العدد 75

Page 1

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫‪WWW.miadeen.com‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫الدستور الذي نريد‬

‫عدالة ‪ -‬دميقراطية ‪ -‬إعالم ملتزم‬ ‫دستور يا سيادي‬

‫ماذا تريد املرأة الليبية من الدستور؟‬ ‫دسرتة اللغة األمازيغية‬

‫الدستـــور و العنف‬ ‫البنك الوطين أصــــد ُق أنبا ًء من الكتب !‬

‫عودة للتاريخ اجلميل (( البطل عيسى احمليشي ))‬

‫الثمن ‪ :‬دينار‬


‫‪02‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫االفتتاحية يكتبها ‪ :‬أحمد الفيتوري‬

‫البنك الوطين أصد ُق أنبا ًء من الكتب !‬

‫ميادين صحيفة ليبية‬ ‫تصدر عن شركة ميادين للنشر وإالعالن‬

‫عنوان الصحيفة ‪ :‬بنغازي ‪ /‬ميدان السلفيوم‬ ‫خلف عمارة شركة ليبيا للتأمين ‪ -‬فندق‬ ‫مرحبا سابقا ‪ -‬الدور األول‬

‫‪afaitouri_55@yahoo.com‬‬ ‫‪afaitouri.55@gmail.com‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫أمحد الفيتو ري‬ ‫املدير العام‬ ‫فاطمةغندور‬ ‫سكرتري التحرير‬ ‫هليل البيجو‬ ‫مراسلو ميادين‬ ‫حسني املسوري ‪ /‬درنة‬ ‫سلوى العالقي‪ /‬الزاوية‬ ‫خدجية االنصاري ‪ /‬اوباري‬ ‫عائشة صوكو ‪ /‬سبها‬ ‫مفتاح ميلود ‪ /‬البيضاء‬ ‫مدير إداري وعالقات عامة‬ ‫خليل العرييب‬ ‫‪0619082250‬‬ ‫‪0925856779‬‬ ‫املراجعة اللغوية‬

‫صالح السيد أبوزيد‬ ‫لوحة الغالف‬

‫إخراج وتنفيذ‬

‫حسني محزة بن عطية‬ ‫طباعة‬ ‫دار النور للطباعة‬

‫‪ ...‬تنتابك احلرية و أنت تسمع كل من يرتشح ملنصب يف الدولة من رئيس للوزراء‬ ‫التدافع على املنصب‬ ‫الدافع وراء‬ ‫الي وكيل لوزارة أو غري ذلك ‪ ،‬كل ُيصر على أن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬دافع��� ُه األول واألخ�ي�ر هو الوطن‪ ،‬وخدمة هذا الوط���ن ‪ ،‬تنتابك احلرية ألن ال أحد‬ ‫طلب أو أحل أو حباجة هلكذا تأكيد ‪.‬‬ ‫مل���اذا إذن ه���ذا االحل���اح والتوكيد ؟ ‪ ،‬يس���أل املرء نفس���ه ؟؟ ومن نافل���ة القول أنها‬ ‫تع���رف جوابا حامسا ‪ ،‬وأن اجلواب من نتاج احلالة وليس من نتاج النفس كتأويل‬ ‫أو اعمال للعقل ‪ ،‬وحالة توكيد طالب املنصب أن دافعه وطين حمض هي حتصيل‬ ‫حاص���ل مفاده أن الش���كوك – دائما ما تدور حول طالب املناص���ب‪ ،‬وحول دوافعهم‬ ‫باخلصوص‪ ،‬فاملنصب بطبيعته مينح صاحبه مزايا يف السلطة واملال‪ ،‬وبالتالي من‬ ‫العادة أن يتداعى البش���ر على املناصب يف كل زمان ومكان‪ ،‬إال من رحم ربك الذي‬ ‫يف هذه احلالة يرتك اليد الطوىل للوسواس اخلنــاس ‪.‬‬ ‫بالدن���ا بعد اس���قاط النظام ص���ارت بالد املناصب الش���اغرة ‪ ،‬بالدنا – أيضا – بعيد‬ ‫اس���قاط النظام ص���ارت مزدمحة بطالب املناصب الش���اغرة أو مبن يتداعكون على‬ ‫مناصب ش���غلت ‪ ،‬وبالدنا من حس���ن حظها ‪ ..‬أن كل الطالب واملتداعكني أصحاب‬ ‫خربات وعلم ودراية‪ ،‬يفقهون يف وضع كل احللول لكل املشاكل ‪،‬يف يدهم السحر‪.‬‬ ‫وه���م مجع���ا وفرادى هدفه���م خدمة الب�ل�اد والعب���اد وهلل ‪ ،‬وان كان مرتب وكيل‬ ‫الوزارة – كل وزارة هلا ‪ 3‬وكالء – ‪ 9000‬دينار فهم مل يطلبوا هذا ‪ ،‬وحتى حني‬ ‫طال اللغط مس���تحقات أعضاء اجمللس الوطين العام مت بكل ش���فافية حتويل هذه‬ ‫املسألة إلي املفيت األكرب ‪ :‬األمم املتحدة‪.‬‬ ‫إذن مل هذا االحلاح من مجيع املتنطعني ومن الش���اغلني للمناصب يف ليبيا على أن‬ ‫هدفهم النبيل خدمة ليبيا تطوعا ؟ ‪.‬‬ ‫لق���د خدم الطاغية ليبي���ا تطوعا وبنفس االحلاح وملدة تزيد علي ‪ 42‬س���نة ودون‬ ‫راتب‪ ،‬وكان القذايف يفقه كل شيء ولديه حلوال للبشرية كافة فما بالك بليبيا‬ ‫‪ .‬وهكذا اهلل حيب هذه البالد ‪ ،‬فبدال من قذايف واحد تطوع خلدمة البالد ‪ ،‬اليوم ‪!!!..‬‬ ‫مثة املئات بل اآلالف ‪.!!..‬‬ ‫مناصب عظيمة وعاد إلنقاذنا متطوعا ‪ ،‬هناك من ترك ش���ركاته‬ ‫هناك من ترك‬ ‫َ‬ ‫ُيديره���ا م���ن يديرها وجاء يس���عى خلدمتنا ‪ ،‬هن���اك من صار معم���را لكن ما تبقي‬ ‫من العمر س���يمنحه لنا ‪ ،‬هناك من هدته األمراض لكنه يغالبها من أجلنا ‪ ،‬وهناك‬ ‫شباب يف مقتبل العمر ينقصهم كل شيء لكن ال تنقصهم إرادة إدارة أمورنا ‪.‬‬ ‫فاسلم أيها اللييب تسلم ‪ ،‬هم مجيعهم ُمتحصنون بالثورة وبالثوار وبالتطوع ‪ ،‬وأنت‬ ‫ال حول لك و ال قوة ‪ ،‬وال تصدق أن كل يوم هو ‪ 17‬فرباير ‪ ،‬وأن كل ليلة هي ‪23‬‬ ‫سبتمرب‪ُ .‬‬ ‫وخ ِذ النصيحة ‪ ،‬أنت خرجت على الطاغية دون سالح ‪،‬عار الصدر ‪ ،‬تهتف‬ ‫‪ :‬يس���قط النظام ‪ ،‬وقد فعلتها وأسقطت النظام ‪ ،‬وبعدها يقول ُ‬ ‫لسان حالك ‪ :‬اليوم‬ ‫أكملت لكم الثورة ‪ ،‬ورضيت لكم البنك الوطين دينا ‪.‬‬ ‫فال غالب إال اهلل‬


‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫‪03‬‬

‫املقريف يدعو حلل سلمي يف بين وليد‬ ‫أص���در املؤمتر الوطين الع���ام‪ ،‬أمس اجلمعة ‪،‬‬ ‫بيان���ا توضيحيا حول تداعي���ات املوقف يف بن‬ ‫وليد ج���دد فيه رئيس املؤمت���ر الوطين العام‬ ‫فرصة‬ ‫“حمم���د املقري���ف ” التزامه بإعط���اء‬ ‫ٍ‬ ‫سلمي ألزالم املدينة‪.‬‬ ‫حلل‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫الوط�ن�ي العام حممد‬ ‫املؤمتر‬ ‫رئي���س‬ ‫وأعرب‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫املقريف حبس���ب املكتب اإلعالم���ي للمؤمتر‬ ‫سياس���ي‬ ‫حل‬ ‫ٍّ‬ ‫الوط�ن�ي ع���ن التزام���ه بإق���رار ٍ‬ ‫سلمي للوضع القائم حالياً بني مصراتة وبين‬ ‫وليد يف أعقاب ما ش���هادته الفرت ُة املاضية من‬ ‫املواقف ب�ي�ن األطراف‬ ‫تداعي���ات وتصعي��� ٍد يف‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫نتيج���ة قي���ام بع���ض األعم���ال والتج���اوزات‬ ‫اخلارجة عن القانون وشرعية السلطة ‪.‬‬ ‫وأك���د البيان أن املقري���ف تقابل مع ممثلني‬ ‫من مدين�ت�ي مصراتة وبين ولي���د ‪ ،‬وكذلك‬ ‫ممثل���ي اجملتمع املدني وعدد م���ن أبناء قبيلة‬ ‫ورفل���ة ‪ ،‬وأج���رى‪ -‬يف الوق���ت ذات���ه اتصاالته‬ ‫بع���دد من الش���خصيات الوطنية والسياس���ية‬ ‫ألزمة‬ ‫ح���ل‬ ‫ِ‬ ‫لتقري���ب وجهات النظ���ر وإجياد ٍ‬

‫الثورة جعلت ” ايين ” الشركة االقوى‬ ‫يف ليبيا‬

‫ميادين‪ -‬املرصد اللييب‬ ‫بني موقع “إنفيس���يرتي اودجي” وهو موقع اقتص���ادي يهتم بالوضع اإليطالي يف مقال‬ ‫ص���ادر اليوم بنقل النجاح الذي حتققه ش���ركة “إيين” يف ليبيا بعد أن جتاوزت األزمة‬ ‫يف الس���نة املاضية ولن تتوقف بل ترغب يف االس���تثمار يف ميدان التوزيع حلماية نفسها‬ ‫من منافسة الشركات اجلديدة‪.‬‬

‫نتائج إجيابية‬

‫وقامت ش���ركة “إيين” بنش���ر النتائج املالية خالل األشهر األخرية وقد كان رأس املال‬ ‫يف حدود ‪ 6‬مليار يورو بارتفاع ‪ 26‬باملائة وهي نتائج إجيابية رغم الثورة الليبية‪.‬‬ ‫وفس���ر املدير التنفيذي للش���ركة باولو س���كاروني وضع الش���ركة يف كامل إفريقيا‬ ‫والنتائ���ج اإلجيابي���ة ال�ت�ي حققته���ا يف م���ا خي���ص‬ ‫الرتفي���ع يف الص���ادرات حنو ال���دول األوروبية‪ .‬كما‬ ‫ق���ام بتفس�ي�ر الوض���ع يف ليبي���ا م���ن ناحي���ة اإلنتاج‬ ‫والتصدير والتحويل‪.‬‬ ‫وبني أن س���نة ‪ 2011‬كانت األصع���ب من نوعها يف‬ ‫ليبيا ‪ ،‬خاصة بعد الثورة وتوقف العديد من احلقول‬ ‫عن اإلنتاج‪ ،‬لكن سنة ‪ 2012‬مثلت نقلة نوعية حبد‬ ‫ذاتها ألن ليبيا عادت س���ريعا إلنت���اج النفط ‪ ،‬خاصة‬ ‫يف احلقول اليت عملت الش���ركة على محايتها أثناء‬ ‫الثورة الليبية بدعم كبري من الثوار‪.‬‬ ‫ويبدو أن شركة “إيين” تعد من املستفيدين من الثورة رغم عديد التوقعات بأنها سوف‬ ‫ختس���ر مكانتها‪ ،‬ويف احلقيقة فإن الثورة جعلت “إيين” الش���ركة األقوى يف ليبيا حتى‬ ‫من الناحية السياسية‪.‬‬

‫املستقبل لالستثمار‬

‫وقفت سيولة النفط “إيين” يف جمابهة املنافسة والشركات اجلديدة‪ ،‬ورغم أن العديد‬ ‫م���ن الق���رارات مثل فتح حتقي���ق كانت ومازالت ته���دد مصاحل ليبي���ا ‪ ،‬إال أن اإلدارة يف‬ ‫الش���ركة اإليطالية متكنت من جتاوز ذلك س���ريعا ألنه بلغة األرقام “إيين” هي املمول‬ ‫األول خلزينة الدولة الناشئة حيث تنتج أكثر من ‪ 400‬ألف برميل يوميا‪.‬‬ ‫ومن املالحظ أن ش���ركة “إيين” تقوم اليوم بالرفع من مستوى االستثمارات يف ميدان‬ ‫النفط وهو ما س���يمكن من رفع قدرة الش���ركة على املنافسة ومن إنتاجها وقد تتجاوز‬ ‫االستثمارات ‪ 2‬مليار دوالر يف السنوات القادمة‪.‬‬ ‫وبني باولو س���كاروني أن شركة “إيين” سوف تعود للسوق الليبية‪ ،‬فهي شركة توزيع‬ ‫للمحروقات ولكن بعد أن يس���تقر الوضع األمين وأن التوزيع سوف ميكن الشركة من‬ ‫الس���يطرة على اإلنت���اج والتحويل والتوزي���ع ويبقيها يف الري���ادة وبالتالي حيافظ على‬ ‫مكانة روما يف األراضي الليبية‪.‬‬

‫املوقف القائم ‪.‬‬ ‫وأضاف املقريف يف البيان إنه من أساس���يات‬ ‫املوق���ف القائ���م ‪ ،‬و م���ا يتص���ل ب���ه عل���ى وجه‬ ‫التحدي���د بب�ن�ي ولي���د ‪ ،‬ه���و ض���رورة تنفي���ذ‬ ‫اخلط���وات التالي���ة يف طري���ق ٍّ‬ ‫ح���ل اإلش���كال‬ ‫السياس���ي للموقف القائم عرب القيام ببس���ط‬ ‫س���يادة الدول���ة ودخ���ول حامي���ة م���ن القوات‬ ‫املس���لحة للجيش اللييب لبين وليد و تس���ليم‬ ‫املتهمني املطلوبني بارتكاب اجلرائم و إرجاع‬ ‫املختطفني إىل ذويهم ‪.‬‬ ‫وأشار املقريف إىل أنه بعد حل أزمة بين وليد‬ ‫س���لمياً‬ ‫ُ‬ ‫س���يكون باس���تطاعة الدول���ة الليبية‬ ‫إجياد حلول دائمة جلميع املناطق اليت تشهد‬ ‫نزاعات قبلية‪ ،‬ومظاه���ر التنازع بني املكونات‬ ‫املختلفة بها ‪ ،‬وذلك توخياً لرتس���يه وحتقيق‬ ‫ه���دف املصاحل���ة الوطنية كأح���د األهداف‬ ‫األساس���ية ملرحل���ة التح���ول الدميقراط���ي‬ ‫والسياسي يف البالد ‪.‬‬

‫وزارة اخلارجية األمريكية تعني‬ ‫سفرياً جديداً يف ليبيا‬ ‫ميادين‪ -‬رويرتز‬ ‫قال���ت وزارة اخلارجي���ة األمريكي���ة‬ ‫ي���وم اخلمي���س املاض���ي إن الوالي���ات‬ ‫املتحدة اختارت دبلوماسيا خمضرما‬ ‫تقاع���د قبل أكثر من عش���ر س���نوات‬ ‫ليك���ون مبعوثه���ا يف ليبي���ا يف أعق���اب‬ ‫مقتل الس���فري كريس���توفر ستيفنز‬ ‫يف هجوم يف بنغازي يوم ‪ 11‬س���بتمرب‬ ‫املاضي‪.‬‬ ‫وقال���ت فيكتوري���ا نوالن���د املتحدث���ة‬ ‫باسم الوزارة ان لورانس بوب السفري‬ ‫األمريكي الس���ابق يف تش���اد واملسؤول‬ ‫الكبري الس���ابق ع���ن مكافحة اإلرهاب‬ ‫بال���وزارة وصل اىل طرابلس ليش���غل‬ ‫منصب القائ���م باألعمال وهو منصب‬ ‫يتقلده الدبلوماسي الذي ميثل دولة يف غياب السفري‪.‬‬ ‫وأضافت “اختيار الس���يد ب���وب قائما باألعم���ال يؤكد التزام الواليات املتحدة بش���أن‬ ‫العالقة بني البلدين وجتاه الش���عب اللييب بينما ميضي قدما يف االنتقال إىل حكومة‬ ‫دميقراطية‪”.‬‬ ‫وتابع���ت تق���ول “س���نواصل تقدي���م الع���ون بينما تب�ن�ي ليبي���ا مؤسس���ات دميقراطية‬ ‫وتؤس���س الحرتام واسع لسيادة القانون وهي األهداف اليت عمل السفري ستيفنز جبد‬ ‫لتحقيقها‪”.‬‬ ‫وقت���ل س���تيفنز وثالث���ة أمريكي�ي�ن آخرين فيم���ا وصفت���ه الواليات املتح���دة بهجوم‬ ‫إرهاب���ي” عل���ي البعثة األمريكي���ة يف بنغازي يوم ‪ 11‬سبتمرب‪.‬وأش���علت الواقعة جدال‬ ‫يف واشنطن بشأن إجراءات األمن اخلاصة بالسفري والبعثة الدبلوماسية يف بنغازي‪.‬‬ ‫ويف جلس���ة خاصة بالكوجنرس بش���أن األحداث اليت أدت اىل مقتل س���تيفنز وصف‬ ‫مس���ؤولو امن املع���ارك البريوقراطية املضنية لتوفري املوارد حلماية املنش���آت واألفراد‬ ‫األمريكيني‪.‬‬ ‫وأدى اهلج���وم إىل إج�ل�اء أف���راد أمريكي�ي�ن م���ن بنغازي يف ش���رق ليبيا وه���ي معقل‬ ‫االنتفاضة اليت أطاحت بالقذايف العام املاضي‪.‬‬ ‫واس���تمرت حي���اة بوب يف العم���ل الدبلوماس���ي ‪ 31‬عام���ا انتهت بتقاعده ع���ام ‪2000‬‬ ‫وختللها عمله مستش���ارا سياسيا لقائد القيادة املركزية األمريكية اليت يشمل نطاق‬ ‫عملها جزءا كبريا من الشرق األوسط‪.‬‬


‫‪04‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬ ‫الدستور الذي نريد ‪2‬‬

‫دسرتة اللغة األمازيغية مطلب عادل‬

‫ميادين‬ ‫عائشة حسني صوكو – سبها‬

‫نظ���م منتدى (إماجغن ن تين�ي�ري) يوم الثالثاء‬ ‫‪ 2012\10\2‬ن���دوة علمية حتت ش���عار (حوار‬ ‫و تعايش و الس�ل�ام ‪ -‬الدس���تور واهلوية الليبية)‬ ‫‪،‬ألقاه���ا األس���تاذ فتح���ى ب���ن خليف���ة رئي���س‬ ‫الكونغرس العامل���ى لألمازيغ ‪ ،‬ووفد من منظمة‬ ‫احلوار اإلنس���انى وعدد من السياس���يني ورؤساء‬ ‫مؤسس���ات اجملتم���ع املدن���ي ورؤس���اء اجملال���س‬ ‫احمللي���ة يف املنطقة اجلنوبي���ة وممثلي االحزاب‬ ‫السياس���ية ‪،‬وافتتح���ت الندوة بآيات م���ن القرآن‬ ‫الكري���م ث���م النش���يد الوطن���ى وكلم���ة رئي���س‬ ‫جمل���س أمازيغ الط���وارق للش���ؤون االجتماعية‬ ‫سبها السيد عبداهلل حممد املزوغي‬ ‫وقد حت���دث رئيس الكونغرس العاملي األمازيغي‬ ‫األستاذ بن خليفة مستعرضاً احملاور التالية‪:‬‬ ‫ ه���ل دس�ت�رة اهلوي���ة الليبي���ة ش���أن يه���م كل‬‫الليبني ؟‬ ‫ ه���ل تع���دد اللغ���ات دس���تورياً يه���دد الوح���دة‬‫الوطنية ؟‬ ‫ مرجعي���ة القان���ون الدول���ي ح���ول الدس���تور‬‫التعددي ‪.‬‬ ‫وحبث���ا ع���ن التعددي���ة يف اهلوي���ة الليبي���ة‬ ‫االصلي���ة مؤك���داً عل���ى ض���رورة دس�ت�رة اللغة‬ ‫االمازيغية ‪ ،‬وأهمية ذلك يف إرس���اء قيم العدالة‬ ‫والدميقراطي���ة و املس���اواة منوه���اً علي خطورة‬

‫جتاه���ل هذا املطل���ب العادل ‪،‬كم���ا أكد أن هذه‬ ‫املس���ألة م���ن احلق���وق ال�ت�ي ال يُس���تفتى عليه���ا‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬حي���ث أنها ال ختض���ع ملعيار األغلبي���ة و األقلية‬ ‫وض���رب أمثل���ة كثرية عل���ي جتاه���ل االغلبية‬ ‫وبس���ط س���يطرتها علي حقوق األقلية مما خلق‬ ‫انقس���امات داخلي���ة لعديد من ال���دول من بينها‬ ‫السودان الذي أنقس���م نتيجة لتهميش األغلبية‬

‫املسلمة يف الشمال لألقلية املسيحية يف اجلنوب‬ ‫‪،‬األمر الذي نتج عنه التدخل اخلارجي وتقسيم‬ ‫السودان اىل دولتني مشالية وجنوبية‬ ‫وفيم���ا يتعلق بالتعددي���ة اللغوية ذهب احملاضر‬ ‫الي أن التعددية مسة م���ن مسات الدميقراطية‬ ‫وال���دول ذات اللغ���ات املتع���ددة ه���ي م���ن ال���دول‬ ‫األكثر اس���تقرارا من الدول ال�ت�ي تقصى بعضاً‬

‫من مواطنيها ُ‬ ‫حيث أن االنتماء مثال لعلم الدولة‬ ‫يتطل���ب الش���عور من كاف���ة املواطنني ب���أن هذا‬ ‫العلم يُعرب عنهم ويمُ ثلهم وبذلك هم مستعدون‬ ‫ُ‬ ‫وحت���دث عن أمثل���ة للدولة‬ ‫للم���وت دفاع���اً عنه‬ ‫متع���ددة الثقاف���ات م���ن بينه���ا جن���وب أفريقي���ا‬ ‫والسويد والواليات املتحدة االمريكية كنماذج‬ ‫للدميقراطي���ة ‪،‬وأعت�ب�ر أن املطالب���ة حبق���وق‬ ‫اإلثني���ات (أمازيغ ‪،‬عرب ‪ ،‬التبو ) يف ليبيا ال يهدد‬ ‫وحدتها مقارنة بغريها من الدول ‪.‬‬ ‫وأشار اىل أن التعددية اللغوية هي صمام األمان‬ ‫للوحدة الوطنية ‪،‬وملواجهة اإلقصاء و التهميش‬ ‫و لعدم الشعور بالظلم واليأس ‪،‬كما أكد علي‬ ‫أن املرجعي���ة الدولية للقانون الدولي للدس���اتري‬ ‫التعددي���ة مب�ن�ي على عدد م���ن املواثيق الدولية‬ ‫ال�ت�ي تؤكد على حقوق االنس���ان أهمها االعالن‬ ‫العامل���ي حلقوق االنس���ان والعه���ود الدولية اليت‬ ‫وقع���ت عليه���ا ليبي���ا وه���ي املُؤك���دة عل���ي عدم‬ ‫التفرق���ة والعنصرية بس���بب الع���رق او اللغة او‬ ‫الدين بني بين البش���ر ‪،‬منوه���ا الي ان ليبيا ٌ‬ ‫طرف‬ ‫‪،‬وملزمة بتنفي���ذ تلك املواثي���ق والتزامها‬ ‫فيه���ا ُ‬ ‫باح�ت�رام احلق���وق وصيانتها لكي حتت���ل املكانة‬ ‫املناسبة هلا بني الدول الدميقراطية اليت حترتم‬ ‫حقوق االنسان ‪.‬‬

‫دار اإلفتاء‪ :‬تعرتض علــــــى بعض الكتب املــــــ‬ ‫ذك����رت دار اإلفت����اء أن كت����اب الرتبي����ة‬ ‫الوطني����ة املقرر على الطالب م����ن الرابعة‬ ‫االبتدائي����ة إىل الثالث����ة اإلعدادي����ة م����ن‬ ‫التعليم األساس����ي مل يراع����ى فيه اجلانب‬ ‫الرتبوي‪ .‬وأوضح����ت دار اإلفتاء يف بيان هلا‬ ‫أن الطال����ب ال جيد يف بداي����ة الكتاب حتى‬ ‫بس����م اهلل الرمح����ن الرحي����م‪ ،‬وال محد اهلل‬ ‫تع����اىل وال الثن����اء علي����ه‪ .‬وش����ددت على أنه‬ ‫لنصوص الس����نة النبوية أث����ر عظيم بالغ‬ ‫عل����ى س����لوك املس����لم وحيات����ه‪ ،‬ويف النظام‬ ‫الس����ابق أم����ر الق����ذايف حب����ذف األحادي����ث‬

‫النبوي����ة من كت����ب الرتبي����ة الدينية‪ ،‬ألنه‬ ‫يكذب بالس����نة ويس����تهزئ بها‪.‬وأشارت إىل‬ ‫أن����ه يف الع����ام املاض����ي بع����د التحرير طلب‬ ‫أحد خ��ب�راء املناهج م����ن اإلدارة إعادة هذه‬ ‫النص����وص النبوي����ة إىل مف����ردات املنه����ج‬ ‫فاعت����ذرت ب����أن الوق����ت متأخ����ر‪ ،‬مؤك����دة‬ ‫أنه ه����ذا العام طل����ب مرة أخ����رى إضافتها‬ ‫فامتنع����وا‪ ،‬وأمروه أن يك����ف وأال يعود ملثل‬ ‫هذا الطلب‪ .‬وتس����اءلت دار اإلفتاء يف بيانها‬ ‫هل حلذف هذه النصوص اآلن مربر‪ ،‬أم هو‬ ‫عداء أيضا للسنة النبوية‪ .‬ونبهت بتعريف‬

‫عرفها كما‬ ‫الدميقراطية املذك����ور حيث َّ‬ ‫عرفه����ا أه����ل اليون����ان بأنها حكم الش����عب‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ومض����ى الكت����اب ميج����د الدميقراطي����ة‬ ‫بتطبيقاتها املعاصرة دون أي إشارة إىل ما‬ ‫يتعارض منها مع اإلسالم وماال يتعارض‪.‬‬ ‫وأوضحت دار اإلفتاء أن الدين اإلس��ل�امي‬ ‫يؤك����د عل����ى القي����م الدميقراطي����ة ع��ب�ر‬ ‫الش����ورى واملس����اواة والعدالة‪ ،‬مش��ي�رة إىل‬ ‫أن����ه عند ال����كالم عن حقوق اإلنس����ان وعن‬ ‫املواطنة‪ ،‬يتكلم الكتاب عن حرية االعتقاد‬ ‫وحري����ة ممارس����ة الش����عائر الديني����ة‪ ،‬وال‬

‫يَفهم صغار الط��ل�اب من هذا إال أ َّنه جيوز‬ ‫للش����اب والفت����اة ال��ت�ي نش����أت يف جمتم����ع‬ ‫مس����لم يوح����د اهلل تع����اىل أن ي��ت�رك دي����ن‬ ‫اإلس��ل�ام‪ ،‬وينقل����ب إىل غريه‪.‬وذكرت أنه‬ ‫معلوم بداهة لكل من علم ش����يئا من علوم‬ ‫اإلس��ل�ام أن حري����ة األدي����ان يف نص����وص‬ ‫القرآن والس����نة مقصود بها غري املسلمني‪،‬‬ ‫أم����ا م����ن كان مس����لما واخت����ار اإلس��ل�ام‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫فليست له حرية يف تبديل دينه وإال كان‬ ‫مرتدا‪ ،‬ولل����ردة عقوبة يف ش����رع اهلل تعاىل‬ ‫معلومة‪ ،‬مش����ددة على عدم إيقاع األطفال‬


‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬ ‫الدستور الذي نريد ‪2‬‬

‫‪05‬‬

‫الدستور و اهلوية الليبية‬ ‫ق���دم رئيس الكونغرس األمازيغ���ي العاملي فتحي‬ ‫بن خليفة خالل زيارته ملدينة أوباري مس���اء يوم‬ ‫اإلربعاء املوافق ‪ 3/10/2012‬ميالدي حماضرة‬ ‫خلص فيها أهمية التعرف على اهلوية الليبية‪..‬‬ ‫ما هو الدستور؟‬ ‫الدس���تور جي���ب أن يضمن كل حق���وق الليبيني‬ ‫وأي ش���خص يعي���ش يف ليبي���ا يصب���ح ج���زء من‬ ‫ه���ذه األرض وليبي���ا هذه ه���ي ليبيا زم���ان وليبيا‬ ‫الي���وم وليبيا غ���دا‪ ،‬وكلنا نعرف أن ليبيا عاش���ت‬ ‫فرتة إس���تعمارية طويلة مبا فيها األربعني س���نة‬ ‫املاضية‪ ،‬ونتس���اءل هنا من هو الشعب اللييب؟ هل‬ ‫الش���عب اللييب املوجود أمام���ي اآلن فقط؟ أكيد‬ ‫ال‪ ،‬الش���عب اللي�ب�ي مفهوم متمدن الش���عب اللييب‬ ‫هو الذي من سبعة آالف سنة أو عشرة آالف سنة‬ ‫والش���عب اللي�ب�ي هو الذي م���ات أو أستش���هد قبل‬ ‫عش���رة أو عشرين س���نة مضت‪ .‬الشعب اللييب هو‬ ‫الذي استش���هد يف ثورة السابع عش���ر من فرباير‪.‬‬ ‫ان���ه ش���عب ت���وارث وحافظ عل���ى قيم���ه القدمية‬ ‫وطورها وأصبحت قيم جديدة‪ .‬الشعب اللييب هو‬ ‫الذي سيبين املستقبل اجلديد‪.‬‬ ‫وأض���اف بن خليفة م���ن هنا جيب علينا أن نضع‬ ‫فى اعتباراتنا السياس���ية حساباً لكل لييب‪ ،‬الشعب‬ ‫اللي�ب�ي ش���عب تفاعل م���ع كل احلض���ارات حنن‬ ‫خالطنا كل احلضارات اإلنس���انية مثل الرومان‬ ‫واإلغريق والفراعن���ة والفينيقيني ومل يؤثر هذا‬ ‫على هويتنا وعليه جيب على من سيكون صاحب‬ ‫الق���رار السياس���ي اآلن‪ ،‬أن يعم���ل عل���ى صياغ���ة‬ ‫دس���تور يطبق على الش���عب اللييب بأكمله‪ ،‬حنن‬ ‫ش���عب مل خيل���ق لتمجي���د الق���ذايف أو القومي���ة‬ ‫العربي���ة وأي تهمي���ش هل���ذه الش���خصية الليبية‬ ‫اليت لديها نفوذ متمدن وممتد عرب آالف الس���نني‬ ‫وإس���تعمال أي أيدلوجي���ة عل���ى الش���عب اللي�ب�ي‬ ‫يعترب خطأ تارخيياً كبرياً وقات ً‬ ‫ال ‪...‬‬ ‫ما هو التاريخ اللييب؟‬ ‫التاري���خ اللي�ب�ي هو ش���يء متم���دن ألن���ه يبدأ من‬ ‫تاريخ اإلنس���ان اللييب على هذه األرض ويس���تمر‬ ‫إىل م���ا ال نهاي���ة‪ ،‬التاري���خ اللي�ب�ي ه���و األم���س‪،‬‬ ‫والي���وم وه���و تواصل لألم���س والغد وه���و امتداد‬ ‫ل���كل حمصل���ة الدول���ة‪ ،‬إذن ميكنن���ا معاجل���ة‬ ‫تاري���خ ليبيا أو نتع���رض للتاريخ بش���كل إنتقائي‬ ‫وأض���رب مثال على ذلك مناهجنا الدراس���ية اليت‬ ‫تتح���دث عن حك���م األنظمة القومية الس���ابقة أو‬ ‫حصر التاريخ يف فرتات معينة فقط س���واء أكان‬ ‫التاري���خ اللي�ب�ي العروبي القومي وف�ت�رات دخول‬ ‫اإلس�ل�ام أو يع�ن�ي الفرتات االنتقالي���ة حبيث يتم‬

‫ميادين – خدجية األنصاري – أوباري‬

‫إزالة أجزاء وإضافة أج���زاء من هذا التاريخ وهذا‬ ‫خطأ كبري‪ ،‬التاريخ ال يتجزأ وال يفس���ر التاريخ‪،‬‬ ‫هو إمتداد والذي جيزئ التاريخ ويفس���ره ‪ .‬تعترب‬ ‫هذه حماولة للطعن فى مصداقية هذا التاريخ و‬ ‫يف هذه احلضارة ‪...‬‬ ‫ملاذا دس�ت�رة اهلوي���ة األمازيغية أو اهلوي���ة الليبية‬ ‫و ترس���يم اللغ���ة اليت تعت�ب�ر واجباً‪ ،‬مل���اذا نقول أن‬

‫دس�ت�رة األمازيغي���ة واجب واجب وطين؟ دس�ت�رة‬ ‫األمازيغية يف ليبيا لديها مكاسب ويف نفس الوقت‬ ‫إذا مل تدسرت ستحقق خماطر لكل الليبيني‪ ،‬لكي‬ ‫نكون واضحني وجديني و يكون عندنا اختالف يف‬ ‫االراء علين���ا أن نعي مدي حساس���ية هذه املرحلة‬ ‫املصريي���ة ال�ت�ي ال تقب���ل التأجي���ل وال تقب���ل أن‬ ‫نقدم فكرنا بش���كل خجول جيب أن نقول ونطرح‬ ‫فكرنا بصوت عال‪ ،‬في���م نفكر بالضبط بعيداً عن‬ ‫الشعارات وبعيداً عن األحالم‪.‬‬ ‫توجد مكاس���ب سياس���ية وأيضا خماطر سياسية‬ ‫إن مل نع�ت�رف بالدس���تور التع���ددي ال���ذي حيمي‬ ‫كل الليبيني بالدرجة األوىل ثورة الس���ابع عشر‬ ‫من فرباير اليت تالحم فيها كل الشعب اللييب يف‬ ‫وج���ه القذايف يف تلك الفرتة ال يس���أل اللييب أخاه‬ ‫م���ن أنت أو عن أصل���ه أو تص���ل أم ال ‪...‬؟؟ أم أنت‬

‫ـــــــدرسية‬ ‫والش����باب يف لبس يقلب احلقائق الشرعية‬ ‫من حيث ال تشعرون‪.‬‬ ‫ولفتت إىل أن اخلط����ورة أن هذه املعلومات‬ ‫املل َّبس����ة يف كت����اب الرتبي����ة الوطني����ة‬ ‫س����تصاحب الطفل وتالزمه حسب مشروع‬ ‫وزارة التعلي����م مخ����س أع����وام م����ن عم����ره‬ ‫متتالي����ة‪ ،‬وه����ي س����ن تش����كيل ش����خصيته‪،‬‬ ‫ألنها يف مقرر دراس����ي يعاد عليه تدريس����ه‬ ‫ويك����رر بنص����ه وفص����ه وميتحن في����ه املرة‬ ‫بعد املرة ط����وال هذه األع����وام‪ ،‬مؤكدة أنه‬ ‫بعد هذه املالزمة الطويلة يصبح حمفوظا‬

‫له عن ظهر قل����ب‪ ،‬وحمفورا يف ذاكرته ال‬ ‫ينمحي‪.‬وأف����ادت دار اإلفتاء أننا مل نعهد يف‬ ‫مقررات التعليم نصا مدرسيا واحدًا متفقا‬ ‫يف ألفاظ����ه وأس����لوبه ومعاني����ه‪ ،‬يصلح لكل‬ ‫مراح����ل التعليم االبتدائ����ي واإلعدادي لكل‬ ‫األعم����ار‪ ،‬وال يراع����ي ف����روق الس����ن‪ ،‬وال ما‬ ‫يصي����ب الطالب وه����و يتلقنه م����ن امللل‪ ،‬مل‬ ‫نعهد هذا إال يف مادة “اجملتمع اجلماهريي”‬ ‫ال����ذي ضيع أعمار أوالدن����ا‪ ،‬فهل هي تربية‬ ‫وطنية‪ ،‬أم تربية مجاهريية‪.‬‬

‫عرب���ي اهلوى أو أمازيغي أو أين تس���كن يف اجلبل‬ ‫أو الس���احل حتى اخلالفات البسيطة اليت كانت‬ ‫بني املناطق يف فرتة الثورة أختفت و جاء مجيعهم‬ ‫ضد الق���ذايف ويف هذه الثورة تطه���ر الليبيون من‬ ‫كل مشاكلهم الداخلية وكان هدفهم إسقاط‬ ‫وإنهـــــاء هذا العدو الواحد‪.‬‬ ‫من أجل هذه اللحظة التارخيية فقدنا أكثر من‬ ‫مخس�ي�ن ألف ش���هيد فبالتالي إذا عدن���ا للوراء ما‬ ‫قبل الثورة لتأس���يس نظ���ام جديد لنقول هذا من‬ ‫الش���رق وذاك تب���اوي وهؤالء أمازي���غ وهذا عربي‬ ‫!!! يعت�ب�ر هذا الكالم خيانة لدماء الش���هداء و هذه‬ ‫مس���ؤولية كل لي�ب�ي و كل م���ن يري���د أن مينع‬ ‫دس�ت�رة األمازيغية أو مينع بصفة عامة احلقوق‬ ‫املتس���اوية بني الليبي�ي�ن إذن هو بصري���ح العبارة‬ ‫يريد خيانة دم الشهداء‪...‬‬ ‫ال أح���د بعد ثورة الس���ابع عش���ر م���ن فرباير على‬ ‫اس���تعداد للرج���وع لعه���د الق���ذايف ول���و جلزئية‬ ‫بس���يطة وه���ذا معناه أنن���ا أصبحنا عل���ى قطيعة‬ ‫حقيقية م���ع العهد الس���ابق‪ ،‬ملاذا الليبي���ون نبذوا‬ ‫الق���ذايف وختلص���وا من���ه لي���س لش���خصه ولكن‬ ‫الش���عب اللييب رفض فكره وأنا متأكد متاما من‬ ‫إنكم ل���ن ترضوا ب���أي فكر آخر ول���ن نرضى بأي‬ ‫شخصية آخرى حتمل فكر القذايف‪ ،‬وغدا لو خرج‬ ‫علينا احدهم وفض���ل مصلحة اخلارج على ليبيا‪،‬‬ ‫م���رة يضعنا كأمازيغ يف منظومة األمة العربية‬ ‫ومرة يكذب علينا بأنه متدين وإنه إمام اإلس�ل�ام‬ ‫لكي يتحكم يف الشعب اللييب ومرة يقول لنا حنن‬ ‫أفارق���ة‪ ،‬ومل يتكلم لنا ع���ن اهلوية الليبية وال عن‬ ‫ش���خصيتنا الليبية‪ ..‬ونتس���اءل ملاذا نقف مكتوفى‬ ‫األي���دى‪ ..‬ألنن���ا خدعن���ا مبؤام���رات اس���تعمارية‬ ‫وأن الغ���رب الع���دو األكرب وإس���رائيل هي العدو‬ ‫احلقيق���ي وأخ�ي�را اكتش���فنا إن���ه بائ���ع القومية‬ ‫العربية وإنه أكرب تاج���ر للدين وأكرب متعاون‬ ‫مع إسرائيل و إىل حد اآلن عائلة القذايف املقيمة‬ ‫يف اجلزائ���ر حماميها الرمسي مكتب���ه موجود يف‬ ‫إسرائيل إذا إس���رائيل هي اليت تدافع عن القذايف‬ ‫وعائلته‪ ،‬فبالتالي أكتش���فنا إننا نعيش أكذوبة‬ ‫كب�ي�رة ولس���نا حن���ن فحس���ب أيض���ا أكتش���ف‬ ‫العراقي���ون قبلن���ا إنهم كانوا يعيش���ون أكذوبة‬ ‫أمسه���ا القومي���ة العربي���ة وأكتش���ف املصريون‬ ‫وأخريا أكتشف السوريون‪ ،‬النظام السوري الذي‬ ‫مل يطل���ق وال رصاص���ة عل���ى منطق���ة اجل���والن‬ ‫واآلن يطلق القذائف والصواريخ على شعبه‪.‬‬ ‫إذا حن���ن مللن���ا م���ن كل ه���ذه األكاذي���ب و‬ ‫يس���تحيل أن نعود إىل هذا العهد جمددا الس���ؤال‬

‫كيف يكون ذلك؟‬ ‫إن الفك���ر اإلقصائ���ي القومي والفكر اإلس�ل�امي‬ ‫السياس���ي املس���تفيد م���ن عواطفن���ا وروحانياتن���ا‬ ‫جي���ب أن نبح���ث ل���ه ع���ن حل كي���ف يك���ون هذا‬ ‫احلل؟ بالرجوع إلي ش���خصيتنا وهويتنا بالسؤال‬ ‫من حنن؟ حنن بش���ر وأفارق���ة بدرجة أو بآخري‬ ‫وحنن نتبع املنظومة اإلنس���انية احلضارية ولكن‬ ‫حن���ن ليبي���ون أوال وجيب عل���ى الدس���تور اللييب‬ ‫القوم���ي أن يق���ف عند هذه العقلية لكي يؤس���س‬ ‫اهلوية السياسية الليبية احلقيقية‪ ،‬عندما تذهب‬ ‫وتقف على منابر األمم املتحدة أمام العامل‪.‬‬ ‫من أنت؟‬ ‫أن���ا لي�ب�ي ( آه ) أنت لي�ب�ي عربي ال أن���ا لييب لييب‬ ‫نع���م أنا معي هنا أخ من العرب من ليبيا و معي أخ‬ ‫يتكلم التب���اوي و معي اخ يتكلم ( تيفيناغ ) ومعي‬ ‫حت���ى أناس أجانب مقيمني يف ليبيا و اننا حافظنا‬ ‫على هويتنا كما األمم اآلخرى اليت تقدم نفسها‬ ‫بدون خجل املصري يقدم نفسه مصري ويفتخر‬ ‫إن���ه فرعون���ي والتونس���ي يق���دم نفس���ه تونس���ي‬ ‫ويفتخر إنه قرطاجي اإليطالي كذلك واهلندي‬ ‫والباكس���تاني كذلك إال حنن س���لبت وس���رقت‬ ‫منا هويتن���ا‪ ..‬إذن ه���ذه فرصة تارخيي���ة لليبيني‬ ‫مجيعهم إلذابة كل الشتات جيب أن نستغل هذه‬ ‫الفرص���ة وإال كما ترون ستنش���أ خيارات آخرى‬ ‫عروبية أو إس�ل�امية متطرفة وحتى هذه عندما‬ ‫تنش���أ س���يتم تش���ويه هويتنا ويغيبوا علينا املس���ار‬ ‫الصحيح الذي فقدنا من أجله األرواح ‪...‬‬ ‫أول مكس���ب حقيق���ي يف دس�ت�رة اهلوي���ة الليبي���ة‬ ‫يف ليبي���ا هو أن عل���ى الليبيني مجيع���ا أن يرجعوا‬ ‫ألصله���م ويق���رؤا تارخيه���م وجي���ب أن يعرف���وا‬ ‫ماضيه���م‪ ،‬غري معقول أن اللييب ال يعرف أن جده‬ ‫وج���د كل الليبي�ي�ن هو م���ن نقش عل���ى ( آدرار )‬ ‫اجلب���ال حروفه األول���ي والرس���ومات األوليى ال‬ ‫تك���ون هوي���ة املواطن متكاملة وقوي���ة وهو جيهل‬ ‫أصله‪.‬‬ ‫إذا التأس���يس لش���رعية ترس���يم اللغ���ة واهلوي���ة‬ ‫الليبية يتم على أس���اس املبدأ واملس���اواة وتصوروا‬ ‫معي لو أن الدس���تور اللييب جاد يف أن حيقق مبدأ‬ ‫املس���اواة س���تنتهي حينها كل املش���اكل‪ ،‬املساواة‬ ‫هي املظل���ة العالية اليت حتقق لن���ا فرص احلياة‬ ‫اليومي���ة وحن���ن األمازي���غ وإمازغ���ن ان تين�ي�ري‬ ‫ال نري���د أن نك���ون أفضل من أحد ول���ن يكون هذا‬ ‫مطلبن���ا ول���ن نقب���ل أيض���ا ان نكون أق���ل من أحد‬ ‫ول���ن نرضي إال أن نك���ون كتفاً بكت���ف مع كل‬ ‫الليبيني‪...‬‬


‫‪06‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫الدستور الذي نريد ‪2‬‬

