العدد 94

Page 1

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪( - ) 94‬‬

‫‪ 26‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪WWW.miadeen.com)2013‬‬

‫مارس ‪)2012‬‬ ‫فبراير‪45-‬نوفمبر‬ ‫‪26‬أكتوبر‪-‬‬ ‫‪30 (( -- )) 94‬‬ ‫العدد (( ‪77‬‬ ‫الثانية‪ -‬العدد‬ ‫‪)2013‬‬ ‫السنةالثالثة‬ ‫السنة‬

‫الثمن ‪:‬‬ ‫ديناردينار‬ ‫الثمن ‪:‬‬

‫‪ ...........‬أو مذحبة ريكسوس !‬

‫رسالة من نيلسون مانديال‬

‫لكي يستقيم مسار الثورة‬

‫انتخاب جلنة الستني ‪...‬بنظام القائمة املغلقة‬ ‫استغاللي للدين !‬ ‫ليس للمتدين فكر متطرف وإمنا املتطرف‬ ‫ّ‬


‫‪02‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫االفتتاحية يكتبها ‪ :‬أحمد الفيتوري‬

‫قانون عزل ليبيا ‪ ...‬أو مذحبة ريكسوس !‬ ‫" رسالة إىل الشعب اللييب مُجلة "‬ ‫ميادين صحيفة ليبية‬ ‫تصدر عن شركة ميادين للنشر وإالعالن‬

‫عنوان الصحيفة ‪ :‬بنغازي ‪ /‬ميدان السلفيوم‬ ‫خلف عمارة شركة ليبيا للتأمين ‪ -‬فندق‬ ‫مرحبا سابقا ‪ -‬الدور األول‬

‫‪afaitouri_55@yahoo.com‬‬ ‫‪afaitouri.55@gmail.com‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫أمحد الفيتو ري‬ ‫املدير العام‬ ‫فاطمةغندور‬ ‫مدير إداري وعالقات عامة‬ ‫خليل العرييب‬ ‫‪0619082250‬‬ ‫‪0925856779‬‬

‫مراسلو ميادين‬ ‫احلسني املسوري ‪ /‬درنة‬ ‫سلوى العالقي‪ /‬الزاوية‬ ‫خدجية االنصاري ‪ /‬اوباري‬ ‫عائشة صوكو ‪ /‬سبها‬ ‫مفتاح ميلود ‪ /‬البيضاء‬

‫إخراج وتنفيذ‬

‫حسني محزة بن عطية‬ ‫طباعة‬ ‫دار النور للطباعة‬

‫‪-1‬‬ ‫ليبي���ا التاريخ غ�ي�ر املكتوب لل ُعزلة ‪ ،‬فقب���ل أن تقع حتت نري الدولة الفاش���ية كانت تعيش‬ ‫عزال سياسيا وحضاريا على يد دولة الرجل املريض " العثمانية "‪ ،‬وبقي اإلنسان الذي يسكن‬ ‫أيال���ة طرابلس يف العه���د الرتكي ثم ليبيا ‪ -‬كما مُسيت يف العهد اإليطالي ‪ -‬يف عزلة بني‬ ‫صحاري الرمال واملاء االجاج ‪،‬عاش االنس���ان يف ليبيا عطش���ا اىل انس���انيته ‪ ،‬ويف سجن حتى‬ ‫انبثاق حريته بعد احلرب الكونية الثانية ‪ ،‬يف عهد استقالله االول متكن لثمانية عشر سنة‬ ‫من فك العزلة ل ُيعاد بانقالب سبتمرب ‪ 1969‬م العسكري املش ُئوم مرة ثانية هلذه العزلة‪.‬‬ ‫عاش���ت البالد عقودا أربعة ونيف يف عزلة ‪ ،‬فكانت ليبيا بهذا العزل خارج اجلغرافيا وخارج‬ ‫التاريخ ‪ ،‬مل يكن مثة وجود للبالد حتى يف النش���رات اجلوية ‪،‬وحتى أن مذحبة بوسليم اليت‬ ‫تعد من كوارث القرن العش���رين الكربى مل يس���مع بها أحد ‪،‬كنا يف س���جن بوس���ليم حني‬ ‫كان���ت املعارض���ة الليبية يف اخلارج تعانى من أثار هذا العزل ‪،‬لقد جنح النظام الفاش���ي يف‬ ‫ليبيا بتواطىء من العامل يف عزل بالد تقع يف قلب العامل ومتده بشريان احلياة ‪ :‬النفط ‪.‬‬ ‫قب���ل ذل���ك كان الليبي���ون ق���د تورطوا يف ح���رب حترير اس���تعملت فيها الدول���ة االيطالية‬ ‫الفاش���ية ُمعتقالت لعزل الشعب ‪،‬ووظفت لذلك كل شيء مبا فيها شراء بعض من السكان‬ ‫احملليني واستخدمت حاجتهم لقهر شعبهم ‪ ،‬كذلك جندت يف جيوشها بعض من الليبيني‬ ‫يف حربها للتنكيل بالشعب األعزل وباملقاومة الشعبية‪.‬‬ ‫ورغم اخلس���ائر الفادح���ة اليت تكبده���ا الليبيون يف حربه���م الضروس تلك اجت���ازوا احملنة‬ ‫‪،‬وأعلن���وا يف مواثيقهم العف���و عند املقدرة ‪،‬وبذلك اكتفوا مبا تكبدوه من أرواح ودماء ووقت‬ ‫وجهد ومال يف تلكم احلروب الضروس اليت استغرقت أكثر من عقدين من الزمن ‪.‬‬ ‫اجت���ازوا احملن���ة وكانوا يف مس���غبة وقد قت���ل منهم الش���باب ‪،‬ومل يلتفتوا ‪،‬كان���ت عيونهم‬ ‫ش���اخصة إىل املس���تقبل ‪،‬وبه���ذا متكنوا يف عقد واح���د بالضئيل مما لديه���م من وضع حجر‬ ‫أساس استقالهلم األول‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫كن���ا يف فندق تيبس�ت�ي مبدينة بنغ���ازي يف مطلع م���ارس ‪ 2011‬م ‪ ،‬كن���ا مجع من خنبة‬ ‫املدين���ة ومم���ن متكن من املدن األخرى ‪،‬كنا مجع بصيغة مش���روع ش���هيد ‪،‬اللقاء الس���اخن‬ ‫اجتاح���ه اخلوف ‪ ،‬اخل���وف اللحظة على الثورة ومن أجل املس���تقبل ‪،‬ص���اغ اخلوف اللحظة‬ ‫االستثنائية تلك فغص املكان بدعاة املوت ‪ ،‬كان اجلمع الصاخب ديدنه الطابور اخلامس ما‬ ‫يعادل االزالم فيما بعد ‪،‬الكل ينهض ثقيال بهذا الطابور اخلامس ‪.‬‬ ‫يف بييت يف الليلة السابقة كان مجع من بينهم الصديق الشاعر سامل العوكلي القادم من‬ ‫مدينته درنة ليشارك يف االجتماع ‪،‬تدارسنا الوضع وتذاكرنا ماضى شعبنا ‪،‬كان مع سامل‬ ‫ميث���اق احلرابة ما فيه اتفق س���كان اجلبل األخضر أن ما بعد احلرب الس�ل�ام ‪ ،‬وأن الس�ل�ام‬ ‫كاإلسالم جيب ما قبله‪.‬‬ ‫هلذا وسط لغط اجلمع نهضت حُمتجا أن ال طابور خامس الساعة ‪ ،‬الساعة طابور فرباير‪،‬‬ ‫وكل غالب مقتدر والعفو عند املقدرة فكل من اصطف معنا هو منا ‪،‬طلب س���امل العوكلي‬ ‫ومزيدا ثم أخذ يف قراءة ميثاق احلرابة ذلك ‪.‬‬ ‫الكلمة ووقف يف اجلمع ُمثنيا َ‬ ‫اليوم نريد أن نعيد اصطفافنا بالعزل السياسي وحنن الشعب الذي خاض كل تلكم احملن‬ ‫‪،‬من كهله " زيو " ‪ ،‬ومن ش���بابه الذين ضحوا بأنفس���هم من أجل الكرامة واحلرية فحس���ب‬ ‫‪،‬كانوا وكنا كمش���اريع ش���هداء ننظر إلي األمام ديدننا املس���تقبل ‪ :‬الش���عب يريد اسقاط‬ ‫النظ���ام ‪،‬فأس���قطناه كما مل يُس���قط النظام أحد ‪ .‬لق���د أجنزنا املهمة وبذا فإننا اس�ت�رجعنا‬ ‫الكرام���ة وحصلن���ا على احلرية وبات االس���تقالل الثاني يف أيادينا ‪ :‬فهل لش���عب مثلنا وقت‬ ‫لالنتقام ‪ ،‬ش���عب مل يعرف يف تارخيه غري العزل والع���وز هل لديه اجلهد والوقت ليهدرهما‬ ‫يف نقاش بيزنطي حول البيضة والدجاجة ‪ :‬من نعزل وكيف نعزل ومتى نعزل ؟ ‪.‬‬ ‫حاجتن���ا للضم وليس للعزل‪ ،‬ليبيا التاريخ غري املكتوب للعزلة ‪ ،‬فلتكن ليبيا التاريخ املكتوب‬ ‫لالنفتاح على املستقبل واحلياة ‪ ،‬وغدا يبدأ اليوم ‪.....‬‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫وثيقة أوىل ‪ :‬مسودة قانون العزل‬ ‫السياسي يف ليبيا‬ ‫مـــــــــــــــــادة رقم ‪ :1‬حُيرم من ممارس���ة العمل السياس���ي واإلداري سواء باحلق يف الرتشح والرتشيح‬ ‫يف االنتخاب���ات ال�ت�ي س���تجري يف الب�ل�اد مبختلف أنواعه���ا وكذلك م���ن تولي مناص���ب قيادية أو‬ ‫مسؤوليات وظيفية أو إدارية أو مالية يف كافة القطاعات اإلدارية العامة والشركات أو املؤسسات‬ ‫املدني���ة أو األمنية أو العس���كرية وكل اهليئ���ات االعتبارية اململوكة للمجتمع وكذلك تأس���يس‬ ‫األحزاب ومؤسس���ات اجملتمع املدن���ي وعضويتها وكذلك اإلحتادات والرواب���ط والنقابات والنوادي‬ ‫وما يف حكمها ملدة عش���ر س���نوات لكل م���ن تقلد خالل الفرتة من ‪ 1969‬وحت���ى ‪ 2011‬وظيفة من‬ ‫الوظائف أو املناصب التالية‪:‬‬ ‫‪ :1‬كل من شارك يف انقالب عام ‪ 1969‬من العسكريني أو املدنيني ‪.‬‬ ‫‪ :2‬كل من تولي وظيفة أمني اللجنة الشعبية العامة ‪.‬‬ ‫‪ :3‬كل من تولي وظيفة أمني جلنة شعبية عامة للقطاع أو الشعبيات أو القطاعات للشعبيات ‪.‬‬ ‫‪ :4‬كل م���ن تول���ي وظيفة أمني مؤمتر الش���عب العام أو عضوا يف أمانته وكذلك علي مس���توى‬ ‫الشعبيات‪.‬‬ ‫‪ :5‬كل من تولي وظيفة أمني مؤمتر أو أمني جلنة شعبية علي مستوي املؤمترات الشعبية ‪.‬‬ ‫‪ :6‬كل من تولي وظيفة النائب العام أو احملامي العام ‪.‬‬ ‫‪ :7‬كل من تولي وظيفة حمافظ مصرف ليبيا املركزي ‪.‬‬ ‫‪ :8‬كل من تولي وظيفة س���فري أو أمني ملكتب ش���عيب باخلارج ومن يف‬ ‫حكمهم ‪.‬‬ ‫‪ :9‬كل من تولي رئاسة حترير جريدة أو جملة أو إذاعة مسموعة أو‬ ‫مرئية تابعة للدولة ‪.‬‬ ‫‪ :10‬كل م���ن تول���ي وظيف���ة الكات���ب الع���ام باللجنة الش���عبية العامة‬ ‫والقطاعات واجلامعات واملعاهد واألكادمييات ‪.‬‬ ‫‪ :11‬كل من تولي وظيفة أمني جلنة شعبية للجامعات ‪.‬‬ ‫‪ :12‬كل م���ن تول���ي وظيفة مديرا عاما للمؤسس���ات أو اجملالس العليا‬ ‫والشركات العامة ومؤسسات االستثمار باخلارج‪ ،‬ومؤسسات ومجعيات‬ ‫القذايف ‪.‬‬ ‫‪ :13‬كل من عمل قاضيا مبحكمة الشعب أو أي حماكم استثنائية أو‬ ‫االدعاء الشعيب أو نيابة أمن الثورة ‪.‬‬ ‫‪ :14‬كل م���ن عمل جبهاز األمن الداخلي أو كان مدير اإلدارة جبهاز‬ ‫األمن اخلارجي ‪.‬‬ ‫‪ :15‬كل م���ن كان عضوا بفريق العمل الث���وري أو مكتب اإلتصال أو‬ ‫جلان التطهري أو القوافل الثورية أو احلرس الثوري ‪.‬‬ ‫‪ :16‬كل من عمل برئاسة األركان للجيش ‪.‬‬ ‫‪ :17‬كل م���ن عم���ل يف القي���ادات الش���عبية االجتماعية على مس���توي‬ ‫الشعبيات أو البلديات وعلى املستوي الوطين‬ ‫‪ :18‬كل من توىل وظيفة مديرا إلدارة أمنية على مس���توي البلديات‬ ‫أو الشعبيات أو على املستوي الوطين ‪.‬‬ ‫‪ :19‬كل م���ن عم���ل نقيب���اً أو عضو أمانة بالنقاب���ات العامة ومن عمل‬ ‫نقيبا على مستوى الشعبيات أو البلديات‬ ‫مـــــــــــــــــ���ادة رقم ‪:2‬تس���ري أحكام املادة األولي عل���ي كل من قام النائب‬ ‫الع���ام باالدعاء عليه ملش���اركته بإفس���اد احلياة السياس���ية واالقتصادية‬ ‫واالجتماعية‪.‬‬ ‫مـــــــــــــــــ���ادة رق���م ‪:3‬كل م���ن خيالف ه���ذا القانون مم���ن تنطبق عليهم‬ ‫أحكام املادة األولي تباشر النيابة العامة رفع الدعوى ضده تلقائيا أو بناءا علي بالغ يقدم إليها ميت‬ ‫توفر ضد املتهم أدلة جدية وترفع الدعوى أمام حماكم اجلنايات اليت يقع بدائرتها ويكون للنيابة‬ ‫العامة وقاضي التحقيق مجيع السلطات املخولة هلا يف قانون اإلجراءات اجلنائية دون قيود ‪.‬‬ ‫مـــــــــــــــــادة رقم ‪:4‬يعاقب كل من خيالف أحكام هذا القانون بالس���جن ملدة ثالث س���نوات وبغرامة‬ ‫مالي���ة ال تق���ل عن ‪ 5000‬دينار وال تزيد عن ‪ 15000‬دين���ار وحرمانه من تولي الوظائف العامة يف‬ ‫الدولة ‪.‬‬ ‫مـــــــــــــــــ���ادة رق���م ‪:5‬حتدد احملكمة اليوم ال���ذي تنظر فيه الدعوى علي أن يك���ون خالل ‪ 15‬يوم من‬ ‫تاريخ رفعها ويكون تكليف املدعي عليه باحلضور أمام احملكمة قبل اجللسة بثمانية أيام علي األقل‬ ‫وجي���وز له االس���تعانة مبحامي وال جيوز تأجيل نظر الدع���وى أكثر من مرتني وال تزيد كل مرة‬ ‫عن أسبوع ‪.‬‬ ‫مـــــــــــــــــ���ادة رق���م ‪:6‬إذا مل حيض���ر املدع���ي علي���ه أمام احملكمة ومل يرس���ل حمامي نائب���ا عنه تنظر‬ ‫احملكم���ة الدعوى وحتكم يف غيبته وجيوز للمحكمة أن تل���زم املدعي عليه باحلضور أمامها وهلا يف‬ ‫سبيل ذلك أن تأمر بضبطه وإحضاره ‪.‬‬ ‫مـــــــــــــــــ���ادة رقم ‪:7‬علي كل جلان االنتخابات مبختلف أنواعه���ا إحالة األمر إلي النيابة العامة يف‬ ‫حالة ثبت لديها قيام أحد احملظور تس���جيلهم وفق هذا القانون بالتس���جيل ويعاقب بنفس العقوبة‬ ‫املنصوص عليها يف املادة الرابعة كل من اش�ت�رك أو ساعد يف تسجيل ألشخاص ليس لديهم احلق‬ ‫يف ذلك ‪.‬‬ ‫مـــــــــــــــــ���ادة رق���م ‪:8‬ال جيوز الطعن يف احلكم الصادر بأي طريقة من ط���رق الطعن العادية أو غري‬ ‫العادية وينشر احلكم يف اجلريدة الرمسية ويف جريدتني من اجلرائد الوطنية ملرتني خالل أسبوع‬ ‫من صدور احلكم ‪.‬‬ ‫مـــــــــــــــــادة رقم ‪:9‬يبدأ سريان هذا القانون من تاريخ صدوره ويلغي كل حكم خيالفه‪.‬‬

‫‪03‬‬

‫وثيقة ثانية ‪ :‬رسالة من نيلسون‬ ‫مانديال إىل ثوار الربيع العربي‬

‫أعتذر أو ً‬ ‫ال عن اخلوض يف ش���ؤونكم اخلاصة‪ ،‬وس���احموني إن كنت دسست أنفي فيما‬ ‫ال ينبغي أن تقحم فيه‪.‬‬ ‫لكين أحسست أن واجب النصح أو ً‬ ‫ال‪ ،‬والوفاء ثان ًيا ملا أوليتمونا إياه من مساندة أيام قراع‬ ‫ْ‬ ‫وعجمته‬ ‫حمصته التجارب‬ ‫الفص���ل العنصري حيتمان علي رد اجلميل وإن بإبداء رأي ّ‬ ‫األيا ُم وأنضجته السجون‪.‬‬ ‫مشمسا من أيام كيب‬ ‫يوما‬ ‫أحبيت ثوار العرب؛ ال زلت أذكر ذلك اليوم بوضوح‪ .‬كان ً‬ ‫ً‬ ‫تاون‪ .‬خرجت من السجن بعد أن سلخت بني جدرانه عشرة آالف عام‪.‬‬ ‫ُور ُ‬ ‫عاما ألني حلمت أن أرى بالدي‬ ‫يت عنها س���ب ًعا وعش���رين ً‬ ‫خرجت إىل الدنيا بعدما و ِ‬ ‫خالية من الظلم والقهر واالس���تبداد ورغم أن اللحظة أمام س���جن فكتور فسرت كانت‬ ‫كثيفة على املستوى الشخصي إذ سأرى وجوه أطفالي وأمهم بعد كل هذا الزمن‪ ،‬إال‬ ‫أن السؤال الذي مأل جواحني حينها هو‪:‬‬ ‫كيف سنتعامل مع إرث الظلم لنقيم مكانه عد ً‬ ‫ال؟‬ ‫أكاد أحس أن هذا السؤال هو ما يقلقكم اليوم‪ .‬لقد خرجتم لتوكم من سجنكم الكبري‬ ‫وهو سؤال قد ُ‬ ‫حتدّد اإلجابة عليه طبيعة االجتاه الذي ستنتهي إليه ثوراتكم‪.‬‬ ‫إن إقامة العدل أصعب بكثري من هدم الظلم‪.‬‬ ‫فاهلدم فعل سليب والبناء فعل إجيابي‪.‬‬ ‫أو على لغة أحد مفكريكم – فإن إحقاق احلق أصعب بكثري من إبطال الباطل‪.‬‬ ‫أنا ال أحتدث العربية لألس���ف‪ ،‬لكن م���ا أفهمه من الرتمجات‬ ‫ال�ت�ي تصلين عن تفاصيل اجلدل السياس���ي اليومي يف مصر‬ ‫وتونس تش���ي بأن معظم الوقت هناك مهدر يف س���ب وش���تم‬ ‫كل من كانت له صلة تعاون مع النظامني البائدين وكأن‬ ‫الثورة ال ميكن أن تكتمل إال بالتش���في واإلقصاء‪ ،‬كما يبدو‬ ‫لي أن االجتاه العام عندكم مييل إىل اس���تثناء وتبكيت كل‬ ‫من كانت له صلة قريبة أو بعيدة باألنظمة السابقة‪.‬‬ ‫ذاك أمر خاطئ يف نظري‪.‬‬ ‫أن���ا أتفهم األس���ى الذي يعتص���ر قلوبكم وأع���رف أن مرارات‬ ‫الظلم ماثلة‪ ،‬إال أنين أرى أن استهداف هذا القطاع الواسع من‬ ‫جمتمعكم قد يس���بب للثورة متاعب خطرية‪ ،‬فمؤيدو النظام‬ ‫الس���ابق كان���وا يس���يطرون على امل���ال العام وعل���ى مفاصل‬ ‫األمن والدول���ة وعالقات البلد مع اخلارج‪ .‬فاس���تهدافهم قد‬ ‫يدفعهم إىل أن يك���ون إجهاض الثورة أهم هدف هلم يف هذه‬ ‫املرحلة اليت تتميز عادة باهلشاش���ة األمين���ة وغياب التوازن‪.‬‬ ‫أنتم يف غنى عن ذلك‪ ،‬أحبيت‪.‬‬ ‫إن أنص���ار النظ���ام الس���ابق ممس���كون مبعظ���م املؤسس���ات‬ ‫االقتصادية اليت قد يش���كل اس���تهدافها أو غيابها أو حتييدها‬ ‫كارثة اقتصادية أو عدم توازن أنتم يف غنى عنه اآلن‬ ‫عليك���م أن تتذك���روا أن أتب���اع النظ���ام الس���ابق يف النهاي���ة‬ ‫مواطنون ينتم���ون هلذا البلد‪ ،‬فاحتواؤهم ومس���احمتهم هي‬ ‫أك�ب�ر هدية للبالد يف ه���ذه املرحلة‪ ،‬ثم إنه ال ميكن مجعهم‬ ‫ورميه���م يف البح���ر أو حتييدهم نهائياً‪ ،‬ث���م إن هلم احلق يف‬ ‫التعبري عن أنفس���هم وهو ح���ق ينبغي أن يك���ون احرتامه من‬ ‫أجبديات ما بعد الثورة‪.‬‬ ‫أعل���م أن مما يزعجكم أن تروا ذات الوجوه اليت كانت تنافق‬ ‫للنظام الس���ابق تتحدث اليوم ممجدة الثورة‪ ،‬لكن األسلم أن‬ ‫ال تواجهوهم بالتبكيت إذا جمدوا الثورة‪ ،‬بل شجعوهم على ذلك حتى حتيدوهم وثقوا‬ ‫أن اجملتمع يف النهاية لن ينتخب إال من ساهم يف ميالد حريته‬ ‫إن النظ���ر إىل املس���تقبل والتعام���ل معه بواقعية أه���م بكثري من الوق���وف عند تفاصيل‬ ‫املاضي املرير‪.‬‬ ‫أذك���ر جي���دا أني عندما خرج���ت من الس���جن كان أكرب حتد واجهين ه���و أن قطاعا‬ ‫واسعا من السود كانوا يريدون أن حياكموا كل من كانت له صلة بالنظام السابق‪،‬‬ ‫لكن�ن�ي وقفت دون ذل���ك وبرهنت األيام أن ه���ذا كان اخليار األمث���ل ولواله الجنرفت‬ ‫جن���وب إفريقي���ا إما إىل احل���رب األهلي���ة أو إىل الديكتاتورية من جديد‪ .‬لذلك ش���كلت‬ ‫“جلن���ة احلقيقة واملصاحلة” اليت جلس فيها املعتدي واملعتدى عليه وتصارحا وس���امح‬ ‫كل منهما اآلخر‪.‬‬ ‫إنها سياسة مرة لكنها ناجحة‪.‬‬ ‫أرى أنك���م به���ذه الطريق���ة– وأنت���م أدرى يف النهاية‪ -‬سرتس���لون رس���ائل اطمئنان إىل‬ ‫اجملتم���ع امللت���ف ح���ول الديكتاتوري���ات األخ���رى أن ال خ���وف عل���ى مس���تقبلهم يف ظل‬ ‫الدميقراطي���ة والثورة‪ ،‬مما قد جيعل الكثري من املنتفعني مييلون إىل التغيري‪ ،‬كما قد‬ ‫حتجمون خوف وهلع الدكتاتوريات القائمه من طبيعة وحجم ما ينتظرها‪.‬‬ ‫ختيل���وا أنن���ا يف جن���وب إفريقيا ركزن���ا – كما متن���ى الكثريون‪ -‬على الس���خرية من‬ ‫البيض وتبكيتهم واس���تثنائهم وتقليم أظافره���م؟ لو حصل ذلك ملا كانت قصة جنوب‬ ‫إفريقيا واحدة من أروع قصص النجاح اإلنساني اليوم‪.‬‬ ‫أمتنى أن تستحضروا قولة نبيكم‪ :‬اذهبوا فأنتم الطلقاء‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مالحظة ‪ :‬كانت ميادين قد نشرت رسالة مانديال يف منتصف عام ‪2011‬م ‪ ،‬ونشرت ايضا صورة من ميثاق احلرابة‪.‬‬


‫‪04‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫انتخاب جلنة الستني ‪...‬بنظام القائمة املغلقة‬

‫عبد القادر اقدورة‬

‫* كيف توضع هذه القوائم ‪:‬‬ ‫يت���م وض���ع ه���ذه القوائ���م م���ن املس���تقلني‬ ‫والكيان���ات السياس���ية مبعن���ى تع���رض على‬ ‫املواطن�ي�ن قوائ���م حزبي���ه وأخرى مس���تقلة‬ ‫حت���ى تكون األمور واضحة أم���ام املواطن وال‬ ‫جيوز أن يتقدم املرتش���ح يف أكثر من قائمة‬ ‫واح���دة وال جيوز ل���ه أن يغري انتمائ���ه املعلن‬ ‫قب���ل الفوز وإذا قام به���ذا التغيري فإن انتخاب‬ ‫القائمة يعترب باطل ‪ ،‬مثال ‪ :‬يقوم املس���تقلون‬ ‫واألحزاب كل منه���م مث ً‬ ‫ال بوضع قائمة من‬ ‫عشرين شخصاً يف إحدى الدوائر االنتخابية‬ ‫ميثلون امل���دن والفئات املهني���ة واالجتماعية‬ ‫وغريها كما سيأتي ذكره وجيب أن حتسن‬ ‫كل قائم���ة هذا االختيار واألهم هو أن تعلن‬ ‫كل قائمه عن برناجمها يف مسائل الدستور‬ ‫األساس���ية وه���ى م���ا رأى القائم���ة حزبي���ه‬ ‫كانت أو مس���تقلة يف ‪ :‬ش���كل الدولة ‪...‬نظام‬ ‫احلكم ‪...‬الشريعة اإلسالمية‪...‬املرأة ‪...‬احلكم‬ ‫احملل���ى ‪....‬توزي���ع الث���روات ‪...‬اللغ���ة العربية‬ ‫والثقاف���ات الوطني���ة ‪....‬وغريه���ا من املس���ائل‬ ‫اليت ت���رى القائم���ة أحيانا من امله���م توضيح‬ ‫موقفه���ا منها ‪،‬ولكن بعد الف���وز ال جيوز هلذا‬ ‫املستقل أن يغري رأيه‬ ‫*كيف يتم التصويت ‪:‬‬ ‫يقوم الناس بالتصوي���ت يف جولة أوىل على‬ ‫القائم���ة بأكملها وتفوز ال�ت�ي تتحصل على‬ ‫أكثر األصوات أو هن���اك طريقة أخرى وأنا‬ ‫من أش���د أنصارها وهي القي���ام جبولة ثانية‬ ‫للتصوي���ت على القائمت�ي�ن احلاصلتني على‬ ‫أعل���ى األصوات و تف���وز منهم���ا القائمة اليت‬ ‫تتحصل عل���ى أكثر األصوات هذه الطريقة‬ ‫تتيح مل���ن صوت على بقي���ة القوائم و اليت مل‬ ‫تف���ز أن يص���وت مرة ثاني���ة وهذا ما يس���مى‬ ‫بالتصويت املفيد‪.‬‬ ‫ولتحقي���ق ذل���ك يت���م إع���ادة تفعي���ل اهليئة‬ ‫العلي���ا لالنتخاب���ات عن طري���ق قانون جديد‬ ‫يص���در عن املؤمتر الوط�ن�ي العام و يتم إعادة‬ ‫فت���ح س���جالت االنتخ���اب للمؤمت���ر الوطين‬ ‫العام ملدة شهر لتسجيل من مل يقم بتسجيل‬ ‫نفس���ه فيه���ا و يت���م التصوي���ت عل���ى القوائم‬ ‫يف اجلولت�ي�ن يف املراك���ز االنتخابي���ة ال�ت�ي‬ ‫استخدمت يف انتخاب املؤمتر الوطين العام‬ ‫* ما هي ضوابط ومعايري تكوين هذه القوائم‬ ‫‪:‬‬ ‫األص���ل أن كل قائمة ختتار عش���رين عضو‬ ‫وتضع هي نفس���ها املعايري اليت على أساس���ها‬ ‫قامت باختي���ار هؤالء العش���رين ولكن ميكن‬

‫ميادين‬ ‫تق���دم الدكتور عبد القادر اقدورة أس���تاذ القانون الدس���توري جبامعة بنغازي مبق�ت�رح للمؤمتر الوطين حول‬ ‫انتخاب جلنة الستني بنظام القائمة املغلقة وقد قدم نسخة من املقرتح لصحيفة مليادين وهو على النحو التالي‬ ‫*ماذا نعنى بالقائمة املغلقة للتصويت‬ ‫االنتخاب���ات ه���ي الدائرة االنتخابية و طريقة تصويت والدائرة االنتخابية تعنى احلدود اإلدارية واليت يقوم‬ ‫الن���اس بالتصويت فيه���ا وأعتقد أنه ميكن أن نعت�ب�ر كل منطقة من املناطق الثالث يف ب�ل�ادي دائرة انتخابية‬ ‫واحدة ‪ .‬التصويت بالقائمة املغلقة نظام معروف ومعمول به يف أغلب دميقراطيات الدنيا‬

‫حتدي���د بع���ض املعاي�ي�ر العامة ال�ت�ي تنطبق‬ ‫على الكافة منها ‪:‬‬ ‫(‪ )1‬أن يك���ون عضو القائمة ش���خص تتوفر‬ ‫فيه معايري و شروط هيئة النزاهة والوطنية‬ ‫‪.‬‬ ‫(‪ )2‬ال جيوز تشكيل قوائم على أساس جهوى‬

‫البيض���اء حن���ن هن���ا حققن���ا ش���رط الث�ل�اث‬ ‫قانوني�ي�ن وج���زء كبري من ش���رط ‪ 3‬نس���اء‬ ‫‪.‬كذلك هناك ‪ 2‬من مشائخ القبائل حيملون‬ ‫مؤه�ل�ات عالي���ه يف الش���ريعة وأح���د اإلخوة‬ ‫التبو حيمل نفس املؤهل هكذا حققنا شرط‪3‬‬ ‫م���ن علماء الش���ريعة و‪ 2‬من ش���رط مش���ائخ‬

‫الرتشح الفردي ‪:‬‬ ‫أن ه���ذا النوع من الرتش���ح والتصويت حتاول‬ ‫الكث�ي�ر من ال���دول ع���دم الرجوع إلي���ه وهذا‬ ‫راج���ع بطبيعة احل���ال للدور امله���م لألحزاب‬ ‫السياس���ية عندهم أما بالنس���بة لن���ا يف ليبيا‬ ‫فقد رأين���ا التجرب���ة وانا أعتقد أن الرتش���ح‬

‫أو قبلي أو أثنى وإذا ظهرت قائمه أكثر من‬ ‫‪ 50%‬من أعضائها من مدينة واحدة أو من‬ ‫قبيلة واحدة أو من أثنيه واحده تعترب باطله‬ ‫حتى ولو فازت يف االنتخابات‪.‬‬ ‫(‪ )3‬أن ال يق���ل عم���ر عض���و القائم���ة ع���ن‬ ‫‪25‬عاماً ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫(‪ )4‬أن يك���ون لديه مؤهال علميا إذا كان من‬ ‫مواليد بعد ‪.1970‬‬ ‫(‪ )5‬أن يك���ون م���ن ب�ي�ن أعض���اء القائمة على‬ ‫األق���ل ‪3‬م���ن القانوني�ي�ن و ‪ 3‬م���ن علم���اء‬ ‫الش���ريعة (مؤهل عالي يف الشريعة) و ‪ 3‬من‬ ‫النساء و‪3‬من مشائخ القبائل و‪ 3‬من االمازيغ‬ ‫اوالتبو أو الطوارق و‪ 3‬من احملاربني‪.‬‬ ‫* كي���ف يت���م تش���كيل ه���ذه القوائ���م وفق‬ ‫املعايري السابقة‪:‬‬ ‫مثال يف املنطقة الش���رقية برقه يتم تشكيل‬ ‫قائم���ه فيه���ا ‪ 3‬م���ن القانوني�ي�ن قانون���ي من‬ ‫بنغ���ازي وقانوني���ه م���ن درن���ة وأخ���رى م���ن‬

