السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
ميادين الثقافة
09
رئيس التحرير :خلود الفالح
ملحق العدد
02
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
7كتب رّ غيت حياة القراء
تلوحية أوىل
السقوط يف احلب
مجال القصاص ُ أربعة أيامٍال تكفي ً تطبع قبلة فوق شفة اإلسكندرية لكي َ لكي َ نزهة على الكورنيش تأخذ احليا َة يف ٍ َ أحسنت والدة امسي ! وتقول هلا: ِ
رامز النويصري
العاشق كب ْت شجر ُة رُ َ ِ َ الشمس ف َت َح ْت دفرت َها مبكرا ُ ُ يزركش اخلدو َد والرزا ُز َّ ُ البنات يتخط َ َ املواعيد فن والغيم ينث ُر شيال َنهُ ُ الشبابيك خيبئها يف ظالل ِ ويعلو . أحتر َر من نفسي ُ سأحتاج أن َّ فتنة الطقس من ِ مصادفة ُ تقول: من ٍ ِّ ُ أنا الوجو ُد /أنا اللغة /أنا الشع ُر/ احلب. أنا ّ لعقة ُ ُ سأحتاج ِم ً تكشط احلن َ ني تعرف كيف ُ كيف جتعله شاهدًا الف َ ال يشبه َ راش أو الدَّم َع َة ُ َ َّ لشفة ن ِس َيهَا النوم . ينتحل األعذا َر أو ٍ
النساء كل النساء مجيالت اللواتي عرفت واللواتي متنيت معرفتهن، واللواتي مل أعرف. كل النساء أصواتهن مجيلة، المسي حلن خاص –وبهيج -على شفاههن. ترتيب هذا أنا أداري ارتباكي عند حافة البنفسجي أقتل صوراً قدمية. ٌ احتمال واحد أن نستمر أن نبحث عن إجابة ،ونقتل غريزة السؤال. إقرار مل يعد يف اجلراب شيء ُ األمنيات ف ّرت ،واألحال ُم باردة ووجهي باهت. ليس غري الريح يف يدي وقليب هوااااااااء. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ طرابلس2014-1-15 :
أربعة أيام ال تكفي لكي َ يقول شاع ٌر: ُ ٍ ّ َ مل /يا مقهى البورصة/ ُ صباح اخلري يا حمطة َّ الر ِ َ كفافيس/ صباح اخلري يا الفنون/ جدارية يا ُ َ ِ اخلري يا بائ َع َة الفريسكا /يا شارع النيب دانيال/ صباح ُ ِ املكنسة /صباح اخلري يا حدائق املنتزه/ نو َة صباح اخلري يا َّ ِ ش ِّ تتحر ُ بظلها / ُ صباح اخلري يا يدًا ًّ ْ َّ غسلت ثد َيهَا بالزبد / صباح اخلري يا امرأ ًة ُ صباح اخلري أيها الصيادون.. الس َ املوال تالعبون َّ مك بر ّنة ِ ومرايا الشطوط. هذا آخ ُر َّ النرد ُ تذهب إىل االمتحان اإلسكندرية ُ ْ ربطت الفنا َر يف املتحف ْ وصرخت : ال شي َء يشبهين. تبك من أجلي قلت :ال ِ أنت اليت ِ ِ َ الشائخ بضلعك أسندني ِ جنب واح ٍد رمبا أعرف كيف أنا ُم على ٍ رمبا ال ُ السقف . يبلغ الور ُم ّ يف املرسم .. نام ُ املالك يف رغوة اإلسكتش عجل -ينكشون الرتبةَ مفتشو ِ اللعنات -على ٍ َّ َ َ واللحن واألغنية األوصال يقطعون كأس ُه األخريةَ ُ العرافة :هنا مل حيتس اإلسكند ُر َ قالت ًّ ِ مل يدفن أفلوط َ ني وصي َت ُه.. عاصفة مل حتسن ُّ الن َ طق جمر ُد ٍ حص ُة املوسيقى . جمر ُد صرخة فاتتها َّ ٍ انث َن ْت فوق ركبة املوج تشد اخليطَ الورقية ُّ طائر َتهَا َّ تدحر َجتْ واخلطوط غاب ٌة من األلوان َ ِ يف ّ الريح كف ِّ َ ُ َ ْ هيا ..اضربي الفرشاة بقو ٍة أنا ُ فراغ ِك ابتسامتك مجَ ْ ُد ِ الصورةُ ُّ قليل ستشف ُّ بعد ٍ ُ سنرحل يف مصفاة َّ الشمعِ
انتبهي.. ِّ الشرا ُع يدو ُر على نفس ِه القبلة شرنقة الروح ً نائمة اتركيها ال توقظيها وحده سيطفو احلري ُر ري تطفو األناشي ُد ..العصاف ُ ُ يشقشق اجملرى . سريال ًيا يفور اإلنا ُء.. تلوحي ُت َك األوىل خطفتين من عمري ُ ُ وبكيت وضعت رأسي فوق زمين َّ كأن َك أنا ِّ الصوت كأني أول ُد من معجزة ِ من شهقة املدى. َ ألعلىُّ .. اللوحة أشد للداخل ..أراوغها ِ ِّ وهندسة ُّ َ ريان القلب أعل ُمهَا َ الش ِ رسم ِ السطحِ أغفو فوق َّ الر َ يش َة.. ُ أغمس ِّ ُ ُ األحبا ُر مشاعل ال ترى جغرافيا ِّ وعرائس نيئ ٌة ُ متشي فوق املاء. أنا ظمآن ٌة َّ كعكيت َجف عش ُبهَا أعرف من أين أبدأُ ال ُ وال كيف أنتهي تقش ْ فوق ضلعي َّ ُ األلوان رت ُ الليل َخ َل َع ِم ْع َط َفهُ كغريب على العائلة. وذاب َ ٍ == ** من ديوان جديد للشاعر بعنوان " حمطة الرمل".
03
عال عنان كث�ي�رة هي عناوين الكتب اليت جتذبنا لقراءتها، وتتع���دد األذواق عن���د اختي���ار الن���وع املفضل من الكتابات اليت حتوز على إعجابنا ونش���عر بأننا قد قضين���ا برفق���ة صفحاتها وق ًتا ممت ًع���ا .ولكن هل ترتك كل الكتب اليت نقرأها نفس التأثري علينا؟ توجهنا ألصدقائنا من القراء الش���باب وس���ألناهم ع���ن الكتب اليت غ�ّي�رّ ت حياتهم وتركت تأثريا ال يُنسى يف داخلهم. 1984جورج أورويله���ي رواية صدرت ع���ام ,1949وتعت�ب�ر من أهم أعمال الكاتب الربيطاني جورج أورويل (1903- .)1950يق���ول مهن���د س���عد :كات���ب وم���دون فلس���طيين مقيم يف األردن" :هذا الكتاب كان له الفضل يف تغيري تفكريي باملطلق ،فقد صنع نقلة نوعية يف شكل قراءاتي وأصبحت أدقق يف اختيار ما س���أقرأ من بع���ده .فاحتواؤه على ه���ذه الكمية من االستشرافية للمستقبل السياسي اليت غريت اهتماما نظرتي للسياس���ة العاملية جعلتين أكثر ً بالكت���ب ال�ت�ي تتحدث ع���ن الوعي البش���ري وعن تأثري السياسة يف تشكيل حياة الشعوب". ويضي���ف مهن���د" :تأث���رت بش���دة وازداد تعّلق���ي ُ علمت أن الكاتب كان حيتضر يف بالكتاب عندما حلظات كتابته هلذا الكتاب ،فهو كان مس���تعدا إلهمال صحته وحياته والتضحية بهما يف سبيل فك���رة يري���د كتابتها ،ويف س���بيل فك���رة تضغط على عقلك ،وهذا ش���يء يستحق مين كقارئ أن ريا". أتأمله وأقف عنده كث ً قواعد العشق األربعون – إليف شافاق صدرت هذه الرواية عام 2009للكاتبة الرتكية إلي���ف ش���افاق ,وتناول���ت ش���خصية موالنا جالل الدي���ن الروم���ي وصداقت���ه بالص���و ّ يف مش���س التربي���زي ,ومن خ�ل�ال صداقتهم���ا نتعرف على جناحا أربعني قاعدة للعش���ق ،ونالت هذه الرواية ً وانتشا ًرا واس ًعا حول العامل. قال���ت عنها املدون���ة املغربية ،س���ناء الربكي" :مل يكن كت���اب “قواع���د العش���ق األربع���ون” كتابًا كث�ي�را وتغ�ي�رت بفضله عاب��� ًرا ،ب���ل اس���توقفين ً نظرتي ألشياء كثرية .فقد كنت دائمة الشعور بأن هنالك ش���ي ٌء من التناق���ض أو حلقة مفقودة ُ س���افرت يف ثقاف�ت�ي وفك���ري الديني�ْي�نْ ،وبعد أن ووقف���ت عل���ى اخت�ل�ايف م���ع مس���لمني متدينني تأكدت أن هناك فع ً ال ش���يء ما ينقصين ،ولكنين مل أكن أجرؤ على جمرد التفكري يف تقييم مدى ُ تلقيت م���ن تربي���ة ديني���ة" ،وأضافت: صحة م���ا ُ تعرف���ت بفضله على "عندم���ا ق���رأت هذا الكت���اب أولئ���ك الذين ال يفاضلون بني الناس مبظاهرهم وال دياناته���م وال مراكزه���م وس���لطتهم؛ أولئك الذي���ن يطيعون اهلل عن حب ولي���س عن خوف أو ريا وال طم���ع يف امللذات؛ أولئك الذين يعطون كث ً ينتظرون ش���ي ًئا ،الذي���ن انتص���رت أرواحهم على أجس���ادهم .أحسس���ت أن فكر املتصوفني متصاحل م���ع فكرة التس���امح واحلب والس�ل�ام ال�ت�ي لطاملا مسعن���ا عنه���ا دون أن نلمس���ها يف حميطن���ا .لعله ً طوي�ل�ا يف قراءته، أكثر كت���اب أخذ م�ن�ي وق ًتا لي���س ألنه طويل ولك���ن ألنين كنت يف حاجة يف كل مرة ألتوقف وأتأمل م���ا جاء فيه ،وأواجه به ظالم نفسي وتناقضاتها". نقطة زرقاء باهتة – كارل ساجان وه���ذه هي الرتمجة العربية لكتاب “Blue Pale
”Dotمن تأليف العامل األمريكي كارل ساجان ( ,)1934-1996وه���و من أش���هر رواد الفضاء يف وعرف مبسلس���له التلفزيوني الق���رن العش���رينُ ، الذي يتحدث عن الفلك “كوزموس” .يقول عنه اإلعالمي اليمين ،مروان املريس���ي" :الكتاب كما ه���و واض���ح يتحدث ع���ن كوكبنا ال���ذي وصفه الكاتب بـ “جمرد نقط���ة” .هذا الكتاب إضافة إىل ما فيه م���ن كم معلومات فلكي���ة مذهلة صاغها املؤل���ف يف قال���ب ممت���ع؛ فإن���ه ق���د جعلين أش���عر بض���رورة التواض���ع .فكم ه���و حجمي كإنس���ان يف ه���ذا الك���ون الفس���يح إذا كان الكوكب الذي نتكالب على خرياته هو جمرد نقطة باهتة؟!" ويُذك���ر أن الكت���اب نش���ر باللغ���ة العربي���ة ع���ن سلس���لة “ع���امل املعرف���ة” ال�ت�ي يصدرها ش���هريًّا
اجملل���س الوط�ن�ي للثقاف���ة والفن���ون واآلداب بالكويت. قمر على مسرقند – املنسي قنديل صدرت هذه الرواية عام 2004للروائي املصري املنس���ي قنديل ،وتدور حول ش���اب مصري س���افر لس���مرقند حب ًثا ع���ن صديق وال���ده القديم ،ومن خالل هذه الرحلة يكتش���ف نفس���ه .هذا ما قالته مي فتحي ،املدونة املصرية عن الكتاب .وأضافت: "كان لقائ���ي به���ذه الرواية مبثاب���ة االنتقال من رواي���ات اجليب إىل ع���امل األدب وبراحه ،وال أنكر أن ه���ذه النقلة كانت صعبة على االس���تيعاب يف ُ اندجم���ت فيها ،ومن البداية ،إال أنين س���رعان ما خالل رحل���ة البط���ل يف البحث عن تاري���خ والده ُ بدأت أن���ا ً أيضا أطرح الكثري من األس���ئلة احمليرّ ة على نفس���ي وعن احلي���اة برمته���ا ،كما جعلتين أؤم���ن أن املؤانس���ة أحيا ًنا ق���د تأتينا م���ن ُ حيث ال ندري ومن أبعد األماكن عن ختيلنا" ،وقالت مي إن هذه الرواية ش��� ّكلت لديها داف ًع���ا قويًّا للكتابة والتعبري عن نفسها عرب التدوين. سنة األولني – ابن قرناس وامسه الكامل :سنة األولني ،حتليل مواقف الناس من الدين وتعليلها للكاتب والباحث السعودي ابن قرناس (.)1885-1975 وعنه أخربنا املدون الفلسطيين ،خالد الشرقاوي: "ت���دور الفك���رة الرئيس���ية للكت���اب ح���ول “س���نة األولني” اليت ذكرت مرا ًرا يف القرآن الكريم من
باب تذكري املس���لمني مبا حدث مع األمم الغابرة ألخذ العربة .ويرى الكاتب أن املسلمني كغريهم م���روا ومي���رون بس��� ّنة م���ن كان قبله���م ،وه���ذا يش���مل عدة مواضيع كتفسري آيات اهلل أو اعتماد أحادي���ث النيب عليه الصالة والس�ل�ام إضافة إىل مس���ألة التدين وم���دى وطبيعة التزام املس���لمني بتعاليم دينهم". ويضي���ف" :م���ا أعجب�ن�ي يف الكت���اب ه���و اجله���د البحث���ي الكب�ي�ر واملضين ال���ذي قام ب���ه الكاتب يف إثب���ات حجت���ه ،باإلضاف���ة إىل مناقش���ة الكت���اب ملواضي���ع تعت�ب�ر م���ن “احملرمات” ل���دى خمتلف الف���رق االس�ل�امية ,ال س���يما موض���وع احلدي���ث النب���وي واعتماده كمصدر للتش���ريع ولتفس�ي�ر الق���رآن الكري���م ،كم���ا حي���اول أن يعيد تفس�ي�ر
بعض آي���ات القرآن الكري���م ومقارنتها بتفاس�ي�ر الس���ابقني حبجة قوية ومنطق مقن���ع ,ويعيد يف ه���ذا الطريق ق���راءة أحكام فقهية وح���دود يُعمل به���ا حال ًيا يف خمتلف بالد االس�ل�ام ويف خمتلف مذاهب���ه ليوضح بأنها تعارض ش���رع اهلل الوارد يف القرآن وتزيد عليه أو تنقص وهو ما خيرجها عن الص���واب ،هذا الكتاب يس���اعد على طرح األس���ئلة بطريقة جيدة وحيتاج من القارئ للصرب وس���عة الص���در لتقب���ل آراء مل يعتده���ا ومل يتوقع يف يوم ما أن ُتسأل بهذا الشكل الصريح والقوي ,وهذا ما غيرّ ه الكتاب يف نظرتي لألمور يف احلياة". ثالثية غرناطة -رضوى عاشور ص���درت ه���ذه الرواي���ة ألول م���رة ع���ام 1994 للكاتب���ة املصرية رضوى عاش���ور ،ونال���ت العديد من اجلوائ���ز وأعيد طباعتها لع���دة مرات ،وتدور أحداثها يف ثالثة أجزاء حول أواخر س���نوات حكم املس���لمني لألندل���س قب���ل وقوعه���ا يف ي���د ملوك أس���بانيا الكاثوليك وقيامهم بإجبار الس���كان على التنصر أو الرحيل عن البالد. وعنه���ا تقول آي���ات حممود من مص���ر :وتعمل يف موارد التنمية البشرية" :ما زلت أقول بعد مخس س���نوات من أول ق���راءة هلذا الكت���اب أو باألحرى، ه���ذه التحف���ة األدبي���ة ،أن كل م���ا ق���رأت قب���ل ثالثي���ة غرناط���ة ال يق���ا َرن مبا تعلمت���ه من هذا الكت���اب واتبعته بعد قراءته فيما تال من س���نوات! توح���دت مع كل ش���خصيات الكت���اب تقري ًبا بال
اس���تثناء ،خماوفه���م وطموحاته���م وأمنياته���م ورجائه���م ويأس���هم ،بكي���ت غرناط���ة واألندلس كأنهما وطين الذي قضيت فيه عمري ُ وه ِّجرت عنه قس��� ًرا ،رأيت أحدا ًثا تتشابه مع أحداث زماننا من فس���اد وخ���داع واضطهاد وقه���ر وقمع ،كنت يوم���ا إن مل ننتبه كأن���ي أرى م���ا س���نصري إلي���ه ً ونغري ما بأنفسنا". وعن التغيري الذي أحدثته هذه الرواية يف نفسها تق���ول آيات" :غ�ّي�رّ هذا الكت���اب نظرت���ي وتذوقي ل�ل�أدب ،إىل األبد .اختلف���ت نظرتي كمن أصاب نضج���ا وخربة بعد صدمة دهري���ة ال يعود بعدها ً لس���ابق عه���ده أبدًا ،واس���تطاعت ح���روف رضوى أدبيا حتولت من بعده عاش���ور أن متنحين ً نضجا ًّ لقارئة حقيقية ،فهمت معنى األدب".
أمحديا – حسام فخر البساط ليس ًّ وه���ي جمموع���ة قصصي���ة ص���درت يف منتصف مثانيني���ات الق���رن املاضي للكاتب املص���ري املقيم يف الواليات املتحدة حسام فخر ،وهو رئيس قسم الرتمج���ة الفوري���ة يف األمم املتح���دة للمؤمترات واملنظم���ات الدولية بني مجيع اللغ���ات الرمسية الست. ويقول عنه علي هش���ام ،الكات���ب واملدون املصري "حتما إن���ك إذا ق���رأت هذا الكت���اب فإنك الش���ابً : س���وف تش���عر بنس���يم من “رحية احلبايب” يهل عليك ،فيكفي أن مقدّمه هو أس���تاذنا وعم القصة القصرية “يوس���ف إدريس” ،وراسم غالفه هو عم ً إضاف���ة إىل أن كاتبه له مص���ر “صالح جاهني”, أس���لوب بدي���ع حي ّرض ال���دفء عل���ى أن يعرتيك أينما كنت وأيًّا كانت حالتك" ويُذك���ر أن علي ق���د أصدر كتاب���ه األول “نقل ً ملحوظا ووصلت جناحا عام” العام املاضي ،ونال ً طبعات���ه إىل أرب���ع حتى اآلن ،ويق���ول علي" :رمبا لوال أس���تاذي وكتابه ه���ذا – الذي ي ُّ ُعد من أوائل ما قرأت – ّ لتأخ���ر حيب للقص وبالتالي مل أكن ألرى جمموعيت القصصية األوىل بهذه السرعة بني يدي ،هذا الكتاب غيرّ حياتي بالتأكيد". وم���اذا عن���ك أنت عزي���زي القارئ؟ ما ه���و الكتاب الذي قرأته ويستحق أن تقول إنه قد غيرّ حياتك؟
04 ال ميكنك احلفاظ على شخص يريد املغادرة... هل تفهم؟ سارا فولدينق ترمجة :حممد الضبع حاول أن تتمّلك الكون وسرتى أن هذا مستحيل. حاول أن تتمّلك إنسا ًنا وستكون قد خسرت. العملة البش���رية .قيمتك .إنها أكرب مما تتخيل .يظن الكثري أن بإمكانهم امتالكك ،ولكنهم ال يستطيعون. التمّلك .احليازة .األحقية. حنن ال منلك ش���ي ًئا س���وى أنفس���نا .لدينا احلق بأن نثري أنفسنا ،مننحها الس���لطة ،نث ّقفه���ا ،نزخرفها ،نش��� ّكلها ،نتجاوزها ،حنوهلا إىل م���ا نريد ،أو نسيء معاملتها حتى. َ جموهرات، طائرات ،دراجات ،مالبس، منازل، س���يارات ،ش���ق ًقا، قد نتمّلك ٍ ٍ ٍ زواج ورهن ،وصايا، د عق���و الورق على لدينا يك���ون وقد املنزل. يف أو أثا ًث���ا ُ ٍ ش���هادات جامعية .ولكن إن اختفت كل هذه األش���ياء؟ لن يتبقى لنا سوى ذاكرة باهتة تذكرنا بأننا امتلكناها ذات مرة. يف الواقع ،ال شيء ينتمي لنا فعلاً . قد نكون يف زواجات أو عالقات حب ولكننا ال منلك شركاءنا .إنهم أحرار، هلم حرية احلب وحرية الرحيل .إنهم ليسوا بعض ممتلكاتنا ،وحنن لسنا التزاما عليهم الوفاء به. ً "ال توجد طريقة متكنك من احلفاظ على ش���يء يريد املغادرة ،هل تفهم؟ بإمكانك فقط أن حتب ما حولك بينما هو حولك". ً أمالكا .هلم ق���د يكون لنا أبن���اء ،اآلن أو مس���تقبلاً ،لكنهم هدايا ،وليس���وا حرية الرحيل ً أيضا يف أي وقت .ال ميكنك استغالهلم ،أو إساءة معاملتهم، أو إثقاهلم بطبقات عقدك االجتماعية والدينية اليت مل تستطع حلها. "ال أحب سياس���ة البش���ر يف تعاملهم مع ممتلكاته���م .الطبيعة أعطت كل شيء لكل الناس .كنا حفا ًة عندما ولدنا ،وسنكون كذلك عندما منوت". أريد أن أصبح ح ًرا ،وبالنس���بة لي ،احلرية تعين التخّلي .التخلي عن كل شيء. لن أمتسك بأي شيء سوى ذلك الذي يبقيين ح ًيا. ال أريد أن أمتلك س���وى جس���دي ،عقلي ،وزوايا روحي .أريد أن أحشو ذاتي باحل���ب ،باألمل ،باملتع���ة ،وباحلزن ً أيضا ،بالتعاط���ف ،والرغبة ،وأتوج هذا كله بقبلة. شجاعا .حنن مرتددون فقط "عندما ال ميلك املرء ش���ي ًئا ليخس���ره ،يصبح ً عندما منلك أملاً ". دون جوان ماذا عنك؟ هل بإمكانك فعلها اآلن؟ افعلها .افعلها مع كل ما متلك .ال تس���تطيع حبس جنمة تنتمي للس���ماء، ال تستطيع حبسها ،وإال ستضمر ومتوت. هل بإمكانك اآلن ترك املسروق ،املنسي ،والقديم؟ هل بإمكانك اآلن التوقف عن التفكري يف حبيباتك الس���ابقات ،وأصدقائك الذين رحلوا؟ ه���ل بإمكان���ك ترك كل ش���يء ع���دا احلياة يف داخل���ك ،وه���ل بإمكانك أن تطلقها حر ًة برفق عندما تنفد رغبتها يف التخفي؟ "احلب ال يطالب بامللكية ،بل يهب احلرية ".طاغور
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
قبل الكالم..
