جريدة الكتائب | العدد الخامس عشر

Page 1

‫العدد الخامس عشر | عدد الصفحات ‪ 12‬صفحة‬ ‫السعر‪ 15 :‬ليرة سورية‬

‫جريدة مستقلة تسلط الضوء على الواقع الميداني وأهم التطورات على التراب السوري‬

‫‪www.facebook.com/alkataebjareda‬‬

‫الكتائب | العـدد الخامس عشر | الثالثاء ‪2013/10/15‬‬

‫االفتتاحية‬

‫ســوريـة‪ ..‬الجمهـوريــة الجديــــدة‪..‬‬ ‫األســس واللبنــات األولـــى‬

‫مأسـاة سـوريا مسـتمرة‬ ‫يأتي العيد مجدداً وجرح س���وريا ما يزال‬ ‫نازفاً‪ ،‬أس���ر سوريا مش���ردة‪ ،‬وأبناؤها‬ ‫يمل���ؤون المعتق�ل�ات‪ ،‬وال���دول العربية‬ ‫واألمم المتحضرة منها وغير المتحضرة‪،‬‬ ‫جميعه���م ش���هود زور عل���ى المأس���اة‬ ‫المستمرة منذ ثالثين شهراً‪.‬‬ ‫كانت س���وريا قلب العروبة النابض‪ ،‬لكن‬ ‫القلب اليوم يئن ويتألم ويعاني من أوجاع‬ ‫لم يشهد العالم لها مثيال‪.‬‬ ‫يزور العيد س���وريا هذا العام‪ ،‬كما العام‬ ‫المنصرم‪ ،‬بطعم الموت الموزع على كل‬ ‫ش���بر من أرضها‪ ،‬معتق برائحة القذائف‬ ‫والرصاص‪.‬‬ ‫ب���أي حال ع���دت يا عيد ؟ فكل ش���خص‬ ‫في بلدي الحبيب هو مش���روع شهيد‪ ،‬أو‬ ‫مهجر‪ ،‬أو مصاب‪ ،‬أو معتقل‪ ،‬أو طريد ‪..‬‬ ‫وكل بيت في وطني معرض في كل دقيقة‬ ‫لوداع ساكنيه أو الدمار على من فيه ‪.‬‬ ‫وألطفال س���وريا مع العيد حكاية أخرى‪،‬‬ ‫حكاية ملؤها البؤس والحزن والتش���رد‬ ‫واليتم والضياع‪.‬‬ ‫كثيرة ه���ي اآلالم وقليلة ه���ي األفراح‪،‬‬ ‫ولكن أملنا باهلل أوالً‪ ،‬وبغد مشرق ثانياً‪،‬‬ ‫ما يزال يصبّر قلوبنا ويمدنا بالش���جاعة‬ ‫لمواجهة الصعاب‪.‬‬ ‫نحن بانتظار النص���ر ليفرح جميع أبناء‬ ‫الوط���ن الفرحة الكب���رى‪ ،‬فرحة الحرية‬ ‫التي ستمس���ح عن���د مالمس���تها جميع‬ ‫ما عان���اه أبناء الوطن م���ن قتل وهموم‬ ‫وتشريد‪.‬‬

‫صفحـة‬

‫ملفـات ثــورية‬

‫سوريا ‪...‬‬ ‫بين المطرقة والسندان‬ ‫الجزء التاسع‬

‫المصيبة في التركيبة‬ ‫“طبيعة المجتمع‬ ‫السوري وعالقته‬ ‫بالفساد المستشري”‬

‫«عيـــد»‬ ‫أم ثكلـى فـي‬ ‫أول أيـام العيــد‬

‫هيئة التحرير‬

‫صفحـة‬

‫‪2‬‬

‫صفحـة‬

‫‪6‬‬

‫‪3‬‬

‫صفحـة ‪11‬‬


‫الكتائب العـدد الخامس عشر ‪2013/10/15‬‬

‫ملفـات ثـوريـــة‬

‫‪02‬‬

‫ســورية ‪ ...‬بيـن المطرقـة والسنــدان (‪)9‬‬ ‫إعداد الدكتور‪ :‬مصعب سليمان الجمل‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫في خضم ما يجري في س���وريا‪ ،‬حيث المعارك‬ ‫الطاحن���ة بين الجي���ش الحر وجي���ش النظام‪،‬‬ ‫وباعتب���ار أن الثورة قد امتدت لتش���مل ربوع‬ ‫الوطن بأكمله‪ .‬وقد زادت عمليات إجرام النظام‬ ‫بحق الشعب السوري‪ ،‬فكلما اندحر أمام ضربات‬ ‫الجيش الحر يوجه جام غضبه من خالل شبيحته‬ ‫ومن واالهم من المرتزقة نحو الش���عب اآلمن‪،‬‬ ‫ليقتل النس���اء واألطفال بطريقة وحش���ية تثير‬ ‫الرعب في النفوس وتقض مضاجع اإلنس���انية‬ ‫النائم���ة باعتبار أن العدالة الدولية نائمة أيضاً‪،‬‬ ‫وبالتالي ليس هناك م���ن يعترض من المجتمع‬ ‫الدولي بشكل حقيقي على مجازر النظام‪ ،‬وكأن‬ ‫هذا المجتمع الدولي ش���عوبا ً وحكومات يصدق‬ ‫أكاذيب النظام أن المجازر ترتكب بحق إرهابيين‬ ‫مغمضي���ن أعينهم عن القتلى أطفاالً ونس���اءاً‪،‬‬ ‫وش���عب يعيش تحت أنقاض منازل���ه المدمرة‪،‬‬ ‫والجالد يهيم على وجهه بش���كل طائش يضرب‬ ‫يمينا ً وشماالً بحق توارثه عن آباءه وأجداده‪.‬‬

‫النظام وع ّرابي سياسته ليتم االنتقاء‪ ،‬وكان يوم‬ ‫‪ 23‬حزيران ذاته يوم إعالن تش���كيل الحكومة‬ ‫السورية الجديدة برئاسة وزير الزراعة المدعو‬ ‫رياض حجاب‪ ،‬وهي رابع حكومة في عهد بشار‬ ‫األسد‪ ،‬وتضم ‪ 34‬وزيراً وفيها وزارات محدثة‬ ‫كوزارة المصالحة الوطنية‪ .‬كما تس���لم المدعو‬ ‫قدري جميل وزارة االقتصاد والتجارة باعتباره‬ ‫نائبا ً لرئيس مجلس الوزراء‪ ،‬وهو ممن يدعون‬ ‫المعارضة الداخلية على التلفزيون الس���وري‪.‬‬ ‫كما أن هذه الحكوم���ة احتفظت بأغلب الوزراء‬ ‫السابقين‪.‬‬ ‫إن هذا التش���كيل والتغيير الشكلي في الحكومة‬ ‫الس���ورية لم يغير من واقع الحال ش���يئاً‪ ،‬حيث‬ ‫استمرت المجازر وعلت أصوات الجماهيرتطالب‬ ‫بإنهاء حقبة بش���ار األسد‪ ،‬وأنه ليس بيدهم أي‬ ‫سلطة حقيقية‪ ،‬بل مجرد منفّذين لسياسة معلمهم‬ ‫وع ّرابيه‪ ،‬كما أن بعثة المراقبين الدوليين بقيادة‬ ‫روبرت م���ود كانت تتابع أعماله���ا وترصد ما‬ ‫يح���دث‪ ،‬علما ً أن وجودها ل���م يخفف من وطأة‬ ‫القمع واإلجرام‪.‬‬

‫إن الش���عب الثائر كان يزداد شجاعة تحت نير‬ ‫القمع‪ ،‬ويتابع ثورته بش���كل متزاي���د غير آبه‬ ‫للمجرمي���ن والقتلة‪ ،‬كما أن تش���كيالت الجيش‬ ‫الحر في تزايد وتس���عى لتكون أقدر على حماية‬ ‫هذا الشعب وعلى ردع النظام الذي يسير باتجاه‬ ‫الهاوية وإلى مزبلة التاريخ حيث يرقد مجرمون‬ ‫سبقوه وهو الذي تفوق عليهم باإلجرام‪.‬‬ ‫إن نظ���ام القمع واإلج���رام كان يعمل على عدة‬ ‫مح���اور ب���آن واحد من خ�ل�ال فئت���ه الباغية‪،‬‬ ‫فالجيش الخائن يقصف ويدمر‪ ،‬وأمنه وشبيحته‬ ‫يرتكب���ون المج���ازر وكل ما ه���و مصنف في‬ ‫قوانين العالم تحت اس���م جرائم الحرب وجرائم‬ ‫اإلبادة الجماعية والجرائم ضد اإلنس���انية‪ .‬كما‬ ‫أن ساس���ته يتفلس���فون أمام الكامي���رات وفي‬ ‫المحاف���ل الدولي���ة يدافعون عن���ه ويظهرونه‬ ‫بموض���ع الضحي���ة ولي���س الج�ل�اد‪ ،‬ملفقين‬ ‫األكاذيب المكشوفة وكأنهم ينظرون إلى الشعب‬ ‫في الداخ���ل والمجتمع الدولي على أنهم أغبياء‬ ‫عميت بصيرتهم بعد بصرهم عن رؤية الحقيقة‪،‬‬ ‫ويشارك الساس���ة أولئك المحللون السياسيون‬ ‫الذين تعلموا فن التحليل على أنه وقاحة وعهر‬ ‫كما علمهم س���يدهم المجرم ف���ي مدارس العهر‬ ‫التي يصطنعها‪.‬‬ ‫أم���ا رأس اإلجرام فكان يتل���ذذ بعرض صورته‬ ‫على التلفزة وهو يضحك بابتس���امة ش���ائطة‪،‬‬ ‫وكأنه يس���خر من الشعب ومن المجتمع الدولي‬ ‫ش���عوبا ً وقي���ادات‪ ،‬وهو الذي يع���رف أنه تابع‬ ‫مس���يرة أبيه بتبني من يعارضه إعالميا ً بتمويل‬ ‫من���ه‪ ،‬فالمعارض���ون الذين تول���وا زمام أمور‬ ‫الثورة سياس���يا ً ما هم إال أزالم���ه في أغلبهم‪،‬‬ ‫وهذا ما يريح الج�ل�اد الحقيقي ويوقع الضحية‬ ‫في متاهات وسراديب السياسة العالمية‪.‬‬ ‫ضمن هذا الواقع أعلن بش���ار األس���د استقالة‬ ‫حكوم���ة أخرى كن���وع من إظهار االس���تقرار‬ ‫السياس���ي ومتابع���ة مس���يرة اإلص�ل�اح التي‬ ‫يدعيها‪ ،‬وكان ذلك في الس���ابع مـــن ش���ـــهر‬ ‫حزيران‪ . 2012‬وكانت االجتماعات التشاورية‬ ‫الوهمي���ة تجري ف���ي جديدة عرطوز لتش���كيل‬ ‫حكومة جديدة‪ ،‬حيث ذهب المرشحون لالنضمام‬ ‫إل���ى هذه الحكوم���ة ليجتمعوا م���ع ضباط أمن‬

‫كان الجيش الحر يتقدم أكث���ر وأكثر في مواقع‬ ‫عديدة‪ ،‬وبات يس���يطر على الكثي���ر من أحياء‬ ‫العاصم���ة دمش���ق وعلى بع���ض المناطق في‬ ‫مختلف أنحاء س���وريا‪ ،‬حيث تحررت قرى في‬ ‫محافظة ادل���ب وفي ريف حل���ب وبعض قرى‬ ‫ري���ف حمص والغوط���ة وريف درع���ا‪ ،‬وكان‬ ‫امتداد تحري���ر البالد واضحا ً جلي���اً‪ ،‬فقد بدأت‬ ‫عمليات الجيش الحر في قلب العاصمة دمشق‪،‬‬ ‫مثل ش���ارع بغداد وحي الس���ويقة وكفرسوسة‬ ‫والمزة‪ ،‬إضافة إلى م���ا كان في القابون وبرزة‬ ‫وحي تش���رين والميدان والقدم‪ ،.‬رغم استعمال‬ ‫النظام لكافة األس���لحة الثقيلة وس�ل�اح الجو‪،‬‬ ‫وما هي إال أس���ابيع حتى تس���ربت أنباء اغتيال‬ ‫شخصيات هامة من أركان النظام‪ ،‬متمثلة بخلية‬ ‫األزمة‪ ،‬عن طريق دس الس���م‪ ،‬وقد كذب النظام‬ ‫هذا الخبر بإظهار بعض الصور عبر شاش���ات‬ ‫التلفزي���ون بلقاءات واجتماعات لمن انتش���رت‬ ‫أخبار اغتيالهم‪ ،‬وهم من كانوا يبيتون لموضوع‬ ‫بقي طي الكتمان‪.‬‬ ‫جاء يوم الس���ابع عش���ر من تموز وكان حامالً‬ ‫مع���ه بيانا ً ص���ادراً عن بعض قي���ادات الجيش‬ ‫الحر‪ ،‬وهذا البيان أطلق عليه اسم إعالن بركان‬ ‫دمش���ق وزلزال سوريا‪ ،‬حيث أعلن العقيد قاسم‬ ‫س���عد الدين عن معركة تحرير دمشق رداً على‬ ‫المج���ازر المرتكبة‪ ،‬والت���ي كان آخرها مجزرة‬ ‫التريمس���ة‪ .‬وبإع�ل�ان بركان دمش���ق وزلزال‬ ‫سوريا وإعالن بدء تحرير العاصمة‪ ،‬الذي جاء‬ ‫بعد أن امتدت االشتباكات ألغلب أحياءها‪ ،‬بدأت‬ ‫مرحلة جديدة تهدد النظام في مخبئه‪ ،‬ال س���يما‬ ‫وأنه ف���ي هذا اليوم تم اإلعالن عن تفجير مبنى‬ ‫األمن القومي الذي تجتمع فيه خلية األزمة التي‬ ‫تمت اإلشاعة س���ابقا ً عن اغتيالها بالسم‪ ،‬لكن‬ ‫تم اإلعالن رس���ميا ً من قبل النظ���ام أن تفجيراً‬ ‫إرهابيا ً اس���تهدف مبنى األمن القومي‪ ،‬وأنه تم‬ ‫قت���ل أعضاء هذه الخلية‪ ،‬وهم من أركان النظام‬ ‫األساس���يين‪ ،‬ومنهم وزير الدفاع داوود راجحة‬ ‫وحسن توركماني وزير الدفاع األسبق ورئيس‬ ‫الخلية آصف ش���وكت نائب وزير الدفاع والقائم‬ ‫باألعمال األمنية وزوج بشرى أخت بشار األسد‪،‬‬ ‫وكذلك رئيس مكتب األمن القومي هشام اختيار‬

‫وغيرهم م���ن القيادات‪ ،‬وبالطب���ع ازداد تقطيع‬ ‫أوص���ال العاصمة التي كان���ت مقطعة قبل ذلك‪،‬‬ ‫وازدادت كثافة األمن علم���ا ً أن هذا اليوم حمل‬ ‫أيضا ً انشقاق أعلى نس���بة من الجنود‪ ،‬وانشق‬ ‫أيضا ً قائد عمليات المنطقة الجنوبية‪.‬‬ ‫وقد س���ارع النظام بعد س���اعات لتعيين العماد‬ ‫فهد جاس���م الفريج وزيراً للدفاع‪ ،‬وعلي مملوك‬ ‫رئيسا ً لمكتب األمن القومي‪ ،‬وعبد الفتاح قدسية‬ ‫رئيسا ً لش���عبة المخابرات العس���كرية‪ ،‬ورستم‬ ‫غزالة رئيسا ً لش���عبة االمن السياسي‪ ،‬ومحمد‬ ‫ديب زيتون رئيسا ً ألمن الدولة‪.‬‬ ‫لقد وصفت تحركات ‪ 17‬تموز بأنها األعنف على‬ ‫كافة الصعد‪ ،‬وجاءت األيام الالحقة لتزيد المشهد‬ ‫حرارة في كافة أنحاء سوريا‪ ،‬فقد شاركت أكثر‬ ‫من ‪ 50‬مجموع���ة في معركة تحرير العاصمة‪،‬‬ ‫وفيها ما يقارب ‪ 2500‬مقاتل‪ ،‬وتم إسقاط طائرة‬ ‫مروحية في حي القابون الدمش���قي وتم إعالن‬ ‫أحياء التضامن والقدم والميدان ونهر عيش���ة‬ ‫وكفرسوسة ومخيم اليرموك مناطق محررة بيد‬ ‫الجيش الحر‪ ،‬مما جعل النظام يسحب قواته من‬ ‫مناطق الجوالن والغوطة الغربية باتجاه دمشق‪،‬‬ ‫وارتكاب مج���ازر في مناطق عدة راح ضحيتها‬ ‫عشرات الشهداء‪ ،‬السيما بعد أن سيطر الجيش‬ ‫الحر على مقرات الشرطة في حي القنوات وسط‬ ‫دمشق‪.‬‬ ‫في هذه األثناء أعلنت الخطوط الجوية عن تعليق‬ ‫رحالتها في س���وريا‪ ،‬لكن المش���هد العسكري‬ ‫المتطور للجيش الحر لم يس���تطع االس���تمرار‪،‬‬ ‫حيث تم االنس���حاب من األحياء الدمشقية وعاد‬ ‫النظام للس���يطرة عليها‪ ،‬وترافق ذلك مع قصف‬ ‫عنيف على المناطق التي لم ينسحب منها الجيش‬ ‫الحر‪ ،‬وقد طال القصف منطقة بس���اتين الرازي‬ ‫وحي المزة القريب من القصر الجمهوري‪.‬‬ ‫جاءت عمليات بركان دمش���ق وزلزال س���وريا‬ ‫ومعرك���ة تحرير العاصم���ة متزامنة مع معركة‬

‫تحري���ر حلب‪ ،‬تل���ك المدينة التي بق���ي النظام‬ ‫يسيطر عليها إلى حينه س���يطرة مطلقة‪ ،‬خالفا ً‬ ‫لحال ريفه���ا الذي اقتلع جذور النظام وهاج من‬ ‫ثباته في بداية الثورة‪.‬‬ ‫بدأت معركة حلب في التاس���ع من ش���هر تموز‬ ‫‪ ،2012‬حي���ث تم تش���كيل ل���واء التوحيد من‬ ‫فصائل الجيش الحر القادمين من أعزاز ومارع‬ ‫والباب وتل رفعت ومنب���ج وغيرها من الريف‬ ‫الحلبي‪ ،‬ودخل المقاتل���ون إلى المدينة في ‪20‬‬ ‫تموز وسيطروا على حي صالح الدين‪ ،‬وفي هذه‬ ‫األثناء كانت هناك أم���ور كثيرة يتم بحثها‪ ،‬فقد‬ ‫اجتمع المعارضون خارج س���وريا في الدوحة‪،‬‬ ‫بما فيهم المجلس الوطني‪ ،‬وش���كلوا ما يسمى‬ ‫االئت�ل�اف الوطني لقوى الث���ورة والمعارضة‪،‬‬ ‫واعتبروه ممثالً ش���رعيا ً للش���عب الس���وري‪،‬‬ ‫علم���ا ً أن الفصائل اإلس�ل�امية المقاتلة رفضت‬ ‫االعتراف به���ذا االئتالف‪ ،‬كما رفض االعتراف‬ ‫باالئت�ل�اف أيضا ً العدي���د من الق���وى الثورية‬ ‫بالداخل السوري‪.‬‬ ‫أعلنت معركة تحرير حلب في الثاني والعشرين‬ ‫من ش���هر تموز‪ ،‬وامتدت سيطرة الجيش الحر‬ ‫لتش���مل مناط���ق حلبية كالصاخور والس���كري‬ ‫ومس���اكن هنانو‪ ،‬كما تم في ‪ 24‬تموز السيطرة‬ ‫على وس���ط المدينة‪ ،‬ووصلت االش���تباكات إلى‬ ‫محيط القلعة‪ ،‬وتم إعالن النفير العام‪ .‬كانت حلب‬ ‫معروفة بوالءها‪ ،‬وال س���يما فئة رجال األعمال‬ ‫والطبقة الغنية‪ ،‬وقد خسر النظام من وااله‪ ،‬هذا‬ ‫وقد جاءت األوامر بدخول س�ل�اح الجو المتمثل‬ ‫بالطيران الحرب���ي لقصف المدينة على رؤوس‬ ‫ساكنيها دون تمييز‪.‬‬ ‫كانت ه���ذه األح���داث ثجري ف���ي الوقت الذي‬ ‫شارفت فيه مهمة بعثة المراقبين الدوليين على‬ ‫االنتهاء‪ ،‬وهي المحددة أصالً بثالثة أشهر‪ ،‬وقد‬ ‫غادر المراقبون الدوليون وعلى رأسهم الجنرال‬ ‫مود في ‪ 20‬تموز وكان شيئا ً لم يكن‪ ،‬فالنظام ال‬


