тАля║гя╗о╪з╪▒тАм
тАл╪зя╗Яя║о┘И╪зя║Ля╗▓ ╪зя╗Яя╗ая╗┤я║Тя╗▓ ╪гя║гя╗дя║к ╪зя╗Яя╗Фя╗┤я║Шя╗о╪▒┘КтАк:тАмтАм
тАля╗Уя╗▓ я║│я╗┤я║о╪й я║Ся╗ия╗▓ я╗Пя║О╪▓┘КтАм тАл╪▒я║╗я║к╪к я╗Ыя╗Ю ╪г┘Ия╗Яя║Мя╗Ъ ╪зя╗Яя╗Мя║Оя║Ся║оя╗│я╗жтАм
тАля╗гя╗ая║дя╗Ц ╪гя║│я║Тя╗оя╗Ля╗▓тАм тАля╗│я║╝я║к╪▒ я╗Ыя╗Ю я╗│я╗о┘Е ╪гя║гя║ктАм тАл╪зя╗╖я║гя║к тАк 2тАмя╗гя║О╪▒╪│ тАк / 2014тАм╪зя╗Яя╗Мя║к╪п тАк - 18тАм╪зя╗Яя║┤я╗ия║Ф тАк1тАмтАм
тАл ╪г╪п╪итАм
тАля║╖я╗┤я╗дя╗о╪│ я╗ля╗┤я╗ия╗▓тАм тАля╗зя╗Мя╗ия║О╪╣ ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║о ╪з я╗зя║ая╗ая╗┤я║░┘КтАм
тАл я║Чя║╕я╗Ья╗┤я╗ЮтАм
тАля║Ся╗┤я╗ия║Оя╗Яя╗▓ ╪зя╗Яя║Ья╗Шя║Оя╗Уя║ФтАм тАл┘Ия║Яя╗к я╗гя║╝я║о ╪зя╗Яя╗дя║╕я║о┘ВтАм
тАл я╗гя╗оя║│я╗┤я╗Шя║ОтАм
тАля╗Ля╗о╪╢ ╪зя╗Яя║к┘Ия║зя╗▓тАм тАля╗зя╗мя║О┘Е я╗Яя╗┤я╗Ю ╪зя╗Яя║ия╗ая╗┤я║ЮтАм
тАл ╪▒я║гя╗╝╪ктАм
тАля║│я╗о╪зя╗Ыя╗ж ╪зя╗Яя║┤я╗о╪п╪зя╗зя╗┤я║ФтАм тАля╗гя║кя╗│я╗ия║Ф я║Яя╗ж я║│я╗ая╗┤я╗дя║О┘ЖтАм
2
ﺣـﻮار
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
أﺣﻤﺪ اﻟﻔﻴﺘﻮري:
ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻨﻐﺎزي ﻣﺴﺒﺎري ﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﻮار -ﺧﻠﻮد اﻟﻔﻼح أﺣﻤﺪ اﻟﻔﻴﺘﻮري ﻛﺎﺗﺐ ورواﺋﻲ ﻟﻴﺒﻲ ﻣﻦ ﻣﻮاﻟﻴﺪ ﺑﻨﻐﺎزي ﻋﺎم ،١٩٥٥ﻗﻀﻰ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻦ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻻﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ ﺣﺰب ﺗﻘﺪﻣﻲ ﻣﺤﻈﻮر ،وﻋﻤﻞ ﻓﻲ اﳌﺴﺮح اﻷﻫﻠﻲ ﺣﻴﺚ ﺷﺎرك ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻓﺮﻗﺔ اﳌﺴﺮح اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻋﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ وﻧﺸﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﻘﺎﻻت ﺗﺤﺖ أﺳﻤﺎء ﻣﺴﺘﻌﺎرة ﻓﻲ اﻟﺒﺪء ﻣﺜﻞ :ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﺎزاﻣﺔ ،وأﻧﻴﺲ ﻣﺤﻤﺪ ،وﻧﺸﺮت ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ أﻋﺪادﻫﺎ اﻷﺧﻴﺮة ﻗﺒﻴﻞ إﻏﻼﻗﻬﺎ ﻋﺎم ،١٩٧١أﺷﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﺤﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪة اﻟﻔﺠﺮ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،وﻋﻤﻞ ﺳﻜﺮﺗﻴﺮ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻟﺼﺤﻴﻔﺔ اﻷﺳﺒﻮع اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﻫﻲ أول ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ أﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﺨﺘﺼﺔ ﺻﺪرت أﺳﺒﻮﻋﻴﺎ ﺑﲔ ﻋﺎﻣﻲ ،١٩٧٩ - ١٩٧١وأﺷﺮف ﻋﻠﻰ إﻋﺪاد ﻣﻠﻔﺎت ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻴﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔّ ،أﺳﺲ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ ٢٠١١ﺟﺮﻳﺪة ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ اﳌﺴﺘﻘﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮأس ﺗﺤﺮﻳﺮﻫﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن .ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ» :ﺳﺮﻳﺐ – ﺷﻲء ﻣﺎ ﺣﺪث ﺷﻲء ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث – ﻗﺼﻴﺪة اﻟﺠﻨﻮد – ﺟﺪل اﻟﻘﻴﺪ واﻟﻮرد أو ﺳﺘﻮن اﻟﺸﺮﻳﻒ – ﺳﻴﺮة ﺑﻨﻲ ﻏﺎزي -ﻓﻲ ذﻛﺮى رﻓﻴﻖ« ،وﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﺳﻴﺮة ﺑﻨﻐﺎزي« ﻛﺘﺐ ﺳﻴﺮة ﻣﺪﻳﻨﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺷﻜﻠﺖ ﺑﺪاﻳﺎﺗﻪ ﻣﻊ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻄﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻪ »اﻟﺼﺎﺑﺮي« اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻨﺖ ﺑﻬﺎ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑــ »اﻟﺼﺎﺑﺮ ي ﻋﺮﺟﻮن اﻟﻔﻞ« وﻣﺎ ﺗﺒﺮزه ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺮة ﻓﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﺤﺎول أن ﺗﻜﻮن ﺣﻴﺔ ﻣﺘﻔﺮدة، ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺮد ﻧﺜﺮي ﻟﺬاﻛﺮة ﻣﺴﻬﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻲ ،ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب ﻫﻨﺎك ﺳﻴﺮة ﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﺑﻨﻐﺎزﻳﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة، وﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺻﺪور اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﺳﻴﺮة ﺑﻨﻐﺎزي« ﻋﻦ دار ﻣﻴﺮﻳﺖ ﻛﺎن ﳌﻠﺤﻖ »اﻟﺸﺮق اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ« ﻣﻌﻪ ﻫﺬا اﻟﻠﻘﺎء:
ﻣﻦ ﻳﻘﺮأ ﻛﺘﺎﺑﻚ »ﺳﻴﺮة ﺑﻨﻲ ﻏﺎزي« ﻳﺼﺎب ﺑﺤﺎﻟﺔ ﻧﻮﺳﺘﺎﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺬﻫﺐ إﻟﻴﻪ اﻟﺮواﺋﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺴﻴﺮة؟ ﻣﻌﻚ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﻧﻬﺎ ﻧﻮﺳﺘﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، ﻻ أﺗﻔﻖ ِ ﻟـﻴـﺴــﺖ ﺣﻨﻴﻨﺎ ﻋــﺎﻃـﻔـﻴــﺎ ﻣـﺸـﺒــﻮﺑــﺎ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻛـ ــﻞ اﻟ ـﺒ ـﺸ ــﺮ ﻣ ـﺸ ـﺤ ــﻮﻧــﺔ ﺑ ـﻤ ــﺎ ﻳـ ــﺪﻋـ ــﻮه ﻧـﻴـﺘـﺸــﻪ ﺑﺎﻟﻌﻮد اﻷﺑ ــﺪي ،أو اﻟـﻔــﺮدوس اﳌﻔﻘﻮد ﻓــﻲ ﻛﻞ ﻣﻴﺜﺎﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﻓﺎﻟﺒﺸﺮ ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮن إﻻ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ وﺗ ـﺴ ــﺮب ﻣ ــﻦ أﻳ ــﺎدﻳ ـﻬ ــﻢ وﻃ ـﺒــﻊ اﻟ ـﻨ ـﻔ ــﻮس ،ﻟﻜﻦ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻏﺎﺋﻤﺔ ،واﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻪ.
ﻗﻨﺎع اﻟﺴﻴﺮة ﻓــﻲ »ﺳـﻴــﺮة ﺑﻨﻲ ﻏ ــﺎزي« اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﺧﺮﻳﻄﺔ ﻛــﻞ ذاﻛ ــﺮة ﻣﺸﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌﺘﻤﺔ ،وﻏﻴﺎب اﻟﺴﻴﺎق اﳌﻨﻄﻘﻲ اﳌﺤﻜﻢ ،ﻓﺎﳌﻜﺎن ﻳﺒﺮر ﻧﻔﺴﻪ، وﻫـ ــﻮ اﻟ ـ ـ ــﺮاوي واﳌ ـ ـ ـ ــﺮوي ،اﻟ ـﺴ ـﻴ ــﺮة ﻫ ـﻨ ــﺎ ﻗ ـﻨــﺎع ّ ﻃﻮﻃﻤﻲ ﻳﺆدي ﻣﻬﻤﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﻓﻲ أن ﻛﻞ ﺳﺮد ّ ﻫﻮ ﺳﻴﺮة ﻛﻤﺎ أن ﻛﻞ ﺳﻴﺮة ﺳﺮد ،اﳌﻜﺎن ﻛﺎﺋﻦ ّ ﺣﻲ وﺑﻬﺬا ﻫﻮ ﺳﺮد ﻟﺴﻴﺮة ﻣﺘﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻫﻲ ﺑﺸﺮ وأﻓﻌﺎل وﺣﻜﺎﻳﺎ ،وﻣﺎ ﻳﺒﺎن ﻛﺸﻈﺎﻳﺎ ﻫــﻮ ﻛﻴﻨﻮﻧﺔ ﻛــﻞ ﺗﺠﻤﻊ ﺑـﺸــﺮي ،اﻟﺘﺸﻈﻲ ﻫﻨﺎ ﻓ ــﻲ اﻟ ـﺘ ـﻤ ـﻈ ـﻬــﺮ وﻟـ ـﻴ ــﺲ ﺑ ــﺎﻟـ ـﻘ ــﻮى ،وﻣـ ــﺎ ﻳـﻈـﻬــﺮ ﻛﺤﻨﲔ ﻫﻮ ﻛﺸﻒ ﻋﻠﻰ أن ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﻛﺎﺋﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﻛ ــﺎن ،ﻟـﻴــﺲ ﺑــﻮﺻـﻔــﻪ ﻣــﺎﺿـﻴــﴼ ،وﻟـﻜــﻦ ﻷن
اﻟﺤﻴﺎة ﺗﺘﺠﺪد وﻻ ﺗﺨﻠﻖ ﻣﻦ ﻓﺮاغ. ﻗﺪ ﻳﻈﻦ اﻟﻘﺎرئ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﺮع ﻓﻲ ﻗــﺮاءة اﻟﻜﺘﺎب أﻧــﻚ ﺗﻜﺘﺐ ﺳﻴﺮة ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟــﻚ ﻳﻜﺘﺸﻒ أﻧــﻚ ﺗﻜﺘﺐ ﺳﻴﺮﺗﻨﺎ ﻧﺤﻦ ،ﺳﻜﺎن ﻫــﺬه اﳌــﺪﻳـﻨــﺔ ،ﻣــﺎذا ﺗﻌﻨﻲ ﻟﻚ ﺑﻨﻐﺎزي؟ ﻟﻦ ﻧﺬﻫﺐ ﺑﻌﻴﺪا ﻟﻮ أﻋﺪﻧﺎ ﻗﺮاءة ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺖ، ّ ﻓﻘﺒﻞ ﻫ ــﺬه اﻟـﺠـﻤـﻠــﺔ ﻧـﺠــﺪ اﻟ ـﺠ ــﻮاب ،ﺑــﻞ إن ﻛــﻞ ﻣــﺪن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫــﻲ ﺳﻴﺮة ﻣﻜﻮﻧﻴﻬﺎ ﻣــﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﳌﻬﻨﺪﺳﲔ واﻟﺒﺤﺎﺛﺔ ..إﻟــﺦ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﺗـﻜــﻮﻳــﻦ اﳌ ــﺪن ﺳ ـﻴــﺮﻫــﻢ ،وﻛ ــﻞ اﳌ ـﻜــﻮن اﻟـﺒـﺸــﺮي ﻳﻜﻮن ﺑﺴﻴﺮﺗﻪ ﺳﻴﺮة ﻫﺬه اﳌﺪن ،ﺣﺘﻰ أن ﺛﻤﺔ ﻣ ــﻦ ﻳ ـﻤــﺮ ﻛ ـﻌــﺎﺑــﺮ ﺳـﺒـﻴــﻞ ﻳ ـﺘ ــﺮك ﺑ ـﺼ ـﻤــﺎﺗــﻪ ،ﻓﻲ »ﺳ ـﻴــﺮة ﺑـﻨــﻲ ﻏـ ــﺎزي« رﺻ ــﺪت ﻛـﺜــﺮ ﻣــﻦ أوﻟـﺌــﻚ اﻟـﻌــﺎﺑــﺮﻳــﻦ ،ﻣـﺜــﻞ روﻣ ــﻞ وﻣــﻮﻧـﺘـﺠـﻤــﺮي اﻟﻠﺬﻳﻦ ﺷـﻜــﻼ روح ﺑ ـﻨ ـﻐــﺎزي ،وﻫ ـﻤــﺎ ﻳ ـﻌ ـﺒــﺮان اﳌــﺪﻳـﻨــﺔ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺣــﺮب ﻻ ﺗﺸﻜﻞ إﻻ ﺟــﺰءﴽ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ .اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻫﻲ ﺳﻴﺮﺗﻨﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻫــﻲ اﻟـﻘــﺮى واﻟ ـﺒــﻮادي واﻟﺼﺤﺎرى، اﳌﺪﻳﻨﺔ اﳌﺴﺘﻘﺮ وﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺴﺘﻘﺮ ﻧﺤﻦ ﻛﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻤﻴﺘﺔ ﻻ ﻛﺄﻃﻼل. ﻫﻲ ﺑﻨﻐﺎزي اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻜﻨﻚ إذﴽ؟ ﺑﻨﻐﺎزي ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ وﻣﺴﻘﻂ رأﺳ ــﻲ ،ﻗــﺪري، ﻫ ــﻞ ﻣ ــﻦ أﺣ ــﺪ ﻳـﺤــﺐ ﻗـ ــﺪره ،ﺑـﻨــﺎ ﺗ ــﻮق ﺳــﺮﻣــﺪي إﻟ ــﻰ ﻗ ــﺪر ﻧـﺨـﺘــﺎره ،ﻫــﻞ ﻣــﻦ أﺣ ــﺪ اﺧ ـﺘــﺎر ﻗ ــﺪره؟ ﻓ ــﻲ اﳌ ـﻔ ــﺎرﻗ ــﺔ ﺗـﻜـﻤــﻦ اﳌ ـﺴ ــﺄﻟ ــﺔ :ﻧ ـﺤــﻦ ﻻ ﻧــﺮاﺟــﻊ اﻷﻛ ـﺴ ـﺠــﲔ اﻟـ ــﺬي ﻧـﺘـﻨـﻔــﺲ وﻻ ﺛ ــﺎﻧ ــﻲ أﻛـﺴـﻴــﺪ
J ا داب أﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﺸﻌﻮب واﻟﺠﺪة أﺻﻞ ّ ﻛﻞ ﺳﺎرد
اﻟﻜﺮﺑﻮن أي أن ﻣــﺎ ﻳﻠﺰم ﻳـﻠــﺰم ،ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﻗﻠﻊ ﺑﻨﻐﺎزي ﻣﻦ أن ﺗﺴﻜﻨﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ذﻫﺒﺖ ﺑ ـﻌ ـﻴ ــﺪا ،أﻧ ـ ــﺎ اﻵن أﺳـ ـﻜ ــﻦ ﺑـ ـﻨـ ـﻐ ــﺎزي ،ﻗ ــﺪ أﻏ ـﻴــﺮ ﻣﺴﻜﻨﻲ ،ﻗﺪ أﺳﻜﻦ اﳌﺮﻳﺦ ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺣﺪث ﺣﺪث ﺣﺘﻰ وإن ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻨﻲ اﻟﻨﺴﻴﺎن ،ﻓﻲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﺑﻨﻐﺎزي ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﻐﻴﺮة ،وﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺗﻄﻔﻮ وﺗﻐﺮق ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﲔ ﺗﺤﲔ ﺳﺎﻋﺘﻬﺎ ﺗﺒﺪو ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﳌﺪن ،ﻫﻲ ﻛﻤﺎ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﺗﻄﻠﻊ ﻓﻲ اﳌﺤﻴﻂ وﺗﺨﺘﻔﻲ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺴﻌﻴﺪ ﻣﻦ ّ ﺗﺒﺪت ﻟﻪ وﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﺮﻣﻖ اﻷﺧﻴﺮ.
اﻟﻤﻜﺎن ﻛﺎﺋﻦ ﺣﻲ
ﻋﺎﺷﻖ اﻟﻤﻜﺎن
ﻓﻴﻪ اﻟﺒﺸﺮ وا$ﻓﻌﺎل
ﺗـﻜـﺘــﺐ اﻟ ـﺘــﺎرﻳــﺦ اﻟ ـﺴــﺮي ﳌ ـﻨــﺎرة ﺧــﺮﻳـﺒـﻴــﺶ وﻧﻬﺮ اﻟـﻠـﻴـﺜــﻲ وﻣ ـﻴ ــﺪان اﻟـﺒـﻠــﺪﻳــﺔ ،ﳌ ــﺎذا ﻳ ـﺒــﻮح ﻋــﺎﺷــﻖ اﳌـﻜــﺎن ﺑﺄﺳﺮاره؟ اﻟﺴﺮد ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻟﻠﺴﺮ اﻟﺴﺮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻛﻞ أﺣﺪ وﻻ ﻳـﻌــﺮﻓــﻪ أﺣ ــﺪ ،ﻓــﻲ ﺳـﻴــﺪي ﺧــﺮﺑـﻴــﺶ ﻣـﻨــﺎرة وﻓ ــﻲ اﻟـﻠـﻴـﺜــﻲ ﻧ ـﻬــﺮ اﻟ ـﻨ ـﺴ ـﻴــﺎن اﻹﻏ ــﺮﻳ ـﻘ ــﻲ وﻓــﻲ اﳌﻴﺪان اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ﻫﻞ ﻫﺬه أﺳﺮار؟ أﻟﻴﺲ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﻌﻠﻢ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ؟ ﻓﻲ اﻟﺴﺮد ﻧﻤﻴﻂ اﻟﻠﺜﺎم ﻋﻤﺎ ﻧ ـﻌ ـﻠــﻢ ﻟـﻨـﻜـﺘـﺸــﻒ ﻏ ـ ــﻮره ﻛ ـﻤــﺎ ﻓ ــﻲ اﻟ ـﺒ ـﺌــﺮ ﻧـﺒــﻊ، ﻓ ــﻲ »ﺳ ـﻴ ــﺮة ﺑـﻨــﻲ ﻏـ ــﺎزي« ﻧـﻌـﻴــﺪ ﺗـﺸـﻜـﻴــﻞ ﻫــﺬه اﻟـﻌــﻼﻣــﺎت ﻓﻨﺘﺒﻴﻨﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻟــﻢ ﻧﺘﺒﲔ ،ﻧﺤﻦ ﻗﺪ ﻧﻌﺮف ﻣﻦ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﺣﻮل ﺷﻲء ﻣﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ
واﻟﺤﻜﺎﻳﺎ اﻟﺒﺸﺮ ﻳﻤﻠﻜﻮن اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻏﺎﺋﻤﺔ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻏﺎﺋﺐ
3
ﺣـﻮار
ﻳﺠﻲء ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﺮدﻳﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ أن ﻧﻬﺮ اﻟـﻨـﺴـﻴــﺎن أﺳ ـﻄــﻮرة إﻏــﺮﻳـﻘـﻴــﺔ ﻓ ــﺈن ﻣـﻨــﺎرة ﺧــﺮﺑـﻴــﺶ ﻓــﻲ »ﺳ ـﻴــﺮة ﺑـﻨــﻲ ﻏ ــﺎزي« ﺗﺸﻲ ﺑﺎﳌﺪﻳﻨﺔ وﻣﻴﺪان اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ﺳﺮﺗﻬﺎ ،ﻫﻞ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻛﺎن ﻳﻌﻠﻢ ذﻟﻚ ﻗﺒﻞ؟ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻘﻮل إن اﻟﻐﺮﺑﺎء ﻫﻢ أﻛﺜﺮ ﺻﺪﻗﴼ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﳌﺪن اﻟﺘﻲ ﺳﻜﻨﺘﻬﻢ ،إﻟﻰ أي ﺣﺪ ﺗﺼﺪق ﻫﺬه اﳌﻘﻮﻟﺔ؟ اﻟ ـﻐ ــﺮﺑ ــﺎء ﻋ ـ ــﺎدة ﺗـﺴـﻜـﻨـﻬــﻢ أوﻃ ــﺎﻧ ـﻬ ــﻢ، ﻛﺎﳌﺘﺼﻮﻓﺔ ﻣﺜﻼ ،اﳌﻨﺎﺿﻠﻮن واﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﻋ ـ ــﻦ اﻟـ ـﺤـ ـﻘـ ـﻴـ ـﻘ ــﺔ ،اﳌـ ـ ـﺒ ـ ــﺪﻋ ـ ــﻮن ﻫ ـ ــﻢ اﻟ ــﺬﻳ ــﻦ ﻳـﺠـﻨـﺤــﻮن ﻋ ــﻦ اﻟ ـﺴ ـﻴــﺎق ،ﻫ ــﺆﻻء اﻟـﻐــﺮﺑــﺎء ﻳﻌﺸﻘﻮن إﻟ ــﻰ ﺣــﺪ اﳌـﻨـﺘـﻬــﻰ ،وﻳــﺮﺻــﺪون ﻧـ ـﺒ ــﺾ ﻫـ ـ ــﺬه اﳌ ـ ـ ــﺪن اﻟـ ـﺤـ ـﻘ ــﺔ ،ﻛـ ـﻤ ــﺎ اﳌـ ـ ــﺮأة اﻟﻌﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻤﻨﺢ ﻧﻔﺴﻬﺎ إﻻ ﻟﻠﺸﻘﻲ، ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺸﻘﻲ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﺻﻄﻼح ﱠ »ﻫﻴﺠﻞ« ،اﳌﻜﺎن اﻟــﺬي ﻻ ﻳﺆﻧﺚ ﻻ ﻳﻌﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ.
ﻟﻌﺒﺔ ا&ﻧﺎ ﻓﻲ رواﻳﺎﺗﻚ »ﺳﺮﻳﺐ« و«ﺑﻴﺾ اﻟﻨﺴﺎء« ﺛﻤﺔ ﺳﺮد ﺳﻴﺮوي ..ﻫﻞ ّ ﺗﻌﺪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻷدﺑﻲ ﻧﺮﺟﺴﻴﺔ ﻣﻔﺮﻃﺔ أم أﻧﻬﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ؟ ﻛــﻞ ﻛـﺘــﺎﺑــﺔ ﺳــﺮدﻳــﺔ أو ﺷـﻌــﺮﻳــﺔ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺳﻴﺮوﻳﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣــﺎ ،ﻷن ﻛﻞ إﺑــﺪاع ذاﺗﻲ ﻻ ﻣـ ــﻮﺿـ ــﻮﻋـ ــﻲ ،وأي إﺑ ـ ـ ـ ــﺪاع ﻫـ ــﻮ ﺷـﻌــﺮ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺳﺮد ﺑﺎﳌﻌﻨﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﻫــﺎﻳــﺪﺟــﺮ ﻳـﻘــﻮل اﻟﻠﻐﺔ ﺳــﺮ اﻟــﻮﺟــﻮد وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﺮ ﺗﻜﻤﻦ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﺘﺒﺖ رواﻳــﺔ »ﺳﺮﻳﺐ« ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ وﻃـ ـﻔ ــﻮﻟـ ـﺘ ـ ِـﻚ ،ﻃ ـﻔ ــﻮﻟ ـﺘ ـﻨ ــﺎ ﺳ ــﺎﺣ ــﺔ اﻟ ـﻠ ـﻌ ـﺒــﺔ ﻫﺎك اﻟﺴﺮدﻳﺔ وﻛﻨﺖ أﻏﺘﺮف ﻣﻦ ﺑﺌﺮﻫﺎ، ِ ﺳـ ـ ّـﺮا :ذﻛـ ــﺮت ﻓ ــﻲ »ﺳ ــﺮﻳ ــﺐ« اﺳ ــﻢ ﺻــﺪﻳــﻖ ﻟــﻲ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺣــﲔ ﻗــﺮأ »ﺳــﺮﻳــﺐ« ﺟﺎءﻧﻲ ﻣﺴﺮورا ﻷﻧﻨﻲ ذﻛﺮت أﺣﺪاﺛﺎ ﻟﻢ ﺗﻐﺐ ﻋﻦ ذاﻛــﺮﺗــﻪ ،وأﻃﻨﺐ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ أﺣــﺪاث ﻣﻦ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ وﻣــﺪح ذاﻛﺮﺗﻲ، ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ؛ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﳌﺎ ذﻛﺮه ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ﺻﻠﺔ ﺑﻪ ،وﻛﻨﺖ اﺳﺘﻌﺮﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ رواﺋﻲ ّ ﻣﺘﺄﻛﺪ أﻧــﻪ ﻟــﻢ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ،وأن ﻣــﺎ ﺣﺎﻛﻪ اﻟﺴﺮد ﻫﻮ ﻣﻦ ﺳﻴﺎق اﻟــﺮواﻳــﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻟﻪ وﺷﻴﺠﺔ اﻟﺒﺘﺔ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ اﻟﻨﺮﺟﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﻤﺎ ﺗﻌﻨﻲ أﻧﻨﺎ ﻧﻜﻮن ﺣﻴﺚ
qqﻛﻠـﻤـﺔ أدب اﻟﺮﺣﻼت ﻋﺒﺪا 0اﻟﺤﺎﻣﺪي
ﻣﺘﺄﻣﻼ اﻟﻔﻴﺘﻮري ً ﻧــﺮﻏــﺐ وﻧ ــﺮﻳ ــﺪ ،ﻓــﺎﻟ ـﺴــﺮد ﻳــﻮﻫـﻤـﻨــﺎ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻧ ـﺤــﻦ ﻓ ــﻲ اﳌـ ـ ــﺮآة ،ﻣـ ــﺮآة اﻟ ـﻨ ـﺒــﻊ اﻟ ـﺘ ــﻲ ﻧﺒﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺮﺳﻴﺲ أو اﻷﻧﺎ ،ﻓﻲ رواﻳﺔ »ﺑﻴﺾ اﻟﻨﺴﺎء« أﻛﺘﺐ ﻋﻦ اﻣــﺮأة ﻓﺼﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ اﻟﺮواﻳﺔ ،ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻳﻮﻧﻎ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﻓﺮوﻳﺪ ﻳـﺘـﻜـﻠــﻢ ﺑ ــﺈﺳ ـﻬ ــﺎب ﻋ ــﻦ اﻷﻧـ ـﺜ ــﻰ ﻓ ــﻲ اﻟــﺬﻛــﺮ واﻟﻌﻜﺲ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﻨﺮﺟﺴﻴﺔ اﳌﻔﺮﻃﺔ ﻫﻲ اﻟﺤﺪ اﻟﻼزم ﻻﺟﺘﺮاح اﻟﻠﻐﺔ ﻛﻲ ﺗﻜﻮن اﻷﻧــﺎ ،ﻷن أي ﻋﻤﻞ إﺑﺪاﻋﻲ ﺟﻮﻫﺮه اﻷﻧﺎ، وﻣﺴﺒﺎره اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.
J ﻧﺴﻮح اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺟﺴﺎدﻧﺎ وﺑﺬاﻛﺮاﺗﻨﺎ ا$وﻟﻰ ﻛﻞ إﺑﺪاع ﻫﻮ ﺷﻌﺮ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣﺎ
ﻋﺮﺟﻮن اﻟﻔﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ »اﻟـﺼــﺎﺑــﺮي« اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺑـﻌــﺾ اﻷﻏـﻨـﻴــﺎت اﺳ ــﻢ ﻋــﺮﺟــﻮن اﻟ ـﻔــﻞ ،دﻛــﺎﻛــﲔ ﺣـﻤـﻴــﺪ ،ﻣـﺨـﺒــﺰ اﻟ ــﻮاﻟ ــﺪ ،اﻟ ـﻜ ـﺘ ــﺐ ...إﻟ ــﻰ أي ﻣــﺪى ﻳﺒﻘﻰ اﳌﻜﺎن اﻷول ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻜﺎﺗﺐ ذا ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ واﻟﻼﺣﻘﺔ؟ اﳌ ـﻜ ــﺎن ﻫ ــﻮ اﻟ ــﺰﻣ ــﺎن ،ﺣ ـﺘــﻰ ﻓ ــﻲ اﻟـﺘـﺠــﺮﻳــﺪ ﻳـ ـﻨ ــﺪس اﳌ ـ ـﻜـ ــﺎن ﺑ ـﻌ ـﻴ ــﺪﴽ ﻋـ ــﻦ اﻟ ـ ــﺮاﺋ ـ ــﻲ ،اﻟ ـﻠ ـﻐــﺔ اﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺗﺠﺮﻳﺪ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﺼﻴﻘﺔ ﺑﻤﻜﺎن ﻣﺎ ﻓﻲ ذاﻛــﺮة ﻣــﺎ ،ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻲ ﻛﻨﺖ أرﻳــﺪ أن أﻛﺘﺐ ﻣﺎ أﻋﺮف وﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن أﻋــﺮف ،ﻟﻜﻲ أﻋﺮف ﻣﺎ ﻻ أﻋﺮف ،أرﻳﺪ أن أﻋﺮف ﻛﻴﻨﻮﻧﺘﻲ؛ ﻓﺎﻟﺼﺎﺑﺮي ﻣـﻨـﻄـﻘـﺘــﻲ ،وﺣ ــﻲ دﻛــﺎﻛــﲔ ﺣـﻤـﻴــﺪ وﻣــﺪﻳـﻨـﺘــﻲ ﺑـﻨـﻐــﺎزي ﺻ ــﻮرة اﻟ ـﻌــﺎﻟــﻢ ،وﻣ ـﺴ ـﺒــﺎري ﻟــﺮؤﻳــﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻛﻤﺎ اﻷﻋﻤﻰ اﻟﺬي ﺗﻤﻜﻦ ذات ﻣﺮة ﻣﻦ اﻟﺮؤﻳﺔ ﻓﺮأى ﻓﺄرا ،ﺛﻢ ﳌﺎ ﻋﺎوده ﻓﻘﺪان اﻟﺒﺼﺮ ﻛﺎن ﻛﻠﻤﺎ ذﻛﺮ أﺣﺪ ﺷﻴﺌﺎ ﺗﺴﺄل أﻳﻦ ﻫﻮ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻔﺄر ،اﳌﻜﺎن ﻫﻮ ذﻟﻜﻢ اﻟﻔﺄر ،ﻧﺤﻦ ﻧﺴﻮح اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺟﺴﺎدﻧﺎ ﻧﻌﻢ وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﺬاﻛﺮة اﻷوﻟﻰ، ﺑ ــﺎﻟ ـﺼ ــﺎﺑ ــﺮي ودﻛـ ــﺎﻛـ ــﲔ ﺣ ـﻤ ـﻴــﺪ وﺑ ـﻨ ـﻐ ــﺎزي، ﻓ ــﺎﻟ ـﻜ ــﺎﺗ ــﺐ ذاﻛ ـ ـ ــﺮة ﺣ ـﺘ ــﻰ وﻫ ـ ــﻮ ﻳـ ـﺒ ــﺪع رؤﻳـ ــﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،واﻟـﺴــﺎرد ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻲ ﻣﻬﺠﻮس ﺑﻔﺴﻴﻔﺴﺎء اﳌﻜﺎن اﻟﺘﻲ ﻛﺄﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﺠﺎوﻳﻒ اﻟ ــﺬاﻛ ــﺮة وﺧ ــﻼﺋ ــﻂ اﻟ ـﻨ ـﻔــﺲ وروح اﻟ ــﺬاﻛ ــﺮة، ﻛﻤﺎ ﻣﻌﻤﺎري أﻋﻴﺪ ﻧﺴﺞ اﳌﻜﺎن ﻓﻤﻌﻤﺎر ﻛﻞ ﻣﺴﺮوداﺗﻲ ﻣﻦ ﻣﻌﻤﺎر اﳌﻜﺎن ،وﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﺮدﻳﺎت ﻫﻮ روح ﺣﻴﺔ ،أﻧﺎ اﺑﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺣﻴﺚ اﳌﻌﻤﺎر ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺸﻜﻞ اﻟﺮوح.
