال ب���إدارة التعليم العالي‬ ‫الخ���اص بال���وزارة أو إدارة التعليم العالي بمركز‬ ‫ضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية‪،‬للتأكد‬ ‫من أهليتها القانونية لتقديم خدمات التعليم العالي‬ ‫قبل الشروع بالتسجيل للدراسة بهذه المؤسسات‪.‬‬ ‫هذا وستقوم الوزارة في المدة القريبة القادمة بنشر‬ ‫المعلومات والبيانات المتعلقة بهذه المؤسس���ات‬ ‫عبر وسائل اإلعالم المختلفة‪.‬‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫‪15‬‬

‫السياج‬ ‫حممد حممد مستجاب‬ ‫قب��ل دخولي المقهى‪ ،‬كان صوته يش��رخ هدوء‬ ‫الم��كان عل��ى غي��ر الع��ادة‪ ،‬وما ك��دت أصل‬ ‫إل��ى عتبة المقه��ى‪ ،‬حتى رأيته واقف��ا ً ومازال‬ ‫يصرخ ويسب ويلعن‪ :‬هذا هو الشيطان بعينه‪..‬‬ ‫أخرجوه��ا من المقهى‪..‬ألقوا به��ا في الخارج‪..‬‬ ‫كفي قذارة‪ ..‬الزبائن تريد بعض الهدوء‪.‬‬ ‫س��حبت كرس��ي وجلس��ت‪ ،‬عيوني المتس��ائلة‬ ‫تجول��ت ف��ي المقهى بحث��ا ً عن س��بب غضب‬ ‫المعلم‪ ،‬ولم أجد شيء‪.‬‬ ‫نظرت إلى التليفزيون‪ ،‬ظهر أحد المس��ئولين‪،‬‬ ‫يعلن أن المظاهرات ليست الحل‪ ،‬وأن الحكومة‬ ‫س��وف ترد بق��وة‪ ،‬تلي ذل��ك لقط��ات متتابعة‪،‬‬ ‫لعس��اكر تطل��ق الرص��اص وقناب��ل مس��يلة‬ ‫للدموع‪ ،‬وجم��وع المتظاهرين تزداد‪ ،‬والدخان‬ ‫يمأل العالم‪ ،‬واألمور تنبأ بالصدام‪.‬‬ ‫قط��ع نظرات��ي للتلفزي��ون عام��ل المقه��ى‪،‬‬ ‫استفس��رت من��ه ع��ن س��بب ث��ورة ( المعلم ‪-‬‬ ‫صاحب المقهى )‪ :‬هل سرق منه شيء أو جاءه‬ ‫محص��ل الكهرب��اء أو المياه؟ فضح��ك العامل‬ ‫وهو يضبط نيران الشيش��ة ل�� ّي وقال‪ :‬تريد أن‬ ‫تل��د في المخزن الملحق بالمقهى‪ ،‬وهذا س��وف‬ ‫يغض��ب الزبائن ويجعله��م يترك��ون المقهى‪،‬‬ ‫هززت رأس��ي وطلب��ت منه قه��وة‪ ،‬انصرف‬ ‫العامل‪ ،‬وجلست على أقرب مقعد ‪.‬‬ ‫الرج��ل الجال��س قبالت��ي يرس��ل ل�� ّي نظرات‬ ‫ارتياب! جاء ماس��ح األحذية‪ .‬وضع قطعة من‬ ‫س��جادة على األرض‪ ،‬خلعت الح��ذاء‪ ،‬ألتقطه‬ ‫وهو يطرق بظهر الفرش��اة عل��ى الترابيزات‪،‬‬ ‫ثم اقعي وانزوي أمام صندوقه الخش��بي خارج‬ ‫المقهى‪ ،‬اس��تمر الرجل في النظر إل ّي‪ .‬لم يقطع‬ ‫نظراته س��وي فرد الصحيفة‪ ،‬نظرت من داخل‬ ‫المقهى على الشارع المكتظ‪ ،‬طفل يجري خلف‬ ‫آخ��ر‪ .‬وكلب ينب��ح نباح متقطع ثم اس��تكان في‬ ‫الظ��ل‪ .‬وس��يارات تمر س��ريعا ً ال أتبين مالمح‬

‫الكلمات فلم أس��تطيع متابعة الق��راءة‪ ،‬أرخيت‬ ‫الجري��دة‪ ،‬صرخ صاحب المقه��ى مهدداً‪ :‬القوا‬ ‫به��ا في الخارج‪ ،‬جاء عامل��ي المقهى‪ ،‬احدهما‬ ‫يمس��ك عصا واآلخر يمسك مقش��ة ويحيطون‬ ‫بها ويتعاملون معها كمن يتعامل مع سمكة حية‬ ‫تخشي أن تقفز في أي لحظة وتعود مرة أخري‬ ‫إل��ى البحر!‪ ،‬وكان��ت تقف أمامه��م دون ادني‬ ‫مقاومة ومستسلمة لحصارهم‪..‬‬ ‫حاصروه��ا وبدئ��وا في دفعها للخ��ارج‪ ،‬كانت‬ ‫تس��ير بط��ن ممتلئ وأثداء تتأرجح‪ .‬يس��مع من‬ ‫داخله��ا هس��يس أحالم قادمة‪ ،‬تس��ير في هدوء‬ ‫غير عابئة بالعامالن وال بعصيانهما وال بتهديد‬ ‫صاحب المقهى‪ ،‬حتى وصلت إلى قدمي وبدأت‬ ‫تتمس��ح برأس��ها فيه‪ ،‬وتلعق بلسانها الجورب‪،‬‬ ‫رفع��ت قدمي ثم نظرت له��ا‪ ،‬نظرت ل ّي بأعين‬ ‫جففه��ا البكاء‪ ،‬م��ن العيون في العي��ون تتقافز‬ ‫كلمات وتتحدث بحديث مرتجف ومل ّح كوصايا‬ ‫ال��رب‪ ،‬كان واض��ح أن في عمق بئ��ر عينيها‬ ‫قدره��ا‪ ،‬دمعت دمعتي��ن من الداخ��ل‪ ،‬دمعتين‬ ‫تطلب مني النجدة‪.‬‬ ‫كان العامالن واقفان خلفها‪ ،‬قلت لهما‪ :‬اتركوها‬ ‫اآلن‪ ،‬وطلبت كوب لبن‪ ،‬كان واضحا ً إنها تبحث‬ ‫عن مكان تضع فيه أبنائها‪ ،‬وإنها حريصة على‬ ‫مكانه��ا في مخزن المقهى‪ ،‬ج��اء العامل بكون‬ ‫م��ن اللبن ووضعه عل��ى منضدتي وهو يزوم‪،‬‬ ‫أخ��ذت الك��وب ووضعت بعض��ه أمامها على‬ ‫بالطة متهرئة أكلتها األرجل‪ ،‬بدأت تلحس بنهم‬ ‫شديد‪ ،‬جائعة‪ ،‬ما أجمل أن تأكل وأنت مطمئن‪،‬‬ ‫لكن أنفاس صاحب المقهى ‪ -‬الذي تنتش��ي لغته‬ ‫بالحش��يش المزيف‪ -‬لم تجعلها تش��عر باألمان‪،‬‬ ‫نظر ل ّي بعينين تبرق بالش��رر‪ ،‬وقال‪ :‬ليه كده‬ ‫يا أس��تاذ ‪ ..‬لقد اتسخت أرضيه المقهى‪ ،‬قلت له‬ ‫معتذراً‪ :‬سوف أنظف األرضية بعد انصرافها‪،‬‬ ‫لكنه��ا ل��م تنص��رف ظل��ت ترفع رأس��ها تريد‬

‫ركابها‪ .‬وغابة من الس��يقان تتقاطع في الشارع‬ ‫المكتظ‪.‬‬ ‫عدت بنظري للجري��دة أتجول بين صفحاتها‪،‬‬ ‫ط��ل احد المتظاهرين م��ن التليفزيون يعلن في‬ ‫إص��رار‪ .‬إنه��ا ث��ورة‪ ..‬ولن نت��رك الميدان إال‬ ‫شهداء‪.‬‬ ‫هريره��ا المتواص��ل جعل عين��ي تتصادم مع‬

‫المزيد‪ ،‬كنت مستمتعا ً وابحث عن حل الزمتها‪،‬‬ ‫حاولت ارت��داء قناع الحكمة واصطناع صوت‬ ‫الحكيم وأنا أقول له‪ :‬حرام القطة وأين ‪ ،...‬لكن‬ ‫صوت هريرها كان أعلي وأوضح‪ ،‬بل ويحمل‬ ‫دليل على مدي ضعف موقفي ومنطق حكمتي‪.‬‬ ‫أم��ات القطة وحك��ت وجهها بقدمه��ا ورفعت‬ ‫رأس��ها ونظرت ل ّي بعيون صادفت الكثير من‬

‫الخيب��ات‪ ،‬كانت تب��دو حياتها ككاب��وس ممتد‪،‬‬ ‫وم��ع ذلك كان وجهه��ا ينبض بالب��كارة‪ ،‬وجه‬ ‫يحمل مغامرة قادمة وخصام مع ماضي كئيب‪،‬‬ ‫نظ��رت لها‪ ،‬كانت عيونها تتح��دث وتقول ل ّي‪:‬‬ ‫روحي تس��كن هن��ا من زم��ن‪ ،‬وال وقت لدي‬ ‫للحزن‪ ،‬كنت مش��فقا ً عليها وعلى ما في بطنها‪،‬‬ ‫وكان واض��ح إن الخط��وة الت��ي تريده��ا أكبر‬ ‫من الممر الضيق المت��اح أمامها‪ ،‬لكن نظرات‬ ‫عيونه��ا وهز رأس��ها يؤكدان أنها لن تس��تكين‬ ‫لمصير فُرض عليها‪،‬‬ ‫كانت القطة قد انتهت من احتس��اء اللبن وظلت‬ ‫جالس��ة بي��ن قدمي تطل في وج��وه الزبائن‪ ،‬ثم‬ ‫نظرت بقوة في وجه صاحب المقهى الذي ثبت‬ ‫عيني��ه عليها‪ ،‬بينم��ا ظلت باقي العي��ون معلقة‬ ‫على جسدها الممتلئ‪.‬‬ ‫في التليفزيون‪ ،‬مجموعة من رجال الش��رطة‪،‬‬ ‫تضرب أحد المتظاهرين بقوة‪ ،‬والميدان تحول‬ ‫لس��احة ح��رب من الدخ��ان األبي��ض الكثيف‪،‬‬ ‫والمتظاهري��ن يهلل��ون بانتصاره��م في دخول‬ ‫الميدان‪ ،‬واحد رجال الحكومة يعلن أن الموقف‬ ‫يزداد تعقداً‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ونت��رت نفس��ها من جس��دها‬ ‫تمط��ت القط��ة‪،‬‬ ‫المكتن��ز‪ ،‬ونظ��رت له��م بوجه التي ال تخس��ر‬ ‫أحالمه��ا‪ ،‬غاص وجهها ف��ي عيونهم‪ ،‬وتركت‬ ‫ف��ي ذاكرته��م الن��ار‪ ،‬وبدأت تس��ير ف��ي تثاقل‬ ‫متجه��ة لعمق المقهى وهي تنظ��ر لهما وكأنها‬ ‫ال تري��د أن تدخل في معركة حفاظا ً على ما في‬ ‫بطنه��ا‪ ،‬وقبل إن تخطو الخط��وة األولي معلنة‬ ‫عدم استسالمها‪ ،‬صرخ صاحب المقهى‪ :‬ألحق‬ ‫ي��ا محمد‪ ،‬فوقف محمد وهو ممس��كك بالعصا‪،‬‬ ‫وم��ن خلف��ه العام��ل اآلخر يمس��ك بالمقش��ة‪،‬‬ ‫وحاصروها‪ ،‬كان هريره��ا يرتفع ويزداد وقد‬ ‫تحول لصراخ قوي تس��تنجد به العالم‪ ،‬تحولت‬ ‫س��احة المقهى إل��ى حرب مجنون��ة‪ ،‬هبط احد‬ ‫العم��ال عليها بق��وة ومن خلف��ه العامل األخر‬ ‫بالمقش��ة‪ ،‬انتف��ض جس��دها كفرخ��ه مذبوحة‬ ‫تفادته��ا وقف��زت بي��ن أرجل مقاع��د المقهى‪،‬‬ ‫حاولوا مالحقاتها‪ ،‬لكنها كانت أسرع وخرجت‬ ‫م��ن المقهى للش��ارع المزدح��م‪ ،‬توقفت وألقت‬ ‫نظ��ره خلفه��ا‪ ،‬كان عامل��ي المقه��ى يقفا على‬ ‫عتبتها وهما يمس��كون العصي وخلفها س��باب‬ ‫صاحب المقهى يلعنها ويعلن أيامها الس��وداء‪،‬‬ ‫ثم عبرت الشارع واختفت كأنها شخص تالشي‬ ‫في الشوارع‪.‬‬ ‫ف��ي التليفزيون يعلن مجموعة من الثوار أن ما‬ ‫يحدث في الميدان ح��رب حقيقية‪ ،‬وأن ثورتهم‬ ‫مستمرة‪ ..‬مستمرة‪.‬‬ ‫كان الموق��ف مهين��ا ً بق��وة‪ ،‬نظ��رت لصاحب‬ ‫المقه��ى وقلت له‪ :‬اتق��ي هللا‪ ،‬لم يهت��م بكلماتي‬ ‫وظل يح��دق ف ّي وهو يس��حب أنفاس الشيش��ة‬ ‫وينفسه في وجهي كأنني إنسان مجنون‪ ،‬اشتبك‬ ‫دخان أنفاس��ه مع الدخان األبي��ض للقنابل التي‬ ‫تطلقها الش��رطة على المتظاهرين في الميدان‪،‬‬ ‫حاول��ت النظر لبعض الزبائن طلب��ا للمعاونة‪،‬‬ ‫فوجئت بعيون الناس المندهشة تصر على عدم‬ ‫الرؤية‪ ،‬والرجل الجالس قبالتي اكتفي بإرس��ال‬ ‫نظ��رات ارتياب ل ّي‪ ،‬والرج��ل الذي بجواري‬ ‫مشغول في هاتفه المحمول‪.‬‬

‫غصت عميقا ً في المقعد‪ ،‬وأش��حت بنظري عن‬ ‫كل العي��ون التي تراقبن��ي في تحفز‪ ،‬أطل على‬ ‫الش��ارع الضاج بأمواج من البش��ر ال يعلمون‬ ‫ش��يئا ً ع��ن الح��رب المجنونة التي ت��دور هنا‪،‬‬ ‫اكتش��ف أن ال مكان في الدنيا يخلو من الخطر‪،‬‬ ‫وأن كل الن��اس من حولي عق�لاء‪ ،‬وأن الحياة‬ ‫ستس��تمر وال تتوق��ف‪ ،‬وأنني يج��ب أن أكون‬ ‫سعيداً‪.‬‬ ‫نهضت وألقيت بالنق��ود على المنضدة‪ ،‬وكانت‬ ‫جثث الثوار ف��ي التليفزيون ملقاة على األرض‬ ‫ف��ي أماكن كثيرة‪ ،‬والدخان جع��ل الليل يغرق‬ ‫الدني��ا‪ ،‬بينما طل أحد المتظاهرين يعلن إنهم لن‬ ‫يستسلموا للرصاص والدخان والليل‪.‬‬ ‫اللي��ل ينهم��ر والنهار يجمع أجزائ��ه المنهزمة‬ ‫ويف��ر هارب��اً‪ ،‬كان صاح��ب المقه��ى واقفا ً في‬ ‫مواجهت��ي وأن��ا أخرج‪ ،‬ظل ينظر إل�� ّي بعينين‬ ‫باردتي��ن وعميقتين‪ ،‬كأنهم��ا حفرتي في أخدود‬ ‫جبل��ي‪ ،‬حفر باردة جداً كالمقابر‪ ،‬نظرت لعامل‬ ‫المقهى ‪.‬لم تمنحني عينيه أي تعاطف أو مساندة‪.‬‬ ‫وأنا اخ��رج من باب المقهى‪ ،‬التمني بش��دة في‬ ‫ظه��ري نظرات��ه الب��اردة التي كن��ت اعلم انه‬ ‫يحفرهم��ا بظه��ري وأنا أمر أمامه‪ ،‬أحسس��ت‬ ‫بب��رودة ش��ديدة ف��ي ظه��ري وكأن مالبس��ي‬ ‫تتم��زق‪ ،‬خرجت لعتمة الش��ارع‪ ،‬عتمة براقة‪،‬‬ ‫ساهمت فيها السيارات وأعمدة اإلنارة وأضواء‬ ‫المحالت التجارية‪.‬‬ ‫ش��هر يناي��ر ‪..‬ش��هر ش��ديد الب��رودة‪ ،‬اللي��ل‬ ‫واإلحساس بأن شيئا ً ما قد ال يحدث أبداً‪،‬‬ ‫بعد أيام قليلة‪ ،‬ذهبت للمقهى‪ ،‬وجدت صاحب‬ ‫المقهى جالس��ا ً في مقعده‪ ،‬يحك مبس��م الشيشة‬ ‫ف��ي صدغه‪ ،‬كان يب��دو عليه ان��ه ينتظر أمراً‬ ‫ه��ام‪ ،‬جلس��ت ولم ألقي عليه الس�لام‪ ،‬لحظات‬ ‫ودخل العام�لان المقهى‪ ،‬كان احدهما يمس��ك‬ ‫مكنس��ة خش��بية واآلخ��ر يمس��ك خرق��ة م��ن‬ ‫القماش‪ ،‬وعالمات النصر الخائب ترتسم على‬ ‫وجهيهما‪ ،‬اقت��رب احدهم منه وقال‪ :‬خالص يا‬ ‫معلم كل شيء تمام ‪..‬رمنيها بعيالها بعيد‪ ،‬اثني‬ ‫المعل��م عليهما ووقف يرقص ويهتز على أنغام‬ ‫أغنية تصدر من التلفاز‪ ،‬بينما ش��ريط األخبار‬ ‫يعلن أن الشرطة نجحت في محاصرة الميدان‪،‬‬ ‫وانه تم القبض على الثوار‪.‬‬ ‫توقف عن الرقص ونظر ل ّي‪ ،‬ارتبكت‪ ،‬حاولت‬ ‫االبتسام‪ ،‬اقترب مني وقال في قوة‪ :‬لقد تخلصنا‬ ‫منها هي وأوالدها‪ ،‬كدت ابكي‪ ،‬هززت رأس��ي‬ ‫وأش��حت بنظري لخ��ارج المقهى‪ ،‬الس��يارات‬ ‫تمزق الشارع بدون هوادة‪ ،‬وأحذية البشر تنقر‬ ‫عليه لتثبت إنها حيه‪.‬‬ ‫س��حب مقعد وجل��س بج��واري‪ ،‬كنت جالس��ا ً‬ ‫أمام��ه كتلميذ فاش��ل يس��تمع لش��رح المدرس‬ ‫العتي��د‪ ،‬وقال‪ :‬لقد صمم��ت أن تلد في المقهى‪،‬‬ ‫وصوته��ا أزعج الزبائن ه��ي وأوالدها‪ ،‬ولقد‬ ‫تخلصن��ا منها هي وأوالدها م��رة واحدة‪ ،‬كنت‬ ‫أحاول أن اش��رح له‪ :‬الرفق بالحيوان‪ ،‬و‪...‬ولم‬ ‫أكم��ل كالمي‪ ،‬فقد كانت القطة تدخل وفي فمها‬ ‫احد أبنائها وتسير في ثقة كبيرة واتجهت ناحية‬ ‫عمق المقهى‪ ،‬كان الجميع واجمين‪ ،‬أعينهم قد‬ ‫تحجرت‪ ،‬فقل��ت لعامل المقهى‪ :‬كوب من اللبن‬ ‫ت السعيدة تهز الكون‪.‬‬ ‫‪ ..‬بينما ضحكا ِ‬