‫ماذا تريد املرأة الليبية من الدستور؟‬ ‫ماهي رؤيتها ملستقبل ليبيا ؟‬

‫مل تأخذ املرأة الليبية املبادرة خالل تاريخ البالد كما أخذتها عند انطالق ثورة ‪ 17‬فرباير فكانت تقود املظاهرات‬ ‫يف س���احة احلرية وكانت تش���رح قضية ش���عبها يف وس���ائل اإلعالم واحملاف���ل الدولية وكان���ت العمود الفقري‬ ‫خلط���وط اإلمداد والدعم اللوجس�ت�ي للث���وار يف جبهات القتال وفوق كل ذلك كان���ت الضحية األكرب جلرائم‬ ‫كتائ���ب الطاغي���ة وفرتة حكمه واحلقيقة أن املرأة الليبية مل تتوقف صدمتها حتى بعد س���قوط الطاغية فكانت‬ ‫الصدمة األوىل يف خطاب التحرير الذي اختزل فيه املستشار مصطفى عبد اجلليل انتصار الثورة يف إلغاء شرط‬ ‫موافق���ة الزوج���ة عن���د الزواج بأربع زوجات و مع البدء يف مس�ي�رة بن���اء الدولة كانت هن���اك حماوالت لطمس‬ ‫كيان املرأة الليبية اليت حققت وجودها وفرضت احرتامها بعد نضال ومثابرة وبدا ذلك جليا يف تشكيل احلكومة‬ ‫فحكوم���ة دول���ة الرئي���س الكيب مل حتم���ل فيها املرأة أكث���ر من حقيبتني وحتى تش���كيلة الدكت���ور مصطفي‬ ‫بوشاقور اليت عرضها على املؤمتر الوطين مل تعطي للمرأة سوى حقيبة واحدة يف احلكومة اجلديدة اليوم يأتي‬ ‫اس���تحقاق كتابة دس���تور ليبيا العتيد فماذا تريد املرأة الليبية من هذا الدس���تور فكما ش���اركت املرأة الليبية يف‬ ‫كتابة ملحمة الثورة فهل ستش���ارك يف كتابة الدس���تور ميادين التقت العديد من النساء الناشطات والفاعالت‬ ‫يف املشهد اللييب وهذه هي رؤيتهن ‪.‬‬

‫ميادين ‪ :‬احلسني املسوري‬

‫ام العز الفارسي‬

‫انوار الطشاني‬

‫الدكت��ورة أم الع��ز الفارس��ي أس��تاذة العلوم‬ ‫السياسية وناشطة سياسية ‪:‬‬

‫إن أه���م مطلب اثبته الواق���ع اللييب ‪ ،‬هو التأكيد‬ ‫عل���ي املواطنة احلقيقية والفاعل���ة للمرأة ومنع‬ ‫متييزها بوضوح يف مواد غري قابلة للتأويل‪ ،‬حتى‬ ‫ال يت���م االلتف���اف عليه���ا يف إعداد مواد الدس���تور‬ ‫وضرورة تدشني لغة الدستور مبصطلح املواطن‬ ‫واملواطن���ة اليت تربط األنس���نة مبعناها الواس���ع‬ ‫باألدوار كواجبات تؤدى وحقوق تكتس���ب‪ ,‬وهذا‬ ‫مطل���ب مش���روع فالق���رآن الكري���م ك���رم املرأة‬ ‫وخاطبه���ا خمصص���ا املؤمن���ون واملؤمن���ات‪ ,‬كما‬ ‫أنها لغ���ة معمول بها يف دس���اتري العامل املتحضر‪.‬‬ ‫هذا من ناحية ومن ناحية أخري ضمان املساواة‬ ‫بني املواطنني بال متيي���ز للجنس واللون والعرق‬ ‫والدين بل وجتريم ازدراء النس���اء‪ ,‬باإلضافة إلي‬ ‫ح���ق امل���رأة يف العم���ل وتول���ي املناص���ب القيادية‬ ‫وأال يت���م تفريغ النص الدس���توري م���ن حمتواه‬ ‫بقوان�ي�ن تس���لب امل���رأة حقوقه���ا‪ ,‬م���ع اعتب���ار أن‬ ‫األس���رة واألطفال مسؤولية املرأة يف املقام األول‬ ‫مبش���اركة فعالة ومس���ؤولة للرجل‪ ,‬وحياس���ب‬ ‫عل���ي التقص�ي�ر فيه���ا‪ ,‬وأن يتضم���ن الدس���تور‬ ‫تأهي���ل األطف���ال مادي���ا ونفس���يا واجتماعي���ا مبا‬ ‫يضمن خروج مواط���ن صاحل‪ ,‬وعدم الرتاجع عن‬ ‫املكتس���بات اليت حصلت عليه���ا املرأة ألنها نتيجة‬ ‫نضال الرائ���دات والنظر بعني العق���ل إىل ميزان‬ ‫العدالة يف الدس���تور وعدم اختالله لصاحل جنس‬ ‫علي حساب األخر‪.‬‬ ‫إن املغ���االة يف املطال���ب عل���ي أس���اس املناصفة يف‬ ‫كل ش���يء هو مطلب قد تضيع ب���ه حقوق املرأة‬

‫مجيلة فالق‬

‫وال ينصفه���ا‪ ،‬وه���ذا ما ح���دث عند إقرار املس���ودة‬ ‫األوىل إلع�ل�ان الدس���تور املؤق���ت ال���ذي كف���ل‬ ‫للم���رأة مش���اركة ال تق���ل ع���ن ‪ ، 10%‬وكان‬ ‫مطل���ب النس���اء بالتعدي���ل مش���روعا إذا رأين أن‬ ‫النص علي نسبة جيب أن يناسب املواثيق الدولية‬ ‫ال�ت�ي ال تق���ل نس���بة حص���ة امل���رأة يف املش���اركة‬ ‫خاصة السياسية والتش���ريعية عن ‪ ، 30%‬وهي‬ ‫مواثيق موقع عليها من قبل ليبيا ويضمن املشرع‬ ‫االلتزام به���ا يف القوانني احمللية ‪ ،‬غري أن ظروف‬ ‫اجملتمع يف الوقت الراهن ال تس���مح بهذه النسبة‬ ‫لتع���دد القناعات والتوجهات وه���ذا ما جعل املرأة‬ ‫الليبية تفقد نسبة ‪ 10%‬مضمونة‪ ،‬وال تتحصل‬ ‫علي النس���بة املعمول بها عاملي���ا كتمييز اجيابي‬ ‫للم���رأة واعرتاف���ا بدوره���ا يف اإلنت���اج وتقدي���م‬ ‫اخلدم���ات عل���ي ارض الواق���ع‪ ،‬إىل جان���ب دورها‬ ‫األساس���ي الذي تقوم ب���ه ‪ 100%‬دون مس���اعدة‬ ‫م���ن الش���ريك إال فيما ندر والعتب���ارات أخالقية‬ ‫شخصية صرفة!!‪.‬‬ ‫من��ال زقالم ناش��طة سياس��ية‪ :‬اعتقد حس���ب‬ ‫رأي���ي أن امل���رأة تري���د حقوقه���ا وواجباتها س���واء‬ ‫كانت سياس���ية اقتصادية ثقافية اجتماعية أن‬ ‫تك���ون واضح���ة ودون تدخ���ل من أي ن���وع ودون‬ ‫وصاي���ة م���ن اح���د‪ ،‬ال نري���د م���واد غ�ي�ر واضحة‬ ‫ومبهمة وميكن تأويلها كل حسب هواه بل نريد‬ ‫الشفافية يف مواد الدستور ‪ .‬كما أعتقد انه جيب‬ ‫على املرأة فرض نفس���ها بكفاءتها وبعملها وان ال‬ ‫تنتظ���ر أن يدفع بها الرجل فهي ق���ادرة أن تكون‬ ‫ضمن هيئة كتابة الدستور ‪.‬‬ ‫املطل���ب األه���م بالنس���بة ل���ي وال���ذي جي���ب أن‬ ‫يتضمن���ه الدس���تور حري���ة التعب�ي�ر ع���ن ال���رأي‬

‫حنان الفخاخري‬

‫نيفني الباح‬

‫وممارس���ة الدميقراطية تك���ون للجميع امرأة و‬ ‫رج���ل ‪ ،‬وأمتنى وض���ع قانون يعطي امل���رأة احلق‬ ‫مبمارس���ة العمل السياس���ي دون قيد أو ش���رط ‪،‬‬ ‫فهي تستطيع ذلك إذا أعطيت هلا الثقة ‪.‬‬ ‫ليس���ت لدي خماوف كبرية م���ن اضطهاد املرأة‬ ‫دستوريا ولكن أخش���ى يف ظل ما حيدث اآلن من‬ ‫مش���اكل يقوم به���ا فئة من الن���اس املتطرفة أن‬ ‫تضطهد امل���رأة وان يكون دورها صغ�ي�راً يقتصر‬ ‫عل���ى إجناب وتربي���ة األطفال ه���و دور التأكيد‬ ‫مه���م وال احد ميك���ن أن يتجاهل هذا الدور ولكن‬ ‫أيضاً وجودها يف مجيع اجملاالت مهم أيضاً ‪.‬‬ ‫تبقى مشكلة املرأة الليبية خاصة والعربية عامة‬ ‫ليس���ت مع الدين ولكن املش���كلة ه���ي يف العادات‬ ‫والتقاليد حيث أن الدين اإلس�ل�امي أعطى املرأة‬ ‫حقوقه���ا كامل���ة ولك���ن التقالي���د هي م���ا يقيد‬ ‫امل���رأة لذا أمتن���ى أن يأخذ الدس���تور اللييب بعني‬ ‫االعتب���ار الدين أكثر م���ن الع���ادات ومن وجهة‬ ‫نظري ميكن للدس���تور أن يأخذ م���ن االتفاقيات‬ ‫الدولية ما يتناس���ب مع الدين اإلسالمي ويلغي‬ ‫ما ال يناس���بنا وبذلك نكون قد طبقنا ما يتماشى‬ ‫مع ديننا وم���ع اجملتمع الدولي دون حرج من أي‬ ‫اتفاقية ميكن أن تكون غري مناسبة ‪.‬‬ ‫نيف�ين الب��اح ناش��طة حقوقية ‪ :‬امل���رأة الليبية‬ ‫تري���د م���ن الدس���تور أن يضم���ن هل���ا احلق���وق‬ ‫واحلري���ات العام���ة واخلاص���ة و رغ���م أن�ن�ي غري‬ ‫مقتنع���ة بالكوت���ه واملتمثل���ة يف حص���ة امل���رأة يف‬ ‫التمثيل السياس���ي إال أنها احل���ل يف هذه املرحلة‬ ‫وه���ي احد الوس���ائل اليت متكن امل���رأة الليبية من‬ ‫املش���اركة الفاعل���ة يف كتابة الدس���تور وإقرار‬ ‫م���ا تري���ده و املطل���ب األهم بالنس���بة ل���ي و الذي‬

‫نادية اجعودة‬

‫جيب أن يتضمنه الدس���تور املشاركة السياسية‬ ‫للمرأة والف���ارق الوحيد يكون بينها وبني الرجل‬ ‫هو الكف���اءة فقط‪.‬وبالتأكيد ل���دي خماوف من‬ ‫اضطهاد املرأة دس���توريا خصوص���ا يف حال تقدم‬ ‫اإلسالميني و بالنسبة لإلشكاليات الدولية حنن‬ ‫لس���نا طرف فيه���ا املش���كلة الكبرية ه���و أن يكون‬ ‫إش���كا ً‬ ‫ال حملياً يف الدس���تور اللييب ‪...‬حيرمها من‬ ‫الرتشح ملنصب رئيس الوزراء مثال أو ماشابه ‪.‬‬

‫مجيلة فالق ناشطة سياسية وسجينة سابقة‬ ‫يف س��جون املقبور ‪:‬يف احلقيقة رغم كون املرأة‬

‫بشكل سافر وحقوقها منقوصة‬ ‫الليبية مظلومة‬ ‫ٍ‬ ‫إال أن�ن�ي أرى املرحل���ة مرحل���ة اس���تعادة حق���وق‬ ‫اجلميع ُ‬ ‫حيث أن مجيع الليبيني كانوا مس���لوبي‬ ‫احل���ق واإلرادة يف عه���د الق���ذايف ‪ ..‬لذل���ك فأنين‬ ‫التزم���ت ب���أن أك���ون مناصرة حلق���وق الليبيني‬ ‫بش���كل عام ‪ ,‬الرجل واملرأة س���وياً حتى خنرج من‬ ‫ٍ‬ ‫هذه املرحلة لليت تليها ‪ ..‬وبعد‬ ‫بكل تأكيد أن املرأة الليبية تريد أن تتساوى مع‬ ‫الرجل يف احلق���وق كما يف الواجبات دون متييز‬ ‫وأن تنال فرصتها لتشاركه رسم سياسات البالد‬ ‫وبنائها وقيادتها على ح ٍد سواء‪.‬‬ ‫ليس���ت هناك وسيلة سوى املطالبة بكوتة تضمن‬ ‫ً‬ ‫مناصفة مع الرج���ل يف جلنة وضع‬ ‫وج���ود املرأة‬ ‫الدس���تور واملس���اواة العادلة بني اجلنسني وأعين‬ ‫بالعادلة أن تتفق هذه املس���اواة مع طبيعة تكوين‬ ‫امل���رأة املُختل���ف ع���ن الرجل يف بع���ض النواحي و‬ ‫ب���كل تأكيد ل���دي خماوف م���ن اضطه���اد املرأة‬ ‫دس���توريا وه���ذا راج���ع لك���ون اجملتم���ع اللي�ب�ي‬ ‫جمتمع ذكوري بامتياز ‪.‬‬ ‫يف احلقيق���ة هناك إش���كالية واضحة إذا أردنا أن‬


‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫الدستور الذي نريد ‪2‬‬ ‫نض���ع الدين والع���ادات يف جهة وحق���وق املرأة يف‬ ‫اجله���ة األخ���رى ‪ ,‬من وجه���ة نظ���ري أرى أننا ال‬ ‫نس���تطيع حل ه���ذه اإلش���كالية إال إذا فصلنا بني‬ ‫الدي���ن والع���ادات مبعنى أن نقول ب�ي�ن الدين من‬ ‫جهة وحق���وق املرأة م���ن جهة أخ���رى ألن الدين‬ ‫مبفهوم���ه الش���امل ال يتع���ارض م���ع كث�ي�ر من‬ ‫ُ‬ ‫حي���ث أن اهلل س���بحانه مل مييز بني‬ ‫حق���وق املرأة‪,‬‬ ‫امل���رأة والرجل يف الث���واب و ال يف العق���اب إطالقاً‬ ‫غ�ي�ر أن الع���ادات مي���زت بينهم���ا كث�ي�راً وق���س‬ ‫عل���ى ذل���ك وال أرى أن هن���اك إش���كالية من هذه‬ ‫الناحية ُ‬ ‫حيث أننا نس���تطيع أن خنتار ما يتناسب‬ ‫وخصوصي���ة امل���رأة الليبي���ة كم���ا نس���تطيع أن‬ ‫نغف���ل ما ال يتناس���ب معن���ا بكل س���هولة ُ‬ ‫حيث أن‬ ‫االتفاقي���ات املوقع���ة ما قبل ث���ورة ‪ 17‬فرباير غري‬ ‫حل‬ ‫ملزمة و تستطيع الدولة الليبية أن تكون يف ٍ‬ ‫منها حسب اعتقادي ‪.‬‬ ‫نادي��ة جع��ودة ناش��طة سياس��ية ‪ :‬يف اعتقادي‬ ‫الش���خصي أن ليبي���ا دول���ة مع�ت�رف به���ا من���ذ‬ ‫االستقالل األول يف ‪ 1951‬و حيث أن االستقالل‬ ‫كلل بالدس���تور اللي�ب�ي ‪ 1951‬و باعرتاف األمم‬ ‫املتح���دة فلم���اذا نتخلى ع���ن هذا العمل املش���رف‬ ‫ال���ذي ق���ام ب���ه أجدادن���ا فليبي���ا دول���ة ش���رعية و‬ ‫ليس���ت دول���ة لقيط���ة إن حك���م الق���ذايف عط���ل‬ ‫العمل بهذا الدس���تور هذا ال يعين أن نلغي وجوده‬ ‫‪ ،‬إن الع���امل أمجع يش���هد أن الدس���تور اللييب من‬ ‫أفضل الدس���اتري يف العامل أنا ش���خصيا" أمتين أن‬ ‫يؤخذ بالدس���تور اللييب و جنري عليه التعديالت‬ ‫و اخلاصة بش���كل الدولة و نظام احلكم ما نريده‬ ‫من الدس���تور هو أن يكون الدستور اللييب حافظا"‬ ‫حلق���وق اإلنس���ان و ه���و ش���يء موج���ود يف كل‬ ‫الدس���اتري بالطب���ع و لك���ن و مب���ا أن حن���ن دولة‬ ‫حديثة العهد بالدميقراطية و خوفا" من انتكاس‬ ‫الدميقراطي���ة جي���ب أن نؤكد عل���ي احلريات و‬ ‫احلق���وق لدين���ا اآلن منظمات اجملتم���ع املدني و‬ ‫ال�ت�ي جيب أن تعمل يف اجتاه أش���راك املرأة ( اليت‬ ‫لديها الكفاءة ) يف كتابة الدستور ألنه ال تعرف‬ ‫حق���وق امل���رأة إال امل���رأة نفس���ها فعل���ي منظمات‬ ‫حقوق امل���رأة و الناش���طات احلقوقي���ات أن تعمل‬ ‫علي نش���ر الوعي ل���دي املواطنني بأهمي���ة التنوع‬ ‫يف املش���اركة و يف احلقيق���ة قام���ت ع���دة ورش‬ ‫عم���ل تعين بهذا األمر و قدمت توصيات للمؤمتر‬ ‫الوط�ن�ي باخلص���وص و لكن جي���ب أن ال نكتفي‬ ‫بتقدي���م التوصي���ات و املقرتح���ات و أمن���ا جي���ب‬ ‫العمل علي الضغط يف س���بيل حتقيق مش���اركة‬ ‫امل���رأة أن���ا مواطن���ة ليبي���ة أوال" و م���ا يهمين من‬ ‫الدس���تور أن يضمن حقوق مجي���ع الليبيني علي‬ ‫ح���د س���واء بغض النظ���ر عن الع���رق و الل���ون ‪ ،‬و‬ ‫اجلنس و أن يكون هذا الدس���تور واس���ع يف أعطاء‬ ‫احلري���ات و ضد التقيي���د ألنه جيب أن ندرك أن‬ ‫هذا الدس���تور ليس ع���ن الفرتة احلالية و أمنا هو‬ ‫مس���تقبل أبنائن���ا و األجي���ال القادم���ة و جيب أن‬ ‫نك���ون أصح���اب أف���ق و نتحلي ببع���د النظر عند‬ ‫صياغة الدس���تور و أن يضمن لنا أدوات ممارس���ة‬ ‫الدميقراطية ‪ ،،‬من اس���تقالل القضاء و استقالل‬ ‫اجملتم���ع املدن���ي بض���رورة التأكيد يف الدس���تور‬ ‫علي استقاللية اجملتمع املدني و تبعيته للسلطة‬ ‫التش���ريعية و ليس كما ه���و األمر اآلن فتبعيته‬ ‫للحكومة هي انتكاس���ة حقيقي���ة للدميقراطية‬ ‫و غ�ي�ر مربرة أال أذا كان ال ي���راد للدميقراطية‬ ‫أن تتحق���ق يف ليبي���ا و كذل���ك أن يضمن عدالة‬ ‫توزي���ع الثروة حبي���ث أن تنال كل املدن حقوقها‬ ‫بالتساوي ال متييز و ال تفريق و أمنييت أن تكون‬ ‫كل املدن الليبية كأنها عاصمة لليبيا تتحصل‬ ‫عل���ي حقه���ا يف األعم���ار و االس���تثمار و أن ين���ال‬ ‫كل الش���باب اللييب حقوقه يف التعليم و الصحة‬ ‫و العمل بدون ت���رك مدينته و أن يتجه إلي املدن‬ ‫الكربى‬ ‫باعتباري مؤسس ملنظمة تعين بالتنوع و التعددية‬

‫الثقافي���ة أمت�ن�ي من الدس���تور‬ ‫يف صن���ع الق���رار أي حي���ق ل���ي‬ ‫أن يضم���ن احلري���ة الثقافي���ة و‬ ‫االنتخ���اب والرتش���ح باإلضاف���ة‬ ‫الفكري���ة و أن ال توض���ع حدود‬ ‫إل���ي ح���ق املواطن���ة وبالتأكي���د‬ ‫عل���ي ه���ذه احلري���ات و ال�ت�ي‬ ‫لدي خم���اوف من اضطه���اد املرأة‬ ‫س���تكون الطري���ق إىل اإلب���داع و‬ ‫دس���توريا والس���بب أن جمتمعن���ا‬ ‫الدميقراطية و االزدهار وتبقى‬ ‫جمتمع ذكوري ال يعطي أهمية‬ ‫املخاوف من تهميش املرأة حيث‬ ‫للم���رأة بصف���ة عام���ة برغ���م من‬ ‫نالحظ أن بع���د ثورة ‪17‬فرباير‬ ‫كفاءته���ا أما التوفي���ق بني الدين‬ ‫و بع���د ما قامت به امل���رأة الليبية‬ ‫والعادات والتقالي���د وحقوق املرأة‬ ‫م���ن دور فع���ال و حقيق���ي يف‬ ‫يف الدس���تور فان ديننا اإلس�ل�امي‬ ‫أجن���اح الث���ورة بل ه���ي صاحبة‬ ‫أعط���ى حقوق���ا ع���دة للم���رأة ال‬ ‫املب���ادرة يف تفج�ي�ر ه���ذه الثورة‬ ‫تتع���ارض م���ع احلق���وق املتداولة‬ ‫منال زقالم‬ ‫م���ن أمه���ات و زوج���ات و أخوات‬ ‫يف اغل���ب الدس���اتري و الع���ادات‬ ‫نالحظ أن هناك ردة فعل جتاه‬ ‫والتقاليد أشياء بسيطة تتعارض‬ ‫امل���رأة و دوره���ا يف اجملتم���ع و حماول���ة حتجيم ميك���ن معاجلته���ا باللوائح والقوان�ي�ن ولكن البد‬ ‫ه���ذا الدور عليه جيب أن حتف���ظ حقوق املرأة يف م���ن التأكيد بنص صريح عل���ي ضرورة احرتام‬ ‫الدس���تور محاي���ة هلا م���ن أي حماول���ة للحد من املواثي���ق الدولي���ة ال�ت�ي مت التوقي���ع عليه���ا وهي‬ ‫اعتباره���ا مواط���ن درجة أولي هل���ا نفس احلقوق تطالب حبقوق املرأة‪.‬‬ ‫مث���ل الرج���ل متاما ال أس���تطيع أن أقول اضطهاد أن��وار الطش��اني ناش��طة يف اجملتم��ع املدني ‪:‬‬ ‫امل���رأة دس���توريا" و لك���ن ق���د ال تك���ون حقوقه���ا خاطبن���ا اهلل تعالـ���ى (( يأيه���ا الن���اس)) يف إبالغنا‬ ‫واضح���ة و حم���ددة و بالتال���ي ق���د ال يكون ذلك عـن الواجب���ات واحلقـوق كخلفائه على األرض‬ ‫كافيا" إلصدار قوانني و تشريعات يف صاحل املرأة وإنس���انية خلقه متمثلة يف الرج���ل واملرأة على‬ ‫و حقوقها وبالنس���بة لكيفي���ة التوفيق بني الدين الس���واء أي���ا كانت ديانت���ه ولكن امل���رأة على مر‬ ‫والع���ادات والتقاليد وحقوق املرأة يف الدس���تور أنا‬

‫شخصيا" ال أري أي إشكالية يف الدين و العادات و‬ ‫التقاليد يف حقوق املرأة باعتبار أننا دين وس���طي‬ ‫مذهبنا مالكي اخلوف هو من التش���دد و التطرف‬ ‫و الذي ال يؤمن بوسطية اجملتمع اللييب و الدين‬ ‫اإلسالمي ملن يقرأه جيدا" كرم املرأة و عزز من‬ ‫مكانته���ا و حنن الليبيون ش���عب حمافظ حنرتم‬ ‫املرأة و دورها يف اجملتمع و نس���تطيع أن نؤس���س‬ ‫هليئ���ات مس���تقلة كاجملل���س األعل���ى حلق���وق‬ ‫اإلنس���ان و هن���اك بع���ض احلقوقي���ات و الالت���ى‬ ‫اقرتح���ن أن يك���ون هن���اك جملس أعل���ي حلقوق‬ ‫املرأة منصوص عليه يف الدس���تور و هو رأي جيد‬ ‫قد ندفع ب���ه أما ما يتعلق باملعاهدات الدولية فأن‬ ‫ليبي���ا جزء من هذا الع���امل و جيب أن تتعامل معه‬ ‫علي هذا األساس فنحن ضمن املنظومة الدولية‬ ‫و ق���د وقعت ليبيا علي معاه���دة مناهضة التمييز‬ ‫ضد املرأة و نستطيع أن نتحفظ علي البنود اليت‬ ‫ال تتمش���ي م���ع ديننا وعاداتن���ا و تقاليدن���ا و هي‬ ‫بنود حمددة ج���دا" و التحفظ عليها ال يؤثر علي‬ ‫تطبيق االتفاقية بشكل عام ‪.‬‬ ‫حن��ان أبري��ك ح��زب اجلبه��ة الوطني��ة ‪:‬‬ ‫ترغ���ب املرأة ضم���ان كاف���ة حقوقها السياس���ية‬ ‫واالجتماعي���ة واالقتصادي���ة وذل���ك بإص���دار‬ ‫قان���ون يقض���ي بض���رورة مش���اركة امل���رأة يف‬ ‫وضع الدس���تور بنس���بة علي األق���ل ‪ 30%‬و أهم‬ ‫مطلب لي ش���خصيا هو حق املشاركة السياسية‬

‫التاري���خ قد محل���ت من القي���ود واملظامل الكثري‬ ‫وك���م من حي���اة امرأة يتم تقري���ر مصريها من‬ ‫قبل شخص أخر رغم معرفتنا بأنه صحياً وذهنياً‬ ‫آلب���د على املرء أن يقوم بتوجيه حياته لذا تطالب‬ ‫املرأة بوضع دس���تور حيمي حقه���ا يف التعبري عن‬ ‫رأيه���ا وتنفي���ذه كم���ا س���نه هل���ا رس���ولنا الكريم‬ ‫صل���ى اهلل علي���ة وس���لم و أوجب���ه هل���ا اهلل تعاىل‬ ‫ويراعى يف وضع الدس���تور مجي���ع أفراد وأطياف‬ ‫الش���عب وفئاته حت���ى املش���ردين والذين نصفهم‬ ‫باجملان�ي�ن أرجو اآلنتباه هل���ذه الطائفة الصامتة‬ ‫وم���د ي���د الع���ون هل���م كذل���ك ذوي االحتياجات‬ ‫اخلاصة ومراع���اة حقوق الطفل وامل���رأة املطلقة‬ ‫واألرمل���ة بتوفري س���كن للحضان���ة دون اإلجيار‬ ‫حلف���ظ كرام���ة الطف���ل وكرامته���ا وغريه���ا‬ ‫فاملرأة تود حتقيق املطالب من القاعدة الش���عبية‬ ‫وعدم خضوع الدس���تور لتيار معني واملس���اواة يف‬ ‫أهلي���ة التكليف كما قال اهلل تع���اىل ((واملؤمنون‬ ‫واملؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون باملعروف‬ ‫وينه���ون ع���ن املنك���ر ويقيم���ون الص�ل�اة ويؤتون‬ ‫الزكاة ويطيعون اهلل ورسوله أولئك سريمحهم‬ ‫اهلل إن اهلل عزي���ز حكي���م)) ونرج���و أن يس���تقى‬ ‫الدس���تور من علماء الدين و اآلقتصاد واالجتماع‬ ‫وعلم���اء النف���س وبعد إنه���اء روح الدس���تور يأتي‬ ‫دور القانوني�ي�ن املتخصصني يف صياغة العبارات‬ ‫و اليقتص���ر الدس���تور فق���ط على الس���تني عضو‬ ‫ب���ل جيب عق���د لقاءات م���ع خمتلف الش���رائح يف‬

‫‪07‬‬ ‫خمتلف املدن والقرى الليبية ونرجوهم التوعية‬ ‫عرب اإلعالم مبضمون الدستور وكيفية تنفيذه‬ ‫وال يناق���ش م���ا يق���ر س���وى م���ن خ�ل�ال الش���عب‬ ‫بفاعلية‪.‬‬ ‫وميكننا التوفيق ب�ي�ن الدين والع���ادات والتقاليد‬ ‫االتفاقي���ات الدولي���ة وحق���وق املرأة يف الدس���تور‬ ‫اللي�ب�ي هن���اك أجندة تنخ���ر يف األس���اس القيمي‬ ‫واألخالق���ي للمجتمعات ب���ل أحدثت تغيريات يف‬ ‫البني���ة الثقافي���ة فش���تان بني مؤسس���ات اجملتمع‬ ‫احلقيقي���ة ومؤسس���ة اجملتم���ع الصوري���ة واليت‬ ‫ألمتثل األفراد والتس���تند على قاعدة شعبية لقد‬ ‫اعتمدت اجلمعية العام���ة لألمم املتحدة اتفاقية‬ ‫القض���اء على كاف���ة أش���كال التمييز ض���د املرأة‬ ‫وتن���ص ديباجته���ا ب���أن حق���وق املرأة ه���ي حقوق‬ ‫إنسان وتدعو االتفاقية التساوي املطلق بني املرأة‬ ‫والرج���ل يف مجيع امليادين السياس���ية والثقافية‬ ‫واملدنية سواء يف األدوار أو احلقوق أو التشريعات‬ ‫يف الوق���ت ال���ذي تق���ر فيه الش���ريعة اإلس�ل�امية‬ ‫وج���ود ف���وارق واضح���ة يف األدوار والوظائ���ف‬ ‫احلياتي���ة وه���ي ف���وارق فطري���ة الب���د منه���ا‬ ‫بالنس���بة للم���رأة قيامها بدور األموم���ة والرتبية‬ ‫ورعاية األس���رة واملنزل ويف املقابل التزام الرجل‬ ‫مبس���ئولية القوام���ة داخل األس���رة وم���ا تفرضه‬ ‫علي���ه واجبات احلياة م���ن إنفاق ومحاية ورعاية‬ ‫وغريها وكل تلك الفوارق يف األدوار نبين عليها‬ ‫ف���وارق يف التش���ريعات مث���ل امل�ي�راث والتع���دد يف‬ ‫ال���زواج والط�ل�اق والوالية على الفت���اة يف الزواج‬ ‫وغريه���ا حلف���ظ األس���رة واس���تقرارها وحلفظ‬ ‫اجملتمع أمنه‬ ‫ولع���ل انضم���ام ال���دول العربي���ة واإلس�ل�امية‬ ‫لالتفاقي���ة بالتوقي���ع ألب���أس به مع إب���داء بعض‬ ‫التحفظ���ات عل���ى البنود ال�ت�ي تتع���ارض تعارضاً‬ ‫صرحياً مع الش���ريعة اإلسالمية أو مع الدساتري‬ ‫الوطني���ة حلفظ حق امل���رأة وأرى أن البعض من‬ ‫شيوخ الدين كالشيخ امحد الكبيسى واجلعفري‬ ‫وغريه���م من األئم���ة الع���رب بينوا حق���وق املرأة‬ ‫م���ن منظ���ور إس�ل�امي مسح خب�ل�اف م���ا ورثناه‬ ‫م���ن مفاهي���م عن حق���وق امل���رأة مس���تمدين من‬ ‫ذكر اهلل وس���نة رس���وله ما هو مبشر وغري منفر‬ ‫وبروح تفسري لو علمه الغرب القتدوا بها وعلموا‬ ‫أن دينن���ا ليس ظالم للعبي���د وللمرأة خاصة وأنا‬ ‫ش���خصياً ح���اورت الذات كث�ي�راً حول م���ا نصبه‬ ‫الدي���ن اإلس�ل�امي يف قضي���ة الض���رب وامل�ي�راث‬ ‫وتعدد الزوج���ات والطالق وعمل املرأة كخادمة‬ ‫يف بيته���ا دون تقدي���ر بع���ض الرجال املتس���لطني‬ ‫دعاني هذا للس���ؤال فعلمت منهم اجلواب الشايف‬ ‫املقنع وال���ذي لو يدركه الرجال ويعقلوه خلافوا‬ ‫غض���ب اهلل وس���ألوا عفوه مل���ن يس���تنصر عنف أو‬ ‫اضطهاد املرأة‪.‬‬ ‫واه���م الوس���ائل ال�ت�ي متك���ن امل���رأة الليبي���ة من‬ ‫املش���اركة الفاعلة هو حترك واهتمام مؤسسات‬ ‫اجملتم���ع املدن���ي املهتم���ة بقضاي���ا امل���رأة وذل���ك‬ ‫باس���تباق انتخاب���ات جلن���ة الس���تني والرتكي���ز‬ ‫عل���ى دعم املرش���حات الالتي ميثل���ن قضايا املرأة‬ ‫ويناضل���ن من اج���ل حقوقهن كذل���ك يأتي دور‬ ‫األس���رة ورب البيت مبنحة الطمأنينة والثقة يف‬ ‫املرأة وهي األم واألخت والزوجة واالبنة كذلك‬ ‫ال ميكن أن ننسى الدور اإلعالمي الذي له تأثري‬ ‫كب�ي�ر يف مس���اندة امل���رأة يف كل ميادين احلياة‬ ‫وليس لدي خماوف من إضطهاد املرأة دس���تورياً‬ ‫فاملرأة اليوم تس���عى جيداً دورها يف اجملتمع كما‬ ‫ه���ي واعي���ة حلقوقها يف ش���تى امليادي���ن ولطاملا‬ ‫ساهمت يف االنتخاب ومتواجدة كعضو فعال يف‬ ‫الربملان اللييب وهلا األهلية القانونية يف التش���اور‬ ‫ووض���ع الدس���تور املس���اند للمرأة ودف���ع املظامل‬ ‫عنه���ا فالتفاؤل يصاحبين دوماً ومستبش���رة خرياً‬ ‫يف ظل دولة الدستور فوداعاً للمخاوف‪.‬‬


‫‪08‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫الدستور الذي نريد ‪2‬‬

‫من مقتضيات إعداد الدستور الدائم‬ ‫فتح انتصار ث����ورة ‪ 17‬فرباير باب التفكري يف‬ ‫مالمح املرحل����ة املقبلة من حياتن����ا‪ ،‬و ينصب‬ ‫احلدي����ث و الكتاب����ات الليبية الي����وم على أهم‬ ‫ركائز بن����اء الدولة؛ الدس����تور‪ ،‬اللبنة األوىل‬ ‫يف هذا البناء‪.‬‬ ‫و دون رغبة يف اس����تفزاز العقول إىل الناحية‬ ‫الفارغ����ة م����ن ال����كأس‪ ،‬يُظهر النق����اش الدائر‬ ‫اليوم احلاج����ة إىل توافق وطين ش����امل حول‬ ‫جوان����ب هام����ة ذات عالق����ة بإعداد الدس����تور‪.‬‬ ‫فإع����داد هذه الوثيق����ة‪ ،‬أو العق����د االجتماعي‪،‬‬ ‫يقتض����ي البداي����ة باالتف����اق عل����ى خي����ارات‬ ‫سياس����ية حم����ددة تقن����ن يف وثيق����ة توافقية‬ ‫حاكمة تبني املقومات األساس����ية هلذا العقد‬ ‫و مالحمه الرئيسية‪ ،‬ل ُتدرج الحقاً يف مقدمة‬ ‫الدستور على غرار ما سار عليه العمل يف عدة‬ ‫دساتري‪ .‬‬ ‫الش����ك أن اإلعالن الدس����توري‪ ،‬و ه����و إعالن‬ ‫تنظيم����ي‪ ،‬قد حدد أس����لوب عمل الدس����تور‪ ،‬و‬ ‫قضى بإنش����اء مؤمت����ر وطين ع����ام مؤلف من‬ ‫مائ��ت�ي عض����و منتخب خيت����ار ب����دوره “هيئة‬ ‫تأسيس����ية لصياغ����ة الدس����تور”‪ .‬و يتبع هذه‬ ‫الصياغ����ة اعتماد مش����روع الدس����تور من قبل‬ ‫املؤمتر ثم عرضه على الشعب يف استفتاء عام‬ ‫“االس����تفتاء الدستوري”‪ ،‬و ال يصبح الدستور‬ ‫ناف����ذاً إال بع����د موافقة الش����عب علي����ه‪ .‬و بهذا‬ ‫تبنى اإلعالن أس����لوب “اجلمعية التأسيس����ية‬ ‫املنتخبة املقرونة باالس����تفتاء”‪ ،‬و بذلك يكون‬ ‫الش����عب ق����د ش����ارك يف وض����ع الدس����تور على‬ ‫مرحلتني‪ ،‬حيث ينتخب أعضاء املؤمتر الذي‬ ‫يباش����ر مهم����ة وضع الدس����تور‪ ،‬و بذلك يضع‬ ‫الشعب الدستور بطريق غري مباشر‪ ،‬ثم يوافق‬ ‫على ذلك الدستور من خالل االستفتاء‪.‬‬ ‫و م����ن البديه����ي أن ه����ذه املب����ادئ ال تؤم����ن‬ ‫االنته����اء م����ن صياغة دس����تور دائ����م‪ ،‬و حتتاج‬ ‫إىل إج����راءات تنفيذي����ة‪ .‬و تتواص����ل الكتابات‬ ‫و تتش����عب املناقش����ات حول هذه اإلجراءات‪ ،‬و‬ ‫الش����يطان كما ج����اء يف رواي����ة “دان براون”‪،‬‬ ‫يكمن يف التفاصيل‪:‬‬ ‫فما زالت تثار مش����اغل ح����ول طريقة انتخاب‬ ‫أعضاء املؤمت����ر‪ ،‬و حتديد الدوائر االنتخابية‪،‬‬ ‫و م����دى اعتماده����ا عل����ى التوزيع الع����ددي أو‬ ‫اجلغرايف للس����كان‪ ،‬و نظام االنتخاب‪ :‬النظام‬ ‫الفردي أو نظام القوائم‪.‬‬ ‫و كيف سيختار املؤمتر “اهليئة التأسيسية‬ ‫لصياغة الدستور” ؟ و ما هو هيكلها ؟ و ما هي‬ ‫املعايري الواجب توفرها يف أعضائها ؟ و كيف‬ ‫س����تعمل و تتخذ قراراته����ا ؟ إن اختيار أعضاء‬ ‫اهليئ����ات التأسيس����ية يقتضي توف����ر مؤهالت‬ ‫سياسية و قانونية متثل كافة ألوان الطيف‬ ‫اللي��ب�ي‪ .‬و كي����ف يصن����ع الق����رار أو م����ا ه����ي‬ ‫األغلبي����ة املطلوبة إلصدار ق����رارات املؤمتر و‬ ‫اهليئة املتعلقة بإعداد الدس����تور؟ و بعيداً عن‬ ‫األغلبية البس����يطة‪ ،‬تشرتط ممارسات الدول‬ ‫أغلبية خاصة ال تقل عن الثلثني نظراً لتعلق‬ ‫األمر بإعداد دستور‪.‬‬ ‫و ماذا عن عرض مشروع الدستور لالستفتاء‬ ‫عليه ؟ إن هذا العرض قد يكون جمرد إجرا ٍء‬ ‫ش����كلي‪ ،‬و ذل����ك ما عليه احل����ال يف كثري من‬ ‫ال����دول النامي����ة حي����ث تك����ون الكلم����ة األوىل‬ ‫و األخ��ي�رة مل����ن يض����ع مش����روع الدس����تور‪ .‬و‬ ‫تتج����ه بع����ض ممارس����ات ال����دول إىل تن����اول‬ ‫االستفتاء بقانون خاص يفرض انقضاء فرتة‬

‫زمني����ة معقولة بني إعداد مش����روع الدس����تور‬ ‫و اإلس����تفتاء علي����ه‪ ،‬و حي����دد طبيع����ة ه����ذا‬ ‫اإلستفتاء و كيفية عرض مشروع الدستور‬ ‫عل����ى الش����عب‪ .‬و يظهر تن����اول هذه األس����ئلة‬ ‫و الكتاب����ات بش����أنها تباين����اً يف املقارب����ة‪ ،‬ميلي‬ ‫التذكري مبا يلي‪:‬‬ ‫أو ً‬ ‫ال‪ :‬إن األم����ر يتعل����ق بإع����داد دس����تور دائ����م‪،‬‬ ‫بقانون أساس����ي‪ ،‬تبن����ى عليه كل مؤسس����ات‬ ‫الدولة و كامل نظامها القانوني‪ ،‬و هو العقد‬ ‫االجتماعي الذي حيكم التزامات الس����لطة يف‬ ‫مواجهة املواطن‪ .‬و من مساته الرئيسية‪:‬‬ ‫أن����ه جيب أن يكون حصيل����ة قيم الثورة اليت‬‫أمجع عليها الليبيني و قدموا أغلى التضحيات‬ ‫م����ن أجله����ا‪ .‬و من ه����ذه القيم املس����اواة دون‬ ‫متيي����ز أو تهمي����ش‪ ،‬و حتقيق تنمية ش����املة‬ ‫و متوازن����ة من خ��ل�ال دولة مدني����ة حيكمها‬ ‫دس����تور ينطل����ق من قيم اإلس��ل�ام‪ ،‬و يرس����خ‬ ‫العدل و التكافل‪.‬‬ ‫و هو جيب أن جيس����د وح����د ًة و توافقاً وطنياً‬‫بفضل حلول يرضى عنها الكافة‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫األقليات‪ .‬فالدس����تور ال يص����اغ من قبل أو من‬ ‫أج����ل أغلبية اليوم‪ ،‬السياس����ية أو االجتماعية‬

‫ً‬ ‫عرضة لتعديالت متعاقبة على‬ ‫م����ن أن تكون‬ ‫و أغلبيتها‪ .‬و كم‬ ‫ضوء ظروف الس����اعة‬ ‫كش����فت ترس����انة التعديالت الدستورية يف‬ ‫منطقتنا عما خفي‪ ،‬و كيف وظف “الس��ل�اح‬ ‫الدستوري” خلدمة أهداف خاصة دون صلة‬ ‫مبصاحل و استقرار الوطن و املواطن‪.‬‬ ‫و هليئ����ات إعداد هذه الوثيقة اهلامة و ضعها‬‫اخل����اص‪ .‬فللمؤمتر الوطين الع����ام كمؤمتر‬ ‫دس����توري أو “هيئ����ة تأسيس����ية” مواصف����ات‬ ‫خمتلفة عن مواصفات “اهليئة التش����ريعية”‬ ‫التقليدية‪ ،‬و الصالحي����ة إلحداهما ال جتعله‬ ‫صاحل����اً لألخ����رى‪ .‬و تس����مو مه����ام “اهليئ����ة‬ ‫التأسيس����ية” على مهام “اهليئة التش����ريعية”‬ ‫و حتكمه����ا‪ ،‬و تقتض����ي يف األعض����اء حكم����ة‬ ‫و مس����ؤولية وطني����ة و سياس����ية بعي����دة عن‬ ‫حس����ابات الدوائ����ر االنتخابي����ة املألوف����ة يف‬ ‫اهليئ����ة التش����ريعية‪ .‬و علي����ه ال ميكن اخللط‬ ‫بني طريق����ة اختي����ار أعضاء املؤمت����ر الوطين‬ ‫العام “كهيئة تأسيس����ية” و طريقة اختيار‬ ‫“اهليئة التش����ريعية”‪ .‬و إذا كان لألغلبية أن‬ ‫تف����رض رؤيتها أو برناجمه����ا على األقلية يف‬ ‫“هيئ����ة تش����ريعية”‪ ،‬فليس هل����ا ذلك يف وضع‬ ‫دستور جيب أن يقوم على التوافق بني كافة‬ ‫مكونات و أطياف الشعب‪ ،‬مبا يف ذلك األقليات‬ ‫و من خسروا أو مل يش����اركوا يف االنتخابات‪.‬‬ ‫و رغم تعدد اختصاصاتها التشريعية و املالية‬ ‫و الرقابية فإن “اهليئة التش����ريعية” مل تعترب‬

‫أو اجلغرافي����ة‪ ،‬لينته����ي بتبين نظام سياس����ي‬ ‫يعطي هذه األغلبي����ة الظرفية القول الفصل‬ ‫يف ش����ؤون البالد لس����نوات طويل����ة قادمة‪ .‬و‬ ‫يب����دأ حتقي����ق ه����ذا الوف����اق م����ن أداة صياغة‬ ‫الدس����تور‪ ،‬و ال��ت�ي جيب أن تش����كل من كافة‬ ‫أحناء البالد‪ ،‬و يشارك فيها مجيع الليبيني‬ ‫مبختلف مكوناتهم االجتماعية و اجلغرافية‪.‬‬ ‫و ه����و يوض����ع ليبق����ى ألط����ول م����دة ممكنة‪.‬‬‫فم����ن مساته الثبات النس��ب�ي ألحكامه و طول‬ ‫س����ريانها مبا حي����ول دون جعله����ا أدوات على‬ ‫ً‬ ‫���تجابة لرغب����ة مك����ون‬ ‫املق����اس مصاغ����ة اس�‬ ‫اجتماع����ي أو جغ����رايف بعينه‪ ،‬مراع����ا ًة لوضع‬ ‫عرضة للتغي��ي�ر‪ .‬فاألمر يتعلق بتنظيم‬ ‫قائم‬ ‫ٍ‬ ‫و تس����يري مؤسسات دائمة و ضبط الوفاق بني‬ ‫حرية اجلميع و الس����لطة‪ ،‬و هي مسائل أهم‬

