الثقافة

Page 1

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫ميادين الثقافة‬

‫‪09‬‬

‫رئيس التحرير‪ :‬خلود الفالح‬

‫ملحق العدد‬


‫‪02‬‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫‪ 7‬كتب رّ‬ ‫غيت حياة القراء‬

‫تلوحية أوىل‬

‫السقوط يف احلب‬

‫مجال القصاص‬ ‫ُ‬ ‫أربعة أيامٍال تكفي‬ ‫ً‬ ‫تطبع قبلة فوق شفة اإلسكندرية‬ ‫لكي َ‬ ‫لكي َ‬ ‫نزهة على الكورنيش‬ ‫تأخذ احليا َة يف ٍ‬ ‫َ‬ ‫أحسنت والدة امسي !‬ ‫وتقول هلا‪:‬‬ ‫ِ‬

‫رامز النويصري‬

‫العاشق‬ ‫كب ْت شجر ُة‬ ‫رُ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الشمس ف َت َح ْت دفرت َها مبكرا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يزركش اخلدو َد‬ ‫والرزا ُز‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫البنات يتخط َ‬ ‫َ‬ ‫املواعيد‬ ‫فن‬ ‫والغيم ينث ُر شيال َنهُ‬ ‫ُ‬ ‫الشبابيك‬ ‫خيبئها يف ظالل‬ ‫ِ‬ ‫ويعلو ‪.‬‬ ‫أحتر َر من نفسي‬ ‫ُ‬ ‫سأحتاج أن َّ‬ ‫فتنة الطقس‬ ‫من ِ‬ ‫مصادفة ُ‬ ‫تقول‪:‬‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫أنا الوجو ُد ‪ /‬أنا اللغة ‪ /‬أنا الشع ُر‪/‬‬ ‫احلب‪.‬‬ ‫أنا ّ‬ ‫لعقة ُ‬ ‫ُ‬ ‫سأحتاج ِم ً‬ ‫تكشط احلن َ‬ ‫ني‬ ‫تعرف كيف‬ ‫ُ‬ ‫كيف جتعله شاهدًا‬ ‫الف َ‬ ‫ال يشبه َ‬ ‫راش‬ ‫أو الدَّم َع َة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫لشفة ن ِس َيهَا النوم ‪.‬‬ ‫ينتحل األعذا َر‬ ‫أو‬ ‫ٍ‬

‫النساء‬ ‫كل النساء مجيالت‬ ‫اللواتي عرفت‬ ‫واللواتي متنيت معرفتهن‪،‬‬ ‫واللواتي مل أعرف‪.‬‬ ‫كل النساء أصواتهن مجيلة‪،‬‬ ‫المسي حلن خاص –وبهيج‪ -‬على شفاههن‪.‬‬ ‫ترتيب‬ ‫هذا أنا أداري ارتباكي عند حافة البنفسجي‬ ‫أقتل صوراً قدمية‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫احتمال واحد‬ ‫أن نستمر‬ ‫أن نبحث عن إجابة‪ ،‬ونقتل غريزة السؤال‪.‬‬ ‫إقرار‬ ‫مل يعد يف اجلراب شيء‬ ‫ُ‬ ‫األمنيات ف ّرت‪ ،‬واألحال ُم باردة‬ ‫ووجهي باهت‪.‬‬ ‫ليس غري الريح يف يدي‬ ‫وقليب هوااااااااء‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫طرابلس‪2014-1-15 :‬‬

‫أربعة أيام ال تكفي لكي َ‬ ‫يقول شاع ٌر‪:‬‬ ‫ُ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫مل‪ /‬يا مقهى البورصة‪/‬‬ ‫ُ‬ ‫صباح اخلري يا حمطة َّ‬ ‫الر ِ‬ ‫َ‬ ‫كفافيس‪/‬‬ ‫صباح اخلري يا‬ ‫الفنون‪/‬‬ ‫جدارية‬ ‫يا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اخلري يا بائ َع َة الفريسكا‪ /‬يا شارع النيب دانيال‪/‬‬ ‫صباح‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫املكنسة ‪ /‬صباح اخلري يا حدائق املنتزه‪/‬‬ ‫نو َة‬ ‫صباح اخلري يا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ش ِّ‬ ‫تتحر ُ‬ ‫بظلها ‪/‬‬ ‫ُ‬ ‫صباح اخلري يا يدًا ًّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫غسلت ثد َيهَا بالزبد ‪/‬‬ ‫صباح اخلري يا امرأ ًة‬ ‫ُ‬ ‫صباح اخلري أيها الصيادون‪..‬‬ ‫الس َ‬ ‫املوال‬ ‫تالعبون َّ‬ ‫مك بر ّنة ِ‬ ‫ومرايا الشطوط‪.‬‬ ‫هذا آخ ُر َّ‬ ‫النرد‬ ‫ُ‬ ‫تذهب إىل االمتحان‬ ‫اإلسكندرية‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ربطت الفنا َر يف املتحف‬ ‫ْ‬ ‫وصرخت ‪:‬‬ ‫ال شي َء يشبهين‪.‬‬ ‫تبك من أجلي‬ ‫قلت‪ :‬ال ِ‬ ‫أنت اليت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الشائخ‬ ‫بضلعك‬ ‫أسندني‬ ‫ِ‬ ‫جنب واح ٍد‬ ‫رمبا أعرف كيف أنا ُم على ٍ‬ ‫رمبا ال ُ‬ ‫السقف ‪.‬‬ ‫يبلغ الور ُم ّ‬ ‫يف املرسم ‪..‬‬ ‫نام ُ‬ ‫املالك يف رغوة اإلسكتش‬ ‫عجل‪ -‬ينكشون الرتبةَ‬ ‫مفتشو‬ ‫ِ‬ ‫اللعنات‪ -‬على ٍ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واللحن واألغنية‬ ‫األوصال‬ ‫يقطعون‬ ‫كأس ُه األخريةَ‬ ‫ُ‬ ‫العرافة‪ :‬هنا مل‬ ‫حيتس اإلسكند ُر َ‬ ‫قالت ًّ‬ ‫ِ‬ ‫مل يدفن أفلوط َ‬ ‫ني وصي َت ُه‪..‬‬ ‫عاصفة مل حتسن ُّ‬ ‫الن َ‬ ‫طق‬ ‫جمر ُد‬ ‫ٍ‬ ‫حص ُة املوسيقى ‪.‬‬ ‫جمر ُد‬ ‫صرخة فاتتها َّ‬ ‫ٍ‬ ‫انث َن ْت فوق ركبة املوج‬ ‫تشد اخليطَ‬ ‫الورقية ُّ‬ ‫طائر َتهَا‬ ‫َّ‬ ‫تدحر َجتْ‬ ‫واخلطوط‬ ‫غاب ٌة من األلوان‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يف ّ‬ ‫الريح‬ ‫كف ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫هيا ‪ ..‬اضربي الفرشاة بقو ٍة‬ ‫أنا ُ‬ ‫فراغ ِك‬ ‫ابتسامتك‬ ‫مجَ ْ ُد‬ ‫ِ‬ ‫الصورةُ‬ ‫ُّ‬ ‫قليل ستشف ُّ‬ ‫بعد ٍ‬ ‫ُ‬ ‫سنرحل يف مصفاة َّ‬ ‫الشمعِ‬

‫انتبهي‪..‬‬ ‫ِّ‬ ‫الشرا ُع يدو ُر على نفس ِه‬ ‫القبلة شرنقة الروح‬ ‫ً‬ ‫نائمة‬ ‫اتركيها‬ ‫ال توقظيها‬ ‫وحده سيطفو احلري ُر‬ ‫ري‬ ‫تطفو األناشي ُد ‪..‬العصاف ُ‬ ‫ُ‬ ‫يشقشق اجملرى ‪.‬‬ ‫سريال ًيا يفور اإلنا ُء‪..‬‬ ‫تلوحي ُت َك األوىل‬ ‫خطفتين من عمري‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وبكيت‬ ‫وضعت رأسي فوق زمين‬ ‫َّ‬ ‫كأن َك أنا‬ ‫ِّ‬ ‫الصوت‬ ‫كأني أول ُد من معجزة‬ ‫ِ‬ ‫من شهقة املدى‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ألعلى‪ُّ ..‬‬ ‫اللوحة‬ ‫أشد‬ ‫للداخل‪ ..‬أراوغها‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫وهندسة ُّ‬ ‫َ‬ ‫ريان‬ ‫القلب‬ ‫أعل ُمهَا َ‬ ‫الش ِ‬ ‫رسم ِ‬ ‫السطحِ‬ ‫أغفو فوق َّ‬ ‫الر َ‬ ‫يش َة‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫أغمس ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األحبا ُر مشاعل ال ترى‬ ‫جغرافيا ِّ‬ ‫وعرائس‬ ‫نيئ ٌة‬ ‫ُ‬ ‫متشي فوق املاء‪.‬‬ ‫أنا ظمآن ٌة‬ ‫َّ‬ ‫كعكيت َجف عش ُبهَا‬ ‫أعرف من أين أبدأُ‬ ‫ال ُ‬ ‫وال كيف أنتهي‬ ‫تقش ْ‬ ‫فوق ضلعي َّ‬ ‫ُ‬ ‫األلوان‬ ‫رت‬ ‫ُ‬ ‫الليل َخ َل َع ِم ْع َط َفهُ‬ ‫كغريب على العائلة‪.‬‬ ‫وذاب‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫==‬ ‫** من ديوان جديد للشاعر بعنوان " حمطة الرمل"‪.‬‬

‫‪03‬‬

‫عال عنان‬ ‫كث�ي�رة هي عناوين الكتب اليت جتذبنا لقراءتها‪،‬‬ ‫وتتع���دد األذواق عن���د اختي���ار الن���وع املفضل من‬ ‫الكتابات اليت حتوز على إعجابنا ونش���عر بأننا قد‬ ‫قضين���ا برفق���ة صفحاتها وق ًتا ممت ًع���ا‪ .‬ولكن هل‬ ‫ترتك كل الكتب اليت نقرأها نفس التأثري علينا؟‬ ‫توجهنا ألصدقائنا من القراء الش���باب وس���ألناهم‬ ‫ع���ن الكتب اليت غ�ّي�رّ ت حياتهم وتركت تأثريا ال‬ ‫يُنسى يف داخلهم‪.‬‬ ‫‪ 1984‬جورج أورويل‬‫ه���ي رواية صدرت ع���ام ‪ ,1949‬وتعت�ب�ر من أهم‬ ‫أعمال الكاتب الربيطاني جورج أورويل (‪1903-‬‬ ‫‪ .)1950‬يق���ول مهن���د س���عد‪ :‬كات���ب وم���دون‬ ‫فلس���طيين مقيم يف األردن‪" :‬هذا الكتاب كان له‬ ‫الفضل يف تغيري تفكريي باملطلق‪ ،‬فقد صنع نقلة‬ ‫نوعية يف شكل قراءاتي وأصبحت أدقق يف اختيار‬ ‫ما س���أقرأ من بع���ده‪ .‬فاحتواؤه على ه���ذه الكمية‬ ‫من االستشرافية للمستقبل السياسي اليت غريت‬ ‫اهتماما‬ ‫نظرتي للسياس���ة العاملية جعلتين أكثر‬ ‫ً‬ ‫بالكت���ب ال�ت�ي تتحدث ع���ن الوعي البش���ري وعن‬ ‫تأثري السياسة يف تشكيل حياة الشعوب"‪.‬‬ ‫ويضي���ف مهن���د‪" :‬تأث���رت بش���دة وازداد تعّلق���ي‬ ‫ُ‬ ‫علمت أن الكاتب كان حيتضر يف‬ ‫بالكتاب عندما‬ ‫حلظات كتابته هلذا الكتاب‪ ،‬فهو كان مس���تعدا‬ ‫إلهمال صحته وحياته والتضحية بهما يف سبيل‬ ‫فك���رة يري���د كتابتها‪ ،‬ويف س���بيل فك���رة تضغط‬ ‫على عقلك‪ ،‬وهذا ش���يء يستحق مين كقارئ أن‬ ‫ريا"‪.‬‬ ‫أتأمله وأقف عنده كث ً‬ ‫قواعد العشق األربعون – إليف شافاق‬ ‫صدرت هذه الرواية عام ‪ 2009‬للكاتبة الرتكية‬ ‫إلي���ف ش���افاق‪ ,‬وتناول���ت ش���خصية موالنا جالل‬ ‫الدي���ن الروم���ي وصداقت���ه بالص���و ّ‬ ‫يف مش���س‬ ‫التربي���زي‪ ,‬ومن خ�ل�ال صداقتهم���ا نتعرف على‬ ‫جناحا‬ ‫أربعني قاعدة للعش���ق‪ ،‬ونالت هذه الرواية ً‬ ‫وانتشا ًرا واس ًعا حول العامل‪.‬‬ ‫قال���ت عنها املدون���ة املغربية‪ ،‬س���ناء الربكي‪" :‬مل‬ ‫يكن كت���اب “قواع���د العش���ق األربع���ون” كتابًا‬ ‫كث�ي�را وتغ�ي�رت بفضله‬ ‫عاب��� ًرا‪ ،‬ب���ل اس���توقفين‬ ‫ً‬ ‫نظرتي ألشياء كثرية‪ .‬فقد كنت دائمة الشعور‬ ‫بأن هنالك ش���ي ٌء من التناق���ض أو حلقة مفقودة‬ ‫ُ‬ ‫س���افرت‬ ‫يف ثقاف�ت�ي وفك���ري الديني�ْي�نْ ‪ ،‬وبعد أن‬ ‫ووقف���ت عل���ى اخت�ل�ايف م���ع مس���لمني متدينني‬ ‫تأكدت أن هناك فع ً‬ ‫ال ش���يء ما ينقصين‪ ،‬ولكنين‬ ‫مل أكن أجرؤ على جمرد التفكري يف تقييم مدى‬ ‫ُ‬ ‫تلقيت م���ن تربي���ة ديني���ة"‪ ،‬وأضافت‪:‬‬ ‫صحة م���ا‬ ‫ُ‬ ‫تعرف���ت بفضله على‬ ‫"عندم���ا ق���رأت هذا الكت���اب‬ ‫أولئ���ك الذين ال يفاضلون بني الناس مبظاهرهم‬ ‫وال دياناته���م وال مراكزه���م وس���لطتهم؛ أولئك‬ ‫الذي���ن يطيعون اهلل عن حب ولي���س عن خوف أو‬ ‫ريا وال‬ ‫طم���ع يف امللذات؛ أولئك الذين يعطون كث ً‬ ‫ينتظرون ش���ي ًئا‪ ،‬الذي���ن انتص���رت أرواحهم على‬ ‫أجس���ادهم‪ .‬أحسس���ت أن فكر املتصوفني متصاحل‬ ‫م���ع فكرة التس���امح واحلب والس�ل�ام ال�ت�ي لطاملا‬ ‫مسعن���ا عنه���ا دون أن نلمس���ها يف حميطن���ا‪ .‬لعله‬ ‫ً‬ ‫طوي�ل�ا يف قراءته‪،‬‬ ‫أكثر كت���اب أخذ م�ن�ي وق ًتا‬ ‫لي���س ألنه طويل ولك���ن ألنين كنت يف حاجة يف‬ ‫كل مرة ألتوقف وأتأمل م���ا جاء فيه‪ ،‬وأواجه به‬ ‫ظالم نفسي وتناقضاتها"‪.‬‬ ‫نقطة زرقاء باهتة – كارل ساجان‬ ‫وه���ذه هي الرتمجة العربية لكتاب “‪Blue Pale‬‬

‫‪ ”Dot‬من تأليف العامل األمريكي كارل ساجان‬ ‫(‪ ,)1934-1996‬وه���و من أش���هر رواد الفضاء يف‬ ‫وعرف مبسلس���له التلفزيوني‬ ‫الق���رن العش���رين‪ُ ،‬‬ ‫الذي يتحدث عن الفلك “كوزموس”‪ .‬يقول عنه‬ ‫اإلعالمي اليمين‪ ،‬مروان املريس���ي‪" :‬الكتاب كما‬ ‫ه���و واض���ح يتحدث ع���ن كوكبنا ال���ذي وصفه‬ ‫الكاتب بـ “جمرد نقط���ة”‪ .‬هذا الكتاب إضافة إىل‬ ‫ما فيه م���ن كم معلومات فلكي���ة مذهلة صاغها‬ ‫املؤل���ف يف قال���ب ممت���ع؛ فإن���ه ق���د جعلين أش���عر‬ ‫بض���رورة التواض���ع‪ .‬فكم ه���و حجمي كإنس���ان‬ ‫يف ه���ذا الك���ون الفس���يح إذا كان الكوكب الذي‬ ‫نتكالب على خرياته هو جمرد نقطة باهتة؟!"‬ ‫ويُذك���ر أن الكت���اب نش���ر باللغ���ة العربي���ة ع���ن‬ ‫سلس���لة “ع���امل املعرف���ة” ال�ت�ي يصدرها ش���هريًّا‬

‫اجملل���س الوط�ن�ي للثقاف���ة والفن���ون واآلداب‬ ‫بالكويت‪.‬‬ ‫قمر على مسرقند – املنسي قنديل‬ ‫صدرت هذه الرواية عام ‪ 2004‬للروائي املصري‬ ‫املنس���ي قنديل‪ ،‬وتدور حول ش���اب مصري س���افر‬ ‫لس���مرقند حب ًثا ع���ن صديق وال���ده القديم‪ ،‬ومن‬ ‫خالل هذه الرحلة يكتش���ف نفس���ه‪ .‬هذا ما قالته‬ ‫مي فتحي‪ ،‬املدونة املصرية عن الكتاب‪ .‬وأضافت‪:‬‬ ‫"كان لقائ���ي به���ذه الرواية مبثاب���ة االنتقال من‬ ‫رواي���ات اجليب إىل ع���امل األدب وبراحه‪ ،‬وال أنكر‬ ‫أن ه���ذه النقلة كانت صعبة على االس���تيعاب يف‬ ‫ُ‬ ‫اندجم���ت فيها‪ ،‬ومن‬ ‫البداية‪ ،‬إال أنين س���رعان ما‬ ‫خالل رحل���ة البط���ل يف البحث عن تاري���خ والده‬ ‫ُ‬ ‫بدأت أن���ا ً‬ ‫أيضا أطرح الكثري من األس���ئلة احمليرّ ة‬ ‫على نفس���ي وعن احلي���اة برمته���ا‪ ،‬كما جعلتين‬ ‫أؤم���ن أن املؤانس���ة أحيا ًنا ق���د تأتينا م���ن ُ‬ ‫حيث ال‬ ‫ندري ومن أبعد األماكن عن ختيلنا"‪ ،‬وقالت مي‬ ‫إن هذه الرواية ش��� ّكلت لديها داف ًع���ا قويًّا للكتابة‬ ‫والتعبري عن نفسها عرب التدوين‪.‬‬ ‫سنة األولني – ابن قرناس‬ ‫وامسه الكامل‪ :‬سنة األولني‪ ،‬حتليل مواقف الناس‬ ‫من الدين وتعليلها للكاتب والباحث السعودي ابن‬ ‫قرناس (‪.)1885-1975‬‬ ‫وعنه أخربنا املدون الفلسطيين‪ ،‬خالد الشرقاوي‪:‬‬ ‫"ت���دور الفك���رة الرئيس���ية للكت���اب ح���ول “س���نة‬ ‫األولني” اليت ذكرت مرا ًرا يف القرآن الكريم من‬

‫باب تذكري املس���لمني مبا حدث مع األمم الغابرة‬ ‫ألخذ العربة‪ .‬ويرى الكاتب أن املسلمني كغريهم‬ ‫م���روا ومي���رون بس��� ّنة م���ن كان قبله���م‪ ،‬وه���ذا‬ ‫يش���مل عدة مواضيع كتفسري آيات اهلل أو اعتماد‬ ‫أحادي���ث النيب عليه الصالة والس�ل�ام إضافة إىل‬ ‫مس���ألة التدين وم���دى وطبيعة التزام املس���لمني‬ ‫بتعاليم دينهم"‪.‬‬ ‫ويضي���ف‪" :‬م���ا أعجب�ن�ي يف الكت���اب ه���و اجله���د‬ ‫البحث���ي الكب�ي�ر واملضين ال���ذي قام ب���ه الكاتب يف‬ ‫إثب���ات حجت���ه‪ ،‬باإلضاف���ة إىل مناقش���ة الكت���اب‬ ‫ملواضي���ع تعت�ب�ر م���ن “احملرمات” ل���دى خمتلف‬ ‫الف���رق االس�ل�امية‪ ,‬ال س���يما موض���وع احلدي���ث‬ ‫النب���وي واعتماده كمصدر للتش���ريع ولتفس�ي�ر‬ ‫الق���رآن الكري���م‪ ،‬كم���ا حي���اول أن يعيد تفس�ي�ر‬

‫بعض آي���ات القرآن الكري���م ومقارنتها بتفاس�ي�ر‬ ‫الس���ابقني حبجة قوية ومنطق مقن���ع‪ ,‬ويعيد يف‬ ‫ه���ذا الطريق ق���راءة أحكام فقهية وح���دود يُعمل‬ ‫به���ا حال ًيا يف خمتلف بالد االس�ل�ام ويف خمتلف‬ ‫مذاهب���ه ليوضح بأنها تعارض ش���رع اهلل الوارد يف‬ ‫القرآن وتزيد عليه أو تنقص وهو ما خيرجها عن‬ ‫الص���واب‪ ،‬هذا الكتاب يس���اعد على طرح األس���ئلة‬ ‫بطريقة جيدة وحيتاج من القارئ للصرب وس���عة‬ ‫الص���در لتقب���ل آراء مل يعتده���ا ومل يتوقع يف يوم‬ ‫ما أن ُتسأل بهذا الشكل الصريح والقوي‪ ,‬وهذا ما‬ ‫غيرّ ه الكتاب يف نظرتي لألمور يف احلياة"‪.‬‬ ‫ثالثية غرناطة‪ -‬رضوى عاشور‬ ‫ص���درت ه���ذه الرواي���ة ألول م���رة ع���ام ‪1994‬‬ ‫للكاتب���ة املصرية رضوى عاش���ور‪ ،‬ونال���ت العديد‬ ‫من اجلوائ���ز وأعيد طباعتها لع���دة مرات‪ ،‬وتدور‬ ‫أحداثها يف ثالثة أجزاء حول أواخر س���نوات حكم‬ ‫املس���لمني لألندل���س قب���ل وقوعه���ا يف ي���د ملوك‬ ‫أس���بانيا الكاثوليك وقيامهم بإجبار الس���كان على‬ ‫التنصر أو الرحيل عن البالد‪.‬‬ ‫وعنه���ا تقول آي���ات حممود من مص���ر‪ :‬وتعمل يف‬ ‫موارد التنمية البشرية‪" :‬ما زلت أقول بعد مخس‬ ‫س���نوات من أول ق���راءة هلذا الكت���اب أو باألحرى‪،‬‬ ‫ه���ذه التحف���ة األدبي���ة‪ ،‬أن كل م���ا ق���رأت قب���ل‬ ‫ثالثي���ة غرناط���ة ال يق���ا َرن مبا تعلمت���ه من هذا‬ ‫الكت���اب واتبعته بعد قراءته فيما تال من س���نوات!‬ ‫توح���دت مع كل ش���خصيات الكت���اب تقري ًبا بال‬

‫اس���تثناء‪ ،‬خماوفه���م وطموحاته���م وأمنياته���م‬ ‫ورجائه���م ويأس���هم‪ ،‬بكي���ت غرناط���ة واألندلس‬ ‫كأنهما وطين الذي قضيت فيه عمري ُ‬ ‫وه ِّجرت‬ ‫عنه قس��� ًرا‪ ،‬رأيت أحدا ًثا تتشابه مع أحداث زماننا‬ ‫من فس���اد وخ���داع واضطهاد وقه���ر وقمع‪ ،‬كنت‬ ‫يوم���ا إن مل ننتبه‬ ‫كأن���ي أرى م���ا س���نصري إلي���ه ً‬ ‫ونغري ما بأنفسنا"‪.‬‬ ‫وعن التغيري الذي أحدثته هذه الرواية يف نفسها‬ ‫تق���ول آيات‪" :‬غ�ّي�رّ هذا الكت���اب نظرت���ي وتذوقي‬ ‫ل�ل�أدب‪ ،‬إىل األبد‪ .‬اختلف���ت نظرتي كمن أصاب‬ ‫نضج���ا وخربة بعد صدمة دهري���ة ال يعود بعدها‬ ‫ً‬ ‫لس���ابق عه���ده أبدًا‪ ،‬واس���تطاعت ح���روف رضوى‬ ‫أدبيا حتولت من بعده‬ ‫عاش���ور أن متنحين ً‬ ‫نضجا ًّ‬ ‫لقارئة حقيقية‪ ،‬فهمت معنى األدب"‪.‬‬

‫أمحديا – حسام فخر‬ ‫البساط ليس‬ ‫ًّ‬ ‫وه���ي جمموع���ة قصصي���ة ص���درت يف منتصف‬ ‫مثانيني���ات الق���رن املاضي للكاتب املص���ري املقيم‬ ‫يف الواليات املتحدة حسام فخر‪ ،‬وهو رئيس قسم‬ ‫الرتمج���ة الفوري���ة يف األمم املتح���دة للمؤمترات‬ ‫واملنظم���ات الدولية بني مجيع اللغ���ات الرمسية‬ ‫الست‪.‬‬ ‫ويقول عنه علي هش���ام‪ ،‬الكات���ب واملدون املصري‬ ‫"حتما إن���ك إذا ق���رأت هذا الكت���اب فإنك‬ ‫الش���اب‪ً :‬‬ ‫س���وف تش���عر بنس���يم من “رحية احلبايب” يهل‬ ‫عليك‪ ،‬فيكفي أن مقدّمه هو أس���تاذنا وعم القصة‬ ‫القصرية “يوس���ف إدريس”‪ ،‬وراسم غالفه هو عم‬ ‫ً‬ ‫إضاف���ة إىل أن كاتبه له‬ ‫مص���ر “صالح جاهني”‪,‬‬ ‫أس���لوب بدي���ع حي ّرض ال���دفء عل���ى أن يعرتيك‬ ‫أينما كنت وأيًّا كانت حالتك"‬ ‫ويُذك���ر أن علي ق���د أصدر كتاب���ه األول “نقل‬ ‫ً‬ ‫ملحوظا ووصلت‬ ‫جناحا‬ ‫عام” العام املاضي‪ ،‬ونال ً‬ ‫طبعات���ه إىل أرب���ع حتى اآلن‪ ،‬ويق���ول علي‪" :‬رمبا‬ ‫لوال أس���تاذي وكتابه ه���ذا – الذي ي ُّ‬ ‫ُعد من أوائل‬ ‫ما قرأت – ّ‬ ‫لتأخ���ر حيب للقص وبالتالي مل أكن‬ ‫ألرى جمموعيت القصصية األوىل بهذه السرعة‬ ‫بني يدي‪ ،‬هذا الكتاب غيرّ حياتي بالتأكيد"‪.‬‬ ‫وم���اذا عن���ك أنت عزي���زي القارئ؟ ما ه���و الكتاب‬ ‫الذي قرأته ويستحق أن تقول إنه قد غيرّ حياتك؟‬


‫‪04‬‬ ‫ال ميكنك احلفاظ على‬ ‫شخص يريد املغادرة‪...‬‬ ‫هل تفهم؟‬ ‫سارا فولدينق‬ ‫ترمجة‪ :‬حممد الضبع‬ ‫حاول أن تتمّلك الكون وسرتى أن هذا مستحيل‪.‬‬ ‫حاول أن تتمّلك إنسا ًنا وستكون قد خسرت‪.‬‬ ‫العملة البش���رية‪ .‬قيمتك‪ .‬إنها أكرب مما تتخيل‪ .‬يظن الكثري أن بإمكانهم‬ ‫امتالكك‪ ،‬ولكنهم ال يستطيعون‪.‬‬ ‫التمّلك‪ .‬احليازة‪ .‬األحقية‪.‬‬ ‫حنن ال منلك ش���ي ًئا س���وى أنفس���نا‪ .‬لدينا احلق بأن نثري أنفسنا‪ ،‬مننحها‬ ‫الس���لطة‪ ،‬نث ّقفه���ا‪ ،‬نزخرفها‪ ،‬نش��� ّكلها‪ ،‬نتجاوزها‪ ،‬حنوهلا إىل م���ا نريد‪ ،‬أو‬ ‫نسيء معاملتها حتى‪.‬‬ ‫َ‬ ‫جموهرات‪،‬‬ ‫طائرات‪ ،‬دراجات‪ ،‬مالبس‪،‬‬ ‫منازل‪،‬‬ ‫س���يارات‪ ،‬ش���ق ًقا‪،‬‬ ‫قد نتمّلك‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫زواج ورهن‪ ،‬وصايا‪،‬‬ ‫د‬ ‫عق���و‬ ‫الورق‬ ‫على‬ ‫لدينا‬ ‫يك���ون‬ ‫وقد‬ ‫املنزل‪.‬‬ ‫يف‬ ‫أو أثا ًث���ا‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ش���هادات جامعية‪ .‬ولكن إن اختفت كل هذه األش���ياء؟ لن يتبقى لنا سوى‬ ‫ذاكرة باهتة تذكرنا بأننا امتلكناها ذات مرة‪.‬‬ ‫يف الواقع‪ ،‬ال شيء ينتمي لنا فعلاً ‪.‬‬ ‫قد نكون يف زواجات أو عالقات حب ولكننا ال منلك شركاءنا‪ .‬إنهم أحرار‪،‬‬ ‫هلم حرية احلب وحرية الرحيل‪ .‬إنهم ليسوا بعض ممتلكاتنا‪ ،‬وحنن لسنا‬ ‫التزاما عليهم الوفاء به‪.‬‬ ‫ً‬ ‫"ال توجد طريقة متكنك من احلفاظ على ش���يء يريد املغادرة‪ ،‬هل تفهم؟‬ ‫بإمكانك فقط أن حتب ما حولك بينما هو حولك‪".‬‬ ‫ً‬ ‫أمالكا‪ .‬هلم‬ ‫ق���د يكون لنا أبن���اء‪ ،‬اآلن أو مس���تقبلاً ‪ ،‬لكنهم هدايا‪ ،‬وليس���وا‬ ‫حرية الرحيل ً‬ ‫أيضا يف أي وقت‪ .‬ال ميكنك استغالهلم‪ ،‬أو إساءة معاملتهم‪،‬‬ ‫أو إثقاهلم بطبقات عقدك االجتماعية والدينية اليت مل تستطع حلها‪.‬‬ ‫"ال أحب سياس���ة البش���ر يف تعاملهم مع ممتلكاته���م‪ .‬الطبيعة أعطت كل‬ ‫شيء لكل الناس‪ .‬كنا حفا ًة عندما ولدنا‪ ،‬وسنكون كذلك عندما منوت‪".‬‬ ‫أريد أن أصبح ح ًرا‪ ،‬وبالنس���بة لي‪ ،‬احلرية تعين التخّلي‪ .‬التخلي عن كل‬ ‫شيء‪.‬‬ ‫لن أمتسك بأي شيء سوى ذلك الذي يبقيين ح ًيا‪.‬‬ ‫ال أريد أن أمتلك س���وى جس���دي‪ ،‬عقلي‪ ،‬وزوايا روحي‪ .‬أريد أن أحشو ذاتي‬ ‫باحل���ب‪ ،‬باألمل‪ ،‬باملتع���ة‪ ،‬وباحلزن ً‬ ‫أيضا‪ ،‬بالتعاط���ف‪ ،‬والرغبة‪ ،‬وأتوج هذا‬ ‫كله بقبلة‪.‬‬ ‫شجاعا‪ .‬حنن مرتددون فقط‬ ‫"عندما ال ميلك املرء ش���ي ًئا ليخس���ره‪ ،‬يصبح‬ ‫ً‬ ‫عندما منلك أملاً ‪".‬‬ ‫دون جوان‬ ‫ماذا عنك؟‬ ‫هل بإمكانك فعلها اآلن؟‬ ‫افعلها‪ .‬افعلها مع كل ما متلك‪ .‬ال تس���تطيع حبس جنمة تنتمي للس���ماء‪،‬‬ ‫ال تستطيع حبسها‪ ،‬وإال ستضمر ومتوت‪.‬‬ ‫هل بإمكانك اآلن ترك املسروق‪ ،‬املنسي‪ ،‬والقديم؟‬ ‫هل بإمكانك اآلن التوقف عن التفكري يف حبيباتك الس���ابقات‪ ،‬وأصدقائك‬ ‫الذين رحلوا؟‬ ‫ه���ل بإمكان���ك ترك كل ش���يء ع���دا احلياة يف داخل���ك‪ ،‬وه���ل بإمكانك أن‬ ‫تطلقها حر ًة برفق عندما تنفد رغبتها يف التخفي؟‬ ‫"احلب ال يطالب بامللكية‪ ،‬بل يهب احلرية‪ ".‬طاغور‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫قبل الكالم‪..‬‬