قصص قصرية جدا ساسي محام 1ـ اللــــقاء جيل���س أمامه���ا ،بينهم���ا طاول���ة مستديرة ،أمامه كدس من األوراق والص���ور وقصاص���ات جرائ���د ،أمامها بع���ض األوراق ،تس���أله ،فتنطل���ق كلماته سريعة مدوية كالرصاص، تتالح���ق فتنهم���ر انهم���ارا ،يش���ت ّد محاس���ه فريتف���ع صوته ،يه���دأ قليال فينخف���ض صوته ويواص���ل حتليله ، ورؤيته لألحداث ،وتفسريه للمواقف الدولي���ة ليقنع املش���اهدين أن الوطن يتع���رض ملؤام���رة كوني���ة ...تنته���ي احلصة فتبتس���م له املذيعة ابتس���امة يع���رف مغزاه���ا فيبادهل���ا نف���س االبتسامة .... 2ـ العناقيد حت���دث أمام الكامريا عن األكاذيب ال�ت�ي تنش���رها الفضائي���ات احملرضة عل���ى القت���ال وال�ت�ي تق���ود اجلماعات التكفريي���ة الوهابي���ة املرتزق���ة وع���ن احلرب العاملية ضد ب�ل�اده واملؤامرات ال�ت�ي حت���اك ضده���ا وتاب���ع خيوطها وكش���ف اس���بابها ومس���بباتها ...ث���م أخ���ذ صندوقا صغ�ي�را وفتحه واخرج قطع���ا حديدية ووضعها أمام الكامريا وواص���ل حديثه قائ�ل�ا ...انظ���روا إنها بقاي���ا قناب���ل عنقودية ...إنه���ا قدمية ج���دّا ...ال ميك���ن ان يلقيها جيش كل أسلحته حديثة ...ان هؤالء اجملرمني املرتزق���ة الذي���ن خان���وا وطنه���م ه���م الذين يلقونها على منازهلم ويتهمون جيش النظام بذلك ... 3ـ القبلة وقف���ت جمموع���ة م���ن اجلن���ود يف الس���احة ،يرت���دون أزي���اء جدي���دة ،ال حيملون غري أسلحة خفيفة ،انتشروا يف أرج���اء الس���احة ،حياول���ون توزيع االبتس���امات عل���ى املارين املس���رعني، وقف���ت حافلة ،فت���ح بابها ،ن���زل منها جمموع���ة من األطفال ،توجه جندي حنو أحده���م ،وقف الطفل ،نظر إليه ملي���ا فرأى جثث أطف���ال متناثرة هنا وهناك يف الس���احات والشوارع وحتت انق���اض املن���ازل ،تذك���ر اجلن���دي األوام���ر والكام�ي�را ال�ت�ي تالحق���ه فاحنن���ى ليحمل الطفل ويقبله ولكن الطفل تركه وهرب... 4ـ العصافري التقين���ا يف املوع���د احمل���دد ،حتدثن���ا، عطرنا حديثن���ا برائحة القه���وة ،وملا نظ���رت اىل س���اعتها خلس���ة صمت���ت العصافري وطارت بعيدا . 5ـ انبعاث اصع���د مدرج نهج (العروس���ة) ببطء ...أص���ل إىل الدرجة األخ�ي�رة ...أضع س���اقي يف ش���ارع (باب بنات) فأس���قط يف نهر ...بش���ر أمواجه ...متالطمة ... ه���ادرة ...صائحة ...هاتف���ة ...تغطيه
مساء من الالفت���ات املتعددة األحجام واألش���كال واألل���وان عليه���ا كتاب���ات عدي���دة ...فجأة رأيت جنودا مدججني مبختلف أنواع األس���لحة أمام وخلف وفوق سيارات مصفحة وعددا كبريا م���ن رجال الش���رطة واقف�ي�ن صفوفا مرتاص���ة بهراواته���م وراء تروس���هم ومياه آس���نة ملونة باردة س���اخنة تنطلق يف الفضاء وتنزل ش���آبيب وغازات خانقة خمنق���ة مس���يلة للدم���وع رص���اص عشوائي يستقر يف الرؤوس والصدور واألرجل هراوات تهوي على الرؤوس واألكتاف والظهور واملؤخرات ... حش���رت يف زاوي���ة ...ات���كأت على احد اجلدران فرأيت طف�ل�ا صغريا وحيدا يف ش���ارع مقفر يلعب يف أجواء غائمة حتت مساء س���وداء تنذر بنزول أمطار غزي���رة تقف س���يارة الش���رطة ينزل منها شرطي حيمل الطفل من رقبته
ويقذفه وسط السيارة على جمموعة أخرى من األطفال ...خترسه الدهشة ...يفيق من دهش���ته على بكاء وصياح األطف���ال احملش���ورين حتت���ه فانفجر صياح���ه وب���كاءه ...وصلوا إىل مركز الش���رطة ...أنزلوه���م من الس���يارة ... صاح الش���رطي يف وجهي ...ادخل يا... يا ...يا ...دخلت ...رجالي ترجتفان.... جسمي يرتعش ...ما بك ؟ هل أصابك برد ؟ مس���كين شرطي آخر من خناقي وجذب�ن�ي اليه بق���وة ورماني بني يدي الشرطي اآلخر فصفعين وص���اح يف وجهي ...أي���ن خيتبئ أبوك ؟ اىل أين ذهب؟ هيا قلي وإال س���حقت عظام���ك س���حقا...ارتفع صياح���ي وتعال���ت نداءات���ي مبلل���ة بالدم���وع الغزيرة املتس���اقطة ...أين خيتفي ؟ ال أعرف ..تنه���ال على وجهي الصفعات
...يلكم�ن�ي عل���ى فم���ي فيج���ري الدم غزي���را ...تكل���م ...تكل���م ...ال أعرف ... يرجين بق���وة ويرميين على اجلدار ... يش���دني من رقبيت أشعر باالختناق ... تكلم أيه���ا ...واهلل ال أع���رف ...واهلل ...أن���ت تع���رف اهلل؟ أي���ن التقي���ت ب���ه ؟ أي���ن رأيت���ه يا...أنظر ...فتح قج���ر الطاولة ...مس���كته وربطت���ه ...انظ���ر جي���دا ه���ل ت���راه هن���ا؟ مس���كين م���ن ذراعي ورمان���ي عل���ى األرض ...ق���ال مثقف احلي ال تس���معوا كالمهم ...األرض ليس���ت كروية الش���كل بل منبسطة ...واألرض بس���طناها ...وض���ع س���اقه على صدري ...داس عليها اهلل بس���اقه الكبرية جدا فبسطها ...االرض...تكلم ...يا...يا...يا...ج���اء ش���رطي من املكتب اجملاور قال ل���ه بعض الكلم���ات يف اذنه...نظر الي شزرا وركلين ...انهض يا ابن ...
اتعبتين اليوم ...مل���اذا مل تقل انك يتيم ...اخ���رج م���ن هن���ا ...ال اري���د أن أرى وجهك م���رة أخرى ...خرجت جريا ... عرفت يف ذلك اليوم ان الشرطي أقوى ما يف الوجود ...ترتعد فرائصي كلما رأيت ش���رطيا ....وأتضاءل ...أتضاءل حت���ى أت���وارى ع���ن األنظ���ار ...بقي���ت متضائ�ل�ا الن���ي كنت ارى الش���رطة يف البي���ت...يف الش���ارع ...يف العمل...يف الس���يارة...يف احلافل���ة ...يف كل مكان ...احلش���د يك�ب�ر ...جمموع���ات اخرى خترج من االنهج ... تصب���ح االمواج اكث���ر صخبا واكثر سرعة ...النهر الصاخب ياخذ جمراه حنو س���احة القصبة ...أفقد توازني ... متتد لي يد ...اتعلق بها ...اقطع بعض اخلطوات...اصبح واحدا منهم ...
قراءة يف ديوان “هكذا ّ حدثين البلح” للشاعر املغربي ّ حممد منري
05 ليست كاألخريات
جناة إدهان.. عل���ى ض ّف ْ والص���ورة يُول���د �ت�ي اإليق���اع ّ رغبة يف إعادة التش���كيل ّ املعنى ً عل الكون يس���تعيد بعض ألقه وكث�ي�را من مجاله لذل���ك كان عل���ى ّ الش���اعر أن جيم���ع أش���كال الوجع واحلن�ي�ن ويُنش���ئ عاملا ال ُ الكلمة وللكلمة الفعل يشبه الواقع .عما ُد ِ إم���كان اخللق فقدمي���ا كان الكون بفعل األمر ُ "ك ْن".. جيمع ديوان "هكذا حدّثين البلح" مخس���ا وعش���رين قصي���دة .فاحتت���ه "ترنيم���ة" تقديس���ي جيعل بداية ويف العن���وان بعد ّ ً وحالة إذ الكالم درجة من الرت ّقي خطابا الرتنيمة هي األنشودة املغ ّناة ابتهاال عادة وإذا ما كان اخلطاب منفتحا على ال ّذات والطبيع���ة واملؤ ّنث املفرد ص���ارت فاحتة َ ّ ش���عري اختزال كون الق���ول يف الدّيوان كام���ل .وخامتته "أناي جس���د يف نعش". خامت���ة جتع���ل احلل���م موتا وتس���تدعي اخليبة بوجهها األقبح :املوت ومتى كان ُ الس���ماء ،على املطلق امل���وت انفتاحا عل���ى ّ وخالصا من قيد ميقت���ه مريدو احلرف ص���ار اخلط���اب يف القصي���دة دع���وة إىل اس���تعادة ال ّنبض إميان���ا ّ القل���ب عّل ُة بأن َ الدّفء ونبض احلياة ّ احلق. بينهم���ا تك���ون قصائ���د تش���دّها ثالث ّي���ة ال��� ّذات واآلخ���ر وامل���كان .يُهيم���ن ضم�ي�ر املتكّل���م املف���رد فيجع���ل الدّي���وان حلظة مكاش���فة .ه���و ح���وار ال��� ّذات م���ع ال��� ّذات تس�ت�رجع ّ كل وجوه احلي���اة واخليبة يف عالقتها بنفس���ها وباملكان ومبن شاركها احلل���م ذات زم���ن ..غ�ي�ر ّ أن اللاّ فت هو أن
يهيمن وجع الكتابة ،وجع والدة احلرف. ترت��� ّد ّ كل القصائ���د تقريب���ا إىل الكلمة النص نظم���ا بالكالم عن الكالم. فتجعل ّ ّ إ ّن���ه الوج���ع الذي ال ينقضي ألنه يس���كن
ال��� ّروح واألنامل ،ي ّتس���ع الكون الش��� ّع ّ ري ليع���ود حثيثا إىل أدات���ه/إىل جوهره دون أن يك��� ّرر ش���كل احلضور ويف ه���ذا مكمن قدرة بقوانني النظم احلديثة والقدمية. تتش��� ّكل الع���وامل كما يش���اء هلا ّ الش���اعر ح�ي�ن يعلو م���دّه ويتح��� ّول فجأة س���احرا ينشئ صورا حت ّقق البهت أل ّنها ال ختضع إىل مش�ت�رك عا ّم قوامه املناسبة أو املعنى ربر تراجع ال ّتش���بيه مبا الواح���د وهو ما ي ّ هو عقد عالقة معلنة لتهيمن االستعارة وجتمع املتباع���دات واملتناقضات وحت ّقق الصورة اإلرب���اك وتدفع إىل ال ّتفك�ي�ر يف ّ الص���ورة وم���ن ورائه���ا املعن���ى .مازال���ت ّ ِ مرتك���ز ال ّنظ���م ّ ألن املعان���ي ال تخُ ل���ق ومازال���ت س���طوة الق���ول عن���د ّ الش���اعر كامنة يف قدرته عل���ى الفعل يف الكالم. ه���و "الف���رح احلزي���ن" و"ري���ح اجل���رح" الصدر"و ...وكّلها صورة تبعث و"مضغة ّ ّ اللغة إىل احلياة من جديد ألنها ال تش���به غريها. أم���ا الطري���ف فه���و أن خي���رج األم���ر يف ّ الص���ورة مب���ا ه���ي مرتكز ع���ن الدي���وان ّ ه���م الق���ول إىل االش���تغال عل���ى البن���اءّ . ّ ف�ن�ي آخر جيع���ل القصائد بني ال ّتوس���عة واالختزال .تأتي األوىل متنامية فت ّتس���ع الوج���ع أو وجوه لتفص���ل َ وج���وه املعن���ى ّ ّ احلضور وجيعلها الش���اعر أرقاما فاصلة واصلة تعلن ّ تشظيه دون أن يفقد وحدة أما ال ّثانية -وهي أكثر حضورا الترّ ابطّ . ف ُتخت���زل ح��� ّد اإلش���ارة .كأ ّنها فاحتةخطاب ال يُقال كما يف قصيدة "رجاء":
اقصص رؤاك قالت لي النوارس ونامت على سريري !.. ّ قص وال الن���وارس تنصت.. فال ال��� ّرؤى ُت ّ
كأن عل���ى ّ ّ يقصه���ا لل ّري���اح الش���اعر أن ّ ّ نص س���ابق ه���و "رؤيا" يف ها قص ���ه ل لع أو ّ ّ أو ربمّ���ا ه���و إم���كان مش���اركة لينش���ئ الق���ارئ رؤي���اه وتتقاطع األص���وات زمن الق���راءة فتول���د قصائ���د أخ���رى .وعل���ى نصا "حقوق" قوامه عكس���ها متاما ينش���ئ ّ ال ّتناس���ل فيحيط باملعن���ى دون أن يقتله أل ّن���ه يفتحه على الكون فيس���تدعي ّ كل عناص���ر ال���والدة تقريب���ا وجيع���ل إعادة تش���كيل العامل ممكن���ة بعالق���ات قوامها احل���ق وال ّرجاءّ ، ّ حق عل���ى األرض ورجاء للسماء: ّ للدالء حق على املاء اجلب وللماء حق على ِّ وللجب حق على األرض ِّ ولألرض رجاء للسماء. ّ ّاخلي هو إن هذا االش���تغال على البناء الد ّ الس���ؤال ال ّتال���ي :هل مازال طرح ر رب ي ما ّ ّ أمر الفصل البينّ بني الشعر والنثر قائما واحل���ال ّ أن م���ن القصائ���د ما تس���تجيب القص���ة القصرية جدّا؟ س���ؤال لش���روط ّ يفتح باب حبث كبري أل ّنه ينس���ف عتبة فص���ل كان���ت ثابت���ة .يق���ول يف قصيدة "هلا": أفتقدُك .. َ قال القلب لنبضه ح َ ني مل جيد يف علبة الرسائل أي أحرف هلا. فتوزيع األسطر ال يخُ في ال ّنفس ال ّنثري وم���ن ّ مث���ة يغي���ب ذاك الفص���ل ال ّثاب���ت لننفت���ح على نص���وص تدف���ع إىل إعادة ال ّنظ���ر يف ال ّنق���د ومقوالت���ه وخصائ���ص األجن���اس إذا ما أش���رنا أيضا إىل قصيدة أخرى تس���تحضر بع���ض مق ّومات الفعل املس���رحي "تراتيل على ركح ال ّذات" إ ّنها ّ الدّع���وة إىل البح���ث يف أمر خلن���ا أ ّنه قد ُحس���م منذ زمن ويف هذا استعادة مسألة الن���ص َ املبدع مبقوالت أخرى هي عالقة ّ ّ ولع���ل األم���ر يب���دو جل ّي���ا من���ذ ال ّنق���د.. العنوان "هكذا حدّثين البلح" الذي ي ّ ُذكر بطبيعة ال ّثقافة العرب ّية الش���فويّة وسند النصوص النثريّة القدمية.. إ ّنه ّ الشعر مبتناقضاته وإرباكه وكونه املختل���ف ،خياطب ال ّنفس أل ّن���ه عليه أن يكش���ف س��� ّرها ويبكيها وإن أعلن بعدها ال ّرحيل "رحيل": ُ الم ُه يقر ُئين احلرف َس َ ِ ويدي بارتعاش ِّ ترتب حقائب كلماتي ْ َ للصح ِب ألعلن َّ آن لي اآلن لف الكلم حول صرة االرحتال. ................ كاتبة وناقدة تونسية.
عمر عبدالدائم
يا امرأ ًة ليست كاألخريات.. ما تكتبينه من حروف بشكل ُخرا ّ يف يتح ّول ٍ فراشات ُمل ّونة .. إىل ٍ جنوم ُمضيئة .. ٍ زهرات ُخزامى .. وقطرات ندى .. يا امرأ ًة ليست كاألخريات.. من ّ السحر أي دُنيا تأتني بهذا ّ هذا ال ِعطر هذا ّ الشعر الذي ال يُشب ُه إ ّ ال َنفسه ِ يا امرأ ًة ليست كاألخريات.. تط ّوقني ُع ُنقي بهذا اجلميل أستح ّقه هذا اإلطراء الذي ال ِ إ ّني ألرى كلماتك األسطوريّة أوسمِ ًة ونياش َ ني على صدري لمَ وقد جاءتين ِمن عا ٍ مفقود ُ أحبث عنه ُمذ َح َب ُ وت ّ ككل النسا ْء يا امرأ ًة ليست ْ القصيد بها يتش ّك ُل هذا ْ البعيد ْ العنيد كنت أه ً فيا ليتين ُ ال لمِ ا تكتبني أنت دوماً فكوني كما ِ َمالذاً .. ِبالداً و كوني خِبري
06 هل تقرأ بسرعة؟
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
تأمالت ..
بطالء أمحر وخط كبري
حممد العنيزي عواد ناصر
م���ن املع���روف أن س���رعة الق���راءة ختتلف م���ن ش���خص إىل آخر. ويع���ود األمر ،أساس���اً إىل التدريب والتمرين ،عرب س���نوات القراءة منذ مدرس���تنا االبتدائية حتى آخر حلظة يف حياتنا نستطيع فيها القراءة. مث���ة طريق���ة للق���راءة تس���مى ( )The Scaningوتع�ن�ي القراءة اخلاطف���ة أو القراءة بأس���لوب (املس���ح) وتتلخص باملرور الس���ريع على الصفحة املقروءة ،وهذه الطريقة ختتلف أيضا من ش���خص إىل آخر ،حس���ب تعوده عليها ،ألن الرتكيز على املعنى ليس واحدا لدى كل منا ،كما هو احلال مع إدراك الطبقة اخلفية للكالم. القراءة الس���ريعة ليس���ت نش���اطاً خاصاً يرتبط مبه���ن خاصة ،بل هي حاج���ة ملحة ل���دى مجي���ع املش���تغلني بالكتابة والق���راءة من احملرتفني واهلواة معاً ،خصوصاً يف العصر الراهن ،حيث بات الوقت مثيناً ،واحلياة من حولنا تركض بس���رعة مذهل���ة ،وعلينا ،قرا ًء، أن نلح���ق بعج�ل�ات الكتاب والباحث�ي�ن ومكائن الطباعة ووس���ائل االتصال املتنوعة. لك���ن األمر مل يعد يتعلق بقدراتن���ا الذاتية ،بعد اليوم ،كما اعتدنا م���ن قبل ،ألن جهازاً جديداَ أطلق الش���هر املاضي ،إثر انعقاد املؤمتر العامل���ي للهواتف النقالة ،يف بوس���طن (الواليات املتحدة) سيس���اعد مس���تخدمه على القراءة السريعة ،واسم هذا اجلهاز هو( (sprit z )ingالذي سيعرفنا به أليسون فلود ،الذي كتب عن جتربته مع هذا اجلهاز اجلديد يف صحيفة (الغارديان) الربيطانية. يقول فلود :حس���ب فريق العمل ال���ذي يقف وراء ابتكار هذا اجلهاز فأثن���اء قراءتن���ا نصاً عادياً تبدأ الع�ي�ن يف البحث عن نقطة حمددة داخ���ل الكلمة وه���ي النقطة ال�ت�ي نطل���ق عليها (نقط���ة التعريف املثالي���ة) وبع���د أن تعث���ر الع�ي�ن عل���ى ه���ذه النقطة يش���رع الدماغ بتفس�ي�ر معن���ى تل���ك الكلم���ة ال�ت�ي التقطتها الع�ي�ن للت���و ..وهكذا ستتحرك العني من جديد اللتقاط (نقطة التعريف) التالية. يب���دو أن امل���رء يصرف من وقته ما نس���بته زه���اء 20باملئة ملعاجلة احملت���وى (املعنى) والـ 80باملئة املتبقية هي ما تنفقه من وقت أثناء حتري���ك عينيك م���ن كلمة إىل أخ���رى يف عملية (مس���ح) نقاط التعريف املثالية األخرى داخل النص املقروء. جه���از ( )The Spritzيتي���ح ل���ك (نقط���ة التعري���ف املثالية) عند الب���ؤرة اليت تقع حت���ت ناظريك يف تلك اللحظة ،وبذا س���تقرأ من دون احلاجة لتحريك عينيك. اجلهاز ليس معداً لالس���تعمال يف الرس���ائل اإللكرتونية ووس���ائل اإلع�ل�ام االجتماعية فقط ،بل للكت���ب اإللكرتونية أيضاً .يبدو أننا نعمل اآلن مع العبني كبار ،كما يقول موقع (ِ.)App يضي���ف فل���ود :بإمكانكم جتربة اجله���از على موق���ع spritzinc. .))comأم���ا أن���ا فبإمكاني قراءة 600كلم���ة يف الدقيقة ،حقاً، لكن�ن�ي مل أزل قرب دان هولواي الذي أثار دهش�ت�ي عندما أخربني، قبل شهر ،بأنه منذ ما يقرب السنتني يستطيع قراءة عشرة كتب وجم�ل�ات يومياً .لكن تقنيت���ه خمتلفة بالكامل ع���ن جهاز القراءة الس���ريعة ،وهل���ذا "لو كن���ت قارئاً س���ريعاً ،فإنين أجل���أ ،دائماً ،إىل "دليل" لتأش�ي�ر األش���كال على الصفحة ،كقلم أو إصبعي ،إلدراج األش���كال على الصفحة لتوجي���ه عيين" ،كما كتب بنفس���ه على مدونيت. اجله���از اجلدي���د ،على أية حال ،يس���تطرد فلود ،ممت���ع ،ويبدو أنه فع���ال حق���اً ،لكن م���ا يواجهين ،وجيعل�ن�ي أتوقف عن ق���راءة الكتب هو مس���توى الرتكيز املطلوب ،ألنك ال تس���تطيع النظر بعيداً عن الشاش���ة ملدة ثانية ،كما أنه ال يناس���ب قارئاً يس���تلقي على ساحل البحر. مث���ل أي جه���از جديد فإن ل���ـ ( )Spritzعيوبه اليت م���ن املتوقع أن تعاجل مس���تقب ً ال ،ليصبح منتجاً ش���عبياً س���يعتاده الق���راء تدرجياً، وس���يوفر هلم تلك النسبة الضائعة من وقتهم يف حتريك العينيني املتلهفتني ملعاني الكلمات أثناء القراءة.