‫الكتائب العـدد الخامس عشر ‪2013/10/15‬‬

‫مقـاالت‬

‫‪03‬‬ ‫يبالي بالتقارير التي كتبها المراقبون والموجهة‬ ‫إلى األمم المتحدة‪.‬‬ ‫وكان النظ���ام الذي يضرب ع���رض الحائط كل‬ ‫التحركات األممية يعرف أن قادة الدول العظمى‬ ‫يعتبرونه االبن المدلل ال���ذي يرعى مصالحهم‬ ‫ويرعى أمن م���ن يريدون الحف���اظ على أمنه‪،‬‬ ‫وخصوصا ً إس���رائيل‪ ،‬التي لم تتعرض في يوم‬ ‫من األيام عل���ى مدى الس���نوات الماضية ألي‬ ‫هجوم أو تحرك عسكري من قبل دولة الممانعة‬ ‫والمقاومة‪ ،‬التي تتبجح أم���ام اإلعالم بعبارات‬ ‫وطنية وأهداف اس���تراتيجية ل���م تتجاوز القول‬ ‫إل���ى الفعل‪ ،‬بل على العك���س كانت في حقيقتها‬ ‫الضمنية تدافع عن وجود إسرائيل ومصالحها‪.‬‬ ‫إن م���ا كان يجري في دمش���ق وحل���ب لم يكن‬ ‫محتكراً لساحة الصراع‪ ،‬بل كان الصراع يشمل‬ ‫كافة المدن السورية‪ ،‬وال سيما المناطق الريفية‪،‬‬ ‫وكان���ت الطائرات الحربية تأخ���ذ دورها الكامل‬ ‫على مدار النهار لتقصف وتقصف أكثر وأكثر‪،‬‬ ‫وكان عدد الشهداء يزداد يوما ً بعد يوم‪ ،‬والدمار‬

‫يحل أينم���ا توجهت هذه الطائرات‪ ،‬وال س���يما‬ ‫طائرات الميغ والطائ���رات القاذفة والحوامات‬ ‫المتخصصة بإلق���اء البرامي���ل المتفجرة على‬ ‫المباني السكنية‪.‬‬ ‫بدأت سوريا تش���هد حركة نزوح بأعداد كبيرة‬ ‫ومتزاي���دة‪ ،‬وكان���ت وجه���ة النازحين صوب‬ ‫األراضي التركية في الشمال واألراضي االردنية‬ ‫في الجنوب وأراضي لبنان في الغرب‪.‬‬ ‫كان األردنيون يس���تقبلون السوريين في مخيم‬ ‫الزعت���ري ذو الطبيعة الصحراوي���ة‪ ،‬والذي ال‬ ‫تحتمل المعيشة فيه لظروفه الصعبة‪ ،‬ألنه أشبه‬ ‫ما يكون بمعتقل قسري‪ .‬أما النازحون إلى لبنان‬ ‫فقد كانوا ينتظرون حظهم‪ ،‬فمن جاء إلى منطقة‬ ‫موالية للنظام فإنه سيالقي القتل والتنكيل‪ ،‬ومن‬ ‫كان محظوظا ً فإنه يالقي ظروفا ً اخف وطأة‪ .‬لكن‬ ‫الغالبية العظمى من النازحين توجهوا إلى تركيا‬ ‫التي احتضنتهم وأقامت له���م المخيمات ضمن‬ ‫أراضيه���ا‪ ،‬باإلضافة إلى المخيم���ات المحاذية‬

‫لها‪ .‬كما أن تركيا س���محت للسوريين أن يعبروا‬ ‫حدوده���ا ولو ل���م يكن لديهم أية وثيقة س���فر‪،‬‬ ‫وس���محت لهم أن يعيشوا بين مواطنيها برعاية‬ ‫كاملة‪ ،‬وتغاضت عنهم قاص���دة إتاحة الفرصة‬ ‫لهم كي يعيشوا بأمن وأمان وسلم وسالم‪ ،‬وهي‬ ‫التي أعانت السوريين وأغاثتهم وساندت الجيش‬ ‫الحر بكل الوسائل والسبل المتاحة‪ .‬كما سمحت‬ ‫لنشطاء الثورة أن يتحركوا بحرية كاملة‪ ،‬وأكثر‬ ‫من ذلك كانت تقدم لهم الدعم المادي والمعنوي‪،‬‬ ‫وتطلق عليهم تسمية الضيوف واألخوة‪.‬‬ ‫في غمرة هذه األح���داث المتالحقة والتطورات‬ ‫الميداني���ة على األرض‪ ،‬حيث وصل مس���توى‬ ‫الجيش الحر إلى درجة يس���تطيع فيها أن يدافع‬ ‫وأن يهاجم وأن يتصدى آللة الحرب األس���دية‪.‬‬ ‫ب���دأ ائتالف ق���وى المعارضة بممارس���ة دوره‬ ‫اإلعالمي على نطاق واسع‪ ،‬وبدأت تنهال على‬ ‫أعضاء ه���ذا االئتالف االموال الطائلة لتوزيعها‬ ‫عل���ى الش���عب الذي لم يس���تفد ش���يئا ً من هذه‬

‫االموال إال النذر اليس���ير‪ ،‬وكانت تصرف على‬ ‫المؤتمرات وشراء الوالءات من بعض ضعاف‬ ‫النفوس‪ ،‬وسيأتي بحث ذلك تفصيالً‪.‬‬ ‫إن الساحة السياسية الس���ورية كانت تبدو في‬ ‫ظاهرها ب���ؤرة للصراع بي���ن مؤيد ومعارض‪،‬‬ ‫وكان الخط���أ اللغ���وي المصطن���ع لمصطل���ح‬ ‫المعارض بدالً من المصطلح الحقيقي الذي هو‬ ‫(ثائر) فق���وى الثورة صار يطل���ق عليها قوى‬ ‫المعارضة‪ ،‬وربما كان ذلك مقصوداً إلى حد ما‪.‬‬ ‫وجاء يوم السادس من آب ‪ 2012‬ليحمل حدثا ً‬ ‫في غاية األهمي���ة‪ ،‬فالحكومة الس���ورية التي‬ ‫تشكلت في الثالث والعشرين من شهر حزيران‬ ‫والت���ي تمثلت بال���والء المطلق ل���رأس النظام‬ ‫أصابها ما يش���به الصعقة الكهربائية عندما تم‬ ‫اإلعالن عن انش���قاق رئي���س الحكومة رياض‬ ‫حجاب‪.‬‬ ‫يتبع في العدد القادم ‪...‬‬

‫ســوريـة‪ ..‬الجمهـوريــة الجديــــدة‪..‬‬ ‫األســس واللبنــات األولـــى‬

‫بقلـم‪ :‬بشار إدلبي‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫لق���د أذهل���ت الجمي���ع قل���ة االنش���قاقات عن‬ ‫نظام األس���د اإلرهابي على مس���توى الوزراء‬ ‫والموظفي���ن الكبار‪ ،‬فعلى الرغم من عش���رات‬ ‫المج���ازر والدم���ار الهائل والمآس���ي اليومية‬ ‫للس���وريين‪ ،‬لم يتحرك فيهم ش���يء‪ ،‬بل زادهم‬ ‫عناداً وتمسكا ً بطاغيتهم‪ ،‬فلك أن تتخيل إذاً حجم‬ ‫الفساد الذي يدفعهم إلى االلتفاف حوله‪.‬‬ ‫إنّ أي إنسان ما كان ليس���تطيع مشاهدة نشرة‬ ‫أخبار تتح���دث عن الجرائ���م المروعة الجارية‬ ‫في س���وريا‪ ،‬فما بالك بمن هو شريك فيها‪ ،‬أجل‬ ‫شريك‪ ،‬وإن لم يكن له أي دور في اتخاذ القرارات‬ ‫العسكرية‪ ،‬فمجرد عمله على ذاك المستوى من‬ ‫السلطة يجعله شريكا ً فيها ‪ .‬ولكن يجب علينا أن‬ ‫نتحلى بالواقعية‪ ،‬فبيروقراطية القضاء ستبرئ‬ ‫العديد من هؤالء‪ ،‬وربما حالت دون استدعاءهم‬ ‫إلى المحاكمة أصالً‪ ،‬وبذلك يقتصر رهاننا على‬ ‫الش���عب فقط‪ ،‬فأقل ما يج���ب أن يواجهه هؤالء‬ ‫ه���و العزل واإلقصاء عن المناصب السياس���ية‬ ‫واإلدارية في س���وريا الحرة‪ ،‬فهم غير جديرون‬ ‫بالثقة‪ ،‬والدول���ة بغنى عن خبرات تطغى عليها‬ ‫رائحة الفساد ‪.‬‬ ‫لق���د ظهر على اإلئتالف الوطن���ي لقوى الثورة‬ ‫والمعارضة الس���ورية طابع العلمانية‪ ،‬فأغلب‬ ‫أعضاءه ال ينتمون إلى تيارات إس�ل�امية‪ ،‬وكل‬ ‫اللقاءات واإلجتماعات التي شارك فيها أعضاءه‬ ‫مع مواطنين س���وريين في ع���دد من الدول‪ ،‬أو‬ ‫مع س���وريين قادمين من س���ورية‪ ،‬غلب على‬ ‫المش���اركين فيها طاب���ع الليبرالية‪ ،‬بينما أغلب‬ ‫المقاتلين على األرض هم من اإلس�ل�اميين‪ .‬إذاً‬ ‫فنهاك نوع من اإلغتراب بين القيادة السياس���ية‬ ‫وأداتها التنفيذي���ة «المقاتلي���ن»‪ ،‬الذين يُع َّول‬

‫عليهم في س���د الثغ���رات األمني���ة ولعب دور‬ ‫الجيش والش���رطة في الشهور األولى من عمر‬ ‫س���وريا الحرة‪ ،‬ريثما يتم بناء مؤسسات وطنية‬ ‫جديدة‪ ،‬حتى وصل الح���د إلى تفاخر معظم قادة‬ ‫الكتائ���ب المقاتلة في لقاءاته���م اإلعالمية بعدم‬ ‫وج���ود اتصاالت مع اإلئت�ل�اف‪ ،‬إذاً فنحن أمام‬ ‫مشكلة حقيقية تتعلق بمن يمثل الشعب السوري‬ ‫ومن يحق له أن يتلكم باس���مه‪ .‬إنّ هذا الخالف‪،‬‬ ‫الذي تف���وح منه رائح���ة الرغبة باإلس���تئثار‬ ‫بالس���لطة وإلغاء اآلخر‪ ،‬لن يأتي إال بالمآس���ي‬ ‫على الس���وريين‪ ،‬وهناك الكثيرمن الدروس في‬ ‫دول الربيع العربي يمكن أن نتعلَّم منها ‪.‬‬ ‫أتت االنتخابات ف���ي دول الربيع العربي لصالح‬ ‫التيار اإلسالمي‪ ،‬وذلك لكثيرمن األسباب‪ ،‬أهمها‬ ‫انعدام ثقة المواطنين باألح���زاب الكاريكاتيرية‬ ‫التي كانت تعيش في ظ���ل الحزب الحاكم خالل‬ ‫عهود األنظمة الس���ابقة‪ ،‬وبالتالي لم يبقى بعد‬ ‫سقوط تلك األنظمة س���وى األحزاب اإلسالمية‬ ‫على الس���احة السياس���ية‪ ،‬إضافة إل���ى الفكرة‬ ‫المس���بقة لدى عامة المواطني���ن‪ ،‬التي تدفعهم‬ ‫إلى اإلعتقاد بنزاهة الرجل المتدين‪ ،‬فلن يسرق‬ ‫المال الع���ام‪ ،‬ولن يظلم‪ ،‬فقد عان���وا كثيراً من‬ ‫مسؤولين فاسدين ينتمون إلى مختلف األحزاب‪.‬‬ ‫ث���م أت���ى الليبرالي���ون ودفعوا باتجاه إس���قاط‬ ‫حكومات اإلسالميين المنتخبة‪ ،‬وأدخلوا بالدهم‬ ‫في أتون صراع عصف بأركانها‪ ،‬حتى بلغ األمر‬ ‫في مص���ر أن قُلِبَت الطاولة على الجميع‪ ،‬وعاد‬ ‫النظام القديم بكل ممارساته ‪.‬‬ ‫ه���ذا درس على الس���وريين أن يتعلموه جيداً‪،‬‬ ‫فقبول نتيج���ة العملية الديمقراطي���ة النزيهة‪،‬‬ ‫مهم���ا كانت‪ ،‬هو أفضل ألف م��� ّرة من االنجرار‬ ‫إل���ى فوضى سياس���ية يمك���ن أن تتط���ور إلى‬ ‫صراع ش���امل‪ ،‬فإذا كان���ت ال���دول العربية قد‬

‫ورثت إقتص���ادات منهكة مهترئ���ة‪ ،‬فنحن في‬ ‫سورية أمام بلد مدمر‪ ،‬وإقتصاد مفلس محطم‪،‬‬ ‫ويجب أن يدفعنا هذا إلى التحلي بالمس���ؤولية‪،‬‬ ‫فبناء مؤسس���ات وطنية جدي���دة وإعادة الحياة‬ ‫إلى اإلقتصاد أولى م���ن االنجرار إلى مماحكات‬ ‫سياسية غير صحية بين كثير من األضداد ‪.‬‬ ‫تحتاج س���ورية إلى أحزاب سياسية جديدة تقوم‬ ‫على قاعدة من الحريات المس���ؤولة‪ ،‬أساس���ها‬ ‫احترام اآلخ���ر‪ ،‬رغم االختالف مع���ه‪ ،‬والفهم‬ ‫الصحي���ح للديمقراطية‪ ،‬فهي ليس���ت فقط فوز‬ ‫الحزب ‪ %51‬من األصوات‪ ،‬ولكن تش���مل أيضا ً‬ ‫قبول ه���ذه النتيجة إن كان���ت نزيهة‪ ،‬حتى لو‬ ‫كان الفائ���ز هو اآلخر‪ ،‬ويجب أال يغيب عن أحد‬ ‫أن الحاك���م الحقيقي يجب أن يكون هو القانون‪،‬‬ ‫وليس أمزجة الح���كام‪ ،‬فينبغي أن تُدار الدولة‬ ‫من خالل استراتيجيات وطنية تنبع من مصلحة‬ ‫الش���عب‪ ،‬وبذلك يجب أن ال يت���م التركيز على‬ ‫ش���خص الرئيس وحزبه‪ ،‬و إنّما على أن يحكم‬ ‫ذل���ك الرئيس وفق القانون فق���ط‪ ،‬وينطلق من‬ ‫مصالح الش���عب‪ ،‬وليس من مصال���ح حزبية‪،‬‬ ‫وبذل���ك لن يُالح���ظ تغيراً كبيراً على سياس���ات‬ ‫الدول���ة بتغير الحزب الحاك���م‪ .‬في الغرب مثالً‪،‬‬ ‫ال يظهر أدنى تبدل في سياس���ة الدولة مع تغير‬ ‫الحزب الحاكم‪ ،‬وإال فما الفرق بين أوباما وبوش‬ ‫االبن؟ أو ما الفرق بين ساركوزي وهوالند؟ في‬ ‫تلك الدول ترس���م استراتيجيات طويلة للدولة ال‬ ‫تتغير بتغير الحزب الحاكم ‪.‬‬ ‫إنّ الش���عوب العربية تميل بطبعها إلى الخوض‬ ‫في السياس���ة‪ ،‬وتتوق نس���بة كبي���رة منها إلى‬ ‫العمل السياس���ي وممارس���ة الس���لطة‪ ،‬وبعد‬ ‫عشرات الس���نين من الكبت والقهر واإلقصاء‪،‬‬ ‫أتت ثورات الربيع العربي لتذكي تلك الرغبات‪،‬‬ ‫فتجد الكل يتكلّم في السياس���ة‪ ،‬ويحلل األحداث‪،‬‬

‫ويقدم األفكار‪ ،‬سواء أكان على دراية بما يجري‬ ‫حوله أم ال‪ .‬أما في سورية فالوضع أكثر تعقيداً‪،‬‬ ‫فكل َمن أنش���أ صفحة على الفيس بوك والتقط‬ ‫صورتي���ن للدمار في بلدته أو حارته أطلق على‬ ‫نفس���ه لقب ناشط إعالمي أو ميداني أو سياسي‬ ‫أو ‪ ......‬و ربما أس���س فيما بعد حزبا ً يرأس���ه‪،‬‬ ‫وال يضم في عضويته سوى أبوه وأمه وإخوته‪،‬‬ ‫و ربما انش���ق إخوته الحقا ً وأسس���وا أحزابهم‬ ‫الخاصة‪ ،‬فالكل يرى في نفس���ه رجل السياس���ة‬ ‫ويطم���ح للس���لطة‪ ،‬وأضرب هنا مث���االً عملياً‪،‬‬ ‫بلدتي التي ال يصل عدد س���كانها إلى الخمس���ة‬ ‫آالف نس���مة‪ ،‬حدث فيها خمس انش���قاقات في‬ ‫صفحة تنس���يقيتها على الفيس���بوك‪ ،‬رغم ندرة‬ ‫شبكة االنترنت وانعدامها أغلب األحيان!‬ ‫إن أمامن���ا واقع���ا ً مريراً يدع���و للقلق‪ ،‬ونحن‬ ‫مقبلون عل���ى أخطرمرحلة في تاريخ س���وريا‬ ‫الحديث‪ ،‬وهنا يبرز دور الزعامات الوطنية في‬ ‫قيادة حركة الشارع وإيجاد صيغ توافقية تحكم‬ ‫المرحلة المقبلة ‪.‬‬ ‫نحتاج من أجل إرساء أسس العيش المشترك بين‬ ‫أطياف الشعب السوري إلى تطهير الصدور من‬ ‫األحقاد التي خلَّفتها جرائم النظام البائد‪ ،‬وال يتأتى‬ ‫ذلك إال من خالل محاكمة ومحاسبة مرتكبي تلك‬ ‫الجرائم‪ .‬يجب أن ال تقتصر المساءلة على نظام‬ ‫األس���د االبن‪ ،‬وإنّما يجب بحث كل ملفات نظام‬ ‫األب أيضاً‪ ،‬فالقصاص الع���ادل من المجرمين‬ ‫سيكون له تأثير السحر على المواطنين‪ ،‬ويعيد‬ ‫إليهم الرضى والطمأنينة‪ ،‬وبدون ذلك ال تكتمل‬ ‫أساسات الجمهورية الجديدة في سوريا ‪.‬‬