‫قصص قصرية جدا‬ ‫ساسي محام‬ ‫‪ 1‬ـ اللــــقاء‬ ‫جيل���س أمامه���ا ‪ ،‬بينهم���ا طاول���ة‬ ‫مستديرة ‪ ،‬أمامه كدس من األوراق‬ ‫والص���ور وقصاص���ات جرائ���د‪ ،‬أمامها‬ ‫بع���ض األوراق ‪ ،‬تس���أله ‪ ،‬فتنطل���ق‬ ‫كلماته سريعة مدوية كالرصاص‪،‬‬ ‫تتالح���ق فتنهم���ر انهم���ارا‪ ،‬يش���ت ّد‬ ‫محاس���ه فريتف���ع صوته ‪ ،‬يه���دأ قليال‬ ‫فينخف���ض صوته ويواص���ل حتليله ‪،‬‬ ‫ورؤيته لألحداث‪ ،‬وتفسريه للمواقف‬ ‫الدولي���ة ليقنع املش���اهدين أن الوطن‬ ‫يتع���رض ملؤام���رة كوني���ة ‪ ...‬تنته���ي‬ ‫احلصة فتبتس���م له املذيعة ابتس���امة‬ ‫يع���رف مغزاه���ا فيبادهل���ا نف���س‬ ‫االبتسامة ‪....‬‬ ‫‪ 2‬ـ العناقيد‬ ‫حت���دث أمام الكامريا عن األكاذيب‬ ‫ال�ت�ي تنش���رها الفضائي���ات احملرضة‬ ‫عل���ى القت���ال وال�ت�ي تق���ود اجلماعات‬ ‫التكفريي���ة الوهابي���ة املرتزق���ة وع���ن‬ ‫احلرب العاملية ضد ب�ل�اده واملؤامرات‬ ‫ال�ت�ي حت���اك ضده���ا وتاب���ع خيوطها‬ ‫وكش���ف اس���بابها ومس���بباتها ‪ ...‬ث���م‬ ‫أخ���ذ صندوقا صغ�ي�را وفتحه واخرج‬ ‫قطع���ا حديدية ووضعها أمام الكامريا‬ ‫وواص���ل حديثه قائ�ل�ا ‪...‬انظ���روا إنها‬ ‫بقاي���ا قناب���ل عنقودية ‪...‬إنه���ا قدمية‬ ‫ج���دّا‪ ...‬ال ميك���ن ان يلقيها جيش كل‬ ‫أسلحته حديثة ‪ ...‬ان هؤالء اجملرمني‬ ‫املرتزق���ة الذي���ن خان���وا وطنه���م ه���م‬ ‫الذين يلقونها على منازهلم ويتهمون‬ ‫جيش النظام بذلك ‪...‬‬ ‫‪3‬ـ القبلة‬ ‫وقف���ت جمموع���ة م���ن اجلن���ود يف‬ ‫الس���احة‪ ،‬يرت���دون أزي���اء جدي���دة‪ ،‬ال‬ ‫حيملون غري أسلحة خفيفة ‪ ،‬انتشروا‬ ‫يف أرج���اء الس���احة ‪ ،‬حياول���ون توزيع‬ ‫االبتس���امات عل���ى املارين املس���رعني‪،‬‬ ‫وقف���ت حافلة‪ ،‬فت���ح بابها‪ ،‬ن���زل منها‬ ‫جمموع���ة من األطفال ‪ ،‬توجه جندي‬ ‫حنو أحده���م ‪ ،‬وقف الطفل‪ ،‬نظر إليه‬ ‫ملي���ا فرأى جثث أطف���ال متناثرة هنا‬ ‫وهناك يف الس���احات والشوارع وحتت‬ ‫انق���اض املن���ازل ‪ ،‬تذك���ر اجلن���دي‬ ‫األوام���ر والكام�ي�را ال�ت�ي تالحق���ه‬ ‫فاحنن���ى ليحمل الطفل ويقبله ولكن‬ ‫الطفل تركه وهرب‪...‬‬ ‫‪ 4‬ـ العصافري‬ ‫التقين���ا يف املوع���د احمل���دد ‪ ،‬حتدثن���ا‪،‬‬ ‫عطرنا حديثن���ا برائحة القه���وة ‪ ،‬وملا‬ ‫نظ���رت اىل س���اعتها خلس���ة صمت���ت‬ ‫العصافري وطارت بعيدا ‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ انبعاث‬ ‫اصع���د مدرج نهج (العروس���ة) ببطء‬ ‫‪ ...‬أص���ل إىل الدرجة األخ�ي�رة‪ ...‬أضع‬ ‫س���اقي يف ش���ارع (باب بنات) فأس���قط‬ ‫يف نهر ‪ ...‬بش���ر أمواجه‪ ...‬متالطمة ‪...‬‬ ‫ه���ادرة ‪ ...‬صائحة ‪ ...‬هاتف���ة‪ ...‬تغطيه‬

‫مساء من الالفت���ات املتعددة األحجام‬ ‫واألش���كال واألل���وان عليه���ا كتاب���ات‬ ‫عدي���دة ‪...‬فجأة رأيت جنودا مدججني‬ ‫مبختلف أنواع األس���لحة أمام وخلف‬ ‫وفوق سيارات مصفحة وعددا كبريا‬ ‫م���ن رجال الش���رطة واقف�ي�ن صفوفا‬ ‫مرتاص���ة بهراواته���م وراء تروس���هم‬ ‫ومياه‬ ‫آس���نة ملونة باردة س���اخنة تنطلق يف‬ ‫الفضاء وتنزل ش���آبيب وغازات خانقة‬ ‫خمنق���ة مس���يلة للدم���وع رص���اص‬ ‫عشوائي يستقر يف الرؤوس والصدور‬ ‫واألرجل هراوات تهوي على الرؤوس‬ ‫واألكتاف والظهور واملؤخرات ‪...‬‬ ‫حش���رت يف زاوي���ة ‪ ...‬ات���كأت على احد‬ ‫اجلدران فرأيت طف�ل�ا صغريا وحيدا‬ ‫يف ش���ارع مقفر يلعب يف أجواء غائمة‬ ‫حتت مساء س���وداء تنذر بنزول أمطار‬ ‫غزي���رة تقف س���يارة الش���رطة ينزل‬ ‫منها شرطي حيمل الطفل من رقبته‬

‫ويقذفه وسط السيارة على جمموعة‬ ‫أخرى من األطفال ‪...‬خترسه الدهشة‬ ‫‪ ...‬يفيق من دهش���ته على بكاء وصياح‬ ‫األطف���ال احملش���ورين حتت���ه فانفجر‬ ‫صياح���ه وب���كاءه ‪ ...‬وصلوا إىل مركز‬ ‫الش���رطة ‪ ...‬أنزلوه���م من الس���يارة ‪...‬‬ ‫صاح الش���رطي يف وجهي ‪ ...‬ادخل يا‪...‬‬ ‫يا ‪...‬يا ‪ ...‬دخلت ‪ ...‬رجالي ترجتفان‪....‬‬ ‫جسمي يرتعش ‪ ...‬ما بك ؟ هل أصابك‬ ‫برد ؟ مس���كين شرطي آخر من خناقي‬ ‫وجذب�ن�ي اليه بق���وة ورماني بني يدي‬ ‫الشرطي اآلخر فصفعين‬ ‫وص���اح يف وجهي ‪ ...‬أي���ن خيتبئ أبوك‬ ‫؟ اىل أين ذهب؟ هيا قلي وإال س���حقت‬ ‫عظام���ك س���حقا‪...‬ارتفع صياح���ي‬ ‫وتعال���ت نداءات���ي مبلل���ة بالدم���وع‬ ‫الغزيرة املتس���اقطة ‪...‬أين خيتفي ؟ ال‬ ‫أعرف ‪ ..‬تنه���ال على وجهي الصفعات‬

‫‪ ...‬يلكم�ن�ي عل���ى فم���ي فيج���ري الدم‬ ‫غزي���را‪ ...‬تكل���م ‪...‬تكل���م ‪ ...‬ال أعرف ‪...‬‬ ‫يرجين بق���وة ويرميين على اجلدار ‪...‬‬ ‫يش���دني من رقبيت أشعر باالختناق ‪...‬‬ ‫تكلم‬ ‫أيه���ا ‪ ...‬واهلل ال أع���رف ‪...‬واهلل ‪ ...‬أن���ت‬ ‫تع���رف اهلل؟ أي���ن التقي���ت ب���ه ؟ أي���ن‬ ‫رأيت���ه يا‪...‬أنظر‪ ...‬فتح قج���ر الطاولة‬ ‫‪...‬مس���كته وربطت���ه ‪ ...‬انظ���ر جي���دا‬ ‫ه���ل ت���راه هن���ا؟ مس���كين م���ن ذراعي‬ ‫ورمان���ي عل���ى األرض ‪ ...‬ق���ال مثقف‬ ‫احلي ال تس���معوا كالمهم ‪ ...‬األرض‬ ‫ليس���ت كروية الش���كل بل منبسطة‬ ‫‪ ...‬واألرض بس���طناها ‪ ...‬وض���ع س���اقه‬ ‫على صدري ‪ ...‬داس عليها اهلل بس���اقه‬ ‫الكبرية جدا فبسطها ‪ ...‬االرض‪...‬تكلم‬ ‫‪ ...‬يا‪...‬يا‪...‬يا‪...‬ج���اء ش���رطي من املكتب‬ ‫اجملاور‬ ‫قال ل���ه بعض الكلم���ات يف اذنه‪...‬نظر‬ ‫الي شزرا وركلين ‪...‬انهض يا ابن ‪...‬‬

‫اتعبتين اليوم ‪...‬مل���اذا مل تقل انك يتيم‬ ‫‪...‬اخ���رج م���ن هن���ا ‪...‬ال اري���د أن أرى‬ ‫وجهك م���رة أخرى ‪ ...‬خرجت جريا ‪...‬‬ ‫عرفت يف ذلك اليوم ان الشرطي أقوى‬ ‫ما يف الوجود ‪ ...‬ترتعد فرائصي كلما‬ ‫رأيت ش���رطيا ‪ ....‬وأتضاءل‪ ...‬أتضاءل‬ ‫حت���ى أت���وارى ع���ن األنظ���ار‪ ...‬بقي���ت‬ ‫متضائ�ل�ا الن���ي كنت ارى الش���رطة‬ ‫يف البي���ت‪...‬يف الش���ارع‪ ...‬يف العمل‪...‬يف‬ ‫الس���يارة‪...‬يف احلافل���ة‪ ...‬يف كل مكان‬ ‫‪ ...‬احلش���د يك�ب�ر ‪ ...‬جمموع���ات اخرى‬ ‫خترج من االنهج ‪...‬‬ ‫تصب���ح االمواج اكث���ر صخبا واكثر‬ ‫سرعة ‪ ...‬النهر الصاخب ياخذ جمراه‬ ‫حنو س���احة القصبة ‪ ...‬أفقد توازني ‪...‬‬ ‫متتد لي يد ‪ ...‬اتعلق بها ‪ ...‬اقطع بعض‬ ‫اخلطوات‪...‬اصبح واحدا منهم ‪...‬‬

‫قراءة يف ديوان “هكذا ّ‬ ‫حدثين البلح”‬ ‫للشاعر املغربي ّ‬ ‫حممد منري‬

‫‪05‬‬ ‫ليست‬ ‫كاألخريات‬

‫جناة إدهان‪..‬‬ ‫عل���ى ض ّف ْ‬ ‫والص���ورة يُول���د‬ ‫�ت�ي اإليق���اع ّ‬ ‫رغبة يف إعادة التش���كيل ّ‬ ‫املعنى ً‬ ‫عل الكون‬ ‫يس���تعيد بعض ألقه وكث�ي�را من مجاله‬ ‫لذل���ك كان عل���ى ّ‬ ‫الش���اعر أن جيم���ع‬ ‫أش���كال الوجع واحلن�ي�ن ويُنش���ئ عاملا ال‬ ‫ُ‬ ‫الكلمة وللكلمة‬ ‫الفعل‬ ‫يشبه الواقع‪ .‬عما ُد‬ ‫ِ‬ ‫إم���كان اخللق فقدمي���ا كان الكون بفعل‬ ‫األمر ُ‬ ‫"ك ْن"‪..‬‬ ‫جيمع ديوان "هكذا حدّثين البلح" مخس���ا‬ ‫وعش���رين قصي���دة‪ .‬فاحتت���ه "ترنيم���ة"‬ ‫تقديس���ي جيعل بداية‬ ‫ويف العن���وان بعد‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وحالة إذ‬ ‫الكالم درجة من الرت ّقي خطابا‬ ‫الرتنيمة هي األنشودة املغ ّناة ابتهاال عادة‬ ‫وإذا ما كان اخلطاب منفتحا على ال ّذات‬ ‫والطبيع���ة واملؤ ّنث املفرد ص���ارت فاحتة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ش���عري‬ ‫اختزال كون‬ ‫الق���ول يف الدّيوان‬ ‫كام���ل‪ .‬وخامتته "أناي جس���د يف نعش"‪.‬‬ ‫خامت���ة جتع���ل احلل���م موتا وتس���تدعي‬ ‫اخليبة بوجهها األقبح‪ :‬املوت ومتى كان‬ ‫ُ‬ ‫الس���ماء‪ ،‬على املطلق‬ ‫امل���وت انفتاحا عل���ى ّ‬ ‫وخالصا من قيد ميقت���ه مريدو احلرف‬ ‫ص���ار اخلط���اب يف القصي���دة دع���وة إىل‬ ‫اس���تعادة ال ّنبض إميان���ا ّ‬ ‫القل���ب عّل ُة‬ ‫بأن‬ ‫َ‬ ‫الدّفء ونبض احلياة ّ‬ ‫احلق‪.‬‬ ‫بينهم���ا تك���ون قصائ���د تش���دّها ثالث ّي���ة‬ ‫ال��� ّذات واآلخ���ر وامل���كان‪ .‬يُهيم���ن ضم�ي�ر‬ ‫املتكّل���م املف���رد فيجع���ل الدّي���وان حلظة‬ ‫مكاش���فة‪ .‬ه���و ح���وار ال��� ّذات م���ع ال��� ّذات‬ ‫تس�ت�رجع ّ‬ ‫كل وجوه احلي���اة واخليبة يف‬ ‫عالقتها بنفس���ها وباملكان ومبن شاركها‬ ‫احلل���م ذات زم���ن‪ ..‬غ�ي�ر ّ‬ ‫أن اللاّ فت هو أن‬

‫يهيمن وجع الكتابة‪ ،‬وجع والدة احلرف‪.‬‬ ‫ترت��� ّد ّ‬ ‫كل القصائ���د تقريب���ا إىل الكلمة‬ ‫النص نظم���ا بالكالم عن الكالم‪.‬‬ ‫فتجعل ّ‬ ‫ّ‬ ‫إ ّن���ه الوج���ع الذي ال ينقضي ألنه يس���كن‬

‫ال��� ّروح واألنامل‪ ،‬ي ّتس���ع الكون الش��� ّع ّ‬ ‫ري‬ ‫ليع���ود حثيثا إىل أدات���ه‪/‬إىل جوهره دون‬ ‫أن يك��� ّرر ش���كل احلضور ويف ه���ذا مكمن‬ ‫قدرة بقوانني النظم احلديثة والقدمية‪.‬‬ ‫تتش��� ّكل الع���وامل كما يش���اء هلا ّ‬ ‫الش���اعر‬ ‫ح�ي�ن يعلو م���دّه ويتح��� ّول فجأة س���احرا‬ ‫ينشئ صورا حت ّقق البهت أل ّنها ال ختضع‬ ‫إىل مش�ت�رك عا ّم قوامه املناسبة أو املعنى‬ ‫ربر تراجع ال ّتش���بيه مبا‬ ‫الواح���د وهو ما ي ّ‬ ‫هو عقد عالقة معلنة لتهيمن االستعارة‬ ‫وجتمع املتباع���دات واملتناقضات وحت ّقق‬ ‫الصورة‬ ‫اإلرب���اك وتدفع إىل ال ّتفك�ي�ر يف ّ‬ ‫الص���ورة‬ ‫وم���ن ورائه���ا املعن���ى‪ .‬مازال���ت ّ‬ ‫ِ‬ ‫مرتك���ز ال ّنظ���م ّ‬ ‫ألن املعان���ي ال تخُ ل���ق‬ ‫ومازال���ت س���طوة الق���ول عن���د ّ‬ ‫الش���اعر‬ ‫كامنة يف قدرته عل���ى الفعل يف الكالم‪.‬‬ ‫ه���و "الف���رح احلزي���ن" و"ري���ح اجل���رح"‬ ‫الصدر"و‪ ...‬وكّلها صورة تبعث‬ ‫و"مضغة ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللغة إىل احلياة من جديد ألنها ال تش���به‬ ‫غريها‪.‬‬ ‫أم���ا الطري���ف فه���و أن خي���رج األم���ر يف‬ ‫ّ‬ ‫الص���ورة مب���ا ه���ي مرتكز‬ ‫ع���ن‬ ‫الدي���وان‬ ‫ّ‬ ‫ه���م‬ ‫الق���ول إىل االش���تغال عل���ى البن���اء‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ف�ن�ي آخر جيع���ل القصائد بني ال ّتوس���عة‬ ‫واالختزال‪ .‬تأتي األوىل متنامية فت ّتس���ع‬ ‫الوج���ع أو وجوه‬ ‫لتفص���ل‬ ‫َ‬ ‫وج���وه املعن���ى ّ‬ ‫ّ‬ ‫احلضور وجيعلها الش���اعر أرقاما فاصلة‬ ‫واصلة تعلن ّ‬ ‫تشظيه دون أن يفقد وحدة‬ ‫أما ال ّثانية ‪ -‬وهي أكثر حضورا‬ ‫الترّ ابط‪ّ .‬‬ ‫ ف ُتخت���زل ح��� ّد اإلش���ارة‪ .‬كأ ّنها فاحتة‬‫خطاب ال يُقال كما يف قصيدة "رجاء"‪:‬‬

‫اقصص رؤاك‬ ‫قالت لي النوارس‬ ‫ونامت على سريري ‪!..‬‬ ‫ّ‬ ‫قص وال الن���وارس تنصت‪..‬‬ ‫فال ال��� ّرؤى ُت ّ‬

‫كأن عل���ى ّ‬ ‫ّ‬ ‫يقصه���ا لل ّري���اح‬ ‫الش���اعر أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫نص س���ابق ه���و "رؤيا"‬ ‫يف‬ ‫ها‬ ‫قص‬ ‫���ه‬ ‫ل‬ ‫لع‬ ‫أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أو ربمّ���ا ه���و إم���كان مش���اركة لينش���ئ‬ ‫الق���ارئ رؤي���اه وتتقاطع األص���وات زمن‬ ‫الق���راءة فتول���د قصائ���د أخ���رى‪ .‬وعل���ى‬ ‫نصا "حقوق" قوامه‬ ‫عكس���ها متاما ينش���ئ ّ‬ ‫ال ّتناس���ل فيحيط باملعن���ى دون أن يقتله‬ ‫أل ّن���ه يفتحه على الكون فيس���تدعي ّ‬ ‫كل‬ ‫عناص���ر ال���والدة تقريب���ا وجيع���ل إعادة‬ ‫تش���كيل العامل ممكن���ة بعالق���ات قوامها‬ ‫احل���ق وال ّرجاء‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫حق عل���ى األرض ورجاء‬ ‫للسماء‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫للدالء حق على املاء‬ ‫اجلب‬ ‫وللماء حق على ِّ‬ ‫وللجب حق على األرض‬ ‫ِّ‬ ‫ولألرض رجاء للسماء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّاخلي هو‬ ‫إن هذا االش���تغال على البناء الد ّ‬ ‫الس���ؤال ال ّتال���ي‪ :‬هل مازال‬ ‫طرح‬ ‫ر‬ ‫رب‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أمر الفصل البينّ بني الشعر والنثر قائما‬ ‫واحل���ال ّ‬ ‫أن م���ن القصائ���د ما تس���تجيب‬ ‫القص���ة القصرية جدّا؟ س���ؤال‬ ‫لش���روط ّ‬ ‫يفتح باب حبث كبري أل ّنه ينس���ف عتبة‬ ‫فص���ل كان���ت ثابت���ة‪ .‬يق���ول يف قصيدة‬ ‫"هلا"‪:‬‬ ‫أفتقدُك ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫قال القلب لنبضه‬ ‫ح َ‬ ‫ني مل جيد‬ ‫يف علبة الرسائل‬ ‫أي أحرف هلا‪.‬‬ ‫فتوزيع األسطر ال يخُ في ال ّنفس ال ّنثري‬ ‫وم���ن ّ‬ ‫مث���ة يغي���ب ذاك الفص���ل ال ّثاب���ت‬ ‫لننفت���ح على نص���وص تدف���ع إىل إعادة‬ ‫ال ّنظ���ر يف ال ّنق���د ومقوالت���ه وخصائ���ص‬ ‫األجن���اس إذا ما أش���رنا أيضا إىل قصيدة‬ ‫أخرى تس���تحضر بع���ض مق ّومات الفعل‬ ‫املس���رحي "تراتيل على ركح ال ّذات" إ ّنها‬ ‫ّ‬ ‫الدّع���وة إىل البح���ث يف أمر خلن���ا أ ّنه قد‬ ‫ُحس���م منذ زمن ويف هذا استعادة مسألة‬ ‫الن���ص َ‬ ‫املبدع مبقوالت‬ ‫أخرى هي عالقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولع���ل األم���ر يب���دو جل ّي���ا من���ذ‬ ‫ال ّنق���د‪..‬‬ ‫العنوان "هكذا حدّثين البلح" الذي ي ّ‬ ‫ُذكر‬ ‫بطبيعة ال ّثقافة العرب ّية الش���فويّة وسند‬ ‫النصوص النثريّة القدمية‪..‬‬ ‫إ ّنه ّ‬ ‫الشعر مبتناقضاته وإرباكه وكونه‬ ‫املختل���ف‪ ،‬خياطب ال ّنفس أل ّن���ه عليه أن‬ ‫يكش���ف س��� ّرها ويبكيها وإن أعلن بعدها‬ ‫ال ّرحيل "رحيل"‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫الم ُه‬ ‫يقر ُئين‬ ‫احلرف َس َ‬ ‫ِ‬ ‫ويدي بارتعاش‬ ‫ِّ‬ ‫ترتب حقائب كلماتي‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫للصح ِب‬ ‫ألعلن َّ‬ ‫آن لي اآلن‬ ‫لف الكلم حول صرة االرحتال‪.‬‬ ‫‪................‬‬ ‫كاتبة وناقدة تونسية‪.‬‬

‫عمر عبدالدائم‬

‫يا امرأ ًة ليست كاألخريات‪..‬‬ ‫ما تكتبينه من حروف‬ ‫بشكل ُخرا ّ‬ ‫يف‬ ‫يتح ّول ٍ‬ ‫فراشات ُمل ّونة ‪..‬‬ ‫إىل‬ ‫ٍ‬ ‫جنوم ُمضيئة ‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫زهرات ُخزامى ‪..‬‬ ‫وقطرات ندى ‪..‬‬ ‫يا امرأ ًة ليست كاألخريات‪..‬‬ ‫من ّ‬ ‫السحر‬ ‫أي دُنيا تأتني بهذا ّ‬ ‫هذا ال ِعطر‬ ‫هذا ّ‬ ‫الشعر‬ ‫الذي ال يُشب ُه إ ّ‬ ‫ال َنفسه‬ ‫ِ‬ ‫يا امرأ ًة ليست كاألخريات‪..‬‬ ‫تط ّوقني ُع ُنقي بهذا اجلميل‬ ‫أستح ّقه‬ ‫هذا اإلطراء الذي ال ِ‬ ‫إ ّني ألرى كلماتك األسطوريّة‬ ‫أوسمِ ًة ونياش َ‬ ‫ني على صدري‬ ‫لمَ‬ ‫وقد جاءتين ِمن عا ٍ مفقود‬ ‫ُ‬ ‫أحبث عنه ُمذ َح َب ُ‬ ‫وت‬ ‫ّ‬ ‫ككل النسا ْء‬ ‫يا امرأ ًة ليست‬ ‫ْ‬ ‫القصيد‬ ‫بها يتش ّك ُل هذا‬ ‫ْ‬ ‫البعيد‬ ‫ْ‬ ‫العنيد‬ ‫كنت أه ً‬ ‫فيا ليتين ُ‬ ‫ال لمِ ا تكتبني‬ ‫أنت دوماً‬ ‫فكوني كما ِ‬ ‫َمالذاً ‪..‬‬ ‫ِبالداً‬ ‫و كوني خِبري‬


‫‪06‬‬ ‫هل تقرأ بسرعة؟‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫تأمالت ‪..‬‬

‫بطالء أمحر وخط كبري‬

‫حممد العنيزي‬ ‫عواد ناصر‬

‫م���ن املع���روف أن س���رعة الق���راءة ختتلف م���ن ش���خص إىل آخر‪.‬‬ ‫ويع���ود األمر‪ ،‬أساس���اً إىل التدريب والتمرين‪ ،‬عرب س���نوات القراءة‬ ‫منذ مدرس���تنا االبتدائية حتى آخر حلظة يف حياتنا نستطيع فيها‬ ‫القراءة‪.‬‬ ‫مث���ة طريق���ة للق���راءة تس���مى (‪ )The Scaning‬وتع�ن�ي القراءة‬ ‫اخلاطف���ة أو القراءة بأس���لوب (املس���ح) وتتلخص باملرور الس���ريع‬ ‫على الصفحة املقروءة‪ ،‬وهذه الطريقة ختتلف أيضا من ش���خص‬ ‫إىل آخر‪ ،‬حس���ب تعوده عليها‪ ،‬ألن الرتكيز على املعنى ليس واحدا‬ ‫لدى كل منا‪ ،‬كما هو احلال مع إدراك الطبقة اخلفية للكالم‪.‬‬ ‫القراءة الس���ريعة ليس���ت نش���اطاً خاصاً يرتبط مبه���ن خاصة‪ ،‬بل‬ ‫هي حاج���ة ملحة ل���دى مجي���ع املش���تغلني بالكتابة والق���راءة من‬ ‫احملرتفني واهلواة معاً‪ ،‬خصوصاً يف العصر الراهن‪ ،‬حيث بات الوقت‬ ‫مثيناً‪ ،‬واحلياة من حولنا تركض بس���رعة مذهل���ة‪ ،‬وعلينا‪ ،‬قرا ًء‪،‬‬ ‫أن نلح���ق بعج�ل�ات الكتاب والباحث�ي�ن ومكائن الطباعة ووس���ائل‬ ‫االتصال املتنوعة‪.‬‬ ‫لك���ن األمر مل يعد يتعلق بقدراتن���ا الذاتية‪ ،‬بعد اليوم‪ ،‬كما اعتدنا‬ ‫م���ن قبل‪ ،‬ألن جهازاً جديداَ أطلق الش���هر املاضي‪ ،‬إثر انعقاد املؤمتر‬ ‫العامل���ي للهواتف النقالة‪ ،‬يف بوس���طن (الواليات املتحدة) سيس���اعد‬ ‫مس���تخدمه على القراءة السريعة‪ ،‬واسم هذا اجلهاز هو( (‪sprit z‬‬ ‫‪ )ing‬الذي سيعرفنا به أليسون فلود‪ ،‬الذي كتب عن جتربته مع‬ ‫هذا اجلهاز اجلديد يف صحيفة (الغارديان) الربيطانية‪.‬‬ ‫يقول فلود‪ :‬حس���ب فريق العمل ال���ذي يقف وراء ابتكار هذا اجلهاز‬ ‫فأثن���اء قراءتن���ا نصاً عادياً تبدأ الع�ي�ن يف البحث عن نقطة حمددة‬ ‫داخ���ل الكلمة وه���ي النقطة ال�ت�ي نطل���ق عليها (نقط���ة التعريف‬ ‫املثالي���ة) وبع���د أن تعث���ر الع�ي�ن عل���ى ه���ذه النقطة يش���رع الدماغ‬ ‫بتفس�ي�ر معن���ى تل���ك الكلم���ة ال�ت�ي التقطتها الع�ي�ن للت���و‪ ..‬وهكذا‬ ‫ستتحرك العني من جديد اللتقاط (نقطة التعريف) التالية‪.‬‬ ‫يب���دو أن امل���رء يصرف من وقته ما نس���بته زه���اء ‪ 20‬باملئة ملعاجلة‬ ‫احملت���وى (املعنى) والـ ‪ 80‬باملئة املتبقية هي ما تنفقه من وقت أثناء‬ ‫حتري���ك عينيك م���ن كلمة إىل أخ���رى يف عملية (مس���ح) نقاط‬ ‫التعريف املثالية األخرى داخل النص املقروء‪.‬‬ ‫جه���از (‪ )The Spritz‬يتي���ح ل���ك (نقط���ة التعري���ف املثالية) عند‬ ‫الب���ؤرة اليت تقع حت���ت ناظريك يف تلك اللحظة‪ ،‬وبذا س���تقرأ من‬ ‫دون احلاجة لتحريك عينيك‪.‬‬ ‫اجلهاز ليس معداً لالس���تعمال يف الرس���ائل اإللكرتونية ووس���ائل‬ ‫اإلع�ل�ام االجتماعية فقط‪ ،‬بل للكت���ب اإللكرتونية أيضاً‪ .‬يبدو أننا‬ ‫نعمل اآلن مع العبني كبار‪ ،‬كما يقول‬ ‫موقع (ِ‪.)App‬‬ ‫يضي���ف فل���ود‪ :‬بإمكانكم جتربة اجله���از على موق���ع ‪spritzinc.‬‬ ‫‪ .))com‬أم���ا أن���ا فبإمكاني قراءة ‪ 600‬كلم���ة يف الدقيقة‪ ،‬حقاً‪،‬‬ ‫لكن�ن�ي مل أزل قرب دان هولواي الذي أثار دهش�ت�ي عندما أخربني‪،‬‬ ‫قبل شهر‪ ،‬بأنه منذ ما يقرب السنتني يستطيع قراءة عشرة كتب‬ ‫وجم�ل�ات يومياً‪ .‬لكن تقنيت���ه خمتلفة بالكامل ع���ن جهاز القراءة‬ ‫الس���ريعة‪ ،‬وهل���ذا "لو كن���ت قارئاً س���ريعاً‪ ،‬فإنين أجل���أ‪ ،‬دائماً‪ ،‬إىل‬ ‫"دليل" لتأش�ي�ر األش���كال على الصفحة‪ ،‬كقلم أو إصبعي‪ ،‬إلدراج‬ ‫األش���كال على الصفحة لتوجي���ه عيين"‪ ،‬كما كتب بنفس���ه على‬ ‫مدونيت‪.‬‬ ‫اجله���از اجلدي���د‪ ،‬على أية حال‪ ،‬يس���تطرد فلود‪ ،‬ممت���ع‪ ،‬ويبدو أنه‬ ‫فع���ال حق���اً‪ ،‬لكن م���ا يواجهين‪ ،‬وجيعل�ن�ي أتوقف عن ق���راءة الكتب‬ ‫هو مس���توى الرتكيز املطلوب‪ ،‬ألنك ال تس���تطيع النظر بعيداً عن‬ ‫الشاش���ة ملدة ثانية‪ ،‬كما أنه ال يناس���ب قارئاً يس���تلقي على ساحل‬ ‫البحر‪.‬‬ ‫مث���ل أي جه���از جديد فإن ل���ـ (‪ )Spritz‬عيوبه اليت م���ن املتوقع أن‬ ‫تعاجل مس���تقب ً‬ ‫ال‪ ،‬ليصبح منتجاً ش���عبياً س���يعتاده الق���راء تدرجياً‪،‬‬ ‫وس���يوفر هلم تلك النسبة الضائعة من وقتهم يف حتريك العينيني‬ ‫املتلهفتني ملعاني الكلمات أثناء القراءة‪.‬‬