أنوثة: مثة خملوقات تس�ي�ر على أربع ..كان ه���و املخل���وق الوحي���د الذي س���ار على قدم�ي�ن ..وكان أكثره���ا حس���ناً .. ونضج���اً ..انتصب ملء قامته ..احتوى بنظراته مجيع االجتاهات ..ومل ينظر إىل أس���فل قدميه ..التفت إىل قسمات املرأة املس���تلقية يف رحاب���ة املدى ..قال وس���يل االش���تهاء يغم���ر ثنايا نفس���ه: لي���س ألنوثته���ا موس���م ..ه���ي تعرف كي���ف تكون أنث���ى يف كل املواس���م .. استيقظت يف نفسه كائنات مشرقة.. مزق���ت بأظافرها س���تائر الصمت ..ثم أنبتت ريش���اً وأجنحة ..وطارت تبحث ع���ن مكنون���ات قل���ب امل���رأة املخب���وءة يف الغاب���ات والصح���اري واجلب���ال والش���واطئ ..شرع حيتس���ي املزيد من اجلع���ة ..دون أن يص���ل للح���د األدنى م���ن الثمال���ة ..وحني عاود م���ن جديد اكتش���اف مالمح امل���رأة ..اس���تغرقته ً دهشة طفولية. ظالل: تباط���أت خطوات���ه ..توقف عن املس�ي�ر ..وتوق���ف ظله معه ..نظ���ر إىل قرص الش���مس ..وحتس���س جبهت���ه املبلل���ة بالعرق ..قال حيدث نفسه: م���ا فائدة ظل يالزمين وال يقيين وهج الشمس احملرقة؟ واص���ل املس�ي�ر ..تبعه ظل���ه ..اجته حنو ش���جرة كب�ي�رة تلق���ي بظالهل���ا على األرض ..جل���س إىل ج���ذع الش���جرة .. حبث عن ظله ومل جيده ..اختفى ظله يف ظل الشجرة. مرايا: تطل���ع إىل امل���رآة ..وتأم���ل اآلخر الذي يقابله ..كان حيمل مالمح وج���ه يعرفه جيداً ..ابتس���م ..وابتس���م اآلخ���ر ..ح���رك رأس���ه مينة ويس���رة.. وقلده اآلخر ..قال له: أنت وجهي ال���ذي أمحله معي ويعرفه اآلخ���رون ..فامل���رآة ال تزي���ف الوجوه.. لكنها ال ترى وجهي اآلخر. عودة: راودت خوفها بالتوسل إليه أن يبقى .. أغلق األبواب دون كلماتها.. انفج���رت دموعه���ا ش�ل�ا ً ال يتدفق من جمرى أحزانها ..محل حقائبه وغادر.. بع���د أن جت���رع كأس���اً م���ن ش���راب الذاكرة قال :س���أعود إليه���ا يوماً ما.. كي أس���ند رأسها فوق وسادة اهلدوء .. قبل بلوغي احملطة األخرية. مقامرة : راهنته على احل���ب والعبث ..قادته إىل دائرة املتعة ..وجد نفسه منساقاً إليها.. يف حلظات فقد فيها زمام الس���يطرة.. لتمس���ك ه���ي ب���ه ..كان بإمكانه���ا أن تق���وده إىل حتف���ه ..دون أن يب���دي اعرتاض���اً ..وكان كل ش���يء يبدو له مثل احللم.. كان���ت الدائ���رة ممتعة بق���در ما هي خطرة ..قال بع���د أن احتواه مزيج من البهج���ة واحل�ي�رة :أقام���ر بظل يقيين اهلج�ي�ر ..وأم�ن�ي النف���س باخل���واء.. وأعرف أن الندم يولد من رحم اللذة.
07
أزهار: كان يبحث عن زهرة ال تذبل ليهديها إليها ..جتول يف كل البساتني ..يتأمل األزه���ار ..س���أل كل بس���تاني قابلة.. وكل بائ���ع أزهار ..عن زهرة ال تذبل.. تأس���ف اجلميع ..وتأمل ه���و ..ألن عمر الزه���ور قص�ي�ر .ق���رر أن يهديه���ا قلبه الكبري ..ألنه توأم لزهرة ال تذبل. طفولة: كان يرقب األطف���ال وهم ميرحون.. وطن�ي�ن ضحكاتهم ميأل الفض���اء ..وّد ل���و ينفصل عن األش���ياء ..ينس���لخ من اللحظ���ات احلاض���رة ..يتح���رر م���ن أعبائه ..ويرتد للوراء ..طف ً ال يركض
عندها ..وال يعرفون أنهم س���يتوقفون يوم���اً كعالمة منتصب���ة يف منتصف الطري���ق ..لذل���ك ه���م حيتفظ���ون مبركزهم يف دائرة الالمباالة. وجه آخر: يف ه���ذه الضاحي���ة الش���عبية ال ت�ت�ردد احلياة يف إبراز مالحمها املقززة ..إنها تتعرى متاماً وسط األشياء الرخيصة والوج���وه املغ�ب�رة والعب���ارات اجلوف���اء املتداولة ..بوسعي اآلن أن أرى بوضوح اخلس���ة والق���ذارة هل���ذه الضاحية يف وج���ه أحده���م ..إن���ه جيل���س هن���اك ويبصق أكثر مما يتكلم. رؤية:
حافياً ..ويزهو منتش���ياً بنزق طفولي.. دون أن تعاتب���ه النظ���رات ..وح�ي�ن حيتويه التعب ..يرمتي يف حضن أمه.. حيث مملكة السكون واألمان. رحيل: مث���ة وج���وه مألوف���ة كن���ت أعرفها.. تتجل���ى اآلن يف ذه�ن�ي كاألش���باح.. وأنا أذرع هذا الش���ارع ..حضورها يبدو ل���ي أقرب للواق���ع ..وكأنها خترج من جدران هذه البي���وت وتتقدم باجتاهي فأش���عر أنين أتصل به���ا على حنو غري مرئ���ي ..كنت دائم���اً أراها ج���زءاً من املش���هد اليوم���ي يف ه���ذا امل���كان ..وق���د رحلت قبل أن تكم���ل حكايتها وخلفت فراغ���اً يف مس���احة احلي���اة احمل���دودة.. ث���م مل يعد يذكرها أحد ..أعرف أنين س���أرحل يوماً وأالقيه���ا بعد أن تتوقف أنفاسي عن ممارس���ة نشاطها اليومي ..حينذاك سأحيا يف ذاكرة األصدقاء ولوق���ت حمدد ث���م أختف���ي تدرجيياً.. وأزول مث���ل زوال الظل ..ما أصعب أن أختيل جمرد التخي���ل ..صورتي وهي ختتفي من مراي���ا العيون اليت كانت تراني. ال مباالة: أولئ���ك الصبي���ة الذي���ن يتجول���ون منتش�ي�ن حتت رذاذ املط���ر ..ويعانقون امل���رح باتص���ال ..مل حيفظ���وا بع���د األجبدي���ة كامل���ة ..مث���ة ح���روف تتس���اقط أم���ام نظراته���م ..ه���م ال يدركون كم من حمطة سيتوقفون
صب���اح ي���وم جدي���د يش���رق بداخل���ي على حن���و مبه���ج ..هذا الي���وم خيتلف عن س���ائر األيام ..هكذا أش���عر به رغم رتاب���ة األش���ياء املعت���ادة ..أح���س بعدم احليادية يف التعامل مع هذه األش���ياء وكأن���ي أعي���د ترتيبها برؤي���ة أكثر واقعي���ة ..عرب���ة اخلضار ال�ت�ي جيرها البائ���ع ..الطف���ل الذي حيم���ل حقيبته املدرسية ..رائحة الرغيف املنبعثة من الفرن ..العامل ال���ذي يفرغ البضائع.. بائ���ع الصح���ف اليومي���ة ..اللحظ���ات تستدعي معنى احلياة يف روح األشياء اليت جتمعها مس���احة الض���وء ..فأراها بكل بس���اطة وعفوي���ة كما مل تتضح لي من قبل. برودة: تثاءب���ت األض���واء والنواف���ذ أغلق���ت .. دلف���ت الكائن���ات إىل بواب���ة العتم���ة.. ه���دأ الضجيج ..وال ش���يء س���وى ثوب قصري م���ن ن���وم مهلهل ..فوق وس���ادة باردة ..ك�ب�رودة هذه الليلة الس���ارية يف أعماق���ي ..من جوف حلظات خاوية مت���د العتمة يديها الباردت�ي�ن ..تلتفان ح���ول قل�ب�ي املثق���ل بتفاصي���ل ي���وم صاخب ..وأنا أتن���اوم وال أنام ..والوقت ميضى مث���ل كائ���ن يس�ي�ر خبطوات مثقلة أتناوم ثاني���ة وال أنام ..فأجلس إىل طاولة الس���هرة الب���اردة ..مواص ً ال التحدي���ق يف غاب���ة ليلي���ة موغل���ة يف الوحشة.
إبراهيم محيدان تكرر رم���ي القمامة اليت يرميه���ا البعض يف غفل���ة منه أس���فل ج���دار بيته املطل���ي باللون األبي���ض ،فج���اء يف أحد األي���ام وكتب على ذل���ك اجل���دار بط�ل�اء أمح���ر وخب���ط كبري " :ممن���وع رم���ي القمام���ة هن���ا يا حم�ت�رم " . وكم���ا يفع���ل يف كل م���رة وض���ع القمامة امللق���اة أس���فل اجل���دار يف صن���دوق س���يارته اخللفي لريميه���ا بعيدا حيث مك���ب القمامة .لك���ن العب���ارة ال�ت�ي كتبه���ا مل يك���ن هلا أي تأث�ي�ر ،بل كان هلا تأثريا عكس���يا فقد تزايد رم���ي أكي���اس القمام���ة أس���فل ج���دار بيته ،وتراكم���ت هن���اك أكث���ر وأكث���ر ،وعبثا ح���اول أن يصطاد أح���د الفاعلني ،أو مينعهم م���ن خ�ل�ال حراس���ة امل���كان ،ألنه���م كان���وا يرم���ون القمامة أثناء غيابه ،ومل جيرؤ أحد أن يرمي القمامة هناك يف حضوره . ج���اء يف ي���وم آخ���ر وده���ن بالط�ل�اء األبيض اجل���دار الذي تراكمت بالقرب منه القمامة بالطالء األبيض ثم كت���ب بالطالء األمحر وخب���ط كبري " :ممن���وع رم���ي القمامة هنا يا محار " ،واس���تأجر سيارة مزودة بصندوق خلف���ي كب�ي�ر ورم���ى القمام���ة يف صندوق السيارة وذهب لريمي بها يف املكب البعيد . ورغ���م ح���دة الش���تيمة إال أن القمامة راحت بعد كتابت���ه لتلك العبارة ترتاكم كل يوم حتت ذلك اجلدار مبعدالت متزايدة . ح���اول جم���ددا أن يقب���ض عل���ى أح���د هؤالء األن���ذال كم���ا كان يس���ميهم ،فاختب���أ يف س���يارته على مس���افة بعي���دة من بيت���ه وراح يرق���ب اجلدار من هن���اك ،ولكن دون جدوى رغ���م أنه جل���س لف�ت�رات طويل���ة ويف أوقات متباع���دة ،وكأن الذي���ن يرم���ون القمام���ة حت���ت جدار بيت���ه هم من األش���باح .أو علموا خبطت���ه فاختفوا إىل أن يتوق���ف عن مراقبة
اجلدار . ج���اء يف ي���وم آخ���ر ،ونقل القمام���ة إىل حيث املكب مس���تأجرا س���يارة ذات صن���دوق خلفي أك�ب�ر ث���م عاد وق���ام بط�ل�اء اجل���دار باللون األبيض ،ثم كت���ب بالطالء األمحر وخبط كبري " :إن شاء اهلل شلل يف األيدي " ومنذ ذلك احلني بقي املكان نظيفا ومل جيرؤ أحد على رمي القمامة مرة أخرى هناك . فرشاة أسنان الحظ���ت مؤخرا أن زوجيت املتحمس���ة لثورة 17فرباي���ر ص���ارت تتضايق م���ن انتقاداتي لألوض���اع اليت آل���ت إليه���ا الب�ل�اد ،وترى أن هذه االنتقادات جتاوزت حدودها حني صرت أعل���ن عن ش���كوكي يف أن ماجرى ابتدا َء من 17فرباير هو ثورة فعال ،فهي تعترب أن كل املصائ���ب اليت يعيش���ها الليبيون بع���د انتصار الثورة س���ببها أع���وان ومؤيدو الق���ذايف الذين يطلق عليهم الكثري م���ن الليبيني مصطلح " األزالم " وأحيانا "الطحالب " . ذل���ك الصب���اح وأن���ا أه���م بغس���ل أس���ناني مل أجد الفرش���اة اخلاصة بي يف الكوب اخلزيف املوض���وع على احلوض الرخامي ( اللفندينو ) ،قّلب���ت اإلن���اء اململوء بفرش األس���نان حيث كان���ت فرش���اتي تتواجد هن���اك كل صباح مع زميالتها فلم أجدها ،فتحت باب احلمام ونادي���ت زوجيت وأنا ما زل���ت واقفا عند الباب وسألتها : أين ذهبت فرشاة األسنان اخلاصة بي ؟فأخربتين من موقعا داخل املطبخ انها اشرتت فرشا جديدة جلميع أفراد العائلة وفرشاتي اجلديدة موجودة يف العلبة . قلت هلا :أية واحدة منها فرشاتي ؟ أجابتين :اخلضراء اللون . قل���ت :فرش���اتي الس���ابقة كان لونها أخضر
،وه���ذه أيض���ا كذلك ما الس���بب ي���ا ترى يف اختيار هذا اللون ؟ أجابت بنفس النربة اجلادة :ألنك صرت من الطحالب !! قلت :على أية حال ال تنسي أن اللون األخضر هو جزء ال يتجزأ من راية االستقالل !! كان يرقد بعيدا يف اخليمة جلسوا على الكراسي البالستيكية البيضاء ،حيتسون الشاي ويتبارون يف تعداد حماس���ن الفقيد ،لقد اكتش���فوا اآلن فقط ك���م كان رائعا وعظيما ،لكنه ويا لألس���ف مل يك���ن بوس���عه االس���تماع لكالمهم اجلميل الذي يبوحون به ألول مرة ،فقد كان يرقد بعيدا عنهم يف نومته األبدية. الطفل يبكي
الطف���ل يبكي يأعلى صوته وقد رمى حقيبته على الرصيف :الأريد املدرسة ..أريد الرجوع إىل بيتن���ا .األم متس���ك بي���د طفله���ا وتش�ي�ر بأصبعه���ا إىل مبنى املدرس���ة خلفهما وتقول :أنظر ماأمجل املدرس���ة ....ماأحلى احلديقة ....ماأحل���ى األلع���اب .م���ن خ�ل�ال القضب���ان املزروع���ة يف الس���ور ن���رى مراجي���ح ولعب���ة الس���لحيبة وك���رة ضخم���ة وألعاب���ا أخرى ون���رى أش���جارا مقلم���ة بعناية به���ا عصافري تزقزق ،وأرضا إزدانت بعشب أخضر مشذب ،ونرى معلمة تس�ي�ر على الرصيف احملاذي للحديقة ويف يدها عصا الفتى الرسام فاز الفتى بالرتتيب األول يف مس���ابقة الرسم على مس���توى املدين���ة ،يف املوعد احملدد ذهب حلفل توزيع اجلوائز ،وكانت جائزته شهادة تقدير وكتاب ،كان الكتاب من تأليف أحد رج���ال الدي���ن ،عاد الفتى إىل البيت س���عيدا ، وأطل���ع والديه وأخوته على ش���هادة التقدير والكت���اب .فرحوا كثريا ومتنوا له مس���تقبال زاهر ا يف الي���وم التال���ي ق���رر الفت���ى أن يتوقف عن الرس���م نهائي���ا .لقد ق���رأ يف ذل���ك الكتاب أن الرسم حرام شرعا . كشف نظر -انظر مرة أخرى هل أصبحت اآلن واضحة ؟ - .ال......بصراحه مش واضحة حسنا أنظر اآلن هل هي واضحه ؟ - .ال ...ال مش واضحه أنظ���ر اآلن من الناحية اليس���ر.....هل صارت واضحة اآلن ؟ .ال على العكس أشعر أن األمور زادت - أنا آسف فأنت لديك مشكلة يف نظرك- نظ���ري كان عش���رة على عش���رة ....لكناآلن مش قادر نش���بح أكثر من مخس���ة مرت قدامي ...ليش طفيتوا النور الدنيا ظالم . -مفيش حد طفا النور .
08
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
أبوبكر اهلوني الصحفي الرحال القاص الساسي سليمان االحول
ونظ���را لش���به انع���دام م���وارد الدول���ة فاملقاع���د املدرس���ية تربع بها اح���د اهل اخلري مل تكن هناك ميزانية للتعليم ...الدولة ال متتلك املال وبعد ان اجتزن���ا مرحل���ة االبتدائي كنا نعل���م االخرين، وكن���ا صغ���ارا ق���ام بتدريس���نا طاهر الش���ريف وص���احل االس���كندراني ،ث���م بدأ جم���يء املعلمني من مصر اليت س���اعدت بإرساهلم ومصر هي من توىل دفع مرتباتهم ويقول حنن كنا ش���اعرين به���ذه الظ���روف وال���دول العربي���ة جله���ا تعاني تبع���ات االس���تعمار ..ولقد اهتم���ت املدارس حتى بش���ؤون التغذية للتالميذ كان االفطار توزيع مت���ر يأتي من اخل���ارج عبارة عن مس���اعدات من امريكا وبريطانيا عقبه���ا اس���س معه���د املعلم�ي�ن حت���ت اش���راف بريطاني���ا اجت���ه للمعه���د جي���ل املتخرجني من مدرسة االمري مدرسة والنهضة ونسبنا للمعهد عق���ب مرحل���ة التعلي���م االبتدائي ايض���ا وحنن ن���درس يف 6ابتدائي بدأنا ن���درس ونعلم جمانا للتالمي���ذ ويف الليل ن���درس الكبار حمل���و االمية وكان قبلن���ا معلم�ي�ن م���ن مص���ر وكن���ا نعلم الصغ���ار يف الصب���اح اىل جان���ب تلقين���ا للتعلم و نس���اعد الكبار يف حمو االمي���ة وكان نرى ذلك كواجب وطين ونفتخر بعملنا ودورنا وباعتبار ان البالد تعاني الفقر وال مال هلا واألمم املتحدة س���اعدت وبعد ف�ت�رة واحلمد هلل اصبح���ت افواج التعلي���م ت���زداد كنا نرى ذلك ونش���عر بس���عادة غام���رة ولقد كن���ا اللبنة االوىل اليت تش���هدها ليبي���ا يف جمال بن���اء التعليم ومن الش���خصيات الب���ارزة كان طاهر الش���ريف وهو اول من توىل ادارة التعلي���م يف بنغ���ازي وكم���ا ذك���رت فمن يصل الصف الس���ادس االبتدائي يتجه اىل معهد املعلم�ي�ن كان عدد الناجح�ي�ن كفيل بالوقوف مع االخرين وأصبحنا نعلم بال راتب وال نس���أل امل���ال وبعد فرتة بدأت املس���اعدات تأتي من مصر ودول اوروب���ا ..وحن���ن طلب���ة مبعه���د املعلم�ي�ن أسسنا جملة املعلم. واملس���اعدة ك�ب�رت ملعه���د املعلم�ي�ن م���ن الدول الغربية وجيلنا بدا ممارس���ة العمل وعيينا على املستقبل وبدأت اجلرائد تظهر يف البالد وكتبنا فيه���ا تلك الف�ت�رة كله���ا طلب���ة ومعلمني كنا نعمل على رؤية املس���تقبل وبرقة اخذت قس���ط
ول���د ابوبكر اهلوني يف ع���ام 1937مبدينة اجدابيا ،ويق���ول يف نفس العام انتقلن���ا للعيش يف بنغازي ويصف حال ليبي���ا آنذاك بقوله“ :كانت البالد تعاني الكثري تلك الفرتة ليبيا توها خرجت من فرتة االس���تعمار االيطالي ومل تك���ن ليبيا متتلك ميزانية أو مال ال وجود للمدارس وال مستش���فيات ولكن ب���دأت االعمال الوطنية م���ن قبل نفر قليل من املدرس�ي�ن للنهوض بالبل���د ..ليبي���ا كانت بل���د فقري ولكن لي���س ليبيا فقط ايض���ا حال الدول العربية كان مش���ابه ورغم الظروف القاس���ية مت االعتم���اد على العنصر الوطين وتوالها الفئة املتعلمة املثقفة وهم قلة حاولوا النهوض بالبلد”. وكانت مدرس���ة االمري اول مدرس���ة ليبية عربي���ة يف البالد تقريبا كان ذلك سنة 1950م اوىل ابتدائي باألمري.
عال م���ن التعليم من يتعلم يعل���م غرية وعندما اسسنا جملة املعلم بعد االبتدائي وحن يف معهد املعلمني وتولين���ا حنن الطالب و عبداحلميد بن عمران وأيضا معلمني من مصر وس���وريا وبدأنا العم���ل بال كل���ل وملل وكنا نس���ال انفس���نا – كل واح���د -م���اذا قدم���ت..؟ هذا كان ش���عورنا كنا نتعامل مع الواقع ..وكنت قد خترجت يف عام 1958 وع���ن م���ن يكت���ب يف جمل���ة املعل���م ق���ال :اجمللة مفتوحة أمام اجلميع للكتابة فيها واملش���اركة جبه���ود الطالب واملعلمني نكت���ب مقاالت واغلب
موضوعاتها كانت احل���ث على العمل التطوعي واذك���ر ان احويو الع���امل تربع للتعليم وس���اعد اجملل���ة والطلبة اخلرجني من مرحلة االبتدائي كانوا يشاركون فيها . كن���ا نكت���ب ع���ن احل���ث عل���ى العم���ل والتطلع للمس���تقبل واملس���اهمة يف التنوي���ر ونش���ر العلم واملساعدة وكنا نتطلع ملستقبل البالد وع���ن دخوله جمل���ال الكتاب���ة واالهتم���ام الثقايف ق���ال :اغل���ب الط�ل�اب واملعلمون يس���كنون يف ( سوق احلش���يش) أو ما يعرف بالصفصفة الذي يضم ان���اس اغلبه���م اخنرط يف جم���ال التعليم او مهتما به ومش���جعا ل���ه ...مع قلة العدد لكنهم اس���تطاعوا ان ينهض���وا بالتعلي���م وكان يوج���د باحلي مطبع���ة وكان لن���ا اهتم���ام بالصحافة. كن���ا نكتب املق���االت مليئة باالمل يف املس���تقبل ونسلمها للمدرسني .وهذا ماجاء يف تقديم سامل الكب�ت�ي لكتاب اهلوني املعنون بـ (كِلمة وكاتب) َ " اهلون���ي ،كا ِتب���اً َ ، وس���ط الناس ، عاش جتارب ِه فعرفت���ه أحي���ا َء بنغ���ازي – املدينة ال�ت�ي أحب ، - وعرف ُه مواطنوها ،وعرفته مقاهيها ،وجلس���ا ِتها العامرة بال ِنقاشات". ِ ويص���ف اهلون���ي ح���ال الليبي�ي�ن الي���وم فيقول: الطلب���ات اليوم كثرية ومتس���رعة وعدم الصرب هو الس���بب ايضا س���ببها تغري الناس بعد ان ظهر الب�ت�رول يف البالد وبدأت تظه���ر الثروة والناس الذي���ن اس���تغنوا على حس���اب االخري���ن وتغريت النف���وس وظه���رت فئ���ات الث���راء وزاد االهتم���ام بامل���ال على حس���اب الوط���ن جيلن���ا كان معطاء وكنا نرى ان املستقبل لنا.