‫على مدار التاريخ‪ ،‬مالئمة إلعداد دس����تور أو‬ ‫إص����داره‪ ،‬و ليس يف ش����روط اختيار أعضائها‬ ‫ما يتطلب القدرة على وضع دستور دائم‪.‬‬ ‫و مييز الفقه الدستوري بوضوح بني اهليئتني‬ ‫و يس����مي هيئ����ة وض����ع الدس����تور بالس����لطة‬ ‫‪Pouvoir‬‬ ‫التأسيس����ية‪Constiuant‬‬ ‫متييزاً هلا عن الس����لطات اليت تنش����ئها أحكام‬ ‫مؤس َسة (بفتح‬ ‫الدس����تور و اليت تعترب هيئات َّ‬ ‫الس��ي�ن)‪ .‬و س����اد هذا التمييز ممارسات الدول‬ ‫مبا يف ذلك املمارس����ات الليبية املتعلقة بإعداد‬ ‫دس����تور ‪ .1951‬فبعد صدور هذا الدس����تور يف‬ ‫‪ 7‬أكتوبر ‪ 1951‬بتوافق س����اد أعمال اهليئة‬ ‫التأسيس����ية “اجلمعية التأسيسية الوطنية”‪،‬‬ ‫ص����در يف ‪ 6‬نوفم��ب�ر ‪ 1951‬قان����ون االنتخاب‬ ‫متضمن����اً املبادئ و القواعد التقليدية املنظمة‬

‫عبد الرازق املرتضي‬

‫الختيار أعضاء اهليئة التشريعية “الربملان”‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬إن مبدأ التوافق حيكم‪ ،‬إعداد الدستور‪،‬‬ ‫و ذل����ك ما تش��ي�ر إليه ممارس����ات ال����دول وما‬ ‫تش����تد املطالبة به هذه األي����ام يف دول اجلوار‪.‬‬ ‫و ميت����د ذلك إىل اهليئ����ة التأسيس����ية املكلفة‬ ‫بوض����ع الدس����تور‪ ،‬تش����كيلها ً‬ ‫بداية ث����م منهج‬ ‫عمله����ا و قواع����د إجراءاتها ال��ت�ي تضعها هذه‬ ‫اهليئة نفس����ها‪ .‬و مما ميليه إعم����ال هذا املبدأ‪،‬‬ ‫اإلميان املس����بق بوج����ود اآلخر و اكتش����افه و‬ ‫َج َع ْل َن ُ‬ ‫اك ْم ُش���� ُعوبًا‬ ‫التعرف عل����ى ما يري����د “و َ‬ ‫َو َق َبا ِئ� َ‬ ‫���ل ِل َت َعا َر ُف����وا”‪ .‬بذلك حيل التواصل و‬ ‫التق����ارب و حتقي����ق املصلح����ة الوطني����ة‬ ‫املش��ت�ركة حم����ل التنافر و نزع����ة االنكفاء و‬ ‫اإلقص����اء‪ .‬ما أحوجنا إىل االبتعاد عن جتييش‬ ‫مصطلحات و أوصاف متس النس����يج الوطين‬ ‫و تشوش دون مربر على احلراك الصادق‪.‬‬ ‫إن التوس����ع يف التوزي����ع احلقيقي للس����لطة و‬ ‫الث����روة و تقري����ب القرار من م����كان تنفيذه و‬ ‫إنتاج����ه من القاع����دة و ليس م����ن القمة‪ ،‬يُع ّد‬ ‫من أهم أسس الدول املعاصرة‪ .‬ذلك ما تعتربه‬ ‫ً‬ ‫وسيلة هامة للحفاظ على الوحدة‬ ‫دول اليوم‬ ‫و س����يادة الدول����ة و تقلي����ص بريوقراطيتها و‬ ‫ً‬ ‫خدمة‬ ‫تذويب التجاذب����ات و حماربة اإلقصاء‬ ‫لتنمي����ة اقتصادي����ة و اجتماعي����ة متوازن����ة و‬ ‫مس����تدامة‪ .‬و م����ا زال يس����تقطب ه����ذا التوجه‬ ‫اهتماماً متزاي����داً يف خمتلف الدول‪ ،‬بل تبنته‬ ‫دساتريها و تشريعاتها الوطنية‪.‬‬ ‫ثالث����اً‪ :‬لق����د ع����ادت بع����ض مناقش����ات الي����وم‬ ‫لدس����تور‪1951‬؛ لل��ت�راث الدس����توري اللييب‪،‬‬ ‫ع����ود ًة يفرضه����ا عل����م التاري����خ و مقتضيات‬ ‫متكني األحفاد من احلصول على معرفة من‬ ‫األسالف‪ .‬و من البديهي أن هذه العودة تتعلق‬ ‫نصوص و أش����كال كانت‬ ‫���كار و قي����م قبل‬ ‫ٍ‬ ‫بأف� ٍ‬ ‫ً‬ ‫نت����اج وقتها و مناس����بة يف حينها و قد ال تكون‬ ‫كذلك اليوم‪.‬‬ ‫لقد درس هذا الرتاث ش����اه ٌد من أهله‪ ،‬حضر‬ ‫و س����اهم بفعالي����ة و حكم����ة يف والدة الدولة‬ ‫الليبي����ة الدس����تورية األوىل‪ ،‬و ه����و اهلولندي‪،‬‬ ‫الس����يد أدري����ان بيلت‪ /‬مندوب األم����م املتحدة‬ ‫يف ليبيا‪ ،‬يف كتاب نشر سنة ‪ 1970‬و اشتمل‬ ‫عل����ى (‪ )1016‬صفح����ة موزع����ة عل����ى (‪)9‬‬ ‫فصول‪ ،‬و محل عنوان‪:‬‬ ‫استقالل ليبيا و األمم املتحدة‪ :‬حالة تصفية‬ ‫استعمار خمططة‬ ‫‪Libyan Independence and‬‬ ‫‪the United Nations: A case of‬‬ ‫‪planned Decolonization‬‬ ‫و أُر ِفق بـالكتاب “‪ ”114‬وثيقة تناولت جوانب‬ ‫عدي����دة ذات أهمي����ة للجهود الليبي����ة الراهنة‬ ‫املتعلق����ة بإع����داد الدس����تور الي����وم‪ .‬و ال يتوفر‬ ‫هذا الكتاب يف املكتبات التجارية و إن توفر يف‬ ‫بعض املكتب����ات اجلامعي����ة‪ .‬و يتضمن الكتاب‬ ‫ع����دة وقائع و ش����هادات تارخيي����ة هامة حول‬ ‫والدة الدولة الليبية الدس����تورية األوىل منذ‬ ‫‪21‬نوفم��ب�ر ‪ 1949‬عندما أصدرت اجلمعية‬ ‫العامة لألمم املتحدة قرارها رقم ‪)IV( 289‬‬ ‫القاضي باستقالل ليبيا‪ ،‬كأول دولة حتصل‬ ‫على اس����تقالهلا من خ��ل�ال األم����م املتحدة‪ .‬و‬ ‫نص القرار على أال يتأخر هذا االستقالل عن‬ ‫–واضع����اً اآلباء املؤسس��ي�ن‬ ‫أوّل يناي����ر ‪ِ 1952‬‬ ‫أمام حت���� ٍد زمين كبري‪ .‬و تنفي����ذاً هلذا القرار‬ ‫مت التنظي����م اإلداري ملهام بناء الدولة و إعداد‬


‫‪09‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫الدستور الذي نريد ‪2‬‬ ‫الدس����تور‪ ،‬فق����د عين����ت اجلمعية‬ ‫يف ‪ 10‬ديس����مرب من نفس الس����نة‬ ‫الس����يد أدريان بلت مندوباً لألمم‬ ‫املتح����دة يف ليبي����ا‪ ،‬و مت تش����كيل‬ ‫جمل����س يق����دم له املش����ورة مسي‬ ‫مبجل����س األمم املتح����دة اخلاص‬ ‫بليبي����ا؛ “جمل����س العش����ر”‪ .‬و قد‬ ‫ض����م اجملل����س ممثل��ي�ن عن س����ت‬ ‫دول و ثالثة ممثلني عن املناطق‬ ‫الرئيس����ية و مم ّثل ع����ن األقل ّيات‪،‬‬ ‫عينه����م املن����دوب بع����د استش����ارة‬ ‫الس����لطات اإلداريّة و الشخص ّيات‬ ‫القياد ّي����ة و مم ّثل����ي األح����زاب‬ ‫السياس ّية و ّ‬ ‫املنظمات‪.‬‬ ‫تب����ع ذل����ك تش����كيل أجه����زة أو‬ ‫جلان إعداد الدس����تور‪ ،‬و بدأ ذلك‬ ‫باللجن����ة التحضريي����ة “جلن����ة‬ ‫الواحد و العش����رين”‪ ،‬فاجلمعية‬ ‫الوطني����ة التأسيس����ية “جلن����ة‬ ‫الس����تني” ال��ت�ي ش����كلت جلنت��ي�ن‪:‬‬ ‫“جلن����ة الدس����تور”‪ ،‬و ش����كلت من‬ ‫داخل هذه اللجنة “جلنة العمل”‬ ‫و هي اليت قامت بوضع الدس����تور‬ ‫مسرتش����د ًة بأحكام دس����اتري دول‬ ‫عدي����دة و بآراء خربات قانونية‬ ‫عربية و دولية رفيعة حتى أنهت‬ ‫أعماهل����ا‪ .‬و يف ‪ 7‬أكتوب����ر ‪1951‬‬ ‫صدر الدستور من قبل اجلمعية‬ ‫التأسيس����ية الوطنية‪ ،‬و بعد ذلك‬ ‫حبوال����ي ش����هر‪ ،‬و يف ‪ 6‬نوفم��ب�ر‬ ‫‪ 1951‬ص����در قان����ون االنتخ����اب‬ ‫و مت تنفي����ذه و ُش� ِّ‬ ‫���كل الربمل����ان و‬ ‫اجتم����ع ألول م����رة يف ‪ 25‬مارس‬ ‫‪ ،1952‬أي بع����د ش����هرين فق����ط‬ ‫م����ن إع��ل�ان االس����تقالل يف ‪24‬‬ ‫ديسمرب‪.1951‬‬ ‫و س����اد تش����كيل جمم����ل ه����ذه‬ ‫األجهزة املس����اواة بني املناطق بعد‬ ‫هج����ر معيار ع����دد الس����كان نظراً‬ ‫الختالف هذا الع����دد من منطقة‬ ‫إىل أخرى‪ .‬و فيما خيص طريقة‬ ‫وحظ صعوبة‬ ‫اختي����ار األعض����اء ُل ِ‬ ‫االنتخاب يف الظروف القائمة‪ ،‬و‬ ‫مت االتفاق عل����ى اللجوء للتعيني‪،‬‬ ‫و ذلك بآلية مشلت اختيارهم من‬ ‫قبل قيادات سياس����ية و اجتماعية‬ ‫و دينية حمددة‪.‬‬ ‫و تظه����ر تفاصي����ل م����داوالت‬ ‫ه����ذه األجه����زة و ط����رق أدائه����ا‬ ‫ملهامه����ا‪ ،‬كم����ا تناولته����ا وثائ����ق‬ ‫األمم املتحدة و س����ردها كتاب‬ ‫الس����يد أدري����ان بيل����ت‪ ،‬إص����رار‬ ‫اآلب����اء املؤسس��ي�ن على بن����اء دولة‬ ‫دستورية حديثة رغم حمدودية‬ ‫الزمن املتاح و ضخامة التحديات‪.‬‬ ‫ُقرأ‬ ‫لقد ِقيل بأن تاريخ الش����عوب ي َ‬ ‫م����ن خالل دس����اتريها‪ ،‬و س����جلت‬ ‫اجنازات اآلباء صفحات مش����رقة‬ ‫���ة بالقي����م‬ ‫م����ن تارخين����ا حافل� ٍ‬ ‫الوطنية الراقية و بس����عة األفق و‬ ‫االستعداد للحوار و قبول احللول‬ ‫التوفيقي����ة‪ .‬و ُت ِّوج����ت جهوده����م‬ ‫بالتوصل يف زمن قياسي لدستور‬ ‫توافقي يدرجه الفقه الدس����توري‬ ‫ضمن أكثر الوثائق الدس����تورية‬ ‫تكام ً‬ ‫ال و تقدم����اً‪ ،‬و هو الذي تبنى‬

‫من����ذ م����ا يزيد عن نص����ف قرن‪ ،‬و‬ ‫ألول م����رة يف ال����دول املس����تقلة‪،‬‬ ‫أح����كام اإلع��ل�ان العامل����ي حلقوق‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫و يبق����ى لألحفاد دراس����ة التاريخ‬ ‫و النظر يف اس����تخالص الدروس‬ ‫و الع��ب�ر م����ن أعم����ال و جت����ارب‬ ‫قدّمت درس����اً متميزاً يف التس����وية‬ ‫السياسية‪ ،‬الس����يما و قد تشابهت‬ ‫الظ����روف ال��ت�ي حكم����ت ه����ذه‬ ‫األعمال مع ظروف اليوم‪:‬‬ ‫فاحلي����اة السياس����ية الليبي����ة ما‬‫زال����ت على حاهل����ا إىل حد كبري‪.‬‬ ‫لقد كش����ف الس����يد أدريان بيلت‬ ‫يف الفص����ل الس����ابع م����ن كتاب����ه‬ ‫عند تن����اول م����ا يس����ميه بصناعة‬ ‫الدستور “دستور ‪ ”1951‬كيف‬ ‫���مح قط للشعب اللييب‬ ‫أنه مل يُس� َ‬ ‫حتى ذل����ك الوقت باكتس����اب أي‬ ‫جترب����ة عملي����ة يف حك����م نفس����ه‬ ‫بنفس����ه‪ .‬و من الواض����ح أن فرص‬ ‫ه����ذا االكتس����اب ق����د نس����فت‬ ‫بالكام����ل بع����د وص����ول الق����ذايف‬ ‫للس����لطة‪ ،‬و هو الذي صادر الرأي‬ ‫السياس����ي اآلخر بل أدرجه ضمن‬ ‫أش����د اجلرائ����م خط����ور ًة؛ “م����ن‬ ‫حتزب خان”‪.‬‬ ‫و خريط����ة الرتكيب����ة‬‫االجتماعي����ة الليبي����ة مل تتغ��ي�ر‪،‬‬ ‫إن مل تتعم����ق‪ ،‬نتيج����ة سياس����ات‬ ‫التهمي����ش ال��ت�ي اعتمده����ا نظ����ام‬ ‫ألق����ذايف‪ ،‬و مازال����ت أساس����يات‬ ‫تقدي����رات نس����ب توزي����ع الس����كان‬ ‫س� ً‬ ‫���ارية كم����ا أعدته����ا اللجن����ة‬ ‫الفنية لألمم املتحدة خالل إعداد‬ ‫دستور ‪1951‬‬ ‫و م����ا زال حت����دي الزم����ن ال����ذي‬‫واجه����ه اآلباء قائم����اً‪ .‬لقد أحدثت‬ ‫ث����ورة ‪ 17‬فرباي����ر تغرياً سياس����ياً‬ ‫هام����اً يقتضي س����رعة التقنني‪ .‬و‬ ‫إن كان صحيحاً أنه ال مصلحة‬ ‫يف س����يطرة مالبس����ات الس����اعة‬ ‫عل����ى صناع����ة الدس����تور‪َّ ،‬‬ ‫إال أن‬ ‫إطال����ة م����دة الف��ت�رة االنتقالي����ة‬ ‫الراهن����ة تتضمن خماط����ر النيل‬ ‫من األه����داف السياس����ية الكربى‬ ‫للث����ورة و مقتضي����ات حتقي����ق‬ ‫استقرار البالد يف أقرب وقت‪.‬‬ ‫و م����ا زال����ت ف����رص االس����تفادة‬‫ً‬ ‫متاحة‪ ،‬و كما‬ ‫من األمم املتحدة‬ ‫استفاد اآلباء من املنظمة يف إطار‬ ‫مجعيته����ا العام����ة‪ ،‬فإن����ه بإم����كان‬ ‫صناع الدس����تور اجلدي����د حتقيق‬ ‫الكثري بفضل وج����ود بعثة لألمم‬ ‫املتح����دة يف ليبي����ا تعم����ل يف إطار‬ ‫جملس األمن‪.‬‬ ‫و ما زال����ت ُتع َل����ن ذات املرتكزات‬‫األساس����ية للدولة و دس����تورها‪ .‬و‬ ‫مبنهجية‬ ‫يذكر م����ا يُقال الي����وم‬ ‫ٍ‬ ‫تبنته����ا اجلمعي����ة الوطني����ة‬ ‫التأسيس����ية لدس����تور ‪ ،1951‬أال‬ ‫و ه����ي كتاب����ة دس����تور منوذجي‬ ‫يتف����ق مع م����ا هو س����ائد يف العامل‬ ‫املتحضر‪.‬‬

‫الدستور و العنف‬ ‫عبداهلل هارون‬

‫كما ُت ِد ُ‬ ‫ين ُتداَن ‪!!! ....‬‬

‫يف الف�ت�رة م���ا ب�ي�ن التجرب���ة العراقي���ة و الثورة‬ ‫التونس���ية تنامى ش���عور عام بني العرب باستهجان‬ ‫التغيري بالعنف و من ثم استهجان أطروحة تنظيم‬ ‫القاعدة يف التغيري ‪ ،‬و كان اليمنيون أول من ختلى‬ ‫عن ه���ذه األطروحة رغ���م التواجد الق���وي لتنظيم‬ ‫القاع���دة يف اليم���ن ‪ ،‬و بنج���اح الثورة التونس���ية ثم‬ ‫الث���ورة املصري���ة تأك���د لليمنيني و للع���رب عامة‬ ‫س���قوط تلك األطروحة و لكن تب�ن�ي الثورة الليبية‬ ‫آللي���ة التغي�ي�ر بالعن���ف أع���اد االعتب���ار ألطروحة‬ ‫القاع���دة و َّ‬ ‫ب���ث فيه���ا احلي���اة مم���ا جعل الس���وريني‬ ‫خيت���ارون النموذج اللي�ب�ي كنموذجهم املفضل من‬ ‫ب�ي�ن كل الث���ورات ‪ ،‬و هك���ذا افتتح الليبي���ون حقبة‬ ‫ش���به ما كان يف‬ ‫دموي���ة جديدة م���ن تاريخ العرب ُت ِ‬ ‫العص���ور اخلوالي ‪ ،‬و لو اقتصر األمر على هذا لصار‬ ‫باإلم���كان جتاوز ما حدث و لك���ن األنكأ من ذلك هو‬ ‫ه���ذا االحتف���ال اإلعالمي بع���رس ال���دم و حماولة‬ ‫تقدمي���ه باعتباره الس���يناريو الوحيد املمكن للتغيري‬ ‫بل باعتباره الس���يناريو األفض���ل و األمجل و األروع‬ ‫و الني���ة قائمة إلحي���اء كل ما ح���دث يف احتفاالت‬ ‫سنوية باذخة بالفخر و األناشيد‪ .‬فماذا يعين هذا؟‬ ‫يع�ن�ي أن التغيري باس���تخدام العن���ف أمر مباح بل‬ ‫جدي���ر بالتقدير و االح�ت�رام و هذا ب���دوره يعين أن‬ ‫من ِّ‬ ‫ح���ق أي فريق أو تيار يف ليبيا أن حيتكم للعنف‬ ‫مستقبال للوصول إىل أهدافه و أن نسقى مرارا من‬ ‫نفس الكأس اليت جترعها القذايف ‪ ،‬س���يقول البعض‬ ‫‪ :‬كال لي���س من ح���ق أي تيار االحتكام الس���تخدام‬ ‫العنف مس���تقبال و س���وف ين���ص يف الدس���تور على‬ ‫جتري���م اللج���وء للعن���ف ‪ ،‬أق���ول ‪ :‬ميكن قب���ول هذا‬ ‫فق���ط إذا انتقدنا اللجوء للعن���ف يف املاضي أيضا ‪ ،‬و‬ ‫مب���ا أن اخلطاب اإلعالمي و الثقايف الس���ائدين اآلن‬ ‫ميج���دان ما حدث يف ث���ورة ‪ 17‬فرباير من محام دم‬ ‫وصل فيه مع���دل القتل بني أبناء الوطن الواحد إىل‬ ‫أرقام قياسية فإن النص على جتريم اللجوء للعنف‬ ‫يف املس���تقبل ال يكفي إطالقا و س���وف ميثل تناقضا‬ ‫مع هذي���ن اخلطابني الس���ائدين و من ث���م فإن هذا‬ ‫التجريم املفرتض يف الدس���تور املنش���ود سوف يظل‬ ‫ح�ب�را على ورق ‪ ،‬إن من أخطر ما يرتدد اآلن مقولة‬ ‫‪( :‬ه���ذه الدميقراطي���ة عمدت بال���دم ‪ ،‬يقصد بالدم‬ ‫الناتج عن العنف املتبادل طبعا) و نس���ى من يرددها‬

‫أن ما يكتس���ب به���ذا النوع من الدم قابل ألن يس���لب‬ ‫بالكيفية ذاتها ‪ ،‬و إن ذلك يعين أن نس���تمر يف العوم‬ ‫يف حبر الدم إىل األبد‪.‬‬

‫ما أشبه الليلة بالبارحة ‪!!! ...‬‬

‫أدى س���قوط الق���ذايف بالكيفية ال�ت�ي رأيناها إىل‬ ‫متتع فئة م���ن الليبيني بامتي���ازات مادية و معنوية‬ ‫معين���ة ‪ ،‬هؤالء س���يقاومون ما تطرح���ه هذه الورقة‬ ‫بق���وة حفاظا على امتيازاتهم تلك و س���وف يصرون‬ ‫عل���ى متجيد ما حصل و االحتف���ال به و يصرون يف‬ ‫الوقت نفسه على جترميه مستقبال و منع اآلخرين‬ ‫م���ن تكراره ‪ ،‬و ه���ذا بالضب���ط ما وقع م���ع القذايف‪:‬‬ ‫فلقد ج���اء للحكم بانقالب عس���كري و ظل حيتفل‬ ‫س���نويا بذك���رى ذلك االنق�ل�اب و ي���روي قصته و‬ ‫يك���رم من ش���اركوه في���ه و مينحهم االمتي���ازات و‬ ‫املناص���ب و مع ذل���ك نكل بكل من فك���ر حتى جمرد‬ ‫التفكري يف تقليده و إعادة ما فعله بانقالب عسكري‬ ‫آخ���ر ‪ ،‬تكم���ن املش���كلة إذن يف التناق���ض النات���ج عن‬ ‫حتليل الوس���يلة لنفس���ك و حترميها على اآلخرين‬ ‫‪ ،‬و االحتفال بالوسيلة يتعارض مع جترميها‪.‬‬ ‫و كم���ا أن الق���ذايف ق���د عب���ث بالقاموس فس���مى‬ ‫االنقالب ثورة فإن من س���اهم يف إسقاطه قد وقعوا‬ ‫يف اخلطأ نفسه ‪ ،‬فسموا احلرب األهلية ثورة أيضا‪.‬‬

‫و مثة أسئلة تتبادر للذهن ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ���ـ إالم يس���تمر االحتف���ال مب���ا ح���دث يف ليبيا؟‬ ‫لس���نتني أو لثالث أو لعش���ر أو لعشرين ؟ أم حيتفل‬ ‫به لقرون كاحتفال الربوتستانت بانتصارهم على‬ ‫الكاثولي���ك يف أيرلن���دا الش���مالية؟ مم���ا ي���ؤدي إىل‬ ‫صدامات س���نوية ب�ي�ن الطائفت�ي�ن ُت َّذكر مبا كان‬ ‫ذكر‬ ‫يف الق���رون اخلوالي م���ن عنف و ختل���ف؟ و ُت ِ‬ ‫مبا حي���دث بني الس���نة و الش���يعة اآلن على خلفية‬ ‫كربالء؟‬ ‫‪ 2‬ـ���ـ ه���ل ميكن فتح صفح���ة املس���تقبل فيما تظل‬ ‫صفحة املاضي مفتوحة؟‬ ‫‪ 3‬ـ���ـ ه���ل ميكن م���دح العنف يف املاض���ي و جترميه‬ ‫يف املس���تقبل ؟ أي مدح���ه يف اإلع�ل�ام و جترميه يف‬ ‫الدستور؟‬ ‫ال يستقيم إطالقا هذا التلهف على وضع دستور‬ ‫س���وف ينص فيه حتما على من���ع العنف و جترميه‬ ‫م���ن جهة و ه���ذا التغين حبم���ام الدم و ه���ذا العنف‬


‫‪10‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫الدستور الذي نريد ‪2‬‬

‫ال���ذي وقع يف أثن���اء الث���ورة من جه���ة أخرى ‪،‬‬ ‫أي ال يس���تقيم االحتفال بالعنف مع جترميه ‪،‬‬ ‫مبعنى آخر إذا كان احتفال اليمين أو املصري‬ ‫أو التونس���ي بثورته ال يتعارض مع النص على‬ ‫جتريم العنف يف دس���توره فإن الوضع بالنسبة‬ ‫للي�ب�ي خيتل���ف و علي���ه أن يتخل���ى ع���ن أح���د‬ ‫األمرين ‪ :‬إما االحتفال أو جتريم العنف‪.‬‬

‫مقارنة أخـــــــــــرى ‪:‬‬ ‫من املقارنة الس���ابقة رأينا تش���ابه بل تطابق‬ ‫م���أزق معمر الق���ذايف مع مأزق الث���ورة الليبية‬ ‫من حي���ث حتليل الوس���يلة للنفس و حترميها‬ ‫عل���ى اآلخر ‪ ،‬و هنا مثة مقارن���ة أخرى و لكنها‬ ‫ذات وقع إجيابي ‪ ،‬فباستعراض جتارب التغيري‬ ‫العربية املعاصرة يالحظ أن التجربة العراقية‬ ‫ه���ي أقرب التجارب ش���بها بالتجرب���ة الليبية ‪،‬‬ ‫فق���د اس���تعانت املعارض���ة العراقي���ة يف اخلارج‬ ‫املمثلة لكل أطي���اف اجملتمع بالتدخل األجنيب‬ ‫إلسقاط نظام صدام حسني و كان العراقيون‬ ‫يف الداخ���ل ق���د قدم���وا الكثري م���ن الضحايا يف‬ ‫انتفاضة اجلنوب و يف إقليم كردستان العراق‬ ‫الذي جن���ح بالتمت���ع حبكم ذاتي قبل س���قوط‬ ‫ص���دام بأكث���ر م���ن عش���ر س���نوات ‪ ،‬و يتمث���ل‬ ‫التش���ابه بني التجربت�ي�ن يف جلوئهما للعنف و‬ ‫االس���تعانة باخل���ارج و لكن التجرب���ة العراقية‬ ‫تتمي���ز باقتص���ار العن���ف عل���ى األجن�ب�ي و مل‬ ‫مي���ارس العراقي العنف ض���د العراقي بينما يف‬ ‫التجربة الليبية فقد كان العنف من األجنيب‬ ‫ض���د اللييب و م���ن اللييب ض���د اللي�ب�ي و اختذ‬ ‫طابعا جهويا و مناطقيا‪.‬‬ ‫و إذا كن���ا نالحظ بأن العراقيني مل يتخذوا‬ ‫ي���وم س���قوط صدام و ال ي���وم إعدام���ه و ال يوم‬ ‫دخ���ول بغ���داد عيدا وطني���ا فإن الني���ة معقودة‬ ‫عند الليبيني املنتصرين لالحتفال بكل أحداث‬ ‫الث���ورة ‪ ،‬و إذا كان العراقي���ون مل ميارس���وا‬ ‫العن���ف ضد بعضه���م بعضا و مع ذل���ك رأوا أن‬ ‫ط���ي صفحة ما حدث فنحن و قد‬ ‫من احلكمة ُّ‬ ‫تبادلن���ا العن���ف املناطقي و اجله���وي أحوج من‬ ‫بطي هذه الصفحة‪.‬‬ ‫العراقيني ِّ‬ ‫ثالث خطوات ضرورية قبل كتابة الدستور‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ���ـ جتري���م العن���ف املم���ارس اآلن كامتداد‬ ‫للعن���ف ال���ذي م���ورس يف ث���ورة ‪ 17‬فرباي���ر و‬ ‫املتمثل يف التصفيات و االعتقاالت على اهلوية‬ ‫و يتمث���ل هذا التجريم عملي���ا يف تقليص عدد‬ ‫ه���ؤالء املعتقل�ي�ن إىل أدن���ي ح���د ممك���ن ‪ ،‬تلك‬ ‫ضرورة حقوقية و ضرورة وطنية قد تس���اهم‬ ‫يف ختفيف االحتقان و تتيح هلؤالء املش���اركة‬ ‫يف هذا احلوار حول الدس���تور و مس���تقبل ليبيا‬ ‫عموما بال تهميش و ال إقصاء و يتم االكتفاء‬ ‫إن أمكن بالتحفظ على املقربني جدا فقط من‬ ‫النظام الس���ابق و عددهم بالعش���رات مع توفري‬ ‫حماكمة عادلة و شفافة هلم‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ���ـ انتق���اد العنف ال���ذي مورس م���ن قبل يف‬ ‫أثن���اء الث���ورة و ال���ذي ميك���ن تصنيف���ه حرب���ا‬ ‫أهلي���ة أكث���ر م���ن كون���ه ث���ورة و حماول���ة‬ ‫ط���ي ه���ذه الصفح���ة الدموي���ة م���ن تارخينا ‪،‬‬ ‫إن انتقاد العن���ف الذي وقع أو على األقل الكف‬ ‫مرحليا ع���ن مدحيه هو املقدم���ة الصحيحة و‬ ‫الضروري���ة لتجري���م و من���ع أي عنف حيتمل‬ ‫وقوعه مستقبال ‪ ،‬فأن تقتل جرمية و أن تفاخر‬ ‫بالقتل جرمية أكرب‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ���ـ البحث اجلدي يف الط���رح الفيدرالي فقد‬ ‫تكون الفيدرالية عالجا مرحليا هلذه الش���روخ‬ ‫الدامي���ة يف بني���ة اجملتمع اللي�ب�ي و يتمثل هذا‬ ‫البح���ث يف اس���تفتاء عام عل���ى مس���توى البالد‬ ‫ح���ول تب�ن�ي النظ���ام الفيدرالي ف���إذا رفض مل‬ ‫مينع ذلك من استفتاء خاص بكل إقليم ينجح‬ ‫الفيدرالي���ون فيه يف مجع ع���دد يتفق عليه من‬ ‫التواقيع املطالبة باالستفتاء‪.‬‬ ‫ه���ذه ث�ل�اث خط���وات ضروري���ة م���ن مهم���ة‬ ‫احلكوم���ة القادمة و املؤمت���ر الوطين بدعم من‬

‫خطاب إعالمي مس���ؤول و واع لكتابة الدستور‬ ‫يف الوع���ي ف���إن متت ص���ارت كتابة الدس���تور‬ ‫عل���ى ال���ورق خط���وة ش���كلية و ص���ار باإلمكان‬ ‫االطمئن���ان إىل أن اجلمي���ع س���وف حيرتم هذا‬ ‫الدس���تور املكت���وب ‪ ،‬أم���ا إذا مل يت���م ذلك فليس‬ ‫أمامنا س���وى تبين الدس���تور اجلاهز املكون من‬ ‫مادتني فقط ‪:‬‬ ‫مادة (‪ : )1‬خذ ما تراه حقا لك بالقوة و بالعنف‬ ‫‪ ،‬مادة (‪ : )2‬ال تبحث يف أخالقية الوس���ائل ‪ ،‬أي‬ ‫العربة بالنتائج و ليس���ت بالوسائل ‪ ،‬إنه دستور‬ ‫الغاب اجلميل‪.‬‬ ‫ه���ذا م���ا أردت قول���ه إمجاال يف ه���ذه الورقة‬ ‫و لك���ن ق���د تك���ون مثة حاج���ة إليض���اح بعض‬ ‫اجلوان���ب اليت تناولته���ا بالتلميح ال بالتصريح‬ ‫و م���ن أج���ل ذل���ك فهات���ان كلمتان ق���د تفيان‬ ‫بالغرض ‪:‬‬ ‫أثبتت حركات االحتجاج السلمي فعالية‬ ‫منقطعة النظ�ي�ر و األمثلة على ذلك كثرية ‪،‬‬ ‫فبها اس���تطاعت اهلند التخلص من االستعمار‬ ‫الربيطان���ي و به���ا جن���ح نيلس���ون ماندي�ل�ا و‬ ‫أنص���اره يف إنه���اء نظ���ام التميي���ز العنص���ري‬ ‫العتي���د يف جن���وب أفريقيا ‪ ،‬و به���ا جنح مارتن‬ ‫لوث���ر كين���ج و مناص���روه يف الظف���ر بالكثري‬ ‫من حق���وق الس���ود يف أمري���كا ‪ ،‬و مؤخ���را فقد‬ ‫اس���تخدمت هذه الوسيلة بنجاح يف إسقاط بن‬ ‫علي و مبارك و صاحل‪.‬‬ ‫و أوض���ح األمثل���ة و أدلهّ ���ا عل���ى فعالية هذه‬ ‫الوس���يلة إجب���ار الصهاينة املس���كونني باحلقد‬

‫عدد من سقط من ضحايا يف الثورة الليبية يف‬ ‫مرحلتها الس���لمية القصرية؟ فلماذا مل يفعلوا‬ ‫ما فع���ل الليبيون؟ و لو فعلوا لصار ملبارك و بن‬ ‫علي و ص���احل احلق يف قمعه���م و لظل الثالثة‬ ‫يف السلطة حتى اآلن ‪ ،‬فمن املتوقع من القذايف‬ ‫كما ه���و متوقع يف سويس���را و حت���ى يف دولة‬ ‫ليبي���ا احلالي���ة و م���ن املتوق���ع يف كل م���كان و‬ ‫كل زمان أن يقابل التمرد املس���لح على الدولة‬ ‫مهما كانت طبيعة نظامها بالقمع ‪ ،‬و ملا كان‬ ‫حت���ول الث���ورة الليبية س���ريعا إىل العنف خطأ‬ ‫جس���يما و انتكاس���ة فقد تواىل تداعي األخطاء‬ ‫من االس���تعانة باخلارج إىل اإلسراف يف القتل‬ ‫إىل انتش���ار الس�ل�اح إىل غري ذلك من تداعيات‬ ‫نعلمه���ا مجيع���ا فتحول���ت من ث���ورة إىل حرب‬ ‫أهلية ‪ ،‬و مما يؤكد تصنيف ما حدث و حيدث‬ ‫يف ليبي���ا باحل���رب األهلي���ة توف���ر مخ���س من‬ ‫مساتها على األقل‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ���ـ التمايز اجلهوي ‪ ،‬و جتلى يف اندفاع أبناء‬ ‫املنطقة الش���رقية حنو الغ���رب و اندفاع الكثري‬ ‫من أبن���اء املنطق���ة الغربية يف الل���واء اجملحفل‬ ‫الزاح���ف على بنغ���ازي و يف غريه حنو الش���رق‬ ‫‪ ،‬إن ح���دة الص���راع و دمويت���ه ب�ي�ن كتلت�ي�ن‬ ‫متمايزت�ي�ن جهوي���ا ال ميك���ن تعليلهم���ا حبب‬ ‫معم���ر الق���ذايف و بغض���ه ‪ ،‬فه���ذا التعليل ضيق‬ ‫جدا على مقاس احلدث‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ���ـ الص���راع املناطقي و تصفية احلس���ابات و‬ ‫ه���و مسة أخرى م���ن مسات احل���رب األهلية و‬ ‫يف ضوئه يعلل م���ا حدث بني مصراتة و تاورغا‬ ‫‪ ،‬فالعن���ف الذي مارس���ه التاورغية يف مصراتة‬ ‫ال ميكن تعليله حببه���م للقذايف و إمنا التعليل‬

‫املق���دس عل���ى اس���تقبال ياس���ر عرف���ات (الذي‬ ‫ال ميك���ن اس���تقباله) يف رام اهلل و ه���و املطل���وب‬ ‫التخلص منه إسرائيليا و ما كان هلذا التنازل‬ ‫امل���ؤمل أن حي���دث ل���وال ث���ورة احلج���ارة و اليت‬ ‫أجنزت ما مل تنجزه كل الوسائل العنيفة اليت‬ ‫جربها الفلسطينيون قبل ذلك و بعده‪.‬‬ ‫و بعد كل هذا الرتاث املشرف هلذه الوسيلة‬ ‫ف���إن اللج���وء للعنف حت���ت أي م�ب�رر للوصول‬ ‫مل���ا يراه البع���ض حقوقا يعد انتكاس���ة حقيقية‬ ‫و ع���ودة إىل ال���وراء ‪ ،‬يقودن���ا ه���ذا مل���ا ح���دث يف‬ ‫ليبي���ا حيث مت االنتقال س���ريعا من الس���لم إىل‬ ‫العن���ف ‪ ،‬و حج���ة الثوار يف ذلك أنه���م تعرضوا‬ ‫لعنف من الس���لطة ‪ ،‬فهل كان���ت هذه احلجة‬ ‫مقنع���ة؟ أكان الث���وار يتوقعون أن يس���تقبلهم‬ ‫الق���ذايف بال���ورود و احللوى و ق���د خرجوا عليه‬ ‫يطالبون���ه بالرحي���ل؟ ث���م أال ميك���ن أن يك���ون‬ ‫ذلك العنف الس���تدراجهم للعن���ف؟ و قد وقعوا‬ ‫يف الف���خ بالفع���ل ‪ ،‬أمل يتع���رض املصري���ون و‬ ‫التوانس���ة و اليمني���ون لعنف الس���لطة أيضا؟ ‪،‬‬ ‫أمل تسقط منهم ضحايا تفوق يف عددها بكثري‬

‫املرجح هو تصفية حسابات ألحقاد قدمية يبدو‬ ‫أنها ترسبت يف ال وعيهم على مدى األجيال ‪ ،‬و‬ ‫يف ضوئه أيضا يعلل محاس بعض املدن أكثر‬ ‫من غريها لقصف بين وليد و سرت من الثوار و‬ ‫النات���و ‪ ،‬و هو جرمية بكل املقاييس و القوانني و‬ ‫األعراف ‪ ،‬إذ ال جيوز مطلقا قصف املدن و قتل‬ ‫الن���اس يف بيوتهم ‪ ،‬يتس���اوى يف ذلك مع قصف‬ ‫املدن من قبل كتائب القذايف‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ���ـ ارتفاع معدل القت���ل ‪ ،‬ففي الثورة الليبية‬ ‫و م���ن خ�ل�ال املؤش���رات امللموس���ة ف���إن معدل‬ ‫القت���ل (املع���دل ‪ :‬اليوم���ي ‪ ...‬الش���هري ‪ ،‬و ليس‬ ‫ع���دد القتلى بالضرورة) جت���اوز بكثري نظائره‬ ‫يف لبنان و أفغانس���تان و الصومال و هي حروب‬ ‫أهلي���ة ب�ل�ا خ�ل�اف ‪ ،‬و م���ن املفارق���ات املؤملة أن‬ ‫يتمخض عما حدث وجود الجئني و مل يس���مع‬ ‫عن ث���ورة ت���ؤدي إىل اللج���وء اجلماع���ي داخل‬ ‫الوطن‪.‬‬ ‫‪ 4‬ــ االس���تعانة باخلارج و هذه مسة بارزة من‬ ‫مسات احلروب األهلية ال الثورات‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ���ـ مث���ة حاجة لع���دم املفاخرة مب���ا حدث يف‬

‫ا َأل ْو َ‬ ‫ىل يف الثورة‪ ..‬السلمية ‪:‬‬

‫املس���تقبل إذا أردن���ا احلفاظ على احل���د األدنى‬ ‫م���ن الوح���دة الوطني���ة و حتى ال تن���كأ اجلراح‬ ‫‪ ،‬و مث���ة حاج���ة لربوز خط���اب إعالمي و ثقايف‬ ‫قد يتجل���ى يف قوانني و ق���رارات متنع التطرق‬ ‫ملا حدث و تدعو لنس���يانه ‪ ،‬و هذه احلاجة مسة‬ ‫أخرى من مسات احلرب األهلية‪.‬‬ ‫و مل يقتص���ر األم���ر عل���ى مديح م���ا حدث يف‬ ‫ليبي���ا ب���ل جتلى يف دع���م ومبارك���ة رمسية و‬ ‫إعالمية لتوجه الشباب اللييب للقتال يف سوريا‬ ‫‪ ،‬حي���ث اجتم���ع كل عش���اق العن���ف (و العنف‬ ‫املق���دس) عرب���ا و أجانب يف ما يش���به الرغاطة‬ ‫أو الفزعة إلس���قاط النظام يف سوريا ‪ ،‬و بغض‬ ‫النظ���ر عن موقفن���ا من هذا النظ���ام فما يعنينا‬ ‫هو ما س���وف يرتتب حمليا عن مباركة خطوة‬ ‫من هذا النوع من تداعيات ‪ ،‬فس���واء أجنح هؤالء‬ ‫الش���باب مع بقية الرغاطة يف حتقيق مهمتهم‬ ‫أو تأك���د إخفاقهم فإن م���ن احملتمل أن تنتقل‬ ‫ه���ذه الرغاط���ة الحقا إىل ليبي���ا إلقامة احلكم‬ ‫الذي يتناس���ب مع توجهاته���ا ‪ ،‬فإذا قيل هلم ‪ :‬ال‬ ‫داعي للعنف ‪ ،‬لكم احلق يف التظاهر الس���لمي ‪،‬‬ ‫فسوف يردون بأنكم أنتم أنفسكم مل حتبذوه و‬ ‫مازلت���م متتدحون العنف و الدم إىل اآلن ‪ ،‬و إذا‬ ‫قي���ل هلم ‪ :‬لنحكتم لصندوق االقرتاع ‪ ،‬ردوا بأن‬ ‫الدميقراطية كفر و أنتم أنفسكم مل تقرتحوا‬ ‫االحت���كام إليه للتخلص من القذايف ‪ ،‬و إذا قيل‬ ‫هلم ‪ :‬ال تس���تعينوا باخلارج قالوا ‪ :‬أمل تستعينوا‬ ‫أنتم أنفس���كم باخلارج؟ ثم أمل تباركوا ذهابنا‬ ‫لنصرة السوريني ضد النظام احلاكم؟ فلماذا‬ ‫ال تبارك���ون قدومه���م و غريه���م لنصرتن���ا؟ ‪،‬‬ ‫إن���ه مأزق حقيقي ال خم���رج منه إن كان مثة‬ ‫خم���رج إال بالك���ف ع���ن مدي���ح منه���ج التغيري‬ ‫بالعن���ف و الكف عن االحتفال به و الش���روع يف‬ ‫انتقاده ماضيا و حاضرا و مستقبال‪.‬‬ ‫الثانية يف الفيدرالية‪!!!!!...‬‬ ‫من املهم و من املطلوب دميقراطيا أن يسأل‬ ‫الش���عب عن رأيه يف الفيدرالية و ال حيق ألحد‬ ‫دميقراطي���ا أن يتحدث باس���م الش���عب ليقول ‪:‬‬ ‫(ال داعي لس���ؤال الش���عب فأنا متأك���د أو لدي‬ ‫إحس���اس ب���أن الليبي�ي�ن ال يرغب���ون يف النظام‬ ‫الفيدرال���ي!!) ‪ ،‬و يك���ون هذا الس���ؤال باس���تفتاء‬ ‫ع���ام ثم باس���تفاءات خاص���ة إذا دع���ت احلاجة‬ ‫بينا س���ابقا ‪ ،‬و هو (أي االس���تفتاء) إجراء‬ ‫كم���ا َّ‬ ‫ال ترتتب عليه أية أضرار‪ ،‬بل هو لقطع الش���ك‬ ‫باليقني يف حالة الرفض و ال تعود للفيدراليني‬ ‫أية حجة يف ممارسة العنف أو عرقلة العملية‬ ‫الدميقراطية‪.‬‬ ‫و مما يربر الدعوة إىل الفيدرالية أنها ‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ���ـ قد تك���ون عالج���ا مرحليا هلذه الش���روخ‬ ‫املناطقية‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ���ـ قد تك���ون محاية من س���قوط ليبيا دفعة‬ ‫واحدة حت���ت أي حكم مس���تبد ‪ ،‬فالذي���ن ألغوا‬ ‫النظ���ام الفيدرال���ي يف ليبيا ع���ام ‪ 1963‬قدموا‬ ‫ليبيا بوع���ي أو بدونه ملعمر الق���ذايف على طبق‬ ‫من ذهب‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ���ـ تتيح مزيد من احلرية بتباين الدس���اتري‬ ‫و القوان�ي�ن اخلاصة بالوالي���ات مما يطرح أمام‬ ‫املواطن اختي���ارات عديدة ‪ ،‬فيحتكم للدس���تور‬ ‫أو للقان���ون ال���ذي يناس���به حت���ى و إن كان‬ ‫لوالي���ة أخرى و قد ينتقل من والية إىل أخرى‬ ‫يفضل دستورها و قوانينها‪.‬‬ ‫و هن���اك فوائ���د أخ���رى منها توف�ي�ر الفرص‬ ‫للطاحمني ملمارسة القيادة و العمل السياسي و‬ ‫توفري الفرص لتكوين قيادات إدارية و سياسية‬ ‫يت���م االس���تفادة منه���ا عل���ى مس���توى الدول���ة‬ ‫االحتادية ‪ ،‬كما أنها قد توفر جوا من التنافس‬ ‫اخلالق بني الواليات و تساهم يف التخفيف من‬ ‫الشعور باهليمنة اجلهوية إن وجد‪.‬‬ ‫و يف كل األحوال ميكن بالطرق الدستورية‬ ‫و الدميقراطي���ة الرتاجع عن النظام الفيدرالي‬ ‫يف أي وقت كما حدث يف املاضي‪.‬‬