‫المشهد الميداني‬

‫الكتائب العـدد الخامس عشر ‪2013/10/15‬‬

‫‪04‬‬

‫الجيش الحر يحصل على طائرات بدون طيار‬

‫جميع المخافر على الحدود األردنية باتت بيد الثـوار‬ ‫الب���كار والجبيلة في ريف درع���ا وقتلوا أربعة‬ ‫عناصر ودمروا عربة عسكرية‪ ،‬كما تمكنوا من‬ ‫إيقاف تقدم قوات النظ���ام في منطقة بين مدينة‬ ‫درعا وبلدة نصيب‪ ،‬وتمكنوا من الس���يطرة على‬ ‫مفرزة األمن العس���كري في نوى بدرعا ودمروا‬ ‫أرب���ع عربات عس���كرية وقتل���وا ‪ 20‬عنصراً‪،‬‬ ‫ودم���روا مدرعة ف���ي قافلة متجه���ة إلى معبر‬ ‫الجمرك وقتلوا ‪ 11‬عنصراً قبل أن يفر الباقون‪.‬‬ ‫وفي المحافظة نفسها‪ ،‬يواصل الثوار محاصرة‬ ‫اللواء ‪ 61‬في بل���دة طفس‪ .‬ونجح الجيش الحر‬ ‫بإس���قاط طائرة حربية من ط���راز «ميغ» فوق‬ ‫إنخل‪ .‬وتجري االش���تباكات بمنطقة الشيخ عمر‬ ‫الت���ي تقع بي���ن طريقين س���ريعين يؤديان إلى‬ ‫الجنوب من دمش���ق‪ ،‬ولهما أهمية حاس���مة في‬ ‫إمداد قوات النظام بمحافظتي درعا والس���ويداء‬ ‫على الحدود مع األردن‪.‬‬

‫جريدة الكتائب‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫كما هو الحال منذ شهور‪ ،‬لم ينجح جيش النظام‬ ‫أو الجي���ش الحر بتحقيق تقدم كبير على جبهات‬ ‫القتال المنتش���رة على طول األراضي السورية‪.‬‬ ‫ولكن في تطور الفت‪ ،‬أكدت المعارضة السورية‬ ‫أنها حصلت على طائرات اس���تطالع بدون طيار‬ ‫م���ن دول عربية وغربية‪ .‬وقال مس���ؤولون في‬ ‫الجيش الس���وري الح���ر إن المملك���ة العربية‬ ‫الس���عودية أمدتهم بعش���ر طائرات بدون طيار‬ ‫عبر الحدود األردنية والتركية في سبتمبر‪/‬أيلول‬ ‫الماضي من أجل الس���ماح للجيش الحر بالقيام‬ ‫بمراقبة حقيقية لتحركات قوات النظام‪.‬‬ ‫دمش���ـــق‪ :‬في دمش���ق‪ ،‬واصلت قوات النظام‬ ‫قصف حي ب���رزة بالمدفعي���ة الثقيلة وراجمات‬ ‫الصواري���خ‪ ،‬مما أس���فر عن دمار ف���ي األبنية‬ ‫الس���كنية‪ ،‬في حي���ن تتواصل االش���تباكات مع‬ ‫محاولة جديدة من ق���وات النظام القتحام الحي‪،‬‬ ‫وأحبط الجيش الحر محاولة تسلل إلى حي برزة‬ ‫قام بها جن���ود النظام‪ ،‬حي���ث دارت على أثرها‬ ‫اشتباكات أسفرت عن مقتل بضعة جنود وتدمير‬ ‫عربة مدرعة وناقلتي جند‪.‬‬ ‫ويتع���رض مخيما التضام���ن واليرموك لقصف‬ ‫متزام���ن بقذائف اله���اون والمدفعية‪ ،‬وس���ط‬ ‫اش���تباكات عنيف���ة أثناء محاولة ق���وات النظام‬ ‫اقتح���ام المنطقة‪ ،‬كما تعرضت أحياء بدمش���ق‬ ‫بينها جوبر والقابون لقصف مدفعي وصاروخي‪،‬‬ ‫وفجر الجيش الحر بناء تابعا ً لقوات النظام قرب‬ ‫ّ‬ ‫ثكن���ة كمال مش���ارقة على أط���راف حي جوبر‬ ‫بدمش���ق‪ .‬وتج���دد القصف على م���دن وبلدات‬ ‫عين الفيجة وديرمقرن بوادي بردى والزبداني‬ ‫وداريا ومعضمية الش���ام وببي�ل�ا وعلى مناطق‬ ‫عدة بالغوطة الشرقية‪.‬‬ ‫وق���ام طيران النظ���ام بغارات اس���تهدفت دوما‬ ‫وجس���رين وكفربطن���ا والمليح���ة وحموري���ة‬ ‫وعربين بريف دمش���ق‪ ،‬مما أدى إلى جرح عدد‬ ‫من األش���خاص‪ .‬كما اس���تهدفت ه���ذه الغارات‬ ‫المعضمية حيث تدور اش���تباكات بشكل يومي‪.‬‬ ‫سجلت اشتباكات في البساتين‬ ‫في الوقت نفسه‪ُ ,‬‬

‫الواقعة بين المعضمية وداريا وأطراف بلدة بيت وتلبيسة بريف حمص الشمالي‪ ،‬وسيطرمقاتلون‬ ‫س���حم من جهة مطار دمش���ق الدولي‪ .‬وسيطر من الجي���ش الحر على قري���ة كفرنان في ريف‬ ‫الجيش الح���ر على أحد أهم الحواجز في زملكا‪ ،‬حمص بعد اشتباكات عنيفة منذ نحو أسبوعين‪.‬‬ ‫وعل���ى عدد من المباني الت���ي كان يتحصن بها‬ ‫عناصر قوات النظام في منطقة بورس���عيد بحي حلـــب‪ :‬وفي حلب تدور اش���تباكات عنيفة بين‬ ‫القدم جنوب دمشق‪.‬‬ ‫الجيش الحر وقوات النظام في حي صالح الدين‬ ‫جنوب غ���رب المدينة‪ ،‬وتمك���ن مقاتلو الجيش‬ ‫ريـف دمش���ـق‪ :‬وتش���هد مدينة داري���ا قصفا ً الحر من التقدم في اتجاه األعظمية الواقع شمال‬ ‫متقطعا ً م���ن الفرقة الرابعة في جبل قاس���يون‪ ،‬حي صالح الدين‪ ،‬وس���يطروا على حاجز ملعب‬ ‫وبمدفعية الدباب���ات القريبة م���ن المدنية‪ ،‬مما الحمدانية المالصق لحي صالح الدين‪.‬‬ ‫أدى إل���ى احت���راق المن���ازل وحص���ول دمار وأعل���ن بعض الكتائب في ريف حلب اس���تعادة‬ ‫كبير‪ ،‬وتس���تمر االش���تباكات مع دخول الحملة مدينة خناصر‪ ،‬وذلك بعد أن أعادت قوات النظام‬ ‫العسكرية على المدينة ش���هرها الحادي عشر‪ ،‬فت���ح الطريق بين حماة وحلب بعدما اس���تعادت‬ ‫في ظل ظروف إنسانية صعبة‪ ،‬وانقطاع المواد لع���دة أيام بلدة خناص���ر ‪ .‬وقصفت قوات النظام‬ ‫األساس���ية كالطحين واألدوية الضرورية‪ .‬وقد مدينة السفيرة القريبة منها بشكل عنيف موقعة‬ ‫اس���تمرت المعارك العنيف���ة‪ ،‬وقتل الجيش الحر العش���رات من الشهداء‪ .‬وتواصل كتائب الجيش‬ ‫‪ 25‬جنديا من قوات النظام في منطقة الكورنيش الحر تصديها لقوات النظام قرب السفيرة‪ ،‬في حين‬ ‫تحاول أرتال عس���كرية تنطلق من معامل الدفاع‬ ‫في داريا وسيطر على عدة مبان وأسلحة‪.‬‬ ‫وفي منطق���ة المرج بالغوطة الش���رقية واصل اقتحام المدينة والسيطرة عليها‪ ,‬وتستعين أثناء‬ ‫الث���وار تقدمهم في بل���دة العتيبة في ظل معارك هجومها بقصف طائرات النظام للقرى والمناطق‬ ‫عنيفة مع قوات النظام في البلدة‪ ،‬حيث يحاولون المحيطة بها‪ .‬وتتعرض الس���فيرة لقصف عنيف‬ ‫فرض سيطرتهم عليها بش���كل كامل‪ ،‬وذلك بعد م���ن قوات النظام للضغط على بلدة خناصر التي‬ ‫س���يطرتهم على العبادة والقيسا في وقت سابق‪ .‬نجح الحر باستعادتها‪ .‬كما نفذ الطيران الحربي‬ ‫كما نج���ح جيش النظام بتحقيق تقدم واس���تعاد التابع للنظام عدة غارات جوية استهدفت مدينة‬ ‫السيطرة على الذيابية والحسينية‪ ،‬وقد ارتكبت حلب وريفها‪ ،‬وأدت الغارات لسقوط ستة شهداء‬ ‫قواته مجزرة راح ضحيتها عشرات الشهداء في في مدينة منبج‪ ،‬إضاف���ة لدمار كبير في األبنية‬ ‫السكنية‪ .‬واس���تهدفت مروحيات منطقتي الباب‬ ‫تلك المنطقة‪.‬‬ ‫ودير حافر بريف حلب الشرقي‪.‬‬ ‫حمـــ���ص‪ :‬وفي حم���ص‪ ،‬جدد جي���ش النظام‬ ‫قصف���ه لمناطق في أحياء حم���ص المحاصرة‪ ،‬درعـــا‪ :‬وفي درعا‪ ،‬أعلن الجيش الحر سيطرته‬ ‫كم���ا تعرض حي الوعر لقص���ف عنيف بقذائف على ‪ 17‬مخفراً حدودي���اً‪ ،‬وهي جميع المخافر‬ ‫الهاون‪ ،‬وقصف بصاروخ أرض‪-‬أرض أس���فر بين معبري درعا القديم ونصيب‪ ،‬وبات الشريط‬ ‫عن استش���هاد وجرح عش���رات األش���خاص‪ .‬الحدودي الممتد من درعا البلد حتى الحدود مع‬ ‫واس���تمر األهالي بالبح���ث لفترة ع���ن ناجين هضبة الجوالن المحتلة خارجا ً عن سيطرة قوات‬ ‫محتملين تح���ت أنقاض البناء الذي دمر بالكامل النظ���ام‪ .‬وفي األثناء تواص���ل القصف المدفعي‬ ‫مع استمرار سقوط قذائف هاون على المنطقة‪ .‬على أحياء طريق الس���د ومخي���م درعا وأحياء‬ ‫كما تس���بب القصف باشتعال حرائق في المنازل درع���ا البلد‪ ،‬وعلى مدن وبلدات النعيمة وطفس‬ ‫المجاورة‪ ،‬بينما يش���هد حي الوع���ر قصفا ً بين وداعل وإنخل والحراك والجيزة وعتمان‪ ،‬بينما‬ ‫تدور المعارك في حي المنش���ية وأطراف مدينة‬ ‫حين وآخر من قوات النظام‪.‬‬ ‫وتواص���ل قوات النظام قصفها لمدينة الرس���تن الحراك‪ .‬وتمكن الثوار من السيطرة على بلدتي‬

‫إدلـــ���ب‪ :‬وف���ي ادلب‪ ،‬تع���رض الريف االدلب‬ ‫لغارات جوي���ة بالقرب من مدينة معرة النعمان‪،‬‬ ‫حيث تدور معركة شرس���ة منذ أيام في محاولة‬ ‫لمقاتلي الجيش الحر للس���يطرة على معسكري‬ ‫وادي الضيف والحامدي���ة‪ ،‬اللذين يعتبران أكبر‬ ‫تجمع عس���كري متبق للنظام ف���ي ريف ادلب‪.‬‬ ‫وتسببت االش���تباكات بتدمير مس���تودع ذخيرة‬ ‫لقوات النظام في المنطقة‪ .‬وقد شن الجيش الحر‬ ‫هجوما ً عل���ى كل من معس���كري وادي الضيف‬ ‫والحامدية والحواجز المحيطة بهما‪ ،‬مس���تخدما ً‬ ‫األسلحة الثقيلة والمتوسطة من دبابات ومدافع‬ ‫هاون وراجمات صواريخ‪ ،‬فضالً عن الصواريخ‬ ‫محلية الصنع‪ .‬ودكت أغلب الحواجز باألس���لحة‬ ‫الثقيل���ة‪ ،‬حيث أس���فر ذل���ك عن تدمي���ر عربة‬ ‫‪BMB‬داخل حاجز ‘بسيدا’‪ ،‬كما تم تدمير مدفع‬ ‫‘فوزديكا‪ ،‬ومس���تودع ذخيرة في حاجز السماد‬ ‫بالقرب من وادي الضيف‪ .‬وقصفت المروحيات‬ ‫سراقب في ريف ادلب بالبراميل المتفجرة‪.‬‬ ‫ديـ���ر الـزور‪ :‬وفي دير الزور ش���نت طائرات‬ ‫النظام غ���ارات على ريف المحافظة الش���رقي‪،‬‬ ‫واستهدفت منطقة األس���واق في بلدتي الشحيل‬ ‫والبلع���وم‪ ،‬حيث أوقع���ت العديد من الش���هداء‬ ‫والجرحى‪ .‬كما قصفت قوات النظام بلدة العشارة‬ ‫بقنابل فوس���فورية‪ ،‬وتج���دد القصف أيضا ً على‬ ‫أحياء وسط مدينة دير الزور‪.‬‬ ‫الحســكة‪ :‬وفي الحسكة استشهد أكثر من ‪15‬‬ ‫ش���خصا ً في قصف مدفعي على بلدة الش���دادي‬ ‫في الحس���كة‪ ,‬كما تعرضت المنطقة لعدة غارات‬ ‫جوية أدت الستش���هاد ‪ 12‬شخصا ً وسقوط عدد‬ ‫من الجرحى‪ ،‬إضافة لحدوث دمار كبير‪.‬‬ ‫الالذقيـــة‪ :‬وفي الالذقية واصلت قوات النظام‬ ‫قصفها اليومي لقرى في جبل األكراد‪.‬‬ ‫طرط���وس‪ :‬وف���ي محافظة طرط���وس غرب‬ ‫سوريا‪ ,‬أس���فرت العملية العسكرية التي شنتها‬ ‫ق���وات النظام على بلدة المت���راس ذات الغالبية‬ ‫التركماني���ة عن استش���هاد م���ا ال يقل عن ‪11‬‬ ‫شخصاً‪.‬‬


‫الكتائب العـدد الخامس عشر ‪2013/10/15‬‬

‫الصفحة اإلخبـارية‬

‫‪05‬‬ ‫أيام التضامن العالمي مع الشعب السوري ‪ 21 20 19‬أوكتوبر ‪2013‬‬ ‫آن األوان إلنهاء الهولوكوس���ت بحق الشعب السوري على يد نظام‬ ‫األسد وجيشه‪ .‬فلغاية اآلن‪ 140.000 * :‬شهيد وشهيدة على األقل‪،‬‬ ‫بينهم ‪ 7000‬طفل‪ * .‬أكثر من ‪ 100.000‬معتقل ومعتقلة‪ ،‬تعرضوا‬ ‫النتهاكات جس���دية ونفس���ية منها القتل واالغتصاب والموت تحت‬ ‫التعذيب‪ * .‬فرضت حالة الحصار بقصد التجويع والحرمان الش���امل‬ ‫للمتطلبات األساس���ية للحياة على أحياء و قرى ومدن بأكملها‪ ،‬وتم‬ ‫تدمي���ر آالف المدارس والمستش���فيات‪ %40* .‬من أطفال س���ورية‬ ‫أصبح���وا محرومين من التعليم األساس���ي‪ * .‬تدمير قس���م كبير من‬ ‫األحي���اء والقرى و المدن مما أدى إلى تهجير ونزوح وتش���ريد ثلث‬

‫الش���عب السوري‪ * .‬كما لم يس���لم التراث المعماري واآلثاري ودور‬ ‫العبادة من التدمير والنهب‪.‬‬ ‫إن تاريخ الثورات غالبا ً ما يتعرض للتشويه من قبل األنظمة القائمة‪.‬‬ ‫و مايشوب ثورتنا من تداخالت س���ببه تقاعس المجتمع الدولي عن‬ ‫القيام بواجبه ‪.‬‬ ‫يا شعوب األرض نخاطبكم باسم اإلنسانية ‪ ..‬كونو معنا ضد الطغيان‬ ‫‪ ..‬ولتكن هذه األيام كسراً لحالة الصمت والعجز الدولي‪ ،‬وتحركا ً من‬ ‫أجل إسقاط األسد ونظامه وتحقيق أهداف الثورة السورية في الحرية‬ ‫والديمقراطية والعدالة االجتماعية‪.‬‬

‫إحصائية حديثة لألمم المتحدة‪ :‬مليون طفل هارب من سورية‬ ‫أظهرت إحصائية لألمم المتحدة إنّ مليون طفل هربوا من س���ورية‪ ،‬الجوار‪ .‬هذه اإلحصائيات التي تتحدث عن مليون طفل سوري عبروا‬ ‫ف���ي حي���ن أظه���رت إحصائي���ات منظمة األم���م المتح���دة للطفولة الحدود السورية منذ بدء الصراع قبل سنتين ونصف تقريباً‪ ،‬تقول إنّ‬ ‫(‪ )UNECIF‬ومفوضية ش���ؤون الالجئين التابعة لألمم المتحدة إن ثالثة أرباعهم تحت سن الحادية عشرة‪.‬‬ ‫األطفال يش���كلون أكثر من نصف عدد الالجئين الس���وريين في دول‬

‫توقع انكماش اقتصاد سوريا بـ ‪%18‬‬ ‫توقع���ت وحدة الذكاء االقتصادي البريطانية «أي آي يو» أن ينكمش‬ ‫اقتصاد س���وريا هذا العام بنسبة ‪ %18‬وذلك بس���بب انهيار اإلنتاج‬ ‫النفطي للبالد وتصاعد أعداد الالجئين السوريين الفارين من المعارك‬ ‫والقصف‪ ،‬وهو ما قلص بش���دة حجم الطل���ب المحلي‪ ،‬ويضاف إلى‬ ‫جملة أسباب انكماش االقتصاد المحلي انخفاض دخل سكان األرياف‬ ‫جراء ضعف المحاصيل‪ .‬وأشارت مذكرة إخبارية لبنك عودة اللبناني‬ ‫إل���ى أن الوحدة تتوقع أن تحقق س���وريا نمواً العام المقبل بنس���بة‬ ‫‪ ،%4.2‬وق���درت حجم هذا الناتج للعام الجاري بنحو ‪ 36‬مليار دوالر‬

‫المحكمة المركزية في ريف حلب الغربي‬ ‫المحرر تصدر عفو ًا عن الجرائم المرتكبة‬

‫مقابل ‪ 44‬ملي���اراً العام الماضي‪ ،‬وينتظر أن تبلغ قيمته العام المقبل‬ ‫‪ 29.8‬ملي���ار دوالر‪ .‬وأضافت الوحدة ‪-‬في تقرير لها صدر الش���هر‬ ‫الماضي‪ -‬أن العقوبات واألضرار التي لحقت بحقول النفط الس���ورية‬ ‫هبطت بإنتاجها النفطي‪ ،‬وأشار التقرير إلى أن عجز الميزانية العامة‬ ‫للبالد س���يبقى في مستويات عالية خالل العام الجاري‪ ،‬بحيث سيصل‬ ‫‪ %13.6‬م���ن النات���ج المحلي اإلجمالي مقاب���ل ‪ %16.5‬في ‪2012‬‬ ‫و‪ %11‬ف���ي عام ‪ ،2011‬وتقول وحدة ال���ذكاء االقتصادي إن العجز‬ ‫سيتراجع العام المقبل إلى ‪. %9.9‬‬

‫االئتالف السوري يتبرأ من خرق القانون‬ ‫اإلنساني‬

‫أص���درت المحكمة المركزية في ريف حلب الغربي المحرر عفواً عن أدان االئت�ل�اف الوطني الس���وري المعارض أي خ���رق يطال قواعد‬ ‫الجرائم المرتكبة قبل تاريخ الثالث من تشرين األول الحالي بمناسبة القانون الدولي اإلنس���اني‪ ،‬وذلك إثر نش���ر منظم���ة هيومن رايتس‬ ‫ووتش الجمعة تقريراً اتهمت فيه مقاتلين وصفتهم بالمتطرفين بقتل‬ ‫حلول عيد األضحى‪ ،‬وقد استثنت المحكمة من العفو كل من ‪:‬‬ ‫‪ 190‬مدني���ا ً على األق���ل وخطف ‪ 200‬آخرين ف���ي قرى علوية في‬ ‫‪ 1‬ـ الجرائم المتعلقة بدماء المسلمين‬ ‫الالذقية وطرطوس في سوريا مطلع أغسطس‪/‬آب الماضي‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ الجرائم المتعلقة بالحقوق الشخصية‬ ‫‪ 3‬ـ الجرائم الشائنة ‪.‬‬