‫أنوثة‪:‬‬ ‫مثة خملوقات تس�ي�ر على أربع‪ ..‬كان‬ ‫ه���و املخل���وق الوحي���د الذي س���ار على‬ ‫قدم�ي�ن ‪ ..‬وكان أكثره���ا حس���ناً ‪..‬‬ ‫ونضج���اً ‪ ..‬انتصب ملء قامته ‪ ..‬احتوى‬ ‫بنظراته مجيع االجتاهات‪ ..‬ومل ينظر‬ ‫إىل أس���فل قدميه‪ ..‬التفت إىل قسمات‬ ‫املرأة املس���تلقية يف رحاب���ة املدى ‪ ..‬قال‬ ‫وس���يل االش���تهاء يغم���ر ثنايا نفس���ه‪:‬‬ ‫لي���س ألنوثته���ا موس���م ‪ ..‬ه���ي تعرف‬ ‫كي���ف تكون أنث���ى يف كل املواس���م ‪..‬‬ ‫استيقظت يف نفسه كائنات مشرقة‪..‬‬ ‫مزق���ت بأظافرها س���تائر الصمت‪ ..‬ثم‬ ‫أنبتت ريش���اً وأجنحة ‪ ..‬وطارت تبحث‬ ‫ع���ن مكنون���ات قل���ب امل���رأة املخب���وءة‬ ‫يف الغاب���ات والصح���اري واجلب���ال‬ ‫والش���واطئ ‪ ..‬شرع حيتس���ي املزيد من‬ ‫اجلع���ة ‪ ..‬دون أن يص���ل للح���د األدنى‬ ‫م���ن الثمال���ة‪ ..‬وحني عاود م���ن جديد‬ ‫اكتش���اف مالمح امل���رأة‪ ..‬اس���تغرقته‬ ‫ً‬ ‫دهشة طفولية‪.‬‬ ‫ظالل‪:‬‬ ‫تباط���أت خطوات���ه ‪ ..‬توقف عن املس�ي�ر‬ ‫‪ ..‬وتوق���ف ظله معه‪ ..‬نظ���ر إىل قرص‬ ‫الش���مس‪ ..‬وحتس���س جبهت���ه املبلل���ة‬ ‫بالعرق‪ ..‬قال حيدث نفسه‪:‬‬ ‫م���ا فائدة ظل يالزمين وال يقيين وهج‬ ‫الشمس احملرقة؟‬ ‫واص���ل املس�ي�ر‪ ..‬تبعه ظل���ه‪ ..‬اجته حنو‬ ‫ش���جرة كب�ي�رة تلق���ي بظالهل���ا على‬ ‫األرض‪ ..‬جل���س إىل ج���ذع الش���جرة ‪..‬‬ ‫حبث عن ظله ومل جيده ‪ ..‬اختفى ظله‬ ‫يف ظل الشجرة‪.‬‬ ‫مرايا‪:‬‬ ‫تطل���ع إىل امل���رآة‪ ..‬وتأم���ل اآلخر الذي‬ ‫يقابله ‪ ..‬كان حيمل مالمح‬ ‫وج���ه يعرفه جيداً‪ ..‬ابتس���م ‪ ..‬وابتس���م‬ ‫اآلخ���ر‪ ..‬ح���رك رأس���ه مينة ويس���رة‪..‬‬ ‫وقلده اآلخر ‪ ..‬قال له‪:‬‬ ‫أنت وجهي ال���ذي أمحله معي ويعرفه‬ ‫اآلخ���رون‪ ..‬فامل���رآة ال تزي���ف الوجوه‪..‬‬ ‫لكنها ال ترى وجهي اآلخر‪.‬‬ ‫عودة‪:‬‬ ‫راودت خوفها بالتوسل إليه أن يبقى ‪..‬‬ ‫أغلق األبواب دون كلماتها‪..‬‬ ‫انفج���رت دموعه���ا ش�ل�ا ً‬ ‫ال يتدفق من‬ ‫جمرى أحزانها ‪ ..‬محل حقائبه وغادر‪..‬‬ ‫بع���د أن جت���رع كأس���اً م���ن ش���راب‬ ‫الذاكرة قال‪ :‬س���أعود إليه���ا يوماً ما‪..‬‬ ‫كي أس���ند رأسها فوق وسادة اهلدوء ‪..‬‬ ‫قبل بلوغي احملطة األخرية‪.‬‬ ‫مقامرة ‪:‬‬ ‫راهنته على احل���ب والعبث‪ ..‬قادته إىل‬ ‫دائرة املتعة‪ ..‬وجد نفسه منساقاً إليها‪..‬‬ ‫يف حلظات فقد فيها زمام الس���يطرة‪..‬‬ ‫لتمس���ك ه���ي ب���ه‪ ..‬كان بإمكانه���ا أن‬ ‫تق���وده إىل حتف���ه‪ ..‬دون أن يب���دي‬ ‫اعرتاض���اً‪ ..‬وكان كل ش���يء يبدو له‬ ‫مثل احللم‪..‬‬ ‫كان���ت الدائ���رة ممتعة بق���در ما هي‬ ‫خطرة‪ ..‬قال بع���د أن احتواه مزيج من‬ ‫البهج���ة واحل�ي�رة‪ :‬أقام���ر بظل يقيين‬ ‫اهلج�ي�ر‪ ..‬وأم�ن�ي النف���س باخل���واء‪..‬‬ ‫وأعرف أن الندم يولد من رحم اللذة‪.‬‬

‫‪07‬‬

‫أزهار‪:‬‬ ‫كان يبحث عن زهرة ال تذبل ليهديها‬ ‫إليها‪ ..‬جتول يف كل البساتني‪ ..‬يتأمل‬ ‫األزه���ار‪ ..‬س���أل كل بس���تاني قابلة‪..‬‬ ‫وكل بائ���ع أزهار‪ ..‬عن زهرة ال تذبل‪..‬‬ ‫تأس���ف اجلميع‪ ..‬وتأمل ه���و‪ ..‬ألن عمر‬ ‫الزه���ور قص�ي�ر‪ .‬ق���رر أن يهديه���ا قلبه‬ ‫الكبري‪ ..‬ألنه توأم لزهرة ال تذبل‪.‬‬ ‫طفولة‪:‬‬ ‫كان يرقب األطف���ال وهم ميرحون‪..‬‬ ‫وطن�ي�ن ضحكاتهم ميأل الفض���اء‪ ..‬وّد‬ ‫ل���و ينفصل عن األش���ياء‪ ..‬ينس���لخ من‬ ‫اللحظ���ات احلاض���رة‪ ..‬يتح���رر م���ن‬ ‫أعبائه‪ ..‬ويرتد للوراء‪ ..‬طف ً‬ ‫ال يركض‬

‫عندها‪ ..‬وال يعرفون أنهم س���يتوقفون‬ ‫يوم���اً كعالمة منتصب���ة يف منتصف‬ ‫الطري���ق ‪ ..‬لذل���ك ه���م حيتفظ���ون‬ ‫مبركزهم يف دائرة الالمباالة‪.‬‬ ‫وجه آخر‪:‬‬ ‫يف ه���ذه الضاحي���ة الش���عبية ال ت�ت�ردد‬ ‫احلياة يف إبراز مالحمها املقززة‪ ..‬إنها‬ ‫تتعرى متاماً وسط األشياء الرخيصة‬ ‫والوج���وه املغ�ب�رة والعب���ارات اجلوف���اء‬ ‫املتداولة‪ ..‬بوسعي اآلن أن أرى بوضوح‬ ‫اخلس���ة والق���ذارة هل���ذه الضاحية يف‬ ‫وج���ه أحده���م ‪ ..‬إن���ه جيل���س هن���اك‬ ‫ويبصق أكثر مما يتكلم‪.‬‬ ‫رؤية‪:‬‬

‫حافياً‪ ..‬ويزهو منتش���ياً بنزق طفولي‪..‬‬ ‫دون أن تعاتب���ه النظ���رات‪ ..‬وح�ي�ن‬ ‫حيتويه التعب‪ ..‬يرمتي يف حضن أمه‪..‬‬ ‫حيث مملكة السكون واألمان‪.‬‬ ‫رحيل‪:‬‬ ‫مث���ة وج���وه مألوف���ة كن���ت أعرفها‪..‬‬ ‫تتجل���ى اآلن يف ذه�ن�ي كاألش���باح‪..‬‬ ‫وأنا أذرع هذا الش���ارع ‪ ..‬حضورها يبدو‬ ‫ل���ي أقرب للواق���ع‪ ..‬وكأنها خترج من‬ ‫جدران هذه البي���وت وتتقدم باجتاهي‬ ‫فأش���عر أنين أتصل به���ا على حنو غري‬ ‫مرئ���ي ‪ ..‬كنت دائم���اً أراها ج���زءاً من‬ ‫املش���هد اليوم���ي يف ه���ذا امل���كان‪ ..‬وق���د‬ ‫رحلت قبل أن تكم���ل حكايتها وخلفت‬ ‫فراغ���اً يف مس���احة احلي���اة احمل���دودة‪..‬‬ ‫ث���م مل يعد يذكرها أحد‪ ..‬أعرف أنين‬ ‫س���أرحل يوماً وأالقيه���ا بعد أن تتوقف‬ ‫أنفاسي عن ممارس���ة نشاطها اليومي‬ ‫‪ ..‬حينذاك سأحيا يف ذاكرة األصدقاء‬ ‫ولوق���ت حمدد ث���م أختف���ي تدرجيياً‪..‬‬ ‫وأزول مث���ل زوال الظل‪ ..‬ما أصعب أن‬ ‫أختيل جمرد التخي���ل‪ ..‬صورتي وهي‬ ‫ختتفي من مراي���ا العيون اليت كانت‬ ‫تراني‪.‬‬ ‫ال مباالة‪:‬‬ ‫أولئ���ك الصبي���ة الذي���ن يتجول���ون‬ ‫منتش�ي�ن حتت رذاذ املط���ر‪ ..‬ويعانقون‬ ‫امل���رح باتص���ال‪ ..‬مل حيفظ���وا بع���د‬ ‫األجبدي���ة كامل���ة‪ ..‬مث���ة ح���روف‬ ‫تتس���اقط أم���ام نظراته���م‪ ..‬ه���م ال‬ ‫يدركون كم من حمطة سيتوقفون‬

‫صب���اح ي���وم جدي���د يش���رق بداخل���ي‬ ‫على حن���و مبه���ج‪ ..‬هذا الي���وم خيتلف‬ ‫عن س���ائر األيام‪ ..‬هكذا أش���عر به رغم‬ ‫رتاب���ة األش���ياء املعت���ادة‪ ..‬أح���س بعدم‬ ‫احليادية يف التعامل مع هذه األش���ياء‬ ‫وكأن���ي أعي���د ترتيبها برؤي���ة أكثر‬ ‫واقعي���ة‪ ..‬عرب���ة اخلضار ال�ت�ي جيرها‬ ‫البائ���ع‪ ..‬الطف���ل الذي حيم���ل حقيبته‬ ‫املدرسية‪ ..‬رائحة الرغيف املنبعثة من‬ ‫الفرن ‪ ..‬العامل ال���ذي يفرغ البضائع‪..‬‬ ‫بائ���ع الصح���ف اليومي���ة‪ ..‬اللحظ���ات‬ ‫تستدعي معنى احلياة يف روح األشياء‬ ‫اليت جتمعها مس���احة الض���وء‪ ..‬فأراها‬ ‫بكل بس���اطة وعفوي���ة كما مل تتضح‬ ‫لي من قبل‪.‬‬ ‫برودة‪:‬‬ ‫تثاءب���ت األض���واء والنواف���ذ أغلق���ت ‪..‬‬ ‫دلف���ت الكائن���ات إىل بواب���ة العتم���ة‪..‬‬ ‫ه���دأ الضجيج‪ ..‬وال ش���يء س���وى ثوب‬ ‫قصري م���ن ن���وم مهلهل‪ ..‬فوق وس���ادة‬ ‫باردة‪ ..‬ك�ب�رودة هذه الليلة الس���ارية‬ ‫يف أعماق���ي‪ ..‬من جوف حلظات خاوية‬ ‫مت���د العتمة يديها الباردت�ي�ن‪ ..‬تلتفان‬ ‫ح���ول قل�ب�ي املثق���ل بتفاصي���ل ي���وم‬ ‫صاخب‪ ..‬وأنا أتن���اوم وال أنام‪ ..‬والوقت‬ ‫ميضى مث���ل كائ���ن يس�ي�ر خبطوات‬ ‫مثقلة أتناوم ثاني���ة وال أنام‪ ..‬فأجلس‬ ‫إىل طاولة الس���هرة الب���اردة‪ ..‬مواص ً‬ ‫ال‬ ‫التحدي���ق يف غاب���ة ليلي���ة موغل���ة يف‬ ‫الوحشة‪.‬‬

‫إبراهيم محيدان‬ ‫تكرر رم���ي القمامة اليت يرميه���ا البعض يف‬ ‫غفل���ة منه أس���فل ج���دار بيته املطل���ي باللون‬ ‫األبي���ض ‪ ،‬فج���اء يف أحد األي���ام وكتب على‬ ‫ذل���ك اجل���دار بط�ل�اء أمح���ر وخب���ط كبري‬ ‫‪" :‬ممن���وع رم���ي القمام���ة هن���ا يا حم�ت�رم " ‪.‬‬ ‫وكم���ا يفع���ل يف كل م���رة وض���ع القمامة‬ ‫امللق���اة أس���فل اجل���دار يف صن���دوق س���يارته‬ ‫اخللفي لريميه���ا بعيدا حيث مك���ب القمامة‬ ‫‪ .‬لك���ن العب���ارة ال�ت�ي كتبه���ا مل يك���ن هلا أي‬ ‫تأث�ي�ر ‪ ،‬بل كان هلا تأثريا عكس���يا فقد تزايد‬ ‫رم���ي أكي���اس القمام���ة أس���فل ج���دار بيته‬ ‫‪ ،‬وتراكم���ت هن���اك أكث���ر وأكث���ر ‪ ،‬وعبثا‬ ‫ح���اول أن يصطاد أح���د الفاعلني ‪ ،‬أو مينعهم‬ ‫م���ن خ�ل�ال حراس���ة امل���كان ‪ ،‬ألنه���م كان���وا‬ ‫يرم���ون القمامة أثناء غيابه ‪ ،‬ومل جيرؤ أحد‬ ‫أن يرمي القمامة هناك يف حضوره ‪.‬‬ ‫ج���اء يف ي���وم آخ���ر وده���ن بالط�ل�اء األبيض‬ ‫اجل���دار الذي تراكمت بالقرب منه القمامة‬ ‫بالطالء األبيض ثم كت���ب بالطالء األمحر‬ ‫وخب���ط كبري ‪ " :‬ممن���وع رم���ي القمامة هنا‬ ‫يا محار " ‪ ،‬واس���تأجر سيارة مزودة بصندوق‬ ‫خلف���ي كب�ي�ر ورم���ى القمام���ة يف صندوق‬ ‫السيارة وذهب لريمي بها يف املكب البعيد ‪.‬‬ ‫ورغ���م ح���دة الش���تيمة إال أن القمامة راحت‬ ‫بعد كتابت���ه لتلك العبارة ترتاكم كل يوم‬ ‫حتت ذلك اجلدار مبعدالت متزايدة ‪.‬‬ ‫ح���اول جم���ددا أن يقب���ض عل���ى أح���د هؤالء‬ ‫األن���ذال كم���ا كان يس���ميهم ‪ ،‬فاختب���أ يف‬ ‫س���يارته على مس���افة بعي���دة من بيت���ه وراح‬ ‫يرق���ب اجلدار من هن���اك ‪ ،‬ولكن دون جدوى‬ ‫رغ���م أنه جل���س لف�ت�رات طويل���ة ويف أوقات‬ ‫متباع���دة ‪ ،‬وكأن الذي���ن يرم���ون القمام���ة‬ ‫حت���ت جدار بيت���ه هم من األش���باح ‪ .‬أو علموا‬ ‫خبطت���ه فاختفوا إىل أن يتوق���ف عن مراقبة‬

‫اجلدار ‪.‬‬ ‫ج���اء يف ي���وم آخ���ر ‪ ،‬ونقل القمام���ة إىل حيث‬ ‫املكب مس���تأجرا س���يارة ذات صن���دوق خلفي‬ ‫أك�ب�ر ث���م عاد وق���ام بط�ل�اء اجل���دار باللون‬ ‫األبيض ‪ ،‬ثم كت���ب بالطالء األمحر وخبط‬ ‫كبري ‪ " :‬إن شاء اهلل شلل يف األيدي "‬ ‫ومنذ ذلك احلني بقي املكان نظيفا ومل جيرؤ‬ ‫أحد على رمي القمامة مرة أخرى هناك ‪.‬‬ ‫فرشاة أسنان‬ ‫الحظ���ت مؤخرا أن زوجيت املتحمس���ة لثورة‬ ‫‪ 17‬فرباي���ر ص���ارت تتضايق م���ن انتقاداتي‬ ‫لألوض���اع اليت آل���ت إليه���ا الب�ل�اد ‪ ،‬وترى أن‬ ‫هذه االنتقادات جتاوزت حدودها حني صرت‬ ‫أعل���ن عن ش���كوكي يف أن ماجرى ابتدا َء من‬ ‫‪ 17‬فرباير هو ثورة فعال ‪ ،‬فهي تعترب أن كل‬ ‫املصائ���ب اليت يعيش���ها الليبيون بع���د انتصار‬ ‫الثورة س���ببها أع���وان ومؤيدو الق���ذايف الذين‬ ‫يطلق عليهم الكثري م���ن الليبيني مصطلح "‬ ‫األزالم " وأحيانا "الطحالب " ‪.‬‬ ‫ذل���ك الصب���اح وأن���ا أه���م بغس���ل أس���ناني مل‬ ‫أجد الفرش���اة اخلاصة بي يف الكوب اخلزيف‬ ‫املوض���وع على احلوض الرخامي ( اللفندينو‬ ‫)‪ ،‬قّلب���ت اإلن���اء اململوء بفرش األس���نان حيث‬ ‫كان���ت فرش���اتي تتواجد هن���اك كل صباح‬ ‫مع زميالتها فلم أجدها ‪ ،‬فتحت باب احلمام‬ ‫ونادي���ت زوجيت وأنا ما زل���ت واقفا عند الباب‬ ‫وسألتها ‪:‬‬ ‫أين ذهبت فرشاة األسنان اخلاصة بي ؟‬‫فأخربتين من موقعا داخل املطبخ انها اشرتت‬ ‫فرشا جديدة جلميع أفراد العائلة وفرشاتي‬ ‫اجلديدة موجودة يف العلبة ‪.‬‬ ‫قلت هلا ‪ :‬أية واحدة منها فرشاتي ؟‬ ‫أجابتين ‪ :‬اخلضراء اللون ‪.‬‬ ‫قل���ت ‪ :‬فرش���اتي الس���ابقة كان لونها أخضر‬

‫‪ ،‬وه���ذه أيض���ا كذلك ما الس���بب ي���ا ترى يف‬ ‫اختيار هذا اللون ؟‬ ‫أجابت بنفس النربة اجلادة ‪ :‬ألنك صرت من‬ ‫الطحالب !!‬ ‫قلت ‪ :‬على أية حال ال تنسي أن اللون األخضر‬ ‫هو جزء ال يتجزأ من راية االستقالل !!‬ ‫كان يرقد بعيدا‬ ‫يف اخليمة جلسوا على الكراسي البالستيكية‬ ‫البيضاء ‪ ،‬حيتسون الشاي ويتبارون يف تعداد‬ ‫حماس���ن الفقيد ‪ ،‬لقد اكتش���فوا اآلن فقط‬ ‫ك���م كان رائعا وعظيما ‪ ،‬لكنه ويا لألس���ف‬ ‫مل يك���ن بوس���عه االس���تماع لكالمهم اجلميل‬ ‫الذي يبوحون به ألول مرة ‪ ،‬فقد كان يرقد‬ ‫بعيدا عنهم يف نومته األبدية‪.‬‬ ‫الطفل يبكي‬

‫الطف���ل يبكي يأعلى صوته وقد رمى حقيبته‬ ‫على الرصيف ‪ :‬الأريد املدرسة ‪..‬أريد الرجوع‬ ‫إىل بيتن���ا ‪ .‬األم متس���ك بي���د طفله���ا وتش�ي�ر‬ ‫بأصبعه���ا إىل مبنى املدرس���ة خلفهما وتقول‬ ‫‪ :‬أنظر ماأمجل املدرس���ة ‪....‬ماأحلى احلديقة‬ ‫‪....‬ماأحل���ى األلع���اب ‪ .‬م���ن خ�ل�ال القضب���ان‬ ‫املزروع���ة يف الس���ور ن���رى مراجي���ح ولعب���ة‬ ‫الس���لحيبة وك���رة ضخم���ة وألعاب���ا أخرى‬ ‫ون���رى أش���جارا مقلم���ة بعناية به���ا عصافري‬ ‫تزقزق ‪ ،‬وأرضا إزدانت بعشب أخضر مشذب‬ ‫‪ ،‬ونرى معلمة تس�ي�ر على الرصيف احملاذي‬ ‫للحديقة ويف يدها عصا‬ ‫الفتى الرسام‬ ‫فاز الفتى بالرتتيب األول يف مس���ابقة الرسم‬ ‫على مس���توى املدين���ة ‪ ،‬يف املوعد احملدد ذهب‬ ‫حلفل توزيع اجلوائز ‪ ،‬وكانت جائزته شهادة‬ ‫تقدير وكتاب ‪ ،‬كان الكتاب من تأليف أحد‬ ‫رج���ال الدي���ن ‪ ،‬عاد الفتى إىل البيت س���عيدا ‪،‬‬ ‫وأطل���ع والديه وأخوته على ش���هادة التقدير‬ ‫والكت���اب ‪ .‬فرحوا كثريا ومتنوا له مس���تقبال‬ ‫زاهر ا‬ ‫يف الي���وم التال���ي ق���رر الفت���ى أن يتوقف عن‬ ‫الرس���م نهائي���ا ‪.‬لقد ق���رأ يف ذل���ك الكتاب أن‬ ‫الرسم حرام شرعا ‪.‬‬ ‫كشف نظر‬ ‫‏‪ -‬انظر مرة أخرى هل أصبحت اآلن واضحة‬ ‫؟‬ ‫‪ - .‬ال‪......‬بصراحه مش واضحة‬ ‫ حسنا أنظر اآلن هل هي واضحه ؟‬‫‪ - .‬ال ‪...‬ال مش واضحه‬ ‫ أنظ���ر اآلن من الناحية اليس���ر‪.....‬هل صا‬‫رت واضحة اآلن ؟‬ ‫‪ .‬ال على العكس أشعر أن األمور زادت ‪-‬‬ ‫أنا آسف فأنت لديك مشكلة يف نظرك‪-‬‬ ‫ نظ���ري كان عش���رة على عش���رة ‪....‬لكن‬‫اآلن مش قادر نش���بح أكثر من مخس���ة مرت‬ ‫قدامي ‪...‬ليش طفيتوا النور الدنيا ظالم ‪.‬‬ ‫‪ -‬مفيش حد طفا النور ‪.‬‬


‫‪08‬‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫أبوبكر اهلوني الصحفي الرحال القاص الساسي‬ ‫سليمان االحول‬

‫ونظ���را لش���به انع���دام م���وارد الدول���ة فاملقاع���د‬ ‫املدرس���ية تربع بها اح���د اهل اخلري مل تكن هناك‬ ‫ميزانية للتعليم ‪...‬الدولة ال متتلك املال وبعد ان‬ ‫اجتزن���ا مرحل���ة االبتدائي كنا نعل���م االخرين‪،‬‬ ‫وكن���ا صغ���ارا ق���ام بتدريس���نا طاهر الش���ريف‬ ‫وص���احل االس���كندراني‪ ،‬ث���م بدأ جم���يء املعلمني‬ ‫من مصر اليت س���اعدت بإرساهلم ومصر هي من‬ ‫توىل دفع مرتباتهم ويقول حنن كنا ش���اعرين‬ ‫به���ذه الظ���روف وال���دول العربي���ة جله���ا تعاني‬ ‫تبع���ات االس���تعمار ‪..‬ولقد اهتم���ت املدارس حتى‬ ‫بش���ؤون التغذية للتالميذ كان االفطار توزيع‬ ‫مت���ر يأتي من اخل���ارج عبارة عن مس���اعدات من‬ ‫امريكا وبريطانيا‬ ‫عقبه���ا اس���س معه���د املعلم�ي�ن حت���ت اش���راف‬ ‫بريطاني���ا اجت���ه للمعه���د جي���ل املتخرجني من‬ ‫مدرسة االمري مدرسة والنهضة ونسبنا للمعهد‬ ‫عق���ب مرحل���ة التعلي���م االبتدائي ايض���ا وحنن‬ ‫ن���درس يف ‪ 6‬ابتدائي بدأنا ن���درس ونعلم جمانا‬ ‫للتالمي���ذ ويف الليل ن���درس الكبار حمل���و االمية‬ ‫وكان قبلن���ا معلم�ي�ن م���ن مص���ر وكن���ا نعلم‬ ‫الصغ���ار يف الصب���اح اىل جان���ب تلقين���ا للتعلم و‬ ‫نس���اعد الكبار يف حمو االمي���ة وكان نرى ذلك‬ ‫كواجب وطين ونفتخر بعملنا ودورنا وباعتبار‬ ‫ان البالد تعاني الفقر وال مال هلا واألمم املتحدة‬ ‫س���اعدت وبعد ف�ت�رة واحلمد هلل اصبح���ت افواج‬ ‫التعلي���م ت���زداد كنا نرى ذلك ونش���عر بس���عادة‬ ‫غام���رة ولقد كن���ا اللبنة االوىل اليت تش���هدها‬ ‫ليبي���ا يف جمال بن���اء التعليم ومن الش���خصيات‬ ‫الب���ارزة كان طاهر الش���ريف وهو اول من توىل‬ ‫ادارة التعلي���م يف بنغ���ازي وكم���ا ذك���رت فمن‬ ‫يصل الصف الس���ادس االبتدائي يتجه اىل معهد‬ ‫املعلم�ي�ن كان عدد الناجح�ي�ن كفيل بالوقوف‬ ‫مع االخرين وأصبحنا نعلم بال راتب وال نس���أل‬ ‫امل���ال وبعد فرتة بدأت املس���اعدات تأتي من مصر‬ ‫ودول اوروب���ا ‪..‬وحن���ن طلب���ة مبعه���د املعلم�ي�ن‬ ‫أسسنا جملة املعلم‪.‬‬ ‫واملس���اعدة ك�ب�رت ملعه���د املعلم�ي�ن م���ن الدول‬ ‫الغربية وجيلنا بدا ممارس���ة العمل وعيينا على‬ ‫املستقبل وبدأت اجلرائد تظهر يف البالد وكتبنا‬ ‫فيه���ا تلك الف�ت�رة كله���ا طلب���ة ومعلمني كنا‬ ‫نعمل على رؤية املس���تقبل وبرقة اخذت قس���ط‬

‫ول���د ابوبكر اهلوني يف ع���ام ‪ 1937‬مبدينة اجدابيا‪ ،‬ويق���ول يف نفس العام‬ ‫انتقلن���ا للعيش يف بنغازي ويصف حال ليبي���ا آنذاك بقوله‪“ :‬كانت البالد‬ ‫تعاني الكثري تلك الفرتة ليبيا توها خرجت من فرتة االس���تعمار االيطالي‬ ‫ومل تك���ن ليبيا متتلك ميزانية أو مال ال وجود للمدارس وال مستش���فيات‬ ‫ولكن ب���دأت االعمال الوطنية م���ن قبل نفر قليل من املدرس�ي�ن للنهوض‬ ‫بالبل���د‪ ..‬ليبي���ا كانت بل���د فقري ولكن لي���س ليبيا فقط ايض���ا حال الدول‬ ‫العربية كان مش���ابه ورغم الظروف القاس���ية مت االعتم���اد على العنصر‬ ‫الوطين وتوالها الفئة املتعلمة املثقفة وهم قلة حاولوا النهوض بالبلد”‪.‬‬ ‫وكانت مدرس���ة االمري اول مدرس���ة ليبية عربي���ة يف البالد تقريبا كان‬ ‫ذلك سنة ‪ 1950‬م اوىل ابتدائي باألمري‪.‬‬

‫عال م���ن التعليم من يتعلم يعل���م غرية وعندما‬ ‫اسسنا جملة املعلم بعد االبتدائي وحن يف معهد‬ ‫املعلمني وتولين���ا حنن الطالب و عبداحلميد بن‬ ‫عمران وأيضا معلمني من مصر وس���وريا وبدأنا‬ ‫العم���ل بال كل���ل وملل وكنا نس���ال انفس���نا –‬ ‫كل واح���د ‪ -‬م���اذا قدم���ت‪..‬؟ هذا كان ش���عورنا‬ ‫كنا نتعامل مع الواقع ‪ ..‬وكنت قد خترجت يف‬ ‫عام ‪1958‬‬ ‫وع���ن م���ن يكت���ب يف جمل���ة املعل���م ق���ال‪ :‬اجمللة‬ ‫مفتوحة أمام اجلميع للكتابة فيها واملش���اركة‬ ‫جبه���ود الطالب واملعلمني نكت���ب مقاالت واغلب‬