اﻟﺠﺪة اﻟﺮاوﻳﺔ اﻟﺠﺪة ﻓﻲ رواﻳــﺎﺗــﻚ ﻣﻨﺒﻊ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ،ﻛﻴﻒ ﻳﺼﻮر اﻟﻔﻴﺘﻮري ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﻬﺎ؟ ﺟ ــﺪﺗ ــﻲ ﻓ ــﻲ رواﻳـ ـ ــﺔ »ﺳ ــﺮﻳ ــﺐ« اﺳ ـﺘ ـﻌــﺎرة وﻟـ ـﻴـ ـﺴ ــﺖ ﺟـ ــﺪﺗـ ــﻲ ،ﻓ ــﺎﻟ ـﻄ ـﻔ ــﻮﻟ ــﺔ ﻓـ ــﻲ ﻫــﺎﺗ ـﻴــﻚ اﻟ ـﺴ ــﺮدﻳ ــﺔ ﻫ ــﻲ ﺣ ـﺠــﺮ اﻟ ـﺤ ـﻜــﺎﻳــﺔ وردﻧـ ـﻬ ــﺎ ﺑﻞ روﺣﻬﺎ ،ﻛﻞ ﻃﻔﻞ ﻫﻮ اﺑﻦ ﺟﺪة أي ﺣﻔﻴﺪ ،ﻷن اﻷب ﻓﻲ ﺳﺮﻳﺐ ﻛﻤﺎ اﻷم وﺳﻴﻂ ،ﻫﻞ أذﻛﺮك ﺑﻤﺮﺛﻴﺔ اﳌﺘﻨﺒﻲ ﻟﺠﺪﺗﻪ؟ أو ﺑﺘﺮاث اﻟﺸﻌﻮب اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ﻣﺎ ﺣﻤﻠﺘﻪ اﻟﺠﺪات؟ أو ﺑﺎﻷﺳﻄﻮرة ﻣـﻜـﻤــﻦ ﺣـﻜـﻤــﺔ اﻟ ـﺸ ـﻌــﻮب ﺟـﻤـﻠــﺔ وﺗـﻔـﺼـﻴــﻼ؟ ﺟــﺪﺗــﻲ ﻫــﻲ أﺳـﻄــﻮرﺗــﻲ وأﻧ ــﺎ أﺳ ـﻄــﻮرة ﻫــﺬه اﻟـﺠــﺪة ،وﻛــﻞ اﻵداب ﻫــﻲ أﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﺸﻌﻮب، ﻫﻲ اﳌﻔﺮد ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﺠﻤﻊ ﻓﺎﻟﺠﺪة ﻫﻲ أﺻﻞ ﻛﻞ ﺳﺎرد
ﻷﻧـ ـ ــﻪ أﺣـ ـ ــﺪ أﺟ ـ ـﻤـ ــﻞ أﻧـ ـ ــﻮاع اﻷدب وأﻛﺜﺮﻫﺎ ً ﺗﺄﺛﻴﺮا ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ﻓﻘﺪ اﺣﺘﻔﻆ »أدب اﻟ ـ ــﺮﺣ ـ ــﻼت« ﻋـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻠ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻰ ﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪار اﻟﻌﺼﻮر ﺑﺠﺎذﺑﻴﺘﻪ وﺣـﻴــﻮﻳـﺘــﻪ ،وإذا ﻣﺎ ﺣــﺎوﻟـﻨــﺎ اﻟـﺘــﻮﻏــﻞ أﻛﺜﺮ ﻓــﻲ ﻣﺎﻫﻴﺔ اﻟﺴﺤﺮ اﻟـﺨــﺎص ﻷدب اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻓﻠﻦ ﻧ ـﺘ ــﻮه ﻛ ـﺜ ـﻴ ـ ًـﺮا ﻗ ـﺒــﻞ اﻟ ـﻌ ـﺜ ــﻮر ﻋ ـﻠــﻰ أﺳ ـﺒ ــﺎب ذﻟــﻚ اﻟﺴﺤﺮ اﻟﻐﺎﻣﺾ اﻟﺬي ﻳﺸﺪﻧﺎ إﻟﻴﻪ ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ رﺣﻠﺔ أدﺑﺎﺋﻨﺎ ﻧﺤﻦ إﻟﻰ اﻟﺒﻠﺪان اﻷﺧﺮى ،أم رﺣﻠﺔ اﻷدﺑﺎء اﻵﺧﺮﻳﻦ إﻟﻰ ﺑﻠﺪاﻧﻨﺎ وﺷﻐﻔﻬﻢ ﺑﻬﺎ. ﻟﻘﺪ اﻫﺘﻢ اﻟﻌﺮب ﻣﻦ أﻫﻞ اﳌﺸﺮق ﺑﺄدب اﻟﺮﺣﻠﺔ، ﻣﺜﻠﻤﺎ اﻫﺘﻢ ﺑﻪ أﻫﻞ اﳌﻐﺮب ،ﻓﻜﺎﻧﻮا رواده اﻷواﺋﻞ ﻋـﺒــﺮ ﻋ ـﺼــﻮر زﻣـﻨـﻴــﺔ ﻣـﺘـﺘــﺎﻟـﻴــﺔ ،وﺣ ـﺘــﻰ ﻣﺠﻲء ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻮاﻓﺪ اﳌـﺴـﺘـﺸــﺮﻗــﻮن واﻟ ــﺮﺣ ــﺎﻟ ــﺔ اﻷﺟ ــﺎﻧ ــﺐ إﻟ ــﻰ أرض »أﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ«. واﻟﻨﺪوة اﻟﺘﻲ أﻗﺎﻣﻬﺎ ﻣﺮﻛﺰ ﻗﻄﺮ ﻟﻠﺘﺮاث واﻟﻬﻮﻳﺔ اﻷﺳﺒﻮع اﳌﺎﺿﻲ ﺗﺤﺖ رﻋﺎﻳﺔ ﺳﻌﺎدة اﻟﺸﻴﺨﺔ اﳌـﻴــﺎﺳــﺔ ﺑـﻨــﺖ ﺣـﻤــﺪ ﺑــﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ آل ﺛــﺎﻧــﻲ ﺣــﻮل »ﺻ ــﻮرة ﻗﻄﺮ ﻓــﻲ ﻛـﺘــﺎﺑــﺎت اﻟــﺮﺣــﺎﻟــﺔ اﻷﺟــﺎﻧــﺐ« ﺑ ـﺤ ـﻀ ــﻮر ﻧ ـﺨ ـﺒــﺔ ﻣ ــﻦ اﻷدﺑـ ـ ـ ــﺎء واﻷﻛ ــﺎدﻳ ـﻤ ـﻴ ــﲔ واﳌـﺴـﺘـﺸــﺮﻗــﲔ ﻛـﺸـﻔــﺖ ﻋــﻦ ﻣ ــﺪى أﻫـﻤـﻴــﺔ ﻫــﺬا اﻟﻨﻮع اﻷدﺑﻲ اﻟﺬي ﺗﺮاﺟﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻪ ،ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻣ ـﺤ ــﺎوﻻت ﻫـﻨــﺎ وﻫ ـﻨ ــﺎك ،رﻏ ــﻢ أﻧ ــﻪ ﻳـﻤـﺜــﻞ اﻟـﻌــﲔ اﻷﺧـ ـ ــﺮى واﻟـ ـﻀ ــﺮورﻳ ــﺔ ﻻﺳ ـﺘ ـﻜ ـﻤــﺎل اﻟ ـﺠــﻮاﻧــﺐ ً اﻟﺨﻔﻴﺔ ﻟﺼﻮرﺗﻨﺎً ، وﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ. ذاﺗﻴﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟــﻮﻻ وﺟــﻮد ﻋﺎﺷﻖ ﻟﻠﺘﺮاث واﻟﺤﺪاﺛﺔ ﻣﺜﻞ اﻟــﺪﻛـﺘــﻮر ﺧﺎﻟﺪ اﳌــﻼ ﻣﺪﻳﺮ اﳌــﺮﻛــﺰ ﻣــﺎ ﻛﺎن ﻟﻬﺬا اﳌﺆﺗﻤﺮ أن ﻳﻌﻘﺪ ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﻬﻮﻳﺔ أن ﺗ ـﻄ ــﺮح ﺑـﻤـﺜــﻞ ذﻟ ــﻚ اﻟ ـﻌ ـﻤــﻖ ،ﺣ ــﻮل ﺿ ــﺮورة ً اﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ وﺣﻮار اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣـ ــﻦ روح اﻷﺻ ـ ــﺎﻟـ ــﺔ وﻧ ـﺴ ـﻐ ـﻬ ــﺎ ،ﻋ ـﺒ ــﺮ اﻟ ـﺴ ـﻔــﺮ واﻻرﺗـﺤــﺎل إﻟــﻰ اﻵﺧــﺮ ،ورؤﻳــﺔ اﻟــﺬات ﻓﻲ ﻣﺮاﻳﺎ اﻵﺧﺮﻳﻦ. ﻟﻘﺪ ﻛــﺎن ﺿـ ً ـﺮﺑــﺎ ﻣــﻦ اﳌـﻐــﺎﻣــﺮة أن ﺑ ــﺎدر ﻣﻠﺤﻖ »اﻟـ ـﺸ ــﺮق اﻟ ـﺜ ـﻘــﺎﻓــﻲ« إﻟ ــﻰ إﺿ ــﺎﻓ ــﺔ ﺑ ــﺎب ﺧــﺎص ﻷدب اﻟــﺮﺣـﻠــﺔ ،ﺑــﻞ ﻫــﻮ اﻟـﺒــﺎب اﻷوﺳ ــﻊ ﻣــﻦ ﺣﻴﺚ ً اﳌﺴﺎﺣﺔ )رﺣــﻼت( ،إﻳﻤﺎﻧﺎ ﻣﻨﻪ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷدب ﻳﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ ﻓﺎﺋﺪة وﻣﺘﻌﺔ ﻛﺒﻴﺮﺗﲔ، وﻟـﻌـﻠــﻪ اﳌـﻠـﺤــﻖ اﻷﺳ ـﺒــﻮﻋــﻲ اﻟــﻮﺣ ـﻴــﺪ اﻟ ــﺬي ﻓﺘﺢ ﻫ ــﺬا اﻟ ـﺒ ــﺎب ،ﻓـﻴـﻤــﺎ ﺗ ـﺤــﺮص اﳌ ـﺠــﻼت اﻟﺸﻬﺮﻳﺔ واﻟﻔﺼﻠﻴﺔ ﻋــﺎدة ﻋﻠﻰ وﺟــﻮده ﺑﲔ ﺻﻔﺤﺎﺗﻬﺎ، وﻫﻨﺎ ﻣﺼﺪر اﳌﻐﺎﻣﺮة واﻟﺘﺤﺪي ً ﻣﻌﺎ.
alhamdi@hotmail.com
4
أدب
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
qqﺗـﻐـــﺎرﻳﺐ
qqﻗﺮاءة
اﻟﻨﺠﻮﻣﻴﺔ
د .أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪاﻟﻤﻠﻚ
راﺿﻲ اﻟﻬﺎﺟﺮي
ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻨﺠﻮﻣﻴﺔ ﻛ ـﻤ ـﻔ ـﻬــﻮم ﺳﻌﻰ ﺧﻠﻔﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮون وﻻﻳـ ــﺰال ﻳﻠﻬﺚ وراء ﺑ ــﺮﻳـ ـﻘ ــﻪ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﻢ أﻛ ـﺜــﺮ، وﻻ ﻳـ ـﻌ ــﺪو ﻛــﻮﻧــﻪ ً ﻇﺎﻫﺮة وﻗﺘﻴﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺪ. ﻓﻜﻢ ﻣــﻦ ﺷــﺎﻋـ ٍـﺮ أﺟﻬﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﺴﻨﲔ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻣﻞء اﻟﺴﻤﻊ واﻟﺒﺼﺮ ﻟﻔﺘﺮة ﻣﺤﺪودة ﺛﻢ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ اﺧﺘﻔﻰ أو اﻧﺤﺴﺮ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻋﻨﻪ ..ﻓﻠﻤﺎذا؟ ﻇــﺎﻫــﺮة ﻧﺠﻮﻣﻴﺔ اﻟـﺸـﻌــﺮاء ﻣــﺎ ﺑــﲔ اﻟﺨﻔﻮت أو اﻟﺒﺰوغ ﻗﺪ ﺗﻌﻮد ﻟﻌﻮاﻣﻞ ﺷﺘﻰ ..وﻟﻜﻨﻨﻲ ﺳــﺄﺗـﻨــﺎوﻟـﻬــﺎ ﻋـﻄـﻔــﴼ ﻋـﻠــﻰ ﻣـﺸــﺎرﻛــﺎﺗـﻬــﻢ ﻓﻲ ﺑﺮاﻣﺞ اﳌﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮﻳﺔ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ اﳌﺘﺪﺛﺮة ﺑﺪﺛﺎر اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺘﻔﺎوت ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ إﻟﻰ أﺧﺮى وﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﺪة ﻋﻮاﻣﻞ ﻳﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﺗﺠﺎرﺑﻬﻢ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وﻣﺴﻴﺮﺗﻬﻢ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﳌﺘﻨﺎوﻟﺔ إﻋﻼﻣﻴﺎ ﻋﻠﻰ وﺟ ــﻪ اﻟـﺘـﺤــﺪﻳــﺪ ،ﻓﻤﻌﻈﻢ ﺑــﺮاﻣــﺞ اﳌـﺴــﺎﺑـﻘــﺎت ﺗ ـﻌ ـﻤــﺪ ﻓ ــﻲ ﻣ ـﻨ ـﻬ ـﺠ ـﻬــﺎ إﻟ ـ ــﻰ ﺗ ـﻘ ــﺪﻳ ــﻢ وإﺑـ ـ ــﺮاز ﺷ ـﻌ ــﺮاء ﻳ ـﻜــﻮن ﻟـﻬــﺎ اﻟـﻔـﻀــﻞ ﻓ ــﻲ إﻇـﻬــﺎرﻫــﻢ واﻛﺘﺸﺎﻓﻬﻢ أو ﺑﻤﻌﻨﻰ آﺧﺮ ﻣﻦ اﳌﻐﻤﻮرﻳﻦ إﻋﻼﻣﻴﺎ وﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﺻﻨﻌﻮا ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ أﺳﻤﺎء ﺑــﺎرزة ﻗﺒﻞ اﳌ ـﺸــﺎرﻛــﺔ أﺷ ـﺒــﻪ ﺑـﻤـﺠــﺎزﻓــﺔ ﻏـﻴــﺮ ﻣﺤﺴﻮﺑﺔ اﻟ ـﻌــﻮاﻗــﺐ وﺗ ـﻜــﻮن ﺗـﻠــﻚ اﳌ ـﺸــﺎرﻛــﺔ ﻛﻤﺴﻤﺎر أﺧﻴﺮ ﻓــﻲ ﻧﻌﺶ ﺷﻬﺮﺗﻬﻢ -ﻻ ﺷﺎﻋﺮﻳﺘﻬﻢ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺨﺘﻔﻮن ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﳌﺸﺎرﻛﺎت ﻷﻧﻬﻢارﺗـﻀــﻮا ﺑــﺄن ﻳﻘﻔﻮا أﻣــﺎم ﻟﺠﺎن ﺗﺤﻜﻴﻢ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﳌﻌﺮﻓﺔ أو اﻟﺨﺒﺮة اﻟﻼزﻣﺔ ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ اﻟﺤﻴﺎدﻳﺔ وذﻟﻚ ﻟﻴﺘﻢ ّ ّ وﻳﺘﻮﺟﺐ ﺗﻘﻴﻴﻤﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟـﻨــﺰول – ﻗﺴﺮا -ﻋﻨﺪ ذﻟــﻚ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ وﻫﺬا ﻣﺎ ﺳﻴﺬﻛﺮه اﳌﺘﺘﺒﻌﻮن ﻓﻘﻂ وﺳﻴﺮﺳﺦ ﻓ ــﻲ ذاﻛــﺮﺗ ـﻬــﻢ ﻣـﻬـﻤــﺎ ﻛــﺎﻧــﺖ اﻟ ـﺤ ـﻴ ـﺜ ـﻴــﺎت ..أو اﳌﺴﻮﻏﺎت! ﻓ ـﻔــﻲ اﳌ ـﺴ ــﺎﺑ ـﻘ ــﺎت ﻳ ـﺘ ـﻘــﺪم اﻵﻻف واﻵﻻف وﻟ ـﻜ ــﻦ ﻳ ـﻈــﻞ اﻟ ــﺮاﺑ ــﺢ واﺣـ ـ ــﺪا ﻓ ـﻘ ــﻂ ،وﺗـﺤـﻜــﻢ اﺧـ ـﺘـ ـﻴ ــﺎره اﻋـ ـﺘـ ـﺒ ــﺎرات ﻋ ــﺪﻳ ــﺪة وﺑ ـﻌ ـﻴ ــﺪة ﻋــﻦ اﻟ ـﺘ ـﻤــﺎﻳــﺰ اﻟ ـﺸ ـﻌــﺮي ﻓ ــﻲ ﺑ ـﻌــﺾ اﳌ ـﺴــﺎﺑ ـﻘــﺎت، واﳌ ـﻬــﺮﺟــﺎﻧــﺎت اﻷدﺑ ـﻴــﺔ واﻟ ـﺒــﺮاﻣــﺞ اﻹﻋــﻼﻣـﻴــﺔ ً اﳌﻌﻨﻴﺔ ﺑ ــﺎﻷدب ﻟــﻢ ﺗﻌﺪ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻹﺳــﺎﻟــﺔ ﻟﻌﺎب اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻓﻨﺰﺣﻮا إﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﻮﻓﺮ اﳌﻐﺮﻳﺎت اﳌﺎدﻳﺔ!
@Radi_alhajri
ﺳﻤﻴﺮة اﻟﺴﻠﻴﻤﺎﻧﻲ ..رﻗﺼﺔ اﻟﻤﻮت ﻓﻲ ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرت ﺗﺒﺪو ﺳﻤﻴﺮة اﻟﺴﻠﻴﻤﺎﻧﻲ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ اﻟـﺴـﻌــﻮدﻳــﺔ اﻟـﺘــﻲ ﺗـﺨــﻮض ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟـ ــﺮواﻳـ ــﺔ ﻷول ﻣـ ــﺮة ﻋ ـﺒ ــﺮ »رﻗ ـﺼ ــﺔ اﳌ ـ ــﻮت ﻓ ــﻲ ﻓ ــﺮاﻧـ ـﻜـ ـﻔ ــﻮرت« ،واﻟ ـﺘــﻲ ﺗ ـ ـ ـﺒـ ـ ــﺪو اﻗ ـ ـ ـﺘـ ـ ــﺮاﺑـ ـ ــﴼ ﻣ ـ ـ ــﻦ اﳌـ ـ ـﻨ ـ ــﺎﺟ ـ ــﺎة اﻟ ـﺠ ــﺮﻳ ـﺤ ــﺔ ﻟـ ــﻮاﻗـ ــﻊ ﺣ ـ ــﺎل ﺑـﻄـﻠـﺘـﻬــﺎ »ﻗﺼﺐ« ﻣﻊ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ »ﻋﺎﻣﺮ« أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺳ ــﺮدﴽ رواﺋ ـﻴــﴼ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺠﺮي اﻟ ـﺤ ــﺪﻳ ــﺚ ﻛ ـﻠــﻪ ﻋ ـﻠــﻰ ﻟ ـﺴ ــﺎن ﻗﺼﺐ ُ ﻳﺤﺴﺪه ﻋﺒﺮ ﺗﻠﻚ اﳌﻨﺎﺟﺎة ﻟﺤﺒﻴﺐ اﻵﺧﺮون ،ﻋﻠﻰ ﺑﻼﻏﺔ اﻟﻠﻐﺔ وﺳﻤﻮ اﻷﺳﻠﻮب اﻟﺬي ﺻﻴﻐﺖ ﺑﻪ اﻟﺮواﻳﺔ، ﻣـﻘـﺘــﺮﺑــﺔ ﻣ ــﻦ ﻟ ـﻐــﺔ اﻟ ـﺸ ـﻌــﺮ اﻟـﻨـﺒـﻴــﻞ، ﱡ ﻣــﻊ ﺗ ـ َـﺪﺧــﻞ ﺗـﻜـﻨــﻮﻟــﻮﺟـﻴــﺎ اﻻﺗـﺼــﺎل ﻋﺒﺮ أدوات اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟــﺬي ﺑــﺪأ ﻳﺪﺧﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺮواﺋﻴﺔ اﻟ ـ ـ ـﺠـ ـ ــﺪﻳـ ـ ــﺪة ،وﻫـ ـ ـ ــﻮ اﻟـ ـ ـ ـ ــﺬي أﺣـ ـ ــﺪث اﻟﺼﺪام اﻷول ﺑﲔ اﻟﺤﺒﻴﺒﲔ. واﻟ ـﺴ ــﺮد ﻫ ـﻨــﺎ ﻻ ﻳــﺄﺗــﻲ ﻣ ـﺒــﺎﺷــﺮﴽ – ﻛـﻤــﺎ ﻫــﻮ ﻣـﺘــﻮﻗــﻊ – وﻛــﺬﻟــﻚ وﺻــﻒ اﻷﻣـﻜـﻨــﺔ واﻷدوات داﺧ ــﻞ اﻟــﺮواﻳــﺔ، ﺑ ــﻞ ﻳ ـﺠــﺪه اﻟ ـﻘ ــﺎرئ ﻳـﻄــﻞ ﻋـﻠـﻴــﻪ ﻣﻦ ﺧــﻼل ﺗﻠﻚ اﳌﻨﺎﺟﺎة اﻟﻌﺬﺑﺔ واﻟﺘﻲ ﻟ ـ ــﻢ ﺗـ ـﺨ ــﻞ ﻣ ـﻨ ـﻬ ــﺎ أي ﺻ ـﻔ ـﺤ ــﺔ ﻣــﻦ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺮواﻳﺔ. ﺗﺤﺎول ﻗﺼﺐ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﺎﺿﻲ اﻟـﻌــﻼﻗــﺔ ﻣــﻊ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ ﻋــﺎﻣــﺮ وﻟﻜﻦ ﻋ ـﺒــﺮ ﺣ ـ ــﻮار أو ﻣـ ـﻨ ــﺎداة ُﻣـﺘـﺨـﻴـﻠــﺔ، وﻫ ــﻮ أﺳ ـﻠــﻮب ﺟ ـ ّـﺪ ذﻛ ــﻲ ﻓــﻲ ﺟــﺬب اﻫ ـﺘ ـﻤ ــﺎم اﻟـ ـ ـﻘ ـ ــﺎرئ .وﻟ ـﻌ ـﻠ ــﻚ ﺗـﺸـﻌــﺮ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑــﲔ ﺷﺨﻮص اﻟــﺮواﻳــﺔ ﻣـ ــﻦ ﺧ ـ ــﻼل ﺗ ـﻠ ــﻚ اﳌ ـ ـ ـﻨـ ـ ــﺎداة ،وﻟ ـﻴــﺲ ﻋﺒﺮ اﻟــﻮﺻــﻒ اﻟـﻌــﺎدي
رﻗﺼﺔ اﳌﻮت ﻓﻲ ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرت اﳌ ـﻌــﺮوف ﻓــﻲ ﻛـﺘــﺎﺑــﺔ اﻟ ــﺮواﻳ ــﺔ ،وﻗــﺪ ﺗﺠﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺣﻴﺚ ﺗﻨﻘﻠﻨﺎ اﻟﺮواﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻮراء 25ﻋﺎﻣﴼ، ﺛــﻢ 17ﻋــﺎﻣــﴼ ،ﺛــﻢ 10أﻋ ـ ــﻮام ،ﺣﻴﺚ ﺗﻮارﻳﺦ ﻋﻤﺮ اﻟﺒﻄﻠﺔ ،وﻣﺎ ﺣﺪث ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ أﺣﺪاث. ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ أن ﺗﻨﺘﻘﺪ اﻷوﺿﺎع اﻻﺟـ ـﺘـ ـﻤ ــﺎﻋـ ـﻴ ــﺔ ﻓ ـ ــﻲ ﺑـ ـﻠ ــﺪﻫ ــﺎ وﻟ ـﻜ ــﻦ ﺑـ ـ ـﺼ ـ ــﻮرة ﻓـ ـﻨـ ـﻴ ــﺔ ﻏ ـ ـﻴـ ــﺮ ﻣـ ـﺒ ــﺎﺷ ــﺮة وﺑــﺄﺳـﻠــﻮب ﺑﻴﺎﻧﻲ ﻳﻤﻴﻞ ﻓــﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣــﻦ اﻷﺣ ـﻴــﺎن إﻟ ــﻰ أﺳ ـﻠــﻮب اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺮاﺣﻞ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻧــﺰار ﻗﺒﺎﻧﻲ ،ﺗﻘﻮل: »أﻧـ ـ ــﺎ ﻣ ـﺘ ـﺤ ـﻔ ـﻈــﺔ ﻛـ ـﺜـ ـﻴ ــﺮﴽ ،ﺧ ــﺎﺋ ـﻔ ــﺔ، ﻣ ـ ـ ـﺘـ ـ ــﺮددة ،أﺧ ـ ـﺸـ ــﻰ اﳌـ ـﺘ ــﺎﻋ ــﺐ ﻗـﺒــﻞ وﻗﻮﻋﻬﺎ .اﻟﺤﺐ ﻳﺘﺄﺧﺮ ﻓــﻲ ﺑﻠﺪي، ﻫ ـﻜــﺬا ﻧ ـﻈــﻦ ،وﻓ ــﻲ اﻟـﺤـﻘـﻴـﻘــﺔ ﻫــﻮ ﻻ ﻳ ـﺘ ــﺄﺧ ــﺮ ،ﻟـﻜـﻨـﻨــﺎ ﻧ ـﻠ ـﻌــﺐ ﻣ ـﻌــﻪ ﻟﻌﺒﺔ ﺷﺪ اﻟﺤﺒﻞ ،ﻓﻴﺮوح وﻳﺠﻲء ،وﺣﲔ ﻧ ـﺴ ـﻘ ــﻂ ﻓـ ــﻲ ﻏ ـﻴ ـﺒ ــﻮﺑ ــﺔ اﻟ ـﺤ ــﺐ، ﻧـ ـ ـﻔ ـ ـﻴ ـ ــﻖ
ُ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ .ﺗﻨﺘﻬﻲ اﻟﻠﻌﺒﺔ ،وﻟﻢ ّ ﻧﻘﺺ اﻟﺸﺮﻳﻂ وﻟﻢ ﻧﺤﺘﻔﻞ«. وﻣــﻦ ﻳﺘﻤﻌﻦ ﻓــﻲ ﻫــﺬا اﻟـﻨــﺺ ﻳﺠﺪ ﺧـﻠـﻔــﻪ ﻣ ـﺸــﺎﻫـ َـﺪ ﺟـﻤـﻴـﻠــﺔ ﻣ ــﺆﺛ ــﺮة ،ﻻ أﻋ ـﺘ ـﻘ ــﺪ أن اﻟ ـﻜ ــﺎﺗ ـﺒ ــﺔ ﻻ ﺗ ـﻘ ـﺼــﺪﻫــﺎ. وﻋ ـﻠــﻰ ﺧ ــﻼف اﻟــﻮﺻــﻒ اﳌـﺒــﺎﺷــﺮ – ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ – ﻳﺄﺗﻲ ﻫــﺬا اﻟﻮﺻﻒ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ رﺳــﺎﻟــﺔ ﺗﺒﻌﺜﻬﺎ ﻗﺼﺐ ﻓ ـ ـ ــﻲ اﻟـ ـ ـ ـﻬـ ـ ـ ــﻮاء إﻟ ـ ـ ـ ــﻰ ﻋـ ـ ــﺎﻣـ ـ ــﺮ ﺣ ـﻴ ــﺚ ﺗﺴﺘﺸﻌﺮ وﺟﻮده ﻣﻌﻬﺎ ،ﺗﻘﻮل : »رواد اﻟـ ـ ـﻔـ ـ ـﻨ ـ ــﺪق اﻟـ ـ ـ ـ ــﺬي ﻧ ـﻘ ـﻄ ـﻨــﻪ ﻳـﻔـﻀـﻠــﻮن ﺗ ـﻨ ــﺎول اﻹﻓـ ـﻄ ــﺎر ﺧ ــﺎرج اﳌ ـﻄ ـﻌــﻢ ،ﻋ ـﻠــﻰ اﻟـ ـﻄ ــﺎوﻻت اﻟـﺘــﺎﺑـﻌــﺔ ﻟﻪ واﳌﻨﺘﺸﺮة ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﺸﻼل. وﻧ ـ ـﺤـ ــﻦ ﻓ ـﻌ ـﻠ ـﻨ ــﺎ ﻣـ ـﺜـ ـﻠـ ـﻬ ــﻢ ،ﻧ ـﻔ ـﻄ ــﺮ، ﻧـﺘـﻤـﺸــﻰ ﻓ ــﻲ اﻟ ـﻄ ــﺮﻗ ــﺎت اﻟـﺠـﺒـﻠـﻴــﺔ، ﻧ ـﺤ ـﺘ ـﺴ ــﻲ اﻟ ـ ـ ـﺸـ ـ ــﺎي ،ﻧـ ـﺘـ ـﺴ ــﻮق ﻓــﻲ اﻟﺪﻛﺎﻛﲔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻛﻞ ﻳﻮم، وﻧـﺘـﻐــﺪى ﻓــﻲ ﻣﻄﻌﻢ واﺣ ــﺪ ﺗﻤﻠﻜﻪ ﺳ ـﻴ ــﺪة ُﻣ ـﺴ ـﻨ ــﺔ وﻳ ـﻌ ـﻤ ــﻞ ﺑ ــﻪ ﺑـﻌــﺾ أوﻻدﻫ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ« .ﻳ ـﺸ ـﻜ ــﻞ ﻣـ ـ ــﺮض ﻋ ــﺎﻣ ــﺮ ﺑــﺎﻟـﻘ ـﻠــﺐ ﻟ ـ ﱠـﺐ اﳌ ـﺸ ـﻜ ـﻠــﺔ أو ﻋـﻘــﺪﺗـﻬــﺎ اﻟﺘﻲ دارت ﺣﻮﻟﻬﺎ اﻷﺣﺪاث ،أو ﺗﻠﻚ اﳌـﻨــﺎﺟــﺎة اﻟـﺠــﺮﻳـﺤــﺔ اﻟـﺘــﻲ ﺳﻤﺤﺖ ﺑﻤﺮور ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﻣﺮورﴽ ﻫ ــﺎدﺋ ــﴼ دون أن ﺗ ــﺆﺛ ــﺮ ﻓ ــﻲ أﺣ ــﺪاث اﻟ ـ ــﺮواﻳ ـ ــﺔ ﻣ ـﺜ ــﻞ ﺷ ـﺨ ـﺼ ـﻴــﺔ أﺧ ـﻴ ـﻬــﺎ ﻏﻴﺮ اﻟﺸﻘﻴﻖ ﻓﺮاس أو واﻟﺪ ﻗﺼﺐ أو اﺑـ ــﻦ ﺧــﺎﻟ ـﺘ ـﻬــﺎ ﻗ ـﺼــﻲ أو ﻋﻤﻬﺎ اﻟ ـﻄ ـﺒ ـﻴــﺐ ،وﻟ ـﻜ ــﻦ ﺗ ـﻈــﻞ ﻗ ـﺼــﺐ ﻫﻲ اﻟـﺒـﻄـﻠــﺔ اﻟ ـﺤ ــﺎﺿ ــﺮة ﺑـﻐـﻴــﺮ ﻣ ـﻨ ــﺎزع، وﻳﻈﻞ ﻋﺎﻣﺮ اﻟﺒﻄﻞ اﻟﻐﺎﺋﺐ ،واﻟﺬي ﻳﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻷﺣ ــﺪاث ﺣﻴﻨﴼ، ﺛــﻢ ﻳ ـﺘ ــﻮارى ﻟـﺘـﺨـﺒـﺒــﺮﻧــﺎ ﺑــﻪ ﻳﻐﻮص ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻗﻬﺎ . ﺗﺼﻄﺪم ﻗﺼﺐ ﺑــﺎﻟــﺰواج اﻟﻘﺴﺮي ﻟﺤﺒﻴﺒﻬﺎ ﻋــﺎﻣــﺮـﺮ ،ﺣـﻴــﺚ ﺿﻐﻂ ﻋﻠﻴﻪ واﻟــﺪه ﻛﻛﻲ ﻳﺘﺰوج ﻋﻠﻰ ﻏ ـﻴــﺮ رﻏ ـﺒ ـﺘـﺘــﻪ ،وﻳ ـﻨ ــﺰل ﻋﻨﺪ أﻣ ــﺮ واﻟ ـ ــﺪـﺪه ﻷﻧ ــﻪ ﻻ ﻳــﺮﻳــﺪ أن ﻳﻔﻘﺪ واﻟــﺪه ﻛﻤﺎ ﻓﻘﺪ واﻟﺪﺗﻪ .وﺑﻌﺪ أن ﻋﺮﻓﺖ واﻟﺪﺗﻪ ﻗﺼﺐ ﺑﻘﺼﺔ اﻟ ــﺰواج ﺑﺪأت ﻧﺤﻴﺒﴼ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟ ــﻪ ،وودارت ﺣـ ــﻮارات ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻬﺎ ﻛﺸﻔﺖ ﻋـ ـ ـ ـﻤـﻤ ـ ـ ــﻖ اﳌـ ـ ـ ـ ــﺄﺳـ ـ ـ ـ ــﺎة، وﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺮاوة ﻣ ـ ـ ــﻮت وﺿ اﻟ ـ ــﻮﻟ ـ ــﻊ ﺑ ــﺪاﺧـ ـﻠـ ـﻬ ــﺎ، ﺗ ـ ـﻘـﻘـ ــﻮل» :اﻧ ـﺘ ـﻬ ـﻴ ـﻨــﺎ إذن ،وﺳـ ـ ــﺄﻛـ ـ ــﻮن إذ اﻟـ ـ ـ ـﺴـ ـ ـ ـﻴ ـ ـ ــﺪة اﻟ ـ ـﺘـ ــﻲ ﺗـ ـ ـ ـﺘ ـ ـ ــﺮاﻗ ـ ـ ــﺺ ﻣ ــﻊ ﺧ ـ ـﻴ ـ ـﺒـ ــﺎﺗ ـ ـﻬـ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﺣــﺎﻧــﺎت اﻟــﻮﺟــﻊ. اﻧـﺘـﻬـﻴـﻨــﺎ ﺑﻠﻐﺔ ﻟـ ـﻄـ ـﻴـ ـﻔ ــﺔ ،ﻏ ـﻴــﺮ
ﻗ ــﺎﺳ ـﻴ ــﺔ أﺑ ـ ـ ــﺪﴽ ،ﻷن ﻛ ـﻠ ـﻤــﺎﺗــﻪ ﻛــﺎﻧــﺖ ّ ﺗﺘﺮﻧﺢ ،وإذا »ﺗﺨﺒﻄﺖ« اﻟﻜﻠﻤﺎت، ﻓـ ـﻬ ــﻲ ﻟـ ــﻦ ﺗ ـ ـ ــﺆذي أﺣ ـ ـ ـ ــﺪﴽ ،ﺳ ـﻴ ـﻜــﻮن وﻗـﻌـﻬــﺎ ﺧﻔﻴﻔﴼ ،وﻻ ُﻳ ـﺤــﺪث ﺿــﺮرﴽ ﻷﺣ ـ ــﺪ ،أو ﻫ ــﻲ ﻛ ـﻠ ـﻤــﺎﺗــﻚ أﻧـ ــﺖ ﻓﻘﻂ ﻳﺎ ﻋﺎﻣﺮ«. وﺗـﻨـﻬــﺶ اﻟـﻐـﻴــﺮة ﻗ ـﻠـ َـﺐ ﻗـﺼــﺐ ﺑﻌﺪ زواج ﻋﺎﻣﺮ ﻣﻦ ﻣﻲ .وﺗﺒﺪأ ﺗﺘﺼﻮر ﺷـﻜــﻞ ﻫ ــﺬه اﻟ ــﺰوﺟ ــﺔ وﺗـﺼــﺮﻓــﺎﺗـﻬــﺎ، وأوﻗـ ـ ـ ـ ــﺎت ﺟ ـﻠ ــﻮﺳ ـﻬ ــﺎ ﻣـ ــﻊ ﻋ ــﺎﻣ ــﺮ .. وﻣـ ــﺎذا ﻳ ــﺪور ﺑـﻴـﻨـﻬـﻤــﺎ ،ﻟـﻜــﻦ ﺣﺒﻬﺎ ﻟ ــﻢ ﻳ ـﺘ ـﻐ ـﻴــﺮ ،ﺑ ــﻞ أﺧـ ــﺬ ﻓ ــﻲ اﻟ ـﺘــﺄﺟــﺞ واﻻﺗ ـﺴــﺎع ﺣﺘﻰ اﻟﺘﻘﻴﺎ ﻣــﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓــﻲ ﻓــﺮاﻧـﻜـﻔــﻮرت ،ﺗ ـﻘــﻮل» :وﺗ ـﺤـ ّـﺪث ﻋﺎﻣﺮّ ، ﺗﺤﺪث وﻛــﺄن اﻟﻌﺸﺐ ﻳﻨﻤﻮ ﻓﻲ أﻃــﺮاف اﳌﻤﺮ ﻣﻊ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ،وﻛﺄن وﺟﻮه اﻟﻨﺎس ﺗﺘﻐﻄﻰ ﺑﺮذاذ اﳌﻄﺮ، ﻻ ﻣ ـﺴ ــﺖ أﺻ ــﺎﺑـ ـﻌ ــﻪ ﺧـ ـ ــﺪي وﻗـ ـ ــﺎل: »وﺣﺸﺘﻴﻨﻲ«؟! ﻛ ــﺄﻧ ـﻤ ــﺎ وﺟـ ـ ـ ُـﻪ ﻋ ــﺎﻣ ــﺮ ﻳ ـﺤ ـﻤــﻞ ﻣ ــﺎدة ﻣ ـﻀ ــﺎدة ﻟــﻼﻛـﺘـﺌــﺎب واﻟـ ـﺤ ــﺰن ،ﻛــﺄن ذﻗ ـﻨ ــﻪ ﻗ ــﺪ اﺳ ـﺘ ـﻄــﺎﻟــﺖ ،وﺷ ـﻌ ــﺮه ﻗﺪ اﺳ ـﺘ ـﻄ ــﺎل ،ﻛ ــﺎن ُﻣـ ـﺒ ــﺬرﴽ ﻓ ــﻲ اﻟ ــﻮﻓ ــﺎء ﻋ ـﻠ ــﻰ ﻋـ ـﻬ ــﺪي ﺑـ ـ ــﻪ ،وﻣ ـﺨ ـﻠ ـﺼ ــﴼ ﻓــﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ رﻏﺒﺎﺗﻲ ،ﻛﻨﺖ ﻗﺪ اﺳﺘﺤﻠﻔﺘﻪ أن ﻻ ﻳ ـﻬ ـﻨــﺪم ﻧـﻔـﺴــﻪ ﻣ ــﻦ أﺟ ــﻞ ﻫــﺬا اﻟﻠﻘﺎء ،أردت أن أراه ﻛﻤﺎ ﻫــﻮ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﻴﺶ ﻳﻮﻣﻴﴼ ﻓﻲ ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرت«. وﻻ ﺗـﺨـﻔــﻲ ﻗـﺼــﺐ رﻏ ــﻢ ذاك اﻟــﻮﻟــﻪ اﳌ ـﺠ ـﻨ ــﻮن ،وﻣ ـﺤــﺎوﻟ ـﺘ ـﻬــﺎ اﻟ ـﻐ ـﻔــﺮان، واﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ذاﺗﻬﺎ ﻓﻲ ّ ﺗﻘﺒﻞ زواج ﻋﺎﻣﺮ ،إﻻ أن ﻧــﻮازع اﻷﻧﺜﻰ ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋـﻠــﻰ إﻳـﻤــﺎﻧـﻬــﺎ وﻃـﻴـﺒـﺘـﻬــﺎ ،ﺗﺘﺨﻴﻞ ﻟﻴﻠﺔ اﺧﺘﻼﺋﻪ ﺑـ ﻣﻲ» :ﻣﺘﻰ ﺗﻮرﻃﺖ ﺑـﻬــﺎ ﻳ ــﺎ ﺣـﺒـﻴـﺒــﻲ؟ ﻳ ـﺘــﻮه ﻋــﺎﻣــﺮ ﺑﲔ ُ اﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎت واﻷﻃﺒﺎء ،وﺗﺠﺮى ﻟﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻗﻠﺐ ﻣﻔﺘﻮح ،ﻛﻤﺎ أﺧﺒﺮﻫﺎ ﻗـ ـﺼ ــﻲ ،وﺗ ـ ـﺒـ ــﺪأ ﻋ ـﺘ ــﺎﺑ ــﴼ ﻋ ـﻨ ـﻴ ـﻔــﴼ ﻟــﻪ وﻷﺑﻴﻪ وﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺗﺼﻠﻬﺎ رﺳﺎﻟﺔ ﻣ ــﻦ ﻋــﺎﻣــﺮ ﻋـﺒــﺮ اﻟ ـﻬــﺎﺗــﻒ ﻛ ــﻲ ﺗـﺒــﺪد ﻣـﺨــﺎوﻓـﻬــﺎ ،ﻳـﻘــﻮل ﻓﻴﻬﺎ» :ﻻ ﺷﻲء ُﻳ ـﺸ ـﻔــﻖ ﻋ ـﻠ ـ ّـﻲ ﻋـ ــﺪا اﳌـ ـ ــﻮت ،وداﺋ ـﻤ ــﴼ اﳌ ــﻮت أﻣ ـ ُـﺮ ُﻣـﺴـﺘـﺒـﻌــﺪ ،ﻻ ﻳـﻤـ ﱡـﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺪور ﺣﲔ ﻧﺘﻮﻗﻊ أﻧﻪ ﺳﻴﻤﺮ ،وﻓﻲ ﻏـﻔـﻠــﺔ ﻣ ـﻨــﺎ ﻳ ــﺄﺗ ــﻲ ،وﻳ ـﺒ ـﻘــﻰ راﺑ ـﻀــﴼ وﺳﻂ اﻟﺒﻴﺖ .ﻣﺆﻟﻢ أن أﻗﻮل ﻋﻨﻚ ﻳﺎ ﻗﺼﺐ إﻧﻚ ذﻛﺮى راﺣﻠﺔ ،ﺗﺮﺣﻠﲔ؟ ُ ّ ﻣــﺎ ﻣﻌﻨﻰ أن ﺗﺄﺗﻲ وﺗﺨﻠﻔﻲ ﻋﻤﺮﴽ وردﻳﴼ ﻓﻲ ﻋﻤﺮي وﺗﺮﺣﻠﲔ؟« ﻳ ــﺪﺧ ــﻞ ﻋ ــﺎﻣ ــﺮ ﻓـ ــﻲ ﻏ ـﻴ ـﺒ ــﻮﺑ ــﺔ ﺑـﻌــﺪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ وﻟــﻢ ﻳﻌﺪ ﻗ ــﺎدرﴽ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ اﻟ ـﺤ ـﻴــﺎة .ﺗـﺨـﺘـﺘــﻢ اﻟـﻜــﺎﺗـﺒــﺔ اﻟ ــﺮواﻳ ــﺔ ﺑﺠﻤﻠﺔ ﺗﺨﺘﺰل ﻛﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ وأﺣﺪاث اﻟــﺮواﻳــﺔ وأﺳﺒﺎﺑﻬﺎ ،ﺗﻘﻮل اﻟﺠﻤﻠﺔ: ُ »وﺷﻢ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻣﻮﺟﻊ ﻳﺎ ﻗﺼﺐ«! رواﻳ ـ ــﺔ ﻻ ﺗ ـﺘــﺮﻛــﻚ وإن ﺗ ــﺮﻛ ـ َـﺖ أﻧــﺖ اﻟﻜﺘﺎب!