‫بدء تدمير السالح الكيماوي السوري‬ ‫أعلنت منظمة حظر األسلحة الكيميائية واألمم المتحدة أن بعثتهما‬ ‫بس���وريا دمرت ذخائر ومعدات في عدد من المواقع التي تفتشها‪،‬‬ ‫في إطار عملية تدمير مخزون س���وريا من األس���لحة الكيميائية‪.‬‬ ‫وقالتا في بيان إن فريقهما المش���ترك فتش ثالثة مواقع سورية‪،‬‬ ‫وأضافتا أن جزءاً من الذخيرة واألجهزة الخاصة بتصنيع األسلحة‬ ‫الكيميائية في المواقع التي جرى تفتيشها دمر على أيدي موظفين‬

‫رس���ميين (س���وريين) بإش���راف الخبراء الدوليين‪ .‬وتابع البيان‬ ‫الصادر عن المنظمتين أن فحص المعلومات التي قدمتها الحكومة‬ ‫الس���ورية يحرز أيضا تقدما‪ .‬ووفقا ً لتقارير اس���تخبارية غربية‪،‬‬ ‫فإن مخزون سوريا الكيميائي يقدر بنحو ألف طن متري‪ ،‬ويشمل‬ ‫غازات الس���ارين واألعصاب والخردل‪ ،‬وهو موزع على خمسين‬ ‫موقعا تقريبا‪.‬‬

‫فورد بعد لقاءه ادريس‪ :‬مستمرون بدعم الجيش الحر وال مكان لألسد في سوريا‬ ‫عقد رئيس هيئة األركان في الجيش الس���وري الحر اجتماعا ً مع‬ ‫الس���فير األمريكي في سورية روبرت فورد‪ ،‬وقد أكد السفير فورد‬ ‫إن اإلدارة األمريكي���ة مس���تمرة في دعم الجيش الس���وري الحر‬ ‫والش���عب السوري وفق برنامج محدد سيشهد تحسنا ً ملحوظا ً في‬

‫الفت���رة القادمة‪ ،‬مضيفا ً بأن الرؤي���ة األمريكية الجتماع جنيف ‪2‬‬ ‫متطابقة مع رؤية غالبية السوريين‪ ،‬بأنه ال مكان لألسد في سورية‬ ‫المستقبل‪ ،‬وأن ال بد من محاسبة من تلطخت أيديهم بدماء الشعب‬ ‫السوري‪ ،‬مع ضمان انتقال البالد الى حكم ديمقراطي رشيد‪.‬‬

‫واشنطن تنفي ما يشيعه بشار االسد عن وجود صفقة لتمديد واليته‬ ‫نفت الخارجية األميركية وجود صفقة لتمديد والية بش���ار األس���د‪،‬‬ ‫وقالت إن األسد يجب حتى أال يفكر في البقاء في الحكم‪.‬‬ ‫ونفى عضو «االئتالف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»‪،‬‬ ‫ورئيس المجلس الوطني الس���وري الس���ابق‪ ،‬عبد الباسط سيدا‪ ،‬أن‬ ‫تكون المعارضة الس���ورية قد تبلغت بأي معلومات عن وجود اتفاق‬ ‫مماثل بين موسكو وواشنطن‪ .‬ولم يستبعد أن يسعى النظام السوري‬

‫بع���د أن الحظ نوعا ً من التعامل اللين من قب���ل المجتمع الدولي‪ ،‬بعد‬ ‫اس���تخدامه للسالح الكيماوي‪ ،‬لمحاولة اس���تغالل الفرصة من خالل‬ ‫البند الذي ينص على تأجيل االنتخابات‪ .‬ورأى س���يدا أن تصريحات‬ ‫األس���د والتس���ريبات المرتبطة ببقائه في السلطة «ليست إال أالعيب‬ ‫جديدة من جانب النظام السوري»‪.‬‬

‫إدريس‪ :‬قاسم سليماني من يقود‬ ‫سورية‪ ،‬وبشار دمية لتطمين الزمرة‬ ‫أكد رئي���س أركان الجيش الس���وري الحر اللواء‬ ‫س���ليم إدريس‪ ،‬أن الجيش الحر «سيعطي العملية‬ ‫السياسية الفرصة الكاملة»‪ ،‬مشدداً في المقابل على‬ ‫قناعته بأن هذا النظام «لن يترك الحكم إال بالقوة»‪.‬‬ ‫وق���ال ادري���س إن كل الكالم عن تس���لم «الحر»‬ ‫أطنانا ً من الذخائر هو «غير واقعي»‪ ،‬نافيا ً بش���دة‬ ‫أن تحج���ب قيادة األركان الس�ل�اح عن المقاتلين‪،‬‬ ‫مش���يراً في المقابل إلى أن ما يجعل األركان تظهر‬ ‫ضعفا ً في الس���يطرة عل���ى المقاتلين على األرض‬ ‫هو غياب الدعم المادي والس�ل�اح‪ ،‬مشدداً على أن‬ ‫األركان «لم تتسلم صاروخ (كونكورس) واحدا»‪،‬‬ ‫خالف���ا لكل ما أثير في هذا المج���ال‪ ،‬قائالً إن “كل‬ ‫ش���يء يدخل إلى األركان ويخرج منها مسجل في‬ ‫س���جالت خاصة‪ ..‬ول���و أطلعناكم عليها ألش���فقتم‬ ‫علينا”‪ .‬وشكا إدريس أيضا ً من عامل آخر يصعب‬ ‫عملية توحيد المعارضة المسلحة‪ ،‬وهو الزعامات‬ ‫الش���خصية الذين يعتقد كل واحد منهم أنه «زعيم‬ ‫كل سوريا»‪ ،‬كما شكا من وجود من يحاول ضرب‬ ‫صدقية األركان والتشكيك بتمثيلها وبتمثيل جيش‬ ‫االئتالف الوطني السوري‪ .‬ورفض إدريس إعطاء‬ ‫ضمانات لكب���ار الضباط في النظام من المتورطين‬ ‫في القتل‪ ،‬مش���يرا إل���ى أن بعض ه���ؤالء «أكثر‬ ‫إجراماً» من بش���ار األس���د‪ ،‬لك���ن أصحاب الرتب‬ ‫الدنيا يمكن إعادة النظر بوضعهم في إطار الجيش‬ ‫الوطن���ي المس���تقبلي إذا ثب���ت أنهم ل���م يرتكبوا‬ ‫انته���اكات‪ .‬وقال هناك بعض الجه���ات التي تعمل‬ ‫على تخريب مؤسس���ات الثورة السورية‪ ،‬فهي ال‬ ‫تريد أن ترى وجوداً لالئتالف أو لحكومة مؤقتة أو‬ ‫هيئة أركان ألن لهم أهدافا ً وغايات خاصة يريدون‬ ‫أن يحققوها‪ .‬ولذلك هناك حمالت ظالمة سواء على‬ ‫االئتالف أو رئاس���ة األركان وادعاءات باطلة من‬ ‫أش���خاص كانوا يحاولون أن يندسوا في سياقات‬ ‫مختلفة في اجتماعات المجل���س األعلى‪ ،‬وعندما‬ ‫كشفت حقيقتهم وأبعدوا ولم يسمح لهم بدخول هذا‬ ‫المجلس بدأوا عبر الصفحات اإللكترونية بتشويه‬ ‫الحقائق واإلساءة إلى المجلس وغيره‪ .‬وأشار أن‬ ‫لديه���م في كل األراضي الس���ورية ما ال يزيد على‬ ‫‪ 40‬ألف مقاتل فعال مس���لحين ببن���ادق أغلبيتها‬ ‫كالش���نيكوف ‪ .‬وتابع من المعروف أن بش���ار ال‬ ‫يتحكم بشيء في سوريا‪ ،‬لكن هناك ضابطا ً إيرانيا‬ ‫ًهو قاس���م س���ليماني يقود كل ش���يء في سوريا‪.‬‬ ‫واألميركيون والروس والكل يعرف أن س���ليماني‬ ‫هو المتحكـــم بكـل ش���يء‪ .‬بشار أصبح دمية فقط‬ ‫لتطمين الزمرة التي معه‪.‬‬

‫المخابرات األلمانية… بشار‬ ‫األسد خبأ طائراته في إيران‬ ‫نقل الموقع االلكتروني لمجلة دير ش���بيغل‪،‬‬ ‫ع���ن أجه���زة االس���تخبارات األلمانية‪ ،‬أن‬ ‫ايران سمحت للنظام السوري بنقل طائراته‬ ‫الحربي���ة إل���ى أراضيه���ا لحمايتها من أي‬ ‫هجوم أجنبي‪ .‬وأوض���ح الموقع أن التقرير‬ ‫الذي وصفه بالس���ري‪ ،‬أش���ار إلى عالقات‬ ‫عسكرية وثيقة بين دمشق وطهران‪ ،‬تشمل‬ ‫وقوف ح���زب هللا المدعوم من طهران إلى‬ ‫جانب الجيش الس���وري‪ .‬ونقل التقرير عن‬ ‫مصدر أن اتفاقا ً عسكريا ً بين سوريا وايران‬ ‫أبرم في تش���رين الثاني ‪ ،2012‬يس���مح‬ ‫لبشار االسد‪ ،‬بتوقيف قسم كبير من سالحه‬ ‫الجوي على األراضي االيرانية وباستخدامه‬ ‫عند الحاجة إليه“‪.‬‬


‫الكتائب العـدد الخامس عشر ‪2013/10/15‬‬

‫مقـاالت‬

‫‪06‬‬

‫“المصيبـة فـي التركيبـة”‬

‫“طبيعة المجتمع السوري وعالقته بالفساد المستشري منذ عقود”‬ ‫بقلــم‪ :‬أصـالن أصـالن‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫إن كان المجتم���ع كل���ه قائما ُ عل���ى الخطأ‪ ،‬فال‬ ‫ينفع معه إال النس���ف وإعادة التأهيل‪ ،‬خصوصا ً‬ ‫إن كان قائما ً على مفاهيم حولت تجمع بش���ره‪،‬‬ ‫أي الش���عب‪ ،‬إلى مجموعة من المنافقين وكبار‬ ‫الكذبة والخونة‪.‬‬ ‫إن أردنا اتباع ديناميكية في اإلسقاط العلمي على‬ ‫حالة النهوض اإلجتماعي‪ ،‬والبحث عن مفاتيح‬ ‫حقيقية لمبادئ الثوره الش���عبية على الذات في‬ ‫سبيل التطور نحو األفضل‪ ،‬علينا التأمل والتفكر‬ ‫بروية في تفاصيل مراحل الفت���رة الدقيقة التي‬ ‫يراد به���ا االنتقال م���ن حالة يعتبره���ا الجميع‬ ‫صواب���اً‪ ،‬إلى حالة أخ���رى يعتبرها كل المجتمع‬ ‫على أنها خطأ يخال���ف المفاهيم المعتادة‪ .‬فعلى‬ ‫س���بيل المثال ال الحصر‪ ،‬المجتم���ع العربي في‬ ‫شبه الجزيرة العربية قبل اإلسالم ورسالة سيدنا‬ ‫محمد عليه الصالة والسالم‪ ،‬فمن المسلّم به أن‬ ‫ذلك المجتمع قبل نزول الرس���الة كان يعتقد أن‬ ‫أفعاله صائبة‪ ،‬ويعيش الناس على هذا األساس‪،‬‬ ‫لحين ظهور اإلس�ل�ام‪ ،‬الذي نسف معظم مفاهيم‬ ‫المجتمع العربي‪ ،‬الذي لم يرى بداية في اإلسالم‬ ‫إال خطأ‪ ،‬والسبب أنه مخالف للواقع الذي يعيش‬ ‫شعب العرب عليه منذ فترة طويلة‪.‬‬ ‫وإن تأملن���ا جيداً نرى أن اإلس�ل�ام نس���ف كل‬ ‫تفاصي���ل الحياة اإلجتماعي���ة التي كانت معتمدة‬ ‫أيام الجاهلي���ة‪ ،‬وأعاد تأهيل المجتمع والمفاهيم‬ ‫من جديد‪ ،‬وكذلك كل مجتمع بش���ري كان يعيش‬ ‫ف���ي نمط وانتقل إلى نمط آخ���ر‪ ،‬فانتصار النمط‬ ‫الجديد يعيد بناء المفاهيم والحياة‪ ،‬كاالنتقال من‬ ‫حال���ة اإلقطاع إلى االش���تراكية‪ ،‬أو من الملكية‬ ‫إلى مش���اركة المجتم���ع في صنع الق���رار‪ ،‬أو‬ ‫بدخول مفاهيم جديدة إلى مجتمع قائم على حكم‬ ‫الدين‪ ،‬كحكم الكنيس���ة في أوربا وروس���يا على‬ ‫س���بيل المثال‪ ،‬ومن ثم ظهور النقيض‪ ،‬إن كان‬ ‫بالبلش���فية أو بالحركات اإللحادي���ة والعلمانية‪،‬‬ ‫وحت���ى النظام الذي يأتي بقضي���ة العدالة ينهار‬ ‫فوراً عندما يسود الفساد بأركانه‪ ،‬والذي يكون‬ ‫كصفعة جديدة يتلقاها المجتمع الذي يصحو من‬ ‫حالة نشوة سعادة االنتصار على النظام الذي كان‬ ‫قائم���ا ً قبل وصول أصحاب المفاهيم الجديدة إلى‬ ‫الحكم‪ ،‬ويعود النقيض للظهور من جديد ليطيح‬ ‫بمن أطاح به‪ ،‬لكن بحلة جديدة‪ ،‬فصعود ما أطلق‬ ‫عليه اليس���ار كسقوطه في روس���يا السوفيتية‪،‬‬ ‫فمبادئ ثورت���ه قامت ضد الظلم واالس���تغالل‪،‬‬ ‫وانهار بعدما تكرس فيه الظلم‪ ،‬لكن برداء مرقع‬ ‫يحمل صاحبه قانون صولجان الحكم‪ ،‬الذي كان‬ ‫بيد س���ابقه‪ .‬لكن س���ر الخالص الحقيقي يكمن‬ ‫في نفس المجتم���ع‪ ،‬فإما أن يطور في بنيته‪ ،‬أو‬ ‫أن يس���ير إلى الهاوية بعقد مؤجل‪ ،‬كما هو حال‬ ‫الدول العربية‪ ،‬وخصوصا ً س���وريا‪ ،‬التي عاشت‬ ‫تغيرات عديدة‪ ،‬مع فارق مهم‪ ،‬أن الثابت وحيد‪،‬‬ ‫أال وهو الفساد المعجون بتركيبة المجتمع القائم‬ ‫على الكذب والخداع‪.‬‬

‫األنظم���ة المتعاقبة على هذا البل���د‪ ،‬لحين بات‬ ‫الواقع قائما ً على أس���س ال أخالقي���ة‪ ،‬عمادها‬ ‫الكذب‪ ،‬وحجتها أي شكل يقوم الحكم عليه‪ ،‬فمهما‬ ‫كان ش���كل الحكم‪ ،‬علمانيا ً أو إسالميا أو يساريا ً‬ ‫أو اش���تراكياً‪ ،‬أو حتى شكل لم يكتشف بعد‪ ،‬يتم‬ ‫امتصاصه من قبل المجتمع‪ ،‬ليصبع الحكم على‬ ‫ش���كل المجتمع الفاس���د‪ ،‬ويفرز أفسد الفاسدين‬ ‫ليصبحوا حكاماً‪ ،‬واألفس���د هو م���ن يطول أمد‬ ‫حكمه‪ ،‬ألن جوهر المشكلة بالتركيبة اإلجتماعية‬ ‫التي تق���ود حياة الناس‪ ،‬الذين اعتمدوا أس���س‬ ‫الفس���اد قانونا ً لحياتهم‪ ،‬فش���رعوا ألنفسهم كل‬ ‫شيء‪ ،‬وتس���ابقوا في سبيل أي مكسب شخصي‬ ‫على حساب الجماعة‪ ،‬والسبب هو التلقين الذي‬ ‫يرضع���ه كل فرد في هذه البقع���ة الجغرافية منذ‬ ‫نعومة أظف���اره ليعي أن الحي���اة عدوة له‪ ،‬هي‬ ‫ومن عليها‪ ،‬فبدون بصيرة ال يبصر إال مابرمج‬ ‫عليه‪.‬‬

‫لألس���ف هذا هو الواقع المر‪ ،‬وهو ليس إال قليل‬ ‫يس���ير من غزير‪ ،‬غدير مس���موم تطفو أدبيات‬ ‫مجتمعن���ا العربي عليه بش���كل ع���ام‪ ،‬وتغوص‬ ‫ف���ي أعماقه أدبيات المجتمع الس���وري بش���كل‬ ‫خ���اص‪ ،‬والدليل هو أنظمة الحك���م التي تعاقبت‬ ‫على س���وريا وطريقة حياة المجتمع‪ ،‬الذي كان‬ ‫يصفق لكل حاكم يأتي‪ ،‬فالتجمع البش���ري الذي‬ ‫خ���رج هاتفا ً بحياة نظام الوح���دة مع مصر‪ ،‬هو‬ ‫نفسه الذي خرج ليهتف بحياة االنفصال!! وهو‬ ‫ذاته الذي كان يخرج مصفق���ا ً لكل قائد انقالب‪،‬‬ ‫على الرغم أن المنقلب الس���ابق لم يمضي على‬ ‫رحيل���ه وقت طويل‪ ،‬لكن المنطق العقلي يس���ير‬ ‫بنا بأن نج���زم أنه ال بد لهذا المش���هد العام أن‬ ‫يقودنا إل���ى الس���بب الكامن ف���ي تفاصيل هذا‬ ‫المش���هد المقزز للتركيبة اإلجتماعية الخاطئة‪،‬‬ ‫والت���ي تضعن���ا بدورها أمام واق���ع وقح‪ ،‬ليس‬ ‫خافي���ا ً على أحد أب���داً‪ ،‬ونعيش���ه ككل‪ ،‬أال وهو‬ ‫طريقة التعامل الس���يئه الكيدية المعتمدة بحياة‬ ‫الس���ورين وتفاصيل الق���وام اإلجتماعي القائم‬ ‫عل���ى االنهيار واالنحطاط ف���ي مفاهيم التركيبة‬ ‫اإلجتماعية الس���ورية‪ ،‬والتي صنفت األفراد في‬ ‫المجتم���ع تصنيفا ً ال منطق في���ه وال عدالة‪ ،‬مما‬ ‫فس���وريا المجتمع هو ف���ي كل أوق���ات التغير ح ّول كلمة شعب إلى مفهوم معدوم تائه في بحر‬ ‫السياسي والجغرافي‪ ،‬لكن المفارقة بأن الفساد غرائز األفراد الوصوليي���ن ونزاعتهم الطائفية‬ ‫كان يتك���رس ويتراكم دون حل جذري مع مرور‬