‫‪11‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫الدستور الذي نريد ‪2‬‬

‫الطريق حنو الدستور‬ ‫احلوار الوطين ‪،‬الصياغة‪ ،‬ثم االستفتاء‬ ‫أو ً‬ ‫ال – احلوار الوطين‪:‬‬ ‫حنسب أنه ال خيتلف اثنان على أن صياغة‬ ‫الدستور هي مرحلة ينبغي أن تكون تالية‬ ‫ملرحلة أوىل تس���بقها ومتهد هلا‪ ،‬وال معنى‬ ‫لوج���ود التالي���ة ب���دون األوىل‪ .‬وذل���ك أن‬ ‫الصياغة يف حد ذاتها تفرتض وجود شيء‬ ‫ي���راد أن يص���ب يف قال���ب لغ���وي يعرب عنه‬ ‫وينقله إىل اآلخرين‪ ،‬ومن ثم فإن املرحلة‬ ‫األوىل‪ ،‬أو اخلط���وة األوىل يف الطري���ق‬ ‫حن���و الدس���تور‪ ،‬جي���ب أن تك���ون االتف���اق‬ ‫عل���ى املضم���ون ال���ذي ي���راد أن تع�ب�ر عنه‬ ‫الصياغ���ة وتنقله‪ .‬ونقصد به���ذا املضمون‬ ‫املبادئ األساس���ية‪ ،‬واخليارات السياس���ية‪،‬‬ ‫والتوجه���ات الفكري���ة واالجتماعي���ة اليت‬ ‫يتفق الليبيون مجيعاً على اعتمادها أسساً‬ ‫لبنيان دولتهم اليت يريدون تأسيسها ‪..‬‬ ‫وال ش���ك أن التواف���ق ح���ول تفاصي���ل هذا‬ ‫املضمون هي املس���ألة األخط���ر واألصعب‬ ‫واألوىل بالعناي���ة والتقدي���م‪ .‬وم���ن ث���م‬ ‫يتحتم علينا أن نضعها يف مقدمة القضايا‬ ‫اليت نعكف على مناقشتها واحلوار حوهلا‪،‬‬ ‫حوارا علمياً موسعاً‪ ،‬حتى تتبني لنا مالمح‬ ‫تلك اخليارات والتوجهات اليت متيل إليها‬ ‫غالبي���ة معت�ب�رة م���ن املواطن�ي�ن‪ ،‬تك���ون‬ ‫كفيل���ة عل���ى حن���و م���ا بتغلي���ب احتمال‬ ‫أن حتظ���ى بتأيي���د أغلبي���ة الناخبني حني‬ ‫تع���رض عليهم ضم���ن صياغة الدس���تور‬ ‫ال���ذي س���وف يتن���ادون لالس���تفتاء علي���ه‬ ‫باملوافقة أو الرفض‪.‬‬ ‫ه���ذه املرحل���ة األوىل ه���ي م���ا نس���ميها‬ ‫(مرحلة احلوار الوطين)‪ ،‬ونقرتح أن تكون‬ ‫يف صلب املهام اليت س���وف تكلف بها جلنة‬ ‫إعداد الدستور‪ ،‬وأن توضع يف االعتبار عند‬ ‫اختاذ القرار بشأن تشكيل هذه اللجنة من‬ ‫حي���ث ع���دد أعضائها ونوعه���م‪ ،‬مبعنى أن‬ ‫يؤخذ يف االعتبار اختيار قس���م من أعضاء‬ ‫ه���ذه اللجنة من أولئك الذين يرجح أنهم‬ ‫األقدر عل���ى إدارة عملية احل���وار الوطين‬ ‫الش���امل حول الدس���تور‪ ،‬وتك���ون مهمتهم‬

‫املواط���ن‪ ،‬قب���ل دعوت���ه إلب���داء رأي���ه يف‬ ‫صندوق االقرتاع‪.‬‬ ‫‪ 2‬حتدي���د اخلط���ط واآلليات اليت يدار‬‫من خ�ل�ال احل���وار الوطين‪ ،‬ومنه���ا‪ -‬على‬ ‫سبيل املثال‪:-‬‬ ‫أ‪ -‬املطبوع���ات ال�ت�ي تق���دم للمواط���ن‬ ‫العادي معلومات أساس���ية ح���ول املفاهيم‬ ‫واملصطلحات اليت س���وف يت���م تداوهلا يف‬ ‫احل���وار‪ .‬ون���رى أن تصاغ ه���ذه املطبوعات‬ ‫يف لغة بسيطة س���هلة‪ ،‬ومدعمة بالرسوم‬ ‫واألشكال التوضيحية‪ ،‬واألمثلة العملية‪..‬‬ ‫إخل‪ ،‬وتوزع جماناً على أوسع نطاق ممكن‪.‬‬ ‫ب‪ -‬احملاض���رات والندوات وحلقات البحث‬ ‫واحل���وار‪ :‬ونرى أن تش���كل اللجنة من بني‬ ‫أعضائه���ا أو م���ن غريه���م م���ن املختصني‬ ‫فرق عمل‪ ،‬تتحرك حسب خطة مدروسة‬ ‫حبي���ث تص���ل إىل التجمع���ات الس���كانية‬ ‫حيث هي‪ ،‬ومهما كان حجمها‪.‬‬ ‫ج‪ -‬امل���ادة اإلعالمي���ة املوجه���ة لتوعي���ة‬ ‫املواطن�ي�ن ببعض املفاهيم واخلطوات اليت‬

‫داخل اللجنة ما يلي‪:‬‬ ‫‪ 1‬إدارة عملية وطنية ش���املة للتوعية‬‫باملف���ردات السياس���ية املتصل���ة باخليارات‬ ‫املدني���ة والدس���تورية ال�ت�ي س���وف يدعى‬ ‫املواطن���ون لتحدي���د مواقفه���م منه���ا‪،‬‬ ‫وللح���وار احلر ح���ول هذه اخلي���ارات بني‬ ‫خمتل���ف اآلراء والتوجه���ات والتي���ارات‬

‫س���وف يدعون للمرور بها عند االستفتاء‪:‬‬ ‫مسموعة ومرئية‪.‬‬ ‫د‪ -‬جلس���ات احلوار املس���جلة‪ ،‬اليت تتناول‬ ‫خمتلف القضاي���ا املطروحة‪ ،‬وتعمم على‬ ‫خمتلف التجمعات الس���كانية‪ ،‬والش���رائح‬ ‫املهنية‪ ،‬لعرضها على اجلمهور‪.‬‬ ‫ثانياً – الصياغة‪:‬‬

‫الفكري���ة والسياس���ية‪ .‬ون���رى أن ه���ذا‬ ‫احل���راك ض���روري وحي���وي للرف���ع م���ن‬ ‫مس���توى التهي���ؤ الفك���ري والنفس���ي لدى‬

‫د‪ .‬يونس فنوش‬

‫تواك���ب عملي���ة احل���وار الوط�ن�ي عملية‬ ‫الصياغ���ة‪ ،‬وفيه���ا تعكف جلن���ة الصياغة‬ ‫على وضع املضامني واملعاني واملبادئ اليت‬ ‫تش�ي�ر خمرجات عملي���ة احل���وار الوطين‬ ‫عل���ى توافق غالبية معت�ب�رة من املواطنني‬ ‫حوهلا يف صياغة لغوية وقانونية‪ ،‬حس���ب‬ ‫املتع���ارف علي���ه يف صياغ���ة الدس���اتري‪.‬‬ ‫وحيث إن جزءاً كبرياً من مواد الدس���تور‬ ‫يفرتض مسبقاً أنه لن يكون موضع جدال‬ ‫أو اخت�ل�اف كب�ي�ر بني املواطن�ي�ن‪ ،‬فرمبا‬ ‫تتمكن جلنة الصياغة‪ ،‬كسباً للوقت‪ ،‬من‬ ‫الش���روع فوراً يف صياغة م���واد هذا اجلزء‪،‬‬ ‫قب���ل أن تب���دأ يف اس���تالم نتائ���ج اللجن���ة‬ ‫املكلف���ة بإدارة احلوار الوطين كي تش���رع‬ ‫يف صياغة امل���واد املعتمدة اعتماداً أساس���ياً‬ ‫على خمرجات ذلك احلوار ونتائجه‪.‬‬ ‫ويف ه���ذه املرحل���ة‪ ،‬نرى أنه ق���د يكون من‬ ‫املفيد‪ ،‬حتقيقاً ألكرب قدر من الش���فافية‬ ‫والتواص���ل م���ع املواطنني‪ ،‬الب���دء يف طرح‬ ‫مش���اريع صياغة أولية عل���ى الناس كي‬ ‫تطل���ع عليه���ا‪ ،‬وتش���رع يف إب���داء وجه���ات‬ ‫النظ���ر واملالحظ���ات حوهلا‪ ،‬وإجي���اد آلية‬ ‫مناس���بة الس���تقبال مالحظ���ات الن���اس‬ ‫وآرائهم عرب وس���ائل االتصال اإللكرتونية‬ ‫واإلذاعية وغريها‪.‬‬ ‫وقبل موعد االستفتاء على الدستور بوقت‬ ‫كاف‪ ،‬تط���رح الصياغ���ة النهائي���ة عل���ى‬ ‫اجلمهور مطبوعة يف شكل مناسب‪ ،‬وتوزع‬ ‫على أوس���ع نط���اق ممكن‪ ،‬حبي���ث نضمن‬ ‫وصوهلا إىل كل املواطنني‪ ،‬يف كل بقعة‬ ‫م���ن بقاع الوط���ن‪ ،‬وحيثما يوج���د ناخبون‬ ‫سوف يدعون للمشاركة يف االستفتاء‪.‬‬ ‫ثالثاً – االستفتاء‪:‬‬ ‫وبالطبع س���وف تأت���ي مرحلة االس���تفتاء‬ ‫على الدس���تور تتوجي���اً طبيعياً وسلس���اً ملا‬ ‫تس���فر عنه املرحلت���ان األوليان‪ ،‬وإن كان‬ ‫علينا أن حنس���م قضية يف هذا اخلصوص‬ ‫بالغ���ة األهمية ه���ي‪ :‬هل االس���تفتاء على‬ ‫الدس���تور مجلة واحدة‪ ،‬بـ (نعم) أو (ال)‪ ،‬أم‬ ‫االس���تفتاء عليه جمزأً‪ ،‬أي على كل مادة‬ ‫من مواده على حدة؟‬ ‫وإن���ي أرى أن تبنينا لفكرة احلوار الوطين‬ ‫قبل صياغة الدس���تور ميكن أن يكون ح ً‬ ‫ال‬ ‫أو إجاب���ة عن هذا التس���اؤل‪ ،‬ف���إذا ما متت‬ ‫عملي���ة احل���وار الوط�ن�ي كم���ا أتصورها‪،‬‬ ‫أي وف���ق خط���ة علمي���ة منهجي���ة‪ ،‬تتبنى‬ ‫وتس���تخدم آليات استطالع الرأي املعتمدة‬ ‫املعروف���ة‪ ،‬فلعلن���ا نتمكن م���ن خالل مثل‬ ‫هذه االس���تطالعات أن نتحسس توجهات‬ ‫الغالبي���ة م���ن املواطن�ي�ن يف القضاي���ا اليت‬ ‫س���تكون موض���ع اختالف���ات يف وجه���ات‬ ‫النظر‪ ،‬فنضع يف صياغة الدس���تور اخليار‬ ‫الذي تتجه إليه ه���ذه الغالبية‪ ،‬معتمدين‬ ‫عل���ى ترجي���ح أن ه���ذه الغالبي���ة س���وف‬ ‫تتج���ه العتماد الدس���تور والتصويت عليه‬ ‫باملوافقة‪.‬‬ ‫وس���وف تس���هم عملي���ة احل���وار الوط�ن�ي‬ ‫يف توضي���ح الص���ورة وبلورة ال���رؤى حول‬ ‫ه���ذه اخلي���ارات وإنضاجه���ا‪ ،‬حبيث نصل‬ ‫يف النهاي���ة إىل الصياغ���ة ال�ت�ي تغلب على‬ ‫احلسابات والرتجيحات أنها سوف حتظى‬ ‫مبوافقة األغلبية‪.‬‬

‫قليل من كثري‬

‫مات العبث‪ ...‬عاش العبث‬ ‫أن هذه الفوضى اخل ّ‬ ‫من الواضح ّ‬ ‫القة واملباركة إن شئتم‪ ،‬ستطول‬ ‫وق���د تذهب مبا بقي من أوطان وعقول‪ ،‬لذا أتط ّوع بصفيت عاطال‬ ‫عن احلياة منذ فرتة ليس���ت بالقص�ي�رة‪ ،‬لتقديم بعض الوصفات‬ ‫الواقي���ة م���ن الرغب���ة يف االنتح���ار مث�ل�ا أو االستس�ل�ام للجنون‬ ‫على س���بيل املثال‪ ،‬وذلك‬ ‫مس���اهمة م�ّن�يّ يف إنقاذ‬ ‫ما ميك���ن إنقاذه ‪ ،‬هذا إن‬ ‫مل يك���ن األوان ق���د فات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فج���ل مع���اريف وجرياني‬ ‫وأصدقائي االفرتاضيني‬ ‫كذل���ك يف ملك���وت‬ ‫الفيس���بوك‪ ،‬بدت عليهم‬ ‫عالم���ات ال���زوال ‪ ،‬مث���ل‬ ‫رف���ض الكالم وع���دم ر ّد‬ ‫ّ‬ ‫ل���كأن الع���امل‬ ‫الس�ل�ام‪،‬‬ ‫يدخل أفواج���ا أفواجا يف‬ ‫الذه���ول‪ ،‬وذاك حدي���ث‬ ‫حممد اهلادي اجلزيري‬ ‫يطول‪...‬‬ ‫أيه���ا الناس لن أقول لكم‬ ‫‪ :‬الفوض���ى أمامك���م واألزالم وراءك���م‪ ،‬إذ ال أم���ام لك���م اليوم وال‬ ‫وراء‪ ،‬إ ّنك���م يف قلب الرح���ى وال أخفي عنكم ّ‬ ‫العمة أمريكا تدير‬ ‫أن ّ‬ ‫بهمة وعزم‪ ،‬ولسان حاهلا يقول لكم ‪ :‬كّلكم ثائر وكّلكم‬ ‫الرحى ّ‬ ‫ّ‬ ‫مس���ؤول عن ثورت���ه‪ ،‬فال تدّخروا جه���دا يف التطاح���ن حتى تفنوا‬ ‫مجيع���ا وأعجن هذه اخلارطة العربية كما يش���اء هواي وحبييب‬ ‫املتوحش‪.‬‬ ‫‪ :‬رأس املال ّ‬ ‫ه���ذه هي احل���ال ولكن ال ي���أس مع العب���ث‪ ،‬نعم العب���ث‪ّ ،‬‬ ‫وأؤكد‬ ‫للتحصن بالعبث ‪ ،‬فم���ا حدث إىل ح ّد اآلن‬ ‫م��� ّرة ثالث���ة‪ ،‬أدعوكم‬ ‫ّ‬ ‫م���ن جمازر وأهوال‪ " ،‬يع ّد جناح بعوض���ة يف حافر زرافة " مقارنة‬ ‫باآلت���ي‪ ،‬كم���ا ورد يف كتابي التحذيري العظي���م الذي مس ّيته "‬ ‫ج ّن���ة الذئب " ومل يقرأه إ ّ‬ ‫ال بع���ض البلهاء املؤمنني بالكتابة مثلي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويب���دو ّ‬ ‫س���يظل يع���وي وحي���دا يف جنته حت���ى تنفجر‬ ‫أن الذئ���ب‬ ‫حنجرته ويسيل الدم من فمه املقدّس‬ ‫قد ال يكون حديثي لكم مر ّتبا مثل درس ّ‬ ‫ممل أو وعظ كالسيكي‪،‬‬ ‫وهذا من أفضال العبث الذي اهتديت إليه وربمّ ا سقطت فيه ‪ ،‬وال‬ ‫فرق عندي بني احلالتني ما دامت النتيجة واحدة وهي اخلالص‪،‬‬ ‫نعم اخلالص الذي أدعوكم إليه ‪ ،‬ليس رأفة بكم وال حّبا فيكم ‪،‬‬ ‫بل أل ّني ببساطة أمارس العبث‪ ،‬فأنا أدرك متاما ّ‬ ‫النص لن‬ ‫أن هذا ّ‬ ‫يغيرّ حال قوم مل يغيرّ وا ما بأنفس���هم‪ ،‬ولكن ال بأس من احملاولة‪،‬‬ ‫ب���دل اجللوس أم���ام التلف���از إلحص���اء القتلى وتأثي���ث الذاكرة‬ ‫ّ‬ ‫املتوضئة بالدم‪.‬‬ ‫خبرائب املدن العربية‬ ‫ال ب���أس إذن من احملاولة‪ ،‬وهذه بعض النصائح اجملانية ملن ش���اء‬ ‫منكم أن ينجو بعقله أو ما تب ّقى منه‪:‬‬ ‫ـ���ـ النوم أطول م���دّة ممكنة‪ ،‬فقد ينقذك امل���وت وأنت حتلم بامرأة‬ ‫العمر‪( ،‬مع املعذرة للنس���اء ) ّ‬ ‫ّ‬ ‫عليهن حسب آخر‬ ‫فكل ش���يء حم ّرم‬ ‫الفتاوى اخلليج ّية ‪ ،‬باستثناء الطبخ واإلجناب واملوت طبعا‪.‬‬ ‫ـ���ـ اإلبتس���ام ّ‬ ‫ل���كل من يزع���ق يف وجه���ك‪ ،‬ب���دءا برؤس���اء األحزاب‬ ‫ّ‬ ‫ومرورا بالزوجة واألطفال وانتهاء ربمّ ا جبارك الذي تاب مؤخرا‬ ‫واكتشف أ ّنه مسلم وأ ّنك زنديق‬ ‫ـ���ـ تص ّفح جريدة واحدة طوال حياتك الباقية‪ ،‬واألحس���ن أن تكون‬ ‫صحيف���ة قدمي���ة وال علي���ك فل���ن يفوتك ش���يء‪ :‬فأخب���ار القتل‬ ‫ّ‬ ‫ومكتظة بالسباب وتقاذف‬ ‫متو ّفرة ‪ ،‬وصفحات السياس���ة كثرية‬ ‫الته���م‪ ،‬كما ّ‬ ‫املختص يف الكرة‬ ‫أن صفق���ات بيع الرقيق األبي���ض‬ ‫ّ‬ ‫موج���ودة كذلك‪ ،‬فما كان س���وف يكون ‪ ،‬مل���اذا إذن ال تكتفي مبا‬ ‫كان ‪ ..‬من عبث؟‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ــ املواظبة على ش���رب كل الس���وائل املمكنة واالغتسال بها‪ ،‬لعلها‬ ‫ّ‬ ‫تنظ���ف الكائ���ن م���ن الداخ���ل املتع ّف���ن يوم بع���د ي���وم‪ ،‬وإن كانت‬ ‫املأموريّة شبه مستحيلة‪ ،‬فالوحل أتى على ّ‬ ‫كل شيء يف اإلنسان‬ ‫ــ ليكن شعار املرحلة‪ " :‬مات العبث‪ ...‬عاش العبث " ‪ ،‬وال جدوى من‬ ‫ترديده خارج إطار الذات ‪ ،‬فال جدوى من ذكره للقطيع‬ ‫وآخر ما أختم به ‪ :‬أشهد أ ّني قد بّلغت‬


‫‪12‬‬

‫‪)2012‬‬ ‫أكتوبر‬ ‫‪- ) 75‬‬ ‫العدد (‬ ‫الثانية‬ ‫السنة‬ ‫‪)2012‬‬ ‫أكتوبر‬ ‫‪29 29‬‬ ‫‪/ 23/ 23‬‬ ‫‪( - )( 75‬‬ ‫العدد (‬ ‫الثانية‬ ‫السنة‬

‫فن الراب اللييب ‪ ...‬بيــ‬ ‫يف موس���يقى الراب يتحدث املؤدون عادة عن أنفس���هم‪ ،‬عن استيائهم وغضبهم‪،‬‬ ‫ع���ن فرحه���م وحزنهم‪ ،‬عن مطالبهم كبش���ر يف احلياة‪ ،‬وأيض���ا عن توجهاتهم‬ ‫الدينية‪.‬‬ ‫وحبسب ويكيبيديا املوسيقى ‪ :‬ألراب هو عنصر أساسي يف اهليب هوب والريقي‪،‬‬ ‫ولك���ن هذه الظاهرة كانت موج���ودة قبل ثقافة اهليب هوب بعقود‪ .‬يكمن إلقاء‬ ‫ألراب بوجود اإليقاع أو بدونه “مبا يعرف بالفري ستايل” وبشكل عام فإن صوت‬ ‫املغين أو املغنية ليس هو املعيار إمنا نبضات املوس���يقى نفسها وكلمات األغنية‪.‬‬ ‫من حيث األسلوب‪ :‬فإن الراب يقع يف منطقة رمادية بني الكالم والشعر والنثر‬ ‫والغن���اء‪ .‬وتضي���ف ويكيبيديا أن العص���ر الذهيب لل���راب كان يف الفرتة ما بني‬ ‫أواخ���ر الثمانينات وحتى منتصف التس���عينيات‪ ،‬حيث ش���هدت موس���يقى الراب‬ ‫يف هذه الفرتة تغيريا جوهريا يف اجتاه أس���لوب الراب واالحنراف عن األش���كال‬ ‫القدمي���ة حيث أن���ه يف الثمانين���ات كان الراب يف الغالب يتج���ه إىل الرتاكيب‬ ‫ومركبات القافية البس���يطة‪ ،‬أما التسعينيات فقد حتررت موسيقى الراب من‬ ‫هذه األساسيات وخلقت أمناطاً أكثر كثافة وتعقيدا‪.‬‬

‫ميادين‪ -‬خلود الفالح‬ ‫شباب وطموح‬

‫وعن الراب اللييب وأحالم الش���باب يف تقديم فن‬ ‫يُس���مع صوته ألبعد مدى‪ ،‬يناقش قضايا ويقدم‬ ‫ح�ل�ا بدي ً‬ ‫ً‬ ‫ال‪ ،‬حتاورت مع بعض مغنيي هذا الفن‬ ‫ال���ذي ب���دأ يف ليبي���ا منذ أع���وام ولكن���ه مل يأخذ‬ ‫نصيب���ه من اإلعالم‪ .‬الصعوب���ات كثرية تتعلق‬ ‫بتموي���ل الفرق املوس���يقية‪ ،‬يف ظ���ل اإلمكانيات‬ ‫احمل���دودة حيث مي���ول الفريق نفس���ه بنفس���ه‪،‬‬ ‫إضافة لعدم القدرة على تأجري االس���توديوهات‬ ‫لتس���جيل أغنياتهم وغياب متعه���دي احلفالت‬ ‫وك ٌتاب األغنية‪ .‬الرابر رام���ي لديه فرقة فنية‬ ‫قال‪:‬الراب فن تعبري عن غضب ومشاكل تواجه‬ ‫الش���باب وأيضا يعاجل املشاكل س���واء سياسيا أو‬ ‫اجتماعيا‪ .‬وأضاف رامي الراب يواجه يف انتقادات‬ ‫كثرية وهي نقل احلقيقة عرب الكلمة واللحن‬ ‫وهو لس���ان حال الش���ارع لذلك فان كلماتنا قد‬ ‫ال تروق للبعض‪ .‬وحنن الش���باب يف ليبيا عانينا‬ ‫الكث�ي�ر يف ظل النظام الس���ابق‪ ..‬فكان متنفس���نا‬ ‫الوحي���د هو الراب‪ ،‬لكي نعرب عم���ا بداخلنا‪ .‬وعن‬ ‫أهم موضوعاتهم ق���ال رامي‪ :‬مواضيع كثرية‪..‬‬ ‫منه���ا املخ���درات‪ ،‬األصحاب‪،‬ضي���اع الش���باب‪،‬‬ ‫البطالة وحلم السفر للخارج هربا من الواقع‪.‬‬ ‫ويؤكد رامي الذي انضم إىل جمموعة خاصة‬

‫بفن الراب العام ‪ 2005‬وبدأ يف الغناء بعد عامني‬ ‫من هذا التاريخ أن فن الراب يف ليبيا س���يكون له‬ ‫مستقبل باهر لو دعمت الدولة هذا الفن خاصة‬ ‫وان���ه ميلك قاع���دة كبرية من مجهور الش���باب‬ ‫من اجلنسني‪.‬‬ ‫وم���ن الصعوبات اليت تواجه مغين الراب يف ليبيا‬ ‫ق���ال‪ :‬كل مغ�ن�ي راب عندنا يكتب لنفس���ه ألنه‬ ‫ال يوج���د كاتب أغني���ة راب يف ليبيا إضافة إىل‬ ‫الصعوبات املادية فنحن ال منلك املال لتس���جيل‬ ‫األغان���ي‪ ..‬وش���راء إذاع���ة خاص���ة بن���ا ب���دال من‬ ‫إجيارها‪ ...‬وشراء أستوديو خاص بالفرقة‪.‬‬ ‫ويوض���ح الراب���ر حمم���د راب أن أغني���ة ال���راب‬ ‫الليبي���ة ينقصها املوزع اجلي���د فمثال يف مدينة‬ ‫بنغازي يوجد موزع واحد‪ ،‬وهذه مشكلة كبرية‬ ‫تواجهنا‪ ،‬يتناول حممد يف أغنياته ش���كل الوطن‬ ‫ال���ذي حيلم به ويق���ول” كما تتن���اول أغنياتي‬ ‫عدد التضحيات اليت قدمها شعبنا بكل شرائحه‬ ‫العمري���ة‪ ،‬أيضا ع���ن الثورات العربي���ة والوضع‬ ‫احلالي للبالد وكيف أن القانون يف إجازة”‪.‬‬ ‫الراب���ر حممد ال���ذي بدأ الغن���اء يف العام ‪2008‬‬ ‫يرى إن مس���تقبل أغني���ة الراب الليبي���ة بكل ما‬ ‫تواجه���ه من صعوبات س���يكون أفضل والس���بب‬ ‫ظهور مغين راب جدد بأفكار رائعة وخاصة بعد‬ ‫الثورة‪ .‬ويؤكد حممد انه ليس مع الرأي الذي‬

‫حممد راب‬

‫يقول أن فن الراب سطحي‪.‬‬ ‫وع���ن الصعوبات اليت واجهها الرابر حممد قال‪:‬‬ ‫تعرضن���ا لالهان���ات والض���رب م���ن قب���ل األمن‬ ‫الداخلي عندما كنا نتخذ من الس���احة املقابلة‬ ‫لفن���دق تيبس���تى مبدين���ة بنغازي مكان���ا للغناء‬ ‫وكانوا يسألوننا عن توجهاتنا وملاذا منارس هذا‬ ‫الفن؟ وهل هناك جهات تدعمنا؟‪.‬‬ ‫يق���ول الراب���ر‪ Adel Joe‬ب���دأت الغن���اء الع���ام‬ ‫‪ “ 2005‬ب���دون ش���هرة “ ينقصن���ا الدع���م‬ ‫واالهتم���ام به���ذا الفن ال���ذي كان أحد أس���باب‬ ‫ان���دالع الث���ورات العربي���ة‪ ،‬وأض���اف‪ :‬تتن���اول‬ ‫أغنيات���ي الفس���اد احلاص���ل يف مدين���ة بنغ���ازي‬ ‫واملندسني بيننا والتقصري يف حق هذا الوطن‪.‬‬ ‫ويضي���ف‪“ ADEL JOE‬مت أعتق���اىل‬ ‫م���ن قب���ل األم���ن الداخل���ي ع���ام ‪ 2007‬بتهمة‬ ‫سياس���ية وبعد الضرب والس���جن حتت األرض‬ ‫مل���دة أس���بوع خرج���ت‪ ..‬وع���دت لفن ال���راب فى‬ ‫‪”.2011‬ويطمئن ‪ ADEL JOE‬متتبعي هذا‬ ‫الفن أن هناك أمل يف أن يلتفت املهتمني بالشأن‬ ‫الف�ن�ي لن���ا والنظر لف���ن ال���راب بنظ���رة أكثر‬ ‫جدي���ة خاص���ة وان أغانيه���م تط���رح مش���اكل‬ ‫جمتمعاتهم‪.‬‬

‫فن شبابي حيتاج وقت‬

‫امللحن تامر العلواني قال‪ :‬الراب منط موسيقي‬ ‫موجود يف العامل من عش���رات الس���نني موسيقاه‬ ‫بس���يطة وإيقاعات���ه تكاد تك���ون ثابتة مع بعض‬ ‫االجتهادات من املوزعني املوس���يقيني وله قاعدة‬ ‫كب�ي�رة من املعجبني ويفرض نفس���ه‪ ،‬مش���كلة‬ ‫الراب العاملي انه لغة جديدة استخدمها األفارقة‬ ‫األمريكيني للتعبري عن سخطهم للمجتمع إزاء‬ ‫م���ا كان���وا يالقوه م���ن تفرقة عنصري���ة لذلك‬ ‫اس���تخدموا هلجتهم وبدون تنقية من أي ألفاظ‬ ‫خارجة‪ ،‬وأضاف العلواني “بالنسبة لليبيا يبقى‬ ‫نوع موسيقي يس���تهوي الشباب للتعبري السريع‬ ‫حي���ث أن مؤدي���ه ق���د الحيتاج ألن يك���ون صوته‬ ‫مجي ً‬ ‫ال كل ما يه���م هو طريقة أدائه‪ ...‬وهذا قد‬ ‫يبعدن���ا ويلهينا ع���ن االهتمام باألغني���ة الليبية‬ ‫التقليدي���ة اليت حنن بصدد الرقي بها ونش���رها‬ ‫مبفرداتها الليبي���ة لقطاع كبري من اجملتمعات‬ ‫العربية والتعريف بها”‪.‬‬ ‫ويرى العلواني إن األغنية الليبية حتتاج لك ُتاب‬ ‫حمرتف�ي�ن ومثقفني لتس���تمر وأن أغنية الراب‬

‫اللييب إن جاز التعبري أن نطلق عليها هذا االسم‬ ‫تبقى لوناً غنائياً سيحتاج الكثري من الوقت كي‬ ‫يس���تطيع أن يعربع���ن وجدان ش���عوبنا العربية‬ ‫بشكل كامل وناضج‪.‬‬

‫السخرية والنقد من مساته‬

‫يطرح املدون مهند ش���ريفة وجهة نظره بشأن‬ ‫ال���راب إذ يعت�ب�ره م���ن الفن���ون اجلي���دة نس���بيا‬ ‫فه���و ف���ى جانبه اإلجياب���ي قناة تواص���ل مجيلة‬ ‫يس���تطيع املعني���ون م���ن خالل���ه أن يع�ب�روا عن‬ ‫مكنونات األمة بش���كل أص���دق وأوفر‪ .‬ويضيف‬ ‫ف���ن الراب من املوس���يقى الكالس���يكية والرباقة‬ ‫يكم���ن ف���ى كون���ه ال يعرب ع���ن فئ���ة أو طبقة‬ ‫معينة إمنا يصل إىل مجيع املس���تويات الثقافية‬ ‫والتعليمية بسالسته وفى بعض األحيان عندما‬ ‫يتخذ طابع النقد والسخرية الالذعة للسلبيات‬ ‫والظواهر التى تتجش���مها اجملتمعات البش���رية‬ ‫وأظ���ن بأن الص���دق امللموس فى جوهره يش���يد‬ ‫عتب���ة الزاوية فى رقيه وتفوق���ه فهو فن حيمل‬

‫‪Adel Joe‬‬


‫‪)2012‬يوليو ‪)2012‬‬ ‫يونيو‪/‬‬ ‫أكتوبر ـ ‪-2‬‬ ‫‪2629( /59‬‬‫الثانية‬ ‫السنة‬ ‫‪)2012‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪- )( 75‬‬ ‫العدد (‬ ‫أكتوبر‬ ‫العدد(‪23 /‬‬ ‫‪- ) (75‬‬ ‫العدد‬ ‫الثانيةالثانية‬ ‫السنةالسنة‬

‫‪13‬‬

‫ـن االجتهادات والدعم‬

‫على كاهله قضية ما على النقيض منه األنواع‬ ‫املوس���يقية األخ���رى الت���ى تك���ررت به���ا املعان���ي‬ ‫والكلمات حتى باتت رتيبة على األذان املستمعة‬ ‫ولذلك البد هلذا النوع من املوس���يقى أن يكون له‬ ‫مستقبل مشرق مرتقب وأظنه كذلك ألنه بدا‬ ‫فى األعوام األخرية فى استمالة قطاع واسع من‬ ‫اجلمهور والس���يما الش���باب الذى تذوقه وأحبه‪،‬‬ ‫وهو أهل له حقا‪.‬‬

‫ظاهرة امسها إم سي سوات‬ ‫أمحد البخاري‬

‫أعتق���د أنين مل أكن أفك���ر يف الكتابة عن مغين‬ ‫ال���راب اللييب إم س���ي س���وات ل���وال الضجة اليت‬ ‫أثارته���ا أغنيت���ه األخ�ي�رة “ مع���ش يف س�ت�رة”‪،‬‬ ‫وكمي���ة الس���باب وأيض���اً التهدي���د ال���ذي تلقاه‬ ‫أم س���ي م���ن الن���اس‪ ،‬لك���ن م���ا يدفع�ن�ي للكتابة‬ ‫الي���وم لي���س الضج���ة حبد ذاته���ا‪ ،‬بق���در احلالة‬ ‫االجتماعي���ة والنفس���ية ال�ت�ي ميثله���ا “يوس���ف‬ ‫الربكي” أو س���وات يف اجملتمع‪ ،‬هذه الشخصية‬

‫تامر العلواني‬

‫املتناقض���ة واملتداخل���ة ال�ت�ي ميلكه���ا س���وات‬ ‫ويعربعنه���ا يف أغاني���ه‪ ..‬وه���ي ش���خصية معربة‬ ‫متام���اً عن أف���كار ش���رحية كبرية من الش���باب‬ ‫اللي�ب�ي‪ ..‬ل���ذا ف���إن الس���طور التالية ه���ي حتليل‬ ‫بسيط هلذه الظاهرة يف نقاط بسيطة‪:‬‬ ‫‪ #‬س���وات الغ�ي�ر متعل���م‪ :‬مل���ن يتتب���ع س���وات يف‬ ‫الفي���س بوك س���يجده دائماً يص���رح ويقول” أنا‬ ‫مش فاهم ش���يء” سوات صريح مع نفسه دائماً‪..‬‬ ‫يقول” أع���ذروا اإلمالء بتاعي‪ ..‬لكن خيكم العلم‬ ‫علي قده���ا” يعلم أنه ليس مثق���ف‪ ..‬حيتاج إىل‬ ‫العلم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫املتدين‬ ‫سوات‬ ‫‪#‬‬ ‫‪“ :‬كل وآآحــد منا بـ والئه وآنا‬ ‫والئي لـآلس�ل�آم‪ ،‬للقرآن وللرسول للصحابة”‪،‬‬ ‫س���وات دائماً يضع والءه لإلسالم يف املقام األول‪،‬‬ ‫دائماً ما ينادي بالشريعة اإلسالمية‪ ..‬لكن يبقى‬ ‫هذا الوالء هو انتماء جمرد‪ ،‬غري مقرون بأفعال‪..‬‬ ‫فهو انتماء إيديولوجي ال غري‪.‬‬ ‫‪ #‬س��وات الردي��ف‪ :‬تأكيداً للنقط���ة املاضية‪،‬‬ ‫ورغ���م انتمائ���ه الص���ادق لإلس�ل�ام والق���رآن‬ ‫والرسول والش���ريعة اإلسالمية‪ ،‬س���وات يعيش‬ ‫حياة الش���اب اللي�ب�ي العادي‪ ..‬ما أث���ار الضجة يف‬ ‫أغنيت���ه “مع���ش يف س�ت�رة” ه���و اللعن والس���باب‬ ‫املتواص���ل ل���كل ش���يء‪ ..‬األغني���ة كم���ا يصفه���ا‬ ‫س���وات ليس���ت لألطف���ال‪ ..‬نعم س���وات يعرب عن‬ ‫تفكري ش���رحية كبرية من الشباب اللييب الذين‬ ‫جيمعون التناقض بني “ س���ب الدين – السكر –‬ ‫الرداف���ة – الفواحش”‪ ..‬لكن حني تس���أله‪ ..‬يقول‬ ‫لك أريد تطبيق الشريعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪ #‬سوات املتناقض‪ :‬نعم‪ ..‬هذا التناقض موجود‬ ‫يف كل ش���يء لدى حياة الش���اب اللييب وس���وات‬ ‫خصوص���اً‪ ،‬لق���د اختلط���ت املفاهي���م وتشوش���ت‪،‬‬ ‫يق���ول س���وات يف أغنيت���ه األخ�ي�رة‪ ”:‬ويلع���ن أم‬ ‫حت���ى املوس���يقى ‪ ..‬ويعل���ن أم املوس���اد‪ ..‬ويعلن أم‬ ‫أمحد جناد‪..‬ويلعن أم الشفافية‪ ..‬ويعلن أم حتى‬ ‫الدميقراطية”‪.‬‬ ‫‪ #‬سوات املؤمن باالختالف‪ ..‬سوات الطيب‪:‬‬ ‫رغم ه���ذا التناقض‪ ..‬يبقى س���وات طي���ب القلب‬ ‫كأي ش���اب لييب‪ ..‬طيبة القلب هي جوهر تقبل‬ ‫اآلخر‪ ..‬يقول س���وات” يف منــ���آ من ييب ليربآلي‪..‬‬ ‫فيـا تيار الس���ــلفيـة في���ى منـآ ييب فيدآرلي! وفيه‬ ‫منــ���آ من قال قووميــ���ة‪ ..‬بس هكي تبقى احلرية‬ ‫يف اختالف ويف توافق‪ ..‬كل وآحد منــآ بعقلية”‪.‬‬

‫حممد سعيد الرحياني‬

‫‪ #‬س���وات واحلقيق���ة الواح���دة ( الث���ورة )‪ :‬رغم‬ ‫كل التناق���ض‪ ..‬وإهت���زاز القي���م واملس���ميات‪..‬‬ ‫واخلل���ط ب�ي�ن املفاهي���م‪ ..‬يبقى لس���وات حقيقة‬ ‫واح���دة ال يهت���ز وال يش���ك بش���أنها‪ ..‬حقيق���ة‬ ‫“الث���ورة”‪ ..‬حقيقة”ح���ق الش���هيد”‪ .‬نع���م‪ ..‬ه���ذا‬ ‫هو الش���اب اللي�ب�ي يف هذه املرحل���ة‪ ..‬قد يتناقش‬ ‫معك يف أي ش���يء‪ ..‬وقد تقنعه ب���أي توجه‪ ..‬لكن‬ ‫ال تس���تطيع أن تثني���ه عن”الثورة”وعن املطالبة‬ ‫حبق دماء الش���هداء‪ ..‬إنه الغضب‪ ..‬إنها القوة اليت‬ ‫متيزه‪ ..‬إنها احلقيقة الوحيدة‪.‬‬

‫اب” َو”ا ْر َو َّابة”‬ ‫“الر ْ‬ ‫ِ‬ ‫عن َّ‬ ‫حممد سعيد الرحياني‬

‫بعض عشاق موس���يقى “الراب” ‪ Rap‬يعتقدون‬ ‫بأنها اختصار لكلمة ‪“ ،Rapid Music‬اإليقاع‬ ‫املوس���يقي الس���ريع” أو “املوس���يقى الس���ريعة”‪.‬‬ ‫والبع���ض اآلخ���ر يعتق���د بأنه���ا اختص���ار لكلمة‬ ‫‪ Rapid Speech‬أو “اإللقاء الغنائي السريع”‪.‬‬ ‫لك���ن موس���يقى “ال���راب” ‪ Rap‬ليس���ت دائم���ا‬ ‫“س���ريعة” ال يف اإليق���اع وال يف اإللق���اء‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫فاالعتم���اد على كلم���ة ‪ Rapid‬يف تتبع أصول‬ ‫الكلمة ال يؤدي إىل أي طريق‪.‬‬ ‫يع���ود أص���ل كلم���ة “راب” إىل ‪Rahpsody‬‬ ‫وهي مقطع محاس���ي م���ن امللحمة ح�ي�ن يصله‬ ‫املنش���د جيذب ويبالغ يف جذبته‪ .‬وغالبا ما يتميز‬ ‫هذا املقطع‪ ،Rahpsody ،‬إما بالفخر بالذات أو‬ ‫الفخر مبنجزات الب�ل�اد‪ ...‬لذلك‪ ،‬كانت كلمة‬ ‫“راب” ‪ Rap‬ه���ي اختص���ار لكلمة “رابس���ودي”‪.‬‬ ‫وه���و ما مل ينتب���ه إليه اجليل األول من الش���باب‬ ‫العرب���ي ال���ذي اقتح���م جم���ال “ال���راب” فكانت‬ ‫إنتاجياته “س���كيزوفرينية” واضحة‪ .‬وميكن يف‬ ‫هذا اإلطار حصر الرتكيز على “الراب” املغربي‬ ‫واالعتم���اد عل���ى أول أغني���ة راب يف املغرب وهي‬ ‫“الرا والد ْ‬ ‫َّاو” يف مطلع األلفية الثالثة وهو‬ ‫أغنية َّ‬ ‫عنوان “مبتكر” يفيد معنى “االس���تحمار”‪ .‬لكن‬ ‫لألغني���ة‪ ،‬يف اجلوهر‪ ،‬جوهران‪ .‬جوهر “حداثي”‬ ‫ي���كاد يش���كل “قطيعة موس���يقية” م���ع األغنية‬ ‫العربي���ة عموم���ا واملغربي���ة خصوص���ا ويتمث���ل‬ ‫يف اختي���ار “الراب” كقناة لتمري���ر األغنية ثم‬ ‫جوهر “تقلي���دي” موغ���ل يف التقليدية ويتمثل‬ ‫يف “الن���ص” الغنائ���ي الذي يتناص���ف حتى حد‬ ‫الذوبان مع نصوص الوعظ الديين‪...‬‬ ‫أما اجلي���ل الثاني من أجيال موس���يقى “الراب”‬ ‫املغربي���ة فب���دأت مع منتص���ف األلفي���ة الثالثة‬ ‫م���ع فنانني ش���باب اس���تطاعت الدول���ة املغربية‬ ‫اس���تقطابهم ألداء “أغان���ي وطني���ة” والتغ�ن�ي‬ ‫ب”حب الوطن”‪...‬‬ ‫والي���وم‪ ،‬مع اجلي���ل الثالث من “ال���راب”‪ ،‬ميكننا‬ ‫احلديث ع���ن حركة تصحيحي���ة فنية تتأجج‬ ‫حتت وهج “الربي���ع العربي”‪ ،‬فتخلص “الراب”‬ ‫م���ن مضام�ي�ن “الوع���ظ واإلرش���اد” و”األغنية‬ ‫الوطنية” ليعانق الشعر من جديد ويعانق قضايا‬ ‫الش���عب من جديد ويطلق خوفه من الطابوهات‬ ‫الكربى‪ ..‬وبذلك ظهر مغنون أس���اطري من طينة‬ ‫“اجلنرال” التونس���ي الذي صن���ف خالل الثورة‬ ‫التونس���ية كأح���د العش���رة األكث���ر تأث�ي�را يف‬ ‫نفسية الشعب التونس���ي وظهر يف املغرب “معاد‬ ‫احلاق���د” أحد أبرز مغين حركة العش���رين من‬

‫فرباي���ر املغربية كم���ا ظهر يف مص���ر‪ ،‬ويف أوج‬ ‫الث���ورة‪“ ،‬راب إجي���ي س���كول” و”دون ج���وان”‬ ‫وآخرون‪...‬وألنه صار ملوس���يقى “ال���راب” مكانة‬ ‫متجذرة يف الوجدان املوسيقي العربي‪ ،‬فقد صار‬ ‫من الض���روري “تذويبها” يف اخلطاب التواصلي‬ ‫والتداولي‪ .‬لذلك‪ ،‬مس���ى املغاربة فناني “الراب”‬ ‫ب”ارواب���ة” عل���ى وزن “امفاعل���ة”‪ ،‬وهي صيغة‬ ‫تطلق فقط على “القبائل” املنتش���رة عرب الرتاب‬ ‫الوط�ن�ي املغرب���ي‪“ :‬الصنادل���ة” و”القشاش���رة”‬ ‫و”اخلراش���فة” و”الش���ياضمة” و”القناف���ذة”‪...‬‬ ‫وه���ي تقريب���ا نف���س “احليل���ة” اليت جل���أ إليها‬ ‫املغارب���ة قبل مخس���ة قرون خل���ت‪ ،‬أي يف القرن‬ ‫الس���ادس عش���ر املي�ل�ادي‪ ،‬حني أحبوا موس���يقى‬ ‫األفارقة “الغينيني” بعد التحاق “غرب إفريقيا”‬ ‫حبك���م املغرب يف عهد امللوك الس���عديني فس���موا‬ ‫موسيقاهم ب”املوس���يقى الغينية” أو “املوسيقى‬ ‫الغناوي���ة” فيما مس���وا فنانيها ب”اغن���اوة” على‬ ‫وزن “افعال���ة” وهي صيغة يصكها املغاربة ليس‬ ‫عل���ى القبائ���ل وإمن���ا عل���ى “امل���دن” و”اجلهات”‬ ‫املغربية‪“ :‬طنج���اوى”‪“ ،‬قصراوى”‪“ ،‬بيضاوى”‪،‬‬ ‫“صحراوى”‪...‬‬ ‫ويف احلالت�ي�ن‪ ،‬حال���ة “الراب” وحال���ة “اغناوة”‪،‬‬ ‫يبق���ى ح���ب املوس���يقى “الواف���دة” اجلدي���دة هو‬ ‫الداف���ع إىل جتني���س أصحابه���ا “اجلنس���ية‬ ‫املغربي���ة” وتلبيس���ها “زي���ا مغربيا” وتس���ميتها‬ ‫ب”اس���م مغرب���ي” يلي���ق بها كمواط���ن كامل‬ ‫األهلية‪.‬‬