أدب
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
qqﺗـﻮت ﺷــﺎﻣﻲ
qqﺗـــﺮﺟﻤﺔ
أﻣﻮﻣﺔ اﻟﺮواﻳﺔ
ﺗﺮﺟﻤﺔ وﺗﻘﺪﻳﻢ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﻛﺮاﻣﻲ
د .اﺑﺘﺴﺎم اﻟﺼﻤﺎدي
ﻫﻴﻨﻲ ..اﻟﺤﻨﻴﻦ إﻟﻰ ﻣﺴﻘﻂ اﻟﺮأس ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻬﺮة ﺷﻴﻤﻮس ﻫﻴﻨﻲ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻃﻖ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ وﺧﺎرﺟﻪ ،ﺷﺎﻋﺮ أﻳﺮﻟﻨﺪي وﻟﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ١٩٣٩ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺣﲔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ أوﻟﺴﺘﺮ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ،ﻛﺎن داﺋﻤﺎ ﻣﻤﺰﻗﺎ ﺑﲔ ﺣﺒﻪ ﳌﺴﻘﻂ رأﺳﻪ وﺣﻨﻴﻨﻪ اﻟﺪاﺋﻢ إﻟﻴﻪ ﻣﻊ ﺣﺒﻪ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺸﻌﺮ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،وﺑﲔ ﺟﺬوره اﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى .ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻳﺮي ﺛﻢ ﻓﻲ ﺑﻠﻔﺎﺳﺖ، ﻋﲔ أﺳﺘﺎذا ﻣﺤﺎﺿﺮا ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﳌﻠﻜﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻣﺎ ﺑﲔ ١٩٨٩إﻟﻰ ،١٩٩٤ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ أﻛﺴﻔﻮرد. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻟﻸداب ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،١٩٩٥اﻧﺘﺸﺮت أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ .ﻣﻦ ﺑﲔ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﳌﻬﻤﺔ :ﻣﻮت اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،١٩٦٦ﺑﺎب ﻧﺤﻮ اﻟﻈﻼم ،١٩٩٩ﺷﻤﺎل ،١٩٧٥ﻣﺨﺘﺎرات ﺷﻌﺮﻳﺔ ،١٩٨٠/١٩٧٥/١٩٦٥ﺗﻔﺘﻴﺶ ،١٩٧٩ ﺟﺰﻳﺮة اﻟﺤﺞ ،١٩٨٤أزﻣﻨﺔ اﻷزﻣﺎت ،١٩٩٦ اﻟﻐﺮﻳﺐ واﳌﻌﻠﻮم ،٢٠٠٥ﻛﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ ،٢٠٠١ﻣﻨﻄﻘﺔ وداﺋﺮة ،٢٠٠٦ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ .٢٠١٠ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم اﳌﺎﺿﻲ ) ٣٠أﻏﺴﻄﺲ ﻋﺎﻣﺎ. (٢٠١٣ﻋﻦ ً ٧٤ ﺷﻴﻤﻮس ﻫﻴﻨﻲ
ﻟﻴﻠﺔ ﺳﻌﻴﺪة ﻳﺮﻓﻊ اﳌﺰﻻج ﺟﺰﻳﺮة ﻧﻮر ﺗﻤﺘﺪ إﻟﻰ اﻟﻔﻨﺎء.. ﻳﺘﺤﺪب اﻟﻈﻬﺮ ﺗﺤﺖ اﻟﺒﺎب اﳌﻨﺨﻔﺾ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳌﻤﺮ اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻳﻤﺮون ﺛﻢ ﻳﺨﺘﻔﻮن ﻓﻲ اﻟﻈﻼم ﺑﺮﻛﺔ ﻣﺎء ،ﺣﺼﻰ ﻣﺪور ،وإﻃﺎر ﺑﺎب وﻋﺘﺒﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻜﺘﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﻮء ﺣﺘﻰ ﺑﺨﻄﻮه اﻟﺴﺮﻳﻊ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﻇﻠﻪ ﺗﻌﻮد ﺛﻢ ﻳﻌﻮد ﻛﻞ ﺷﻲء إﻟﻰ اﻟﻈﻼم.
ﻣﻦ ﺣﺪود اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺠﻮر واﻟﻔﺮاغ ﻳﺤﻴﻄﺎن ﻫﺬا اﻟﻔﻀﺎء ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻮﻗﻒ اﻟﺴﻴﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻳﺘﻔﻘﺪ اﻟﺠﻨﻮد ﻧﻮﻋﻬﺎ ورﻗﻤﻬﺎ ﺣﺘﻰ أن ﺟﻨﺪﻳﺎ أﻃﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﻓﺬة
5
ﺗﻼﺣﻆ آﺧﺮﻳﻦ ﻓﻮق اﻟﺘﻠﺔ ﻳﺮاﻗﺒﻮن ﺧﻠﻒ رﺷﺎﺷﺎﺗﻬﻢ اﳌﻮﺟﻬﺔ ﻧﺤﻮك ﻛﻞ ﺷﻲء ﻣﺠﺮد اﺳﺘﺠﻮاب إﻟﻰ أن ﺗﻨﺴﺤﺐ اﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ،ﻛﻲ ﺗﻤﻀﻲ ﻣﺴﺮﻋﺎ ،ﺑﺤﺬر ﻣﺒﺘﻌﺪا ﻋﻨﻬﻢ وﻣﺮﻫﻘﺎ ﺑﺎﻟﻔﺮاغ ﻛﺎﻟﻌﺎدة ﺑﺮﻋﺸﺔ ﺧﻮف اﻹﻧﺴﺎن اﳌﻀﻄﻬﺪ واﳌﻄﻴﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻵن وأﻧﺖ ﺗﻘﻮد إﻟﻰ ﺣﺪود اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻳﺘﻜﺮر. اﻟﺮﺷﺎﺷﺎت ﻓﻮق رﻛﺎﺋﺰﻫﺎ ﻳﻜﺮر اﻟﺮﻗﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺎز اﻻﺗﺼﺎل ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ ﻫﻮﻳﺘﻚ ،ﻣﻨﺘﻈﺮا اﻹﺷﺎرة اﻟـ ـﺘ ــﻲ ﺳـ ـﺘـ ـﺤ ــﺮرك .ﻫـ ـﻨ ــﺎك ﻓ ــﻲ اﻟ ـﻌ ـﻠ ـﻴ ــﺎء ﻳ ـﺼــﻮب اﻟﻘﻨﺎص ﻧﺤﻮك ،ﻛﺼﻘﺮ. وﻓﺠﺄة ﺗﺼﺒﺢ ﺑﻌﻴﺪا ،ﻣﺘﻬﻤﺎ ﻟﻜﻨﻚ ﺣﺮ، ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻓﺰت ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻈﻠﻤﺔ ﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻦ اﻹﺳﻔﻠﺖ. ﻣﺨﺘﺮﻗﺎ اﻟﺴﻴﺎرات اﳌﺼﻔﺤﺔ اﻟﻬﺎرﺑﺔ ﻣﻦ ﺑﲔ اﳌﻨﺘﺸﺮﻳﻦ ﺑﲔ ﻛﺮ وﻓﺮ ﻛﻤﺎ ﻇﻼل اﻷﺷﺠﺎر ﻓﻮق اﻟﻨﻮاﻓﺬ اﻟﺴﺎﻃﻌﺔ.
ﻧﻌﻨﺎع ﺑﺎﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاص اﳌﺘﺮب اﻟﺼﻐﻴﺮة، أﻋﺸﺎب ﺑﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺒﺎت اﳌﻨﺰل ﻧﻤﺖ ﺧﻠﻒ اﻟﻨﻔﺎﻳﺎت واﻟﺰﺟﺎﺟﺎت اﻟﻔﺎرﻏﺔ ﺧـ ـﻀ ــﺮاء أﻛ ـﺜ ــﺮ ﻣ ــﻦ أي وﻗـ ــﺖ ﻣ ـﻀ ــﻰ ،ﻻ ﻣــﺮﺋـﻴــﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﻮل :إﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺒﺔ، ﻃﺮاوة ﻟﺤﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺷﻲء ﻋﻨﻴﺪ ﻳﺘﻤﺸﻰ ﺑﲔ اﳌﻤﺮات اﻟﺨﻀﺮاء ﺿﺮﺑﺎت ﻣﻘﺺ ﺻﻐﻴﺮ ﻧﻮر اﻷﺣﺪ اﻟﺒﺎﻛﺮ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﻘﺺ اﻟﻨﻌﻨﺎع ﺑﺤﺐ: ﺳﻮف ﻳﺒﻘﻰ ﻫﺬا ﺣﺘﻰ وإن اﻧﻔﻠﺖ اﻟﻴﻮم اﻣﻨﺤﻮا اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﺎ ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ ﻓﻠﻴﻜﻦ أرﻳﺞ اﻟﻨﻌﻨﺎع ﻣﻨﻌﺸﺎ وﻋﺎرﻳﺎ ﺳﺠﻴﻨﺎ ،ﺳﻨﺤﺮره ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎء ﺿﺤﻴﺔ ﻻﻣﺒﺎﻻﺗﻨﺎ ﻧﺤﺎﻛﻤﻪ ﻧﺨﻮﻧﻪ ﺑﻼﻣﺒﺎﻻﺗﻨﺎ .
ﻣﻦ ﻃﺒﻌﻬﺎ وﺑﺪﺋﻬﺎ اﻧﺘﺒﻬﺖ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻰ ّ أدق اﻟ ـﺘ ـﻔــﺎﺻ ـﻴــﻞ، ﺗـ ـﻤ ــﺎﻣ ــﴼ ﻛ ــﺄﻣ ــﻮﻣ ــﺔ اﻷﻧﺜﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺘﻢ ﺑـ ـ ـ ــﺎﻟ ـ ـ ـ ـﺸـ ـ ـ ــﺎردة واﻟـ ـ ـ ـ ـ ــﻮاردة ﻓــﻲ ﺑ ـﻴ ـﺘ ـﻬ ــﺎ ،ﻫ ـﻜــﺬا اﺗﺠﻬﺖ اﻟﺮواﻳﺔ ﻧـ ـ ـﺤ ـ ــﻮ اﻷﻣـ ـ ــﻮﻣ ـ ــﺔ اﳌﻔﻘﻮدة ﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ وﺣﺴﺐ، إﻧﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﻮن ﻛﻠﻪ ،ﻓﻼ ﻧﺠﺪ ﻛﺎﺗﺒﴼ ﺑﺎﳌﺠﻤﻞ ّ إﻻ واﺑﺘﺪأ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ،أو ﺗﻤﻨﻰ أن ﻳﻜﻮن ﺷﺎﻋﺮﴽ، وﻟ ـﻜ ـﻨــﻪ ﻋ ـﻨــﺪﻣــﺎ ﻟ ــﻢ ﻳ ـﻔــﺰ ﺑــﺬﻟــﻚ ﻏـ ّـﻴــﺮ اﺗ ـﺠــﺎﻫــﻪ، ﻓﺎﻟﺮواﻳﺔ ﻧﺴﻴﺞ دؤوب ﺗﻄﺮزه أﻳﺪ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ّ ﻣﺎﺳﺔ إﻟــﻰ ﻃﺒﻊ اﻹﻟـﻬــﺎم ،ﻟﻜﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻳﻜﺘﺐ ﺑــﺮوﺣــﻪ ودﻣ ــﻪ ،ﻓــﻼ ﻳﻌﻄﻴﻚ ﻣــﻦ اﻟﻌﻄﺮ ّ ّ إﻻ ﺧــﻼﺻ ـﺘــﻪ اﳌ ـﻘ ــﻄــﺮة اﻟ ـﺘ ــﻲ ﺗ ــﺄﺧ ــﺬ وﻗـﺘـﻬــﺎ ﺑــﺎﻟـﻔــﻮح واﻟ ـﺒ ــﻮح ،ﻟﺘﺤﻔﻆ ﻛــﻞ ﻣــﺎ ﺣــﻮﻟـﻬــﺎ ﻣﻦ اﻟــﺰﻣــﺎن واﻷﻣ ــﺎن واﳌـﻜــﺎن ،ﻟﺬﻟﻚ ﺑﻘﻴﺖ اﳌﻼﺣﻢ واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،وﺑﻘﻴﺖ ﻣﻌﻬﺎ اﳌﻴﺜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﻋﻤﻠﺖ ﻛﺠﺰء ﻻ ﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻦ ﻣﺎدة اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺨﺎم ،اﻟﺬي ﻳﺴﺒﻖ زﻣﻨﻪ وﻳﺘﻄﻮر ﺑﺄﺳﺮع ﻣﻤﺎ ّ ﺗﺘﺤﻤﻠﻪ اﻟﺬاﺋﻘﻪ اﳌﺘﻮاﺿﻌﺔ ،ﻟﻴﺒﻘﻰ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ ّ ّ اﻷﻋﻠﻰ ،ﻻ ﻳﺼﻠﻪ ﻣﻦ اﳌﺘﻠﻘﻲ إﻻ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺑﻬﻪ، ّ ّ ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻨﻔﻀﻮن ﻋﻨﻪ ،وﻳﺬﻫﺒﻮن إﻟــﻰ اﻟــﺮواﻳــﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻫﻢ إﻟﻴﻬﺎ ،وﻫﺬا َ ُ ﻣــﺎ ﺗﻐﺒﻂ ﻋﻠﻴﻪ اﻟــﺮواﻳــﺔ ﻷﻧـﻬــﺎ ﻟــﻢ ﺗﺘﻌﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻠﻘﻴﻬﺎ وﻟﻢ ﺗﻬﺒﻂ دوﻧﻪ. وﻋـ ـﻠ ــﻰ اﻟ ــﺮﺻ ـﻴ ــﻒ اﻵﺧـ ـ ــﺮ اﻧ ـﻔ ـﻠ ـﺘــﺖ اﻟ ـﺴــﺎﺣــﺔ اﻟ ـﺸ ـﻌــﺮﻳــﺔ ،وﻛ ـﺴ ــﺮت رﺗ ـ ــﺎج ﻗـﻠـﻌـﺘـﻬــﺎ ﻋـﻨــﺪﻣــﺎ ﻓﺘﺤﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﺪﺧﻠﻬﺎ وﺗﻄﺮف ﺑﻌﻀﻬﻢ إﻟﻰ ّ ّ اﻟﺤﺪ اﻟﺬي ﻣﻦ دﺧﻠﻬﺎ، ﻗــﺎد إﻟــﻰ ﻧﻘﻴﻀﻪ ،ﺑــﺪل أن ﻳﻄﻠﻘﻮا ﺷﻌﺒﻴﺘﻬﻢ وﻳﻨﺠﺰوا ﻋﻤﻠﻬﻢ اﻹﺑــﺪاﻋــﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﺴﺎوق ﻣﻊ اﻟﺨﺎﺻﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ وروح اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻄﻴﺒﺔ ،ﻓﺤﺠﺮ اﻟــﺮوح ﻫــﺬا وأﻋﻨﻲ اﻟﺸﻌﺮ ﻻ ﻳﻘﺪح ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ّ اﳌﺘﻠﻘﻲ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻼﻣﺲ وﺟﻌﻪ وﻓﺮﺣﻪ. ﻟـﻘــﺪ ﻧﺠﺤﺖ اﳌ ــﺮأة اﻟــﺮواﺋ ـﻴــﺔ ،ﻓــﺎﻟــﺮواﻳــﺔ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟـﺠـﻴـﻨــﺎت اﳌــﺆﻧـﺜــﺔ ،اﻟـﺘــﻲ ﺗـﻘــﻒ ﺑﺠﻼﻟﺔ ﻋ ـﻄــﺎﺋ ـﻬــﺎ ﻛ ـﻜــﻞ اﻷﻣ ـ ـﻬـ ــﺎت ،ﺑـﻴـﻨـﻤــﺎ ﺗـﺘـﺴــﺎوى وﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻷﻧﻮﺛﺔ واﻟﺬﻛﻮرة ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻛﺎﻟﻨﺒﺖ اﻷﺧـﻀــﺮ اﻟ ــﺬي ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﻟــﻰ ﻏﻴﺮه ّ ﻛﻲ ﻳﻨﻤﻮ وﻳﺘﻜﺎﺛﺮ ،وأرﺟﻮ أﻻ أﻗﻊ ﻓﻲ ﻣﺘﺎﻫﺔ ّ اﻟﺘﺤﺰب ،ﻣﻊ أﻧﻨﻲ أﻋﺘﺮف وأﻧﺎ اﳌﻔﺎﺿﻼت أو ﻓــﻲ ﻛــﺎﻣــﻞ ﺑ ــﺮاءﺗ ــﻲ ﺑــﺄﻧـﻨــﻲ أﻧـﺘـﻤــﻲ إﻟ ــﻰ ﺣــﺰب ّ اﻟــﻄـﻴــﻮر ،وﻣﻌﺠﺒﺔ ِﺟ ــﺪﴽ ﺑ ــﺎﻷرض اﻟـﺘــﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺟﺒﻠﻨﺎ وإﻟﻴﻬﺎ ﻧﻌﻮد.
Ialsamadi@yahoo.com
6
ﺗﺸﻜﻴﻞ
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
اﻧﺘﺰع ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺨﺎرﻃﺔ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ اﻟﻘﻄﺮﻳﺔ
ﺣﺴﻦ ﺑﻮﺟﺴﻮم.. ﻣﻔﺎﺟﺄة اﻟﺮﺳﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ اﻟﺤﺎﻣﺪي ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن اﻟﻔﻨﺎن ﺣﺴﻦ ﺑﻮﺟﺴﻮم اﻧﺘﺰع ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺨﺎرﻃﺔ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ اﻟﻘﻄﺮﻳﺔ ﺑﻜﻞ اﻃﻤﺌﻨﺎن ،ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﺑﻬﺪوء ودون أي ﺿﺠﺔ إﻋﻼﻣﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ أﻏﻨﻴﺔ ﺷﺠﻴﺔ ﻣﻨﺴﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﻣﺬﻳﺎع ﻗﺪﻳﻢ ،أو ﻣﻮﺟﺔ ﺻﺎﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ رﻣﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،ﺛﻢ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺻﺎر ﻳﺸﺎر إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎن! ً ﺧﺎﺻﺎ ﻳﻤﻴﺰه ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ أﺑﻨﺎء ﺟﻴﻠﻪ ،ﺣﺘﻰ أن اﳌﺸﺎﻫﺪ ﻷي ﻣﻦ ﻟﻮﺣﺎﺗﻪ ﻳﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻮﺟﺴﻮم ّ اﺧﺘﻂ ﻟﻨﻔﺴﻪ أﺳﻠﻮﺑﺎ ً ّ ﻣﺴﺘﻌﻴﺪا ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ رﻳﺸﺘﻪ، ﻋﺒﺮ ﺑﻮﺟﺴﻮم ﺑﻬﺎ وﺟﺎء اﻟﺠﻤﻴﻞ، اﳌﺎﺿﻲ ﻣﻦ ﻗﻄﻌﺔ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ،ذﻟﻚ ً اﻟﺤﻤﻴﻤﺔ ،وﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﻠﻚ اﻻﺳﺘﻌﺎدة ﻳﺴﺘﻨﺪ أﺳﻠﻮﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺪة ﻣﻜﻮﻧﺎت ،أوﻟﻬﺎ اﺧﺘﻴﺎر اﳌﺸﻬﺪ ﺑﺬﻛﺎء ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺤﺘﻮي ﻣﺜﻼ ﻟﻘﻄﺔ ﺧﺎرﺟﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﺎرع أو ﻓﺮﻳﺞ )ﺣﺎرة(. اﳌﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ دﻗﻴﻘﺔ ﻣﻌﺒﺮة ﻋﻦ ﻟﺤﻈﺔ زﻣﻨﻴﺔ ﻣﺎﺿﻴﺔ ،ﻓﻴﺨﺘﺎر ً
ﺑﻮﺟﺴﻮم أﺛﻨﺎء اﻟﺮﺳﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎرا
ﺣﻮش ﻗﻄﺮي ﻗﺪﻳﻢ
ﺣﺴﻦ ﺑﻮﺟﺴﻮم
ﻧ ـﺸــﺎﻫــﺪ ﻓ ـﻴ ـﻬــﺎ أﻋـ ـﻤ ــﺪة اﻟ ـﻜ ـﻬ ــﺮﺑ ــﺎء اﻟـﺨـﺸـﺒـﻴــﺔ ﻣﻊ اﻷﺳﻼك واﻟﺴﻴﺎرات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ واﻷﺑــﻮاب واﻟﻨﻮاﻓﺬ ذات اﻟﻨﻘﻮش واﻟــﺰﺧــﺎرف اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪ اﻷﻃﻔﺎل وﻫﻢ ﻳﻠﻌﺒﻮن وﺳﻂ اﻟﺸﺎرع ،دﻻﻟــﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﻮﻳﺔ اﳌﺸﻬﺪ ،أو ﻳﺨﺘﺎر اﻟﻔﻨﺎن ﻟﻘﻄﺔ داﺧﻠﻴﺔ ﻟ ـﺤ ــﻮش ﻗ ـﻄ ــﺮي ﺗ ـﻘ ـﻠ ـﻴــﺪي ،ﺗ ــﺰدﺣ ــﻢ ﻓ ـﻴــﻪ اﻷﺷ ـﻴ ــﺎء واﳌﺴﺘﻠﺰﻣﺎت اﻟﺒﻴﺘﻴﺔ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻟﺒﺌﺮ اﻟﺬي ﻳـﺘــﻮﺳــﻂ اﻟ ـﺤــﻮش واﻷواﻧ ـ ــﻲ واﻟ ـﻘ ـﻨــﺎدﻳــﻞ ،وﻛﻠﻬﺎ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺗﺎرﻳﺦ اﳌﺸﻬﺪ أو اﻟﺼﻮرة اﳌﻠﺘﻘﻄﺔ. ﺛﺎﻧﻴﺎ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﻔﻨﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻟﺘﺴﺠﻴﻠﻴﺔ ﻓــﻲ ﻧﻘﻞ اﳌـﺸــﺎﻫــﺪ اﳌ ـﺤــﺪدة ﻟـﻠــﺮﺳــﻢ ،دون ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ودون اﺧـ ـﺘ ــﺰال ،وﻻ ﺷ ــﻚ أﻧ ــﻪ ﻳـﻨـﻘــﻞ ﻣـﺸـﻬــﺪه ﻣﻦ ﻟﻘﻄﺔ ﻓﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ أﺳـ ً ـﺎﺳــﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻀﻴﻒ إﻟﻴﻬﺎ ً ﻣﺴﺘﻤﺪا ﺗﻠﻚ اﻹﺿﺎﻓﺔ ﻣﻦ روح اﻟﻠﻘﻄﺔ. ﻣﻦ ﺧﻴﺎﻟﻪ ﺛــﺎﻟــﺚ اﳌ ـﻜــﻮﻧــﺎت ﺣ ـ ْـﺮص ﺑــﻮﺟـﺴــﻮم ﻋـﻠــﻰ اﻹﻳـﻘــﺎع اﻟ ـﻠــﻮﻧــﻲ اﳌ ـﺴ ـﺘـ َ ـﻮﺣــﻰ ﻣ ــﻦ اﻟ ــﺰﻣ ــﻦ اﳌ ــﺎﺿ ــﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻳـ ـﺘ ــﺮاوح ذﻟـ ــﻚ اﻹﻳـ ـﻘ ــﺎع ﺑ ــﲔ اﻷﺑـ ـﻴ ــﺾ واﻷﺳـ ـ ــﻮد، ٌ ّ ٌ إﻳﻘﺎع ﻣﺎﺋﻞ ﺑﻜﻠﻴﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﺒﻨﻲ ،ﺑﻤﺎ ﻳﻮﺣﻴﻪ وﻟﻜﻨﻪ ﻫ ــﺬا اﻟ ـﻠــﻮن ﻣــﻦ إﺣ ـﺴــﺎس ﺑـﻐـﺒــﺎر اﻟــﺰﻣــﻦ وﻣـﻀـ ﱢـﻲ اﻟﺴﻨﻮات. وإذا ﻛ ــﺎن أﺳ ـﻠ ــﻮب ﺣـﺴــﻦ ﺑــﻮﺟ ـﺴــﻮم ﻓ ــﻲ اﻟــﺮﺳــﻢ ﺑﺎﻷﺣﺒﺎر ،ﻳﺘﻘﺎﻃﻊ ﻣﻊ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻀﻮﺋﻲ ،أو ً أﺳﺎﺳﺎ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻔﺘﺮق ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻧﻘﻄﺔ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻬﻤﺔ ،أﻻ وﻫــﻲ إﺿـﻔــﺎء إﺣﺴﺎﺳﻪ اﻟـﺨــﺎص ﻋﻠﻰ اﳌﺸﻬﺪ ،ﻋﺒﺮ ذﺑﺬﺑﺎت اﻟﻘﻠﻢ أو اﻟﺮﻳﺸﺔ ،وﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ّ اﻟﻨﻮر واﻟﻈﻞ ،ﺣﺘﻰ ﺗﺒﺪو اﻟﺼﻮرة وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺘﺄﻫﺐ ّ ﻟ ـﻠ ـﺤــﺮﻛــﺔ ،ﻣ ــﺬﻛ ــﺮة اﳌ ـﺸ ــﺎﻫ ــﺪ ﺑ ـﺨــﺎﺻ ـﻴــﺔ اﻟ ـﺼ ــﻮرة
اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ،وﺗـﺤــﺪﻳـ ًـﺪا اﻟــﻮﺛــﺎﺋـﻘـﻴــﺔ ،اﻟـﺘــﻲ ﻳﻌﻮد ﺗــﺎرﻳـﺨـﻬــﺎ ﻋ ـﺸــﺮات اﻟـﺴـﻨــﻮات إﻟ ــﻰ اﻟـ ــﻮراء ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﺸﺤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﺤﻴﻮﻳﺔ واﻟﺘﺄﺛﻴﺮ واﻟﺠﺎذﺑﻴﺔ، إﻟﻰ درﺟﺔ ﻓﺎﺟﺄت اﳌﺘﺎﺑﻌﲔ وأدﻫﺸﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺪرون .وﺗﻤﺜﻞ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﻔﻨﺎن ﺣﺴﻦ ﺑﻮﺟﺴﻮم، زﻣﻨﻴﺎ ،اﻣـﺘـ ً ً ـﺪادا ﻟﺘﺠﺎرب رواد اﻟﻔﻦ رﻏﻢ ﻗﺼﺮﻫﺎ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ اﻟ ـﻘ ـﻄــﺮي ،ﺧـﺼـ ً ـﻮﺻــﺎ وأﻧ ـﻬــﺎ ﻟــﻢ ﺗﺤﺪ ﻋﻦ اﻟﺘﺮاث واﻟﺒﻴﺌﺔ ،وﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ اﻟﻔﻨﺎن ﺑﻮﺟﺴﻮم ﺣــﺮﺻــﻪ ﻋـﻠــﻰ اﻟـﺘـﺠــﺪﻳــﺪ ﺑــﺄﺳـﻠــﻮﺑــﻪ اﳌ ـﺴــﺎﻓــﺮ ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ إﻟﻰ اﳌﺎﺿﻲ. وﺣﺴﻦ ﺑﻮ ﺟﺴﻮم ﻫﻮ أﺣﺪ اﻟﻔﻨﺎﻧﲔ اﻟﺴﺒﻌﺔ ﻓﻲ ً ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻔﻦ واﻟﺘﺮاث واﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ ﻛﻼ ﻣﻦ :ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺴﺎدة وﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ اﳌﻄﺎوﻋﺔ وﻃﻼل اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ وﻋﻠﻲ دﺳﻤﺎل اﻟـﻜــﻮاري وﺣﺼﺔ اﳌﻔﺘﺎح وإﻳﻤﺎن اﻟﻬﻴﺪوس وﺣﺴﻦ ﺑﻮﺟﺴﻮم. وﻣﻨﺬ ﻣﺸﺎرﻛﺘﻪ ﻓﻲ ﺳﻤﺒﻮزﻳﻮم اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ اﻟ ــﺬي ﻧـﻈـﻤـﺘــﻪ ﻣــﺆﺳـﺴــﺔ اﻟ ـﺤــﻲ اﻟـﺜـﻘــﺎﻓــﻲ )ﻛ ـﺘ ــﺎرا( ﺑ ــﺎﻟـ ـﺘـ ـﻌ ــﺎون ﻣ ـ ــﻊ اﻟ ـﺠ ـﻤ ـﻌ ـﻴ ــﺔ اﻟـ ـﻘـ ـﻄ ــﺮﻳ ــﺔ ﻟ ـﻠ ـﻔ ـﻨــﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء اﻟﻄﻠﻖ ،واﻟﻔﻨﺎن ﺑﻮﺟﺴﻮم ﻳﺘﺎﺑﻊ ﺧﻄﺎه ﺑﺪأب ودراﻳﺔ ،وﺑﺎﺗﺖ ﻟﻮﺣﺎﺗﻪ ﺗﺤﺘﻞ ﺻــﺪارة اﻟـﺠــﺪران ﻓﻲ اﳌﻨﺸﺂت واﳌــﺮاﻛــﺰ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، ﻣـﺜـﻠـﻤــﺎ ﺗ ـﺘ ـﺼــﺪر اﳌـ ـﻌ ــﺎرض اﻟ ـﺠ ـﻤــﺎﻋ ـﻴــﺔ ،وﺗ ـﺠــﺪر اﻹﺷ ـ ــﺎرة ﻫـﻨــﺎ إﻟ ــﻰ أﻧ ـﻨــﺎ اﺧـﺘــﺮﻧــﺎ إﺣ ــﺪى ﻟــﻮﺣــﺎﺗــﻪ ﻟﻠﻐﻼف اﻷﻣــﺎﻣــﻲ ﻟـﻬــﺬا اﻟـﻌــﺪد ﻣــﻦ اﳌـﻠـﺤــﻖ ،وﻫﻲ ﻣﻦ ﻣﻘﺘﻨﻴﺎت ﻛﺘﺎرا اﻟﺘﻲ ﺣﺮﺻﺖ اﻟﺴﻴﺪة ﻣﻠﻜﺔ آل ﺷﺮﻳﻢ ﻣﺪﻳﺮة اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎرا ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺻﻴﻊ اﻟﺠﺪار اﳌﻘﺎﺑﻞ ﳌﻜﺘﺒﻬﺎ ﺑﻬﺎ .
ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﻓﺮﻳﺞ
ﺗﺸﻜﻴﻞ
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
qqاﻟﻤــﺮﺋـﻲ
ﻣﻘﺎرﻋﺔ أﻧﻮاء اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﻠﻐﺔ اﻟﻔﻦ
ﺑﻴﻨﺎﻟﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن اﻟﻤﺴﺘﻘﻞ.. وﺟﻪ ﻣﺼﺮ اﻟﻤﺸﺮق
د .ﻋﺒﺪاﻟﺮازق ﻋﻜﺎﺷﺔ
ﻫﺒﺔ ﻓﻜﺮي
7
ﻟﻘﻄﺎت ﻣﻦ اﻟﺒﻴﻨﺎﻟﻲ
اﻟﻘﺎﻫﺮة – اﻟﺸﺮق اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﺳﻂ اﻷﻧﻮاء اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ،أﺻﺮ اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻨﺎﻟﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﳌﺴﺘﻘﻞ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة إﻗﺎﻣﺘﻪ ﻓﻲ اﳌﻮﻋﺪ اﳌﺤﺪد )ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ١٢إﻟﻰ ١٩ﻓﺒﺮاﻳﺮ ،(٢٠١٤ﻳﺘﺮأﺳﻬﻢ اﻟﻔﻨﺎن واﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪاﻟﺮازق ﻋﻜﺎﺷﺔ، ﻣﺪﻓﻮﻋﺎ ﺑﺮﻏﺒﺔ ﻣﺤﻤﻮﻣﺔ ﳌﻘﺎرﻋﺔ اﻟﺨﺮاب ﺑﻠﻐﺔ اﻟﻔﻦ .ﻳﻜﺎد ﻋﻜﺎﺷﺔ ،وﻣﻦ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﻓﺮﻳﻘﻪ اﳌﺘﺪاﻋﻲ إﻟﻰ اﻟﻔﻜﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎدم ﻣﻦ ﺑﺎرﻳﺲ ً ﺑﺴﺎﻃﺘﻬﺎ ،ﻳﻜﻮن آﺧﺮ اﳌﺤﺎرﺑﲔ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﺑﺠﺪوى اﻟﻔﻦ ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﺤﻴﺎة. وﻓــﻲ ﺧﻀﻢ اﻻﺳﺘﻌﺪاد واﻟﺘﻨﻈﻴﻢ واﻟﻌﻮاﺋﻖ ﻛ ـﺜ ـﻴ ـ ًـﺮا ﻣ ــﺎ ﺗ ـﺒ ــﺪو ﻓ ـﻜــﺮﺗــﻪ ﻧ ـ ً ـﻮﻋ ــﺎ ﻣ ــﻦ اﳌـﺜــﺎﻟـﻴــﺔ »اﻟــﺪوﻧ ـﻜ ـﻴ ـﺸــﻮﺗ ـﻴــﺔ« اﻟ ـﻘــﺎﺑ ـﻠــﺔ ﻟــﻼﻧ ـﻜ ـﺴــﺎر ﻋﻠﻰ ﺻـﺨــﺮة اﻟ ــﻮاﻗ ــﻊ ،ﻏـﻴــﺮ أﻧ ــﻪ ﻓــﻲ ﻛــﻞ ﻣ ــﺮة ﻳﻈﻬﺮ ﻣ ـﺜــﻞ »ﺳ ـﻴ ــﺰﻳ ــﻒ« اﻟ ـ ــﺬي ﻻ ﻳ ـﻌ ــﺮف اﻟ ـﻬــﺰﻳ ـﻤــﺔ، وﻳ ـﻌ ـﻠــﻦ ﻋ ـﻜــﺎﺷــﺔ :اﻟ ـﺒ ـﻴ ـﻨــﺎﻟــﻲ ﺳ ـﻴ ـﻘــﺎم ﺑــﺮﻋــﺎﻳــﺔ وزارة اﻟﺸﺒﺎب وﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ ﻫﻴﺌﺔ ﺗﻨﺸﻴﻂ اﻟ ـﺴ ـﻴــﺎﺣــﺔ وﻋ ـ ــﺪد ﻣ ــﻦ اﻟ ـﺠ ـﻬ ــﺎت اﻟ ــﺪاﻋ ـﻤ ــﺔ ﻓﻲ ﻣـ ـﺼ ــﺮ ،ﺑـ ــﺎﻹﺿـ ــﺎﻓـ ــﺔ إﻟـ ـ ــﻰ ﺻـ ــﺎﻟـ ــﻮن اﻟ ـﺨ ــﺮﻳ ــﻒ اﻟ ـﻔــﺮﻧ ـﺴــﻲ ،ﻣ ــﻊ اﳌ ـﺤــﺎﻓ ـﻈــﺔ ﻋ ـﻠــﻰ اﺳـﺘـﻘــﻼﻟـﻴـﺘــﻪ و«ﺟـ ـﻨ ــﻮﻧ ــﻪ« ،رﻏـ ــﻢ اﳌ ـﺸ ــﺎرﻛ ــﺔ اﻟ ـﻜ ـﺒ ـﻴــﺮة ﻷﻛـﺜــﺮ ﻣ ــﻦ ١٥دوﻟ ـ ــﺔ ﻋــﺮﺑ ـﻴــﺔ وأﺟ ـﻨ ـﺒ ـﻴ ــﺔ ،ﻣ ــﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻗﻄﺮ ،ووﻓــﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧﲔ اﳌﺸﺎرﻛﲔ ﻣﻦ اﻟ ـﺒــﺮازﻳــﻞ ،ﺑــﺎﻋـﺘـﺒــﺎرﻫــﺎ ﺿـﻴــﻒ اﻟ ـﺸــﺮف .وﻛــﺎن ﻣﻦ اﳌﻘﺮر أن ﻳﺤﻀﺮ ﻣﻠﺤﻖ »اﻟﺸﺮق اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ« اﻟﺒﻴﻨﺎﻟﻲ ﻟــﻮﻻ إﺟـ ــﺮاءات اﻟـﺘــﺄﺷـﻴــﺮة اﳌﺘﻌﺜﺮة ﻓــﻲ اﻟـﻠـﺤـﻈــﺎت اﻷﺧ ـﻴ ــﺮة ﻗـﺒــﻞ اﻻﻓ ـﺘ ـﺘــﺎح ،وﻣــﻊ ذﻟﻚ ﻳﻮاﺻﻞ ﻋﻜﺎﺷﺔ ﺻﺮاﺧﻪ اﳌﺨﻨﻮق ً راﻓﻌﺎ ﺷ ـﻌــﺎر اﻟـﺒـﻴـﻨــﺎﻟــﻲ »ﻣ ـﺼــﺮ ﻓ ــﻲ ﻋ ـﻴــﻮن ﻣﺒﺪﻋﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ« ..ﺛﻢ ﻳﻜﺮم ﻛﻮﻛﺒﺔ واﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧﲔ واﻟﺸﻌﺮاء ،اﻟﻌﺮب واﻷﺟــﺎﻧــﺐ ،ﻳﺮﺣﻞ ﺻﺪﻳﻘﻪ اﻟ ـﻔ ـﻨ ــﺎن اﻟـﺘـﺸـﻜـﻴـﻠــﻲ ﻣـﺤـﺴــﻦ ﺷ ـﻌ ــﻼن رﺋـﻴــﺲ ﻗﻄﺎع اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ اﻷﺳﺒﻖ ﻓﻲ اﻷﺛﻨﺎء، ﻓـﻴـﺴـﻤــﻲ اﻟـ ـ ــﺪورة اﻟ ـﺜــﺎﻟ ـﺜــﺔ ﻟـﻠـﺒـﻴـﻨــﺎﻟــﻲ ﺑــﺎﺳـﻤــﻪ وﻳﻌﺮض ﻟﻪ ﻟﻮﺣﺘﲔ.