‫والعرقية والقبلية والطبقية‪ ،‬مما جعل الفرد غير‬ ‫فاعل ف���ي مجتمعه‪ ،‬لكنه لن يدخ���ر جهداً أبداً‪،‬‬ ‫خصوصا ً إن سنحت له الفرصة‪ ،‬بأن يستغل أي‬ ‫حجة‪ ،‬مهما كان ش���كلها‪ ،‬حت���ى الدين‪ ،‬من أجل‬ ‫تحصيل مكاس���ب ضيقة‪ ،‬وحتى لو كان تحصيل‬ ‫الفرد في هذا المجتمع من خالل كذبه أو وشاية‬ ‫قد تودي بحياة الش���قيق ابن األم واألب والمنزل‬ ‫الواحد‪ ،‬وهذا هو أمر علني اشتهرت طبيعة أهل‬ ‫س���وريا به مع كل أسف‪ ،‬وهو موجود بين أبناء‬ ‫كل الطبق���ات اإلجتماعية‪ ،‬ومتك���رس حتى بين‬ ‫أهل ما يس���مى النخب���ة اإلجتماعية‪ ،‬وخصوصا ً‬ ‫اإلقتصادية الفاسدة‪ ،‬التي تتحكم بمقدرات البالد‪،‬‬ ‫فعلى الرغم من أنهم أناس أش���رار‪ ،‬كل القوانين‬ ‫في س���وريا مفصلة على قياس مصالحم‪ ،‬فكثيراً‬ ‫ما يكون رجل االقتصاد الث���ري في بالدنا يعوم‬ ‫على بحر من الم���ال بالوقت الذي يعيش والداه‬ ‫في كوخ من التوتياء‪ ،‬أو منهم من يكون شقيقه‬ ‫قد مات فريس���ة الجوع والعوز‪ ،‬على الرغم من‬ ‫إمكانات أخيه المادية‪ ،‬لذلك ال داعي أن نستغرب‬ ‫تش���رد األطفال في الش���وارع‪ ،‬وانهي���ار البنية‬ ‫اإلجتماعي���ة الس���ورية‪ ،‬ألن الرجل الثري الذي‬ ‫يمسك بمقدرات شعب بأكمله ال يكترث لحال من‬ ‫رباه‪ ،‬فهل يعق���ل أن يلتفت ألناس آخرين أو أن‬ ‫يفكر‪ ،‬مجرد تفكير‪ ،‬في بن���اء نهضة إجتماعية‬ ‫في س���ورية؟؟ بالطب���ع الجواب واض���ح جداً‪،‬‬ ‫وذو دالالت تفس���ر لنا الواقع الحالي‪ ،‬فكل هذه‬ ‫المظاهر‪ ،‬والتي يس���اهم بها أهل البلد أنفسهم‪،‬‬ ‫هي ملح���ق مكمل ألفعال الطبقة الحاكمة‪ ،‬والتي‬ ‫تكرس���ت مفاهيمها في زمن البعث أكثر فأكثر‪،‬‬ ‫ليتح���ول المكروه إلى وس���يلة تت���م من خاللها‬ ‫عملي���ة الترقية واالنتقاء في المناصب العليا في‬ ‫الدولة السورية على مر السنوات السابقة‪ ،‬وهذا‬ ‫ما اشتهر به كبار مسؤولي النظام‪ ،‬الذين جهدوا‬ ‫في عملهم ال���دؤوب دوماً‪ ،‬ليس من أجل إنجاح‬ ‫العم���ل أو خدمة وتطوير المجتمع‪ ،‬بل باالرتكاز‬ ‫على تش���ويه ص���ورة اآلخر‪ ،‬وتكريس س���لطة‬ ‫الوش���اية بين أفراد الش���عب‪ ،‬الذي يعيش حالة‬ ‫ه���و مبرمج كي يخدمها بش���كل ال إرادي‪ ،‬حتى‬ ‫لو ظن نفس���ه يعمل باالتجاه اآلخر‪ ،‬أي معارضا ً‬ ‫لها‪ ،‬وهن���ا تتكرس النظرية أكث���ر فأكثر عندما‬ ‫نغ���وص في أعم���اق الش���خصيات المعارضة‪،‬‬ ‫التي خالفت النظام على كرس���ي الحكم‪ ،‬لكنها لم‬

‫تنتج أدبي���ات حقيقية جديدة بغرض بناء مجتمع‬ ‫جديد‪ ،‬أو حتى تصحيح األخطاء الحالية‪ ،‬بل على‬ ‫العكس‪ ،‬إن راقبن���ا أفعالهم وطريقة تعاملهم مع‬ ‫بعضهم ومع باقي أفراد الشعب األقل حظا ً منهم‪،‬‬ ‫نجد أنهم ليس���وا إال النظام السوري المعارض‬ ‫للنظام السوري القائم‪ ،‬فبنفس الطريقة‪ ،‬وبنفس‬ ‫األدبي���ات‪ ،‬وبنفس األس���اليب المتبع���ة من قبل‬ ‫الهيكلية اإلدارية للنظام‪ ،‬تت���م المعامالت داخل‬ ‫الهيكلي���ة اإلداري���ة في كيان���ات المعارضة من‬ ‫مجال���س وائتالف���ات وأحزاب وغيره���ا مما تم‬ ‫تأليفه وتشكيله بشكل مفصل على قياس أصحابه‬ ‫ومموليه‪ ،‬مم���ا يجعلنا أمام مش���هد كامل بذات‬ ‫الوق���ت الذي هو به منق���وص‪ ،‬فتكون المصيبة‬ ‫ب���أن الكل يريد أن يس���تغل المصيبة عوضا ً عن‬ ‫إيجاد الحل لها‪ ،‬وهذا كله بس���بب األدبيات التي‬ ‫تربى عليها المجتمع السوري المريض‪ ،‬والذي‬ ‫لم يغير ما بنفس���ه‪ ،‬وه���و ينتظر فرج هللا تبارك‬ ‫وتعالى أن يغير لهم كل ش���يء‪ ،‬على الرغم من‬ ‫أنهم قالوا لألخالق والعق���ل اذهبوا وحرروا لنا‬ ‫أنفسنا‪ ،‬وها نحن هنا قاعدون!‬ ‫لذلك ليس هنالك إال خيارات قليلة سيكون عليها‬ ‫المجتمع السوري في المستقبل‪ ،‬مهما كان شكل‬ ‫نظام الحكم الذي سيس���تولي على السلطة‪ ،‬أوفر‬ ‫ه���ذه الخيارات حظا ً هو الخي���ار العربي المعتاد‬ ‫منذ قرون انصرمت‪ ،‬بأنه لن يكون اليوم إال كما‬ ‫كان في األمس‪ ،‬وسيبقى المستقبل مأجالً رهينة‬ ‫أحالم وردية تعيش س���جنها المؤبد في زنزانة‬ ‫المماطل���ة‪ ،‬والتي ال يمل���ك مفتاحها إال صاحب‬ ‫القرار الحقيقي‪ ،‬والذي يلعب بهذه البلدان النامية‬ ‫وأحالم وتطلعات ش���عب ه���ذه األوطان النامية‪،‬‬ ‫والتي ل���م تنمو بعد‪ ،‬وما كان لها أن تنمو‪ ،‬على‬ ‫الرغم من آالف السنين التي مرت عليها‪.‬‬


‫الكتائب العـدد الخامس عشر ‪2013/10/15‬‬

‫مختارات من الصحافة‬

‫‪07‬‬

‫المسـألة المذهبيـة‬ ‫وفشـل محـاوالت اإلصـالح‬ ‫تحت ضغط اس���تبداد الن���واة المذهبية الصلبة‬ ‫منيـر الخطيـب ـ جريـدة الحيـاة‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ م���ن جه���ة‪ ،‬وديماغوجيا خط���اب «الممانعة»‬ ‫إن وص���ف النظ���ام الس���وري بالش���مولي‪ ،‬من جهة أخرى‪ .‬ل���ذا كان ذاك الخطاب الممانع‬ ‫االس���تبدادي‪ ،‬التوتاليت���اري‪ ،‬الديماغوجي‪ ...‬ال هو خط���اب ك���ذب الجميع على‬ ‫يستنفد الموصوف‪ .‬السمة األبرز له هي الجمع‪ ،‬الجميع‪ ،‬وبهذه‬ ‫قس���راً‪ ،‬بين نس���قين يصعب دمجهم���ا في بنية‬ ‫واحدة‪ ،‬وذلك الخت�ل�اف وظائفهما في منظومة‬ ‫النظام الكلية‪.‬‬ ‫هذان النس���قان هما‪ :‬نواة مذهبية صلبة‪ ،‬جرى‬ ‫دمجها مع المؤسس���تين األمنية والعس���كرية‪،‬‬ ‫وأغلف���ة رخوة‪ ،‬تحت س���يطرة أذرع تلك النواة‬ ‫الصلبة‪ ،‬جرى دمجها مع باقي طوائف المجتمع‬ ‫وقومياته‪ ،‬وباألخص األكثرية السنية‪ ،‬ومن أبرز‬ ‫هذه األغلفة‪ :‬الحزب‪ ،‬الجبهة الوطنية التقدمية‪،‬‬ ‫مجلس الش���عب‪ ،‬مجل���س الوزراء‪ ،‬مؤسس���ة‬ ‫اإلفتاء‪ ،‬النقاب���ات واالتحادات للفالحين والعمال‬ ‫والمعلمين والطالب والمهنيين‪ ،‬وغرف التجارة‬ ‫والصناعة إضافة إلى متحدات المجتمع التقليدي‬ ‫(زعامات الطوائف والعشائر‪ )...‬وغيرها‪.‬‬ ‫كانت األيديولوجيا القومي���ة «الممانعة» تخفي التركيب���ة الثنائية هزمت الس���لطة «المجتمع»‬ ‫تحتها هذا التكس���ير ف���ي بنية النظ���ام كما في هزيمة شاملة‪.‬‬ ‫بني���ة «المجتمع»‪ .‬وتخفي انقس���ام بنية النظام عل���ى الخط الفاص���ل ما بين الهزيمة الش���املة‬ ‫إلى نس���قين منفصلين وطنياً‪ ،‬رغ���م التقائهما «للمجتمع» واالنتصار الش���امل للسلطة‪ ،‬تقدم‬ ‫في وع���اء أيديولوجي «قومي» عدمي وأجوف الس���وريون‪ ،‬خالل الخمس���ين س���نة الماضية‪،‬‬ ‫لضرورة احتكار السلطة والثروة والقوة أقلوياً‪ ،‬بثالث محاوالت لإلصالح السياسي والتي كانت‬ ‫كان تعميق االنقس���ام العمودي في «المجتمع» ته���دف أوالً إلى إزالة ه���ذه الثنائية‪ ،‬وهذا كان‬ ‫ج���زء من نهاجية الس���لطة‪ ،‬وكان الس���وريون المعنى الجوهري لمضمون اإلصالح في أذهان‬ ‫يدركون جي���داً طبيعة ه���ذا االنقس���ام‪ ،‬وكانوا نخب الس���وريين وفئاتهم الوس���طى والمتنورة‬ ‫يمارسون عملية التكاذب على بعضهم البعض‪ ،‬وأجيال الشباب منهم‪:‬‬

‫المحاول���ة األول���ى‪ ،‬ه���ي‬ ‫الت���ي عبر عنه���ا خطاب‬ ‫المعارضة الديموقراطية‬ ‫الثمانين���ات‬ ‫ف���ي‬

‫والتس���عينات‪ ،‬وال���ذي تمح���ور أساس���ا ً على‬ ‫فكرة التغيير الوطني الديموقراطي‪ ،‬الس���لمي‪،‬‬ ‫التدريجي‪ ،‬الطوي���ل األمد‪ ،‬للخروج من وضعية‬ ‫االس���تبداد الت���ي كان���ت ترت���دي ه���ذا الطابع‬ ‫االنش���طاري في بني���ة النظ���ام‪ ،‬وكان التجمع‬ ‫الوطن���ي الديموقراطي بقي���ادة المرحوم جمال‬ ‫األتاس���ي آنذاك من أبرز الحاملي���ن لهذا الخط‪.‬‬ ‫لكن الهزيمة الش���املة التي ألحقتها الس���لطة بـ‬ ‫«المجتم���ع»‪ ،‬جعلت مفه���وم المعارضة أقرب‬ ‫إل���ى الهرطقة في نظر «المجتم���ع» المهزوم‪،‬‬

‫وإل���ى ك���ون المعارضي���ن ف���ي نظر الس���لطة‬ ‫عب���ارة ع���ن مجموع���ة م���ن الخارجيين عن‬ ‫«القانون» والمرتبطي���ن بالخارج في مواجهة‬ ‫تي���ار «الصمود» الذي يمثل���ه النظام «القومي‬ ‫التقدمي» في سورية‪.‬‬ ‫المحاولة الثانية‪ ،‬هي التي عرفت باس���م «ربيع‬ ‫دمش���ق» بعد وفاة األس���د ‪ -‬األب‪ ،‬وبدأت ببيان‬ ‫‪ 99‬وتبعته وثيقة األلف وتأس���يس لجان إحياء‬ ‫المجتمع المدني والمنتديات الفكرية ‪ -‬السياسية‬ ‫وصوالً إلى تش���كيل إعالن دمشق‪ .‬ردت السلطة‬ ‫على هذا الح���راك المدن���ي الديموقراطي بذات‬ ‫العقلية األمنية وبنهج االعتقال والمالحقة‪.‬‬ ‫انتهى «ربيع دمش���ق» ليزهر م���رة أخرى في‬ ‫المحاولة الثالثة التي قدمها السوريون‪ ،‬وأعني‬ ‫الثورة الس���ورية في مرحلتها األولى قبل جرها‬ ‫إلى حالة التس���لح‪ .‬إن «اإلصالح الذي هو أكبر‬ ‫من ث���ورة» كان محتوى ثورة الس���وريين في‬ ‫بداياتها‪ ،‬والتي كان يمتزج فيها التصوف بمعناه‬ ‫األخالقي مع تلمس للحداثة من طريق مفهومي‬ ‫الدولة والش���عب الس���وري الواحد‪ ،‬اللذين كانا‬ ‫الش���عارين األبرز للحراك المدني الس���لمي‪ .‬لقد‬ ‫أدركت نواة النظام األمنية ذات الطابع المذهبي‪،‬‬ ‫أن الس���وريين هذه المرة لن يعودوا إلى بيوتهم‬ ‫قبل إزالة هذا االنشطار في بنية النظام وتحويله‬ ‫إلى نظ���ام ديموقراطي‪ ،‬لذا كان���ت همجية الرد‬ ‫األمني بمس���توى الخوف عل���ى زوال امتيازات‬ ‫هذه النواة المذهبية المعسكرة‪.‬‬ ‫لقد أفش���ل االنش���طار المذهبي في بنية النظام‬ ‫الشمولي‪ ،‬إضافة إلى عوامل أخرى بالطبع‪ ،‬كل‬ ‫محاوالت اإلصالح السياسي‪ ،‬فكان من الطبيعي‪،‬‬ ‫بعد تراجع السياس���ة‪ ،‬أن تتقدم الحرب التي هي‬ ‫نقيض السياسة وليس���ت «امتداداً لها»‪ ،‬فاتجه‬ ‫«المجتمع» السوري‪ ،‬الذي هو أصالً منقسم في‬ ‫ش���كل عمودي وفي مناخ الحرب التي فرضتها‬ ‫النواة المذهبية للنظام على المجتمع‪ ،‬إلى إنتاج‬ ‫نوى صلبة ذات طبيعة مذهبية مضادة‪ ،‬فكان هذا‬ ‫ثأر التاريخ إلفشال محاوالت اإلصالح السياسي‪.‬‬

‫ بشـــار األســد وعقـــرب اإلرهـــاب‬ ‫نصـوح المجـالي ‪ -‬الـرأي االردنيـة‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫نتمنى أن يكون النظام الس���وري قد اس���توعب‬ ‫الدرس بأن االرهاب ينقلب على اهله ومستخدميه‬ ‫في النهاية‪.‬‬ ‫لقد ابتليت سوريا في حقبة الستينات بأنظمة قامت‬ ‫بعتمة االنقالبات العسكرية والصراعات الحزبية‬ ‫اذ كان الرف���اق يتربص���ون ببعضه���م‪ ,‬ويتولى‬ ‫الحكم من سبق بتصفية رفاقه وخصومه‪ ,‬وتبقى‬ ‫هوية النظام ملتبس���ة وراء الشعارات القومية‬ ‫والثورية‪ .‬ونظام االس���د جزء من مخلفات تلك‬ ‫ضباط من طائفة واحدة‬ ‫الحقبة‪ ,‬عندما اس���تأثر ُ‬ ‫بالحكم‪ ,‬واداروا البالد بأجهزة بوليس���ية وامنية‬ ‫صارمة‪ ,‬كان القمع واالرهاب من اهم أدواتها‪.‬‬ ‫ال ش���يء يكش���ف الوجه الباطني لهذه االنظمة‬ ‫كاالزم���ات الداخلية فهذه االنظمة تمارس اش���د‬ ‫انواع ارهاب الدولة ضد معارضيها ومواطنيها‬ ‫وال تقي���م وزنا ً لرأي ع���ام أو حقوق مواطنة او‬ ‫حقوق انسانية‪ ,‬فتعميم الخوف يغلب على عالقة‬ ‫هذه األنظمة بش���عوبها‪ ,‬فالنظ���ام والرئيس اهم‬ ‫من الشعب والفساد قانون سائد وليس استثناء‪,‬‬ ‫وارهاب النظام تجاوز ارض سوريا وشعبها الى‬ ‫دول الج���وار وقد تفوق نظام االس���د في تحويل‬

‫االرهاب وتنظيمات���ه المتعاونة معه الى أوراق‬ ‫سياس���ية يهدد بها من حوله ويس���تخدمها لمد‬ ‫نفوذه في المنطقة‪ ,‬لكن���ه ايضا ً كان ينقلب على‬ ‫هذه التنظيمات ويدينها ويطاردها عندما تخرج‬ ‫عن طاعته‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫منذ الستينات قتل اكثر من رئيس وزراء عربي‬ ‫بارهاب اجهزة االمن الس���ورية وعمالئهم‪ ,‬ولم‬ ‫تسلم دولة في الجوار من اعمال االرهاب وتسلل‬ ‫التنظيمات التي تعمل باش���راف النظام السوري‬ ‫من الس���احة الس���ورية وكان ل�ل�اردن نصيبه‬ ‫من اعم���ال االره���اب والتهديد في الس���تينات‬ ‫والسبعينات‪.‬‬ ‫اال انه كان للبن���ان النصيب األكبر من االختراق‬ ‫والعبث السياس���ي واألمني بش���ؤونه‪ ،‬وارهاب‬ ‫ق���واه الوطني���ة‪ ،‬اذ ألح���ق النظ���ام الس���وري‬ ‫دول���ة لبنان على مدى ثالث���ة عقود بضابط من‬ ‫االستخبارات الس���ورية‪ ،‬وفي ذات الوقت تبنى‬ ‫النظام الس���وري وس���لّح ميليش���يات حزب هللا‬ ‫الطائفية التي تدين بالوالء له واليران مما جعل‬ ‫هذا الحزب وميليش���ياته يُحكم الس���يطرة على‬ ‫الدولة اللبنانية وشعبها‪.‬‬ ‫وعندما اضط���ر النظام الس���وري للخروج من‬ ‫لبنان تحت وقع ثورة شعبية وضغط دولي‪ ،‬ترك‬

‫النظام الس���وري لبنان منقسما ً طائفيا ً وسياسيا ً‬ ‫وارادته مصادرة من أتباع ايران من حزب هللا‪.‬‬ ‫كما استخدم نظام االس���د‪ ،‬حزب العمال الكردي‬ ‫وزعيمه اوج�ل�ان ايضا ً ورقة ضغط سياس���ية‬ ‫وارهابية ضد تركيا‪ ،‬ولم يخرج اوجالن وانصاره‬ ‫م���ن س���وريا إال بع���د ان أصبح���ت المواجهة‬ ‫العسكرية وش���يكة بين سوريا وتركيا في نهاية‬ ‫عهد حافظ االسد‪.‬‬ ‫كان اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري‪،‬‬ ‫ذروة االره���اب الس���وري في لبن���ان وتبع ذلك‬ ‫موجة اغتياالت وتفجيرات ارهابية نفذها انصار‬ ‫النظام السوري اثر خروج الجيش السوري من‬ ‫لبنان ما زالت آثارها توت���ر األجواء في لبنان‪،‬‬ ‫وم���ن قبل اغت���ال النظام كمال جنب�ل�اط الزعيم‬ ‫اللبناني‪ ،‬وس���ليم اللوزي وآخرين غيرهم ممن‬ ‫عارضوا السيطرة السورية على لبنان‪.‬‬ ‫اما العراق‪ ،‬فقد س���مح النظام الس���وري لزمر‬ ‫االرهابيين م���ن التنظيمات الديني���ة المتطرفة‪،‬‬ ‫التي تبناها بالتسلل الى العراق بعد احتالله أمالً‬ ‫بالتخلص منهم في نار الحرب االهلية في العراق‬ ‫وارباك العراق لكن هذه القوى ارتدت لتعمل ضد‬ ‫النظام الس���وري‪ ،‬تقاتل النظام من جهة وتربك‬ ‫الثورة السورية من جهة اخرى‪.‬‬