‫القبائ���ل و ‪ 1‬من ش���رط اإلخ���وة التبو وهكذا‬ ‫يتم تشكيل كل قائمه وبقية القوائم ‪.‬‬ ‫أم���ا يف املنطقة الغربية طرابلس فما املانع أن‬ ‫تظهر ش���خصيه طرابلس���يه من مصراته أو‬ ‫من طرابلس نفس���ها أو من الزاوية أو اجلبل‬ ‫أو م���ن أي م���كان أخ���ر يف املنطق���ة الغربي���ة‬ ‫تس���تطيع أن تش���كل قائم���ه م���ن كل أحن���اء‬ ‫طرابلس ويلتف الناس حوهلا رغم املش���اكل‬ ‫وتظه���ر قيادات وطنيه جدي���دة ال تنتمي إىل‬ ‫حقب���ة الطاغي���ة وال حلقب���ة االنتقال���ي م���ع‬ ‫الفارق يف التش���بيه وأنا واثق من ذلك و نفس‬ ‫احلديث عن املنطقة اجلنوبية فزان ‪.‬‬ ‫بالتأكي���د أن مثل هذا النظ���ام يف حاجه إىل‬ ‫محلة توعيه واس���عة النطاق تش���مل اجلميع‬ ‫وأعتق���د جازم���ا أن الش���عب اللييب يس���تحق‬ ‫ويس���تطيع تكوين هيئ���ه تأسيس���ية منتخبه‬ ‫بطريقه حقيقية تبهر األشقاء واألصدقاء‬ ‫*وقب���ل أن أنهى موضوعي أريد أقول رأي يف‬

‫الفردي ال يصلح لنا لألسباب التالية‪:‬‬ ‫‪ 1‬س���يكون هناك أعداد كبريه تريد التقدم‬ ‫للرتش���ح صحيح صندوق االنتخاب س���يكون‬ ‫ه���و الفص���ل ولكن الفائ���ز ل���ن يتحصل على‬ ‫األصوات‬ ‫ال�ت�ي تفرض احرتامه بتمثيل عدد كبري من‬ ‫املواطن�ي�ن ويكفى أن ن���رى ‪،‬نتـائج الفردي يف‬ ‫املؤمت���ر الوطين الع���ام وهنا رأين���ا كيف فاز‬ ‫أش���خاص بأص���وات قليله وبالتال���ي احلديث‬ ‫عن أقليه وأغلبية جيب التفكري فيها بطريقه‬ ‫أكثر عمق‬ ‫‪ 2‬سيتنافس يف مثل هذا النوع من التصويت‬ ‫املال والقبيلة والعالقات‬ ‫‪ 3‬س���تكون انتخاب���ات ش���خصيه مبعنى إنها‬ ‫حول أشخاص وليس حول أفكار‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫‪05‬‬

‫لكي يستقيم مسار الثورة‬

‫عبداهلل الكبري‬

‫ال ينبغ���ي النظ���ر إىل قانون العزل السياس���ي كعقوبة لكل من عمل ضمن منظومة الفس���اد زم���ن الديكتاتورية‪ ،‬ألن هذه‬ ‫النظرة حتيل إىل إثارة مشاعر التعاطف اإلنساني مع املعزولني‪ ،‬خاصة حني نتيقن أن بعض من عملوا يف دولة القذايف مل‬ ‫يفسدوا بل بذلوا ما يف وسعهم للحد من الفساد وإنقاذ ما ميكن إنقاذه‪.‬‬ ‫القان���ون يف ح���د ذات���ه ليس عقوبة‪ ،‬وم���ا كانت له صدارة املطالب الش���عبية ل���و أن كل امرئ تبوأ مواقع املس���ؤولية وتقلد‬ ‫الوظائف العامة زمن الديكتاتور‪ ،‬أدرك حجم التضحيات اليت قدمها الشعب اللييب يف ثورة فرباير‪ ،‬واستوعب الكارثة اليت‬ ‫حاقت بالبالد طوال عقود الظلم والظالم‪ ،‬فرتاجع من تلقاء نفسه للمراجعة واحملاسبة الذاتية‪ ،‬مبتعداً يف هذه املرحلة عن‬ ‫الش���أن العام‪ ،‬مفس���حاً الطريق اجلديد املعبد بدماء الش���هداء جليل جديد مل يتنفس يف مناخ اخلراب وما اقرتب من أوكار‬ ‫املؤامرات واخليانة‪ ،‬يتوىل بناء ليبيا اجلديدة بروح خمتلفة وقيم أصيلة غري مشوهة بعبادة الفرد‪.‬‬

‫يندرج العزل السياس���ي ضمن ظاه���رة العداء للماضي االس���تبدادي‪ ،‬فمن مسة‬ ‫الث���ورات إظهار الع���داء والرف���ض للتاريخ القري���ب‪ ،‬ولعلنا نالحظ احلساس���ية‬ ‫املفرط���ة م���ن الل���ون األخضر‪ ،‬وصيحات االس���تهجان ل���كل خطيب يزل لس���انه‬ ‫مبف���ردات العهد املنه���ار‪ ،‬واملعاجلة به���ذا القان���ون وقوانني أخرى تدي���ن الطابع‬ ‫اإلجرامي ملمارس���ات عهد الديكتاتورية س���وف جتنبنا الكثري من التوتر وختفف‬ ‫م���ن حدة النقاش العاصف‪ ،‬وتزيل الش���كوك اليت حتوم حول النخب السياس���ية‬ ‫القائمة اآلن على املؤمتر واحلكومة وكافة املؤسس���ات‪ ،‬فلن يُسِّلم الثوار القيادة‬ ‫ألي موقع يف الدولة أو السلطة املؤقتة ملن كان ضمن منظومة العهد املاضي‪.‬‬ ‫ولنا يف جتارب الش���عوب اليت س���بقتنا عربة وموعظة وجتربة ميكن االس���تنارة‬ ‫بها‪ .‬فقد عرب الش���عب التشيكي عن رفضه للش���يوعيني يف تشيكو سلوفاكيا بعد‬ ‫الث���ورات ال�ت�ي أطاحت بأنظم���ة احلزب الواح���د يف أوروبا الش���رقية عام ‪،1989‬‬ ‫الكتلة السياس���ية األك�ب�ر وهي "املنت���دى املدني" كانت تفضل احلل الوس���ط‪،‬‬ ‫أي عدم إقصاء احلزب الش���يوعي عن ممارسة السياس���ة‪ ،‬ولكن فروع املنتدى يف‬ ‫األقاليم وبقية األحزاب متس���اوقة مع روح الثورة رفضت هذه الوس���طية‪ ،‬ونتج‬ ‫ع���ن ذلك مصادق���ة الربمل���ان يف إبريل ع���ام ‪ 1990‬على قانون يس���مح بتعويض‬ ‫ضحاي���ا القمع الش���يوعي من دون وصف النظام باإلج���رام وعدم القانونية‪ ،‬ومل‬ ‫يك���ن هذا كافي���اً‪ ،‬إذ دخل احلزب الش���يوعي كجزء كامل احلق���وق يف احلياة‬ ‫السياس���ية ووص���ل بعض أعضائه إىل الربمل���ان يف أول انتخاب���ات برملانية‪ ،‬فوقع‬ ‫الص���دام وبدأ االنش���قاق يف الربمل���ان‪ ،‬وكادت البالد تنزلق إىل الفوضى بس���بب‬ ‫التناق���ض البني‪ ،‬فمن جهة يعرتف القانون بوجود ضحايا يس���تحقون التعويض‬ ‫عل���ى ما اقرتفه احلزب الش���يوعي احلاكم‪ ،‬ويقبل به م���ن جهة أخرى كحزب‬ ‫ش���ريك يف تش���يكو س���لوفاكيا اجلديدة! ومع تصاعد الرفض الشعيب والنقاش‬ ‫العاصف حل هذا التناقض مبصادقة الربملان على قانون يدين الطابع اإلجرامي‬ ‫للحزب الشيوعي ويؤكد على عدم شرعيته‪.‬‬ ‫صحيح أن بعض الش���يوعيني القدامى أفلتوا من العزل ولكنهم قلة‪ ،‬وقد ش���فع‬ ‫هل���م عمله���م الوطين اجل���اد خالل عق���ود الش���يوعية ونظافة يده���م‪ ،‬فلم حيتد‬ ‫اجل���دل حوهلم‪ ،‬وع�ب�رت تشيكوس���لوفاكيا املرحلة االنتقالية بسالس���ة وبدون‬ ‫أزمات كبرية‪.‬‬ ‫بينم���ا مل يتحق���ق االس���تقرار السياس���ي يف روماني���ا بع���د الث���ورة ال�ت�ي أطاحت‬ ‫بالدكتات���ور تشاوشيس���كو‪ ،‬و طال���ت الف�ت�رة االنتقالية أكثر مم���ا ينبغي‪ ،‬ألن‬ ‫الكثري من سياسيي املرحلة كانت تربطهم عالقات متشعبة مع النظام السابق‪،‬‬ ‫ب���ل حتى املعارض���ون للنظام اتضح بعد فت���ح امللفات األمني���ة أن البارزين منهم‬ ‫كانوا يعملون حلس���اب تلك األجهزة األمنية‪ ،‬وكان الش���عب الروماني يرفض‬ ‫بش���كل قاطع الش���خصيات اليت تدين بال���والء لنظام تشاوشيس���كو‪ ،‬وبقي األمل‬ ‫معلقاً بربوز جيل جديد من السياس���يني الذين حال عامل السن دون وقوعهم يف‬ ‫شبهة العمل مع نظام تشاوشيسكو‪.‬‬ ‫كل التجارب ميكن االس���تفادة منها‪ ،‬ولكن من دون اخللط بني العزل السياسي‬ ‫واملصاحل���ة الوطنية؛ ألنهما موضوعان خمتلف���ان متاماً‪ ،‬فثمة من يدفع ويدعو‬ ‫لالقتداء بتجربة جنوب أفريقيا أو س�ي�راليون‪ ،‬وهما جتربتان ميكن االس���تفادة‬ ‫منهم���ا يف املصاحلة بش���رط إعمال العدال���ة االنتقالية أو ً‬ ‫ال‪ ،‬ف�ل�ا مصاحلة قبل‬ ‫القص���اص من اجلناة وجرب ض���رر الضحايا‪ .‬أما العزل فهو موضوع يقتصر على‬ ‫فئة تصدرت املش���هد السياس���ي واالقتص���ادي واالجتماعي والثق���ايف واإلعالمي‬ ‫إبان عهد الدكتاتورية‪ ،‬وال مندوحة عن إبعادهم يف هذه املرحلة بش���كل مؤقت‬ ‫ليستقيم مسار الثورة وحنميها من خطر االلتفاف والثورة املضادة‪.‬‬ ‫وال يس���تقيم الدفع بأن العزل السياس���ي سيطال املاليني من الليبيني‪ ،‬هذا افرتاء‬ ‫يس���عى حلش���د رأي عام مض���اد للقانون‪ ،‬ي���روج له مدع���وون اس���تمرؤوا الكذب‬ ‫والتضليل‪ ،‬وما رفع ش���عارات تضاد العزل مع حقوق اإلنس���ان إال حيلة مكشوفة‬ ‫يقدمه���ا عت���اة املفس���دين لك���ي ال يُعزل���وا‪ ،‬ويس���تمرون يف مناصبه���م القدمية‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وحيض���روا للمزيد من اإلفس���اد‪ ،‬ينس���اق وراؤها الس���ذج الذين عم���ت أبصارهم‬ ‫باملثالية املفرطة فحجبت عنهم ما ارتكبه هؤالء من جرائم يف حق الش���عب إبان‬ ‫عقود الظالم‪.‬‬ ‫لنتمس���ك حبقن���ا يف إبع���اد كل م���ن كان يف مواق���ع تنفيذ الق���رارات إبان زمن‬ ‫الدكتات���ور بإص���دار هذا القانون‪ ،‬ومن ي���رى أنه ظلم إذا مشله ه���ذا القانون له‬ ‫احلق يف اللجوء إىل القضاء‪ ،‬أو ليعترب هذا العزل تضحية منه إلبعاد املستهدفني‬ ‫حق���اً‪ ،‬وإذا ضح���ى املعزول ظلماً مبنص���ب عليه أن يتذكر الش���هداء واملبتورين‪،‬‬ ‫ويرى مباذا ضحوا من أجل ليبيا جديدة خالية من الطغيان ويقارنها بتضحيته‪.‬‬

‫قطرة بال وصفة‬

‫خواطر علي ضفاف سور برلني‬ ‫فوزي عماراللولكي‬ ‫يف زيارت���ي األخ�ي�رة إل���ي املاني���ا وال�ت�ي ج���اءت‬ ‫بدع���وة م���ن منظم���ة اقتصادي���ة دولي���ة تع�ن�ي‬ ‫بالتنافس���ية االقتصادي���ة وبرعاي���ة جامع���ة‬ ‫برل�ي�ن للتقني���ة ‪ ،‬كان���ت حماور الن���دوة تعين‬ ‫بتقري���ر داف���س للتنافس���ية وحتدي���دا بأكث���ر‬ ‫عش���ر صناعات متثل التنافس���ية يف عام ‪2013‬‬ ‫كان أكثرها تش���ويقا الطابع���ة ثالثية األبعاد‬ ‫‪ .‬بع���د انته���ي الن���دوة وال�ت�ي حضره���ا وفود من‬ ‫دول ع���دة وال�ت�ي أقيم���ت يف مدينة دوس���لدرف‬ ‫كان الربنامج زيارة لربلني ليوم واحد يش���مل‬ ‫س���ور برلني ‪،‬ومتحف اليهود و معامل أخري اقل‬ ‫أهمي���ة يف املدينة ‪،‬ه���ذه زيارتي الثالث���ة الملانيا‬ ‫و األول���ي لربلني حيت س���بقها زيارت���ان واحدة‬ ‫لفرانكف���ورت و االخ���ري لكولون و دوس���لدرف‬ ‫املتجاورت���ان ‪ .‬تعت�ب�ر املاني���ا م���ن ال���دول ال�ت�ي‬ ‫جنح���ت يف احملافظة علي التوزيع الدميوغرايف‬ ‫للمدن حبيث ال جتد تك���دس يف العاصمة مثل‬ ‫بريطانيا أو فرنسا بل تعترب املدن شبه متساوية‬ ‫األهمي���ة و عدد الس���كان تقريب���ا مقارنة بدول‬ ‫أوربية أخري فمثال يف بريطانيا ادا خرجت من‬ ‫لندن فلن جتد أي مدينة مس���اوية هلا وباريس‬ ‫أيض���ا ‪،‬كان الطلب���ة الليبي���ون يف بريطاني���ا‬ ‫يقولون علي سبيل التندر‪ ،‬إذا خرجت من لندن‬ ‫تأكلك الغولة‪.‬‬ ‫م���ن مطار دوس���لدورف اس���تقلينا الطائرة إلي‬ ‫برلني ‪ ،‬وصل���ت الطائرة يف موعدها دون تأخري‬ ‫يذك���ر س���وي دقائ���ق مع���دودة ‪ ،‬كان فري���ق‬ ‫املضي���ف يف االنتظ���ار لياخدن���ا ال���ي الفندق يف‬ ‫وس���ط برلني كان طقس برل�ي�ن ثلجي وهي‬ ‫املدينة الواقعة يف مشال املانيا ‪.‬‬ ‫كان الطري���ق ابيض مغط���ئ بالثلج ‪ ،‬تتذكر‬ ‫مقال���ة الص���ادق النيهوم ; طرق مغط���اة بالثلج‬ ‫يف رس���ائله لصديقه رش���اد اهلوني ث���م تتذكر‬ ‫قصيدة ملفتاح العماري ; حطاب األرض الوعرة‬ ‫ال ادري مل���اذا ولك���ن ماذا عن الكت���اب األملان نعم‬ ‫تتذك���ر نيتش���ه و فوك���و يف س���لطة اخلطاب‬ ‫و اولري���ش بي���ك يف جمتم���ع املخاط���رة كم���ا‬ ‫يورغ���ن هربم���اس يف احل���راك االجتماع���ي ‪,,,,,‬‬ ‫بعد وصولنا الفندق احتجت لش���راء قطرة عني‬ ‫اس���تعملها وق���ت احلاج���ة خاصة كلم���ا كان‬ ‫الطقس ب���اردا ‪ ،‬ذهبت مباش���رة الي الصيدلية‬ ‫القريب���ة من فن���دق ‪ Westin‬ال���ذي أقيم فيه‬ ‫مع اجملموع���ة حامال مع���ي الزجاج���ة الفارغة‬

‫‪ .‬طل���ب الصيدالن���ي وصف���ة طبية م���ن طبيب‬ ‫عي���ون يف أملانيا ‪،‬حاولت بكل ما املك من س���بل‬ ‫اإلقن���اع أنها قطرة عادي���ة ‪ ،‬مل افلح معه لدرجة‬ ‫إن الصيدالن���ي األملاني تغري لون���ه األبيض الي‬ ‫األسود ‪،‬وحلف بالطالق بدون وصفة لن ترفع‬ ‫م�ن�ي قطرة واح���دة وليس زجاج���ة كاملة ‪.‬مل‬ ‫يع���د ل���ي من حل غ�ي�ر أن احصل عل���ي وصفة ‪،‬‬ ‫نصح�ن�ي بزيارة عي���ادة خاص���ة ال تبعد كثريا‬ ‫ع���ن الصيدلي���ة ‪،‬وصل���ت العي���ادة ش���رحت هلم‬ ‫املوضوع ‪ ،‬سألوني هل لدي تامني صحي ؟‬ ‫أجب���ت إن���ي س���ائح ليوم�ي�ن فق���ط ‪ ،‬اس���تغرب‬ ‫موظف االس���تقبال وطل���ب الطبيب الذي وصل‬ ‫مع ممرضة ‪ ،‬شرحت املوضوع من البداية اتصل‬ ‫الطبيب بعدد من األطباء واملساعدين اإلداريني‬ ‫الذين حظروا وكأن هناك مش���كلة قد حدثت‬ ‫‪ ،‬بدأ عل���ي وجوههم االهتم���ام وكل حياول أن‬ ‫يس���اعد ‪ ،‬كيف يكون هناك شخص دون تامني‬ ‫صحي ؟‬ ‫أصبحت النضرات إلي ككائن غريب أو كأني‬

‫اليهودي يف برلني مما تس���بب يف تأجيل سفري‬ ‫ليوم أخر بسبب هذه القطرة اللعينة‪.‬‬ ‫املتح���ف اليهودي يف برل�ي�ن مقام حتت األرض‬ ‫وفوق���ه ت���ذكار عبارة عن كمي���ة ضخمة من‬ ‫أحجار مرصوصة علي ش���كل توابيت رصاصية‬ ‫اللون مثتل شكل هندسي مدروس بعناية ويقع‬ ‫يف منطق���ة مهم���ة م���ن برل�ي�ن وعلي مس���احة‬ ‫كب�ي�رة مقابل الس���فارة األمريكي���ة ‪ ،‬إجراءات‬ ‫األم���ن مش���ددة للدخ���ول إل���ي املتح���ف أش���به‬ ‫بالتفتي���ش قبل دخولك إل���ي طيارة ‪،‬يف جتوالي‬ ‫داخل املتحف الحظت ثالثة أشياء أراها مهمة ‪:‬‬ ‫أوال يذك���ر اليه���ود أنفس���هم إن املس���لمني‬ ‫واملس���حيني ه���م م���ن مح���وا اليه���ود م���ن القتل‬ ‫والتنكيل خاصة مسلمي ألبانيا‬ ‫ثاني���ا إن هتلر مل يقصد اليهود وحدهم بالقتل‬ ‫والتعذي���ب والتنكي���ل ب���ل كان يفع���ل ذلك مع‬ ‫كل معارضي���ه مب���ا فبه���م أالم���ان ويتص���رف‬ ‫كآي ديكتاتور‪.‬‬ ‫ثالثا إن الص���ور واملتحف إمجاال مل يكن مقنعا‬

‫الناج���ي الوحي���د م���ن س���فينة تيتان���ك ‪.‬حاولت‬ ‫ب���دوري االتصال مبندوب ش���ركة تامني اليت‬ ‫أص���درت ل���ي وثيقة تامني الس���فر دون فائدة ‪،‬‬ ‫اهلاتف ال يرد‪ ،‬اتفق���ت اجملموعة علي أن احجز‬ ‫موع���دا لفح���ص وم���ن مت يكت���ب الطبي���ب ل���ي‬ ‫الوصفة ‪،‬ضاع نصف نهار يف هذه القصة والذي‬ ‫كان مربجما ان ازور فيه مع اجملموعة املتحف‬

‫يف رس���م ص���ورة ذهني���ة للمتفرج بل ش���خصيا‬ ‫اعتقد أن ما فعله الطليان يف ليبيا والفرنسيني‬ ‫يف اجلزائر أبشع بكثري من فعل هتلر مع اليهود‬ ‫من حيث توفر حجم الصور وبالغتها‬ ‫ولك���ن حج���م املاكين���ة اإلعالمي���ة اليهودي���ة‬ ‫والربوباقن���دا الضخمة هو م���ن فعل هذا العمل‬ ‫مأهوال واستعمله الصهاينة البتزاز العامل‪.‬‬


‫‪06‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫مركز بنغازي للبحوث يقيم دورة تدريبية بدرنة‬

‫حسني املسوري‬

‫ميادين ‪ :‬درنة‬ ‫أقام مركز بنغازي للبحوث واالستش���ارات دورة تدريبية لكيفية إجراء االس���تطالع وقياس الرأي العام مبدينة درنة جملموعة من ‪25‬‬ ‫ش���خص ألجل تأهيلهم ليقوموا مبهام الباحث امليداني وقام مبهمة التدريب األس���تاذة الفت محادة اخلبرية باالحتاد األوربي ومن املعلوم‬ ‫أن مركز البحوث واالستشارات هو مؤسسة حبثية تابعة جلامعة بنغازى ‪ ،‬وقد تأسس هذا املركز من أجل القيام باألحباث والدراسات‬ ‫واالستش���ارات الالزمة لدعم جامعة بنغازى والنهوض واالرتقاء بها إىل األفضل ‪ ،‬وكذلك خلدمة اجملتمع من خالل املس���اهمة يف إجياد‬ ‫احلل���ول لكثري من املش���كالت االقتصادية واالجتماعية واهلندس���ية والبيئية والسياس���ية وغريها كما يعم���ل املركز من خالل كوادره‬ ‫العلمي���ة املتميزة على إقامة العديد من األنش���طة والربامج العلمية اليت تتضمن عق���د املؤمترات والندوات وورش العمل وتنفيذ الربامج‬ ‫التدريبية املناسبة لصاحل املنظمات العامة واخلاصة على حد سواء ‪ .‬باإلضافة إىل ذلك ‪ ،‬يضطلع املركز مبهمة إعداد البحوث والدراسات‬ ‫العلمي���ة املرتبط���ة بتحقيق األهداف املرغوبة تق���وم آلية عمل املركز على جهود الوحدات البحثية املوج���ودة بالكليات التابعة للجامعة ‪،‬‬ ‫حيث تسهم كل وحدة حبثية فى تزويد املركز مبقرتحات حبثية ختص اجملاالت املرتبطة بتلك الوحدة ‪ ،‬وبنا ًء عليه يعمل املركز على‬ ‫دراسة تلك املقرتحات واختيار األنسب من بينها لتنفيذها مبا يتالءم مع أولويات واهتمامات املركز البحثية ‪.‬‬

‫وقد التقت ميادين بع���ض املتدربني وكانت‬ ‫آراءهم على النحو التالي‪. :‬‬ ‫أراء املتدربني‬ ‫زينب بن س���عود ‪:‬عرفت بالدورة من قبل احد‬ ‫املش���رفات عل���ى ال���دورة وكانت االس���تفادة‬ ‫م���ن هذه ال���دورة تكمن يف املعلوم���ات اليت مل‬ ‫تك���ن واردة إىل ذهنن���ا حي���ث قمن���ا يف الفرتة‬ ‫املاضية بإجراء اس���تطالعات واستبيانات دون‬ ‫أن يك���ون لدين���ا اخل�ب�رة واملعلوم���ات الكافية‬ ‫يف كيفي���ة التواصل بيننا وبني األش���خاص‬ ‫اللذي���ن كنا جنري معهم البحوث أما رؤييت‬ ‫ملس���تقبل ليبيا رغم الصعوب���ات اليت نواجهها‬ ‫يف احلاضر لكن أرى أننا س���وف جنتازها إىل‬ ‫األفض���ل ب���إذن اهلل وس���وف تك���ون ليبيا مثال‬ ‫حيتذى به ‪.‬‬ ‫مصع���ب احلنوش���ي ‪:‬مت ترش���يحي لل���دورة‬ ‫ع���ن طريق مجعي���ة الري���ادة اليت أن���ا عضوا‬ ‫به���ا ‪ ،‬والن هذا العمل يس���اهم يف بناء الوطن‬ ‫والتح���ول م���ن الث���ورة إىل الدول���ة فكان���ت‬ ‫لي الرغب���ة باملش���اركة الكتس���اب املعرفة‬ ‫واخلربة يف هذا اجملال اجلديد بالنس���بة إلينا‬ ‫‪،‬وبالفعل لقد اس���تفدت من هذه الدورة حيث‬ ‫املعلوم���ات لقيم���ة باإلضاف���ة إىل أن ال���دورة‬ ‫كان���ت جديدة م���ن حي���ث الفك���رة واهلدف‬ ‫وه���و العم���ل كباح���ث ميداني أما مس���تقبل‬ ‫ليبيا بإذن اهلل س���تكون ليبيا يف مقدمة الدول‬ ‫املتط���ورة واحلديث���ة وذل���ك لرتابط ش���عبها‬ ‫وأهلها وحبهم لليبيا‪.‬‬ ‫مسية العليق���ي ‪:‬عرفت بال���دورة عن طريق‬ ‫األس���تاذ صف���وان املس���وري منس���ق ال���دورة ‪،‬‬ ‫والتحق���ت بالدورة من اج���ل معرفة كيفية‬ ‫عم���ل االس���تطالع امليدان���ي عل���ى أراء الناس‬ ‫‪ ،‬وخصوص���ا أن أم���ام الناس أم���ر مهم ‪ ،‬وهو‬ ‫كتابة الدس���تور ولقد اس���تفدت من الدورة‬ ‫طريق���ة التعام���ل م���ع الن���اس عن���د عم���ل‬ ‫االس���تطالع واكتس���بت املعرفة يف أن أصبح‬ ‫باح���ث ميدان���ي ‪ ،‬بالنس���بة ملس���تقبل ليبي���ا‬ ‫أن املرحل���ة صعب���ة يف الوق���ت احلال���ي لك���ن‬ ‫املس���تقبل س���يكون أفض���ل وتصب���ح ليبيا من‬ ‫أفضل دول العامل ‪.‬‬ ‫عزالدي���ن حمم���د ‪:‬التحق���ت بال���دورة حت���ى‬ ‫استفيد من خربة مدربي املركز يف عمليات ‪:‬‬ ‫إجراء الدستور ‪،‬وقياس الرأي العام ‪ ،‬من حيث‬

‫املدربة الفت محادة مع زي نب بن سعود وزهري بودراعة‬ ‫معرفة الطرق العلمية واحلديثة يف كيفية‬ ‫عمل االستفتاء ‪ ،‬واالطالع على األمور الفنية‬ ‫والتقني���ة وه���ذا مينح�ن�ي اكتس���اب املعرفة‬ ‫واخلربة وتنمية امله���ارات اليت تتعلق بكيفية‬ ‫التعام���ل م���ع اجلمه���ور يف ه���ذا اجمل���ال‪ ،‬أما‬ ‫مس���تقبل ليبيا فان بالدنا توجد بها مقومات‬ ‫الدولة وامل���وارد والث���روات ‪ ،‬حتتاج فقط إىل‬ ‫متاسك الش���عب اللييب واإلخالص يف العمل‬ ‫وسوف تكون ليبيا بألف خري ‪.‬‬ ‫هب���ة الزني ‪ :‬علمت بهذه ال���دورة عرب اتصال‬ ‫من اجله���ة املختصة جبمع أمس���اء األعضاء‬ ‫‪،‬وابلغون���ي ع���ن ه���ذه الورش���ة والتحقت بها‬ ‫رغبة مين يف املش���اركة بعملية االس���تطالع‬ ‫على الدس���تور‪ ،‬ومعرفة املزي���د من املعلومات‬ ‫ع���ن حيثي���ات إنش���اء الدس���تور‪ ،‬وكيفي���ة‬ ‫صياغت���ه ‪،‬وكانت االس���تفادة من الدورة من‬ ‫نواحي خمتلفة أوهلا التعرف على أشخاص‬ ‫ُج���دد ‪ ،‬وه���ذا يق���وي العالق���ات االجتماعي���ة‬ ‫‪،‬وثانيه���ا تب���ادل األف���كار م���ع سياس���ة تقب���ل‬ ‫ال���رأي األخ���ر‪ ،‬وثالثهم���ا ه���ي التعم���ق يف‬ ‫معرفة كيفية إجراء االس���تطالع والتعرف‬

‫على ع���دة معلوم���ات ذات صلة م���ن الناحية‬ ‫اإلحصائي���ة ‪،‬وأخره���ا هي كيفي���ة التعامل‬ ‫م���ع املواق���ف احملرجة مع األش���خاص الذين‬ ‫نرغ���ب أن جنري معهم اس���تطالعات علمية‬ ‫بالنس���بة ملس���تقبل ليبيا أرى أنها تتوجه حنو‬ ‫مستقبل أفضل تزدهر فيه اجلوانب الثقافية‬ ‫واملؤسس���ات املدني���ة كم���ا أم���ل أن حُياف���ظ‬ ‫املواطن���ون على حرية التعبري عن الرأي واهلل‬ ‫اعلم ‪.‬‬ ‫للمساعدة يف‬ ‫حنان الغيثي ‪ :‬إلتحقت بالدورة ُ‬ ‫بناء ليبيا اجلديدة ومس���اهمة يف االستطالع‬ ‫ح���ول الدس���تور ‪ ،‬العتق���ادي أن صوت���ي يف‬ ‫املرحل���ة الراهن���ة س���وف يُغ�ي�ر ش���يء ‪ ،‬ولقد‬ ‫استفدت من الدورة يف كيفية العمل امليداني‬ ‫‪ ،‬ومج���ع البيان���ات بدق���ة ومناقش���ة احلقوق‬ ‫السياس���ية واالجتماعية‪ ،‬أما مس���تقبل ليبيا‬ ‫فأرى أنها تسري حنو دولة حديثة مبنية على‬ ‫أسس دميقراطية ‪.‬‬ ‫خالد أمراجع الش���اعري ‪:‬عرفت بالدورة عن‬ ‫طريق احد األصدقاء ولقد استفدت من هذه‬ ‫ال���دورة مب���ا يتعلق بكيفي���ة البح���ث امليداني‬

‫‪،‬واالس���تطالع ‪ ،‬وقي���اس الرأي الع���ام للناس‬ ‫بالط���رق األساس���ية و العلمي���ة للوص���ول‬ ‫إىل أدق البيان���ات لالس���تفادة منها يف كافة‬ ‫نواح���ي اجملتم���ع االقتصادي���ة واالجتماعية‬ ‫والسياس���ية والقانوني���ة وغريها واس���تطالع‬ ‫أراء الن���اس ح���ول الدس���تور اللي�ب�ي اجلديد ‪،‬‬ ‫بالنس���بة ملس���تقبل ليبيا أمتنى أن تكون دولة‬ ‫مدني���ة دميقراطي���ة دس���تورية تعتم���د على‬ ‫التعددية يف تداول السلطة ومستقلة سياديا‬ ‫ومتطورة اقتصاديا واجتماعيا وعلميا ‪.‬‬ ‫زه�ي�رى بودراع���ة ‪:‬مت االتص���ال ب���ي من قبل‬ ‫املنظم�ي�ن هل���ذه ال���دورة والتحق���ت ألهمية‬ ‫املوض���وع بال���دورة مبا أنه���ا كان���ت ُمتعلقة‬ ‫بكيفية اس���تطالع ال���رأي العام يف الدس���تور‪،‬‬ ‫واحلم���د اهلل كانت االس���تفادة كبرية حيث‬ ‫الكث�ي�ر من املعلوم���ات بداية م���ن كيف تبدأ‬ ‫االس���تطالع وكيفي���ة عرض���ه عل���ى الناس‬ ‫‪،‬وكيفي���ة مجع���ه‪ ،‬وكيفي���ة التعام���ل م���ع‬ ‫املبح���وث ‪ ،‬أخ�ي�را أمتن���ى أن أرى ليبي���ا دولة‬ ‫قانون ومؤسس���ات مدنية واح�ت�رام احلريات‬ ‫واحلقوق العامة كانت أو اخلاصة‬


‫‪07‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫الكاتب دوغ ساوندرس ‪:‬‬

‫استغاللي للدين !‬ ‫ليس للمتدين فكر متطرف وإمنا املتطرف‬ ‫ّ‬ ‫آيغول تشزمغيولو ‪ -‬ترمجة‪ :‬مشس العياري‬

‫يف كتاب���ه “أس���طورة االغرتاب” يتفح���ص الكاتب‬ ‫والصحف���ي الربيطاني‪-‬الكن���دي دوغ س���اوندرس‬ ‫نظريات املخاوف اليت يبثه���ا بعض النقاد املناوئني‬ ‫للمهاجرين املس���لمني يف أوروب���ا ويفندها الواحدة‬ ‫تل���و األخرى انطالقا م���ن حقائق مجعه���ا‪ ،‬ويقول‪:‬‬ ‫“التطرف ال عالقة له بالتدين‪ ،‬وأوروبا لن تش���هد‬ ‫زحفاً للمسلمني”‪ ،‬يف حواره التالي ‪:‬‬

