السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
Email: lawmagazine@ajman.ac.ae
مجلة إلكترونية دورية علمية محكمة تعنـــــي بالدراسات الشرعية والقانونية واالقتصاديـــــة
• النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري
• اتجاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم المسؤولية عن فعل الغير د .رغيد عبد احلميد فتال
• اتفاق التّحكيم في ضوء القانون اإلمارتيّ -دراسة مقارنة - القطان محمد سامر د. ّ ّ
• حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة تحليلية مقارنة د .اميان يوسف نوري
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
law.ajman.ac.ae
الترقيم الدوليISBN978 – 9948 – 15 – 966 - 7 :
(نصف سنوية)
مجلة العلوم القانونية
مجلة العلوم القانونية -مجلة علمية إلكترونية دورية محكمة (نصف سنوية) تقبل النشر باللغات العربية واإلجنليزية والفرنسية، ترمي إلى اإلسهام في تطوير املعرفة ونشرها ،وذلك بنشر البحوث والدراسات الشرعية والقانونية واالقتصادية ،وتعتبر اجمللة سجال ً وثائقيا ً للبحوث والدراسات الشرعية والقانونية واالقتصادية.
الهيئة االستشارية للمجلة
القاضي الدكتور /عبد الوهاب عبدول رئيس احملكمة االحتادية العليا – اإلمارات
معالي األستاذ الدكتور /أحمد جمال الدين موسى أستاذ االقتصاد بكلية احلقوق -جامعة املنصورة وزير التعليم املصري األسبق
األستاذ الدكتور /رفعت العوضي
رئيس مكتب هيئة اإلعجاز العلمي بالقاهرة التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي -أستاذ االقتصاد بكلية التجارة -جامعة األزهر
األستاذ الدكتور /محمد املرسي زهرة
أستاذ القانون املدني بكلية احلقوق -جامعة عني شمس العميد األسبق لكلية الشريعة والقانون جامعة اإلمارات العربية املتحدة
األستاذ الدكتور /جاسم الشامسي العميد السابق لكلية القانون جامعة اإلمارات العربية املتحدة
القاضي الدكتور /جمال السميطي مدير عام معهد دبي القضائي
أهداف اجمللة :تسعى جملة العلوم القانونية إىل حتقيق عدة أهداف ،أهمها: -1تعميق املعرفة بأحكام الشريعة اإلسالمية والتشريعات القانونية واإلقتصادية على املستويني احمللي واإلقليمي. -2تنمية القدرة على البحث القانوني لدى املشتغلني بالقانون داخل الدولة وخارجها. -3التعاون مع كليات القانون والشريعة واحلقوق على املستوى احمللي واإلقليمي والدولي. -4تدعيم التواصل مع كافة األجهزة احلكومية والهيئات واملؤسسات العامة واخلاصة العاملة في اجملال القانوني. -5تقدمي العون للجهات القضائية من خالل التعليق على األحكام واملبادئ القضائية وحتليلها.
اهتمامات اجمللة :تعنى اجمللة بنشر ما يلي: -1البحوث العلمية الرصينة في مجاالت التخصص. -2البحوث والدراسات املعنية بالفقه االسالمي. -3البحوث والدراسات النقدية التي تتصل باإلصدارات في مجاالت التخصص التي تعنى بها اجمللة. -4البحوث والدراسات العلمية املعنية مبعاجلة املشكالت املعاصرة والقضايا املستجدة في مجال الشريعة والقانون واإلقتصاد. -5البحوث والدراسات العلمية التي تسهم في رقي اجملتمع حضاريا ً واحملافظة على هويته العربية واإلسالمية.
قواعد النشر يف اجمللة: -1تعهد من الباحث بأن البحث لم يسبق نشره وأنه يلتزم باملبادرة بإخطار اجمللة في حالة تقدمي البحث للنشر في مجلة أخرى طاملا لم تبد اجمللة رأيها -بعد -في البحث. -2ال يجوز نشر البحث في مجلة أخرى (أو مؤمتر أو ندوة علمية أو بأي وسيلة أخرى) بعد قبوله للنشر في اجمللة إال ّ بعد احلصول على إذن كتابي من مدير التحرير. -3أن يلتزم الباحث املنهجية العلمية والتوثيق العلمي ملادة البحث ،وأن يتسم البحث باألصالة واإلضافة للمعرفة القانونية. -4أال يكون البحث مستال ً من رسالة علمية (ماجستير أو دكتوراه) نال بها الباحث درجة علمية ،أو منشورا من قبل على أي صورة من صور النشر. -5أال يتجاوز حجم البحث خمسني صفحة إال ّ إذا اقتضى ذلك احلفاظ على وحدة البحث. -6على الباحث أن يختتم بحثه بخامتة يبني فيها أهم النتائج التي توصل إليها ،وكذلك التوصيات التي يراها. -7تقدم البحوث مطبوعة بخط Simplified Arabicوتكتب العناوين الرئيسة والفرعية باخلط األسود العريض بحجم ( ، )16وحجم ( )14للنصوص في املنت ،وبحجم ( )12للهوامش في أسفل كل صفحة ،ويكتب البحث على وجه واحد ،مع ترك مسافة 1.5بني السطور .وينبغي مراعاة التصحيح الدقيق في جميع النسخ. -8تكون احلواشي 2.5سم على جوانب الصفحة األربعة. -9أن يراعي في التهميش والترقيم والتواريخ وذكر املراجع واملؤلفني اآلتي: أ .أن تكون اإلشارة إلى صفحات املصادر واملراجع في الهامش وليس في صلب البحث. ب .أن ترقم هوامش كل صفحة على حده ،ويراعي في الترقيم األرقام املتعارف عليها في األسلوب العربي. 4
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
ت .عند ذكر األعالم واملؤلفني يذكر اسم الشخص أوال ثم اسم أبيه وجده ثم لقبه. ث .تثبت املصادر واملراجع العلمية ومؤلفوها في نهاية البحث بالترتيب الهجائي ،مع بيانات الطباعة والنشر. -10يقدم البحث في نسخة إلكترونية مع مراعاة التدقيق اللغوي. -11يقدم الباحث موجزا ً لسيرته العلمية في حدود عشرة سطور في صفحة مستقلة ،تتضمن :االسم ،وجهة عمله ،ورتبته العلمية ،وأهم أبحاثه ،مع صورة شخصية حديثة ،وملخص للبحث في حدود 500كلمة باللغتني العربية واإلجنليزية. -12يتم عرض البحث -على نحو سري – على محكمني من ذوي الكفاءة ممن يقع عليهم اختيار اجمللة. -13تخطر اجمللة أصحاب البحوث املقدمة مبوقفها من نشر بحوثهم على النحو التالي: أ .يخطر أصحاب البحوث الواردة بوصولها إلى اجمللة خالل أسبوع من تاريخ الوصول. ب .يخطر أصحاب البحوث املقبولة بإجازة بحوثهم للنشر. ت .في حالة وجود مالحظات على البحث ،يعاد البحث لصاحبه الستيفاء هذه املالحظات ليكون صاحلا ً للنشر. -14يعتذر للباحث الذي لم توافق جلنة احملكمني على نشر بحثه دون االلتزام بإبداء األسباب. -15أصول البحوث املقدمة للمجلة ال ترد سوا ًء نشرت أو لم تنشر. -16ما ينشر في اجمللة من آراء تعبر عن أفكار أصحابها وال متثل بالضرورة رأي اجمللة أو اجلامعة. -17مينح الباحث نسخة إلكترونية حتتوي على :بحثه املنشور ،والعدد الذي نشر فيه البحث كامالً ،كل في ملف مستقل. -18توجه جميع املراسالت باسم عميد كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ،على البريد
اإللكتروني اآلتيlawmagazine@ajman.ac.ae : األشياء املطلوب تسليمها: -1طلب بنشر البحث.
-2تقدم البحوث وجميع املراسالت إلكترونية من خالل البريد اإللكتروني املبني . ص .ب 346 :.عجمان ،اإلمارات العربية املتحدة ،هاتف +971 6 705 6131 :أو +971 6 705 6441 فاكس ،+971 6 705 6270 :البريد اإللكترونيlawmagazine@ajman.ac.ae :
law.ajman.ac.ae
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
5
بسم اهلل الرحمن الرحيم كلمة العدد احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على رسوله الصادق األمني وعلى جميع األنبياء واملرسلني ،وبعد،،، تقدم كلية القانون بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا إصدارها الثالث من «مجلة العلوم القانونية» وهي مجلة علمية إلكترونية دورية محكمة (نصف سنوية) تقبل النشر باللغات العربية واإلجنليزية والفرنسية ،وتعنى بنشر البحوث والدراسات الشرعية والقانونية واالقتصادية. ويتضمن العدد الثالث من اجمللة أربعة بحوث باللغة العربية ،تتوزع بني تخصصات القانون الدولي العام والقانون التجاري والقانون املدني. أول هذه البحوث جاء حتت عنوان «النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان» أشار فيه الباحث أنه إلى أنه يتوجب على القوانني الوطنية أن تسير في شأن موضوع احلبس االنفرادي بالتوازي مع االتفاقيات الدولية واإلقليمية ومبادئ حقوق اإلنسان املتفق عليها .ذلك أن هذا التدبير وعلى الرغم من خطورته إال أن معاهدات حقوق اإلنسان الدولية واإلقليمية لم تعطه العناية الواجبة ،فمعاهدات حقوق االنسان تكاد تخلو من أي تنظيم صريح وواضح لتلك املسألة .كما أنه وعلى الرغم من أن احلبس االنفرادي يعتبر تدبيرا ً قاسيا ً ويتعارض مع إعادة التأهيل ويتعارض أيضا مع الهدف من نظام السجون فما زال العديد من الدول ،بغض النظر عن نظامها القانوني ،يحرص على تطبيق هذه العقوبة بدرجات مختلفة. وقد سعى الباحث إلى دراسة مدى شرعية هذه العقوبة في ظل مبادئ حقوق اإلنسان والقوانني الدولية املعاصرة من خالل معاجلة أحدث قرارات احملاكم الدولية واإلقليمية وكذلك من خالل التطبيقات القضائية اخملتلفة. أما البحث الثاني فقد جاء حتت عنوان «اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير» ،أشار فيه الباحث إلى أن أحكام القضاء تطورت تدريجياً ،وباتت املسؤولية العامة عن فعل الغير ال تتعلق باألشخاص املكلفني بتنظيم ورقابة طريقة عيش ذوي االحتياجات اخلاصة ،أو الشخص الذي يحتاج إلى رقابة أو حماية معينة بسبب حالته الذهنية ،أو النفسية ،أو عمره ،فحسب ،بل أيضا ً بأشخاص آخرين إذا ما توفرت شروط معينة منها ما يتعلق باجلهة املسؤولة مدنيا ً عن فعل الغير ،واملعيار هنا هو السلطة التي تتمتع بها هذه اجلهة جتاه األشخاص املسؤولة عن فعلهم .ففي السنوات األخيرة بدأ التوسع في تطبيق الفقرة األولى من املادة 1384من القانون املدني الفرنسي لتشمل كل من يشرف على نشاط الغير مهما كان نوع النشاط؛ فالفكرة التي أوجدها حكم « »Blieckالشهير لم تعد تطبق
6
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
على العبي «الروكبي» فحسب ،بل على كل من ميارس أنشطة رياضية كالعبي كرة القدم مثالً ،فضال ً عن أنشطة أخرى؛ وقد غير القضاء الفرنسي مساره القدمي واستقر على أن األندية الرياضية ليست مسؤول ًة حكما ً على أساس الفقرة األولى من املادة 1384من القانون املدني الفرنسي إال عن األضرار التي يسببها العبوها بخطئهم املتمثل في خرق قواعد اللعبة ،ألن األندية الرياضية تشرف على نشاط العبيها؛ كما استقر القضاء على إمكانية مساءلة األندية الرياضية عن األضرار املرتكبة أثناء التمرين ،واملباريات الرسمية ،واللقاءات الودية. اإلمارتي دراسة ويأتي البحث الثالث ليتناول موضوع «اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ مقارنة» حيث يُشكل اتفاق األشخاص على اللجوء إلى التحكيم ،من أجل فض نزاع وقع بينهم أو من املمكن وقوعه في املستقبل ،الركيزة األساسية في العملية التحكيمية؛ فهو مصدر سلطة احملكمني في النظر بالنزاع ،وهو الذي يحجب في الوقت ذاته اختصاص قضاء الدولة بالبت بهذا النزاع .وقد تناول الباحث دراسته للموضوع ببيان تعريف اتفاق التحكيم وطبيعته القانونية وخصائصه وصوره ،ثم أركانه وشروط صحته ،فاآلثار املترتبة عليه ،دراسة استقرائية وحتليلية ومقارنة ،انطالقا من القواعد التشريعية الواردة بشكل أساسي في قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي االحتادي ،والقواعد الواردة في مشروع قانون التحكيم االحتادي ،مع اإلشارة إلى أحكام القضاء ذات العالقة وآراء الفقه مقارنة مبا هو سائد بهذا اخلصوص مع بعض التشريعات وآراء الفقهاء واالجتهادات املقارنة ،وال سيما في املسائل اخلالفية التي أظهرها الواقع العملي، ثم ختم الباحث بحثه ببعض التوصيات حول النصوص القانونية التي حتكم اتفاق التحكيم في دولة اإلمارات العربية املتحدة. وينقلنا البحث الرابع لدراسة موضوع «حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة» ملا هو معلوم من أن الصغير اليستطيع إدارة شؤون أمواله واستثمارها حلني بلوغهم سن الرشد ،مما يستتبع وجود أشخاص يتولون القيام بهذه املهمة ،لذا رسم القانون طرقا ً وحدد وسائل من شأنها حتقيق تلك احلماية ألموال الصغير املتمثلة بتحرير التركة وتصفيتها ،واحملافظة على أموال الصغير وإدارتها واستثمارها ،ومحاسبة األولياء واألوصياء. وانتهى الباحث إلى التوصية بأن يعيد املشرع العراقي النظر في قانون رعاية القاصرين من حيث ترتيب األولياء واألوصياء ،وأن مينح األولياء صالحيات ليتمكنوا من القيام بعملهم ،وطالب بتفعيل دور صندوق رعاية القاصرين الوارد في القانون من خالل االستعانة باجلهات اخملتصة ووضع البرامج واخلطط التي من شأنها حتقيق االستثمار األمثل ألموال الصغبر.
*
*
*
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
7
احملتويات
المحتويات الصفحة
الموضوع
النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان
9
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير
31
الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري
د .رغيد عبد احلميد فتال
اإلمارتي -دراسة مقارنة - اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ
63
القطان محمد سامر د. ّ ّ
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
د .اميان يوسف نوري
8
مجلة العلوم القانونية
99
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان
الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري أستاذ القانون الدولي العام املساعد اجلامعة األمريكية في اإلمارات
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
9
10
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
مقدمة البحث وأهميته إن تاريﺦ استخدام احلبس االنفرادي وآثاره على اﶈتجزين أو املسجونني هو موضوع موثق بشكل جيد .1ففي نظم السجون احلديثة في العالم ميكن للمرء أن يتتبع فلسفة إعادة التأهيل عن طريق العزل إلى منوذج السجن في بنسلفانيا في الواليات املتحدة األمريكية ،الذي أُنشئ في العقد الثالث من القرن التاسع عشر في سجن تشيري هيل في فيالدلفيا ،بنسلفانيا .كان االعتقاد ومازال لدى بعﺾ الدول من هذا النموذج هو إعادة تأهيل اﺠﻤﻟرمني عن طريق احلبس االنفرادي ؛ حيث كان السجناء يقضون كل وقتهم في زنزاناتهم ،مبا في ذلك وقت العمل ،وذلك للتفكير فيما أقدموا عليه من ﲡاوزات ومن ثم العودة إلى اﺠﻤﻟتمع بصفحة أخالقية نظيفة .2ومت في وقت الحق استيراد النموذج السابق واستخدامه في العديد من بلدان أوروبا وأمريكا اجلنوبية والعديد من دول العالم الثالث. يخضع احلبس االنفرادي في كثير من الدول الى القواعد واألنظمة والقوانني الداخلية الوطنية وهي بالتالي تختلف من دولة الى أخرى ،لكن مع ذلك يجب على تلك القوانني الوطنية أن تتفق مع االتفاقيات الدولية واإلقليمية ومبادئ حقوق اإلنسان املتفق عليها .فاتفاقيات حقوق اإلنسان اإلقليمية والعاملية باإلضافة إلى قرارات اﶈاكم الدولية في هذا الشأن تعمل بكل تأكيد على رسم اخلطوط العريضة التي يتوجب على الدول إحترامها عند تنفيذ عقوبة احلبس ضد اﺠﻤﻟرمني. ويستخدم احلبس االنفرادي عادة شكال ً من أشكال العقوبة التأديبية للسجناء الذين يصدر عنهم إخالل باألمن والنظام ،ولعزل املشتبه بهم أثناء التحقيقات اجلنائية ،وكحكم قضائي. ويستخدم أحيانا شكال ً من أشكال املعاملة أو العقوبة لألشخاص ذوي اإلعاقة في املؤسسات أو للسيطرة على فئات معينة من السجناء ،كالفئات التي تعد بحاجة إلى رعاية الطب النفسي.3 ﻏالبية معايير حقوق اإلنسان الدولية ﲤيز بني فئتني من األشخاص :اﶈتجزون والسجناء. فكالهما مجرد من حريته لكن الفئة األولى تتعلق بالذين لم تصدر بحقهم أحكام نهائية ،أما الفئة الثانية فهي مرتبطة مبن صدرت أحكام بحقهم .ففي كلتا احلالينت يتوجب أن يتمتع اﶈتجز والسجني مبجموعة من احلقوق التي ال تقبل التالعب بها وهي تشمل ما يلي: فيما يتعلق بحق اﶈتجز فينطبق عليه أوال القاعدة القانونية التي مفادها أن املتهم بريء حتى تثبت إدانته ،ومنع االحتجاز إال بقرار من النيابة العامة ،حق اﶈتجز في طلب الوقت 1 Scharff Smith, P. “The effects of solitary confinement on prison inmates: A brief history and review of the literature.” Crime and Justice, vol. 34, 2006 (University of Chicago Press), pp. 441-528. 2أنظر الفقرة 18من تقرير املقرر اخلاص التابع لألمم املتحدة واملتعلق بتعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها :تنفيذ الصكوك املتعلقة بحقوق اإلنسان .انظر الوثيقة A-63-175لعام .28 July 2008 3أنظر الفقرة 97من تقرير املقرر اخلاص التابع لألمم املتحدة واملتعلق بتعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها :تنفيذ الصكوك املتعلقة بحقوق اإلنسان .انظر الوثيقة A-63-175لعام .28 July 2008
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
11
النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان
الكافي لتحضير دفاعه ،حق اﶈتجز في االتصال مبن يحدِّده ،حق اﶈتجز في االستعانة مبحام ومترجم إذا أقتضت الضرورة ذلك ،وحق إطِّ ال ع اﶈتجز على األدلة املساقة ضده ،وحق استجواب املشتبه به فور احتجازه وعدم إطالة مدة احتجازه ،وكذلك للمحتجز احلق بالدفاع عن نفسه واإلدالء بأقواله وبكل ما يريده بإرادة حرة ،وحق اﶈتجز التزام الصمت واالمتناع عن الكالم وكذلك حق طلب االستعانة بطبيب ملعاينته الى ما الى ذلك من حقوق .أما فيما يتعلق بالسجني فتتفق غالبية دول العالم أن للسجني -باعتباره إنسانا ً -مجموعة من احلقوق على النحو اآلتي :يعامل كل السجناء مبا يلزم من االحترام لكرامتهم املتأصلة وقيمتهم كبشر ،ال يجوز أن يكون هنالك متييز في املعاملة بسبب العنصر أو اللون أو اجلنس أو الدين ،أو الرأي السياسي ،أو املنشأ القومي أو االجتماعي أو الثروة أو املولد ،وفى الوقت نفسه ،من الضروري احترام املعتقدات الدينية واملبادئ األخالقية للفئة التي ينتسب إليها السجني ،ويجب أن يكون جلميع الغرف املعدة الستخدام املسجونني وال سيما حجرات النوم ليال جميع املتطلبات الصحية ،مع احلرص على مراعاة الظروف املناخية ،وخصوصا من حيث حجم الهواء واملساحة الدنيا اجملصصة لكل سجني واإلضاءة والتدفئة والتهوية ،وال يجوز أبدا أن تستخدم أدوات تقييد احلرية كاألغالل والسالسل واألصفاد وثياب التكبيل كوسائل للعقاب .باختصار ميكن القول بأنه يحتفظ كل السجناء بحقوق اإلنسان واحلريات األساسية املبينة في اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان. لكن يبقى السﺆال حول إمكانية متتع اﶈتجز أو السجني بحق عدم احلبس اإلنفرادي .وهنا نطرح التساؤالت اآلتية :هل اإلطار القانوني للحبس االنفرادي واضح املعالم مبوجب القانون الدولي حلقوق اإلنسان؟ هل القانون الدولي حلقوق اإلنسان يحظر بشكل واضح هذا الشكل من أشكال العقاب؟ هل ميكن أن نعتبر احلبس االنفرادي مبثابة تعذيب ،وبالتالي يتوجب على الدول التوقف فورا ً عن تطبيق تلك العقوبة؟ هل هناك تعريف واضح للحبس االنفرادي ؟ و ما هو موقف اﶈاكم اجملتلفة من هذه املسألة؟ لذلك وبنا ًء على ما تقدم فأهمية هذا البحث تكمن بكونه يعالج إشكالية قانونية لم تعالج بشكل دقيق من قبل زمالئي الباحثني القانونيني ،وعليه ففي هذا البحث سوف تتم اإلجابة عن األسئلة السابقة وغيرها من خالل املباحث اآلتية :فاملبحث األول يتحدث عن مفهوم احلبس االنفرادي ،في حني يعالج املبحث الثاني املعايير القانونية الدولية حلماية األشخاص اﺠﻤﻟردين من حريتهم ،أما املبحث الثالث فيركز على ظروف االحتجاز واحلبس في ظل مبادئ حقوق اإلنسان وقرارات اﶈاكم الدولية اجملتلفة. أهدف الدراسة وتساؤالتها: تهدف هذه الدراسة إلى اإلجابة عن تساؤالت مازالت بحاجة للمزيد من البحوث القانونية وحتديدا ً تبيان الوضع القانوني لفكرة احلبس االنفرادي املطبقة في كثير من دول العالم وخاصة في عاملنا العربي ،كذلك معرفة األبعاد اخلطيرة لتطبيقات احلبس االنفرادي على األفراد .هذا البحث يهدف الى إمكانية اعتبار احلبس اإلنفرادي جرمية تعذيب مقارن ًة مع اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية غير اإلنسانية أو املهينة لعام .8711ما هو موقف
12
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري
اﶈاكم الدولية ﲡاه تطبيق هذه العقوبة ،هل لديها موقف ثابت؟ هل بﺈمكاننا أن نعتمد على قراراتهم لتبيان اإلطار القانوني لهذه العقوبة. إشكالية الدراسة: يخلو القانون الدولي بفروعه اجملتلفة من نص صريح مينع فيه اللجوء الى استخدام عقوبة ومبطن احيانا ً احلبس اإلنفرادي ما يفتح الباب امام بعض الدول إلى تطبيقة بشكل صريح أحيانا ً ّ أخرى ،ونظرا ً لآلثار الكارثية لتطبيقات هذه العقوبة أصبح من الضروري أن تتدخل األمم املتحدة بشكل واضح من أجل حتديد اإلطار القانوني لهذه العقوبة وبالتالي تبيان احلدود القانونية لها. املشكلة اﶈاطة بهذا البحث انه ال يوجد تعريف دقيق ومتفق عليه دوليا ً لفكرة احلبس االنفرادي وبالتالي أصبح من الصعوبة مبكان االتفاق على حتديد الوضع القانوني لها. أسباب اختيار البحث: لقد فوجئت بحجم املشكلة أو الظاهرة للحبس االنفرادي على املستوى الدولي ،ففي الواليات املتحدة األمريكية وحدها فقط تشير الدراسات إلى أنه يوجد أكثر من 18ألف شخص يخضعون لتلك العقوبة ،وعند العودة إلى التقارير الصادرة عن منظمات حقوق اإلنسان وإلى القرارات الصادرة عن اﶈاكم الدولية اإلقليمية ﳒد أن هذه التقارير وتلك القرارات تشمل قضايا ألشخاص من جنسيات مختلفة ومن دول مختلفة وكثير منها أيضا حدثت في دول متقدمة على مستوى احترام حقوق اإلنسان ،فضال ً عن دول العالم الثالث ،وبالتالي فنحن نقف ليس امام ظاهرة فردية وامنا امام مشكلة تشمل كثير من الدول املتقدمة في مجال حقوق االنسان أو ما زالت تسعي للتقدم في هذا الشأن .والغريب في األمر ان هذه الظاهر وعلى الرغم من قدمها التاريخي ما زالت تطبق حتى وقتنا احلاضر دون أن يتدخل اﺠﻤﻟتمع الدولي لوضع حد لها أو حتى تنظيمها. منهجية البحث: يستعمل املنهج التحليلي للنصوص الدولية ذات العالقة باملوضوع ،واملنهج االستقرائي أو االستنباطي فيما تعلق بأحكام اﶈاكم الدولية و قراراتها و تقارير ﳉان حقوق اإلنسان.
املبحث األول :مفهوم احلبس االنفرادي تلجأ بعض الدول وعلى رأسها الواليات املتحدة الستخدام احلبس االنفرادي كعقوبة ضد بعض اﶈتجﺰين الذين مازالوا ينتظرون قرارا ً نهائيا ً بحكمهم أو ضد الكثير من املدانني بقضايا مختلفة،
فهناك أكثر من 18.888شخص يواجهون احلبس االنفرادي في الواليات املتحدة وحدها .4فهذه العقوبة ليست بحديثة بل تعود إلى القرن التاسع عشر ،لكن أكثر ما يالحظ على هذه العقوبة
4 There are more than 80,000 people in solitary confinement in the United States. Ian Kysel, Aryeh Neier Fellow, International Body Slams U.S. Solitary Confinement Practices, ACLU Human Rights Program, 2013
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
13
النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان
غياب تعريف دولي محدد لها (املطلب األول) ،ومع ذلك حاولت بعض الهيئات الدولية التدخل من خالل حتديد معالم هذه العقوبة (املطلب الثاني) املطلب األول :غياب مفهوم دولي واضح املعالم للحبس االنفرادي. اذا كانت بعض االتفاقيات الدولية قد أشارت بطرق مختلفة الى موضوع احلبس االنفرادي إال أنه ال يوجد تعريف عاملي متفق عليه بني الدول للحبس االنفرادي .فعلى سبيل املثال أقر مؤمتر األمم املتحدة األول ملنع اجلرﳝة ومعاملة اﺠﻤﻟرمني املعقود في جنيف عام 8711القواعد النموذجية الدنيا ملعاملة السجناء والتي فيها يوجد نص واضح يبني أنه ال يجوز في أي حني أن يعاقب السجني باحلبس املنفرد إال بعد أن يكون الطبيب قد فحصه وشهد خطيا بأنه قادر على حتمل مثل هذه العقوبة .كما أقرت اجلمعية العامة لألمم املتحدة في عام 8778املبادئ األساسية ملعاملة السجناء ،وفيها مت حث الدول للقيام بجهود إللغاء عقوبة احلبس االنفرادي أو للحد من استخدامها
وتشجيع تلك اجلهود. عند العودة الى مفهوم احلبس االنفرادي باللغة اإلجنليزية جند استخدامهم ملصطلح
Solitary Confinementومع ذلك تنتشر مفاهيم كثيرة في الواليات املتحدة لتشير لذات العقوبة مثل:
Isolation, control units, supermax prisons, the hole SHUs (Security Housing Units), administrative segregation, maximum security, or permanent lockdown.
والسبب في عدم مقدرة اﺠﻤﻟتمع الدولي على وضع مفهوم واضح املعالم ملفهوم احلبس االنفرادي يعود الى أن درجة العزلة التي يخضع لها السجني او اﶈتجز تختلف من الناحية التطبيقية بني مكان وآخر في ظل تعدد األنظمة القضائية في العالم .فمشكلة تعريف احلبس االنفرادي تكاد تقترب -من حيث املبدأ -من مشكلة تعريف العدوان .فكل دولة لها مفهومها اخلاص للعدوان ،ونادرا ً ما جند قواسم مشتركة حول ذات املوضوع .كذلك األمر فاملشكلة املرافقة ملفهوم احلبس االنفرادي مرتبطة اساسا ً بالظروف املرافقة للحبس ،فاألنظمة القضائية اجملتلفة التي تلجأ إلى هذا العقوبة تطبقها ضمن ظروف تختلف حدتها من حالة إلى أخرى ومن قضية إلى أخرى ومن دولة إلى أخرى وبالتالي هذا يجعل احلكم عليها صعب من حيث مدى موافقتها ملبادئ حقوق اإلنسان .فاملوقف القانوني جتاه احلبس االنفرادي ملدة يوم واحد تختلف عما إذا كانت مدة احلبس شهر واحد ،واحلبس ملدة شهر بانعزالية تامة وانقطاع تام عن العالم اخلارجي يختلف عن احلبس االنفرادي ملدة 1أشهر دون االنقطاع التام عما يحيط املسجون من ظروف اجتماعية من خالل السماح للمحكوم علية بالتواصل املتكرر مع أسرته ومحاميه أو املنظمات احلقوقية .إذن فالقصية معقدة نوعا ً ما وليست بالسهولة املتوقعة.
14
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري
املطلب الثاني :مفهوم احلبس االنفرادي بحسب بيان اسطنبول: سوف نتبني التعريف الذي ورد بيان اسطنبول بشأن استخدام احلبس االنفرادي وآثاره املعتمد في 7 كانون األول/ديسمبر 7889في الندوة الدولية املعنية للصدمات النفسية والذي تبنى التعريف التالي بالقول إن احلبس االنفرادي هو "العزل البدني لألفراد بحبسهم في زنزاناتهم ملدة تتراوح بني 77ساعة و 71ساعة في اليوم .وفي كثير من الواليات القضائية ،يُسمح للسجناء باخلروج من زنزاناتهم ملدة ساعة من أجل التمارين الرياضية بشكل انفرادي .أما االتصال بأشخاص آخرين بشكل مج ٍد ،فيخفض عادة إلى احلد األدنى .واالنخفاض في احلوافز هو ليس من الناحية الكمية فحسب ،بل أيضا من الناحية النوعية .فنادرا ً ما يتم اختيار احلوافز املتوفرة واالحتكاك االجتماعي 5 العرضي بحرية ،وتكون هذه بوجه عام على وتيرة واحدة ،وال تنطوي غالبا على أي تعاطف. من الضروري معرفة أنه يطبق احلبس االنفرادي عادة في أربعة ظروف عامة في مختلف نظم العدالة اجلنائية :إما كعقوبة تأديبية للسجناء اﶈكوم عليهم وعادة تطبق هذه العقوبة على أشخاص خالفوا اللوائح الداخلية للسجن نتيجة ارتكابهم جرائم معينة أثناء إمتامهم فترة عقوبتهم مثل االعتداء على أحد موظفي السجن ،فهي بالنتيجة االولى قد تهدف إلى حماية املسجونني اآلخرين منه أو حماية ذات الشخص من اعتداءات اآلخرين؛ وإما لعزل األفراد أثناء التحقيق اجلنائي اجلاري؛ وإما كوسيلة إدارية للسيطرة على جماعات محددة من السجناء؛ وإما كحكم قضائي .ويُستخدم احلبس االنفرادي أيضا في كثير من الواليات القضائية كبديل عن الرعاية الطبية أو النفسية املالئمة من أجل األفراد اجملتلني عقليا .وباإلضافة إلى ذلك ،يُستخدم احلبس االنفرادي باطراد كجزء من االستجواب القسري ،وغالبا ما يكون جزءا ال يتجزأ من حاالت االختفاء القسري أو االحتجاز االنفرادي املطلق.6 لكن على الرغم من عدم وجود تعريف دولي محدد للحبس االنفرادي ،لكننا نستطيع أن نبني مفهومه من خالل الظروف التي حتيط باحلبس االنفرادي للمحتجز أو السجني التي ميكن أن يتم تلخيصها بالظروف اآلتية:
5شارك في هذا املؤمتر فريق عمل إلى جانب العديد من اخلبراء الدوليني البارزين في ميدان احلبس االنفرادي والسجون والتعذيب ،ومت إصدار وثيقة ختامية ،وهي ”بيان اسطنبول بشأن استخدام احلبس االنفرادي وآثاره. "Solitary confinement is the physical isolation of individuals who are confined to their cells for twenty-two to twenty-four hours a day. In many jurisdictions prisoners are allowed out of their cells for one hour of solitary exercise. Meaningful contact with other people is typically reduced to a minimum. The reduction in stimuli is not only quantitative but also qualitative. The available stimuli and the occasional social contacts are seldom freely chosen, are generally monotonous, and are often not empathetic" .P. Scharff Smith “Solitary confinement: An introduction to the Istanbul Statement on the Use and Effects of Solitary Confinement”; Journal on Rehabilitation of Torture Victims and Prevention of Torture, vol. 18, No. 1, pp.56-62 6لالطالع على بيان اسطنبول يراجع قرار اجلمعية العامة لألمم املتحدة رقم A-63-175 تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
15
النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان
احلبس وراء أبواب الفوالذ الصلبة ملدة 72ساعة في اليوم ،واالحتكاك يكون محدودا ً مع غيره من البشر ،واملكاملات الهاتفية والزيارات العائلية تكون نادرة جداً ،وندرة السماح للسجني باستخدام برامج إلعادة التأهيل أو برامج تعليمية ،وعدم كفاية العالج الصحي النفسي بشكل صارخ ،وتقييد السماح بقراءة الكتب أو السماح باقتناء املمتلكات الشخصية ،احيانا ً قد يرافق احلبس االنفرادي تعذيب جسدي ،والتعذيب النفسي مثل احلرمان من استخدام بعض احلواس ،أو درجات احلرارة العالية داخل الزنزانة باإلضافة لألرق القسري ،والتخويف والعنف اجلنسي.7
املبحث الثاني : املعايير القانونية الدولية حلماية األشخاص اﺠﻤﻟردين من حريتهم: اعتمدت اجلمعية العامة لألمم املتحدة في عام 8711مجموعة من املبادئ املتعلقة بحماية جميع األشخاص الذين يتعرضون ألي شكل من أشكال االحتجاز أو السجن .هذه املبادئ أصبحت اليوم جزءا ً من القانون الدولي العرفي بحيث يلزم اجلميع -مص ّدقني أو غير مص ّدقني عليها -باحترامها ومن أهم هذه املبادئ :نذكر أنه يجب أن يعامل جميع األشخاص الذين يتعرضون ألي شكل من أشكال االحتجاز أو السجن إلى معاملة إنسانية وباحترام لكرامة الشخص اإلنساني األصيلة ،فال يجوز تقييد أو انتقاص أي حق من حقوق اإلنسان التي يتمتع بها األشخاص الذين يتعرضون ألي شكل من أشكال االحتجاز أو السجن .كما أنه ال يجوز إخضاع أي شخص يتعرض ألي شكل من أشكال االحتجاز أو السجن للتعذيب أو غيره من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية
أو املهنية .8وبعد ذلك بسنتني قررت اجلمعية العامة لألمم املتحدة اعتماد مجموعة أخرى من املبادئ
األساسية ملعاملة السجناء في عام .8778هذه املبادئ أخذت منحى آخر حيث توجهت نحو مراعاة الظروف التي يقضي بها السجناء مدة محكوميتهم حيث نصت على أنه يحق لكل السجناء أن يشاركوا في األنشطة الثقافية والتربوية الرامية إلى النمو الكامل للشخصية البشرية .وهذا املبدأ تبعه مبدأ آخر موجها ً إلى دعوة إلى جميع الدول إللغاء عقوبة احلبس االنفرادي أو للحد من استخدامها .9وعلى الرغم من أن احلبس االنفرادي يعتبر من أشد انواع احلبس على اإلطالق إال أنه ال يوجد اتفاقية دولة حتظر مثل هذا النوع من احلبس بشكل دقيق وواضح .فالقضية تعتمد في مجملها على طول فترة احلبس االنفرادي والظروف التي ميضي فيها املسجون تلك العقوبة .ومع ذلك فال بد من دراسة املوضوع من باب إمكانية ربط احلبس االنفرادي مبفهوم التعذيب وبالتالي جعلة محظورا ً دولياً ،لذلك فال بد في ) املطلب األول( دراسة آثار احلبس االنفرادي بهدف 7 Rachael Kamel and Bonnie Kerness, The Prison inside Prison, Control Units, Supermax Prisons, and Devices of Torture, A JUSTICE VISIONS BRIEFING PAPER, American Friends Service Committee, Philadelphia 2003, pp. 1-12 8مجموعة صكوك دولية ،اﺠﻤﻟلد األول ،األمم املتحدة ،نيويورك ،A.94.XIV-Vol.1, Part 1 ،8772 ،ص 269 9مجموعة صكوك دولية ،اﺠﻤﻟلد األول ،األمم املتحدة ،نيويورك ،A.94.XIV-Vol.1, Part 1 ،8772 ،ص 261 16
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري
حتديد مدى العالقة التي تربطه بالتعذيب ومن ثم سوف نتطرق في )املطلب الثاني( لدراسة إمكانية اعتبار هذا النوع من احلبس أداة تعذيب. املطلب األول :آثار احلبس االنفرادي: يتفق جميع من درسوا املشاكل املترتبة على احلبس االنفرادي بأنها من أكثر التجارب ايالما ً على الشخص الذي تقع عليه هذه التجربة ،فالسجني في احلبس االنفرادي يكون معزول متاما ً عن اﺠﻤﻟتمع وبالتالي فإن عالقته مع اآلخرين تكون محصورة -في أفضل اوقاتها -مع بعض موظفي السجن وتكون الغرفة التي يقيم فيها من حيث املبدأ صغيرة جدا ً ال تتجاوز ثالثة أمتار مكعبه وفي كثير من األوقات ال يوجد بها أية نافذة للخارج.10 هناك أدلة كثيرة ال لبس فيها أن احلبس االنفرادي له أثر عميق على صحة السجني ويعتبر خطرا ً حقيقيا ً 11لكن هناك عوامل كثيرة حتدد مدى تأثير تلك العقوبة على الشخص الواقعة عليه من حيث :هل يعاني ذلك الشخص من أمراض صحية سابقة على تنفيذ العقوبة؟ وما مدى احتكاك ذلك الشخص باآلخرين ؟ وما هي الظروف املتعلقة باملكان الذي ميضي فيه العقوبة؟ لكن على الرغم من ذلك فإن جميع الدراسات املتعلقة بآثار احلبس االنفرادي على الشخص املنفذ ضده هذه العقوبة تؤكد بأن هناك آثارا ً صحية ال ميكن إنكارها مثل الهلوسة والهذيان والشيزوفرينيا.12 كذلك يواجه الشخص الكثير من االضطرابات اإلدراكية واملعرفية ،واخلوف ،وجنون العظمة، واالنفعاالت ،والسلوك العشوائي ،والتسرع .13واحدة من املشاكل األكثر شيوعا بني السجناء الذين مت عزلهم هي أنهم غير قادرين على التمييز بني الواقع احلقيقي وأفكارهم اخلاصة ،ففي ظل
10لالطالع على دراسات تتعلق باآلثار الصحية للحبس االنفرادي ،انظر ما يلي: Peter Scharff Smith, P., “The effects of solitary confinement on prison inmates: A brief history and review of the literature” in Crime and Justice, vol. 34, 2006; Holly Boyer, Comment, Home Sweet Hell: An Analysis of the Eighth Amendment's 'Cruel and Unusual Punishment' Clause as Applied to Supermax Prisons, 32 Sw. U. L. REv. 317, '279 (7882); Craig Haney, “Mental Health Issues in Long-Term Solitary and 'Supermax Confinement” in Crime and Delinquency 49 (10), 2003; Stuart Grassian, “Psychopathological Effects of Solitary Confinement” in American Journal of ;Psychiatry, vol. 140, 1983 11 Haney Mental Health Issues in Long-Term Solitary and ‘Supermax’ Confinement. Crime & Delinquency, (2003) pp. 124-156; Elizabeth Vasiliades, Solitary Confinement and International Human Rights: Why the U.S. Prison System Fails Global Standards, American University International Law Review, Volume 21, Issue 1, 2005, p. 76 12 Faris, R.E., Cultural Isolation and the Schizophrenic Personality. American Journal of Sociology, September, (1934) pp. 155-164. 13 Grassian Stuart, Psychiatric Effects of Solitary Confinement, Journal of Law and Policy, Vol.22, 2006, pp. 325-383 تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
17
النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان واقعهم املؤلم يقومون بخلق عاملهم اخليالي اخلاص بهم .14كل هذا مرتبط مبدة احلبس االنفرادي فكلما طالت املدة نقص أداء الدماغ بشكل كبير ما يلحق التدمير النفسي بالشخص ،وكذلك صعوبة في التفكير والتركيز والذاكرة والضياع ،وفي كثير من األحيان يصاب املساجني باالنفصال. يقول املقرر اخلاص حلقوق اإلنسان في تقرير مقدم لألمم املتحدة :إن حجم األدلة املتراكمة حتى اآلن تشير إلى خطورة اآلثار الصحية الناجمة عن استخدام احلبس االنفرادي التي تتراوح بني األرَق الشديد 15والتشوش والهلوسة واألمراض العقلية .كما أن العامل السيء الرئيسي الناجم عن احلبس االنفرادي هو تخفيﺾ االحتكاك أو التواصل االجتماعي والنفسي اﺠﻤﻟدي إلى احلد األدنى املطلق ،أي إلى احلد الذي ال يكفي بالنسبة ملعظم املعتقلني كي يبقوا صاحلني عقليا .وعالوة على ذلك ،قد تكون آثار احلبس االنفرادي في املعتقلني رهن التحقيق أسوأ من آثاره في املعتقلني اآلخرين املعرضني للعزل ،وذلك بالنظر إلى عدم اليقني املتوقع بالنسبة لطول فترة االعتقال ،واحتمال استخدامه النتزاع املعلومات أو االعترافات .فهناك زيادة في معدالت االنتحار وإيذاء النفس خالل األسبوعني األولني من احلبس االنفرادي في حاالت املعتقلني رهن التحقيق في احلبس االنفرادي .16 لقد أجريت العديد من الدراسات العلمية املوثقة حول اآلثار اخلطرة التي تصيب األشخاص الذين ينفذون عقوبة احلبس االنفرادي بالقول :إنهم في أغلب األحيان يكونون على وشك االنهيار واالكتئاب املزمن والقلق والعدوانية والعصبية الشديدة .17الكثير من الباحثني أكدوا على األضرار التالية :خفقان القلب (ضربات القلب قوية) ،والتعرق الغزير (التعرق املفاجئ) ،واألرق ،وآالم الظهر واملفاصل ،وتدهور البصر ،وضعف الشهية وفقدان الوزن ،واخلمول والوهن العام ،وتفاقم املشاكل الطبية املوجودة من قبل .18ومما ال شك فيه فإن عقوبة احلبس االنفرادي هي عقوبة تدميرية لإلنسان، فهي تدمير للعقل واملشاعر والنفس والروح واملعنويات واجلسد ،جتعل الشخص يشعر بأنه في مرتبة أدنى من اإلنسان البشري وتقوده هذه العزلة إما إلى التفكير بالهرب بأية وسيلة أو
14 Sharon Shalev, A sourcebook on Solitary Confinement, Mannheim center for Criminology, 2008, p. 12 15 Hocking, F., Extreme environmental stress and its significance for psychopathology, )American Journal of Psychiatry, (1970 16أنظر الفقرة 17من تقرير املقرر اخلاص التابع لألمم املتحدة واملتعلق بتعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها :تنفيذ الصكوك املتعلقة بحقوق اإلنسان .انظر الوثيقة A-63-175لعام .28 July 2008 17 Sharon Shalev, A sourcebook on Solitary Confinement, Mannheim center for Criminology, 2008, p. 11 18 Fairweather, L. Psychological effects of the prison environment. IN: Fairweather, L. and McCnoville, S., eds. (2000) Prison Architecture: Policy, Design and Experience. London: Architectural Press. (2000); Ecclestone, C., Gendreau, P. and Knox, C., Solitary confinement of prisoners: an assessment of its effects on inmates’ personal constructs and adrenocortical activity. Canadian Journal of Behavioural Science Review, 6(2):178)191. (1974 18
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري باالنتحار .19إلى ذلك نضيف بأنه لن يستطيع هذا الشخص أن يعود إلى طبيعته بسهولة ،لن يستطيع أن يتفاعل مع محيطة البشري .بعض الدول حتاول الرد على اآلثار السلبية للحبس االنفرادي من خالل القول :إنها ال تطبق هذا النوع من احلبس لفترات طويلة ،لكن مقرر األمم املتحدة اخلاص املعني بالتعذيب خوان منديز في بيان صحفي رد على هذه احلجج بالقول :إنه "حتى إذا مت تطبيق احلبس االنفرادي لفترات قصيرة من الزمن ،فإنه غالبا ما يسبب املعاناة النفسية واجلسدية أو اإلذالل ،ويرقى إلى حد املعاملة القاسية أو الالإنسانية أو املهينة أو احلاطة للكرامة" .20باختصار ميكن القول :إن جميع من وقعت عليهم مثل تلك العقوبة يفضلون املوت على احلبس االنفرادي. نستطيع أن نوجز ما سبق باإلشارة الى تقرير صادر عن جلنة مناهضة التعذيب التي أكدت على اآلثار اجلسمية والعقلية املؤذية الناجمة عن احلبس االنفرادي الطويل األمد ،وأعربت عن قلقها بشأن استخدامه ،سواء أكان ذلك تدبيرا ً وقائيا ً خالل االحتجاز رهن التحقيق ،أم تدبيرا ً تأديبيا ً.21 املطلب الثاني :العالقة بني التعذيب واحلبس االنفرادي: لقد قامت اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية
أو املهينة لعام 8711بوضع تعريف للتعذيب في املادة األولى 22بالقول :بأنه "كل فعل مقصود يسبب أملا ً ،أو معاناة ،سواء كانت جسدية أو نفسية لشخص ما بغرض احلصول على معلومات أو اعتراف منه أو معلومات عن شخص آخر ،أو لفعل قام به أو مشتبه في أنه قام به هو أو شخص آخر ،أو بغرض تخويفه ،أو إجباره هو أو شخص آخر ،أو ألي سبب آخر قائم على التمييز ،عندما يكون مثل هذا األلم أو املعاناة قد أوقع بإيعاز أو مبوافقة من موظف رسمي أو أي شخص له صفة رسمية ،وال يتضمن ذلك األلم أو املعاناة الناجتة أو حدثت باملصادفة نتيجة تطبيق العقوبات القانونية" .وهذا التعريف يقترب كثيرا ً من المادة 1من الميثاق العربي لحقوق اإلنسان لسنة 19أعرب املقرر اخلاص عن قلقه بشأن نظام العزل اخلاص ففي بعض السجون املنغولية حني التقى بتسعة سجناء يقضون حكما بالسجن ملدة 28عاما ،محتجزين في زنزانات مساحتها 2X2أمتار لفترة 71ساعة يوميا .وكانت الكآبة بادية على وجوه السجناء كما عبروا عن يأسهم ،وتفكيرهم في االنتحار ،وقالوا أنهم يفضلون عقوبة املوت على احلبس االنفرادي وقد خلص املقرر اخلاص إلى أن النظام برمته يصل إلى مرتبة العقوبة القاسية والالإنسانية ،إن لم يكن هو التعذيب بعينه. E/CN.4/2006/6/Add.4 20 http://www.un.org/arabic/news/story.asp?NewsID=19242#.UpR6YtKVNIg 21انظر على سبيل املثال الوثائق الرسمية للجمعية العامة ،الدورة الثانية واخلمسون ،امللحق رقم ،)A/52/44( 11 الفصل الرابع ،الفقرتان 818و 816؛ وعلى التقرير الدوري الثالث للسويد (املرجع نفسه ،الفصل الرابع ،الفرع ك ،الفقرتان 778و 771؛ وعلى التقرير الدوري الثالث للنرويج (املرجع نفسه ،الدورة الثالثة واخلمسون ،امللحق رقم ،)A/53/44( 11 الفصل الرابع ،الفرع ح ،الفقرتان 811و 816؛ وعلى التقرير الدوري الثالث لفرنسا ( ،)CAT/C/FRA/CO/13الفقرة 87؛ وعلى التقرير الدوري الثاني للواليات املتحدة األمريكية ( ،)CAT/C/USA/CO/2الفقرة 26؛ وعلى التقرير الدوري الثالث لنيوزيلندا ( ،)CAT/C/CR/32/4الفقرتان ( 1د) و ( 6د) .مالحظة :وردت املالحق السابقة في قرار اجلمعية العامة لألمم املتحدة رقم A/63/175 22اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق واالنضمام مبوجب قرار اجلمعية العامة لألمم املتحدة 16/27املؤرخ في 88كانون األول/ديسمبر 8711تاريخ بدء النفاذ 76 :حزيران ،8719وفقا ألحكام املادة )8( 79
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
19
النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان
7881التي تنص بأنه يحﻅر تعذيب أي شخص بدنياً أو نفسياً أو معاملته معاملة قاسية أو مهينة أو حاطة بالكرامة أو غير إنسانية. املعاملة الالإنسانية ميكن أن تعرف بأنها "التسبب عمدا ً مبعاناة شديدة عقلية أو بدنية .ويتمثّل الفارق القانوني بني التعذيب وغيره من ضروب املعاملة السيئة في مدى شدة ما يتم إحلاقه من ألم أو عذاب .لكن باإلجمال يحظر القانون الدولي حلقوق اإلنسان التعذيب وغيره من أشكال املعاملة السيئة في جميع األوقات ،ويقضي مبعاملة اﶈتجزين وفقا ً ألحكام ومبادئ القانون الدولي اإلنساني وغيره من املعايير الدولية. االتفاقيات الدولية العامة واإلقليمية وضعت نصوصا ً صريحة ال تقبل مجاال ً للشك بأن التعذيب وغيرة من أساليب املعاملة املهينة أو احلاطة من الكرامة محظورة دولياً ،وعليه تنص املادة 1من اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان الصادر في العام 8711على أنه "ال يعرض أي إنسان للتعذيب وال للعقوبات أو املعامالت القاسية أو الوحشية أو احلاطة بالكرامة" .لذلك جاءت جميع االتفاقيات الالحقة لإلعالن سواء اإلقليمية أم الدولية لتكرس ذات املبدأ العام .فاملادة الثالثة من االتفاقية األوروبية حلقوق اإلنسان لعام 8718تصرح بوضوح أنه ال يجوز إخضاع أي إنسان للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة الالإنسانية أو املهينة" .كذلك جاءت املادة السابعة من العهد الدولي اخلاص باحلقوق املدنية والسياسية الصادر في عام 8766لتؤكد أنه ال يجوز إخضاع أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو احلاطة بالكرامة" في حني جاءت املادة العاشرة من ذات العهد لتؤكد أنه يجب أن "يعامل جميع اﶈرومني من حريتهم معاملة إنسانية ،حتترم الكرامة
األصيلة في الشخص اإلنساني" .وبعدها بثالثة أعوام أي في عام 8767مت تبني االتفاقية
األمريكية حلقوق اإلنسان التي تنص في املادة الثالثة منه على أنه " ال يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو لعقوبة أو معاملة قاسية أو غير إنسانية أو مذلة .ويعامل كل الذين قيدت حريتهم باالحترام الواجب للكرامة املتأصلة في شخص اإلنسان" نشير أن حظر التعذيب في القانون الدولي مطلق ،شأنه في ذلك شأن جرائم احلرب أو ضد اإلنسانية أو اإلبادة اجلماعية ،وبالتالي فالتعذيب غير مسموح به مهما كانت املبررات سواء أكانت حربا ً أو أعماال ً إرهابية أو ما إلى ذلك وعليه فقد أصبح احلظر جزءا ً من القانون الدولي العرفي أي أن 23 الدول ملزمة بذلك سواء وقعت على املعاهدات الناظمة للتعذيب أم ال.
23املادة الثانية فقرة 7من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو املهينة لعام 8711تشير أنه ال يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت ،سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا باحلرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حاالت الطوارئ العامة األخرى كمبرر للتعذيب كما أنه ال يجوز التذرع باألوامر الصادرة عن موظفني أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب. 20
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري
املبحث الثالث: ظروف االحتجاز واحلبس في ظل مبادئ حقوق اإلنسان وقرارات اﶈاكم اإلقليمية. يكاد يكون من املتفق عليه أنه يجب أن يعامل جميع األشخاص الذين يتعرضون ألي شكل من
أشكال االحتجاز أو السجن معاملة انسانية وباحترام لكرامة الشخص اإلنساني األصيلة .فال يجوز تقييد أو انتقاص أي حق من حقوق اإلنسان التي يتمتع بها األشخاص الذين يتعرضون ألي شكل من أشكال االحتجاز أو السجن .فمن أجل استكمال النقاش حول العالقة بني احلبس االنفرادي والتعذيب ال بد من احلديث بشكل معمق عن ظروف االعتقال أو االحتجاز في ظل مبادئ
حقوق األنسان (املطلب األول) لنعرج بعدها على موقف القضاء الدولي ملعرفة كيف تتم معاجلة هذا املوضوع ( املطلب الثاني). املطلب األول :ظ روف االحتجاز واحلبس في ظل مبادئ حقوق اإلنسان تقر كل من اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان وجلنة مناهضة التعذيب بأن ظروف االحتجاز قد تشكل في حد ذاتها سوء معاملة أو في حاالت أخرى تعذيبا .ومع ذلك ،فإنه ميكن لنظام االعتقال عموما أن يهيئ الظروف التي تفضي إلى التعذيب أو سوء املعاملة ،أو ،على العكس من ذلك ،إلى بيئة يُسمح فيها ﲟثل هذه األعمال .ونظرا لتقييد حريتهم ،يكون السجناء وغيرهم من اﶈتجزين عرضة على نحو خاص لإلساءة .لذلك يتضمن العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية في املادة العاشرة نصا ً يشير صراحة إلى أنه يجب أن يعامل جميع اﶈرومني من حريتهم معاملة إنسانية ،ﲢترم الكرامة األصيلة في الشخص اإلنساني. استنادا ً للمادة 78من اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 8711إذا "تلقت جلنة ملناهضة التعذيب معلومات موثوقا بها ويبدو لها أنها تتضمن دالئل لها أساس قوى تشير إلى أن تعذيبا ميارس على نحو منظم في أراضي دولة طرف ،تدعو اللجنة الدولة الطرف املعنية إلى التعاون في دراسة هذه املعلومات" وبنا ًء علية وجدت جلنة مناهضة التعذيب انتهاكات تتعلق بظروف االحتجاز خالل زياراتها ألماكن االحتجاز عقب زيارتها إلى السجون التركية ،حيث دعت اللجنة السلطات التركية إلى هدم كل زنزانات احلبس االنفرادي املعروفة باسم التوابيت فورا ً و كليا ً والتي تشكل في حد ذاتها نوعا ً من أنواع التعذيب .تبلغ أبعاد هذه الزنزانات حوالي 68 × 18سنتيمترا وليس فيها ضوء مع عدم كفاية التهوية ،وال يستطيع السجني إال الوقوف أو جلوس جلسة القرفصاء.24 من جانب آخر أفادت اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان في تعليقها العام رقم ،78إلى أن
احلبس االنفرادي ملدة طويلة قد ينتهك املادة 9السابقة 25الواردة في العهد الدولي اخلاص باحلقوق 24وثيقة األمم املتحدة 1993 ،A/48/44/Add.1 25اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان ،التعليق العام رقم ، 8777 78املادة 6 تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
21
النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان
املدنية والسياسية الصادر عام .8766ومن حيث مدى انتهاك احلبس االنفرادي للمادة العاشرة من ذات العهد أعربت ذات اللجنة أن "احلبس االنفرادي هو عقوبة قاسية تترتب عليها عواقب نفسية خطيرة وال ميكن تبريرها إال في حالة الضرورة امللحة؛ كما أن استخدام احلبس االنفرادي االنفرادي في
غير الظروف االستثنائية و لفترات محدودة ال يتفق مع الفقرة 8من املادة 88من العهد.26 في قضية بوالي كامبوس ضد دولة البيرو ،وجدت اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان أن فترة تسعة أشهر من احلبس االنفرادي خالل االحتجاز السابق للمحاكمة تشكل انتهاكا ً للمادة 88 السابقة وأن العزلة الالحقة التامة للسيد بوالي ملدة سنة والقيود املفروضة على املراسالت بينه وبني أسرته تشكل معاملة غير إنسانية باملعنى املقصود في املادتني السابعة والعاشرة من العهد.27 أما بالنسبة للمعتقلني في القاعدة البحرية في خليج غوانتنامو التابعة للواليات املتحدة األمريكية ،فقد ذكر املقرر اخلاص أنه على الرغم من أن فترة 28يوما ً من العزل هي الفترة القصوى املسموح بها ،فإن املعتقلني سرعان ما يعادون إلى العزل بعد فواصل زمنية قصيرة جداً ،بحيث ميكن اعتبارهم في حالة شبه عزل لفترة تصل حتى 81شهرا ً .28وقد مت التوصل إلى استنتاج مفاده أن عدم اليقني بشأن طول فترة االعتقال واحلبس االنفرادي الطويل األمد للسجناء يبلغ حد املعاملة الالإنسانية. كما أن استخدام اﶈققني للحبس االنفرادي يتضمن بعدا ً مؤذيا ً آخر نظرا ً إلى أن اآلثار الضارة ستخلق غالبا ً وضعا ً واقعيا ً فيه ضغط نفسي ميكن أن يؤثر في املعتقلني رهن التحقيق ويدفعهم إلى االعتراف بالذنب .وعندما يُستخدم عنصر الضغط النفسي عمدا ً كجزء من أنظمة العزل ،فإن هذه املمارسات تصبح قسرية وميكن أن تصل إلى حد التعذيب.29 وقد أفادت اللجنة األوروبية ملنع التعذيب أيضا أن احلبس االنفرادي”قد يصل إلى حد املعاملة الالإنسانية واملهينة“ كما انتقدت في عدة مناسبات هذه املمارسات وأوصت بإجراء إصالح -أي إما بالتخلي عن أنظمة محددة ،و/أو قصر استخدام احلبس االنفرادي على ظروف استثنائية و/أو ضمان حد أعلى من االحتكاك االجتماعي للسجناء .30لكل ما سبق نصت قواعد السجون األوروبية
26اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان ،وثيقة األمم املتحدة رقم ،2000 ،DNK ، CCPR/CO/70/ 27بوالي كامبوس ضد البيرو ،اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان ،رقم 199/8771، 6تشرين الثاني/نوفمبر 8779 28 E/CN.4/2006/120 29 P. Scharff Smith “Solitary confinement: An introduction to the Istanbul Statement on the Use and Effects of Solitary Confinement”; Journal on Rehabilitation of Torture Victims and Prevention of Torture, vol. 18, No. 1, pp.56-62 30 Rod Morgan and Malcolm Evans 'Combating Torture in Europe', 2001, p. 118. See also recommendation Rec (2003) 23 of the Committee of Ministers of the Council of Europe, para. 7, 20 and 22 22
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري
املنقحة لعام 7886بوضوح على ضرورة استخدام احلبس االنفرادي كتدبير استثنائي ،ويجب عند استخدامه أن يكون ألقصر وقت ممكن.31
املطلب الثاني :موقف اﶈاكم الدولية واالقليمية من احلبس االنفرادي: االتفاقيات الدولية املرتبطة بحقوق اإلنسان ورد فيها -كما رأينا -العديد من النصوص املناهضة للتعذيب لكنها لم املوضوع يحتاج إلى معاجلة كل قضية على حده تبعا ً للظروف اخلاصة بكل منها .وعليه فاﶈاكم تأخذ بعني االعتبار العديد من املعايير أذكر منها ( :العزلة احلسية الكاملة ،والعزلة االجتماعية الكاملة ،ومتطلبات األمن والسالمة ،ومدة العزلة ،والهدف من وراء العزلة ،واحلالة الصحية للشخص ،ومدى تأثير العزلة على الشخص ،والظروف داخل الزنزانة ،وغيرها من املعايير).