‫ارهاب الدولة في المش���رق العربي‪ ،‬بضاعة لم‬ ‫يتفوق على اسرائيل فيها سوى النظام السوري‪،‬‬ ‫وخاصة الوحش���ية المفرطة في تدمير ممتلكات‬ ‫الشعب الس���وري ومقدراته ومقومات المجتمع‬ ‫الس���وري ومدنه وأريافه ليحاف���ظ النظام على‬ ‫سلطته وسلطة رئيسه على ركام المدن السورية‬ ‫وتشريد الش���عب السوري وقتل عشرات االالف‬ ‫وتشريد الماليين من السوريين‪.‬‬ ‫لم يدان أي نظام عربي باالرهاب كما ادين النظام‬ ‫الس���وري دوليا ً فاالرهاب الذي رعاه في لبنان‬ ‫خدمة اليران ارتد على ش���كل ميليشيات مسلحة‬ ‫لحزب هللا تحارب وتقتل الشعب السوري خدمة‬ ‫للنظام‪.‬‬ ‫وصف بشار االس���د االرهاب بالعقرب الذي اذا‬ ‫وضعته في جيبك ارتد عليك ولدغك‪ ,‬وهو تماما ً‬ ‫ما فعله النظام الس���وري اذ ارتد ليلدغ شعبه بعد‬ ‫ان ل���دغ الرفاق والخص���وم والجيران على حد‬ ‫س���واء وها هو الظلم واالس���تبداد الذي مارسه‬ ‫النظام على الش���عب الس���وري على مدى اربعة‬ ‫عقود يرتد عليه بثورة شعبية عارمة ضد حكمه‪.‬‬ ‫صدق بش���ار االس���د هذه المرة ‪ ،‬فاالرهاب في‬ ‫صر‬ ‫النهاية يرتد على صانعيه ومستخدميه‪ ,‬ويق ّ‬ ‫آجالهم مهما طال اعتمادهم عليه‪.‬‬


‫الكتائب العـدد الخامس عشر ‪2013/10/15‬‬

‫مقـاالت‬

‫‪08‬‬

‫أســماء ‪ ...‬ومضاميـن‬ ‫بقلـم‪ :‬بشـار إدلبـي‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مع مطلع القرن العش���رين بدأ مصطلح الشرق‬ ‫األوس���ط يتردد في الصحافة الغربي���ة بدالً من‬ ‫الش���رق العربي‪ ،‬هذه التس���مية ربما ال يأخذها‬ ‫أغلبنا على س���بيل الجدية‪ ،‬ولكن َمنْ يرس���مون‬ ‫اس���تراتيجيات تمت���د لعش���رات‪ ،‬أو حتى مئات‬ ‫الس���نين‪ ،‬يهتمون كثي���راً لذلك‪ ،‬فه���م يبدؤون‬ ‫باألس���ماء‪ ،‬فيفرغونها من مضامينها الحقيقية‪،‬‬ ‫و يس���خرون اإلع�ل�ام‪ ،‬فيقلبون الح���ق باطالً‪،‬‬ ‫ويلمعون الباطل ليبدو حق���اً‪ ،‬ثم يبدؤون بقضم‬ ‫الحقوق ش���يئا ً فش���يئاً‪ .‬فبع���د كل جريمة يثور‬ ‫الش���عب‪ ،‬فتكمه أنظمته‪ ،‬ك ٌل على طريقته‪ ،‬وتمر‬ ‫سلب منه‪ ،‬ثم تُعاد‬ ‫األيام فيعتاد الش���عب على ما ُ‬ ‫الحكاية من جديد‪ ،‬وهكذا‪..‬‬ ‫فلو وضعنا جانبا ً استباحة األراضي الفلسطينية‬ ‫وإقامة المس���توطنات عليها‪ ،‬ودقننا كيف بدأت‬ ‫قص���ة الح���رم اإلبراهيمي الش���ريف لتصل إلى‬ ‫تقسيمه بين المسلمين واليهود نستطيع أن نفهم‬ ‫ما جرى م���ن حفريات تحت المس���جد األقصى‬ ‫المبارك‪ ،‬وم���ا تالها من اقتحام���ات صهيونية‬ ‫لباحاته بين فترة وأخرى‪ ،‬فهم يسعون لتحضير‬ ‫الش���ارع العربي الغتصابه وتقسيمه‪ ،‬فهذه هي‬ ‫فرصتهم الذهبية في ظل وجود حلفائهم‪ ،‬الممانع‬ ‫بشار األسد والسيسي وما خفي كان أعظم ‪.‬‬

‫ظهرت قبل عقود مصطلحات اإلسالم الوسطي‪،‬‬ ‫أو المعت���دل‪ ،‬واإلس�ل�ام المتط���رف واألصولي‬ ‫وغيرها من المصطلح���ات‪ .‬لكن يخبرنا المنطق‬ ‫أنه ما من مس���ألة أو فك���رة إال وتقع تحت أحد‬ ‫احتمالين‪ ،‬الحق والباطل فقط‪ ،‬فكذلك ال يوجد إال‬ ‫إس�ل�ام صحيح نابع من نصوص القرآن الكريم‬ ‫وهدي الس���نة النبوية المطه���رة‪ ،‬وما عدا ذلك‬ ‫فهو ليس إس�ل�اما ً البتة‪ ،‬أما االنجرار وراء تلك‬ ‫المصطلح���ات الغربية فربما أوصلن���ا يوما ً إلى‬ ‫اإلسالم بنكهة الفريز أو الشوكواله!!‬ ‫ما نراه من قاعدة وداعش و‪ .....‬ما هو إال ‪%1‬من‬ ‫الحقيقة‪ ،‬فمن البديهي أن تتساءل لماذا التجاهد‬ ‫القاعدة إال في المس���لمين ؟ لماذا تقتحم داعش‬ ‫إعزاز المحررة منذ أكثرمن سنة ونصف وتترك‬ ‫معامل الدفاع مث�ل�اً أو مطارالنيرب وغيرها من‬ ‫مواق���ع لقوات النظام ؟ لم���اذا لم تجرح القاعدة‬ ‫إصبع جندي اسرائيلي واحد عبر كل تاريخها ؟‬ ‫لماذا ال تنفذ عمليات ضد أنظمة تدعي اإلس�ل�ام‬ ‫وه���ي تحاربه جهاراً ليالً نه���اراً ؟ لماذا لم تنفذ‬ ‫أية عملية ضد الوالي���ات المتحدة األمريكية أو‬ ‫حلفائها بعد مقتل زعيمها بن الدن؟ ما حجم تلك‬ ‫س ِّخرت كل تلك األساطيل والطائرات‬ ‫القاعدة التي ُ‬ ‫والمخابرات لمحاربتها وهي ال تستطيع أن تنفذ‬ ‫أي عملية ضد أعدائه���ا األمريكين واألوربين؟‬ ‫فبعد الحادي عشر أيلول في نيويورك وتفجيرات‬

‫مت���رو لندن‬ ‫تم���وز ‪2005‬‬ ‫لم تنفذ أي عملية‬ ‫ف���ي تل���ك ال���دول‪,‬‬ ‫ربما ل���م تعطى الضوء‬ ‫األخضر لعملية جديدة ؟!‬ ‫اإلس�ل�ام ال���ذي يأمربحقن‬ ‫الدم���اء وعدم المس���اس حتى‬ ‫باألش���جار تس���تغله تلك التنظيمات‬ ‫لتبي���ح ما تقــ���وم بــه مــ���ن إرهــاب‬ ‫وجــرائـم ‪ .‬تلك األس���ئلة البديهية تدفع‬ ‫إلى الجزم ببراءة اإلس�ل�ام م���ن القاعدة‬ ‫وداعش ومن لفّ لفها براءة الذئب من دم‬ ‫يوسف ‪.‬‬ ‫تته���م األنظمة ش���عوبها باإلره���اب‪ ،‬فتقصفهم‬ ‫وتدم���ر الب�ل�اد‪ ،‬أو ق���د يتهم الغ���رب األنظمة‬ ‫باإلرهاب فيقصف الشعوب ويدمر بالدها‪ ،‬دائما ً‬ ‫تدفع الش���عوب الثمن رغم نصاعة براءتها‪ ،‬أما‬ ‫إسرائيل فلتعش هانئه راغدة رغم كل جرائمها‬ ‫وفظائعها‪ ،‬فالقاع���دة وفروعها ال يرون فيها‬ ‫إال أوف���ى األصدقاء‪ ،‬أما الغ���رب فدائما ً يلوح‬ ‫بكرسي الرئاسة‪ ،‬فتتس���ابق الرتب العسكرية‬ ‫قتالً وتدميراً بشعوبها في سبيل ذلك الكرسي‪،‬‬ ‫وال ينتفع في النهاية إال إسرائيل ‪.‬‬

‫الحقيقة تحت الطاولة ‪..‬‬

‫الغرب وصناعة الطبقة الحاكمة في البلدان العربية‬ ‫بقلـم‪ :‬أصـالن أصـالن‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الحقيق���ة أن ال���دول العربي���ة ل���م تحصل على‬ ‫استقاللها من االنتداب بش���كل كامل‪ ،‬فاالنتداب‬ ‫أثناء وجوده قام بتربية طبقة سياس���ية بش���كل‬ ‫س���ري‪ ،‬وقام بتسمينهم إجتماعيا ً دون أن يشعر‬ ‫أحد‪ ،‬وبشكل يظهرون عليه على أنهم ظهروا من‬ ‫صلب الشعب‪ ،‬فالدول العربية ليست إال ملحقات‬ ‫وجدت بجرة قلم‪ ،‬من رسم شكلها الحالي بالتأكيد‬ ‫هو من رس���م كل شيء حينما سيطر على بلداننا‬ ‫بعد الحرب العالمية األولى ‪.‬‬ ‫ومنذ ذلك اليوم وكل ش���يء مرتب ومنظم بأيدي‬ ‫م���ن أوجد خارط���ة الوطن العربي السياس���ية‪،‬‬ ‫وليعلم الجميع أن أكثر شخص يشتم الغرب إنما‬ ‫ه���و أعز الناس إلى قلب مخ���رج العرض‪ ،‬ألنه‬ ‫حقق نجاحا ً ساحقا ً في أدائه التمثيلي‪ ،‬الذي أسند‬ ‫إليه من قبل مؤلف ومخرج المس���رحية‪ ،‬وهما‬ ‫بريطانيا وفرنسا‪ ،‬وهناك فريق عمل دولي دائما ً‬ ‫يحصد الجوائز ف���ي مهرجانات توزيع األدوار‪،‬‬ ‫فالشعب العربي لم يقرر ال شكل وال لون أعالمه‪،‬‬ ‫ولم يش���ـــارك في انتقاء النشيد الوطنــــي‪ ،‬وال‬ ‫حتـــى يس���ــــأل كيـــــف يحــــ���ب أن يـــــرى‬ ‫بلدانــــه‪ ،‬وال ش���ـــيء أكثر ممـــــا يتخــــــطى‬

‫حــــدود المرعــى‪ ،‬الــــ���ذي بات يقنـــن علــى‬ ‫الشــــعب ‪.‬‬ ‫فعلين���ا أن ن���درك الحقيقة‪ ،‬ون���درك أن إعجاب‬ ‫المخ���رج بالممثلين يزداد عندم���ا يتقنون أداء‬ ‫رقصاتهم الفلكلورية في الداخل من أجل كس���ب‬ ‫الش���عب باألداء التمثيلي المعلن‪ ،‬إن كان عدا ًء‬ ‫أم حياداً أو وال ًء‪ ،‬من أجل الضحك على ش���عب‬ ‫الداخل ومسخرة الخارج‪.‬‬ ‫علين���ا حقا ً أن ن���درك أنه كلما رض���ي المخرج‬ ‫والمنتج عن األداء زادت األدوار وفرص البقاء‬ ‫في الس���لطة‪ ،‬إلى حين ظهور نجم جديد‪ ،‬ال نعلم‬ ‫م���ن أين يظهر‪ ،‬لكن الحقيق���ة أنه كان في صف‬ ‫الكومب���ارس وظهر عندما س���نحت الفرصة له‬ ‫كي يَبرز من خالل عمل جديد‪ ،‬يرى المخرج أنه‬ ‫يستطيع تجس���يد هذا الدور‪ ،‬وهكذا نتعرف نحن‬ ‫على هذه الشخصيات التي صنعت سياسيا ً دون‬ ‫علم العامة‪ ،‬ما وراء الكواليس‪.‬‬ ‫هي سياسة صناعة األشخاص المعتمدة من قبل‬ ‫الش���ركات العالمية‪ ،‬إنها عملية صناعة النجم‪.‬‬ ‫هذه ه���ي الحقيقة‪ ،‬ال ش���يء يح���دث فجأة‪ ،‬ال هذه األساليب هي سياس���ية وتتبع في الرياضة‬ ‫ش���يء يحدث بش���كل عفوي‪ ،‬وإنما كل ش���يء والفن‪ ،‬والدليل أنه بمجرد أن يكون الشخص من‬ ‫منظم ومخط���ط له على أن يظهر بهذا الش���كل األثرياء يصبح نجماً‪ ،‬والش���عب هم ليسوا أكثر‬ ‫العفوي‪ ،‬كي يأخذ ش���عبية من قبل العامة‪ ،‬هذه من مجموعة معجبين‪.‬‬

‫ونختصر المشهد بمثال‪( ،‬باريس هيلتون)‪ ،‬التي‬ ‫هي على حق دائماً‪ ،‬وازداد عشق العامة لها بعد‬ ‫فيلمها اإلباحي‪ ،‬وزاد وقارها في المجتمع! فقط‬ ‫ألنها من عائلة هيلتون يحق لها أن تفعل ما تريد‬ ‫وهي دائما ً على حق!!‬


‫الكتائب العـدد الخامس عشر ‪2013/10/15‬‬

‫دراســات‬

‫‪09‬‬

‫الســـياســة فـــي اإلســـــالم‬ ‫و اإلســـالم الســـياســي (‪)7‬‬

‫بقلـم‪ :‬أ‪.‬مصطفى القاسم‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اإلشارات الخفيّة في الدّولة األمويّة‬

‫توقف���ت فتوحات الدولة اإلس�ل�امية طوال فترة‬ ‫خالف���ة عل���ي بن أب���ي طالب رض���ي هللا عنه‪,‬‬ ‫وذلك النش���غال جيش الخليفة بحربه مع جيش‬ ‫والي الش���ام معاوية بن أبي س���فيان رضي هللا‬ ‫عنه‪ ،‬وما تخلل ه���ذه الحرب من حروب داخلية‬ ‫كمعركة الجمل ومعرك���ة النهروان‪ ,‬حيث تركت‬ ‫هذه المعارك أثراً بالغا ً على جيش الخليفة‪ ،‬الذي‬ ‫انشغل لفترة طويلة بإعادة ترميم جيشه المنهك‪،‬‬ ‫لتفاجئ���ه خ�ل�ال ذلك طعن���ة غادرة من س���يف‬ ‫الخارجي عب���د الرحمن بن ملجم‪ ,‬فقتل الخليفة‪،‬‬ ‫ولم تكن تلك الطعنة الوحيدة التي كان مخططا ً لها‬ ‫أن توجه إلى صدور قادة المس���لمين ! لقد رسم‬ ‫الخوارج لتوجيه ضربات متزامنة تكفل القضاء‬ ‫على أبرز قادة المسلمين حينها‪ ،‬بحيث يقتل في‬ ‫وقت واح���د علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي‬ ‫س���فيان وعمرو بن العاص‪ ،‬ولك���ن الخارجيين‬ ‫اللذين توجها لقتل معاوية وعمرو‪ ،‬وهما البرك‬ ‫بن عبد هللا التميمي وعم���رو بن بكر التميمي‪،‬‬ ‫ُكش���فا وقتال‪ ،‬فيما أنفذ ابن ملجم طعنته الغادرة‬ ‫وحقق مأربه الدنيء‪.‬‬ ‫وجاء هذا االغتيال حلقة جديدة في سلسلة بدأها‬ ‫أبو لؤلؤة المجوسي باغتيال عمر بن الخطاب ‪,‬‬ ‫وثنى بها مخطط حيك في مصر واستغل حماس‬ ‫الش���باب فألّبهم على الخليفة عثمان بن عفان‪,‬‬ ‫وكانت الثالثة خطة االغتيال الجماعي المذكورة‬ ‫الت���ي أودت بحياة الخليفة علي بن أبي طالب‪ ,‬و‬ ‫فش���لت في النيل من معاوي���ة وعمرو‪ ,‬وما كان‬ ‫فشلها الجزئي ليسعد قلوب من حاكوا المؤامرات‬ ‫وس���عوا في فتنة ترمي إلى القضاء نهائيا ً على‬ ‫وحدة الدولة اإلسالمية وإنهاء الفتوحات وإعادة‬ ‫المجد الغابر لإلمبراطوريات اآليلة إلى األفول‪.‬‬ ‫ومن جديد خ���اب أمل المتآمرين ج���راء تنازل‬ ‫الحس���ن بن عل���ي رضي هللا عنه ع���ن الخالفة‬ ‫لمعاوي���ة بن أبي س���فيان‪ ,‬وبدء إرس���اء كيان‬ ‫الدول���ة‪ ,‬وتوجهت الجيوش اإلس�ل�امية مجدداً‬ ‫للتوسع ش���رقا ً وغرباً‪ ,‬وراحت أنباء الفتوحات‬ ‫تتوارد من جديد مع استقرار الحكم داخل الدولة‬ ‫اإلس�ل�امية‪ ،‬التي استعادت وحدتها بما مثله بنو‬ ‫أمية من وحدة في القيادة ومركزية في عاصمة‬ ‫القرار‪.‬‬ ‫وتس���ارعت الفتوحات اإلس�ل�امية‪ ،‬ال سيما في‬ ‫عه���د الولي���د بن عب���د الملك‪ ,‬لتص���ل في عهد‬ ‫الخليفة العاشر هشام بن عبد الملك إلى أطراف‬ ‫الصين ش���رقا ً وجنوب الغال والس���ند وما وراء‬ ‫النهر‪ ,‬وتعبر أفريقية إلى المغرب‪ ،‬ثم تعبر البحر‬ ‫إلى األندلس‪ ،‬لتصل إلى جنوب فرنس���ا‪ ،‬مهددة‬ ‫بااللتفاف على دولة الروم والقس���طنطينية من‬ ‫جهة الغرب‪.‬‬ ‫ولمع���ت في س���ماء الدول���ة أس���ماء الفاتحين‬ ‫المس���لمين‪ ،‬مثل محمد بن القاسم الثقفي وقتيبة‬ ‫بن مس���لم الباهل���ي والخليفة س���ليمان بن عبد‬ ‫الملك‪ ،‬الذي استشهد خالل مشاركته في حصار‬ ‫القس���طنطينية‪ ،‬وعقب���ة بن نافع وحس���ان بن‬

‫الفصل‬

‫الســابـع‬

‫النعمان وموس���ى بن النصي���ر وطارق بن زياد‬ ‫ومسلمة بن عبد الملك‪.‬‬

‫ومعارض���ة القض���اة أحيانا للخلفاء أنفس���هم‪,‬‬ ‫الم���ال إلى بيت‬ ‫ورقابته���م لحركة دخول‬ ‫ف���ي س���ـــماء‬ ‫مال المسلمين‪ ,‬ولمعت‬ ‫منه���ا‪ :‬عب���د‬ ‫القضــ���اء أس���ـــماء‬ ‫بن ش���رحبيل‬ ‫هللا بن عام���ر وعامر‬ ‫ا لخو ال ن���ي‬ ‫الش���عبي وأبو ادريس‬ ‫وهشام بن هبيرة‪.‬‬ ‫الجان���ب‬ ‫وف���ي‬