‫•الس��يد ساوندرس‪ ،‬سياس��يون على غرار األملاني تيو ساراتسني‬ ‫واهلولن��دي ِخ�يرت فيل��درز يزعم��ون أن املس��لمني س��يزحفون عل��ى‬ ‫الغرب – على األقل دميغرافيا‪ .‬هل تؤيد هذا الرأي؟‬ ‫دوغ س���اوندرس‪ :‬ال‪ .‬فاحلقائ���ق تتح���دث ع���ن واق���ع آخ���ر‪.‬‬ ‫أن���ا ش���خصيا عش���ت يف دول إس�ل�امية كث�ي�رة‪ ،‬مث���ل إيران‬ ‫وبنغالدي���ش‪ ،‬وقمت برفقة فريق من العلم���اء بأحباث حول‬ ‫الظ���روف املعيش���ية للمهاجري���ن‪ .‬وتوصلن���ا إىل أن نس���بة‬ ‫ال���والدات يف هذه ال���دول تضاه���ي أحيانا معدل ال���والدات يف‬ ‫االحت���اد األوروب���ي‪ .‬باإلضاف���ة إىل أن املس���لمني ال ميثل���ون‬ ‫أغلبي���ة املهاجري���ن يف أوروبا ويف أمريكا الش���مالية‪ .‬كما أن‬ ‫نس���بة الوالدات لديهم ليست أكرب مقارنة بالفئات األخرى‪.‬‬ ‫رمبا كان ذلك لدى اجليل األول من املهاجرين‪ ،‬ولكن األمر‬ ‫خيتلف ل���دى اجليل الثاني والثالث‪ ،‬فنس���بة الوالدات لديهم‬ ‫تضاهي املعدل يف اجملتمع‪.‬‬ ‫•منذ أحداث احلادي عش���ر من سبتمرب ترسخت يف رؤوس‬ ‫كثرية صورة املس���لم املستعد الس���تخدام العنف بنزعة حنو‬ ‫التطرف‪...‬‬ ‫دوغ س���اوندرس‪ :‬نع���م‪ ،‬لألس���ف‪ .‬وذل���ك على الرغم م���ن أننا‬ ‫قمن���ا مبقارن���ة العديد من الدراس���ات ذات املص���ادر املختلفة‪،‬‬ ‫من األمم املتحدة واإلحصائيات الوطنية وتقارير املخابرات‪،‬‬ ‫وكلها وصلت إىل نفس النتيجة‪ :‬وهي أنه ليس للمس���لمني‬ ‫املتدينني قابلية للفكر املتطرف‪ ،‬وإمنا العديد من املتطرفني‬ ‫يس���تخدمون الصورة الديني���ة لتحقيق أهدافهم السياس���ية‬ ‫دون أن يكونوا فعال متدينني‪ .‬بعد ‪ 11‬من سبتمربعام ‪2001‬‬ ‫قام���ت الش���رطة يف نيوي���ورك مبراقب���ة اجلالية املس���لمة –‬ ‫وخاصة املتدينني منهم‪ .‬ولكنها مل تعثر على أي مؤش���ر يثري‬ ‫الشبهات‪ ،‬ذلك ألنها مل تكن تبحث يف اجلهة الصحيحة‪.‬‬ ‫•ماذا يعين ذلك؟‬

‫دوغ س���اوندرس‪ :‬يع�ن�ي أن معظ���م اإلرهابيني من املس���لمني‬ ‫املعروف�ي�ن ينحدرون من الطبقة الوس���طى وليس من أحياء‬ ‫املهاجري���ن الفق�ي�رة‪ .‬كما أن املتطرفني يتش���ابهون – بغض‬ ‫النظ���ر عن ألوانه���م – يف واقعهم ويف تفكريه���م‪ .‬لنأخذ مثال‬ ‫النروجيي أندرس بريفيك الذي قتل ‪ 77‬شخصا‪ ،‬مربرا ذلك‬ ‫بأن���ه كان يريد وقف تس���لل اإلس�ل�ام وانتش���اره يف اجملتمع‬ ‫النروجي���ي‪ .‬ويف الوق���ت نفس���ه كان م���ن كب���ار املعجب�ي�ن‬ ‫باإلرهابي أس���امة بن الدن‪ .‬إذن نرى بأن القناعات الدينية ال‬ ‫حتول املرء إىل متطرف من عدمه‪.‬‬ ‫تلعب أي دور يف ُّ‬ ‫•إذن من أين أتت هذه املخاوف؟‬ ‫دوغ ساوندرس‪ :‬من أعماق داخلنا‪ .‬إنها خماوف من اآلخرين‬ ‫الذي���ن ال نعرفه���م‪ .‬حت���ى أن���ا ال ميكنين أن أحرر نفس���ي من‬ ‫هذه املخاوف‪ .‬وهذا هو الس���بب الذي دفعين إىل االهتمام بهذا‬ ‫املوض���وع‪ ،‬ففي ج���واري يف لندن الحظت أن أح���د املتطرفني‬ ‫املنتس���بني إىل تنظي���م القاع���دة ق���د ب���دأوا بف���رض فكرهم‬ ‫املتط���رف يف املس���جد الكائ���ن يف احلي الذي أس���كنه‪ .‬ويف عام‬ ‫‪ 2005‬أصي���ب أح���د أصدقائ���ي جب���روح بليغ���ة يف اهلجوم‬ ‫ال���ذي تعرض له مرتو األنف���اق يف لندن‪ .‬عندها بدأت أس���أل‬ ‫نفسي عما إذا كان عاملي الغربي الليربالي مهدد بالفعل من‬ ‫اإلسالم؟‬ ‫•ماه��ي العوام��ل ال�تي تص ّع��ب من عملي��ة التخلص م��ن األفكار‬ ‫املسبقة؟‬ ‫دوغ س���اوندرس‪ :‬حن���ن دائم���اً نتح���دث عن املس���لمني بصفة‬ ‫عام���ة‪ .‬ولك���ن املس���لمني ليس���وا وحدة متجانس���ة‪ ،‬ب���ل هناك‬ ‫اجتاهات عديدة وخمتلفة‪ ،‬من ليرباليني على غرار العلويني‬ ‫إىل حمافظ�ي�ن متش���ددين عل���ى غ���رار الوهابي�ي�ن‪ .‬فعائل���ة‬ ‫باكس���تانية هاجرت من قرية صغرية إىل لندن ختتلف عن‬ ‫عائلة إيرانية مهاجرة من الطبقة الوسطى‪.‬‬ ‫•هل هذا يعين أن الدين ليس العامل احملدد لنجاح االندماج من‬ ‫عدمه وإمنا االنتماء االجتماعي؟‬ ‫دوغ ساوندرس‪ :‬نعم‪ .‬مثة دراسات كثرية تظهر أن املهاجرين‬ ‫م���ن نفس املنطق���ة يواجهون نفس املش���اكل ال�ت�ي تزيد من‬ ‫صعوب���ة اندماجه���م عل���ى الرغم م���ن أنهم ينتم���ون لديانات‬ ‫خمتلفة‪.‬‬ ‫•ه��ل للمناط��ق اليت تس��كنها أغلبي��ة تركية وعربي��ة‪ ،‬على غرار‬ ‫تلك املوجودة يف برلني‪ ،‬داللة على وجود جمتمع مواز؟‬ ‫دوغ س���اوندرس‪ :‬ال‪ ،‬ه���ذا لي���س صحيح���ا‪ .‬لنأخ���ذ نيويورك‬

‫كمثال تارخيي‪ ،‬ففي اجلانب الشرقي للمدينة كان يعيش‬ ‫ولعقود طويلة مهاجرون من دول خمتلفة وخبلفيات عرقية‬ ‫وديني���ة خمتلفة‪ :‬يهود من أوروبا الش���رقية وكاثوليك من‬ ‫جن���وب أوروبا وأرثوذكس من اليون���ان – وكان لكل جالية‬ ‫ح���ي خاص بها‪ .‬وكان يُنظر آنذاك إىل هذه اجلاليات ّ‬ ‫بش���ك‬ ‫وريب���ة‪ ،‬واليوم ه���ي من أكثر اجلماع���ات املهاجرة جناحا يف‬ ‫كً‬ ‫الوالي���ات املتحدة‪ ،‬على الرغ���م من أن ُ‬ ‫ال منها كان يعيش‬ ‫يف حيه اخلاص‪.‬‬ ‫"الدول االس���كندنافية مثل الس���ويد أو النروي���ج بدأت مبكرا‬ ‫مبنح املهاجرين الذي يعيشون فيها اجلنسية وطورت برامج‬ ‫تعليم وتأهيل وفقا ملتطلباتهم‪ .‬أملانيا كانت لألس���ف بطيئة‪،‬‬ ‫فق���د َّ‬ ‫مت يف أملاني���ا ‪ -‬وملدة ثالثني عاما ‪ -‬جتاه���ل حقيقة أنها‬ ‫دولة مستقبلة للمهاجرين" وفق حبث دوغ ساوندرس‪.‬‬ ‫قارنت سياسات اهلجرة األوروبية بعضها ببعض‪ ،‬فأين ترى‬ ‫•إذا‬ ‫َ‬ ‫الفوراق بينها؟‬ ‫دوغ ساوندرس‪ :‬الدول االسكندنافية مثل السويد أو النرويج‬ ‫بدأت مبك���را مبنح املهاجرين الذي يعيش���ون فيها اجلنس���ية‬ ‫وطورت برامج تعلي���م وتأهيل وفقا ملتطلباتهم‪ .‬أملانيا كانت‬ ‫لألسف بطيئة‪ ،‬فقد َّ‬ ‫مت يف أملانيا ‪ -‬وملدة ثالثني عاما ‪ -‬جتاهل‬ ‫حقيقة أنها دولة مستقبلة للمهاجرين‪ .‬اجلدير باالهتمام أن‬ ‫املهاجرين املنحدرين من نف���س القرية يف األناضول والذين‬ ‫هاج���روا إىل بريطاني���ا اندجموا بس���رعة أك�ب�ر يف اجملتمع‬ ‫الربيطاني‪ ،‬حيث قاموا بفتح حمالت صغرية واهتموا بتعليم‬ ‫أبنائهم‪ ،‬بشكل أبكر من أولئك الذي قدموا إىل أملانيا‪.‬‬ ‫•إذن مفتاح االندماج يكمن يف التعليم والرفاهية؟‬ ‫طبع���ا! عندما ال يتم قبول املهاجري���ن كمواطنني عاديني يف‬ ‫اجملتمع‪ ،‬وعندما توضع عراقيل حتول دون تس���لقهم يف سلم‬ ‫التحصيل العلمي أو الرقي االقتصادي‪ ،‬عندها يصبح الوضع‬ ‫يول دون االندماج‪ .‬وهذا األمر ليس له أي‬ ‫خطريا‪ .‬اإلقصاء حَ ُ‬ ‫عالقة بالدين‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫•دوغ س���اوندرس‪ ،‬من مواليد عام ‪ ،1967‬كاتب وصحفي‬ ‫كندي‪-‬بريطان���ي‪ .‬وتثميناً لعمل���ه الصحفي البحثي حصل‬ ‫أرب���ع مرات على جائ���زة الصحيفة الوطني���ة الكندية( (‪N a‬‬ ‫‪ ،)tional Newspaper Award‬وه���ذه اجلائزة نظرية‬ ‫جلائ���زة بولتزر اليت متنحه���ا جامعة كولومبي���ا األمريكية‬ ‫يف جمال الصحافة‪.‬‬


‫‪08‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫ميادين – تونس‬

‫مؤسسة فريدريش ايربت االملانية‬

‫تدعو خنبة من الصحفيني واالعالميني لتبادل االفكار واخلربات بتونس‬ ‫جول���ة يف املراكز الصحفية واالعالمية وحلقة مس���تديرة‬ ‫حول الصحافة واالعالم يف املرحلة االنتقالية ‪.‬‬ ‫يف إط���ار تبادل االف���كار والتع���اون يف مش���روعات الصحافة‬ ‫واالعالم ‪ ،‬دعت مؤسس���ة فريدريش ايربت ‪ -‬مقرها الفرعي‬ ‫بتونس ‪ -‬ممُ ثلة يف جارد امييل ليزر مدير املشاريع االقليمية‬ ‫باملؤسس���ة ‪ ،‬وليلى حس���ن منس���قة الربامج دع���ت خنبة من‬ ‫االعالمي�ي�ن والصحفيني الليبني ‪ :‬ميادين للنش���ر واالعالن‬ ‫والتدريب ‪ ،‬مؤسسة الدراسات االسرتاتيجية ‪ ،‬اعالميون من‬ ‫قناة النبأ ( س���تفتتح بعد ش���هرين ) والعاصم���ة ‪ ،‬وقناة زون‬ ‫‪،‬وراديو ليبيا (متعاونون كما قدموا أنفسهم )‪.‬‬

‫أمام مقر فريدريش ايربت بتونس‬ ‫صب��اح الي��وم االول االثن�ين ‪ 11‬فرباي��ر كان‬ ‫الربنام���ج يتضم���ن زي���ارة ملعه���د الصحاف���ة‬ ‫وعل���وم االخبار مبنوب���ة وال���ذي يعتربواحدا‬ ‫من أقدم املؤسس���ات االكادميية للمعلومات‬ ‫واالتص���االت ب���ل هو أيض���ا املؤسس���ة العامة‬ ‫الوحي���دة املس���ؤلة ع���ن التدري���ب يف عم���وم‬ ‫تون���س ‪ ،‬اس���تقبلت الوف���د اس���تاذة بقس���م‬ ‫الصحاف���ة ورافقته يف جولة يف أهم االقس���ام‬ ‫والتخصص���ات وال�ت�ي تش�ي�ر اىل القاع���ات‬ ‫وورش العمل يف استوديو التسجيل والتقنية‬ ‫‪ ،‬وقد اش���ارت اىل انه بع���د الثورة فإن الطالب‬ ‫يتطوعون بإعداد وتقديم مشاركة لربنامج‬ ‫من���وع خيصه���م يف احملط���ة الوطني���ة ‪ ،‬ث���م‬ ‫اجته الوفد حلضور ورش���ة عمل لفتح موقع‬ ‫صحف���ي الكرتوني لطلب���ة الدراس���ات العليا‬ ‫املاجستري وجرى حوار بني الطالب واالساتذة‬

‫والوف���د وق���د ق���دم رئي���س حتري���ر جري���دة‬ ‫ميادين بس���طة حول واقع الصحافة يف ليبيا‬ ‫من���ذ العهد العثماني ث���م االحتالل االيطالي‬ ‫ثم االس���تقالل ثم االنقالب العسكري ‪ ،‬كما‬ ‫مت���ت االجابة ع���ن أس���ئلة تتعل���ق بصحافة‬ ‫املواطن يف ليبيا واليت كانت متنفس���ا للكثري‬ ‫م���ن املدون�ي�ن للتعب�ي�ر ع���ن ذواته���م وقضايا‬ ‫الوط���ن ‪ ،‬وكان أن خص عميد املعهد توفيق‬ ‫يعق���وب الوفد جبلس���ة حوارية أوض���ح فيها‬ ‫االوض���اع ال�ت�ي م���ر بها املعه���د منذ تأسيس���ه‬ ‫وحت���ى الي���وم وق���د انفتح���ت أف���اق للتعاون‬ ‫العربي والدولي ومتنى أن يكون هناك تطلعا‬ ‫م���ن أجل برامج للتعاون املش�ت�رك يف جمالي‬ ‫الصحافة واالعالم ‪.‬‬ ‫حلق��ة مس��تديرة م��ع فريدري��ك ‪،‬والدوتش��ي‬ ‫‪،‬ومراسلون ‪ ،‬ومنظمة املادة ‪19‬‬

‫يف مق���ر املنظمة وعقب الغ���ذاء ُنظمت حلقة‬ ‫مس���تديرة اس���تهلت بالتعري���ف باملنظم���ة‬ ‫م���ن قب���ل املدير االقليم���ي جارد اميي���ل ‪ :‬هي‬ ‫منظمة من اقدم املنظمات السياسية االملانية‬ ‫املس���تقلة وذات املنفع���ة ‪ ،‬ومعروف���ة بدوره���ا‬ ‫كهيئة سياس���ية يف أملانيا واخلارج ‪ ،‬ومسيت‬ ‫به���ذا االس���م الن فريدري���ك اي�ب�رت ه���و أول‬ ‫رئي���س أملاني منتخ���ب بصف���ة دميقراطية ‪،‬‬ ‫ب���دأت املنظمة نش���اطها من���ذ الع���ام ‪، 1925‬‬ ‫مبب���اديء الدميقراطي���ة االجتماعية ‪ :‬حرية‬ ‫‪،‬مس���اواة ‪ ،‬تضامن ‪ ،‬حرية اجتماعية وعملت‬ ‫عل���ى تفعي���ل أهدافه���ا م���ن خالل أنش���طتها‬ ‫وع�ب�ر مكاتبها يف أكثر من مئة دولة ‪،‬ومنها‬ ‫الش���رق االوس���ط وإفريقي���ا ‪ :‬اليم���ن االردن‬ ‫فلسطني لبنان السودان مصر اجلزائر املغرب‬ ‫تونس منذ ع���ام ‪ 1988‬وقد عملت مع عديد‬ ‫املنظم���ات املدنية وعلى رأس���ها االحتاد العام‬ ‫للشغل والرابطة التونسية حلقوق االنسان ‪.‬‬ ‫ش���ارك يف احللقة املستديرة ‪ :‬رئيس منظمة‬ ‫امل���ادة ‪ ( 19‬ختت���ص مبعاه���دة دولي���ة ح���ول‬ ‫حرية التعبري ) بتونس هشام السنوسي ‪ ،‬وهي‬ ‫منظم���ة مقرها الرئي���س لندن وهل���ا مكاتب‬ ‫باخل���ارج واملكس���يك وأذريبج���ان ‪ ،‬وكيني���ا‬ ‫‪ ،‬والس���نغال ‪،‬وق���د ش���ارك السنوس���ي جبهود‬ ‫حثيت���ة كأح���د أعض���اء اهليئة التأسيس���ية‬ ‫ألص�ل�اح االع�ل�ام يف تون���س مابع���د الث���ورة‬ ‫ودع���ى الوفد الس���تضافة يف مكت���ب املنظمة‬ ‫وأهدى احلضور ث�ل�اث أعمال منجزة تتعلق‬ ‫باملنظ���ور التش���ريعي لالع�ل�ام واملقرتح���ات‬ ‫املقدم���ة يف صدده وقد أفاض السنوس���ي يف‬ ‫االجابة عن سؤال كيف سيتم تنظيم املشهد‬ ‫االعالم���ي يف تونس ما بع���د الثورة ؟ وقد دعا‬

‫اىل تش���كيل هيئ���ة مس���تقلة باالس���تفادة من‬ ‫التجارب العاملية وبإشراك اجملتمع املدني ‪.‬‬ ‫وبلحس���ن جندوز من منظمة مراس���لون بال‬ ‫ح���دود وهي منظم���ة تعمل عل���ى الدفاع عن‬ ‫احلق يف اعالم حر عموما وبشكل خاص أثناء‬ ‫الفرتات االنتقالية ‪.‬‬ ‫وممث���ل دوتش���ي في�ل�ا يف تون���س وق���د ق���دم‬ ‫عرضا أله���م النش���اطات مع الدوتش���ي فيال‬ ‫بتون���س وراجع أهم االنش���طة ال�ت�ي دعمتها‬ ‫الدوتش���ي يف ليبي���ا وعلى رأس���ها االنتخابات‬ ‫واالعالم والتنظيمات املدنية ؟‬ ‫وكان احل���وار ال���ذي ب���دا مركزي���ا يف‬ ‫احللقة املس���تديرة حول كيفية اش���اء احتاد‬ ‫للصحفيني واالعالميني ‪،‬واالصالح الوطين‬ ‫لالعالم واالتصال ‪ ،‬وقانون الصحافة واليات‬ ‫املهنة ‪.‬‬

‫خضراوي مدير‬ ‫العالقات بالتلفزة‬ ‫التونسية‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫جول��ة وحوار يف املركز االفريقي للتدريب ‪ ،‬وجملة‬ ‫حقائق ‪،‬والتلفزة التونسية ‪.‬‬

‫إمييل مدير مؤسسة فريدريش ايربت‬ ‫واملنسقة ليلى‬ ‫يوم الثالثاء ‪ 12‬فرباير خصص لزيارة املركز‬ ‫االفريقي لتدري���ب الصحافيني واالتصاليني‬ ‫‪ ،‬وقد كان يف اس���تقبال الوف���د مدير املركز‬

‫عبدالكري���م حي���زاوي ال���ذي دع���ا أيضا خنبة‬ ‫م���ن املتعاونني مع املركز واعت���ذر عن غياب‬ ‫الس���يدة جنيبة محروني لطاريء صحي ثم‬ ‫حتدث عن مرور ثالثني س���نة على التأسيس‬ ‫ومبب���ادرة من مجعية الصحفيني التونس�ي�ن‬ ‫وبدع���م م���ن مؤسس���ة فريدري���ش اي�ب�رت ‪،‬‬ ‫احليزاوي ت���رأس املركز عقب الثورة وعقب‬ ‫عودت���ه من هج���رة طويل���ة والذي أش���ار اىل‬ ‫حم���اوالت إصالحية حت���ى ال يع���ود املركز‬ ‫لنمطه القديم فحاليا املركز قانونيا مرتبط‬ ‫برئاس���ة احلكوم���ة ال�ت�ي وافقت عل���ى إعطاء‬ ‫املركز اس���تقالليته وقد حظي املركز بدعم‬ ‫ممثل وقوي من نقابة الصحفيني ‪.‬‬ ‫مساء نفس اليوم زار الوفد االعالمي مدرسة‬ ‫الس���ينما ( املدرس���ة العليا للسمعي والبصري‬ ‫) وكان يف االس���تقبال كري���م ميته صاحب‬ ‫املش���روع وحمم���د بلج���ي مؤس���س املدرس���ة‬ ‫ومخي���س بن مح���دان مدير املدرس���ة وكان‬ ‫بعض من خرجي���ي وطلبة هذه املدرس���ة قد‬ ‫حمررة بقسم األخبار بالتلفزيون التونسي‬ ‫عملوا يف قناة العاصمة أول تأسسها يف تونس‬ ‫أثن���اء الث���ورة ‪ ،‬مدرس���ة الس���ينما والتش���كيل‬ ‫الناطق���ة بالفرنس���ية لظ���روف مادية قاهرة‬ ‫تعم���ل منذ تس���ع س���نوات عل���ى ختصصات ‪ :‬وألتاحة الفرصة للمبدعني من الطالب‪.‬‬ ‫هندس���ة داخلية ‪ ،‬جرافيك وديزاين والسمعي يوم االربعاء ‪ 13‬فرباي���ر متت زيارة صحيفة اىل ح�ي�ن إش���عار أخ���ر ‪ ،‬حقائ���ق ب���دأت من���ذ‬ ‫بصري ‪ ،‬ومؤخرا مت عقد ش���راكة فرنس���ية وجمل���ة حقائ���ق وقد أعل���ن رئيس���ها الطيب ‪ 1973‬كانت توزع ما يقارب ‪65‬ألف نسخة‬ ‫للدراس���ة وورش العم���ل ملواكب���ة التقني���ة زاهر ع���ن توق���ف اجلريدة واس���تمرار اجمللة تعرضت ط���وال تارخيه���ا لبع���ض الصدمات‬ ‫القضائي���ة فق���د اوقف���ت عن الص���دور الربع‬ ‫م���رات ‪ ،‬اليوم تتصدر املش���هد صحف جديدة‬ ‫منافس���ة جتد التموي���ل الداخل���ي واخلارجي‬ ‫كم���ا أن االعالن���ات االش���هارية العمومي���ة‬ ‫تتحك���م يف اطالة عم���ر الصحيفة يف مرحلة‬ ‫ما بع���د الثورة كما أش���ار حمم���د بن صفري‬ ‫سكرتري التحرير ‪.‬‬ ‫يف املس���اء كان عل���ى الوفد االلتقاء برئيس���ة‬ ‫مرصد الس���يدة عزيزة درغوت���ي اليت تعاونت‬ ‫م���ع مؤسس���ة التخطي���ط االس�ت�راتيجي‬ ‫حملمود جربيل ‪، 2007‬ومدير معهد دراس���ات‬ ‫اس���تطالعات ال���رأي نبي���ل بلعم ال���ذي كان‬ ‫سلوى حممد العالقي‬ ‫مستش���ارا يف ميدان التسويق واملوارد البشرية‬ ‫( دراس���ات الس���وق بليبي���ا !) واللذي���ن قدم���ا‬ ‫مناذج الس���تطالعات السياسية واالجتماعية‬ ‫اليت اضطلعا بها كمؤسستني حبثيتني وعن‬ ‫‪ 23‬اكتوب���ر ‪ 2011‬ك���م عانين���ا ؟ وكم ‪،‬ولك���ن س���يناريو واخ���راج خمتل���ف ‪ ،‬فنحن‬ ‫العوائ���ق اليت ق���د تواجه الراص���د عند مجعه‬ ‫م���ن الدماء الزكية الطاه���رة نزفت لرتوي نس���مع كل ي���وم كلم���ات ووع���ود مجيلة‬ ‫للمعلوم���ات أو عن���د حتليل���ه لبيانات���ه ال�ت�ي‬ ‫كرامة وعزة هذا الوطن وتعرب بنا اىل شط وخطاب���ات حتم���ل كالم قم���ة يف التفاؤل‬ ‫ينبغي مراعاة الس���ياق السياسي واالجتماعي‬ ‫األم���ان؟ لنكم���ل حنن املش���وار ببن���اء وطننا بدول���ة قمة يف التحض���ر ونظل يف االنتظار‬ ‫جملتمع العينة ‪.‬‬ ‫ولنتخل���ص م���ن كل رموز الفس���اد ونثبت بكل ش���غف والفعل ال ش���يء إذن هذا الكيان‬ ‫وجودنا بني الع���امل ‪ ،‬وهال فكرنا مرة أخرى الشرعي املنتخب ( املؤمتر الوطين العام ) يف‬ ‫اخلميس ‪ 14‬فرباير كانت الزيارة ملقر االذاعة‬ ‫مالذي تغري يف ليبيا بعد ‪ 23‬اكتوبر ( مات خدمة من ؟؟ الكلم���ات واخلطابات ال ميكن‬ ‫والتلف���زة التونس���ية وه���و مق���ر مس���تحدث‬ ‫القذايف واحلمد هلل _ تغري العلم والنشيد _ أن ُتصل���ح امل���دارس واملستش���فيات املتهالكة‬ ‫‪ ، 2010‬جت���ول الوف���د يف قاع���ات التحري���ر‬ ‫بدين���ا نتكلم���و حبرية وحم���دش معربنا ‪ ، ...‬باجل���د والعمل تبن���ى الدولة ‪ ،‬حنن لس���نا‬ ‫االخب���اري والرباجمي اليت تق���ع فيما يقارب‬ ‫وبعدي���ن !) هل ه���ذا كل ما نبغي���ه هل هذا ‪ 300‬مليون نسمة لتتحريو يف تدبري أمورنا‬ ‫االربعة أدوار ‪ ،‬وتابعوا االس���تعدادات لتصوير‬ ‫كل م���ا نطم���ح اليه ! طبع���اً ال‪ ،‬ال نطلب أن يا سادة وسيدات مؤمترنا الوطين ! وال حتى‬ ‫حلق���ة خت���ص االطف���ال املكفوفني ‪ ،‬وس���هرة‬ ‫تك���ون ليبيا فرنس���ا يف س���نتني ‪ ،‬ولكن نريد مقس���مني اىل طوائ���ف وديان���ات لتقولوا أن‬ ‫بعن���وان حلن الوف���اء ‪ ،‬كان ال���دور االول من‬ ‫أن ن���رى تط���ور دراماتيكي يف حي���اة املواطن هناك صراع���ات ‪ ،‬يف النهاية الش���عب اللييب‬ ‫املبنى يع���رض لألجهزة التقني���ة اليت تعاقب‬ ‫اللييب نريد أن نرى خطوات جادة لبناء هذه شعب بسيط ويسهل التعامل معه فكفى من‬ ‫اس���تخدامها يف تاري���خ التلف���زة وأيض���ا صور‬ ‫الليبي���ا اليت هي مس���ؤوليتنا مجيعا نريد أن اس���تغالله ونهب كل ثروات���ه وكونو عند‬ ‫تبني تاريخ العاملني باملكان ولوحات تشكيلية‬ ‫نرى قانوناً‪ ..‬دستوراً حيمينا ‪،‬حيمي حقوقنا حس���ن ظنه ‪ ،‬ومن اآلن فصاعداً لن يستطع‬ ‫زين���ت املداخ���ل باملبن���ى ‪ ،‬الس���يد اخلض���راوي‬ ‫‪،‬وحيدد لن���ا واجباتنا ‪ ،‬فليس من املعقول يف أح���د تكمي���م أفواهنا ع���ن املطالبة حبقوقنا‬ ‫مدير قس���م العالقات اخلارجي���ة تلقى هدية‬ ‫بل���د كليبيا الن���اس تتذمر من غلو أس���عار وإهلائن���ا ع���ن بن���اء مس���تقبلنا ومس���تقبل‬ ‫م���ن جري���دة ميادي���ن (اجملل���د االول) وال�ت�ي‬ ‫امل���واد الغذائي���ة األساس���ية وصعوب���ة لقمة األجي���ال القادم���ة فالش���عب ال���ذي يضحي‬ ‫ح���وت التاري���خ الس�ي�روي لث���ورة ‪ 17‬فرباير‬ ‫العي���ش وكل مس���ؤول يضع���وه يف منصب بأالف الشهداء من خرية أبناءه سيفي بدماء‬ ‫مع قرب عودة الوف���د االعالمي للبالد والذي‬ ‫رئاس���ي يتحن���ن علين���ا م���ن مالن���ا وكأن���ه هؤالء األبطال ‪.‬‬ ‫يتوافق مع مجعة ‪ 15‬فرباير للمش���اركة يف‬ ‫يهبه لنا من مال أبيه ‪ ...‬الش���عب اللييب اآلن‬ ‫الذكرى الثانية للثورة ‪.‬‬ ‫يعي���ش نف���س املس���رحية ‪ ،‬الق���ذايف البائس‬

‫فرح وابتهاج بالذكرى الثانية لثورة فرباير ‪...‬‬ ‫ويومية املواطن اللييب متعثرة !‬

‫الث���ورة انتف���اض عل���ى الظل���م والقه���ر‬ ‫واالس���تبداد ‪،‬الثورة ليس���ت مس���رحية ُ‬ ‫كل‬ ‫لدي���ه دور افرتاض���ي فيه���ا وينته���ي بانتهاء‬ ‫الفكرة اليت تريد املسرحية ايصاهلا ‪ ،‬تسدل‬ ‫الس���تارة ويصفق املتفرج���ون ‪ ،‬ال ال ال حنن‬ ‫نري���د حي���اة أفض���ل وطن مش���رق بش���مس‬ ‫احلري���ة والكرامة ‪ ،‬وحتقق هدف الثورة هو‬ ‫أول املش���وار هل���ذه احلياة فكم���ا يقول املفكر‬ ‫الس���اخر برنارد شو (الثورات مل ختفف قط‬ ‫م���ن عبء الطغي���ان هي فقط نقل���ت العبء‬ ‫من كتف إىل كتف آخر ) ‪.‬‬ ‫حن���ن حينم���ا ختلصن���ا م���ن نظ���ام ذاك‬ ‫الطاغوت ال���ذي كان جامثا عل���ى صدورنا‬ ‫أعواما ال لنرقص يف الش���وارع حد اهلسترييا‬ ‫ونق���ول ( احلم���د هلل بالدنا أم���ن وأمان وما‬ ‫يف ش���ي ) فهذه مجلة كن���ا نرددها حتى يف‬ ‫عهده الغابن ‪ ،‬لس���ت ضد االحتفال والتعبري‬ ‫عن الفرحة ولكن ليس كالذي حصل هذا‬ ‫العام الناس تصفق وتغين وترقص والنساء‬ ‫تزغ���رد وكأنه عيد ‪ ،‬للحظ���ة كان خييل‬ ‫لي أن�ن�ي أرى الناس حتتفل "بعي���د الفاتح !‬ ‫" فهال وقفنا حلظ���ة لنفكر فيها عن عظمة‬ ‫ه���ذه األيام ابتدا ًء من ‪ 15‬فرباير وصو ً‬ ‫ال إىل‬

‫‪09‬‬


‫‪10‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫الروائي التونسي حسونـة املصباحي‬

‫تصادمنا أكثر من مرة لكننا مل نتجاوز اخلط األمحر‬

‫حاوره يف تونس ‪:‬‬ ‫ساسي جبيل‬ ‫احللقة الثانية‬

‫_ تتحدث كثريا يف جمالسك و قصصك عن منطقة “ العال “ فهل يف األمر سر؟‬ ‫•يف احلادي���ة عش���ر م���ن عمري‪ ،‬انتقلت إىل العال حيث يعيش أخوال���ي‪ ،‬يف البداية بكيت حبرقة ألن االبتعاد عن أهلي و عن‬ ‫دوارن���ا ب���دا لي صعبا و قاس���يا إىل أبعد حدود القس���وة‪ ،‬ثم أن أهل العال بدوا لي شرس�ي�ن و حمتالني عك���س أهلي املعروفني يف‬ ‫املنطقة كلها بالطيبة و الوداعة‪ .‬و لكن شيئا فشيئا تأقلمت مع حياتي اجلديدة خصوصا بعد أن أصبح لي صديقان محيمان‪:‬‬ ‫األول هو احلبيب الساملي الذي يعيش اآلن يف باريس‪ ،‬أذكر أننا مل نكن نفرتق إال ساعة النوم‪ .‬و كنا نتقاسم كسرة اخلبز و‬ ‫حتى حبات الزيتون‪ .‬ويف الفصل جيلس الواحد منا جنب اآلخر دائما و أبدا‪ ،‬و قد يعود س���بب ارتباطي الوثيق باحلبيب الس���املي‬ ‫إىل طيبته و حس���ن س���لوكه و مقته الشديد للكذب و للعدوانية املتفشيني يف أواس���ط أندادنا من التالميذ‪ ،‬ثم أنه كان تلميذا‬ ‫المعا و جمدا و قليل الكالم‪ ،‬ميكن القول أن عالقيت به كانت مثالية‪ ،‬و قد ظلت كذلك زمنا طويال‪ ،‬و عندما تقدمنا يف السن‪،‬‬ ‫تصادمن���ا أكث���ر من مرة لكننا مل نتجاوز اخلط األمحر أب���دا‪ ،‬و لعل صداقتنا الرائعة خصوصا يف فرتة الطفولة و املراهقة هي‬ ‫اليت جنبتا ذلك‪.‬‬