وعليه فقد أوضحت اﶈكمة األوروبية حلقوق اإلنسان في قضية كودتا ضد بولندا ،أنه ،وفقا للمادة 2من االتفاقية" ، املتطلبات العملية للسجن ،بصورة كافية ،في جملة أمور أخرى ،مع تزويده مبا يلزمه من مساعدة
طبية .32واعتبرت اﶈكمة في القضية Kucheruk v. Ukraine
التي تعود لعام 7889أن تكبيل اليدين أثناء احلبس االنفرادي يجعلنا نقترب من مفهوم التعذيب اﶈظور دوليا ً وتنتهك بالنتيجة املادة الثالثة من االتفاقية األوروبية حلقوق اإلنسان التي تنص على أنه ال يجوز إخضاع أي إنسان للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة املهينة للكرامة .33وفي قضية أخرى
تعود لعام 7887واملعروفة باسم X v. Turkeyواملتعلقة بقيام احلكومة التركية بوضع
املدعو xفي حبس انفرادي ملدة 1اشهر لكن تبني أن السبب في ذلك لم يكن ،كما تقول اﶈكمة، حمايته من قبل املساجني اآلخرين بل من أجل التوجهات اجلنسية لذلك الرجل باعتباره مثليا ً،34 وبالتالي يشكل انتهاكا ً كبيرا ً للمادة الثالثة لالتفاقية األوروبية حلقوق اإلنسان وبالتالي يعتبر تعذيبا ً باملفهوم القانوني. أوضحت اﶈكمة األوروبية حلقوق اإلنسان في العديد من قراراتها أن استخدام احلبس االنفرادي قد يصل إلى حد انتهاك املادة 2من االتفاقية األوروبية حلماية حقوق اإلنسان واحلريات األساسية (أي أنه يشكل تعذيبا ،أو معاملة ال إنسانية أو مهينة) ،األمر الذي يتوقف على الظروف اﶈددة في القضية ،وظروف االحتجاز ومدته .لكن ال بد من اإلشارة إلى أنه ليس لدينا فترة زمنية 31 See recommendation Rec (2006) 2 of the Committee of Ministers of the Council of Europe (Adopted by the Committee of Ministers on 11 January 2006 at the 952nd meeting of the Ministers' Deputies), para. 60.5. See also CPT, 2nd General Report (1991), para. 56 32كودتا ضد بولندا ،الرقم 28788/76االتفاقية األوروبية حلماية حقوق اإلنسان ،7888-88احلكم الصادر في 76 تشرين االول ،7888الفقرة 71 33 http://echr.coe.int/Documents/CP_Ukraine_ENG.pdf )34 X. v. Turkey (no. 24626/09 http://echr.coe.int/Documents/FS_Sexual_orientation_ENG.pdf تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
23
النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان
ثابتة للقول بأنه لو مت جتاوزها فإن الفعل يعتبر انتهاكا ً حلقوق اإلنسان ،ذلك أنه يجب أن نؤخذ بعني االعتبار الظروف األخرى املرتبطة باحلبس االنفرادي .وعليه ففي قضية ماثيو ضد هولندا ،اعتبرت اﶈكمة األوروبية حلقوق اإلنسان أن فترة ما يقرب من 87شهرا هي فترة مفرطة في ظل ظروف االحتجاز السيئة واملشاكل الصحية للسجني.35 وفي قضية اكسوى ضد تركيا ،قامت احلكومة التركية بحجز اكسوي ملدة 81يوما ً في حبس انفرادي كجزء من حربها ضد اإلرهاب .وعندما رفعت القضية أمام اﶈكمة األوروبية حلقوق اإلنسان كان لها املوقف التالي بالقول :إنه كان يوجد نقص في كفاية الضمانات املتوفرة للسيد اكسوي الذي سبق أن اعتقل لفترة طويلة من الزمن .وعلى وجه اخلصوص ،رأت اﶈكمة ان احلرمان من االتصال مبحام أو طبيب أو قريب أو صديق ....يعني أنه تُرك متاما حتت رحمة من يحتجزونه. وبالتالي اعتبرت اﶈكمة القضية انتهاكا ً حلقوق اإلنسان وال يبرر احلبس االنفرادي .36لكن في Ramirez Sanchez V. Franceكان للمحكمة موقف مغاير ،ونظرا ً ألهمية القرار سوف أفرد له مزيدا ً من التفصيل لهذه القضية: Ramirez Sanchezواملعروف عامليا ً بكارلوس (فنزويلي اجلنسية) مت اعتقاله ووضعه في حبس انفرادي في أحد السجون الفرنسية بني الفترة ما بني 7887-8771أي ما يقارب ثماني سنوات ،وعلى الرغم من أن هذه الفترة تعتبر طويلة جدا ً لكن مع ذلك لم تعتبر اﶈكمة األوروبية هذا احلبس االنفرادي عمال ً ينتهك أحكام املادة الثالثة وبالتالي ال يعتبر تعذيبا ً أو عمال ً غير إنساني. وقد عللت اﶈكمة قراراها بأن أخذت بعني االعتبار عنصرين ،العنصر األول خطورة كارلوس حيث أشارت اﶈكمة أنه كان يعتبر أكثر األشخاص اخلطرين على مستوى العالم في فترة السبعينات، أما العنصر الثاني فكان مرتبطا ً بظروف االعتقال وهنا أشارت اﶈكمة بالقول أن مساحة الزنزانة
التي وضع فيها كارلوس والتي تبلغ 6.84 square metresكانت كافية لشخص واحد، باإلضافة إلى أن هناك نافذة داخل السجن يستطيع كارلوس احلصول على الضوء الطبيعي من خاللها ،باإلضافة إلى أنه يوجد كتب ومجالت وتلفاز ،وحيث إنه كان يستطيع اخلروج ملدة ساعتني يوميا ً للساحة اخلارجية وملدة ساعة ملمارسة التمارين ،وعليه ومن ناحية إجمالية اعتبرت اﶈكمة هذه الظروف مقبولة بحسب املعايير األوروبية وال تشكل انتهاكا ً حلقوق اإلنسان.37 أما محكمة البلدان األمريكية حلقوق اإلنسان فقد كان لها مواقف مشابه فقد أشارت في قضية نيرا أليغريا وآخرين ضد البيرو أن" األشخاص اﶈرومني من حريتهم لهم احلق في أن يعاملوا
35ماثيو ضد هولندا ،الرقم ،71787/82اﶈكمة األوروبية حلقوق اإلنسان عام ،7881-7احلكم الصادر في 77أيلول 7881 36آكسوي ضد تركيا 8776 37ملزيد من التفصيل حول القضية يراجع موقع اﶈكمة على الرابﻂ التالي: http://hudoc.echr.coe.int/sites/eng-press/pages/search.aspx?i=003-1719956}]"1803362#{"itemid":["003-1719956-1803362 24
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري
معاملة كرمية فالدول هي املسؤولة عن مراكز االحتجاز وتسيطر سيطرة كاملة على كل من هو موجود حتت رعايتها فهي الضامنة حلقوق اﶈتجزين".38 كما نصت محكمة البلدان األمريكية حلقوق اإلنسان على أن احلبس االنفرادي الطويل األمد هو شكل من أشكال املعاملة القاسية أو الالإنسانية أو املهينة اﶈﻈورة مبوجب املادة 1من االتفاقية األمريكية حلقوق اإلنسان (كاستيوبيتروزي وآخرون ،احلكم الصادر في 28أيار/مايو)8777 ، وهذا املوقف قد تكرر مرة أخرى في قضية دي ال كروز فلورس ضد البيرو لعام 7881حيث أكّدت اﶈكمة ان احلبس االنفرادي "ال يحترم الكرامة املتأصلة لﻺنسان" .39أما في قضية مونتيرو أرانغورين ضد فنزويال ،رأت اﶈكمة أنه "يجب استعمال زنزانات احلبس االنفرادي كتدابير تأديبية أو من أجل حماية األشخاص فقط في الوقت الالزم وباالمتثال الصارم ملعايير املعقولية والضرورة والشرعية"، 40 وصرحت حتديدا بأنه ال بد مع ذلك من الوفاء باحلد األدنى من املعايير اخلاصة بشروط االحتجاز. إذا كنت شخصيا ً أدعو من خالل هذا البحث الى إلغاء عقوبة احلبس االنفرادي إال أنه ال بد االعتراف أن هناك حاالت ضيقة جدا ً ال جند أمامها مجاال ً إال اللجوء إلى تطبيق هذه العقوبة كحل نهائي على الرغم من عدم إنسانيتها ،وهذا ما دفع اﶈكمة األوروبية حلقوق اإلنسان في القضية
املعروفة بـ Cocaign v. Franceلعام 7888إلى عدم اعتبار 11يوما من احلبس االنفرادي
الذي تعرض له Cocaignمبثابة انتهاك للمادة الثالثة لالتفاقية األوروبية حلقوق اإلنسان وعند
العودة إلى وقائع القضية نستطيع أن نتفهم موقف اﶈكمة من أن Cocaignهو شخص مريض نفسيا ً وأدخل مصحة األمراض العقلية عدة مرات وأدخل السجن نتيجة الشروع باالغتصاب وأثناء تنفيذ العقوبة قام باالعتداء على أحد املساجني حيث نتج عن ذلك مقتل زميله لكن القضية أخذت بعدا ً آخر عندما قام املتهم بأكل جزء من رئة زميله 41فما كان من السلطات الفرنسية إال أن وضعت ذلك الشخص في احلبس االنفرادي .42
38نيرا أليغريا وآخرون ضد البيرو ،محكمة البلدان األمريكية حلقوق اإلنسان (السلسلة ج) رقم ،78احلكم الصادر في 87 كانون الثاني ،8771الفقرة 68؛ 39دليل الفقية القانوني ،التعذيب في القانون الدوليA - TORTURE IN INTERNATIONAL LAW ، ،GUIDE TO JURISPRUDENCEمركز العدالة بالتعاون مع جمعية الوقاية من التعذيب ،7881 ،ص886 . 40مونتيرو-آرانغويرين وآخرون ضد فنزويال ،7886دليل الفقية القانوني ،التعذيب في القانون الدوليTorture In ، ،Guide To Jurisprudence International Lawمركز العدالة بالتعاون مع جمعية الوقاية من التعذيب،7881 ، ص886 . 41 For more information please go to the following website http://echr.coe.int/Documents/CP_France_ENG.pdf 42ملزيد من التفصيل حول القضية يراجع موقع اﶈكمة على الرابط التالي: http://hudoc.echr.coe.int/sites/eng}]"press/pages/search.aspx#{"display":["1"],"dmdocnumber":["894726 تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
25
النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان
خامتة وتوصيات: مما ال شك فيه أن احلبس االنفرادي يعتبر من أشد أنواع العقوبات على اإلطالق بل ميكن أن نذهب إلى أبعد من ذلك بالقول أنها أكثر شدة من عقوبة اإلعدام ذاتها .بعض االتفاقيات الدولية حثت الدول على تكثيف اجلهود إللغاء عقوبة احلبس االنفرادي لكن مع ذلك ما زالت بعض الدول تفتخر باللجوء الى تطبيق تلك العقوبة .القانون الدولي املعاصر ال يحتوي على نص صريح يحظر استخدام احلبس االنفرادي لكن خلو القانون الدولي من نص صريح ال يعني أن تعتبر الدول هذا األمر مبثابة تصريح للجوء إليه .التطبيقات القضائية في هذا املوضوع كثيرة جداً ،فلم جند في هذا الشأن قضية توضح بشكل صريح اإلطار القانوني للحبس االنفرادي لكن في جميع القضايا التي نظرت أمام اﶈاكم الدولية اإلقليمية كان يتم العودة الى أكثر من معيار لتحديد مدى اعتبار الفعل انتهاكا ً حلقوق اإلنسان وعلى رأسها طبيعة وصفات السجني والظروف اخلاصة بالسجن وعليه فاملوضوع خاضع لتقدير اﶈكمة التي في كثير من القضايا ال جندها تتخذ قراراتها باإلجماع بل باألغلبية ،وهذا يعني أنه داخل اﶈكمة ذاتها املوضوع محل نقاش عميق .لذلك يبقى الوضع القانوني للحبس االنفرادي في منطقة رمادية في القانون الدولي على الرغم من عدم إنسانيته. لذلك وفي نهاية هذا البحث فإننا نوصي مبا يأتي: يتوجب على الدول التي تطبق هذه العقوبة أن تقوم بوضع تنظيم قانوني لعملية احلبس االنفرادي تؤدي بالنتيجة إلى الغائها متاما ً من سلسلة العقوبات املفروضة على السجناء أو على األقل إلغاؤها جتاه األشخاص الذين لم تصدر بحقهم أية عقوبة. يتوجب في جميع احلاالت عدم استخدام هذه العقوبة جتاه فئات محددة على سبيل احلصر وفي جميع الظروف واألحوال دون أي استثناءات .وعليه نقترح الغاءها جتاه األشخاص الذين تقل أعمارهم عن 81عاما ً وجتاه األشخاص الذين ال يسمح وضعهم الصحي أو العقلي بتنفيذ هذه العقوبة. يتوجب أن تكون هذه العقوبة هي املالذ األخير ،وبانتظار إلغاء هذه العقوبة بشكل تام يتوجب رفع مستوى االحتكاك االجتماعي للسجناء مع العالم اخلارجي وحتديدا ً مع السجناء اآلخرين والسماح بعدد أكبر من الزيارات ومزيد من الرعاية الصحية ومزيد من األنشطة اجملتلفة داخل مراكز اإلصالح. نوصي بإعطاء مفهوم دقيق للحبس االنفرادي يتجاوز اخلالفات الواردة حوله باإلضافة إلى حتديد معايير حقوق اإلنسان اخلاصة باحلبس االنفرادي.
26
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري
قائمة املراجع Books and Reviews
1. Craig Haney, Mental Health Issues in Long-Term Solitary and Supermax Confinement in Crime and Delinquency 49 (10), 2003 2. Ecclestone, C., Gendreau, P. and Knox, C., Solitary confinement of prisoners: an assessment of its effects on inmates’ personal constructs and adrenocortical activity. Canadian Journal of Behavioural Science Review, 1974 3. Elizabeth Vasiliades, Solitary Confinement and International Human Rights: Why the U.S. Prison System Fails Global Standards, American University International Law Review, Volume 21, Issue 1, 2005 4. Fairweather, L. Psychological effects of the prison environment. IN: Fairweather, L. and McCnoville, S., eds. Prison Architecture: Policy, Design and Experience. London: Architectural Press, 2000 5. Faris, R.E., Cultural Isolation and the Schizophrenic Personality. American Journal of Sociology, September, 1934 6. Grassian Stuart “Psychopathological Effects of Solitary Confinement” in American Journal of Psychiatry, vol. 818, 8712; 7. Grassian Stuart, Psychiatric Effects of Solitary Confinement, Journal of Law and Policy, Vol.22, 2006 8. Hocking, F., Extreme environmental stress and its significance for psychopathology, American Journal of Psychiatry, 1970 9. Holly Boyer, Comment, Home Sweet Hell: An Analysis of the Eighth Amendment's 'Cruel and Unusual Punishment' Clause as Applied to Supermax Prisons, Southwestern University Law Review, 2003
27
دولة اإلمارات العربية املتحدة- جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا،تصدر عن كلية القانون
النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان
10. Ian Kysel, Aryeh Neier Fellow, International Body Slams U.S. Solitary Confinement Practices, ACLU Human Rights Program, 2013 11. Peter Scharff Smith “Solitary confinement: An introduction to the Istanbul Statement on the Use and Effects of Solitary Confinement”; Journal on Rehabilitation of Torture Victims and Prevention of Torture, vol. 18, No. 1, 12. Peter Scharff Smith, “The effects of solitary confinement on prison inmates: A brief history and review of the literature.” Crime and Justice, vol. 34, University of Chicago Press, 2006 13. Rachael Kamel and Bonnie Kerness, The Prison inside Prison, Control Units, Supermax Prisons, and Devices of Torture, A Justice Visions Briefing Paper, American Friends Service Committee, Philadelphia 2003 14. Rod Morgan and Malcolm Evans 'Combating Torture in Europe, Strasbourg Council of Europe Publishing, 2001 15. Sharon Shalev, A sourcebook on Solitary Confinement, Mannheim center for Criminology, 2008
م2014 يناير- هـ1436 ربيع األول: العدد الثالث- السنة الثانية
مجلة العلوم القانونية
28
الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري
الصكوك العالمية • العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ٦٦١١ ، • اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو المهينة٦٦٩١ ، • اتفاقيات جنيﭪ لعام ٦٦١٦والبروتوكوالن اإلضافيان الملحقان بها٦٦١١ ، • النﻅام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية٦٦٦٩ ، • اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان٦٦١٩ ، • القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء٦٦١١ ، • المبادئ األساسية لمعاملة السجناء٦٦٦١ ، • مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع األشخاص الذين يتعرضون ألي شكل من أشكال االحتجاز أو السجن٦٦٩٩ ، • مبادئ آداب مهنة الطب المتصلة بدور الموﻅفين الصحيين ،وال سيما األطباء ،في حماية المسجونين والمحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أوالالإنسانية أو المهينة٦٦٩١ ، • مدونة لقواعد سلوك الموﻅفين المكلفين بإنفاذ القوانين٦٦١٦ ، • اإلعالن المتعلق بحماية جميع األشخاص من االختفاء القسري٦٦٦١ ، مبادئ المنع والتقصي الفعالين لعمليات اإلعدام خارج نطاق القانون واإلعدام التعسفي واإلعدام بإجراءات موجزة٦٦٩٦ ، الصكوك اإلقليمية • الميثاق االفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب٦٦٩٦ ، • االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان٦٦١٦ ، • اتفاقية البلدان األمريكية لمنع التعذيب والمعاقبة عليه٦٦٩١ ، • اتفاقية البلدان األمريكية بشأن االختفاء القسري لألشخاص٦٦٦١ ، • االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان٦٦١١ ، • االتفاقية األوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة الالإنسانية أو المهينة٦٦٩١ ،
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
29
30
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
اتجاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم المسؤولية عن فعل الغير
د .رغيد عبد احلميد فتال
أستاذ القانون املدني املساعد في كلية القانون – جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
31
32
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
املقدمة .1املسؤولون عن فعل الغير في القانون الفرنسي - .عالج القانون املدني الفرنسي املسؤولية عن فعل الغير في املادة ،1831مشيرا ً إلى مسؤولية األب واألم عن أفعال أبنائهم القاصرين في الفقرة ،1ومسؤولية املتبوع عن فعل التابع في الفقرة ،5ومسؤولية األساتذة واحلرفيني عن أفعال التالمذة واملتدربني في الفقرة 16؛ أما الفقرة األولى التي على أساسها بدأ االجتهاد في التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير دون التقيد باحلاالت اخلاصة املنصوص عليها في الفقرة 1و5و 6من املادة ،1831فجاءت عامة وهي تنص على ما يلي" :يُسأل الشخص ليس فقط عن الضرر الذي يسببه بفعله الشخصي ،ولكن أيضا ً عن ذلك الذي يسببه فعل األشخاص الذين يُسأل عنهم أو األشياء التي يتولى حراستها".2 .2تفسير عبارة "األشخاص الذين يُسأل عنهم" - .لقد تولى االجتهاد الفرنسي تفسير عبارة "األشخاص الذين يُسأل عنهم" ،ففي 22مارس 1221أصدرت محكمة النقض الفرنسية حكم Blieckالشهير ،والذي اعتبر أن الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي تطبق على أي شخص وافق على أن يتولى بصورة دائمة تنظيم ورقابة طريقة عيش ذوي االحتياجات اخلاصة،3
1 Article 1384 (Modifié par Loi n°2002-305 du 4 mars 2002 - art. 8 JORF 5 mars 2002) : « On est responsable non seulement du dommage que l'on cause par son propre fait, mais encore de celui qui est causé par le fait des personnes dont on doit répondre, ou des choses que l'on a sous sa garde. )…( Le père et la mère, en tant qu'ils exercent l'autorité parentale, sont solidairement responsables du dommage causé par leurs enfants mineurs habitant avec eux. Les maîtres et les commettants, du dommage causé par leurs domestiques et préposés dans ; les fonctions auxquelles ils les ont employés Les instituteurs et les artisans, du dommage causé par leurs élèves et apprentis pendant le temps qu'ils sont sous leur surveillance. ».
تنص املادة ( 4831املعدلة): "ال يُسأل اإلنسان عن الضرر الذي يسببه بفعله الشخصي فحسب ،ولكن أيضا ً عن الضرر الذي يسببه فعل األشخاص الذين يُسأل عنهم أو األشياء التي بحراسته. ()... األب واألم ،طاملا أنهما ميارسان سلطة األهل ،هما مسؤوالن بالتضامن عن الضرر الذي يسببه األوالد (والبنات) القاصرون الذين يساكنوهم. إن األسياد واملتبوعني (مسؤولون) عن الضرر الذي يلحقه اخلدم والتابعون أثناء املهام الذين استخدموهم من أجلها. إن املعلمني واحلرفيني (مسؤولون) عن الضرر الذي يسببه التالمذة واملتمرنون أثناء فترة وجودهم حتت رقابتهم".
2 L’article 1384 (alinéa 1er) dispose qu’ « On est responsable non seulement du dommage que l'on cause par son propre fait, mais encore de celui qui est causé par le fait des personnes dont on doit répondre, ou des choses que l'on a sous sa garde. ».
تنص املادة ( 4831الفقرة األولى): "ال يُسأل اإلنسان عن الضرر الذي يسببه بفعله الشخصي فحسب ،ولكن أيضا ً عن الضرر الذي يسببه فعل األشخاص الذين يُسأل عنهم أو األشياء التي بحراسته".
3 Cass. ass. plén., 29 mars 1991, no89-15.231:
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
33
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير
وهذا ما بات يعرف باملسؤولية العامة عن فعل الغير ،وهي مسؤولية بقوة القانون (مسؤولية حكمية) ال تقوم على اخلطأ ،وال ميكن دفعها بإثبات عدم ارتكاب خطأ.4 وقد تطورت أحكام القضاء تدريجياً ،وباتت املسؤولية العامة عن فعل الغير ال تقتصر على األشخاص املكلفني بتنظيم ورقابة طريقة عيش ذوي االحتياجات اخلاصة ،أو الشخص الذي يحتاج إلى رقابة أوحماية معينة بسبب حالته الذهنية ،أو النفسية ،أو عمره ،فحسب ،بل تشمل أيضا ً أشخاصا ً آخرين .فاألمر ال يتعلق فقط مبراكز العناية باألشخاص املعوقني ذهنيا ً أو األشخاص الذين ال يتأقلمون مع اﺠﻤﻟتمع ،واجلمعيات التي تتولى الرقابة على األحداث مرتكبي اجلرائم أو الذين هم بخطر (نتيجة إدمان على اجملدرات ،)...واجلمعيات التي تهتم بالقاصرين ذوي االحتياجات اخلاصة، واجلمعيات التي تتولى تعليم وعالج ذوي االحتياجات اخلاصة ،بل باألندية الرياضية ورابطة املشجعني وجمعيات أخرى إذا توفرت شروط تطبيق هذه الفقرة (الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي) .هنا تطرح عدة تساؤالت :من هم األشخاص الذين ميكن أن تطبق عليهم الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي؟ ما هو املعيار املتبع؟ ما هو األساس القانوني للمسؤولية العامة عن فعل الغير؟ وبصورة رئيسية ما هي الشروط الواجب توافرها؟ في الواقع ،هذه الشروط نوعان :النوع األول يخص اجلهة املسؤولة مدنيا ً عن فعل الغير ،واملعيار هنا هو السلطة التي تتمتع بها هذه اجلهة جتاه األشخاص املسؤولة عن فعلهم؛ أما النوع الثاني فهو يكمن بالغير الذي يرتكب الفعل الضار .سيقتصر بحثنا حول النوع األول من هذه الشروط أال وهو الشروط التي تتعلق باجلهة املسؤولة مدنيا ً عن فعل الغير ،والتي تتمثل في شكل عام بتمتع املسؤول بسلطة جتاه الغير الذي يسأل عن فعله. .8مظاهر السلطة على الغير؛ السيطرة على شؤون الغير واإلشراف على نشاطه – .إن دراسة األحكام القضائية الفرنسية تظهر أن السلطة التي تربط الغير باجلهة املسؤولة عن فعله لها مظهران :املظهر األول يتمثل في تنظيم ومراقبة منط عيش الغير من قبل اجلهة املسؤولة وذلك بصورة دائمة ،وهذا يعني أنه يوجد نوع من السيطرة على منط عيش الغير .أما املظهر الثاني للسلطة فيتمثل في اإلدارة الدقيقة لنشاط الغير ،أي اإلشراف على نشاطه .في حني أن املظهر األول للسلطة هو أقرب لسلطة األهل ،يقترب املظهر الثاني من السلطة التي ميارسها املتبوع على التابع .لذلك ،يدخل ضمن نطاق الفئة األولى األشخاص الذين تتطلب حالتهم بحد ذاتها رقابة « Qu'en l'état de ces constatations, d'où il résulte que l'association avait accepté la charge d'organiser et de contrôler, à titre permanent, le mode de vie de ce handicapé, la cour d'appel a décidé, à bon droit, qu'elle devait répondre de celui-ci au sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, et qu'elle était tenue de réparer les dommages qu'il avait causés ; d'où il suit que le moyen n'est pas fondé ; ».
"يستنتج من واقع احلال أن اجلمعية قد قبلت عبء تنظيم ورقابة طريقة عيش ذي االحتياجات اخلاصة بشكل دائم، فقد أصابت محكمة االستئناف عندما ألزمت اجلمعية بالتعويض عن الضرر الذي سببه ذو االحتياجات اخلاصة، وذلك على أساس الفقرة األولى من املادة 4831من القانون املدني الفرنسي؛ مما يستتبع رد سبب الطعن".
4 Cass. crim., 26 mars 1997, N° de pourvoi: 95-83606 : « Qu'en effet les personnes tenues de répondre du fait d'autrui, au sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, ne peuvent s'exonérer de la responsabilité de plein droit résultant de ce texte en démontrant qu'elles n'ont commis aucune faute ».
"في الواقع ،إن األشخاص املسؤولني عن فعل الغير ،بحسب املادة ( 4831الفقرة األولى) من القانون املدني ،ال ميكن إعفاؤهم من املسؤولية احلكمية املستمدة من هذا النص بإثباتهم عدم ارتكابهم أي خطأ". 34
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .رغيد عبد احلميد فتال
خاصة ،ويدخل ضمن الفئة الثانية األشخاص الذين يخضعون نفسهم لسلطة الغير بصورة طوعية وضمن إطار نشاط مؤقت. .1خطة البحث – .سنعالج املظهر األول للسلطة أال وهو السيطرة على شؤون الغير في املبحث األول، على أن نعالج املظهر الثاني للسلطة أال وهو اإلشراف على نشاط الغير في املبحث الثاني.
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
35
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير
املبحث األول :السيطرة على شؤون الغير .5سنبني مفهوم السيطرة على شؤون الغير لدى القضاء الفرنسي في املطلب األول ،على أن نعرض تطبيقات عملية من قبل االجتهاد الفرنسي في املطلب الثاني. املطلب األول :مفهوم السيطرة على شؤون الغير لدى القضاء الفرنسي .6يقصد بالسيطرة على شؤون الغير السيطرة على معيشته وشؤون حياته 5والتي تبررها حالة ضعف اإلنسان ،إما بسبب عمره (كونه قاصرا ً مثال ً) أو بسبب املرض الذي يعاني منه (مختل عقليا ً مثال ً). عبر القضاء الفرنسي عن "السيطرة على شؤون الغير" بعبارات عديدة: عبء تنظيم ومراقبة طريقة العيش بصورة دائمة.6 مهمة مراقبة وتنظيم منط حياة الغير بصورة دائمة.7 مراقبة وتنظيم منط حياة الغير.8نستنتﺞ من هذه العبارات التي استعملتها اﶈاكم الفرنسية أن "السيطرة على شؤون الغير" تتطلب سلطة أقوى من مجرد مراقبة طريقة عيش الغير ،بل متتد إلى التنظيم واإلدارة وذلك بصورة دائمة؛ لذلك يجب أن تكون هذه السلطة استثنائية ،ال تعطى إال لغاية تربوية أو عالجية أو إصالحية ،إذ أنها تفرض "سلطة حقيقية للتأثير على اإلنسان :على نفسيته ،وشخصيته، وتصرفاته".9 السؤال الذي يطرح نفسه هنا :هل تكون هذه السيطرة مادية أو قانونية؟
5 Cass. Crim. 26 mars 1997, N° de pourvoi: 95-83606 : « que l'institution avait la garde du mineur et ainsi mission de contrôler et organiser, à titre permanent, son mode de vie… ».
"أن املؤسسة كانت حارسة للقاصر وبالتالي لديها مهمة رقابة وتنظيم طريقة عيشه بصورة دائمة".
6 Charge d'organiser et de contrôler, à titre permanent, le mode de vie: Cass. ass. plén., 29 mars 1991, no 89-15.231 ; Cass. 2e civ., 9 déc. 1999, no 97-22.268 ; Cass. crim., 28 mars 2000, no 99-84.075. 7 « mission de contrôler, d'organiser, à titre permanent, (le) mode de vie » : Cass. crim., 26 mars 1997, nos 95-83.606, 95-83.956 et 95-83.957 ; Capitant Henri, Lequette Yves, Terré François, Les grands arrêts de la jurisprudence civile, Tome II, 2008, Litec, Paris, nos 227-229, p. 494 et s. 8 « surveillance et organisation des conditions de vie » (Cass. 2e civ., 25 févr. 1998, no 95-20.419 ; adde Galliou-Scanvion A.-M., L'article 1384, alinéa 1er et la responsabilité du fait d'autrui : un fardeau non transférable sur les épaules du tuteur, D. 1998, chr., p. 240). 9 Elle suppose « pouvoir réel d'influer sur la personne : sur sa psychologie, son caractère, son comportement » (Jourdain (P.), Existe-t-il un principe général de responsabilité du fait d'autrui ? in La responsabilité du fait d'autrui, Actualité et évolutions, Resp. civ. et assur. 2000, Hors-série, no 11 bis, p. 7).
36
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .رغيد عبد احلميد فتال
.7سيطرة قانونية أم مادية ؟ - .للسيطرة على شؤون األشخاص مفهومان :السيطرة القانونية، والسيطرة املادية.10 السيطرة القانونية على شؤون الغير تكون لكل من لديه سند قانوني ملمارسة هذه السيطرة ؛ إذن مصدر مهمة "صاحب السيطرة" القانونية هو النص القانوني ،أو احلكم القضائي ،أو االتفاق. "فصاحب السيطرة" القانونية على شؤون الغير إذن هو الذي كان يتمتع بسند قانوني لتنظيم ومراقبة طريقة عيش الغير حلظة ارتكاب الفعل الضار. أما السيطرة املادية على شؤون الغير ،فهي تعني واقعة تنظيم ورقابة منط حياة الغير بصورة فعلية" .فصاحب السيطرة" املادية أو الفعلية إذن هو الذي كان ينظم ويراقب بصورة فعلية طريقة عيش الغير حلظة ارتكاب الفعل الضار. .3األخذ بالسيطرة القانونية من قبل الغرف املدنية واجلزائية ﶈكمة النقض – .أخذت محكمة النقض الفرنسية بالسيطرة القانونية معتبرةً أن العبرة مبن كان "صاحب السيطرة" القانونية على شؤون الغير وقت ارتكاب الفعل الضار؛ فقد أصدرت الغرفة املدنية 11من جهة، والغرفة اجلزائية 12من جهة أخرى ،عدة أحكام كلها تدور حول وقائع مشابهة :وضع قاصر حتت رقابة مؤسسة إصالحية بنا ًء على حكم من اﶈكمة 13على أساس املواد 875وما بعدها من القانون املدني. ذات يوم ،أقدم القاصر على ارتكاب فعل ضار (اعتداء جنسي في القضية األولى ،14التسبب في اندالع حريق أحلق أضرارا ً بالغير ،15سرقة سيارة مع إصابة الغير بجروح )16في حني أنه لم يكن ساعة ارتكاب الفعل الضار حتت السيطرة املادية والفعلية للمؤسسة اإلصالحية ،إما ألن القاصر قد هرب 17أو ألنه كان في زيارة ألهله .18اعتبرت الغرفتان املدنية واجلزائية أن املؤسسة اإلصالحية 10 » Sur cette question, v. notamment, Blin-Franchomme (M.-P.), Le critère de « garde des personnes au regard du principe général de responsabilité civile du fait d'autrui, LPA 1997, no 141, p. 5 ; Alt-Maes (F.), La garde, fondement de la responsabilité du fait du mineur, JCP G 1998, I, no 154, p. 1367 ; Lasserre-Kiesow (V.), La garde et la responsabilité civile du fait d'autrui, LPA 2001, no 203, p. 12. 11 Cass. 2e civ., 7 oct. 2004, no 03-16.078 ; Cass. 2e civ., 7 mai 2003, nos 01-15.607 et 01-15.923 ; Cass. 2e civ., 6 juin 2002, nos 00-12.014, 00-15.606, 00-18.286, 00-19.694 et 0019.922. 12 Cass. crim., 26 mars 1997, no 95-83.956 ; Cass. crim., 15 juin 2000, no 99-85.240. 13 V., par exemple, Cass. 2e civ., 7 mai 2003, nos 01-15.607 et 01-15.923 ; Cass. 2e civ., 7 oct. 2004, no 03-16.078, précité. 14 Cass. crim., 15 juin 2000, no 99-84.912, précité 15 Cass. 2e civ., 7 oct. 2004, no 03-16.078, précité. 16 Cass. 2e civ., 7 mai 2003, nos 01-15.607 et 01-15.923, précité. 17 Cass. 2e civ., 7 oct. 2004, no 03-16.078, précité. 18 Cass. 2e civ., 6 juin 2002, nos 00-12.014 : « Mais attendu qu'une association chargée par décision d'un juge des enfants d'organiser et de contrôler à titre permanent le mode de vie d'un mineur demeure, en application de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, responsable de plein droit du fait dommageable commis par ce mineur, même lorsque celui-ci habite avec ses parents, dès lors qu'aucune décision judiciaire n'a suspendu ou interrompu cette mission éducative ; ».
"ولكن حيث إن اجلمعية املكلفة بحكم من قاضي األحداث بتنظيم ومراقبة طريقة عيش القاصر بصورة دائمة، تصبح استنادا ً للمادة ( 4831الفقرة األولى) من القانون املدني ،مسؤول ًة حكما ً عن الفعل الضار الذي يرتكبه القاصر ،ولو كان هذا األخير يعيش مع والديه ،طاملا أنه لم يصدر حكم قضائي بتعليق أو قطع هذه املهمة التربوية".
Voir aussi: Cass. crim., 26 mars 1997, no 95-83.956, précité.
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
37
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير
مسؤولة عن فعل القاصر ،إذ أنه في جميع هذه احلاالت ،لم يصدر حكم قضائي بتعليق أو قطع هذه املهمة التربوية19؛ هذا ما استقر عليه االجتهاد الفرنسي.20 بعد أن بينا مفهوم السيطرة على شؤون الغير ،ننتقل لعرض بعض األحكام القضائية التي توضح معنى "صاحب السيطرة" املسؤول مدنيا ً عن فعل الغير على أساس املادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي. املطلب الثاني :تطبيقات عملية
.2نعرض في الفرع األول مجموعة من األشخاص اعتبرهم االجتهاد "مسؤولني مدنيا ً" عن فعل الغير استنادا ً للمادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي ،وفي الفرع الثاني مجموعة من األشخاص لم يعتبرهم االجتهاد "مسؤولني مدنيا ً" عن فعل الغير استنادا ً للفقرة ذاتها. الفرع األول :أشخاص اعتبرهم االجتهاد مسؤولني مدنيا ً عن فعل الغير استنادا ً للمادة 1831 (الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي .11مؤسسات أودع لديها قاصرون أو معوقون ذهنيا ً أو نفسيا ً – .اعتبر االجتهاد الفرنسي أنه ميكن أن يكون املسؤول مدنيا ً استنادا ً للمادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي شخصا ً طبيعيا ً أو اعتباريا ً 21في حال توفرت الشروط املطلوبة ،ونذكر على سبيل املثال:
19 Cass. 2e civ., 7 oct. 2004, no 03-16.078 : « Qu'en statuant ainsi, alors qu'il ressortait de ses propres constatations, d'une part, que la DISS, service non personnalisé du département de Maine-et-Loire désigné en qualité de tuteur d'Urbis C... par décision d'un juge des tutelles, était chargée à ce titre d'organiser, de diriger et de contrôler à titre permanent son mode de vie, et qu'au moment de l'incendie volontaire provoqué par cette mineure en fugue, aucune décision judiciaire n'avait suspendu ou interrompu cette mission éducative ».
"( )...يتبني أن مركز )...( DISSالذي عُ ني بحكم صادر عن قاضي الوصاية وصيا ً على ،Urbis C...كان مكلفا ً في هذا الصدد بتنظيم وإدارة ومراقبة طريقة عيش القاصر بصورة دائمة ،وأن حلظة اندالع احلريق املفتعل من قبله ،لم يكن قد صدر حكم قضائي بتعليق أو قطع هذه املهمة التربوية".
Voir aussi: Cass. 2e civ., 6 juin 2002, nos 00-12.014, précité. 20 Cass. crim., 8 janvier 2008, N° de pourvoi: 07-81725 : « Qu'en effet, une association, chargée par décision du juge des enfants d'organiser et de contrôler à titre permanent le mode de vie d'un mineur, demeure, en application de l'article 1384, alinéa 1er du code civil, responsable de plein droit du fait dommageable commis par ce mineur, même lorsque celui-ci est hébergé par ses parents, dès lors qu'aucune décision judiciaire n'a suspendu ou interrompu cette mission éducative ; ».
"بالفعل ،إن اجلمعية املكلفة -مبوجب قرار من قاضي األحداث -بتنظيم ومراقبة عيش القاصر بصورة دائمة ،تصبح استنادا ً للمادة ( 4831الفقرة األولى) من القانون املدني ،مسؤولة حكما ً عن الفعل الضار الذي يرتكبه القاصر ،ولو كان هذا األخير ساكنا ً مع والديه ،طاملا أنه لم يصدر حكم قضائي بتعليق أو قطع هذه املهمة التربوية".
21 Cass. crim., 10 oct. 1996, no 95-84.186. Cass. 2e civ., 20 janv. 2000, no 98-17.005: ; « Vu l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil Attendu que la personne physique ou morale à qui le juge des enfants confie la garde d'un mineur en danger en application des articles 375 et suivants du Code civil, ayant pour mission d'organiser, de diriger et de contrôler le mode de vie du mineur, est responsable des
38
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
رغيد عبد احلميد فتال.د
.22ً اجلمعية التي تدير مركزا ً طبيا ً وتربويا ً عن فعل املعوق ذهنيا.23 اجلمعية التي تدير إصالحية تستقبل فيها األحداث الذين عهدوا إليها مبوجب حكم قضائي املستشفى اجملتص مبعاجلة األمراض النفسية عن أفعال أي مريض يعالج فيها منذ أكثر من.24عام كما أكدت محكمة النقض الفرنسية على أنه إذا لم يتم إيداع القاصر باملركز مبوجب حكم بل فقط على أساس،251831 ال ميكن مساءلة املركز على أساس الفقرة األولى من املادة،قضائي ؛ أما بالنسبة "لصاحب السيطرة" على شؤون26أحكام املسؤولية العقدية إذا توفرت شروطها dommages qu'il cause à cette occasion, y compris aux autres enfants placés dans l'établissement ».
(الفقرة األولى) من القانون املدني؛4831 "بعد االطالع على املادة ً وما873 وحيث إن الشخص الطبيعي أو االعتباري الذي كلفه قاضي األحداث بحراسة قاصر بخطر استنادا للمواد هو مسؤول عن األضرار التي، والذ ي لديه مهمة تنظيم وإدارة ومراقبة طريقة عيش القاصر،بعدها من القانون املدني ." ومن بينها تلك التي يُحدثها لقاصرين آخرين نزالء في املؤسسة،يحدثها في هذه املناسبة
Voir aussi: Cass. crim., 28 mars 2000, no 99-84.075. 22 Cass. 2e civ., 24 janv. 1996, no 94-11.028 : « …ce dont il résultait que les préjudices invoqués par les parents étaient en relation directe avec les faits dont l'établissement avait été déclaré responsable… ».
." إن األضرار التي أثارها الوالدان هي على اتصال مباشر باألفعال التي اع ُتبرت املؤسسة مسؤولة عنها..."
V. aussi: Cass. 2e civ., 25 févr. 1998, no 95-20.419. 23 Cass. crim., 10 oct. 1996, no 95-84.186 ; Cass. crim., 26 mars 1997, nos 95-83.606, 95-83.956 et 95-83.957 ; Cass. 2e civ., 20 janv. 2000, no 98-17.005 ; Cass. 2e civ., 22 mai 2003, no 01-15.311. Cass. 2e civ., 9 déc. 1999, no 97-22.268. 24 CA Orléans, 24 juin 1996, JCP G 1997, I, no 4070, p. 515, obs. Viney G. 25 Cass. Crim. 26 mars 1997, N° de pourvoi: 95-83606 ; Cass. 2e civ., 9 déc. 1999, no 9722.268 ; Cass. crim., 28 mars 2000, no 99-84.075 ; Cass. crim., 26 mars 1997, nos 95-83.606, 95-83.956 et 95-83.957. Cass. civ.2, 12 mai 2005, N° de pourvoi: 03-17994 : « Mais attendu que, par motifs 26 propres et adoptés, l'arrêt retient qu'il est hors de contestation que l'association Clair Soleil avait en charge les victimes en dehors de toute décision de l'autorité publique ; que les mineurs, tant Hassen X... que les victimes, ont été confiés à l'Institut Les Collines, après décision d'orientation de la commission de l'éducation spéciale instaurée par la loi du 30 juin 1975, à la demande de leurs représentants légaux qui, après avoir eu connaissance du fonctionnement de l'établissement et de ses objectifs, ont sollicité l'admission de leur enfant ; Que de ces constatations et énonciations, la cour d'appel a exactement déduit que la responsabilité de l'association ne pouvait être recherchée que sur le fondement de l'article 1147 du Code civil ; ».
كانت تهتم بالضحايا دونClair Soleil أنه من غير املتنازع عليه أن جمعية،) قد اعتبر...( "ولكن حيث إن احلكم أي قرار من السلطة العامة؛ مبوجب قرار توجيهي من قبلLes Collines قد أسندوا إلى مؤسسة، والضحاياHassen X... ،وإن القاصرين بنا ًء على طلب ممثليهم القانونيني،4773 يونيو83 جلنة التربية اخلاصة التي أنشئت مبوجب القانون الصادر بتاريخ الذين طلبوا أيضا ً قبول ابنهم لديها بعد االطالع على عمل املؤسسة وأهدافها؛ استنتجت محكمة االستئناف بحق أن اجلمعية ال ُميكن أن تُسأل إال على أساس،وإنه من هذه االستنتاجات واألقوال ." من القانون املدني4411 املادة
Cass. civ.2, 24 mai 2006, N° de pourvoi: 04-17495 : « le mineur (…) auteur des faits n'ayant pas été confié à l'association par décision de justice, la responsabilité de cette association ne pouvait être recherchée que sur le fondement contractuel ».
39
دولة اإلمارات العربية املتحدة- جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا،تصدر عن كلية القانون
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير الراشد ،فيمكن مساءلته ولو كان مصدر السيطرة هو االتفاق وليس احلكم القضائي ،27إال أن االجتهاد الفرنسي غير مساره في احلكم الصادر بتاريخ 15ديسمبر 2111عن محكمة النقض التي اعتبرت أنه إذا كان مرتكب الفعل الضار راشدا ً مصابا ً مبرض "الزهامير" وأودع املركز الصحي مبوجب عقد ،فاملركز الصحي في هذه احلالة ال يسأل على أساس الفقرة األولى من املادة 1831عن فعله الضار.28 جتدر اإلشارة إلى أنه إذا أودع القاصر مركز العناية الصحية والتعليم بنا ًء على اتفاق (وليس بناء ً على حكم قضائي) ،ميكن مساءلة املركز عن فعله استنادا ً ألحكام املسؤولية العقدية إذا توفرت شروطها وذلك وفقا ً للمادة 1117من القانون املدني؛ فإذا ارتكب القاصر الذي أودعه ذووه بنا ًء على اتفاق مركز العناية الصحية والتعليم جرمية اغتصاب في حق قاصر آخر ،فيكون املركز املذكور مسؤوال ً على أساس املسؤولية العقدية إلخالله في التزامه بالسالمة .29برأينا ،ال مانع من تطبيق احلل ذاته إذا كان مرتكب الفعل الضار راشدا ً. .11الوصي - .مبا أن ناقص األهلية أو فاقدها قد يوضع حتت رقابة الوصي ،فقد يعتبر هذا األخير "صاحبا ً للسيطرة" ويسأل على أساس املادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي .هذا ما أكدته "القاصر ( )...مرتكب األفعال (الضارة) لم يُسلم إلى اجلمعية مبوجب حكم قضائي ،فمسؤولية اجلمعية ال ميكن أن تترتب إال على أساس العقد".
27 Cass. ass. plén., 29 mars 1991, no 89-15.231. « Qu'en l'état de ces constatations, d'où il résulte que l'association avait accepté la charge d'organiser et de contrôler, à titre permanent, le mode de vie de ce handicapé, la cour d'appel a décidé, à bon droit, qu'elle devait répondre de celui-ci au sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, et qu'elle était tenue de réparer les dommages qu'il avait causés ; d'où il suit que le moyen n'est pas fondé ; ».
"يستنتج من واقع احلال أن اجلمعية قد قبلت عبء تنظيم ورقابة طريقة عيش هذا املريض ذي االحتياجات اخلاصة بشكل دائم ،فقد أصابت محكمة االستئناف عندما ألزمت اجلمعية بالتعويض عن الضرر الذي سببه ذو االحتياجات اخلاصة ،وذلك على أساس الفقرة األولى من املادة 4831من القانون املدني الفرنسي؛ مما يستتبع رد سبب الطعن". ملحوظة :عبارة "قد قبلت" التي استعملتها محكمة النقض توحي بأن مصدر السيطرة على شؤون الغير هو االتفاق وليس احلكم القضائي.
Voir aussi: Cass. 2e civ., 25 févr. 1998, no 95-20.419. 28 Cass. civ. 1, arrêt n° 1236 du 15 décembre 2011, n° 10-25740 : « Mais attendu que Marcel Y..., auteur des coups mortels, étant hébergé à la maison de retraite Les Opalines en vertu d'un contrat, la cour d'appel a retenu à bon droit que cette dernière ne pouvait être considérée comme responsable, au titre de l'article 1384, alinéa 1er, du code civil, des dommages causés par lui ».
"ولكن حيث إن Marcel Y...الذي قام بالضربات القاتلة ،كان ساكنا ً في بيت التقاعد Les Opalines مبوجب عقد ،فقد اعتبرت محكمة االستئناف بحق أن هذه األخيرة ال تعتبر مسؤول ًة ،على أساس املادة 4831 (الفقرة األولى) من القانون املدني ،عن األضرار التي سببها".
29 Cass. civ.2, 12 mai 2005, N° de pourvoi: 03-17994 : « après avoir constaté que l'un des pensionnaires de l'association avait pu se livrer de façon répétée et pendant plusieurs mois à des actes d'agression sexuelle sur d'autres pensionnaires également placés dans cet internat de rééducation, ce qui caractérisait l'organisation défectueuse de la surveillance dans l'établissement et le manquement de l'association à son obligation de sécurité ».
"بعد مالحظة أن أحد نزالء املؤسسة استطاع بصورة متكررة وخالل عدة أشهر ارتكاب عدة اعتداءات جنسية على نزالء آخرين وُضعوا أيضا ً في هذه املؤسسة ،األمر الذي يظهر خلل في تنظيم الرقابة في املؤسسة وإخالل هذه األخيرة في التزامها بالسالمة".
Cass. 2e civ., 24 mai 2006, no 04-17.095.
40
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .رغيد عبد احلميد فتال
الغرفة اجلنائية والغرفة املدنية الثانية ،ولكن يقتضي التمييز في بادئ األمر فيما إذا كانت الوصاية مفروضة على راشد أم قاصر. 30 فقد اعتبرت الغرفة املدنية بتاريخ 25فبراير 1223أن الوصي على الراشد ليس مسؤوال ً على أساس املادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي عن األضرار التي يتسبب بها الراشد الذي وضع حتت وصايته ،في حني أن الغرفة اجلنائية قد اعتبرت بتاريخ 23مارس 2111أن الوصي على القاصر مسؤول عن فعل القاصر على أساس املادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي .31ومبوجب احلكم الصادر بتاريخ 7أكتوبر ،2111أخذت الغرفة املدنية الثانية ﶈكمة النقض باحلل الذي أقرته الغرفة اجلنائية؛ فقد اعتبرت أن "الشخص الذي عهدت إليه الوصاية على القاصر بحكم من القاضي ،والذي أصبح مكلفا ً بتنظيم ومراقبة وإدارة طريقة عيش هذا القاصر بشكل دائم ،يصبح مسؤوال ً حكما ً عن الفعل الضار املرتكب من قبله ،طاملا أن هذه املهمة التربوية 33 لم تتوقف ولم تنقطع" .32إن هذا الفرق باملعاملة بني القاصر والراشد دفع العديد من الفقهاء للمطالبة بتوحيد احللول بشأن مسؤولية الوصي وذلك بتطبيق الفقرة األولى من املادة 1831على من يتولى الوصاية على القاصر والراشد أيضاً. الفرع الثاني :أشخاص ال يسألون مدنيا َ عن فعل الغير على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي .12نعرض في هذا الفرع مجموعة من األشخاص غير املسؤولني مدنيا َ عن فعل الغير على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي؛ نذكر منهم :األساتذة والقيمون (الغصن 30 Cass. 2e civ., 25 févr. 1998, no 95-20.419: « Mais attendu que, s'il résulte de l'article 490 du Code civil que la mesure édictée en faveur d'un majeur, dont les facultés mentales sont altérées, concerne non seulement la gestion de ses biens mais aussi la protection de sa personne, il ne s'ensuit pas que son tuteur ou l'administrateur légal sous contrôle judiciaire du juge des tutelles est responsable des agissements de la personne protégée sur le fondement de l'article 1384, alinéa 1er, du même Code ; ».
"ولكن حيث إنه ،لو استنتج من املادة 173من القانون املدني أن اإلجراء الذي ُسن لصالح راشد يُعاني من خلل في قدراته العقلية ،ال يتعلق بإدارة أمواله فحسب ،ولكن بحماية شخصه أيضاً ،فإن هذا ال يعني أن الوصي عليه أو ممثله القانوني حتت الرقابة القضائية لقاضي الوصاية مسؤول عن تصرفات اإلنسان موضوع احلماية على أساس املادة ( 4831الفقرة األولى) من القانون ذاته".
31 Cass. crim., 28 mars 2000, no 99-84.075. 32 Cass. 2e civ., 7 oct. 2004, no03-16.078 : La Haute juridiction a ainsi admis que ce dernier, « à qui la tutelle d'un mineur, demeurée vacante, a été déférée par décision d'un juge des tutelles, et qui est dès lors investi de la charge d'organiser, de contrôler et de diriger à titre permanent le mode de vie de ce mineur, demeure responsable de plein droit du fait dommageable commis par celui-ci, dès lors qu'aucune décision judiciaire n'a suspendu ou interrompu cette mission éducative ».
أقرت اﶈكمة العليا أن هذا األخير "الذي أُسندت إليه الوصاية على القاصر ( )...مبوجب حكم من قاضي الوصاية، والذي أصبح مكلفا ً بعبء تنظيم ومراقبة وإدارة طريقة عيش هذا القاصر بصورة دائمة ،أصبح مسؤوال ً حكما ً عن الفعل الضار الذي ارتكبه هذا األخير ،طاملا أنه لم يصدر حكم قضائي بتعليق أو قطع هذه املهمة التربوية".
33 Viney (G.) et Jourdain (P.), Traité de droit civil, sous la direction de Ghestin (J.), La responsabilité : conditions, LGDJ, 3e éd., 2006, no 789-17 ; Viney (G.) et Mazeaud (D.), obs. sous Cass. crim., 28 mars 2000, no 99-84.075, D. 2000, somm., p. 466. تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
41
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير
األول) ،وأقارب وأصدقاء القاصر (الغصن الثاني) ،واجمليمات الترفيهية واملراكز الترفيهية األخرى (الغصن الثالث). الغصن األول :األساتذة والقيمون .18األساتذة – .اعتبرت محكمة النقض الفرنسية أن األساتذة غير مسؤولني مدنيا ً عن أفعال تالمذتهم على أساس املادة ( 1831الفقرة )1من القانون املدني الفرنسي ،34بل ميكن أن يسألوا على أساس فقرات أو مواد أخرى من ذات القانون إذا توفرت شروط تطبيقها. .11القيمون - .إن القيمني ليسوا مسؤولني مدنيا ً على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني عن فعل األشخاص الذين يحتاجون إلى رعايتهم ،والسبب في ذلك أن القيمني ال ينظمون وال يراقبون حياة األشخاص الذين يحتاجون لرعايتهم ،بل يقتصر دورهم على إدارة أموالهم فقط .هذا احلل كرسته الغرفة الثانية ﶈكمة النقض في 22مارس .352116بالتأكيد ،ال مانع من أن تترتب مسؤوليتهم على أساس فقرات أو مواد أخرى من ذات القانون إذا توفرت شروط تطبيقها.
34 Cass. 2e civ., 16 mars 1994, no 92-19.649 : « Mais attendu que l'Institution Saint-Dominique ayant passé un contrat d'association à l'enseignement public, la responsabilité de l'Etat, substituée à celle des membres de l'enseignement pour les dommages causés par leurs élèves pendant que ceux-ci sont sous leur surveillance, n'est pas une responsabilité de plein droit, au sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, et ne peut être retenue, conformément aux dispositions des articles 1384, ; alinéa 6 et 8, du Code civil, que si une faute de l'instituteur est prouvée selon le droit commun d'où il suit que le moyen n'est pas fondé ; ».