‫وقتل ابن الزبير‪ ,‬واس���تفاد الكوفيون وأشياعهم‬ ‫وأصحاب الم���آرب‪ ،‬ممن آلمه���م القضاء على‬ ‫اإلمبراطورية الفارس���ية‪ ,‬اس���تفادوا كثيراً من‬ ‫الظروف والتحوالت التي سادت الدولة األموية‬ ‫إلش���عال ثورات مختلفة كثورة التوابين وثورة‬ ‫المخت���ار الثقفي وثورة ش���بيب ب���ن صحاري‬ ‫وثورة زيد بن علي بن‬

‫لناحية الملبس والحاشية والقصور والمجالس‬ ‫الخاصة‪ ،‬وبدأت الطبقات االجتماعية في التمايز‪,‬‬ ‫فظهرت طبقة الخلفاء وعائالتهم‪ ،‬ثم طبقة الوالة‬ ‫والقادة وطبقة العلماء وطبقة األثرياء‪ ،‬وأخيراً‬ ‫طبقة العوام‪ ,‬مع بروز مظاهر الثراء وش���يوع‬ ‫األلعاب المنقولة‪ ،‬كالش���طرنج والنرد‪ ،‬وانتشار‬ ‫س���باقات الخيل والصيد واتخاذ المعازف ولبس‬ ‫الحرير والص���وف الموش���ى والذهب والفضة‬ ‫واقتناء األحجار الكريمة‪.‬‬ ‫واقتبس���ت الدولة ديوان الخاتم ونظ���ام البريد‬ ‫وصكت العم�ل�ات النقدية العربي���ة‪ ,‬وعلميا ً تم‬ ‫تعريب اللغة في أنحاء الدولة‪ ,‬وأنشئت المشافي‬ ‫ودور التعلي���م‪ ,‬ودونت العلوم‪ ،‬فانتش���ر التعليم‬ ‫واطلع العرب والمسلمون على فكر وعلوم األمم‬ ‫األخرى‪ ،‬وأرسيت أس���س نهضة علمية بشرت‬ ‫بازدهار ستظهر آثاره في المستقبل القريب ‪.‬‬ ‫وف���ي مجال العم���ارة‪ ،‬تمت االس���تفادة من فن‬ ‫العمران البيزنطي كخطوة نحو إرساء معالم فن‬ ‫عمارة إسالمية تميزت بفن بناء القباب والمآذن‬ ‫والزخرفات القرآنية واستخدام الفسيفساء ‪.‬‬ ‫واقتصادي���ا وفّر توس���ع رقعة الدول���ة الموارد‬ ‫والث���روات والس���يطرة على الط���رق التجارية‬ ‫والحركة التجارية عموما ً دون احتكار أو فرض‬ ‫للقيود‪ ,‬وتطورت فيها الزراعة والصناعة‪.‬‬ ‫وقضائيا ً امتنع الخلفاء األمويون عن مباش���رة‬ ‫القضاء ف���ي النزاعات بأنفس���هم‪ ,‬ومارس���وا‬ ‫س���لطتهم في تعيين القضاة وعزلهم واإلشراف‬ ‫على أعمالهم‪ ,‬ومارسوا قضاء المظالم وقضاء‬ ‫الحس���بة‪ ,‬وظهرت عمليا ً اس���تقاللية القضاء‪,‬‬

‫اآلخ���ر ترافقت هذه التط���ورات بالكثير جداً من‬ ‫المواجه���ات العس���كرية والمؤام���رات والفتن‬ ‫ومحاوالت االنقالب‪ ,‬فقد رافق التوس���ع األفقي‬ ‫لرقعة الدولة الكثير من الحروب‪ ,‬وما نجم عنها‬ ‫من توس���ع وانحسارات‪ ,‬ثم توس���ع من جديد‪,‬‬ ‫وذلك بمواجه���ة اإلمبراطورية البيزنطية وبقايا‬ ‫إمبراطوري���ة ف���ارس وبرابرة ش���مال أفريقية‬ ‫وس���كان أرمينية والهند وبالد السند والمغرب‬ ‫واألندلس‪.‬‬ ‫وفــ���ي الداخ���ل نش���طت بعــ���ض الحـــركات‬ ‫المعارضــ���ة‪ ،‬واتصف بعضه���ا بالمواجهـــات‬ ‫العس���كرية العنيفــة‪ ,‬فقام الخوارج والش���يعة‬ ‫متخذين من البصرة والكوفة مركزاً لهم بالكثير‬ ‫مـن الثورات‪ ،‬كان من أبرزها ثورة الحسين بن‬ ‫علي بمواجهة جيش يزيد بن معاوية في كربالء‪,‬‬ ‫حيث أرس���ل أهل الكوفة إلى الحسين يشجعونه‬ ‫على الثـــورة ضــد الخليفــة األمــوي‪ ،‬ووعدوه‬ ‫بالنص���رة والتمكي���ن‪ ,‬حتى إذا حض���ر نقضوا‬ ‫عهدهم وتركوه يخوض معركته برفقة س���بعين‬ ‫من أصحابه‪ ,‬وانتهت المعركة بهزيمتهم وبمقتل‬ ‫الحسين‪ ,‬وأسس���ت لتاريخ طويل من النزاعات‬ ‫الدامية تحت عنوان (الثأر للحسين)‪ ,‬وكان أول‬ ‫هذه النزاعات قيام عبد هللا ب���ن الزبير بالثورة‬ ‫على يزيد الذي أرسل جيش���ا ً للقضاء على تلك‬ ‫الث���ورة‪ ,‬ولكن الجيش لم يكمل مهمته إثر ورود‬ ‫األخب���ار بموت يزي���د‪ ،‬وعاد الجي���ش األموي‬ ‫مج���دداً على عهد عبد الملك ب���ن مروان بقيادة‬ ‫الحجاج بن يوس���ف الثقفي‪ ،‬وواجه جيش ابن‬ ‫الزبير المتحصن في الكعبة وضربه بالمنجنيق‬

‫الحسين‪ ،‬الذي أرسل إليه أهل الكوفة يشجعونه‬ ‫على الثورة فق���ال لهم «إني أخاف أن تخذلوني‬ ‫وتسلموني كفعلتكم بأبي وجدي»‪ ,‬لكنه استجاب‬ ‫لهم على الرغم من مخاوفه‪ ،‬وبايعه ألوف منهم‬ ‫وانفض���وا عنه الحقا ً عند حاجت���ه إليهم‪ ،‬وبقي‬ ‫حوله بضع مئات ليسقط قتيالً في مواجهة جيش‬ ‫يوس���ف بن عمر الثقفي والي الكوفة‪ .‬ولم يخل‬ ‫العهد األموي من ثورات قامت لغايات شخصية‪،‬‬ ‫كثورة عبد الرحمن بن األشعث‪.‬‬

‫وترافقت هذه الفتوحات مع مظاهر تطور مختلفة‬ ‫داخ���ل الدولة اإلس�ل�امية‪ ,‬وذلك ف���ي المجاالت‬ ‫التنظيمية واالجتماعي���ة والعلمية واالقتصادية‬ ‫والعمراني���ة والقضائية ‪ ,...‬فق���د برزت مظاهر‬ ‫األبهة الملكية المأخوذة م���ن الجوار البيزنطي‬

‫لقد تفاقمت الصراع���ات والخالفات داخل حدود‬ ‫الدول���ة اإلس�ل�امية‪ ,‬التي انقس���مت أحيانا إلى‬ ‫ع���دة دول‪ ،‬وعادت لتتوحد من جديد‪ ,‬ثم لتواجه‬ ‫بث���ورات ونزاع���ات داخلي���ة‪ ,‬وزاد الطين بلة‬ ‫االنقسامات في البيت األموي الداخلي والمطامع‬ ‫الش���خصية لبعض أبناء هذا البي���ت‪ ،‬مما أدى‬ ‫أحيانا ً إلى اإلطاحة بالخليفة واغتياله‪ ,‬وقد تأثر‬ ‫معظم هذه الح���ركات بتحريضات خفية منهجية‬ ‫سعت إلى إضعاف الدولة والتحضير لالنقضاض‬ ‫عليها‪ ,‬وجاءت الضرب���ة القاضية عندما فوجئ‬ ‫األمويون في غمرة صراعاتهم بالمد العباس���ي‬ ‫يتقدم من الش���رق عبر خراسان والعراق ليصل‬ ‫إل���ى نهر الزاب الكبير‪ ،‬وهناك التقى الجيش���ان‬ ‫األموي والعباس���ي ف���ي ع���ام ‪ 132‬للهجرة‪،‬‬ ‫ودارت بي���ن الجيش���ين معركة قت���ل فيها آخر‬ ‫الخلف���اء األمويين مروان بن محمد‪ ,‬وكان موته‬ ‫إعالنا النتهاء دولة بني أمية في الشرق‪ ,‬وبداية‬ ‫للدولة الجديدة‪ ،‬دولة بني العباس‪.‬‬


‫الكتائب العـدد الخامس عشر ‪2013/10/15‬‬

‫آراء‬

‫‪10‬‬

‫احتماالت توجيه ضربة أمريكية ضد النظام ما زالت قائمة‬ ‫«ضربات محدودة ضد قوات النظام‬ ‫لشرعنة التدخل ضد الجهاديين»‬ ‫بقلـم‪ :‬فاضـل الحمصـي‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫رغ���م تراجع احتم���ال توجيه ضربة عس���كرية‬ ‫أمريكية إلى نظام األس���د‪ ،‬عقابا ً له على تجاوز‬ ‫الخط األحمر الذي حدده الرئيس األمريكي باراك‬ ‫أوبام���ا‪ ،‬بل وانعدام هذا االحتم���ال تقريباً‪ ،‬لكنه‬ ‫م���ن وجهة نظري ما يزال احتمال توجيه ضربة‬ ‫محدودة موجوداً‪.‬‬ ‫تعتمد سياس���ة الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬منذ‬ ‫أح���داث أيلول من الع���ام ‪ ،2001‬على محاربة‬ ‫ما يسمى بالمتطرفين‪ ،‬وقد خاضت لتطبيق هذه‬ ‫السياس���ة عدة حروب‪ ،‬وكلفته���ا آالف الجنود‬ ‫وملي���ارات ال���دوالرات‪ .‬ومن���ذ ان���دالع الثورة‬ ‫الس���ورية‪ ،‬عملت الواليات المتحدة‪ ،‬بتنس���يق‬ ‫خفي مع نظام األسد بكل تأكيد‪ ،‬على حرف مسار‬ ‫الثورة السورية‪ ،‬وتحويلها إلى حرب أهلية تدمر‬ ‫البالد وتنهك سكان سوريا‪ ،‬كما عملت على جعل‬ ‫س���وريا قبلة للجهاديين‪ ،‬الذين توافدوا إليها من‬ ‫كل ب�ل�اد العالم للقتال ضد هذا النظام الش���رير‪،‬‬ ‫والمس���اهمة برفع الظلم عن أهل س���وريا‪ .‬كما‬ ‫عملت الواليات المتحدة ومخابرات النظام على‬ ‫اختراق قي���ادات المنظمات الجهادي���ة‪ ،‬لتحييد‬ ‫دور المجـــاهديــن وإش���ـــــغالهم بحــــــروب‬ ‫جانبيـــ���ة مع الجيـــش الحـــ���ر‪ ،‬والحــد مـــن‬

‫بع���د ق���رار تحريمها دولي���اً‪ ،‬أي أنها تطلب من‬ ‫النظام ما عجزت هي نفسها عن تنفيذه‪.‬‬ ‫أعتقد أن هذا األمر مدبر‪ ،‬وأن النظام لن يستطيع‬ ‫تنفي���ذ بنود االتفاق حتى لو عمل على ذلك‪ ،‬وأن‬ ‫الضربة العس���كرية ضد النظام آتية ولو تأخرت‬ ‫قليالً‪ ،‬وس���تكون تلك الضربة مبرراً لش���رعنة‬ ‫التدخل في س���وريا‪ ،‬ويكون هدفه���ا دفع النظام‬ ‫إلى القبول بحل سياسي تقرره الواليات المتحدة‬ ‫حسب شروطها‪ .‬ومن ثم ستكمل األخيرة مهمتها‪،‬‬ ‫وتطبق سياستها‪ ،‬بتنفيذ ضربات أوسع وأشمل‬ ‫ضد معاقل الجهاديين‪ ،‬بعد أن ش���رعنت التدخل‬ ‫بنظر الس���وريين ونظر العالم‪ ،‬وستستغرق تلك‬ ‫الحرب سنوات طويلة‪ .‬ويش���ير الكم الكبير من‬ ‫طائ���رات (درون) بدون طي���ار‪ ،‬التي نقلتها إلى‬ ‫قاعدة أنجرليك التركية‪ ،‬إلى أن الواليات المتحدة‬ ‫تأثيرهـــــــم فـــي الحـــرب ضـد قــوات النظــام‪ .‬السورية‪ ،‬حتى أن اس���تعداداتها فاقت بكثير ما تنوي خوض حرب طويلة وتنفيذ هجمات جوية‬ ‫قالت أنها تنوي فعله‪ ،‬لكنها بالتأكيد لم تقم بحشد ضد معاقل المجاهدي���ن بعد حصرهم في مناطق‬ ‫بعد اس���تخدام الس�ل�اح الكيماوي في الغوطة‪ ،‬هذه البوارج من أجل أال تفعل شيئاً‪.‬‬ ‫معينة من سوريا‪.‬‬ ‫وس���قوط مئات الشهداء بس���بب ذلك‪ ،‬وال أدري‬ ‫ً‬ ‫حقيقة السبب الحقيقي الستعمال الكيماوي بهذا تم أخي���را االتفاق على نزع الس�ل�اح الكيماوي األش���هر المقبلة مليئة بالمفاج���آت والتقلبات‪،‬‬ ‫الش���كل‪ ،‬مع اعتقادي أن النظام قد أخذ الضوء السوري‪ ،‬هذا االتفاق المشبوه‪ ،‬حيث تعهد النظام والنظام لن ينجح بتنفيذ االتفاق حتى لو س���عى‬ ‫األخضر من الواليات المتحدة الس���تخدامه‪ ،‬بعد بالتخل���ص من ألف طن من الس�ل�اح الكيماوي إلى ذلك‪ ،‬لكن األكيد أنه سيخلف وعوده وينقض‬ ‫تلك الجريمة‪ ،‬حشدت الواليات المتحدة قواتها‪ ،‬خالل أش���هر‪ ،‬مع أن الواليات المتحدة احتاجت االتفاق خالل األش���هر القليل���ة القادمة‪ ،‬والتي‬ ‫واس���تعدت البوارج لتعس���كر قبالة الس���واحل إلى ‪ 28‬س���نة للتخلص من ترسانتها الكيماوية ستكون بداية مرحلة جديدة في سوريا‪.‬‬

‫الشـهيد محمـد بودقـة‬ ‫«الحجـي أبـو جهـاد»‬ ‫جريدة الكتائب‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الش���هيد محمد بودقة أو «الحج���ي أبو جهاد»‬ ‫مثل ما كان يلقب‪ ,‬رجل خمسيني ثائر منذ ُخلق‪,‬‬ ‫التحق برك���ب الثورة منذ س���اعاتها األولى‪ .‬ال‬ ‫يعرف الكثيرون‪ ،‬وكما اس���تطيع أن أصفه‪ ،‬بأنه‬ ‫«الجندي المجهول»‪.‬‬ ‫«أبو جهاد» كان ش���علة من الثورة رغم عمره‬ ‫المتقدم‪ ,‬أب ل‪ 6‬أوالد‪ ,‬تُضرب بهم األمثال‪ ,‬بناته‬ ‫األربعة إحداهن ناش���طة في الثورة منذ بدايتها‬ ‫برفقة والدها‪ .‬الحقها أم���ن النظام‪ ،‬ولكي أكون‬ ‫دقيقة «ف���رع الجوية»‪ ،‬الغني ع���ن التعريف‪،‬‬ ‫هو من الحقها الش���تراكها في مظاهرات سلمية‬ ‫وتأليفها أغنية للثورة ونش���رها منشورات في‬ ‫مدرس���تها وحيّها ووو إلخ‪ .‬كما يفعل بأي ناشط‬ ‫أو ثائر حر‪ ,‬تركت االبنة الناش���طة مدرس���تها‬ ‫الثانوية لتختفي عن العيون‪ ,‬ذهبت إلى الغوطة‪،‬‬ ‫وفيما بعد أكملت دراس���تها ونجحت بجدارة في‬ ‫البكالوريا‪.‬‬

‫ق���وات النظام منزل���ه في غياب���ه‪ ,‬اعتقلوا ابنه‬ ‫الكبير وأفزعوا أوالده من أس ّرتهم‪ ,‬عاد لمنزله‬ ‫ليجد زوجته وبنات���ه يبكون أخاهم الذي اعتُقل‪,‬‬ ‫لب���س ثيابه واتجه نحو الغوطة هو اآلخر‪ ,‬معقل‬ ‫الث���ورة‪ ,‬منذ ذاك اليوم أصبح أبو جهاد فرداً من‬ ‫«أبو جهاد» ظل مصراً على س���لميته‪ ،‬ولم يكن أفراد الجيش الحر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي���دع مظاهرة تفوته‪ ,‬لك���ن ذات صباح اقتحمت‬

‫(حرقوا قلبه) هكذا قال���ت زوجته‪ ،‬معللة عندما‬ ‫كانت تُسأل عن سبب التحاقه بالجيش الحر‪ .‬ظل‬ ‫في الجيش الحر لمدة تقارب الس���نة والنصف‪,‬‬ ‫ماعرف���ه أحد إال وعرف عنه ق���وة قلبه كما لو‬ ‫أنه شاب عش���ريني‪ ,‬جميع من عمل معه يشهد‬ ‫له بالقوة والش���جاعة وحبه للجمي���ع‪ ,‬وعندما‬ ‫أقول الجميع أقصد الجميع بدون تفريق‪ ,‬الشيعي‬ ‫والمسيحي قبل الس���ني‪ ,‬وكان لدى (أبو جهاد)‬ ‫أصدقاء ملحدين حت���ى‪ ,‬ال أحد منهم اليحب أبو‬ ‫جهاد كائنا ً من يكون‪.‬‬

‫صورته مع الس�ل�اح في ذاك���رة أوالده والناس‬ ‫الذين يعرفهم‪ ,‬كان يكره السالح‪.‬‬ ‫األمر الثاني أنه كان يخاف الموت على الجبهات!‬ ‫ستس���تغرب‪ ،‬ولكن عندما تعرف السبب سيزول‬ ‫استغرابك فوراً‪ ,‬فأبو جهاد كان يخاف أن يموت‬ ‫عل���ى أحد الجبهات‪ ,‬ألنه كما ق���ال حرفيّا ً البنته‬ ‫عندما س���ألته عن السبب‪« :‬أنتي مابتعرفي يلي‬ ‫مقابيلك وع���م تقاتليه مجبور متلك عالحرب وال‬ ‫قاتل مجرم والقتل مهنته‪ ,‬مظلوم وال ظالم‪ ,‬بريء‬ ‫وال مذنب بيستاهل يموت‪ ,‬ربك أعلم يا أبي»‪.‬‬ ‫وبالفعل أبو جهاد لم يستشهد على أحد الجبهات‪,‬‬ ‫إنما ف���ي تاري���خ ‪ 2013-8-19‬تعرضت بلدة‬ ‫المليح���ة ف���ي الغوط���ة الش���رقية لقصف غير‬ ‫مس���بوق‪ ,‬هرع أبو جهاد إلس���عاف المصابين‪،‬‬ ‫وبينم���ا كان يحم���ل طفالً جريحا ً س���قطت فوقه‬ ‫قذيفة لعينة غاش���مة فقتلته! واستش���هد الطفل‬ ‫الجريح بعده بأيام‪.‬‬