‫الع���ام األول يف الع�ل�ا‪ ،‬قضيته عن���د أخوالي‪،‬‬ ‫كان عاما قاسيا و حزينا إىل أقصى احلدود‬ ‫و ق���د يك���ون م���ن األفض���ل أن ال أخ���وض يف‬ ‫تفاصيل���ه حت���ى ال أج���رح بع���ض الناس من‬ ‫أهلي‪.‬‬ ‫الع���ام الثان���ي انتقل���ت للعي���ش عن���د خاليت‬ ‫حمبوب���ة‪ ،‬و س���رعان ما نس���يت أالم و أوجاع‬ ‫العام الس���ابق‪ ،‬ذلك أن خاليت حمبوبة برغم‬ ‫فقره���ا الش���ديد‪ ،‬كان���ت حنون���ة وطيب���ة و‬ ‫دائم���ة التفاؤل‪ ،‬و كان زوجه���ا رجال هادئا‪،‬‬ ‫صموتا‪ ،‬يقضي الوقت يف التدخني‪ ،‬أما بناتها‬ ‫األربع���ة فك���ن أمجل بنات القري���ة‪ ،‬و مجيعا‬ ‫كن���ا ننام يف نف���س الغرف���ة‪ ،‬و كانت بنات‬ ‫خاليت حمبوبة يعاملن�ن�ي كما أني أخوهم‪،‬‬ ‫و يف ه���ذا اجل���و األنث���وي الرائ���ع‪ ،‬أصبح���ت‬ ‫أكث���ر نش���اطا وحيوي���ة‪ ،‬و بدأت أكتش���ف‬ ‫عامل النساء الس���ري‪ ،‬و يف أواخر السبعينات‪،‬‬ ‫سكنت خاليت حمبوبة بعد أن تزوجت بناتها‬ ‫األرب���ع يف بي���ت ابنه���ا الوحي���د ال���ذي أصبح‬ ‫ميس���ور احل���ال يف ضاحية " الزه���راء " قرب‬ ‫العاصمة‪.‬‬ ‫و يف أيام التش���رد تلك‪ ،‬كن���ت آوي إليها بني‬ ‫وقت وآخ���ر فكان���ت تعاملين بنف���س احلنان‬ ‫الذي كان���ت تعاملين به و أن���ا طفل‪ .‬بعدها‬ ‫كن���ت أحرص عل���ى أن ألتقيها كلما عدت‬ ‫إىل تون���س‪ ،‬وآخ���ر م���رة رأيته���ا كانت قبل‬ ‫وفاته���ا ببضعة أش���هر‪ .‬حدثت�ن�ي بالتفصيل‬ ‫ع���ن رحلتها إىل مك���ة ألداء فريضة احلج‪ .‬و‬ ‫كانت سعيدة جدا بذلك‪...‬‬ ‫_ يبدو أن الدراسة الثانوية غريت جمرى‬ ‫حياتك بالكامل؟‬ ‫•عق���ب إح���رازي عل���ى ش���هادة االبتدائي���ة‪،‬‬ ‫انتقلت إىل املعهد الثانوي حبفوز و هي بلدة‬ ‫مجيل���ة حتي���ط به���ا ضيعات خض���راء كان‬ ‫ميلكه���ا املعم���رون الفرنس���يون‪ .‬غ�ي�ر بعي���د‬ ‫عنها ينتصب جب���ل طرزة الواقع بينها و بني‬ ‫قرية العال‪ ،‬وعلى مس���افة قريبة منها‪ ،‬وادي‬ ‫" ب���رق الليل " الذي داهم القريوان أكثر من‬ ‫مرة أوقات الفيضان���ات و األمطار الغزيرة و‬ ‫كان يرع���ب أهالي القرى القريبة منه ألنه‬ ‫جيرف يف غفلة منهم رجاال وأطفاال و نساء‬ ‫و دواب‪ .‬و كان���ت حف���وز أنظ���ف و أهدا من‬ ‫العال اليت كانت وسخة و مليئة باملتسولني‬ ‫و املش���وهني و ذوي العاه���ات و النش���الني و‬

‫مع���ه كن���ت‬ ‫اللص���وص‪ .‬و‬ ‫حريص���ا عل���ى‬ ‫كان املعه���د‬ ‫متابع���ة م���ا‬ ‫بن���اه‬ ‫ال���ذي‬ ‫يف‬ ‫ينش���ر‬ ‫ا لفر نس���يو ن‬ ‫جمل���ة " الفك���ر‬ ‫يتمي���ز‬ ‫" التونس���ية‬ ‫خبا صي���ا ت‬ ‫ال�ت�ي كان‬ ‫رائع���ة عل���ى‬ ‫يش���رف عليه���ا‬ ‫مجيع املستويات‬ ‫الس���يد حمم���د‬ ‫ص���ا‬ ‫خصو‬ ‫مزال���ي ال���ذي‬ ‫عل���ى املس���توى‬ ‫أصب���ح وزي���را‬ ‫املعم���اري‪ .‬يف‬ ‫أول مطل���ع‬ ‫حف���وز‪ ،‬ظ���ل‬ ‫الثماني���ات‪ .‬و‬ ‫احلبيب الس���املي‬ ‫ألنه���ا مل تك���ن‬ ‫الصديق األقرب‬ ‫تب���اع يف حفوز‪،‬‬ ‫إىل نفس���ي‪.‬‬ ‫ولكن سرعان ما الروائي حسونـة املصباحي‬ ‫ف���ان أس���تاذنا‬ ‫يف م���ادة اللغ���ة‬ ‫ارتبطت بعالقة‬ ‫العربي���ة كان‬ ‫وثيق���ة بفت���ى‬ ‫آخ���ر من دوار قريب من حفوز‪ ،‬على الطريق ه���و الذي يش�ت�ريها لنا م���ن الق�ي�روان حيث‬ ‫الفاص���ل بينها و بني الق�ي�روان‪ ،‬يدعى عبيد يس���كن‪ ،‬جملة " الفكر " كان���ت نافذنا على‬ ‫العياش���ي‪ ،‬فتى مجيل‪ ،‬أنيق‪ ،‬مخري البشرة‪ ،‬عامل األدب التونس���ي‪ .‬من خالهلا اكتش���فنا‬ ‫أصهب الشعر‪ ،‬ممشوق القامة‪ ،‬قليل الكالم‪ .‬شعراء سرعان ما أصبحوا قريبني إىل قلوبنا‬ ‫و بالرغم من أنه قادم من الريف مثلنا‪ ،‬فإنه م���ن أمث���ال جعفر ماج���د و أمح���د اللغماني‬ ‫كان يتص���رف كم���ا لو أنه من أه���ل املدن‪ ،‬و أمح���د القدي���دي‪ ...‬كم���ا اكتش���فنا أيضا‬ ‫و ق���د توط���دت عالق�ت�ي به حني اكتش���فت قصاص�ي�ن كان أفضله���م يف تل���ك املرحلة‪،‬‬ ‫أنه يقرض الش���عر‪ ،‬وأذك���ر أني فتنت بأول البش�ي�ر خري���ف‪ ،‬وكان النق���اش م���ع عبيد‬ ‫قصي���دة قرأه���ا ل���ي و مازل���ت أحف���ظ منها العياش���ي مفيدا ذلك انه كان مهتما بكل ما‬ ‫حيدث من جديد يف عامل األدب التونس���ي‪ .‬و‬ ‫البيتني التاليني‪:‬‬ ‫سرعان ما أصبح هو شاعر املعهد بامتياز‪ .‬أما‬ ‫كأن ذلك احلصان يعلف حبا‬ ‫ثم مات احلصان ذات مساء أنا فبع���د أن نالت قصيت " رحلة مش���ؤومة "‬

‫اجلائزة األوىل يف مسابقة انتظمت يف املعهد‬ ‫فقد أصبح���ت قصاص املعه���د بامتياز‪ .‬و قد‬ ‫ظل عبيد العياش���ي صديقا محيما لي حتى‬ ‫السنة األوىل جامعة‪ ،‬و يف تلك السنة‪ ،‬عشق‬ ‫فتاة م���ن القريوان تكتب الش���عر ه���ي أيضا‪،‬‬ ‫غري أن قصة حبه هلا انتهت بسرعة فأصيب‬ ‫بصدم���ة كب�ي�رة و س���افر إىل باريس و من‬ ‫هن���اك إىل بغداد حيث أن���ه اخنرط يف حزب‬ ‫البع���ث بهدف اس���تكمال تعليم���ه‪ .‬و ملا بلغين‬ ‫ذل���ك‪ ،‬اس���تغربت األم���ر كث�ي�را إذ أن عبيد‬ ‫العياش���ي حس���ب معرف�ت�ي ب���ه كان ميقت‬ ‫االلتزام السياس���ي من أي ن���وع كان‪ ،‬و أثناء‬ ‫رحليت إىل بغ���داد يف خريف ‪ ،1973‬التقيت‬ ‫ب���ه يف مقر االحت���اد الع���ام لطلب���ة تونس‪ .‬و‬ ‫هناك تيقنت من أنه منخرط فعال يف حزب‬ ‫البع���ث‪ .‬و مل���ا ضرب�ن�ي الطلب���ة البعثي���ون يف‬ ‫"الوزيري���ة " متهم�ي�ن إي���اي بأني جاس���وس‬ ‫بورقيب���ة مل يق���ف إىل جان�ب�ي‪ ،‬و حتاش���ى‬ ‫رؤييت‪ .‬و يف عام ‪ 1987‬إلتقيته من جديد يف‬ ‫بغداد و ذلك خ�ل�ال مهرجان املربد‪ ،‬أخربني‬ ‫أنه تزوج و أنه يعمل يف ش���ركة فرنسية‪ ،‬و‬ ‫ملا س���ألته عن الش���عر قال لي و قد بدت عليه‬ ‫عالمات احلزن و األس���ى بأن���ه انقطع نهائيا‬ ‫ع���ن كتابت���ه‪ .‬و مل أس���تغرب األم���ر ذلك أن‬ ‫الطري���ق الذي اختار أن يس�ي�ر في���ه‪ ،‬البد أن‬ ‫يؤدي إىل مثل هذه النتيجة‪ ...‬و هكذا خسرنا‬ ‫شاعرا موهوبا بسبب النشاط السياسي‪.‬‬ ‫_ عالقتك باألدب بدأت بشكل مبكر‪ ...‬ماذا‬ ‫عن القراءات األوىل؟‬ ‫* بدأت عالقيت مبك���را باألدب‪ ،‬وأول كتاب‬ ‫أثارني و أثار ش���جوني هو القرآن إىل جانب‬ ‫القص���ص العجيبة ال�ت�ي كان يرويها أهلي‬ ‫يف س���هرات الش���تاء و الصيف باخلصوص‪ ،‬و‬ ‫من املؤك���د أن تلك القص���ص خلفت تأثريا‬ ‫كب�ي�را يف نفس���ي‪ ،‬و لعله ب���اق إىل حد هذه‬ ‫الس���اعة‪ ،‬مل تكن أمي تروي احلكايات جيدا‪،‬‬ ‫و كذل���ك أب���ي‪ ،‬غ�ي�ر أن أخي غري الش���قيق‬ ‫إبراهيم البالغ من العمر اآلن ‪ 80‬عاما‪ ،‬كان‬ ‫فاحل���ا يف ذل���ك و كان لكلماته و حلركاته‬ ‫و ه���و ي���روي احلكاي���ات و قع س���حري علي‪.‬‬ ‫خال���ي اخلامت���ي أيض���ا كان راوي���ة عجيبا‪،‬‬ ‫و كلم���ا ج���اء إىل بيتن���ا إال و حتلقن���ا حوله‬ ‫الكب���ار و الصغ���ار طالبني منه أن ي���روي لنا‬ ‫حكاي���ة ما‪ ،‬فكان يفعل ذل���ك و هو يف كامل‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫االبتهاج و الس���رور‪ ،‬و غالب���ا ما مننا على وقع‬ ‫صوته اهلادئ الكس���ول و هو يروي احلكايات‪.‬‬ ‫و قد انتبه العديد من الذين قرأوا جمموعيت‬ ‫األوىل " حكاي���ة جنون ابنة عم���ي هنية " إىل‬ ‫هذا التأثري الذي تركته يف نفسي احلكايات‬ ‫الش���فوية‪ ،‬لذا كتب أحد النق���اد يقول بأنين‬ ‫أكتب مثلما أتكل���م‪ .‬يف املرحلة االبتدائية‪ ،‬و‬ ‫مثل أغل���ب األطفال قرأت قصص املنفلوطي‬ ‫خصوص���ا قص���ة " ماجدولني " اليت اقتبس���ها‬ ‫من رواية الكاتب الفرنسي بارنادان‬ ‫دي س���ان بي���ار‪ .‬و يف الس���نة األوىل إع���دادي‬ ‫ق���رأت يف املكتبة العامة حبف���وز رواية " زقاق‬ ‫املدق " لنجيب حمفوظ فصعقتين‪ ،‬و من ذلك‬ ‫احلني أصبحت أقرأ كل ما يقع يف يدي من‬ ‫رواي���ات جني���ب حمف���وظ‪ .‬كما أعجب���ت بـ "‬ ‫األيام " لطه حس�ي�ن‪ ،‬و بكت���ب توفيق احلكيم‬ ‫و رواي���ات حمم���د عب���د احللي���م عب���د اهلل و‬ ‫قص���ص حمم���ود تيم���ور و " لق���اء " مليخائيل‬ ‫نعيمة‪ ،‬و لي م���ع هذا الكتاب ذكرى خاصة‪،‬‬ ‫فخ�ل�ال العطلة الصيفية اليت عقبت الس���نة‬ ‫األوىل إع���دادي‪ ،‬كن���ت يف تون���س عند أخي‬ ‫ال���ذي يعمل ش���رطيا هناك‪ .‬و م���رة أعطاني‬ ‫مخسمائة مليم بغرض أن أذهب إىل السينما‬ ‫و ارفه عن نفس���ي قلي�ل�ا‪ .‬و بعد أن طفت يف "‬ ‫باب حبر " فكرت أن أفضل ش���يء أفعله بذلك‬ ‫املبلغ هو ش���راء " لقاء " مليخائيل نعيمة الذي‬ ‫ش���اهدته معروضا يف واجهة إحدى املكتبات‪،‬‬ ‫و ه���ذا ما فعلت���ه بالفعل‪ ،‬و ملا اكتش���ف أخي‬ ‫ذل���ك‪ ،‬صفع�ن�ي ع���دة صفع���ات قائال ل���ي لو‬ ‫أن���ه كان يعل���م ماذا س���أفعل بذل���ك املبلغ ملا‬ ‫أعطان���ي إي���اه‪ .‬آمل�ن�ي األمر كث�ي�را فرتكت‬ ‫ش���قته الكائنة بش���ارع " غانا " بقلب العاصمة‬ ‫تونس و همت يف الش���وارع باكي���ا حبرقة‪ .‬و‬ ‫كان هناك ش���رطي آخر يتقاس���م الشقة مع‬ ‫أخ���ي‪ ،‬و كان مغرم���ا بالصح���ف و اجمل�ل�ات‬ ‫املصرية‪ ،‬و غالبا ما يش�ت�ري كتبا‪ ،‬و يف غيابه‬ ‫كن���ت أتس���لل إىل حجرت���ه وأق���رأ م���ا أعثر‬ ‫علي���ه‪ ،‬خصوصا جري���دة " األهرام " و جملة "‬ ‫املص���ور"‪ .‬و مرة وجدت على طاولته الصغرية‬ ‫القريبة من فراشه رواية " البؤساء " لفيكتور‬ ‫هوغو‪ ،‬فالتهمتها يف بضعة أيام دون أن ينتبه‬ ‫هو إىل ذلك‪ ،‬و قد أثرت يف تلك الرواية تأثريا‬ ‫كب�ي�را حتى أن أحداثها و ش���خصياتها ظلت‬ ‫عالقة يف ذه�ن�ي لفرتة طويلة‪ .‬و عندما عدت‬ ‫إىل القرية‪ ،‬رحت أروي وقائعها إىل الفتيان‪.‬‬ ‫و كم س���عدت حني الحظت أنهم أصغوا إلي‬ ‫بانتباه شديد‪.‬‬ ‫_ و ماذا عن األدب الفرنسي خصوصا و أنك‬ ‫ترمجت كثريا من النصوص يف هذا اجملال؟‬ ‫• من���ذ الس���نة الثانية إع���دادي‪ ،‬ب���دأت أقرأ‬ ‫الكت���ب الفرنس���ية‪ .‬و من املكتب���ات القدمية بـ‬ ‫" نه���ج زرق���ون " يف تونس العتيق���ة و باملبالغ‬ ‫القليل���ة اليت كان مينحها لي أخي بني وقت‬ ‫وآخر‪ ،‬اقتنيت العديد من الكتب الفرنسية يف‬ ‫طبعات رخيصة جدا‪ .‬أذكر أني حصلت على‬ ‫بع���ض كتب ش���اتو بريان و فيكت���ور هوغو و‬ ‫جورج صان���د و بالزاك و زوال و فلوبري‪ .‬كما‬ ‫اقتنيت " أزهار الشر " لبودلري و خمتارات من‬ ‫قصائد فرل�ي�ن و رامبو‪ ،‬و البعض من قصائد‬ ‫ه���ؤالء حفظتها عن ظهر قل���ب‪ ،‬و ميكنين أن‬ ‫أقول أن الروايات هي اليت كانت تس���تهويين‬ ‫أكثر من غريه���ا‪ .‬بعدها كت���ب الرحالت و‬ ‫التاريخ‪ .‬لكن الب���د أن أعرتف أن الرواية اليت‬ ‫صعقت�ن�ي فعال و غ�ي�رت نظرتي ل�ل�أدب هي‬

‫‪11‬‬

‫كانت نافذنا على عامل األدب التونس���ي‪ .‬من خالهلا اكتش���فنا ش���عراء سرعان‬ ‫م���ا أصبحوا قريبني إىل قلوبنا م���ن أمثال جعفر ماجد و أمحد اللغماني و أمحد‬ ‫القديدي‪ ...‬كما اكتشفنا أيضا قصاصني كان أفضلهم يف تلك املرحلة‬ ‫رواي���ة " الغريب " أللبري كاام���ي اليت قرأتها‬ ‫و أنا يف السابعة عش���ر‪ .‬بعدها قرأت " الثعبان‬ ‫" جلان بول سارتر‪ ،‬فكان تأثريها علي كبريا‬ ‫هي أيضا‪ .‬ثم اكتش���فت األدب العاملي فقرأت‬ ‫همنغواي و فوكنر و دستويفسكي و غوغول‬ ‫و تش���يكوف و غورك���ي‪ ،‬باختص���ار كنت و‬ ‫مازل���ت قارئ���ا نهما‪ ،‬و أحب األوق���ات هي اليت‬ ‫أقضيها بني الكتب‪...‬‬ ‫_ و كيف دخلت عوامل الكتابة؟‬ ‫•أعتق���د أن حماوالتي األدبي���ة األوىل تعود‬ ‫إىل س���ن الرابع���ة عش���ر‪ ،‬و لع���ل م���ن مجل���ة‬ ‫العوام���ل اليت حفزت�ن�ي على الكتاب���ة إدماني‬ ‫عل���ى مس���اع برنام���ج أدب���ي عنوان���ه “ ه���واة‬ ‫األدب “ ال���ذي كانت اإلذاعة التونس���ية تبثه‬ ‫ثالث���ة أي���ام يف األس���بوع‪ :‬اجلمعة و الس���بت‬ ‫و األح���د‪ .‬يف م���ا بع���د اكتش���فت أن مجي���ع‬ ‫أبن���اء جيلي كان���وا مدمنني عل���ى مساع هذا‬ ‫الربنام���ج الذي كان يش���رف عليه الش���اعر‬ ‫أمحد اللغماني‪ ،‬أما املذيع عادل يوس���ف فكان‬ ‫دوره ق���راءة النصوص املرس���لة من قبل هواة‬ ‫األدب‪ ،‬وآخر كل ش���هر كانت اإلذاعة متنح‬ ‫جائزة بعش���رين دينارا ألفضل نص‪ ،‬بني سن‬ ‫الرابعة عشر و اخلامسة عشر‪ ،‬أرسلت بنص‬ ‫قصص���ي إىل ه���ذا الربنام���ج‪ .‬فجاءن���ي ال���رد‬ ‫بع���د حوالي ش���هرين‪ :‬ال ميك���ن إذاعة النص‬ ‫لضعف���ه‪ ...‬حزنت كث�ي�را‪ .‬مع ذل���ك واصلت‬ ‫الكتابة و الق���راءة و االس���تماع إىل الربنامج‪،‬‬ ‫منتبها ش���ديد االنتب���اه إىل نصائح اليت كان‬ ‫خي���ص بها الش���اعر أمح���د اللغمان���ي‪ ،‬و بعد‬ ‫قراءت���ي لرواي���ة “ الغري���ب “‪ ،‬كتب���ت قصة‬

‫حت���ت عنوان “ صورة أبي “ وأرس���لت بها إىل‬ ‫الربنام���ج املذك���ور‪ .‬و طبع���ا كن���ت يف هذه‬ ‫القص���ة متأث���را ج���دا برواية ألب�ي�ر كامو‪ .‬و‬ ‫بعد ش���هرين‪ ،‬جاءني صديقي عبيد العياشي‬ ‫ليعلمين أن�ن�ي فزت باجلائزة األوىل لربنامج‬ ‫“ ه���واة األدب “ و مل أك���ن قد اس���تمعت إىل‬ ‫تلك احلصة لس���بب ال أتذك���ره اآلن و طبعا‬ ‫كانت سعادتي كبرية بذلك‪.‬‬ ‫_ كنت سعيدا باجلائزة و ال شك؟‬ ‫•بعد أس���بوع توجهت إىل اإلذاعة و تس���لمت‬ ‫املبلغ ال���ذي كان أضخم مبلغ مالي حصلت‬ ‫علي���ه ذل���ك احل�ي�ن‪ .‬اش�ت�ريت ثياب���ا جديدة‪،‬‬ ‫و بع���ض الكت���ب‪ ،‬و تفرج���ت عل���ى فيل���م “‬ ‫الدكت���ور جيفاك���و “ ال���ذي كان يع���رض‬ ‫للمرة األوىل‪.‬‬ ‫_كيف تعاملت مع مناخات تونس الثقافية و‬ ‫أنت القادم من األرياف؟‬ ‫•ب���دأت أرس���ل مبحاوالت���ي األدبي���ة إىل‬ ‫امللح���ق الثق���ايف جلري���دة “ العم���ل “ ال���ذي‬ ‫كان يش���رف علي���ه الكات���ب الطالئع���ي ع���ز‬ ‫الدي���ن املدن���ي‪ ،‬و ق���د نش���ر ل���ي ه���ذا امللح���ق‬ ‫ع���دة نص���وص ال أتذك���ر عناوينه���ا اآلن ما‬ ‫أتذكره هو أن واحدا من هذه النصوص أثار‬ ‫ردود فعل نش���رها امللح���ق يف الفضاء اخلاص‬ ‫بربيد الق���راء‪ .‬كنت آنذاك يف الثامنة عش���ر‬ ‫من عم���ري‪ .‬و كان امللح���ق الثقايف جلريدة‬ ‫العمل امل���رآة اليت تعكس الص���ورة احلقيقية‬ ‫ل�ل�أدب اجلدي���د‪ ،‬و لألص���وات الش���ابة‪ ،‬و‬ ‫بالرغ���م م���ن أن اجلري���دة كان���ت ملتزم���ة‬ ‫خب���ط احل���زب احلاكم‪ ،‬ف���إن امللح���ق كان‬

‫جريئ���ا حت���ى أن العديد من النص���وص اليت‬ ‫نش���رت في���ه أثارت غض���ب رجال الس���لطة و‬ ‫رج���ال الدين‪ .‬و كانت جمل���ة “ الفكر “ اليت‬ ‫يديرها واحد من أقط���اب النظام أعين بذلك‬ ‫الس���يد حممد مزالي جريئة هي أيضا‪ .‬و لعل‬ ‫أكرب دليل على ذلك نشرها لنص “ اإلنسان‬ ‫الصف���ر “ الذي أثار حفيظ���ة رجال الدين و‬ ‫فجر معركة حامي���ة الوطيس بينهم و بني‬ ‫صاح���ب اجمللة و خمتل���ف التي���ارات األدبية‬ ‫اجلدي���دة‪ .‬كم���ا أن جملة “ الفك���ر “ وأيضا‬ ‫ملح���ق الثق���ايف جلري���دة “ العم���ل “ نش���را‬ ‫احمل���اوالت الش���عرية األوىل للجماع���ة ال�ت�ي‬ ‫أصبحت تس���مي نفس���ها يف ما بع���د “ مجاعة‬ ‫يف غ�ي�ر العم���ودي و احلر “ و ق���د أثارت هذه‬ ‫احمل���اوالت جدال كب�ي�را يف احلي���اة الثقافية‬ ‫التونس���ية متام���ا مثلما ه���و احلال بالنس���بة‬ ‫لقصص ع���ز الدين املدني‪ ،‬و مس�ي�ر العيادي‬ ‫و حممود التونس���ي و آخرين‪ ...‬و منذ البداية‬ ‫وقفت إىل جانب هذه احلركة الطالئعية و‬ ‫اعتربت نفس���ي واحدا من عناصرها‪ ،‬وكانت‬ ‫قصص عز الدين املدني اليت نشرت يف ما بعد‬ ‫ضمن جمموعته‪ “ :‬خراف���ات “ تثري إعجابي‬ ‫و فضول���ي‪ .‬أواخر الس���بعينات‪ ،‬توقف امللحق‬ ‫الثقايف جلريدة “ العمل “ عن الصدور‪ ،‬فكان‬ ‫ذل���ك مبثاب���ة الضرب���ة القاضي���ة للحركة‬ ‫األدبي���ة اجلدي���دة‪ ،‬ث���م إن جمل���ة “ الفكر “‬ ‫توقفت بدورها عن نشر اإلنتاج اجلديد‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫فبراير‪4 -‬‬ ‫العدد)(‪( -‬‬ ‫العدد‪94 (-‬‬ ‫‪)2013)2013‬‬ ‫مارس مارس‬ ‫فبراير‪4 -‬‬ ‫‪26 ( -26) 94‬‬ ‫الثالثة ‪-‬الثالثة‬ ‫السنة السنة‬

‫برتقالة أو َح ْربة‬ ‫على شكل‬ ‫ٍ‬ ‫أصبح ّ‬ ‫لدي مقربة‬ ‫أخريا ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫ميكنين أن أنا َم دهرا‬ ‫لن تشغلين أشيا ُء مربك ٌة‬ ‫من قبيل‪ :‬أ َت ْت احليا ُة ‪ْ ..‬‬ ‫ذهبت احليا ُة‬ ‫تلك ْ‬ ‫نسمة َّ‬ ‫أت يف الكأس‬ ‫لن يلومين أح ٌد على‬ ‫ٍ‬ ‫بسمة َن ِس َي ْت شفتيهَا يف حمطة القطار‪.‬‬ ‫على‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫أصادق امسي‬ ‫هنا ميكنين أن‬ ‫َة أو دود ٍة‬ ‫أرمس ُه على شكل‬ ‫ُ‬ ‫برتقالة أو َح ْرب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ظلمة ال نو َر‬ ‫هنا‪ ..‬ال‬ ‫مكسب ال خسارة‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫أصون ه َبائي‬ ‫سأتعلم كيف‬ ‫كل يوم‬ ‫وقواما هالم ًيا‬ ‫أمنح ُه شكال‬ ‫ً‬ ‫كيف ُ‬ ‫أنا ُح ٌّر‬ ‫رأسي فار ٌغ‬ ‫جسدي ال َّ‬ ‫ظل ل ُه‬ ‫كأنين انسلخت عن ُه‬ ‫كورقة‬ ‫طوي ُت ُه‬ ‫ٍ‬ ‫رمي ُت ُه كإبر ٍة َص ِد َئ ْت يف الصندوق‪.‬‬ ‫يا مالكي‬ ‫أيها الطائ ُر الصغري شعر ‪ :‬مجال القصاص‬ ‫ال ُت ْف ِر ُغ اإلنا َء َّ‬ ‫كل ُه‬ ‫دْ‬ ‫ينشع‬ ‫َع ُه ُ‬ ‫ٌ‬ ‫خفيف‬ ‫قليب‬ ‫أثقل ُت ُه ُّ‬ ‫الز ُ‬ ‫رقة‬ ‫دفرتي َّ‬ ‫ممز ٌق‬ ‫ذاكرتي َح َج ٌر‬ ‫أم ْت‬ ‫كأنين مل ُ‬ ‫كأنين مل أ ُولد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫احلكاية‬ ‫مل تنت ِه‬ ‫ما ُ‬ ‫زلت يف مربعي الصغري‬ ‫ِّ‬ ‫وقع اخلطى على العتبات‬ ‫أرت ُب َ‬ ‫مقربتي خاوي ٌة‬ ‫الصب ِار ْأي َن َع ْت‬ ‫قال‬ ‫احلارس‪ :‬شجر ُة َّ‬ ‫ُ‬ ‫الغربا ُء ميرون كالغيم‬ ‫َ‬ ‫يسألون متى تنتهي الطريق؟‬ ‫دائما‬ ‫ً‬ ‫األث ُر شاه ٌد بال عينني‬ ‫زمن ال ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫يطل على نفس ِه‬ ‫َ‬ ‫الرائحة‬ ‫تتخي َل‬ ‫عبثا َّ‬ ‫َ‬ ‫زجاجة‬ ‫الوقت يف‬ ‫حتبس‬ ‫عبثا‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫صمتك‬ ‫تتهجى‬ ‫عبثا َّ‬ ‫أو ترمسه على شكل حفر ٍة‬

‫أو قناع ‪.‬‬ ‫ماذا َ‬ ‫لديك‪..‬هنا‬ ‫َ‬ ‫نسيت‪..‬هناك‬ ‫ماذا‬ ‫يشرق َ‬ ‫مثل ا ُ‬ ‫ُ‬ ‫هل ّو ِة‬ ‫صبح‬ ‫ٌ‬ ‫السرير‬ ‫ومسا ٌء بال ساقني يتم ّد ُد يف ّ‬ ‫احليا ُة على ب ُْع ِد نافذ ٍة‬ ‫موجة‬ ‫على بعد‬ ‫ٍ‬ ‫على بعد مقرب ٍة‬ ‫وال ّراوي َ‬ ‫ً‬ ‫ترك ال ّن َ‬ ‫فارغة‬ ‫هاية‬ ‫القميص‬ ‫مل ينتبه للدم حتت‬ ‫ِ‬ ‫هل كان ضروريًا أن ُت ْو َ‬ ‫لد‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َس َ‬ ‫أن ي ْ‬ ‫جوعك‬ ‫اخلوف‬ ‫رت‬

‫َ‬ ‫حضنك بار ٌد‬ ‫مساؤك َف َس ْ‬ ‫َ‬ ‫دت شهو ُتهَا‬ ‫ْ‬ ‫كاللعنات‬ ‫تناثرت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫الليلة‬ ‫ستعد ل ُه العشا َء‬ ‫كم وجهًا‬ ‫يف املسافة ما بني الصعود ما بني اهلبوط‬ ‫ُ‬ ‫العالمة‬ ‫ضح‬ ‫رمبا ت ّت ُ‬ ‫رمبا َّ‬ ‫تتذك ُر أنك َ‬ ‫رميت حجراً يف اجلدار‬ ‫رمبا تعث ُر على شاه ٍد وحي ٍد‬ ‫حمب ُت ُه‪.‬‬ ‫مل تخَ ُ ْن َك َّ‬ ‫=========‬ ‫** من ديوان جديد يصدر قريبا للشاعر بعنوان‬ ‫( فراغات صوتية )‬


‫يوليو ‪)2012‬‬ ‫يونيو‪/‬‬ ‫‪426‬ـ ‪-2‬‬ ‫‪( 59-2626‬‬ ‫العدد‬ ‫‪)2013‬‬ ‫مارس‬ ‫فبراير‪4 -‬‬ ‫السنة(‪) 94‬‬ ‫الثالثة ‪-‬العدد (‬ ‫السنةالثالثة ‪-‬‬ ‫السنة‬ ‫‪)2013‬‬ ‫مارس‬ ‫فبراير‪-‬‬ ‫الثانية(‪( -‬‬ ‫‪)- 94‬‬ ‫العدد‬