"ولكن حيث إن مؤسسة Saint-Dominiqueقد أبرمت عقدا ً للتعاون مع التعليم العام ،فإن مسؤولية الدولة التي حلت مكان املدرسني عن األضرار التي يسببها تالمذتهم أثناء فترة وجودهم حتت رقابتهم ،ال تكون مسؤولية حكمية على أساس الفقرة األولى من املادة 4831من القانون املدني ،وال ميكن أن تترتب على أساس الفقرتني 6و 3 من املادة 4831من القانون املدني ،إال إذا ثبت خطأ املدرس وفقا ً لألحكام العامة؛ مما يستوحب رد سبب الطعن".
35 Cass. 2e civ., 29 mars 2006, no 03-20.071 : le curateur « n'est pas responsable des actes de la personne protégée mais seulement de la gestion de ses biens ».
القيم "ليس مسؤوال ً عن أفعال الشخص موضوع احلماية ،بل فقط عن إدارة أمواله". 42
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .رغيد عبد احلميد فتال
الغصن الثاني :أقارب وأصدقاء القاصر .15قد يسلم الطفل إلى أحد األقارب أو األصدقاء من دون مقابل ،فترة قصيرة أو طويلة ،دون أن يتعرض هؤالء للمساءلة على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي ،علما ً أنه ميكن مساءلتهم على أساس فقرات أو مواد أخرى من ذات القانون إذا توفرت شروط تطبيقها ،هذا ما أكدته محكمة النقض الفرنسية في عدة أحكام :ففي احلكم الصادر بتاريخ 13سبتمبر ،361226 اعتبرت اﶈكمة أن األجداد أو األعمام أو اخلاالت أو العمات ليسوا مسؤولني مدنيا ً على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي عن فعل أحفادهم أو أبناء أو بنات إخوانهم أو أخواتهم الذين عهد إليهم أمر رعايتهم خالل العطلة الصيفية .في الوقائع ،أودع قاصر يبلغ من العمر عشر سنوات لدى جدته وعمته خالل العطلة الصيفية .ذات يوم وبينما كان يستعمل دراجته الهوائية ،صدم أحد املشاة وسبب له جروحاً .اعتبرت اﶈكمة أن ال اجلدة وال العمة مسؤولة على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي لعدم توافر شروط تطبيقها؛ فال يعتبر اإلنسان "صاحبا ً للسيطرة" على شؤون الغير على أساس الفقرة األولى من املادة 1831إال إذا كان منوطا ً به تنظيم منط حياة الغير ،مع العلم أن الشخص القادر على تنظيم حياة الغير يجب أن يكون قادرا ً على أن يتخذ قرارات بصورة مستقلة؛ وفي الدعاوى املذكورة ،فإن هذه السلطة تكون لألهل الذين يحتفظون لنفسهم بإعطاء تعليمات للطفل عن بعد ،ولكن السؤال الذي يطرح هنا: هل ميكن مساءلة اجلد أو اجلدة إذا كانوا يربون حفيدهم بصورة مستقلة ويومية؟ أجابت محكمة النقض الفرنسية على هذا السؤال أيضا ً بالنفي وذلك في حكمها الصادر بتاريخ 3 فبراير .2115في الوقائع ،ترك والدان طفلهما البالغ من العمر عاما ً واحدا ً عند جدته لتربيه مبساعدة زوجها بدال ً من والديه ،دون أن متنح قانونا ً سلطة الوالدين ،ودون أن تنتقل إليها "السيطرة القانونية" بحكم من القضاء اجملتص؛ وفي عمر الثالثة عشرة ،أقدم الولد عن قصد على إشعال حريق أحلق ضررا ً بالغير مما أدى إلى مالحقته مدنياً .اعتبرت محكمة االستئناف أن على اجلدة وزوجها حلظة ارتكاب الفعل الضار "عبء تنظيم وإدارة ومراقبة طريقة عيش القاصر" ،وبالتالي هما مسؤوالن على أساس املادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني؛ طعنت اجلدة وزوجها في احلكم الصادر عن محكمة االستئناف مدعيان أن القاضي لم ينقل إليهما "السيطرة" ،وأن سلطة الوالدين لم تنتقل إليهما ،وبالتالي يكون األبوان فقط مسؤولني عن فعل الولد على أساس الفقرة األولى من املادة املذكورة. قبلت الغرفة اجلنائية ﶈكمة النقض الطعن املقدم وألغت احلكم الصادر عن محكمة االستئناف معتبرةً أن "محكمة االستئناف خالفت الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي بتطبيقها تطبيقا ً خاطئا ً" ،ولكن هذا ال مينع من ترتب املسؤولية على أساس الفقرة 1من ذات القانون في الدعوى املقامة (مسؤولية األب واألم عن فعل ولدهما)...؛ فقد اعتبرت محكمة النقض 36 Cass. 2e civ., 18 sept. 1996, no 94-20.580, Bull. civ. II, no 217, Resp. civ. et assur. 1996, comm. no 379, obs. Groutel (H.), LPA 1997, no 24, p. 6, note Lebreton (M.-C.) ; Philippe (C.), Les grands-parents sont-ils des ascendants privilégiés ? (2e partie : l'autorité et la responsabilité), RLDC 2005/20, no 851 ; v. aussi, sur cette question, Bosse-Platière (H.), La présence des grands-parents dans le contentieux familial, JCP G 1997, I, no 4030 : « alors que les conditions d'application de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil n'étaient pas réunies ». تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
43
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير
في ذات احلكم أن "األب واألم للولد القاصر الذي لم تتوقف إقامته معهما لسبب شرعي ،ال ميكن إعفاؤهما من املسؤولية احلكمية التي تقع على عاتقهما إال بالقوة القاهرة وفعل الضحية" وأن "الظرف الذي على أساسه سلم الوالدان ابنهما القاصر إلى جدته رغم أنهما كانا ميارسان السلطة عليه ،ال يوقف املساكنة لهم".37 هذا احلكم أكد على فكرة هامة وهي أنه يخرج عن نطاق تطبيق الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي ،األشخاص الطبيعيون الذين يربون بصورة تطوعية القاصر ولو بصورة دائمة ،طاملا أن هذه املهمة لم توكل إليهم من قبل القضاء أو أنهم أوصياء .38ومبفهوم اجملالفة ،لو أن اﶈكمة كانﺖ قد نقلﺖ السلطة للجدة وزوجها ،فكان من املمكن مساءلتهما على أساس الفقرة األولى من املادة املذكورة .في الواقع ،اعتبرت محكمة النقض أن االتفاق احلاصل بني الوالدين من جهة واجلدة وزوجها من جهة أخرى حول وضع الطفل ال يكفي لنقل السلطة؛ فالسلطة ال تنتقل بنا ًء على قرار منفرد من األب واألم أو اتفاق بينهما وبني اجلدين. هذا التوجه يشجع الناس على قبول رعاية غير أطفالهم ،األمر الذي يساهم في زيادة الترابط االجتماعي بني أفراد العائلة الواحدة وبني األصدقاء الذين لن يسألوا على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي عن أي ضرر يصيب الغير من فعل القاصر؛ فلو أن اﶈكمة تعتبرهم مسؤولني ،ملا تشجعوا بإبقاء أي قاصر لديهم إال إذا كان ولدهم. .16اقتراح بعض الفقهاء - .اقترح بعض الفقهاء حتديد نطاق تطبيق حكم Blieckعلى املمتهنني مع استبعاد "أصحاب السيطرة العرضيني" ،39كما اقترح البعض عدم تطبيق الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي إال على "أصحاب السيطرة" الذين يتقاضون مقابال ً .40وفي جميع احلاالت ،ولو أن محكمة النقض ترفض أن يكون اجلدان مسؤولني على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني ،فإن هذا ال يعني أنهما محصنان ،إذ ميكن مساءلتهما على أساس املسؤولية عن الفعل الشخصي إذا ارتكبا خطأ ً شخصيا ً بالرقابة.41
37 Cass. crim. 8 février 2005, N° de pourvoi: no 03-87447 : « la cour d'appel a violé par fausse application l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil ; » et que « les père et mère d'un enfant mineur dont la cohabitation avec celui-ci n'a pas cessé pour une cause légitime ne peuvent être exonérés de la responsabilité de plein droit pesant sur eux que par la force majeure ou le fait de la victime » et que « la circonstance que le mineur avait été confié par ses parents, qui exerçaient l'autorité parentale, à sa grand-mère n'avait pas fait cesser la cohabitation avec ceux-ci ».
"إن محكمة االستئناف قد أخطأت في تطبيق املادة ( 4831الفقرة األولى) من القانون الفرنسي"؛ كما وأن "والد ووالدة القاصر الذي لم تتوقف مساكنته لهما لسبب مشروع ،ال ميكن إعفاؤهما من املسؤولية احلكمية إال بالقوة القاهرة أو خطأ املضرور" ،وأن "الظرف الذي مبوجبه أسند الوالدان -اللذان كانا ميارسان سلطة األهل -القاصر إلى جدته ،ال يوقف املساكنة لهم".
38 Voir déjà en ce sens, Cass. 2e civ., 25 janv. 1995, no 92-18.802. 39 Kessous (R.), concl. sous Cass. 2e civ., 25 févr. 1998, no 95-20.419, Bull. civ. II, no 62, D. 1998, jur., p. 315. 40 Le Tourneau (Ph.), Droit de la responsabilité et des contrats, Dalloz action, 2010-2011, no 7362-1. 41 Cass. 2e civ., 5 févr. 2004, nos 01-03.585 et 02-15.383 ; Cass. 2e civ., 18 mars 2004, no 02-19.454 ; CA Nancy, 26 avr. 2004, Resp. civ. et assur. 2004, comm. no 362, obs. Radé Ch. ; Cass. 2e civ., 25 janv. 1995, no 92-18.802.
44
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .رغيد عبد احلميد فتال
الغصن الثالث :اخمليمات الترفيهية واملراكز الترفيهية األخرى .17جرت العادة بأن يودع األهل أوالدهم في مخيمات ومراكز ترفيهية لعدة أيام أو أسابيع وال سيما أثناء فترة العطالت الدراسية ،وقد قضت الغرفة اجلزائية لدى محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 22 أكتوبر 2112مبسؤولية والدة القاصر التي أودعته لدى مركز ترفيهي ملدة 8أسابيع ،ارتكب خاللها سرقات عدة ،معتبرةً أن هذه املدة ليست كافية النتقال املساكنة وبالتالي يعتبر القاصر ما يزال ساكنا ً مع والدته ،مطبق ًة الفقرة الرابعة من املادة 1831من القانون املدني.42 في رأينا ،ال يعتبر املركز الترفيهي "صاحبا ً للسيطرة" على شؤون القاصر ألن هذا األخير لم يودع املركز الترفيهي مبوجب حكم قضائي بل مبوجب اتفاق من جهة ،وألن مدة 8أسابيع هي مدة قصيرة ال تكفي للسيطرة على حياة الغير من جهة أخرى. بعد أن بينا املظهر األول للسلطة أال وهو السيطرة على شؤون الغير في املبحث األول ،ننتقل انآن ملعاجلة املظهر الثاني للسلطة أال وهو اإلشراف على نشاط الغير في املبحث الثاني.
42 Cass. crim., 29 oct. 2002, no 01-82.109 : « Attendu qu'en statuant ainsi, la cour d'appel a fait l'exacte application de l'article 1384, alinéa ; 4, du Code civil Qu'en effet, la cohabitation de l'enfant avec ses parents, résultant de sa résidence habituelle à leur domicile ou au domicile de l'un d'eux, ne cesse pas lorsque le mineur est confié par contrat à un organisme de vacances, qui n'est pas chargé d'organiser et de contrôler à titre permanent ; le mode de vie de l'enfant Que seule la force majeure ou la faute de la victime peut exonérer les parents de la responsabilité qu'ils encourent de plein droit du fait des dommages causés par leur enfant mineur ; ».
"حيث إن ( )...مساكنة القاصر لوالديه والناجتة عن سكنه املعتاد في منزلهم أو منزل أحدهما ،ال تتوقف إذا أُسند القاصر مبوجب عقد إلى مؤسسة تهتم بالعطالت ،والتي ليست مكلفة بتنظيم ومراقبة طريقة عيش القاصر بصورة دائمة؛ وإن القوة القاهرة أو خطأ الضحية فقط ميكن أن يعفي الوالدين من املسؤولية احلكمية عن األضرار التي يسببها ابنهما القاصر". تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
45
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير
املبحث الثاني :اإلشراف على نشاط الغير .13يكمن الفرق بني السيطرة على شؤون الغير (املظهر األول من السلطة التي ميارسها املسؤول عن فعل الغير على هذا األخير) واإلشراف على نشاطه (املظهر الثاني من السلطة) في ثالثة أمور :األول أن السيطرة على شؤون الغير يشترط فيها أن متارس بشكل دائم ،في حني أن اإلشراف على نشاط الغير ال ميارس "بشكل دائم"؛ أما الثاني فهو يكمن في أن محل السيطرة على شؤون الغير هو طريقة عيش الغير ،في حني أن محل اإلشراف على نشاط الغير هو نشاطه الذي قد يكون رياضيا ً أو اجتماعيا ً...؛ أما الثالث فهو أن السيطرة على شؤون الغير ال تكون إال بسبب وضعه اخلاص (كأن يكون مسنا ً أو مريضا ً أو قاصرا ً ،)...في حني أن اإلشراف على نشاط الغير ال يكون إال إذا وافق اإلنسان طوعا ً على املشاركة في نشاط حتت إشراف الغير. نالحظ أنه في السنوات األخيرة بدأ التوسع في تطبيق الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي لتشمل كل من يشرف على نشاط الغير مهما كان نوع النشاط؛ فالفكرة التي أوجدها حكم " "Blieckالشهير لم تعد تطبق على العبي "الروكبي" فحسب ،بل على كل من ميارس أنشطة رياضية كالعبي كرة القدم مثالً ،فضال ً عن أنشطة أخرى .سنعالج "األشخاص املشرفون على نشاط الغير" في املطلب األول ،على أن نعالج "نطاق مسؤوليتهم" في املطلب الثاني. املطلب األول :األشخاص املشرفون على نشاط الغير .12من األشخاص املشرفني على نشاط الغير؛ أي الذين يتمتعون باملظهر الثاني للسلطة على الغير جند اجلمعيات الرياضية (الفرع األول) ،إال أن هذه السلطة قد ميارسها آخرون (الفرع الثاني). الفرع األول :اجلمعيات أو األندية الرياضية .21إن مسؤولية اجلمعيات أو األندية الرياضية عن أفعال الالعبني على أساس املادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي ناجتة عن ممارسة سلطة متقطعة (غير مستمرة) على أنشطة أشخاص مستقلني .سنبني احلل الذي كرسه القضاء الفرنسي بشأن اجلمعيات الرياضية في الغصن األول ،وشروط مسؤولية األندية الرياضية عن فعل الالعبني في الغصن الثاني ،ونطاق تطبيق الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي على األنشطة الرياضية في الغصن الثالث ،ومعيار قيام مسؤولية األندية الرياضية وأساسها القانوني في الغصن الرابع. الغصن األول :احلل الذي كرسه القضاء الفرنسي بشأن اجلمعيات الرياضية .21في 22مايو ،1225أصدرت محكمة النقض الفرنسية حكمني توسعت فيهما في تطبيق الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي .43ففي القضية األولى ،أصيب أحد العبي 43 Cass. 2e civ., 22 mai 1995, N° de pourvoi: 92-21197 et 92-21871(www.legifrance.gouv.fr).
46
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .رغيد عبد احلميد فتال
"الروكبي" بجروح على أثر ركلة قوية من العب في الفريق انآخر لم يُعرف من هو .أما في القضية الثانية ،فقد وقع شجار أثناء املباراة بني الفريقني مما أدى إلى وفاة أحد الالعبني .أقام الالعب املصاب في القضية األولى وورثة الالعب املقتول في القضية الثانية دعوى ضد الفريق انآخر .اعتبرت محاكم األساس أن الفريق انآخر مسؤول مدنيا ً عن ذلك على أساس الفقرة 5من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي (مسؤولية املتبوع عن فعل التابع) باعتباره متبوعا ً لالعبنيُ .طعن على احلكمني بالنقض أمام محكمة النقض التي قضت بالتالي":ولكن حيث إن للجمعيات الرياضية مهمة تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها أثناء املنافسات الرياضية التي يشاركون فيها ،وهم مسؤولون على أساس املادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي عن األضرار التي يحدثها األعضاء في هذه املناسبة"44؛ كما عاد وأكد القضاء الفرنسي على هذا التوجه عبر أحكام عديدة منها ما صدر في 8فبراير ،452111و 2أغسطس ( 2111حكم صادر عن محكمة االستئناف).46 الغصن الثاني :اشتراط اخلطأ لقيام مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال الالعبني طبقا ً للفقرة األولى من املادة 4831 .22اخلطأ لم يكن شرطا ً لترتب مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال الالعبني - .تطور موقف القضاء الفرنسي من عدم اشتراط اخلطأ إلى اشتراطه لترتب مسؤولية النادي الرياضي عن أفعال العبيه. في البداية ،لم يكن خطأ املنتسب إلى النادي الرياضي شرطا ً لترتب مسؤولية النادي أو اجلمعية عن 44 Cass. 2e civ., 22 mai 1995, préc. (www.legifrance.gouv.fr) : « Mais attendu que les associations sportives ayant pour mission d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de leurs membres au cours des compétitions sportives auxquelles ils participent sont responsables, au sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, des dommages qu'ils causent à cette occasion ».
"ولكن حيث إن للجمعيات الرياضية مهمة تنظيم وإدارة ورقابة نشاط أعضائها أثناء املنافسات الرياضية التي يشاركون فيها ،فهم مسؤولون على أساس املادة ( 4831الفقرة األولى) من القانون املدني ،عن األضرار التي يسببوها (األعضاء) في هذه املناسبة".
45 Cass. 2e civ., 3 févr. 2000, no 98-11.438: « Mais attendu que, pour condamner l'Asca à indemniser M. X..., l'arrêt énonce que les associations sportives, ayant pour objet d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de leurs membres au cours des compétitions sportives auxquelles ils participent, sont responsables, au sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, des dommages qu'ils causent à cette occasion ».
"ولكن حيث إنه ،وإللزام Ascaبتعويض السيد ،X...يعتبر احلكم أن اجلمعيات الرياضية ،التي تهدف إلى تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها أثناء املنافسات الرياضية التي يشاركون فيها ،مسؤولة على أساس املادة 4831 (الفقرة األولى) من القانون املدني ،عن األضرار التي يسببونها (األعضاء) في هذه املناسبة".
46 CA Nîmes, 1re ch. B, 9 août 2011, N° de RG: 09/02055 : « Les associations sportives ayant pour objet d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de leurs membres au cours des compétitions sportives auxquelles ils participent sont responsables au sens de l'article 1384 alinéa1er du Code civil des dommages qu'ils causent à cette occasion ».
"اجلمعيات الر ياضية ،التي تهدف إلى تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها أثناء املنافسات الرياضية التي يشاركون فيها ،مسؤولة على أساس املادة ( 4831الفقرة األولى) من القانون املدني ،عن األضرار التي يسببونها (األعضاء) في هذه املناسبة". تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
47
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير فعله .47هذا األمر سبب خوفا ً لألندية الرياضية والالعبني واجلمهور ألنه يعكس التوسع في تطبيق الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي في مجال الرياضة وبالتالي املسؤولية احلكمية التي ال تقوم على اخلطأ. .28اخلطأ أصبح شرطا ً لترتب مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال الالعبني - .بعد ذلك ،غيرت محكمة النقض توجهها ،واتخذت قرارا ً بعدم التوسع في تطبيق الفقرة املذكورة واضع ًة شروطا ً ضيقة لتطبيقها على األندية الرياضية؛ فقد اعتبرت أن األندية الرياضية التي تنظم وتدير وتراقب نشاط أعضائها (أي الالعبني) ،مسؤولة عن أفعالهم بشرط توفر "خطأ يتمثل في خرق قواعد اللعبة ،مرتكب من قبل أحد أعضائها ،ولو لم يعرف من هو بالتحديد"48؛ على الضحية إذن أن تثبت وجود اخلطأ؛ هذا ما أكدته محكمة النقض مرارا ً في أحكامها ،ومنها احلكم الصادر بتاريخ 21 أكتوبر 2111وهو يتعلق أيضا ً برياضة "الروكبي" .49كما أكد هذا التوجه احلكم الصادر في 18يناير 2115فيما يخص رياضة كرة القدم ،50وفي 16مايو 2116حيث اعتبرت محكمة النقض أن "األندية الرياضية التي تنظم وتدير وتراقب نشاط أعضائها أثناء املباريات والتمرينات التي يشاركون فيها، غير مسؤولة حكما ً إال عن األضرار التي يسببونها (األعضاء) بخطئهم املتمثل في خرق قواعد اللعبة" .51هذا ما عادت وأكدته محكمة النقض الفرنسية في 6أكتوبر ،522116و 16سبتمبر
47 Cass. civ. 2, 22 mai 1995, préc. ; Cass. 2e civ., 3 févr. 2000, no 98-11.438, précité. 48 Cass. 2e civ., 20 nov. 2003, no 02-13.653, Bull. civ. II, no 356 : les associations sportives, ayant pour mission d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de leurs membres sont responsables des dommages qu'ils causent à cette occasion à condition qu'« une faute caractérisée par une violation des règles du jeu et imputable à l'un de ses membres, même non identifié » soit établie.
اجلمعيات الرياضية ،التي تهدف إلى تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها ،مسؤولة عن األضرار التي يسببونها في هذه املناسبة ،بشرط ارتكاب " خطأ يتمثل في خرق قواعد اللعبة ،مرتكب من قبل أحد أعضائها ،ولو لم يعرف من هو بالتحديد".
La même décision prévoit qu’ « aucune faute caractérisée par une violation des règles du jeu et imputable à un joueur, même non identifié (…) n'était établie ».
يؤكد احلكم ذاته أنه "لم يُرتكب خطأ متمثل في خرق قواعد اللعبة من قبل أي العب ،عرف أو لم يعرف من هو بالتحديد".
Radé (Ch.), La résurgence de la faute dans la responsabilité civile du fait d'autrui, Resp. civ. et assur. 2004, chr. no 15. 49 Cass. 2e civ., 21 oct. 2004, nos 03-17.910 et 03-18.942. 50 Cass. 2e civ., 13 janv. 2005, no 03-18.617. 51 Cass. 2e civ., 16 mai 2006, no 03-12.537 : la Cour de cassation a écarté la responsabilité de l'association sur le fondement de l'article 1384, alinéa 1er, après avoir rappelé que « les associations sportives, ayant pour objet d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de leurs membres au cours des compétitions et entraînements auxquels ils participent, ne sont responsables de plein droit que des dommages qu'ils causent par leur faute caractérisée par une violation des règles du jeu ».
استبعدت محكمة النقض مسؤولية اجلمعية على أساس املادة ( 4831الفقرة األولى) من القانون املدني مذكرةً بأن "اجلمعيات الرياضية ،التي تهدف إلى تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها أثناء املنافسات والتمرينات التي يشاركون فيها ،ليسوا مسؤولني حكما ً إال عن األضرار التي يسببونها (األعضاء) بخطئهم الذي يتمثل في خرق قواعد اللعبة".
52 Cass. 2e civ., 5 oct. 2006, no 05-18.494.
48
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .رغيد عبد احلميد فتال
2111حيث ألغت احلكم الصادر عن محكمة االستئناف ألنها لم تتثبت مما إذا كان اخلطأ يتمثل في مخالفة قواعد اللعب أم ال.53 بتاريخ سابق ،وأثناء مباراة في رياضة "الروكبي" حصلت في فرنسا بني نادي Périgord- Agenaisونادي ،Armagnac-Bigorreأصيب أحد العبي الفريق األول بجروح خطيرة .ادعى الالعب على الناديني الرياضيني وعلى الضامنني مطالبا ً بالتعويض عن األضرار التي أملت به وذلك على أساس املادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي .اعتبرت محكمة استئناف Agenبتاريخ 21 نوفمبر 2111أن ادعاء الالعب يقوم على سند من القانون ،وحكمت لصاحله بالتعويض عن األضرار التي أحلقت به ،إال أن محكمة النقض الفرنسية قد ألغت احلكم بتاريخ 18مايو 2111لعلة عدم ارتكاب خطأ ً يتمثل في مخالفة قواعد اللعبة ،54ثم أحالت القضية إلى محكمة استئناف Bordeauxالتي لم تتقيد بحكم محكمة النقض وأصدرت حكما ً مماثال ً للحكم الصادر عن محكمة استئناف ،Agenمعتبرةً أنه ليس على املضرور إال إثبات "الفعل الضار" أي فعل اإلضرار (بحسب القانون اإلماراتي) ،وعليه يسأل النادي حتى لو لم ينتهك الالعب قواعد اللعبة أو لم يرتكب أي خطأ.55 طعن الناديان الرياضيان في احلكم الصادر عن محكمة استئناف Bordeauxواعتبرا أن "اخلطأ املتمثل في خرق قواعد اللعبة والصادر عن العب واحد أو أكثر حتى لو لم تتضح هويتهم ،هو وحده الذي يرتب مسؤولية النادي الرياضي في حال إصابة العب بجروح أثناء مباراة رياضة "الروكبي". بتاريخ 22يونيو ،2117أصدرت الهيئة العامة ﶈكمة النقض حكما ً قضى بإلغاء احلكم الصادر عن محكمة استئناف Bordeauxمعتبرةً أنه ال ميكن إلزام النادي بالتعويض عن األضرار إال إذا ارتكب 53 Cass. civ. 2, 16 septembre 2010, N° de pourvoi: 09-16843. « Qu'en retenant ainsi la responsabilité de l'association Les Albatros de Brest, sans relever l'existence d'une faute caractérisée par une violation des règles du jeu de hockey sur glace commise par un ou plusieurs joueurs, mêmes non identifiés, membres de cette association, la cour d'appel a violé le texte susvisé ; ».
"بحكمها هذا معتبرةً أن جمعية Les Albatros de Brestمسؤولة ،دون التأكد من وجود خطأ يتمثل في خرق قواعد لعبة التزلج على اجلليد ارتكبه العب واحد أو أكثر ،حتى لو كانوا غيرمحددين ،ينتمون إلى هذه اجلمعية، فإن محكمة االستئناف قد خالفت النص املذكور".
Cass. civ. 2, 8 avril 2004, N° de pourvoi: 03-11653 : « Qu'en statuant ainsi, alors qu'elle relevait que M. X..., joueur salarié de la société OM, avait commis l'action dommageable au cours d'une compétition sportive, sans rechercher si le tacle ayant provoqué les blessures avait constitué une faute caractérisée par une violation des règles du jeu, la cour d'appel n'a pas donné de base légale à sa décision au regard du texte précité ; ».
"بحكمها هذا ،الذي اعتبرت فيه أن السيد X...العب أجير لدى شركة OMقد ارتكب الفعل الضار أثناء منافسة رياضية ،دون البحث عما إذا كان الفعل الضار الذي سبب اجلروح قد شكل خطأ ً يتمثل في خرق قواعد اللعبة ،لم تعط محكمة االستئناف سندا ً قانونيا ً حلكمها املبني على النص املذكور".
54 Cass. 2e civ., 13 mai 2004, no 03-10.222 : la décision a été censurée parce que les juges du fond n'avaient pas caractérisé « une faute consistant en une violation des règles du jeu commise par un ou plusieurs joueurs, même non identifiés, faute seule de nature à engager la responsabilité d'une association sportive ».
إن احلكم قد أُلغي ألن محكمة االستئناف لم تتأكد من وجود "خطأ يتمثل في خرق قواعد اللعبة ارتكبه العب واحد أو أكثر ،حتى لو كانوا غير محددين ،واخلطأ هو وحده الذي ميكن أن يرتب مسؤولية جمعية رياضية".
55 CA Bordeaux, 4 juillet 2006, Bulletin 2007, N° 7 : « la victime n’avait pas d’autre preuve à rapporter que celle du fait dommageable (...), même si rien n’établissait qu’une violation des règles du jeu ou une faute quelconque eût été commise ».
"ليس على الضحية إال إثبات الفعل الضار ( ،)...حتى لو لم تُنتهك قواعد اللعبة أو لم يُرتكب أي خطأ".
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
49
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير الالعب خطأ ً يتمثل في خرق قواعد اللعبة .56تقتضي اإلشارة هنا إلى أن شرط ارتكاب خطأ يتمثل في خرق قواعد اللعبة ال يطبق إال على الالعبني أثناء اللعب. .21تعليق على اعتماد اخلطأ كشرط لترتب مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال الالعبني - .كما نعلم فإن حكم Blieckواألحكام التي أيدته ال تشترط خطأ الغير حتى تترتب مسؤولية من له سلطة عليه على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني ،فهي تكتفي بوقوع الضرر بسبب فعل الغير .57من ناحية أخرى ،وفيما يتعلق مبسؤولية األهل عن أفعال أبنائهم القاصرين ،اعتبرت الهيئة العامة ﶈكمة النقض الفرنسية بعد االطالع على الفقرة 1و1و 7من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي أن املسؤولية عن فعل الغير ميكن أن تترتب حتى لو لم ينسب الضرر إلى خطأ القاصر؛ فقد اعتبرت محكمة النقض أنه مجرد وجود ضرر "...سببه املباشر فعل القاصر وإن كان غير خاطئ "...كاف لقيام مسؤولية األهل .58هذه القرارات تنسجم مع قرار Füllenwarthالصادر في 2مايو 1231عن الهيئة العامة ﶈكمة النقض الفرنسية( 59الذي اعتبر أن مجرد إثبات أن فعل االبن القاصر كان السبب املباشر لوقوع الضرر يؤدي إلى قيام قرينة مسؤولية األب واألم عن فعل ابنهما القاصر املقيم معهما) ،وقرار Bertrandالصادر عن الغرفة املدنية الثانية ﶈكمة النقض الفرنسية في 12فبراير ( 601227الذي اعتبر أن القوة القاهرة أو خطأ الضحية فقط ميكنهما أن يعفيا األب 56 Cass. Ass. Plén., 29 juin 2007, N° de pourvoi: 06-18141 : « Qu'en statuant ainsi, alors qu'elle était tenue de relever l'existence d'une faute caractérisée par une violation des règles du jeu commise par un ou plusieurs joueurs, même non identifiés, la cour d'appel a violé le texte susvisé ; ».
"بحكمها هذا خالفت محكمة االستئناف النص املذكور ،حيث إنه كان يتوجب عليها التأكد من وجود خطأ يتمثل في خرق قواعد اللعبة ارتكبه العب واحد أو أكثر ،حتى لو كانوا غير محددين".
57 Cass. ass. plén., 29 mars 1991, préc. : « Qu'en l'état de ces constatations, d'où il résulte que l'association avait accepté la charge d'organiser et de contrôler, à titre permanent, le mode de vie de ce handicapé, la cour d'appel a décidé, à bon droit, qu'elle devait répondre de celui-ci au sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, et qu'elle était tenue de réparer les dommages qu'il avait causés ; d'où il suit que le moyen n'est pas fondé ; ».
"بنا ًء على هذه االستنتاجات التي مبوجبها وافقت اجلمعية على عبء تنظيم ومراقبة طريقة عيش ذي االحتياجات اخلاصة بصورة دائمة ،قررت محكمة االستئناف بحق أن اجلمعية مسؤولة عن فعل هذا األخير على أساس املادة ( 4831الفقرة األولى) من القانون املدني ،وأنها يجب أن تعوض عن األضرار التي سببها؛ مما يستبع رد سبب الطعن".
58 Cf. Cass. ass. plén., 13 déc. 2002, nos 00-13.787 : « … il suffit que le dommage invoqué par la victime ait été directement causé par le fait, même ; » … non fautif, du mineur " ...يكفي أن الضرر الذي تذرعت به الضحية سببه فعل القاصر مباشرة ،ولو لم يكن خاطئاً."...
Cf., également, Cass. 2e civ., 10 mai 2001, no 99-11.287. 59 Cass. ass. plén., 9 mai 1984, n° 79-16.612, Bull. civ. ass. plén., n° 4, D. 1984, jur., p. 525, concl. Cabannes (J.) et note Chabas (Fr.), JCP G 1984, II, n° 20255, note Dejean de la Bâtie (N.) : « Mais attendu que, pour que soit présumée, sur le fondement de l'article 1384 alinéa 4 du Code civil, la responsabilité des père et mère d'un mineur habitant avec eux, il suffit que celui-ci ait commis un acte qui soit la cause directe du dommage invoqué par la victime ; que par ce motif de pur droit, substitué à celui critiqué par le moyen, l'arrêt se trouve légalement justifié ; ». "ولكن حيث إنه لتأسيس مسؤولية أب وأم القاصر الذي يسكن معهما على املادة ( 4831الفقرة )1من القانون املدني ،يكفي أن يرتكب القاصر فعال ً يكون السبب املباشر للضرر الذي تتذرع به الضحية ."... 60 Cass. 2e civ., 19 févr. 1997, n° 94-21.111, Bull. civ. II, n° 56, RTD civ. 1997, p. 668, obs. Jourdain (P.), JCP G 1997, II, n° 22848, concl. Kessous (R.), note Viney (G.) :
50
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .رغيد عبد احلميد فتال
من مسؤوليته احلكمية عن األضرار التي يسببها ابنه القاصر املقيم معه) ،والقرار الصادر عن الغرفة املدنية الثانية ﶈكمة النقض الفرنسية في 11مايو ،612111والقرار الصادر بتاريخ 18 ديسمبر 2112عن الهيئة العامة ﶈكمة النقض الفرنسية 62بشأن مسؤولية أولياء األمور عن أفعال أوالدهم القاصرين ،والتي اعتبرت أن املسؤولية حكمية وليست مبنية على خطأ القاصر ،إذ يكفي توفر العالقة السببية بني فعله والضرر احلاصل؛ كما اعتبرت الغرفة الثانية ﶈكمة النقض الفرنسية في 12ديسمبر 2112أن جمعية املشجعني مسؤولة عن فعل أعضائها دون أن تبحث فيما إذا ارتكب الفاعل خطأ ً أم ال.63 أما بالنسبة للجمعيات واألندية الرياضية ،فبعد أن غير القضاء الفرنسي مساره عام ،2118استقر على أنه ال تترتب مسؤوليتها إال إذا ارتكب الالعب خطأ ً يتمثل في مخالفة قواعد اللعبة .64هذا التوجه يعيد بنظر البعض ملصطلح "املسؤولية" معناه؛ فهو ال يعني مجرد آلية تعويض عن أي ضرر ،65بل يتعلق بأي سلوك غير طبيعي .يتساءل البعض هنا كيف ميكن ملسؤولية األهل عن أفعال أبنائهم القاصرين أن تكون أقصى من مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال منتسبيها ،خاص ًة وأن القانون ال يلزم األهل بإبرام عقود ضمان لتغطية تلك املسؤولية ،في حني أن األندية الرياضية ملزمة قانونا ً بإبرام عقد ضمان لتغطية مسؤوليتها (املادة ل 821-1 .من قانون الرياضة)66؟ يعزو البعض تفضيل األندية الرياضية على األهل إلى أسباب اجتماعية مفادها أن حماية األندية الرياضية تؤدي حلماية الرياضة بشكل عام إذ أن سهولة محاسبة األندية الرياضية عن أفعال منتسبيها هو مبثابة معاقبة الرياضة وتهديد لها؛ لذا أصدرت محكمة النقض الفرنسية أحكامها األخيرة حماي ًة لوظيفة الرياضة االجتماعية واالقتصادية ،علما ً أننا نرى أن كون اإلنسان أبا ً أو أما ً أجدر باحلماية من الرياضة ،خاص ًة وأن األحكام القضائية احلديثة والتي ترتب مسؤولية األهل مبجرد حصول الضرر
« Mais attendu que, l'arrêt ayant exactement énoncé que seule la force majeure ou la faute de la victime pouvait exonérer M. X... de la responsabilité de plein droit encourue du fait des dommages causés par son fils mineur habitant avec lui, la cour d'appel n'avait pas à rechercher l'existence d'un défaut de surveillance du père ; ». " ولكن حيث إن احلكم قد بني أنه ميكن للقوة القاهرة أو خطأ الضحية فقط إعفاء السيد X...من املسؤولية
احلكمية الناجتة عن األضرار التي سببها ابنه القاصر الذي يسكن معه ،ال تكون محكمة االستئناف ُملزمة إذن بالبحث عن خطأ في مراقبة األب ؛".
61 Cass. 2e civ., 10 mai 2001, n° 99-11.287. 62 Cass. ass. plén., 13 déc. 2002, n° 01-14.007. 63 Cass. 2e civ., 12 déc. 2002, no 00-13.553, Bull. civ. II, no 289, p. 230, Petites affiches 7 avr. 2003, no 69, p. 11, note Buy (F.). 64 Cass. civ. 2, 16 septembre 2010, précité : « Qu'en retenant ainsi la responsabilité de l'association Les Albatros de Brest, sans relever l'existence d'une faute caractérisée par une violation des règles du jeu de hockey sur glace commise par un ou plusieurs joueurs, mêmes non identifiés, membres de cette association, la cour d'appel a violé le texte susvisé ; ». "بحكمها هذا معتبرةً أن جمعية Les Albatros de Brestمسؤولة ،دون التأكد من وجود خطأ يتمثل في
خرق ق واعد لعبة التزلج على اجلليد ارتكبه العب واحد أو أكثر ،حتى لو كانوا غير محددين ،ينتمون إلى هذه اجلمعية، فإن محكمة االستئناف قد خالفت النص الذكور".
Cass. civ. 2, 8 avril 2004, N° de pourvoi: 03-11653. 65 Sur cette question, Engel (L.), Vers une nouvelle approche de la responsabilité, Le droit français face à la dérive américaine, Esprit, juin 1993, p. 15. 66 Mouly (J.), Les paradoxes du droit de la responsabilité civile dans le domaine des activités sportives, JCP G 2005, I, n° 134, spéc. la première partie. تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
51
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير
حتى رغم عدم ارتكاب أي خطأ من قبل القاصر أو األهل شكلت رعبا ً لدى األهل من اإلجناب ،مما قلل فعال ً عملية إجناب األطفال في اﺠﻤﻟتمع الفرنسي.67 نفهم أحكام محكمة النقض التي تقضي بعدم مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال منتسبيها إال إذا ارتكب الرياضي خطأ ً يتمثل في مخالفة قواعد اللعبة يقع عبء إثباته على الضحية ،إال أنه من األفضل أن يكون هناك توازن بني مصلحة الضحية ومصلحة األندية الرياضية فيما يتعلق بعبء اإلثبات .فبدال ً من أن يكون عبء إثبات اخلطأ على الضحية ،فمن األفضل أن يكون خطأ الالعب مفترضا ً .ومن باب التسهيل على الضحية ،اعتبرت محكمة النقض في 22سبتمبر 2115أن سقوط الالعبني بعد أن كانوا متجمعني حول طابة Rugbyال ميكن إال أن يكون نتيجة وقوف خاطئ لالعب أو أكثر و من دفع غير عادي ،وأن هذا السقوط هو بالضرورة نتيجة اخلطأ.68 يرى البعض في هذا الصدد أنه من األفضل تضييق نطاق العمل في هذه القرينة (قرينة اخلطأ) بحيث ال تشمل املباريات الرسمية ،لكي ال تضعف عزمية الالعبني؛ أما البعض انآخر ،فيرى أنه من األفضل إعمال قرينة اخلطأ فقط في حال األضرار اجلسدية دون األضرار املادية.69 الغصن الثالث :نطاق تطبيق الفقرة األولى من املادة 4831من القانون املدني الفرنسي على األنشطة الرياضية .25اعتبرت محكمة النقض الفرنسية أن اجلمعيات أو األندية الرياضية مسؤولة عن األضرار املتعلقة بـ "املنافسات الرياضية" 70التي يتسبب بها أحد العبيها ،وعن األضرار املرتكبة أثناء التمرين71؛ كما تعتبر محكمة النقض أن اجلمعيات أو األندية الرياضية مسؤولة أيضا ً عن األضرار التي يتسبب بها أحد العبيها أثناء املباريات الرسمية أو اللقاءات الودية.72 نرى أنه ال مانع من ترتب مسؤولية اجلمعيات أو األندية الرياضية عن األضرار التي يتسبب بها أحد 67 Brun (Ph.), préc., p. 76. 68 Cass. civ. 2, 22 sep. 2005, N° de pourvoi: 04-14092 : « que l'effondrement aussi brusque d'une mêlée est la conséquence d'un mauvais positionnement d'un joueur adverse exerçant une poussée anormale soit latérale soit plus probablement vers le bas ; que cette poussée irrégulière résulte d'une violation de règles contre le jeu, à ce titre sanctionnable …». " إن السقوط املفاجئ هو نتيجة وقوف خاطئ لالعب الذي ينتمي إلى الفريق انآخر والذي دفع (الالعب املضرور) بصورة غير عادية ( )...؛ هذا الدفع غير العادي ينتج عن مخالفة قواعد اللعبة ،ويكون بذلك معاقبا ً عليه".
69 Voir Starck (B.), Essai d’une théorie générale de la responsabilité civile considérée dans sa double fonction de garantie et de peine privée, Thèse Paris, 1947 : la thèse consiste à partir de la nature des dommages causés et non du comportement pour construire l’ensemble du droit de la responsabilité civile. 70 Cass. 2e civ., 3 févr. 2000, précité : « les associations sportives, ayant pour objet d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de leurs membres au cours des compétitions sportives auxquelles ils participent, sont responsables, au sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, des dommages qu'ils causent à cette occasion ». "إن اجلمعيات الرياضية ،التي تهدف إلى تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها أثناء املنافسات الرياضية التي
يشاركون فيها ،مسؤولة على أساس املادة ( 4831الفقرة األولى) من القانون املدني ،عن األضرار التي يسببونها (األعضاء) في هذه املناسبة".
71 Cass. 2e civ., 21 oct. 2004, précité : « … qu'aucune faute caractérisée par une violation des règles du jeu n'avait été commise par un joueur quelconque au cours de la phase d'entraînement …». "...لم يُرتكب أي خطأ متمثل في خرق قواعد اللعبة من قبل أي العب ،أثناء فترة التمرين."...
72 Cass. 2e civ., 13 janv. 2005, no 03-18.617.
52
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .رغيد عبد احلميد فتال
الالعبني للغير وهم على مقاعد االحتياط ،أو أثناء اخلروج والدخول إلى أماكن تغيير املالبس قبيل أو عقب انتهاء املباراة. وبهذه املناسبة يثور التساؤل عما إذا كانت اجلمعيات الرياضية تسأل عن األضرار التي يتسبب بها رياضيون ال ينتمون إليها ولكن حدثت أثناء املباراة التي تنظمها؟ هذا من جهة. ومن جهة أخرى ،يثور التساؤل عما إذا كانت مسؤولية األندية الرياضية تشمل األفعال التي يرتكبها الالعبون خارج األنشطة الرياضية؟ 73 أجابت محكمة النقض الفرنسية بالنفي في حكمها الصادر بتاريخ 22سبتمبر : 2115ففي الوقائع ،أصيب أحد العبي "اجلودو" أثناء مباراة نظمها االحتاد الوطني للرياضة في املدارس ،74UNSS فأقام دعوى أمام القضاء اجملتص متذرعا ً بأن "منظم املباراة الرياضية مسؤول حكما ً عن األضرار التي يسببها املنتسبون إليه" .ردت محكمة النقض الطعن معتبرةً أن مسؤولية اجلمعية ال تترتب إال إذا كان الضرر الذي تطالب الضحية بالتعويض عنه قد سببه منتسب إلى اجلمعية ومبناسبة األنشطة الرياضية .وبالعودة إلى وقائع الدعوى ،لم يتم إثبات أن مسبب الضرر كان عضوا ً في االحتاد الوطني للرياضة في املدارس .UNSS إضافة إلى ما سبق ،يثور التساؤل ،في احلالة التي يكون فيها الالعب قاصراً ،عما إذا كان من املمكن اجلمع بني املسؤوليتني (مسؤولية األهل ومسؤولية األندية الرياضية)؟ من املؤكد أن اجلمع بني املسؤوليتني غير وارد ،75فأي من املسؤوليتني حتجب األخرى؟ العبرة في الطرف الذي ميلك سلطة الرقابة واإلدارة عند ارتكاب الفعل الضار .هذا األمر يرجح مسؤولية األندية الرياضية. الغصن الرابع :معيار ترتب مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال العبيها وأساسها القانوني .26ال ميكن اعتبار "الربح املادي" معيارا ً لترتب مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال منتسبيها ألن ذلك يحول دون ترتب مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال الهواة أو الالعبني أثناء املباريات الودية أو التمرينات والتي ال حتقق أرباحا ً مادية؛ بالواقع ،نرى أن املعيار ال يكمن في "النشاط" بل في العالقة التي تربط اجلمعية مبنتسبيها ،فإذا كان للجمعية سلطة تنظيم وإدارة ورقابة نشاط األعضاء 73 Cass. 2e civ., 22 sept. 2005, no04-18.258: « Mais attendu que l'arrêt, après avoir exactement rappelé que les associations sportives ayant pour mission d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de leurs membres au cours des compétitions sportives auxquelles ils participent ne sont responsables, au sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, des dommages qu'ils causent à cette occasion qu'à la condition que le dommage dont la victime demande réparation ait été causé par un membre de cette association ». "ولكن حيث إن احلكم ،بعد أن ذكر بأن اجلمعيات الرياضية ،التي تهدف إلى تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها
أثناء املنافسات الرياضية التي يشاركون فيها ،ليست مسؤولة على أساس املادة ( 4831الفقرة األولى) من القانون املدني ،عن األضرار التي يسببونها في هذه املناسبة ،إال بشرط أن يكون الضرر الذي تطالب الضحية بالتعويض عنه قد سببه عضو في هذه اجلمعية".
74 Union nationale du sport scolaire (l'UNSS). 75 Cass. 2e civ., 18 mars 1981, no 79-14.036 : « qu'en statuant ainsi, alors que les différentes responsabilités du fait d'autrui ne sont pas cumulatives mais alternatives … ». " ...إن املسؤوليات اجملتلفة عن فعل الغير ال جتتمع ." ... تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
53
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير
فتكون حينئذ مسؤولة عن األضرار التي حتصل بفعل األعضاء سوا ًء كنا بصدد مباراة رسمية أو ودية أو مترينات.76 ميكن القول أن مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال منتسبيها تكون على أساس فكرة حتمل اجملاطر. إن اجلمعيات الرياضية ليست هي الوحيدة التي تشرف على نشاط الغير ،بل هناك أشخاص آخرون يشرفون أيضا ً على نشاط الغير. الفرع الثاني :أشخاص آخرون يشرفون على نشاط الغير .27بعد تطبيق الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني على اجلمعيات الرياضية ،طبقت هذه الفقرة على العديد من األشخاص واجلمعيات ،نذكر منها: 77 جمعية الكشافة عن األضرار التي يرتكبها األوالد املنتسبون إليها . جمعية املشجعني عن األضرار التي يسببها أحدهم للغير.78وفي السياق عينه ،أصدرت محكمة استئناف Aix-en-Provenceحكما ً في 2أكتوبر 2118جاء فيه" :استنادا ً للمادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي ،فإن رابطة مشجعي نادي OGC Niceالرياضي والتي مهمتها تنظيم وإدارة ورقابة نشاط أعضائها ضمن نطاق موضوعها ،مسؤولة عن األضرار التي يحدثونها ،وعن التخريب الذي حصل مبناسبة عملية النقل التي كانت قد نظمتها الرابطة" وذلك بعد أن أشارت إلى األخطاء التي ارتكبوها، مستندا ً في ذلك إلى محضر الضبط املنظم من قبل الشرطة؛ في الوقائع وبتاريخ 21أبريل ،1221استأجرت رابطة مشجعي نادي OGC Niceالرياضي حافلتني من شركة Flash Azur Voyagesلنقل املشجعني إلى مكان املباراة؛ أثناء االنتقال وحتت تأثير الكحول ،أقدم بعض املشجعني على اإلضرار باحلافلتني .في 25نوفمبر ،1222حكمت محكمة الدرجة األولى في Niceباعتبار رابطة املشجعني مسؤولة وبإلزامها بالتعويض عن األضرار التي أصابت شركة .Flash Azur Voyagesفي 2أكتوبر ،2118أصدرت محكمة استئناف Aix-en-Provence
76 Voir Viney (G.) et Jourdain (P.), op. cit., n° 789-24, p. 960 et s. ; Brun (Ph.), Responsabilité civile extracontractuelle, Paris : Lexisnexis, 3e éd., 2014, n° 570, p. 296 ; Terré Fr., Simler Ph. et Lequette Y., Les obligations, Dalloz, 9e éd., 2005, n° 853, p. 825 et 826. 77 CA Paris, 14e ch., sect. B, 9 juin 2000, Resp. civ. et assur. 2000, comm. no 74, obs. Grynbaum (L.). 78 Cass. 2e civ., 12 déc. 2002, précité : « Que par ces constatations et énonciations, la cour d'appel a pu, sans avoir à tenir compte de la dangerosité potentielle de l'activité exercée par un des membres de l'association, décider que celle-ci était tenue de plein droit de réparer, avec son assureur, le préjudice résultant du fait dommageable commis par l'un de ses membres à l'occasion de la manifestation qu'elle avait organisée ».
" ...استطاعت محكمة االستئناف ،دون األخذ باالعتبار خطورة النشاط الذي ميارسه عضو من أعضاء اجلمعية ،أن تقرر أن هذه األخيرة مسؤولة حكما ً مع الضامن عن تعويض الضرر الناجت عن الفعل الضار الذي يرتكبه أحد أعضائها مبناسبة الفعالية (وهي هنا التشجيع) التي نظمتها". 54
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .رغيد عبد احلميد فتال حكما ً مؤيدا ً له ،79وهذا يعني أن اجلمعية ليست مسؤولة عن األخطاء التي حتصل أثناء الفعاليات التي تنظمها داخل امللعب فحسب ،بل وأيضا ً عن تلك التي تقع أثناء االنتقال بهدف تشجيع النادي على مالعب النادي املستضيف. 80 أي جمعية أو نقابة تنظم وتدير وتراقب نشاط منتسبيها .املطلب الثاني :موقف الفقه والقضاء من تطبيق املادة ( 4831الفقرة األولى) على األشخاص الذين يشرفون على نشاط الغير .23إن توسيع نطاق مسؤولية األشخاص الذين يشرفون على نشاط الغير له مزايا عديدة أبرزها سهولة حصول الضحية على التعويض املناسب ،مما جعل العديد من الفقهاء يقترحون هذا التوسيع (الفرع األول)؛ ولكن وألن لهذا التوسيع بعض السلبيات ،فقد مال القضاء لعدم توسيع نطاق مسؤوليتهم (الفرع الثاني). الفرع األول :االجتاه نحو توسيع نطاق مسؤولية األشخاص الذين يشرفون على نشاط الغير .22اقترح الفقه الفرنسي توسيع نطاق تطبيق الفقرة األولى من املادة 1831لتشمل العالقات االقتصادية غير املستقلة كعقد العمل والعالقات بني املتبوع والتابع ،كما اقترح أحد الفقهاء توسيع نطاق الفقرة املذكورة لتشمل كل العالقات االقتصادية غير املستقلة بني املمتهنني الذين ال عالقة تبعية بينهم ،81كالعالقة التي تربط الشركة القابضة société mèreبالشركات التابعة لها (املادة L. 233-1من القانون التجاري الفرنسي)82؛ إال أن القضاء الفرنسي رفض األخذ بذلك 83خالفا ً ﶈكمة العدل اﳋاﺻة باﻹحتاد األوروبي التي أوجدت قرينة ال تقبل إثبات العكس على مسؤولية الشركة القابضة إذا كانت الشركة التابعة مملوك ًة لها.84 79 CA Aix-en-Provence, 10e ch., 9 oct. 2003, Resp. civ. et assur. 2004, comm. no 89, obs. )Radé (Ch. 80 Mouly (J.), note précitée sous : Cass. 2e civ., 3 févr. 2000, n° 98-11.438, spéc. n° 8 ; à propos d’une éviction critiquable de la responsabilité délictuelle du fait d’autrui pour absence de lien d’autorité, v. Cass. 2e civ., 26 oct. 2006, n° 04-11.665, D. 2007, p. 204, note Laydu (J.-B.), JCP G 2007, I, n° 115, spéc. n° 5, obs. Stoffel-Munck (Ph.), RLDC 2007/35, n° 2390, Resp. civ. et assur. 2006, comm. 365, note Radé (Ch.), JCP G 2007, II, n° 10004, note Mouly (J.), RTD civ. 2007, p. 357, n° 3, obs. Jourdain (P.). 81 Del Cont (C.), Propriété économique, dépendance et responsabilité, éd. L'harmattan, 1997, p.73 ; Pasquier (T.), L'économie du contrat de travail, LGDJ, Bibl. de droit social, T. 53, 2010, nos 174 à 177. 82 Voir aussi, en ce sens, Blin-Franchomme (M.-P.), Le critère de « garde » des personnes au regard du principe général de responsabilité civile du fait d'autrui, LPA 1997, no 141, p. 5. 83 Voir Cass. com., 24 mai 1982, no 81-11.268 : la société mère n'est pas responsable des dommages causés par sa filiale. 84 CJUE, 10 sept. 2009, aff. C-97/08, Akzo Nobel ; CJUE, 20 janv. 2011, aff. C90/09, General Química e.a./Commission, RLDA 2011/58, no 3308, RLDA 2011/58, no 3334, note Lecourt A., JCP G 2011, no 5, 126, note P.-F. ; CJUE, 3 mai 2012, aff. C-289/11, Legris industries SA, RLDA 2012/72, no 4057 ; Trib. UE, 17 mai 2011, aff. T-299/08 et T-343/08, Elf Aquitaine, Arkema France c/Commission, RLDA 2011/61, no 3493 ;Trib. UE, 16 juin 2011, aff. T-208/08 et Trib. UE, 16 juin 2011, aff. T-209/08, Gosselin Groupe ; Trib. UE, 16 juin 2011, aff. T-185/06, Air liquide et Trib. UE, 16 juin 2011, aff. T-196/06, Edison, RLDA 2011/63, no 3605. تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
55
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير
-
كما اقترح الفقهاء تطبيق الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي على: كل جمعية سوا ًء كانت رياضية أو غير رياضية ،وذلك عن األضرار التي يسببها أعضاؤها.85 مدربي رياضة التزلج أثناء التدريب.86 املرشدين السياحيني املرافقني للوفد السياحي. منشئي مواقع اإلنترنت وذلك عن األضرار التي يسببها نشر الرسائل عبرها من قبل مستخدميها.87 الفرع الثاني :حتديد نطاق مسؤولية األشخاص الذين يشرفون على نشاط الغير
.81عدم ترتب مسؤولية النقابات عن أفعال منتسبيها مبناسبة التظاهرات - .بتاريخ 26أكتوبر ،2116 أصدرت الغرفة الثانية ﶈكمة النقض الفرنسية حكما ً قضى بأن النقابات غير مسؤولة على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي عن األخطاء التي يرتكبها منتسبوها مبناسبة التظاهرات ،وذلك ألنه "ليس من مهام النقابة تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط منتسبيها أثناء التحركات أو التظاهرات التي يشاركون فيها؛ فاألخطاء الشخصية التي ترتكب ال ترتب املسؤولية احلكمية للنقابة التي ينتمون إليها" .88بعض الفقهاء يعتقدون عكس ذلك ،أي أنه ميكن للنقابة تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط منتسبيها ،وبالتالي تسأل عن أفعالهم أثناء املظاهرات.89 وفي رأينا ،ميكن تبرير هذا احلكم؛ فمن جهة أولى وبحسب املادة L. 2131-1من قانون العمل ،فإن مهمة النقابات ليست السيطرة على أفعال منتسبيها أو حتى اإلشراف عليها؛ فصالحيات النقابات جتاه منتسبيها أقل من صالحيات األندية الرياضية واجلمعيات جتاه منتسبيها ،فاألولى ال ميكنها أن تعطي سوى نصائح عامة أو وضع نظام للعمل ،دون أن يرقى ذلك ليصل إلى حد اإلشراف على نشاط األعضاء .ومن جهة ثانية ،فإن جعل النقابات مسؤول ًة حكما ً عن أفعال منتسبيها يؤدي إلى تقييد نشاطها ،األمر الذي يرفضه اﺠﻤﻟتمع الفرنسي. 85 Chabas F., note sous Cass. 2e civ., 22 mai 1995, no 92-21.197, Gaz. Pal. 1996, 1, jur., p. 16. 86 Voir Chabas F., obs. précitée sous Cass. 2e civ., 22 mai 1995, no 92-21.197. 87 Viney G., note sous CA Paris, 10 févr. 1999, JCP G 1999, I, no 147, spéc. no 9. 88 Cass. 2e civ., 26 oct. 2006, no 04-11.665, RLDC 2006/33, no 2302 : « qu'un syndicat n'ayant ni pour objet ni pour mission d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de ses adhérents au cours de mouvements ou manifestations auxquels ces derniers participent, les fautes commises personnellement par ceux-ci n'engagent pas la responsabilité de plein droit du syndicat auquel ils appartiennent », " إن هدف النقابة ومهمتها ليس تنظيم أو إدارة أو مراقبة نشاط منتسبيها أثناء التحركات واملظاهرات التي
يشاركون فيها ،وعليه فإن األخطاء الشخصية التي يرتكبها هؤالء ال ترتب املسؤولية احلكمية للنقابة التي ينتمون إليها".
obs. Kleitz (Cl.), Resp. civ. et assur. 2006, comm. 365, note Radé (Ch.), JCP G 2007, II, no 10004, note Mouly (J.), JCP G 2007, I, no 115, obs. Stoffel-Munck (Ph.), D. 2007, p. 204, note Laydu (J.-B.), LPA 2007, no 3, p. 15, note Brusorio (M.), LPA 2007, no 17, p. 11 et s., note Barbiéri (J.-F.), RTD civ. 2007, p. 357 et s., note Jourdain (P.), LPA 2007, no 201, p. 15 et s., obs. Vignon-Barrault (A.). 89 Voir par exemple Radé (Ch.), note sous Cass. civ. 2e, 26 oct. 2006, Resp. civ. et assur. 2006, comm. 365.