‫اآل‬ ‫ن‬ ‫يف‬

‫ا‬ ‫ال‬ ‫سوا‬

‫ق‬

‫صفحات من كتاب‬ ‫اجملد لشهداء ثورة‬ ‫احلرية‬


‫‪14‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫تأمل وحبث يف ظاهرة الصادق النيهوم املفكر السارد‬ ‫‪ - 1‬جنم النجوم الصادق النيهوم‬ ‫الص���ادق النيهوم النجم الذي ظهر علي صفحات‬ ‫جري���دة احلقيق���ة‪ ،‬ليكتب من هلس���نكي عاصمة‬ ‫فنلن���دا ع���ن الليبي�ي�ن مق���االت س���اخرة ومث�ي�رة‬ ‫‪،‬ولينشر مقاالت صحفية مرتمجة أعاد صياغتها‬ ‫‪،‬ه���ذه املق���االت تناولت مواضيع الس���اعة يف تلك‬ ‫املرحل���ة ومس���ت القضايا الس���اخنة م���ن العامل ‪،‬‬ ‫ويف أس���لوب س���اخر وتهكمي وطازج ومثري جذب‬ ‫القراء‪ ،‬وحتول صاحب هذا األس���لوب إلي كاتب‬ ‫الصحيف���ة األول واملربز؛ علي ي���د صحفي قدير‬ ‫هو رشاد اهلوني رئيس حترير صحيفة احلقيقة‬ ‫اليت تنش���ر ه���ذه املق���االت مس���لطة الض���وء علي‬ ‫كاتبها يف شكل صحفي جديد وجذاب ‪.‬‬ ‫وح�ي�ن حقق���ت اجلري���دة ذل���ك كان النيهوم قد‬ ‫أمده���ا ب���روح جديدة‪ ،‬بأس���لوبه املمي���ز من حيث‬ ‫تركي���ب اجلمل���ة ال�ت�ي تغ�ت�رف م���ن األس���اليب‬ ‫الصحفي���ة العربي���ة البريوتي���ه وم���ن األس���اليب‬ ‫الكتابي���ة يف الصح���ف االجنليزي���ة اللغ���ة‪ ،‬ومن‬ ‫األدب األمريك���ي يف مرحلة م���ا بعد احلرب كما‬ ‫متث���ل يف كتاب���ة أرنس���ت همنج���واي وترمجاته‬ ‫العربي���ة علي يد من�ي�ر البعلبكي كم���ا يف رواية‬ ‫الش���يخ والبحر اليت كانت إجني���ل جيل النيهوم‬ ‫‪ ،‬لق���د عجن ه���ذا الكاتب ذل���ك يف حتوالت جعلت‬ ‫أسلوبه متميزا ومعجونا بروحه التهكمية كابن‬ ‫ملدين���ة متوس���طية صغرية تبدو كم���ا لو كانت‬ ‫ميناء لقراصنة غدوا أشباحا ‪.‬‬ ‫كان النيهوم يرسم ش���خصية مقاالته السردية‬ ‫يف ش���كل رج���ل عاطل‪ ،‬ليس لديه ما يفعل س���وى‬ ‫أن يتك���ئ يف ركين���ة ش���ارع لريمي امل���ارة بنظرة‬ ‫س���اخطة ولسان الذع ‪ ،‬ويف مقاالته الفكرية يبدو‬ ‫كمتفرج استعار باروكة فلسفة العبث السائدة‬ ‫آنذاك اليت تكرس مفاهيم الالمنتمي احلصيف ‪.‬‬ ‫لقد أشارت – حينها ‪ -‬صحيفة الصن الربيطانية‬ ‫إلي الص���ادق النيه���وم ‪ -‬يف مقال���ة صحافية عن‬ ‫ليبي���ا ‪ -‬بأن���ه يب���دو كفيلس���وف هي�ب�ي ‪ ،‬وكان‬ ‫الكات���ب علي فهمي خش���يم قد كت���ب مقالة عن‬ ‫الظاهرة النيهومية‪.‬‬ ‫النيه���وم يف س�ي�رته غ�ي�ر املوثق���ة وغ�ي�ر املوث���وق‬ ‫فيها – ألنه���ا مليئة بالثغرات وألن صاحبها جنم‬ ‫حت���ول الي رمز هلذا حش���اها حمب���وه مبا حيبون‬ ‫أن يك���ون عليه جنمه���م الس���اطع ‪ -‬وحني خترج‬ ‫م���ن اجلامع���ة الليبية ذه���ب للقاه���رة كي يعد‬ ‫رسالة املاجس���تري ومن ثم الدكتوراه يف مقارنة‬ ‫األديان واصطدم هناك بالدكتورة عائش���ة بنت‬ ‫الشاطئ ؛الش���خصية املعروفة حينها بكتاباتها يف‬ ‫الفكر اإلس�ل�امي وأس���تاذة اجلامعة املربزة ‪ ،‬اليت‬ ‫كما يشيعون كانت أقل مقدرة من أن تستوعب‬ ‫األفكار الطازجة واملمي���زة للصادق النيهوم الذي‬ ‫قفل راجعا ‪ ،‬متخطيا البحر املتوس���ط إلي أصقاع‬ ‫أوربا إل���ي فنلندا حيث أعد رس���الته املفرتضة يف‬ ‫مقارنة األديان‪ ،‬ال�ت�ي ال توجد آية معلومات عنها‬ ‫حتى معلومات صحفية وال أي إشارة من الكاتب‬ ‫الي حصوله علي هذه الشهادة العلمية ‪.‬‬ ‫هذه الشخصية سترتادف مع الكاتب ومتتزج عند‬ ‫املتلق���ي م���ع كتاباته اليت س���تصري أكثر إثارة ‪،‬‬ ‫وال�ت�ي جعلت من النيهوم ظاه���رة يتزاحم الناس‬ ‫للحصول عل���ي عدد الصحيفة األس���بوعي الذي‬ ‫ينشر مقالته فيها ‪ ،‬وحتى األمي سيتأبط نسخة‬ ‫م���ن ه���ذا العدد ‪ ،‬عند ه���ذا احلد س���يقفز الصادق‬ ‫النيهوم قفزة مميزة يف كتاباته؛ حيث س���ينحى‬ ‫للكتابة يف الفكر الديين‪ ،‬وقدم أطروحات كانت‬ ‫صادم���ة يف حينها بأس���لوبه ككاتب صحفي من‬ ‫ط���راز رفي���ع يعرف أص���ول كتابة كه���ذه‪ ،‬من‬ ‫مساته���ا التكثيف املبس���ط االختزال���ي وما كان‬ ‫يتخ���ذ ه من اجلمل���ة كحام���ل للفك���رة‪ ،‬فيبدو‬ ‫كم���ا ل���و كان يكت���ب حكم���ة يف ثوب مانش���يت‬

‫صحف���ي يدير ال���رؤوس ويبث التأوي���ل ونقيضه‬ ‫يف ذات اجلمل���ة‪ ،‬ويزيغ النظر بتحريكه لس���طح‬ ‫الظاه���رة اليت يتناوهلا ‪ ،‬كم���ن يرمي حجارة يف‬ ‫بركة راكدة‪ ،‬اليت هي يف احلقيقة سبخة مائها‬ ‫تبخر ولكن سطحها الالمع يوهم بوجود املاء ‪.‬‬ ‫إن النيه���وم الع���ب يف بركة الوحل ال�ت�ي أراد أن‬ ‫يرس���م عل���ي س���طحها عالمت���ه املمي���زة كنجم‬ ‫يعط���ي بظه���ره للك���رة ويعط���ي وجه���ه وعينيه‬ ‫للجمهور ‪ .‬لكن ما مييز هذا النجم أنه ال يستهني‬ ‫جبمهوره و ال بوس���ائل جذب ه���ذا اجلمهور اليت‬ ‫ه���ي القضايا املثرية اليت يف الظل ما يس���لط عليه‬ ‫ضوءه اخلاص اجلذاب بتعدد ألوانه‪.‬‬ ‫لق���د كان النيهوم من القل���ة الذين أثاروا قضايا‬ ‫ديني���ة واجتماعية تب���دو كما لو كان���ت قضايا‬ ‫ميتة مثل قضية امل���رأة ‪ ،‬ولعل أهمها حماولته –‬ ‫يف سبق صحفي – تفسري القرآن تفسريا عصريا‬ ‫يف دراسته املطولة ‪ :‬الرمز يف القرآن ‪.‬‬ ‫قب���ل أن نفص���ل ما أثارته هذه الدراس���ة من ردود‬ ‫أفع���ال ال يفوت�ن�ي أن أن���وه ب���أن النيه���وم ‪،‬القابع‬ ‫عل���ى بعد آالف األمي���ال عمن يكت���ب عنهم وهلم‬ ‫وع���ن الصحيف���ة اليت يكت���ب فيه���ا‪ ،‬لقد كرس‬ ‫نفس���ه لشكل من أش���كال الغموض حول شخصه‬ ‫وس�ي�رته‪ ،‬وأن الصحيف���ة اليت كرس���ته ككاتب‬ ‫أول هل���ا‪ ،‬كرس���ت ه���ذا الغم���وض ال���ذي نبع���ه‬ ‫لي���س القضاي���ا ال�ت�ي يتم���اس معه���ا ‪،‬أو املفاهيم‬ ‫ال�ت�ي يتخذه���ا طريق���ة ألطروحات���ه اإلش���كالية‬ ‫فحس���ب‪ ،‬ولكن قبل ذلك األس���لوب ال���ذي اختذه‪،‬‬ ‫هذا األس���لوب املازج بني الكتاب���ة األدبية والكتابة‬ ‫الصحفية املطعمة بأس���اليب الرتمجة يف حينها‪،‬‬

‫فإن مري���م – مثال – محلت طفله���ا من خطيبها‬ ‫يوس���ف النج���ار … اخل وكونها حبل���ت كما هو‬ ‫شائع دون اتصال جنسي فهذا ترميز علي طهارة‬ ‫العالق���ة املقدس���ة ‪ .‬ه���ذه جمرد إش���ارة مقتضبة‬ ‫ملوضوع الدراسة ‪ ،‬لكن املهم كان آنذاك ما إثارته‬ ‫من ردود أفعال وس���يجنح الكاتب من خالل هذه‬ ‫ال���ردود أفع���ال إل���ي االنش���غال به���ا يف الكثري من‬ ‫املواضيع اليت نشرها ‪.‬‬ ‫وألن عام���ة الناس يغ���ذون التناقض ويعش���قون‬ ‫التض���اد فق���د ظه���ر النيه���وم باعتب���اره الغامض‬ ‫الس���هل ‪ ،‬ويف ه���ذه الدراس���ة بدأ وكأن���ه ال يعين‬ ‫ما يق���ول ويقول ما ال يعين هل���ذا جنح قراؤه إلي‬ ‫تزكية آرائه يف مواجهة خصومه ‪.‬‬ ‫ومن هذه اللحظة الفارقة س���يضع النيهوم رجله‬ ‫عل���ي عتبة الباب الذي حيب ‪ ،‬فقد كان خصومه‬ ‫ه���م رج���ال الدي���ن احملافظ���ون وم���ن يف حكمهم‬ ‫‪ ،‬والنظ���ام امللك���ي اللي�ب�ي آنذاك أسس���ه ه���ؤالء أو‬ ‫أنهم عل���ي األقل أهل���ه حبكم أن للدول���ة الليبية‬ ‫عالقة باحلركة السنوسية الدينية اإلصالحية‬ ‫بالتبعي���ة وأن مل���ك الب�ل�اد مؤس���س الدول���ة هو‬ ‫وريث لزعامة ه���ذه احلركة ‪ ،‬لكن امللك إدريس‬ ‫السنوسي كما تشري ش���خصيته مييل إلي جناح‬ ‫التحدي���ث يف نظامه وإن بش���كل خف���ي ؛ فتكوينه‬ ‫يف قص���ره يف مصر فرتة ش���بابه وتواجده وس���ط‬ ‫النخب���ة املصري���ة املس���تنرية وعالقت���ه املبك���رة‬ ‫باالجنلي���ز س���اهم يف ه���ذا التكوين هل���ذا يذكر‬ ‫البعض أنه حني طالب علماء اجلامعة اإلسالمية‬ ‫مبحاكمة – أو ما يش���به ذلك – الصادق النيهوم‬ ‫‪ ،‬كان حينها الش���اب عبد احلمي���د البكوش وزير‬ ‫العدل ثم رئيس الوزارة فيما بعد يطالب أس���اتذة‬ ‫اجلامع���ة والطلب���ة والنخب���ة املتن���ورة أن تعاضد‬ ‫النيه���وم يف كتابات���ه ه���ذه ؛ حي���ث أن الدول���ة ال‬ ‫تس���تطيع ذل���ك ألس���باب معروفة ‪ ،‬وهل���ذا أوقف‬ ‫نش���ر هذه الدراس���ة فق���ط وأعاد النيهوم نش���رها‬

‫م���ع مزيج م���ن الرمزي���ة والس���ريالية والفنتازيا‬ ‫أحيان���ا‪ ،‬يف دأب وجهد إلدهاش القارئ يف اجلملة‬ ‫قبل الفق���رة ويف الرتاكيب املتج���ددة دائما ‪ ،‬ويف‬ ‫ه���ذا املضمار ب���ذل النيهوم جهدا خارقا اس���تنزف‬ ‫طاقته الفكرية واإلبداعية األهم ‪.‬‬ ‫الرم���ز يف الق���رآن …الدراس���ة البوتق���ة ال�ت�ي‬ ‫دخ���ل منه���ا النيه���وم الفك���ر والفك���ر الديين علي‬ ‫اخلص���وص ‪ ،‬كان���ت مبثاب���ة مرحل���ة ثاني���ة يف‬ ‫كتابات���ه ونقلة نوعي���ة حيث يظه���ر أن النيهوم‬ ‫يعتمد علي نقالت‬ ‫توخ���ي به���ذه الدراس���ة إلي إث���ارة قضاي���ا دينية‬ ‫ش���ائكة ؛ اعت�ب�ر القرآن نص���ا رمزيا ت���ؤول رموزه‬ ‫مبعطي���ات لغوي���ة س���يميائية ‪ ،‬فالن���ص القرآني‬ ‫نص لغ���وي واللغة جتري���دة لص���ورة واقعية لذا‬

‫حتت اس���م آخر ويف صياغة مموهة وحتت عنوان‬ ‫‪ :‬العودة احملزنة للبحر ‪.‬‬ ‫النيه���وم ال���ذي يظه���ر أن���ه كاتب غري سياس���ي‬ ‫س���تكون عالقته بالس���لطة السياس���ية مش���تبكة‬ ‫وش���ائكة ‪ ،‬س���يكون ه���ذا الكات���ب كم���ا ل���و كان‬ ‫اجلاف���ل عن القطي���ع ‪ ،‬القطيع ه���ذه املفردة اليت‬ ‫س�ي�رددها النيهوم يف مداخالته كثريا ‪ ،‬وسيظهر‬ ‫نفس���ه كمتم���رد يلبس ( اجلينز واليت ش���رت ) ‪،‬‬ ‫وينظر بغضب لقطيع السلطان وسيضع يف نفس‬ ‫الس���لة كل النخب���ة الليبية – وحت���ى العربية ‪-‬‬ ‫دون متييز مس���تثنيا بطبيع���ة احلال مريديه من‬ ‫الشباب وعامة الناس ‪.‬‬ ‫لق���د تبوآ مبك���را مركزا مميزا يف الس���لطة حني‬ ‫نالته الش���هرة فغدا بس���لطة الفكر رأس���ا حاس���را‬

‫أمحد الفيتوري‬

‫ين���ال مراده جبمه���وره الكثري ‪ ،‬وهل���ذا أفصح عن‬ ‫ع���داء ألع���داء افرتضهم ومنحهم ه���ذا الدور؛ هم‬ ‫النخب���ة خاص���ة السياس���ية منه���ا وكان رأس‬ ‫ش���يطانها اليس���ار باملع�ن�ي الع���ام م���ن قومي�ي�ن‬ ‫ناصريني وبعثيني ووطنيني وشباب يشده األدب‬ ‫العاملي الذي كان حبكم املرحلة يس���اري الطابع‬ ‫‪،‬كما ل���و كان ملخصا للعالق���ة التارخيية بني‬ ‫املثقف والس���لطة كان فعل النيهوم ككاتب منذ‬ ‫ظهور هذه الدراسة ‪ ،‬كذلك العالقة بني الكتابة‬ ‫والقارئ الذي يس���تمد منه الكاتب سلطته خاصة‬ ‫متى حت���ول إلي جن���م غاية غايات أغل���ب الكتاب‬ ‫لك���ن النيه���وم علي وجه اخلص���وص منهم كان‬ ‫النجم ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬النيهوم يف األسر‬ ‫مل يك���ن النيه���وم ظاهرة وحدها ح�ي�ن خرج علي‬ ‫الناس بتمرده وأفكاره اجلريئة ‪ ،‬فجيل الستينات‬ ‫– جيل���ه – جي���ل التم���رد والعب���ث والالمعقول‬ ‫والث���ورات واهليبز والبيتل���ز والذي يأتي و ال يأتي‬ ‫واهلزمي���ة العربي���ة يف ح���رب ‪ 5‬يوني���و ‪ ،‬وكان‬ ‫آن���ذاك اليس���ار الفروي���دي متس���يدا عل���ي جبهة‬ ‫الفكر اإلعالمية ‪ :‬هربرت ماركوز و اريك فروم‬ ‫‪ ..‬اخل ‪ ،‬وكان الالمنتمي صرعة اللحظة علي يد‬ ‫صحف���ي نابه حتول إل���ي أيقونة للش���باب الناقم‬ ‫يدعى كولن ولسون ‪.‬‬ ‫يف هذه اللحظة بدأ وكأن العامل قدم سلم زمامه‬ ‫لألفكار وحاملها األيدلوجيات وحتولت الصحف‬ ‫إل���ي أس���فار أنبي���اء العص���ر ‪ :‬مارك���س وفرويد‬ ‫ودارون ‪.‬‬ ‫لق���د قفز إنس���ان تل���ك اللحظة من آث���ار احلرب‬ ‫العاملي���ة الثانية من قرد إلي س���يد الكون ‪ ،‬بعد أن‬ ‫طال غاغارين الفضاء ‪.‬‬ ‫لك���ن يف اإلقليم العربي م���ن األرض بدأ ما مسي‬ ‫" بنكس���ة حزي���ران " يقظة اهلزمية هل���ذا تزامنت‬ ‫وتراصت الش���يوعية والوجودية واألفكار الدينية‬ ‫يف س���لة الي���وم الصحفية ‪ ،‬لعلنا نذك���ر ما أثاره‬ ‫كت���اب جالل العظم عن الفكر الديين من ضجة‬ ‫وكذل���ك الكتاب���ة الصحفي���ة يف جري���دة صباح‬ ‫اخل�ي�ر اليت تفس���ر القرآن تفس�ي�را علميا علي يد‬ ‫كات���ب طبيب عرف بكتابته القصة حتى ظهوره‬ ‫مفس���را قرآني���ا فج���اءه وهو الدكت���ور مصطفي‬ ‫حممود ‪.‬‬ ‫لق���د تأبط النيه���وم كتابه بقوة ‪...‬ب���روح العصر‬ ‫وبدأ من هناك ينظر إلي هنا بس���خط وبسخرية‬ ‫‪ ،‬وحبك���م تواج���ده يف هلس���نكي اختذ منه���ا هدفا‬ ‫لنقمته اليت بدورها ش���تت ذهن���ه وفاعليته ‪ ،‬لقد‬ ‫ص���ار كاتب���ا صحفي���ا جلري���دة حملي���ة ملزما‬ ‫بكتاب���ة مقال���ة أس���بوعية ‪ ،‬هكذا وق���ع النيهوم يف‬ ‫أس���ر الطريقة الناجحة واجملرب���ة إلي اجلمهور؛‬ ‫بهذا صار " النيهوم يف األسر" ‪.‬‬ ‫يكت���ب ويرتجم – دون ذكر مصادره – ويرس���م‬ ‫‪ ،‬يكت���ب التقاري���ر الصحفي���ة واملقال���ة النثري���ة‬ ‫الس���اخرة املطعم���ة باللهجة احمللي���ة اليت حتكي‬ ‫عن احلاجة مدهلل اليت تتعاطي الش���عوذة ونتاش���ا‬ ‫تتعاط���ى الفودكا فيما احلاج الزروق املتكئ علي‬ ‫التكية يغمزها ‪.‬‬ ‫هك���ذا س���وق النيه���وم نفس���ه ككات���ب صحف���ي‬ ‫مشغول بالشخصيات احمللية البسيطة وكرجل‬ ‫فكر يهتم بقضايا تش���كل ذهنية هذه الش���خصية‬ ‫‪ ،‬لق���د كان الدي���ن أب���رز احملط���ات ال�ت�ي أثارتها‬ ‫ق�ت�رة الس���تينات خاصة عق���ب اهلزمي���ة العربية‬ ‫أم���ام دول���ة اليهود !!‪ ،‬كت���ب النيه���وم يف القضايا‬ ‫الدينية الش���ائكة وقضايا املرأة جبرأة وقليل من‬ ‫التمحي���ص والدقة ودون مرجعية م���ا أو منهج ‪.‬‬ ‫وهل���ذه االعتبارات املثرية ال�ت�ي جعلت منه الكاتب‬ ‫والصحفي النجم تساوق النيهوم وسلطة الدولة‬ ‫لقد حول املش���كل إل���ي قضايا ثقافي���ة اجتماعية‬


‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫فيم���ا كان���ت النخبة مجل���ة بعقائده���ا املختلفة‬ ‫تركز املش���كل يف الدولة اليت وصمت بالرجعية‬ ‫م���ن جه���ة ومن جه���ة أخ���ري باإلس�ل�امية ومن‬ ‫أخري باملرتهنة للدوائر االمربيالية ‪..‬‬ ‫لق���د تس���لطت كل األض���واء علي ه���ذا املختلف‬ ‫حبسبانه كظاهرة‪.‬‬ ‫لك���ن النيهوم مل يكن برجل اللحظة الراهنة تلك‬ ‫فحس���ب ب���ل ألن النيه���وم كان قبل ه���ذا وحتى‬ ‫بعده الفنان ‪.‬‬ ‫مل تك���ن موهبة الفن���ان أهم رصيده ولكن ش���كل‬ ‫وأسلوب الفنان كان ضمن هذا الرصيد‪ ،‬كفرد‬ ‫صبغ جسده وسلوكه بروح الفنان وكمبدع َّ‬ ‫منا‬ ‫موهبته بدأب ودون كلل‪.‬‬ ‫املتأم���ل جلمل���ة النيه���وم يف كتابات���ه س���يجدها‬ ‫مجل���ة تص���دع بروح الفن���ان فهي مجل���ة كافية‬ ‫ومكتفي���ة ‪ ،‬نابض���ة وحيوي���ة ‪ ،‬وماك���رة لدرجة‬ ‫ب���دأ أن الكات���ب يكتب رم���وزا – عند عام���ة قرائه‬ ‫– وأنه حباجة لتأويل وتفسري مضطرد هذا من‬ ‫جهة ومن األخ���رى ردد قراؤه مجله كما احلكم‬ ‫واحملفوظات ‪.‬وقبلها اختذ املقالة السردية صيغة‬ ‫حييكها ملقتضى احلال ‪ ،‬أحيانا مل تكن املقالة ذات‬ ‫داللة لكن صيغة الس���رد والس���ريالية الس���اذجة‬ ‫جتع���ل من املقال���ة عن���د املتلقي كما ل���و كانت‬ ‫أحاجي ورموز حتى أن بعض هذه املقاالت أثارت‬ ‫لغط���ا عن���د تأويلها بأنه���ا متس هذه الش���خصية‬ ‫أو تل���ك الس���لطة أو حتى متس ال���ذات اإلهلية أو‬ ‫مسلمات ما ‪..‬‬ ‫هك���ذا كان النيه���وم فنانا من ط���راز خاص لعله‬ ‫استفاد من فن الشطح الصويف احمللي البسيط يف‬ ‫رف���ع اللغة إلي درجة اإليه���ام ؛ألن مقاالته وجل‬ ‫م���ا اطلعن���ا عليه مما كت���ب ال يدل���ل علي صلة‬ ‫وثيقة بالنتاج الصويف الكالس���يكي املعروف لكن‬ ‫ه���ذا النتاج كان قد حتول علي يدي مريديه إلي‬ ‫فن���ون يف الزواي���ا والتكاي���ا‪ ،‬واللغة يف ه���ذا النتاج‬ ‫تبدو يف الظاهر مموهة وحمملة مبستويات عدة‬ ‫من الرتميز والداللة ‪.‬‬ ‫هكذا هو من طراز خ���اص لقد تنبه للغة احملكية‬ ‫كلهجة عامي���ة وكمصطلحات ثقافية وفنية‪،‬‬ ‫وكم���ا أش���رت أنه اس���تخلص أس���لوبه م���ن عدة‬ ‫أس���اليب فإن���ه أوىل اللغة منزلة املنازل يف ش���غله‬ ‫وفكره معا‪.‬‬ ‫لقد عاش يف فنلندا فرتة شبابه العشرينية وكان‬ ‫يطال���ع باإلجنليزية ويكت���ب بالعربية ويتحدث‬ ‫بعامية مدينته بنغازي الستينية حتى وفاته‪..‬‬ ‫مل يك���ن مباكين���ة حت���ى يتمك���ن – مث���ل ‪ -‬هذا‬ ‫الفن���ان من جع���ل هذه اخللط���ات عجينة واحدة‬ ‫مصبوغ���ة بروح الفن ال�ت�ي توحي قب���ل أن تؤمي‬ ‫وتؤمي قبل أن تشري وتصمت كي تتكلم ‪.‬‬ ‫وم���ن ه���ذا الفن���ان وض���ع تضاريس���ه اخلاص���ة‬ ‫ذات الطاب���ع املس���تقل ع���ن حميطه���ا وان كانت‬ ‫مربوطة به بالعروة الوثق���ى ‪ ،‬جتانب هو وقراؤه‬ ‫والصحيف���ة ال�ت�ي يكتب هل���ا ما تريد وم���ا يرغب‬ ‫والدول���ة ‪ ،‬لك���ن ككات���ب حمل���ي كان���ت تعوزه‬ ‫س���لطة الذات املنفكة من احتياج���ات أولية ‪ ،‬هلذا‬ ‫كان مأسورا هلذه احلاجات؛‬ ‫من ه���ذا العوز حتاذي والس���لطة السياس���ية دوم‬ ‫حياته لكن بشروط روح الفنان اليت كانت ديدن‬ ‫الروح ‪.‬‬ ‫بعد حبث���ه األول يف تفس�ي�ر القرآن تيم���م بالفن‬ ‫واخت���ذ م���ن مك���ة حمراب���اً فكان���ت روايت���ه غ�ي�ر‬ ‫املكتملة ‪ " :‬من مكة إلي هنا " ‪ ،‬هذه الرواية أثارت‬ ‫– أيض���ا – لغط���ا حملي���ا ؛ منه أن الش���اعر علي‬ ‫الفزان���ي صرح يف ح���وار مع���ه أن الرواية حباجة‬ ‫إل���ي ثالث�ي�ن عام���ا ك���ي تفه���م ‪ ،‬ومن���ه أن بطل‬ ‫الرواية مس���عود الطبال قد رس���م ش���خصية والد‬ ‫أس���رة من مدينة بنغازي حيث تقع بعض أحداث‬ ‫الرواية ‪ .‬وقد كان الصحفي رش���اد اهلوني يعمل‬ ‫جبه���ده املتميز لرتويج كتاب���ات جنم احلقيقة‪-‬‬ ‫صحفيته ‪ :‬الصادق النيهوم ‪.‬‬ ‫م���ن مكة إل���ي هنا الش���خصية الرئيس���ة فيها قد‬ ‫تك���ون الش���خصية األول���ي يف رواي���ة عربية تقع‬

‫أحداثه���ا يف إقليم العرب ال�ت�ي بطلها زجني‪ ،‬وقد‬ ‫تك���ون الرواي���ة األولي اليت تثري مس���ألة اللون يف‬ ‫اش���تباك مع مس���ألة الدي���ن ‪ ،‬ويف قرية س���احلية‬ ‫فرتة االحت�ل�ال اإليطال���ي ومتارس الش���خصية‬ ‫الصي���د البح���ري ‪ ،‬لق���د دخلت الرواية يف نس���يج‬ ‫ش���ائك ومتصدع ويف ش���بكة م���ن القضايا اليت مل‬ ‫يتخللها السرد بعد ‪.‬‬ ‫أيقونة النيهوم مست ما مل ميس بعد …‪.‬‬

‫‪ - 3‬من مكة إلي هنا ‪:‬‬

‫الروائي الصادق النيهوم واملسألة الدينية ‪.‬‬ ‫اخت���ذ النيهوم منذ رواية من مكة إلي هنا مس���ارا‬ ‫نوعيا آخر يف جتربت���ه اإلبداعية‪ ،‬حيث اجته إلي‬ ‫الكتابة الس���ردية اليت كان فيما قبل يستخدمها‬ ‫ضم���ن س���ياق كتاباته املتنوع���ة ‪ ،‬به���ذه الرواية‬

‫سيبدأ مسارا كان قد أكده يف قصص لألطفال‪،‬‬ ‫وكم���ا يب���دو ل���ي أن الكتاب�ي�ن ميث�ل�ان مرحل���ة‬ ‫جديدة يف مساره اإلبداعي ‪.‬‬ ‫ويف الرواية س���يتخذ م���ن الس���رد طريقة لطرح‬ ‫أفكاره األساس���ية يف املس���ألة الديني���ة‪ ،‬كمنظر‬ ‫متخ���ذ للمنه���ج التأويلي يف النظر هلذه املس���ألة‬ ‫‪ ،‬وس���يكون الس���رد اس���تعادة لألس���اليب القدمية‬ ‫للحكي ولكن ب���روح جديدة جتعل الغرض البني‬ ‫ضم���ن املس���ار الدرامي هل���ذا احلكي ‪ .‬وبه���ذا فإن‬ ‫النيهوم س���ارد من طراز املتنبهني للفن وأساليبه؛‬ ‫حبيث أن الس���ردية يف عمله س���تكون املس���تهدف‬ ‫األس���اس وأنها بنية العمل فيما موضوعه نس���يج‬ ‫يف هذه البنية ‪.‬‬ ‫لك���ن التيم���ة الرئيس���ة عن���د ه���ذا الكت���اب تظل‬ ‫مركزية؛ إن الش���خوص الروائي���ة تلبس لبوس‬ ‫الفكرة املراد صياغتها ضمن البنية الس���ردية ‪ ،‬إن‬ ‫مس���عود الطبال يف رواي���ة من مكة إلي هنا زجني‬ ‫حمنك يتخذ من زجنيته أيقونة للوجود؛ وجوده‬ ‫ومعنى ه���ذا الوجود ‪،‬و إن ال���راوي جيعل من هذا‬ ‫الزجن���ي مع���اركا شرس���ا يف مواجه���ة الفك���رة‬ ‫الديني���ة واملس���ألة العنصري���ة‪ ،‬كم���ا ل���و كان‬ ‫نبي���ا جديدا يبش���ر برؤيا وليس برؤي���ة يف هاتني‬ ‫املسألتني ‪.‬‬ ‫وينس���ج النيهوم ش���خصيته بت���ؤدة يف مكان يبدو‬ ‫كمس���رح أو صالة عرض ؛ حيث الكرة األرضية‬ ‫هي اإلنسان ‪ ،‬فإن الطبيعة املنتقاة يف هذه الرواية‬ ‫األرض ؛ إن قرية سوسة البحرية جتمع اليابسة‬ ‫والبحر واجلب���ل واملعاش فيها يكون علي ما ينتج‬ ‫البحر ‪ ،‬لذا سوس���ة رحم هذا الوجود عند مس���عود‬ ‫الطب���ال الصياد أم���ا صيد الس�ل�احف ( الفكارين‬ ‫باللهجة احمللية لس���كان الرواية – سوس���ة ) فهو‬ ‫املس���ألة امليتافيزيقي���ة ال�ت�ي تنس���ج العالقة بني‬ ‫الصياد الطبال وش���خصية فقي���ه القرية الناطق‬ ‫بسم املقدس‪ ،‬الفقيه من جير خلفه سكان القرية‬ ‫احمللي�ي�ن ( القرية تقع علي الش���واطئ الليبية يف‬ ‫تضاري���س اجلغرافي���ا لك���ن الرواية غ�ي�ر معنية‬ ‫بذل���ك )‪ ،‬والعالقة مع صاحب���ة املطعم اإليطالية‬

‫من يزودها الطبال بهذه الس�ل�احف كي تقدمها‬ ‫لزبائنها اإليطاليني‪.‬‬ ‫من مكة إلي هنا رواية الشخصية املتفردة؛ فنجد‬ ‫مس���عود الطب���ال كم���ا البط���ل الرتاجي���دي يقع‬ ‫حتت براثن قدر حمبوك ؛ املقدس فيه مرجعيته‬ ‫الديني���ة أو تفس�ي�ر تقلي���دي للدي���ن وك���ذا‬ ‫جمموعة من األس���اطري الشعبية اليت مرجعيتها‬ ‫هذا التفس�ي�ر املق���دس ‪ .‬يف صيد الس�ل�احف جيد‬ ‫الطب���ال قوت���ه الثم�ي�ن حي���ث يتمك���ن م���ن هكذا‬ ‫صيد احلصول علي ما ميكنه من التوفري لش���راء‬ ‫ماكين���ة لقارب���ه‪ ،‬وبه���ذا يقدر عل���ي الدخول يف‬ ‫غور البحر ومصارعة جنون���ه والتمكن من صيد‬ ‫س�ل�احف وفرية ‪ ،‬ه���ذه املاكينة ميلكه���ا ايطالي‬ ‫يعرضها للبيع ‪.‬‬ ‫جت���د الش���خصية الرتاجيدي���ة أنه���ا حمكوم���ة‬ ‫باملطرقة والس���ندان‪ :‬البحر ال���ذي يلتهم الصيب‪-‬‬ ‫يف الوق���ت نفس���ه ال���ذي يرج���ع في���ه الفقيه ذلك‬ ‫إلي غضب اهلل الخرتاق س���ننه وصيد الس�ل�احف‬ ‫املباركة ‪ ،‬والزوجة زوجة الطبال اليت حتلم ليل‬ ‫نهار بأداء فريضة احلج ‪.‬‬ ‫لقد أعد النيهوم شخصيته بقوة بنية وعناد رأس‬ ‫وأف���كارا حمموم���ة‪ ،‬ك���ي تطفئ مح���ى الطبيعة‬ ‫والبش���ر الذي���ن ه���م آل الطبال أو عل���ي األقل من‬ ‫حيم���ل لغتهم ودينه���م ومن علي���ه إتباعهم ‪،‬رغم‬ ‫زجنيت���ه ال�ت�ي جتعل���ه عل���ي خط���وة م���ن طريف‬ ‫القرية ‪...‬الس���كان احملليون من جهة واإليطاليون‬ ‫من جهة أخري ‪.‬‬ ‫به���ذا تظهر ش���خصية مس���عود الطب���ال مفارقة‬ ‫‪ :‬الق���وت يضع���ه يف حاج���ة لاليطالي�ي�ن‪ ،‬واحلياة‬ ‫االجتماعية جتعل منه حمليا متمردا ‪ ،‬كذا فهو‬ ‫بهذا التمرد يواجه املقدس كما هو مؤول حمليا ‪.‬‬ ‫النيه���وم أراد أن جيعل الطبال ش���خصية الرواية‬ ‫أو جيعله الرواية باملرة؛ فبقية الش���خصيات تثري‬ ‫مسائل يف حل منها شخصية الطبال الذي كان‬ ‫وج���وده كم���ا احلي���اة ال حتت���اج لتأوي���ل ‪ ،‬ولعله‬ ‫هل���ذا جعل عالق���ة الش���خصية بالطبيع���ة أوتد ‪،‬‬ ‫من البحر بل من املاء كل ش���يء؛ مس���عود نفس���ه‬ ‫شخصية مائية وطيدة املعرفة والوجدان بالبحر‬ ‫وإذا أردن���ا ف���إن مس���عود الطب���ال كأول زجن���ي‬ ‫بط���ل لرواية عربية يف حد علمن���ا‪ ،‬قد جعل ذلك‬ ‫من الرواية تنس���ج يف منطقة غري مس���بوقة‪ ،‬هلذا‬ ‫حت���ررت ه���ذه الش���خصية من ت���راث س���ردي ال‬ ‫مثي���ل له يف ال�ت�راث الس���ردي باس���تثناء معروف‬ ‫ه���و امللحم���ة األس���طورية ‪ :‬عنرتة بن ش���داد ‪.‬لعل‬ ‫الروائ���ي عند الص���ادق النيهوم قد ط���ال ال وعيه‬ ‫الروائ���ي ه���ذه األس���طورة فتماس معه���ا دون أن‬ ‫يس���تعيدها ‪ ،‬ألنن���ا جن���د ه���ذا الزجن���ي كم���ا يف‬ ‫منس���وج احلكي الرتاثي قوي البنية جسور ويغرد‬ ‫مع البحر خارج السرب ‪.‬‬ ‫النيه���وم مع���روف يف نتاج���ه الفك���ري اهتمام���ه‬ ‫املركز باملس���ألة الدينية؛ لعل هذا يوضح كيف‬ ‫أن التيمة الرئيسة يف رواية من مكة إلي هنا هي‬ ‫هذه املس���ألة ‪ :‬مثة قيم تقليدية راسخة تتمظهر‬ ‫يف ش���كل أس���اطري وخراري���ف تراثي���ة ش���عبية‪،‬‬ ‫الناط���ق الرمسي فيها فقي���ه القرية‪ ،‬الذي يواجه‬ ‫بتط���رف يص���ل إل���ي العراك اجلس���دي مس���عود‬ ‫الطب���ال‪ ،‬مس���عود الطب���ال املتحق���ق أن املاكين���ة‬ ‫ال�ت�ي ميلكه���ا اإليطالي ه���ي احلل ملس���ألة املعاش‬ ‫‪ ،‬وبالتال���ي ف���إن الس�ل�احف ليس���ت مباركة وان‬ ‫كان���ت كذلك فهي جدي���رة بتوفري احلياة لبين‬ ‫آدم ‪ ،‬أم���ا ح���ج زوجة الطبال فقد متثلت مس���ألة‬ ‫إثقال كفة امليزان يف غري صاحل الطبال ‪.‬‬ ‫ليس���ت الرواية رواي���ة أحداث قدر م���ا هي رواية‬ ‫الش���خصية فاملنول���وج حلم���ة الرواي���ة ‪ ،‬مس���عود‬ ‫الطبال هو الرواية هو املفرد املتفرد الذي كصياد‬ ‫كثريا ما يكون يف املكان وحيدا‪ ،‬و ال زمان له غري‬ ‫الزم���ن الذاتي ‪،‬وزمن الطبيع���ة البحرية ما تعين‬ ‫الش���مس يف ش���روقها وغروبه���ا ‪ ،‬وكأمنا الطبال‬ ‫يعط���ي بظهره لزم���ن الن���اس بانش���غاله بالبحر‬ ‫وعراكه ومناجاته ‪.‬‬ ‫لذا سوسة قرية كونية دائرتها املكان ‪ /‬الطبيعة‬

‫‪15‬‬ ‫ومركزها الزمن‪ :‬ما حي���دث ويضطرم يف نفس‬ ‫مسعود الطبال ‪.‬‬ ‫هذا اإلنس���ان ه���و مركز هذا الك���ون وأفكاره وما‬ ‫جييش بنفسه هو وجوده‪ ،‬من هذا يستمد الطبال‬ ‫مترده وتس���تمد الرواية من هذا التمرد نس���جها‪،‬‬ ‫بالتالي تبدو أفكار النيهوم حول املس���ألة الدينية‬ ‫ومنهجه���ا التأويل���ي كم���ا مل تكن فه���ي هنا من‬ ‫نس���ج الرواي���ة ‪ ،‬م���ن جهة أخ���رى ب���دأت الرواية‬ ‫رواية أفكار لكن خباء السرد احملكم جعل ذلك من‬ ‫نسج السرد وليس من مرجعية الراوي املتفكر يف‬ ‫املسألة الدينية ‪.‬‬ ‫رغ���م ذل���ك تثق���ل الرواي���ة – كع���ادة النيهوم –‬ ‫بذهني���ة املتفك���ر ؛ مم���ا جعل ش���خصية مس���عود‬ ‫الطب���ال متمردا وجوديا يصوغ نفس���ه كمنولوج‬ ‫يف نسيج الرواية ‪ ،‬وهو قلب الرواية لكنه يف نسيج‬ ‫مكان الرواية ‪ /‬قرية سوسة هو هامشي ‪.‬‬ ‫لقد جعلت الرواية من شخصيتها كما النخبوي‬ ‫يعيش م���ع أفكاره أكث���ر منه صي���ادا يعيش مع‬ ‫م���ا ص���اده ‪ ،‬ومس���كوت الرواية ه���ذا منطوقها من‬ ‫حي���ث املرجعي���ة الفكري���ة للروائي ال�ت�ي تتخفى‬ ‫بالضرورة بالس���ردية ؛ فنحن نتلقى نتاجا روائيا‬ ‫مس���رودا حبكمة الفنان ال بفن احلكيم ‪ ،‬وتتجلي‬ ‫يف استنطاق جممل الرواية من مكة – إلي هنا ‪.‬‬ ‫وكم���ا أش���رنا أن الرواية ليس���ت رواي���ة أحداث‪،‬‬ ‫نؤك���د أن اختزال احلدث قد مركز الش���خصية‬ ‫وجع���ل املنول���وج مرك���ز البني���ة الس���ردية ‪ ،‬هذا‬ ‫أعط���ي الس���رد مكن���ة ط���رح األف���كار وتداعياتها‪،‬‬ ‫فالش���خصية الروائي���ة ‪ /‬مس���عود الطب���ال كان‬ ‫عل���ي عرض وط���ول الرواية يعي���ش وحيدا حتى‬ ‫يف س���رير الزوجية مثة جدار بينه وزوجه احلاملة‬ ‫باحل���ج ‪ .‬والوقائ���ع املس���رودة جتع���ل من مس���ألة‬ ‫املقدس مس���ألة حتكم العالئق يف الفعل الروائي‬ ‫كما يف حياة شخصيات الرواية ‪ ،‬أما الرتابة روح‬ ‫القري���ة البحرية فهي ما تركز مس���ألة املقدس‬ ‫وجتع���ل من تصي���د الطبال للس�ل�احف املباركة‬ ‫تهدي���دا لقرية تعيش دون خ���وف أو جوع ‪ ،‬البحر‬ ‫ج���واد فالس���مك يس���د الرم���ق ‪ .‬ومس���ألة املكين���ة‬ ‫واخل���روج من الكفاف يهدد هكذا حياة ‪ ،‬لقد صار‬ ‫الطب���ال خارج���ا عن النام���وس ع���دو هلل عدوهم‪.‬‬ ‫وكزجني كان وجوده مفردا ومن هذا استمدت‬ ‫الش���خصية الروائي���ة مركزه���ا كش���خصية‬ ‫الرواية‪.‬‬ ‫وه���ذا الص���راع البني الفاعل األس���اس يف الرواية‪،‬‬ ‫جعل من الشخصيات األخرى وهي هنا االيطالية‬ ‫كم���ا اخللفية لذات الص���راع احملموم بني طموح‬ ‫الطبال ومحى املقدس عن���د آل القرية احملليني ‪،‬‬ ‫فيم���ا املاكينة – موتور الق���ارب احملرك للصراع‬ ‫كام���ن يف الرواي���ة كط���رف غائ���ب‪ ،‬واحلديث‬ ‫حوله عابر يف نسيج أحداث الرواية ‪.‬‬ ‫وكم���ا تنقس���م سوس���ة ب�ي�ن ش���خصية الطب���ال‬ ‫املركزي���ة وش���خصية الفقي���ه حتي���ك الرواي���ة‬ ‫نس���يجها الس���ردي‪ ،‬ويوض���ح النيه���وم تراجيديا‬ ‫ش���خصيته من خالل هذا االنقس���ام الذي يعانيه‬ ‫مس���عود الطب���ال يف منولوج���ه وأحالم���ه وأحالم‬ ‫زوجه ‪.‬‬ ‫إذا املسألة الدينية هنا تندس يف نسيج الشخصية‬ ‫الداخلي وتفجر وجدانه وتشظي نفسه ‪.‬‬ ‫ ه���ل الطب���ال عبد مارق كما يقول الفقيه ‪:‬‬‫يقول الطبال لنفسه ؟‬ ‫الروائي جرد أحداث روايته من أي مسائل أخري‪،‬‬ ‫وجع���ل ط���رف امليكنة كم���ا طرف أجن�ب�ي يثري‬ ‫املس���ألة لكنه لي���س جزءا داخليا منه���ا ‪ ،‬ولعل هذا‬ ‫ما جعل اإليطاليني يف الرواية ش���خصيات ثانوية‬ ‫رغم مركزيتها ‪.‬‬ ‫الرواي���ة تنته���ي وق���د فش���ل مس���عود الطب���ال يف‬ ‫حتقيق مش���روعه ‪ ،‬لكن يبقي يف مسرود الرواية‬ ‫ عن���د القارئ احلصيف ‪-‬كمش���روع لرواية من‬‫مكة إلي هنا ‪.‬‬ ‫إن النيه���وم يكش���ف ع���ن جدارت���ه بإثارة املس���ألة‬ ‫الدينية كس���ارد دون أن يقع حتت ثقل مس���ألة‬ ‫كهذه ‪.‬‬