‫‪16‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫نظرية الفتنة‪ :‬شياطني الفيدرالي وفتاوي اإلنتقالي‪!.‬‬ ‫مهند ّ‬ ‫بنانه‬ ‫م��ن تفدرل خان‪ ،‬والكتائ��ب في كل مكان‪ ،‬وكأن!‬ ‫هو هو التاريخ القريب يعيد نفس��ه‪ .‬كم كنت أخاف‬ ‫ب��أن يحدث هذا ولكنه��ا النبوة الت��ي تتحقق دائماً‪،‬‬ ‫نفس تلك الف ّزاعات تم إخراجها من خزانة القذافي‬ ‫وتلك اإلتهامات تم تكررها من إعالم النظام البديع‪.‬‬ ‫القصة تبدأ هكذا‪ :‬هناك من يؤيد الفيدرالية والمجلس‬ ‫اإلنتقال��ي المنتهية صالحيته يرفضها! وكأنه يمثل‬ ‫الش��عب الليب��ي (إنتخاب��ات حرة) ولكن المش��كلة‬ ‫ليس��ت هنا! حتى بدأ يهدد بالقوة؟ نحن لم نس��تخدم‬ ‫القوة بعد؟؟ كوميديا س��وداء ف��ي اقصى صورها‪،‬‬ ‫وانتقلنا بعدها إلى ح ّمى المظاهرات المليونية‪ ،‬ذلك‬ ‫الفكر العقيم ال��ذي يرى في الناس أرقام وأصوات‬ ‫تصرخ وتغني فق��ط‪ ..‬خرجت المظاهرة األولى لـِ‬ ‫المعارضين ثم توع��د المؤيدين بمظاهرات أكبر؟‬ ‫وكأن��ه عن��اد! وهنا حص��ل ال��ذي كان يخاف منه‬ ‫الكثيرون‪ ،‬بأن يكون الليبيون ليبيون مرة اخرى‪.‬‬ ‫وبدأت رحلة التزوير الطبيعية‪ ،‬فـ خرج معارضين‬ ‫وقالوا بأن المؤيدين جاؤا بـِ أسلحتهم وهم من بدأ في‬ ‫إثارة المشاكل وقتلوا شخص واصابوا ‪ 4‬اشخاص‬ ‫وكلهم من مؤيدي الفيدرالية! وانتش��ر فيديو ساذج‬ ‫لسيارات عسكرية وقيل بأنها من المظاهرة‪ ،‬ولكن‬ ‫بعده��ا خ��رج الفيدي��و الحقيقي وكان��ت المظاهرة‬ ‫س��لمية وتم اإلعتداء عليها بمجموعة من البلطجية‬ ‫يحملون العصي والسكاكين وكأننا في ام الدنيا‪.‬‬ ‫الس��ؤال هن��ا‪ ،‬إذا كان��وا يحمل��ون اس��لحة كما تم‬

‫التروي��ج له ‪ ،‬لما لم يس��تعملوها إلخافة البلطجية؟‬ ‫ص��ورة كرتونية غي��ر قابلة للرس��م‪ ،‬وجاء بعدها‬ ‫بي��ان المجل��س اإلنتقالي حفظ��ه هللا وكان منحازاً‬ ‫للمعارضي الفيدرالية ونشر معلومات مغلوطه بأن‬ ‫المظاهرة كانت مس��لحة وه��ذا يذكرني بإدعاءات‬ ‫القذاف��ي بأن��ه ال وج��ود لمظاهرات س��لمية وبأننا‬ ‫ميليش��ات مس��لحة تحاول زعزعة النظ��ام وتملك‬ ‫اجن��دة خارجية واي��ادي خفية ومؤام��رة لضرب‬ ‫اإلس��تقرار وكل تل��ك الكلم��ات المريض��ة الت��ي‬ ‫اصبحت اكره وجودها في القاموس حتى‪.‬‬ ‫فاللعبة واضحة منذ البداية وهي "شيطنة" مؤيدي‬ ‫الفيدرالي��ة و"املك��ة" معارضيها! ولكن اتس��اءل‬ ‫هنا‪ ،‬ماذا يمكننا تس��مية ه��ؤالء المؤيدين‪ ،‬جرذان‬ ‫ام طحال��ب؟ فمؤي��دي النظ��ام الس��ابق يصفونهم‬ ‫بالج��رذان ومعارض��ي الفيدرالي��ة يصفونه��م ب��ـِ‬ ‫الطحالب؟ سؤال يختصر عقلية من يرقصون على‬ ‫الساحة اليوم‪.‬‬ ‫ش��يء محزن يجعلن��ي مدمنا ً على األس��ئلة! لماذا‬ ‫ال يمكنن��ا أن نفه��م مصطلح التعددي��ة؟ اإلختالف‬ ‫العقائدي والقومي واأليدولوجي‬ ‫والسياسي؟ هل التعددية ال تتجاوز الزواج في ليبيا‬ ‫‪17‬فبراير؟‬ ‫ع��ودة إل��ى فيدي��و اإلعت��داء عل��ى المتظاهري��ن‬ ‫الس��لميين ال��ذي كان محزن وكأننا ل��م ننضال في‬ ‫س��بيل الحرية بالكلمة والرصاص��ة‪ ..‬ال ادري ما‬

‫ج��دوى تكرار الحديث عن الش��هداء وليبيا الوطن‬ ‫فأعتق��د بأنهم دخلوا في نطاق البديهيات التي فقدت‬ ‫معناه��ا! ولكن ربما يجب هنا تكرار حقيقة ابس��ط‬ ‫وهي بأننا جيل تربى على يد اللجان الثورية‪ ،‬جيل‬ ‫تمت تربيته على التعصب األعمى ورفض األخر‬ ‫وف��رض الفكر بالقوة والنظر ل��كل من نختلف مع‬ ‫بأنه ع��دو يجب القضاء عليه وإال س��يقضي علينا‬ ‫وهكذا‪،‬ف��ي األم��س كان��ت المؤام��رة واليوم هي‬ ‫الفتن��ة‪ ،‬في األم��س كانت اإلش��تراكية المش��وهة‬ ‫والي��وم اإلخوانية المخ��درة‪ ،‬ونبارك لـِ أنفس��نا بـِ‬ ‫مفت��ى صادق فوق النقد والقان��ون‪ ،‬يمكنه أن يفتي‬ ‫ويتفلسف في كل شيء من الدستور إلى اإلنتخابات‬ ‫إلى األمازيغية إلى الفيدرالية إلى عرض الطريق!‬ ‫وكل ش��يء فتنة مس��بقا ً عن طريق فتاوي جاهزة‬ ‫(لصال��ح المجلس "الدائم" الذي تم إختيار رئيس��ه‬ ‫الش��يخ مصطف��ى عبدالجليل ولي أمر يس��توجب‬ ‫علينا الطاعة مرة اخرى) تثير الفتنة في إعتقادي!‬ ‫اع��رف بأني قد اصبت بهذا الم��رض فهذه الكلمة‬ ‫(الفتنة) مغرية لـِ اإلستعمال ولكنني سأضع تبريراً‬ ‫متواضع‪ ،‬فعندما يقول الصادق بأن دعاة الفيدرالية‬ ‫دعاة فتن��ة‪ ..‬فهذا تحريض مباش��ر وتوصيف لهم‬ ‫بأنهم خونة يجب منعهم وإس��تعمال القوة إتجاههم‪،‬‬ ‫وهنا يجب العودة لتصريحت الشيخ السابقة ونقوم‬ ‫بقراءته��ا قراءة س��ريعة‪ ،‬فقد افتى ب��أن التصويت‬ ‫للمرش��حين الليبيراليين والعلمانيي��ن حرام‪ ،‬وهذا‬

‫توظيف سياسي من أجل حزب اإلخوان المسلمين‪،‬‬ ‫وض��رب في وطنية هؤالء‪ ،‬تم ق��ال بأن الفيدرالية‬ ‫فتنة ويقف ورائها دعاة الثورة المضادة (مصطلح‬ ‫مس��تورد من تون��س) وفي زيارة مبارك��ة لمدينة‬ ‫زوارة قال في إجابة عن‬ ‫احد األس��ئلة‪ :‬بأن دس��ترة اللغ��ة األمازيغية فتنة‪،‬‬ ‫ويس��تغرب سبب هذه المطالب؟ ولم يستغرب يوما ً‬ ‫من دسترة اللغة العربية؟؟‬ ‫الخالصة التي وصلت إليها هي بأن المجلس الغير‬ ‫منتخب يمارس س��لطات ليس��ت من حقه‪ ،‬وش��يخ‬ ‫س��لطان (تنت��وش ‪ 17‬فبراي��ر) يدافع ع��ن النظام‬ ‫ويحلل ويحرم على هوى المجلس والجهة الغربية‬ ‫والفكر العروبي‪ ،‬ببس��اطه ترس��يخ لنفس الماضي‬ ‫القريب‪ ،‬س��يرفض األغلبية كالمي وس��يقال "هذا‬ ‫يبّي يدير فتنة" ويجب عدم التطاول على س��ماحة‬ ‫الش��يخ قدس هللا س��ره! ولك��ن يجب اإلش��ارة هنا‬ ‫إل��ى أنه يجب ع��دم التط��اول على حري��ة الرأي‬ ‫والتعددية‪ ،‬يجب عدم التطاول على المساوة‪ ،‬وبأن‬ ‫الفتن��ه الوحيدة التي ي��روج لها الي��وم هي إعطاء‬ ‫المجلس وأعضائه حصانة من النقد و وضع مفتي‬ ‫للديار يوازي المرشد األعلى للجمهورية اإليرانية‪.‬‬ ‫ارحموا ليبيا من خطابات التخوين البائدة‪ ،‬فالخونة‬ ‫ال يخرجون إلى النور‪.‬‬

‫على ماذا خنتلف ؟؟؟‬ ‫احلسني املسوري‬ ‫أصبح الش��ارع الليبي يعي��ش لحظات قلق وترقب‬ ‫عل��ي مصير البالد بعد إعالن(( المجلس االنتقالي‬ ‫برقه)) وهي خطوة قوبلت باس��تهجان واس��تنكار‬ ‫جزء كبير من الش��عب الليبي وانطلقت تفس��يرات‬ ‫كثي��رة وكل تفس��ير ينطلق من خلفية المفس��ر هل‬ ‫ه��و مع الفدرالي��ة أم ضد الفدرالية حس��ب وجهة‬ ‫نظري الخاصة المش��كلة ليس��ت ف��ي الفدرالية أو‬ ‫المركزية أو الال مركزيه ولكن تبقي المش��كلة فينا‬ ‫نح��ن الليبيين إننا النع��رف أن نتحاور والنعرف‬ ‫أن نختل��ف ب��ل األده��ى أن الكثير أصب��ح يحكم‬ ‫علي األش��ياء دون معرفة مضمونه��ا فالكثير من‬ ‫يؤيدون الفدرالية اليعرف��ون مضمونها ايجابياتها‬ ‫و س��لبياتها وينطبق األم��ر كذلك علي الكثير ممن‬ ‫يرفض��ون الفدرالية وهذا أمر قد يكون طبيعي في‬ ‫مجتمع غيب وهمش سياس��يا ألكثر من ‪ 40‬س��نه‬ ‫فحت��ي المركزية التي يمقتها الجمي��ع حينما نقول‬ ‫أنها طبقت في ليبيا فهو أمر فيه ظلم وافتراء علي‬ ‫نظ��ام ((المركزي��ة )) الن مرحلة حك��م المقبور‬ ‫القذافي ه��ي مرحلة حكم الفرد وعصاباته والدليل‬ ‫أن التهمي��ش طال أحياء العاصم��ة طرابلس مثل‬ ‫س��وق الجمعة والش��رقية وفش��لوم وغيرها بل إن‬ ‫ضواحي العاصمة طرابل��س مثل تاجوراء طالها‬ ‫التهمي��ش أكث��ر من ضواح��ي بنغازي المهمش��ه‬ ‫أص�لا لخروجها ورفضها لحك��م المقبور القذافي‬ ‫مثله��ا مثل مدين��ة درنة التي تعرض��ت للتهميش‬ ‫لكنه��ا رغم ذلك أفض��ل حاال من مدين��ة صبراته‬ ‫التي تبعد ‪ 70‬كيلومتر فقط عن العاصمة طرابلس‬

‫ب��ل إن درن��ة أفضل حتي من تاج��وراء التي تبعد‬ ‫حوال��ي ‪20‬كيلومتر فقط ع��ن العاصمة طرابلس‬ ‫فالمركزية نظام مطبق في دول متقدمه ومنها دولة‬ ‫فرنسا واعتقد أن المركزية قد شوهت في ليبيا كما‬ ‫شوه كل شيء في عهد حكم المقبور القذافي الذي‬ ‫كان يحكم البالد بواس��طة منظوم��ة أمنيه وقبضه‬ ‫حديدي��ه أرهق��ت المواط��ن وأهدرت مق��درات و‬ ‫ث��روات الوطن مع ذلك قد نتفق أن المركزية غير‬ ‫مرغوب فيها وال نريدها إذا علي ماذا نختلف ؟‬ ‫نأتي إلي الفدرالية التي أصبحت الش��غل الش��اغل‬ ‫لليبيين فالفدرالية ببس��اطه هي نظام سياسي مطبق‬ ‫ف��ي ع��دة دول متقدم��ه واليمك��ن أن يوصف من‬ ‫يطرح الفدرالية بالعمال��ة والخيانة وتابع لمؤامرة‬ ‫خارجية وهكذا ردود تؤكد عدم اس��تعدادنا للحوار‬ ‫وع��دم معرفتن��ا بأنه من الطبيع��ي أن يكون هناك‬ ‫خ�لاف في وجه��ات النظ��ر إن تجري��م الفدرالية‬ ‫يذكرن��ي بتجري��م الحزبية ف��ي عه��د المقبور إن‬ ‫الفدرالية قد تكون هي الحل ولكن طرح الموضوع‬ ‫بطريقه سيئة يصبح مش��كلة فمن يطرح الفدرالية‬ ‫اليمكن��ه إن يك��ون يريد وحدة الب�لاد إال إذا التزم‬ ‫باألطر الدس��تورية والجس��م السياس��ي الشرعي‬ ‫الوحي��د الذي اتفق عليه الليبيي��ن وبتقديم الفدرالية‬ ‫كح��ل لمش��كلة إداريه تعان��ي منها الب�لاد وليس‬ ‫مش��كلة سياس��يه ولك��ن طريق��ة الط��رح أثارت‬ ‫المخاوف من تقس��يم البالد إن المتابع للشأن الليبي‬ ‫ي��ري ما يحدث أمر طبيعي ف��ي دولة خرجت من‬ ‫ثورة أس��قطت حاك��م دكتات��وري وحرب قضت‬

‫علي قيادته وحص��دت أرواح الكثير من الضحايا‬ ‫ودمرت الكثير من المدن‬ ‫بع��د مرحل��ة الث��ورة تأتي مرحل��ة االنتق��ال إلي‬ ‫الدول��ة والت��ي تحتاج إل��ى نخبه من السياس��يين‬ ‫الحكماء والمحنكين الذين يس��تطيعون أن يضعوا‬ ‫خطوات العالج لمش��اكل خلفها الحكم الدكتاتوري‬ ‫المنه��ار والمش��اكل التي ظه��رت أو طرأت مع‬ ‫اش��تعال الث��ورة وف��ي وضعن��ا الليبي إل��ي اآلن‬ ‫ل��م ن��رى سياس��يين ليبيي��ن فم��ا بالك بسياس��يين‬ ‫محنكي��ن وحكماء أصال إن خط��وات العالج التي‬ ‫اقصده��ا كان من المفترض أن يتضمنها اإلعالن‬ ‫الدس��توري المؤقت وهنا نقصد مسؤولية المجلس‬ ‫الوطني االنتقالي الذي أصب��ح أداءه ركيكا وليس‬ ‫في مستوي مرحلة االنتقال إلي الدولة‬ ‫كذل��ك ف��ان المس��ؤولية تقع عل��ي كتائ��ب الثوار‬ ‫األش��اوس الذين يس��يطرون علي مق��رات بعض‬ ‫مؤسس��ات الدولة ومنافذها الحيوية واالستراتيجية‬ ‫ويؤخ��رون قي��ام الدولة ب��ل أصب��ح البعض عبر‬ ‫إطاللته التلفزيونية يذكرنا بالعقيد المقبور القذافي‬ ‫حي��ث ح��ول ليبيا إلي دول��ة تعيش حال��ة انقالبيه‬ ‫طيلة‪ 42‬سنه واليوم لألسف بعض الثوار يكررون‬ ‫نفس المش��هد وه��و احد أهم األس��باب في ارتفاع‬ ‫النع��رات االنفصالي��ة ولي��س التي تطال��ب بنظام‬ ‫فدرال��ي أو ال مركزي وألج��ل قطع الطريق علي‬ ‫م��ن يريد االنفص��ال أو تمزيق وحدة ت��راب ليبيا‬ ‫س��واء من الداخل أو الخارج ف��إذا كانت الفدرالية‬ ‫س��تقودنا إلي التقس��يم ف��ان المركزية س��تفجر لنا‬

‫ح��ركات انفصالي��ه مس��لحه وبم��ا أننا نستش��هد‬ ‫ونس��تدل بالمظاهرات العارم��ة التي خرجت ضد‬ ‫الفدرالي��ة ف��ان نف��س المظاهرات رفع��ت الفتات‬ ‫ترف��ض الفدرالية والمركزية ف��ي نفس الوقت إذا‬ ‫نحن أمام رفض ش��عبي للفدرالية والمركزية وهذا‬ ‫يع��ود بنا إلي القيادة السياس��ية متمثله في المجلس‬ ‫االنتقالي ال��ذي قابل الفدرالي��ة بخطوات إعالميه‬ ‫تذكرن��ا بإعالم المقبور القذاف��ي وخطاب تخويني‬ ‫زاد المش��كلة تعقيدا اعتق��د أن المجلس والحكومة‬ ‫مطالبون الي��وم بتقديم بدي��ل للفدرالية والمركزية‬ ‫اللت��ان رفضت مع��ا وأولي هذه الخط��وات إعادة‬ ‫توزيع مقاعد المؤتمر الوطني بحيث يتم تقس��يمها‬ ‫بالتس��اوي بين المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية‬ ‫والمنطق��ة الجنوبي��ة كم��ا فع��ل األج��داد واإلباء‬ ‫المؤسسون كذلك تقديم مقترح لإلدارة الالمركزية‬ ‫ويت��م ط��رح المقترح علي الش��عب في مس��ودة‬ ‫عبر وس��ائل اإلعالم وش��بكة االنترنت واستقبال‬ ‫المالحظات والتعدي�لات واإلضافات ليتم إقراره‬ ‫ضمن مواد الدس��تور الجديد فيم��ا بعد بحيث يتم‬ ‫ضمان أن تكون الدولة الجديدة خالية من التهميش‬ ‫السياس��ي واالقتص��ادي إن الفدرالية التي رفضها‬ ‫غالبية الش��عب الليبي اليوم س��تعود بعد ‪ 5‬أو ‪10‬‬ ‫سنوات علي األكثر إذا ما فشلت التنمية الشاملة في‬ ‫كل المناطق وباستمرار التهميش فان ليبيا ستكون‬ ‫فدرالي��ه ولكن ب‪ 6‬أو ‪ 8‬أقالي��م وليس ‪3‬اقاليم كما‬ ‫يطرح الفدراليون اآلن‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫‪17‬‬

‫بعيدا عن املركزية‬ ‫يوسف السنوسى قريو‬ ‫تقسيم المقاعد فى المجلس الوطنى المقترح‬ ‫بالتساوى للمناطق الجغرافية الثالثة يعطى‬ ‫ضمان بعدم تهميش س��كان المناطق األقل‬ ‫سكانا وهذا ال يعنى أن قيمة الفرد فى فزان‬ ‫= ‪ 4‬أفراد من المنطقة الش��رقية =‪ 9‬أفراد‬ ‫من المنطقة الغربية خصوصا إذ ما أدركنا‬ ‫أن مهم��ة المجل��س الوطن��ى المقترح هى‬ ‫إلدارة الدول��ة لمرحلة مؤقتة ولألش��راف‬ ‫على عملية أعداد الدس��تور واختيار اللجنة‬ ‫ال��ى س��تكلف بذل��ك وعليه فأن م��ن المهم‬ ‫ج��دا عدم تعري��ض المناطق األقل س��كانا‬ ‫ألى نوع من الظلم الذى س��ينتج من إعداد‬ ‫دستور ال يرتقى الى طموحات جميع أفراد‬ ‫الشعب الليبى بكافة المناطق فى ليبيا فعلى‬ ‫س��بيل المثال فى مجلس الشيوخ بالواليات‬ ‫المتحدة تمثل جميع الواليات بعدد متساوى‬ ‫ف��ى األعضاء ‪ 2‬ل��كل والية مما يؤدى الى‬ ‫أن والي��ة كاليفورنيا بتعداد س��كانى ‪37,3‬‬ ‫ملي��ون نس��مه تمث��ل بمقعدي��ن فق��ط بينما‬ ‫والي��ة مثل ويومن��غ ( ‪) WYOMING‬‬ ‫والتى تعداد س��كانها ‪ 560,000‬نس��مة لها‬ ‫نف��س التمثيل فى مجلس الش��يوخ رغم أن‬ ‫ع��دد س��كان كاليفورنيا ه��و ‪ 66‬مره عدد‬ ‫سكان ويومنغ ( ‪ ) WYOMING‬وهنا‬ ‫األمريكيي��ن ال يقول��ون أن قيمة الفرد فى‬ ‫والي��ة ويومنغ يس��اوى ‪ 66‬فردا من والية‬ ‫كاليفورني��ا ‪ .‬بالطبع باإلضافة الى مجلس‬ ‫الش��يوخ يوجد مجلس النواب والذى توزع‬ ‫مقاع��ده حس��ب التع��داد الس��كانى فوالية‬ ‫كاليفورني��ا لها ‪ 53‬مقعدا ووالية ويومنغ (‬ ‫‪ ) WYOMING‬لها مقعدا واحد فقط ‪.‬‬ ‫وحي��ث أن تمري��ر الميزاني��ة أو أى قانون‬ ‫أو اعتماد سياس��ة الدولة ال يتم إال بموافقة‬ ‫المجلس��ين وعليه أن اعتماد اى ميزانية أو‬ ‫قانون ال يتم إال بالتوافق وهذا يضمن حقوق‬ ‫المواطنين فى جميع الواليات متساوية وأن‬ ‫المواط��ن فى والية يومن��غ يحصل على‬ ‫نف��س الخدم��ات والحق��وق الت��ى يتحصل‬ ‫عليها المواطن فى والية كاليفورنيا ‪.‬‬ ‫أردت به��ذه المث��ال أن أوض��ح أهمي��ة‬ ‫البح��ث عن حلول توافقي��ة لضمان العيش‬ ‫الكريم لجميع أفراد هذا البلد ووضع أس��س‬ ‫دستورية جيده لكافة األجيال مستقبال ‪.‬‬ ‫فالطريق��ة التى كانت تدار به��ا البلد على‬ ‫مدى األربعين س��نة الماضية والمس��تمرة‬ ‫ال��ى يومنا هذا وقد تس��تمر مس��تقبال إذ ما‬ ‫اعتم��د توزي��ع المقاعد بالمجل��س الوطنى‬ ‫المقت��رح وفقا التعداد الس��كانى فقط القدر‬ ‫هللا ‪.‬‬ ‫فهذا س��يؤدى طبيعا الى تكريس للمركزية‬ ‫المميت��ة الت��ى أدت ال��ى كثي��ر م��ن الظلم‬ ‫للمواطني��ن القاطني��ن بعيدا ع��ن العاصمة‬

