العدد 7

Page 1

‫مؤرخ الناس‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫حممد الزواوي‬

‫السنة األولى‬

‫العدد السابع‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫الثمن ‪ :‬دينار‬

‫الطريق إىل نالوت‪.‬‬

‫الليبيون ‪ :‬سرقنا مصرفنا‪.‬‬

‫الشطرنج اجلماهريي‪.‬‬

‫جتميد األموال الليبية‪.‬‬


‫‪02‬‬ ‫مؤرخ الناس‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫حممد الزواوي‬

‫السنة األولى‬

‫العدد السابع‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫الثمن ‪ :‬دينار‬

‫دعوة ملحة لعقد مؤمتر وطين ‪..‬‬ ‫الطريق إىل نالوت‪.‬‬

‫الليبيون ‪ :‬سرقنا مصرفنا‪.‬‬

‫الشطرنج اجلماهريي‪.‬‬

‫جتميد األموال الليبية‪.‬‬

‫ميادين صحيفة ليبية متنوعة‬ ‫تصدر من بنغازي‬ ‫‪miadeenm@yahoo.com‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫أمحد الفيتو ري‬ ‫مدير التحرير‬ ‫سامل العوكلي‬ ‫سكرتري التحرير‬ ‫أمحد بللو‬ ‫مدير فين‬ ‫أمحد العرييب‬ ‫إشراف فين‬ ‫عمر جهان‬ ‫الغالف واللوحات الداخلية‬ ‫عادل جربوع‬

‫اآلن وليس غدا ‪.‬‬

‫نبدو اليوم وكأننا نحرر بالدنا من يد غاصب فاشي هو كما ذلك الغاصب الذي احتل‬ ‫البالد منذ قرن ‪ :‬أكتوبر ‪1911‬م ‪ .‬ونعيش هذه الحرب التي فرضت علينا وجزءا من‬ ‫البالد – لألسف – حتى اللحظة لم يشارك في مهمة التحرير هذه ‪ ،‬وهو ليس أي جزء‬ ‫بل كبرى المدن حتى بات جزءا من اإلعالم الغربي يدعو هذه الحرب بالحرب األهلية ‪.‬‬ ‫وفي هكذا خضم تتشتت الجهود بين ما تستدعيه الحرب وما تستدعيه السياسة ‪،‬‬ ‫خاصة مع الدور الدولي الذي يمثل الحيز الكبير في القضية الليبية ؛ الناتو الذي يقوم‬ ‫بالمهمة العسكرية ومجموعة االتصال التي تقوم بالمهمة السياسية ‪،‬جعال القضية‬ ‫الليبية تدار في الخارج ‪ ،‬وساهمت هكذا ظروف في جعل المجلس االنتقالي جملة‬ ‫وتفصيال ‪ :‬وزارة خارجية ‪.‬‬ ‫وجر هذا معه بعض المعنيين من الليبيين إلي إعطاء الدور الخارجي كل المهمة ؛‬ ‫حتى بات هؤالء وأولئك يعقدون الملتقيات القبلية !!! ‪ ..‬في الخليج وتركيا ثم روما ‪.‬‬ ‫زد علي ذلك اإلعالم الوطني الذي يسكن خارج الوطن ‪ ،‬وما تتناقله وسائل اإلعالم‬ ‫الخارجية من أخبارنا ‪ ،‬و ال حول و ال قوة لنا في إعالم وطني داخل البالد ‪.‬‬ ‫إضافة إلي حكومتنا الموقرة التي تتحدث معنا من وراء ستار الجزيرة ‪.‬‬ ‫ذلكم مقبول في األيام األولي ألسباب عدة معروفة ‪ ،‬لكن اآلن بعد ربع عام من عمر‬ ‫حرب التحرير ‪ ،‬وبعد ركود علي مستوى الجبهة العسكرية إلي حد بعيد ‪ ،‬ال بد من‬ ‫الحلحله ومن التعدي الالزم إلي تناول القضية الليبية بطرق مختلفة ومجدية أكثر من‬ ‫تناول المحللين والنشطين السياسيين وعن بعد ‪.‬‬ ‫ما تحقق من انجاز مبهر بجميع المقاييس ‪ ،‬لكن ما تحقق أصبح محلك سر علي‬ ‫مستوى ما بعد سقوط النظام ؛ و من لزوم ما يلزم اآلن وليس غدا هو ليبيا ما بعد‬ ‫سقوط النظام ‪ ،‬وهو األمر الذي يتهددنا في التو ويستلزم منا عقد مؤتمر وطني ‪.‬‬ ‫لقد وكدت كل المعطيات أنه ال بد أوال من استعادة الوطن من الخارج ‪ ،‬وأن تعود‬ ‫المعارضة من المنافي ‪ ،‬وأن نلتقي جميعا في أرض الوطن فما حرر من أراضي ليبيا‬ ‫حتى الساعة حررها الليبيون جميعا ‪ ،‬وكل قام بدور في هذا التحرير‪.‬‬ ‫لذا علينا جميعا استعادة القضية الليبية من وزارة الخارجية والسفارات والمكاتب‬ ‫الخارجية والعواصم األخرى‪ ،‬وأن نحافظ عليها كقضية وطنية ومسألة داخلية تخص‬ ‫الليبيين أوال ‪.‬‬ ‫وأن نعمل اآلن وليس غدا من أجل عقد مؤتمر وطني يشارك فيه جميع من انظم لثورة‬ ‫تحرير البالد ‪ 17‬فبراير ‪ ،‬دون خطوط حمراء ‪ ،‬وأن يعقد المؤتمر في مدينة بنغازي‬ ‫حيث مقر المجلس الوطني االنتقالي الذي يقود البالد ‪.‬‬ ‫لقد تشتت جهودنا ووضعنا علي المجلس الوطني االنتقالي كل المهام حتى ثقل بما‬ ‫حمل ‪ ،‬ونتج عن هذا وغيره أن تعددت االجتهادات حتى بات لكل فرد فتوى ‪ ،‬وأخذنا‬ ‫مقتضي الحال عن تكثيف جهودنا من أجل الخروج من هذه الحرب منتصرين وغانمين‬ ‫‪ :‬غدا يبدأ اليوم كما تعلمون ‪ ،‬لهذا من واجبنا جميعا أن نعد العدة لهذا الغد الذي يبدأ‬ ‫اليوم ‪ ،‬وما من سبيل كما مؤتمر وطني يعقد في الوطن يشارك فيه أصحاب هذا الوطن‬ ‫دون مماحكة و ال تأجيل ‪.‬‬ ‫وفيما يخص المدن غير المحررة ؛ أهلها في الوطن وخارجه من الثقاة وأصحاب‬ ‫الموقف الوطني ‪ ،‬وهؤالء هم أحق بالمشاركة في المؤتمر الوطني من غيرهم ؛ ولكم‬ ‫مما حدث في تاريخنا من ظرف مشابه قدوة ونبراس ‪.‬‬ ‫وألجل اإلعداد لهذا المؤتمر ندعوا كل أبناء المدن الليبية والجاليات الخارجية الموجدين‬ ‫في مدينة بنغازي لتكوين لجنة تحضيرية لهذا المؤتمر ‪ ،‬وأن تستعين اللجنة بمن تري‬ ‫من ذوي الخبراء والكفاءة ‪ ،‬وأن يعقد في ‪ 17‬يوليو القادم تحت أي ظرف كان ‪.‬‬ ‫نتمنى إعادة نشر هذا المقترح وتداوله في كل الوسائل ‪ ،‬وأن ال يعد مقترحا شخصيا‬ ‫أو من أي جهة اعتبارية ؛ بل كمقترح وطني قد يكون ورد في خاطر كل منا ‪ ،‬وما هذه‬ ‫الورقة إال خطاطة لهكذا خاطر واجب ‪.‬‬

‫ميادين‬


‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫ملحمة أساريا* !!‬ ‫في الركن الشمالي الغربي من وطني ليبيا تقع أساريا مدينة الزاوية الفينيقية‬ ‫ ‬ ‫‪ ،‬مدينة قديمة قدم التكوين التاريخي الليبي تربض هناك على مساحات شاسعة وسط‬ ‫غابات النخيل الوارفة ومزارع البرتقال والزيتون وعلى شاطئ المتوسط ‪ ،‬بين الجود‬ ‫الدائم والحرشا وزوايا العلم والثقافة المنتشرة في تلك الربوع‪ ،‬زاوية أوالد سهيل ‪،‬‬ ‫زاوية أبي عيسى ذاك الصوفي المغربي الجليل ‪ ،‬وزاوية بن شعيب ثم زاوية أبي‬ ‫حميره وزاوية العوسجي وبحر السماح وزاوية األبشات ‪.‬‬ ‫إلى الجنوب من منارات العلم تلك نجد مراعي سهل الحفارة الذي انتشرت‬ ‫ ‬ ‫فيه أبار المياه منذ ولوج رعاة اإلبل والماشية تلك المنطقة تبدأ من بئر الغنم وبئر‬ ‫ترينه وبئر شعيب وشلغودة ثم بئر معمر والتي روت بمياهها العذبة عطش الرحالة‬ ‫والمسافرين ومرتادي المنطقة عبر التاريخ ‪.‬‬ ‫سجلت ‪ .‬لتجسد حب الوطن ونبذ‬ ‫بطولية‬ ‫الزاوية سطرت عبر التاريخ مالحم‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫الطغاة عبر العصور ومناصرة المظلومين في الوطن العزيز قاومت ذات يوم الرومان‬ ‫ووقفت في وجه األسبان والطليان عندما جاءوا غزاة طغاة ‪ ،‬وقف في وجه جور‬ ‫وتعسف الحكام القرمانليين وقاتلتهم حتى أبواب مدينة طرابلس وهاهي اليوم يسطر‬ ‫أبنائها الشرفاء بدمائهم على مذبح ساحة الحرية وسط المدينة يهتفون « نحن معاك‬ ‫يا بنغازي « عندما شعر شباب المدينة بأن مدينة بنغازي تُباد من قبل كتائب الطاغية‬ ‫‪.‬‬ ‫وخرجت الزاوية بعد بنغازي مثلما خرج طالب مدرسة الزاوية الثانوية في‬ ‫ ‬ ‫‪ 17‬يناير ‪ 1964‬بعد ثالثة أيام من خروج مدينة بنغازي في ‪ 14‬يناير وسطر طالب‬ ‫الزاوية تاريخا ً بأحرف من نور ملحمة وحدة الشعب الليبي ‪ .‬خرج طالبها يؤازرهم‬ ‫أهلهم سيراً على األقدام في مسيرة قل ما يحكى عنها تلك المسيرة التي سارت عبر‬ ‫الطريق الساحلي حتى قاعدة المالحة بسوق الجمعة بطرابلس ‪.‬‬ ‫فالزاوية التي أنجبت محمد فرحات الزاوي أول محامي ليبي في التاريخ‬ ‫ ‬ ‫الذي درس في السوربون ونادى بإعالن الجمهورية عام ‪ 1912‬عندما وقعت تركيا‬

‫المختارالجدال‬

‫اتفاقية أوشي لوزان ‪.‬‬ ‫الزاوية المدينة التي أنجبت الطاهر الزاوي مؤرخا وعالما من علماء ليبيا‬ ‫ ‬ ‫وأنجبت أحمد بن عبدهللا الرجيبي شيخ رواق المغاربة خمسين عاما ً وأنجبت علي‬ ‫الديب والهادي أبولقمة ‪.‬‬ ‫خرج أهالي الزاوية من كل أحيائها وسالت دماء من كل أطياف قبائلها وكان‬ ‫ ‬ ‫لألهالي القرى والمدن المجاورة دوراً في نسج تلك الملحمة جاء الشباب من زوارة‬ ‫والعجيالت وصبراته وصرمان وكائني أراها محافظة الزاوية قبل إنقالب سبتمبر‬ ‫‪1969‬م ‪.‬‬ ‫لقد أضافت مدينة الزاوية تاريخا ً جديد أضافته لسفر تاريخها‪ .‬لجهادها‬ ‫ ‬ ‫ضد الغزاة وضد الطغاة والمستبدين الذين أطلقوا رصاصهم بمختلف أسلحة العصر‬ ‫الحديث وواجههم الشباب والشيوخ والرجال بصدور عارية وبال سالح ‪ .‬بالحجارة‬ ‫والعصي والهراوات وبنادق الصيد العتيقة وخرج شبابها يهتف « الشعب يريد إسقاط‬ ‫النظام «‪.‬‬ ‫دخلتها كتائب الطاغية من أبوابها الثالث تقودها خيانة المهد العربي ترمي‬ ‫ ‬ ‫حمم نيرانها تهدم وتقتل حتى لم يسلم منها طفل أو شاب امرأة أو رجل أو عجوز يتكي‬ ‫على عكازه ولم تسلم حتى صومعة جامع المدينة العتيق ‪.‬‬ ‫لم يسلم منها طالب أو أستاذ جامعي عالم من علما جامعة الزاوية هؤال‬ ‫ ‬ ‫العلماء الذين قادوا األعتصامات بميدان المدينة فأستشهد شيخ ساحة الحرية وأمامها‬ ‫وخطيب جمعتها الشهيد الدكتور جمعه المفجر أستاذ الدراسات اإلسالمية بجامعة‬ ‫الزاوية وأستشهد الدكتور جمال بده مدير مركز البحوث والدراسات العليا‪.‬‬ ‫وأحتفل الطغاة شذاذ األفاق بنصرهم على مقبرة الشهداء بميدان الحرية‬ ‫ ‬ ‫بالزاوية ونبشوا قبور الشهداء الذين أخافوا كتائب الطاغية حتى وهم أموات آلن‬ ‫الطاغية يعرف إنهم شهد وإنهم أحياء عند ربهم يرزقون ‪.‬‬ ‫* أساريا ‪ :‬االسم الفينيقي لمدينة الزاوية القديمة ‪.‬‬

‫نقود – وقود ‪،‬عقود ووعود‬ ‫كلما رجعنا إلى الماضي بذاكرتنا في كيفية إدارة اقتصاد‬ ‫الدولة تحت حكم القذافي نجد انه كان يجنب النقود ‪،‬‬ ‫وينهب مردود الوقود ويوزع شعارات ووعود كاذبة‬ ‫طيلة أربع عقود‪......‬‬ ‫إنها بالتأكيد ذكريات مأساوية ‪ ،‬ولم يحتمل الشعب‬ ‫الليبي قذارة هذه السياسات حتى قال كلمته يوم ‪17‬‬ ‫فبراير‪......... 2011.‬‬ ‫اآلن في ظرفنا المعقد نسبيا ‪ ،‬وسط تشابك األحداث ‪،‬‬ ‫نستنتج غياب الرؤية الواضحة ازأ السياسات الدولية‬ ‫والداخلية في حالة استمرار الحرب ؟‬ ‫وعن الحالة االقتصادية نرى عجزا نسبيا لدى أصحاب‬ ‫القرار اتجاه تقديم حلول تنقذ الالجئ والمواطن من‬ ‫الحالة الكارثية التي يعيشها يوميا ‪.....‬‬ ‫السؤال ‪ :‬هل جهز أصحاب القرار‪ -‬المجلس الوطني‬ ‫االنتقالي ‪ -‬أنفسهم لسيناريو قد يكون أسوأ خاصة بعد‬ ‫اإلطاحة ببومنيار ‪.‬‬

‫‪03‬‬

‫يدرك أن النقد ورسائل الضغط والتعبير هي الوسيلة‬ ‫الوحيدة التي تصل فيها رسالة ما و تعرية سياسة بعينها‬ ‫وبذلك تعالج القضية وتبدأ حلحلتها‪....‬‬ ‫وحتى ال نفهم بعضنا البعض بطريقة خاطئة ‪ ،‬نقول أن‬ ‫حال لسان الشارع هو الغضب من الساسة لعدم األنفاق‬ ‫السريع وحل المشكل المالي ‪ :‬األرصدة المجمدة ‪.‬‬ ‫قال لي شخص ما ( نحن صبرنا ‪ 42‬سنة وتوى وقتها‬ ‫‪ ،‬ليش ما ينزلوا فلوس؟ الناس ذابـــــت ) ‪.‬مره أخرى‬ ‫أقول إن القصور في توضيح كامل وشامل من طرف‬ ‫المجلس الوطني للظرف المالي للبالد يزيد المشكل‬ ‫تعقيدا ‪ .‬لذا نهيب بالمجلس أن يوضح أسباب تعطيل‬ ‫صرف هذه األموال بأن المشكلة خارجة عن إرادته ‪.‬‬ ‫وأكد أن تصرفات دول االتصال اتجاه ليبيا هي مواقف‬ ‫غير واضحة وخطيرة ؛ فهذه الدول تتعامل مع ليبيا‬ ‫كدولة غنية‪ ....‬وكما قال وزير خليجي في بداية األحداث‬ ‫)ليبيا ال تتـوسل وال تتسول(‬

‫عليه ‪.....‬البد من العمل من أجل اقناع جميع دول الغرب‬ ‫دول الوصاية واجتماع أبوظيب‬ ‫‪ ،‬واقصد من لديها ارصده مجمده ليبية ‪ ،‬أن تتعامل‬ ‫اعتقد أن ال احد يعارض فكرة أن العالم الغربي يتفهم بأسلوب مرن وسريع لتسليم هذه األموال بشفافية‬ ‫النقد ‪ ،‬ويتعامل مع االحتجاجات بطريقة ايجابية ‪ ،‬وأيضا وقانونية حسب متطلبات المرحلة إلى حين إرجاعها‬

‫محمـود محمـد المفــتي‬ ‫بالكامل للشعب الليبي تحت حكومة ديمقراطية منتخبه ‪.‬‬ ‫وقد ذكرت وزيره خارجية الواليات المتحدة « هيالري‬ ‫كلينتون « أنه على الدول العربية لعب دور اكبر بمساعده‬ ‫ليبيا ماديا في هذه المرحلة ‪ ...‬وما صرح وزير خارجية‬ ‫ايطاليا « فرانكو فراتيني « انه يعمل لخلق آلية لمساعده‬ ‫المجلس الوطني حتى يتسنى دفع مبلغ ‪ 438‬مليون‬ ‫دوالر في غضون أسابيع ‪......‬‬ ‫هذا ال يعقل أيها األخوة‪.....‬أين أل ‪300‬‬ ‫الفاشي‬ ‫مليار دوالر التي هربت من قبل‬ ‫وعائلته ! ‪.‬‬ ‫نعم وكما صرح المكلف بملف االقتصاد والنفط د‪ .‬علي‬ ‫الترهوني ‪ -:‬ما لم تعمل دول االتصال بالدعم الكامل‬ ‫والمباشر السريع سوف تكون مهمة دول االتصال‬ ‫فاشـــــــــــــلة‪.........‬‬ ‫وأخيرا القذافي سرق أحالم الليبيين خالل األربع العقود‬ ‫الماضية ‪ .....‬ولذا نحن بصراحة نتوقع أن الكثير من‬ ‫األحالم ستتحقق ؛ أي لدينا فرصة تاريخيه غير قابله‬ ‫لألخطاء أوالمغالطة ؟‬ ‫واعتقد أن الشارع الليبي يشاطر علي الترهوني هذا‬ ‫الرأي ولهذاعلى الجميع التحرك لالحتجاج بدون تردد ‪.‬‬


‫‪04‬‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫الطريق إىل نالوت‬ ‫عيسي عبد القيوم‬

‫كانت اإلنطالقة من مطار مانشستر يوم السبت الموافق ‪ 21‬مايو ‪ ..‬وبعد رحلة قصيرة حطت‬ ‫بنا الطائرة فى مطار مدينة المنستير التونسية ‪ ..‬وفى صبيحة اليوم الثاني وصل أصدقاء‬ ‫لنقلنا الى منطقة تاطوين ‪ ..‬تلك الليلة لم يكن يدر فى ذهني غير محاولة إستباق األحداث لرسم‬ ‫صورة حول معاناة الالجئين الليبيين التى قادتني الى هذه الرحلة ‪ ..‬عموما وصلنا مبتغانا بعد‬ ‫رحلة استغرقت حوالي ‪ 5‬ساعات بالسيارة الى مدينة تاطوين ومن هناك شرعت فى مشوار‬ ‫البحث عن الحقيقة ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الحاج محمد يحكي القصة من بدايتها سنة ‪1976‬م‬ ‫البداية من الشارع حيث مررنا بشيخ بدا لي من مالمحه ومالبسه أنه ليبي ‪ ..‬طلبت من‬ ‫السائق أن يتوقف ‪ ..‬ترجلت ‪ ..‬سلمت عليه وسألته عن الحال واألحوال ‪ ..‬فكانت أول قصص‬ ‫المشوار ‪ ..‬الحاج محمد فى الثمانينات من عمره ‪ ..‬من مدينة القلعة ‪ ..‬كان يعمل فى تربية‬ ‫األغنام … روى لي كيف كانت أول صداماته بنظام القذافي وذلك عندما جاءت قوات القذافي‬ ‫فى سنة ‪76‬م وطلبت منه تزويدها بالمواشي ‪ ..‬يقول الحاج محمد أنه زودهم بها تبعا ً ‪ ..‬وبعد‬ ‫أن تزايدت الفاتورة قصد معسكرهم للمطالبة بحقه ‪ ..‬وهناك شاهد الحاج محمد ألول مرة‬ ‫أرتال من األفارقة صغار السن يتدربون ‪ ..‬بعد أن كان يظن بأن المعسكر لتدريب الليبيين ‪..‬‬ ‫رجع الى قريته وبدأ يحدث الناس عن مصيبة ستحل بهذا البلد من وراء هؤالء المرتزقة ‪..‬‬ ‫سجن الحاج محمد بعد وصول اخبار حديثه لرجال األمن ‪ ..‬وتعرف داخل السجن على رفاق‬ ‫من مدينة بنغازي حكى لنا طويالً عن ذكرياته معهم ‪ ..‬وها هو اليوم يرى بأم عينه نبوءته‬ ‫حول المرتزقة تحصد بلدته حيث تتعرض « القلعة « لحصار وقصف شديدين ‪.‬‬ ‫‪ - 3‬مخيم رمادة ‪ ..‬مشهد خلفي لطغيان الكتائب ‪.‬‬ ‫إتجهنا الى المعسكر القطري فى تطاوين ‪ ..‬ولم نستطع الولوج اليه كونه كان تحت اإلفتتاح‬ ‫حيث أفتتح فى اليوم السابق لوصولنا ‪ ..‬ومنه إتجهنا بالسيارة الى مدينة رمادة أين يقع‬ ‫المعسكر الذي تعرض لعديد اإلنتقادات من جهات صحفية وحقوقية ‪ ..‬وهناك تبدت لي أول‬ ‫مالمح المأساة التى يعيشها أهلنا ‪ ..‬سألت السيد شكري رئيس منظمة التعاون عن أسباب‬ ‫النقد الذي تعرض له المعسكر الذي تشرف عليه منظمته ‪ ..‬فأجاب بأنه كان مخير بين أن‬ ‫يفتتح المعسكر قبل إتمام االستعدادت أو أن يترك الناس فى العراء ‪ ..‬فإختار األولى ‪..‬‬ ‫وأضاف بأن االقدار لم تجرى فى صالحه عندما ضربت المنطقة عاصفة فى أول ايام افتتاح‬ ‫المعسكر مما تسبب فى اقتالع الخيام ‪ ..‬ولكنه دعانا للتجول فى المعسكر لإلطالع على‬ ‫التطويرات التى شرع فى إدخالها عليه‪.‬‬ ‫‪ - 4‬الجدة وأحفادها والنحت فى ذاكرة التاريخ‬ ‫تجولت بين الخيام ‪ ..‬كان عدد األطفال أول المالحظات المشاهدة ‪ ..‬وإكتضاض المخيم ‪..‬‬ ‫وعدم صالحية الحمامات مالحظات اخرى على الطريق ‪ ..‬عموما أخترت خيمة لعجوز‬ ‫تسكنها هي وأحفادها يوسف وجهاد وأنس ‪ ..‬وقررت أن اقاسمها طعام الغداء ‪ ..‬وتحدثت‬ ‫بمرارة عن ما يفعله النظام بهم فى خواتيم أعمارهم ‪ ..‬وعن الشعور بعدم الراحة من سكنى‬ ‫الخيام ‪ ..‬وقلقها على أوالدها فى الجبهة ‪ ..‬وأشارت الى األطفال هي وتقول ‪ :‬ما ذنب هؤالء‬ ‫كي يبيتوا فى العراء ؟!‪ .‬ثم أضافت بأنها ستصبر وتصمد من أجل أن تتحرر البالد من الظالم‬ ‫‪ ..‬على حد وصفها ‪.‬‬

‫ثورة ‪ 17‬فبراير ‪ ..‬يحاولون من خاللها رفع المعنويات من أجل الصبر فى معسكر يفتقر‬ ‫للكثير من متطلبات العيش الصحي ‪.‬‬ ‫واختتم الحديث بعبارات تؤكد صمودهم وتحملهم للمشاق من أجل حريتهم ‪ ..‬وأنهم هنا لن‬ ‫يغادروا من أجل متابعة اخبار ابناءهم الثوار عن قرب ‪ .‬فكل العائالت تقريبا تركت الشباب‬ ‫فى قرى ومدن الجبل من اجل الثورة ‪ ..‬وغادر الشيوخ والنساء واألطفال بسبب ما تمارسه‬ ‫قوات القذافي من أعمال قذرة فى حق النساء فى تلك القرى ‪ ..‬حتى وصل بهم الحال الغدر‬ ‫بالقرى التى حاولت أن تتفادى شرورهم بصمتها ‪ ..‬حيث تناقلت األخبار كيف طلبت الكتائب‬ ‫من بعض القرى أن تجعل ابواب بيوتها مفتوحة طيلة اليوم امام المرتزقة لالكل والشرب‬ ‫واإلستحمام ‪ ..‬وبعضها وصل الى حد إستخدام النساء كدروع عند تقدمهم لمواجهة الثوار ‪..‬‬ ‫وحديث أكثر مرارة عن حاالت اإلغتصاب ‪.‬‬ ‫وبعد جولة أرهقتني نفسيا ‪ ..‬فأنا اعرف أن االنسان النفوسي عزيز بطبعه ‪ ..‬ويأنف من‬ ‫هكذا اوضاع ‪ ..‬ولكن ما يجعله يبتلع مرارة الوضع كونها ضريبة ثورة ضد مصدر الظلم‬ ‫والفساد‪ ..‬ويأمل من وراءها تغيير الواقع والحلم بعيش كريم وحياة رغدة ‪.‬‬ ‫‪ - 7‬مخيم ذهيبة ‪ :‬الكشافة تمارس دورها المنشود ‪.‬‬ ‫عدنا الى السيارة وقصدنا المدينة الحدودية « ذهيبة « وهناك ولجنا الى مخيم اإلمارات‬

‫‪ - 5‬متلفعات بعلم الثورة وشارة النصر ‪.‬‬ ‫عجوز أخرى كانت رفقة مجموعة من الفتيات تحدثت عن بشاعة ما يجري فى منطقة جبل‬ ‫نفوسة ‪ ..‬وهذه المرة لم تكمل الحاجة عبارتها وتركت لدموعها إكمال بقية القصة التى بتنا‬ ‫جميعا نعرف كافة تفاصيلها ‪ ..‬أما إيمان إبنة (‪ )23‬ربيعا فقد حملتني رسالة الى الثوار‬ ‫مفادها أنها تريد أن ترجع الى بيتها ‪ ..‬فى إشارة الى حثهم على التعجيل بإسقاط النظام ‪ ..‬ثم‬ ‫غادرت وصديقاتها وهن ينشدنا النشيد الوطني الذي كلما سمعته أخالني كما لو أنني سمعته‬ ‫للمرة األولى ‪.‬‬ ‫‪ - 6‬حديث متأجج على نار هادئة‬ ‫عرّجت على الساحة التى يقضي فيها الرجال أوقات فراغهم ‪ ..‬فوجدتهم يشربون الشاهي ‪..‬‬ ‫دعوني لمشاركتهم فى شاهي العشية فلم أتردد ‪ ..‬جلست وهناك دارت حكايات الشيوخ حول‬ ‫التاريخ ‪ ..‬وقصص الثورة والفداء التى سطرها ثوار جبل نفوسة منذ اعالنهم االنظمام الى‬

‫‪ -‬رفاق الرحلة ‪ :‬الحاج جمال الفقيه حسن ‪ ..‬الحاج الهدار الطبيب ‪ ..‬العبدهلل ‪ ..‬وناصر بن عاشور‪.‬‬


‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪ ..‬وهو مخيم تشرف عليه دولة اإلمارات ‪ ..‬إستقبلنا األخوة فى اإلدارة ‪ ..‬وبعد شروح عن‬ ‫المعسكر قادونا الى جولة فيه ‪ ..‬فوجدنا فى ساحته الرئيسية جماعة الكشافة من مدينتي المرج‬ ‫وبنغازي يقدمون فقرات ترفيهية لالوالد والبنات فى جهد القى استحسان أهل المخيم كونه‬ ‫ابعد أطفالهم عن هموم الكبار ولو لساعة ‪.‬‬ ‫تجولنا بين الخيام ‪ ..‬حتى وصلنا الى مكان المدرسة ‪ ..‬وتنقلنا فيها من فصل الى فصل ‪..‬‬ ‫فوجدنا العزيمة فى عيون المدرسات الليبيات ‪ ..‬وشغف لدى األطفال الذين اصروا على‬ ‫إسماعنا النشيد الوطني ( يا بالدي ) فى كل فصل ولجناه ‪ ..‬والمثير فى هذا المعسكر أن به‬ ‫لجنة نسائية ثقافية تؤدي رسالتها بشكل رائع ‪ ..‬حتى أنني إستمعت الى قصيدة باالمازيغية ‪..‬‬ ‫وأخرى بالعربية ‪.‬‬ ‫‪ - 8‬األطفال يأملون فى غد أفضل أيها الثوار‬ ‫بشكل عام يمكن اعتبار معسكري قطر (تطاوين ) ‪ ..‬واإلمارات ( ذهيبة ) فى المستوى الجيد‬ ‫وال نواقص كبيرة بهما ‪ ..‬بينما يعتبر معسكر مؤسسة التعاون التونسية ( رمادة ) فى حاجة الى‬ ‫اعادة اعمار وتأهيل أو اغالق ونقل ما به من عائالت الى المعسكرين األخرين ‪ ..‬خاصة وأن‬ ‫بهما مساحات يمكن أن تحوي سكان معسكر رمادة أو تخفف من الضغط عليه ‪ ..‬أما الحالة‬ ‫األكثر سوءاً والتى تحتاج الى تدخل فهي للعائالت الى تسكن فى بيوت خاصة ‪ ..‬حيث التكدس‬ ‫‪ ..‬وقلة االمكانيات ‪ ..‬واإلهمال نتيجة لعدم وجود حصر لهذه االماكن ‪ ..‬ولصمت أهلها حتى‬ ‫يحسبهم العابر أغنياء من التعفف ‪.‬‬ ‫وقبل أن اتم الحديث عن معسكرات االيواء ‪ ..‬أود أن أشيد حقيقة بشريحة األطباء الليبيين فى‬ ‫المهجر وخاصة فى بريطانيا ‪ ..‬على الدور الذي يضطلعون به فى التخفيف من معاناة االهالي‬ ‫هناك ‪ ..‬وكذلك أود أن أشيد بدور شباب الجالية الليبية فى بريطانيا عموما فى مانشستر على‬ ‫وجه الخصوص على الجهد الجبار الذي يبذلونه فى العمل اإلغاثي ‪ ..‬وكذلك الدور الذي يقوم‬ ‫به المجلس الوطني وإن كان مطلوب منه مضاعفة الجهد أكثر ‪ ..‬وبكل تأكيد لن أنسى أن احيي‬ ‫الشعب التونسي على إحتضانه لألهالي فى كافة المدن التونسية ‪ ..‬فلم نمر بمدينة إال ووجدنا‬ ‫بها الفتات تشير الى وجود لجان اغاثة للشعب الليبي ‪ ..‬أما موقف الشارع التونسي فحدث وال‬ ‫حرج فهو قلبا ً وقالبا ً مع ثورة فبراير ‪ ..‬حتى أننا صلينا صالة الجمعة فى مسجد المنستير فلم‬ ‫ينهي االمام صالته قبل أن يدعو فى العلن للشعب الليبي بالنصر ‪ ..‬بل إن قائد طائرة الخطوط‬ ‫التونسية التى ركبناها فى رحلة العوة الى مانشستر تمنى لجميع الركاب بعد الوصول امنية‬ ‫طيبة بشكل عام ‪ ..‬ولنا كليبيين أمنية مخصصة بعد أن علم بوجودنا على متن طائرته ‪.‬‬ ‫وعموما ‪ ..‬تحتاج عملية اإلغاثة فى الحدود التونسية الى تكاتف الجهود ‪ ..‬منها الجهود على‬ ‫مستوى التطبيب وخاصة النسوي منه ‪ ..‬ومنها جهود الرعاية النفسية ‪ ..‬ومنها جهود الترفيه‬ ‫وهي مهمة جداً ‪.‬‬ ‫‪ - 9‬بوابة وازن الليبية خط دفاع أول وملتهب‬ ‫وفى اليوم الثالث صعدنا السيارة رفقة ( عمر و طارق ) وهما من نالوت وقصدنا الحدود‬ ‫الليبية ‪ ..‬وبعد رحلة ساعتين تقريبا ً وصلنا الى بوابة ذهيبة ‪ ..‬أتممنا اإلجراءات على الشطر‬ ‫التونسي وقصدنا البوابة الليبية ‪ ..‬ترجلنا وصافحنا ثوار الجبل ‪ ..‬إلتقطت لهم عدة صور ‪ ..‬ثم‬ ‫عبرنا الى داخل الوطن ‪ ..‬أول القرى كانت قرية وازن التى كانت خالية تماما ً ‪ ..‬حيث يقول‬ ‫الثوار أن بعض أهلها فى معسكرات اإليواء وبعضهم األخر إنحاز الى الكتائب وغادروا‬ ‫معهم بعد سيطرة الثوار ‪ ..‬وعلى يسار الطريق بدت لنا الجبال المسماة « بالمرابح « والتى‬ ‫تحاول الكتائب التسلل منها بشكل يومي للسيطرة على البوابة ‪ ..‬وأخر هذه المحاوالت كانت‬ ‫يوم وصولنا وتم صدها وإستشهاد أحد الثوار ‪.‬‬ ‫واصلنا السير فى طريق متعرج فوق تالل جبل نفوسة ‪ ..‬وكان سهل الجفارة يبدو لنا أحيانا ‪..‬‬ ‫ويختفي أحيانا ‪ ..‬مررنا بمواقع للثوار ‪ ..‬وشاهدنا أثار القصف اليومي لتلك الممرات ‪ ..‬وصلنا‬ ‫بعدها الى مدينة نالوت ‪ ..‬ونزلنا فى ضيافة جمعة ساسي رئيس اللجنة اإلعالمية فى المدينة ‪.‬‬ ‫‪ - 10‬ميدان التحرير ‪ :‬شعارات ورسائل للثورة وعنها ‪.‬‬ ‫لم نستسلم للتعب الكثر من ساعة تقريبا ً بدا بعدها مشوار التعرف على المدينة ‪ ..‬فبعد‬ ‫التجول فى المركز اإلعالمي زرنا ميدان التحرير ‪ ..‬وما حملته حوائطه من شعارات تطالب‬ ‫بإستحقاقات الثورة فى محاسبة المجرمين ‪ ..‬وتحذر من القبلية ‪ ..‬وتحث على بناء وطن للجميع‬ ‫‪ ..‬وعرجنا على موقع تدريب للثوار فى داخل المدينة يعج بشباب من طرابلس وبنغازي‬ ‫وصبراته والزاوية باإلضافة الى شباب مدن الجبل فى مشهد يجسد وحدة وطنية نعول عليها‬

‫‪05‬‬

‫كثيراً ‪.‬‬ ‫‪ - 11‬بيت السيدة الذي طاله القصف العشوائي للكتائب ‪.‬‬ ‫وكانت المدينة قد تعرضت لقصف بصواريخ الجراد أثناء وصولنا ‪ ..‬فذهبنا الى احد البيوت‬ ‫التى قصفت ‪ ..‬كان لسيدة من نالوت تقيم فى أحد المخيمات ‪ ..‬عادت ذلك اليوم لجلب بعض‬ ‫األمتعة والمالبس ‪ ..‬وبعد أن جهزت اغراضها قامت لتؤدي الصالة قبل المغادرة ‪ ..‬وما أن‬ ‫دخلت فى صالتها حتى سقط على سقف بيتها صاروخ ‪ ..‬أدى الى تدمير السقف وتصدع البيت‬ ‫بأكمله ‪ .‬أصيبت السيدة بجروح هي وأبنها ‪ ..‬ذهبت إليها فى المستشفى رفقة أصدقاء الرحلة‬ ‫( جمال الفقيه – الهدار الطبيب – ناصر عاشور ) ولكن الدكتور أخبرنا أنها ستخضع لعملية‬ ‫جراحية ‪ ..‬تمنينا لها الشفاء العاجل وغادرنا ‪.‬‬ ‫كما زرت بعض المواقع التى تعرضت للقصف منها أحد مساجد المدينة ‪ ..‬ومدرسة ‪ ..‬وثالثة‬ ‫بيوت ألناس مدنيين ‪ ..‬هذا غير القذائف التى تسقط فى أماكن مفتوحة وهي كثيرة جداً‪.‬‬ ‫وفى اليوم الثاني كان لنا لقاء مع العميد مسعود الراقوبي رئيس المجلس العسكري بنالوت‬ ‫الذي أطلعنا على مجريات األحداث ‪ ..‬وما تحتاجه الجبهة ‪ ..‬وما تقوم به ‪ ..‬فنالوت تعتبر‬ ‫المشرفة على معبر وازن الذي يمثل الشريان الوحيد لحياة الثوار هناك ‪ ..‬لذلك فهي خط دفاع‬ ‫أول بكل معنى الكلمة ‪.‬‬ ‫‪ - 12‬فى حضرة المجلس المحلي لمدينة نالوت‬ ‫كما كانت لنا زيارة للمجلس المحلي ولقاء اعضاءه وعلى رأسهم الشيخ يحي المقدمي ‪..‬‬ ‫وأعضاءه محمد أحمد الخماسي ومحمد ابراهيم نزير ومسعود سعيد المقدمي ‪ ..‬وكان لقا ًء‬ ‫ممتعا ً حيث شرح لنا كيف إلتحم الشيوخ مع الشباب ‪ ..‬وكيف دفع الشباب بالشيوخ لتحمل‬ ‫مسئولية قرار الثورة ‪ ..‬تحدثنا عن التاريخ والفقه والسياسة ‪ ..‬وعن عمرو النامي ‪ ..‬وعن علي‬ ‫يحي معمر ‪ ..‬وحملونا تحياتهم الى أهل المهجر فى كلمة ألقيت باللغة العربية وأخرى باللغة‬ ‫األمازيغية ‪ ..‬وقدمنا بتسليم تبرعات الجالية الليبية بمانشستر الى رئيس المجلس ‪.‬‬ ‫وباإلضافة الى الجولة فى المقر األعالمي وما حواه من أقسام ‪ ..‬وما يصدره من مواد اعالمية‬ ‫منها صحيفة صدى الجبل ‪ ..‬كان لنا زيارة الى إذاعة المدينة المسموعة ‪ ..‬وتسجيل مقابلة‬ ‫بخصوص الزيارة ‪ ..‬وهناك تعرفت على طارق وعلي وهما شعلة من النشاط االعالمي‬ ‫وقمة فى الذوق وحسن الحديث ‪ ..‬كما زرنا مخازن التموين واللجنة اإلغاثية للمدينة ‪ ..‬وزرنا‬ ‫المستشفى الرئيسي فيها ‪..‬وإطلعنا على حاجة المدينة الى الدعم الطبي خصوصا ً ‪.‬‬ ‫‪ - 13‬قبيل الغروب ‪ :‬استطالع تحركات الكتائب ‪ ..‬وحديث عنها ‪.‬‬ ‫ولم تكتمل الزيارة إال بالذهاب الى أحد الخطوط األمامية حيث يتمركز رصد وإستطالع‬ ‫الثوار ‪ ..‬وهي منطقة جبلية تشرف مباشرة على قرية « الغزايا « التى حولتها الكتائب الى‬ ‫معسكر كبير ‪ ..‬وهناك دارت دردشات عن المعارك التى شهدها الجبل فى هذه الثورة وعدد‬ ‫الشهداء ‪ ..‬وعن عدد المرات التى هربت فيها قوات القذافي الى تونس بعتاد كبير ليكتشف‬ ‫التوانسة أن من يطاردهم شباب حفاة ال يملكون إال بنادق كالشنكوف ‪ ..‬وبنادق صيد تقليدية‬ ‫‪ ..‬بل وبعض البنادق التى استعملها أجدادهم لقتال الطليان ‪.‬‬ ‫وختم اليوم الثاني كما ختم اليوم األول فى مضافة المدينة الرسمية ‪ ..‬حيث االستاذ عيسى‬ ‫أحد أساتذة المدينة ‪ ..‬وحديث كل يوم عن المستقبل الذي سنرسمه ألوالدنا الذين قدموا كل‬ ‫هذه التضحيات ‪ ..‬وفى صبيحة اليوم الثالث غادرنا فى إتجاه معبر وازن على وقع القصف‬ ‫الذي لم يتوقف تلك الليلة ‪ ..‬مما جعلنا ننظر بكثير من الفخر للثوار المرابطين على سفوح‬ ‫جبل نفوسة من أجل حماية المدينة وسد الطرق أمام تقدم كتائب القذافي ‪ ..‬مما جعلها تكتفي‬ ‫بالقصف عن بعد ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫غادرت الجبل وأنا على يقين بأنني ساعود إليه قريبا ‪ ..‬فهناك حكاية ما بعد الحرب أريد أن‬ ‫أفتح ملفها مع كثير من األصدقاء ‪ ..‬فما ينتظرنا أكثر مما أنجزناه على ما يبدو ‪.‬‬ ‫« أزهار ليبية متربصة «‬ ‫صور من مخيم الرمادة التونسي‬ ‫ال شيء فى هذه الدنيا يجعلني تلقائيا ً فى ضحكي وبكائي مثل األطفال ‪ ..‬إنهم من روح هللا ‪..‬‬ ‫وهم مالئكته على األرض ‪ ..‬ولم يهزني شيء فى معسكرات اللجوء فى تونس مثلما هزني‬ ‫وجودهم هناك ‪ ..‬كما لم يمنحني شيء التفاؤل بمستقبل أفضل أكبر من إبتسامتهم للكاميرا‬ ‫وإشارة النصر التى تعلموها من الكبار ‪ ..‬لن أعلق بأكثر من عبارة ‪ :‬من كان يؤمن بالثورة‬ ‫فليعمل من أجل أن يكون مستقبل هؤالء األطفال ‪.....‬‬


‫‪06‬‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫شوقي ابراهيم ‪:‬‬ ‫أعلنت زوارة حتررها من النظام ‪،‬‬ ‫واستمرت‪28‬يوم ًاحتتسيطرةالثوار‪.‬‬ ‫حرمنا القذافي طيلة أعوام حكمه‬ ‫الكئيبة من أن نتعرف على بعضنا‬ ‫البعض كمكونات الشعب الليبي من‬ ‫عرب وامازيغ وطوارق‪ ،‬وذلك بغية‬ ‫تفتيت وحدتنا الوطنية‪ ،‬واإلبقاء‬ ‫على حالة التشرذم والتشظي‪ ،‬حتى‬ ‫ال يتكمن الشعب الليبي‪ ،‬من معرفة‬ ‫بعضه البعض‪ ،‬ألنه بالمعرفة الجادة‬ ‫وبشروطها األخالقية والوطنية‪ ،‬كنا‬ ‫سنشكل حصارا على نظامه‪ ،‬فتحت‬ ‫الشعار القديم فرق تسد‪ ،‬مزقنا وجعلنا‬ ‫نجهل بعضنا البعض‪.‬‬ ‫واستكماال لما بدأته صحيفة ميادين‬ ‫من تعريف بكل ألوان الطيف الليبي‪،‬‬ ‫سياسيا وعرقيا‪ ،‬أجرينا هذا الحوار‬ ‫مع أحد أبناء شعبنا الليبي‪ ،‬شوقي‬ ‫إبراهيم صالح معمر‪ ،‬األمازيغي‬ ‫العرق‪ ،‬الليبي الوطني‪ ،‬والمسلم‬ ‫ديانة‪ ،‬لنتعرف منه على بعض‬ ‫الجوانب السياسية والثقافية في حياة‬ ‫األمازيغ الليبيين‪.‬‬

‫هشام الشلوي‬

‫شوقى إبراهيم صالح معمر‪،‬من زوارة مواليد‬ ‫طرابلس ‪1967‬م‪،‬درست في مدرسة الظهرة‬ ‫اإلبتدائية واالعدادية ‪ ،‬ومن ثم الجامعة‬ ‫المسماة بالفاتح‪ ،‬خريج عام ‪ 90‬من قسم العلوم‬ ‫السياسية‪،‬ماجستير تاريخ قديم من جامعة‬ ‫كاردف ‪،1993‬ثم عملت كعمل خاص بمكتب‬ ‫سياحي‪،‬بعد ذلك تعينت كعضو هيئة تدريس‬ ‫بجامعة الزاوية سنة ‪2003‬م‪،‬وشاركت في عدة‬ ‫بحوث في التاريخ الليبي القديم‪.‬‬ ‫نشاطي كان تأسيس الجمعية الليبيية الستكشاف‬ ‫المخابئ و الكهوف من عام ‪1992‬م و حتى‬ ‫اليوم‪ ،‬ونشاطها كان محدودا و ذلك لعدم وجود‬ ‫االمكانيات و المساعدات من الجهات العامة‪.‬‬ ‫في الفترة االخيرة عندما قامت ثورة ‪ 17‬فبراير‬ ‫وقفنا مع الثوار في طرابلس والتي كانت مسقط‬ ‫رأسي‪ ،‬و من بعدها الزاوية وزوارة و قدمنا‬ ‫المساعدات كالمواد الطبية والغذائية‪،‬و كانت‬ ‫الكتائب لديها قائمة باسماءنا و مطلوبين لها‪،‬‬ ‫وبتاريخ ‪5/2011\4‬م خرجنا من ناحية البحر‬ ‫إلى جرجيس واتجهنا صوب بنغازى و بإذن هللا‬ ‫نرجعوا مع ثوار ‪ 17‬فبراير إلى زوارة و من‬ ‫بعدها إلى طرابلس إن شاء هللا إلزاحة هذا النظام‬ ‫الفاسد والظالم‪.‬‬ ‫كيف كانت بدايات الثورة في زوارة؟‬ ‫بداية الثورة انطلقت يوم ‪ 19‬فبراير الساعة‬ ‫الخامسة مساء و كانت مظاهرة تاريخية في‬ ‫زوارة و خرج فيها مجموعة من الشباب تتراوح‬ ‫أعمارهم ما بين ‪ 19‬إلى ‪ 25‬عاما ً ‪ ،‬وأعلنت‬ ‫زوارة تحررها من النظام ‪ ،‬واستمرت ‪28‬‬ ‫يوما ً تحت سيطرة الثوار ‪ ،‬لكن يوم األثنين‬ ‫‪ 3\14‬و في الصباح دخلت علينا الكتائب‬ ‫بحوالي ‪ 22‬دبابة في محاولة الستعادة زوارة‬ ‫وقصفت المدينة قصفا عشوائيا ً ‪ ،‬وحاول الشباب‬ ‫أن يقاوموا الكتائب باألسلحة الخفيفة والتي‬

‫تحصلوا عليها من معسكرات التجييش‪،‬إلى أن‬ ‫قلت الذخيرة حوالي الساعة السادسة مسا ًء‪،‬ولم‬ ‫يكن هناك من حل إال انسحاب الثوار‪ ،‬ودخلت‬ ‫الكتائب‪ ،‬والتي قامت باعتقاالت عشوائية في‬ ‫الشوارع‪ ،‬ولم يتركوا أحدا‪،‬حيث أنهم اعتقلوا‬ ‫األطفال والشباب والعجزة‪ ،‬وكانت المداهمة‬ ‫في البيوت والشوارع وال أستطبيع أن أصف ما‬ ‫فعلت الكتائب‪ ،‬و إلى اليوم موجودة هي الكتائب‬ ‫هناك‪ ،‬واالعتقاالت مستمرة حتى اليوم بشكل‬ ‫عشوائي‪ ،‬و تمكنا من الهروب عبر قوارب‬ ‫الصيد إلى تونس والمنظمات اإلنسانية والشعب‬ ‫التونسي اتخذ معنا موقفا مشرفا‪ ،‬وشارك في هذه‬ ‫الثورة بتقديمه لكافة المساعدات اإلنسانية‪.‬‬ ‫نريد منك أن تعرف القارئ باألمازيغ‪ ،‬باعتبارهم‬ ‫جزء من النسيج الوطني الليبي؟‬ ‫هم ليبيون في األصل‪ ،‬ولكن األمازيغ لهم‬ ‫ثقافة و لغة خاصة فهم سكان شمال أفريقيا‬ ‫االصليين‪،‬فهناك أمازيغ يتحدثون باللغة‬ ‫األمازيغية‪ ،‬ومنهم من استعرب ‪ ،‬كما أن منهم‬ ‫التبو و الطوارق و منهم أمازيغ جبل نفوسة و‬ ‫منهم أمازيغ زوارة حتى مصراته و مسالته و‬ ‫الخمس‪،‬أسماء في ليبيا هي أمازيغ و لكن النظام‬ ‫حول هذه الثقافة إلى أجندة سياسية‪ ،‬فأصبح‬ ‫يعتقل األمازيغيين لمطالبتهم بحقوقهم الطبيعية‬ ‫والدستورية كلغتهم و تاريخهم و ثقافتهم وعاداتهم‬ ‫فنحن لم نطالب بأشياء معجزة‪ ،‬نحن نطالب‬ ‫بحقنا الطبيعي في اللغة‪ ،‬وحقنا في االعتراف بنا‬ ‫دستوريا‪ ،‬وهذا حق طبيعي لكل أقلية في العالم‪،‬إال‬ ‫أننا ال نعتبر أنفسنا أقلية‪،‬وإذا رجعنا إلى األعراق‬ ‫فإن األصول العربية ال تتعدى ‪ 10%‬من سكان‬ ‫ليبيا‪ ،‬وال ‪ 90%‬الباقية‪ ،‬أكراد وأتراك وأمازيغ‪،‬‬ ‫وكريت‪ ،‬ويونانيين‪،‬نحن نطالب بمجتمع متعدد‬ ‫الثقافات‪،‬ومتعدد األعراق‪،‬ونتمنى أن نتعايش مع‬ ‫بعضنا كليبيين دون اية حساسيات عرقية‪.‬‬ ‫فمن حقنا الطبيعي جدا ان نكتب لغتنا‪ ،‬وأن‬


‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪07‬‬

‫عبد اجلليل قال لنا‪،‬عندما تستقر األمور سنجري حوارا وطنيا موسعا ‪.‬‬

‫نطالب ب��أن تكون لنا صحفنا وإذاعاتن��ا‪ ،‬وقنوات تليفزيونية‬ ‫ناطق��ة باألمازيغي��ة‪ ،‬وكذل��ك تك��ون لن��ا مدارس��نا اخلاصة‪.‬‬ ‫نتحدث بها ‪ ،‬وأن تكون ثقافتنا األمازيغية وهذا‬ ‫ليس بعيب‪ ،‬وهذا كما قلت حق طبيعي وكل‬ ‫المواثيق العالمية اإلنسانية تطالب بالحقوق‬ ‫للجميع واألقليات ‪ ،‬النظام همشنا و أخافنا‬ ‫وخوننا‪ ،‬ولذا فنحن نطالب بأن تكون لنا صحفنا‬ ‫وإذاعاتنا‪ ،‬وقنوات تليفزيونية ناطقة باألمازيغية‪،‬‬ ‫وكذلك تكون لنا مدارسنا الخاصة‪ ،‬ففي ليبيا‪ ،‬يتم‬ ‫تدريس لغات أخرى غير العربية كالسويحلية‪،‬‬ ‫والهوسا‪ ،‬واللغات األجنبية‪ ،‬فلماذا ال تكون‬ ‫لغتنا تدرس كباقي اللغات األخرى‪،‬ما المانع‬ ‫في ذلك؟ فإذا كان لكل شعب هوية‪ ،‬فهوية ليبيا‬ ‫هي األمازيغية‪،‬وهذه حقيقة معروفة‪،‬فالحروف‬ ‫األمازيغية موجود في أثار شحات وسوسة‬ ‫وجبال االكاكوس والهروج‪،‬فهوية ليبيا القديمة‬ ‫أمازيغية‪ ،‬فنحن نطالب بحقوقنا في ظل دولة‬ ‫وطنية موحدة ودستورية وذات سيادة قانونية‬ ‫تكفل لنا حقوقنا‪.‬‬ ‫أال تخشون أن يدخل الغرب على هذا الخط و‬ ‫يحاول خلق أرضية غير مشتركة بينكم وبين‬ ‫باقي تراب الوطن الليبي؟‬ ‫هذه نظرية المؤامرة وهي بأن الغرب يريد أن‬ ‫يدمرنا‪ ،‬ولكن الواقع نحن الذين دمرنا و تأمرنا‬ ‫على أنفسنا وقمنا بإعدام أصحاب الرأي ‪ ،‬وفي‬ ‫األخير من أنقذنا من هذا المستبد؟ هم الغرب‪،‬‬ ‫وأنقذ بنغازي هم الغرب‪ ،‬ال نستطيع إنكار حقيقة‬ ‫أنهم هم قاموا بمساعدتنا عسكريا وسياسيا‪.‬‬

‫الشعوب الغربية تقرأ وتعرف التاريخ ‪ ،‬فلما‬ ‫قامت الثورة وقفوا مع ثورة الشعب ألنها هى‬ ‫التي ستنتصر‪ ،‬لذا هم وقفوا معنا‪ ،‬كما أننا ال‬ ‫نستطيع إغفال المصالح المتوخاة من تدخل‬ ‫الغرب في ليبيا‪.‬‬

‫التقينا مع األستاذ مصطفي عبدالجليل رئيس‬ ‫المجلس الوطني االنتقالي ونحن تفاءلنا بحديثه‬ ‫‪ ،‬وأخبرنا بأن القانون الذي سيحكم البلد‪ ،‬وقال‬ ‫إن هذه مرحلة انتقالية‪ ،‬وعندما تستقر االمور‬ ‫سنجري حوارا وطنيا موسعا بعد تحرير ليبيا‪،‬‬ ‫هل أنتم ممثلين عن زوارة و منسقين لها مع وسنعمل على حل المشاكل و التي ستنتهي بالفعل‬ ‫المجلس الوطني؟‬ ‫مع سقوط النظام‪.‬‬

‫نحن هنا للتنسيق و المشاركة في هذا الحدث‬ ‫والحوار السياسي و نعّرف من خالله باألمازيغية‬ ‫التي هي ليست «بعبع» أو إمبريالية كما يشاع‬ ‫حولها من أنها نتاج أجندة غربية ‪ ،‬وعندما‬ ‫تفتح البلد و تعطى حرية التعبير والرأي وحق‬ ‫المواطنة وسيادة القانون تنتهي كل األحاديث‬ ‫عن المؤامرات الغربية ‪ ،‬و الذي رأينه صنع‬ ‫المؤامرة علينا هو النظام الديكتاتوري الشمولي‬ ‫التابع للقذافي‪ ،‬أوروبا تعيش بكل أعراقها و‬ ‫قومياته في اتحاد و تسعى من أجل مصلحتها‪،‬‬ ‫نحن ال نريد خلط األوراق‪ ،‬ما دخل حرية التعبير‬ ‫وحرية الرأي وحرية الثقافة مع األمور السياسية؟‬ ‫مطالبتنا طبيعية خاصة بالتاريخ والثقافة والتعبير‬ ‫األمازيغي باعتباره هوية لنا‪.‬فالمؤماة الحقيقية‬ ‫هي احتالل القذافي لنا ‪ 42‬عاما‪ ،‬الذي جعلنا‬ ‫متخلفين وفي أسفل الركب الحضاري‪.‬‬

‫هل تم تشكيل مجلس محلي في زوارة؟‬ ‫نعم تم تشكيل مجلس محلي وعسكري بمدينة‬ ‫جربة نتيجة احتالل زوارة من قبل كتائب‬ ‫القذافي‪ ،‬والمجموعة قائمة بواجبها‪ ،‬ونحن تحت‬ ‫مظلة المجلس الوطني االنتقالي بالتنسيق معه‪.‬‬

‫ثوار زوارة انسحبوا خارج المدينة ‪ ،‬إلى اين‪ ،‬هل‬ ‫هناك ثمة تكتيك عسكري يبرر هذا االنسحاب؟‬ ‫الحقيقة لم يكن تكتيكا عسكريا بقدر ما هو هروب‬ ‫من اآللة العسكرية لكتائب القذافي والمدججة‬ ‫بالسالح‪ ،‬ومن ثم انعدام التوازن بين ما يملكه‬ ‫الثوار من أسلحة خفيفة‪ ،‬وما تملكه الكتائب‬ ‫من عتاد جهنمي ساحق‪،‬وقتل من شباب ثورة‬ ‫زوارة عشرة شهداء‪ ،‬ومنهم من ألقي القبض‬ ‫عليه‪،‬فأنسحب الشباب عن طريق البحر إلى‬ ‫منطقة جريجس وميناء الكتر‪ ،‬وسلموا أنفسهم‬ ‫للسلطة التونسية‪ ،‬والتي قامت بواجبها تجاه‬ ‫هل التقيتم أحدا من المجلس الوطني االنتقالي ؟ شباب زوارة‪.‬‬

‫األص��ول العربية ال تتعدى ‪ 10%‬من س��كان ليبيا‪ ،‬وال ‪90%‬‬ ‫الباقي��ة‪ ،‬أك��راد وأت��راك وأمازي��غ‪ ،‬وكري��ت‪ ،‬ويوناني��ون‪.‬‬


‫‪08‬‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫أمحد الفيتوري‬

‫ذك�����ري�����ات س��ج�ين‬ ‫سياسي لييب‪:‬‬ ‫ليلة إع�لان اإلف��راج‬ ‫‪29‬فرباير ‪1988‬م‪.‬‬ ‫[ ‪ ...‬إلي أمي عربية بشير الغرياني من صابها‬ ‫السكرى‪ ،‬وإلي أبي محمد عبد السالم الفيتوري‬ ‫من مات حسرة‪ ،‬وإلي كل أمهات وآباء زمالئي‬ ‫تخصيصا ‪] ..‬‬