‫احلــافـــلــــة‬ ‫أمحد يوسف عقيلة‬ ‫قصة قصرية‪.‬‬

‫‪ ...‬احلافل���ة ذات الس���تني راكب���اً يف موقفه���ا‬ ‫وس���ط س���احة القرية الواقعة يف أعلى اجلبل‪..‬‬ ‫ال تتح���رك بالرغ���م م���ن أن حمركه���ا يعم���ل‬ ‫منذ حوالي ساعة‪ ..‬فالسائق نزل لشراء سجائر‬ ‫وزجاج���ة مياه ريثما يس���خن احمل��� ّرك‪ ..‬تاركاً‬ ‫املسجل يلعلع بصوت أجش لشاعر شعيب يكيل‬ ‫املديح للناق���ة وللحصان‪( :‬أس���ود طليس تقول‬ ‫غيم حصيدة)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ ...‬مدي���ر احملط���ة يبول واقفا مواجه���ا الريح‪..‬‬ ‫ويقول بأنه ميلك س���نداً شرعياً لذلك‪ ..‬فالناس‬ ‫يف ه���ذه األي���ام ش���رعوا يفتش���ون يف الدفات���ر‬ ‫الصفراء القدمية عن األس���انيد الش���رعية لكل‬ ‫شيء‪ ..‬حتى الجتاه البول‪!..‬‬ ‫ً‬ ‫س���ائقو احلاف�ل�ات يث�ي�رون التذم���ر دائم���ا‪..‬‬ ‫يتأخ���رون‪ ..‬مييل���ون امل���رآة لرؤي���ة النس���اء‪..‬‬ ‫يغمزونه���ن أحيان���اً‪ ..‬يقف���ون عل���ى املطاع���م يف‬ ‫منتص���ف الطري���ق‪ ..‬يف صفق���ة م���ع أصح���اب‬ ‫املطاعم‪ ..‬حيث يأكل���ون جماناً يف مقابل جلب‬ ‫الزبائن‪.‬‬ ‫الط���ل املتكثف على زجاج احلافلة بدأ يس���يل‬ ‫ّ‬ ‫ال���ركاب يتململ���ون‪..‬‬ ‫م���ع طل���وع الش���مس‪..‬‬ ‫يتث���اءب أحده���م‪ ..‬تنتق���ل ع���دوى التث���اؤب من‬ ‫الكرس���ي اخللف���ي املس���تطيل بع���رض احلافلة‬ ‫إىل ص ّفي الكراسي‪ ..‬يصل التثاؤب إىل الستارة‬ ‫اليت تفصل الس���ائق ع���ن ّ‬ ‫الركاب‪ ..‬فمؤسس���ة‬ ‫ّ‬ ‫ال���ركاب م���ع الس���ائق‪..‬‬ ‫النق���ل متن���ع حدي���ث‬ ‫الطف���ل الرضيع عل���ى صدر إح���دى القرويات‬ ‫ي�ت�رك الثدي حلظة ليم���ارس حقه يف التثاؤب‬ ‫يف س���ن مب ّك���رة‪ ..‬فبالدنا أصبح���ت دميقراطية‬ ‫فجأة‪ ..‬العج���وز ذو العمامة املتك ّور على نفس���ه‬ ‫يف الزاوية اخللفية يستس���لم إلغف���اءة ويفوته‬ ‫مهرج���ان التثاؤب‪ ..‬الش���اب امللتح���ي يلعب على‬ ‫دودة اهلاتف الن ّقال‪ ..‬يف مقدمة احلافلة اختفت‬ ‫صورة الزعي���م‪ ..‬ظهرت مكانها ص���ورة فضيلة‬ ‫مف�ت�ي الدي���ار‪ ..‬م���ن الواض���ح أن أحده���م م ّزق‬ ‫ص���ورة الزعيم عل���ى عجل‪ ..‬فج���زء من كتف‬ ‫الزعي���م برتبة اجلنرال ال ي���زال يطل من فوق‬ ‫كتف املفيت!‬ ‫‪ ...‬أخ�ي�راً‪ ..‬تتحرك احلافل���ة‪ ..‬الطريق تنحدر‬ ‫مس���تقيمة قب���ل أن تب���دأ االنعطاف���ات احلادة‪..‬‬

‫الفت���ة كب�ي�رة عل���ى مي�ي�ن الطري���ق‪( :‬مته ْ‬ ‫ّل‪..‬‬ ‫أمامك منعطفات جبلية خطرة)‪ ..‬لكن الس���ائق‬ ‫املطب الذي‬ ‫امللول ال يتمهّل‪ ..‬مل يقف حتى على ّ‬ ‫ّ‬ ‫املتعم���م الغايف‬ ‫رج‬ ‫ّ‬ ‫ال���ركاب‪ ..‬وأيق���ظ العج���وز ّ‬ ‫يف اخلل���ف‪ ..‬لكن���ه مل يس���تطع إيقاف الش���اعر‬ ‫الش���عيب ع���ن التغ���زل يف الناقة واجل���واد‪ ..‬متى‬ ‫ّ‬ ‫يكف شعراؤنا الشعبيون عن مديح اإلبل؟ كان‬ ‫يف�ت�رض أن تكون احلافلة أج���در باملديح‪ ..‬فهي‬ ‫حتم���ل س���تني راكباً عل���ى الكراس���ي الوثرية‪..‬‬ ‫ومك ّيف���ة‪ ..‬بينم���ا الناقة ال حتمل س���وى راكب‬ ‫واح���د ف���وق ذروة ناتئ���ة حتت صهد الش���مس‪..‬‬ ‫س���رعة احلافل���ة املنح���درة ت���زداد م���ع اق�ت�راب‬ ‫املنعطفات‪ ..‬يا س���اتر‪ ..‬خيطر ببالي أمر مرعب‪..‬‬ ‫أزيح طرف الس���تارة ببطء‪ ..‬ي���ا لطيف‪ !!..‬كما‬ ‫توقعت‪ ..‬الس���ائق غري موجود‪ ..‬يب���دو أنه اليزال‬ ‫منش���غ ً‬ ‫ال بش���راء الس���جائر وزجاج���ة امل���اء‪ ..‬أن���ا‬ ‫ّ‬ ‫ال���ركاب ش���يوخ‬ ‫ال أع���رف القي���ادة‪ ..‬معظ���م‬ ‫وقرويّ���ات‪ ..‬ه���ل أجابهه���م باحلقيق���ة املرعبة؟‬ ‫هذا س���يثري هلعه���م دون طائل‪ ..‬ص���وت داخلي‬ ‫(تش���ه ْ‬ ‫يق���ول لي‪َ :‬‬ ‫َّد وخّليه���ا عل���ى اهلل)‪ ..‬اهلل لن‬ ‫ين��� ّزل مالئكة م���ن الس���ماء إليق���اف احلافلة‪..‬‬ ‫رغ���م يقيين بأنه قادر على ذلك‪ ..‬فهذا ليس من‬ ‫والرب عل���ى كل حال مل خيلق‬ ‫ش���أن املالئكة‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫املالئكة أص ً‬ ‫ال لقيادة احلافالت‪ ..‬ينبغي أن نقود‬ ‫حافلتن���ا بأنفس���نا‪ ..‬مل َ‬ ‫يب���ق أمام���ي س���وى فتى‬ ‫ثعبان اهلاتف‪ ..‬س���أهمس يف أذنه‪ ..‬يا اهلل‪ ..‬ساقاه‬ ‫معدنيت���ان‪ ..‬املنعطف يق�ت�رب‪ ..‬احلا ّفة اجلبلية‬ ‫ُتفضي إىل الوادي الس���حيق املؤطر بالصخور‪..‬‬ ‫م���اذا أفع���ل؟ هل أث�ي�ر هلعهم؟ ه���ل أدوس على‬ ‫الكواب���ح؟ به���ذه الس���رعة اجلنونية س���تتقطع‬ ‫الكواب���ح‪ ..‬ه���ل أعطف املق���ود باجت���اه الصخور‬ ‫لعله���ا توق���ف احلافل���ة؟ س���تون راكب���اً لي���س‬ ‫فيهم من جييد القيادة‪ ..‬هل أتركهم يعيش���ون‬ ‫حلظاته���م األخرية بس�ل�ام؟ األش���جار وأعمدة‬ ‫الكهرباء مترق إىل اخللف‪ ..‬بعد قليل س���نطري‪..‬‬ ‫وحنّلق يف فض���اء الوادي‪ ..‬ألي���س عند أحدكم‬ ‫خي���ار آخر؟ املنعط���ف جيري حنونا‪ ..‬والش���اعر‬ ‫الشعيب ذو الصوت األجش اليزال ميتدح اإلبل!‬ ‫(‪)2012‬‬

‫‪13‬‬


‫‪14‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫بلقاسم‬ ‫من رواية ‪ .....‬حتت النشر‬

‫إبراهيم عثمونه‬

‫فتشوا يف وسط املدينة الثائرة‪ ,‬الكل يركض‬ ‫يف اجتاه���ات خمتلف���ة‪ ,‬والكل يطل���ق النار يف‬ ‫اجتاه���ات خمتلف���ة‪ ,‬وال���كل يُك�ب�ر‪ ,‬وال مكان‬ ‫ميك���ن أن يرتاحوا ويناموا فيه حتى س���اعات‪,‬‬ ‫وبع���د أن ق���رروا الن���وم يف الس���يارة‪ ,‬وج���دوا‬ ‫صدف���ة فندق خال من الن���زأل‪ ,‬كان صاحب‬

‫ ‪ ......‬أووووه‪.‬‬‫وهو يضع حقيبته يف صندوق السيارة ويركب قاصداً طرابلس‪ ,‬تذكر أنه مضى عليه ثالثة عشرة شهراً مل‬ ‫خي���رج من القرية‪ ,‬ب���ل مل يغادر حميط بيتهم‪ ,‬ما حدث كان كافياً ليبقيه حت���ى أكثر من ذلك‪ ,‬كان عاماً‬ ‫حاف ً‬ ‫ال بالفرح واحلزن معاً‪ ,‬ذكر ذلك ألخته وهو يدس حقيبته داخل الصندوق‪.‬‬ ‫منذ خروج أخوينا من السجن‪ ,‬مل أخرج من القرية‪ ,‬بل مل أغادر حتى حميط بيتنا‪.‬‬‫وهو يُرتب حاجياته يف الس���يارة‪ ,‬مر ش���ريط خروجهما يف دهنه يف حلظات‪ ,‬إستقبلهما هناك عند باب السجن‪,‬‬ ‫ومل يفاج���أ ح�ي�ن خرجوا له إثنان ولي���س ثالثة‪ ,‬فنبأ وفاة واحد منهم كان قد وصل���ه منذ فرتة‪ ,‬مل يعرف أي‬ ‫منهم الغائب‪ ,‬لكن أي يكن‪ ....‬املهم أنه واحد وليس أكثر‪ ,‬لذلك مل يسأهلما أين أخانا الثالث‪ ,‬فقط احتفى بهما‬ ‫وعانقهما حبرارة‪.‬‬ ‫كان خروجاً مفاجئا إثر حترير املدينة من حكم القذايف‪ ,‬والثوار املسلحني ونقاط التفتيش مزروعة يف كل‬ ‫مكان‪ ,‬والفنادق واحملالت مغلقة‪ ,‬لذلك مل جيد مكاناً ينام فيه ليلة أو ليلتني‪ ,‬قبل العودة لقريتهم‪.‬‬

‫الفندق يقف أمام بابه املغلق‪ ,‬سأله عن فندق‬ ‫قريب‪ ,‬أش���ار له على نهاية الش���ارع‪ ,‬ذهب إىل‬ ‫نهاية الشارع وعاد ومل جيد شيئاً مفتوحاً‪.‬‬ ‫وق���ف أم���ام صاحب الفن���دق الذي س���أله عن‬ ‫عدد من يريدون النوم معه‪ ,‬وعن جنسياتهم‪,‬‬ ‫وعن تعريفاتهم‪ ,‬وطالبهم بعدم اخلروج من‬

‫الفن���دق حتى الصب���اح‪ ,‬وأخفى س���يارتهم يف‬ ‫مرآب خلف الفندق‪ ,‬ودخلوا يف غرفة مظلمة‪.‬‬ ‫يف صب���اح غ���ادروا الفن���دق وطرابل���س إىل‬ ‫"غري���ان"‪ ,‬ومنها مضوا م���ع التحرير الزاحف‬ ‫جنوب���اً يوم بع���د يوم‪ ,‬وبعد ش���هر كان���وا ُهم‬ ‫والث���وار على ختوم القرية ال�ت�ي خرجوا منها‬ ‫قبل عمر من الزمن ش���باباً‪ ,‬وه���ا هم يعودون‬ ‫هل���ا يف هيئ���ة أخرى‪ ,‬أرس���لت أخته���م زغاريد‬ ‫متتالي���ة‪ ,‬إلخط���ار جاراته���ا بع���ودة أخوته���ا‪,‬‬ ‫وهرع���ت اجلارات على الفور مل���كان الزغاريد‪,‬‬ ‫واس���تمرت أختهم ومعها اجلارات طيلة ذلك‬ ‫األس���بوع يطلق���ن الزغاري���د من ح�ي�ن آلخر‪,‬‬ ‫إحتفا ً‬ ‫ال بعودتهم‪.‬‬ ‫وم���ا إن انته���ى االحتف���ال‪ ,‬وتفرق���ن اجلارات‬ ‫واح���دة بعد أخرى‪ ,‬وطفقوا األخوة يفتش���ون‬ ‫ويس���ألون بعضه���م البعض‪ ,‬حتى ش���رع املوت‬ ‫حُي ّض���ر نفس���ه للعمل داخ���ل البي���ت‪ ....‬املوت‬ ‫ال���ذي ال يراعي الظ���روف‪ ,‬وال يعطي فرصة‬ ‫أو ميه���ل م���ن فاتته���م الفرص���ة األوىل‪ ,‬وال‬ ‫يع���رف التأجي���ل أو االنتظ���ار حت���ى ألولئك‬ ‫الذين ُحس���بت عليهم احلياة وهم بني جدران‬ ‫الزنازين‪ ,‬أو حتى ألولئك الذين مل يستهلكوا‬ ‫م���ن احلي���اة س���وى كمي���ة كب�ي�رة وملوثة‬ ‫من اهلواء‪ ,‬أو حتى ألولئ���ك الذين مضت أيام‬ ‫عمره���م وال�ت�ي ُتعد بأالالف متش���ابهة تصل‬ ‫إىل حد التطابق‪ ,‬حني ال ختتلف ايام ش���تائها‬ ‫عن صيفها‪ ,‬س���وى يف حرها وقرها الشديدين‬ ‫داخ���ل الزنزان���ة‪ ,‬اب���داً مل مينحهم ه���ذا املوت‬ ‫فرصة اللع���ب واللهو يف احلي���اة الدنيا‪ ,‬كما‬ ‫كل الن���اس‪ ,‬ب���ل كان ينتظره���م عن���د باب‬ ‫السجن‪ ,‬حتى إذا خرجوا رافقهم إىل قريتهم‪,‬‬ ‫وهناك أخذهم يف غضون شهور‪.‬‬ ‫كل ذل���ك ومض يف رأس���ه يف حلظ���ات‪ ,‬وهو‬ ‫يدفع حقيبته إىل األمام‪.‬‬ ‫قب���ل أعوام ت���ويف وال���داه يف يوم�ي�ن متتالني‪,‬‬ ‫دفن اب���وه‪ ,‬ويف اليوم التالي دف���ن أمه‪ ,‬وها هو‬ ‫يدف���ن ما تبقى م���ن أخوته يف غضون أش���هر‪,‬‬ ‫ومل يبق���ى يف البي���ت مع���ه س���وى أخت���ه اليت‬ ‫كانت إىل جانبه وهو يغلق صندوق السيارة‪,‬‬ ‫ويتذكر كم مضى عليه ومل يغادر حميط‬

‫بيته���م‪ .‬أكد هلا أنه لن يتأخر‪ ,‬واش���ار هلا من‬ ‫نافذة الس���يارة وفات قاصداً طرابلس‪ ,‬س���عى‬ ‫قب���ل ذلك إلقناعها بالس���فر مع���ه لتغري اجلو‬ ‫احلزين الذي س���اد بيتهم بع���د توالي الوفيات‬ ‫فيه‪ ,‬مل ترغب أخته بالسفر‪ ,‬أذنت له‪ ,‬ووقفت‬ ‫عند الباب تودعه‪ ,‬وقفت حتى توارت س���يارته‬ ‫عنها‪ ,‬ول ّوحت له من بعيد‪ ,‬ول ّوح هلا‪.‬‬ ‫كلمه���ا‪ ,‬وجدها يف الطريق إىل املدرس���ة‪ ,‬مل‬ ‫جت���ب عليه‪ ,‬ال حتب بطبيعتها الرد واحلديث‬ ‫باهلات���ف يف الش���ارع‪ ,‬انتظ���رت حت���ى وصلت‬ ‫املدرس���ة واتصل���ت به‪ ,‬أوصاها أن تنش���ر خرب‬ ‫بيتهم وكل أمالكه���م للبيع بني زميالتها‪,‬‬ ‫ووعده���ا أن يك���ون عل���ى تواصل معه���ا طيلة‬ ‫األيام اليت سيقضيها يف طرابلس‪.‬‬ ‫ويف املدرس���ة أخربت هي زميالتها املدرس���ات‬ ‫عن نيتهم يف الرحيل من القرية إن ساعدتهم‬ ‫الظ���روف‪ ,‬س���ألوها م���اذا تع�ن�ي بالظ���روف‪,‬‬ ‫وأجابتهم إن وجدوا َمن يشرتي منهم بيتهم‪,‬‬ ‫ومن يبيع هلم بيت يف طرابلس‪ ,‬أو مكان آخر‬ ‫َ‬ ‫هناك‪ .‬كيف حيدث هذا‪ ,‬إذ مل حيصل ان باع‬ ‫واحد بيته ورحل‪ ,‬حتى أولئك الذين يرحلون‬ ‫كانوا يرتكون بيته���م كخط رجعة إن مل‬ ‫حيالفه���م احلظ هناك‪ ,‬ودعونه���ا للتفكري يف‬ ‫هذا القرار اخلاطئ‪ ,‬وزيّن هلا القرية‪ ,‬ودروبها‬ ‫وأزقته���ا‪ ,‬وبس���اطة أهله���ا‪ ,‬دون أن يعرفن أن‬ ‫أمر الرحيل بات أمراً واقعاً ال رجعة عنه‪.‬‬ ‫فتح زجاج الس���يارة مرات‪ ,‬ليط���رد هذا اجلوء‬ ‫الكئي���ب‪ ,‬ال���ذي تص���وره عالق���اً يف أركان‬ ‫صالونه���ا‪ ,‬وم���ع نهاية النهار وه���و يتقدم إىل‬ ‫قل���ب املدينة حبثاً عن فندق ين���ام فيه‪ ,‬اتصل‬ ‫بها‪ ,‬وطمأنها أنه وصل بسالم‪ ,‬أخربها كيف‬ ‫الزالت أث���ار التحرير على اجل���دران‪ ,‬والزال‬ ‫ش���يء من ذكريات العهد احلزي���ن‪ ,‬والزالت‬ ‫املدين���ه مل تتخل���ص بعد من فوض���ى الثورة‪,‬‬ ‫والزال املارة على األرصفة ميش���ون وبعضهم‬ ‫غري مصدق مل���ا حصل‪ ,‬لكن اجلميل واجلديد‬ ‫أن كل ش���يء يف طرابل���س ب���ات يفي���ض‬ ‫باحلياة‪ ...‬فوضى‪ ,‬لكنها حياة‪ ,‬أو حرية حتتاج‬ ‫فقط إىل ترتيب‪ ,‬كان يصف هلا املشهد الذي‬ ‫يراه أمامه‪ ,‬وهو يقود سيارته إىل داخل شوارع‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫‪15‬‬

‫منذ اليوم األول الذي خرجوا فيه أخوته من الس���جن‪ ,‬ويف الطريق وهو عائداً بهم صحبة احلدث اجللل الذي يصنعه‬ ‫الثوار الزاحفني جنوباً‪ ,‬ش���عر أن اس���تبدال مس���تقبل بآخر رمبا يكون هذا وقته‪ ,‬هذا الزلزال الذي يعصف بهم‪ ,‬ويعصف‬ ‫بكل شيء فيهم وحوهلم‪ ,‬الشيء قد ينجو منه‪ ,‬وإن غرساً جديداً قد يكون هذا مومسه‬ ‫وأزق���ة طرابلس‪ ,‬إىل فن���دق صغري قريب من‬ ‫ش���ارع "الكن���دي"‪ ,‬وهناك حتدث م���ع موظف‬ ‫االس���تقبال‪ ,‬وس���أله ع���ن صاح���ب الفن���دق‪,‬‬ ‫وأخربه أن���ه ومعه أخويه ج���اء هنا قبل أكثر‬ ‫من ع���ام‪ ,‬ووجد صاح���ب الفندق أم���ام الباب‪,‬‬ ‫ونام���وا معه ليلة يف غرفة مظلمة‪ ,‬ابتس���م يف‬ ‫وجهه املوظف‪.‬‬ ‫خذ ‪ -‬قال له املوظف ‪ -‬مفتاح غرفة مضاءة‪.‬‬‫وصعد ونام حتى الصباح‪.‬‬ ‫***‬ ‫خ���رج من بيته���م هذه املرة عل���ى أمل أن جيد‬ ‫ش���قة أو من���زل ارضي‪ ,‬أو م���كان يرحل له هو‬ ‫وأخت���ه ليقيم���ان في���ه بقي���ة عمره���م‪ ,‬خرج‬ ‫ليش�ت�ري بتمن بيته���م يف القري���ة اليت عاش‬ ‫فيه���ا أكثر من نص���ف العمر بيت���اً آخر‪ ,‬ويف‬ ‫م���كان آخر‪ ,‬خ���رج وهو الذي ح���دد يف يوم من‬ ‫األي���ام حت���ى م���كان ق�ب�ره يف مق�ب�رة القرية‪,‬‬ ‫س���يبيع الي���وم البي���ت وكل أمالكه���م‪,‬‬ ‫وس���يهدي مكان ق�ب�ره ألول ميت م���ن أقاربه‪,‬‬ ‫فه���و بع���د أن أقن���ع أخت���ه‪ ,‬عق���د الع���زم على‬ ‫ش���راء بيت آخر يعيش���ون فيه‪ ,‬ومستقبل آخر‬ ‫يعيش���ون له‪ ,‬وم���كان آخر ميوت���ون فيه‪ ,‬حتى‬ ‫خ���ال ألخته وه���و يقنعه���ا باهلجرة مع���اً إىل‬ ‫الش���مال‪ ,‬أنهم بفعلهم هذا س���يتخلصون من‬ ‫م���اض طويل حزين‪ ,‬وس���يرتكون يف القرية‬ ‫مس���تقبل طوي���ل كان م���ن املف�ت�رض أن‬ ‫يعيش���وه‪ ,‬صور هلا املس���تقبل كطابور طويل‬ ‫من األي���ام بيدأ من عند ب���اب البيت‪ ,‬ومتى ما‬ ‫غ�ي�روا البيت غ�ي�روا معه طاب���ور األيام اآلتي‪,‬‬ ‫واملاضي هو طابور آخر من األيام ملقى خلف‬ ‫ظه���ر البيت‪ ,‬ومتى ما غريوا بيتهم غريوا معه‬ ‫طاب���ور املاض���ي‪ ,‬وأن بق���اء البي���ت يف القري���ة‬ ‫والرحي���ل عنه إىل أي م���كان‪ ,‬يعين أن املاضي‬ ‫الزال موج���ود يف ظه���ر البي���ت‪ ,‬واحلن�ي�ن ل���ه‬ ‫أمر طبيعي‪ ,‬والعودة ل���ه أمر وارد‪ ,‬والطريقة‬ ‫الوحيدة للخالص منه‪ ,‬ه���و بيعه‪ ,‬حتى باتت‬ ‫ت���رى مثله‪ ,‬يف كل ركن م���ن البيت ذكرى‬ ‫غ�ي�ر مرغوب فيها‪ ,‬وم���ع كل وجه من وجوه‬ ‫أه���ل القري���ة أيضاً ذكرى‪ ,‬وع�ب�ر كل زقاق‬ ‫ودرب ذكريات‪ ,‬وما ع���اد البيت ملك مقدس‬ ‫كم���ا كان‪ ,‬وال القري���ة‪ ,‬وال أه���ل القري���ة‪,‬‬ ‫بعد أن صار كل ش���يء فيها حمرضاً كبرياً‬ ‫على اليأس‪ ,‬وال س���بيل للخالص سوى البيع‪,‬‬ ‫وشراء مكان آخر بأي مثن‪.‬‬ ‫منذ اليوم األول الذي خرجوا فيه أخوته من‬ ‫الس���جن‪ ,‬ويف الطريق وهو عائداً بهم صحبة‬ ‫احل���دث اجللل الذي يصنع���ه الثوار الزاحفني‬ ‫جنوباً‪ ,‬ش���عر أن استبدال مس���تقبل بآخر رمبا‬ ‫يكون ه���ذا وقته‪ ,‬ه���ذا الزلزال ال���ذي يعصف‬ ‫به���م‪ ,‬ويعص���ف ب���كل ش���يء فيه���م وحوهل���م‪,‬‬ ‫الش���يء قد ينجو من���ه‪ ,‬وإن غرس���اً جديداً قد‬ ‫يك���ون هذا مومس���ه‪ ,‬وي���وم توف���ى إخوته ومل‬ ‫يبق���ى يف البيت معه س���وى أخته‪ ,‬ص���ار البقاء‬ ‫عنده يعين انتظار املوت‪ ,‬والرحيل يعنى ترك‬ ‫م���اض غ�ي�ر مأس���وف علي���ه‪ ,‬فح���زم حقيبته‬ ‫الصغ�ي�رة وغ���ادر‪ ,‬عل���ى أمل أن يع���ود وحيزم‬ ‫كل حقائبه‪ ,‬ويعطي بيتهم والقرية واملاضي‬ ‫ظهره إىل األبد‪.‬‬ ‫يف الصباح وقب���ل أن تزدح���م طرابلس باملارة‬ ‫والس���يارات‪ ,‬هبط من الفندق وركب سيارته‬

‫وطف���ق جي���وب ش���وارعها‪ ,‬صع���د م���ع ش���ارع‬ ‫املختار حتى ميدان الشهداء‪ ,‬ومال ناحية حي‬ ‫الظه���رة‪ ,‬ومنه إىل زاوي���ة الدهماني‪ ,‬وما بعد‬ ‫الدهماني إىل بن عاش���ور‪ ,‬وميدان القادس���ية‪,‬‬ ‫كان���ت الناس والس���يارات الزال���ت تنزل إىل‬ ‫الش���وارع ش���يئاً فش���يئاً‪ ,‬وأش���عة الش���مس هي‬ ‫األخ���رى تنزل���ق من ح�ي�ن آلخر عل���ى زجاج‬ ‫س���يارته‪ ,‬وه���و ماض عل���ى غري ه���دى يتفقد‬ ‫ج���دران املدين���ة‪ ,‬وال ش���يء يف باله س���وى انه‬ ‫جي���وب طرابل���س‪ ,‬إىل ان وج���د س���يارته أمام‬ ‫حطام كبري‪ ,‬فوقف!‪...‬‬ ‫كل ش���يء يف طرابل���س كان يكف���ي ان متر‬ ‫جبانب���ه ل�ت�راه‪ ,‬كان يكف���ي أن تلق���ي علي���ه‬ ‫نظرة س���ريعة من وس���ط س���يارتك لرتاه‪ ,‬أو‬ ‫كان���ت تكفيه لفتة‪ ,‬لكن ه���ذا احلطام الكبري‬ ‫ل���ن تكفيه لفتة‪ ,‬وال نظ���رة‪ ,‬وال حتى الوقوف‬ ‫عن���ده‪ ,‬والنظ���ر له لي���وم أو ألي���ام‪ ,‬كان على‬ ‫كل ِش�ب�ر من هذا اخلراب اس���م مدينة‪ ,‬نعم‪,‬‬ ‫كل أو ُجل مدن ليبيا أس���رعت ودونت امسها‬ ‫علي���ه‪ ,‬لتقول أنها ش���اركت يف اإلطاحة بهدا‬ ‫العمل الذي بنته القبائل واجلهات يوماً‪.‬‬ ‫ركن سيارته وهبط عنها‪ ,‬ووقف يف مواجهة‬ ‫ه���ذه اجلدران اخلرس���انية املطروح���ة أرضاً‪,‬‬ ‫ه���ذه األك���وام األمسنتة ال�ت�ي ال تصلح‪ ,‬هذا‬ ‫اخل���راب اجلمي���ل‪ .‬كان���ت عب���ارات ال حصر‬ ‫هل���ا عل���ى كل طوب���ة‪ ,‬وكانت أمس���اء مدن‬ ‫وأشخاص بأوضاع ش���تى‪ ,‬وكانت تواريخ‪ ,‬أو‬ ‫كان تاريخ‪.‬‬ ‫ال���كل ج���اء إىل ه���ذا امل���كان لي���دون خاط���رة‪,‬‬ ‫أو وع���د ‪ ,‬أو أم���ل‪ ,‬أو اس���م‪ ,‬فتلفت ه���و اآلخر‬ ‫ميين���اً ومش���ا ً‬ ‫ال يبح���ث ع���ن ش���يء يكت���ب به‪,‬‬ ‫إىل أن وج���د قطع���ة فح���م‪ ,‬أخذه���ا وكت���ب‬ ‫ق���و ً‬ ‫ال حيس���به لـ"حممود دروي���ش" على بقية‬ ‫ً‬ ‫جدار‪" ,‬سنكون ش���عبا عندما ال نستمع لصوت‬ ‫القبيلة" ث���م أضاف وكتب "بلقاس���م عثمان‬ ‫يف ‪ ,"15/10/2012‬ورس���م دائرة حول امسه‬ ‫وما قاله درويش‪ ,‬وصع���د بعدها فوق كومة‬

‫اجلدار‪ ,‬ومد بصره إىل أقصى حدود املعس���كر‬ ‫الواقع على األرض‪ ,‬كانت من أمجل املشاهد‬ ‫ال�ت�ي ش���اهدها يف حياته‪ ,‬ومن أمجل املش���اهد‬ ‫ال�ت�ي سيش���اهدها يف حيات���ه‪ ,‬كان حطام���اً‬ ‫كب�ي�راً يس���اوي حط���ام اربع�ي�ن ع���ام‪ ,‬كان‬ ‫ذلك هو "معس���كر ب���اب العزيزية"‪ ,‬أو "كتيبة‬ ‫إحمم���د"‪ ,‬أو حت���ى "الكتيب���ة" وحس���ب‪ ,‬كما‬ ‫ُعرفت يف نهاية عمرها‪.‬‬ ‫مل ياتي بلقاس���م مرة لـ طرابلس‪ ,‬إال ومر من‬ ‫هنا وم���د بصره م���ع جدارها العال���ي‪ ,‬ووضع‬ ‫تصوراً لداخلها‪ ,‬لكنه مل يتصور أن يقف يوماً‬ ‫منشرح الصدر على خرابها‪.‬‬ ‫وبعد اكثر من نصف س���اعة‪ ,‬استعرض فيها‬ ‫اطالل العسف واجلور والزور‪ ,‬عاد وهبط إىل‬ ‫س���يارته اليت مللم منه���ا بقايا وفضالت طريق‬ ‫البارح���ة‪ ,‬ووضع���ه يف كي���س وربط���ه جيداً‪,‬‬ ‫ورماه على ركام الكتيبة‪.‬‬ ‫كانت مأذنة جامع القدس على س���طح مرآة‬ ‫س���يارته‪ ,‬ح�ي�ن ف���ات وخلف أك�ب�ر حطام يف‬ ‫تاريخ ليبي���ا‪ ,‬ومع أول جزي���رة دوران دار إىل‬ ‫اليس���ار‪ ,‬وقبل أن يصل نادي "األحتاد" ظهرت‬ ‫على يس���اره حمطة وقود كان يف حاجة هلا‪,‬‬ ‫بع���د أن نزحت طريق األمس خزان س���يارته‪,‬‬ ‫فمش���ى حت���ى اإلش���ارة الضوئي���ة‪ ,‬وع���اد مع‬ ‫الطريق املزدوج للمحطة‪ ,‬حاذته على اليمني‬ ‫حديق���ة‪ ,‬أدر هلا وجهه وس���يارته متش���ي على‬ ‫مهل‪ ,‬كانت أش���جار وقوائ���م معدنية صنعت‬ ‫ألعاب���اً بس���يطة لألطفال‪ ,‬وهن���اك عند زاوية‬ ‫احلديقة جسر للمش���اة‪ ,‬وقفت حتته سيارته‬ ‫لوحده���ا‪ ,‬يف حني كان ه���و ضائعاً يف حديقة‬ ‫حيس���ب نفس���ه يعرفها أكثر من كل هؤالء‬ ‫الناس‪ ,‬ثم دارت عجالت سيارته ونظره الزال‬ ‫عالقاً يف أرجاء احلديقة‪ ,‬وبهدوء دخل بها إىل‬ ‫حمطة الوقود‪ ,‬مأل اخلزان‪ ,‬وعاد إىل اإلش���ارة‬ ‫الضوئي���ة‪ ,‬ال�ت�ي أعطت���ه الض���وء لي���دور على‬ ‫اليس���ار وحي���اذي احلديقة من جه���ة أخرى‪,‬‬ ‫مش���ى وه���ي عل���ى يس���اره‪ ,‬ويف مكان م���ا مال‬