56
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .رغيد عبد احلميد فتال
.81عدم ترتب مسؤولية جمعية الصيد البري عن أفعال منتسبيها - .رفضت محكمة النقض الفرنسية اعتبار جمعيات الصيد البري مسؤول ًة عن أفعال منتسبيها على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي وذلك في حكم شهير صدر في 11سبتمبر 902113؛ وقد عللت محكمة النقض حكمها بأنه "ليس من مهام جمعيات الصيد البري تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط منتسبيها ،وبالتالي ال تسأل عن أفعالهم"؛ إال أن بعض الفقهاء قد اعتبر أنه ميكن جلمعية الصيد البري أن متارس هذه السلطة على منتسبيها.91
90 Cass. 2e civ., 11 sept. 2008, no 07-15.842, préc.: « les associations de chasse n'ont pas pour mission d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de leurs membres et n'ont donc pas à répondre de ceux-ci ». "إن جمعيات الصيد البري ليس مهمتها تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها ،وبالتالي ال تُسأل عن أفعالهم".
91 Voir par exemple Radé (Ch.), note sous Cass. civ. 2e, 26 oct. 2006, Resp. civ. et assur. 2006, comm. 365 ; Mouly (J.), note sous Cass. 2e civ., 11 sept. 2008, JCP 2008, II, no 10184. تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
57
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير
اخلامتة أ -النتائج في نهاية هذا البحث ،ميكننا أن نستنتج التالي: .1عالج القانون املدني الفرنسي املسؤولية عن فعل الغير في املادة 1831؛ فقد نص على مسؤولية األب واألم عن أفعال أبنائهم القاصرين في الفقرة ،1ومسؤولية املتبوع عن فعل التابع في الفقرة ،5ومسؤولية األساتذة واحلرفيني عن فعل التالمذة واملتدربني في الفقرة 6؛ وأما الفقرة األولى والتي ال مثيل لها في القانون اإلماراتي والتي على أساسها بدأ القضاء باخلروج عن احلاالت التقليدية للمسؤولية عن فعل الغير واﶈددة في القانون ،فﺠاءت عامة وهي تنص على ما يلي" :يسأل الشخص ليس فقط عن الضرر الذي يسببه بفعله الشخصي ،ولكن أيضا ً عن ذلك الذي يسببه فعل األشخاص الذين يسأل عنهم أو األشياء التي يتولى حراستها". .2أي شخص طبيعي أو اعتباري يتولى السيطرة على شؤون الغير؛ أي تنظيم ومراقبة طريقة عيش الغير بصورة دائمة مسؤول عن فعله ولو لم يرتكب الغير خطأ ً .ينبغي التمييز هنا بني السيطرة على شؤون القاصر والسيطرة على شؤون الراشد .إذا لم يكن مصدر السيطرة على شؤون القاصر حكما ً قضائياً ،ال ميكن مساءلة "صاحب السيطرة" على أساس الفقرة األولى من املادة ،1831بل فقط على أساس أحكام املسؤولية العقدية إن توفرت شروطها؛ أما بالنسبة ل"صاحب السيطرة" على شؤون الراشد ،فيمكن مساءلته ولو كان مصدر سلطته هو االتفاق وليس احلكم القضائي ،إال أن القضاء الفرنسي غير مساره في احلكم الصادر بتاريخ 15ديسمبر 2111عن محكمة النقض الذي اعتبرت فيه أنه إذا كان مرتكب الفعل الضار راشدا ً مصابا ً مبرض "الزهامير" وأودع املركز الصحي مبوجب عقد ،فاملركز الصحي في هذه احلالة ال يسأل على أساس الفقرة األولى من املادة ،1831بل فقط على أساس أحكام املسؤولية العقدية إن توفرت شروطها ،وبالتالي لم يعد هناك متييز بني القاصر والراشد. .8السيطرة على شؤون الغير التي أخذ بها القضاء الفرنسي هي السيطرة القانونية وليست الفعلية. .1قضت محكمة النقض الفرنسية أنه يعتبر مسؤوال ً مدنيا ً على أساس املادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي في حال توفرت الشروط املطلوبة أي شخص طبيعي أو اعتباري ،ونذكر مثال ً: اجلمعية التي تدير مركزا ً طبيا ً وتربويا ً عن فعل املعوق ذهنيا ً. اجلمعية التي تدير إصالحية تستقبل األحداث الذين عهدوا إليها مبوجب حكم قضائي. املستشفى اجملتص مبعاجلة األمراض النفسية عن أفعال مريض يعالج فيها منذ أكثرمن عام. 58
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .رغيد عبد احلميد فتال
الوصي على القاصر. .5قضت محكمة النقض الفرنسية أنه ال يعتبر مسؤوال ً مدنيا ً عن فعل الغير على أساس املادة ( 1831الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي: القيمون. األساتذة. األصدقاء واألقارب طاملا أن مهمة السيطرة على شؤون القاصر لم توكل إليهم من قبلالقضاء أو أنهم أوصياء. األوصياء على الراشد. اجمليمات الترفيهية واملراكز الترفيهية األخرى. .6غير القضاء الفرنسي مساره القدمي واستقر على أن األندية الرياضية ليست مسؤول ًة حكما ً على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي إال عن األضرار التي يسببها العبوها بخطئهم املتمثل في خرق قواعد اللعبة ،ألن األندية الرياضية تشرف على نشاط العبيها؛ كما استقر القضاء على إمكانية مساءلة األندية الرياضية عن األضرار املرتكبة أثاء التمرين ،واملباريات الرسمية واللقاءات الودية. .7بحسب االجتهاد احلديث ،يشترط لترتب مسؤولية اجلمعيات أو األندية الرياضية عن أفعال العبيها ارتكاب الالعب املنتسب لها خطأ يتمثل في خرق قواعد اللعبة ،في حني أنه تترتب مسؤولية أي شخص آخر عن فعل الغير مبجرد إحلاق الضرر أي حتى لو لم يرتكب الغير خطأً .نستنتج هنا أن اجلمعيات أو األندية الرياضية محميون أكثر من غيرهم! .3بعد تطبيق الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني على اجلمعيات الرياضية ،طبقت على العديد من األشخاص واجلمعيات ،نذكر منها: جمعية الكشافة عن األضرار الذي يرتكبها األوالد املنتسبون إليها. جمعية املشجعني عن األضرار التي يسببها أحدهم للغير. أي جمعية أو نقابة تنظم وتدير وتراقب نشاط منتسبيها.ب -التوصيات: بنا ًء على هذه الدراسة ،نوصي مبا يلي: -1إمكانية مساءلة من له السيطرة على شؤون القاصر أو الراشد عن فعل الغير على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني ولو كان مصدر السيطرة على شؤونه هو االتفاق ،أي أنه ال يشترط في نظرنا أن يكون مصدر السيطرة احلكم القضائي ،ألن مصدر السيطرة القانونية ليس فقط احلكم القضائي بل االتفاق أيضا ً فضال ً عن القانون؛ وبالتالي ال
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
59
اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير
مانع برأينا أن تسأل اجلدة على أساس الفقرة األولى من املادة 1831عن الفعل الضار الصادر عن حفيدها الذي أودع لديها أثناء العطالت. -2التأكيد على مساءلة أي شخص طبيعي أو اعتباري يتولى السيطرة على شؤون الغير (أي تنظيم ورقابة طريقة عيش الغير بصورة دائمة) عن فعل هذا األخير ولو لم يرتكب (الغير) خطأ ً. -8اعتبار الوصي على الراشد -على غرار الوصي على القاصر -مسؤوال ً عن الضرر الذي يحدثه الراشد على أساس الفقرة األولى من املادة 1831إذا توفرت شروطها ،إذ أنه ال نرى أي فائدة من التمييز بني الوصي على الراشد والوصي على القاصر إذ أن مهمتهما واحدة أال وهي إدارة أموال الشخص الذي وضع حتت الوصاية وحمايته. -1اعتبار اجمليمات الترفيهية واملراكز الترفيهية األخرى التي يودع فيها القاصر مسؤول ًة على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي. -5عدم اعتبار خطأ الالعب شرطا ً لترتب مسؤولية اجلمعيات أو األندية الرياضية عن فعل العبيها ،وذلك على غرار مسؤولية "صاحب السيطرة" على شؤون األشخاص ،وخاص ًة أن األساس القانوني للمسؤولية في احلالتني هو واحد أال وهو الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي؛ فكيف ميكن أن تترتب مسؤولية "صاحب السيطرة" على شؤون الغير عن فعل هذا األخير ولو لو يرتكب (الغير) أي خطأ ،في حني أنها تشترط خطأ الالعب املتمثل في خرق قواعد اللعبة لتترتب مسؤولية األندية الرياضية؟ هذا فضال ً عن أن األندية الرياضية ملزمة قانونا ً بإبرام عقد ضمان لتغطية مسؤوليتها (املادة ل 821-1 .من قانون الرياضة). -6التأكيد على اقتراح الفقيهني الفرنسيني "شاباس" و "فيناه" وهو توسيع نطاق تطبيق الفقرة األولى من املادة 1831لتشمل كل من يتولى اإلشراف على نشاط الغير ،ونذكر مثال ً : كل جمعية سوا ًء كانت رياضية أو غير رياضية ،وذلك عن األضرار التي يسببها أعضاؤها. مدربي رياضة التزلج أثناء التدريب. املرشدين السياحيني املرافقني للوفد السياحي. منشئي مواقع اإلنترنت وذلك عن األضرار التي يسببها نشر الرسائل عبرها من قبلمستخدميها. -7التأكيد على أن النقابات غير مسؤولة على أساس الفقرة األولى من املادة 1831من القانون املدني الفرنسي عن األخطاء التي يرتكبها منتسبوها مبناسبة التظاهرات.
60
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
رغيد عبد احلميد فتال.د
قائمة املراجع 1- Alt-Maes (F.), La garde, fondement de la responsabilité du fait du mineur, JCP G 1998, I, no 154, p. 1367. 2- Blin-Franchomme (M.-P.), Le critère de « garde » des personnes au regard du principe général de responsabilité civile du fait d'autrui, LPA 1997. 3- Brun (Ph.), Responsabilité civile extracontractuelle, Paris : Lexisnexis, 3e éd., 2014. 4- Capitant Henri, Lequette Yves, Terré François, Les grands arrêts de la jurisprudence civile, Tome II, 2008, Litec, Paris. 5- Del Cont (C.), Propriété économique, dépendance et responsabilité, éd. L'Harmattan, 1997. 6- Engel (L.), Vers une nouvelle approche de la responsabilité, Le droit français face à la dérive américaine, Esprit, juin 1993. 7- Hocquet-Berg (S.), Vers la suppression de l’acceptation des risques en matière sportive, Resp. civ. et assur. 2002, chr. n° 15. 8- Jourdain (P.), Existe-t-il un principe général de responsabilité du fait d'autrui ? in La responsabilité du fait d'autrui, Actualité et évolutions, Resp. civ. et assur. 2000. 9- Lasserre-Kiesow (V.), La garde et la responsabilité civile du fait d'autrui, LPA 2001, no 203, p. 12. 10- Mouly (J.), Les paradoxes du droit de la responsabilité civile dans le domaine des activités sportives, JCP G 2005, I. 11- Mouly (J.), Rép. Dalloz, V° Sport, spéc. n° 117. 12- Philippe (C.), Les grands-parents sont-ils des ascendants privilégiés ? (2e partie : l'autorité et la responsabilité), RLDC 2005/20. 13- Radé (Ch.), La résurgence de la faute dans la responsabilité civile du fait d'autrui, Resp. civ. et assur. 2004, chr. 14- Scanvion (A.-M.), L'article 1384, alinéa 1er et la responsabilité du fait d'autrui : un fardeau non transférable sur les épaules du tuteur, D. 1998, chr. 15- Terré (Fr.), Simler (Ph.) et Lequette (Y.), Les obligations, Dalloz, 9e éd., 2005. 16- Viney (G.) et Jourdain (P.), Traité de droit civil, sous la direction de Ghestin (J.), La responsabilité : conditions, LGDJ, 3e éd., 2006, no 789-17. 17- www.legifrance.gouv.fr
61
دولة اإلمارات العربية املتحدة- جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا،تصدر عن كلية القانون
62
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
اتفاق التّحكيم في ضوء القانون اإلمارتيّ -دراسة مقارنة -
القطان محمد سامر د. ّ ّ أستاذ مساعد -كل ّّية القانون - جامعة عجمان -مقر ّ الفجيرة
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
63
64
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
املقدمة التعريف بال ّت حكيم وأهميته: -1ال ّتحكيم L'arbitrageهو طريقة أو وسيلة اتفاقية قانونية حلل املنازعات عن طريق هيئة حتكيمية ،تتألف من محكم أو أكثر يختارهم األطراف بإرادتهم احلرة ،بدال ً من تسويتها عن طريق قضاء الدولة اجملتص(.)1 وال ّتحكيم -في وقتنا احلاضر -هو األكثر رواجا ً بني الوسائل البديلة األخرى املتوافرة حلل املنازعات
خارج نطاق اﶈاكم الرسمية للدول)(2؛ ألنه األكثر تلبية ملتطلبات وحاجات األعمال واملبادالت التجارية؛ وخاصة من حيث السرعة في البت في النزاع املعروض على اﶈكم أو اﶈكمني ،والسرية واملرونة في اإلجراءات ،واالقتصاد في التكاليف والنفقات في معظم األحيان ...مما يجنب األطراف املتخاصمة طول إجراءات التقاضي أمام اﶈاكم الرسمية وتعقيداتها ،ورمبا ارتفاع تكاليفها أيضا ً...
وتقر تشريعات أكثر دول العالم – إن لم يكن جميعها( -)3نظام ال ّتحكيم كآلية حلل املنازعات تقوم بأكملها ،من حيث املبدأ ،على إرادة األطراف املتنازعة ورﻏبتهم في إبعاد نزاعهم عن حكم اﶈاكم )(
الرسمية للدولة ،وإخضاعه باملقابل حلكم أشخاص ) اﶈكمني) يختارونهم بأنفسهم ، 4أو يحددون طريقة اختيارهم ،أو يحيلون نزاعهم إلى مؤسسة أو مركز من مراكز ال ّتحكيم اﶈلية أو الدولية املنتشرة في معظم دول العالم. ويبدو أن اجتاها ً جديدا ً برز في العصر احلديث ،يقضي بالنص على ال ّتحكيم وحتديد شروطه وتنظيم اجراءاته في قانون خاص؛ كما هو احلال في اململكة املتحدة ومصر وسورية ومشروع قانون ال ّتحكيم االحتاد ّي اإلماراتي ...إلى جانب االجتاه التقليدي الذي يُدرج النصوص املتعلقة بال ّتحكيم في قانون اإلجراءات أو املرافعات املدنية؛ كما هو احلال في فرنسا ولبنان ودولة اإلمارات العربية املتحدة ...
1عرّفت املادة األولى من قانون التّحكيم السوري رقم 4لعام 8002التّحكيم بأنه" :أسلوب اتفاقي قانوني حلل النزاع بدال ً من القضاء سواء أكانت اجلهة التي ستتولى إجراءات التّحكيم مبقتضى اتفاق الطرفني منظمة أم مركزا ً دائما ً للتحكيم أم لم تكن كذلك". 2الوسائل البديلة حلل املنازعات )ADR) Alternative Dispute Resolutionعبارة عن مجموعة من الطرق أو اآلليات االتفاقية والقانونية التي يلجأ إليها األطراف بإرادتهم حلل منازعاتهم خارج أروقة اﶈاكم الرسمية للدولة؛ لتجنب تعقيدات التقاضي أمام اﶈاكم ،ولﻺفادة من املميزات التي متنحها هذه الطرق عموما؛ كاملرونة والسرعة والسرية ،ومن أهم هذه الطرق :التّحكيم، والتوفيق ،والوساطة ،واملصاحلة ،واملفاوضات ...،انظر :د .أحمدأنورناجي ،مدى فعالية الوسائل البديلة حلل املنازعات وعالقتها بالقضاءّ ، العنكبوتية ،موقعhttp://membres.multimania.fr/berradarz/article/hal-niza3ate.pdf : الشبكة ّ 3انظر على سبيل املثال قانون التّحكيم اإلنكليزي الصادر سنة ،1991والهولندي الصادر سنة ،1921واملصري الصادر سنة ،1994والسوري الصادر سنة ... 8002 4 KAMARIYAGWE Nadège, «Portée d'une sentence arbitrale en Droit international», http://www.memoireonline.com/07/12/6022/m_Portee-d-une-sentence-arbitrale-en-Droit-international-13.html تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
65
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ وعليه ،منيز في دولة اإلمارات العربية املتحدة من جهة بني نصوص ال ّتحكيم النافذة (حتى تاريخ إعداد هذا البحث) ،الواردة في املواد (من 802الى ،)812التي تُشكل الباب الثالث من الكتاب الثاني
من قانون اإلجراءات املدنية االحتادي رقم ،(5)1998/11ومن جهة أخرى بني نصوص مشروع القانون االحتادي املستقل بشأن التّحكيم في املعامالت املدنية والتجارية ،املُعد سنة 8001الذي لم يصدر حتى تاريخ إعداد هذا البحث. أهمية دراسة اتفاق ال ّت حكيم: -8متر العملية ال ّتحكيمية في ثالث مراحل أساسية ،أوّلها :االتفاق على ال ّتحكيم ،وأوسطها اإلجراءات وإصدار احلكم ،وآخرها تنفيذ احلكم .وي ُشكل اتفاق ال ّت حكيم نقطة البداية ،والركيزة األساسية في العملية التّ حكيمية؛ فمن دونه ال يوجد حتكيم وال إجراءات وال حكم .ونقصد هنا
بطبيعة احلال ال ّتحكيم االختياري املعني وحده بهذا البحث دون ال ّتحكيم اإلجبار ّي(.)6 وتكمن أهمية دراسة القواعد واألحكام الناظمة التفاق ال ّتحكيم من حيث إنه مصدر سلطة اﶈكمني في النظر والبت في النزاع موضوعه من جهة ،ومن حيث إنه يحجب في الوقت ذاته اختصاص قضاء الدولة عن النظر والبت بهذا النزاع ،وفق اإلجراءات والشروط املنصوص عليها في القانون من جهة أخرى. وإن مدى وضوح اتفاق ال ّتحكيم وسالمته من الناحية القانونية عند إنشائه ،يؤثر إيجابا ً على إجراءات ال ّتحكيم ،واصدار احلكم ،وتصديقه من قبل اﶈكمة اجملتصة من أجل منحه القوة التنفيذية ،أ ّي من أجل تنفيذه جبرا ً إن تعذر تنفيذه رضا ًء ألي سبب كان).(7 كما تبرز أهمية هذا البحث من خالل التصدي للمسائل االختالفية التي ظهرت ،في الفقه والقضاء في دولة اإلمارات ،حول بعض النقاط املتعلقة بتفاصيل اتفاق ال ّتحكيم وشروطه وآثاره؛ كاالختالف حول:
سمية. 5املعدل بالقانون االحتادي رقم 20لسنة ،8002املنشور في العدد 440من اجلريدة الر ّ ّ 6يُقسم التّحكيم ،من حيث دور اإلرادة في اللجوء إليه ،إلى حتكيم اختياري (إرادي) وآخر إجباري ،والتّحكيم االختياري هو الذي معينة دون يلجأ إليه األفراد مبحض إرادتهم ،أما التّحكيم اإلجباري فهو الذي تفرضه قاعدة قانونية آمره بخصوص منازعات ّ مراعاة إلرادة األطراف .واألصل في التّحكيم أنه اختياري وليس إجبارياً؛ ومثال ال ّتحكيم اإلجباري في القانون اإلماراتي هو التّحكيم في منازعات العمل اجلماعية؛ حيث نصت املادة 110من قانون العمل اإلماراتي رقم 2لعام 1920على أن" :تنشأ بوزارة ّ العمل والشؤون االجتماعية جلنة تسمى جلنة التّحكيم العليا حلل منازعات العمل اجلماعية ."...وجتدر اإلشارة إلى أن التّحكيم االختياري هو طريق إلزامي بالنسبة لألطراف التي اختارته ،فال يجوز التنازل عنه إال بإجماعهم. 7حكم التّحكيم ،وإن كان يتمتع قانونا ببعض اآلثار القانونية منذ صدوره؛ كالقوة الثبوتية Force propanteوحجية الشيء أو األمر املقضي ،Force de la chose jujéeإال أنه ال يتمتع بذاته بالقوة التنفيذية Force exécutoireالتي تسمح بتنفيذه جبرا ً عند االقتضاء من قبل السلطة اجملتصة في الدولة ،فهذه القوة ال تثبت قانونا ً إال للسندات التنفيذية التي حددها املشرع على سبيل احلصر -كما هو احلال في معظم الدول ومن بينها دولة االمارات العربية املتحدة -والتي يُعد من أهمها األحكام القضائية ،وليس من بينها بطبيعة احلال أحكام التّحكيم (انظر :املادة 882من قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي) .لذلك ،البد من إقامة دعوى ُمبتدئة أمام اﶈكمة اجملتصة من أجل استصدار حكم قضائي يقضي بتصديق حكم التّحكيم (انظر :املواد 812 وما بعد ق إ م إ). 66
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ الطبيعة القانونية التفاق ال ّتحكيم ،وما إذا كان هذا االتفاق هو مجرد عمل إجرائي أم أنه عقدككل عقود القانون اخلاص ،ينطبق عليه ما ينطبق عليها من أحكام قانونية؟ اعتبار كتابة اتفاق ال ّتحكيم شرطا لوجوده أم مجرد شرط إلثباته؟ مدى استقاللية شرط ال ّتحكيم عن العقد املندرج فيه ،وأثر بطالن أي منهما على اآلخر...منهج البحث وخطته: -2سنعمد في دراستنا التفاق ال ّتحكيم إلى تبيان تعريفه وطبيعته القانونية ،وخصائصه وصوره، وأركانه وشروط صحته ،واآلثار املترتبة عليه .وسندرس كل من هذه املسائل ،وما أثير حولها ،أو حول العملي ،أو أشار إليها الباحثون ،دراسة استقرائية البعض منها ،من اختالفات أظهرها الواقع ّ وحتليلية ومقارنة ،انطالقا من القواعد التشريعية الواردة بشكل أساسي في قانون اإلجراءات املدنية االحتادي رقم 11لعام ،(8)1998والقواعد الواردة في مشروع قانون ال ّتحكيم االحتادي امل ُ َعد سنة 8001 بشأن ال ّتحكيم في املنازعات التجارية ،مستنيرين –كلما أمكن -بأحكام القضاء وآراء الفقه املتوافرة في دولة اإلمارات ،ومقارنني في الوقت ذاته مع ما هو سائد في بعض التشريعات وآراء الفقهاء واالجتهادات املقارنة ،وكل ذلك وفق اجملطط اآلتي: -
املبحث األول :تعريف اتفاق ال ّتحكيم وطبيعته القانونية املبحث الثاني :خصائص اتفاق التّحكيم وصوره املبحث الثالث :أركان اتفاق التّحكيم وشروط صحته املبحث الرابع :آثار اتفاق التّحكيم
8املعدل بالقانون رقم .8002/20 تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
67
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ
املبحث األول تعريف اتفاق ال ّت حكيم وطبيعته القانونية ثم تبيان طبيعته القانونية ،وهذا ما تقتضي دراسة اتفاق ال ّتحكيم البدء بتعريفه أوّالً ،ومن ّ سنوضحه في املطلبني اآلتيني:
املطلب األول تعريف اتفاق ال ّت حكيم Définition de la convention d'arbitrage -4لم تتطرق النصوص القانونية اإلماراتية النافذة ،االحتادية منها واﶈلية ،إلى مسألة تعريف اتفاق ال ّتحكيم .في حني أشارت املادة األولى من مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي ،في معرض تبيانها ملعاني بعض الكلمات والعبارات الواردة فيه ،إلى أن اتفاق ال ّتحكيم هو" :اتفاق األطراف بإرادتهم احلرة على إحالة نزاعهم للتحكيم" .وال شك أن هذا التعريف يبرز بوضوح اجلانب الرضائي في اللجوء إلى ال ّتحكيم ،لكنه تعريف مختصر؛ فهو لم يشر إلى أشكال أو صور هذا االتفاق ،ولم يتطرق ملاهية أو أنواع املنازعات التي ميكن حلّها عن طريق ال ّتحكيم. في حني أن قانون ال ّتحكيم املصري – وهو املصدر املباشر ملشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي -أوضح في املادة 1/10منه أن "اتفاق ال ّتحكيم هو اتفاق الطرفني على االلتجاء إلى ال ّتحكيم لتسوية كل أو بعض املنازعات التي نشأت أو ميكن أن تنشأ بينهما مبناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو يبني أن املنازعات التي ميكن تسويتها عن طريق ال ّتحكيم ،قد تكون واقعة بير عقدية" .وهذا تعريف ّ فعال أو من املمكن أن تقع في املستقبل ،وفي ذلك إشارة إلى صورتي اتفاق التّحكيم -الشرط واملشارطة -اللتني سنأتي على دراستهما الحقا ً( .)9ولكن قد يؤخذ على هذا النص قصره اتفاق ال ّتحكيم على اتفاق طرفني ال أكثر ،لوال أن املشرع نص صراح ًة في املادة 2/4على أن عبارة "طرفي ال ّتحكيم" الواردة في هذا القانون تنصرف إلى أطراف ال ّتحكيم ولو تعددوا .وباعتقادنا ،كان من األجدر استخدام تعبير أطراف ال ّتحكيم عوضا عن طرفيه في جميع نصوص قانون ال ّتحكيم ،وعلى األخص في معرض تعريف اتفاق ال ّتحكيم؛ لتشمل داللته كل ما قد ينضوي عليه بهذا الشأن(.)10
9انظر ما بعد :البند .10- 10انظر :عبد الباسط محمد عبد الواسع الضراسي ،النظام القانوني التفاق التّحكيم – دراسة حتليلية مقارنة -ط ،8صنعاء، 8002ص .14 68
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ املبني أعاله -كان أدق من نظيره املصري ولعلّ التعريف الذي أورده مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي – ّ من هذه الناحية. وجدير بالذكر أن القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي – الذي هو بدوره املصدر الرئيسي لقانون ال ّتحكيم املصري -عرّف في املادة 7منه اتفاق ال ّتحكيم بأنه" :اتفاق الطرفني على أن يحيال إلى ال ّتحكيم ،جميع أو بعض املنازعات اﶈددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهما بشأن عالقة قانونية محددة تعاقدية كانت أو بير تعاقدية ويجوز أن يكون اتفاق ال ّتحكيم في صورة شرط حتكيم وارد في عقد أو في صورة اتفاق منفصل" .وفي ذلك إشارة صريحة إلى صورتي اتفاق ال ّتحكيم. ووفقا ً التفاقية نيويورك لعام ،1922يقصد باتفاق ال ّتحكيم" :شرط ال ّتحكيم الوارد في عقد ،أو اتفاق ال ّتحكيم املوقع عليه من قبل األطراف ،أو االتفاق الذي تضمنته اخلطابات املتبادلة أو البرقيات"(.)11 وكذلك ،أعطى الكثير من فقهاء القانون تعريفات متعددة التفاق ال ّتحكيم ال تختلف في جوهرها
عن تعريف ال ّتحكيم ذاته( ،)12وتتشابه مع بعضها البعض ومع بيرها من التعريفات التشريعية املقارنة ،ولن نستعرضها هنا؛ ألن جلّها ينصب من حيث النتيجة على اعتبار أن اتفاق ال ّتحكيم هو: االتفاق أو العقد الذي مبوجبه يتفق األطراف على اللجوء إلى ال ّت حكيم لتسوية كل أو بعض املنازعات التي نشأت أو ميكن أن تنشأ بينهم مبناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو
بير عقدية(.)13
املطلب الثاني الطبيعة القانونية التفاق ال ّت حكيم (اتفاق أم عقد؟) La nature juridique de la convention d'arbitrage ُ -2مييز بعض فقهاء القانون – تقليديا -بني مصطلحي "االتفاق" Conventionو"العقد" ،Contrat ويرون في االتفاق أنه توافق إرادتني أو أكثر على إنشاء التزام ما أو نقله أو تعديله أو إنهائه ،ويرون في العقد أنه اتفاق إرادتني على إنشاء التزام ما أو نقله فحسب ،أ ّي أن العقد هو أخص من االتفاق؛ 11املادة 1/8من اتفاقية نيويورك لعام ،1922املبرمة بشأن االعتراف بقرارات التّحكيم األجنبية وتنفيذها ،والتي انضمت إليها دولة االمارات العربية املتحدة مبوجب املرسوم االحتادي رقم 42املؤرخ 12يونيو.8001 ، 12يحرص البعض من رجال القانون على عمومية تعريف اتفاق ال ّتحكيم وشموليته؛ فيرون أن "االتفاق على اللجوء إلى التّحكيم بشأن نزاع لم يحصر املشرع والية نظره فقط للقضاء" ،انظر :د .الشهابي إبراهيم الشهابي الشرقاوي ،اتفاق التّحكيم في ضوء أحكام القضاء اإلماراتي ومشروع القانون االحتادي ،سلسلة الدراسات القانونية والقضائية ( ،)2معهد دبي القضائي ،8012 ،ص .18 13حول بعض التعريفات الفقهية التفاق التّحكيم ،انظر :د .أحمد ابراهيم عبد التواب ،دار اجلامعة اجلديدة ،مصر ،8009 ،ص 22 وما بعد .وانظر( KAMARIYAGWE Nadège :مرجع سابق). تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
69
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ بحيث ميكن القول أن كل عقد هو اتفاق ،ولكن ليس كل اتفاق هو عقد ما لم يكن منشئا ً اللتزام أو ناقال ً له ،أما إذا كان االتفاق ُمعدال ً لاللتزام أو منهيا ً له فال يكون حينئذ عقدا ً(.)14
ولكن أكثر فقهاء القانون ،ومنهم الفرنسي ،Ghestinال يجدون أيّة فائدة عملية للتفرقة بني مصطلحي "االتفاق" و"العقد" ،ويرون أنهما ليسا في الواقع سوى مترادفني ملعنى واحد ،وميكن استخدام أ ّي منهما محل اآلخر ،واألمر املهم عندهم هو أن يتضمن كل عقد اتفاقا ً على إحداث أثر قانوني ما ،فإذا لم يكن املراد إحداث هذا األثر فال نكون أمام عقد باملعنى القانوني للكلمة ،ويبررون وجهة نظرهم هذه بأن القانون املدني الفرنسي ذاته – الذي هو مصدر الكثير من القوانني املدنية في البالد العربية وبيرها -لم يفرق بني هذين املصطلحني ،وأن القواعد العامة الواردة فيه املتعلقة بالعقد هي ذاتها القواعد العامة املتعلقة باالتفاق ،لذا ال فائدة عملية من التفرقة بني هذين املصطلحني(.)15 أما بشأن ال ّتحكيم ،فبالنظر إلى أن االتفاق عليه ينشئ التزامات متبادلة تقع على عاتق أطرافه()16؛ ومن أهمها االلتزام بعدم اللجوء إلى قضاء الدولة من أجل تسوية نزاعهم محل االتفاق ،واللجوء عوضا عن ذلك إلى هيئة التّحكيم املشار إليها باتفاقهم؛ لتقوم هي بهذه املهمة ....لذلك فإن هذا االتفاق – املنشئ لاللتزامات -يُعبر عنه في كل األحوال بالعقد ،والعكس صحيح.
-1-2ومن جهة أخرى ،يرى البعض أن اتفاق ال ّتحكيم هو عقد من عقود القانون اخلاص ،وليس عمال ً من األعمال اإلجرائية البحتة ،أو عقدا ً له طبيعة إجرائية عامة ،كما كان يُنظر إليه قدميا من قبل بعض الفقه اإليطالي؛ وذلك ألن اتفاق ال ّتحكيم يُبرم قبل بدء اخلصومة فال ميكن ع ّده عنصرا ً من
عناصرها( .)17ومبعنى آخر ،اتفاق ال ّتحكيم هو عقد ينشئ التزامات متبادلة على عاتق أطرافه تقضي – كما أشرنا -بعدم اللجوء إلى محاكم الدولة من أجل البت بالنزاع موضوعه ،والذهاب عوضا ً عنها إلى هيئة ال ّتحكيم ،وهو بذلك يسبق إجراءات ال ّتحكيم(.)18 ونحن نرى من جانبنا ،أن اتفاق ال ّتحكيم وإن كان عقدا ً من عقود القانون اخلاص إال أن ّه ذو طابع إجرائي؛ يتناول نواح إجرائية بحتة تكمن في الكيفية التي يجب أن يبت من خاللها في نزاع قائم أو من املمكن أن يقوم في املستقبل ،واملتمثلة في اللجوء الى ال ّتحكيم بدال ً من اللجوء إلى القضاء، وألنه يُبني بشكل مباشر أو بير مباشر تشكيل هيئة التّحكيم أو طريقة تشكيلها ،ويحدد القواعد اإلجرائية واملوضوعية الواجب اتباعها .ولهذا نرى في اتفاق ال ّتحكيم أنه عقد مدني ذو طابع
خصه بها املشرع – ان في قانون إجرائي ،وفي الوقت ذاته هو عقد مسمى يخضع لألحكام التي ّ ّ
14انظر :د .عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون املدني ،جزء ،1منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،8004 ،ص.117 15 Jacques Ghestin, Traité de droit civil: La formation du contrat, Librairie générale de droit et de jurisprudence, 1993, P. 5. 16انظر ما بعد –البند.7 17انظر :د .فتحي والي ،قانون التّحكيم في النظرية والتطبيق ،منشأة املعارف ،االسكندرية ،8007 ،ص .27 18د .حفيظة السيد احلداد ،االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق ال ّتحكيم ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية ،8001 ،ص .12 70
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ اإلجراءات أو في قانون مستقل -كما يخضع بصورة عامة لألحكام الناظمة لعقود القانون اخلاص(،)19 وفق قاعدة اخلاص أولى بالتطبيق من العام. وجتدر املالحظة إلى أن اتفاق ال ّتحكيم يبقى عقدا مدنيا ً ذا طابع إجرائي ،حتى ولو تعلق مبنازعات ذات طابع جتاري أو إداري أو دولي ،وسواء أُبرم بعقد مستقل أو كان على صورة شرط أو بند ُمدرج في العقد األصلي الذي يربط بني األطراف()20؛ ذلك ألن اتفاق ال ّتحكيم يُعد اتفاقا مستقال عن العقد
األصلي( ،)21وجوهره العام -املدني اإلجرائي -ال يتأثر مبوضوعه إن كان جتاريا ً أو إداريا ً أو دوليا ً( ،)22وإن طبقت عليه بعض القواعد التجارية أو اإلدارية أو الدولية – حسب احلال -بوصفها قواعد خاصة .و كلًما خلت هذه القواعد من نص على مسألة ما أو إجراء ما وجب الرجوع إلى النصوص املدنية أو اإلجرائية العامة.
19انظر ما بعد ،البند .1- 20حول صورتي اتفاق التّحكيم ،انظر ما بعد ،البند.10- 21حول استقاللية شرط التّحكيم ،انظر ما بعد ،البند.1-80- 22انظر :د .فتحي والي ،مرجع سابق ،ص 27و.22 تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
71
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ
املبحث الثاني خصائص اتفاق ال ّت حكيم وصوره يتسم اتفاق ال ّتحكيم بخصائص متعددة ندرسها في املطلب األولُ ،وميكن أن يأتي هذا االتفاق في صورتني اثنتني ندرسهما في املطلب الثاني ،على النحو اآلتي:
املطلب األول خصائص اتفاق ال ّت حكيم باالستناد إلى تعريف ال ّتحكيم وطبيعته القانونية ،يرى معظم فقهاء القانون أن اتفاق ال ّتحكيم هو عقد يتمتع بخصائص متعددة( ،)23أهمها أنه:
مسمى من حيث موضوعه: أوال -عقد ّ خصت تشريعات أكثر دول العالم العقد الذي مبوجبه يتفق أطرافه على اللجوء إلى اﶈكمني -1فقد ّ بدال ً من اللجوء إلى القضاة املعنيني من قبل الدولة حلل ما نشأ ،أو ما قد ينشأ بينهم ،من نزاع باسم "ال ّت حكيم" ،ونظموا إجراءاته وشروطه بقواعد خاصة شكّلت في بعض الدول ،قانونا ً مستقال ً بحد ذاته أُطلق عليه "قانون ال ّتحكيم" كما في بريطانيا ومصر ...أو أُدرجت في قانون اإلجراءات في دول أخرى؛ كما في فرنسا ولبنان ... وفي دولة اإلمارات العربية املتحدة ،وضع املشرع للتحكيم تنظيما ً خاصا ً يتمثل –كما رأينا -في النصوص القانونية التي شكّلت في مجملها الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون اإلجراءات املدنية االحتادي رقم 11لعام ( 1998املواد من 802إلى ،)812مع رببة في إصدار قانون خاص بال ّتحكيم – متاشيا مع االجتاه التشريعي احلديث -جتلّت في مشروع قانون حتكيم مستقل مت إعداده في دولة اإلمارات سنة ،8001ولم يصدر حتى تاريخ إعداد هذا البحث. ثانيا -عقد ملزم للجانبني من حيث أثره: -7ينشئ عقد ال ّتحكيم التزامات متبادلة تقع على عاتق طرفيه ،فكل منهما يلتزم بعدم طرح النزاع محل عقد ال ّتحكيم أمام القضاء وعرضه باملقابل على هيئة ال ّتحكيم ،وعلى كل منهما املساهمة بتشكيل هيئة التّحكيم بالطريقة املتفق عليها ... 23انظر :اﶈامي عبد الهادي عباس ،التّحكيم الداخلي في القانون السوري واملقارن ،دمشق ،مطبعة األنصار ،1992 ،ص.102 72
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ ويالحظ بهذا الصدد ،أن االلتزامات التي يرتبها عقد ال ّتحكيم على عاتق طرفيه على سبيل التبادل
هي التزامات متماثلة( ،)24على خالف العقود األخرى التي ترتب عادة على أطرافها التزامات متقابلة لكنها بير متماثلة وامنا مختلفة كعقد البيع مثال؛ حيث يلتزم البائع بتسليم املبيع إلى املشتري الذي يلتزم باملقابل بدفع الثمن... ثالثا -عقد محدد: -2لطاملا أن االلتزامات املتبادلة لطرفي عقد ال ّتحكيم – املبينة في البند السابق -والفائدة التي سيجنها كل منهما من هذا العقد تتحدد وقت التعاقد ،لذا يوصف عقد ال ّتحكيم بأنه عقد محدد. رابعا -عقد شكلي: -9يُعد عقد ال ّتحكيم ،وفق الراجح في الفقه القانوني ،من العقود الشكلية من حيث تكوينه؛ فالرضائية -أي تراضي الطرفني -وان كانت مطلوبة في انعقاد اتفاق ال ّتحكيم إال أنها ال تكفي وحدها لتكوينه ،والبد فوق ذلك أن يكون هذا االتفاق مكتوبا ً؛ وذلك بالنظر إلى أن كتابة اتفاق ال ّتحكيم هي ،وفق الراجح من الفقه والقضاء ووفق أكثر التشريعات املقارنة ،شرط النعقاده ال شرطا ً ﺠﻤﻟرد إثباته وفق ما سنبينه الحقا(.)25
املطلب الثاني صورتا اتفاق ال ّت حكيم -10التعبير عن إرادة األطراف باللجوء إلى ال ّتحكيم يتم ،بحسب القانون اإلماراتي وأكثر تشريعات دول العالم ،بإحدى صورتني :األولى :تكون قبل وقوع النزاع بني األطراف ،وتأخذ شكل شرط أو بند يُدرج في العقد األساسي الذي يربط بني األطراف ،وتسمى "شرط ال ّت حكيم" ،والثانية تكون بعد وقوع النزاع بني األطراف ،وتكمن في إبرام اتفاق مستقل عن العقد األساسي الذي يربط بني األطراف، وتسمى "مشارطة ال ّت حكيم". وقد نص قانون اإلجراءات املدنية الفرنسي اجلديد صراح ًة على أن (:اتفاق ال ّتحكيم قد يأخذ شكل شرط clause compromissoireأو مشارطة .))26(compromis
24انظر :د .مصطفى محمد اجلمال ،أضواء على عقد التّحكيم ،مجلة الدراسات القانونية ،كلية احلقوق ،جامعة بيروت العربية ،العدد األول ،يوليو ،1992ص.801 25انظر ما بعد البند .1-14 26Article 1442 du NCPC: "La convention d'arbitrage prend la forme d'une clause compromissoire ou d'un " … compromis تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
73
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ ويع ّد هذا أيضا ً موقف مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي االحتادي الذي ينص على جواز أن يكون اتفاق ال ّتحكيم في شكل شرط سابق على قيام النزاع يُدرج في عقد معني ،أو أن يكون في شكل اتفاق منفصل يُبرم بعد نشوء النزاع ،حتى ولو سبق أن أقيمت بشأنه دعوى أمام القضاء (م .)1\11 وكذلك ،أجاز قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي لألطراف املتعاقدة أن يشترطوا ،بصفة عامة ،في عقدهم األساسي أو في اتفاق الحق عليه ،عرض ما قد ينشأ بينهم من نزاع بصدد تنفيذ هذا العقد -أو عقد معني آخر -على محكم أو أكثر (م .)1\802وفي هذا الصدد ،قضت اﶈكمة االحتادية العليا في دولة اإلمارات ،بأن ال ّتحكيم وفقا ألحكام قانون اإلجراءات املدنية االحتادي ينصرف إلى ما
يتفق عليه طرفا النزاع بإرادتهما احلرة ،وسواء أكان االتفاق سابقا أو الحقا على قيام النزاع(.)27 وعلى ذلك منيز في االتفاق على ال ّتحكيم بني الصورتني اآلتيتني: أوال -شرط ال ّت حكيم Clause compromissoire
-11تعريفه :هو عبارة عن شرط -أو فقرة أو بند -يُدرجه املتعاقدون في عقد معني ،يقضي باإلحالة على ال ّتحكيم ما قد ينشأ بينهم في املستقبل من منازعات ،كال ً أو بعضاً ،بخصوص هذا العقد أو بخصوص مسألة معينة منه .وقد عرّفه املشرع الفرنسي بأنه" :االتفاق الذي يلتزم مبوجبه أطراف عقد أو أكثر بأن يخضعوا إلى حتكيم املنازعات التي من املمكن أن تقع بشأن هذا أو هذه العقود"(.)28 وفي الواقع ،كثيرا ما نصادف في عقود التجارة ،وبخاصة الدولية منها ،مثل هذا الشرط الذي يقضي بإحالة ما قد ينشأ عن تفسير أو تنفيذ العقد من منازعات إلى ال ّتحكيم. -1-11مك انه :يرد شرط ال ّتحكيم عادةً في صلب العقد األصلي املبرم بني األطراف ،وقد يأتي في ملحق له ،ويخضع في هذه احلالة إلى لذات األحكام الناظمة لشرط ال ّتحكيم الوارد في العقد األصلي. وقد ال ينص العقد األصلي املبرم بني األطراف -بشكل مباشر وصريح -على اللجوء إلى ال ّتحكيم حلل املنازعات التي قد تنشأ عنه ،لكنه يتضمن إحالة إلى عقد آخر أو إلى وثيقة معينة تتضمن من بني بنودها شرطا ً حتكيميا ً .وقد أجاز الفقه والقضاء والكثير من التشريعات املقارنة مثل هذه اإلحالة ،واعتبروها مبثابة اتفاق على ال ّتحكيم ما دامت واضحة الداللة على إرادة األطراف في اللجوء إلى ال ّتحكيم ،كطريق لفض ما قد ينجم بينهم من منازعات بصدد تنفيذ عقدهم األصلي .وهذا ما أخذ به مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي في املادة 8/11التي نصت على أنه" :تعتبر اإلشارة في أي عقد إلى شرط ال ّتحكيم مبثابة اتفاق حتكيم شريطة أن يكون العقد مكتوباً ،وتكون اإلشارة قد وردت بحيث جتعل ذلك الشرط جزءا ً من العقد" .وكذلك ذكرت املادة 2/10من قانون ال ّتحكيم 27الطعن رقم 171لسنة 8009جتاري ،جلسة األحد املوافق 12من أكتوبر سنة ،8009نُشر على ّ العنكبوتية؛ موقع الشبكة ّ منتدى قانون اإلماراتhttp://theuaelaw.com/vb/index.php : "… La clause compromissoire est la convention par laquelle les parties à un ou plusieurs : du NCPC 28 Article 1442 contrats s'engagent à soumettre à l'arbitrage les litiges qui pourraient naître relativement à ce ou à ces contrats…". 74
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ املصري" :ويعتبر اتفاقا على ال ّتحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط حتكيم إذا كانت اإلحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من هذا العقد". -2-11صيغته :قد يأتي شرط ال ّتحكيم مفصال ً ،مبعنى أنه يشمل كل أو معظم متطلبات ال ّتحكيم (كأن يسمي األطراف اﶈكم أو اﶈكمني أو يبينوا طريقة تسميتهم أو تعينهم ،ويحددوا القانون الواجب التطبيق على اإلجراءات وعلى موضوع النزاع ،ويبينوا لغة ال ّتحكيم ومدته ومكانه، وبير ذلك من التفاصيل اإلجرائية ...ولهم أيضا ً أن يختاروا اللجوء إلى مركز معني من مراكز أو مؤسسات ال ّتحكيم) ،كما قد يأتي شرط ال ّتحكيم مقتضبا ً ،مبعنى أنه يقتصر على مجرد تقرير مبدأ اللجوء إلى ال ّتحكيم حلسم املنازعات التي قد تنشأ عن هذا العقد ،وتترك التفاصيل لالتفاق عليها الحقا ً بني األطراف ،أو أنها تخضع للقواعد القانونية الواجبة التطبيق في حال عدم االتفاق عليها. وفي جميع األحوال يجب أن يصاغ شرط ال ّتحكيم بشكل واضح ال لبس فيه وال بموض ،وذلك ألن اللبس أو الغموض في شرط ال ّتحكيم قد يؤدي إلى استحالة إعماله أو بطالن احلكم الصادر بناء عليه ... ثانيا -مشارطة ال ّت حكيم Compromis
-18تعريفها :مشارطة ال ّتحكيم عبارة عن اتفاق أطراف نزاع معني وقع بينهم بالفعل على اللجوء إلى ال ّتحكيم من أجل تسويته ،وذلك بدال ً من اللجوء إلى قضاء الدولة ،وتسمى في القانون املقارن في بعض األحيان "وثيقة ال ّتحكيم" أو "صك ال ّتحكيم" .وقد عرّف املشرع الفرنسي مشارطة ال ّتحكيم بأنها االتفاق الذي مبوجبه يُخضع اخلصوم نزاع ما وقع بينهم إلى ال ّتحكيم(.)29 وعليه ،فقد يقع نزاع ما بني أطراف عقد معني ال يتضمن شرطا ً حتكيماً ،أو يقع نزاع ما بني أطراف عالقة قانونية بير تعاقدية (كاخلالفات حول مقدار التعويضات عن األضرار املترتبة على احلوادث الناجمة عن سيارات أو آالت أو بير ذلك ،)...ويربب األطراف بتسوية هذا النزاع عن طريق ال ّتحكيم، فيعمدون إلى إبرام مشارطة حتكيم خاصة به.
-1-18موضوعها :تنصب مشارطة ال ّتحكيم على نزاع وقع فعال بني األطراف املعنية ،فهي على خالف شرط ال ّتحكيم الذي يتفق عليه قبل نشوء النزاع كما أشرنا أعاله. وال متانع قوانني أكثر الدول من إبرام مشارطة ال ّتحكيم بشأن نزاع معروض على القضاء ،وهذا ما ميز ،في بعض األحكام اإلجرائية ،بني ال ّتحكيم الذي يجري عن أجازه املشرع اإلماراتي ضمنا ً عندما ّ أي من محاكم الدولة اجملتصة ،وال ّتحكيم الذي يلجأ إليه األطراف بشأن نزاع لم يعرض على طريق ٍّ أي من محاكم الدولة (املواد 812وما بعد من قانون اإلجراءات املدنية) .في حني أجاز املشرع الفرنسي
… Le compromis est la convention par laquelle les parties à un litige né soumettent celui-ci NCPC"Article 1442 29 ."à l'arbitrage تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
75
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ صراح ًة لألطراف اللجوء إلى ال ّتحكيم أثناء سير دعوى مرفوعة مسبقا أمام القضاء( .)30وكذلك فعل املشرع املصري حني نص في املادة 8/10من قانون ال ّتحكيم على أنه ... " :يجوز أن يتم اتفاق ال ّتحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية ."... ومن جهة أخرى ،ميكن لألطراف جتزئة النزاع ،وذلك في األحوال التي يكون فيها النزاع قابال ً للتجزئة، وإخضاع جزء منه أو أكثر للتحكيم ،وإحالة األجزاء األخرى إلى القضاء أو إلى بير ذلك من وسائل التسوية ،أو حتى تأجيل تسويتها إلى زمن الحق. -8-18متييزها عن شرط ال ّت حكيم :ال فرق بني صورتي اتفاق ال ّتحكيم -الشرط واملشارطة -من بأي منهما باللجوء إلى ال ّتحكيم ال إلى محاكم الدولة ،من أجل تسوية حيث التزام كل من ارتبط ٍّ النزاع موضوع هذا االتفاق .وكذلك ،البد أن يستوفي اتفاق ال ّتحكيم ،سواء أتى على صورة شرط أو
مشارطة ،جميع أركانه وشرائط صحته املنصوص عليها في القانون والتي سيتم تبيانها الحقا ً(.)31 أما االختالف اجلوهري بني الصورتني -الشرط واملشارطة -فيكمن في توقيت هذا االتفاق؛ فقوام شرط ال ّتحكيم هو اتفاق األطراف على اللجوء إلى ال ّتحكيم من أجل تسوية منازعات يحتمل وقوعها في املستقبل ،أي منازعات قد تقع وقد ال تقع ،ولذا ال يتصور حتديد هذه املنازعات بدقة مسبقاً .أما مشارطة ال ّتحكيم فقوامها هو اتفاق األطراف على ال ّتحكيم بعد قيام النزاع ،مما يقتضي حتديد هذا النزاع بدقة. وعلى ذلك ،ولطاملا أن مشارطة ال ّتحكيم تبرم بعد وقوع النزاع ،فإن معظم تشريعات ال ّتحكيم في
مختلف دول العالم ،ترتب البطالن على عدم حتديد النزاع محلها( ،)32بينما ال تتطلب مثل هذا التحديد بالنسبة لشرط ال ّتحكيم؛ كونه يبرم بشأن نزاع محتمل الوقوع .ولقد نص القانون اإلماراتي صراح ًة على البطالن في حال لم يحدد موضوع النزاع في وثيقة ال ّتحكيم -أو أثناء نظر الدعوى -حتى لو كان اﶈكمون مفوضني بالصلح (م 2/802ق إ م). ومن الناحية العملية ،بالبا ما يقضي شرط ال ّتحكيم باإلحالة على ال ّتحكيم ما قد ينشأ من منازعات حول تفسير العقد األصلي الذي يربط بني األطراف أو حول تنفيذه ،وهذا يشكل حتديدا على وجه العموم ﶈل شرط ال ّتحكيم مبظاهره وجوانبه دون أن ينصب على كنه النزاع بدقائقه وتفصيالته. وجتدر اإلشارة أخيرا ً إلى أن مشارطة ال ّتحكيم ال ميكن أن تكون إال بشأن منازعات وقعت فعال ،أما املنازعات اﶈتملة الوقوع في املستقبل ،فال يتصور بشأنها سوى اللجوء إلى شرط أو بند ال ّتحكيم.
Article 1446 NCPC -Modifié par Décret n°2011-48 du 13 janvier 2011- "Les parties peuvent compromettre 30 même au cours d'une instance déjà engagée devant une juridiction". 31انظر ما بعد :البندين -12-و.14- 32جاء في املادة 8/10من قانون التّحكيم املصري .... " :كما يجوز أن يتم اتفاق التّحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية وفى هذه احلالة يجب أن يحدد االتفاق املسائل التي يشملها التّحكيم وإال كان االتفاق باطال". 76
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ
املبحث الثالث أركان اتفاق ال ّت حكيم وشروط صحته رأينا فيما سبق أن اتفاق ال ّتحكيم -شرطا ً كان أم مشارطة -هو عقد كسائر العقود ،وإن أفرد له املشرع بعض األحكام اخلاصة ،لذلك ال بد لقيامه من أن تتوافر فيه كافة األركان القانونية ،والبد لصحته من توافر الشروط الالزمة لذلك .وسنتناول فيما يأتي أركان اتفاق ال ّتحكيم وشروط صحته، في ضوء األحكام العامة الناظمة للعقود واألحكام اخلاصة بعقد ال ّتحكيم ،وذلك في املطلبني اآلتيني:
املطلب األول أركان اتفاق ال ّت حكيم يقوم اتفاق ال ّتحكيم ،كسائر العقود ،على أركان ثالثة هي :الرضا واﶈل والسبب ،وهذا ما أكدته اﶈكمة االحتادية العليا بقولها إن االتفاق على ال ّتحكيم هو من العقود الرضائية امللزمة التي يلزم لصحتها ونفاذها ،وجوب استيفائها جلميع أركان العقد من رضا ومحل وسبب مشروع )33(...ودراسة
هذه األركان تتم عادةً في نطاق النظرية العامة لاللتزام( ،)34لذلك سنقتصر فيما يأتي على تبيان أهم ما يتعلق من هذه األحكام بأركان اتفاق ال ّتحكيم ،إضافة إلى األحكام اخلاصة بهذا االتفاق: أوال -الرضا : Consentement -1-12كما هو احلال في سائر العقود عموماً ،ال ينعقد اتفاق ال ّتحكيم بصورتيه – الشرط واملشارطة -إال برضا الطرفني ،ولذا ال بد من إيجاب وقبول تتطابق مبوجبهما اإلرادتان على اللجوء إلى ال ّتحكيم حلل النزاع الذي من املمكن أن يقع في املستقبل أو الذي وقع فعال بينهما(.)35
وتنص املادة 120من قانون املعامالت املدنية اإلماراتي االحتادي على أن(" :)36ينعقد العقد مبجرد ارتباط اإليجاب بالقبول مع مراعاة ما قد يقرره القانون من أوضاع معينة النعقاده" .وقد تطلب املشرع
33الطعن رقم 181لسنة 8018جتاري ،جلسة األربعاء 80من يونيو سنة ،8018منشور في ّ العنكبوتية؛ موقع منتدى الشبكة ّ قانون اإلمارات http://theuaelaw.com/vb/index.php 34حول أركان العقد ،انظر :د .عبد الرزاق السنهوري ،مرجع سابق ،ص 148وما بعد.