‫لم يكن يوما معتادا ‪ ،‬هناك متشابهات كثيرة بشكل عام لكن التفاصيل بينة‪ ،‬عادة نقضي‬ ‫أغلب اليوم في الزنزانة‪ ،‬دائما األبواب مقفلة‪ ،‬بين حين وأخر يتأخر الفطور أو الغذاء‬ ‫وحتى العشاء‪ ،‬كثيرا ما منعنا من الخروج إلي ( األريا ) أي ساحة السجن حيث نقضي‬ ‫هناك من ساعتين إلي ثالث لكن لم يغب الحرس عن المكان البتة ‪ ،‬منذ سنوات عشر‬ ‫مضت قضيتها في السجن متنقال من سجن الجديدة إلي سجن الحصان األسود ثم هاأنذا في‬ ‫سجن بوسليم لم يحدث أن غاب الحرس عن المكان‪ ،‬حدث كهذا الهدوء المريب في مرات‬ ‫سابقة وأعقبه عاصفة من التفتيش الشخصي وللزنازين وقد يرافق ذلك الضرب أيضا‪ ،‬لكن‬ ‫لم يحدث أن غاب الحرس‪.‬‬ ‫لم نخرج للساحة ‪ ،‬لم يجلب لنا طعام اإلفطار والغذاء أيضا مر والجوع في زيادة ‪ ،‬الهدوء‬ ‫أيضا في زيادة لذا كانت الريبة في زيادة أيضا‪ .‬أكلنا التوتر وتلبكت األنفس من جوع‬ ‫وخوف تالزما لحظتها ‪ ،‬حتى وان قطعت اللحظة حركة فهي بعيدة في ساحة إدارة السجن‬ ‫‪.‬‬ ‫أخذنا نتنصت ‪ ،‬كنا في الزنزانة عند المدخل سريري الحديدي‪،‬كنت في أسفل وفي األعلى‬ ‫عبد الرحمان الشرع‪ ،‬مقابل الحمام سرير عمر المختار الفردي ‪،‬ثم عبد الحليم البشتي‬ ‫وأخيه عبد الحميد ثم محمد الفقيه صالح واألخ الثالث عبد المعنم البشتي وفرج الصالح‬ ‫ورمضان المقصبي وعجوز صوفي من خروبة مدينة مسالته نسيت اسمه اآلن ‪.‬‬ ‫بعد أن لم تلتقط اآلذان شائنا يذكر ‪ ،‬هاج في النفوس التخمين و التوقعات والتقديرات‪ ،‬ومن‬ ‫ثم التحليل ديدن السجناء جملة كل الوقت وفي أي مكان وحتى في زنزانة انفرادية‪ .‬ككل‬ ‫مرة طارت النفوس علي جناح األمل وشدتها مخاوف لألرض‪ ،‬لم تتباين التوقعات وتتنافر‬ ‫التحليالت فحسب بل وكذا هيجان عاث في النفوس تلكم اللحظة‪ ،‬كما لو كنا نترقب أمرا‬ ‫أو أننا علي بينة من خفي يتجلي‪.‬‬ ‫كسرة مرآة دسها رمضان من تحت مليمترات في الباب‪ ،‬يرقب مجاري ( الكورادوري‬ ‫) أو الممر الذي يفصل طابوري الزنازين المتقابلة ‪ .‬رمضان الرجل العملي في الزنزانة‬ ‫ومخترع حاجتها المادية العملية‪ ،‬رصد فراغا يثير أغبرة المكان وحركة السكون ثم رجح‬ ‫أن ثمة أمرا‪ .‬من مرصده وهو منطرح علي بطنه يدس رؤوس أصابعه بكسرة المرآة‬ ‫تبين ذلك‪ ،‬وأضاف لفضولنا معلومات جمة وهامة وهواجس أطلقت العنان لتخمينات عمر‬ ‫المختار الوافي؛ من شيمه االستطراد ‪.‬‬ ‫في قسم اإلعدام والمؤبدين سكون ضاج‪ ،‬عبر حفرة في الجدران ‪ -‬وجدت ألن حيطان‬ ‫السجن من نوع البناء الصناعي أي المركب تركيبا – عبر هذه الحفر بدأت مراسالت‬ ‫صوتية وكتابية تدور بين الزنازين ‪ ،‬تتسأل كلها عما ال يحدث هذا الذي يحدث ؟ ‪.....‬‬ ‫الشيء يحدث و ال أحد يجيء خمنت في نفسي مرددا الزمة مسرحية بيكت الشهيرة ‪ :‬في‬ ‫انتظار غودوا ‪.‬‬ ‫الجوع أندغم في السكون ومن خالئط عجائن اللحظة المتوترة تلك غاب كل شيء‪ ،‬فقد‬ ‫كان سيد المكان بل ربه االنتظار‪ ،‬ضاقت األنفس بما حملت وانبثت حركة بين اآلسرة ‪،‬‬ ‫الزنزانة ‪ 4 × 4‬متر كأنها ملعب كرة طائرة ‪ ،‬ثمة من يقفز إن وحى فكرة ‪ ،‬ثمة من يطيره‬ ‫التوتر ‪،‬ثمة من يسبح في فضاء من سكون رائب‪.‬‬ ‫المفاجأة في لحظتها تخترع ؛ فالترقب يلدها‪ .‬لهذا زحف آخرون للمرصد واستولوا علي‬ ‫وسيلته من يد رمضان ‪ ،‬كلما امتدت يد لكسرة المرآة يتسربل محمد في صمته ‪،‬ويشطح‬ ‫خيال عمر‪ ،‬فيما يطفو قلق عبد الرحمان يوكد عبد الحميد توكيداته حول قرب لحظة‬ ‫اإلفراج وقد دامت لحظته تلك خمسة عشر سنة قضاها في ذلك السجن‪.‬‬ ‫فات عصر اليوم؛ لم يعد أحد يفكر في األكل و ال أحد تطرق للجوع الذي تمثل في الجوع‬ ‫للمعرفة والشغف لفتح الستارة‪ :‬كل شيء واضح في غموضه ذاك ساعتها‪ ،‬عندها كانت‬ ‫ظنون تشبع فضولنا ؛ وان لم يحدث شيء حتى جفلة صرصور‪ -‬رغم كثرة الصراصير‬ ‫في الزنازين‪ -‬فقد حدث كل شيء‪ ،‬وأكثر مما يحدث في ميدان غاص بالجمهور في مدينة‬ ‫كبرى ‪.‬‬ ‫حدث أننا أخذنا من نفوسنا‪ ،‬وأن الشغف أخرجنا من سجوننا‪ ،‬لم نعد فرادة كما حال‬ ‫السجين كل الوقت‪ ،‬لكن صرنا فردا ؛هنا تبين لي المفرد بصيغة الجمع في لغتنا العربية‬ ‫‪ .‬دون مبالغة تسمع نبض صاحبك باعتباره نبضك واألمر كذلك لحظتها ؛ لحظتها صرخ‬ ‫رمضان من استعاد مرصده ‪ :‬مفاجأة ‪ .‬وجدتني من لم أدنوا من المرصد علي بطني‪ ،‬أرقب‬ ‫من كسرة المرآة ما فاح في المكان وجالت أبخرته في الدماغ وما صم اآلذان ؛ عربة األكل‬ ‫دخلت القسم والطعام تجول روائحه‪ ،‬ما رأيت دفعني لالنسحاب غير مصدق وفي ذهول‬


‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪ .‬موسى أحمد أخذ جانبا من قبل الحارس ودخل معه في حديث مطول‪،‬‬ ‫هذا خبرنا به آخر أخذ مكاني ‪ .‬أحدث هذا بلبلة رفعت من وتيرة الصمت‬ ‫اللحوح وأخذ الطير مكانه‪ ،‬تركز علي رؤوسنا بثبات ‪.‬‬ ‫البد أن نعرف ما الخبر من موسى‪ .‬حين قربت عربة الطعام من زنزانتنا‬ ‫ التي تعد الثانية في الممر‪ -‬سحب المزالج فعرفنا حينها أن األقفال كانت‬‫مفتوحة وهذا أيضا نادر الحدوث ‪ .‬حين حصلنا علي طعام اليوم األول لم‬ ‫نجد الحيل وبالتالي الحيلة كي نعرف ‪ ،‬كأن األكل أكل فضولنا وأن الشغف‬ ‫غص في حلوقنا ؛ األكل الملوكي الذي التقمناه أو التقمنا لقمة صائغة عطل‬ ‫أجسادنا وخبل أرواحنا التائقة لحدوث شيء أي شيء ‪.‬‬ ‫وإذا كان الوقت بين العاشرة صباحا ؛ موعد فتح الزنازين واخرجنا للساحة‬ ‫‪،‬والساعة السادسة مساء ساعة إحضار األكل ما لم نحلم به حتى ‪ :‬مكرونة‬ ‫اسباغيتي ولحم ديك رومي ‪ ،‬إذا كان هذا الوقت تبخر في لمحة فما بعده‬ ‫ثقل علي النفوس‪ .‬خمل المكان وخمدنا‪ ،‬عدنا لمعتادنا ‪ ،‬وتبددت الدهشة‬ ‫وسرى خدر من تعب ‪.‬‬ ‫لكن ما عرض علي شاشة التلفزيون أجج الغضب ‪ ،‬في أخبار التلفزيون‬ ‫الليبي ‪ -‬المحطة الوحيدة التي نتمكن من مشاهدتها ‪ -‬عند التاسعة والنصف‬ ‫مساء عرض مشهد فضيع؛ يقوم فيه جنود صهاينة بتحطيم ‪ -‬بحجارة ‪-‬‬ ‫ذراعي شاب فلسطيني مشارك في االنتفاضة آنذاك ‪....‬‬ ‫أصابنا غ ّم وحاطنا قهر مزدوج ووهن كبلنا فرادة ‪ ،‬انفرد المشهد بنا فبدد‬ ‫العزم وعدنا كل لزنزانة النفس االنفرادية ‪.‬‬ ‫لحظتها فاتنا أن مزالج الزنزانة األخيرة ‪ -‬من جهتنا‪ -‬قد فتح بقوة‪ ،‬وأنه‬ ‫تم إخراج أحدهم من هناك‪ ،‬ما انتظرنا أن يحدث حدث وانتباهنا سلب‬ ‫منا هناك ‪.‬علي عجل وصلنا الخبر ‪ :‬تم استدعاء الساعدي سيف النصر‪،‬‬ ‫وعلمنا أيضا معلومات موسي أن هناك لجنة تزور السجن منذ ضحى اليوم‬ ‫‪.‬‬ ‫األحداث لم تترك فرصة لتخميناتنا كي تضطرد أو تظهر حتى‪ ،‬من‬ ‫استدعى تاليا كان عمر المختار من زنزانتنا‪ ،‬فور عودة الساعدي علمنا أنه‬ ‫بلغ باإلفراج عنه‪ ،‬في اللحظة عاد عمر في ذهوله المعتاد أخبرنا بما وكد‬ ‫خبر الساعدي‪ ،‬لم يصدق أحد ما يحدث باستثناء المتفائل أبدا عبد الحميد‪،‬‬ ‫كنا نلوك تفاصيل التفاصيل في دوخة ال ُمك ِذب المشتهي أن يُك َذبْ ‪ ،‬ثقل‬ ‫المكان ّ‬ ‫خف حتى لم يعد يحتمل‪ ،‬طارحنا صاحبنا األسئلة المنشطرة وما‬ ‫تعودنا من إلحاح غير ذي معنى‪ ،‬كنا نريد أن نرى هللا كما سيدنا موسى بنا‬ ‫وله عاشق اليقين‪.‬‬ ‫حارس دخل الممر في صوت ميكرفوني‪ :‬وين جماعة الصحافة‪.‬‬

‫‪09‬‬

‫كان يعنيني وزمالئي في القضية؛ التي حكمنا فيها باإلعدام مخففا للمؤبد‬ ‫بتهمة االنتماء لحزب ماركسي لينيني يستهدف إسقاط النظام‪ ،‬عرفت القضية‬ ‫بجماعة الصحافة بحكم أنها تضم إثناء عشر هم من الكتاب والشعراء‬ ‫والصحفيين وهم ‪ :‬عبد السالم شهاب وعمر الككلي وفتحي نصيب وجمعة‬ ‫بوكليب القاصون وإدريس المسماري ومحمد المالكي ومصطفي الهاشمي‬ ‫الكتاب وإدريس ابن الطيب ومحمد الفقيه صالح وعلي الرحيبي الشعراء‬ ‫ورمضان الفارسي وأنا طبعا ‪.‬‬ ‫طلب منا أن نأخذ معنا حوائجنا هنا حدثت ربكة واضطراب وطلعت‬ ‫هواجس؛ ما من مرة تنقلنا إال وهذا الطلب أول‪ ،‬كنا نحمل أسفارنا منقولين‬ ‫من سجن ألخر‪ .‬فكيف وقد أعيد الطلب بهت الذين صدقوا الخبر‪ ،‬وبدأ كأن‬ ‫أروحنا تطلع ال أجسادنا‪ ،‬في األكمة ما فيها‪ ،‬جلبت لنا عربة الطعام كي‬ ‫نحمل حوائجنا معا وكانت أسماال حرصنا عليها كما الحرص علي الروح‪،‬‬ ‫لحظتها كنت والمسماري في حيرة هل نترك النتاج اإلبداعي والفكري ‪:‬‬ ‫مجلة النوافير التي أصدرناها في بوسايم ومنها أعداد كتبت علي ورق‬ ‫سجائر األطلس الداخلية وكتب أصدرتها مجلة النوافير ‪ :‬جدل القيد والورد‬ ‫– دراسات في الشعر العربي وكتاب عودة مواطن كتب من عدد كبير‬ ‫من السجناء حول فلم عودة مواطن للمخرج محمد خان وكان عرض في‬ ‫التلفزيون الليبي وشاهدناه وكتاب المعقول والالمعقول في العقل العربي‬ ‫أيضا شارك في كتابته عدد من الزمالء والتصحر في دراما التلفزيون‬ ‫العربي وكتب مترجمة عن االيطالية حول تاريخ النهضة األوربية ترجمها‬ ‫عبد الحميد البشتي ورواية وكتاب عن الفرنسية وعن االنجليزية ثم كتابات‬ ‫شعرية وقصصية ورسوم ‪ ..‬وغير ذلك ‪.‬‬ ‫هل نترك هذا لزمالئنا أم نأخذه معنا ‪ ،‬كان الحارس يلح باإلسراع للخروج‬ ‫وكنا علي عجل وبنا ولع لذا تركنا األمر غير جازمين وكأن الحرية‬ ‫المنشودة غلبت الحب الذي ألفنا‪ ،‬فما يحدث يطرد ما حدث دائما ‪.‬‬ ‫في ساحة إدارة السجن بلغنا رسميا باإلفراج عنا حيث قرئ علينا بيان‬ ‫بالخصوص ‪ .‬ويلغنا أن نبقي أحرارا في السجن حتى ‪ 3‬مارس؛ حيث سيتم‬ ‫اإلفراج فعال ال بالقوة كما يقول الفالسفة‪ ،‬وحيث سيأتي أهلنا ونخرج معهم‬ ‫في حفل بالمناسبة ‪.‬‬ ‫لم نفرح كنا مشغولي البال بزمالئنا اآلخرين بأصدقائنا‪ ،‬لكن هذه اللحظة‬ ‫اإلفراج عنا وقد تم ‪ .‬لم يكن يوما معتادا ‪ ،‬هناك متشابهات كثيرة بشكل‬ ‫عام لكن التفاصيل بينة‪ ،‬لم نعد إلي الزنازين واألبواب أصبحت مفتوحة فقد‬ ‫‪ :‬أصبح الصبح ‪ ..‬ساعتها؛ الساعة قاربت الفجر تقريبا حين بلوغنا بأمر‬ ‫اإلفراج عنا ‪..‬‬


‫‪10‬‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫كغسق مُمز ٍق‬ ‫ٍ‬

‫ليبيا إدريس المسماري‬

‫بزخات دمائهم أينعت زهور اليامسني‬

‫وجدان شكري عياش‬ ‫ق من منفاها ‪ ،‬وال‬ ‫ِحدا ٌد مائِ ٌل للزوال ‪ ،‬صرخةٌ تنطلِ ُ‬ ‫ع‬ ‫ندري أينا القاد ُر على‬ ‫إيقاظ فتنتِها ‪ ،‬فيما ُخشو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مزق‬ ‫يمنح العل َم بها َء لغته‪ ،‬أحم ٌر‬ ‫اللون‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫كغسق ُم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أرصف ِة غزة وهي تُ َر ِد ُد كلمتين ذائِبتين في‬ ‫على‬ ‫ِ‬ ‫الشعب يُ ِري ُد انهاء االنقِسام «‪..‬‬ ‫يقين الوطن «‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫يج ُر ذا ِكرةَ ال ُمدن من خوفِها ويسح ُ‬ ‫أبيض يائِ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫س ُ‬ ‫ب رصاصتين من‬ ‫َ‬ ‫عرش االن ِهزام وغزةُ على قا ِ‬ ‫َ‬ ‫العلم وشُهو ُد‬ ‫ب‬ ‫حي‬ ‫ن‬ ‫حتى‬ ‫ض‬ ‫الرف‬ ‫أول‬ ‫من‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫الخيان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ساحةُ الجندي المجهول وساحةُ المنارة يُربِ ُكها‬ ‫ُ‬ ‫فوالذ االنقِسام ‪..‬‬ ‫رحها ‪..‬‬ ‫رح‬ ‫أسو ٌد كرما ِد بال ٍد يجتِ ُ‬ ‫َ‬ ‫الرصاص وجع ُج ِ‬ ‫الربيع ال ُممت ِد ما بين بن جواد‬ ‫كطيف‬ ‫أخض ٌر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والزاوية ‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫وطن بال خرائط‬ ‫ب‬ ‫أرث من بها ِء‬ ‫الظلم على أعتا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫والجنو ُد نِيام‪ ،‬نبتت‬ ‫تسر ُد ُرؤى اغتيال غي َم الجن ِة‬ ‫ُ‬ ‫نرجسةُ المج ِد على ثرى بنغازي بِقالدتين من نبي ِذ‬ ‫ِ‬ ‫االنتماء ‪..‬‬ ‫دم‬ ‫أنا ليبي ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫نبض الشع ِ‬ ‫ب دليلي وما أمتزج من ٍ‬ ‫على ثراها ‪..‬‬ ‫أنا ذا ِكرةٌ ُمرتبكةٌ من مشانِق بِلونين ال ثالِث لهما ‪،‬‬ ‫عاصف ِة‬ ‫ض والغس ُ‬ ‫تاج ُر بِ ِ‬ ‫ق يُ ِ‬ ‫أحم ٌر وأسو ٌد كشه ِد النب ِ‬ ‫ض ‪..‬‬ ‫الرف ِ‬ ‫الحوار ‪..‬‬ ‫ُمدنٌ من َ‬ ‫ب ِ‬ ‫سرا ِ‬ ‫ُ‬ ‫مواسمه لِحصا ِد الجحيم ‪،‬‬ ‫قوس‬ ‫ط‬ ‫ئ‬ ‫موتٌ يُهي ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫صف ‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫رصاص ال يعبأ بِرائِح ِة ُغبا ِر أبنِي ٍة قُ ِ‬ ‫ب مذبح ِة ياسمين ليبيا وحير ِة‬ ‫صرخةٌ على با ِ‬ ‫دن تمضي في غي عُنفِها‬ ‫غيمها ونبوء ِة الثرى ل ُِم ٍ‬ ‫ناض ٍل‬ ‫م‬ ‫دم‬ ‫يع‬ ‫ك‬ ‫تر‬ ‫على‬ ‫ة‬ ‫ص من قُد َر ٍ‬ ‫ِ ِ ٍ ُ ِ‬ ‫‪ ،‬لها ما للرصا ِ‬ ‫يهتُفُ ‪ »..‬سوف نبقى هنا كي يزول األلم ‪ ،‬سوف‬ ‫نحيا هنا سوف يحلو النغم « ‪..‬‬ ‫– شاعرة فلسطينية‬ ‫بنغازي ‪2011.4.6‬‬

‫الصغير قبل الكبير تابع بدقة و استغراب احداث ثورة الياسمين‪ ،‬لكن مخيلتي لم تصور لي‬ ‫نجاح هذه الثورة‘ فأن يصل صوت الشوارع العربية لنوافذ الحكام العالية هو امل بعيد المنال‬ ‫‪ ..‬كان هذا قبل خطاب زين الدين بن علي الشهير (فهمتكم)‪ ..‬فهم بن علي شعبه‪ ،‬و لم نفهم‬ ‫نحن قصد بن علي ‪ ،‬فقد كان هذا الخطاب مفتاح لبوابة تمكث خلفها العديد من التساؤالت؟و‬ ‫هل اعتراف بن علي بتقصيره تجاه شعبه ؟؟ و هل وصل صوت الشارع لبن علي و شكل‬ ‫خطر عليه؟ هل يعني هذا انه سيجري اصالحات ؟ ام انه سوف يتنحي ؟ و ماذا يعني ان‬ ‫يتنحي فهل يرحل صاحب كرسي عربي اال اذا زاره عزرائيل؟هل سيخرج علينا بن علي في‬ ‫خطاب اخر كخطاب جمال عبد الناصر ليقول انه تنازل عن كرسيه ؟ و بين سؤال و اخر جاء‬ ‫خبر عاجل صعب علي المذيع القاءه يبشر بأن فجر جديد سيشرق علي العرب بداء برحيل‬ ‫زين الدين بن علي‪ ...‬و اصبح من السهل التنبؤ بأن الشعب المصري المقدام سوف يسير‬ ‫علي طريق ثورة تونس لتلبية نداء الحرية‪ ،‬سيصل الي نفس النتيجة‪ ،‬ولكن متي وكيف؟‬ ‫تابعنا علي مدي اسابيع حراك ميدان التحرير في القاهرة‪ ،‬من صرخات الفيس بوك انتقاال الي‬ ‫موقعة الجمال والخيول والرصاص ‪ ،‬وانتهاء برحيل الريئس حسني مبارك وانسالله من حياة‬ ‫المصريين كسحب شعرة من عجين‪ .‬هذا ما حدث فماذا عنا؟ ‬ ‫ازداد انتشار صفحات تنادي بثورة ‪ 17‬فبراير علي الفيس بوك من صفحة واحدة حاول‬ ‫قراصنة النظام مرارا و تكرارا اغالقها‪ ،‬ليعيد الشباب تنشيطها الي عشرات الصفحات ينظم‬ ‫إليها اآلالف من الشباب‪ ،‬يتناقشون و يضعون تصورات كانت تبدو للوهلة االولة متفائلة و‬ ‫لكنها في حقيقتها تصورات ممزوجة بكثير من االيمان بالقضية‪ ،‬و قليل من االيمان بالقدرات‬ ‫‪،‬وفي مجملها لم تتخل عن مطالب الحرية والكرامة‪ ،‬وصون حقوق الليبيين ومحاسبة‬ ‫المفسدين‪ ،‬وكان الموعد المنتظر هو يوم ‪ /17‬فبراير‪ ،‬ولكن جاء يوم ‪ 15‬فبراير( اي قبل‬ ‫الموعد ) لنري و نسمع فيديو سرعان ما انتشر علي صفحات ثورة ‪ 17‬فبراير ينادي بالحرية‬ ‫من مدينة بنغازي( نوضي نوضي)‪ ،‬لينساق وراء صوته العشرات مساء يوم ‪ 15‬فبراير‪،‬‬ ‫وتحولت الي مئات‪ ،‬ثم االالف ‪ ،‬ومع صباح يوم ‪ 20‬تسقط بنغازي بين يدي قدر جديد بعد ‪4‬‬ ‫( سلمية‪ ،‬سلمية) وينهمر الرصاص‪ ،‬وتجنح ارواح‬ ‫ايام عمدتها الدماء‪ ،‬وصرخات‬ ‫الشهداء عاليا في سماء بنغازي‪،‬مئات من الشهداء الطالبين للحرية وجدو انفسهم يتلقون‬ ‫رصاص المرتزقة بصدورهم العارية خارج اسوار كتيبة الفضيل بوعمر ‪ ،‬و مثلهم كان افراد‬ ‫من الكتائب الليبيين يتلقون نفس الرصاص لرفضهم االوامر بضرب اخوتهم داخل اسوار‬ ‫الكتيبة‪ ..‬و مهما تسارعت االحداث احيانا و تباطأت فأن هذا ال يزعزع ايمانا راسخا بقضية‬ ‫كتبت عناوينها باقات الشهداء اليافعين‪ ،‬وبزخات دمائهم اينعت زهور الياسمين‪ ،‬وفاح مسك‬ ‫الشهداء بخورا للوطن‪.‬‬


‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫الشطرنج اجلماهريي‬ ‫كانت اللجنة المكلفة من مكتب االتصال باللجان الثورية بإعادة النظر في الرياضات واأللعاب غير‬ ‫المالئمة لعصر الجماهير‪,‬قد انتهت إلى التوصية بإلغاء لعبة المالكمة ‪,‬وكذلك لعبة الشطرنج ‪,‬وإعادة‬ ‫إحياء األلعاب الشعبية المنقرضة مثل شد الحبل ‪,‬وتخطي الجرد ‪,‬وعشرة دونك عشرين ‪,‬والرود‪.‬‬ ‫اعتمد الدكتور شفالح منسق اللجنة على ما ورد في الفصل الثالث من الكتاب األخضر بخصوص المالكمة‬ ‫باعتبارها لعبة عنيفة‪,‬ال تناسب مجتمعا جماهيريا مسالما ‪,‬ثم أطلق العنان لقريحته في نقد لعبة الشطرنج‬ ‫‪,‬التي وصفها بأنها لعبة رجعية أخطر من المالكمة‪,‬وقال ‪»:‬كيف نسمح لهذه اللعبة التي تشجع على‬ ‫الصراع على السلطة بالبقاء على قيد الحياة في مجتمع انتهى فيه الصراع على السلطة بوصول الشعب‬ ‫إلى السلطة والثروة والسالح‪..‬لعبة بها ملك ووزير وجنود وقالع وفيلة وخيول ال تزال تلعب في المقاهي‬ ‫واألندية ولها اتحاد وطني يهتم بها ‪..‬هذه اللعبة يجب أن تختفي بالكامل وأن ينساها الجميع ومن األفضل‬ ‫أن نشجع لعبة السيزة ألنها من تراثنا الشعبي وليس بها ملك أو وزير‪».‬‬ ‫وهكذا اختفت لعبة المالكمة من ليبيا واختفت الحلبات والقفازات وصور محمد علي كالي ‪,‬واألنوف‬ ‫المفلطحة التي تكسر غضروفها تحت قبضات ال ترحم ‪,‬أما لعبة الشطرنج فكان لها مصير آخر غير‬ ‫المالكمة ‪,‬فقد تمكنت هذه اللعبة من مراوغة»عصر الجماهير» بكل صلفه وطغيانه‪,‬بل وتمكنت من‬ ‫السخرية منه‪.‬‬ ‫في اليوم الذي تقرر فيه الزحف على االتحاد الليبي للشطرنج ‪,‬كان رئيس االتحاد يجلس في مكتبه في‬ ‫انتظار الزاحفين‪ ,‬وهو ينظر إلى نوارس تطير فوق الميناء ‪,‬والى النقلة العاشرة في مباراة صامتة تجري‬ ‫في ذهنه ‪.‬‬ ‫كان في أواسط الثالثينيات من عمره ‪,‬إال أن تقاطيع وجهه توحي بأنه أصغر من ذلك بعدة سنوات ‪,‬لعل‬ ‫نحوله المميز وطول قامته يساهمان في هذا االنطباع ‪,‬أو ربما شبح االبتسامة التي ال تفارقه تزيد من‬ ‫الغموض الذي أحاط بشخصيته بشكل كامل‪,‬حتى اسمه كان غامضا وال أحد يتذكر لقبه‪,‬منذ أن لقب‬ ‫بالدكتور علي رخ‪,‬وذلك ألنه كان يلعب الشطرنج بدون أحد الرخين ‪,‬ولم يهزمه أحد على اإلطالق ‪,‬ولم‬ ‫يعرف أحد على وجه اليقين في أي تخصص تحصل على شهادة الدكتوراه ‪ ,‬ومن أي جامعة في ايطاليا‬ ‫‪,‬التي عاد منها في منتصف السبعينات ‪,‬وبعد وقت قصير أصبح أهم العب شطرنج في البالد ‪,‬وأصبح‬ ‫رئيس االتحاد الوطني للشطرنج دون أي منافسة من أحد‪,‬وكأنه خلق من أجل هذه المهمة‪,‬وكان يتحدث‬ ‫بلهجة تجمع بين لهجة الغرب والشرق والجنوب ‪,‬وكان صوته المنخفض ‪ ,‬ولهجته الودودة الدمثة تشكل‬ ‫جدارا بينه وبين الناس فيمتنعون عن أي أسئلة ذات طابع شخصي ‪,‬وبالرغم من أنه أصبح من معالم‬ ‫طرابلس المميزة ‪,‬إال أنه لم يعرف له صديق مقرب ‪,‬أو عالقة عاطفية مع أي امرأة ‪.‬عاش أعزب يقيم‬ ‫في نفس مكتب االتحاد ‪,‬الذي قسمه بين مكتب ‪,‬وغرفة نوم ‪,‬وصالون ‪,‬ومع ذلك كان الجميع يحيونه في‬ ‫الشوارع ‪.‬الراجلون واآلخرون الذين يحيونه بضغطة خفيفة على منبهات السيارات ‪,‬وكان يرد التحيات‬ ‫بلطف مغلف بالخجل ‪,‬والذي ساهم في شعبيته هو تنظيمه لدورات الشطرنج للمبتدئين والمتقدمين في كل‬ ‫أندية المدينة ‪,‬وأيضا في مدارسها ومعاهدها وجامعتها ‪,‬وفي المساء كان يمر على مقهى الغزالة المطل‬ ‫على البحر‪,‬فيجد في انتظاره رواد المقهى وقد جلس كل منهم على طاولته خلف رقعة الشطرنج ‪,‬فيلعب‬ ‫معهم جميعا في وقت واحد‪,‬متنقال من طاولة إلى أخرى ‪,‬نقلة واحدة وهو واقف ثم ينتقل إلى الطاولة التي‬ ‫تليها ‪,‬وهو في أشد حاالت التركيز ‪,‬كان المقهى يكتظ عند حضوره ‪,‬والذين ال يجدوا مكانا يطلون من فوق‬ ‫الكورنيش ليشاهدوا هذا النحيل الغامض وهو يفوز على الجميع واحدا بعد اآلخر ‪,‬وعندما يقول كش مات‬ ‫آلخر العب يضج المقهى بالتصفيق ‪,‬ويجلس الدكتور علي رخ على إحدى الطاوالت ‪,‬ويحضر النادل كل‬ ‫طلباته مجانا ‪,‬وفي األثناء يشرح الدكتور للحضور ما جرى بين الروسي سباسكي واألمريكي فيشر في‬ ‫آخر مباراة لهما ‪,‬وكان يحفظ عن ظهر قلب تلك المباراة وغيرها من مباريات ‪,‬لهذا كان ينشر في مجلة‬ ‫ايطالية كل أسبوع ألغازا شطرنجية ‪,‬وكان يستمتع بعوائد عمله بالبقاء في ايطاليا عدة أشهر كل صيف‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫عمر الكدي‬

‫بينما كانت حياة الدكتور علي رخ تسير بهذه الحميمية ‪,‬جاء «عصر الجماهير «ونغص عليه حياته ‪.‬كان‬ ‫قد استعد منذ أيام للجنة الزحف المكونة من الدكتور شفالح ‪,‬والسعداوي األفيرك ‪,‬وابوعجيلة بالحاج‪.‬‬ ‫الدكتور شفالح منظر كبير ‪,‬وأيديولوجي من الصنف الذي انقرض من االتحاد السوفيتي ‪,‬وانبثق فجأة‬ ‫في هجير الصحراء ‪.‬يحفظ الكتاب األخضر عن ظهر قلب ‪,‬حتى أنه اعترف ذات مرة بأنه لم يعد يرى‬ ‫إال اللون األخضر‪,‬أما السعداوي األفيرك فكتلة من الشك والريبة في كل شئ ‪.‬يرتدي دائما عباءة فوق‬ ‫مالبسه ليخفي مسدسه الذي ال يفارقه على اإلطالق ‪,‬أما ابوعجيلة بالحاج فكان مجرد طماع وجد في‬ ‫العمل الثوري أسرع الطرق لجمع المال ‪.‬‬ ‫بينما كانوا في طريقهم إليه كان الدكتور علي رخ قد انتهى من مراجعة آخر التفاصيل في خطته ‪,‬وهو‬ ‫يتأمل نقطة ما في سماء الميناء ‪.‬رحب بهم بطريقته الدمثة التي أربكتهم ‪,‬وأنصرف ليعد لهم القهوة‬ ‫‪.‬الدكتور شفالح جلس وأستغرق في استعادة مالحظاته األيديولوجية على لعبة الشطرنج ‪,‬بينما أخذ‬ ‫السعداوي يراقب الدكتور علي خوفا من أن يضع شيئا ما في القهوة ‪,‬أما ابوعجيلة فقد أخذ يتأمل األثاث‬ ‫والمبنى ‪,‬ويقدر قيمة كل شئ ‪,‬ولم يعجبه إال المبنى الن موقعه في مركز المدينة يزيد من قيمته العقارية‪.‬‬ ‫قدم الدكتور شفالح للدكتور علي رخ رسالة مختومة بها قرار حل االتحاد الليبي للشطرنج ‪,‬وبأن عليه أن‬ ‫يتعاون مع لجنة الزحف التي ذكرت أسماؤهم ‪,‬وبينما هو يقرأ الرسالة ‪,‬كان الدكتور شفالح يسهب في نقد‬ ‫الشطرنج باعتبارها لعبة رجعية‪.‬تركه الدكتور علي حتى انتهى ‪,‬ثم أخذ يرحب بهم من جديد موافقا على‬ ‫كل ما جاء بالرسالة ‪,‬وما تفضل به الدكتور شفالح ‪,‬ثم أخذ بلهجته الودودة يشرح كيف أنه انتبه منذ سنوات‬ ‫إلى أن لعبة الشطرنج لعبة رجعية ‪,‬وكيف أنه صمم لعبة جديدة اسمها الشطرنج الجماهيري ‪,‬ليس بها ال‬ ‫ملك وال وزير وال أي رمز سلطوي ‪,‬بل بها العامل والفالح والطالب والجندي والمرأة والطفل والمعلم‬ ‫والمهندس ‪.‬أشرقت عينا الدكتور شفالح بوميض غريب ‪ ,‬وهو يتابع الشرح ‪,‬بينما تحفز بوعجيلة وهو‬ ‫يرى أن ثمة آفاق لمشروع ما ‪,‬أما السعداوي الذي لم يحول نظره عن الدكتور علي فقد قدر أن الرجل‬ ‫أكثر غموضا مما توقع ‪.‬أحضر الدكتور علي رقعة شطرنج ‪,‬ووضع القطع السوداء كما هي دون تغيير‬ ‫‪,‬ثم أخرج قطعا خضراء مصنوعة من الطين كان قد أعدها منذ أيام ‪.‬وضع مكان الملك رجال يرتدي‬ ‫المالبس التقليدية الليبية ‪,‬وقال‪»:‬هذا أمين المؤتمر الشعبي األساسي «‪,‬ووضع في مكان الوزير رجال‬ ‫يرتدي مالبس أوروبية وقال ‪»:‬وهذا أمين اللجنة الشعبية»‪,‬وفي مكان القلعتين أو الرخين وضع خيمتين‬ ‫‪,,‬أبقى على حصان واحد فوقه فارس ليبي بمالبسه التقليدية وبيده بندقية ‪,‬وبالرغم من أن النماذج لم تكن‬ ‫دقيقة ‪,‬إال أنها كانت تفي بالغرض ‪,‬وفي مكان الحصان الثاني وضع مبنى هرمي الشكل ‪,‬وقال ‪»:‬وهذه‬ ‫المثابة الثورية»‪,‬وفي مكان أحد الفيلين وضع مدفعا خلفه جنديين وقال‪»:‬وهذا هو الشعب المسلح»‪,‬وفي‬ ‫مكان الفيل الثاني وضع شرطيا ‪,‬وقال ‪»:‬وهذا هو األمن الشعبي المحلي «‪,‬ثم وضع بقية القطع في مكان‬ ‫البيادق والتي تمثل شرائح مختلفة من المجتمع ‪.‬كان الدكتور شفالح في غاية اإلثارة ‪,‬وألنه ملم بالشطرنج‬ ‫وقواعده فقد اكتشف على الفور أهمية التعديالت التي أقترحها الدكتور علي رخ ‪,‬ليس فقط على تاريخ‬ ‫الشطرنج ‪,‬وإنما أيضا ارتباط ذلك بعصر الجماهير‪.‬الوحيد الذي لم يهتم هو السعداوي ألنه ال يجيد لعبة‬ ‫الشطرنج ‪,‬ولم يحاول تعلمها ‪.‬انتهى اللقاء بطلب دراسة مفصلة عن «الشطرنج الجماهيري «‪.‬قام الدكتور‬ ‫علي بكل هدؤ وأخرج من مكتبه ملفا أخضر اللون به دراسة مطبوعة على اآللة الكاتبة قدمه إلى الدكتور‬ ‫شفالح ‪,‬بينما جمع ابوعجيلة رقعة الشطرنج بنماذجها الخضراء والسوداء‪,‬وغادروا وهم في غاية السرور‬ ‫كأنهم عثروا على كنز‪.‬‬ ‫بعد أيام أستدعي الدكتور علي رخ إلى مكتب االتصال باللجان الثورية ‪,‬ووجد نفسه في سلسلة من‬ ‫االجتماعات ليشرح بالتفاصيل المملة لعبة الشطرنج الجماهيري ‪,‬وكيف أن االنتصار مضمون للجانب‬ ‫األخضر على الدوام ‪,‬ويعلل ذلك بحيوية المجتمع الجماهيري ‪,‬وتخلصه من أي عائق ‪,‬في حين سيهزم‬ ‫الجانب األسود ألن بنيته تقليدية بالكامل ‪,‬ويترك للدكتور شفالح اإلسهاب في شرح هذه الجوانب المعنوية‬ ‫‪,‬بينما يركز هو على الجوانب الفنية ‪,‬فعلى رقعة الشطرنج الجماهيري يتحرك أمين المؤتمر الشعبي‬ ‫‪,‬وأمين اللجنة الشعبية ‪,‬مثلما يتحرك الوزير على الجانب األسود‪,‬ويتحرك الفارس األخضر أوسع من‬ ‫الحصان األسود ‪,‬وعلل الدكتور علي ذلك بوجود الفارس على ظهر الحصان ‪,‬وهكذا ضمن فنيا انتصار‬ ‫القطع الخضراء على السوداء مهما كان الموقف ‪,‬وجرب ذلك باللعب مع الجميع ‪,‬وكان يختار القطع‬ ‫السوداء ‪,‬ويتركهم يهز مونه بسهولة ‪,‬وبعد عدة أسابيع طلبوا منه حذف الجندي في الصف األول واستبداله‬ ‫بالطبيب ‪,‬وهكذا ولد رسميا االتحاد الليبي للشطرنج الجماهيري ‪,‬وعين الدكتور علي أمينا لالتحاد بقرار‬ ‫رسمي ‪,‬وتحصل على ميزانية جديدة‪,‬وصيانة للمبنى القديم ‪,‬وفي نهاية األمر طلبوا منه التعاقد من أجل‬ ‫تزويد البالد بالرقع الشطرنجية الجديدة ‪,‬وتمكن بالسرعة من الحصول على عدة عروض من شركات‬ ‫عالمية ‪,‬وتمت الموافقة على العرض المقدم من تايالند ليس فقط باعتباره األرخص ‪,‬وإنما ألنه عند نهاية‬ ‫اللعبة بانتصار القطع الخضراء ينطلق هتاف من داخل الرقعة يقول‪»:‬الزحف الثوري ما يتأخر حتى‬ ‫يلونها باألخضر»‪.‬‬ ‫في أحد أيام ربيع عام ‪ 1982‬انطلق الدكتور علي وشفالح والسعداوي وابوعجيلة من مطار طرابلس إلى‬ ‫بانكوك التي وصلوا إليها في اليوم الثاني‪,‬وكان في انتظارهم مندوبا عن الشركة اصطحبهم إلى أحد أفخم‬ ‫فنادق المدينة‪,‬حيث استسلم الثالوث الثوري ألنامل المدلكات ‪,‬وتركوا للدكتور علي رخ مهمة اإلشراف‬ ‫على أنتاج مليون رقعة شطرنج جماهيري من النوع العادي بتكلفة خمسة عشر دوالر للقطعة الواحدة‬ ‫‪,‬وخمسين ألف رقعة مصنوعة من الذهب واألحجار الكريمة بتكلفة ألف وخمسمائة دوالر للقطعة‪,‬لتكون‬ ‫هدايا لكبار ضيوف الدولة‪.‬‬ ‫بعد شهر وصلت الحاويات لميناء طرابلس محملة بالرقع الجديدة التي انتشرت فيما بعد في كل أنحاء‬ ‫البالد‪.‬كل ما تغير أن الدكتور علي رخ اختفى بطريقة غامضة من البالد‪,‬وحل محله الدكتور شفالح في‬ ‫االتحادي الليبي للشطرنج الجماهيري ‪,‬أما الدكتور علي فلم يبق منه إال ملفا في جهاز األمن الخارجي‬ ‫يحمل رقم ‪,426‬به وثائق تفيد بأنه خرج من هذه الصفقة بأربعة مليون دوالر ‪,‬وأنه شوهد آخر مرة في‬ ‫مطار أورلي بباريس يوم ‪16‬أغسطس عام ‪.1982‬‬


‫‪12‬‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫رحيل ازواوه‬ ‫ولد في بنغازي وتعلم الرسم – في‬ ‫مدرسة االبيار – علي الحجارة بقطع‬ ‫فحم شجر البطوم ‪...‬‬ ‫ليس من السهل أن تكون فنانا واألكثر‬ ‫أن تكون فنان كاريكاتير ‪ ،‬أما أن تصبغ‬ ‫هذا الفن بشخصيتك فذلك هو الفن ؛‬ ‫ولهذا محمد الزواوي ليس كمثله أحد‬ ‫في هذا الفن ‪.‬‬ ‫لكن المثل األلماني يقول من سوء‬ ‫الطالع أن تكون شاعر القرية ‪ ،‬ومن‬ ‫سوء الطالع أكثر أن تبرز كفنان في‬ ‫قرية كليبيا ‪ ،‬ويحكمها طاغية كطاغية‬ ‫ليبيا ‪.‬‬ ‫لقد وقع هذا الفنان في قبضة جهاز‬ ‫الطاغية ‪ ،‬ووظفت هذه االجهزة فنه‬ ‫حتى االختناق‪ ،‬ولم يكتف بذلك فدس في‬ ‫خبزه السم ‪ :‬في رحلة له إلي تونس‬ ‫حمل بحقيبة من قبل مسئول ليبي‬ ‫وهناك اكتشفت السلطات التونسية أن‬ ‫ما بالحقيبة متفجرات ‪ ،‬قضى الفنان‬ ‫عاما في السجون التونسية ‪.‬‬ ‫ثم تتكرر فجائعه فيتم في مذبحة بوسليم‬ ‫الشهير ذبح ابنه عوض وزوجي ابنتيه‬ ‫‪.‬‬ ‫واآلن هل رحل احتجاجا علي ما يحدث‬ ‫ في هذه األيام العصيبة ‪ -‬في مدينة‬‫طرابلس حيث يقيم ؟ ‪.‬‬ ‫ما أكثر رسوماته الساخرة لكن ثمة‬ ‫واحدة لم تتح له الفرصة رسمها ‪ :‬لوحة‬ ‫حريته في أن يسخر من الطاغية ‪.‬‬ ‫• أ ‪ .‬الفيتوري‬

‫من السهل أن تكتب عنه‪،‬أيضا من‬ ‫الصعب‪،‬الحل أن تكتب عنه كما‬ ‫يرسم هو‪،‬ال تعريفات وال نظريات‬ ‫ف��ي ف��ن ال��رس��م وال م���دارس وال‬ ‫مدرسون‪،‬هو لم يتأهل من مدرسة‬ ‫أو نظرية معينة‪،‬كما لم يشرف عليه‬ ‫مدرس ويمنحه إجازة التخرج‪،‬لكن‬ ‫ه��ذا ال يعني أن��ه ل��م يستفد من‬ ‫ال��ت��ج��ارب األخ��رى‪،‬ث��م وبكيفية‬ ‫أو بأخرى ص��ار هو مدرسة‪،‬ال‬ ‫أقول متميزة لكنها مختلفة‪،‬ولعل‬ ‫ف��ي االخ��ت�لاف تميز‪،‬ففي البدء‬ ‫كانت الموهبة ثم الممارسة ثم‬ ‫الوعي‪،‬من ه��ذا الوعي تشكلت‬ ‫نظرته للناس والحياة‪،‬ومنها‬ ‫تشكلت أسئلته‪،‬أسئلة اصطدمت‬ ‫بواقع اجتماعي متخلف‪،‬ومن هنا‬ ‫صار لكل سؤال عنده موقفا‬

‫مؤرخ الناس ‪..‬‬ ‫حممد الزواوي‬ ‫يوسف الشريف‬ ‫‪،‬تحول إلى مؤرخ لليومي في حياة الناس‪،‬هو جزء‬ ‫منها وشاهد عليها‪،‬يؤرخها دون رتوش‪،‬بقبحها‬ ‫وجمالها‪،‬يكشف عن تفاصيل حياتنا في البيت‬ ‫والمدرسة والشارع والمصنع والمكتب وفي‬ ‫المستشفى‪،‬اندس بيننا فيما نحن نأكل ونحن نشرب‬ ‫ونحن نتعارك ونحن نلوث البيئة على شط البحر‬ ‫ونتقاتل بسياراتنا وأصواتنا‪،‬صار موجودا معنا في‬ ‫كل مكان وفي كل وقت‪،‬كأنه ساحر يرتدي طاقية‬ ‫اإلخفاء يرانا وال نراه‪،‬يسمعنا وال نسمعه‪،‬لكن ريشته‬ ‫تترك خطوطها على عتبات قلوبنا‪،‬تفتح عيوننا على‬ ‫نماذج شتى من سلوكيات تعودنا عليها زمنا طويال‬ ‫حتى لم نعد قادرين على كشف عيوبها ونقائصها‬ ‫وفي بعض األحيان نعجز عن رؤيتها أو اإلحساس‬ ‫بوجودها‪،‬الغريب أننا وهو يكشف لنا عنها نضحك‬ ‫لكنه ضحك كالبكاء‪،‬فيما هو ال يبالي إن ضحكنا أو‬ ‫بكينا‪،‬هو فقط يطلب منا أن ننتبه من غفلتنا ألن ما‬

‫نعتقد أنه بسيط هو الذي يحدد قيمة حياتنا ويمنحها‬ ‫معناها‪،‬وألنه كذلك‪،‬فهو يعري أسوأ ما في سلوكنا‬ ‫وفي أي مكان نكون‪،‬وهو في كل هذا يضغط على‬ ‫التفاصيل ألنه يذهب إلى أبعد مما نعتقد‪،‬وهذا ما يفسر‬ ‫رسوخ رسوماته في وجداننا زمنا طويال‪،‬وألنه ليس‬ ‫بعابر سبيل يلقي سالما ثم يمضي في طريقه‪،‬كأني به‬ ‫مؤرخ من نوع فريد‪،‬أنت إذا عدت زمنا إلى الوراء‬ ‫بإمكانك أن تشاهد لوحة بانوراما لمشهد متكامل من‬ ‫مشاهد حياتنا عشناه ذات يوم‪.‬‬ ‫إن صفة التميز فيه تظهر جلية في الموضوع وفي‬ ‫الواقع وليس في الفكرة‪،‬هو ال يتعامل معها ألنه‬ ‫ليس بالمنظر أو المفكر‪،‬يواجه واقعنا االجتماعي‬ ‫ويكشف عما فيه من خلل‪،‬لذلك ال بد وان تكون‬ ‫خطوطه ويكون رسمه ويكون سؤاله واضحا‪،‬هذا‬ ‫يتجسد في انسيابة خطوطه وخلوها من االنكسارات‬ ‫بل إنها تخلو من ظالل المعنى‪،‬ال يترك تفصيلة‬ ‫مهما تكن صغيرة إال ويظهرها وال يترك منها‬


‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫سؤاال مواربا‪،‬الحظ الوجوه‪،‬أنت قد تعتقد بتكرارها لصرامة‬ ‫رسمها‪،‬التجاعيد وشعر الرأس العاري وانكسارات الطاقية‬ ‫كأنه يعدها عدا‪،‬حتى الظالل يرسمها كاملة‪،‬وقس على ذلك ما‬ ‫يرسم من شواهد الحياة‪،‬وهذا ما يخالف شروط تجسيد الفكرة‬ ‫والتي قد تكتفي بخطوط معدودة‪،‬هو ليس رسام كاريكاتير‬ ‫بالمعنى المألوف والمتعارف عليه‪،‬هل هو فنان تشكيلي‪..‬؟‬ ‫هو فنان فحسب‪،‬فنان يمتلك بصيرة تتجاوز ما نراه ونحسه‪،‬‬ ‫األلوان عنده ليست هي هدف ريشته وال األشكال‪،‬ما يهم‬ ‫ويثير فيه األسئلة هو الموضوع أو الحدث أو الظاهرة‬

‫وكيف يعبر عنها في حقيقتها الحية والمعاشة‪،‬بهذا المعنى ال‬ ‫يمكن وصفه إال بأنه فنان من طراز مختلف‪،‬وألنه كذلك فقد‬ ‫احتل مكانة يصعب أن يجاوره فيها فنان آخر على األقل في‬ ‫المستقبل المنظور‪،‬هذا ال يعني أنه سيكون األخير‪،‬فالفن كما‬ ‫الحياة دائما يتجدد وال يتكرر‪،‬وإذا ما جاء فنان آخر فلن يكون‬ ‫نسخة منه‪،‬ذلك ألن الظروف تتغير والناس يتغيرون وفنان‬ ‫اليوم ليس هو فنان األمس ولن يكون هو فنان المستقبل‪.‬‬ ‫مذ عرفته قبل عقود وهو ذلك الهادئ الوديع في حياته‬ ‫والصارم القاطع في ما يرسم‪،‬لم يحد عن صرامته في نقده‬ ‫لمجريات حياتنا‪،‬ولعلي ال أتردد في وصفه بالمؤرخ‪،‬ولعلي‬ ‫ال أتردد أيضا في القول ومن خالل متابعتي لمعظم الرسامين‬ ‫العرب في هذا النوع من الفن أنه ما من رسام غيره أوقف‬ ‫ريشته على هذا التأريخ االجتماعي مثلما فعل هو‪.‬‬ ‫أحيانا أتساءل عن غياب السياسي في أعماله‪،‬لكن سرعان‬ ‫ما أعود وتقول لي نفسي‪..‬إن االجتماعي يختزل السياسي‪..‬‬ ‫ثم تصرخ في وجهي‪..‬لماذا تريد حشره في زاوية ضيقة‪..‬؟‬ ‫يكفيه أن ينزع ورقة التوت عن االجتماعي كي نعرف ما‬ ‫بعدها وما قبلها‪،‬وما تعتقد انه بسيط يواري خلفية تكتظ‬ ‫بأسئلة كثيرة‪،‬مرة وجدته في مكتبه وكان ذلك في زمن‬ ‫بعيد‪..‬كان حائرا يبحث عن موضوع لرسم جديد‪،‬سألته‪..‬‬ ‫هل أعطيك فكرة‪..‬تهلل وجهه وقال‪..‬تربح‪..‬لكن بعدما سمع‬ ‫فكرة الموضوع قال‪..‬فكني من دعوتك‪،‬الفكرة كانت‪..‬شخص‬ ‫يدخل مبتسما على شخص حوله وخلفه وأمامه كتب ثم يخرج‬ ‫وتبقى منه أذنه على غالف كتاب‪.‬‬ ‫صديق الزمن الجميل وما بعد الزمن الجميل‪،‬عقود من زمن‬ ‫جمعتنا وال زالت تجمعنا‪،‬عرفته برسمه واتزانه وهدوئه‬ ‫بل وبصمته‪،‬ال يتكلم كثيرا وال يدخل في جدل‪،‬يعتذر حتى‬ ‫عندما يكون على صواب‪،‬وهو أيضا عنيد‪،‬إذا قال ال انتهى‬ ‫األمر‪،‬أيضا عرفته بمعاناته‪،‬وقد عانى كثيرا من الذين حاولوا‬ ‫كسر ريشته‪،‬لم يفصح عن معاناته واحتفظ بحقيقته‪ ..‬فنان‬ ‫الناس ومؤرخ حياتهم …‬

‫‪13‬‬

‫ال أتردد أيضا‬ ‫يف القول ومن‬ ‫خالل متابعيت‬ ‫مل�����ع�����ظ�����م‬ ‫ال���رس���ام�ي�ن‬ ‫ال�����ع�����رب يف‬ ‫ه�����ذا ال���ن���وع‬ ‫م��ن ال��ف��ن أنه‬ ‫م��ا م��ن رس��ام‬ ‫غ�ي�ره أوق���ف‬ ‫ري��ش��ت��ه على‬ ‫ه��ذا التأريخ‬ ‫االج��ت��م��اع��ي‬ ‫مثلما فعل هو‬


‫‪14‬‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫روسيا تقول للقذايف‪:‬‬

‫عمر الكدي‬

‫كش مات‬

‫على خالف سحناتهم المتجهمة وخاصة زمن االتحاد السوفيتي‪ ،‬يتحلى الشعب‬ ‫الروسي بقدر هائل من روح الفكاهة‪ ،‬ويمكن القول أن سبب تحملهم لعصر‬ ‫القياصرة‪ ،‬والعصر السوفيتي من بعده‪ ،‬وخاصة حقبة ستالين المظلمة‪ ،‬هو‬ ‫قدرتهم على السخرية من كل شيء‪ ،‬وإطالق النكات المريرة التي بإمكانها إذابة‬ ‫الجليد من حولهم‪.‬‬ ‫من الواضح أن الروس بإرسالهم كيرسان إيليومجينوف‪ ،‬رئيس االتحاد الدولي‬ ‫للشطرنج إلى القذافي‪ ،‬كانوا في الحقيقة ينسجون واحدة من‬ ‫أقوى نكاتهم وأشدها مرارة‪ ،‬ولكن هل فهم القذافي مغزى‬ ‫الرسالة‪ ،‬أم أنه سيفهمها متأخرا مثل بن علي‪ ،‬أو لن يفهمها‬ ‫على اإلطالق مثل مبارك‪ ،‬الذي من شدة غباءه بقى في شرم‬ ‫الشيخ‪ ،‬حتى ألقوا القبض عليه بتهمة سرقة المال العام‪.‬‬ ‫البد أن النكتة حبكت في حمامات الساونا بقصر الكرملين‪،‬‬ ‫ففي هذه الحمامات يكون الروس عادة على سجيتهم‪ ،‬خاصة‬ ‫إذا شربوا ما يكفي من مشروبهم القومي الفودكا‪ ،‬ويبدو أن‬ ‫عدة أشخاص حبكوا النكتة ولم تكن نتاج عقل واحد منهم‪.‬‬ ‫فلنقل أن بوتين هو صاحب المبادرة‪ ،‬وشاركه في الباقي‬ ‫الرئيس مدفيدف‪ ،‬ووزير الخارجية سرجي الفروف‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى‬ ‫إفريقيا‪ ،‬ميخائيل مارغيلوف‪ ،‬الذي صرح بعد لقاء القذافي‬ ‫بإيليومجينوف‪ ،‬بأنه نصح األخير قبل زيارته إلى طرابلس‬ ‫أن يلعب مع القذافي الشطرنج‪ ،‬ويفهمه من خالل اللعبة أن حكمه اقترب من‬ ‫النهاية‪.‬‬ ‫في األسبوع الماضي زار مارغيلوف بنغازي‪ ،‬والتقى برئيس وأعضاء المجلس‬ ‫الوطني االنتقالي‪ ،‬وأعلن اعتراف روسيا بالمجلس كمحاور شرعي‪ ،‬وأنه ينوي‬ ‫التوسط إلقناع القذافي بالرحيل‪ ،‬لكن المتحدث باسم القذافي موسى إبراهيم أعلن‬ ‫أن أي مبادرة تنص على رحيل القذافي غير مرحب بها‪ ،‬وهو ما جعل الروس‬ ‫يترددون في إرسال مارغيلوف‪ ،‬وقرروا إرسال إيليومجينوف وهو بالفعل‬ ‫الوحيد الذي يحقق الغرض بأكبر قدر من الذكاء‪.‬‬ ‫فالقذافي لم يزره أي رئيس دولة منذ زيارة جاكوب زوما الذي حاول إقناعه‬ ‫بالرحيل‪ ،‬وبالتالي فالقذافي يرحب بزيارة أي رئيس وهو في هذه العزلة‬ ‫القاتلة‪ ،‬حتى ولو كان رئيس االتحاد الدولي للشطرنج‪ ،‬إال أن الروس كانوا‬ ‫أكرم من ذلك مع القذافي‪ ،‬فإيليومجينوف كان لمدة عقدين متواصلين رئيسا‬ ‫لجمهورية كالميكا الروسية‪ ،‬وحتى عندما أظهرت االستطالعات أنه سيخسر في‬ ‫االنتخابات الرئاسية‪ ،‬جاء الرئيس بوتين بنفسه إلى الجمهورية الفقيرة التي يبلغ‬ ‫عدد سكانها ‪ 320‬ألف نسمة ليعينه رئيسا بالتزكية‪ ،‬وهكذا يبتلع القذافي الطعم‬ ‫ويلعب الشطرنج مع رجل أصبح أحد أبطال االتحاد السوفيتي في الشطرنج وهو‬ ‫لم يتجاوز الخامسة عشر‪ ،‬وكأن الروس يقولون للقذافي إذا استطعت أن تنتصر‬ ‫على إيليومجينوف فيمكنك االنتصار في هذه الحرب‪ ،‬ومن خالل الصور التي‬