‫‪16‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫من وحي االنتخابات‬

‫لو ّ‬ ‫كنت نائبًا لقلت ماال يقال‬ ‫عرف���ت ليبي���ا معن���ى االنتخاب���ات ‪ ،‬حينم���ا‬ ‫ولدت ‪ ، 1952‬الختي���ار أعضاء (الربملان) ‪ ،‬وتعين‬ ‫م���كان ال���كالم ‪ ،‬نياب���ة ع���ن اجلماهري ‪ ،‬ملمارس���ة‬ ‫الس���لطة التش���ريعية ‪ ،‬ومراقبة احلكومة ‪ ،‬تشّبهاً‬ ‫بدميقراطي���ة بريطانيا اليت هلا قرون ‪ ،‬يس���مونه‬ ‫جملس الل���وردات ‪ ،‬وأع���م منه جمل���س العموم ‪،‬‬ ‫مايش���به ‪ ،‬م���ع الف���ارق ‪ ،‬جملس األم���ة وجملس‬ ‫الشيوخ‪.‬‬ ‫ويف العه���د اإليطالي اخت�ي�ر النوّاب حتت قبة‬ ‫(املبعوثان) وقيل فيه ‪:‬‬ ‫مبعوثان وشيخ مشايخ ‪،‬‬ ‫حديثاً كايخ ‪،‬‬ ‫يفرغ غري أوكال طبايخ ‪،‬‬ ‫مبعوثان وشيخ البنده ‪،‬‬ ‫والطلياني جر بنده ‪.‬‬ ‫وأس���وأ ما أس���فر عنه صراع ‪ ، 1952‬وأد احلزبية‬ ‫املعارضة ‪ ،‬بإقصاء بشري السعداوي حبجة منحه‬ ‫اجلنس���ية الس���عودية ‪ ،‬ول���و التج���أ إىل القض���اء‬ ‫ألنصف���ه كما أنصف عل���ي الذيب بإلغ���اء األمر‬ ‫امللكي حبل اجمللس التشريعي ‪.‬‬ ‫تكمل كيان الدولة‬ ‫وهكذا السلطة القضائية ّ‬ ‫الدميقراطية ‪.‬‬ ‫وإع�ل�ان دس���تور اجملل���س االنتقال���ي املؤق���ت ‪،‬‬ ‫مس���اه املؤمت���ر الوط�ن�ي الع���ام ‪ ،‬آم���ل أن يصحح‬ ‫ّ‬ ‫امسه ‪ ،‬فاملؤمتر يعين التش���اور والتآمر ‪ ،‬والوطين‬ ‫خالف األجنيب والعام نقيض اخلاص ‪ ،‬والصواب‬ ‫جملس النوّاب‪.‬‬ ‫* أم���ا أن يق���ال للعائدي���ن عندكم جنس���يات‬ ‫أجنبية ‪ ،‬فبئس القول ما قالوا‪ ،‬خالف اإلنس���انية‬ ‫اليت آوت هؤالء املهاجرين ‪ ،‬دون أن تطلب تنازهلم‬ ‫عن هويّتهم ‪ ،‬فهذا هو االضطهاد واإلقصاء ‪ ،‬وهي‬ ‫نقطة سوداء يف باكورة ‪ 17‬فرباير ‪.‬‬ ‫* إس���رائيل أمي���ا يه���ودي يط���أ أرض امليعاد له‬ ‫كامل احلقوق ‪،‬‬ ‫* وإيطاليا حتى اآلن من حيمل جنسيتها يتم ّتع‬ ‫باملزايا ألنه ولد يف ظل حكمها للمستعمرات ‪.‬‬ ‫* ودستور اململكة ال جييز اجلمع ‪ ،‬مبعنى عند‬ ‫طل���ب التج ّنس ‪ ،‬أم���ا الليبيون فحقهم مكتس���ب‬ ‫حيميه الدستور‪.‬‬ ‫وعرف���ت انتخاب���ات الحق���ة منه���ا اجملال���س‬ ‫التشريعية يف الواليات ‪ ،‬وقوانينها شاهدة زاخرة‬ ‫بالروح الرياضي���ة والدميقراطية رغم التعصب‬ ‫القبلي ‪ ،‬وقد فاز بوج���اراهلل لعثوره على كميات‬ ‫ذهب بس���احل سوس���ة و يف أول جلسة نال شهادة‬ ‫باإلمج���اع ‪ ،‬ليم ّت���ع ناخبيه بأغاني���ه ‪ ،‬و أراه أعقل‬ ‫من اإلخواني الذي أ ّذن مبجلس الش���عب املصري‬ ‫‪ ،‬وهناك من فاز على منافس���ه بالطعن يف أم ّيته ‪،‬‬ ‫ويف التش���ريعي طعن منري البعباع يف عقلية عبد‬ ‫احلمي���د النيه���وم ‪ ،‬ال���ذي كانت دعاية ل���ه ‪ ،‬بأنه‬ ‫املرش���ح الوحيد الذي حيمل ش���هادة تثبت صحة‬ ‫ق���واه العقلي���ة ‪ ،‬وال أظ���ن من بني مرش���حينا من‬ ‫حيمل شهادة العقالنية ‪.‬‬ ‫وقد ش���اب انتخابات ‪ 1964‬جت���اوزات وإجراءات‬ ‫تذم���رت منه���ا معظ���م الدوائ���ر ‪ ،‬مما جع���ل امللك‬ ‫ّ‬ ‫يستجيب حلل اجمللس وإعادة االنتخابات ‪1965‬‬ ‫‪ ،‬واليت مل جتدد بعد أيلول األسود ‪. 1969‬‬ ‫خالصة املقدّمة كان هناك ملك فريد ودس���تور‬ ‫عتيد وشعب رشيد ‪.‬‬ ‫ه���ب الليبي���ون والليبي���ات ‪ ،‬إميان���اً منه���م‬ ‫واآلن ‪ّ ،‬‬ ‫بأحقيته���م يف تكوي���ن دولته���م كبقي���ة األم���م‬ ‫املتحض���رة جب���دارة ث���ورة ‪ 17‬فرباير ال�ت�ي ردّت‬ ‫إليه���م االعتب���ار ‪ ،‬وكادت املواجه���ة تعصف بهذا‬ ‫املغنم ‪ ،‬لتحام���ل اجلهالة مع النذالة مع العمالة‬ ‫‪ ،‬ثال���وث دعاة التجزئة املغرر بهم وأدعياء التديّن‬

‫سليمان عوض الفيتوري‬

‫السلفي ش���ريكني يف الراية السوداء ‪ ،‬واحلاقدون‬ ‫ث���أراً من فل���ول الطاغية اجمللّلة باخل���زي والعار‬ ‫‪ ،‬هدفه���م منع التصوي���ت ‪ ،‬يبغون إش���عال الفتنة‬ ‫‪ ،‬لالنفص���ال ‪ ،‬ولالنتق���ام ‪ ،‬وللث���أر ‪ ،‬ولتحري���م‬ ‫الدميقراطي���ة ‪ ،‬دع���اة احلج���اب وق���د انكش���فت‬ ‫دعوته���م ‪ ،‬ودعايته���م ‪ ،‬ال بال���كالم ب���ل باألفع���ال‬ ‫بالتخري���ب واإلره���اب إىل االغتي���ال علن���اً أرضاً‬ ‫وج���واً ‪( ،‬أربع���ة ضحاي���ا) س���قطوا فداء املس�ي�رة ‪،‬‬ ‫ال�ت�ي زادت عنفواناً حتدي���اً وإص���راراً يف مواجهة‬ ‫التجزئة ‪ ،‬الضالعني يف ركاب التطرف الس���لفي‬ ‫وخل���ف فل���ول الطاغ���وت اليائس�ي�ن م���ن ترجيع‬ ‫عقارب الساعة ‪.‬‬ ‫فالنج���اح أذهله���م ليموت���وا بغيظهم ووراءهم‬ ‫القض���اء قصاصاً ‪ ،‬لئال تذهب دماء األربعة هدراً ‪،‬‬ ‫فهم شركاء عصبة بالتحريض واملساعدة ‪.‬‬ ‫اجمللس االنتقالي‬ ‫(يف خل���وة النج���ع) ب���رز مصطفى عب���د اجلليل ‪،‬‬ ‫وكان جدي���راً باملؤازرة ‪ ،‬وس���بق لس���يف توظيفه‬ ‫كم���ا ّ‬ ‫وظ���ف الصالبي ليج��� ّر العرب���ة بعيداً عن‬ ‫األلغ���ام لكن���ه تن ّك���ب الطري���ق اكتف���ا ًء بلوحتها‬ ‫الليبي���ة ‪ ،‬وإن مل يث���ن عل���ى س���اركوزي ال���ذي‬ ‫ً‬ ‫رج�ل�ا يف وزن‬ ‫اس���تهدفوه كمنش���ق فق���د كان‬ ‫ديغول ‪ ،‬ولعله على علم ِبوَكر الدعارة ‪ ،‬بأكثر‬ ‫من ش���لقم الذي عاش���رهم يف خمدع الس���ر ‪ ،‬وقد‬ ‫س���ئل على اهلواء عن التوري���ث فنفاه ‪ ،‬ألن اإلبداع‬ ‫هب���ة ‪ ،‬كنجي���ب حمف���وظ ‪ ،‬وضرب ً‬ ‫مث�ل�ا بعدم‬

‫احمللية املدنية من مؤمترات شعبية وأمن وقضاء‬ ‫وصح���ة وزراع���ة ‪...‬إخل ‪ ،‬لك���ن االنتقالي تس���ّلط‬ ‫عليها ‪ ،‬ليتعّلم احلجامة يف رؤوس اليتامى ‪.‬‬ ‫املدسرتين‬ ‫ويف ‪ 7/7‬أف���رزت الصنادي���ق الش���رعية انعتاق���اً‬ ‫وجهتها الدستور ‪.‬‬ ‫(املدس�ت�رين) وص���ف أطلق���ه إم���ام اليم���ن عل���ى‬ ‫الس�ل�ال ‪.‬‬ ‫املطالب�ي�ن بالدس���تور إرهاصاً النقالب ّ‬ ‫أما املدستورن عندنا فعددهم جياوز مجاعة علي‬ ‫بابا ‪ ،‬من الصالبي وحتى إعالن االنتقالي ‪ ،‬الذي‬ ‫نص على ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫(إلغاء الوثائق والقوانني ذات الطبيعة الدستورية‬ ‫املعم���ول به���ا قب���ل ‪ )2011/8/3‬أي م���ا بع���د‬ ‫‪، 2011/2/17‬‬ ‫ومؤدى هذا اإللغاء ‪ :‬إقرار بش���رعية تلك الوثائق‬ ‫الدس���تورية ال�ت�ي ه���ي اإلع�ل�ان الدس���توري يف‬ ‫‪ 1969/12/11‬ال���ذي يلغ���ي دس���تور اململك���ة‬ ‫الص���ادر يف ‪ ، 1951/10/7‬مع النص على نفاذه‬ ‫حتى الدس���تور الدائ���م ‪ ،‬غ�ي�ر أن صاحبه جتاهله‬ ‫ظن���اً من���ه أن الوثيقة اخلضراء ال�ت�ي مل تعرض‬ ‫حتى عل���ى املؤمترات تعطيه كرس���ي الدميومة‬ ‫وهي ال تعدو (كالم الليل املدهون بزبدة)‬ ‫ومبفهوم منطقي واقعي ‪:‬‬ ‫أن إلغ���اء دس���تور االنق�ل�اب ال���ذي ألغى دس���تور‬ ‫اململك���ة يعين عودة دس���تور اململكة إىل ش���رعيته‬ ‫اليت كان عليها ‪ ،‬بوضع األمور يف نصابها وإعادة‬ ‫احلقوق إىل أصحابها ‪ ،‬أليس كذلك؟‬ ‫أين الشرعية إذاً ؟‬ ‫ش���رعية الغلبة ‪ ،‬انق�ل�اب كان أم ث���ورة ‪ ،‬إىل أن‬ ‫يس���تتب هل���ا األم���ن ال من���اص م���ن الرج���وع إىل‬ ‫الشعب صاحب احلق يف رسم ( خريطة الطريق)‬

‫تصدي���ق الش���ائعات‪ :‬إذا قيل عين أ ّن���ي حامل وأنا‬ ‫رجل (يف الكت���اب األخضر ‪:‬املرأة حتيض والرجل‬ ‫ال حييض)‪.‬‬ ‫والرئيس الفرنس���ي مرتان ‪ ،‬ينسب إليه قوله ‪ :‬لو‬ ‫علم هذا الش���عب كيف حيكم ألصيب بالذهول ‪،‬‬ ‫وعن هذا وغريه احلديث يطول‪.‬‬ ‫بلدي��ة بنغ��ازي ‪ ،‬أطلق���ت اس���م اميي���ل س���ان ل���و ‪،‬‬ ‫رجح صوته كف���ة ليبيا يف‬ ‫ممث���ل هايييت ال���ذي ّ‬ ‫األم���م املتحدة ‪ ،‬وطمس���ه القذايف ‪ ،‬فهل س���يك ّرم‬ ‫ساركوزي يوم ‪ 19‬مارس ؟ ويعاد شارع سان لو‪،‬‬ ‫ولكن للبلية ‪ ،‬ال حمافظة وال بلدية ‪.‬‬ ‫* واالنتقالي بأعضائه ‪ ،‬وهيئة الدعم واملش���ورة‬ ‫وحري���ة اإلعالم (كدراويش الزوايا فقدو ش���يخ‬ ‫الطريق���ة) ‪ ،‬حي���ارى ب�ي�ن التجدي���د والتقلي���د ‪،‬‬ ‫وكان األوىل قبول احلياة على عالتها بش���ؤونها‬

‫بلغت���ه ال ع���ن طري���ق الرتمج���ة ‪ ،‬وهن���اك عنوان‬ ‫للشرعية ‪ ،‬على ميادين العدد ‪ ، 12‬وعلى الشبكة‬ ‫(جيل ليبيا) فيها اجلواب ‪.‬‬ ‫والتم���س بع���ض فقه���اء الدس���تور ش���رعية‬ ‫املنجزات‬ ‫وانق�ل�اب ‪ 1969‬مل يكتس���ب ش���رعية ش���عبية‬ ‫بانتخاب أو استفتاء ‪ ،‬من منشئه إىل منتهاه ‪ ،‬غزو‬ ‫وغدر وتسّلط وقهر وسلب ونهب حروب ونكبات‬ ‫وإسقاط طائرات‪.‬‬ ‫وإىل أن حطمت الطغيان القوة العظمى بشرعية‬ ‫القرار ‪ ، 1973‬إنقاذاً للمس���تضعفني وتكفرياً عن‬ ‫مدّهم يف طغيان صنيعتهم الرقطاء‪.‬‬ ‫وأم���ا املنج���زات ف�ل�ا وجه للقي���اس مبا جرى‬ ‫يف الع���امل خالل األربعة عقود ‪ ،‬فق���د ازداد الفقر‬ ‫واملرض ‪ ،‬ونس���بة اجلرائ���م واالحنطاط اخللقي‬

‫واليأس من العدالة االجتماعية ‪ ،‬فبعد االستيالء‬ ‫عل���ى النف���ط غصب���ت ممتل���كات األف���راد جتارة‬ ‫ونش���اطاً مع خفض س���عر الص���رف ‪ ،‬واملعتقالت‬ ‫واهلجرة ضغوط نفس���ية وال من جميب ‪ ،‬ش���رقاً‬ ‫وغرباً سوى الشامتني ‪.‬‬ ‫حصيلة ذل���ك انع���دام الش���رعية ‪ ،‬فالباطل يظل‬ ‫ً‬ ‫باط�ل�ا مهما طال عي���ه الزم���ن (إن الباطل كان‬ ‫زهوقاً) ‪،‬‬ ‫وأح���كام ومب���اديء الدس���اتري ال تتق���ادم كحق‬ ‫طبيعي راسخ يف الوجدان‪.‬‬ ‫فاللص الذي خطف الس���لطة زال بهتانه وحبط‬ ‫ما ترتب علي���ه ‪ ،‬لتعود االمور إىل ما كانت عليه‬ ‫‪ ،‬أي ال مجهوري���ة وال مجاهريي���ة ‪ ،‬إمن���ا مملك���ة‬ ‫ليبية بعلمها ونشيدها يف ظل دستورها ‪ ،‬الذي ال‬ ‫يلغي���ه إعالن ‪ 1969‬وال إع�ل�ان ‪ ، 2011‬املرجتل‬ ‫بدون رويّ���ة الجتياز املرحلة القلقة ‪ ،‬فهو املؤقت‬ ‫االنتقال���ي إىل الدس���تور الدائم ‪ ،‬ذه���و ً‬ ‫ال عن عدم‬ ‫احلاجة إليه‬ ‫(كالعي���س يف الصح���راء يقتلها الظم���أ ‪ ،،،‬واملاء‬ ‫فوق ظهورها حممول)‬ ‫(أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خري) ؟‬ ‫فه���و أش���به بعقد من م���أذون ش���رعي على حمل‬ ‫مشغول ‪ ،‬فمن يحَ ُ ول دون الدخول؟‬ ‫أخذا مبا س���لف وللمصلحة العامة ‪ ،‬من األفضل‬ ‫تدارك األمر بعرض العمل بدستور اململكة ‪ ،‬ولو‬ ‫س���ئلت األمم املتحدة اليت أق ّرته ملا ترددت بإفادة‬ ‫س���ريانه ‪ ،‬لعدم ش���رعية الغصب ‪ ،‬وألنه األصلح‬ ‫حالياً ومستقب ً‬ ‫ال ‪.‬‬ ‫غ�ي�ر أن النف���ور م���ن امللكي���ة ‪ ،‬نتيج���ة أب���واق‬ ‫االنقالبيني العرب واالحنراف باآلية ‪( :‬إن امللوك‬ ‫إذا دخلوا قرية أفسدوها)‬ ‫لكن األرذلني داسوا رقاب العباد ‪ ،‬يف مصر وبغداد‬ ‫‪ ،‬واليمن وإيران ‪ ،‬ويف ليبيا ‪ ،‬وقد جنا األردن كما‬ ‫جنا املغرب والس���عودية ‪ ،‬من لعبة الكراسي حتى‬ ‫إش���عار آخر ‪ ،‬والواقع أن األنظمة العربية رهينة‬ ‫النظام العاملي ‪.‬‬ ‫أين امللك؟‬ ‫واملَ​َلكية يف ليبي���ا ّ‬ ‫معطلة (انتقالياً) لتجاهل امللك‬ ‫الش���رعي مبقتضى الدستور وتنازل امللك إدريس‬ ‫‪ ،‬باني صرح االستقالل‪.‬‬ ‫* قص���ارى الق���ول على املؤمت���ر املنتخب دعوة‬ ‫حممد احلس���ن الرضا السنوس���ي ليتب���وأ مقعده‬ ‫بإجيابي���ة ‪ ،‬وإن تع��� ّذر ذل���ك فما علي���ه إال اختيار‬ ‫ثالث���ة رج���ال م���ن الش���رق والغ���رب واجلنوب ‪،‬‬ ‫أوصي���اء عل���ى العرش حت���ى يتم تعديل دس���تور‬ ‫اململكة إىل مجهورية وإدخ���ال من التعديالت ما‬ ‫يواكب احلقبة الراهنة ‪،‬‬ ‫و ال تثريب عليه يف اس���تطالع رأي األمم املتحدة‬ ‫إن ُغ َّم عليه األمر ‪،‬‬ ‫وال غضاض���ة يف التم���اس الفتوى م���ن اجلمعية‬ ‫العمومية لدى احملكمة العليا ‪ ،‬ش���عبة التش���ريع‬ ‫والفت���وى ‪ ،‬استئناس���اً بالئح���ة س���نة ‪، 1953‬‬ ‫م���ن حي���ث ع���ودة دس���تور اململك���ة إىل م���ا كان‬ ‫علي���ه ‪ ،‬فهو أش���به بع���ودة املغرتب�ي�ن إىل ديارهم ‪،‬‬ ‫باعتبار عهد االنقالب غري ش���رعي ‪ ،‬فاملس���ألة يف‬ ‫غاي���ة اجلد وعلى جمل���س االمة (والتس���مية يف‬ ‫دس���تور اململكة) ‪ ،‬من موقع املس���ئولية ‪ ،‬مناقش���ة‬ ‫الدس���تورية املغتصب���ة ‪ ،‬بالبحث ع���ن خطأ واحد‬ ‫يدعو إىل االنقالب‪.‬‬ ‫ويف النهاي���ة اس���تفتاء الش���عب فإع�ل�ان عب���د‬ ‫اجللي���ل ع�ل�اوة عل���ى م���ا س���لف ال يع���دو العمل‬ ‫بالتيمم يف حضور املاء يف دار اإلفتاء‪.‬‬ ‫ّ‬


‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫‪17‬‬

‫تأمالت ليبية‬ ‫‪1‬‬

‫الثورة مل تتمكن بعد‪:‬‬

‫إن كان���ت ثورتن���ا عل���ى أف���راد فلق���د حتقق���ت‬ ‫بالقضاء على رمز الس���لطة املس���تبدة وان كانت‬ ‫ثورتنا على نظام مس���تبد فه���ي مل تتحقق بعد ‪،‬‬ ‫الثورة على األفراد ليس���ت كالثورة على النظام‬ ‫‪ ،‬هن���اك ف���رق شاس���ع ‪ ،‬ل���ن يتغري النظ���ام مبوت‬ ‫األفراد ولكن يتغري النظ���ام بتغري النظام الكلي‬ ‫للدول���ة واجملتمع‪ ،‬يتغري بتغري حياة ومعيش���ة‬ ‫وسلوك األفراد ‪ ،‬االستبداد ال زال مستمراً بطرق‬ ‫خمتلف���ة متمثال يف فلول النظ���ام املقبور وأيضا‬ ‫باس���م الثورة والثوار واملتسلقون اجلدد‪ ،‬والفساد‬ ‫ال زال مستشريا حتى وان تغريت بعض واجهاته‬ ‫‪ ،‬املواطن ال زال يش���عر باالغ�ت�راب داخل وطنه‪،‬‬ ‫واملركزية تكبل أحالم من ال واسطة له ‪ ،‬حنن‬ ‫نعيش يف وطن ال يتس���اوى فيه اجلميع‪ .‬الثورة‬ ‫مل تتحق���ق بع���د ‪ ،‬كان���ت أداة إرهابي���ة واح���دة‬ ‫وأصبحت مليشيات متعددة‪ ،‬كانت سلطة قائد‬ ‫مهووس وأصبحت س���لطة أم���راء حرب‪ ،‬كانت‬ ‫نظري���ة ثالث���ة ملفق���ة وأصبحت رؤى س���لفية‬ ‫وهابي���ة متزمتة تهدد باإلره���اب وتلوح بفرض‬ ‫م���ا ت���راه بق���وة الس�ل�اح ‪ ،‬كان���ت قبيل���ة واحدة‬ ‫تتمرك���ز عل���ى رأس الس���لطة‪ ،‬أصبح���ت قبائل‬ ‫متعددة تتناحر على مركز يف السلطة‪.‬‬ ‫أنن���ا ال زلن���ا س���نعيش أزم���ة النظ���ام الش���مولي‬ ‫املتحك���م ‪ ،‬حي���ث تك���ون في���ه الرؤي���ا السياس���ية‬ ‫املغلقة‪ ،‬س���واء لبس���ت عباءة الشعبية أم القومية‬ ‫أم الديني���ة ه���ي الفيص���ل الوحي���د والدائ���رة‬ ‫املس���دودة النوافذ علي اآلخرين‪ .‬الش���د واجلدب‬ ‫اآلن بني حماول���ة البعض إلعادة جتربة النظام‬ ‫الش���مولي املغل���ق وحماولة البع���ض األخر بناء‬ ‫نظ���ام مفت���وح تتحق���ق في���ه إمكان���ات احلري���ة‬ ‫واإلب���داع ‪ ،‬أم���ا الغالبي���ة الباقي���ة فه���ي الغالبية‬ ‫الصامتة الس���اكنة واملتفرجة على مس���رحية‬ ‫ميكن أن نسميها لننتظر ما ستسفر عنه األمور‪.‬‬ ‫م���ا نطمح إليه هو ثورة املس���تقبل مبا حتمله من‬ ‫نظام جديد يرس���خ احلري���ة وال يكبلها ‪ ،‬ميارس‬ ‫الدميقراطي���ة وال جيمدها ‪ ،‬يرنوا إىل مس���تقبل‬ ‫زاهر ينعم فيه الكل وليس القلة باخلري والرخاء‪.‬‬ ‫فاملطلب هو تغري النظام وليس تغري الواجهات‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫الشرعية ال تستمد من القوة‪:‬‬ ‫م���ن كان األق���وى باألم���س ه���و ضعي���ف اليوم‬ ‫ومن ه���و قوي اليوم ق���د يصبح ضعيف���ا يف الغد‪.‬‬ ‫الق���وة متكن���ك م���ن احلك���م طاملا كن���ت األقوى‬ ‫ولكن حكم القوي يس���تمر إىل أن تأتي قوة أقوى‬ ‫تزيل���ك من الس���يادة‪ .‬م���ا يعتقده قادة املليش���يات‬ ‫اآلن أن بإمكانه���م ف���رض إرادتهم عل���ى الدولة‬ ‫ألنه���م ميتلك���ون الق���وة يف دول���ة ضعيف���ة ‪،‬‬ ‫وحبس���ب املعطيات يعتقدون أن بإمكانهم حس���م‬ ‫األم���ور لص���احل رغباته���م وتوجهاته���م الفكرية‬ ‫واإليديولوجية ‪ .‬نقول أن الشرعية اليت تأتي عن‬ ‫طريق القوة ليس���ت بش���رعية الرض���ي والقبول‬ ‫اإلرادي ب���ل ه���ي من قبل س���لطة األق���وى ‪ ،‬وهي‬ ‫س���لطة آنية قد ت���زول حبلول ق���وة أخري اقوي‬ ‫منها‪ .‬ال بد أن نتمس���ك بش���رعية القبول اإلرادي‬ ‫وقد جتس���دت اآلن يف املؤمتر الوط�ن�ي العام ‪ ،‬أي‬ ‫خ���روج عن ذلك هو خروج عن ما قامت من أجله‬ ‫الث���ورة م���ن رفض لالس���تبداد وال���رأي األحادي‬ ‫وتغيب إلرادة األمة من جهة وإقامة نظام مدني‬ ‫دميقراطي حيقق اخلري العام للجميع من جهة‬

‫حممد الراعي‬ ‫أخ���رى‪ .‬النظريات الش���مولية القائمة على مبدأ‬ ‫القوة توحدها خصائص واحدة يف الرؤى واملنهج‬ ‫وان اختلف���ت مظاهره���ا ‪ ،‬اليس���ار ن���ادي بقي���ادة‬ ‫احلزب ودولة البلوريتاريا وانتهى بدكتاتورية‬ ‫القل���ة‪ ،‬القومي���ون طالب���وا بالوحدة على حس���اب‬ ‫الش���عوب العربي���ة ال�ت�ي ال زال معظمه���ا يعيش‬ ‫بعقلية القبيلة والعش�ي�رة ‪ ،‬الس���لفيون يطالبون‬ ‫بإقام���ة دولة اخلالفة الراش���دة ال�ت�ي تنتمي اىل‬ ‫املاض���ي وال���دي وىل ول���ن يع���ود‪ .‬الش���مولية يف‬ ‫التفكري تلغي الفرد ‪ ،‬وإمكاناته وإبداعاته‪ ،‬تبحث‬

‫ع���ن النمطي���ة ولي���س عل���ى التجدي���د ‪ ،‬تقدس‬ ‫املاض���ي وال ننظ���ر اىل املس���تقبل ‪ ،‬تتجمه���ر وراء‬ ‫واو اجلماع���ة وتغي���ب الف���رد ‪ .‬تلج���أ إىل الق���وة‬ ‫وال حتب���ذ القب���ول اإلرادي‪ .‬م���ا نري���د أن نؤكد‬ ‫عليه ه���و أن مب���دأ القوة هو على ط���رف نقيض‬ ‫م���ن مبد ألش���رعية القائ���م على االختي���ار احلر‬ ‫واإلرادة احلرة‪ .‬لن نس���مح لثورتنا بالنكوص من‬ ‫قبل مليش���يات ال تنظر إال يف ما حيقق مكاسبها‬ ‫ومصاحلها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫عندما تتحول الدولة إىل مؤسسة فاسدة‪:‬‬

‫يصب���ح القان���ون ب���دون ق���وة تنق���ده‪ .‬ال ميتث���ل‬ ‫فيها األف���راد للقانون بل يتعالون عل���ى القانون‪.‬‬ ‫إن ش���كل القان���ون حاجزا ضد فس���ادهم يقومون‬ ‫بااللتفاف علية‪ .‬كل الوظائف للدوائر احمليطة‬ ‫‪ ،‬كل الق���رارات لص���احل حلق���ات الفس���اد ‪ .‬يف‬ ‫الدولة الفاس���دة مقاييس العطاءات تفصل على‬ ‫ش���ركات معينة وحمددة وملن يدفع أكثر من‬ ‫العموالت ‪،‬الشركات املتعددة اجلنسيات تنتشر‪،‬‬ ‫وعملي���ات غس���يل األم���وال مباح���ة‪ .‬يف الدول���ة‬ ‫الفاس���دة تعرقل البريوقراطية مص���احل الناس ‪،‬‬

‫املوظفون من األقرباء والقبيلة واملنطقة‪ ،‬تعيني‬ ‫الوظائ���ف لي���س عل���ى أس���اس الكفاءة ب���ل على‬ ‫أساس املعرفة والصداقات والرتضيات‪ ،‬ال خياف‬ ‫املوظف���ون فيها العق���اب اإلداري أو إعفائهم من‬ ‫الوظيف���ة ‪ ،‬فالوظيف���ة حمفوظة طامل���ا بقى رب‬ ‫النعم���ة يف منصب���ة‪ ،‬االجن���از يف العمل وخدمة‬ ‫املواطن�ي�ن ليس مطلوب‪ ،‬ب���ل املطلوب هو التملق‬ ‫ملدي���ر العم���ل وأصح���اب املراك���ز العلي���ا‪ ،‬قد ال‬ ‫يقف الفس���اد يف دولة الفس���اد عند الفس���اد املالي‬ ‫أو اس���تخدام أو حي���ازة أو االعت���داء عل���ى أمالك‬ ‫الدول���ة واجملتمع بل تتعدها إىل انتش���ار حلقات‬ ‫الفس���اد األخالق���ي م���ن طع���ن يف الذم���م إىل‬ ‫حماول���ة النيل من اآلخرين ألس���باب أنانية إىل‬ ‫انتش���ار دور املخدرات والدع���ارة‪ .‬الكل يلهث وراء‬ ‫حلقات الفس���اد حتى وأن كان ال���كل يلعنها‪ .‬يف‬ ‫دولة الفس���اد يعي���ش املواطن مغ�ت�رب يف وطنه ‪،‬‬ ‫أحس���اس بالدونية وعدم ثقة بالنفس‪ ،‬ال قانون ‏ “أرفع راسك فوق ‪ ،‬أنت لييب حر”‏‪:‬‬ ‫حيميه من دوائر الفس���اد‪ ،‬ال���كل ينهش يف راتبه شعار جسد اهلوية الليبية رفعته ثورة ‪ 17‬فرباير‬ ‫و دخلة‪ ، ،‬فكل ش���يء بثمنه‪ ،‬ال بد ان تبين شبكة بعفوي���ة لكنة حيم���ل دالئل كب�ي�رة ‪ ،‬ميكن ان‬ ‫م���ن العالق���ات االجتماعي���ة إن أردت أن تس���هل نق���ول انها تلخ���ص ما‏قامت م���ن اجل���ه الثورة‪..‬‬ ‫اجراءات���ك ‪ ،‬من احلصول على وظيفة حتى وان اخلطاب موج���ه للمواطن وهو حيم���ل يف طياته‬ ‫كن���ت متل���ك املؤه�ل�ات واخلربة ‪ .‬م���ن التموين بعد زماني ومكاني‪،‬‏فالزمان يعين حلظات الثورة‬ ‫املدعوم من الدولة حتى ‪ ،‬إلي املعامالت البنكية وتواج���د ال���ذات الليبية املنتفض���ة وهي تعرب عن‬ ‫‪ ،‬إلي الفوز بعطاء من الدولة ‪،‬اىل حتويل العملة رفضها للواقع املرير‏وثورتها من أجل املس���تقبل‬ ‫‪ ،‬إىل الع�ل�اج يف اخل���ارج للحاالت املس���تعصية ‪ ، ،‬أما املكان فهو ميادين وش���وارع ليبيا من أقصاها‬ ‫كمس���رح للتجمعات‬ ‫إل���ي أقصاه���ا‏اس���تخدمت‬ ‫ٍ‬ ‫والرفض واالس���تعداد للمنازلة واإلمساك بزمام‬ ‫األم���ر بع���د أن اغ�ت�رب‏‏ الوطن عن ال���ذات بفعل‬ ‫انقالب س���بتمرب املش���ؤوم و ملدة تزيد على أربعة‬ ‫عق���ود‪.‬‏الش���عار “أنت لييب ح���ر” رف���ع باختصار‬ ‫باس���م اللييب جبمي���ع مكوناته ومب���ا حيمله من‬ ‫ش���خصية فري���دة‏يف التاري���خ‪ .‬انه ش���عار حيمل‬ ‫اهلوية ومكنوناتها يف حلظات الثورة حيمل تاريخ‬ ‫املاضي وال���ذي‏يرجع اىل آالف الس���نني يف عمق‬ ‫الصحراء الليبية ‪ ،‬حيمل الثقافة املثوارثه أبا عن‬ ‫جد وهي‏حصيلة من النسيج االجتماعي وثقافة‬ ‫انطبعت على مر العصور على أنها ليبية ‪ ،‬حيمل‬ ‫أيض���ا‏مورثاتن���ا اإلس�ل�امية مبذاهبه���ا وزواياها‬ ‫الصوفي���ة وحركاته���ا اإلصالحي���ة ‪ ،‬حيم���ل‬ ‫العادات والتقاليد ‏واللغ���ات العربية واألمازيغية‬ ‫ومب���ا فيه���ا من تع���دد يف اللهج���ات ‪ ،‬حيمل أيضا‬ ‫اىل بعث���ة يف اخلارج حتى وان كنت من األوائل‪ ،‬احلكاي���ات‏املتوارثة واألهازيج والش���عر واألغاني‬ ‫اىل استخراج جواز سفر ‪ ،‬اىل تسريح بضاعتك أو ‪،‬كل هدا وغريه اختصر يف كلمة لييب وليبية ‪،‬‬ ‫س���يارتك من املواني ‪ ،‬حت���ى احلصول على هاتف ال حيق ألي من‏هده املكونات أن يدعي أنه املكون‬ ‫وخدم���ات االنرتن���ت اخلاصة ال بد أن تس���تخدم األساسي والوحيد للهوية الليبية ‪ ،‬بل أنها مجيعا‬ ‫وبتفاعلها‏تعين كلمة واحدة وهي لييب وليبية‪.‬‏‬ ‫واسطة‪ .‬كل شيء للبيع يف دولة الفساد‪.‬‬ ‫ت���وج ه���ذا الش���عار بش���عار احلري���ة ‪ ،‬وب���أن ه���ده‬ ‫‪4‬‬ ‫‏ احلكومة تعاني من السمنة املفرطة ‪:‬‬ ‫الذات ال�ت�ي خرج���ت للتظاهر والتم���رد هي ذات‬ ‫ال���كل يتح���دث ع���ن احلكوم���ة وم���ا س���تقوم ب���ه ح���رة‏ترف���ض القي���ود واالس���تبداد واالس���تعباد ‪.‬‬ ‫احلكومة والتحول من مرحلة حكومة‏التمس���اح خلصت هده الكلم���ة مطالب ثورة ‪ 17‬فرباير يف‬ ‫اىل حكوم���ة التنني ‪ ،‬وم���ن احلكومة اليت ترتاوح أن الش���عب هو مصدر الس���لطات وان ال‏ش���رعية‬ ‫يف مكانه���ا اىل احلكوم���ة العمالق���ة ‪ ،‬أمل حي���ن لس���لطة بدون موافق���ة ورضا الش���عب ‪ ،‬خلصت‬ ‫‏الوق���ت ألن نتح���دث عن ختس���يس هذا اجلس���م أيضا أن احلرية تتضمن الكثري والكثري وال‏حيق‬ ‫املرته���ل والدخ���ول يف مش���اريع ‏خصخص���ة ألح���د كبحه���ا او املس���اس منها ‪ ،‬فه���ي احلق يف‬ ‫املؤسس���ات والتخلص من نظ���ام البطالة املقنعة احلياة احلرة وهي احل���ق يف حرية التعبري وهي‬ ‫والبريوقراطي���ة املقيت���ة ‏واملؤسس���ات الفاش���لة ‏احلق يف التجمع وتكوين األحزاب وهي احلق يف‬ ‫والفاس���دة؟ أمل حي���ن الوق���ت لتخفي���ف وزن املس���اواة مع اآلخرين وهي احلق يف عدم التمييز‬ ‫احلكوم���ة‪ ،‬وأن نتح���دث ع���ن االجن���ازات ‏بلغ���ة ‏على أس���اس الل���ون أو الع���رق أو اجلن���س أوالغة‬ ‫األرق���ام؟ كلم���ا زاد حج���م احلكوم���ة زادت وه���ي احل���ق يف االعتق���اد الديين وه���ي احلق يف‬ ‫املصروف���ات وتغلغلت البريوقراطية واس���تفحل حي���اة‏ح���رة كرمي���ة ‪ ،‬كل هذا ويزي���د خلصه‬ ‫الفس���اد وس���اءت اخلدمات ‪،‬املخرج من هدا النفق ش���عار “ارف���ع راس���ك ف���وق ‪ ،‬انت لييب ح���ر”‪ .‬هل‬ ‫املظلم هو سياس���ة الباب املفتوح واالقتصاد احلر يتعظ حكامنا‏اجلدد؟‬

‫‪ ،‬وبالرغ���م م���ن مأخذها فه���ي ال زال���ت األفضل‬ ‫يف جترب���ة اجملتمع���ات‪ .‬املرحل���ة القادمة يف منو‬ ‫للجنني الذي ال زال مل يتش���كل بعد هي مرحلة‬ ‫والدة عس�ي�رة مل حي���ن وقته���ا بع���د ‪،‬م���ا منر به‬ ‫اآلن ه���و حكوم���ة انتقالية ثالث���ة يف عمر الثورة‬ ‫لي���س من مهامه���ا‏الدخ���ول يف مش���اريع طويلة‬ ‫األم���د‪ ،‬هناك أوليات جي���ب أن تضعها احلكومة‏‏‬ ‫نص���ب أعينيها مثل ملف األم���ن واحلدود وملف‬ ‫اجلرح���ى واخلدم���ات العامة واملس���تجدات على‬ ‫الس���احة الداخلي���ة واخلارجي���ة وتبعاتها ‪ ،‬عدى‬ ‫دل���ك قد تفتح احلكومة أبواب���ا كثرية وال تنجز‬ ‫إال القلي���ل‪ ،‬ما أريد أن‏اش���دد علي���ه هو أن فرحة‬ ‫االنتص���ار ب���دأت تبهت أم���ام التحدي���ات اليومية‬ ‫ال�ت�ي يواجهه���ا‏املواط���ن‪ ،‬ودرج���ة االحتق���ان ق���د‬ ‫ترتفع‪.‬‬ ‫‪5‬‬


‫‪18‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫العداء للغرب‪ ..‬هل حقا‪ ..‬يعترب دلي ً‬ ‫ال على الوطنية؟‬

‫(‪)3/3‬‬

‫هذا املقال مهدي اىل روح السيد كريستوفر ستيفنز ‪ Chris Stevens‬السفري االمريكي لدى ليبيا‬ ‫وحتى اإلسالم‪ ،‬رس���الة الرمحة‪ ،‬مفخرتنا‪،‬‬ ‫ومص���در عزتن���ا‪ ،‬اإلس�ل�ام الرس���الة النبيلة‬ ‫العظيم���ة الرائع���ة الراقي���ة‪ ،‬كان ميكن أن‬ ‫نس���اهم بها‪ ،‬يف الرقي باإلنسان‪ ،‬أينما كان‪،‬‬ ‫والتخفي���ف م���ن آالم���ه ومعانات���ه يف العامل‬ ‫بأس���ره‪ .‬لكن البعض مسم���وه بالعنف والدم‬ ‫واإلرهاب‪.‬‬ ‫ل���و كانت ش���عوبنا من الش���عوب املس���اهمة‪،‬‬ ‫يف عجل���ة التط���ور والتقدم والنم���اء والبناء‪،‬‬ ‫لس���اهم ذل���ك‪ ،‬وب���دون ش���ك‪ ،‬يف اح�ت�رام‬ ‫الشعوب األخرى لنا‪ ،‬ولساهم أيضا يف غرس‬ ‫مش���اعر اإلعجاب والتقدير واالمتنان‪ ،‬جتاه‬ ‫ش���عوبنا العربية واإلس�ل�امية‪ .‬بل وس���يؤدي‬ ‫ذل���ك‪ ،‬إىل التعاط���ف مع قضايانا السياس���ية‬ ‫واالقتصادي���ة‪ .‬والتعاط���ف مع قيمن���ا وديننا‬ ‫وعاداتن���ا وتقاليدنا‪ .‬حن���ن ال نقدم للعامل إال‬ ‫أطنان���اً م���ن املش���اكل السياس���ية والعرقية‬ ‫واالقتصادية‪ .‬لذلك وجب التغيري‪.‬‬ ‫وم���ن العوائ���ق أيض���ا‪ ،‬أنن���ا نالح���ظ‪ ،‬ضعف‬ ‫الفعالي���ات واألنش���طة والربام���ج والرتاب���ط‬ ‫والتع���اون والتنس���يق والتواص���ل واالرتباط‬ ‫ب�ي�ن نش���طاء املس���لمني الراغب�ي�ن يف بن���اء‬ ‫عالق���ات اجيابي���ة م���ع الغرب‪ ،‬وب�ي�ن القوى‬ ‫الغربي���ة االجتماعية واالقتصادية والدينية‬ ‫والسياس���ية املتعاطف���ة مع قضايا املس���لمني‬ ‫والع���رب‪ .‬وميك���ن مل���س ذل���ك ع�ب�ر ضع���ف‬ ‫وتواض���ع‪ ،‬بل عرب انعزال منظمات ومجاعات‬ ‫ومجعي���ات الصداق���ة العربية واإلس�ل�امية‪،‬‬ ‫م���ع الغرب‪ .‬ينطبق ذلك على خمتلف الدول‬ ‫العربي���ة واإلس�ل�امية‪ .‬تفعي���ل مث���ل ه���ذه‬ ‫املنظم���ات‪ ،‬ومس���اندتها وتطويره���ا ودعمها‬ ‫ومحايتها‪ ،‬تعترب‪ ،‬وبدون شك‪ ،‬خطوة نوعية‪،‬‬ ‫وضرورية وهامة‪ ،‬حنو مد جسور الصداقة‪.‬‬ ‫خاص���ة إذا مت ذل���ك بالتع���اون م���ع مالي�ي�ن‬ ‫املسلمني يف الغرب‪.‬‬ ‫أم���ا العائق األكرب‪ ،‬أمام ه���ذا الطموح‪ ،‬فهو‬ ‫العن���ف‪ ،‬ألنه كلما قطعنا ش���وطا‪ ،‬طويال أو‬ ‫قص�ي�را‪ ،‬يعود بن���ا العن���ف‪ ،‬إىل نقطة الصفر‬ ‫دائم���ا‪ ،‬بل إىل ما قبلها‪ .‬كنا نتحدث مع أهل‬ ‫الغرب من النصارى‪ ،‬فنقول هلم بان اإلسالم‬ ‫هو دي���ن الرمحة واحل���ب والطم���وح والبناء‬ ‫والتع���اون واجلم���ال والعط���اء‪ ،‬وان العنف أو‬ ‫احلرب يف اإلسالم‪ ،‬هو االستثناء‪ .‬وان حممد‬ ‫صل���ى اهلل علي���ه وس���لم‪ ،‬ما أرس���ل إال رمحة‬ ‫للعامل�ي�ن‪ .‬نقول هلم إن احلروب يف اإلس�ل�ام‪،‬‬ ‫أمر اس���تثنائي وليس األص���ل‪ ،‬وان للحروب‬ ‫يف اإلس�ل�ام‪ ،‬ظروفها‪ ،‬وأس���بابها‪ ،‬ووس���ائلها‪،‬‬ ‫وقوانينه���ا‪ ،‬وش���روطها‪ ،‬وآدابه���ا‪ ،‬وتداعياتها‪.‬‬ ‫نقول هل���م أثن���اء حواراتنا معه���م‪ ،‬أن القتال‬ ‫مك���روه‪ ،‬ب���ل ممق���وت يف اإلس�ل�ام‪ .‬حندثهم‬ ‫عن النهي عن حرق الزرع واألشجار والثمار‬ ‫وقت���ل النس���اء والقساوس���ة وم���ن ال يرف���ع‬ ‫الس�ل�اح إثن���اء احل���رب‪ ،‬ونق���ول هل���م أن اهلل‬ ‫س���بحانه وتعاىل‪ ،‬يق���ول يف الق���رآن الكريم"‬ ‫‪ ...‬ان���ه من قتل نفس���ا بغري نفس أو فس���اد يف‬ ‫األرض فكأمنا قتل الناس مجيعا ومن أحياها‬ ‫فكأمن���ا أحي���ا الن���اس مجيع���ا ‪ -‬املائ���دة ‪،"32‬‬ ‫وحندثه���م عن تكري���م اهلل س���بحانه وتعاىل‬ ‫لإلنس���ان (ولقد كرمنا ب�ن�ي آدم ومحلناهم‬