اﻟﻤﻬﻢ اﻻﺳﺘﻤﺮار.. ﺗﺤﻀﺮ اﻟﻔﻨﺎﻧﺔ ﻫﺒﺔ ﻓﻜﺮي ﻣﻨﺴﻘﺔ اﻟﺒﻴﻨﺎﻟﻲ إﻟﻰ ﻣﻄﺎر اﻟﻘﺎﻫﺮة وﺗﻌﻮد إﻟﻰ ﺻﺎﻟﺔ اﻟﻌﺮض ﺛﻢ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﳌﻄﺎر ..ﺛﻤﺔ ﺿﻐﻂ ﻫﺎﺋﻞ ﻹﺗﻤﺎم اﻟـﺘــﺮﺗـﻴـﺒــﺎت ،ﻣــﻊ ﺑﻘﻴﺔ أﻓ ــﺮاد ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺒﻴﻨﺎﻟﻲ: ﻫ ـﺸــﺎم ﻃ ــﻪ وراﻧ ـﻴ ــﺎ أﺷ ــﺮف وإﻳ ـﻤ ــﺎن اﻟﻨﻤﻴﺲ وﻋﺒﻴﺮ ﺣـﻤــﺪي وﺟـﻤــﺎل ﻋﺒﺪاﻟﻨﺎﺻﺮ وﺑﺎﺳﻢ اﻟ ـﺸ ــﺮﻳ ــﻒ وأﺣـ ـﻤ ــﺪ ﺷـﺒـﻴـﻄــﺔ وأﺣـ ـﻤ ــﺪ ﻋﻔﻴﻔﻲ وﺣـﻨــﺎن ﻣﻮﺳﻰ وأﺷ ــﺮف ﻋﺒﺪاﻟﻘﺎدر وﻣﺤﻤﺪ اﻟـ ـﺼـ ـﺒ ــﺎن وﻣ ـ ــﺎﺟ ـ ــﺪة اﻟ ـ ـﺸـ ــﺮﻗـ ــﺎوي وآﺧ ـ ــﺮﻳ ـ ــﻦ.. واﻟـﺒـﻴـﻨــﺎﻟــﻲ ﻳ ـﻘــﻮم ﻋـﻠــﻰ ﺣــﺎﻟــﺔ اﻻﺷ ـﺘ ـﺒــﺎك ﺑﲔ اﻟ ـﻜ ـﻠ ـﻤــﺔ واﻟـ ـ ـﺼ ـ ــﻮرة ،ﺷ ـﻌ ــﺎر آﺧـ ــﺮ ﻳـﺘـﻤـﺨــﺾ: »اﻟﺮﺳﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ« ،أو اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ اﻟﻘﺼﻴﺪة واﻟﻠﻮﺣﺔ.
ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻗﻄﺮﻳﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻔﻨﺎﻧﲔ واﻷدﺑ ــﺎء اﳌﺸﺎرﻛﲔ واﳌﻜﺮﻣﲔ ﺗﺘﻮاﻓﺪ ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻋﺪا اﻟﻔﻨﺎﻧﲔ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ وﻓ ـﻨــﺎﻧــﻲ اﻟ ـﺒ ــﺮازﻳ ــﻞ ،ﻣ ــﻦ وﺻ ــﻞ وﻣ ــﻦ ﻟ ــﻢ ﻳﺼﻞ وﺻــﻞ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻪ :ﻳﻮﺳﻒ أﺣﻤﺪ )ﻗﻄﺮ( وﻫﻮﻳﺪا ﻋﻄﺎ )اﻹﻣ ــﺎرات( وﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ اﻟﺤﺎﻣﺪي )ﺳﻮرﻳﺎ( وﻣ ـ ـ ــﺮاد ﺣـ ــﺮوﺑـ ــﺎوي )ﺗـ ــﻮﻧـ ــﺲ( وﻣ ــﺎﻧ ــﻲ اﻟ ـﺒــﺎﺑــﺎ
ﺑــﺮﻛــﺎت )ﻓـﻠـﺴـﻄــﲔ( وﺧــﺎﻟــﺪ ﻧ ـﺼــﺎر )ﻓﻠﺴﻄﲔ( وﻧـﺠــﻼء ﺳﻠﻴﻢ )اﻟـﺴـﻌــﻮدﻳــﺔ( ورﻫﻴﻔﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ )اﻟـﺴـﻌــﻮدﻳــﺔ( وﺟـﻤــﺎل ﺑﺨﻴﺖ )اﻟـﻜــﻮﻳــﺖ( وﻋﻠﻲ ﺳﻌﻴﺪ )اﻟﻌﺮاق( وآﻣــﺎل ﺣﺴﲔ )ﺗﻮﻧﺲ( ورﺷﺎ ﻣﺤﻤﻮد )اﻟـﺴـﻌــﻮدﻳــﺔ( وﻋ ــﺎدل ﺧﻠﻒ )اﻟﻜﻮﻳﺖ( وﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺎس ﻋﻠﻲ )اﻷردن( وﻣﺤﻤﺪ اﻟﺜﻘﻔﻲ )اﻟ ـﺴ ـﻌ ــﻮدﻳ ــﺔ( وﻟ ـﻴ ـﻠــﻰ ﻣ ــﺎل اﻟ ـﻠ ــﻪ )اﻟ ـﺴ ـﻌــﻮدﻳــﺔ( وﻫ ــﺪى اﻟﻌﺠﻴﻠﻲ )ﺗــﻮﻧــﺲ( ورﺷ ـﻴــﺪة اﻟﺪﺑﻴﺶ )اﳌ ـ ـﻐـ ــﺮب( وأﺣـ ـ ــﻼم ﻓ ـﻘ ـﻴــﻪ )ﻓ ـﻠ ـﺴ ـﻄــﲔ( ورﻫـ ــﺎب اﻟ ـﺒ ـﻴ ـﻄــﺎر )أﻣ ـﻴ ــﺮﻛ ــﺎ( وﻣ ـﻨــﻰ ﻗــﺎﺳــﻢ )اﻟـ ـﺴ ــﻮدان( وأﺣﻤﺪ اﻟﺰﻫﺮاﻧﻲ )اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ( وﺻــﺎدق ﺣﻴﺪر )اﻟﻴﻤﻦ( وﻣﺮﻳﻢ ﺑﻔﻠﻢ )اﻟﻴﻤﻦ( وﺳﻌﻴﺪ ﺣﺎﺟﻲ )اﳌ ـ ـﻐـ ــﺮب( وﺳ ـﻴ ــﺪ إدرﻳـ ـ ــﺲ )اﳌ ـ ـﻐـ ــﺮب( ورﺷ ـﻴــﺪ ﺑﺎﺧﻮر )اﳌﻐﺮب( وﺳﻮزان ﻋﺒﻮد )أﳌﺎﻧﻴﺎ( وﺛﺮﻳﺎ ﺑ ـﻨ ــﺖ اﻟـ ـﺸ ــﺎذﻟ ــﻲ )ﺗـ ــﻮﻧـ ــﺲ( وﻋ ـﺒ ــﺪاﻟ ـﺤ ــﻲ ﻣ ــﻼخ )اﳌﻐﺮب( وﻣﺤﻤﺪ ﻛﻮﺳﺔ )اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ( وﻣﻴﺴﺎء ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻣﺤﻤﺪ )ﺳﻮرﻳﺎ( وﻛﺮﻳﻢ ﻛﻤﻮن )ﺗﻮﻧﺲ( وﻋ ـﻤ ــﺮ اﻟ ـﻐــﺪاﻣ ـﺴــﻲ )ﺗ ــﻮﻧ ــﺲ( وﻫ ــﺎﻟ ــﺔ اﳌـﻤـﻠــﻮك )ﺗ ــﻮﻧ ــﺲ( وﻓـﻴـﺼــﻞ اﻟ ـﻌ ـﻤــﺮي )اﻷردن( وﺣــﺎﻣــﺪ ﺳــﺎﻟــﻢ )اﻟـﺴـﻌــﻮدﻳــﺔ( وﻧـﻬــﻰ اﻟــﺪروﺑــﻲ )ﻓﺮﻧﺴﺎ( وﻧﻮرة اﻟﻘﺤﻄﺎﻧﻲ )اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ( وﻋﻴﺶ ﻃﺤﻴﻤﺮ )ﺳﻮرﻳﺎ( .وﻓﻲ اﻟﺨﺘﺎم ﻳﺨﺮج رﺋﻴﺲ اﻟﺒﻴﻨﺎﻟﻲ ﻋ ـﺒــﺪاﻟــﺮازق ﻋـﻜــﺎﺷــﺔ ﻣــﻊ ﺻــﺪﻳـﻘــﻪ ﻧــﻮﻳــﻞ ﻛــﻮرﻳــﻪ رﺋﻴﺲ ﺻﺎﻟﻮن اﻟﺨﺮﻳﻒ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺳﺎﳌﲔ ﻣﻦ دﺧﺎن اﳌﻌﺎرك ،وﻳﻌﻠﻨﺎن اﻧﺘﺼﺎر اﻟﻔﻦ .
ﺛﻮرة اﻟﺴﻮرﻳﺎﻟﻴﺔ ﻓﺮج دﻫﺎم
ﻋـ ـ ـ ـﻨ ـ ـ ــﺪﻣ ـ ـ ــﺎ ﻳ ـ ـﻔ ـ ـﻘـ ــﺪ اﻹﻧـ ـ ـﺴ ـ ــﺎن ﻋ ــﺎﳌ ــﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﻳﻌﻮد إﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻰ ﻋـ ـ ــﺎﳌـ ـ ــﻪ اﻟ ـ ـ ــﺪاﺧـ ـ ـ ـﻠ ـ ـ ــﻲ ﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻼذا ﻳﺤﺘﻤﻲ ﻓﻴﻪ. وﻋﻮدة إﻟﻰ ﻣﺘﺎﻫﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩١٤ اﻟ ـﺘــﻲ أرﻏ ـﻤــﺖ اﳌـﺠـﺘـﻤــﻊ اﻷوروﺑـ ــﻲ ﻋ ـﻠــﻰ اﻟ ـﻨــﺰوح ﻋــﻦ اﳌــﺪن واﻟـﻘــﺮى اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﺳﺎﺣﺔ ﺣــﺮب، واﻟﻬﺮوب ﻣﻦ اﻟﻬﻮاء ﻟﺘﺤﺎﺷﻲ اﻟﻐﺎزات اﻟﺴﺎﻣﺔ، ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﺷــﻲء ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻏﻴﺮ اﳌﻮت ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮط وﻧﺰوح اﳌﻼﻳﲔ ﻣﻦ أوﻃﺎﻧﻬﻢ. ﺣ ــﺮب ﺟ ــﺎءت ﺑــﺎﻟـﺴـﻴــﺎﺳــﺎت اﳌــﺆدﻟ ـﺠــﺔ وﺳـﻘــﻮط اﻟﺴﻼﻻت اﻷرﺳﺘﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ،ﻫــﺬا اﳌﻮﻗﻒ اﻟـ ـﺤ ــﺎد ﻟ ـﻠ ـﺘ ـﻌــﺎﻳــﺶ ﻣ ــﻊ اﻟ ـﺤ ـﻴ ــﺎة ﺟـ ــﺎء ﻣ ــﻦ ﻣ ـﺤــﻮر اﻟـ ـﺒـ ـﺤ ــﺚ ﻋـ ــﻦ ﻋـ ــﺎﻟ ــﻢ آﺧـ ـ ــﺮ ﻳ ـﺘ ـﻘ ــﺎﻃ ــﻊ ﻣـ ــﻊ اﻟ ـﻌ ـﺒــﺚ اﻟـﺴـﻴــﺎﺳــﻲ وﺷ ـﺘــﺎت اﻹﻧ ـﺴ ــﺎن وﺗـﻘـﺴـﻴــﻢ اﻟ ــﺪول، ﻓ ـﻠــﻢ ﻳ ـﺒــﻖ ﻏ ـﻴ ــﺮاﻷﺣ ــﻼم واﻟـ ـﺸ ــﺮود ﻓ ــﻲ اﻟــﻼوﻋــﻲ ﻛﻤﻼذ أﺧﻴﺮ. وﻣ ــﻊ ﺣـ ــﺮاك اﻟ ـﺒ ـﺤــﺚ ﻟ ـﺘ ـﻔــﺮﻳــﻎ اﻟ ـﺸ ـﺤ ـﻨــﺎت ﺑ ــﺮزت اﻟـﺤــﺮﻛــﺎت اﻷدﺑـﻴــﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ ﺗـﻨــﺎدي ﺑــﺎﻟـﺜــﻮرة ﻋﻠﻰ اﻟـﻌـﻘــﻞ اﻟ ــﺬي أوﺻ ــﻞ اﻟـﺒـﺸــﺮﻳــﺔ إﻟــﻰ ﻫــﺬه اﳌﺮﺣﻠﺔ واﳌﻴﻞ ﻧﺤﻮ وﺻﺎﻳﺔ اﻟﻨﻔﺲ ﻛﻤﻼذ داﺧﻠﻲ. واﻟـﺴــﻮرﻳــﺎﻟـﻴــﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣــﺄﺧــﻮذة ﻣــﻦ آﺧﺮ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎت أﻧــﺪرﻳــﻪ ﺑــﺮوﺗــﻮن »ﺳــﻮرﻳــﺎﻟــﻲ زوم«، وﻣـﻌـﻨــﺎﻫــﺎ ﻣــﺎ ﻓ ــﻮق اﻟــﻮاﻗــﻊ واﻟـﺤـﻘـﻴـﻘــﺔ ،وﺗـﻨــﺎﻗــﺶ ﻣﻮاﺿﻴﻊ ﻣﺎ ﺗﺤﺖ اﻟﻮﻋﻲ. ﺗﻌﺪ ﻫــﺬه ﻣﻜﺎﺷﻔﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋــﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟ ـﺸــﺎﻣ ـﻠــﺔ اﻟ ـﺘــﻲ ﻳ ـﻨ ـﻄــﻮي ﺗـﺤـﺘـﻬــﺎ ﻋــﺎﻟــﻢ ﻣـﺴـﺘـﺘــﺮ، وﻫــﻲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺛــﻮرة ﻋﻠﻰ ﻫﻴﻤﻨﺔ وﺳﻠﻄﺔ اﻟﻌﻘﻞ، ﻓ ـﻘــﺪاﺳ ـﺘ ـﻌ ـﻤــﻞ اﻷﺳ ـ ـﻠـ ــﻮب اﻟ ـﻔ ـﻨ ــﻲ اﻟ ـ ــﺬي ﻳ ـﺼــﻮر اﳌ ـﺘ ـﺨ ـﻴ ــﻞ ﻓ ــﻲ ﺣ ـﻴ ــﺰ ﻣ ـﺘ ـﻨ ــﺎﻗ ــﺾ ﻋ ــﻦ ﺷــﺎﻛ ـﻠ ـﺘ ـﻬــﺎ اﻻﻋ ـﺘ ـﻴــﺎدﻳــﺔ .أﺳ ـﻠــﻮب ﺣ ـﻴــﺎة ﻣـﺨـﺘـﻠــﻒ .ﻳ ــﺮاد ﻣﻨﻪ ﺗــﺄﺳ ـﻴــﺲ واﻗـ ــﻊ ﺟ ــﺪﻳ ــﺪ أﻛ ـﺜ ــﺮ وﺿ ــﻮﺣ ــﺎ .ﻓـﻌـﺘـﺒــﺔ اﻟﺪﻣﺎر ﻟﻢ ﺗﺮﻣﻢ ﺑﻌﺪ .ﻣﻤﺎ اﺿﻄﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻨﺎﻧﲔ إﻟ ــﻰ ﺗـﻠـﻤــﺲ ﻧـﺼــﻒ اﻟـﺤـﻘـﻴـﻘــﺔ ﻓــﻲ ﻇــﺎﻫــﺮ أﻋـﻤــﺎﻟــﻪ اﻟـﻔـﻨـﻴــﺔ ،وﻓــﻲ اﻟ ـﻄــﺮف اﻟـﺜــﺎﻧــﻲ ﺳـﻌــﻮا إﻟــﻰ ﺗﻠﻤﺲ ﺳﺒﻴﻼ ﻟﻠﺸﻔﺎء. ﻣﻼذ ﻣﻊ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ً وﻫ ـﻜــﺬا ﻏــﺮﻗــﺖ اﻟـﺴــﻮرﻳــﺎﻟـﻴــﺔ ﺑـﺴــﺮد اﻟ ـﺼــﻮر ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻔﺘﻮح ﺧﺎرج اﻟﻨﺴﺐ ،وﻣﻮاﺻﻔﺎت ﻟﺸﺎﻛﻠﺔ ﺗـﺼــﻮرﻳــﺔ ﻻ ﻧـﻌــﺮﻓـﻬــﺎ ،ﺟ ــﺎءت اﻟ ـﺼــﻮر ﺗﺴﺠﻴﻼ ﻗﺎﺋﻼ :إن ﳌﻮﻗﻒ ﺛﻮري ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻳﺼﻔﻪ ﺑﺮوﺗﻮن ً اﻟﻌﺠﻴﺐ ﺟﻤﻴﻞ داﺋـﻤــﴼ وﻛــﻞ ﻣــﺎ ﻫــﻮ ﻋﺠﻴﺐ ﻓﻬﻮ ﺟﻤﻴﻞ ﺑﻞ إﻧﻪ ﻻ ﺟﻤﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ إﻻ اﻟﻌﺠﻴﺐ! • ﻓﻨﺎن ﺗﺸﻜﻴﻠﻲ ﻗﻄﺮي
8
ﻣﺴﺮح
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
اﻟﻤﺨﺮج واﻟﻤﻨﺘﺞ اﻟﻜﻮﻳﺘﻲ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻌﻨﺰي:
ﻗﻠﺔ اﻟﻨﺼﻮص ﻣﺮض اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ اﻟﻤﺰﻣﻦ ﻣﺤﻤﻮد ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻧﺘﻘﺪ اﳌﺨﺮج واﳌﻨﺘﺞ اﻟﻜﻮﻳﺘﻲ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻌﻨﺰي ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺜﺒﺎت واﻟﺘﻜﺮار اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻷﺧﻴﺮة ،ﻣﺸﻴﺮا إﻟﻰ أن اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺬي ﺷﻬﺪﺗﻪ ﻣﺆﺧﺮا ﻟﻴﺲ ﻣﺮده إﻟﻰ اﳌﻨﺘﺠﲔ وﻟﻜﻨﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻄﻮر اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ ،وإن ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺘﻄﻮر ﻳﻌﺪ إﺿﺎﻓﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﳌﺠﺎل اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺪراﻣﻲ ،إﻻ أن اﻟﺴﻮاد اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺑﺎﻗﻲ ﻣﻔﺮدات اﻹﻧﺘﺎج ﻣﺎزال ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻨﺼﻮص ﻓﺄﻏﻠﺐ اﳌﻮﺟﻮدﻳﻦ ﺣﺎﻟﻴﴼ أداؤﻫﻢ أي ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال ،ﻓﺎﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ّ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ واﳌﺤﺪودﻳﺔ وﻻ ﻳﻌﻜﺲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﻓﻲ ّ ﺗﺼﺮ اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﻜﺮرة وﻣﺴﺘﻬﻠﻜﺔ ،وأﺳﻠﻮب ﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺪروس ،ﻓﻤﺎزﻟﻨﺎ ﻧﺪور ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﳌﺨﺪرات واﻹدﻣﺎن واﻟﺰواج واﻟﻄﻼق واﻟﺘﻔﻜﻚ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﻻ ﺗﻘﺪم اﳌﻌﺎﻟﺠﺔ اﳌﻄﻠﻮﺑﺔ وﻻ ﺗﻌﺪو ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺳﺮدا ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻜﻮﻣﻴﺪي وإن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎﻟﻘﺔ ﻳﺘﺼﺪرﻫﻢ اﻟﻔﻨﺎن ﻋﺒﺪاﻟﺤﺴﲔ ﻋﺒﺪاﻟﺮﺿﺎ ،ﻟﻜﻦ اﳌﻄﻠﻮب اﻵن ﻫﻮ ﺗﻘﺪﻳﻢ أﻓﻜﺎر ﺟﺪﻳﺪة ،ﻓﻤﺎ زﻟﺖ أﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ أﻣﻮال ﺿﺨﻤﺔ وﺟﻮدة ﺿﻌﻴﻔﺔ ،وﻓﻲ ّ ﺗﺼﻮري ﻟﻮ رﺻﺪت ﻫﺬه اﳌﺒﺎﻟﻎ ﻷﻓﻜﺎر ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻓﻲ اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺴﻮرﻳﺔ أو اﳌﺼﺮﻳﺔ ﻟﻜﺎن ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ أﻓﻀﻞ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ. وﻋـ ـ ـ ــﺰا اﻟـ ـﻌـ ـﻨ ــﺰي أﻫـ ـ ــﻢ أﺳ ـ ـﺒ ـ ــﺎب ﺿـ ـﻌ ــﻒ اﻟ ـ ــﺪراﻣ ـ ــﺎ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ وﺿـﻌــﻒ ﺟــﻮدﺗـﻬــﺎ وﻣﻌﺎﻟﺠﺎﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ أﺳﻤﺎه ﻣﺮض اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،اﻟﺬي ﻳﺘﻢ ﺗﻮﺻﻴﻔﻪ ﺑﺄن ﻗﻠﺔ اﻟﻨﺼﻮص ﻣﺮض اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ اﳌﺰﻣﻦ، واﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟــﻚ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮه ﻗﺪ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ أن ﻣـﻌـﻈــﻢ اﻟ ـﻜ ـﺘــﺎب اﻟـﺨـﻠـﻴـﺠـﻴــﲔ ﻳـﺼـﻴـﺒـﻬــﻢ اﳌـﻠــﻞ ﺑﺴﺮﻋﺔ ،ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮب ،ﻫــﺬا ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أن ﻋﺪدا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻳﺸﺘﺮون ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﲔ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮوﻓﲔ وﻳﻨﺴﺒﻮﻧﻬﺎ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ، وﻫـ ـ ـ ــﺬه اﻟـ ـﻔـ ـﺌ ــﺔ ﻟ ـ ــﻦ ﺗ ـﺴ ـﺘ ـﻤ ــﺮ ﻛـ ـﺜـ ـﻴ ــﺮا ﻓ ـﻤ ـﻌ ـﻈ ـﻤ ـﻬــﻢ ﻣﻌﺮوﻓﻮن وﺳﺘﻠﻔﻈﻬﻢ اﻟﺴﺎﺣﺔ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﺢ إﻻ اﻟـﺼـﺤـﻴــﺢ ،ﺑــﺎﻹﺿــﺎﻓــﺔ إﻟ ــﻰ أن اﻟـﺴــﺎﺣــﺔ اﻟــﺪراﻣـﻴــﺔ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﺗﻔﺘﻘﺮ إﻟ ــﻰ اﳌـﻌــﺎﻟـﺠــﺎت اﻟــﻮاﻗـﻌـﻴــﺔ ﻓﻲ اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮﺣﻬﺎ ،وﻫــﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﺒﺪو ﻋــﺮﺑ ـﻴــﺔ وﺧ ـﻠ ـﻴ ـﺠ ـﻴــﺔ ،وﻫ ــﻮ أﻣ ــﺮ ﻻ ﻳـﻠـﻴــﻖ ﺑـﺴــﺎﺣــﺔ ﻋﺎل ﻣﻦ اﳌﻬﻨﻴﺔ. ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻣﻤﺜﻠﲔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ٍ وﺗــﺎﺑــﻊ اﻟﻌﻨﺰي :إن ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﻜﻤﻦ ﻓــﻲ أن اﻟﻌﺮف ﻓﻲ اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋـﻠــﻰ أﻧ ــﻪ ﻟـﻴــﺲ ﺟ ــﺰءا أﺳــﺎﺳـﻴــﺎ ﻣــﻦ ﻃــﺎﻗــﻢ اﻟﻌﻤﻞ. ﻓﺎﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺬي ﻳﻜﺘﺐ ﻟﺒﻴﺌﺔ ﻟﻢ ﻳﻌﺶ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻦ ﻳﻨﻘﻞ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ،وﻟﺬا ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن اﳌﺆﻟﻒ اﺑﻨﴼ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﺼﻮرة اﳌﺮأة ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ﻓﻲ اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻻ ﺗﻌﻜﺲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻤﺮأة اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ،ورﺑﻤﺎ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ أن أﻏﻠﺐ اﳌﻤﺜﻼت ﺑﺎﻟﺨﻠﻴﺞ ﻟﺴﻦ ﺧﻠﻴﺠﻴﺎت،
ﻟﻘﻄﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﺴﻞ اﻟﺤﺴﻦ واﻟﺤﺴﲔ
ّ وإﻧﻤﺎ ﻋﺮﺑﻴﺎت ﻋﺸﻦ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،وﻟﺬا ﻟﻢ ﻳﺘﻘﻦ اﻟﻠﻬﺠﺔ ،وﻟﻢ ﻳﺘﻌﺎﻳﺸﻦ ﻣﻊ أﺑﻌﺎد اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﻛﺎف. اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻨﻬﺎ ﺑﺼﺪق ٍ
ﺣﺎﻻت اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻛ ـﻤ ــﺎ أن اﻟـ ــﺪراﻣـ ــﺎ اﻟ ـﺨ ـﻠ ـﻴ ـﺠ ـﻴــﺔ ﺗ ـﺘ ـﻨ ــﺎول ﺣ ــﺎﻻت ﻟـﺘـﺤــﻮﻟـﻬــﺎ ﻓ ــﻲ اﻟـﻌـﻤــﻞ إﻟ ــﻰ ﻇ ــﺎﻫ ــﺮة اﺟـﺘـﻤــﺎﻋـﻴــﺔ، وﻫﻨﺎك ﺣﺎﻻت ﻗﺪ ﺗﺒﺪو اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﳌﻨﻄﻖ ﺗﻌﻤﻴﻤﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺪﻣﺖ اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻓـ ــﻲ اﻟـ ـﺴ ــﺎﺑ ــﻖ أﻋ ـ ـﻤـ ــﺎﻻ ﻣ ـ ــﺎزاﻟ ـ ــﺖ ﺣـ ــﺎﺿـ ــﺮة ﻋـﻠــﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ ،وﻧﺠﺢ اﻟﺴﺎﺑﻘﻮن ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻣﻦ واﻗﻊ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻣﻨﻬﺎ "درب اﻟــﺰﻟــﻖ" ﻓــﻲ اﻟﻜﻮﻳﺖ ،و"اﻳــﺶ ﺣﺎﻓﺎن" ﻓﻲ اﻹﻣــﺎرات ،و"ﻓﺎﻳﺰ اﻟﺘﻮش" ﻓﻲ ﻗﻄﺮ، وﻛﻠﻬﺎ أﻋﻤﺎل ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ اﻋﺘﻤﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺌﺔ، وﺳـﺘـﺒـﻘــﻲ ﺧ ــﺎﻟ ــﺪة ﻷﻧ ـﻬ ــﺎ ﻣـﺴـﺘـﻤــﺪة ﻣ ــﻦ اﻟ ــﻮاﻗ ــﻊ اﻟﺒﻴﺌﻲ اﻟــﺬي ﻧﻌﻴﺸﻪ ،وﻳﺠﺐ أن ﻧﻌﺘﺮف ﺑﺄﻧﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﻧﻔﺘﻘﺪ ﻣﻦ ﻳﻜﺘﺐ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ، واﳌﺸﻜﻠﺔ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ أن ﺑﻌﺾ ﺟﻬﺎت اﻹﻧﺘﺎج ﻻ ﺗﺮاﻋﻲ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺘﻄﻮر واﻟﻌﺎدات ،وإن ﻛﻨﺖ ﻣﻤﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻌﺎدات ﺳﺠﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻻﻧﻔﺘﺎح ﻏﻴﺮ اﳌﺤﺴﻮب. وﻋﻦ اﻟﺨﻂ اﻟﺬي ﻳﻠﺘﺰم ﺑﻪ ﻛﺠﻬﺔ إﻧﺘﺎج ﻗﺎل :إﻧﻨﺎ ﻧﺴﻌﻰ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ أﻋﻤﺎل ﺗﺤﺘﻮي اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻷن اﻹﻋﻼﻣﻲ واﻟﻔﻨﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ واﳌﺴﻠﻢ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻪ اﻟﺘﺰام ذاﺗﻲ ﺑﺎﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻮاﺑﺖ
ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻌﻨﺰي
J
اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺛﻮاﺑﺖ اﻟﺪﻳﻦ وا$ﺧﻼق ﻓﻴﻠﻢ "أﺻﺤﺎب ا$ﺧﺪود" ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﺎم اﻟﻤﻘﺒﻞ ﺑﺸﺮاﻛﺔ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ درب اﻟﺰﻟﻖ واﻳﺶ ﺣﺎﻓﺎن وﻓﺎﻳﺰ اﻟﺘﻮش أﻋﻤﺎل دراﻣﻴﺔ ﺧﻠﻴﺠﻴﺔ ﺑﺎﻗﻴﺔ
ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ واﻟﺪﻳﻦ واﻷﺧــﻼق ،وﻳﺠﺐ أن ﻳﻀﻊ ﻓﻲ اﻋـﺘـﺒــﺎراﺗــﻪ أﻧــﻪ ﻳـﺨــﺪم أﻣـﺘــﻪ ودﻳـﻨــﻪ وأﻓ ـﻜــﺎره ﻓﻴﻤﺎ ﻳـ ـﻘ ــﺪم ،وﻳ ـﺠ ــﺐ أﻻ ﺗ ـﻜ ــﻮن اﻟ ـﻨ ـﻈ ــﺮة ﻗ ــﺎﺻ ــﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺒﻘﻰ داﺋﻤﴼ ﻣﻘﺮوﻧﺔ ﺑﺄﺑﻌﺎد ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ وﻗﻴﻤﻴﺔ ،وﻣﻦ دون اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻬﺬه اﳌﻌﺎﻳﻴﺮ ﺳـﻴـﺴـﻬــﻢ اﻟ ـﻔ ــﻦ واﻹﻋـ ـ ــﻼم ﻓ ــﻲ إﻫـ ـ ــﺪار اﻟـﻜـﺜـﻴــﺮ ﻣﻦ ﺛﻮاﺑﺖ اﳌﺠﺘﻤﻊ.
ﻋﻤﻞ ﺗﺎرﻳﺨﻲ أﻣ ــﺎ ﻋ ــﻦ اﻟ ـﺠــﺪﻳــﺪ ﻓ ــﻲ اﻷﻋـ ـﻤ ــﺎل اﻟ ـﺘــﺎرﻳ ـﺨ ـﻴــﺔ ﻟــﺪﻳــﻪ ﻓﻘﺎل :ﻟﻘﺪ ﻓﺮﻏﻨﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻗﺼﻪ ﻓﻴﻠﻢ "أﺻﺤﺎب اﻷﺧــﺪود" وﺳﻴﺸﻬﺪ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﺗﻌﺎوﻧﴼ ﻋﺮﺑﻴﺎ ﺑــﺮﻳـﻄــﺎﻧـﻴــﺎ وﺳـﻴـﺘــﻢ ﻋــﺮﺿــﻪ ﻣـﻄـﻠــﻊ اﻟ ـﻌ ــﺎم اﻟ ـﻘــﺎدم ﺣ ـﻴ ــﺚ ﺳ ـﻴ ـﺘ ــﻢ ﺗـ ـﺼ ــﻮﻳ ــﺮه ﺧ ـ ــﻼل ﺷـ ـﻬ ــﺮي ﻳــﻮﻟ ـﻴــﻮ وأﻏﺴﻄﺲ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم اﻟﺤﺎﻟﻲ. ﻳﺬﻛﺮ أن اﻟﻌﻨﺰي ﻣﺨﺮج وﻣﻨﺘﺞ أﻧﺘﺞ ﻣــﻦ ﺧﻼل ﺷﺮﻛﺔ اﳌﻬﺎ ﻟﻺﻧﺘﺎج اﻟﻔﻨﻲ أﻫﻢ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ، اﻟـﺘــﻲ اﻋـﺘـﺒــﺮت ﻧﻘﻠﺔ ﻧــﻮﻋـﻴــﺔ ﻓــﻲ اﻟــﻮﻃــﻦ اﻟـﻌــﺮﺑــﻲ، وﺗﺤﻮﻻ ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ﺗﻨﺎول اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،وﻛــﺎﻧــﺖ اﻻﻧﻄﻼﻗﺔ ﻣــﻊ ﻣﺴﻠﺴﻞ "ﺧﺎﻟﺪ ﺑــﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ" وﺗﺒﻌﻪ ﻣﺴﻠﺴﻞ "اﻟﺤﺴﻦ واﻟﺤﺴﲔ" اﻟ ــﺬي أﺣ ــﺪث ﺿـﺠــﺔ ﻗـﺒــﻞ وأﺛ ـﻨ ــﺎء وﺑ ـﻌــﺪ إﻧـﺘــﺎﺟــﻪ، وﻓـﺘــﺢ اﻟ ـﺒــﺎب أﻣ ــﺎم ﺗﺠﺴﻴﺪ ﺑـﻌــﺾ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟــﺪﻳـﻨـﻴــﺔ وﻓـﻘــﺎ ﻟـﻠـﻀــﻮاﺑــﻂ اﻟـﺸــﺮﻋـﻴــﺔ اﻟـﺘــﻲ ﻳﻘﺮﻫﺎ اﳌﺘﺨﺼﺼﻮن
ﻟﻘﻄﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﺴﻞ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ
ﻣﺴﺮح
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
qqاﻟﻤﻨـﺼــة
qqذاﻛﺮة اﻟﺨﺸـﺒﺔ د .ﺣﺴﻦ رﺷﻴﺪ
ﻧﺺ أم ﻧﺼﻮص؟
اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ زاﺧﺮ ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص اﻟﺠﻴﺪة
ﻛﺜﻴﺮ_ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻊ ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة :أﻳﻦ اﻟﻮرق؟!
ﻏﺎﻧﻢ اﻟﺴﻠﻴﻄﻲ ﻓﻲ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ اﳌﺘﺮاﺷﻘﻮن ﻛـﺜـﻴــﺮﴽ ﻣ ــﺎ ﻧـﺴـﻤــﻊ ﻫ ــﺬه اﻟ ـﻌ ـﺒ ــﺎرة :أﻳ ــﻦ اﻟ ــﻮرق؟ وﻫ ـ ــﺬه اﻟ ـﺠ ـﻤ ـﻠــﺔ اﻻﻋ ـﺘ ــﺮاﺿ ـﻴ ــﺔ ﺗ ـﻠ ـﺨــﺺ ﻧ ــﺪرة اﻟـﻨـﺼــﻮص اﻟـﺘــﻲ ﺗﺼﻠﺢ ﻟــﻸﻋـﻤــﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ إﻃﺎر اﳌﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ، وﻣــﻦ اﳌــﺆﻛــﺪ أن ﻫـﻨــﺎك ﻣـﺌــﺎت اﻷﻋ ـﻤــﺎل اﻷدﺑـﻴــﺔ اﻟـﺘــﻲ ﺗﺼﻠﺢ ﻟـﻠــﺪراﻣــﺎ ،وﻟـﻜــﻦ ..ﻣــﻦ ﻳﺸﻤﺮ ﻋﻦ ﺳﺎﻋﺪ اﻟﺠﺪ وﻳﻘﺮأ؟ ً ﻓﺮواﻳﺎت ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼم ﻟﺠﻮرﺟﻲ زﻳﺪان ﻣﺜﻼ؛ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻘﺪم اﻵن دون اﻋﺘﺮاض ﻣﻦ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ، ﺑ ـﻌــﺪ أن ﻧ ـﻔــﺾ اﻟ ـﻐ ـﺒ ــﺎر ﻋ ــﻦ ﺳ ـﻴ ــﺮة اﻟـﺨـﻠـﻴـﻔــﺔ ﻋـﻤــﺮ ﺑــﻦ اﻟـﺨـﻄــﺎب رﺿ ــﻲ اﻟـﻠــﻪ ﻋـﻨــﻪ ،وإذا ﻛــﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﻼﺣﻈﺎت ﺣﻮل ﻫﺬه اﻟﺮواﻳﺎت؛ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﻟﻜﺎﺗﺐ ﺳﻴﻨﺎرﻳﻮ ﻣﺘﻤﻴﺰ أن ﻳﻘﻔﺰ ﻓﻮق ﺑﻌﺾ اﳌ ـﺤ ـﻈ ــﻮرات ،وأن ﻳـﺘــﻢ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻟ ـﺠــﺎن ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻟﻘﺮاءة ﺗﻠﻚ اﻷﻋﻤﺎل.