دخوله للصحافة طارق الرويعي وطاهر الشريف كانوا حيثوننا على التطوع والعمل وكانوا يساعدون املعدمني وجماالت اخرى. عش���نا يف بيئ���ة حت���ث عل���ى التعل���م والكتاب���ة وبداي���ات دخولي عامل الصحافة كان من خالل ع���دة جرائ���د كالعمل والرقيب ،ه���ذه الصحف س���اعدت يف تقديم جيل جديد مثق���ف ومتعلم، ويف جريدة برقة اجلديدة نش���رت أوىل مقاالتي عن احلرية واالس���تقالل ،وهي جريدة حكومية كان رئي���س حتريره���ا األس���تاذ عب���داهلل عب���د اجمليد وكان وامحد الرويعي يكتب يف الرياضة ومل نك���ن نتقاض���ى يف مال نظري ما ننش���ر كنا نكتب أجألن نبين وطناً. يق���ول الباح���ث س���امل الكبيت يف مقدمت���ه لكتاب (كِلم���ة وكات���ب)" :والكات���ب –يع�ن�ي بوبك���ر احلرف الش���ريف، اهلون���ي -واحد م���ن أصحاب ِ َ الذي���ن يعت���ز ِبه���م الق���ارئ والكِلم���ة النظيف���ة، كتاب ِتهم ،وعلى عل���ى ه عيني فتح الواع���ي ،الذي َ ِ ِ الذين ْ من َ ُمعانا ِتهم(من اجل شيء) ،وه َو أيضاً َ مل وتلك الكِلمةْ ، ذلك احلرف َ .. يُتاج���روا ِب َ ومل يبتغ ان يرتقي ِبهما ُس���لماً ،أو يحُ قق مغنماً ِبواسط ِتها مع الريح". يزول َ ويق���ول الكات���ب بوبك���ر اهلون���ي :كان العم���ل والكتابة للصحافة يصحب���ه نقاش وحوار حول املوضوع���ات وكان اول م���ن تكلم���وا مع���ي حول كتاباتي طالب الرويعي وحس���ن صديق وايضا صديق���ي ابراهي���م زغبية حي���ث كانت جتري بينن���ا حوارات ونقاش���ات وكان���ت ظاهرة جيدة
وعندم���ا تأتي مارا م���ن الش���ارع كان هناك تفاعل وتش���جيع من الن���اس وكان���ت اجلرائ���د يف بداية انتش���ارها وم���ن ق���رأ ل���ك يناقش مع���ك موضوعك ويشجعك وكنت أشعر أنين أقدم شيئا للبلد. وعن سياس���ة النش���ر ال�ت�ي تتبعه���ا الصحافة يقول بوبكر اهلوني" :كانت مجيع مقاالتي تنش���ر بدون تغيري أو حذف وكان هذا هو الس���ائد انذاك وكنا حنث بعضنا وحيثنا الن���اس ملاذا ال تكتب عن كذا،
وكانت النقاش���ات تش���جعنا عل���ى الكتابة وكانت هن���اك مناضرات وح���وارات بنادي اهلالل وتش���جع على االستمرار يف الكتابة وكان يطلب منا الكتابة ع���ن تش���جيع العمل اخلريي على أس���اس انه مفيد للبلد بطبيعة تلك املرحلة اليت حنياها. كتبت يف الرقيب و 8جرائد ببنغازي بعد برق���ة اجلديدة بدأت اكت���ب يف كل اجلرائد العم���ل الرقي���ب وجملة املعلم واحلقيق���ة اليت قال عن ذكرياته مع السيد رش���اد اهلوني قال :التقيت مع رشاد اهلوني وكنت اكتب يف عدد من اجلرائد عل���ي وبادرني بالس���ؤال ملاذا ال وق���ال لي ان���ه عاتب َ تكت���ب معنا؟ .حت���ى حنن لدين���ا جري���د احلقيقة.. فقل���ت له س���يقولون هذه جري���دة ال اهلوني فقط، فق���ال لي :لو اس���تمعنا هل���ذا الكالم ل���ن نعمل ،بعد هذا احل���وار بفرتة تب���ت مقاال وأعطيته ل���ه ...وعن املوضوع���ات اليت كان اهلوني يفض���ل الكتابة عنها ق���ال" :كانت القومي���ة انذاك هي الس���ائدة يف ذاك اجلي���ل الذي تأثر به���ا ودعمها – بداي���ة الصحافة كان���ت حت���ث وتعمل عل���ى بن���اء االنس���ان – وعن النصيح���ة اليت يقدمها لصحافيي وإعالميي اليوم ق���ال انصحهم باحلري���ة وقول احل���ق وحث الناس عل���ى التع���اون ونب���ذ اخلالف���ات ،ويضي���ف اهلوني: نش���رت قصص قصرية يف بعض الصح���ف ويوميا كان ل���دي 3مق���االت يف عدد من الصح���ف اليوم مجعتهن يف 3جملدات. وع���ن احلرية كت���ب اهلوني يف مقال ل���ه بعنوان " احلقيقة بعد " 69نشر يف صحيفة احلقيقة عقب صدورها من جديد بعد ثورة 17فرباير ، 2011 "ه���ذا ما كانت عليه الصحاف���ة يف ذلك الوقت من متتعه���ا بقدر كبري من احلري���ة واملوضوعية ،ومل يك���ن هناك ش���يء خيي���ف الكات���ب أو يقي���د حريته يف الكتاب���ة واب���داء ال���رأي بكل صدق ووض���وح ،لذا كانت الصحافة تزده���ر ويزداد اقبال القراء عليها بشكل متواصل ومس���تمر ،فقد كان نقد مشكالت اجملتم���ع يطرح ب���كل صراحة وش���فافية من ذكر للمش���كلة وأس���بابها وكيفي���ة حله���ا أو التخلص منه���ا ،وهذا ما جع���ل لإلع�ل�ام دوره الفعال يف حل القضاي���ا واملش���كالت ،فكان���ت بذل���ك الصحافة هي صوت الفرد املراد ايصاله إىل املسؤولني". ويص���ف اهلوني وضع ليبي���ا اليوم بالس���يئ ويقول بعض الن���اس املس���ئولة مفرطة يف االناني���ة ،البلد يف حاج���ة لله���دوء وإع���ادة البناء وحتس�ي�ن املرافق الصحي���ة والتعلي���م والبني���ة التحتي���ة ،.وأض���اف: ال جرائ���د وال صحاف���ة الي���وم يف ليبي���ا ميك���ن هي مطبوع���ات فق���ط ألنها يف طور النش���وء .املس���تقبل اليوم ضباب���ي وما كتبناه يف اجلرائ���د فيما مضى وبعض مقاالتي ال زالت صاحلة إىل اآلن وكأنين كتبتها عن الوضع حالي لليبيا.
09
الطاهر االمني املغربي :مواعظ تشكيلية
عدنان بشري معيتيق
ب�ي�ن العفة يف التدوي���ن البصري والبذخ يف التلوين ،رش���اقة اخلطوط يف عوامل فسيح تتمت���ع خب�ب�رة كب�ي�رة وذائق���ة بصري���ة متجولة يف أرجاء عوامل الفنون التش���كيلية منذ بداية التعبرييني إىل آخر ما مت اجنازه يف تاري���خ ف���ن الرس���م ،الفن���ان التش���كيلي اللي�ب�ي الطاه���ر األمني املغرب���ي يعيش بني الن���اس معربا عنه���م بكل ص���دق خبطوط تكاد ال تس���تقر على أسطح لوحات ممتلئة مبواعظ تش���كيلية :وجوه األمهات ،امومة، وحنني اجلدات وقصصهن امللونة بإضاءات زرقاء خافتة يف أيام الشتاء ونساء جيتمعن عن���د ع�ي�ن النب���ع ،فتي���ات بأزي���اء ليبي���ة مزركش���ة ،فواكه ناضجة بألوان زاهية، مت���ر ،برتق���ال ،رم���ان ،ل���ون اصف���ر فاق���ع، طري���ق يفض���ي إىل قرية ،خني���ل وواحات، مساء زرقاء صافي���ة ،طفولة ملونة ،خيول وفرسان ،كل هذا اس���تدعاء حلاالت وقيم كان���ت يف املاضي اجلميل وأع���اد صياغتها يف نصوص بصرية ملونة تصل إىل املتلقي دون أي عن���اء .خيلخل القناعات القارة اليت كان���ت تتمث���ل يف ذائق���ة مدرس���ة الرتبية الفنية ذات الطابع املدرسي واملستوى الفين واملعريف املتدني وثقافة س���ائدة يف جمتمع غري منتبه إىل املمارس���ة التش���كيلية وعدم اعتباره���ا قيم���ة فكرية وثقافي���ة مهمة يف ف�ت�رات مبك���رة م���ن الس���تينات م���ن القرن املاض���ي .أعمال���ه ال تس���كن دهالي���ز العتمة فه���ي حتاك���ي احلي���اة البس���يطة قصص الناس وم���ا حييط بهم بأس���لوب ومعاجلة فني���ة راقية ذات خط���اب تش���كيلي مرهف تتحس���س مكام���ن اجلمال وحتم���ل قضايا الوط���ن والن���اس ،تزده���ر ألوان���ه يف اغلبها متش���حة برائح���ة ح���ب األرض الطيب���ة وألوانها الزاهية. الفنان يرسم بكل صدق ملتزم بفنه والقيم اجلميلة اليت يعرب عنه���ا يف أعماله مبتعدا ع���ن فكرة (خناس���ة األعم���ال التش���كيلية) وسياس���ة الرتوي���ج الزائف���ة ال�ت�ي وق���ع يف ش���باكها الكث�ي�ر من الفنانني التش���كيليني الليبي�ي�ن والع���رب ،اليت جتعل م���ن الفنان صان���ع أو آالت تأمت���ر مبتطلب���ات الس���وق واملش�ت�ري فهو يط���رح قضايا مهم���ة بالغة يف الدق���ة م���ن األموم���ة وعالقة اإلنس���ان ب���األرض واإلنس���ان باإلنس���ان والتمس���ك ب���كل م���ا ه���و مجي���ل يف عادتن���ا وتقاليدن���ا م���ع االنفتاح عل���ى اآلخر واالس���تفادة من جتاربه وخربته يف مجيع العلوم .فهذا البعد اإلنس���اني يضفي ثراء فنيا يف هذه األعمال وتندرج من ضم���ن األعمال احلاملة للقيم اخلالقة يتفق عليها اجلميع وتعترب كتابا
تش���كيليا ومرجعا أخالقيا مه���م من ضمن تراثنا الوطين. يس���تدعي الفن���ان مف���ردات لوحات���ه م���ن الذاك���رة الش���عبية ،احلي���اة اليومي���ة، األس���واق ،الوجوه ،األزياء الش���عبية ،األبنية وشاطئ البحر ،األرياف واحلقول واجلنوب اللييب اجلميل مبزارعه املختبئة بني لفيف النخي���ل وواحات���ه املتأنق���ة ب�ي�ن أش���جاره اليافع���ة وجداول امل���اء والعالقة بني محرة األرض وخضرتها وما يكس���وهما من زرقة عميقة بسمائها الصافية وهو يتأرجح بكل يس���ر بني عاملني عامل امل���دن وعامل األرياف وعالقته املتينة اليت تكونت فيهما .فالفنان م���ن منطقة فران الش���اطئ وأق���ام مبدينة طرابل���س ودرس الف���ن التش���كيلي بروم���ا ايطاليا. لوح���ات األرض واحلي���اة البس���يطة يف األرياف ال تعرب عن هذا العامل أو تلك بقدر م���ا تع�ب�ر عن ع���امل مل يع���د موج���ودا إال يف ذاكرتنا تقريبا وابتعاد البقية عنه بس���بب مد الب�ت�رول واحلياة احلديث���ة امللوثة بكل املظاهر السلبية ،فيصبح عمل���ه مبثاب���ة ومض���ات تنش���ط ذاك���رة األجي���ال يف منظوم���ة بصري���ة معرفي���ة تصب���ح ذاكرة للوطن يرجع إليها اجلميع الكل حس���ب حاجته الفني���ة والثقافية .من هن���ا أيض���ا كان الطاه���ر األم�ي�ن املغرب���ي يراعي التطور الذي أصاب فن الرس���م منذ بداي���ات القرن العش���رين وص���وال إىل أخر مدارسه ،ويراعي تطور عني املتفرج اجليد، فكانت أعماله رغم وضوح مالمح أش���كاهلا واقرتابها من الناس يف خطابه وطرحه ،إال ان���ه ينتهج آخ���ر ما توصل إلي���ه التعبرييني يف تل���ك الف�ت�رات وما أنتجته���ا خمترباتهم الفني���ة م���ن خالص���ة يف املعاجل���ات الفنية احلديث���ة الس���ائدة يف أوروب���ا وأمري���كا الالتينية كاملدرس���ة االجتماعي األش���هر يف ه���ذه البلدان .بعد أن خت���رج من ايطاليا
يف منتصف الس���تينيات ،كان من مؤسسي ن���ادي الرس���امني بطرابلس ومن مؤسس���ي دائ���رة الفن���ون التش���كيلية ب���وزارة الثقافة ال�ت�ي قام���ت بالعديد من املع���ارض يف ذلك الوق���ت وكان له اهتمامات بف���ن التصوير الفوتوغ���رايف فأنت���ج العدي���د م���ن األعمال وق���ام بالعدي���د م���ن املناش���ط واملع���ارض الفردية واملشاركات الداخلية واخلارجية ومل ينقط���ع ع���ن العم���ل الف�ن�ي من���ذ أن احرتفه ألكثر من مخس���ة عق���ود إلميانه برس���الة هذا الفعل وما يصبو إليه من آمال وطموحات يف ترقية الذوق العام وختفيف وطأة اجلهل يف جمتمعنا الذي كان يرزح حتت اعتى األنظمة الشمولية يف العامل. _موالي���د 1941بأق���ار الش���اطىء ف���زان ـ ليبي���ا -حص���ل عل���ى ليس���انس الفن���ون اجلميلة قسم الرس���م من أكادميية روما للفن���ون اجلميلة__ 1965عضو مؤس���س الحت���اد الفنانني التش���كيليني العرب س���نة 1971وعض���و األمان���ة العام���ة لالحت���اد. ش���ارك ونظم عدة مع���ارض بليبيا والدول العربية واألجنبية من���ذ عام - 1960عمل رئيس���ا لوحدة الفن���ون التش���كيلية لبلدية طرابلس.
10
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
الصورة الفوتوغرافية
الص��ورة الفوتوغرافية متنحين احاس��يس خمتلفة جتعلين ش��اعرة أو كاتبة ،التصوير عبارة عن احساس فين متميز ومتنوع وقلة من ميلكون ذلك احلس الذي مييزهم عن اآلخرين
الوقوع يف احلب من النظرة األوىل صورة لفاتح مناع
صورة لفاتح مناع
يف كل صورة أعيش حلظة التقاطها كأنين ارسم لوحة بعيين أؤطرها يف داخلي قبل أن يراها غريي الثقايف-ميادين املعروف ان الصورة الفوتوغرافية هي توثيق حلياة واقعي���ة واملصور هو من يعمل على اظهار عناصرها اجلمالية، ويرتك للمتلقي قراءتها حسب وجهة نظره .هنا حتاورنا مع مصورين حول م���ا ال���ذي جيذبه���م اللتق���اط صورة م���ا ،وهل هن���اك عالقة محيمة تنش���أ ب�ي�ن املصور وص���وره؟ وه���ل التصوير الفوتوغ���رايف ل���ه عالق���ة باإلب���داع؟ ف���كان رد املصور الصحف���ي فاتح مناع الذي يغري�ن�ي اللتقاط صورة معينة أم���ران أوهلم���ا أنا كمص���ور صحفي يتطلب األمر م�ن�ي التقاط عدة صور ومن جوانب عدة تس���اعد يف اكتمال عناصر املوضوع املطروح وأيضا وضع خيارات للص���ورة الواحدة امام خمرج الصحيف���ة أو اجملل���ة ،ويضي���ف فاتح من���اع" :أحيان���اً اجدن���ي أخت���ار ص���وراً معينة أراها من واقع خربتي األنس���ب واألفض���ل للنش���ر إضاف���ة لعام���ل الفض���ول ال���ذي يعت�ب�ر دافع���اً كبرياً اللتق���اط صورم���ا ميكن أن يس���تفاد منها الحقاً .عندما أرى مش���هداً معيناً أمامي أرمسه يف عقلي قبل أن التقط الص���ورة وق���د أغ�ي�ر رأي واجت���ه إىل م���كان آخ���ر وهن���اك مش���اهد تفرض عل���ى املصور عدم ال�ت�ردد يف التقاطها كاملنظر الطبيعية". وي���رى املصور فات���ح من���اع" :التصوير الفوتوغرايف أصبح الي���وم فناً يتطلب موهب���ة وممارس���ة وخي���ا ً ال واس���عاً وذكاء وإحس���اس وهذه األخرية هي اليت متيز مصور عن غريه وتشري إىل متي���ز بصمت���ه الفنية عل���ى الصورة، الكل بإمكانه اقتناء كامريا وما تتميز به من س���هولة االستخدام خاصة مع االنتش���ار الكبري للكام�ي�رات الرقمية
11
فاتح مناع
طه الكريوي
وهنا نتع���رف على مق���درة املصور يف إب���داع الصورة اليت يك���ون اجلميع قد التقطها". وعن عالق���ة املصور باللقط���ة الفنية قال مناع" :الص���ور اليت ألتقطها تظل حمف���ورة يف ذاكرت���ي حت���ى مبرور ف�ت�رة م���ن الزم���ن فإنين أس���تطيع أن أعرف م���ا إذا كانت صورة معني هي م���ن التقاط���ي .أق���ول يف كل ص���ورة أعيش حلظة التقاطها كأنين ارس���م لوحة بعيين أؤطرها يف داخلي قبل أن يراها غريي". وقال رئيس املنظمة الليبية للتصوير املص���ور ط���ه الكري���وي" :اتعام���ل م���ع الصورة حس���ب الغرض م���ن الصورة فحينم���ا يك���ون التصوي���ر ذو طاب���ع فين أو التوثيقي حي���ث يكون اجلمال والطبيع���ة وكل م���ا تتجل���ى في���ه عظم���ة اخلال���ق ع���ز وج���ل ومل تعتاد الع�ي�ن رؤيت���ه لنذرت���ه ً مث�ل�ا ،يك���ون ً األكثر اغراء ب���دون منازع ،وأيضا ما يكون طريفاً قد يكون مغرياً لتوثيقه بص���ورة .أم���ا ح�ي�ن يك���ون املوض���وع ل���ه عالق���ة بالتصوي���ر الصحف���ي فبالتأكي���د الوض���ع هن���ا خمتل���ف حيث املوضوع يفرض نفس���ه ولنقول احلدث ه���و ما يك���ون دافع���اً اللتقاط ص���ورة معينة فاملش���هد الذي يلخص أو يص���ف احلال���ة بدق���ة ه���و األقرب للكام�ي�را" ،وأض���اف ط���ه الكري���وي": إحس���اس املص���ور جيعل���ه ي���رى أي مش���هد يس���تحق التصوير م���ن عدمه وأيض���اً ه���ذا يعتمد عل���ى ذوق املصور نفس���ه وم���دى إحساس���ه باجلماليات وكذل���ك يعتم���د على الرس���الة اليت يريد إيصاهلا من خالل عدسته". وع���ن العالقة بني التصوي���ر واالبداع أجاب املصور طه الكريوي :بالتأكيد
أن التصوي���ر ل���ه عالقة باإلب���داع والفن فه���و إح���دى الفن���ون البصري���ة ،وه���و ف���ن يعتم���د على الض���وء وهلذا يس���مى التصوير الضوئي ،واإلبداع يف هذا الفن يعتم���د عل���ى اتق���ان اس���تعمال الكامريا ومعرف���ة أساس���يات التصوي���ر الضوئي والتم���رس يف اس���تخدام قواع���ده وم���ن ثم كس���ر هذه القواع���د للحصول على نتائ���ج مبه���رة يطل���ق عليه���ا اس���م (فن وإب���داع)" .وأوض���ح الكري���وي ان���ه على الرغم م���ن أن التق���دم التكنولوج���ي س���هل وص���ول الكام�ي�را ألي���دي كل الن���اس حيث أصب���ح التقاط الص���ور من خالل الكامريات واهلواتف النقالة يتم بش���كل يوم���ي وب���دون ح���دود إال أن املص���ور املب���دع والفنان هو الذي يأت���ي دائماً مبا تألفه العني بش���كل مل تألف���ه .ويضيف: "الصورة اليت ألتقطها هي الصورة اليت شاهدتها وعلى الغالب ال تكون نفس ما ش���اهدها من مروا بنفس املشهد أو حتى من كانوا بالق���رب مين أثناء التقاطها، وهنا اإلحس���اس والشعور جزء ال يتجزأ م���ن ه���ذه اللقط���ة اليت ق���د يش���اهدها اآلخرين فلن تكون بنفس األحاس���يس واملش���اعر مهما فعلنا ،باختصار ش���ديد أرى أن الص���ورة ال�ت�ي التقطته���ا ه���ي الذاك���رة املوثق���ة للمش���هد برفق���ة املشاعر احلسية". يق���ول املص���ور ش���حات عل���ي اش���ليمبو: "التصوي���ر الفوتوغ���رايف أح���د الفن���ون البصري���ة القدمي���ة احلديث���ة حيث انه صنف عاملياً من الفنون العامة كـ غرية من الفنون االخرى مثل الرسم والنحت وغريها" ،وأضاف شحات اشليمبو: "يف حقيق���ة االم���ر غالباً م���ا تكن روحي س���باقة ألي عم���ل اجن���زه يف التق���اط
شحات اشليمبوا
الص���ورة الفوتوغرافي���ة ،فعالق�ت�ي بالصورة عالق���ة روحية حبته حيث ان العم���ل متكون من عدة امور تقنية انا ال اتقنه���ا ولكن الروح والوجدان والس���حر ه���و ما ينج���ز العمل غالباً .وف���ى الغالب تكون االغراءات كث�ي�رة وعديدة حيث ان املش���هد ال���ذي تراه عي�ن�ي يرتجم إىل روح���ي مباش���رة ودون مقدم���ات أج���د نفسي مرتج ً ال خلفه". املصورة هبة ش�ل�ابي قال���ت :انها هاوية للتصوي���ر الفوتوغرايف وس���تظل لألبد حي���ث اللقطة تتجس���د أمامها قصة بال حروف ،وتضيف" :أرى أشياء قد ال يراها غريي من املصوري���ن واملصورات وقد ال يراه���ا عام���ة الناس كما ق���د ال ارى ما يلتقط���ه زمالئ���ي وه���ذا أو م���ا دفعه���م للرك���ض وراء مش���هد م���ا اللتق���اط تفاصيل���ه .التصوي���ر ه���و فن تش���كيلي بالدرج���ة األوىل ول���ه عالق���ة مباش���رة باإلب���داع والرؤي���ة الفنية واإلحس���اس الف�ن�ي لرمبا جتدي���ن مصوري���ن كثر ولكن قلة من جيدبك احساس���هم الفين للصورة وما يريدون نقله عرب صورهم للناس .كث�ي�رة هي مواقف احلياة اليت متر ام���ام اعينن���ا وال نس���تطيع ايقافها ولكنن���ا نق���در عل���ى االحتف���اظ بها عرب عدسة الكامريا لألبد. وتوض���ح هب���ة ان���ه لطامل���ا احب���ت ذل���ك الشعور الذي يأتي قبل التقاط الصورة، مضيفة" :الص���ورة الفوتوغرافية متنح قل�ب�ي احاس���يس خمتلط���ة وخمتلف���ة جتعل�ن�ي ش���اعرة او كاتب���ة ،التصوي���ر عبارة عن احس���اس فين متميز ومتنوع وقل���ة م���ن ميلكون ذل���ك احل���س الذي مييزهم عن اآلخرين".