‫ت���رك أبو جه���اد الجيش الحر‪ ,‬لم يعد يس���تطع‬ ‫االس���تمرار أكثر في ظل ما يحدث‪ ,‬لم يس���تطع‬ ‫أن يصمت لرؤية الس���رقات والتش���بيح الثوري‬ ‫م���ن قبل بعض أفراد الجي���ش الحر‪ ,‬وخصوصا ً‬ ‫بع���د قيام عناصر من الجيش الحر بتس���ليم أحد‬ ‫زمالئه���م لحاجز تاب���ع للنظام لكونه «س���نجق‬ ‫عرض» (مثلما كان���وا يصفونه) كان اليصمت‬ ‫ع���ن أي اخت���راق ألي مبدأ أو عن أية س���رقة‪,‬‬ ‫لهذ كان التخلص منه أس���هل بنظر فاسدين من قتلت تلك القذيفة فرحة أوالده الستة وأمل ابنته‬ ‫الثائرة‪ ,‬سلبتهم أباهم الحنون القوي‪ ,‬سلبت هذه‬ ‫الجيش الحر‪.‬‬ ‫الدنيا أبو جهاد «إله الحب»‪.‬‬ ‫(أب���و جه���اد) اخت���ار الجلوس ف���ي منزله في‬ ‫الغوطة‪ ,‬على أن يش���ارك في أي تشبيح ثوري‪ ,‬أبو جهاد كان إلها ً وقدّيس���ا ً بكل ما تعنيه الكلمة‪,‬‬ ‫كان عاشقاً‪ ,‬عاشقا ً بكل ما تعنيه الكلمة للثورة‪ ،‬هو أبو الفرات اآلخر المجهول بكل اختصار‪.‬‬ ‫ولم يكن يوما ً ليُدنّسها بأي فعل مشين‪.‬‬ ‫(أبو جهاد) يا إله الحب‪ ،‬لروحك الرحمة والسالم‬ ‫(أبو جهاد) كان يخاف ش���يئين فقط‪ ,‬أولهما كان ولرسالتك الخلود ولقاتليك الخزي والعار وعلى‬ ‫أن يتصور برفقة س�ل�اح أو أن يراه أحد أبناءه دربك ماضون ‪.‬‬ ‫حامالً س�ل�احه‪ ,‬كان يخش���ى أن يم���وت وتبقى‬


‫الكتائب العـدد الخامس عشر ‪2013/10/15‬‬

‫الصفحـة األدبـيـــة‬

‫‪11‬‬

‫«عيـــد»‬

‫أم ثكلـى فـي أول أيـام العيــد‬

‫تمضي في أخرى مس���رعة تقول بذعر بالغ‬ ‫ت‬ ‫« ماف���ي تكبير ها العي���د « ‪ ،‬ثم تعود لصم ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫صراخ « راح���وا راحوا «‪،‬‬ ‫يقطعه ب���كا ٌء و‬ ‫أمضت نهار العيد م���ع تلك الكلمات‪ ،‬أضافت‬ ‫لها مع حلول المس���اء «عل���ى روحي علقت‬ ‫شظاياهم»‪ ،‬اس���تغرب الجميع سلوكها ذاك‪،‬‬ ‫وحاولت إح���دى النس���اء أن تطعهما‪ ،‬فأبت‬ ‫وخرجت مسرعة من تلك الخيمة تنادي ألول‬ ‫مرة باسم «سمورة»‪.‬‬

‫بقلــم‪ :‬بشـار إدلبـي‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫تُمضي وقتها ماش���ية بين الخي���ام‪ ،‬ال يقطع‬ ‫صمتها الدائم وهدوءها غير العادي إال بضع‬ ‫كلم���ات منتزعة من أماكن متفرقة من وقائع‬ ‫ضب���ت ماضيها‪ ،‬كان‬ ‫مصيب���ة ال بد أنّه���ا خ ّ‬ ‫الجميع يش���فق عليها ويحاول إذ تقترب من‬ ‫خيمته إضافتها وإطعامه���ا‪ ،‬ولكنها نادراً ما‬ ‫كانت تتوقف عند بعض الخيام فتش���رب وال‬ ‫تأكل‪ ،‬ث���م تكتفي ببضع لقيم���ات في أخرى‪،‬‬ ‫لقد كبَّلت روحها فظائع آنس���تها حتى الطعام ل���م تكن في ذلك اليوم تنطق تلك الكلمات عن‬ ‫الهوى‪ ،‬فقد كان يبدو على وجهها أنّها ترى‬ ‫والشراب بعد أن سلبت عقلها ‪.‬‬ ‫أشياءاً فتصدح إذ ذاك بتلك الكلمات‪ .‬استمرت‬ ‫ال أح���د يعرف عنها ش���يئا ً س���وى أنّها أتت تمشي في ظالم تلك الليلة تقول بهدوء «هادا‬ ‫جريحة غائبةً عن الوع���ي إلى ذلك المخيم‪ ،‬العيد األوضاع صعبة ش���وي»‪ ،‬وقد الح في‬ ‫وعندما شُفيت أمس���ت على تلك الحال‪ ،‬إنّها أطراف ذاكرته���ا المنكوبة صباح ذلك العيد‪،‬‬ ‫امرأة ف���ي أوائ���ل الثالثينيات م���ن عمرها حيث اس���تيقظت فيه باك���راً وراحت في ظل‬ ‫توضب أغراضها اس���تعداداً‬ ‫المعذب‪ ،‬لم تتمكن غ���ا ِد َرة الفاجعات من كل أص���داء التكبير‬ ‫ِّ‬ ‫جمالها‪ ،‬يُرى ف���ي أعماق عيونها فيما وراء الس���تقبال الضيوف‪ ،‬بعد أن جهزت ألطفالها‬ ‫قيعان األحزان صورة إلمرأة بسيطة لم تشفع الثالثة ثياب العيد المج���دَّدة‪ ،‬إنّ من التفكير‬ ‫لها نصاعة براءته���ا وال فقرها المدقع أمام االستراتيجي أن تش���تري لألطفال ثيابا ً أكبر‬ ‫كثيراً من مقاس���هم‪ ،‬رجت زوجها كثيراً ذاك‬ ‫بنات الدهر ‪.‬‬ ‫الصباح أن ال يذهب لصالة العيد فأبى‪ ،‬ولكن‬ ‫في ذلك الصباح صدح���ت تكبيرات العيد في وعده���ا بأن ال يتقدم صف���وف المظاهرة بعد‬ ‫أرجاء المخيم‪ ،‬وغدى األطفال وقد ارتسمت الصالة‪ .‬تابعت قدماه���ا المرهقتان الداميتان‬ ‫على وجوههم ابتس���امة الموناليزا‪ ،‬إنّ حجم المش���ي‪ ،‬تقول بذع���ر وهي ترتج���ف برداً‬ ‫تلك المأساة فرض حتى على األطفال الصغار «مافي تكبير ها العيد» وقد تراءى لها صباح‬ ‫فه���م أدق تفاصيلها‪ .‬كان���ت أم عبدو ‪ -‬كما عيد ظنّت فيه ذلك بع���د أن هُدمت فيه مئذنة‬ ‫اصطلح عل���ى مناداتها – ف���ي ذلك الصباح مسجد القرية وأغلب سقفه‪ ،‬فابتسم زوجها و‬ ‫خائفة متوترة تجوب أطراف المخيم مسرعة أخبرها بأنّ ال ش���يء يمكن أن يمنع كلمة هللا‬ ‫ب واضح‪ ،‬أكب���ر من الصدوح وتعطير األجواء‪ ،‬وما كاد‬ ‫تكرر عدداً م���ن العبارات باضطرا ٍ‬ ‫فتقف ت���ارة قرب إحدى الخيام وتقول بهدوء ينتهي من كالمه حتى صعدت أول التكبيرات‬ ‫« ه���ادا العي���د األوضاع صعبه ش���وي «‪ ،‬من سطح جيرانهم‪ ،‬ثم ما لبث أن خرج أغلب‬ ‫ش���بان القرية إلى س���طوح منازلهم يرفعوا‬

‫بقصف جنوني منها دموع امتزج���ت بنيران جعلتها تصرخ‬ ‫التكبير لذلك العي���د‪ ،‬فقوبلوا‬ ‫ٍ‬ ‫همج���ي هدم عدداً من البي���وت فوق رؤوس «سمورة سمورة س���مورة»‪ ،‬لم يحرك ذلك‬ ‫صلّيت الصراخ الذي د ّوى في أركان كل الخيام شيئا ً‬ ‫س���اكنيها‪ ،‬وألول مرة في تلك القرية ُ‬ ‫في أحد فقد أووا ك ٌل يجت ّر مأساته ‪.‬‬ ‫صالة العيد في المقبرة ‪.‬‬ ‫استمرت على ديدنها ذاك غير آبهة ال بجوع‬ ‫وال بعطش وال بألم‪ ،‬تمشي وتمشي‪ ،‬ينعكس‬ ‫على وجهها ولس���انها صو ٌر يبدو أنّها كل ما‬ ‫تبق���ى لها من ماضي لم يع���د يلوح فيه غير‬ ‫ث تلك الفاجع ِة‪ ،‬الت���ي لم يقدر حتى ذهاب‬ ‫إر ِ‬ ‫العقل على انتزاعها م���ن ذاكرتها‪ .‬م ّرت بها‬ ‫عائلة فحاولت أحذها معها لعلها تأكل ش���يئا ً‬ ‫أو ترتاح قليالً‪ ،‬فأبت وأخذت تركض مبتعدة‬ ‫عنهم‪ ،‬وق���د تعجبوا من س���رعتها‪ ،‬إنّها في‬ ‫تلك الليلة تخ���رق كل الحقائق العلمية فحتى‬ ‫الحزن واألل���م تحوال إلى طاقة تمدها لتجري‬ ‫الجلَ���دْ‪ .‬ظلّت تركض‬ ‫بتل���ك الس���رعة و ذلك َ‬ ‫حت���ى بعد تيقُّنها من أنّ ال أحداً في إثرها ولم‬ ‫يوقفها غي���ر حج ٍر تعثرت ب���ه‪ ،‬فهوت على‬ ‫وجهها ُم ْد ِمية أنفها‪ ،‬رفعت رأس���ها وراحت‬ ‫تش���اهد ثالثة أطفال يركض���ون ويلعبون في‬ ‫فناء بيت جلس في إح���دى غرفتيه رجل مع‬ ‫ضيوفه تدخ���ل عليه زوجت���ه حاملةً ضيافة‬ ‫العي���د‪ ،‬يُطرق الباب ثم يُفتح فيتدفق منه عدد‬ ‫من األطفال يصرخون فرحي���ن‪ ،‬تنظر إليهم‬ ‫تلك المرأة مبتس���مة رغم علمها بما ستكون‬ ‫عليه حالة المنزل بع���د ذهابهم‪ ،‬تقبل عليهم‬ ‫بالحلوى ويتراكضون حولها ال يزداد فرحهم‬ ‫إال فرح���اً‪ ،‬فليس العيد ألحد أكثر منهم‪ ،‬تنظر‬ ‫إليه���م وهي في أقصى درجات الس���عادة‪ ،‬ال‬ ‫ينبغ���ي أن يكون للمرء أكثر م���ن قلب كذاك‬ ‫الذي كنزته بين ضلوعها ليكون س���عيدأ‪ ،‬لم‬ ‫ترس���م تلك الذكريات على و جهها ابتسامةً‪،‬‬ ‫ولم تجلعها تنطق بكلمات هادئة‪ ،‬بل انهمرت‬

‫ربما غف���ت للحظات فتوقفت ع���ن الصراخ‬ ‫ونسيت ما كانت عليه‪ ،‬ثم قامت تمخر عباب‬ ‫الصحراء‪ ،‬يدفع عنها صقيع تلك الليلة جحيم‬ ‫ذكريات أب���ت إال أن تُحفر عل���ى روحها فال‬ ‫تمحى أبداً‪ ،‬تس���رع قليالً رغم اش���تداد األلم‬ ‫برجليها كلما م ّر على ذاكرتها مالمح لصورة‬ ‫سوداء وحمراء لثالثة أطفال ورجل‪ ،‬فتغمض‬ ‫عينيها وتش��� ّد بكلت���ا يديها على جس���دها‬ ‫وتخف���ض ناصيتها جاهدة في تذكر كامل تلك‬ ‫الصورة وتصرخ‪ ،‬ربما كانت تحاول أن ت َُح ّذر‬ ‫َمنْ في الصورة من يد القدر‪ ،‬ثم تعود تعصر‬ ‫ّ‬ ‫وتعذب نفس���ها بكل ما اس���تطاعت‬ ‫ذاكرتها‬ ‫علّها ترى آخر عه ٍد لها بهم‪ ،‬فلربما سمعوها‬ ‫واحترس���وا مما ال طاقة لهم به‪ ،‬ولكن ربما‬ ‫رأفت بها ذاكرتها تلك الليل���ة فلم تُ ِريها تلك‬ ‫الصورة كاملة ‪.‬‬ ‫ظنّ جميع َمنْ في المخيم بعد طول غيابها أنّها‬ ‫ماتت في تل���ك الليلة‪ ،‬ولكنّها أُعيدت إليه بعد‬ ‫عدة أسابيع وقد تعرف عليها أحد سكانه في‬ ‫المش���فى‪ ،‬حيث قطعت رجلها بعد أن أصيبت‬ ‫بالغرغرينا من مضاعفات تلك الليلة‪ ،‬عادت‬ ‫ت‬ ‫تزحف بين الخيام بهدوءه���ا النادر وصم ٍ‬ ‫حزن‬ ‫دائم ال تش���وبه أدنى كلمة مع كثير من‬ ‫ٍ‬ ‫كحل عينيها‪ ،‬فال يبدو‬ ‫يلفّ وجهها وأس��� ًى يُ ِّ‬ ‫ذلك الوج���ه المنكوب إال كأعقل العقالء‪ ،‬يم ّر‬ ‫بها الن���اس فيتيقنوا أنّ كثيراً ما كانت الحياة‬ ‫أصعب و أقسى من الموت ‪.‬‬


‫الكتائب العـدد الخامس عشر ‪2013/10/15‬‬

‫الورقـــة األخيــرة‬

‫‪12‬‬

‫بــراء ‪..‬‬

‫ستثبت األيام عظمة‬ ‫مـا قـام بـه شـباب سـوريا‬ ‫إعـداد‪ :‬عبـدو عـزام‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫براء‪ ،‬ش���اب عش���ريني من أوائ���ل الملتحقين‬ ‫بالثورة‪ ،‬فعل���ى الرغم من حب���ه للنظام ما قبل‬ ‫الثورة‪ ،‬حيث يقول أنه كان مخدوعا ً بش���عاراته‬ ‫الزائفة‪ ،‬إال أن ذلك لم يمنعه من االلتحاق بالثورة‪،‬‬ ‫وأن يكون من أبرز الناش���طين وأكثرهم فاعلية‬ ‫على األرض في فترة المظاهرات السلمية‪.‬‬ ‫بدأ براء بالتظاهر منذ اليوم األول‪ ،‬وكان لمنظر‬ ‫الش���اب الذي ركل صورة األسد األب فوق نادي‬ ‫الضباط في حمص تأثير س���حري على نفسيته‪،‬‬ ‫حيث كس���ر حاج���ز الخوف في قلب���ه إلى األبد‪،‬‬ ‫ويذكر هذه اللحظ���ة على أنها اللحظة التاريخية‬ ‫األهم من عمر الثورة السورية‪.‬‬ ‫بدأ ب���راء التظاهر ف���ي حيه‪ ،‬حي اإلنش���اءات‬ ‫الحمصي‪ ،‬وكان من الش���باب المنظمين‪ ،‬وكان‬ ‫يق���وم بتصوير المظاهرات ورفعها على ش���بكة‬ ‫االنترن���ت‪ ،‬م���ع الزي���ارات المتك���ررة لجرحى‬ ‫المظاهرات وتأمين احتياجاتهم‪.‬‬ ‫في أوائل عام ‪ 2012‬ش���عر براء أن هذا النظام‬ ‫ال تجدي معه المظاهرات السلمية‪ ،‬وأنه ال بد من‬ ‫حمل الس�ل�اح دفاعا ً عن النفس أوالً‪ ،‬ولتحرير‬ ‫البلد من هذا االحتالل األسدي ثانياً‪.‬‬ ‫يقول براء‪« :‬لم أرغب يوما ً بحمل السالح‪ ،‬لكن‬ ‫هذا النظام اللعين متمس���ك بكرسيه ويريد تنفيذ‬ ‫الكالم الذي وعدنا به‪ ،‬األسد أو نحرق البلد‪ ،‬وقد‬

‫قبلنا التحدي ولن نتخلى عن الثورة حتى إسقاط‬ ‫النظام وتحرير البلد»‪.‬‬ ‫خاض براء الكثير من المعارك‪ ،‬واستشهد العديد‬ ‫من أصدق���اءه أمام ناظريه‪ ،‬وأكثر ما يذكره هي‬ ‫اللحظات التي قضاها مع صديقه الش���هيد مهند‬ ‫الفصيح‪.‬‬ ‫يعتبر براء أن أجمل لحظة عاش���ها خالل الثورة‬ ‫هي لحظة خ���روج ابن خاله م���ن المعتقل‪ ،‬فقد‬ ‫أجبر ابن خاله للظهور على شاش���ة التلفزيون‬ ‫السوري ليعترف أنه من «العصابات المسلحة»‪،‬‬ ‫وعند خروجه ش���عر وكأن ابن خاله قد عاد من‬ ‫الم���وت‪ ،‬فمن يدخل إلى س���جون النظام مفقود‪،‬‬ ‫ومن يخرج منها مولود‪.‬‬ ‫أما أسوء لحظاته فهو يوم استشهاد خالته وابن‬ ‫خاله اآلخر‪ ،‬ش���عر يومها بإحباط شديد‪ ،‬وحزن‬ ‫على ما أصاب خاله من ه���م وكدر يومها‪ ،‬لكن‬ ‫هكذا هي الث���ورة‪ ،‬ال بد من تقدي���م التضحيات‬ ‫للوصول إلى األهداف المرتجاة‪.‬‬ ‫يتحدث براء عن مس���تقبل سوريا بتفاؤل كبير‪،‬‬ ‫ويرى أن التضحي���ات التي قدمت لم ولن تذهب‬ ‫هب���ا ًء‪ ،‬وأن يوم الحرية المنش���ودة بات قريباً‪،‬‬ ‫ويق���ول‪« :‬ما يجري اليوم في س���وريا س���يغير‬ ‫س���وريا والوطن العربي وربما العالم‪ ،‬إنجازاتنا‬ ‫في ه���ذه الثورة أكبر بكثير من أن ندركها اآلن‪،‬‬ ‫وستثبت األيام عظمة ما قام به شباب سوريا»‪.‬‬ ‫«س���وريا س���تكون أجمل»‪ ،‬بهذه العبارة تحدث‬

‫براء عن س���وريا التي يحلم بها‪ ،‬ويرى أن بناء‬ ‫ما تم تدميره من أبنية وبنية تحتية س���هل جداً‪،‬‬ ‫لكن الصعب هو بناء النفوس المتعبة التي عانت‬ ‫وشهدت ما لم يشهده أحد في هذا العالم‪.‬‬ ‫يتمنى ب���راء أن يعود إلى حيات���ه الطبيعية بعد‬ ‫س���قوط النظام‪ ،‬ويرى أن معظم ش���باب سوريا‬

‫ممن حملوا الس�ل�اح ينوون فعل الش���يء ذاته‪،‬‬ ‫وأن فوضى السالح التي يتخوف الكثيرون منها‬ ‫لن تكون موجودة‪ ،‬وبعد س���قوط النظام لن يمر‬ ‫س���وى عام أو عامين لتعود س���وريا أفضل مما‬ ‫كانت عليه ‪.‬‬

‫كريكاتير العدد‬ ‫رئيـس التحـرير‬ ‫فاضــل الحمصــي‬

‫عـالقات عامـة‬ ‫ناصـــر الســـوري‬

‫فريـق التحـرير‬

‫د‪ .‬مصعب سليمان الجمل‬ ‫أ‪ .‬مصطفى القاسـم‬ ‫أصـــالن أصــــالن‬ ‫بشـــــار إدلبــــــي‬ ‫عـبــــــدو عــــــزام‬

‫إعـداد وإخـراج‬

‫عبد ال ّرحيـــم (أبو ع ّمار)‬

‫للمتابعة والتواصل‬

‫‪alktaeb-newspaper@hotmail.com | www.fb.com/alkataebjareda‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.