ﻟ ــﻮﻟ ــﻮة اﳌ ـﻨ ـﺼــﻮري ﻗــﺪﻣــﺖ واﺣـ ــﺪة ﻣ ــﻦ أﺟـﻤــﻞ اﻟـ ــﺮواﻳـ ــﺎت ﺗ ـﺤــﺖ ﻋ ـﻨ ــﻮان "آﺧ ـ ــﺮ ﻧ ـﺴ ــﺎء ﻟـﻨـﺠــﺔ" وﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻠﻐﺔ ﺷﺎﻋﺮﻳﺔ وﺳــﺮد ﺟﻤﻴﻞ ،ﻣــﻊ أن ﻧﻘﺎد اﳌﻮاﺋﺪ اﻟﻌﺎﻣﺮة ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺮﺑﻮا ﻣﻨﻬﺎ ،وﻫﻨﺎك رواﻳﺔ "اﻟﻘﻨﺪس " ،ورواﻳﺔ ﺳﻌﻮد اﻟﺴﻨﻌﻮﺳﻲ "ﺳﺎق اﻟﺒﺎﻣﺒﻮ" واﻟﺤﺎﺻﺪة ﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﺒﻮﻛﺮ. أﻣ ــﺎ ﻣ ــﻦ ﻳـﺒـﺤــﺚ ﻓ ــﻲ اﻟ ـﺴ ـﻴــﺮة اﻟ ــﺬاﺗ ـﻴ ــﺔ ﻓـﻬـﻨــﺎك
أﻋ ـﻤــﺎل اﻟـﺸــﺎﻋــﺮﻳــﻦ اﻟـﻜـﺒـﻴــﺮﻳــﻦ ﺳـﻴــﻒ اﻟــﺮﺣـﺒــﻲ وﻗﺎﺳﻢ ﺣﺪاد ،وﻣﻦ أراد أن ﻳﻌﻮد ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ إﻟﻰ ً اﻟــﻮراء ﻓﻠﻴﻘﺮأ ﻣﺜﻼ رواﻳــﺔ "ﺷﺎﻫﻨﺪه" ﻟﺴﻌﺎدة اﻷﺳ ـﺘ ــﺎذ راﺷ ــﺪ ﻋـﺒــﺪاﻟـﻠــﻪ واﻟ ـﺘــﻲ ﺻ ــﺪرت ﻣﻨﺬ ﺳ ـﻨ ــﻮات ﻓ ــﻲ ﻣ ـﺼــﺮ ،وﻣ ــﻊ ﻫ ــﺬا ﻓــﺎﻟ ـﺒ ـﻜــﺎء ﻋﻠﻰ ﻧﺪرة اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻇﺎﻫﺮة ﺻﺤﻴﺔ، وﻣ ــﻦ ﻳﺒﺤﺚ ﻓـﺴــﻮف ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻃــﺮﺣــﺎ دراﻣـﻴــﺎ ّ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻫــﺸــﺎ ،وﻗـﻀــﺎﻳــﺎ ﻻ ﺗــﻼﻣــﺲ اﻟــﻮاﻗــﻊ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ أو اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻻ ﺗﺴﺘﻠﻬﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺦ أو اﳌﺎﺿﻲ ﺑﺤﻠﻮه ّ وﻣﺮه.
ﺗﺮاث زاﺧﺮ
اﺳﺘﻠﻬﺎم اﻟﺘﺎرﻳﺦ
ً وﻫ ـﻨــﺎك أﻋ ـﻤــﺎل رواﺋ ـﻴ ــﺔ ﻣ ـﺜــﻼ ﻟـﻜــﺎﺗــﺐ ﻟﺒﻨﺎﻧﻲ آﺧﺮ ّ ﻗﺪم "ﺳﻤﺮ ﻗﻨﺪ" ،واﻟــﺬي اﺳﺘﻠﻬﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﻣﺰﺟﻪ ﺑﺎﻟﺨﻴﺎل وأﻋﻨﻲ أﻣﲔ ﻣﻌﻠﻮف ،وﻟﺪﻳﻪ اﻟ ـﻌ ــﺪﻳ ــﺪ ﻣ ــﻦ اﻷﻋـ ـﻤ ــﺎل اﻹﺑ ــﺪاﻋـ ـﻴ ــﺔ ﻣ ـﺜــﻞ ﻟـﻴــﻮن اﻹﻓ ــﺮﻳـ ـﻘ ــﻲ وﻣـ ــﺎﻧـ ــﻲ وﻏ ـﻴ ــﺮﻫ ـﻤ ــﺎ .وﻓ ـ ــﻲ ﻣ ـﺠــﺎل اﳌـﺴــﺮح؛ ﳌ ــﺎذا ﻻ ﻳـﺘـ ّـﻢ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺛــﺄر اﻟـﻠــﻪ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟـﺸــﺮﻗــﺎوي؟ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻨﻮاﻧﴼ آﺧﺮ "اﻟﺤﺴﲔ ﺛﺎﺋﺮﴽ واﻟﺤﺴﲔ ﺷﻬﻴﺪﴽ".. وﻓــﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻫﻨﺎك ﺣــﺮاك ﺟﻤﻴﻞ ،ﻣﺜﻞ رواﻳــﺔ "اﻟ ـ ـﻘـ ــﺮﺻـ ــﺎن" ﻟ ـﻠ ـﻜ ــﺎﺗ ــﺐ اﻟـ ـﻘـ ـﻄ ــﺮي ﻋ ـﺒــﺪاﻟ ـﻌــﺰﻳــﺰ اﳌﺤﻤﻮد ،وﻫﻨﺎك ﻧﺺ ﻟﻔﺘﺎة إﻣﺎراﺗﻴﺔ اﺳﻤﻬﺎ
9
ﻟﻘﻄﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ رﺣﻠﺔ ﺑﺤﺚ ﻟﻔﻬﺪ اﻟﺒﺎﻛﺮ
ّأﻣـ ــﺎ ﻓـﻴـﻤــﺎ ﻳـﺨــﺺ اﳌ ـﺴ ــﺮح ،ﻓــﺎﻟ ـﺘــﺮاث اﻟـﻌــﺎﳌــﻲ زاﺧ ــﺮ ﺑــﺎﻟـﻌــﺪﻳــﺪ ﻣــﻦ اﻹﺑ ــﺪاﻋ ــﺎت ،وﻗ ــﺪ ﻃﺮﺣﺖ ﻋﻠﻰ أﺧﻲ اﻟﻔﻨﺎن ﻏﺎﻧﻢ اﻟﺴﻠﻴﻄﻲ ّ ﻧﺺ ﺑﺮﺧﺖ "اﻟ ـﺴ ـﻴ ــﺪ ﺑــﻮﻧ ـﺘ ـﻴ ـﻠــﻼ وﺗ ــﺎﺑ ـﻌ ــﻪ ﻣـ ــﺎﺗـ ــﻲ" ،اﻟ ـﻨ ـ ّـﺺ اﻟﺼﺮﺧﺔ ،أو اﻷم ﺷﺠﺎﻋﺔ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ ذاﺗــﻪ ،وﻗﺪ ﻛ ــﺎن اﳌ ـﺨ ــﺮج اﻟـﺘــﻮﻧـﺴــﻲ ﺟـﻌـﻔــﺮ اﻟـﻘــﺎﺳـﻤــﻲ ﻗﺪ ذﻫ ــﺐ إﻟ ــﻰ ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ واﺳـﺘـﺤـﻀــﺮ "رﻳـﺘـﺸــﺎرد اﻟﺜﺎﻟﺚ" وﻃﺮح اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻌﺎش ،ﻓﺎﳌﺒﺪع ﻻ ﻳﺤﺪ إﺑﺪاﻋﻪ ﺣﺪود ..أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟!! ﻓ ـ ــﻲ ﻗـ ـﻄ ــﺮ ﻫ ـ ـﻨـ ــﺎك ﻣـ ـ ـﺤ ـ ــﺎوﻻت ﻓـ ـﻬ ــﺪ اﻟ ـﺒ ــﺎﻛ ــﺮ ﻓــﻲ اﻟ ــﺬﻫ ــﺎب إﻟ ــﻰ اﳌ ـﺴــﺮح اﻟ ـﻌــﺎﳌــﻲ ،وأﺣـﻤــﺪ اﳌﻔﺘﺎح ﻓﻲ اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، وآﺧ ــﺮﻫ ــﺎ "ﻣـﺤــﺎﻛـﻤــﺔ اﻟـﺴـﻴــﺪ ﻣ ـﻴــﻢ" ،وﻓﻴﺼﻞ رﺷ ـ ـﻴـ ــﺪ واﻟـ ـ ــﺬﻫـ ـ ــﺎب إﻟـ ـ ــﻰ ﻗـ ـﺼ ــﺺ ﻗ ـﺼ ـﻴــﺮه ﻟﺘﺸﻴﺨﻮف وإﻋﺪادﻫﺎ ﻟﻠﻤﺴﺮح ،وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳــﺬﻫــﺐ إﻟــﻰ اﻻﻗـﺘـﺒــﺎس واﻹﻋـ ــﺪاد واﻟﺘﻘﻄﻴﺮ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ!!
د .ﻳﻮﻧﺲ ﻟﻮﻟﻴﺪي
ﻳـﻤـﻜـﻨـﻨــﺎ اﻟـ ـﻘ ــﻮل إن اﳌ ـﺴــﺮح ﻧﻈﺎم ﻣﻦ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋ ـ ــﻦ اﻷﻓ ـ ـ ـﻜـ ـ ــﺎر واﳌـ ـﺸ ــﺎﻋ ــﺮ اﻹﻧـ ـ ـ ـﺴ ـ ـ ــﺎﻧـ ـ ـ ـﻴ ـ ـ ــﺔ ،واﻟ ـ ـ ـﺘـ ـ ــﻲ ﺗﺨﺎﻃﺐ اﻟﻌﻘﻞ وﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟ ـ ـ ـﺤـ ـ ــﻮاس ،ﻓـ ـﻬ ــﻮ ﻳ ـﻘــﻮم ﻋ ـﻠــﻰ اﻟـ ـﻜ ــﻼم واﻟ ـﺤــﺮﻛــﺔ واﳌــﻮﺳ ـﻴ ـﻘــﻰ واﻷﻟ ـ ـ ــﻮان واﻷﺷـ ـﻜ ــﺎل اﻟـﻬـﻨــﺪﺳـﻴــﺔ واﻷزﻳﺎء واﻹﺷﺎرة إﻟﺦ ..وﻳﻘﻮم اﻟﻜﻼم داﺧﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﺑﺎﻟﺪور ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة. ﻓــﺎﻟـﻜــﻼم ﻓــﻲ اﳌ ـﺴــﺮح ﻛـﻤــﺎ ﻓــﻲ اﻟـﺤـﻴــﺎة وﺳﻴﻠﺔ ﺗـﻌـﺒـﻴــﺮ ﻏ ـﻴــﺮ ﻛــﺎﻓ ـﻴــﺔ ﺣ ـﻴــﺚ ﻳـﻌـﺠــﺰ أﺣ ـﻴــﺎﻧــﺎ ﻋﻦ اﻟـﺘـﻌـﺒـﻴــﺮ ﻋ ــﻦ ﻛ ــﻞ ﺧ ـﻔــﺎﻳــﺎ اﻟـ ـ ــﺮوح ،وﻋ ــﻦ رﺻــﺪ اﺗـﺴــﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ اﳌــﺮﺋــﻲ اﻟﺸﺎﺳﻊ وﺳـﺤــﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻏ ـﻴــﺮ اﳌ ــﺮﺋ ــﻲ ،ﺻـﺤـﻴــﺢ أن اﳌ ـﺴ ــﺮح ﻫ ــﻮ ﻣـﺠــﺎل اﻟ ـﻜــﻼم ،اﻟ ـﻜــﻼم ﻓــﻲ إﻃ ــﺎر اﻟ ـﺤــﺪث ،إﻧ ــﻪ ﻗـﺒــﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻧﺺ ،ﺧﺼﺎﺋﺼﻪ ﻛﺨﺼﺎﺋﺺ أي ﺷﻲء ﻣـﻜـﺘــﻮب ،إﻻ أن ﻫ ــﺬا اﻟـﻨــﺺ ﻣـﻤـﺜــﻞ ،أي ﻣﻌﻴﺶ أﻣــﺎﻣ ـﻨــﺎ ،ﻓــﺎﳌـﺴــﺮح ﻻ ﻳـﺘـﺤـﻘــﻖ وﺟـ ــﻮده إﻻ ﻣﻦ ﺧ ــﻼل اﻟـﺘـﻤـﺜـﻴــﻞ ،واﻟ ـﻌ ــﺮض ﻫ ــﻮ اﻟـ ــﺬي ﻳــﺆﺳــﺲ اﳌﺴﺮح وﻟﻴﺲ اﻟﻌﻜﺲ. ﻫﻨﺎك ﻋﺎﻣﻞ أﺳﺎﺳﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﺟﻮﻫﺮ اﳌﺴﺮح، ﻓﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﻻﻳﺰال ﻳﺨﺘﻤﺮ ﻓﻲ روح اﻟﻜﺎﺗﺐ، أو اﻟــﺬي ﺑــﺪأ ﻳﺘﺤﺪد ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﻋﻠﻰ اﻟــﻮرق ﻟــﻦ ﻳـﻜــﻮن ﻟــﻮﺟــﻮده أي ﻣـﺒــﺮر إذا ﻟــﻢ ﻳﻔﺾ إﻟﻰ اﻟﻌﺮض ،ﻓﻤﻔﻬﻮم اﻟﻌﺮض ﻣﻮﺟﻮد ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻓــﻲ ﻓﻜﺮ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﳌﺴﺮﺣﻲ .واﳌﺘﻔﺮج ﻣﻮﺟﻮد ﻣـﻨــﺬ اﻟ ـﺒــﺪاﻳــﺔ ﻓــﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑ ـ ــﺪاع ﻧـﻔـﺴـﻬــﺎ .وﻣــﺎ ﻳﻤﻴﺰ اﻟـﻨــﺺ اﳌـﺴــﺮﺣــﻲ ﻋــﻦ اﻟـﻨــﺺ اﻟــﺮواﺋــﻲ أو اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻌﺮي ﻫﻮ أن اﳌﺆﻟﻒ اﳌﺴﺮﺣﻲ ﻳﻜﺘﺐ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ،واﳌﻤﺜﻠﻮن ﻳــﺆدون ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ، واﳌ ـﺸ ــﺎﻫ ــﺪون ﻳ ــﺮون ﻣـﺴــﺮﺣـﻴــﺔ ﺛــﺎﻟـﺜــﺔ ،ﻓﻨﻜﻮن ﺑﺬﻟﻚ أﻣﺎم ﺛﻼﺛﺔ ﻧﺼﻮص ﻫﻲ: ﻧﺺ اﳌﺆﻟﻒ :وﻫﻮ اﻟﻨﺺ اﻟﺬي ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﳌﺎدة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،اﻟﺤﻮار واﻹرﺷﺎدات اﳌﺴﺮﺣﻴﺔ. ﻧــﺺ اﳌ ـﺨــﺮج واﳌـﻤـﺜـﻠــﲔ :ﻋـﻨــﺪﻣــﺎ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻨﺺ اﳌ ـﻘ ــﺮوء ﻛـﻠـﻤــﺎت ﻣـﻨـﻄــﻮﻗــﺔ وأﺻ ــﻮاﺗ ــﺎ وﺣــﺮﻛــﺎت واﻧ ـﻔ ـﻌ ــﺎﻻت ﻳـﻘــﺪﻣـﻬــﺎ اﳌ ـﻤ ـﺜ ـﻠــﻮن وﻳ ــﺮﺑ ــﻂ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﻳﻨﻈﻤﻬﺎ اﳌﺨﺮج. ﻧﺺ اﻟﺠﻤﻬﻮر :أي اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻬﻢ ﺑﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪ اﻟﻌﺮض اﳌﺴﺮﺣﻲ وﻳﺆوﻟﻪ ﺑﻬﺎ وﻳﺼﻨﻔﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ .وﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﺗﺘﺴﻊ اﳌﺴﺎﻓﺔ ﺑﲔ ﻫﺬه اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺜﻼﺛﺔ. • ﻣﺴﺮﺣﻲ ﻣﻐﺮﺑﻲ
10
ﻣﻮﺳﻴـﻘﻰ
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
ﺷﺒﻬﻪ ﻋﺒﺪاﻟﻮﻫﺎب ﺑﻤﻴﺎه اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﺪاﻓﺌﺔ
ﻋﻮض اﻟﺪوﺧﻲ ..ﻧﻬﺎم ﻗﺪﻳﻢ ﻳﻀﻲء ﻟﻴﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻋﻴﺴﻰ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﺴﻦ رﺑﻤﺎ ﻓﻮﺟﺊ ﻏﻴﺮي ،ﻛﻤﺎ ﻓﻮﺟﺌﺖ ،ﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎﻋﻲ اﻷﻣﻞ ﻷم ﻛﻠﺜﻮم ﺑﺼﻮت ﺧﻠﻴﺠﻲ داﻓﺊ وﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ أداء ﻛﻮﻛﺐ اﻟﺸﺮق ،وﻫﻮ ﻳﺘﻤﺜﻞ» :اﻷﻣﻞ /ﻟﻮﻻه ﱠ ﻋﻠﻲ /ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺣﺒﻚ ّ ﺿﺤﻴﺔ /ﺑﺎﻷﻣﻞ أﺳﻬﺮ ﻟﻴﺎﻟﻲ /ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺎل واﺑﻨﻲ ﻳﺤﻠﻖ ﻓﻲ أﻏﻨﻴﺔ ﻋﻼﻟﻲ «..اﻟﺼﻮت ذاﺗﻪ اﻟﺬي ّ ﺧﻠﻴﺠﻴﺔ ﺻﺮف» :ﺻﻮت اﻟﺴﻬﺎرى /ﻳﻮم ّﻣﺮوا ﱠ ﻋﻠﻲ /ﻋﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﻴﺪ /أﺑﻄﻰ رﻛﺎﺑﻪ /وراح ﻳﺴﺄل ّ ﻋﻠﻲ /ﻋﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﻴﺪ« ،ﻫﺬا ﻫﻮ ﻋﻮض اﻟﺪوﺧﻲ ّ ﻃﻔﻼ اﻟﻔﻦ ً اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،اﻟﺬي ﻋﺎش ّ وﺷﺎﺑﴼ وﺷﻴﺨﴼ ،وﺷﻬﺪ ﻓﻴﻪ اﳌﻮﺳﻴﻘﺎر ﻣﺤﻤﺪ ّ ﻋﺒﺪاﻟﻮﻫﺎب» :ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﻤﻊ ﻟﻌﻮض اﻟﺪوﺧﻲ ﻓﺈﻧﻨﻲ أﺗﺨﻴﻞ ﻛﺄﻧﻨﻲ أﺳﺒﺢ ﻓﻲ ﻣﻴﺎه اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﺪاﻓﺌﺔ«. ﻋﻮض اﻟﺪوﺧﻲ ﻓ ــﻲ ﺟ ـﻐــﺮاﻓ ـﻴــﺎ اﳌــﻮﺳ ـﻴ ـﻘــﻰ اﻟ ـﻌــﺮﺑ ـﻴــﺔ ﺛ ـﻤــﺔ أﻗــﺎﻟـﻴــﻢ وأﻧــﻮاع ﻣﺘﻤﺎﻳﺰة ،ﻓﺮﻏﻢ ﻫﻴﻤﻨﺔ اﻟﺘﺨﺖ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻋ ـﻠ ــﻰ ﻣ ــﻮﺳ ـﻴ ـﻘ ــﻰ اﻟ ـ ـﺸـ ــﺎم وﻣـ ـﺼ ــﺮ واﻟ ـ ـ ـﻌـ ـ ــﺮاق ،إﻻ أن اﳌــﻮﺳـﻴـﻘــﻰ اﻟـﺨـﻠـﻴـﺠـﻴــﺔ ﺳـﺠـﻠــﺖ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻣ ـﺨ ـﺘ ـﻠ ـﻔــﺔ ﻋ ــﻦ ﻣــﻮﺳ ـﻴ ـﻘــﻰ اﳌـ ـ ــﱳ ،ﻓ ـﻬ ــﻲ ﺣـﺼـﻴـﻠــﺔ ﺗﻤﺎزج اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ واﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، وذﻟ ـ ــﻚ ﺑ ـﻔ ـﻌــﻞ اﻟ ـﻨ ـﺸ ــﺎط اﻟ ـﺒ ـﺤ ــﺮي اﻟ ــﻮاﺳ ــﻊ اﻟ ــﺬي ﺷﻬﺪه اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮون اﻷﺧﻴﺮة ،ﺑﻌﺪ إﺟــﻼء اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﲔ ﻋﻦ ﺳﻮاﺣﻞ ﻋﻤﺎن ووﺻــﻮل اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﲔ إﻟﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﻘﺎرة إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، واﻣ ـ ـﺘـ ــﺪاد ذﻟـ ــﻚ إﻟـ ــﻰ اﻟ ـﻬ ـﻨــﺪ ﻓ ــﻲ ﺗـ ـﺠ ــﺎرة اﻟ ـﻠــﺆﻟــﺆ، ﻓــﺎﳌــﻮﺳـﻴـﻘــﻰ اﻟـﺨـﻠـﻴـﺠـﻴــﺔ ﻫ ــﻲ ورﻳ ـﺜ ــﺔ اﳌــﻮﺳـﻴـﻘــﻰ اﻟ ـﻌــﺮﺑ ـﻴــﺔ اﳌ ـﻤ ـﺘ ــﺪة ﻣ ـﻨــﺬ اﻟ ـﺠــﺎﻫ ـﻠ ـﻴــﺔ ﺑـﺼـﻨــﻮﺟـﻬــﺎ وﻗﻴﺎﻧﻬﺎ ،إﻟﻰ ﺻﺪر اﻹﺳــﻼم ﺑﺪﻓﻮﻓﻬﺎ وأﺻــﻮات ﱠ ﻣـ ّ ـﺆدﻳ ـﻬ ــﺎ ﻛـ ِـﻤـﻌـﺒــﺪ وﺳ ــﻼﻣ ــﺔ ،إﻟ ــﻰ ﺗـ ــﺮاث اﻟـﺒــﺎدﻳــﺔ اﻟ ـﺸ ـﻔــﻮي اﳌـﺘـﻜــﺊ إﻟ ــﻰ ﺣ ــﺰن اﻟ ــﺮﺑ ــﺎﺑ ــﺔ ،إﻟ ــﻰ ﺗ ــﺮاث اﻟﺒﺤﺮ اﳌــﺰدﻫــﺮ ﻋﻠﻰ اﻟـﺴــﺎﺣــﻞ اﻟـﻐــﺮﺑــﻲ ﻟﻠﺨﻠﻴﺞ. ّ ﻛــﻞ ﻫــﺬا اﻣـﺘــﺰج وازدﻫ ــﺮ ﻓــﻲ اﻟـﻘــﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﺑ ــﺎزدﻫ ــﺎر ﺻـﻴــﺪ اﻟـﻠــﺆﻟــﺆ ﻓــﻲ اﻟـﻘــﺮﻧــﲔ اﳌــﺎﺿـﻴــﲔ، وأﺛ ـﻤ ــﺮ ﻋ ــﻦ ﻓ ـﻨ ــﻮن ﻣـﺨـﺘـﻠـﻔــﺔ ﻛــﺎﻟـﻔـﺠـﻴــﺮي اﻟ ـﺜ ـ ّ ـﺮي ﺑﺈﻳﻘﺎﻋﺎﺗﻪ وﻣﻘﺎﻣﺎﺗﻪ اﻟﺬي ﻳﺤﺎﻛﻲ ﻫﺪﻳﺮ اﻟﺒﺤﺮ وأﻫﻮاﻟﻪ ،وﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻐﻮاﺻﲔ وﺣﻨﻴﻨﻬﻢ ﻟﻸﻫﻞ، و ﺻــﺮﻳــﺮ اﻟ ـﺼــﻮاري وﺿــﺮﺑــﺎت اﳌـﺠــﺎدﻳــﻒ ورﻓــﻊ اﻷﺷــﺮﻋــﺔ وﺟــﺮ اﳌــﺮاﺳــﻲ ،واﳌﺨﻠﻮﻓﻲ واﻟﺨﻤﺎري اﻟ ــﺬي ﻳﻤﻴﻞ إﻟــﻰ اﻟﺘﻄﺮﻳﺐ واﻟـﺴــﺎﻣــﺮي ﺑﺄﻏﺎﻧﻴﻪ اﻟ ـﻘ ـﺼ ـﻴــﺮة وﻏ ـﻴ ــﺮ ذﻟـ ــﻚ ﻣ ــﻦ أﻟـ ـ ــﻮان اﻟ ـﻐ ـﻨ ــﺎء اﻟـﺘــﻲ ﺗ ـﻘــﺎﻃ ـﻌــﺖ ﺑ ــﲔ اﻟ ـﺒ ـﺤ ــﺮ ﺑ ــﺈﻳ ـﻘ ــﺎﻋ ــﺎﺗ ــﻪ اﻟ ـﺼــﺎﺧ ـﺒــﺔ، ّ واﻟﺼﺤﺮاء اﻟﺬاﻫﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻐﻨﻲ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ً وﺗﻠﺤﻴﻨﻪ ﻛﺎﻟﻬﺠﻴﻨﻲ ﻣﺜﻼ ،ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺄﺛﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑــﺎﻟـﻐـﻨــﺎء اﳌ ـﺼــﺮي -اﻟـﺸــﺎﻣــﻲ ﻓــﻲ أﻛـﺜــﺮ ﻣــﻦ ﻟﻔﺘﺔ
ﻛﺎﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ،واﻻرﺗﺠﺎل دون إﻳﻘﺎع.
ﻧﺸﺄة ﻓﻨﻴﺔ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬه اﻟـﺒـﻴـﺌــﺔ ﻧـﺸــﺄ اﻟ ـﻔ ـﻨــﺎن اﻟـﻜــﻮﻳـﺘــﻲ ﻋــﻮض اﻟﺪوﺧﻲ ﻣﻦ أﺳﺮة ﻓﻨﻴﺔ أﻧﺠﺒﺖ ﻏﻴﺮ ﻓﻨﺎن وﻧﺎﻗﺪ، ﻛﺸﻘﻴﻘﻴﻪ اﻟﻨﺎﻗﺪ اﳌﻮﺳﻴﻘﻲ د .ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺪوﺧﻲ، ﻓﻘﺪ وﻟــﺪ ﻋــﻮض ﻓــﺮﺣــﺎن اﻟــﺪوﺧــﻲ ﻋــﺎم ١٩٣٢ﻓﻲ اﻟ ـﻜــﻮﻳــﺖ ،وﺗـﻌـﻠــﻢ اﻟ ـﻌ ــﺰف ﻋـﻠــﻰ ﻳ ــﺪ أﺧ ـﻴــﻪ اﻷﻛـﺒــﺮ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻄﻴﻒ اﻟﺪوﺧﻲ ،وﺗﻌﻠﻢ رﻛﻮب اﻟﺒﺤﺮ ﻋﻠﻰ
ﻳﺪ أﺧﻴﻪ ،وﺗﻠﻘﻰ دروﺳــﻪ اﻷوﻟــﻰ ﻋﻨﺪ اﳌــﻼ ﺑﻼل واﳌـ ــﻼ زﻛ ــﺮﻳ ــﺎ ،وﻓ ــﻲ اﻟـﺜــﺎﻧـﻴــﺔ ﻋ ـﺸــﺮة ﻛ ــﺎن ﻳ ــﺆدي أﻏﺎﻧﻲ اﳌﻄﺮب ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻓــﺎرس ،وﻳﻘﻠﺪ أﺻﻮات ﻣﻘﺮﺋﻲ اﻟﻘﺮآن ﻣﺜﻞ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻣﺤﻤﻮد ﻋﺒﺪاﻟﻮﻫﺎب، وﻓ ــﻲ اﻟــﺮاﺑـﻌــﺔ ﻋـﺸــﺮة ﻋـﻤــﻞ ﺗـ ّـﺒــﺎﺑــﴼ )ﻋـﻤــﻞ ﻳﻨﺎﺳﺐ اﻷﻃ ـﻔ ــﺎل دون اﻟـﺜــﺎﻧـﻴــﺔ ﻋ ـﺸــﺮة ،ﻳـ ــﺆدون اﻷﻋ ـﻤــﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻛﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﻘﻬﻮة واﳌﺎء ،وﺗﻔﺘﻴﺶ اﳌﺤﺎر وﻏــﺎﻟـﺒــﴼ ﻣــﺎ ﻳـﻜــﻮﻧــﻮن أوﻻد اﻟـﻐــﻮاﺻــﲔ( ﺛــﻢ ﻋﻤﻞ ّ ﻧﻬﺎﻣﴼ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺴﻔﻦ ﻓﻲ أﻳﺎم اﻟﻐﻮص ،وﻇﻬﺮ
ﺑ ــﺎﻹذاﻋ ــﺔ ﻓــﻲ ﻋ ــﺎم ،١٩٥٨ﺑﺄﻏﻨﻴﺔ »ﻳ ــﺎ ﻣــﻦ ﻫــﻮاه أﻋﺰه وأذﻟﻨﻲ«. اﺷﺘﻬﺮ ﺑــﺄﻏــﺎﻧــﻲ اﻟـﺘـ ّـﺒــﺎب واﻟ ـﺼــﻮت وﻗــﺪﻣـﻬــﺎ ﻓﻲ ﻗــﺎﻟــﺐ ﻓﻨﻲ ﺟﻤﻴﻞُ ، وﻳ ـﻌـ ّـﺪ أول ﻣــﻦ ﻃــﻮر ﻓــﻲ ﻫﺬا ّ اﻟ ـﻔــﻦ ، ،ﻛـﻤــﺎ ﻟـ ّـﺤــﻦ ﻛـﺜـﻴــﺮﴽ ﻣــﻦ أﻏـﻨـﻴــﺎﺗــﻪ ،واﺷﺘﻬﺮ ّ ﺑ ــﺄداء ﻓـﻨــﻮن ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣــﻦ أﻏــﺎﻧــﻲ اﻟ ـﺘ ــﺮاث ،وﻟـﻜــﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮة ﻋﻮض اﻟﺪوﺧﻲ اﳌﺘﻤﺎﻳﺰة ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ أﻧﻪ ﻏﻨﻰ ﻷم ﻛﻠﺜﻮم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪاﻟﻮﻫﺎب أﻏــﺎﻧــﻲ ﻋــﺪﻳــﺪة ،وﺧﻠﺠﻦ ﻫــﺬه اﻷﻏــﺎﻧــﻲ ،ﺣﺘﻰ إن ّ ﺻﺮﺣﺖ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺸﻮه أﻏﺎﻧﻴﻬﺎ وﻟﻜﻨﻪ أم ﻛﻠﺜﻮم ﻗــﺪﻣـﻬــﺎ ﺑﻨﻜﻬﺔ ﺧـﻠـﻴـﺠـ ّـﻴــﺔ ،وﻟ ــﻢ ﻳـﻜــﻦ ﻣـﻘـﻠــﺪا ،وﻗــﺪ اﺷﺘﻬﺮ ﺑﺄداء أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﻏﻨﻴﺔ ﻟﻜﻮﻛﺐ اﻟﺸﺮق ﻣﻨﻬﺎ » اﻷﻣﻞ« و«ﻋﻮدت ﻋﻴﻨﻲ ﻋﻠﻰ رؤﻳﺎك« و«ﺷﻤﺲ اﻷﺻ ـﻴ ــﻞ« و«ﺣـﺴـﻴـﺒــﻚ ﻟ ـﻠــﺰﻣــﻦ« .ﻛـﻤــﺎ ﻳـﺴـ ّـﺠــﻞ ﻟﻪ أﻧﻪ أول ﻣﻦ أدﺧــﻞ اﻟﻜﻮرال اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ،وذﻟ ــﻚ ﻓــﻲ أﻏـﻨـﻴــﺔ» :ﻗــﻞ ﻟﻠﻤﻠﻴﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻤﺎر اﻷﺣﻤﺮ«.