‫طرابل��س ‪ .‬فطرابلس ف��ى وضعها الحالى‬ ‫ليس��ت فقط العاصمة وتتواجد بها الحكومة‬ ‫ومؤسسات الدولة الليبية جميعا ولكن أيضا‬ ‫تتمركز بها غالبية المؤسس��ات االقتصادية‬ ‫للبل��د والمملوكة للدولة فعلى س��بيل المثال‬ ‫ليس للحصر توجد حاليا بطرابلس كل من‬ ‫‪:‬‬ ‫ المؤسسة الوطنية للنفط‬‫ شركة الزويتينة للنفط‬‫ شركة الواحة للنفط‬‫ شركة ريبسول ( مشاركة )‬‫ شركة الفيبا ( مشاركة )‬‫ شركة ونترشال ( مشاركة )‬‫ شركة مليتا ( مشاركة )‬‫ شركة العامة للكهرباء‬‫ شركة البريقة لتسويق النفط‬‫ الشركة الوطنية للحفر‬‫ الشركة العربية للحفر وخدمات اآلبار‬‫ شركة تموين الحقول النفطية‬‫ الهيئة العامة للمياه‬‫ الهيئة العامة لإلصالح الزراعى‬‫ معهد شؤون النفط‬‫ مركز بحوث النفط‬‫ مركز البحوث الزراعية‬‫ الهيئة العامة للطاقة‬‫ شركة لبيانا‬‫ شركة المدار‬‫ ليبيا لالتصاالت‬‫‪ -‬الخطوط الجوية الليبية‬

‫ المؤسسة العامة للموانى‬‫ شركة النقل البرى‬‫ الهيئة العامة للطرق‬‫ الشركة العامة للصيد البحرى‬‫ الهيئة العامة للصحافة‬‫ الهيئة العامة لآلذاعة والتلفزيون‬‫ غالبية المصارف التجارية‬‫ هيئات االس��تثمار الخارج��ى والداخلى‬‫بجميع أنواعها‬ ‫وه��ذه جميعا مؤسس��ات تجارية بحته وال‬ ‫مب��رر لوجوده��ا جميعا بطرابلس س��وى‬ ‫أن الطاغي��ة يري��د أن يس��يطر على جميع‬ ‫مقوم��ات البل��د اإلداري��ة واالقتصادي��ة‬ ‫وتواجد كل هذه المؤسسات بطرابلس أدى‬ ‫أيضا الى تواجد جميع الش��ركات األجنبية‬ ‫والخدمي��ة وال��وكاالت التجارية بطرابلس‬ ‫وحرمت بقية المدن الليبية من هذا النش��اط‬ ‫السياسى واإلقتصادى ‪.‬‬ ‫بالطب��ع ه��ذا التوزيع ال يجع��ل من الفرد‬ ‫ف��ى طرابلس = الفرد فى برقة = الفرد فى‬ ‫فزان ‪.‬‬ ‫وبهذه المؤسس��ات تتاح ف��رص التوظيف‬ ‫والتعلي��م العال��ى والس��فر لس��كان مدين��ة‬ ‫طرابلس وبع��ض المناطق المج��اورة لها‬ ‫وتقل��ل من ف��رص العيش الكري��م والتعليم‬ ‫العالى والمهنى لبقية سكان ليبيا ‪.‬‬ ‫ومن هذ المنطلق فان االحتكام الى توزيع‬ ‫المقاع��د البرلمانية وفق التوزيع الس��كانى‬ ‫فق��ط س��يؤدى حتما ال��ى اس��تمرار تركز‬

‫ الخطوط األفريقية‬‫ شركة البراق‬‫‪ -‬شركة النقل البحرى‬

‫األنش��طة األقتصادية والمش��اريع التنموية‬ ‫بمنطق��ة طرابلس وحرمان بقي��ة المناطق‬ ‫االخرى منها والذى س��يؤدى الى مزيد من‬

‫االحتق��ان ومزيد من الدعوات لتبني النظام‬ ‫الفدرالي والذى قد يؤدى الى تقس��يم البالد‬ ‫خصوصا إذ ما نظرنا لما يحدث حولنا فى‬ ‫السودان‪،‬العرق‪،‬س��وريا‪ ،‬اليمن‪ ،‬الصومال‬ ‫وتنام��ى النزعة الطائفية فى مصر وبعض‬ ‫دول الخليج والمغرب العربى ‪.‬‬ ‫ولك��ى نتمك��ن من نش��ر العدال��ة فى هذا‬ ‫البل��د وإتاحة ف��رص العيش الكري��م لكافة‬ ‫المواطنين ومنع الفتنة بجميع أشكالها فعلينا‬ ‫أن نتبن��ى نظام��ا ديمقراط��ى ل��ه ضوابط‬ ‫ش��رعيه تس��تمد م��ن الكت��اب و الس��نه و‬ ‫تتساوى فيه فرص العيش الكريم والحقوق‬ ‫والواجبات لكافة المواطنين ‪.‬‬ ‫فعلينا أن نبحث عن حلول منطقية وعملية‬ ‫وتتماش��ى مع الواقع الليبى فبشفافيه كاملة‬ ‫ليبيا جغرافيا مقس��مه الى ث�لاث مناطق (‬ ‫طرابلس ‪ ،‬برق��ة ‪ ،‬فزان ) ومدن طرابلس‬ ‫وبنغازى وس��بها هى العواصم األقتصادية‬ ‫لهذه المناطق ‪.‬‬ ‫فإع��ادة توزي��ع مؤسس��ات الدول��ة ذات‬ ‫الطاب��ع التجارى والخدمى على هذه المدن‬ ‫س��يتيح فرص متس��اوية فى العيش الكريم‬ ‫لي��س فقط لس��كان هذه الم��دن ولكن أيضا‬ ‫للمناطق المتواجدة بها ‪ .‬وبهذا نس��تطيع أن‬ ‫نحقق معادلة أن الفرد فى طرابلس يساوى‬ ‫الفرد فى برقة يس��اوى الفرد فى فزان ألن‬ ‫العدالة التتحقق األ بأتاحة فرص متس��اوية‬ ‫للعيش والحصول على نفس المس��توى من‬ ‫الخدمات التعليمية والصحية ‪.‬‬ ‫وه��ذا ال يتحقق من خ�لال توزيع المقاعد‬ ‫النيابي��ة وف��ق التوزي��ع الس��كانى فقط بل‬ ‫باألخذ فى االعتبار الوضع الجغرافى للبلد‬ ‫ولهذا اعتقد أن توزيع المقاعد بالتساوى فى‬ ‫المجل��س الوطنى المرتقب س��يكون صمام‬ ‫أم��ام لكاف��ة المواطني��ن بالبلد م��ع التفكير‬ ‫جديا فى تبنى نظام المجلس��ين عند صياغة‬ ‫الدس��تور الق��ادم لضم��ان تس��اوى حقوق‬ ‫المواطني��ن ف��ى جميع أنح��اء البالد بغض‬ ‫النظر عن التوزيع السكانى ‪.‬‬ ‫نأمل أن تتكاثف جهود جميع الليبيين خالل‬ ‫المرحلة القادم��ة والمصيرية للقضاء على‬ ‫المركزية ألن المركزية هى عدو الش��عب‬ ‫الليبي��ى رقم واح��د وتمثل الخط��ر األكبر‬ ‫لوحدة ومستقبل البلد فالحل المقترح لتقسيم‬ ‫ليبيا ال��ى ‪ 50‬منطقة أدارية قد يس��اهم فى‬ ‫الح��ل جزئيا ولكن الجزء األهم هو الحلول‬ ‫االقتصادي��ة بحكم أن االقتصاد هو عصب‬ ‫الحياة فهذا لن يتحقق اال بتوزيع المؤسسات‬ ‫األقتصادية على كافة مناطق البالد ‪.‬‬ ‫وفى الختام أسال هللا العلى القدير أن يوفقنا‬ ‫جميعا لما فيه صالح البالد وكافة العباد‪.‬‬


‫‪18‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫بناء الدولة يف ليبيا‪ :‬أين حنن من فكر املواطنة؟‬ ‫أبوالقاسم اشتيوي‬ ‫مس��ألة بن��اء الدول��ة وم��ا يتص��ل بها من‬ ‫قضايا تش��غل حاضر الليبيين‪ ,‬مثل قضايا‬ ‫الديمقراطي��ة ونظ��ام الحك��م واإلقص��اء‬ ‫والتهمي��ش والمجتم��ع المدن��ي‪ ,‬يمك��ن‬ ‫التأس��يس لها على وجه أفضل استناداً إلى‬ ‫بحث مفهوم المواطنة وإيضاحه‪ ,‬فعلى هذا‬ ‫المفهوم قامت الدولة الديمقراطية الحديثة‪,‬‬ ‫ورس��وخه في ثقافة الليبيين ق��د يحلُّ كثرة‬ ‫من اإلشكاالت التي تسود خطابهم السياسي‬ ‫وتنحو ب��ه صوب االس��تقطاب والتطرف‬ ‫أيامنا هذه؟‬ ‫وإليض��اح المفه��وم الب�� َّد م��ن مقابلته بما‬ ‫كان س��ائداً قبل ظهور الدولة بمؤسس��اتها‬ ‫الديمقراطية التي نعرفها‪ .‬فالش��عوب على‬ ‫مر التاريخ كانت في الغالب األعم تخضع‬ ‫لحاكم س��يِّد اس��تند ف��ي ش��رعيته إ َّما إلى‬ ‫ٍ‬ ‫التفوي��ض اإللهي وإ َّما إل��ى القوة‪ .‬وتتضح‬ ‫س��يادة الحاكم وخضوع الش��عب في اللغة‬ ‫التي تصف كالً منهما‪ ,‬فالحاكم اش��تقوا له‬ ‫م��ن لفظ��ة الس��يادة ‪ Sovereignty‬لقب‬ ‫‪ Sovereign‬ال��ذي يعن��ي الحاكم المطلق‬ ‫ال��ذي تتجسَّ��د فيه تل��ك الس��يادة‪ .‬في حين‬ ‫اختاروا للش��عب ما يناسب حالة الخضوع‬ ‫للحاكم فصار الفرد منه يُعرف في الخطاب‬ ‫الرسمي باسم ‪ ,Subject‬التي يدل جذرها‬ ‫الالتيني على الخضوع‪.‬‬ ‫ه��ذا كان حاله��م ف��ي الغ��رب‪ ,‬فكيف كان‬ ‫حال دول وممالك العرب ش��رقاً؟ َّ‬ ‫إن القسم‬ ‫األعظ��م من تاري��خ تلك ال��دول والممالك‬ ‫يتمحور حول حاكم أس��موه "الس��لطان"‪.‬‬ ‫وفي ش��أن هذا االس��م يقول معجم "لس��ان‬ ‫إن لفظ "الس ْ‬ ‫الع��رب" َّ‬ ‫ُّ��لطانُ يعن��ي ال ُحجَّة‬ ‫والبُرْ ه��ان … وق��ال الزجّ��اج ف��ي قول��ه‬ ‫تعالى‪ :‬ولقد أَرْ َس ْ‬ ‫ُلطان‬ ‫��لنا موسى بآياتِنا وس ٍ‬ ‫ُمبي��ن‪ ،‬أَي و ُحجَّ�� ٍة بَيِّن�� ٍة‪ .‬والسُّ��لطان إِنما‬ ‫س��مي س ْ‬ ‫ُ��لطانا ً ألَنه حجةُ للاهّ ِ في أَرضه"‪.‬‬ ‫ولكن لن يكون للس��لطان نصيب من أسمه‬ ‫إالَّ إذا وجد من "يتس��لَّط" عليهم‪ ,‬فالسلطة‬ ‫والس��لطان والتسلُّط مشتقة من جذر واحد‪.‬‬ ‫ولي��س هن��اك أفضل م��ن اللغ��ة ودالالت‬ ‫ألفاظها للحك��م على نوع العالئ��ق القائمة‬ ‫بي��ن أف��راد الجماع��ة التي تتكلمه��ا‪ .‬وفي‬ ‫مجتمعنا العربي نجد َّ‬ ‫أن الس��يادة كانت من‬ ‫نصيب لفظت��ي "الرَّاعي" و"الرَّعيَّة" وما‬ ‫تمثالن من فكر نُ ِّ‬ ‫ظر له في مراحل تالية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ربَّ قائ��ل َّ‬ ‫ٌ‬ ‫زمن ول��ى وما عادت‬ ‫إن ذل��ك‬ ‫هذه الثقافة س��ائدة زماننا هذا‪ .‬حسناً‪ ,‬لنمش‬ ‫خلف ه��ذا القائل تاركي��ن التاريخ وراءنا‬ ‫كوم رماد‪ ,‬على رأي نزار قباني‪ ,‬ولنمض‬ ‫قدم��ا ً إلى زمن اس��تقالل ليبيا ودس��تورها‬ ‫الحدي��ث‪ .‬إنَّه العام ‪ 1951‬وقد س��بقتنا أمم‬ ‫العالم الديمقراطي إلى صوغ دساتير تنص‬

‫مواد أغلبها على توزيع س��يادة الدولة بين‬ ‫سلطات ثالث‪ :‬تشريعية وتنفيذية وقضائية‪.‬‬ ‫إنَّ��ه مب��دأ الفصل بي��ن الس��لطات وكيفية‬ ‫ممارس��ة كل منها لنصيبها من السيادة في‬ ‫وجود الضوابط الرقابية المناسبة‪.‬‬ ‫تُ��رى كيف نصَّ دس��تور االس��تقالل على‬ ‫مسألة السيادة؟ النس��خة ال ُمتداولة من ذلك‬ ‫الدس��تور تأتي مواده��ا المتعلقة بالس��يادة‬ ‫عل��ى النح��و التالي (ل��م أوردها بحس��ب‬ ‫ورودها في الدستور كي يسهل الربط بين‬ ‫م��واده المتعلقة بالس��يادة)‪ :‬المادة (‪ )1‬ليبيا‬ ‫دول��ة حرة مس��تقلة ذات س��يادة‪ .‬ال يجوز‬ ‫النزول عن س��يادتها وال عن أي جزء من‬ ‫أراضيه��ا‪ .‬الم��ادة (‪ )40‬الس��يادة هلل وهي‬ ‫بإرادته تعالى وديعة األمة‪ ،‬واألمة مصدر‬ ‫الس��لطات‪ .‬المادة (‪ )44‬مع مراعاة ما جاء‬ ‫بالم��ادة ‪ 40‬فان الس��يادة أمانة األمة للملك‬

‫التنفيذي��ة يتواله��ا الملك على ح��دود هذا‬ ‫الدس��تور‪ .‬الم��ادة (‪ )72‬الملك يعين رئيس‬ ‫الوزراء وله أن يقيله أو يقبل اس��تقالته من‬ ‫منصب��ه ويعي��ن الوزراء ويقيله��م أو يقبل‬ ‫استقالتهم بناء على ما يعرضه عليه رئيس‬ ‫الوزراء‪ .‬الم��ادة (‪ )43‬الس��لطة القضائية‬ ‫تتوالها المحكم��ة العليا والمحاكم األخرى‬ ‫التي تص��در أحكامها في حدود الدس��تور‬ ‫وف��ق القان��ون وباس��م المل��ك‪ .‬وال معنى‬ ‫لتولِّ��ي المحكم��ة العليا للس��لطة القضائية‬ ‫ألن قضاته��ا‪ ،‬بحس��ب الم��ادة (‪ )141‬من‬ ‫الدستور‪ ،‬يعينهم الملك مباشرة بدون حتى‬ ‫الموافقة الشكلية للبرلمان الصوري‪ .‬فضالً‬ ‫عن َّ‬ ‫أن تنفيذ األحكام ونقضها تربطه بعض‬ ‫مواد الدس��تور األخرى بالمش��يئة الملكية‪.‬‬ ‫وم��اذا بش��أن الضواب��ط الرقابي��ة عل��ى‬ ‫الس��لطات؟ لقد حس��م الدس��تور أمرها في‬

‫محمد إدريس المهدي السنوسي ثم ألوالده‬ ‫الذكور من بعده األكب��ر فاألكبر طبقة بعد‬ ‫طبقة‪.‬‬ ‫حت��ى ه��ذا الح��د تس��ير األم��ور س��يراً‬ ‫ديمقراطيا ً ال اعتراض عليه‪ ,‬فالش��عب هو‬ ‫السيد وقد ف َّوض س��يادته إلى الملك‪ .‬ولكن‬ ‫ال��دول الحديث��ة‪ ,‬كما نوهنا س��ابقاً‪ ,‬تُش��دِّد‬ ‫على مس��ألة الفصل بين الس��لطات‪ ,‬فكيف‬ ‫فصل الدستور الليبي بين سلطاته الثالث؟‬ ‫لق��د ر َّكزه��ا بالكامل ف��ي ال��ذات الملكية‬ ‫بحس��ب نص المواد التالي��ة ومواد أخرى‬ ‫مقيِّ��دة ال يتس��ع له��ا المقام‪ :‬الم��ادة (‪)58‬‬ ‫الملك ه��و الرئيس األعلى للدول��ة‪ .‬المادة‬ ‫(‪ )41‬الس��لطة التش��ريعية يتواله��ا الملك‬ ‫باالشتراك مع مجلس األمة‪ .‬ويصدر الملك‬ ‫القواني��ن بعد أن يقره��ا مجلس األمة على‬ ‫الوجه المبين في هذا الدستور‪ .‬المادة (‪)94‬‬ ‫يؤلف مجلس الش��يوخ من أربعة وعشرين‬ ‫عضواً يعينهم الملك‪ .‬المادة (‪ )42‬الس��لطة‬

‫المواد التالية‪ :‬الم��ادة (‪ )59‬الملك مصون‬ ‫وغير مس��ؤول‪ .‬المادة (‪ )60‬يتولى الملك‬ ‫سلطته بواسطة وزرائه وهم المسؤولون‪.‬‬ ‫لم يتغيَّر ش��يء من��ذ تلك العه��ود األولى‪,‬‬ ‫فالس��يادة مازالت لثقافة الرَّاعي والرعيَّة‪.‬‬ ‫ولعل ما يخفف وطء األمر على الليبيين َّ‬ ‫أن‬ ‫الحالة ذاتها تسود بقيَّة الدول العربية‪ .‬فحكام‬ ‫هذه الدول من ملوك وأمراء ورؤساء ربما‬ ‫كانوا مختلفين خ َْلقَ��اً‪ ,‬ولكنهم قطعا ً متفقون‬ ‫ُخلُقَا ً في كل ما يتعلق بحرية الشعب ونظام‬ ‫حكم��ه‪ .‬ولربما ر َّد البعض على ما س��لف‬ ‫بالق��ول َّ‬ ‫إن جميع الليبيي��ن وافقوا على ذلك‬ ‫الدس��تور في اس��تفتاء ديمقراطي بإشراف‬ ‫األمم المتحدة‪ .‬وهنا نطرح عليهم الس��ؤال‬ ‫التال��ي‪ :‬ك��م ِمن الذي��ن اِسْ��تُ ْفتُوا كان على‬ ‫دراية بما تعنيه مواد ذلك الدستور؟ فعهود‬ ‫االستعمار والتخلف واالستبداد المتعاقبة لم‬ ‫تؤسِّس لثقافة سياسية عند رجل الشارع في‬ ‫ليبيا‪ .‬وشغل تلك العهود الشاغل كان العمل‬