‫فتحي الفاضلي‬ ‫يف ال�ب�ر والبحر وفضلناه���م على كثري مما‬ ‫خلقنا تفضيال ‪ -‬اإلس���راء ‪ .)75‬حندثهم عن‬ ‫مقاص���د الش���ريعة (حف���ظ النف���س‪ ،‬واملال‪،‬‬ ‫والعق���ل‪ ،‬والدين‪ ،‬والع���رض)‪ ،‬حندثهم بكل‬ ‫ذل���ك‪ ،‬وغري ذلك‪ ،‬طمع���ا يف قبول الرس���الة‪،‬‬ ‫او يف توفري صورة صحيحة عن اإلس�ل�ام‪ ،‬أو‬ ‫يف تألي���ف قلوبهم‪ ،‬على اقل تقدير‪ .‬حندثهم‬ ‫بكل ذلك‪ ،‬فينبه���رون ويتعجبون ويطمئنون‬ ‫باإلسالم ولإلسالم‪.‬‬ ‫ولك���ن م���ا ان مي���ارس البع���ض من���ا‪ ،‬باس���م‬ ‫اإلس�ل�ام‪ ،‬م���ا حيلو ل���ه م���ن قت���ل‪ ،‬وتفجري‪،‬‬ ‫ودم���ار‪ ،‬وتدم�ي�ر‪ ،‬حت���ى نع���ود إىل نقط���ة‬ ‫الصف���ر‪ ،‬بل أس���وأ‪ .‬نع���ود إىل نقط���ة الصفر‪،‬‬ ‫ب���ل وم���ا حت���ت الصف���ر‪ ،‬نع���ود ب���أمل وحزن‬ ‫وإحباط‪ ،‬ترى يف عيون من حدثناهم حرية‪،‬‬ ‫واستفس���ارات‪ ،‬وإحساس بالتناقضات‪ ،‬وكم‬ ‫ضخ���م م���ن التس���اؤالت‪ .‬إحس���اس حمب���ط‬ ‫وعميق وحمزن‪ ،‬خلقت���ه التناقضات‪ ،‬بني ما‬ ‫مسعوه عن اإلسالم‪ ،‬وبني ما يرونه من قتل‪،‬‬ ‫وتفجري‪ ،‬ودم���ار‪ ،‬وتدمري‪ .‬وما مقتل الس���يد‬ ‫كري���س س���تيفنز‪ ،‬الس���فري األمريكي لدى‬ ‫ليبيا‪ ،‬يف بنغازي عنا ببعيد‪.‬‬ ‫لقد طغ���ى صوت العنف‪ ،‬على صوت الدعوة‪،‬‬ ‫فاختف���ى مج���ال اإلس�ل�ام‪ ،‬واختف���ت عظمة‬ ‫ومشائ���ل ُ‬ ‫وخل���ق وصف���ات الرس���ول الكريم‪،‬‬ ‫اختفت خلف ضجي���ج وغبار ورائحة العنف‬ ‫والدم والتفجريات‪.‬‬ ‫العنف ظلم اإلس�ل�ام واملسلمني مجيعا‪ ،‬لقد‬ ‫كانت األس���ر املس���لمة‪ ،‬قبل أحداث احلادي‬ ‫عش���ر من س���بتمرب‪ ،‬تتجول يف ط���ول البالد‬ ‫الغربية وعرضها‪ ،‬بأمن وحرية وأمان‪ ،‬كنا‬ ‫ن���ؤدي صلواتنا يف أمريكا‪ ،‬على س���بيل املثال‪،‬‬ ‫أينما أدركنا الوقت‪ ،‬يف األسواق‪ ،‬يف الشوارع‪،‬‬ ‫يف احلدائ���ق‪ ،‬يف الطرقات‪ ،‬عل���ى الطريق‪ ،‬يف‬ ‫امل���دارس‪ ،‬يف املط���ارات‪ ،‬كنا ن���ؤدي صلواتنا‪،‬‬ ‫ويغمرنا يف نفس الوقت‪ ،‬اإلحس���اس باألمن‬ ‫والطمأنين���ة واألم���ان‪ .‬كان���ت صلواتنا اليت‬ ‫تق���ام علن���ا‪ ،‬ويف خمتلف األماك���ن والبقاع‪،‬‬ ‫وس���يلة للتعريف باإلسالم واملسلمني‪ ،‬كان‬ ‫امل���ارة او املش���اهدين‪ ،‬او احلض���ور‪ ،‬م���ن غ�ي�ر‬ ‫املس���لمني‪ ،‬يقرتب���ون من���ا‪ ،‬ميطرونن���ا بوابل‬ ‫من األسئلة عن اإلس�ل�ام‪ .‬كانوا يرغبون يف‬ ‫التعرف على ديننا‪ ،‬فنجيب‪ ،‬وبقدر املستطاع‪،‬‬ ‫على تساؤالتهم وأسئلتهم واستفساراتهم‪.‬‬

‫كان���ت الدع���وة إىل االس�ل�ام‪ ،‬قب���ل أح���داث‬ ‫احلادي عش���ر من س���بتمرب‪ ،‬يف قمتها‪ .‬تبدل‬ ‫كل ذل���ك ب�ي�ن ليل���ة و ضحاه���ا‪ .‬مل نتخ���ل‬ ‫ع���ن صلواتن���ا وش���عائرنا وعباداتن���ا بع���د‬ ‫تفج�ي�ر األبراج‪ ،‬ومل نتخ���ل عن الدعوة وعن‬ ‫التعري���ف باإلس�ل�ام‪ ،‬ولك���ن تراجعن���ا إىل‬ ‫مواقع الدفاع والتربي���ر واالعتذار والتعليل‪.‬‬ ‫تغ�ي�رت طبيع���ة ووجه���ة وأن���واع األس���ئلة‬ ‫واالستفسارات‪ .‬أصبحت حواراتنا تدور حول‬ ‫االس�ل�ام واإلرهاب‪ ،‬وقد كان���ت تدور حول‬ ‫الرمح���ة واحل���ب واخل�ي�ر واجلم���ال‪ ،‬وحول‬ ‫مقاص���د الش���ريعة‪ ،‬وح���ول تكريم اإلنس���ان‬ ‫يف االس�ل�ام‪ .‬حتولت أحاديثن���ا وحواراتنا إىل‬ ‫ج���دل وخصوم���ة ودف���اع‪ ،‬دخل���ت منغصات‬ ‫أخرى‪ ،‬أضرت باإلسالم واملسلمني‪ .‬منغصات‬ ‫عدي���دة‪ ،‬أخطره���ا‪ ،‬أن االس�ل�ام يف الغ���رب‪،‬‬ ‫انكمش واحنص���ر يف دائرة املس���لمني فقط‪،‬‬ ‫ب���دال من أن ينطلق إىل اجملتمع‪ .‬فكيف تنمو‬ ‫رسالة منكمشة على نفسها‪.‬‬ ‫لقد آذت أحداث احلادي عش���ر من س���بتمرب‬ ‫االس�ل�ام‪ ،‬قبل أن تؤذي أي شيء آخر‪ .‬وحتى‬ ‫ل���و صح���ت نظري���ة املؤام���رة‪ ،‬فيم���ا خيص‬ ‫أح���داث احلادي عش���ر من س���بتمرب‪ ،‬حتى لو‬ ‫ص���ح ذلك‪ ،‬لوجب علين���ا التعامل مع احلدث‬ ‫بنظرة ثاقبة وحبكمة وذكاء‪.‬‬ ‫لقد اعت�ب�ر الرس���ول صلى اهلل عليه وس���لم‪،‬‬ ‫يوم الطائف أسوأ يوم يف حياته‪ .‬فقد طردوه‬ ‫أهل الطائف‪ ،‬بعد أن قصدهم لطلب النصرة‬ ‫واملساعدة والدعم‪ .‬قالوا له‪ :‬اخرج من بالدنا‪.‬‬ ‫اعتربه الرسول الكريم‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬ ‫أس���وأ يوم يف حياته‪ ،‬ومع ذل���ك عندما اقرتب‬ ‫منه جربيل عليه السالم‪ ،‬وعرض عليه‪ ،‬عرب‬ ‫ملك اجلبال‪ ،‬أن يدمر مدينة الطائف‪ ،‬رفض‬ ‫الرس���ول صلى اهلل عليه وس���لم ذل���ك‪ ،‬وقال"‬ ‫أرج���و أن خي���رج اهلل من أصالبه���م من يعبد‬ ‫اهلل وح���ده ال يش���رك به ش���يئا"‪ .‬لقد تعرض‬ ‫الرس���ول الكري���م‪ ،‬صلى اهلل عليه وس���لم‪ ،‬يف‬ ‫ذلك اليوم‪ ،‬إىل أحط مس���تويات الس���خرية‪،‬‬ ‫واالهان���ة‪ ،‬واخليان���ة‪ .‬ناهي���ك ع���ن مط���اردة‬

‫أطف���ال وس���فهاء املدين���ة‪ ،‬مدين���ة الطائف‪،‬‬ ‫للرس���ول الكري���م‪ ،‬وقذفه باحلج���ارة‪ ،‬حتى‬ ‫أدمت قدم���اه‪ ،‬م���ع الضح���كات‪ ،‬والتعليقات‪،‬‬ ‫والتهك���م‪ ،‬والس���خرية‪ ،‬واالس���تهزاء عل���ى‬ ‫ش���خصه الكريم‪ .‬واجلميع يعلم‪ ،‬ان الرسول‬ ‫الكري���م‪ ،‬كان رج�ل�ا كرميا عزي���ز النفس‬ ‫ش���جاعا‪ ،‬ال يقبل بس���هولة أن تهان كرامته‪،‬‬ ‫ومع ذلك تغاضى عن االنتقام لنفسه‪.‬‬ ‫لق���د كان يهمه االس�ل�ام أكثر مم���ا تهمه‬ ‫نفسه‪ ،‬بل وأكثر من مكة‪ ،‬والكعبة‪ ،‬وأكثر‬ ‫من قبيلته‪ ،‬كان يفكر يف رس���الة االس�ل�ام‪،‬‬ ‫ويف مس���تقبل االس�ل�ام‪ ،‬قب���ل أي ش���يء آخر‬ ‫(أرج���و أن خيرج اهلل م���ن أصالبهم من يعبد‬ ‫اهلل وح���ده ال يش���رك به ش���يئا)‪ .‬كان‪ ،‬صلى‬ ‫اهلل علي���ه وس���لم‪ ،‬قلقا عل���ى االس�ل�ام‪ ،‬يلفه‬ ‫مزي���ج من الغضب واألس���ف واحل���زن‪ ،‬على‬ ‫فش���ل رحلت���ه اىل الطائف‪ ،‬ومع ذل���ك اختار‬ ‫بفطرته السوية مبدأ الالعنف‪.‬‬ ‫فال���ي ق���ادة وأم���راء ومنتس�ب�ي احل���ركات‬ ‫اإلس�ل�امية‪ ،‬اليت تتبنى العن���ف‪ ،‬اتقوا اهلل يف‬ ‫االسالم‪ .‬اجعلوا االس�ل�ام هدفكم‪ ،‬كما فعل‬ ‫احلبي���ب صل���ى اهلل علي���ه وس���لم‪ .‬احرص���وا‬ ‫عل���ى رس���الة االس�ل�ام‪ ،‬قب���ل أن حترص���وا‬ ‫على مناهجك���م ووس���ائلكم واس���تنتاجاتكم‬ ‫وأهدافكم ومجاعاتكم واجتهاداتكم‪ .‬االسالم‬ ‫أوىل مم���ا تفعل���ون‪ .‬واعلم���وا أنن���ا يف حقب���ة‬ ‫مكية جي���ب ان يك���ون للدعوة فيه���ا أولوية‪.‬‬ ‫حن���ن لس���نا يف حقب���ة مدنية‪ .‬لق���د أحلقتم‬ ‫باإلس�ل�ام ضررا كبريا‪ ،‬ق���د ال حيمد عقباه‪.‬‬ ‫من حيث تدركون‪ ،‬ومن حيث ال تدركون‪.‬‬ ‫لق���د نفرمت‪ ،‬بدون قص���د‪ ،‬الباليني حتى من‬ ‫جم���رد االس���تماع اىل رس���الة االس�ل�ام‪ .‬فما‬ ‫بالك���م بقبوهل���ا‪ .‬ان الفط���رة البش���رية تنب���ذ‬ ‫العنف بطبيعتها‪ .‬وتنبذ الظلم‪ .‬وتنبذ ترويع‬ ‫اآلمن�ي�ن‪ .‬مهم���ا كان مص���در ه���ذا العن���ف‬ ‫والظل���م والرتوي���ع‪ .‬الش���رق كان مص���دره‪،‬‬ ‫او الغ���رب‪ ،‬املس���لمني كان مص���در ذل���ك‪ ،‬او‬ ‫غري املس���لمني‪ .‬بل ومما جيعل م���ن الكارثة‪،‬‬ ‫كارثة اكرب‪ ،‬ان احلركات اإلسالمية اليت‬ ‫تتبنى العنف‪ ،‬تتبناه باس���م رس���الة إنس���انية‬


‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫عظيم���ة نبيلة‪ ،‬تعرف برس���الة "الرمحة"‪،‬‬ ‫فيناقضون‪ ،‬بذلك‪ ،‬أصل الرسالة‪.‬‬ ‫الب���د أن ت���درك احل���ركات اإلس�ل�امية‪،‬‬ ‫ال�ت�ي تتبن���ى العن���ف‪ ،‬أنن���ا إذا عجزن���ا عن‬ ‫إقناع األمم والشعوب والنحل‪ ،‬مبعتقداتنا‬ ‫وتصوراتن���ا ووجه���ات نظرن���ا‪ ،‬أو عجزن���ا‬ ‫ع���ن كس���بهم يف صفوفن���ا‪ ،‬او دفعه���م‬ ‫للتعاطف م���ع قضايانا‪ ،‬ف���ان ذلك ال يعين‬ ‫عل���ى اإلط�ل�اق‪ ،‬أن نكفره���م‪ ،‬او نعاديهم‪،‬‬ ‫او نبيده���م‪ ،‬أو نقتله���م‪ ،‬بس���بب عجزنا‪ ،‬او‬ ‫فشلنا او تقصرينا‪ .‬بل جيب أن نعرتف أوال‬ ‫بفش���لنا يف إيصال الرس���الة‪ ،‬مهما كانت‬ ‫طبيع���ة ه���ذه الرس���الة‪ ،‬ث���م نبح���ث ع���ن‬ ‫بدائل وطرق ووسائل أخرى‪ ،‬أكثر قبوال‬ ‫وفاعلية وإقناعا‪ .‬لي���س من الضروري‪ ،‬أن‬ ‫نعادي الش���عوب ال�ت�ي عجزنا عن كس���ب‬ ‫صداقتها‪ ،‬بل هناك دائما‪ ،‬منطقة "تعادل"‪،‬‬ ‫ال "صداق���ة" وال "ع���داوة"‪ ،‬منطق���ة تب���ادل‬ ‫مص���احل دنيوي���ة مش�ت�ركة‪ ،‬م���ن اج���ل‬ ‫اإلس�ل�ام‪ ،‬ومن اجل أجيالن���ا القادمة‪ ،‬ومن‬ ‫اجل الوطن‪.‬‬ ‫الب���د أن جند‪ ،‬على س���بيل املثال‪ ،‬الوس���ائل‬ ‫املناس���بة إلقن���اع ش���عوب الغ���رب‪ ،‬ولي���س‬ ‫بالض���رورة‪ ،‬حكوم���ات الغ���رب‪ ،‬مبكان���ة‬ ‫احلبي���ب حمم���د صل���ى اهلل علي���ه وس���لم‪،‬‬ ‫يف قل���وب ونف���وس وعق���ول املس���لمني‪،‬‬ ‫وحبساس���ية قضي���ة فلس���طني بالنس���بة‬ ‫للعامل اإلس�ل�امي‪ .‬وبقضايا العامل العربي‬ ‫واإلس�ل�امي املصريي���ة األخ���رى‪ ،‬وارى أن‬ ‫ذل���ك أكثر من ممكن‪ .‬لكن إذا فش���لنا يف‬ ‫ذلك‪ ،‬فعلينا ان نلوم أنفسنا أوال‪ ،‬ثم نبحث‬ ‫عن وسائل وسبل وطرق موضوعية أخرى‬ ‫إلقناع اآلخرين‪.‬‬ ‫أم���ر آخر الب���د من التنوي���ه إلي���ه‪ ،‬وهو أن‬ ‫األنظمة واحلكومات العربية واإلسالمية‪،‬‬ ‫مقصرة جدا يف هذا اإلطار‪ .‬بعض األنظمة‬ ‫العربي���ة منبطح���ة انبطاحا تام���ا للغرب‪،‬‬ ‫دون أن يطل���ب او يف���رض او يش�ت�رط‬ ‫عليها الغرب ذلك‪ .‬واالنبطاح الال حمدود‪،‬‬ ‫لرغب���ات الغرب او الش���رق‪ ،‬يث�ي�ر حفيظة‬ ‫املواط���ن العرب���ي واملس���لم‪ ،‬واألخط���ر من‬ ‫كل ذل���ك‪ ،‬ان���ه خيلق ترب���ة صاحلة لنمو‬ ‫التطرف مبختلف أمناطه‪ .‬البد أن تساهم‬ ‫األنظمة واحلكومات العربية واالسالمية‪،‬‬ ‫جبدية وصدق وإخالص‪ ،‬البد أن تس���اهم‬ ‫بإمكانياته���ا اهلائل���ة‪ ،‬يف جه���ود التفاه���م‬ ‫والصداقة والتعاون‪ ،‬بني الش���رق والغرب‪،‬‬ ‫ويف بناء جس���ر‪ ،‬يؤسس على تبادل املصاحل‬ ‫املشروعة‪ ،‬دون التنازل عن حق من حقوق‬ ‫املواط���ن والوط���ن‪ .‬ودون التنازل عن قيمة‬ ‫م���ن القيم ال�ت�ي يقدس���ها املواطن املس���لم‪،‬‬ ‫واملواط���ن العربي‪ .‬وارى أن ذلك أكثر من‬ ‫ممكن أيضا‪ .‬لكن تقصري األنظمة ال جيب‬ ‫أن يكون‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬ذريعة او مدخل‬ ‫او مطية حلركات او أش���خاص او هيئات‬ ‫او مجاع���ات لتبين وس���ائل وس���بل وطرق‬ ‫ختل���ق م���ن الفوض���ى والبلبل���ة واخلراب‬ ‫والعن���ف والفس���اد‪ ،‬أكث���ر مم���ا ختلق���ه‬ ‫املش���كلة األصلية‪ .‬هناك مستويات عديدة‬ ‫من العالقات‪ ،‬ما دون الوالء املطلق للغرب‪،‬‬ ‫وما دون التغريب أيضا‪ .‬مس���تويات يقبلها‬ ‫املواط���ن العربي واملواطن املس���لم‪ ،‬ويرحب‬ ‫به���ا الغ���رب‪ .‬هن���اك التع���اون‪ ،‬والتنس���يق‪،‬‬

‫والتحال���ف‪ ،‬والصداق���ة‪ ،‬واالتص���ال‪،‬‬ ‫والتعارف‪ ،‬والتفاهم‪ ..‬اخل‪.‬‬ ‫وأخ�ي�را الب���د أن نذك���ر أن هن���اك ق���وى‬ ‫أخ���رى‪ ،‬غ�ي�ر إس���رائيل‪ ،‬يهمها أن يس���تمر‬ ‫الش���رخ‪ ،‬ب�ي�ن الع���امل احل���ر‪ ،‬وب�ي�ن الع���امل‬ ‫اإلس�ل�امي والعرب���ي‪ .‬العالق���ة اجلي���دة‬ ‫بني الغرب والش���رق‪ ،‬س���تعود بالنفع على‬ ‫االس�ل�ام والغ���رب‪ ،‬والع���رب‪ ،‬واملس���لمني‪.‬‬ ‫البعض‪ ،‬بالطبع ال يريد هذه العالقة‪ .‬هذا‬ ‫البع���ض‪ ،‬لن جيد موقع ق���دم يف منطقتنا‪،‬‬ ‫ولن جي���د موقع يف أجندتن���ا‪ .‬االقتصادية‬ ‫والسياسية‪ ،‬إال يف أجواء العداوة والبغضاء‪،‬‬ ‫بيننا وبني الغرب‪.‬‬ ‫تفاؤل وحزم‪..‬‬ ‫وأخ�ي�را‪ ،‬فأجيالن���ا اجلدي���دة نظيف���ة‪ ،‬إىل‬ ‫ح���د م���ا‪ ،‬م���ن مؤث���رات الص���وت العدائ���ي‬ ‫القديم‪ ،‬وهي من جهة أخرى‪ ،‬تنبذ العنف‬ ‫وأه���ل العنف‪ ،‬وهي من جه���ة ثالثة واعية‬ ‫وذكي���ة ومدرك���ة لس���لبيات اإلره���اب‪،‬‬ ‫ض���د الوط���ن وض���د اإلس�ل�ام‪ .‬وه���ي م���ن‬ ‫جهة ثالث���ة‪ ،‬مدركة حلج���م املعاناة اليت‬ ‫م���رت به���ا ليبي���ا‪ ،‬على ي���د الطاغي���ة‪ .‬هذه‬ ‫األجي���ال اجلدي���دة‪ ،‬البد ان نغ���رس فيها‬ ‫ثقافة العدل واحلب والرمحة واإلنسانية‬ ‫وقب���ول األخر والتع���اون والبن���اء والعطاء‪،‬‬ ‫م���ن اج���ل توف�ي�ر حي���اة كرمي���ة للبش���ر‬ ‫أينم���ا كان���وا‪ .‬الب���د أن ُنذك���ر االجي���ال‬ ‫اجلديدة‪ ،‬وباس���تمرار‪ ،‬ونعوده���ا‪ ،‬ونربيها‬ ‫على اإلميان بان ص���وت الكراهية والعنف‬ ‫والع���داء‪ ،‬هو ص���وت الفاش���لني والعاجزين‬ ‫واملفلسني‪ ،‬فان اجهل وافشل واغيب واجنب‬ ‫البش���ر‪ ،‬يس���تطيع أن مي���ارس العن���ف‪ .‬بل‬ ‫أن العن���ف جتي���ده احليوان���ات أكثر مما‬ ‫جييده البش���ر‪ .‬العنف يستطيع أن ميارسه‬ ‫األغبي���اء واجلبن���اء واملتخلف�ي�ن ‪ ،‬بينم���ا‬ ‫ال جيي���د األعم���ار والتطوي���ر والبن���اء‪ ،‬إال‬ ‫املواطن الصاحل من البش���ر‪ .‬وإنا على يقني‬ ‫ب���ان القارئ���ة الكرمي���ة‪ ،‬والق���ارئ الكريم‪،‬‬ ‫يدركون‪ ،‬أي نوع من العنف اقصد‪.‬‬ ‫البناء املعنوي واملادي‪ ،‬جييده الذين يهمهم‬ ‫االسالم والوطن‪ ،‬قبل أن تهمهم مناهجهم‬ ‫وحركاته���م وش���خصياتهم ومجاعاته���م‬ ‫وأحزابه���م واجتهاداتهم‪ ،‬وقب���ل أن تهمهم‬ ‫طموحاته���م ومصاحله���م الش���خصية‬ ‫ورغباته���م‪ ،‬حت���ى ل���و كان���ت طموح���ات‬ ‫ومصاحل ورغبات مش���روعة‪ .‬ومن احلكمة‬ ‫أن نكس���ب الغرب جبانبن���ا‪ ،‬دون أن نتخلى‬ ‫ع���ن هويتنا وعقيدتن���ا وقضايانا وثقافتنا‪.‬‬ ‫وان نتعايش مع الغرب فتس���تفيد شعوبنا‪،‬‬ ‫وامتنا م���ن مقدرات وإبداع���ات وإمكانيات‬ ‫الغرب الراقية‪ ،‬يف مجيع اجملاالت‪ .‬وخنرج‬ ‫م���ن دائ���رة التص���ادم والع���داوة والص���دام‬ ‫والتوت���ر والش���د واجل���ذب والبغض���اء‪.‬‬ ‫وس���ينعكس ذل���ك‪ ،‬وب���دون ش���ك‪ ،‬اجيابيا‪،‬‬ ‫على كل ش���يء يف حياتنا‪ .‬وسيصب ذلك‪،‬‬ ‫وبدون ش���ك‪ ،‬يف صاحل االسالم واملسلمني‪،‬‬ ‫ويف صاحل ليبيا الوط���ن‪ ،‬وأظن أن يف ذلك‬ ‫الكثري من الوطني���ة‪ .‬ثم أن احلكمة ضالة‬ ‫املؤم���ن أينما وجده���ا‪ ،‬اخذ به���ا‪ .‬وعلينا أن‬ ‫حن���زم أمرن���ا‪ ،‬وان نضع الوطن واإلس�ل�ام‬ ‫وأجيالن���ا القادمة‪ ،‬نص���ب أعيننا‪ .‬واهلل من‬ ‫وراء القصد‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫طرابلس‪ 25 -‬سبتمرب ‪2012‬م‪.‬‬

‫خطبة املهاجر‬

‫‪19‬‬

‫(الصفحة املفقودة من كتاب فريدرك نيتشه “ هكذا تكلّم زرادشت “ )‬ ‫سأرحل عنكم ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫آس���ف عل���ى فراقكم ‪ ..‬س���أجته مشاال أو‬ ‫س���أغادركم ‪..‬غري ٍ‬ ‫جنوباً ؛ ش���رقاً أو غرباً ؛ ال يهمين أي طريق س���تأخذني ‪ ،‬وال‬ ‫أي البالد ستأويين ‪،‬‬ ‫لي���س ذنيب أن�ن�ي و ِل ُ‬ ‫دت م���ن أصالبكم ‪ ،‬وقضي���ت طفوليت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البائس���ة بينك���م ‪ّ ،‬‬ ‫نب س���أمحله إن أنا‬ ‫لك���ن الذن���ب كل الذ ِ‬

‫ْ‬ ‫اس���تيقظت روحي‬ ‫وس���طكم الع ِفن ‪ ،‬بعد أن‬ ‫بقيت معكم يف‬ ‫ِ‬ ‫من ُسباتها ‪.‬‬

‫بعد اليوم لن أتنفس هواءكم الذي تتنفس���ون ‪ ،‬ولن أشرب‬ ‫ماءك���م ال���ذي تش���ربون ‪ ،‬ول���ن أتّلق���ى رذاذ أفواهك���م وأنا‬ ‫أستمع ألحاديثكم اليت أبغضها ‪.‬‬

‫لس���ت أبالي إن بقي���ت وحدي ‪ ،‬فالوحدة بعي���داً عنكم أنس ‪،‬‬ ‫ولن أخاف عد ّواً ‪ ،‬فال عدّو لي س���واكم ‪ ،‬وال يهمين مسقط‬

‫عمر عبد الدائم بشري‬

‫منبت القدمني ‪،‬‬ ‫الرأس وال ِ‬ ‫ما يهمين فقط هو أن ابتعد عن بقعتكم ‪ ..‬بؤرة الش ّر ‪.‬‬ ‫باألم���س ‪َ ..‬‬ ‫س���ق َط ْت عنك���م ورقة التوت ‪ ،‬فظه���رت عوراتكم‬

‫بينكم ؟ ‪ ..‬فكيف إذاً سأجهل صفاتكم ‪..‬‬

‫القبيحة ‪ ،‬واستبانت سبيلكم اخلاطئة ‪.‬‬

‫‪ ،‬تزامحت���م عل���ى دنيئات األم���ور وس���واقطها ‪ ،‬و غفلتم عن‬

‫ُ‬ ‫بإصرار‬ ‫أدركت أنكم تتنكبون جادة احلق ‪ ،‬وحتيدون‬ ‫لطاملا‬ ‫ٍ‬ ‫ع���ن طري���ق اهلدى ‪ ،‬وكن���ت أقول يف نفس���ي ي���ا ليت بيين‬ ‫وبينهم بُعد املشرقني ‪.‬‬ ‫باألم���س راهنت���م على حصان خاس���ر ‪ ،‬فخس���رمت الرهان ‪،‬‬ ‫واحلصان ‪ ،‬وخسرمت أنفسكم‬

‫ّ‬ ‫س���امري‬ ‫والي���وم ‪ ..‬أراك���م ال تدّخرون جهداً يف البحث عن‬

‫جدي���د ‪ ،‬ليصن���ع لكم ِعج ً‬ ‫ال من جس��� ٍد له خ���وار ‪ ،‬فما عدمت‬

‫تس���تطيعون البق���اء ب�ل�ا ُهب���ل ‪ ،‬أال بُع���داُ لك���م ‪ ..‬أال س���اء ما‬ ‫تصنعون ‪.‬‬

‫أيها ال ّتائهون ‪..‬‬ ‫ي���ا من تدّع���ون معرفتكم بالنجوم فتهت���دون بها يف ظلمات‬

‫ح ّكمت���م س���فلتكم ‪ ،‬فرفعت���م الوضيع ‪ ،‬و وضعتم الش���ريف‬ ‫فبجلت���م اجله���ل ‪ ،‬واس���تهزأمت بالعلم‬ ‫‪ ،‬اختّل���ت موازينك���م ‪ّ ،‬‬ ‫واحللم ُس ٌّ‬ ‫���بة‬ ‫املعالي وش���واهقها ‪ ،‬وصار الظلم فيكم ُس��� ّنه ‪ِ ،‬‬

‫و جم ّنة ‪.‬‬

‫يأتي الدنيء فتسبغون عليه األلقاب ‪ ،‬وتقفون للسالم عليه‬ ‫يف احملافل ‪ ،‬وتغدقون عليه من عبارات الثناء وأوصافه ما ال‬ ‫ميلك وال يس���تحق ‪ ،‬وأنتم تعرفون ذل���ك ‪ ،‬وهو أيضاً يعرفه‬

‫حق املعرفة ‪ ،‬حتى إذا ما اختليتم بأنفس���كم أشبعتموه جلداً‬ ‫بسياط ألسنتكم الكاذبة املنافقة ‪.‬‬ ‫وكم من عزيز النفس بينكم حتاشيتموه ‪ ،‬وانفضضتم من‬ ‫حوله ‪ ،‬واختذمتوه هزءا‪.‬‬ ‫هل بعد هذا تطلبون مودّتي ؟‬ ‫هل بعد هذه الصفات تستغربون هجرتي ؟‬ ‫هل بعد ّ‬ ‫جبلدي ؟‬ ‫كل هذا ُتنكرون ّ‬ ‫علي فراري ِ‬

‫الرب والبحر ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫كن���ت أراك���م دائم���ا كما ه���و حالك���م الي���وم ‪ ،‬ضائعني ‪،‬‬

‫ال ‪ ..‬أيه���ا ال ّتائه���ون ‪ ..‬فلئن ُ‬ ‫تهت معكم أوائل س���نني عمري ‪،‬‬ ‫فاهلل يش���هد بأني ما كنت معكم يوم���اً ‪ ،‬إن هي إال جغرافيا‬

‫من أنوفكم املقوّسة ‪ ،‬يا سالئل الشياطني و حفدة األبالسة ‪.‬‬

‫وتاريخ مل يكن لي اخليار فيهما أب ًد ‪.‬‬ ‫أما واهلل قد أ ِذ ْ‬ ‫نت اهلجرة ‪..‬‬

‫تتخبطون ‪ ،‬ال تعرفون أين تضعون أقدامكم ‪ ،‬وال ترون أبعد‬ ‫أيها ّ‬ ‫الضالون ‪..‬‬ ‫أيها القابعون يف ظلماتكم الثالث ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫الس���رمدي ال���ذي ران على‬ ‫الس���بات‬ ‫أال تس���تفيقون من هذا ّ‬ ‫قلوبك���م منذ آم���ا ٍد بعي���د ٍة ؟ هاهي األمم م���ن حولكم تصنع‬ ‫مس���تقبلها ‪ ،‬وأنت���م حيث أنت���م ‪ ،‬جت ّ‬ ‫رتون ماضيك���م الن ِكرة ‪،‬‬

‫أوهام ال وجود هلا إال يف أدمغتكم الصدئة ‪،‬‬ ‫وتتباكون على ٍ‬

‫ً‬ ‫الهية قلوبكم ‪ُ ،‬تس ّرون النجوى ‪.‬‬

‫بقيعة ‪..‬‬ ‫سراب‬ ‫ٍ‬ ‫أيها الالهثون وراء ٍ‬

‫إنين أعرفكم متام املعرفة ‪ ..‬أ َو مل ُت ْس���رق مين س���نني العمر‬

‫فال ُمقام لي بعد اليوم بني ظهرانيكم‬ ‫يضمين بعد الساعة معكم مكان‬ ‫ولن ّ‬

‫سأمضي ‪ ..‬حام ً‬ ‫ال معي الكثري الكثري من اليقني ‪..‬‬ ‫والقليل القليل من األسف ‪..‬‬ ‫وال شيء من ذكرياتكم ‪..‬‬

‫ملتفت للظلمات ورائي ‪...‬‬ ‫سأمضي قدُماً يف درب النور ‪ ،‬غري‬ ‫ٍ‬


‫‪20‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫حنو إعالم ملتزم نظيف‬ ‫أمر طبيعي أن تتمخض الثورات عن مظاهر‬ ‫كثرية من الفوضى واالنفالت ‪ ،‬بسبب انهيار‬ ‫النظ���ام القائ���م وتعط���ل مؤسس���اته األمني���ة‬ ‫والقضائية ‪ ،‬وشعور الناس الذين طاملا تنفسوا‬ ‫الصع���داء وعانوا ألوان القمع والقهر والفس���اد‬ ‫ب���أن ليال قد إن���زاح عنه���م ‪ ،‬فص���اروا إىل نهار‬ ‫مشرق وانعتاق ‪.‬‬ ‫أمر طبيعي أن ينطلق ذلك االنفالت يف غياب‬ ‫س���لطان القان���ون وهيب���ة الدول���ة ‪ ،‬فتتعط���ل‬ ‫املص���احل ويتوق���ف دوالب الدول���ة ‪ ،‬وينتش���ر‬ ‫الس���طو والنه���ب وتنتهك األعراض وتس���تباح‬ ‫األم���وال والدم���اء ‪ ،‬وتتح���ول الب�ل�اد إىل غابة‬ ‫يعربد فيه���ا اخلارجون على القانون ‪ ،‬فال أمن‬ ‫وال أمان ‪.‬‬ ‫أم���ر طبيع���ي أن تنش���رح ص���دور احملرومني‬ ‫واملضطهدي���ن واملتجرع�ي�ن للغ���م والغ�ب�ن‬ ‫س���نوات وس���نوات ؛ فتنطلق األصوات واألقالم‬ ‫للتعب�ي�ر ع���ن آالمه���ا وآماهل���ا ومطالبه���ا م���ن‬ ‫خالل خمتلف الوس���ائل اإلعالمية من قنوات‬ ‫وصحف وجمالت ومدونات ومواقع للتواصل‬ ‫االجتماع���ي عرب الفيس بوك والتويرت وغريها‬ ‫‪ .‬ويف نش���وة الفرح���ة بهذه احلري���ة اليت طاملا‬ ‫حل���م به���ا احلامل���ون ‪ ،‬ويف غم���رة التعب�ي�ر عن‬ ‫مكنونات الصدور والعقول ‪ ،‬تتجاوز كثري من‬ ‫األص���وات واألق�ل�ام حدود املعق���ول ‪ ،‬وخيتلط‬ ‫لديه���ا مفه���وم احلري���ة املنضبط���ة مبفه���وم‬ ‫اجلرأة املنفلتة ال�ت�ي تتجاهل كل االعتبارات‬ ‫واألص���ول ‪ ،‬وق���د ينزل���ق بعضه���ا إىل دركات‬ ‫اإلس���فاف والب���ذاءة يف انتقاد اآلخري���ن ‪ ،‬دون‬ ‫مراعاة ألقدار السن واملناصب واملقامات !‬ ‫إنه حتوّل م���ن النقيض إىل النقيض ‪ .‬حتوّل‬ ‫من صم���ت واس���تكانة كان يفرضه���ا إرهاب‬ ‫النظام املنهار ‪ ،‬إىل تط���اول متطرف أحيانا يف‬ ‫النقد اجلارح واإلهانة واإلسفاف وسوء األدب‬ ‫‪ ،‬ل���كأن جمتمعن���ا قد انهارت في���ه كل معاني‬

‫العي���ب وكل قي���م األخ�ل�اق ! ‪ .‬وإن اإلنس���ان‬ ‫ليخج���ل من نفس���ه‪ ،‬وجيلله األس���ف والتقزز‬ ‫مم���ا يطالع���ه عل���ى صفح���ات تل���ك الوس���ائل‬ ‫اإلعالمية املتنوعة‪ .‬ورمبا تس���اءل حبرقة ‪ :‬ما‬ ‫ه���ذا ال���ذي جي���ري ؟! أال يوجد بيننا مس���ؤول‬ ‫رش���يد حترك���ه الغ�ي�رة وحي���اول التغي�ي�ر‬ ‫واإلصالح ؟‬ ‫إنن���ا نف�ت�رض ‪ ،‬ب���ل إننا نث���ق يف أن رؤس���اء أو‬

‫حممد مصطفى بن احلاج‬

‫مديري ( ولي���س مدراء كما هو ش���ائع جهال‬ ‫وزراي���ة بالفصحى)ومس���ؤولي تلك الوس���ائل‬ ‫اإلعالمية املتنوعة واملش���رفني عليها وطنيون‬ ‫عق�ل�اء ‪ ،‬وأنهم ال يس���محون يف العادة ببث أية‬ ‫م���ادة إعالمية أو نش���ر أي تعليق أو تعقيب إال‬ ‫بع���د مراقبت���ه والتأك���د من مضمون���ه ‪ .‬ومع‬ ‫ذلك تتس���رب لديه���م عب���ارات وألفاظ ختجل‬ ‫الشيطان ‪.‬‬ ‫وحتم���ا أنه���م طالعوه���ا أوال وأذن���وا بنش���رها‬ ‫وبثها على أعني الن���اس ‪ ،‬وقد يطالعها ويتأثر‬ ‫بعدواه���ا أبناؤهم وبناتهم م���ن خالل تعاملهم‬ ‫اليومي مع تلك الوسائل واملواقع ‪.‬‬ ‫أليس من العجيب واملريب أن يس���مح أولئك‬ ‫املس���ؤولون املش���رفون عل���ى تل���ك الوس���ائل‬ ‫اإلعالمية احلساس���ة بنش���ر ما خيدش احلياء‬ ‫من األلفاظ والعبارات السوقية والفاحشة اليت‬ ‫تتناول أش���خاصا مسؤولني أو رموزا علمية أو‬ ‫ديني���ة يف الداخل أو اخلارج ‪ ،‬حتت اس���م النقد‬ ‫أو التحاور حول أي موضوعي خاليف كان ؟!‬ ‫وطمت‬ ‫عمت ّ‬ ‫إن هذه الظاه���رة املرضية اليت ّ‬ ‫إمن���ا تؤدي إىل مصيبت�ي�ن كبريتني ‪ :‬أوالهما‬ ‫ما حتدث���ه من عدوى التداع���ي بني املتعاملني‬ ‫مع تلك الوس���ائل من زيادة يف التجاس���ر على‬ ‫عب���اد اهلل وإيغار الص���دور ومتزي���ق الصفوف‬ ‫واإلمعان يف الفس���اد وس���وء األخ�ل�اق واعتبار‬ ‫كل ذل���ك أم���را عادي���ا ومظه���را م���ن مظاهر‬ ‫الشجاعة يف (احلق) !! وهو يف حقيقته إسفاف‬ ‫وس���لوك مش�ي�ن ال يقبل���ه منط���ق وال يرضاه‬ ‫ضمري حي ‪.‬أما الثانية فهي أن الس���ماح بنش���ر‬ ‫هذا اإلس���فاف والني���ل من أع���راض اآلخرين‬

‫ومقاماتهم إمنا هو إرضاء للش���يطان وإغضاب‬ ‫للرمح���ن ‪ ،‬وه���و ن���وع من بي���ع اآلخ���رة بدنيا‬ ‫املنحرف�ي�ن م���ن الن���اس ‪ .‬ولئ���ن اعت���اد أولئك‬ ‫املس��� ّفون الت���واري وراء أمس���اء مس���تعارة أو‬ ‫أح���رف خمتص���رة ألمسائه���م ‪ ،‬األم���ر ال���ذي‬ ‫ميكنه���م من التهرب م���ن املقاض���اة والعقاب ‪،‬‬ ‫فإن املتع���ارف عليه عامليا يف هذه احلالة هو أن‬ ‫املشرف املسؤول عن وس���يلة البث أو النشر هو‬ ‫من يقاضى ويعاقب أمام القانون ‪.‬‬

‫واض���ح ج���دا أن مرج���ع ه���ذه الظاه���رة يعود‬ ‫إىل عدم التفري���ق بني النقد املوضوعي النزيه‬ ‫امللتزم بآداب اللياق���ة واألخالق ومراعاة أقدار‬ ‫الن���اس حبك���م الس���ن والعل���م واملق���ام ‪ ،‬وب�ي�ن‬ ‫االنتقاد وجتريح اآلخرين وخماطبتهم بأرذل‬ ‫األلفاظ ‪ ،‬أو تبديعهم وتفسيقهم ورمبا رميهم‬ ‫بالكفر والضالل ‪.‬وكل ذلك من مثار الثقافة‬ ‫املريض���ة اليت غرس���ها النظ���ام املنهار وحرص‬ ‫فيها على حتطيم كل األقدار‪ ،‬واليت استسلم‬ ‫هل���ا أكثر أولياء األمور ‪ ،‬فلم حيصنوا أبناءهم‬ ‫ضده���ا ‪ ،‬وها حنن أوالء نعاني من آثارها ‪ ،‬ومل‬ ‫نفكر بعد يف إصالحها ‪.‬‬ ‫لقد كان من مقاصد شهدائنا الذين صدقوا‬ ‫اهلل وحرروا ه���ذا الوطن ‪ ،‬كما كان من آمال‬ ‫الصادق�ي�ن الذين اس���تقبلوا التحرير بالتهليل‬ ‫والتكبري أن متتد الثورة الطاهرة إىل جماالت‬ ‫الصحافة واإلعالم يف كل وس���ائطه ومنابره‬ ‫ومواقعه التقليدي���ة وااللكرتونية ‪ ،‬فتوجد لنا‬ ‫تقالي���د إعالمية نظيفة متميزة ‪ ،‬ختش���ى اهلل‬ ‫يف تقدي���م الكلمة والص���ورة ‪ ،‬وتراعي النزاهة‬ ‫واألمان���ة ‪ ،‬وتغ���ار عل���ى األخ�ل�اق وتص���ون‬ ‫األعراض ‪ ،‬وحتفظ مقامات الناس وأقدارهم‬ ‫‪ ،‬وحت���ارب الس���فه واإلس���فاف والطي���ش‬ ‫واالنفالت ‪.‬‬ ‫الس���ؤال بع���د هذا كله هو كي���ف ميكننا أن‬ ‫نضع حدا هلذه الظاهرة املشينة املتزايدة ؟‬ ‫مبدئيا ‪ ،‬يفرتض أن أولئك املشرفني املسؤولني‬ ‫ع���ن تلك الوس���ائل اإلعالمية لديه���م قدر من‬ ‫الوطني���ة والغرية ‪ ،‬حبكم أنهم ليبيون ينتمون‬ ‫إىل مفاهي���م أخالقية وتقاليد حملية‪ ،‬حترتم‬ ‫قيم الش���رف والفضيلة‪ ،‬وتأنف من العيب وما‬ ‫يف مفهومه من بذاءة ونزق وتطاول على أقدار‬ ‫الناس ‪ .‬واملس���ؤولية الكربى اليت حياسبهم اهلل‬ ‫عليها هي تفريطهم يف مراقبة ما يبث وينشر‬ ‫لديه���م وعدم إفهامهم اجلميع ش���روط النقد‬ ‫النزيه وش���روط احلوار الصحيح ‪ .‬و قد يش���ذ‬ ‫ش���اذ فريف���ض الرقاب���ة عل���ى ما يبث وينش���ر‬ ‫بدعوى حرية التعبري وممارسة الدميقراطية‬ ‫‪ .‬هن���ا يأت���ي دور الدول���ة ‪ ،‬الغائب حت���ى اآلن ‪،‬‬ ‫لتكون املرجعية العليا والرقيب األقوى لوضع‬ ‫األمور يف نصابها ‪.‬‬ ‫إن عل���ى وزي���ر الثقاف���ة واإلع�ل�ام املنتظ���ر‪،‬‬ ‫املسارعة حاملا يباشر عمله ‪ ،‬بوضع ميثاق عمل‬ ‫جلمي���ع وس���ائل الثقافة واإلع�ل�ام احلكومية‬ ‫وغ�ي�ر احلكومي���ة ‪ ،‬تلت���زم به وال حتي���د عنه ‪،‬‬ ‫مبا حيق���ق س���يادة القان���ون وحتدي���د مفهوم‬ ‫حرية التعبري وضم���ان االلتزام بقيم اجملتمع‬ ‫املسلم وتقاليد العمل اإلعالمي النظيف ‪ .‬ولن‬ ‫نضم���ن التحقيق الفعلي لذل���ك إال إذا وجدت‬ ‫جلن���ة متخصصة وأمينة وحازم���ة من داخل‬ ‫املؤمتر الوطين العام تتوىل املتابعة باستمرار ‪،‬‬ ‫وجلنة متخصصة أخرى من كيان مؤسسات‬ ‫اجملتمع املدن���ي تتوىل أيضا الرقاب���ة واملتابعة‬ ‫اجلادة باستمرار ‪.‬‬ ‫لق���د كان طبيعيا أن حيدث كل ما حدث ‪،‬‬ ‫وألجل حمدود ومعق���ول ‪ ،‬ولكن ليس طبيعيا‬ ‫وال صحيح���ا البت���ة أن يس���تغرق كل ه���ذه‬ ‫األش���هر الطويلة‪ ،‬وأن يصري أمر واقعا ال مفر‬ ‫منه وال سبيل إىل إصالحه ‪ .‬إن شعبنا الصبور‬ ‫ال ييأس ‪ ،‬وإننا ملنتظرون ‪.‬‬