‫عرضها تلفزيون القذافي اتضح أن القذافي خسر الجولة‪ ،‬فقد كان ينقل القطع مثلما‬ ‫ينقل قواته على الجبهات التي انفتحت في وجهه في كل مكان‪ ،‬وربما لهذا السبب‬ ‫تتطوع أبنه محمد للعب مع عبقري الشطرنج مستخدما الدفاع الصقلي‪ ،‬وهو أحد‬ ‫أشهر الدفاعات التي يلعب بها كبار الالعبين‪ ،‬وخاصة الدفاعات المتفرعة عنه‬ ‫مثل الدفاع اليوغسالفي‪ ،‬ودفاع التنين‪ ،‬باإلضافة إلى دفاع نياجدروف الذي يلجأ‬ ‫إليه صاحب القطع السوداء‪ ،‬والذي اشتهر به األمريكي بوب فيشر‪ ،‬والروسي‬ ‫جاري كاسباروف‪.‬‬ ‫ثمة رسالة أخرى تضمنتها النكتة الروسية وهي أن رئيس‬ ‫جمهورية كالميكا السابق كان صديقا لصدام حسين‪ ،‬ووصلت‬ ‫الصداقة بينهما إلى درجة أن إيليومجينوف أقنع صدام بتدريس‬ ‫الشطرنج في المدارس‪ ،‬قبل أن تغزو الواليات المتحدة العراق‬ ‫عام ‪ ،2003‬ويجد نفسه صدام في حفرة تشبه حفرة القذافي‪.‬‬ ‫ثمة تشابه بين القذافي وإيليومجينوف فإذا كانت شطحات‬ ‫القذافي في الكتاب األخضر قد عرفت في كل العالم‪ ،‬مثل‬ ‫المرأة تحيض والرجل ال يحيض‪ ،‬والدجاجة تلد والدينار ال‬ ‫يلد‪ ،‬فأيضا عرف إيليومجينوف بشطحاته الغريبة‪ ،‬ومنها‬ ‫اعتقاده بأن مخلوقات فضائية أحضرت الشطرنج إلى كوكب‬ ‫األرض‪ ،‬وأنها قد تدمر الكوكب إذا لم نهتم بهذه اللعبة‪ ،‬كما‬ ‫اشتهر بعدة مقوالت من بينها شعاره الشهير الذي خاض به‬ ‫االنتخابات بعد أن اتهمه خصومه بالفساد‪ ،‬فقال «رئيس غني‬ ‫أفضل ضمانة ضد الفساد»‪ ،‬كما يتشابه االثنان في أشياء‬ ‫أخرى‪ ،‬فالبرغم من أن جمهورية كالميكا الواقعة على بحر قزوين تنتج النفط‬ ‫والغاز‪ ،‬إال أنها األكثر تخلفا في جمهوريات االتحاد الروسي‪ ،‬وال توجد فيها‬ ‫حتى طرق مناسبة لسيارات الروزرويس التي أغرم بها الرئيس‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫توجد بها بعض االنجازات التي يفخر بها إيليومجينوف ومن بينها أنه بنى أكبر‬ ‫معبد بوذي في العالم‪ ،‬على اعتبار أن كالميكا هي الجمهورية البوذية الوحيدة‬ ‫في أوروبا‪ ،‬ويعتبر سكانها من بقايا المغول الذين اجتاحوا روسيا‪ ،‬قبل أن ينجح‬ ‫الروس في دحرهم‪.‬‬ ‫كما بنى إيليومجينوف في «جماهيريته» الكالميكية العظمى أكبر مركز للشطرنج‬ ‫في العالم‪ ،‬وعندما تظاهر األمريكيون ضد بناء مسجد قرب برجي مركز التجارة‬ ‫العالمي المنهارين في نيويورك‪ ،‬عرض إيليومجينوف على عمدة نيويورك أنه‬ ‫مستعد لتمويل بناء برج من ‪ 24‬طابقا ليكون أكبر مركز للشطرنج في العالم‪،‬‬ ‫وحتى اآلن ال يزال واحد من كبار مساعدي إيليومجينوف يقضي عقوبة السجن‬ ‫بعد إدانته بقتل صحفي كالميكي‪ ،‬أكثر من انتقاد الرئيس الكالميكي‪ ،‬ولكن القذافي‬ ‫لم يفهم النكتة الروسية ألنه تعود لعب الشطرنج مع مساعديه الذين يجيدون‬ ‫لعب السيزة‪ ،‬وحتى الذين يجيدون لعب الشطرنج يخسرون أمامه عمدا ليربحوا‬ ‫العطايا والعقود‪ ،‬لذلك قال إليليومجينوف إنه ليس رئيسا ليستقيل‪ ،‬وبهذه المناسبة‬ ‫أقترح أن ينص الدستور الليبي على أن رئيس الجمهورية البد أن يثبت أنه يجيد‬ ‫لعب الشطرنج‪ ،‬وأن ال يرتدي نظارة سوداء أثناء المباريات‪.‬‬

‫مل يزره أي رئيس دولة‬ ‫منذ زيارة جاكوب زوما‬ ‫الذي حاول إقناعه‬ ‫بالرحيل‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فهو يرحب بزيارة أي‬ ‫رئيس‪.‬‬


‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪15‬‬

‫حسك التفاصيل‬

‫د‪ .‬نجيب الحصادي‬

‫غالبا ما تصاحب الثورات ممارسات قد‬ ‫تخور بسببها العزائم وتحبط على أثرها‬ ‫الهمم‪ ،‬فتورث عثرات وانكسارات‬ ‫تعوق المسار التقدمي الذي يتطلع‬ ‫إليه كل من راهن على فعل الثورة‪.‬‬ ‫غير أنها ممارسات متوقعة‪ ،‬وهي في‬ ‫النهاية قابلة للتفسير‪ ،‬وإن لم تكن قابلة‬ ‫للتبرير‪ .‬ولعل هذا ما يجعل كثيرا من‬ ‫الناس يرضون بها دون أن يرضوا‬ ‫عنها‪ ،‬بما يستتبعه عدم الرضوان هذا‬ ‫من تبعات احترازية‪.‬‬ ‫هذه أحكام عامة تبدو على قدر كاف‬ ‫من البداهة‪ ،‬ولعله ال تثريب عليها من‬ ‫حيث المبدأ‪ ،‬وال خالف يتوقع أن تثير‪.‬‬ ‫غير أن الحسك ـ كما العادة دائما ـ إنما‬ ‫يكون في التفاصيل‪.‬‬ ‫ومن أبرز الممارسات الغالبة في زمن‬ ‫الثوارت االنتهازية‪ .‬واالنتهازي في‬ ‫تعريفه األقرب إلى اإلحاطة واالختزال‬ ‫شخص ال يبالي بالصالح العام‪ ،‬وال‬ ‫يعبأ بأخالقية ما يتوسّل من أدوات في‬

‫ضمان صالحه الخاص‪ .‬ومن أمارات‬ ‫االنتهازي ـ في زمن الثورات ـ أنه‬ ‫ال يتحرج في خدمة نظام الحكم القائم‬ ‫أيا كانت طبيعة هذا النظام‪ ،‬وال في‬ ‫الترويج ألهداف ثورة أطاحت بنظام‬ ‫سبق أن روج ألهدافه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يحف التعامل مع‬ ‫والخطر الذي‬ ‫الظواهر االنتهازية هو التخوين‪،‬‬ ‫وهو ممارسة شائعة أخرى في زمن‬ ‫الثورات‪ .‬والتخوين ليس خطيئة بذاته‪،‬‬ ‫طالما أن من تم تخوينهم خونة‪ .‬غير‬ ‫أن البت في خيانة أي شخص أمر‬ ‫أجدر بأن يوكل إلى القضاء‪ ،‬بحيث ال‬ ‫تؤدي تهمة الخيانة إلى اإلقصاء إال بعد‬ ‫ثبوتها‪ .‬صحيح أن للجدارة بالتخوين‬ ‫مؤشرات بيّنة‪ ،‬من بينها التلوث بدماء‬ ‫األبرياء وفساد الذمم المالية؛ غير أن‬ ‫هذه التهم عرضة باستمرار ألن تلقى‬ ‫جزافا‪.‬‬ ‫هذا يعني أن التعامل مع الظواهر‬ ‫االنتهازية يتطلب قدرة فائقة على‬

‫التمييز‪ .‬ففي حين يلزم الحول دون‬ ‫تمكين االنتهازيين من تولي مراكز‬ ‫حساسة في المجتمع الجديد‪ ،‬يلزم أيضا‬ ‫أال يقصى من يشتبه في انتهازيتهم‬ ‫لمجرد االشتباه فيها‪ .‬المشكل أن‬ ‫الديمقراطية آلية قادرة على إضفاء‬ ‫شرعية على إقصاء المخونين عبر‬ ‫صناديق االقتراع حتى في حال عدم‬ ‫ثبوت خيانتهم‪.‬‬ ‫ومن السلوكات األخرى الشائعة في‬ ‫زمن الثورات التلكؤ في الوالء للنظام‬ ‫الجديد‪ ،‬مخافة أن يفشل الثوار في‬ ‫تحقيق مرامهم‪ ،‬فين ّكل الحرس القديم‬ ‫بمن وقف معهم‪ .‬وهذا مسلك ال تخفى‬ ‫سجاياه االنتهازية على أحد‪ .‬حقيقة أن‬ ‫بعض البسطاء يحتفظون بعلمين‪ ،‬واحد‬ ‫للثوار وآخر لمن ثاروا عليهم‪ ،‬مجرد‬ ‫تمظهر لهذا التلكؤ‪ ،‬وإن حسبت له‬ ‫صراحته الفجة وشجاعته في ممارسة‬ ‫المراء العلني‪ .‬غير أن هناك سبال  ‬ ‫أخرى لحمل أكثر من علم‪ ،‬وسائل أكثر‬

‫نسيم امليادين‬ ‫والمفروض عليهم لقمع وسحق وخنق حناجر‬ ‫المتظاهرين حتى ال تسمع أصواتهم‪.‬‬ ‫يروجون اإلشاعات ويتعاطوا السحر ويرسلون‬ ‫الشبيحة والقناصة وهم يدرون بأن قطار الغضب‬ ‫والحرية لم يفت الشعب بل هو قادم لدهسهم حتى‬ ‫وان تواروا في باطن األرض‪.‬‬

‫لم يتعظ رؤوس الحكومات العربية من جيرانهم‬ ‫حيث هبت عواصف التغيير في يناير وفبراير‬ ‫وتتابع األشهر وطالب الشعب بأبسط حقوقه ‪,‬‬ ‫التعبير ‪ ...‬والتظاهر‪ ....‬و حتى االبتسامة‪.‬‬ ‫تعج ميادين الحرية في ليبيا واليمن وسوريا‬ ‫بطوائف الشعب المختلفة نساء ‪ ,‬رجال ‪,‬‬ ‫شيوخ وأطفال ‪ .‬السنة منهم وغير السنة ‪ ,‬يختلط نسيم الحرية بدماء الشهداء ليروي تراب‬ ‫العرب وغير العرب ومن قبائله المختلفة ولكن ميادين التغيير ويكون السيل الجارف يطيح‬ ‫رؤوس الحكومات غير مبالية بكل هذا بل ترسل برؤوس الحكومات الطاغية‪.‬‬ ‫علي افتيتة‬ ‫أزالمها وكتائبها المتطوعين منهم والمغرر بهم‬

‫خفاء ودهاء ومواربة‪ ،‬تتشكل وفقها‬ ‫مواقف مزدوجة‪ ،‬وتصدر بمقتضاها‬ ‫مزاعم حمالة أوجه‪ ،‬يتسنى تأويلها‬ ‫وفق ما يسفر عنه مسار األحداث‪.‬‬ ‫وهناك أيضا سرقة الثورات‪ ،‬وهذه هي‬ ‫األخرى ممارسة قد تكون انتهازية‪،‬‬ ‫دون أن يكون صاحبها بالضرورة‬ ‫مستعدا للتعامل مع كل األنظمة‪.‬‬ ‫وسرّاق الثورات يعانون في العادة‬ ‫من تورّم في األنوات‪ ،‬ويحفلون كثيرا‬ ‫بعزو الفضل إليهم‪ ،‬بصرف النظر عما‬ ‫إذا كان هذا الفضل مستحقا‪.‬‬ ‫وبطبيعة الحال‪ ،‬فإن التخوين‪ ،‬وحمل‬ ‫أكثر من علم‪ ،‬والتلكؤ في الوالء‪ ،‬تهم‬ ‫يكيلها من يخشون على الثورة من‬ ‫السرقة للصوص محتملين‪ .‬المفارق أن‬ ‫مفجري الثورة قد يسرفون في خشيتهم‬ ‫على اختطافها إلى حد يجعلهم يتكفلون‬ ‫هم أنفسهم بهذه المهمة‪.‬‬


‫‪16‬‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫«القاعدة»‪:‬‬

‫تنظيم أم جمرد تسمية؟‬

‫هل تنظيم القاعدة موجود فعال؟ إن هذا‬ ‫السؤال الجدي الذي يثيره كتاب من‬ ‫الصنف الجيد أمثال جاسون بورك [‪]1‬‬ ‫يستحق أن يطرح نظراً إلى ما ينسب‬ ‫إلى مجموعة أسامة بن الدن منذ ‪11‬‬ ‫أيلول‪/‬سبتمبر ‪ ، 2001‬من اعتداءات‬ ‫مدريد في نيسان‪/‬ابريل ‪ 2004‬إلى‬ ‫األعمال المرتكبة في العراق على يد أبو‬ ‫مصعب الزرقاوي إلى تفجيرات بالي‬ ‫(تشرين األول‪/‬أكتوبر ‪ )2002‬والدار‬ ‫البيضاء (أيار‪/‬مايو ‪ )2003‬واسطنبول‬ ‫(تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪ )2003‬وتلك‬ ‫التي طاولت السعودية (حزيران‪/‬‬ ‫يونيو ‪ .)2004‬يضاف إلى ذلك اعتقال‬ ‫مسؤولين مفترضين في «القاعدة» في‬ ‫كل من بريطانيا وباكستان (آب‪/‬أغسطس‬ ‫‪ ....)2004‬الخ ما هو الرابط بين هذه‬ ‫األحداث كلها؟‬

‫إن إلقاء نظرة على مسيرة األشخاص‬ ‫المتورطين في الحوادث واالعتداءات المذكورة‬ ‫يسمح بتقدير حجم نفوذ «القاعدة» وخصوصا أن‬ ‫لهذه الشبكة تاريخاً‪ .‬بيد أن الحذر واجب حيث‬ ‫يبين ضعف وحتى بطالن االتهامات الموجهة‬ ‫إلى أفراد نسبوا إلى «القاعدة» وأسروا في معتقل‬ ‫غوانتانامو (كالفرنسيين األربعة الذين سلّموا إلى‬ ‫فرنسا في تموز‪/‬يوليو ‪ )2004‬أو أحيلوا على‬ ‫المحاكم أمثال منير المتصدق [‪ ]2‬في ألمانيا‪.‬‬ ‫بالطبع يؤكد البعض أننا ال نرى سوى جزء‬ ‫صغير جداً من جبل الجليد‪ ،‬فـ»القاعدة» شبكة‬ ‫أخطبوطية جرى تنظيمها قبل ‪ 11‬أيلول‪/‬سبتمبر‬ ‫تحتفظ بخاليا نائمة مستعدة للتحرك بناء على‬ ‫تعليمات تصلها عبر رسائل سرية تتلقاها من‬ ‫خالل شبكة االنترنت‪ .‬هل هذا التصور مقنع؟‬ ‫لماذا تنتظر «القاعدة» وقتا ً كي تتحرك؟ ال بد أن‬ ‫السبب يعود إلى نقص في توافر الشروط التقنية‬ ‫(تجنيد العناصر‪ ،‬تأمين المعدات‪ ،‬االلتفاف على‬ ‫اإلجراءات األمنية) مما يعني أن التنظيم أضعف‬ ‫مما تريد إدارة األمريكية تصويره‪.‬‬ ‫ال يبدو أن لـ»القاعدة» أجندة قائمة على استراتيجيا‬ ‫سياسية محددة (الضرب في تاريخ معين من أجل‬ ‫تغيير مسار األحداث) بل على العكس إنها تتسم‬ ‫بالنشاطية االنتهازية‪ ،‬أي الضرب في أي وقت من‬ ‫اجل إبقاء مناخ اإلرهاب وتقديم البرهان على عدم‬ ‫فعالية التدخل العسكري في أفغانستان والعراق‪.‬‬ ‫إن اعتداءات مدريد ال تشكل استثناء كما يشير‬ ‫لورنس رايت [‪ ]3‬ألن برمجة الهجمات لم ترتبط‬ ‫سوى من باب المصادفة باالنتخابات االسبانية‬ ‫وما كانت لتؤتي مفعولها المعاكس على الرأي‬ ‫العام لوال سؤ التصرف الفاضح لحكومة السيد‬ ‫خوسيه ماريا أثنار‪.‬‬ ‫يمكن اختصارا توزيع االعتداءات المنسوبة إلى‬ ‫«القاعدة» على صنفين‪« :‬الدولية» و»المحلية»‪.‬‬ ‫تقوم بتنفيذ األولى فرق من جنسيات مختلفة‬ ‫تعمل خارج بلدانها األصلية (في نيويورك‬

‫وواشنطن ومدريد كما بالنسبة إلى االعتداءات‬ ‫التي كشفت قبل تنفيذها في لوس انجلس وباريس‬ ‫وستراسبورغ)‪ .‬تنفذ الثانية فرق «وطنية»‬ ‫تعمل فوق أرضها لكنها تطاول أهدافا غربية‬ ‫(الدار البيضاء‪ ،‬اسطنبول‪ ،‬بالي)‪ .‬حتى اليوم‬ ‫فان «الدوليين» هم من المقاتلين السابقين في‬ ‫أفغانستان في حين أن «المحليون» يبدون كأنهم‬ ‫نوع من شركاء ثانويين‪ .‬حال العراق تبدو أكثر‬ ‫صعوبة على التحليل إذ أن أصول المتطوعين‬ ‫األجانب في الفلوجة وانتماءاتهم التنظيمية غير‬ ‫محددة‪.‬‬ ‫كل شيء يدل على أن تيار «القاعدة» يشهد تحوال‬ ‫خصوصا بسبب التغيير في معايير التجنيد وبات‬ ‫من الصعب اعتبارها شبكة محكمة التنظيم‪.‬‬ ‫في المقابل ال تزال التسمية رائجة وهي تؤ ّمن‬ ‫دعاية قصوى للنشاطات التي ترتبط إعالميا ً‬ ‫بـ»القاعدة»‪.‬‬ ‫ما يس ّمى «القاعدة» هو تجمع للمحاربين القدامى‬ ‫في حرب (أو حروب) أفغانستان‪ .‬فمنذ احتالل‬ ‫القوات االميركية هذا البلد‪ ،‬ليس فقط لم تعد‬ ‫هذه النواة تتجدد بل إنها تتقلص بفعل الموت‬ ‫واالعتقال‪ .‬وتتكون هذه النواة من صنفين‪ :‬الكوادر‬ ‫والعناصر المقربة من أسامة بن الدن والتي تتبعه‬ ‫منذ الثمانينات من جهة‪ ،‬وموجة األمميين الجدد‬ ‫الواصلين في التسعينات وخصوصا بين ‪1997‬‬ ‫و‪ 2001‬من جهة أخرى‪ .‬معين محدود ويسهل‬ ‫التعرف على عناصره‪.‬‬ ‫النواة الصلبة تتكون من مناضلين من الشرق‬ ‫األوسط في الثمانينات ومطلع التسعينات تجندوا‬ ‫لمحاربة السوفيات‪ .‬وقد قام هؤالء المناضلون‬ ‫المسيسون القادمون من بيئات مؤمنة‪ ،‬المتورطون‬ ‫سابقا في حركات راديكالية داخل بلدانهم‬ ‫األصلية‪ ،‬باللحاق بأسامة بن الدن في تجواله‬ ‫بين اليمن والسودان ليعودوا معه إلى أفغانستان‬ ‫في العام ‪ .1996‬كثر منهم اعتقلوا أو قتلوا أمثال‬ ‫الشيخ محمد الشيخ‪ ،‬وديع الحاج‪ ،‬محمد عوده‪ ،‬أبو‬ ‫حفص المصري (محمد عاطف)‪ ،‬أبو زبيده‪ ،‬الخ‪.‬‬ ‫شاطروا بن الدن حياته وسكنوا في جوار عائلته‬ ‫ضمن المجمعات نفسها وارتبطوا معه بروابط‬ ‫عائلية (كان بن الدن «أعطى» ابنته إلى عاطف)‪.‬‬ ‫لم يبق من تلك المجموعة سوى المصري أيمن‬ ‫الظواهري‪.‬‬ ‫ظهر «حرس جديد» ذو ميزات مختلفة بعد‬ ‫‪ 1992‬وال سيما ابتداء من ‪ 1996‬ووصول‬ ‫حركة «طالبان» إلى الحكم‪ .‬باستثناء السعوديين‬ ‫من بينهم‪ ،‬فان غالبية هؤالء «االمميين» الشباب‬ ‫تجذروا بمعتقداتهم في الغرب الذي اتبعوا نمط‬ ‫حياته (من خالل دراستهم وسلوكهم وزواجهم‬ ‫عندما ال يبقون عازبين)‪ .‬وقد قدموا إلى الغرب‬ ‫في سن مبكرة إما من أجل تحصيل الدراسة‬ ‫وقد ولد بعضهم هناك‪ ،‬والعديدون حصلوا على‬ ‫جنسية غربية‪ .‬تحولوا «مولودين جدداً» أي أنهم‬ ‫ينفصلون عن عائالتهم ويتجذرون سياسيا في‬ ‫سياق «العودة» إلى الدين‪ ،‬كما يمكن االفتراض‬ ‫أن هذه «العودة» تحصل في سياق التجذر‬ ‫السياسي‪ .‬من بين هؤالء نجد المالحين األربعة في‬ ‫اعتداءات ‪ 11‬أيلول‪/‬سبتمبر وأيضا ً محمد رسام‬ ‫[‪ ]4‬وشبكة ب ّغال [‪ ، ]5‬زكريا الموسوي [‪]6‬‬ ‫‪ ،‬محمد سليتي عمر [‪ . ]7‬من بينهم من اعتنقوا‬ ‫اإلسالم كريتشارد كولفن راي [‪ ]8‬د وخوسيه‬ ‫باديال [‪ . ]9‬والغريب أن قلة من المناضلين تأتي‬

‫مباشرة من البلدان اإلسالمية (باستثناء بعض‬ ‫منفذي اعتداءات اسطنبول في تشرين الثاني‪/‬‬ ‫نوفمبر ‪ 2003‬وهم من أصل تركي)‪.‬‬ ‫عمليا ال يرجع أبناء هذا الجيل إلى بلدان عائالتهم‪،‬‬ ‫فما من جزائري بينهم التحق بـ»الجماعة‬ ‫اإلسالمية المسلحة» هناك إذ يفضلون االنطالق‬ ‫نحو الجهاد الطرفي (أفغانستان‪ ،‬البوسنة ومن‬ ‫بعدها الشيشان إن لم تكن كشمير) بدل المشرق‬ ‫أو المغرب قبل أن يعودوا إلى أوروبا‪ .‬فيصبح‬ ‫الجهاد وأفغانستان نوعا ً من طقس للعبور‪ ،‬إذ‬ ‫يعود الشاب محاطا بهالة «المجاهد» ولو كانت‬ ‫إقامته هناك قصيرة‪.‬‬ ‫في سعيها لتنظيم تدفق المتطوعين األجانب الذين‬ ‫كانوا يتسببون ببعض التوتر مع السكان المحليين‪،‬‬ ‫كلفت حركة «طالبان» أسامة بن الدن (في‬ ‫مطلع العام ‪ 1997‬على األرجح) اإلشراف على‬ ‫معسكرات «العرب» والداخلين حديثا في دين‬

‫خ�لاف��ا للحرس‬ ‫القديم مل يكن‬ ‫أي م��ن عناصر‬ ‫اجل��ي��ل اجل��دي��د‬ ‫م��ن «األف���غ���ان»‬ ‫قريبا من أسامة‬ ‫بن الدن‪.‬‬ ‫اإلسالم في وقت حافظ االوزبك والباكستانيون‬ ‫على تنظيماتهم الخاصة‪ .‬بالتالي فان كل متطوع‬ ‫مسلم غير باكستاني أو من أصول من خارج آسيا‬ ‫الوسطى سافر إلى أفغانستان بين ‪ 1997‬و‪2001‬‬ ‫كان مضطرا للمرور بمعسكرات «القاعدة»‬ ‫(وبالنسبة إلى قلة منهم بمعسكرات التنظيمات‬ ‫الباكستانية المتطرفة)‪ .‬ال يعني ذلك أن كل من‬ ‫أمضى فترة في هذه المعسكرات هو إرهابي‬ ‫بالقوة‪.‬‬ ‫خالفا للحرس القديم لم يكن أي من عناصر الجيل‬ ‫الجديد من «األفغان» قريبا من أسامة بن الدن‪.‬‬ ‫فالمتطوعين كانوا يخضعون لعملية تصنيف‬ ‫حيث يختار األفضل من بينهم للعودة إلى الغرب‬ ‫وارتكاب االعتداءات هناك بعد أن يكونوا تلقوا‬ ‫التدريب الالزم في أفغانستان وخصوصا بعد‬ ‫أن يكونوا قد اكتسبوا روح الجماعة التي تؤ ّمن‬ ‫تماسك التنظيم‪ .‬الباقون‪ ،‬أي األكثرية‪ ،‬كانوا‬ ‫يجندون في الكتيبة األجنبية للمحاربة إلى جانب‬ ‫«طالبان» ضد قوات احمد شاه مسعود‪ .‬من هنا‬ ‫تأتي الصعوبة في توجيه اتهامات محددة لمعتقلي‬ ‫غوانتانامو الذين وجدوا فقط ضمن صفوف‬ ‫«طالبان»‪.‬‬

‫اوليفييه روا‬ ‫إن هذا الجيل الجديد هو الذي أ ّمن الكوادر‬ ‫األساسية التي ارتكبت االعتداءات الدولية وهذا‬ ‫الجيل هو الذي أ ّمن فعالية التنظيم وقوته‪ .‬إن هذه‬ ‫الشبكات هي تعريفا ً دولية ومبنية على عالقات‬ ‫شخصية متينة‪ .‬فهي توفق بين العولمة وتماسك‬ ‫مجموعة صغيرة متجانسة من الرجال الذين‬ ‫يعرفون بعضهم البعض جيدا‪ .‬إن هذا التضامن‬ ‫بين مقاتلين أمميين سابقين تشاطروا المعسكرات‬ ‫والمعارك نفسها‪ ،‬يؤ ّمن للشبكات ليونتها‬ ‫ومصداقيتها‪ .‬وكما برهن على ذلك مارك ساغمان‬ ‫[‪ ]10‬يمكن العثور على روح الجماعة هذه في‬ ‫طرفي رحلة الجهاد األفغاني اإلعدادية‪ .‬فالتجذر‬ ‫السياسي يحصل بداية ضمن شلة من األصدقاء‬ ‫(في المدينة الجامعية أو الحي أو المسجد) قبل‬ ‫اتخاذ قرار السفر‪ .‬وفي أفغانستان (أو البوسنة‬ ‫أو الشيشان) يتم اللقاء مع «أخوة» آخرين يمكن‬ ‫أن يكونوا قادمين من ماليزيا أو باكستان ويمكن‬ ‫زيارتهم في بلدانهم‪ .‬ويتصرف أعضاء «القاعدة»‬ ‫في الغالب خالفا ألي منطق يسود العمل السري‬ ‫إذ يتقاسمون الشقق السكنية والحسابات المصرفية‬ ‫ويقف واحدهم اشبينا ً في زواج اآلخر أو يصادق‬ ‫على وصيته الخ‪ ...‬فاالنغالق ال يأتي من تقنيات‬ ‫العمل السري بل من تضامن المجموعة‪ .‬هكذا‬ ‫فان القيادة والخاليا والشبكات العابرة للبلدان‬ ‫كما سلسلة إصدار األوامر‪ ،‬تقوم على عالقات‬ ‫شخصية بنيت أما في أفغانستان وأما على‬ ‫المستوى المحلي لتنتقل في ما بعد إلى مستوى‬ ‫يتعدى بلد األصل في نوع من الحيز المفتوح‬ ‫(الرحالت‪ ،‬اإلقامة في بلدان أخرى‪ ،‬الجنسيات‬ ‫المتعددة الخ‪ .)...‬الروح الرفاقية تلعب دورا مهما‬ ‫جدا مضافا إليها أحيانا العالقات الزوجية غير‬ ‫«التقليدية»‪ :‬الزواج من شقيقة الرفيق وليس من‬ ‫الفتاة التي يختارها األهل مما يعني قيام عالقات‬ ‫زوجية حديثة‪ ،‬كما تدل على ذلك شهادة زوجة‬ ‫قاتل مسعود التي أخبرت أن زوجها كان يرتي‬ ‫ثيابه بيده [‪ . ]11‬إن في هذه العالقات الشخصية‬ ‫قوة التنظيم وضعفه‪.‬‬ ‫يكفي الشرطة أحيانا ً تفكيك شبكة كاملة من خالل‬ ‫مناضل واحد معروف (ولو أدى ذلك إلى تجريم‬ ‫أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم شاطروه غرفة سكن أو‬ ‫قصدوا الجامع الذي كان يصلي فيه)‪ .‬هكذا فان‬ ‫البوليس الفرنسي كان قد ابلغ السلطات االسبانية‬ ‫عن جمال زوغام احد المسؤولين عن اعتداءات‬ ‫مدريد فاعتقل لفترة وجيزة‪.‬‬ ‫بالرغم من غياب قاعدة معلومات حول المتطوعين‬ ‫في أفغانستان إال أنه تم التعرف على عدد متزايد‬ ‫منهم من خالل الوثائق التي تم العثور عليها هناك‬ ‫أو من خالل التوقيفات وجوازات السفر المزيفة‪...‬‬ ‫لكن مع فقدان المعقل األفغاني بشكل خاص لم يعد‬ ‫من وجود لمكان يعاد فيه إنتاج عالقات التضامن‬ ‫بين المناضلين الرواد‪ .‬ولو أشير إلى الشيشان‬ ‫أو الساحل أو المناطق القبلية في باكستان وحتى‬ ‫مدينة الفلوجة‪ ،‬فان أيا ً من هذه األماكن ال يتمتع‬ ‫بالتسهيالت من اإلدارات المحلية وال يمكن أن‬ ‫يشكل معقال مستديما بسبب الرقابة والضربات‬ ‫التي تستهدفه‪ .‬بعبارة واحدة فان جيل «األفغان»‬ ‫األوائل يتناقص (وأسلوب العمليات االنتحارية‬ ‫يساهم بالطبع في هذا التناقص) كما يجد صعوبة‬ ‫في تجديد نفسه‪.‬‬ ‫من اجل تفادي التهميش كان على «القاعدة»‬ ‫توسيع دائرة تجنيدها وإبرام تحالفات‪ .‬لكنها‬


‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫في المناطق القبلية الباكستانية مثال‪.‬‬ ‫في مختلف األحوال إن ظاهرة «القاعدة» وما‬ ‫يتفرع عنها‪ ،‬تتخطى قبل كل شيء اإلطار الوطني‬ ‫المحلي وليست لها سوى روابط ظرفية مع الشرق‬ ‫األوسط‪ .‬فدينامية التعبئة والتحرك ليس لها سوى‬ ‫ارتباط غير مباشر بنزاعات المنطقة المندرجة‬ ‫ضمن المنطق القومي الوطني قبل كل شيء‪ .‬هناك‬ ‫إفراط في إظهار الطابع اإلسالمي لـ»القاعدة»‬ ‫وتغاض عن بعدها الشمولي المعادي لالمبريالية‬ ‫والمناصر للعالم الثالث‪ .‬يقوم منطق الحركة هذه‬ ‫على أن تتبوأ الصف األمامي في حركة االعتراض‬ ‫على النظام القائم والقوة االميركية الكبيرة أكثر‬ ‫منها على الدفاع عن اإلسالم‬ ‫___________________‬

‫ال تتمتع ببدائل كونها ال تمثل حركة سياسية لها‬ ‫قيادتها السياسية وبنيتها العسكرية ورفاق الدرب‬ ‫والمنظمات الدائرة في فلكها الخ‪ ...‬فشبكة النشطاء‬ ‫هذه ال مبرر لوجودها إال بمدى ارتكاب االعتداءات‬ ‫وال يبدو في األفق أي توجه نحو العمل السياسي‪.‬‬ ‫بمعنى أن «القاعدة» ال يمكن أن تتحالف سوى‬ ‫مع المجموعات المقاتلة (حتى لو كان لهؤالء بعد‬ ‫سياسي كـ»طالبان» أو كما في الشيشان)‪.‬‬ ‫يوجد إمكان لثالثة أشكال من استراتيجيات التحالف‬ ‫أو خطط البدل‪ :‬استخدام التسمية‪ ،‬المشاركة أو‬ ‫أعمال اللصوصية‪.‬‬ ‫إن استخدام التسمية جار على قدم وساق‪ .‬فمرتكبو‬ ‫االعتداءات «المحلية» يدخلون في هذا الصنف‬ ‫سواء سافروا إلى أفغانستان في يوم من األيام أم ال‪.‬‬ ‫هكذا تقوم مجموعة محلية بدون عالقة مباشرة مع‬ ‫قيادة «القاعدة» كما في الدار البيضاء (أو مرتبطة‬ ‫بهذه القيادة بطريقة غير مباشرة كما في اعتداءات‬ ‫اسطنبول وجربه) باعتداءاتها باسم «القاعدة» أو‬ ‫أن «القاعدة» تتبنى أعمال هذه المجموعة المحلية‪.‬‬ ‫يكفي من جهة أخرى أن ينسب الرأي العام أو‬ ‫السلطات المحلية االعتداء إلى «القاعدة» كي‬ ‫تحصل النتيجة نفسها‪ .‬فاألهداف واسعة بما فيه‬ ‫الكفاية (كل ما يتعلق بالوجود الغربي أو اليهودي أو‬ ‫المصالح االميركية) بحيث يحدث دائما هنا أو هناك‬ ‫ما يوحي أن تنظيم «القاعدة» موجود في كل مكان‪.‬‬ ‫تراوح هذه المجموعات البديلة بين الشبكات‬ ‫المحكمة التنظيم والجذرية (الجماعة اإلسالمية في‬ ‫اندونيسيا أو المجموعات المتطرفة في باكستان وقد‬ ‫ذهب عناصر منها إلى أفغانستان مع «القاعدة»‬ ‫وصوال إلى جماعة الزرقاوي في العراق)‬ ‫والعصبة الشبابية المتمردة تتزواج فيها ظاهرة‬ ‫اللصوصية والفرقة المغلقة حول زعيم محلي كما‬ ‫في اعتداءات الدار البيضاء‪ .‬يمكن أيضا ً أن تتشكل‬ ‫خاليا في أوساط مستخدمي االنترنت من المتعلمين‬ ‫ومتقني اللغات ت ّدعي االنتساب إلى «القاعدة»‪ .‬في‬ ‫المختصر أن «القاعدية» يمكن أن تستمر بعد غياب‬ ‫«القاعدة»‪.‬‬ ‫ويسهل استخدام التسمية وخصوصا بسبب وجود‬ ‫تيار راديكالي يجند العناصر وينشط وفق أنماط‬ ‫عمل «القاعدة» من دون ارتباط عضوي بها كما‬ ‫في فرنسا بالنسبة إلى شبكة خلخال [‪ ]12‬وعصابة‬ ‫مدينة روبيه [‪ ]13‬عامي ‪ 1995‬و‪ .1996‬يمكن‬ ‫أيضا ً االفتراض أن أعضاء في حركات أصولية‬ ‫غير جهادية ( أمثال «التبليغيين» [‪ ]14‬وحتى‬ ‫حزب التحرير [‪ ) ]15‬يقررون التحول إلى النشاط‬ ‫العسكري بصورة انفرادية تحت تسمية «القاعدة»‪.‬‬ ‫فاالعتداءات التي حصلت في طشقند في تموز‪/‬‬ ‫يوليو ‪ 2004‬ضد السفارتين االميركية واإلسرائيلية‬ ‫يمكن أن تكون من فعل عناصر من «الحركة‬ ‫اإلسالمية في أوزبكستان» قاتلوا مع «القاعدة»‬ ‫ضد االميركيين في أفغانستان أو من فعل منشقين‬ ‫عن «حزب التحرير» ولو أن الفرضية األولى‬ ‫أقرب إلى التصديق‪.‬‬ ‫كما يمكن لـ»أفغان» سابقين أن يستقلوا بنشاطهم‬ ‫كالزرقاوي (مهما كان الدور المنسوب إليه) فيما‬ ‫كان للمتطوعين الموجودين في الفلوجة مصلحة‬ ‫في االستفادة من تسمية «القاعدة» وإيهام أخصامهم‬ ‫بأنهم ينتمون إلى شبكة أكثر تنظيما مما هم عليه‬ ‫في واقع الحال‪.‬‬ ‫الوضع في السعودية أكثر تعقيدا‪ .‬فنجد من جهة‬ ‫عدداً كبيرا من المتطوعين السابقين في حرب‬ ‫أفغانستان من بين العناصر األكثر تطرفا والتي‬ ‫أطلقت هجمات العام ‪( 2004‬التمثيل السعودي‬ ‫مرتفع بين المتطوعين المسلمين في جميع الجبهات‬ ‫من أفغانستان إلى الشيشان مرورا بالبوسنة)‪ .‬نظرا‬ ‫إلى األصل السعودي ألسامة بن الدن ودوره في‬ ‫انتقال السعوديين إلى أفغانستان في الثمانينات‬ ‫عندما كان ال يزال مسموع الرأي لدى مخابرات‬ ‫بالده (القطيعة بينه وبين النظام السعودي كانت‬ ‫نسبية في البداية ولم تحسم إال في العام ‪)1991‬‬ ‫فمن المحتمل أن تربطه معرفة شخصية برؤساء‬ ‫المجموعات الناشطة‪.‬‬ ‫إن االعتداءات التي وقعت في السعودية تستهدف‬ ‫األجانب (بمن فيهم العرب) ورموز الوجود‬ ‫األجنبي أكثر مما تطاول جهاز الدولة وهي بالتالي‬ ‫تندرج في خط أعمال «القاعدة»‪ .‬ولو أن اإلرهابيين‬

‫‪17‬‬

‫يتمنون صراحة زوال الملكية إال أن األسلوب‬ ‫المعتمد ال يشكل نهجا ثوريا في هذا االتجاه‪ .‬من‬ ‫جهة أخرى ال يوجد داخل التيار السعودي هذا‬ ‫أي متطوع أجنبي وال يملك مناضلوه خبرة نابعة‬ ‫من مسار معولم باستثناء مرور في أفغانستان أو‬ ‫الشيشان خالفا ً لسائر عناصر «القاعدة»‪ .‬أخيراً ال‬ ‫توقّع المجموعة السعودية أعمالها باسم «القاعدة»‬ ‫ولو أنها ال تنكر هذا االنتساب‪.‬‬ ‫يمكن فهم انتشار التسمية الواسع وفق منطقين‬ ‫متناقضين‪ :‬إرادة األنظمة‪ ،‬من طشقند إلى موسكو‪،‬‬ ‫في توريط «القاعدة» إعالميا ً كي تنسب نفسها‬ ‫في المقابل إلى نادي مناهضة اإلرهاب وجعل‬ ‫الرأي العام ينسى سياساتها القمعية‪ .‬لكن الناشطين‬ ‫الراديكاليين لهم أيضا ً مصلحة في اإليهام أن تنظيم‬ ‫«القاعدة» كل ّي الوجود حيث ظهر أسامة بن الدن‬ ‫كأنه قائد اوركسترا كبير يؤمن لـ»الصغار» أوسع‬ ‫صدى ألعمالهم‪.‬‬ ‫إنها في الواقع سياسة بيع لالسم التجاري حيث‬ ‫أن المنظمة األم قد حددت المفهوم وراحت تعطيه‬ ‫لوكالئها‪ .‬ويسهل األمر خصوصا ً أن «القاعدة» لم‬ ‫تكن يوما ً منظمة «لينينية» حريصة على الرقابة‬ ‫اللصيقة على أعضائها‪ .‬فهؤالء يحظون عموما‬ ‫بالكثير من االستقاللية ويترك المركز حرية‬ ‫المبادرة للشباب وحتى للمنضوين الجدد (وهذه‬ ‫ظاهرة جديدة في منظمة إسالمية راديكالية)‪.‬‬ ‫أما البحث عن التحالفات فيتم على حساب النقاوة‬ ‫اإليديولوجية وليس لـ»القاعدة» خيار في ذلك‬ ‫إذا أرادت تحاشي العزلة‪ .‬فيتعاون عناصرها‬ ‫بانتظام مع مجموعات إسالمية ذات أهداف محلية‬ ‫محضة كـ»طالبان» والمتطرفين الشيشان أو السنة‬ ‫العراقيين وجميعهم يؤمنون بمبدأ الجهاد‪ .‬يمكن‬ ‫لهذه التحالفات أن تتطور في اتجاهات ثالثة‪:‬‬ ‫ التحالف مع حركات قومية أو عرقية كما في‬‫البوسنة والشيشان والعراق كما يبدو‪ .‬لكن في هذه‬ ‫الحاالت الثالث ال يتبع «االمميون» استراتيجيتهم‬ ‫الخاصة بل يعملون فقط كطليعة عسكرية في إطار‬ ‫من النشاط المحلي الوطني‪ .‬يتحولون بالتالي إلى‬ ‫نوع من «كتيبة أجنبية» يصار إلى التخلص منهم‬ ‫ما أن تضع الحرب أوزارها كما حدث في البوسنة‬ ‫ويمكن أن يتكرر في العراق‪.‬‬ ‫بيد انه ليس من المستبعد أن تلجأ بعض الشرائح‬ ‫المتطرفة في الحركات الوطنية ومن باب اليأس‬ ‫إلى إعطاء النزاع بعدا دوليا على غرار ما فعله‬ ‫الفلسطينيون في السبعينات‪ .‬إن حركات التحرر‬ ‫الوطني ومهما بلغ دور اإلسالم فيها (حركة حماس‬ ‫الفلسطينية وأنصار شامل باساييف في الشيشان)‬ ‫تحافظ على مجريات الصراع ضمن أراضيها وضد‬ ‫من تعتبره القوة المحتلة‪ .‬فلم يلجأ أي من عناصر‬ ‫«القاعدة» إلى التحرك في الحيز اإلسرائيلي –‬ ‫الفلسطيني كما لم يشارك أي فلسطيني‪ ،‬في المقابل‪،‬‬ ‫في نشاطات «القاعدة»‪ .‬لكن ال يمكن الجزم بان ال‬ ‫تعمد بعض الجماعات‪ ،‬وفي مواجهة القمع والعزلة‬ ‫الدولية‪ ،‬إلى توسيع دائرة النزاع من خالل التحالف‬ ‫مع التيار «االممي» المناصر لقضيتها‪.‬‬

‫ التالقي بين «القاعدة» وشريحة من اليسار‬‫الراديكالي العنيف من ورثة مجموعات بادر‬ ‫ماينهوف األلمانية و»العمل المباشر» الفرنسية‬ ‫أو «األلوية الحمراء» اإليطالية وصوال ربما إلى‬ ‫أقصى اليمين‪ .‬فالعدو واحد وهو النظام العالمي‬ ‫المتمثل في «االمبريالية االميركية»‪ .‬و»القاعدة»‬ ‫تثير إعجاب الباحثين عن قطيعة مع النظام القائم‬ ‫وهي تستفيد من زوال اليسار الماركسي المتطرف‬ ‫بصورة شبه كاملة بعد أن التحق بتيار العولمة‬ ‫المغايرة الذي ال يطاول تماما حيز التهميش‬ ‫والبؤس االجتماعي‪ .‬حتى اليوم كان شرط االنتماء‬ ‫إلى «القاعدة» اعتناق اإلسالم لكن قد يصار إلى‬ ‫االستغناء عن هذا الشرط‪ .‬في كل حال أن أهداف‬ ‫«القاعدة» ليست دينية أبداً وإن عداءها للسامية‬ ‫يشبه الشعور التقليدي نفسه في أوروبا (محامي‬ ‫بادر السابق‪ ،‬السيد هورست ماهلر‪ ،‬وبعد انتقاله‬ ‫إلى صفوف اليمين المتطرف وجد نفسه في تشرين‬ ‫األول‪/‬أكتوبر ‪ 2002‬يشارك في حفل خطابي‬ ‫من تنظيم «حزب التحرير» اإلسالمي المتطرف‬ ‫المعروف أيضا بعدائه الشديد للسامية)‪.‬‬ ‫ويمثل المعتنقون الجدد للعقيدة اإلسالمية مؤشراً‬ ‫جيداً إلى التحوالت القادمة إذ يمكن لهذا الطريق‬ ‫المفتوح بين الشبان الغربيين واإلسالميين‬ ‫المتطرفين أن يكون سالكا ً في االتجاهين‪ ،‬أي أن‬ ‫«يعود» هؤالء الذين أسلموا إلى مناطقهم األصلية‬ ‫ليبحثوا فيها عن تحالفات من أجل أعمال إجرامية‬ ‫أو تحركات سياسية‪ .‬فالسيد أيليش راميرز سانشيز‬ ‫المعروف تحت اسم «كارلوس» أعتنق اإلسالم في‬ ‫السجن وأشاد ببن الدن في كتابه األخير «اإلسالم‬ ‫الثوري» [‪ ]16‬مثله مثل ناديا ديسديمونا ليوتشي‬ ‫الناجية الوحيدة من مجموعة «األلوية الحمراء‬ ‫اإليطالية» بعدما اعتقلتها الشرطة في شباط‪/‬‬ ‫فبراير ‪ .2003‬والعديد من حاالت دخول اإلسالم‬ ‫هي أقرب إلى االلتزام السياسي منها إلى االقتناع‬ ‫الروحي‪ .‬انه اعتناق لمبدأ االعتراض‪.‬‬ ‫ االتجاه نحو المرتزقة واللصوص‪ .‬إذا تم في‬‫النهاية القضاء على مركز «القاعدة» فان عددا من‬ ‫«األفغان» السابقين أو أعضاء مفترضين في هذه‬ ‫الشبكة ال بد أن ينزلوا إلى السوق ما تعلموه من‬ ‫تقنيات ونظّموه من شبكات واكتسبوه من شهرة‪.‬‬ ‫وذلك لالرتباط بمجموعات مافياوية أو التحول هم‬ ‫أنفسهم إلى مافيا أو إلى مرتزقة في خدمة أجهزة‬ ‫المخابرات السرية كما تحول في وقت من األوقات‬ ‫الفلسطيني أبو نضال أو كارلوس‪.‬‬ ‫حتى اآلن ال تجرؤ أي دولة على تعاون من هذا‬ ‫النوع خشية استثارة رد فعل اميركي مباشر عليها‪.‬‬ ‫لكن الوضع قد يتغير إذا غرقت الواليات المتحدة‬ ‫في العراق وأظهرت ضعفها وإذا ما تفككت‬ ‫شبكات «القاعدة» واختلطت األهداف بالوسائل‬ ‫في «الحرب على اإلرهاب» لتنفتح منطقة رمادية‬ ‫ال يعرف فيها من يحارب من أو من يحالف من‬ ‫ولماذا‪ .‬إن حصول هذه التطورات ممكن ال سيما‬ ‫أن الحيز الذي يتحرك فيه المناضلون االمميون‬ ‫يفترض وجود ارتباطات وأشكال دعم من شبكات‬ ‫التهريب مع احتمال تواطؤ داخل أجهزة الدولة كما‬

‫_____________________‬ ‫* مدير أبحاث في مركز لألبحاث العلمية‪ ،‬من‬ ‫مؤلفاته‬ ‫‪L’Islam mondialisé et Les Illu‬‬‫‪sions du 11 septembre : Le débat‬‬ ‫‪stratégique face au terrorisme,‬‬ ‫‪.tous deux parus au Seuil en 2002‬‬ ‫__________________________‬ ‫[‪Al Qaeda, casting a shadow ]1‬‬ ‫‪of Terror, I. B. Tauris, Londres,,‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫[‪ ]2‬اتهم بلعب دور الحماية الخلفية للمعتدين‬ ‫على مركز التجارة العالمي‬ ‫[ [‪Lawrence Wright “ The Ter� ]3‬‬ ‫‪ror Web, Where the Madrid‬‬ ‫‪bombings part of a new Al Qaeda‬‬ ‫‪Strategy, - driven by the Internet‬‬ ‫‪.? ” The New Yorker, 2 août 2004‬‬ ‫[‪ ]4‬أوقف على الحدود بين الواليات المتحدة‬ ‫وكندا في كانون األول‪/‬ديسمبر ‪ 1999‬وبحوزته‬ ‫متفجرات وقد «تعاون» فيما بعد مع القضاء‬ ‫االميركي‪.‬‬ ‫[‪ ]5‬اتهم باإلعداد في فرنسا عام ‪2002‬‬ ‫العتداء ضد السفارة االميركية في باريس‪.‬‬ ‫[‪ ]6‬فرنسي اعتقل في الواليات المتحدة بتهمة‬ ‫المشاركة في اعتداءات ‪ 11‬أيلول‪/‬سبتمبر‪.‬‬ ‫[‪ ]7‬المعروف بـ»أبي عمر» وقد اتهمه القضاء‬ ‫البلجيكي بإيواء وإرشاد اثنان من االنتحاريين‬ ‫التونسيين الذين اغتالو احمد شاه مسعود في‬ ‫‪9/9/2001‬‬ ‫[‪ ]8‬أدين بمحاولة دس المتفجرات في حذائه‬ ‫خالل رحلة باريس ميامي بالطائرة يوم‬ ‫‪.22/12/2001‬‬ ‫[‪ ]9‬أوقف في مطار شيكاغو في ايار‪/‬مايو‬ ‫‪ 2002‬وأتهم بتوفير المعلومات للقاعدة من‬ ‫اجل بناء قنبلة مشعة‪ .‬اقرأ‬ ‫‪Augusta Conchiglia, “ Dans le trou‬‬ ‫‪noir de Guantanamo ”, Le Monde‬‬ ‫‪.diplomatique, janvier 2004‬‬ ‫[‪Sageman Understanding ]10‬‬ ‫‪Terror Networks, University of‬‬ ‫‪Pennsylvania Press, 2004‬‬ ‫[‪Malika el Aroud, Les soldats ]11‬‬ ‫‪de Lumière, A. S. B. L. Les Ailes‬‬ ‫‪de la Miséricorde, rue de l’Eglise‬‬ ‫‪Sainte-Anne 93, 1081 Koekelberg‬‬‫‪Bruxelles, Belgique, 2003‬‬ ‫[‪ ]12‬شبكة يتزعمها خالد خلخال الذي قتل‬ ‫على يد الشرطة وهو متهم بالوقوف وراء‬ ‫موجة اعتداءات في فرنسا منها تلك التي‬ ‫استهدفت مترو سان ميشال في تموز‪/‬يوليو‬ ‫‪1995‬‬ ‫[‪ ]13‬ارتكبت عدة أعمال سطو مع إطالق نار‬ ‫في المنطقة عام ‪.1996‬‬ ‫[‪ ]14‬أو جماعة التبليغ وهم من دعاة التبشير‬ ‫باإلسالم والموجودون في السعودية والمغرب‬ ‫وبلدان المحيط الهندي‬ ‫[‪ ]15‬وقاعدته لندن‪ .‬اقرأ‬ ‫“ ‪L’islam au pied de la lettre ”, Le‬‬ ‫‪Monde diplomatique, avril 2002.‬‬ ‫‪Edition du Rocher, Paris, 2003‬‬ ‫[‪ ]16‬استنكرتها رابطة أساتذة العلوم‬ ‫االقتصادية واالجتماعية ومنظمة «أتاك»‪.‬‬ ‫وقد تقدم احد أساتذة الفلسفة‪ ،‬جيلبير مولينيه‪،‬‬ ‫بدعوى ضد هذه اللعبة غير الشرعية ‪www.‬‬ ‫‪molinier.org‬‬


‫‪18‬‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫الليبيون‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫ترجمة فضيل المنفي‬

‫واشنطن بوست ‪-‬‬

‫«سرقنا مصرفنا»‬ ‫لتمويل االن ِتفاضة‬

‫بنغازي‪ ،‬ليبيا‪:‬‬ ‫ت الثَّورة الليبيَّة ضد‬ ‫في األيام التي أ ْعقَبَ ِ‬ ‫ُم َع َّمر القذافي‪ ،‬وا َجه الثُّ َّوا ُر تَ َح ِّديًا كبيرًا‪،‬‬ ‫فكان السؤال ال ُم َحيِّر‪ :‬كيف يُ ْمكن ْ‬ ‫أن نُ َم ِّول‬ ‫هذه الثورة؟‬ ‫ك الثُّ َّوا ُر َّ‬ ‫بأن اإلجابة عن هذا السؤال‬ ‫أ ْدر َ‬ ‫قد تكون َموجودةً داخل الخزائن المؤ َّمنة‬ ‫والقابعة في مصرف ليبيا المركزي ‪ -‬فرع‬ ‫ُ‬ ‫حيث احتَفَظَ ْ‬ ‫ت حكومةُ الق َّذافي‬ ‫بنغازي؛‬ ‫آنذاك في داخلِه بمبلغ قدرُه‪ 505 :‬مليون‬ ‫دوالر أمريكي! فقَ َّر َر الثُّ َّوار َّ‬ ‫أن يكونَ هذا‬ ‫المبلغ ِم ْل ًكا لهم؛ ألنهم يُدركون أن هذا‬ ‫المال ِم ْل ٌ‬ ‫ك للشعب الليبي‪ ،‬لذا اقتَ َحم الثُّ َّوا ُر‬ ‫سودرسان راقافان‬ ‫المصرفَ وأَ َخ ُذوا المال!‬ ‫وقد أ َّكد مسؤول الملفِّ المالي بالمجلس‬ ‫الوطني االنتقالي‪ /‬علي الترهوني على قرار الثُّ َّوار؛ إذ رأى ضرورة‬ ‫ال ُحصُول على ذلك المبلغ في مارس المنصرم‪ ،‬فقال‪« :‬لنقل‪ :‬إنَّنا َس َر ْقنا‬ ‫مصرفَنا الخاص»!‬ ‫و ِمن ِخالل إِحْ داث ثُقب في أحد الجدران واستِ ْخدام صانع األقفال لِفَ ْتح‬ ‫تلك الخزائن‪َ ،‬ح َّول قادةُ الثُّ َّوار المال ِمن حكومة القذافي إليهم؛ ليُصب َح‬ ‫ُحاولون تَ ْكرار نفس الفِعْل‪ ،‬ولكن مع‬ ‫ُشريان الحياة لِثَوْ رتِهم‪ ،‬واآلن هم ي ِ‬ ‫أطراف دوليَّة؛ فطَلَبوا من الحكومات األجنبية ‪ -‬بما فيها الواليات المتحدة‬ ‫ٍ‬ ‫األمريكيَّة ‪ -‬استِ ْخدام األرصدة الليبية الم َج َّمدة؛ لإلنفاق على ثورتهم‪،‬‬ ‫والتي ‪ -‬خالل ثالثة أشهر ‪ -‬تَ َح َّولَ ْ‬ ‫ت ِمن احتجاجات سياسية إلى ُموا َجهات‬ ‫عسكرية طويلة األَ َمد‪.‬‬ ‫وبالفعل أ َّك ْدت الواليات المتَّحدة األمريكية على َد ْع ِمها للثُّ َّوار‪ ،‬و َد َع ْتهم‬ ‫ْ‬ ‫رسمي‪،‬‬ ‫اعتراف‬ ‫فجاءت هذه المبادَرة دون‬ ‫ب لهم في واشنطن!‬ ‫ٍ‬ ‫لفتح مكت ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫ْ‬ ‫ت ِّ‬ ‫قصفت طائرات الحلف األطلسي‬ ‫متأخ ٍر من نفس يوم التأكيد هذا‬ ‫وفي وق ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الحربية أهدافا تابعة للقذافي في طرابُلس؛ حيث جاءت تلك الضَّربات‬ ‫كجز ٍء من الحملة العسكرية التي أحْ يَ ْ‬ ‫بأن ال َّسيْطرةَ القائمةَ‬ ‫ت آما َل الثُّ َّوار َّ‬ ‫على طرابلس ستُؤتي ثِما َرها يو ًما ما‪ ،‬وبما َّ‬ ‫أن الثُّ َّوار يُقاتِلون لإلنفاق على‬ ‫ُ‬ ‫ثَوْ رتِهم‪ ،‬فقد ق َّد َمت‬ ‫الواليات المتحدة األمريكيَّة والقوى الغربية القليل منَ‬ ‫المساعَدات الماليَّة!‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫أ َّما إدارة أوباما والكونغرس األمريكي فلم يُوافقوا على إعطاء قادة الث َّوار‬ ‫أيًّا من األصول الليبيَّة الم َج َّمدة في أمريكا‪ ،‬والتي تُقَ َّدر بنحو‪ 32 :‬بليون‬ ‫ض استِخدا ِمها لتقديم ُمساعَدات إنسانيَّة ألولئك‬ ‫دوالر أمريكي‪ ،‬حتى لِ َغ َر ِ‬ ‫المتأثِّرين بالصِّ راع‪ ،‬فهذا أم ٌر ُم َعقَّ ٌد قانونيًّا‪.‬‬ ‫ويؤ ِّكد ذلك جفري فيلتمان ُمساعد وزير الخارجيَّة لشؤون الشرق األدنى‬