‫عل��ى أالَّ يعي ذلك الرجل أنَّه يتمتع بحقوق‬ ‫أصلي��ة ُول�� َد بها وليس��ت هبة م��ن الحاكم‬ ‫يستردها متى شاء‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫بالع��ودة إل��ى المجتمع الغرب��ي نجد أن ما‬ ‫ح��دث فيه من ثورات وحراك فكري انتقل‬ ‫بالف��رد فيه من وض��ع الخاضع ‪Subject‬‬ ‫إلى وضع المواط��ن ‪ Citizen‬الذي يعني‬ ‫"قيام عالقة قانونية بينه وبين الدولة تجعله‬ ‫متمتعا ً بحمايته��ا كما تمنحه حقوقا ً وترتب‬ ‫علي��ه واجبات"‪ .‬وتعود ج��ذور المصطلح‬ ‫إلى األصل الالتيني ‪" civitas‬مدينة"‪ ,‬ما‬ ‫يغنينا عن ربط طرحنا بمؤسسات المجتمع‬ ‫المدني التي لن تقوم إالَّ في وجود مواطنين‬ ‫يتمتعون بكامل حق��وق المواطنة‪ .‬وال أدل‬ ‫أن دوالً‬ ‫عل��ى أهمية مفهوم المواطن��ة من َّ‬ ‫عريق��ة ف��ي الممارس��ة الديمقراطية‪ ,‬مثل‬ ‫المملكة المتحدة‪ ,‬جعلت تدريسه إلزاميا ً في‬ ‫مدارس��ها وس��ابقا ً لتدريس مفاهيم الحرية‬ ‫والديمقراطية‪.‬‬ ‫وإليج��اد حلق��ة الوص��ل بي��ن المواطن��ة‬ ‫والديمقراطية س��نطرح األسئلة التالية‪ :‬هل‬ ‫يكف��ي لتكون الدولة ديمقراطية أالَّ يُس��جن‬ ‫أفراد ش��عبها آلرائهم؟ أن يوجد فيها فضاء‬ ‫إعالم��ي للتعبير الح��ر؟ أن يُكفَل فيها حق‬ ‫االنتخ��اب الحر النزيه ل��كل فرد؟ كل هذه‬ ‫التس��اؤالت التي تتعل��ق بملمح من مالمح‬ ‫الديمقراطي��ة تتمح��ور ح��ول حال��ة م��ن‬ ‫الحاالت التي يعيشها الفرد في المجتمعات‬ ‫الديمقراطي��ة‪ ,‬م��ا يقودنا إل��ى افتراض َّ‬ ‫أن‬ ‫حالت��ه العا َّمة هي الركيزة األهم التي تقرِّر‬ ‫م��دى ديمقراطية مجتمع م��ن المجتمعات‪.‬‬ ‫الف��رد إذن ه��و القاس��م المش��ترك بي��ن‬ ‫الديمقراطي��ة والمواطن��ة‪ .‬وهك��ذا يمكننا‬ ‫ترتيب تسلس��ل األمور على النحو التالي‪:‬‬ ‫الديمقراطية تس��تلزم المواطنة‪ ,‬والمواطنة‬ ‫تس��تلزم وج��ود أف��راد واعي��ن لذواته��م‬ ‫السياس��ية كأفراد‪ ,‬فه��ل يوجد في ليبيا مثل‬ ‫هؤالء األفراد؟‬ ‫لن يحتاج المرء إلى إطالة التفكير كي يجيب‬ ‫بالنفي‪ ,‬فال وج��ود في ليبيا إالَّ لمجموعات‬ ‫تمثل القبيلة نموذجها ال ُمهيمن الذي يجسِّ��د‬ ‫حالة العقل الجمعي وانتفاء الفردانية‪ .‬وهو‬ ‫م��ا عبَّر عنه دريد بن الص َّم��ة قديما ً بقوله‬ ‫َزيَّ��ةَ إِن َغ َوت َغ َو ُ‬ ‫يت‬ ‫َوهَ��ل أَنا إِالَّ ِمن غ ِ‬ ‫َوإِن تَر ُش��د غَزيَّةُ أَر ُش�� ِد‪ :‬بيت من الش��عر‬ ‫يبرِّر إلغاء الذات واالنس��ياق الكامل وراء‬ ‫العق��ل الجمعي للقبيلة‪ .‬إنه��ا البيئة المثالية‬ ‫ل��والدة ثقافة التبعيَّة التي تس��ود ليبيا وبقية‬ ‫أقط��ار الوط��ن العرب��ي‪ .‬ه��ي باختصار‪,‬‬ ‫ومرة أخرى‪ ,‬ثقاف��ة الرَّاعي والرعيَّة التي‬ ‫مهَّدت الطريق أمام االس��تبداد‪ .‬ثقافةٌ تَهَب‬ ‫الرَّاعي المس��تبد ح َّ‬ ‫ق رعاي��ة القطيع كيفما‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫شاء‪ .‬ولِ َما ال يفعل والقطيع مهيِّأ لِيُ َساق وهو‬ ‫يهتف بحي��اة القائد ال ُم ْل ِهم ُمنتظراً ترش��يده‬ ‫لينير ل��ه طريق الحل‪ .‬فهذا م��ا كنَّا‪ ,‬طوعا ً‬ ‫أو كره��اً‪ ,‬نفعله في ليبي��ا على امتداد عقود‬ ‫أربعة‪.‬‬ ‫إنه��ا ثقافة يتردد صداها في خطابنا اليومي‬ ‫ولكننا ال نفطن له‪ .‬أال يستفس��ر المتش��رِّب‬ ‫للفك��ر القبلي الرَّعوي ع��ن "هويَّة" اآلخر‬ ‫(ف��ي لهجتن��ا ال َّدارجة) بصيغ��ة ْ‬ ‫"ل َم ْن أنت‬ ‫ب�لا مصغرة"؟ س��ؤال ال يعت��رف بالذات‬ ‫المتفردة لآلخر ألنه محس��وب على القبيلة‪.‬‬ ‫وف��ي المقابل يأتي س��ؤال المجتمعات التي‬ ‫تجاوزت الفكر القبلي إلى المواطنة بصيغة‬ ‫"م��ن حضرت��ك"؟ صيغ��ة تهت��م بالفرد ال‬ ‫بانتمائه‪ .‬وفي هذا الس��ياق لن يكتفي السائل‬ ‫القبل��ي بإجاب�� ٍة تُعدِّد األجداد حت��ى آدم أبي‬ ‫البشر‪ ,‬بل سيظل ينتظر تلك الكلمة السحرية‬ ‫التي تدل على االنتس��اب‪ .‬فاسمك يجب أن‬ ‫ينته��ي بنس��بته إلى ما هو أكب��ر من الفرد‪:‬‬ ‫قبيلة أو مكان على س��بيل المثال‪ .‬نهاية من‬ ‫قبيل البرعص��ي أو الورفلي أو المصراتي‬ ‫أو الدرناوي أو العبيدي‪ ,‬ألنك من دون هذه‬ ‫النسبة ستظل نكرة بالنسبة له‪.‬‬ ‫هل س��تقوم ديمقراطية ف��ي مجتمع ال يعي‬ ‫الفرد فيه أنه كيان سياسي مستقل (مواطن)‪,‬‬ ‫َّ‬ ‫وأن ممارس��ة السياس��ة ليس��ت حكراً على‬ ‫الس��لطان؟ أيَّة ديمقراطية نرتجيها في ليبيا‬ ‫إذا لم يترسَّخ في فكر أبنائها أنهم مواطنون؟‬ ‫ما يعني في كل العالم الديمقراطي َّ‬ ‫أن الدولة‬ ‫الليبي��ة ُم ْلزَم��ة بحمايته��م ومنحه��م كامل‬ ‫حقوقهم السياس��ية وتمكينهم من ممارستها‪.‬‬ ‫حق��وق يُولد اإلنس��ان متمتعا ً بها وليس��ت‬ ‫منَّ��ة أو هب��ة من حاك��م بتفوي��ض إلهي له‬ ‫أن يس��لبها منه س��اعة يش��اء‪ .‬أو من حاكم‬ ‫اغتص��ب الس��لطة وفق قاعدة م��ن "قَ ِويَت‬ ‫شوكته وجبت طاعته" التي يُن ِّ‬ ‫ظر لها كثير‬ ‫من فقهاء األمة!‬ ‫وعل��ى ذكر ه��ذه القاعدة س��أعود بالقارئ‬ ‫إلى المدين��ة المنورة إبَّ��ان خالفة عمر بن‬ ‫الخطاب رض��ي هللا عنه‪ .‬فثم��ة حادثة في‬ ‫س��يرة هذا الخليفة الرَّاشد تؤ ِّكد َّ‬ ‫أن اإلسالم‬ ‫براء م��ن مثل هذا الفك��ر الرَّعوي الخانع‪,‬‬ ‫فكر وممارسة‬ ‫وأنَّه أحدث تغييراً عميقا ً في ِ‬ ‫كل الذي��ن فهموه فهما ً صحيح��ا ً مغايراً لما‬ ‫ير ِّوج ل��ه فقهاء الس�لاطين‪ .‬ومفاد الحادثة‬ ‫(بلغ��ة ه��ذا العصر) َّ‬ ‫أن عم��ر بن الخطاب‬ ‫رض��ي هللا عنه وقف في المس��لمين خطيبا ً‬ ‫في شأن من ش��ؤونهم ثم طلب منهم السمع‬ ‫والطاع��ة [القيام بما عليه��م من واجبات]‪.‬‬ ‫فانبعث له أعرابي قائالً‪ :‬ال سم َع وال طاعة‬ ‫لك اليوم ي��ا ابن الخطاب [ممارس��ة الحق‬ ‫الديمقراطي في التعبير عن الرأي]‪ .‬وعلل‬ ‫قول��ه َّ‬ ‫بأن الخليفة لم يك��ن أمينا ً على ما في‬ ‫بيت المال [الخزانة العامة] وأنه آثر نفس��ه‬ ‫بث��وب أطول مم��ا أعطاه لبقية المس��لمين‪,‬‬ ‫األم��ر ال��ذي يخالف م��ا جاء في دس��تور‬ ‫الدولة [القرآن]‪ .‬وحي��ن أوضح الخليفة َّ‬ ‫أن‬ ‫الزيادة في حصته مصدرها حصة ابنه عبد‬ ‫هللا انتهت [المس��اءلة] وقال األعرابي اآلن‬

‫سمعا ً وطاعة‪.‬‬ ‫معظم كت��ب السِّ��ير والتاريخ تتن��اول هذه‬ ‫الحادث��ة م��ن جان��ب الخليف��ة لتخلص إلى‬ ‫الق��ول بأنَّ��ه كان رحيم��ا ً وع��ادالً (الق��ول‬ ‫ال��ذي ال يش��كك في��ه أح��د) ألن��ه أ ِذنَ لهذا‬ ‫األعرابي بق��ول ما قاله! القراءة الصحيحة‬ ‫لتلك الحادث��ة‪ ,‬وهي القراءة التي ال يحبذها‬ ‫مؤرِّخو الس�لاطين وفقهاؤه��م‪ ,‬فحواها َّ‬ ‫أن‬ ‫ذل��ك األعرابي وعى ذاته كف��رد له حقوق‬ ‫أصيلة كفلها له الدس��تور وليس��ت منَّة من‬ ‫الخليف��ة‪َّ ,‬‬ ‫وأن الخليفة مس��ؤول أمامه وأمام‬ ‫كل ف��رد من أ َّمة اإلس�لام! وم��ا يؤ ِّكد هذه‬ ‫الق��راءة َّ‬ ‫أن الخليفة ذاته ل��م يعترض وقَبِل‬ ‫المس��اءلة‪ .‬ف�لا وج��ود لمادة في الدس��تور‬ ‫تقول بأن��ه "مصون وغير مس��ؤول" َّ‬ ‫وأن‬ ‫المس��ؤولية تقع على الوالة [الوزراء] ألنه‬ ‫يمارس سلطته من خاللهم‪.‬‬ ‫ه��ذا كان فهم ابن الخط��اب رضي هللا عنه‬ ‫وفهم المس��لمين لمسألة الس��يادة وما يتفرع‬ ‫عنه��ا م��ن حري��ات‪ ,‬فكي��ف يفهمها بعض‬ ‫فقه��اء الس�لاطين ه��ذه األي��ام؟ س��أترك‬ ‫للق��راء متع��ة القي��ام بالبحث الش��امل ولن‬ ‫أتح��دث إالَّ ع��ن آخر مقال��ة قرأتها وكانت‬

‫ه��ذا الكيان‪ .‬عل��ى العكس م��ن المنافع (أو‬ ‫الحق��وق) الحاصلة من االنتماء القبلي التي‬ ‫تُفقد ما أن يُغ��ادر المرء "مضارب" قبيلته‬ ‫إلى غيرها‪.‬‬ ‫ولالنتق��ال من العموميات إلى ش��يء مح َّدد‬ ‫سنجعل مدار حديثنا مدينة أجدابيا واالمتداد‬ ‫الساحلي المجاور لها‪ .‬وسبب تركيزي على‬ ‫هذه المدينة وما جاورها من امتداد س��احلي‬ ‫المك��ون القبلي الغال��ب بدءاً من‬ ‫يكم��ن في‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫المدينة حتى بويرات الحسون غربا‪ ,‬وأعني‬ ‫به قبيل��ة المغاربة الكريم��ة‪ .‬وما يميِّز هذه‬ ‫المدينة نلحظه في التركيز الكبير لمجمعات‬ ‫صناعة النفط الضخمة التي تحيط بها شرقا ً‬ ‫وغرب��ا‪ .‬وه��و التركي��ز الذي س��يزداد في‬ ‫المس��تقبل القريب جرَّاء وقوع هذه المنطقة‬ ‫في حوض سرت النفطي‪.‬‬ ‫قب��ل االسترس��ال ف��ي الحدي��ث أتمنَّى من‬ ‫القارئ أن يتدبر ما سيقرأ بكل تجرُّ د‪ ,‬فما أنا‬ ‫بصدد طرحه يعبِّر عن س��يناريو افتراضي‬ ‫ولكنه ممكن الحدوث‪ ,‬وشواهده على امتداد‬ ‫العالم الصناعي كثيرة ولن نكون االستثناء‪,‬‬ ‫والبداية س��تكون بالس��ؤال التالي‪ :‬ما الذي‬ ‫سيحدث لو حاقت بالمنطقة كارثة صناعية‬

‫بعن��وان‪ :‬نق��ض الديمقراطي��ة لنص��وص‬ ‫الس��مع والطاعة للشيخ عبد العزيز بن ندي‬ ‫العتيبي في صحيفة الوطن الكويتية بتاريخ‬ ‫‪10‬‏‪11/‬‏‪ .2011/‬وفيه��ا يلوي الش��يخ عنق‬ ‫ع��دد البأس ب��ه من األحادي��ث والروايات‬ ‫ليخل��ص إلى َّ‬ ‫أن ول��ي األمر مصون وغير‬ ‫مس��ؤول َّ‬ ‫وأن طاعته واجبة ش��رعاً‪ .‬ولكن‬ ‫ال ُمح��زن في المقالة لي��س هذا التخريج‪ ,‬بل‬ ‫��ص إليه في ختامها ومؤ َّداه‬ ‫الرأي الذي َخلُ َ‬ ‫َّ‬ ‫أن طاع��ة ول��ي األمر ليس��ت واجبة على‬ ‫المسلم إذا أق َّر أية تشريعات ديمقراطية في‬ ‫البالد!‬ ‫ليعذرن��ي الق��ارئ فل��ن أعل��ق عل��ى رأي‬ ‫الش��يخ عبد العزيز العتيبي‪ ,‬حيث س��نكتفي‬ ‫بم��ا ُذكر ونلتف��ت إلى بع��ض المنافع التي‬ ‫تتحقَّق لليبيين بش��يوع فكر المواطنة بينهم‪.‬‬ ‫ولعل البداية األنس��ب تكون بتكريس فكرة‬ ‫َّ‬ ‫أن حقوق المواطنة وواجباتها ال عالقة لها‬ ‫بمح��ل اإلقامة‪ .‬إنها حق��وق وواجبات تمثل‬ ‫ج��زءاً من كيان المواط��ن وتوجد أنَّى ُوجد‬

‫جعلته��ا غير صالحة لس��كنى البش��ر؟ لقد‬ ‫حدث��ت مث��ل هذه الك��وارث في عش��رات‬ ‫المدن األمريكية (ال تنس��وا كذلك تشرنوبل‬ ‫األوكراني��ة وبوب��ال الهندي��ة) وكان الحل‬ ‫يس��يراً وفي متناول يد الحكومة األمريكية‬ ‫لغناه��ا ووف��رة ماله��ا‪ :‬اش��ترت كل المدن‬ ‫وأغلقتها ووطَّنت س��كانها في أماكن أخرى‬ ‫حسب رغبتهم!‬ ‫ه��ل مثل هذا الحل قاب��ل للتطبيق في ليبيا؟‬ ‫هنا تأت��ي أهمية التفصي��ل القبلي لمكونات‬ ‫المنطقة‪ .‬بمعنى َّ‬ ‫أن سكان المنطقة المنتمين‬ ‫إلى قبيلتي زوية والفواخر الكريمتين‪ ,‬وكذلك‬ ‫بع��ض أكارم األقليات األخ��رى الوافدة لن‬ ‫تجد صعوبة في قب��ول التعويض واالنتقال‬ ‫للعيش ف��ي مناطق قبائله��ا األصلية‪ .‬ولكن‬ ‫المشكلة ستواجه المك ِّون القبلي الغالب لتلك‬ ‫المنطقة‪ ,‬وأعني به قبيلة المغاربة الكريمة‪,‬‬ ‫فتل��ك المنطقة ه��ي موطنه��ا األصلي وال‬ ‫مكان لديها (بالمفه��وم القبلي) لتذهب إليه!‬ ‫كيف س��يكون حال أفراد القبيلة إذا أُجبِروا‬

‫‪19‬‬

‫عل��ى الرحيل وتفرَّقوا بي��ن مناطق القبائل‬ ‫األخرى؟ أي أُجبِروا على االس��تقرار بين‬ ‫ظهراني مجتمع قبلي ال يعترف بالمواطنة؟‬ ‫فالمواطنة‪ ,‬في كل التش��ريعات‪ ,‬ال تُكتسب‬ ‫إالَّ بحق األرض ‪ Jus soli‬الذي ال تعترف‬ ‫ب��ه القبائل أو بحق ال��دم ‪Jus sanguinis‬‬ ‫ال��ذي ال يملكون��ه‪ ,‬أي أنَّه��م سيعيش��ون‬ ‫وأحفادهم غرباء في "وطنهم" إلى ما ش��اء‬ ‫هللا‪.‬‬ ‫ه��ذا الخاتم��ة ال ُمحزنة ال تس��مح بها دولة‬ ‫المواطن��ة‪ ,‬التي ينظر بع��ض أفرادها إلى‬ ‫البعض اآلخر نظرة التس��اوي في الحقوق‬ ‫والواجبات على امت��داد رقعة الوطن‪ .‬إنها‬ ‫دول��ة س��تجعل م��ن اليس��ير عل��ى أي من‬ ‫حكوماته��ا القادمة حل واح��دة من أعضل‬ ‫المش��كالت الت��ي تطرحه��ا غالبي��ة مدننا‬ ‫الليبي��ة‪ :‬مطالب��ة كل مدين��ة بجعله��ا ش��به‬ ‫"مكتفية ذاتياً" ف��ي كل احتياجاتها‪ .‬ألنه إن‬ ‫ل��م يحدث ذلك فس��تعلو األص��وات المندِّدة‬ ‫بالحكومة لمركزيتها ولممارس��تها سياس��ة‬ ‫"التهميش"‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫إن سياسة تقديم الخدمات في الدول الحديثة‬ ‫ً‬ ‫تختل��ف كثيرا ع َّما ي��دور في أذهان الناس‪.‬‬ ‫فالتعلي��م‪ ,‬عل��ى س��بيل المث��ال‪ ،‬ح��ق لكل‬ ‫مواطن في محل إقامته حتى حدِّه اإللزامي‪،‬‬ ‫كم��ا َّ‬ ‫أن الرعاية الصحية األساس��ية حق له‬ ‫ً‬ ‫في محل إقامته‪ ،‬وهو ما يصدق أيضا على‬ ‫حمايته وتوفير األمن له‪ .‬ولكن في المقابل‪،‬‬ ‫التعلي��م الجامع��ي حق للمواط��ن الذي يفي‬ ‫بش��روطه وفي المكان الذي تحدِّده مصالح‬ ‫الدولة االقتصادية واالعتبارات الجغرافية‪.‬‬ ‫مثلم��ا َّ‬ ‫أن زرع األعضاء وجراحة التجميل‬ ‫والط��ب الن��ووي خدمات يس��تفيد منها كل‬ ‫مواطن وفق توزيع جغرافي تُحدِّده إمكانات‬ ‫البلد ومصالحه العامة‪ .‬فهذه الخدمات ليست‬ ‫أساسية وال تتسم طبيعتها باالستعجال‪.‬‬ ‫قائم��ة المناف��ع التي تجلبها دول��ة المواطنة‬ ‫عديدة ومتنوعة ولن يصعب على من يرى‬ ‫في فكرة المواطنة حالً لمش��اكلنا أن يُعدِّدها‬ ‫ويبحثها‪ .‬ولكن ذلك يجب أالَّ ينسينا وجوب‬ ‫مراقبة خطط الدولة اإلنمائية للتيقُّن من أنها‬ ‫تقوم على مبدأ التنمية المتوازنة لكل مناطق‬ ‫الدولة‪ ,‬وهي المهمة التي س��تكون أيسر في‬ ‫دولة تعتمد فكر المواطنة والديمقراطية‪.‬‬ ‫أعلم َّ‬ ‫أن المخاطر التي تحدثت عنها ليس��ت‬ ‫ُملحَّ��ة وآنية من منظور الفرد‪ ,‬ولكنها ُملحَّة‬ ‫وآني��ة بمقاييس الدول‪ .‬إنَّنا بتمس��كنا بالفكر‬ ‫القبل��ي المنغل��ق نرمي بأجيالن��ا التالية إلى‬ ‫مس��تقبل مظل��م لم نت��رك لهم فيه م��ا ينير‬ ‫الس��بيل‪ .‬علينا أن نعي َّ‬ ‫أن مس��تقبل األمم ال‬ ‫يُق��اس بالعقود ب��ل بالقرون‪ ,‬وم��ا لدينا من‬ ‫ثروات س��ينضب خالل عقود أربعة يلزمنا‬ ‫خالله��ا أن نقرِّ ر نوع الفكر الذي س��نورثه‬ ‫لتلك األجي��ال‪ :‬فكر القبيلة الذي س��يجعلهم‬ ‫يتناحرون عل��ى الغنيمة أم فك��ر المواطنة‬ ‫الذي س��يل ُّم شمل من تش��رد منهم‪ ,‬فما نحن‬ ‫فاعلون؟‪.‬‬ ‫‪ashtaiwie@gmail.com‬‬