‫بس���يارته إىل اليم�ي�ن‪ ,‬وركنه���ا على رصيف‬ ‫املش���اة ون���زل منه���ا‪ ,‬وه���رول ب�ي�ن الس���يارات‬ ‫املسرعة‪ ,‬وقطع الطريق املزدوج الذي يفصله‬ ‫عن احلديقة‪ ,‬وهناك على جانبها‪ ,‬كان يقف‬ ‫مقه���ى صغ�ي�ر عل���ى زواي���ا وجدران خش���بية‬ ‫ليل�ب�ي طلب���ات خفيف���ة للمارة‪ ,‬أخذ بلقاس���م‬ ‫كرس���ي وطاولة وطلب فنجان قهوة‪ ,‬وحني‬ ‫ع���اد الن���ادل بطلبه وج���ده قد ت���رك الطاولة‬ ‫ودخل إىل احلديقة‪ ,‬وضع له قهوته‪ ,‬وتركه‬ ‫هناك بني األشجار‪.‬‬ ‫ه���ذه احلديق���ة املأخ���وذة عل���ى ش���كل مربع‪,‬‬ ‫وتقتطع هكتارات من مس���احة ح���ي "باب بن‬ ‫غش�ي�ر"‪ ,‬مل تك���ن حتى وق���ت قريب ج���زء من‬ ‫احل���ي‪ ,‬ومل يألفها س���كانه إال مؤخراً‪ ,‬كربت‬ ‫اش���جارها ومل تدوس���ها أقدام اجل�ي�ران إال يف‬ ‫الس���نوات األخرية‪ ,‬كانت أش���جارها متناثرة‬ ‫بشكل عش���وائي‪ ,‬حيث تكثفت يف مكان وغابت‬ ‫يف آخ���ر‪ُ ,‬رصف داخله���ا مبم���رات‪ ,‬واصطفت‬ ‫على جانب كل ممر مقاعد امسنتية‪ ,‬ووقف‬ ‫يف وسطها جمسم بارتفاع مخسة أمتار‪ ,‬مأله‬ ‫الثوار بكتابات عن ش���خص امسه أكرم‪" ,‬لن‬ ‫ننساك يا أكرم" و "أكرم البطل" و "الشهيد‬ ‫أكرم" و "رمحك اهلل ي���ا أكرم" و "إىل اللقاء‬ ‫يف اجلنة يا أكرم"‪ ,‬تلفت بلقاس���م حوله‪ ,‬عّله‬ ‫جيد أحد يخُ ربه عن أكرم البطل هذا‪ ,‬وحني‬ ‫مل جي���د أحد‪ ,‬مش���ى عن���ه وهو يتصوره ش���اباً‬ ‫وس���يماً َ‬ ‫قات���ل كتائ���ب الق���ذايف يف احلديقة‪,‬‬ ‫واستش���هد بني هذه األش���جار‪ ,‬وتقدم بلقاسم‬ ‫حت���ى ألع���اب األطف���ال ث���م ع���اد لطاولته يف‬ ‫اجلهة األخ���رى للحديقة‪ ,‬وقهوته اليت بردت‬ ‫عل���ى الطاول���ة‪ ,‬مل يتأخ���ر الن���ادل حني وقف‬ ‫ليس���أله إن كان يرغ���ب يف جتدي���د قهوته؟‪,‬‬ ‫لك���ن بلقاس���م مل ي���رد علي���ه‪ ,‬إذ كان حينه���ا‬ ‫مش���ى عن الطاولة هذه امل���رة بعيداً‪ ,‬ليس إىل‬ ‫داخ���ل احلديقة‪ ,‬ب���ل إىل مس���افة ثألثني عام‬ ‫مضت‪.‬‬


‫‪16‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫قراءة يف رواية‬

‫الدستور اجلديد‬

‫يوميات زمن احلشر‬ ‫الناجي احلربي‬ ‫رواي���ة "يومي���ات زم���ن احلش���ر " ه���ي‬ ‫موضوع���ة واقعي���ة تتن���اول مرحل���ة‬ ‫تارخيي���ة مميزة ‪ ،‬كان الوعي فيها ليس‬ ‫على درجة عالية ‪ ،‬أي أنه ليس متكام ً‬ ‫ال ‪،‬‬ ‫ما جع���ل املؤلف خيتار بؤر ثقافية معينة‬ ‫وهي جامعة بنغازي ‪ ،‬كما اختار أبطاله‬ ‫من السنوات األخرية للمرحلة اجلامعية‬ ‫‪ ،‬ومن الذين مارسوا العمل السياسي قبل‬ ‫انقالب س���بتمرب عام ‪ ، 1969‬لعل السبب‬ ‫يع���ود يف ذل���ك إىل احلال���ة ال�ت�ي ُفرضت‬ ‫آنذاك من تعتيم وسيطرة إعالم العسكر؛‬ ‫يف ه���ذه الرواي���ة " يوميات زمن احلش���ر"‬ ‫جن���د أن معظم أبط���ال الرواي���ة اختريوا‬ ‫مب���ا يتناس���ب ونس���ق األح���داث ‪ ،‬فلي���س‬ ‫هن���اك بط���ل حم���دد ؛ وإن كان���ت ه���ذه‬ ‫الرواية تنتمي إىل نوع الرواية التارخيية‬ ‫إّ‬ ‫ال أنها ُ‬ ‫كتب���ت لليبيني خبالف اخلمس‬ ‫رواي���ات اليت كتبها الدكت���ور الروائي "‬ ‫صاحل السنوسي" وهي ‪:‬‬

‫صاحل السنوسي‬ ‫متى يفيض الوادي‬‫غداً تزورنا اخليول ‪.‬‬‫لقاء على اجلسر ‪.‬‬‫سرية آخر بين هالل ‪.‬‬‫حلق الريح ‪.‬‬‫ومجيعه���ا متهم���ة بأنه���ا كتب���ت خ���ارج‬ ‫احل���دود فيم���ا ع���دا رواية " حل���ق الريح"‬ ‫ال�ت�ي المس���ت الواق���ع اللي�ب�ي ؛ غ�ي�ر أن‬ ‫الق���ارئ هل���ذه الرواي���ة " يومي���ات زم���ن‬ ‫احلش���ر" تتضح له بأنه���ا كتبت له ومنه‬ ‫وعن���ه حيث تتوف���ر فيها عناص���ر الزمان‬ ‫واملكان وكذلك الش���خوص الذين أجزم‬ ‫بأن أغل���ب اجملايلني هل���م يعرفونهم وإن‬ ‫كان���ت االمس���اء منتحل���ة أو مس���تعارة‬ ‫؛ كم���ا أن عنص���ر االيدلوجي���ا ال���ذي‬ ‫اكتن���ف الرواي���ة وبل���ور اهلوي���ة األدبية‬ ‫واخلصوصية الليبية يتوفر بشكل جلي ‪،‬‬ ‫فهي – إذاً‪ -‬رواية ليبية من حيث املوضوع‬ ‫والتعبري عن اإلحساس كالقهر والظلم‬ ‫واإلحب���اط واجل���ور والطغيان وانكس���ار‬ ‫األم���ل ‪ ،‬وه���ي مس���تمدة م���ن الرتاك���م‬ ‫التارخيي للواقع اللييب ‪.‬‬ ‫بالرغ���م م���ن أن الزم���ن يف الرواي���ة يبدأ‬ ‫م���ن ع���ام ‪ 1976‬م وينته���ي ع���ام ‪2006‬‬ ‫مإ ّ‬ ‫ال أن�ن�ي أحسس���ت بأن���ه بدأ قب���ل ذلك‬ ‫بكث�ي�ر ‪ ،‬فث���ورة الط ّ‬ ‫الب ع���ام ‪1976‬م مل‬ ‫ت���أت إال مبقدمات تارخيي���ة مهمة منها ‪:‬‬ ‫نكس���ة عام ‪1967‬م وأثرها الس���ليب على‬

‫احلالة العربية وم���ا نتج عنها من رفض‬ ‫للحكوم���ات اجلائ���رة وتطل���ع الش���عوب‬ ‫العربي���ة إىل التح���رر م���ن س���لطة حكم‬ ‫الف���رد ؛ يض���اف إىل ذلك االنكس���ار الذي‬ ‫ح���دث عق���ب انق�ل�اب س���بتمرب ‪1969‬م‬ ‫حي���ث الت���ف الش���عب اللي�ب�ي ح���ول ه���ذا‬ ‫االنق�ل�اب ظن���اً من���ه أن���ه س���يليب حاجته‬ ‫للتح���رر وحرية الرأي وحتقيق ما فقده‬ ‫اإلنس���ان العربي من كرامة بعد هزمية‬ ‫ع���ام ‪ 1967‬م غري أن النظام ّ‬ ‫كش���ر عن‬ ‫نواياه مبكراً عندما ج��� ّز بعدد مأهول من‬ ‫املثقفني واألدباء‬ ‫بتهم���ة اعتناق مبادئ املاركس���ية مطلع‬ ‫س���بعينيات الق���رن العش���رين ‪ ،‬إىل جانب‬ ‫تقلي���م أظاف���ر الضب���اط الذي���ن كان���وا‬ ‫يتطلع���ون إىل ثورة حقيقي���ة تعمل على‬ ‫ترس���يخ احلرية والوحدة واالشرتاكية‬ ‫‪ ،‬تل���ك الش���عارات ال�ت�ي قامت م���ن أجلها‬ ‫ثورة سبتمرب ثم احنرف بها عن أهدافها‬ ‫قائده���ا األوح���د وصقره���ا الوحيد ملك‬ ‫املل���وك امل�ل�ازم معم���ر الق���ذايف وظل���ت‬ ‫جم���رد خط���اب إعالمي أج���وف متكرر ‪..‬‬ ‫وهل���ذا اخت���زل الكات���ب روايت���ه يف الفرتة‬ ‫املمت���دة م���ن ‪1976‬م – ‪2006‬م ع�ب�ر‬ ‫الزم���ن الداخلي للرواي���ة دون أن يفقدنا‬ ‫اإلحساس بالزمن احلقيقي واملعاناة اليت‬ ‫عاش���ها أبط���ال روايت���ه بتنوع ش���رائحهم‬ ‫االجتماعي���ة وانتماءاته���م الفكري���ة‬ ‫وأعماره���م ومواقع أمكنته���م اجلغرافية‬ ‫رغ���م الف�ت�رة الطويل���ة املمت���دة لزم���ن‬ ‫الرواية ‪ .‬وهذا ما يتضح بش���كل مباشر يف‬ ‫روايتنا اليت بني أيدينا ‪ ،‬إذ تتتابع األحداث‬ ‫اليت ط���رأت على النظ���ام أو فرضها على‬ ‫حي���اة اجملتمع ‪ ،‬ما أثر يف س���لوك األفراد‬ ‫ومشل���ت الكث�ي�ر م���ن القيم مب���ا يف ذلك‬ ‫قيم���ة احل���ب واليت أش���ار إليه���ا الروائي‬ ‫ضمن متطلبات الرواية لئال تبقى س���رداً‬ ‫تارخيياً مم ً‬ ‫ال وليس���ت رواية يتوفر فيها‬ ‫عنص���ر التش���ويق ‪ ..‬وه���ذا م���ا نلمس���ه يف‬ ‫حكاي���ة " س���لوى عبدالقادر" ابنة األس���رة‬ ‫الثري���ة يف بنغ���ازي اليت حت���ب زميلها يف‬ ‫كلي���ة احلقوق وه���و أحد قي���ادات احتاد‬ ‫الطلب���ة لينته���ي ب���ه املص�ي�ر إىل احلك���م‬ ‫علي���ه باإلعدام ؛ لك���ن املفارق���ة العجيبة‬ ‫أن تت���زوج " س���لوى" من أحد ق���ادة األمن‬ ‫الذي���ن يش���رفون عل���ى عملي���ات اغتي���ال‬ ‫املعارضني خارج البالد ‪ ،‬فتعيش معه بني‬ ‫لندن وجنيف ‪ ،‬لكن ش���قيقها الذي أصبح‬ ‫أح���د أعضاء املعارضة يف اخلارج يس���قط‬

‫صريعاً على مائدة العشاء جبانبها يف أحد‬ ‫مطاعم روم���ا على يد إح���دى فرق املوت‬ ‫اليت يبعث بها النظام لتصفية معارضيه‬ ‫يف أورب���ا ‪ ..‬إىل آخ���ر القصة وم���ا يرتبط‬ ‫بها م���ن تداعيات نفس���ية وس���يكولوجية‬ ‫تضفي على الرواي���ة روح اإلثارة ‪ ،‬عالوة‬ ‫عل���ى أن الروائ���ي " ص���احل السنوس���ي "‬ ‫اس���تعان ب���األدب وه���ذا مطلب من ش���أنه‬ ‫يرس���خ مب���دأ الثقافة كالش���عر ً‬ ‫مث�ل�ا ‪..‬‬ ‫وقد أتقن عملية الربط بني الشخصيات‬ ‫واإلس���قاطات الثقافية وكذلك األمثلة‬ ‫الش���عبية واحلوارات العامية اليت شرحها‬ ‫بتفصيل ال ملل فيه ‪.‬‬ ‫يض���اف إىل ذل���ك أن الكات���ب مل حيف���ل‬ ‫كث�ي�راً مبقدم���ة لروايت���ه ومل حيرص‬ ‫عليه���ا ‪ ،‬إال أن���ه اقتح���م ع���امل الرواي���ة‬ ‫بطاب���ور طوي���ل م���ن الرج���ال املختلف���ي‬ ‫األعم���ار م���ن الطلبة واحملام�ي�ن والتجار‬ ‫ورج���ال االعم���ال ‪ ،‬واعتمد عل���ى خلفية‬ ‫التذك���ر وكس���ر رتاب���ة الس���رد وجعل‬ ‫زمن الشخصيات زمناً مفتوحاً متحركاً‬ ‫عرب الرتتيب الفين ملشاعر كل شخصية‬ ‫وظروفها وتفاعالتها مع الواقع ‪ ،‬وأرجح‬ ‫أن الكات���ب كان يقص���د ذل���ك حت���ى ال‬ ‫تصب���ح ق���راءة املقدم���ة بدي ً‬ ‫ال ع���ن قراءة‬ ‫منت الن���ص ‪ ..‬ع�ل�اوة على أنه���ا حماولة‬ ‫جادة لتوثيق م���ا تعانيه وما تعيه ذاكرة‬ ‫األجيال الليبي���ة طوال أربعة عقود حتت‬ ‫ربقة حكم جائر ‪.‬‬ ‫وه���ي ليس���ت تارخي���اً مبعنى تاري���خ وإن‬ ‫توف���رت فيه���ا أدوات الكتاب���ة التارخيي���ة‬ ‫بش���كل غ�ي�ر واض���ح ‪ ،‬لكنه���ا رواي���ة تؤرخ‬ ‫وت���زاوج ب�ي�ن الواق���ع واملتخي���ل ‪ .‬وأكاد‬ ‫أج���زم عل���ى أق���ل تقدي���ر أن أبن���اء جيلي‬ ‫والذي���ن عاص���روا أح���داث الس���ابع م���ن‬ ‫أبريل م���ن عام ‪1976‬م املريعة ‪ ،‬يعرفون‬ ‫ش���خوص الرواي���ة وإن كان���ت بأمس���اء‬ ‫مس���تعارة ‪ ،‬فأحداثها تلتص���ق بالذاكرة‬ ‫وهي تتناول مرحلة هي األس���وأ يف تاريخ‬ ‫الشعب اللييب ‪ ،‬إذ من نتائجها أن استطاع‬ ‫النظ���ام تكمي���م األفواه وكت���م األنفاس‬ ‫ولو إىل حني ‪..‬‬ ‫وعل���ى الرغ���م م���ن تنص���ل الكات���ب م���ن‬ ‫املس���اءلة التارخيي���ة إ ّ‬ ‫ال أن���ه مل يس���تغن‬ ‫ع���ن الص���دق التارخيي ‪ ،‬حي���ث زاوج بني‬ ‫الص���دق التارخيي والف�ن�ي ‪ ،‬وهلذا فإنين‬ ‫كمتلق���ي وكق���ارئ ال أطل���ب من���ه‬ ‫االلتزام الدقيق واحلريف بأحداث التاريخ‬ ‫ألن عمله يكتس���ب الصبغ���ة األدبية أو ً‬ ‫ال‬ ‫النابع من خياله املبدع ‪.‬‬ ‫م���ا ش��� ّد انتباه���ي يف الرواية ه���و انصاف‬ ‫الكات���ب لبع���ض اجلالدي���ن حينم���ا أورد‬ ‫تفننه���م يف أل���وان التعذي���ب ‪ ،‬فعلى حنو‬ ‫تصويره احلريف ملظاهر معاناة الس���جناء‬ ‫نراه يواصل وصفه لواقع اجلالدين كما‬ ‫ل���و أنه عدس���ة تصوير ‪ ،‬فيحق���ق التوازن‬ ‫بني التحليل والسرد والوصف ودرء امللل‬ ‫ع���ن املتلق���ي ‪ ،‬فعلى اجلان���ب اآلخر نرى‬ ‫اجل�ل�اد الدموي يس���تمتع بإراق���ة الدماء‬ ‫وكس���ر العظام وإرهاق الس���جناء نفسياً‬ ‫به���دف زرع اخلوف السياس���ي الناتج عن‬ ‫قمع الس���لطة السياسية ألصحاب الرأي‬ ‫املخال���ف ‪ ،‬ورمب���ا ولد من ه���ذا النمط ما‬ ‫يعرف بأدب السجون ‪..‬‬

‫ساملة شنيب‬ ‫اآلن وبعد عدة ش���هور مرت عل���ى إنتخاب املؤمتر الوطين‬ ‫مل يزل املؤمتر الوطين يف حريته لتكوين اهليأة التأسيس���ية‬ ‫لصياغة الدستور‪ !...‬وهنا ختطر على بالي عدة إستفسارات‬ ‫وال أع���رف إن كانت خطرت على بال الكثري من الليبيني و‬ ‫بال���ذات من أعضاء املؤمتر الوطين هذه اإلستفس���ارات منها‬ ‫ما يلي‪:‬‬ ‫ملاذا ال يتم اعتماد الدستور اإلستقالل و الصادر عام ‪1951‬‬ ‫خصوص���ا انه يف حينها كان يعد دس���تورا متكامال جدا بل‬ ‫م���ن أفضل الدس���اتري حيث أنه اس���توفى و وف���ى كل ماهو‬ ‫مطلوب وضعه فى دستور ‪.‬‬ ‫مل���اذا ال ننطل���ق من ه���ذا املنطلق م���ع القي���ام بإدخال بعض‬ ‫التعدي�ل�ات وال�ت�ي تتطلبها ليبيا اجلديدة و الش���عارات اليت‬ ‫طرحته���ا ثورة ‪ 17‬فرباي���ر اجمليدة و ال���ذي يتطلب بدون‬ ‫شك إلغاء و تعديل بعض املواد مبا يتناسب و يتماشى معنا‬ ‫االن و موازيا ملتطلبات العصر‪.‬‬ ‫ه���ل من املعق���ول و حنن لنا هذا الزخم الدس���توري أن نبدأ‬ ‫من الصفر و كاننا ليس لنا تراث اواس���اس و نبدأ يف اعداد‬ ‫دستور جديد ‪ .‬اثناء ‪ 42‬عام من حكم الطاغية مل يكن لدينا‬ ‫دس���تور ينظم احلياة وذلك حتى يتسنى له السيطرة على‬ ‫كافة البالد وإلغاء كل السلطات التنفيدية والتشريعية‬ ‫و القضائ���ي‪ .‬و ال يعط���ي اي فرص���ة الي س���لطة تف���وق‬ ‫س���لطته و هيمنته و حتى ميارس جنونه و س���اديته بش���كل‬ ‫مطلق و بدون أي قيود او رقيب عليه‪.‬‬ ‫نستطيع أن نستعمل هذا الدستور لصياغة تشكيل دستورنا‬ ‫اجلديد‪ .‬بإمكاننا أن نبدأ من حيث انتهى اجدادنا الس���ابقني‬ ‫و لكي يتم هذا جيب ان يتم األخذ بعني االعتبار التعديالت‬ ‫الضرورية و اليت حتتوي و تعرف حدود الس���لطات الثالثة‬ ‫و اليت س���تحدد حقوق و واجب���ات كل املواطنني و االحزاب‬ ‫و املنظم���ات اجملتم���ع املدني و االم���ن و البوليس و اجليش‬ ‫‪......‬إخل‬ ‫فم���ن اهم امل���واد اليت يوجب تعديلها يف الدس���تور اجلديد‬ ‫هي اوال حتديد نوع النظام س���واء كان النظام مجهوري او‬ ‫مجهوري رئاس���ي او مجهوري برملاني والذي س���تكون عليه‬ ‫دولة ليبيا اجلديدة‬ ‫و م���ن رأي���ي يف ه���ذا اخلصوص إن أح���د أهم النق���اط اليت‬ ‫مل يتعرض هلا دس���تور االس���تقالل هو االعرتاف باالثنيات‬ ‫االصلية املختلفة جملتمعنا اللي�ب�ي حيث ان اجملتمع اللييب‬ ‫هو نسيج اثين و ثقايف متعدد‬ ‫والرتكيز على أن اجملتمع اللييب على أن اجملتمع اللييب‬ ‫هو نس���يج لعدة إثني���ات عرقية تلتقي كلها حتت مس���مى‬ ‫ليبيا اجلديدة‬ ‫اىل جان���ب ذلك ضروري أخذ اعتب���ار االثنية و االعرتاف‬ ‫باالثني���ة و اخت�ل�اف االع���راق ف���اىل جان���ب الع���رب هناك‬ ‫االمازي���غ و الطوارق و التبو جي���ب االعرتاف حبقوق مجيع‬ ‫االع���راق يف اجملتمع حبيث يتماش���ى الدس���تور اجلديد مع‬ ‫اجلمي���ع فال يطغى حقوق عرق على اخر او حزب على اخر‬ ‫و ض���رورة املناداة بالتعددية احلزبي���ة و اللغوية و الثقافية‬ ‫و اعط���اء اللغة االمازيغية حقوقه���ا كامال بان تدرس و ان‬ ‫تكون لغة رمسية‬ ‫بالعودة اىل موضوع الدستور اللييب لالستقالل الصادر عام‬ ‫‪ 1951‬بالنظر لدستور الواليات املتحدة االمريكية‬ ‫و ه���و يعد اقدم دس���تور مكتوب غري منقطع االس���تعمال يف‬ ‫الع���امل و صحيح انه دس���تور غري م���رن اي ال ميكن تعديله‬ ‫بسهوله و ذلك نظرا ألهميته‪.‬‬


‫‪17‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫خواطر يف عيد الثورة الليبية‬ ‫يف مثل هذه االيام منذ عامني التحمت مشاعر الغضب ضد الظامل وتفجر الشوق للحرية والعدالة وتعطرت‬ ‫األرض بدماء الشهداء وبزغت مشس احلرية من الشرق لتعانقها جباه الصامدين يف مصراتة والزاوية وجبل‬ ‫أبي‪.‬‬ ‫نفوسة وزواره وطرابلس ويف كل بيت لييب ّ‬

‫فتحي رجب العكاري‬

‫وحن���ن نس���تقبل ه���ذه الذك���رى العط���رة‬ ‫علين���ا أن نرتح���م على أرواح مجيع الش���هداء‬ ‫الذي���ن مل يفكروا يف دنيا وال مت���اع وال عودة‬ ‫إىل االهل ب���ل اصطفوا يف طواب�ي�ر اجلنة يف‬ ‫س���اعات ال يع���رف فيها احد كيف س���تنتهي‬ ‫االمور ولس���ان حاهلم بق���ول" مرحب باجلنة‬ ‫ج���ت تدن���ى"‪ ،‬كم���ا نتض���رع إىل اهلل العل���ي‬ ‫القدي���ر أن يش���في جرحان���ا ومرضان���ا وأن‬ ‫يله���م الص�ب�ركل مكلومين���ا وأن يؤلف بني‬ ‫قلوبن���ا ويوح���د صفوفن���ا وأن ينصرن���ا على‬ ‫الق���وم الضال�ي�ن و يعيد ه���ذه الذكرى علي‬ ‫مجي���ع أبناء ليبي���ا كل عام باخل�ي�ر واليمن‬ ‫والربكات‪.‬‬

‫حصاد العام األول‬

‫لو نظرنا بتعقل إىل الوضع العام يف ليبيا‬ ‫خالل العام املنصرم لوجدنا مكاس���ب كبرية‬ ‫حتققت يف غياب مؤسسات الدولة التقليدية‬ ‫فالب�ل�اد كانت يف امان رغم غياب الش���رطة‬ ‫واجليش من املش���هد الع���ام ومظاهر العنف‬ ‫بدأت يف االختفاء من الشارع بالتدريج وهذه‬ ‫االمور يف العادة تقاس بالقياس على مناطق‬ ‫أخ���رى مش���ابهة مث���ل الع���راق والصوم���ال‬ ‫ومص���ر وتون���س‪ .‬مجي���ع مؤسس���ات التعليم‬ ‫والتعلي���م العال���ي ع���ادت إىل العم���ل بأقصى‬ ‫طاقته���ا وإنتاج النفط عاد ألعلى مس���توياته‬ ‫بأياد ليبي���ة‪ .‬كما مت انتخاب املؤمتر الوطين‬ ‫العام وانتقلت السلطة بسالسة إىل احلكومة‬ ‫املؤقتة‪.‬‬ ‫وإن كان لدينا مشكلة فهي من صنع ايدينا‬ ‫فالكث�ي�رون من���ا ال زال���وا ينام���ون يف جالبية‬ ‫الطاغية وحيلم���ون باجنازات ال يعملون من‬ ‫أجلها بل يف كثري من األحيان ال حيركون‬ ‫س���اكنا؛ ه���ذا إذا مل يش���اركوا يف تعطي���ل‬ ‫حرك���ة التق���دم بب���ث اإلش���اعات والفنت أو‬ ‫املطالبة بأشياء تعجيزية‪.‬‬

‫استحقاقات العام القادم‬

‫م���ع إطاللة العام الثان���ي بعد النصر تلوح يف‬ ‫األفق بع���ض االس���تحقاقات املصريية ومنها‬ ‫على الصعيد السياس���ي اختيار جلنة صياغة‬ ‫الدس���تور وحمط���ات اإلس���تفتاء عل���ى أب���رز‬ ‫معامل الدس���تور ثم االس���تفتاء عليه بالكامل‬ ‫مرورا مبراحل الصياغة ومداوالتها‪ .‬ثم يلي‬ ‫هذا صدور تش���ريع بالعزل السياس���ي خارج‬

‫الش���باب حن���و االنتاج والعمل احل���ر من أجل‬ ‫تنويع مصادر الدخل القومي‪.‬‬ ‫وعل���ى صعي���د األم���ن حتت���اج الدول���ة إىل‬ ‫تفعي���ل واس���تحداث وح���دات عصري���ة يف‬ ‫جماالت اجليش والش���رطة وحرس احلدود‬ ‫وذلك باخل���روج من أزمة تغ���ول جمموعات‬ ‫املس���لحني واس���تخفافهم مبؤسس���ات الدولة‬ ‫وبالتالي تتحقق س���يطرة الدولة على مجيع‬ ‫أراضيه���ا ويتحق���ق األمن املطل���وب للتنمية‬ ‫بع���ودة الش���ركات واس���تئناف املش���اريع‬ ‫التنموية املختلفة‪.‬‬ ‫أم���ا عل���ى الصعي���د الش���عيب فيتوج���ب علينا‬ ‫احملافظ���ة عل���ى املكاس���ب وأهمها الش���رعية‬ ‫الدس���تورية املتمثل���ة يف مؤسس���ات املؤمت���ر‬ ‫الوطين العام وأجهزت���ه التنفيذية‪ ،‬وكذلك‬ ‫احملافظ���ة عل���ى س���يادة ليبي���ا عل���ى كامل‬ ‫أراضيها موحدة غ�ي�ر منقوصة‪ .‬وعلينا أن ال‬ ‫نطالب حبقوقن���ا قبل أن نؤدي واجباتنا جتاه‬ ‫الوط���ن فيجب علين���ا أن نتذك���ر تضحيات‬ ‫الش���هداء لك���ي نعطي اكثر فه���م أعطوا ومل‬ ‫يأخذوا شيئا‪.‬‬

‫تصحيح مسار الثورة‬

‫بالرغم م���ن كل ما حتقق حت���ى اآلن تبقى‬ ‫الطموحات أعلى والتوقعات أكرب وس���نكون‬ ‫عل���ى موعد م���ع تصحي���ح املس���ار كل فرتة‬ ‫مع ق���دوم االنتخابات‪ ،‬فالنظام الدميقراطي‬ ‫الس���ليم ال خيض���ع لالبت���زاز أو البلطج���ة‬ ‫ولكن���ه يعطي الش���عب فرصته ليغري املس���ار‬ ‫والرج���ال م���ع كل اس���تحقاق انتخابي‪ .‬وال‬ ‫معنى العتص���ام بعد انتخ���اب فاملرء حني ما‬ ‫ينتخ���ب ه���و يف الواق���ع يفوض غ�ي�ره لينوب‬ ‫عن���ه وعليه أن يرضى مب���ا يقدم حتى حيني‬ ‫موعد التعديل من خالل انتخاب عام‪.‬‬ ‫إن املطل���وب من���ا اآلن ه���و االس���تعداد‬ ‫لالنتخابات القادم���ة والتفاعل معها جبدية‬ ‫الثورة بريشة الفنان بشري محودة‬ ‫والتع���رف عل���ى املرش���حني قب���ل أن نتورط‬ ‫فيهم‪ ،‬وال توج���د دميقراطية يف العامل بدون‬ ‫أو داخ���ل م���واد الدس���تور يؤم���ن اس���تمرارية ينضم عمله���ا ومتويلها لكي ال متس س���يادة معارضة داخل الربملان وعلينا أن نس���تعد من‬ ‫حتقي���ق أهداف الثورة يف مأم���ن من أعدائها الدول���ة الليبي���ة من خ�ل�ال س���يطرة جهات اآلن كأحزاب أو حتالفات لتشكيل احلكومة‬ ‫أو معارضتها من أجل ضبط أدائها‪.‬‬ ‫أو املرتبص�ي�ن بها‪ .‬وكلنا يعلم أن الش���يطان أجنبية على أحزابنا بأي وسيلة كانت‪.‬‬ ‫قد مات ولكن مسه وس���حره ال زال بيننا وله أم���ا عل���ى الصعي���د اإلداري فالدولة حباجة‬ ‫بينن���ا أتباع وجن���ود وموالني يظه���رون الوالء إىل تطه�ي�ر دواليبه���ا من الفس���اد والرش���وة‬ ‫للث���ورة وقلوبه���م ال ت���رى غ�ي�ر مصاحله���م والوساطة واحملس���وبية واجلهوية والقبلية؛‬ ‫ومكاسبهم ورفقائهم باألمس القريب‪.‬‬ ‫ورف���ع كف���اءة االداء بإدخ���ال التقني���ات‬ ‫كما أننا حباجة ماسة لقانون االحزاب الذي احلديث���ة وتقليص املوظفني وتوجيه طاقات‬


‫‪18‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫قراءة يف العالقة بني احلزب ومؤسسات اجملتمع املدني‬ ‫نشأة احلزب‪:‬‬ ‫نش���أ احل���زب حبك���م حاجات فئ���ات من الن���اس إىل ما جيمعه���م يف إطار تنظيم���ي واحد‪ ،‬وإىل م���ا يعبرّ عن‬ ‫وامللبية لرغباتهم ومصاحله���م املختلفة وأهدافه���م وتطلعاتهم‬ ‫أرائه���م وأفكارهم وتوجهاته���م املش���روعة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫اآلني���ة واملس���تقبلية‪ .‬وال َّ‬ ‫بد لقي���ام هذا الكيان (احلزب) من توافر بعض األس���س اهلامة اليت هي يف جمملها‬ ‫إيديولوجية وتنظيمية وسياس���ية‪ .‬وقد أرجع بعض الك ّتاب (الفرنسيني خباصة) ظهور األحزاب السياسية‬ ‫عرف احلزب السياس���ي مبفهومه احلال���ي قبل هذا التاري���خ‪ ،‬مع وجود‬ ‫إىل ح���واىل ع���ام ‪1850‬م‪ .‬حي���ث مل ُي َ‬ ‫استثناء متواضع يف أمريكا يشري إىل وجود توجهات وتكتالت شعبية وفكرية وكتل برملانية‪.‬‬

‫البيجو‬ ‫السنوسي ُّ‬ ‫(‪ 2‬من ‪)2‬‬

‫تعريف احلزب‪:‬‬

‫ً‬ ‫بداي���ة بأن���ه ظاهرة‬ ‫ميك���ن تعري���ف احل���زب‬ ‫اجتماعي���ة أصيل���ة ظه���رت حديث���اً ( قدمي���اً‬ ‫أي من���ذ نش���وء الدول���ة الربجوازي���ة ) تع���زز‬ ‫اديولوجي���ة الطبقة و التضامن ب�ي�ن أبنائها‪،‬‬ ‫عندما كان الصراع الطبقي يأخذ شك ً‬ ‫ال حاداً‬ ‫يتج���اوز الفك���ر اىل حد اس���تخدام العنف من‬ ‫أج���ل لوصول اىل الس���لطة الص���راع الطبقي‬ ‫وفق املنظور( املاركسي اللينيين) ‪.‬‬ ‫وميك���ن تقس���يم االح���زاب اىل ثالث���ة أن���واع‬ ‫األح���زاب الليربالية اليت تركز على الفكر و‬ ‫تهم���ل اىل حد كبري اجلس���د أي ( التنظيم )‬ ‫واألحزاب الفاش���ية اليت تهمل الفكر وتركز‬ ‫على اجلس���د التنظيم���ي واألح���زاب الثورية‬ ‫ال�ت�ي تركز على الفكر و اجلس���د التنظيمي‬ ‫ه���ذا قبل (انتص���ار!!) الرأمسالية بع���د انهيار‬ ‫املعس���كر االش�ت�راكي‪ .‬وق���د ثب���ت بالدلي���ل‬ ‫القاط���ع أن الكث�ي�ر م���ن االح���زاب الثوري���ة‬ ‫ه���ي امت���داد لألحزاب الفاش���ية خاص���ة بعد‬ ‫استالم هذه االحزاب للس���طة وسطوها على‬ ‫مؤسسات الدولة وإحلاقها باحلزب احلاكم‬ ‫وحتويله���ا إىل مؤسس���ات سياس���ية وأمني���ة‬ ‫ملحق���ة بأمن النظام‪ ،‬مت���ارس القمع املطلق‬ ‫ضد الش���عب ككل ومنتس�ب�ي هذه املؤسسات‬ ‫ذاتها‪ .‬ومن هنا ُتلغى الدولة وتبقى الس���لطة‪ ،‬حتول���ت مبؤسس���اتها اىل منظم���ة سياس���ية‬ ‫ومبج���رد انهيار الس���لطة تنه���ار الدولة اليت تابع���ة ل���رأس الس���لطة (الديكتات���ور) وهذه‬

‫مس���ائل ميكن استخالصها من طبيعة انهيار‬ ‫نظام القذايف ونظام صدام حس�ي�ن وكذلك‬

‫انهي���ار احلزب الن���ازي يف املانيا والفاش���ي يف‬ ‫ايطاليا‪ ،‬كون معظم االح���زاب (الثورية) يف‬