‫موضوعاتها كانت احل���ث على العمل التطوعي‬ ‫واذك���ر ان احويو الع���امل تربع للتعليم وس���اعد‬ ‫اجملل���ة والطلبة اخلرجني من مرحلة االبتدائي‬ ‫كانوا يشاركون فيها ‪.‬‬ ‫كن���ا نكت���ب ع���ن احل���ث عل���ى العم���ل والتطلع‬ ‫للمس���تقبل واملس���اهمة يف التنوي���ر ونش���ر العلم‬ ‫واملساعدة وكنا نتطلع ملستقبل البالد‬ ‫وع���ن دخوله جمل���ال الكتاب���ة واالهتم���ام الثقايف‬ ‫ق���ال‪ :‬اغل���ب الط�ل�اب واملعلمون يس���كنون يف (‬ ‫سوق احلش���يش) أو ما يعرف بالصفصفة الذي‬ ‫يضم ان���اس اغلبه���م اخنرط يف جم���ال التعليم‬ ‫او مهتما به ومش���جعا ل���ه ‪ ...‬مع قلة العدد لكنهم‬ ‫اس���تطاعوا ان ينهض���وا بالتعلي���م وكان يوج���د‬ ‫باحلي مطبع���ة وكان لن���ا اهتم���ام بالصحافة‪.‬‬ ‫كن���ا نكتب املق���االت مليئة باالمل يف املس���تقبل‬ ‫ونسلمها للمدرسني‪ .‬وهذا ماجاء يف تقديم سامل‬ ‫الكب�ت�ي لكتاب اهلوني املعنون بـ (كِلمة وكاتب)‬ ‫َ‬ ‫" اهلون���ي ‪ ،‬كا ِتب���اً ‪َ ،‬‬ ‫وس���ط الناس ‪،‬‬ ‫عاش جتارب ِه‬ ‫فعرفت���ه أحي���ا َء بنغ���ازي – املدينة ال�ت�ي أحب ‪، -‬‬ ‫وعرف ُه مواطنوها ‪ ،‬وعرفته مقاهيها ‪ ،‬وجلس���ا ِتها‬ ‫العامرة بال ِنقاشات"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ويص���ف اهلون���ي ح���ال الليبي�ي�ن الي���وم فيقول‪:‬‬ ‫الطلب���ات اليوم كثرية ومتس���رعة وعدم الصرب‬ ‫هو الس���بب ايضا س���ببها تغري الناس بعد ان ظهر‬ ‫الب�ت�رول يف البالد وبدأت تظه���ر الثروة والناس‬ ‫الذي���ن اس���تغنوا على حس���اب االخري���ن وتغريت‬ ‫النف���وس وظه���رت فئ���ات الث���راء وزاد االهتم���ام‬ ‫بامل���ال على حس���اب الوط���ن جيلن���ا كان معطاء‬ ‫وكنا نرى ان املستقبل لنا‪.‬‬

‫دخوله للصحافة‬ ‫طارق الرويعي وطاهر الشريف كانوا حيثوننا‬ ‫على التطوع والعمل وكانوا يساعدون‬ ‫املعدمني وجماالت اخرى‪.‬‬ ‫عش���نا يف بيئ���ة حت���ث عل���ى التعل���م والكتاب���ة‬ ‫وبداي���ات دخولي عامل الصحافة كان من خالل‬ ‫ع���دة جرائ���د كالعمل والرقيب‪ ،‬ه���ذه الصحف‬ ‫س���اعدت يف تقديم جيل جديد مثق���ف ومتعلم‪،‬‬ ‫ويف جريدة برقة اجلديدة نش���رت أوىل مقاالتي‬ ‫عن احلرية واالس���تقالل‪ ،‬وهي جريدة حكومية‬ ‫كان رئي���س حتريره���ا األس���تاذ عب���داهلل عب���د‬ ‫اجمليد وكان وامحد الرويعي يكتب يف الرياضة‬ ‫ومل نك���ن نتقاض���ى يف مال نظري ما ننش���ر كنا‬ ‫نكتب أجألن نبين وطناً‪.‬‬ ‫يق���ول الباح���ث س���امل الكبيت يف مقدمت���ه لكتاب‬ ‫(كِلم���ة وكات���ب)‪" :‬والكات���ب –يع�ن�ي بوبك���ر‬ ‫احلرف الش���ريف‪،‬‬ ‫اهلون���ي ‪ -‬واحد م���ن أصحاب ِ‬ ‫َ‬ ‫الذي���ن يعت���ز ِبه���م الق���ارئ‬ ‫والكِلم���ة النظيف���ة‪،‬‬ ‫كتاب ِتهم‪ ،‬وعلى‬ ‫عل���ى‬ ‫ه‬ ‫عيني‬ ‫فتح‬ ‫الواع���ي‪ ،‬الذي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذين ْ‬ ‫من َ‬ ‫ُمعانا ِتهم(من اجل شيء)‪ ،‬وه َو أيضاً َ‬ ‫مل‬ ‫وتلك الكِلمة‪ْ ،‬‬ ‫ذلك احلرف ‪َ ..‬‬ ‫يُتاج���روا ِب َ‬ ‫ومل يبتغ‬ ‫ان يرتقي ِبهما ُس���لماً‪ ،‬أو يحُ قق مغنماً ِبواسط ِتها‬ ‫مع الريح"‪.‬‬ ‫يزول َ‬ ‫ويق���ول الكات���ب بوبك���ر اهلون���ي‪ :‬كان العم���ل‬ ‫والكتابة للصحافة يصحب���ه نقاش وحوار حول‬ ‫املوضوع���ات وكان اول م���ن تكلم���وا مع���ي حول‬ ‫كتاباتي طالب الرويعي وحس���ن صديق وايضا‬ ‫صديق���ي ابراهي���م زغبية حي���ث كانت جتري‬ ‫بينن���ا حوارات ونقاش���ات وكان���ت ظاهرة جيدة‬

‫وعندم���ا تأتي مارا م���ن الش���ارع كان هناك تفاعل‬ ‫وتش���جيع من الن���اس وكان���ت اجلرائ���د يف بداية‬ ‫انتش���ارها وم���ن ق���رأ ل���ك يناقش مع���ك موضوعك‬ ‫ويشجعك وكنت أشعر أنين أقدم شيئا للبلد‪.‬‬ ‫وعن سياس���ة النش���ر ال�ت�ي تتبعه���ا الصحافة يقول‬ ‫بوبكر اهلوني‪" :‬كانت مجيع مقاالتي تنش���ر بدون‬ ‫تغيري أو حذف وكان هذا هو الس���ائد انذاك وكنا‬ ‫حنث بعضنا وحيثنا الن���اس ملاذا ال تكتب عن كذا‪،‬‬

‫وكانت النقاش���ات تش���جعنا عل���ى الكتابة وكانت‬ ‫هن���اك مناضرات وح���وارات بنادي اهلالل وتش���جع‬ ‫على االستمرار يف الكتابة وكان يطلب منا الكتابة‬ ‫ع���ن تش���جيع العمل اخلريي على أس���اس انه مفيد‬ ‫للبلد بطبيعة تلك املرحلة اليت حنياها‪.‬‬ ‫كتبت يف الرقيب و‪ 8‬جرائد ببنغازي‬ ‫بعد برق���ة اجلديدة بدأت اكت���ب يف كل اجلرائد‬ ‫العم���ل الرقي���ب وجملة املعلم واحلقيق���ة اليت قال‬ ‫عن ذكرياته مع السيد رش���اد اهلوني قال‪ :‬التقيت‬ ‫مع رشاد اهلوني وكنت اكتب يف عدد من اجلرائد‬ ‫عل���ي وبادرني بالس���ؤال ملاذا ال‬ ‫وق���ال لي ان���ه عاتب َ‬ ‫تكت���ب معنا؟‪ .‬حت���ى حنن لدين���ا جري���د احلقيقة‪..‬‬ ‫فقل���ت له س���يقولون هذه جري���دة ال اهلوني فقط‪،‬‬ ‫فق���ال لي‪ :‬لو اس���تمعنا هل���ذا الكالم ل���ن نعمل‪ ،‬بعد‬ ‫هذا احل���وار بفرتة تب���ت مقاال وأعطيته ل���ه‪ ...‬وعن‬ ‫املوضوع���ات اليت كان اهلوني يفض���ل الكتابة عنها‬ ‫ق���ال‪" :‬كانت القومي���ة انذاك هي الس���ائدة يف ذاك‬ ‫اجلي���ل الذي تأثر به���ا ودعمها – بداي���ة الصحافة‬ ‫كان���ت حت���ث وتعمل عل���ى بن���اء االنس���ان – وعن‬ ‫النصيح���ة اليت يقدمها لصحافيي وإعالميي اليوم‬ ‫ق���ال انصحهم باحلري���ة وقول احل���ق وحث الناس‬ ‫عل���ى التع���اون ونب���ذ اخلالف���ات‪ ،‬ويضي���ف اهلوني‪:‬‬ ‫نش���رت قصص قصرية يف بعض الصح���ف ويوميا‬ ‫كان ل���دي ‪ 3‬مق���االت يف عدد من الصح���ف اليوم‬ ‫مجعتهن يف ‪ 3‬جملدات‪.‬‬ ‫وع���ن احلرية كت���ب اهلوني يف مقال ل���ه بعنوان "‬ ‫احلقيقة بعد ‪ " 69‬نشر يف صحيفة احلقيقة عقب‬ ‫صدورها من جديد بعد ثورة ‪ 17‬فرباير ‪، 2011‬‬ ‫"ه���ذا ما كانت عليه الصحاف���ة يف ذلك الوقت من‬ ‫متتعه���ا بقدر كبري من احلري���ة واملوضوعية‪ ،‬ومل‬ ‫يك���ن هناك ش���يء خيي���ف الكات���ب أو يقي���د حريته‬ ‫يف الكتاب���ة واب���داء ال���رأي بكل صدق ووض���وح‪ ،‬لذا‬ ‫كانت الصحافة تزده���ر ويزداد اقبال القراء عليها‬ ‫بشكل متواصل ومس���تمر‪ ،‬فقد كان نقد مشكالت‬ ‫اجملتم���ع يطرح ب���كل صراحة وش���فافية من ذكر‬ ‫للمش���كلة وأس���بابها وكيفي���ة حله���ا أو التخلص‬ ‫منه���ا‪ ،‬وهذا ما جع���ل لإلع�ل�ام دوره الفعال يف حل‬ ‫القضاي���ا واملش���كالت‪ ،‬فكان���ت بذل���ك الصحافة هي‬ ‫صوت الفرد املراد ايصاله إىل املسؤولني"‪.‬‬ ‫ويص���ف اهلوني وضع ليبي���ا اليوم بالس���يئ ويقول‬ ‫بعض الن���اس املس���ئولة مفرطة يف االناني���ة‪ ،‬البلد‬ ‫يف حاج���ة لله���دوء وإع���ادة البناء وحتس�ي�ن املرافق‬ ‫الصحي���ة والتعلي���م والبني���ة التحتي���ة‪ ،.‬وأض���اف‪:‬‬ ‫ال جرائ���د وال صحاف���ة الي���وم يف ليبي���ا ميك���ن هي‬ ‫مطبوع���ات فق���ط ألنها يف طور النش���وء‪ .‬املس���تقبل‬ ‫اليوم ضباب���ي وما كتبناه يف اجلرائ���د فيما مضى‬ ‫وبعض مقاالتي ال زالت صاحلة إىل اآلن وكأنين‬ ‫كتبتها عن الوضع حالي لليبيا‪.‬‬

‫‪09‬‬

‫الطاهر االمني املغربي ‪ :‬مواعظ تشكيلية‬

‫عدنان بشري معيتيق‬

‫ب�ي�ن العفة يف التدوي���ن البصري والبذخ يف‬ ‫التلوين‪ ،‬رش���اقة اخلطوط يف عوامل فسيح‬ ‫تتمت���ع خب�ب�رة كب�ي�رة وذائق���ة بصري���ة‬ ‫متجولة يف أرجاء عوامل الفنون التش���كيلية‬ ‫منذ بداية التعبرييني إىل آخر ما مت اجنازه‬ ‫يف تاري���خ ف���ن الرس���م‪ ،‬الفن���ان التش���كيلي‬ ‫اللي�ب�ي الطاه���ر األمني املغرب���ي يعيش بني‬ ‫الن���اس معربا عنه���م بكل ص���دق خبطوط‬ ‫تكاد ال تس���تقر على أسطح لوحات ممتلئة‬ ‫مبواعظ تش���كيلية‪ :‬وجوه األمهات‪ ،‬امومة‪،‬‬ ‫وحنني اجلدات وقصصهن امللونة بإضاءات‬ ‫زرقاء خافتة يف أيام الشتاء ونساء جيتمعن‬ ‫عن���د ع�ي�ن النب���ع‪ ،‬فتي���ات بأزي���اء ليبي���ة‬ ‫مزركش���ة‪ ،‬فواكه ناضجة بألوان زاهية‪،‬‬ ‫مت���ر‪ ،‬برتق���ال‪ ،‬رم���ان‪ ،‬ل���ون اصف���ر فاق���ع‪،‬‬ ‫طري���ق يفض���ي إىل قرية‪ ،‬خني���ل وواحات‪،‬‬ ‫مساء زرقاء صافي���ة‪ ،‬طفولة ملونة‪ ،‬خيول‬ ‫وفرسان‪ ،‬كل هذا اس���تدعاء حلاالت وقيم‬ ‫كان���ت يف املاضي اجلميل وأع���اد صياغتها‬ ‫يف نصوص بصرية ملونة تصل إىل املتلقي‬ ‫دون أي عن���اء‪ .‬خيلخل القناعات القارة اليت‬ ‫كان���ت تتمث���ل يف ذائق���ة مدرس���ة الرتبية‬ ‫الفنية ذات الطابع املدرسي واملستوى الفين‬ ‫واملعريف املتدني وثقافة س���ائدة يف جمتمع‬ ‫غري منتبه إىل املمارس���ة التش���كيلية وعدم‬ ‫اعتباره���ا قيم���ة فكرية وثقافي���ة مهمة يف‬ ‫ف�ت�رات مبك���رة م���ن الس���تينات م���ن القرن‬ ‫املاض���ي‪ .‬أعمال���ه ال تس���كن دهالي���ز العتمة‬ ‫فه���ي حتاك���ي احلي���اة البس���يطة قصص‬ ‫الناس وم���ا حييط بهم بأس���لوب ومعاجلة‬ ‫فني���ة راقية ذات خط���اب تش���كيلي مرهف‬ ‫تتحس���س مكام���ن اجلمال وحتم���ل قضايا‬ ‫الوط���ن والن���اس‪ ،‬تزده���ر ألوان���ه يف اغلبها‬ ‫متش���حة برائح���ة ح���ب األرض الطيب���ة‬ ‫وألوانها الزاهية‪.‬‬ ‫الفنان يرسم بكل صدق ملتزم بفنه والقيم‬ ‫اجلميلة اليت يعرب عنه���ا يف أعماله مبتعدا‬ ‫ع���ن فكرة (خناس���ة األعم���ال التش���كيلية)‬ ‫وسياس���ة الرتوي���ج الزائف���ة ال�ت�ي وق���ع يف‬ ‫ش���باكها الكث�ي�ر من الفنانني التش���كيليني‬ ‫الليبي�ي�ن والع���رب‪ ،‬اليت جتعل م���ن الفنان‬ ‫صان���ع أو آالت تأمت���ر مبتطلب���ات الس���وق‬ ‫واملش�ت�ري فهو يط���رح قضايا مهم���ة بالغة‬ ‫يف الدق���ة م���ن األموم���ة وعالقة اإلنس���ان‬ ‫ب���األرض واإلنس���ان باإلنس���ان والتمس���ك‬ ‫ب���كل م���ا ه���و مجي���ل يف عادتن���ا وتقاليدن���ا‬ ‫م���ع االنفتاح عل���ى اآلخر واالس���تفادة من‬ ‫جتاربه وخربته يف مجيع العلوم‪ .‬فهذا البعد‬ ‫اإلنس���اني يضفي ثراء فنيا يف هذه األعمال‬ ‫وتندرج من ضم���ن األعمال احلاملة للقيم‬ ‫اخلالقة يتفق عليها اجلميع وتعترب كتابا‬

‫تش���كيليا ومرجعا أخالقيا مه���م من ضمن‬ ‫تراثنا الوطين‪.‬‬ ‫يس���تدعي الفن���ان مف���ردات لوحات���ه م���ن‬ ‫الذاك���رة الش���عبية‪ ،‬احلي���اة اليومي���ة‪،‬‬ ‫األس���واق‪ ،‬الوجوه‪ ،‬األزياء الش���عبية‪ ،‬األبنية‬ ‫وشاطئ البحر‪ ،‬األرياف واحلقول واجلنوب‬ ‫اللييب اجلميل مبزارعه املختبئة بني لفيف‬ ‫النخي���ل وواحات���ه املتأنق���ة ب�ي�ن أش���جاره‬ ‫اليافع���ة وجداول امل���اء والعالقة بني محرة‬ ‫األرض وخضرتها وما يكس���وهما من زرقة‬ ‫عميقة بسمائها الصافية وهو يتأرجح بكل‬ ‫يس���ر بني عاملني عامل امل���دن وعامل األرياف‬ ‫وعالقته املتينة اليت تكونت فيهما‪ .‬فالفنان‬ ‫م���ن منطقة فران الش���اطئ وأق���ام مبدينة‬ ‫طرابل���س ودرس الف���ن التش���كيلي بروم���ا‬ ‫ايطاليا‪.‬‬ ‫لوح���ات األرض واحلي���اة البس���يطة يف‬ ‫األرياف ال تعرب عن هذا العامل أو تلك بقدر‬ ‫م���ا تع�ب�ر عن ع���امل مل يع���د موج���ودا إال يف‬ ‫ذاكرتنا تقريبا وابتعاد البقية عنه بس���بب‬ ‫مد الب�ت�رول واحلياة احلديث���ة امللوثة بكل‬ ‫املظاهر السلبية ‪ ،‬فيصبح‬ ‫عمل���ه مبثاب���ة ومض���ات تنش���ط ذاك���رة‬ ‫األجي���ال يف منظوم���ة بصري���ة معرفي���ة‬ ‫تصب���ح ذاكرة للوطن يرجع إليها اجلميع‬ ‫الكل حس���ب حاجته الفني���ة والثقافية‪ .‬من‬ ‫هن���ا أيض���ا كان الطاه���ر األم�ي�ن املغرب���ي‬ ‫يراعي التطور الذي أصاب فن الرس���م منذ‬ ‫بداي���ات القرن العش���رين وص���وال إىل أخر‬ ‫مدارسه‪ ،‬ويراعي تطور عني املتفرج اجليد‪،‬‬ ‫فكانت أعماله رغم وضوح مالمح أش���كاهلا‬ ‫واقرتابها من الناس يف خطابه وطرحه‪ ،‬إال‬ ‫ان���ه ينتهج آخ���ر ما توصل إلي���ه التعبرييني‬ ‫يف تل���ك الف�ت�رات وما أنتجته���ا خمترباتهم‬ ‫الفني���ة م���ن خالص���ة يف املعاجل���ات الفنية‬ ‫احلديث���ة الس���ائدة يف أوروب���ا وأمري���كا‬ ‫الالتينية كاملدرس���ة االجتماعي األش���هر‬ ‫يف ه���ذه البلدان‪ .‬بعد أن خت���رج من ايطاليا‬

‫يف منتصف الس���تينيات‪ ،‬كان من مؤسسي‬ ‫ن���ادي الرس���امني بطرابلس ومن مؤسس���ي‬ ‫دائ���رة الفن���ون التش���كيلية ب���وزارة الثقافة‬ ‫ال�ت�ي قام���ت بالعديد من املع���ارض يف ذلك‬ ‫الوق���ت وكان له اهتمامات بف���ن التصوير‬ ‫الفوتوغ���رايف فأنت���ج العدي���د م���ن األعمال‬ ‫وق���ام بالعدي���د م���ن املناش���ط واملع���ارض‬ ‫الفردية واملشاركات الداخلية واخلارجية‬ ‫ومل ينقط���ع ع���ن العم���ل الف�ن�ي من���ذ أن‬ ‫احرتفه ألكثر من مخس���ة عق���ود إلميانه‬ ‫برس���الة هذا الفعل وما يصبو إليه من آمال‬ ‫وطموحات يف ترقية الذوق العام وختفيف‬ ‫وطأة اجلهل يف جمتمعنا الذي كان يرزح‬ ‫حتت اعتى األنظمة الشمولية يف العامل‪.‬‬ ‫_موالي���د ‪ 1941‬بأق���ار الش���اطىء ف���زان‬ ‫ـ ليبي���ا‪ -‬حص���ل عل���ى ليس���انس الفن���ون‬ ‫اجلميلة قسم الرس���م من أكادميية روما‬ ‫للفن���ون اجلميلة_‪_ 1965‬عضو مؤس���س‬ ‫الحت���اد الفنانني التش���كيليني العرب س���نة‬ ‫‪ 1971‬وعض���و األمان���ة العام���ة لالحت���اد‪.‬‬ ‫ش���ارك ونظم عدة مع���ارض بليبيا والدول‬ ‫العربية واألجنبية من���ذ عام‪ - 1960‬عمل‬ ‫رئيس���ا لوحدة الفن���ون التش���كيلية لبلدية‬ ‫طرابلس‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫الصورة الفوتوغرافية‬

‫الص��ورة الفوتوغرافية متنحين احاس��يس خمتلفة جتعلين ش��اعرة أو كاتبة‪ ،‬التصوير عبارة‬ ‫عن احساس فين متميز ومتنوع وقلة من ميلكون ذلك احلس الذي مييزهم عن اآلخرين‬

‫الوقوع يف احلب من النظرة األوىل‬ ‫صورة لفاتح مناع‬

‫صورة لفاتح مناع‬

‫يف كل صورة‬ ‫أعيش حلظة‬ ‫التقاطها كأنين‬ ‫ارسم لوحة بعيين‬ ‫أؤطرها يف داخلي‬ ‫قبل أن يراها‬ ‫غريي‬ ‫الثقايف‪-‬ميادين‬ ‫املعروف ان الصورة الفوتوغرافية هي‬ ‫توثيق حلياة واقعي���ة واملصور هو من‬ ‫يعمل على اظهار عناصرها اجلمالية‪،‬‬ ‫ويرتك للمتلقي قراءتها حسب وجهة‬ ‫نظره‪ .‬هنا حتاورنا مع مصورين حول‬ ‫م���ا ال���ذي جيذبه���م اللتق���اط صورة‬ ‫م���ا‪ ،‬وهل هن���اك عالقة محيمة تنش���أ‬ ‫ب�ي�ن املصور وص���وره؟ وه���ل التصوير‬ ‫الفوتوغ���رايف ل���ه عالق���ة باإلب���داع؟‬ ‫ف���كان رد املصور الصحف���ي فاتح مناع‬ ‫الذي يغري�ن�ي اللتقاط صورة معينة‬ ‫أم���ران أوهلم���ا أنا كمص���ور صحفي‬ ‫يتطلب األمر م�ن�ي التقاط عدة صور‬ ‫ومن جوانب عدة تس���اعد يف اكتمال‬ ‫عناصر املوضوع املطروح وأيضا وضع‬ ‫خيارات للص���ورة الواحدة امام خمرج‬ ‫الصحيف���ة أو اجملل���ة‪ ،‬ويضي���ف فاتح‬ ‫من���اع‪" :‬أحيان���اً اجدن���ي أخت���ار ص���وراً‬ ‫معينة أراها من واقع خربتي األنس���ب‬ ‫واألفض���ل للنش���ر إضاف���ة لعام���ل‬ ‫الفض���ول ال���ذي يعت�ب�ر دافع���اً كبرياً‬ ‫اللتق���اط صورم���ا ميكن أن يس���تفاد‬ ‫منها الحقاً‪ .‬عندما أرى مش���هداً معيناً‬ ‫أمامي أرمسه يف عقلي قبل أن التقط‬ ‫الص���ورة وق���د أغ�ي�ر رأي واجت���ه إىل‬ ‫م���كان آخ���ر وهن���اك مش���اهد تفرض‬ ‫عل���ى املصور عدم ال�ت�ردد يف التقاطها‬ ‫كاملنظر الطبيعية"‪.‬‬ ‫وي���رى املصور فات���ح من���اع‪" :‬التصوير‬ ‫الفوتوغرايف أصبح الي���وم فناً يتطلب‬ ‫موهب���ة وممارس���ة وخي���ا ً‬ ‫ال واس���عاً‬ ‫وذكاء وإحس���اس وهذه األخرية هي‬ ‫اليت متيز مصور عن غريه وتشري إىل‬ ‫متي���ز بصمت���ه الفنية عل���ى الصورة‪،‬‬ ‫الكل بإمكانه اقتناء كامريا وما تتميز‬ ‫به من س���هولة االستخدام خاصة مع‬ ‫االنتش���ار الكبري للكام�ي�رات الرقمية‬

‫‪11‬‬

‫فاتح مناع‬

‫طه الكريوي‬

‫وهنا نتع���رف على مق���درة املصور يف‬ ‫إب���داع الصورة اليت يك���ون اجلميع قد‬ ‫التقطها"‪.‬‬ ‫وعن عالق���ة املصور باللقط���ة الفنية‬ ‫قال مناع‪" :‬الص���ور اليت ألتقطها تظل‬ ‫حمف���ورة يف ذاكرت���ي حت���ى مبرور‬ ‫ف�ت�رة م���ن الزم���ن فإنين أس���تطيع أن‬ ‫أعرف م���ا إذا كانت صورة معني هي‬ ‫م���ن التقاط���ي‪ .‬أق���ول يف كل ص���ورة‬ ‫أعيش حلظة التقاطها كأنين ارس���م‬ ‫لوحة بعيين أؤطرها يف داخلي قبل أن‬ ‫يراها غريي"‪.‬‬ ‫وقال رئيس املنظمة الليبية للتصوير‬ ‫املص���ور ط���ه الكري���وي‪" :‬اتعام���ل م���ع‬ ‫الصورة حس���ب الغرض م���ن الصورة‬ ‫فحينم���ا يك���ون التصوي���ر ذو طاب���ع‬ ‫فين أو التوثيقي حي���ث يكون اجلمال‬ ‫والطبيع���ة وكل م���ا تتجل���ى في���ه‬ ‫عظم���ة اخلال���ق ع���ز وج���ل ومل تعتاد‬ ‫الع�ي�ن رؤيت���ه لنذرت���ه ً‬ ‫مث�ل�ا‪ ،‬يك���ون‬ ‫ً‬ ‫األكثر اغراء ب���دون منازع‪ ،‬وأيضا ما‬ ‫يكون طريفاً قد يكون مغرياً لتوثيقه‬ ‫بص���ورة‪ .‬أم���ا ح�ي�ن يك���ون املوض���وع‬ ‫ل���ه عالق���ة بالتصوي���ر الصحف���ي‬ ‫فبالتأكي���د الوض���ع هن���ا خمتل���ف‬ ‫حيث املوضوع يفرض نفس���ه ولنقول‬ ‫احلدث ه���و ما يك���ون دافع���اً اللتقاط‬ ‫ص���ورة معينة فاملش���هد الذي يلخص‬ ‫أو يص���ف احلال���ة بدق���ة ه���و األقرب‬ ‫للكام�ي�را"‪ ،‬وأض���اف ط���ه الكري���وي‪":‬‬ ‫إحس���اس املص���ور جيعل���ه ي���رى أي‬ ‫مش���هد يس���تحق التصوير م���ن عدمه‬ ‫وأيض���اً ه���ذا يعتمد عل���ى ذوق املصور‬ ‫نفس���ه وم���دى إحساس���ه باجلماليات‬ ‫وكذل���ك يعتم���د على الرس���الة اليت‬ ‫يريد إيصاهلا من خالل عدسته"‪.‬‬ ‫وع���ن العالقة بني التصوي���ر واالبداع‬ ‫أجاب املصور طه الكريوي‪ :‬بالتأكيد‬

‫أن التصوي���ر ل���ه عالقة باإلب���داع والفن‬ ‫فه���و إح���دى الفن���ون البصري���ة‪ ،‬وه���و‬ ‫ف���ن يعتم���د على الض���وء وهلذا يس���مى‬ ‫التصوير الضوئي‪ ،‬واإلبداع يف هذا الفن‬ ‫يعتم���د عل���ى اتق���ان اس���تعمال الكامريا‬ ‫ومعرف���ة أساس���يات التصوي���ر الضوئي‬ ‫والتم���رس يف اس���تخدام قواع���ده وم���ن‬ ‫ثم كس���ر هذه القواع���د للحصول على‬ ‫نتائ���ج مبه���رة يطل���ق عليه���ا اس���م (فن‬ ‫وإب���داع)"‪ .‬وأوض���ح الكري���وي ان���ه على‬ ‫الرغم‬ ‫م���ن أن التق���دم التكنولوج���ي س���هل‬ ‫وص���ول الكام�ي�را ألي���دي كل الن���اس‬ ‫حيث أصب���ح التقاط الص���ور من خالل‬ ‫الكامريات واهلواتف النقالة يتم بش���كل‬ ‫يوم���ي وب���دون ح���دود إال أن املص���ور‬ ‫املب���دع والفنان هو الذي يأت���ي دائماً مبا‬ ‫تألفه العني بش���كل مل تألف���ه‪ .‬ويضيف‪:‬‬ ‫"الصورة اليت ألتقطها هي الصورة اليت‬ ‫شاهدتها وعلى الغالب ال تكون نفس ما‬ ‫ش���اهدها من مروا بنفس املشهد أو حتى‬ ‫من كانوا بالق���رب مين أثناء التقاطها‪،‬‬ ‫وهنا اإلحس���اس والشعور جزء ال يتجزأ‬ ‫م���ن ه���ذه اللقط���ة اليت ق���د يش���اهدها‬ ‫اآلخرين فلن تكون بنفس األحاس���يس‬ ‫واملش���اعر مهما فعلنا‪ ،‬باختصار ش���ديد‬ ‫أرى أن الص���ورة ال�ت�ي التقطته���ا ه���ي‬ ‫الذاك���رة املوثق���ة للمش���هد برفق���ة‬ ‫املشاعر احلسية"‪.‬‬ ‫يق���ول املص���ور ش���حات عل���ي اش���ليمبو‪:‬‬ ‫"التصوي���ر الفوتوغ���رايف أح���د الفن���ون‬ ‫البصري���ة القدمي���ة احلديث���ة حيث انه‬ ‫صنف عاملياً من الفنون العامة كـ غرية‬ ‫من الفنون االخرى مثل الرسم والنحت‬ ‫وغريها"‪ ،‬وأضاف شحات اشليمبو‪:‬‬ ‫"يف حقيق���ة االم���ر غالباً م���ا تكن روحي‬ ‫س���باقة ألي عم���ل اجن���زه يف التق���اط‬