35فوزي محمد سامي ،ال ّتحكيم التجاري الدولي ،ط ،2دار الثقافة ،عمان.188 ،8010 ، 36رقم 2لسنة 1922م املعدل بالقانون رقم 1لسنة .1927
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
77
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ اإلماراتي ،أن يكون التعبير عن إرادة األطراف في اللجوء إلى ال ّتحكيم عن طريق الكتابة( .)37وكتابة اتفاق ال ّتحكيم هي -كما سيمر معنا -وفق الفقه والقضاء وأكثر التشريعات املقارنة ،شرط لوجوده (أي ركن) ال شرطا ً ﺠﻤﻟرد إثباته(.)38 وال بد أن يكون التعبير عن اإلرادة داال ً -في صيغته -داللة واضحة ال لبس فيها وال بموض ،على رببة
األطراف في اللجوء إلى ال ّتحكيم لتسوية النزاع الذي قصده األطراف في اتفاقهم(.)39 وال يكفي توافر الرضا حتى ينتج اتفاق ال ّتحكيم آثاره القانونية بصورة مستقرة ،بل ال بد أن يكون أيضا خاليا من العيوب التي نص عليها قانون املعامالت املدنية اإلماراتي االحتادي؛ وهي اإلكراه والتغرير والغنب والغلط ،وبالشروط املبينة في املواد (من 171إلى )192منه. قوام ُه اإلرادة ،فإذا انتفت هذه اإلرادة كان العقد باطال بل ومنعدما وعليه ،فاتفاق ال ّتحكيم هو عقد ُ
.)40(Inexistant ثانيا -اﶈل :
-8-13أدرج املشرع اإلماراتي -كأكثر التشريعات املقارنة -محل العقد حتت عنوان أركان العقد؛ فنص في املادة 199من قانون املعامالت املدنية على أنه" :يجب أن يكون لكل عقد محل يضاف إليه". وال شك أن اﶈل في اتفاق ال ّتحكيم هو موضوع النزاع أو اخلالف الذي نشأ ،أو ميكن أن ينشأ بني أطرافه. وإذا ورد اتفاق ال ّتحكيم على صورة شرط أو بند مدرج في العقد األصلي ،الذي يربط بني األطراف املتعاقدة ،فإنه بالبا ما يرد من دون تفصيل باعتبار أن وقوع النزاع هو أمر مستقبلي واحتمالي. أما إذا أتى اتفاق ال ّتحكيم على صورة مشارطة ،أي مت إبرامه بعد وقوع النزاع ،فيتوجب على األطراف في هذه احلالة حتديد كل املسائل املتنازع عليها املراد تسويتها عن طريق ال ّتحكيم .ولقد رتب املشرع اإلماراتي – كغيره من املشرعني -البطالن إذا لم يحدد األطراف موضوع النزاع في اتفاقهم على فوضوا اﶈكمني بالصلح (م 2/802ق إ م). ال ّتحكيم ،حتى ولو ّ ويشترط في محل اتفاق ال ّتحكيم ،حتقق كافة الشروط التي فرضها القانون على محل العقد بشكل عام؛ كأن ال يكون التعامل به ممنوعا ،وأال يكون مخالفا للنظام العام أو اآلداب (املادة 802من قانون املعامالت املدنية اإلماراتي االحتادي) ،وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل عند دراسة شروط صحة اتفاق ال ّتحكيم(.)41
37نصت املادة 2/802من قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي االحتادي على أنه ..." :ال يثبت االتفاق على التّحكيم إال بالكتابة". 38انظر ما بعد ،البند .1-14 39د .نبيل اسماعيل عمر ،التّحكيم في املواد املدنية والتجارية ،دار اجلامعة اجلديدة ،8004 ،ص .18 40اﶈامي عبد الهادي عباس ،مرجع سابق ،ص .101 41انظر ما بعد ،البند .8-12-
78
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ
ثالثا -السبب: -2-12كما هو احلال في القانون املدني املقارن عموما ،ع ّد املشرع اإلماراتي في قانون املعامالت املدنية االحتادي سبب العقد ركنا ً من أركانه ،وعرّفه بأنه الغرض املباشر الذي يقصده املتعاقدون من العقد، واشترط أن يكون موجودا ً وصحيحا ً ومباحا ً وبير مخالف للنظام العام أو اآلداب (املادة 807من ق م م) .وكذلك ،قضى املشرع في القانون ذاته بعدم صحة العقد إن لم تكن فيه منفعة مشروعة للمتعاقدين ،وافترض في ذات الوقت وجود هذه املنفعة املشروعة في كافة العقود ما لم يقم الدليل على خالف ذلك (املادة 802ق م م). والسبب في عقد ال ّتحكيم يتمثل ،بحسب معظم فقهاء ال ّتحكيم ،في إرادة أطرافه بعدم حل النزاع القائم ،أو الذي من املمكن أن يقوم بينهم في املستقبل ،عن طريق قضاء الدولة وحلّه عن طريق اللجوء إلى ال ّتحكيم ،وهذا سبب مشروع مالم يثبت عكس ذلك باألدلة املقبولة قانونا ً. وبصيغة أخرى ،يقول الدكتور أحمد ابراهيم عبد التواب عن سبب اتفاق ال ّتحكيم أنه "رببة األطراف في إقصاء منازعتهم عن قضاء الدولة وطرحها على ال ّتحكيم"(.)42
املطلب الثاني شروط صحة اتفاق ال ّت حكيم ميكن تقسيم الشروط الالزمة لصحة اتفاق ال ّتحكيم ،وفق الراجح في الفقه القانوني اﶈلي
واملقارن( ،)43إلى شروط شكلية ،وأخرى موضوعية ،نتناول كال منها فيما يأتي:
أوال -الشروط الشكلية لصحة اتفاق ال ّتحكيم: -14يتطلب القانون اإلماراتي –كما املقارن -من أجل صحة اتفاق ال ّتحكيم ،مجموعة من الشروط الشكلية ،نتناولها تباعا فيما يأتي: ( )1يجب أن يكون اتفاق ال ّت حكيم مكتوبا ً: -1-14نظرا ً لآلثار القانونية الهامة التي تترتب على اتفاق ال ّتحكيم ،والتي تتمثل – كما سنرى(-)44 في حجب والية القضاء عن البت بالنزاع محل هذا االتفاق ،وعرضه باملقابل على اﶈكم أو اﶈكمني اجملتارين من قبل األطراف املتعاقدة ٬يتطلب القانون اإلماراتي -كما معظم تشريعات دول العالم -أن يكون اتفاق ال ّتحكيم بصورتيه ٬الشرط واملشارطة ٬مكتوبا. ولم تشترط قوانني مختلف الدول شكال محددا لكتابة اتفاق ال ّتحكيم ،وقد اقتصر قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي بهذا الشأن ،على نص املادة 2/802التي تقضي بأنه " ...ال يثبت االتفاق على 42د .أحمد ابراهيم عبد التواب ،مرجع سابق ،ص.291 43د .أحمد ابراهيم عبد التواب ،مرجع سابق ،ص.298 44انظر ما بعد ،البند.11- تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
79
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ ال ّتحكيم إال بالكتابة" .في حني أن مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي جاء ،على برار قانون ال ّتحكيم املصري وبيره ،أكثر تفصيال؛ فنصت املادة 18منه على أنه" :يجب أن يكون اتفاق ال ّتحكيم مكتوبا ً وإال كان باطال ً .ويكون االتفاق مكتوبا ً إذا تضمنه محرر وقّعه الطرفان أو ورد فيما تبادله الطرفان من
رسائل أو برقيات أو بيرها من وسائل االتصال املكتوبة"( .)45كما اعتبر مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي في املادة 8/11منه أن مجرد "اإلشارة الواردة في أ ّي عقد إلى شرط للتحكيم مبثابة اتفاق حتكيم شريطة أن يكون العقد مكتوبا ً وأن تكون اإلشارة قد وردت بحيث جتعل ذلك الشرط جزءا ً من
العقد"(.)46 وإذا كان شرط الكتابة في االتفاق على ال ّتحكيم مجمعا ً عليه –عموما -في الفقه والقانون املقارنني ،لكن اختالف وقع حول ما إذا كانت الكتابة هي شرط لتكوينه (أي ركن) أم هي شرط إلثباته؟ واحلقيقة أن مثل هذا االختالف بير موجود في الدول التي نصت تشريعاتها صراح ًة مبا يفيد أن الكتابة هي شرط من شروط تكوين اتفاق ال ّتحكيم -أي هي ركن فيه -كما هو حال قانون ال ّتحكيم املصري ومشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي وبيرهما من القوانني التي أوجبت ،حتت طائلة البطالن ،أن يكون اتفاق التّحكيم مكتوبا ً (املادة 18من مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي ،املقابلة للمادة 18من قانون ال ّتحكيم املصري). لكن االختالف نشأ في ظل قوانني الدول التي لم تنص صراح ًة مبا يفيد أن الكتابة هي شرط وجود التفاق ال ّتحكيم؛ كقانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي االحتادي ،حيث نصت املادة 2/802منه على أنه: " ...ال يثبت االتفاق على ال ّتحكيم إال بالكتابة" ،وقد ظهرت عدة وجهات نظر حول هذا النص وتفرعت إلى الرأيني اآلتيني: -8-14الرأي األول( :)47ذهب إلى أن الكتابة هي شرط إثبات وليست شرط وجود التفاق ال ّتحكيم ،أي أنها ليست ركنا ً من أركان عقد ال ّتحكيم .وأصحاب هذا الرأي يبررون موقفهم هذا بتمسكهم بحرفية نص املادة ..." 2/802ال يثبت االتفاق على ال ّتحكيم إال بالكتابة" .وعليه ،فاالتفاق الشفهي على ال ّتحكيم هو ممكن التحقق وفق هذا الرأي ،ولكن إثباته ال يكون إال كتابةً .وتبدو خطورة هذا الرأي من حيث أن اإلثبات بالكتابة له قانونا ً عدة استثناءات يجوز فيها اإلثبات بالشهادة؛ كما لو وجد مثال ً مان ع مادي أو أدبي حال دون احلصول على دليل كتابي ...أو بير ذلك مما أورده املشرع اإلماراتي في قانون اإلثبات(.)48 45املقابلة لنص املادة ( )18من قانون التّحكيم املصري. 46املقابلة لنص املادة ( )2/10من قانون التّحكيم املصري. 47انظر :اﶈامي جمـال حسـن النجــار ،التّحكيم وفقـا لقانـون اإلجــراءات املدنيــة رقم ( )11لسنــة - 1998املعمـول بــه فـي دولـــة اإلمارات العربيـة املتحــدة -مجلة احلق ،جمعية احلقوقيني بدولة اإلمارات العربية املتحدة ،العدد السابع 1481هـ 8001م. 48تقضي املادة 27من قانون اإلثبات االحتادي في املعامالت املدنية والتجارية رقم 10لسنة 1998أنه " :يجوز اإلثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة في األحوال اآلتية: -1إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ،ويعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة كل كتابة تصدر من اخلصم ويكون من شأنها أن جتعل وجود التصرف املدعى به قريب االحتمال. 80
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ
-2-14الرأي الثاني :وهو ما نراه أقرب للصواب يرى في الكتابة شرط وجود التفاق ال ّتحكيم ال مجرد شرط إلثباته .وعليه ،يترتب على عدم كتابة اتفاق ال ّتحكيم بطالنه ،وال مجال بالتالي إلثبات وجوده ال شفاها ً وال بأي طريقة أخرى بير الكتابة؛ إذ ال يجب التوقف عند حرفية نص املادة 2/802آنفة الذكر ،وامنا يتعني االستناد في تفسير هذا النص إلى روح نصوص ال ّتحكيم باعتبارها وحدة متكاملة: فمن جهة ،أشار املشرع اإلماراتي في معرض تنظيمه للتحكيم في قانون اإلجراءات املدنية إلى ما سمى "وثيقة ال ّت حكيم" قاصدا فيها اتفاق ال ّتحكيم ،بطريقة تدل باملطلق أن كتابته هي شرط يُ ّ لوجوده (أي ركن) ال شرطا ً إلثباته؛ من ذلك مثال: -1لقد أوجبت املادة 1/812ق إ م إيداع حكم اﶈكمني مع أصل وثيقة ال ّتحكيم قلم كتاب اﶈكمة اجملتصة ،واإليداع ال ميكن أن يتصور في الوثائق عمليا ً إال ل ِ َم هو مكتوب. -8وأوجبت املادة 2/818ق إ م أن يتضمن حكم اﶈكمني صورة من االتفاق على ال ّتحكيم ،وبهذا
الشأن قضت محكمة متييز دبي بأن عدم تطبيق هذا النص يؤدي إلى بطالن احلكم(.)49 -2وأوجبت املادة 2/802ق إ م أن يحدد موضوع النزاع في وثيقة ال ّتحكيم أو أثناء نظر الدعوى وإال كان ال ّتحكيم باطال ً. -4وقضت املادة 802ق إ م بعدم جواز تفويﺾ اﶈكمني بالصلﺢ ما لم يكونوا مذكورين بأسمائهم في االتفاق على ال ّتحكيم أو في وثيقة الحقة. وكل هذه النصوص القانونية – ورمبا بيرها -تدل بوضوح أن كتابة اتفاق ال ّتحكيم هو شرط لوجوده وليس شرطا ً إلثباته.
ومن جهة أخرى ،تقضي األعراف ال ّتحكيمية ،ال سيما في املنازعات التجارية الداخلية منها والدولية ،بأن االتفاق على ال ّتحكيم ال ميكن أن يكون إال كتاب ًة حتت طائلة البطالن .والكثير من تشريعات دول العالم تعتبر العرف التجاري في العديد من املعامالت التجارية مصدرا ً رئيسا ً للقانون(.)50
-8إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون احلصول على دليل كتابي. -2إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي ال يد له فيه. -4إذا رأت اﶈكمة ألسباب وجيهة السماح باإلثبات بالشهادة. -2إذا طعن في الدليل الكتابي بأنه يتضمن ما يحظره القانون أو مخالف للنظام العام أو اآلداب العامة". 49طعن مدني رقم ،22تاريخ ،8001/4/89مجلة القضاء والتشريع ،العدد ،18ص.270 50نصت املادة الثانية من قانون املعامالت التجارية اإلماراتي االحتادي رقم 12لسنة 1992على أن -1" :يسري على التجار وعلى األعمال التجارية ما اتفق عليه املتعاقدان ما لم يتعارض اتفاقهما مع نص جتاري آمر -8 .فإذا لم يوجد اتفاق خاص؛ سرت قواعد العرف التجاري فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون ،أو في بيره من القوانني املتعلقة باملسائل التجارية ويقدم العرف اخلاص أو اﶈلي على العرف العام فإذا لم يوجد عرف جتاري وجب تطبيق األحكام اخلاصة باملسائل املدنية فيما ال يتعارض مع املبادئ العامة للنشاط التجاري -2 .وال يجوز تطبيق االتفاقيات اخلاصة أو قواعد العرف التجاري إذا تعارضت مع النظام العام أو اآلداب". تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
81
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ وخالصة القول ،إن كتابة شرط ال ّتحكيم هي -وفق الراجح في الفقه والقضاء ووفق أكثر التشريعات املقارنة -شرط لوجوده ال شرطا ً إلثباته ،وهي دون شك شرط شكلي يجعل من عقد ال ّتحكيم عقدا ً شكليا ً إضاف ًة لكونه عقدا ً رضائيا ً ،كما سبق أن مر ّ معنا(.)51
51انظر ما سبق ،البند .9- 82
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ
( )8يجب أن يصدر اتفاق ال ّت حكيم ممن له أهلية التصرف في احلق محل النزا ع: -4-14تأخذ تشريعات معظم الدول مبعيار قدرة الشخص على التصرف بحقوقه ،من أجل تقرير أهليته إلبرام اتفاق حتكيم .وعليه يكون احلق قابال للتصرف عندما يكون بإمكان صاحبه أو حائزه التفرغ عنه سواء ببيعه أو بالتنازل عنه( .)52ففي دولة اإلمارات العربية املتحدة ،اشترط املشرع صراح ًة في قانون اإلجراءات املدنية ،من أجل صحة اتفاق ال ّتحكيم ،أن تتوافر في الشخص الذي يبرمه أهلية التصرف في احلق محل النزاع (املادة .)4\202 وكذلك ،لم يجز مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي ،على برار القانون املصري وبيره ...االتفاق على ال ّتحكيم إال للشخص الطبيعي أو االعتباري الذي ميلك التصرف في حقوقه (املادة 1/12من املشروع املقابلة للمادة 11من قانون ال ّتحكيم املصري). وعلى ذلك ،ال يجوز أن يكون طرفا ً في اتفاق ال ّتحكيم إال الشخص الذي ميلك أهلية التصرف في احلق موضوع هذا االتفاق ،والعكس بالعكس؛ مبعنى أنه ال يجوز ملن ال ميلك حق التصرف بهذا احلق إبرام اتفاق حتكيم بشأنه ،حتى ولو كان متمتعا ً باألهلية الالزمة إلدارة أمواله – كلها أو بعضها -أو كان يتمتع بأهلية التقاضي أو بير ذلك ...وهذا ما أكدته محكمة متييز دبي بقولها إن .." :االتفاق على اللجوء إلى ال ّتحكيم ال يصح إال ممن كانت له أهلية التصرف في احلق املتنازع عليه وليست أهليته في االلتجاء إلى القضاء .)53(" ... وبديهي أن أهلية التصرف إلبرام اتفاق ال ّتحكيم يجب أن يتمتع بها جميع األطراف ،وسواء أكان
اتفاق ال ّتحكيم على صورة شرط أو مشارطة .وأهلية التصرف باحلقوق بالنسبة للشخص الطبيعي ،يحددها عادة قانون الدولة التي يتبع إليها الشخص بجنسيته( .)54وهي بحسب القانون اإلماراتي ال تكون إال ملن بلغ سن الرشد ،وكان متمتعا بكامل قواه العقلية ،ولم يحجر عليه ألي ()55
سبب من األسباب .وقد حدد قانون املعامالت املدنية اإلماراتي االحتادي
-وكذلك قانون األحوال
الشخصية االحتادي( -)56سن الرشد القانوني للشخص الطبيعي بإمتام إحدى وعشرين سنة قمرية (أي ما يعادل بالتقومي الشمسي عشرين سنه وأربعة أشهر وعشرين يوماً؛ باعتبار أن السنة القمرية – الهجرية -أقصر عن السنة الشمسية – امليالدية -بعشرة أيام تقريبا). 52 Fauvarque-cosson (B), Libre disponibilite´ des droits et conflits de lois, L.G.D.J. Paris, 1996. No. 92-93, P. 57 et s. 53قرار محكمة متييز دبي ،أحكام املدنية ،الطعن رقم ،8009 ،191جلسة ،8009-9-12املبدأ رقم -1-مكتب فني ،80ج ،2 صفحة ،1912منشور على موقع شبكة قوانني الشرقhttp://www.eastlaws.com/ : 54نصت املادة ( )1/11من قانون املعامالت املدنية اإلماراتي على أن" :يسري على احلالة املدنية لألشخاص وأهليتهم قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم ومع ذلك ففي التصرفات املالية التي تعقد في دولة اإلمارات العربية املتحدة وتترتب آثارها فيها إذا كان أحد الطرفني أجنبيا ناقص األهلية ،وكان نقص األهلية يرجع الى سبب فيه خفاء ال يسهل على الطرف اآلخر تبينه؛ فان هذا السبب ال يؤثر في أهليته". 55نصت املادة ( 1-":)22كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل األهلية ملباشرة حقوقه املنصوص عليها في هذا القانون والقوانني املتفرعة عنه -8 .ويبلغ الشخص سن الرشد إذا أمت إحدى وعشرين سنة قمرية". 56املادتني (.)178 ،171 تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
83
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ أما أهلية التصرف للشخص االعتباري ،فيحددها عادة سند إنشائه ،إضافة ملا يقرره القانون الواجب تطبيقه بشأنها( .)57وفي هذا الصدد ،قضت اﶈكمة االحتادية العليا في دولة اإلمارات بأن االتفاق على ال ّتحكيم هو من العقود الرضائية امللزمة ،ويلزم لصحتها ونفاذها وجوب استيفائها جلميع أركان العقد من رضا ومحل وسبب مشروع .ووجوب صدور الرضا -أو قبول التعاقد -عن إرادة بير معيبة ،ومتمتعة بكامل مقومات أهلية التعاقد ،سواء تعلق األمر بشخص طبيعي أو معنوي. وعليه ،في الشركات يكون صاحب الصفة في التعاقد باسمها ممثلها القانوني اجملول بذلك أو أي شخص يتم توكيله أو تفويضه بذلك(.)58 وجتدر اإلشارة إلى أن اتفاق ال ّتحكيم يبرم إما من األطراف املعنية به أنفسهم أو من قبل وكالئهم، وفي احلالة الثانية ال بد –حسب قوانني معظم الدول -من تفويضهم بإبرام هذا االتفاق بنص خاص؛ فالوكالة ذات األلفاظ العامة ال جتيز للوكيل إبرام اتفاق ال ّتحكيم ما لم تشتمل على نص خاص صريح يفوضه بذلك؛ وفي هذا االجتاه نصت املادة 982من قانون املعامالت املدنية اإلماراتي على أنه" : إذا كانت الوكالة بلفظ عام لم يقترن مبا يوضح املقصود منه فال تخول الوكيل إال أعمال اإلدارة واحلفظ" .وتبعتها املادة 989من القانون ذاته بنصها على أن" :كل عمل ليس من أعمال اإلدارة واحلفظ يستوجب توكيال خاصا محددا لنوع العمل وما تستلزمه الوكالة فيه من تصرفات". وفي هذا الشأن ،قضت محكمة متييز دبي أيضا ً .. ":أن موافقة وكيل اخلصم على ال ّتحكيم حتتاج إلى تفويض خاص من املوكل ،وال تكفي فيه الوكالة العامة ألن االتفاق على ال ّتحكيم يعني التنازل
عن رفع الدعوى أمام قضاء الدولة ربم ما يكفله من ضمانات للخصوم"( .)59وفي قرار آخر ،ذكرت محكمة متييز دبي أنه" :من املقرر أن اﶈامي املوكل ليست لديه أهلية االلتجاء إلى ال ّتحكيم أو املوافقة عليه بغير تفويض خاص على ذلك من املوكل وهو ما تتحقق منه هيئة ال ّتحكيم قبل الفصل في النزاع ويقع حكمها باطال ً إذا تخلف شرط األهلية لاللتجاء إلى ال ّتحكيم وهو ما تقضي به اﶈكمة عند نظرها على التصديق على هذا احلكم الباطل طبقا ً للمادة ( 1/811ج) من قانون اإلجراءات املدنية ،وال يصحح هذا البطالن إجازة اخلصم املوكل الالحقة للتصرف الذي قام به وكيله بااللتجاء إلى ال ّتحكيم دون تفويض إذ يجب أن تكون إجازة املوكل الالحقة – التي ينظر فيها– أثناء مباشرة إجراءات ال ّتحكيم وقبل صدور حكم ال ّتحكيم وليس بعد إنهاء إجراءات ال ّتحكيم وصدور حكم اﶈكمني ،وبعد رفع الدعوى للتصديق على حكم ال ّتحكيم أو طلب إبطاله .أي أن طلب اإلجازة
57نصت املادة ( )8/11من قانون املعامالت املدنية اإلماراتي االحتادي على أنه" :أما النظام القانوني لألشخاص االعتبارية األجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات وبيرها فيسري عليه قانون الدولة التي اتخذت فيها هذه األشخاص مركز إدارتها الرّئيس الفعلي ،فإذا باشرت نشاطا في دولة اإلمارات العربية املتحدة فان القانون الوطني هو الذي يسري". 58الطعن رقم 181لسنة 8018جتاري ،جلسة األربعاء 80من يونيو سنة ،8018منشور في ّ العنكبوتية ،موقع منتدى الشبكة ّ قانون اإلمارات http://theuaelaw.com/vb/index.php 59قرار محكمة متييز دبي ،أحكام املدنية ،الطعن رقم ،8009 ،191جلسة ،8009-9-12املبدأ رقم -1-مكتب فني ،80ج ،2 صفحة ،1912منشور في ّ العنكبوتية ،موقع شبكة قوانني الشرقhttp://www.eastlaws.com/ : الشبكة ّ 84
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ الالحقة اللتجاء الوكيل للتحكيم ال يكون بعد فوات أوانها – كما احلال– بإجازة تصرف الوكيل بال ّتحكيم في الدعوى املاثلة"(.)60 ثانيا -الشروط املوضوعية لصحة اتفاق ال ّت حكيم: -12يتطلب القانون اإلماراتي –كما املقارن -من أجل صحة اتفاق ال ّتحكيم ،إضافة للشروط الشكلية التي أتينا على ذكرها ،مجموعة من الشروط املوضوعية ،نتناولها تباعا فيما يأتي:
( )1حتديد موضو ع النزا ع في اتفاق ال ّت حكيم: -1-12أوجب القانون اإلماراتي حتديد موضوع النزاع ،إما في اتفاق ال ّتحكيم ذاته أو في أثناء نظر الدعوى ،حتى ولو كان اﶈكمون مفوضني بالصلح )مادة 2/802ق إ م). وإذا جاء اتفاق ال ّتحكيم في صورة شرط أو بند ُمدرج في العقد األصلي الذي يربط بني األطراف، فغالبا ما يأتي مقتضبا ً أو مختصرا ً؛ باعتبار أن شرط التّحكيم ال يبرم –كما رأينا -إال بشأن نزاع لم
يقع بعد ،األمر الذي يجعل حتديده بدقة أمرا ً صعباً ،إن لم نقل مستحيال( .)61وفي الواقع ،بالبا ما يصار إلى حتديده باتفاق الحق بني األطراف قبل أو في بداية السير في اإلجراءات ال ّتحكيمية. أما إذا جاء اتفاق ال ّتحكيم في صورة مشارطة -أي أبرم بعد وقوع النزاع -فيتوجب حينئذ حتت طائلة البطالن حتديد كافة املسائل التي يربب األطراف في حلها عن طريق ال ّتحكيم ،سواء مت اللجوء إلى ال ّتحكيم ابتدا ًء ،أو بنا ًء على إحالة من اﶈكمة التي عرض عليها النزاع قبل االتفاق على ال ّتحكيم وفق تعبير املشرع اإلماراتي( .)62وهذا هو أيضا ً موقف املشرع الفرنسي – وبيره -حيث قضى بوجوب
حتديد موضوع النزاع حتت طائلة البطالن(.)63 ( )8عدم تناول اتفاق ال ّت حكيم مسائل ال يجوز فيها الصلح: -8-12ال يجوز أن يتناول اتفاق ال ّتحكيم منازعات ال يجوز الصلح فيها أصال ً (مادة 4/802ق إ م) .وقد أكدت اﶈكمة االحتادية العليا في دولة اإلمارات أن قوام الشريعة العامة للتحكيم في املواد املدنية والتجارية هو االتفاق عليه في املسائل التي يجوز فيها الصلح( .)64ومن أهم املسائل التي ال يجوز فيها الصلح ،وبالتالي ال يجوز فيها ال ّتحكيم هي: أ -املسائل التي تتعلق باألحوال الشخصية الصرفة :فال يجوز ال ّتحكيم من حيث املبدأ في جميع املنازعات املتعلقة باألحوال الشخصية باستثناء احلقوق املالية الناجمة عنها .فـال يـجوز 60قرار محكمة متييز دبي ،أحكام املدنية ،الطعن رقم ،8009 ،191جلسة ،8009-9-12املبدأ رقم -2 -مكتب فني ،80ج ،2 صفحة ،1912منشور في ّ العنكبوتية ،موقع شبكة قوانني الشرقhttp://www.eastlaws.com/ : الشبكة ّ 61انظر ما سبق ،البندين 11-و.8-12 62مادة 2/802من قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي. Article 1445 du NCPC "A peine de nullité, le compromis détermine l'objet du litige". 63 64الطعن رقم 171لسنة 8009جتاري ،جلسة األحد املوافق 12من أكتوبر سنة ،8009منشور في ّ العنكبوتية ،موقع الشبكة ّ قانون اإلماراتhttp://theuaelaw.com/vb/index.php : تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
85
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ ال ّتحكيم مثال ً في خصومة تتصل بصحة أو بطالن عقد زواج أو وقوع طالق ...ولكن يجوز ال ّتحكيم في املصالح املالية املتصلة بالزواج أو بالطالق ...كتحديد مقـدار النفقة أو بدل اجملالعة ... ب -املسائل التي تتعلق باملسؤولية اجلنائية :فال يجوز ال ّتحكيم من حيث املبدأ في جميع املنازعات املتعلقة بتحديد املسؤولية اجلنائية ،أو بنفيها باستثناء احلقوق املالية الناجمة عنها .فـال يـجوز ال ّتحكيم مثال ً بشأن األفعال التي تعد جرائم ٬وال حتديد املسؤولية عنها ،أما ال ّتحكيم في املسائل املتعلقة بتحديد التعويض الناجت عن اجلرمية فهو جائز. ج -املسائل التي تتعلق باجلنسية :وال يجـوز ال ّتحكيم أيضا ً في كل ما يتعلق في خصومة تتصل باكتساب أو عدم اكتساب اجلنسية. د -املسائل التي تتعلق بالنظام العام :وال يجـوز ال ّتحكيم بشكل أعم وأشمل في جميع املنازعات املتعلقة بالنظام العام؛ كالنزاع بشأن دين قمار ،أو بشأن ثمن مواد ممنوعة ... ه -املسائل التي يحصر املشرع نظرها مبحاكم الدولة ،ويحظر على بيرها البت فيها)65(... خالصة القول ،ال بد في اتفاق ال ّتحكيم ،شرطا كان أم مشارطة ،أن تتوافر فيه كافة األركان والشروط القانونية الالزمة لوجوده ولصحته والتي أتينا على ذكرها في هذا املبحث.
- 65انظر :الشهابي إبراهيم الشرقاوي ،اتفاق ال ّتحكيم في ضوء أحكام القضاء اإلماراتي ومشروع القانون االحتادي ،مرجع سابق ،ص.41
86
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ
املبحث الرابع آثار اتفاق ال ّت حكيم -11إذا توافرت في اتفاق التّحكيم ،شرطً ا كان أو مشارطة ٬كافة أركانه وشرائط صحته ،فإن هذا سلبي؛ يتمثل في حجب والية قضاء الدولة عن النظر االتفاق ينتج أثرين قانونيني هامني ٬أحدهما: ّ إيجابي؛ يتمثل في والية هيئة ال ّتحكيم للبت بالنزاع في النزاع موضوع اتفاق ال ّتحكيم ،والثّاني : ّ موضوع اتفاق ال ّتحكيم ،وسنتناول كال منهما تباعا فيما يأتي:
املطلب األول لبي التفاق ال ّت حكيم األثر ّ الس ّ -17ينتج عن إبرام اتفاق ال ّتحكيم أثر سلبي يتمثل في حجب والية قضاء الدولة عن النظر في النزاع موضوع هذا االتفاق ،وبالشروط التي نص عليها القانون .فعمال ً مببدأ العقد شريعة املتعاقدين ٬ال يجوز ﶈاكم الدولة ،من حيث املبدأ ،النظر بالنزاع الذي اتفـق اخلصـوم على تسويته عن طريق ال ّتحكيم ،فإذا جلأ أحد طرفي النزاع إلى رفع الدعوى أمام القضاء دون اعتداد باتفاق ال ّتحكيم ٬واعترض الطرف اآلخر ٬توجب على اﶈكمة عندئ ٍذ احلكم بعدم قبول الدعوى ،وذلك بشرط أن يكون التمسك باتفاق التّحكيم من قبل املدعى عليه في اجللسة األولى ،وقبل أي طلب منه أو دفع أو دفاع ٬وإال ال يعتد باتفاق ال ّتحكيم ويتوجب على اﶈكمة نظر الدعوى والبت بالنزاع؛ وهذا ما نصت عليه املادة 2/802من قانون اإلجراءات املدنيـة اإلماراتي بقولها" :وإذا اتفق اخلصوم على التحكيم في نزاع ما فال يجوز رفع الدعوى به أمام القضاء ومع ذلك إذا جلأ أحد الطرفني إلى رفع الدعوى دون اعتداد بشرط التحكيم ولم يعترض الطرف اآلخر في اجللسة األولى وجب نظر الدعوى، واعتبر شرط التحكيم البياً". وهذا هو احلال أيضا ً في مشروع قانون ال ّتحكيم االحتادي؛ حيث قضت املادة 14منه بأن" :على اﶈكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق حتكيم ،أن حتكم بعدم قبول الدعوى وحتيل الطرفني إلى التحكيم؛ إذا دفع املدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى ."...وهو أيضا ً موقف قانون ال ّتحكيم املصري (م .)12 تلقائيا ً بعدم قبول الدعوى لوجود اتفاق حتكيم بشأن النزاع وعلى ذلك ٬ال يجوز للمحكمة أن تقضي ّ املعروض عليها ٬وإمنا يتعني أن يدفع أمامها بذلك املدعى عليه في أول جلسة ،وقبل إبدائه أ ّي طلب أو دفع أو دفاع في الدعوى؛ فاالتفاق على ال ّتحكيم ما هو إال استثناء من األصل العام الذي يقضي بحرية اللجوء إلى القضاء ٬وبالتالي للخصوم النزول عن حقهم هذا؛ وتطبيقا ً لذلك قضت اﶈكمة تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
87
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ االحتادية العليا في دولة اإلمارات بأن والية القضاء هي والية عامة جلميع املنازعات إال ما استثني منها بنص صريح ،أو اتفق اخلصوم فيها على حلها عن طريق التحكيم بصورة صريحة(.)66 -12ومن الناحية اإلجرائية ٬يُعد التمسك أو الدفع بوجود اتفاق حتكيم بشأن نزاع رفع إلى القضاء،
دفعا ً شكليا ً؛ فهو يهدف إلى احلكم بعدم قبول الدعوى دون الدخول في موضوعها .وهو في الوقت ذاته دفع ال يتعلق بالنظام العام؛ فاللجوء إلى ال ّتحكيم مبني في األساس على إرادة األطراف التي احترمها املشرع في األحوال والشروط املبينة في القانون؛ وهذا ما ذهبت إليه اﶈكمة االحتادية العليا بقولها" :إن من املقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم من الدفوع الشكلية التي ال تتصل بالنظام العام ويجب إبداؤه قبل التعرض للموضوع؛ وإال سقط احلق في اإلدالء بها عمال ً
باملادة 24من قانون اإلجراءات املدنية"(.)67 وكذلك ،قضت محكمة متييز دبي في أحد قراراتها أنه "من املقرر وفق ما تقضي به الفقرة اخلامسة من املادة 802من قانون اإلجراءات املدنية ،أنه إذا اتفق اخلصوم على التحكيم في نزاع ما فال يجوز رفع الدعوى به أمام القضاء ،ومع ذلك إذا جلأ أحد الطرفني ورفع الدعوى دون اعتداد بشرط التحكيم ولم يعترض الطرف اآلخر في اجللسة األولى ،جاز نظر الدعوى واعتبر شرط التحكيم البياً ،ومن املقرر في قضاء هذه اﶈكمة أنه يجب على الطرف املتمسك بشرط التحكيم أن يتخذ موقفا ً إيجابيا بأن يعترض في اجللسة األولى على التجاء خصمه إلى القضاء للمطالبة مبا يدعيه من حق ّ ربم االتفاق على التحكيم ،فإن لم يحصل منه اعتراض في تلك اجللسة جاز نظر الدعوى ،واملقصود من عبارة (جاز نظر الدعوى) ،أن نظر الدعوى أمام اﶈكمة يصبح صحيحا ً والزما ً ويصبح شرط التحكيم البياً ،أما إذا ما مت االعتراض في تلك اجللسة فيتعني على اﶈكمة أن تقضى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم إعماال ً التفاق اخلصوم على اللجوء إلى التحكيم لفض املنازعات بينهم ،واملقصود باجللسة األولى هي اجللسة التي يحضر فيها املدعى عليه أو ممثله ألول مرة أمام اﶈكمة"(.)68 في حني يرى جانب من التشريع والفقه والقضاء أن الدفع بوجود اتفاق ال ّتحكيم هو دفع بعدم
االختصاص وليس دفعا بعدم قبول الدعوى()69؛ فمثال نصت املادة 1442من القانون اإلجراءات املدنية الفرنسي بأنه إذا رفعت دعوى أمام محكمة من محاكم الدولة بشأن نزاع مشروط عرضه على ال ّتحكيم ،فعلى اﶈكمة أن تعلن عدم اختصاصها ،ما لم تكن هيئة ال ّتحكيم مختصة ،أو كان
66الطعن رقم 140لسنة 80099جتاري ،جلسة الثالثاء املوافق 82من يوليو سنة ،800منشور في ّ العنكبوتية؛ موقع الشبكة ّ قانون اإلماراتhttp://theuaelaw.com/vb/index.php : 67قرار اﶈكمة االحتادية العليا ،مدني جتاري ،الطعن رقم ،882جلسة .8002-1-2مكتب فني ،82جزء ،2صفحة ،1481منشور في ّ العنكبوتية ،موقع شبكة قوانني الشرقhttp://www.eastlaws.com/ : الشبكة ّ 68قرار محكمة متييز دبي ،األحكام املدنية ،الطعن رقم ،117لسنة ،8008جلسة ،8008-1-8املبدأ رقم -1-مكتب فني ،12ج ،1صفحة .421منشور في ّ العنكبوتية ،موقع شبكة قوانني الشرقhttp://www.eastlaws.com/ : الشبكة ّ لبي املترتب على اتفاق 69إبراهيم جوهر إبراهيم ،الدفع باتفاق التّحكيم في الدعوى املدنية – دراسة مقارنة في األثر ّ الس ّ ال ّتحكيم في التشريعات العربية واألجنبية ،دار الكتب القانونية ،مصر ،8009ص 128وما بعد. 88
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ اتفاق ال ّتحكيم باطال بشكل ظاهر أو بير واجب التطبيق ،وال ميكن لقضاء الدولة أن يعلن عدم
اختصاصه من تلقاء نفسه ،وكل اتفاق على خالف ذلك يُعد كأن لم يكن(.)70 ونحن بدورنا نؤيد ما ذهبت إليه اﶈكمة االحتادية العليا ،ومحكمة متييز دبي ،من أن الدفع بوجود اتفاق حتكيم أمام القضاء هو بالتكييف القانوني الصحيح دفع بعدم قبول الدعوى وليس دفعا ثم على اﶈكمة املعنية أن حتكم بعدم قبول الدعوى إذا توافرت جميع بعدم االختصاص ،ومن ّ الشرائط القانونية لهذا الدفع؛ والسبب في ذلك أن وجود اتفاق ال ّتحكيم يحجب اختصاص اﶈكمة ،التي هي في األصل مختصة في البت بالنزاع موضوع هذا االتفاق ،حجبا ً مؤقتا ً ال نهائيا ً؛ فإذا ما فشل ال ّتحكيم أو تعثر ألي سبب من األسباب البد حينئ ٍذ من العودة إليها حلل النزاع برمته، أو حلل املسألة املتعثرة .فعلى سبيل املثال؛ البد من الرجوع إلى اﶈكمة اﺨﻤﻟتصة من أجل اتخاذ بعﺾ اإلجراءات الضرورية للعملية ال ّتحكيمية مثل: النظر بطلب تعيني اﶈكمني ،وذلك في حال وقع النزاع موضوع اتفاق ال ّتحكيم ولم يكن اخلصومقد اتفقوا على تسميتهم ،أو في حال امتنع واحد أو أكثر من اﶈكمني املتفق عليهم عن العمل أو اعتزله أو عزل عنه أو حكم برده ،أو قام مانع من مباشرته له ،ولم يكن هناك اتفاق في هذا الشأن بني اخلصوم ( ...املادة 1/804واملادة 4-2/807من ق إ م). النظر بطلب مد أجل ال ّتحكيم املقدم من اﶈكم أو أحد اخلصوم (املادة .)2/810 احلكم باجلزاء املنصوص عليه في القانون على من يتخلف من الشهود عن احلضور أمام هيئةال ّتحكيم ،أو ميتنع عن اإلدالء بشهادته (املادة -8/809أ). احلكم بتكليف الغير بتقدمي مستند في حوزته ضروري للحكم بالقضية ال ّتحكيمية (املادة -8/809ب). احلكم بتصديق قرار ال ّتحكيم بناء على طلب الطرف صاحب املصلحة؛ باعتبار أن حكم اﶈكمني،وإن كان قابال للتنفيذ الرضائي ،إال أن ّه ال يكون قابال للتنفيذ اجلبري إال بعد تصديقه أصوال ،أي بعد التحقق من شرائطه القانونية ،وكذلك احلكم بإبطاله (املادتني 814و... )812 -19وكل ذلك يدل أن اختصاص القضاء بنظر النزاع موضوع اتفاق ال ّتحكيم ،يُحجب بشكل مؤقت
ال نهائي ،ويتوجب بالتالي على اﶈكمة اﺨﻤﻟتصة أصال بالنظر بالنزاع أن حتكم بعدم قبول الدعوى وليس بعدم اختصاصها ،فيما لو متسك صاحب املصلحة بهذا االتفاق أمامها ،في أول جلسة وقبل أي طلب أو دفع أو دفاع.
Article 1448 du NCPC "Lorsqu'un litige relevant d'une convention d'arbitrage est porté devant une juridiction de 70 celle-ci se déclare incompétente sauf si le tribunal arbitral n'est pas encore saisi et si la convention ،l'Etat d'arbitrage est manifestement nulle ou manifestement inapplicable. La juridiction de l'Etat ne peut relever d'office son incompétence. Toute stipulation contraire au présent article est réputée non écrite". تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
89
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ
املطلب الثاني اإليجابي التفاق ال ّت حكيم األثر ّ إيجابي ،يتمثل في والية هيئة ال ّتحكيم للبت بالنزاع -80ينتج عن إبرام اتفاق ال ّتحكيم أيضا ً أثر ّ موضوع اتفاق ال ّتحكيم؛ فاحتراما ً ملبدأ (العقد شريعة املتعاقدين) ٬ولطاملا اتفق األطراف املتخاصمة على اللجوء إلى ال ّتحكيم لتسوية نزاعهم ٬فعلى هيئة ال ّتحكيم إن قَبلت هذه املهمة أن تتولى النظر بهذا النزاع والفصل فيه ٬وفق األصول واإلجراءات اﶈددة باتفاق األطراف املتخاصمة أو في القواعد القانونية الواجبة التطبيق. اإليجابي التفاق ال ّتحكيم في التزام أطرافه بعرض نزاعهم على ال ّتحكيم٬ ومبعنى آخر ٬يتمثل األثر ّ فال يجوز من حيث املبدأ االلتفات عن هذا االتفاق ٬أو تركه أو التنازل عنه ٬واللجوء إلى القضاء إال باتفاق جديد بني الطرفني. وجتدر اإلشارة إلى أن اتفاق ال ّتحكيم ال مينع أطرافه بشكل نهائي من اللجوء إلى محاكم الدولة؛ ألن حق اللجوء إلى القضاء هو من احلقوق العامة التي ال يجوز التنازل عنها بشكل مطلق ،وصحيح أن املشرع سمح لألطراف اللجوء إلى ال ّتحكيم ،ولكن على سبيل االستثناء وضمن الشروط املبينة في القانون ،فإذا ما اختل شرط منها عادت الوالية إلى األصل ،أي إلى قضاء الدولة(.)71
مهمان :األول يكمن وحول والية هيئة ال ّتحكيم للبت بالنزاع موضوع اتفاق ال ّتحكيم ،يبرز تساؤالن ّ
في معرفة مصير شرط ال ّتحكيم املندرج في عقد باطل أو قابل لإلبطال؟ والثاني يكمن في معرفة اجلهة اجملتصة بالنظر في صحة اختصاص هيئة ال ّتحكيم للبت بالنزاع؟ ولإلجابة على هذين التساؤلني ٬يورد الفقه املقارن مبدأين هامني هما :مبدأ استقاللية شرط ال ّتحكيم ،ومبدأ االختصاص باالختصاص ٬نتناول شرح كال ً منهما على التتالي: أوال -مبدأ استقاللية شرط ال ّت حكيم: -1-80معناه :يعني مبدأ استقاللية شرط ال ّتحكيم أنه إذا كان العقد باطال ً أو قابال ً لإلبطال ٬ألي سبب من األسباب ٬فهذا ال يؤثر في شرط أو بند ال ّتحكيم املُندرج فيه ٬وذلك خالفا ً للقاعدة العامة التي تقضي بأن بطالن العقد يؤدي بالتبعية إلى بطالن وزوال كل ما تضمنه من شروط مبا فيها شرط ال ّتحكيم .ومبعنى آخر إن االدعاء أو احلكم ببطالن العقد املتضمن لشرط ال ّتحكيم ال يعني بالضرورة بطالن هذا الشرط. -8-80أساسه :استقالل شرط ال ّتحكيم هو من املبادئ املستقرة في معظم التشريعات الوضعية الداخلية منها والدولية ،وتستخلص هذه االستقاللية من املوضوع اجملتلف لكل من العقدين– العقد األصلي وشرط ال ّتحكيم -فهذا األخير يرد محله على البت في املنازعات الناشئة عن الشروط املوضوعية ،وال يهدف -خالفا لألول -إلى حتديد حقوق والتزامات األطراف املوضوعية
71د .أحمد إبراهيم عبد التواب ،األثر اإليجابي والسلبي التفاق ال ّتحكيم ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،8012 ،ص.89 90
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ التي يتضمنها العقد األصلي( .)72ومبعنى آخر ،يجد مبدأ استقاللية شرط ال ّتحكيم أساسه في بايته املستقلة التي تكمن في آلية حل النزاع بني أطراف العقد املتضمن شرط ال ّتحكيم ،والتي تقتضي اللجوء إلى ال ّتحكيم دون القضاء أو أي من الوسائل األخرى حلل املنازعات ،األمر الذي يجعل من هذا الشرط اتفاقا ً مستقال ً عن العقد املُندرج فيه ،وإن كان مندمجا فيه من الناحية املادية، وبالتالي ال يؤثر بطالن العقد األصلي على شرط ال ّتحكيم املُدرج فيه مادام هذا الشرط صحيحا بذاته. -2-80موقف القانون املقارن :أخذ قانون اإلجراءات املدنية الفرنسي مببدأ استقاللية شرط ال ّتحكيم؛ فنص صراح ًة على أن شرط ال ّتحكيم مستقل عن العقد الذي أحال إليه ،وال يؤثر بطالن
هذا العقد على هذا الشرط(.)73 وكذلك ،تبنى القانون النموذجي (لليونسترال) مبدأ استقاللية شرط ال ّتحكيم ٬ومنه انتقل إلى الكثير من تشريعات دول العالم الغربية والعربية ٬والتي منها على سبيل املثال :سورية ومصر وعُ مان واألردن ...حيث عَ دّت شرط ال ّتحكيم اتفاقا ً مستقال ً عن شروط العقد األخرى ٬وأن انتهاء العقد أو بطالنه أو فسخه أو إنهاءه ال يرتب أي أثر على شرط ال ّتحكيم طاملا أن هذا الشرط صحيحا في ذاته.
-4-80موقف القانون اإلماراتي :ال يوجد نص تشريعي في دولة اإلمارات العربية املتحدة يقضي باستقاللية شرط ال ّتحكيم .لكن القضاء اإلماراتي تعرض لهذا الشرط وتبناه صراح ًة في العديد من قراراته؛ فقد قضت محكمة متييز دبي ،في إحدى قراراتها أنه" :من املقرر أن بطالن العقد األصلي املتضمن شرط ال ّتحكيم أو فسخه أو إنهاءه ال مينع من أن يظل شرط ال ّتحكيم ساريا ً ومنتجا ً ألثره بالنسبة لآلثار املترتبة على بطالن أو فسخ أو إنهاء العقد األصلي ما لم ميتد البطالن إلى شرط ال ّتحكيم ذاته ،فيكون في هذه احلالة ال أثر له ،باعتبار أن شرط ال ّتحكيم له موضوعه اخلاص به، والذي يتمثل في استبعاد النزاع املشترط ال ّتحكيم فيه من والية اﶈاكم .وإسناد والية الفصل فيه
إلى هيئة ال ّتحكيم"( .)74وكذلك تبنت اﶈكمة االﲢادية العليا هذا املبدأ؛ حيث قضت في قرار لها صدر سنة 8010بأن" :بطالن العقد األساسي املتضمن شرط ال ّتحكيم أو فسخه أو إنهاءه ال مينع
من أن يظل شرط ال ّتحكيم ساريا ومنتجا ألثره بالنسبة للنزاع املشترط ال ّتحكيم فيه(.)75 وقد جاء مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي مطابقا ً في هذا الشأن ملوقف القانون املصري؛ فنصت املادة ( )82منه على أنه" :يعتبر شرط ال ّتحكيم اتفاقا ً مستقال ً عن شروط العقد األخرى ،وال يترتب 72الطالبني أحمد البدوي ومحمد ولد محمد الراضي ،شرط التّحكيم ،منتدى القاضي عياضّ ، العنكبوتية ،موقع: الشبكة ّ http://mountada.emedina.org/viewtopic.php?p=43&sid=897494cfb5957eee2bdf6c078dd951ef Modifié par Décret n°2011-48 du 13 janvier 2011 - "La convention d'arbitrage est indépendante du 73Article 1447contrat auquel elle se rapporte. Elle n'est pas affectée par l'inefficacité de celui-ci. Lorsqu'elle est nulle …". 74قرار محكمة متييز دبي ،األحكام املدنية ،الطعن رقم ،117لسنة ،8008جلسة ،8008-1-8املبدأ رقم -2-مكتب فني ،12ج ،1صفحة .421منشور في ّ العنكبوتية؛ موقع الشرقhttp://www.eastlaws.com/ : الشبكة ّ العنكبوتية ؛ 75الطعن رقم 111لسنة 8002جتاري ،جلسة اإلثنني املوافق األول من فبراير سنة ،8010منشور في الشبكة ّ موقع منتدى قانون اإلمارات http://theuaelaw.com/vb/index.php تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
91
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ على بطالن العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط ال ّتحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط
صحيحا ً في ذاته"( .)76وهذا يتوافق مع االجتاه احلديث لتشريعات ال ّتحكيم املقارنة. ثانيا -مبدأ االختصاص باالختصاص Compétence de la compétence
-1-81يعني مبدأ االختصاص باالختصاص أن اﶈكم يختص بالبت في جميع الدفوع املتعلقة باختصاصه ،مبا فيها الدفوع املتعلقة بوجود اتفاق التّحكيم أو صحته أو سقوطه أو بطالنه أو
نطاقه( .)77ولهذا املبدأ مبررات كثيرة ساقها املؤيدون له ،ولعل من أهمها قولهم إن عدم االعتراف للمحكم بسلطته في البت مبسألة اختصاصه وما قد يُثار حولها من دفوع ،يعني طرح النزاع على قضاء الدولة ،وهو األمر الذي أراد األطراف جتنبه ابتدا ًء باتفاقهم على ال ّتحكيم! ومثل هذا القول يهدد نظام ال ّتحكيم من أساسه ،فهو يؤثر سلبا ً على فعالية هذه الوسيلة حلل املنازعات والثقة بها؛ فبمجرد الدفع بعدم صحة اتفاق ال ّتحكيم أو نطاقه يرفع يد اﶈكم عن نظر النزاع ،وهذا ما يتنافى مع أبراض ال ّتحكيم ،والتي من أهمها السرعة بالبت بالنزاع وجتنب اللجوء قضاء الدولة من ()78
أجل تسويته ... ويرى الفقيه الفرنسي Cornuأن أساس مبدأ االختصاص باالختصاص يكمن في الطبيعة القضائية ملهمة اﶈكم؛ فهو الذي يبت – كأي قاض في قضاء الدولة -مبسألة اختصاصه ،أي أنه هو الذي يقدر سلطته في الفصل بالنزاع اﶈال إليه في ضوء اتفاق األطراف والقانون الواجب التطبيق(.)79 وقد خلت تشريعات بعض الدول من النص صراح ًة عن هذا املبدأ؛ كما في دولة اإلمارات حيث ال يوجد في النصوص ال ّتحكيمية النافذة،الواردة في قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي ،ما يشير إلى األخذ بهذا املبدأ من عدمه. في حني أقرت تشريعات دول أخرى أجنبية وعربية ،وكذلك بعض املعاهدات الدولية واألنظمة النموذجية( ،)80مبدأ االختصاص باالختصاص؛ كالتشريع اللبناني الذي تبنى في هذا الشأن النص الفرنسي ،فنص على أنه" :إذا نازع أحد اﳋصوم أمام اﶈكم في مبدأ أو مدى الوالية العائدة له لنظر القضية املعروضة عليه ،فيكون له أن يفصل في هذه املنازعة"(.)81 -8-81وكذلك ،تبنى مشروع قانون ال ّتحكيم االحتادي اإلماراتي مبدأ االختصاص باالختصاص؛ حيث نصت املادة 84منه على أن: 76املادة ( )82من مشروع قانون التّحكيم اإلماراتي تقابل املادة ( )82من قانون التّحكيم املصري. 77حول تعريف مبدأ االختصاص باالختصاص ،انظر :أنور علي أحمد الطشي ،مبدأ االختصاص باالختصاص في مجال التّحكيم ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،8009ص 84وما بعد. 78انظر :أنور علي أحمد الطشي ،مرجع سابق ،ص 21وما بعد. 79 CORNU (G.) «Le décret du 14 mai 1980 relatif à l'arbitrage, présentation de la réforme», Rev. arb. 1980, p. 583 et s. spec 586.k. 80انظر :د .اياد محمود بردان ،التّحكيم والنظام العام -دراسة مقارنة -منشورات احللبي احلقوقية ،بيروت ،8004 ،ص .410 81انظر :املادة 722من قانون اإلجراءات املدنية اللبناني الصادر باملرسوم ّ الشرعيّ رقم ،90لعام ،1922املقابلة للمادة 1411من قانون اإلجراءات املدنية الفرنسي. 92
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ " -1تفصل هيئة ال ّتحكيم في الدفوع املتعلقة بعدم اختصاصها مبا في ذلك الدفوع املبنية على عدم وجود اتفاق حتكيم أو سقوطه أو بطالنه أو عدم شموله ملوضوع النزاع. -8يجب التمسك بهذه الدفوع في ميعاد ال يجاوز ميعاد تقدمي دفاع املدعى عليه املشار إليه في البند ( )8من املادة ( )28من هذا القانون .وال يترتب على قيام أحد طرفي ال ّتحكيم بتعيني محكم أو االشتراك في تعيينه سقوط حقه في تقدمي أي من هذه الدفوع .أما الدفع بتجاوز هيئة ال ّتحكيم لنطاق اختصاصها فينبغي إبداؤه مبجرد إثارة املسألة التي يدعي بتجاوزها لذلك االختصاص ،وإال سقط احلق بإثارة هذا الدفع .ويجوز في جميع األحوال أن تقبل هيئة ال ّتحكيم الدفع املتأخر إذا رأت أن التأخير كان لسبب معقول. -2تفصل هيئة ال ّتحكيم في الدفوع املشار إليها في البند ( )1من هذه املادة ـ باعتبارها مسألة أولية ـ قبل الفصل في املوضوع ،أو تقرر ضمها للموضوع لتفصل فيهما معا ً .وإذا قررت هيئة ال ّتحكيم في حكم جزئي أنها مختصة ،فألي من الطرفني خالل ( )20ثالثني يوما ً من تاريخ إعالنه بالقرار أن يطلب من اﶈكمة اجملتصة أن تفصل في األمر ويكون قرارها نهائيا ً وبير قابل للطعن ،ومع ذلك يكون للهيئة أن متضي في إجراءات ال ّتحكيم وأن تصدر قرار ال ّتحكيم بالربم من الطلب املشار إليه" .وهذا ما ذهب إليه أيضا ً قانون ال ّتحكيم املصري في املادة 88منه. -2-81وحول عالقة مبدأ االختصاص باالختصاص مببدأ استقاللية شرط ال ّتحكيم ،يرى البعض أنه لوال مبدأ االستقاللية ملا كان للمحكم إمكانية النظر باختصاصه؛ فبفضل هذه االستقاللية لشرط ال ّتحكيم تفقد العيوب التي ميكن أن توجه للعقد األصلي -الذي يربط بني األطراف املعنية- كل أثر مباشر قد يكون لها على شرط ال ّتحكيم ،وال تسلب اﶈكم بالتالي اختصاص النظر بالنزاع(.)82 وقد تبنى القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي كل من مبدأ االختصاص باالختصاص ومبدأ
استقاللية شرط ال ّتحكيم()83؛ فنصت املادة 11منه على أنه" :يجوز لهيئة ال ّتحكيم البت في اختصاصها ،مبا في ذلك البت في أي اعتراضات تتعلق بوجود اتفاق ال ّتحكيم او بصحته .ولهذا الغرض ،ينظر إلى شرط التّحكيم الذي يشكل جزءا من عقد كما لو كان اتفاقا مستقال عن شروط العقد األخرى .وأي قرار يصدر من هيئة ال ّتحكيم ببطالن العقد ال يترتب عليه بحكم القانون بطالن شرط ال ّتحكيم". وجتدر اإلشارة أخيرا إلى أن هذين األثرين التفاق ال ّتحكيم – اإليجابي والسلبي -ينحصران في أطرافه وال ميتدان إلى بيرهما ،وهذا ما أكدته محكمة متييز دبي بقولها" :إن من املقرر وفق ما تقضى به املادة 828من قانون املعامالت املدنية أن العقد ال يرتب التزاما ً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقاً ،واالتفاق على ال ّتحكيم حلل النزاع بني املتعاقدين ال يلزم إال أطرافه سواء كانوا اثنني أو أكثر، واملتعاقد في هذا االتفاق هو من صدر منه التعبير عن إرادة االلتزام به فيسهم في تكوينه ،وال يكفى لذلك ورود اسم بير املتعاقدين فيه أو أن يوقع عليه بصفة أخرى بير هذه الصفة .ومع ذلك 82د .عبد احلميد األحدب ،موسوعة التّحكيم في البالد العربية ،جزء ،8دار املعارف ،مصر ،1929 ،ص ص 121و.127 83القانون النموذجي وضعته جلنة االمم املتحدة للقانون التجاري الدولي في 81حزيران /يونية .1922 تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
93
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ فقد يسرى شرط ال ّتحكيم على الغير في بعض احلاالت ،كما في حالة حوالة العقد األصلي الذي يتضمن هذا الشرط أو الذي يشير إليه فينتقل شرط التّحكيم مع العقد األصلي إلى اﶈال له"(.)84
84قرار محكمة متييز دبي ،األحكام املدنية ،الطعن رقم ،117لسنة ،8008جلسة ،8008-1-8املبدأ رقم -2-مكتب فني ،12ج ،1صفحة .421منشور على موقع شبكة قوانني الشرقhttp://www.eastlaws.com/ : 94
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ
اخلامتة نخلص من هذا البحث إلى أن اتفاق األشخاص على اللجوء إلى ال ّتحكيم من أجل فض نزاع وقع بينهم ،أو من املمكن وقوعه في املستقبل ،هو بحق أساس ال ّت حكيم ،وهو مصدر سلطة اﶈكمني؛ فال نزاع يحال إلى ال ّتحكيم إال باتفاق أطرافه على ذلك ،كما أنه هو اﶈدد لنطاق ال ّتحكيم؛ فيبني ما تختص به هيئة ال ّتحكيم وما يخرج عن اختصاصها. ولكي يُنتج اتفاق ال ّتحكيم أثره ،املتمثل باستبعاد محاكم الدولة عن النظر بالنزاع موضوعه عينها األطراف -مباشرة أو بير مباشرة -البد أن تتوافر وعرضه باملقابل على هيئة ال ّتحكيم التي ّ في هذا االتفاق أركانه العامة كافة – بوصفه عقد ككل العقود -وأن يستوفي كل الشروط القانونية الالزمة لصحته ،والتي من أبرزها الكتابة ،واألهلية الالزمة للشخص الذي يبرم هذا االتفاق. وعليه ،فإن وضوح اتفاق التّحكيم وسالمته من الناحية القانونية عند كتابته ،يؤثر إيجابا ً على سير إجراءات ال ّتحكيم وإصدار احلكم ،وعلى تصديقه من قبل اﶈكمة اﺨﻤﻟتصة من أجل منحه القوة التنفيذية ،أي من أجل تنفيذه جبرا ً إن تعذر تنفيذه رضا ًء ألي سبب .لذلك نوصي من الناحية
العملية ،بوجوب صيابة اتفاق ال ّتحكيم – شرطا كان أم مشارطة -بدقة وعناية ،وبشكل واضح ال لبس فيه وال بموض؛ وذلك ألن اللبس أو الغموض في اتفاق ال ّتحكيم قد يؤدي إلى استحالة إعماله أو بطالن احلكم الصادر بناء عليه.