ﺛﻨﺎﺋﻲ ﻧﺎﺟﺢ
اﳌﻄﺮب ﻋﻮض اﻟﺪوﺧﻲ واﳌﻄﺮﺑﺔ ﺳﻤﻴﺮة ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻓﻲ ﻟﻘﻄﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ
ﻛﻤﺎ ارﺗﺒﻂ اﺳﻤﻪ ﺑﺎﺳﻢ أﺧﻴﻪ د .ﻳﻮﺳﻒ دوﺧﻲ، ّ ﻓﻜﻮﻧﺎ ﺛﻨﺎﺋﻴﺎ ﻣﺘﻔﺎﻫﻤﺎ وﻧــﺎﺟـﺤــﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﻳــﻮﺳــﻒ دوﺧ ــﻲ اﻟـﻌــﺪﻳــﺪ ﻣــﻦ اﻷﻏ ــﺎﻧ ــﻲ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻣﺜﻞ» :ﻣﺎ ﺑﲔ أﻫﻞ اﻟﻬﻮى« و«ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ أﻧ ـﺴــﻰ اﻟ ـﻠــﻲ ﻓ ــﺎت« وأﻏ ـﻨ ـﻴــﺔ »ﺻ ــﻮت اﻟ ـﺴ ـﻬــﺎرى« اﻟﺘﻲ ذاع ﺻﻴﺘﻬﺎ ّ وﻋﺪت ﻧﻘﻠﺔ ﻓﻨﻴﺔ ،أﺳﻬﻤﺖ ﻓﻲ اﻧﺘﺸﺎر اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﺧﺎرج اﻟﺤﺪود ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟ ــﻰ ﺣ ـﻀ ــﻮره اﻟ ـﺒــﺎﻫــﺮ ﻓ ــﻲ ﺑ ـﻌــﺾ اﻷﻓ ـ ــﻼم اﻟـﺘــﻲ أﻋ ـ ّـﺪت ﻋــﻦ اﻟﺒﺤﺮ ،ﻗﺒﻞ أن ﻳﺮﺣﻞ ﻋــﻦ ﻋﺎﳌﻨﺎ ﻋﺎم ١٩٧٩ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻊ اﳌــﺮض ،ﺗﺎرﻛﴼ ﻟﻨﺎ ﻣﺎﺋﺘﻲ أﻏﻨﻴﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ
ﺳـﻴﻨﻤﺎ
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
11
qqﻋـﺪﺳــﺔ اﻟﺤﻴـــﺎة ﺟﻤﺎل اﻟﺴﺎﻣﺮاﺋﻲ
اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟﺬي ﻧﺎل ﺧﻤﺲ ﺟﻮاﺋﺰ أوﺳﻜﺎر
أﺣﺪﻫﻢ ﻃﺎر ﻓﻮق ﻋﺶ اﻟﻮﻗﻮاق
ﺟﺎك ﻧﻴﻜﻠﺴﻮن وأﺣﺪﻫﻢ ﻃﺎر ﻓﻮق ﻋﺶ اﻟﻮﻗﻮاق ﻋﺎﳌﻨﺎ ﻫــﺬا أﺷﺒﻪ ﺑﻤﺴﺘﺸﻔﻰ اﻷﻣ ــﺮاض اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺑﺘﺪﻋﻬﺎ اﳌـﺨــﺮج اﳌـﺠــﺮي ﻣﻴﻠﻮش ﻓﻮرﻣﺎن ﻓــﻲ ﻓﻴﻠﻤﻪ اﻟ ــﺬي ﺣﺼﺪ ﻓــﻲ وﻗـﺘــﻪ ﺧﻤﺲ ﺟﻮاﺋﺰ ﻣﻬﻤﺔ ﻣــﻦ اﻷوﺳ ـﻜ ــﺎر ،ﻓـﻔــﻲ ﻓﻴﻠﻤﻪ »أﺣــﺪﻫــﻢ ﻃــﺎر ﻓﻮق ﻋﺶ اﻟﻮﻗﻮاق« ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻮرﻳﻦ ّ ﻣﻬﻤﲔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ،ﻓﺈذا ﻣﺎ أراد أﺣﺪ اﳌ ــﺮﺿ ــﻰ أن ﻳ ـﺘ ـﺼـ ّـﺮف وﻓ ــﻖ أﻫ ــﻮاﺋ ــﻪ ﻓــﺈﻧــﻪ ُﻳــﺰﺟــﺮ ُ ُ وﻳﻘﻤﻊ ،وﺗـﻔــﺮض ﻋﻠﻴﻪ أﻗﺴﻰ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت ،ﻋﻼوة ﻋ ـﻠــﻰ أﻧ ــﻪ ﻓ ــﻲ ﺑ ـﻨــﺎﻳــﺔ ﻣ ـﺤــﺎط ﺑــﺎﳌــﺮاﻗ ـﺒــﺔ واﻟ ـﻨ ـﻈــﺎم اﻟ ـ ـﺼـ ــﺎرم اﳌ ـﺘ ـﺒ ــﻊ ،واﻟ ـ ـ ــﺬي ﻳ ـﺴ ـﻠــﺐ اﻟـ ـﻔ ــﺮد أﺑ ـﺴــﻂ ﺣــﺎﺟــﺎﺗــﻪ ﻓــﻲ ذﻟــﻚ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ،وﻫــﻮ ﻓــﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ّ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﻟﻜﻦ ﻓــﻮرﻣــﺎن ﻳﺮﻣﺰ ﻟﻪ ﻛﺄﻳﺔ دوﻟــﺔ ﻟﻬﺎ ﺳﻠﻄﺎت ﻗﻤﻌﻴﺔ ،وﺷﻌﺐ ﻣﺴﻠﻮب اﻹرادة ،ودون ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻓﻲ أي ﻣﻜﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻳ ـﺘ ـﻨــﺎول ﻓ ــﻲ اﻟ ـﻈــﺎﻫــﺮ ﻫ ــﺬا اﻟـﻔـﻴـﻠــﻢ اﻟ ـﺤ ـﻴــﺎة داﺧ ــﻞ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ اﻷﻣﺮاض اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺼﺎرم ﻓ ــﻲ اﻟ ـﺘ ـﻌــﺎﻣــﻞ ﻣ ــﻊ ﻣ ـﺴ ـﺘــﻮﻳــﺎت ﻣـﺨـﺘـﻠـﻔــﺔ ﻧـﺴـﺒـﻴــﺎ ﻓــﻲ اﻟﺨﻠﻞ اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟ ــﺬي ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣـﻨــﻪ ،وإﺣﺒﺎﻃﺎ ّ ﺗﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ إﻳﺬاء ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺗﻮﺿﻊ ﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت ﻗﺪ ﻟ ـﻬــﻢ ﻣــﺮاﻗ ـﺒــﺔ ﺷ ــﺪﻳ ــﺪة ،وﻣ ـﻤــﺮﺿــﺔ ﺻ ــﺎرﻣ ــﺔ ﺗــﺮﻣــﺰ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ،ﻣﻤﺮﺿﺔ ﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﺮﺣﻤﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻘﺪ ﻟﻬﻢ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت دورﻳ ــﺔ ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﺷــﺮاﻛـﻬــﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺑــﺄﺳــﺎﻟـﻴــﺐ ﻣـﺴـﺘـﻔــﺰة وﻣـﻬـﻴـﻨــﺔ ،وﻳـﻌـﻴــﺶ اﳌــﺮﺿــﻰ ﻳــﻮﻣـﻴــﺎﺗـﻬــﻢ اﻟــﺮﺗـﻴـﺒــﺔ اﳌـﻤـﻠــﺔ ﺣـﺘــﻰ ﻳــﺪﺧــﻞ اﻟــﻮاﻓــﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ )ﻣﺎﻛﻤﻮرﻓﻲ( اﻟــﺬي ﻳــﺆدي دوره ﺑﺒﺮاﻋﺔ اﳌـﻤـﺜــﻞ ﺟ ــﺎك ﻧﻴﻜﻠﺴﻮن ،ﻋـﻠــﻰ أﻧ ــﻪ ﻣــﺮﻳــﺾ ،ﻟﻜﻨﻪ ً ﻓــﻲ واﻗ ــﻊ اﻟ ـﺤــﺎل ﻳ ــﺪرك أﻓ ـﻌــﺎﻟــﻪ ،وﻗ ــﺪ ﻧـﺠــﺢ ﻓﻌﻼ ﻓ ــﻲ أداء دور اﳌ ـﺠ ـﻨــﻮن ﻟـﻴـﺘـﻬــﺮب ﻣ ــﻦ اﻟـﻌـﻘــﻮﺑــﺎت اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟـﺼــﺎدرة ﺿــﺪه ،وﻫﻨﺎ ﻣﻜﻤﻦ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ َ اﻟﺬي ﺳﻴﺤﺪﺛﻪ ذﻟﻚ اﻟﻮاﻓﺪ ،ﻓ ِﻤﻦ أول اﺟﺘﻤﺎع ﻣﻊ اﳌﻤﺮﺿﺔ )رﻳﺘﺸﻴﺪ( ﺗﺒﺪأ اﳌﻮاﺟﻬﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﺴﺘﻔﺰ
ﻣــﺎﻛـﻤــﻮرﻓــﻲ ،وﺗﺘﻬﻤﻪ ﺑــﺄﻧــﻪ ﻻ ﻳــﺮﻗــﻰ ﻣــﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى زوﺟﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻫﺠﺮﺗﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳ ـﺘ ـﺠ ــﺎدل وﻳ ـﻨ ــﺎﻗ ــﺶ ﺑ ـﻤ ـﻨ ـﻄــﻖ اﻻﻧ ـ ـﺴـ ــﺎن اﻟ ـﻌ ــﺎﻗ ــﻞ، ّ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﻟﻬﺎ أﻧﻪ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﲔ أﻓــﺮاد اﳌﺠﺘﻤﻊ ﺷﻜﻼ وﻣﻀﻤﻮﻧﺎ، وﺗﺪﺧﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﳌﺮﺿﻰ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺎش ،وﻳﻮﻣﺎ ﺑﻌﺪ آﺧﺮ ﻳﺘﻘﺮب ﻣﺎﻛﻤﻮرﻓﻲ إﻟﻰ اﳌﺮﺿﻰ وﻳﻨﺴﺠﻢ ﻣﻌﻬﻢ ،ﻟﻴﺠﺪ ﺟﻮاﻧﺐ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ وﻋﻔﻮﻳﺔ ،ﻟﻢ ّ ﻳﺠﺪﻫﺎ ﻓﻲ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﻔﺰه ﻋﻠﻰ
ﻟﻘﻄﺔ ﻣﻦ ﻓﻴﻠﻢ أﺣﺪﻫﻢ ﻃﺎر ﻓﻮق ﻋﺶ اﻟﻮﻗﻮاق ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ،ﻓﻴﺒﺪأ ﻣــﻦ ﻛــﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻮاﺟﻪ ّ ﻣﻌﻀﻠﺔ ﺻﻌﺒﺔ ﺗﺘﺠﺴﺪ ﺑﺎﻟﻬﻨﺪي اﻟﻌﻤﻼق اﳌﻠﻘﺐ ﺑﺎﻟﺮﺋﻴﺲ ،واﻟﺬي ﻻ ﻳﺴﻤﻊ وﻻ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺠﺢ ﺑـﻌــﺪ ﻋ ـﻨــﺎء ﻣــﺮﻳــﺮ ،وﻣ ــﻦ ﻫـﻨــﺎ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣــﺎﻛـﻤــﻮرﻓــﻲ ّ ﺑﻔﺮﻳﻘﻪ اﳌﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ زرع اﻷﻣﻞ ّ واﻹﺣﺴﺎس ﺑﻘﻴﻤﺔ اﻟﺤﻴﺎة ،ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻄﻮر أﺳﺎﻟﻴﺒﻪ وﻳﺨﺮﺟﻬﻢ ﻓــﻲ رﺣـﻠــﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ ،وﻳـﻔــﺮض ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹدارة ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ ﻣﻮاﻋﻴﺪ ﻣﺸﺎﻫﺪة اﳌﺒﺎرﻳﺎت ﻋﺒﺮ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ،ﻓﺘﻌﺒﺮ اﻹدارة ﻋــﻦ اﻣﺘﻌﺎﺿﻬﺎ،
qqﻛـــﻼﻛﻴﺖ
ﻧﻴﻜﻮل ﻛﻴﺪﻣﺎن ﺑﺪور »اﻟﺨﺎﺗﻮن« ﺑﺪأ ﻓﻲ اﻷردن ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻓﻴﻠﻢ »ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺼﺤﺮاء« اﻟﺬي ﻳﺮوي ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺎ ﺣﻴﺎة ﻣﺲ ﺑﻴﻞ أو »اﻟﺨﺎﺗﻮن« ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﻌﺮاق ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل ﺑﺎﺣﺜﻮن إﻧﻬﺎ ﻗــﺎﻣــﺖ ﺑ ــﺪور ﺣــﺎﺳــﻢ ﻓــﻲ ﺗــﺄﺳـﻴــﺲ اﻟ ــﺪوﻟ ــﺔ اﻟـﻌــﺮاﻗـﻴــﺔ ﺑ ـﺤــﺪودﻫــﺎ اﻟ ـﻴ ــﻮم ،وﺗ ـﻘ ــﻮم ﺑـﺒـﻄــﻮﻟــﺔ ﻏ ـﻴــﺮﺗــﺮود ﺑﻴﻞ اﻟﻨﺠﻤﺔ اﻻﺳﺘﺮاﻟﻴﺔ ﻧﻴﻜﻮل ﻛﻴﺪﻣﺎن ،وﻣﺲ ﺑﻴﻞ ﻫﻲ أﺳ ــﺎﺳ ــﺎ اﻟ ـﺘــﻲ رﺳ ـﻤــﺖ اﻟ ـﺤ ــﺪود اﻟـﻘــﺎﺋـﻤــﺔ اﻟ ـﻴ ــﻮم ﺑﲔ اﻟ ـﻌــﺮاق واﻷردن ﺑـﻌــﺪ أن ﺗــﻮﺳـﻄــﺖ ﻓــﻲ اﳌـﻔــﺎوﺿــﺎت ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ ﺑﲔ ﺗﺸﺮﺗﺸﻞ وﻗﺎدة ﻋﺮب ﻣﺨﺘﻠﻔﲔ .وﻛﺎﻧﺖ ﻣ ــﺲ ﺑـﻴــﻞ ﺗـﻤـﺜــﻞ اﻟـﻨـﺴـﺨــﺔ اﻟـﻨـﺴــﺎﺋـﻴــﺔ ﻣ ــﻦ »ﻟــﻮرﻧــﺲ اﻟﻌﺮب« ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ أﻗﺎﻣﺘﻬﺎ ﻣﻊ زﻋﻤﺎء اﻟ ـﺜ ــﻮرة اﻟـﻌــﺮﺑـﻴــﺔ ﺿ ــﺪ اﻟـﺴـﻴـﻄــﺮة اﻟـﻌـﺜـﻤــﺎﻧـﻴــﺔ ﺧــﻼل اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻷوﻟﻰ .وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻜﻠﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أﻓﻀﻞ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻟﻮرﻧﺲ وﻣﺎزاﻟﺖ ذﻛﺮاﻫﺎ ﺣﻴﺔ ﺑﲔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﲔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺆﻛﺪ ﻧﺴﺎء ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎت ﻳﻌﻤﻠﻦ اﻵن ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻛﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺎت أو ﺻﺤﻔﻴﺎت
ﻧﻴﻜﻮل ﻛﻴﺪﻣﺎن
ّ وﻓﻲ إﺣﺪى ّ ّ ﻳﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻜﻲ ،ﻟﻜﻨﻪ اﳌﺮات ﺗﻌﺎﻗﺒﻪ ّ وﻳﺴﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﻴﻖ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ زﻣﻼﺋﻪ اﳌﺮﺿﻰ، ﻣﻌﻬﻢ ،وﻳﺤﻈﻰ ﺑﺤﺐ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ،وﻓــﻲ اﻟﻮﻗﺖ ّ ﺟﺎذﺑﻴﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ ّ ّ ﺗﺸﺪﻫﻢ ،ﻟﻴﺘﺨﻠﺼﻮا ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺒﺪأ ﻣـ ــﻦ ذﻟ ـ ــﻚ اﻟ ـﺴ ـﺠ ــﻦ اﳌـ ــﺮﻳـ ــﺮ واﻟـ ـﺴـ ـﺠ ــﺎن اﻟـ ـﺸ ــﺮس، ّ وﺑﺴﺒﺐ اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﻬﺎ ﻣﺎﻛﻤﻮرﻓﻲ ﻟ ـﻬــﻢ؛ ﺗ ـﻘـ ّـﺮر اﻹدارة ﻣـﻌــﺎﻗـﺒــﺔ ﻣــﺎﻛ ـﻤــﻮرﻓــﻲ ،وﺗ ـﻌـ ّـﺪه ﺳﺠﻴﻨﺎ ﻣ ــﺪى اﻟ ـﺤ ـﻴــﺎة ،وﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳـﻌــﺮف ذﻟ ــﻚ ﻣﻦ أﺣﺪ اﻟﺤﺮاس؛ ّ ﻳﻘﺮر ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺧﻄﺔ ﻫﺮوب ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ، ﻓﻴﺘﻔﻖ ﻣﻊ إﺣﺪى ﺻﺪﻳﻘﺎﺗﻪ أن ﺗﺤﻀﺮ ﺻﺪﻳﻘﺎﺗﻬﺎ ﻟﻴﻼ ،ﻓﻴﻨﺠﺢ ﻓﻲ إﻏــﻮاء اﻟﺤﺮاس ،وﻳﻘﻴﻢ اﺣﺘﻔﺎﻻ ﺻﺎﺧﺒﺎ ،ﻳﺸﺘﺮك ﻓﻴﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﺠﺎﻧﲔ وﺣﺮاﺳﴼ، وﺗ ــﺄﺗ ــﻲ اﻟـﻠـﺤـﻈــﺔ اﳌـﻨــﺎﺳـﺒــﺔ ﺑـﻌــﺪ دﺧ ــﻮل اﻟـﻔـﺘـﻴــﺎت ﻣــﻊ اﻟ ـﺤــﺮاس إﻟ ــﻰ ﻋـﻨـﺒــﺮﻫــﻢ ،وﻳـﺤـﻄـﻤــﻮن اﻟـﻨــﺎﻓــﺬة ﻟ ـﻜ ــﻦ اﻹﻋ ـ ـﻴـ ــﺎء واﻟـ ـﺴـ ـﻬ ــﺮ أﻧ ـﻬ ـﻜ ــﺎﻫ ــﻢ ،وﻓ ـ ــﻲ اﻟ ـﻴ ــﻮم اﻟ ـﺘ ــﺎﻟ ــﻲ ُﻳـﻜ ـﺘ ـﺸــﻒ أﻣ ــﺮﻫ ــﻢ ﻓ ـﻴ ـﻌــﺎﻗــﺐ ﻣــﺎﻛ ـﻤــﻮرﻓــﻲ ﻋ ـﻘــﺎﺑــﴼ ﻗــﺎﺳ ـﻴــﴼ ﺑ ــﺎﻟ ـﺼ ــﺪﻣ ــﺎت اﻟ ـﻜ ـﻬــﺮﺑــﺎﺋ ـﻴــﺔ ،اﻟـﺘــﻲ ﺗﺤﻴﻠﻪ إﻟ ــﻰ ﻣ ـﺠـ ّـﺮد ﺟـﺜــﺔ ﺗـﺘـﻨـﻔــﺲ ،وﻋـﻨــﺪﻣــﺎ ﻳــﺮاه ّ ﺻــﺪﻳـﻘــﻪ اﻟـﻬـﻨــﺪي اﻟـﻌـﻤــﻼق ﻳـﺘــﺄﻟــﻢ ﻛـﺜـﻴــﺮا وﺧــﻮﻓــﺎ ﻣــﻦ أن ﻳﺘﻌﺬب ﻣﺎﻛﻤﻮرﻓﻲ أﻛـﺜــﺮ؛ ﻓﻴﻘﻮم ﺑﺨﻨﻘﻪ، ﺣﺘﻰ ﻳﻠﻔﻆ ﻣــﺎﻛـﻤــﻮرﻓــﻲ أﻧـﻔــﺎﺳــﻪ اﻷﺧ ـﻴــﺮة ،وﻟﻜﻦ ّ اﻟﻬﻨﺪي ﻳﺜﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻓﻴﺤﻤﻞ ﻗﻄﻌﺔ ّ ﺿﺨﻤﺔ ﻣــﻦ اﻟ ــﺮﺧ ــﺎم ،وﻳـﻬــﺸــﻢ ﺑـﻬــﺎ اﻟـﻨــﺎﻓــﺬة اﻟﺘﻲ ﻣــﻦ ﺧــﻼﻟـﻬــﺎ ﻳـﺨــﺮج ﻧـﺤــﻮ ﺿــﻮء اﻟـﺸـﻤــﺲ وﻧﺴﻴﻢ اﻟﺤﺮﻳﺔ ،وﺗﻨﻄﻠﻖ أﻗــﺪاﻣــﻪ ﺑﺎﻟﻬﺮوﻟﺔ ﻧﺤﻮ ﺻﺒﺎح ﻣﺸﺮق ﺟﺪﻳﺪ ،ﺗﺮاﻓﻘﻪ زﻗﺰﻗﺔ اﻟﻌﺼﺎﻓﻴﺮ وأﺻﻮات اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺨﻼﺑﺔ .وﻫﻜﺬا ﻳﻜﻮن أﺣﺪﻫﻢ ﻗﺪ ﻃﺎر ﻓ ــﻮق ﻋ ــﺶ اﳌ ـﺠــﺎﻧــﲔ ،ﻣـﺤـﻠـﻘــﺎ ﻓ ــﻲ ﺳ ـﻤــﺎء اﻟـﺤــﺮﻳــﺔ ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋﻦ داﺋﺮة اﻟﻘﻤﻊ واﻟﺘﺴﻠﻂ ،وﺗﻜﺒﻴﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺠﺪران اﻟﻜﻮﻧﻜﺮﻳﺖ وأﺑــﻮاب اﻟﺤﺪﻳﺪ ،ﻟﻘﺪ ﺻﻨﻊ اﳌﺨﺮج ﻣﻴﻠﻮش ﻓﻮرﻣﺎن ّ ﺑﺤﺴﻪ اﳌﺮﻫﻒ أﺳﻄﻮرة ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﺗﻨﺸﺪ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ
12
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
ﻛﻨـﻮز ا&ﺟـﺪاد
د .ﻣﻨﻴﺮ ﻃﻪ
ﺗﺠﺎ ًرا وﺻﻴﺎدﻳﻦ وﺣﺮﻓﻴﻴﻦ أﻫﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧﻮا ّ
اﻟﺰﺑﺎرة ..ﻗﺒﻞ ﻗﺮن ﺳﻮق ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﺮﻛﺰت ﺑﺪاﻳﺎت اﳌﻮﺳﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻋﻤﻮم ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺰﺑﺎرة إﻟﻰ ﻣﺮﺑﻌﺎت ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﳌﺘﻮﺧﺎة ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺮﺑﻊ ) (١٠٠ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ ،واﻟﻐﺎﻳﺔ ّ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻫﻮ ﺣﺼﺮ ﻧﺘﺎﺋﺞ أﻋﻤﺎل اﻟﺘﻨﻘﻴﺒﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ واﻟﻼﺣﻘﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ دراﺳﺔ ﻣﻮاﺿﻊ اﻟﺘﻨﻘﻴﺒﺎت اﳌﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﺮوع ﻓﻲ ﺗﻨﻘﻴﺒﻬﺎ. إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻃﻠﺒﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﳌﺮﺑﻌﺎت اﻷرﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ اﳌﺮﻛﺰ ،وﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻛﻞ ﻣﺮﺑﻊ ﻣﻨﻬﺎ ٤٠ ﺗﻘﺪر ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﺘﺮﴽ ﻣﺮﺑﻌﴼ ،وﻫﻲ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ّ أﺑﻌﺎد اﻟﺘﻨﻘﻴﺒﺎت اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،وﺣﺼﺮ ﺳﻴﺮ اﻟﺘﻨﻘﻴﺒﺎت ﻓﻲ ﺧﺮاﺋﻂ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺰﺑﺎرة اﳌﻌﺘﻤﺪة دوﻟﻴﴼ ،وﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﳌﻨﻄﻠﻘﲔ ُﺿﺮب اﳌﻌﻮل اﻷول ﻟﻠﻤﻮﺳﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ ﺻﺒﺎح اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ ﻳﻨﺎﻳﺮ واﺳﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ اﻟﺤﺎدي واﻟﺜﻼﺛﻮن ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻣﺎرس .٢٠٠٤ إن أﻋـ ـﻤ ــﺎل اﻟ ـﺘ ـﻨ ـﻘ ـﻴ ـﺒــﺎت ﻟ ـﻠ ـﻤ ــﻮاﺳ ــﻢ اﻟ ـﺜ ــﻼﺛ ــﺔ اﳌــﺎﺿ ـﻴــﺔ ّ ﺗﻤﺨﻀﺖ ﻋــﻦ اﻟﻜﺸﻒ ﻋــﻦ اﻷﺑ ـﻌــﺎد اﳌﻌﻤﺎرﻳﺔ واﳌ ــﻮاد اﻟـﺒـﻨــﺎﺋـﻴــﺔ ،إﻟ ــﻰ ﺟــﺎﻧــﺐ اﻟـﻜـﺸــﻒ ﻋــﻦ ﺑـﻌــﺾ ﻣــﻦ اﻟـﺤــﺮف اﳌ ـﻨــﺰﻟ ـﻴــﺔ اﻟ ـﺘــﻲ ﻣــﺎرﺳ ـﻬــﺎ ﺳ ـﻜــﺎن اﻟـ ــﺰﺑـ ــﺎرة ،إﻟ ــﻰ ﺟــﺎﻧــﺐ ﻣ ـﻤ ــﺎرﺳ ـﺘ ـﻬ ــﻢ اﻟ ـ ـﺘ ـ ـﺠـ ــﺎرة اﻟـ ـﺒـ ـﺤ ــﺮﻳ ــﺔ ،وﺻ ـ ـﻴـ ــﺪ اﻟ ـﻠ ــﺆﻟ ــﺆ واﻷﺳﻤﺎك. وﻣــﻦ أﻫــﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﳌﻨﺰﻟﻴﺔ وﺣﺴﺐ اﳌﻌﻄﻴﺎت اﳌﻜﺘﺸﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌـﺜــﺎل ﻻاﻟـﺤـﺼــﺮ؛ ﻛﺒﺲ اﻟﺘﻤﻮر وﺗـﺤــﻮﻳـﻠـﻬــﺎ اﻟ ــﻰ ﻣ ــﺎ ﻳ ـﻌــﺮف ﺑـ ـ »اﻟ ــﺪﺑ ــﺲ« ،ﻓـﻘــﺪ اﺗـﻀــﺢ ﻟﻨﺎ ﻣﺰاوﻟﺔ أﻫﻞ اﻟﺰﺑﺎرة ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﺪد
أﺣﺪ أزﻗﺔ اﻟﺰﺑﺎرة ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﻔﺮﻳﺎت ٢٠٠٤ ُ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﳌﺪاﺑﺲ اﻟﺘﻲ ﻛﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ داﺧﻞ ﻏﺮف اﳌﻨﺰل اﻟــﻮاﺣــﺪ أو ﺧــﺎرﺟــﻪ ﻓــﻲ ﺑـﻌــﺾ اﻷﺣ ـﻴ ــﺎن .أﻣ ــﺎ اﻟﺤﺮﻓﺔ اﳌﻨﺰﻟﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺎرﺳﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﺰﺑﺎرة إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺼﺮ اﻟﺘﻤﺮّ ، وﺗﺒﻴﻨﺖ ﻟﻨﺎ ﺟﻠﻴﴼ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻌﻄﻴﺎت ﺳﻴﺮ اﻟﺘﻨﻘﻴﺐ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮﻓﺔ ﺗﻌﺪﻳﻦ اﳌﻌﺎدن ،وﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﻟﻰ أدوات ﻣﻨﺰﻟﻴﺔ أو ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ّ ﺣﻠﻲ ﻧﺴﺎﺋﻴﺔ. وﻣﻦ أﻫﻢ ﺑﻮادر ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻓﺔ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﺰﺑﺎرة؛ ﻫﻮ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻵﻧﻴﺔ اﻟﻔﺨﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻟﺼﻬﺮ اﳌﻌﺎدن ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺷﻮاﺋﺐ ﺑﻌﺾ اﳌﻌﺎدن اﻟﺘﻲ اﻷواﻧ ــﻲ ﺗــﻢ ﺻـﻬــﺮﻫــﺎ ،وﻣـﻤــﺎ ﻻﻳﻘﺒﻞ اﻟـﺸــﻚ ﻓــﺈن ﻣﻌﻈﻢ ِ
اﻟ ـﻔ ـﺨــﺎرﻳــﺔ اﻟ ـﺘــﻲ ﺗ ــﻢ اﻟـﻜـﺸــﻒ ﻋـﻨـﻬــﺎ أﺛ ـﻨ ــﺎء اﻟﺘﻨﻘﻴﺒﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻮرة ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ داﻧﻴﺔ وﻗﺎﺻﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺰﺑﺎرة ،وإﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬه اﻟﺪﻻﺋﻞ ﻓﻬﻨﺎك دﻻﺋﻞ أﻛﻴﺪة ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻣﻤﺎرﺳﺔ أﻫﻞ اﻟﺰﺑﺎرة ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺑﻌﺾ اﻵﻧﻴﺔ اﻟـﻔـﺨــﺎرﻳــﺔ اﻟـﺘــﻲ اﺳﺘﻌﻤﻠﺖ آﻧـ ــﺬاك ،وﻣ ــﻦ أﻫـﻤـﻬــﺎ ﺟــﺮار اﻟﺨﺰن اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﺤﺠﻢ ،ودﻟﻴﻞ ذﻟﻚ ﻫﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻃﻴﻨﺔ ﺗﻠﻚ اﻵﻧﻴﺔّ ،أﻣﺎ أﻫﻢ اﳌﻜﺘﺸﻔﺎت اﳌﻨﻘﻮﻟﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﺧﻼل ﻫﺬا اﳌﻮﺳﻢ ﻓﻘﺪ ﺗﻤﺜﻠﺖ ﺑﻤﺴﻜﻮﻛﺔ ﺑــﺮوﻧــﺰﻳــﺔ ﻋﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ،ﺿﺮﺑﺖ ﻓــﻲ اﺳﻄﻨﺒﻮل ﻋــﺎم ١٢٠٣ ﻫ ـﺠ ــﺮي اﳌـ ــﻮاﻓـ ــﻖ ﻟ ـﻠ ـﻌــﺎم ١٧٨٨ﻣ ـ ـﻴـ ــﻼدي ،وﻣـﺴ ـﻜــﻮﻛــﺔ
ﺑﺮوﻧﺰﻳﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺷﻌﺎر اﻟﻨﺴﺮ ،وﻋﻠﻰ ﻗﻔﺎﻫﺎ ّ ﻧﺺ ﻳﺬﻛﺮ ﺷــﺮاﻛــﺔ أﳌــﺎﻧـﻴــﺎ ،وﻗــﺪ ﺿﺮﺑﺖ ﻫــﺬه اﳌﺴﻜﻮﻛﺔ ﻓــﻲ اﻟﻌﺎم ١٣٠٣ﻫﺠﺮي اﳌﻮاﻓﻖ ﻟﻠﻌﺎم ١٨٩١ﻣﻴﻼدي ،وﻣﺴﻜﻮﻛﺔ ُ ﺑ ــﺮوﻧ ــﺰﻳ ــﺔ ﻋـﻠـﻴـﻬــﺎ ﻧ ـﻘــﺶ اﳌ ـﻠ ـﻜــﺔ ﻓ ـﻜ ـﺘــﻮرﻳــﺎ ﺿ ــﺮﺑ ــﺖ ﻓﻲ ّ اﻟﻌﺎم ١٨٨٩ﻣ ـﻴــﻼدي .ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟـﺤــﺎل؛ ﻓــﺈن ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬه اﳌﺴﻜﻮﻛﺎت وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﳌﺴﻜﻮﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ أﺛﻨﺎء ﺳﻴﺮ اﻟﺘﻨﻘﻴﺒﺎت ،واﻟﺘﻲ ﻧﻘﺶ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ ّ ﺻــﻮر ﺣـﻴــﻮاﻧــﺎت ،ﻓﺈﻧﻬﺎ إن دﻟ ــﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻀﻤﻮن؛ ﻓﻬﻲ ﺗ ــﺪل ﻋ ـﻠــﻰ أن ﻣــﺪﻳ ـﻨــﺔ اﻟ ــﺰﺑ ــﺎرة ﻛــﺎﻧــﺖ ﺳــﻮﻗــﴼ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﳌﺒﺎدﻻت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ .
ﻃﻪ ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ
اﻟﺮﻣﺤﻲ ﻳﻨﺘﻘﺪ ﻣﻮﻗﻒ اaﻋﻼم ﻣﻨﻪ
اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻟﺘﺠﺎﻫﻞ رﻏ ــﻢ اﻧ ـﺘ ـﺸــﺎر ﻣ ـﺒــﺪﻋــﻲ اﻟ ـﺸ ـﻌــﺮ اﻟـﻨـﺒـﻄــﻲ ﻓ ــﻲ ﻛـﺜـﻴــﺮ ﻣﻦ اﳌـﻨــﺎﻃــﻖ اﳌـﺼــﺮﻳــﺔ ،وﺧــﺎﺻــﺔ ﻓــﻲ ﺷـﺒــﻪ ﺟــﺰﻳــﺮة ﺳﻴﻨﺎء وﻣ ــﺮﺳ ــﻰ ﻣ ـﻄ ــﺮوح واﻟ ـﺼ ـﺤ ــﺮاء اﻟـﺒـﻴـﻀــﺎء ﻓ ــﻲ اﻟـ ــﻮادي اﻟﺠﺪﻳﺪ وﻏﻴﺮﻫﺎ ،إﻻ أن ﻫﺆﻻء اﻟﺸﻌﺮاء ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﱭ ،ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺠﺎﻫﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ،ﻣﻊ ﺗﺄﻛﻴﺪﻫﻢ ﺑﺄن إﺑﺪاﻋﺎﺗﻬﻢ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪر اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ،وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﻴﺘﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻏﺮار اﳌﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻤﻲ ﻣﻮﻫﺒﺔ أﺻﺤﺎﺑﻪ ،وﺗﻘﺎم ﻣﻦ ﺣﲔ إﻟﻰ آﺧﺮ. ﻫ ــﺬا ﻣ ــﺎ ﻳــﺬﻫــﺐ إﻟ ـﻴــﻪ اﻟ ـﺸــﺎﻋــﺮ ﻋ ــﻼء اﻟــﺮﻣ ـﺤــﻲ اﻟـﺸــﺎﻋــﺮ اﳌﺼﺮي اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي وﺻﻞ إﻟﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟـ ٤٨ﳌﺴﺎﺑﻘﺔ ﺷﺎﻋﺮ اﳌﻠﻴﻮن ،اﳌﻘﺎﻣﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ أﺑﻮ ﻇﺒﻲ ،ﻣﻨﺘﻘﺪا ﻋﺪم اﻫﺘﻤﺎم وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ ﺑ ــﺪﻋ ــﻢ ﻣ ـﺒــﺪﻋــﻲ اﻟ ـﺸ ـﻌــﺮ اﻟ ـﻨ ـﺒ ـﻄــﻲ ورﻋ ــﺎﻳ ـﺘ ـﻬ ــﻢ رﻏـ ــﻢ ﻣﺎ ﻳـﺤـﻈــﻮن ﺑــﻪ ﻣــﻦ دﻋ ــﻢ ورﻋ ــﺎﻳ ــﺔ ﻓــﻲ دول اﻟـﺨـﻠـﻴــﺞ ﻋﻠﻰ ﻧـﺤــﻮ ﻣــﺎ ﺣــﺪث ﻣــﻦ ﺻـﻌــﻮدي إﻟــﻰ ﻗــﺎﺋـﻤــﺔ اﻟـ ـ ٤٨ﺿﻤﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺷﺎﻋﺮ اﳌﻠﻴﻮن .وﻳﺆﻛﺪ اﻟﺮﻣﺤﻲ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻟـ »اﻟﺸﺮق اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ« أﻧﻪ رﻏﻢ اﻟﺘﻨﻮع اﻟﻼﻓﺖ ﺑﲔ ﻣﺒﺪﻋﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ﻓﻲ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ ،وﻧﻈﺮاﺋﻬﻢ اﳌﺼﺮﻳﲔ
ّ ﻓﻲ اﻷوزان اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ واﻟﻌﺮوض ،إﻻ أن ﻫﻨﺎك اﺳﺘﻴﻌﺎﺑﺎ ّ ﺗﺎﻣﺎ ﻟﺸﻌﺮﻧﺎ ﻓﻲ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ ،ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟــﺬي ﻧﺠﺪ ﻓـﻴــﻪ اﻟـﺠـﻬــﺎت اﻟــﺮﺳـﻤـﻴــﺔ ﻓــﻲ ﻣـﺼــﺮ ﺗـﻐــﺾ اﻟ ـﻄــﺮف ﻋﻦ إﺑﺪاﻋﺎﺗﻨﺎ ،ﻓﻼ ﺗﺮﻋﻰ اﳌﻮاﻫﺐ ،أو ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﻴﺘﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﺎﻫﻞ إﻗﺎﻣﺔ ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎت ﻟﻠﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺸﺎر اﻟﻮاﺳﻊ ﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻮم اﻟﻘﻄﺮ اﳌﺼﺮي. وﻳــﺮى أن اﳌــﺪرﺳــﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒﺎ ﻓــﻲ وﺻــﻮﻟــﻪ إﻟــﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟـ ـ ٤٨ﻟﺸﺎﻋﺮ اﳌﻠﻴﻮن، وﻫــﻲ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟـﺘــﻲ ﺳﺒﻘﻬﺎ اﻟـﻌــﺪﻳــﺪ ﻣــﻦ اﻻﺧـﺘـﺒــﺎرات، »واﺟﺘﺰﺗﻬﺎ ﺣﺘﻰ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ،وأﺗﺼﻮر أن ﺟﻬﺎت اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﻬﺬا اﻟﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ ،ﻟﺘﻐﻴﺮ ﺣﺎﻟﻨﺎ ،وﻷﺻﺒﺤﻨﺎ ﻋﺪدا داﺧﻞ ﻫﺬه اﳌـﺴــﺎﺑـﻘــﺔ اﻟ ـﺘــﻲ ﺗـﺤـﻈــﻰ ﺑـﺤـﻀــﻮر ﻛـﺒـﻴــﺮ ﻟـﺸـﻌــﺮاء دول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. وﻳﺸﺪد اﻟﺮﻣﺤﻲ ﻋﻠﻰ ﺿــﺮورة أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك رﻋﺎﻳﺔ وﺗﺸﺠﻴﻊ ﻟـﻠـﻤــﻮﻫــﻮﺑــﲔ ﻣــﻦ أﺻ ـﺤــﺎب اﻟـﺸـﻌــﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ »ﻓﻴﺘﻢ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﳌﺆﺗﻤﺮات واﳌﻬﺮﺟﺎﻧﺎت ﺑﺸﺄﻧﻪ ،ﻓﻀﻼ ﻋــﻦ إدﺧ ــﺎل اﳌــﻮاﻓـﻘــﺔ ﻋﻠﻰ إﻧـﺸــﺎء ﻧــﺎد ﻟﻠﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ،
ﻳـﺴــﺎﻫــﻢ ﻓ ــﻲ ﺗـﻌــﺰﻳــﺰ اﻟ ــﺮواﺑ ــﻂ ﺑ ــﲔ ﺷ ـﻌ ــﺮاء ﻫ ــﺬا اﻟـﻠــﻮن ﻣ ــﻦ اﻟ ـﺸ ـﻌــﺮ ،ﻓـﻀــﻼ ﻋ ــﻦ ﺗـﻨـﻤـﻴــﺔ ﻣــﻮاﻫ ـﺒــﻪ ،ﺧــﺎﺻــﺔ وأن أﻋ ــﺪاد ﺷ ـﻌــﺮاء اﻟـﺒــﺎدﻳــﺔ ﻣـﺘــﻮﻓــﺮون ﻓــﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟ ـﺼ ـﺤ ــﺮواﻳ ــﺔ ﻓ ــﻲ ﻣ ـﺼ ــﺮ ،اﻟ ـﺘ ــﻲ ﺗ ــﺰﻳ ــﺪ ﻋ ــﻦ ٪ ٦٠ﻣﻦ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﻀﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد. وﻳﺤﺪد ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬه اﳌﻨﺎﻃﻖ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻔﻴﻮم اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ ،إذ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﺎرب ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ دول اﳌﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺧﺎﺻﺔ ﻓــﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ،ﻧﻈﺮا ﻟﻠﺘﻘﺎرب اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑــﲔ ﺑﻴﺌﺔ اﻟﻔﻴﻮم وﻟـﻴـﺒـﻴــﺎ ،ﻓـﻀــﻼ ﻋــﻦ أﺷ ـﻜــﺎل اﳌ ـﺼــﺎﻫــﺮة ﺑــﲔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻔﻴﻮم وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻊ أﺑﻨﺎء ﻟﻴﺒﻴﺎ ،وﻳﻘﻮل: اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻟﻮ ﺗﻮﻓﺮت ﻟﻪ ﺳﺒﻞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ واﻟــﺪﻋــﻢ ﻟﺤﻈﻲ ﺑــﺈﻗـﺒــﺎل ﻛﺒﻴﺮ ﻣــﻦ اﻟ ـﻨــﺎس ،وﻟﺘﺸﻜﻞ ﻟــﻪ ﺟـﻤـﻬــﻮر واﺳ ــﻊ ،ﻏـﻴــﺮ أﻧ ــﻪ ﻳـﺘـﻌــﺮض ﻟﻈﻠﻢ ﺷﺪﻳﺪ ﻣ ــﻦ ﻗـﺒــﻞ أﺟ ـﻬ ــﺰة ووﺳ ــﺎﺋ ــﻞ اﻹﻋ ـ ــﻼم ،اﻟ ـﺘــﻲ ﻻ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﻴﺘﻪ ،أو ﺣﺘﻰ إﺑﺮازه ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر ،ﻓﻀﻼ ّ ﻋﻤﺎ ﺗ ـﻤــﺎرﺳــﻪ ﻣ ــﻦ دور ﻳــﺄﺗــﻲ ﺑ ـﺼ ــﻮرة ﻋـﻜـﺴـﻴــﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳ ـﺠــﺮي ﺗ ـﺸــﻮﻳــﻪ ﻫ ــﺬا اﻟ ـﻠ ــﻮن ﻣ ــﻦ اﻟ ـﺸ ـﻌــﺮ ،ﻣ ــﻦ ﺧــﻼل ﺗﺸﻮﻳﻪ ﻣﺒﺪﻋﻴﻪ ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻣﺘﻌﺪدة .
ﻋﻼء اﻟﺮﻣﺤﻲ
دﻛﺎن اﻟﻮراﻗﻴـﻦ
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
qqﺣـﻜﺎﻳﺎ اﻟﻨـﺨـﻴـﻞ
ﻣﻦ اﻟﺒﺎراﻧﻮﻳﺎ واﻟﻨﺮﺟﺴﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﺪاوي ﺑﺎﻟﻬﺬﻳﺎن
ﺷﺨﺼﻴﺎت رواﺋﻴﺔ
ا دب اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ
ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻋﻴﺴﻰ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﺴﻦ ﺑﻌﺪ »اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻷدﺑﻲ« و»ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ وﺳﺮدﻳﺎﺗﻪ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ« ﻳﻌﻮد اﻟﻨﺎﻗﺪ واﳌﺤﻠﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ اﳌﺼﺮي ﺧﺎﻟﺪ ﻋﺒﺪاﻟﻐﻨﻲ ،ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ أﺑﻄﺎل ﺟﺪد ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ،ﻗﺎرﺋﴼ ﻓﻴﻬﻢ ﺿﺮوﺑﴼ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﺑﻴﻨﻨﺎ ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »دراﺳﺎت ﻓﻲ ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ« اﻟﺼﺎدر ﻳﺴﺘﻬﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻪ ﻋﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﻮراق اﻷردﻧﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم. ّ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﻲ رواﻳﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻳﺤﺎول ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻗﺮاءة ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻨﺺ اﻟﺮواﺋﻲ ﺑﻬﺪف إﺿﺎءة اﻟﻨﺺ وإﺑﺮاز اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ، ﺟﻬﺪ ﺛﺮي ﺑﺎﳌﺼﻄﻠﺤﺎت واﳌﻔﺎﻫﻴﻢ واﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ،ﻓﻲ ٍ ّ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺗﻌﲔ اﻟﻘﺎرئ ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻳﺬﻫﺐ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ إﻟﻰ ﺷﻴﺦ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ وإﻟﻰ رواﻳﺘﻪ »رادوﺑﻴﺲ« ﻗﺎرﺋﴼ اﳌﺆﺛﺮات اﻷﺳﻄﻮرﻳﺔ وﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺮﺟﺴﻴﺔ وﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻴﺔ رادوﺑﻴﺲ واﻟﻔﺮﻋﻮن اﻟﺸﺎب وﻛﻴﻒ اﻧﺘﻬﻰ ﺑﻬﻤﺎ اﳌﻄﺎف إﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﺑﻌﺎد اﻷﺳﻄﻮرة وﻫﻲ »اﻟﺤﺐ واﻟﻌﺰﻟﺔ واﳌﻮت«. اﺗﺠﻬﺖ رادوﺑﻴﺲ ﻟﻼﻧﺘﺤﺎر ﺑﺘﻨﺎول اﻟ ـﺴ ــﻢ ،واﻟ ـﻔ ــﺮﻋ ــﻮن اﻟ ـﺸ ــﺎب ﺛ ــﺎر ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸﻌﺐ وﻗﺘﻠﻪ ،وﺑﻬﺬه اﻟﺜﻮرة ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻣ ـﻘ ــﻮﻟ ــﺔ اﻷوﻟـ ـﻴـ ـﻐ ــﺎرﺷـ ـﻴ ــﺔ ،ﻛ ـﻨ ـﻤــﻂ ﻣــﻦ اﻟـﺤـﻜــﻢ ﺗﺴﺘﻌﺮ ﻓـﻴــﻪ رﻏـﺒــﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﲔ ّ ﻓ ــﻲ اﻣـ ـﺘ ــﻼك ﻛـ ــﻞ ﺷـ ــﻲء واﻻﺳ ـﺘ ـﻤ ـﺘــﺎع اﻟ ـﺸ ـﺨ ـﺼــﻲ ﺑ ــﺎﻟ ـﺤ ـﻴ ــﺎة ،وﻫ ـ ــﺬا اﻟـﻨـﻤــﻂ ﻣـ ــﻦ ﺷ ــﺄﻧ ــﻪ أن ﻳ ـﻘ ـﺴ ــﻢ اﳌ ـﺠ ـﺘ ـﻤ ــﻊ إﻟ ــﻰ ﺣــﺎﻛــﻢ ﻣﺤﺘﻜﺮ وﺷـﻌــﺐ ﻓـﻘـﻴــﺮ ،وﻋــﺎدة ﻣ ــﺎ ﻳـﻨـﺘـﻬــﻲ اﻻﺳ ـﺘ ـﻘ ـﻄــﺎب ﺑ ــﲔ اﻟـﻐـﻨـ ّـﻲ واﻟ ـﻔ ـﻘ ـﻴــﺮ إﻟـ ــﻰ ﺗ ـﻔـ ّـﺠــﺮ اﻟـ ـﺼ ــﺮاع اﻟ ــﺬي ﺗـ ـﻤـ ـﻴ ــﻞ ﻓ ـ ـﻴـ ــﻪ اﻟـ ـ ـﻜـ ـ ـﺜ ـ ــﺮة اﳌـ ـ ـ ـﻌ ـ ـ ــﻮزة إﻟـ ــﻰ اﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﻘﻠﺔ اﳌﺘﺮﻓﺔ. ﻛـ ـﻤ ــﺎ ﻳ ــﻼﻣ ــﺲ اﻟـ ـﺒ ــﺎﺣ ــﺚ ﻋ ـﺒــﺪاﻟ ـﻐ ـﻨــﻲ َ اﺿﻄﺮاﺑﺎت ﺑﻄﻞ »أدﻳﺐ« ﻃﻪ ﺣﺴﲔ، وﺗ ـ ـﺘ ـ ـﻀـ ــﺢ ﻓـ ـ ــﻲ ﺷـ ـﺨـ ـﺼـ ـﻴـ ـﺘ ــﻪ ﻣ ــﻼﻣ ــﺢ اﻟ ـﺒ ـﻨــﺎء اﻟـﻨـﻔـﺴــﻲ ﻷﻋ ـ ــﺮاض اﺿ ـﻄــﺮاب ﺟﻨﻮن اﻻﺿﻄﻬﺎد واﻟﻌﻈﻤﺔ اﳌﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺒﺎراﻧﻮﻳﺎ ،وﻛﻴﻒ اﻧﺘﻬﻰ ﺑﻪ اﻟﺤﺎل ﻓـ ــﻲ إﻳ ـ ــﺪاﻋ ـ ــﻪ ﻓـ ــﻲ إﺣ ـ ـ ــﺪى اﳌ ـﺼ ـﺤ ــﺎت اﻟـﻌـﻘـﻠـﻴــﺔ ﻓ ــﻲ ﺑ ــﺎرﻳ ــﺲ ،واﻟـ ـﻌ ــﻮدة إﻟــﻰ ﻗــﺮﻳـﺘــﻪ ﻓــﻲ ﺻﻌﻴﺪ ﻣـﺼــﺮ ،وﻣـﻤــﺎ ّ ﻣﻴﺰ أدﻳ ــﺐ اﻟ ـﻨ ـﻈــﺎرﻳــﺔ اﻟ ـﺘــﻲ ﺗ ـﻌــﺮف ﺑــﺄﻧـﻬــﺎ ﻧ ــﺰﻋ ــﺔ ﻏ ــﺮﻳ ــﺰﻳ ــﺔ ﺟ ــﺰﺋ ـﻴ ــﺔ ﺗـ ـﻘ ــﻮم ﻋـﻠــﻰ ﺗـ ـﺸـ ـﺒـ ـﻴ ــﻖ اﻷﺣ ـ ــﺎﺳـ ـ ـﻴ ـ ــﺲ اﻟـ ـﺒـ ـﺼ ــﺮﻳ ــﺔ، وﻋـ ـ ـﻨ ـ ــﺪﻣ ـ ــﺎ ﺗـ ـ ـﻜ ـ ــﻮن ﻣ ـ ـﺴـ ــﺮﻓـ ــﺔ اﻟـ ـ ـﺸ ـ ـ ّـﺪة ﻓ ـﻬــﻲ ﺗ ـﻘ ــﺎوم اﻻﻧ ـﺘ ـﻈ ــﺎم ﺗ ـﺤــﺖ زﻋــﺎﻣــﺔ اﻹﻧ ـﺴ ــﺎﻟ ـﻴ ــﺔ ،واﻟ ـﻨ ـﻈ ــﺎرﻳ ــﺔ ﻫ ــﻰ اﻟــﻮﺟــﻪ اﳌﻮﺟﺐ ﻟﻼﺳﺘﻌﺮاﺿﻴﺔ ،وﻗــﺪ ﻳﺤﺪث ﺗ ـﻌــﺎﻟــﻲ ﺑــﺎﻟ ـﻨ ـﻈــﺎرﻳــﺔ ﻓ ــﻲ اﺗ ـﺠ ــﺎه اﻟـﻔــﻦ ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﻪ اﳌﺘﻌﺪدة أو اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ. ﺛـ ــﻢ ﻳ ـﻌ ــﺮﻓ ـﻨ ــﺎ ﺑ ــﺎﻟ ـﺸ ـﻴ ــﺦ ﻋ ـﺼ ـﻔ ــﻮر ﻓــﻲ
13
»ﻳﻮﻣﻴﺎت ﻧﺎﺋﺐ ﻓﻲ اﻷرﻳﺎف« ﻟﺘﻮﻓﻴﻖ اﻟﺤﻜﻴﻢ ،واﳌﺠﺬوب اﻟﻨﺎﻃﻖ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ أواﻟ ـ ـﻬـ ــﺬﻳـ ــﺎن ،وأﺑـ ـ ــﻮ ﺻ ـ ـﻔ ــﺎرة وﻳ ـﻤ ـﺜــﻞ ﺿ ـ ـﺤـ ــﺎﻳـ ــﺎ اﻟ ـ ـ ـﺤـ ـ ــﺮوب ﻓ ـ ــﻲ ﻣ ـﺠ ـﻤ ــﻮﻋ ــﺔ »ﺣ ـ ـ ـ ــﻮرﻳ ـ ـ ـ ــﺎت اﻟ ـ ـ ـ ـﻀـ ـ ـ ــﻮء« ﻹﺑ ـ ــﺮاﻫـ ـ ـﻴ ـ ــﻢ ﻋ ـﻄ ـﻴــﺔ وﻣ ـﻌــﺮﻓــﺔ ﻛ ـﻴــﻒ ﻇ ـﻬ ــﺮت اﻟـﻠـﻐــﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﳌﺠﺬوب ،وﻫﻲ ﻟﻐﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑ ــﺎﻟ ــﺮﻣ ــﻮز اﻟ ـﻜــﺎﺷ ـﻔــﺔ ﻟـﻠـﺤـﻘــﺎﺋــﻖ ﻛـﻘــﻮل اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺼﻔﻮر »ﻓﺘﺶ ﻋﻦ اﻟﻨﺴﻮان ﺗـﻌــﺮف ﺳـﺒــﺐ اﻷﺣـ ــﺰان« اﳌـﺘـﻤــﺎﺛــﻞ ﻣﻊ اﳌ ـﺜــﻞ اﻟ ـﻔــﺮﻧ ـﺴــﻲ» :ﻓ ـﺘــﺶ ﻋ ــﻦ اﳌ ـ ــﺮأة«، وﻳ ـﻘ ـﻴ ـﻨ ــﴼ ،رﻏـ ــﻢ أن اﻟ ـﺸ ـﻴ ــﺦ ﻟ ــﻢ ﻳـﻄـﻠــﻊ ﻋـﻠــﻰ اﻟـﻔــﺮﻧـﺴـﻴــﺔ وﻻ اﻟـﻌــﺮﺑـﻴــﺔ وﻟﻜﻨﻪ ﺑﻮﻋﻲ وإﻟﻬﺎم وﻟﻐﺔ ﻏﻴﺮ ﻟﻐﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻳﺴﺘﺒﺼﺮ ﻋﺎﳌﻨﺎ ﺑﺤﻜﻤﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. وﻳﺒﺤﺚ اﳌﺤﻠﻞ اﻟﺸﺎب ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎﻋﺎت اﻟــﻼﺷـﻌــﻮرﻳــﺔ ﻓــﻲ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ّ ﺗﻮﺣﺪ ﺑﺎﳌﻌﺘﺪي، ﺷﻮﻗﻲ اﻟﺸﺎب اﻟﺬي ﻓــﺄﺻـﺒــﺢ ﻋــﺪواﻧـﻴــﺎ واﻧـﺘـﻬــﺎزﻳــﺎ ،وذاب ﻓـ ــﻲ اﻟـ ـﺠـ ـﻤ ــﺎﻋ ــﺔ اﻟ ـ ـﺘـ ــﻲ اﻧـ ـﺘـ ـﻤ ــﻰ إﻟ ـﻴ ـﻬــﺎ ﻓـ ـﻀ ــﺎﻋ ــﺖ ﻫـ ــﻮﻳ ـ ـﺘـ ــﻪ ،وﻛ ـ ــﺬﻟ ـ ــﻚ ﻋ ـﺒ ــﺎس )اﻟـ ـ ـﺠ ـ ــﻼد( اﻟـ ـ ــﺬي أﺻـ ـﻴ ــﺐ ﺑــﺎﻟ ـﺠ ـﻨــﻮن ﺣـ ـﺘ ــﻰ ﺑ ـ ــﺪأ ﻳ ــﺄﻛ ــﻞ ﻟ ـﺤ ــﻢ ذراﻋ ـ ـ ــﻪ ﺑـﻌــﺪ ﻣــﺮﺣ ـﻠــﺔ اﻹدﻣـ ـ ــﺎن وﺗـ ــﺮك اﻟ ـﺨــﺪﻣــﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻃﺔ ،وذﻟــﻚ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ »اﻟﻌﺴﻜﺮي ً اﻷﺳ ـ ــﻮد« ﻟـﻴــﻮﺳــﻒ إدرﻳ ـ ــﺲ ،ﻣﺘﻤﺜﻼ ﻧ ـﻈــﺮﻳــﺔ ﻻﻛ ـ ــﺎن ﻋ ــﻦ اﻷﺻ ـ ــﻞ اﻟـﺨـﻴــﺎﻟــﻲ ّ اﳌﻮﺟﻪ ﻟﻠﻌﺪواﻧﻴﺔ ،ﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﻌﺪوان ﻧﺤﻮ اﻟﺬات. وﻳـ ـﻘ ــﺮأ ﻋ ـﺒــﺪاﻟ ـﻐ ـﻨــﻲ ﻓ ــﻲ أﺣـ ــﺪ أﻋ ـﻤ ــﺎل ﺧـ ـﻴ ــﺮي ﺷ ـﻠ ـﺒ ــﻲ »اﻟ ـ ــﻮﺗ ـ ــﺪ« ﺷـﺨـﺼـﻴــﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻷم اﳌﺼﺮﻳﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻟﻸﺳﺮة
واﳌ ـ ـﺘ ـ ـﻤـ ــﺮﺳـ ــﺔ ﻓ ـ ــﻲ اﻟـ ـ ـﻌ ـ ــﻼج اﻟ ـﻨ ـﻔ ـﺴ ــﻲ ﻟﺨﺒﺮﺗﻬﺎ ﺑــﺎﳌــﺮأة اﻟــﺮﻳـﻔـﻴــﺔ اﻷﺻـﻴـﻠــﺔ، ﻓﺘﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﺷﻬﺮزاد ﺗﻌﺎﻟﺞ زوﺟﺎت أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﻜﻲ ،وﺗﻠﻌﺐ دور اﻟﻮﺗﺪ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺮﻳﻒ اﳌﺼﺮي .ﻓﻲ »ﻋﺘﺒﺎت اﻟـ ـﺒـ ـﻬـ ـﺠ ــﺔ« ﻹﺑـ ــﺮاﻫ ـ ـﻴـ ــﻢ ﻋ ـﺒ ــﺪاﳌ ـﺠ ـﻴ ــﺪ، ﻳـ ـﻌـ ـﺜ ــﺮ اﻟ ـ ـﻜـ ــﺎﺗـ ــﺐ ﻋـ ـﻠ ــﻰ أﺣ ـ ـﻤـ ــﺪ اﻟ ـ ــﺬي أﺻــﺎﺑـﺘــﻪ أزﻣ ــﺔ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟـﻌـﻤــﺮ وﻫــﻮ ﻋ ـﻠــﻰ ﻣـ ـﺸ ــﺎرف اﻟ ـﺴ ـﺘــﲔ ﻓ ـﻴ ـﻌــﺎﻧــﻲ ﻣﻦ أﻋﺮاﺿﻬﺎ ،وزوﺟﺘﻪ دﻧﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﺧﺎﻧﺖ زوﺟﻬﺎ ﻓﻜﺎن ﺟﺰاؤﻫﺎ اﻻﻧﺘﺤﺎر ،وﻗﺪ ﻧﻔﺬﺗﻪ ﻟﺮﻏﺒﺔ أﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﻻﺷﻌﻮره ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﻔﺤﻞ ﻣﺮﺿﻪ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ وأﺻﺒﺢ ﻣــﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن ﻳﺠﻤﻊ ﺑــﲔ اﻟﻌﻘﺎﻗﻴﺮ اﳌﻨﺸﻄﺔ واﻟﻌﻘﺎﻗﻴﺮ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻌﻼج اﻟﻘﻠﺐ. وﻳ ـﻌ ــﺮﻓ ـﻨ ــﺎ ﺑ ـﺨ ـﻠ ـﻴــﻞ ﺑ ـﻄ ــﻞ »ﺣ ـﺠ ــﺮﺗ ــﺎن وﺻــﺎﻟــﺔ« ﻹﺑــﺮاﻫـﻴــﻢ أﺻ ــﻼن وﻗ ــﺪ ﺑﻠﻎ ﺳ ــﻦ اﳌ ـ ـﻌـ ــﺎش ،وﻗـ ــﺪ ﺗ ــﻮﻓ ـﻴ ــﺖ زوﺟ ـﺘ ــﻪ إﺣ ـﺴــﺎن وﺗــﺮﻛ ـﺘــﻪ وﺣ ـﻴ ــﺪﴽ ،ﻓــﻲ ﻋــﺮض ﻟﺤﻴﺎة اﳌﺴﻨﲔ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﳌﺘﻮﺳﻄﺔ وﻟﻬﻤﻮﻣﻬﻢ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ وﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺗﻐﻠﺒﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻻت ﻓﻘﺪان اﻷﺣﺒﺔ واﻷﻫﻞ . وﻳ ــﺬﻫ ــﺐ إﻟ ــﻰ ﻋــﺎﻟــﻢ رﺿـ ــﻮى ﻋــﺎﺷــﻮر اﻟ ـ ـ ـ ـ ــﺮواﺋ ـ ـ ـ ـ ــﻲ ﻣـ ـ ـ ــﻦ ﺧ ـ ـ ـ ـ ــﻼل »ﺧ ـ ــﺪﻳـ ـ ـﺠ ـ ــﺔ وﺳ ــﻮﺳ ــﻦ« اﻷم اﳌـﺘـﺴـﻠـﻄــﺔ واﺑـﻨـﺘـﻬــﺎ اﳌـﺘـﻤــﺮدة ،ﻓــﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋــﻦ اﻟـﺠــﺪل ﺑﲔ اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺘﻤﺮد ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻬﺎ اﻷوﻟﻲ، ﺣـﻴــﺚ ﺧــﺪﻳـﺠــﺔ اﳌـﺤـﺒـﻄــﺔ واﳌ ـﻘ ـﻬــﻮرة، اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺠﺄ إﻟــﻰ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﺑــﺎﻷم واﻷب ﻓﻲ ﺗﺴﻠﻄﻬﻤﺎ ﻟﻜﻲ ﺗﻤﺮ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﺑﺴﻼم
د .ﺑﺎﺳﻢ ﻋﺒﻮد
ﻻﻳـ ـ ــﺰال ﺑ ـﻌــﺾ اﻟ ــﺪارﺳ ــﲔ ﺣ ـﺘ ــﻰ اﻵن ﻳ ـﻨ ـﻈ ــﺮ إﻟ ــﻰ اﻟـ ـﺸـ ـﻌ ــﺮ اﻟـ ـﻌ ــﺎﻣ ــﻲ أو اﻟ ـﺸ ـﻌ ـﺒ ــﻲ ﻧ ـﻈــﺮة ﻗـ ـ ـ ــﺎﺻـ ـ ـ ــﺮة ،إﻣ ـ ــﺎ ﻣـ ـ ــﻦ ﺑـ ـ ـ ــﺎب ﻋـ ــﺪم اﻻﻋـ ـ ـ ـ ـﺘ ـ ـ ـ ــﺮاف ﺑ ــﻪ ﻛ ـ ـ ـﻠـ ـ ــﻮن أدﺑـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ ،أو أﻧــﻪ ﻓــﻲ أﻓﻀﻞ اﻷﺣ ــﻮال ﻛــﺄدب ﻣــﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،رﻏﻢ أن ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ اﻋﺘﺮﻓﺖ ﺑـ ــﻪ وﻋـ ــﺪﺗـ ــﻪ أدﺑ ـ ـ ــﺎ ﺷـ ـﻔ ــﺎﻫ ـﻴ ــﺎ ،ﻟـ ــﻪ ﻗ ــﻮاﻧ ـﻴ ـﻨ ــﻪ وﺿﻮاﺑﻄﻪ. وﻳﺘﻤﻴﺰ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﺨﻮاص ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ إﻧﺘﺎﺟﻪ وﺗﻠﻘﻴﻪ ،ﻓﻔﻴﻪ ﻳﻜﻮن اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﻠﻔﻈﻴﺔ أي ﻗ ــﺮاءة اﳌـﻔــﺮدة ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺒﻨﺎﺋﻴﺔ، ذﻟــﻚ أن اﻟـﺸـﻌــﺮاء اﻟﺸﻌﺒﻴﲔ وﻏــﺎﻟـﺒــﺎ ﺗﻜﻮن أﺻــﻮﻟ ـﻬــﻢ ﻣــﻦ ﺧ ــﺎرج اﻟـﻌــﺎﺻـﻤــﺔ ﻳـﺤــﺎوﻟــﻮن ﻗــﺪر اﻹﻣ ـﻜــﺎن اﻟﺘﺸﺒﺚ ﺑﻤﻌﺠﻤﻬﻢ اﻟﻠﻐﻮي اﻟﺬي ﻳﺮاﻓﻘﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﻳﺔ أو اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﻨﺎﺋﻴﺔ، ﻓﺎﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻐﻮص ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻪ اﻟﻄﻔﻮﻟﻴﺔ أو اﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﺑﺎﺣﺜﴼ ﻋﻦ ﻣﻔﺮدة ﻧﻘﻴﺔ ﻧﻘﺎء ﻫﻮاء اﻟﺮﻳﻒ ﻟﻢ ﺗﻠﻮﺛﻬﺎ ﻋﻮادم ﺳﻴﺎرات اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ، ﻏﻴﺮ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻠﺬذﴽ ﺑﻘﺮاءة اﻟ ـ ـﻨـ ــﺺ ﻛ ـﻔ ـﻌ ــﻞ ﺻـ ــﻮﺗـ ــﻲ أداﺋـ ـ ـ ـ ــﻲ ،ﻛـ ـﻤ ــﺎ أن اﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟــﺬي ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﺻﻮﺗﻪ ﻓــﻲ ذﻫـﻨــﻪ ﻗﺒﻞ ﻗ ــﺮاءة ﻧـﺼــﻪ ،إﻧــﻪ أﻗ ــﺮب إﻟﻰ ﻣﻐﻦ ،وﻫﺬه ﻫﻲ وﻇﻴﻔﺔ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺘﻲ اﻧﻄﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ،وﺿﺎﻋﺖ ﺧﻄﻮات ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻌﺮاء ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪروب. ﻳ ـﻘ ــﺎﺑ ـﻠ ــﻪ اﻟـ ـﺸ ــﺎﻋ ــﺮ اﳌـ ـﻌ ــﺎﺻ ــﺮ اﻟ ـ ـ ــﺬي ﻳـﻬـﺘــﻢ ﺑﻬﻨﺪﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻔﻜﺮة ،وﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻨﻲ ﺑــﺈﻳـﺼــﺎل ﻧـﺘــﺎﺟــﻪ اﻟـﺸـﻌــﺮي ﺑﺼﻮﺗﻪ اﻟــﻰ ﺟﻤﻬﻮره ،وﻣــﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺠﺪ اﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻤﻬﻮر أﻋﺮض، ﻓـﻬــﻮ ﻻ ﻳـﺤـﺘــﺎج اﻟ ــﻰ ﺛـﻘــﺎﻓــﺔ ﺗـﻌـﻠـﻴـﻤـﻴــﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧــﻪ ﻳﺨﺎﻃﺐ ﺟﻤﻬﻮره ﺑﻠﻐﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﺻــﻮره اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ إﻟــﻰ ذﻫﻨﻪ ﻻ ﻳﺒﺬل اﳌﺘﻠﻘﻲ ﻋﻨﺎء ﻛﺒﻴﺮا ﻹدراﻛﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﻄﺮاﻓﺔ واﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﻼﻣﺲ ﺷ ـﻐ ــﺎف اﻟ ـﻘ ـﻠــﺐ ،واﻟ ـﺘ ــﻲ ﺗ ــﺄﺗ ــﻲ إﻟ ــﻰ اﻟـﺸـﻌــﺮ ﻟـﻠـﺘــﺮوﻳــﺢ ﻋــﻦ أﻋ ـﺒــﺎء ورﺗــﺎﺑــﺔ اﻟ ـﺤ ـﻴــﺎة ،وﻫــﺬا ﻫﻮ ﺣﺎل اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺨﺎﻃﺐ ﺟﻤﻬﻮره ﺑﻠﻐﺘﻪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺤﺪث اﻻﻧﻔﺼﺎل ﺑﲔ اﻟﺸﺎﻋﺮ واﳌﺘﻠﻘﻲ.
basim٣٤٨@yahoo.com
14
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
رﺣــﻼت
ﺳﻮاﻛﻦ
ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺴﻤﻦ واﻟﻌﺴﻞ
ﻣﺴﺠﺪ اﻹﻣﺎم اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ
ﻓﻴﺼﻞ ﺣﻀﺮة ْ َ ﻮاﻛﻦ ﻓﻲ وﻻﻳﺔ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ ﺗﻌﺪ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳ ِ ّأم اﳌﺪاﺋﻦ اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ وأﻗﺪﻣﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺰﻳﺮة ﺛﻢ ّ ﺗﻮﺳﻌﺖ ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻣﺪﻳﻨﺔ، ّ ٌ ّ ُ ّ وﻻﻳﻌﺮف ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺤﺪد ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻓﻴﻪ ،وﻟﻜﻦ ّ ّ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﻫﺪ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺄﻫﻮﻟﺔ ﻣﻨﺬ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﻮﻏﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺪم، واﺷﺘﻬﺮت ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮر اﻹﺳﻼم ،ﻛﻤﻨﻔﺬ ﺗﺠﺎري ﳌﻤﺎﻟﻚ اﻟﺴﻮدان اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻣﻴﻨﺎء إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻷول ﻟﻠﺤﺠﻴﺞ ،وﻗﺪ ﻃﻠﺒﺖ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﺛﺎر واﳌﺘﺎﺣﻒ اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻴﻮﻧﻴﺴﻜﻮ ﺿﻢ ﺳﻮاﻛﻦ اﻷﺛﺮﻳﺔ إﻟﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﳌﻮاﻗﻊ اﻷﺛﺮﻳﺔ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ واﺣﺪة ﻣﻦ اﳌﻮاﻗﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ّ اﳌﻬﻤﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻧﺎﻟﺖ ﺷﻬﺮﺗﻬﺎ ﻛﻤﻴﻨﺎء ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻮاﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻬﻨﺪ وﻣﻨﻄﻘﺔ اﳌﺤﻴﻂ اﻟﻬﺎدي، وﻳﺠﺮي ﺗﺮﻣﻴﻢ اﻟﺒﻠﺪة اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺪاﻋﻰ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد ،وذﻟﻚ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺟﻬﻮد رﺳﻤﻴﺔ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ،ﻛﻲ ﺗﻌﻮد اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺳﻴﺮﺗﻬﺎ اﻷوﻟﻰ.
ﺗـﻘــﻊ ﺳــﻮاﻛــﻦ ﻓــﻲ ﺷـﻤــﺎل ﺷ ــﺮق اﻟ ـﺴ ــﻮدان ،ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﻠﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ ﻋﻠﻰ ارﺗﻔﺎع 66 ﻣﺘﺮا ﻓــﻮق ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ وﺗﺒﻌﺪ ﻋــﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟـ ـﺨ ــﺮﻃ ــﻮم 642ﻛ ــﻢ ﻏ ــﺮﺑ ــﴼ ،وﻋـ ــﻦ ﻣ ــﺪﻳ ـﻨ ــﺔ ﺑ ــﻮر ﺗﺴﻮدان 54ﻛﻢ ،وﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻗﺮاﺑﺔ 50 أﻟ ــﻒ ﻧـﺴـﻤــﺔ ،ﻫ ــﺬا وﻗ ــﺪ ُﺑـ ِـﻨـﻴــﺖ اﳌــﺪﻳـﻨــﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻮق ﺟﺰﻳﺮة ﻣﺮﺟﺎﻧﻴﺔ ،وﺗﺤﻮﻟﺖ ﻣﻨﺎزﻟﻬﺎ اﻵن إﻟﻰ آﺛــﺎر وأﻃــﻼل ،وﻗﺪ ورد ذﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﻟ ـﻜ ـﺜ ـﻴــﺮ ﻣ ــﻦ اﻟ ــﺮﺣ ــﺎﻟ ــﺔ اﻟ ـﻌ ــﺮب واﻷﺟ ــﺎﻧ ــﺐ ﻋﻨﺪ ﻣ ــﺮورﻫ ــﻢ ﺑـﻬــﺎ ،وﻣـﻨـﻬــﻢ اﻟﻘﻠﻘﺸﻨﺪى اﻟـﻴــﺎﻗــﻮﺗــﻲ ﻋــﺎم ،1213واﻟــﺮﺣــﺎﻟــﺔ اﺑــﻦ ﺑﻄﻮﻃﺔ ﻋــﺎم ،1324 ﺣﻴﺚ وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺟﺰﻳﺮة ﻛﺒﻴﺮة ،ﻛﻤﺎ زارﻫﺎ اﻟــﺮﺣــﺎﻟــﺔ اﻟ ـﺴــﻮﻳ ـﺴــﺮي ﺑ ــﻮرﻓ ــﺎردت ﻋ ــﺎم ،1813 وﻳ ــﺆﻛ ــﺪ اﻟ ـﺒــﺎﺣ ـﺜــﻮن أﻧ ــﻪ ﻣ ــﻦ اﳌ ــﺮﺟ ــﺢ أن ﺗـﻜــﻮن ﺳ ــﻮاﻛ ــﻦ ﻣ ـﻴ ـﻨــﺎء اﻟ ــﺮﺟ ــﺎء اﻟ ـﺼ ــﺎﻟ ــﺢ ،اﻟ ـ ــﺬي ﻛــﺎن ﻳﻘﺼﺪه ﺑﻄﻠﻴﻤﻮس ،ﻷن اﻟﻮﺻﻒ اﻟــﺬي أورده ﻋ ــﻦ ذﻟ ــﻚ اﳌ ـﻴ ـﻨــﺎء اﻟ ــﻮاﻗ ــﻊ ﻋ ـﻠــﻰ اﻟ ـﺒ ـﺤــﺮ اﻷﺣ ـﻤــﺮ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋـﻠــﻰ ﺳــﻮاﻛــﻦ ،ﻣــﻦ ﺣـﻴــﺚ وﻗــﻮﻋــﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﺰﻳﺮة ﻣﺴﺘﺪﻳﺮة ،ﺣﻴﺚ ﻳﺸﻴﺮ ﺑﻌﺾ اﳌﺆرﺧﲔ إﻟ ـ ــﻰ ﺗـ ــﺰاﻣـ ــﻦ اﻛـ ـﺘـ ـﺸ ــﺎف ﺳـ ــﻮاﻛـ ــﻦ ﻣـ ــﻊ اﻟ ـﻨ ـﺸ ــﺎط اﻟﺒﺤﺮي واﻟﺘﺠﺎري اﻟﺬي ﻣﺎرﺳﻪ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻮن و اﻟﺒﻄﺎﻟﺴﺔ ّإﺑﺎن اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺒﻄﻠﻤﻲ. وﺗ ــﺆﻛ ــﺪ ﻣ ــﺮاﺟ ــﻊ أﺧـ ــﺮى ﻋــﺮﺑـﻴــﺔ ﻗــﺪﻳـﻤــﺔ إﻟ ــﻰ أن ﺳــﻮاﻛــﻦ اﺳﺘﻘﺒﻠﺖ أﻓــﻮاﺟــﺎ ﻣــﻦ اﻷﺳ ــﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺧـ ــﻼل اﻟ ـﻘ ــﺮﻧ ــﲔ اﻟ ـﺘ ــﺎﺳــﻊ واﻟ ـﻌ ــﺎﺷ ــﺮ واﻟـ ـﺤ ــﺎدي ﻋﺸﺮ ﺑﻐﺮض اﻻﺳـﺘـﻘــﺮار ﻓﻴﻬﺎ ،وﻗــﺪ ﻣﺮﻋﺒﺮﻫﺎ ﺑﻌﺾ أﻓــﺮاد أﺳــﺮة ﺑﻨﻲ أﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻗﺮﻳﺶ اﳌﺘﺠﻬﲔ إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻫﺮﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﲔ ﺑﻌﺪ ﻣﻘﺘﻞ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻷﻣــﻮي ﻣــﺮوان ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻨﺔ 750ﻣ ـﻴ ــﻼدﻳ ــﺔ .ﻓ ـﻘــﺪ ذﻛ ــﺮ اﳌ ـﻘ ــﺮﻳ ــﺰي ﻓ ــﻲ ﻛـﺘــﺎب »اﳌ ــﻮاﻋ ــﻆ واﻻﻋ ـﺘ ـﺒ ــﺎر ﺑــﺬﻛــﺮ اﻟـﺨـﻄــﻂ واﻵﺛـ ــﺎر«
أن ﺛﻤﺔ ﻃﺮﻳﻘﴼ ﻣــﻦ اﻟﻨﻴﻞ إﻟــﻰ ﺳــﻮاﻛــﻦ وﺑﺎﺿﻊ ودﻫـ ـﻠ ــﻚ وﻏ ـﻴ ــﺮﻫ ــﺎ ﻣ ــﻦ ﺟ ــﺰاﺋ ــﺮ اﻟ ـﺒ ـﺤــﺮ اﻷﺣ ـﻤــﺮ ﻧﺠﺎ ﻣﻨﻪ ﺑﻨﻮ أﻣﻴﺔ اﻟﻬﺎرﺑﻮن ﻋﻨﺪﻣﺎ ّ ﺟﺪ أﺗﺒﺎع اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﲔ ﻓــﻲ ﻣــﻼﺣـﻘـﺘـﻬــﻢ« ،وﻛــﺎﻧــﺖ ﺳــﻮاﻛــﻦ ُ ﺗ ـ ـ َـﻤ ـ ـ ﱢـﻮن ﺑ ـ ــﻼد اﻟـ ـﺤـ ـﺠ ــﺎز ﺑ ــﺎﻟ ـﺤ ـﺒ ــﻮب واﻟ ـﻠ ـﺤ ــﻮم واﻟﺴﻤﻦ واﻟﻌﺴﻞ.
ﻣﺪ وﺟﺰر ّ أﺻ ـﺒ ـﺤــﺖ ﻣ ـﻴ ـﻨــﺎء اﻟ ـ ـﺴـ ــﻮدان اﻷول واﺷ ـﺘ ـﻬــﺮت وازدﻫ ــﺮت ،إﻻ أن اﻟﺤﺎل ّ ﺗﻐﻴﺮت ﺑﻌﺪ اﻛﺘﺸﺎف ﻃﺮﻳﻖ رأس اﻟﺮﺟﺎء اﻟﺼﺎﻟﺢ ،وﺑﻈﻬﻮر اﻷﺗﺮاك
J ﻣﺄﻫﻮﻟﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم واﺷﺘﻬﺮت ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮر اaﺳﻼم وﻣﻘﺮ ّ ﺟﻦ ﻣﻼذ ا$ﻣﻮﻳﻴﻦ ّ اﻟﻨﺒﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﻫﻨﺪﻳﺔ وﺗﻌﻨﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء
اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﲔ وﺑﺴﻂ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮﻳﻂ اﻟﺴﺎﺣﻠﻲ ﻟﻠﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ ،ﻏﺰا اﻟﺴﻠﻄﺎن ﺳﻠﻴﻢ اﻷول ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﻮاﻛﻦ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ،1517ﻓﺘﺪﻫﻮرت أﺣ ــﻮاﻟـ ـﻬ ــﺎ ﺑ ـﺴ ـﺒ ــﺐ ﺳ ـﻴ ــﺎﺳ ــﺔ اﻟ ـﺘ ـﻀ ـﻴ ـﻴــﻖ اﻟ ـﺘــﻲ ﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﻮن ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﺎر اﻷوروﺑـﻴــﲔ ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻃﻬﻢ اﻟﺘﺠﺎري ﻋﺒﺮ ﻃ ــﺮﻳ ــﻖ اﻟ ـﺒ ـﺤــﺮ اﻷﺣ ـﻤ ــﺮ ﻓ ــﻲ ﻣ ـﺤ ــﺎوﻟ ــﺔ ﳌـﺤــﺎرﺑــﺔ اﻷﻃﻤﺎع اﻷورﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﻨﻄﻘﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﻗﺎﻋﺪة ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﻠﺤﻤﻠﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻤﻦ، وﺑــﻮﺻــﻮل أﺳــﺮة ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ إﻟــﻰ ﺳــﺪة اﻟﺤﻜﻢ ﻓــﻲ ﻣـﺼــﺮ دﺧ ـﻠــﺖ ﺳــﻮاﻛــﻦ ﻣــﺮﺣـﻠــﺔ ﺟــﺪﻳــﺪة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ،وﺻﺎرت ﻣﺤﻞ ﻧﺰاع ﺑﲔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﲔ واﳌ ـﺼ ــﺮﻳ ــﲔ ،اﻟ ــﺬﻳ ــﻦ ﺣ ــﺎوﻟ ــﻮا ﺗ ـﻄــﻮﻳــﺮ اﳌــﺪﻳـﻨــﺔ ﻛﻤﻨﻔﺬ ﺑـﺤــﺮي ﻟ ـﻠ ـﺴــﻮدان ،وﺑـﻌــﺪ اﻓـﺘـﺘــﺎح ﻗﻨﺎة اﻟ ـﺴــﻮﻳــﺲ أﻧ ـﻌــﺶ اﻟ ـﻄــﺮﻳــﻖ اﻟ ـﺒ ـﺤــﺮي اﳌ ــﺎر ﻋﺒﺮ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ إﻋــﺎدة اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ إﻟﻰ ﻣﻮاﻧﻲء اﳌﻨﻄﻘﺔ وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺳﻮاﻛﻦ ،وﻣﻊ اﻻﺣﺘﻼل اﻹﻧﻜﻠﻴﺰي ﳌﺼﺮ، وﺗـ ـﻤ ــﺪده ﻧ ـﺤــﻮ اﻟ ـ ـﺴـ ــﻮدان ،وﻣ ــﻼﻗ ــﺎﺗ ــﻪ ﻣـﻘــﺎوﻣــﺔ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺛﻮرة اﳌﻬﺪي ،ﻓﻘﺪ اﺗﺨﺬ اﻟﻠﻮرد ﻛـﺘـﺸـﻨــﺮ ﻣ ــﻦ ﺳ ــﻮاﻛ ــﻦ ﻣ ـﻘ ــﺮﴽ ﻟ ـﻘ ــﻮاﺗ ــﻪ ،وﺑ ـﻌ ــﺪ أن اﺳﺘﺘﺐ ﻟﻬﻢ اﻷﻣﺮ ﺑﺪأ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻮن ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻓﻜﺮة ﺗﺸﻴﻴﺪ ﻣﻴﻨﺎء ﺑﺤﺮي ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺴﻮدان ﺑـ ـﻌ ــﺪ أن أﺷ ـ ـ ــﺎر اﻟـ ـﺤ ــﺎﻛ ــﻢ اﻹﻧـ ـﺠـ ـﻠـ ـﻴ ــﺰي ﻟ ـﺸ ــﺮق اﻟ ـﺴــﻮدان إﻟــﻰ ﻋــﺪم ﻣــﻼء ﻣــﺔ ﺳــﻮاﻛــﻦ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻜﺒﻴﺮة. ّ ﻣﻮﺳﻤﻴﺔ ﻓــﻲ اﻟﺸﺘﺎء ﺗﻬﺐ ﻋﻠﻰ ﺳــﻮاﻛــﻦ رﻳــﺎح ّ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﻧﺴﻴﻢ ﺑ ــﺎرد وأﻣ ـﻄــﺎر ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟـﺼـﻴــﻒ ﻏـﻴــﺮ ذﻟ ــﻚ إذ ﺗﺘﻐﻴﺮ أﺣـ ــﻮال اﻟـﻄـﻘــﺲ، ﻓـ ـﺘـ ـﻜ ــﻮن أﻗ ـ ـ ـ ــﺮب إﻟ ـ ـ ــﻰ ﺟـ ـ ــﻮ اﳌ ـ ـﺤ ـ ـﻴـ ــﻂ اﻟـ ـﻬـ ـﻨ ــﺪي اﻟ ـﺼـﻴ ـﻔــﻲ اﻟ ـﺤ ــﺎر اﳌ ـﺸ ـﺒــﻊ ﺑ ــﺎﻟ ــﺮﻃ ــﻮﺑ ــﺔ ،وﺗ ـﻜــﻮن
رﺣــﻼت
15
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
ﺑﻮاﺑﺔ ﺳﻮاﻛﻦ
أﺣﺪ ﻣﺪاﺧﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺠﻦ!