‫شحات اشليمبوا‬

‫الص���ورة الفوتوغرافي���ة‪ ،‬فعالق�ت�ي‬ ‫بالصورة عالق���ة روحية حبته حيث ان‬ ‫العم���ل متكون من عدة امور تقنية انا ال‬ ‫اتقنه���ا ولكن الروح والوجدان والس���حر‬ ‫ه���و ما ينج���ز العمل غالباً‪ .‬وف���ى الغالب‬ ‫تكون االغراءات كث�ي�رة وعديدة حيث‬ ‫ان املش���هد ال���ذي تراه عي�ن�ي يرتجم إىل‬ ‫روح���ي مباش���رة ودون مقدم���ات أج���د‬ ‫نفسي مرتج ً‬ ‫ال خلفه"‪.‬‬ ‫املصورة هبة ش�ل�ابي قال���ت‪ :‬انها هاوية‬ ‫للتصوي���ر الفوتوغرايف وس���تظل لألبد‬ ‫حي���ث اللقطة تتجس���د أمامها قصة بال‬ ‫حروف‪ ،‬وتضيف‪" :‬أرى أشياء قد ال يراها‬ ‫غريي من املصوري���ن واملصورات وقد ال‬ ‫يراه���ا عام���ة الناس كما ق���د ال ارى ما‬ ‫يلتقط���ه زمالئ���ي وه���ذا أو م���ا دفعه���م‬ ‫للرك���ض وراء مش���هد م���ا اللتق���اط‬ ‫تفاصيل���ه‪ .‬التصوي���ر ه���و فن تش���كيلي‬ ‫بالدرج���ة األوىل ول���ه عالق���ة مباش���رة‬ ‫باإلب���داع والرؤي���ة الفنية واإلحس���اس‬ ‫الف�ن�ي لرمبا جتدي���ن مصوري���ن كثر‬ ‫ولكن قلة من جيدبك احساس���هم الفين‬ ‫للصورة وما يريدون نقله عرب صورهم‬ ‫للناس‪ .‬كث�ي�رة هي مواقف احلياة اليت‬ ‫متر ام���ام اعينن���ا وال نس���تطيع ايقافها‬ ‫ولكنن���ا نق���در عل���ى االحتف���اظ بها عرب‬ ‫عدسة الكامريا لألبد‪.‬‬ ‫وتوض���ح هب���ة ان���ه لطامل���ا احب���ت ذل���ك‬ ‫الشعور الذي يأتي قبل التقاط الصورة‪،‬‬ ‫مضيفة‪" :‬الص���ورة الفوتوغرافية متنح‬ ‫قل�ب�ي احاس���يس خمتلط���ة وخمتلف���ة‬ ‫جتعل�ن�ي ش���اعرة او كاتب���ة‪ ،‬التصوي���ر‬ ‫عبارة عن احس���اس فين متميز ومتنوع‬ ‫وقل���ة م���ن ميلكون ذل���ك احل���س الذي‬ ‫مييزهم عن اآلخرين"‪.‬‬

‫صورة هلبة شالبي‬

‫التق��اط الص��ور م��ن خ�لال الكام�يرات واهلواتف‬ ‫النقالة يتم بشكل يومي وبدون حدود إال أن املصور‬ ‫املبدع والفنان هو ال��ذي يأتي دائمًا مبا تألفه العني‬ ‫بشكل مل تألفه‬ ‫صورة طه الكريوي‬


‫‪12‬‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫الت َذُّو ُق َ‬ ‫َّة َّ‬ ‫َّ‬ ‫األ َدِب ُّي َوِإ ْب َد ِاعي ُ‬ ‫التَلِقي‬ ‫خـالـد خـميس السحـاتي‬ ‫���م ُع َع ْن َ‬ ‫ك ِل َم ِة َّ‬ ‫ُّق ِع ْن َد َما َيدُو ُر‬ ‫كثرياً َما َن ْس َ‬ ‫الت َذو ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫احل ِد ُ‬ ‫اس��� ِت ِه و َن ْقـ��� ِد ِه‪،‬‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ائ���ق‬ ‫ر‬ ‫َط‬ ‫و‬ ‫َب‬ ‫د‬ ‫األ‬ ‫���ن ِ َ ِ ِ َ َ‬ ‫ي���ث َع ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َكأن َهـ���ذا الت���ذوق ُه َو ق ِـر ُ‬ ‫ين اإلب َ‬ ‫َبي أ ِو‬ ‫���د ِاع األد ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ال���ذي ال ي َ‬ ‫َ‬ ‫ُما‪َ ،‬و ِل َّ‬ ‫الف ِّ‬ ‫���ق ِمن ِص َّح ِة‬ ‫ُف ِار ُقه َ‬ ‫�ن�ي ِ‬ ‫لت َح ُّق ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫يف‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫���ن‬ ‫ع‬ ‫ث‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫أن‬ ‫لن���ا‬ ‫ُـد‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫���ة‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫الف‬ ‫ه‬ ‫���ذ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫َه ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُيو ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َس�ي�را َع���ن َح ِقيق ِة التـذوق‬ ‫َض ُح لنا َجانبا َولو ي ِ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫أن َم ْع َنى َ‬ ‫ـاج ِم الل َغ ِة نجَ ِ ُد َّ‬ ‫ك ِل َم ُة‬ ‫َب ِّ‬ ‫���ي‪ ،‬ف ِفي َم َع ِ‬ ‫األد ِ‬ ‫َذا َق ُه‪ :‬أَ ْي ْاخ َت�َب�رَ​َ َط ْع َم ُه‪َ ،‬و َت َذ َّو َق ُه ْ‬ ‫أي َذا َق ُه َم َّر ًة ب َْع َد‬ ‫ـ���ر ٍة‪ .‬و ْ‬ ‫َان َت َق َل ْت ِد َ‬ ‫احل ِّسِّ���ي‪،‬‬ ‫َم َّ‬ ‫ال ِ‬ ‫ال َل ُة ال َك ِل َم ِة ِم َن املجَ َ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ملجَ‬ ‫لىَ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وُ‬ ‫ال امل ْعن ِو ِّي‪،‬‬ ‫اب‪ِ ،‬إ ا ِ‬ ‫َه َو تذوُّق الط َع ِام وَالشَ���ر ِ‬ ‫ِم ْ‬ ‫َالن ْثر‪ ،‬أَ ْي َف ْه ِم ِه‪َ ،‬وتمَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ييز َج ِّي ِد ِه‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫الش‬ ‫ُّق‬ ‫و‬ ‫ذ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْ‬ ‫���ن َر ِدي ِئ��� ِه‪َ ،‬وتحَ ْ ِدي��� ِد َط َب َق ِت��� ِه َ‬ ‫ات‬ ‫���ة‪َ .‬وفيِ َذ ِ‬ ‫الف ِّن َّي ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َب َّي ُهوَ‪ِ " :‬ت ْلكَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫اإلط ِ‬ ‫���ار َرأى ال َبعض أن الت���ذوُّق األد ِ‬ ‫ِ‬ ‫���تطا ُع بهَ���ا َت ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫املَـ َل َك ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َب‬ ‫د‬ ‫األ‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ُس‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫َ���ة‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫���ة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تيِ‬ ‫اإلنش���ائي‪ ،‬وَاملُ َف َ‬ ‫وص ِه‪،‬‬ ‫َاهـ ِد ِه َو ُن ُص ِ‬ ‫ـاض َل ِة َب�ْي�نْ َ َش���ـو ِ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫أَ ْو ِت ْل َك َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫احل َّ ُ‬ ‫يم‬ ‫ـاس���ة الفن َّية التيِ يُهت َدى ِبهَا فيِ تق ِو ِ‬ ‫َ‬ ‫َم َزايَاهُ"‪َ .‬و َق ْد َع َرفَ‬ ‫َب ِّي‪ ،‬و َ‬ ‫وب ِه و َ‬ ‫َع ْر ِ‬ ‫ض ِع ُي ِ‬ ‫ال َع َم ِل األد ِ‬ ‫���ر ُب ال ُق َد َامى ِل َّ‬ ‫لذ ْو ِق َم ْع َن َي�ْي�نْ ِ ‪ ،‬أَ َحد ُ‬ ‫ُه َما‪ :‬املَ​َل َك ُة‬ ‫ال َع َ‬ ‫ْ‬ ‫كَ‬ ‫اش َئ ُة ِم ْن ممُ َ ا َر َس ِة َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال ِم‬ ‫الن‬ ‫‪،‬‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫الن‬ ‫ة‬ ‫خ‬ ‫اس‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ فيِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يه َما‪َ :‬هذا ْ‬ ‫الذي‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ث‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫���ر‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫االس��� ِت ْع َدا ُد ال ِفط ِر ُّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـال‪،‬‬ ‫���ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫اك‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫إل‬ ‫ه‬ ‫���‬ ‫ب‬ ‫اح‬ ‫ص‬ ‫���ئ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جمَ‬ ‫ُيه ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجل َمـال ِم ْن أَ ْس َـرار‪َ .‬و {املُ ْع َجم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َب ِّي}‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫األ‬ ‫وَ‬ ‫ِ‬ ‫َم لهِ‬ ‫ٍ فيِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ال‪،‬‬ ‫���رف الذوق ِبأن��� ُه‪َ :‬‬ ‫ُي َع َّ‬ ‫���اس ِباجل َم ِ‬ ‫اإلح َس ِ‬ ‫"ملكة ِ‬ ‫ات َ‬ ‫َالت ْمييز ب ِد َّق ٍة َبينْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫نيِّ‬ ‫وب ِه‪،‬‬ ‫ي‬ ‫َع‬ ‫و‬ ‫الف‬ ‫ر‬ ‫ث‬ ‫األ‬ ‫���ن‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َّ ِ ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وَِإ ْص َ‬ ‫اط َف ٌة‪،‬‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫اس���‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫َال���ذ‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫���م‬ ‫ك‬ ‫احل‬ ‫���د ِار‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫���ر‪َ ،‬وأَ ْز ِم َن ِت ِهم‪ْ،‬‬ ‫َو ِل َذ ِل���ك َيت َبدَّل َح َس َ‬ ‫َاع ال َبش ِ‬ ‫���ب أن���و ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َح َس َب َّ‬ ‫اإلن َس ُ‬ ‫ـان َنف ُس ُه"‪.‬‬ ‫وَ‬ ‫الط ْـو ِر َّال ِذي يمَ ُّ‬ ‫ُـر ِب ِه ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫���ار ِإ َل ْيهَا َس��� َلفاً ي َّ‬ ‫���ح ِبال ِف ْع ِل‬ ‫ش‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫َ���ذ‬ ‫ه‬ ‫َت ِض ُ‬ ‫َ‬ ‫َب ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وِ‬ ‫َّة َبينْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َب َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫التا ِلي‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫وق‬ ‫ذ‬ ‫َالت‬ ‫و‬ ‫َب‬ ‫د‬ ‫األ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ة‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫���و‬ ‫ُج‬ ‫وُ ُ ِ ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ثمَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫���ي"‪َ ،‬و َة‬ ‫َي�ْب�رْ ُ ُز َل َد ْي َن���ا ُم ْص َطل ُ‬ ‫َب ِّ‬ ‫���ح "الت���ذو ِ‬ ‫ُّق األد ِ‬ ‫ُس���ـ َؤ ٌ‬ ‫ام ُهـ َنا‪َ :‬‬ ‫���ة َّ‬ ‫ُث َع َمِل ّي ُ‬ ‫���ف حتـد ُ‬ ‫ك ْي َ‬ ‫ُق‬ ‫ال هـَ ٌّ‬ ‫الت َذو ِ‬ ‫يـع ْأن َي َت َذو َ‬ ‫َه ْـل ُ‬ ‫ك ٌّل ِمَّنا ي ْ‬ ‫َه ِـذ ِه؟‪ ،‬و َ‬ ‫َب‬ ‫َّق األد َ‬ ‫َس��� َت ِط ُ‬ ‫���ب ْ‬ ‫ِب َط ِر َ‬ ‫يق ِت��� ِه‪ ،‬أَ ْم َّ‬ ‫ـ���رى؟‪،‬‬ ‫لم ْس���ـأ َل ِة َجـوَا ِن ُ‬ ‫أن ِل َ‬ ‫أخ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َة َعن َه ِـذ ِه َّ‬ ‫الت َس���ا ُؤال ِت َس��� َنط َـر ُح‬ ‫اإل َجـاب ِ‬ ‫لمِحُ َ ـا َو َل ِ‬ ‫���ة ِ‬ ‫املَِث َ‬ ‫ال ا َ‬ ‫ـام َّ‬ ‫التـا ِلي‪:‬‬ ‫هل َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َب َّي (أَيّ���اً َ‬ ‫َ‬ ‫ان َن ْو ُع ُه) َفإَِّنناَ‬ ‫َّ‬ ‫كَ‬ ‫ِع ْن َد َم���ا نق َرأ الن َّ‬ ‫ص األد ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫(ب َّ‬ ‫َ‬ ‫الت َذو َ‬ ‫ي���ق ال َعق ِل ل ِك َّن َّ‬ ‫ُّق‬ ‫َن ْفه ُ‬ ‫الط ْب ِع) َعن ط ِر ِ‬ ‫َمـ��� ُه ِ‬ ‫َ‬ ‫َي ُك ُ ْ‬ ‫���يس‪ .‬أَ ْي أَ َّن‬ ‫ي���ق املَ َش ِ‬ ‫���اع ِر وَاأل َح ِ‬ ‫���ون َعن َط ِر ِ‬ ‫اس ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫���اس‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫اإل‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫َا‬ ‫د‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ُّق‬ ‫و‬ ‫ذ‬ ‫الت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫الذ‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫الف ْه َـم أَدَا‬ ‫َّ‬ ‫ِ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫املُ ْر َه ُ‬ ‫َب ِي‪،‬‬ ‫ال���ذي َيتل َّم ُ‬ ‫���ف ِ‬ ‫���س أو ُج��� َه اجل َم ِ‬ ‫���ال األد ِ‬ ‫اهينْ‬ ‫َوي َْك ِـش��� ُفهَا‪َ ،‬وي ْ‬ ‫َس��� َت ْجِليهَا‪َ ،‬و َذ ِل َك َي ِت ُّم فيِ اتجِّ َ َ ِ‬ ‫ض ِل َ ْ‬ ‫َان ال َب َ‬ ‫الت َع ُّر ُ‬ ‫أَ َّولهُ​ُ َم���ا‪َّ :‬‬ ‫ص‬ ‫ال ِغ َّي ِ‬ ‫���ة فيِ أَ ِّي َن ٍّ‬ ‫ألل���و ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫���ر‬ ‫���ي ِب ْاع ِت َب ِار َه���ا ُعن ُصـ���را أ ِصي�ل�ا ِم���ن َعن ِ‬ ‫َب ٍّ‬ ‫اص ِ‬ ‫أد ِ‬ ‫الف�ِّن�يِّ ِّ ‪ ..‬وَاالتجِّ َ ���ا ُه َّ‬ ‫ُّق َ‬ ‫الت َ‬ ‫َّ‬ ‫الثا ِن���ي‪ُ :‬ه��� َو َم ْع ِر َف ُة‬ ‫���ذو ِ‬ ‫األ ْ‬ ‫���رار َه ِذ ِه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـ���ر ِة أَ ْو‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫���ا‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫ث‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫َان‬ ‫و‬ ‫���‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ان ال ِف ْك َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ فيِ ِ‬ ‫أْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َاحي‬ ‫يـ���ح ُّ‬ ‫اح َي ٍة ِمن نو ِ‬ ‫�ي�ر أ ِّي ن ِ‬ ‫الصـو َر ِة أو تـو ِف ِ‬ ‫تو ِض ِ‬ ‫ص َ‬ ‫الل ْف ِظ ِّي أَ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫َب ِّي‬ ‫د‬ ‫األ‬ ‫الن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫���و‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ـال‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫اجل َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َاب ال َعق ِل‪ ،‬أَ َّما َت َذو ُ‬ ‫ُّق َه َذا‬ ‫ي َْعنيِ أَ ْن َنف َت َـح ِل َف ْه ِم ِه أَ ْبو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َاب َ‬ ‫الق ْل ِب؛ َف َن َت َذ َّو ُق ُه‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫األ َث ِر ي َْعنيِ أَ ْن َن ْف َت َح ِل َف ْه ِم ِه َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـس امل ْر َه ِف‬ ‫َاحل ِّ‬ ‫الو ْج َـدا ِن َّي ِة‪ ،‬و ِ‬ ‫ري الدَّف َـقِ���ة ِ‬ ‫تحَ َت تأ ِث ِ‬ ‫يق‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الر ِق ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َب َّي ـ َسـوَا ٌء‬ ‫د‬ ‫األ‬ ‫الن‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫َق‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ـل‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫َم‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫وِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ري ًة أَ ْو ِروَايَةً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أَكـان ق ِص َ‬ ‫يدة ِش���ع ِريَّة أو ِق َّصة ق ِص َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أَ ْو َغيرْ َ َه���ا ـ َو َي َت َم َّك َ‬ ‫ـ���ن ِمن َف ْه ِـم ِه َل ِك َّـن��� ُه لمَ َي َت َل َّم ْس‬ ‫أَ ْو ُج��� َه َ‬ ‫ال ِفي ِه بمِ َ‬ ‫يس��� ِه َفإَِّن ُه ـ‬ ‫اس ِ‬ ‫َش ِ‬ ‫���ـاع ِر ِه َوأَ َح ِ‬ ‫اجل َـم ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لمَ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫يب‬ ‫فيِ َن َظ ِ‬ ‫���ري ـ كأن���ه يَق َرأهُ؛ ألن ِر َس���الة األ ِد ِ‬

‫ُض ِّم ُنهَا ِل َع َم ِل��� ِه اإل ْب َد ِاع ِّي (و َّ‬ ‫َال�ِت�يِ َق ْد َت ُك ُ‬ ‫َّال�ِت�يِ ي َ‬ ‫ون‬ ‫ِ‬ ‫ال َ‬ ‫َع َل���ى َه ْي َئ ِة ُر ُم���وز لهَ َ ���ا ِد َ‬ ‫ات‬ ‫ال ٌت ُم َع َّي َن ٌة أَ ْو ِإ َش���ا َر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫���د َد ٍة أَ ْو َخِل ٌ‬ ‫ـاز محُ َ َّ‬ ‫يط ِم ْن َه َذا‬ ‫اش َ‬ ‫َغيرْ ِ ُم َب ِ‬ ‫���ر ٍة لهَ َ ا َم َغ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ـ���اج ِمَّن���ا ِل َف ْه ِمـهَ���ا أَنْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َو َذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تحَ‬ ‫اك َمع���ا أو غيرْ ِ ِه َم���ا) ت ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫���ص األدَب َّي ب ُك ِّل َجوَار ِح َن���ا‪َ ،‬و َ‬ ‫���ذو َ‬ ‫َن َت َ‬ ‫َّق َّ‬ ‫ال َنك َت ِفي‬ ‫الن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َة‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ُون‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ـاب‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ـر‬ ‫الس‬ ‫ة‬ ‫ء‬ ‫ا‬ ‫ـر‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ـر‬ ‫ُج‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بمِ َ َّ ِ ِ َ َ ِ َّ ِ ِ ِ َ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َو َتَأ ُّمل‪َ ،‬ف َ‬ ‫َب َ‬ ‫َّ‬ ‫َص ُف ُه أَ َحـ��� ُد األ َدبَا ِء‪ :‬يَت ِج ُه‬ ‫���األد ُ‬ ‫ك َما ي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الو ْج َد ُ‬ ‫َّ‬ ‫ان‪ ،‬ب َْع َد أن يمُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َد‬ ‫ه‬ ‫���د‬ ‫ص‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫؛‬ ‫ان‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫الو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِإلىَ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ان َل ُه‬ ‫ح‬ ‫���م‬ ‫َس‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫الل‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ع‬ ‫َال‬ ‫و‬ ‫���ي‬ ‫ـس‬ ‫احل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫اك ِ ِّ‬ ‫اإل ْد َر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِب ِ‬ ‫َ‬ ‫لىَ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫رْ‬ ‫َبالتا ِلي‪،‬‬ ‫ور َع َ‬ ‫ب ُه َم���ا ِإ أع َم ِ‬ ‫ِباملُ��� ُر ِ‬ ‫اق ِوج َدا ِنن���ا‪ ..‬و ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫"الت َذو ُ‬ ‫َر َت ِب ُط َّ‬ ‫َبُّ���ي" ِب َتل ِّقي َّ‬ ‫يْ‬ ‫اإل ْب َد ِاع ِّي‪،‬‬ ‫الن ِّ‬ ‫ُّق األد ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫���ة نجَ ِ ��� ُد َّ‬ ‫َ‬ ‫الت َل ِّق���ي ُي ِفي���دُ‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫���ا‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫���ي‬ ‫ف‬ ‫َف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫جمِ ِ‬ ‫���د َو َر َد َل ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫آن‬ ‫���ر‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫���ي‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫الت‬ ‫���ظ‬ ‫ف‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫���‬ ‫االس‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫فيِ‬ ‫َالت ْ‬ ‫لد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫يم ِل ِّ‬ ‫يق‪،‬‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫َالت‬ ‫و‬ ‫ني‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫يم‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫الت‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الك ِر ِ‬ ‫ْ‬ ‫اه���ا ِإ َّ‬ ‫َم���ن َذ ِل َ‬ ‫الذ َ‬ ‫َم���ا ُي َل َّق َ‬ ‫ين‬ ‫���ك َق ْـو ُل��� ُه َت َعالىَ ‪" :‬و َ‬ ‫ال ِ‬ ‫وِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫{س���و َر ُة‬ ‫"‪،‬‬ ‫يم‬ ‫ظ‬ ‫ع‬ ‫ظ‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫���ا‬ ‫اه‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫َم‬ ‫و‬ ‫وا‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫�َب�رَُ‬ ‫ِ ٍ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لىَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُف ِّصلت‪ ،‬اآليَة‪َ ،}34:‬وقـول ُه ت َعا ‪" :‬فتلقى آ َد ُم ِمن‬ ‫َّر ِّب ِه َ‬ ‫{س���و َر ُة ال َب َق َر ِة‪ ،‬اآلي ُ‬ ‫َة‪:‬‬ ‫���ات َف َت َ‬ ‫اب َع َل ْي ِه"‪ُ ،‬‬ ‫ك ِل َم ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫‪ ،}36‬أَ ْي أَ َخ َذ َها َعن ُه‪َ .‬و َتأ ِسيس���اً َع َلى َه َذا َّ‬ ‫الط ْر ِح‪،‬‬ ‫االس��� ِت ْع َم َ‬ ‫���اد ِة َّ‬ ‫ي َّ‬ ‫���ح َل َن���ا أَ َّن ْ‬ ‫الت َل ِّقي‬ ‫ال ال ُق ْرآ ِن َّي لمَِ َّ‬ ‫َت ِض ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫لىَ‬ ‫ٌ‬ ‫���ي و ِّ‬ ‫ِإ َش���ا َرة ِإ َع َم ِل َّي ِة َّ‬ ‫اع ِل َّ‬ ‫َالذهنيِ ِّ َم َع‬ ‫الت َف ُ‬ ‫النف ِس ِّ‬ ‫���ص؛ َ‬ ‫َر ُد أَ ْي ً‬ ‫َ‬ ‫أل َّن َل ْف َظ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ض���ا ُم َرا ِدفاً لمَِ ْع َنى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫الت‬ ‫الن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الف ْه ِم وَال ِف ْط َن ِة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َب ال َع َر ِب ِّ َ‬ ‫يم نجَ ِ ُد ْاه ِت َماماً ِب َط ِبي َع ِة‬ ‫َوفيِ األد ِ‬ ‫���ي الق ِد ِ‬ ‫ينْ‬ ‫َع َ‬ ‫الص َل ِة و َّ‬ ‫ال َق ِت ِه َما‬ ‫َالت َف ُ‬ ‫ِّ‬ ‫اع ِل َب َ املُ ْبِ���د ِع وَاملَُت َل ِّقي‪ ،‬و ِ‬ ‫يق ِة ال ُت ْس ِه ُم فيِ ِإ ْض َفا ِء َش ْر ِع َّي ِة َف ْهم َّ‬ ‫ال َو ِث َ‬ ‫ص‬ ‫الن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫تيِ‬ ‫���ذا َي ُق ُ‬ ‫���ول َ‬ ‫َوتحَ ْ ِدي��� ِد َف َضا ِئ ِه‪َ ،‬وفيِ َه َ‬ ‫اح ُظ‪"ِ :‬إ َّن‬ ‫اجل ِ‬ ‫َم َ َ‬ ‫���ري َ‬ ‫القا ِئ ُل‬ ‫���ر وَال َغاي ِ‬ ‫َ���ة َّال�ِت�يِ ِإ َل ْيهَا يجَ ْ ِ‬ ‫���دا َر األ ْم ِ‬ ‫ْ‬ ‫���ام ُع‪ِ ،‬إنمَّ َ ا ُه َو َ ْ‬ ‫َاإلفهَ���امُ"‪ ،‬وَاملَ ْع َنى َذا ُت ُه‬ ‫و َّ‬ ‫َالس ِ‬ ‫الفه ُم و ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُي َؤ ِّ‬ ‫َ‬ ‫���اب اب���ن األع َر ِاب ِّي‬ ‫���رزدَق ِعن َد َم���ا أ َج َ‬ ‫ك��� ُد ُه الف َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َعل ْيك ْ‬ ‫"عل ْي َنا أن َن ُقول‪ ،‬و َ‬ ‫ِب َق ْو ِل��� ِه‪َ :‬‬ ‫���م أن تؤ ِّولوا"‪َ ،‬وفيِ‬ ‫َه َ‬ ‫ات َّ‬ ‫َاض َح��� ٌة ِإلىَ َت َع ُّ‬ ‫���ص‬ ‫الن ِّ‬ ‫���د ِد ِق َ‬ ‫���را َء ِ‬ ‫���ذا ِإ َش���ا َر ٌة و ِ‬ ‫َ‬ ‫َب َنا ًء َع َلى َما َس��� َب َق‪َ ،‬فإِ َّن َ‬ ‫َ‬ ‫ك ْو َن‬ ‫و‬ ‫َا‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ُّع‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫���‬ ‫َاح‬ ‫الو ِ ِ َ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املَُت َل ِّقي ِم ْن أَ ْه ِل َّ‬ ‫ْ‬ ‫ان‬ ‫الذ ْو ِق وَاملع ِرف ِة ُي َع ُّد ِم َن األ ْرك ِ‬ ‫ْ‬ ‫���ي ِة فيِ ال َع َم ِل َّي ِة اإل ْب َد ِاع َّي ِة‪ِ ،‬إذ ي َ‬ ‫ُش ِّك ُل ال َغاي َ‬ ‫َة‬ ‫يس َّ‬ ‫َّ‬ ‫الر ِئ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ملجَ‬ ‫َ‬ ‫َم ْع َن���ى َّ‬ ‫َ‬ ‫ال���ذ ْو ِق ِع ْن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫���د‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫���ذ‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫���د‬ ‫هل‬ ‫وَا‬ ‫���ال‪ ،‬و َ‬ ‫ِ‬ ‫فيِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َرى اب ُن خلدُون ُهوَ‪:‬‬ ‫ان ك َما ي َ‬ ‫���ون ال َب َي ِ‬ ‫املُعت ِنني ِبفن ِ‬