‫وشمال إفريقيا في حديثه للصحفيين‬ ‫في مدينة بنغازي قائالً‪« :‬إنها َمسألة‬ ‫ُمعقَّدة‪ ،‬حيث إنَّنا نحتفظ بهذه األصول‬ ‫تحت الوصاية األمريكية لخدمة‬ ‫ال َّشعب الليبي‪ ،‬ونحن حاليًّا نبحث ْ‬ ‫عن‬ ‫حلول ل َس ِّد االحتياجات‬ ‫إمكاني ٍة إليجاد‬ ‫ٍ‬ ‫اإلنسانيَّة»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وقد طلَب البيت األبيض ِمن لجنة‬ ‫العالقات الخارجيَّة في مجلس‬ ‫قانون‬ ‫الشيوخ التصديق على مشروع‬ ‫ٍ‬ ‫يُ َم ِّكن ِمن ْ‬ ‫أخذ جز ٍء ِمنَ األصول‬ ‫الليبيَّة المج َّمدة والتي تَتَراوح بين‬ ‫‪ 150‬و‪ 180‬مليون دوالر أمريكي‪،‬‬ ‫واستِعمالها ك ُمساعدات إنسانية‪ ،‬ولكن‬ ‫جيمس قريمالدي‬ ‫واجه هذا القانون ُمعارضةً شديدةً ِمن‬ ‫قبَل السيناتور ريتشارد لوغار‪ ،‬والذي‬ ‫مخاوف جادةٌ‬ ‫ُ‬ ‫جاء على لسان ُمساع ِده مارك هيلمك أن السيناتور لديه‬ ‫َّ‬ ‫بشأن تداعيات ْ‬ ‫أخ ِذ أموال دولة ذات سيادة؛ يقصد‪« :‬سيادة القذافي»!‬ ‫إن لوغار و ُم َشرِّعين آخرين قلِقون ِمن ُّ‬ ‫وواصل هيلمك قائالً‪َّ :‬‬ ‫تدخل‬ ‫الواليات المتحدة األمريكية في الحرب األهلية الليبية‪ ،‬و ِمن قلة استِشارة‬ ‫إدارة أوباما للكونغرس األمريكي‪ ،‬وقال هيلمك أيضًا‪« :‬إذا كانت اإلدارةُ‬ ‫تُريد إنفاق المزيد من أموال دافعي الضرائب والدم األميركي‪ ،‬فعليها أن‬ ‫تستَشير الكونغرس بشأن السبُل والوسائل الالزمة لهذه ال َحرْ ب»‪.‬‬ ‫وبينما يتشاحن الكونغرس وإدارة أوباما‪ ،‬يرى الثُّ َّوار َّ‬ ‫أن أموالهم تشهد‬ ‫انخفاضًا ُمقلقًا؛ وبنا ًء على ذلك طَلَب الثُّ َّوار ُمساعدات بقيمة ‪ 3‬بليون‬ ‫دوالر على َش ْك ٍل قُ‬ ‫روض‪ ،‬وقد حصلوا على وعو ٍد كبير ٍة من الكويت‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫وقطر ودول أخرى‪ ،‬ولكن المساعَدات الدوليةَ‬ ‫جاءت أقل مما يحتاجه‬ ‫الثُّ َّوار!‬ ‫إن الواليات المتَّحدة األمريكيَّة ق َّد ْ‬ ‫ويضيف جفري فيلتمان قائالً‪َّ :‬‬ ‫مت ‪53‬‬ ‫مليون دوالر أمريكي؛ لتغطية االحتِياجات اإلنسانية في ليبيا‪ ،‬كما ق َّد ْ‬ ‫مت‬ ‫‪ 25‬مليون دوالر أمريكي على شكل «تجهيزات عسكرية غير قتاليَّة»‪،‬‬ ‫وأ َّكد جفري فيلتمان لقادة الثُّ َّوار َّ‬ ‫أن الواليات المتَّحدة األمريكية ستُ َوفِّر لهم‬ ‫المزيد منَ المساعَدات في األسابيع القادمة‪.‬‬ ‫ولكن في الوقت الراهن ما زال الثُّ َّوار يُ َدبِّرون أم َرهم بالمال الذي حصلوا‬ ‫عليه من مصرف القذافي؛ (مصرف ليبيا المركزي فرع بنغازي)‪.‬‬ ‫و ِمن ِجهة أخرى فقد تفادَى الم ْس ُؤولون في الواليات المتَّحدة األمريكيَّة‬ ‫ودول أخرى األسئلةَ الموجهة إليهم حول مشروعية قرار الثُّ َّوار لمساعَدة‬ ‫أنفسهم باستخدام أموال الدولة‪ ،‬حيث قال أحد المختَصِّين في الشؤون‬ ‫المصرفيَّة‪ :‬من المحتَ َمل أن يكون السببُ هو إزالة مشروعيَّة حكومة‬


‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫الق َّذافي علنًا في أعقاب حملة القمع التي شنَّ ْتها حكومةُ القَّذافي ضد‬ ‫ُمواطنيها‪.‬‬ ‫أ َّما جون بيرن الخبير المصرفي‪ ،‬ونائب الرئيس التنفيذي لرابطة‬ ‫القانونيين المتخصصين في مكافَحة غسيل األموال فقال‪َّ :‬‬ ‫«إن حالة الثُّ َّوار‬ ‫ال تقا َرن بتجَّار المخدِّرات الذين يسرقون من مجلس االتحاد الفيدرالي‪،‬‬ ‫والذي يُ َع ُّد عمالً إجراميًّا‪ ،‬بل هؤالء الثُّ َّوار يعملون ضد نظام نحن كذلك‬ ‫نُعارضُه‪ ،‬فهم يُقاتِلون ِم ْن أجْ ِل َش ْعبِهم»!‬ ‫وفي حديث للدكتور على الترهوني «‪ 60‬عا ًما» والذي ‪ -‬منذ فترة قريبة‬ ‫ كان محاضرًا بقسم االقتصاد بجامعة واشنطن في سايتل‪ ،‬قال‪َّ :‬‬‫إن‬ ‫ُحصُول الثُّ َّوار على المال من المصرف ما هو إال دلي ٌل على إبداع الثُّ َّوار‬ ‫ومهارتهم التنظيمية‪ ،‬وهذا يُ َؤ ِّكد ‪ -‬حسب قوله ‪ -‬على أنهم قادرون على‬ ‫إدارة الدولة‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ب آخر يظن أحمد الشريف ال ُمستَشار السابق في مصرف ليبيا‬ ‫و ِمن جان ٍ‬ ‫المركزي ‪ -‬والذي عيَّنَه الثُّ َّوا ُر مديرًا لل َمصْ رف في أبريل الماضي‪ ،‬أنَّ‬ ‫مديري المصرف ساعَدوا الثُّ َّوار على الدخول‪ ،‬ولكنَّهم لم يستطيعوا ف ْت َح‬ ‫الخزائِن؛ َّ‬ ‫ألن ف ْت َحها يحتاج إلى ثالثة مفاتيح‪ ،‬ولم يكن بحوزتهم إال اثنان!‬ ‫وفي ‪ 29‬مارس قام الشريف وثالثة من مديري المصرف بإحضار عامل‬ ‫ب في الجدار؛ ليَتَ َم َّكن فيما بع ُد ِمنَ اختراق وفتح‬ ‫األقفال؛ فقام بعمل ثق ٍ‬ ‫الخزينة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫صل الشريف قائال‪« :‬إن بإمكانك من الداخل اللعب بالشفرات‪ ،‬وهكذا‬ ‫ووا َ‬ ‫ْ‬ ‫ح الخزينة دون الحاجة إلى المفتاح الثالث الموجود في‬ ‫تَ َم َّكنَّا ِمن فت ِ‬ ‫آن واحد»!‬ ‫طرابلس‪ ،‬فنجاحُهم َكانَ حل ًوا وم ًّرا في ٍ‬ ‫ويعبِّر الدكتور الترهوني عن حُزنِه عندما رأى المال‪ ،‬فيقول‪َّ :‬‬ ‫إن أول‬ ‫إحساس را َودَني هو‪ :‬أنَّنا في ورطة! َّ‬ ‫ألن هذا المال ال يكفي لتغطية نفقات‬ ‫ب‪.‬‬ ‫اقتصاديَّة لدولة تَ ُمرُّ بظُرُوف حر ٍ‬ ‫ومن جهة أخرى قال أحمد الشريف‪َّ :‬‬ ‫إن المبلغ الذي تزيد قيمتُه عن ‪500‬‬ ‫مليون دوالر‪ ،‬والمو َّزع على خزينتَيْن‪ ،‬تَ َّم إبقا ُؤهما في نفس المصرف‬ ‫تحت حساب جدي ٍد خاصٍّ بالثُّ َّوار‪ ،‬كما َّ‬ ‫األموال‬ ‫أن الجهود لِ َد ْعم تلك‬ ‫ِ‬ ‫باإليراد النِّ ْف ِطي َك ْ‬ ‫انت فاشلةً؛ حيث تفتَقر سُلطة الثُّ َّوار إلى البِ ْنيَة التحتيَّة‬ ‫الالزمة لتخفيف الضرائب‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫كذلك يقول الدكتور علي الترهوني‪ :‬إن األموا َل استخ ِد َمت في دفع الرواتب‬ ‫الحكومية ونفقات التشغيل‪ ،‬باإلضافة إلى دعم ال َمعونات الغذائية‪ ،‬وفي‬

‫األسابيع األخيرة تَ َّم إنفا ُ‬ ‫ق المزيد من األموال لدعم مدينة (مصراتة) التي‬ ‫الحصار‪.‬‬ ‫تقَع غرب ليبيا ومدن أخرى واقعة تحت ِ‬ ‫ووفقًا لكالم الشريف والدكتور الترهوني َّ‬ ‫فإن الثُّ َّوار ما يزالون يعتَ ِمدون‬ ‫على األموال المتبَقِّية في المصرف المركزي‪ ،‬وال ُمقَ َّدرة بنحو ‪150‬‬ ‫مليون دينار ليبي = ‪ 120‬مليون دوالر أمريكي‪.‬‬ ‫يقول الدكتور الترهوني‪« :‬لقد تَ َّم استخدا ُم هذه األموال بطريقة سحريَّ ٍة‬ ‫لِتَ ْش ِغيل االقتصاد ونحن في حاج ٍة الستخدام هذا المال لنُعيدَه إلى الشعب»‪.‬‬ ‫ُواصل الترهوني حديثه مؤكدًا أنَّه يُدرك َّ‬ ‫أن األموال لن تست ِم َّر لفترة‬ ‫وي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أطول ِمن ذلك‪ ،‬ويُحاول أن ينتهز فرصة لل ُحصُول على المبالغ الكبيرة‬ ‫ض َعها القذافي وحكومته في البنوك والشركات االستثمارية وغيرها‬ ‫التي َو َ‬ ‫من المؤسَّسات التي تنتشر في جميع أنحاء العالم‪ ،‬وتقديرات هذه األصول‬ ‫قد تصل قيمتُها إلى ‪ 165‬بليون دوالر أمريكي!‬ ‫وبنا ًء على هذا اقتَ َرح الدكتور الترهوني استخدام األموال المج َّمدة‬ ‫كضمان لل ُحصُول على ائتمان أو قرض‪ ،‬وقد زار و ْف ٌد من المجلس‬ ‫الوطني االنتقالي ‪ -‬من بينهم الدكتور الترهوني والزعيم البارز في‬ ‫المعا َرضة محمود جبريل ‪ -‬واشنطن‪ ،‬ونا َشدوا المسؤولين في وزارة‬ ‫المالية األمريكية والبيت األبيض وزعماء الكونغرس آملين الحصول‬ ‫على ما ال يقل عن ‪ 3‬مليارات دوالر أمريكي؛ لتشغيل الجُزء الذي‬ ‫يُ َسيْطر عليه الثُّ َّوا ُر في ليبيا لمدة ستة أشهر‪.‬‬ ‫صل حديثه‬ ‫وقد وصف الدكتور الترهوني ذلك المبلغ «بالمبدئي»‪ ،‬ووا َ‬ ‫َّ‬ ‫حر ٌج للغاية‪ ،‬وما ِز ْلنا في حالة حرب‪ ،‬وإذ كنتم‬ ‫قائالً‪:‬‬ ‫«إن وضْ َعنا ِ‬ ‫ت ْعتَبِروننا صوتًا شرعيًّا‪ ،‬وتعتَقدون أنَّنا أصحاب قضيَّة شرعيَّة‪ ،‬والعالَم‬ ‫يوافِق بأننا نُقاتِل َسفَّاحًا ُمجر ًما‪َّ ،‬‬ ‫وأن هذه ثورةٌ َم ْشروعة‪ ،‬ف ُم ُّدوا لنا يد‬ ‫العون إذن»!‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واردنا التي ن ْمتلِكها»‪.‬‬ ‫وأنهى الترهوني قوله‪« :‬نحن فقط نطالِب باستخدام َم ِ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫* نشر هذا التقرير في صحيفة‪ :‬وشنطن بوست بتاريخ ‪.2011 / 5 / 24‬‬ ‫المتعاون مع واشنطن بوست في إعداد‬ ‫* أسهم الكاتب روبرت أوهارو‬ ‫ِ‬ ‫هذا التقرير‪.‬‬

‫يف املكتبات ولدى الباعة‬ ‫صحيفة‬

‫ليبيا ‪17‬‬ ‫فرباير‬

‫‪19‬‬

‫العدد الثامن‬ ‫من صحيفة‬ ‫الكلمة‬


‫‪20‬‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫زمن اململكة‬ ‫تطور اجملتمع اللييب‬

‫‪ 1951‬ـ ‪1969‬‬

‫شكل الليبيون‪ ،‬منذ القدم تجمعات سكانية‬ ‫مبعثرة على مدى الصحراء الفاصلة بين‬ ‫مصر وتونس ‪ ..‬فى «جزر» خصبة نسبيا‬ ‫سواء على الساحل أو فى الواحات ‪..‬‬ ‫ليبيا بمعنى ما أرخبيل من المستوطنات‬ ‫المتباعدة في صحراء شاسعة ‪ .‬ولعل أهم‬ ‫برزخ أو حاجز ‪ ،‬ذلك الممتد على طول‬ ‫خليج سرت‪ ،‬حيث تتصل الصحراء بسباخ‬ ‫البحر ‪ ..‬فيقسم البالد الى جزئين رئيسيين‪:‬‬ ‫طرابلس الغرب وبرقة ‪ ،‬وخلفهما فزان‬ ‫وواحات الشرق‪.‬‬ ‫ولذلك كانت اتصاالت الجماعات الليبية‬ ‫محدودة ‪ ..‬سواء ببعضهم البعض او‬ ‫بالعالم الخارجى‪ .‬واقتصرت على قوافل‬ ‫التجارة او الحجيج شبه السنوية ‪ ..‬او عبر‬ ‫بعض مرافئ البحر المتوسط‪ .‬وزاد من‬ ‫عزلة حواضر برقة ان القوافل الشمالية‬ ‫المارة بين الشرق والغرب‪ ،‬كان عليها‬ ‫ان تبتعد عن أهم حاجزين طبيعيين‪ :‬الجبل‬ ‫األخضر‪ ،‬وصحراء سرت‪ ،‬باتباع خط‬ ‫الجغبوب ‪ -‬سلوق ‪ -‬أوجلة ‪ -‬سوكنة‪ /‬هون‬ ‫‪.‬‬

‫القـبــــــيلة‬

‫فى بيئة محكومة بتبعثر البؤر الخصبة ‪..‬‬ ‫وبتعرضها للجفاف والمجاعات الدورية ‪،‬‬ ‫ظل النظام القبلى الطابع األساسي للمجتمع‬ ‫الليبى‪ .‬فالقبيلة تسمح بحركة الجماعات‬ ‫الصغيرة طلبا للماء والكأل ‪ ..‬كما تسمح‬ ‫بالدفاع عن هذه الموارد (البئر واألرض)‬ ‫فى مواجهة المنافسين والغزاة ‪.‬‬ ‫لكن للقبيلة وجهان ‪ :‬اإليجابي أنها‬ ‫منظومة اجتماعية تنظم العالقات بين‬ ‫أفرادها‪ ،‬ووحدة دفاعية تحقق المنعة‬ ‫واالستقرار لهم ‪ ..‬والوجه السلبى أن‬ ‫نفس هذه المنظومة فى بيئة غير مستقرة‬ ‫الموارد ‪ ،‬تجعل المجتمع القبلي موبو ًءا‬ ‫بالثأر والصراعات والحروب!!‬ ‫ورغم تأسيس الدولة القرمللية (‪1711-‬‬ ‫‪ )1845‬فى مدينة طرابلس على عوائد‬ ‫القرصنة البحرية‪ ،‬ونجاحها فى توحيد‬ ‫ليبيا تحت سلطة واحدة ‪ ،‬فقد ظل المجتمع‬ ‫الليبى فقير االمكانيات ‪ ..‬وقبليا‪.‬‬ ‫وحين جاء الطليان ‪ ..‬كان المجتمع الليبى‬ ‫ما يزال قبليا ‪ ..‬وبدائيا‪ ،‬مع وجود امتداد‬ ‫للدولة العثمانية‪ ،‬فى شكل قوات نظامية‪،‬‬

‫‪4‬‬

‫الناس‬

‫وشبه إدارة حديثة‪ .‬وواجه الليبيون‬ ‫الغزو اإليطالي‪ ،‬بإستراتيجية قائمة على‬ ‫القبيلة‪ :‬نظام الصفوف فى طرابلس‪،‬‬ ‫واألدوار فى برقة ‪ .‬لكن النظام القبلي‬ ‫كان أيضا وراء المطاحنات المحزنة ‪،‬‬ ‫خاصة فى طرابلس ‪ ،‬بسبب الحساسيات‬ ‫القبلية ‪ ،‬وذلك فى فترة الهدوء النسبي‬ ‫للمواجهة مع العدو‪ ،‬بين عامي ‪1915-‬‬ ‫‪.1922‬‬

‫هـجــرات غرب – شـرق‬

‫تلك هى السمات العامة للمجتمع الليبي‬ ‫‪ ..‬وفى ثناياها نستطيع أيضا أن نتعرف‬ ‫على ظاهرة ثانوية ‪ ..‬أال وهى نزوح‬ ‫الفائض السكاني فى الغرب‪ ،‬أي من‬ ‫طرابلس ‪ ..‬إلى الشرق ‪ .‬بل يمكننا تصور‬ ‫تيار هجرة بطىء جدا ‪ ،‬مع دفعات بين‬ ‫الحين والحين ‪ ..‬ولكنه مستمر من الغرب‬ ‫إلى الشرق‪ .‬والقوة الدافعة وراء ذلك‬ ‫التيار‪ ،‬كانت وال شك محدودية الموارد‪،‬‬ ‫ودورات المجاعة والوباء ‪ ..‬إضافة الى‬ ‫وجود حوض نهر النيل الفسيح والخصب‬ ‫شرقي ليبيا‪ ،‬والقادر على امتصاص‬ ‫الهجرات القادمة من برقة‪.‬‬ ‫هذا التصور قد ال يتقبله البعض ممن‬ ‫اعتاد النظرة الى القبائل فى ضوء ما‬ ‫ترويه أساطيرها وحكاياتها‪ .‬فالجماعات‬ ‫القبلية عادة ما تفسر نشأتها بانحدار من‬

‫مثة مؤشرات أكثر‬ ‫وض��وح��ا ودرام��ي��ة‬ ‫ل���ظ���اه���رة ت��ي��ار‬ ‫اهل��ج��رة املتواصل‬ ‫م���ن ال���غ���رب إىل‬ ‫ال��ش��رق ال��ل��ي�بي‪.‬‬

‫جد واحد‪ :‬تميم‪ ،‬كليب‪ ،‬سعدة‪ ،‬برعاص‪،‬‬ ‫جبريل ‪..‬الخ ‪ .‬وهكذا يطلب منا أن نتصور‬ ‫أن برقة كانت خالية من البشر إلى أن‬ ‫جاءتها سعدة‪ ،‬لتمألها بذريتها‪ .‬لكن خيالية‬ ‫هذه القصص ال تلغى أهميتها‪ .‬فالشك ان‬ ‫هذه التفسيرات هامة فى ترابط الجماعات‬ ‫والبيوت والقبائل من أجل تحقيق السالم‬ ‫واالستقرار في ما بينها‪ .‬وهى تستمد‬ ‫مصداقيتها‪ ،‬أيضا من اندثار تفاصيل‬ ‫التاريخ الحقيقي مع الزمن‪ ،‬خاصة في‬ ‫مجتمع يعتمد على الروايات الشفهية وال‬ ‫يملك تاريخا مكتوبا‪.‬‬ ‫وثمة مؤشرات أكثر وضوحا ودرامية‬ ‫لظاهرة تيار الهجرة المتواصل من الغرب‬ ‫إلى الشرق الليبي‪ .‬ففي العصر القرمللي‬ ‫والعثماني هاجرت قبائل أوالد على ‪ ،‬من‬ ‫برقة الى شرقي السلوم ‪ .‬وكذلك هاجر‬ ‫الجوازي من ساحل بنغازي الى صعيد‬ ‫مصر‪ .‬ولم تكن هجرات بقرار ‪ ،‬بل كانت‬ ‫في نهاية التحليل نتيجة نمو ديموغرافي‬ ‫أي تكاثر سكاني تجاوز ما توفره األرض‬

‫د‪ .‬محـمد محـمد املـفــتي‬ ‫من مصادر عيش ‪ ..‬سواء تكاثر القبائل‬ ‫المهاجرة نفسها أو مقدم قبائل أخرى من‬ ‫الغرب‪.‬‬ ‫ولعل العامل الوحيد الذي ترك أثره‬ ‫تاريخيا في االتجاه المعاكس ‪ ،‬كان انتقال‬ ‫التجار من قراهم وواحاتهم وتوزعهم في‬ ‫باقي المناطق ‪ ،‬وقد أسهم أهل مصراته‬ ‫أكثر من غيرهم في تأسيس التجارة‬ ‫الليبية عبر التاريخ‪ ،‬ربما لموقع المدينة‬ ‫ولتراث اجتماعي ترسخ لدى أهلها‪.‬‬ ‫واألكيد أن التجار كانوا أول من وقف‬ ‫في وجه التعصب القبلي‪ .‬وبهذا المعني‬ ‫ساهم « أبناء مصراته « في تماسك نسيج‬ ‫المجتمع الليبي الحديث ‪ ،‬على األقل خالل‬ ‫القرنين الماضيين التي نملك عنها بعض‬ ‫المعلومات المسجلة والوثائق‪ .‬فالتاجر في‬ ‫مصراته ‪ ،‬كان يتعامل مع أبناء عمومته‬ ‫المستقرين في أسواق طرابلس أو درنة‬ ‫أو سبها ‪ ،‬بثقة سمحت بانسياب التجارة‬ ‫التبادلية بينهم ‪ ،‬وما رافق ذلك من عالقات‬ ‫اجتماعية‪ .‬وبذلك نسجوا شبكة ش ّدت‬ ‫أطراف ليبيا ‪ ،‬فشكلوا جسورا اخترقت‬ ‫المسافات الجغرافية الشاسعة بين القرى‬ ‫والمدن‪ .‬أفال يمكننا القول أن المصارتة ‪..‬‬ ‫هم من وحّد ليبيا ‪..‬؟‬ ‫وفى زمن الطليان انتقلت جماعات من‬ ‫الغرب الليبي إلى برقة ‪ ،‬فى شكل جنود‬ ‫أو موظفين ومجاهدين ‪ .‬وبعد الحرب‬ ‫‪ ،‬قاد الجفاف و المجاعة فى الجفارة‬ ‫عام ‪ ،1947‬الى نزوح أعداد كبيرة الى‬ ‫الشرق‪.‬‬ ‫ولهذا نجد المراكز الحضرية مثل بنغازى‬ ‫ودرنة ‪ ،‬والقرى المحيطة بها التى تعيش‬ ‫على السواني المروية على امتداد الخليج‬ ‫من بنغازي الى قمينس مأهولة بجماعات‬ ‫من الغرب الليبي وما تزال تحمل أسماء‬ ‫مواطنها األصلية ‪ :‬ورفلة‪ ،‬مصراته‪،‬‬ ‫تواجير‪ ،‬زليتن‪ ،‬أوالد شيخ ‪ ،‬فواتير‪،‬‬ ‫كراغلة ‪..‬الخ‪ ،‬وتتعامل مع غيرها كقبائل‬ ‫‪ ،‬كما لو كان أبناؤها ينحدرون من جد‬ ‫واحد‪ .‬وهذا مما يؤكد قولنا ان القبيلة‬ ‫منظومة اجتماعية لضبط ملكية األرض‬ ‫والماء‪ ،‬وتسوية النزاعات‪ ،‬وليست كيانا‬ ‫سالليا نقيا كما هو االعتقاد الشائع‪.‬‬


‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫السيد روالن دوما المحامى‬ ‫السيد جاك فرجاس المحامى‬ ‫تحية طيبة وبعد‪،‬‬

‫الموضوع‪ :‬شكوى أسر ضحايا القصف‬

‫تابعت الرابطة الليبية لحقوق اإلنسان باهتمام زيارتكما الى طرابلس واطلعت‬ ‫على التصريحات التى ادليتما بها خالل المؤتمر الصحفى الذى نظمته يوم ‪29‬‬ ‫مايو‪ 2011‬وزارة العدل التابعة للعقيد القذافى والذى حضره ايضا بناء عاى‬ ‫استدعاء من الوزارة حوالى ثالثين شخصا يدعون انهم يمثلون أسر «لضحايا‬ ‫قصف النيتو»‪ .‬ووفقا لما ذكره السيد بوخزام‪ ،‬ممثل الوزارة‪ ،‬فإن ممثلى األسر‬ ‫قد قدموا لكما توكيالت من أجل رفع شكاوى أمام المحاكم الفرنسية ضد رئيس‬ ‫الجمهورية الفرنسية تزعم ارتكاب «جرائم ضد اإلنسانية نتيجة الدور الذى تقوم‬ ‫به فرنسا فى ليبيا»‪ .‬ولم يدخر السيد بوخزام وسعا أيضا إذ أشار الى الجانب‬ ‫الخيرى لتدخلكم عندما ذكر «إن المحاميين (دوما وفرجيس) تطوعا للدفاع عن‬ ‫شكاوى االسر»‪.‬‬ ‫ويسر الرابطة الليبية لحقوق اإلنسان ان تهنئكما على هذه المبادرة النبيلة لمساعدة‬ ‫أسر ضحايا الحرب المدنيين‪ .‬غيرأنه يؤسفنا ان مبادرتكما مقتصرة على ضحايا‬ ‫هجمات قوات التحالف المؤلف فى إطار قرار مجلس األمن التابع لالمم المتحدة‬ ‫رقم ‪ 1973‬الذى يأذن بل يطالب الدول األعضاء «باتخاذ جميع التدابير الالزمة‬ ‫لحماية المدنيين والمناطق اآلهلة بالسكان المدنيين المعرضين لخطر الهجمات»‬ ‫من طرف قوات العقيد القذافى ( الفقرة ‪ 4‬من منطوق القرار)‪ .‬وال يُستشف من‬ ‫التصريحات التى ادليتما بها أثناء المؤتمر الصحفى بأنكما مهتمان بمآسى ومعاناة‬ ‫اسر ضحايا الهجمات التى تشنها قوات العقيد القذافى رغم فظاعتها وشراستها‪.‬‬ ‫ونود تذكيركما فى هذا السياق بانه خالل اإلحدى وثالثين يوما (‪ )31‬التى سبقت‬ ‫التصويت على القرار ‪ ، 1973‬أي من ‪ 15‬فبراير وحتى ‪ 17‬مارس ‪ ،2011‬تاريخ‬ ‫التصويت على القرار المذكور‪ ،‬فإن الهجمات التى شنتها قوات الكتائب (قبل تدخل‬ ‫قوات التحالف فى ‪ 19‬مارس) التى يقودها العقيد القذافى قد أسفرت عن اكثر من‬ ‫‪ 6000‬قتيل و ‪12000‬جريح و‪ 5000‬مفقود و ‪ 75000‬الجئ‪ .‬إننا لنأسف شديد‬ ‫األسف اللتزامكما الصمت حيال هذه الجرائم‪ .‬وخالل هذه الفترة بالذات ُد ّمرت‬ ‫مدينة مصراته بنسبة ‪ 50%‬ومدينة الزاوية بنسبة ‪ 60%‬ومدينة زوارة بنسبة‬ ‫‪ 40%‬و مدينة الزنتان بنسبة ‪ .65%‬ونحن نأسف لتجاهلكما هذه الجرائم برغم‬ ‫أنها شكلت األساس الذى استندت إليه المحكمة الجنائية الدولية التهام العقيد القذافى‬ ‫وأعوانه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد اإلنسانية‪ .‬وفى هذه األثناء ايضا اعتمد‬ ‫مجلس األمن فى ‪ 26‬فبراير القرار ‪1970‬الذى اقتصر على توجيه نداء الى العقيد‬ ‫القذافى بالتوقف الفورى عن ارتكاب العنف وشن الهجمات المسلحة ضد المدنيين‬ ‫ويدعوه «الى اتخاذ الخطوات الكفيلة بتلبية المطالب المشروعة للسكان»‪ .‬إن هذا‬ ‫القرار لم يشر الى اي تدخل مسلح من جانب االمم المتحدة وترك مجاال كافيا من‬ ‫الوقت لحكومة العقيد القذافى إلعادة النظر فى السياسةالتى تنتهجها إزاء شعبها‬ ‫الذى تزعم انها تمثله‪.‬‬ ‫ولالسف فقد تجاهل العقيد القذافى النداءات التى وجهها له المجتمع الدولى عبر‬ ‫القرار ‪ .1970‬وعوضا من التوقف عن مهاجمة السكان المدنيين فقد اختار توسيع‬ ‫نطاق الهجمات وتكثيفها إذ شرع فى استخدام اسلحة جديدة اكثر تدميرا وفتكا‬