‫تتأسس قبل صناديق االقرتاع‬ ‫الدميقراطية ّ‬ ‫أمحد عصيد‬ ‫أب���ان بعض اإلس�ل�اميني املغاربة عن ضعف‬ ‫كبري يف فه���م ما جيري يف مصر‪ ،‬فلم يروا‬ ‫يف حرك���ة الش���ارع املص���ري االحتجاجي���ة‬ ‫إال "فل���وال" معارضة لـ"صنادي���ق االقرتاع"‪..‬‬ ‫ومشكلة اإلسالميني هي "صناديق االقرتاع"‬ ‫ه���ذه‪ ،‬ألنه���ا مل ت�ت�رك هل���م الفرص���ة ألن‬ ‫يفهم���وا معنى الدميقراطي���ة‪ ،‬اليت تبدأ مع‬ ‫اح�ت�رام اآلخر‪ ،‬وتنته���ي عند ترس���يخ دولة‬ ‫القان���ون اليت حتم���ي اجلمي���ع بعضهم من‬ ‫بعض‪ ،‬وتساوي بينهم يف إطار املواطنة‪.‬‬

‫يتعجل اإلس�ل�اميون "نهاية الث���ورة"‪ ،‬ألنهم‬ ‫يعتق���دون أنه���ا انته���ت بتوليه���م الس���لطة‪،‬‬ ‫وفاتهم بأن الثورة مل ترفع من بني مطالبها‬ ‫"أن حيكم اإلسالميون"‪ ،‬بل طالبت بإسقاط‬ ‫االستبداد‪ .‬مل يطالب الثوار بإسقاط استبداد‬ ‫مبارك بالذات وال اس���تبداد العسكر حتديدا‬ ‫وحص���را‪ ،‬ومل يع�ّب�رّ وا عن قب���ول أي نوع من‬ ‫االستبداد املقدس بديال لالس���تبداد القائم‪،‬‬ ‫لقد طالبوا بإنهاء االس���تبداد نس���قا وثقافة‬ ‫وقيما‪ ،‬وهلذا تستمر الثورة ما دامت أهدافها‬

‫مل تتحقق‪.‬‬ ‫لق���د كب���ا اإلخ���وان والس���لفيون كبوته���م‬ ‫األوىل عندما وضعوا دس���تورا على مقاسهم‬ ‫وحده���م‪ ،‬ال حي�ت�رم مكون���ات األم���ة‪ ،‬وال‬ ‫غريه���م من الفرق���اء السياس���يني واملدنيني‪،‬‬ ‫وفاته���م ب���أن الدس���تور ال يوض���ع بس���لطة‬ ‫باحل���س الوط�ن�ي‬ ‫األرق���ام والع���دد‪ ،‬ب���ل‬ ‫ّ‬ ‫واملس���ؤولية التارخيي���ة‪ ،‬وأن موازين القوى‬ ‫ال تتعل���ق باحلق���وق األساس���ية واحلري���ات‬ ‫اليت هي مبثابة املبادئ العليا اليت ال ختضع‬

‫لتغ�ي�رات األغلبي���ة واألقلية‪ ،‬ألنها مس���ألة‬ ‫حي���اة أو م���وت‪ ،‬وج���ود أو ع���دم‪ ،‬أي مس���ألة‬ ‫كرامة‪.‬‬ ‫وألن اإلس�ل�اميني املصري�ي�ن مل يدرك���وا‬ ‫مقدار خطئهم‪ ،‬فإنهم مل يفهموا ملاذا يستمر‬ ‫الناس يف التظاه���ر وال خيلدون إىل الراحة‬ ‫تاركني زمام األمر بي���د الرئيس اإلخواني‬ ‫ينص‬ ‫يسوس���هم بـ"العدل واإلنصاف"‪ ،‬الذي ّ‬ ‫عليه دستور اإلخوان‪.‬‬ ‫ولكن كيف ال يفهم اإلسالميون املغاربة ما‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫يرى كثري م���ن الك ّتاب واملف ّكرين ‪-‬اليس���اريني بالذات‪ -‬أنه ليس���ت‬ ‫هناك من عالقة َّ‬ ‫إال تلك القائمة على املصلحة واإلس���تغالل‪ ،‬حيث‬ ‫يرون أن اهلم األول للحزب (السلطة)‬ ‫الوطن العربي قد حتولت إىل أحزاب فاشية‬ ‫مبجرد وصوهلا الس���لطة بس���بب غياب النقد‬ ‫والنق���د الذات���ي ‪ ...‬إخل‪ .‬وه���ذه أم���ور يط���ول‬ ‫شرحها وحتتاج إىل جملدات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يعم���ل احل���زب يف داخل���ه ع���ادة عل���ى وجود‬ ‫برنامج مرحلي وبرنامج اسرتاتيجي‪ ،‬يهدف‬ ‫احلزب إىل حتقيق أهدافه من خالهلا‪ .‬بينما‬ ‫تعم���ل مؤسس���ة اجملتم���ع املدن���ي يف أغل���ب‬ ‫األحيان عل���ى التمس���ك بالربنام���ج املرحلي‬ ‫الذي يتطّلب الكثافة يف التح ّرك‪ ،‬واملواكبة‬ ‫للمتغريات والس���عي من أجل حتقيق اهلدف‬ ‫يف أقصر وقت ممكن‪.‬‬ ‫ويف الوق���ت الذي جند في���ه أن احلزب يهدف‬ ‫إىل الس���لطة أو إىل امتالك أجه���زة الدولة‪،‬‬ ‫ف���إن مؤسس���ة اجملتم���ع املدن���ي تق���ف عن���د‬ ‫ح���دود الوصول إىل حتس�ي�ن األوضاع املادية‬ ‫واملعنوي���ة لقط���اع مع�َّي�نَّ ‪ ،‬أو جملموع���ة م���ن‬ ‫القطاعات‪ ،‬على مجيع املستويات اإلقتصادية‬ ‫واإلجتماعية والثقافية واملدنية والسياسية‪،‬‬ ‫كم���ا ه���ي يف املل���ف املطل�ب�ي للمؤسس���ة‪،‬‬ ‫وانطالق���اً م���ن املواثي���ق الدولي���ة ِّ‬ ‫املتعلق���ة‬ ‫حبقوق اإلنس���ان‪ ،‬وم���ن‬ ‫املواثيق الصادرة عن وق���د ظ���ل الس���ؤال‪ ،‬القائ���م حت���ى اآلن‪ ،‬ه���و‪:‬‬ ‫منظمة العمل الدولية مث ً‬ ‫‪.‬‬ ‫ال‬ ‫هل تع�ن�ي العالقة هنا اهليمن���ة واإلحتواء أم‬ ‫وتب���دو العالق���ة ما ب�ي�ن احلزب ومؤسس���ات التكاف���ؤ والتنافس م���ا بني الطرف�ي�ن؟ وماذا‬ ‫اجملتم���ع املدن���ي متداخلة إىل ح��� ٍد ما‪ ،‬حيث ع���ن ُّ‬ ‫تأثر ه���ذه العالقة بوص���ول احلزب إىل‬ ‫ً‬ ‫تتضح هذه العالقة أحيانا من خالل التماس الس���لطة السياسية؟ وهل لإلس���تقاللية هنا‬ ‫والتالح���م الذي حي���دث إزاء مواجهة قضية مكان ما؟‬ ‫وطنية معينة‪ ،‬والتعامل مع أثارها املختلفة يرى كثري من الك ّتاب واملف ّكرين ‪-‬اليساريني‬ ‫وانعكاساتها على أرض اجملتمع بصفة عامة‪ ،‬بالذات‪ -‬أنه ليس���ت هناك من عالقة َّ‬ ‫إال تلك‬ ‫مهما اختلفت الس���بل أو الوسائل‬ ‫َ‬ ‫املستخدمة القائم���ة عل���ى املصلحة واإلس���تغالل‪ ،‬حيث‬ ‫يف هذه املواجهة وتشعباتها‪.‬‬ ‫ي���رون أن اهل���م األول للحزب (الس���لطة) هو‬ ‫ومؤسسات‬ ‫األحزاب‬ ‫لقد ظلت العالقة ما بني‬ ‫ذل���ك القائم على مجع األصوات والتحش���يد‬ ‫اجملتمع املدني لف�ت�رة تارخيية طويلة (منذ لإلنتخاب���ات والفوز بالوصول إىل الس���لطة‪،‬‬ ‫ما قب���ل احلرب العاملي���ة الثاني���ة وإىل نهاية ث���م جت���اوز اآلخ���ر والقف���ز عل���ى مصاحل���ه‬ ‫س���تينيات القرن املاض���ي)‪ ،‬عالقة متأرجحة والتعه���دات ال�ت�ي قطعه���ا مع���ه م���ن قب���ل‪،‬‬ ‫بني اإلنس���جام والفتور‪ ،‬وخباصة يف مناطق‬ ‫وخباص���ة إذا تقاطع���ت ه���ذه املص���احل أو‬ ‫ّ‬ ‫العامل الثالث‪.‬‬ ‫جيري وهم على مسافة تسمح هلم بالتفكري‬ ‫النق���دي‪ ،‬بع���د أن أدركوا هم أنفس���هم بأن‬ ‫احلص���ول عل���ى األغلبي���ة يف االنتخابات ال‬ ‫يعين االس���تيالء عل���ى الدولة والس���عي إىل‬ ‫حم���و األقليات‪ ،‬هذه األقلي���ات اليت متثل يف‬ ‫احلقيقة األغلبية املتفرقة؟‬ ‫وراء موق���ف اإلس�ل�اميني املغارب���ة يوج���د‬ ‫مفه���وم مش��� ّوش للدميقراطية طامل���ا نبهنا‬ ‫إلي���ه وحذرن���ا م���ن عواقب���ه قب���ل األح���داث‬ ‫األخ�ي�رة بس���نة تقريب���ا‪ ،‬وهو املفه���وم الذي‬ ‫خيت���زل الدميقراطي���ة يف ص���وت األغلبية‬ ‫العددية‪.‬‬ ‫لق���د مك���ن التط���ور الدميقراط���ي يف العامل‬ ‫م���ن تدقي���ق معن���ى الدميقراطي���ة ودور‬ ‫صنادي���ق االق�ت�راع‪ ،‬يف اجت���اه نظ���ام حيمي‬ ‫مجي���ع املكون���ات املختلف���ة‪ ،‬ولكن���ه نظام ال‬ ‫ميكن أن يكون س���اري املفع���ول بدون وجود‬

‫أس���اس صل���ب يتمث���ل يف ح��� ّد أدن���ى م���ن‬ ‫الثواب���ت الدميقراطية اليت تضمن احلماية‬ ‫واالس���تقرار‪ ،‬وه���و الذي يتمث���ل يف نوع من‬ ‫اإلمج���اع داخل اجملتمع على ضرورة احرتام‬ ‫املبادئ الدميقراطية‪ ،‬مبادئ احلرية واحلق‬ ‫يف االخت�ل�اف واملس���اواة والع���دل وفص���ل‬ ‫الس���لطات والتدبري املعقلن لسري املؤسسات‪،‬‬ ‫وه���ذا م���ا يغي���ب يف دول مش���ال إفريقي���ا‬ ‫والش���رق األوس���ط‪ ،‬حي���ث كان االس���تبداد‬ ‫يق���وم يف تربي���ر وج���وده عل���ى غي���اب ه���ذا‬ ‫األساس الصلب‪ ،‬ويتغذى من تشرذم القوى‬ ‫الفاعلة عرب ختويف كل طرف من الطرف‬ ‫اآلخ���ر‪ .‬وهو ما أدى بعد الثورات إىل أن يرى‬ ‫البع���ض يف دميقراطي���ة صنادي���ق االقرتاع‬ ‫وباال عل���ى مكتس���بات الن���اس ومصاحلهم‪،‬‬ ‫أج���ج التص���ادم عوض االس���تقرار‪ ،‬ألن‬ ‫مما ّ‬ ‫األس���اس الصل���ب ال���ذي تبنى علي���ه عملية‬

‫تباينت مع مصاحل وتوجهات حزب الس���لطة‬ ‫(احلاكمة)‪ ،‬الذي ق���د ال يتو ّرع عن اإلقصاء‬ ‫أو التنكي���ل مبؤسس���ات اجملتم���ع املدن���ي‪ ،‬يف‬ ‫حماول���ة للوق���وف بينها وبني تب�ن�ي مطالب‬ ‫الوط���ن واملواط���ن‪ ،‬واليت قد يكون م���ن بينها‬ ‫النق���د واحملاس���بة وكش���ف احلقائ���ق أم���ام‬ ‫الرأي العام‪.‬‬ ‫وع���ن طبيعة ه���ذه العالق���ة أيضاً‬ ‫ ‬ ‫نش�ي�ر إىل أن احل���زب السياس���ي يق���وم عادة‬ ‫بس���ن جمموعة م���ن القوان�ي�ن واللوائح اليت‬ ‫من ش���أنها تنظيم هيكليته وكذلك العالقة‬ ‫ب�ي�ن أعضائ���ه‪ ،‬وأيض���اً ب�ي�ن احل���زب واألطر‬ ‫التنظيمي���ة والنقابية اخلارجي���ة‪ ،‬اليت منها‬ ‫بالطب���ع مؤسس���ات اجملتم���ع املدن���ي‪ .‬وجيب‬ ‫تتمي���ز العالق���ة اجلي���دة ما ب�ي�ن احلزب‬ ‫أن َّ‬ ‫االقرتاع غري متوفر‪ ،‬وهو األس���اس الذي من‬ ‫ش���أنه محاية األقلي���ة من بط���ش األغلبية‪،‬‬ ‫مم���ا يضطر األقلية إىل محاية نفس���ها عرب‬ ‫اللج���وء إىل وس���ائل أخ���رى مث���ل العصيان‬ ‫والتم���رد وع���دم االعرتاف بش���رعية احلكم‬ ‫والدس���تور‪ ،‬وهو ما يق���ع يف مصر اآلن‪ ،‬وقد‬ ‫يق���ع يف بل���دان أخرى بس���بب نف���س املنطق‬ ‫االختزالي للدميقراطية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يدل ه���ذا على ّ‬ ‫أن م���ا جرى بع���د الثورات ال‬ ‫ينبغي أن يدفع بنا إىل الكفر بالدميقراطية‬ ‫والتنك���ر لقيمه���ا‪ ،‬بل على العك���س من ذلك‬ ‫متاما‪ ،‬فما جرى يثب���ت أن صناديق االقرتاع‬ ‫ليس���ت بداية الدميقراطي���ة ومنطلقها‪ ،‬بل‬ ‫ه���ي آلية من آليات الدميقراطية نلجأ إليها‬ ‫بع���د أن نكون قد حدّدن���ا يف القانون األمسى‬ ‫للبالد اإلط���ار العام الذي يضب���ط عالقاتنا‬ ‫ببعضن���ا البعض‪ ،‬وأقمنا هذه الضوابط على‬

‫‪19‬‬ ‫السياس���ي ومؤسس���ات اجملتم���ع باملرون���ة‪،‬‬ ‫حي���ث ُتعطى للفروع املختلفة وقياداتها قدراً‬ ‫كبرياًم���ن احلركي���ة يف اخت���اذ الق���رارات‬ ‫ومتابعة جمرياتها على أرض الواقع‪.‬‬ ‫إىل ذلك هناك اهليكلية املركزية‬ ‫ ‬ ‫اليت يكون اختاذ الق���رارات فيها بيد القيادات‬ ‫العليا باحل���زب‪ ،‬وهي بقدر قوته���ا فإنها تكاد‬ ‫تك���ون حمكوم���ة بالصف���ة البريوقراطي���ة‬ ‫البطيئة‪.‬‬ ‫ل���كل ح���زب سياس���ي‪ ،‬كم���ا لكل‬ ‫ ‬ ‫مؤسسة من مؤسسات اجملتمع العام‪ ،‬وسائلها‬ ‫اليت تس���مح هلا بإقامة العالقات املختلفة مع‬ ‫غريها من املؤسس���ات والتنظيم���ات األخرى‪،‬‬ ‫وخباصة فيما َّ‬ ‫يتعلق باملش���ا َركة السياسية‬ ‫ّ‬ ‫وتبي���ان وجه���ة نظ���ر احل���زب (ومؤسس���ة‬ ‫اجملتم���ع املدن���ي) بش���أن كثري م���ن القضايا‬ ‫الوطنية والدولية‪.‬‬ ‫ميكن للحزب ومؤسسات اجملتمع‬ ‫ ‬ ‫املدني التنسيق اجليد عرب الندوات واللقاءات‬ ‫ذات التوجه���ات املختلف���ة ملواجهة املش���اكل‬ ‫أو املراح���ل اليت متر بالوطن بش���كل أو بآخر‪.‬‬ ‫كم���ا ميك���ن للح���زب السياس���ي ومؤسس���ة‬ ‫اجملتم���ع املدن���ي التنس���يق اإلعالم���ي ال���ذي‬ ‫يه���دف إىل اإلس���تفادة (وطني���اً) م���ن كل‬ ‫الف���رص اإلعالمي���ة ‪ -‬املرئي���ة واملق���روءة‬ ‫واملس���موعة – الس���احنة وتوظيفه���ا لص���احل‬ ‫الوطن وقضاياه امللحة واهلامة‪.‬‬ ‫وعل���ى الرغم م���ن ذلك فتظ���ل إمكانية قيام‬ ‫عالق���ة حس���نة‪ ،‬أو حتى جي���دة‪ ،‬أم���راً ممكناً‬ ‫ووارداً يف كث�ي�ر م���ن األحي���ان واألزم���ان‪،‬‬ ‫وخباص���ة عندم���ا يك���ون الوط���ن ومصاحله‬ ‫َ‬ ‫املش�ت�رك الذي حيكم مس���ار هذه‬ ‫ه���و العامل‬ ‫العالقة‪.‬‬ ‫"‪ ...‬ولي���س املقص���ود باجملتم���ع املدن���ي إجياد‬ ‫معارض���ة سياس���ية يف مواجه���ة الدول���ة‬ ‫(احل���زب) إذ أن فاعلي���ة اجملتم���ع املدن���ي‬ ‫ب���كل تكوينات���ه (ومؤسس���اته) تنض���وي على‬ ‫أه���داف أوس���ع م���ن جم���رد املعارض���ة إنه���ا‬ ‫املشاركة مبعناها الواسع سياسياً واقتصادياً‬ ‫واجتماعياً وثقافيا أي بالتحديد فإن وظيفة‬ ‫اجملتمع املدني (واحلزب من َث َّم) هي وظيفة‬ ‫تس���يريية ش���املة يف اجملتم���ع ككل‪ ،‬وليس‬ ‫بالض���رورة أن يك���ون هناك ع���داء أو تناقض‬ ‫بني الدولة (احلزب) واجملتمع املدني‪."...‬‬

‫اح�ت�رام بعضن���ا البع���ض والقب���ول ببعضن���ا‬ ‫البع���ض‪ ،‬كما حن���ن يف تعدّديتنا واختالفنا‬ ‫السياسي والعقائدي واإليديولوجي واإلثين‬ ‫والفكري والثقايف‪.‬‬ ‫إن الدميقراطي���ة إذن تتأس���س يف أذه���ان‬ ‫وترتسخ بصناديق‬ ‫الناس وسلوكاتهم أوال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫االق�ت�راع‪ ،‬وإن إرادة بن���اء الدميقراطي���ة‬ ‫ال تتحق���ق يف االنتخاب���ات ب���ل يف الوثيق���ة‬ ‫الدس���تورية‪ ،‬وما يقود إليها من حوار وطين‬ ‫وتربي���ة وتأط�ي�ر للمواطنني‪ ،‬قب���ل الذهاب‬ ‫إىل التصوي���ت‪ ،‬وعندما تغيب الدميقراطية‬ ‫يف الدس���تور‪ ،‬ف�ل�ا ينبغ���ي أن ننتظره���ا بعد‬ ‫االنتخاب���ات‪ ،‬ألن الفائ���ز فيها أي���اً كان‪ ،‬لن‬ ‫يعمل إال يف إطار غري دميقراطي‪.‬‬


‫‪20‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫مع االعتذار ملقاليت السابقة‬

‫تساؤالت حول مشروع قانون العزل‬ ‫السياسي واإلداري‬ ‫إميان حممد بن يونس‬

‫يف مقالة س���ابقة وبهذه الصحيفة الرائعة الش���فافة كتبت اعرتاضا على مشروع قانون العزل‬ ‫السياس���ي ‪ ،‬وكن���ت ض���ده فع ً‬ ‫ال ‪ ،‬ولكنين وجدت أن س���بب بقاء الش���ئء على حال���ه وتردي حال‬ ‫البالد والفس���اد املرتدي واإلهمال املتفشي والسالح املستش���ري والتخلف الباقي والفقر املتبقي‬ ‫والضحك على الذقون املس���تمر واملتواجد (هذا ألف دينار وهذا ألفني وذاك أربعة آالف ونصف‬ ‫و‪....‬و‪ ).....‬وغ�ي�ره وغريه ‪ ،‬كل هذا أساس���ه وجود نفس األش���خاص الذين كان���وا مع الالنظام‬ ‫الس���ابق بش���كل أو بآخ���ر كما يتحدث عنه���م أو يفصلهم مش���روع قان���ون العزل السياس���ي‪....‬‬ ‫فليذهب���وا وهم الطلقاء ‪ ،‬ويدعوا اجمل���ال لغريهم حياول أن ينهض بالبالد‪...‬أعطيناهم الفرصة‬ ‫ودافعنا عن وجودهم والزالوا يس���رحون وميرحون‪...‬فليرتك���وا الوظائف العامة وليبقوا بعيدا‬ ‫يأكل���ون ويش���ربون وينعم���ون خبريات الب�ل�اد ‪...‬لن نضايقهم ول���ن نقربهم ‪..‬ولك���ن ليبقوا يف‬ ‫جم���االت أخرى غري جماالت الس���يادة واإلدارة ‪..‬كنا نق���ول أنهم يعرفون األش���غال واألعمال‬ ‫‪...‬يعرفون كيف يس�ي�ر العمل فلنجعلهم باقون ‪ ،‬ولنجعلهم يندجم���ون معنا ‪..‬ولكن الكثريين‬ ‫منهم مازالوا يفرتون ‪ ،‬ومازالوا يعيثون يف األرض فساداً ومازالوا يسرحون وميرحون وخيربون‬ ‫ويرتشون واجلديد يخُ َ ِّربُون‪...‬فالتفاحة الفاسدة تفسد ما هو جبانبها ‪.‬‬ ‫لذل���ك أعتذر عما ب���در مين يف مقالة س���ابقة ‪ ،‬أعتذر عن تغيري مس���اري‪...‬كنت أمتنى هلم أن‬ ‫يذوب���وا يف اجملتمع اجلديد والدولة اجلديدة وال يُهملوا ‪ ،‬ولكن واحد خيرب على عش���رة ‪..‬فأنا‬ ‫آسفة ‪..‬جيب أن يصدر قانون العزل السياسي‪...‬من ‪ 1969‬أو من ‪ 1977‬الضري ‪...‬ولو أن الشعوب‬ ‫عادة تفرح بتغيري أنظمة احلكم‪ ،‬كما حدث العام ‪ 1969‬فقد كان الكثريون يعارضون نظام‬ ‫اململكة والكثري مما كان جياهد ضد بعض الفس���اد الذي كان موجودا وخباصة ما حدث عام‬ ‫‪ 1964‬يف ثورة الطالب وغريها‪ ،‬لذا قد يكون العديد فرح بها وأنا ال أعي هذه املرحلة ولكن‬ ‫م���ا قرأت���ه ومسعته كان يوضح ذلك ‪ ،‬ولك���ن املثل يقول ما تعرف خ�ي�ري إال ملا جترب غريي ‪،‬‬ ‫بعده���ا بقليل وعندما بدأ القائد املبجل يف االفرتاء والش���نق والقت���ل اتضحت الرؤية للكثريين‬ ‫ومن ثم بدأت املعارضة تعمل بش���كل جاد وقوي وبدأ الكثري من الش���رفاء الذين ُخ ِدعوا تركوه‬ ‫ورحلوا س���واء بقوا يف البالد يعملون أعما ً‬ ‫ال خاصة أو خرجوا خارج البالد ‪ ،‬وهكذا منذ أن بدأت‬ ‫س�ل�اطة الش���عب الع���ام ‪ 1977‬وحركات اللج���ان الثوري���ة ‪ ،‬وخروجه هو من إطار املس���ؤولية‬ ‫ليق���ول أن الش���عب هو الذي يقول والش���عب ه���و ال���ذي يعمل‪...‬والكث�ي�ر ينادوا بتطبي���ق قانون‬ ‫الع���زل من���ذ العام ‪ 1990‬حينما صدر ومل يُنش���ر قانون رقم ‪ 1‬لس���نة ‪" 1990‬قانون الش���رعية‬ ‫الثوري���ة" الذي حيتوي على م���ادة واحدة يتيمة تنص على أن توجيه���ات القائد أوامر‪...‬إذن هو‬ ‫األوحد وهو األعلى ‪..‬أي فناء س�ل�اطة الشعب أيضاً‪....‬وعندما علم الكثريون بهذا القانون ختلوا‬ ‫ع���ن مناصبهم ‪....‬واألفضل هو تطبيق قانون العزل منذ بدء العمل على س�ل�اطة الش���عب ومنذ‬ ‫بدء الدكتاتورية الواضحة ومنذ بدأ هؤالء بش���نق األبرياء أمام البش���ر وبث الرعب بني الناس‬ ‫وإعدام العسكريني الشرفاء بالرصاص‪..‬وشنق الطلبة يف منابر العلم ‪.‬‬ ‫م���ن هنا البد لكل من عم���ل مع هؤالء بعد هذه االنتهاكات اخلطرية حلقوق اإلنس���ان ‪...‬جيب‬ ‫على كل من اس���تمر معه أن خيرج من احلياة السياس���ية واإلدارية ‪..‬هناك الكثري يستطيع أن‬ ‫يعمل���ه يف أماكن أخرى فليرتك الدولة وليرتك مكان���ه آلخر مل حيصل على فرصته ألنه مل‬ ‫ينض���م إىل جلن���ة ثورية وال ح���رس ث���وري وال غريه‪...‬ليعمل يف جماالت بعيدة عن السياس���ة‬ ‫وبعيدة عن اإلدارة ‪..‬‬ ‫أما من قام بإفساد احلياة السياسية واإلدارية ‪ ،‬ومن قام بقتل أو تعذيب فهؤالء سيطبق عليهم‬ ‫قان���ون العدالة االنتقالية حيث حياس���بوا على أفعاهلم وعلى مس���اندتهم هل���ذا الالنظام البالي‬ ‫ال���ذي عاث يف األرض ويف البالد فس���ادا ونهب���ا وقت ً‬ ‫ال‪...‬الثورة قامت من أج���ل العدالة ومن أجل‬ ‫القضاء على الظلم وعلى الفس���اد وعلى اجلهل والزلنا نرى كل هذا الظلم والفساد والتجهيل‬ ‫‪..‬اس���ألوا اإلدارات التعليمي���ة لتعرف���وا ك���م طالب حصل عل���ى ‪ 95%‬هذا العام يف الش���هادتني‬ ‫الثانوي���ة واإلعدادية‪..‬بل اس���ألوا كم طالب رس���ب هذا الع���ام (لن جتدوا راسبني)‪...‬س���تعرفون‬ ‫م���ا هو التجهي���ل ومن الطبيب الذي س���يداويك ومن احملامي الذي س���يدافع عنك‪..‬كثريون ال‬ ‫يعرف���ون حتى كتابة أمسائهم فكيف حيصلون على هذه النس���ب‪...‬الثورة قامت ألجل العدل‪..‬‬ ‫يكف���ي أن ي���رى الطالب اجملتهد رفيق���ه الغري جمتهد حيصل على درج���ات أكثر منه ليبدأ يف‬ ‫اإلحساس بالقهر واملرارة ‪...‬وغريه وغريه وغريه‪..‬‬ ‫من هنا من هذه الصحيفة الش���فافة الرائعة الواعية أنادي وأقول جيب أن نعمل جاهدين على‬ ‫نفاذ قانون العزل السياس���ي ‪ ،‬ولو كان فيه خروج للعديد من الكفاءات ‪ ،‬واخلريين ‪ ،‬ولكن مع‬ ‫اعتذري هلم ‪...‬ملاذا بقيتم معه حتى بعد أن شنق وقتل وأفسد؟؟‬

‫بنغــــــــــــ‬ ‫على املؤمتر الوطنى العام أن‬ ‫يستوعب دروس التاريخ الوطنى‬ ‫وأن يقيم وزناً لكل االشارات التى‬ ‫تصدر من بنغازي ‪.‬‬ ‫عندم���ا حت���ررت ليبي���ا ف���ى منتص���ف‬ ‫الق���رن املاض���ى كان���ت بنغ���ازي تعج‬ ‫حبراك سياسي منقطع النظري فرغم‬ ‫ان نتائ���ج االنتخابات ق���د افرزت جناح‬ ‫التوجه الفدراىل حتت مس���مى اململكة‬ ‫الليبي���ة املتحدة وتتوي���ج امللك حممد‬ ‫امله���دي السنوس���ي ملكاً عل���ى ليبيا اال‬ ‫ان احلركات السياسية واحلزبية فى‬ ‫املنطق���ة الش���رقية مل ختض���ع لنتائج‬ ‫االنتخابات ومارست ضغوطاً سياسية‬ ‫على النظام السياسي القائم من خالل‬ ‫نوابه���ا فى جملس���ى الش���يوخ والنواب‬ ‫ال���ذى وق���ع حت���ت ضغ���ط حرك���ة‬ ‫الش���ارع ف���ى ليبي���ا وف���ى مقدمته���ا‬ ‫بنغازي للمطالبة بوح���دة ليبيا ورغم‬ ‫التوجه���ات التى مارس���ها النظام امللكي‬ ‫ف���ى م���دة حكم���ه القص�ي�رة ملصلح���ة‬ ‫اس���تقرار املنطق���ة الش���رقية اال ان‬ ‫التطلعات الوحدوي���ة من قوى وطنية‬ ‫فى مناطق الشرق اللييب كانت حائال‬ ‫دون انف���راد النظ���ام امللك���ى بتوجهاته‬ ‫الت���ى مت تصحيحه���ا فى س���نة ‪1963‬‬ ‫باع�ل�ان توحي���د ليبي���ا حت���ت مس���مى‬ ‫اململك���ة الليبية وبقي���ادة امللك الراحل‬ ‫حمم���د ادري���س امله���دي السنوس���ي‬ ‫(رمح���ه اهلل) وفى ظل حكومة احملامى‬ ‫البارع االستاذ حمي الدين فكينى ‪.‬‬ ‫ورغ���م القبض���ة االمنية التى مارس���ها‬ ‫النظام امللك���ى على املنطقة الش���رقية‬ ‫– وبؤرتها بنغازي – اال ان احلركات‬ ‫السياس���ية املناوئ���ة ل���ه بتوجهاته���ا‬

‫القومية والوحدوية واالسالمية كان‬ ‫منطلقها بنغازي ف���ى اكثر من حالة‬ ‫وق���د كانت االنتفاض���ة الطالبية فى‬ ‫‪/14/13‬يناي���ر‪ 1964/‬عالمة بارزة‬ ‫على ذلك وتعبرياً صادقاً على خصوبة‬ ‫احلراك الوطنى فى تلك املرحلة ‪.‬‬ ‫ميك���ن الق���ول ب���ان املأث���ر الت���ى خص‬ ‫به���ا النظ���ام امللك���ى املنطقة الش���رقية‬ ‫وعاصمته���ا بنغ���ازي كان���ت س���ببا‬ ‫مباش���را ف���ى انهي���اره فوج���ود الكلي���ة‬ ‫العسكرية فى بنغازي مت تربعه رمحه‬ ‫اهلل بقص���ره النش���اء كليتى االقتصاد‬ ‫واالداب واحلقوق فى بنغازي ساهمت‬ ‫ف���ى بناء املنظومة الفكري���ة املناوئة له‬ ‫من خ�ل�ال خصوبة التي���ارات الفكرية‬ ‫الس���ائدة فى تلك املرحلة التى كانت‬ ‫متفاعل���ة م���ع التط���ورات السياس���ية‬ ‫التى انتش���رت فى تلك املرحلة وطنية‬ ‫– يس���ارية – ديني���ة ‪ -‬بالتفاع���ل مع‬ ‫التطلع���ات النهضوي���ة واالصالحي���ة‬ ‫عل���ى امت���داد الوط���ن العرب���ى ش���رقه‬ ‫وغربه ‪.‬‬ ‫كل ه���ذه املعطي���ات املتداخلة كانت‬ ‫ً‬ ‫مس���اهماً‬ ‫فاع�ل�ا ف���ى تش���كيل املش���هد‬ ‫السياس���ى فى تلك املرحل���ة من تاريخ‬ ‫ليبي���ا حي���ث كان للف���راغ السياس���ي‬ ‫الذى اتس���مت به مرحلة النظام امللكي‬ ‫دور فاعل فى تش���كيل الوعى الذى اتكأ‬ ‫على العس���كر وكذلك انتقال االفكار‬ ‫التقدمي���ة من خ�ل�ال اس���اتذة جامعة‬ ‫بنغازي الذين مت التعاون معهم فكانوا‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫‪21‬‬