‫"ح ُص ُ‬ ‫ول َم َل َك ِة ال َب َ‬ ‫َرى َ‬ ‫آخ ُر َ‬ ‫ون‬ ‫ُ‬ ‫ان"‪َ ،‬ب ْي َن َما ي َ‬ ‫ال َغ ِة ِلِّل َس ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫س ُت���د ِر ُك ِبهَا َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫أَ َّ‬ ‫َاص‬ ‫ف‬ ‫لن‬ ‫ل‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫"ك‬ ‫‪:‬‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ال���ذ‬ ‫ن‬ ‫اخلو َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَاملَ َزايَ���ا َّال فيِ ال َك َ‬ ‫ال ِم ال َب ِليغ"‪ ،‬أَ ْي أَ َّن َّ‬ ‫الذ ْو َق ُق ْد َر ٌة‬ ‫ِ‬ ‫تيِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫س َعل���ى َمع ِرف ِة‬ ‫ِف ْط ِريَّ��� ٌة َخ َّ‬ ‫اص��� ٌة َت ْق ِد ُر ِبهَ���ا النف ُ‬ ‫اإل ْب َداع َ‬ ‫يع أَ ْن ُت َعِّل َل ِبهَا‬ ‫ني‪َ ،‬و َت ْس��� َت ِط ُ‬ ‫���ن َّ‬ ‫الر ِص ِ‬ ‫احل َس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َاضع َ‬ ‫َ​َ ُ‬ ‫ال َوأَ ْس َب ِاب ِه‪.‬‬ ‫اجل َم ِ‬ ‫لهِ ذا احل ْس ِن ِب ِذك ِر َمو ِ ِ‬ ‫���ات ال َغ ْرب َّي ِة‪َ ،‬ف َق ْ‬ ‫أَ َّم���ا َع َل���ى َص ِعي��� ِد ِّ‬ ‫���د أَ َخ َذ‬ ‫الد َر َ‬ ‫اس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي���ث َع ْ‬ ‫َاس���عاً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫احل ِد ُ‬ ‫���ة تل ِّقي الن ِّ‬ ‫ص َح ِّيزا و ِ‬ ‫���ن جمَ َ ا ِل َّي ِ‬ ‫ْ‬ ‫���ة ُخ ُصوصاً ِخ َ‬ ‫َّة َ‬ ‫���ات َّ‬ ‫فيِ ِّ‬ ‫ال َل‬ ‫الد َر َ‬ ‫اس ِ‬ ‫احل ِدي َث ِ‬ ‫النق ِدي ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كا َن ِت ْ‬ ‫االن ِط َ‬ ‫ري ِة‪َ ،‬ح ْي ُث َ‬ ‫ْ‬ ‫ال َق ُة‬ ‫خ‬ ‫األ‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫األ‬ ‫د‬ ‫���و‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ َ‬ ‫ال ُع ُق ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫���ة كونس���تانس‬ ‫َح َس َ‬ ‫���ض ِم���ن َج ِ‬ ‫ام َع ِ‬ ‫���ب َرأ ِّي ال َبع ِ‬ ‫(‪َ ،)Constance‬ع َلى َي ِد ال َع���ا َ‬ ‫األلمَْا ِن ِّي (هانس‬ ‫لمِ ِ‬ ‫���م َت َ‬ ‫�ل�ا ُه فيِ َذ ِل َ‬ ‫���ك (فولفغان���غ‬ ‫روب���رت ي���اوس)‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫إي���زر)‪َ ِ ،‬‬ ‫ُـوم‬ ‫ال���ذي ت َبَّن ْى آ َرا َء (ي���اوس) ِل َبل��� َو َر ِة َمفه ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫���ة َب ْي َـن َّ‬ ‫ـص‬ ‫الن ِّ‬ ‫���ة امل َت َبـا َدل ِ‬ ‫َج ِديـ ٍد يحَ ْ َت ِف���ي ِبال ِعـالق ِ‬ ‫ْ‬ ‫و َ‬ ‫َم ِه ٍّم‬ ‫ـاع ٍل و ُ‬ ‫ـار ِئ ِم ْن د َْو ٍر َف ِ‬ ‫ـ���ار ِئ‪ِ ،‬إميَاناً بمِ َا ِلل َق ِ‬ ‫َالق ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ص‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ـاغ‬ ‫ي‬ ‫ص‬ ‫فيِ ِ َ ِ َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫يْ‬ ‫َس���ا ِئ ِل‬ ‫َر ِج ُ‬ ‫���ع ْاه ِت َما ُم (هان���س روبرت ياوس) بمِ َ‬ ‫الت َل ِّقي إلىَ ْاش ِت َغا ِل ِه ب ْ‬ ‫ال َقة َبينْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫يخ‪،‬‬ ‫ار‬ ‫َالت‬ ‫و‬ ‫َب‬ ‫د‬ ‫األ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ك ُز َع َ‬ ‫َه��� َو َغا ِلباً‬ ‫���ي َئ ِة َّ‬ ‫ُر ِّ‬ ‫الس ْ‬ ‫وُ‬ ‫ال‬ ‫الس‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫���م‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫تيِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُجو ِه ال ِع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫�ل�اج لهِ َ ذاَ‬ ‫َ‬ ‫َب‪ ،‬و َ‬ ‫َعل���ى و ُ‬ ‫أ َصابَ���ت ت ِاري���خ األد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫���ب (ي���اوس) ِإلىَ‬ ‫َ���ة أخ َرى َن َس َ‬ ‫���ع‪ .‬و ِ‬ ‫َم���ن ِجه ٍ‬ ‫الوَضْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫احل ِّس ِّي‬ ‫اك‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫اإل‬ ‫اع‬ ‫ن‬ ‫ط‬ ‫اص‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫الف‬ ‫ني‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫الش���ك ِ‬ ‫فيِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫�ْب�رْ‬ ‫َار‬ ‫اجل َما ِل ِّ‬ ‫���ي ِبوَص ِف��� ِه أدَاة نظ ِريَّ���ة فيِ َس ِ أغ���و ِ‬ ‫األ ْع َم���ال َ‬ ‫َ‬ ‫���ة‪َ .‬و َق ْ‬ ‫���د سمَ َّ ���ى ي���اوس َن َظ ِر َّي َت��� ُه‬ ‫د‬ ‫األ‬ ‫َب َّي ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫���ب ِإلىَ أَ َّن َ‬ ‫���ات َّ‬ ‫اجل ْو َه َر‬ ‫َه َي َتذ َه ُ‬ ‫الت َل ِّق���ي‪ ،‬و ِ‬ ‫بجِ َ َما ِل َّي ِ‬ ‫ال يمُ ْ ِك ُن َب َيا ُن ُه َع ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫نيِّ‬ ‫يق‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫���ي‬ ‫خي َّ ِ َ َ ٍ ٍ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الت ِار ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫���ر ِد‬ ‫اج��� ِه‪ ،‬أو ِم���ن ِخ�ل�ا ِل مجُ َ َّ‬ ‫���ص َع َم ِل َّي ِ‬ ‫���ة ِإنت ِ‬ ‫َف ْح ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َب يَن َب ِغ���ي أَن ي ْ‬ ‫وْ‬ ‫س‬ ‫���رى أَ َّن األد َ‬ ‫ُ���د َر َ‬ ‫َص ِف��� ِه‪ ،‬وَاأل ْح َ‬ ‫َص ِف ِه َع َم ِل َّي َة َج َدل َبينْ‬ ‫اإل ْن َتاج و َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َالت َل ِّقي‪ ،‬أَ ْي ِم ْن‬ ‫ِبو‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ينْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُور‪ .‬و ُ‬ ‫َرى‬ ‫ِخ�ل�ا ِل التف ُ‬ ‫َه َو ي َ‬ ‫اع ِل َب املؤل ِ‬ ‫���ف وَاجلمه ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ص‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫أَ َّن "ال َع َم ِل َّي َة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫بحِ ٍ‬ ‫فيِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِم َ َ‬ ‫َة َ‬ ‫َال فيِ األ ُف ِق األولىَ ِل َّ‬ ‫اجل َما ِل َّي ِة‪،‬‬ ‫لت ْج ِرب ِ‬ ‫���ن األ ْحو ِ‬ ‫���ن ْ‬ ‫���ة ِم َ‬ ‫���ات‬ ‫االن ِط َب َ‬ ‫���ر ُد مجَ ْ ُم َ‬ ‫مجُ َ َّ‬ ‫اع ِ‬ ‫���ة ْاع ِت َب ِ‬ ‫اط َّي ٍ‬ ‫وع ٍ‬ ‫َ‬ ‫نجْ‬ ‫َ‬ ‫ملجُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫���رى‪ِ -‬إ َ ���ا ٌز‬ ‫َ���ا‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫���ر‬ ‫ا‬ ‫���ة‬ ‫الذا ِت َّي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫باأل ْح َ‬‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ���ة‪،‬‬ ‫ه‬ ‫َج‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫اك‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫إ‬ ‫���ة‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫َ���ا‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫َ���ات‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فيِ‬ ‫ِل َت ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اس َّي ِة‪ ،‬وَِإ َشا َرا ِتهَا‬ ‫س‬ ‫األ‬ ‫َا‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫َا‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫َا‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫يمُ ْ ِك‬ ‫ُ ِ ِ ِ​ِ‬ ‫َ ِ‬

‫ْ‬ ‫ك َم���ا يمُ ْ ِك ُن َ‬ ‫ري ِة‪َ ،‬‬ ‫ك َذ ِل َك و ْ‬ ‫يق‬ ‫املُِث َ‬ ‫َص ُفهَ���ا َعن َط ِر ِ‬ ‫الن ِّص َّي ِة"‪َ .‬و َق ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ان ياوس َع َلى و ْ‬ ‫���د َ‬ ‫ات َّ‬ ‫كَ‬ ‫َع ٍي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫���ا‬ ‫الل َس ِ َّ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫تحَ‬ ‫ْ‬ ‫يل‬ ‫ُوم التج ِرب ِ‬ ‫َة اجل َما ِل َّي ِة ِعن َد َما ش َر َع فيِ ِل ِ‬ ‫بمِ َفه ِ‬ ‫ال ِت َ‬ ‫"املَ ُقو َ‬ ‫الث َ‬ ‫ال ِث ِل ْل ُم ْت َع ِة َ‬ ‫اس َّي ِة" َّ‬ ‫اجل َما ِل َّي ِة ِم َن‬ ‫األ َس ِ‬ ‫ُ‬ ‫���ة َّ‬ ‫َّ‬ ‫س‬ ‫َاحل ُّ‬ ‫اإل ْب َد ِاع‪ ،‬و ِ‬ ‫خي َّي ِة‪ ،‬و ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫اح َي ِ‬ ‫الت ِار ِ‬ ‫َه َي‪ِ :‬ف ْع���ل ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫لىَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ري‪ .‬وَاملقولة األو ِمنهَا ت ِشُ�ي�ر‬ ‫���ي‪ ،‬وَالتط ِه ُ‬ ‫اجل َما ِل ُّ‬ ‫اجلا ِن���ب املُ ْ‬ ‫َ���ة َ‬ ‫���ن َّ‬ ‫���ج ِم َ‬ ‫اجل َما ِل َّي ِة‪ ،‬أَ ْي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫الت ْج ِرب ِ‬ ‫ِإلىَ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِإلىَ املُ ْت َع ِة َّالتيِ َتن ُج ُم َع ِن ْاسِ���تخ َد ِام املَ ْر ِء ِل ُق ْد َرا ِت ِه‬ ‫س َ‬ ‫���ة َ‬ ‫اجل َما ِل ُّي‬ ‫اخل َّ‬ ‫احل ُّ‬ ‫اص ِة‪َ ،‬ب ْي َن َما ُيعَُ�ِّب�رِّ ِ‬ ‫اإل ْب َد ِاع َّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِبو ْ‬ ‫ام ِل‪،‬‬ ‫ور الت َجلي الك ِ‬ ‫َص ِف ِه التلُّب ُث امل ْم ِتُ���ع فيِ ُح ُض ِ‬ ‫���ة َّ ْ‬ ‫َع ْ‬ ‫���ن َذ ْر َو ِة َم ْع َناهُ‪ ،‬أَ َّما َم ُقو َل ُ‬ ‫ري َف َق ْد ُف ِه َم ْت‬ ‫التط ِه ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َاص ُل َب�ْي�نْ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫الف ِّ‬ ‫���ن وَاملَُت َل ِّقي‪،‬‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫���‬ ‫ص‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫َا‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫���ى‬ ‫َع َل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َم���ن ث َّم يمُ ِك ُ‬ ‫ري ُجز ِئ ّي���ا ِمن ِخال ِل‬ ‫وِ‬ ‫���ن بحَ ث التط ِه ِ‬ ‫تحَ ْ‬ ‫اجل َما ِل ِّي‪َ .‬ف ُه َن َ‬ ‫َحِ���د َ‬ ‫���اك َّ‬ ‫يل َّ‬ ‫َح ُد َ‬ ‫القا ِئ ُم‬ ‫ل‬ ‫التو ُّ‬ ‫التو ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات‪ ،‬و َّ‬ ‫َع َل���ى َّ‬ ‫اش ُ‬ ‫َح ُد َّ‬ ‫اب‪،‬‬ ‫َالتو ُّ‬ ‫الت َد ِاع َي ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫اإل ْع َج ِ‬ ‫���ئ َع ِن ِ‬ ‫اط ِف ُّي و َ‬ ‫و َّ‬ ‫َغيرْ ُ َها‪.‬‬ ‫َالتو ُّ‬ ‫َح ُد ال َع ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ملجَ‬ ‫َوفيِ َذ َ‬ ‫َ���ر َز أ ٍيض���ا (فولفغان���غ إي���زر)‪،‬‬ ‫ات ا‬ ‫���ال ب َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َات‬ ‫ه‬ ‫َج‬ ‫و‬ ‫الت‬ ‫���ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ي���ز‬ ‫ل‬ ‫جن‬ ‫اإل‬ ‫َب‬ ‫د‬ ‫األ‬ ‫َ‬ ‫مجَ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫أُ ْس��� َتا ُذ ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫الن ْق��� ِد َ‬ ‫َ‬ ‫َّة فيِ َّ‬ ‫َ‬ ‫ص‪.‬‬ ‫الق‬ ‫َّ���ة‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ظ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ي���‬ ‫اجل ِد ِ َ ِ ِ ِّ‬ ‫�ي�ري ِ‬ ‫التف ِس ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ص املف َر ِد‪،‬‬ ‫���ة ِبالن ِّ‬ ‫َو َقد اهت َّم (إي���زر) ِب ِصف ٍة َم ْب َد ِئ َّي ٍ‬ ‫َم َع أَ​َّن ُه َ‬ ‫ال ي ْ‬ ‫َس��� َت ْب ِع ُد‬ ‫���اط ال ُق َّرا ِء ِب ِه‪ .‬و َ‬ ‫���ة ْار ِت َب ِ‬ ‫َب َك ْي ِف َّي ِ‬ ‫وِ‬ ‫���ة َف َق ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫خي َّي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫���د َج َع َلهَا‬ ‫ار‬ ‫َالت‬ ‫و‬ ‫���ة‬ ‫ي‬ ‫اع‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫االج‬ ‫���ل‬ ‫َام‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫ِ َ ِ َّ‬ ‫ال َ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الن ِّص َّي���ة َ‬ ‫َ‬ ‫األ ْك َث ِر َت ْف ِص ً‬ ‫َ‬ ‫ي�ل�ا‪ ،‬أَوْ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ال ِح َق���ة ِبامل َس���ا ِئ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ينْ‬ ‫احلدُو َد َب َ َث َ‬ ‫َر ُس ُم (إيزر) ُ‬ ‫ُمن َدمجِ َ ًة ِفيهَا‪َ .‬وي ْ‬ ‫ال َث ِة‬ ‫ان َ‬ ‫األو ُ‬ ‫���اف‪ :‬املَ ْي َد ُ‬ ‫ين ِل ْ‬ ‫َم َيا ِد َ‬ ‫َّل‪ِ ،‬ي ْش َت ِم ُل َع َلى‬ ‫الس ِت ْك َش ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫اج املعنى‬ ‫الن ِّ‬ ‫ص بمِ َا ُه َو َمو ُجو ٌد ِبالق َّو ِة ِل َّ‬ ‫اح ِبإِنت ِ‬ ‫لس َم ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ان َّ‬ ‫َاس��� ِتغال ِل ِه‪ ،‬وَامل ْي َد ُ‬ ‫وْ‬ ‫ص ِفي ِه (إيزر)‬ ‫الثا ِن���ي‪ ،‬يَف َح ُ‬ ‫َ‬ ‫لجَ‬ ‫���ة َّ‬ ‫َ‬ ‫َه َنا َت ُك ُ‬ ‫ـ���را َء ِة‪ ،‬و ُ‬ ‫ون‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫���ة‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫الن ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫���ص فيِ ال ِق َ‬ ‫َع َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان َّ‬ ‫َر ال َع ْقِل َّي ِة أَ َه ِّم َّي ًة ُق ْص���وَى‪ .‬وَاملَ ْي َد ُ‬ ‫الثا ِل ُث‪،‬‬ ‫و‬ ‫���‬ ‫لص‬ ‫ِل ُّ ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وط‬ ‫ص الشـ ُر ِ‬ ‫َب ال َبال ِغ َّي ِة‪ِ ،‬من أ ْج ِـل تف ُّح ِ‬ ‫بُن َي ُة األد ِ‬ ‫ينْ‬ ‫اع ٍـل َب َ َّ‬ ‫صو َ‬ ‫َالق ِار ِئ‪.‬‬ ‫التيِ َت ْس َم ُح ِب ِق َي ِام َت َف ُ‬ ‫الن ِّ‬ ‫ينْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫صو َ‬ ‫َ‬ ‫َالق ِار ِئ‬ ‫الن‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫اع‬ ‫ف‬ ‫الت‬ ‫َص َف (إي���زر)‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َو ِل َك ْي ي ِ‬ ‫اهي���م املُ ْس��� َت َعا َر ِة ِم���نْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َفإَِّن��� ُه ي َ‬ ‫���ددا ِم َ‬ ‫���د ُم َع َ‬ ‫ُق ِّ‬ ‫���ن املف ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ين‪َ ،‬ورُبمَّ َ���ا َ‬ ‫ين َ‬ ‫كَ‬ ‫آخ ِر َ‬ ‫ُم َن ِّظ ِر َ‬ ‫ان ِمن أك َث ِر َها ِإ َثا َر ًة‬ ‫الض ْم ِّ "‪َ ،‬و ُي َع َّر ُف َ‬ ‫ِل ْل َج َد ِل َم ْفهُو ُم َ‬ ‫"الق ِار ِئ ِّ‬ ‫الق ِار ُئ‬ ‫نيِ‬ ‫ِّ‬ ‫"حا َل ٌة‬ ‫الذي يحَ ْ ِم ُل اسمْ َ ُه ِبَأ َّن ُه‪َ :‬‬ ‫اب ِ‬ ‫الض ْمنيِ ُّ فيِ ال ِك َت ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫الس���وَا ِء"‪َ ،‬و‬ ‫َن ِّص َّي��� ٌة‪ ،‬و َ‬ ‫���اج ِلل َم ْع َنى َعلى َّ‬ ‫َع َمِل َّي���ة ِإنت ٍ‬ ‫َس��� ِعى ِإ َل ْي ِه إيزر َي َت َم َّث ُ‬ ‫َّ‬ ‫الش ُ‬ ‫���ل فيِ َط ِر َ‬ ‫الذي ي ْ‬ ‫يق ٍة‬ ‫���ئ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اج ٍة‬ ‫ح‬ ‫���ون‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ُون‬ ‫د‬ ‫ئ‬ ‫���ار‬ ‫الق‬ ‫ور‬ ‫ض‬ ‫ح‬ ‫ي���ر‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫فيِ َ َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِل َت ِ ِ ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِإلىَ أَ ْن ي َْع ِر َ‬ ‫ْ‬ ‫ني أو ِف ْعِلي َ‬ ‫ض ِل ُق َّرا َء َح ِقي ِقي َ‬ ‫ني‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّة َّ‬ ‫َوفيِ فرنس���ا َخ َطت َن َظ ِري ُ‬ ‫َات ُم ِه َّم ًة‬ ‫الت َل ِّقي ُخطو ٍ‬ ‫�ي�ن أَ ْم َث َ‬ ‫ين ُم ِه ِّم َ‬ ‫َع َل���ى يَ��� ِد ُم َف ِّك ِر َ‬ ‫���ال (أمربتو إيكو)‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫يرْ‬ ‫وَ(روالن ب���ارت)‪ ،‬وَغ ِ ِه َم���ا‪َ ،‬حيث َصن���ف (إيكو)‬ ‫َم َث ً‬ ‫���را َء ِإلىَ َن ْو َعينْ ِ ‪:‬املَُت َل ِّق���ي َ‬ ‫الذي‬ ‫�ل�ا ال ُق َّ‬ ‫احل���ا ِذ ُق‪ِ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لىَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫ج‬ ‫ذ‬ ‫���ا‬ ‫الس‬ ‫���ي‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫مل‬ ‫َا‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫���ص‬ ‫الن‬ ‫���ة‬ ‫ي‬ ‫ُن‬ ‫ب‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫���‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يَن َت ِب ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫���ص‪ .‬ك َما أنه أك َد أن النق َد‬ ‫يَن َح ِص ُر فيِ ثنايَا الن ِّ‬ ‫َس��� َعى َ‬ ‫ال َك َ‬ ‫���د فيِ َّ‬ ‫ال ِس���ي ِك َّي ي ْ‬ ‫أل ْن يجَ ِ َ‬ ‫���ص أَ ْم َر ْي ِن‪:‬‬ ‫الن ِّ‬ ‫اص ُد َّ‬ ‫ص‬ ‫الن ِّ‬ ‫يه َما‪َ :‬م َق ِ‬ ‫أَ َّولهُ​ُ َما‪َ :‬م َق ِ‬ ‫اص��� ُد املُ َؤ ِّل ِف‪َ ،‬و َثا ِن ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بمِ ْ‬ ‫ُري ُد‬ ‫ي‬ ‫���ا‬ ‫م‬ ‫َ���ة‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫َغ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫���‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫د‬ ‫���‬ ‫اص‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫���ن‬ ‫���ز ٍل َع ْ َ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫َع ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يم ن ْو ٍع ِم َن ال ِعالق ِة‬ ‫(إيكو) أن َيتو َّ‬ ‫َصل ِإل ْي ِه ُه َو تن ِظ ُ‬ ‫���ة َب�ْي�نْ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اص��� ِد‬ ‫ص‬ ‫الن‬ ‫د‬ ‫���‬ ‫اص‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫الت َف ُ‬ ‫���وص و َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َم َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫اع ِل َّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ـاس ٍّي‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـر‬ ‫ط‬ ‫ك‬ ‫ئ‬ ‫ـار‬ ‫الق‬ ‫(إيكو)‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ُد‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ني‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍَ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ـ���وص‬ ‫���ق ال َعـ���وَالمِ ِ املم ِكن ِ‬ ‫فيِ َع َـم ِل َّي ِ‬ ‫���ة خـل ِ‬ ‫���ة ِللن ُص ِ‬ ‫ُـ���در ُج َ‬ ‫���ف؛ َ‬ ‫أل َّن��� ُه ي ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫لىَ‬ ‫َ‬ ‫الس ْ‬ ‫َب‬ ‫ل‬ ‫ؤ‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫َار‬ ‫و‬ ‫ـ���‬ ‫ج‬ ‫إ‬ ‫األد َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫���ـر ِدي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّة ِ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ترَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫���ـل‬ ‫اس‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫ئ‬ ‫ـا‬ ‫الق‬ ‫ال‬ ‫ص‬ ‫االت‬ ‫َّ���ة‬ ‫ي‬ ‫ـر‬ ‫ظ‬ ‫ن‬ ‫ـن‬ ‫م‬ ‫ِض‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫�ْي�نْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُر ِّ‬ ‫ك ُب ِر َس���ا َلةً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ـ���ن؛ أ َحد ُ‬ ‫ُه َما ي َ‬ ‫املَُت َب���اد ِ‬ ‫َل َب قط َبي ِ‬

‫َو َي ُقو ُم بَإِ ْر َس���الهِ َ ا‪ ،‬و َ‬ ‫َاآلخـ ُر َي َت َل َّق َ‬ ‫اها‪َ ،‬و َي ُقو ُم‬ ‫ِب َف ِّك َش ْف َرا ِتهَا‪ ،‬وَِإ َعا َد ِة ِب َنا ِئهَا ِب ُصو َر ِة َعالمَ‬ ‫ٍ‬ ‫���ب َع َلى َذ ِل َ‬ ‫���ك ِم ْن‬ ‫���ل‪َ ،‬م َ‬ ‫���ع َم���ا َيترَ َ َّت ُ‬ ‫ُم َت َخ َّي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ال َ‬ ‫يل ِل َد َ‬ ‫ال ِتهَا َّ‬ ‫الن ِّص َّي ِة‪َ .‬ويَن َت ِهي (إيكو)‬ ‫َتف ِع ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ِإلىَ َّ‬ ‫كي��� ِد َع َل���ى أَ َّن املُ َؤ ِّل َف ِح َ‬ ‫ني ي َْك ُت ُب‬ ‫التأ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َص���وغ ف َر ِض َّية َحول ت َص ُّر ِف ق ِار ِئ ِه‬ ‫َن ّصاً‪ ،‬ي ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الن ُمو َذ ِج ِّي‪ ،‬و َ‬ ‫َطالمَ​َا أ َّن َه ِذ ِه َ‬ ‫َّ‬ ‫الف َر ِض َّي ِة َتل َب ُث‬ ‫َعالمَ اً َي َتو َّ‬ ‫َق ُع ُه َ‬ ‫ُجو ِد ِه‪َ ،‬فإَِّنهَا‬ ‫الق ِار ُئ َوي َْأ َم ُل ِبو ُ‬ ‫َ‬ ‫���ة ِب َّ‬ ‫���ون ُم َت َعِّل َق ً‬ ‫ال َت ُك ُ‬ ‫���ة‬ ‫الن ِّ‬ ‫���ص‪ِ ،‬إنمَّ َ ���ا بحِ َ ا َل ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫املُـ َؤل ِف َّ‬ ‫النف ِـس َّي ِة‪.‬‬ ‫ك��� ُز َع َلى َ‬ ‫أَ َّم���ا (روالن بارت) َفيرُ َ ِّ‬ ‫ك ْي ِف َّي ِة‬ ‫ص‪َ ،‬ح ْي ُث ي ْ‬ ‫ك ُر أَ َّن ُه َن َ‬ ‫َذ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ام ِل َم َع َّ‬ ‫اك‬ ‫الت َع ُ‬ ‫الن ِّ‬ ‫�ْي�نْ‬ ‫���ص فيِ َهـذاَ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َن ْو َع ِ ِم َ‬ ‫���ن الت َع ُ‬ ‫���ل َم َع الن ِّ‬ ‫ـام ِ‬ ‫َ‬ ‫الن ْو ُع األو ُ‬ ‫الق ِار ُئ َّ‬ ‫ال‪َّ :‬‬ ‫َّل‪َ :‬ق ْد يجَ ِ ُد َ‬ ‫الل َّذ َة‬ ‫املجَ َ ِ‬ ‫ـيما ي ْ‬ ‫الن ْو ُع َّ‬ ‫َق َرأُهُ‪ ،‬أَ َّما َّ‬ ‫َ‬ ‫الثا ِني‪َ :‬فهُـ َو‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫وَاملُ ْت َع ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫أَ ْن يجَ ِ َـد َ‬ ‫ْ‬ ‫َس���يلة َيبت ِع ُد‬ ‫الق ِارئ فيِ ال ِق َرا َء ِة و ِ‬ ‫ال���ذي َي ِع ُ‬ ‫يش ِفي ِه ِل َي َت َع َّر َف‬ ‫ِبهَا َع ِن الوَا ِق ِع ِ‬ ‫ات‪.‬‬ ‫َع َلى َعالمَ ِ املُ ْم ِك َن ِ‬ ‫َو َل َّ‬ ‫���د (بارت) ِه َي َن ْ‬ ‫���و ٌع ِمنَ‬ ‫���را َء ِة ِع ْن َ‬ ‫���ذ ُة ال ِق َ‬ ‫���را َء َة الَ‬ ‫َ‬ ‫َه َي َت ْع�ِن�يِ ُه َنا أ َّن ال ِق َ‬ ‫َ���ة‪ ،‬و ِ‬ ‫ال َغ ْي ُبوب ِ‬ ‫���ر ِم ْ‬ ‫���ن َذا ِتهَ���ا‪َ ،‬ف ِع ْن َد َم���ا َن ْق َرأُ‬ ‫ْت ْب ِغ���ي أَ ْك َث َ‬ ‫الن َّ َ‬ ‫���ي) َق ْ‬ ‫َّ‬ ‫ـ���د َي ُك ُ‬ ‫���ون‬ ‫(اإل ْب َد ِاع َّ‬ ‫َب َّ‬ ‫���ص األد ِ‬ ‫���ي ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َه َدفن���ا مجُ َ َّر ُد املت َع ِة الذا ِت َّي ِة ف َقط ال غيرْ َ ‪،‬‬ ‫ـ���ذ ِه َ‬ ‫ك َ‬ ‫���ة َن ُك ُ‬ ‫���ار ِ‬ ‫َوفيِ َه ِ‬ ‫احلا َل ِ‬ ‫ني فيِ‬ ‫���ون ُم َش ِ‬ ‫ص َ‬ ‫َّ‬ ‫ال ُم َت َل ِّق َ‬ ‫ني َس ْ���ل ِب َ‬ ‫ييـن َل��� ُه‪ ،‬ممِ َّ ا ُي َؤ ِّثـ ُر‬ ‫الن ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّق‬ ‫ِب َش���ك ٍـل أو ِبآخ َ‬ ‫ـ���ر َعل���ى َعـَمِل َّي ِ‬ ‫���ة الت���ذو ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫لهِ َ َ‬ ‫���ذا َّ‬ ‫َصو ُغ (بارت)‬ ‫ـ���رأهُ‪َ .‬وي ُ‬ ‫الن ِّ‬ ‫الذي َنق َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫���را َء ِة ِم ْن‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ظ‬ ‫الن‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫���‬ ‫َّ���ات ال َع َّ‬ ‫ام ِة ِل ْل ِق َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُم ْش ِ‬ ‫ِخ َ ْ‬ ‫ري ِه فيِ َهِ���ذ ِه ُ‬ ‫اجل ْم َل ِة التيِ َت ْبدُو‬ ‫ال ِل َتف ِك ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َس َ‬ ‫���ص"‪َ ،‬ف ُه َو ي َْع ُزو ِإلىَ‬ ‫���يط ًة‪" :‬أ َنا أق َرأ َّ‬ ‫الن َّ‬ ‫بِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫لق ِّي‪ -‬د َْوراً‬ ‫َّ‬ ‫ات"‪َ -‬شأ ُن ُه َشأ ُن ُم َن ِّظ ِري َّ‬ ‫الت َ‬ ‫"الذ ِ‬ ‫���را َء ِة‪ُ ،‬‬ ‫َت‬ ‫ُم ْن ِتج���اً فيِ َع َم ِل َّي ِة ال ِق َ‬ ‫كَّل َما ْازدَاد ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫اص ُر املَُت َع َّد َد ُة ال ي ْ‬ ‫ص‪،‬‬ ‫َس���تو ِع ُبهَا الن ُّ‬ ‫ال َع َن ِ‬ ‫تيِ‬ ‫ْ‬ ‫ون َق ْ‬ ‫َت َض���ا َء َل ْاح ِت َم ُ‬ ‫���د ُ‬ ‫ال أَن َي ُك َ‬ ‫ك ِت َب َق ْب َل‬ ‫ِق َرا َء ِت���ي ِإيَّاهُ‪َ .‬و َل ِكَّن ُه ‪َ -‬ع َل���ى ِخ َ‬ ‫ال ِف ُّ‬ ‫الن َّقا ِد‬ ‫َ لمْ‬ ‫َذ ِه َّ‬ ‫الت َع ُّد ِديَِّ���ة ِإلىَ الـ(أَ َنا)‬ ‫���ان‪ -‬يمَ ْ َت ُّد ِبه ِ‬ ‫األ َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ك َذ ِل َ‬ ‫َ‬ ‫���ك‪َ ،‬ويَت َب ُع َذ ِل َك َت َغيرُّ ُ َع َمِل َّي ِة ال ِق َرا َء ِة‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫���ار َئ (بارت) ُه��� َو أَ​َّن ُه‬ ‫ق‬ ‫ز‬ ‫َي‬ ‫���ا‬ ‫َم‬ ‫و‬ ‫َا‪.‬‬ ‫ه‬ ‫���‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫يمُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َي َت َش���كل ِمن َع َ‬ ‫ات‬ ‫���د ٍد ال ِنهَا ِئ ِّي ِمن الش���ف َر ٍ‬ ‫و ُّ‬ ‫وص‪.‬‬ ‫َالن ُص ِ‬ ‫���ص َ‬ ‫���ي َ‬ ‫" َو ُ ْك���م أَ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ال يمُ ْ ِك ُ‬ ‫���ن أَ ْن‬ ‫د‬ ‫األ‬ ‫الن‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َب َّ‬ ‫ِ‬ ‫بحِ ْ ِ‬ ‫يْ‬ ‫ُف َع ً‬ ‫َاح َ‬ ‫َاح��� ٍد‪َ ،‬ف���إِ َّن‬ ‫���رأَ د‬ ‫ُق َ‬ ‫آن و ِ‬ ‫���ة و ِ‬ ‫���د ًة َوفيِ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جي َّي ِة‪،‬‬ ‫���ارئ ُم ْرغ ٌم َعلى ال ِق َ‬ ‫الق ِ‬ ‫���را َء ِة التد ِر ِ‬ ‫���ص‪َ ،‬و ُي َعد َ‬ ‫ِل َذ ِل َ‬ ‫ات َّ‬ ‫ِّل‬ ‫الن ِّ‬ ‫���ك ي َْن َد ِم ُ‬ ‫���ج فيِ ب ُْن َي ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫���ة مخَ ْ ��� ُز َ‬ ‫اك َر ِت��� ِه فيِ َض ْو ِء‬ ‫ون َذ ِ‬ ‫ك َّل لحَ َظ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫���ة ِم���نْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫لحَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫���ات اجل ِد َ‬ ‫املُعط َي ِ‬ ‫ي���د ِة ِل���كل ظ ٍ‬