‫‪20‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫ُصدفة اللقاء مع جان بول سارتر‬ ‫إدوارد سعيد‬ ‫ترمجة‪ /‬فضيل سليمان صاحل‬ ‫بعد اختفائِه عن المش��ه ِد الثَّقاف��ي‪ ،‬ظهَر مؤ َّخرًا‬ ‫ج��ان بول س��ارتر‪ ،‬ال��ذي يُ َع�� ُّد أكث�� َر المف ِّكرين‬ ‫ت قصير هُوجم بس��بب‬ ‫ُش��هرةً‪ ،‬فبعد َموْ تِ��ه ب َو ْق ٍ‬ ‫إغماض عينَيْه عن حقيق ِة معسكرات “الغوالغ”‬ ‫المنتشرة في أرجاء االتِّحاد السُّوفيتي‪ ،‬وس ُِخر من‬ ‫ادِّعاءاته التفاؤليَّة والفعَّالة إلنسانيته الوجوديَّة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫إزع��اج لِ َم ْن‬ ‫كان��ت َمصْ ��د َر‬ ‫أف��كاره‬ ‫ف ُخالص��ة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أنفس��هم‪“ :‬الفالس��فة ال ُجدُد”؛ حيث‬ ‫يُطلقون على ِ‬ ‫تتمثَّ ُل إنجازاتُهم المحدودة في ُمعاداتِهم الحماسيَّة‬ ‫ب االنتب��اه إليهم‪،‬‬ ‫للش��يوعيَّة‪ ،‬ال لش��ي ٍء إالَّ لج��ذ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ت ما بعد البِنيويين وما بعد‬ ‫باإلضاف�� ِة إلى جماعا ِ‬ ‫الحداثة‪ ،‬الذين ‪ -‬مع اس��تِ ْثناء بعضه��م ‪ -‬ان َزلَقُوا‬ ‫تان التِّقَني بأنفس��هم‪ ،‬ومحاربتهم الفظَّة‬ ‫إل��ى االفتِ ِ‬ ‫لجماهيريَّة سارتر وسياساته العا َّمة والبُطوليَّة‪.‬‬ ‫كروائي‪،‬‬ ‫تسبَّب االنتِش��ا ُر الهائل ألعمال سارتر‬ ‫ٍّ‬ ‫ب‪ ،‬ومس��رحي‪ ،‬وفيلسوف‪ ،‬ومفكر‪ ،‬وناشط‬ ‫وكات ٍ‬ ‫نوع ِمن الملَل مع َمن حوله‪،‬‬ ‫سياس��ي ‪ -‬في ُ‬ ‫ص ْنع ٍ‬ ‫مم��ا ترتَّب عليه تناقُ��صُ االهتمام بأعمالِه‪ ،‬و ِمن‬ ‫ْ‬ ‫ثَ َّم تحوَّلت أعمال س��ارتر ‪ -‬بعد ْ‬ ‫كانت األكثر‬ ‫أن‬ ‫مبيعً��ا وتحلي�لاً ف��ي فرنس��ا ‪ -‬إلى األق��ل قراءةً‬ ‫وتحليالً خالل العش��رين عا ًما الماضية‪ .‬فَ َمواقِفُه‬ ‫ال ُّش��جاعةُ حول الجزائر وفيتنام قد نُ ِس ْ‬ ‫��يت‪ ،‬كما‬ ‫ع��ن ال ُمضْ طه ِدين‪ ،‬وظهوره‬ ‫نُ ِس��ي أيضًا ِدفاعُه‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫الش��جاع كام��وي راديكال��ي خ�لال مظاهرا ِ‬ ‫الطَّلب��ة في باري��س ع��ام ‪ ،1968‬باإلضاف ِة إلى‬ ‫المج��ال األدبي‪ ،‬والذي ُمنِح على إثره‬ ‫تميُّزه في‬ ‫ِ‬ ‫ضها بدَوْ ِره‪،‬‬ ‫جائ��زةَ نوبل في اآلداب‪ ،‬والت��ي رف َ‬ ‫وتالش��ى بري ُ‬ ‫ق ش��هرتِه في فرنس��ا على عكس‬ ‫اس��تقباله في المجتمع األنجلو ‪ -‬ساكسوني‪ ،‬الذي‬ ‫لَ��م يتعاملْ معه كفيلس��وف بج ِّديَّ��ة‪ ،‬ولكن كانوا‬ ‫ت منا ِهض‬ ‫ي ْق َرؤُون أعمالَه‬ ‫كروائي وكاتب يوميا ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫بص��ورة غي��ر واضح��ة للش��يوعية‪ ،‬وال يتمتَّع‬ ‫وبريق كامو )األقل موهبة(‪.‬‬ ‫بأهمي ٍة‬ ‫ِ‬ ‫بع��د ذلك ‪ -‬وكما هي عادة األش��ياء الف َرنس��يَّة ‪-‬‬ ‫تلو ُح بالرُّ ج��وع ثانيةً‪،‬‬ ‫أخَ�� َذت الموض��ةُ القديمة ِّ‬ ‫فظَهَ�� َر ْ‬ ‫ب تتح َّدث عنه‪ ،‬فعاد س��ارتر‬ ‫ت عدةُ ُكتُ�� ٍ‬ ‫ش‪ ،‬وإن لَم يكن موض َع دراس�� ٍة‬ ‫ليصبح مح َّل نقا ٍ‬ ‫وتأ ُّمل‪.‬‬ ‫بالنس��ب ِة لجيلي فقد كان س��ارتر واح��دًا ِمن أه ِّم‬ ‫أبطال ومفَ ِّكري القَرْ ِن العشرين؛ فقد مثَّ ْ‬ ‫لت رؤيتُه‬ ‫ِ‬ ‫عصرنا‬ ‫لجميع إنجازات التق ُّدم في‬ ‫الفكريَّة تَ ْمهيدًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫يك��ن َمعْصو ًما من الخطأ‪ ،‬وال‬ ‫الحالي‪ ،‬ولكنَّه لَم‬ ‫يتس ُم بالقدسيَّة!‬ ‫وعلى العكس‪َّ ،‬‬ ‫ب‬ ‫فإن المرْ َء يُ ْع َجبُ بـسارتر؛ بسب ِ‬ ‫َمس��اعيه التي قام بها لفَهْم المواقِف‪ ،‬وإبداء آرائه‬ ‫ث السِّياس��يَّة‪ ،‬فلَم يَ ُك ْن أبدًا‬ ‫التضامنيَّ��ة مع األحدا ِ‬ ‫ُمجا ِم�لاً وال ُمراو ًغ��ا‪ ،‬حت��ى ْ‬ ‫إن أخط��أ فإنَّه ال‬ ‫يُ َجا ِمل في هذا‪ ،‬فرُوحُه س��محةٌ؛ أ َّدى ذلك إلى َّ‬ ‫أن‬ ‫ْ‬ ‫المطلَقة‪،‬‬ ‫ك َّل ما َكتَبَه كان ُممتعًا؛ متَّ ِس�� ًما بالحُريَّة‬ ‫ْ‬ ‫كانت حرية ُمضجرة‪.‬‬ ‫حتى وإن‬ ‫القي��ام بإبداء‬ ‫وتأت��ي رغبة ش��ديدة تدفعن��ي إلى‬ ‫ِ‬ ‫إعجابي بمقالتين رائعتين‪ ،‬تناولتا زيارةَ س��ارتر‬ ‫لمص��ر في أوائل ع��ام ‪ - 1967‬على الرَّغم من‬ ‫كونهم��ا محبطتين ‪ -‬وت َّم نش��رُهما ف��ي صحيف ِة‬ ‫األه��رام األس��بوعيَّة ال َّش��هر الماض��ي؛ كان��ت‬ ‫ب برنارد هنري ليفي الجديد‬ ‫األول��ى‪ :‬قراءة لكتا ِ‬ ‫ع��ن س��ارتر‪ ،‬والثَّاني��ة‪ :‬تناولت وص��فَ لطفي‬ ‫الخول��ي لتل��ك ِّ‬ ‫الزي��ارة‪ ،‬ويعد الخول��ي المثقف‬

‫المص��ري الب��ارز أحد مس��تضيفي س��ارتر في‬ ‫مص��ر‪ .‬أ َّما تجربتي الوحيدة مع س��ارتر في هذه‬ ‫موقف صغير‪ ،‬لكنه يس��تح ُّ‬ ‫ق‬ ‫الحي��اة‪ ،‬فتتمثل في‬ ‫ٍ‬ ‫ت الوقت‪.‬‬ ‫ذا‬ ‫في‬ ‫والمفارقة‬ ‫بالحدية‬ ‫ال ِّذكر؛ إذ يتس ُم‬ ‫ِ‬ ‫مبكر ِمن ش��هر كان��ون الثاني من عام‬ ‫ت‬ ‫في وق ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،1979‬كن��ت ف��ي منزلي ف��ي نيوي��ورك أقو ُم‬ ‫بتحضير أحد دروس��ي‪ ،‬فقُ ِرع جرسُ الباب‪ ،‬فإذ‬ ‫باهتمام‪،‬‬ ‫به س��اعي البريد يناولني طردًا‪ ،‬فتحتُه‬ ‫ٍ‬ ‫فتبيَّ��ن لي أنه من باري��س وفيه‪“ :‬أنت مدعو من‬ ‫لحض��ور حلقة‬ ‫قِب��ل مجل��ة (األزمن��ة الحديثة)‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫نق��اش حول السَّ�لام في ال َّش��رق األوس��ط‪ ،‬في‬ ‫باريس بتاريخ ‪ 13/14‬آذار‪ ،‬أرجو الرد‪ ،‬سيمون‬ ‫دي بوفوار وجان بول سارتر”‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ظنن��ت من الوهل��ة األولى أنها مزح��ة‪ ،‬أو ربما‬ ‫تك��ون دع��وة م��ن كوزيم��ا وريتش��ارد وغنير‬ ‫للحضور إلى بايرويت‪ ،‬أو أنها دعوة من ت‪.‬س‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫إليوت أو فيرجينيا وولف؛ لقضاء جلس�� ٍة مسائيَّة‬ ‫ب صحيفة ديل ‪!Dial‬‬ ‫في أحد مكات ِ‬ ‫ُ‬ ‫حاولت التحقُّ��ق ِمن جدية الدعوة ِمن عدمها عن‬ ‫طريق بعض األصدق��اء في نيويورك وباريس‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫إرس��ال قَبولي غير‬ ‫واس��تغرقت وقتً��ا أقل ف��ي‬ ‫ِ‬ ‫المش��روط‪ ،‬وذلك بعد علم��ي َّ‬ ‫أن مجلةَ (األزمنة‬ ‫الحديثة) ‪ -‬وهي المجلة التي أنش��أها سارتر بعد‬ ‫الح��رب ‪ -‬هي َمن س��تتكفَّ ُل بمصاريف ال ِّرحلة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫غادرت إلى باريس‪ .‬والجدير‬ ‫وبعد عدة أس��ابيع‬ ‫ْ‬ ‫بالذك��ر أن مجلةُ (األزمنة الحديث��ة) لعبت دورًا‬ ‫ب��ار ًزا ف��ي حي��ا ِة المثَقَّفي��ن في فرنس��ا‪ ،‬وأوربا‬ ‫والعالم الثَّالث‪.‬‬ ‫أما س��ارتر فقد أحاط نف َسه بمجموع ٍة من العقول‬ ‫ق دائم معه‬ ‫النيِّ��رة ‪ -‬والذي��ن لَم يكونوا على وف��ا ٍ‬ ‫ فكان منهم‪ :‬س��يمون دي بوف��وار‪ ،‬ومعارضُه‬‫الب��ارز‪ :‬ريم��ون آرون‪ ،‬وزميلُ��ه الفيلس��وف‬ ‫المش��هور موري��س ميرل��و بونت��ي ‪ -‬الذي ترك‬ ‫الصَّحيفةَ بعد ع َّدة سنوات‪ ،‬باإلضاف ِة إلى المن ِّ‬ ‫ظر‬ ‫وص��ف األعراق‬ ‫المتح ِّم��س والمتخصِّ��ص في‬ ‫ِ‬ ‫البشريَّة واإلفريقيات‪ :‬ميشيل ليريس‪ ،‬فكانت هذه‬ ‫موضوع مهم إال وتط َّرقَ ْ‬ ‫المجموعة ال تترك أ َّ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫له‪ ،‬بما في ذلك الحرب العربيَّة اإلس��رائيليَّة عام‬ ‫‪1967‬؛ إذ أصدرت المجلةُ عددًا ضخ ًما كتذكار‪،‬‬ ‫كتب عنه ا‪.‬ف‪.‬ستون مقالةً ممتازة!‬ ‫هذا العدد أضفى نوعًا منَ الحماس�� ِة على رحلتي‬ ‫ُ‬ ‫الفندق الذي يق ُع‬ ‫وصلت إلى‬ ‫إلى باريس‪ ،‬حينم��ا‬ ‫ِ‬ ‫ف��ي منطق ِة الحي الالتين��ي‪ ،‬و َج ُ‬ ‫دت في انتظاري‬ ‫“ل��دواع أمنيَّة‬ ‫رس��الةً قصي��رة وغامضة تقول‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫سيت ُّم عق ُد حلقات النقاش في منزل ميشيل فوكو”‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫صباح‬ ‫فانطلقت في‬ ‫بالعنوان كامالً‪،‬‬ ‫وتَم تزويدي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ووصلت إلى‬ ‫اليوم التَّالي عند السَّ��اعة العاشرة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫األشخاص لَم‬ ‫فوجدت مجموعةً من‬ ‫ش��ق ِة فوكو‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يكن س��ارتر بينهم‪ ،‬ولم أس��تطع أن أستوض َح ما‬ ‫تغيير‬ ‫ه��ي الدواعي األمنيَّةُ الت��ي أجبرتهم على‬ ‫ِ‬ ‫المكان! وعلى الرَّغم من ذلك خيَّم وض ٌع تآمريٌّ‬ ‫ت النِّقاش‪ ،‬كانت س��يمون دي بوفوار‬ ‫عل��ى حلقا ِ‬ ‫موجودةً بمنديلِها النِّس��ائي المشهور‪ ،‬تتح َّد ُ‬ ‫ث عن‬ ‫زيارتها القادمة إلى طهران بصحبة كيت ميلي؛‬ ‫حي��ث تخ ِّ‬ ‫ت ض�� َّد ارتداء‬ ‫طان للقي��ام بمظاهرا ٍ‬ ‫ط ِ‬ ‫الحجاب اإليراني )الش��ادور(‪ ،‬وبدت لي الفكرةُ‬ ‫س��خيفةً وس��اذجة‪ ،‬وعل��ى الرَّغم م��ن أني ُ‬ ‫كنت‬ ‫ُ‬ ‫أدركت أن‬ ‫لس��ماع حديث بوفوار‪ ،‬إال أني‬ ‫متلهفًا‬ ‫ِ‬

‫ي‬ ‫النِّقاش معها سيكون عقي ًما؛ ألنها لن تصغي إل َّ‬ ‫ْ‬ ‫غادرت بعد‬ ‫ف��ي ذلك الوقت‪ ،‬باإلضاف�� ِة إلى أنها‬ ‫س��اعة؛ أي‪ :‬قبل وصول سارتر بقليل‪ ،‬ولم نرها‬ ‫ثانية!‬ ‫أوضح لي فوكو ‪ -‬وهو على عجل ٍة من أمره ‪ -‬أنه‬ ‫ليس لديه ما يق ِّد ُمه من خالل هذه النِّقاشات‪ ،‬ومن‬ ‫ثَم س��يغاد ُر مباشرة النشغاله ببحثِه الذي يقو ُم به‬ ‫ف��ي المكتب ِة الوطنيَّة‪ ،‬س��ررت كثيرًا عند رؤيتي‬ ‫رفوف مكتبته‬ ‫لكتابي “البدايات” موج��ودًا على‬ ‫ِ‬ ‫نُ‬ ‫المكتظَّة بعدة مواد مرتبة بعناية‪ ،‬تتض َّم ورقات‬ ‫علميَّ��ة وصحفً��ا‪ .‬تجا َذبْنا أط��راف الحديث بيننا‬ ‫ك عدم رغبته في‬ ‫بكل ُودٍّ‪ ،‬ولكني لَم أس��تط ْع إدرا َ‬ ‫الشرق‬ ‫في‬ ‫ِّياسة‬ ‫البوح عن وجهة نظره حول الس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫علمت ذلك بعد فتر ٍة طويلة – بعد‬ ‫األوسط‪ ،‬لكني‬ ‫نح��و عقد من وفاته عام ‪ 1984 -‬عندما ذكر كلٌّ‬ ‫من داي��در أريبون وجيمس ميل��ر َّ‬ ‫أن فوكو كان‬ ‫يعم�� ُل أس��تا ًذا في تون��س ع��ام ‪ ،1967‬ثم ت َرك‬ ‫اندالع حرب حزيران‪ ،‬وقد‬ ‫البال َد على عجل ٍة بعد‬ ‫ِ‬ ‫خروجه من تونس‪،‬‬ ‫سبب‬ ‫عن‬ ‫أعرب فوكو حينها‬ ‫ِ‬ ‫ت ال ُمعادية للسَّ��امية‪،‬‬ ‫إذ كان خائفًا من المظاهرا ِ‬ ‫وإسرائيل التي جابت شوار َع الوطن العربي بعد‬ ‫خسارتِهم الكبيرة للحرب‪.‬‬ ‫وقد ر َو ْ‬ ‫قسم الفلسفة في تونس‬ ‫في‬ ‫ت لي زميلةٌ له‬ ‫ِ‬ ‫ ف��ي بداي��ة التس��عينيَّات – قصة مختلف��ة تما ًما‬‫ذك��رت فيه س��بب خروج��ه من تون��س؛ فقالت‪:‬‬ ‫إن فوك��و ت�� َّم ترحيلُه من تونس بس��بب عَالقاته‬ ‫الجنس��يَّة المثليَّة مع طلب ٍة شبَّان! فهناك تضارب‬ ‫في الروايتين وال أعلم أيهما أصدق وكان بالفعل‬ ‫سبب خروجه‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫وفي لقائي معه خالل حلقات النقاش في باريس‪،‬‬ ‫لت��وه من زي��ار ٍة إلى طهران‪،‬‬ ‫أخبرن��ي أنه عاد ِّ‬ ‫كموفَ�� ٍد خاص م��ن صحيفة كورير ديال س��يرا‪،‬‬ ‫وأتذ َّك ُر وصفَه للثَّور ِة اإلس�لاميَّة بأنها‪“ :‬مشوقة‬ ‫ج ًّدا‪ ،‬وغريبة‪ ،‬ومجنونة”‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ج��ازم ‪ -‬أنَّه أخبَ َرني ع��ن ارتدائه‬ ‫أعتق�� ُد ‪ -‬غير‬ ‫ٍ‬ ‫س��تعار حينما كان في طه��ران‪ ،‬وعلى‬ ‫ْر ُم‬ ‫ٍ‬ ‫لشَ��ع ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُور مقاالته في فتر ٍة قصيرة‪ ،‬إال أنه‬ ‫ه‬ ‫ظ‬ ‫من‬ ‫الرَّغم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ذكر إيران في مقاالتِه‪ ،‬وفي‬ ‫عن‬ ‫َع‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ما‬ ‫سرعان‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫نهاي�� ِة الثمانينيَّات ْ‬ ‫أخبَ َرني صديقُ��ه الحميم قايلز‬ ‫َ‬ ‫ديلوز أنَّهم قد اختالفا حول القضيَّ ِة الفِلس��طينيَّة؛‬ ‫حيث كان فوكو يُسان ُد إسرائي َل‪ ،‬بينما ديلوز يدعم‬ ‫الفلسطينيِّين‪.‬‬ ‫كانت ش��قةُ فوكو واس��عةً ومريحة إلى ح ٍّد كبير؛‬ ‫ْ‬ ‫فبدت‬ ‫فالل��ونُ األبيض يكس��و جمي�� َع جدرانه��ا‪،‬‬ ‫مناس��بةً ج ًّدا للفيلس��وف والمف ِّك��ر الصَّارم الذي‬ ‫كان يقي ُم بها وحده‪ ،‬كان هناك بعضُ الفِلَسطينيين‬ ‫ُ‬ ‫تعرفت م��ن بينهم على‬ ‫واليه��ود اإلس��رائيليين‪،‬‬ ‫إبراهيم دقاق‪ ،‬الذي أصبح منذ ذلك الحين صديقًا‬ ‫عزي ًزا‪ ،‬ونافس نازال الذي كان أستا ًذا في جامع ِة‬ ‫ُ‬ ‫بشكل سطحي‬ ‫تعرفت عليه‬ ‫بير زيت؛ إذ سبق أن‬ ‫ٍ‬ ‫ت المتحدة األمريكيَّ��ة‪ ،‬باإلضاف ِة إلى‬ ‫ف��ي الواليا ِ‬ ‫الخبي��ر اإلس��رائيلي الب��ارز في الفك��ر العربي‬ ‫ِ‬ ‫منصب رئيس‬ ‫ياهوشوفات هركابي‪ ،‬الذي شغل‬ ‫َ‬ ‫ت العسكريَّة اإلسرائيليَّة سابقًا‪ ،‬وأُقيل‬ ‫االستخبارا ِ‬ ‫ب خطأ‬ ‫من منصبِه عن طريق غولدا مائير؛ بسب ِ‬ ‫الجيش في‬ ‫لوضع‬ ‫ارتكب��ه‪ ،‬حينما أعطى أوام�� َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حالة التأهُّب!‬ ‫ث س��نوات‪ ،‬كنت أنا وهركابي‬ ‫قبل لقائنا هذا بثال ِ‬