وتشريعيا ،نوصي بوجوب تطوير النصوص ال ّتحكيمية النافذة الواردة في قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي االحتادي الصادر سنة ،1998مبا يتالءم مع التطور الذي حلق النصوص ال ّتحكيمية املقارنة، ولسد الثغرات التي كشفها التطبيق العملي لهذه النصوص؛ كالنص صراح ًة على أن كتابة اتفاق ال ّتحكيم هي ركن من أركانه وليست مجرد شرط إلثباته ،وكذلك النص على مبدأ استقاللية شرط ال ّتحكيم عن العقد املندرج به ،والنص أيضا ً على مبدأ االختصاص باالختصاص ،على النحو الذي بيناه في منت هذا البحث. وصحيح أن مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي االحتادي املعد سنة - 8001الذي لم يصدر حتى تاريخه -قد تصدى ملثل هذه الثغرات بنصوص صريحة وواضحة ،إال أن الطول النسبي للفترة التي مرّت على وضعه ،يستدعي باعتقادنا إعادة عرض هذا املشروع مجددا على املناقشة قبل إصداره؛ لإلفادة أكثر مما نشأ خالل هذه الفترة من اجتهادات قضائية ،وآراء فقهية محلية ومقارنة قد تغنيه وجتعل منه قانونا حديثا مواكبا فعال ً للتطور الذي حلق نصوص ال ّتحكيم املقارنة في أكثر دول العالم.
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
95
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ وجتدر اإلشارة أخيرا إلى أن اتفاق ال ّتحكيم ال يكفي وحده إلجناز العملية ال ّتحكيمية ،وال بد فوق ذلك من قبول اﶈكمني املعينني لهذه املهمة ،وهذا يشكل بطبيعة احلال اتفاقا ً جديدا ً بني األطراف واﶈكمني يستحﻖ أن يكون موضوع بحﺚ علمي مستقل(.)85
-واهلل ويل األمر والتوفيق-
85انظر :د .الشهابي ابراهيم الشرقاوي ود .مصطفى أبو العينني ،الطبيعة القانونية لعالقات التّحكيم واملسؤولية املدنية الناشئة عنها ،مجلة العلوم القانونية الكترونية ،جامعة عجمان ،العدد األول ،8012 ،ص 92وما بعد. 96
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
القطان محمد سامر د. ّ ّ
قائمة املصادر واملراجع أوال ً -باللغة العربية:
-1الكتب واألبحاث : -
إبراهيم جوهر إبراهيم ،الدفع باتفاق ال ّتحكيم في الدعوى املدنية – دراسة مقارنة في األثر السلبي املترتب على اتفاق التّحكيم في التشريعات العربية واألجنبية -دار الكتب القانونية ،مصر.8009
-
أحمد إبراهيم عبد التواب ،اتفاق التّحكيم والدفوع املتعلقة به ،دار اجلامعة اجلديدة ،مصر.8009 ،
-
أحمد إبراهيم عبد التواب ،األثر اإليجابي والسلبي التفاق التّحكيم ،دار النهضة العربية ،القاهرة.8012 ،
-
أحمد أنور ناجي ،مدى فعالية الوسائل البديلة حلل املنازعات وعالقتها بالقضاءّ ، العنكبرتية الشبكة ّ
-
الشهابي إبراهيم الشرقاوي ،اتفاق التّحكيم في ضوء أحكام القضاء اإلماراتي ومشروع القانون االحتادي،
http://membres.multimania.fr/berradarz/article/hal-niza3ate.pdf
سلسلة الدراسات القانونية والقضائية ( ،)2معهد دبي القضائي.8012 ، -
الشهابي ابراهيم الشرقاوي ود .مصطفى أبو العينني ،الطبيعة القانونية لعالقات ال ّتحكيم واملسؤولية إلكترونية ،جامعة عجمان ،العدد األول.8012 ، املدنية الناشئة عنها ،مجلة العلوم القانونية ّ
-
أنور علي أحمد الطشي ،مبدأ االختصاص باالختصاص في مجال التّحكيم ،دار النهضة العربية ،القاهرة .8009
-
إياد محمود بردان ،التّحكيم والنظام العام -دراسة مقارنة -منشورات احللبي احلقوقية ،بيروت.8004 ،
-
جمـال حسـن النجــار ،التّحكيم وفقـا لقانـون اإلجــراءات املدنيــة رقم ( )11لسنــة ،1998املعمـول بــه فـي دولـــة اإلمارات العربيـة املتحــدة ،مجلة احلق ،جمعية احلقوقيني بدولة اإلمارات العربية املتحدة ،العدد السابع 1481هـ 8001م.
-
حفيظة السيد احلداد ،االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التّحكيم ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية.8001 ،
-
عبد الباسط محمد عبد الواسع الضراسي ،النظام القانوني التفاق ال ّتحكيم – دراسة حتليلية مقارنة -ط،8 صنعاء.8002 ،
-
عبد احلميد األحدب ،موسوعة التّحكيم في البالد العربية ،جزء ،8دار املعارف ،مصر.1929 ،
-
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون املدني ،جزء ،1منشأة املعارف ،اإلسكندرية.8004 ،
-
عبد الهادي عباس ،التّحكيم الداخلي في القانون السوري واملقارن ،مطبعة األنصار ،دمشق.1992 ،
-
فتحي والي ،قانون ال ّتحكيم في النظرية والتطبيق ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية.8007 ،
-
فوزي محمد سامي ،ال ّتحكيم التجاري الدولي ،ط ،2دار الثقافة ،عمان.8010 ،
-
مصطفى محمد اجلمال ،أضواء على عقد التّحكيم ،مجلة الدراسات القانونية ،كلية احلقوق ،جامعة بيروت العربية ،العدد األول ،يوليو .1992
-
نبيل إسماعيل عمر ،التّحكيم في املواد املدنية والتجارية ،دار اجلامعة اجلديدة.8004 ،
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
97
اإلمارتي -دراسة مقارنة- اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون ّ -2قوانني واتفاقيات: قانون اإلجراءات املدنية االحتادي اإلماراتي رقم ،1998/11املعدل بالقانون االحتادي رقم 20لسنة 8002املنشور في العدد 440من اجلريدة الرسمية. مشروع قانون ال ّتحكيم االحتادي اإلماراتي امل ُ َعد سنة 8001في شأن ال ّتحكيم في املنازعاتالتجارية. قانون املعامالت املدنية االحتادي اإلماراتي رقم 2لسنة .1922 قانون املعامالت التجارية االحتادي اإلماراتي رقم 12لسنة .1992 قانون اإلثبات االحتادي اإلماراتي في املعامالت املدنية والتجارية رقم 10لسنة .1998 قانون اإلجراءات املدنية الفرنسي ( )CPCلسنة 1922وتعديالته. القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي وضعته جلنة األمم املتحدة للقانون التجاريالدولي في 81حزيران /يونية .1922 اتفاقية نيويورك لعام ،1922بشأن االعتراف بقرارات ال ّتحكيم األجنبية وتنفيذها.ثانيا ً -باللغة الفرنسية: ، présentation de la réforme»،CORNU (G.) «Le décret du 14 mai 1980 relatif à l'arbitrageRev. arb. 1980 «Portée d'une sentence arbitrale en Droit ،Nadège Kamariygwe»http://www.memoireonline.com/07/12/6022/m_Portee-d-une-sentence-:international arbitrale-en-Droit-international-13.html Traité de droit civil -La formation du contrat- Librairie générale de ،Jacques Ghestin1993.،droit et de jurisprudence ثالثا -مواقع ّ العنكبوتية: الشبكة ّ موقع شبكة قوانني الشرق/http://www.eastlaws.com : موقع منتدى قانون اإلماراتhttp://theuaelaw.com/vb/index.php : موقع منتدى القاضي عياض:http://mountada.emedina.org/viewtopic.php?p=43&sid=897494cfb5957eee2bdf6c078dd951 ef
98
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة تحليلية مقارنة
د .اميان يوسف نوري
كلية القانون /جامعة دهوك كوردستان – العراق
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
99
100
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
مقدمة أوال -التعريف مبوضوع البحث أولى املشرع العراقي اهتماما بالغا بتنظيم القواعد املتعلقة بالقاصر حيث لم يكتف باألحكام العامة الواردة في القانون املدني العراقي املرقم ( )04لسنة 1591املعدل ،بل عمد إلى إصدار عدة قوانني تهتم بشؤون القاصرين؛ منها قانون األحوال الشخصية املرقم ( )111لسنة 1595املعدل ،وقانون التسجيل العقاري املرقم ( ) 04لسنة ، 1591وقانون االدعاء العام املرقم ( ) 195لسنة 1595 املعدل ،وقانون الرعاية االجتماعية املرقم ( ) 121لسنة ، 1514وقانون رعاية األحداث املرقم ( )91لسنة ، 1514وقانون اخلدمة والتقاعد العسكري املرقم ( )1لسنة ، 1599وقانون اخلدمة وتقاعد األمن الداخلي املرقم ( )1لسنة 1591وقانون رعاية القاصرين املرقم ( )91لسنة 1514املعدل الذي جعل مفهوم القاصر ينصرف إلى الصغير واجلنني واﶈجور الذي تقرر اﶈكمة أنه ناقﺺ األهلية أو فاقدها والغائب واملفقود. من املعلوم أن الصغير ال يستطيع إدارة شؤون أمواله واستثمارها بسبب صغر سنه ،لذا فإنه بحاجة حلماية ورعاية إلى حني بلوغه سن الرشد ،مما يستتبع وجود أشخاص يتولون القيام بهذه املهمة .لذا رسم القانون طرقا وأورد وسائل من شأنها حتقيق تلك احلماية ألموال الصغير واملتمثلة بتحرير التركة وتصفيتها ،واﶈافظة على أموال الصغير وإدارتها واستثمارها ،ومحاسبة األولياء واألوصياء. ثانيا – مشكلة البحث ﳝكن أن نحدد مشكلة البحث باﶈورين األساسني : اﶈور األول – يالحظ من ن صوص قانون رعاية القا صرين أنه قد ضيق من مدى قدرة الولي أو الو صي أو القيم ع لى القيام بحماية أموال الصغغغير من حيث اادارة واالسغغتثمار ومنعهم من القيام بأي تصرف إال بحدود معينة أو بعد أخذ موافقة مديرية رعاية القاصرين. اﶈور الثاني –أمام التشدد املفروض على سلطة الولي أو الوصي أو القيم فقد وضع املشرع العراقي طرقا معينة في حماية أموال الصغير. فبعد مرور فترة زمنية طويلة على إصغغدار قانون رعاية القاصغغرين ،فهل إن القانون اسغغتطاع أن يحقق النفع للصغغغير من النها الذي وضغغعه وهل كان موفقا وهل إن النصغغوص القانونية التي عاجلت م سألة حماية أموال ال صغير كانت فعالة ومنتجة وهل حقق امل شرع العراقي الهدف الذي شرع من أجله قانون رعاية القا صرين والذي أو ضحه في األ سباب املوجبة وهي اﶈافظة على أموال الصغير.
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
101
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
ثالثا – فرضية البحث ميكن أن نحدد فرضيات البحث على النحو اآلتي : -1هل نحن بحاجة إلى العودة ألحكام القانون املدني التي عاجلت البعض من مواده مسغغغألة ولي الصغير وسلطاته - 2أم نحن بحاجة إلى تعديل أو إلغاء قانون رعاية القاصغغرين وإصغغدار قانون جديد يتماشغغى والواقع احلالي ومتطلباته -4هل ميكن تدارك الضرر الذي أصاب الصغير من جراء إيداع أمواله لفترة زمنية طويلة وتغيير قيمة العملة وماهي تلك الوسائل التي من شأنها أن جتبر الضرر رابعا -منهجية البحث – يعتمد البحث على حتليل مواد القانون املدني العراقي وأحكام قانون رعاية القاصغغرين باملقارنة مع قانون مدونة األسرة املغربي لكونه أكثر القوانني تشددا في إضفاء احلماية على اﶈجورين بشكل عام والصغغغير من ضغغمنهم ،وقانون الوالية على املال املصغغري ،وقانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري ،على اعتبار أنهما عاجلا م سائل الوالية على املال ب شكل منف صل عن القواعد العامة ،مع قانون األحوال الشخصية السوداني ،والقانون املدني الكويتي ،وقانون الهئية العامة لشؤون القصر الكويتي ،على اعتبار أنهم اعتمدوا على قواعد مختلطة بني العامة واخلاصغغة لتضغغمنها املسغغائل املتعلقة بالوالية على املال. خامسا– نطاق البحث سيتم بيان حماية أموال ال صغير ضمن القوانني املتعلقة باملو ضوع ،لذا سيخرج من نطاق البحث التطرق إلى التأصيل الشرعي لنصوص القانون على اعتبار أن مشكلة املوضوع متعلقة في كيفية معاجلة املشرع العراقي ملوضوع البحث في قانون رعاية القاصرين باملقارنة مع األحكام الواردة في القوانني املقارنة. سادسا – خطة البحث خطة البحث ستق سم إلى مبحثني ي سبقهما مبحث متهيدي ،املبحث التمهيدي حول ماهية حماية أموال الصغغغير والذي سغغيقسغغم إلى مطلبني ،املطلب األول مفهوم حماية أموال الصغغغير ، املطلب الثاني سلطات ال صغير في إدارة أمواله ،أما املبحث األول فهو متعلق مبظاهر حماية أموال الصغغغير ،والذي بدوره سغغيقسغغم إلى مطلبني ،املطلب األول مفهوم النائب عن الصغغغير ،املطلب الثاني سلطات النائب عن الصغير ،وأخيرا املبحث الثالث الذي يوضح وسائل حماية أموال الصغير و سيتم تق سيمه إلى ثﻼثة مطالب ،املطلب األول حترير التركة وت صفيتها ،املطلب الثاني اﶈافظة على أموال الصغير وإدارتها واستثمارها ،اما املطلب الثالث فهو متعلق مبحاسبة األولياء واألوصياء، وختم البحث بخامتة تتضمن النتائا والتوصيات.
102
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
املبحث التمهيدي ماهية حماية أموال الصغير يعتبر موضغغوع حماية أموال الصغغغير من املواضغغيع املهمة ،و محل اهتمام املشغغرع من خالل ت شريعه للقوانني املتعلقة بهذا ال شأن ،وميثل مو ضوعا ذا صلة بالواقع العملي واالقت صادي ،لذا - ولغرض الولوج في مو ضوع حماية أموال ال صغير -يقت ضي األمر أن نبني ماهيته من خالل تو ضيح مفهومه ،وصالحيات الصغير في إدارة أمواله ،وعليه سنقسم املبحث إلى املطلبني اآلتيني : املطلب األول –مفهوم حماية أموال الصغير املطلب الثاني – صالحيات الصغير في إدارة أمواله املطلب األول مفهوم حماية أموال الصغير ألجل بيان مفهوم حماية أموال الصغير البد من تعريف الصغير باعتباره املستفيد من احلماية ، وتوضيح أهمية حماية أموال الصغير ونطاقه ،وعليه سنقسم املطلب إلى الفرعني اآلتيني : الفرع األول – تعريف الصغير الفرع الثاني –أهمية حماية أموال الصغير و نطاقها الفرع األول -تعريف الصغير سنبني تعريف الصغير من الناحية اللغوية والفقهية والقانونية ،وعلى النحو اآلتي: أوال -الصغير لغة ()1 الصغير فعيل من الصغر وهو والصغارة خالف العظم ،وقيل الصغر في اجلرم والصغارة في القدر ،وهو من لم يبلغ احللم ذكرا كان أو أنثى ،فاذا مات أبوه وهو صغغغير فهو يتيم ،وإذا بلغ احللم زال عنه وصف الصغر واليتم (. )2 ثانيا -الصغير فقها بحث فقهاء القانون األحوال املتعلقة بالصغغغير عند بيان موضغغوع األهلية وتوضغغيح أنواعها وأحكامها وتدرج األهلية ،واألهلية تطلق ويراد بها أحد معنيني؛ فهي القابلية الكتساب احلق والتحمل بااللتزام ،وهي أهلية الوجوب التي تدور وجودا وعدما مع احلياة ،مع مالحظة أن اجلنني يتمتع بأهلية وجوب ناق صة ( ، )3و أهلية األداء والتي مناطها التمييز الذي يتدرج عند اان سان تبعا لل سن من االنعدام إلى الوجود مع النقص ثم الكمال .والتمييز منعدم عند من لم يبلغ السغغغابعة ،وهو الصبي غير املميز ،ثم الصبي املميز وهي الفترة الواقعة ما بني سن التمييز وسن الرشد؛ أي بني متام ( )1ابي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور االفريقي ،لسان العرب ،اﺠﻤﻟلد الثامن ،الطبعة الرابعة ،دار صادرة بيروت ، 2449 ،ص . 200 ( )2علي حسب اهلل ،الوالية على املال والتعامل بالدين في الشريعة االسالمية ،معهد البحوث والدراسات ،1519 ،ص . 9 ( )3د .رمضان ابو السعود ،الوسيط في شرح مقدمة القانون املدني ،النظرية العامة للحق ،الدار اجلامعية ،بيروت ،بال سنة ، ص . 141 تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
103
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
السغغابعة والثامنة عشغغرة ،وأخيرا مرحلة كمال التمييز واملتمثلة بإكمال الثامنة عشغغرة ،ويصغغبح الشخص عندها كامل األهلية (. )4 كما تناول شغغراح القانون أيضغغا مصغغطلحات أخرى كالطفل واليتيم تبعا ملوضغغوع بحثهم، ولكن البعض أطلق م صطلح الطفل للمرحلة ما بني الوالدة حيا إلى أن ي صير بالغا قادرا ( ، )5واعتبر البعض اآلخر أن الطفل في القانون املدني العراقي والذي يطلق عليه الصغغغير هو الوليد الذي يكون دون سن ثماني عشرة سنة كاملة (. )6 أما اليتيم فقد عرفه البعض بأنه الصغغغير الذي فقد األب أو والديه ولم يبلغ سغغن الرشغغد ،و بني أن كل يتيم قا صر ،وتراعى شؤونه تبعا لرعاية القا صرين في ظل القوانني النافذة ،وتخ ضع إدارة أموال اليتيم لقانون رعاية القاصرين (. )7 ثالثا -الصغير قانونا ()8 أطلق امل شرع العراقي م صطلح القا صر في قانون رعاية القا صرين الذي ي شمل ال صغير واجلنني واﶈجور الغغغغذي تقرر اﶈكمة أنه ناقص األهلية أو فاقدها والغاﺋب واملفقود )9( ،وعرف القانون املذكور ال صغير بأنه الذي لم يبلغ سن الر شد ،وهي متام الثامنة ع شرة من العمر ،ويعتبر من أكمل اﳋام سة ع شرة وتزوج بإذن من اﶈكمة كامل األهلية)10( .وأمغغغغا في القانون املدني العراقي ( )11فقد استعمل املشرع لفظ الصغير والصبي)12( ،ويالحظ أنه لم يفرق بينهما باملعنى إال عند إضافة مميز أو غير مميز ،وأحيانا يستعمل الصغير أو الصبي لوحده ( )13واستخدم أيضا عبارة ( كل شخص ولو غير مميز . )14( )..... أما بالنسبة إلى موقف القوانني املقارنة فإن املشرع املغربي في قانون مدونة األسرة( )15اعتمد عند تنظيمه ألحكام األهلية والنيابة الشرعية على احلجر وأسبابه وتصرفات اﶈجور ،فقد أوضح أن أسغغباب احلجر نوعان ،األول ينقص األهلية ،والثاني يعدم األهلية ؛ والصغغغير إما عدل أهلية األداء وهو الذي لم يبلغ سن التمييز ) 16(،أو ناقص أهلية األداء وهو الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن
( )4للمزيد من التفصيل حول املوضوع ينظر د .حسن كيرة ،،املدخل الى القانون ،منشاة املعارف ،االسكندرية ، 1591 ،ص-992 ص . 910 ( )5د .رجاء ناجي ،احلماية القانونية لالطفال مواجهة باملتغيرات االجتماعية واالقتصادية،بحث متاح على املوقع www. : gulfkids.com/ar/index.php ( )6فاطمة خلف كاظم ،مظاهر احلماية املدنية حلقوق الطفل في التشريعات العراقية النافذة ،بحث منشور في مجلة احلقوق ،تصدر عن كلية القانون ،اجلامعة املستنصرية ،اﺠﻤﻟلد ( ، )2السنة الرابعة ،العددان ( ،2445 ، )1،9ص245 ( )7سغغغغالم روضغغغغان املوسغغغوي ،احكغغام اليتيم في الشغغغريعغغة والقغغانون العراقي ،بحغغث متغغاح على املوقع : www.annabaaorg ( )8املرقم ( ) 91لسنة . 1514 ( )9ينظر املادة ( )4من القانون . ( )10ينظر املادة /4/اوال /ا ). ( )11املرقم ( )04لسنة 1591املعدل . ( )12على سبيل املثال املواد( )499،049،140،149،944 ،151،211،201،204علما ان من الناحية اللغوية يوجد فرق بني الصغير والصبي فاالخير معناها من لم يفطم (ينظر ابن منظور ،مصدر سابق ،ص .) 151 ( )13كما هو احلال في املادة ( .) 049 ( )14يالحظ املادة ( .)204 ( )15الصادر مبوجب القرار رقم 2240441في 4فبراير . 2440 ( )16ينظر( الفقرة اوال من املادة .) 219 104
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
الرشد )17( .كما استخدم املشرع املغربي لفظ القاصر؛ حيث نصت املادة ( )211على أنه (ينتهي احلجر عن القاصر إذا بلغ سن الرشد ما لم يحجر عليه لداع آخر من دواعي احلجر .)...واجته املشرع القطري في قانون الوالية على أموال القاصغغرين ( )18إلى موقف مشغغابه لقانون رعاية القاصغغرين العراقي من حيث املقصود من القاصر وهو الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد ،ويعتبر في حكمه احلمل املستكن واﺠﻤﻟنون وفاقد اﻹدراك واملعتوه وذو الغفلة والسغغفيه والغائب واملفقود ( . )19أما بالنسغغبة إلى قانون الوالية على املال امل صري ( )20فقد ا ستخدم امل شرع امل صري لفظي ال صغير والقا صر( )21للداللة على الشغغخص الذي لم يبلغ سغغن الرشغغغد .بينما اتفق القانون املدني الكويتي( ) 22مع القانون املدني العراقي من حيث إن الصغغغير إما غير مميز أو مميز تبعا ملدى متتعه بأهلية األداء .وأخيرا عرف قانون األحوال الشخصية السوداني ( )23القاصر بأنه الشخص الذي لم يبلغ سن الرشد ،ويكون في حكمه كل فاقد لألهلية أو ناقصها )24(.والصغير غير املميز هو من لم يكمل العاشرة من عمره ،أما الصغير املميز فهو من أكملها (. )25 إذن اتفق كل من املشرع القطري والسوداني مع املشرع العراقي من حيث استخدامها ملعنى الصغير ومن في حكمه في قانون رعاية القاصغغرين ،كذلك اتفق املشغغرع الكويتي مع املشغغرع العراقي في القانون املدني من حيث تق سيم مراحل ال صغير ،بينما ا ستعمل امل شرع املغربي لفظي ال صغير والقاصر للداللة على الصغير وقريب منه املشرع املصري. الفرع الثاني – أهمية حماية أموال الصغير ونطاقها أوال -أهمية حماية أموال الصغير إن اﶈافظة على أموال القاصر واستثمارها ﲟا يحقق منافع أكثر لهم أحد أسس قانون رعاية القاصغغرين ) 26(،كما أن وضغغع القواعد في كيفية االسغغتثمار يعد أحد اختصغغاصغغات مجلس رعاية القاصرين )27( .كما بني قانون األحوال الشخصية السوداني الوالية على أموال القاصر حفظا وتصرفا واستثمارا (.)28 وعليه ميكن أن نوضح أهمية حماية أموال الصغير على النحو اآلتي: -1اﶈافظة على حقوق الصغير الذي ال يحسن النظر في تدبير شﺆونه املالية. امتام
( )17ينظر( الفقرة اوال من املادة .)214علما ان سن التمييز هوامتام الثانية عشرة شمسية (م ) 210وسن الرشد هو الثامنة عشر شمسية(م ) 245 ( )18املرقم ( )04لسنة2440 ( )19كذلك يعتبر موقف املشرع القطري مشابه ملوقف املشرع العراقي من حيث تقسيم مراحل الصغير الى مميز وغير مميز. كما نظم االحكام املتعلقة بالغائب واملفقود باملواد من ( ) 04 -42من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري . ( )20املرقم ( )115لسنة . 1592 ( )21ينظر على سبيل املثال املادة ( )1و ( )5من قانون الوالية على املال املصري. ( )22املرقم ( )19لسنة 1514 ( )23سنة . 1551 ( )24ينظر املادة ( ) 211من االحوال الشخصية السوداني . ( )25ينظر املادة ( )224من االحوال الشخصية السوداني . ( )26ينظر املادة ( /2سادسا)من قانون رعاية القاصرين العراقي . ( )27ينظر املادة ( /1اوال /د) من قانون رعاية القاصرين العراقي . ( )28ينظر املادة ( )241قانون االحوال الشخصية السوداني. تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
105
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
- 2حتقيق النفع للصغير من خالل تنمية األموال بفوائد مجزية . -4احلفاظ على أموال الصغغير من الضغياع وفقد قيمتها خصغوصغا أن قيمة املدخرات النقدية تتدنى مع تدهور العمالت الوطنية. -0فسح اﺠﻤﻟال الستثمار أموال الصغير في مشاريع ﲡارية مبا ينعكس إيجابيا على توسع حجم االستثمارات. ثانيا -نطاق حماية أموال الصغير يقصغغد بنطاق حماية أموال الصغغغير حدود احلماية القانونية التي نظمها املشغغرع على أموال الصغغغير حيث إنها محددة مبدة معينة ،بااضغغافة إلى أن هناك أمواال ال تخضغغع للحماية ألسغغباب ارتآها املشرع .وألجل توضيح ذلك سنقسم املطلب إلى فرعيني: الفرع األول – نطاق حماية أموال الصغير من حيث املدة الفرع الثاني -نطاق حماية أموال الصغير من حيث املضمون الفرع األول -نطاق حماية أموال الصغير من حيث املدة نصت املادة ( )41من قانون رعاية القاصرين العراقي على أنه ( تنتهي الوالية ببلوغ الصغير سن الر شد مالم تقرر اﶈكمة قبيل بلوغه هذه ال سن ا ستمرار الوالية عليه ).واملادة (( )45تنتهي مهمة الو صي في احلاالت اآلتية :أوال – بلوغ ال صغير سن الر شد مالم تقرر اﶈكمة قبيل بلوغه هذه ال سن استمرار الوصاية عليه). وعليه فإن احلماية على أموال الصغير تبدأ منذ والدته حيا إلى حني بلوغه سن الرشد ما لم تقرر اﶈكمة اسغغتمرار الوالية أو الوصغغاية )29( .كما اتفقت على ذلك القوانني املقارنة؛ سغغواء بالنص على ذلك صراحة ( )30أو ضمنا ،وقد ن صت املادة ( )221من قانون األحوال ال شخ صية ال سوداني ( -1 يكون للقاصر بعد رشده احلق في أن يطالب بحقوقه التي ضاعت بسبب تصرفات وصيه الضارة). إذن مدة احلماية تنتهي عند بلوغ ال صغير سن الر شد ،حيث ن صت الفقرة ( )1من املادة ()01 من القانون املدني العراقي ( كل شغغخص بلغ سغغن الرشغغد متمتعا بقواه العقلية غير محجور عليه يكون كامل األهلية ملبا شرة حقوقه املدنية ).واعتبر البعض أن امل شرع العراقي لم يعلق الر شد على شرط معني وإمنا أخذ بارتفاع احلجر ال شرعي عن ال صغير مبجرد بلوغه سن الر شد ولم يكن مجنونا أو معتوها ،والحاجة للصغير إلى احلصول على حكم من اﶈكمة عندما يبلغ سن الرشد ألن الصغير محجور عليه لذاته ،أما إذا نصغغغب عليه ولي أو وصغغي مبوجب حكم محكمة فعندها يجب على ( )29اجاز قانون رعاية القا صرين في املادة ( /91ثالثا) و ملن انتفت عنه صفة الق صر ان يطلب من دائرة رعاية القا صرين اال ستمرار بإدارة امواله نيابة عنه اذا حتقق عذر مشروع او مصلحة في ذلك يقررها مجلس رعاية القاصرين ( )30ينظر املادة ( )299من قانون االحوال الشغغخصغغية السغغوداني .واملادة ( ، 11و 09من قانون الوالية على املال املصغغري)و(م 51من القانون املدني الكويتي) واملادة (12و 14و )21من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري .واملادة ( 214و211و244و 291من قانون مدونة االسرة املغربي ). 106
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
ال صغير عند بلوغه أن يثبت ر شده أمام اﶈكمة وحتكم له بإثبات ر شده ورفع الوالية عنه( )31علما أن محكمة األحوال الشخصية تعد اجملتصة بالنظر في دعاوى احلجر ورفعه وإثبات الرشد( .)32 الفرع الثاني -نطاق حماية أموال الصغير من حيث محل احلماية بني قانون رعاية القا صرين العراقي أن األموال امل شمولة باحلماية هي كل ما يؤول لل صغير بطريق التبرع إال إذا اشغغترط املتبرع غير ذلك ( ، )33كما أوضغغح القانون حدود ما يتسغغلمه الولي أو الو صي أو القيم حيث ن صت املادة ( )00على أنه (للولي أو الو صي أو القيم ت سلم الراتب التقاعدي للقاصغغر مع اجملصغغصغغات وااضغغافات مبوجب قانون التقاعد مبا اليزيد على املبلغ الذي يحدده مجلس رعاية القا صرين ،وما زاد عن احلد األعلى يودع في مديرية رعاية القا صرين ال ستثماره وفق القانون) .إال أن ذلك اليعني أن تلك األموال فقط مشغغمولة باحلماية بل إن كل مايؤول للصغغغير داخل في هذه احلماية ،وهذا األمر واضح بالنصوص الواردة في القانون(. )34 كما أن القوانني املقارنة أشغغارت إلى ذلك وبنفس اجتاه املشغغرع العراقي إال أن قسغغما منها أو ضحها ب شكل مبا شر مع وجود البعض من االختالف؛ حيث ن صت املادة ( )111من القانون املدني الكويتي على أنه ( -1تكون الوالية أو الوصغغاية على كل أموال الصغغغير ،ويجوز ان تتحدد الوصغغاية بإرادة األب أو بحكم القاضي على حسب األحوال -2على أنه إذا آل مال إلى الصغير بطريق الوصية أو التبرع وأو صى املو صي أو ا شترط املتبرع عند التبرع عدم خ ضوع املال لوالية األب أو اجلد أو و صاية شخص معني خرج هذا املال عن الوالية أو الوصاية وعندﺋذ تعني اﶈكمة للصغير وصيا خاصا يتولى الوالية على هذا املال ما لم يكن املوصي أو املتبرع قد اختار له وصيا في الشكل الذي حتدده املادة 114 الختيار الو صي من األب) كما ن صت املادة ( )141من القانون املدني الكويتي على أن ( -1جميع القيود الواردة على سلطة الولي ال تسري بالنسبة إلى ما يكون قد آل منه إلغغغغى الصغير مغغغغن مال على سبيل التبرع ولو كان ذلك بطريق غير مباشر )35().كما نص قانون الوالية على املال امل صري في املادة ( )4على أنه (اليدخل في الوالية ما يؤول للقا صر من مال بطريقة التبرع إذا ا شترط املتبرع ذلك ).أما إذا كان املتبرع األب فإن القيود املنصوص عليها في هذا القانون ال تسري سواء أكان التبرع صريحا أو مستترا(. )36 من خالل ما تقدم يتضح ما يلي : -1جعل املشرع العراقي ما يؤول للصغير مشموال باحلماية.
) 31شامل رشيد ياسني الشيخلي ،عوارض االهلية بني القانون والشريعة ،الطبعة االولى ،مطبعة العاني ،بغداد ،1590 ،ص .120-124 ) 32ينظر الفقرة ( )0من املادة ( )444من قانون املرافعات املدنية العراقي املرقم ( )14لسنة 1515املعدل .
( )33ينظر املادة (.)25واما بالنسبة الى كيفية ادارته او التصرف فيه فانه يتبع الشروط التي وضعها املتبرع ما دام على قيد احلياة (ينظر املادة .)94 ()34نصت املادة ( )25من قانون رعاية القاصرين العراقي على انه ( يدخل في الوالية ما يؤول للصغير بطريق التبرع اال اذا اشترط املتبرع غير ذلك ). ( )35يالحظ ان موقف امل شرع القطري ي شابه موقف امل شرع امل صري فيما يتعلق بهذه امل سالة (ينظر املادة 11من قانون الوالية على اموال القاصر القطري . ( )36ينظر املادة (.)14 تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
107
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
-2لم يسغغمح املشغغرع العراقي لةرادة باشغغتراط عدم خضغغوع بعض من األموال لتلك احلماية على عكس ما ذهب إليه بعض من القوانني املقارنة كالقانون املدني الكويتي . املطلب الثاني صالحيات الصغير في إدارة أمواله أوضغغح القانون احلاالت التي مبوجبها يتمكن الصغغغير من إدارة أمواله من قبله وبحسغغغب الضوابط ،ويالحظ أن املشرع العراقي في القانون املدني قسم املراحل التي مير بها الصغير إلى ثالثة مراحل عمرية ؛ املرحلة األولى تبدأ منذ الوالدة إلى السغغغابعة وأطلق عليها :الصغغغير غير املميز ، املرحلة الثانية متتد من إمتام السابعة إلى الثامنة عشرة وتسمى بالصغير املميز ،أما املرحلة األخيرة فهي إمتام الثامنة عشغغرة ويعتبر فيها الشغغخص بالغا سغغن الرشغغد )37(.وتبعا للتقسغغيم املذكور نستطيع معرفة حكم التصرفات الصادرة في تلك املراحل؛ ففي املرحلة األولى تصرفاته باطلة وإن أذن له الولي ،و في املرحلة الثانية متباينة بني املعتبرة إذا كانت نافعة نفعا محضغغغا ،وغير املعتبرة إذا كانت ضارة ضررا محضا حتى وإن أذن له الوصي ،وتصرف موقوف على إجازة الولي في احلدود التي يجوز فيها له التصرف إذا كان التصرف دائرا بني النفع والضرر (. )38 كما أشغار القانون املدني العراقي إلى الصغغير املاذون بالتجارة ،واعتبر تصغرفاته الداخلة حتت ااذن مبنزلة ت صرفات البالغ سن الر شد )39(.ونود أن ن شير إلى أن هناك من أجرى مقارنة فيما يتعلق بالصغير املميز الوارد في القانون املدني الذي عالا أحكام الصغير املأذون ،والصغير املميز املتزوج بإذن اﶈكمة الوارد في قانون رعاية القا صرين واعتبر أن امل شرع في القانون األخير ا شترط أن يكون متزوجا ( .)40جتدر املالحظة أن أحكام ال صغير املأذون ال تقارن مع أحكام ال صغير املتزوج بإذن اﶈكمة ب سبب أن الهدف من إعطاء ااذن للصغغغير املميز ااذن بالتجارة هو ألجل االختبار والتجربة ،ولذلك أهليته تصبح مبنزلة كامل األهلية بالتصرفات الداخلة في حدود االذن ،مع مالحظة أن الفقهاء اختلفوا في حدود حتمل التزاماته التجارية بني معاملته معاملة كامل األهلية وعدميها( ،)41أما الصغغبي املميز املاذون بالزواج فهو كامل األهلية ،والسغغؤال الذي ميكن طرحه :ماهو نطاق كمال أهليته ،هل يشغغمل كل الت صرفات القانونية أم هو فقط في امل سائل املتعلقة باألحوال ال شخ صية اعتبر البعض أنه يعد كامل األهلية بالنسغغبة إلى جميع التصغغرفات القانونية وليس فيما يتعلق بعقد الزواج لورود النص مطلقا( )42في حني ذهبت محكمة اسغغتئناف منطقة بغداد الرصغغغافة إلى أن من أكمل اﳋامسة عشرة وتزوج بإذن من اﶈكمة يعتبر كامل األهلية فيما يتعلق بقضايا األحوال الشخصية، ( )37ينظر املواد () 141 ،51 ( )38ينظر املادة (.)51 ( )39ينظر املادة (.)51 ( )40فاطمة خلف كاظم ،مصدر سابق ،ص . 245 -241 ( )41للمزيد من االطالع حول االراء الفقهية ينظر د.باسم محمد صالح ،القاون التجاري ،القسم االول ،وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ،بال سنة ،بغداد ،ص. 114 – 141
( 42د .عصمت عبد اﺠﻤﻟيد بكر ،النظرية العامة لاللتزامات ،اﳉزء االول ،مصادر االلتزام ،الطبعة االولى ،جامعة جيهان ،اربيل ،2411 ،ص . 244ويضيف الدكتور عصمت بانه اذا طلق املتزرج قبل البلوغ سن الرشد يبقى كامل االهلية لغرض استقرار املعامالت املالية .
108
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
أما فيما يتعلق بالقضغغغايا املالية والتجارية فهو اليزال قاصغغرا( ) 43ونرجح ما ذهبت إليه محكمة االسغغتئناف على اعتبار أن النص في األصغغل متعلق بالصغغبي املأذون بالزواج مما يعني أنه يعد كامل األهلية فيما يتعلق باملسغغغائل التي أجيز له إبرامها وكافة اآلثار املترتبة عليها ،وبخالفها فهو يعد صبيا مميزا ويخضع لتلك األحكام . أما بالنسغغبة إلى موقف القوانني املقارنة فقد أجاز املشغغرع املغربي في قانون مدونة األسغغرة إمكانية طلب القاصر الترشيد إذا بلغ السادسة عشرة بناء على طلبه أو طلب من النائب الشرعي ، ويترتب على التر شيد ت سلمه ألمواله واكت سابه األهلية الكاملة في إدارتها والت صرف فيها وتبقى ممار سة احلقوق غير املالية خا ضعة للن صوص القانونية املنظمة لها )44( ،إذن احلجر ال شرعي ينتهي ببلوغ القا صر سن الر شد وهي ( )11سنة شم سية كاملة لقيام قرينة قانونية تفيد بأنه أ صبح متمتعا بأهلية تامة ،أو بتر شيد القا صر إذا بلغ ال ساد سة ع شرة من عمره على أن يقدم طلب من قبله أو من نائبه ال شرعي ( ، )45كذلك أجاز امل شرع القطري تر شيد القا صر ( ) 46وهو ما لم يأخذ به املشرع العراقي. ()47 وأشار املشرع املغربي إلى الصغير املأذون بالتجارة وأحكامها متقاربة مع القانون املدني العراقي من حيث حكم تصرفات الصغير عدل أهلية األداء أوناقصها(.)48 أما املشغغرع القطري في قانون الوالية على أموال القاصغغرين واملشغغرع الكويتي في القانون املدني وامل شرع ال سوداني في قانون األحوال ال شخ صية فقد اختلفوا مع امل شرع العراقي من حيث حكم تصرفات الصغير املميز الدائرة بني النفع والضرر حيث تعد قابلة لةبطال ( ،)49بينما تعد موقوفة في القانون املدني العراقي( ،)50والعقد املوقوف صغغورة عكسغغية من العقد القابل لةبطال؛ فاالول يعد عقدا صغغحيحا ولكنه غير نافذ ويجب إجازته من قبل من ميلك ااجازة ( ، )51أما الثاني فهو نافذ في احلال وينتا جميع آثاره وله وجود قانوني باعتباره تصرفا قانونيا حتى يبطل بعدم ااجازة( . )52 ميز املشغغرع املصغغري في قانون الوالية على املال واملشغغرع الكويتي في القانون املدني واملشغغرع السوداني في قانون األحوال الشخصية بني إدارة القاصر ألمواله بنفسه سواء أكان مأذونا أم
) 43القرار املرقم / 1145هيئة اولى 2444 /في 2444 /5/1نقال عن د .عصمت عبد اﺠﻤﻟيد ،مصر نفسه ،ص . 241وذكر بان اﲡاه اﶈكمة املذكورة هو اﲡاه مجلس شورى الدولة في القرار املرقم 2449/20في 2449 /1/1مشار الى رقم وتاريخ القرار في املصدر اعاله .
( )44ينظر املادة (..)211
) 45احمد نصر اجلندي ،شرح قانون مدونة االسرة املغربي ،دار الكتب القانونية ،مصر ،بال سنة نشر ،ص . 294 ) 46ينظر املادة ( )4من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري.
( )47ينظر املادة ( ) 221من مدونة األسرة املغربي . ( )48ينظر املادتني ( ) 229 -220من قانون مدونة األسرة املغربي . ( )49ينظر املادة ( )2من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري.واملادة ( )19من القانون املدني الكويتي واملادة ( ) 221من األحوال الشخصية السوداني بينما اتفق القانون املدني الكويتي وقانون األحوال الشخصية السوداني مع القانون املدني العراقي من حيث حكم تصرفات الصغير الغير املميز واملميز ينظر املادة ( )11من القانون املدني الكويتي واملادة ( )221من قانون األحوال الشخصية السوداني . ) 50ينظر املادة ( )59من القانون املدني العراقي . ) 51د .عبد اﺠﻤﻟيد احلكيم ،املوجز في شرح القانون املدني ،اجلزء االول ،مصادر االلتزام ،الطبعة الثانية ،شركة الطبع والنشر االهلية ،بغداد ،1514 ،ص . 299 ( 52للمزيد من التفصيل ينظر د.عبد الرزاق السنهوري ،مصادر احلق في الفقه االسالمي ،اجلزء الرابع ،دار احياء التراث العربي ،بيروت ،ص . 14 تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
109
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
غير مأذون ،متزوجا أم غير متزوج و بني الولي والوصغغي وصغغالحياتهما في إدارة تلك االموال مع وجود البعض من االختالف وميكن ان نوضحها على النحو اآلتي : -1أجاز امل شرع امل صري للولي أن يأذن للقا صر الذي بلغ الثامنة ع شرة في ت سليم أمواله كلها أو بعضغغها ادارتها ويكون ذلك بإشغغهاد لدى املوثق ،وله أن يسغغحب هذا ااذن أو يحد منه بإشغغهاد آخر مع مراعاة حكم املادة 1429من قانون املرافعات ( .)53كما يجوز للمحكمة بعد سماع أقوال الوصي أن تأذن للقاصر الذي بلغ الثامنة عشرة في تسلم أمواله كلها أو بعضغغها ادارتها ،وإذا رفضغغت اﶈكمة ااذن فال يجوز جتديد طلبه قبل م ضي سنة من تاريخ صدور القرار النهائي بالرفض )54( .كذلك أجاز امل شرع الكويتي في القانون املدني للصغغغير املميز البالغ من العمر الثامنة عشغغرة إدارة أمواله كلها أو بعضها إذا آنس منه وليه أو وصيه القدرة على أن يدير أمواله بنفسه ( . )55وإذا رفض الو صي ااذن لل صغير باادارة أو قيده أو سحبه بعد إعطائه ،جاز للمحكمة بناء على طلب ال صغير أو إدارة شئون الق صر أو أي ذي شأن آخر أن تأذن لل صغير في إدارة أمواله كلها أو بعضغغها إذنا مطلقا أو مقيدا ،إن رأت أن ما أجراه الوصغغي غير مسغغتند إلى أساس .فإن قضت اﶈكمة برفض طلب الصغير ،فإنه ال يجوز جتديده ،قبل مضي سنة من تاريخ صيرورة احلكم نهائيا( .)56كما فرق قانون األحوال ال شخ صية ال سوداني بني الولي والوصي من حيث ااذن للصغير في إدارة أمواله ،حيث أجاز القانون لولي الصغير املميز ااذن بإدارة أمواله أو أي جزء منها اذا آنس منه حسغغن التصغغرف ( ، )57كما أجاز ()58 القانون للوصي بعد موافقة القاضي ااذن للصغير املميز بإدارة أمواله أو جزء منها ،ويعتبر الصغير املأذون كامل األهلية فيما أذن له فيه (. )59 -2للقا صر املأذون في قانون الوالية على املال امل صري أن يبا شر أعمال اادارة ،وله أن يفي ويسغغتوفي الديون املترتبة على هذه األعمال ،ولكن ال يجوز له أن يؤجر األرض الزراعية واملباني ملدة تزيد على سغغنة ،وال أن يفي بالديون األخرى ولو كانت ثابتة بحكم واجب النفاذ أو سند تنفيذي آخر إال بإذن خاص من اﶈكمة أو من الو صي فيما ميلك من ذلك ، وال يجوز للقا صر أن يت صرف في صافي دخلة إال بالقدر الالزم ل سد نفقاته ومن تلزمه نفقتهم قانونا( .)60وفي نفس االجتاه ذهب املشغغرع الكويتي في القانون املدني إلى أن للقا صر املأذون أهلية إجراء الت صرفات التي تقت ضيها إدارة األموال التي ت سلم له في
( )53ينظر املادة ( )90من قانون الوالية على املال املصري. ( )54ينظر املادة ( ) 99من قانون الوالية على املال املصري. .
) 55ينظر املادة ( )11من القانون املدني الكويتي .
( )56ينظر املادة ( ) 52من القانون املدني الكويتي . ( )57ينظر املادة ( )222من األحوال الشخصية السوداني . ( )58ينظر املادة ( )224من األحوال الشخصية السوداني. ( )59ينظر املادة ( ) 220من األحوال الشخصية السوداني. ( )60ينظر املادة ( )91من قانون الوالية على املال املصري. 110
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
حدود ااذن ،كما أنه ليس للصغغغير املأذون في اادارة أهلية تأجير املال ملدة تزيد على سنة ( ، )61كما أجاز للصغير املميز عند بلوغه الثامنة عشرة أهلية إبرام الوصية (.)62 -3ال يجوز للقاصغغر في قانون الوالية على املال املصغغري ،سغغواء كان مشغغموال بالوالية أو بالوصغغاية ،أن يتجر إال إذا بلغ الثامنة عشغغرة من عمره وأذنت له اﶈكمة في ذلك إذنا مطلقا أو مقيدا (.)63 -4بالنسبة إلى زواج القاصر فقد اعتبر قانون الوالية على املال املصري أنه إذا أذنت اﶈكمة في زواج القا صر الذي له مال كان ذلك إذنا له في الت صرف في املهر والنفقة مالم تأمر اﶈكمة بغير ذلك عند ااذن أو في قرار ال حق (. )64 -5للقاصغغر في قانون الوالية على املال املصغغري( )65والقانون املدني الكويتي( ) 66أهلية الت صرف فيما ي سلم له أو يو ضع حتت ت صرفه عادة من مال ألغراض نفقتة وي صبح التزامه املتعلق بهذه األغراض في حدود هذا املال فقط . -6بني قانون الوالية على املال املصغغري أن للقاصغغر إبرام عقد العمل الفردي وفقا ألحكام القانون ،وللمحكمة بناء على طلب الوصغغي أو ذي الشغغغان إنهاء هذا العقد رعاية مل صلحة القا صر أو م ستقبله أو م صلحة أخرى ظاهرة ( ، )67ويكون القا صر الذي بلغ ال ساد سة ع شرة أهال للت صرف فيما يك سبة من عمله من أجر أو غيره ،وال يجوز أن يتعدي أثر التزام القاصغغر حدود املال الذي يكسغغبه من مهنته أو صغغناعته .مع ذلك فللمحكمة إذا اقت ضت امل صلحة أن تقيد حق القا صر في الت صرف في ماله املذكور وعندئذ جتري أحكام الوالية والوصاية )68( .ويعتبر القاصر املأذون من قبل وليه أو اﶈكمة أو نص القانون كامل األهلية فيما أذن له فيه وفي التقا ضي فيه( .)69وقريب منه أو ضح القانون املدني الكويتي أهلية إبرام عقد العمل للصغغغير املميز عند بلوغه اخلامسغغة عشغغرة ، ،إن كان غير محدد املدة ،فإن كانت املدة محددة فإنها ال تتجاوز سغغنة .كما أن له ببلوغه هذه ال سن أهلية الت صرف في أجره وفي غيره مما يك سب من عمله ،على أن تكون مسغغئوليته عن تصغغرفاته في نتاج عمله في حدود ما كسغغبه منه من أموال، ويجوز للمحكمة عند االقتضاء ،وبناء على طلب الولي أو الوصي أو إدارة شئون القصر أو أي ذي شأن آخر ،أن تقيد أهلية ال صغير في الت صرف في أجره وفي غيره مما يك سبه من عمله .وعندئذ جتري أحكام الوالية أو الوصاية ،على حسب األحوال (. )70 ( )61ينظر املادة ( )11من القانون املدني الكويتي .
) 62ينظر املادة ( )59من القانون املدني الكويتي .
( )63ينظر املادة ( )99من قانون الوالية على املال املصري. ( )64ينظر املادة ( )14من قانون الوالية على املال املصري. .
) 65ينظر املادة (.) 11 ) 66ينظر املادة (. )54
( )67ينظر املادة ( )12من قانون الوالية على املال املصري. . ( )68ينظر املادة ( )14من قانون الوالية على املال املصري. . ( )69ينظر املادة ( )10من قانون الوالية على املال املصري.. ) 70ينظر املادة ( )50من القانون املدني الكويتي . تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
111
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
علما أن قانون العمل العراقي( )71نظم عمل األحداث ( )72من حيث األعمال التي سغغمح القانون بتشغيلهم فيها من عدمها وشروط تشغيلهم( ،)73ومدة عملهم ( ، )74وإجازاتهم ( ،) 75وأجورهم( .)76 يالحظ أن املشغغرع املصغغري والكويتي أذنا للقاصغغر بإدارة أمواله واالجتار بها بحسغغب ال ضوابط التي نص عليها القانون ،كما أو ضح امل شرع نطاق ت صرف القا صر املتزوج الذي له مال ،والتف صيل الذي جاء به امل شرع امل صري لم يرد في القانون العراقي .ونرى أنه من الضغغروري ،وفي حالة اابقاء على قانون رعاية القاصغغرين ،إجراء تعديالت عليه وإيراد نص يوضح إمكانية إدارة أموال الصغير بنفسه وفق شروط يحددها القانون ،ومن الضروري أن منيز في إعطاء ااذن بني حالة إدارة األموال واالجتار بها. يتضح مما سبق أن مفهوم حماية أموال الصغير يقصد به مجموعة من ااجراءات والوسائل التي نظمها القانون والهادفة إلى ادارة األموال العائدة للصغغغير وحفظها واسغغتثمارها خالل مدة صغره حلني بلوغه سن الرشد.
) 71املرقم ( )91لسنة 1519املعدل . ) 72يقصد باحلدث وفقا لقانون العمل العراقي االشخاص الذين لم يكملوا الثامنة عشرة من العمر ،ينظر الفقرة اوال من املادة (. )54 ) 73نصت الفقرة الثانية من املادة ( )54على انه ( اليجوز تشغيل االحداث في االعمال التالية كما اليسمح لهم بدخول اماكنها ا -االعمال التي تسبب امراضا مهنية او معدية او تسممات خطرة واالعمال التي تكون بطبيعتها او بالطرق او بالظروف التي جتري بها خطرة على حياة االشخاص الذين يعملون فيها او على اخالقهم وصحتهم وحتدد تلك االعمال بتعليمات يصدرها وزير العمل والشؤون االجتماعية .ب -االعمال التي جتري على ظهر السفينة .)......ونصت الفقرة اوالمن ( )51على ا نه ( يجوز تشغيل االحداث الذين بلغوا اخلامسة عشرة من العمر في االعمال النهارية عدا املرهقة والضارة منها في غير االعمال املنصوص عليها في البند اوال من املادة 54من هذا القانون .ثانيا – يجوز تشغيل االحداث الذين بلغوا السابعة عشرة من العمر في االعمال النهارية والليلية واالضافية من غير االعمال املنصوص عليها في البند اوال من املادة 54من هذا القانون .ثالثا -يشترط لتشغيل احلدث ثبوت لياقته البدنية وقدرته الصحية مبوجب شهادة طبية صادرة عن جهة مختصة .). ) 74نصت الفقرة اوال من املادة ( )52على انه ( اليجوز ان تزيد مدة عمل احلدث الذي يبلغ السادسة عشرة من العمر على سبع ساعات يوميا ). ) 75نصت املادة ( ) 54على انه ( يستحق احلدث الذي يجوز تشغيله اجازة سنوية مأجورة ملدة ثالثني يوما في السنة ).كما نص املشرع العراقي على احكام عقابية عند االخالل بتلك القواعد ،ينظر املادة ( )59من قانون العمل . ) 76نصت الفقرة ثانيا من املادة ( ) 05على انه ( يدفع اجر العامل احلدث اليه مباشرة ويكون هذا الدفع مبرئا لذمة صاحب العمل .).