‫ض‬ ‫ُش ُ‬ ‫���ات ال ِق َ‬ ‫ـ���را َء ِة"‪َ .‬و ِل َذ ِل َك ي ِ‬ ‫لحَ َ َظ ِ‬ ‫�ي�ر ب َْع ِ‬ ‫َ‬ ‫لىَ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ـ���ار التلق���ي‬ ‫ال َب ِ‬ ‫َاز اع ِت َب ِ‬ ‫اح ِث�ي�ن ِإ َجـ���و ِ‬ ‫ـ�ل�ا ِإ ْب َـد ِاعـ ّي���اً‪َ ،‬‬ ‫" ِف ْع ً‬ ‫ال َي َتو َّ‬ ‫َق ُ‬ ‫���ف ِع ْن َ‬ ‫���د ُحـدُو ِد‬ ‫���ص‪ ،‬ب ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫���ر ِل َّ‬ ‫���ـاه ُم‬ ‫لن ِّ‬ ‫َل ي َ‬ ‫ُس ِ‬ ‫ال املَُب ِ‬ ‫االس��� ِتق َب ِ‬ ‫اش ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫���ة‬ ‫فيِ َتأ ِ‬ ‫كيـ��� ِد َه ِـو َّي ِت��� ِه‪َ ،‬و َتط ِـوي ِع��� ِه فيِ ب ُْن َي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ـاع َّي ٍة لهَ َ ���ا ِع َ‬ ‫ال َق ٌة‬ ‫َّ���ة ْاجـ ِت َم ِ‬ ‫���ة ِفـك ِري ٍ‬ ‫جمَ َ ـا ِل َّي ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُـور"‪.‬‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫اجل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫وج‬ ‫ِبَأيديُو ُل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وَ ْ‬ ‫الت َذو َ‬ ‫اإل َش���ا َر ُة ِإ َل ْي ِه ُه َن���ا أَ َّن َّ‬ ‫ُّق‬ ‫َم���ا يَن َب ِغي ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َب َّي ـ���ـ ِباع ِت َب ِار ِه خط��� َوة َجـو َه ِريَّة تأ ِتي‬ ‫األد ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫���د َّ‬ ‫ال ِحـق���اً ب َْع َ‬ ‫���ة‬ ‫(ب َط ِبي َع ِ‬ ‫الت َل ِّق���ي ـ���ـ َي َتأ َّث ُر ِ‬ ‫َام َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫اص ٍة ِب��� ُك ِّل َف ْر ٍد‪،‬‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫���د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫)‬ ‫���ال‬ ‫احل‬ ‫َ‬ ‫���ل َخ َّ‬ ‫ِ ِ​ِ ِ ِ‬ ‫���يمهَا ِإلىَ ُم ْس��� َت َو َيينْ ِ ‪ ،‬أَ َّولهُ​ُ َما‪:‬‬ ‫وَيمُ ْ ِك ُن َت ْق ِس ُ‬ ‫���ة َ‬ ‫َخ ْـل ِف َّي ُ‬ ‫���ة و ْ‬ ‫الف ْ‬ ‫اع َّي ِة‬ ‫َاالج ِت َم ِ‬ ‫ـ���ر ِد الث ّقـا ِف َّي ِ‬ ‫ْ‬ ‫ات‬ ‫ِب ُك ِّل َما تحَ َت ِوي ِه ِم ْن ِق َي ٍم و َ‬ ‫َخ رْ َ‬ ‫بٍ‬ ‫َم َع ِار َف و ِ‬ ‫ْ‬ ‫ض‪.‬‬ ‫ُم َت َش ِاب َك ٍة و ُ‬ ‫َمترَ َ ِاب َط ٍة َم َع ب َْع ِضهَا ال َبع ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أَ َّم���ا املُ ْس��� َتوَى الثا ِن���ي‪ :‬فهُ��� َو َي َت َعل ُ‬ ‫���ق‬ ‫وج َّي ِة َ‬ ‫َحا َل ِت��� ِه أَ ْث َن���ا َء‬ ‫���ار ِئ‪ ،‬و َ‬ ‫ِبس���ي ُكو ُل ِ‬ ‫الق ِ‬ ‫َ‬ ‫ترَ‬ ‫ْ‬ ‫يها ِم ْن‬ ‫َع‬ ‫ي‬ ‫���ا‬ ‫َم‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫َب‬ ‫د‬ ‫األ‬ ‫���ص‬ ‫لن‬ ‫ِ ِّ َ‬ ‫ِق َرا َء ِت��� ِه ِل َّ ِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َف َ َ‬ ‫لمَ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ور أو أ ٍ أو خ���و ٍف‬ ‫ـ���ر ٍح أ ْو ُح���ز ٍن أو ُس��� ُر ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ات‬ ‫���ب‪ ،‬و َ‬ ‫َم���ا يَن ُت ُ‬ ‫���ج َعنهَا ِم���ن َع َمِل َّي ٍ‬ ‫أ ْو َغ َض ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫���ر و َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َالت َخ ُّي ِل‬ ‫ك‬ ‫ذ‬ ‫َالت‬ ‫و‬ ‫�ي�ر‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫الت‬ ‫ك‬ ‫���ة‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫و ْ‬ ‫َاالن ِت َب���ا ِه‪َ ،‬ف َذ ِل َ‬ ‫���ك ُ‬ ‫كُّل��� ُه ُي َؤ ِّث ُر د َ‬ ‫���ك‬ ‫ُون َش ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فيِ َّ‬ ‫َب َِّي‪ ،‬ف ِعن َد َما يَشُ���ع ُر َ‬ ‫الق ِار ُئ‬ ‫الت َذو ِ‬ ‫ُّق األد ِ‬ ‫ال َ‬ ‫احل ْ‬ ‫أل ِّي َس��� َبب َوي ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُق ِـب ُل فيِ َه ِـذ ِه‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫���ز‬ ‫َ‬ ‫ِب ُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َب ٍّي َيكون َعلى‬ ‫احلا َل ِ‬ ‫���ة َعلى ِق َرا َء ِة ن ٍّ‬ ‫���ص أد ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْاس��� ِت ْع َدا ٍد ِل َّ‬ ‫لتأث ِر‪َ ،‬ورُبمَّ َا َح َّت���ى ال ُبكا ِء ِعن َد‬ ‫أَوَّل َم ْش���هَـد َم ْ‬ ‫ُص ِّو ُر ُه َه َذا‬ ‫ز‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫���او‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫ين ي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍّ ِ ٍ‬ ‫���ي‪ ،‬ب ْ‬ ‫���ل َ‬ ‫ال َع َم ُ‬ ‫َل أَ ْك َث��� ُر ِم ْن َذ ِل َ‬ ‫���ك َق ْد‬ ‫َب‬ ‫د‬ ‫األ ِ ُّ‬ ‫���رى َ‬ ‫���ذ ِه ال ِق َّص َة أَ ِو‬ ‫الق ِار َئ َي َت َص َّ‬ ‫َن َ‬ ‫���و ُر أَ َّن َه ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي���د َة ِّ‬ ‫���ع ِري َ‬ ‫َ‬ ‫َّة َت َت َحـ���د ُ‬ ‫الش ْ‬ ‫الق ِص َ‬ ‫َّث َع���ن َه ِّم ِه‬ ‫���و ُر َم ْو ِقف���اً ي ْ‬ ‫َوأَلمَِ��� ِه ُه���وَ‪ ،‬أَ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُش‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫���ب ُه لحِ َ ٍّد‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫���ك َ‬ ‫يش��� ُه‪َ ،‬ذ ِل َ‬ ‫الـذي َي ِع ُ‬ ‫َ‬ ‫�ي�ر املَ ْو ِق َ‬ ‫أل َّن‬ ‫���ف ِ‬ ‫ك ِب ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ـام ُل َعا َد ًة َم َع أش َيا َء ُمق ِن َع ًة‪،‬‬ ‫الالش ُعـو َر َي َت َع َ‬ ‫وس��� َنا ْاه ِت َزازاً َع ِميقاً ِب ِق َّص ٍة‬ ‫َفإِ َذا ْاه َت َّز ْت ُن ُف ُ‬ ‫���د ٍة َي َت َع َّ‬ ‫ِم َ‬ ‫�ي�ر ْت ِب ِش َّ‬ ‫���ذ ُر‬ ‫���ص َوأُ ِث َ‬ ‫���ن ال ِق َص ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َع َل ْي َن���ا فه ُمهَا‪ ،‬ف َذ ِلك ألَّن َنا ق ِبل َنا ِس��� ّرا َه ِذ ِه‬ ‫ال ِق َّص َ‬ ‫���ة َع َلى أَ​َّنهَ���ا ِق َّص ُت َن���ا‪َ ،‬و َت َع َّر ْف َنا َع َلى‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫���م َل َنا‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫َا‪،‬‬ ‫ه‬ ‫اص‬ ‫���خ‬ ‫ش‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ِ َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫أَن ُف ِس��� َن فيِ‬ ‫ً‬ ‫لمَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ات‬ ‫الكا ِت ُب شخوصا فيِ َعا ِ ِه اخل ِّ‬ ‫اص ِب ِس َم ٍ‬ ‫اج َّي ٍة ِفيهَا ْاخ ِت َ‬ ‫�ل�ا ٌف ُج ْز ِئ ٌّي‬ ‫���م َّي ٍة و ِ‬ ‫ِج ْس ِ‬ ‫َم َز ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َم ْن ِخـ َ‬ ‫ِّ‬ ‫أَ ْو ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ِل‬ ‫و‬ ‫ـ���ـ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ق‬ ‫َا‬ ‫و‬ ‫���ن‬ ‫ع‬ ‫���ي‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ك ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫املَوَا ِق ِف ــ ُن ِعي ُد ْ‬ ‫���اف َذوَا ِت َنا‪َ ،‬و َن َت َع َّرفُ‬ ‫اك ِت َش َ‬ ‫يق ِة أَ ْن ُف ِس َنا ِم ْن ِخ َ‬ ‫َع َلى َح ِق َ‬ ‫ُشي ُع ُه‬ ‫ال ِل َمـا ي ِ‬ ‫َ‬ ‫���ل د َ‬ ‫ُص ِّر َح ِب ِه‪،‬‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫وح‬ ‫ر‬ ‫ُون أَ ْن ي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ال ْكا ِتترْ ُب فيِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص ِبذا ِئق ِت ِه‬ ‫���ارئ ِل َيتذوَّق الن َّ‬ ‫بَل َي ك الق ِ‬ ‫الت َذو ُ‬ ‫ُهوَ‪ ،‬و َ‬ ‫ون َّ‬ ‫َك ِثرياً َما َي ُك ُ‬ ‫ُّق مخُ ْ َتِلفاً ِم ْن‬

‫ـار ٍئ َ‬ ‫َام ِل‬ ‫آلخ ٍر‪َ ،‬و َذ ِل َك َت َبعاً ِل َط ِبي َع ِة ال َعو ِ‬ ‫َق ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫���ار ِإ َل ْيهَا‬ ‫ش‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫اك‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫اإل‬ ‫و‬ ‫���ي‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫الت‬ ‫ة‬ ‫���ر‬ ‫ث‬ ‫ِ ِ َ ِ‬ ‫املُ َؤ َ ِ فيِ‬ ‫ِ‬ ‫َم ْ‬ ‫���ن ُه َن���ا َي َت َب�َّي�نَّ ُ َل َنا ِبو ُ‬ ‫ُض���وح أَنَّ‬ ‫َس��� َلفاً‪ ،‬و ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫���ذو َ‬ ‫"الت َ‬ ‫َّ‬ ‫���ي" ِإنمَّ َ ا َي ُك ُ‬ ‫يق‬ ‫َب َّ‬ ‫ون َع���ن َط ِر ِ‬ ‫ُّق األد ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫���ة‬ ‫اف‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫���‬ ‫ث‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫���يس‬ ‫اس‬ ‫ح‬ ‫َاأل‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫���اع‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫املَ َ ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫(سوَا ٌء ال َعقِل َّي ِة‬ ‫ات الشخ ِص َّي ِة ِللفر ِد َ‬ ‫ِّ‬ ‫الس َم ِ‬ ‫���ة)‪َ ،‬ف ُح ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫���ار ِئ أَ ْو‬ ‫الق‬ ‫ن‬ ‫���ز‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫الو‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫َ���ا‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫س َع َلى َف ْه ِم��� ِه ِل َّ‬ ‫َب ِّي‬ ‫لن ِّ‬ ‫َف َر ُح ُه يَن َع ِك ُ‬ ‫ص األد ِ‬ ‫َم��� ُه َ‬ ‫ْ‬ ‫َّل و ْ‬ ‫َ‬ ‫َه َل ٍة‬ ‫و‬ ‫أل‬ ‫ه‬ ‫َف‬ ‫ي‬ ‫َ���ا‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫َو َت َذ ُّو ِق��� ِه َل��� ُه ُ بمَّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يق ِت��� ِه َ‬ ‫َ‬ ‫ِب َط ِر َ‬ ‫�ي�ر َحال ِت ِه‬ ‫اخل َّ‬ ‫اص ِ‬ ‫���ة َول ِكن ِبتأ ِث ِ‬ ‫���ة َ‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫الن ْف ِس َّ‬ ‫وج َّي ِت ِه) اآل ِن َّي ِ‬ ‫���ي ِة (أَ ْو َس��� ْي ُكو ُل ِ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫���ب َم َع‬ ‫اس‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫َا‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫���‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ذ‬ ‫ت‬ ‫���ن‬ ‫م‬ ‫���ن‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َي َت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ بمِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َف َر ِح��� ِه أو ُحز ِن��� ِه أو خو ِف��� ِه أو ان ِف َعا ِل��� ِه‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫���و َ‬ ‫َح َّتى َل ْ‬ ‫كَ‬ ‫ـار‬ ‫اإل َط ِ‬ ‫ان َذ ِل َك يخَ َتِل ُف َع ِ‬ ‫���ن ِ‬ ‫َّ‬ ‫اإل ْب َد ِاع ُّي‪،‬‬ ‫���ص‬ ‫الن‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫���يـ‬ ‫َس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الـذ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال َع ِّام ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوي ْ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ـ���ار ُئ ِب َنـ���اءاً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َس��� َتد ِعي أن َيتذ َّوقـ���ه الق ِ‬ ‫َعـ َل ْي ِه‪.‬‬ ‫اج ِع وَاملَ َصـا ِد ِر‪:‬‬ ‫أَ َه ُّم املَ َر ِ‬ ‫أَ َّو ً‬ ‫ال‪ :‬ال ُك ُت ُب‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫���ي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َب ِّ‬ ‫‪-1‬جُّب���ور َعب��� ُد الن ِ‬ ‫ـ���م األد ِ‬ ‫ـ���ور‪ ،‬امل ْع َج ِ‬ ‫بريوت‪ :‬دار العـلم للماليني‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫َّ���ة َّ‬ ‫‪-2‬روب���رت هـول���ب‪َ ،‬ن َظ ِري ُ‬ ‫الت َل ِق���ي‪:‬‬ ‫ِّم��� ٌة َن ْقـ ِديَّ��� ٌة‪ ،‬ترمج���ة‪ :‬د‪.‬ع���ز الدين‬ ‫ُم َقـد َ‬ ‫إمساعـيل‪ ،‬القاهـرة‪ :‬املكتبة األكـادميية‪،‬‬ ‫‪.2000‬‬ ‫َ‬ ‫تكت���ب‬ ‫���رف‪ ،‬كي���ف‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ي���ز ش َ‬ ‫‪-3‬ع ْب��� ُد ال َع ِز ِ‬ ‫ُ‬ ‫ؤس َس ُ‬ ‫ال ِق َّص َ‬ ‫���ة املخت���ار‬ ‫���ة؟‪ ،‬القاه���رة‪ُ :‬م َّ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َّ ْ‬ ‫يع‪.2001 ،‬‬ ‫ِللنش ِر وَالتو ِز ِ‬ ‫َج��� ُه َ‬ ‫الفنيِّ ُّ‬ ‫‪-4‬عب���د العلي���م إبراهي���م‪ ،‬املُو ِّ‬ ‫���ة‪ ،‬ط‪ ،4‬القاهرة‪:‬‬ ‫���ة ال َع َر ِب َّي ِ‬ ‫لمُِ َد ِّر ِس���ي الل َغ ِ‬ ‫دار املعارف‪.1968 ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ات‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫���ي‬ ‫َالس‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫الت‬ ‫يم‪،‬‬ ‫هلل ِإ ْب َر ِاه‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪-5‬ع ْب ُد ا ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫���اب اجل ِد َ‬ ‫يد ِة‬ ‫���ة‪ُ ،‬‬ ‫الث َقا ِف َّي ِ‬ ‫ب�ي�روت‪ :‬دا ُر ال ِكت ِ‬ ‫املَُّت ِح َد ِة‪.2000 ،‬‬ ‫ري ُة َّ‬ ‫الش ْع ِب َّي ُة‪:‬‬ ‫"الس َ‬ ‫‪-6‬محُ َ َّمد َحا ِفظ ِديَاب‪ِّ ،‬‬ ‫���ة َ‬ ‫ِإ ْب َـد ِاع َّـي ُ‬ ‫َاح ِث َ‬ ‫�ي�ن‪،‬‬ ‫األدَا ِء"‪ ،‬فيِ مجَ ْ ُم َ‬ ‫���ة ب ِ‬ ‫وع ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ملجُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الربَ���اط‪/‬‬ ‫���ي‪ِّ ،‬‬ ‫���ع ال َع َـر ِب ِّ‬ ‫اإلبـ���دا ُع فيِ ا ت َم ِ‬ ‫الق ْـو ِم ُّي ِل َ‬ ‫س َ‬ ‫لثقا َف ِة‬ ‫املَ ْم َل َك ُة املَ ْغ ِر ِب َّي ُة‪ :‬املجَ ْ ِل ُ‬ ‫ال َع َـر ِب َّي ِة‪.1993 ،‬‬ ‫‪-7‬م َ‬ ‫���ج‬ ‫ُ‬ ‫َر ِام ُ‬ ‫اهـ��� ِدي‪ ،‬ب َ‬ ‫صط َف���ى مجُ َ ِ‬ ‫ُ���ون َ‬ ‫ريه���ا يف‬ ‫ي‬ ‫التلفز‬ ‫ائ���ي وتأث ُ‬ ‫الف َض ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َهران نمَ ُ و َذجاً‪،‬‬ ‫اجلمهُـور‪َ :‬ش��� َب ُ‬ ‫اب َم ِدي َن ِة و َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ـ���ات الدكت���وراه (‪،)94‬‬ ‫لس���لة أط ُر َ‬ ‫وح ِ‬ ‫ِس ِ‬ ‫بريوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬ ‫‪.2011‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َثا ِنياً‪ :‬الدَّو ِريَّات‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫الصور ُة‬ ‫‪-1‬بس���ام برك���ة‪" ،‬مل���اذا نق���رأ؟ ُّ‬ ‫والكلم ُة ال�ت�ي تبقى"‪ ،‬جملة‪:‬‬ ‫تضيع‬ ‫ال�ت�ي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫العرب���ي‪ ،‬الكويت‪ ،‬وزارة اإلعـ�ل�ام‪ ،‬العدد‪:‬‬ ‫‪ ،518‬يناير ‪.2002‬‬ ‫ُ‬ ‫"ال���ذوق‬ ‫‪-2‬محُ َّم���د عب���د اهلل عط���وات‪،‬‬ ‫وتطو ُر ُه وعالقت ُه بالنقد‬ ‫األدب ُّي‪ :‬مفه ُ‬ ‫ُوم ُه ُّ‬ ‫ِ‬ ‫وعل���م اجلم���ال"‪ ،‬جملة‪ :‬املنه���اج‪ ،‬بريوت‪،‬‬ ‫مرك ُز الغدير للدراسات والنشر‪ ،‬العددُ‪:‬‬ ‫اخلامس والستون‪ ،‬ربيع ‪.2012‬‬ ‫منهج‬ ‫‪-3‬محُ َّمد مليان���ي‪،‬‬ ‫األدب ُّي‪ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫"املنهج ِ‬ ‫���ص َ‬ ‫َّ‬ ‫���ة ِّ‬ ‫الواق���ع‬ ‫���ي‬ ‫د‬ ‫األ‬ ‫الن‬ ‫تلق���ي‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َب ِّ‬ ‫جمَ َ ا ِل َّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫واملأم ُ‬ ‫���ول"‪ ،‬جمل���ة‪ :‬الكلم���ة‪ ،‬ب�ي�روت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫���اث‪،‬‬ ‫َاألحب‬ ‫و‬ ‫���ات‬ ‫اس‬ ‫ر‬ ‫للد‬ ‫���ة‬ ‫الكلم‬ ‫نت���دى‬ ‫ُم‬ ‫َ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫صيف ‪.2011‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪khalidasshati@yahoo.com‬‬

‫‪13‬‬ ‫طريق النسيان‬

‫بوشعيب عطران‬

‫س���ار خبطى حثيثة كطريد ال يلوي على شيء‪ ،‬أحس‬ ‫ب�ب�رد اخلريف يس���ري بني أوصاله‪ ،‬رف���ع ياقة معطفه‬ ‫ووضع يداه يف جيوبه ملتمسا بعض الدفء‪ ،‬فاحتواهما‬ ‫الفراغ كأيامه املضنية اجلوفاء‪..‬‬ ‫بدأت أشعة الشمس ترتاجع حنو املغيب‪ ،‬والليل يزحف‬ ‫بظالم���ه‪ ،‬فغدا كقطعة منه يتح���رك يف هذا الطريق‬ ‫اخلالي‪ ،‬الذي قاده إىل شاطئ البحر‪.‬‬ ‫جل���س مفرتش���ا رمال���ه‪ ،‬غ�ي�ر بعيد ع���ن أمواج���ه‪ ،‬اليت‬ ‫تتالط���م بإيقاعات صاخبة كاس���تيائه‪ ،‬ثم ما تلبث أن‬ ‫تس���تكني حدتها عل���ى صخوره املرتامية كهواجس���ه و‬ ‫يتطاي���ر رذاذه���ا الناعم كأحالمه‪ ،‬ال�ت�ي صارت بعيدة‬ ‫املنال‪...‬‬ ‫لق���د أعي���اه البح���ث ع���ن عم���ل؛ مبواصف���ات حتصيله‬ ‫العلم���ي دون جدوى‪ ،‬كما أضحى عالة على أخيه بعد‬ ‫أن فقد والديه‪.‬‬ ‫دب الي���أس إىل حيات���ه‪ ،‬ق���رر الرحي���ل عن أهل���ه‪ ،‬بيته‪،‬‬ ‫ماضيه‪ ،‬أحالمه‪ ،‬كل شيء‪...‬‬ ‫تك���وم يف مكان���ه‪ ،‬ش���اخصا ببص���ره إىل الس���ماء‪ ،‬يتابع‬ ‫جنومه���ا ال�ت�ي يش���ع وميضه���ا ب�ي�ن الفين���ة واألخرى‬

‫كآمال���ه املرتقبة‪ ،‬غري عابئ ب�ب�رودة الليل وحلكته إىل‬ ‫أن داهمه الكرى‪.‬‬ ‫أف���اق على أص���وات الن���ورس‪ ،‬وهي حتلق ف���وق البحر‪،‬‬ ‫ال���ذي ب���دا س���اكنا ه���ذا الصب���اح كمزاج���ه‪ ،‬وخيوط‬ ‫الشمس تتألأل على صفحاته خجولة‪ ،‬كلوحة تتماوج‬ ‫فيها ش���تى األلوان‪ ،‬مما أغراه بالس���باحة‪ ،‬نزع مالبس���ه‬ ‫‪،‬ثم غاص فيه رغم برودته‪.‬‬ ‫وس���ط مياه���ه‪ ..‬أح���س حبمل���ه خي���ف ش���يئا فش���يئا‪،‬‬ ‫وخماوفه تتناثر حوله كزبد البحر‪ ،‬وأوهامه تتالشى‬ ‫كقط���رات امل���اء م���ن جس���ده‪ ،‬والطمأنينة تع���ود إليه‪،‬‬ ‫لتقتلع جذور اليأس من أعماقه‪.‬‬ ‫ردد م���ع نفس���ه‪ - :‬احلياة كفاح‪ ..‬وال ش���يء فيها يدعو‬ ‫لالنتظار‪.‬‬ ‫ارت���دى مالبس���ه بس���رعة و تاب���ع طريق النس���يان‪ ،‬يف‬ ‫رحلته إىل اجملهول‪..‬‬


‫‪14‬‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫زه�يراً ( ومن ش��عراء العرب م��ن كان يدع القصائد متكث حوال كريت �ًا ‪ ،‬وزمنًا طوي ً‬ ‫ال ‪ ،‬يردد‬ ‫فيها نظره ‪ ،‬ويقلب فيها رأيه ‪ ،‬اتهامًا لعقله وتتبعًا على نفسه ‪ ،‬فيجعل عقله زمامًا على رأيه‬ ‫‪ ،‬ورأيه زمامًا على شعره ‪ ،‬إشفاقًا على أدبه ‪ ،‬وإحرازاً ملا خوله اهلل من نعمته ‪) .‬‬

‫زهري ‪ ..‬رائد الصناعة‬ ‫هليل البيجو‬

‫ه���و زهري ب���ن أبي ُس���لمى املزي�ن�ي املضري ‪،‬‬ ‫ثال���ث الثالث���ة املقدم�ي�ن يف الش���عر ( ام���رؤ‬ ‫القي���س ‪ ،‬النابغ���ة الذبيان���ي ‪ ،‬زه�ي�ر ) ‪ ،‬وق���د‬ ‫نشأ زهري يف بين عطفان أخواله ‪ ،‬وعن خاله‬ ‫بش���امة – أحد س���ادات عطف���ان وحكمائهم‬ ‫– أخذ الشعر ورواه ‪ .‬وبيت زهري من بيوت‬ ‫الش���عر عند العرب ؛ فهو شاعر ‪ ،‬وأبوه شاعر‬ ‫‪ ،‬وخاله ش���اعر ‪ ،‬وكذلك أخته شاعرة ‪ ،‬وقد‬ ‫ورث أبن���اءه الش���عر ُ‬ ‫وهم ( كعب ) الش���اعر‬ ‫َّ‬ ‫املش���هور صاح���ب القصيدة املش���هورة ( بانت‬ ‫س���عاد ) يف مدح رس���ول اهلل صل���ى اهلل عليه‬ ‫وس���لم ‪ ،‬و( جبري ) ‪ .‬ومن ولد كعب ش���عراء‬ ‫أيضاً ‪.‬‬ ‫وزه�ي�ر ه���و ش���اعر احلكم���ة عن���د الع���رب ‪،‬‬ ‫وجل ش���عره مقاطع وأمث���ال ‪ ،‬وحظي اهلرم‬ ‫بن س���نان بنصيب األس���د يف مدحه ‪ ،‬وكان‬ ‫اهل���رم يكرم زه�ي�راً ‪ ،‬حت���ى إنه حل���ف أن ال‬ ‫ميدح���ه زه�ي�ر إال أعط���اه ‪ ،‬وال يس���أله إال‬ ‫أعط���اه ‪ ،‬وال ِّ‬ ‫يس���لم علي���ه إال أعط���اه ‪ ،‬حتى‬ ‫كثرت عطاياه واس���تحيأ زهري فكان إذا مر‬ ‫بق���وم فيه���م اهلرم بن س���نان يق���ول ‪ :‬عمتم‬ ‫صباح���اً إال اهل���رم ‪ ،‬وخريك���م اس���تثنيت ‪.‬‬ ‫ويف اهل���رم ب���ن س���نان واحل���ارث ب���ن عوف ‪،‬‬ ‫ق���ال زهري معلقت���ه املش���هورة ‪ .‬وكان زهري‬ ‫راوي���ة ‪ ،‬وق���د روى أكثر م���ا روي عن أوس‬ ‫بن حج���ر زوج أم���ه ‪ ،‬وكان يُع���رف براوية‬ ‫أوس ‪ .‬وق���د روى عن زه�ي�ر احلطيئة ‪ ،‬وهو‬ ‫يعرف براوية زهري ‪ .‬ولزهري شأن عظيم مع‬ ‫النقاد والرواة ‪ ،‬مجيعهم يقدمونه ويرفعون‬ ‫همة نفس���ه وصدق‬ ‫ش���أن ش���عره ‪ ،‬ويكربون ّ‬ ‫مقاله ‪ ،‬وكان زهري يتأله يف ش���عره ويقول‬ ‫‪ :‬إن للس���ماء خرباً ‪ .‬غري أنه م���ات قبل ظهور‬ ‫اإلس�ل�ام بقلي���ل ‪ ،‬ومل ي���درك البعث���ة عل���ى‬ ‫أص���ح األق���وال ‪ ،‬ومم���ن عرفوا لزه�ي�ر قدره‬ ‫يف الش���عر وعلو كعبه يف احلكمة ‪ ،‬الفاروق‬ ‫أم�ي�ر املؤمنني عمر ب���ن اخلطاب ‪ ،‬وقد كان‬ ‫أعلم الناس بالش���عر والش���عراء ‪ ،‬وأكثرهم‬ ‫رواي���ة ‪ ،‬وأظهره���م دراي���ة ‪ ،‬وروي أن عم���ر‬ ‫قال البن عباس ‪ :‬انش���دني ألشعر شعرائكم‬ ‫‪ ،‬فق���ال ابن عباس ‪ :‬من هو يا أمري املؤمنني ؟‬ ‫ق���ال عمر ‪ :‬زهري ‪ .‬قال ابن عباس ‪ :‬ومب كان‬ ‫ذل���ك ؟ قال ‪ :‬كان ال يعاظل بني الكالم ‪ ،‬وال‬ ‫يتبع حوش���يه ‪ ،‬وال مي���دح الرجل إال مبا فيه‬ ‫‪ .‬وس���يجيء تفس�ي�ر قول عمر الحقاً ‪ ،‬وسئل‬ ‫عمر عن أش���عر الن���اس فق���ال ‪ :‬صاحب من‬ ‫ومن ومن ‪ .‬إش���ارة إىل أبيات زهري ( ومن مل‬ ‫يصانع يف أمور كثرية ) إىل آخر قوله ‪:‬‬ ‫ومن يغرتب حيس���ب ع���دواً صديق���ه ‪..........‬‬ ‫ومن ال يكرم نفسه ال يكرم‬ ‫وق���د كان عمر يقول ‪ ( :‬ل���و أدركت زهرياً‬ ‫لوليت���ه القض���اء ) ؛ ولذلك قص���ة مفادها أن‬ ‫عمر أُنش���د ش���عراً لزه�ي�ر ‪ ،‬فلم���ا انتهوا إىل‬ ‫قوله ‪:‬‬ ‫وإن احلق مقطعه ثالث ‪ ..........‬ميني أو جالء‬ ‫أو نفار‬