صورة هلبة شالبي
التق��اط الص��ور م��ن خ�لال الكام�يرات واهلواتف النقالة يتم بشكل يومي وبدون حدود إال أن املصور املبدع والفنان هو ال��ذي يأتي دائمًا مبا تألفه العني بشكل مل تألفه صورة طه الكريوي
12
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
الت َذُّو ُق َ َّة َّ َّ األ َدِب ُّي َوِإ ْب َد ِاعي ُ التَلِقي خـالـد خـميس السحـاتي ���م ُع َع ْن َ ك ِل َم ِة َّ ُّق ِع ْن َد َما َيدُو ُر كثرياً َما َن ْس َ الت َذو ِ َ َ احل ِد ُ اس��� ِت ِه و َن ْقـ��� ِد ِه، ر د ائ���ق ر َط و َب د األ ���ن ِ َ ِ ِ َ َ ي���ث َع ِ َ َ ْ َ وَ ُ َ َّ َكأن َهـ���ذا الت���ذوق ُه َو ق ِـر ُ ين اإلب َ َبي أ ِو ���د ِاع األد ِ ْ َ ال���ذي ال ي َ َ ُماَ ،و ِل َّ الف ِّ ���ق ِمن ِص َّح ِة ُف ِار ُقه َ �ن�ي ِ لت َح ُّق ِ ْ ْ َ َ َ َ َ ْ ْ َّ يف ر ع ت ���ن ع ث ح ب ن أن لن���ا ُـد ب ال ���ة ي ض ر الف ه ���ذ َ َ َّ َ ِ ٍ َه ِ ِ ِ ِ ْ ً َ ً ُيو ِّ ُ َّ ْ َ َس�ي�را َع���ن َح ِقيق ِة التـذوق َض ُح لنا َجانبا َولو ي ِ َ ُّ أن َم ْع َنى َ ـاج ِم الل َغ ِة نجَ ِ ُد َّ ك ِل َم ُة َب ِّ ���ي ،ف ِفي َم َع ِ األد ِ َذا َق ُه :أَ ْي ْاخ َت�َب�رََ َط ْع َم ُهَ ،و َت َذ َّو َق ُه ْ أي َذا َق ُه َم َّر ًة ب َْع َد ـ���ر ٍة .و ْ َان َت َق َل ْت ِد َ احل ِّسِّ���ي، َم َّ ال ِ ال َل ُة ال َك ِل َم ِة ِم َن املجَ َ ِ َّ َ َ ملجَ لىَ َّ َ ُ َ َ وُ ال امل ْعن ِو ِّي، ابِ ،إ ا ِ َه َو تذوُّق الط َع ِام وَالشَ���ر ِ ِم ْ َالن ْثر ،أَ ْي َف ْه ِم ِهَ ،وتمَ ْ َ ِّ َ َ َّ ْ ييز َج ِّي ِد ِه و ر ع الش ُّق و ذ ت ل ث ِ ِ ِ ِ ِم ْ ���ن َر ِدي ِئ��� ِهَ ،وتحَ ْ ِدي��� ِد َط َب َق ِت��� ِه َ ات ���ةَ .وفيِ َذ ِ الف ِّن َّي ِ َ َ َ َب َّي ُهوَِ " :ت ْلكَ َ ُ َ َّ ْ َّ اإلط ِ ���ار َرأى ال َبعض أن الت���ذوُّق األد ِ ِ ���تطا ُع بهَ���ا َت ْ َ َ ُ ْ املَـ َل َك ُ ْ ُ َب د األ ر ي د ق ُس ي ال َ���ة ب و ه و مل ا ���ة ُ ِ ِ ِ تيِ اإلنش���ائي ،وَاملُ َف َ وص ِه، َاهـ ِد ِه َو ُن ُص ِ ـاض َل ِة َب�ْي�نْ َ َش���ـو ِ ْ َّ أَ ْو ِت ْل َك َ ْ َ َ َ ِّ ُ احل َّ ُ يم ـاس���ة الفن َّية التيِ يُهت َدى ِبهَا فيِ تق ِو ِ َ َم َزايَاهُ"َ .و َق ْد َع َرفَ َب ِّي ،و َ وب ِه و َ َع ْر ِ ض ِع ُي ِ ال َع َم ِل األد ِ ���ر ُب ال ُق َد َامى ِل َّ لذ ْو ِق َم ْع َن َي�ْي�نْ ِ ،أَ َحد ُ ُه َما :املََل َك ُة ال َع َ ْ كَ اش َئ ُة ِم ْن ممُ َ ا َر َس ِة َ َّ َّ ُ َ ال ِم الن ، س ف الن ة خ اس َّ ِ الر ِ فيِ ِ ْ َ َ يه َماَ :هذا ْ الذي ن ا ث و ، ب ���ر ع َ َ االس��� ِت ْع َدا ُد ال ِفط ِر ُّي ِ ِ ِ ال َ ِ ْ ْ َ َ َي ُ ُ ـال، ���ن م م ال ك ال ا م اك ر د إل ه ��� ب اح ص ���ئ َ َ َ جمَ ُيه ِّ َ َ ِ ِ ِ ٍ فيِ ِ ِ اجل َمـال ِم ْن أَ ْس َـرارَ .و {املُ ْع َجم َ َ َ َ َب ِّي} ا ذ ا د األ وَ ِ َم لهِ ٍ فيِ ِ ِ َ ُ َ َ َ ُ َّ َّ ْ ُ ْ ال، ���رف الذوق ِبأن��� ُهَ : ُي َع َّ ���اس ِباجل َم ِ اإلح َس ِ "ملكة ِ ات َ َالت ْمييز ب ِد َّق ٍة َبينْ َ َ َ َ ِّ نيِّ وب ِه، ي َع و الف ر ث األ ���ن س ح َ ُ َ ِ ِ ِ ِ و َّ ِ ِ ِ ْ َ ً َ ُ ُ َّ ْ ْ وَِإ ْص َ اط َف ٌة، ع ا اس��� س أ ق و َال���ذ و . ه ي ل ع ���م ك احل ���د ِار َ َ َ ِ ِ ِ ْ َ ُ َ َ َ ���رَ ،وأَ ْز ِم َن ِت ِهمْ، َو ِل َذ ِل���ك َيت َبدَّل َح َس َ َاع ال َبش ِ ���ب أن���و ِ ْ ْ َح َس َب َّ اإلن َس ُ ـان َنف ُس ُه". وَ الط ْـو ِر َّال ِذي يمَ ُّ ُـر ِب ِه ِ ُ َ َ ���ار ِإ َل ْيهَا َس��� َلفاً ي َّ ���ح ِبال ِف ْع ِل ش مل ا ي ن ا ع مل ا ه َ���ذ ه َت ِض ُ َ َب ِ ِ ِ ِ وِ َّة َبينْ َ َ َ ُ َب َّ َّ َ التا ِلي و ، وق ذ َالت و َب د األ ي و ق ة ق ال ـ ع د ���و ُج وُ ُ ِ ٍ ِ ٍ ِ ِ ِ َ َّ ثمَ َ َ َّ ���ي"َ ،و َة َي�ْب�رْ ُ ُز َل َد ْي َن���ا ُم ْص َطل ُ َب ِّ ���ح "الت���ذو ِ ُّق األد ِ ُس���ـ َؤ ٌ ام ُهـ َناَ : ���ة َّ ُث َع َمِل ّي ُ ���ف حتـد ُ ك ْي َ ُق ال هـَ ٌّ الت َذو ِ يـع ْأن َي َت َذو َ َه ْـل ُ ك ٌّل ِمَّنا ي ْ َه ِـذ ِه؟ ،و َ َب َّق األد َ َس��� َت ِط ُ ���ب ْ ِب َط ِر َ يق ِت��� ِه ،أَ ْم َّ ـ���رى؟، لم ْس���ـأ َل ِة َجـوَا ِن ُ أن ِل َ أخ َ ْ ْ َ َة َعن َه ِـذ ِه َّ الت َس���ا ُؤال ِت َس��� َنط َـر ُح اإل َجـاب ِ لمِحُ َ ـا َو َل ِ ���ة ِ املَِث َ ال ا َ ـام َّ التـا ِلي: هل َّ َ ْ ُ َب َّي (أَيّ���اً َ َ ان َن ْو ُع ُه) َفإَِّنناَ َّ كَ ِع ْن َد َم���ا نق َرأ الن َّ ص األد ِ ْ ْ َ (ب َّ َ الت َذو َ ي���ق ال َعق ِل ل ِك َّن َّ ُّق َن ْفه ُ الط ْب ِع) َعن ط ِر ِ َمـ��� ُه ِ َ َي ُك ُ ْ ���يس .أَ ْي أَ َّن ي���ق املَ َش ِ ���اع ِر وَاأل َح ِ ���ون َعن َط ِر ِ اس ِ َ َ ْ َ ُ ُ َ ُ َ َّ َّ ْ ُ ُ ُ ���اس س ح اإل ه ت َا د أ ف ُّق و ذ الت ا م أ ، ن ه الذ ه ت الف ْه َـم أَدَا َّ ِ َ ُ َ َ َ َ ْ َ املُ ْر َه ُ َب ِي، ال���ذي َيتل َّم ُ ���ف ِ ���س أو ُج��� َه اجل َم ِ ���ال األد ِ اهينْ َوي َْك ِـش��� ُفهَاَ ،وي ْ َس��� َت ْجِليهَاَ ،و َذ ِل َك َي ِت ُّم فيِ اتجِّ َ َ ِ ض ِل َ ْ َان ال َب َ الت َع ُّر ُ أَ َّولهُُ َم���اَّ : ص ال ِغ َّي ِ ���ة فيِ أَ ِّي َن ٍّ ألل���و ِ ْ ْ َ َ ً ً َ ���ر ���ي ِب ْاع ِت َب ِار َه���ا ُعن ُصـ���را أ ِصي�ل�ا ِم���ن َعن ِ َب ٍّ اص ِ أد ِ الف�ِّن�يِّ ِّ ..وَاالتجِّ َ ���ا ُه َّ ُّق َ الت َ َّ الثا ِن���يُ :ه��� َو َم ْع ِر َف ُة ���ذو ِ األ ْ ���رار َه ِذ ِه َ َ َ َ َ ـ���ر ِة أَ ْو ي ب ���ا ه ر ث أ و َان و ��� ل س َ َ َ ان ال ِف ْك َ َ ِ ِ فيِ ِ أْ ِ ْ َ َ َ َ َ َ ْ ْ ْ َاحي يـ���ح ُّ اح َي ٍة ِمن نو ِ �ي�ر أ ِّي ن ِ الصـو َر ِة أو تـو ِف ِ تو ِض ِ ص َ الل ْف ِظ ِّي أَ َ َّ َ َ ْ َ َّ َ ْ ِّ َب ِّي د األ الن م ه ف ف ، ي ���و ن ع مل ا و ـال ِّ ُ ِ اجل َم ِ ِ ِ ْ ْ َاب ال َعق ِل ،أَ َّما َت َذو ُ ُّق َه َذا ي َْعنيِ أَ ْن َنف َت َـح ِل َف ْه ِم ِه أَ ْبو َ َ َ ْ َاب َ الق ْل ِب؛ َف َن َت َذ َّو ُق ُه و ب أ األ َث ِر ي َْعنيِ أَ ْن َن ْف َت َح ِل َف ْه ِم ِه َ ْ ْ ْ ُ َ ـس امل ْر َه ِف َاحل ِّ الو ْج َـدا ِن َّي ِة ،و ِ ري الدَّف َـقِ���ة ِ تحَ َت تأ ِث ِ يق. َّ الر ِق ِ ص َ ْ ْ ْ ُ َ َ َ َ َّ ْ َّ َب َّي ـ َسـوَا ٌء د األ الن أ ر َق ي ن م ن إ ف ك ل ذ ـل ج أ ن َم َ َّ َ وِ ِ ِ ِ ِ َ َ َ ً َ ْ ري ًة أَ ْو ِروَايَةً ً ً ْ َ أَكـان ق ِص َ يدة ِش���ع ِريَّة أو ِق َّصة ق ِص َ ْ ْ أَ ْو َغيرْ َ َه���ا ـ َو َي َت َم َّك َ ـ���ن ِمن َف ْه ِـم ِه َل ِك َّـن��� ُه لمَ َي َت َل َّم ْس أَ ْو ُج��� َه َ ال ِفي ِه بمِ َ يس��� ِه َفإَِّن ُه ـ اس ِ َش ِ ���ـاع ِر ِه َوأَ َح ِ اجل َـم ِ ْ ْ َ َ ْ َ َ لمَ َ َّ َ َّ ُ يب فيِ َن َظ ِ ���ري ـ كأن���ه يَق َرأهُ؛ ألن ِر َس���الة األ ِد ِ
ُض ِّم ُنهَا ِل َع َم ِل��� ِه اإل ْب َد ِاع ِّي (و َّ َال�ِت�يِ َق ْد َت ُك ُ َّال�ِت�يِ ي َ ون ِ ال َ َع َل���ى َه ْي َئ ِة ُر ُم���وز لهَ َ ���ا ِد َ ات ال ٌت ُم َع َّي َن ٌة أَ ْو ِإ َش���ا َر ٍ ٍ ���د َد ٍة أَ ْو َخِل ٌ ـاز محُ َ َّ يط ِم ْن َه َذا اش َ َغيرْ ِ ُم َب ِ ���ر ٍة لهَ َ ا َم َغ ٍ ْ ـ���اج ِمَّن���ا ِل َف ْه ِمـهَ���ا أَنْ َ ً َو َذ َ َ َ ْ تحَ اك َمع���ا أو غيرْ ِ ِه َم���ا) ت ُ َ ْ ���ص األدَب َّي ب ُك ِّل َجوَار ِح َن���اَ ،و َ ���ذو َ َن َت َ َّق َّ ال َنك َت ِفي الن َّ ِ ِ ِ ْ َ َة ي ا ن ع ُون د ن م ة ر ـاب ع ال ة ع ي ـر الس ة ء ا ـر ق ال د ـر ُج َ َ بمِ َ َّ ِ ِ َ َ ِ َّ ِ ِ ِ َ ِ ِ ِ ِ ٍ ُ َو َتَأ ُّملَ ،ف َ َب َ َّ َص ُف ُه أَ َحـ��� ُد األ َدبَا ِء :يَت ِج ُه ���األد ُ ك َما ي ِ ٍ َ ْ ْ َ ْ الو ْج َد ُ َّ ان ،ب َْع َد أن يمُ َّ َ َ َد ه ���د ص ق م ن أل ؛ ان د ج الو ُ َ َ ِإلىَ ِ ِ ِ ْ َّ ْ َ ْ ان َل ُه ح ���م َس ي ن ي ذ الل ي ل ـ ق ع َال و ���ي ـس احل َ َ َ ِّ ِ ِّ اك ِ ِّ اإل ْد َر ِ ِ ِ ِب ِ َ لىَ ْ َّ َ ْ رْ َبالتا ِلي، ور َع َ ب ُه َم���ا ِإ أع َم ِ ِباملُ��� ُر ِ اق ِوج َدا ِنن���ا ..و ِ َ َ "الت َذو ُ َر َت ِب ُط َّ َبُّ���ي" ِب َتل ِّقي َّ يْ اإل ْب َد ِاع ِّي، الن ِّ ُّق األد ِ ص ِ ���ة نجَ ِ ��� ُد َّ َ الت َل ِّق���ي ُي ِفي���دُ: ي ب ر ع ال ���ا ن ا ع م ���ي ف َف َ َ َ َّ َ ِ ِ ِ جمِ ِ ���د َو َر َد َل ْ ْ ْ ُ َ َ َ َّ ُ ِّ ْ ْ آن ���ر ق ال ���ي ق ل الت ���ظ ف ق و ، ال ب ق ت ��� االس ِ َ َ ِ فيِ َالت ْ لد َ َ َ َ َّ َّ َّ ْ ْ يم ِل ِّ يق، ف و َالت و ني ق ل و يم ل ع الت ى ل ع ة ل ال َ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ الك ِر ِ ْ اه���ا ِإ َّ َم���ن َذ ِل َ الذ َ َم���ا ُي َل َّق َ ين ���ك َق ْـو ُل��� ُه َت َعالىَ " :و َ ال ِ وِ َّ َ ُ َّ َ {س���و َر ُة "، يم ظ ع ظ ح و ذ ال إ ���ا اه ق ل ي ا َم و وا ص َ ُ َ َ ٍّ َ �َب�رَُ ِ ٍ ُ ِ َ َ َ َ لىَ ُ َ َ ْ ُ َّ ُف ِّصلت ،اآليَةَ ،}34:وقـول ُه ت َعا " :فتلقى آ َد ُم ِمن َّر ِّب ِه َ {س���و َر ُة ال َب َق َر ِة ،اآلي ُ َة: ���ات َف َت َ اب َع َل ْي ِه"ُ ، ك ِل َم ٍ ْ ْ ،}36أَ ْي أَ َخ َذ َها َعن ُهَ .و َتأ ِسيس���اً َع َلى َه َذا َّ الط ْر ِح، االس��� ِت ْع َم َ ���اد ِة َّ ي َّ ���ح َل َن���ا أَ َّن ْ الت َل ِّقي ال ال ُق ْرآ ِن َّي لمَِ َّ َت ِض ُ ْ ْ لىَ ٌ ���ي و ِّ ِإ َش���ا َرة ِإ َع َم ِل َّي ِة َّ اع ِل َّ َالذهنيِ ِّ َم َع الت َف ُ النف ِس ِّ ���ص؛ َ َر ُد أَ ْي ً َ أل َّن َل ْف َظ َّ َّ ِّ ض���ا ُم َرا ِدفاً لمَِ ْع َنى ي ي ق ل الت الن ِّ ِ َ الف ْه ِم وَال ِف ْط َن ِة. َ َب ال َع َر ِب ِّ َ يم نجَ ِ ُد ْاه ِت َماماً ِب َط ِبي َع ِة َوفيِ األد ِ ���ي الق ِد ِ ينْ َع َ الص َل ِة و َّ ال َق ِت ِه َما َالت َف ُ ِّ اع ِل َب َ املُ ْبِ���د ِع وَاملَُت َل ِّقي ،و ِ يق ِة ال ُت ْس ِه ُم فيِ ِإ ْض َفا ِء َش ْر ِع َّي ِة َف ْهم َّ ال َو ِث َ ص الن ِّ ِ تيِ ���ذا َي ُق ُ ���ول َ َوتحَ ْ ِدي��� ِد َف َضا ِئ ِهَ ،وفيِ َه َ اح ُظ"ِ :إ َّن اجل ِ َم َ َ ���ري َ القا ِئ ُل ���ر وَال َغاي ِ َ���ة َّال�ِت�يِ ِإ َل ْيهَا يجَ ْ ِ ���دا َر األ ْم ِ ْ ���ام ُعِ ،إنمَّ َ ا ُه َو َ ْ َاإلفهَ���امُ" ،وَاملَ ْع َنى َذا ُت ُه و َّ َالس ِ الفه ُم و ِ َ ْ ْ َ ْ ْ َ ُ ُي َؤ ِّ َ ���اب اب���ن األع َر ِاب ِّي ���رزدَق ِعن َد َم���ا أ َج َ ك��� ُد ُه الف َ ْ ْ َ َ َ َ َ ُ َ ُ ُ َعل ْيك ْ "عل ْي َنا أن َن ُقول ،و َ ِب َق ْو ِل��� ِهَ : ���م أن تؤ ِّولوا"َ ،وفيِ َه َ ات َّ َاض َح��� ٌة ِإلىَ َت َع ُّ ���ص الن ِّ ���د ِد ِق َ ���را َء ِ ���ذا ِإ َش���ا َر ٌة و ِ َ َب َنا ًء َع َلى َما َس��� َب َقَ ،فإِ َّن َ َ ك ْو َن و َا، ه ُّع و ن ت و د ��� َاح الو ِ ِ َ ِ ِ َ َ َ َ املَُت َل ِّقي ِم ْن أَ ْه ِل َّ ْ ان الذ ْو ِق وَاملع ِرف ِة ُي َع ُّد ِم َن األ ْرك ِ ْ ���ي ِة فيِ ال َع َم ِل َّي ِة اإل ْب َد ِاع َّي ِةِ ،إذ ي َ ُش ِّك ُل ال َغاي َ َة يس َّ َّ الر ِئ ِ ِ َ َ ملجَ َ َم ْع َن���ى َّ َ ال���ذ ْو ِق ِع ْن َ َ َ ���د ا ا ���ذ ه ف ���د هل وَا ���ال ،و َ ِ فيِ ْ ْ ُ َ َ ُ ْ َ َ َرى اب ُن خلدُون ُهوَ: ان ك َما ي َ ���ون ال َب َي ِ املُعت ِنني ِبفن ِ