112
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
املبحث األول مظاهر حماية أموال الصغير يق صد مبظاهر حماية أموال ال صغير الكيفية التي تعامل بها امل شرع في حماية أموال ال صغير حيث عبر عن تلك املظاهر من خالل حتديد مفهوم النائب عن الصغغغير وسغغلطاته .وألجل توضغغيح موقف املشرع العراقي والتشريعات املقارنة سنقسم املبحث إلى املطلبني اآلتيني : املطلب األول – مفهوم النائب عن الصغير املطلب الثاني – سلطات النائب عن الصغير املطلب األول مفهوم النائب عن الصغير النائب عن الصغير هو الولي أو الوصي اللذان يتوليان األعمال القانونية ،وهي تعد نيابة قانونية أي يتولى القانون حتديد سلطات الولي أو الوصي ويرسم حدود كل واحد منهما ( .)77وميكن بيان تعريف الولي والوصي باعتبارهما نائبي الصغير على النحو اآلتي : الفرع األول -تعريف الولي سنوضح تعريف الولي لغة وفقها وقانونا وخصائصه ،وعلى النحو اآلتي: أوال :الولي -1الولي لغة :من أسغغماء اهلل تعالى ،الولي هو الناصغغر ،ولي الشغغيء وولي عليه والية ،والوالية ()78 بالكسر تعني السلطان ،والوالية بالفتح تعني النصرة . - 2الولي فقها :من ميلك سلطة شرعية ينفذ بها عقد صاحبها وت صرفه شرعا ( .)79أو هي سلطة متكن صغاحبها من مباشغرة العقود وترتيب آثارها عليها دون توقف على رضغا غيره ،وهي نوعان والية على النفس ووالية على املال(.)80 وعرفها آخر بأنها قدرة ال شخص على مبا شرة الت صرفات القانونية حل ساب شخص آخر ومبا ينتا آثارها في حق هذا األخير (. )81 والوالية على املال نوعان ،النوع األول :قا صرة والتي تعني سلطة املرء على مال نف سه ،وهي ثابتة لكل من له أهلية األداء الكاملة ،النوع الثاني :الوالية املتعدية وهي سلطة املرء على مال غيره و بدورها تنقسم إلى قسمني ،القسم األول :سلطة أصلية مبعنى أنها تكون ثابتة بحكم القانون ،
( )77د .عصمﺖ عبد اﺠﻤﻟيد بكر ،احكام رعاية القاصرين ،املكتبة القانونية ،الطبعة الثالثة ،بغداد ، 2449 ،ص . 5 ( )78ابن منظور ،مصدر سابق ،اﺠﻤﻟلد اﳋامس عشر ،ص . 211 ( )79د .عزيز كاظم جبر ،احكام الوالية على مال ال صغير بني القانون املدني وقانون رعاية القا صرين املرقم 91ل سنة 1514بحث منشور في مجلة القانون املقارن ،تصدر عن جمعية القانون املقارن العراقية ،العدد ،41السنة 2442ص 9 ( )80علي حسب اهلل ،مصدر سابق ،ص . 2 ( )81د .حسن كيرة ،مصدر سابق . 951 ، تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
113
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
()82
،والذي يهمنا هو
و الق سم الثاني :سلطة نيابية والتي ي ستمدها صاحبها من شخص آخر الوالية على املال /املتعدية ،األصلية . لم يعرف املشغغرع العراقي الوالية على املال وال الوالية ،إال أن قانون األحوال الشغغخصغغية السوداني عرف الوالية على املال بأنها العناية بكل ماله عالقة مبال القاصر ومن في حكمه ( ، )83كما أن قانون الوالية على أموال القاصرين القطري عرف الوالية بأنها نيابة شرعية يقوم الولي مبقتضاها مقام القاصر في إبرام التصرفات القانونية ورعاية شؤونه املالية (. )84 إن التعريف الوارد في قانون األحوال الشغغخصغغية السغغوداني يعرف الوالية من حيث الغاية من الوالية ،بينما التعريف الوارد في قانون الوالية على أموال القاصرين القطري يعرفها من حيث نوعها. -4الولي قانونا :أو ضح قانون رعاية القا صرين العراقي أن ولي الصغير هو األب ثم اﶈكمة (، )85 وبهذا يكون امل شرع العراقي خالف الت سل سل الوارد في القانون املدني العراقي والذي أو ضحته املادة ( )142والتي نصت (ولي الصغير هو أبوه ثم وصي أبيه ثم جده الصحيح ثم وصي اجلد ثم اﶈكمة أو الوصي الذي تنصبه اﶈكمة). إن النص الوارد في قانون رعاية القاصرين هو واجب االتباع على اعتبار أنه قانون خاص بالنسبة إلى القانون املدني ،كما أنه صدر بعده باا ضافة إلى أن املادة( )141من قانون رعاية القا صرين ن صت على مايلي (....اليعمل بالنصوص القانونية التي تتعارض مع أحكامه). وقد كان املوقف الذي اتخذه املشغغرع العراقي سغغواء في ترتيب األولياء الوارد في القانون املدني أم في التغيير احلاصغغل في قانون رعاية القاصغغرين موضغغع خالف بني شغغراح القانون فمنهم املؤيد واملعارض ،حيث اعتبر البعض أن امل شرع العراقي ابتداء خلط بني الوالية والو صاية عند ترتيب األولياء الوارد في ال قانون ا ملدني؛ فالوال ية حق لألب وا جلد دون غيره ما ،وهي تث بت بحكم ال قانون من غير حاجة إلى صدور حكم فيها من اﶈكمة بخالف الوصاية التي تقتضي صدور حكم من اﶈكمة ،كما أن سغغلطة األولياء قائمة على رابطة الدم ،وأهلها أكثر الناس حرصغغا على أموال الصغغغير وشغغفقة عليه ،لذا يكون املشرع قرر لهم سلطات أوسع من تلك التي قررها لألوصياء سواء أكانوا مختارين أم منصبني حيث إنهم اليرتبطون بالصغير بذات الرابطة التي تربطه بوليه .من جهة أخرى فإن املشرع العراقي في قانون رعاية القاصغغرين ضغغيق من الوالية إلى حد كبير وبني أن األوصغغياء اليعتبرون من األولياء حتى وإن كانوا مختارين من األب ،وهو اجتاه جيد ،إال أن الذي يؤخذ عليه عدم ااشغغارة إلى اجلد الصحيح باعتباره وليا على الصغير عند عدم وجود األب ،لذا يقترح أن يكون نص املادة ( )29من قانون رعاية القاصغغرين ( :ولي الصغغغير أبوه ثم جده الصغغحيح فإن لم يوجد انتقلت الوصغغاية عليه إلى
( )82علي حسغغب اهلل ،مصغغدر سغغابق ،ص . 2وجتدر االشغغارة الى ان هناك فرق بني الوالية على املال واالهلية حيث ان الوالية هي صالحية الشخص للتصرف في هذا املال اما االهلية فهي صالحية التصرف بالنسبة الى مال الشخص نفسه ،د .عبد الرزاق احمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون املدني اجلديد ،نظرية االلتﺰام ،اﺠﻤﻟلد االول ،الطبعة الثالثة ،منشورات احللبي ، بيروت ، 2445 ،ص . 211 ( )83ينظر املادة ( )244من قانون االحوال الشخصية السوداني. ( )84ينظر املادة االولى من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري. ( )85ينظر املادة ( )29من قانون رعاية القاصرين العراقي . 114
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
اﶈكمة )( )86بينما ذهب البعض اآلخر إلى أن ماورد في القانون املدني هو األفضغغل لتحقق الشغغفقة على الصغغغير في ترتيب األولياء ،ثم إنه ليس من املعقول جتاوز اجلد في ترتيب األولياء وعدم ذكره في حالة وجوده )87(.واجته البعض اآلخر إلى أن املق صود باألب بو صفه وليا لل صغير الوارد في قانون رعاية القاصغغرين يشغغمل األب وأب األب على اعتبار أن كلمة األب تعبير مجازي عام ،وأن الولي القانوني هو الذي يتولى أمر اﶈجور ويدير شغغﺆونه وهو مكتسغغب بحكم الشغغرع والقانون ومحصغغور باألب واجلد الصحيح دون غيرهما (.)88 أما موقف القوانني املقارنة فقد اجته املشغغرع املصغغري في قانون الوالية على املال بالنسغغبة إلى ترتيب األولياء لألب ثم للجد إن لم يكن األب قد اختار وصغغيا للواليه على مال القاصغغر ،وعليه القيام بﻬا ،واليجوز له أن يتنحى عنﻬا إال بﺈذن اﶈك مة( ،)89بين ما اعتبر املشغغرع املغربي في قانون مدو نة األسرة أن ولي الصغير هو األب واألم والقاضي (. )90 أما قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري فقد اعتبر الوالية على مال القاصغغر لألب ،ثم اجلد ألب إذا لم يكن األب قد اختار وصغغيا ( ، )91بينما اعتبر املشغغرع السغغوداني في قانون األحوال الشغغخصغغية أن الوالية على املال تكون لألب ثم لوصغغي األب ثم اجلد ألب ثم وصغغي اجلد ( ،)92واعتبر امل شرع الكويتي في القانون املدني أن الوالية على مال ال صغير لألب ،ثم للو صي اجملتار من األب ،ثم اجلد ألب ،ثم للوصي الذي تعينه اﶈكمة ،وذلﻚ مع مراعاة ما تقضي به املادة . )93( 112 يالحظ مما تقدم أن القوانني املقارنة انقسمت إلى ثالثة اجتاهات : االجتاه األول :االجتاه املتشغغغدد في مراتب األولياء ؛ ميثله قانون رعاية القاصغغرين العراقي ومعه قانون مدونة األسرة املغربي. االجتاه الثاني :االجتاه الوسغغط؛ ميثله قانون الوالية على املال املصغغري وقانون رعاية أموال القاصغغرين القطري . االجتاه الثالث :االجتاه الواسع؛ الذي ميثله كل من قانون األحوال الشخصية السوداني والقانون املدني الكويتي . نرجح االجتاه الو سط مع تغيير في ت سل سل األولياء وعلى النحو اآلتي :األب واألم واجلد ثم من تختاره اﶈكمة وفقا ملصلحة الصغير. -0خصائص والية األب – ميكن أن نحدد خصائص والية األب على النحو اآلتي : ا -تثبت والية األب بقوة القانون مبعنى أن صفة الوالية تستمد من القانون مباشرة.
( )86د .عزيز كاظم جبر ،مصدر سابق ،ص . 14 – 5 ( )87د .عصمت عبد اﺠﻤﻟيد ،احكام رعاية القاصرين ،مصدر سابق ،ص . 95 ( )88وميض حامد الزبيدي والولي والقاصر ،مقال متاح على منتديات صحابي وعلى املوقع االلكتروني .www. S7ay.com. ( )89ينظر املادة ( )1من قانون الوالية على املال املصري . ( )90ينظر (الفقرة /4من املادة )244من قانون مدونة االسرة املغربي. ( )91ينظر املادة ( )0من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري ( )92ينظر املادة ( )249من قانون االحوال الشخصية السوداني. ( )93ينظر الفقرة ( /1من املادة )114من القانون املدني الكويتي . تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
115
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
ب -وال ية جبر ية أو الزام ية ،مبعنى أن ثبوت ها اليح تاج إلى إصغغغدار حكم من اﶈك مة إال أ نه اليجوز التنحي عن الوالية إال بإذن من اﶈكمة ( ، )94وعلى هذا األسغغاس تعتبر الوالية واجبا على األب بحكم مركزه العائلي ،وبنفس الوقت تعد حقا ألنها والية طبيعة مفروضغغة بحكم صغغلة الدم الوثيقة من القرابة املباشرة (. )95 ج -اليتقاضى الولي أجورا لقاء قيامه بإدارة أموال الصغير واستثمارها. الفرع الثاني – الوصي :تعريف الوصي لغة وفقها وقانونا ،ميكن توضيحه على النحو اآلتي: أوال -الو صي لغة :من و صي أي عهد إليه ،وأو صيت له ب شيء وأو صيت إليه إذا جعلته و صييك ، وأوصيته ووصيته إيصاء وتوصية(. )96 ثانيا -الوصي فقها: هو النائب عن القا صر تن صبه محكمة األحوال ال شخ صية ليقوم بتمثيله وإدارة أمواله ورعايتها وحتت إشرافها وحسب أحكام القانون ( .)97والوصي هو أي شخص تثبت له سلطة ع غلى القاصر غير األب واجلد ألن األب واجلد هم أولياء وليسغغوا أوصغغياء عليه )98( .وعرفها آخر بأنه كل شغغخص غير األب واجلد تثبت له السغغلطة على مال القاصغغر فيكون وليا على ماله ويعد نائبا قانونيا عن الصغغغير. وتهدف نيابته إلى صغغيانة ثروة القاصغغر واسغغتثمارها في الوجوه التي تعود باخلير واملنفعة على ال صغير )99(.ويعتبر البعض أن والية الو صي امتداد لوالية من اختاره نائبا عنه؛ فإن اختاره األب سمي وصيا مختارا ،وإن كان الذي اختاره القاضي سمي وصيا منصوبا(. )100 ثالثا -الوصغغي قانونا :لم يعرف قانون رعاية القاصغغرين العراقي الوصغغي إال أنه بني ترتيب األوصياء حيث نصت املادة ( )40على أنه ( هو من يختاره األب لرعاية شؤون ولده الصغير أو اجلنني ثم من تنصغغبه اﶈكمة على تقدﱘ األم على غيرها وفق مصغغلحة الصغغغير ،فإن لم يوجد أحد منهما تكون الوصغغاية لدائرة رعاية القاصغغرين حتى تنصغغب اﶈكمة وصغغيا .).وتثبت الوصغغاية اﺨﻤﻟتارة مبحرر كتابي تقره اﶈكمة بعد وفاة األب (.)101 أما بالنسغغبة إلى القوانني املقارنة فقد أجاز قانون الوالية على املال املصغغري لألب أن يقيم و صيا مختارا لولده القا صر أو للحمل امل ستكن ،ويجوز ذلك للمتبرع بح سب ماهو من صوص عليه في املادة( ،)4ويشترط أن يثبت االختيار بورقة رسمية أو عرفية مصدق على توقيع األب أو املتبرع فيها أو املك توب بخطه وموقعة بإمضغغغائه ويجوز لألب املتبرع بطريق الوصغغية في أي وقت أن يعدل عن ( )94نصغغغت املادة 114من القانون املدني الكويتي( -2وال يجوز لألب أو اجلد أن يتنحى عن الوالية بغير عذر مقبول).ونصغغغت املادة ( )241من قانون مدونة األ سرة املغربي ( اوال -االب هو الولي على اوالده بحكم ال شرع مالم يجرد من واليته بحكم ق ضائي .). ( )95د .حسن كيرة ،مصدر سابق ،ص . 955 ابن منظور ،مصدر سابق ،اﺠﻤﻟلد اخلامس عشر ،ص (96 ). 229 ( )97محمد كمال حمدي ،الوالية على املال ،اجلزء االول – االحكام املوضوعية ،دار املعارف ،مصر ، 1511 ،ص 19 ( )98د .عزيز كاظم جبر ،مصدر سابق ،ص . 44 ( )99د.رمضان ابو السعود ،مصدر سابق 202 ،ص – . 204 ( )100د .عصمت عبد اﺠﻤﻟيد ،مصدر سابق ،ص 115 ( )101ينظر املادة ( )41من قانون رعاية القاصرين العراقي . 116
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
اختيارها ،وتعرض الوصغغية على اﶈكمة لتثبيتها ،وإذا لم يكن للقاصغغر أو للحمل املسغغتكن وصغغي مختار تعني اﶈكمة وصيا ،ويبقى الوصي على احلمل املستكن وصيا على املولود ما لم تعني اﶈكمة غيره (. )102 بينما اعتبر قانون مدونة األسغغرة املغربي أن الوصغغي هو وصغغي األب أو وصغغي األم( ،)103أما قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري فقد أعطى لألب أن يقيم وصغغيا مختارا ل لولده القاصغغر ،أو للحمل امل ستكن ،ويبقى و صي احلمل امل ستكن و صيا ل على املولود ما لم ير القا ضي إ سناد الو صاية إلى الهيئة بنا لء على طلبها أو طلب غيرها من ذوي الشأن ،ويشترط أن تثبت الوصاية بورقة رسمية أو عرفية م صدق على توقيع األب فيها ،أو مكتوبة بخطه وموقعة بإم ضائه ،وتعرض الو صاية على القاضغغي اقرارها ،ويجوز لألب في أي وقت أن يعدل عن اختياره .وإذا لم يوجد للقاصغغر أو احلمل املستكن ولي أو وصي مختار ،فتكون الهيئة وصيا عليه (. )104 أما القانون املدني الكويتي فقد اعتبر أنه إذا كان ال صغير كويتيا ،ولم تثبت الوالية على ماله ألبيه أو للوصغغي اجملتار من أبيه أو جلده فإن الوصغغاية على ماله تثبت ادارة شغغئون القصغغر ،وفقا ملا يقضغغي به القانون وذلك ما لم تعني له اﶈكمة وصغغيا آخر .ويجوز للمحكمة في أي وقت وبناء على ()105 طلب أي ذي شأن أن تعني وصيا آخر بدال من إدارة شؤون القصر إذا رأت في ذلك مصلحة القاصر . اعتبر قانون األحوال الشغغخصغغية السغغوداني أن وصغغي الصغغغير هو الذي يعينه األب أو اجلد ال صحيح على ولده القا صر أو املرتقب ،ويجوز أن يرجع عن إي صائه ولو التزم بعدم الرجوع ،كما أجاز القانون املذكور أن للقاضغغي أن يعني وصغغيا إذا لم يكن للقاصغغر وصغغي مختار ادارة شغغؤونه مراعيا مصلحة القاصر (. )106 يتضح مما سبق أن القوانني املقارنة اختلفت في ترتيب األوصياء ،وميكن أن نحدد اجتاهاتها على النحو اآلتي : االجتاه األول (االجتاه الضيق) واملتمثل بقانون مدونة األسرة املغربي. االجتاه الثاني (االجتاه املعتدل ) وميثله القانون العراقي والكويتي والسوداني والقطري. االجتاه الثالث (االجتاه الواسع ) واملتمثل بالقانون املصري. إال أن القوانني املشار اليها متشابهة من النواحي التالية: -1لألب احلق في اختيار وصي لولده الصغير. -2للقضاء احلق في تعيني الوصي وحسب ماينص عليه القانون باستثناء القانون املغربي. وأما بالنسبة إلى إثبات الوصاية فقد اجتهت القوانني املقارنة إلى اجتاهني ،االجتاه األول لم يشغغر إلى كيفية إثبات الوصغغاية كما هو احلال في قانون مدونة األسغغرة املغربي والقانون املدني الكويتي وقانون األحوال ال شخ صية ال سوداني ،واالجتاه الثاني بني بو ضوح ااثبات كما هو احلال في ( )102ينظر املادة ( 21و) 25من قانون الوالية على املال املصري . ( )103ينظر الفقرة / 2 /من املادة . 244وينظر املادة ( 249و )241واطلق املشرع املغربي مصطلح النائب. ( )104ينظر املادة ( )19من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري. ( )105ينظر املادة ( )112من القانون املدني الكويتي . ( )106ينظر املادة ( )204من قانون االحوال الشخصية السوداني . تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
117
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
قانون رعاية القا صرين العراقي وقانون الوالية على املال امل صري ،وقانون الوالية على أموال القا صرين القطري .ويفضل االجتاه الثاني لسهولة ااثبات وفض النزاع عند وقوعه. املطلب الثاني سلطات النائب عن الصغير تبنى املشرع العراقي وعلى خالف القوانني املقارنة معيارا عند رسم حدود سلطات النائب عن ال صغير لغرض احلفاظ على م صلحة ال صغير وحتقيق أكبر قدر ممكن من املنفعة .وال سؤال هل جنح املشرع في حتقيق تلك األهداف ألجل بيان حدود سغغلطات النائب عن الصغغغير وكيف م رسغغم تلك احلدود لكل من الولي والوصغغي وااجابة على التساؤل املطروح ،البد من تقسيم املطلب إلى الفرعني اآلتيني : الفرع األول -سلطات الولي مبا أن الوالية شرعت ل ضمان م صلحة ال صغير في احلفاظ على أمواله والت صرف نيابة عنه نظرا لعدم امتالكه األهلية الالزمة العتداد القانون بتصرفه لذا فإن مسالة تقييد سلطة الولي أمر مطلوب إال أنه ينبغي عدم املبالغة في فرض تلك القيود (. )107 من خالل قراءة نصوص قانون رعاية القاصرين العراقي يالحظ ما يلي : أوال -جعل إدارة أموال الصغغغير منوطة بدائرة رعاية القاصغغرين حيث نصغغت املادة ( )04على أنه (تقوم دائرة القا صرين بالواجبات اآلتية :أوال – تثبيت ما لكل قا صر من عقارات ومنقوالت خالل مدة الق صر سغغواء عند قيامها باادارة أو لغرض إشغغرافها على من يقوم بذلك ثانيا ...... -ثالثا -أعمال اادارة املعتادة وفق التعليمات التي يصغغدرها مجلس رعاية القاصغغرين إذا لم يكن للقاصغغر ولي أو وصغغي أو قيم تناط به األعمال املذكورة .). ثانيا – منع القانون الولي أو الوصي أو القيم من التبرع من مال القاصر إال ألداء واجب عائلي إنساني ومبوافقة دائرة رعاية القاصرين (. )108 ثالثا – منع القانون الولي أو الو صي أو القيم من مبا شرة الت صرفات اآلتية إال مبوافقة مديرية رعاية القا صرين وبعد التحقق من م صلحة القا صر وهي :جميع الت صرفات التي من شأنها إن شاء احلقوق العقارية األصغغلية أو التبعية أو نقلها أو تغييرها أو زوالها ،وكذلك جميع التصغغرفات املقررة حلق من احلقوق املذكورة ،والتصغغرف باملنقول أو احلقوق الشغغخصغغية أو األوراق املالية ،وكذلك الصغغلح والتحكيم فيما زاد على مائة دينار لكل قاصر ،وحوالة احلقوق وقبولها وحوالة الدين ،وإيجار العقارات ألكثر من سغغنة واحدة ولألضغغي الزراعية ألكثر من ثالث سغغنوات على أن المتتد مدة اايجار في أي من احلاالت إلى مابعد بلوغ الصغير سن الرشد ،وقبول التبرعات املقترنة بعوض ،والتنازل عن التأمينات وإضغغعافها والتنازل عن احلقوق والدعاوى وطرق الطعن القانونية في األحكام ،والقسغغمة الرضغغائية ( )107د .عزيز كاظم جبر ،مصدر سابق ،ص . 14
ينظر املادة ( )02من قانون رعاية القاصرين العراقي ( ( 108 .
118
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
لألموال التي للقاصغغر حصغغة فيها ،وأخيرا األمور األخرى التي يقرر مجلس رعاية القاصغغرين وجوب موافقة مديرية رعاية القاصرين اجملتصة عليها مبوجب التعليمات التي تصدرها لهذا الغرض (. )109 رابعا – منع القانون شغغراء عقار للقاصغغر من أمواله إال مبوافقة رعاية القاصغغرين في إحدى احلاالت التالية ،إذا كان القا صر ميلك ح ص صا م شاعة في عقار جرى بيعه عن طريق إزالة ال شيوع وكان في شرائه منفعة له ،أو إذا اقتضت احلاجة تأمني سكن ،أو إذا كان العقار موضوعا باملزايدة لتحصيل دين للقاصغغر ولم يجر الضغغم عليه أو لم يبلغ الضغغم املبلغ الكافي ايفاء الدين على أن اليتجاوز بدل الشراء %14من قيمته(. )110 وعند إجراء املقارنة بني قانون رعاية القاصغغرين والقانون املدني العراقي جند بأن القانون األخير ميز في مجال التصرف في مال الصغير بني الولي املعروف بحسن التصرف وسوئه؛ حيث نصت املادة ( )144من القانون املدني ( -1األب واجلد إذا تصغغرفا في مال الصغغغير وكان تصغغرفهما مبثل القيمة أوبيسير الغنب صح العقد ونفذ ).وأما إذا كانا قد عرفا بسوء التصرف فللقاضي أن يقيد من واليتهما أو أن يسلبهما إياها (. )111 كما ان املشرع العراقي أجاز لألب واجلد أن يبيع مال نفسه للصغير أو أن يشتري مال الصغير لنفسه إذا كان مبثل القيمة أو بغنب يسير ( ، )112كما أن لألب فقط أن يرهن ماله لولده الصغير أو أن يرتهن مال ال صغير لنف سه ،ويجوز له أن يرهن مال ولده بدين على نف سه وبدين على ال صغير ،وإذا رهنه بدين نفسه وهلك فال يكون ضامنا (. )113 يتضح من املقارنة مايلي : -1عمد املشغغرع في قانون رعاية القاصغغرين إلى سغغلب سغغلطات الولي املمنوحة له بحسغغب قواعد القانون املدني. -2ذهب املشرع في قانون رعاية القاصرين إلى املساواة بني الولي والوصي والقيم. وذكر بعض من الفقهاء أنه بالرغم من عمق القيود والتعديالت الواردة على أحكام الوالية على املال فما كان ينبغي أن يصل األمر إلى حد مساواة األب -وهو أقرب الناس للصغير وأكثرهم حنانا وشفقة عليه -بوالية غيره من األولياء ،وهو أمر غير مقبغغغغول وال مستغغغغساغ عقغغغغال أو شرعا مهما كانت البواعث على إجراء القيود (.)114 أما بالنسغغبة إلى قانون مدونة األسغغرة املغربي فقد كان موقفه قريبا من موقف قانون رعاية القا صرين من حيث امل ساواة في سلطات النائب ال شرعي )115(،وألزم األخير بإبالغ القا ضي املكلف ( )109ينظر املادة ( )04من قانون رعاية القاصرين العراقي . ( )110ينظر املادة ( )91من قانون رعاية القاصرين العراقي . ( )111ينظر (الفقرة /2من املادة )144من القانون املدني العراقي . ( )112ينظر املادة ( )911من القانون املدني العراقي . ( )113ينظر املادة ( )1215من القانون املدني العراقي ( )114د.عبد اﺠﻤﻟيد احلكيم واالسغغتاذ عبد الباقي البكري واالسغغتاذ املسغغاعد محمد طه البشغغير ،الوجيز في نظرية االلتزام في القانون املدني العراقي ،مصغغغادر االلتزام ،اجلزء االول ،العاتك لصغغغناعة الكتاب ،القاهرة ،الطبعة الثالثة . 2445 ،ص 19 هامش (. )1 ( )115نصغغغت املادة ( )244من قانون مدونة األسغغغرة املغربي ( يقصغغغد بالنائب الشغغغرعي في هذا الكتاب -1الولي وهو االب واالم والقاضي -2.الوصي وهو وصي االب او وصي االم -4.املقدم وهو الذي يعينه القضاء). تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
119
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
بشغغؤون القاصغغرين بوجود األموال النقد ية والو ثائق واحللي واملنقوالت ذات القي مة ،وإذا لم يفعل يتحمل مسغغؤولية ذلك .وتودع النقود والقيم املنقولة بحسغغاب القاصغغر لدى مؤسغغسغغة عمومية للحفاظ عليها بناء على أمر القاضغغي ،ويخضغغع النائب الشغغرعي في ممارسغغة هذه املهام للرقابة القضغغائية طبقا ألحكام املواد املوالية ( .)116وألزم القانون الولي بإبالغ القاضغغي إذا تعدت قيمة املال اﶈجور مائتي ألف درهم بفتح ملف النيابة الشرعية ،وللقاضي املكلف بشؤون القاصرين النزول عن هذا احلد إذا ثبتﺖ مصغلحة اﶈجور ،وميكن أيضغا الزيادة في هذه القيمة مبوجب نص تنظيمي( .)117ثم إن امللف املوجود في النيابة الشرعية له أهمية من جانبني: اجلانب األول – يقدم الولي تقريرا سغغنويا عن كيفية إدارته ألموال اﶈجور وتنميتها ،وللمحكمة بعد تقدل التقرير ات خاذ ااجراءات التي ترا ها مالئ مة للم حاف ظة على أموال اﶈجور ومصغغغا حله ا ملادية واملعنوية (.)118 اجلانب الثاني – يجب على الولي عند انتهاء مهمته إشغغعار القاضغغي املكلف بشغغؤون القاصغغرين بوضعية ومصير أموال اﶈجور في تقرير مفصل للمصادقة عليه(.)119 وإذا أراد النائب ال شرعي القيام بت صرف تتعارض فيه م صاحله أو م صالح زوجه أو أحد أ صوله أو فروعه مع مصغغغالح اﶈجور رفع األمر إلى اﶈكمة التي ميكنها أن تأذن به وتعني ممثال للمحجور في إبرام التصرف واﶈافظة على مصاحله ( .)120كما منع قانون مدونة األسرة املغربي الوصي أو املقدم من القيام بالتصغغرفات اآلتية إال بعد احلصغغول على ااذن من اﶈكمة ،ويجب أن يكون قرار القاضغغي بالترخيص معلال وهي: 1غ بيع عقار أو منقول للمحجور تتجاور قيمته 14444درهم أو ترتيب حق عيني عليه. 2غ املساهمة بجزء من مال اﶈجور في شركة مدنية أو جتارية أو استثماره في جتارة أو مضاربة . 4غ تنازل عن حق أو دعوى أو إجراء الصلح أو قبول التحكيم بشأنهما . 0غ عقود الكراء التي ميكن امتدادها إلى ما بعد انتهاء احلجر . 9غ قبول أو رفض التبرعات املثقلة بحقوق أو شروط . 1غ أداء ديون لم يصدر بها حكم قابل للتنفيذ . ()121 9غغغغغغ اانفاق على من جتب نفقته للمحجور مالم تكن النفقة مقررة بحكم قابل للتنفيذ .أما بالنسبة إلى قسمة مال اﶈجور املشترك مع الغير فتتم بتقدل مشروعها إلى اﶈكمة التي تصادق عليها بعغد أن تتأكغد عن طريق اﳋبرة من عدم وجود حيف فيها على اﶈجور (. )122
( )116ينظر املادة ( )249من قانون مدونة األسرة املغربي . ( )117ينظر املادة (.)204وا ذا زادت قيمة املال اﶈجور اثناء االدارة عن مائتي الف درهم فعلى الولي ابالغ القاضغغغي لفتح امللف في النيابة الشرعية كمغا يجور للمحجور او امه القيام بنفس االمر (ينظر املادة .) 201 ( )118ينظر املادة ( )204من قانون مدونة االسرة املغربي . ( )119ينظر املادة ( )202من قانون مدونة االسرة املغربي . ( )120ينظر املادة ( )215من قانون مدونة االسرة املغربي . ( )121ينظر املادة ( )291من قانون مدونة االسرة املغربي. ( )122ينظر املادة ( )299من قانون مدونة االسرة املغربي . 120
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
أما بالنسغغبة إلى موقف القوانني املقارنة واملتمثلة في قانون الوالية على املال املصغغري وقانون الوالية على أموال القا صرين القطري وقانون األحوال ال شخ صية ال سوداني والقانون املدني الكويتي فقد حددت سغغلطات الولي مع التمييز في بعض احلاالت بني األب واجلد .كما أن هناك تصغغرفات منع الولي من إجرائها إال بإذن اﶈكمة والتي نوضغغحها بحسغغب األحوال املتشغغابهة في بعض احلقائق، واجملتلفة في بعض التفاصيل وعلى النحو اآلتي : -1اليجوز ا لتبرع مبال القاصر إال ألداء واجب إنسانى أوعائلى وبإذن اﶈكمة في قانون الوالية على املال املصري ( .)123وقريب منه املشرع الكويتي. )124(.
-2ال يجوز للولي في قانون الوالية على املال املصري أن يتصرف فى عقار القاصر لنفسه أو لزوجه أو ألقاربه أو ألقاربها إلى الدرجة الرابعة إال بإذن اﶈكمة ،وال يجوز له أن يرهن عقار القاصر لدين على نفسه )125( .وقريب منه املشرع القطري( )126والسوداني(. )127
-3ال يجوز لﻸب في قانون الوالية على املال امل صري أن يت صرف فى العقار أواﶈل التجاري أو األوراق املاليه إذا زادت قيمتها على 444جنيه إال بإذن اﶈكمة ،وال يجوز لها أن ترفض ااذن إال إذا كان التصغغرف من شغغإنه جعل أموال القاصغغر فى خطر أو كان فيه غنب يزيد على خمس القيمة ( .)128وقريب منه املشرع القطري( . )129
-4ال يجوز للولى إقراض مال الصغغغير وال اقتراضغغه إال بإذن اﶈكمة في قانون الوالية على املال املصري )130( ،وقريب منه املشرع القطري )131( .كما أن املشرع الكويتي لم يجز للولي إقراض مال ال صغير وال اقترا ضه والرهن مال ال صغير إال لدين على هذا ال صغير نف سه (. )132 -5ك ما ال يجوز للولى في قانون الوال ية على ا ملال املصغغري بغير إذن اﶈك مة تأجير ع قار القا صر ملدة متتد إلى ما بعد سن الر شد ب سنة )133( .وقريب منه امل شرع القطري)134( .
( )123ينظر املادة ( )9من قانون الوالية على املال املصري .
مبا منع القانون املدني الكويتي التبرع مبال الصغيرواذا كان في مال الصغير سعة فانه يجوز للولي ان يتبرع مبال الصغير ( 124
اليبهظه اذا كان ذلﻚ لغرض عائلي أو إنساني وبشرط اذن اﶈكمة ينظر املادة (. )144 ( )125ينظر املادة ( )1من قانون الوالية على املال املصري.. .
منعت املادة ( )5من قانون الوالية على اموال القاصرين التصرف في عقار القاصر دون أذن القاضي علما ان االذن يصدر بعد ( 126 منعت املادة ( )201من قانون االحوال الشخصية الولي من التصرف في العقار اال بعد اذن القاضي وحتقق مصلحة القاصر (127 .
( )128ينظر املادة ( )9من قانون الوالية على املال املصري. ( 129منعت املادة ( )5من قانون الوالية على اموال القاصرين التصرف في اﶈل التجاري أو أالوراق التجارية دون اذن القاضي والذي يصدر بعد اخذ رأي الهيئة . ( )130ينظر املادة ( )5من قانون الوالية على املال املصري . (131منعت املادة ( )5من قانون الوالية على املال القطري اقراض مال القاصر أو إقترتضه وهن مال القاصر أو التبرع به دون اذن القاضي علما ان االذن يصدر بعد أخذ رأي الهيئة . ( 132ينظر املادة (140و )141من القانون املدني الكويتي . ( )133ينظر املادة ( )14من قانون الوالية على املال املصري. (134منعت املادة ( )5من قانون الوالية على اموال القاصرين تأجير عقار القاصر ملدة تزيد على سنة ،أو متتد الى سنة بعد بلوغه سن الرشد دون اذن القاضي علما ان االذن يصدر بعد اخذ رأي الهيئة. تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
121
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
وبالرغم من اتفاق املشغغرع الكويتي والقطري مع املصغغري حول عدم التاجير ملدة تتجاوز بلوغه سن الرشد إال أن نطاق املنع شمل مال الصغير بشكل عام( .)135
-6ال يجوز للولي في قانون الوالية على املال املصري أن يستمر في جتارة للقاصر إال بإذن من اﶈكمة وفي حدود هذا ااذن ( ،)136وقريب منه املشرع القطري (. )137 -7ال يجوز للولي أن يقبل هبة أو و صية لل صغير محملة بالتزامات معينة إال بإذن اﶈكمة في قانون الوالية على املال املصري ،وقريب منه املشرع القطري(.) 138
-8كما أن قانون الوالية على املال املصغغري أجاز لألب فقط أن يتعاقد مع نفسغغه باسغغم القا صر سواء أكان ذلك حل سابه هو أم حل ساب شخص آخر إال إذا نص القانون على غير (. )140 ذلك ( .)139وقريب منه قانون الوالية على أموال القاصرين القطري
-9ومنع قانون الوالية على املال املصغغري اجلد فقط بغير إذن اﶈكمة من التصغغرف في مال القاصر وال الصلح عليه وال التنازل عن التامينات أو إضعافها (. )141 أما بالنسغغبة إلى قانون األحوال الشغغخصغغية السغغوداني فقد أوضغغح أن هناك تصغغرفات للولي حتمل على ال سداد وهي التعاقد با سم موليه والت صرف في أمواله والقيام بالتجارة حل ساب موليه واليسغغتمر في ذلك إال في حالة النفع الظاهر ،ويجوز له قبول التبرعات املشغغروعة لصغغالح موليه إذا كانت خالية من أي التزامات مجحفة ،وأخيرا اانفاق من مال موليه على من وجبت لهم النفقة عليه ( ،)142وت صرفات الحتمل على ال سداد إال إذا ثبتت م صلحة موليه فيها ،وت شمل شراء ملك موليه لنفسه و بيعه ملكه ملوليه أو ملك موليه ليستثمر ثمنه لنفسه ( ،)143ويكون باطال كل تصرف يباشره الولي ملوليه إذا نتا عنه ضرر (. )144 أما بالنسغغبة إلى القانون املدني الكويتي فقدأجاز للولي أن يجري عن صغغغيره التصغغرفات النافعة له نفعا محضغغا ،وإذا كان التبرع للصغغغير مقترنا بتكليف فإنه ال يسغغوغ للولي قبوله عنه بغير إذن اﶈكمة ( ،)145وكذلك للولي أن يجري عن صغغغيره التصغغرفات التي يقتضغغيها حفظ أمواله وإدارتها واستثمارها ،وللولي أن يجري في مال صغيره التصرفات مبقابل ،مع مراعاة القيود املقررة في املواد التالية( .)146كما منع القانون املدني الكويتي الولي ،بغير إذن اﶈكمة ،أن يبيع عقار الصغغغير أو ينظر املادة ( )121من القانون املدني الكويتي ( 135. ( )136ينظر املادة ( )11من قانون الوالية على املال املصري. (137منعت املادة ( )5من قانون الوالية على اموال القاصرين االستمرار في جتارة الت للقاصر دون اذن القاضي علما ان االذن يصدر بعد اخذ رأي الهيئة . 138منعت املادة( )5من قانون الوالية على اموال القاصرين قبول هبة أووصية محملة بالتزامات معينة او رفضها ( دون اذن القاضي علما ان االذن يصدر بعد اخذ رأي الهيئة .
( )139ينظر املادة ( )12من قانون الوالية على املال املصري. ( )140ينظر املادة ()19و ( )1من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري. ( )141ينظر املادة ( )10من قانون الوالية على املال املصري. ( )142ينظر املادة( ) 245من قانون االحوال الشخصية السوداني . ( )143ينظر املادة ( ) 204من قانون االحوال الشخصية السوداني. ( )144ينظر املادة ( ) 202من قانون االحوال الشخصية السوداني. ( )145ينظر املادة ( ) 129من القانون املدني الكويتي. ( )146ينظر املادة ( ) 125من القانون املدني الكويتي.. 122
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
محله التجاري أو أن يؤجره لنفسغغغه أو لزوجه أو ألقارب أحدهما إلى الدرجة الثالثة .واليجوز للولي، بغير إذن اﶈكمة ،أن يتصغغرف في مال الصغغغير ،إذا ﲡاوزت قيمته مائتي ألف( ،)147وإذا كان املال قد آل إلى الصغير بطريق الوصية أو التبرع ،واشترط املوصي أو املتبرع عدم تصرف الولي فيه ،فإنه ال يجوز لهذا األخير إجراء التصرف املمنوع عليه ،إال عندما تقتﻀيه الﻀرورة ،وبشرط إذن اﶈكمة( .)148كما أن جميع القيود الواردة على سلطة الولي ال ت سري بالن سبة إلى ما يكون قد آل منه إلى ال صغير من مال على سبيل التبرع ،ولو كان ذلك بطريق غير مباشر (.)149 الفرع الثاني -سلطات الوصي أشغغار قانون رعاية القاصغغرين العراقي إلى أنواع األوصغغياء ؛ فالوصغغي إما مختار أو معني أو وصغغي للخصغغومة ( .)150بينما ميزت القوانني املقارنة سغغلطات الوصغغي تبعا لنوع الوصغغغاية ،وسغغنقوم بتوضيحها بحسب أكثر القوانني تفصيال لها ،وميكن أن نوضح ذلك على النحو اآلتي: ا -الوصغغي اخلاص :يجوز للقاضغغي في قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري أن يعني الهيئة أو غيرها وصيا ل خاصال ،ويُحدد مهمته في األحوال التالية -1:إذا تعارضت مصلحة القاصر مع مصلحة الولي أو الوصغغي اجملتار ،أو أحد أصغغوله أو فروعه أو زوجه ،أو مصغغلحة قاصغغر آخر مشغغمول بواليته. -2إبرام عقد من عقود املعاوضة املالية أو تعديله أو فسخه أو إبطاله أو إلغائه بني القاصر وبني أحد املذكورين في البند السغغابق -4.إذا آل للقاصغغر مال بطريق التبرع واشغغترط املتبرع أال يتولى الوصغغي اجملغغتغغار إدارة هغغذا املغغال -0 .إذا اسغغغغتغغلغغزمغغت إدارة بغغعغغض األعغغمغغال درايغغة خغغاصغغغغة. -9إذا كان الولي أو الو صي غير أهل ملبا شرة حق من حقوق الوالية أو الو صاية( .)151وقريب منه امل شرع املصري(. )152 ب -أو ضح قانون الوالية على أموال القا صرين القطري أن الو صي املؤقت يعني عند إ صدار قرار بوقف الولي أو الوصغغي اجملتار ،أو إذا حالت ظروف مؤقتة دون أدائه لواجباته ،عندها يعني القاضغغي الهيئة وصيا ل مؤقتا ل ،ما لم يكن للقاصر ولي آخر ( .)153وقريب منه املشرع املصري (.)154 ج -وصي اخلصومة :حيث يجوز للقاضي أن يعني وصي اخلصومة ،ولو لم يكن للقاصر مال ،وهو ينوب عنه في الدعاوى التي يكون طرفا ل فيها في قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري ( .)155وقريب منه املشرع املصري( .)156
( )147ينظر املادةين ( ) 141 – 144من القانون املدني الكويتي.. ( )148ينظر املادة ( )142من القانون املدني الكويتي.. (( )149ينظر املواد من 140الى ) 141من القانون املدني الكويتي.. ( )150ينظر املواد 40و. 49اوضحنا سابقا ان املشرع العراقي تعامل مع الولي والوصي والقيم ذات املعاملة من حيث السلطات . ( )151ينظر املادة ( ) 11من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري . (152ينظر املادة ( )41من قانون الوالية على املال املصري . ( )153ينظر املادة ()15من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري. ) 154ينظر املادة ( )42من قانون الوالية على املال املصري . ( )155ينظر املادة ()24من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري . (156ينظر املادة ( )44من قانون الوالية على املال املصري. تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
123
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
د -الو صي اجملتار :ألزم قانون الوالية على أموال القا صرين القطري الو صي اجملتار بالواجبات التالية : -1تسغغلم ما تصغغرح له الهيئة بقبضغغه من أموال القاصغغر ،والقيام بإدارتها ورعايتها حتت إشغغراف الهيئة ،وعليه أن يبذل في ذلك العناية الكافية. -2تخصيص نفقة للقاصر ومن تلزمه نفقتهم شرعال. -4إيداع ما يح صله من أموال القا صر في ح ساب با سم القا صر في أحد البنوك العاملة بالدولة ، والسحب منه. -0إيداع املستندات املثبتة حلقوق القاصر بناء على طلب الهيئة أو أمر القاضي ،لدى الهيئة. -9تقدل حسغغاب سغغنوي مؤيد باملسغغتندات إلى الهيئة ،للتدقيق عليه محاسغغبيا ل ،وتقدميه إلى القاضي مشفوعا ل برأي الهيئة للتصديق عليه (. )157 وال يجوز للو صي اجملتار في قانون الوالية على أموال القا صرين القطري -دون إذن القا ضي -مبا شرة التصرفات التالية: -1التصرف في األموال العقارية متى كان التصرف ناقال ل للملكية أو مرتبا ل ألي حق عيني آخر. -2استثمار أموال القاصر وتصفية حساباته(. ) 158 -4تأجير عقار القاصر ملدة تزيد على سنة ،أو متتد إلى سنة بعد بلوغه سن الرشد .بينما ميز املشرع امل صري بني األرا ضي الزراعية واملباني حيث لم يجز إيجار عقار القا صر ملدة أكثر من ثالث سنوات في األراضي الزراعية ،وملدة أكثر من سنة في املباني ،ومنع إيجار عقار القاصر ملدة متتد إلى مابعد بلوغه سن الرشد ألكثر من سنة (.)159 -0ا لوفغاء اال خ تيغاري بغاال ل تزامغات الشغغغر عيغة ا ل تي ت كون ع لى ا ل تركغة أو ا لقغاصغغغر(.)160 -9ال صلح والتحكيم .وا ستثنى امل شرع امل صري فيما يقل عن مائة جنيه مما يت صل بأعمال اادارة (.)161 -1الغغغتغغغنغغغازل عغغغن احلغغغقغغغوق والغغغدعغغغاوى والغغغطغغغعغغغون فغغغي األحغغغكغغغام. -9شراء أو ا ستئجار أموال القا صر لنف سه أو لزوجه أو ألحد من أ صولهما أو فروعهما ،أو ملن يكون الوصغغي نائبا ل عنه .بينما حصغغرها املشغغرع املصغغري في اايجار لنفسغغه أو لزوجه أو ألحد أقاربها إلى الدرجة الرابعة( .)162 -1الت صرف في املنقوالت أو احلقوق ال شخ صية أو األوراق املالية .وا ستثنى امل شرع امل صري أعمال 163 ( اادارة ). -5ق سمة مال القا صر بالترا ضي إذا كانت له م صلحة في ذلك ،فإذا أذن القا ضي عني األ سس التي جتري عليها القسمة وااجراءات الواجبة االتباع ،وعلى الوصي أن يعرض على القاضي عقد القسمة ( )157ينظر املادة () 24من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري . )158مطابق للمشرع املصري ينظر املادة ( )45من قانون الوالية على املال املصري .. )159ينظر املادة ( )45من قانون الوالية على املال املصري. )160مطابق لقانون الوالية على املال املصري ينظر املادة (. )45 (161ينظر املادة ( )45من قانون الوالية على املال املصري .. ) 162ينظر املادة ( )45من قانون الوالية على املال املصري . ( 163ينظر املادة ( .) 45من قانون الوالية على املال املصري 124
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
للتثبت من عدالتها ،وللقا ضي في جميع األحوال أن يقرر اتخاذ إجراءات الق سمة الق ضائية .وأ ضاف املشغغرع املصغغري في حالة القسغغمة القضغغائية تصغغدق اﶈكمة االبتدائية التى تتبعها محكمة الق سمة على ق سمة األموال إلى ح صص ،ولهذه اﶈكمة -عند االقت ضاء -أن تدعو اخل صوم ل سماع أقوالهم في جلسة حتدد لذلك ،وإذا رفضت التصديق تعني عليها أن تقسم األموال إلى حصص على األسغغس التى تراها صغغاحلة بعد دعوة اخلصغغوم .ويقوم مقام التصغغديق احلكم الذى تصغغدره اﶈكمة بوصفها محكمة استئنافية بتكون احلصص (.)164 - 14اانفاق من مال القاصغغر على من جتب عليه نفقتهم ،إال إذا كانت النفقة مقضغغيا ل بها بحكم واجب النفاذ ،وي صدر القا ضي ااذن في احلاالت ال سابقة بعد أخذ رأي الهيئة في قانون الوالية على أموال القاصرين القطري ( ، )165بينما اشترط املشرع املصري إذن اﶈكمة فقﻂ(. )166 وأ ضاف امل شرع امل صري جميع الت صرفات التي من شأنها إن شاء حق من احلقوق العينية العقارية أو األصغغل ية أو التبع ية أو نق له أو تغييره أو زوا له و كذ لك جميع التصغغر فات املقرره حلق من احلقوق ا ملذكورة ،وحوا لة احلقوق وا لديون وقبول احلوا لة ،واقتراض ا ملال وإقراضغغغه ،وقبول التبر عات املقتر نه ب شرط أو رف ضها ،والتنازل عن احلقوق والدعاوى وقبول األحكام القابله للطعون العاديه والتنازل عن هذه الطعون بعد رفعها ورفع الطعون غير العاديه في األحكام ،و التنازل عن التامينات وإضغغعافها، وما يصرف على تزويا القاصر وتعليم القاصر إذا احتاج للنفقة واانفاق الالزم ملباشرة القاصر مهنة معينة (.)167 أما بالن سبة إلى موقف قانون األحوال ال شخ صية ال سوداني فإنه يجب على الو صي إدارة أموال القاصغغر ورعايتها كما يجب أن يبذل في ذلك ما يبذله في إدارة أموال أوالده ( ، )168وال يجوز للوصي القيام باألعمال اآلتية إال بإذن من القاضي اجملتص: ا -االت صرف في :أوال -أموال القا صر بالبيع أو ال شراء أو املقاي ضة أو ال شركة أو الرهن أو أي نوع من أنواع التصرفات الناقلة للملكية أو املرتبة حلق عيني .ثانيا – السندات واألسهم أو أي حصص منها أو في املنقول ما لم يكن يسيرا أو يخشى تلفه ب -حتويل ديون القاصر أو قبول احلوالة عليها . ج -استثمار أموال القاصر حلسابه. د -االقتراض للقاصر . ه -تأجير عقار القاصر . و -قبول التبرعات املقيدة بشرط أو رفضها. ز -اانفاق من مال القاصر على من جتب عليه نفقته . وأخيرا أوضح القانون املدني الكويتي أن للوصي -ولو كان مختارا ل من األب -الوالية على مال الصغير في نفس احلدود التي يرسغمها القانون ادارة شغؤون القصغر باعتبار أن لها الوصغاية أو القوامة على معدومي األهلية وناقصغيها ،على أنه إذا كانت الوصغاية لغير إدارة شغؤون القصغر وجب إذن اﶈكمة ( )164ينظر املادة ( )04من قانون الوالية على املال املصري .. ( )165ينظر املادة ( )20من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري . (166ينظر املادة ( )45من قانون الوالية على املال املصري. ( 167ينظر املادة ( )45من قانون الوالية على املال املصري . ( )168بنظر املادة ( ) 204من قانون االحوال الشخصية السوداني . تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
125
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
اجراء كل التصغغرفات التي ال يخول القانون ملدير هذه اادارة أن يتوالها وحده ،وفي جميع األحوال ال يكون للوصي في واليته على مال الصغير سلطة تتجاوز سلطة الولي على نحو ما يحدده القانون (.)169 املبحث الثاني وسائل حماية أموال الصغير أو ضح قانون رعاية القا صرين العراقي و سائل حماية أموال ال صغير الهادفة إلى تنمية أمواله من خالل حترير التركة ،وتصغفيتها ،واﶈافظة عليها ،بااضغافة إلى محاسغبة األولياء واألوصغياء .وألجل بيان موقف القانون العراقي والقوانني املقارنة سنقسم املبحث إلى املطالب الثالثة اآلتية: املطلب األول – حترير التركة وتصفيتها املطلب الثاني – اﶈافظة على أموال الصغير املطلب الثالث – محاسبة األولياء واألوصياء املطلب األول حترير التركة وتصفيتها تتم إجراءات حترير التركة وتصفيتها على مرحلتني ،نوضحها بالفرعني اآلتيني: الفرع األول – حترير التركة الفرع الثاني – تصفية التركة الفرع االول -حترير التركة ألزم قانون رعاية القا صرين بتحرير تركة املتوفى عند وجود صغير ،حيث ن صت املادة ( )92على أنه (أوال -يجب حترير تركة املتوفى عند وجود قا صر .ثانيا – ال ي صدر الق سام ملتوفى عن قا صر مالم تأذن بذلك مديرية رعاية القاصغغرين ) .وتختص محكمة األحوال الشغغخصغغية بإصغغدار القسغغامات ال شرعية والتي تتم من خالل إجراءات( ، )170وعلى ورثة املتوفى البالغني وعلى شركائه في املال إخبار مديرية رعاية القاصرين بوفاة الشخص عن قاصر ،وذلك خالل سبعة أيام من تاريخ الوفاة( ، )171وعلى محاكم األحوال ال شخ صية وال سلطات املالية اا شعار إلى مديرية رعاية القا صرين عند علمها مبا يوجب حترير التركة ( .)172وإذا تبني أن املتوفى املطلوب حترير تركته مفلس أو قد طلب إشغغهار إفالسغغه عندها يجب مالحظة القواعد الواردة في املادة ( )11من قانون رعاية القاصرين(.)173
( )169ينظر املادة( )149من القانون املدني الكويتي . ( )170ينظر املادة ( )444من قانون املرافعات املدنية العراقي . ( )171ينظر املادة ( / 94اوال) من قانون رعاية القاصرين ،كما بينت املادة نفسها اجلزاءات عند االخالل باالخبار . ( )172ينظر املادة (/ 94ثانيا ) من قانون رعاية القاصرين العراقي . ( )173تنص املادة (...( )11اوال – الحترر التركة التي سبﻖ ﶈكمة االفالس و ضع يدها عليها .ثانيا – اذا كانت مديرية رعاية القا صرين قد باشغغغرت بتحريرها وطلبت محكمة االفالس ايداع التركة اليها فيجب ايداعها اليها .ثالثا – حتيل محكمة االفالس ما تبقى من التركة بعد تسوية الديون الى مديرية رعاية القاصرين اجملتصة .). 126
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
وميكن أن يطرح التسغغاؤل التالي :ماهي ااجراءات التي تقوم بها مديرية رعاية القاصغغرين بعد حتقق ااخبار الوارد في املادة ()94 أجابت املادة ( )90من قانون رعاية القاصغغرين على التسغغاؤل املطروح حيث تقوم املديرية باتخاذ ااجراءات الالزمة للمحافظة على حقوق القا صر وح صر أمواله املنقولة وغير املنقولة وجميع ما له من حقوق وما عليه من التزامات ،وللسغغلطة املالية أن تنيب أحد موظفيها للحضغغور عند حترير التركة(.)174 وإذا وقع نزاع على عائدية األموال فإن املادة ( )99من قانون رعاية القاصرين عاجلت املسالة؛ فإذا كانت قيمة األموال املتنازع على عائديتها للمتوفى التزيد على خمسمائة دينار فإن التظلم يرفع إلى محكمة األحوال الشخصية ( )175خالل سبعة أيام تبدأ من اليوم التالي لوضع مديرية رعاية القاصرين يدها على املال املتنازع عليه )176(،أما إذا كانت قيمة األموال املتنازع عليها تزيد على خمسمائة دينار عندها تقام الدعوى أمام محكمة البداءة خالل عشرة أيام تبدأ من اليوم التالي لوضع محكمة األحوال الشخصية يدها على املال املتنازع عليه (. )177 الفرع الثاني -تصفية التركة ب عد اسغغتي فاء ااجراءات ا ملذكورة في الفرع األول تت خذ اﶈك مة قرارا بتصغغف ية التر كة واملتضمنة ما يلي : أوال – اايفاء باملصغغغاريف :تقوم اﶈكمة بإيفاء املصغغغاريف املقتضغغية للمتوفى ومبا ال يتجاوز القدر املتعارف عليه (. )178 ثانيا – اايفاء بال ضرائب والر سوم :ن صت الفقرة (أوال) من املادة ( )91من قانون رعاية القا صرين على أنه (تقوم مديرية رعاية القا صرين بإيفاء ال ضرائب والر سوم املتحققة على التركة وبإيفاء امل صاريف املقتضغغية للمتوفى وفقا لتعليمات يصغغدرها مجلس رعاية القاصغغرين مبا ال يتجاوز القدر املتعارف عليه ) . ثالثا -اايفاء بالديون األخرى :أ شارت املادة ( )91من قانون رعاية القا صرين إلى نوعني من الديون وهما : -1الدين املستند إلى حجة أو حكم مكتسب درجة البتات ،أو سند ثابت التاريخ بعد حتليف الدائن ، وللمحكمة اايفاء بالدين مبوافقة الورثة الكبار. ( )174يالحظ التعليمات رقم ()4لسنة 1514واملتعلقة بتحرير التركة وتثبيت االموال . ( )175يرى البعض من شراح القانون انه وبعد صدور القرار املرقم ( )144ل سنة 1511والذي مبوجبه م انتقال مهمة حترير التركة وتصفيتها من مديريات رعاية القاصرين الى محاكم االحوال الشخصية ،لذا فان التظلم من القرارات الصادرة اثناء حترير التركة وفي احلدود التي رسمها القانون يكون امام محكمة االحوال الشخصية وفق االجراءات املتبعة في القضاء الوالئي وقرار محكمة االحوال الشخصية يكون قابال للتمييز لدى محكمة التمييز ،ينظر د .عصمت عبد اﺠﻤﻟيد بكر ،احكام رعاية القاصرين ،مصدر سابق ،هامش ( )1ص. 110 ( )176وعلى اﶈكمة ان حتلف املتظلم ميني االسغغتظهار قبﻞ اصغغدار قرارها بتسغغليم املال اليه (ينظر الفقرة اوال /من املادة )99من قانون رعاية القاصرين العراقي . ( )177ينظر( الفقرة ثالثا من املادة )99من قانون رعاية القاصغغرين العراقي ،ويالحظ ان هذه املبالغ قد فقدت قيمتها وبالتالي فان النزاعات وبحكم الواقع يتجاوز حتما اﳋمسمائة دينار وعليه سيحال امر النظر في النزاع الى اﶈكمة اﺨﻤﻟتصة . ( )178يالحظ تعليمات رقم ( )0لسنة 1514بشان تصفية التركة تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
127
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