‫مركز س��تانفورد للدِّراسات العُليا في‬ ‫زمالء في‬ ‫ِ‬ ‫العل��وم الس��لوكيَّة‪ ،‬وكان��ت عَالقتُن��ا مبنيَّةً على‬ ‫عدم اتس��امها بالوديَّة‪،‬‬ ‫االحترام‪ ،‬على الرَّغم من ِ‬ ‫ِ‬ ‫تغيير‬ ‫على‬ ‫ل‬ ‫يعم‬ ‫كان‬ ‫وحينم��ا التقينا في باري��س‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫مواقف��ه ليصب َح أح�� َد دُعاة السَّ�لام والحوار في‬ ‫إس��رائيل؛ حيث تح�� َّد َ‬ ‫ث بصراح ٍة ع��ن الحاج ِة‬ ‫إلقام��ة الدول��ة الفلس��طينيَّة‪ ،‬والت��ي اعتبره��ا‬

‫إدوارد سعيد‬ ‫ت اإلس��تراتيجيَّة م��ن وجه ِة نظر‬ ‫أح��د اإلنجازا ِ‬ ‫إسرائيل‪.‬‬ ‫وعل��ى النقيض تما ًما كان أغلبُ المش��اركين في‬ ‫ت النِّقاش من المت َديِّني��ن والعلمانيين يهودًا‬ ‫حلق��ا ِ‬ ‫إسرائيليين وفرنسيين‪ ،‬وكان تأييدُهم للصهيونيَّة‬ ‫واضحًا بطريق ٍة أو أخرى؛ أحدُهم يُدعى إيلي بن‬ ‫غ��ال‪ ،‬ويظهر علي��ه أنه على عَالق�� ٍة وطيدة مع‬ ‫سارتر‪ ،‬بل أ ِّكد لدينا أنه كان مرشدًا لسارتر أثناء‬ ‫زيارتِه الحديثة إلسرائيل‪.‬‬ ‫ظه��ر الرَّج ُل العظيم أخيرًا ‪ -‬بالرغم ِمن ُّ‬ ‫تأخره ‪-‬‬ ‫بادية عليه آثا ُر كبر السِّن والضَّعف‪ ،‬أتذ َّك ُر أنني‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قدمت‬ ‫قمت بش��ي ٍء س��اذج وال داعي ل��ه‪ ،‬حينما‬ ‫فوكو لسارتر‪ ،‬وأتذ َّك ُر أيضًا َّ‬ ‫أن سارتر كان طوال‬ ‫األش��خاص‪،‬‬ ‫ت ُمحاطًا بحاش��ي ٍة صغيرة من‬ ‫الوق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ببعض األش��ياء‪ ،‬وكان‬ ‫وتذكيره‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫بإعان‬ ‫يقومون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعتم ُد عليهم كليًّا‪ ،‬وهم بدَوْ ِرهم يعتبرون س��ارتر‬ ‫ش��غلَهم ال َّش��اغل؛ من بينه��م ابنتُه الت��ي تبناها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫علم��ت فيما بعد أنها منفذةُ أعمالِه األدبيَّة‪،‬‬ ‫والتي‬ ‫��ل جزائري‪ ،‬واآلخَ��ر كان يُدعى‬ ‫وه��ي ِمن أصْ ٍ‬ ‫بيير فيكتور؛ ماوي س��ابق‪ ،‬ومساعد سارتر في‬ ‫تحرير صحيف��ة “البروليتاري اليس��اري” التي‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫توقفت عن الصُّ دور‪.‬‬ ‫أصب��ح فيكت��ور فيما بع ُد ش��خصًا يهوديًّا ش��دي َد‬ ‫ص ِدمت‬ ‫التديُّ��ن‪ ،‬بل مت َعصِّ بً��ا على ما أعتق��د‪ ،‬و ُ‬ ‫ُ‬ ‫طريق أح��د العاملين‬ ‫عرفت الحقًا ع��ن‬ ‫حينم��ا‬ ‫ِ‬ ‫بالصَّحيف��ة َّ‬ ‫أن فيكت��ور كان يُدع��ى بين��ي ليفي؛‬ ‫وهو يهوديٌّ مصري‪ ،‬أخوه يُدعى‪ :‬عادل رفعت‬


‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫“ليفي سابقًا”‪ ،‬وكان عادل رفعت الطَّرفَ األول‬ ‫ف��ي الثنائي الذي يُدعى (ثنائي محمود حس��ين)‪،‬‬ ‫أ َّم��ا الطَّرف اآلخ��ر فكان مس��ل ًما مصريًّا‪ ،‬فكان‬ ‫يعم�لان في منظم�� ِة اليونس��كو‪ ،‬وقد‬ ‫الرَّج�لان‬ ‫ِ‬ ‫صيت تحت‬ ‫اش��تركا ف��ي ع َم ِل دراس�� ٍة ذائع��ة ال ِّ‬ ‫عنوان‪“ :‬صراع الطَّبقات في مصر”‪ ،‬نش��رتها‬ ‫دا ُر ماسبيرو‪ ،‬ولم تكن هناك أيُّ مالم َح تشي ُر إلى‬ ‫انتم��اء فيكتور لمصر‪ .‬أ َّما ال َّش��خصُ الثَّالث فهي‬ ‫َ‬ ‫ام��رأةٌ تُ ْدعى هيلين فون بول��و تتقنُ‬ ‫ثالث لغات‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫وعملت مع س��ارتر في المجلة؛ وكانت تترج ُم له‬ ‫ك َّل شيء‪.‬‬ ‫وعلى الرَّغم من َّ‬ ‫بعض الوقت‬ ‫أن سارتر أمضى‬ ‫َ‬ ‫ف��ي ألمانيا‪ ،‬وكتب عن مارت��ن هايدغر وفوكنر‬ ‫ودوس باس��وس‪ ،‬فإن��ه ل��م ي ُِج��د كلت��ا اللغتي��ن؛‬ ‫اإلنجليزيَّة واأللمانيَّة‪.‬‬ ‫وجدي��ر بال ِّذك��ر أن هن��اك ام��رأة لطيف��ة وأنيقة‬

‫جان بول سارتر‬ ‫ْ‬ ‫أيام حلقات النِّقاش‪ ،‬تُدعى‬ ‫الزمت س��ارتر ِطيلة ِ‬ ‫أذن‬ ‫في‬ ‫باس��تمرار‬ ‫كان��ت‬ ‫إذ‬ ‫بولو؛‬ ‫ف��ون‬ ‫تهمسُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫سارتر مترجمة له ك َّل ما يُقال‪.‬‬ ‫لم أكن متأ ِّكدًا من فهم س��ارتر لكل النقاش��ات‪ ،‬إذ‬ ‫كانت النِّقاش��ات باللغ�� ِة اإلنجليزيَّ��ة ‪ -‬وكان من‬ ‫الحاضري��ن ش��خصٌ فِلَس��طيني‪ ،‬أتى ِم ْ‬ ‫��ن فيينا‬ ‫يتح َّد ُ‬ ‫ث العربي��ةَ واأللمانيَّة ‪ -‬وكنَّا منزعجين من‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫صمتِه طيلة تلك النقاشات التي جرت خالل اليوم‬ ‫األول‪ ،‬والت��ي حضرها أيضًا ميش��يل كونتات؛‬ ‫معد ببليوغرافيا أعمال س��ارتر‪ ،‬ولم يُشارك هو‬ ‫اآلخر بشيء!‬ ‫كان المط ُر يهط ُل بش��دة‪ ،‬فأخذنا س��يارات أُجرة‬ ‫مطعم قريب لتناول الطعام ‪ -‬الش��يء الوحيد‬ ‫إلى‬ ‫ٍ‬ ‫األس��لوب الفرنسي في تنا ُول‬ ‫الذي اعتبرتُه يمثِّ ُل‬ ‫َ‬ ‫الغداء‪ ،‬هو أنه يس��تغر ُ‬ ‫ق س��اعةً أو أكثر بقليل ‪-‬‬ ‫كان��ت الوجبةُ مكوَّنةً من أربع��ة أصناف‪ ،‬أنهينا‬ ‫طعامنا‪ ،‬واس��تغرق ذهابُنا إلى المطعم ورجوعنا‬ ‫َ‬ ‫ت ونصف‪ ،‬ول��م تت َع َّد نقاش��اتُنا في‬ ‫ثالث س��اعا ٍ‬ ‫اليوم األول عن “السَّالم” وكان وقتها قصيرًا!‬ ‫كان فيكتور يح ِّد ُد مواضي َع النِّقاش دون استشار ِة‬ ‫ُ‬ ‫فاستش��عرت ‪ -‬منذ البداية ‪ -‬أنه نصَّب نف َسه‬ ‫أحد‪،‬‬ ‫المس��ؤو َل األول ‪ -‬ثقة منه في عالقته بس��ارتر‪،‬‬ ‫ف��كان يهمس له من آن آلخ��ر ‪ -‬فكان لزا ًما علينا‬ ‫مناقشةُ المواضيع التَّالية‪:‬‬ ‫‪ 1‬أهمية معاهد ِة السَّ�لام بين مصر وإسرائيل ‪-‬‬‫كان ذلك خالل فترة كامب دايفيد‪.‬‬ ‫بش��كل‬ ‫العربي‬ ‫‪ 2‬السَّ�لام بين إس��رائيل والعالم‬‫ٍ‬ ‫عام‪.‬‬ ‫‪ 3-‬والمس��ألة الجوهريَّ��ة ه��ي‪ :‬مس��تقب ُل تعايش‬

‫إسرائيل في المنطق ِة العربيَّة‪.‬‬ ‫لكن هذا األمر األخير يبدو أنه ال ْيلقَى استحسانَ‬ ‫ُ‬ ‫فشعرت َّ‬ ‫ضعت للنِّقاش‬ ‫العرب‪،‬‬ ‫بأن النِّقاطَ التي ُو ِ‬ ‫أَ ْه َملَ ْ‬ ‫ت ‪ -‬بقص ٍد ‪ -‬التح ُّد َ‬ ‫ث عن المسألة الفلسطينيَّة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫أما إبراهيم دقاق فلم يكن مرتاحًا لل َوضْ ِع بأكملِه‪،‬‬ ‫لذا غادر بمجر ِد انتهاء اليوم األول‪.‬‬ ‫م��ع نهاي�� ِة الي��وم األول أحْ َسس ُ‬ ‫ْ��ت َّ‬ ‫أن العدي َد من‬ ‫للخروج بهذه الحلقات‪،‬‬ ‫ت تَ َّمت ُمس��بقًا‬ ‫المفا َوضا ِ‬ ‫ِ‬ ‫باإلضاف ِة إلى َّ‬ ‫أن المش��اركةَ العربيَّة تم المساومة‬ ‫صرت ف��ي خالل‬ ‫عليه��ا مس��بقًا‪ ،‬وم��ن ثَ��م اختُ ِ‬ ‫عملي ِة إدارة النِّق��اش‪ ،‬و ُو ِّج ْ‬ ‫هت إلى نقط ٍة معيَّنة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ألهداف‬ ‫َر لعدم إدراكي المس��بق‬ ‫ِ‬ ‫فش��عرت بال َكد ِ‬ ‫هذه الحلقات‪ ،‬أو باألحرى لس��ذاجتي وحماس��ي‬ ‫للمجيء لباريس و ُمالَقَاة سارتر!‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ع��ن ُمش��ارك ِة أيمانويل‬ ‫أحادي��ث‬ ‫كان��ت هن��اك‬ ‫َّ‬ ‫ليفين��اس‪ ،‬ولكنَّ��ه ‪ -‬أس��وة بالعدي ِد ِم��ن المثقفين‬ ‫المصريين الذين وعدوا بالمش��اركة ‪ -‬لم يظهرْ !‬ ‫شر ْ‬ ‫ت تِباعًا في عد ٍد خاص‬ ‫ُس ِّجلت كلُّ نقاشتِنا‪ ،‬ونُ ِ‬ ‫م��ن مجلة “األزمنة الحديث��ة” )أيلول ‪،( 1979‬‬ ‫اعتق��دت َّ‬ ‫أن العد َد ال��ذي أُص ِدر لم يكن ذا أهميَّة؛‬ ‫حيث كان نقا ُش��نا ي��دور حول مواضي��ع مألوفة‬ ‫عقول حقيقية في النِّقاش‪.‬‬ ‫دون مشارك ِة‬ ‫ٍ‬ ‫خي ْ‬ ‫َّب��ت س��يمون دي بوف��وار أملي فيه��ا لدرج ٍة‬ ‫كبي��رة؛ إذ خرج��ت من الغرف ِة ته��ذي بعنا ٍد عن‬ ‫أشياء تخصُّ اإلسال َم وحجاب المرأة‪ ،‬وعندها لَم‬ ‫ُ‬ ‫أتأس ْ‬ ‫أدركت َّ‬ ‫أن حضو َرها‬ ‫َّف لغيابها‪ ،‬ولكن الحقًا‬ ‫كان س��يضفي حرا ًكا على النِّق��اش‪ ،‬أ َّما حضو ُر‬ ‫س��ارتر نفسه ‪ -‬هذا إذا اعتبرناه حاضرًا ‪ -‬فكان‬ ‫س��لبيًّا ج ًّدا‪ ،‬فلَم يَتَف��وَّه بكلم ٍة واحدة إلى أن ينته َي‬ ‫النِّقاش‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حينم��ا ج��اء‬ ‫وق��ت الغ��داء كان س��ارتر يجلسُ‬ ‫قبالتي‪ ،‬ويبدو َحزينًا‪ ،‬ال يتكلَّ ُم أبدًا‪ ،‬وكان البَيْض‬ ‫ُ‬ ‫وحاول��ت التح ُّد َ‬ ‫ث‬ ‫يس��يالن من ف ِمه!‬ ‫والمايونيز‬ ‫ِ‬ ‫مع��ه فلَم يُجبني‪ ،‬فظنَ ْن ُ‬ ‫��ت أنه ربما يكون ضعيف‬ ‫ي! وعلى كلٍّ‬ ‫الس��مع‪ ،‬أو ربما ال يريد أن يرد عل َّ‬ ‫كهيكل متهالك‪ ،‬ليس كما يسمع‬ ‫فقد بدا لي سارتر‬ ‫ٍ‬ ‫عنه‪ ،‬فبدا كأنه هي��كل مغطى بمالبس رثة‪ ،‬ليس‬ ‫بينها تناسق ال في قطعتين وال في قطعة واحدة!‬ ‫ُ‬ ‫كن��ت ناش��طًا ف��ي القضيَّ�� ِة‬ ‫ت‬ ‫ف��ي ذل��ك الوق�� ِ‬ ‫ُ‬ ‫الفلس��طينيَّة؛ وفي ع��ام ‪ 1977‬أصبحت عض ًوا‬ ‫المجلس الوطني الفِلَسطيني‪ ،‬وأثناء زياراتي‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫المتك�� ِّررة لبيروت لرؤي ِة أ ِّم��ي ‪ -‬خالل الحرب‬ ‫ُ‬ ‫التقيت مرارًا بياس��ر عرفات‪،‬‬ ‫األهليَّة اللبنانيَّة ‪-‬‬ ‫وع��د ٍد من القاد ِة في ذلك الوقت‪ ،‬وفي تلك األثناء‬ ‫“السَّ��اخنة”‪ ،‬وخ�لال نزا ِعن��ا المس��تميت م��ع‬ ‫إس��رائيل ُ‬ ‫كنت أعتق ُد اعتقادًا أنِّي س��أحقِّ ُ‬ ‫ق إنجا ًزا‬ ‫ُ‬ ‫اس��تطعت ن��زع رأيٍّ مؤي�� ٍد للقضي ِة‬ ‫عظي ًم��ا إذا‬ ‫الفِلَسطينيَّة ِمن سارتر! لكن هيهات‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وأشرت أن بيير فيكتور كان يتحكم في‬ ‫وكما سبق‬ ‫زم��ام األمور‪ ،‬والمواضيع التي يتم النقاش فيها‪،‬‬ ‫حتى َّ‬ ‫األش��خاص‬ ‫إن س��ارتر نفس��ه كان من بين‬ ‫ِ‬ ‫الذين يُوجِّههم‪ ،‬باإلضاف ِة إلى همساتهم الغامضة‬ ‫ت إلى آلخر؛‬ ‫اولة‪ ،‬فكانا‬ ‫ينهضان من وق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫على الطَّ ِ‬ ‫فيقتاده فيكتور بعيدًا‪ ،‬ويتح َّد ُ‬ ‫ث إليه بسرع ٍة‪ ،‬ويردُّ‬ ‫سارتر باإليما ِء‪ ،‬ثُ َّم يرجعان!‬ ‫كان كلُّ المش��اركين يرغبون ف��ي إبدا ِء آراءهم‪،‬‬ ‫لك��ن هيهات‪ ،‬فالمدير ال يس��مح بذلك‪ ،‬مما جعل‬ ‫تطوي��ر الجدال أمرًا مس��تحيالً‪ ،‬عالوة على ذلك‬ ‫الواضح َّ‬ ‫أن تعزي َز موقف إس��رائيل‬ ‫أصبح م��ن‬ ‫ِ‬ ‫ فيم��ا يعرف اآلن بـ”التطبي��ع” ‪ -‬هو موضوع‬‫النِّق��اش الحقيق��ي للحلق��ات‪ ،‬ولي��س الع��رب أو‬ ‫الفِلَسطينيين!‬ ‫ٌ‬ ‫ب ‪ -‬قبلي ‪ -‬إقنا َع بعض‬ ‫العر‬ ‫من‬ ‫ر‬ ‫كثي‬ ‫لقد ح��اول‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫المثقَّفين المهمين بالبت في القضيَّة الفِلس��طينية‪،‬‬ ‫والنظر إليها نظرة عادلة‪ ،‬آملين بأنهم سيتحوَّلون‬ ‫إل��ى أرنولد توينبي أو ش��ين ماكبرايد آخر‪ ،‬وقد‬