"ح ُص ُ ول َم َل َك ِة ال َب َ َرى َ آخ ُر َ ون ُ ان"َ ،ب ْي َن َما ي َ ال َغ ِة ِلِّل َس ِ ْ ْ س ُت���د ِر ُك ِبهَا َ َ ٌ َ َّ ْ َّ ْ أَ َّ َاص ف لن ل ة ي ف ي "ك : ق و ال���ذ ن اخلو َّ َّ ِ ِ ِ وَاملَ َزايَ���ا َّال فيِ ال َك َ ال ِم ال َب ِليغ" ،أَ ْي أَ َّن َّ الذ ْو َق ُق ْد َر ٌة ِ تيِ ْ َ َ َّ ْ س َعل���ى َمع ِرف ِة ِف ْط ِريَّ��� ٌة َخ َّ اص��� ٌة َت ْق ِد ُر ِبهَ���ا النف ُ اإل ْب َداع َ يع أَ ْن ُت َعِّل َل ِبهَا نيَ ،و َت ْس��� َت ِط ُ ���ن َّ الر ِص ِ احل َس ِ ِ ِ ْ َاضع َ ََ ُ ال َوأَ ْس َب ِاب ِه. اجل َم ِ لهِ ذا احل ْس ِن ِب ِذك ِر َمو ِ ِ ���ات ال َغ ْرب َّي ِةَ ،ف َق ْ أَ َّم���ا َع َل���ى َص ِعي��� ِد ِّ ���د أَ َخ َذ الد َر َ اس ِ ِ ي���ث َع ْ َاس���عاً َ َ ً َ َّ احل ِد ُ ���ة تل ِّقي الن ِّ ص َح ِّيزا و ِ ���ن جمَ َ ا ِل َّي ِ ْ ���ة ُخ ُصوصاً ِخ َ َّة َ ���ات َّ فيِ ِّ ال َل الد َر َ اس ِ احل ِدي َث ِ النق ِدي ِ َ َ كا َن ِت ْ االن ِط َ ري ِةَ ،ح ْي ُث َ ْ ال َق ُة خ األ ة ع ب ر األ د ���و َ َ ِ ِ َ ال ُع ُق ِ ْ ْ ْ ���ة كونس���تانس َح َس َ ���ض ِم���ن َج ِ ام َع ِ ���ب َرأ ِّي ال َبع ِ (َ ،)Constanceع َلى َي ِد ال َع���ا َ األلمَْا ِن ِّي (هانس لمِ ِ ���م َت َ �ل�ا ُه فيِ َذ ِل َ ���ك (فولفغان���غ روب���رت ي���اوس)ُ ،ث َّ ْ ْ إي���زر)َ ِ ، ُـوم ال���ذي ت َبَّن ْى آ َرا َء (ي���اوس) ِل َبل��� َو َر ِة َمفه ٍ َ ُ َ َ ���ة َب ْي َـن َّ ـص الن ِّ ���ة امل َت َبـا َدل ِ َج ِديـ ٍد يحَ ْ َت ِف���ي ِبال ِعـالق ِ ْ و َ َم ِه ٍّم ـاع ٍل و ُ ـار ِئ ِم ْن د َْو ٍر َف ِ ـ���ار ِئِ ،إميَاناً بمِ َا ِلل َق ِ َالق ِ َ ّ َ ْ ص. ـ ن ال ى ن ع م ة ـاغ ي ص فيِ ِ َ ِ َ َ ِّ يْ َس���ا ِئ ِل َر ِج ُ ���ع ْاه ِت َما ُم (هان���س روبرت ياوس) بمِ َ الت َل ِّقي إلىَ ْاش ِت َغا ِل ِه ب ْ ال َقة َبينْ َ َ َ َّ َّ يخ، ار َالت و َب د األ ع ال ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ك ُز َع َ َه��� َو َغا ِلباً ���ي َئ ِة َّ ُر ِّ الس ْ وُ ال الس ة ع ���م ى ل ي ا م َ َ ِّ َّ ُّ َ ِ تيِ َ ْ َ ُجو ِه ال ِع َ َ َ �ل�اج لهِ َ ذاَ َ َب ،و َ َعل���ى و ُ أ َصابَ���ت ت ِاري���خ األد ِ ِ ْ ْ ْ ُ ���ب (ي���اوس) ِإلىَ َ���ة أخ َرى َن َس َ ���ع .و ِ َم���ن ِجه ٍ الوَضْ ِ ْ ْ َ َ َّ َ ْ َ َ احل ِّس ِّي اك ر د اإل اع ن ط اص ل ض الف ني ي ن ال َ ِ ِ ِ ِ ِ الش���ك ِ فيِ ْ َ َ َ َ ً َ ْ ً �ْب�رْ َار اجل َما ِل ِّ ���ي ِبوَص ِف��� ِه أدَاة نظ ِريَّ���ة فيِ َس ِ أغ���و ِ األ ْع َم���ال َ َ ���ةَ .و َق ْ ���د سمَ َّ ���ى ي���اوس َن َظ ِر َّي َت��� ُه د األ َب َّي ِ ِ ِ ْ ���ب ِإلىَ أَ َّن َ ���ات َّ اجل ْو َه َر َه َي َتذ َه ُ الت َل ِّق���ي ،و ِ بجِ َ َما ِل َّي ِ ال يمُ ْ ِك ُن َب َيا ُن ُه َع ْ َ َ َ َّ نيِّ يق ر ط ن ا م ف ل م ع ل ���ي خي َّ ِ َ َ ٍ ٍ َ ِ ِ الت ِار ِ ْ ْ َ َ ْ َ ���ر ِد اج��� ِه ،أو ِم���ن ِخ�ل�ا ِل مجُ َ َّ ���ص َع َم ِل َّي ِ ���ة ِإنت ِ َف ْح ِ َ َ ْ ْ َب يَن َب ِغ���ي أَن ي ْ وْ س ���رى أَ َّن األد َ ُ���د َر َ َص ِف��� ِه ،وَاأل ْح َ َص ِف ِه َع َم ِل َّي َة َج َدل َبينْ اإل ْن َتاج و َّ ْ َ َالت َل ِّقي ،أَ ْي ِم ْن ِبو ٍ ِ ِ ينْ َ ُ ُ ِّ َ َ َّ ْ َ ُور .و ُ َرى ِخ�ل�ا ِل التف ُ َه َو ي َ اع ِل َب املؤل ِ ���ف وَاجلمه ِ ْ ْ َ َ َ َ َ ِّ ْ ال ت س ي ل ا م ص ن ي ق ل ت ة ي ل ق ع ال أَ َّن "ال َع َم ِل َّي َة َ َ َ َّ َ ِ ٍّ بحِ ٍ فيِ ُ ُ ِم َ َ َة َ َال فيِ األ ُف ِق األولىَ ِل َّ اجل َما ِل َّي ِة، لت ْج ِرب ِ ���ن األ ْحو ِ ���ن ْ ���ة ِم َ ���ات االن ِط َب َ ���ر ُد مجَ ْ ُم َ مجُ َ َّ اع ِ ���ة ْاع ِت َب ِ اط َّي ٍ وع ٍ َ نجْ َ ملجُ َ َّ َّ ���رىِ -إ َ ���ا ٌز َ���ا ه ن ك ل و ، ة د ���ر ا ���ة الذا ِت َّي َ َ باأل ْح ََّ ِ ِ ِ ِ ْ ْ ْ َ���ة، ه َج و م اك ر د إ ���ة ي ل م ع َ���ا ه ن ي ع ب َ���ات ه ي ج و َ ُ َّ َ َّ َ َ ٍ ِ ِ ٍ ٍ فيِ ِل َت ِ ِِ ِ ْ َ َ ً ْ ُ َ اس َّي ِة ،وَِإ َشا َرا ِتهَا س األ َا ه ع ف َا و د ل ا ق ف و َا ه م ه ف ن يمُ ْ ِك ُ ِ ِ ِِ َ ِ
ْ ك َم���ا يمُ ْ ِك ُن َ ري ِةَ ، ك َذ ِل َك و ْ يق املُِث َ َص ُفهَ���ا َعن َط ِر ِ الن ِّص َّي ِة"َ .و َق ْ ِّ ان ياوس َع َلى و ْ ���د َ ات َّ كَ َع ٍي ي ن ���ا الل َس ِ َّ ِ ْ ْ ْ َ َّ َ تحَ ْ يل ُوم التج ِرب ِ َة اجل َما ِل َّي ِة ِعن َد َما ش َر َع فيِ ِل ِ بمِ َفه ِ ال ِت َ "املَ ُقو َ الث َ ال ِث ِل ْل ُم ْت َع ِة َ اس َّي ِة" َّ اجل َما ِل َّي ِة ِم َن األ َس ِ ُ ���ة َّ َّ س َاحل ُّ اإل ْب َد ِاع ،و ِ خي َّي ِة ،و ِ الن ِ اح َي ِ الت ِار ِ َه َيِ :ف ْع���ل ِ ْ ُ ْ َ لىَ َ َ ُ َّ ُ ُ ري .وَاملقولة األو ِمنهَا ت ِشُ�ي�ر ���ي ،وَالتط ِه ُ اجل َما ِل ُّ اجلا ِن���ب املُ ْ َ���ة َ ���ن َّ ���ج ِم َ اجل َما ِل َّي ِة ،أَ ْي ت ن ِ الت ْج ِرب ِ ِإلىَ َ ِ ِ ْ ْ ِإلىَ املُ ْت َع ِة َّالتيِ َتن ُج ُم َع ِن ْاسِ���تخ َد ِام املَ ْر ِء ِل ُق ْد َرا ِت ِه س َ ���ة َ اجل َما ِل ُّي اخل َّ احل ُّ اص ِةَ ،ب ْي َن َما ُيعَُ�ِّب�رِّ ِ اإل ْب َد ِاع َّي ِ ِ ِّ َ ُ َ َّ َّ ِبو ْ ام ِل، ور الت َجلي الك ِ َص ِف ِه التلُّب ُث امل ْم ِتُ���ع فيِ ُح ُض ِ ���ة َّ ْ َع ْ ���ن َذ ْر َو ِة َم ْع َناهُ ،أَ َّما َم ُقو َل ُ ري َف َق ْد ُف ِه َم ْت التط ِه ِ ْ َ َاص ُل َب�ْي�نْ َ َ َّ الف ِّ ���ن وَاملَُت َل ِّقي، و ال ر ��� ص ن ع ال َا ه ن أ ���ى َع َل ُ ُ ُ ِ ْ ْ ْ ْ َ ً َ ْ ْ َّ ُ َم���ن ث َّم يمُ ِك ُ ري ُجز ِئ ّي���ا ِمن ِخال ِل وِ ���ن بحَ ث التط ِه ِ تحَ ْ اجل َما ِل ِّيَ .ف ُه َن َ َحِ���د َ ���اك َّ يل َّ َح ُد َ القا ِئ ُم ل التو ُّ التو ُّ ِ ِ ات ،و َّ َع َل���ى َّ اش ُ َح ُد َّ اب، َالتو ُّ الت َد ِاع َي ِ الن ِ اإل ْع َج ِ ���ئ َع ِن ِ اط ِف ُّي و َ و َّ َغيرْ ُ َها. َالتو ُّ َح ُد ال َع ِ َ ً َ ملجَ َوفيِ َذ َ َ���ر َز أ ٍيض���ا (فولفغان���غ إي���زر)، ات ا ���ال ب َ ِ َ ْ َّ َات ه َج و الت ���ال ن م ي، ي���ز ل جن اإل َب د األ َ مجَ ُّ ِ أُ ْس��� َتا ُذ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َّ ْ َ الن ْق��� ِد َ َ َّة فيِ َّ َ ص. الق َّ���ة ي ر ظ ن و د ي��� اجل ِد ِ َ ِ ِ ِّ �ي�ري ِ التف ِس ِ ْ ْ ْ ُ َ َ َّ ص املف َر ِد، ���ة ِبالن ِّ َو َقد اهت َّم (إي���زر) ِب ِصف ٍة َم ْب َد ِئ َّي ٍ َم َع أََّن ُه َ ال ي ْ َس��� َت ْب ِع ُد ���اط ال ُق َّرا ِء ِب ِه .و َ ���ة ْار ِت َب ِ َب َك ْي ِف َّي ِ وِ ���ة َف َق ْ َ َّ خي َّي َ َ ْ ���د َج َع َلهَا ار َالت و ���ة ي اع م ت االج ���ل َام و ع ِ َ ِ َّ ال َ ِ ِ ِ الن ِّص َّي���ة َ َ األ ْك َث ِر َت ْف ِص ً َ ي�ل�ا ،أَوْ َّ ً ال ِح َق���ة ِبامل َس���ا ِئ ِل ِ ْ ينْ احلدُو َد َب َ َث َ َر ُس ُم (إيزر) ُ ُمن َدمجِ َ ًة ِفيهَاَ .وي ْ ال َث ِة ان َ األو ُ ���اف :املَ ْي َد ُ ين ِل ْ َم َيا ِد َ َّلِ ،ي ْش َت ِم ُل َع َلى الس ِت ْك َش ِ ْ َ َ َ َّ ْ ُ ْ اج املعنى الن ِّ ص بمِ َا ُه َو َمو ُجو ٌد ِبالق َّو ِة ِل َّ اح ِبإِنت ِ لس َم ِ ْ ْ َ َ ان َّ َاس��� ِتغال ِل ِه ،وَامل ْي َد ُ وْ ص ِفي ِه (إيزر) الثا ِن���ي ،يَف َح ُ َ لجَ ���ة َّ َ َه َنا َت ُك ُ ـ���را َء ِة ،و ُ ون ا ع م ���ة ي ل م ُ الن ِّ َ َّ ���ص فيِ ال ِق َ َع َ ِ ِ ان َّ َر ال َع ْقِل َّي ِة أَ َه ِّم َّي ًة ُق ْص���وَى .وَاملَ ْي َد ُ الثا ِل ُث، و ��� لص ِل ُّ ِ ْ َ ْ َ َ ُّ َ َ وط ص الشـ ُر ِ َب ال َبال ِغ َّي ِةِ ،من أ ْج ِـل تف ُّح ِ بُن َي ُة األد ِ ينْ اع ٍـل َب َ َّ صو َ َالق ِار ِئ. التيِ َت ْس َم ُح ِب ِق َي ِام َت َف ُ الن ِّ ينْ َ َ َّ َّ صو َ َ َالق ِار ِئ الن ب ل اع ف الت َص َف (إي���زر) ُ َ ِّ َو ِل َك ْي ي ِ اهي���م املُ ْس��� َت َعا َر ِة ِم���نْ َ ً َ َفإَِّن��� ُه ي َ ���ددا ِم َ ���د ُم َع َ ُق ِّ ���ن املف ِ ِ ْ ْ َ ينَ ،ورُبمَّ َ���ا َ ين َ كَ آخ ِر َ ُم َن ِّظ ِر َ ان ِمن أك َث ِر َها ِإ َثا َر ًة الض ْم ِّ "َ ،و ُي َع َّر ُف َ ِل ْل َج َد ِل َم ْفهُو ُم َ "الق ِار ِئ ِّ الق ِار ُئ نيِ ِّ "حا َل ٌة الذي يحَ ْ ِم ُل اسمْ َ ُه ِبَأ َّن ُهَ : اب ِ الض ْمنيِ ُّ فيِ ال ِك َت ِ ْ ْ َ ُ َ الس���وَا ِء"َ ،و َن ِّص َّي��� ٌة ،و َ ���اج ِلل َم ْع َنى َعلى َّ َع َمِل َّي���ة ِإنت ٍ َس��� ِعى ِإ َل ْي ِه إيزر َي َت َم َّث ُ َّ الش ُ ���ل فيِ َط ِر َ الذي ي ْ يق ٍة ���ئ ِ ْ ْ َ ُ َ َ َ ُ اج ٍة ح ���ون ك ي ن أ ُون د ئ ���ار الق ور ض ح ي���ر ر ق َ فيِ َ َ ِِ ِل َت ِ ِ ُ ِ َ ِإلىَ أَ ْن ي َْع ِر َ ْ ني أو ِف ْعِلي َ ض ِل ُق َّرا َء َح ِقي ِقي َ ني. ْ ْ َّة َّ َوفيِ فرنس���ا َخ َطت َن َظ ِري ُ َات ُم ِه َّم ًة الت َل ِّقي ُخطو ٍ �ي�ن أَ ْم َث َ ين ُم ِه ِّم َ َع َل���ى يَ��� ِد ُم َف ِّك ِر َ ���ال (أمربتو إيكو) َ َّ ُ َ ْ يرْ وَ(روالن ب���ارت) ،وَغ ِ ِه َم���اَ ،حيث َصن���ف (إيكو) َم َث ً ���را َء ِإلىَ َن ْو َعينْ ِ :املَُت َل ِّق���ي َ الذي �ل�ا ال ُق َّ احل���ا ِذ ُقِ ، ْ ْ َ ُ لىَ َ َ َّ ِّ ُ الذي ج ذ ���ا الس ���ي ق ل ت مل َا و ، ���ص الن ���ة ي ُن ب إ ه ��� ِّ ُ َ َّ ِ ِ يَن َت ِب ِ ْ ْ َ َ َ َ َّ َ َّ َّ َّ َ َّ ُ ���ص .ك َما أنه أك َد أن النق َد يَن َح ِص ُر فيِ ثنايَا الن ِّ َس��� َعى َ ال َك َ ���د فيِ َّ ال ِس���ي ِك َّي ي ْ أل ْن يجَ ِ َ ���ص أَ ْم َر ْي ِن: الن ِّ اص ُد َّ ص الن ِّ يه َماَ :م َق ِ أَ َّولهُُ َماَ :م َق ِ اص��� ُد املُ َؤ ِّل ِفَ ،و َثا ِن ِ َ َ ُ َ بمِ ْ ُري ُد ي ���ا م َ���ة ي ا َغ و ، ه ��� ب ت ا ك د ��� اص ق م ���ن ���ز ٍل َع ْ َ ِ ِ ِ ِ ِ َ ِ َع ِ ْ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ يم ن ْو ٍع ِم َن ال ِعالق ِة (إيكو) أن َيتو َّ َصل ِإل ْي ِه ُه َو تن ِظ ُ ���ة َب�ْي�نْ َّ ُّ َ َ اص��� ِد ص الن د ��� اص ق م الت َف ُ ���وص و َ َ ُ ِ َم َق ِ ِ اع ِل َّي ِ ِ ْ َ ْ َ َ املُ َ َ َ َ ِّ َ ـاس ٍّي س أ ف ـر ط ك ئ ـار الق (إيكو) ل خ ُد ي و . ني ق ل ت َ ِ ٍَ َ ِ ِ ْ ُ ُّ َ َ ْ ـ���وص ���ق ال َعـ���وَالمِ ِ املم ِكن ِ فيِ َع َـم ِل َّي ِ ���ة خـل ِ ���ة ِللن ُص ِ ُـ���در ُج َ ���ف؛ َ أل َّن��� ُه ي ْ ُ ِّ لىَ َ الس ْ َب ل ؤ مل ا َار و ـ��� ج إ األد َ َّ ِ ���ـر ِدي ِ ِ َّة ِ ِ ِ َ َ ِّ َ ترَّ َ َ ْ َ ���ـل اس ل ا ى ل ع ة م ئ ـا الق ال ص االت َّ���ة ي ـر ظ ن ـن م ِض َ َ َ ُ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ْ �ْي�نْ َ ُ ُر ِّ ك ُب ِر َس���ا َلةً ْ َ ـ���ن؛ أ َحد ُ ُه َما ي َ املَُت َب���اد ِ َل َب قط َبي ِ
َو َي ُقو ُم بَإِ ْر َس���الهِ َ ا ،و َ َاآلخـ ُر َي َت َل َّق َ اهاَ ،و َي ُقو ُم ِب َف ِّك َش ْف َرا ِتهَا ،وَِإ َعا َد ِة ِب َنا ِئهَا ِب ُصو َر ِة َعالمَ ٍ ���ب َع َلى َذ ِل َ ���ك ِم ْن ���لَ ،م َ ���ع َم���ا َيترَ َ َّت ُ ُم َت َخ َّي ٍ ْ ْ ال َ يل ِل َد َ ال ِتهَا َّ الن ِّص َّي ِةَ .ويَن َت ِهي (إيكو) َتف ِع ٍ ْ ِإلىَ َّ كي��� ِد َع َل���ى أَ َّن املُ َؤ ِّل َف ِح َ ني ي َْك ُت ُب التأ ِ َ َ َ ُ َ ْ ً َص���وغ ف َر ِض َّية َحول ت َص ُّر ِف ق ِار ِئ ِه َن ّصاً ،ي ُ ْ َ الن ُمو َذ ِج ِّي ،و َ َطالمََا أ َّن َه ِذ ِه َ َّ الف َر ِض َّي ِة َتل َب ُث َعالمَ اً َي َتو َّ َق ُع ُه َ ُجو ِد ِهَ ،فإَِّنهَا الق ِار ُئ َوي َْأ َم ُل ِبو ُ َ ���ة ِب َّ ���ون ُم َت َعِّل َق ً ال َت ُك ُ ���ة الن ِّ ���صِ ،إنمَّ َ ���ا بحِ َ ا َل ِ ْ ِّ املُـ َؤل ِف َّ النف ِـس َّي ِة. ك��� ُز َع َلى َ أَ َّم���ا (روالن بارت) َفيرُ َ ِّ ك ْي ِف َّي ِة صَ ،ح ْي ُث ي ْ ك ُر أَ َّن ُه َن َ َذ ُ َّ ام ِل َم َع َّ اك الت َع ُ الن ِّ �ْي�نْ ���ص فيِ َهـذاَ َّ َّ َن ْو َع ِ ِم َ ���ن الت َع ُ ���ل َم َع الن ِّ ـام ِ َ الن ْو ُع األو ُ الق ِار ُئ َّ الَّ : َّلَ :ق ْد يجَ ِ ُد َ الل َّذ َة املجَ َ ِ ـيما ي ْ الن ْو ُع َّ َق َرأُهُ ،أَ َّما َّ َ الثا ِنيَ :فهُـ َو ف ة وَاملُ ْت َع ِ َ َ َ َ ً أَ ْن يجَ ِ َـد َ ْ َس���يلة َيبت ِع ُد الق ِارئ فيِ ال ِق َرا َء ِة و ِ ال���ذي َي ِع ُ يش ِفي ِه ِل َي َت َع َّر َف ِبهَا َع ِن الوَا ِق ِع ِ ات. َع َلى َعالمَ ِ املُ ْم ِك َن ِ َو َل َّ ���د (بارت) ِه َي َن ْ ���و ٌع ِمنَ ���را َء ِة ِع ْن َ ���ذ ُة ال ِق َ ���را َء َة الَ َ َه َي َت ْع�ِن�يِ ُه َنا أ َّن ال ِق َ َ���ة ،و ِ ال َغ ْي ُبوب ِ ���ر ِم ْ ���ن َذا ِتهَ���اَ ،ف ِع ْن َد َم���ا َن ْق َرأُ ْت ْب ِغ���ي أَ ْك َث َ الن َّ َ ���ي) َق ْ َّ ـ���د َي ُك ُ ���ون (اإل ْب َد ِاع َّ َب َّ ���ص األد ِ ���ي ِ ْ ْ َ َ ُ ُ َ َّ َ َه َدفن���ا مجُ َ َّر ُد املت َع ِة الذا ِت َّي ِة ف َقط ال غيرْ َ ، ـ���ذ ِه َ ك َ ���ة َن ُك ُ ���ار ِ َوفيِ َه ِ احلا َل ِ ني فيِ ���ون ُم َش ِ ص َ َّ ال ُم َت َل ِّق َ ني َس ْ���ل ِب َ ييـن َل��� ُه ،ممِ َّ ا ُي َؤ ِّثـ ُر الن ِّ ْ َ َ َ َّ ْ َ ُّق ِب َش���ك ٍـل أو ِبآخ َ ـ���ر َعل���ى َعـَمِل َّي ِ ���ة الت���ذو ِ ْ ُ لهِ َ َ ���ذا َّ َصو ُغ (بارت) ـ���رأهَُ .وي ُ الن ِّ الذي َنق َ ص ِ َ َ َّ َ ���را َء ِة ِم ْن ي ر ظ الن ة ل ك ��� َّ���ات ال َع َّ ام ِة ِل ْل ِق َ ِ ِ ُم ْش ِ ِخ َ ْ ري ِه فيِ َهِ���ذ ِه ُ اجل ْم َل ِة التيِ َت ْبدُو ال ِل َتف ِك ِ ْ ُ َ َ َس َ ���ص"َ ،ف ُه َو ي َْع ُزو ِإلىَ ���يط ًة" :أ َنا أق َرأ َّ الن َّ بِ ْ ْ لق ِّي -د َْوراً َّ ات"َ -شأ ُن ُه َشأ ُن ُم َن ِّظ ِري َّ الت َ "الذ ِ ���را َء ِةُ ، َت ُم ْن ِتج���اً فيِ َع َم ِل َّي ِة ال ِق َ كَّل َما ْازدَاد ِ َ َّ ْ اص ُر املَُت َع َّد َد ُة ال ي ْ ص، َس���تو ِع ُبهَا الن ُّ ال َع َن ِ تيِ ْ ون َق ْ َت َض���ا َء َل ْاح ِت َم ُ ���د ُ ال أَن َي ُك َ ك ِت َب َق ْب َل ِق َرا َء ِت���ي ِإيَّاهَُ .و َل ِكَّن ُه َ -ع َل���ى ِخ َ ال ِف ُّ الن َّقا ِد َ لمْ َذ ِه َّ الت َع ُّد ِديَِّ���ة ِإلىَ الـ(أَ َنا) ���ان -يمَ ْ َت ُّد ِبه ِ األ َ ِ ْ ك َذ ِل َ َ ���كَ ،ويَت َب ُع َذ ِل َك َت َغيرُّ ُ َع َمِل َّي ِة ال ِق َرا َء ِة ْ َ ُ ���ار َئ (بارت) ُه��� َو أََّن ُه ق ز َي ���ا َم و َا. ه ��� س ف يمُ َ ِّ َن ِ ِ ْ ْ َ ُ َّ َّ َ َي َت َش���كل ِمن َع َ ات ���د ٍد ال ِنهَا ِئ ِّي ِمن الش���ف َر ٍ و ُّ وص. َالن ُص ِ ���ص َ ���ي َ " َو ُ ْك���م أَ َّ َّ ال يمُ ْ ِك ُ ���ن أَ ْن د األ الن ن َّ َب َّ ِ بحِ ْ ِ يْ ُف َع ً َاح َ َاح��� ٍدَ ،ف���إِ َّن ���رأَ د ُق َ آن و ِ ���ة و ِ ���د ًة َوفيِ ٍ ْ َ َ َّ َ َ جي َّي ِة، ���ارئ ُم ْرغ ٌم َعلى ال ِق َ الق ِ ���را َء ِة التد ِر ِ ���صَ ،و ُي َعد َ ِل َذ ِل َ ات َّ ِّل الن ِّ ���ك ي َْن َد ِم ُ ���ج فيِ ب ُْن َي ِ ْ ُ ���ة مخَ ْ ��� ُز َ اك َر ِت��� ِه فيِ َض ْو ِء ون َذ ِ ك َّل لحَ َظ ٍ ْ ���ة ِم���نْ َ َ ِّ لحَ َ ُ ْ ���ات اجل ِد َ املُعط َي ِ ي���د ِة ِل���كل ظ ٍ