-2إذا لم يكن الدين من الديون الواردة في الفقرة أعاله ،عندها تبلﻎ اﶈكمة الدائنني بﺈقامة الدعوى لدى اﶈك مة اﺨﻤﻟتصغغغ ة خالل مدة التز يد على ثالثني يو ما اث بات ديونهم ،وعلى محك مة األحوال الشغغخصغغية حﺠز ما يعادل الديون املذكورة ﳊني البت من قبل اﶈكمة ،وإذا لم تتم املراجعة ضغغمن املدة اﶈددة فﺈن محكمة األحوال الشخصية التسمع ادعاء الدائن. رابعا – ا ستيفاء الديون :ألزمت املادة ( )99من قانون رعاية القا صرين محكمة األحوال ال شخ صية باتخاذ ااجراءات املقتضغغية السغغتحصغغال الديون التي للمتوفى في ذمة الغير وفقا ألحكام قانون التنفيذ إذا كانت الديون معززة بسندات قابلة للتنفيذ ،ويكون لقاضي األحوال الشخصية صالحية منفذ العدل لهذا الغرض (. )179 خام سا – متلك أحد الورثة ماال منقوال في التركة :بينت املادة ( )91من قانون رعاية القا صرين أنه إذا ط لب أ حد الور ثة الك بار مت لك مال منقول في التر كة ووافق بق ية الور ثة أو من يقوم قانو نا م قام القاصغغر على طلب التملك ،تعني اﶈكمة خبيرا أو أكثر من قائمة اﳋبراء لتقدير قيمة املال ،وبعد التقدير فﺈنه يتوجب على طالب التمليك أن يدفع القيمة املقدرة خالل املدة التي حتددها اﶈكمة إن كانت التركة مدينة ،وإال يدفع ما ينا سب ح صة بقية الورثة منها ،حينها تقرر اﶈكمة متليك طالب حصص الورثة من املال إذا لم جتد في ذلك ضررا بالقاصر . أما اذا كان طلب التمليك مقدما من قبل من يقوم مقام القاصغغر ملصغغلحة يقدرها ووافق الورثة ،عندها يتم تقدير قيمة املال بنفس اآللية املشار إليها أعاله ،وتدفع من أموال القاصر القيمة املقدرة للمال إذا كانت التركة مدينة وإال فيدفع من ماله ما يناسغغب حصغغص بقية الورثة وتصغغدر اﶈكمة قرارها بالتمليك إن لم جتد في ذلك ضررا بالقاصر (. )180 سغغغادسغغغا – بيع األموال املنقولة في التركة :عند وجود أموال منقولة في التركة تقوم اﶈكمة بالبيع وفق ااجراءات املنصغغوص عليها في قانون التنفيذ ( .)181ثم تقوم اﶈكمة بتصغغفية التركة وعلى الوجه التالي : -1إيفاء ديون الدائنني الذين أثبتوا ديونهم . -2تسليم الورثة الكبار ما يستحقونه حسب حصصهم. -4تسليم حصة القاصر إذا كانت زهيدة إلى من يقوم مقامه بناء على طلبه انفاقها على القاصر . -0اتخاذ ما يلزم ادارة عقار القاصغغر أو حصغغته منه واسغغتثمار أمواله األخرى وفق أحكام هذا القانون (. )182 أما القوانني املقارنة فقد نص قانون مدونة األسغغرة املغربي على وجوب ااخبار وعمل رسغغم عدة الورثة؛ فقد نصت املادة ( )211على أنه (في حالة وجود ورثة قاصرين للمتوفى أو وفاة املوصى أو املقدم يتعني على ال سلﻄات اادارية اﶈلية واألقارب الذين كان يعيش معهم إبالغ القا ضي املكلف ب شؤون ( )179وجه البعض انتقادا للمشغغرع العر اقي من حيث التعبير الذي اسغغتخدمه في املادة ( ) 99من قانون رعاية القاصغغرين وهو ( سندات قابلة للتنفيذ )في حني ان التعبير امل ستخدم في قانون التنفيذ املرقم 09ل سنة ( 1514االحكام واﶈررات القابلة للتنفيذ ) ،د .عصمت عبد اﺠﻤﻟيد بكر ،احكام رعاية القاصرين ،مصدر سابق ،ص 119 ( )180ينظر(الفقرة الثانية /املادة ) 91من قانون رعاية القاصرين العراقي. ( )181ينظر املادة ()95من قانون رعاية القاصرين العراقي. ( )182ينظر املادة ( )14من قانون رعاية القاصرين العراقي. 128
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
الغغغقغغغاصغغغغغريغغغن بغغغواقغغغعغغغة الغغغوفغغغاة خغغغالل فغغغتغغغرة التغغغتغغغعغغغدى ثغغغمغغغانغغغيغغغة أيام ويقع نفس االلتزام على النيابة العامة من تاريخ العلم بالوفاة) ون صت املادة ( )219على أنه (يأمر الغغقغغاضغغغغي املغغكغغلغغف بشغغغغؤون الغغقغغاصغغغغريغغن بغغإقغغامغغة رسغغغغم عغغدة الغغورثغغة وبغغكغغل إجراء يراه مناسبا للمحافظة على حقوق ومصالح القاصرين املالية والشخصية ). وكذلك قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري حيث نصغغت املادة ( )04على أنه (إذا كانت التركة أو بعض أعيانها في شركة جتارية أو عقارات ا ستثمارية واتفق الرا شدون من الورثة على عدم قسغغمة التركة فللقاضغغي أن يأذن باسغغتمرار نصغغيب القاصغغر مشغغاعا في التركة إذا كان في ذلك مصغغلحة للقاصغغر ،وعلى الوصغغي اجملتار أن يلتزم بالواجبات املنصغغوص عليها في املادة ( )24من هذا القانون ).أما القانون املدني الكويتي وعلى الرغم من عدم معاجلته لهذا املو ضوع إال أن قانون الهيئة العامة لشؤون القصر الكويتي( )183أوضح بأنه على الورثة البالغني والشركاء في األموال أن يخطروا صغر أو حمل مسغغتكن ،وبانفصغغال هذا مختار املنطقة خالل أسغغبوع بوفاة كل شغغخص توفي عن ق ُ ح ()184 احلمل ،وبوفاة الولي أو الوصغغي اجملتار أو بغياب أيهما ،وعلى مختار املنطقة أن يبلغ ذلك للهيئة. أما قانون األحوال الشخصية السوداني وقانون الوالية على املال املصري فلم يعاجلا احلاالت أعاله. ونرى أن األجراءات التي جاء بها امل شرع العراقي في قانون رعاية القا صرين من شأنها احلفاظ على حقوق الصغير. املطلب الثاني اﶈافظة على أموال الصغير أوضغغح املشغغرع العراقي أسغغاليب من شغغأنها اﶈافظة على أموال الصغغغير من خالل إدارتها واستثمارها ،ولغرض توضيحها سنقسم املطلب إلى الفرعني التاليني: الفرع األول –إدارة أموال الصغير الفرع الثاني – استثمار أموال الصغير الفرع األول إدارة أموال الصغير تتولى دائرة رعاية القاصغغرين تثبيت ما لكل قاصغغر من عقارات ومنقوالت خالل مدة القصغغر سغغواء عند قيامها باادارة أو لغرض إشغغرافها على من يقوم بذلك ،كما أنها تتولى أعمال اادارة املعتادة تبعا للتعليمات التي ي صدرها مجلس رعاية القا صرين إذا لم يكن للقا صر ولي أو و صي أو قيم (. )185 ( )183املرقم( )19لسنة . 1514 صغغر مبجرد ورود البالغات املنصغغوص عليها في املادة السغغابقة باتخاذ ( )184ينظر املادة ( .)14تقوم الهيئة العامة لشغغئون القُ ح ص غر وحصغغر أموالهم الثابتة واملنقولة وجميع ما لهم من حقوق وما عليهم ااجراءات الالزمة للمحافظة على حقوق القُ ح من التزامات ،ينظر املادة (.)10 ( )185ينظر الفقرة (اوال و ثالثا من املادة )04من قانون رعاية القاصرين العراقي . تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
129
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
نظم قانون رعاية القا صرين كل ما يتعلق بإدارة أموال ال صغير بالن سبة للولي أو الو صي أو القيم والتي نوضحها على النحو اآلتي : أوال -فرض القانون اﶈافظة على أموال القاصغغر وأوجب على من يتولى أمره القيام بأعمال اادارة املعتادة على أن يبذل في كل ذلك ما يطلب من الوكيل املأجور بذله وفقا ألحكام القانون املدني(.)186 ثانيا -من حيث نفقة الصغير ،بني القانون ما يلي : -1للولي أو الوصي أو القيم تسلم الراتب التقاعدي للقاصر مع اجملصصات وااضافات مبوجب قانون التقاعد ومبا اليزيد عن املبلغ الذي يحدده مجلس رعاية القاصغغرين ومازاد عن احلد يودع في مديرية رعاية القاصرين الستثماره وفق القانون(.)187 -2للولي أو الوصغغي أو القيم أو من يتولى رعاية الصغغغير أن يتسغغلم من مديرية رعاية القاصغغرين النفقة الشهرية التي تقدرها اﶈكمة للصغير (. )188 -4على الولي أو الوصغغي أو القيم إيداع ما زاد على نفقة الصغغغير وما يزيد عما أذن له بصغغرفه من النقود في صندوق أموال القاصرين خالل عشرة أيام من استالمه املبلغ )189(.بااضافة إلى ذلك فقد م إنشاء صندوق للعناية بالقاصرين له ذمة مالية مستقلة ميول مما يخصصه مجلس رعاية القاصرين من ريع املبالغ املودعة في صندوق أموال القا صرين ،و %94من صافي ما يرد لﻺدارات اﶈلية من أموال عن تركات من ال وارث له وفق قانون األحوال ال شخ صية ،ومايخ صص لل صندوق من امليزانية العامة للدولة ،وأخيرا املنح واملساعدات الواردة للصندوق(.)190 وأوضحت املادة ( )29مهام الصندوق ،والتي نوضحها على النحو اآلتي: -1تخصيص نفقة شهرية للصغير الذي تتولى دائرة رعاية القاصرين رعايته ونفد ماله أو أصبح ما عنده من مال ال يفي حاجته وال يوجد من يتولى اانفاق عليه وحلني بلوغه سن الرشد. -2دفع إعانة مقطوعة للصغير املشمول بالفقرة أعاله لسد حاجة ضرورية طارئة(.)191 ثالثا – من حيث إدارة وتعمير أموال الصغير والتصرف فيها:
( )186ينظر املادة ( )01من قانون رعاية القاصرين العراقي. ( )187ينظر املادة ( )00من قانون رعاية القاصرين العراقي . ( )188ينظر (الفقرة اوال من املادة 09من قانون رعاية القاصرين العراقي) كما اوضحت الفقرة ثانيا ان ملدير عام دائرة القاصرين ان يأذن بصغغرف نفقة ثالثة اشغغهر مقدما بناء على طلب حتريري وسغغبب يقدمه الولي او الوصغغي او القيم او من يتولى رعاية ال صغير.واذا حدثت امور غير اعتيادية كمرض ال صغير او سفره الغراض الدرا سة او غيرها فيجوز ملن يقوم مقام ال صغير صرف املبالغ الالزمة لذلك وفق التعليمات التي يصدرها مجلس رعاية القاصرين (ينظر املادة .) 01 ( )189ينظر الفقرة اوال /م 01من قانون رعاية القاصغغغرين العراقي).كما بينت الفقرة ثانيا اذا لم يتم االيداع خالل املدة اﶈددة فعلى ﳉنة اﶈاسغغبة الزام الولي او الوصغغي بدفع احلد االعلى للفائدة القانونية عن املبلغ الواجب دفعه وقرار اللجنة قابال للتنفيذ وفق احكام قانون التنفيذ. ( )190ينظر املادة ( )20من قانون رعاية القاصرين العراقي. ( )191مع مالحظة ان تلك النفقات واالعانات الت صرف اال بعد موافقة مجلس رعاية القا صرين ،ويجوز للمجلس ان يخول املدير العام صالحياته. 130
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
-1للولي أو الوصغغي أو القيم أن ينفق بغير إذن من مديرية رعاية القاصغغرين على تعمير وإدامة مال ال صغير في األمور امل ستعجلة وال ضرورية مبا اليزيد على %14من الوارد ال سنوي لكل عقار ،وملديرية رعاية القاصغغرين أن تأذن بالصغغرف بحدود %94من الوارد املذكور وأما ما زاد على ذلك فيكون مبوافقة املدير العام لدائرة رعاية القاصرين(. )192 ()193 -2يؤجر عقار الصغير اخلالي من الشواغل وفق التعليمات التي يصدرها مجلس رعاية القاصرين . -4للولي أو الو صي مبوافقة مديرية رعاية القا صرين أن يقوم بإن شاء بناء على عقار عائد للصغير أو له حصة فيه إذا حتققت مصلحة الصغير(.)194 -0اليباع عقار الصغير إال مبوافقة مديرية رعاية القاصرين وتوافر أحد األسباب التالية : ا -عدم وجود مال آخر لنفقة الصغير .ب -وجود أحكام واجبة التنفيذ صادرة مببلغ معني على الصغير أو على التركة وال يوجد مال آخر ايفائه .ج -وجود ح صص م شاعة لل صغير التدر له إيرادا منا سبا ميكن االنتفاع به(. )195 -9ال يجوز شراء عقار للصغير من أمواله إال مبوافقة مديرية رعاية القاصرين في إحدى احلاالت اآلتية ا -إذا كان الصغير ميلك حصصا مشاعة في عقار جرى بيعه عن طريق إزالة الشيوع وكان في شرائه منفعة له .ب -إذا اقت ضت احلاجة تأمني سكن له .ج -إذا كان العقار مو ضوعا باملزايدة لتح صيل دين على الصغير ولم يجر الضم عليه أو لم يبلغ الضم املبلغ الكافي ايفاء الدين على أن ال يتجاوز بدل الشراء %14من قيمته(. )196 كما أجاز القانون ﺠﻤﻟلس رعاية القاصغغرين إصغغدار التعليمات اخلاصغغة بكيفية قيام مديريات رعاية القا صرين بأعمالها في إدارة أموال ال صغير( ، )197وللمجلس أن يقرر ا ستقطاع ن سبة ال تتجاوز %4من صغغافي عائد اسغغتثمار أموال الصغغغير املدارة من قبل مديريات رعاية القاصغغرين يسغغجل في احلساب املستقل لدائرة رعاية القاصرين (. )198
( )192ينظر املادة ( )09من قانون رعاية القاصرين العراقي. ( )193ينظر املادة ( )05من قانون رعاية القاصرين العراقي.واذا تولت دائرة رعاية القاصرين القيام باعمالها في ادارة اموال الصغير خصوصا املتعلقة بايجا ر العقار وتعميره وصرف ما يقتضي عندها تتبع التعليمات الصادرة عن مجلس رعاية القاصرين (ينظر املادة.)91 ( )194ينظر املادة ( )90من قانون رعاية القاصرين العراقي. ( )195ينظر الفقرة اوال /من املادة 99من قانون رعاية القاصرين العراقي) كما بينت املادة نفسها في الفقرة الثانية انه ملدير عام دائرة القاصرين في غير احلاالت املذكورة ان يوافق على بيع العقار للصغير اذا حتقق وجود مصلحة ظاهرة ونفع كبير له . ( )196ينظر الفقرة اوال /من املادة 91من قانون رعاية القاصغغغرين العراقي) ،كما اجازت الفقرة ثانيا من نفس املادة انه ملدير عام دائرة القاصرين في غير احلاالت املذكورة ان يوافق على شراء العقار للصغير وتشييد ابنية له اذا حتقق له في ذلك مصلحة ظاهرة . ( )197ينظر املادة ( )91من قانون رعاية القاصرين العراقي. ( )198ينظر( الفقرة اوال من املادة 92من قانون رعاية القاصغغرين العراقي)كما بينت الفقرة ثانيا عند قيام رعاية القاصغغرين بادارة االموال ال شائعة تتقا ضى من صافي عائد ح صة غير امل شمولني برعايتها ن سبة التزيد %9وفق ما يقدره مجلس رعاية القاصرين ويسجل في احلساب املستقل . تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
131
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
أما بالنسبة إلى القوانني املقارنة فقد ذكر قانون الوالية على املال املصري أن الولي يقوم على رعاية أموال القاصغغر وله إدارتها ووالية التصغغرف فيها مع مراعاة األحكام املقررة بهذا القانون(.)199 وعليه أن يحرر قائمة مبا يكون للقاصغغر من مال أو ما يؤول إليه ،وأن يودع هذه القائمة قلم كاتب اﶈكمة التي يقع بدائرتها موطنه في مدى شهرين من بدء الواليه أو من أيلولة هذا املال إلى الصغير، ويجوز للمحك مة اعت بار عدم تقدل هذه القائ مة أو التاخير في تقدميها تعريضغغغا ملال القاصغغر للخطر( .)200أما بالنسغغبة للنفقة فإن للولي أن ينفق على نفسغغه من مال الصغغغير إذا كانت نفقته واجبة عليه ،وله كذلك أن ينفق منه على من يجب على الصغير نفقته( .)201أما الوصي فإنه يتسلم أموال القاصغغر ويقوم على رعايتها وعليه أن يبذل في ذلك من العناية ما يطلب من الوكيل املأجور وفقا ألحكام القانون املدنى( ،)202وللمحكمة أن تلزم الوصغغى بتقدل تأمينات بالقيمة التى تراها، وتكون مصروفات تقدل هذه التأمينات على حساب القاصر(.)203 وبالنسغغبة إلى قسغغمة املال فإنه يتوجب على الوصغغى أن يسغغتأذن اﶈكمة في قسغغمة مال القا صر بالترا ضى إذا كانت له م صلحة في ذلك ،فإذا أذنت اﶈكمة عينت األ سس التى ﲡرى عليها الق سمة واﻹجراءات الواجبة االتباع ،وعلى الو صي أن يعرض على اﶈكمة عقد الق سمة للتﺜبت من عدالتها وللمحكمة في جميع األحوال ان تقرر اتخاذ إجراءات القسمة القضائية(. )204 وإذا رفعت دعوى على القاصغغر أو اﶈجور عليه أو الغائب من وارث آخر جاز للمحكمة بناء على طلب من ينوب عنه أو بناء على طلب النيابة العامة أن توقف الق سمة مدة ال تتجاوز خمس سنوات إذا ثبت لها أن في التعجيل بها ضررا جسيما( .)205أما واجبات الوصي فعليه أن يعرض على اﶈكمة - بغير تأخير -ما يرفع على القا صر من دعاوى وما يتخذ قبله من إجراءات التنفيذ وأن يتبع في شانها ما تأمر به اﶈكمة( . )206وعلى الوصي أن يودع باسم القاصر في إحدى خزائن اﶈكمة أو أحد املصارف حسبما تشير به اﶈكمة -كل ما يحصله من نقود ،بعد استبعاد النفقة املقررة واملبلغ الذي تقدرهاﶈكمة إجماليا حلساب مصروفات اﻹدارة ،وذلك خالل خمسة عشر يوما من تاريخ تسلمه ،وال يجوز أن يسغغحب شغغيئا من املال املودع إال بإذن من اﶈكمة( . )207وعلى الوصغغي أن يودع باسغغم القاصغغر في امل صرف الذي ت شير به اﶈكمة ما ترى أنه الزم إيداعه من أوراق مالية ومجوهرات وم صوغات وغيرها، وذلك خالل خمسغغة عشغغرة يوما من تاريخ تسغغلمها ،وليس له ان يسغغحب شغغيئا منها بغير إذن اﶈكمة( ،)208وعلى الوصغغي أن يقدم حسغغابا مؤيدا مبسغغتندات عن إدارته قبل أول يناير من كل سغغنة ويعفي الوصي عند تقدميه احلساب السنوي إذا كانت أموال القا صر ال تزيد على خمسمائة جنيه ما ( )199ينظر املادة ( )0من قانون الوالية على املال املصري . ( )200ينظر املادة ( )11من قانون الوالية على املال املصري. ( )201ينظر املادة ( ) 19من قانون الوالية على املال املصري. ( )202ينظر املادة ( )41من قانون الوالية على املال املصري. ( )203ينظر املادة ( )49من قانون الوالية على املال املصري. ( )204ينظر املادة ( )04من قانون الوالية على املال املصري. ( )205ينظر املادة ( )01من قانون الوالية على املال املصري. ( )206ينظر املادة ( )02من قانون الوالية على املال املصري ( )207ينظر املادة ( )04من قانون الوالية على املال املصري. ( )208ينظر املادة ( )00من قانون الوالية على املال املصري. 132
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
لم تر اﶈكمة غير ذلك .وفي جميع األحوال يجب على الوصغغي إن اسغغتبدل به غيره أن يقدم حسغغابا خالل ثالثني يوما من تاريخ انتهاء وصايتة(.)209 أما بالنسبة إلى قانون األحوال الشخصية السوداني ،فقد ذكر أن الوالية على أموال القاصر تشمل جميع النواحي حفظا وتصرفا واستثمارا( ،)210وأوجب على الوصي إدارة أموال القاصر ورعايتها وأن يبذل في ذلك من العناية ما يبذله في إدارة أموال أوالده )211(،وتخضغغع تصغغرفات الوصغغي لرقابة القاضغغي اجملتص )212(،ويلزم الوصغغي بتقدل حسغغابات دورية عن تصغغرفاته في إدارة أموال القاصغغر بالكيفية التي يحددها القاضي اجملتص(.)213 أما القانون املدني الكويتي فإنه أوضغغح حدود تصغغرفات الولي أو الوصغغي( )214ومنها يتضغغح كيفية إدارة أموال الصغير. وبالنسغغبة إلى قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري فإن القاضغغي يأذن للوصغغي اجملتار، ببيع عقار القاصغغر إذا ثبت لديه ما يلي -1 :كون الضغغرورة أو املصغغلحة تدعو لذلك -2 .أن هذا العقار أولى بالبيع من غيره -4 .أن البيع بثمن حال وال يوجد ثمن أعلى منه ،ويصغغدر القاضغغي ااذن بعد أخذ رأي الهيئة )215(.وللقاضي أن يأذن للوصي اجملتار بشراء عقار للقاصر إذا ثبت لديه أن شراء ذلك العقار فيه مصلحة للقاصر ويصدر القاضي ااذن بعد أخذ رأي الهيئة(.)216 أما قانون مدونة األسغغرة املغربي فقد أكد على ضغغرورة قيام الوصغغي أو املقدم بإحصغغاء مال اﶈجور مع تقدميه مالحظات على ااحصاء واقتراح مبلغ النفقة السنوية للمحجور وملن ﲡب نفقته عليه ومقترحاته بااجراءات املسغغتعجلة الواجب اتخاذها للمحافظة على مال اﶈجور واملقترحات املتعلقة بإدارة اموال اﶈجور واملداخيل الشهرية أو السنوية ألموال اﶈجور( ،)217وعلى الوصي أو املقدم أن يسجل كل التصرفات التي يقوم بها باسم اﶈجور مع تاريخها(.)218 يالحظ مما سبق أن امل شرع العراقي في قانون رعاية القا صرين فرض على الولي أو الو صي أو القيم إلزاما بإيداع كل املبالغ الزائدة في مديرية رعاية القا صرين ،ولم جند في القوانني املقارنة هذا ااجراء،
( )209ينظر املادة ( )09من قانون الوالية على املال املصري. ( )210ينظر املادة ()241من قانون االحوال الشخصية السوداني. ( )211ينظر املادة ( )205من قانون االحوال الشخصية السوداني. ( )212ينظر املادة ( )294من قانون االحوال الشخصية السوداني. ( )213ينظر املادة ( )291من قانون االحوال الشخصية السوداني. ( )214ينظر مبحث سلطات النائب عن الصغير من هذا البحث . ( )215ينظر املادة ( )01من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري. ( )216ينظر املادة ( ) )02من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري. ( )217ينظر املادة ( )205من قانون مدونة االسرة املغربي.يحفظ ملف االحصاء ومرفقاته مبلف النيابة الشرعية ،ولكل من النيابة والنائب ال شرعي ومجلس العائلة او ع ضو او اكثر من االقارب عند االنتهاء من االح صاء تقدل مالحظاتهم الى القا ضي املكلف ب شؤون القا صرين حول تقدير النفقة واختيار ال سبل التي حتقق ح سن تكوينه وتوجيه التربوي وادارة امواله.واكد القانون القيام باالح صاء النهائي بامر من القا ضي ،واذا ظهر مال لم ي شمله االح صاء اعد الو صي او املقدم ملحقا به يضاف الى االحصاء االول (ينظر املواد من (294الى 292و )290من قانون مدونة االسرة املغربي. ( )218ينظر املادة ( )294من قانون مدونة االسرة املغربي. تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
133
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
وإمنا على العكس جعلت األموال حتت إدارة الولي أو الوصي تبعا لسلطاتهم ،ووجود مراقبة من حيث تقدل قائمة إلى اﶈكمة في فترات محددة أو تقدل تأمينات. إذن ميكن القول بأن إدارة أموال الصغير في القانون العراقي تكاد تكون معدومة على اعتبار أن تلك األموال مودعة في مديرية رعاية القاصغغرين ،األمر الذي ينعكس سغغلبا على مصغغلحة الصغغغير ،مما يعني أن املشغغرع أخل بأحد أسغغس قانون رعاية القاصغغرين( .)219وهذا األمر يتطلب إعادة النظر بتلك األحكام وإعطاء سلطات للولي أو الو صي بإدارة أموال ال صغير عن طريق ت سليم تلك األموال لهم وإدارتها بإشراف جهة مختصة؛ إما رعاية القاصرين أو اﶈكمة بعد أخذ رأي رعاية القاصرين . الفرع الثاني استثمار أموال الصغير بني قانون رعاية القا صرين العراقي كيفية ا ستثمار أموال ال صغير وقد ن صت املادة ()14على أنه (يؤسغغس في دائرة رعاية القاصغغرين صغغندوق باسغغم صغغندوق أموال القاصغغرين السغغتثمار أموال القا صرين وفق أحكام هذا القانون وتكون له شخ صية معنوية وذمة مالية م ستقلة تؤهله متلك األموال املنقولة وغير املنقولة )... ويتم ا ستثمار املبالغ املودعة ب صورة موحدة كودائع ثابتة بامل صارف بالفائدة التي يتفق عليها مع املصغغارف مالم يتقرر اسغغتثمارها في األغراض األخرى املنصغغوص عليها في هذا القانون ،ولدائرة رعاية القاصغغرين بقرار من مجلس رعاية القاصغغرين اسغغتثمار املبالغ املودعة في صغغندوق أموال القا صرين في ال سندات احلكومية وحواالت اخلزينة وفي متلك العقارات وت سجيلها با سم صندوق أموال القاصغغرين على أن التتجاوز املبالغ املسغغتثمرة لهذا الغرض %94من مجموع الودائع الثابتة للصندوق(.)220 إن إيداع املبالغ العائدة للقاصرين كودائع ثابتة ومبرور الوقت أدى -واحلالة هذه -إلى فقد قيمتها الشرائية وااضرار بشكل كبير بالصغير حيث لم تؤخذ مؤشرات التضخم بنظر االعتبار األمر الذي أدى إلى فقد قيمتها ال شرائية ،وهذا يعني أن الهدف الذي من أجله شرع قانون رعاية القا صرين؛ أال وهو حماية أموال الصغغغير والعمل على تنميتها واسغغتثمارها لم يتحقق بل على العكس .واجلهود اآلن تسير بصدد حل مشكلة األموال املودعة في البنوك ،األمر الذي دعا مجلس رعاية القاصرين إلى املوافقة على جعل ودائع القاصغغرين ودائع أهلية وليس ثابتة وبنسغغبة تصغغل الى %9.9بعد أن كانت تعد ض غمن الودائع احلكومية التي حتتسغغب فوائدها بنسغغبة .%2.9ومن األسغغباب التي دعت مجلس رعاية القا صرين إلى إ صدار تلك املوافقة ضمان اال ستثمار األمثل لهذه األموال وبعيدا عن امل ضاربة واخل سارة( ،)221كذلك اقتراح ال سيد وزير العدل في نهاية عام 2412ا ب شراء سبائك ذهب للقا صرين لكل من يرغب بال شراء حلني بلوغ الصغير سن الر شد ،وقيام دائرة رعاية القا صرين وبعد سنة 2412 )1نصت املادة ( )2على انه( سادسا -اﶈافظة على اموال القاصرين واستثمارها مبا يحقق منافع اكثر لهم ويتالءم مع خطط التنمية القومية ).
( )220ينظر املادة ( )11من قانون رعاية اموال القاصرين العراقي. ( ) .)221ينظر عبد الرضغغا املالكي ،اسغغتثمار اموال رعاية القاصغغرين واملردودات املالية الربحية ،مقال منشغغور في جريدة البينة متاح على املوقع www.al- bayyna.com
134
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
بشغغراء عقارات في بعﺾ اﶈافظات ،وكذلك االشغغتراك في املزايدات التي يﻄرحها البنك املركزي العراقي( ،)222باا ضافة إلى أن البرملان العراقي ،وب صدد مناق شة تعديل قانون رعاية القا صرين ،ناقش مشكلة املبالغ املودعة بالقاصرين وكيفية احتسابها ال سيما املبالغ التي فقدت قيمتها (. )223 أما بالنسغغبة إلى القوانني املقارنة فقد بني قانون الهيئة العامة لشغغؤون القصغغر الكويتي أن أحكامه ت سري على القُ حصر من الكويتيني الذين ال ولي وال و صي لهم وعلى احلمل امل ستكن الذي ال و صي له والقوامة على ناق صي األهلية وفاقديها واملفقودين والغائبني من الكويتيني الذين لم تعني اﶈكمة قيما ادارة أموالهم ،وااشغغراف على تصغغرفات األوصغغياء والقوامة آلخرين إذا عهدت إليها اﶈكمة بذلك ،وإدارة أموال األثالث التي يوصى بها على يدها أو التي تعني عليها( .)224ونصت املادة ()9 منه على أنه (ال يجوز للهيئة مباشرة التصرفات اآلتية إال بإذن مجلس اادارة: أ -الت صرف في العقار متى كان الت صرف ناقال للملك أو مرتبا حلق عيني أ صلي أو تبعي أو تغييره أو نقله. ب -الت صرف في املنقوالت أو احلقوق ال شخ صية أو األوراق املالية فيما عدا ما يدخل في أعمال اادارة العادية . ج -قبول التبرعات املقترنة بشرط أو رفضها. د -استثمار األموال وتصفيتها. هغ -القيام باألعمال التجارية أو الصناعية أو الزراعية أو تصفيتها. و -إجارة العقارات ملدة أكثر من ثالث سنوات أو ملدة متتد إلى ما بعد بلوغ القا صر سن الر شد ألكثر من سنة . ز -تنفيذ التصرفات التي أبرمها املورث بعد التثبت من أن املورث ملتزم بها . ح -الوفاء االختياري بااللتزامات التي يثبت أنها على التركة أو على املشمولني برعايتها. ط -تقدير النفقة الالزمة ملن تتولي رعاية شؤونهم وملن عليهم نفقتهم. ي -تقدير ما يصرف في إعداد السكن أو في تزويا من تتولى رعاية شؤونهم . ك -التنازل عن احلقوق أو التأمينات أو إضعافها. ل -الصلح والتحكيم. م -قسمة أموال القاصر بالتراضي .)...... وأما بالن سبة إلى اال ستثمار فإنه يتم وفقا ألحكام ال شريعة اا سالمية .ويجوز للهيئة بعد إذن مجلس إدارتها أن تقوم با ستثمار ح صة من األموال با سمها ،وذلك بن سبة ت سمح بت سليم من تزول صغغفتها عنهم جميع رؤوس أموالهم ،وعلى أن توزع أرباح هذه املشغغروعات على املشغغمولني
(()222هذا مااكده السغغغيد مدير عام دائرة رعاية القاصغغغرين في محافظة نينوى االسغغغتاذ فرج يوسغغغف توما عند اجراء مقابلة شخصية معه في 2414/2/19 ( )223للمزيد من التفصغغيل ينظر محاضغغرجلسغغات اجتماع البرملان العراقي وحتديدا محضغغر جلسغغة رقم ( / )0اجلزء الثاني في على املوقع االلكترونيwww.parliment.iq 2011/6/29 ( )224ينظر املادة ()2من قانون هيئة القصر الكويتي. تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
135
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
برعايتها بنسغغبة أرصغغدتهم الثابتة بسغغجالتها )225(.ويجوز لكل من اﶈكمة اﺨﻤﻟتصغغة ومجلس إدارة الهيئة أن يعهد بإدارة نصغغيب القاصغغر إلى أقربائه أو الشغغركاء في امللك من غير املشغغمولني برعاية الهيئة على أن يلتزموا بتقدل ح ساب سنوي عن ذلك( ،)226وﺠﻤﻟلس إدارة الهيئة أن يقرر اقتطاع ن سبة ال تتجاوز ( )%9من صغغافي عائد اسغغتثمار األموال التي تديرها على أن تخصغغص ملا يعود بالنفع العام على كافة األغراض التي أنشئت من أجلها(. )227 ويالحظ مما سغغبق أن املشغغرع العراقي انتها طريقا لم يرد في القوانني املقارنة وحتى قانون الهيئة العامة ل شؤون الق صر الكويتي .وقد أثبت الواقع العملي ،وامل شار إليه سابقا ،أن ا ستثمار أموال ال صغير عن طريق صندوق أموال القا صرين أثبت ف شله ،األمر الذي يتطلب إعادة النظر بتلك األحكام وفسح اﺠﻤﻟال الستثمار أموال الصغير عن طريق الولي أو الوصي بضوابﻂ يحددها القانون. املطلب الثالث محاسبة األولياء واألوصياء تت شكل في كل مديرية من مديريات رعاية القا صرين لغغغغجنة ﶈا سبة األولياء واألو صياء(، )228 وﲡري اﶈا سبة على ما يت سلمه األولياء واألو صياء من أموال .وألجل بيان طريقة اﶈا سبة واﳉزاءات املترتبة على ااخالل ،سنقسم املطلب إلى الفرعني اآلتيني: الفرع األول -طريقة اﶈاسبة أو ضح قانون رعاية القا صرين أن على الولي أو الو صي أو القيم أن يقدم احل ساب ال سنوي إلى مديرية رعاية القاصرين خالل مدة أقصاها نهاية شهر كانون الثاني من كل سنة ،أو في أي تاريخ آخر يحدده مجلس رعاية القا صرين مع تعزيز الواردات بالوثائق وامل ستندات وامل صروفات التي جرى العرف على إعطاء وصوالت بها( .)229وتقوم ﳉنة اﶈاسبة بتدقيق احلسابات التي يقدمها املكلف بإدارة أموال الصغير وتتخذ قرارها بتصديق احلساب أو رفغغغضه وإلزام الولي أو الوصي أو القيم بتسليم املبالغ أو رد األموال الداخلة بذمته(. )230 من املمكن أن يصغغدر مجلس رعاية القاصغغرين التعليمات حول السغغجالت التي على املكلف مسكها وكيفية إجراء اﶈاسبة وتصديق احلسابات(. )231 الفرع الثاني -جزاءات إخالل الولي أو الوصي بني قانون رعاية القاصرين جزاءات متنوعة ،وميكن أن نوضحها على النحو اآلتي :
( )225بنظر املادة ( )11من قانون هيئة القصر الكويتي.. ( )226ينظر املادة ( )15من قانون هيئة القصر الكويتي.. ( )227ينظر املادة ( )22من قانون هيئة القصر الكويتي.. ( )228ينظر املادة ( )19من قانون رعاية القاصرين العراقي. ( )229ينظر املادة ( )11من قانون رعاية القاصرين العراقي . ( )230ينظر( الفقرة اوال /من املادة )11من قانون رعاية القاصرين العراقي. ( )231ينظر املادة ( )15من قانون رعاية القاصرين العراقي. 136
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
أوال –إذا لم يقدم املكلف احل ساب ال سنوي فعلى مديرية رعاية القا صرين إنذاره بوجوب تقدميه خالل مدة عشرة أيام من تاريخ التبليغ ،وإذا لم يقدم -رغم اانذار -تضع مديرية رعاية القاصرين يدها على األموال وال تعاد إال بعد تقدل احلساب وتصديقه(.)232 ثانيا– عند امتناع املكلف عن تقدل احلسغغغاب السغغنوي ميكن طلب حتريك الدعوى اجلزائية وفقا ألحكام قانون العقوبات أو أي نص عقابي آخر وطلب تضمينه األ ضرار إن وجدت ،واا شعار إلى االدعاء العام للمتابعة(. )233 ثالثا – ملديرية رعاية القاصغغرين بناء على توصغغية جلنة اﶈاسغغبة أن تطلب من اﶈكمة اﺨﻤﻟتصغغة عزل الوصي أو القيم إذا حتقق أن مصلحة الصغير تقضي بذلك(.)234 أجاز قانون رعاية القاصغغرين الطعن بقرار جلنة اﶈاسغغبة من قبل املكلف لدى مجلﺲ رعاية القاصغغرين خالل عشغغرة أيام من تاريخ التبلغ به ،ويكون القرار الصغغادر باتا قابال للتنفيذ في مديريات التنفيذ وفقا ألحكام قانون التنفيذ(.)235 أما بالنسبة إلى موقف القوانني املقارنة من حيث طريقة اﶈاسبة واجلزاءات ،فقد اجته املشرع املغربي إلى إيجاد نوعني من الرقابة؛ النوع األول :مراقبة تصرفات الوصي أو املقدم ،حيث أجاز القانون للمحكمة أن جتعل على الو صي أو املقدم م شرفا مهمته مراقبة تصرفاته وإر شاده ملا فيه م صلحة اﶈجور وتبليغ اﶈكمة ما قد يراه من تق صير أو ما يﺨ شاه من إتالف في مال اﶈجور( ،)236النوع الثاني: الرقابة القضغغائية حيث تتولى اﶈكمة رقابة النيابات القانونية ،ويقصغغد بها رعاية مصغغالح عدميي األهلية وناقصغغيها واألمر بكل ااجراءات الالزمة للمحافظة عليها وااشغغراف على إدارتها ( . )237كما أوجب القانون على الو صي أو املقدم أن يقدم إلى القا ضي املكلف ب شؤون القا صرين ح سابا سنويا عن كيفية إدارته ألموال اﶈجور وتنميتها ،وعن العناية بتوجيهه وتكوينه ،وللمحكمة بعد تقدل التقرير ات ﺨاذ كل ااجراءات التي ترا ها مالئ مة للم حاف ظة على أموال اﶈجور ومصغغغا حله ا ملاد ية واملعنوية( .)238وبني القانون اجلزاء املترتب على ااخالل بالتزاماته في إدارة شغغؤون اﶈجور حيث يطبق بح قه أح كام مسغغؤول ية الوك يل بأجر ولو مارس مهم ته با ﺠﻤﻟان ،وميكن مسغغغاءل ته ج نائ يا ع ند االقتضاء( )239فضال عن إمكانية إعفائه أو عزله (. )240 أما بالنسغغبة إلى قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري فقد أجاز للقاضغغي من تلقاء نفسغغه أو بناءا على طلب الهيئة أو غيرها من ذوي الشغغأن سغغلب الوالية أو احلد منها أو وقفها إذا
( )232ينظر (الفقرة ثالثا من املادة )11من قانون رعاية القاصرين العراقي ( )233ينظر املادة ( )19من قانون رعاية القاصرين العراقي. ( )234ينظر الفقرة رابعا من املادة ( )11من قانون رعاية القاصرين العراقي ( )235ينظر الفقرة اوال من املادة )11من قانون رعاية القاصرين العراقي. ( )236ينظر املادة ( )201من قانون مدونة األسرة املغربي. ( )237ينظر( املادة )219من قانون مدونة األسرة املغربي.. ( )238ينظر املادة ( )299من قانون مدونة األ سرة املغربي..وعلى الو صي اال ستجابة لطلب القا ضي في اي وقت لالدالء باي ضاحات عن ادارة اموال اﶈجور او تقدل حساب عنها (ينظر املادة 291من قانون مدونة األسرة املغربي). ( )239ينظر املادة ( .) 299من قانون مدونة االسرة املغربي. ( )240ينظر املادة ( )294من قانون مدونة االسرة املغربي. تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
137
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
أصبحت أموال القاصر في خطر بسبب سوء تصرف الولي أو غيبته أو حبسه( )241وإذا أخل الوصي بأي من الواجبات املفرو ضة عليه مبقت ضى أحكام هذا القانون أو امتنع دون عذر مقبول عن ت سليم أموال القا صر فإنه يكون ضامنا ل لكل ما يلحق القا صر من ضرر( .)242وإذا أ ساء إدارة مال القا صر أو أهمل فيها أو أ صبح في بقائه خطر على م صلحة القا صر فإن ذلك يعد أحد أ سباب عزل الو صي اجملتار( ،)243وكل تعهد أو إبراء أو م صاحلة يح صل عليها الو صي من القا صر الذي ر ُ حشد قبل ت صفية احلساب ال تصبح نافذة إال بعد اعتمادها من القاضي(. )244 أما قانون الوالية على املال املصغغري فقد أجاز للمحكمة سغغلب والية الولي أو أن حتد منها إذا أ صبحت أموال القا صر في خطر ب سبب سوء ت صرف الولي أو ألي سبب آخر( ، )245كما أن األب ي سال عن خطئه اجل سيم ،أما اجلد في سأل م سؤولية الو صي( ، )246كما أن أحد أ سباب عزل الو صي إ ساءة اادارة أو ااهمال أوإن أ صبح بقاؤه خطرا على م صلحة القا صر( .)247وأجاز القانون تعيني م شرف مع املوصغغي ولو كان مختارا يتولى مهمة املراقبة على النائب عن عدميي األهلية في إدارته وعليه إبالغ اﶈكمة أو النيابة بكل أمر تقتضغغي املصغغلحة رفعه اليهما( ،)248كما أن القانون أوقع جزاءات جنائية ومدنية جراء ااخالل بالواجبات املفروضغغغة حيث يحكم عليه بالغرامة وحرمانه من األجرة كلها أو بعضغغها وعزله ويجوز للمحكمة أن متنح القاصغغر هذه الغرامة أو جزءا منها( ، )249ويحكم باحلبس والغرامة أو باحدى هاتني العقوبتني على كل وصغغي أو قيم انتهت نيابته إذا كان -بقصغغد ااسغغاءة- امتنع عن ت سليم أموال القا صر أو إدارته ،مالم ينص القانون على عقوبة أ شد( ، )250أما اجلزاء املدني فيتمثل مبسؤولية النائب عن األضرار التي تلحق بالقاصر ويسأل مسؤولية الوكيل بأجر(. )251 أما القانون املدني الكويتي فقد أجاز للمحكمة بناء على طلب إدارة شغغؤون القصغغر أو أي ذي شان آخر أي ضا تقييد الوالية إذا توافرت أ سباب جدية يخ شى معها ال ضرر على أموال ال صغير من والية األب أو اجلد أو الوصغغي اجملتار ( ، )252كما بني القانون أنه باامكان أن يتولى املشغغرف الرقابة على تصرفات الوصي ،وعليه أن يرفع إلى اﶈكمة كل أمر تقتضي مصلحة القاصر رفعه اليها ( .)253وأخيرا
( )241ينظر املادة ( )10من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري. ( )242ينظر املادة ( )29من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري. ( )243ينظر (الفقرة /4من املادة )29من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري. ( )244ينظر املادة ( )44من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري. ( )245ينظر املادة ( )24من قانون الوالية على املال املصري. ( )246ينظر (املادة ) 20من قانون الوالية على املال املصري.. ( )247ينظر املادة ( ) 05من قانون الوالية على املال املصري.. ( )248ينظر املادة (14و.)11وعلى النائب اجابة املشرفني الى كل ما يطلبه من ايضاح عن ادارة االموال . ( )249ينظر املادة ( )10من قانون الوالية على املال املصري.. ( )250ينظر املادة )11من قانون الوالية على املال املصري. ( )251ينظر املادة ( )11من قانون الوالية على املال املصري. ( )252ينظر املادة ( )114من القانون املدني الكويتي . ( )253ينظر املادة ( )120من القانون املدني الكويتي.وعلى الو صي اجابة امل شرف الى كل ما يطلبه من اي ضاح عن ت صرفاته في اموال الصغير ،ينظر املادة ( ) 129من القانون املدني الكويتي. 138
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
ي سأل األب واجلد واألم في مبا شرتهم الوالية عن خطئهم اجل سيم ولو تقا ضوا أجرا ،أما غير هؤالء فيسألون مسؤولية الوكيل املاجور ولو كانوا اليتقاضون عن مهامهم أجرا(. )254 القيم أو واعتبر قانون الهيئة العامة ل شؤون الق صر الكويتي أنه إذا غاب الولي أو الو صي أو ح حجر عليه أو أصبحت أموال القاصر أو احلمل املستكن أو اﶈجور عليه في خطر جاز للهيئة العامة ص غر أن تطلب إلى اﶈكمة اجملتصغغة عزله .ويجوز بناء على طلب الهيئة أن تعني اﶈكمة لشغغؤون القُ ح حار سا ادارة األموال .ومتى ق ضت اﶈكمة بذلك جاز لها تعيني الهيئة لتحل محله ،وعلى من صدر احلكم بعزله تسغغليم ما حتت يده من أموال إلى من حل محله مع تقدل حسغغاب مفصغغل عن مدة إدارته خالل ثالثة أشغغهر من تاريخ صغغغدور احلكم ،فإذا امتنع عن تقدل هذا احلسغغغاب رفع األمر إلى صغغر وال للعاملني بها أن اﶈكمة( .)255كما ال يجوز ألعضغغاء مجلس إدارة الهيئة العامة لشغغؤون القُ ح ي شتروا أو ي ستأجروا ماال من أموال الذين تتولى الهيئة الو صاية أو القوامة عليهم ،أو اا شراف على األوصغياء أو القوامة عليهم ،وكذلك أموال األثالث التي تتولى إدارتها ،فليس لهم أن يبيعوا أو يؤجروا بهذه ال صفة شيئا من أموالهم أو يقاي ضوها بها سواء كان ذلك بطريق مبا شر أو غير مبا شر ولو كان بطريق املزاد العلني ،ويقع باطال كل تصرف يتم باجملالفة للفقرة السابقة. )256( . وأخيرا اﲡه قانون األحوال ال شخ صية ال سوداني إلى إيجاد نوعني من اﶈا سبة؛ األولى :اعتبار الت صرف باطال إذا با شره الولي ملوليه ونتا عنه ضرر( ، )257والثانية :الرقابة الق ضائية التي تخ ضع تصرفات الوصي إلى الرقابة( ،)258كما ألزم القانون الوصي بتقدل حسابات دورية عن تصرفاته في إدارة أموال القاصر وبالكيفية التي يحددها القاضي اجملتص(. )259 يالحظ أن اجلزاءات التي نص عليها املشغغرع العراقي وباملقارنة مع سغغلطات الولي أو الوصغغي وآلية إدارة أموال الصغير واستثمارها تتسم بعدم التوافق من جهة ضيق اخلناق على سلطات الولي والو صي من جهة ،ومن جهة أورد جزاءات تت سم بالق سوة ،وباملقارنة مع اجلزاءات الواردة في القوانني املقارنة جند أنه يوجد تناسق بني صالحيات الولي أو الوصي وقواعد إدارة أموال الصغير واستثمارها. لذا جند من الضغغروري إ عادة النظر بت لك القوا عد والنص على جزاءات – ب عد إجراء ت عديالت على سلطات الولي والوصي –بضمان األضرار التي تلحق بأموال الصغير.
( )254ينظر املادة ( )101من القانون املدني الكويتي. ( )255ينظر املادة ()19من قانون الهيئة العامة لشؤون القصر الكويتي . ( )256ينظر املادة ()24من قانون الهيئة العامة لشؤون القصر الكويتي ( )257ينظر املادة ( )202من قانون االحوال الشخصية السوداني. ( )258ينظر املادة( )294من قانون االحوال الشخصية السوداني. ( )259ينظر املادة ( ) )291من قانون االحوال الشخصية السوداني. تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
139
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
اخلامتة بعد االنتهاء من كتابة البحث توصلنا إلى النتائا والتوصيات اآلتية : أوال – النتائا ،وميكن أن نوضحها على النحو اآلتي : -1حماية أموال الصغير عبارة عن مجموعة من الوسائل وااجراءات التي تهدف إلى حفظ أموال الصغير و تنميتها واستثمارها إلى حني بلوغه سن الرشد وتسليمه األموال ،وحتقيق النفع للصغير وفسﺢ اﺠﻤﻟال الستثمار أمواله في مشاريع جتارية . -2اتفق كل من املشرع القطري والسوداني مع املشرع العراقي من حيث استخدامها ملعنى الصغير ومن في حكمه ،كذلك اتفق املشرع الكويتي مع املشرع العراقي في القانون املدني من حيث تقسيم مراحل الصغير .بينما استعمل املشرع املغربي لفظي الصغير والقاصر للداللة على الصغير وقريب منه املشرع املصري. -4لم يأخذ املشرع العراقي مبا يعرف بترشيد الصغير ،إال أن البعض من القوانني املقارنة أشارت إلى إمكانية ترشيد الصغير كما هو احلال في قانون مدونة األسرة املغربي وقانون الوالية على أموال القاصرين القطري والذي يعني اعتبار الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد القانونية كامل األهلية وفق الضوابط التي يحددها القانون . -0اتفقت القوانني املقارنة مع القانون العراقي في حكم تصرفات الصغير غير املميز واملميز إال فيما يتعلق بالتصرفات الدائرة بني النفع والضرر بالنسبة إلى الصغير املميز ،حيث جعلتها قابلة لةبطال ،أما القانون املدني العراقي فجعلها تصرفات موقوفة . -9أجاز املشرع املصري والكويتي للقاصر إدارة أمواله واالجتار بها بحسب الضوابط التي نص عليها القانون ،بااضافة إلى حتديد نطاق تصرف القاصر املتزوج الذي له مال ، والتفصيل الذي جاء به املشرع املصري لم يرد في القانون العراقي. -1اعتبر قانون رعاية القاصرين العراقي أن ولي الصغير هو األب ثم اﶈكمة ،وقد ثار جدل حول موقف املشغغرع العراقي بني مؤيد ومعارض على الترتيب الوارد أعاله من حيث إنه جعل الوالية في نطاق ضغغيق ،وكذلك انتقد الترتيب الوارد في القانون املدني العراقي على أساس أنه لم يفرق بني الوالية والوصاية ،وأثار كذلك االختالف في تفسير املقصود من األب الوارد في قانون رعاية القاصغغرين .واجتهت القوانني املقارنة -عدا املغربي حيث كان موقفه يشابه موقف قانون رعاية القاصرين العراقي -إلى ترتيب تسلسل األولياء بشكل مختلف و في اجتاهات اتسمت بني الواسع والضيق. -9عمد املشرع في قانون رعاية القاصرين إلى سلب سلطات الولي املمنوحة له بحسب قواعد القانون املدني .بااضافة إلى املساواة في السلطات بني الولي و الوصي و القيم، في حني أن القوانني املقارنة ميزت بوضغغوح عدا قانون مدونة األسغغرة املغربي – بني سلطات األب واجلد وبني سلطات الولي والوصي.
140
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
-1وصي الصغير وبحسب ما ذهب إليه املشرع العراقي إما مختار أو منصوب ،وقد يكون وصغغيا للخصغغومة فقط .أما القوانني املقارنة فقد اختلفت فيما بينها من حيث تسغغلسغغل األوصغغياء إال أنها متفقةعلى أن لألب احلق في اختيار الشغغخص الذي يتولى إدارة شؤون أموال ابنه الصغير. -5يعتبر حترير التركة وتصغغفيتها إحدى وسغغائل حماية أموال الصغغغير في قانون رعاية القاصرين العراقي ،وتعد ااجراءات التي أوردها املشرع العراقي من شأنها احلفاظ على حقوق ال صغير .كما أ شار إليها قانون مدونة األ سرة املغربي وقانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري وقانون الهيئة العامة لشغغؤون القصغغر الكويتي .أما قانون الوالية على املال املصري وقانون األحوال الشخصية السوداني فلم يشيرا إلى هذه الوسيلة. -14إدارة أموال ال صغير في القانون العراقي تكاد تكون معدومة على اعتبار أن تلك األموال مودعة في مديرية رعاية القا صرين ،األمر الذي ينعكس سلبا على م صلحة ال صغير مما يعني أن املشرع أخل بأحد أسس قانون رعاية القاصرين. -11سلك امل شرع العراقي طريقا في ا ستثمار أموال ال صغير لم يرد في القوانني املقارنة وحتي قانون الهيئة العامة ل شؤون الق صر الكويتي .وقد أثبت الواقع العملي ،وامل شار إليه سابقا ،أن استثمار أموال الصغير عن طريق صندوق أموال القاصرين أثبت فشله. -12اجلزاءات التي نص عليها املشغغرع العراقي عند محاسغغبة األولياء واألوصغغياء ،وباملقارنة مع سغغلطات الولي أو الوصغغي وآلية إدارة أموال الصغغغير واسغغتثمارها ،تتسغغم بعدم التوافق؛ حيث من جهة ضغغيق اخلناق على سغغلطات الولي والوصغغي ،ومن جهة أورد جزاءات تتسم بالقسوة ،وباملقارنة مع اجلزاءات الواردة في القوانني املقارنة جند أنه يوجد تناسق بني سلطات الولي والوصي وقواعد إدارة أموال الصغير واستثمارها. ثانيا – التوصيات نأمل من املشرع العراقي إجراء تعديالت على قانون رعاية القاصرين ومن النواحي اآلتية : -1من حيث ترتيب األولياء يكون األب ثم األم ثم اجلد ثم من تعينه اﶈكمة. -2من حيث ترتيب األوصياء يكون من يختاره األب ثم من تختاره األم ثم من يختاره اجلد ثم من تعينه اﶈكمة . -4نرى أنه من الضروري إيراد نص يوضح إمكانية إدارة أموال الصغير بنفسه وفق شروط يحددها القانون ،ومن الضروري أن منيز في إعطاء ااذن بني حالة إدارة األموال واالجتار بها.
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
141
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
-0إعطاء سلطات للولي أو الوصي بإدارة أموال الصغير عن طريق تسليم تلك األموال لهم وإدارتها بإشراف من رعاية القاصرين أو اﶈكمة بعد أخذ رأي رعاية القاصرين. -9منح سلطات للوصي بشكل مختلف عن الولي مع ضوابط . -1إعادة النظر بالقواعد املتعلقة باجلزاءات بعد إجراء تعديالت على سلطات الولي والوصي. -9إجراء تعديل على أحكام األهلية فيما يتعلق بترشيد الصغير إذا آنست اﶈكمة رشده . -1إعادة النظر في مسألة كيفية استثمار أموال الصغير عن طريق منح سلطات للولي والوصي بشكل يحقق النفع للصغير . -5تعويض تعويض الصغير لقاء ما أصابه من ضرر جراء إيداع أمواله في البنوك وفقدان قيمتها النقدية؛ إما من خالل معادلتها بالذهب أو الدوالر أيهما أصلح للصغير عن طريق احتساب قيمة الذهب أو الدوالر وقت اايداع وقيمته وقت التسليم للصغير بعد إكماله سن الرشد والفرق بني القيمتني يدفع للصغير .
142
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
د .اميان يوسف نوري
قائمة املصادر واملراجع اوال -الكتب -1أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور االفريقي ،لسان العرب ،اﺠﻤﻟلد الثامن ، ، الطبعة الرابعة ،دار صادرة ،بيروت ،. 2449 ،اﺠﻤﻟلد اﳋامﺲ عشر ،دار صادرة ،بيروت . 2449 ، -2أحمد نصر اجلندي ،شرح قانون مدونة األسرة املغربي ،دار الكتب القانونية ،مصر ،بال سنة نشر. -4د.باسم محمد صالح ،القانون التجاري ،القسم األول ،وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بال سنة ،بغداد. -0د .حسن كيرة ،املدخل إلى القانون ،منشأة املعارف ،االسكندرية 1591 ، . -9د .رمضان أبو السعود ،الوسيط في شرح مقدمة القانون املدني ،النظرية العامة للحق ،الدار اجلامعية ،بيروت ،بال سنة طبع . -1رشيد ياسني الشيخلي ،عوارض األهلية بني القانون والشريعة ،الطبعة األولى ،مطبعة العاني ،بغداد .1590 ، -9د .عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون املدني اجلديد ،نظرية االلتزام ،اﺠﻤﻟلد األول ،الطبعة الثالثة ،منشورات احللبي ،بيروت . 2445 ، مصادر احلق في الفقه االسالمي ،اجلزء الرابع ،دار احياء التراث العربي ،بيروت بالسنة طبع . -1د.عبد اﺠﻤﻟيد احلكيم واألستاذ عبد الباقي البكري واألستاذ املساعد محمد طه البشير ،الوجيز في نظرية االلتزام في القانون املدني العراقي ،مصادر االلتزام ،اجلزء األول ،العاتك لصناعة الكتاب ،القاهرة ،الطبعة الثالثة .2445 ، -5د .عصمﺖ عبد اﺠﻤﻟيد بكر ،أحكام رعاية القاصرين ،املكتبة القانونية ،الطبعة الثالثة ،بغداد ، .2449 النظرية العامة لاللتزامات ،اجلزء األول ،مصادر االلتزام ،الطبعة األولى ،جامعة جيهان ،اربيل ، .2411 -14علي حسب اهلل ،الوالية على املال والتعامل بالدين في الشريعة ااسالمية ،معهد البحوث والدراسات .1519 ، -11محمد كمال حمدي ،الوالية على املال ،اجلزء األول – األحكام املوضوعية ،دار املعارف ،مصر ، .1511 ثانيا – الدوريات ) -1د .عزيز كاظم جبر ،أحكام الوالية على مال الصغير بني القانون املدني وقانون رعاية القاصرين املرقم 91لسنة 1514بحث منشور في مجلة القانون املقارن ،تصدر عن جمعية القانون املقارن العراقية ،العدد ،41السنة .2442
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
143
حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة
-2فاطمة خلف كاظم ،مظاهر احلماية املدنية حلقوق الطفل في التشريعات العراقية النافذة ،بحث منشور في مجلة احلقوق ،تصدر عن كلية القانون ،اجلامعة املستنصرية ، اﺠﻤﻟلد ( ، )2السنة الرابعة ،العددان (.2445 ، )1،9 ثالثا– املقاالت والبحوث االلكترونية -1د .رجاء ناجي ،احلماية القانونية لالطفال مواجهة باملتغيرات االجتماعية واالقتصادية،بحث متاح على املوقع .www. gulfkids.com/ar/index.php -2سالم روضان املوسوي ،أحكام اليتيم في الشريعة والقانون العراقي ،بحث متاح على املوقع . www.annabaaorg . -4عبد الرضا املالكي ،استثمار اموال رعاية القاصرين واملردودات املالية الربحية ،مقال منشور في جريدة البينة متاح على املوقع . www.al-bayyna.com -0وميض حامد الزبيدي ،الولي والقاصر ،مقال متاح على منتديات صحابي وعلى املوقع االلكتروني www. S7ay.com. -5محاضرجلسات اجتماع البرملان العراقي وحتديدا محضر جلسة رقم ( / )0اجلزء الثاني في www.parliment.iqعلى املوقع االلكتروني . رابعا– املقابلة الشخصية- -1املقابلة الشخصية مع السيد مدير دائرة رعاية القاصرين في محافظة نينوى االستاذ فرج يوسف توما. رابعا– القوانني والتعليمات– -1القانون املدني العراقي املرقم ( )04لسنة 1591املعدل . -2قانون الوالية على املال املصري املرقم ( )115لسنة.1592 -4قانون املرافعات املدنية العراقي املرقم ( )14لسنة 1515املعدل . -0قانون رعاية القاصرين العراقي املرقم ( )91لسنة 1514املعدل . -9القانون املدني الكويتي املرقم ( )19لسنة . 1514 -1قانون الهيئة العامة لشؤون القصر املرقم ( )19لسنة . 1514 -9قانون العمل العراقي املرقم ( )91لسنة 1519املعدل. -1قانون األحوال الشخصية السوداني لسنة . 1551 -5قانون مدونة األسرة املغربي املرقم 2240441في 4فبراير لسنة . 2440 -14قانون الوالية على اموال القاصرين القطري املرقم ( )04لسنة 2440 -11القرار املرقم ( )222لسنة .2444 - -12تعليمات ( )4لسنة 1514بشان حترير التركة وتثبيت االموال . - -14تعليمات ( )2لسنة 1514بشان تصفية التركة .
144
مجلة العلوم القانونية
السنة الثانية -العدد الثالث :ربيع األول 1436هـ -يناير 2014م
تصدر عن كلية القانون ،جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا -دولة اإلمارات العربية املتحدة
145