‫ـــــازي ‪ ....‬مدينـــــــة الصبّــــــر والصـبّــــــار‬ ‫ان القاء نظرة عابرة على التاريخ السياس���ي فى ليبيا س���يظهر جبالء ان ملدينة بنغازي فى شرق ليبيا دوراً حمورياً‬ ‫وخاصاً فى التحضري الى حراك سياس���ي منذ اندالع احلرب العاملي���ة الثانية عندما كانت ليبيا ترزح حتت وطأة‬ ‫االستعمار االيطالي البغيض وظهور مالمح الدولة الليبية وما بعدها ‪.‬‬ ‫كان للحرك���ة السنوس���ية التى ترعرعت فى مدن الش���رق اللييب وامتدت جنوباً فى الس���هم االفريقي وكذلك‬ ‫مجعي���ة عم���ر املختار دور بارز فى قي���ادة حركة النضال الوطين فى املنطقة الش���رقية واجلنوبية من ليبيا حيث‬ ‫كان ملؤسسها وتابعيه بصمات واضحة فى تاريخ النضال الوطين أهمها عندما قررت تلك احلركة االنضمام اىل‬ ‫احللف���اء فى احل���رب العاملية الثانية بنواة اجليش السنوس���ي الذى تكون فى مصر وجتذر فى مدن الش���رق اللييب‬ ‫وجنوبه وعلى رأسها بنغازي ‪.‬‬ ‫من ابرز القيادات التقافية فى الوطن العربى‬ ‫فى تلك املرحلة وقد س���اهموا فى احداث فعل‬ ‫التغي�ي�ر ال���ذى كان ً‬ ‫مهيأ فى تل���ك املرحلة ‪،‬‬ ‫وهو ماس���اعد العس���كر على اس���تغالله وملئه‬ ‫بانقالب ‪. 1969/9/1‬‬ ‫وما ان اس���تقرت االوضاع لنظام العس���كر بعد‬ ‫‪ 1969/9/1‬حت���ى ارس���ل قادت���ه للمناط���ق‬ ‫الش���رقية وعل���ى راس���ها بنغ���ازي برس���ائل‬ ‫متش���ابكة ومتع���ددة ظاهرها البن���اء وباطنها‬ ‫التطويع واحكام السيطرة وقد عاشت بنغازي‬ ‫ف���ى الف�ت�رة م���ن ‪ 1969‬وحت���ى ‪ 1974‬اياماً‬ ‫زاهرة فى شوارعها ومتاجرها وزخرت احلياة‬ ‫الثقافية بالعديد من املش���اهد السياسية التى‬ ‫تعرب عن رقى احلياة الثقافية بها فى اش���كال‬ ‫متعددة – مس���رح – موسيقى – فن – ثقافة‬ ‫– أدب ‪.....‬اخل وميك���ن القول بأن بنغازي فى‬ ‫اخلمس س���نوات االوىل من االنقالب املشؤوم‬ ‫كانت مثا ً‬ ‫ال للرق���ى والتحضر اال ان بنغازي‬ ‫التى نعرفه���ا – مدينة الص�ب�ر والصبار – مل‬ ‫تس���كت عن تره���ات النظام الس���ابق وقد فكت‬ ‫رم���وزه من���ذ نهاي���ة س���نة ‪ 1973‬ف���ى اعقاب‬ ‫مايس���مى بالث���ورة الثقافي���ة الت���ى اس���تغلها‬ ‫النظام الس���ابق لضرب كل القوى السياسية‬ ‫التى ظهرت فى منظومته االمنية آنذاك ومع‬ ‫ذل���ك فان ((برنيتش���ى)) مل تس���قط او تنهار ‪،‬‬ ‫فقد تبنت بنغ���ازي مجيع احلركات الفعلية‬ ‫املناوئة لنظام العسكر من تنظيمات سياسية‬ ‫مدنية وعسكرية ساهمت بكل قوة فى تأجيج‬ ‫روح املقاوم���ة والتخطي���ط النه���اء النظ���ام‬ ‫الفاشى الذى جتم على ليبيا منذ ‪ 1969‬وهو‬ ‫ما قابله النظام الس���ابق بكل مظاهر العس���ف‬ ‫واالستبداد اال انها صربت على كل ما قام به‬ ‫النظ���ام الذى حرمها م���ن التنمية ومنع حتى‬ ‫ش���ركات النظافة من العمل بها ونصب على‬ ‫قيادتها السياس���ية اشباه الرجال من املنبوذين‬ ‫اجتماعي���اً بل وصل ب���ه اىل القول بان بنغازي‬ ‫– لي���س به���ا رج���ال – عندما س���لط عليهم‬ ‫اس���وأ امرأة اجنبتها املدينة م���ن املوالني له اال‬ ‫انه���ا مل ت���كل او مت���ل او ختضع ل���كل مظاهر‬ ‫العسف والقهر وقد حتلت بالصرب وتوشحت‬ ‫بنبات الصب���ار الذى يغ���زو حدائقها وبركها‬ ‫واحراشها باشكاله املتعددة واصنافه الغريبة ‪.‬‬ ‫مل يصدق النظام الس���ابق الذى س���اق بنغازي‬ ‫واهله���ا ظلم���اً وقه���راًَ ب���ان ه���ذه املدين���ة –‬ ‫الوط���ن – ه���ى ليبي���ا م���ن امس���اعد اىل راس‬ ‫اجدي���ر وان هل���ذه املدين���ة امت���دادات النهاية‬ ‫هلا – ش���رقاً – وغرباً – وجنوب���اً فبنغازي هى‬ ‫املقياس ال���ذى تقاس به االوض���اع العامة فى‬

‫ليبي���ا َقبل بها م���ن قبل وغض الط���رف عنها‬ ‫م���ن اراد ذلك ‪ ،‬وقد اثبت���ت جمريات ثورة ‪17‬‬ ‫فرباي���ر صحة مانذه���ب اليه عندما س���طرت‬ ‫ه���ذه املدين���ة موعداً م���ع التاريخ ع�ب�رت عنه‬ ‫ميادينها وش���وارعها التى غصت بشباب الثوار‬ ‫احلقيقي�ي�ن الذي���ن قدم���وا ارواحه���م ف���داءاً‬ ‫للوطن رافعني رؤوسهم حنو قرص الشمس‬ ‫خيط���ئ من يظن ب���ان احلراك السياس���ي فى‬ ‫بنغ���ازي وحرك���ة الث���وار احلقيقي�ي�ن بها ما‬ ‫ه���ى اال رص���د لبع���ض التطلع���ات او االنتقاذ‬ ‫– فما تقوله بنغ���ازي باهلها وثوارها ونواتها‬ ‫السياسية الفاعلة مؤشرات جيب اخذها بعني‬ ‫االعتبار وان اغفاهلا وعدم اعطائها مس���احتها‬ ‫من التقييم س���يكون له دوراً س���ليب فى رس���م‬ ‫الص���ورة العام���ة للمش���هد السياس���ي الع���ام‬ ‫وحتديد مالحمه املس���تقبلية الكفيلة برسم‬ ‫ص���ورة ليبيا اجلدي���دة التى قام���ت من اجلها‬ ‫الثورة ‪.‬‬ ‫ومن هنا ميكن التصريح بكل بساطة وعفوية‬ ‫بان املتابع للمش���هد السياس���ي ف���ى ليبيا منذ‬ ‫تشكيل اجمللس الوطنى االنتقاىل الذى تكون‬ ‫فى بنغازي بالتوافق بني مدن الش���رق مجيعاً‬ ‫وامتد التوافق عليه اىل كل مدن ليبيا غربهاً‬

‫ضو املنصوري عون‬

‫وجنوبه���ا اال ان مس�ي�رة ذل���ك اجملل���س خالل‬ ‫فرتة ادارت���ه لش���ئون الدولة اظه���رت بأنه مل‬ ‫يس���توعب الدور التارخيي لبنغ���ازي عاصمة‬ ‫الش���رق وقد اظهر من السياس���ات الضيقة ما‬ ‫أج���ج روح العداء لسياس���اته العقيمة التى مل‬ ‫ينق���ده من حص���اد نتائجها س���وى النجاح فى‬ ‫اج���راء االنتخاب���ات العامة فى ليبيا وتس���ليم‬ ‫الس���لطة للمؤمت���ر الوطن���ى العام ال���ذى ولد‬ ‫بع���د غياب ع���ن املناخ الدميقراط���ي ما يقارب‬ ‫‪ 48‬س���نة وقد استبش���ر الليبيون مجيعاً بهذا‬ ‫االنتصار التارخيي اال انهم خذلوا فى ادائه ‪.‬‬ ‫س���ار املؤمتر الوطنى العام على خطى اجمللس‬ ‫الوطن���ى االنتقاىل ومل يس���توعب الدرس ومل‬ ‫يلت���زم باالعالن الدس���تورى املؤق���ت ومارس‬ ‫قرصن���ة ادارية عل���ى اختصاص���ات احلكومة‬ ‫املؤقت���ه وتل���كأ ف���ى حتقي���ق اولوي���ات مهامه‬ ‫االساس���ية ومن اهمه���ا االعداد لبن���اء الدولة‬ ‫احلديثة والعمل على انتخاب جلنة الس���تني‬ ‫الت���ى س���تتوىل صياغ���ة الدس���تور مت اق���رار‬ ‫قان���ون االنتخابات ومايليها من اس���تحقاقات‬ ‫جوهري���ة من ش���أنها التأس���يس لقي���ام دولة‬ ‫القان���ون واملؤسس���ات ومتك�ي�ن الليبي�ي�ن م���ن‬ ‫تنفس الصعداء بعد ص���راع طويل مع املعاناة‬

‫التى عاش���وها فى انتظار احلل���م الذى ضحوا‬ ‫من اجله ‪.‬‬ ‫اذا فأن على املؤمتر الوطنى العام ان يستوعب‬ ‫دروس التاري���خ الوطن���ى وان يقي���م وزناً لكل‬ ‫االش���ارات الت���ى تصدر م���ن بنغ���ازي ويفكك‬ ‫رموزه���ا ويضعه���ا نص���ب عينيه فعلي���ه اليوم‬ ‫قب���ل الغ���د االع���داد النتخ���اب جلن���ة صياغة‬ ‫الدستور وكذلك حماس���بة مجيع من تولوا‬ ‫وظائ���ف عامة منذ تش���كيل اجملل���س الوطنى‬ ‫االنتق���اىل ومكتب���ه التنفي���ذي واالجابة على‬ ‫كل تس���اؤالت الليبيني عن املبالغ املختلس���ة‬ ‫واملهربة واعط���اء احلكومة املؤقتة صالحيات‬ ‫كامل���ة وم���ن مت مس���اءلتها ع���ن تقصريه���ا‬ ‫اضاف���ة اىل العمل على تأكي���د دولة القانون‬ ‫وتفعي���ل ال���دور الوطنى للجيش والش���رطة‬ ‫وتأكيد سيادة القانون وقدسية القضاء حتى‬ ‫يتمكن من اجراء حماكم���ات عادلة ونزيهة‬ ‫وفق���اً للمعايري املتعارف عليه���ا دولياً واعتبار‬ ‫س���نة ‪ 2013‬س���نة للمصاحل���ة الوطنية فان‬ ‫غ���ض املؤمت���ر الوطن���ى الع���ام انظ���اره عم���اّ‬ ‫يصدر من بنغ���ازي باعتبارها مطالب وطنية‬ ‫فان اش���واك الصبار قد تدمى أعني القاطنني‬ ‫ف���ى فن���ادق ريكس���وس والقصور وه���ى امور‬ ‫ال نتمن���ى الوصول هل���ا مهما كان���ت النتائج‬ ‫فاملكاسب التى حتققت جيب احملافظة عليها‬ ‫واهمه���ا املؤمت���ر الوطن���ى الع���ام واحلكوم���ة‬ ‫املؤقت���ة اال ان مدينة الصرب قد تؤجل اش���واك‬ ‫صباره���ا عندم���ا يتحصن القادة السياس���يون‬ ‫باالس���تجابة للمطالب الوطنية الصادرة عن‬ ‫((بنغ���ازي الوطن)) التى حافظت اىل حد االن‬ ‫على خطوط محراء من ش���أنها احلفاظ على‬ ‫املكاس���ب الش���رعية فى بني���ة الدول���ة الليبية‬ ‫كاملؤمت���ر الوطن���ى الع���ام وحكومت���ه املؤقتة‬ ‫الل���ذان يش���كل املس���اس مبكوناتهم���ا اه���داراً‬ ‫للمكاس���ب الت���ى قام���ت ث���ورة ‪ 17‬فرباير من‬ ‫اجلها من ((برنيتشي التى التلني )) ‪.‬‬ ‫ان ش���رعية املؤمت���ر الوطن���ى الع���ام الت���ى‬ ‫الخيتل���ف عليه���ا الليبي���ون مصحوب���ة‬ ‫مبحافظته على املشروعية التى يستمد منها‬ ‫شرعيته فاملش���روعية تعنى حتقيق االهداف‬ ‫املنوط���ة به وع���دم االحنراف عنه���ا فاذا حقق‬ ‫املؤمتر الوطن���ى العام مش���روعيته من خالل‬ ‫حتقيق الواجبات امللقاة على عاتقه فشرعيته‬ ‫أمر يشد عليه الليبيون بالنواجد ‪.‬‬ ‫طرابلس فى ‪3013/2/20‬‬


‫‪22‬‬

‫ميادين الفن‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫خليل العرييب‬

‫مهرجان الشاشة العربية املستقلة‬

‫من أفالم‬ ‫املهرجان‬

‫حممد خملوف‬

‫فتحي بدر‬ ‫سعاد خليل‬

‫وس���ط حضور مجاه�ي�ري كبري إكتظت‬ ‫به���م قاعة س���ينما الفي���ل بالقري���ة العائلية‬ ‫بقاريونس مبدينة بنغازي وبرعاية اجمللس‬ ‫احمللي ملدينة بنغازي إنطلقت مساء الثالثاء‬ ‫املاض���ي فعالي���ات مهرجان الشاش���ة العربية‬ ‫املس���تقلة يف دورت���ه الثالثة ( ال���دورة األولي‬ ‫أقيمت بربيطاني���ا ‪ ، 1999‬وال���دورة الثانية‬ ‫أقيم���ت بقط���ر ‪ ، ) 2001‬ويق���ول مؤس���س‬ ‫ومدي���ر املهرجان املخرج الس���ينمائي حممد‬ ‫خمل���وف ‪ :‬لق���د كان حل���م وأن���ا يف املنف���ي‬ ‫ب���أن أقيم مهرجان للس���ينما يف ب�ل�ادي ليبيا‬ ‫وحتديدا يف مدينيت بنغازي ‪ ،‬مهرجان يلتف‬ ‫حول���ه اهل���واة واحملرتف�ي�ن لع���رض أفالمهم‬ ‫وهواجسهم وإحباطاتهم وأحالمهم والتعبري‬

‫حبرية ‪ ،‬حرية التعبري السياسية ومعاجلتها‬ ‫مرئي���ا واجب���ة ومهم���ة ‪ ،‬ويضي���ف حمم���د‬ ‫خمل���وف ب���أن املهرجان���ات الس���ينمائية نواة‬ ‫حلرك���ة مهم���ة حتتاجها الش���عوب لتوثيق‬ ‫التاري���خ وتس���جيل تفاصي���ل جمتمعاته���ا‬ ‫وأحداثها ‪.‬‬ ‫ويأتي هذا املهرجان متزامنا مع الذكري‬ ‫الثانية لثورة ‪ 17‬فرباير اجمليدة مبش���اركة‬ ‫حملي���ة وعربي���ة وعاملية م���ن تونس ومصر‬ ‫والعراق واليمن واجلزائر والسودان واملغرب‬ ‫وبريطانيا وإيرلندا وفرنسا وأملانيا باإلضافة‬ ‫إل���ي عش���رات املخرج�ي�ن الش���باب الليبيني ‪،‬‬ ‫وجس���دت غالبي���ة ه���ذه األف�ل�ام املش���اركة‬ ‫أحداث ثورات الربيع العربي ‪.‬‬

‫أفتت���ح املهرج���ان بع���روض م���ن اليم���ن‬ ‫ومص���ر واجلزائ���ر وليبيا ‪ ،‬هذا وس���تتواصل‬ ‫عروض املهرجان ملدة مخس���ة أي���ام تتخللها‬ ‫ورش عم���ل فني���ة ح���ول فن���ون التصوي���ر‬ ‫الفوتوغرايف واإلضاءة والتصوير السينمائي‬ ‫والتلفزيون���ي وتقني���ات التصوي���ر بالفيديو‬ ‫وفن���ون املونتاج والتقنيات واملؤثرات الرقمية‬ ‫واجلرافي���ك التلفزيون���ي وفن���ون وتقني���ات‬ ‫الرس���وم املتحرك���ة والس���ينما املس���تقلة‬ ‫واإلخراج السينمائي ‪ ،‬وتتكون جلنة التحكيم‬ ‫ألفالم املسابقة من التونسي املهندس نعمان‬ ‫بن عبداجمليد واملخرج اللييب عصام طرخان‬ ‫‪ ،‬وقامت ادارة املهرجان بإطالق إس���م الشهيد‬ ‫مهدي زيو علي إحدي جوائز املهرجان ‪.‬‬

‫مهرجان للرتاث الشعيب‬ ‫فيل���م زه���رة الصب���ار ‪ :‬إخ���راج فتح���ي داوود‬ ‫سليمان‬ ‫يتح���دث الفيلم ع���ن مس���اوي النظ���ام يف ليبيا‬ ‫قبل س���تة أش���هر من إنطالقة ثورة ‪ 17‬فرباير‬ ‫من حيث قمع الصحافة والفنون عامة وحاجة‬ ‫املواطن اللييب إلي احلرية واحلياة الكرمية وقد‬ ‫إنتزعها شباب ثورة فرباير ‪ ،‬وينتهي الفيلم يوم‬ ‫‪ 18/2/2011‬أي قبل سقوط كتيبة بنغازي‬ ‫بيوم�ي�ن وم���ع س���قوط أول ش���هيدين أحده���م‬ ‫أمسر من اجلنوب واآلخر أبيض من الشمال ‪.‬‬ ‫إخ���راج حمم���د‬ ‫•فيل���م الغلط���ة ‪:‬‬ ‫بودجاجة‬ ‫فك���رة الفيل���م قائمة عل���ي مش���اركة ليبيا يف‬ ‫املهرج���ان العامل���ي للش���باب ومن خ�ل�ال توثيق‬ ‫احلدث مت تطوير الفكرة حبيث محل الشريط‬ ‫إس���م ( الغلط���ة ) وه���ي أن معرض ج���ادو علي‬ ‫إمتداد رحلته رفض الدعم ملا حيمله من إحتواء‬ ‫وهل���ذا س���دت يف طريق���ه املناف���ذ وعندما حدث‬ ‫اإلحتي���اج جلأ املؤمت���ر الطالبي ملع���رض جادو‬ ‫مضطرا فكانت املشاركة ذات القيمة البالغة ‪.‬‬ ‫• امل���رأة يف الث���ورة الليبي���ة‪ :‬إخراج فاطمة‬ ‫موسوي‬ ‫فيل���م يس���رد قص���ة الث���ورة الليبية م���ن خالل‬ ‫عيون امل���رأة الليبي���ة‪ :‬فدوي وهاج���ر وكميلة‬ ‫وفائزة ونرج���س واألخريات جيعلننا نكتش���ف‬ ‫ش���جاعتهن وتضامنه���ن مع الث���وار الذين أنهوا‬ ‫عه���د القذايف بعد ‪ 42‬عاما من احلكم احلديدي‬ ‫وكيف إشرتكت هؤالء النس���وة يف الثورة مع‬ ‫الرجال يف مدن مثل مصراته والزنتان وبنغازي‬ ‫وطرابلس ‪.‬‬

‫ضمن إحتفالية بنغازي عاصمة للثقافة‬ ‫الليبي���ة ‪ 2013‬اليت س���تنطلق فعالياتها يوم‬ ‫‪ 19‬مارس وتتواصل علي مدار العام ‪2013‬‬ ‫وتش���مل العدي���د م���ن الربام���ج واألنش���طة‬ ‫واملهرجان���ات الثقافي���ة والفني���ة ‪ ،‬حي���ث من‬ ‫احملتم���ل أن يتضمن ه���ذا الربنامج مهرجان‬ ‫للرتاث الشعيب اللييب والذي يهدف إلي إحياء‬ ‫الرتاث الش���عيب اللييب األصيل والتعريف به‬ ‫ونش���ره بأعتباره ج���زء من اهلوي���ة الثقافية‬ ‫الليبية بش�ت�ي مكوناتها م���ن طوارق وأمازيغ‬ ‫وتب���و وع���رب ليبيني ‪ ،‬وحيت���وي برنامج هذا‬ ‫املهرجان علي معارض للمقتنيات الش���عبية‬ ‫م���ن خمتل���ف املناط���ق الليبي���ة ومع���ارض‬ ‫لألزياي الشعبية التقليدية للرجال والنساء‬ ‫م���ن كافة امل���دن والقري الليبي���ة وكذلك‬ ‫معرض لآلالت املوس���يقية الش���عبية الليبية‬ ‫وعروض لفرق الفنون الش���عبية من جنوب‬

‫البالد وشرقها ومشاهلا وغربها وتتخلل هذا‬ ‫املهرج���ان ندوة ثقافية علمية حول اس���اليب‬

‫((محدا هلل على السالمة ))‬

‫محاية الرتاث والفنون الش���عبية مبشاركة‬ ‫خرباء ومتخصصني ليبيني وعرب‪.‬‬

‫تعرض خالل األيام املاضية الفنان عبد الرحيم عبد املوىل لوعكة صحية‬ ‫الزمته الفراش لعدة أيام واجتازها حبمد اهلل وسالمته يذكر أن الفنان‬ ‫عبد الرحيم عبد املوىل قدم الكثري من األعمال الرائعة سواء يف املسرح أو‬ ‫التلفزيون وقد مت تكرميه مؤخرا يف مهرجان املس���رح الكوميدي مبدينة‬ ‫بنغازي‬ ‫ميادين‬


‫ميادين الرياضة‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬

‫أمحد بشون‬

‫كلمة العدد‬

‫حممد مسعود (كوكو)‬

‫أفضل من كان جييد ضربات الرأس‬ ‫يف عصر الكرة الفضي‬ ‫فتحي الساحلي‬

‫ان الكتاب���ة ع���ن ه���ذا الالع���ب جعلتين‬ ‫احب���ث يف الس���جالت و الوثائ���ق ال�ت�ي‬ ‫حبوزت���ي عس���ى ان اج���د ل���ه اي نش���اط‬ ‫رياض���ي لفرتة االس���تعمار االيطالي فلم‬ ‫اعثر على امسه ‪.‬‬ ‫اع���رف ان���ه م���ن موالي���د منتص���ف‬ ‫عش���رينات القرن املاضي ‪،‬وهذا يعين بأن‬ ‫حرك���ة الق���ال اليت بدأت ع���ام ‪ 1937‬م‬ ‫كان عمره يسمح له بأن ينظم اىل فرق‬ ‫(القال)‪،‬خاصة وانه كان ميتلك موهبة‬ ‫كروي���ة كب�ي�رة ‪،‬و هلذا اس���تغربت من‬ ‫ع���دم اش�ت�راكه يف ف���رق (القال)مع انه‬ ‫كان معاص���را لالعبني (اتعوله ش���توان)‬ ‫و(حمم���د العلواني)الذي���ن انظم���ا اىل‬ ‫فريق (القال)الطلبة منذ عام ‪ 1938‬م ‪.‬‬ ‫ان الوثيق���ة الوحي���دة ال�ت�ي تذك���ر‬ ‫نش���اطه الك���روي ه���ي م���ا ذك���ره رائ���د‬ ‫الصحاف���ة الرياضية (مفت���اح الدراجي)‬ ‫يف خمطوط���ة (تاريخ الرياضة يف برقة)‬ ‫اذ يقول ‪(-:‬ان هذا الالعب ش���ارك يف ‪84‬‬ ‫مب���اراة مع منتخ���ب بنغ���ازي و ذلك من‬ ‫ع���ام ‪ 1943‬م و حت���ى ع���ام ‪ 1955‬م) و‬ ‫ه���ذا يعين انه قد بدأ نش���اطه الكروي مع‬ ‫افتت���اح (مجعية عمر املختار)و تأس���يس‬ ‫فريقها عام ‪ 1943‬م و اليت كان فريقها‬ ‫مع بعض التحفظ ميثل منتخب مدينة‬ ‫بنغازي ‪.‬‬ ‫ه���ذا الالعب الفنان كان يتمتع بطول‬ ‫ف���اره و ق���درة فائق���ة عل���ى لع���ب الك���رة‬ ‫بال���رأس حتى انه تب���وأ لقب افضل العب‬ ‫كرة قدم جييد االرتقاء و تسديد الكرة‬ ‫برأسه و تسجيل االهداف ‪.‬‬ ‫اضافة اىل كل هذا كانت له ملس���ات‬ ‫رائع���ة بقدم���ه ‪،‬فه���و العب فن���ان جييد‬ ‫اس���تقبال الك���رة و مداعبته���ا ومتريرها‬ ‫مبنتهى احلرفنة ‪.‬‬ ‫لقد كانت اخالقه العالية وراء عالقته‬ ‫املتميزة مع زمالئه يف امللعب و خارجه ‪.‬‬ ‫ب���دأ حيات���ه يف ح���ي الصاب���ري العتيق‬ ‫ال���ذي ق���دم للك���رة الليبي���ة الكث�ي�ر م���ن‬ ‫املواه���ب الكروي���ة ‪ ..‬و يف ع���ام ‪ 1943‬م‬ ‫ش���ارك م���ع فري���ق العم���ال بدكاكني‬ ‫محيد الذي كان يرأس���ه االستاذ حممد‬ ‫ف���رج االوجل���ي مح���ي و يش���رف علي���ه‬ ‫االستاذ علي بوسنينة ‪.‬‬

‫و كان يلع���ب للفري���ق ‪ ..‬ص���احل‬ ‫تيك���ة ‪،‬حممد الش���ارده ‪،‬حمم���د احلداد‬ ‫اقعي���م ‪،‬عل���ي عثم���ان الس���احلي ‪،‬حس���ن‬ ‫خليل ‪،‬س���ليم بوس���يف حممد الفيتوري‬ ‫البكوش ‪،‬احلويلي‪.‬‬ ‫و بعد تأس���يس فري���ق احتاد الصابري‬ ‫انض���م الي���ه ‪،‬ثم اصب���ح العب���ا رمسيا يف‬ ‫منتخ���ب مدينة بنغ���ازي يف مركز قلب‬ ‫اهلج���وم و كان يعتم���د علي���ه يف الكرات‬ ‫العالي���ة ال�ت�ي كان يرفعه���ا الالع���ب‬ ‫االسطورة (اتعوله شتوان)‪.‬‬ ‫س���افر (كوكو)ع���ام ‪ 1945‬م م���ع‬ ‫منتخب اجلمعية اىل مصر و لعب هناك‬ ‫يف املبارات�ي�ن اللتني اجرهم���ا الفريق مع‬ ‫االهلي املصري و الرتس���انة و قدم ملسات‬ ‫رائع���ة برفقة اتعوله و العلواني و غريهم‬ ‫م���ن الع�ب�ي الزم���ن الفض���ي يف بداي���ة‬ ‫اخلمس���ينيات و بع���د ان اقفلت اجلمعية‬ ‫انض���م (كوك���و)اىل فري���ق النجم���ة‬ ‫برفقة الالعبني ابراهيم العفاس منصور‬ ‫بن كاطو ‪،‬امحد فنه ‪،‬بن عيسى اجلربي‬ ‫‪،‬خمت���ار الغناي امبارك البس���يوني ‪،‬فرج‬ ‫دنق���ه ‪،‬و علي الرتكي و قدم هذا الفريق‬ ‫مباريات رائعة يف دوري مدينة بنغازي ‪.‬‬ ‫و كان���ت تربطه مع الالعب مربوك‬ ‫البس���يوني صداقة كب�ي�رة و كان دائم‬ ‫االتص���ال به حتى بع���د ان ترك كالهما‬ ‫لعب كرة القدم‪.‬‬ ‫ام���ا لق���ب الش���هرة (كوكو)فيق���ال‬ ‫ان���ه يف ف�ت�رة االس���تعمار االيطالي يوجد‬ ‫العب ايطالي امسه (كوكو)جييد لعب‬ ‫كرة القدم برأسه فأطلق اجلمهور على‬ ‫الالعب اللييب حممد مسعود هذااللقب ‪.‬‬ ‫عندما كنت صغريا كثريا ما اشاهده‬ ‫ف���وق دراجت���ه بقامته الطويلة و بش���رته‬ ‫الس���مراء و الش���نة احلم���راء فوق رأس���ه‬ ‫تلك اليت عرف بها س���كان مدينة بنغازي‬ ‫و كان مي���ر علين���ا يف ش���ارع بن عيس���ى‬ ‫ويسلم على والدي الذي يقول لي ‪(-:‬هذا‬ ‫افضل من لعب كرة القدم برأسه )‪.‬‬ ‫و يف اعتق���ادي ان افضل ثالثة العبني‬ ‫جيي���دون لعب الك���رة بال���رأس يف عصر‬ ‫الكرة الفضي هم ‪.‬‬ ‫‪ -1‬حمم���د مس���عود (كوكو)الع���ب‬ ‫النجمة القدمية ‪.‬‬

‫‪ -2‬رمضان االسود العب الطليعة ‪.‬‬ ‫‪ -3‬خمت���ار الغن���اي الع���ب النجم���ة‬ ‫القدمية ‪.‬‬ ‫الص���ورة االوىل الرتق���اء رائ���ع من قبل‬ ‫الالع���ب (كوك���و)و ال�ت�ي تظه���ر مدى‬ ‫قدرت���ه عل���ى القف���ز يف اهل���واء و ارتف���اع‬ ‫رجلي���ه ع���ن االرض و اجتاه رأس���ه حنو‬ ‫املرم���ى و الص���ورة الثانية متث���ل بطاقة‬ ‫ن���ادي العم���ال بالصابري ع���ام ‪ 1944‬م‬ ‫و ه���و النادي ال���ذي بدأ في���ه (كوكو)و‬ ‫هي ختص س���كرتري النادي االستاذ علي‬ ‫بوسنينة ‪.‬‬ ‫حتي���ة ح���ب و اعج���اب و تقدي���ر هل���ذا‬ ‫الالعب الرائع ال���ذي امتع مجهور كرة‬ ‫الق���دم بفنه و اهدافه اجلميلة اليت كان‬ ‫حي���رز اغلبه���ا برأس���ه الذه�ب�ي يف ذل���ك‬ ‫الزمن الفضي‬

‫‪23‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪11‬‬

‫مرة اخرى‬ ‫االختصاصات واضحة ‪!!..‬‬ ‫اع���ود م���رة اخ���رى اىل الكتاب���ة يف ه���ذا‬ ‫املوضوع بعد ان ش���اهدت برناجما مرئيا يف‬ ‫قن���اة ليبيا الرياضية ح���ول عالقة اللجنة‬ ‫االوملبي���ة ب���وزارة الش���باب و الرياض���ة ‪،‬بل‬ ‫ان االخت�ل�اف يف ال���رأي وص���ل اىل درجة‬ ‫الطعن يف القرارات و كل طرف متمسك‬ ‫برأي���ه و لدي���ه من يدافع عن ه���ذا الرأي ‪..‬‬ ‫و كلن���ا نقر ان االخت�ل�اف يف الرأي ليس‬ ‫عيبا بل هو ش���ئ طبيع���ي و منطقي و لكن‬ ‫الغ�ي�ر منطقي ان يكون ه���ذا اخلالف على‬ ‫ام���ور حس���متها االنظم���ة الدولي���ة ‪،‬مث���ل‬ ‫(النظ���ام االومليب)و(امليث���اق االومل�ب�ي)و‬ ‫(النظام االساسي للجنة االوملبية الليبية)‪.‬‬ ‫و ال حيت���اج االم���ر اىل اجتهادات و ال جيب‬ ‫ان يرتتب علي���ه اختالفات ‪..‬خاصة و حنن‬ ‫نعد العدة و نرتب االمور استعداد لتنظيم‬ ‫اس���تحقاق (بطولة افريقيا لكرة القدم)‪،‬و‬ ‫هي فرتة ليست بعيدة كما يعتقد البعض‬ ‫ذل���ك فعلينا ان نع���ود اىل مراجعة النظم و‬ ‫القوان�ي�ن اليت حتدد كل ه���ذه االمور و ال‬ ‫نذه���ب اىل ط���رق جانبي���ة ‪،‬و ان نبتعد عن‬ ‫االنفع���ال و رفع االصوات ‪،‬و جيب ان تكون‬ ‫حواراتنا هادفة و متزنة و منطقية وتتسم‬ ‫بالش���فافية و ال���روح الرياضي���ة و احرتام‬ ‫ال���رأي االخ���ر و ال نذهب به���ذه اخلالفات‬ ‫ان وجدت اىل وسائل االعالم ‪،‬بل نلتقي يف‬ ‫ه���دوء و نتحاور باح�ت�رام الن ليبيا احلرة‬ ‫حتت���اج هل���ذا حت���ى نس���تطيع حتقي���ق ما‬ ‫نصبوا اليه ‪.‬‬

‫اللقب العصي !!‬

‫فرج العقيلي‬

‫فري���ق االهل���ي بنغ���ازي للك���رة الطائرة اكث���ر الفرق‬ ‫احرازا لأللقاب يف مس���ابقاتنا احمللية حيث احرز البطولة‬ ‫تس���ع مرات بفض���ل املخلصني من ابن���اء االهلي يف جمال‬ ‫االدارة و التدري���ب اضاف���ة اىل ما بذل���ه الالعبني من جهد‬ ‫و عطاء‪.‬‬ ‫الكل يطمح اىل احراز اللقب العاش���ر لكنه استعصى على‬ ‫االهل���ي من���ذ موس���م ‪ 2008‬م ألس���باب عدي���دة كان من‬ ‫املمكن تفاديها و اجياد احللول املناسبة هلا ‪.‬‬ ‫فريق االهلي للكرة الطائرة و مجاهريه الوفية املصاحبة‬ ‫له يف كل مكان يطمحون إلحراز اللقب العاشر ‪.‬‬ ‫فه���ل س���يحقق االهالوي���ون ه���ذه االمني���ة ال�ت�ي ط���ال‬ ‫انتظارها ؟‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 26 ( - ) 94‬فبراير‪ 4 -‬مارس ‪)2013‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.