‫ق���ال عم���ر متعجب���اً م���ن علم���ه باحلق���وق‬ ‫ومقدرته عل���ى تفصيلها وخربت���ه يف إقامة‬ ‫أقس���امها ‪ :‬وإن احل���ق مقطعه ث�ل�اث ‪ ...‬إخل ‪،‬‬ ‫م���ردداً البيت م���ن تعجبه ‪ ،‬وق���ال ‪ :‬ال خيرج‬ ‫احلك���م عن ذلك ‪ .‬ومم���ا رواه أهل األدب عن‬ ‫عم���ر فيم���ا يتعلق بزه�ي�ر ‪ ،‬أنه ق���ال لبعض‬ ‫ولد اهلرم بن س���نان ‪ :‬انش���دني بعض ما قال‬ ‫فيكم زهري ‪ .‬فأنشده ‪ ،‬فقال ‪ :‬لقد كان يقول‬ ‫فيكم فيحس���ن ‪ .‬فقال ‪ :‬ي���ا أمري املؤمنني ‪ ،‬إنا‬ ‫كن���ا نعطي���ه فنج���زل ‪ .‬قال عم���ر ‪ :‬ذهب ما‬ ‫أعطيتموه وبقى ما أعطاكم ‪.‬‬ ‫وزه�ي�ر أول م���ن هلل الش���عر وهذب���ه ؛ فقد‬ ‫كان الش���عراء قبل���ه يقول���ون الش���عر كما‬ ‫اتفق هلم ‪ ،‬وال يلقون با ً‬ ‫ال إىل حسن التنقيح‬ ‫ومجال التجويد ‪ .‬وق���د َ‬ ‫روي أن زهرياً كان‬ ‫يق���ول القصي���دة يف حول كام���ل ‪ ،‬وكانت‬ ‫قصائ���ده تس���مى احلولي���ات ‪ ،‬وق���د تبعه يف‬ ‫تنقيح���ه الش���عر راويت���ه احلطيئ���ة ؛ حي���ث‬ ‫اش���تهر ‪ -‬هو اآلخر ‪ -‬بتنقيح شعره وتهذيبه‬ ‫‪ ،‬وه���و يف ذل���ك يصدر ع���ن مدرس���ة زهري ‪،‬‬ ‫وهن���ا البد من اإلش���ارة إىل أن ذلك التنقيح‬ ‫والتهذي���ب ‪ -‬ال���ذي عين ب���ه زه�ي�ر ‪ ،‬وهو ما‬ ‫يع���رف عند علماء النق���د ( بالصناعة ) ‪ -‬هو‬ ‫يف احلقيقة ‪ ،‬صناعة غري الصناعة ‪ ،‬صناعة‬ ‫ال يش���وبها تكل���ف ‪ ،‬وال تش���م منه���ا رائح���ة‬ ‫التعن���ت ‪ ،‬ب���ل إن���ك إذا تصفحت ش���عر زهري‬ ‫ال قريب���اً سلس���اً عجيباً‬ ‫كل���ه ‪ ،‬وجدت���ه س���ه ً‬ ‫‪ ،‬كأن���ه امل���اء اجلاري ‪ ،‬أو النس���يم الس���اري ‪،‬‬ ‫وحس���بك ما قاله يف وصفه ‪ ( :‬ال يعاظل بني‬ ‫الكالم ‪ ،‬وال يتبع حوشيه ) ‪ ،‬فالصناعة ‪ -‬عند‬ ‫زهري ‪ -‬تصفية الش���وائب ‪ ،‬ونبذ الس���قطات ‪،‬‬ ‫ال مت���س عفوية القول ‪ ،‬وال صدق الش���عور ‪،‬‬ ‫وإمنا هي عملية تتم بعد الدفقة الشعرية ‪،‬‬ ‫كما يسميها الشاعر الناقد سليمان العيسى‬

‫‪ ،‬هذه الدفقة اليت يرتجم فيها الش���اعر كل‬ ‫م���ا يري���د أن يقول���ه ‪ ،‬ويظه���ر فيه���ا مجيع‬ ‫بواعثه عل���ى النظم ‪ .‬وللصناعة عالمة تدل‬ ‫عليه���ا ‪ ،‬ه���ي أن���ك تالح���ظ يف الن���ص الذي‬ ‫بني يديك ش���يئاً يطغى عليه ‪ ،‬وينتش���ر فيه‬ ‫‪ ،‬وهذا الش���يء يكون حس���ب ولع الشاعر ‪ ،‬أو‬ ‫املب���دع ‪ ،‬ف���إذا كان ش���ديد الكل���ف بالبديع ‪،‬‬ ‫رأيت اجلناسات والطبقات ‪ ،‬تنتشر يف عمله‬ ‫‪ ،‬وإذا كان ولعاً بالفلس���فة أو العلوم ‪ ،‬رأيت‬ ‫املصطلحات الفلسفية أو العلمية حمشورة‬ ‫يف نص���ه ‪ ،‬وإذا كان ولعاً باإلعراب والنحو ‪،‬‬ ‫رأيت الوجوه الغريبة لإلعراب والتوجيهات‬ ‫البعي���دة لل���كالم ‪ ،‬جتبه���ك وتطالع���ك هن���ا‬ ‫وهناك ‪ ،‬وهكذا ‪ .‬وأنت إذا طالعت شعر زهري‬ ‫‪ ،‬ال حت���س بش���يء من ذلك كل���ه ‪ ،‬مما يدل‬ ‫عل���ى أنه حص���ر عنايت���ه واهتمام���ه بالروح‬ ‫الع���ام لش���عره ‪ ،‬مل���ا عل���م أن���ه عقل���ه ووافده‬ ‫إىل الن���اس ‪ ،‬فم���ا ارتضاه لنفس���ه أبقاه ‪ ،‬وما‬ ‫اتهمها فيه أس���قطه وحناه ‪ .‬وما كان عنده‬ ‫غليظ���اً رقق���ه ‪ ،‬وم���ا كان بعي���داً قرب���ه مبا‬ ‫جيود‬ ‫يتصل باملبنى وال يتصل باملعنى ‪ ،‬وهو ِّ‬ ‫وحيس���ن ما بقى معناه سليما ‪ ،‬وما حافظت‬ ‫م���س التجويد‬ ‫فكرت���ه عل���ى جالئه���ا ‪ ،‬ف���إذا َّ‬ ‫والتحس�ي�ن أص���ل معن���اه وح���دود فكرت���ه ‪،‬‬ ‫ترك���ه َّ‬ ‫وختل���ى عن���ه ‪ ،‬وقبل أن ن�ت�رك هذه‬ ‫الناحي���ة ‪ ،‬جيدر بنا أن نق���ف قلي ً‬ ‫أمر‬ ‫ال عند ٍ‬ ‫يالحظ يف شعر زهري ‪ ،‬وهو كثرة األمثال ‪،‬‬ ‫وما يعرف باملقاطع ‪ ،‬فهل هذه الكثرة تسيء‬ ‫إىل الطبع أو العفوية ‪ ،‬وتعترب من الصناعة‬ ‫املتكلف���ة ؟ جواب هذا الس���ؤال يرجع بنا إىل‬ ‫زه�ي�ر وتكوين���ه العقل���ي ‪ ،‬ومنصب���ه القبلي‬ ‫‪ ،‬ويقودن���ا إىل احلدي���ث ع���ن حكم���ة الرجل‬ ‫‪ ،‬وتركيبت���ه الذهني���ة ‪ ،‬ومكانت���ه القبلي���ة ‪.‬‬ ‫تق���ول املصادر إن زهرياً ع���اش يف منازل بين‬

‫‪15‬‬

‫عبد اهلل بن غطفان ‪ ،‬ويف كنف خاله بشامة‬ ‫بن الغدير ‪ ،‬وبش���امة هذا كان ش���يخاً ثرياً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫رأي ومش���ورة ‪ ،‬وقد أفاض‬ ‫حكيما حازما ‪ ،‬ذا ٍ‬ ‫ومرسه حبنكته ‪ ،‬وأبعد‬ ‫على زهري حبكمته ‪َّ ،‬‬ ‫زه�ي�ر يف ديار‬ ‫نظ���ره ‪ ،‬وأعمق فكره ‪ ،‬فنش���أ ٌ‬ ‫أخواله نش���أة الفتى األريب ‪ ،‬والشاب املتوقد‬ ‫‪ ،‬منعماً بعيداً عن ذل احلاجة وفس���اد البيئة‬ ‫‪ ،‬حمب���اً للدِّعة والس�ل�ام ‪ ،‬ناقماً على احلرب‬ ‫والدمار ‪ ،‬كما يبدو أن إعجابه بش���عر خاله‬ ‫بش���امة ‪ ،‬وروايته له ‪ ،‬أسهم يف تهذيب طبعه‬ ‫‪ ،‬وس�ل�امة منطقه من الفحش واخلنا ؛ فقد‬ ‫تنزه شعر السادات والزعماء يف اجلاهلية عن‬ ‫س���فاف القول وأراذل األخالق ‪ ،‬وقد هيأ هذا‬ ‫كله زهرياً ألن يكون من األحناف املتأهلني‬ ‫الذي���ن نب���ذوا أوض���ار الوثني���ة وتعففوا عن‬ ‫خمازي اجلاهلية ‪ ،‬وهؤالء النفر من العرب‬ ‫كان���وا حمل ثقة الن���اس ‪ ،‬وموئ���ل أمنهم ‪،‬‬ ‫يقولون فيسمع منهم ‪ ،‬ويأمرون فيستجاب‬ ‫هل���م ‪ ،‬وهكذا كان زه�ي�ر ‪ .‬كما أن زهرياً قد‬ ‫ً‬ ‫طوي�ل�ا ‪ ،‬وأفاد جتربة واس���عة ‪ ،‬فليس‬ ‫عمر‬ ‫مس���تغرباً إذا ج���اء كالم���ه يف كث�ي�ر م���ن‬ ‫مقاط���ع وأمثال ‪ ،‬وليس مب���ردود أن تتصدر‬ ‫احلكم���ة العقلي���ة ش���عره ‪ ،‬وعل���ى ه���ذا فإن‬ ‫ش���يوع األمث���ال واملقاطع واحلك���م يف ديوان‬ ‫زه�ي�ر ‪ ،‬ال ي���زري بطبع���ه وعفويت���ه ‪ ،‬بل أن‬ ‫ه���ذا عينه هو طبع���ه وعفويت���ه ‪ ،‬وليس من‬ ‫الصناعة املتكلفة يف شيء أن يصدر اإلنسان‬ ‫يف قول���ه عن فكرة رأس���ه ‪ ،‬وهاجس نفس���ه ‪،‬‬ ‫وروح خاط���ره ‪ ،‬ولي���س معيب���اً أن ينقى هذا‬ ‫الص���ادر ‪ ،‬ويه���ذب ويقابل الناس يف أحس���ن‬ ‫حلية بل أن ه���ذا مطلوب مرغوب ‪ ،‬وهذا هو‬ ‫الفن ‪ ،‬ليكون الش���عر كما قال زهري نفسه ‪،‬‬ ‫كأنه يصف قصائده احلسان ‪:‬‬ ‫ملهى للصديق ومنظ���ر ‪ ..........‬أنيق‬ ‫وفيه���ن ً‬

‫لعني الناظر املتوسم‬ ‫زهري يف عيون أهل النقد ‪:‬‬ ‫أهل النظر قالوا ‪ :‬كان زهري أحكمهم شعراً ‪،‬‬ ‫وأبعدهم من سخف القول ‪ ،‬وأمجعهم لكثري‬ ‫م���ن املعن���ى يف قليل م���ن املنطق ‪ ،‬وأش���دهم‬ ‫مبالغة يف املدح ‪ .‬واجتمع قول النقاد يف زهري‬ ‫عل���ى أن���ه صاحب مدرس���ة رائدة يف الش���عر‬ ‫العرب���ي ‪ ،‬مهد لظهورها وعبد س���بيلها ‪ ،‬تلك‬ ‫هي مدرس���ة الصناع���ة يف الش���عر ‪ ،‬إذ كان‬ ‫الش���عراء قبل���ه يقول���ون بغ�ي�ر روي���ة ‪ ،‬ومن‬ ‫دون مع���اودة النظ���ر ‪ ،‬ثم أن النق���اد اختلفوا‬ ‫بع���د يف تولي���ة وجوههم صوب هذا الش���اعر‬ ‫وش���عره ‪ ،‬ونظ���ر إلي���ه كل ناقد م���ن زاوية‬ ‫ختتل���ف عن نظ���رة صاحبه فتوف���رت لدينا‬ ‫كث�ي�ر م���ن األح���كام النقدية ح���ول زهري ‪.‬‬ ‫وم���ن هذه األح���كام ما ه���و انطباع���ي ذاتي ‪،‬‬ ‫يقوم على الذوق ‪ ،‬ويتخذ من إطالق القول‬ ‫وتعمي���م الكالم وس���يلة يف احلكم ‪ ،‬ومنها ما‬ ‫ه���و موضوعي ‪ ،‬يق���دم على العق���ل ‪ ،‬ويأخذ‬ ‫من إيراد احلجة وإثبات الربهان وس���يلة يف‬ ‫حكمه ‪ ،‬ويف هذه املس���احة س���أحاول حشد ما‬ ‫قيل يف ش���عر زهري ‪ ،‬ش���ارحاً ما قد يس���تغلق‬ ‫فهمه أو يستصعب بيانه ‪ ،‬ذاكراً ما يعن لي‬ ‫يف حماوليت هذه من تعليق أو إضافة ‪ .‬وأول‬ ‫قول أقف عنده ‪ ،‬هو قول عمر بن اخلطاب ‪-‬‬ ‫رضي اهلل عنه ‪ -‬ومفاده كما ذكره ( مفيد‬ ‫قمحي���ة ) وع���زاه إىل بن س�ل�ام يف طبقاته ‪:‬‬ ‫( إن عمر قال البن عباس ‪ :‬انش���دني ألش���عر‬ ‫ش���عرائكم ‪ ،‬ق���ال ابن عباس ‪ :‬قل���ت من هو يا‬ ‫أم�ي�ر املؤمنني ؟ قال ‪ :‬زهري ‪ .‬قال ابن عباس ‪:‬‬ ‫ومب���ا كان ذلك ؟ ق���ال ‪ :‬كان ال يعاظل بني‬ ‫الكالم ‪ ،‬وال يتبع حوش���يه ‪ ،‬وال ميدح الرجل‬ ‫إال مبا فيه ‪) .‬‬ ‫ه���ذا احلدي���ث املأثور ع���ن عمر ‪ ،‬ه���و حديث‬ ‫مشهور ‪ ،‬اقرتن بذكر زهري يف مجيع كتب‬ ‫األدب قدميه���اً وحديثه���اً ‪ ،‬وق���د اكتس���ب‬ ‫أهميته م���ن املكانة العظيمة اليت يتس���نمها‬ ‫عمر بن اخلطاب ؛ فهو أحد العارفني بالشعر‬ ‫والش���عراء عن���د العرب ‪ ،‬وله يف ب���اب الرواية‬ ‫والنقد ش���أن بعيد ‪ ،‬ونظر سديد ‪ ،‬وهو أيضاً‬ ‫أمري املؤمنني ‪ ،‬وقدوة املس���لمني ‪ ،‬يُسمع منه‬ ‫ويؤخ���ذ عن���ه م���ا وافق الص���واب واس���تهدى‬ ‫باحلجة املقنعة ‪.‬‬ ‫واملعاظل���ة الواردة يف حديث عمر عن زهري "‬ ‫وكان ال يعاظل بني الكالم " اختلف العلماء‬ ‫يف حتديده���ا حتدي���داً دقيق���اً ؛ فمنه���م م���ن‬ ‫جعلها يف س���وء الرتكيب اللفظ���ي ‪ ،‬ومنهم‬ ‫م���ن جعلها يف تعقيد الفك���رة ‪ ،‬وعدم وضوح‬ ‫رؤية الشاعر ؛ وس���بب هذا االختالف يرجع‬ ‫التس���اع معن���ى املعاظل���ة لغ���ة واصطالحاً ؛‬ ‫فاملعاظل���ة لغة ه���ي ( التداخ���ل والرتاكب )‬ ‫‪ ،‬ومنه���ا املعاظل���ة للجراد ‪ ،‬وهي كالس���فاد‬ ‫للكالب ‪ ،‬يقال ‪ :‬تعاظلت اجلراد إذا تس���افدت‬ ‫‪ .‬وم���ن معانيه���ا أيض���اً َّ‬ ‫التضم�ي�ن يف القوايف‬ ‫‪ ،‬وه���و افتقار البي���ت من الش���عر إىل ما يليه‬ ‫؛ لتبي���ان معنه���ا ‪ ،‬واملعاظل���ة أيض���اً هي ثقل‬ ‫العب���ارة وصعوب���ة التلف���ظ به���ا ‪ ،‬وع���ن ابن‬

‫األث�ي�ر " تراكب األلف���اظ وتداخله���ا ‪ ،‬وهذا‬ ‫كله عن كت���اب املصطلح النق���دي يف نقد‬ ‫الش���عر – إدريس الناق���وري – وجاء به أيضاً‬ ‫أن املعاظل���ة ه���ي التعقي���د ‪ ،‬وم���والة الكالم‬ ‫بعض���ه فوق بع���ض ؛ ألن كل ش���يء ركب‬ ‫شيئاً فقد عاظله ‪.‬‬ ‫وبع���د اس���تعراض ما جاء يف معن���ى املعاظلة‬ ‫معجمياً ‪ ،‬وداخ���ل كتب النقد ‪ ،‬وبعد النظر‬ ‫يف ش���عر زهري والرجوع إىل ق���ول عمر فيه ‪،‬‬ ‫ميكن القول بأن مراد عمر بقوله " ال يعاظل‬ ‫ب�ي�ن ال���كالم " هو أن���ه ال يدخ���ل يف الكالم ما‬ ‫ليس من جنس���ه ‪ ،‬وال يتوعر فيه ‪ ،‬وال حيوج‬ ‫بعض���ه إىل بع���ض يف تبيان م���راده ومعناه ‪،‬‬

‫وهكذا كان زهري ‪.‬‬ ‫والس���بب اآلخ���ر يف تقديم عمر زه�ي�راً ‪ ،‬هو‬ ‫أن���ه ( ال يتب���ع حوش���ي الكالم ) ‪ ،‬واحلوش���ي‬ ‫ه���و الوحش���ي الك���ز ال���ذي نب���ت حروف���ه ‪،‬‬ ‫وثق���ل لفظه ‪ ،‬واس���تعصى نطق���ه ‪ ،‬وال ريب‬ ‫أن يف ال���كالم كالم���اً نابياً ومستوحش���اً ‪ ،‬ال‬ ‫يصلح للش���عر ‪ ،‬وأن الش���اعر ال���ذي ال يأخذ‬ ‫نفس���ه بعملية اختي���ار دقيق���ة ملفرداته ‪ ،‬هو‬ ‫يف احلقيق���ة يع���رض أدبه للهجنة وش���عره‬ ‫للسقوط ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وآخ���ر س���بب يف تقدي���م عمر زه�ي�را ‪ ،‬هو أنه‬ ‫( ال مي���دح الرج���ل إال مب���ا في���ه ) ‪ ،‬وه���و م���ا‬ ‫يعرف اليوم بالصدق الواقعي ‪ ،‬كما يسميه‬ ‫الدكت���ور إحس���ان عب���اس ‪ ،‬وكم���ا جاء يف‬ ‫كتاب���ه ( تاريخ النقد األدب���ي عند العرب ) ‪،‬‬ ‫وقد كان قول عمر هذا ‪ ،‬ركيزة للكثري من‬ ‫النقاد بعده ‪ ،‬الذين عنوا بالصدق الواقعي ‪.‬‬ ‫وها هنا نلمح أثر عمر يف حركة النقد عند‬ ‫العرب ‪ ،‬فهو يش�ي�ر يف كلمته القصرية عن‬

‫زه�ي�ر إىل ثالث قضايا مهمة يف نقد الش���عر‬ ‫‪ ،‬تتعل���ق القضيت���ان األوىل والثانية ( باملبنى‬ ‫) ‪ ،‬والقضية الثالثة ( باملعنى ) ‪ ،‬وقد ش���غلت‬ ‫ه���ذه القضاي���ا علماء النق���د قدمي���اً وحديثاً‬ ‫‪ ،‬ومم���ا ينب���ئ ع���ن مكان���ة عم���ر ومعرفت���ه‬ ‫احلاذق���ة باألدب ‪ ،‬هو هذا التقس���يم الدقيق ‪،‬‬ ‫والتفريق الواض���ح بني عنصرين مهمني يف‬ ‫مبنى القصيدة دون معناها ‪ ،‬وال أعرف أحداً‬ ‫ممن تكلموا يف الش���عر قدمياً قد س���بق عمر‬ ‫يف هذا التفريق ‪ ،‬فقصارى القول عندهم يف‬ ‫نق���د الش���عر ‪ ،‬هو أنه مبين ومع�ن�ي ‪ ،‬وما راق‬ ‫مبناه وحسن معناه هو عندهم الشعر املقدم‬ ‫‪ ،‬ولكنه���م مل يغوص���وا ويتعمق���وا فيح���ددوا‬

‫أقسام املبنى وحدوده ‪ ،‬وأبعاد املعنى وفصوله‬ ‫‪ .‬وعم���ر ‪ -‬كم���ا رأينا ‪ -‬خط���ا خطوة صوب‬ ‫التحديد والتدقي���ق ‪ ،‬وذلك بقوله يف وصف‬ ‫زه�ي�ر كان ال يعاظ���ل بني ال���كالم وال يتبع‬ ‫حوش���يه ‪ ..‬إخل ‪ .‬واملعاظل���ة واتب���اع احلوش���ي‬ ‫كالهم���ا يتصل باملبن���ى ‪ ،‬غ�ي�ر أن املعاظلة‬ ‫تك���ون يف الرتكي���ب ‪ ،‬واتب���اع احلوش���ي‬ ‫يك���ون يف اللف���ظ ‪ ،‬وجيم���ع االثن�ي�ن املبين ‪،‬‬ ‫ويفس���رهما اللفظ ‪ ،‬فعم���ر يلفت النظر إىل‬ ‫حقيق���ة خط�ي�رة وقضي���ة مث�ي�رة ‪ ،‬ويوج���ه‬ ‫االهتمام صوب اللفظ يف حالتيه البس���يطة‬ ‫والرتكيبي���ة ‪ ،‬وه���ذا االهتم���ام من���ا وتطور‬ ‫‪ ،‬حت���ى أصب���ح ميث���ل آراء نقدي���ة كب�ي�رة ‪،‬‬ ‫ومرجع���ا مهماً للكثري من امل���دارس النقدية‬ ‫‪ ،‬وأم���ا القضية الثالثة اليت أش���ار إليها عمر‬ ‫ونبه عليه���ا ‪ ،‬فهي قضية الصدق يف الش���عر‬ ‫‪ ،‬ويفس���رها قوله يف زه�ي�ر ( ال ميدح الرجل‬ ‫إال مب���ا فيه ) ‪ ،‬وه���ي قضية كبرية ش���غلت‬ ‫النق���اد قدمياً وحديثاً ‪ ،‬وقد تفرع عنها أقوال‬

‫عدي���دة وآراء كث�ي�رة ‪ .‬وعابوا على الش���اعر‬ ‫مدح الرجل مبا ليس فيه ‪ ،‬أو إظهار األش���ياء‬ ‫على غري حقيقتها ‪ ،‬جتلى ذلك بوضوح عند‬ ‫الناقد األندلسي املشهور ابن بسام الشنرتيين‬ ‫‪ ،‬صاحب الذخرية ‪ ،‬كما جتلى عند ابن حزم‬ ‫يف نظرته للشعر ‪.‬‬ ‫ومم���ن تع���رض للحديث عن زهري وش���عره‬ ‫‪ ،‬أب���و عم���رو اجلاحظ ؛ حي���ث ورد عنه قوله‬ ‫يعين زه�ي�راً ( ومن ش���عراء العرب من كان‬ ‫ي���دع القصائد متكث ح���وال كريت���اً ‪ ،‬وزمناً‬ ‫طوي ً‬ ‫ال ‪ ،‬يردد فيه���ا نظره ‪ ،‬ويقلب فيها رأيه‬ ‫‪ ،‬اتهام���اً لعقل���ه وتتبعاً على نفس���ه ‪ ،‬فيجعل‬ ‫عقل���ه زمام���اً على رأي���ه ‪ ،‬ورأي���ه زماماً على‬ ‫ش���عره ‪ ،‬إش���فاقاً على أدبه ‪ ،‬وإحرازاً ملا خوله‬ ‫اهلل من نعمته ‪) .‬‬ ‫ها ه���و ناقد آخر ل���ه مكانته العالي���ة ورتبته‬ ‫الس���نية يف عامل النقد واألدب ‪ ،‬هو اجلاحظ‬ ‫‪ ،‬فانظ���ر ماذا يق���ول ؟ يقول ‪ ( :‬ومن ش���عراء‬ ‫الع���رب من كان ي���دع القصائد متكث حوال‬ ‫ً‬ ‫كام�ل�ا – وزمنن���اً‬ ‫ً‬ ‫طوي�ل�ا ‪،‬‬ ‫كريت���اً – أي‬ ‫ي���ردد فيها نظره ‪ ،‬ويقل���ب فيها راية ) ‪ .‬وهذا‬ ‫ُ‬ ‫اجلاح���ظ زهرياً ‪ ،‬اعتداداً به‬ ‫القول يصف به‬ ‫‪ ،‬وإج�ل�ا ً‬ ‫ال له ‪ ،‬ف���إن ترديد النظ���ر ‪ ،‬وتقليب‬ ‫ال���رأي يف األم���ر قب���ل ش���يوعه ‪ ،‬ه���و أص���ل‬ ‫الص���واب وعني احلكم���ة عن���د كل الناس ‪.‬‬ ‫ومن فعله ملك زمام خياره وجعل لنفس���يه‬ ‫الغلبة على غريه ‪ ،‬فإن كان رئيساً أو شاعراً‬ ‫أو خطيباً ‪ ،‬توجب ذلك عليه وتأكد يف حقه ‪،‬‬ ‫ملسؤولية القدوة وخطورة التأثري ‪ ،‬والشاعر‬ ‫الذي يأخذ نفس���ه بهذا األدب ‪ ،‬ويلزمها بهذا‬ ‫القانون ‪ ،‬هو مشفق على أدبه ‪ ،‬صائن لنفسه‬ ‫‪ ،‬ع���ارف ق���در نعمة ربه علي���ه ‪ ،‬وهكذا كان‬ ‫زهري يف نظر اجلاحظ ال���ذي يضيف معل ً‬ ‫ال‬ ‫قول���ه ( اتهام���اً لعقل���ه وتتبعاً على نفس���ه ) ‪،‬‬ ‫ويف ه���ذا التعلي���ل تظه���ر مالمح ش���خصية‬ ‫اجلاح���ظ الناق���د الف���ذ واألدي���ب النحرير ؛‬ ‫فه���و أديب حصيف ‪ ،‬يعرف قدر نفس���ه ‪ ،‬وال‬ ‫يرك���ن إىل أول خاط���ر ‪ ،‬وال ينس���اق ألدنى‬ ‫فك���ره ‪ ،‬ب���ل ه���و يناق���ش خاط���ره وحياكم‬ ‫صرح له احلق وانفلق له الصبح‬ ‫فكرته ‪ ،‬فإذا َّ‬ ‫‪ ،‬اطمأن واس���تقر وأعذر نفسه ‪ ،‬فقد بالغ يف‬ ‫جتنب مواطن الزلل ‪ ،‬وأخذ بأسباب السالمة‬ ‫ما استطاع ‪ .‬وعلى ذلك جيب أن يكون أرباب‬ ‫األدب وأهل القدوة ؛ ليسلم الناس من مغبة‬ ‫رأيه���م الفط�ي�ر ‪ ،‬ويس���لموا ه���م م���ن املالمة‬ ‫والنكري ‪ .‬واجلاحظ يس���قط ذلك على زهري‬ ‫‪ ،‬مل���ا رآه ي���دع قصائ���ده متكث ح���وال كريتاً‬ ‫ً‬ ‫طوي�ل�ا ‪ ،‬ويف قول اجلاحظ دليل على‬ ‫وزمنا‬ ‫أن صناع���ة زه�ي�ر وال كصناع���ة ‪ ،‬صناع���ة‬ ‫تشذيب وتهذيب وإشفاق وحرص وصيانة ‪،‬‬ ‫وإحراز ال تزري بالطبع وال تتصل بالتكلف‬ ‫‪ ،‬وأق���ول ذل���ك ألن اجلاحظ يع���د من أنصار‬ ‫حس���ن البناء ‪ ،‬ومن مدرسة اللفظ ‪ ،‬وهو إىل‬ ‫جانب ذلك مي���ج التعنت ويكره التوعر ‪ ،‬وما‬ ‫نس���ب إليهما من صناعة ظاهرة يضيع فيها‬ ‫املعنى ‪ ،‬وتبهت فيها الصورة ‪.‬‬


‫السنة الرابعة ‪ 12 - 6 ( - ) 156 ( -‬مايو ‪) 2014‬‬

‫عبدالقادر حممد‬ ‫على بوقعيقيص‬ ‫‪2001- 1936‬‬

‫ولد يف مدينة بنغازي ودرس فيها املراحل األوىل‬ ‫للتعلي���م وكان يس���اعد وال���ده يف إدارة مكتبت���ه‬ ‫يف مي���دان احل���دادة‪ .‬وهي أول مكتب���ة يف بنغازي‬ ‫مت إفتتاحه���ا ع���ام ‪ 1921‬من قبل وال���ده املرحوم‬ ‫حممد على بوقعيقيص‪ .‬غ���ادر بعد إنهاء املرحلة‬ ‫الثانوي���ة إلي القاهرة حي���ث درس لبعض الوقت‬ ‫ث���م أنتق���ل لدراس���ة الط���ب يف مدين���ة بولوني���ا‬ ‫بإيطاليا وختصص يف جراحة عظام األطفال‪ .‬عاد‬ ‫بعد ذلك للعمل يف مدينته بنغازي وتقلد العديد‬ ‫م���ن املناص���ب كإدارة مستش���فى اجلمهورية ثم‬ ‫إدارة مستش���فى اجل�ل�اء‪ .‬ويف العام ‪ 1975‬كلف‬ ‫بإدارة ش���ؤؤن الصحة يف املنطقة الشرقية‪ ،‬ولكنه‬ ‫مل يتواف���ق مع املس���ئولني ومت تهديده وإحتجازه‬ ‫مل���دة ثالث���ة أيام م���ن قبل أمح���د ق���ذاف الدم يف‬ ‫طرابل���س‪ .‬وعندما كثر تهديده من قبل عناصر‬ ‫النظام الس���ابق حيث كان يعارض النمط الذي‬ ‫أصبحت تدار به الدولة‪ ،‬غادر ليبيا يف نفس العام‬ ‫‪ 1975‬إليطالي���ا وكان أمل���ه يف العودة ألرض‬ ‫الوط���ن ولك���ن وافته املني���ة قبل أن ي���رى الوطن‬ ‫م���ن جدي���د‪ .‬توفى حامل���اً ببنغازي معش���وقته اليت‬ ‫نظم عليه���ا بعض القصائد ورس���م من ذاكراته‬ ‫لوحات هلا ولش���ارع الش���وخيات مس���قط رأس���ه‪. .‬‬ ‫كان فنانا مرهف احلس عالي الوطنية‪ .‬أخنرط‬ ‫يف املعارض���ة لنظ���ام الق���ذايف وس���اهم يف ح���زب‬ ‫اجلبهة الوطنية لإلنقاذ‪ .‬وإبان حرب تش���اد ذهب‬ ‫مع رفاقه لتشاد ملساعدة اجلنود الذين مت نبذهم‬ ‫هن���اك‪ .‬قض���ى فرتة م���ع رف���اق م���ن املعارضة يف‬ ‫الس���ودان واجلزائر للتخطيط إلس���قاط النظام‪.‬‬ ‫ع���اد بعد ذلك إليطاليا حي���ث أمضي باقي حياته‪.‬‬ ‫وق���د مت تهدي���ده عدة م���رات يف إيطالي���ا وقامت‬ ‫الش���رطة اإليطالية بتوفري احلماية له ولعائلته‬ ‫يف أكثر من مناسبة‪" .‬‬ ‫•كريم عبد القادر بوقعقيص‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.