‫مواطن غري شرعي !!!‬

‫خدجية األنصاري‬ ‫نأمل منكم السادة أعضاء املؤمتر الوطين العام أن يكون‬ ‫لديكم بعد نظر يف حتليل األمور املتعلقة بأمن الدولة‬ ‫بعيدا عن التشنجات و القرارات السريعة و االنفعالية‬ ‫و بعيدا عن االستش���هاد ببعض األدل���ة اليت ال تذكر ‪،‬‬ ‫هنا س���أبدأ من حيث مل ننته بعد ‪ !!...‬اعتقدنا و ال نزال‬ ‫إن مجي���ع الليبيني كانت غايته���م رأس الديكتاتور و‬ ‫املفكر و اإلمام و األمني (كما كان يس���مي نفس���ه ) ‪،‬‬ ‫و لكن الذي إتضح إن املس���ألة أكث���ر تعقيدا من ذلك‬ ‫‪ ،‬م���ع االنف�ل�ات األم�ن�ي احلاص���ل ً‬ ‫بداية م���ن عاصمة‬ ‫الثورة يف الش���رق ( بنغ���ازي ) ومروراً إل���ي غرب ليبيا‬ ‫لينته���ي بتعذي���ب و قتل الش���هيد ( عمران ش���عبان ) و‬ ‫ح�ت�ي متادي ه���ذا االنف�ل�ات و وص���ل حد ال���ذروة فى‬ ‫جنوب ليبيا ( الشاطئ ) و تطاول حيت أقرتب من رمال‬ ‫الوادي الذهبية و جوه���رة اجلنوب أوباري ( الغريفة )‬ ‫‪ ،‬أصبحن���ا يف حرية م���ن أمرنا نعم حيق لن���ا أن حنتار‬ ‫م���ن أمرنا ألن ما باليد حيلة و لكن أنتم أعضاء املؤمتر‬ ‫الوط�ن�ي الع���ام ال حيق لك���م أن حتت���اروا !!! و ألن كل‬ ‫احلل���ول اآلن أصبحت يف متناولكم بعد ما أعطيناكم‬ ‫الصالحيات كلها عن طريق انتخابنا لكم ‪.‬‬ ‫غم���وض تفاصي���ل األح���داث يف الغريفة‪!!...‬ه���ذا م���ا‬ ‫جيعلن���ا أكثر عرض���ة للخالف���ات االجتماعية أوال و‬ ‫ثقافي���ا ثانيا و لن أقول خالفات سياس���ية ألن أغلبنا ال‬ ‫يتقن هذه اللعبة ‪...‬‬ ‫املواط���ن مغيب و ال يع���رف ما الذي جي���ري من حوله‬ ‫و احلوارات الس���طحية جللس���ات املؤمتر الوطين العام‬ ‫احملتقن���ة اليت نراها علي الشاش���ة الليبي���ة الوطنية !!!‬ ‫ح�ت�ي وصل ه���ذا االحتقان للش���ارع اللييب البس���يط و‬ ‫وصل أيضا لصفحات العامل االفرتاضي و وصل لعموم‬ ‫الناس و أصبحت منقسمة األطراف !!!‬ ‫إن س���رعة هذه األحداث املتواصلة سهلت علي املواطن‬ ‫البس���يط التحلي���ل الس���ريع أيض���ا حيت ل���و كان هذا‬ ‫التحلي���ل خرافي���اً نوعا م���ا !!! و أصب���ح البعض ميتلك‬ ‫صالحي���ات و يقرر من هو املواطن الش���رعي و املواطن‬ ‫الغري ش���رعي ال بل وصل���ت األمور إلي حد التش���كيك‬ ‫بهوية الصح���راء و جبال تيندي و أكاكوس�ل�ا وهل‬ ‫يوجد فينا من هو خمول يف أن حيدد هوية اآلخر ‪..‬؟؟‬ ‫ألنه يعترب هذا مساساً بالتاريخ الذي دخلناه من أوسع‬ ‫أبوابه ‪.‬‬ ‫يف احلقيق���ة نثم���ن جهودك���م اجلبارة ال�ت�ي تبذل يف‬ ‫س���بيل محاية الشعب اللييب و كل الشعوب اليت تقمع‬ ‫يف عص���ر ين���ادي باحلري���ات و لك���ن هنا أري���د مراعاة‬ ‫الفرق بني احلكومات الشرقية و احلكومات الغربية يف‬ ‫محاية الالجئني و رعاياهم األجانب فما بالك حبماية‬ ‫ش���عوبها فم���ن أج���ل مواطن واح���د يف الغ���رب حترك‬ ‫أس���اطيل و من أجل أفراد خرجوا للمطالبة حبقوقهم‬ ‫يف تظاهرة سلمية حيرك زناد ‪.‬‬ ‫ه���ذا نداء من املواط���ن الذي يكاد أن يكون غري ش���رعي‬ ‫نداء لوطنيتكم يا من أختاركم الصندوق فقدنا الثقة‬ ‫يف التصعي���دات و ال نري���د أن نفقد الثق���ة يف صناديق‬ ‫االقرتاع ‪. !!! ...‬‬


‫‪21‬‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫سيناريوهات حل األزمة السورية‪-‬‬

‫من التعددية إىل احرتام حقوق األقليات‬ ‫ملهم الدروبي ‪ -‬ترمجة‪ :‬يوسف حجازي‬ ‫يرى مله���م الدروبي أحد مؤسس���ي اجمللس‬ ‫الوط�ن�ي الس���وري يف ه���ذا التعلي���ق أن م���ا‬ ‫حيتاجه السوريون حاليا من اجملتمع الدولي‬ ‫ه���و تدخل عس���كري لف�ت�رة زمني���ة حمددة‬ ‫‪ ،‬مقرتن���ا أيض���ا بأش���كال أخ���رى م���ن الدعم‬ ‫واملساندة للتخلص من نظام األسد الدموي‪.‬‬ ‫ُتش���كل س���وريا حال���ة فري���دة‪ ،‬فه���ي حمط‬ ‫االهتمام بس���بب موقعها اجليوسياسي املهم‪.‬‬ ‫كم���ا َّ‬ ‫كث�ي�را من القوى الدولية تس���عى‬ ‫أن‬ ‫ً‬ ‫وراء مصاحله���ا اخلاصة يف س���وريا‪ .‬فهل من‬ ‫ث���ورة يف ه���ذا البل���د اهل���ام؟ كان���ت مفاجأة‬ ‫للجميع‪ ،‬إذ س���اد االعتقاد َّ‬ ‫بأن بش���ار األس���د‬ ‫ووال���ده من قبله قد أنش���آ دولة أمنية منيعة‬ ‫ال ميكن جتاوزها‪ .‬ومل يعتقد س���وى قلـَّ ٍة َّ‬ ‫بأن‬ ‫االنتفاض���ة يف س���وريا ستس���تمر أكثر من‬ ‫بضع���ة أس���ابيع‪َّ .‬‬ ‫لكن الش���عب الس���وري جاء‬ ‫باخلرب البينِّ ‪.‬‬ ‫وق���د ب���دأت حرك���ة االحتجاجات س���لمية‬ ‫وظل���ت كذلك على األقل مدة س���نة تقري ًبا‬ ‫بالرغ���م م���ن العن���ف ال���ذي مارس���ته ق���وات‬ ‫النظ���ام وعصاب���ات الش���بيحة‪ .‬بعده���ا ق���ام‬ ‫ٌ‬ ‫ضب���اط وجنو ٌد منش���قون مم���ن رفضوا قتل‬ ‫ش���عبهم بتأس���يس اجلي���ش الس���وري احلر‪،‬‬ ‫ومن ث���م انض���م مدني���ون كث��� ٌر إىل الثورة‬ ‫املسلحة‪.‬‬ ‫حيم���ي اجلي���ش الس���وري احل���ر األطف���ال‬ ‫والنساء واملسنني‪ْ ،‬‬ ‫ولكن بالرغم من ذلك أدى‬ ‫وجوده إىل حتول الثورة الس���لمية بالتدريج‬ ‫ص���راع مس���لح‪ .‬بي���د أن املعرك���ة تبقى‬ ‫إىل‬ ‫ٍ‬ ‫بدعم‬ ‫حيظ���ى‬ ‫األس���د‬ ‫فبش���ار‬ ‫متكافئة‪،‬‬ ‫غري‬ ‫ٍ‬ ‫غري حمدود من موس���كو وطه���ران‪ ،‬بينما ال‬ ‫حيظى اجليش الس���وري احلر س���وى بوعو ٍد‬ ‫خاوي���ة تطلقه���ا ال���دول‬ ‫وخطاب���ات‬ ‫فارغ���ة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫املؤيدة له‪.‬‬ ‫مهول���ة أكربها‬ ‫حتديات‬ ‫تقف س���وريا أم���ام‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫على اإلطالق األزمة اإلنس���انية‪ ،‬حيث يُقتل‬ ‫البش���ر ويتعرضون لإلصاب���ات واالعتقاالت‬ ‫واالغتص���اب والتهج�ي�ر ويفق���دون منازهلم‬ ‫ويهاجرون مبئات اآلالف من وطنهم ليأووا‬ ‫معسكرات للالجئني‪ ،‬ويُعترب عدم اتفاق‬ ‫إىل‬ ‫ٍ‬ ‫اجملتم���ع الدول���ي يف هذا الس���ياق من أكرب‬ ‫معوق���ات جت���اوز ه���ذه األزم���ة‪ ،‬وإذا مل يت���م‬ ‫التواف���ق فق���د ينتهي األم���ر بس���وريا إىل أن‬ ‫ومقسما‪.‬‬ ‫تصبح بلدًا منها ًرا‬ ‫ً‬ ‫•التقس���يم بوصف���ه أس���وأ الس���يناريوهات‬ ‫احملتملة ‪! ...‬‬ ‫التح���ول م���ن الث���ورة الس���لمية إىل الصراع‬ ‫املس���لح‪ :‬حيم���ي اجلي���ش الس���وري احل���ر‬ ‫األطفال والنس���اء واملس���نني‪ ،‬ولكن وبالرغم‬ ‫م���ن ذل���ك أدى وج���وده إىل حت���ول الث���ورة‬ ‫صراع مسلح‪.‬‬ ‫السلمية بالتدريج إىل‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫إضافة إىل ضرورة حل املش���اكل اإلنسانية‬ ‫طويل���ة‬ ‫حتدي���ات‬ ‫املأس���اوية هن���اك الئح���ة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫جي���ب مواجهته���ا‪ ،‬ب���د ًءا بإع���ادة بن���اء البالد‬ ‫م���رو ًرا مبعاجل���ة تبع���ات احل���رب والتعامل‬ ‫م���ع الضباط واجلنود وعناصر أجهزة األمن‬ ‫وبناء املؤسسات احلكومية وصو ً‬ ‫ال إىل إلعادة‬ ‫إحي���اء االقتص���اد والصناعة وتطوي���ر نظام‬ ‫التعليم واالعتناء بالعالقات الدولية‪.‬‬ ‫ال أح���د يعل���م إىل أين مآل س���وريا‪ ،‬فعناصر‬ ‫التأث�ي�ر الداخلي���ة واخلارجي���ة عدي���دة‬ ‫ومتنوعة‪ .‬لكن يف النهاية يتجلى سيناريوان‪:‬‬ ‫دولة حر ٍة موحد ٍة‬ ‫إم���ا ْأن تنتهي األمور ببناء ٍ‬ ‫دميقراطي���ة يعي���ش فيه���ا مجي���ع املواطنني‬ ‫ٍ‬ ‫متس���اوين يف احلق���وق والواجبات وبدون ِّ‬ ‫أي‬ ‫متييز واضطهاد‪ ،‬أو تتقس���م سوريا وتستمر‬ ‫ٍ‬ ‫الصراع���ات ب�ي�ن اجملموع���ات والتكت�ل�ات‬ ‫املختلفة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن م���ن مصلح���ة اجلميع‪ ،‬اجملتم���ع الدولي‬ ‫والفاعل�ي�ن احملليني على الس���واء‪ْ ،‬أن يعملوا‬

‫ملهم الدروبي‬ ‫عل���ى حتقي���ق الس���يناريو األول‪ ،‬وللوص���ول‬ ‫إىل هذا اهلدف هناك س���بيالن‪ :‬إم���ا التعاون‬ ‫م���ع الضب���اط العلوي�ي�ن بغي���ة إجبار بش���ار‬ ‫األسد على االس���تقالة‪ ،‬أو التدخل العسكري‬ ‫من أجل االنتصار عليه‪ .‬وإذا وقع الفش���ل يف‬ ‫إحلاق اهلزمية ببش���ار األس���د ِّ‬ ‫شكل من‬ ‫بأي ٍ‬ ‫األشكال لن ميكن جتنب تقسيم سوريا‪.‬‬ ‫مس���تقبل‬ ‫وم���ن أج���ل التق���دم بس���وريا حنو‬ ‫ٍ‬ ‫مستقر ال َّ‬ ‫بد من إجناز سلسلة من التغيريات‬ ‫ٍ‬ ‫األساس���ية‪ .‬وقد ص���اغ اإلعالمي والسياس���ي‬ ‫الكوس���ويف "فيتون سوروي" الشروط الثالث‬ ‫األساس���ية لتحقي���ق انتقال اجملتم���ع إىل ما‬ ‫بعد مرحلة الصراع على الشكل التالي‪:‬‬ ‫أو ً‬ ‫ال‪ :‬االنتق���ال من نظام احل���زب الواحد إىل‬ ‫دس���توري يلتزم مببادئ الدميقراطية‬ ‫نظام‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ودولة القانون‪.‬‬ ‫ثان ًي���ا‪ :‬اح�ت�رام األكثري���ة الناجت���ة ع���ن‬ ‫االنتخاب���ات الدميقراطي���ة وكذلك احرتام‬ ‫حق���وق األقليات‪ ،‬وه���م يف س���وريا العلويون‬ ‫واألكراد واملس���يحيون وال���دروز وكثريون‬ ‫غريهم‪.‬‬ ‫ثال ًث���ا‪ :‬التحول من جمتمع سمِ ته العنف إىل‬ ‫جمتمع سمِ ته الالعنف‪.‬‬ ‫صديق له‬ ‫إىل‬ ‫للغرب‬ ‫عدو‬ ‫ٍ‬ ‫•التحول من ٍ‬ ‫دول���ة ح���ر ٍة موح���د ٍة‬ ‫يُعق���د األم���ل عل���ى‬ ‫ٍ‬ ‫دميقراطية‪ :‬س���كان مدينة يربود الس���ورية‬ ‫حيتفل���ون بتحري���ر مدينته���م عل���ى أي���دي‬ ‫وحدات اجليش السوري احلر‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ال يس���تطيع أح ٌد غ�ي�ر الس���وريني أن حيقق‬ ‫هذه التغيريات‪ ،‬ولكنهم حيتاجون للمساعدة‬ ‫اخلارجي���ة لفع���ل ذل���ك‪ .‬س���وريا حباجة إىل‬ ‫دعم اجملتم���ع الدولي هل���ا‪ ،‬ويف املق���ام األول‬ ‫دعم الوالي���ات املتحدة األمريكي���ة واالحتاد‬ ‫األوروب���ي وتركي���ا وجمل���س التع���اون‬ ‫اخلليجي واجلامعة العربية وباقي أصدقاء‬ ‫الشعب السوري‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وجيب أن يش���مل هذا الدعم تدخال عسكريًا‬

‫زمني���ة حم���دد ٍة‪ْ ،‬‬ ‫لك���ن ال ينبغ���ي ْأن‬ ‫لف�ت�ر ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫يقتص���ر علي���ه‪ ،‬إمنا جي���ب توفري املس���اعدة‬ ‫لتطوير نظام التعلي���م ونقل املعرفة وتوفري‬ ‫الع���ون اإلنس���اني والط�ب�ي وكذل���ك التقين‬ ‫واملال���ي إلعادة بن���اء البالد‪ .‬وبهذا س���تتحول‬ ‫صديق له‪.‬‬ ‫عدو للغرب إىل‬ ‫ٍ‬ ‫سوريا من ٍ‬ ‫دول كان���ت‬ ‫ث�ل�اث‬ ‫العرب���ي‬ ‫الربي���ع‬ ‫ح���ول‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫دول دميقراطية‪:‬‬ ‫إىل‬ ‫الديكتاتورية‬ ‫حتكمها‬ ‫ٍ‬ ‫تونس ومصر وليبيا‪ ،‬أما سوريا واليمن ففي‬ ‫طريقهم���ا حن���و الدميقراطي���ة‪ .‬والعملي���ة‬ ‫الدميقراطي���ة مه���دت الطري���ق النتص���ار‬ ‫اإلس�ل�اميني املعتدل�ي�ن يف االنتخاب���ات يف‬ ‫مصر‪ .‬كما اس���تطاعت األحزاب اإلسالمية‬ ‫الفت���ة يف االنتخابات يف‬ ‫جناحات‬ ‫ْأن حتق���ق‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كل من ليبيا وتونس‪ .‬ولكن ماذا عن سوريا؟‬ ‫ٍّ‬ ‫يُتوق���ع ْأن حتص���ل الق���وى ذات التوجه���ات‬ ‫كبري م���ن األصوات‪،‬‬ ‫اإلس�ل�امية عل���ى جز ٍء‬ ‫ٍ‬ ‫لكنها لن حتظى باألغلبية‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ولد ملهم الدروب���ي عام ‪ 1964‬يف حمافظة‬ ‫مح���ص الس���ورية‪ ،‬كان م���ن أعض���اء قيادة‬ ‫اإلخ���وان املس���لمني – ف���رع س���وريا‪ ،‬وهو من‬ ‫مؤسسي اجمللس الوطين السوري‪ .‬وكان من‬ ‫املش���اركني يف مش���روع "اليوم التالي" الذي‬ ‫مه���د له معهد الدراس���ات الدولي���ة واألمنية‬ ‫(األملاني) ومعهد الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫للس�ل�ام‪ .‬ه���ذه املب���ادرة ال�ت�ي ح���ازت دع���م‬ ‫كل من أملاني���ا والواليات املتحدة‬ ‫حكوم���ات ٍّ‬ ‫األمريكية وسويس���را وكذل���ك دعم "املعهد‬ ‫اإلنس���اني للتعاون التنم���وي" اهلولندي وهو‬ ‫منظمة غري احلكومي���ة واملركز النروجيي‬ ‫لبناء السالم هي مبادرة غايتها وضع خطط‬ ‫ً‬ ‫س���قوطا حمتم ً‬ ‫ال لنظام‬ ‫للمرحل���ة اليت تلي‬ ‫األس���د‪ .‬أما مش���اركة الدروبي به���ذا النص‬ ‫مقاالت تنش���رها‬ ‫فتأت���ي يف س���ياق سلس���لة‬ ‫ٍ‬ ‫"دي تس���ايت أونالين" األملاني���ة بالتعاون مع‬ ‫مؤسسة كوربر‪.‬‬


‫‪22‬‬

‫ميادين الفن‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬

‫دستور يا سيادي‬

‫تش���هد مدينة طرابلس هذه األيام حركة ونشاطاً‬ ‫مس���رحياً ألكث���ر م���ن فرق���ة مس���رحية ‪ ،‬فبعد أن‬ ‫قدمت فرقة مسرح األنوار مسرحيتها االستعراضية‬ ‫الغنائية ‪ ،‬هاهي اآلن فرقة املس���رح الوطين مبدينة‬ ‫طرابل���س قد ب���دأت جتاربها املس���رحية علي عمل‬ ‫مس���رحي جدي���د حيمل عنوان ( دس���تور يا س���يادي‬ ‫) وه���ي من تألي���ف األديب املعروف أمح���د إبراهيم‬ ‫الفقي���ه ومن إخ���راج الفن���ان طارق م���ادي ومتثيل‬ ‫خنبة م���ن ممثل���ي املس���رح الوط�ن�ي وكان املخرج‬ ‫مادي قد اس���تعان ببعض املمثلني الش���باب من كل‬ ‫مدينة ش���حات ومدينة طربق‪ ،‬ومس���رحية دستور‬ ‫يا سيادي من املسرحيات التارخيية الرتاثية جتري‬ ‫أحداثها يف العهد العثماني يف ليبيا ‪.‬‬

‫أصالة يف جلنة‬ ‫حتكيم‬ ‫الفنانة السورية أصالة نصري إنضمت مؤخرا إلي‬ ‫جلنة حتكيم فريق عمل برنامج اكتشاف املواهب‬ ‫الغنائية ( ‪ ) The x Factor‬حيث ستشارك يف هذا‬ ‫الربنامج حس���ب ما ذكره موق���ع ( حمطة مصر )‬ ‫‪ ،‬وكان���ت أصالة وزوجها طارق العريان قد س���افرا‬ ‫إلي ق�ب�رص لتصوير أغنيتني م���ن ألبومها اجلديد‬ ‫األخري ( شخصية عنيدة) بطريقة الفيديو كليب‬ ‫‪ ،‬كم���ا تس���تعد أصال���ة جلوائ���ز مهرج���ان تايك���ي‬ ‫األردني حيث تأهل���ت لنهائيات جوائز هذا املهرجان‬ ‫بع���د أن تصدرت الرتتيب كأفض���ل مطربة عربية‬ ‫للعام ‪. 2012‬‬ ‫م���ن املع���روف أن أصالة انضمت إلي ثوار س���وريا‬ ‫وأعربت عن دعمها لثورة الشعب السوري يف كافة‬ ‫احملاف���ل واملهرجان���ات اليت ش���اركت فيه���ا وكان‬ ‫آخره���ا مهرج���ان قرط���اج ال���ذي ظهرت في���ه وهي‬ ‫ترفع علم الثورة السورية ‪.‬‬

‫خليل العرييب‬

‫مهرجان أوجلة للثقافة والسياحة‬ ‫انتظم���ت مبدين���ة أوجل���ة مبنطق���ة‬ ‫الواح���ات فعالي���ات مهرج���ان أوجل���ة‬ ‫للثقاف���ة والس���ياحة دورة اجملاه���د‬ ‫الفضيل بو عمر األوجلي مس���اعد ش���يخ‬ ‫الش���هداء عم���ر املخت���ار قائ���د املقاوم���ة‬ ‫الش���عبية ض���د جحافل الغ���زو اإليطالي‬ ‫لليبي���ا ( أستش���هد يف‪.) 1930/9/20‬‬ ‫املهرج���ان أقي���م برعاي���ة وزارة الثقافة‬ ‫واجملتمع املدني واجملل���س احمللي ملدينة‬ ‫أوجل���ة وجمل���س الثقاف���ة الع���ام حت���ت‬ ‫ش���عار ‪ ( :‬أوجلة واح���ة النخيل واملوروث‬ ‫األصيل ) يف إطار تفعيل الدور احلضاري‬ ‫والتأكيد علي اهلوية الثقافية الوطنية‬ ‫إلع���ادة إنت���اج عالقة جدي���دة واعية مع‬ ‫املكون���ات الثقافية وامل���وروث الثقايف لكل‬ ‫منطق���ة يف ليبيا اجلدي���دة لتكون نقطة‬ ‫انطالق جلين مثار انتصار ثورة الس���ابع‬ ‫عشر من فرباير اجمليدة ‪.‬‬ ‫وتعت�ب�ر مدين���ة أوجل���ة التارخيية من‬ ‫املدن العريقة ويرجع نش���أتها إلي األلف‬ ‫الراب���ع قبل امليالد وه���ي تقع يف اجلنوب‬ ‫الغربي م���ن مدين���ة أجدابيا تبع���د عنها‬ ‫مبسافة ‪ 200‬كم وتشتهر أوجلة بكثرة‬ ‫خنيله���ا وإنتاجه���ا ألج���ود أن���واع التمور‬ ‫إضاف���ة ال���ي العديد من أصن���اف اإلنتاج‬

‫الزراعي ويف مقدمتها الطماطم والبصل‬ ‫‪ ،‬ويوج���د بها العديد م���ن املواقع األثرية‬ ‫الس���ياحية وأش���هرها املس���جد العتي���ق‬ ‫الذي مت بنى إبان الفتوحات اإلس�ل�امية‬ ‫لشمال أفريقيا وال يزال قائما إلي يومنا‬ ‫هذا ‪ ،‬وكذلك ضريح الصحابي اجلليل‬ ‫عبداهلل بن أبي الصرح ‪.‬‬ ‫اش���تمل برنام���ج املهرج���ان الثق���ايف‬ ‫الس���ياحي عل���ي ع���دة مناش���ط مشل���ت‬ ‫عروضاً للفرس���ان والكش���افة واملرشدات‬ ‫والف���رق الفني���ة والرتاثي���ة وحف�ل�ات‬

‫فني���ة س���اهرة وش���عراً ش���عبياً ون���دوة‬ ‫علمي���ة حول اجملاه���د الفضي���ل بو عمر‬ ‫ومع���ارض للكت���اب والتم���ور وتكري���م‬ ‫الشهداء واألس���ري والسجناء واملفقودين‬ ‫ومت خ�ل�ال املهرج���ان افتت���اح فعالي���ات‬ ‫مدين���ة أوجل���ة القدمي���ة ال�ت�ي إحت���وت‬ ‫عل���ي مع���ارض للمقتني���ات الش���عبية‬ ‫واملخطوط���ات والرس���ومات والص���ور‬ ‫القدمي���ة وتقالي���د األف���راح واملناس���بات‬ ‫االجتماعية ‪.‬‬

‫جملة املسرح العربي‬ ‫جمل���ة املس���رح العرب���ي فصلي���ة‬ ‫متخصص���ة تص���در أرب���ع م���رات يف‬ ‫الس���نة (يناير وأبريل ويونيو وس���بتمرب‬ ‫)عن اهليئ���ة العربية للمس���رح ومقرها‬

‫املتنوعة من خمتلف قضايا املسرح ‪.‬‬ ‫حي���ث ج���اء املوض���وع الرئيس���ي بعن���وان‬ ‫‪ :‬اهليئ���ة العربي���ة للمس���رح ومش���روع‬ ‫اإلس�ت�راتيجية العربي���ة للتنمي���ة‬

‫اليوم الدراسي ( املرأة واإلبداع املسرحي‬ ‫) الذي أقيم يف اجلزائر حتت شعار ( أي‬ ‫مس���تقبل ميك���ن أن يك���ون لنا كبش���ر‬ ‫إن مل تك���ن امل���رأة ق���ادرة عل���ي لعب دور‬ ‫تارخي���ي يلي���ق مبكانته���ا ومعرفيتها ) ‪،‬‬ ‫وقدمت خالل هذا امللف أوراق دراس���ية‬ ‫تناولت املواضيع التالية ‪:‬‬ ‫اإلب���داع املس���رحي يف ظ���ل احل���ركات‬‫النضالية النسائية ‪.‬‬ ‫مقارب���ة أولي���ة للكتاب���ة النقدي���ة‬‫املسرحية النسوية يف العامل العربي ‪.‬‬ ‫التجرب���ة النقدي���ة يف كتاب���ة نه���اد‬‫صليحة ‪.‬‬ ‫امل���رأة يف املس���رح العرب���ي – ش���ح يف‬‫الكتابة وتسلل إلي النقد‪.‬‬ ‫رحلة امل���رأة يف املس���رح اجلزائري بني‬‫الثبات واإلثبات ‪.‬‬ ‫كم���ا احتوي الع���دد التاس���ع من جملة‬ ‫املس���رح العربي علي نصوص مسرحية‬ ‫محلت العناوين ‪ ( :‬سيدة األسرارعشتار‬ ‫) للكاتب���ة التونس���ية حي���اة الراي���س ‪،‬‬ ‫وكذل���ك مس���رحية ( مالئك���ة ال���رب )‬ ‫للكاتبة العراقية هدي سعيد‬

‫حتصل���ت دولة البحرين عل���ي منصب نائب‬ ‫رئي���س املنظم���ة الدولي���ة للفنون الش���عبية‬ ‫( ‪ ) IOV‬وه���ي اح���دي املنظم���ات الدولي���ة‬ ‫الكربي غري احلكومي���ة العاملة حتت مظلة‬ ‫هيئ���ة األم���م املتح���دة للرتبي���ة والثقاف���ة‬ ‫والعل���وم ( اليونس���كو ) حي���ث مت انتخ���اب‬ ‫الدكتور عل���ي عبد اهلل خليفة نائبا لرئيس‬ ‫املنظم���ة وج���اءت الفلب�ي�ن رئيس���ا وأمريكا‬ ‫أمين���ا عام���ا وعضوي���ة كل م���ن ‪ :‬الص�ي�ن‬

‫وبلجي���كا ونيوزلندا وبولندا وجنوب أفريقيا‬ ‫والربازيل ‪ .‬وكانت املنظمة الدولية للفنون‬ ‫الشعبية قد اختتمت مؤمترها السنوي الذي‬ ‫انعق���د مبدين���ة ب���راغ جبمهوري���ة التش���يك‬ ‫حبض���ور ‪ 137‬دول���ة عضو يف ه���ذه املنظمة‬ ‫الدولي���ة ‪ ،‬قدم���ت خالل���ه أوراق دراس���ية‬ ‫وتقاري���ر من خمتلف أقالي���م وقارات العامل‬ ‫يف جمال الفنون والثقافة الشعبية ‪.‬‬

‫الش���ارقة باإلم���ارات العربي���ة املتح���دة املس���رحية ‪ ،‬خط���وة يف االجتاه الصحيح‬ ‫‪ ،‬ص���در الع���دد التاس���ع من ه���ذه اجمللة ملسرية املسرح العربي وتطويره ‪.‬‬ ‫حمتوي���ا عل���ي العدي���د م���ن املواضي���ع كما احتوي هذا العدد علي ملف تناول‬

‫البحرين نائبا‬ ‫لرئيس املنظمة‬ ‫الدولية للفنون‬ ‫الشعبية‬


‫ميادين الرياضة‬

‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬ ‫أمحد بشون‬

‫عودة للتاريخ اجلميل (( البطل عيسى احمليشي ))‬ ‫مهدى املطردي‬ ‫يف الع���دد املاض���ي من ه���ذه الصحيفة‬ ‫وعدن���ا اإلخوة الق���راء يف كلمة حتت‬ ‫ه���ذا العنوان أننا سننش���ر اعتب���ارا من‬ ‫ه���ذا الع���دد س�ي�رة كل م���ن الرائ���د‬ ‫الرياضي املناضل ( عيس���ى احمليشي‬ ‫) اح���د أبناء بنغ���ازي اآلبي���ة وكذلك‬ ‫الرائ���د الرياض���ي املناضل ( س���امل‬ ‫املكح���ل ) أب���ن بنغ���ازي الش���رارة أيضا‬ ‫ووفا ًء بهذا الوعد نقدم اليوم ( عيسى‬ ‫احمليش���ي ) يتحدث عنه واحد من أبرز‬ ‫قيادات مجعية عمر املختار د‪ .‬املهدي‬ ‫املط���ردي يف مق���ال كتب من���ذ أكثر‬ ‫من (‪ ) 70‬عاماً ‪.‬‬ ‫ول���د يف مدين���ة بنغازي ع���ام ‪ 1915‬م‬ ‫وتربى وترعرع يف بيت ( ال احمليشي )‪،‬‬ ‫وعندم���ا كان طفال التحق بالكتاتيب‬ ‫القرآني���ة ث���م مبدرس���ة الصاب���ري‬ ‫االبتدائي���ة وطيل���ة م���دة حياته كان‬ ‫عنوانا للرجولة والش���جاعة والوطنية‬ ‫املخلص���ة كانت فك���رة التدريب على‬ ‫املالكم���ة ال من اج���ل كونها رياضة‬ ‫فق���ط ولكنها كان���ت أداة للدفاع عن‬ ‫النفس م���ن ظلم الطلي���ان وعمالئهم‬ ‫‪ ،‬ويف ع���ام ‪ 1927‬التحق���ق بصال���ة‬ ‫مالكم���ة كان مديره���ا الس���نيور (‬ ‫الندي�ن�ي ) والذي كان يش���رف أيضا‬ ‫عل���ى امللع���ب الرياض���ي لك���رة الق���دم‬ ‫م���كان الكاتدرائي���ة احلالي���ة وال�ت�ي‬ ‫أصبحت مقر املؤمتر الش���عيب لبلدية‬ ‫بنغازي وملا التح���ق بهذه احللبة كان‬ ‫مواظب���اً عل���ى التماري���ن الرياضي���ة‬ ‫وكان العرب���ي الوحي���د ال���ذي يرغب‬ ‫يف أن يك���ون يف ي���وم م���ن األي���ام بطل‬ ‫ليبي���ا يف املالكم���ة ‪ ،‬ومعرف�ت�ي ب���ه‬ ‫كان���ت يف أوائ���ل الثالثين���ات عندم���ا‬ ‫التحق���ت أن���ا وجمموعه من الش���باب‬ ‫يف ذل���ك الوق���ت بالصال���ة ال�ت�ي كان‬ ‫يدرب فيها املالكمني ومن بني هؤالء‬ ‫الشبان الذين الزالوا على قيد احلياة ‪:‬‬ ‫ع���وض زاقوب ‪ ،‬عبدالرمحن بركات ‪،‬‬ ‫عبدالسيد الصابري ‪.‬‬ ‫كان عيس���ى احمليش���ي كم���ا قل���ت‬ ‫يهت���م بهذه الرياض���ة من أجل هدفني‬ ‫الدف���اع عن النف���س وإعط���اء الطليان‬ ‫درس���ا قاسياُ ‪ ،‬واستطاع أن يستفيد من‬ ‫التمارين املستمرة وأن يلعب مباريات‬ ‫ودي���ة داخل احللبة مع عدد كبري من‬ ‫االيطاليني وكانت الضربة القاضية‬ ‫ه���ي هدف���ه األساس���ي ألن���ه يعتقد لو‬ ‫س���نحت له الفرصة أن يتقابل مع أي‬ ‫ايطال���ي ف���إذا مل يطرحه أرضا س���وف‬ ‫ل���ن يكتب ل���ه الفوز مهما ق���ام به أثناء‬ ‫اجلوالت وكان الطليان قد شعروا يف‬ ‫البداية بان عيس���ى احمليش���ي قد يكون‬ ‫خطرا عليهم وعل���ى مسعتهم ولذلك‬ ‫أبع���دوه يف املباري���ات م���ع االيطالي�ي�ن‬ ‫ألنهم كانوا يعرفون مس���بقا النتيجة‬ ‫ولكنهم كانوا يقحمون���ه يف مباريات‬ ‫م���ع مالكم�ي�ن ليبي�ي�ن تدرب���وا على‬ ‫يدي���ه منهم املرحوم عب���داهلل فجرية ‪،‬‬

‫املرحوم إدريس املشيطي ‪ ،‬وغريهم من‬ ‫املالكمني وكان يعرف مس���بقا هذه‬ ‫السياس���ة ولذلك مل حياول أبداً طيلة‬ ‫حيات���ه الرياضي���ة يف املالكم���ة أن‬ ‫يطرح بالقاضي���ة أي منافس لييب بل‬ ‫كان يقوم باس���تعراضات هائلة ودون‬ ‫إحل���اق الف���وز مبنافس���يه ه���ذا حصل‬ ‫ايض���ا عندم���ا تالق���ى م���ع مالكم���ي‬ ‫طرابل���س ‪ :‬فتح���ي عل���ى ‪ ،‬ومح���دي‬ ‫حممد فكان بإمكانه أن يتغلب عليهم‬ ‫بالضرب���ة القاضي���ة يف اجلولة األوىل‬

‫ولك���ن كان يري���د أن يعط���ي درس���ا‬ ‫قاس���يا لاليطاليني الذين مل يس���محوا‬ ‫ل���ه مبقابلة أي ايطال���ي مدة تزيد عن‬ ‫عشر سنوات وعندما التحقنا مبدرسة‬ ‫( عيس���ى احمليش���ي ) أصبح���ت بينن���ا‬ ‫صداقة ومودة وخصوص���ا أننا التقينا‬ ‫يف نف���س اهل���دف فقم���ت مبس���اعدته‬ ‫وأنش���أنا نادي���اً للمالكم���ة كان‬ ‫يش���مل أيض���ا مالكم�ي�ن ايطالي�ي�ن‬ ‫كان���وا يأت���ون كل ليل���ة إىل الن���ادي‬ ‫ليدربه���م البط���ل عيس���ى احمليش���ي‬ ‫واس���تطاع يف احلقيق���ة أن خيلق أيضا‬ ‫م���ن االيطالي�ي�ن مالكم�ي�ن أكف���اء‬ ‫ولك���ن التفرق���ة العنصري���ة وأغراض‬ ‫أخ���رى حال���ت دون أن يتمك���ن ه���ؤالء‬ ‫املالكمني م���ن مقابل���ة أبطالنا ‪،‬و مل‬ ‫يفس���ح اجمل���ال للمالكم�ي�ن اليه���ود‬ ‫الذين كانت هلم الرغبة يف االستفادة‬ ‫م���ن تدريب���ه وألن���ه كان يبعده���م‬ ‫ع���ن ه���ذه الرياض���ة يف األي���ام األوىل‬ ‫النتس���ابهم وذل���ك بإعطائه���م دروس‬ ‫قاس���ية ف���كان يطرحه���م أرض���اً حتى‬ ‫يهرب���وا م���ن ممارس���ة ه���ذه الرياضة‬ ‫وعندم���ا قلت له ملاذا ال تعطيهم جمال‬ ‫ليتدربوا ويبارزوا املالكمني اآلخرين‬ ‫من عرب وطليان ؟‬ ‫وكان���ت حجت���ه أن���ا خائ���ف م���ن أن‬ ‫ينتص���ر أي مالك���م يه���ودي عل���ى‬ ‫مالك���م عربي وهناك تك���ون الكارثة‬ ‫هلذا قص���دت إبعادهم ‪ ،‬وكان املرحوم‬ ‫عيس���ى احمليش���ي يهت���م أيض���ا بلع���ب‬ ‫ك���رة القدم ومبمارس���ة العاب أخرى‬ ‫ولك���ن املالكم���ة ه���ي الوحي���دة اليت‬ ‫كان حيرص على تعلمها ‪.‬‬

‫‪23‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪11‬‬ ‫كلمة العدد‬

‫األندية الرياضية‬ ‫‪..‬خطوة للخلف ‪!!..‬‬

‫يف الوقت الذي نتصدى فيه للدعوة املريبة‬ ‫اليت تدعو إىل عودة املس���ابقات الرياضية‬ ‫الرمسي���ة واليت تنطلق م���ن بعض الذين‬ ‫يضعون مصاحلهم ورغباتهم الش���خصية‬ ‫ف���وق مصلح���ة الوطن وأمنه واس���تقراره‬ ‫كن���ت أتوقع م���ن األندي���ة الرياضية أن‬ ‫تب���ادر يف التص���دي هل���ذه الدع���وة وتعمل‬ ‫على اس���تغالل الوقت لوضع برامج جيدة‬ ‫للفئات الس���نية واختيار املدربني األكفاء‬ ‫ورعايته���ا رعاي���ة تامة حت���ى نتمكن من‬ ‫تشكيل فرق على مستوى جيد من مجيع‬ ‫النواح���ي الفني���ة والرتبوي���ة وتتخل���ص‬ ‫مس���تقبال من عملي���ات االبت���زاز والعقود‬ ‫وم���ا يصاحبه���ا م���ن عش���اق ( البزن���س )‬ ‫ولك���ن األندية الرياضي���ة واليت يبدو أنها‬ ‫تفتق���ر إل���ي الفني�ي�ن الذي���ن يدرك���ون‬ ‫ه���ذا ويس���تطيعون القي���ام ب���ه ‪ ..‬ب���ادرت‬ ‫ه���ذه األندية مع كل أس���ف باختاذ قرار‬ ‫غريب ومتس���رع وخاطئ بإيقاف نش���اط‬ ‫الفئات السنية حبجة واهية وغري مقنعة‬ ‫وهي عدم توفر امل���وارد املالية وكأن هذه‬ ‫األندية تق���وم بصرف املالي�ي�ن على هذه‬ ‫الفئ���ات ولتقضي به���ذا الق���رار على أخر‬ ‫فرص���ة لبن���اء ف���رق جدي���دة على أس���س‬ ‫فنية وتربوي���ة إىل أن حيني الوقت لعودة‬ ‫املس���ابقات الرمسية عندم���ا يتوفر األمن‬ ‫واآلمان احلقيق���ي يف بالدنا وليس األمن‬ ‫ال���ذي ( يزين���ه ) بع���ض أصح���اب املصاحل‬ ‫الشخصية الرخيصة ‪!!..‬‬ ‫كم أمتنى أن يدرك املسؤولون يف األندية‬ ‫الرياضية خطورة ما فعلوا !‬

‫امل ّكي يف الذكرى ال ّتاسعة لوفاته‬

‫يف ‪2003/10/7‬م انتق���ل إىل رمح���ة اهلل‬ ‫تع���اىل مصطفى امل ّكي واحد م���ن أبرز العيب‬ ‫كرة القدم يف ليبيا خالل فرتة اخلمسينيات‬ ‫والس ّتينيات ‪.‬‬ ‫هذه املوهبة األهالوية الكروية حتتاج م ّنا إىل‬ ‫دراس���ة ومتحيص ‪ ،‬ففي س�ي�رة ه���ذا الالعب‬ ‫دروس مستفادة وعرب ال حصر هلا ملن أراد أن‬ ‫يتم ّيز يف جمال ك���رة القدم كالعب كما‬ ‫مت ّيز مصطفى امل ّكي ‪.‬‬ ‫امل ّكي واحد من الذين صنعوا لألهلي ش���هرته‬ ‫وأجم���اده وجذب���وا ل���ه اآلالف م���ن احملب�ي�ن‬ ‫واملش���جعني بف ّن���ه وعطائ���ه ومج���ال أدائ���ه‬ ‫وروعة أهدافه ‪.‬‬ ‫امل ّك���ي ليس ظاهرة رياضي���ة يصعب تكرارها‬ ‫فحس���ب بل ظاه���رة إجتماعية تس���تحق منا‬ ‫العناي���ة واالح�ت�رام ‪ ،‬فكم���ا أس���عد اجلماهري‬ ‫بالف���وز وإح���راز البط���والت العب���اً هنأه���ا‬ ‫باملواصل���ة واحلض���ور يف كا ّف���ة املناس���بات‬ ‫اإلجتماعية السعيدة وواساها يف احلوادث‬

‫فرج العقيلي‬ ‫واآلالم إنساناً ‪.‬‬ ‫ال خيلو مأمت وال ف���رح يف مدينة بنغازي وما‬ ‫حوهل���ا إ ّ‬ ‫ال وكان امل ّكي حاض���راً فيه معزياً أو‬ ‫مهنئاً وهلذا محلته اجلماه�ي�ر على أكتافها‬ ‫ّ‬ ‫ومزه���وة‬ ‫ب���اآلالف منتش���ية باالنتص���ارات‬ ‫بالبطوالت اليت أسهم امل ّكي يف حتقيقها وهلذا‬ ‫محلته اجلماهري على أكتافها باآلالف عند‬ ‫ّ‬ ‫س���يظل امل ّك���ي حاضراً يف‬ ‫الوداع األخري وهلذا‬ ‫ً‬ ‫القل���وب وراس���خاً يف الوج���دان ومنقوش���ا يف‬ ‫ال ّذاكرة رغم الغياب ‪.‬‬ ‫لق���د كان رمح���ه اهلل العباً موهوب���اً وهدّاف‬ ‫بارع���اً ومه ّنئ���اً ومع ّزي���اً ومواس���ياً أل ّنه كان‬ ‫إنسانا قبل أن يكون العباَ ‪.‬‬


‫السنة الثانية العدد ( ‪ 29 / 23 ( - ) 75‬أكتوبر ‪)2012‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.