‫حقَّ��ق بع��ض العرب نتائج ش��به جي��دة‪ ،‬وها أنا‬ ‫أحاول مع سارتر وأجهد نفسي ولكنها محاوالت‬ ‫تس��تح ُّ‬ ‫ق بذل الجه��د المضاعف؛ فلن أ ْنس��ى قط‬ ‫بش��أن الجزائ��ر‪ ،‬وكمواطن‬ ‫موقفَ��ه الذي اتخذه‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫موقف ض َّد إس��رائيل‬ ‫فرنس��ي فلن يكون اتخ��اذ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫أصع��ب من موقفِه ذاك‪ ،‬لكن��ي ُ‬ ‫كنت مخطئًا بكلِّ‬ ‫َ‬ ‫تأكيد‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ت الطنَّانة وغي��ر المجدية‪،‬‬ ‫قاش��ا‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ُل‬ ‫ص‬ ‫توا‬ ‫م��ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫كن��ت أذك ُر نفس��ي بين الفيْنة واألخ��رى بأني ما‬ ‫ُ‬ ‫ث سارتر‪،‬‬ ‫جئت إلى باريس إال ألس��تم َع إلى حدي ِ‬ ‫ص أعرفُ مسبقًا‬ ‫وليس الغرض الس��ماع ألشخا ٍ‬ ‫ُ‬ ‫تجرأت‬ ‫آراءه��م التي ال تثي ُر اهتمام��ي؛ ومن ثَ َّم‬ ‫ُ‬ ‫وقمت ‪ -‬بكل وقاحة ‪ -‬بمقاطع ِة النِّقاش في الجلس ِة‬ ‫ُ‬ ‫المسائيَّة‪ ،‬وأصررت على أن ن ْستَم َع إلى كلم ٍة ِمن‬ ‫س��ارتر حاالً؛ فسبَّب ذلك نَوْ عًا منَ واالضطراب‬ ‫بين أفرا ِد الحاش��ية المحيطة بسارتر‪ ،‬وت َّم إيقافُ‬ ‫ْ‬ ‫وأخذت هذه الحاش��ية تتناوب بينها‬ ‫الحلقة فجأة‪،‬‬ ‫س�� ًّرا‪ ،‬بينما سارتر نفس��ه صاحب القرار لم يكن‬ ‫بين مس��اجالتهم‪ ،‬مم��ا أثار ش��فقتي عليه‪ ،‬وبعد‬ ‫انتهاء مس��اجالتهم‪ ،‬بدا بيير فيكتور غاضبًا ج ًّدا‪،‬‬ ‫ثُم دعانا إلى إكمال الجلسة‪ ،‬وأ ْعلَن ‪ -‬كما لو كان‬ ‫أح��د أعضاء مجلس ال ُّش��يوخ الرُّ وماني ‪“ :-‬غدًا‬ ‫س��يتح َّد ُ‬ ‫ث إليكم سارتر”! فاستبشر الجميع‪ ،‬وبتنا‬ ‫ق حديث سارتر!‬ ‫ننتظر بشو ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ت‪،‬‬ ‫وجاء‬ ‫حديث س��ارتر المنتظَر‪ ،‬وي��ا لَ ْيتَه لَم يأ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ت مطبوع ٍة على‬ ‫إذ كان َحديث��ه عبارةً عن كلم��ا ٍ‬ ‫ورقتَيْ��ن‪ ،‬مجم��ل م��ا فيهم��ا‪) :‬أو ُّد التذكي َر بأني‬ ‫أتح َّد ُ‬ ‫ث هنا عن ش��يء حدَث قبل عش��رين عا ًما(‬ ‫َ‬ ‫ب سطحي‬ ‫ظل يمتد ُح شجاعة أنور السادات بأسلو ٍ‬ ‫مبت َذ ٍل‪ ،‬وال أتذ َّك ُر أنه قال ش��يئًا عن الفِلَسطينيين‪،‬‬ ‫أرضهم والماضي المأس��اوي‪ ،‬كذلك لَم‬ ‫وال عن‬ ‫ِ‬ ‫يش��رْ‬ ‫االس��تعمار االس��تيطاني اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جوان��ب ع َّدة ما فعل��ه االحتال ُل‬ ‫في‬ ‫ُش��به‬ ‫ي‬ ‫ال��ذي‬ ‫َ‬ ‫الفرنسي بالجزائر!‬ ‫ُ‬ ‫حديث سارتر أشبه ب َخبَ ٍر تبثُّه إذاعةُ رويترز‬ ‫كان‬ ‫اإلخباريَّ��ة‪ ،‬فل��م ينطق بكلم��ة من عن��ده‪ ،‬فكان‬ ‫واضحً��ا َّ‬ ‫أن فيكتور ه��و َمن كتب النَّ��صَّ ؛ لينق َذ‬ ‫ِ‬ ‫اإلذعان‬ ‫د‬ ‫شدي‬ ‫سارتر‬ ‫وبدا‬ ‫الورطة‪،‬‬ ‫من‬ ‫س��ارتر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫له!‬ ‫ُ‬ ‫اكتشفت َّ‬ ‫أن ذلك المف ِّكر البطل‬ ‫فقدت األمل عندما‬ ‫تابع لرجعي كـ‬ ‫تحوَّل في سنواته األخيرة إلى ٍ‬ ‫فيكتور‪َّ ،‬‬ ‫وأن ال ُمدافِ َع السَّابق عن المضطهدين لَم‬ ‫بشأن القضيَّة الفلسطينيَّة أكثر‬ ‫ًا‬ ‫د‬ ‫جدي‬ ‫يضف شيئًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المديح الصَّحفي للزعي��م المصري ال ُمحتفى‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫به ف��ي الغرب‪ ،‬وبعدما أنهى خطابَه الملَقَّن رجع‬ ‫ُ‬ ‫س��ارتر لصمتِه‪ ،‬واس��تُؤنِفت النِّ‬ ‫قاشات كما كانت‬ ‫في السَّابق من قبل المدير فيكتور‪.‬‬ ‫حينه��ا جاء في مخيلتي قص��ة كنت قرأتها ‪ -‬وال‬ ‫ْ‬ ‫حدث��ت منذ عش��رين عا ًما‪،‬‬ ‫أث��ق ف��ي صحتِها ‪-‬‬ ‫تقولُ‪َّ :‬‬ ‫إن س��ارتر س��افر إلى روما للق��اء فرانز‬ ‫ُ‬ ‫بم��رض اللوكيميا ‪ -‬وألقى‬ ‫وفي‬ ‫ت‬ ‫ال��ذي‬ ‫‬‫فان��ون‬ ‫ِ‬ ‫خطبةً‬ ‫بشأن المأساة في الجزائر‪ ،‬قيل‪ :‬بأنها‬ ‫عليه‬ ‫ِ‬ ‫متواصلة‪ ،‬إل��ى ْ‬ ‫أن تد َّخلت‬ ‫س��اعة‬ ‫‪16‬‬ ‫َّت‬ ‫ر‬ ‫اس��تم‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫وطلب��ت منه التوقُّف‪ ،‬ولوال‬ ‫س��يمون دي بوفوار‬ ‫تدخلها لظل مستم ًّرا في خطابة‪.‬‬ ‫فقلت في نفس��ي‪ :‬فأين هذا من ذاك‪ ،‬سارتر اليوم‬ ‫لم يع ْد له وجود‪.‬‬ ‫شر ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حلقات النِّقاش‪ ،‬وتَ َّم تعديل‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫بعد ع َّد ِة شهور ِ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫مداخَلة س��ارتر لتُصْ بِ َح أق َّل ِحدة وأكثر ِكيَا َس��ة‪،‬‬ ‫لَم أس��تط ْع تخيُّل الس��بب الذي َدفَ َعهُم لفِع ِْل ذلك‪،‬‬ ‫باإلضاف ِة إلى أنِّي لَم أحاولْ معرفةَ السَّبب! وعلى‬ ‫الرَّغم من أني أحتفظُ بنس��خ ٍة من ذلك العدد الذي‬ ‫ظه��رت فيه جمي ُع مش��اركاتنا‪ ،‬فإني لَم أس��تط ْع‬ ‫إعادةَ قِراءة م��ا ُكتب‪ ،‬عدا بعض المقاطع‪ ،‬فكان‬ ‫العدد سطحيًّا‪ ،‬وال جدوى منه على اإلطالق‪ ،‬كم‬ ‫كن��ت أتمن��ى أن أذهب إلى باريس ألس��تمع إلى‬

‫‪21‬‬

‫بنفس الروح الت��ي ذهَب بها إلى‬ ‫كلمات س��ارتر‬ ‫ِ‬ ‫مص�� َر حينما ُد ِعي إليه��ا‪ ،‬ليلتقِ�� َي ويتحادَث مع‬ ‫ْ‬ ‫نفسها!‬ ‫المثقفين العرب‪ ،‬والتي‬ ‫انتهت إلى النتيج ِة ِ‬ ‫وعلى أي حال فبعد هذا اللقاء أس��تطيع أن أقول‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫تغيرت ‪ -‬إن لَ��م أقل‪ :‬تلطَّخت ‪-‬‬ ‫إن نظرت��ي إليه‬ ‫بحضور الوس��يط غي��ر المحب��وب المدعو بيير‬ ‫ِ‬ ‫فيكت��ور‪ ،‬وال��ذي اختفى بعد هذا اللق��اء في عالَم‬ ‫النس��يان الذي يس��تحقُّه‪ ،‬فقد كنت حينها أشبهه بـ‬ ‫فابريس‪ ،‬عندما كان يتطلَّ ُع لنتائج معركة واترلو‬ ‫الفاشلة والمخيِّبة لآلمال‪.‬‬ ‫هناك َمسألةٌ أخرى تجدُر اإلشارة إليها هنا‪ ،‬وهي‬ ‫ُ‬ ‫ش��اهدت جز ًءا من البرنامج‬ ‫أنه منذ عدة أس��ابيع‬ ‫الحواري األس��بوعي “حس��اء الثَّقافة ” �‪Bouil‬‬ ‫‪ lon de culture‬ال��ذي يق ِّد ُم��ه بيرن��ار بيف��و‪،‬‬ ‫والذي يُع َرض على التلفزيون الفرنس��ي‪ ،‬ويُذاع‬ ‫في أمريكا بعد فتر ٍة قصيرة‪ ،‬كانت الحلقةُ تتناو ُل‬ ‫إعادةَ تأهيل س��ارتر بطريق��ة متدرِّ جة؛ لمواجه ِة‬ ‫النقد المس��تمر لخطاياه السياس��ية التي ارتكبها‪،‬‬ ‫وكان برن��ارد هن��ري ليفي ‪ -‬ال��ذي يختلفُ عن‬ ‫س��ارتر في العقليَّة وال َّش��جاعة السياسيَّة ُمشار ًكا‬ ‫ف��ي تلك الحلقة ‪ -‬ي��روَّج بطريق ٍة مملَّة لدراس��تِه‬ ‫الت��ي يط��ري فيها الفيلس��وفَ العجوز س��ارتر‪،‬‬ ‫وأعت��رفُ أني لَم أقرأها وال أنوي فع َل ذلك قريبًا‬ ‫ وقد ذكر هنري ليفي َّ‬‫أن سارتر ليس سيئًا للغاي ِة‬ ‫كم��ا يُظن عنه‪َّ ،‬‬ ‫بع��ض المميزات التي‬ ‫وأن لديه‬ ‫َ‬ ‫تجعله محبوبًا‪ ،‬باإلضاف ِة إلى سياس��ته التي تتَّ ِس ُم‬ ‫باإليجابيَّة‪.‬‬ ‫ث ليف��ي إيجا َد توا ُز ٍن للنَّق ِد‬ ‫حدي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫كان‬ ‫الغرضُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بش��أن موقف��ه اإليجابي‬ ‫الموجَّ��ه إل��ى س��ارتر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫م��ن ال ُّش��يوعيَّة‪ ،‬والذي انتُقِد بش��أنه نق��دًا مثيرًا‬ ‫لالش��مئزاز من قِبَل بول جونس��ون‪ ،‬فجلس ليفي‬ ‫ِ‬ ‫“س��جلُّ‬ ‫ف��ي حلقته يك��رِّ ر أنش��ودتَه التي تقول‪ِ :‬‬ ‫سارتر حول إس��رائيل كان ممتا ًزا ج ًّدا؛ حيث لم‬ ‫يتراجع أبدًا‪ ،‬وبقي مساندًا للدول ِة اليهوديَّة”‪.‬‬ ‫بالفِعْ��ل ف��إن س��ارتر بق��ي ثابتًا عل��ى مبدئه في‬ ‫تأيي��ده للصِّ ْهيَوْ نيَّة‪ ،‬وقد تعو ُد هذه األس��بابُ إلى‬ ‫خوفِ��ه من ُّ‬ ‫مظهر المعادي للس��اميَّة‪،‬‬ ‫الظهور في‬ ‫ِ‬ ‫أو ألن��ه يش��ع ُر بالذن��ب تج��اه المحرق��ة النازية‬ ‫“الهولوكوست”‪ ،‬أو ألنه ال يعتق ُد َّ‬ ‫أن الفلسطينيين‬ ‫لق��ب الضَّحاي��ا والمقاتلي��ن ضد ظلم‬ ‫يس��تحقُّون‬ ‫َ‬ ‫إس��رائيل‪ .‬المه��م أن جل ما أعرفه عن س��ارتر‪:‬‬ ‫أنه رج ٌل عجوز‪ ،‬يبدو تما ًما كما كان في ش��بابه؛‬ ‫ش��خصية مخيبة لكلِّ العرب ‪ -‬عدا الجزائريين ‪-‬‬ ‫الذين كانوا يكنون له التقدير!‬ ‫إذا ما قارنَّا بين برتراند راسل وسارتر‪ ،‬فال ش َّ‬ ‫ك‬ ‫أن برتراند راس��ل كان أفض َل من سارتر كثيرًا؛‬ ‫إذ كان ف��ي أعوا ِم��ه األخيرة ‪ -‬عل��ى الرَّغم من‬ ‫أنه كان منس��اقًا كليًّا لزميلي السَّ��ابق في جامعة‬ ‫برنستون وصديقي في أحد األيام رالف شونمان‬ ‫ يجهر برفض سياسات إسرائيل تجاه العرب!‬‫ب التي تجع ُل‬ ‫أعتق ُد أننا نحتا ُج إلى دراس��ة األسبا ِ‬ ‫الرِّ جال العظماء المتقدِّمين في السنِّ تابعين للجيل‬ ‫األصغر منهم‪ ،‬أو االنصياع وسيطرة فكرة غير‬ ‫قابل��ة للتعديل‪ ،‬فه��ذا صدقًا مخيِّ��بٌ لآلمال‪ ،‬لكن‬ ‫لألسف هذا ما حدَث مع س��ارتر‪ ،‬طبعًا باستثناء‬ ‫الحال ِة الجزائريَّة!‬ ‫فالقضيَّ��ة العربيَّة ال تثي�� ُر فيه أ َّ‬ ‫ي اهتمام‪ ،‬خاصَّة‬ ‫إن كان الس��بب ه��و إس��رائيل‪ ،‬فهو فاقِ�� ٌد للحسِّ‬ ‫العاطف��ي‪ ،‬وبمعن��ى أوض��ح‪ :‬عاطفتُ��ه دو ًم��ا‬ ‫تجاه إس��رائيل! ه��ذا على عكس صديق��ه ومثلِه‬ ‫ب‬ ‫األعلى ج��ان جينيه‪ ،‬الذي احتفَ�� َل بحبِّه الغري ِ‬ ‫للفِلَسْ��طينيين خالل رحل ٍة مطوَّلة ق��ام بها إليهم‪،‬‬ ‫وعبر كتابَيْه المميزين‪“ :‬أربع ساعات في صبرا‬ ‫وشاتيال”‪ ،‬واآلخر‪“ :‬أسير عاشق”‪.‬‬ ‫وبال َّر ْغ��م ِم��ن هذا فبعد س��ن ٍة من لقائن��ا القصير‬ ‫ُ‬ ‫تأثرت ج ًّدا لوفاته‪.‬‬ ‫والمحبط في باريس‪،‬‬


‫‪22‬‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫ميادين الفن ‪ .................‬مخيس مبارك‬

‫مهرجان بنغازي للفنون‬ ‫بدأت فعاليات مهرجان بنغازي للفنون على‬ ‫خشبة المس��رح الحديث بشارع بيروت في‬ ‫بنغازي يوم الثالث��اء ‪ 27‬مارس ‪ 2012‬م‬ ‫تكريم الفنان عبدالفتاح الوسيع‬ ‫وهو في نفس الوقت اليوم العالمي للمسرح‬ ‫‪ ..‬حي��ث ب��دأ االفتتاح بكلمة الي��وم العالمي‬ ‫كلمة املسرح العاملي يلقيها الفنان حممد الشوبكي ‪ ..‬وكلمة‬ ‫للمس��رح الت��ي كتبها هذا العام المس��رحي‬ ‫املسرح اللييب يكتبها ويلقيها الفنان حممد الفزاني‬ ‫والسينمائي أألمريكي ( جون مالكوفيتش )‬ ‫ويعتب��ر هذا العام هو العيد الخمس��ين لليوم‬ ‫العالمي للمسرح وقد ألقى هذه الكلمة الفنان االفتتاح وهي مسرحية ( شروق ) للمسرح بحضور كاتبها ومخرجها سليمان الدينالي‬ ‫محمد الشوبكي ‪ ..‬تليها كانت كلمة المسرح الجوال وه��ي من تأليف واخراج س��ليمان •الي��وم الثاني للمهرجان وهو يوم االربعاء‬ ‫الليب��ي والت��ي أعدها وألقاه��ا الفنان محمد الدينالي وتمثيل س��ليمان الدينالي وعائش��ة الماض��ي كان ع��رض لمس��رحية ( حمل‬ ‫الفزان��ي ‪ ..‬ثم كلمة نقاب��ة الفنانين ببنغازي العبي��دي والطفلة ش��روق مع مجموعة من الجماع��ة ري��ش ) فرق��ة مس��رح الطف��ل‬ ‫قدمها نقيب الفنانين ال ُمكلف وداوي اشتيوي الش��باب ‪ ..‬بعد العرض مباش��رةً قدم الناقد والعرائس ببنغ��ازي وهي من تأليف محمد‬ ‫‪ ..‬وس��وف تس��تمر فعاليات هذا المهرجان الصحف��ي والمخ��رج المس��رحي المغربي العق��وري واخراج عالء أألُجل��ي ‪ ..‬تمثيل‬ ‫الى يوم الثالثاء الموافق ‪ 3‬أبريل ‪ 2012‬م ‪ /‬ع��زاوي ب��ن يحي ورقة بعن��وان ( رؤية نجاة عطية – مراد العرفي – علي االوجلي‬ ‫•ف��ي مهرجان بنغازي للفن��ون هذا العام تم استبصارية في عالم االخراج المسرحي ) ‪ ..‬وبعد العرض مباش��رةً أُقيمت ندوة حول‬ ‫تكري��م الفنان واالعالم��ي القدير عبدالفتاح •في نهاية حفل اليوم أألول أدار الكاتب سعد المسرحية‬ ‫الوس��يع ‪ ..‬عقب ذلك بدأ عرض مس��رحية العريب��ي ندوة حول مس��رحية ( ش��روق ) •الي��وم الثالث ‪ ..‬الخمي��س الماضي قدمت‬

‫يف اليوم العاملي للمسرح يبدأ املهرجان املسرحي ببنعازي‬

‫الرجل املُكرم يف سطور‬

‫من سيفوز بدور شيخ الشهداء‬ ‫عمر الشريف أم جمدي كامل ؟‬ ‫ق��رر قط��اع االنت��اج‬ ‫باتح��اد االذاع��ة والتلفزي��ون‬ ‫المص��ري تخصي��ص ميزاني��ه‬ ‫ضخم��ه ألنت��اج مسلس��ل‬ ‫تلفزيون��ي ع��ن ش��يخ الش��هداء‬ ‫عم��ر المخت��ار ‪ ..‬مك��ون م��ن‬ ‫ثالثين حلقه م��دة الحلقه الواحده‬ ‫س��اعه كامله ‪ ..‬وسوف يستغرق‬ ‫‪..‬‬ ‫تصوير هذا المسلسل ‪ 20‬شهرا‬ ‫وم��ن المحتم��ل ان يقوم باخراج هذا المسلس��ل اكثر م��ن مخرج ‪ ..‬احدهم للمع��ارك الحربيه ‪,,‬‬ ‫ومخ��رج للجوان��ب االجتماعيه ‪ ..‬وأخ��ر لألحداث السياس��يه ‪ ..‬ومخرج ايطالي لمش��اهد اللغه‬ ‫االيطاليه ‪ ..‬حيث ان المسلسل ينقسم الى جانبين هناك جانب باللغه االيطاليه وأخر باللغه العربيه‬ ‫‪ ..‬ايضا ً لم يتم االستقرار عن من سيلعب دور ( عمر المختار ) بين المرشحين للعب الدور وهما‬ ‫الفنان عمر الشريف والفنان مجدي كامل‬