‫‪21‬‬

‫مثل صواريخ «جراد» وراجمات القذائف المتعددة وغيرها من االسلحة الثقيلة‪.‬‬ ‫وقام ايضا بتوسيع نطاق استخدام سالح الطيران والدبابات ضد المدنيين‪ .‬إن هذا‬ ‫التعنت من جانب العقيد القذافى وقراره الصريح فى عدم وقف الحرب هو الذى‬ ‫جعل المجتمع الدولى يعتبره تحديا له والذى‪ ،‬من ثم‪ ،‬لم يتردد فى اتخاذ القرار‬ ‫‪ 1973‬المؤرخ ‪ 17‬مارس ‪ 2011‬والذى يهدف اساسا الى تقديم المساعدة الى‬ ‫شعب يتعرض لخطر ماحق ومن أجل ضمان حمايته من مليشيات العقيد القذافى‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة الى انه برغم القرار ‪ 1973‬فقد استمرت معاناة األهالى المدنيين‬ ‫بالمناطق التى يسيطر عليها العقيد القذافى جراء هجمات الكتائب باإلضافة الى‬ ‫اإلفتقارالى حماية دولية فعالة ضد هذه الهجمات‪ .‬ولقد تسببت هجمات الكتائب‬ ‫ضد المدنيين فى الفترة من ‪ 15‬فبراير الى ‪ 31‬مايو ‪ 2011‬فى خسائر مادية تقدر‬ ‫بميلغ ‪ 575‬مليار دوالر وهي تشمل تدمير بنسبة ‪ 95%‬لمدينة مصراتة‪ ،‬ثالث‬ ‫مدن ليبيا‪ ،‬وتدمير بنسبة ‪ 90%‬لمدينة الزاوية‪ ،‬رابع مدن ليبيا وتدمير بنسبة ‪90%‬‬ ‫لمدينة زوارة وبنسبة ‪ % 95‬لمدينة الزنتان وترهونة وغيرهما من المدن والبلدات‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق بالخسائر البشرية فهي تصل الى ‪ 18000‬قتيل و‪ 46000‬جريح‬ ‫و‪ 28000‬مفقود و‪ 1600‬حالة اغتصاب و‪ 150.000‬الجئ داخل وخارج ليبيا‪.‬‬ ‫هذا هو كشف حساب القذافى‪ .‬وعلى سبيل المقارنة فقد صرح السيد موسى إبراهيم‬ ‫القذافى‪ ،‬الناطق الرسمى باسم النظام مشيرا الى ارقام غير قابلة للتحقق صادرة عن‬ ‫وزارة الصحة قائال فى ‪ 28‬مايو ‪ 2011‬بأن غارات حلف النيتو تسببت فى الفترة‬ ‫من ‪ 19‬مارس الى ‪ 26‬مايو ‪ 2011‬فى مصرع ‪ 715‬قتيال فى صفوف المدنيين‬ ‫و‪ 4067‬جريحا‪ .‬وقد نفى التحالف على الفور هذه المزاعم وذكر انها مجرد دعاية‬ ‫(‪ )propaganda‬من طرف نظام القذافى‪.‬‬ ‫ايها السادة‪،‬‬ ‫ال شك إنكما تعرفان تمام المعرفة ان نظام العقيد القذافى هو نظام يحتضر ويلفظ‬ ‫انفاسه األخيرة وهو يحاول التشبث بالسلطة بواسطة الحرب والتحايل واألكاذيب‪.‬‬ ‫ويتم يوميا إجبار اسر بكاملها بما فيها كبار السن واألطفال على البقاء ليال كدروع‬ ‫بشرية فى باب العزيزية‪ ،‬مقر العقيد القذافى‪ ،‬وفى اماكن عسكرية مهمة اخرى‬ ‫بغية إثناء قواة التحلف من شن غارات جوية ضد هذه األهدداف العسكرية حتى‬ ‫وإن كانت هذه الوسيلة‪ ،‬وهو الكواقع المرير‪ ،‬تعرض أرواح وامن آالف المدنيين‬ ‫للخطر‪ .‬وليس ثمة شك فى أن نهاية الحرب مرتبطة بتخلى القذافى عن السلطة‬ ‫وأن استمراره على رأس الدولة لن يسفر إالّ عن مواصلة الدمار والخسائر فى‬ ‫األرواح البشرية والخسائر المادية بسبب استمرار الحرب‪ .‬وفى هذا السياق‪ ،‬تجدر‬ ‫اإلشارة الى ان القذافى هدد فى الخطاب الذى القاه فى نهاية فبراير ‪ .. 2011‬قد‬ ‫هدد اليبييين»بحرق أبار النفط وتدمير البنية التحتية للبلد» وتوعد أطفالهم «بمصير‬ ‫اسود» فى حالة إجباره على التنحى عن السلطة ( خطاب زنقة زنقة)‪ .‬أليس تشبثه‬ ‫بالسلطة بواسطة القوة هو الذى يغذى سعير الحرب ويعرض يوميا بشكل متزايد‬ ‫الشعب الليبى بأسره الى ويالت الحرب؟ أليس رفضه التنحى عن السلطة بصورة‬ ‫سلمية‪ ،‬بعد ‪ 42‬سنة من الحكم المطلق‪ ،‬هوالذى يهدد بتنفيذ تهديداته بمالحقة الليبيين‬ ‫زنقة‪...‬زنقة وتحقيق المصير األسود الذى توعد به الليبيين؟‬ ‫وتفضلوا بقيول فائق اإلحترام‬ ‫د‪.‬سليمان أبوشويقير‬ ‫األميـــن العـــام‬


‫‪22‬‬

‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫جتميــد األمــوال الليبيــة باخلارج‪.‬‬ ‫منذ أن أصدر مجلس األمـن بأغلبية األعضاء يوم ‪ 26‬فبراير الماضى القرار رقم ‪ ،1970‬والذى‬ ‫تضـــــــــمن حزمــة من العقوبات على ليبيا ‪ .‬كان أبرزها تجميد األرصدة الليبية بالخارج‪ ،‬ثم‬ ‫توالت قرارات العديد من الدول بتجميد األصول الليبية‪ ،‬وبأن ذلك من باب معاقبة المالزم معمر‬ ‫القذافى وأوالده‪ ،‬بسبب مواجهته الدموية للثورة الليبية‪ -‬ثورة ‪ 17‬فبراير المجــيدة‪ ،‬ومطالبته‬ ‫لأللتفات لرغبة شعبه بتنحيته عن الحكم والذى أستمـر زهاء أربعة عقود ويزيد‪ ،‬جاثما على‬ ‫صدر الشعب اللــيبى األصيـــل‪..‬‬ ‫حيث تشير التقديرات الى أن حجم األموال الليبية المستثمرة فى الخارج تقدر بأكثر من ‪150‬‬ ‫مليار دوالر‪،‬باالضافة الى مبلغ وقدره ‪ 134‬مليار دوالر لعائلة القذافى وحــدها ‪.‬‬ ‫عـلى الرفاعــى زوبـــي‬ ‫وتــــــم حتـــــى األن تجميد ما‬ ‫يقارب عن ‪ 80‬ملــيار دوالر ترتبط‬ ‫بالقذافى وأبناؤه وزبانيته من النظام‪،‬‬ ‫كما تقدر وزارة الخزانة األمريكية بأن‬ ‫لدى المصرف المركزى الليـــــبى‬ ‫نحو ‪ 100‬مليار دوالر من احتياطيات‬ ‫العمالت األجنبية حول العالم‪ ،‬ونحو‬ ‫‪ 70‬مليار دوالر قيمة استثمارات‬ ‫خارجية تديرها هـــــــيئة األستثمار‬ ‫ات الليبية (الفيكــو) أو الشركة الليبية‬ ‫لألستثمارات الخارجية فى لنــــدن ‪.‬‬ ‫وبعد قرار األمم المتحدة‪ ،‬أسرعت‬ ‫واشنطن بتجميد حوالى ‪ 34‬مليار‬ ‫دوالر من األصول الليبية‪ ،‬وافادت‬ ‫وزارة الخزانــة األمريكية‪..‬أن األموال‬ ‫المجمدة هى عبارة عن ودائع بنكية‬ ‫وأسهم واستثمارات تعود للمصرف‬ ‫ومؤســـــسة‬ ‫المركزى‬ ‫الليبى‬ ‫األستثمارات الليبية ‪ .‬أما االتحاد‬ ‫األوروبى فلم يتأخر حيث قرر تجميد‬ ‫أرصدة ‪ 26‬فردا من أسرة ومؤيدين‬ ‫لنـــظام القذافــى‪ ،‬وفرض عقوبات‬ ‫على خمس مؤسسات ليبية من بينها‬ ‫المؤسسة الليبية لألستثمار والمصرف‬ ‫الليبى المركزى‪ ،‬والمؤســـسة الوطنية‬ ‫للنفط ‪ .‬كما أعلنت العديد من الدول‬ ‫األوروبية فرضها تجميد لألصول‬ ‫الليبية‪ ،‬فقامت بريطانيا بتجميد ما‬ ‫قرابته من ‪ 32.2‬مليار جنيه أسترليتى‪،‬‬ ‫تعتقد لنـدن أنها تعود للقذافى وأسرته‬ ‫فى بريطانيا ‪ .‬كما قررت وزارة‬ ‫الخزانة حضـر تصــــدير األوراق‬ ‫النقدية الليبية والبضائع والتى يمكن‬ ‫أن تستخدم فى قمع الليبيين‪..‬مما‬ ‫أربك حكومة القذافى المنهارة وخلق‬ ‫ندرة فى األوراق النقدية للتداول‪،‬‬

‫مما حذى بهذه الحكومة المنهارة من‬ ‫تداول العملة المنتهية الصــــالحية‬ ‫والـــتى من المفروض أن تذهب الى‬ ‫المحرقة‪..!!..‬‬ ‫كما شرع مستثمـر يعتبر بمنزلة‬ ‫المسئول عن ادارة أموال عائلة‬ ‫القذافى فى لنــدن فى اقامة مشروع‬ ‫فـــــــندق بريطانى يكلف عدة ماليين‬ ‫من الجنيهات األسترلينية ‪ ،‬رغم‬ ‫العقوبات المفروضة على النظام‬ ‫الليبى‪ ،‬وهو يدعى السيد رجب لـــياس‬ ‫رئيس صندوق الثروة السيادية الليبى‬ ‫فى بريطانيا‪ ،‬والذى يحـــتكم على‬ ‫أصــــول قوامــــــها ‪ 40‬ملــــيار‬ ‫من الجنـــــــيهات األسترلــــينية‪..‬‬

‫نطالب اجمللس العسكرى‬ ‫امل��ص��رى للمرة األل��ف‬ ‫بتجميد ه��ذه األم���وال‬ ‫العالقة لدى مصارفــه‪..‬‬ ‫ووقف نشــاط املدعــــو‬ ‫أمح��د ق���ذاف ال���دم من‬ ‫أعمال قرصنــة وأنشطة‬ ‫م��ش��ب��وه��ة ي��ع��رف��ه��ا كل‬ ‫م��ن ه��و م��ت��واج��د على‬ ‫ال��س��اح��ة امل��ص��ري��ة‪..‬‬

‫حيث دخل فى مشروع عمل مع‬ ‫عائلة امبراطور العقارات والرعايا‬ ‫الصحية‪..‬الذى يملك نادى باكينــغها‬ ‫شاير الحصرى للغولف‪ ..‬وتثير‬ ‫حسابات الشركة لمشروع الفندق‬ ‫الجديد‪ ،‬تساؤالت حول ما اذا كان‬ ‫رجب لياس يعـــمل بوصـــــفه‬ ‫مسئوال عن أمـــــــوال القذافى وأنه‬ ‫ربما تمكن من التسلل من شبكة‬ ‫العقوبات المفروضة على النظام الليبى‬ ‫رغـــــم الحملة التى أطلقها رئيس‬ ‫وزراء بريطانيا حيث يعتبر ليــاس‬ ‫معاونا مقـربا لسيف األسالم القذافى‪،‬‬ ‫وجمــــعيته الوهمــــيــة‪ ..‬وكان أسس‬ ‫معه أعماال تجارية من مجمع مبــانى‬ ‫كبير يقع فى منطقــة كينغســتون فـى‬ ‫غــرب لنـــدن ‪.‬‬ ‫وفى ايطاليا طالب البنك المركزى‬ ‫للمؤسسات المالية األيطالية‪ ،‬األبالغ‬ ‫عن أى تحركات مريبة فى حسابات‬ ‫مصـــــــرفية بأسماء أفراد للقذافى‬ ‫أو من أفراد حكــومته‪ .‬ويعتقد أن‬ ‫ايطاليا من الدول التى ضخ لهــا‬ ‫نظام القذافى استــثمارات كــــبيرة‪،‬‬ ‫حيث يمتلك حصصا لشركات وبنوك‬ ‫وأندية رياضية ومشاريع مختلفة ‪.‬‬ ‫أما فرنسـا فقد أصدرت تعليـــمات‬ ‫الى مؤســـــساتها المالية‪ ،‬بمراقبة‬ ‫التحركات المالية والتى قد يكون لها‬ ‫صلة بنظام القذافى وأبنـائه وأعـوانه‪..‬‬ ‫وكانت بـاريس قد عمــــدت فى‬ ‫وقت مبكر الى تعليق جميع عالقاتها‬ ‫األقتصادية مع ليبيا وتبنى فرض‬ ‫عقوبات عليها‪..‬كما تبنـــت بأن‬ ‫تــؤول هذه األمــــوال المجمدة الى‬ ‫حـق الشعب الليبى متمثلة فى المجلس‬

‫الوطنى األنتقــالى ‪.‬‬ ‫ويشار الى أن قيمة صادرات فرنسـا‬ ‫لليبيا بلغت نحو مليار دوالر عام‬ ‫‪ ،2010‬بينما بلغت قيمة مستورداتها‬ ‫من ليبيـا نحو ثالثة مليارات دوالر‬ ‫‪ .‬وفى األسبوع األول من الشهرقبل‬ ‫الماضى‪..‬أعلنت النمسـا تجميد أرصدة‬ ‫لنظام القذافى التزاما منها بعقوبات‬ ‫أقرها األتحــاد األوروبــى والمنظومة‬ ‫الدولية ‪ .‬كما أعلنت دولة اللوكسمبورج‬ ‫من جهتها بتجميد حسابات مؤسسة‬ ‫األستثمار والمصرف الليبى المركزى‬ ‫وذلك فى سياق تنفيذ األتفاق األوروبــى‬ ‫‪..‬‬ ‫وخارج األتحاد األوروبى كانت‬ ‫دولة ســويسرا أول المبادرين بتجميد‬ ‫أرصدة للنظام الليبى فى بنوكهــا‪..‬‬ ‫وقالت أن القرار يسرى ابتدأ من تاريخ‬ ‫‪ 24/2/2011‬ولمدة ثالثة سنوات‪..‬‬ ‫وتقدر األصول الليبية لدى بنوك‬ ‫سويسرا بنحو ‪ 613‬مليون فرنك أى‬ ‫بحوالى ‪ 663‬مليون دوالر ‪ .‬اضافة‬ ‫الى ‪ 205‬مليون فرنك سويسرى أى‬ ‫بحوالى ‪ 222‬مليون دوالر أخرى‬ ‫على شـــــكل معامالت ورقيــة‪...‬وفى‬ ‫الشهرقبل الماضى قامت سـويسرا‬ ‫بتجميد مايعادل ‪ 316‬مليون فرنك‬ ‫أى بحوالى ‪ 346‬مليون دوالر تخص‬ ‫القــذافى ‪.‬‬ ‫ـ كما قررت الحكومة الكندية بدورها‬ ‫بتجميد أرصدة القذافى وأسرته‬ ‫عمــــــــال بقرار مجلس األمـن‪،1970‬‬ ‫فجمدت كل التعامالت المالية مع‬ ‫الحكومة الليبية‪ ،‬ومؤسسات ليبية‬ ‫أخــرى‪ .‬وتقدر والية أوتاوه بكــــندا‬ ‫األصول الليـــــــبية المجمدة بحوالى‬


‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪ 2.4‬مليار دوالر دون أن تحــدد‬ ‫طبيعة األصول المجمـــدة ‪.‬‬ ‫وبدوره أعلن المركز األسترالى‬ ‫بتجميد التحويالت أو المدفوعات‬ ‫النقدية لمسئولين بارزين بنظام القذافى‬ ‫عبر مصارف البالد‪..‬وهذه األرصدة‬ ‫المجمدة هى احصائية أولية‪ ،‬وما تم‬ ‫األعالن عنه من الدول التى تتبع وتلتزم‬ ‫بقرارات مجلس األمــن‪ ..‬وهناك‬ ‫أرصــدة واستثمارات أخرى لألســرة‬ ‫الفاسدة فى جميع دول العالم وباألخص‬ ‫فى أفريقيـا ودول شــــرق آسيــــــــا‪،‬‬ ‫لم تعلن حتى األن تجميد أرصدة هذا‬ ‫النظام الفاســد‪..‬ماعدى دولتى جنوب‬ ‫أفريقيا ودولة غــامبيـــا‪ ،‬والتى أعلنتا‬ ‫تجميد أرصدة القذافى‪..‬على الرغم من‬ ‫موقف دولة جنوب أفريقيا الضعيف‬ ‫فى التصويت على قرار الحذر الجوى‬ ‫السابق فى مجلس األمــن وآخــر دولة‬ ‫أعلنت تجميــد أرصدة القذافى هذه‬ ‫األيام هى دولة اليابان‪ ،‬حيث جمدت‬ ‫مبلغ ‪ 4.4‬مليار دوالر‪..‬والشعب اللـيبى‬ ‫يرزح تحت ظرائب البندقية والجهاد‬ ‫ودعـم األســواق‪..‬والمجنــب‪..!!...‬‬ ‫كما أنوه ما ذكرته صحيفة الفاينـــــنشال‬ ‫تايمز بأن القذافى يتربع فى ليبيا على‬ ‫كـومة ضخمة من الذهــــــب الخالص‪،‬‬ ‫حيث ذكر فى الصحيفة بأنه وبناء على‬ ‫تقرير صادر عن لجنة الذهب العالمية‬ ‫فى تقريرها األخـــــير لحكومات دول‬ ‫العــــــالم حول أوضاع امتالك الدول‬ ‫للذهب حتى شهـر ديسمبر ‪2010‬‬ ‫بأن الكمية التى تمتلكها ليــبيا من‬ ‫الذهب تبلغ ‪ 143.8‬طنـا‪ ،‬وجـاءت‬ ‫ليبيـا فى المرتبة الرابعة عـربيا بعد‬ ‫السعودية ولبنان والجزائر والمرتبة‬ ‫ال ‪ 24‬عالميـا من بين حوالى ‪100‬‬ ‫دولة فى الـعالم خضعت لألحصاء‬ ‫والتمحيص‪ .‬وحسب تقرير اللجنة‬ ‫فان كمية احتيــاطى ليبيا من الذهب‬ ‫ظـل مســتقـرا منـذ سنة ‪2000‬‬ ‫على ‪ 143.8‬طنـا من دون زيادة أو‬ ‫نقصـان‪..!!..‬وتقدر قيمة هذه الكمــــية‬ ‫المهولة من الذهـــــب بأكــــــــثر‬ ‫من ‪ 70‬ملـــــيار من الدوالرات‪..!..‬‬ ‫مايمكن القذافى من تمويل جيوش من‬ ‫المرتزقة والمارقين‪ ..‬كما أشار التقرير‬ ‫أيضا أن احتــــــياطيات ليبيا من النقد‬ ‫األجنبى حتى عـام ‪ 2009‬وصلت الى‬ ‫ما يقارب ‪ 136‬مليار من الدوالارات‪..‬‬ ‫وأن ليـــــبيا تنتج حوالى ‪1800‬‬ ‫ملـــــــيون وثمانمائة ألف برميل يوميا‬ ‫من النفط فى الحاالت الطبيعية‪ ..‬أما‬ ‫احتياطيها من النفط يقدر بحوالى ‪42-‬‬ ‫‪ 45‬ملـــيار من النفط الخام و ‪1314‬‬

‫مليار متر مكعب من الغـاز‪..‬كما يشكل‬ ‫النفط أكثر من‪ 95%‬من الصادرات‬ ‫وأكــــثر من ‪ 80%‬من ميزانــــية‬ ‫الدولة الليبية المنهـــــارة‪..!!...‬أما‬ ‫عـن األستثمارات الخــارجية كما‬ ‫أسلفت القول‪...‬فحـــدث وال حــــرج‬ ‫‪!!!..‬‬ ‫وعلى الرغم من كل هذه التطورات‬ ‫على الساحة الدولية من تجميد‬ ‫ألرصـــدة الليبيون من دول العالم‬ ‫الصديقة والــــــغير صديقة للنظام‬ ‫والغير متوقعة‪..‬وعلى الرغم من‬ ‫احترامنا وتقديرنا للمجلس العسكرى‬ ‫بجمهورية مصر العربــــية‪ ،‬وما‬ ‫قام به ويقوم به من مساعدات جليلة‬ ‫ألخوانهم الليبيون‪ ،‬من فتح الحدود‬ ‫البرية للنازحين وادخال المساعدات‬ ‫األنسانية‪.‬وهذه حقيقة حسن الجوار بين‬ ‫الدول‪..‬ولكن هناك سؤال يطرح نفسـه‬ ‫للجميع‪..‬كما يدور فى أذهان الثوار‬ ‫هنا فى ليبيــا‪..‬ليبيا الغـــد‪ ..‬وهو لماذا‬ ‫المجلس العسكرى المصرى لم يأخذ‬ ‫زمام المبادرة بتجميد أموال الليبين‬ ‫فى مصر‪ ،‬والتى أغتصبها القذافى‬ ‫وزبانــــيته وحولها الى استثمارات‬ ‫وأصول عينية تدر عليه األرباح‬ ‫الطائلة‪..‬هذه األموال والتى تقدر‬ ‫بحوالى(‪ )10‬مليار دوالر تحت اسم‬ ‫أحمد قذاف الدم‪ ،‬ناهيك عن أصول‬ ‫بأسماء أشخاص أخرى‪ ،‬وشركات‬ ‫تحت مسميات مختلفة‪!!..‬‬ ‫وعلى الرغم من أن قرار‬ ‫مجلس األمن رقم (‪ ،)1970‬يوجب‬ ‫تجميد األرصدة الليبية على مستوى‬ ‫العالم‪..‬ومن خـــــالل هذا القرار‬ ‫بادرت العديد من الدول الغربية منها‬ ‫والشرقية واألفريقية‪ ..‬بتجمــــيد‬ ‫هذه األرصـــــدة بعد سويعات من‬ ‫صــــدور هذا القرار‪،‬وكان على‬ ‫رأس هذه الدول‪ -‬الواليات المتحدة‬ ‫األمريكية‪ ،‬وفرنسـا‪ ،‬وبريطانيا‬ ‫والنمسـا والدنمارك‪..‬بل واألكثر من‬ ‫ذلك ما أقدمت عليه فرنســا من تسييل‬ ‫بعضا من هذه المبالغ لديها مشكورة‬

‫لصالح المجلس الوطنــى األنتقــالى‪،‬‬ ‫لـــــقناعة هذه الدولة بأن هذه األموال‬ ‫تخص الشعب الليبى‪ ...‬وسرقت‬ ‫منه‪!!..‬‬ ‫والقرار رقم (‪ )1973‬الصادر من‬ ‫مجلس األمن فى محتواه هو حماية‬ ‫المدنيين من النظام الفاســد واألسلحة‬ ‫الفــــتاكة التى يضرب بها الشعب‪،‬كمـا‬ ‫يفرض على جميع الدول األعضاء فى‬ ‫األمم المتحدة‪ ،‬بتــــقديم تقريرمفــصل‬ ‫يــــشرح فيه ما نفذ من اجراءات لهذا‬ ‫القرار وذلك خالل أربعة أشهـر من‬ ‫صــدوره ‪.‬‬ ‫ونرجع الى ســؤال موضوعنا هذا‬ ‫والمحير والذى يدعى الى األندهاش ‪،‬‬ ‫ويخلق العديد من عالمات األستفهام‪..‬‬ ‫وهو لماذا المجلس العسكرى المصرى‬ ‫لم يقم بمبادرة تجميد األرصدة قبل‬ ‫كل هذه الدول ‪..‬؟؟‪..‬ودولة مــــــثل‬ ‫مصــــر من الـــــبديهــى وفى هذه‬ ‫الضروف أن تكون هى السباقة‪..‬ألن‬ ‫مبدأ حسن الجوار والمصاهرة وجامعة‬ ‫الدول العربــــــيــة والى غير ذلك من‬ ‫األمور التى تفرض نفسها‪ ..‬نحن ال‬ ‫نحتاج الى الدعـم المالى من أحــد وكما‬ ‫قال نائب رئيس دولة قطر مشكورا‬ ‫فى اجتـــماع الدوحــة األخير‪ »..‬أن‬ ‫ليبيا التتسول‪ ،‬والتحتاج اال الى الدعم‬ ‫المعنوى‪ »..‬فهى صاحبة أمــوال‬ ‫طائلة فى كل أرجـــــــــــــــــاء‬ ‫المعمورة‪..‬أمـــا الشقيقة مصـر‬ ‫فالليبيون يحتاجون األن الى وقـفة‬ ‫المحـــن‪..‬أين‬ ‫وقت‬ ‫الرجــال‬ ‫شبــــــاب ثورة ‪25‬يناير من هــذا‬ ‫القرار ‪ ،‬أين األزهر الشريف وكلمته‬ ‫المسموعة‪..‬؟‪..‬أين المثقفون‪..‬؟؟‪...‬أين‬ ‫ثــوار ميدان التحــرير‪..‬؟؟‬ ‫فمن خالل هذه األموال المجمدة‪...‬‬ ‫الزال المدعو أحمـد قذاف الدم يلعب‬ ‫بأالعيب قــذرة ومحـــاولة طعــن‬ ‫ثـــــــورة ‪ 17‬فــبراير من الخلف‬ ‫بشراء األموال الليبية من السوق‬ ‫المصرى وارسالها الى طرابلس‬ ‫نظرا لشــح هذه األموال‪..!..‬كما قام‬

‫‪23‬‬

‫بشــــــراء الذمم والمرتزقة لضرب‬ ‫الثورة ومكتسباتها‪..‬ولنا فى حادثة(‬ ‫خـط ‪ 54‬بالبوستــر‪ )Poster..‬لخير‬ ‫دليل ‪..‬‬ ‫نحــن نطالب المجلس العسكرى‬ ‫المصرى للمرة األلف بتجميد هذه‬ ‫األموال العالقة لدى مصارفــه‪..‬ووقف‬ ‫نشــاط المدعــــو أحمد قذاف الدم من‬ ‫أعمال قرصنــة وأنشطة مشبوهة‬ ‫يعرفها كل من هو متواجد على الساحة‬ ‫المصرية‪..‬‬ ‫أمـا عن األعتراف بالمجلس‬ ‫الوطنى األنتقا لى فنحن الليبيون ال‬ ‫نهتم كثيرا بهذا الموضوع‪..‬ألنه كفانا‬ ‫فخرا أن الكثير من دول العالم عملت‬ ‫على األعتراف أو شبه األعتراف‬ ‫الموقــرمشكورة‪..‬وأهمها‬ ‫بمجلسنا‬ ‫الدول الفاعلة فى مجلس األمـــــــــن‪،‬‬ ‫وبعض الدول العربية وعلى رأسها‬ ‫دولة قطــر األصيــلة ودولة االمــارات‬ ‫العربية‪...‬فالحراك السياسى فى مصــر‬ ‫يتحـــجج بالقول أن لنـا مشـاكلنا نريد‬ ‫حلها أوال‪..‬ثم نبحث المشـاكل الدولية‬ ‫العالقة‪ ...‬فهم أحــرار فيما يرونــه‪..‬‬ ‫ولكن أمــوالـــــــنا ال نــريد من أحــد‬ ‫أن يتالعب بهــا‪ ،‬أو يعبث بهــا ضــدنا‬ ‫من نظام القذافى البغيض‪..‬وعلى‬ ‫الرغم من علمنا من األستـــــــفادة‬ ‫الكبيرة من هذه األمـــــــوال والتى‬ ‫تجنيها الحكومة المصرية‪ ،‬وما تحققه‬ ‫من أربــاح طــائلة‪..!!..‬‬ ‫وأخيــرا‪..‬نحن كليبيون نقـدر حجم‬ ‫المســئولية الملقاة على عـاتق المجلس‬ ‫العسـكرى المصـرى‪ ،‬والذى يطالبه‬ ‫شعـــبه باألنفتاح السياسى‪..‬واألصالح‬ ‫واألجتمــاعى‪..‬نحـن‬ ‫األقتصـادى‬ ‫ندرك كل هذه المواضيع ونقدرها‪.,,‬‬ ‫ولكن قــــرارا من هذا المجلس‬ ‫بتجميــد هذه األمــوال ‪ ،‬يعنى الكثير‪..‬‬ ‫والكثير لليبيــوا ثورة ‪ 17‬فبرابــر‬ ‫الخالدة بعــون هللا‪..‬‬

‫المصــادر‪:‬‬ ‫•الشبكة العنكبوتية‬ ‫•بنك التجارة والتنمية‬ ‫•بنـك ليبيا المـركزى‪.‬‬ ‫الفايننشال‬ ‫•صحيفة‬ ‫األنجليزية‪2010/‬‬

‫تايمز‬


‫‪ 21‬يونيو ‪2011‬‬

‫جرونيكا ليبية ‪ :‬الزاوية للفنان علي الزويك‬

‫لوحة للفنان ‪ :‬علي ارميص‬

‫جممع تيبسيت السياحي مبركز مدينة بنغازي يضم ‪250‬‬ ‫غرفة ‪ 22 ،‬جناحا ممتازا و ‪ 8‬أجنحة رئاسية‬ ‫‪Tel + 218 61 909 0016, 909 0017 Fax + 218 61 909 0016‬‬ ‫‪http://www.tebistyhotel.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.