ﻟﻘﻄﺔ أﺛﺮﻳﺔ ﻧﺎدرة ﳌﺪﻳﻨﺔ ﺳﻮاﻛﻦ
ﺳﻮاﻛﻦ ّ ﺗﻬﺐ ﻣﻦ اﻟــﺮﻳــﺎح ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﻌﻮاﺻﻒ ﺗﺮاﺑﻴﺔ اﻟﺼﺤﺮاء.
إﻟ ــﻰ اﳌ ـﻴ ـﻨــﺎء اﻟ ـﺠــﺪﻳــﺪ ﻓ ــﻲ ﺑ ــﻮر ﺗـ ـﺴ ــﻮدان اﻟ ــﺬي ﺷﻴﺪه اﳌﺴﺘﻌﻤﺮ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ.
أﺳﻄﻮرة اﻟﺠﻦ
ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ
آت ﻣﻦ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﻌﺾ اﳌﺆرﺧﲔ أن اﺳــﻢ ّ اﳌﺪﻳﻨﺔ ٍ دﻻﻻت ﺟﺬرﻫﺎ اﻟﻠﻐﻮي ،اﻟﺬي ﻳﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻜﻨﻰ واﻹﻗــﺎﻣــﺔ» :ﺳـﻜــﻦ -ﻳﺴﻜﻦ – ﺳــﺎﻛــﻦ -ﺳــﻮاﻛــﻦ« ﺑ ـﻤ ـﻌ ـﻨــﻰ اﻟ ـ ـﻬـ ــﺪوء اﻟ ـﺼ ــﺎﻟ ــﺢ ﻟ ــﻺﻗ ــﺎﻣ ــﺔ ،وﻫ ـﻨ ــﺎك ﻣ ــﻦ ﻳ ــﺮى أن اﻻﺳـ ــﻢ ﻣـﺸـﺘــﻖ ﻣ ــﻦ ﻛـﻠـﻤــﺔ اﻟ ـﺴــﻮق، وﻳــﺪﻋــﻢ ﻫــﺬا اﻟ ــﺮأي ﺑــﺎﻻﺳــﻢ اﻟــﺬي ﻳﻄﻠﻘﻪ اﻟﺒﺠﺎ ﻋـﻠــﻰ ﺳــﻮاﻛــﻦ وﻫ ــﻮ )أوﺳـ ــﻮك( وﻣـﻌـﻨــﺎه ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟ ـﺒ ـﺠــﺎوﻳــﺔ اﻟـ ـﺴ ــﻮق ،و ﻳ ـﻘ ــﻮل اﻟ ـﺒــﺎﺣــﺚ ﻣﺤﻤﺪ ﻧـ ــﻮر ﻫـ ـ ـ ّـﺪاب إن اﻟ ـﻜ ـﻠ ـﻤــﺔ ﻫـﺠـﻴـﻨــﺔ ﻣ ــﻦ اﻟـﻬـﻨــﺪﻳــﺔ واﻟﺒﺠﺎوﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻫﺐ اﳌﺆرخ اﳌﺼﺮي اﻟﺸﺎﻃﺮ ﺑﻮﺻﻴﻠﻲ ،إﻟــﻰ أن ﺳــﻮاﻛــﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﻫﻨﺪﻳﺔ ﺗﻌﻨﻲ اﳌ ــﺪﻳـ ـﻨ ــﺔ اﻟ ـﺒ ـﻴ ـﻀ ــﺎء أو ﻣ ــﺪﻳ ـﻨ ــﺔ اﻷﻣ ـ ـ ـ ــﺎن ،ﺣـﻴــﺚ ُ ﺷ ّﻴﺪت ﻣﺒﺎﻧﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ اﳌﺮﺟﺎﻧﻴﺔ واﻟﺠﻴﺮ ّ اﻷﺑ ـﻴــﺾ ،ﻓـﻬــﻲ ﺑ ــﺮ اﻟـﺴــﻼﻣــﺔ ﻷﻧـﻬــﺎ أول ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗـﺼــﻞ إﻟـﻴـﻬــﺎ اﻟـﺴـﻔــﻦ ﻋـﻨــﺪ ﻗــﺪوﻣـﻬــﺎ ﻣــﻦ اﻟـﺸــﺮق اﻷوﺳ ـ ـ ــﻂ، ،وﻳ ـ ـ ــﻼزم اﻻﺳ ـ ــﻢ ﺑ ـﻌــﺾ اﻷﺳ ــﺎﻃ ـﻴ ــﺮ، وﻗﻴﻞ إن اﺳــﻢ ﺳــﻮاﺟــﻦ ﻳﺮﺟﻊ إﻟــﻰ ﻋﻬﺪ اﻟﻨﺒﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﺴﺠﻦ ﻓﻴﻬﺎ اﻟ ـﺠ ــﻦ وﺣـ ــﺮف إﻟ ــﻰ ﺳ ــﻮاﻛ ــﻦ ،وﻳ ـﻘ ــﺎل إن اﻟـﺠــﻦ ّ وﺗﻌﺪ ّأول ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺎزال ﻣﻮﺟﻮدا وﻟﻜﻨﻪ ﻣﺴﺎﻟﻢ، ﺳــﻮداﻧ ـﻴــﺔ ﻋ ـﻤــﺮت ﺑــﺎﳌـﺒــﺎﻧــﻲ اﻟـﻌــﺎﻟـﻴــﺔ واﳌـﺒــﺎﻧــﻲ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻗﺼﻮرﻫﺎ اﻟﺸﺎﻣﺨﺔ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﳌﻨﻄﻘﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﺠﺎرة واﳌﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣـﻤــﺮ واﻟـﺸــﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﻠﻪ ،وﺗﺮاﺟﻊ دور ﺳﻮاﻛﻦ ﻛﻤﻴﻨﺎء ﺗﺠﺎري ﺑﺤﺮي ﻋﺎم ،1922 ﺣﻴﺚ ﻏﺎدرت آﺧﺮ ﺷﺮﻛﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻣﻴﻨﺎء ﺳﻮاﻛﻦ
ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1991اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ ﻣـﻴـﻨــﺎء »ﻋ ـﺜ ـﻤــﺎن دﻗ ـﻨ ــﺔ« ،ﻧـﺴـﺒــﺔ إﻟ ــﻰ أﺣ ــﺪ ﻗ ــﺎدة اﻟ ـ ـﺜـ ــﻮرة اﳌ ـﻬ ــﺪﻳ ــﺔ ﻓ ــﻲ ﺷ ـ ــﺮق اﻟـ ـ ـﺴ ـ ــﻮدان ،وذﻟ ــﻚ ﻟ ـﺨــﺪﻣــﺎت اﻟ ـﻨ ـﻘــﻞ ،وﻫـ ــﺬا ﻣ ــﺎ أﻋـ ــﺎد اﻟ ـﺤ ـﻴــﺎة إﻟــﻰ ﺳﻮاﻛﻦ ﻣﺠﺪدﴽ ،ﻛﻤﺎ أن ﻗﺮب ﻣﻄﺎر ﺑﻮر ﺗﺴﻮدان ّ ﻣــﻦ اﳌــﺪﻳ ـﻨــﺔ ﻧــﺸــﻂ ﺣــﺮﻛــﺔ اﻟـﺴـﻴــﺮ واﳌ ــﻮاﺻ ــﻼت ﺑ ـ ــﲔ ﺳ ـ ــﻮاﻛ ـ ــﻦ وﺑـ ـ ــﻮرﺗ ـ ـ ـﺴـ ـ ــﻮدان ،ﺣـ ـﻴ ــﺚ ﺗـﺴـﻴــﺮ ﺣــﺎﻓــﻼت ﻳــﻮﻣـﻴــﺔ ﺗــﺮﺑــﻂ اﳌــﺪﻳـﻨـﺘــﲔ ﻣــﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻧــﻮاع واﻷﺣﺠﺎم ،وﻟﻬﺬا ﻳﻤﻜﻦ زﻳــﺎرة ﺳﻮاﻛﻦ واﻟـﻌــﻮدة ﻓﻲ اﻟﻴﻮم ﻧﻔﺴﻪ ،وﻫﻨﺎك ﺧﻂ ﻟﻠﺴﻜﺔ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ ﺑﲔ ﺳﻮاﻛﻦ وﺑﻮرﺗﺴﻮدان ﺗﻢ ﺑﻨﺎؤه ﻓ ــﻲ ﻋ ــﺎم ،1905وﻟـﻜـﻨــﻪ ﻻ ﻳـﻌـﻤــﻞ اﻵن ،وﺑﻨﻴﺖ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺰﻳﺮة ﻣﺮﺟﺎﻧﻴﺔ ،وﻳﺤﻴﻂ ﺑ ـﻬــﺎ ﺳ ــﻮر ﻓـﺘـﺤــﺖ ﺑ ــﻪ ﺧ ـﻤــﺲ ﺑ ــﻮاﺑ ــﺎت ﳌــﺮاﻗـﺒــﺔ اﻟــﺪاﺧـﻠــﲔ واﻟـﺨــﺎرﺟــﲔ أﺷﻬﺮﻫﺎ ﺑــﻮاﺑــﺔ ﻛﺘﺸﻨﺮ »ﺷ ـ ــﺮق اﻟ ـ ـﺴـ ــﻮدان ﺣ ــﺎﻟ ـﻴ ــﺎ« ،وﻳ ــﺮﺑ ــﻂ اﻟ ـﺠــﺰﻳــﺮة ﺑــﺎﻟ ـﺴــﺎﺣــﻞ ﺟ ـﺴــﺮ ﻛ ـﻤــﺎ ﺗ ــﻮﺟ ــﺪ ﺛ ـﻤــﺎﻧ ـﻴــﺔ أﺑـ ــﺮاج ﻟﻠﻤﺮاﻗﺒﺔ ،وﺗﻤﺘﺎز ﻣﺒﺎﻧﻲ ﺳﻮاﻛﻦ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻣ ــﻦ اﻟ ـﺤ ـﺠ ــﺎرة اﳌ ــﺮﺟ ــﺎﻧ ـﻴ ــﺔ وﺑ ـﺠ ـﻤ ــﺎل اﻟ ـﻨ ـﻘــﻮش واﻟﺘﺼﻤﻴﻢ واﻟــﺰﺧــﺎرف اﻟﺨﺸﺒﻴﺔ ،وﻣــﻦ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺳ ــﻮاﻛ ــﻦ اﻟ ـﺴ ـﻴــﺎﺣ ـﻴــﺔ ﺟ ــﺰﻳ ــﺮة ﺳ ــﻮاﻛ ــﻦ وﺗ ـﻀــﻢ اﳌ ــﺪﻳ ـﻨ ــﺔ اﻷﺛـ ــﺮﻳـ ــﺔ وﺟـ ــﺰﻳـ ــﺮة اﻟ ـﺤ ـﺠ ــﺮ اﻟ ـﺼ ـﺤــﻲ وﺟﺰﻳﺮة اﻟﺮﻣﺎل ،وﺗﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ 32ﻛﻢ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻀﻢ ﺷـﻌــﺎب داﻣ ــﻮث واﳌــﺪﺧــﻞ ،وﻗ ــﺎض أﻳﺘﻮد وﺑﻴﺮﻧﺲ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺤﺼﻮن واﻟﺒﻮاﺑﺎت ،ﺣﻴﺚ ﺗﻀﻢ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻘﻴﻒ ﺑﻘﺎﻳﺎ اﻟـﺴــﻮر واﻟـﺒــﻮاﺑــﺎت
واﻟ ـﺤ ـﺼ ــﻮن وﻣ ـﻨ ـﻬــﺎ ﺑ ــﻮاﺑ ــﺔ ﻛـﺘـﺸـﻨــﺮ وﺣ ـﺼــﻮن ﻣ ـﻬ ــﺎﺟ ــﺮ وأﺑـ ـ ــﻮ اﻟ ـ ـﻬـ ــﻮل وﻃـ ــﻮﻛـ ــﺮ واﻟـ ـﺴ ــﻮداﻧ ــﻲ واﻷﻧ ـ ـﺼـ ــﺎري واﻟ ـﻴ ـﻤ ـﻨ ــﻲ ،وﻣ ـﺘ ـﺤــﻒ ﻫ ـ ــﺪاب ﻫﻮ أﻛﺒﺮ وأﺑﺮز ﻣﺘﺤﻒ ﻓﻲ ﺷﺮق اﻟﺴﻮدان ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﻮاﻛﻦ وﻗﺪ ﺗﻢ إﻧﺸﺎؤه ﺑﺠﻬﺪ ﺷﺨﺼﻲ ﻣــﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﺤﻤﺪ ﻧــﻮر ﻫ ــﺪاب وﻫــﻮ أﺣﺪ أﻋﻴﺎن ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳــﻮاﻛــﻦ ،وﻳﺤﺘﻮى اﳌﺘﺤﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﻨﻴﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺼﻮر ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﳌﺪﻳﻨﺔ ﺳﻮاﻛﻦ ،ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺻﻮر ﻋﺎﻣﺔ ،وﻗﻄﻊ أﺛﺎث وأزﻳﺎء وﻏ ـﻴ ــﺮﻫ ــﺎ ﻣ ــﻦ اﻷﻋـ ـﻤ ــﺎل اﻟ ـﻔــﻮﻟ ـﻜ ـﻠــﻮرﻳــﺔ ﻟـﺴـﻜــﺎن ﺳــﻮاﻛــﻦ وﺳـﻜــﺎن ﺷــﺮق اﻟـﺴــﻮدان ﻋﻤﻮﻣﴼ ،وﻓﻴﻪ ﻣﻘﺘﻨﻴﺎت ﻟﻸﻣﻴﺮ ﻋﺜﻤﺎن دﻗﻨﺔ أﺣﺪ ﻗﺎدة اﻟﺜﻮرة
J ﻗﺼﺪﻫﺎ ﺑﻄﻠﻴﻤﻮس واﺑﻦ ﺑﻄﻮﻃﺔ وﻛﺘﺸﻨﺮ اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ أﻣﺮت ﺑﺒﻨﺎﺋﻪ ﺷﺠﺮة اﻟﺪر ﺷﺮﻛﺔ ﺗﺮﻛﻴﺔ ﺗﻌﻴﺪ إﻋﻤﺎرﻫﺎ وﺧﺎﺻﺔ ا ﺛﺎر اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ
اﳌﻬﺪﻳﺔ ﻓــﻲ ﺷــﺮق اﻟ ـﺴــﻮدان ،وﻣــﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻟـ ّ ـﺰي اﻟ ــﺬي ﻛ ــﺎن ﻳــﺮﺗــﺪﻳــﻪ ،إﻟ ــﻰ ﺟــﺎﻧــﺐ ﺑـﻌــﺾ وﺛــﺎﺋــﻖ ﺗﻠﻚ اﳌﺮﺣﻠﺔ.
Șﻋﺎدة إﻋﻤﺎر ﻣــﻦ اﳌـﺒــﺎﻧــﻲ اﻷﺛــﺮﻳــﺔ ﻣﺒﻨﻰ اﻟ ـﺠ ـﻤــﺎرك ،واﻟـﺠــﺎﻣــﻊ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ اﻟﺬي أﻣﺮت ﺑﺒﻨﺎﺋﻪ اﳌﻠﻜﺔ ﺷﺠﺮة اﻟﺪر، واﻟـﺠــﺎﻣــﻊ اﳌـﺠـﻴــﺪي اﻟ ــﺬي أﻣــﺮ ﺑﺒﻨﺎﺋﻪ اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟـ ـﻌـ ـﺜـ ـﻤ ــﺎﻧ ــﻲ ،وﺟ ـ ــﺎﻣ ـ ــﻊ ﻣ ـﺤ ـﻤ ــﺪ ﺑ ـ ــﻚ اﻟ ـ ـﺸ ـ ـﻨـ ــﺎوي، وﺗﻨﻬﺾ ﺷﺮﻛﺔ ﺗﺮﻛﻴﺔ ﺗﺪﻓﻊ ﻟﻬﺎ أﻧﻘﺮة اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺑـ ـﺠـ ـﻬ ــﻮد إﻋ ـ ـﻤـ ــﺎر اﳌـ ــﺪﻳ ـ ـﻨـ ــﺔ ،وﺗ ـﺴ ـﺘ ـﻌ ــﲔ ﺑ ـﻌ ـﻤــﺎل ﺳﻮداﻧﻴﲔ ،وﻳﻘﻮم ﻋﻤﺎل أﺗــﺮاك ﺑﺘﺮﻣﻴﻢ أﻧﻘﺎض ـﺎن أﺛــﺮﻳــﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺒﻨﻰ اﻟـﺠـﻤــﺎرك ،وأﺧ ــﺮى ﻣﻦ ﻣ ـﺒ ـ ٍ ّ وﻳﻌﺪ ﺳﺎﺣﻞ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ، ﺑـﺸــﻮاﻃـﺌــﻪ ،ﻣـﻘـﺼــﺪا ﺷـﻬـﻴــﺮا ﻟـﻠـﺴــﻮداﻧـﻴــﲔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺨﺮﻃﻮم ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﺟﺬب اﻟﺴﻴﺎح اﻷﺟﺎﻧﺐ، ﺑ ـﺴ ـﺒ ــﺐ اﻟـ ـﺒـ ـﻴ ــﺮوﻗ ــﺮاﻃـ ـﻴ ــﺔ واﻟ ـ ـﺘ ـ ـﺸـ ـ ّـﺪد ﻓـ ــﻲ ﻣـﻨــﺢ اﻟﺘﺄﺷﻴﺮات ،وﻗﻠﺔ اﻟﻔﻨﺎدق ،وﻓﻘﺪان ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺠﺬب اﻟﺴﻴﺎﺣﻲ ،واﻟ ـﺼــﻮرة اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻋــﻦ ﺑﻠﺪ أﻧﻬﻜﺘﻪ اﻟﺤﺮوب ،وﻳﺘﺮاوح ﻋﺪد اﻟﺴﻴﺎح اﻷﺟﺎﻧﺐ اﻟﺬﻳﻦ ﻳ ـ ــﺰورون اﳌـﻨـﻄـﻘــﺔ ﻣ ــﺎ ﺑ ــﲔ 3إﻟ ــﻰ 4آﻻف ﺳــﺎﺋــﺢ ﻓﻘﻂ ،وﻫﻨﺎﻟﻚ ﺷﻮاﻃﺊ ﻧﻈﻴﻔﺔ ﻣﻦ أﺟﻤﻞ ﺷﻮاﻃﺊ اﻟـﻌــﺎﻟــﻢ ﺗﻀﻢ ﻣــﻮاﻗــﻊ ﻟﻠﻐﻄﺲ ،وﻳــﺮﻳــﺪ اﻟـﺴــﻮدان ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﺑﻌﺪ ﺧﺴﺎرﺗﻪ ﻣﻌﻈﻢ إﻧﺘﺎﺟﻪ اﻟﻨﻔﻄﻲ ﺑﻌﺪ اﻧﻔﺼﺎل اﻟﺠﻨﻮب ﻋﺎم ،2011وﻳﺄﻣﻞ أن ﺗﺼﻞ ﻋﺎﺋﺪات اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ إﻟﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺮى اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ أن ﺗﻨﻬﺾ اﳌــﺪﻳـﻨــﺔ ﻣــﻦ ﺟــﺪﻳــﺪ ،وﻟ ـﺴــﺎن ﺣــﺎﻟــﻪ ﻳ ـ ّ ـﺮدد ﺑﻜﺎﺋﻴﺔ ﺳﻮاﻛﻦ ﻹدرﻳﺲ اﻷﻣﻴﺮ »ﺻﺐ دﻣﻌﻲ وأﻧﺎ ﻗﻠﺒﻲ ﺳﺎﻛﻦ ..ﺣﺎر ﻓﺮاﻗﻚ ﻧﺎري ﻳﺎ ﺳﻮاﻛﻦ« .
qqﺑــﻼﺑـﻞ ﺟﻤﻴﻞ أن ﻳﻜﻮن ﺗﻮﻳﺘﺮ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻟﺘﻼﻗﻲ ا ﻓﻜﺎر واﻟﺘﺜﺎﻗﻒ وﺗﺒﺎدل اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ،وﻻ ﻳﺘﻢ ذﻟﻚ إﻻ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻄﻴﺒﺔ واﻟﺴﻠﻮك اﻟﺤﻀﺎري ﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺘﻮاﺻﻞ. د.أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪاﻟﻤﻠﻚ )رواﺋﻲ ﻗﻄﺮي( أﺗﺼﻮر أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﻴﺪ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻋﺒﺪا Fاﻟﺴﻤﻄﻲ )ﺷﺎﻋﺮ ﻣﺼﺮي( أﻳﻬﺎ اﻟﻘﺎﺗﻞ إﻧﻚ ﺗﺘﺄﻟﻖ ﺗﺤﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﺑﻠﻤﻌﺔ اﻟﺤﻘﺪ ﻓﻲ َ ﻋﻴﻨﻴﻚ وإﺷﺮاﻗﺔ اﻟﺪم ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻚ ﺷﺎﻛﺮ ﻟﻌﻴﺒﻲ )ﺷﺎﻋﺮ وﻧﺎﻗﺪ ﻋﺮاﻗﻲ( ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪاﻟﻨﺎﺻﺮ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﺣﺎﺿﺮة ﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ ﺟﻤﺎل ﺳﻠﻴﻤﺎن )ﻣﻤﺜﻞ ﺳﻮري( ﻋﺎزف ﻋﻦ اﻟﻘﺮاءة
16
إﻟﻰ اﻟﻠﻘـــﺎء
اﻷﺣﺪ 2ﻣﺎرس / 2014اﻟﻌﺪد - 18اﻟﺴﻨﺔ 1
qqأوراق اﻟﺒﻨﻔﺴـﺞ
اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻘﻄﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺪوﺣﺔ -ﻃﻪ ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ
ﺑﻘﻴﺔ اﻟﺴﻨﻴﻦ دﻻل ﺧﻠﻴﻔﺔ
ﻛ ـﻨــﺖ أﺗ ــﺬﻛ ــﺮ ذﻟـ ــﻚ اﻟ ــﻮﻋ ــﺪ اﻟ ـﻘ ــﺪﻳ ــﻢ ﻟــﺬﻟــﻚ اﻹﻧ ـ ـﺴ ـ ــﺎن ﻛ ـﻠ ـﻤ ــﺎ ﻣـ ـ ــﺮت ﺑ ـﻀ ـﻌ ــﺔ أﻋـ ـ ــﻮام ﻓــﺄﺳـﺘــﺎء ﻷﻧ ــﻲ ﺗﻘﺎﻋﺴﺖ ﻓــﻲ اﻻﺗـﺼــﺎل ﺑﻪ ﻟﺴﺆاﻟﻪ ﻣﺎذا أراد ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﳌﻨﺎﺳﺐ؟ وأﺷ ـﻌــﺮ ﺑــﺎﻷﺳــﻰ ﻷﻧ ــﻲ ﺧــﺬﻟـﺘــﻪ وﻟــﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺑ ــﺄن اﻷﻣ ــﺮ ﻗــﺪ اﻟـﺘـﺒــﺲ ّ ﻋﻠﻲ وﻧﺴﻴﺖ ﻣﺎ ﻗﺎل ..وﺻﺪﻳﻘﺘﻲ ﺗﻠﻚ ﻋ ــﺪت ﻻ أﻋ ــﺮف ﻟـﻬــﺎ ﻋ ـﻨــﻮاﻧــﴼ ﻷﻧﻬﺎ ﻏ ـﻴ ــﺮت ﺳـﻜـﻨـﻬــﺎ ,وﻻ أﻋـ ــﺮف ﻣ ــﻦ ﺛﻢ ﻛﻴﻒ أﺗﺼﻞ ﺑﻪ ﻷﺳﺄﻟﻪ. ﺗﺬﻛﺮﺗﻪ ﻣﻨﺬ ﻣــﺪة ودﻫﺸﺖ أﻧــﻪ ﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﻋﺸﺮون ﻋﺎﻣﴼ ﻋﻠﻰ اﻷﻗــﻞ, وﺗــﺬﻛــﺮت ﻓﺠﺄة أﻧﻨﻲ أﺳﺘﻄﻴﻊ ً اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻹﻧـﺘــﺮﻧــﺖ ..وﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﺎ ﻗﺮرت أﻻ أﺿﻴﻊ ﺛﺎﻧﻴﺔ أﺧﺮى ﻷﻧﻪ إن ﻣﺎت ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻄﻴﺐ ٍ ﻗﺒﻞ أن أﻋـﺘــﺬر ﻟــﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻗــﻞ ﻓــﻼ أﻋﻠﻢ ﻣــﺎ ﺳﺄﺷﻌﺮ ﺑــﻪ ,وإن ﻛــﺎن ﻗﺪ ﻧﺴﺎﻧﻲ.. وﻫﻜﺬا ﺟﻠﺴﺖ أﻣﺎم اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﻷﺑﺤﺚ ﻋﻨﻪ ،ﻻ أذﻛﺮ ﻟﻘﺒﻪ ,وﻟﻜﻨﻲ وﻓﻖ ﻣﺎ أﺗﺬﻛﺮ ﻛﺎن اﺳﻤﻪ اﻟﺬي اﺧﺘﺎره ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺣﺴﻦ ﻋﺒﺪاﻟﺤﻜﻴﻢ. ﺷﻘﻴﻖ ﻟﻲ ﻣــﺎت ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﻗﺒﻞ أن أوﻟــﺪ, ﻟﻢ أﻧﺲ«ﺣﺴﻦ« ﻷﻧــﻪ اﺳــﻢ ٍ وﻛﺎﻧﺖ أﻣﻲ داﺋﻤﴼ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺟﻤﺎﻟﻪ ,أﻣﺎ »ﻋﺒﺪاﻟﺤﻜﻴﻢ« ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻲ ﻟﻨﺪرﺗﻪ إذ ﻟﻢ أر ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ إﻻ اﺛﻨﲔ ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻫﻮ.. وﻛــﺎن ﻫــﺬان اﻻﺳـﻤــﺎن ﻛــﻞ ﻣــﺎ ﻟـ ّ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻨﻪ ،ﻓــﺈن ﺧﺎﻧﺘﻨﻲ ـﺪي ﻣــﻦ ٍ اﻟﺬاﻛﺮة ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻓﻘﺪ ﻓﻘﺪت أﺛﺮه ﺗﻤﺎﻣﴼ. ً ﻛﺘﺒﺖ اﺳﻤﻪ ﻓﻲ »ﻏﻮﻏﻞ« ,وﺑﺤﺜﺖ ﻓﻲ اﻟﺼﻮر أوﻻ ,ﻷﺗﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺻﺤﺔ »إﻳﱳ«، ﺻﻮرﺗﻪ وﺟﺪت اﻻﺳﻢ اﻷﺧﻴﺮ اﳌﻨﺴﻲ؛ ِ اﻻﺳﻢ ..وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺮزت ً ﺑﻜﺘﺎب ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣــﺎ ﻗــﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ وﻛــﺎﻧــﺖ اﻟـﺼــﻮرة ﻣــﺮاﻓـﻘــﺔ ﻟﺨﺒﺮ ٍ ٍ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻪ. ٍ وﻛ ــﺎن ﻟــﻪ وﻓ ــﻖ ﻫ ــﺬا اﻟـﺨـﺒــﺮ ﻋ ـ ٌ ـﺪد ﻣــﻦ اﻟـﻜـﺘــﺐ ﻓــﻲ اﻟـﺼــﻮﻓـﻴــﺔ واﻹﺳ ــﻼم أﺷﻬﺮﻫﺎ »اﻹﺳ ــﻼم وﻣﺼﻴﺮ اﻹﻧـﺴــﺎن« اﻟــﺬي اﻫﺘﺪى ﺑﻪ ﻛﺜﻴﺮون إﻟﻰ اﻹﺳﻼم. ﻧﺴﺨﺖ اﻻﺳﻢ وذﻫﺒﺖ ﺑﻪ إﻟﻰ وﻳﻜﻴﺒﻴﺪﻳﺎ ..ﻫﻨﺎك ﺗﻮﻗﻒ اﻟﻜﻮن ﺗﻤﺎﻣﴼ ٌ ٌ ّ ﻗﺪﻣﻲ ﺣﺘﻰ ﺟﺬور ﺷﻌﺮي.. ﻓﺠﺄة وﻏﻤﺮﻧﻲ ﺷﻌﻮر ﻏﺮﻳﺐ ﻣﻦ أﺧﻤﺺ ﻛﺎن ﻗﺪ ﻣﺎت ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺴﻨﺘﲔ وﻧﺼﻒ.
www.delalkhalifa.com
ﺣ ــﺮﺻ ــﺎ ﻣ ـﻨ ـﻬــﺎ ﻋ ـﻠــﻰ ﺗــﻮﺛ ـﻴــﻖ اﻟـﺤـﻜــﺎﻳــﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻛﺄﺣﺪ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ، ﻛ ـﺸ ــﻒ ﺣ ـﻤ ــﺪ ﺣـ ـﻤ ــﺪان اﳌ ـﻬ ـﻨ ــﺪي ﻣــﺪﻳــﺮ إدارة اﻟـﺘــﺮاث ﺑ ــﻮزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻟـ ـﺘ ــﺮاث ،ﻋ ــﻦ اﺗ ـﺠ ــﺎه اﻹدارة ﻹﺻ ــﺪار ﻛﺘﺎب ﻋﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻢ ﺗﺪوﻳﻦ ﻣﺨﺰون ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻨﻬﺎ وﻣﺮاﺟﻌﺘﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎﻣﻞ. وﻗـ ــﺎل اﳌ ـﻬ ـﻨــﺪي ﻓ ــﻲ ﺗ ـﺼــﺮﻳــﺢ ﺧ ــﺎص ﻟـ »اﻟﺸﺮق اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ« :ﻳﻤﻜﻦ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت ﻫــﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻓــﻲ اﻟــﺪراﺳــﺎت اﳌﻘﺎرﻧﺔ وﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻨﻮن ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم،
ﺣﻤﺪ ﺣﻤﺪان اﳌﻬﻨﺪي وﺗﻌﺘﺰم إدارة اﻟﺘﺮاث ﺗﻨﻈﻴﻢ ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ ﻣﻮﺳﻌﺔ ﺣﻮل اﻹﺻﺪار ﻳﺪﻋﻰ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﻞ
اﳌـﻬـﺘـﻤــﲔ ،ﻋ ــﻼوة ﻋـﻠــﻰ اﳌـﺴــﺎﻫـﻤــﲔ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ اﳌﺎدة ،ﻓﺎﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻛﺄﺣﺪ أﺷﻜﺎل اﳌﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻳﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﻗﻮة داﺧﻠﻴﺔ ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ ﻓــﻲ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻘﻄﺮﻳﺔ ً وﻋــﺮاﻗ ـﺘ ـﻬــﺎ وﺗــﺎرﻳ ـﺨ ـﻬــﺎ ،ﻣ ـﻀ ـﻴــﻔــﺎ :ﻟﻘﺪ ﺳﺒﻖ ﻹدارة اﻟﺘﺮاث أن أﻃﻠﻘﺖ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﺎ اﺳﺘﻬﺪف اﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺘﻘﻨﻴﺎت ﺣﺪﻳﺜﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣــﻊ ﻣﺮﻛﺰ أدب اﻟ ـﻄ ـﻔــﻞ ،اﻧ ـﻄــﻼﻗــﺎ ﻣ ــﻦ اﻟــﺮﻏ ـﺒــﺔ ﻓﻲ اﺑﺘﻜﺎر ﺑﺮاﻣﺞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل ﺣﻮل اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﻃــﺮق اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺗﺤﺪﻳﺚ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﺎح ﻣــﻦ اﻟـﺤـﻜــﺎﻳــﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﻧـﺸــﺮ ﻣــﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﻧﺸﺮه ﺑﻄﺮق ﺣﺪﻳﺜﺔ .
ﺗﻮﻧﺲ – ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻮراﺗﻲ
ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﻀﺤﻚ ﻳﻌﻴﺪ اﻟﺒﻬﺠﺔ ﻟﻠﺘﻮﻧﺴﻴﻴﻦ ﺷـ ـﻬ ــﺪت اﻟ ـﻌ ــﺎﺻ ـﻤ ــﺔ اﻟ ـﺘــﻮﻧ ـﺴ ـﻴــﺔ اﳌ ـﻬ ــﺮﺟ ــﺎن اﻟ ــﻮﻃـ ـﻨ ــﻲ ﻟ ـﻠ ـﻀ ـﺤ ــﻚ ﻓـ ــﻲ دورﺗ ـ ـ ـ ــﻪ اﻟ ـﺜ ــﺎﻣ ـﻨ ــﺔ وﺳ ــﻂ إﻗ ـﺒ ــﺎل اﻵﻻف ﻣ ــﻦ اﻟـﺘــﻮﻧـﺴـﻴــﲔ ﻋﻠﻰ اﳌ ـ ـ ـﺴـ ـ ــﺮح اﻟـ ـ ـﺒـ ـ ـﻠ ـ ــﺪي ،ﺣ ـ ـﻴـ ــﺚ اﻛ ـ ـﺘ ـ ـﻈـ ــﺖ ﻗ ــﺎﻋ ــﺔ اﳌﺴﺮح ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﳌﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﻌﺮض اﻷول ﻟـﻠـﻤـﻬــﺮﺟــﺎن وﺳ ــﻂ ﺣ ـﻀــﻮر ﻣـﻬــﻢ ﻟﻠﻔﻨﺎﻧﲔ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ واﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﲔ. وﻳ ـﻌ ــﺪ ﻣ ـﻬ ــﺮﺟ ــﺎن اﻟ ـﻀ ـﺤــﻚ ﻓ ــﺮﺻ ــﺔ ﻣـﺜــﺎﻟـﻴــﺔ ﻟ ـﻠ ـﺘ ــﺮوﻳ ــﺢ ﻋ ــﻦ اﻟ ـﻨ ـﻔ ــﺲ وﺗ ـ ـﺠـ ــﺎوز اﻟـﻀـﻐــﻂ ّ ﻻﺳﻴﻤﺎ وأﻧﻪ اﻧﻄﻠﻖ اﻟﻴﻮﻣﻲ ﻟﻨﺴﻖ اﻟﺤﻴﺎة، ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﺑﻌﺪ اﻧﻔﺮاج اﻷزﻣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻬﺠﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮس اﻟﺸﻌﺐ ،ﺑﺤﺴﺐ ﺑﻌﺾ اﳌﺸﺎرﻛﲔ ،وﻳﻨﺘﻈﻢ اﳌـ ـﻬ ــﺮﺟ ــﺎن ﺑ ـﺘ ــﻮﻧ ــﺲ ﺳـ ـﻨ ـ ً ـﻮﻳ ــﺎ ،ﺣ ـﻴ ــﺚ ﺗ ـﻘــﺎم ﻋﺮوض ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ وﻓﻘﺮات ﺗﺮﻓﻴﻬﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣــﻦ اﳌ ــﺪن اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻓـﻀــﻼ ﻋــﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ، ﻳﻨﻈﻤﻬﺎ ﻛــﻮﻣـﻴــﺪﻳــﻮن ﺗﻮﻧﺴﻴﻮن وﺿﻴﻮف أﺟﺎﻧﺐ ،وﻟﻢ ﻳﻨﻈﻢ اﳌﻬﺮﺟﺎن ﻋﺎم ٢٠١١إﺑﺎن
اﻟﻜﻮﻣﻴﺪي اﻷﻣﲔ اﻟﻨﻬﺪي ﻓﻲ ﺣﻔﻞ اﻻﻓﺘﺘﺎح اﻟ ـﺜــﻮرة اﻟـﺘــﻲ أﻃــﺎﺣــﺖ ﺑــﺎﻟــﺮﺋـﻴــﺲ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ زﻳﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ،وﺷﺎرك ﻓﻲ اﳌﻬﺮﺟﺎن ﻫﺬا اﻟﻌﺎم اﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﻮن اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﻮن ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺠﺒﺎﻟﻲ وﻛـﻤــﺎل اﻟـﺘــﻮاﺗــﻲ واﻷﻣ ــﲔ اﻟﻨﻬﺪي واﺑﻨﻪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﻬﺪي إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺴﺮﺣﻴﲔ أﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ.
وﻳ ــﺮى اﳌ ـﺸــﺮﻓــﻮن ﻋـﻠــﻰ ﻣ ـﻬــﺮﺟــﺎن اﻟـﻀـﺤــﻚ، أن دورة ﻫ ــﺬا اﻟ ـﻌ ــﺎم أﺳـﻬـﻤــﺖ ﺑـﺸـﻜــﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻓــﻲ رﺳــﻢ اﻟﺒﺴﻤﺔ ﻋﻠﻰ وﺟ ــﻮه اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ، وإﻋــﺎدة اﻟﺒﻬﺠﺔ إﻟﻰ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﻣﺨﺎض ّ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺻﻌﺐ ﻋﻜﺮ اﻷﺟﻮاء وﻛﺎد ﻳﻌﺼﻒ ﺑﺄﻫﻢ ﺛﻮرات اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳌﻌﺎﺻﺮ .
اﳌﺸﺮف اﻟﻌﺎم :ﻓﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﺣﺴﻴﻦ اﻟﻬﺎﺟﺮي ﻣﺸﺮف اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ :ﻋﺒﺪا? اﻟﺤﺎﻣﺪي اﳌﺪﻳﺮ اﻟﻔﻨـﻲ :ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒـﺪو رﺳﻮم :ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺬﻛﻮر ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞalthqafy@al-alsharq.com :