ض ُش ُ ���ات ال ِق َ ـ���را َء ِة"َ .و ِل َذ ِل َك ي ِ لحَ َ َظ ِ �ي�ر ب َْع ِ َ لىَ ْ َّ ِّ َ ـ���ار التلق���ي ال َب ِ َاز اع ِت َب ِ اح ِث�ي�ن ِإ َجـ���و ِ ـ�ل�ا ِإ ْب َـد ِاعـ ّي���اًَ ، " ِف ْع ً ال َي َتو َّ َق ُ ���ف ِع ْن َ ���د ُحـدُو ِد ���ص ،ب ْ ْ ْ ���ر ِل َّ ���ـاه ُم لن ِّ َل ي َ ُس ِ ال املَُب ِ االس��� ِتق َب ِ اش ِ ْ ْ ���ة فيِ َتأ ِ كيـ��� ِد َه ِـو َّي ِت��� ِهَ ،و َتط ِـوي ِع��� ِه فيِ ب ُْن َي ٍ ْ ـاع َّي ٍة لهَ َ ���ا ِع َ ال َق ٌة َّ���ة ْاجـ ِت َم ِ ���ة ِفـك ِري ٍ جمَ َ ـا ِل َّي ٍ ُ ْ ُـور". ه م اجل ا ي وج ِبَأيديُو ُل َ ِ وَ ْ الت َذو َ اإل َش���ا َر ُة ِإ َل ْي ِه ُه َن���ا أَ َّن َّ ُّق َم���ا يَن َب ِغي ِ ْ ْ َ ْ َ ً ً ْ ُ َب َّي ـ���ـ ِباع ِت َب ِار ِه خط��� َوة َجـو َه ِريَّة تأ ِتي األد ِ َ َ ���د َّ ال ِحـق���اً ب َْع َ ���ة (ب َط ِبي َع ِ الت َل ِّق���ي ـ���ـ َي َتأ َّث ُر ِ َام َ َ َّ اص ٍة ِب��� ُك ِّل َف ْر ٍد، و ع ة ���د ع ب ) ���ال احل َ ���ل َخ َّ ِ ِِ ِ ِ ���يمهَا ِإلىَ ُم ْس��� َت َو َيينْ ِ ،أَ َّولهُُ َما: وَيمُ ْ ِك ُن َت ْق ِس ُ ���ة َ َخ ْـل ِف َّي ُ ���ة و ْ الف ْ اع َّي ِة َاالج ِت َم ِ ـ���ر ِد الث ّقـا ِف َّي ِ ْ ات ِب ُك ِّل َما تحَ َت ِوي ِه ِم ْن ِق َي ٍم و َ َخ رْ َ بٍ َم َع ِار َف و ِ ْ ض. ُم َت َش ِاب َك ٍة و ُ َمترَ َ ِاب َط ٍة َم َع ب َْع ِضهَا ال َبع ِ َ َّ َّ أَ َّم���ا املُ ْس��� َتوَى الثا ِن���ي :فهُ��� َو َي َت َعل ُ ���ق وج َّي ِة َ َحا َل ِت��� ِه أَ ْث َن���ا َء ���ار ِئ ،و َ ِبس���ي ُكو ُل ِ الق ِ َ ترَ ْ يها ِم ْن َع ي ���ا َم و ، ي َب د األ ���ص لن ِ ِّ َ ِق َرا َء ِت��� ِه ِل َّ ِّ ِ ِ ْ َ َ َ َ َف َ َ لمَ ْ ْ ْ ْ َ ور أو أ ٍ أو خ���و ٍف ـ���ر ٍح أ ْو ُح���ز ٍن أو ُس��� ُر ٍ ْ ْ ْ َ ات ���ب ،و َ َم���ا يَن ُت ُ ���ج َعنهَا ِم���ن َع َمِل َّي ٍ أ ْو َغ َض ٍ ْ ْ ُّ َ َ ���ر و َّ َّ َّ َالت َخ ُّي ِل ك ذ َالت و �ي�ر ك ف الت ك ���ة ي ل ق ع َ َّ ِ ٍ ِ ِ ِ و ْ َاالن ِت َب���ا ِهَ ،ف َذ ِل َ ���ك ُ كُّل��� ُه ُي َؤ ِّث ُر د َ ���ك ُون َش ٍّ َ ْ ْ َ فيِ َّ َب َِّي ،ف ِعن َد َما يَشُ���ع ُر َ الق ِار ُئ الت َذو ِ ُّق األد ِ ال َ احل ْ أل ِّي َس��� َبب َوي ْ ً َ ُق ِـب ُل فيِ َه ِـذ ِه ث م ن ���ز َ ِب ُ ِ ٍ َ َ َ َ ُ َ ُ َب ٍّي َيكون َعلى احلا َل ِ ���ة َعلى ِق َرا َء ِة ن ٍّ ���ص أد ِ ْ َ ُّ َ ْاس��� ِت ْع َدا ٍد ِل َّ لتأث ِرَ ،ورُبمَّ َا َح َّت���ى ال ُبكا ِء ِعن َد أَوَّل َم ْش���هَـد َم ْ ُص ِّو ُر ُه َه َذا ز ح ي ���او س أ ين ي َ َ َ ٍ ِ ِ ٍّ ِ ٍ ���ي ،ب ْ ���ل َ ال َع َم ُ َل أَ ْك َث��� ُر ِم ْن َذ ِل َ ���ك َق ْد َب د األ ِ ُّ ���رى َ ���ذ ِه ال ِق َّص َة أَ ِو الق ِار َئ َي َت َص َّ َن َ ���و ُر أَ َّن َه ِ ْ ي���د َة ِّ ���ع ِري َ َ َّة َت َت َحـ���د ُ الش ْ الق ِص َ َّث َع���ن َه ِّم ِه ���و ُر َم ْو ِقف���اً ي ْ َوأَلمَِ��� ِه ُه���وَ ،أَ ُ ْ ُش ص ت و ���ب ُه لحِ َ ٍّد َ ِّ ِ ���ك َ يش��� ُهَ ،ذ ِل َ الـذي َي ِع ُ َ �ي�ر املَ ْو ِق َ أل َّن ���ف ِ ك ِب ٍ ْ ْ َ ُ ـام ُل َعا َد ًة َم َع أش َيا َء ُمق ِن َع ًة، الالش ُعـو َر َي َت َع َ وس��� َنا ْاه ِت َزازاً َع ِميقاً ِب ِق َّص ٍة َفإِ َذا ْاه َت َّز ْت ُن ُف ُ ���د ٍة َي َت َع َّ ِم َ �ي�ر ْت ِب ِش َّ ���ذ ُر ���ص َوأُ ِث َ ���ن ال ِق َص ِ ْ َ َ َ َ َ ْ ً َع َل ْي َن���ا فه ُمهَا ،ف َذ ِلك ألَّن َنا ق ِبل َنا ِس��� ّرا َه ِذ ِه ال ِق َّص َ ���ة َع َلى أََّنهَ���ا ِق َّص ُت َن���اَ ،و َت َع َّر ْف َنا َع َلى ْ ْ َ َ َّ ْ َ ���م َل َنا س ر و ل ى ت ح َا، ه اص ���خ ش أ ا ِ َ ََ َ أَن ُف ِس��� َن فيِ ً لمَ َ َ ُ ُ ات الكا ِت ُب شخوصا فيِ َعا ِ ِه اخل ِّ اص ِب ِس َم ٍ اج َّي ٍة ِفيهَا ْاخ ِت َ �ل�ا ٌف ُج ْز ِئ ٌّي ���م َّي ٍة و ِ ِج ْس ِ َم َز ِ ْ َ َم ْن ِخـ َ ِّ أَ ْو ُ َّ َ َ ال ِل و ـ���ـ ا ن ن إ ف ا ن ع ق َا و ���ن ع ���ي ل َ ك ٌّ ِ ِِ ِ املَوَا ِق ِف ــ ُن ِعي ُد ْ ���اف َذوَا ِت َناَ ،و َن َت َع َّرفُ اك ِت َش َ يق ِة أَ ْن ُف ِس َنا ِم ْن ِخ َ َع َلى َح ِق َ ُشي ُع ُه ال ِل َمـا ي ِ َ ���ل د َ ُص ِّر َح ِب ِه، م ع ال وح ر ُون أَ ْن ي َ َ َ ُ ِ ال ْكا ِتترْ ُب فيِ ِ َ َ َ َ َ ُ َّ َ َ َ ص ِبذا ِئق ِت ِه ���ارئ ِل َيتذوَّق الن َّ بَل َي ك الق ِ الت َذو ُ ُهوَ ،و َ ون َّ َك ِثرياً َما َي ُك ُ ُّق مخُ ْ َتِلفاً ِم ْن
ـار ٍئ َ َام ِل آلخ ٍرَ ،و َذ ِل َك َت َبعاً ِل َط ِبي َع ِة ال َعو ِ َق ِ ْ َ ُ ِّ َ َّ ِّ ���ار ِإ َل ْيهَا ش مل ا اك ر د اإل و ���ي ق ل الت ة ���ر ث ِ ِ َ ِ املُ َؤ َ ِ فيِ ِ َم ْ ���ن ُه َن���ا َي َت َب�َّي�نَّ ُ َل َنا ِبو ُ ُض���وح أَنَّ َس��� َلفاً ،و ِ ٍ َ ْ ���ذو َ "الت َ َّ ���ي" ِإنمَّ َ ا َي ُك ُ يق َب َّ ون َع���ن َط ِر ِ ُّق األد ِ َ َ َّ َّ َ َ ���ة اف ك ب ر ��� ث أ ت ي و ، ���يس اس ح َاأل و ر ���اع ش َ َ َ ُ ِ ِ ِ ِ املَ َ ِ ِ ْ ْ ْ َّ َ ْ (سوَا ٌء ال َعقِل َّي ِة ات الشخ ِص َّي ِة ِللفر ِد َ ِّ الس َم ِ ���ة)َ ،ف ُح ْ ْ َ َ ْ ُ َ ���ار ِئ أَ ْو الق ن ���ز ي ن ا د ج الو و أ َ���ا ه َّ ِ ِ ِمن ِ ِ ِ َ ْ س َع َلى َف ْه ِم��� ِه ِل َّ َب ِّي لن ِّ َف َر ُح ُه يَن َع ِك ُ ص األد ِ َم��� ُه َ ْ َّل و ْ َ َه َل ٍة و أل ه َف ي َ���ا ر ف ، َو َت َذ ُّو ِق��� ِه َل��� ُه ُ بمَّ ُ ِ ْ ْ َ َ يق ِت��� ِه َ َ ِب َط ِر َ �ي�ر َحال ِت ِه اخل َّ اص ِ ���ة َول ِكن ِبتأ ِث ِ ���ة َ َّ ال الن ْف ِس َّ وج َّي ِت ِه) اآل ِن َّي ِ ���ي ِة (أَ ْو َس��� ْي ُكو ُل ِ ْ َّ َّ َ َ َ َ ُ ���ب َم َع اس ن ت ي َا ال إ ه ��� ق و ذ ت ���ن م ���ن ك م َ ُّ َ ُ َي َت َ ِ ِ ِ ِ بمِ ْ ْ َ َ َ ْ ْ ْ ْ َ َف َر ِح��� ِه أو ُحز ِن��� ِه أو خو ِف��� ِه أو ان ِف َعا ِل��� ِه، ْ ���و َ َح َّتى َل ْ كَ ـار اإل َط ِ ان َذ ِل َك يخَ َتِل ُف َع ِ ���ن ِ َّ اإل ْب َد ِاع ُّي، ���ص الن ه ي ف ر ���يـ َس ي ي الـذ ُّ ُ ِ ِ ال َع ِّام ِ ِ ِ َوي ْ ْ َ ْ َ ـ���ار ُئ ِب َنـ���اءاً َ َ َ ُ َس��� َتد ِعي أن َيتذ َّوقـ���ه الق ِ َعـ َل ْي ِه. اج ِع وَاملَ َصـا ِد ِر: أَ َه ُّم املَ َر ِ أَ َّو ً ال :ال ُك ُت ُب: َ ُ ُّ ���ي، َ َب ِّ -1جُّب���ور َعب��� ُد الن ِ ـ���م األد ِ ـ���ور ،امل ْع َج ِ بريوت :دار العـلم للماليني( ،د.ت). َّ���ة َّ -2روب���رت هـول���بَ ،ن َظ ِري ُ الت َل ِق���ي: ِّم��� ٌة َن ْقـ ِديَّ��� ٌة ،ترمج���ة :د.ع���ز الدين ُم َقـد َ إمساعـيل ،القاهـرة :املكتبة األكـادميية، .2000 َ تكت���ب ���رف ،كي���ف َ ُ ي���ز ش َ -3ع ْب��� ُد ال َع ِز ِ ُ ؤس َس ُ ال ِق َّص َ ���ة املخت���ار ���ة؟ ،القاه���رةُ :م َّ َّ ْ َّ ْ يع.2001 ، ِللنش ِر وَالتو ِز ِ َج��� ُه َ الفنيِّ ُّ -4عب���د العلي���م إبراهي���م ،املُو ِّ ���ة ،ط ،4القاهرة: ���ة ال َع َر ِب َّي ِ لمُِ َد ِّر ِس���ي الل َغ ِ دار املعارف.1968 ، َ َ َّ ات ق ا ���ي َالس و ي ق ل الت يم، هلل ِإ ْب َر ِاه َ ِّ َ ِ ِ -5ع ْب ُد ا ِ َ َّ َ ���اب اجل ِد َ يد ِة ���ةُ ، الث َقا ِف َّي ِ ب�ي�روت :دا ُر ال ِكت ِ املَُّت ِح َد ِة.2000 ، ري ُة َّ الش ْع ِب َّي ُة: "الس َ -6محُ َ َّمد َحا ِفظ ِديَابِّ ، ���ة َ ِإ ْب َـد ِاع َّـي ُ َاح ِث َ �ي�ن، األدَا ِء" ،فيِ مجَ ْ ُم َ ���ة ب ِ وع ِ ْ ُ ملجُ َ َ الربَ���اط/ ���يِّ ، ���ع ال َع َـر ِب ِّ اإلبـ���دا ُع فيِ ا ت َم ِ الق ْـو ِم ُّي ِل َ س َ لثقا َف ِة املَ ْم َل َك ُة املَ ْغ ِر ِب َّي ُة :املجَ ْ ِل ُ ال َع َـر ِب َّي ِة.1993 ، -7م َ ���ج ُ َر ِام ُ اهـ��� ِدي ،ب َ صط َف���ى مجُ َ ِ ُ���ون َ ريه���ا يف ي التلفز ائ���ي وتأث ُ الف َض ِّ ِ ُ َهران نمَ ُ و َذجاً، اجلمهُـورَ :ش��� َب ُ اب َم ِدي َن ِة و َ َ ُ ـ���ات الدكت���وراه (،)94 لس���لة أط ُر َ وح ِ ِس ِ بريوت :مركز دراسات الوحدة العربية، .2011 ْ ُ َثا ِنياً :الدَّو ِريَّات: ُ الصور ُة -1بس���ام برك���ة" ،مل���اذا نق���رأ؟ ُّ والكلم ُة ال�ت�ي تبقى" ،جملة: تضيع ال�ت�ي ُ َ العرب���ي ،الكويت ،وزارة اإلعـ�ل�ام ،العدد: ،518يناير .2002 ُ "ال���ذوق -2محُ َّم���د عب���د اهلل عط���وات، وتطو ُر ُه وعالقت ُه بالنقد األدب ُّي :مفه ُ ُوم ُه ُّ ِ وعل���م اجلم���ال" ،جملة :املنه���اج ،بريوت، مرك ُز الغدير للدراسات والنشر ،العددُ: اخلامس والستون ،ربيع .2012 منهج -3محُ َّمد مليان���ي، األدب ُّيُ : ُ "املنهج ِ ���ص َ َّ ���ة ِّ الواق���ع ���ي د األ الن تلق���ي ُ ِّ َب ِّ جمَ َ ا ِل َّي ِ ِ واملأم ُ ���ول" ،جمل���ة :الكلم���ة ،ب�ي�روت، ُ ِّ ���اث، َاألحب و ���ات اس ر للد ���ة الكلم نت���دى ُم َ َ ِ َ َ ِ صيف .2011 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ khalidasshati@yahoo.com
13 طريق النسيان
بوشعيب عطران
س���ار خبطى حثيثة كطريد ال يلوي على شيء ،أحس ب�ب�رد اخلريف يس���ري بني أوصاله ،رف���ع ياقة معطفه ووضع يداه يف جيوبه ملتمسا بعض الدفء ،فاحتواهما الفراغ كأيامه املضنية اجلوفاء.. بدأت أشعة الشمس ترتاجع حنو املغيب ،والليل يزحف بظالم���ه ،فغدا كقطعة منه يتح���رك يف هذا الطريق اخلالي ،الذي قاده إىل شاطئ البحر. جل���س مفرتش���ا رمال���ه ،غ�ي�ر بعيد ع���ن أمواج���ه ،اليت تتالط���م بإيقاعات صاخبة كاس���تيائه ،ثم ما تلبث أن تس���تكني حدتها عل���ى صخوره املرتامية كهواجس���ه و يتطاي���ر رذاذه���ا الناعم كأحالمه ،ال�ت�ي صارت بعيدة املنال... لق���د أعي���اه البح���ث ع���ن عم���ل؛ مبواصف���ات حتصيله العلم���ي دون جدوى ،كما أضحى عالة على أخيه بعد أن فقد والديه. دب الي���أس إىل حيات���ه ،ق���رر الرحي���ل عن أهل���ه ،بيته، ماضيه ،أحالمه ،كل شيء... تك���وم يف مكان���ه ،ش���اخصا ببص���ره إىل الس���ماء ،يتابع جنومه���ا ال�ت�ي يش���ع وميضه���ا ب�ي�ن الفين���ة واألخرى
كآمال���ه املرتقبة ،غري عابئ ب�ب�رودة الليل وحلكته إىل أن داهمه الكرى. أف���اق على أص���وات الن���ورس ،وهي حتلق ف���وق البحر، ال���ذي ب���دا س���اكنا ه���ذا الصب���اح كمزاج���ه ،وخيوط الشمس تتألأل على صفحاته خجولة ،كلوحة تتماوج فيها ش���تى األلوان ،مما أغراه بالس���باحة ،نزع مالبس���ه ،ثم غاص فيه رغم برودته. وس���ط مياه���ه ..أح���س حبمل���ه خي���ف ش���يئا فش���يئا، وخماوفه تتناثر حوله كزبد البحر ،وأوهامه تتالشى كقط���رات امل���اء م���ن جس���ده ،والطمأنينة تع���ود إليه، لتقتلع جذور اليأس من أعماقه. ردد م���ع نفس���ه - :احلياة كفاح ..وال ش���يء فيها يدعو لالنتظار. ارت���دى مالبس���ه بس���رعة و تاب���ع طريق النس���يان ،يف رحلته إىل اجملهول..
14
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
زه�يراً ( ومن ش��عراء العرب م��ن كان يدع القصائد متكث حوال كريت �ًا ،وزمنًا طوي ً ال ،يردد فيها نظره ،ويقلب فيها رأيه ،اتهامًا لعقله وتتبعًا على نفسه ،فيجعل عقله زمامًا على رأيه ،ورأيه زمامًا على شعره ،إشفاقًا على أدبه ،وإحرازاً ملا خوله اهلل من نعمته ) .