‫مسرحية ( زنقه زنقه ) من جديد يف بريوت‬ ‫•مس��رحية ( زنق��ه زنقه ) التي س��بق عرضها في‬ ‫بي��روت بلبن��ان م��ع بداي��ة ث��ورة ‪ 17‬فبراير قبل‬ ‫م��وت الطاغي��ه وقبل تحري��ر العاصم��ه الليبيه ‪..‬‬ ‫وهي مس��رحيه لبنانيه قام بتاليفها واخراجها الفنان‬ ‫اللبنان��ي قاس��م اس��طنبولي وه��و الذي ق��ام بدور‬ ‫الطاغيه ‪ ..‬كما قامت الفنانات جوس��لين الصيداوي‬ ‫و نانس��ي الحدي��دي ورندا س��عد وكارول القاس��م‬ ‫بأدوار حارس��ات معمر ‪ ..‬وحاليا ً يقوم الفنان قاسم‬ ‫اس��طنبولي بعروض الجزء الثاني لهذه المسرحية‬ ‫وفيه��ا يق��وم بتمثيل ش��خصيات ( معمر وحس��ني‬ ‫مب��ارك وبن عل��ي وعلي عبدهللا صالح وأألس��د )‬ ‫حيث مستمرة عروض هذه المسرحيه على مسرح‬ ‫كازينو لبنان ببيروت ‪ ..‬وتشهد اقباالً شديداً من قبل‬ ‫الجمهور اللبناني والسياح‬ ‫‪ ...‬يقول الفنان قاس��م اسطنبولي ‪ :‬ليس الهدف تقليد‬ ‫معمر القذافي ‪ ..‬بل هو تقديم نموذج لطاغية يحاول‬ ‫بكل الوسائل والس��بل الحفاظ على حكمه لشعب ال‬ ‫يري��ده ‪ ..‬بل جاء بجي��وش مرتزقه أجانب ليحارب‬

‫فرقة أصدقاء المس��رح باجدابيا مسرحية (‬ ‫بوشفشوفة ) تأليف س��الم بووذن – اخراج‬ ‫ع��ادل بوش��هبة ‪ ..‬أُقيم��ت الن��دوة عق��ب‬ ‫المسرحية‬ ‫•الي��وم الراب��ع ‪ ..‬الجمع��ة فرق��ة منت��دى‬ ‫المتحدين ومسرحية ( أختناق ) تأليف علي‬ ‫الجهاني واخراج خليل الجهاني‬ ‫•اليوم الخامس ‪ ..‬السبت فرقة بنغازي الفن‬ ‫ومسرحية ( عسل وبصل ) تأليف واخراج‬ ‫محمد العقوري‬ ‫•اليوم الس��ادس ‪ ..‬أألحد تقدم فرقة بنغازي‬ ‫للفنون مسرحية ( تشنج ) من اخراج جمعة‬ ‫أشتيوي‬ ‫•اليوم الس��ابع ‪ ..‬أألثنين ستقدم فرقة الربيع‬ ‫المسرحية ‪ ..‬مسرحية ( فزعة وطن ) تأليف‬ ‫علي الساحلي واخراج اشرف الزائدي‬

‫ش��عبه حتى يبيد تس��عين بالمئه ‪ ..‬ويحكم العش��رة‬ ‫بالمئه الباقين ‪ ..‬هذه هي فكرة المسرحية في الجزء‬ ‫أألول ‪ ..‬أما في الجزء الثاني فقد أضفنا شخصيات‬ ‫الراحلين عن كراسي الحكم‬

‫عبدالفتاح الوسيع‬ ‫االسم ‪ /‬عبدالفتاح سالم الوسيع‬‫ولد بمدينة بنغازي‬‫ممث��ل ومخرج مس��رحي واذاعي الى جانب‬‫انه مذيع اذاعي وتلفزيوني‬ ‫تحصل على شهادة بكالوريوس في االقتصاد‬‫والعلوم السياسية‬ ‫ش��ارك ف��ي الجامع��ة الليبي��ة بالتمثي��ل ف��ي‬‫مس��رحية ( عم��ر المخت��ار ) ومس��رحية (‬ ‫الطبيب والمحامي ) كما أنضم الى فرقة كانت‬ ‫تقدم المس��رحيات االجنبية فشارك من خاللها‬ ‫ف��ي مجموع��ة مس��رحيات منه��ا ( عطيل –‬ ‫اندروكلي��س – الليلة نرتج��ل التمثيل – الملكة‬ ‫والعصاه – السيد – سيزيف والموت – البطل‬ ‫‪ .....‬وغيرها )‬ ‫انض��م للمس��رح الوطن��ي ببنغ��ازي كممثل‬‫ومخرج فقدم معها المسرحيات التالية ( تداخل‬ ‫الحكاي��ات عند غي��اب ال��راوي – اخراج ) (‬ ‫الشمس تشرق على الجميع – ممثل ) ( القاعدة‬ ‫واالستثناء – ممثل ) (زيارة السيدة العجوز –‬ ‫ممثل ) ( المركب – راوي )‬

‫قدم مجموعة من البرامج الوثائقية للتلفزيون‬‫منه��ا ( الحرب العظمى – الح��رب الجوية –‬ ‫العال��م في الحرب – كي ال ننس��ى – الش��عب‬ ‫المس��لح – ح��رب المدن – ح��رب الغابات –‬ ‫الحرب االلكترونية – الحرب الكيميائية )‬ ‫شارك بالتمثيل في فيلم ( الرسالة ) ‪ ..‬كما قام‬‫بالتعليق في فيلم ( عمر المختار )‬

‫النجم املصري حممد سعد جيسد شخصية معمر القذايف بشكل ساخر جداً‬ ‫قط��اع االنت��اج باتح��اد االذاع��ة‬ ‫والتلفزي��ون المص��ري ق��رر انتاج‬ ‫مسلس��ل تلفزيون��ي س��اخر ع��ن‬ ‫ش��خصية الطاغية معم��ر القذافي ‪..‬‬ ‫وس��وف يركز على الجانب النفسي‬ ‫وتصرفات��ه ال�لأ معقول��ه والتي ال‬ ‫تصدر اال ع��ن متخلف عقليا ً ‪ ..‬مثل‬ ‫قول��ه ( لق��د أس��تلفت ثم��ن أضحية‬ ‫عيد االضحى من جل��ود ) ‪ ..‬وقوله‬ ‫( ان دول��ة بوليفي��ا أص��ل تس��ميتها‬

‫بهذا االس��م هو ان رجل عربي كان‬ ‫يقوم ببيع الليف ف��ي تلك المنطقة ‪..‬‬ ‫‪,‬المشترين كانوا ينادونه ‪ ..‬يابوليفة‬ ‫‪ ..‬يابوليف��ة ‪ ..‬حت��ى اصبح اس��مها‬ ‫بوليفي��ا ) ‪ ..‬وقول��ه ( ب��اراك اوباما‬ ‫‪ ..‬من أصل عربي واس��مه الحقيقي‬ ‫بركة حس��ين بوعمامة ) ‪ ..‬وقوله (‬ ‫حسني مبارك هو من أصل ليبي ) ‪..‬‬ ‫وقوله ( شكسبير هو من اصل عربي‬ ‫وأسمه ش��يخ زبير ) ‪ ..‬وغيرها من‬

‫المبالغات الغريبة ‪ ..‬المسلسل يحمل‬ ‫عنوان مؤقت وه��و ( ُمدمر ) يضع‬ ‫له السيناريو والحوار سامي الجندي‬ ‫وقد تم ترش��يح النجم محمد سعد من‬ ‫قبل قطاع االنتاج ‪ ..‬أما المخرج فلم‬ ‫يتم أخي��اره بين الثالثة المرش��حين‬ ‫ألن الثالث��ة كل منه��م مش��غول‬ ‫بمسلس��ل لش��هر رمضان الق��ادم ‪.‬‬


‫ميادين الرياضة‬

‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬ ‫أمحد بشون‬

‫دورة اجلالء الثانية عام ‪1971‬م يف ليبيا‬ ‫فتحى على الساحلى‬ ‫ف��ي ال��دورة األول��ى ف��از المنتخ��ب‬ ‫الس��وداني بالبطولة وج��اء منتخب ليبيا “‬ ‫أ “ في المرك��ز الثاني ‪ ،‬وفى العام الثاني‬ ‫الذي ت�لاه ‪1971‬م أقيمت ال��دورة مجددا‬ ‫وش��اركت فيها منتخبات كل من السودان‬ ‫ومص��ر وفلس��طين وس��وريا إضافة إلى‬ ‫منتخب القوات المس��لحة الليبية ومنتخبان‬

‫م��ن بينهم حس��ن المه��دوب وعبدالرازق‬ ‫المحج��وب وعثم��ان عبدالوكي��ل حارس‬ ‫فريق المروج ‪ ،‬فذهبت إلى المدرب وقلت‬ ‫له هذا اليعقل الن من بينهم العبين جيدين‬ ‫ولكن��ه غضب منى وبدأت بيننا المش��اكل‬ ‫وعند زيارة عبدالعاطى العبيدى المعسكر‬ ‫ولقائ��ه المنتخب طلبت منه أن يبقى عليهم‬

‫وقال له بانى ‪ :‬بأنه لعب عام ‪1969‬م وهذا‬ ‫يؤكد ترأس��ي الفريق كاقدمي��ة وهذا ما لم‬ ‫يعجب المدرب العنص��ري فكيف يترأس‬ ‫الفريق العب من بنغازي ! ‪.‬‬ ‫وه��ذا الص��راع عل��ى رئاس��ة فري��ق‬ ‫المنتخب بدأت منذ الدورة العربية األولى‬ ‫عام ‪1953‬م بين الش��هير اتعولة ومسعود‬ ‫الزنتوتى وكان حس��ن األمير احد العبي‬ ‫المنتخب في تلك الدورة ‪.‬‬ ‫ف��ي المب��اراة األولى الت��ي كانت ضد‬ ‫فري��ق فلس��طين ل��م يجعلني أش��ارك منذ‬ ‫بداية المباراة كي ال أكون رئيس��ا للفريق‬ ‫وسلمت ش��ارة الفريق لالعب محمد بانى‬ ‫العب فريق الوحدة وفى هذه المباراة فزنا‬ ‫بنتيج��ة ثالثة أهداف لواح��د ‪ ،‬أما المباراة‬ ‫الثاني��ة الت��ي كانت ضد القوات المس��لحة‬ ‫تعادلن��ا بهدف لهدف وف��ى المباراة الثالثة‬ ‫كذل��ك كان التعادل س��يد الموق��ف ثم في‬ ‫المب��اراة الرابع��ة تفوقن��ا عل��ى المنتخب‬ ‫المص��ري الق��وى بنتيج��ة ثالث��ة أهداف‬ ‫لهدفين وهى الم��رة الثانية التي نفوز فيها‬ ‫عل��ى المنتخب المص��ري وبذل��ك تأهلنا‬ ‫للمب��اراة النهائية على كاس بطولة الجالء‬ ‫الثاني��ة مع المنتخ��ب الس��وداني وانتهت‬ ‫المباراة بالتع��ادل واحتكمنا إلى ضربات‬ ‫الج��زاء الترجيحي��ة حيث ف��از المنتخب‬ ‫الس��وداني بخمس��ة أهداف مقاب��ل أربعة‬ ‫وبذلك احتفظ المنتخب الس��وداني بالكأس‬ ‫في البطولتين ‪ .‬وعلى الحب نلتقي ‪.‬‬

‫من ليبيا وهما “ أ – ب “‬ ‫اس��ندت مهمة تدريب “ أ “ الذي يلعب‬ ‫في مدينة بنغ��ازي إلى المدرب المصري‬ ‫القدي��ر عل��ى ش��رف م��درب الزمال��ك‬ ‫وقب��ل المب��اراة األول��ى اس��تدعاني‬ ‫والتح��دي الليبي ‪ ،‬أما منتخ��ب ليبيا “ ب المدرب أنا ومحمد بانى وسألنا أيكما أقدم‬ ‫“ الذي يلعب بمدينة طرابلس فقد اس��ندت ف��ي المنتخ��ب ؟ فقلت له أن��ا لعبت ضمن‬ ‫مهم��ة تدريب��ه إلى حس��ن األمي��ر ‪ ،‬وفى منتخب المحافظات الش��رقية عام ‪1967‬م‬ ‫أثن��اء وجودنا في المعس��كر ببنغازي قال‬ ‫لي المدرب على ش��رف ‪ :‬باننى س��أكون‬ ‫جي��دا إذ م��ا لعب��ت في وس��ط الملعب مع‬ ‫يونس راش��د إذ أننا سنش��كل ثنائي وسط‬ ‫رائ��ع ألن��ه الع��ب دكاك ومقات��ل ويجيد‬ ‫لي��س من العدل أو من اإلنصاف عند ‪ 11- .‬المرح��وم عل��ى االش��هب‪12- .‬‬ ‫استخالص الكرة من الخصم وسيكون من‬ ‫كتابة تاريخ االهلى في المرحلة الثانية بعد المرحوم احمد الجعيدى ‪ 13- .‬الحاج خالد‬ ‫واجباته كسر هجمات الخصم وأنا سألعب‬ ‫النصف األول للخمس��ينات أال يش��ار إلى الغناى ‪.‬‬ ‫دور صان��ع األلع��اب وبذلك س��يكمل كل‬ ‫هذا الفريق الذي كان اللتحاق خمس��ة من‬ ‫منكما األخر ف��ي البداية اقتنع��ت بالفكرة‬ ‫العبي��ه لالهل��ى نقطة تحول حاس��مة فى‬ ‫التي راع��ى هذا المدرب الجي��د النواحي‬ ‫التركيبي��ة والنفس��ية واألخوي��ة ولعبن��ا مس��يرته بعد الظروف التي مر بها االهلى‬ ‫ف��ي الموس��م الرياض��ي ‪، 1956/1957‬‬ ‫مباري��ات ودي��ة كان األداء فيها أكثر من‬ ‫سيتم اإلش��ارة بالتفصيل إلى هذه المرحلة‬ ‫جيد ولكن طموحي الكروي كان اكبر من‬ ‫الحقا بإذن هللا ‪.‬‬ ‫ذلك فقد كنت اعتقد بأنه س��تتاح لي فرصة‬ ‫اكب��ر من ذلك فقد كنت اعتقد بأنه س��تتاح الالعبون من اليمين ‪:‬‬ ‫لي فرصة اكبر في طرابلس خاصة وأنى ‪ 1-‬المرح��وم على غرور ( ادارى الفريق‬ ‫) ‪ 2-‬احم��د بش��ون ( رئيس الفريق ) ‪3- .‬‬ ‫اكبر الالعبين هناك ولم أضع في الحسبان‬ ‫احم��د المصل��ى ‪ 4- .‬المرحوم السنوس��ى‬ ‫بانن��ى س��أتعامل مع مدرب لديه مس��احة‬ ‫الحداد ‪.‬‬ ‫كبيرة من اإلقليمية والجهوية والعنصرية‬ ‫‪ 5‬رمضان بوخي��ط ‪ 6- .‬المرحوم فتحي‬‫‪ ،‬وذهبن إلى طرابلس أنا ويوسف إبراهيم‬ ‫النخ��اط ‪ 7-.‬احمد الكاديكى ‪ 8- .‬المرحوم‬ ‫ومحم��د الخراز وعلى بوش��عالة وآخرين‬ ‫وف��ى مباري��ات التصفي��ة ف��ي طرابل��س حس��ين المقوب ‪ 9- .‬المرحوم عبدالس�لام‬ ‫اجويل��ى ‪ 10- .‬المرح��وم احمد االش��هب‬ ‫استبعد المدرب س��تة العبين من بنغازي‬ ‫ليشاهدوا الدورة ولكن عزة النفس عندهم‬ ‫دعتهم إلى العودة إلى بنغازي ‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫كلمـة العـدد‪..‬‬ ‫عندم��ا كتبن��ا أكثر م��ن م��رة ‪ ..‬وطالبنا عدة‬ ‫م��رات بض��رورة إع��ادة اختصاص��ات وزارة‬ ‫الشباب والرياضة لها والتي سلبت منها في العهد‬ ‫المنهار بغرض هيمنة اللجنة االولمبية برئاس��ة (‬ ‫الدكت��ور الهارب ) كان هدفنا ينطلق من الحرص‬ ‫على أن تسير األمور في طريقها الصحيح والذي‬ ‫تتفرغ فيه اللجنة االولمبية لمهامها وتباشر وزارة‬ ‫الش��باب والرياضة مس��ؤوليتها ‪ ..‬ه��ذه الوزارة‬ ‫الجدي��دة أعن��ى وزارة الش��باب والرياضة والتي‬ ‫ناش��دناها بضرورة اإلس��راع ألنها تسابق الزمن‬ ‫الن عم��ر الحكومة المؤقتة قد اليمكنها من انجاز‬ ‫كثي��ر م��ن المهام الت��ي تنتظره��ا أالن نعود مرة‬ ‫أخ��رى بعد أن أعي��د لها اختصاصه��ا بمطالبتها‬ ‫بس��رعة العم��ل عل��ى إع��ادة صياغ��ة اللوائ��ح‬ ‫المنظمة لالتحادات الرياضية واألندية الرياضية‬ ‫وتنقيته��ا مما ش��ابها من تصور م��ن خالل مواد‬ ‫تكرس س��لطة الفرد وتتي��ح الفرصة لكل من هب‬ ‫ودب للقف��ز ف��ي مقدمة الصفوف والمؤس��ف انه‬ ‫حت��ى عندما توض��ع نصوص تتضمن ش��روطا‬ ‫وضوابط��ا اليتم احترامها أو تطبيقها ‪ ،‬إننا نعيش‬ ‫مرحلة هامة وحاس��مة من خالل ثورة ( عمدها )‬ ‫الدم وفجرها أرواح الشهداء ‪.‬‬ ‫إن الح��رص عل��ى بن��اء األندي��ة الرياضي��ة‬ ‫واختي��ار قي��ادات صالح��ة ش��بابية وذات كفاءة‬ ‫ومصداقية تحب بالدها وتضحي من اجلها التتاح‬ ‫فيه��ا الفرصة ( لألزالم ) وال المتس��لقين الدخالء‬ ‫على الرياضة هو السبيل الذي سيؤدى إلى إفراز‬ ‫قي��ادات لالتح��ادات الرياضية الفرعي��ة ومن ثم‬ ‫االتحادات العامة ثم قي��ادات اللجنة االولمبية من‬ ‫رجال يس��تطيعون تعويض ه��ذا الوطن عن فترة‬ ‫مؤلم��ة ‪ ،‬تجس��د فيها الفس��اد والس��يطرة وعبادة‬ ‫األفراد ويعيد للرياض��ة مكانتها ويحقق األهداف‬ ‫السامية التي تبنى اإلنسان وتزرع األلفة والمحبة‬ ‫‪ !..‬إن وزارة الشباب والرياضة على المحك أالن‬ ‫مع دعواتنا لها بالتوفيق والنجاح ‪.‬‬

‫أرشيف فريق التحرير‪..‬‬ ‫رح��م هللا من غادر هذه الدنيا الفانية‬ ‫ومتع األحياء بالصحة والعافية ‪.‬‬


‫شركة سرت إلنتاج وتصنيع النفط والغاز‬ ‫السنة الثانية العدد ‪ 3 ( 47-‬أبريل ‪)2012‬‬

‫تعلن إدارة ش���ركة سرت إلنتاج وتصنيع النفط والغاز إلى جميع مستخدميها الذين لم يلتحقوا بالعمل‬ ‫حتى تاريخه‪،‬ضرورة الحضور الى مقر العمل‪ ،‬واالتصال باالدرات التابعين لها‪ ،‬وتعبئة النموذج المعد‬ ‫لهذا الغرض‪،‬وذلك إعتبارا من يوم ‪2012 / 4 / 1‬م خالل ساعات الدوام الرسمى من الساعة ‪7، 30‬‬ ‫صباحا إلى الساعة ‪ 15، 00‬ظهرا ‪.‬‬ ‫نأمل من اإلدارات التعاون في تبليغ المستخدمين التابعين لهم بفحوى االعالن ‪ ،‬وان تتولي الوحدات‬ ‫االدارية باإلدرات توزيع النموذج المرفق على المستخدمين واستالمه منهم بعد استيفاء البيانات‪.‬‬ ‫والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬ ‫مراقب مكتب بنغازي‬

‫العدد‪ 27( 46‬مارس ‪2012‬م)‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.