زهري ..رائد الصناعة هليل البيجو
ه���و زهري ب���ن أبي ُس���لمى املزي�ن�ي املضري ، ثال���ث الثالث���ة املقدم�ي�ن يف الش���عر ( ام���رؤ القي���س ،النابغ���ة الذبيان���ي ،زه�ي�ر ) ،وق���د نشأ زهري يف بين عطفان أخواله ،وعن خاله بش���امة – أحد س���ادات عطف���ان وحكمائهم – أخذ الشعر ورواه .وبيت زهري من بيوت الش���عر عند العرب ؛ فهو شاعر ،وأبوه شاعر ،وخاله ش���اعر ،وكذلك أخته شاعرة ،وقد ورث أبن���اءه الش���عر ُ وهم ( كعب ) الش���اعر َّ املش���هور صاح���ب القصيدة املش���هورة ( بانت س���عاد ) يف مدح رس���ول اهلل صل���ى اهلل عليه وس���لم ،و( جبري ) .ومن ولد كعب ش���عراء أيضاً . وزه�ي�ر ه���و ش���اعر احلكم���ة عن���د الع���رب ، وجل ش���عره مقاطع وأمث���ال ،وحظي اهلرم بن س���نان بنصيب األس���د يف مدحه ،وكان اهل���رم يكرم زه�ي�راً ،حت���ى إنه حل���ف أن ال ميدح���ه زه�ي�ر إال أعط���اه ،وال يس���أله إال أعط���اه ،وال ِّ يس���لم علي���ه إال أعط���اه ،حتى كثرت عطاياه واس���تحيأ زهري فكان إذا مر بق���وم فيه���م اهلرم بن س���نان يق���ول :عمتم صباح���اً إال اهل���رم ،وخريك���م اس���تثنيت . ويف اهل���رم ب���ن س���نان واحل���ارث ب���ن عوف ، ق���ال زهري معلقت���ه املش���هورة .وكان زهري راوي���ة ،وق���د روى أكثر م���ا روي عن أوس بن حج���ر زوج أم���ه ،وكان يُع���رف براوية أوس .وق���د روى عن زه�ي�ر احلطيئة ،وهو يعرف براوية زهري .ولزهري شأن عظيم مع النقاد والرواة ،مجيعهم يقدمونه ويرفعون همة نفس���ه وصدق ش���أن ش���عره ،ويكربون ّ مقاله ،وكان زهري يتأله يف ش���عره ويقول :إن للس���ماء خرباً .غري أنه م���ات قبل ظهور اإلس�ل�ام بقلي���ل ،ومل ي���درك البعث���ة عل���ى أص���ح األق���وال ،ومم���ن عرفوا لزه�ي�ر قدره يف الش���عر وعلو كعبه يف احلكمة ،الفاروق أم�ي�ر املؤمنني عمر ب���ن اخلطاب ،وقد كان أعلم الناس بالش���عر والش���عراء ،وأكثرهم رواي���ة ،وأظهره���م دراي���ة ،وروي أن عم���ر قال البن عباس :انش���دني ألشعر شعرائكم ،فق���ال ابن عباس :من هو يا أمري املؤمنني ؟ ق���ال عمر :زهري .قال ابن عباس :ومب كان ذل���ك ؟ قال :كان ال يعاظل بني الكالم ،وال يتبع حوش���يه ،وال مي���دح الرجل إال مبا فيه .وس���يجيء تفس�ي�ر قول عمر الحقاً ،وسئل عمر عن أش���عر الن���اس فق���ال :صاحب من ومن ومن .إش���ارة إىل أبيات زهري ( ومن مل يصانع يف أمور كثرية ) إىل آخر قوله : ومن يغرتب حيس���ب ع���دواً صديق���ه .......... ومن ال يكرم نفسه ال يكرم وق���د كان عمر يقول ( :ل���و أدركت زهرياً لوليت���ه القض���اء ) ؛ ولذلك قص���ة مفادها أن عمر أُنش���د ش���عراً لزه�ي�ر ،فلم���ا انتهوا إىل قوله : وإن احلق مقطعه ثالث ..........ميني أو جالء أو نفار
ق���ال عم���ر متعجب���اً م���ن علم���ه باحلق���وق ومقدرته عل���ى تفصيلها وخربت���ه يف إقامة أقس���امها :وإن احل���ق مقطعه ث�ل�اث ...إخل ، م���ردداً البيت م���ن تعجبه ،وق���ال :ال خيرج احلك���م عن ذلك .ومم���ا رواه أهل األدب عن عم���ر فيم���ا يتعلق بزه�ي�ر ،أنه ق���ال لبعض ولد اهلرم بن س���نان :انش���دني بعض ما قال فيكم زهري .فأنشده ،فقال :لقد كان يقول فيكم فيحس���ن .فقال :ي���ا أمري املؤمنني ،إنا كن���ا نعطي���ه فنج���زل .قال عم���ر :ذهب ما أعطيتموه وبقى ما أعطاكم . وزه�ي�ر أول م���ن هلل الش���عر وهذب���ه ؛ فقد كان الش���عراء قبل���ه يقول���ون الش���عر كما اتفق هلم ،وال يلقون با ً ال إىل حسن التنقيح ومجال التجويد .وق���د َ روي أن زهرياً كان يق���ول القصي���دة يف حول كام���ل ،وكانت قصائ���ده تس���مى احلولي���ات ،وق���د تبعه يف تنقيح���ه الش���عر راويت���ه احلطيئ���ة ؛ حي���ث اش���تهر -هو اآلخر -بتنقيح شعره وتهذيبه ،وه���و يف ذل���ك يصدر ع���ن مدرس���ة زهري ، وهن���ا البد من اإلش���ارة إىل أن ذلك التنقيح والتهذي���ب -ال���ذي عين ب���ه زه�ي�ر ،وهو ما يع���رف عند علماء النق���د ( بالصناعة ) -هو يف احلقيقة ،صناعة غري الصناعة ،صناعة ال يش���وبها تكل���ف ،وال تش���م منه���ا رائح���ة التعن���ت ،ب���ل إن���ك إذا تصفحت ش���عر زهري ال قريب���اً سلس���اً عجيباً كل���ه ،وجدت���ه س���ه ً ،كأن���ه امل���اء اجلاري ،أو النس���يم الس���اري ، وحس���بك ما قاله يف وصفه ( :ال يعاظل بني الكالم ،وال يتبع حوشيه ) ،فالصناعة -عند زهري -تصفية الش���وائب ،ونبذ الس���قطات ، ال مت���س عفوية القول ،وال صدق الش���عور ، وإمنا هي عملية تتم بعد الدفقة الشعرية ، كما يسميها الشاعر الناقد سليمان العيسى
،هذه الدفقة اليت يرتجم فيها الش���اعر كل م���ا يري���د أن يقول���ه ،ويظه���ر فيه���ا مجيع بواعثه عل���ى النظم .وللصناعة عالمة تدل عليه���ا ،ه���ي أن���ك تالح���ظ يف الن���ص الذي بني يديك ش���يئاً يطغى عليه ،وينتش���ر فيه ،وهذا الش���يء يكون حس���ب ولع الشاعر ،أو املب���دع ،ف���إذا كان ش���ديد الكل���ف بالبديع ، رأيت اجلناسات والطبقات ،تنتشر يف عمله ،وإذا كان ولعاً بالفلس���فة أو العلوم ،رأيت املصطلحات الفلسفية أو العلمية حمشورة يف نص���ه ،وإذا كان ولعاً باإلعراب والنحو ، رأيت الوجوه الغريبة لإلعراب والتوجيهات البعي���دة لل���كالم ،جتبه���ك وتطالع���ك هن���ا وهناك ،وهكذا .وأنت إذا طالعت شعر زهري ،ال حت���س بش���يء من ذلك كل���ه ،مما يدل عل���ى أنه حص���ر عنايت���ه واهتمام���ه بالروح الع���ام لش���عره ،مل���ا عل���م أن���ه عقل���ه ووافده إىل الن���اس ،فم���ا ارتضاه لنفس���ه أبقاه ،وما اتهمها فيه أس���قطه وحناه .وما كان عنده غليظ���اً رقق���ه ،وم���ا كان بعي���داً قرب���ه مبا جيود يتصل باملبنى وال يتصل باملعنى ،وهو ِّ وحيس���ن ما بقى معناه سليما ،وما حافظت م���س التجويد فكرت���ه عل���ى جالئه���ا ،ف���إذا َّ والتحس�ي�ن أص���ل معن���اه وح���دود فكرت���ه ، ترك���ه َّ وختل���ى عن���ه ،وقبل أن ن�ت�رك هذه الناحي���ة ،جيدر بنا أن نق���ف قلي ً أمر ال عند ٍ يالحظ يف شعر زهري ،وهو كثرة األمثال ، وما يعرف باملقاطع ،فهل هذه الكثرة تسيء إىل الطبع أو العفوية ،وتعترب من الصناعة املتكلف���ة ؟ جواب هذا الس���ؤال يرجع بنا إىل زه�ي�ر وتكوين���ه العقل���ي ،ومنصب���ه القبلي ،ويقودن���ا إىل احلدي���ث ع���ن حكم���ة الرجل ،وتركيبت���ه الذهني���ة ،ومكانت���ه القبلي���ة . تق���ول املصادر إن زهرياً ع���اش يف منازل بين
15
عبد اهلل بن غطفان ،ويف كنف خاله بشامة بن الغدير ،وبش���امة هذا كان ش���يخاً ثرياً ً ً رأي ومش���ورة ،وقد أفاض حكيما حازما ،ذا ٍ ومرسه حبنكته ،وأبعد على زهري حبكمته َّ ، زه�ي�ر يف ديار نظ���ره ،وأعمق فكره ،فنش���أ ٌ أخواله نش���أة الفتى األريب ،والشاب املتوقد ،منعماً بعيداً عن ذل احلاجة وفس���اد البيئة ،حمب���اً للدِّعة والس�ل�ام ،ناقماً على احلرب والدمار ،كما يبدو أن إعجابه بش���عر خاله بش���امة ،وروايته له ،أسهم يف تهذيب طبعه ،وس�ل�امة منطقه من الفحش واخلنا ؛ فقد تنزه شعر السادات والزعماء يف اجلاهلية عن س���فاف القول وأراذل األخالق ،وقد هيأ هذا كله زهرياً ألن يكون من األحناف املتأهلني الذي���ن نب���ذوا أوض���ار الوثني���ة وتعففوا عن خمازي اجلاهلية ،وهؤالء النفر من العرب كان���وا حمل ثقة الن���اس ،وموئ���ل أمنهم ، يقولون فيسمع منهم ،ويأمرون فيستجاب هل���م ،وهكذا كان زه�ي�ر .كما أن زهرياً قد ً طوي�ل�ا ،وأفاد جتربة واس���عة ،فليس عمر مس���تغرباً إذا ج���اء كالم���ه يف كث�ي�ر م���ن مقاط���ع وأمثال ،وليس مب���ردود أن تتصدر احلكم���ة العقلي���ة ش���عره ،وعل���ى ه���ذا فإن ش���يوع األمث���ال واملقاطع واحلك���م يف ديوان زه�ي�ر ،ال ي���زري بطبع���ه وعفويت���ه ،بل أن ه���ذا عينه هو طبع���ه وعفويت���ه ،وليس من الصناعة املتكلفة يف شيء أن يصدر اإلنسان يف قول���ه عن فكرة رأس���ه ،وهاجس نفس���ه ، وروح خاط���ره ،ولي���س معيب���اً أن ينقى هذا الص���ادر ،ويه���ذب ويقابل الناس يف أحس���ن حلية بل أن ه���ذا مطلوب مرغوب ،وهذا هو الفن ،ليكون الش���عر كما قال زهري نفسه ، كأنه يصف قصائده احلسان : ملهى للصديق ومنظ���ر ..........أنيق وفيه���ن ً
لعني الناظر املتوسم زهري يف عيون أهل النقد : أهل النظر قالوا :كان زهري أحكمهم شعراً ، وأبعدهم من سخف القول ،وأمجعهم لكثري م���ن املعن���ى يف قليل م���ن املنطق ،وأش���دهم مبالغة يف املدح .واجتمع قول النقاد يف زهري عل���ى أن���ه صاحب مدرس���ة رائدة يف الش���عر العرب���ي ،مهد لظهورها وعبد س���بيلها ،تلك هي مدرس���ة الصناع���ة يف الش���عر ،إذ كان الش���عراء قبل���ه يقول���ون بغ�ي�ر روي���ة ،ومن دون مع���اودة النظ���ر ،ثم أن النق���اد اختلفوا بع���د يف تولي���ة وجوههم صوب هذا الش���اعر وش���عره ،ونظ���ر إلي���ه كل ناقد م���ن زاوية ختتل���ف عن نظ���رة صاحبه فتوف���رت لدينا كث�ي�ر م���ن األح���كام النقدية ح���ول زهري . وم���ن هذه األح���كام ما ه���و انطباع���ي ذاتي ، يقوم على الذوق ،ويتخذ من إطالق القول وتعمي���م الكالم وس���يلة يف احلكم ،ومنها ما ه���و موضوعي ،يق���دم على العق���ل ،ويأخذ من إيراد احلجة وإثبات الربهان وس���يلة يف حكمه ،ويف هذه املس���احة س���أحاول حشد ما قيل يف ش���عر زهري ،ش���ارحاً ما قد يس���تغلق فهمه أو يستصعب بيانه ،ذاكراً ما يعن لي يف حماوليت هذه من تعليق أو إضافة .وأول قول أقف عنده ،هو قول عمر بن اخلطاب - رضي اهلل عنه -ومفاده كما ذكره ( مفيد قمحي���ة ) وع���زاه إىل بن س�ل�ام يف طبقاته : ( إن عمر قال البن عباس :انش���دني ألش���عر ش���عرائكم ،ق���ال ابن عباس :قل���ت من هو يا أم�ي�ر املؤمنني ؟ قال :زهري .قال ابن عباس : ومب���ا كان ذلك ؟ ق���ال :كان ال يعاظل بني الكالم ،وال يتبع حوش���يه ،وال ميدح الرجل إال مبا فيه ) . ه���ذا احلدي���ث املأثور ع���ن عمر ،ه���و حديث مشهور ،اقرتن بذكر زهري يف مجيع كتب األدب قدميه���اً وحديثه���اً ،وق���د اكتس���ب أهميته م���ن املكانة العظيمة اليت يتس���نمها عمر بن اخلطاب ؛ فهو أحد العارفني بالشعر والش���عراء عن���د العرب ،وله يف ب���اب الرواية والنقد ش���أن بعيد ،ونظر سديد ،وهو أيضاً أمري املؤمنني ،وقدوة املس���لمني ،يُسمع منه ويؤخ���ذ عن���ه م���ا وافق الص���واب واس���تهدى باحلجة املقنعة . واملعاظل���ة الواردة يف حديث عمر عن زهري " وكان ال يعاظل بني الكالم " اختلف العلماء يف حتديده���ا حتدي���داً دقيق���اً ؛ فمنه���م م���ن جعلها يف س���وء الرتكيب اللفظ���ي ،ومنهم م���ن جعلها يف تعقيد الفك���رة ،وعدم وضوح رؤية الشاعر ؛ وس���بب هذا االختالف يرجع التس���اع معن���ى املعاظل���ة لغ���ة واصطالحاً ؛ فاملعاظل���ة لغة ه���ي ( التداخ���ل والرتاكب ) ،ومنه���ا املعاظل���ة للجراد ،وهي كالس���فاد للكالب ،يقال :تعاظلت اجلراد إذا تس���افدت .وم���ن معانيه���ا أيض���اً َّ التضم�ي�ن يف القوايف ،وه���و افتقار البي���ت من الش���عر إىل ما يليه ؛ لتبي���ان معنه���ا ،واملعاظل���ة أيض���اً هي ثقل العب���ارة وصعوب���ة التلف���ظ به���ا ،وع���ن ابن
األث�ي�ر " تراكب األلف���اظ وتداخله���ا ،وهذا كله عن كت���اب املصطلح النق���دي يف نقد الش���عر – إدريس الناق���وري – وجاء به أيضاً أن املعاظل���ة ه���ي التعقي���د ،وم���والة الكالم بعض���ه فوق بع���ض ؛ ألن كل ش���يء ركب شيئاً فقد عاظله . وبع���د اس���تعراض ما جاء يف معن���ى املعاظلة معجمياً ،وداخ���ل كتب النقد ،وبعد النظر يف ش���عر زهري والرجوع إىل ق���ول عمر فيه ، ميكن القول بأن مراد عمر بقوله " ال يعاظل ب�ي�ن ال���كالم " هو أن���ه ال يدخ���ل يف الكالم ما ليس من جنس���ه ،وال يتوعر فيه ،وال حيوج بعض���ه إىل بع���ض يف تبيان م���راده ومعناه ،
وهكذا كان زهري . والس���بب اآلخ���ر يف تقديم عمر زه�ي�راً ،هو أن���ه ( ال يتب���ع حوش���ي الكالم ) ،واحلوش���ي ه���و الوحش���ي الك���ز ال���ذي نب���ت حروف���ه ، وثق���ل لفظه ،واس���تعصى نطق���ه ،وال ريب أن يف ال���كالم كالم���اً نابياً ومستوحش���اً ،ال يصلح للش���عر ،وأن الش���اعر ال���ذي ال يأخذ نفس���ه بعملية اختي���ار دقيق���ة ملفرداته ،هو يف احلقيق���ة يع���رض أدبه للهجنة وش���عره للسقوط . ً وآخ���ر س���بب يف تقدي���م عمر زه�ي�را ،هو أنه ( ال مي���دح الرج���ل إال مب���ا في���ه ) ،وه���و م���ا يعرف اليوم بالصدق الواقعي ،كما يسميه الدكت���ور إحس���ان عب���اس ،وكم���ا جاء يف كتاب���ه ( تاريخ النقد األدب���ي عند العرب ) ، وقد كان قول عمر هذا ،ركيزة للكثري من النقاد بعده ،الذين عنوا بالصدق الواقعي . وها هنا نلمح أثر عمر يف حركة النقد عند العرب ،فهو يش�ي�ر يف كلمته القصرية عن
زه�ي�ر إىل ثالث قضايا مهمة يف نقد الش���عر ،تتعل���ق القضيت���ان األوىل والثانية ( باملبنى ) ،والقضية الثالثة ( باملعنى ) ،وقد ش���غلت ه���ذه القضاي���ا علماء النق���د قدمي���اً وحديثاً ،ومم���ا ينب���ئ ع���ن مكان���ة عم���ر ومعرفت���ه احلاذق���ة باألدب ،هو هذا التقس���يم الدقيق ، والتفريق الواض���ح بني عنصرين مهمني يف مبنى القصيدة دون معناها ،وال أعرف أحداً ممن تكلموا يف الش���عر قدمياً قد س���بق عمر يف هذا التفريق ،فقصارى القول عندهم يف نق���د الش���عر ،هو أنه مبين ومع�ن�ي ،وما راق مبناه وحسن معناه هو عندهم الشعر املقدم ،ولكنه���م مل يغوص���وا ويتعمق���وا فيح���ددوا
أقسام املبنى وحدوده ،وأبعاد املعنى وفصوله .وعم���ر -كم���ا رأينا -خط���ا خطوة صوب التحديد والتدقي���ق ،وذلك بقوله يف وصف زه�ي�ر كان ال يعاظ���ل بني ال���كالم وال يتبع حوش���يه ..إخل .واملعاظل���ة واتب���اع احلوش���ي كالهم���ا يتصل باملبن���ى ،غ�ي�ر أن املعاظلة تك���ون يف الرتكي���ب ،واتب���اع احلوش���ي يك���ون يف اللف���ظ ،وجيم���ع االثن�ي�ن املبين ، ويفس���رهما اللفظ ،فعم���ر يلفت النظر إىل حقيق���ة خط�ي�رة وقضي���ة مث�ي�رة ،ويوج���ه االهتمام صوب اللفظ يف حالتيه البس���يطة والرتكيبي���ة ،وه���ذا االهتم���ام من���ا وتطور ،حت���ى أصب���ح ميث���ل آراء نقدي���ة كب�ي�رة ، ومرجع���ا مهماً للكثري من امل���دارس النقدية ،وأم���ا القضية الثالثة اليت أش���ار إليها عمر ونبه عليه���ا ،فهي قضية الصدق يف الش���عر ،ويفس���رها قوله يف زه�ي�ر ( ال ميدح الرجل إال مب���ا فيه ) ،وه���ي قضية كبرية ش���غلت النق���اد قدمياً وحديثاً ،وقد تفرع عنها أقوال
عدي���دة وآراء كث�ي�رة .وعابوا على الش���اعر مدح الرجل مبا ليس فيه ،أو إظهار األش���ياء على غري حقيقتها ،جتلى ذلك بوضوح عند الناقد األندلسي املشهور ابن بسام الشنرتيين ،صاحب الذخرية ،كما جتلى عند ابن حزم يف نظرته للشعر . ومم���ن تع���رض للحديث عن زهري وش���عره ،أب���و عم���رو اجلاحظ ؛ حي���ث ورد عنه قوله يعين زه�ي�راً ( ومن ش���عراء العرب من كان ي���دع القصائد متكث ح���وال كريت���اً ،وزمناً طوي ً ال ،يردد فيه���ا نظره ،ويقلب فيها رأيه ،اتهام���اً لعقل���ه وتتبعاً على نفس���ه ،فيجعل عقل���ه زمام���اً على رأي���ه ،ورأي���ه زماماً على ش���عره ،إش���فاقاً على أدبه ،وإحرازاً ملا خوله اهلل من نعمته ) . ها ه���و ناقد آخر ل���ه مكانته العالي���ة ورتبته الس���نية يف عامل النقد واألدب ،هو اجلاحظ ،فانظ���ر ماذا يق���ول ؟ يقول ( :ومن ش���عراء الع���رب من كان ي���دع القصائد متكث حوال ً كام�ل�ا – وزمنن���اً ً طوي�ل�ا ، كريت���اً – أي ي���ردد فيها نظره ،ويقل���ب فيها راية ) .وهذا ُ اجلاح���ظ زهرياً ،اعتداداً به القول يصف به ،وإج�ل�ا ً ال له ،ف���إن ترديد النظ���ر ،وتقليب ال���رأي يف األم���ر قب���ل ش���يوعه ،ه���و أص���ل الص���واب وعني احلكم���ة عن���د كل الناس . ومن فعله ملك زمام خياره وجعل لنفس���يه الغلبة على غريه ،فإن كان رئيساً أو شاعراً أو خطيباً ،توجب ذلك عليه وتأكد يف حقه ، ملسؤولية القدوة وخطورة التأثري ،والشاعر الذي يأخذ نفس���ه بهذا األدب ،ويلزمها بهذا القانون ،هو مشفق على أدبه ،صائن لنفسه ،ع���ارف ق���در نعمة ربه علي���ه ،وهكذا كان زهري يف نظر اجلاحظ ال���ذي يضيف معل ً ال قول���ه ( اتهام���اً لعقل���ه وتتبعاً على نفس���ه ) ، ويف ه���ذا التعلي���ل تظه���ر مالمح ش���خصية اجلاح���ظ الناق���د الف���ذ واألدي���ب النحرير ؛ فه���و أديب حصيف ،يعرف قدر نفس���ه ،وال يرك���ن إىل أول خاط���ر ،وال ينس���اق ألدنى فك���ره ،ب���ل ه���و يناق���ش خاط���ره وحياكم صرح له احلق وانفلق له الصبح فكرته ،فإذا َّ ،اطمأن واس���تقر وأعذر نفسه ،فقد بالغ يف جتنب مواطن الزلل ،وأخذ بأسباب السالمة ما استطاع .وعلى ذلك جيب أن يكون أرباب األدب وأهل القدوة ؛ ليسلم الناس من مغبة رأيه���م الفط�ي�ر ،ويس���لموا ه���م م���ن املالمة والنكري .واجلاحظ يس���قط ذلك على زهري ،مل���ا رآه ي���دع قصائ���ده متكث ح���وال كريتاً ً طوي�ل�ا ،ويف قول اجلاحظ دليل على وزمنا أن صناع���ة زه�ي�ر وال كصناع���ة ،صناع���ة تشذيب وتهذيب وإشفاق وحرص وصيانة ، وإحراز ال تزري بالطبع وال تتصل بالتكلف ،وأق���ول ذل���ك ألن اجلاحظ يع���د من أنصار حس���ن البناء ،ومن مدرسة اللفظ ،وهو إىل جانب ذلك مي���ج التعنت ويكره التوعر ،وما نس���ب إليهما من صناعة ظاهرة يضيع فيها املعنى ،وتبهت فيها الصورة .
السنة الرابعة 12 - 6 ( - ) 156 ( -مايو ) 2014
عبدالقادر حممد على بوقعيقيص 2001- 1936
ولد يف مدينة بنغازي ودرس فيها املراحل األوىل للتعلي���م وكان يس���اعد وال���ده يف إدارة مكتبت���ه يف مي���دان احل���دادة .وهي أول مكتب���ة يف بنغازي مت إفتتاحه���ا ع���ام 1921من قبل وال���ده املرحوم حممد على بوقعيقيص .غ���ادر بعد إنهاء املرحلة الثانوي���ة إلي القاهرة حي���ث درس لبعض الوقت ث���م أنتق���ل لدراس���ة الط���ب يف مدين���ة بولوني���ا بإيطاليا وختصص يف جراحة عظام األطفال .عاد بعد ذلك للعمل يف مدينته بنغازي وتقلد العديد م���ن املناص���ب كإدارة مستش���فى اجلمهورية ثم إدارة مستش���فى اجل�ل�اء .ويف العام 1975كلف بإدارة ش���ؤؤن الصحة يف املنطقة الشرقية ،ولكنه مل يتواف���ق مع املس���ئولني ومت تهديده وإحتجازه مل���دة ثالث���ة أيام م���ن قبل أمح���د ق���ذاف الدم يف طرابل���س .وعندما كثر تهديده من قبل عناصر النظام الس���ابق حيث كان يعارض النمط الذي أصبحت تدار به الدولة ،غادر ليبيا يف نفس العام 1975إليطالي���ا وكان أمل���ه يف العودة ألرض الوط���ن ولك���ن وافته املني���ة قبل أن ي���رى الوطن م���ن جدي���د .توفى حامل���اً ببنغازي معش���وقته اليت نظم عليه���ا بعض القصائد ورس���م من ذاكراته لوحات هلا ولش���ارع الش���وخيات مس���قط رأس���ه. . كان فنانا مرهف احلس عالي الوطنية .أخنرط يف املعارض���ة لنظ���ام الق���ذايف وس���اهم يف ح���زب اجلبهة الوطنية لإلنقاذ .وإبان حرب تش���اد ذهب مع رفاقه لتشاد ملساعدة اجلنود الذين مت نبذهم هن���اك .قض���ى فرتة م���ع رف���اق م���ن املعارضة يف الس���ودان واجلزائر للتخطيط إلس���قاط النظام. ع���اد بعد ذلك إليطاليا حي���ث أمضي باقي حياته. وق���د مت تهدي���ده عدة م���رات يف إيطالي���ا وقامت الش���رطة اإليطالية بتوفري احلماية له ولعائلته يف أكثر من مناسبة" . •كريم عبد القادر بوقعقيص